القوامة تحرر المرأة وتقيد الرجل
تلك الشبهة التي يثيرها الأعداء للطعن في الشريعة الإسلامية ولتأليب المرأة على الرجل، لابد من مناقشتها مناقشة علمية موضوعية حتى نفهم الحقيقة. وعلينا أولاً أن نتفق على المصطلح.
معنى القوامة:
إدارة الأسرة. ففي اللغة، قام الرجل المرأة: أي قام بشؤونها وما تحتاج إليه.
القوّام، اسم لمن يكون مبالغاً في القيام بالأمر، يقال هذا قيّم المرأة وقوّامها، للذي يقوم بأمرها ويهتم بحفظها.
قال - تعالى -: (الرجال قوامون على النساء...) (النساء: 34).وما من مؤسسة إلا ولها مدير، والمنهج الإسلامي ينص على: "إذا كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم". ولم يقل أفضلكم، فليس بالضرورة أن تكون الإدارة للأفضل.
فلماذا في تنظيم الأسرة المدير رجل؟
قال - تعالى -: (بما فضل الله بعضهم على بعض) (النساء: 34).
إنَّ علماء الإدارة يقولون: الرئيس رجل، لذلك نجد أنَّ أغلب رؤساء الدول وكذلك رؤساء البنوك والمؤسسات... إلخ رجالاً.
ثم إنَّ القانون العالمي يقول: "من يُنفق يشرف". وهذا ما سبقت إليه الآية، حيث قال - تعالى -: (وبما أنفقوا من أموالهم) (النساء: 34).
فالإدارة ليست تسلطاً أو تجبراً وإنَّما هي إدارة رحيمة، كما قال - تعالى -: (وعاشروهن بالمعروف) (النساء: 19).
والقوامة لا تلغي المساواة، وإنَّما هي مساواة الشقين المتمايزين، لا النّدين المتماثلين، فيكون معناها التكامل لا التنافر. وحتى لا تنشأ شبهة التناقض بين المساواة والتميز في علاقة النساء بالرجال، فقد قرن القرآن الكريم بين الأمرين في آية واحدة، قال - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) (البقرة: 228). وهي درجة القوامة، فهما متساويان في الحقوق والواجبات ولكن القوامة للرجل، أي أن عليه تحمل مسؤولية رعاية الأسرة والإنفاق عليها وإدارة البيت تبعاً لما بُني عليه تكوينه من خصائص تجعله أحق بتكليفه بهذه المسؤولية الاجتماعية الثقيلة.
وإذا لم يقم الرجل بالإنفاق على المرأة.. لم يكن له حق القوامة عليها، فإذا كانت هذه المرأة زوجته كان من حقها طلب الطلاق. فهم العلماء من قوله - تعالى -: (وبما أنفقوا من أموالهم) أنَّه متى عجز الزوج عن نفقتها لم يكن قوَّاماً عليها، وإذا لم يكن قوّاماً عليها كان لها فسخ العقد لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح، وفيه دلالة واضحة على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة، وهو مذهب مالك والشافعي.
قال ابن المنذر: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن الممتنعة. ولا تسقط نفقة المرأة عن زوجها لشيء غير النشوز: لا من مرض ولا حيض ولا نفاس ولا صوم ولا حج ولا مغيب ولا حبسه عنها في حق أو جور.
إنَّ تحميل المرأة مسؤولية نفقتها على نفسها، وتحميلها تأمين دخل لها، يشكل قيداً قاسياً، يأخذ من طاقتها وجهدها ويأخذ من وقتها وعمرها.
كما أنَّ حرمانها من الحماية يحرمها من الأمن، وحرمانها من الأمن ينشئ عليها قيوداً من الخوف والقلق وعدم الاستقرار.
إنَّ أعزَّ نعمتين هما نعمة الأمن، ونعمة الكفاية في الرزق، وهما النعمتان اللتان امتنّ الله - تعالى - بهما على قريش قال - تعالى -: (لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. فليعبدوا ربَّ هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع. وآمنهم من خوف) (سورة قريش).
إنَّ قوامة الرجل على المرأة تلزمه بأن يحمي المرأة من الخوف، ويحميها من الجوع، أي أن يحمي لها حريتها الحقيقية من قيدي الخوف والجوع، ليوفر لها حياة تمارس فيها رسالتها التي خلقت لها، والتي فطرت عليها.
فهل يكون جرّ المرأة للعمل: من أجل كسب قوتها -بعد هذا- مظهراً من مظاهر حريتها... ؟ أم أنه قيد من القيود التي وضعوها في يدي المرأة وهي تحسب أنه تحرير لها.
تقول الروائية الإنجليزية الشهيرة "أجاثا كريستي": "إنَّ المرأة مغفلة؛ لأنَّ مركزها في المجتمع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؛ لأننا بذلنا الجهد الكبير للحصول على حق العمل والمساواة مع الرجل. ومن المحزن أنَّنا أثبتنا ـ نحن النساء ـ أنَّنا الجنس اللطيف الضعيف ثم نعود لنتساوى اليوم في الجهد والعرق اللذين كانا من نصيب الرجل وحده".
ولقد فطنت المحامية الفرنسية "كريستين" إلى هذه الحقيقة حين زارت الشرق المسلم فكتبت تقول: "سبعة أسابيع قضيتها في زيارة كل من بيروت ودمشق وعمّان وبغداد، وها أنا أعود إلى باريس.. فماذا وجدت؟
وجدت رجلاً يذهب إلى عمله في الصباح.. يتعب.. يشقى.. يعمل.. حتى إذا كان المساء عاد إلى زوجته ومعه خبز، ومع الخبز حب، وعطف، ورعاية لها ولصغارها.
الأنثى في تلك البلاد لا عمل لها إلا تربية الجيل، والعناية بالرجل الذي تحب، أو على الأقل الرجل الذي كان قدرها. في الشرق تنام المرأة وتحلم وتحقق ما تريد، فالرجل وفّر لها خبزاً وراحة ورفاهية، وفي بلادنا، حيث ناضلت المرأة من أجل المساواة، فماذا حققت؟
المرأة في غرب أوربا سلعة، فالرجل يقول لها: انهضي لكسب خبزك فأنت قد طلبت المساواة. ومع الكد والتعب لكسب الخبز تنسى المرأة أنوثتها وينسى الرجل شريكته وتبقى الحياة بلا معنى".
ولعل فيما كتبه "جاردنر آرمسترونغ" عن انهيار الأسرة الأمريكية نتيجة سقوط قوامة الرجل في كتيب بعنوان "كيف يمكن أن تحقق السعادة في حياتك الزوجية" ما يعزز ما سبق ذكره.
حيث كتب يقول: "لماذا تشعر أغلب النساء بالخيبة والشقاء؟ لأنَّهن خرجن على فطرتهن. ولماذا يتأنث معظم الرجال ويفشلون أزواجاً؟ لأنَّهم تخلّوا عن أصالتهم الفطرية".
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/356)
الذهاب إلى الكوافيرة
الشيخ د. سعد بن مطر العتيبي
السؤال:
ما حكم: الذهاب بالنساء إلى الكوافيرات لطلب الزينة؟
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..أما بعد..
الأصل في الاستعانة بالنساء في تزيين بعضهن بعضاً الجواز، ومما يدل لذلك ما ورد في قصة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، قالت: " تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم - لست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني أم رومان [أم عائشة نفسها]، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين " رواه الشيخان.
ولكن خروج المرأة إلى مكان آخر للتتزين - ولا سيما في هذا العصر - لا يخلو من محاذير، منها:
1) أن الذهاب إلى هذه الأماكن مع ما فيه من خروج المرأة وتكشفها خارج منزلها، وهو أمر يضعف الحياء و لا سيما للمخدَّرات العفيفات اللاتي لم يعتدن مثل ذلك من قبل؛ ويخشى أن يؤول الحال فيه إلى الدخول في الوعيد الوارد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله) رواه أحمد وغيره، وفي لفظ: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله - عز وجل - عنها ستره).
2) أن هذا العمل فيه هدر كبير للوقت، يقدر بالساعات ولا سيما فيما يتعلق بالتهيؤ لمناسبات الأفراح.
3) أن فيه بذلا للمال يصل إلى حد الإسراف والتبذير؛ وهذا أمر معروف لا يخفى.
4) أنَّ كثيراً من محلات (الكوافير) العامة، تتضمن أموراً محرمة يندر خلوها منها، ومن هذه الأمور:
أ - وجود موظفين من الرجال يتولون عملية التجميل للنساء الأجانب في كثير من هذه الأماكن، وقد وجد لبعضهم دعايات يندى لها الجبين.
ب - التساهل في المحرمات، بل بكبائر الذنوب، مثل النمص، والاطلاع على العورات تحت مسمى إزالة الشعر غير المرغوب فيه، ومن ذلك: شعر العورة المغلظة والفخذين؛ وهذا مما لا يجوز أن يطّلع عليه امرأة أخرى ولا محرم غير الزوج، فضلاً عن تكرار النظر إليه والتمرير عليه بآلة أو حلاوة أو نورة أو غيرها.
ت - أنَّ هذه المحلات تُتَابع الجديد مما يعرف بالموضات، وهي في كثير منها لا تخلو من التشبه بأهل الكفر أو أهل الفسق من المغنين وأهل التمثيل الماجن، بل و بما يعرف بالجنس الثالث، والتقليد لهم في تخنثهم والعياذ بالله.
ث - أنَّ ارتياد مثل هذه الأماكن فيه دعم لها وعون لأهلها، وتيسير لتكاثرها مع غلبة الشر وظهوره فيها؛ وقد قال الله - تعالى -: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
وبعض هذه المحذورات ونحوها مما هو موجود في الواقع، حمل بعض أهل العلم على وجوب مقاطعة (الكوافيرات) والاكتفاء بالتزين في البيوت. بل قد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة (ج 17/227-228) ما يلي:
" س: نأمل تفضل سماحتكم بإرشادنا بحكم تزيين المرأة للمرأة بوضع الحناء والمكياج وتصفيف الشعر داخل المشاغل النسائية، وبوجود حارس أمن يمنع دخول الرجال عامة أو داخل المنزل، وهي غير ظاهرة للناس، وخاصة العرائس في ليلة الزفاف، وما حكم العمل بها شرعا؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.
ج: لا يجوز للمرأة الخروج من بيتها لتذهب إلى محلات تصفيف الشعر وتزيينه؛ لما يترتب على ذلك من الفتنة وإبداء زينتها خارج بيتها؛ ولأنَّه بإمكانها عمل ما تحتاج إليه من التزين داخل بيتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو / بكر أبو زيد. عضو / صالح الفوزان. عضو / عبد الله الغديان. نائب الرئيس/ عبد العزيز آل الشيخ. الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز. ".
وأما البديل الشرعي الأسلم، الذي ينبغي العدول إليه ممن تحتاج إلى تزيين خاص، فهو والله - تعالى -أعلم - أن تدعى المزيِّنة (الكوافيرة)- التي تصف الشعر وتتقن فن التجميل الطبيعي أو الصناعي الذي يخلو من المحظورات الشرعية إلى الدار، وتقوم بعملية التجميل داخل الدار؛ هذا مع اجتناب المحذورات السابقة؛ لأن هذه الحال أبعد عن المحاذير، وأشبه بما ورد في حديث عائشة - رضي الله عنها - السابق.
والحذر من هذه الأماكن مهم، ولا سيما بعدما اشتهر من استغلال الفساق لمثل هذه المهن ومحلاتها للأفعال الشنيعة، وترويج الفاحشة، ولو من خلال الضغط على بعض من يرتدن هذه الأماكن بإظهار صور فاضحة لهن تم التقاطها بعدسات تصوير متحرك خفية، وضعت في بعض جنبات تلك المحلات أثناء تزيين تلك المسكينات! نعوذ بالله من الخيانة وسوء الحال.
هذا والله - تعالى -أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
16 / 5 / 1426 هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/357)
هموم صغيرة
منال الدغيم
"هناء..كفى! "
صرخت الأم بابنتها ذات الأعوام العشرة لمّا ضاقت بها ذرعاً، فهم الآن في زيارة لبعض الأقارب، و"هناء" ترفض بإباء أن تذهب للعب مع البنيّات، لأنها "تستحي" من قصر ثوبها الذي أرغمتها والدتها على لبسه، وقد تحجّرت الدموع في عينيها البريئتين..!
إنه نقاء الفطرة الصافية، لَمَا (هناء) تهنأ بالستر والحشمة، وتقشعر من العري والتبرج، وترى في العفاف سمواً وطمأنينة، وفي غيره قلقاً وإهراقاً لماء الحياء - أو ماء الحياة! - العزيز..
أمّا في هذا الزمن، فلا نبالغ إذا وصفنا تربية الصبايا على الستر والاحتشام بأنها "حرب"، فالعُري يتكالب على الصغيرات من كل جهة، بَدْءاً من فتاة الإعلام "المتغنجة الشقيّة المرحة"، إذ لا تكتمل الشخصية الجذّابة إلا بلباس مغرٍ خليع، ثم تجد الفتاة قبولاً واسعاً لهذا النموذج الإعلامي الساقط من حولها، حتى تطمئن لنظرة المجتمع المتسامحة - إلى حد كبير بالنسبة لتبرّج الفتيات في سن التربية، أي من (7 14) عاماً، بحجة "الصغر"، و "عدم التعقيد".. و "هذا الموجود"!
تقول الأخت (جواهر السالم، وهي معلمة): "أنا أم لفتاة في الثانية عشرة من عمرها، وبصراحة أجد في اختيار ملابسها مشقة بالغة، فالمعروض في السوق هو غير الساتر، وكثير من قريباتها وزميلاتها يلبسن ذلك، ولذا فإنها تريد هذا النوع من الملابس كي لا تكون "قرويّة" في نظرهن، وربما لذلك أرحمها وأرضخ لرغبتها في الشراء، رغم أنها كما تشاهدين قد ناهزتني في الطول، وبدأت مظاهر الأنوثة على جسدها.. ".
ولماذا؟
ولماذا نجد مشقة في تربية صغيراتنا على العفاف، وبناء قناعات بقيمة الاحتشام؟
تجيبنا عن ذلك أ. خلود المهيزع، المعيدة في قسم الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود: "أسباب انتشار الملابس غير الساترة بين الصغيرات عديدة، ولا بد لعلاجها من تضافر الجهود من الأم والأب والتاجر والمجتمع، ومن أبرز الأسباب لانتشارها:
1) التهاون من الأولياء في إلباسها هذه الملابس بحجة أنها ما زالت صغيرة.
2) كثرة عرض الملابس الخليعة في الأسواق، حتى إن من يريد أن يلبس بناته لباساً ساتراً لا يكاد يجد، أو يجده باهتاً لا يصلح للشراء.
3) التقليد للصديقات والقريبات.
4) فساد القدوة، فربما كانت الأم لا تحرص على اللباس الساتر، فلا يكون ثمة للبنت موجه وناصح.
ثم تعقّب: ليس الأمر صعباً، إنما هو بالتعود والتربية، ومما يدل على ذلك تعويد البنت في المدرسة على اللباس الطويل ذي الأكمام الطويلة وهو ما يُعرف بالمريول حتى أصبح مألوفاً جداً ومتميزاً، وكذا إلزام الفتاة بلبس العباءة منذ الصف الرابع، وهذا مما يثلج الصدر كلما وقفنا أمام مدرسة ابنتي الصغيرة في الصباح، فأرى جموع الفتيات الصغيرات تتدفق بهذا الستر، فأحمد الله على ذلك، وأتمنى أن أجده في كل مكان، وأؤكد أخيراً على أهمية الحزم مع البنت منذ الصغر، لأن من شب على شيء شاب عليه".
كما تشارك الأخت هيا الرشيد كاتبة صحفية-، في عَزْو سبب انتشار هذا اللباس إلى موجة التيار التغريبي، فتقول: " مع شديد الأسف نلاحظ مؤخراً تردّي نوعية الملبوسات المنتشرة في أسواقنا كمسلمين، حيث إن أغلب الموجود مخالف تماماً لأبسط مقومات الحشمة والعفاف، ولا يليق أغلبه بأن يكون ملبوساً مميّزاً لابنة الإسلام، وعندما يكون الراغب في الشراء مشغولاً وليس في وسعه بذل مزيد من الوقت في البحث، لا يختار مع الأسف إلا السيئ الذي أقل ما نقول عنه بأنه عدة تبرج وليس لباساً للحشمة".
تجربة مضيئة:
(وفاء الأحمد) أم فاضلة لطفلتين (12 و 8 سنوات)، زاهيتين دائما بملابس أنيقة وساترة، ويلفتان نظر من حولهما بجمال ملابسهما، وقبل ذلك بطولها واحتشامها.
تقول: الحقيقة أني أجد الساتر بسهولة في الأسواق، فهناك وعدّدت لي أكثر من عشرة من متاجر الماركات تبيع الملابس الطويلة للفتيات، بألوان مرحة وأنيقة، ومن حمل الهمّ حقاً عرف كيف يبحث ويصر على مبدئه، حتى إنني حين لا أجد مقاسهما أطلب من البائع أن يهاتف الفروع الأخرى للمتجر ليحجزه وأذهب لشرائه.
للأسف أخواتي وبناتهن لا يحرصن على الاحتشام، وحتى لا أجد صعوبة مع صغيراتي في مجتمع أهلي، أحرص على التعزيز الدائم لتميّزهن، وأطلب من أخواتي أن يمتدحن أناقة بناتي ليشعرن بالثقة.
كما أقوم بين فترة وأخرى باصطحاب صغيراتي إلى دور التحفيظ والمؤسسات الدعوية ليشاهدن جموع الفتيات بملابس ساترة جميلة، فيشعرن بالطمأنينة والسعادة، ويرتبطن بأخوة في الله وتعاون على الطاعة.
وماذا؟
وماذا أستفيد من تربية الصغيرة على الاحتشام منذ طفولتها، ألا يكفي أنها إذا شبّت ستترك هذه الملابس بالتأكيد؟
من المعروف تربوياً وطبيعياً أن من اعتادت شيئاً في صغرها، ألفته وأحبته في كبرها، وربما لا تتركه إلا مرغمة كارهة، ولو رأته على غيرها لما أنكرته.
ثم إن اللباس هو مبدأ وتربية، ومعناه الظاهر ضوء لمعتقد راسخ في الباطن يؤمن بالنبل والفضيلة، وتربية ابنتك على الاعتزاز باللباس الساتر منذ صغرها، يجعلها سامية الهمة والاهتمام، متميزة عن أقرانها اللاتي يجرفهن التقليد والتأثر بكل شيء.
ومتى؟
ومتى أربي صغيرتي على الستر؟
هيّئي نفسية صغيرتك، بأنها عند سن التاسعة ستكون امرأة كبيرة عاقلة، تلبس لباس المؤمنات الطاهرات، بناء على قول عائشة - رضي الله عنها -: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة"، وستشعر حينذاك بالثقة في نفسها، وسمو التفكير، ورقي القناعات، أما التكرار عليها بأنها ما زالت صغيرة وصغيرة، يجعلها تتصرف حقا كأنها صغيرة ولو بلغت العشرين!
والقضية ليست قضية "صغر" بقدر ما هي اقتناع واعتزاز، كما عليك ألا تتهاوني في التسامح بالقصير والخليع للأفراح أو المتنزهات، ولا تنسي أن القضية مبدأ وقناعة وسمو!
وكيف؟
وكيف إذن أكون قناعات سامية في نفسي وفي نفس صغيرتي، اعتزازاً بالاحتشام وحرصاً عليه وتمسكاً به؟!
1) رسّخي في نفس طفلتك المفاهيم الإسلامية الداعية إلى الحشمة والستر، فالتي تلبس اللباس الساتر يحبها الله - تعالى -وهي مطيعة له، وهو لباس الصحابيات والمؤمنات التقيات، وعقيدة الولاء والبراء أساس الاعتزاز بلباس المسلمات، وبغض تقليد العاصيات والمتبرّجات.
2) الإقناع بالمنطق مفيد في تذكير الصغيرة وتعليمها، قارني معها بين قطعة حلوى مكشوفة وأخرى مغطاة، أيهما تختار؟ وطبقي ذلك على الجسد الساتر والعاري.
3) للقصة شأن عجيب في تربية الصغيرات، فاحكِ لها قصصاً فيها تعزيز لهذه التربية.
4) حدّثي من تتوقعين تعاونها من معلمات صغيرتك، حول تعليم الصغيرات شأن اللباس الساتر وجماله وتميّز الطاعة به؛ فالصغيرة أحياناً تقبل من المعلمة ما لا تقبله من أمها.
5) أشعري ابنتك بالثقة في أناقتها، بأن تكون الملابس الساترة بألوان زاهية وجميلة، مع تلبية رغبتها الفطرية في التحلّي والتجمل بزينة وربطات للشعر ونحوها.
6) لا تكتفي بالحديث لصغيرتك عن أهمية الستر في المرة الأولى فحسب، فالمغريات كثيرة ومستمرة، بل داومي على التعزيز لها وامتداحها، والتنويع بين أساليب إقناعها، فمرة عن جمال الستر، ثم عن العزة في طاعة الله، ثم عن سمو الشخصية..، وهكذا..
7) ماذا لو كتبت رسالة إلى المتجر الذي تحبين التعامل معه، حول توفير اللباس الساتر للصغيرات؟ جرّبي ذلك فالأمر يسير، أخبريه عن رغبتك في شراء ملابس ساترة لصغيرتك من متجره لجودة ما يعرضه، وذكّريه بتقوى الله، وألا يكون نافذاً للأعداء يُؤتى منه، وانصحيه بأن يكون مفتاحاً للخير ببيع اللباس الساتر والأنيق للصبايا.
8) وعلى نطاق العائلة، نهدي هذه التجربة:
أقامت إحدى المربيات الفاضلات وعلى مدار عام كامل، مسابقة لعائلتها التي انتشر اللباس غير الساتر فيها، وقالت بأن هناك جائزة أسبوعية لكل لباس محتشم، وفي ختام العام، عملت حفلة جميلة، فيها تذكير ونصيحة وفتاوى، وتلوين لملابس محتشمة، ففرحت الصغيرات وتغيّر حالهن، وأصبحن يقبلن عن رغبة على اللباس المحتشم الساتر.
9) وهذه فكرة للمدارس أُقيمت فعلاً في مدرسة ابتدائية بالرياض:
شارك ما يزيد على مائة طالبة في مسابقة لأجمل عمل فني، يحوي رسالة موجهة إلى صديقة بشأن اللباس الساتر، وقد كانت أعمال الفتيات مبتكرة ومدهشة، وعُرِض بعضها على قناة المجد، كما عبّر عدد من الأهالي عن شكرهم لفخر صغيراتهن بالاحتشام وتمسكهن به.
11/3/1426
20/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/358)
من تحفر قبرها بيدها
حياة با أخضر
خطوات دخول جحر الضب:
من المواضيع التي بدأت تطفو على سطح القضية المفتعلة (قضية المرأة)، موضوع فتح كليات إعلامية للنساء بدعوى الارتقاء بالموهوبات منهن وتذليل المعوقات والصعوبات التي تقف حائلاً أمام استمرار إبداعهن ولتظل الأقلام القوية مشرعة في المجالات الإعلامية وفق المناهج المأخوذ بها أكاديمياً. وقد تفادى بذلك الرجال والنساء بل ممن تحسبهم من أهل الخير والصلاح وفتحت لهذه الدعوى وسائل الإعلام للمناداة بها وتحريك النفوس الضعيفة للمطالبة بإخراجها إلى النور في وقت تناذر الفتن وجلبها علينا بخيلها ورجالها لإدخالنا إلى جحر الضب. وإن المصارحة الأخوية مع إخوتنا هي سبيلنا لدرء المفاسد والأمن من غضب الجبار فأقول بحب أخوي من: خلال منهج أهل السنة والجماعة (الطائفة الناجية) فنحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر لذا نقول إن إخوتنا ما قصدوا بدعواهم تلك إلا رؤيتهم للزخم الإعلامي يواجهنا من جميع الجهات، فأرادوا النفير أمام هذه الهجمة الشرسة بكل القوى والتي منها النساء اللاتي لديهن قدرة إعلامية، ولكننا نقول لهم ليس كل من اجتهد يصيب والتنبيه لا يكفي وحده إن لم يضبط بضوابط الشرع.
ومن خلال كل ما سبق أقول بلسان المحبة لكل المسلمين عامة وأهل بلادها على وجه الخصوص: من الملاحظ تسابق بعض نسائنا للعمل الإعلامي المرئي والمسموع مع ما يكتنفه من اختلاط وتبرج وإظهار زينة وخضوع في القول وتوزيع الابتسامات ورفع التكلف مع زملاء المهنة وحجاب هو ديكور ظاهري (يثير الضحك)، مما هو من الأمور المعلوم تحريمها بالضرورة وهذا كله حدث في ظل غياب الإعداد الأكاديمي.
فلننظر بهدوء للموضوع من عدة زوايا لا بد منها:
1- هناك إعلام صحفي لا اختلاط فيه البتة وقد انتشر بين أخوات فاضلات من خلال مجلات هادفة وزوايا ثابتة وبحمد الله - تعالى -شق طريقه وأخذ مكانه بين سيل المجلات المخالفة وهذا النوع الإعلامي يحتاج إلى الوقفات الآتية:
• إقامة دورات خاصة بالعمل الصحفي النسائي المتميز بخلوه من الاختلاط أو ضرورة النزول إلى أماكن بعيدة أو غير ذلك مما لا يليق إلا بالرجال وهذه الدورات لا بد من وضع مناهجها من قبل فئتين هما: فئة علماء الشريعة وفئة علماء الإعلام المزكين في دينهم وتضم من بين برامجها: فئة الدعوة من القرآن والسنة، فقه إنكار المنكر، مستويات عدة في أصول للعلم بمقاصد الشريعة ومعاني القواعد الفقهية المهمة كدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح وسد الذرائع..الغزو الفكري، المذاهب الفكرية، الأديان المعاصرة، السيرة النبوية ودروس تربوية منها..وفي مناهج أقسام الإعلام بجامعاتنا ما يغنينا مع مراعاة أن في المناهج الجامعية ما هو خاص بالرجال فقط مما هو معلوم لعلمائنا.
• تبني الأقلام الجادة في المواقع والمجلات والصحف الإسلامية التي انتشرت عن طريق تعيين مندوبات لها في كل مناطق بلادنا الحبيبة.
• وضع الحوافز المناسبة للمجهود الصحفي لتتفرغ الصحفية المسلمة لهذا العمل المهم في زمن العولمة الإعلامية الفاسدة.
2- إن فتح أقسام إعلامية للنساء بجامعاتنا يعني تخرج دفعات متوالية لا بد أن نبحث لها عن عمل وسنجد أقلاماً تكتب وبإلحاح عن ضرورة إيجاد أعمال لهن في تخصصهن الذي يشمل الإخراج وتقديم البرامج والتمثيل والغناء والصحافة وغير ذلك لأن مجالات الصحافة الإسلامية قد اكتفت، عندئذ سيفتح باب جحر الضب وسندخله شئنا أم أبينا وبأيدينا بل بأيدي من نتوسم فيهم الخير وبحسن نياتهم ولن ينفعنا الندم ولا عض الأصابع لأن الأمر قد خرج من الحق إلى الباطل.
3- إن فتح هذا الباب سيقودنا كما قاد غيرنا إلى المطالبة بفتح أكاديميات متخصصة في الموسيقى والسينما والتمثيل تخرج لنا كل عام أشباه الرجال وأشباه الجواري الغواني ممن تطفح بهم المجلات المشغولة وبأخبارهم التي تبين حقيقة حياتهم حتى باتوا هم القدوات.
4- كما سيقودنا إلى إقامة المسابقات الخاصة بهذه الفئات وتكريمهم كما يزعمون والتنافس السنوي لتقديم أعمالهم مما هو معلوم للجميع مما نشاهده في الدول الأخرى التي ابتليت بنيران هذه الفتن حتى صار المعروف عندهم منكراً والمنكر معروفاً لذا حاربوا من هداهم الله - تعالى -إلى الحق أو زينوا لهم الباطل في ثوب الحق ليعودوا من جديد إلى حلبة الباطل.
إخواني وأخواتي الأفاضل: إن المسلم في وقت الفتن عليه أن يلتزم بما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح مع تحري الأدلة الصحيحة وأخذها من مصادرها الموثوقة والعلماء الثقاة وألا نجعل لأعدائنا سبيلاً لهزيمتنا وأهمها الهزيمة النفسية والشعور بالتبعية للغير. كما أن من الواجب علينا أن نكون نحن من نعطي العالم المتناحر من حولنا السبل السوية لنجاته ففي ديننا ما يكفي لذلك. ولا نوقظ فتنة المرأة ونخرجها من خدرها إلى جحرها.
وأنتن يا معشر المسلمات في بلادي الحبيبة لا تكن المركب الذي يركبه أعداؤنا لتنفيذ مآربهم فأنت عند خالتك أكرم من أن تُهاني لفقدك لفطرتك ولحيائك والهدف من وجودك، وتذكري دائماً أنك الآن سلاح ذو حدين فاختاري أي حد أنت.
06-جماد أول-1426 هـ
12-يونيو-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/359)
المرأة والعمل
ليس من شك في أن المرأة نصف المجتمع، وأن لها دوراً مهماً في بعض المجالات كالتمريض والتدريس والخدمة الاجتماعية. ولقد أدت المرأة العربية المسلمة دوراً مُشرِّفاً منذ فجر التاريخ الإسلامي. فشاركت في الحروب بحمل السلاح وخوض المعارك، كما شاركت في تضميد الجراح، وتشجيع المقاتلين.
وجاء الخلف من النساء، وطالبت المرأة بما لها من حقوق كفرد في المجتمع كعضو يجب أن يكون نافعاً.
والمرأة حينما نزلت إلى ميدان العمل إنما تريد إثبات وجودها بتقديم الخدمات لمجتمعها ومواطنيها بكل أمانة وجد. ولكن تكوينها وطبيعتها كأنثى ألقى عليها من المسؤوليات ما ليس على الرجل..كل هذا جعلها عرضة للإنهاك الجسدي والفكري، كما جعل بيتها وأطفالها عرضة للهدم والضياع.
قد أجد بين بنات جنسي من تخالفني الرأي.. كثيرات هن اللاتي سيثرن علي وسيتهمونني بعقم التفكير، ولكنني كعاملة ومسؤولة عن زوج وبيت وأطفال لا أتحدث إلا من واقع تجربة مررت بها وما زلت.
وقد يتساءل بعضهم: لماذا أعمل ما دامت ظروفي لا تمكنني من تحمل مثل تلك المسؤولية؟ فأجيب: بأن المسئولية التي تثقل كاهل المرء وتجعله في وضع قد لا يستطيع معه تحمله. هي التي تجره إلى الاستمرار، والمقاومة. ومحاولات التوفيق بين العمل داخل البيت وخارجه قد تكون خائبة إلى حد ملموس، وليس معنى هذا -أنني خبت بين مسؤوليتي البيتية ومسؤوليتي كموظفة، ولكن هذا كلفني كثيراً من الوقت والجهد والتضحية بصحتي وراحتي، حتى إنني في بعض الأحيان أغبط كل من أكرمها الله بالبقاء في البيت ولمسؤوليتها الطبيعية.
والمرأة مهما كان مركزها الاجتماعي ومهما بلغ علمها لا تستطيع التخلي عن طبيعتها ولا عن دورها، فغريزتها قد تدفعها إلى السير في طريق المسؤولية والدور الذي خلقت من أجله، إنَّها تبحث عن الاطمئنان، عن الزوج والوالد، وبدون قيامها بدورها الطبيعي كأنثى لا يهدأ لها بال. ثم إلى جانب هذا تكافح من أجل الخروج إلى عمل وتستميت في سبيل التوفيق بين هذا وذاك.. وقد يتيسر لها وجود والدتها أو قريبة لها تقيم معها، وبذلك تستطيع بشيء من تنظيم الوقت التوفيق وتحمل المسئولية دون تأثير على البيت والولد، وقد لا يتيسر لها ذلك فتضطر إلى الخدم أو ترك صغارها لدى الأقارب والجيران. وكم من عاملات يتركن أطفالهن، وترك الأطفال يعرضهم إلى أخطار كثيرة؛ فالجارة التي تلقي إليها جارتها بصغيرها كل يوم قد يكون لها أطفال فيتشاجرون، وهذه عادة الأطفال، ورُبَّما تعرض أحدهم لسوء، فلو حدث هذا ماذا ستفعل من تجعل من صغارها عرضة للخطر تشردهم بسبب عملها خارج بيتها؟!
إنَّها مشكلة ولن تحل حتى تعترف المرأة بواجباتها الطبيعية ودورها الأساسي في المجتمع، وتتراجع المرأة عن تحدياتها ومكابرتها، حتى تعرف وتعترف بأنَّها إذا كانت قد حققت نجاحاً في عملها خارج البيت فقد خابت في تحقيق النجاح داخل بيتها. إذا كانت قد كسبت الجولة في تحدي الرجل ومنافسته وإثبات وجودها بدقتها وحرصها وإخلاصها فقد خسرت ما هو أثمن من هذا كله، خسرت بيتها وأطفالها وإن كانوا على قيد الوجود. إنَّ بيتها الذي لا تعود إليه إلا مرهقة الجسد والأعصاب في حاجة ماسة إلى نشاطها، وأطفالها وزوجها أيضاً في حاجة إلى حيويتها وجهدها في سبيل رعايتهم وتوفيرها الراحة النفسية والجسدية لهم. إنَّهم في حاجة إلى الرعاية الكاملة التي لا تستطيع المرأة العاملة توفيرها ولا تحقيقها لأفراد أسرتها ما دامت خارج بيتها تبذل من وقتها وصحتها.. فلابد أن يكون أحد الواجبين على حساب الآخر. إنَّها بلا شك عرضة للانهيار، وبيتها وأطفالها عرضة للضياع. فماذا تقول المرأة العاملة؟
قد تضيق بما أعترف النساء العاملات، وقد ترى فيه بعضهن خطأ، ولكن ليس هناك من تستطيع إنكار ذلك، أو من تستطيع المراوغة مهما حاولت؟ وقد أستثني بعض العاملات من الوقوع في مثل هذه المشكلة، مشكلة المرأة العاملة، وهن -كما ذكرت- من يعشن في ظروف خاصة تختلف عن الظروف العادية لكل زوجة وربَّة بيت، كمن يتوفر لهن من يعينهن على أمور البيت ورعاية الصغار مثل والدتها أو إحدى القريبات المأمونات، مع قيام المرأة بمسؤوليتها في المتابعة والملاحظة والتوجيه وتوفير الحنان لأطفالها، بالإضافة إلى قيامها بحق زوجها.. أوجب الحقوق عليها بعد حق الله - تعالى -. فمن علمت من نفسها أنها لا تستطيع الجمع بين ذلك وبين عملها فلا شك في أن بيتها وأسرتها أحق بها.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/360)
رسالة إلى فتاة تعمل بين الرجال
أختي الكريمة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد آلمني جداً أني رأيتك في هذا المكان، تعملين بين الرجال، وسبب ألمي أن هذا الاختلاط خطر عليك للغاية، في دينك وأخلاقك..
لا تتعجلي وتعرضي عن نصيحتي، وتظني أني أبالغ في ألمي، فإن معي من الأدلة ما فيها البيان الشافي لما أقول، وتذكري أنه لا رابطة تربطني بك إلا رابطة الإسلام، ولست أجني من هذه الكلمات التي أسطرها إليك بأحرف تخرج من قلبي أية فائدة دنيوية، بل إنها تستهلك وقتي وجهدي وتفكيري، فأرجو أن تقدري هذا الموقف مني تجاهك، وتتأملي فيما أقوله مرارا، وستجدين فيه غاية النصيحة لك والإخلاص.
أختي الكريمة!..
إن المرأة مهضومة مظلومة في أي اختلاط لها بالرجال من غير محارمها، فإن عامة الرجال لا تخلو نظرتهم إليها من نظرة شهوانية، ومن زعم منهم غير ذلك فما صدق، فالله خلق في الرجل ميلاً قويا إلى المرأة، وخلق في المرأة ميلاً قويا إلى الرجل مع لين وضعف، ومن ثم فأي قرب بينهما في غير النطاق المشروع فهو خطير للغاية، فالشيطان يؤجج الغرائز في هذا الحال، وعادة ما تكون المرأة هي الخاسر في هذه القضية؛ لأن الرجل لا يتحمل تبعات المشكلة كالمرأة، التي عادة ما تتعرض في أية خلطة لها بالرجال إلى متاعب هي في غنى عنها، فالاختلاط قد يفضي إلى هتك العرض وما يتبع ذلك من مآسي كالحمل وظهور اللقطاء، ولأجل هذا حرمه الشارع، والأدلة في هذا المقام كثيرة أذكر منها بعضها:
- قال - تعالى -: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}.
فالله - تعالى -أمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء، فإذا صارت المرأة تعمل إلى جانب الرجل فكيف يمكن له أن يغض بصره؟..
فالمرأة عورة كلها، كما جاء في الأثر، فلا يجوز النظر إليها، وقد قال رسول الله: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة) [رواه الترمذي].
فنظرة الفجأة معفو عنها، وهي الأولى، بخلاف الثانية فإنها محرمة؛ لأنها تكون عن عمد، وقد جاء في الأثر: (العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطو) [رواه مسلم]
والنظر زنا لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة، وذلك يفضي إلى تعلق القلب بها ومن ثم الفاحشة، ولا شك أن النظر متحقق في الاختلاط غاية التحقق.
- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) [البخاري]، فقد وصفهن بأنهن فتنة على الرجال، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون في مكان واحد؟!.
- أن رسول الله لما بنى المسجد جعل بابا للنساء وقال: (لو تركنا هذا الباب للنساء) [أبو داود].
فكان عمر ينهى عن الدخول من باب النساء، فإذا كان منع الاختلاط في الأبواب فلأن يمنع ذلك في المكاتب من باب أولى..
- وقد أمر رسول الله النساء بأن يمشين في حافة الطريق دون وسطه حتى لا يختلطن بالرجال..
- وكان - عليه السلام - إذا سلم من صلاته ثبت في مكانه مستقبل القبلة ومن معه من الرجال حتى ينصرف النساء ويدخلن بيوتهن، ثم ينصرف وينصرف الناس معه، حتى لا يمتد بصر الرجال إليهن.
كل هذه النصوص وغيرها كثير تبين حرمة الاختلاط، وحرمة أن تعمل المرأة إلى جانب الرجل، والعلماء كلهم متفقون على هذا بلا خلاف..
إن المرأة مأمورة بالقرار في البيت، هل تعلمين لماذا؟..
حتى لا تتعرض لأنظار الرجال والاختلاط بهم..
ومن المعلوم أن هتك الأعراض وخراب البيوت وضياع مستقبل الفتاة بالذات وظهور اللقطاء نتيجة طبيعية للاختلاط..
وإن أردت أن تقفي على حقيقة الاختلاط وآثاره فاقرئي مشاكل الاختلاط في الغرب، حتى حدى بهم الأمر إلى الدعوة إلى منعه في التعليم، فأنشئت جامعات ومدارس قائمة على الفصل بين الجنسين في أمريكا وغيرها، ما فعلوا ذلك إلا بعد أن ذاقوا المر والألم من كثرة المفاسد الأخلاقية، أفلا يجب أن نعتبر بهذه الحقائق؟..
أليس من الخطأ أن نكرر نحن المسلمون الأخطاء التي وقع فيها الغرب، وهم اليوم يرجون التخلص منها؟!.
أيتها الأخت!..
أنت أعز من الدينا..
أنت الأخت والبنت والزوجة والأم..
فمن الواجب أن تكوني عونا لنا على صيانتك من المخاطر..
أنت نصف المجتمع، وأنت تلدين الآخر..
أنت التي نرجو منك أن تخرجي لنا الأجيال التي تقود الأمة..
فكيف يمكن لك ذلك إذا تركت القرار في البيت، وتركت عمل البيت وتربية النشء والأمومة، وصرت تزاحمين الرجل في عمله؟..
اعلمي رحمك الله، أن الله - تعالى -ما أمرك بالقرار في البيت إلا رحمة بك: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}..
لأنك إذا خرجت طمع فيك الرجال، وإن شئت أن تتأكدي مما أقول اقرئي كتاب: " عمل المرأة في الميزان"، للدكتور محمد علي البار..
وستجدين فيه الحقائق الجلية بالأرقام والقصص التي تؤكد خطورة ترك المرأة بيتها واختلاطها بالرجال، واعتبري بحال المرأة في الغرب:
إنها تشكو ظلم الرجل، تشكو الابتزاز الجنسي في كل مكان، ولا تستطيع أن تفر من واقعها؛ لأنه لابد عليها من العمل وإلا ماتت جوعا، فهي في ألم وشقاء لا ينتهي..
أما أنت فقد أكرمك الله بالإسلام الذي أوجب على الأب والزوج والأخ والابن أن يسعوا عليك بالنفقة، ولم يأمرك الله بالسعي أبدا، فهذه غنيمة أتتك بلا تعب، تمكثين في بيتك كالملكة وغيرك يسعى عليك..
أليست هذه نعمة عظيمة؟..
فلا تغتري ببريق الدنيا وتزيين الشيطان لك بالخروج للعمل، فإنك إن أردت أن تكوني قريبة من الرحمن فكوني في بيتك، قال رسول الله:
(المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها) [رواه الترمذي وابن حبان].
واعلمي أيتها الأخت!.. أن أعز شيء لديك هو إيمانك وعفتك، وهو مهدد بالهتك إذا ما اختلطت بالرجال، فابتعدي عنهم ولا تقربي منهم إلا محرماً أو زوجاً، واعلمي أنك في ظل الحجاب والقرار في البيت تنالين أحسن الأزواج خلقا وغيرة، وإذا بقيت في هذه الأعمال المختلطة فلن تظفرين بالرجل الشهم الغيور..
أيتها الأخت!..
لا تقولي: "أنا قادرة على حفظ نفسي ولو كنت بين الرجال"..
فإن الله ما أمر بغض البصر والفصل بين الذكر والأنثى إلا لعلمه أن الغريزة الجنسية قوة جارفة، والمسلم مأمور بالبعد عن مواطن الفتن، ولا يجوز أن يلقي بنفسه إلى التهلكة، والإنسان إذا جاع لم يقدر أن يمتنع من الطعام، وكذا إذا جاع جنسياً، وفي كل حال إذا ثبت تحريم الاختلاط فإنه يحرم للمرأة والرجل أن يعملا جنباً إلى جنب ولو كانا تقيين، ولا عبرة بخلو النفس من الشهوات أو بقدرة المرأة على حفظ نفسها..
وإن كنت أختي الكريمة في حاجة إلى العمل فليكن بعيدا عن الرجال..
أختي الكريمة!..
لا أدري هل بلغت كلماتي حبة قلبك؟..
وهل استطاعت أن تنفذ في شغافه؟..
أرجو ذلك من كل قلبي، وأدعو الله دعاء المضطر أن يحفظك من كيد الكائدين، الذين يخططون للزج بك في أوحال الرذيلة، وهم في غاية الفرح بما حققوه منك عندما تركت البيت وصرت في محافل الرجال؛ لأنهم يعلمون أنك مربية الأجيال، فإذا فسدت فسد الجيل، وصارت الأمة لقمة سائغة لأعدائها..
فكلي رجاء أن تعي هذه القضية الخطيرة حق الوعي، وتدركي مقدار الخطر الذي أنت فيه..
وإذا لم تلقي بالا لما قلت ـ ولا أظن هذا منك ـ فلسوف أدعو لك آناء الليل وأطراف النهار، ولن أمل أبداً من الدعاء لك، فأنت أخت لي مهما حصل، وثقتي أنك يوما ما ستعودين إلى رشدك، وثقتي أن الله - تعالى -لن يضيع جهدي معك هباءً، وما توفيقي إلا بالله..
ولي رجاء إليك أن تكرري قراءة هذه النصيحة مرة بعد مرة، من فترة إلى أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/361)
المرأة والسياسة وصناعة الحياة
محمد العلي
إن كل جاهليات العصور الغابرة كانت تظلم المرأة وتستغلها استغلالاً بشعاً، وتسلب أمنها، وتتكئ على شقائها وتعاستها، وتعمل على تشتيت أمرها وهدر طاقتها، واستغلال جهدها واستغفالها، وعلى رأس ما يسلب منها من أمن، هو (الأمن الفكري)، بل هو على رأس ما يسلب من أكثر الناس في زمن كل جاهلية، فحتى جاهلية هذا العصر تمارس على المرأة تلك الممارسات بصور وأشكال وآليات مختلفة، على الرغم من التطور العلمي والتقني، وهو أوضح دليل على جاهلية هذا العصر، فوضع المرأة في المجتمع هو المؤشر على رقي ووعي المجتمع وتحضره.
والمرأة في دولنا العربية والإسلامية أصبحت بين نارين، نار العادات والتقاليد القبلية التي تحد من نشاطها الاجتماعي والسياسي وتكبل حركتها وتمنعها من أداء دورها وواجبها تجاه المجتمع باسم الدين، وبين نار "العلمانيين" الذين وجهوا المرأة الوجهة الخاطئة وظلموها واستغلوها أبشع استغلال، وشغلوها عن نفسها وبيتها وخالقها وعن مصيرها الموعود بعدما حرموها من (الأمن الفكري).
فباسم الحقوق السياسية يراد حرمان المرأة من حقوقها الشرعية وضرورات حياتها الإنسانية، بل وحرمان المجتمع ككل من إمكاناتها وقدراتها وطاقاتها وجهودها وتأثيرها الفعلي ودورها في صناعة الحياة، فأقصى ما يقدمه الساسة للمرأة هي دعوى باطلة خادعة يتم بها استمرار تحييدها عن ممارسة دورها الحقيقي باسم "الديمقراطية" والمشاركة السياسية المزعومة، رغبة في تقليد الدول الغربية المتقدمة تقنياً ومادياً -والذي جعلها البعض مثله الأعلى- توهماً منهم بأن ذلك من أسباب التقدم والرقي ومظهراً من مظاهره ووجهاً من أوجه الحضارة، فالمرأة بالنسبة لسدنة الحضارة الجديدة -وكما يقال- هي (نصف المجتمع!)، إنها مقولة من ينظر إلى أفراد المجتمع كمجموعة من العمال والموظفين، نصفهم من الرجال والنصف الآخر من النساء!، فتلك نظرة "الرأسماليين" والماديين الذين يصب اهتمامهم على مضاعفة الإنتاج وجني الأرباح والمكاسب المادية حتى لو كان على حساب ارتقاء وبقاء النوع البشري وعلى حساب وعي المرأة وصلاح حالها وأحوالها واستقرارها وأمنها، فالمرأة بالنسبة لهم نصف قوة العمل، وفي الحقيقة..
إن المرأة هي من (يصنع المجتمع)، المجتمع الإنساني، وهي من يصنع الحياة. قال - تعالى -: {ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85)}(هود)..
نعم.. إن المرأة هي من يصنع المجتمع والحياة، فلذلك يجب أن تمكن من أداء دورها الاجتماعي والسياسي وبصورة صحيحة وبما يحقق الهدف الصحيح وهو إيجاد أسرة مترابطة مستقرة وإيجاد أبناء لهم بناء فكري وروحي ونفسي وبدني سليم ومجتمع آمن ودولة تسير باتجاه صحيح، فالمرأة إذا ما مكنت من أداء دورها الطبيعي ستساهم بقدر كبير في صناعة وصياغة الإنسان صياغة تجعله أهلاً لأداء الأمانة التي حملها ودور الاستخلاف في الأرض، بل في صناعة وصياغة الحياة، ولا يجب أن تنهك وتشتت جهودها وتهمش وتستغفل وتستغل، فالمرأة في الوقت الحاضر تعيش وهي محرومة من أداء دورها الأساسي الفعال في المجتمع، فلابد من إعادة ترتيب شبكة العلاقات الاجتماعية السياسية الإسلامية ترتيباً صحيحاً يحفظ للمرأة خصوصيتها ويضع كل جنس في مكانه المناسب والصحيح، ومثلما يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كذلك يجب أن توضع المرأة المناسبة في المكان المناسب، وهكذا سيصلح المجتمع وستعدل الموازين المقلوبة وأولها ميزان العقل الذي اختل بسبب ذهاب الدين مروراً بالموازين الأخرى وانتهاءَّ بميزان القوة العالمي ليكون من صالح المسلمين والمستضعفين والإنسانية بشكل عام.. قال - تعالى -: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً(1)} (النساء).. فساسة هذا الزمن إذا ما أرادوا الارتقاء بالمجتمع الإنساني وبعث الروح فيه لا مفر من تقديم الاعتذار الواضح والصريح للمرأة بعد الاعتراف بسوء تقديرهم وفهمهم لمكانتها ولقيمتها ولقدراتها وإمكاناتها وخواصها وحاجاتها وضرورات حياتها الإنسانية ولدورها في الحياة، فيجب رفع الظلم عنها وإعلان التوبة النصوح (عملياً) من خلال تمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي تجاه المجتمع دون حيل فكرية وسياسية ودون استغفال واستغلال، فوضع المرأة في مكانها المناسب والصحيح والاعتراف بدورها المهم والأساسي في صناعة المجتمع وصناعة الحياة هو أحد أهم مفاتيح الإصلاح، فضياع الأمم من ضياع المرأة وتهميشها، ولا إصلاح إلا بصلاح حال وأحوال المرأة "الفكرية والروحية والنفسية والمادية" ولا إصلاح إلا بتمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي.
لقد تعرضت المرأة في الجاهلية الحديثة لوجهين رئيسيين من الخداع:
[الوجه الأول]: هو صرفها عن العلم الذي سينفعها وسيفيدها في ممارسة دورها الطبيعي وتحقيق ذاتها، وهو الأمومة ورعاية الأسرة وتربية وصياغة الأبناء وصناعة الحياة، فبدلاً من تعليمها من أجل إخراجها من حصنها ومملكتها لجعلها عاملة في آلية وماكينة الإنتاج المادية العالمية وجعل مهمتها الأولى تحصيل المال والشراء والإنفاق والاستهلاك كان من الأجدر تعليمها العلم الذي يعينها على صناعة الحياة من خلال إدارة الأسرة ورسم وتنفيذ سياستها الاقتصادية والغذائية والصحية والفكرية والنفسية والروحية والاجتماعية، فصناعة الحياة وصناعة الإنسان وصياغته بصورة صحيحة بحاجة لأم متعلمة وواعية ومتمكنة من إدارة أسرتها لبناء أبنائها بناءً -فكرياً ونفسياً وروحياً وبدنياً- سليماً، وهو بحاجة لأم متفرغة لتلك المهمة الإنسانية الراقية.
و[الوجه الثاني]: هو خداعها بما يسمى المشاركة السياسية باسم "الديمقراطية"، فعند التطبيق الفعلي لن نجد لتلك المشاركة المزعومة أي أثر يذكر على تحسين أحوال المرأة بشكل خاص وأحوال المجتمع بشكل عام، فها هي المرأة في الدول "الديمقراطية" ما زالت تعاني من الاستغلال وسوء الرعاية والاهتمام، وها هي مجتمعات "الديمقراطية" المزعومة تعيش بحالة تفسخ وانحلال. قال - تعالى -: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك س- يرحمهم الله - إن الله عزيز حكيم (71)}(التوبة).. فحاجة المجتمع لجهود المرأة الفعلية تلزمنا استحداث دائرة سياسية نسائية خاصة لإدارة شؤون الفتيات والمرأة والأسرة، بإدارة نسائية صرفة دون وصاية من الرجال وبميزانية مستقلة، وهذا وجه من أحد أوجه تطبيقات الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتكامل والتعاون على البر والتقوى، وتلك الدائرة السياسية النسائية تكون مهمتها الآتي:
أولاً: إيجاد فتيات متعلمات واعيات متمكنات من رسم سياسة الأسرة وإدارة شؤونها "الاقتصادية والغذائية والصحية والفكرية والنفسية والروحية والاجتماعية" وقادرات على صناعة الحياة، قال - تعالى -: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون(21)} (الروم)، فمهمة صناعة الحياة وإدارة شؤون الأسرة ورسم سياستها لضبطها ليست مهمة وضيعة وهامشية، كما يصورها من لا يعيش تفاصيل الحياة بوعيه الكامل، أو من يريد للمجتمع أن يعيش في ظل الفوضى بعد تحييد (الأم المتعلمة الواعية المتمكنة المتفرغة) حتى يتسنى له تصريف بضائعه الفاسدة التي تفسد الحياة، من قيم وأفكار ومفاهيم وغذاء أو سموم ومصنوعات وسلع مختلفة دون رقيب وحسيب، بل إن مهمة إدارة الأسرة ورسم سياستها وصناعة الحياة من أصعب المهمات وأهمها وأشرفها في الدولة الإسلامية، فضبط الأسرة هو ضبط للمجتمع والدولة، فمن الأسرة التي تديرها الأم المتعلمة الواعية المتمكنة المتفرغة يخرج أفراد المجتمع الصالحون المصلحون، يخرج صناع الخير وصناع الحياة، فتلك هي حقيقة دور ومهمة المرأة في المجتمع المسلم المثالي، فإذا صلحت الأسرة والخلية الأولى للدولة صلح النسيج الاجتماعي وصلحت الدولة وصلحت الدنيا والحياة.
{عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرأة رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ} (صحيح البخاري)
ثانياً: تهيئة الكوادر الفنية والإدارية من أجل إدارة شؤون النساء بشكل عام "الفكرية والروحية والنفسية والمادية والصحية والاجتماعية... الخ" وخدمة المجتمع وتوفير فرص عمل مناسبة لمن اضطرتها الظروف للعمل، بما يحفظ كرامتها من الامتهان.
ثالثاً: التنسيق مع مجالس الرجال للاتفاق على آلية التشاور وحدود ومجالات المشاركة في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية وأمام هذا الوضع المأساوي للمرأة، وأمام هذا الخلل والاضطراب الذي أصاب المجتمعات بسبب تحييد وتهميش المرأة ومنعها من أداء دورها ومهمتها في صناعة المجتمع وصناعة الحياة، تُقََََدَمُ حلول تزيد الواقع سوءًا، فالمشاركة السياسية للمرأة لا تكون بدخولها في حلبة الصراع السياسي باسم "الديمقراطية" والتعددية، فهذا الأمر لا يصلح من حال وأحوال المجتمع، ومن المحال ذلك، فالمجتمع الإسلامي الإنساني لا يصلح حاله ولا تصلح أحواله إلا بإعادة ترتيب شبكة العلاقات الاجتماعية السياسية على أساس صحيح، من أجل إيجاد بيئة اجتماعية وسياسية صالحة مربية ومزكية.. واستحداث دائرة سياسية خاصة بالنساء هو جانب من الأسس السليمة والصحيحة التي ستعمل على عودة الروح والحياة للمجتمع.
لقد أصبحنا مخدرين ومسلوبي الإرادة ليس لنا إلا السير على خطى الآخرين في النظرة إلى الحياة والبقاء في أفقهم وجحورهم الضيقة، {قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟}.. ألا يجب أن ننتبه إلى أنفسنا ونتأمل ونتفكر في حالنا وأحوالنا ونتدارس أمرنا ونراجع أفكارنا ومفاهيمنا وتصوراتنا ورؤيتنا للحياة؟.. هل هي رؤية عميقة وصحيحة؟ أم هي رؤية سطحية أثرت بها أعمال المكر والدجل والحيل الشيطانية، إضافةَّ إلى الإلف والعادة وبسبب تسلط "العلمانيين" وقوى التخلف والانحطاط على الأمة بعد تحييد العلماء الربانيين؟..
لنبحث عن الأفق الفكرية والحياتية الرحبة الفسيحة بعيداً عن هذا الجو من الضنك والعنت والمعاناة، لكي نعيد ترتيب شبكة علاقتنا الاجتماعية السياسية الإسلامية وفق المنهج الصحيح ووفق سنن ونظم وقوانين الكون حتى تعود للدنيا الحياة.
وبالله التوفيق،،،
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/362)
مجلة المعرفة وقضايا المرأة
نورة السعد
"لا يستطيع أحد فينا أن يزعم أن أحوال المرأة المسلمة على خير ما يرام، فنحن نشكو من سوء حال المرأة المسلمة، كما نشكو من سوء حال الرجل المسلم، بل إنه ليس في الغرب أو الشرق من يستطيع أن يدعي أن أحوال نسائه ورجاله مستغنية عن الإصلاح".
هذه عبارات مهمة جاءت في مقالة د. عبدالكريم بكار المنشورة في مجلة (المعرفة) لهذا الشهر الحالي ربيع الثاني والخاص (بالمرأة) وما نشر في هذا العدد من قضايا ودراسات عن المرأة في مجتمعنا وأيضاً ما يتعلق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) ودراسة عن واقع عمل المرأة وأخرى عن قضايا المراهقة وجميعها مهمة..
(العدد) مهم وقد أحسنت مجلة المعرفة في إفرادها هذا العدد لقضايا المرأة تزامناً مع محور اللقاء الثالث للحوار الوطني.. وكم هو مهم هذا التحرك الصحفي المتميز الذي يتخذه رئيس تحرير المجلة الأستاذ زياد بن عبدالله الدريس.. الذي كان للمجلة برئاسته أثناء انعقاد اللقاء الثاني للحوار الوطني في مكة دور حيوي - فقد كانت هناك (مزامنة) جيدة حيث يتم توزيع أعداد من مجلة (المعرفة) له علاقة بالموضوع الذي يتم مناقشته.. ودراسات (مجلة المعرفة) التي كانت تناقش الموضوع نفسه كانت (أفضل) لأن بعض ما قدم يومها في ذلك اللقاء كان (غائياً) ولم يكن (موضوعياً)!! وما نشر في مجلة المعرفة يسبقها بعام أو عامين ولهذا كانت الدراسات (موضوعية)!!
أتوقع أن يكون للمجلة دور مهم في اللقاء القادم اضافة إلى هذا العدد وأهميته..
ومن صفحات مجلة المعرفة توقفت عند سطور الدكتورة أميمة الجلاهمة في رسالتها إلى (المرأة الغربية) التي تتخذها بعض المنضمات إلى حركات تحرير المرأة!! نموذجاً يقتدى به!! وهي أي المرأة الغربية لم يسمح لها بفتح حساب بنكي خاص بها في (فرنسا) إلى عام 1968م!!
أتمنى من الجميع قراءة هذا المقال!!
أيضاً توقفت عند آخر صفحة في المجلة كتبها الأستاذ عبد الله الدريس حيث ختمها بقوله (المرأة يجب أن تكون عظيمة في اهتماماتها ومبادئها وقدراتها ثم لتكن داخل البيت أو خارجه، فعظمتها ستمطر حيث شاءت وشئنا).
ذلك أنه قال قبلها: (إصلاح المرأة لا يعني توفير الوظائف لها، بحسب الموجة الحالية، بل يعني تطوير الوظائف الحياتية لها ونحن لا نريد من سوق العمل أن تكون خالية من النساء لكننا أيضاً لا نريد أن تكون البيوت خالية من النساء (إذا اعتبرنا الخادمات شيئاً آخر)!!
ثم كانت خاتمة المقالة قوله: (بالمرأة يمكن أن نصلح المجتمع وبالمرأة يمكن أن نفسد المجتمع كله.. المرأة.. نصف المجتمع.. المرأة.. نسف المجتمع أو إصلاحه).
عبارات قوية ومهمة وهي إشارات مرور صفراء وليست حمراء..
اتكاءة الحرف:
دخلت إحدى العجائز على السلطان سليمان القانوني تشكو إليه جنوده الذين سرقوا مواشيها بينما كانت نائمة.فقال لها: كان عليك أن تسهري على مواشيك لا أن تنامي..فأجابته:ظننتك أنت الساهر يا سيدي، فنمت.
http://www.alshaab.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/363)
المرأة الأفغانية في مواجهة التحدّيات!
د. ليلى بيومي
4/7/1426هـ الموافق له 09/08/2005 م
أثار الاحتلال الأمريكي لأفغانستان مشاعر أسى عميقة في نفوس المسلمين، خاصة وأن الشعب الأفغاني شعب مسلم فقير لا يكاد يجد لقمة عيشه، ولم ترض أمريكا باحتلال أفغانستان فقط؛ بل راحت تبث سمومها، وتروّج ثقافتها الغربية بين أوساط الأفغان، ونالت المرأة الأفغانية القسط الأوفر من حربها الفكرية المسمومة، ودعوتها للسفور والتبرج ومخالطة الرجال، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتلال نتعرف في هذه السطور على ردود الأفعال النسائية تجاه ما تعيشه المرأة الأفغانية في ظل الاحتلال الأمريكي، وهل تم منحهن الحياة الكريمة، والحرية الكاملة في ظل الاحتلال.
في البداية تقول الكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم: إن ما حدث في أفغانستان حرب غير إنسانية على كل المستويات؛ لأنها حرب قادها الهوى والغرور الأمريكي، وأخذت الناس بالظنون والشبهات، وكان وقودها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكلهم من المدنيين، وتحمّلت المرأة الأفغانية بصفة خاصة أعباء هذه الحرب الفاجرة بعد أن فقدت بيتها وزوجها وبعض أطفالها أو كلهم وبعض إخوتها أو كلهم.
إنني رأيت صورة امرأة أفغانية أدمت قلبي، وهي تحمل رفات زوجها، وتصحب أبناءها الصغار إلى رحلة المجهول؛ هذه المرأة ومثيلاتها يعانين الكثير الكثير في رحلة البحث عن مأوى، ثم توفير رغيف الخبز والأغطية والعلاج، ناهيك عن تعليم الصغار، وأذكر هنا أن ما فعلته أمريكا من إلقاء الطعام بجوار القنابل للمدنيين إنما هو تمثيلية غير أخلاقية بعدما كشفت العديد من وسائل الإعلام أن الدقيق (الطحين) الذي تقذفه الطائرات الأمريكية مأخوذ من قمح تم هندسته وراثياً كي يضر بصحة من يستخدمه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة كانت تأمر الطائرات بقصف مخازن الطعام التابعة لهيئات الإغاثة الدولية والأمم المتحدة، وهذا يعني أنه كان يُراد تجويع الشعب الأفغاني بنسائه وأطفاله وشيوخه الذين يتباكى عليهم الإعلام الغربي الكاذب.
تشويه صورة المرأة الأفغانية:
أما د. نادية هاشم الأستاذة بكلية الدراسات الإسلامية للفتيات بجامعة الأزهر فتقول: إن الولايات المتحدة ومعها الغرب اغتصبت القانون الدولي، وداست على الأمم المتحدة، واحتلت أفغانستان بالقوة الغاشمة التي صبّتها على شعب جائع بائس، فالإعلام الغربي شوّه صورة المرأة الأفغانية بأنها مضطهدة وجاهلة لا تتعلم، وترتدي النقاب عنوة في ظل حكم طالبان، وهذا محض افتراء؛ فأذكر هنا أن فضيلة مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل حينما ذهب بصحبة الوفد الإسلامي إلى أفغانستان عاد وأنكر هذه الاتهامات، وقال: " إن ما يتردد في هذا الشأن محض افتراء، وإن الفتاة يتم تعليمها بشكل عادي تحت سلطة طالبان" هذا ما قاله فضيلة المفتي.
أما الحجاب أو النقاب فهو أمر شائع في المجتمع الأفغاني الذي لا يكاد يعرف السفور؛ على الرغم من الحملة الأمريكية ضد النقاب، والغريب أن الغرب هلّل للموسيقى التي انطلقت من الإذاعة في ظل الاحتلال الأمريكي، وأنا أتساءل: هل وفّرت هذه الموسيقى الطعام والمأوى والأمن للنساء؟ هل فعلت الموسيقى شيئاً لامرأة فقدت زوجها وأطفالها؟
وتضيف د. نادية هاشم: إن أمريكا والغرب أمم مادية انتهازية لا تقيم وزناً لخصوصية الشعوب.
صلاح المرأة الأفغانية:
وتقول د. نشوى سيد المدرسة بكلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة: إن الغرب يريد أن تخلع المرأة الأفغانية حجابها، وترتدي الجينز، وتستمتع بالموسيقى؛ لكي يضعها على أعتاب التقدم المزعوم الذي مارسته مع مختلف الشعوب العربية والإسلامية، ولم يأت عليها إلا بمزيد من الانحطاط والتخلف، ولو أن مصلحة الشعب الأفغاني تهمهم لما دمّروا بنيته التحتية، وما هدموا المدارس والمساجد، ولقدّموا للناس معونات حقيقية ومساعدات تنموية تخرجهم مما هم فيه من فقر وضنك.
وتضيف د. لبنى صلاح الدين بكلية العلوم - جامعة القاهرة: إن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان بدعوى تحرير المرأة الأفغانية لم تأت بأي خير للمرأة الأفغانية، وإنما نتج عنها كل شر، فالمرأة خرجت لاجئة مع زوجها وأولادها، وتبيت في العراء لا تجد المأوى والملبس والمطعم، وقُصِفت وهي في الطريق فتفقد زوجها وأولادها، كما أن الطائرات الأمريكية لم تترك المرأة الأفغانية التي ظلت في بيتها في حالها وإنما دكت عليها منزلها بالقنابل التي تزن الواحدة منها سبعة أطنان، فهل بعد ذلك يتشدقون بحرصهم على أحوال المرأة الأفغانية؟ إن المرأة الأفغانية المسكينة لن تنصلح أحوالها إلا في ظل حركة إصلاح شاملة للمجتمع الأفغاني، تتحقق خلالها عوامل الأمن والاستقرار أولاً، ثم من خلال خطط تنموية طموحة، وتأسيس بنية أساسية، والارتقاء بالتعليم سواء كان للبنين أو البنات في إطار مراعاة خصوصية الشعب الأفغاني، واحترام هويته وشخصيته الوطنية.
المصدر : http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id14&catid155&artid6011
ـــــــــــــــــــ(82/364)
لكي تحققي النجاح في حياتك
إن أول طريق للنجاح في الحياة هو نجاحك ِ في إدارة ذاتك ِ والتعامل مع نفسك ِ بفاعلية. و الفشل في إدارة الذات يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة عموماً، وربما إلى الفشل في الآخرة والعياذ بالله (إن الله لا يغّير ما بقوم ٍ حتى يغّيروا ما بأنفسهم) سورة الرعد (13)
وهذه أهم القواعد العامة التي تساعدك على تحقيق النجاح بإذن الله:
1- أدي حقوق الله - سبحانه وتعالى - عليك ِ واستعيني به فيما ينوبك ِ من أمور الحياة {إياك َ نعبد وإياك نستعين}، لأنك إذا أصلحت مابينك ِ وبين ربك ِ أصلح الله لك ِ أمور حياتك، وإذا تعرفت ِ إليه في وقت الرخاء وجدتيه في وقت الشدة (إحفظ الله يحفظك) فإن ضيعتي حقوق ربك ِ فأنت ِ لما سواها أضيع {نسوا الله فنسيهم}.
إذاً كوني مع الله يكن معك، ولن يخيب مسعاك ِ إن شاء الله.
2- إملئي ذهنك ِ بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله، وكوني مستبشرة دائماً كما في الحديث (بشروا ولا تنفروا) رواه مسلم 1732.
3- عودّي نفسك ِ على تحديد أهدافك لكل عمل ٍ تنوين القيام به، وقسميها إلى أهداف خاصة وأخرى عامة، حتى يسهل عليك متابعة ما تحقق منها وغداللها بأهداف أخرى إن صعب عليك تحقيقها.
4- إلزمي نفسك ِ بالتخطيط لأمور حياتك، وابتعدي عن الفوضى والإرتجالية في أداء أعمالك بقدر الإمكان، فإن في التنظيم كسب للوقت وتوفير للجهد واطمئنان وسكينة، فكثيراً ما نلاحظ أن الإرتباك يكون سبباً في فشل أي عمل.
5- ابتعدي عن التسويف، ولا تؤجلي القيام بعمل تستطيعين القيام به اليوم، فهذا سيترك لك الوقت الكافي لأداء أعمالاً جدية في الغد.
6- قاومي رغبتك ِ الملحة في الهرب من القيام بأعبائك إلى المتعة واللهو، وأحسني استغلال كل وقت لما خصصتيه.
7- عندما تقومين بكتابة مواعيدك والمهام التي ستنجزينها، وتضعين هذه الورقة أمامك بصفة دائمة، فإنك ستسهلين الأمر بسرعة الإنجاز وعدم نسيان أي منها.
8- قدمي العمل الأهم على المهم، وتذكري أن هناك الكثير مما نعمله غير مهم..فلا تضيعي وقتك في توافه الأمور.
9- تخلصي من عاداتك ِ السيئة والتي تعيق أي تقدم، كعادة الثرثرة على الهاتف، وتصفح المجلات الهابطة والتسكع في الأسواق بحجة الشراء والبحث عن الجديد واستبدليها بعادات جديدة، ولا تجعلي تلك العادات تسيطر عليك ِ وتتملكك.
10- إبحثي عن الحق إينما وجد، واحذري النفاق بجميع أشكاله، واصدعي بالحق بأدب وعفّة وصدق، وإذا وجدت ِ نفسك عند مفترق الطرق بين الحق والباطل، فلا تتواني عن تحديد مسيرك نحو الحق ولا تأخذك في الله لومة لائم.
11- لتكن قيمك ِ الإسلامية ومعتقداتك ِ فوق كل المساومات، وهي الموجه لكل نشاطاتك، وإلا خسرت احترام نفسك ِ واحترام الآخرين لك.
12- بادري وسارعي لفعل الخير حيثما وجدتيه فإن الوقت يمضي أسرع منك، ولا تتردي.
13- واجهي نتائج أعمالك بشجاعة ومسؤولية وصبر وثبات، واحتسبي كل ما يصيبك عند الله تبارك وتعالى، واعلمي أنه ما أصابك لم يكن ليخطئك ِ، وما أخطأك ِ لم يكن ليصيبك ِ. رفعت الأقلام وجفت الصحف، ويقول الحق- تبارك وتعالى -: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}! سورة الزمر (39)
14- لا تغرقي في الكماليات، فإن كثرة الترف تهلك، وتزودي بما يكفيك في مسيرك نحو تحقيق أهدافك.
15- احذري من الخيال الجامح كما تحذرين من التشاؤم المفرط، وكوني وسطا، وزاوجي بين الخيال والواقع، فلا تتوقعي أنك ستغيري الكون من حولك بقدراتك ِ المحدودة، فما أنت ِ إلا جزء من آلة تساهم في إحداث التغيير.
16- ليكن رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - قدوتك، إذ إنه بلغ أعلى درجات الكمال الإنساني، ولن تبحثي عن حل لمشكلة في أي جانب من حياتك ِ إلا إذا وجدت ِ ذلك الحل في سيرته - صلى الله عليه وسلم -، فداومي على القراءة في السيرة النبوية.
17- إعلمي أن في كل واحدة منا صفات ضعف وصفات قوة، وأنت ِ أعلم الناس بحقيقة نفسك ِ، فأنت ِ وحدك التي تستطيعين توجيه ما تملكين من صفات القوة لإنجاح حياتك، وتنأي عن نقاط الضعف في شخصيتك.
18- من المهم جداً، أن تتسلحي بروح المرح والفكاهة من غير إسفاف ولا مبالغة، فإذا مر عليك الخطب ابتسمي له، لأن الحزن والعبوس يهلكان النفس والجسد ويشوشان على التفكير.
وبعد أن تنفذي كل النقاط السابقة لا تنسي أنك ضعيفة بدون حول الله وقوته.
لذلك أدعوكِ لترددي معي:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
عجوز الدار
(ملاحظة: أنصح بقراءة كتاب " حتى لا تكون كلا ً " للدكتور عوض بن محمد القرني، ففيه من الخ.
http://www.tttt4.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/365)
المقارنات سبب الأزمات.. [1]
الأحد 18 محرم 1426هـ - 27 فبراير 2005 م
الصفحة الرئيسة
قالت إحدى الزوجات لصديقاتها:
' أتمنى لو أن زوجي يقضي مزيدًا من الوقت مع أولادنا كما يفعل زوج فلانة '.
هذه الكلمات تفسر أن هذا الزوج لا يحب أولاده ولا يضعهم في أولوياته كما يفعل الزوج الآخر، وهذه المقارنات يمكنها أن تتسبب في إثارة غضب العديد من الأزواج، وقد تكون هذه الحادثة بداية النهاية لعلاقة الصداقة بينهما.
إن ظاهرة التحدث عن الأزواج ومقارنة بعضهم ببعض ظاهرة منتشرة لا تكاد تخلو منها مجالس النساء، فما إن تدخل إحداهن بيت الزوجية إلا وتلحق بركب سابقاتها من النساء، إلا من رحم الله.
إن معظم النساء اللواتي يقارن أزواجهن ـ سواء السعيدات في حياتهن الزوجية أو الشقيات ـ للأسف لا يخلو حديثهن من الكذب زيادة كان أو نقصانًا، فالمقارنة إيجابًا يشوبها الكذب خوفًا من الحسد.
والمقارنة سلبًا يشوبها الكذب أحيانًا لتقنع الزوجة جليساتها بأحاسيسها وإن كانت زائفة وزوجها ليس بالسيئ تمامًا.
ونحن ضد هذا الأمر ما لم تضطر إليه المرأة كأن يكون الرجل متعسفًا وبضوابطه الشرعية من وجود مصلحة داعية إلى ذلك وخلافه قال الله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [النساء:148].
ونحن عندما نعرض هذا الموضوع ونركز فيه على النساء ليس هذا تعسفًا منا فإن الموضوع يخص الزوجين معًا، ولكن النساء أكثر حديثًا من الرجال وأكثر شكوى، ولا يمنع هذا من أن ما سنذكره يمكن أن يستفيد منه الرجال أيضًا في هذا المقام من العلاقات الزوجية.
وهنا نقف ونتساءل: لماذا تقارن المرأة زوجها بأزواج الأخريات؟
أسباب المقارنات بين الأزواج:
هناك أسباب كثيرة للمقارنة بين الأزواج نذكر منها ما يلي:
1ـ تجاهل الزوج لمسئوليته وتخليه عن وظيفته الأساسية كأب وراع لأهل بيته، يؤدي إلى تحمل الزوجة لتلك المسئولية التي تخلى عنها خوفًا على أسرتها من أن تهوى بها الريح في مكان سحيق، وهنا تظهر المقارنة بين الأزواج من قبل الزوجات، ويجعل الحديث عن الزوج فاكهة المجلس بالنسبة لهن علهن يجدن حلاً لهؤلاء الأزواج المارقين.
2ـ قد تحتاج المرأة إلى المقارنة هنا بدافع التعرف على تعامل الأزواج الآخرين مع زوجاتهن لتشعر زوجها بسوء معاملته لها عن طريق نقل حديث الأخريات إليه.
3ـ عدم تقدير الزوج للزوجة خصوصًا إذا كانت تقدم له من مالها.
4ـ الفراغ العاطفي: غالبًا ما تفقد لغة الحوار بين الزوجين، ونتيجة لذلك يخيم الفراغ العاطفي على شعور الزوجة الذي من المفترض أن يكون ريًا بالعاطفة لشريك العمر، لذلك ينصب شعورها في حديثها وتكون مجالسها متنفسًا لها للحديث عن همومها وآلامها، وليس هناك أكبر من آلام المرأة في ضعف العاطفة في زواجها.
وباختصار فإن حاجة المرأة إلى الأمان العاطفي هي أحد دوافعها للحديث عن الزوج والمقارنة.
5ـ الانفتاح الإعلامي: فقد أدى الانفتاح الإعلامي والفضائيات إلى تفتح المرأة وتوسع ثقافاتها، فتغيرت صورة الرجل لدى المرأة، فقديمًا كان الرجل كل شيء في حياتها، أما الآن فقد شاطرته أغلب المسؤوليات.
6ـ العمل والصديقات: فقد يكون عمل المرأة وصديقاتها من أسباب عقد المقارنات بين الأزواج.
7ـ عدم تملك القرار: فالزوج إذا لم تعجبه المرأة تزوج من ثانية أو طلقها، أما المرأة فلا تملك سوى التنفيس بالحديث.
8ـ توسع الطموح والتطلعات الدنيوية وضعف الوازع الديني حتى نسيت المرأة الحكمة التي خُلقت من أجلها.
الأسباب النفسية للمقارنة بين الأزواج:
يقول الدكتور محمد الحامد الغامدي استشاري الطب النفسي بجدة: 'عندما تقارن المرأة بين زوجها وأزواج الأخريات فإن لها دوافعَ وأهدافًا نفسية عديدة تكمن وراء الانخراط في مثل هذه المقارنات.
قليل منها مشروعة وأغلبها دوافع غير مشروعة، فالمرأة في مجتمعنا عندما ترتبط بزوجها فإنها أحيانًا قد لا تكون مقتنعة به تمام الاقتناع وقلما تفهمه خصوصًا حديثات الزواج فتدخل في هذه المقارنات لتعزز قناعاتها بزوجها وتشبع نقصًا ما لديها.
وقد تحتاج المرأة إلى تقوية إحساسها بالأمان في حياتها الزوجية، ويعتبر الإحساس بالأمان أحد الأمور الرئيسية التي يبحث عنها كلا الزوجين خصوصًا المرأة فتتعمد الدخول في عملية المقارنة هذه لتبحث عما يقوى الإحساس بالأمن لديها.
وفي بعض الحالات تكون المرأة نكدية بطبعها وبخاصة عندما تكون غير مستقرة في حياتها الزوجية، فتنقل نتائج المقارنات إلى زوجها لتشعره بنقصه رغبة في زيادة نكده فقط.
وقد يكون الفضول أحد دوافع المرأة النفسية للانخراط في عملية مقارنة الأزواج، فالإنسان فضولي بطبعه وهذه الحالة متفشية في بعض الطبقات العقلية ذات الثقافة المحدودة.
وقد تلجأ المرأة للمقارنة بين الأزواج بدافع الرغبة في اتخاذ قرار خفي، كأن تفكر المرأة في الانفصال عن زوجها فتبدأ بمقارنة زوجها بغيره لتخفف شعورها بالذنب جراء رغبتها الملحة في اتخاذ هذا القرار، وهذا ما نسميه بعملية الإسقاط، فتسقط المرأة أسباب الانفصال عن الزوج وتحمله نتائجه.
ومن الأسباب النفسية الداعية لذلك سذاجة بعض النساء اللواتي قد يُسقن إلى الحديث عن أزواجهن دون أن يدرين.
وفي حالات قليلة يكون السبب المرأة المنحرفة التي تبرر لنفسها الانحراف والانخراط في علاقات غير مشروعة خارج الإطار الزوجي فتخفف عن نفسها الشعور بالذنب مسوغة لنفسها داخليًا بأن سبب انحرافها هو قصور في زوجها.
إن موضوع مقارنة النساء بين أزواجهن وبين الآخرين قديم جدًا في الحياة النسائية، ومن أهم أشكال هذه المقارنات مقارنة الضعفاء بالأقوياء والفقراء بالأغنياء، وقد يكون الحديث من خلالها عن الطرف الآخر بطريقة تعكس واقعه ووضعه في سلم التدرج الاجتماعي.
والمرأة عندما تقارن زوجها بالأزواج الآخرين فإنها قد تكون تعكس واقعًا سلوكيًا معينًا داخل منزلها، أو قد يكون ذلك نتيجة لطبيعة العلاقة الزوجية لديها، والتي قد لا تكون من العلاقة التي يؤمل منها التوافق بين الزوجين، كأن تكون علاقة سيطرة وتسلط طرف على آخر أو علاقة الأنداد، أو علاقة متوازية لا يؤمل معها الالتقاء، أو نتيجة لوجود فوارق واضحة بينها وبين زوجها خصوصًا عندما تكون هي الأدنى.
عزيزي القارئ:
عندما تبدأ بالمقارنة بين إنسان تحبه وبين شخص آخر، فأنت قد فتحت الأبواب للمشاكل المحتمل وقوعها، ولو فكرت في ذلك لوجدت أن الأمر معقول؛ لأن أغلبنا يريد أن يكون محبوبًا لدى الآخرين كما هو عليه، وإنه لأمر يدفع للشعور بالإهانة أن نفكر أن شريك حياتنا يتمنى لو أننا كنا نشبه أحدً آخر.
إن قيامك بالمقارنة بين شريك حياتك وبين شخص آخر لن تتسبب في تحطيم علاقتك إلا أن المقارنة تُعد أحد تلك الأمور التي ليس لها أي جانب مشرق في العلاقة بين الطرفين.
واعلم أنه في كثير من الحالات عندما يقوم شريك حياتك بمقارنتك مع شخص آخر فهو يعبر بذلك عن عدم رضاء مؤقت في مشاعره فقط، وبالتالي فإن شريك الحياة عندما يتم مقارنته مع شخص آخر لن يكون سعيدًا بذلك.
إن المقارنة بين الأزواج لا فائدة من ورائها تُذكر إلا عندما يكون القصد منها التعرف على الأخطاء والسعي لمعالجتها وتوفير حياة زوجية كريمة.
أما إن كانت المقارنة لفرض سلوك معين في علاقة المرأة بزوجها فهذا لن يؤتي ثماره، فكم من امرأة أصبحت حياتها جحيمًا نتيجة بحثها عن حياة أفضل خارج بيتها. وكم من امرأة فارقها زوجها نتيجة هذه المقارنات العقيمة.
أخي الزوج أختي الزوجة:
إن النظر لما في أيدي الناس يورث الهم والقلق، ومهما حاول الإنسان فلن يستطيع أن يحصل على كل شيء يريده والنفس لا تشبع...وفي الحديث: 'لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب' [رواه البخاري ومسلم].
فتطلعات النفس لا تنتهي، وعلى كل إنسان أن يلجم هذه النفس ويردها إلى الواقع، ولا ينظر لما في أيدي الناس فإنه الفقر الحاضر، وليحمد الله على ما رزقه من نعيم الحياة الدنيا وفي الحديث: 'من بات آمنًا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها' [رواه الترمذي].
وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينظر الناس إلى مَنْ هم أكثر منهم في المال أو في الخلق فتلك أمور قدرية كما أن نظر الإنسان لمن هو فوقه من المال يورثه السخط على حاله، فالأولى به أن ينظر لمن هو تحته في تلك الأمور فيحمد الله - تعالى -ويسأله من فضله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ' إذا نظر أحدكم إلى من فضلّه الله عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُضّل عليه '.
فهذا أحق ألا يزدري نعمة الله عليه، فالقناعة حقًا كنز لا يفنى، بها يعيش المرء في حياته مطمئنًا شاكرًا، هادئ النفس، مرتاح الضمير وإنه من دواعي الشقاء والتعاسة في عالم اليوم تلك المادية الجارفة التي اصطبغت بها الحياة، فأتت على القيم النبيلة وخلّفت وراءها الطمع والجشع والحقد والحسد.
العلاج النفسي:
ونبدأ هنا بالعلاج النفسي لمشكلة المقارنة بين الأزواج. هذه الظاهرة التي قد تصل في الغالب إلى ناحية مرضية وهذا العلاج هو:
1ـ اللجوء إلى الله وحده، والإيمان بأن الكمال لله - جل وعلا -.
2ـ التركيز على إيجابيات الزوج أو الزوجة وتغيير النواحي السلبية في كل منهما، فالزوج قابل للتغيير، وليكن ما تفكر فيه المرأة من حلول داخل إطار الزوجية، لتكون حلولها أكثر إيجابية بدلاً من الانخراط في المقارنات، وذلك لأن لكل إنسان نمطًا سلوكيًا مختلفًا عن الآخر وتطوير الأنماط إنما يكون باستشارة المتخصصين في ذلك، وكثرة الاطلاع على الكتب لتكوين درجة من الوعي والثقافة للمرأة تؤهلها لترك هذه المقارنات والتحول منها إلى حديث أكثر فائدة حول فهم الحياة الزوجية والخطاب ذاته للزوج.
العلاج الشرعي:
وهو الكفيل باقتلاع هذه الظاهرة من جذورها ويكمن في اتباع الآتي:
1- الدعاء لله - سبحانه وتعالى - فتسأل المرأة ربها أن يصلح لها شأن زوجها وكذا الزوج.
2- أن تستشعر المرأة حقوق زوجها عليها وأنها حقوق عظيمة لا ينبغي التفريط فيها، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك: 'لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها' [رواه الترمذي وأحمد والحاكم] وكذا يستشعر الزوج عظيم حقوق المرأة عليه ووصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بها حتى أنه أكد على وصيته تلك حال وفاته صلي الله عليه وسلم.
3- أن تعي المرأة أنها بكثرة شكواها وكلامها عن زوجها ترضي الشيطان وتغضب الله - سبحانه وتعالى -، ولذلك فعليها التحلي بالصبر جاعلة قدوتها زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد ضربن أروع الأمثلة في الصبر، ولتقرأ سورة الأحزاب لتعرف كيف آثرن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها ولا يكثر الزوج من شكوى زوجه وليتأمل محاسنها واحتمالها وصبرها ورضاها وليضع ذلك كله في اعتباره وميزانه.
4- 'لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر' [رواه مسلم وأحمد]. هذا الحديث كما أنه يتوجه إلى الزوج بالخطاب المباشر فهو ينطبق أيضًا على الزوجة ونظرتها لزوجها فانظري إلى إيجابيات زوجك وحاولي تغيير السلبي منها.
5- الإيمان بالقضاء والقدر والرضى بما قسمه الله لكلا الطرفين وأنه نعم الاختيار لو رضي به العبد بارك الله فيه وهذا للرجل كما للمرأة أفضل من المقارنات بين الأزواج، فعلى المرأة أن تحفظ بيتها فلا تهتك ستر بيتها بأحاديث لا طائل من ورائها، وأن تجعل شكواها لله وحده فهو القادر - سبحانه - على إصلاح الزوج.
6- أين أنت أيتها الزوجة من خديجة - رضي الله عنها - فقد وهبت نفسها ومالها لزوجها - صلى الله عليه وسلم -، ولم تتقاعس عن نصرته بكل ما تقدر عليه دون مَنّ ولا أذى.
7- 'ذكرك أخاك بما يكره' إن حديث المرأة عن زوجها يدخل في الغيبة المنهي عنها شرعًا والمتضمن لمعنى الحديث الشريف الذي يذكر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفظ 'أخاك' فكيف بذكر الزوج بما يكره؟ قال أبو الدرداء - رضي الله عنه - لامرأته: 'إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبتِ رضيتك، وإلا لم نصطحب' هكذا يكون الاستقرار في الحياة الزوجية، وهكذا تُحل مشكلات المرأة دون اللجوء للمقارنة بين الأزواج وفضح أسرار الأسرة، وهكذا تتواصل لغة الحوار بين الزوجين بدلاً من انكماشها.
8- 'كوني له أمة يكن لكِ عبدًا' إن فهمت كل زوجة هذه الوصية التي أوصت بها الأم ابنتها ليلة زفافها لتغير مجرى حياتها الزوجية، فبدلاً من نشر أخبار زوجها تتقاذفها ألسنة النساء وتساهم في خراب بيتها وقد تكون بذلك داخلة في زمرة كافرات العشير، فإنها بفهم هذه الوصية ستصبح ملكة في قلب زوجها، وهو أيضًا كذلك.
وفق الله الجميع لفهم أسرار الحياة الزوجية والعيش بهذا الفهم عيشة هنية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
24 صفر 1426هـ -4 أبريل 2005 م
ـــــــــــــــــــ(82/366)
بين جمال الروح .. وزيف المساحيق
هدى سيد
كل امرأة تبحث عن الجمال أو عن أي شي يزيدها جمالا وجاذبية، ولكننا لا نملك أجسادا فقط - بل نملك أنفسا وأرواحا، تبغي هي الأخرى الجمال، فلا معنى لجمال الوجه والمظهر، دون أن نطهر الجوهر ونزكِّي الأنفس، وننشر السعادة لكل من حولنا..فزينة الوجه بنور الطاعة، والقلب بحلاوة الإيمان والجسد بالخشوع والخضوع لله رب العالمين، والخلق بالحلم والصبر والقناعة والرضا أحلى وأفضل مائة مرة من مساحيق زائفة، سريعا ما تزول، فأيهما أفضل جمال الروح الدائم أم جمال المساحيق الزائف؟
فضلا عن الأضرار والمخاطر التي تواجه المرأة بسبب تلك المساحيق.
نتائج عكسية
توضح نشوى عبد السلام خبيرة التجميل أن المرأة بطبيعتها تميل إلى استخدام مستحضرات التجميل ومواد تزيدها جمالا وجاذبية وقد تستخدمها بعض النساء لتعالج عيوب البشرة، لكن ليست الطريقة الوحيدة لإضفاء مزيد من الجمال على وجه المرأة هو وضع المساحيق المصنعة على بشرتها لفترات طويلة، فقد تؤدي إلى نتائج عكس المرغوب فيها فمن المعروف أن البشرة من أكثر مناطق الجسم تأثرا بالعوامل الخارجية كأشعة الشمس والرطوبة والبرودة والتلوث، وكذلك الانفعالات الداخلية من ضيق وتوتر وحزن أو فرح وسعادة.
ومن المعلوم أن مواد التجميل- قديما- كانت بسيطة، ولكنها مفيدة للبشرة وغير مؤذية لها.. فقد استخدمت المرأة، الكحل والخضاب و الحناء فكانت أفضل زينة لإظهار الجمال.. كما كانت تعتمد بشكل أساسي على المكونات الطبيعية؛ كاللبن الرايب والخضراوات الطازجة، فهو مفيد جدا للدورة الدموية للجسم وللبشرة خاصة، فضلا عن استعمال الأعشاب الطبيعية؛ لنقاء البشرة وتنظيفها.
ولكن الآن- بدأت المرأة تسرف في استخدام مساحيق التجميل بشكل صارخ لدرجة أنها خصصت جزءا من الإنفاق لشراء هذه المواد قد تصل إلى آلاف الريالات.
ولكن الجمال الحقيقي- كما تقول نشوى عبد السلام- أن تدرك المرأة دورها في حياة أسرتها ومجتمعها وأمتها أن تقبل على العلم وأن تكون لديها ثروة فكرية وأخلاقية ودينية، فبدون هذه الأساسيات لا معنى لجمال الوجه الذي لا يدوم.
الجمال الحقيقي:
ويؤكد المفكر الإسلامي الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ علم الأخلاق أن جمال الشكل ليس المعيار الأساسي، الذي نحكم به على المرأة بشكل عام. فسوء خلق المرأة قد يذهب بجمال الشكل فلا يكون له قيمة، فالرجل إن كان يهوى في المرأة جمالها الخارجي - اللافت للنظر - إلا أنه يريدها، أما لأبنائه وراعية لشئونه ومدبرة لأمره ومطيعة له فيما يرضى الله - عز وجل -.
وإن كان لا مفر من خروج المرأة للعمل من التمسك التمسك بتعاليم الإسلام في خروجها وكلامها وتعاملها ولبسها.
ويوجه نصيحة لكل فتاة بألا تهتم فقط- مظهرها وتهمل جمال الروح والعقل والفكر، وتنسى رسالتها السامية كزوجة وأم فلابد من التوسط والاعتدال في كل شيء ومحاولة كسب مهارات وهوايات جديدة تسعد بها الزوج وأبنائها، فالحب والتضحية والعطاء المتدفق هو الجمال الحقيقي الذي ينبغي أن يوجد في كل امرأة.
آثار جانبية:
ومن الناحية الصحية.. يوضح د. إيهاب خالد أخصائي الأمراض الجلدية مدى الآثار السلبية لاستخدام مستحضرات التجميل، لما تحمله من مواد كيماوية، غير خاضعة للإشراف الطبي.
فهي تسبب حساسية الجلد وقد يصل الأمر لظهور (بقع داكنة) لأن البشرة تتشرب هذه المواد الكيمائية وبمرور الوقت تظهر هذه الآثار.
فضلا عن تغيير لون الجلد، وظهور التجاعيد المبكرة
جمال الخلق:
ليس الجمال بأثواب تزييننا.. إن الجمال جمال العلم والأدب
هذه مقولة لأحد الحكماء عن الجمال بدأ بها د. عبد الستار فتح سعيد رئيس قسم التفسير والحديث بجامعة الأزهر قوله عن تزين المرأة العربية مؤكدا أن الجمال الحقيقي في المرأة، جمال الخلق والطبع، ولابد للذي يبحث عن زوجة صالحة أن يضع نصب عينيه هذه الآيات الكريمة: قال - تعالى - في سورة النساء-: " ولْيَخشَ الَّذينَ تركوا، مِن خلفهم، ذريةً ضعافاً، خافوا عليهم، فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدا".
فتقوى الله وخشيته، هي السبيل الأول لحفظ الذرية من الفساد والضياع.
وننصح الشاب المسلم بأن يختار الفتاة المؤمنة، التي تربي أولاده وتحافظ على دينهم؛ لأنه -معظم الوقت- يكون خارج البيت، بينما تتولى الزوجة شئون البيت وتربية الأبناء.
فالمرأة المؤمنة، جمالها في نور وجهها، الذي طهرته بماء الوضوء، ويبدو مع قراءة القرآن والاستماع إليه، فالجمال الذي يدوم هو جمال الإيمان والطاعة وإرضاء الله - سبحانه وتعالى -.
8/4/1426
16/05/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/367)
فتاوى عن عمل المرأة
د. إبراهيم الفارس
س1/ هل يوجد حرج على المرأة في التعامل مع الرجال في مجال عملها وخاصة إذا كان في مجال المختبرات الطبية؟
ج1/ إذا اضطرت المرأة للعمل وجب عليها ألا تعمل في مكان تختلط فيه مع الرجال، وإن كانت طبيعة عملها تستوجب التعامل مع الرجال فليكن ذلك بدون اختلاط وبغاية قصوى من الحذر. ويجب على المرأة أن تكون متحجبة بالحجاب الشرعي ومحتشمة وإن اضطرت إلى مكالمة الرجال فلا تخضع بالقول كما قال الله - تعالى -: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} "الأحزاب: 32" كما يجب عليها أن تحذر مس الطبيب غاية الحذر، وألا تسمح لنفسها بالخلوة بأحد من الرجال فهذا من أعظم المنكرات.
س2/ ما حكم تدريس المرأة المسلمة لتلاميذ ذكور في المرحلة التأسيسية؟
ج2/ إذا كان الذكور غير بالغين، أي لم يتجاوزوا سن العاشرة لأنها مظنة البلوغ الشرعي عند بعضهم وعادة ما يكون ذلك في الصفوف الأولى من دراستهم، فإن الأصل هو جواز تدريسهم من قبل المعلمات لعدم وجود المانع الشرعي من ذلك، لكننا نقول: إن اشتغال النساء بتعليم البنات، واشتغال الرجال بتعليم الفتيان أسلم وأجدى على الفريقين، علمياً وشرعياً، فإن من المعلوم أن الصغار يتقلدون صفات أنثوية من معلماتهم، كما أن النساء غير قادرات بطبعهن على السيطرة على الفتيان، وتلقينهم المعلومات كما يفعل الرجال، مما يترك آثاراً سلبية من الناحيتين العلمية والأخلاقية.
ونرى منعه سداً لذريعة التوسع في هذا الباب، فإن العادة أن الضوابط التي توضع لا تنفذ كما أنه قد يكون في الصغار من مرج طبعه، وقد يكون في المعلمات من تسول لها نفسها استدراج الصغار، خصوصاً إذا كانوا حسان الوجوه، وهي غير متزوجة أو مطلقة، فإذا تذكرنا أن وسائل الإعلام اليوم قد طبعت الثقافة الجنسية، التي كانت إلى عهد قريب محجوبة عن الصغار..إذا تذكرنا ذلك، فإن تدريس المرأة الصغار تكتنفه جملة مخاطر، أما الإذن فهو فتح باب فيه من المفاسد ما فيه، والسلامة لا يعدلها شيء.
س3/ هل يجوز للمرأة أن تعمل مدرسة في مدارس البنين المتوسطة؟
ج3/ لا يجوز للمرأة أن تعمل مدرسة للبنين في هذه المرحلة لأن الطلاب في هذه المرحلة عادة يكونون مراهقين وطبيعة التدريس تستلزم المخالطة ولا يجوز مخالطة المرأة للرجال.لقوله - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} "الأحزاب: 53" فهذه الآية تدل على أنه لا يجوز مخالطة الرجال للنساء ولا التكلم معهم إلا من وراء حجاب. وخاصة أن هذه الوظيفة متوفر من يشغلها من الرجال وللمرأة وظائف تتناسب مع طبيعتها.
س4/ هل يجوز فتح صالون نساء للتجميل؟
ج4/ من المعلوم أن المرأة تحب أن تتجمل لزوجها، وهذا مطلب شرعي لدوام الألفة بينهما والمحبة. وهذا التجميل قد لا يتأتى لبعض النساء إلا بوجود امرأة تقوم بهذا العمل. إن لم تكن الزوجة ممن يحسن القيام به، وعلى هذا ففتح صالونات لتجميل النساء لا حرج فيه إن اقتصر العمل فيه على تجميل من تتجمل لزوجها، ولا تبرز زينتها للأجانب، ولا تفتن بذلك، وخلا من عمل محرم، كنمص الحواجب ووصل الشعر والاطلاع على العورات، وأما إن كانت هذه الصالونات ترتادها البرة والفاجرة والمتحجبة والمتبرجة أو اشتملت على محرم فلا يجوز فتحها ولا العمل فيها، لما في ذلك من التعاون على معصية الله وقد قال - جل وعلا -: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} " المائدة: 2" فإن كنت تعلمين من نفسك عدم التهاون في هذا الأمر والتساهل في تسهيل معصية الله لمن تعصي الله - تعالى -بتبرجها. فلا حرج فيه إن شاء الله. وإن كنت لا تستطيعين التحكم بمن تأتي إلى هذا المحل فإن عليك أن تبتعدي عن هذا المجال وتبحثي عن مجال آخر مباح.
س5/ ما حكم عمل المرأة مدلكة وما فيه من اطلاعها على العورات وملامستها؟
ج5/ يجوز للمرأة أن تعمل مدلكة للنساء، بشرط ألا تكشف عن عوراتهن، أو تمسها إلا عند الضرورة الملجئة، أو الحاجة التي في معناها، أو تقاربها، وكذا محارمهما من الرجال.
وأما تدليكها للرجال الأجانب فلا يجوز، لما في ذلك من الفتنة بالمس، وهو أشد فتنة من النظر، وكلاهما محرم. قال الإمام النووي - يرحمه الله -. وقد قال أصحابنا: كل من حرم النظر إليه حرم مسه بل المس أشد، فإنه يحل النظر إلى الأجنبية إذا أراد أن يتزوجها، ولا يجوز مسها. ا. هـ.
س6/ أريد أن أرتبط بامرأة صالحة والحمد لله إلا أن لديها رغبة في ممارسة مهنة المحاماة. ما حكم الشرع في ذلك؟
ج6/ لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال، لما في ذلك من محاذير شرعية، ولما يترتب عليه من التعرض للمفاسد. ويمكن للمرأة أن تعمل في مجال يلائمها كالتدريس، وتطبيب النساء وما شابه ذلك.
س7/ لي قريبة تسكن في الخارج ولديها مال وعمرها 16 عاماً ووالدها يعمل عملين ولديهم بيت ملك ولديهم سيارتان ولديهم من الخير ما يكفي أكثر من عائلة وهي لا تساعد أمها في المنزل وذهبت الآن لتعمل في مطعم من دون محرم وحدها لكي تمسح الطاولات وتلبي طلبات الزبائن فقط من أجل جلب زيادة من المال لكي تسرف فيه فهل هذا جائز؟ وهي مكتفية وملبى لها كل طلباتها وزيادة فهل يجوز عملها؟
ج7/ إن وظيفة المرأة التي تليق بها وتتناسب مع طبيعتها هي أن تقر في بيتها، وتقوم بشؤونه وشؤون أولادها إذا رزقها الله - تعالى -بأولاد. أما العمل خارج البيت فلا يتناسب مع طبيعتها أصلاً، ولكن إذا احتاجت له فلها أن تمارس منه ما كان أقرب لطبيعتها وأليق بحالها، مع الالتزام بشرع الله - تعالى -في التستر وعدم الاختلاط المحرم بالرجال ونحو ذلك.
والذي يظهر من السؤال أن هذه الفتاة ليست بحاجة أصلاً إلى العمل وأن العمل الذي تمارسه لا يليق بالمرأة، ولا يتناسب مع طبيعتها، ويشتمل على محاذير شرعية كبيرة فعليها إذن أن تتوب إلى الله - تعالى -توبة نصوحاً، وتترك هذا العمل الذي يشتمل على محاذير شرعية جمة، وتقر في بيت أبيها، وتحمد الله - تعالى -على ما أعطى من الخير الكثير، وتشكر نعمته ولا تكفرها، فإن كفران النعمة موجب لزوالها، كما أن على والدها أن يمنعها من الخروج لمثل هذه الأعمال فإنه مسؤول أمام الله - سبحانه وتعالى - عنها.
س8/ أعمل في مجال الإعلام وعملي هو أن أقوم بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء حتى لا يظهرن عاريات في المجلة فهل مهنتي جائزة علماً أني أضطر لرؤية عورات النساء لسدها ومنع نشرها.. وما حكم راتبي من عمل كهذا؟
ج8/ إن المرأة كلها عورة بالنسبة لنظر الرجال الأجانب إليها، ولا يحل لها أن تبدي شيئاً من عورتها أمامهم ولو كان ذلك عن طريق التصوير في مجلة أو نحوها، وإذا كنت تقومين بستر عورات الممثلات أو عارضات الأزياء في المجلة، بحيث لا يظهر شيء من أبدانهن وشعورهن وتقصدين بذلك إنكار المنكر، فلا شك أنه هذا عمل خير. وإن كان يبقى مع عملك هذا شيء من عوراتهن وزينتهن، فننصحك بترك هذا العمل لأن ما يدخل عليك من المفاسد أعظم من هذه المصلحة الجزئية التي تقومين بها. وأيضاً، فالمجلات التي تنشر صور الممثلات وعارضات الأزياء لا خير فيها، بل هي باب من أبواب الفتنة والشر، وعملك فيها يعد معاونة لهم على ذلك. وأعلمي أن سلامة الدين لا يعدلها شيء، ففري بدينك من هذا المجال الذي لا يرضي الله - تعالى -، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
س9/ هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بضوابط شرعية والعمل سيكون في مكان مختلط ولكن مكان عملي سيكون في غرفة مع النساء مع العلم أنني ملتزمة بالحجاب الشرعي وأغطي وجهي ولله الحمد؟
ج9/ يجوز للمرأة أن تخرج للعمل، إذا كان ثم حاجة لها، أو كان المجتمع بحاجة إلى عملها ولو لم تكن هي بحاجة إلى العمل، كعملها طبيبة أو مدرسة. ويشترط لذلك أن تخرج إلى عملها بلباسها الشرعي غير متطيبة، وتتجنب العمل في الأماكن المختلطة قدر طاقتها، وكذا الحديث مع الرجال فيما لم تدع الحاجة إليه. ومنه يعلم أنه لا حرج في عملك هذا ما دمت في مكان مخصص للنساء مع التزامك بالحجاب الشرعي، ولا يضر كونك تدخلين إلى هذه الغرفة وتصلين إليها من أماكن مختلطة حولك، مع الحذر أن يدخل عليكن أحد من الرجال من غير تنبيه مسبق، حتى تستطعن التستر حال دخوله.
س10/ هل يجوز للمرأة الخروج للعمل بإذن زوجها إذا اضطرتها مستلزمات الحياة لها ولأولادها في مكان مختلط على بعد 80 كم من بيتها مع محاولتها جاهدة البحث عن عمل آخر ومراعاة الآداب العامة في مكان العمل حتى يأتي الفرج؟
ج10/ إن اختلاط الرجال بالنساء في مكان واحد محرم شرعاً، لما يترتب عليه من مفاسد وأضرار كثيرة دينية ودنيوية لا تخفى على أحد، وبناءً على ذلك، فإن العمل في الأماكن المختلطة لا يجوز إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا بذلك، ولا يبيحه إذن الزوج فيه، بل يجب عليه أن يمنع الزوجة منه ديانة وغيرة، وقياماً بالمسؤولية التي من أهمها أن يقيها نار جهنم. قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} "التحريم: 6"
وننبه هنا إلى أمرين اثنين:
الأول: أنه لا مانع من أن تقوم المرأة بالكسب عن طريق عمل تمارسه في بيتها، كالخياطة، والحياكة، والنسيج. كما أنه لا مانع أن تقوم خارج بيتها بعمل يلائم طبيعتها، كتدريس البنات، وتطبيب النساء ونحو ذلك.
ويشترط أن يكون ذلك بإذن الزوج، وألا يكون فيه تضييع لحق واجب، وأن تلتزم بالحجاب، والتستر عند خروجها، وألا يكون مكان العمل فيه اختلاط، بل إن المرأة قد تثاب بذلك إذا أحسنت النية والقصد، وقامت بذلك خدمة لمجتمعها وأمتها.
الثاني: إذا لم يكن للمرأة عائل يعولها، واضطرت لإيجاد مصدر رزق، ولم تجد لذلك سبيلا إلا العمل في مكان مختلط جاز لها العمل فيه مع التحفظ غاية التحفظ، والبحث المستمر عن عمل لا يقتضي الاختلاط بالرجال، وذلك لقول الله - تعالى -: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ} "الأنعام: 119" ولقوله - تعالى -: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} "البقرة: 173".
وتعليقاً على ما في السؤال من أن مكان العمل على بعد ثمانين كيلومتر من بيت المرأة نقول: إنه إذا كان مكان العمل خارج المدينة التي تسكنها المرأة، بحيث يعد ذهابها إليه سفراً، فإنه لا يجوز لها الذهاب إليه إلا مع محرم أو زوج، لما في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم). فإن لم تجد المحرم، أو الزوج القادر على السفر معها وكانت مضطرة للعمل على الوضع السابق بيانه، فعليها أن تحاول السفر عبر رفقة آمنة، وألا تخلو في سفرها مع رجل أجنبي منفرد، وتحت أي ظرف من الظروف.
س11/ ما حكم فتح دكان الحلاقة للنساء وقت صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة ليست واجبة على المرأة ولها أن تصليها في الدكان ولكن النداء في سورة الجمعة عام للرجال والنساء كما قال العلماء؟
ج11/ لقد أجمع الفقهاء على أن صلاة الجمعة لا تجب على المرأة، ومما يستدل به لذلك ما رواه أبو داود من حديث طارق بن شهاب - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك وأمراة، وصبي ومريض) فللمرأة ألا تحضر إلى الجمعة ولو كانت قريبة من المسجد، أو سمعت النداء، بل أن تصلي الظهر في المكان الذي هي فيه خير لها من صلاة الجمعة مع الناس. ونريد أن ننبه هنا على أمرين:
الأول: أن على من أراد أن يقيم صالوناً لحلاقة النساء، لابد أن يراعي فيه بعض الضوابط، ومنها:
- أن يكون المباشر للعمل امرأة مسلمة.
- ألا يشتمل العمل على محرم، كحلق رأس من يعلم أنها تتبرج للأجانب، لأن في ذلك عوناً لها على ما هي فيه من إثم، وقد قال - تعالى -{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} " المائدة: 2". ومن هذا القبيل من تريد أن تحلق رأسها ليصير على وضع فيه تشبه بالكافرات، أو الرجال، أو الساقطات من النساء.
الأمر الثاني: أن هذا الدكان يجب أن يغلق عند شروع مؤذن الجمعة في الأذان الثاني أذان الخطبة، وذلك لقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}"الجمعة: 9"
س 12/ أعمل طبيبة نساء في مجال تنظيم الأسرة وسؤالي هو: ما الحكم في طبيعة العمل في هذا المجال؟ وما حكم العائد المادي منه؟
ج 12/ إن صحة عمل الطبيبة في مجال تنظيم الأسرة تتوقف على نوع عملها، فإن كان عملها في حيز منع الحمل نهائياً، أو منعه خوف فقر، أو عدم استطاعة تربية الأطفال، أو في أي باب لا يضر بصحة الأم فعملها لا يجوز، لأن الإسلام جاء بإكثار النسل لا بتقليله، فقد روى أبو داود والنسائي من حديث معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم) وروى نحوه أحمد من حديث أنس بن مالك. وقد منع الفقهاء التعقيم (منع الحمل النهائي) ومن ذلك ما نقله البجيرمي عن فقهاء الشافعية قولهم: يحرم استعمال ما يقطع الحمل من أصله. ويستوي في ذلك قطع الإنجاب بعد أن كان، أو منع الحمل ابتداء قبل الإنجاب.
وإن كان عمل الطبيبة النسائية في مجال الإجهاض فهو غير جائز أيضاً، إلا إذا كان الإجهاض حفاظاً على حياة الأم أو بعض أعضائها. لأن الإجهاض قتل نفس كتب الله أن تخلق، جاء في كتاب الشرح الكبير للدردير من المالكية قوله: (ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً) وجاء في كتاب شرح الخرشي ما نصه: (لا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين، وكذا لا يجوز للزوج فعل ذلك ولو قبل الأربعين).
وأما إن كان عمل الطبيبة في مجال المحافظة على صحة المرأة والأطفال والمساعدة في تنشئة الطفل سليماً فهو عمل محمود، والأجر الذي تأخذه الطبيبة على عملها هذا حلال طيب، وقد أفتى بنحو ما ذكرنا من حرمة تحديد النسل ومنع الحمل، وفعل ما يعين عليه المجمع الفقهي الإسلامي، واللجنة الدائمة، ومجلس هيئة كبار العلماء.
س 13/ مجموعة من المعلمات ينتقلن يومياً مسافة مائة كيلومتر خارج بلدتهن للتعليم في بلدة أخرى وليس معهن محارم، فهل يجوز لهن ذلك وهل يعد هذا من باب الضرورة أو الحاجة؟
ج 13/ إن المسافة التي ذكرتها في سؤالك (مائة كيلومتر) هي مسافة سفر عند كل الفقهاء لا نعلم بينهم في ذلك خلافاً معتبراً -، ولا يجوز للمرأة، أو النساء أن يسافرن بلا محارم مطلقاً من غير تحديد مدة للسفر، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: (ولم يُرد - صلى الله عليه وسلم - تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم.. لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " وهذا يتناول جميع ما يسمى سفر). وعلى هذا فلا يجوز انتقال هذه المجموعة من المعلمات من بلدتهن إلى بلدة أخرى وحدهن دون أزواجهن أو محارمهن، وعليهن أن يثبتن لجهة العمل أن هذا الأمر يجب أن يوجد له حل، وعلى الجهة المسؤولة إيجاد الحل المنشود، فإن رفضت ذلك فيجب على من لم تكن تحت ضرورة ملجئة التخلي عن هذا العمل المؤدي إلى الوقوع في هذا المحظور.
س14/ هل عمل الطبيبة ومبيتها في المستشفى للمناوبة حرام؟
ج14/ لا بأس أن تعمل المرأة طبيبة أو تبيت في المستشفى إذا دعت الضرورة إلى ذلك، بل إن ذلك مطلوب شرعاً لتتولى المرأة الطبيبة علاج النساء ورعايتهن في المستشفى. ويجب على المرأة، إذا عملت طبيبة ألا تخالط الرجال، ولا تكون في مكان تخلو فيه برجل غير زوج لها أو محرم. ويجب عليها في حالة الخروج من بيتها أن تلتزم بالحجاب الشرعي، وألا تخرج متطيبة.
س15/ ما حكم عمل المرأة في وسائل الإعلام المرئية؟
ج15/ مما لا شك فيه أن وسائل الإعلام المرئية لها إيجابيات ومنافع ولها كذلك سلبيات ومضار، فما كان منها من سلبيات ومضار، فلا يجوز العمل فيها للرجال والنساء على السواء، لأن العمل في مثل هذا المجال من باب التعاون على الإثم والعدوان وكذا من باب إشاعة الفاحشة بين المؤمنين كمن يعمل في مجال الأفلام والغناء ونحو ذلك. وأما ما كان منها إيجابياً ونافعاً فلا حرج في العمل فيه بالنسبة للرجال إن ضبط ذلك بضوابط الشرع. ولا يجوز للمرأة أن تعمل في مجال الأعلام المرئي كأن تعمل مذيعة أو مقدمة برامج أو نحو ذلك لأن هذا يؤدي إلى مفاسد عظيمة منها أن المرأة ستسعى جهدها في تحسين صوتها وصورتها للمشاهدين، وقد يحصل أن تحدث خلوة مع رجال أجانب عنها عند التسجيل ولإعداد ونحو ذلك، فالذي ينبغي على المسلمين عمله هو سد هذا الباب بالكلية والسعي في ذلك قدر المستطاع. وأما الرجل فإنه أجدر للقيام بهذه المهمة، وكثير من الإعلاميين لا يتخذون المرأة في هذا المجال إلا لجذب أنظار من لا يراعي بصره، فإن من المعلوم أن المرأة لا تضيف شيئاً جديداً للنشرة أو البرنامج.
http://www.tttt4.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/368)
حقوق المرأة
يحيى بن موسى الزهراني
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله أفضل البشر أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه وسار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين...أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله - عز وجل -، فالتقوى أساس الإيمان، ودليل الإحسان: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ".
أمة الإسلام: لقد أتى على المرأة حين من الدهر، لم تكن شيئاً مذكوراً، ولم تقم لها قائمة، فكانت تائهة عائمة، مسلوبة الإرادة، محطمة العواطف، مهضومة الحقوق، مغلوبة على أمرها، متدنية في مكانتها، مُتَصَرَّفاً بشؤونها، فكانت عند الرومان تعد من سقط المتاع، وعند اليهود تعتبر نجسة قذرة، واحتار فيها النصارى أهي إنسان له روح؟ أم إنسان بلا روح؟ ثم انتهى بها الأمر إلى وأدها في مهدها.
وبعد تلك الويلات، وإثر تلك النقمات التي كانت تعيشها المرأة، جاء الإسلام وأشرق نوره في جميع أصقاع المعمورة، فأعلن مكانة المرأة، ورفع قدرها، وأعظم من شأنها، فأخذت كامل حقوقها، ومن أعظم ذلك الصداق وهو المهر، فالمهر ملك لها وحدها تقديراً لها، ورمزاً لتكريمها، ووسيلة لإسعادها، وثمناً لاستمتاع الزوج بها، لها في مهرها حرية التصرف بضوابطه الشرعية، فهو ملك لها، وليس لأحد من أوليائها أن يشاركها فيه، ومن أخذ من مهرها ولو شيئاً يسيراً بغير إذنها ورضاها، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الظلم والتعسف، وأكل الأموال بالباطل، قال الله - تعالى -: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً "، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " [رواه البخاري]. وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام. فاتقوا الله أيها الأولياء في بناتكم ومن ولاكم الله أمرهن من الأخوات وغيرهن، أحسنوا إليهن، وأكرموهن، وأعطوهن مهورهن، فهذا هو الشرع المطهر، والنور المبين.
معاشر المسلمين: المرأة ليست سلعة تباع وتشترى، وليست عنزاً حلوباً يحلبها صاحبها متى شاء، المرأة إنسانة مكرمة، ذات مشاعر وأحاسيس مرهفة، تحمل بين جنباتها قلباً عظيماً، وفؤاداً طيباً، ولقد أوصى الإسلام بها وصية كبيرة، ورغب في ذلك، وجعل جزاء ذلك دخول الجنة دار الأبرار، والبعد عن النار دار الفجار، قال - صلى الله عليه وسلم -: " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين " وضم أصابعه [رواه مسلم]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " من ابتلي ـ أي اختبر ـ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار " [متفق عليه]، وحذر الشارع الكريم من إهمال حق البنات، أو عدم العناية بهن، قال - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم إني أحرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة " [رواه النسائي وغيره بإسناد حسن]، ومعنى ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يلحق الإثم بمن ضيع حقهما، وحذر من عاقبة ذلك تحذيراً بليغاً، فاتقوا الله أيها الناس في النساء.
عباد الله: لما ضعف الإيمان، وقل اليقين، وطغت على الناس الماديات، ولما انجرف كثير من العباد وراء المغريات والملهيات، فآثروا حب الدنيا على الآخرة، ونتيجة لتفشى الجهل بين كثير من الناس، هبت عاصفة المدنية الحديثة، والتحضر الزائف، فأحدث الناس أموراً عجيبة، وعادات غريبة، بعيدة كل البعد عن الدين، ومن هذه العادات الباطلة، التغالي في مهور البنات، حتى وصلت إلى مئات الآلاف من الريالات، والبنت لا حول لها ولا قوة، لقد أعادوا عادات الجاهلية السحيقة، وأحيوا جذوة نار الظلم والجور التي كانت تعاني منها المرأة في الأزمنة الغابرة، وأدوا البنت حية، لم يدفنونها في قبرها، ولكن هالوا عليها تراب الجحيم في سجن زوج لا تطيقه، ولا تريده، من أجل حفنة قذرة من المال، سبحان الله العظيم، أنرضى بعادات الجاهلية لنا ديناً وقد أبطلها محمداً - صلى الله عليه وسلم -، أنحن أفضل من رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في مهر بناته وزوجاته أمهات المؤمنين، كلا والله، لسنا بأفضل منه، فهو القدوة والأسوة التي يتحذى به، قال - عليه الصلاة والسلام -: " خير الصداق أيسره " [رواه الحاكم]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " إن من يُمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها " [رواه الإمام أحمد]، قال ابن القيم - رحمه الله -: " المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته، وسبب عسره "، قال الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " [رواه الترمذي وحسنه الألباني]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " استوصوا بالنساء خيراً " [متفق عليه]، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " ألا لا تُغلوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله - عز وجل -، كان أولاكم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأة من بناته حتى يكون لها عداوة في نفسه، وحتى يقول كُلفت لكم علق القربة " [رواه الخمسة وغيرهم وهو أثر صحيح]، ومعنى كلفت لكم علق القربة: يعني يقول لزوجته: تكلفت وتحملت لأجلك كل شيء حتى حبل القربة أحضرته لك، فكلما أخطأت المرأة كالها المكاييل، وأذاقها ألوان العذاب، عندما يتذكر ما سببته له من ديون، وإنفاق أموال بالباطل، ألا فاعلموا أن زواجاً يكثر مهره، ويعظم همه، ويزداد غمه، وتكثر تكاليفه، فاشل أوله، ومؤلم آخره، والواقع خير شاهد على ذلك، إن المغالاة في المهور والإسراف والبذخ، والتقليد الأعمى والسطو على مهر المرأة، وصرفه في المظاهر البراقة الخداعة، وإنفاق الأموال على الشعراء والشاعرات، وإهمال الفقراء والمساكين، كل ذلك وراء عزوف الشباب عن الزواج، وسبب لعنوسة البنات، مما ينذر بوقوع شر عظيم في الأمة والمجتمع، من فعل للفاحشة، وانتشار للجريمة، وتعقيد لبناء الأسرة المسلمة.
أيها المسلمون: نحن في زمن قلت فيه فرص الوظيفة، وتدنى فيه مستوى المعيشة، وزاد فيه مستوى البطالة، فقليل من الشباب الجامعي من يجد وظيفة، فضلاً عمن لا يملك الشهادة الجامعية، وإن وجدت الوظيفة، فالراتب لا يفي بالغرض، إجار مرتفع، ومعيشة غالية، ومهر باهض، وأنى للشباب الإتيان بكل تلك التكاليف، فهنا يجب أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا من تسهيل للمهور، وتيسير للزواج، وصيانة لأعراض البنين والبنات، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بتطبيق الرجال قول الله - تعالى -: " الرجال قوامون على النساء "، وبتطبيق قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " [رواه البخاري]، فالقوامة بيد الرجل، والحل والربط بيد الرجل، أما المرأة فهي تابعة لزوجها، لا تخرج عن رأيه ومشورته قيد أنملة، ولا بأس بمشاورة المرأة في أمر زواج ابنتها من الخاطب حتى تبدي رأيها في ذلك، لكن أن يترك لها زمام التصرف، والتفاوض، فهذا غير مشروع وخصوصاً في وقتنا هذا، الذي طغت فيه الفضائيات وحب التقليد، وتقمص الأفلام والمسلسلات، حتى تغالت في المهور الأمهات، وأرهق كاهل الشباب بطلبات تنوء بحملها الجبال الراسيات، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات في أبنائكم وبناتكم، سهلوا المهور، يسروا الزواج، ارضوا بالخاطب الكفء، اخطبوا لبناتكم قبل أولادكم، كونوا قدوة صالحة، ومثالاً طيباً، أخرج النسائي وأصله في الصحيحين، أن أبا طلحة خطب أم سليم، فقالت: والله يا أبا طلحة ما مثلك يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تُسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها. ورجل تزوج بامرأة بما معه من القرآن، فيعلمها ويكون ذلك مهرها، كان ذلكم مثالاً لمهور نساء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروع المثل لأمته في شأن المهر والصداق، وتيسيره لصداق بناته دليل ناصع على رغبته في تقرير هذا المعنى بين الناس، إن الصداق مجرد رمز لا ثمن سلعة، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد الله واهب النعم، كثير الخيرات والعطايا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعطى وأمر بعدم الإفراط والتفريط، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وعلى آله وصحبه الغر الميامين... أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وامتثلوا أوامر ربكم تنجو بأنفسكم، وإياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
معاشر المسلمين: لقد كانت المرأة في العصور الجاهلية القديمة تعد من سقط المتاع، فلا ميراث لها عند أولئك الكفرة الفجرة، أولئك الجهلة الظلمة، إلى أن جاء النور المحمدي الشريف من لدن رب العزة والجلال، فرفعت المرأة رأسها، وأشرفت على الناس أجمعين، شامخة أبية، فقد أنصفها الدين الإسلامي وأعطاها كامل حقوقها، ومن أعظم تلك الحقوق حقها في الميراث، قال - تعالى -: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "، فالمرأة في الميراث تأخذ نصف ميراث الرجل، لأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق، وهو المكلف بجلب المهر للمرأة، أما المرأة فلا نفقة عليها للزوج، ولا مهر له عليها، لذا كان نصيبها من الميراث نصف ما للرجل، وهذه حكمة عظيمة بالغة من لدن حكيم خبير، والمصيبة العظمى، والطامة الكبرى التي لا مثيل لها عندما نجد بعض المسلمين ممن ينتسبون إلى هذا الدين، وهم يغالطون أنفسهم ببعدهم عن خالقهم، وتركهم لسنة نبيهم، وذلك بهضم حقوق المرأة في الميراث، وعدم إعطائها أياً من حقوقها جهلاً بحقوق المرأة التي حفظها الإسلام، وتساهلاً بأوامر الدين، فالمرأة لها من الميراث ما قضى به الشارع الحكيم، فإما أن تكون بنتاً، أو أماً أو أختاً أو زوجة أو غير ذلك، فلكل واحدة نصيبها من الميراث وفق الشرع، ويحرم هضم حقوق المرأة من الميراث، أو كتابة الوصية للذكور دون الإناث، ويحرم إعطاء البنات جزءاً من أرض، وتخصيص الذكور بالأجزاء الكبيرة من الميراث، لما في ذلك من ظلم للبنات، بل الصواب في ذلك أنه لا وصية لوارث، كما صح الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحذر كل الحذر من ظلم الإناث، أو أكل حقوقهن، أو عضلهن، أو منعهن من الميراث، فكل ذلك حرام، لم تحله الشريعة الإسلامية، بل أبطلت مثل تلك العادات الجاهلية، وعلى الولي والأب أن يتق الله في نفسه، فهو قادم على ربه تبارك وتعالى، فلا يلقى ربه وعليه مظلمة لأحد من الناس، فكيف إذا كان المظلوم ابنته التي هي من صلبه، فهذا من أعظم الظلم، ومن أعظم الاعتراض على كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فعلينا معاشر المسلمين أن نعتز بديننا ونفخر بشريعتنا، التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة مما يحتاجه المسلم والمسلمة في أمور دينه إلا وبينته بياناً شافياً كافياً، فلله الحمد من قبل ومن بعد.
أيها المسلمون: لقد ألحق النبي - صلى الله عليه وسلم - الضرر والحرج والهلاك على من ضيع حق اليتيم، بل وألحقه الإثم، لأن الله - تعالى -أمر بالإحسان إلى الأيتام في آيات كثير من كتاب الله - تعالى -، حيث قال - تعالى -: " فأما اليتيم فلا تقهر " يقول بن سعدي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: [أي لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضيق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه وأعطه ما تيسر واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك]، وقال - تعالى -: " فذلك الذي يدع اليتيم " يقول بن سعدي: [أي يدفعه بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه فهو كالحجارة أو أشد قسوة، ولأنه لا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة " [رواه أحمد وغيره بإسناد حسن]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: [أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين] وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما، (رواه البخاري). ووالله إن شر البيوت البيت الذي يساء فيه إلى يتيم، وخير البيوت البيت الذي يحسن فيه إلى يتيم، وأخص بذلك المرأة اليتيمة لأنه لا حول لها ولا قوة إلا بالله - تعالى -، فاحذر أيها المسلم، احذر أن تجعل لك خصماً يوم القيامة، وهناك من الناس من يحرم اليتيمة من الزواج لأكل مالها إن كانت صاحبة مال، أو يحرمها الزواج من أجل الاستيلاء على راتبها إن كانت موظفة، ومنهم من يجبرها على الزواج من أجل أكل مهرها، وكل ذلك من أكل المال الحرام، قال - تعالى -: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً "، قالت عائشة - رضي الله عنها - في قوله - تعالى -: " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " قالت: هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل، لعلها أن تكون شريكته في ماله، وهو أولى بها فيرغب أن ينكحها، فيعضلها لمالها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها. [رواه البخاري]، وقالت في هذه الآية: " ويستفتونك في النساء..... " قالت: هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب أن يتزوجها، ويكره أن يزوجها غيره، فيدخل عليه في ماله فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك.
فيحرم على الولي أن يحرم اليتيمة من الزواج لأجل أكل مالها، وأن ذلك من الذنوب العظيمة ومن الكبائر الجسيمة التي تؤدي بصاحبها إلى النار، ولقد توعد النبي - صلى الله عليه وسلم - آكل مال اليتيم بالعذاب الأليم، وعُد ذلك أيضاً من السبع الموبقات المهلكات التي تهلك صاحبها، وتورده نار جهنم والعياذ بالله، فقال - عليه الصلاة والسلام -: " اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها: وأكل مال اليتيم " [متفق عليه].
معاشر المسلمين: كم هن الفتيات اللاتي يعشن مع زوجات آبائهن، ويجدن ضيق العيش، وشدة الحياة، وقسوة المعاملة، والأب الظالم لا يتحرك لقمع العدوان، ولا لدفع الظلم، الحاصل لبناته فاقدات الأم، فاتقوا الله أيها النساء، واتقوا الله آيها الآباء، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وسيكون خصمك ربك وخالقك، ومن كان خصمه ربه، فقد خسر وخاب، وسيندم حين لا ينفع الندم، وعاملوا الفتيات بالطيب والعناية، عاملوهن كما تحبون أن يعاملكم الناس، وأحبوا لهن من الخير ما تحبون لأنفسكم، فمن لم يفعل ذلك، فليس من الله في شيء، ولا إيمان لديه، قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "، هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى، والنبي المجتبى، فقد أمركم الله بذلك في آيات تقرأ وتتلى، فقال - جل وعلا -: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً "، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وعلى الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذو النورين، وعلي أبي السبطين، وعلى الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا،....
إمام الجامع الكبير بتبوك
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/369)
المفاصلة بين الرجال والنساء
( قيادة السيارة )
عبد الله قهبي
الخطبة الأولى:
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله, بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة, ونصح الأمّة، وجاهد في سبيل ربه حقّ الجهاد, ولم يترك شيئاً مما أمر به إلا بلّغه, فتّح الله به أعينا عُمياً، وآذاناً صُماً، وقلوبنا غلفاً, وهدى الله به الناس من الضلالة، ونجّاهم من الجهالة, وبصّرهم من العمى, وأخرجهم من الظلمات إلى النور, وهداهم إلى صراط مستقيم، فاللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ونبيّك محمد وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واهتدى بهداه أما بعد؛
فإن أصدق الحديث كلام الله - تعالى-, وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -, وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار, وما قلّ وكفى خيرٌ مما كثر وألهى, وإنّ ما توعدون لآتٍ، وما أنتم بمعجزين.
إنّ شريعة الإسلام جاءت بتقرير الأحكام، وتعيين الحدود الفاصلة في علاقة الرجل بالمرأة، لينشأ المجتمع المسلم طاهراً نظيفاً، طاهراً عفيفاً، لا أثر فيه لفاحشة، ولا دعوة فيه لخنا، ولا أمر فيه بمنكر، جاء الإسلام يقرر أن الحياء مطلوب من الرجال والنساء، لكنه في حق النساء ألزم، ومن حياء النساء ألاّ يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وألا يتبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى، وألاّ يبدينَ زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها, وأن يضربنَ بخمُرهنّ على جيوبهنّ, ولا يبدينَ زينتهنّ ألاّ للأصناف التي ذكرها الله - عز وجل - في كتابه، ومن حياء النساء كذلك ألاّ يخالطنَ الرجال ولا يزاحمنهم؛ بل الواجب على النساء أن يأخذنَ حافّات الطريق، وأن يكون لهنّ مجتمعاتهنّ الخاصة بهنّ, ولا يخالط النساء الرجال في حفلات عامة ولا خاصة، ولا مؤتمرات ولا ندوات، ولا تعليم ولا عمل، ولا غير ذلك من نواحي الحياة, الا مادعت الضرورة إليه، وفي القرآن الكريم يثنى ربنا - جلّ جلاله - على رجلٍ صالح لأنه ربّى ابنتين فاضلتين وعلمهما مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات، وبيّن لهما الحدود الفاصلة في علاقة الرجل بالمرأة, يقول الله - عزّ وجلّ - في خبر كليمه موسى - عليه السلام -: ((ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير))، موسى - عليه السلام - وجد جماعة من الناس وطائفة من الرجال يسقون بهائمهم وأنعامهم، ووجد امرأتين بعيدتين نائيتين، لا تزاحمان الرجال ولا تخالطاهم، سألهما: ما خطبكما؛ قالتا: لا نسقى حتى يصدر الرعاء، لا نزاحم هؤلاء الرعاة، ولا نخالطهم في سقي الماء، بل نصبر وننتظر حتى إذا سقوا أنعامهم، وقضوا حوائجهم، وانصرفوا من عند ذلك الماء؛ جئنا نحن فسقينا، ثم تأمل قولهن: ( وأبونا شيخ كبير ) لو لم يكن في ذكر قولهن هذا مغزى لاكتفينا برد الجواب بقولهن ( لا نسقى حتى يصدر الرعاء )، وكفى ذلك جواباً لموسى لكن أضافتا جواباً آخر مع الجواب الكامل ليشعرن موسى أن السبب في خروجهن أن أباهن شيخ كبير، ولو لم يكن كذلك لقام هو بهذا العمل، لكن ضعفه أضطرهما لارتياد أمكنة الماء مع الرجال لتستسقيا مما لا غنى لهما عنه، فهذه ضرورة ملحة استلزمت مجيئهن لهذا الأمر قال - تعالى- عن موسى - عليه السلام -: ((فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إنيّ لما أنزلت إليّ من خير فقير))، يقول الله - عزّ وجلّ -: ((فجاءته إحداهما تمشي على استحياء))، تمشي مشية فيها حياء، لا فيها تبذُّل، لا فيها تبرُّج، لا فيها إغواء، ولا تهييج، وإنما مشية حياء ((تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا))، في أقصر لفظ وأوضحه وجهت الدعوة إلى موسى، فما أكثرت من الكلام، ولا أطالت في الحديث، وإنما لفظ مختصر لكنه واضح في غير ما اضطراب، ولا تلجلج يغري أو يهيج، ((قالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا))، هكذا دعوة ترفع اللّبس والغموض، أسندت الدعوة إلى أبيها ليطمئن قلبه - صلوات ربى وسلامه عليه -: ((إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا))، هكذا ثناء ربنا - عزّ وجلّ - في القرآن على هاتين الفتاتين وعلى أبيهما الصالح القانت الذي أحسن تربيتهما وتوجيههما وتعليمهما حتى كانتا على مثل هذا الخلق القويم.
وهكذا - أيها المسلمون عباد الله - شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - جاءت بمثل هذا الخلق الكريم: تأمر النساء ألاّ يخالطنَ الرجال، وتأمر بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، تسدُّ كل ذريعة مفضيةٍ إلى الاختلاط.
في المسجد رسول - صلى الله عليه وسلم - يجعل للرجال باباً، وللنساء باباً يقول: (لو تركتم هذا الباب للنساء)، يقول نافع - رحمه الله -: "فوالله ما دخل منه عبد الله بن عمر ولا خرج حتى قبضه الله إليه".
للنساء في المسجد بابٌ خاص، وكذلك في الصلاة للرجال صفوفهم وللنساء صفوفهنّ، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)، مباعدة بين الرجال والنساء في أقدس مكان، وفي أطهر بقعة، وعند أعظم شعيرة التي هي شعيرة الصلاة.
بل أكثر من ذلك لو ناب الإمام شيء في صلاته، لو أنه سهى أو أخطأ فشريعة الإسلام تجعل للرجال التسبيح، وللنساء التصفيق، فإذا ناب الإمام شيء في صلاته سبح الرجال ينبِّهونه، أما النساء فإنهنّ يصفقنّ بأصابعهنّ على ظهور أكفهنّ، ولا يرفعنّ أصواتهنّ في المسجد.
يقول رسول - صلى الله عليه وسلم - موجهاً الخطاب للنساء: (ليس لكنّ أن تحققنّ الطريق)، ليس لكنّ أن تأخذنّ حُقّة الطريق ووسطه، عليكن بحافات الطريق, تمشي النساء على جنبات الطريق فلا يزاحمن الرجال في الشوارع والطرقات، ولا في الأسواق والتجمعات، بل للمرأة خصائصها وللرجل خصائصه، كل ما يؤدى إلى الاختلاط فإن شريعة الإسلام تمنعه؛ لأن الاختلاط شرٌّ محض يؤدي إلى شيوع البغاء، وقلة الحياء، واسترجال النساء، وخنوثة الرجال، وضياع الأعراض، وشيوع المنكرات، وفشوِّ الزنا، وغير ذلك من الموبقات العظيمة، لذا فقد نهت شريعة الإسلام من دخول الرجال على النساء: (إياكم والدخول على النساء)، قالوا: " يا رسول الله أرأيت الحمو؟" - الذي هو قريب الزوج كأخيه وابن عمه ونحو ذلك -؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الحمو الموت)، هذا أشد خطراً من غيره، لأن النفوس لا تنفر من دخوله، ولا تستريب من ولوجه (الحمو الموت).
شريعة الإسلام تحرم نظر أحد الجنسين إلى الآخر نظرة عمد (يا علي لا تتبع النظرة النظرةَ، فإنما لك الأولى، وعليك الثانية).
شريعة الإسلام تمنع مُمَاسّة الرجال للنساء والعكس حتى لو كان مصافحة، وتمنع اختلاطهم، بل لو خرجت المرأة إلى المسجد تريد بيت الله، وتريد الصلاة فلا بد من شروط معتبرة، ولابد من أمورٍ مرعية فرضتها الشريعة الإسلامية, فلا تخرج المرأة متبرجة، بل متحجبة، ولا تخرج متطيبةً متزينة بل تخرج تَفِلَة, ولا تخرج المرأة مزاحِمَةً للرجال في الطريق، ولا في المسجد، لا بد أن تُؤمَنَ الفتنة منها وعليها، فلا تَفتِِن ولا تُفتَن، ثم بعد ذلك إذا جاءت إلى المسجد لا ترفع صوتاً حتى لو كان مجلس علم، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجعل للرجال مجلساً وللنساء مجلساً, الرجال قريبون منه والنساء نائيات عن الرجال، بعيدات عنهم، كل هذا لأن شريعة الإسلام المنزلة من رب حكيم خبير يعلمُ ما يصلح الناس وما يفسدهم؟
الآن في بلاد الغرب في أُوروبا وأمريكا المصلحون، وعلماء الأخلاق، ورجال التربية؛ الكل ينادي بمنع الاختلاط، والكل يذكر أن الاختلاط ما أتى بخير، لا في علم ولا عمل، ولا تحصيل ولا تدريب، بل متى ما وجدت المرأة بجوار الرجل فهي به مشغولة وهو بها مشغول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعدى فتنة أضرّ على الرجال من النساء).
المرأة إذا وجدت بجوار الرجل فهي ضررٌ عليه وهو ضررٌ عليها، وكلاهما يضر الآخر, وما أمرت شريعة الإسلام بالفصل ومنعت الاختلاط إلاّ لأنها تعلم أنّ الاختلاط ينتج عنه عواقب وخيمة تعود على الأفراد والمجتمعات، وعلى الأسر والجماعات، والكل يعانى، ولا أحد يأمنُ على عرضه, ولا على دينه؛ لأن الخطر بجواره ظاهرٌ غير كامن.
الآن في أوربا وأمريكا يدعون إلى منع الاختلاط، لأنهم عانوا من ثماره المرة: كثرة اللقطاء، كثرة حوادث الاغتصاب، كثرة الجريمة، فُشوّ الفاحشة، انتشار الأمراض قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما ظهرت الفاحشة في قومٍ حتى يعلنوا بها إلاّ ابتلاهم الله - عزّ وجلّ - بالأسقام والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم)، أسقامٌ وأوجاعٌ يضج منها البشر، ولا يجدون لها علاجاً، لا يعرفون لها دواءاً حتى الساعة واللحظة، والجزاء من جنس العمل.
أيها المسلمون - عباد الله -: إذا أردنا لهذا المجتمع أن يكون نظيفاً طاهراً عفيفاً معافىً سالماً من الآفات - حتى لو كانت هناك فاحشة مرةً أو مرتين تكونُ مستترةً مختفيةً بعيدةً عن الأنظار، يفعلها أهلها في حياء - إذا أردنا للمجتمع أن يكونَ كذلك فالدرجة الأولى والخطوة الأولى هي منع الاختلاط في سائر المرافق والخدمات، يكون للرجال مجتمعهم، وللنساء مجتمعهن، ولا يتوقف هذا على الحاكم وحده بل الصراحة والنصيحة تقتضى أن نقول في هذا المقام إننا معشر المسلمين كثير منا في بيته لا يمنع الاختلاط، قد يكون في بيته حفلة عرس، أو يكونُ في بيته مأتم، أو اجتماع الأقرباء المحارم بغير المحارم، أو غير ذلك من العوارض والمناسبات فيختلطُ الرجال بالنساء، ولا نغيِّر بل لا تتمَعّرُ وجوهنا دلالة على أن الناس قد انتكس فهمهم للدين.
أيها المسلمون - عباد الله - كما يقول بعض من لا خلاق لهم بأن: الاختلاط لا بأس منه ولا حرجَ فيه!! أيكون مجتمعنا أطهر من مجتمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! وهل قلوبنا أسلم من قلوب الصحابة؟! الصحابة أطهر الناس قلوباً ومع ذلك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منعهم من الاختلاط، وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في أيام خلافته كان يمنع النساء من أن يسرن في وسط الطريق، بل يُعيِّن محتسبين في الطرقات ينصحون النساء بأن يأخذن الحواف والجنبات, وبعض الناس الآن يقولون: إن المجتمع ناضج وفاهم وواعٍ!! سبحان الله!! أيدركون المسؤولية أعظم من إدراك الصحابة؟! معاذ الله أن يقول هذا عاقل!!
أيها المسلمون - عباد الله -: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لن يسكتوا، وسيجلبون بخيلهم ورجلهم، ستصدرُ كتابات، وتدون مقالات، وتلقى خُطَب، ويتكلم كل ناعِق لم تمنعون؟ لم تفصلون؟ سياسة الفصل ما عادت نافعة!! بل لا بد من التحام الرجال بالنساء!! فالمرأة نصف المجتمع... إلى غير ذلك من كلام بارد تعودنا سماعه من أولئك الذين لا يريدون للمجتمع طهراً ولا نظافة، ولا عفافاً ولا استقامة.
نقول: "لا " - أيها المسلمون عباد الله - القول ما قاله الله وما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك مجالُ للتنظير ولا للشقشقة، ولا لدغدغة العواطف بمثل هذه الشعارات، المرأة نافعة لكن ليس بالضرورة أن يكون نفعها قريناً باتصالها بالرجل، والتصاقها به؛ من أجل أن نأمن على أعراضنا وعلى أبنائنا وبناتنا، ومن أجل أن يسلم ذكورنا وإناثنا من كل تحريضٍ على باطل، أو أمرُ بمنكر، نسأل الله - عز وجل - أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يصرف عنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد ألا إله إلا الله إله الأولين والآخرين, وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمداً عبدُ الله ورسوله النبي الأمين, بعثه الله بالهدى واليقين, لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين, اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياءِ والمرسلين وآل كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين, وأحسن اللهم ختامي وختامكم وختام المسلمين، واحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين أما بعد:
أيها المسلمون اتقوا الله حق تقاته، وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون, واعلموا أن من الأسباب المفضية إلى الاختلاط والتي منعتها شريعة الإسلام تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، مما تُرى آثاره، وتسمع أخباره وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء, والمتشبهات من النساء بالرجال)، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن ثلاثةً حرّم الله عليهم الجنة ومن هؤلاء الثلاثة رَجُلَة النساء - المرأة المسترجلة المتشبهه بالرجال في المشية والهيئة، وفي السمت والصوت، وفي الكلام والسلام، التى تخالطهم ولا تتحاشاهم، ولا ترى حرجاً في الحديث الطويل معهم، مثل هذا الصنف ملعون على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
واجبُ علينا معشر الآباء أن ننشِّئ بناتنا على أنّ لهن مواهب وخصائص، وشخصيات وقدرات، فللبنات وظيفةُ كلفهنّ الله - عزّ وجلّ - بها, والله - تعالى- يقول: ((وليس الذكر كالأنثى)) هكذا قانون القرآن، القانون العادل الأبدي، لا يمكن أن تكون المرأة رجلاً، ولا يمكن أن يصبح الرجل امرأة, ما يمكن أن يختلط الحابل بالنابل إلى هذا الحد، واجب علينا معشر الآباء ومعشر الأمهات أن ننشِّئ بناتنا على أن تعتزّ الواحدة وتحمد ربها على أن جعلها أنثى قال الله - عزّ وجل -: ((ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض))، فلا ينبغي للمرأة أن تتمنى لو كانت رجلاً، ولا ينبغي للرجل أن يتمنى لو كان امرأة, ((للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبنَ واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيءٍ عليماً))، هذه التربية هي التي نشّأ عليها محمد - صلى الله عليه وسلم - الرجال والنساء، ومَنْعَ الاختلاط.
أيها الأخوة المسلمون: لا يقعدُ بالمرأة عن بلوغ أمل، ولا عن تحصيل علم، ولا تفاضل في عمل, فقد كان نساء من المؤمنات يشهدنّ صلاة الصبح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متلفعات بمروطهن، ما يُعرفنَ من الغلس، وكنَّ يشهدن الجمعة والجماعة، والغزو والجهاد، وكنّ يتلقّين العلم، ويسابقنَ في مضامير العمل, ما قعد بهن منع الاختلاط عن تحصيل ثواب، أو التفوق في الحصول على أجر، لكن أعداء الله - عزّ وجلّ - يريدون أن يصوِّروا لنا أن منع الاختلاط معناه أن تحرم المرأة من العلم والعمل، ويقولون لنا: أتريدون أن نعود إلى عصر الحريم؟ أتريدون لنا أنْ نرجع إلى القرون الوسطى؟ إلى العصور المظلمة؟ ونحو ذلك من كلام يهوِّلون به ويخوّفون كل مُصْلِح يدعو إلى إصلاح، وكل من يدعو إلى منع الفساد، يهولون عليه بمثل تلك الشعارات الباطلة, لكن يبقى الحق حقاً، ويبقى الباطل باطلاً، وإن دان به أكثر الناس (( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)).
فنسأل الله - عزّ وجلّ - أن يصرف عنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار، إلاّ طارقاً يطرق بخير يا رحمن, اللهم اجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين, اللهم إنا نسألك أمناً وعافية، وصحة وسلامة، وسعة رزقٍ وكرامة, اللهم ارزقنا الاستقامة في سائر الأقوال والأعمال, اللهم أرنا الحقَ حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, اللهم اجعل لنا من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية, اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم ثبت أقدامهم، وقوِّ شوكتهم، واجمع كلمتهم، وسدد رميتهم، ووحِّد آرائهم، وانصرهم على من عاداك وعاداهم, اللهم فُكَّ أسر المأسورين من المسلمين، اللهم فرِّج همومهم، ونفس كروبهم، وثبت قلوبهم, اللهم أرحم غربتهم، وآنس وحشتهم، ولا تجعل لكافرٍ على مؤمنٍ سبيلاً، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً،
المصدر : http://islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(82/370)
وقفات مع تصريح الدكتور آل زلفه
سعد أحمد الغامدي
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الذي آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )) أما بعدُ:
فإن أحسن الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وبعد:
وفي خضمِّ هذه النكبات والجهالات التي لم يزل المسلمون بعدُ يتجرعون غصصها؛ إذ بالصحف تطالعنا، والأخبار توافينا بفاجعة أليمة، وقاصمة وخيمة؛ أقضت نوم الصالحين، وأزعجت المسلمين بنارها وشرارها، حيث خرج علينا بعض المثقفين بثقافات باردة، وأراء فاسدة؛ وذلك في إثارة بعض القضايا التي كنَّا - جميعاً - في غنىً وسلامةٍ منها، فإن الناظر البصير والقارئ الكريم ليستغرب من هذا النداء الهائل، والكم الكبير من التساؤلات والآراء التي لم تزل تتفجر وتقذف بزبدها حول قضية أحسبها ساخنة وهي قضية ( قيادة المرأة للسيارة )!
فقد اطلعت كما اطلع غيري على ما نقلته جريدة الوطن بتاريخ يوم الأحد 14 ربيع الآخر 1426هـ الموافق 22 مايو 2005م العدد (1696) السنة الخامسة عن الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة والذي قال كما أوردته جريدة الوطن، ولى على كلام الدكتور الزلفه بعض الوقفات:
الوقفة الأولى: قال أنه تلقى تأييداً من عدد كبير من زملائه أعضاء المجلس بعيد انتهاء جلسة المجلس الأحد الماضي مما سيسهل مناقشة الموضوع خلال الجلسات المقبلة للخروج بنتيجة مثمرة، تحل كثيراً من المشاكل، خاصة أنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع المرأة من قيادة السيارة.
الرد: من المعلوم أن مناقشة أي موضوع يجب أن تتم بحضور أغلبية أعضاء مجلس الشورى، ولا ينبغي أن تتم المداولات في دهاليز الظلام، وبشكل تحزبي وتكتلات كما ذكر - إن صح الخبر أنه تلقى تأييداً كبيراً من زملائه أعضاء المجلس بعيد انتهاء جلسة المجلس الأحد الماضي، مما سيسهل مناقشة الموضوع خلال الجلسات المقبلة - فهذه تكتلات لا تليق بمن استأمنهم ولي الأمر على أمر الأمة، ولكني أشك في أن عدداً كبيراً قد أيدوك، ثم ذكر أنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع المرأة من قيادة السيارة فنقول له: أين طاعة ولاة الأمر من العلماء - وفقهم الله - والأمراء، كان ينبغي عليك يا دكتور أن تعود إلى التصريحات التي صدرت عن ولاة الأمر في هذا الموضوع، ولا تفتتئ عليهم، وأن تعيد الأمر إليهم، ثم: ألم تقرأ أو تسمع بفتاوى العلماء، وهم الذين ينبغي أن نرجع إليهم في مثل هذه الأمور، فأي قانون تتكلم عنه؟ هل هناك قانون فوق شريعة ربنا؟
الوقفة الثانية: قال: تطرقت خلال مداخلتي لموضوع مسكوت عنه طويلاً - وهو قيادة المرأة للسيارة - لما في ذلك من تخفيف من أعداد السائقين الأجانب، وتقليل الاعتماد عليهم، حماية للمجتمع من مشاكلهم التي وصلت إلى مراحل خطيرة، حتى إن بعضهم أصبح بمثابة أولياء الأمور لبعض الأسر السعودية، مؤكداً أن السماح للمرأة بقيادة السيارة سيمكنها من القيام بمسؤولياتها، والاستغناء عن السائق الذي يشكل مشكلة اجتماعية، بالإضافة إلى المشكلة الاقتصادية، بل أصبح قنبلة موقوتة في داخل نسبة كبيرة من البيوت السعودية".
الرد: قال: تطرقت خلال مداخلتي لموضوع مسكوت عنه طويلاً ويبدو أن موضوع قيادة المرأة للسيارة - الذي سكت عنه طويلاً كما قال - قد أقض مضجع الدكتور آل زلفة، فلم يهنأ بنوم في ليل أو نهار، وأراد أن يبرر طرحه للموضوع بمبررات واهية، ولعلي اسأله هذه الأسئلة، وأقول له: (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))، كيف جزمت أن قيادة المرأة سوف تخفف من أعداد السائقين الأجانب، وتقلل الاعتماد عليهم؟ كيف جزمت أن مشاكلهم قد وصلت إلى مراحل خطيرة؟ نعم اتفق مع الدكتور أن بعض السائقين حصل منهم مشاكل لكن هل الحل لهذه المشاكل السماح للمرأة أن تقود السيارة؟ ثم ذكر - هداه الله إلى الحق والصواب - بأن السائق أصبح يشكل مشكلة اجتماعية، بالإضافة إلى المشكلة الاقتصادية، بل أصبح قنبلة موقوتة في داخل نسبة كبيرة من البيوت السعودية"، وأقول: العجيب أن الدكتور أصبح متخصصاً في كل فن، فمره في القضايا الشرعية والأمنية، وتارة في علم الاجتماع، وأخرى عالم ومحلل اقتصادي، وقديماً قيل: " من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب "، ثم ذكر الدكتور أنهم أصبحوا قنبلة موقوتة ولا أدرى ماذا يقصد بالقنبلة الموقوتة، فليته شرحها للناس دون تهويل وغموض، ويلاحظ على آل زلفة أسلوب التهويل وكأنه هو الوحيد الذي يخاف على أمن البلد.
ولبيان الحق فأنا لا أؤيد استقدام السائقين إلا لحاجة ماسة، ولكن ليس الحل في السماح للمرأة بقيادة السيارة لما وراء ذلك من مفاسد عظيمة قد بينها العلماء.
الوقفة الثالثة: قالت الصحيفة على لسان آل زلفة ما نصه:
واستطرد آل زلفة في الرد على الأصوات المعارضة لقيادة المرأة للسيارة قائلاً: "المواطن الذي يتهم بالتوحش شاهدوه كيف يتصرف عند سفره خارج البلاد، وهو ينظر للمرأة تقود السيارة، وتسير في الشارع، لم يتعرض لها بأذى، وليس هناك حديث حتى عن سوء تصرفات لسعوديين في الشوارع"
الرد: أقول يا دكتور لقد وقعت في أعراض العلماء - حفظهم الله - عندما اتهمتهم بأنهم يتهمون المواطن بالتوحش لأن الأصوات المعارضة لقيادة المرأة للسيارة هم علماء الأمة الذين يبصرون الناس بالحق وبه يعدلون، كيف لو أقام عليك العلماء دعوى؟ ولكني أعرف عنهم الحلم والصبر على أذية الخلق، فأبشر فإنهم لن يضروك بشيء بل سوف يسدون لك النصيحة، ثم إنك اتهمت العلماء والدعاة في آخر الكلام بأنهم وراء الإرهاب حيث قلت ما نصه - كما أوردته الصحيفة -: (وقال آل زلفة: "ليس هناك موضوع غير قابل للنقاش إلا ما ورد فيه نص شرعي واضح من القرآن والسنة، ويجب ألا يخضع المجتمع للإرهاب الفكري/ وألا يستسلم رجال الفكر ورجال الحل والعقد لهذا الإرهاب الذي يعتبر المغذي للإرهاب المسلح الذي عانى منه المجتمع")، أقول هذا حق أريد به باطل، واتفق معك أنه يجب ألا يخضع المجتمع للإرهاب الفكري، وألا يستسلم رجال الفكر ورجال الحل والعقد لهذا الإرهاب الفكري، وأقول للدكتور: إذا كنت تقصد الإرهاب الفكري الذي يؤدى إلى الفساد والإفساد فنعم؛ كلنا يرفض ذلك، ولكن ألفت انتباه الدكتور أن من الإرهاب الفكري الدعوة إلى السفور والاختلاط، ومخالفة الدين، وعدم الانصياع لأقوال العلماء الذين يبصرون الناس، وينصحون لهم، ثم لماذا إقحام موضوع قيادة المرأة للسيارة في الإرهاب، أليس ما قلته فيه اتهام العلماء والدعاة بهذه التهمه الجائرة, إن الإرهاب يا دكتور قد انتقده العلماء والدعاة، وهم أول الناس تحذيراً من الإرهاب، فاتق الله، وقل بقولك أو بعض قولك، لا يجرمنك الشيطان.
الوقفة الرابعة: قالت الصحيفة على لسان آل زلفة ما نصه: (وساق آل زلفة مبرراً اقتصادياً يدعم مقترحه، وقال: "إن هناك مليون سائق أجنبي يكلفون 12مليار ريال سنوياً"
الرد أقول للمستشار: ديننا أعز علينا من المال، وتميزنا عن العالم هي شامة نفتخر بها، وقد أحسن وصدق القائل عندما قال:
أصون عرضي بمال لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
وأخيراً: أقول يا دكتور إنه عند تزاحم المفاسد يقدم ما كان أقلها فساداً جرياً للقاعدة المشهورة " الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ".
وبعد هذا فإني أحذر المتهاونين الذين يهرفون بما لا يعرفون بأن الولوغ في مسألة قيادة المرأة للسيارة والتي لن نجنيَ عند وجودها - لا قدر الله - إلاَّ الفتنَ، والسفورَ، والاختلاط؛ ولات حين مناص كما هو الحال في كافة البلاد التي دفعت نسائها إلى قيادة السيارة/ وذلك أن الفتن إنما يُعرف ما سفيها من الشرِّ إذا أدبرت، فأمَّا إذا أقبلت فإنها تُزيَّن، ويُظنّ أنَّ فيها خيراً، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشَّرِّ والمرارةِ والبلاءِ صار ذلك مبيِّناً لهم مضرتها، وواعظاً لهم أن يعودوا لمثلها، كما أنشد بعضهم:
الحربُ أوَّلُ ما تكونُ فَتَيَّةً تسعى بزينتِها لكلِّ جَهولِ
حتى إذا اشتعلت وشَبَّ ضِرامُها ولَّتْ عجوزاً غيرَ ذاتِ حليلِ
شمطاءَ يُنكرُ لونُها وتغَّيرت مكروهةً للشَّمِّ والتَّقبيلِ
وأكرر قولي ونصحي: أن الذين دخلوا في قضية قيادة المرأة للسيارة لم يعرفوا ما فيها من الشرِّ، ولا عرفوا مرارةَ الفتنةِ، حتى إذا وقعت - عياذاً بالله - صارت عبرةً لهم ولغيرهم، ومن استقرأ حال هذه الفتنة التي لم تزل تجري في بلاد المسلمين - خاصة - يتبيَّن له أنه ما دخل فيها أحدٌ فحمد عاقبة دخوله فيها؛ لما يحصل له من الضرر في دينه ودنياه، ولهذا كانت من باب المنهي عنه شرعاً، والإمساك عنها من المأمور الذي قال الله فيه: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))، ولولا خشية الإطالة لذكرت من منظومة الشُّبهِ التي يختلقها أصحابها العددَ الكثير؛ لكنَّها - ولله الحمد - شبهٌ واهيةٌ لا تستحق أكثر من قولنا لهم: ( رفقاً بالقوارير )!، وكذا نذكرهم بقول الله - تعالى-: (( واتقوا فتنةً لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديدُ العقاب ))، وبهذا نكتفي بهذا الرد لبعض ما قال الدكتور، فأستودعكم الله - تعالى- في السِّرِّ والعلن، وأسألُه - تعالى- أن يحفظ بلادَنا وبلادَ المسلمين من كلِّ سوء، وأن يَعصمَ نساءَ المسلمين من الفتنِ ما ظهر منها وما بَطن آمين، والصلاة والسلام على محمد المختار، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأبرار.
المصدر : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(82/371)
الأعور وعقد الذهب
هل رأيتم ذلك العقد الجميل الذي تزينت به عروس في ليلة زفافها أو امرأة بين صويحباتها، أو فتاة تزهو بين أترابها، إن تلك السلاسل الذهبية قيود مرنة جميلة، أحاطت برقاب تلك النسوة فزادتهن جمالاً وبهاءً، يحظين بسببها بإعجاب الجميع ويفخرن بها بين صويحباتهن، ما رأيكم لو زعم زاعم، أنه لا بد من تقطيع تلك السلاسل ورميها بحجة أنها نوع من القيود التي تعوق الحرية التامة، متجاهلاً كل ما فيها من زينة وجمال وقيمة غالية لذلك المعدن النفيس الذي صنعت منه تلك العقود؟
لا شك أننا سنجيب من هذا المنطق في التفكير، وسنصف قائله بقلة الفهم وعدم إدراك الأمور.
إن هذا المثال الذي ذكرته لك - عزيزي القارئ - ينطبق على دعاة تحرير المرأة في بلاد الإسلام الذين يصفون ما خصها الله به من الشريعة والعفاف بالقيود والأغلال، فحجاب المرأة عندهم ليس فيه إلا مجرد الضيق وكتمان الأنفاس، وقوامة الرجل على المرأة ليس فيها إلا التسلط ومصادرة الرأي وفرض الشخصية، والتعدد ليس فيه إلا القهر والحرمان والظلم والطغيان...وهكذا في كل أمر حصرت صدورهم عن قبوله والتسليم به.
إن هذا المنطق يصدق عليه مسمى (أعور البصيرة) إن صح التعبير، والعجيب أن هؤلاء المتمردين على قيود الشريعة يذعنون لقيود البشر وأغلالهم، التي تدعو إليها سلامة المجتمع وصحة الحياة.
فالتطعيم مثلاً والحجر الصحي أمران مقبولان لدى جميع العقلاء لما فيهما من منافع وفوائد كثيرة تطغى على ما يشتملان عليه من نوع إيذاء جسدي ونسبة تقييد للحرية، فُيغتفر قليل المفاسد في كثير المصالح.
ولا شك أن فيروس التبرج وداء الانفلات من القيم والدين أشد فتكاً وأعظم ضرراً من فيروسات الأمراض الجسدية، بل إنها أساس الأمراض العصرية الفتاكة، وها هي المجتمعات المتحررة تئن من وطأة مرض الإيدز الذي يحق لنا أن نسميه (مرض الحرية).
إن الشرع المطهر قد زان المرأة بعقد جميل لا يكمل حُسنه وجماله إلا باجتماع حباته ولآلئه. فالحجاب أحدها، وعدم الخلوة بأجنبي ثانيها، وعدم السفر بلا محرم ثالثها... وهكذا تتسق الجواهر في نظام فريد، لا يزين المرأة فحسب بل يكفل لها سعادتها وسعادة المجتمع بها.
أما ما يدعيه هذا الأعور من الحرية فإنه إلى الفوضى والانفلات أقرب. فليس من مفهوم الحرية أن نتملص من قيود العقل والأخلاق الكريمة فإن الفطرة السليمة تأبى رق الشهوات الذي يدعو إليه هؤلاء، ورحم الله هند بنت عتبة (رضي الله عنها) حين بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يزنين فقالت: "أو تزني الحرّة؟ " هذا مع كونها حديثة عهد بالإسلام، حيث جعلت الحرية أساساً للفضائل والبعد عن الرذائل، وتعجبت - رضي الله عنها - من حرة أعتقها الله من رق الجسد لتقع في رق الشهوة، فما حالها لو رأت من يسمى الزنا حرية، ومن يمارس الشذوذ باسم الحرية، ومن ينحط إلى أدنى دركات الحيوانية باسم الحرية أيضاً.
ففي إحدى المدن الكندية خرج ما يقارب الخمسة آلاف امرأة عاريات الصدور في مظاهرة نسائية للمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل في الحرية، حيث يسمح القانون للرجل بأن يمشي بالبنطال فقط بينما يمنع المرأة من ذلك، وقد نجحت هؤلاء النسوة فيما أردن تحت شعار المساواة في الحرية، وقد سمعت بنفسي أحد القسيسين هناك وهو يندب حال مجتمعاتهم الدينية والأخلاقية ويصف هذا التفلّت الاجتماعي بقوله (إنها لعنة الحرية).
فما رأيكم في ذلك العقد الذهبي الذي هو أوامر الشرع والفضيلة؟
أليس جميلاً إلا في عين ذلك الأعور ... ؟!؟!
http://saaid.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/372)
هوس البنات بالنيولوك
د/ خالد سعد النجار
مع بداية العصر الحديث ازداد ولع النساء وبعض الرجال بعمليات التجميل وأصبح يُنفق عليها الأموال الباهظة؛ إذ بلغ حجم ما تنفقه المرأة على الماكياج وعمليات التجميل والتخسيس (160) مليار دولار سنوياً، وكل ذلك من أجل الحصول على وجه جميل وجسد رشيق فاتن، خاصة وأن أحدث دراسة أجراها العالم الأمريكي (ديفيد بوش) على عشرة آلاف شخص ينتمون لحوالي (37) ثقافة مختلفة جاءت جاذبية المرأة على قمة ما يطلب الرجال توافره من أجل الزواج.
ومما زاد من حدة انتشار هذه الجراحات - التي كانت مقصورة من قبل على الشهيرات ونجمات السينما - أنها صارت الآن متاحة للجميع بدرجة أكثر أماناً وأقل تكلفة من ذي قبل، حتى إن (آلان ماتاراسو) أحد أشهر جراحي التجميل في أمريكا قال: إن عملية تكبير الثدي التي كانت تتكلف أكثر من (12) ألف دولار منذ عشر سنوات لا تتجاوز تكاليفها الآن (600) دولار فقط.
ويقدر الخبراء الأمريكيون أن صناعة التجميل الخاصة بالعناية بالجلد فقط تبلغ استثماراتها ما يزيد على (24) مليار دولار، أما الماكياج فتبلغ قيمة استثماراته (18) ملياراً، والعناية بالشعر (38) ملياراً، والعطور (15) ملياراً، ومن الأسواق الواعدة في صناعة التجميل - التي أهملتها الشركات التقليدية- سوق جراحات التجميل الذي تبلغ قيمة استثماراته بالفعل (20) مليار دولار سنوياً، ولا تزال تنمو بمعدل سنوي كبير. وقد زاد الإقبال على تلك الجراحات داخل أمريكا بنسبة 220% منذ عام 1997 م، أما الجراحات التقليدية كتكبير الثدي وتعديل شكل الشفاه والأنف فتتم من خلال حقن (بوتوكس) لتجميد عضلات الوجه التي تسبب التجاعيد، وقد زادت تلك الجراحات بنسبة 2400% منذ عام 1997 م، كما زادت حالات عمليات التجميل في العالم العربي خلال العام الماضي من (380) ألف عملية إلى (650) ألف عملية تجميل.
ويرى المحللون أن السبب المباشر لتفشي هذه الظاهرة هو أغنيات (الفيديو كليب) العارية.. والتي تعتبر أن جسد المطربة، وكم العُري المعروض منه من أهم عوامل نجاحها حتى صار لسان حالها يقول: (قليل من الغناء ، كثير من العُري) فلقد جاءت أغاني (الفيديو كليب) كأحد خصائص الثقافة الاستهلاكية؛ إذ تركز على أجساد الفتيات لما للحركات الإيحائية التي تتم من خلال الجسد من تأثير مباشر على حواس المشاهد وشهواته، فضلاً على أن معظم مشاهد الكليب تم تصويرها ما بين حمام السباحة وغرفة النوم والبار ، وساعد الإقبال المتزايد على مشاهدتها على إنشاء قنوات فضائية غنائية فقط، بل أصبحت تتكاثر كالأمراض السرطانية الخبيثة التي تنمو بشكل متزايد وفي أسرع وقت، فالربح مضمون والتكلفة منخفضة، والأغاني مهداة مجاناً لهذه القنوات، وأصبحنا نرى الراقصات مطربات، يتسابقن في التنافس على ارتداء الملابس الساخنة والقيام بحركات كلها إغراء، وكأن جسد الراقصة بداية المتعة ونهايتها أيضاً..حتى أشارت بعض البحوث الميدانية إلى أن هناك فئات كالأطفال والمراهقين والشباب يجلسون طوال اليوم، وأغلب الليل مشدودين ويقارنون بين جسد تلك وجسد الأخرى، فالكلمات لا تهم واللحن لا داعي له طالما هناك أجساد تتلوى قادرة على جذب مزيد من الرسائل النصية أو المصورة.. فانتشرت مراكز تجميل الجسد وظهرت موضات النيولوك، وعري أكثر تنجح أسرع، وتحت شعار (الجمهور يسمع بعينيه قبل أذنيه) زاد تركيز المصور على مناطق تجذب المراهقين الصغار والكبار معاً في جسد المرأة، سواء وهي تغني في التلفاز أو تتعرى على المسرح في حفلات الهواء الطلق، بعد أن أصبح جسد المطربة، وكم العري أهم عامل في نجاحها.
وامتد تأثيرها إلى تقليد الأزياء التي ترتديها، وارتداء ملابس عليها كتابات لها دلالة جنسية عند الذين صنعوها، مما زاد من الإقبال عليها، وإشعال الرغبات الجنسية لدى الأطفال والمراهقين الذين نموا قبل مراحل نموهم العادية، كما تحددها كتب علم نفس النمو، ولمزيد من تخدير وتغييب هؤلاء أصبحت مسابقات ملكات الجمال لا تُقام مرة واحدة، وإنما تم تخصيص قناة لها تبث مشاهد فتيات شبه عاريات أو بملابس أكثر إثارة من العري نفسه.. تشاهدهن في نومهن ويقظتهن، وداخل غرف نومهن طالما أن ذلك سيدفعك للتصويت، وتحقيق الربح المادي الخيالي من وراء رغبات مكبوتة.
ولقد بلغ جنون كثير من الفتيات والنساء بالجمال بسبب هذا التأثير المفرط حداً لا يوصف، والصحف والمطبوعات العربية تعجّ يومياً بدعايات وإعلانات برّاقة عن الخدمات التي تقدمها مراكز التجميل من عمليات شفط الدهون، وشدّ الأجزاء المترهلة والتكبير والتصغير وإزالة غير المرغوب فيه، وقائمة طويلة عريضة من الخدمات الأخرى التي يسيل لها لعاب كثير من النساء الباحثات عن القوام الرشيق والراغبات في مزاحمة المطربات ومذيعات الفضائيات على عرش الجمال.. كل ذلك دون أن يحسبن حساباً لمدى خطورة إجراء مثل هذه العمليات وما قد يتبعها من مضاعفات جانبية خطيرة يحرص كثير ممن يطلقون على أنفسهم (خبراء) و (خبيرات) التجميل على إخفائها عن مسامع زبائنهم، واضعين نصب أعينهم الأموال الطائلة التي سوف يجنونها من إجراء تلك العمليات السحرية.
إننا نهيب بكل امرأة أن تحَكِّم عقلها قبل التفكير في إجراء أي عملية تجميل وتضع نصب عينيها حقيقة أن 99% من فنانات ومطربات هذه الأيام هن زبائن دائمات لتلك المراكز والعيادات، وأن (النيولوك) الذي تظهر به فنانتها المحبوبة والذي تحاول جاهدة تقليده يعود فضله إلى عمليات (الصبغ والسمكرة) التي تجري على يد أمهر خبراء التجميل في أرقى العيادات و المراكز الأوروبية.
لا أعتقد أن أحداً بات يجهل ما حدث للمطربة اللبنانية معشوقة الشباب الأولى والنموذج المثالي لفتيات الأحلام بالنسبة لهم، فقبل فترة نُشر خبر عن سقوطها على المسرح أثناء تأديتها لحفلة من حفلاتها بعد إصابتها بإغماءة مفاجئة علل الأطباء سببها إلى إسرافها في استخدام حقن (السيليكون) التي تُستخدم عادة في عمليات التجميل (لتلغيم) الأجزاء المراد تكبيرها في الجسم، وحسب ما ورد في الخبر فلقد قامت بحقن جميع أجزاء جمسها بهذه المادة الخطيرة لكي تبرز من جسدها ما نراه من (بروزات وانبعاجات) مثيرة للغرائز والأحاسيس جعلت ملايين الشباب في شتى أنحاء العالم العربي يهيمون بها حباً وتيهاً، وهم لا يدرون أنها ليست سوى كتل سيليكون متحركة، أما (مايكل جاكسون) المطرب الأمريكي المشهور فهو مثال آخر للمعجزات التي يمكن أن تحدثها عمليات التجميل التي تُعتبر في هذه الحالة (تشويهاً) بالتأكيد، فعشرات العمليات المختلفة طالت كل بوصة في جسد ذلك المطرب لم تخلف وراءها سوى (مسخ) يتأرجح بين عالم البشر والقرود.
أما عن الرؤية الشرعيّة لمثل هذه العمليات فلقد جاء في الموسوعة الطبية: الجراحة التجميلية (Esthetic Surgery) هي فنٌّ من فنون الجراحة يرمي إلى تصحيحَ التشوهات والعيوب والآفات الظاهرة، مثل التَّشَوُّهات الولادية أو الخَلْقِيَّة Congenital Malformations))، مثل تعديل الحَنَك المشقوق أو الشفة المشقوقة أو ما يُعرف عند العامَّة بشفة الأرنب، أو تعديل عيوب صيوان الأذن، أو انحراف الأنف أو تصغيره إن كان ضخماً، ونحوه.. وقد تجرى عمليات التجميل لقلع السِّنِّ الزائدة، أو قطع الإصبع الزائدة، أو تصحيح التشوهات الناجمة عن الحوادث المختلفة كالحروق والجروح.. والجراحة التجميليّة جائزة إجمالاً ولكن بشروط، وهي:
- الجراحات التجميليّة التي تستهدف علاجَ المرض الخَلْقي أو المرض الحادث بعد الولادة بقصد إعادة شكل أو وظيفة العضو السَّويَّة المعهودة له جائزةٌ شرعاً، ومثلها أيضاً إصلاح العيب أو الدَّمامة التي تسبب للشخص أذًى عضوياً أو نفسياً.
- الجراحة التجميلية التي تستهدف تغيير شكل أو وظيفة العضو السَّويَّة المعهودة حرامٌ لا يجوز إجراؤها، وذلك لنهي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا الفعل حيث قال: (لَعَنَ اللهُ الواشماتِ والمُتوَشِماتِ والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ للحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ) رواه مسلم، ومن ذلك مثلاً العمليات التي تجرى لتغيير الجنس (Sex Reversal) من رجل إلى امرأة أو بالعكس، التي شاعت في بعض البلدان غير الإسلامية في العقود الأخيرة، وهي حرام بيِّن لا شكَّ فيه.
- الجراحات التجميلية التي تجرى لمجرد اتباع الهوى، أو تحصيل المزيد من الحسن حرام، لا يجوز إجراؤها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم (.. المتفلجات للحُسن) ومن ذلك مثلاً عمليات شَدِّ الجِلد وما شابهه من العمليات التي تستهدف إزالة آثار الشيخوخة وإعادة مظهر الشباب (فهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضروريّة ولا حاجيَّة، لهذا لا يجوز فعله)؛ لأنه تغييرٌ للخلقة، وعبثٌ بها، واتباعٌ للهوى والشهوة والشيطان الذي تمرَّد على ربه فقال (.. ولآمرنَّهم فليُغيِّرُنَّ خلقَ اللهِ) [النساء: 119].
ولربَّما احتجَّ الذين يلجؤون لمثل هذه العمليات بأنها تزيدهم ثقةً بالنَّفْسِ، وتزيدهم قدرةً على الإنتاج والعطاء، وهي حجة واهية، فالثابت من المشاهدة أن (عمليات التجميل لا تغيِّر من شخصيَّةِ الإنسان تغييراً ملحوظاً، وأن العجز عن بلوغ هدف معين في الحياة لا يتوقف كثيراً على مظهر الشخص؛ فالمشكلة في ذلك أعمق كثيراً مما يبدو من ظواهر هذه الأمور، وعلى هذا فعمليات التجميل الاختيارية غيرُ محقَّقَةِ النتائج، ومن الخير تَرْكُ الإغراقِ في إجرائها أو المبالغة في التنبؤ بنتائجها) ولعلَّ خير وسيلة لعلاج مثل هذه الأوهام والوساوس هي (غرس الإيمان في القلوب، وغرس الرضا عن الله - تعالى -فيما قَسَمَهُ من الجمال والصورة)، والمظاهر ليست هي الوسيلة لبلوغ الأهداف النبيلة، وإنما يُدرك ذلك بتوفيق الله - تعالى -، ثم بالتزام شَرْعِهِ، والتَّخَلُّق بالآداب ومكارم الأخلاق.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/373)
ما الذي يؤرق بعض الزوجات ؟
ميساء قرعان
النساء في مجتمعاتنا يعانين من الاضطرابات والأمراض النفسية بنسبة أكبر من الرجال، وذلك له أسبابه الاجتماعية الكثيرة التي تتصدرها طبيعة العلاقة مع الزوج.
السهر خارج المنزل ساعات طويلة..يولد الشجار
وبداية لا بد من الإشارة إلى أن العلاقة بالطرف الآخر لدى المرأة في مجتمعاتنا تتخذ حجماً واهتمامًا مبالغاً فيهما، فالحياة الزوجية والزوج تحديدا يعني للكثيرات نهاية العالم ووسيلة إثبات الذات وتأكيدها، وهذا ليس عيباً أو انتقاصاً بحد ذاته، فهو قد يكون في حالات قليلة مدعاة للاستقرار الأسري، لكنه في الأعم الأغلب يترافق مع ردود أفعال سلبية من قبل الأزواج، إما بفعل المصادفات السيئة أو ربما بفعل مبالغة الزوجات في استرضاء الأزواج، وأيّا كان شكل وحجم مساهمة المرأة في إحداث الخلل فإن هنالك جملة من العوامل التي تؤرق المرأة في علاقتها مع الزوج، هذه العوامل قد تتسبب في متاعب نفسية لها وله وقد تتضخم وتتسبب في نشوب مشكلات قد لا تنتهي إلا بنهاية الحياة الزوجية، منها:
1 شعور الزوجة بإهمال الزوج لها وعدم الاهتمام بمتطلباتها:
بالنسبة للنساء اللواتي لا يعانين من خبرات سلبية سابقة قلما تشعر الزوجة بأنها مهملة من قبل الزوج دون وجود أسباب حقيقية أدت بها إلى هذا الشعور، وفي كثير من الحالات لا يكون شعورها أو إهمال الزوج لها بحد ذاته مشكلة، بقدر ما تتسبب سلوكياتها اللاحقة في مشكلات أخرى، ولأن النساء أقل جرأة في التعبير عن احتياجاتهن العاطفية فإن شكوى الزوجات من مصادر متاعبهن ونتيجة تحفظات كثيرة يفرضنها على ذواتهن لا تكون حقيقية على الأقل في بدايات حديثهن، فقد تشكو إحداهن من عدم إنفاق الزوج بما يكفي لسد احتياجات الأسرة، في حين يكون مصدر استيائها الحقيقي هو شعورها بأن الزوج يهمل احتياجاتها العاطفية، لكن المشكلة تكمن لدى بعض الزوجات في أن الأزواج لا يتفهمون احتياجاتهن كما يجب ولا يعترفون بوجود تقصير من طرفهم، كما أنهم لا يبدون أي استعداد لحل المشكلة أو لإقناع زوجاتهم باهتمامهم.وإن فعلوا فإن جهودهم لا تتجاوز تهدئتهن بكلام مؤقت.
تظهر لدى الزوجات اللواتي يؤرقهن إهمال الأزواج أعراض وردود أفعال قد تنعكس آثارها على جميع أفراد الأسرة، فهن غالباً دائمات التوتر والقلق وعصبيات المزاج ولديهن شعور بعدم الثقة بالنفس، وهذا يخلق أجواءً أسرية مشحونة وقابلة للانفجار في أي لحظة وتتسبب في المتاعب والخلافات المتكررة بين الزوجين أو مع الأبناء، قلق الزوجات تتخلله سيناريوهات كثيرة منها تخوف الزوجات من: الخيانة الزوجية أو توقعهن لها، إذ غالباً ما تسهم ردة فعل الأزواج اللامبالين تجاه قلق الزوجات أو رغبتهن في جعل العلاقة أكثر حميمية في بث مخاوف لدى الزوجات، فالاهتمام المبالغ فيه من طرف الزوجة الذي قد يقابل بإهمال من قبل الزوج يكون مدعاة لشكوك الزوجة، وفي حالات كثيرة فإن الآثار المترتبة على الشك بخيانة الزوج قد تعادل الآثار التي تنجم عن إثبات الخيانة، فتصبح الزوجة أكثر حدة وأكثر عصبية وأكثر استعداداً لتفجير الأزمات، وقد تعبر عن كرهها للزوج الذي تشك بأنه على علاقة بأخريات لكنها في الوقت ذاته قد تصبح أكثر تعلقاً به وأكثر رغبة في استرداده، اختلاط مشاعر الحب والكراهية والرغبة في استرداد الزوج والرغبة في الخلاص منه.. كلها أسباب تؤدي إلى خلافات حادة بين الزوجين، ليس من السهل تفادي آثارها أو تخفيف حدتها.
2 غيرة الزوجة الشديدة على الزوج مع عدم اكتراثه بها تؤدي إلى تصعيد الخلافات إلى حد الطلاق:
في الخلافات الزوجية ليس هناك أسباب رئيسة وأخرى ثانوية.. فالسبب المباشر والظاهر للعيان في أي خلاف قد يختلف كثيراً عن السبب الكامن والمختفي وراء الكواليس، غير أن السبب الذي يثير الخلاف غالباً ما يكون بمثابة إشعال الفتيل.
الغيرة على الزوج ناتج من نواتج عدم شعور الزوجة بالأمان لأسباب واقعية أو غير واقعية، فعدم ثقتها بالزوج أو عدم ثقتها بنفسها نتيجة شعورها بأنها مهملة يشعلان غيرتها ويؤججان الخلافات.
تلجأ بعض الزوجات وكوسيلة لتكبيل الزوج إلى تضييق الخناق عليه فتتقمص معه دور المحقق، ولا تمل من توجيه الأسئلة التفصيلية بشكل يومي ومتكرر، وقد تلجأ لمتابعته ومراقبته، غير أن الأزواج ليس لديهم القدرة على تحمل المساءلة والمراقبة المستمرة وقد يعبرون عن ضجرهم واستيائهم باللجوء للعنف، أو بالتهديد بالطلاق أو إيقاعه فعلياً، كما أن الزوجة تتجه لطلب الطلاق إذا شعرت بأن كل جهودها ذهبت سدى وإذا شعرت بأن كل ما قامت بفعله لم يؤد إلى طمأنتها، تطلب الطلاق رداً لكرامتها لكن بعدما يستنزفها البحث عن دليل إدانة الزوج أو تبرئته.
للزوجات معايير مختلفة في قياس مدى اهتمام الأزواج، فبعض الزوجات قد يؤرقهن عدم مكافأة الأزواج المعنوية لهن على أي فعل يقمن به ويعتقدن بأنه مُرضٍ، وكما أسلفت فإن الزوجات يتحملن جزءاً من المسؤولية فيما يعانين من متاعب، فحينما تعتقد الزوجة بأن مصدر تعزيز وجودها وإثباته هو صورتها في عيني الزوج فإنها حقيقة تبدأ بخسارة تقديرها لذاتها شيئاً فشيئاً.. كما أنها تنحي أي إمكانية لإثبات وجودها ككائن يعي استقلاليته، وحتى علاقتها مع الأبناء قد تتضرر إذا ما جعلت من رضا الزوج ومكافأته لها سقف اهتماماتها الأعلى، ليعذرني الأزواج فهذا ليس تحريضاً، ولتعذرني الزوجات فهذا ليس اتهاماً.. إنه حقيقة مشاهَدة وحاضرة في كثير من البيوت، حقيقة تتسبب في متاعب لأسرة بأكملها، حقيقة لا يشترط أن يكون بديلها هو تقمص الحالة النقيض، لكن ليكن سعي كلا الزوجين نحو إرضاء الطرف الآخر لا محاولة استرضائه باعتباره المصدر الوحيد للشعور بالثقة بالنفس.
3 بعض الزوجات يؤرقهن انخراط الزوج في علاقات صداقة والسهر خارج البيت، ولا سيما حديثي الزواج ومن لم يعتادوا نمط الحياة الزوجية.
كما أنهم يبدون عدم تقبل لأي تغيير في نمط حياتهم التي سبقت الزواج، كما قد يتجه بعض الأزواج إلى السهر خارج البيت وبشكل يومي ولساعة متأخرة هرباً من أعباء ومسؤوليات ومساءلات الحياة الزوجية أو لوجود خلل في العلاقة الزوجية، وبغض النظر عن إمكانية إصلاح هذا الخلل أو رغبة الزوجة في إصلاحه فإن كثيرين من الأزواج يجدون أن البديل الأنسب هو تعزيز أي علاقات خارج البيت، إلا أن ردة فعل الزوجات على مثل هذه التصرفات غالباً ما تكون الرفض والتأنيب والمعاتبة التي قد تتطور إلى شجار، بعض الزوجات يعبرن عن غيرتهن واستيائهن من انخراط الأزواج بعلاقات صداقة تتطلب التزامات شبه يومية إلى درجة وضع الأزواج تحت ضغط الاختيار بين بقاء الحياة الزوجية واستمراريتها وبين بقاء علاقات الصداقة التي يشعرن بأنها تأخذ من اهتمام الأزواج ووقتهم أكثر مما يجب، وبأنها على حساب اهتمامه بها وبالأسرة.
إن استياء وغضب الزوجات من انخراط الزوج في علاقات الصداقة والتغيب عن البيت قد يساويه استياء بعضهن من اهتمام الزوج بأحد المقربين اهتماماً مبالغاً فيه، بحيث يكون اهتمام الزوج بأحد الأقارب كالأم أو الأب أو غيرهما مصدراً لانزعاج الزوجة وإثارة غضبها، يزداد شعور الزوجة بالاستياء من علاقة الزوج الحميمة بأحد المقربين إذا كان الزوجان يسكنان في بيت مشترك مع أهل الزوج، أو كانا في علاقة جوار معهم، بحيث تزداد الفرص لإبداء الاهتمام أو توهمه من قبل الزوجة، مما يحرض على إثارة المشكلات، وزيادة احتماليتها، إن سبب الشعور بعدم الرضا لدى الزوجة عن العلاقة الوطيدة التي تربط الزوج بأحد المقربين يجعلها ترفض علاقة مشابهة مع مجموعة الأصدقاء أو أحدهم، لأن هذا من وجهة نظرها يكون على حسابها وحساب البيت، وهو وقت ومال وجهد مستقطع من الأسرة، لكن الاختلاف هو أن رفض الزوجة لمثل هذه العلاقة قد لا يكون من الممكن التعبير عنه بصورة مباشرة لأنها ستتعرض للإدانة من قبل الزوج، ولذا فإن وسائل التعبير قد تتخذ أقنعة ومبررات كثيرة، وقد تتفجر الأزمات مع المحيطين أكثر من تفجرها مع الزوج، باعتبارهم مصدر تهديد ولأنها قد لا ترغب في إثارة مشكلة مع الزوج، ولذا فقد تميل الزوجة إلى تحميل الطرف الآخر في العلاقة مسؤولية عدم اهتمامه بها وبالأسرة وقد لا تعود ترى سبباً لتكدير صفو حياتها الزوجية غير وجود (أم الزوج) في حياتها.
تلك هي بعض الأسباب والمشكلات التي تؤرق بعض الزوجات في علاقاتهن الزوجية، وما يجدر ذكره أن جميع هذه الأسباب مرتبطة ببعضها البعض بحيث يعمل وجود أحدها على تهيئة الفرصة لوجود الآخر كونها ردود أفعال تجاه بعض معطيات الحياة الزوجية. كما أنها تخص فئة معينة من النساء اللواتي لا يرين أنفسهن سوى في عيني أزواجهن، وبعيداً عن أي تقدير مستقل للذات، منهن من تعوزهن الثقة بالنفس، ومنهن من يعانين حقيقة من إهمال الأزواج وعدم اكتراثهم بمتطلباتهن، ومنهن من أفقدن الثقة بأنفسهن نتيجة تصرفات الأزواج وسوء معاملتهم لهن.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/374)
المرأة الغربية والزواج
د. عبد الله مبارك الخاطر
قارئي الكريم: قلت لك منذ البداية: إنني طبيب في الأمراض النفسية، وهذا العمل يتيح لي مشاهدة الوجه الآخر لمجتمعاتنا، والاتصال بأصناف متعددة من الناس رجالاً كانوا أو نساءً، ومن طبيعة الذين يعملون في مثل هذه الاختصاصات الاهتمام بمشكلات الناس، وقد يسير أحدهم في الشارع فتلفت انتباهه أمور لا يهتم بها المارة..
وكم أتمنى أن يهتم العلماء الدعاة بمثل هذه القضايا ويقدمون لها الحلول الناجعة، وسيكون دورهم أهم من دور الأطباء ورجال الأمن؛ لأن مخالفة تعاليم الإسلام من أهم العوامل التي أدت إلى نشوء مثل هذه الأمراض.
وقد حرصت على ذكر هذه المقدمة حتى لا يستغرب القارئ ما أذكره له من أحداث، وبشكل أخص زيارة النساء لنا في العيادة، والاستماع إلى مشكلاتهن، ولا علاج بدون الاستماع إلى هذه المشكلات ومناقشتها.
وبعد هذه المقدمة أعود إلى الحديث عن المرأة الغربية والزواج، فأقول: كنت أستغرب عند بداية إقامتي في بريطانيا أن المرأة هي التي تنفق على الرجل، وكنت أشاهد هذه الظاهرة عندما أركب القطار أو أدخل المطعم، إذ ليس في قاموس الغربيين شيء اسمه (كرم)..
وبعد حين زال هذا الاستغراب، وأخبرني المرضى عن أسباب هذه الظاهرة، وفهمت منهم بأن الرجل لا يحب الارتباط بعقد زواج، ويفضل ما أسموه [صديقة]، والمرأة تسميه [صديقاً]، وليس هو أو هي من الصدق في شيء، وكم أساءوا لهذه الكلمة النبيلة، فالصديق يعني: الصدق، والمحبة، والمروءة، والنخوة، والكرم، والوفاء، وما إلى ذلك من معان طيبة كريمة.
والصديق عندهم يعيش مع امرأة شهوراً أو سنين، ولا ينفق عليها، بل هي تنفق عليه في معظم الحالات، وقد يغادر البيت متى شاء، أو قد يطلب منها مغادرة بيته، إن كانت تعيش معه في بيته، ولهذا فالمرأة عندهم تعيش في قلق وخوف شديدين، وتخشى أن يرتبط صديقها (! ! ) بامرأة ثانية ويطردها، ثم لا تجد صديقاً آخر.
وكما يقولون » بالمثل يتضح المقال «، فسوف أختار مثالاً واحداً من أمثلة كثيرة تبين وضع المرأة عندهم: رأيت في عيادة الأمراض النفسية امرأة في العشرينات من عمرها، وكانت حالتها النفسية منهارة، وبعد حين من الزمن شَعَرتْ بشيء من التحسن، وأصبحت تتحدث عن وعيٍ، فسألتها عن حياتها، فأجابت والدموع تنهمر من عينيها، قالت: مشكلتي الوحيدة أنني أعيش بقلق واضطراب، ولا أدري متى سينفصل عني صديقي، ولا أستطيع مطالبته بالزواج منى، لأنني أخشى من موقف يتخذه، ونُصِحتُ بالعمل على إنجاب طفل منه، لعل هذا الطفل يرغبه في الزواج، وها أنت ترى الطفل، كما أنك تراني ولا ينقصني جمال، ومع هذا وذاك فأبذل كل السبل؛ من تقديم خدمات، وإنفاق مال، ولم أنجح في إقناعه بالزواج، وهذا سر مرضي، وسبب قهري إنني أشعر بأنني وحدي في هذا المجتمع، فليس لي زوج يساعدني على أعباء الحياة، ولي أهل ولكن وجودهم وعدمه سواء، وليتني بقيت بدون طفل؛ لأنني لا أريد أن يتعذب ويشقى في هذه الحياة كما تعذبت وشقيت.
وهذه المرأة المريضة ليست من شواذ المجتمع الغربي، بل الشواذ هم الذين يعيشون حياة هادئة..
ومع ذلك ينقد الغربيون مجتمعاتنا الإسلامية، ويزعمون بأن المرأة تعيش في بلادنا حياة بائسة محزنة، ونحن لا يهمنا رأي الغرب بنا، ولا نطلب منه حسن سلوك، ولكن نريد من نسائنا أن يحمدن الله - سبحانه وتعالى - على نعمة الإسلام، فلقد كانت في الجاهلية ذليلة مهينة، وجاء الإسلام ليرفع مكانتها، وبفضل من الله - سبحانه وتعالى - أصبح الرجل يبحث عن المرأة، ويطلب الزواج منها، وهي قد تقبل وقد ترفض، ولأهلها دور كبير في أمر زواجها، وسواء كانت عند زوجها أو في بيت أبيها فهي عزيزة كريمة، والرجال هم الذين ينفقون عليها، بل والذي نشكو منه في بلادنا الغلو في المهور، والتكاليف الباهظة التي تفرض على الرجل حتى يحصل على زوجة، (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات/17].
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/375)
للفتيات .. كيف تخططين لاختيار شريك العمر ؟!
لا تزال الإحصائيات الرسمية تطالعنا بأرقام مخيفة جداً، ومؤسفة حقاً!!
سواءً في ذلك إحصائيات الجريمة الأخلاقية، وفي مقابلها إحصائيات العنوسة والطلاق والتفكك الأسري!!
فكلا الأمرين يرتبط بعضهما ببعض!!
فالجرائم الأخلاقية لها تعلق بحجم وتضخّم نسب العنوسة بين الفتيات، وارتفاع ضحايا الطلاق!!
هناك إحصائية تقول أن عدد حالات الطلاق في المملكة عام (1422 هـ) تمثّل:
- 53 حالة طلاق يومياً في المملكة!
بمعنى أنه (1590) حالة طلاق خلال شهر واحد!
مما يعني (19.080) حالة طلاق خلال سنة واحدة فقط!
أنه من بين (15) حالة زواج تنتهي منها (13) حالة إمّا بطلاق أو فراق مع وقف التنفيذ!
أمّا إحصائيات العنوسة فهي حقاً إحصائيات مذهلة جداً!
فقد أثبتت دراسة أن نسبة عدد الصالحات للزواج مقابل عدد الرجال القادرين على الزواج هي: أربع نساء مقابل رجل واحد الأمر الذي يعطي مؤشراً بارتفاع عدد العوانس!
ويزداد الأمر سوءاً إذا علم أن نحو خُمس الزواجات في السعودية والدول الخليجية وبعض الدول العربية تنتهي بالطلاق حسب الإحصاءات في السنوات الأخيرة!
واليوم وقد انفتح العالم بعضه على بعض حتى كاد أن يكون قرية كونية واحدة، مع الطفرة الملموسة في وسائل الاتصال والخطاب الإعلامي العالمي الذي يصل إلى كل بيت وإلى كل أسرة، ولأمر ما مقصود يسعى أعداء الملة وأعداء الإنسانية سعياً حثيثاً في سبيل إغراق هذه القرية الكونية في خضم بحور الفتن والشهوات والمغريات تحقيقاً لقسم إمامهم الأكبر - إبليس - " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "!!
الأمر الذي له عظيم الأثر في صياغة (الخريطة الاجتماعية) لهذه القرية الكونية، فانتشر الفساد وظهر في البر والبحر مع انتشار أسبابه وفشو دواعيه وحصول المناخ المناسب للتكاثر، ومن أنسب مناخات تكاثر الفساد والفتنة (التضخّم في عدد العوانس) والعازفين عن الزواج من الشباب!!
ولئن كانت ظاهرة العنوسة والعزوف عن الزواج من قِبل الفتيات ظاهرة يشترك في سببها المجتمع والبيئة وأولياء الأمور، فإن محاولة الخروج بحلول (مخففة) أو (قاضية) على مشكلة العنوسة تحتاج إلى جهد (جماعي) تشترك فيه كل مؤسسات المجتمع وأفراد التوجيه فيه.
لكن يبقى أن دور (الفتاة) هو الدور الأعظم في سبيل حلّ قضيتها، فالعلاج والخطط والأهداف إن علّقتها الفتاة بغيرها لم يصلح حالها كثيراً، وقديما قالوا " ليس من يكويه ألم السياط كمن يعدّ عدد السياط "!
فعلى الفتاة الغيورة العفيفة أن تسعى ما أمكنها إلى أن تُخرج نفسها وبنات جنسها من هذا المأزق الذي يحاصر - اليوم - فئة ليست بالقليلة من فتيات المسلمين، وأن لا تعتمد وتركن في حلّ قضيتها إلى غيرها - على أن دور غيرها مهم وعظيم في سبيل الخروج من هذه الظاهرة -!
إنه في مثل:
- هذه الأجواء المشحونة بالفتن والمغريات..
- وعزوف كثير من الفتيات عن الزواج..
- وتشدد كثير من الآباء وأولياء الأمور في المسارعة إلى تزويج بناتهم وفتياتهم..
- واختلال معايير التقويم عند الفتاة - سواء المعايير في تقديم الأولويات في شئون حياتها - أو اختلال المعايير في اختيار شريك الحياة..
لأجل هذا وذاك.. جاءت هذه الرسالة لتفتح للفتاة آفاقاً واعية في سبيل الوعي بالتخطيط الواعي لاختيار شريك العمر.. !
إذ أن الفتاة هي المسئولة في حق اختيار من تريد أن يكون شريك عمرها لأنها هي من تذوق حلاوة هذه الحياة أو تكتوي بنارها!!
ففي دراسة مسحية شملت (310) من الفتيات بشأن الجهة المسئولة عن اختيار الزوج؟! كانت النتيجة كالتالي:
- أجابت (147) فتاة - أي بنسبة 47. 4% - بأن الجهة المسئولة هي: الفتاة.
- أجابت (143) فتاة - أي بنسبة 46. 1 % - بأن الجهة المسئولة هي: الوالدان!!
أولاً: الفتاة والزواج. (10 حقائق مهمة)!!
ثمة أمور وحقائق مهمّة ينبغي أن تستحضرها الفتاة عند التخطيط لاختيار شريك العمر، لعلي أُجمل هذه الحقائق والأمور في نقاط:
1 - الزواج شعيرة من شعائر الله.
وبقدر ما يعظّمها الإنسان في نفسه بقدر ما تسمو أهدافه وغاياته من هذه العبادة.
فالزواج ليسا حقوقاً متبادلة بين طرفين بقدر ما هو بناء مشترك بين طرفين.
2 - الزواج رزق من جملة الأرزاق التي يقسّمها الله - تعالى -بين عباده.
وعلى هذا فتؤمن الفتاة إيماناً صادقاً يقينياً أن ما قُسم لها من الرزق سيأتيها إنما عليها بذل السبب، والله - تعالى -يقول: " وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " فأكّد الله - تعالى -قضية الرزق وأنها من عنده جل وتعالى لم يزيده حرص حريص ولا ينقصه كسل كسلان، فأكّد هذه القضية بالمؤكدات التالية: (القسم - إن - اللام - التشبيه بالمحسوس).
وهنا يجب على الفتاة أن ترضى بما قسمه الله - تعالى -لها وأن تثق بأن الله - تعالى -سيرزقها. وأن تصبر وتحتسب سواء على تأخر رزقها أو على ما قسم الله - تعالى -لها.
3 - الزواج بقدر ما هو سكن وارتياح ففيه مسؤوليات وتكاليف وتبعات.
فالأحلام الوردية، والخيال المخملي للزواج قبل الزواج قد لا يكون حقيقة بعد الزواج، ولذلك ينبغي على الفتاة أن تدخل الحياة الزوجية وهي على وعي بطبيعة هذه الحياة. فالزواج مشروع جاد لابد فيه من الاستعداد لتحمّل المسئولية والصبر على أدائها.
4 - النقص والقصور صفة لازمة للبشر.
فلا تجهدي نفسك بالبحث عن رجل كملت له خلائقه وصفاته. بل اجتهدي على طلب صاحب الدين والخلق ابتداءً لأنهما ينموان ويزيدان مع الإنسان بخلاف أكثر الخصال الأخرى فإنها عرضة للنقص والزوال والتغيّر.
5 - قد يبتلي الله الفتاة بحرمانها.
إما من الزوج بالشروط التي تريدها أو قد يبتليها بحرمانها من الزواج أصلاً.
وواجبها هنا الصبر والدعاء، والله - تعالى -يقول: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة ".
6 - المقياس والحكم في حالات الزواج للواقع والأغلب والنادر لا حكم له.
فقد تتزوج فتاة دميمة بأحسن الرجال ونحو ذلك، لكن هذا لا يعتبر مقياساً للفتاة التي تشابهها في الصفات فتتأخر في قبول الخطّاب انتظاراً لزوجٍ كمثل زوج صديقتها التي تشاركها في بعض وصفها وصفتها.
7 - صحة القرار من عدمه لا يتحكّم به (الكره) وجوداً وعدماً!
فتنازل الفتاة وتساهلها إذا تقدم بها العمر عن كثير من الشروط، يكون فيه إكراه للنفس على أمر لا ترغب فيه الفتاة، وهذا الكره الذي يحصل ليس دليلاً على عدم صحة القرار لأن الله - تعالى -يقول: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ".
8 - كلّما كان عمر الفتاة صغيرا كلّما زاد حظّها.
في طرق الخطّاب لبابها، ويخف طرق الباب كلّما تقدم بها العمر.
9 - الوعي بترتيب الأولويات.
وخاصة فيما تعلق بشئون الفتاة الاجتماعية، فإن من النوازع التي تتنازع الفتاة:
- إتمام الدراسة.
- العمل (الوظيفة).
- البقاء من أجل خدمة الوالدين أو الإخوة الأيتام.
هذه أهم ثلاثة نوازع تتنازع الفتاة عند التفكير بالزواج، وهنا على الفتاة أن تعي ترتيب الأولويات في حياتها وأن لا تنقلب عليها الألويات حتى يأتي عليها يوم من الأيام تعض أصابع الندم!!
10 - من ابتلاها الله - تعالى -بولي أمر يتعنّت في تزويجها.
إما بالمغالاة في مهرها أو صدّ الخطاب عنها طمعاً في مرتبها، أو رغبة في شهرة على حساب ابنته، فمثل هذه الفتاة الوصية لها:
- الصبر والدعاء.
- الاجتهاد في إقناع ولي أمرها بضرورة الزواج واستخدام في ذلك من يكون له تأثيرا على ولي أمرها كـ (والدتها - عمها - أخوالها - إمام الحي... ).
- التنازل لوالدها عن بعض راتبها حتى بعد الزواج.
ثانياً: الفتاة وشروط الزواج.
لا أعني بذلك تفصيل الشروط التي تشترطها الفتاة في شريك عمرها، إنما أعني بذلك المجالات التي يحصل الشروط عليها، فهذه المجالات لا تخرج عن تسع مجالات:
الأول: الشروط الدينية.
الثاني: الشروط ا الخُلقيّة.
الثالث: الشروط الجغرافية.
الرابع: الشروط النسبية والحسبية.
الخامس: الشروط الثقافية والتعليمية.
السادس: الشروط العمْرية.
السابع: الشروط المالية.
الثامن: الشروط الاجتماعية.
التاسع: الشروط الخلْقِيّة.
وفي تفاصيل الشروط بين ثنايا هذه المجالات تختلف كل فتاة عن الأخرى في مدى التمحّل أو التساهل أو التوازن فيها.
وحتى تكون - أيتها الفتاة - شروطك معقولة مقبولة غير معقّدة أو صارفة للخطّاب عنك ينبغي أن تنظري (بتوازن) إلى جانبين مهمين:
الجانب الأول: التوازن بين شروطك وبين أمور ثلاثة:
- عمرك
- نفسيتك.
- مجتمعك وبيئتك.
فهناك شروط لا تتناسب مع عمرك، والتخلي عن بعضها قد لا يتناسب مع نفسيتك أو مع واقع مجتمعك وبيئتك!!
الجانب الثاني: التوازن في موقفك من شروطك بين أمور ثلاثة:
- الثبات.
- التساهل.
- التنازل.
ففي أحيان أنت بحاجة أن تثبتي على ما اشترطتي، وأحيان أخرى من الأفضل لك أن تتساهلي في بعض الشروط، وفي حالة يلزمك التنازل لا عن الشروط بل عن بعض الحقوق من أجل أن تعيشي في ظل زوج!!
ولأجل توازن - معقول - في تحديد شروط شريك العمر، إليك هذا التقسيم المهم لمراحل العمر والأحوال التي تناسب كل مرحلة.
فالمراحل العمرية للفتاة التي ترغب الزواج هي كالتالي:
المرحلة الأولى:
أن يكون عمر الفتاة (ثماني عشرة سنة فأقل).
ولا تخشى على نفسها المعصية، فهنا تخفّ أو تكاد تنعدم نسبة التساهل أو التنازل من جهة الفتاة عن بعض المجالات وما بين ثناياها من شروط مقبولة ترغبها كل فتاة في الزوج. ولا يزال المستقبل أمامها - إن شاء الله - يبشّر بخير.
المرحلة الثانية:
أن يكون عمر الفتاة (أكثر من ثمانية عشر إلى خمسة وعشرين).
هنا تحتاج الفتاة إلى التنازل عن بعض مجالات الشروط، وعن بعض الشروط المحببة إليها في المجالات التي لا يسوغ التنازل أو التساهل عنها، مع التمسك ببعض الشروط المعقولة.
المرحلة الثالثة:
أن يكون عمر الفتاة (أكثر من خمسة وعشرين عاما إلى الثامنة والعشرين).
هنا الأنسب لها أمران معاً:
1 - القناعة في الشروط من شرط واحد إلى ثلاثة وعدم الإكثار من الشروط. وأن تبقى مجالات الشروط عندها محدودة في ثلاث (الدين والخلق والاجتماعي)!
2 - الرضى ببعض العيوب - في الزوج - التي لا تتطلب تنازلات من الفتاة عن حقوقها، من مثل الرضى بمن هو أقل منها تعليميا أو اجتماعياً أو الرضى برجل عنده زوجة وهكذا.
المرحلة الرابعة:
أن يكون عمر الفتاة (من الثامنة والعشرين فأكثر).
هنا بدأت الفتاة في مرحلة خاصة، وفي هذه المرحلة لابد عليها من التخلي عن أكثر الشروط مع تقديم تنازلات حتى لو عن بعض الحقوق الشرعية. وذلك من أجل أن تحيا الفتاة مع زوج ولا تطول مدة بقائها في البيت.
على أنه ينبغي أن لا يكون هناك تنازل عن مجالين مهمين (الدين والخلق) لكن يُتساهل فيما بين ثناياهما من شروط.
النظر في هذه المراحل على ما سبق يشمل حالات الفتيات اللاتي لا يشكون من أي صارف يصرف الخطّاب عنهن سواء كان هذا الصارف (خَلقياً أو خُلقياً أو اجتماعياً).
أمّا الفتاة التي يكون بها وصف أو صفة أو أي صارف للخطّاب عنها من مثل (الإعاقة - قلة الجمال - المرض - الطلاق - الخشية الشديدة من الوقوع في الفتنة.. )
فهذه الفتاة لا يشملها التقسيم السابق، بل واقعها: أن تضيف ما بين (4 سنوات - 10 سنوات) - بحسب ما فيها من الصفات أو الصوارف التي تصرف الخطّاب - إلى عمرها الحقيقي ثم تنظر إلى التقسيم السابق، فمثلاً: من كان عمرها (19) عاماً حكمها حكم من كان عمرها (23 - 29) سنة!!
من خلال هذا التقسيم تعرف الفتاة أموراً:
1 - أن هناك مجالات للشروط لا يمكن التنازل عنها أبداً وهما مجالي (الدين والخلق).
2 - أن التساهل والتنازل يقع في ثلاث جهات:
أ / جهة بعض المجالات كعدم اعتبار المجال المالي مثلاً معتبراً أو المجال الجغرافي ونحو ذلك.
ب / جهة الشروط المندرجة تحت كل مجال حتى تحت المجالات التي لا يمكن التنازل عنها كمجال الدين والخلق فلا يسوغ التنازل عن الاشتراط في مجالي الدين والخلق لكن لا بأس من التنازل عن بعض الشروط في وصف التدين أو وصف الأخلاق في الزوج المتقدم.
ج / التنازل والتغيير عن بعض أساليب الحياة الاجتماعية التي تعيشها الفتاة.
كالتنازل عن العمل إن كانت عاملة - مثلا - وكان من شروطها توفير خادمة في المنزل، ومن سُبل التغيير: أن تحرص الفتاة على التحلّي بالأخلاق الجميلة التي هي جمال الروح، فلئن فقدت جمال الظهر فلا تفقد أيضا جمال المخبر، إذ جمال المخبر هو الجمال الحقيقي، فعليها أن تسعى جاهدة للتغيير في سلوكها وأخلاقها لتعرف بالذكر الحسن.
3 - ينبغي للفتاة كلما مضت سنة من عمرها أن تعيد النظر في شروطها.
* ضوابط مهمة عند التنازل:
إذا اضطرت المرآة إلى أن تتساهل في بعض شروطها أو تتنازل عن بعض حقوقها الشرعية فينبغي عليها أن تتنبه إلى أمور:
- أن لا تتعجل المرأة في التنازلات فتلقي بنفسها عند أول خاطب هروباً من العنوسة فتقع في فخّ الطلاق أو سوء العشرة.
- لابد من السؤال عن الخاطب ومعرفة أحواله وأخلاقه.
- أن يكون لدى الفتاة استعدادا لتحمل ما يترتب على هذه التنازلات من نتائج والصبر عليها.
- أن هناك من الشروط ما لا ينبغي التنازل عنه كشرطي (الدين والخلق) مهما يكن.
- أن هناك من العيوب - في الزوج - ما لا يحسن التغاضي عنها، من مثل إدمان المخدرات، أو من اشتهر بسوء الخلق وخشونة العشرة، فالقبول بمثل هؤلاء لا يحل مشكلة المرأة بل يزيدها.
ثالثاً: الفتاة.. حين يطرق الباب!
عندما يطرق الباب خاطب يطلب الطهر والعفاف..
يترجرج لهذا الطرق قلب تلك العفيفة...
وتعانق أحلامها الحقيقة..
وتذرف على عتبات سريرها دمعات فرح ووداع..
فرحا بفارس الأحلام..
ووداعاً لذكريات الأيام..
وكم من فتاة..
باتت ليلها..
ترقب الطارق يطرق بابها..
ربما يأتي إذا صليت في جنح المساء
ربما يأتي إذا صعّدت لله الدعاء
ربما يأتي إذا رجرجت في عيني دمعه
أو إذا أُشعلت في ليل الحزانى ضوء شمعه
آه.. كم يشتاق بابي نقرات من يديه
وجداري الساهم الظمآن كم يهفو إليه
خلف بابي ألف حلم يخنق الوهم صداها
ألف غصن يحرق الجدب براعيم صباها
فارسي الموعود يا حلمي ويا فجري الظمي
أذرعي تدعوك من خلف الضباب المعتم
كم على صدر ظنوني البيض نقلت خُطايا
كم زرعت الغيب والمجهول بحثاً عن فتايا
كم تراءى لي وكم قبّلت في الصمت جبينه
وحنيني كم مشى في التيه يستجدي حنينه
الفراغ الجهم من حولي وأحلامي الشهيده
وبقايا وردة في حجرتي ماتت وحيده
غير أني خلف قضباني سأدعوه طويلا
ربما صادفت فيه فارسا شهماً نبيلا
ربما ينسل من خلف مجاهيل الصدى
ليدق الباب دقّات رقيقات الصدى!!
حين يطرق بابك الطارق - أيتها الفتاة - فالواجب عليك هنا ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الاستخارة.
وهذا الأدب يربينا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حسن التعلّق بالله واللجأ إليه.
وهكذا ينبغي أن يكون خلق المؤمنة في كل شأن حياتها حين تهمّ بالأمر أن تفزع إلى الذي خلقها وصوّرها وقدّر عليها قدرها..
تفزع إليه تستخيره فيما أهمّها، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه الاستخارة في أمورهم كلها.
يقول جابر - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته.
فإذا صليتِ الاستخارة ودعوت الله عزوجل في أن يختار لك ما هو خير لك في دينك ودنياك فأقبلي على الأمر، فإن كان خيراً لك يسره الله - تعالى -لك وشرح صدرك وجعل لك من الأسباب ما يدعوك إلى أتمام أمرك.
وإن من علامة الخيرة الطيبة انشراح الصدر وتيسير الأمر.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره الله له. أ. هـ"مجموع الفتاوى" (10/539).
فالتيسير من أقوى علامات الخيرة الحسنة، ووجود العوائق وعدم تيسر الأمر هو دليل صرف الله - تعالى -عبده عن العمل، ويظهر هذا المعنى جليًّا عند أدنى تأمُّلٍ في الحديث، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ ويسميه خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ. وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ شَرٌّ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ".
الأمر الثاني: الاستشارة.
وهذا خلق النبيين فقد أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه أكمل الخلق رأيا ورشدا وعقلا وحكمة - بقوله: " وشاروهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "
فالمرأة العاقلة من تضيف إلى عقلها عقولاً وإلى رأيها آراءً، وعليها في الاستشارة أن لا تستشير إلا من كان أهلاً للمشورة، وأن لا تعرض أمرها على من لا ينصحها أو يكون دال خير لها.
وعليها في استشارتها أن تكون متوازنة بين نظرين:
نظر الاستشارة ونظر الكتمان، فقد جاء في بعض الآثار: " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان "!
الأمر الثالث: السؤال عن المتقدم (الخاطب).
وهذا من مهمّة ولي الأمر، فعلى وليّ الأمر أن يجتهد في السؤال عن من تقدم لابنته أو لأخته أو لمن كان وليّاً لها.
وللسؤال عن الخاطب معاييراً مهمّة قد بيّنها الشيخ (مازن الفريح - حفظه الله -) في مقال له بعنوان (السؤال عن الخاطب معايير وأخطاء)
وهي في الجملة جاءت على هذه النقاط:
من أهم المعايير:
1) و 2) الدين والخلق؛
3) القدرة على تحمل المسئولية:
4) القدرة على النفقة وتأمين مستلزمات الحياة:
5) التكافؤ في النسب.. وهي من باب الأولى والأفضل مراعاة للأعراف الاجتماعية، ودرء للمشكلات الأسرية.
6) القدر الكافي من الجمال:
أخطاء في السؤال عن الخاطب:
إذا ثبت هذا فلا بد من الإشارة إلى بعض الأخطاء التي تقع في مسألة السؤال عن الخاطب. ومنها:
1) الاعتماد على الأب في السؤال عن الخاطب مع ضعف دينه:
2) الحذر من الاكتفاء بتزكية أقرباء الخاطب:
3) الإفراط أو التفريط في الشروط.
4) نسيان الاستخارة وإهمال الاستشارة. [ما خاب من استشار].
5) إغفال الدعاء..
ثم بعد أن تستخيري وتستشيري وسأل وليّك عن المتقدم (الخاطب) فالوصية لك " فإذا عزمت فتوكّل على الله " أيضا حتى عند الإقبال والموافقة ينبغي أن تحسني توكلك على الله وأن لا يلهينك عن حسن التوكل مدح المادحين في الخاطب أو نحو ذلك.
أختي الفاضلة....
ليهنك ما اخترتِ..
وبارك الله لك وبارك عليك وجمع بينك وزوجك على خير.
والحمد لله رب العالمين.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/376)
للفتيات .. كيف تخططين لاختيار شريك العمر ؟!
لا تزال الإحصائيات الرسمية تطالعنا بأرقام مخيفة جداً، ومؤسفة حقاً!!
سواءً في ذلك إحصائيات الجريمة الأخلاقية، وفي مقابلها إحصائيات العنوسة والطلاق والتفكك الأسري!!
فكلا الأمرين يرتبط بعضهما ببعض!!
فالجرائم الأخلاقية لها تعلق بحجم وتضخّم نسب العنوسة بين الفتيات، وارتفاع ضحايا الطلاق!!
هناك إحصائية تقول أن عدد حالات الطلاق في المملكة عام (1422 هـ) تمثّل:
- 53 حالة طلاق يومياً في المملكة!
بمعنى أنه (1590) حالة طلاق خلال شهر واحد!
مما يعني (19.080) حالة طلاق خلال سنة واحدة فقط!
أنه من بين (15) حالة زواج تنتهي منها (13) حالة إمّا بطلاق أو فراق مع وقف التنفيذ!
أمّا إحصائيات العنوسة فهي حقاً إحصائيات مذهلة جداً!
فقد أثبتت دراسة أن نسبة عدد الصالحات للزواج مقابل عدد الرجال القادرين على الزواج هي: أربع نساء مقابل رجل واحد الأمر الذي يعطي مؤشراً بارتفاع عدد العوانس!
ويزداد الأمر سوءاً إذا علم أن نحو خُمس الزواجات في السعودية والدول الخليجية وبعض الدول العربية تنتهي بالطلاق حسب الإحصاءات في السنوات الأخيرة!
واليوم وقد انفتح العالم بعضه على بعض حتى كاد أن يكون قرية كونية واحدة، مع الطفرة الملموسة في وسائل الاتصال والخطاب الإعلامي العالمي الذي يصل إلى كل بيت وإلى كل أسرة، ولأمر ما مقصود يسعى أعداء الملة وأعداء الإنسانية سعياً حثيثاً في سبيل إغراق هذه القرية الكونية في خضم بحور الفتن والشهوات والمغريات تحقيقاً لقسم إمامهم الأكبر - إبليس - " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "!!
الأمر الذي له عظيم الأثر في صياغة (الخريطة الاجتماعية) لهذه القرية الكونية، فانتشر الفساد وظهر في البر والبحر مع انتشار أسبابه وفشو دواعيه وحصول المناخ المناسب للتكاثر، ومن أنسب مناخات تكاثر الفساد والفتنة (التضخّم في عدد العوانس) والعازفين عن الزواج من الشباب!!
ولئن كانت ظاهرة العنوسة والعزوف عن الزواج من قِبل الفتيات ظاهرة يشترك في سببها المجتمع والبيئة وأولياء الأمور، فإن محاولة الخروج بحلول (مخففة) أو (قاضية) على مشكلة العنوسة تحتاج إلى جهد (جماعي) تشترك فيه كل مؤسسات المجتمع وأفراد التوجيه فيه.
لكن يبقى أن دور (الفتاة) هو الدور الأعظم في سبيل حلّ قضيتها، فالعلاج والخطط والأهداف إن علّقتها الفتاة بغيرها لم يصلح حالها كثيراً، وقديما قالوا " ليس من يكويه ألم السياط كمن يعدّ عدد السياط "!
فعلى الفتاة الغيورة العفيفة أن تسعى ما أمكنها إلى أن تُخرج نفسها وبنات جنسها من هذا المأزق الذي يحاصر - اليوم - فئة ليست بالقليلة من فتيات المسلمين، وأن لا تعتمد وتركن في حلّ قضيتها إلى غيرها - على أن دور غيرها مهم وعظيم في سبيل الخروج من هذه الظاهرة -!
إنه في مثل:
- هذه الأجواء المشحونة بالفتن والمغريات..
- وعزوف كثير من الفتيات عن الزواج..
- وتشدد كثير من الآباء وأولياء الأمور في المسارعة إلى تزويج بناتهم وفتياتهم..
- واختلال معايير التقويم عند الفتاة - سواء المعايير في تقديم الأولويات في شئون حياتها - أو اختلال المعايير في اختيار شريك الحياة..
لأجل هذا وذاك.. جاءت هذه الرسالة لتفتح للفتاة آفاقاً واعية في سبيل الوعي بالتخطيط الواعي لاختيار شريك العمر.. !
إذ أن الفتاة هي المسئولة في حق اختيار من تريد أن يكون شريك عمرها لأنها هي من تذوق حلاوة هذه الحياة أو تكتوي بنارها!!
ففي دراسة مسحية شملت (310) من الفتيات بشأن الجهة المسئولة عن اختيار الزوج؟! كانت النتيجة كالتالي:
- أجابت (147) فتاة - أي بنسبة 47. 4% - بأن الجهة المسئولة هي: الفتاة.
- أجابت (143) فتاة - أي بنسبة 46. 1 % - بأن الجهة المسئولة هي: الوالدان!!
أولاً: الفتاة والزواج. (10 حقائق مهمة)!!
ثمة أمور وحقائق مهمّة ينبغي أن تستحضرها الفتاة عند التخطيط لاختيار شريك العمر، لعلي أُجمل هذه الحقائق والأمور في نقاط:
1 - الزواج شعيرة من شعائر الله.
وبقدر ما يعظّمها الإنسان في نفسه بقدر ما تسمو أهدافه وغاياته من هذه العبادة.
فالزواج ليسا حقوقاً متبادلة بين طرفين بقدر ما هو بناء مشترك بين طرفين.
2 - الزواج رزق من جملة الأرزاق التي يقسّمها الله - تعالى -بين عباده.
وعلى هذا فتؤمن الفتاة إيماناً صادقاً يقينياً أن ما قُسم لها من الرزق سيأتيها إنما عليها بذل السبب، والله - تعالى -يقول: " وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " فأكّد الله - تعالى -قضية الرزق وأنها من عنده جل وتعالى لم يزيده حرص حريص ولا ينقصه كسل كسلان، فأكّد هذه القضية بالمؤكدات التالية: (القسم - إن - اللام - التشبيه بالمحسوس).
وهنا يجب على الفتاة أن ترضى بما قسمه الله - تعالى -لها وأن تثق بأن الله - تعالى -سيرزقها. وأن تصبر وتحتسب سواء على تأخر رزقها أو على ما قسم الله - تعالى -لها.
3 - الزواج بقدر ما هو سكن وارتياح ففيه مسؤوليات وتكاليف وتبعات.
فالأحلام الوردية، والخيال المخملي للزواج قبل الزواج قد لا يكون حقيقة بعد الزواج، ولذلك ينبغي على الفتاة أن تدخل الحياة الزوجية وهي على وعي بطبيعة هذه الحياة. فالزواج مشروع جاد لابد فيه من الاستعداد لتحمّل المسئولية والصبر على أدائها.
4 - النقص والقصور صفة لازمة للبشر.
فلا تجهدي نفسك بالبحث عن رجل كملت له خلائقه وصفاته. بل اجتهدي على طلب صاحب الدين والخلق ابتداءً لأنهما ينموان ويزيدان مع الإنسان بخلاف أكثر الخصال الأخرى فإنها عرضة للنقص والزوال والتغيّر.
5 - قد يبتلي الله الفتاة بحرمانها.
إما من الزوج بالشروط التي تريدها أو قد يبتليها بحرمانها من الزواج أصلاً.
وواجبها هنا الصبر والدعاء، والله - تعالى -يقول: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة ".
6 - المقياس والحكم في حالات الزواج للواقع والأغلب والنادر لا حكم له.
فقد تتزوج فتاة دميمة بأحسن الرجال ونحو ذلك، لكن هذا لا يعتبر مقياساً للفتاة التي تشابهها في الصفات فتتأخر في قبول الخطّاب انتظاراً لزوجٍ كمثل زوج صديقتها التي تشاركها في بعض وصفها وصفتها.
7 - صحة القرار من عدمه لا يتحكّم به (الكره) وجوداً وعدماً!
فتنازل الفتاة وتساهلها إذا تقدم بها العمر عن كثير من الشروط، يكون فيه إكراه للنفس على أمر لا ترغب فيه الفتاة، وهذا الكره الذي يحصل ليس دليلاً على عدم صحة القرار لأن الله - تعالى -يقول: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ".
8 - كلّما كان عمر الفتاة صغيرا كلّما زاد حظّها.
في طرق الخطّاب لبابها، ويخف طرق الباب كلّما تقدم بها العمر.
9 - الوعي بترتيب الأولويات.
وخاصة فيما تعلق بشئون الفتاة الاجتماعية، فإن من النوازع التي تتنازع الفتاة:
- إتمام الدراسة.
- العمل (الوظيفة).
- البقاء من أجل خدمة الوالدين أو الإخوة الأيتام.
هذه أهم ثلاثة نوازع تتنازع الفتاة عند التفكير بالزواج، وهنا على الفتاة أن تعي ترتيب الأولويات في حياتها وأن لا تنقلب عليها الألويات حتى يأتي عليها يوم من الأيام تعض أصابع الندم!!
10 - من ابتلاها الله - تعالى -بولي أمر يتعنّت في تزويجها.
إما بالمغالاة في مهرها أو صدّ الخطاب عنها طمعاً في مرتبها، أو رغبة في شهرة على حساب ابنته، فمثل هذه الفتاة الوصية لها:
- الصبر والدعاء.
- الاجتهاد في إقناع ولي أمرها بضرورة الزواج واستخدام في ذلك من يكون له تأثيرا على ولي أمرها كـ (والدتها - عمها - أخوالها - إمام الحي... ).
- التنازل لوالدها عن بعض راتبها حتى بعد الزواج.
ثانياً: الفتاة وشروط الزواج.
لا أعني بذلك تفصيل الشروط التي تشترطها الفتاة في شريك عمرها، إنما أعني بذلك المجالات التي يحصل الشروط عليها، فهذه المجالات لا تخرج عن تسع مجالات:
الأول: الشروط الدينية.
الثاني: الشروط ا الخُلقيّة.
الثالث: الشروط الجغرافية.
الرابع: الشروط النسبية والحسبية.
الخامس: الشروط الثقافية والتعليمية.
السادس: الشروط العمْرية.
السابع: الشروط المالية.
الثامن: الشروط الاجتماعية.
التاسع: الشروط الخلْقِيّة.
وفي تفاصيل الشروط بين ثنايا هذه المجالات تختلف كل فتاة عن الأخرى في مدى التمحّل أو التساهل أو التوازن فيها.
وحتى تكون - أيتها الفتاة - شروطك معقولة مقبولة غير معقّدة أو صارفة للخطّاب عنك ينبغي أن تنظري (بتوازن) إلى جانبين مهمين:
الجانب الأول: التوازن بين شروطك وبين أمور ثلاثة:
- عمرك
- نفسيتك.
- مجتمعك وبيئتك.
فهناك شروط لا تتناسب مع عمرك، والتخلي عن بعضها قد لا يتناسب مع نفسيتك أو مع واقع مجتمعك وبيئتك!!
الجانب الثاني: التوازن في موقفك من شروطك بين أمور ثلاثة:
- الثبات.
- التساهل.
- التنازل.
ففي أحيان أنت بحاجة أن تثبتي على ما اشترطتي، وأحيان أخرى من الأفضل لك أن تتساهلي في بعض الشروط، وفي حالة يلزمك التنازل لا عن الشروط بل عن بعض الحقوق من أجل أن تعيشي في ظل زوج!!
ولأجل توازن - معقول - في تحديد شروط شريك العمر، إليك هذا التقسيم المهم لمراحل العمر والأحوال التي تناسب كل مرحلة.
فالمراحل العمرية للفتاة التي ترغب الزواج هي كالتالي:
المرحلة الأولى:
أن يكون عمر الفتاة (ثماني عشرة سنة فأقل).
ولا تخشى على نفسها المعصية، فهنا تخفّ أو تكاد تنعدم نسبة التساهل أو التنازل من جهة الفتاة عن بعض المجالات وما بين ثناياها من شروط مقبولة ترغبها كل فتاة في الزوج. ولا يزال المستقبل أمامها - إن شاء الله - يبشّر بخير.
المرحلة الثانية:
أن يكون عمر الفتاة (أكثر من ثمانية عشر إلى خمسة وعشرين).
هنا تحتاج الفتاة إلى التنازل عن بعض مجالات الشروط، وعن بعض الشروط المحببة إليها في المجالات التي لا يسوغ التنازل أو التساهل عنها، مع التمسك ببعض الشروط المعقولة.
المرحلة الثالثة:
أن يكون عمر الفتاة (أكثر من خمسة وعشرين عاما إلى الثامنة والعشرين).
هنا الأنسب لها أمران معاً:
1 - القناعة في الشروط من شرط واحد إلى ثلاثة وعدم الإكثار من الشروط. وأن تبقى مجالات الشروط عندها محدودة في ثلاث (الدين والخلق والاجتماعي)!
2 - الرضى ببعض العيوب - في الزوج - التي لا تتطلب تنازلات من الفتاة عن حقوقها، من مثل الرضى بمن هو أقل منها تعليميا أو اجتماعياً أو الرضى برجل عنده زوجة وهكذا.
المرحلة الرابعة:
أن يكون عمر الفتاة (من الثامنة والعشرين فأكثر).
هنا بدأت الفتاة في مرحلة خاصة، وفي هذه المرحلة لابد عليها من التخلي عن أكثر الشروط مع تقديم تنازلات حتى لو عن بعض الحقوق الشرعية. وذلك من أجل أن تحيا الفتاة مع زوج ولا تطول مدة بقائها في البيت.
على أنه ينبغي أن لا يكون هناك تنازل عن مجالين مهمين (الدين والخلق) لكن يُتساهل فيما بين ثناياهما من شروط.
النظر في هذه المراحل على ما سبق يشمل حالات الفتيات اللاتي لا يشكون من أي صارف يصرف الخطّاب عنهن سواء كان هذا الصارف (خَلقياً أو خُلقياً أو اجتماعياً).
أمّا الفتاة التي يكون بها وصف أو صفة أو أي صارف للخطّاب عنها من مثل (الإعاقة - قلة الجمال - المرض - الطلاق - الخشية الشديدة من الوقوع في الفتنة.. )
فهذه الفتاة لا يشملها التقسيم السابق، بل واقعها: أن تضيف ما بين (4 سنوات - 10 سنوات) - بحسب ما فيها من الصفات أو الصوارف التي تصرف الخطّاب - إلى عمرها الحقيقي ثم تنظر إلى التقسيم السابق، فمثلاً: من كان عمرها (19) عاماً حكمها حكم من كان عمرها (23 - 29) سنة!!
من خلال هذا التقسيم تعرف الفتاة أموراً:
1 - أن هناك مجالات للشروط لا يمكن التنازل عنها أبداً وهما مجالي (الدين والخلق).
2 - أن التساهل والتنازل يقع في ثلاث جهات:
أ / جهة بعض المجالات كعدم اعتبار المجال المالي مثلاً معتبراً أو المجال الجغرافي ونحو ذلك.
ب / جهة الشروط المندرجة تحت كل مجال حتى تحت المجالات التي لا يمكن التنازل عنها كمجال الدين والخلق فلا يسوغ التنازل عن الاشتراط في مجالي الدين والخلق لكن لا بأس من التنازل عن بعض الشروط في وصف التدين أو وصف الأخلاق في الزوج المتقدم.
ج / التنازل والتغيير عن بعض أساليب الحياة الاجتماعية التي تعيشها الفتاة.
كالتنازل عن العمل إن كانت عاملة - مثلا - وكان من شروطها توفير خادمة في المنزل، ومن سُبل التغيير: أن تحرص الفتاة على التحلّي بالأخلاق الجميلة التي هي جمال الروح، فلئن فقدت جمال الظهر فلا تفقد أيضا جمال المخبر، إذ جمال المخبر هو الجمال الحقيقي، فعليها أن تسعى جاهدة للتغيير في سلوكها وأخلاقها لتعرف بالذكر الحسن.
3 - ينبغي للفتاة كلما مضت سنة من عمرها أن تعيد النظر في شروطها.
* ضوابط مهمة عند التنازل:
إذا اضطرت المرآة إلى أن تتساهل في بعض شروطها أو تتنازل عن بعض حقوقها الشرعية فينبغي عليها أن تتنبه إلى أمور:
- أن لا تتعجل المرأة في التنازلات فتلقي بنفسها عند أول خاطب هروباً من العنوسة فتقع في فخّ الطلاق أو سوء العشرة.
- لابد من السؤال عن الخاطب ومعرفة أحواله وأخلاقه.
- أن يكون لدى الفتاة استعدادا لتحمل ما يترتب على هذه التنازلات من نتائج والصبر عليها.
- أن هناك من الشروط ما لا ينبغي التنازل عنه كشرطي (الدين والخلق) مهما يكن.
- أن هناك من العيوب - في الزوج - ما لا يحسن التغاضي عنها، من مثل إدمان المخدرات، أو من اشتهر بسوء الخلق وخشونة العشرة، فالقبول بمثل هؤلاء لا يحل مشكلة المرأة بل يزيدها.
ثالثاً: الفتاة.. حين يطرق الباب!
عندما يطرق الباب خاطب يطلب الطهر والعفاف..
يترجرج لهذا الطرق قلب تلك العفيفة...
وتعانق أحلامها الحقيقة..
وتذرف على عتبات سريرها دمعات فرح ووداع..
فرحا بفارس الأحلام..
ووداعاً لذكريات الأيام..
وكم من فتاة..
باتت ليلها..
ترقب الطارق يطرق بابها..
ربما يأتي إذا صليت في جنح المساء
ربما يأتي إذا صعّدت لله الدعاء
ربما يأتي إذا رجرجت في عيني دمعه
أو إذا أُشعلت في ليل الحزانى ضوء شمعه
آه.. كم يشتاق بابي نقرات من يديه
وجداري الساهم الظمآن كم يهفو إليه
خلف بابي ألف حلم يخنق الوهم صداها
ألف غصن يحرق الجدب براعيم صباها
فارسي الموعود يا حلمي ويا فجري الظمي
أذرعي تدعوك من خلف الضباب المعتم
كم على صدر ظنوني البيض نقلت خُطايا
كم زرعت الغيب والمجهول بحثاً عن فتايا
كم تراءى لي وكم قبّلت في الصمت جبينه
وحنيني كم مشى في التيه يستجدي حنينه
الفراغ الجهم من حولي وأحلامي الشهيده
وبقايا وردة في حجرتي ماتت وحيده
غير أني خلف قضباني سأدعوه طويلا
ربما صادفت فيه فارسا شهماً نبيلا
ربما ينسل من خلف مجاهيل الصدى
ليدق الباب دقّات رقيقات الصدى!!
حين يطرق بابك الطارق - أيتها الفتاة - فالواجب عليك هنا ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الاستخارة.
وهذا الأدب يربينا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حسن التعلّق بالله واللجأ إليه.
وهكذا ينبغي أن يكون خلق المؤمنة في كل شأن حياتها حين تهمّ بالأمر أن تفزع إلى الذي خلقها وصوّرها وقدّر عليها قدرها..
تفزع إليه تستخيره فيما أهمّها، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه الاستخارة في أمورهم كلها.
يقول جابر - رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أوقال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. قال: ويسمي حاجته.
فإذا صليتِ الاستخارة ودعوت الله عزوجل في أن يختار لك ما هو خير لك في دينك ودنياك فأقبلي على الأمر، فإن كان خيراً لك يسره الله - تعالى -لك وشرح صدرك وجعل لك من الأسباب ما يدعوك إلى أتمام أمرك.
وإن من علامة الخيرة الطيبة انشراح الصدر وتيسير الأمر.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فإذا استخار الله كان ما شرح له صدره وتيسر له من الأمور هو الذي اختاره الله له. أ. هـ"مجموع الفتاوى" (10/539).
فالتيسير من أقوى علامات الخيرة الحسنة، ووجود العوائق وعدم تيسر الأمر هو دليل صرف الله - تعالى -عبده عن العمل، ويظهر هذا المعنى جليًّا عند أدنى تأمُّلٍ في الحديث، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - "اللهم إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ ويسميه خَيْرٌ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ. وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمْرَ شَرٌّ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ".
الأمر الثاني: الاستشارة.
وهذا خلق النبيين فقد أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه أكمل الخلق رأيا ورشدا وعقلا وحكمة - بقوله: " وشاروهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "
فالمرأة العاقلة من تضيف إلى عقلها عقولاً وإلى رأيها آراءً، وعليها في الاستشارة أن لا تستشير إلا من كان أهلاً للمشورة، وأن لا تعرض أمرها على من لا ينصحها أو يكون دال خير لها.
وعليها في استشارتها أن تكون متوازنة بين نظرين:
نظر الاستشارة ونظر الكتمان، فقد جاء في بعض الآثار: " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان "!
الأمر الثالث: السؤال عن المتقدم (الخاطب).
وهذا من مهمّة ولي الأمر، فعلى وليّ الأمر أن يجتهد في السؤال عن من تقدم لابنته أو لأخته أو لمن كان وليّاً لها.
وللسؤال عن الخاطب معاييراً مهمّة قد بيّنها الشيخ (مازن الفريح - حفظه الله -) في مقال له بعنوان (السؤال عن الخاطب معايير وأخطاء)
وهي في الجملة جاءت على هذه النقاط:
من أهم المعايير:
1) و 2) الدين والخلق؛
3) القدرة على تحمل المسئولية:
4) القدرة على النفقة وتأمين مستلزمات الحياة:
5) التكافؤ في النسب.. وهي من باب الأولى والأفضل مراعاة للأعراف الاجتماعية، ودرء للمشكلات الأسرية.
6) القدر الكافي من الجمال:
أخطاء في السؤال عن الخاطب:
إذا ثبت هذا فلا بد من الإشارة إلى بعض الأخطاء التي تقع في مسألة السؤال عن الخاطب. ومنها:
1) الاعتماد على الأب في السؤال عن الخاطب مع ضعف دينه:
2) الحذر من الاكتفاء بتزكية أقرباء الخاطب:
3) الإفراط أو التفريط في الشروط.
4) نسيان الاستخارة وإهمال الاستشارة. [ما خاب من استشار].
5) إغفال الدعاء..
ثم بعد أن تستخيري وتستشيري وسأل وليّك عن المتقدم (الخاطب) فالوصية لك " فإذا عزمت فتوكّل على الله " أيضا حتى عند الإقبال والموافقة ينبغي أن تحسني توكلك على الله وأن لا يلهينك عن حسن التوكل مدح المادحين في الخاطب أو نحو ذلك.
أختي الفاضلة....
ليهنك ما اخترتِ..
وبارك الله لك وبارك عليك وجمع بينك وزوجك على خير.
والحمد لله رب العالمين.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/377)
انكسار امرأة
فوزيه الخليوي *
ترقد في مستشفى النقاهة في الرياض، مشلولة شللاً رباعياً !! عندما سُئلت عن السبب؟ قالت: دخل زوجي عليّ، وبصحبته امرأة معلناً زواجه بها؟!!
لم أتحمل الخبر. أسرعت إلى النافذة، وألقيت بنفسي من الدور الثالث!!
هذه اللحظات عندما يعلن الزوج زواجه بامرأة أخرى هي أصعب ما تواجهه الزوجة الأولى في حياتها!!
هو شعورٌ لا يوصف
وجذوةٌ لا تجفّ
حالةٌ من الضياع والانحدار للهاوية، مدى ارتفاعها هي السنون التي قضياها معاً بحلوها ومرّها!!
والزوج للمرأة في العالم بأسره هو الركن الشديد، والملاذ الوحيد!!
هو القلب الشفيق، والحصن الرفيق!!
هو من يشاركها الأفراح والأتراح
يواسيها في حال التعب
وتداويه عند الكرب
تهرعُ إليه عندما تشتدّ بها الخطوب
وتدلهمّ الحروب
تُسرّ إذا ضمّ صغاره
وتبقى دوماً في انتظاره
تُعدّ له الطعام بيديها
وتفتديه بأغلى ما لديها
لأنه أنيس وحشتها..
ورفيق غربتها....
ولهذا لا نستطيع أن نقيس الفترة التي عاشها الزوجان سوياً، لأنها لا تكون بالأيام، ولا الأسابيع، ولا بالشهور!!
بل باللحظات.... بالأنفاس!!
إنها أنفاس اللحظات ولحظات الأنفاس!!
والمرأة عندما تتزوج تحوك لنفسها عالماً خاصاً
فأما نهاره فأبناؤها وزوجها وبيتها
وأما ليله فالضياء والأمل
سعادتها برؤية الوجوه مبتسمة
هناؤها باستتباب الأمن بمنزلها
سماؤها ليست بالسماء التي نعرف!!
وأرضها ليست بالأرض التي نطأ!!
هي جنة داخلية، وسعادةٌ سرمدية
وعندما ينصرف عنها الزوج بالزواج، تنهال غيمة الكبرياء التي لطالما ارتفعت في سمائها، فهي بين خيارين:
إما أن تطلب حريتها وتلِجّ في طلبها
أو أن تمزق كبرياءها وتلملم شتاتها، وتطأ جراحها!!
إنه انكسار الأنثى
ولا تنكسر إلا بإهمال الأنوثة فيها!!!
ولهذا لا تعجب مما تسمعه من القصص في هذا الشأن، وتُعدّه ضرباً من الخيال، لنساء أصابتهنّ سهام الفجيعة، وجرحتهنّ نِصالُ الفُرقة!!
فإحداهنّ صلّت بغير اتجاه القبلة، وواحدة أعطاها مبلغاً كبيراً من المال فأحرقته في الحال!!
ومنهن من أبلغها زوجها بخبره قبيل صلاة التراويح في رمضان فدخلت لتصلي في قسم الرجال!
ومن شدّة الهمّ تُصاب بعض النساء بجلطة دماغية قد تسبب لها الشلل أو فقدان إحدى حواسها الخمس!!
وقد تقودها الغيرة إلى مالا تُحمد عقباه، كالقتل مثلاً، كما جاء في الخبر التالي: من أن إحداهنّ عندما سمعت بشائعات زواج زوجها عليها، فتراكم عندها مخزون هائل من الغضب، والرغبة في الانتقام فأخذت تجادل زوجها في هذا الشأن وقد أخفت سكيناً تحت ملابسها، فلمّا استخف بها الزوج أخرجت السكين وطعنته فسقط قتيلاً، ثم سلمت نفسها وقالت: إنّ حبها الشديد لزوجها هو الذي دفعها لقتله؛ لأنها لم تكن تسمح لأي إنسانة مهما كانت أن تنتزعه منها (جريدة اليوم 11314).
ولعل هذا هو مصداق حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما خرج من عند عائشة ليلاً قالت: فغِرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع! فقال: مالك يا عائشة! أغِرت؟
فقلت: وما لي؟ لا يغار مثلي على مثلك!
فقال: لقد جاءك شيطانك!
قلت: يا رسول الله! أمعي شيطان؟
قال: نعم، قلت: ومعك يا رسول الله!
قال: نعم، ولكن أعانني الله عليه حتى أسلم. رواه مسلم
----------------------------------------
* عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
4/4/1426
12/05/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/378)
قبل الحمل : خطوات ضرورية لمولود صحيح
تعد تجربة الحمل والولادة من أعمق التجارب التي تمر بها المرأة وتعيشها بجسدها وروحها ووجدانها؛ لذلك فمن الضروري أن تكون فترة الحمل لدى كل سيدة فترة صحة وسعادة ونشاط، فليس هناك من حدث يمكن أن يمنح المرأة السعادة العميقة الدائمة بالتجدد كالأمومة والإنجاب والإرضاع.
وحتى تمر مرحلة الحمل بدون مشكلات ينصح الأستاذ الدكتور سبيرو فاخوري الأستاذ في الجراحة النسائية والمستشار في وزارة الصحة اللبنانية كل امرأة بالنصائح التالية:
1 توقفي عن تناول الفيتامينات بكميات كبيرة قبل ثلاثة أشهر من الحمل وخاصة من نوع (أ) و (د) نظرًا لتأثيرها في إحداث تشوهات للجنين.
2 توقفي عن تناول أقراص منع الحمل لعدة أشهر قبل حصول الحمل لأنها تستنزف مخزون الجسم من الحديد ومن فيتامين ب6 والفوليك.
3 إذا كنت من النباتيين فعليك استشارة إخصائي في التغذية قبل الحمل من أجل مساعدتك على تلبية متطلبات الحمل المتزايدة من البروتينات والحديد والزنك والكالسيوم وفيتامين (ب) الموجودة في أطعمة معينة.
4 راقبي وزنك جيدًا بحيث يكون في مستواه الطبيعي، وأية زيادة أو نقص يجب تصحيحهما قبل حصول الحمل.
5. لا بد من الامتناع تمامًا عن أي مشروبات كحولية محرمة وكذلك التدخين وسائر الأدوية غير الضرورية؛ لأنها تسبب تشوهات خلقية للجنين وتأخرًا عقليًا وعدم اكتمال ونقصًا في وزنه.
6 لا تتناولي أو قللي إلى أقصى حد ممكن من القهوة والشاي والكولا والشيكولاته وأدوية الأسبرين؛ لأن الإفراط في استهلاك الكافيين يزيد من احتمال حدوث إجهاض، بالإضافة إلى توتر جهازك العصبي وإصابتك بالأرق.
7 لا تأكلي اللحم النيئ قطعيًا كالبسطرمة واللانشون وغيرهما من اللحوم المصنعة؛ لأنها قد تحمل جرثومة التوكوبلازموز المضرة بصحة الجنين وتكوينه.
8 لا تلامسي الحيوانات المنزلية مثل القطط؛ لأنها قد تحمل أيضاً جرثومة التوكوبلازموز التي تسبب إجهاضات متكررة وتشوهات جنينية من بينها العمى، ومن الضروري إجراء فحوص مخبرية لهذا الخصوص قبل حصول الحمل.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/379)
عندما تصطدم المرأة مع فطرتها ! !
عبد الله مبارك الخاطر
إن نسيت فلن أنسى خلال إقامتي؛ في ديار الغرب صورتين متناقضتين غاية التناقض لامرأة مشهورة تعمل في المحاماة.
الصورة الأولى: توفرت في هذه المرأة الصفات التالية: قوة البنية، ذرابة اللسان، الحماسة لما تؤمن به وتعتقده، النشاط الدائب: فمرة تقرأ مقالاتها في الصحف، ومرة أخرى تسمعها تتحدث في التلفاز وتقارع فحول الرجال الحجة بالحجة..
ومرة ثالثة تستمع إليها في المحاكم تدافع عن القضية التي نذرت نفسها من أجلها.
قد يظن القارئ الكريم أنها محامية لشركة من الشركات أو لمؤسسة من المؤسسات.
لا يا أخي.
إن عملها الوحيد الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، ولهذا تجد عندها إحصائيات عجيبة عن الوزارات والمؤسسات والشركات وعن نسبة الرجال والنساء في كل منها..
وكم أرغمت هذه الجهة أو تلك على قبول عدد من النساء وفصل الزيادة من الرجال..
وكم ربحت الحكم ضد شركات أقدمت على تسريح مجموعة من النساء بسبب عدم الحاجة إليهن..
كانت هذه المرأة ذائعة الصيت، ولها مكانة كبيرة في المجتمع الغربي، كما كانت مثالاً يحتذى به للنساء بل وللرجال الذين ينادون بالمساواة المطلقة بين الجنسين.
الصورة الثانية: صورة هذه المرأة وهى مريضة، وقد حولها طبيبها الخاص إلى قسم الطوارئ في مستشفى الأمراض النفسية الذي كنت أعمل به..
وقد شاهدت بعيني مشهداً يختلف تماماً عن المشهد الذي يراه الناس على شاشة التلفاز أو في قاعة المحكمة: شاهدت امرأة ضعيفة منهارة محطمة تشعر أنها تعيش وحدها في هذه الدنيا، ليس لها ابن ولا زوج ولا أخ ولا والد..
أما النساء فيعرفنها محامية قوية تدافع عن حقوقهن، ولا حاجة لهن بها إذا كانت مريضة في المستشفى، أو مقعدة في بيتها، أو في مأوى العجزة..
كنت أعرف مشكلتها قبل أن أسألها ومع ذلك سألتها حيث لابد من سؤال المريض والاهتمام بكل ما يقوله..
قلت لها: ما مرضك وبماذا تشعرين؟ فأجابت: » أريد رجلاً يشاركني الحياة ويقول لي: لا! !..
لقد مللت الحياة التي عشتها، والعمل الذي اخترته «.
هذا مرضها أنقله بأمانة ودقة..
وقد قمت بواجبي وأعطيتها العلاج اللازم للمصاب بحالة (اكتئاب) ولكنني أشعر بأنها لن تشفى من هذا المرض لأنها لن تجد رجلاً عاقلاً يغامر بحياته وعقله ويتزوجها، وإذا وجدت فسوف يكون من أشباه الرجال ولن يقول لها.
(لا! ! ) ومثل هذا الرجل لا يحل مشكلتها..
ومن جهة ثانية، فلو شفيت من مرضها وعادت إلى عملها السابق، فسوف تعيد سيرتها الأولى لأن أمثالها يبحثن عن الشهرة والطبع عندهن يغلب التطبع..
فهي تريد أن يتحدث الناس عنها مهما كانت النتائج.
أرأيتم المرأة عندما تصطدم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها؟ !.
قال - تعالى -: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30].
والمشكلة أن الناس شاهدوا هذه المرأة بكامل قوتها وذرابة لسانها ولم يروها وهي على فراش المرض تشكو من المرض النفسي: [الاكتئاب]، وكان إعجاب الخادعين والمخدوعين بها هو سبب مرضها، ومصدر شقائها وبؤسها وقهرها، وهذا الذي شاهدته بنفسي، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن أراد مزيداً من الأدلة فليبحث عن نسبة الذين يعانون من أمراض نفسية من النساء الشهيرات في ديار الغرب، بل وفي ديارنا.
إن قوامة الرجل في بيته خير له ولزوجه وأولاده، والتنازل عن هذه القوامة للمرأة جحيم لها لا يطاق، ومساواة المرأة مع الرجل أكذوبة ابتدعها أعداء المرأة من اليهود والصليبيين والشيوعيين وسائر العلمانيين الملاحدة، وجميع الإحصائيات الحديثة تؤكد فشل هذه الأسطورة.
(فَلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/380)
رؤية مستقبلية للدعوة النسائية
الناظر إلى الأحداث التي تعصف بالأمة بعين البصيرة المتأملة وقلب المشفق النصوح يدرك تماماً الأهمية الكبرى للإصلاح والتقويم الذي يرتكز على هدى من الله تقوم أسسه على اتخاذ الدعوة إلى الله منهجاً ووسيلة نحو غاية التغيير إلى الأفضل والرقي نحو المعالي وتعبيد الناس لربهم تبارك وتعالى.
وفي صفوف النساء، يبتهجُ القلبُ بجهودٍ رائعةٍ في الدعوة إلى الله تزخر بها الساحات، فمن أنشطة في المؤسسات التعليمية، إلى إطلالة متميزة في عالم القلم والصحافة، إلى جهود محتسبة في تعليم القرآن، ومحاضرات ودروس تشهد إقبالاً كبيراً، وملتقيات قوية تقوم بها مؤسسات دعوية رائدة.
وأولو النظرة المتزنة يلتفتون إلى الماضي متعظين، ويعيشون الحاضر قانعين، ويستشرفون المستقبل متفائلين، بتصحيح الأخطاء السابقة، وتطوير الأعمال الحالية، وتصحيح كل زلل والزيادة من كل خير، فكانت هذه النظرة الاستشرافية لمستقبل ذي تأثيرٍ قوي، وإصلاحٍ أعمق، وجهودٍ أوسع، مرتكزة على علمٍ وافر وعمل دؤوب، واعتباراً بسنن الله في الكون كما يقول الله - تعالى -: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين وهذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين}.
فإن دراسات المستقبل وما تقدمه من رؤية ثاقبة ذات أبعاد مبنية على أسس وأوليات تعطي نتائج متوقعة إلى حد كبير يعتمد على الدقة والواقعية في تحديد الأهداف ورسم الاستراتيجيات والاستفادة من معطيات الحاضر بأقصى درجة لقيادة المستقبل ويمنحنا هذا الاستشراف القدرة على المقارنة الواعية بين النتائج التي تنجم عن اختيارنا وبين التي تتم ونجد أنفسنا فيها دون استعداد يذكر.
والمستقبل لا يمكن القفز إليه، بل لا بد من اتخاذ الحيطة والاستعداد له منطلقين من رؤية علمية استوعبت تجارب الآخرين، وانطلقت من ثوابت ورؤى تكفل الاطمئنان إلى نجاحها وسداد وجهتها.
ومن أهم ما تقدمه دراسات استشراف المستقبل هو التعرف على إمكانيات الصف الإسلامي في ظل الظروف الحالية وما يمكن أن نحافظ عليه منها وما يمكن أن نتنازل عنه، كما يجب أن نعيش الواقع بكل زواياه ونتعرف على خطط المواجهة، ونعد لذلك خططاً للتطور مستفيدين من كل المكتسبات والقوى الداخلية والخارجية، مع عدم إغفال حال الطوارئ، وما يواجهه المستقبل الدعوي من تحديات، وما يفرضه ذلك من تدريب وإعداد من شأنه أن يقلل الخسائر، ويفتح أعيننا على أهمية تنويع مواردنا المالية وأنشطتنا الدعوية، وتكثيف الاستثمار في التربية الإبداعية لأجيالنا القادمة.
وتتجه هذه الاستراتيجية إلى تأصيل هذا الوعي الاستشرافي ليقوم على نهج علمي، وتنميته لينتقل من دائرة المعرفة إلى دائرة الفعل الذي يقود تخطيطنا وأولويات مشاريعنا وسلوكنا واختياراتنا، فهو أساسي في المنهجية التي لا بد أن يربى عليها الأجيال القادمة.
ويتوجه العمل في المجال النسوي إلى:
ـ الاهتمام بنظم المعلومات المتقدمة وخدماتها التي تتيح التواصل الفعال.
ـ أن تتضمن لقاءاتنا تعميق الوعي بحدود إمكانياتنا وقدراتنا ومستقبل أمتنا، ليس في حدود البلد الواحد وإنما على مستوى العالم.
ـ التنسيق مع المؤسسات المعنية الدعوية والإعلامية والثقافية والاجتماعية لتنمية التعاون المستقبلي والإفادة من كل الطاقات.
ـ العناية بالدراسات المستقبلية، ودراسات خطط التغيير التي يتزعمها الغرب سعياً لإضعاف التمسك بالقيم الإسلامية كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، والشرق الوسط الكبير وعولمة الثقافة الغربية ودراسة وسائل التنفيذ المزمع العمل بها لتكوين حصانة قوية لدى الجيل.
ـ ضرورة المبادة لاقتراح لتغيير المجتمع الغربي ودعوة إلى الإسلام بإعطاء النموذج الإسلامي الذي تقبله النفوس وتسعد به البشرية.
واقع الدعوة النسائية وميادين العمل:
المتأمل للدعوة النسائية يجدها في بداياتها، إلا أنها قفزت قفزات كبيرة، ففي الحين الذي سبقتها الحركات النسوية الليبرالية من قوى عظمى لا تخطو تلك الحركات خطوها المؤمل منها في كثير من البلاد الإسلامية! تقول ليلى الأطرش: وبمنتهى الصدق نقول إن استراتيجيات المرأة للوصول إلى البرلمان بالمنافسة أثبتت فشلها، ولم تؤد إلى نتيجة فاعلة رغم كل ما بذل من جهد ورغبة حقيقية منذ مؤتمر بكين وحتى اليوم..(عن صحيفة الدستور الأردنية 23/6/2003م).بينما المتابع للمناشط الدعوية يجد الإقبال الكبير عليها رغم ضعفها من حيث التنظيم والتنظير مع ضعف الحصيلة العلمية والقدرة الخطابية مما يؤكد الرغبة والمتابعة الشغوفة للخطاب الإسلامي.
ولعلي أعرض في هذه الورقة وباختصار جوانب من واقع العمل الدعوي في الأوساط النسائية، مع استشراف ما يمكن القيام به في المستقبل.
المدارس النظامية والجامعات:
انطلقت الدعوة النسائية من الجامعات والكليات حيث كانت تتأسس الصحوة في المصليات وقاعات الدرس، وأثمرت بعد بضع سنين كوادر متحمسة استطاعت أن تبني فكراً وتوجد تياراً قوياً واعياً فاعلاً على قدر من التدين، بالرغم من المؤثرات الإعلامية الفضائية والصحفية. وهي بهذا تعتبر أحد أهم المجالات الدعوية يجتمع فيها ما يزيد على المليون فتاة من شتى أنحاء البلاد، من فئة عمرية مهمة وحيوية، فلا نحتاج إلى تكلف في الوصول إليها، إنما نحتاج الخطاب وقوة التأثير وتعدد الوسائل، وتفهم للحاجات النفسية والعاطفية والاجتماعية!
يقترح لمستقبل هذا المجال ما يلي:
ـ الاهتمام بالأنشطة الثقافية في الكليات بصورة مؤسسية.
ـ الحرص على بناء المدارس والكليات النموذجية التي توفر التعليم الحديث، مع الحرص على وضع البرامج التربوية المركزة المحددة الأهداف المتنوعة الوسائل، ويمكن الاستفادة من سهولة الحصول على التراخيص والعائد المادي منها لإقناع التجار الطيبين بالمساهمة الفاعلة فيها.
ـ الاهتمام بالبرامج العامة واستغلال المناسبات، كاليوم المفتوح والمعارض، والقيام بجهود دعوية إبداعية تهتم بأماكن تجمع الطالبات، ولا تقتصر الأنشطة داخل جدران المصلى كما هو الحاصل، بل إن الخروج للأماكن العامة للطالبات يشكل مفاجأة وإثارة تجذب نفوس الفتيات.
ـ التركيز في المستقبل على المناظرات والحوارات المفتوحة مع أولي العلم والبصيرة والمربين، والصبر على الآخر، فالمناظرات كانت وما زالت وسيلة قوية لدحض الشبه وإنارة البراهين، إلى جانب ما لها من قرب عاطفي من المخالف وسماع لرأيه، فكم سيكون التأثير قوياً لو تم الإعلان ـ مثلاً ـ عن مناظرة للحديث عن خطر الفضائيات أو العلاقات العاطفية غير الشرعية، أو غير ذلك من الموضوعات التي لا أدري لم أصبحنا نغفل علاجها أو نتناولها برتابة ونمطية جامدة؟!
ـ العناية القوية بتأهيل المعلمات والمديرات، وخصوصاً القائمات على الجهود الدعوية في المدارس والكليات، واحتضان أصحاب المواهب والقدرات الفنية، وذلك من خلال توجيه إداري واع، واستقطاب لأولي الخبرة في الإرشاد والشورى، وإقامة دورات وتبادل التجارب بين المحاضن للاستفادة من النجاحات وتصحيح الأخطاء ومواطن الضعف.
ـ الالتفات إلى وسائل التأثير مباشرة، كالوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر العلم الشرعي، خصوصاً في أبواب العقيدة والفقه، فالتوازن مطلوب بين إشغال أوقات الفتيات بالنافع من الوسائل غير المباشرة، وبين إصلاح الذات وتربية النفس بالوعظ والتذكير والعلم الشرعي، كما لا ينبغي أن يميت الواقع في أنفسنا الاهتمام بالقضايا الكبيرة، كالحجاب وتحرير المرأة، بل علينا بذل الجهد في التخطيط والتنسيق لأعمال دعوية مؤثرة فيها.
مدارس تحفيظ القرآن الكريم:
انتشرت مدارس التحفيظ وتوجه النساء إلى حفظ كتاب الله وتعلم أحكامه، فمثلاً في مدينة الرياض يدرس أكثر من 45000 طالبة في 300 مدرسة في حين لم يتجاوز عدد المدارس خمسا فقط قبل عشرين عاماً، ومع أن هذه المدارس لا يتجاوز دوامها الساعتين إلا أنها بالغة الأثر؛ لأن أغلب الدارسات أقبلن برغبة وإخلاص. فإذا التفت أهل العلم والدعوة لهذه المدارس فإنها ستثمر (بإذن الله) كوادر ذات علم وأثر في المجتمع.
ولضمان مستقبل أكثر إشراقاً، خصوصاً في ظل توقع أن يتم تحجيمها، فأقترح التالي:
ـ التفكير في احتمالات تقليص عددها وتحجيم دورها، ووضع الاستراتيجية المناسبة، وذلك من خلال بناء مؤسسات اجتماعية تعني بتعليم كتاب الله.
ـ انتقاء عدد من المتميزات من الطالبات، وإعطاؤهن دروساً خاصة في المهارات التي تحتاج لها الداعية كفن الإلقاء، وطرق إعداد البحوث، وكيفية التأثير في الآخرين، وفقه السيرة... إلخ؛ ليكن نواة ينفع الله بهن في أماكن دراستهن النظامية أو أماكن عملهن في المستقبل.
ـ تدريب الطالبات بعد إعدادهن في مجاميع أقل سناً أو خبرة أو علماً. وهذا يتطلب تشجيع لقاءات خاصة بالمراهقات وغير ذلك.
الصحافة والإعلام:
أثبتت المرأة الداعية إلى حد ما قدرتها على النجاح في العمل الصحفي الموجه واتباع أصوله، والحرص على السبق الصحفي، والإثارة الإعلامية، وجذب الجمهور، وأساليب ذلك.
تحتاج المرأة في الصحافة إلى توجيه قوي من أصحاب الخبرة والتعليم الأكاديمي العالي في مجال الإعلام، لمعرفة أسباب الضعف وطرق التطوير، خاصة مع كثرة المتطوعات وهاويات العمل في هذا المجال، ويقترح عمل دورات تأهيلية للمنسوبات، والتركيز على الحديث عن هموم واقعية يومية للمجتمع، بعيداً عن مثاليات ضخمة أو غير ذات جدوى، إضافة إلى التفاعل مع الأحداث والمناسبات، وإبراز الجهود الدعوية في كل مكان، تبشيراً ونشراً لأخبار الخير.
تجدر الإشارة إلى وجود انتعاش في الحركة الدعوية النسائية، حيث برزت مجلات ناجحة أسهمت في بناء الكوادر الدعوية كالأسرة المتميزة وأسرتنا وحياة، وغيرها، لكن ما تزال بحاجة ماسة لدخول المرأة الداعية الصحفية في الصحافة اليومية التي تدخل كل بيت وعمل، للصدع بالآراء النيرة التي تمثل لسان الغالب من نساء مجتمعنا المحافظ. ونحتاج في المستقبل إلى تكثيف المشاركة الإعلامية في مختلف الوسائل الإعلامية، ولا بد من أجل الوصول لذلك إلى وجود مراكز تدريب صحفية تشرف عليها الأخوات الإعلاميات المتميزات، يكون هدفها توجيه مجموعة من النابهات المتميزات في طرحهن الفكري، وإمدادهن بالأدوات اللازمة في مجال التواصل الإعلامي، ويمكن كذلك التفكير في تحويل بعض المجلات النسائية إلى أسبوعية وإصدار صحف يومية تعني بالشأن النسائي. كما يمكن التفكير في إنشاء قنوات فضائية موجهة للمرأة، تقوم النساء على إعداد برامجها كاملة ويقوم الرجال بتقديمها. كما أن من الأفكار: إنشاء مكتب صحفي يرعى إنتاج المربيات ويتولى تنسيق وصوله إلى معظم وسائل الإعلام.
المؤسسات الخيرية الإغاثية:
لم تكن المؤسسات الإغاثية في السابق متوجهة لخطاب المجتمع النسائي بهذا الحجم الذي نراه اليوم، ولم يعد سراً أن مؤسسات كثيرة نجحت من خلال السماح بإقامة أنشطة نسائية فأصبحت محاضن قوية التأثير كبيرة الجهود رغم الخبرة القصيرة. ولا بد من التأكيد على وحدة الهدف والتآخي والترابط، فَيَد الله مع الجماعة، وأن تسلم من "الغيرة" و "الاستئثار" و "التنافس غير الشريف"، وهذه نقطة مهمة ينبغي مراجعتها في كل آن!!
يقترح لهذا المجال:
ـ إقامة اتحاد نسائي يجمع العاملات في الجمعيات الخيرية الطيبة في كل أنحاء المملكة، وذلك يتطلب التدرب على العمل الإداري وغيره من المهارات اللازمة لإقامة التجمعات الشعبية.
ـ التواصل مع الجمعيات النسائية الإسلامية العالمية وإقامة مؤتمرات مشتركة ولقاءات، وغير ذلك.
ـ تولي شؤون الدعوة إلى الله بين النساء بشكل عام، ربطاً بين المؤسسات؛ لتبادل الخبرات والتجارب وتلافي مواطن الضعف.
ـ حرص القائمات عليها على النفوذ وصناعة القرار في مسيرة المرأة بشكل عام، كإصدار البيانات والشفاعة.
ـ عمل خطط واضحة واقعية للطوارئ من قبل هذه المؤسسات بشأن قضية المرأة، والتفكير في منابر أخرى في حال تعرضت هذه المؤسسات للإغلاق، وهذا أمر متوقع.
ـ العناية بتأهيل الداعيات المحاضرات، واحتضان المواهب وتربيتها لمستقبل يشوبه الغموض والتوجس، خاصة في قضية المرأة، وصناعة الفتيات لغد يكن فيه منارات هدى ساطعة وجبال مقاومة راسخة!
ـ تشجيع العمل التطوعي لكثير من الفتيات والنساء ولو عن بعد ونشر مفهوم العمل التطوعي؛ ليكون رافداً، فليس ممكناً أن تصل هذه المؤسسات إلى كل مكان لخريجات الجامعات من المتفوقات في الدراسات الشرعية، استفادة من خبراتهن وحماسهن لمستقبل دعوي أفضل.
ـ إلقاء أضواء إعلامية عبر الصحافة اليومية على جهودها، فمن المؤسف أن هذه الأعمال الضخمة الرائعة لا تحظى بتغطية إعلامية.
ـ ضرورة ارتباط العمل الإغاثي بالدعوة؛ لتحقيق الهدف الذي من أجله أنشئت المؤسسات الخيرية.
ـ العناية بالدعوة في أوساط المرأة الريفية.
المؤتمرات والمحاضرات:
تطور الحس النسائي فأصبحت المرأة تنظم اللقاءات الدعوية، وقد فاجأ الإقبال على هذه الملتقيات الجميع، فكان عدد الحضور من النساء يفوق المتوقع..
وهذا مجال آخر مبشر بقوة الحركة الدعوية بين النساء. يقترح لتطوير هذا المجال:
ـ اشتراط القوة العلمية والخطابية والمعرفة الواقعية للداعية، وتطوير ذلك.
ـ الاهتمام بالفئات العمرية والشريحة الاجتماعية المقبلة على المحاضرة، والتي غالباً ما تكون من كبيرات السن أو ربات البيوت، ومن أهل الخير عموماً.
ـ الحرص على رسم خطوات علمية توجه النفس للتغيير، فلا يكفي الحديث العاطفي المجرد عن القضية، بل لا بد من تخطيط عملي تضيء خطواته الداعية للحاضرات.
ـ رفع مستوى العلمي للحاضرات، بالاهتمام بأمور العقدية بأدلتها، والأحكام الفقهية، وأعمال القلوب.
ـ إنشاء مؤسسة نسائية لترتيب المؤتمرات واللقاءات إذ إن من الملاحظ أن الترتيبات تستهلك جهوداً كبيرة.
ـ تنشيط إقامة هذه المؤتمرات في كل المناطق حيث تنحصر في مدينتين أو ثلاث.
ـ استضافة متحدثات من الخارج؛ تحقيقاً لعالمية الرسالة وإشعاراً للترابط القائم على العقدية بين المسلمات، وكذلك استفادة من الخبرات.
ـ تنويع الموضوعات بحيث تتفاعل مع الأحداث، والبعد عن التكرار، مع ضرورة التواصل الشرعي.
التأليف العلمي:
بالنظر إلى دخول المرأة في مجال الدراسات العليا في المجال الشرعي والدعوي أستطيع أن أقول: إن المرأة حققت تطوراً في هذا المجال، إلا أنه ما يزال حبيس الأرفف.. ورهن الدرجات العلمية.. لذا فأقترح على المعتنين بالشأن الدعوي تكوين لجنة لفرز الرسائل العلمية ومكاتبة الباحثين لنشرها والاستفادة من الباحثات في المجال نفسه، وأقترح تكوين هيئة أو مؤسسة أو تجمع للباحثات بحيث يكون رابطة لهن يستفدن، بعضهن من بعض، ويعين بعضهن بعضا على اختيار الموضوعات، وغير ذلك. وأقترح كذلك إنشاء دار نشر نسائية تهتم بالتأليف للمرأة والتنظير لها، ويمكن أن تكون نواة لمركز دراسات وبحوث نسائية.
الحِلق الخاصة واللقاءات الاجتماعية:
مع ظهور الميل إلى التجمعات الأسرية ووجود الداعيات من النساء بدأت الدعوة تنتشر في أوساط عامة النساء عن طريق توجيه محاضرات ومسابقات ثقافية لا تخلو من فائدة علمية. إضافة إلى الحلق التي تعقدها بعض المتميزات ذات الظروف الخاصة. فأقترح تكوين ملتقيات أو ما يسمى "صوالين" للتربية والتعليم لدى عدد من المتميزات علمياً وأدبياً، مع ضرورة التنوع؛ فلا يكون التركيز على الناحية الشرعية.. فقط بل يوجه إلى إعداد الشاعرة والكاتبة والأديبة.
الجاليات:
توجه عدد من الداعيات إلى الجاليات غير العربية بالدعوة، فوجهن الخطاب الدعوي بلغات مختلفة لشريحة عريضة من المجتمع، مما أثمر وعياً لدى عدد من النساء، ولكن لا يزال دون المستوى المطلوب، وحبذا لو عملت دراسة تبين أثر العناية بهذا النوع من الدعوة في هذا الوسط، سواء في أوساطهن التي تعيش بيننا أو في بلادهم بعد رجوعهم لها.
02/03/2005
http://www.islamweb.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/381)
أنا آخر من تهتم به زوجتي
محمد رشيد العويد
لا أجد زوجتي مهتمة بي، حتى حين تقوم بما أطلبه منها، فإن عدم الرضا يظهر واضحاً في تعابير وجهها وحركات يديها، على الرغم من أنني لا أطلب منها ما أطلبه بصيغة الأمر، بل كثيراً ما أطلبه بصيغة التودد والرجاء!
وكثيراً ما تتجاهل ما أطلبه منها وكأنها لم تسمعني، أو تؤجل القيام به وقتاً تنسى بعده ما طلبته منها، أو أنساه أنا فلا أتذكره إلا بعد أن أنتبه إلى حاجتي إليه.
في مقابل هذا، فإني أجد زوجتي سريعة الاستجابة لتلبية ما تطلبه منها أمها أو أبوها أو أخوها أو جارتها أو صديقتها أو أحد أبنائها...ولك أن تدرك مدى إحباطي وضيقي وانزعاجي وأنا أراها تنشط في تلبية طلبات جميع الناس... بينما تبطئ وتتثاقل وتتكاسل في تلبية طلباتي.
أرجو أن تعظ زوجتي في ذلك فهي تقرأ صفحتك في مجلة المجتمع وترتاح إلى كلامك فيها، عسى الله أن يشرح صدرها لما تعظها به فتهتم بي وتوفيني حقوقي كما أمرها الله - سبحانه - ورسوله -صلى الله عليه وسلم -.
أبوعصام
الرد
سأوجه كلامي إلى أم عصام، كما طلبت مني، ثم أوجه إليك كلمة قصيرة أختم بها إجابتي عما جاء في رسالتك.
يا أختنا أم عصام، و إلى كل زوجة تهمل زوجها وتؤخر حقوقه حتى تجعلها آخر الحقوق، وتجعل زوجها آخر إنسان في اهتمامها، اقرأن معي هذا الحديث النبوي الشريف الذي يبين بوضوح كيف أن أعظم حق على المرأة هو حق زوجها، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها. قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟ قال: أمه".
وروي عن عبدالله بن أبي أوفى: "أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قدم إلى الشام فوجدهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم، فروَّى في نفسه أن يفعل ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما قدم سجد للنبي -صلى الله عليه وسلم -، فأنكر ذلك، قال: يا رسول الله إني دخلت الشام فوجدتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم فروَّيت في نفسي أن أفعل ذلك بك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، فوالذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها - عز وجل - حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى إن سألها نفسها وهي على قتب أعطته، أو قال: لم تمنعه" (صحيح البخاري).
وعن حصين بن محصن عن عمة له أتت النبي -صلى الله عليه وسلم -في حاجة لها فلما فرغت من حاجتها قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: فكيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال -صلى الله عليه وسلم -: انظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك". وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا معشر النساء... لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بِحُرِّ وجهها.
وأخرج ابن ماجه في سننه عن أبي أمامة قال: أتت النبي -صلى الله عليه وسلم -امرأة ومعها صبيَّان لها قد حملت أحدهما وتقود الآخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "حاملات والدات رحيمات، لولا ما يأتين إلى أزواجهن دخل مُصَلِّياتُهن الجنة" أي أنهن يحملن أولادهن بأنواع التعب، ثم يلدنهم كذلك بأنواع التعب، ويرحمنهم، ولو تركن إيذاء أزواجهن لدخلت المصلِّياتُ منهن إلى الجنة.
هذا كله يؤكد لكل زوجة أن حقَّ زوجها عليها مقدم على حقوق الناس جميعاً، ومن ثم ينبغي عليها ألا تؤخر حقوقه وتقدم حقوق الآخرين.
وإذا أرادت الزوجة بيان الحكمة في هذا التأكيد على حقوق زوجها عليها وتقديمها على غيرها من الحقوق، فإني أوجز ذلك في النقاط التالية:
المرأة سكن لزوجها، فإذا أخفقت الزوجة في تحقيق معاني السكن أخفق الزوج في عطائه المرجو منه خارج بيته، كما قال شقيق البلخي لزوجته: لو أن أهل بلخ كانوا جميعهم معي.. وكنت وحدك ضدي.. ما استطعت أن أقيم أمر ديني.
حين تنجح المرأة في أن تكون سكناً لزوجها ينجح الأبناء في النمو والتعلم والصلاح، وينجح المجتمع كله حين تكون خلاياه "وهي الأُسَر" هانئة ومستقرة وناجحة.
أكثر الجرائم والانحرافات التي تستنزف المجتمع والاقتصاد الوطني إنما تسببها أسر متفككة متمزقة، ومن ثمَّ تتأكد أهمية نجاح المرأة في حفظ أسرتها وحمايتها.
فأرجو أن تحرص كل زوجة على هذا كله، وأن ترى في طاعتها زوجها وصبرها على هذه الطاعة جسراً لها إلى الجنة تدخل من أي أبوابها الثمانية شاءت.
أما الكلمة التي أوجهها إلى أبي عصام وإلى كل زوج، فهي أن معظم النساء هكذا، يقدمن أهلهن وأولادهن على أزواجهن، وما أقول هذا تبريراً لهن.. إنما تخفيفاً عنك، ونحتاج نحن معاشر الأزواج إلى مزيد من الصبر عليهن، ومواصلة وعظهن وتذكيرهن بالله، ولعل ما سبق من كلام هو من هذا التذكير.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/382)
فتاتنا الجامعية والمهمة الغائبة
سارة بنت عبد المحسن الجلوي
بعد سبات طويل تجاوز القرنين من الزمان، استيقظ المسلمون ليجدوا أنفسهم وقد فاتهم ركب الحضارة، وهم في حالة تأخر، وجمود، وفكر تحجر بمرور سنين من الانحطاط، يعيشون حالة من التبلد، والركود، والسلبية والانهزامية النفسية المريرة.
خلفهم حضارة إسلامية عظيمة، وماض مشرق مجيد ساد الدنيا وارتقى بالأمم، وأمامهم حضارة غريبة وصلت إلى أعلى درجات التقدم التقني، والاكتشافات العلمية، والرقي الحضاري الذي أسهم في بناء حضارة إنسانية متقدمة، استطاع خلالها الإنسان أن يحل الكثير من مشكلاته المادية التي عانى منها قروناً طويلة. نظر المسلم إلى واقعه فماذا وجد..؟
وجد أنه محاصر بالتخلف، والجهل، والجمود الفكري، والانحطاط العام في كل ميادين الحياة، والبعد عن تعاليم ربه ومنهاج نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وفوق كل هذا احتلال عسكري أجنبي يستنزف دماءه، وغزو فكري نشط يظهر أثره في كل المجالات.
غرب يملك كل مقومات الحضارة المعاصرة، وشرق يفتقر إلى أبسط أسسها ويعيش في غفلة، وفراغ، وذهول عما يحيط به. فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة المنطقية لهذا التقدم والنشاط عند الغرب، والغفلة والجمود عند الشرق، أن فتنت فئات من المجتمع ببريق الحضارة الغربية، ذاك البريق الذي خطف أبصارها واستفز مشاعرها، وأثار في نفسها الرغبة في الصمود للتحدي وتأكيد الذات، إذا فقد وضع العالم الإسلامي نفسه في موضع التحدي الحضاري، هذا التحدي أوجد حركة انبعاث بين المسلمين، تمثلت في تيارات إصلاحية متعددة، تراوحت بين محاك مندفع تجاه كل ما هو غربي، ورافض مقاوم له.
تمثلت الفئة الأولى في التيارات الليبرالية، واليسارية وما انضوى تحت لوائهما من أحزاب سياسية وجماعات فكرية، كالعلمانية وما تقوم عليه من دعوات قومية، واجتماعية وأخلاقية، والاشتراكية الشيوعية، ونبذ الدين، والإقبال على الحياة المادية الحضارية بكل معطياتها، هذه المذاهب كانت جميعها متحدة في الأصول وإن اختلفت في تفريعاتها.
ومثلت الفئة الثانية، الحركات الإسلامية المعاصرة والتي حاولت جاهدة أن تقف في وجه هذا المد، ولكن ضعفها وقلة خبرتها وإمكاناتها لم تمكنها من ذلك وإن أثرت فيه.
في دوامة هذا الصراع العقدي، الفكري، والأخلاقي، والسياسي ماذا كان حال المرأة المسلمة؟
الواقع أن موضوع المرأة المسلمة كان من أظهر الموضوعات التي انهزم فيها المجتمع الإسلامي أمام التدفق القوي لهذا المد.
فنشأ في المجتمع ما يمكن أن نسميه مشكلة المرأة في المجتمع الإسلامي؛ ويرجع ذلك لأسباب وظروف داخلية وخارجية أحاطت بالمرأة في القرون المتأخرة، أو ما يطلق عليه(قرون الانحطاط) أو (الضعف).
ففي هذه القرون سلبت المرأة كل ما أعطاها الإسلام من حقوق ومكانة، وحولت إلى كم مهمل لا قيمة له ولا شأن، وأصبحت تعد من سقط المتاع، وضعها قرين للتخلف، والجهل، السلبية المطلقة والبعد عن حياة المجتمع والتفاعل معه.
وأمام هذا الوضع المهين للمرأة المسلمة، وتصارع التيارات الفكرية المتباينة انقسم المجتمع إلى فئتين:
الفئة الأولى: التغريبية الداعية إلى تحرير المرأة المسلمة من رق العبودية للرجل أياً كان زوج، أب، أبن، أخ، ومن سجن البيت، ورأت في المرأة الغربية وتحررها نموذجاً صالحاً، ومثالاً رائعاً يجب أن يحتذى، مهما كانت التضحيات، وتحركت هذه الفئة باتجاه التغريب والتبعية الذليلة للغرب، دون محاولة للفحص والتمحيص، أو إيجاد نوع من التوازن بين ما لديها من قيم إسلامية أصيلة، وأفكار وتقاليد وافدة.
الفئة الثانية: سلكت الاتجاه المعاكس تماماً، فآثرت الانعزال والتقوقع داخل شرنقة التقاليد الموروثة، دون تمييز بين أن تكون لها أصول إسلامية أو جذور عربية جاهلية.
والحقيقة: أن الظلم الفادح والمهانة التي تعرضت لها المرأة في عصور انحطاط المسلمين، والذي حولها إلى كم مهمل لا قيمة له، ولا رصيد عنده من ثقافة أصيلة تحميه، فتح الباب على مصراعيه أمام تيارات المد الغربي الذي عمل على الإطاحة بكل ما هو إسلامي في كثير من المجتمعات الإسلامية، وكانت المرأة التي رزحت تحت أنواع شتى من المظالم أسرع فئات المجتمع وأكثرها تجاوباً وتفاعلاً مع أفكار هذا المد ومعطياته، ذلك أن الإسلام صار بالنسبة لها سجناً يحجبها عن الحياة، عن العالم المتقدم، عن الاستقلالية والشعور بالذات.
ووجدت في مشاريع التغيير التي قدمتها الحركات العلمانية الليبرالية، والقومية والاشتراكية، الطريق الذي يوصلها إلى تحقيق مكانتها ومحاكاة المرأة الغربية، وكانت هذه المشاريع جميعها تهدف إلى تغريب المجتمع المسلم وتشويه خصائصه ومقوماته، واقتلاعه من جذوره الإسلامية وتذويبه في إطار الحضارة الغربية، وتكريس التبعية الذليلة للغرب، ليصير مجتمعاً مسخاً بلا هوية، بلا شخصية.
وهكذا أصبحت المرأة المسلمة في كثير من البلاد ذيلاً للمرأة الغربية وصورة مشوهة لها في شكلها الظاهري، وإن لم تضاهها في رقيها العلمي وثقافتها الفكرية.
وبالرغم من هذا النجاح للتيارات الفكرية الليبرالية واليسارية، إلا أنها لم تستطع الصمود في وجه الفكر الإسلامي الصحيح، والعقيدة الصافية، فمع مرور الوقت ثبت فشلهما في المجتمع المسلم، على الصعيد الاقتصادي، والنفسي والروحي، والأخلاقي، وحتى العسكري، والسياسي.
لقد كانت إنجازاتهما جزئية، ومكاسبهما وقتية، لكنها أثرت في المجتمع المسلم بصورة لا يمكن تجاهلها؛ لأنها أدت إلى اضطرابات سياسية، واجتماعية وصراعات داخلية، أنهكت الأمة ومزقت شملها وأحدثت الفرقة بين صفوفها.
ولو ضيقنا نطاق الدائرة قليلاً، وانتقلنا من المجتمع الإسلامي الكبير، إلى مجتمعنا السعودي الصغير لوجدنا أن الوضع يختلف، فبلادنا بفضل الله ومنته لم تخضع لاحتلال عسكري أجنبي أبداً ولكنه- أي مجتمعنا- كان قبل بضع عشرة سنة مجتمعاً قروياً، وبدوياً بسيطاً، يعيش منغلقاً على نفسه في حياة انعزالية حافظت له على خصائصه الاجتماعية والأخلاقية والدينية.
لكن مد التطور والتقدم الذي رافق اكتشاف النفط في أراضينا، قفز بالمجتمع السعودي قفزة مذهلة، وانتقل به نقلة كبيرة من البساطة الاجتماعية إلى حياة التقدم والمعاصرة في فترة وجيزة جداً تكاد لا تصدق، والانتقال الفجائي السريع من حال إلى حال وهو ما يسمى (الطفرة) لا بد أن يحدث خللاً وفجوةً واضحةً في المجتمع، واهتزازاً في الموازين، فقد أحدثت هذه الطفرة هزة عنيفة قسمت المجتمع إلى فئات متباينة تعيش حالات من التناقض أمام معطيات العصر وإن احتفظ المجتمع بخصائصه الإسلامية بشكل عام.
الفئة الأولى:
التقليديون
وهي قليلة نسبياً ويكاد ينحصر وجودها في الوقت الحاضر بعدد قليل من الأفراد.
هذه الفئة تريد التمسك ببقايا الماضي، ورواسب الأفكار، والتقاليد الموروثة، وتجميد المجتمع على صورته السابقة، ورفض معطيات الحضارة المعاصرة جملة وتفصيلاً وتنسب ذلك إلى الإسلام وهو منه براء. ذلك أن الإسلام يندد بالجمود الفكري، والتحجر العقلي، وتعطيل الملكات وإهمال التجديد والتطور وينعى على الذين لا يفكرون بعقولهم، أو يتجمدون على القديم المألوف ولو كان الجديد أهدى سبيلاً وأقوم رشداً، وكتاب الله مليء بالآيات التي تذم مثل هذا الموقف التقليدي، وتدعو إلى إعمال العقل والحواس للوصول إلى الحق على هدى من نور الوحي الإلهي. وماضينا المجيد أوضح دليل، وأصدق شاهد على بطلان هذا الموقف. وكم أصبحت الحاجة ماسة للتمييز في تقاليدنا بين ماهو إسلامي فنتشبث به، وما هو جاهلي مناف للإسلام فنتخلص منه.
الفئة الثانية:
الحداثيون
وهي قلة ولله الحمد لكنها تعمل بجد ونشاط ومؤشرات عملها قد ظهرت في الأيام القليلة الماضية.
هذه الفئة تقف على طرف النقيض من الفئة الأولى، طابعها الإسراف إلى أبعد الحدود، والرغبة في الانغماس في الحضارة الغربية، ونسف كل ماهو موروث من عقائد، وقيم ومفهومات، وتقاليد، واستبدالها بالجديد، زاعمة أن ذلك لا يتنافى مع الإسلام وأنه علاقة شخصية بين المرء وربه، فتأخذ منه ما يناسبها وتترك مالا يناسبها، هي فئة هجين لا شخصية لها ولا هوية، تجهل الإسلام جهلاً فاضحاً، لأن الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل، والإسلام لا يكون إسلاماً إلا بتطبيق أحكامه جملة وتفصيلاً في شتى جوانب الحياة الشخصية والاجتماعية؛ لأنه كل لا يقبل التجزؤ.
الفئة الثالثة:
المتحيرون
وهي تشكل الأكثرية.
تعيش هذه الفئة في صراع دائم، وقلق مستمر حاد، واضطراب بين معطيات المدينة الحديثة، ومغرياتها، وأساليبها المثيرة في الدعاية والتأثير، وأصولها الإسلامية الراسخة في أعماقها وفطرتها النقية التي أوجدها الله فيها، والتي تدعوها إلى المحافظة على جذورها الدينية، والتمسك بشخصيتها الإسلامية العريقة.
فنراها ترنو بعين متشوقة إلى الجديد المثير، وترنو بعين أخرى بتراثها الموروث الذي تربت عليه، ونهلت من منابعه الرائقة، فهي مشتتة، تعاني من الحيرة والقلق، والاضطراب، وهذه الفئة تحتاج إلى تقوية إيمانها وتثبيته، ومراجعة ثقافتها الإسلامية وتراثها المجيد.
الفئة الرابعة:
الوسطيون
تحاول أن تواكب ركب الحضارة، دون أن تفقد كيانها الإسلامي، وشخصيتها المستقلة، وتراثها الثمين، فتأخذ من معطيات الحضارة ما يتناسب وعقيدتها الإيمانية، وأصولها الإسلامية، وجذورها العريقة، ويعينها على القيام بدورها المأمول.
وترفض في المقابل ما يتنافى مع ذلك، أو يناقضه.
وهي الفئة التي فهمت الإسلام فمهاً حقيقياً، وآمنت إيماناً صادقاً، فنسأل الله لها الثبات والتمكين.
والصراع بين هذه الفئات الأربع دائم ومستمر، يحتد في بعض الأحيان ويهدأ أحياناً أخرى، لكنه موجود ولا يمكن إنكاره.
وبعد هذا الاستعراض لواقعنا المعاصر يواجهنا سؤال مفاده أين المرأة المسلمة المثقفة؟
أين فتاتنا الجامعية الواعية؟ وهل قامت بدوها المأمول؟ وماذا قدمت لمجتمعها؟ وتأتينا الإجابة حين نلقي نظرة شاملة على ساحات الصراع في العالم أجمع، حيث نجد المرأة المثقفة في البلاد الأخرى، قد قامت بدورها، كبر هذا الدور أم صغر فاعلاً كان أم منفعلاً، ضاراً أم نافعاً، لكنه يبقى دور أعطى لها مكانتها وأثبت وجودها وقدرتها على الدفاع عن معتقداتها.
لكن حين ننتقل إلى الساحة الإسلامية لا نكاد نجد للمرأة المسلمة المثقفة دوراً، على الرغم من أهمية دورها في هذا العصر الحافل بأقسى أنواع الصراعات العقدية، والفكرية، والاجتماعية، والسياسية باختلاف درجاتها، وتباين صورها، وإن كان لها وجود فهو وجود محدود وفي نطاق ضيق لا يؤثر في تحريك عجلة التغيير الاجتماعي نحو الإسلام إلا شيئاً قليلاً. وإن كان للمرأة المسلمة في البلاد الأخرى بعض العذر؛ لأنها تحارب حرباً لا هوادة فيها فإن الفتاة السعودية المثقفة لا عذر لها؛ ذلك أن الجو العام في هذه البلاد مهيأ من الناحية النفسية، والروحية، والفكرية والاجتماعية، على الصعيدين الرسمي والشعبي، والظروف مناسبة. لكن أين هي؟ لماذا لا يكون لها دور فعال في هذا العصر..؟ ما سر غيابها عن ساحة الصراع في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ أمتنا.. ؟ لماذا آثرت السلبية..؟ وارتضت أن تقف موقف المتفرجة وكأن الأمر لا يعنيها..!
مكتفية بالتغني بأمجاد ماضيه، واستعراض الصور المشرقة للمرأة المسلمة في صدر الإسلام.
هل كان الهدف من إكمالها تعليمها وحصولها على أعلى الشهادات هو التفاخر بها في المجتمع؟ أو أن الدراسة الجامعية أصبحت مظهراً اجتماعياً لا بد منه لاستكمال الشكل الخارجي للفتاة؟
تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابات مقنعة وواقعية ومنطقية.
من هذا المنطلق أقول: إن وضع فتاتنا الجامعية يحتاج إلى مراجعة جذرية عميقة، نحدد من خلالها العلل، ونصف العلاج، من أجل الوصول إلى إيجاد فتاة جامعية مثقفة في أكمل ملامحها الإسلامية التي تحسن التوفيق بين الأصالة، والمعاصرة، وتعمل جاهدة على تحقيق المجتمع الإسلامي الأمثل، وتتحمل مسؤولياتها كاملة في الحفاظ على مجتمعنا ليبقى مسلماً مؤمناً متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فواقعنا الإسلامي المعاصر يحتم على المرأة أن تقوم بدورها الكامل في بناء المجتمع؛ ذلك الدور الذي أبعدت عنه لقرون متعددة.
إن الفتاة المسلمة المثقفة مطالبة بالمشاركة الإيجابية الفعالة في النهضة الإسلامية المعاصرة، وبناء جيل إسلامي واع مثقف مؤهل لتحمل المسؤولية العظيمة في إعادة بناء صرح هذه الأمة فلئن عجز الجيل السابق عن القيام بهذا الدور على الرغم من تدينه وتمسكه بالقيم الأخلاقية؛ لكونه ينقصه الكثير، فهو جيل عانى من الأمية، من ضعف الخبرة في معطيات العصر، وانعدام الفاعلية في حركة المجتمع المعاصر، وضعف القدرة على فهم الجيل الجديد وتطلعاته.
فهل نصلح نحن بواقعنا الثقافي الحالي للقيام بهذه المهمة المرتجاة؟
بصدق... أعترف لكم: إن دورنا مازال هامشياً، وقاصراً، ولم يصل إلى المستوى المطلوب من الفاعلية، على الرغم من أننا حصلنا على أعلى الشهادات، وتولينا مناصب قيادية، واقتحمنا معظم الميادين، ويرجع ذلك لأسباب ذاتية واجتماعية، على الرغم مما تشهده بلادنا من تطور فتح المجال أمام الفتاة للمشاركة في نهضة المجتمع، وبناء الأمة.
والخلاصة:
إن المرأة في بلادنا تعيش حالة من عدم الفاعلية على المستويين الأمي والمتعلم.
وتركيزي على الفتاة الجامعية؛ لأنها تشكل الشريحة المثقفة من المجتمع، والقطاع الأساسي من الرأي العام الواعي المؤثر، الذي يجب أن يكون له دوره المستقبلي الفعال، فالمرأة المسلمة المثقفة تتحمل المسؤولية نفسها التي يتحملها الرجل في تحقيق المجتمع الإسلامي بصورته الرائعة، وتطهيره من كل ما داخله من شوائب فكرية وأخلاقية، وعادات غريبة؛ لذا فنحن في حاجة إلى إيجاد جيل من الفتيات المسلمات المثقفات ثقافة إسلامية عميقة، للقيام بالدور المرجو في أوساط قد لا يتأتى دخول الدعاة من الرجال إليها.
كما أن تأثير العنصر النسائي في بناء المجتمعات لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، أو إخفاء أهميته؛ ذلك أن المرأة تشكل أساس المجتمع الذي يتربى فيه رجال الأمة. وتأثيرها في هذا المجال عميق جداً، فهي الأم، والأخت، والزوجة والابنة، هي المجتمع كله لا نصفه كما يقال؛ ولأن الله- سبحان و- تعالى - أناط بالرجل مهمة إعداد الجماعة، فقد حمل المرأة مسؤولية إعداد الرجل الذي يقود الجماعة.
ولكن كيف نصل إلى تحقيق ذلك الأمل؟ ومن أين نبدأ؟ وما هو الحل؟
البداية لا بد أن تكون من عالم الأفكار.. أفكارنا نحن الجامعيات الجيل الأمل لهذه الأمة..
فنحدد لون ثقافتنا، وحجمها وعمقها، وفاعليتها، ومساهمتها في بناء الوطن، والتغيير الاجتماعي، لا بد لنا من تحديد نقطة الانطلاق، وتحديد الأهداف الأساسية، والأهداف الثانوية، لا بد من تحديد الوسائل والآليات، سواء أكانت وسائل ثقافية وفكرية، أم وسائل عملية وتربوية، وما إلى ذلك من وسائل. وهذه كلها يقدمها لنا الإسلام، فالإسلام إذن هو الحل الأمثل لكل مشكلاتنا، منه نبدأ، وعلى هداه نسير، ولرفع رايته عزيزة عالية نعمل، لحفظ هويتنا، وأصالتنا، ووجودنا، لتنمية مجتمعنا، ومواجهة ما يتهددنا محلياً وخارجياً.
فلئن استطاعت الوجهة التغريبية أن تحول بدرجة مؤثرة دون توظيف المرأة المسلمة في عمل جاد للإسلام، واستطاعت بشكل أو بآخر تحييد قطاع واسع من النساء إزاء المعركة الضارية التي تشن ضد المرأة المسلمة، وتجعلها تعيش في جو من الاغتراب النفسي والعقلي المغلف باسم الدين أحياناً. وباسم التقدم أحياناً أخرى، فقد وجب على الفتاة الجامعية أن تقوم بدورها كاملاً في التصدي لتيارات التبعية والتغريب، والرجعية، وبناء المجتمع المحكوم بالقيم الإسلامية. وتصحيح صورة المرأة المسلمة التي ظلت لقرون طويلة قرينة السلبية والعجز والاضمحلال الثقافي، وقصور الوعي والإدراك.
وتقديم صورة جديدة ومشرقة للمرأة المسلمة التي حملت مسؤولية الحفاظ على بناء أمتها فتحملتها بجدارة، وكانت أهلاً لها، لأنها والله مأساة كبرى أن نرى الإسلام الحقيقي ينحسر عن بيوتنا، عن مجتمعاتنا، ونقف نتفرج صامتات.
ومن أجل القيام بدورنا المتميز كاملاً فلا بد لنا من خطوات نتبعها.
الخطوة الأولى:
بناء الشخصية المتكاملة
الفتاة الجامعية التي نالت حظاً من التعليم فتح أمامها الكثير من مجالات الحياة، لا بد لها من أن تقف من نفسها موقف النقد الذاتي الذي تستطيع من خلاله معرفة أوجه النقص في شخصيتها فتكملها، ومواطن القوة فتنميها، وذلك ضمن إطار شرعي واع، حتى تستطيع تشكيل شخصيتها الإسلامية المستقلة، وهذا يتطلب منها رسم منهاج متكامل له خصائص متميزة نوجزها فيما يلي:
1) سلامة العقيدة، وصحة التصور.
2) العمل الجاد على تحصيل القدر الأكبر من الثقافة الإسلامية وأخذها من مصادرها الأصلية.
3) غرس الآداب الإسلامية في النفس وتهذيب الأخلاق.
4) التزود بالمعارف والعلوم التي تعينها على توسعة مداركها وتعميق ثقافتها.
5) الدراسة العميقة والواضحة لواقع المرأة المسلمة المعاصرة ومشكلاتها.
6) أخذ صورة واضحة ومتكاملة لهذا العصر بما فيه من حسنات وسيئات من خير، وشر، ومذاهب فكرية، وسياسية، واقتصادية، وأخلاقية، ومعرفة الأفكار والأساليب التي ينتهجها أصحاب كل مذهب.
7) إدراك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، والدور المهم الذي ينتظرها في مجابهة التحديات المعاصرة.
8) مراقبة الله في السر والعلن.
على أن يتم ذلك كله بعيداً عن أي مؤثرات داخلية أو خارجية، ولكن وفق تصور عقلي ناضح منضبط بضوابط الشريعة، وأن تعيش وفق المتطلبات الراهنة والمستقبلية لهذه الأمة؛ ذلك أن مستقبل الأمة سيقوم بإذن الله على ما تقدمه له.
بذا تكون نموذجاً للمرأة المسلمة الواعية المثقفة، الفاعلة، المنفعلة، التي تقتحم ميادين الحياة بكل ثقة وإقدام، متمسكة بكتاب الله، متبعة لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سائرة على منهاج الإسلام الأصيل.
الخطوة الثانية:
مراجعة التقاليد
على فتاتنا رصد العادات، والتقاليد، التي تحكم حياتنا، وتتحكم في مجتمعنا، ووزنها بميزان الإسلام، حتى تستطيع أن تميز بين ماهو إسلامي صحيح فتعمل على تأصيله ونشره والمحافظة عليه، وما هو غير إسلامي من تقاليدنا العربية والقبلية. فترفض ما كان منها مخالفاً لشرع الله، وتسعى لبيان ذلك بالأسلوب العقلاني الواعي الرشيد، وتقبل ما وافق أصول الشرع الثابتة، فكثيراً ما كانت بعض التقاليد الخاطئة سبباً لرفض الإسلام، أو الابتعاد عنه، بل والتمرد على قيمة ومبادئه.
الخطوة الثالثة:
مواجهة التغريب
في هذا العصر الذي أطلق عليه(عصر القلق) لما يعج به من نظريات علمية، وتيارات فكرية، واتجاهات عقلية، تفرض نفسها على الإنسان، وتقتحم عليه حياته، وتطل عليه من كل مكان، متسللة إلى ذهنه عبر وسائل الإعلام المختلفة مسموعة ومرئية مقروءة، وما تبثه هذه بدورها من سموم فكرية، ونظريات مادية، وعقائد مختلفة، تزلزل النفوس، وتشوش الأفكار، وتحدث الاضطراب في القناعات.
في هذا العصر المسمى(عصر الانفتاح والتقارب) الذي جعل العالم الأرضي كبلد واحد، بات من المستحيل فيه إغلاق الأبواب على الأجيال الشابة المثقفة، منها وغير المثقفة.
في هذا العصر الذي أصبح فيه الفكر منتشراً كالهواء، يحيط بالإنسان في كل مكان، ويدخل إلى عقله شاء أم أبى، بطرقه المباشرة، وغير المباشرة، وأساليبه المشوقة، وصوره الجذابة، التي تسعى جاهدة إلى تذويب الشخصية الإسلامية وإفقادها الكثير من أصالتها، وروحها الإسلامية المتميزة، وصهرها في خضم المذاهب والأخلاق، والأفكار الوافدة، حتى أصبح فقدان الشخصية الإسلامية من أكبر المشكلات التي يعاني منها مسلمو هذا العصر، خاصة بعد عصور الانهزامية التي عملت على تمييع الشخصية الإسلامية، وتشويهها في نفوس المسلمين.
إن معالم القلق النفسي والاضطراب الفكري الذي يوشك أن يفقد الإنسان المسلم ذاته، وهويته الفكرية والسلوكية، في غمرة صراعه الخطير مع معطيات الحضارة الغربية، وثقافتها، وتقدمها العلمي والتقني، وتفوقها المادي، يؤكد لنا ضرورة وأهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به فتاتنا الجامعية المثقفة من رصد لما يجري على الساحة الإسلامية والعالمية، والمحاولة الجادة في مجابهة تيارات التبعية والتغريب، وتغيير واجهة المجتمع الهجين، والقيام بدورها الحقيقي للنهوض بهذه الأمة، والتخلص من الأفكار التبعية، والتغريبية، والموروثة التي تتنافى مع مبادئ الإسلام وأصوله فما نراه في مجتمعاتنا الإسلامية من تفكك، وانحلال، وما نتج عنه من اختلاط وتبرج وما إلى ذلك من مظاهر سلوكية بعدت قليلاً أو كثيراً عن الإسلام ماهو إلا أعراض ظاهرية لمرض نفسي خبيث مستتر، استشرى في نفوس البعض منا نتيجة للغربة النفسية، والصراع الداخلي، وفقدان الثقة فيما بين أيدينا من تراث عقدي، وفكري، وأخلاقي، وثقافي، واستشعار الدونية أمام الآخرين.
والقضاء على هذه المظاهر الخارجية لا بد فيه من العلاج الداخلي، واستئصال المرض من جذوره بتطبيب النفوس، وحماية العقول، وهذا لا يكفي فيه التحدث عن أمجادنا السابقة، وتاريخنا المجيد، ولكن بإعادة الثقة إلى من فقدها بصناعة مجد جديد، وكتابة تاريخ مجيد، لا يُكتفى فيه بالإعجاب ببطولات الخالدين من الرجال والنساء في تاريخنا المجيد، ولكن بتقديم بطولات جديدة لا تقرأ التأريخ فقط وإنما تقوم بصناعته أيضاً.
أما الآليات والوسائل المستخدمة في تحقيق هذا فهي متعددة ومختلفة، لكنها تجتمع كلها تحت لواء العودة إلى الله والدعوة إلى الله، ونشر الفكر الإسلامي الواعي، وتصحيح المفهومات الخاطئة، والارتقاء بالوعي الإسلامي العام، وأن نشيد من عقيدتنا، وشريعتنا وتراثنا الفكري ثقافة إسلامية، لا تعمل على دحض الهجوم الفكري الوافد فقط، بل وتكون صالحة بما فيها من عناصر الصمود والبقاء، على أن تدفع بالمسلمين إلى نشر فكرهم على العالم أجمع، فالأصول التي سطرت أروع صفحات تاريخنا المجيد، ما زالت موجودة، ولا تحتاج إلا لمن ينفض عنها غبار التخاذل، والانهزامية، لتعود مشرقة تضئ الطريق أمام الأمة الإسلامية.
والدعوة إلى الله لها وسائلها المتعددة التي يكمل بعضها البعض ولا يغني أحدها عن الآخر.
1) الوعظ والإرشاد:(82/383)
الوعظ والتذكير، والإرشاد والتبليغ، عن طريق الكلمة المخلصة، والموعظة المؤثرة، والرقائق من ترغيب وترهيب، بالمحاضرات، والندوات، والاجتماعات أمر مهم، فقد كان الوعظ والإرشاد جزءاً من مهمة الأنبياء والمرسلين - عليهم السلام -، قال - تعالى -{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات 55).
فهذه وسيلة هامة من وسائل الدعوة إلى الله، لكنها وحدها لا تكفي إذ يبقى أثرها محدوداً بالزمان، والمكان، والأشخاص، كما أنها تستلزم صفات خاصة لا بد من توفرها في القائمين بها.
2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لا بد منهما لحراسة القيم الصحيحة، وتحجيم أهل الضلال، وهذه مسؤولية المسلم رجلاً كان أم امرأة من منطلق قوله - تعالى -: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ..} (آل عمران 110).
وقوله عز من قائل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..} (التوبة 71).
وقوله - تعالى -: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران 104).
وما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (رواه مسلم).
لكن يشترط في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط أساسية في مقدمتها أن يكون عالماً بما يأمر به، عارفاً لما ينكره، فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهي عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه.
3)القدوة الصالحة:
القائمة على الانضباط في القول والعمل، والسلوك الشخصي، والعلاقات الاجتماعية، بحيث تكون الفتاة ممثلة للتعاليم والقيم الإسلامية في واقعها، مجسدة لها في تعاملها.
4) ربط التعاليم الإسلامية بواقع الحياة المعاشة:
بحيث تكون مبادئ الإسلام هي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الحياة بشتى جوانبها المادية، والمعنوية، فيطبق الإسلام تطبيقاً واقعياً داخل حياة الأفراد والجماعات. ويعمل على ترسيخه في نفوس الناشئة وتأصيله في عقولهم والربط الوثيق بين معطيات العصر، وثوابت الإسلام.
5) إنشاء المؤسسات الاجتماعية والخيرية:
والمساهمة فيها، ومد يد العون للمحتاجين مادياً أو معنوياً، من منطلق مبدأ التكافل الاجتماعي للوصول إلى من لا يمكن الوصول إليهم إلا بهذا الطريق.
ذلك أن نشر الدعوة لا ينحصر في المحاضرة، والندوة والكتاب والشريط، ولكن أيضاً من خلال العمل الصالح، وإسداء المعروف. وقد قال الله - تعالى -: {.. وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة2).
وقال جل شأنه {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء 114).
فالعمل الاجتماعي جزء من العمل الدعوي؛ لأن الناس تختلف في مواهبها، وقدراتها وإمكاناتها؛ لذا نجد كثيراً من الناس قادرين على العمل الاجتماعي في حين يعجزون عن العمل الفكري، فيعمل كل حسب استعداده. ولكن يجب أن يتم هذا وفق منهاج مدروس ومعلوم، ومحيط بالظروف البيئية، والزمانية، المادية والنفسية؛ لأن ما يصلح في بلد قد لا يصلح في غيرها لظروف وملابسات خاصة.
6) مخالطة الناس:
ومعايشة المواطنين والاختلاط بهم في أماكن سكنهم، ومواقع عملهم، والمساهمة في حل مشكلاتهم وتذليل ما يواجههم من عقبات، وتعليم الأميين منهم، ومعاونة المحتاجين، وتوعية المتخلفين، وتذكير العصاة، وتقوية الضعفاء.
والابتعاد عن التقوقع على النفس والالتزام بحدود جماعة معينة لا تفارقها. فهذا لون من ألوان الدعوة إلى الله للناس في مواقعهم وهي دعوة مقترنة بالعمل، فالاهتمام بالناس وحل مشكلاتهم يقربهم من الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه.
7) تنمية المهارات العملية عند المرأة داخل البيت وخارجه:
حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه وأتمه، دون أن تشعر بالنقص، أو العجز، أو التقصير.
8) الإخلاص، والإتقان وأداء الأمانة، وتحمل المسؤولية:
كل في موقع علمه، ربة البيت في بيتها، الموظفة في عملها، الطالبة في دارستها.
- ساحات الحركة، وميادين العمل.
كثيرة هي الساحات والميادين التي يمكن أن تمارس فيها المرأة دورها المنشود في إبلاغ رسالتها وأداء أمانتها التي كلفت بها من ربها دون أن يخل ذلك بما يأمر به دينها.
- لتكن انطلاقتها من قاعدة المجتمع الأساسية، ولبنته الأولى، من داخل الأسرة بين أبويها وأخواتها، وزوجها وأبنائها وأقاربها.
- في مواقع العمل والدراسة، داخل الجامعة أو المدرسة، أو المؤسسة.
- في المرافق الصحية النسائية، وسجن النساء، دور الرعاية الاجتماعية.
- الاستفادة من وسائل الإعلام المقروءة، صحف ومجلات، ونشرات دورية والتي وللأسف الشديد تكاد تخلو من وجود القلم النسائي المسلم، في حين أنها تعج بالأقلام المنادية بالاتجاهات الأخرى.
- المؤسسات النسائية كالجمعيات، والأندية الأدبية مثلاً والحضور فيها.
- الاستفادة من المناسبات العامة كالأعراس، والحفلات، والأعياد، وغيرها من أماكن تجمع النساء على اختلاف مشاربهن، وتباين توجهاتهن؛ لأن مقاطعة أمثال هذه المناسبات يترك المجال مفتوحاً أمام الفكر المضاد. على أن يتم ذلك كله ضمن حدود قوله - تعالى -: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..} (النحل 125). دون تعصب، أو غلو، دون إفراط أو تفريط.
وبتحقيق ذلك تستطيع فتاتنا الجامعية أن تقوم بدورها الهام في تحقيق إيمان المجتمع، وإعادته إلى إسلامه الصحيح، الذي يثبت وجوده، ويبرز حقيقته ويزيل التناقض من مظاهر حياته، ويحل التوازن والوسطية مكانها، ويعالج مشكلاته من جذورها، ويتناولها من جميع جوانبها المادية، والنفسية، والمعنوية فيوجد الإنسان الصالح، الذي يقيم المجتمع الصالح، الذي تتحقق فيه الطمأنينة والاستقرار، والحياة الراسية على دعائم ثابتة لا تهن ولا تتزلزل.
فتحفظ للأمة وحدتها، ويتآخى أبناؤها، وتجتمع كلمتها في ظل وحدة تذوب فيها العصبيات القومية، والإقليمية، والفوارق الطبقية، واللونية واللغوية تحت شعار(لا إله إلا الله محمد رسول الله)، اعتقاداً، وقولاً، وعملاً.
فتتجدد روح الأمة وتقوى عزائمها، وتتحرك طاقاتها، وتدب فيها الحياة، فتستعيد كرامتها وشخصيتها وتبرز أصالتها واستقلالها، وتسترجع أستاذيتها للأمم جميعاً.
قال الله - تعالى -: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون} (التوبة 105)
أختي الجامعية..
هذا هو الطريق، وهو صعب وطويل ويحتاج إلى صبر جميل لكن لا بد لك من المضي فيه؛ لأنه قدرك الذي قدره الله عليك، وحملك أمانته، وهو سائلك عنها لا محالة.
وهذه هي مهمتك الغائبة، ودورك المفقود.
فهلا قمت بهما، وأرضيت ربك، وجاهدت في دينك. لتدخلي جنة عرضها السموات والأرض.
قال الله - تعالى -: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التوبة112)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والله أسأل لي ولكم المغفرة والسداد والعون، والرشاد، والثبات على دينه، وأن يرينا الحق حقاً ويعننا على اتباعه، والباطل باطلاً، ويعننا على اجتنابه.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/384)
كيف تحققين أهدافك ؟
الإجابة عن هذا السؤال ستجعلك تشرعين فورا في وضع أهدافك موضع التنفيذ دون تردد أو خوف من الفشل، وسوف تبذلين قصارى جهدك من أجل أن يتحقق الهدف الذي تخيلته رائعا في ذهنك.
فقط اكتبي أحلامكِ التي تريدين تحقيقها واضعة بالاعتبار هذه النقاط:
1- لتغيير أي شيء في حياتك لا بد أن تتوافر لديك الرغبة القوية، التي تشكل الدوافع والقوة لتحقيق الهدف؛ لذا اسألي نفسك ماذا أستفيد من تحقيق هذا الهدف؟ وكيف ستتغير حياتي نحو الأفضل نتيجة لذلك؟
2- من الضروري أن يترسخ في عقلك الباطن اعتقاد وإيمان قوي أنك قادرةٌ على تحقيق ما تريدين فإذا لم يصدق عقلك الواعي ما تريدين، فلن يصدقه عقلك الباطن وبالتالي لن يعمل على توجيهك في الاتجاه الصحيح.
3- اجعلي في أهدافك تحديا لقدراتك الدفينة بحيث تحركك خارج منطقة الراحة Comfort Zone التي تبرمجت بها أي تعودت عليها سنوات طويلة..فلا تكن أحلامك سهلةَ أو مستحيلة.
4- اكتبي أهدافك في مفكرتك أو على بطاقة أو ورقة يمكنك العودة إليها من آن إلى آخر، مع ذكر تفاصيل الهدف بالضبط كما تحبين أن يكون.إنك بذلك تضعين أساسات الهدف في ذاكرة عقلك، والقوة الدافعة التي تحول الأماني إلى هدف يمكن تحقيقه ببعض الخطط المنظمة.
5- اكتبي الفوائد التي تجنيها من ذلك وفكري في الجوانب المختلفة لحياتك وكيف تتغير إلى الأحسن نتيجة لذلك.
6- حددي أين أنت من هدفك، وأين تقفين الآن، وكم تحتاجين للوصول إلى نقطة النجاح.
7- حددي العوائق التي تقف حائلا دون تحقيق الهدف، وفكري كيف تقصيها من دربك أو تتكيفين معها بطريقة إيجابية بحيث لا تؤثر على خططك سلبا.
8- حددي مصادر المعرفة والخبرة التي تحتاجين إليها، فلربما تحتاجين للبحث والإطلاع، أو استشارة من تثقين به.
9- ضعي التفاصيل السابقة ضمن خطة مكتوبة ومفصلة لجميع الأنشطة التي تحتاجين إليها، وقسمي هدفك إلى أهداف- لا بد أن يكون هدفك قابلا للقياس ضمن حدود زمنية مع تحديد المهلة النهائية، فإن أراد الطالب أن يحصل علي تقدير عال في البكالوريوس فعليه أن يحدد لنفسه الرقم بالضبط، والذي على أساسه لا بد أن يرفع مستوى مقاييسه وقسمي هدفك إلى أهداف جزئية قابلة للقياس، وحددي الوقت اللازم لكل هدف فرعي.
10- تخيلي وتصوري اليوم المبارك عندما يتحقق ذلك الهدف، ثم أعيديه مرارا وتكرارا حيث ترين وتسمعين وتشعرين كيف تكون حياتك أكثر سعادة.
11- ساندي خطتك بالتصميم والعزيمة، وانتقي الأصدقاء والأقارب الذين يشعلون الحماس بداخلك ويدفعونك نحو النجاح، واحذري ممن يغار منك.
13- احترمي نفسك وامدحي سلوكك ونجاحك في تحقيق الأهداف الجزئية، وابتعدي عن اللوم والنقد الجارح إن أخطأت أو أخفقت فإن ذلك مدعاة إلى نسف كل خطتك والتقهقر إلى الوراء بل تحدثي بإيجابية دائما عن هدفك.. و.. تفاءلي.
14- لا ينبغي أن يفوتك تدريب نفسك علي مرونة التفكير التي تجعلك تجرين تعديلا مرنا في الخطة أو تستبدلينها بخطط أخرى بناء على المتغيرات الطارئة دون أن يولد ذلك إحساسا بالإحباط أو الاستسلام داخلك.
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/385)
أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً (1/2)
د. فريدة صادق زوزو
مقدمة:
تزايدت في الآونة الأخيرة نسبة النساء العاملات تماشياً مع متطلبات العصر الحديث، حيث إن العمل أصبح من أوليات الأمور التي تفكر بها المرأة بغرض تحقيق الكثير من مطالب الحياة المستجدة، في حين أن هذا الأمر لم يكن منتشراً من قبل بصورة كبيرة، إذ كان عمل المرأة الأول هو رعايتها لأولادها وشؤون بيتها، هذه الوظيفة الفطرية، وأما عملها خارج البيت فلم يكن إلا لضرورة قصوى تلبية لاحتياجات الأسرة المتزايدة أو في ظل غياب المعيل.
أما اليوم فلم يعد العمل مجرد مسألة عول بل أصبح من أولويات حياة المرأة، خاصة بعد التخرج من الجامعة، ولأن هدف الخروج للعمل والغاية منه تغيرت بتغير الزمن، فإن النساء العاملات أصبحن لا يستغنين عنه أبداً، لأنه وسيلة لتحقيق الذات، وكسب المال، وتوسيع نطاق العلاقات الاجتماعية، هذه الأخيرة التي قد تؤثر في بعض الأحايين على علاقة المرأة مع زوجها، خاصة إذا انفتحت المرأة العاملة في علاقاتها مع الرجال من زملائها في أماكن العمل المغلقة، وما ينتج عنه من الاختلاط والخلوة.
فتدور حول عمل المرأة خارج البيت كثير من المغالطات والخلل في الكيفية التي يسير عليها، الأمر الذي يعود بالأثر السيئ على استقرار بيت الزوجية، سواء في العلاقة العاطفية بين الزوجين، أو من ناحية اهتمام ورعاية الأم العاملة لأولادها، وقد تزداد المشكلة تعقيداً لتصل حد الطلاق وانحلال مؤسسة الأسرة، فيضيع الأولاد بين سؤال لا يجد له القضاء حلاً عملياً: من الحاضن؟ ويبحث الزوج عن امرأة أخرى تعطيه الاستقرار المفقود.
ولذا فإن هذه الورقة تحاول النظر في مدى أثر عمل المرأة خارج بيتها على استقرار بيت الزوجية، وتتخذ الورقة المرأة الماليزية المسلمة حالة لدراسة هذه القضية، وذلك لانتشار ظاهرة عمل المرأة خارج بيتها في المجتمع الماليزي، للاستفادة من الحلول المطروحة لهذه المشكلة.
وقد اعتمدت في كتابة هذه الورقة ابتداء على المقابلة الشخصية والتحاور مع عدد من النساء العاملات معي في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا، وبعض العاملات في الجامعة العالمية الإسلامية ماليزيا، وبعض الموظفات في أماكن متفرقة، واللاتي يختلف مستواهن من حارسة إلى موظفة إدارية، إلى محاضرة ومعيدة ومدرسة، وطبيبة وممرضة، ومسؤولة كبيرة في الإدارة وقاضية الخ، ثم بعض السيدات ذوات الشهادات العالية والمتفرغات لتربية أولادهن، ثم اعتمدت على البحث المكتبي في الموضوع نفسه، من خلال دراسات علمية أكاديمية متخصصة، وإحصائيات حكومية، ومقالات في الجرائد والمجلات، وغيرها.
مفهوم عمل المرأة خارج البيت:
عرفت د/ كاميليا المرأة العاملة بأنها المرأة التي تعمل خارج المنزل وتحصل على أجر مقابل عملها، وهي التي تقوم بدورين أساسيين في الحياة دور ربة البيت ودور الموظفة[i].
والحقيقة أن هذا التعريف يكتنفه نوع من النقص، على اعتبار أنه لم يعتبر وظيفة المرأة داخل بيتها عملا، فالمرأة عموما والمسلمة خصوصا تؤدي جميع أعمال البيت عن رضا كامل من تنظيف وطبخ والأهم من ذلك تربية الأولاد.
فهل لأن عمل داخل البيت لا يوجد فيه دخل قد يخرجه عن مفهوم العمل السائد (مقابل أجر)؟
لذا فإنني في ورقتي هذه قيّدت العمل بـ: خارج البيت، حتى يتراءى للقارئ أنني أعتبر الأعمال البيتية أحد أنواع العمل والوظيفة، وليس بالضرورة أن العمل هو ما يتقاضى عنه الإنسان مقابلا وأجرا.
فالمقصود من عمل المرأة خارج البيت، هو التحاقها بأحد مراكز العمل الحكومية منها أو الخاصة، في أوقات محددة باليوم أو الأسبوع نظير مبلغ مالي معين ومحدد قابل للزيادة.
وهنا أخصص ماليزيا بالذكر في تعداد بعض القطاعات التي تشتغل بها المرأة، ومنها ما تنفرد به المرأة الماليزية، فإذا كان عمل المرأة خارج بيتها في المصانع بأنواعها، وفي مجال التعليم على مستوياته المتعددة، وخروجها في الريف للزراعة، وعملها في المحلات التجارية كمسوق أو بائع، وغيرها مما ورد ذكره في (خطط ماليزيا السادسة 1991م/1995م)[ii] إلا أن ما يتميز به المجتمع الماليزي هو عمل المرأة بالقرب من بيتها، سواء في تحضيرها للطعام وبيعه جاهزا للعمال والموظفين، أو بيعها للجرائد والأزهار، وهذا النوع من العمل أرى أنه عمل مميز لا يحتاج من المرأة أن تغيب عن بيتها مدة طويلة، وإنما هو عمل محدد بوقت خروج العمال وتلاميذ المدارس طلبا للوجبات الخفيفة، أو الصبيحة الباكرة، ويحدث أن تتقاسم الجارات محل العمل نفسه، بحيث تبيع إحداهن في الصبيحة والأخرى ظهرا وأخرى مساءً.
دواعي عمل المرأة خارج البيت عموماً وفي ماليزيا خصوصاً:
تتزايد من سنة لأخرى نسبة النساء العاملات خارج البيت، إذ استعضن بالعمل الخارجي العمل الفطري للمرأة داخل بيتها، هذه الوظيفة التي عرفت قديما وما زالت المرأة مُطالبة بأدائها على اعتبار أنها الوظيفة الطبيعية الفطرية التي جبلت عليها، وعلى اعتبار أيضاً أنها وظيفتها الأساسية، في حين "أن عملها خارج البيت هو استثناء من الأصل الذي يقضي بمقامها في بيتها للتصدي للرسالة المقدسة، والوظيفة الخطيرة التي كلفت بحملها"[iii].
غير أن تداعيات التطور الحادث في المجتمع كان له الأثر البارز في خروج المرأة للعمل، فبعد أن كان هذا الخروج مقترناً بالضرورة والحاجة الداعية إليه عند فقد المعيل ورب الأسرة، أصبح في الوقت الحاضر هو نفسه الضرورة، خاصة بعد أخذ المرأة كفايتها وحظها من التعليم، والتعليم العالي بالخصوص، وبعد أن أصبح التعليم إلزامياً، "فحصول النساء على مؤهل علمي قد أدى إلى تحسين فرص التوظيف لهن"[iv]، وهذا هو السبب الأول الداعي لعمل المرأة.
أما السبب الثاني فهو غلاء المعيشة الذي استلزم عمل الزوجين معاً لأجل تدبير أمور الحياة المعيشية لهما ولأبنائهما، ولعائلتيهما (والديهما) من ذوي الدخل المنخفض، وهذا العمل بدوره يساعد المرأة على الاشتراك والانخراط في الجمعيات التعاونية بمقدار مالي محدد لكل شهر، وهو الأمر الذي يساعدها في التوفير بطريق غير مباشر لصرفه في الوقت المناسب، وفي هذا المجال أصبح العمل ضرورة ملحة يقتضيها هذا الزمن.
وقد أقام قسم استقصاء السكان والأسرة بماليزيا بحثاً عن كيفية إيجاد فرص العمل ومجالاتها، ومن أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث أن أكثر النساء الماليزيات يدخلن سوق العمل سواء قبل أو بعد الزواج بناء على دواعي مادية، وهذا يتضح حينما نعلم أن أكثر النساء غير المتزوجات يعملن أساساً لمساعدة أُسرهن خاصة عند فقد العائل أو عجزه، أما المتزوجات فأكثرهن يعملن ليحصلن على زيادة في دخل الأسرة[v].
وأما السبب الثالث فيتمثل في دور المؤسسات السياسية والاقتصادية التي كفلت فرص العمل، والدعوة إلى خروج المرأة للعمل بغرض ترقية مستواها ومساهمتها في التنمية الاقتصادية لبلدها. فبالنسبة للنموذج الماليزي هنا، وحسب التعداد السكاني لعام 2000م فإن الكثافة السكانية كانت قرابة 23 مليون نسمة. ومعدل النساء يقارب 50% أي حوالي نصف السكان، "فالنساء هن المصادر البشرية للبلد، وبإمكاننا وعلينا الاعتماد على الطاقة النسوية لمؤازرة الدولة لتصبح صناعية ومتطورة"[vi].
وفي الوقت الراهن فإن نسبة النساء في القوى العاملة هي 47% بينما نسبة الرجال 84% والمسألة ليست زيادة نسبة عدد النساء في القوى العاملة وإنما تعزيز مكانة المرأة في القوى العاملة)[vii].
وقد توجد أسباب أخرى غير مباشرة أو أسباب ثانوية تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت! خاصة وإذا كانت المرأة قد أخذت قسطا عاليا من الدراسة والتكوين المهني، فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن المقصد الأساس منه هو التوظيف، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها الفطري وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع! "ولكن الصناعة والتعليم الأفضل والمؤهلات سحبت المرأة لمشاركة القوى العالمة، ولهذا تأثير على الحياة الأسرية"[viii].
وهذا من جانب إضافة إلى جانب آخر لم أره إلا في المجتمع الماليزي ومن خلال تعاملاتي اليومية مع بعض السيدات الكبيرات في السن (ممرضات، حارسات، طباخات، عاملات تنظيف)، فحينما أسألهن عن سبب الخروج للعمل وتفضيله عن البقاء في البيت، يجمعن كلهن على أن السبب هو الإحساس بالملل والفراغ بسبب خروج الأبناء والزوج للعمل أو الدراسة، ويجدر التنبيه أن أكثرهن كن عاملات ووصلن لسن التقاعد، وهذا يعني أن لديهن معاش التقاعد، فليس السبب إذن في خروجهن هو كسب المال بل الإحساس بالملل والفراغ والكآبة، في زمن لم يعد فيه وجود للعائلات الممتدة، إذ حلت الأسر النووية محلها، وضاعت في زحمة الحياة الروابط الاجتماعية!!
آثار عمل المرأة خارج البيت
الآثار الإيجابية: (المساعدة في تنمية الوطن، المساهمة في زيادة الدخل، المشاركة في الأعباء المالية للزوج).
المساعدة في تنمية الوطن:
تشير (خطة التنمية الماليزية السابعة، 1996م/2000م) إلى أن نسبة خروج النساء للعمل خارج البيوت زادت من 30.8% في عام 1957م إلى 47.1% لعام 1995م، بغرض المشاركة في تنمية الموارد الاقتصادية لماليزيا بعد الاستقلال، "والجدير بالذكر أن النساء الماليزيات قد خرجن من المنزل ليشاركن الرجل في ميادين الأعمال العامة ليس بناءً على تقليد المرأة الأوروبية والتشبه بها"[ix]. إلا أن التحديث والتطور الإنتاجي في ماليزيا ومشروع رؤية 2020م، أدى إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، وبدأت المرأة الماليزية تشارك في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، زراعيا، وصناعيا، وفي قطاع الخدمات التعليمية والإدارية، وذلك لحاجات التنمية الوطنية إلى مهاراتها، وخبرتها، وجهدها[x].
المساهمة في زيادة الدخل:
مشاركة المرأة الماليزية بشكل واسع في جميع أنواع مجالات وقطاعات العمل أدى إلى زيادة حركة التنمية وتوجيهها نحو الأفضل، وهو ما تبيّنه تقارير قسم التخطيط الماليزي والتي دلت على ارتفاع الدخل لا سيما في السنوات الأخيرة، في المدن والأرياف على السواء.
ويوضح أحد التقارير ما يلي: "أن مقدار النفقات المعيشية الشهرية في المدن في تزايد مستمر من 1.406 رنغيت خلال سنوات 1993م/ 1994م إلى 1.942 رنغيت خلال سنة 1998م/1999م، أما بالنسبة لمقدار النفقات المعيشية الشهرية في القرى فإنه كذلك ارتفع من 854 رنغيت إلى 1.270 رنغيت خلال السنة نفسها"[xi].
المشاركة في الأعباء المالية للزوج:
مما لا شك فيه أن عمل المرأة خارج البيت أصبح يشكل دعما اقتصاديا قويا للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو السبب الثاني من دواعي خروج المرأة للعمل خارج البيت. فإن متطلبات الحياة اليومية زادت وتطورت في ظل النظام الرأسمالي بالذات[xii]. وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في توفير النفقات اليومية للأسرة. وإن كان الأصل أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات البيت الأصلية كاملة؛ إلا أن الزوجة تتحمل النفقات الإضافية من باب التطوع منها على ذلك، كما أنه يزيد من المودة والرحمة بين الزوجين في كل الظروف والأحوال[xiii].
الآثار السلبية لعمل المرأة خارج البيت:
لعمل المرأة خارج البيت –بجانب الآثار الإيجابية- آثار سلبية عديدة قد تفوق في خطورتها وأهمية الاهتمام بها الآثار الإيجابية، وقد ارتأيت، عند تركيزي على حالة ماليزيا، أن أنظر إلى الآثار السلبية من خلال زاويتين؛
أولهما الآثار السلبية العائدة على مكونات الأسرة الثلاثة؛ الأب (الزوج) والأم (المرأة)، والأولاد، ولذلك فإني قسمتها إلى آثار عائدة على الأولاد، وآثار عائدة على المرأة، وآثار عائدة على الزوج.
أما ثانيهما فهو الأخطر من بين كل الآثار وهو الطلاق، ذلك أنه يهز أركان الأسرة ويشتتها وينهي البناء الأسري ويفرق أفرادها.
أولا: الآثار العائدة على الأولاد: عادة ما تخرج المرأة للعمل تاركة وراءها أولادا، وفي كثير من الأحيان والديها أو أحدهما؛ الأمر الذي يتطلب منها تدبير شؤونها التي تركتها وراءها، فهي إما ترسل أولادها إلى الحضانة وإما تجلب خادمة تساعدها، كما أنها تضطر في أحيان كثيرة لإحضار خادمة أخرى لوالديها العاجزين.
كما وأنه عادة ما يكون مكان العمل بعيدا مما يستلزم الخروج المبكر للحصول على وسيلة النقل، خاصة أن المصانع عادة ما تكون خارج المدينة السكنية، الأمر الذي ينتج عنه بقاؤها خارج البيت لمدة تزيد على 12 ساعة أو أقل بقليل فقط، ومنه سيبقى الأولاد بدون أمهم كل هذه المدة وهو أمر ليس هيّنا.
إن الطفل لا يحتاج فقط إلى من يوفر له أمور وحاجيات الأكل والنظافة والنوم فقط وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه أي خادمة أو حضانة ولكن الطفل يحتاج ضمن الأمور السابقة الذكر الحنان وعاطفة الأمومة التي لا يمكن للخادمة مهما أوتيت من ثقة وأمانة وحنان أن تعطيها له؛ لأن هذا الطفل أجيرها فقط، وهي تعمل كأي عامل يؤدي عمله على حسب ما يساويه الأجر فقط، ولا يمكن لعاطفة الأمومة أن تُباع أو تُستعار أو تكتسب لأنها فطرة الله التي فطرها الأم عندما حملت جنينها ووضعته وليدا وألقمته بعد ذلك صدرها.
ناهيك عن الأطفال وهم في سن المراهقة، وهم في سن الشباب...
ثانياً: الآثار العائدة على المرأة نفسها:
إن المرأة العاملة وبسبب كثرة وتعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فإنها تُصاب بالإرهاق المؤدي إلى الضغط النفسي[xiv]، فإذا ما أدت عملها خارج البيت بكل جهدها وبإتقان فإنه سيرجع بالعكس على أولادها ومسؤولياتها تجاه زوجها خصوصا، ثم بيتها عموما، فلا تقدر على الأداء الجيد لأنها مجهدة ومرهقة، وبالتالي غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها البيتية، وإذا ما حدث العكس فإن عملها خارج البيت سيتأثر بتأخرها وكثرة غيابها أو بخروجها المبكر من محل العمل.. إلخ.
والأدهى والأمر من هذا كله هو الإرهاق وضغط الأعصاب الذي يلاحقها في بيتها ومكان عملها، بين ثنائية الصراع (الاستقرار والبقاء إلى جنب أبنائها ترعاهم وتقوم على تدبير شؤونهم، أو إغراء العمل خارج البيت تحقيقاً للذات وكسباً للمال وجرياً وراء مغريات الحياة).
وهكذا تجد المرأة نفسها في دوامة صراع يومية، بين العمل خارج البيت وبين مسؤولياتها تجاه أولادها (تربيتهم، رعايتهم، مساعدتهم في دروسهم)، وبين زوج يريد زوجة حنونا تلطف له جو الحياة المشحون والمضغوط، وبين بيت يحتاج إلى تنظيف وووو...
ثالثا: الآثار العائدة على الزوج:
عمل المرأة خارج البيت وما يترتب عليه من آثار (على الأولاد وعلى الزوجة نفسها)، كما سبقت الإشارة إليه، تؤثر على نفسية الزوج بالسلب وربما إلى حد الإرهاق النفسي أحياناً أخرى[xv]، حين يرى أولاده ضائعين بين خادمة عديمة الإحساس، تائهين بين تلفزيون أو ألعاب فيديو مخدرين لا يهتمون لما يدور حولهم، وهذا هو الأثر الأول.
أما الثاني فهو إهمال شؤون البيت وإهمال المرأة نفسها مما يبعث في نفس الرجل بالملل في الحياة اليومية الروتينية مع زوجة عاملة لا تهتم بنفسها في البيت بقدر ما تهتم بزينتها للخروج للعمل.
وأخيراً حين يرى زوجته العاملة المرهقة تعبة من عملها، تزيدها أعباء ومسؤوليات البيت إرهاقاً، يدخل هو أيضاً في دوامة، ففي خضم هذه الأجواء لا يجد لنفسه مقاماً، ويتحرج أن يبوح باحتياجاته النفسية.
رابعا: الطلاق
وهو جوهر البحث ولبه، وهو كما أسلفنا أخطر الآثار المترتبة على عمل المرأة خارج البيت بما له من خطورة إنهاء كيان مؤسسة الأسرة، ولذلك فإن هذه الورقة تعطيه عناية خاصة وتربطه بحالة ماليزيا خاصة.
نظرة عامة حول ارتفاع نسبة الطلاق:
تشهد الآونة الأخيرة صعوداً متتالياً في نسبة الطلاق في المجتمع الإسلامي والذي نحن بصدد أخذه محور الدراسة، وهذه ثلاثة أمثلة من دول إسلامية متباعدة في الموقع الجغرافي وهي (المغرب- الكويت- ماليزيا).
حيث يرى باحثون اجتماعيون في المغرب أن: "ثلث الزيجات التي ترتبط في فصل الصيف تنتهي بالطلاق قبل فصل الشتاء، حسب المصادر الرسمية، التي تؤكد أن أكثر من نصف أزواج صيف 2000م طُلقوا قبل حلول صيف 2001م، بل إن نسبة 70% من الزيجات لا تبلغ السنة الثالثة لارتباطها، علماً بأن جزءًا من البيوت لا تضمن استمرارها سوى بتحمل أحد الطرفين[xvi].
وأما عن الكويت فإن رئيسة مكتب الاستشارات الأسرية تورد أهم أسباب الطلاق في المجتمع الكويتي: الاختيار الخاطئ، وزواج المصالح، عدم المصارحة بين الزوجين، وزواج البدل، وعدم نضج أحد الزوجين لتحمل مسؤوليات الأسرة وهذا فيما يخص الزواج في السنوات الخمس الأولى، أما الطلاق الذي يتم بعد فترة تتجاوز العشر سنوات فإن الأسباب تختلف وهي: إهمال الزوجة لنفسها، هجر الزوج لبيته واستقلاله بحياته، اختلال الأدوار بتحمل أحد الزوجين أكثر من طاقته، وأخيراً الزواج الثاني للزوج[xvii].
أما عن نسبة الطلاق في ماليزيا فهي في تزايد مستمر عكس الزواج الذي أخذ في النقصان، وهذا مثال لإحدى الولايات الماليزية هي مدينة (سلانجور)، إذ تدل مثلاً إحصائيات سنة 2000م أن عدد الزيجات هي 9597، وفي عام 2001م وصلت 10990، أما سنة 2002م (من شهر يناير حتى مايو) 144 زواجاً فقط، أي بمعدل 172 حالة زواج في الشهر الواحد[xviii].
ويقابلها من الناحية الأخرى إحصائيات الطلاق للسنوات نفسها، 2075، 1878، 2642 على الترتيب السابق للسنوات، وإذا ما قورنت بإحصائيات السنوات التي قبلها مثل 1990- 1994م، فإن الإحصائيات كالآتي: 918-1264-460-937-1318[xix].
وفيما يتعلق بإحصائيات عام 2003م (الإحصاء الأخير بين يونيو ويوليو وسبتمبر حسب كل ولاية) لبعض الولايات الماليزية مجتمعة هي (قدح- بيرك- سيلنجور- نقري سنبيلان- ملاكا- باهنج- سرواك) فإن إحصائيات الزواج 29518؛ وفي المقابل فإن إحصائيات الطلاق كانت 4507 حالة (تنقص منها ولاية باهنج)[xx].
وأما الأسباب : فهي تدور بين العوامل الداخلية مثل الخصام الدائم والقلق الذي يعيشه أحد الزوجين، وعدم الالتزام بتعاليم الدين، وأما العوامل الخارجية فتتمثل في عمل المرأة، ومشاركتها في الأنشطة الخارجية، والتعدد وتدخل الطرف الثالث (الأم، الأخت ومن غير أفراد العائلة)، وعدم عمل الزوج، وعموماً المشاكل المالية[xxii]. كما أن نسبة الطلاق أكثر ما تكون بين المتزوجين الجدد وهم في مقتبل العمر (20-30 سنة) وبعد مرور عامين فقط من الزواج.
أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً (2/2)
د. فريدة صادق زوزو
هل عمل المرأة عامل مؤثر في وقوع الطلاق؟
الطلاق الناجم بسبب عمل المرأة خارج البيت إنما هو سبب استدعته تراكمات من الأسباب التي تجعل من العمل هو السبب الداعي للطلاق في بعض الأحيان.
(ويعتبر عمل المرأة من أسباب تصاعد الخلافات الزوجية، وذلك حين تعطي بعض الزوجات لعملهن الاهتمام الأكبر على حساب علاقتهن بأزواجهن وأبنائهن)[i].
فإن أسباب الوصول إلى هذه النتيجة لا ترجع بالأصالة إلى عمل المرأة مباشرة، وإنما إلى أسباب غير مباشرة متعلقة بالعمل نفسه لتجد في الطلاق الحل السريع لها، ومنها ما هو متعلق بالمرأة ولذا يكون طلب الطلاق من جانبها، ومنها ما يرجع إلى الرجل فيكون طلب الطلاق من جانبه.
أولاً: أسباب طلب المرأة العاملة للطلاق.
- الخلاف بين الزوجين:
الحقيقة أن الخلافات اليومية بين الزوجين أمر عادي في عدم الاتفاق على شؤون بيتية، إلا أن الخلافات المقصودة هنا هي الخلافات الجوهرية التي تجد في عمل المرأة النقطة التي يفيض بها الكأس، لينهدم عش الزوجية.
فالمرأة العاملة تجد في عملها متنفساً لخلافاتها مع زوجها، حين تتحدث مع زميلاتها أو زملائها، ومن هنا يحدث أن يتدخل طرف ثالث في الخلاف البسيط ليتحول إلى خلاف عميق، فتجد المرأة نفسها تسمع بشغف للطرف الثالث علّه يوجهها إلى الحل الأفضل لهذه الخلافات الدائمة (إذا كانت كذلك).
- الاختلاط المؤدي إلى عقد الزوجة مقارنات بين زوجها وزملائها من الرجال:
الحقيقة أن الاختلاط في أماكن العمل أحد أهم أسباب المشاكل بين المرأة وزوجها، فلو أنه لا وجود للاختلاط لكان عمل المرأة يمكن تقبله في أحيان كثيرة من طرف الزوج، لأن الاختلاط من شأنه أن يوسع مجال علاقات المرأة مع زملائها من الرجال وتدخل معهم في حديث عن أمور خارجة عن مجال العمل وشؤونه، ومن ثمة تحدث العلاقات الآثمة في بعض الأحيان لتهجر المرأة زوجها وتقع في حب زميلها، وتطلب الطلاق، (وهنا حادثة كنت قد قرأتها في جريدة ماليزية يومية لا أنساها ما حييت: عن ماليزية مسلمة متزوجة وذات أطفال تقع في غرام زميلها الصيني غير المسلم وتسأل عن الحل؟!).. أي حل لهذه المرأة التي تسأل عن حل في علاقة محظورة أولاً، ومع صيني غير مسلم ثانياً؟!!
فالقضية تضمنت محظورين شرعيين، فهل فيه أكثر من هذا مثالاً؟
وكثير جداً ما يحدد العلماء والدعاة لعمل المرأة شروطاً وضوابط يجب الالتزام بها لمصلحة المرأة نفسها ومصلحة المجتمع عموماً، ودائماً يكون شرط عدم الاختلاط هو أحد الشروط الأساسية، ولم يأت هذا الشرط هباءً، إنما جاء لأجل تجنب المفاسد التي تنجم من الاختلاط سواء أكانت مفاسد أخلاقية أو اجتماعية.
- انفتاح المرأة العاملة على العالم الخارجي بمغرياته وشهواته:
إن المرأة العاملة وبخروجها اليومي تحصل على "مزيد من حرية من التنقل والتجول والتخلص من مسؤوليات البيت والأسرة"[ii].
هذا التنقل الذي تحتج به على شراء مستلزماتها الخاصة، فالقائمة طويلة ولا يفهم فيها الزوج، خاصة مستلزمات خروجها اليومي.. وبالتنقل بين المحلات والتجوال الطويل للتسوق تبتعد المرأة العاملة عن بيتها متخلصة بذلك من أقل أقل وقت تعطيه لأبنائها، وهي بذلك تردد أنها تخرج بغرض الترويح عن النفس من ضجيج الأولاد والكآبة التي تنبعث بنفسها ببقائها معهم أطول فترة ممكنة في اليوم أو الأسبوع ككل!
- الكسب المادي المستقل بها:
خروج المرأة للعمل واستقلالها الاقتصادي وراء معظم المشاكل الزوجية؛ فقد كانت المرأة تعتمد على زوجها اقتصادياً فتتأقلم مع المشاكل وتصبر لتستمر حياتها معه، أما اليوم فالمرأة كل أملها أن تبني مستقبلها المادي.(82/386)
وبالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية المترتبة على خروج المرأة للعمل، فلم تعد هناك الثقة والشعور بالأمان بين الزوجين، خاصة المرأة، فالمرأة أصبح كل أملها تأمين نفسها اقتصادياً بعد أن كان زوجها كل حياتها، الطموحات المادية؛ فالكماليات أصبحت أساسيات في حياة كل أسرة اليوم[iii].
وهذا من ناحية أما من الناحية الأخرى فإن الخصام يحدث بين الزوج والزوجة في: من الأحق بهذا المال؟
إذ ترى الزوجة أنها تتعب وتشقى داخل البيت وخارجه، وبالتالي فلها الحق الكامل في هذا المال، ولها كامل حرية التصرف فيه، سواء على نفسها وبيتها فقط، أم تعطي منه لأبيها وأمها أو إخوانها مثلاً ممن تعيلهم.
في حين يرى الزوج أنه وأبناؤهما الأحق بالمال فقط لأنه هو الذي سمح لها بالعمل، ومنه فإنه لا يناقشها في أمور البيت وإهمالها له ولأولادهما، وبالتالي فلا حق لأسرتها في هذا المال.
وهنا تظهر مسألة مهمة تؤدي إلى الخلاف ووقوع الطلاق بين أفراد المجتمع الماليزي هذه المسألة هي ما يسمى (المال المشترك).. "ونظراً إلى أن معظم النساء الملاويات تجلبن دخلاً للأسرة فهناك أحكام في المجتمع المالوي غير موجودة في المجتمعات الأخرى وذلك مثل مسألة الممتلكات المشتركة في حالة الطلاق"[iv].
والمقصود بالمال المشترك كما جاء في قانون الأحوال الشخصية الماليزي: "المال والممتلكات المتحصل عليها خلال فترة الزواج بالتعاون بين الزوجين"[v]. وتثار هذه المسألة في العادة بعد الطلاق أو وفاة أحد الزوجين، فهي لا تدخل في متعة المطلقة ولا تدخل أيضاً في الميراث، إنما يرى المقننون الماليزيون أنه من الواجب تحديد نصيب كل طرف سواء أكان الزوجان عاملين، أو في حال بقاء الزوجة في البيت ترعى وتربي أطفالهما.. ففي حال عمل المرأة خارج البيت تظهر بصورة مباشرة مدى مساهمتها في شراء أغراض البيت وأثاثه أو المشاركة في بناء البيت والسيارة وغيرها، وأما في حال عدم عمل المرأة خارج البيت هنا تثار النزاعات بين الزوجين على اعتبار أن المرأة كانت تؤدي وظيفة الأمومة والتنظيف والطبخ مما تحتاج فيه إلى مقابل سوى النفقة أو متعة الطلاق، وهنا النزاع والخلاف القانوني.
ثانياً: أسباب طلب الرجل للطلاق.
- الخلاف بين الزوجين:
الخلافات اليومية بين الأزواج تتغذى وتتطعم وتزداد بمدى الضغط النفسي الذي يعيشه كلاهما، فتجد في الخلافات تفريغاً وتوسيعاً ليتعمق الخلاف البسيط إلى خلاف مزمن يثور في كل لحظة انفعال أو غضب، فعمل المرأة يثير نار الخلافات اليومية مثلما يغذي القش النار.
- إهمال العاملة لزوجها وأولادها وبيتها عموماً:
كما سبقت الإشارة إليه في موضوع السلبيات العائدة على الأسرة بسبب عمل المرأة خارج البيت، فهذه الآثار تستدعي في مرات كثيرة أن يلجأ الزوج لطلب الطلاق؛ لأن زوجته وبسبب انشغالاتها الخارجية والضغوط النفسية التي تعاني منها عند رجوعها إلى البيت، يحدث أن تهمل أبناءها وزوجها إهمالاً وإن كان غير مقصود، ولكنه ذو نتائج وخيمة على نفسية الأبناء والزوج ابتداء مما يحذو به أن يفكر أو يبادر بالتهديد بالطلاق، لأن الجو الأسري انعدم، والعناية بالزوج قلّت، والاهتمام بالأولاد لا مجال له، وأما ترتيب البيت وتهيئته فلا مجال للحديث عنه.
- غيرة الزوج:
نوعية عمل المرأة خارج البيت، ومدى اختلاطها مع الرجال هو الذي يسبب غيرة الزوج، إذ تجده في عمله يفكر في زوجته العاملة وماذا تفعل خلال ساعات عملها، خاصة إذا كانت تشتغل في وسط مليء بالزملاء من الرجال ونوع العمل يستلزم منها اختلاطاً بهم، ومجالسة مستمرة بينهم.. إذ يحدث نوع من العلاقة الحميمية بين النساء والرجال العاملين في وسط واحد، خاصة المغلق منه (العمل الإداري بأنواعه) مما يكون مدعاة لغيرة الرجل.
سبل تقليص الوقوع في مأزق الطلاق وانحلال الأسرة
وبغرض التقليل من حدة هذه المشكلة أو حلها جذرياً يستلزم التعاون مع الجهات المختصة لتقنين بعض المواد المتعلقة بهذا الموضوع، فإن الموضوع يحكمه طرفان؛ المرأة العاملة نفسها، والجهة التي تعمل بها.
أولا: الطرق الوقائية الإجرائية التي تعدها الدولة ومراكز العمل.
فمن جهة مكان عمل المرأة يجب مراعاة:
- ضوابط عمل المرأة والبيئة التي تعمل بها ونوعية العمل:
- أن يكون العمل ذاته مشروعاً، فلا يكون من الأعمال المبتذلة مثلاً، ولا يشوبه حرام في نفسه أو مفضياً إلى ارتكاب حرام؛ كالمرأة التي تعمل خادمة لدى رجل أعزب، إذ ينبغي على المرأة أن تختار العمل الذي يرضي الله وليس فيه معصية له سبحانه[vi].
- "أن يكون العمل متناسباً مع طبيعة المرأة وفطرتها الأنثوية، وقدراتها الجسمية، واستعداداتها النفسية"[vii].
- تخصيص أماكن عمل للنساء فقط في الأماكن التي تستلزم أن تكون مغلقة (الوظائف الإدارية مثلاً وقطاعات الخدمات)، في جو تحوم عليه الأجواء الإسلامية تطبيقاً لشرع الله في تحريم الخلوة بين الرجل والمرأة، فعلى المرأة أن تتخير أماكن العمل التي تكون فيها في مأمن من الاختلاط بالرجال والخلوة بهم.
ومعنى هذا "توفير الجو الملائم والمناخ المناسب لعمل المرأة في إطار العفة والكرامة وصيانة العرض والشرف بعيدة عن كل مواقع الشبهات والريب والشكوك والمزايدات والمساومات"[viii].
- مراعاة خصوصيات المرأة العاملة مع حقوق الطفل قبل المدرسة:
الحالة الأولى:
المرأة العاملة الحامل، والمرأة العاملة ذات أطفال في سن ما قبل المدرسة.
مما تدعو إليه الأمهات العاملات السلطات المعنية بالأمر بخصوص المرأة العاملة الحامل أن تولي أهمية لمسألة الحمل ذاتها، فإن الجنين يحس بأمه وهي تتعب أو هي مكتئبة ومجهدة، كما لا يمكن تجاهل الفترة الأولى للحمل (الثلاثة أشهر الأولى) بحيث تكون نفسية المرأة متدهورة والأعراض المرضية كثيرة، فكيف لعاملة تأدية عملها على أحسن وجه وهي تمر بهذه الفترة الصعبة.
"إن الأمهات العاملات والحوامل في نفس الوقت قد يكن عرضة للإجهاد النفسي بسهولة، ويحتجن لمساندة المشرفين عليهن في أماكن العمل للموازنة بين ضغط العمل ومتعة الحمل.. وهذا تحدٍ كبير في ثقافة العمل التي تؤكد على أهمية الحصول على الأرباح أولا، متوقعة من العاملات حل مشاكلهن وشكاواهن الأسرية بأنفسهن.. يجب على المجموعات النسائية إقناع المنظمات بمسؤوليتهن الأخلاقية في المحافظة على أجيال المستقبل"[ix].
ناهيك عن فترة ما بعد الولادة حيث ما إن تنهي المرأة مدة عطلة الأمومة (وهي مشكلة أخرى وجب النظر فيها) وترجع إلى عملها، يبقى رضيعها في حاجة إليها، وقد يستغني الرضيع عن أمه بزجاجة حليب اصطناعي، ولكنه لا يستغني عن حنانها ودف صدرها، وهو مما أولت له بعض الدول اهتماماً، فأصدرت قوانين تسمح للعاملة بما أسمته (ساعة الرضاع)، فهي إما ساعة في الصباح بحيث تدخل العاملة عملها متأخرة بنحو ساعة، أو تخرج قبل نهاية الدوام بساعة كما هو القانون الجزائري.
في حين أن القانون السعودي يجعل اختيار هذه الساعة للمرأة تختارها أنى تشاء.
أما عن عطلة الأمومة فهي أم المشكلات إذ إن بعض الدول حددتها بشهرين (ماليزيا مثلاً)، والبعض الآخر 3 أشهر (الجزائر مثلاً).
غير أن الحديث الدائر هذه الأيام، والنقاش يدور حول مدى إمكانية زيادة مدة هذه العطلة، وهنا وجب التفريق بين عطلة الولادة وعطلة الأمومة.
فعطلة الأمومة يمكن أن تصل إلى الثلاث سنوات مثلاً أين يمكن للطفل أن يُرسل إلى الروضة، ففي نيوزيلاند يدور الحديث عن سنتين وفي الإمارات ثلاث سنوات، وفي مصر الحديث عن ست سنوات (أي قبيل دخول الطفل للمدرسة)، وبين هذا وذاك يبقى كفاح الأمهات العاملات مستمراً حتى يتحقق لهن الأمل المنشود في التوفيق بين العمل خارج البيت وبين إنجاب ورعاية وتربية الأبناء!
الحالة الثانية:
وجود الأولاد في المدرسة.
تورد الأستاذة الدكتورة خليجة الماليزية محمد صالح وهي الأستاذة المتخصصة في الفيزياء، تورد تساؤلاً مهماً ومثيراً يخاطب المرأة ابتداءً والأب تبعاً، ثم تخاطب الجهات الحكومية المعنية والمهتمة بخروج النساء للعمل قائلة:
"كيف يمكن تأسيس رعاية الأطفال؟ وما الممكن تقديمه للآباء لضمان أن أطفالهم الذين تركوهم عندما ذهبوا لأعمالهم غير محرومين من الحب والرعاية الطيبة والتنشئة التي يحتاجونها لنمو وتطور متكامل"[x].
وفي هذه المسألة أقترح كحل لها أن تكون مدة عمل المرأة نصف دوام بنصف راتب، بحيث تختار المرأة عملها إما أن يكون في نصف النهار الأول أو النصف الثاني تماشياً مع البرنامج الدراسي لأطفالها.
ففي ماليزيا مثلا للوالدين اختيار ساعات الدراسة المناسبة لأبنائهم إما البرنامج الصباحي أو المسائي، وهذا الاختيار يبدأ من روضة الأطفال وحتى المدارس الثانوية، ومن هنا فللأم العاملة أن تختار العمل في الفترة المتوافقة مع دراسة أبنائها، ليكون لها الوقت الكافي للبقاء معهم بحيث ترعاهم في هذه المدة وتعني بشؤونهم المتعددة إما الدراسية منها أو من ناحية تجهيز أكلهم والأهم من هذا وذاك الجلوس إليهم والاستماع منهم.
- وضع قوانين لمنع التحرش الجنسي أثناء تأدية العمل وخارجه:
التحرش الجنسي بأنواعه الفعلية أو القولية من أكبر المصاعب التي تواجهها المرأة العاملة؛ خاصة وهي في طريقها لمكان العمل، أو في مقر العمل نفسه.
وعلى الرغم من أن هذه المشاكل تندر في المجتمع الماليزي، فإن القانون الماليزي شرّع لهذه المسالة قوانين مضبوطة، كما تنص عليه المادة 106 من قانون حماية النساء والفتيات لعام 1973م والذي ما يزال ساري المفعول.
ثانيا: الطرق الإجرائية التي تخص المرأة العاملة.
وأما ما يخص جانب المرأة العاملة، فإن كان ولابد من العمل خارج البيت حسب الضرورة التي تقتضي هذا الخروج؛ فإن المطلوب منها تحليها بالأخلاق الإسلامية التي تُلزمها بعدم مخالطة الرجال من زملائها أكثر مما يقتضيه العمل وبحياء وحشمة. فإن كثيراً من النساء يجهلن قيم الإسلام وأحكامه ومقاصده، خاصة في ظل ضعف الإيمان لديهن مقابل الإغراءات التي توجه ميول النساء وتحدد اتجاهها.
فلا يصح خروج النساء للعمل قصد مساعدة أزواجهن أو أوليائهن وهذا قصد مشروع، وفي الوقت نفسه ينسقن وراء أمور غير مشروعة داخل مقر العمل أو خارجه مما يتنافى والمقصد العام وهو طاعة الله تبارك وتعالى واتباع أوامره والانتهاء عن نواهيه.
وصلي اللهم وسلم على سيدنا وحبيبنا المصطفى محمد عليه وعلى آله أفضل السلام.
ـــــــــــــــــــ(82/387)
الصفقة الخاسرة
أ. د. عماد الدين خليل
تعود "قضية" المرأة في العقدين الأخيرين لكي تحتل موقعاً متقدماًً في ساحة الصراع الفكري، وتكون واحدة من أكثر المواضيع سخونة في العالم.
قبلها كان الغربيون هم الذين "يغزوننا" بأفكارهم ومعطياتهم وتقاليدهم بخصوص المرأة والأسرة، وكل المفردات المرتبطة بهذين القطبين الأساسيين في الحياة الاجتماعية..كنا نستورد، وكانوا يصدرون..وكانت تجارة رائدة أن يظهر في ديارنا مقاولون أو متعهدون كبار يمارسون مهمة الاستيراد هذا بحساب الجملة.. وكانت الصفقات تتم دون معاينة جادة للبضاعة، فكانت تحمل وهي تتدفق على موانئنا الكثير من المزيف والمغشوش الذي سرعان ما انتشر في أسواقنا، وملأها بالبضائع المدسوسة التي ضاعت في غبشها المرأة المسلمة، وتعرّضت الأسرة للاهتزاز والدمار بكل ما تنطوي عليه هذه المؤسسة من قيم تربوية تصنع مجد الأمم والشعوب، أو تقودها إلى البوار.
كانت المرأة والأسرة هناك في ديار الغرب تعانيان من ألف مشكلة ومشكلة فنُقلت إلينا كما لو كانت هي الحل، فكانت خسارتنا مضاعفة على كل المستويات وبكل المقاييس. استبدلنا الأعلى بالأدنى، بمعيار معكوس كان يصور للمتعاملين على أنه هو المقياس المطلوب والضروري في القرن العشرين.
وكانت تغذي المحاولة المعكوسة هذه، وتحرسها، وتمضي بها إلى نهاية الشوط شبكة من السماسرة في عالم الفكر والإعلام والاجتماع، قد يختصمون على كل شيء إلا في هذه.. وكانت الأصوات " المعارضة" التي ترتفع لكي تدين السمسرة الماكرة، تُكبت أو تُعزل، وأحياناً يغيب أصحابها بهذه الحجة أو تلك.
صوت الطهر والنظافة والاستقرار والأمن والتوحد كاد يضيع قبالة أصوات المهرجين الذين أريد لهم أن يدخلوا المضمار، وأن يحظوا بالفوز بأي ثمن.
كانوا يصدرون مشاكلهم عبر موانئ الفكر المفتوحة على مصراعيها، ومن خلال شبكة المستوردين والسماسرة، مخيّلين للمسلمين أن المرأة المسلمة هي التي تعاني من المشاكل والأزمات، وأن الأسرة المسلمة بحاجة إلى تعديل الوقفة الجانحة من أجل كرامة المرأة وحقها الإنساني المشروع في الحياة الحرة الشريفة!! وبهدف تجاوز الهضم والإجحاف والتحقير التي عانت منها عبر القرون.
الاستقرار النفسي، والأمن الأسري، والطهارة الخلقية، والطفولة الآمنة المتوحدة.. أصبحت مآخذ على الحياة الإسلامية، سعى السماسرة إلى استيراد الحلول المناسبة لتداركها.. والحلول كانت سموماً مركزة أطاحت بالاستقرار والأمن والطهارة، ودست في شرايين الحياة الإسلامية: الفساد والعهر والشذوذ والتفكك والخوف والدمار.
ومنذ بدايات القرن الماضي حدثنا المتحدثون والكتاب عن حدث يحمل دلالاته العميقة في هذا المجال. لقد كانت (اسطنبول) عاصمة الخلافة الإسلامية واحدة من أنظف مدن العالم في مجالات العلاقة بين الرجل والمرأة، فلما دخلها الغربيون تحت مظلة الإصلاح والتحديث.. لمّا غزتها قوانين (بونابرت) الوضعيّة وأبعدت مفردات الشريعة الإسلامية شيئاً فشيئاً.. لما أخذ الطلبة الأتراك يذهبون إلى عواصم الغرب ويرجعون بالشهادات
أو بدونها.. بدأ الطفح الأحمر يظهر على جلد (اسطنبول).. والزهري والسيلان وكل السموم الجنسية المدمرة تتسرب في شرايينها. ويذكر (شمتز دوملان) في كتابه (الإسلام) أنه " عندما (غادر الدكتور مافرو كور داتو) الأستانة سنة 1927 م إلى برلين لدراسة الطب لم يكن في العاصمة العثمانية كلها بيت واحد للدعارة. كما لم يُعرف فيها داء الزهري وهو السفلس المعروف في الشرق بالمرض الافرنكي، فلما عاد الدكتور بعد أربع سنين تبدّلت الحال غير الحال. وفي ذلك يقول الصدر الأعظم (رشيد باشا) في حسرة موجعة: إننا نرسل أبناءنا إلى أوروبا ليتعلموا المدنية الافرنكية فيعودون إلينا بمرض الداء الافرنكي".
كانت الخطوة الأولى.. الخطوة الضرورية.. وأعقبتها بقية الخطوات.. صار العملاق العثماني الذي دق أبواب فينا، رجلاً مريضاً، وراحت السكاكين تعمل في جسده الممزق، حتى انتهى الأمر إلى قتله تماماً على يد واحد من المحسوبين على جغرافية الإسلام.. وجاء من بعده عشرات القادة لكي يواصلوا المهمة. ومن قبلهم ومعهم، وربما بعدهم، استمرت شبكة السماسرة في دوائر الفكر والثقافة والإعلام والاجتماع تمارس مهمتها المعكوسة، فترفع شعار تحرير المرأة لكي تصل بها في نهاية الأمر إلى التعهير!
عدد ليس بالقليل من النساء الغربيات أنفسهن، كما سنرى، كن يجدن في الحياة الإسلامية.. في جمال المرأة والأسرة والطفولة المثل الأعلى والصيغة المرتجاة للأمن والاستقرار والعطاء والسعادة.. وكن يتُقْن إلى التمتع بعشر معشار ما تتمتع به المرأة المسلمة. وأغلب الظن أن عدداً من القراء والمتابعين لا يزالون يذكرون، من بين وقائع كثيرة، ذلك المؤتمر النسائي الحاشد الذي نظمته وزيرات المرأة والأسرة في الحكومات الألمانية الإقليمية عام 1991 م والذي كان بمثابة تظاهرة نسائية رسمية ضخمة استهدفت تأكيد دور المرأة في المجتمع الألماني، وقد طالبت النساء في المؤتمر بالحقوق التي تتمتع بها المرأة المسلمة منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وخاصة بالنسبة لاحتفاظ المرأة الألمانية باسم والدها بدلاً من إجبارها على حمل اسم زوجها. وحيّت النساء المحتشدات قرار المحكمة الدستورية في ألمانيا (الاتحادية) الذي أقرت فيه بعدم حتمية قيام المرأة بحمل اسم زوجها، وأنه لها الحق في الاحتفاظ باسم والدها إن أرادت ذلك.
قبل ذلك بحوالي العقدين من الزمن كانت الساحة الإيطالية قد شهدت هجوماً مضاداً آخر في مواجهة الميل بالمرأة والأسرة عما أراده لها الله - سبحانه -.. تلك الضغوط المتواصلة في البرلمان الإيطالي.. على بعد خطوات من الفاتيكان زعيمة الكاثوليكية في العالم.. والتي تزعمها أشد البرلمانيين ليبرالية، من أجل إقرار حق الطلاق للرجل الإيطالي، بعد حجبه القرون الطوال.
بل إن بعض النسوة الغربيات انتمين إلى الإسلام من أجل أن يذُقْن التجربة ويبعدن عن مواطن التفكك والرذيلة والعفن والقلق والسعار الذي يحكم حياة المرأة الغربية، حتى لم تعد الكثيرات منهن يأمن على أزواجهن من المعاشرة اللاشرعية، ولم يعد الأزواج أنفسهم يأمنون على الذراري والأبناء، ويضمنون انحدارهم من الأصلاب!
هذا كله يتسرب بدعاوى السماسرة الذين أطلقوا على أنفسهم دعاة تحرير المرأة.. يتسرب إلى حياتنا فيستبدل الذهب بالتراب، ويكون هذا الذي كان..
وليس ثمة أمة كهذه الأمة المسماة تجوّزاً " بالإسلامية " تجهل كل فن مجدٍ في صيرورة الحياة وتناميها، ولكنها تحذق فن هدر الطاقة، والتفريط بعناصر التميّز والتفوّق، واستبدال الغالي بالرخيص.
في سياقات عديدة تمّت الصفقات الخاسرة في التاريخ الحديث والمعاصر لهذه الأمة.. في مجال الاقتصاد والسياسة والحرب والعلم و الأخلاق.. وهاهنا في سياق المرأة والأسرة، كان القانون نفسه يعمل عمله بوساطة جيش من السماسرة وأدعية التقدّميّة والتحرر، لكي يفرط بواحدة من أكثر الحلقات في الحياة الإسلامية تميّزاً وتفوقاً، ويحلّ محلها: التفكك والعفن والرذيلة والخراب والشذوذ والزهري والسيلان.. وأخيراً الإيدز الذي بدأ يدق الأبواب.
هذا كله كان، ولا يزال قائماً حتى اللحظات الراهنة في ديارنا، رغم أنه حوصر إلى حد كبير بقوة معطيات الصحوة الإسلامية ومطالب الفطرة البشرية التي تميل إلى الطهر والعفاف والنظافة والاستقرار، والتي لن تحظى بتحققها المأمول إلا في إطار هذا الدين.
ألا أن المفاجأة التي حدثت، فيما لم يكن أحد يحسب له أيما حساب، إن المكر السيئ حاق بأهله، وتلك هي واحدة من سنن الله - سبحانه - في خلقه. وليس المقصود هنا حشود السماسرة الذين مرّروا العملية؛ فهؤلاء ليسوا بأكثر من أدوات أو آلات للتوصيل.. وإنما الحياة الغربية نفسها التي أخذت تتلقى الهجوم المضاد في قضية المرأة.. في عقر دارها.. عبر العقدين الأخيرين على وجه الخصوص. وأصبح هذا "الغزو" إذا صح التعبير، أو الهجوم المضاد، يمثل بمرور الوقت هاجساً ملحاً في دوائر الحياة الغربية على مستوى السلطة والمجتمع، وأخذ يتصاعد حتى كاد يدفع بعض القيادات الغربية إلى تجاوز ما يُسمى هناك بالثوابت الديموقراطية من أجل وقف الظاهرة التي أخذت تهدّد الحياة الغربية، على ما تصوّروه هم بحكم التقاليد الفكرية والسلوكية وضغط الأعراف والمسلمات الخاطئة القادمة من عمق الزمن الأوروبي.
أمامي الآن مقال للمفكر الفرنسي (برنارسيشير) بعنوان "الحجاب العرب.. ونحن" ينطوي على بعض المعطيات المهمة، وهي تمس كما يبدو من العنوان، إحدى الحلقات المهمة في موضوع المرأة المسلمة، ولا أقول قضيتها، ألا وهو (الحجاب).. فها هو الحجاب يقتحم العري الفرنسي.. التهتك الباريسي المعروف، ويفرض حضوره في قلب المجتمع.. فكيف كانت رؤية الفرنسيين أنفسهم للظاهرة؟ كيف كانت ردود الأفعال؟
حين تحجّبت بعض الفتيات في (الليسيه) يقول (سيشير)، تحركت الطبقة السياسية، وراح يدلي كل بدلوه حول الاحترام الواجب تجاه بلد الضيافة، وهو يقصد ضرورة احترام التقاليد الفرنسية من قبل أولئك الغرباء الذين قبلتهم فرنسا ضيوفاً عليها، بغض النظر عن القيم الأخلاقية لهذه التقاليد، حتى إن أحد الوزراء هدّد باتخاذ موقف، واجتمعت أخيراً الهيئة الدستورية، في حين كاد يعلن بعض المثقفين - جهاراً - أن الوطن العلماني في خطر!
ويمضي (سيشير) إلى القول بأنه مهما بلغت قدرة عملاء العروض المشهدية على التلاعب والتأثير - وهم لم يترددوا في ممارستها بوقاحتهم المألوفة - فإن حادثاً كهذا لا يكتسب مثل هذه الأهمية ولا يثير مثل هذه الأصداء، إلا إذا كان يمس الطبقات العميقة من الوعي الاجتماعي. وبما أن من تحرّك هذه المرة ليس من أتباع (الساسة الفاسدين)، وإنما من المفكرين اللامعين الذين اجتاحتهم فجأة موجة من الغضب المفرط.. فيجب أن نبحث عن الدوافع البعيدة.. إنها أعراض (بواتييه) المرضية!
إذن فإن تراكمات التأريخ والعمق الصليبي للمثقف الفرنسي الذي لا يزال يتذكر محاولة الاقتحام الإسلامي للأرض الفرنسية وهزيمته عند (بواتييه)، هي التي تستفز في تحليل (سيشير) العقل الغربي لمجابهة ظاهرة الحجاب الإسلامي، حتى لو أدّى الأمر إلى خرق الثوابت الديموقراطية وضرورات "التسامح وجمال الاختلاط العرقي" التي يدّعيها الفرنسيون. ويبدو لي - يقول سيشير -: إن أعراض (بواتييه) المرضية إنما تشهد على جهلنا العميق بحقائق الإسلام كما تشهد في الوقت نفسه على عودة غريبة للمكبوت تجعل العربي (المسلم بالأخص) يحل وقتياً محل اليهودي في الاستيهام العنصري والمتوتر لغيريّة AL teroite)) قوية تنذر وتهدّد.
إنه "النسيان المذهل" و "النفي المجنون" كما يعبر (سيشير)، لأفضال الحضارة الإسلامية على الغرب"، وإذا كان العرب قد بهروا ذاكرتنا القديمة وأربكوها إلى هذا الحد، فذلك لأنهم كشفوا عن قدرتهم على ابتكار الحضارة الأكثر ألقاً وغنى ، عندما كنا لا نزال نحن في طور التخلف، وقد لعبت الكنيسة المسيحية، في إطار هذا الكبت الكبير، دوراً لا تُحسد عليه أبداً، وآن الأوان لكي تعترف بذلك خصوصاً وأن مذهبها ما كان ليتكون لولا أن سلبت الكنز النفيس الذي وصلها من الفكر الإسلامي، ثم عملت على طمس معالمه المدهشة ".
إن الفرنسيين، والغربيين عموماً هم ضحايا التعصب - كما يقرر سيشير - ضحايا تشويه تجعلهم يتصورون أن تأريخهم هو التاريخ الوحيد الممكن، ويجعلهم يسقطون من خلال هذه الأفكار (وعسكرياً من خلال الأفعال) تحديدهم للسياسة على وقائع تاريخية وثقافية تبدو لهم متطرفة لدرجة أنهم يمضون وقتهم في ترسيخ سوء التفاهم.
وبوصفي مدرساً - يقول سيشير - فإنني أتساءل كيف لا ترون أن المشكلة الملحة ليست الحجاب، وإنما الانهيار العام لثقافة لا تعني رجال السياسة عندنا؟ " وتقولون: إنكم تريدون حماية هُويّة؟ وأية هُويّة؟ ولأن الجواب لن يكون سهلاً فمن الأفضل فتح باب المناقشة والانحياز إلى الفكر وليس إلى الخوف!
" لقد أحالتنا الحيوية الدينية الإسلامية فجأة، إلى وعي مخيف، ولقد عبّر عنها بعض المثقفين المستنيرين من خلال ردود فعل مرعبة وتشنّجات غير عقلانية" هذا بعض ما يخلص إليه (سيشير) وهو يعالج ردود الفعل الفرنسية تجاه ظاهرة الحجاب في سياق الموقف المسيحي العام من خلال الظاهرة الإسلامية ببعدها الديني وعمقها التاريخي، وهو موقف لا يعكس فكر أو عاطفة الشرائح الدنيا في المجتمع، أو حتى الساسة (الفاسدين)، ولكن المثقفين والمفكرين اللامعين!
15/3/1426
24/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/388)
فقه توجيه الخطاب
فاطمة البطاح
ثمة مواقف نبوية كثيرة..جاء الحديث فيها عن طبيعة المرأة وخصوصيتها البشرية والأنثوية..متعمدا ومقصودا.. يهدف منه النبي - صلى الله عليه وسلم - لفت أنظار الآخرين إلى الطبيعة الخاصة التي يتميز بها هذا المخلوق البشري، وضرورة استيعاب أبعادها وتفهمها.. من أجل تحقيق مزيد من الفاعلية في الحياة معه.. ! وهذا الهدف النبوي هو ذاته الذي يدفع الكثير من دعاة اليوم ويحرضهم لاختيار ((طبيعة المرأة وفطرتها)) موضوعا للحديث عنه كلما أتيح لذلك سبيلا. فهذا الموضوع يكاد يستحوذ على حيز لا بأس به من جملة المحاضرات التي يقيمونها هنا وهناك.. يساعدهم في ذلك جاذبية الموضوع وخفته وسهولة تناوله. وكذلك ضخامة الحيز الذي أُعطي له في السنة النبوية.. حيث يجدون بين أيديهم حشدا من النصوص والمواقف المختلفة، والمتواترة في هذا الشأن.. !
وهذا التوجه من دعاة اليوم يبدو مفهوما ومقبولا خاصة في مثل هذا العصر الذي تسود فيه مفاهيم مغلوطة حول المرأة وما يتبع ذلك عادة من محاولات لإلغاء أو تجاهل الفارق الطبعي بينها وبين ((الجنس الآخر)) الذي تشاركه الحياة!
غير أن الذي لم أستطع فهمه.. هو عملية توجيه هذا الخطاب إذ لا أدري لماذا نُصر على أن نُحدث المرأة عن((طبيعتها البشرية وفطرتها الأنثوية)).. كلما أتيحت لنا فرصة الحديث معها ولها!.
فالواضح لكل أحد.. أن المرأة تفهم نفسها.. وتعلم عن فطرتها ما لا نعلمه وليس ثمة حاجة لتذكيرها.. بخصائصها الانفعالية والنفسية و...
وما من امرأة على وجه الأرض.. يغيب عن حسها أن لديها مثلا ((خاصية الإندفاع، وغلبة العاطفة، وشدة الغيرة، والمبالغة في إظهار تفاصيل زينة ما حولها و... ))
ولو جهلت المرأة شيئا من هذا عن نفسها افتراضا- وتم استعراض هذا كله أمامها.. فهل يملك هذا العرض من تغيير واقع الحال شيئا؟
بل هل تملك المرأة نفسها ولو اجتهدت- الحد من اندفاعها وعاطفتها؟ أم هل بالإمكان إماتة غيرتها... ؟
لا أدري حقيقة.. ما الهدف من توجيه الحديث عن فطرة المرأة للمرأة؟ فالمفيد توجيه الحديث عنها((للآخر)) الذي يشاركها الحياة. فهو القوّام الذي إن نجح في تفهم طبيعتها. كان ثمة أمل في تفهمه لاحتياجاتها.. ومن ثم فقه التعامل معها وفنونه.. !
أما المرأة فلابد من الاعتراف بأننا قد أوجعنا أُذنيها أحاديثا مكررة عن طبيعتها الفطرية.. لنقع مرة أخرى ((في خطأ توجيه الخطاب)) إذ نُحدثها عن الذي تعيه جيدا.. ونتغافل عن شديد افتقارها لمن يُكسبها مهارة فهم الآخر.. الذي إن فشلت في فك رموز طبيعته فستفشل حتما في صناعة الحياة معه.. !
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/389)
الفتاة المسلمة والزينة
الزينة بالنسبة للمرأة أمر فطري جبلها الله عليه، وقد اهتم الإسلام بهذا الأمر اهتمامًا كبيرًا، وأباح لها من الزينة ما لم يبح للرجل كالحرير، والذهب، وذلك لتلبية نداء الأنوثة لديها، ولكن مع اهتمام المرأة بالزينة فإنه لم يتركها بدون وضع القيود والضوابط، التي تحقق لها أنوثتها وتحفظها من شرور الخطر ومزالق الطريق.
ولكن مما يؤسف له اليوم، أن بعض فتياتنا المسلمات لم يعدن متقيدات بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة واللباس، وأصبحت قضية التقليد للكافرات والفاسقات طريقًا سارت عليه بعض الفتيات المسلمات وهناك من قواعد الإسلام وتوجيهاته، وآداب الشريعة الربانية في زينة المرأة المسلمة ما يكفل لها الجمال وفق شرع الله.
ولنا مع الزينة وقفات متعددة:
أولا: الزينة وأحكام الشريعة:
فزينة المرأة من حيث استعمالها لها ثلاثة أقسام:
أـ زينة مباحة:
وهي كل زينة أباحها الشرع وأذن فيها للمرأة لكل ما فيه إظهار جمالها، ويدخل في ذلك لباس الحرير، والحلي، والطيب [العطر]، وغير ذلك، (أمام المحارم فقط) وفاعل المباح لا يثاب بفعله ولا يعاقب بتركه، إلا أن يكون المباح وسيلة لغيره من الواجب أو الحرام فيأخذ حكمه.
ب ـ زينة مستحبة:
وهي كل زينة رغب فيها الشارع، وحث عليها، ويدخل في هذا القسم سنن الفطرة كالسواك، ونتف الإبط، والاغتسال ونحو ذلك. والمستحب هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
ج ـ زينة محرمة:
وهي كل ما حرم الشارع، وحذر منه ونهى عنه وزجر فاعله، ومما تعتبره النساء زينة، كالنمص والوصل للشعر، ومشابهة الكافرات أو الرجال ونحو ذلك، والحرام هو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه امتثالاً لحكم الشرع.
ثانيا: الزينة والإسراف:
الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية في كل شيء، والمسلمة الواعية يقظة دائمًا وأبدًا على الاعتدال والتوازن، والمرأة وخصوصًا الشابة تميل بطبيعتها إلى الزينة والاعتناء بمظهرها ولكن يجب ألا يجرها ذلك إلى المبالغة والإفراط.
ويجب ألا يغيب عن بالها أو عن بال أوليائها أن الإسلام الذي حض على الزينة ورغب في الجمال، هو نفسه الذي حذر من الوقوع في براثن الإسراف والخيلاء يقول - تعالى -: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان: 67] وقال - صلى الله عليه وسلم -: « كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة ». [أخرجه البخاري معلقًا كتاب اللباس، باب قول الله - تعالى -: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ}]
وقد أصبحت نساء هذا العصر أسيرات بيوت الأزياء وخطوط الموضة ومؤامرات اليهود، حتى غدت الواحدة منهن وهي موسرة وسع الله عليها لا تلبس الثوب الثمين الغالي أكثر من مرة واحدة، وهن بهذا الفعل قد وقعن في العبودية التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأيضًا قد انصرفن عن الغاية التي خلقن من أجلها.
والذي يجب أن تعلمه جميع نساء الإسلام أن الله - تعالى -قد امتن على عباده بالمال، وجعله قيامًا لمصالحهم، ووضع الضوابط لاستعمال هذا المال، وقد وضع أيضًا القيود في إنفاقه، فصاحب المال ليس حرًا في غله أو تبذيره كيف يشاء، يقول - تعالى -: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الإسراء: 29] والإسراف تصرف ينبئ عن الأنانية والأثرة وإذا كانت الزينة للتكبر والخيلاء على الضعفاء، فهذا حرام قد نهى عنه الشارع وزجر.
والمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، ويجب عليها أن تحفظ عمرها فيما يعود عليها بالنفع في الدين والدنيا، وإضاعة الساعات الطوال أمام المرآة وتسريح الشعر، هذا مضيعة للوقت والعمر نهى الشارع عنه، لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة وليست غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة.
ثالثا: الزينة والزوج:
قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خير قال: « التي تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره ». [أخرجه النسائي، ك / النكاح، رقم 3179 وهو حديث حسن صحيح]
إن تزيين المرأة نفسها لزوجها من العوامل المهمة التي تساعد على استقرار البيت،، وجلب المودة بين الزوجين ودوام المحبة والوئام ومما ينبغي للمرأة الالتزام به شرعا وهو واجب عليها، وحق للزوج لا يسقط، أن تتزين، وتتجمل في بيتها، وأن تستعمل ما شاءت من أدوات الزينة، والتجمل من ثياب وحلي، وعطور، وكحل، وصبغة، وغيرها.
وإهمال المرأة أمر الزينة للزوج يعد تقصيرًا فاحشًا وربما كانت المرأة لا تشعر به لاعتقادها ارتفاع الكلفة بينهما، ولكن ذلك له أسوء الأثر على الزوج وعلى العلاقة الزوجية.
وليس القصد من الزينة للزوج هو إضاعة وقت المرأة، وإنما القصد حثها على النظافة والترتيب، ويصاحب ذلك طلاقة الوجه وحسن العشرة، والنظافة أهم وألزم للمرأة من الجمال، والمرأة التي تهمل نظافة نفسها، أو منزلها، أو أطفالها تبعد زوجها عنها بإرادتها. ومما ورد في وصية أمامة بنت الحارث: [فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب الريح، واعلمي ـ أي بنية ـ أن الماء أطيب الطيب المفقود، وأن الكحل أحسن الحسن الموجود].
رابعا: الفتاة المسلمة..والزي الشرعي:
إن الإسلام رفع ذوق المجتمع الإسلامي، إحساسه بالجمال، فلم يعد الطابع الحيواني للجمال هو المستحب بل الطابع الإنساني المهذب، وجمال الكشف الجسدي جمال حيواني يهفو إليه الإنسان بحس الحيوان، وأما جمال الحشمة فهو الجمال النظيف الذي يرفع الذوق الجمالي، ويجعله لائقًا بالإنسان، ويحيطه بالنظافة والطهارة في الحس والخيال وللزي الشرعي الذي لا بد أن تتعود عليه الفتاة عدة مواصفات:
أ ـ أن يستوعب جميع البدن:
وذلك لكي يكون ساترًا للعورة، وللزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها، لأن القصد الأول من اللباس هو الستر ثم الزينة، ولباس المرأة لا بد أن يكون ساترًا لوجهها، وكفيها، وقدميها، ومواضع الزينة من بدنها مما يستلزم النظر إليه رؤية موضعه من بدن المرأة، وذلك إذا كانت بحضرة أجانب لقوله ـ - تعالى -ـ {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ... } [النور: 31].
ومما ينبغي ملاحظته أنه إذا تعودت البنت على التعري في البيت فإن ذلك من شأنه أن يكسر في نفسها هول وخطورة التعري، فلا تجد فيه أمرًا ذا بال إذا ما خرجت خارج البيت، ومن ثم تلبس الملابس غير اللائقة وهي لا ترى في ذلك حرجًا.
والثوب الذي يتحقق به الستر هو الثوب غير الشفاف، لأن الثوب الشفاف يزيد من الزينة والفتنة، كما في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي هريرة مرفوعًا: « صنفان من أهل النار لم أرهما. ثم ذكر.. ونساء كاسيات عاريات.. الحديث ». [أخرجه مسلم، ك / اللباس والزينة، ب/ النساء الكاسيات العاريات، رقم 2128]
يقول ابن عبد البر: [أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة]. [تنوير الحوالك شرح موطأ مالك 2/216].
ب ـ ألا يكون زينة في نفسه:
كما يحدث الآن من بعض الفتيات هداهن الله ـ باسم الموضة التي حلقت حتى بالحجاب الشرعي، وذلك بتزيينه بالقصب، والجلد، والفصوص، والخرز، وغير ذلك مما يغص به المجتمع المسلم، والمسلمة منهية عن الثبات اللافتة للأنظار وخصوصًا أنظار الرجال، لقوله - تعالى -: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] وحيث إنها منهية عن إبداء الزينة فكيف تلبس ما هو زينة؟! وهذا داخل في التبرج، ومن أكبر أسباب الفتنة، وعوامل الفساد والله - سبحانه - يقول: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33]، وقد ذكر العلماء أن كلمة التبرج إذا استعملت فلها ثلاثة معان:
1ـ أن تظهر للأجانب مفاتنها.
2ـ أن تظهر لهم محاسن ثيابها وحليها.
3ـ أن تظهر للأجانب نفسها في مشيتها وتمايلها.
وكون الزي زينة في نفسه فهو داخل في النوع الثاني من التبرج وهنا يجب الإشارة إلى أمر هام وهو أن يكون لبس المرأة ضافيًا على جميع بدنها يستره جميعًا، وأن تكون العباءة غليظة لا تكشف ما تحتها من شكل الثوب ولونه وأن تكون مضمومة، بحيث لا تترك للهواء أن يعبث بها.
ج ـ ألا يكون مبخرًا أو مطيبًا:
يقول الشيخ محمد صالح المنجد: [وهذا مما فشا في العصر الحاضر ـ والعياذ بالله ـ رغم التحذير الشديد من النبي - صلى الله عليه وسلم -: « أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية » [رواه أحمد في مسنده 2 ك/166، رقم 6811، وإسناده حسن] وإذا كان تطيب المرأة عند خروجها من بيتها إلى المسجد بحجة تطيبها للصلاة ولحضور الملائكة أمر لا يرضاه رب العالمين، فإن تطيبها في غيره من الأماكن حرام من باب أولى، وذلك لأن تعطرها خارج دارها من أسباب تحريك الفتنة.
ويقول المودودي في شأن الطيب إذا أسيء استعماله: [والطيب أيضا رسول من نفس شريرة إلى نفس شريرة أخرى، وهو من ألطف وسائل المخابرة والمراسلة ومما تتهاون به النظم الأخلاقية عامة، ولكن الحياء الإسلامي يبلغ من رقة الإحساس ألا يحتمل حتى هذا العامل اللطيف من عوامل الإغراء، فلا يسمح للمرأة المسلمة أن تمر بالطرق، أو تغشى المجالس مستعطرة، لأنها وإن استتر جمالها وزينتها ينتشر عطرها في الجو، ويحرك العواطف].
ويلحق بالطيب إظهار الفتاة لصوت الزينة الخفية كلبس الخلخال بحضرة الرجال الأجانب، حيث يقول - تعالى -: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31]، يقول القرطبي [أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتسمع صوت خلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة وأشد، والغرض التستر] والتلذذ كما يكون بالنظر، يكون بغيره كالسمع والشم.
[ء] ألا يكون ضيقًا يصف شيئًا من جسمها:
الغرض من اللباس هو الستر، ستر العورة ومواضع الزينة، وهذا لا يتحقق في الواقع إلا بالثوب الواسع، أما الثوب الضيق فإنه يصف جسم المرأة أو بعضه، وإنه من الواجب على المرأة أن تهتم بستر حجم بدنها، لأن التساهل في ذلك من أعظم أسباب الفساد ودواعي الفتنة حتى ولو كان ذلك أمام المحارم.
ومن معاني الكاسيات العاريات:
أن تلبس المرأة ثوبًا ضيقًا يبدي مفاتن جسمها لأن التي تكتسي بما لا يسترها، فهي تسمى كاسية ولكنها في الحقيقة عارية، وإنما كسوة المرأة ما يسترها، فلا يبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفًا واسعًا، يقول الشيخ العثيمين - رحمه الله تعالى -: [والضيق لا يجوز لا عند المحارم ولا عند النساء إذا كان ضيقًا شديدًا يبين مفاتن المرأة].
والثوب الضيق جدًا كما أنه لا يحصل به الستر التام فإنه أيضًا قد يكون مضرًا بالصحة، فيضر بالمشية، وقد يضغط على الأعضاء والأحشاء مما قد يسبب بعض الأمراض.
[هـ] ألا يشبه لباس الرجال، أو لباس الكافرات:
من الفطرة التي فطر الله عليها الرجال والنساء، أن يحافظ الرجال على رجولتهم التي خلقهم الله عليها، وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله عليها، وهذا من الأسباب التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها، وتشبه الرجال بالنساء هو مخالفة للفطرة، وفتح لأبواب الفساد، وإشاعة للانحلال في المجتمع.
ومع ذلك فهو حرام شرعًا لا جدال في ذلك، لأن فاعله من الجنسين متوعد باللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله، كما ورد عن ابن عباس مرفوعًا: « لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ». [أخرجه البخاري، ك اللباس، ب/ المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، رقم 5885]
والتشبه يكون بالحركات والسكنات، والمشية، وقد يكون باللباس أيضًا، وعليه فإن الرجل لا يحل له أن يلبس القلائد، ولا الأساور، ولا الخلاخل، ولا الأقراط ونحوها، وكذلك لا يجوز للمراة أن تلبس ما اختص الرجل بلبسه من ثوب أو قميص ونحوه، بل ويجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل.
ومن أسوأ الفتن التي تهدد مجتمعات المسلمين التشبه بالكفار، حيث إن التشبه الظاهري يتسرب تدريجيًا إلى القلب والعياذ بالله فيكون كبيرة وقد يزيد عن ذلك والتشبه بالكافرات يدل على ضعف الهوية، وعدم الثقة بالنفس، ورؤية أن ما عند الكفار من الدنيا خير، وهو ليس كذلك.
ومن مظاهر هذا التشبه تتبع خطوط الموضة، وتقليدها حذو القذة بالقذة، ومن يتتبع أمر هذه الموضة من مبدئها إلى منتهاها يجدها شرًا في شر، وأن الهدف منها هو تحطيم المرأة ماديًا عن طريق استنزاف أموالها، وإضاعة وقتها فيما يضر ولا ينفع، وتحطيمها معنويًا، وذلك لغير القادرات، واللاتي لا يملكن من المال ما يحقق رغباتهن في الجري وراء الموضة، فيصبن بالإحباط، وبالعقد النفسية.
فضلاً عن أن فيها نوعًا من العبودية لغير الله - سبحانه -، لأنها تقود صاحبتها عند الإسراف فيها إلى عبودية شهواتها، وتقديس جسدها وهذا له أثر مدمر على الأسرة والمجتمع، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: « من تشبه بقوم فهو منهم » [أخرجه أبو داود، ك/ اللباس، ب/ في لبس الشهرة، رقم 4031، وحسنه ابن حجر]
وهذا التشبه بالكفار دليل لهزيمة نفسية، وفيه معنى ذوبان الشخصية وفقدان الذاتية في بوتقة من يحب وفي كيان من يقلد، في حين يريد الإسلام من المسلمة أن تكون لها شخصيتها المستقلة.
وهذا التشبه يدفع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها ويقعد المنساقين وراء عادات الأجنبي وأزيائه وأخلاقه عن كثير من الواجبات الدينية، والمسئوليات الاجتماعية.
وهو من العوامل التي تحط من مستوى الشخصية وتستأصل فضيلة الشرف والعفاف عندها، لما يؤدي إليه من تفلت للغرائز، وانطلاق للشهوات والملذات.
[و] ألا يكون لباس شهرة:
ولباس أو ثوب الشهرة هو: [الثوب الذي يقصد بلبسه الاشتهار بين الناس، كالثوب النفيس الغالي الذي يلبسه صاحبه تفاخرًا بالدنيا وزينتها].
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: « من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة » [حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، رقم 03399].
ولا بد أن تعي الفتاة المسلمة خطورة هذا الأمر وأن تراعى عند اختيارها ملابسها ألا تكون غريبة الألوان، غالية الأثمان، لافتة الأنظار، وكذلك في اختيار القصات والتسريحات فتختار ما يناسب أذواق المسلمين وعاداتهم، لأن مخالفة ملبوس الناس يدعو إلى التعجب، فيجعل اللباس لباس شهرة.
خامسا: الفتاة المسلمة.. والزينة الحسنة:
والزينة الحسنة كالخضاب بالحناء في يد الفتاة ورجلها ورأسها، والتكحل بالإثمد، لأنه زينة ودواء، والإثمد: هو حجر الكحل الأسود، والكحل أفضل من تلك الأقلام التي تلون بلون الثوب، وتوضع على الجفن وهذا مما له آثاره السلبية على الجفن، والكحل من الزينة الباطنة لأن رؤيته تستلزم رؤية موضعه، ولذا لا يجوز للفتاة أن تبدي هذه الزينة إلا للنساء وللرجال المحارم.
وللفتاة أيضا أن تتزين بالحلي مهما كان نوعه، وذلك في حدود المشروع، بلا إسراف ولا مباهاة، لقوله - تعالى -: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18] ويجب عليها أن تخفي حليها عن الرجال الأجانب، ولاسيما إذا كان في يدها وذراعها، ولأن الحلي زينة، والله - تعالى -يقول: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].
وللفتاة المسلمة أيضا إكرام شعرها، لأن جمالها في شعر رأسها، وبه زينة وجهها، وأن ذلك لا بد أن يكون دون مبالغة ومن إكرام الشعر تنظيفه، وترجيله أي تسريحه، وفرقه، وخضابه بالحناء، ويجب أن تجتنب الصبغ بالسواد، ومن ذلك حديث جابر - رضي الله عنه - قال: أُتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد » [أخرجه مسلم، ك/ اللباس والزينة، ب/ استحباب خضاب الشيب، رقم 2102]
ويجوز استخدام المساحيق وأدوات التجميل للزينة ولكن بعدة شروط:
1ـ ألا يكون بقصد التشبه بالكافرات.
2ـ ألا يكون هناك ضرر من استعمالها على الجسم.
3ـ ألا يكون فيها تغيير الخلقة الأصلية كالرموش الصناعية، أو الحواجب ونحوهما.
4ـ ألا يكون فيها تشويه لجمال الخلقة الأصلية المعهودة.
5ـ ألا تصل إلى حد المبالغة، لأن الإكثار منها يضر بالبشرة أو يدخل في دائرة الإسراف المذموم.
6ـ ألا تكون مانعة من وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء أو الغسل، وهذا الشرط مفقود في أصباغ الأظافر.
7ـ ألا تتسبب في ضياع الوقت فتصرف فيها الساعات.
ومن الزينة المحرمة قص الشعر على وجه التشبه بنساء الكفار لأن هذا لا يجوز، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « من تشبه بقوم فهو منهم ». [أخرجه أبو داود/ اللباس / وحسنه ابن حجر]
وكذلك أن تجعله كهيئة الرجل، بأن تقصه إلى أقرب أصوله، أو تقصه إلى الأذنين، وتشبه المرأة بالرجل في قص الشعر من الكبائر، ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: « أنه نهى أن تحلق المرأة رأسها ». [أخرجه الترمذي، ك/ الحج، ب/ ما جاء في كراهية الحلق للنياء، رقم 914]
ومن الزينة المحرمة أيضًا وصل الشعر والزيادة عليه، لما ورد في الصحيحين: « لعن الله الواصلة والمستوصلة ». [أخرجه البخاري، ك/ اللباس، ب/ الوصل في الشعر، رقم 5934]
ولبس الشعر المستعار [الباروكة] يدخل في الحرمة، لأنها وإن لم تكن وصلاً لكنها تظهر شعر المرأة على وجه أطول من حقيقته، فهي أشد من الوصل، ولا فرق بين كون [الباروكة] شعرًا صناعيًا، أو شعر امرأة أخرى، أو شعر المرأة الأصلي الذي سبق قصه، لأن السبب واحد وهو تغيير خلق الله - تعالى -، والتزوير والتدليس، ويرى الشيخ العثيمين: أن المرأة إذا لم يكن على رأسها شعر أصلاً ـ وهي القرعاء ـ جاز لها لبس الباروكة لستر هذا العيب، لأن إزالة العيوب جائزة، والممنوع إنما هو قصد التجميل لأن التجميل ليس إزالة العيب.
ومن الزينة المحرمة أيضًا والتي تعتبر من تغيير خلق الله - تعالى -النمص، وقد حرم الإسلام العبث بالحاجبين وأهداب العين، ولعن النامصة والمتنمصة، واللعن لا يكون إلا على شيء محرم، وما ابتلي به كثير من النساء اليوم من تهذيب الحواجب، أو تحديدها بقص جوانبها أو حلقها أو نتفها أو إزالتها والاستغناء عنها بحواجب صناعية ملونة بقصد الحسن وتغيير خلق الله يعتبر نمصًا ملعونة فاعلته لما فيه من تغيير الخلقة والأضرار الناجمة عنه.
وكذلك من الزينة المحرمة التي فيها تغيير لخلق الله، تفليج الأسنان ووشرها، فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ».
والتفليج والوشر: التوسعة بين الأسنان. [أخرجه البخاري 2ك / اللباس، ب/ المتفلجات للحسن، رقم 5931]
فالوشر تغيير لخلق الله، وانشغال بأمور تافهة لا قيمة لها في حياة المسلمة، وإضاعة للوقت الذي يجب شغله بما ينفع الإنسان، كما أنه تزوير وتدليس، ويجوز وشر الأسنان للعلاج وإزالة العيوب كما سبق من فتوى الشيخ العثيمين - رحمه الله -.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/390)
كوني داعية بأفعالك
أسماء الرويشد
إن الذي ينحدر للهتافات على الملذات ذلك الذي رضي لنفسه أن يعيش دائماً في القاع، وأما من يرقى في سلم الطاعات ومجاهدة الملذات فذلك صاحب الإمامة في الدين وقدوة المتقين ومضرب الأمثال للعاملين، رجلا كان أو امرأة..(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ)(التحريم: من الآية11)..وكذلك(وَمَرْيَمَ أبنت عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا)(التحريم: من الآية12)..
لذلك فإننا في ظل الظروف الحالية والمرحلة الخطيرة المقبلة بحاجة ماسة إلى قدوات من نساء فقهن دينهن ووعين دورهن في المجتمع إذ أن هناك مجالات وميادين نسائية كثيرة تفتقر إلى التوجيه القيادي العملي ولا سيما في مجالي التربية في البيوت والتعليم في المدارس والجامعات. ومع ذلك فهناك من النساء الرائدات كان لهن التأثير الكبير بفضل الله على أزواجهن وأسرهن وطالباتهن من خلال أسلوب القدوة الفعال.
ومع أن الصحوة العلمية والحركة الدعوية في أوساط النساء قد بلغت في وقتنا الحاضر من القوة والنشاط بما لم يسبق له مثيل فيما مضى، إلا أنه لا يزال الأمر محصور في طبقة المتدينات والراغبات في الخير إجمالاً بينما هناك في أوساط النساء جماعات كثيرة وشريحة ضخمة لا يبلغهن ذلك الخير ولا تصلهن الدعوة فكيف في الغالب بسبب الغفلة والانشغال بأمور الدنيا؟
فكيف يمكن إيصال الدعوة إليهن والتأثير عليهن؟
إنه عن طريق القدوة الصالحة لتلك المرأة الواعية الفاضلة التي لابد أن تكون موجودة بين صفوف أولئك النسوة.
فلذلك أيتها الموفقة يا من هداك إلى طاعته وبين لك سبيله يا طالبة العلم الشرعي يا من نشأت في بيوت الصلاح والدعوة يا أم وزوجة وأخت وبنت الداعية يا نساء بيوت العلم والصحوة.
إلى المثل التي يحتذي بها غيرها من النساء إلى القدوة الصالحة لغيرها من المؤمنات إلى المثال الحي الواقعي لحياة ملأتها المغريات والملهيات حتى ظن بعض المفتونات أن بلوغ ذلك المستوى من تكوين الذات وإنشاء مثل تلك البيوت من الأمور المستحيلةّ!
إليك أختي القدوة الداعية بأفعالك هذه التوصيات والتنبيهات:
1- إن مما يساعد المرأة المسلمة على الارتقاء بذاتها إلى درجة القدوة أن تتخذ مع اقتدائها بنبيها وسلفها الصالح- من بعض من تلقاه من الصالحات العالمات بدينهن مثلاً تقتدي به، لأنها لابد وأن تجد فيمن عاشرته وتلقت عته وسمعت وهدى فائق يجذبها إليه، فتستطيع من خلال التأمل أن تقف على أفضل ما يحمله من حولها من الصالحين والصالحات من صفات ثم تستلهم من ذلك الدافع القوي لتربية ذاتها، فقد تجد عند البعض حسن التعامل مع الآخرين كالصفح عن المسيء وحسن الظن ولطف الخطاب وسعة الصدر والتواضع وإنكار الذات، وقد تلمح عند أخريات مظهرها المتلائم مع دينها مع احتفاظها ببهائها وجمالها ونظافتها كل ذلك من غير إسراف ولا مخيلة. ولهذا التوجيه أصل عظيم في كتاب الله - تعالى - ذحيث قال الله - تعالى -أمراً نبيه بالنظر في أحوال وأوصاف الأنبياء قبله متخذاً هديهم أسوة له فقال - تعالى -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام: من الآية90).
2- لابد أن تكوني واضحة وصادقة مع نفسك لاكتشاف نوعية التصرف والخطأ الذي لا يصلح معه أن تكوني قدوة ويسقط هيبتك الدينية ومن ثم انتفاعهم بكلامك، بل قد يكون ذلك سبباً في فتنة الآخرين وضلالهم تأسياً بخطئك، وذلك الأمر يتطلب الوقوف على النفس بالمحاسبة ومراجعة الذات ثم العمل على تهذيبها ومجاهدة ما شق عليها.
3- الحذر من بعض الأمور الدارجة في هذا العصر التي تهافت عليها الكثير من النساء لقصورهم العلمي ونقص ديانتهم فأصبحت في بعض المجتمعات والأسر من المشاهد والظواهر المألوفة مع مخالفتها الصريحة للدين وبيان حكم تحريمها ولكن لغلبه ممارستها وكثرة الوقوع فيها أستسهلها وتأثر بها كثير من الصالحات والقدوات، وشاكلن الجاهلات في ذلك فأختلط الأمر على العامة وتلبس الباطل والمنكر بلبوس الحق والمعروف.
ومن ذلك:
- ما يتعلق بالمظهر واللباس سواء في لبس الحجاب عند الخروج أو لبس الثياب والزينة عند النساء فأما مظاهر القصور والخلل في الحجاب متنوعة منها التساهل في لبس النقاب الواسع والبرقع وانتشار ذلك ولبس العباءة أو الجلباب الضيق والمزخرف بالزينة والتساهل في ستر القدمين والساقين بالجوارب ولنا في عائشة - رضي الله عنها - أسوة حسنة عندما كانت تشد خمارها حياءً من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو ميت في قبره عندما كانت تدخل البيت الذي دفن فيه. وأما التساهل في المطهر واللباس والزينة بشكل عام فقد عمت بها البلوى في أوساط بيوت المسلمين وتقلد حملها ووزرها كثيرات ممن هم مظنة القدوات لغيرهن. فلبسن الملابس الضيقة المحجمة لأجسادهن بشكل تأباه الفطرة السليمة ويحرمه الدين القويم كما صح في حديث الكاسيات العاريات. وكذلك الملابس شبه العارية التي تكشف عن أجزاء من الجسم شانها أن تستر. وللأسف لقد كان النكير من قبل على عامة النساء اللواتي وقعن في هذه المظاهر الخداعة من التقليد الساذج للغرب، ولكن للأسف نجد هذه المظاهر انتقلت إلى كثير من الصالحات وتساهلن بها في أنفسهن وفي أهليهن.
- كثرة الخروج للأسواق والتجوال بها وكذلك الملاهي والمطاعم التي تكثر فيها المنكرات وتجمع الفساق والأصل قرار المرأة في بيتها(وقرن في بيوتكن).
- السفر بغير محرم وفي الحديث المتفق عليه (لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم).
- الخلوة مع الرجل الأجنبي كالبائع في المحل والطبيب في العيادة والسائق في السيارة لحديث(لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).
- التعطر عند الخروج من المنزل أو أثناء الزيارات والتجمعات النسائية وتقديم العطر والبخور لهن ومنهن من ستركب سيارتها مع سائق أجنبي يجد ريحها ونسيت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -(أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
- الاختلاط بالرجال في البيوت بالجلسات الأسرية أو إقرار ذلك أثناء جلوسها معهم والسماح للبنات بمخالطة الشباب الذكور من الأسر القريبة مع غياب الغيرة على الأعراض وعدم مراقبة المولى جلا وعلا.
- الإسراف العام في شؤون الحياة المبالغة في الاهتمام بالتوافه من أمر الدينا كتزيين المنازل واقتناء الأواني والإسراف في الملابس والحلي والولائم على وجه التفاخر والتكاثر المحرم والذي غرق فيه أرباب الدنيا- نسأل الله العافية.
4- إن الفرق الذي بيننا وبين أسلافنا وقدواتنا الصالحة أن المسلمات كن جميعاً قدوات بعضهن لبعض (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وذلك بسبب قوة علاقتهن بالله - تعالى -ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف كانت القلوب بالله متصلة وحريصة على تأدية أمانة هذا الدين، والآن قل أن نجد هذه البواعث فينا إلا من - رحمه الله - لغلبة الغفلة والتعلق بالدنيا وشهواتها، وكلما بعد الزمان عن زمن المصطفى صلى اله عليه وسلم ازداد هذا الجهل وقل التأثر وتساهل الناس في أداء الأمانة وغابت قيادة القدوة قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).
5- وفي الختام أذكر أختي المسلمة فأقول: تأملي سيرة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - القدوة.. - صلى الله عليه وسلم -، ادرسيها لعلها تكون زادك إلى الله والدار الآخرة وكذلك سير أسلافك من الصالحين العابدين العالمين من رجال ونساء طلباً لشحذ همتك ودفعاً لنفسك للتأسي بهم.
سائلين ربنا ومولانا - جل وعلا - أن يتولانا فيمن تولى من عباده الصالحين ويدخلنا برحمته في زمرة أوليائه أئمة الهدى. ونسأله - جل وعلا - أن يجعلنا للمتقين إماما.
http://www.asyeh.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/391)
دنيا الزواج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أخواتي الحبيبات.. أسعد الله أوقاتكم، أرى أن هناك من مقبل على حياة زوجية جديدة، خاطرتني نفسي.. أن اكتب إليك تلك النصائح، مع أن المشوار أمام بناتي طويل بعض الشيء، ولكن.. من واقع الخبرة والتجربة، أرى أن هناك بعض الأمور واجب على الأم أن تنصح ابنتها.. ولكن، بانشغال الأم فترة تجهيز ابنتها، للأسف... تنسى الأم أن تقوم بجلسة لطيفة ودية تخبرها عن الزواج وخلافه..
بالطبع، لا نلوم الأم.. لأنها تكون في وادٍ آخر...
فهي قلقة على ابنتها.. هل ستكون سعيدة أم لا؟!
هل ستسعد زوجها أم لا.. ؟!
هل ستنجب أم لا... ؟ هل سيكون لديها ذكور أم إناث؟!!!
هل حياتهم ستكون مستقرة أم لا؟!!
وهل سيكونون ميسوري الحال أم لا؟!!
تساؤلات كثيرة تشغل الأم، وتنسى أن تقوم بوصية لابنتها..
سأبدأ معك عزيزتي من ما قبل الزواج...
كما تعلمون أن الزواج.. عبارة عن عقد قران بين الرجل والمرأة، ويكون هناك شاهدان ومهر وإيجاب وقبول.. ويكتمل بالإشهار، حبيبتي.. لا تخرجي معه إلا ومعك محرم، هذا إن تمت الموافقة المبدئية
اجعلي حياءك يلازمك دوماً، ولا تخلعيه أبدا..
كوني صريحة معه، وأخبريه أن احترام الأهل واجب، كما أن الاحترام بينكم ضروري لاستمرار الحياة الزوجية.
وما إن تم عقد القران (كتب كتاب)، إياكِ وإياكِ أن تعطيه شيئا، إن كان الاتفاق على أن يكون هناك حفلة زفاف.. !!
حافظي على نفسك إلى ليلة الدخلة، أحذرك يا حبيبتي من الوقوع بهذا الخطأ الكبير.
لأن الرجل ما إن وصل إليك قبل ليلة الدخلة، سيتركك حتما ويرميك وممكن أن يطعن بشرفك.. واعلمي أنه لا يصح لك.. لأنه لا يخاف عليكِ..
إننا مؤمنون بالقضاء والقدر.. ولكن سأخبركم لماذا أطلب منكم أن لا يدخل العريسان.. إلا في الوقت المناسب.. أو (ليلة الدخلة).
أعرف بنتا.. ولم أكتب مقالتي إلا بعدما باحت لي.. ما لديها، وطلبت مني أن أذكر موضوعها أو اسمها.. ولكن، لا داعي لهذا.. ولتكن عظة لكم يا عزيزاتي..
ماذا لو... أتى الرجل، بعد كتب الكتاب، ولكن لم يحدد موعد الدخلة بعد..
كان يطلبها، وهي ترفض وتؤجل.. لحين موعد زفافها.. فإذا... في يوم دخل بها، وبعدها.... طلقها!
قصة صغيرة مشابه حدثت أيضا.. قبل موعد الزفاف بأسبوع.. وأيضا كان الكتاب مكتوبا وإذا... دخل العريس بها / ولكن.... سبحان الله، توفى بعدها.. وكانت حاملا.
لم ينتظروا ليوم الزفاف... !!
كل شئ نصيب، وطبعا... حلاله.. ولكن، مجرد همسة لك يا عزيزتي..
وإننا نتعلم من أخطائنا وأخطاء غيرنا..
حبيبتي... ما أجمل أن يطلب منك قبلة بريئة(وقت كتب الكتاب)، فتكوني حلاله..
ولكن.... الأجمل أن ترفضي وقتها.. إلى ليلة الدخلة..
صدقيني.. ستتذكرين كلامي لاحقا، وستفتخرين بأنه لم يحصل على شئ منك حتى قبلة بريئة، وهذا فخر لك يا حبيبتي.
إن كلام الحب ليس بالضرورة، الحب يعرف بالإحساس والمشاعر المتبادلة، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل والخوف على مشاعر الغير.
ومع العشرة يكبر الحب بينكما.. وليس بالضرورة أن يكون الحب قبل الزواج.
ستكون.. أجمل في أول يوم فيها.. يغلق الباب عليكم.
ابدئي ليلتك الأولي.. بصلاة ركعتين لله - تعالى -، لتكون ليلة مباركة عليكما..
اجعلي ليلتك الأولى... هي ذكراكِ..
عزيزتي... يقول الله - تعالى -في سورة البقرة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [222]
نهى الله - تعالى - عن الإتيان للجماع في وقت الحيض، ونهانا عن الإتيان في الدبر.. (وهي منطقة الشرج) / هذا مهم جدا أن تعرفيه، وللأسف الأمهات تخجل من هذه النصيحة، حيث تكون الأم مطمئنة من أن الزوج لن يأتي بابنتها من تلك المنطقة.. ومن الرجال من يستهين بجهل زوجاتهم ويفعلون ما يغضب الله - عز وجل -..
حذار يا أختاه، مهما أغراك أو حاول إقناعك..
فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق...
اجعلي الحلال طريقك كي تسلمي، وحتى تنالي رضا الله - تعالى -..
حديث: « من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقة بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد »
أنصحك بأن ترجعي إلى أمور الفقه في الطهارة، ويستحسن الغسل بين الجماعين..
حديث: « إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليتوضأ بينهما وضوءاً.. وفي رواية.. وضوءه للصلاة.. وغيرهما »
أطيعي زوجك ولا تعصيه، قومي على خدمته واحرصي على رضاه، إن حدث بينكما خلاف حتى لو كان هو المخطئ.. عليك بالذهاب إليه ليلتها، وتسألينه.. إن كان لديه حاجة فيك قبل نومك/ وإن شاء الله يكون ثوابها كبير.. لكِ.
أتدرين أن الحور العين يدافعن عن الرجل الصالح، فإياك أن تؤذي زوجك..
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تؤذين امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه.. قاتلك الله! هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا!!
لا تجعلي الشيطان يؤثر على حياتكما، حاولي أن تحدي الخلاف دائما، إن غاية الشيطان أن يفرق بينكما.. والعياذ بالله.
عندما ترين زوجك غاضبا، لا تحادثيه كثيرا.. اتركيه ينفس عما في داخله
وعندما يعود إلى حالته الطبيعية، ناقشيه فيما قال..
لا تلوميه أو تعاتبيه، اكسبي زوجك بالكلمة الحلوة والحكمة تكون طريقتك.
اعرفي طريقة زوجك واسلكيها معه..
حياؤك لا تخلعيه أيضا.. يحب الزوج أن يرى فيك حياءك.. وهذا سر انجذاب الزوج لزوجته..
اللبس والتزين، يهم الزوج.. حاولي أن تجددي نفسك بين حين وآخر..
اجعلي بيتك راحة له... زينيه بالنباتات المنزلية والورود الطبيعية أو المجففة.. وليكن بيتك جنة لكما..
احرصي على الزيارات العائلية والسؤال عن أهلك وأهله.. لا تقطعي صلة رحمك..
وإن حدث خلاف بين زوجك وأحد أقربائه، حاولي أن تصلحي بينهما.. بكلمة منك وتذكرة.. لأن صلة الرحم من صلة الرحمن..
حبيبتي.. هو حاضرك ومستقبلك، هذه هي أسرتك التي شاركتما - أنت وزوجك - في صنعها.. أما أبواك فهما ماضي... إنني لا أطلب منك أن تنسي أباكِ وأمك وأخواتك لأنهم لن ينسوكِ أبداً يا حبيبتي....
وكيف تنسى الأم فلذة كبدها، ولكنني أطلب منكِ أن تحبي زوجك وتعيشي له وتسعدي بحياتك معه.
المرأة تحن دائماً إلى أسرتها.. إلى بيتها الذي وُلدت فيه.. ونشأت فيه.. وكبرت وتعلمت فيه... ولكن، لابد لها أن تعود نفسها على هذه الحياة الجديدة.. لابد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجا وراعياً وأبا لأطفالها..
هذه هي دنياك الجديدة.
أسعدك الله في الدنيا والآخرة....يا حبيبتي.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/392)
شاوروهن .. وخذوا برأيهن !
خالد عبد اللطيف
السعادة الزوجية أثر من آثار الاحترام المتبادل بين الزوجين، حتى ولو لم يكن زواجهما مسبوقا بارتباط قلبي عاطفي، بل إن وجود الحب بين الزوجين دون استقرار الاحترام المتبادل بينهما يعني أن هذا الإحساس (الحب) ينطوي على قدر كبير من الوهم والاضطراب.
إذ لا يتصور مع الحب الصادق تبادل الإساءات وإيذاء المشاعر، أو تسفيه أحد الزوجين لرأي الآخر وأفكاره وتصوراته...
أجمع على ذلك المشاركون في استطلاع "آسية" إلا ندرة لا تكاد تمثل نسبة معتبرة.. !
قد يرى البعض أن الحب بين الزوجين هو السبيل إلى الاحترام والتقدير بينهما.. لكن المتأمل البصير يرى أن العكس هو الأقرب للصواب؛ فالاحترام المتبادل والحرص على المشاعر، وإحسان الظن وتمرير الهفوات وغمرها في بحر الحسنات؛ هو السبيل لتحقق الحب بين الزوجين.. !
فلا أشقَ على المرأة من إيذاء مشاعرها، وتسفيه رأيها.. ورجل هذا شأنه مع امرأته يؤزها على بغضه ومنابذته العداء والعناد، ولو في باطن الشعور.
أما من لا يرون مشاورة النساء، وتقدير آرائهن؛ ومراعاة جانبهن؛ فحسبهم قصة أم سلمة - رضي الله عنها - لمّا أشارت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية برأي صائب، وذلك عندما صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم وفرغ من قضية الكتاب، ثم قال لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا". فلم يقم منهم رجل بعد أن قال ذلك ثلاث مرات. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فقام - صلى الله عليه وسلم - فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة فنحر بدنته ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا (كناية عن سرعة المبادرة في الفعل)!
كما أنه لا أشقَ على الرجل بدوره من عدم تقدير امرأته له، أو احترامها لرأيه وفكره وتصوراته، أو نبذها لحسناته كلها لزلة طارئة؛ كما في البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر النساء إني رأيتكن أكثر أهل النار، قالوا: مم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكفرن، قلن: نكفر بالله؟ قال: تكفرن العشير (أي الزوج) لو أحسن الزوج إليكن الدهر كله ثم أساء قلتن: ما رأينا منك خيرا قط".. !
بقيت همسة في آذان الزوجات: أشعرن أزواجكن بالتقدير والاحترام؛ تملكن قلوبهم!
وأخرى في آذان الأزواج: شاوروهن وخذوا برأيهن (مما يوافق الحق)؛ تهنأ بيوتكم بالحب والسعادة!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/393)
الرضاعة الطبيعية
د. محمد هلَيِّل
إذا كان الحليب هو الغذاء الوحيد للمولود الرضيع، فإن حليب الأم كان المصدر لهذه التغذية، وإذا لم يكن من الأم كان من إحدى الجارات أو القريبات، إذا لم تتمكن الأم من إرضاعه، وكان العرب وقريش خاصة يرسلون أولادهم للبادية يلتمسون المراضع، فالحليب هو المصدر الرئيسي للتغذية سواء كان من الأم أو من امرأة أخرى، ولكن مع غزو حضارة الغرب لنا بكل ما فيها، أخذ الكثير من النساء بالتخلي عن هذا الواجب وبخلن على فلذات أكبادهن بحليبهن، واستبدلن حليب البقر المعدل بحليب الأم الطبيعي، دون أن يكون هناك داع طبي.
ففي دراسة أجريت على 340 امرأة مرضعة في إحدى دول الخليج العربي: خلص طبيبان مسلمان إلى نتيجة تقض المضجع، وهي: أنه كلما ازداد دخل الأسرة كلما قل إقبال الأم على إرضاع وليدها منها، وأنه كلما ازداد مستوى التعليم للأمهات كلما قلت نسبة إرضاعهن لأطفالهن رضاعة طبيعية، إن المرء يتوقع أن يزداد الإقبال على الرضاعة الطبيعية كلما انتشر التعليم بين النساء لا العكس، ولكن هذه هي إحدى نتائج الحضارة الوافدة على الصغار الرضع.
إن البدائل الأخرى لحليب الأم يجب ألا يُلجأ إليها إلا عند وجود ضرورة يحددها الطبيب، كإصابة الأم ببعض الأمراض التي تحول دون الرضاعة، أو تناول بعض الأدوية التي تحتم إيقاف الرضاعة، أو عدم اكتفاء الرضيع أو التوأمين بحليب الأم، أو غير ذلك، على ألا تستخدم هذه البدائل دون داع طبي، كأن تمتنع الأم عن إرضاع طفلها رغبة منها بالمحافظة على رشاقتها! أو لاقتناعها أن إرضاعها طفلها منها هي عادة بالية في عصر التقدم.
في الوقت الذي انساق فيه كثير من الأمهات وراء وسائل الدعاية المختلفة، وخلال تقليدهن الجارف للغرب باستعمال بدائل لحليب الأم، نجد - وللإنصاف - أن بعضاً من الأمهات مازلن يحرصن أشد الحرص على إرضاع أطفالهن منهن.
ولئن كان نساء الأمم الأخرى يرضعن أطفالهن منهن كعادة موروثة، فإنه بالنسبة للمرأة المسلمة واجبٌ دينيٌّ وعبادة تثاب عليها، وصدق الله إذ يقول:(والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ).
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/394)
رقم الفتوى 32386 التبرع لتزويج آخر أم الزواج بأخرى
تاريخ الفتوى : 19 ربيع الأول 1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المميز. رجل يريد أن يتزوج على زوجته مع الإقرار بأن هذه الزوجة ممتازة، جميلة وعلى خلق ودين وله منها أولاد، الحجة أنه يريد أن يتزوج مرة ثانية عملا بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ولتكثير نسل المسلمين ومحاولة التخفيف من العنوسة، اقترح عليه أن يتبرع بالمال الذي سيتزوج به إلى أحد الشباب ليتزوج به وبهذا يكون ستر على مسلم ومسلمة وأبعد عنهم الحرام وأكثر من نسل المسلمين، سؤالي هو: ما هو الحل الأمثل برأيكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أباح الله للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة بحيث لا يزيد عن أربع نسوة، ما دام قادراً على أسباب النكاح وتبعاته، لكن لا بد من التنبيه هنا على أن الزواج يتبعه من المسؤوليات الكثير، والقيام بحق زوجة واحدة في هذه الأيام يصعب على كثير من الناس لكثرة شواغلهم، وقلة صبرهم، وضعف إيمانهم، فالرجل تجده يعمل ليلاً ونهاراً لسد حاجات أولاده وزوجته، ولا يتفرغ لتربية الأبناء ولا لإعطاء زوجته حقها إلا في القليل النادر، ولذلك فإننا نقول: إن الذي يغلب على ظنه أو يتيقن أنه سيُخل بحقوق الزوجة أو الأولاد إذا تزوج بأخرى، لا يجوز له أن يفعل ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه.
أما من غلب على ظنه أو تيقن أن زواجه بأخرى لن يؤثر على حقوق الزوجة الأولى أو حقوق أولاده، فلا مانع له من الزواج حينئذ، فالأصل في الزواج الإباحة، وبزوال المانع يعود الحكم إلى أصله، وليُعلم أن الزواج بثانية أو ثالثة أو رابعة قد يكون واجباً في حق بعض الناس، وذلك كمن خاف على نفسه الوقوع في الحرام إذا اقتصر على واحدة، والحالة المذكورة في السؤال ليست من هذا الباب، بل غايته أن الزواج في حقه مباح، لكننا نرى أن الأفضل له أن يتبرع بهذا المال لمن يتزوج به، ما دامت حياته مستقرة وزوجته تكفيه، وبهذا يكون قد حقق مقصوده وزيادة، إذ بفعله هذا يقلل من العنوسة، ويحصن فرج رجل مسلم، ويكون له بهذه النية أعظم الأجر والثواب، لكننا ننبه الزوجة إلى أن الزوج قد يرى بها عيوباً لكنه يستحيي من إخبارها بها حفاظاً على شعورها، وقد تكون هذه العيوب مؤثرة بحيث تدعوه إلى الزواج بغيرها، وفي هذه الحالة لا تستطيع أن تمنع الزوج من الزواج، كما لا تستطيع نصحه بذلك، لأن محافظته على دينه أولى من محافظته على شعورها في هذه الحالة.
ولتزداد الصورة وضوحاً تُراجع الفتاوى التالية: 2286 ، 3604 ، 7844 ، 8795 ، 27536 ، 24101 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(82/395)
المرأة المسلمة ومحاولة يائسة للاستنساخ
غادة الكاتب
انتشرت إفرازات الحضارة الغربية المادية في العالم بفعل هيمنة هذه الحضارة على مصائر الأمم، إضافة إلى إستراتيجية العولمة التي انتهجتها لتحوير ثقافات هذه الأمم وحضاراتها، وقد تأثرت المرأة المسلمة - مثل أخيها الرجل - بشيء من ذلك، بل وانساق عدد من النساء وراء هذه الأفكار الغربية، التي تتعارض مع الإسلام، فصرن ينادين بمساواة المرأة بالرجل في الميراث والشهادة والنكاح وغيرها؛ مما يخالف حكم الله وشرعه..إلا أن نساء أخريات، رفضن هذه الهجمة، ورأين فيها محاولة مشبوهة لاستنساخ واقع المرأة الغربية، وفرضه على المجتمع المسلم.
تقول الأكاديمية فاطمة بنت عبد الله البطاح: "لا شك أن وسائل الإعلام المختلفة بكل ما تمثله من هيمنة وسيطرة وانتشار قد تركت آثاراً سيئة وبالغة الخطورة على شخصية المرأة المسلمة المعاصرة! " وتضيف: "إن الصحافة النسائية أو البرامج المرئية الموجهة للمرأة المسلمة ـ في أهدافها وطبيعة مضامينها- لا تعكس قيم المجتمع المسلم الذي تظهر فيه وتروَّج؛ بل تكرس نموذج المرأة الغربية، وتظهره بصورة ترسّخ في الأذهان على أنه هو النموذج القدوة!! "
من جانبها ترى د.فريدة صادق زوزو أن المرأة كانت محط اهتمام خصوم الإسلام الذين يتربصون بأمتنا، مستفيدين من ضعف الوعي الشرعي والخبرة لديها، الأمر الذي يقف حائلاً دون تصديها لما يستهدف كيانها وشخصيتها، من برامج الغزو الثقافي والفكري والتربوي، ويجعلها عرضة للإغواء والتدمير، والتأثر السريع بالآخرين، وبمظاهر التغريب والانحلال، وتضيف د. "زوزو": "إن دعاة التغريب كتبوا في كل ما يتعلق بالمرأة وتحريرها، وتناسوا متعمدين الحديث عن فطرتها وأمومتها، انتصاراً لإفساد المجتمع الإسلامي، بالدخول في غوره، وأساسه، ألا وهو الأسرة، والتي يبدأ انهدامها بهدم اللبنة الأساس وهي الأم والزوجة".
أما الباحثة نوره بنت عبد الله بن عدوان فتقول: " إن المرأة المسلمة تبرز في الإعلام الغربي كأداة توظف في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وقد ساعد في ذلك اجتماع كل من مصالح الآلة الإعلامية الضخمة التي يسيرها النفوذ الصهيوني مع أهداف المنتميات للحركة الأنثوية الغربية في تقديم صور نمطية مشوهة للمرأة المسلمة". وتضيف: " لقد دأب الغرب في تناوله لقضايا المرأة المسلمة، على اعتماد عدة أسس:
أولها: الدعوة إلى رفع وصاية الدين عن المرأة، حيث يعتبر الغرب أن الدين حجر عثرة في طريق تقدم المرأة، وتزامن ذلك مع الحملة التي تنامت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ضد القرآن والرسول - صلى الله عليه وسلم - وضد شعائر الإسلام، ومن يطّلع على معظم ما يُحرّر في هذا الجانب يلمس التعدّي التامّ على الإسلام بهدف نقضه كدستور ومنهج وتشريع".
وتجتهد وسائل الإعلام الغربية في تصوير المرأة المسلمة بصورة الإنسانة المضطهدة والمحرومة من حقوقها، فهذا (نيكولز كريستوف) من صحيفة NEW YORK TIMES)) يصف التزام المرأة بالقيم الإسلامية في السعودية بالمعاملة غير الإنسانية، في حين يكتب (إدوارد بكنغتون) من صحيفة((GUARDIN ضد أحكام الشريعة ويصفها بـ"المتشدّدة"؛ إذ "تتيح للرجل الزواج من أربع في حين لا تتيح ذلك للمرأة"، ولا يقف (بكنغتون) عند هذا الحد بل يتمادى فينتقد حد الزنا، ومنع الاختلاط ويعتبر ارتداء المرأة الحجاب صورة من صور تسلّط الرجال.
شاهد من أهلها
وتأتي آراء بعض النسوة الغربيات اللواتي اعتنقن الإسلام خير داحض لادّعاءات (بكنغتون) و(كريستوف) إذ تقول السيدة نبيلة، واسمها قبل الإسلام (روبين رييد): "عند دخولي في الإسلام دهشت لما تتمتع به النساء من منزلة رفيعة. فالصورة مغايرة لتلك التي عند الغربيين، فالإسلام لا يقيد ولا يصادر أي شيء من كرامة المرأة"، وتوافق السيدة عائشة، واسمها قبل الإسلام (راشيل بريتشرد) على رأي خديجة وتقول: "لا يوجد شيء في الإسلام يقلل من كرامة المرأة، الإسلام يعطيها الكرامة، فالمرأة المسلمة تعامل بالود والكرامة التي تستحقها، ولو عرفت النساء الغربيات كيف تُعامَل المرأة المسلمة كما يأمر الله ـ - سبحانه وتعالى - ـ فسوف يسرعن لاعتناق الإسلام".
وتركز معظم التحقيقات والمقالات الغربية التي كُتبت حول المرأة المسلمة، على تحريض المسلمات لمحاربة القيم الإسلامية، وذلك من خلال استخدام الإعلام الغربي منهجاً انتقائياً في تحرير المقالات والتحقيقات، التي تتفق مع أطروحاتهم الشخصية، وفي حالة إثبات الآراء المخالفة تختتم المقالة أو التحقيق برأي ما هو مؤيد للنموذج الغربي، تقول د. عدوان: "يظهر المنهج الغربي الانتقائي غير الموضوعي بكل وضوح في الحالة السعودية عندما تهمل نتائج التنمية التي تحققت للمرأة في المملكة، ويكون التركيز بالدرجة الأولى عند الحديث عن المرأة على عباءتها دون الإشارة إلى أن هذه العباءة لم تمنعها من العمل في التدريس والطب وإدارة البنوك، والتسويق وتقنية المعلومات والتجارة وغيرها مما يشهد به واقع التنمية السعودي"، وتأتي مقالة (نيكولز كريستوف) من صحيفة (NEW YORK TIMES)لتؤكد على نظرية د. عدوان؛ إذ يطالب كريستوف في تحقيقه بإطلاق لقب (BLACK GHOSTS) الأشباح السوداء على نساء السعودية، ويضيف: "إن المرأة السعودية مصنفة في الغرب بـ(ممسحة الأرجل الأثرية المغطاة بالسواد) بهذه الصورة الساخرة المغلفة بالاحتقار، يتحدث الإعلام الغربي عن المرأة المسلمة التي لا يعرف عنها، ولا يرى منها سوى عباءتها السوداء، فمن "وصْف بالأشباح السوداء، إلى إطلاق لقب النينجا وغيرها من الأوصاف والمشاعر المملوءة بالاستخفاف بثقافة الآخر، واحتقار قيمه واتهامه بالانغلاق والتحجر والجمود"- حسب د. عدوان- التي تؤكد أنه "إن كان لدى المرأة السعودية أي مشاكل فالحجاب ليس واحداً منها"، وتضيف: "إن أحكام الإسلام يتّبعها المسلمون طوعاً رجالاً ونساءً، ولا تفرض بحد السيف كما يصورّها الإعلام الغربي".
ويركز الإعلام الغربي على أن خلاص المرأة المسلمة مرهون باتباعها ثقافة المرأة الغربية نموذجاً؛ إذ يقول (كريستوف): "استمررت في سؤال النساء السعوديات كيف شعورهن وهن ممتهنات، واستمررن في إجابتي باعتزاز وكرامة أنهن غير ممتهنات"، ثم يضيف مؤكداً "نحن في الغرب نريد أن نحرّر هؤلاء النسوة، وهن يصررن على أنهن سعيدات بوضعهن".
على ذلك ترد السيدة خديجة واسمها قبل الإسلام (ويندي بووث) فتقول: "الحجاب الذي يتصور الغرب أنه حاجز أو عائق، كان تحرّراً بالنسبة لي، حرّرني من أن يُنظَر إليَّ تلك النظرة المادية، نظرة الجسد الخالي من العقل، وكان الحجاب دافعاً لأن أُعامل باحترام وكرامة".
وفي تفسير لهذا التكالب الغربي على غزو عقلية المرأة المسلمة يقول الشيخ د. بشر البشر: " لقد فطن الغرب لمكانة المرأة ودورها في صنع الأمة، وتأثيرها على المجتمع؛ ولذلك أيقنوا أنهم متى أفسدوا المرأة، ونجحوا في تغريبها وتضليلها، تهون عليهم حصون الإسلام، بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة". مشيراً إلى ما جاء في برتوكولات اليهود التي تقول: "علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدّت إلينا يدها ربحنا القضية".
وثيقة بكين: الدين عائق
من جهته، يرى د. كمال حبيب أن وثيقة بكين، التي وقّعت عليها(81) دولة أشارت بوضوح إلى أن الدين يقف عائقاً أمام تحقيق مقرراتها التي تنظر للمرأة على أنها "المرأة الفرد وليست نواة الأسرة"، ومن ثم "فالمرأة العاملة هي المرأة المعتبرة؛ أمَّا ربة الأسرة ـ فيُنظر إليها باعتبارها متخلفة وخارج السياق الدولي الجديد؛ لأنها لا تمارس عملاً بمقابل، ولأنها ربطت نفسها بالزوج والأولاد والأسرة"، ويضيف د. حبيب: "إن وثيقة بكين ناشدت المؤسساتِ الدينيةَ لكي تساعد على تحويل مقررات المؤتمر إلى واقع ـ أي أن تصبح المؤسسات الدينية أحد أدوات المرجعية الكونية الجديدة التي يتبناها النظام العالمي ويسعى لفرضها على العالم".
ولعله مما يبعث على التفاؤل أن ثمة شبه إجماع من النساء المسلمات على رفض النموذج الغربي؛ فها هي إحدى الأكاديميات السعوديات تردّ على كريستوف من صحيفة (NEW YORK TIMES) وتؤكد " إنني لست ممتهنة، أنا أغطي جسدي ووجهي، وأنا سعيدة بكوني فتاة تطيع أوامر ربها"، وهذه أخرى تشير إلى أن الحجاب يعبر عن ثقافتها فتقول: "إنك لا تستطيع الذهاب إلى الهندية وتسألها لماذا تلبس الساري، ولا تستطيع أن تسأل الغربية لماذا تلبس الفستان القصير، إذن هذه هي عباءتنا وهي جزء من ثقافتنا، ولم تكن مصدر إزعاج لي على الإطلاق".
وتؤكد (نيكول جاوتي) المحررة في صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور (The Christian Science Monitor من خلال تحقيق مطول أجرته مع عدد من المسلمات في كل من: أفغانستان وإيران والمملكة العربية السعودية، على أن هؤلاء النسوة يفخرن حقاً بطبيعة الإسلام ومكانة المرأة فيه، ويؤكدن جميعاً على أن الدين والثقافة والتراث شكّلت حياتهن، وإن كان لديهن أي مشاكل "فبالتأكيد الحجاب ليس واحداً منها"، وتستنتج (جاوتي) في تحقيقها أن "أحكام الإسلام يتبعها المسلمون في طوعاً رجالاً ونساءً، ولم تُفرض بحد السيف كما يصورها الإعلام الغربي".
متحجبات: اتركونا وشأننا
ويعجب (بكنغتون) المحرر في صحيفة الجارديان (Guardian) من حقيقة كون النساء السعوديات يفضلن البقاء والاستمرار على عادات اجتماعية يصفها بـ "المتشددة" ويستشهد بمقولة إحداهن: "إن النساء السعوديات سوف يحافظن على العباءة، وإنك لو أتيت بعد مليون سنة من الآن ستجد المرأة السعودية محافظة على عباءتها"، وهذه الحقيقة تؤكدها أيضا استشارية سعودية في ردها على طرح لصحيفة (كريستيان سينس مونيتور The Christian Science) فتقول: "عليكم أن تعوا أن معظم النساء المسلمات يرغبن في الحجاب، ليس هناك شيء سوى الدين، الحجاب رمز للعقيدة، وهو شكل من أشكال الحماية، إنه لن يتغير، إنه مثل الجلد الثاني"، وفي السياق نفسه تقول رئيسة جمعية خيرية سعودية في صحيفة: (USA TODAy) "يتهموننا بأننا متخلفون، ولكنهم لا يرون ما هو موجود تحت العباءة، إننا لا نريد أميركا أن تأتي وتضع مطالب نيابة عنا، اتركونا وشأننا".
ولا يعني هذا الإصرار النسوي المسلم على التمسك بالدين وتعاليمه عزوف المرأة المسلمة عن التطور، بل يؤكد رغبتهن في ذلك ضمن الشروط والمعايير التي تناسب مجتمعاتهن، فهذه إحدى الاستشاريات المسلمات التي تعلق على التدخل الغربي المكثف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في شؤون المرأة بقولها: "نحن كمسلمات نريد أن يكون التغير بطريقة تتماشى مع ثقافتنا، ولا يكون التغيير ضدها، اتركوننا وشأننا".
وبالقدر الذي تدرك معه المرأة المسلمة أن التغيير والتطور لا يمكن أن يكون بنقل النموذج الغربي للمرأة، كون هذا النموذج غريباً عن ثقافتها وفكرها وعقيدتها، ولا يمكن أن يكتب له النجاح والاستمرار، هي تدرك أيضاً أن المحاولات المستمرة لنقل هذا النموذج ليست في واقع الأمر إلا محاولة للتغريب، وهي عملية لا ينتج عنها سوى المزيد من التبعية والعجز والشلل.
ازدواجية في المعايير
إلى ذلك، أضحت ازدواجية المعايير من الأمور الشائعة في الإعلام الغربي في تعامله مع قضايا المسلمين بشكل عام، وفي شأن المرأة المسلمة على وجه الخصوص، تقول خديجة أم محمد، واسمها قبل الإسلام (جوان توماس): "الإعلام الغربي يصوّر المرأة الغربية على أنها قوية، مستقلة، جميلة ومثالية، وإذا لم يكن عندها أي من تلك الصفات فستفعل أي شيء للحصول على ما يتوقعه الناس من هذه المظاهر مثل لون الشعر ولون البشرة"، وتضيف: "إذا لم تستطع المرأة أن تحقق ذلك فسوف تكون في غاية الضيق؛ لأنها لم تبلغ (المثالية) التي يصوِّرها الإعلام! وهذا يؤدي بها إلى الكآبة الشديدة والإحباط بل وأحياناً إلى قتل النفس".
ولا يخفى على المراقب المهتم كم المفارقات العجيبة وازدواجية المعايير الموجودة في الإعلام الغربي، وتعامله مع القضايا عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين، حول ذلك تتساءل سيدة أميركية مسلمة فتقول: "لماذا تستطيع الراهبة أن ُتغطي نفسها من رأسها إلى قدميها، وتكون في نظرهم محترمة وتمتثل لأوامر ربها، ولكن عندما تفعل ذلك المسلمة تُعتبر ممتهنة؟ " وتضيف" عندما تجلس المرأة الغربية في بيتها للعناية بالبيت والأطفال، فهي في نظرهم تقدم تضحية جميلة في سبيل محافظتها على شؤون منزلها، ولكن عندما تفعل المرأة المسلمة ذلك فهي في حاجة إلى أن ُتحرّر!! ".
بقي أن نقول: إن تحرر المرأة في الغرب لم يستطع أن ينقذ المرأة أو يكرمها، وإنما استطاع فقط أن يضغط عليها ليخرجها من البيت من غير رقيب ولا حسيب، لتعيش عمرها في حُمّى تنافسية مع الرجال، وتفقد في خضم هذا السباق أنوثتها وكينونتها، بل والأهم من ذلك استقرارها النفسي، والغاية التي خلقت من أجلها.
4/3/1426
13/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/396)
رمز التميز
محمد بن سرار اليامي
وإياك وظهر الحرباء، فإن لها كل يوم لوناً، بل كل حين وأوان.
فصاحبة الهوية لها كيانها ومبدأها الذي تريق دمها من أجله، وتقرب روحها فداء لمبدئها وهي سعيدة، وخذي على سبيل المثال تلك الصحابية الجليلة التي طعنت من قبلها فخرج الرمح من قفاها وخرت صريعة ليحيا مبدئها، ويبقى دينها وتفوز بالثبات..
سبحان الله! أبا الموت تفوز، ولكنها المبادئ والقيم السامية لا تكون إلا على جسر من التعب.
وهذا الآخر يقول: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى.
والثالث يقول:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة
قوية تنفذ الأحشاء والكبدا
والرابع يقول: إني لأجد ريح الجنة من دون أحد..
والخامس يقول: بخ... بخ إن أنا بقيت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة.
والسادسة تقول لأبنلئها وقد جهزتهم للجهاد: لمثل هذا اليوم أعددتكم وتضمهم وتشمهم وتقول الموعد الجنة إن شاء الله.
فهل بعد هذا الصبر والثبات على المبادئ والقيم من صبر وثبات؟
إنها والله الجنة سلعة الله جعلتهم يسترخصون الحياة في سبيل رضى الله والجنة.
أيتها الطالبة للتميز..
دونك... هويتك الإسلامية السنية السلفية، تمسكي بها وعضي عليها... فهي زارعة لثقتك في طريقك، مثمرة رضى وراحة بالك، وسلامة صدرك فهويتنا أو الهاوية..
هويتنا رمز تميزنا، أنقشيها على لوح القلب والمكتب.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/397)
إليه و إليها
عثمان قدري مكانسي
إن رمت أن تحظى بخير وافر *** في هذه الدنيا، وفي ذاك الغد
فالزم تعاليم الهدى ريانة *** من شرع سيدنا النبي محمد
صلى عليه الله، كان مبلغاً *** دين الطهارة والكمال السرمدي
دل الشباب على اختيار المرأة الـ *** ـعصماء ذات الدين والخلق الندي
تُرضِي بطاعة زوجها رب الورى *** وترى جنان الخلد، إن تتودد
وتصون عرضاً فاق كل ثمينة *** إن غاب إلف الدار، أم لم يبعُدِ
تبني الرجال على الفضيلة والتقى *** كيما يكونوا أسوة للمقتدي
دين الفتاة سياجها من حمأة *** الزمن الرديء، وفي الفساد المزبد
فاظفر بذات الدين، قد نادى بها *** "طه" رسول الله، دون تردد
لا تطلبنْ فيها الجمال ولا الجدا *** أو لا تقل: أرنو لحسن المحتدِ
إن "الجمال" بغير دين محنة *** و"المال" يطغيها، فلا تستبعد
والبحث عن نسب لمحو خسيسة *** يرديك في ذل، وعيش أنكد
من كان يرجو الله في أفعاله *** لقي القبول، ونال غب السؤدد
إليها
أختاه يا طهراً تفجّر *** من ينابيع الفضيلة
يا طاقة عبقت بما *** تحويه من شيم أصيلة
فاحت، فمازج عطرها *** مهد الطفولة والكهولة
ودفعتِ آساد العرين *** تخط آيات البطولة
وزرعتِ في الأرواح *** أفكاراً، وآداباً جليلة
وسقيت هذا النشء *** قرآناً أضاء له عقوله
أرضعته حب الجهاد، *** فكان عنوان الرجولة
ما أعظمَ الأمَّ الرؤومَ *** تبثُّ أهدافاً نبيلة
عِلماً، وتهذيباً، ووعياً *** يجعل الدنيا خميلة
أنتِ يا أختُ رياضٌ *** تُؤنسُ العين جميلة
أنتِ للزوج، وللطفل *** نُسيمات عليلة
بسمةٌ منك تحيل *** الدار جنّاتٍ ظليلة
صاغك الله ملاكاً، *** عَزَّ أن نلقى مثيله
http://www.odabasham.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/398)
حتى لا تكسر الجوهرة .!
عبد الله بن محمد البوعينين
أختاه... حارت بي الأفكار
وثارت بي الأخبار...
لا أدري من أي باب سأدخل.. لا أعرف كيف أخاطبك... تعرفين لم؟
لأني أخاطب أختي.. نعم أختي
وإن لم يكن صلة بيني وبينك إلا النت فكفانا.. أن نكون مسلمين وهنا يتلزم علي أن أناديك أختاه
أختاه...
هل تعلمين ما هو أعظم شيء في المرأة ؟؟
والذي إذا فقد هذا فقدت مكانتها وأهميتها... لربما تعتقدين أنها شهوات وغيرها... لا والله وكلا
ولم أقصدها ولم اعتمد هذا القول... فهذا ما يفكر به الشهوانين فقط... والذين يبحثون عن رذاذ الدنيا
ولكن ما أقصده... إنه حيائك أنتِ... قفِ من فضلك تفكري في حياتك.. وقلبي ماضيك وحاضرك.. فكري قليلا... هل مازلت متمسكة بحيائك؟؟
لا أحكي عن حياء المرأة العادية... ولكن أحكي عن حياء المرأة المسلمة.
دعيني أخيتي نبحر سويا في عصر مضى زمنه.. وذهب أجله.. ولكن هو كحالنا وكوقتنا لم يتغير إلا القليل.
تقول عائشة الحميراء - رضي الله عنها - " الصديقه بنت الصديق " رحم الله نساء المهاجرات الأول.. لما أنزل الله قوله - تعالى -" وليضربن بخمرهن على جيوبهن " شققن مروطهن فاختمرن بها.
وهو ما يغطي الوجه..
أي إيمان.. أي قوة هذه...
تحدت العالم كله.. من أجل ماذا؟؟
من أجل إيمانها.. وخوفها على نفسها وإرضاء لربها قبل هذا.
تأملتن بهذا الحديث عن عائشة؟؟
ثم تأملن بحيائكن.... وانظرن لحالكن
نجد أخواتنا... خبط عشواء... تبتسم لهذا.. وتضحك لهذا... وتمزح مع ذاك
بل تزيد حتى تصل إلى مقولة " الصورة الأولى أحلى من الصورة الثانية "
وملامح هذا أروع من ملامح ذاك
أوه يا حياء النساء....... صرخت بهذه الكلمات فرد علي الصدى بقوله
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
كل من في هذا الدنيا يريدك لنفسه... إلا الدين فإنه يريدك لله.
أختاه
تأملي حياءك.... وهل هذا ما يريده الله؟
ثم اسألي نفسك... هل هو حياء الإيمان... أم حياء الأنوثة؟
كوني صريحة مع نفسك.. وأجيبي بداخلك.. واعلمي أنه ما ينفعك هو ما تدينين الله به
واصدحي يا أختاه دائما بقول السابق
إذا قل ماء الوجه قل حياءه ** ولا خير في وجه إذا قل ماءه
ولا فرق بين حياء النت وخارجه.... فهو يعكس شخصيتك الباطنة.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/399)
يوم أن قتلتني طبيبتي
ندى بنت عبد العزيز محمد اليوسفي
صراحةً كنتُ أقسو كثيراً على الطبيبات بكلماتي، وروايتي الأحاديث التي أسمعها عن سلوكهنّ من هنا وهناك، ولم أكن بِدعاً في ذلك أمام كثيرٍ من أفراد هذا المجتمع الذين يرون في عملِ الطبيبة خرقاً لكل شرعٍ وعُرف، كنتُ أحارب عمل المرأة في المجال الطبي بكل قوة، ولا أفكّر أبداً في حاجتنا فعلاً للطبيبات والممرضات النساء المُؤتَمنَات المسلمات، بل وسعيتُ بشتّى الطُرُق لِحَرفِ ابنة أخي عن دراسة الطب.
لكن كان ما تحمله في قلبها من همّ، و ما ترنو إليه من حلم، أقوى من ألف ألف سلاح، وكلمة فمّ. كانَت تردّد أنّ لا نجاة لمجالاتنا الطبية من النظام الغربي المتفشّي إلا أن يمسك زمامه أخوةٌ صالحون، و أن يكثر سواد المستقيمات والمستقيمين في الكليات الطبية.
كانت تنظر إلى الغد بتفاؤل، ولا تقصر في طرق أي باب يوصلها لما تريد في سبيل إصلاح زميلاتها، والتحرر من المخالفات الشرعية في التعليم الطبي قدر الإمكان، كانت تُطالِب بالمُخاطَبة والمُكاتَبَة، وكم رأينا وجهها يتهللُّ بشرَاً وفرحاً عند نجاح مسعاها في أمر، وكم رأيناها تبكي وتحاول التنفيس عما في النفس من إحباطٍ وهمّ عند فشلها في تحقيق أمر. كانت تتقلّب بين تلك الحالتين فترة دراستها، وكنتُ أنا من وراء الجدار أُراقِب، و بخوفٍ أترقّب، ويكفيني ما أصاب علاقتي بأخي بسبب هذا الأمر، حتى كان ذلك اليوم.
فاجأني ألمٌ بالبطنِ شديد، حملني زوجي للمستشفى القريب، كان انسداداً حادّاً في الأمعاء، ويحتاجُ جراحةً عاجلة، لم نجد إلا جرّاحاً رجلاً، رفضتُ، وقضينا تلك الليلة نقطع العاصمة ذهاباً وإياباً بحثاً عن مستشفى فيه جرّاحة امرأة، وكان ما أطلب من سابع المستحيلات، سلّمت نفسي مُكرَهة لمبضع الجرّاح، وكم زاد ألمي ألماً لاضطراري للتكشّف أمام طاقم الجراحة ولم أكن قد تكشّفت أمام طبيبٍ رجلٍ قطّ.
أفقتُ من التخدير وإذ بابنة أخي فوق رأسي بلباس العمليات، وهي طالبة في ذلك المستشفى، تسأل عن حالي، وقد لاحظَت اضطرابي وسعيي للتأكّد من ستر جسمي، أمسكت بيدي بحنان، وهي تطمئنني وتقول لا تقلقي ولا تخافي، اتصل زوجكِ سائلاً عن مهارة الجرّاح وأخبرنا بجراحتكِ العاجلة، فجئتُ مع أبي للمستشفى، وكنتُ معكِ من بداية تخديرك، و حاولت أن لا يتجاوزوا كشف موضع العملية فقط، و حرّصتُ إحدى العاملات أن لا تُدخِل من ذاك الباب أحد.
أهويتُ دون شعورٍ مني على يديها أقّبلها، رفعَت يدها بسرعة، ورفعت نقابها الأخضر، وهوت على رأسي تقبّله بابتسامة وهي تتمتم: (لا بأس، طهور إن شاء الله). ونُقِلت بعدها إلى جناح التنويم، وودّعتني، كنتُ عاجزة عن التحرّك من السرير للألم، وكان صوت التلفاز يزعجني بمعازفه، وصعُب عليّ التفاهم مع الممرضات، وخالفت رغبتي رغبة المريضات الأخريات.
فجأة سمعتُ صوت التلفاز يخفّض، والستائر على المريضات تُغلَق، ويُطلَب منهنّ التحجّب فجولة الأطباء اليومية تكادُ تبدأ، عرفتُ ذلك الصوت وزدتُ به فخراً وفرحاً، زارتني بعد انقضاء الجولة الصباحية ومعها دعاء زيارة المريض لتعلّقه فوق سريري.
آهٍ يا ابنتي لقد قتلتني بحملكِ الهمّ، لقد قتلتِ في ذلك الوهم، لقد قتلتِ في كل نظرة انتقاص أو ازدراء لمن حملت على عاتقها إسعاد المؤمنات وسترهنّ و حراسةِ عفافهنّ. تُرى كيف سنطمئنّ إلى أنفسنا وأعراضنا وعوراتنا في المستشفيات ما لم نطمئِنّ لوجود أمثالكنّ.. ؟!!.
المستشفيات يستحيل أن تُغلَق، والحاجة أم الاختراع، والمؤمن الصادق لا يعدم وسيلة توصلهُ لما يرضي الله، و وجود الصالحين والصالحات هو ما سيشحذ العمل الدعوي في هذا القطاع، وسيعجّل بأسلمته، وارتفاع الأصوات بالمطالبة بإصلاحه وفصل الرجال عن النساء به.
و مع تزايد الحاجة لعملٍ منظّم مُثمِر للدعوة إلى الله في الأوساط النسائية في المجال الصحي وإصلاح أوضاعه ودعوة أهله بالحكمة والموعظة الحسنة وللإعانة في ترجمة الأفكار لواقع مُثمِر؛ كان انضمام بعض الصالحات لهذا المجال احتساباً وجهاداً، وعلى الرغم من قلّتهنّ بالنسبة لغيرهنّ من العاملات؛ لكن ربّ قليلٍ تُكَثّره النّية، والقليل مع الإخلاص؛ كثير.
العاملة في المجال الصحي، طبيبة كانت أو صيدلانية أو ممرضة أو محضّرَة مختبر، أو فنّية أشعّة، أو مشرفة اجتماعية أو إدارية، ينبغي أن تعلم أن الدعوة إلى الله سبيل الأنبياء و باب للأجر تستطيع أن تبني به جبال من الحسنات ولأن يهدي بها الله امرأة واحدة خير لها من حمر النعم، والدنيا معبر لدار المستقر، و هي محاسبة على كل صغيرة وكبيرة.
ينبغي أن تمتثل الإسلام حقّ الامتثال فتكون داعية بأخلاقها وتعاملها، داعية بحجابها و حشمتها، داعية بحيائها وامتثالها للأوامر الإلهية مهما كلفها ذلك، داعية بلسانها ومالها، داعية بسنّها السنن الحسنة و الصلابة في الحق و عدم تقديم التنازلات وأن لا تخاف في الله لومة لائم، داعية بتغييرها المنكر والتحرّر من المخالفات الشرعية في بيئة عملها قدر الإمكان.
داعية بنشرها الخير وأمرها بالمعروف بين زميلاتها، داعية بتواضعها و تسامحها و نصح مريضاتها، داعية بتفقيههن بأحكام الطهارة والصلاة وتذكيرهن بتجديد التوبة واللجوء إلى الله والتوكل عليه.
تذكّر نفسها بأن النصرانية ما انتشرت إلا عبر بوابة الطب وحفظ الصحة فتسعى حثيثة لأن تقدم الدعوة للدين الحق والعلاج بل وتحرص على دعوة من يخالطنها في مجال العمل من المسلمات وغير المسلمات.
متى ما عملت العاملات في المجال الصحي ذلك و امتثلنه فلنتيقّن -بإذن الله- أنهن سيصبحن مشاعل هداية في مواجهة العقبات و آفات الطريق، وسيكون ذلك فتحاً لهذا الدين وخيراً على أهله، وإصلاحاً لفسادِ هذا المجال و تفرنجه الذي ضاقت به نفوس الموحّدين عقوداً.
لتبدأ كل واحدة بنفسها فلتربها، ولتصلح شأنها، سلاحها التقوى، لتشكر نعمة الله أن هداها و رزقها الثبات في زمنٍ يموج بالفتن والشهوات والشبهات.
لتبادر بالعمل لهذا الدين، علماً وتعليماً ودعوة وأمراً بالمعروف و نهياً عن المنكر، ولتبذل في ذلك الغالي والنّفيس.
لتصبر نفسها مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، و لتحتسب ما قد تلاقيه من صنوف الأذى فهي داعية قبل أن تكون عاملة في المجال الصحي، بل داعية وهي على مقاعد الدراسة في كليتها.
لتدرك أهمية العلم الشرعي فتسعى حثيثة في طلبه فهي تعلم أنها متى ما أخلصت النية فالله - تعالى -يبارك في أوقاتها وعملها.
ولتحافظ على التوازن و إعطاء كل ذي حق حقه في حياتها العلمية والعملية و حقوقها الأسرية تجاه زوجها وأولادها وأهلها.
ولتعلم أنها مطالبة بإتقان عملها و لتحتسب هذا العمل لتقلب عملها ودراستها إلى عبادة تثاب عليها.
ولتعلم أن الطب أرض خصبة للدعوة، لإنارة المشاعل، لهداية الحائرين، الطب طب للأرواح قبل الأبدان، طب للنفوس والأفئدة التائهة، علاج للقلوب المضطربة، إنارة لدروب الحيارى بآي القرآن.
يقول الشيخ الدكتور عبد الله وكيل الشيخ: (نأمل أن نرى المجال الطبي من أنشط المجالات في نشر الدعوة وحض الناس على الخير، ولسنا نطلب أن تنقلب العيادات والمستشفيات إلى قاعات محاضرات ولا إلى منابر واعظين، وإنما نبتغي أن يستغل العاملون في هذا المجال مواقعهم المؤثرة لأجل أن يبلغوا ما يستطيعون من الخير وأن يتخففوا قدر ما يستطيعون من المخالفة).
ها هي منظمة أطباء بلا حدود التي تجوب الأرض، من أقصاها إلى أقصاها، تنشر مبادئها وأوبئتها، ليست بأحسن حالاً من الطبيب المسلم الداعية الموحّد وأي عامل في المجال الصحي مادامَ يملكُ جناناً متقداً وحماسةً للعمل الدعوي لا حدود لها، إنها الازدواجية المحبّبة، الطب والدعوة.
ليكن إصلاحنا للمجالات الطبية ودعوتنا ديناً ندين الله به، وغايةً سامية يحملها القلب فيترجمها البنان واللسان والأفعال، بالمخاطبات والمطالبات والتغيير والمتابعة كلٌّ في موقعه، طبيباً أو عالماً أو طالب علم أو مريض أو داعيةً مسدّد أو أيّ مسلمٍ موحد.
لنعاضد أختنا في المجال الطبي فهي والله على ثغر، تحتاج من يساعدها على رفع صوتها بالمطالبة في تنظيف بيئة عملها من كل ما يخالف الشريعة، ومن يشدّ على يدها بالتشجيع والمؤازرة إن رأى منها إحساناً، ومن يحسن الوعظ والتذكير والمناصحة إن رأى منها تقصيراً أو إخلالاً.
نريد أن يتوجّه إليها الدعاة بالوعظ والتثبيت و الإصلاح، وأن ينشطوا في دعوة ووعظ المسئولين والعاملين الرجال بالحسنى، فعلى عاتقهم تقع المسئولية الأكبر في المخالفات الشرعية التي تمتلئ بها بعض المستشفيات.
وليتوقّف البعض الذي لا يفتأ يذكر أخواتهُ العاملات في المجال الطبي بالسوء ودون تثبّت، ويقذف المحصنات المؤمنات ويرمي أعراضهنّ بالتّهم دون بيّنة، فقط لعملهن في المجال الطبي. كم يحتاج هؤلاء لوقفة مراجعة للنفس، أو فليسدّوا المكان الذي سدّيْن.
لا نُطالِبهم بتغيير النظرة، لكن لن يكون الحل أبداً في التجنّي على أخواتهم، وحثّهنّ على الهرب وترك المجال، فالفاسدات منتظرات الفرصة للتسيّد والانقضاض وهدم ماتمّ نزعه من حقوق للمرأة المسلمة طالبة الطب والعاملة في المجال الصحي وما زالت المُطالبَة به على أشدها وعلى كل مستوى.
المستشفيات النسائية يضع الكثيرون أمامها العقبات ولا تلاقي الدعم والتأييد من البعض لاحتجاجهم بعدم وفرة العناصر النسائية المؤهلة، والهرب وعدم تشجيع المجتمع للعاملة الصحية سيجعل بيننا وبين هذا الأمل مسافات وأميال.
وسنُفلِح بإذن الله إذا صحّ منا العزم وصدَقَت النية وتحمّلنا في ذات الله ما تحمّلنا.ليكن لسان حالنا إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/400)
صرخة عفيف لفتاة الإسلام ..
سلمان بن يحي المالكي
يا فتاة الإسلام: لقد قامت دّعواتٌ آثمة وشّعاراتٌ مضلِّلة في عددٍ من الأمصار والأقطار، فنجح مناصِروها في إنزال الفتاة المسلمة من قصرها المنيع وحِصنها الرّفيع، فخلعت حجابَها، وغادرت حِصنها ومخدعَها، وتحرَّرت من كلِّ سلطان، وانطلقت في كلِّ مكان، وعملت في كلّ ميدان، فماذا كانت النتيجة؟! انحسارٌ في أخسّ دركاتِ العبَثِ والفجور، وانغِماسٌ في أسفل دَركات الخلاعة والمجون، وماذا أضحتِ المرأة المتحرّرة كما زَعموها، والمرأةُ الحديثة كما نعَتوها، والمرأة العصريّة كما وصَفوها؟ لقد ابتُذِلت غايةَ الابتذال، واستغِلَّت غايةَ الاستغلال، واستُعبِدَت واستُرِقّت، وغَدت أداة لهوٍ وتسليةٍ في يد العابثين الفُجّار، والفَسَقة الأشرار، تعمل بثديَيها قبل يدَيها، راقِصةً في دورِ البِغاء، وعارضةً في دورِ الأزياء، وغانيةً في دور الدّعَارة والتّمثيل، فأينَ أُكذوبة تحريرِها وتكريمها؟! يا فتاة الإسلام: لقد وضَع إسلامك الحنيف حدًّا منيعا وسَدًّا متينا لحمايتك من مُعابثة الفُسّاق ومطامِع أهل الرِّيَب والنفاق، وستظلين بالإسلام في إطارِ الشّرَف والفِخار والإجلال والإكبار، ستظلين درّةً مصونة، وزعيمة شريفة، وحرّة عفيفة، وشقيقة كريمة، حجابك جمالُك، وسِترك جلالُك، وجلبابُك عِزُّك وكمالُك، مِن الإسلام تستمدّين هديَك، وبسنّةِ رسولك تشقين طريقَك، وليخسأْْ دعاةُ الافتراءِ المفضوح، وأنصار المذهب المقبوح، الذي خالوا الوحيين.يا فتاة الإسلام: لن تجنيَن من الاختلاطِ والظهور، والتكشُّف والحسُور، إلا النّظرات المتلطِّخة، والتحرّشات العابثة، والاعتداءات الفاحِشة، والكلالَ والنكالَ والوبال وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا يا فتاة الإسلام: إنّ حتميَّة الفصلِ الدقيق والعميق بين الرجلِ والمرأة يُعدُّ ضرورةً أخلاقيّة وسلوكيّة واجتماعية وأمنية؛ لأنّ تمكينَ الاختلاط بين الرجال والنساء أصلُ كلِّ بليّة، وأساسُ كلِّ شرٍّ ورذيلة، فعن عقبة بن عامر الجهنيّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله " إيّاكم والدخولَ على النساء " فقال رجل من الأنصار: يا رسولَ الله، أفرأيتَ الحموَ؟ قال " الحموُ الموت " [متفق عليه] وعن أمّ سلمة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله إذا سلّم ـ أي: إذا فرَغ من الصلاة ـ مكَث قليلاً، وكانوا يَرونَ أنّ ذلك كيما ينفذ النساءُ قبل الرجال " [أخرجه أبو داود] وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله " لو تركنا هذا البابَ للنّساء " قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات " [أخرجه أبو داود] وعن أبي أسيد الأنصاريّ - رضي الله عنه - أنّه سمع رسول الله يقول وهو خارجٌ من المسجد فاختلط الرّجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله للنساء " استأخِرن، فإنّه ليس لكنّ أن تحقُقن الطّريقَ، عليكنّ بحافّات الطريق " [أخرجه أبو داود] ويقول جلّ في علاه في كتابه العزيز وكلامه البليغ الوجيز وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ يا فتاةَ الإسلام: كوني كما أرادَك الله وكما أراد لك رسولُ الله لا كما يريدُه دعاةُ الفتنة وسُعاةُ التبرُّج والاختلاط، فأنتِ فينا مُربِّيةُ الأجيال، وصانعةُ الرجال، وغارسةُ الفضائل وكريمِ الخصال، ومرضِعةُ المكارم وبانيةُ الأمم والأمجادِ، فحاشاك حاشاك أن تكوني مِعوَلَ هدمٍ وآلةَ تخريب، وأداةَ تغيير وتغريب في بلادِ الإسلام الطّاهرة، وربوعِه العامرة ضِدّ أمّة محمّد.يا فتاة الإسلام: إنّ الله رفعك وشرّفك، وأعلى قدرك ومكانتَك، وحفِظ حقوقك، فاشكُري النعمة، واذكُري المنَّة، فما ضُرِب الحجابُ ولا فُرِض الجِلباب ولا شُرع النقاب إلاّ حمايةً لغرضك وصيانةً لنفسِك وطهارةً لقلبك وعصمةً لك من دواعي الفتنة وسُبُل التحلُّل والانحِدار، فعليك بالاختِمار والاستِتار، غضي البصر ّ، واحفظي الفرج، واحذَري ما يلفِت الأنظارَ ويُغري مرضَى القلوبِ والأشرار وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى استُري وجهك وزينتك ومحاسنك، واحذَري الرقيقَ من الثيابِ الذي يصِف ويشفّ، والضيِّقَ الذي يبين المفاتِن وتقاطيع البدن وحجم العظام، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله " المرأةُ عورةٌ، فإذا خرجت استشرَفها الشيطان، وأقرَب ما تكون من ربِّها إذا هِي في قعرِ بيتِها " [أخرجه ابن حبان].
يا فتاة الإسلام: احذري أن تمري على الرجالِ متعطِّرةً متبخِّرة، يقول رسولك " إذا استعطَرت المرأة فمرَّت بالقومِ ليجدوا ريحَها فهي زانية " [أخرجه أبو داود والترمذي] احذري الخضوعَ بالقول والرقة في اللفظ والتميَّع في الصوت والتكسَّر في الكلام حتى لا يطمعَ من في قلبه مرض فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا يا فتاة الإسلام: المرأةُ الشريفة العفيفَة لا تقبلُ أن تكونَ نبعَةَ إثارةٍ أو مثار فتنة للأعين الشرِهَة، والنظراتِ الخائنة الوقِحة، والنفوس السافِلة الدنيئةِ والأقوال المهينةِ البذيئة فربك جلا وعلا يقول وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ يا فتاة الإسلام: تجلَّلي بأشرفِ إِكليل، وتلفّعي بأهدَى سبيل، وانتمي إلى خيرِ قَبيل، تجلَّلي بالتقوى والإيمانِ والخشية والخوف والحياء من الرحمن يا فتاة الإسلام: احذري كلَّ متبرِّجةٍ داعِرة، وكلَّ حاسِرة سافِرة، وكلّ ماجنةٍ وكافرة، أرعِي سمعَك لقول رسولِ الهدى " صنفان من أهلِ النار لم أرَهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقر يضرِبون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مميلاتٌ مائلات، رؤوسُهنّ كأسنِمَة البُخت المائلة، لا يدخلنَ الجنة ولا يجِدن ريحَها، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا " [أخرجه مسلم] والطبراني وزاد " العنوهنّ فإنهن ملعونات " وأخيرا.. فلا تنسي أن هذا هو مصيرُ العاريةِ من خشية الله، العاريةِ من شكر نعمةِ الله، العاريةِ من الأخلاق الكريمة، هذا مصير من تبرّجت وترجَّلت ومرجت وبرزت وتكشّفت وفتَنت وافتُتِنَت، فاحذَري سوءَ الخاتمة، ولا يحُل بينك وبين الخاتمة الحسنةِ والدارِ الطيبة في الجنّة العالية دعاةُ المخادنة وأعداءُ الشّرف وأنصار التحلُّل والتفسُّخ والانحدار، حفظك الله في حلك وترحالك، ومنامك ومقامك، ورفع منزلتك، وأعلى مقدارك.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أخوكم الغيور في الله..
7-7-1425 هـ
http://www.islam.abowab.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/401)
تعلمي أن تقولي : لا الخطوات السبع
منال الدغيم
هل مرّ بك موقف، شعرت وكأن قدماك تجرّانك إلى أمر لا تريدينه، ولسانك ينطق بكلام لا تؤمنين به، تودّين أن تصرخي من أعماقك، بما انعقد عليه قلبك ورضيت به نفسك، بمبادئك التي تؤمنين بها، قائلة في وجوههم: لا!!، لكن..خوراً ضعيفاً يهدّ أعضاءك ويشل لسانك..فتسيرين خلفهم مذعنة.. ولم يتبق من (لا) في نفسك إلا أصداء مكتومة؟!
هيا بنا نتعلم كيف نقول: لا!
1) إخلاص النية لله والاستعانة به وطلب رضاه، لتكن الدافع الأول في رفضك للأمر، استشعري كيف تركت هذا الأمر رغبة فيما عند الله وخشية من عقابه، وتذكّري دائماً: من أرضى الله بسخط الناس، رضي عنه الله وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضا الناس، سخط عليه الله وأسخط عليه الناس.
2) حينما ترفضين أمراً، بيّني لمن يخالفك أو يزمع إرغامك عليه، أسباب رفضك بالدليل والحجة، لا تكن كلمة (لا) مجرّدة من نور برهان يقوّيها ويثبت قدمها، بل اعرضي ما تؤمنين به مرتكزة على دليل واضح بيّن، وبأسلوب مقنع محترم، وتذكّري أنّ صاحب الحق لا يصرخ أبداً!
3) فكّري في النتائج بهدوء: ما الذي يحدث لو فعلت ما أومن به، ورفضت فعل ما أكرهه؟ ماذا لو قلت لهم: (لا)؟ هل سيصل الأمر إلى القطيعة؟ أو الإيذاء؟ أم هو مجرّد مجاملات فارغة وتملّق أجوف؟ ثم اختاري لنفسك!
4) تخيلّي موقف المواجهة وكأنه قد حدث بينك وبينهم، فكّري في أقوالهم وكيف ستكون ردودك عليهم، وليكن الموقف مشرقاً واضحاً، أنت فيه الأقوى والأسطع، وغيرك أشباح وخيالات ضبابيّة ضعيفة، لضعف حجتهم، وهوان أمرهم، ولا تفكّري في المواجهة بشكل سلبي تتصورين فيه أسوأ الاحتمالات، فهذا يجعل للأمر في نفسك هيبة وهمية وخوفاً لا أساس له!
5) تعوّدي اتخاذ قرارك بنفسك مستقلة عن الآخرين، ابدئي في سبيل ذلك بقرارات صغيرة ضمن حياتك اليومية، تعوّدي السرعة والقوة في الاختيار، ونبذ التردّد والحيرة، كاختيار ملابسك أو أطباق وجبتك، ثم انطلقي إلى أمورك الأكبر، ثم إلى قرارات حياتك المصيرية، فبذلك تكسبين الثقة في نفسك والاستقلالية، وتستطيعين حينها أن تقولي لمن تشائين: لا!
6) أحياناً نستطيع أن نأكل الزاوية النظيفة من الرغيف الملوّث، ونقول للباقي: لا، بلا أضرار، وهكذا فعلت امرأة حكيمة، دُعيت إلى حفل زفاف أخ زوجها، وقد ماج بالمنكرات، الواجب عليها أن تقول: لا، لكن العواقب وخيمة، فقامت بالذهاب مع بنيّاتها في بدء الحفل، وقبل اجتماع الناس كلهم وعزف الطرب، أدّت واجب السلام والتهنئة، ثم اعتذرت بلباقة فأذنوا لها باحترام وخرجت، فسلمت ذمّتها وأرضت ربها، وأرضت الناس!
7) حينما تقولين لا، حاولي أن تقوليها بملمس الوردة الناعم، وليس بأشواكها المؤلمة، لا تجرحي أحداً وتثيري مشاكل أكبر، بل كوني هادئة واثقة مؤمنة، بابتسامة طيبة وأدب جم، وفكّري في أكثر من أسلوب تبيّنين فيه رأيك المخالف، واختاري أقلّها أضراراً وأشدّها إقناعاً، وأطيبها أثراً في نفس الناس!
1/3/1426
10/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/402)
اكتبي رسالة إليه
الدكتورة رقية المحارب
تتقن بعض الزوجات فن التعامل مع أزواجهن وبطرق لا تخلو من الطرافة والتجديد. وهكذا وبطريقة ذكية حولت الكثيرات حياتهن وبيوتهن إلى حدائق جميلة من الأنس والسعادة والاستقرار دون أن يكلفهن هذا جهداً كبيراً أو مالاً كثيراً. ولا يمكن أن تخلو العلاقة الزوجية من منغصات بسبب أشياء صغيرة، ولكن الزوجة الذكية تستطيع أن تحول هذه المنغصات إلى فرص لتقوية العلاقة وملء البيت بالسعادة بعد أن هربت منه نسائمها.
وقد تسألين كيف؟ وأقول: هل جربت أن تكتبي رسالة إلى زوجك تعبرين فيها عما في نفسك من مشاعر وما تحسين فيه بصدق من آلام وما تحلمين به من آمال؟ إن المشاعر المكبوتة لا تموت، إنها تبقى في النفس وتتراكم الواحدة تلو الأخرى حتى يأتي الوقت الذي تنفجر فيه وينفرط العقد مرة واحدة..من أجل ذلك كانت تجربة الأخوات في كتابة الرسائل تجربة ناجحة آتت ثمراتها بسرعة في أحيان كثيرة.
هذه الكتابة تجعل من الرجل يدرك أنه يتعامل مع إنسان له مشاعر وأحاسيس، وأنه لا يتعامل مع جماد ينفذ ما يقال له دون أي اعتراض تماماً كالآلة الصماء.. إن بعض العادات التي يتوارثها بعض الرجال ـ وللأسف ـ تجعل نظرتهم للمرأة فيها شيء من الانتقاص والسخرية، وهذا أمر لم يكن من سمت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا هديه ولا ما أمر به.. إن هذه الكتابة تعمل على إضافة رصيد ثقافي له وينبهه إلى القيام بدوره تجاه شريكة حياته بطريقة غير مباشرة.
كثيرات يشتكين من سوء معاملة أزواجهن وتأتي كثير من الإجابات بالتوصية بالصبر والاحتساب وهذا صحيح، إن المرأة وكذلك الرجل مطالبين بالصبر على بعضهما، ولكن ألا يضاف إلى ذلك البحث عن وسائل أخرى تفيد في تلطيف الجو وتقريب النفوس. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كتابة رسالة شكر، وتضمينها بعضاً من أبيات الشعر الرقيقة ـ إن هو قام بمبادرة طيبة ـ كفيل بتقوية العلاقة الروحية وسبب ـ لزيادة المحبة ـ كبير. وبعض الأخوات تقول إنها تستحي من ذلك بحجة طول الزواج وأنها لم تتعود عليه وأقول لها: إن البداية تحتاج إلى قدر من الشجاعة وبعد التجربة سوف تشعرين بأنك ولدت من جديد.. إن هذا يعتبر من المعروف الذي يحقق أهدافاً قريبة وبعيدة.
27/7/1423
14/10/2001
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/403)
في فلسطين .. لا بدّ للمرأة من المواجهة
إبراهيم الزعيم
ما هي المجالات التي تناسب المرأة في العمل؟ وهل تستطيع المرأة النجاح في عملها إلى حد منافسة الرجل أم لا؟ وهل تستطيع التوفيق بين عملها وبيتها؟ وما هي الفوائد التي ستجنيها المرأة من عملها؟ وماذا سيضيف عملها للمجتمع؟ أسئلة طرحها موقع " صدى الشرق" على عدد من النساء العاملات والمتخصصين، فكونوا معنا.
الإرادة هي الأساس
م.ف (27 عاما) - والتي تعمل مهندسة كمبيوتر في إحدى المؤسسات الأهلية - كان رأيها أن عمل المرأة يكون أحياناً ضرورة، وأحياناً أخرى يكون ترفاً اجتماعياً، موضحة أن زوجة الشهيد التي لديها أبناء ووضعها المادي صعب فإن عملها يعتبر ضرورياً، وفي المقابل فإن هناك نساء يعتبرن أنه من الواجب أن تكون موظفة لأن الموضة تريد هكذا.
وحول المجالات التي تناسب المرأة أوضحت أن هناك مجالات متعددة تناسب طبيعة المرأة مثل: الطب والتمريض والتعليم وغيرها من المجالات.
ينمّي ثقتها بذاتها
أما منى (28 عاماً) - التي تعمل في مؤسسة أهلية- فقالت: إن عمل المرأة بات في الوقت الحاضر ضرورة لا بد منها، فالمرأة بحاجة ماسّة للعمل ليس فقط لإثبات ذاتها كما تدّعي معظم السيدات، ولكن لتلبية المتطلبات والحاجات المتزايدة للعائلة، والتي باتت تثقل كاهل الرجل، وتجعله غير قادر على تلبيتها منفرداً، إلا أننا نرى في بعض المجتمعات الغنية منها خاصة أن الوظيفة بالنسبة للمرأة أصبحت بالفعل موضة، وهي أداة لاستكمال الأشياء الثانوية التي باتت جزءاً لا يتجزّأ من مجتمعاتنا الشرقية.
وحول ما يمكن أن يضيفه عمل المرأة للمرأة نفسها ولمجتمعها قالت: " من واقع تجربتي في العمل، ثبت لديّ أن العمل يعطي المرأة قدرة على التعامل مع مشاكلها بشيء من الموضوعية بعيداً عن العواطف التي تغلبها بطبيعتها، كما أنه يجعلها امرأة اجتماعية، بعيدة عن الخجل والانطواء، وهو ينمي ثقتها بذاتها".
أكسبني القوّة والجرأة
منذ مئات السنين والنساء يقفن جنباً لجنب لمساعدة الرجل في أعماله وبالذات في أعمال الزراعة مما كان له التأثير الإيجابي في رفع مستوى المعيشة الأسري و المستوى الاقتصادي الدولي، وهذه بلا شك ميزة لا يمكن التنكر إليها أو التغاضي عنها، ففي وقتنا الحالي يشهد سوق العمل تزايداً في عدد الموظفات من النساء في شتى مجالات العمل من طبيبات ومدرسات وسكرتيرات في الشركات أو العيادات الطبية أو ممرضات في المشافي إلى جانب المتطوعات، وقد كانت ظروف الشعب الفلسطيني أكبر عامل لجعل النساء يبحثن عن العمل في شتى المجالات وبأي راتب كان، والسبب هو ضيق المعيشة ومساعدة الزوج والأب في تربية الأسرة والإنفاق عليها.
هذا ما قالته ناديا ذياب (25عاماً) - التي تعمل موظفة في مركز للطباعة والتصوير - ودخلت ميدان العمل عندما كان عمرها (18) عاماً، إذ إن ظروفها لم تسمح لها بإكمال الدراسة الجامعية، تقول: " لقد توجّهت إلى مركز التدريب المهني في مدينة جنين، وكنت أعمل وأدرس في نفس الوقت لكي أوفر مصاريف دراستي، وأساعد أهلي في نفس الوقت، وتنقلت بين أعمال كثيرة، وكلها لم تخرج عن نطاق سكرتيرة في عيادات طيبة، و مكتب للمحاماة حتى انتقلت في نهاية المطاف إلى مركز للطباعة والتصوير، وهناك اكتسبت سرعة في الطباعة وباللغتين، فقد كان لعملي الأثر الإيجابي في حياتي؛ إذ إنه أضفى على شخصيتي الشيء الكثير من القوة والجرأة إلى الحد المعقول والصداقات الطيبة -والحمد لله-، وهذا الأمر لم أكن لاكتسبه وأنا في البيت بين أربعة جدران"، مضيفة أنه في كل يوم يمر على الإنسان يكتسب أشياء جديدة، ويصادف الكثير من المشاكل والعقبات التي تنمي شخصيته أكثر.
وفّقت بين بيتي وعملي
الطبيبة أم أحمد (37 عاماً) اعتبرت أن عمل المرأة ضرورة في هذا الزمان، موضحة أن كثيراً من النساء ينجحن في عملهن ويتفوقن على الرجال، ويخلصن في العمل؛ لأنهن يراقبن الله - سبحانه وتعالى -- في كافة تصرفاتهن.
وحول ما إذا كانت قد نجحت في تجربتها أم لا أضافت: " لقد شعرت أنني ناجحة - بفضل الله تعالى- في حياتي العملية، وقد استطعت أن أوفق بين بيتي وأسرتي وعملي، بل إنني أعطي كل شيء حقه، وأتفوق في ذلك على كثير من النساء غير العاملات اللواتي يضيعن أوقاتهن فيمالا يفيد ولا ينفع".
وأشارت إلى أن عمل المرأة قد يقدم لها ولمجتمعها أموراً كثيرة، بحيث تفرض احترام الآخرين لها، وخاصة عندما تكون على دين وخلق، وتساعد زوجها في مصاريف البيت وتعينه على الخير، وتقدم من وقتها وجهدها لمجتمعها.
الإخلاص سر النجاح
وحول سؤالنا الذي توجهنا به للدكتورة سناء أبو دقة - الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بكلية التربية في الجامعة الإسلامية بغزة - حول ما إذا كان عمل المرأة ضرورة أم موضة قالت: إن الله - سبحانه وتعالى -- يقول: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، لذلك فقد خلقنا لغاية عظيمة نسعى لتحقيقها، وهذا لن يتأتى إلا بتعمير الأرض، وتأدية كل من الرجل والمرأة لدورهما في الحياة، وعلى هذا الأساس فإن عمل المرأة سواء في المنزل أم في أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع فهو عمل لا بد منه للوصول إلى تلك الغاية، فكل من الرجل والمرأة سيُسأل يوم القيامة عن هذا الدور، مضيفة: " علينا أن نكون ايجابيين، ولن نكون كذلك بانعزالنا عن الآخرين، إن منهجنا يؤكد على ضرورة المشاركة المجتمعية بأشكالها المختلفة، أما أن تعمل المرأة لأن الغرب يريد لها أن تعمل فهذا لا يتوافق مع عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا".
وخاطبت المرأة قائلة: "عليك أن تحدّدي أولوياتك، فإن كنت أماً وأبناؤك صغار، فالأولوية لهم مهما كان عملك، كما أن عليك أن تدركي أنك مساعدة لزوجك في إدارة دفّة الأسرة".
وقالت: " نريد امرأة ناجحة في كل الجوانب الحياتية التي تخصها، هذا صعب، ولكن المرأة الفلسطينية قادرة على أن تثبت ذاتها سواء في عملها في البيت أم خارجه، فهي تحظى باحترام وتقدير كبيرين؛ لأنها شاركت الرجل في معركته ضد الاحتلال منذ بداية الصراع، وهذا ما يعطيها قوة، فقد استطاعت أن تربي الجيل الأول والثاني، وكانت تتأقلم مع كافة الأوضاع، ومازالت تقدم الزوج والابن بصبر وثبات، إن الوضع غير العادي الذي تعيشه المرأة الفلسطينية منحها قدرة على التفاعل مع كافة المتغيّرات؛ مما حتّم عليها أن تحدّد أولوياتها وتشارك المجتمع، خذ مثالاً على ذلك أي فتاة فلسطينية ستجدها مميزة في دراستها وقادرة على التعبير عن ذاتها، وإذا ما أُتيحت لها فرصة العمل فلاشك أنها ستبدع".
وحول سؤالنا لها عن الفوائد التي ستجنيها المرأة وسيجنيها المجتمع من عمل المرأة تقول: إن لذلك فوائد كثيرة، وأنا لست مع عمل أي امرأة؛ لأن العمل يحتاج إلى روح التحدي والمغامرة والذكاء والفطنة، فعلى المرأة ألا تخوض أي مجال لا تفهم طبيعته، فهناك نساء يتقنّ الزراعة وسعيدات بعملهن فيها، وهناك نساء ليس لديهن رغبة في العمل.
10/2/1426
20/03/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/404)
حواء والوالدان
د. رياض المسيميري
جاءت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "إن أمي أتتني وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال: صلي أمك" (رواه مسلم) وغيره.
وفي الحديث الشريف دلالات وإضاءات:
1- أن أسماء - رضي الله عنها - تعلم في قرارة نفسها أن للأم حقاً وأي حق، بيد أنها لا تدري إن كان إشراكها بالله مانعاً من حقها في الصلة أم لا؟ لذا جاءت تطمئن على سلامة موقفها، وتتعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم الشرعي الصحيح في مسألة كهذه.
2- لقد أفتى نبينُا الكريم - عليه السلام - أسماءَ - رضي الله عنها - بأن لا مانع شرعاً يمنع من صلة الوالدة، ولو كانت مباينة لابنتها في عقيدتها ودينها، وما ذلك إلا لعظم حق الأم الذي لا ينبغي أن يُهضم في شريعة الإسلام العادلة، حتى وإن تنكرت الأم للإسلام نفسه ورفضت قبوله ديناً ومنهج حياة.
فالإحسان للوالدين مسلك شرعي حميد أمر به الرب الكريم - سبحانه - مهما كان الوالدن أو أحدهما مشركاً..يقول - تعالى -: {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ..} (لقمان: 14).
3- في تأملنا للحديث الشريف وغيره من الآيات النيرات ندرك فضل بر الوالدين والإحسان إليهما، فإذا كان الإحسان إلى الأبوين المشركين مأموراً به، فكيف بالأبوين الموحدين المصليين الذاكرين الخاشعين؟!
ألا فلتبادري ـ أيتها الأخت الفاضلة ـ إلى تفقد حاجات أبويك الكريمين والحرص على برهما والإحسان إليهما، ولو بشق تمرة، أو كلمة طبية.. ثم تذكري أن الله - تعالى -كما جعل الإحسان إلى الوالدين من أفضل القربات، فقد جعل عقوبتهما من السبع الموبقات، والكبائر المهلكات ـ كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ويبدأ العقوق بالتأفف، مروراً بالعصيان ورفع الصوت بالسب واللعان، وانتهاء بالقطيعة والهجر والضرب ـ عياذاً بالله ـ.. وما أكثر ما يتبرم البعض من نداءات الأبوين أو طلباتهما المتكررة دون أن يُقر ـ معترفاً ـ بأن ذلك ضرب من العقوق، ومن ثم يسعى جاهداً إلى التخلص من تلك الآفة المهلكة، والمسلك الذميم.
فاتقي الله ـ يا فتاة الإسلام ـ في والديكِ، وأحسني صحبتهما قبل فقدهما، وساعتها لا تنفعك دموع ولا آهات!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/405)
المرأة بين الرعاية والجناية ( 1 )
الخطبة الأولى:
أول وأظهر التشريعات الخاصة بالمرأة:
تشريع الحجاب:
وهو الأمر الذي يتعرض اليوم لهجوم شديد من قبل أعداء الإسلام، وذلك أمر متوقع وبديهي ومن قبل بعض أبناء الإسلام، وذلك أمر مؤلم محزن تشريع الحجاب تنزلت فيه آيات من القرآن تتلى، ووردت فيه أحاديث من سنة النبي صلى الله علية وسلم تروى، ونطقت به مسيرة تاريخ الأمة الإسلامية عبر قرون متطاولة في بقاع الإسلام المترامية الأطراف.
ومع ذلك كأن الأعين رمداء لا تبصر، وكأن الآذان صماء لا تسمع، وكأن العقول خاوية لا ترشد ولا تدرك.. يقول الحق - سبحانه وتعالى - في آيات الحجاب: {يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}.
الحجاب أولاً في لغة العرب معناه: " الستر " يقولون في كل ما حال بين شيء وشيء أنه حجاب.
ومن معاني الحجاب أيضاً المنع، وسمي الحجاب حجاباً لمنعه رؤية ما ورآئه، ومنه الحاجب الذي يمنع الناس من الدخول إلا بإذن، فالحجاب - أصلاً في لغة العرب - الستر الذي يحول بين الشيء والشيء، ويمنع الشيء من البلوغ إلى الشيء، وهذا القرآن العظيم تنزل بلغة العرب.. وهذه الآية من أظهر الآيات الدالة من أظهر الآيات على تشريع الحجاب وعمومه على نساء المؤمنين، وهي الآية التي اشتهرت عند أهل العلم عموما والمفسرين خصوصاً بأنها آية الحجاب. قال القرطبي في تفسيره في بيان معنى الجلابيب {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: " والصحيح أنه - أي الجلباب - الثوب الذي يستر جميع البدن ".
وقال ابن حزم في المحلى: " هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه ".
وقال ابن كثير في تفسيره الجلباب هو: " الرداء فوق الخمار ".
ونقل في تفسيره عن ابن عباس - رضي الله عنه - قوله أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب.
وقال السعدي في تفسيره: " أي يغطين وجوههن وصدورهن ".
{يأيها النبي} لفت للخطاب الأعظم للرسول الأكرم صلى الله علية وسلم، والتشريعات كثيرة كانت توجه بالصيغة المباشرة بالتوجيه والنداء الرباني {يأيها الذين آمنوا} ولكنها في آية الحجاب جعلت ذلك موكولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مأمورا بأن يبلغهم {يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين}.. لماذا؟
لأن الله - جل وعلا - أراد أن يكون مثل هذا الأمر مباشراً ومطبقاً وقريباً ومُراعاً؛ لأنه يدخل في صلب الحياة الاجتماعية، وهو - وإن كان تشريعاً خاصاً بالمرأة - إلا أنه سمة للمجتمع؛ ولذلك أوكل ذلك إلى رسول الله صلى الله علية وسلم بصفته حاكماً وولياً لأمر المؤمنين، وراعيا لشؤونهم، وقائما على أمور الإسلام والتشريع في حياتهم الاجتماعية، ثم جاء الأمر بالأولى والأعظم؛ ليكون أكثر تأثيراً في القدوة التي أمرنا بها في شأن رسول الله صلى الله علية وسلم {يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك}؛ لتكون القدوة أعظم وهو سيد الخلق صلى الله علية وسلم أعظم الأمة بشرع الله التزاماً.. وبدهياً أن يكون إلزامه لأهله ولآل بيته بتشريع الله - عز وجل - أسبق وأعظم وأظهر، ونساء المؤمنين؛ وذلك للتأكيد على هذا العموم وعلى أن القدوة في هذا تكون للرسول صلى الله علية وسلم بما يكون في أهله وبيته؛ وليظهر أيضا أن أمر الحجاب في نساء المؤمنين دلالة إيمان وتقوى إذ لما أمر به أزواج النبي صلى الله علية وسلم وبناته وهن الأسمى والأعلى من نساء المؤمنين دلّ ذلك على أن التزام ذلك هو دليل على أنه رتبة أعلى في الأخذ بأمر الله - عز وجل -، وفي التزام هذا الدين والاقتداء بالرسول الكريم وأزواجه أمهات المؤمنين.
{يدنين عليهن من جلابيبهن}.. هذه آية واضحة الدلالة صريحة الألفاظ، وأهل العلم من المفسرين والفقهاء قد بينوا مثل هذه الدلالة، وجاءت الأحاديث تبين لنا كيف كانت الالتزام والعمل بهذه الآية.. روى عبد الرزاق في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره عن أم سلمه - رضي الله عنها - قالت: " لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها ".
وذكر السيوطي عن ابن مردوية رواية عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: " رحم الله نساء الأنصار لما نزلت هذه الآية شققن مروطهن فاعتجرن بها، فصلين خلف رسول الله صلى الله علية وسلم كأن على رؤوسهن الغربان " شققن مروطهن، لم يكن لديهم ألبسة وأكسية كثيرة، لم يكن لباس للظهيرة ولباس للسهرة.. لكن لما تنزلت الآيات بالحجاب، وأن يدنين عليهن جلابيبهن عمدن إلى المروط فشققنها، واعتجرن بها وأسدلنها؛ امتثالا لأمر الله تلك هي المرأة المؤمنة مبادرة للاستجابة.. ترى ذلك تحقيق لإيمانها، وتأكيد لإسلامها، وإظهار لفضيلتها، وإعلان لعفتها، وبيان لشرفها ورفعتها، ولا تراه - كما يرجف به المرجفون - تقيداً لحريتها، وغمطاً لشخصيتها، وكبتاً لحركتها وحريتها..
ونمضي لأننا قوم نرجع إلى كتاب الله وسنة رسول الله، ولا نلتفت إلى من يخالف قوله قولهما مهما كان ذكره أو عظمته بأن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله علية وسلم فوق كل أحد والله - جل وعلا - في آية أخرى يقول: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} والآيات في سياق خطاب أزواج النبي صلى الله علية وسلم.. ومن هنا جاء بعض الجهلة وأهل الأهواء إما عن غفلة وعدم علم وبصيرة وإما عن مكر وخبث وكيد فقالوا: " إنما جاء تشريع الحجاب خاص بأزواج النبي صلى الله علية وسلم لمكانتهن وشرفهن دون بقية وسائر نساء المؤمنين ".
وقبل أن نطول القول في هذا قد مرّت بنا الآية من قبل {قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين} فهل بعد هذا من أمر وأضح في العموم والشمول؟!
ثم انظر إلى ما يقوله علماؤنا الجهلاء.. نقل الشنقيطي في تفسيره كلام نفيسا في بيان دلالة شمول معنى هذه الآية لجميع النساء المؤمنات المسلمات قال رحمة الله: " وجوب الحجاب حكم عام على جميع النساء، لا خاص بأزواجه، وإن كان اللفظ خاص بهن؛ لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه "، الله - جل وعلا - ذكر في الآية العلة قال: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} أذن العلة التي أمر بها في الحجاب، وأن يسألن من ورائه؛ طلباً لطهارة لقلوب الرجال؛ لئلا يكون فيها فتنة وإغواء في أمر النساء وطهارة قلوب النساء؛ لئلا يكون فيها ميل أو شهوة في أمر الرجال.. فهل هذا خاص بأزواج النبي صلى الله علية وسلم.. وهل هذا لم يوجد إلا في أصحاب محمد علية الصلاة والسلام أم أن هذه العلة موجودة في كل النساء وسائر الرجال؟!
والجواب: أنها كذلك فالحكم كذلك من كلام أهل العلم أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.. ومع ذلك وضح الشنقيطي قوله، فقال في تتمة كلامه: " وضابط ذلك هو أن يقترن وصف بحكم شرعي على وجه لو لم يكن فيه ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا فهذه العلة مربوطة بالحكم؛ فإن لم نلتفت للعلة كأننا لم نلتفت إلى ذلك الحكم، وإذا كان حكم هذه الآية عاماً بدلالة الآيات القرآنية.. فاعلم أن الحجاب واجب بدلالة القرآن على جميع النساء ".
وقال الطبري في تفسيره: {من وراء حجاب}: " أي من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن "، وقال بعض أهل العلم كلاما نفيسا أن كان هذا الأمر مخصوصا بأزواج النبي صلى الله علية وسلم ونحن نعلم أنهن أعظم نساء الأمة إيماناً، وأتقاهن قلباً، وأزكاهن نفساً، وأعفهن مسلكاً، فإذا أمرن وهن على هذا الوصف بهذا.. فكيف بمن دونهن من النساء ولسن على مرتبتهن في الإيمان والتقوى والحياء والعفة؟! أفلا يكون ذلك الأمر أوجب وهذا ما يعرفه العلماء بالقياس الجلي وقياس الأولى؛ فإن كن نطلب من العفيف الشريف أن يلتزم هذا الأدب والتشريع فلا يخاطب أمهات المؤمنين والمخاطبون الثلة المباركة والصفوة المختارة من المؤمنين المتقين من مدرسة النبوة التي كان فيها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضوان الله عليهم؛ فإن خوطب أولئك لئلا تتعكر طهارة قلوبهم، وإن خوطب أمهات المؤمنين لئلا يتسرب إلى قلوبهن شيء من ذلك.. فكيف بالذين تلم بقلوبهم الأهواء، وتمتلئ نفوسهم بالشهوات، ولا تجول خواطرهم إلا حول المحرمات؟! أفلا يمنعون من ذلك إن العاقل يدرك هذا ويبصره، لكن الأهواء الخبيثة والمكر الذي يراد به إفساد المرأة المسلمة، ومن ورائها مجتمع المسلمين يدعي عن غباء وجهل أو عن خبث ومكر أن هذا تشريع خاص بأزواج النبي محمد صلى الله علية وسلم وليس عاما لنساء المسلمين.
ويأتينا أيضا قول الحق - جل وعلا -: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول وقلن قولاً معروفاً * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}.. والخطاب مرة أخرى لنساء النبي، والقول فيه ما قلناه من قبل ولكن هذه الآية أشمل، وتبين لنا قضية مهمة وهي إظهار تلك العلل العظيمة والحكم الجليلة التي لأجلها فرضت هذه التشريعات؛ لتبقى القلوب سليمة، ولتظل النفوس طاهرة، ولينصرف الناس إلى جوانب العمل في التقوى والعبادة وميادين العمل في الحياة، بعيداً عن هذه الشهوات التي عندما سلطت على المجتمعات مسلمة وغير مسلمة رأينا الانصراف عن التقوى والعبادة والتدين.. ورأينا الانحراف عن العمل والعمران وأسباب الحياة الدنيوية.
قال ابن كثير في أول تفسير هذه الآية: " هذه آداب أمر الله - تعالى -نساء النبي ونساء الأمة تبعا لهن في ذلك "، وهذا من القياس الجلي الذي قال فيه العلماء: " ما علم فيه إلغاء الفارق أي بين هذه التي وردت فيها نصوص الآيات وغيرها من ما لا فرق بينه وبينه "، وقال القرطبي: " التبرج التكشف والظهور للعيون " وقال في تفسير هذه الآية في سورة الأحزاب: " وحقيقته إظهار ما ستره أحسن " وقال ابن كثير في التبرج: " أنها تلقي الخمار على رأسها، ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعتقها ويبدو كل ذلك منها ".
وإذا نظرنا إلى مثل هذه المعاني أدركنا أن الحجاب مع الآية التي قلناها في ذكر الجلباب يقتضي ستر المرأة في لباسها ويقتضي ادناء الجلباب، وهو الستر لما تلبسه من لباس محتشم ساتر، وهذا يدلنا عليه ما ذكر أهل العلم من الصور العملية المأثورة المنقولة فيما جاء عن وصف حال المجتمع المسلم في عهد النبوة، وفي عهود وعصور كثيرة مختلفة والآيات من بعد كثيرة ومنها قوله - جل وعلا -: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}.
وهذه الآية وأن كانت دلالتها على أمر الحجاب بالاستنباط وببيان المعنى إلا أنها قوية فيه أن الآية واضحة في أنها مقصودة المقصود منها القواعد من النساء والتعليل جاء بنص القرآن دون حاجة إلى اجتهاد بشري في بيان المعنى اللاتي لا يرجون نكاحا؛ أي اللائي بلغن من السن مبلغاً كبيراً لا يتعلق بهن أحد لأجل النكاح والمتعة والشهوة.. هؤلاء النساء يجوز لهن أن يضعن ثيابهن - أي يتخففن - فلا يكون لهن ذالك الحجاب الكامل الذي يرتبط بمن يتعلق بها القلب لنكاحها من سائر النساء من كل الأعمار ما عدا هذا العمر المتأخر؛ ومع ذلك قال غير متبرجات بزينة؛ فإن بعض العجائز ربما تتشبه وربما تكون عجوزا كما نرى في أيامنا هذه فتعمل العمليات الجراحية والتجميلية حتى تبدو للناس كأنها صبية في الثلاثين أو العشرين.. فحتى وأن كانت من هذا الصنف فالتخفف بشرط عدم التبرج وإظهار الزينة فأي عاقل بعد وضوح مثل هذه الآية يدرك أن الحجاب والستر والتعفف وعدم ابداء الزينة وإظهارها لغير المحارم أنه أمر مشروع، دلّت عليه الآيات نصاً، ودلّت علية الآيات أمراً لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه وبناته، ودلّت عليه الآيات حكمة وتعليلاً، ودلّت عليه الآيات تخصيصاً ببعض النساء دون بعض؛ مما يدل على وضوح وشمول هذا التشريع ومع ذلك كما قلت نقرأ اليوم ونسمع ونرى في المقابلات صحفيا كانت أو فضائية كلاما كأنهم لا يعرفون قرآنا يتلى، ولا سنة تروى، ولا إسلام يشرع ويحكم.. كأن أهواء نفوسهم وآراء عقولهم مقدمة على كل ذلك.. فتلك تقول: " أرى كذا وكذا "، وتلك تقول: " ليس هناك ما يدل على أن الحجاب واجب "، وذلك يقول لك: " هذا خاص بنساء النبي صلى الله علية وسلم " وحسبنا في هذا كتاب الله وسنة رسوله الكريم علية الصلاة والسلام، ولو قال أولئك ما قالوا إلا أن يشاء الله فلن تصغي لهم أذن مؤمنة، ولن تلتفت إليهم امرأة مسلمة.. وذلك مما يغيض قلوبهم وذلك مما يطيش عقولهم، فنرى منهم ونسمع ما لا يكاد يقبله عاقل وهو دليل على نزغ وعلى حمق.. نسأل الله أن يصرفه عنهم، وأن يهدينا وإياهم إلى سواء السبيل، وأن يلزمنا شرعه القويم ودينه العظيم، وهدي رسوله الكريم صلى الله علية وسلم.
الخطبة الثانية:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه.
وإن من التقوى أخد أسباب العفة والستر والحجاب؛ حتى لا تفتن القلوب، و تنصرف النفوس إلى الشهوات، وحتى نسلم من غوائر الفتن والإغراء والإغواء الذي نزع به الحياء، واغتيلت به العفة، وظهر به ما صار - والعياذ بالله - يرى في البيوت رأي العين، ويسمع كأنما يرى في بيت كل أحد من خلال هذه القنوات والفضائيات التي أصبحت - والعياذ بالله - تمثل قمة في أكثرها في الفسق والفجور والدعوة إلى الخنا والزنا! وإلا فمن ذا الذي يفهمه أي أحد عندما يؤتى بالمرأة لا يكاد يستر جسمها شيء ثم تتلوى وتترقص وتتغنى، ثم تأتي بالقول الذي فيه تأنث وتكسر وإغراء وإغواء، ثم يقال لك من بعد أن هذا فن وثقافة وتنمية للذوق، وإسهام في رفع مستوى الأمة.
ولست أفيض في هذا فنحن وأنتم وغيرنا يعلم حتى من لم يكن ملتزما التزاما صحيحا بدينة يعلم أن كل ذلك من الحرام، وأنه كذلك من ما يقصد به الإغواء والإغراء والإلهاء والإبعاد عن دين الله - عز وجل -، ونزع السمة المحافظة على المجتمع.
ووقفة أخيرة مع بعض ما جاءت به علل القرآن في هذه الآيات ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين علة الحجاب صيانة المرأة منع الأذى عنها حفظها من أعين الذئاب البشرية صون أذنها من الكلمات البذيئة الفاحشة صون حياتها وعفتها من الاعتداء والاغتصاب وغير ذلك.. فهل ترون هذه العلة واقعة في دنيا الناس اليوم، وكلكم يدرك ويسمع ويعلم ما تلقاه كل امرأة غير متحجبة أي متبرجة مما يلهب جسمها من نظرات الأعين التي تكاد تلتهمها، ثم ما يخدش حيائها إن كان باقيا في نفسها، ومما أيضا يحزن نفسها إن كان فيهل بقية خير، وهي تسمع الأقوال البذيئة والكلمات التي فيها المعاكسات والإغواء، ثم بعد ذلك فد تجد يد تمتد لتلمسها أو لتخطفها، ولسنا نحن الذي نقول هذا بل يقوله الذين عاشوا حياة الحرية المزعومة في الغرب حتى لم يجدوا بُداً من أن تكون لديهم عشرات الجمعيات، التي تتخصص في الدفاع عن النساء أو منع الاغتصاب أو غير ذلك.. وبيئات العمل تشهد نسباً عالية تصل إلى ثمانين بالمائة من النساء العاملات، يتعرضن لما يعرف بالتحرش الجنسي لفظيا أو عملياً؛ حتى أننا نسمع ونرى كبار القوم من الرؤساء والزعماء وهم تروى فضائحهم الجنسية وانحطاطاتهم الأخلاقية التي لا تليق بسفلة الناس فضلا عن شرفائهم في قومهم ثم بعد ذلك يأتينا قوله - جل وعلا - ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن والمصطفى صلى الله علية وسلم يخبرنا فيقول ما تركت بعدي فتنة أضر بالرجال على النساء.. فهل كان محمد - صلى الله عليه وسلم - مبالغاً؟ وهل كان - عليه الصلاة والسلام - معاذ الله - متشددا كما يقولون؟ وهل كان فكره - والعياذ بالله - كما يدعي المرجفون منحصراً في الجنس والجنس فقط ولا يرى من المرأة إلا ذلك؟
ولذلك كان يقول مثل هذا ويقول أيضا: (ماخلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) إن قلت ذلك قالوا لك أنك غير متحضر ولا تنظر إلى المرأة إلى بالجنس، ولا تنظر إليها لكي تستمع إلى علمها وأدبها، وتنظر إلى عقلها و فكرها ويقول لهم كل الذي تخاطبوننا بة إن كنتم صادقين فخاطبوا به سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق المعصوم، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وهو الذي قال لنا ذلك وهو الذي أخبرنا بذلك وهو الذي صدق بذلك قول الحق - جل وعلا -.. {ألا يعلم من خلق وهو الطيف الخبير}.
أخبرونا عن رجل يخلوا بامرأة ثم يدعي أنه يفكر في علمها ورجاحة عقلها وحسن تفكيرها ونحو ذلك.. إنه أحد رجلين: إما رجل ليست فيه رجولة ولا فحولة وإما رجل خبيث ماكر يدعي ذلك ويبطن غيره؛ لأن الله خلق الإنسان رجل وامرأة منجذباً بعضهما إلى الآخر والشهوة ندائها طبيعياً غريزيا كما يرى الإنسان الطعام وهو جائع.. فهل تراه يفكر في قيمته الغذائية؟ وهل يفكر في معاني أخرى أم أنه يفكر في التهامه وسد جوع بطنه؟
وكذلكم ذلك كذلك وهذه العلل التي جاءت بها الآيات القرآنية إنما كشفت لنا عن المساوئ والمخاطر والمشكلات التي تنشأ إذا لم يكن هناك التزام بهذه التشريعات ولا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض من الذي يسمعه الناس من الغناء الماجن.. وأي شيء يفعل بقلوبهم عموما وبقلوب الشباب والفتيات خصوصا آهات الغرام وكلمات الحب التي تنطق بها امرأة لعوب بألفاظ تذوب رقة وميوعة.. هل يشك أحدا أن لها فتكا في القلب والنفس وأثراً وخيما في التعلق بالشهوة والانصراف عن الخير والتقى والطهارة والعفاف.
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا *** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعض أنت صابر
تلك هي الحقائق وقد عبر عنها وبها أصحاب العقول وأصحاب المعرفة الحقة بمآلات الأمور.. نظرة، فابتسامة، فكلام، فسلام، فموعد، فلقاء.. وذلك الذي نراه، والذي تؤكده الوقائع في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين..
فالله الله في صون المرأة المسلمة وعفافها، وسلامة المجتمع المسلم من أن تستبد به الأهواء، وأن تستعر به نيران الشهوات، وأن يعظم فيه الابتلاء بمثل هذه الملهيات والمغريات..نسأل الله - عز وجل - أن يحفظ ديننا، وأن يحفظ على نسائنا عفتهن وحيائهن.
http://www.islameiat.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ(82/406)
المرأة بين الرعاية والجناية ( 2 )
الخطبة الأولى:
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون:
وهذا الموضوع كان لهدفين أساسيين مهمين:
أولاهما: الربط بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم
فنحن ندرك ونوقن ونؤمن بأن ما يلزمنا من أمر وما ينبغي علينا الابتعاد عنه من نهي إنما هو من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم.
والأمر الثاني: هو بيان ضلال وفساد الأقوال المخالفة لكتاب الله وسنه رسوله صلى الله علية وسلم
فإن الذين دعوا إلى تحرير المرأة كما يزعمون، وإن الذين ضاقوا بتشريع الحجاب للمرأة المسلمة كما يظهرون لم يتحدثوا ولم يكن شأنهم أنهم يتحدثون عن كشف الوجه والكفين..فتلك مسألة خلافية فيها لأهل العلم قديما وحديثا أقوال، ولم يكن مقصد حديثي أن أشير إلى ذلك ولا هو من موضوعات خطبة الجمعة ذكر الأقوال وترجيحها في مسائل دقيقة أو مختلف فيها ولكن حديثنا كان كما نعلم من الواقع اليوم إنه النحر والصدر والذراعين والساقين بل و ما هو أكثر من ذلك من ما تعلمون وترون وتسمعون وتقرءون.
وحديثنا اليوم استكمال لهذا الجانب يؤكد مثل هذه المعاني فنحن نتحدث اليوم عن رعاية الحجاب للمرأة والمجتمع، وأن مخالفة هذا التشريع في الحجاب على الوجه المعروف أنه جناية عظيمة تشقى بها المرأة أولاً، ويشقى بها المجتمع كاملاً.
الحجاب رعاية تربوية وكم نحن اليوم في أمس حاجة إلى التربية إلى الأخلاق الفاضلة إلى السلوك المستقيم إلى التصرفات التي تنم عن سمو في القيم والمبادئ.. كم نحن اليوم نشكو من التهتك والتسكع ورقة الدين وضعف الأخلاق وانحلال السلوك.
إن الحجاب في حقيقة أمره تشريع من الله - سبحانه وتعالى - لكننا عندما نتأمل حكمه تتجلى لنا وجوه من الرعاية العظيمة، فهناك شئون تربوية كثيرة تكتسبها المرأة المسلمة المتحجبة
أولها: تأكيد وإظهار لإيمانها المطلق وتسليمها التام لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
{والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} لسان حال المرأة المتحجبة، وهي كأنما تثبت أنها من الراسخين في العلم الأمر في القرآن والهدي في السنة فوق رأسها، وهي تلتزمه وتظهره وتبدي أنه ليس لها من توجيه في أمر ونهي إلا من هذين المصدرين وغيرها.. سلوها.. سلوا المرأة أي المسلمة غير المتحجبة: من أين أخذت هذا الأمر؟ ومن أي جهة أخذت هذا اللباس؟
لن تستطيع أن تنسب نفسها لكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولو أرادت أن تنتسب فسوف تنتسب إلى شذاذ من آفاق الأرض من اليهود أو غيرهم أو إلى فساقٍ من أهل الإسلام ممن سمعتهم وسيرتهم يعف اللسان عن ذكرها فهم الذين قالوا لها انزعي حجابك، واكشفي ذراعك، وحرري ساقيك، وأبرزي نهديك... إلى غير ذلك.
ثم أمر آخر في شأن التربية وهو: احتساب الأجر والمثوبة
فإن هذا البعد له أثر في تربية المرأة المسلمة فهي يوم تتحجب حتى في وقت شديد الحر - كما يقولون - لها تعرف وتوقن أن لها بذلك أجراً وثواباً، وأنها تدخر عند الله جل وعلى حسناتٍ كثيرة وأنها كما حال المسلم في كل شيء يفعله بنية أنه يستجيب لأمر الله أن فيه أجرا ولو كان من أمور الحياة العادية كما قال - صلى الله عليه وسلم - حتى القمة يضعها الرجل في فم زوجته له بها أجر.
بل قد قال - صلى الله عليه وسلم -: (وفي بضع أحدكم صدقة) فتعجبوا قائلين أو يقضي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر فقال: (أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! )، قالوا: بلى يا رسول الله قال: (فكذلك).
ذلك التعليم النبوي يدلنا على أن كل امتثالاٍ لأمرٍ أو اجتنابٍ لنهي سببه هو ذلك الارتباط المنهجي بالقرآن والسنة إنما هو أمر يؤجر عليه صاحبة فكم من أجر لهذه المرأة كلما خرجت لحاجتها وهي ملتزمة حجابها مستجيبة لأمر ربها، متناغمة ومكتفية لهدي رسولها - صلى الله عليه وسلم -.
وهذه تربية مهمة؛ لأننا نريد أن نربي المسلم عموماً على أنه ينوي في كل عمل نية صالحة في استجابته لأمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأمر ثالث - وهو مهم في التربية - وهو: أمر الحياء.
والحياء خلق يبعث على الجميل وترك القبيح كما يقول أهل العلم، والحياء سمة وخلق رفيع سام من تحلى به عف لسانه، وغض بصره، وكان بعيداً عن فاحش القول، وسوء الفعل..
وهذا الحجاب بالنسبة للمرأة يحافظ على حياءها محافظة عظيمة، ونحن نعلم أن الحياء صفة للإنسان - رجلٌ وامرأة - لكنه عند المرأة أعظم.
والحجاب يرعى هذا الخلق وينميه.. ولو رأيتم المرأة المتحجبة كيف يكون حالها لو أنها في ظرف من الظروف جاء هواء فرفع ثوبها! أو جاء فجأة إنسان ودخل عليها! كيف تكون متغيرة ومتأثرة!
بل كيف عندما يأتي إلى الفتاه المتحجبة خطيبها يحمر وجهها خجلاً!
وانظر إلى امرأة ليست متحجبة، واقرأ سطور الحجاب لن تستطيع أن تراها لذلك الوجه الذي ضج بالمكياج وسبل التجميل، والشعر الذي فرد، والأيدي والأذرع وغير ذلك.. أين هو الحياء؟ سترى أن نزع الحجاب كأنما هو نزع للحياء
ولقد قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت).
وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحياء على وجه الخصوص في شأن صلة بالإيمان في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق) لم يكتفي بالأعلى والأدنى ولكنه قال: (والحياء شعبة من الإيمان).
وعند الحاكم في مستدركه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الإيمان والحياء قرناء جميعاً فإذا نزع أحدهما نزع الآخر).
وانظروا إلى النساء اللائي قد نزعن حجابهن.. كيف ضاع حياءهن!
تأتي إلى المرأة فترخي بصرك حتى لا تنضر إليها وهي مسلطة بصرها إليك تحدثها حديثاً غير مباشر وهي تتحدث بكل وضوح وصراحة، قد تجتنب الجلوس إلى جوارها وهي تكاد تلتصق بك! إن معنى الحياء مرتبط بالحجاب، وإن نزعه - ولا شك - سوف يغيظ هذا الخُلق، وسوف يضعف هذه السمة في المرأة؛ حتى وإن كانت لا تقصد ذلك؛ فإن طبيعة الإنسان يتأثر ويتغير ونحن جميعنا يشهد ذلك ويعلمه من واقع الحال.
وفي التربية أمر رابع مهم وهو: الأنوثة في المرأة
ونحن نعرف أن المرأة فيها أنوثة تتمثل في جمالها ورقتها، وفيض عاطفتها، وتدفق مشاعرها، وأن الحجاب يجعل لها ذلك الصون وتلك السمة في محافظتها على أنوثتها.. ما هي الأنوثة في هذا الجمال الذي هو من نعم الله - عز وجل -، ومن كمال خلقته في البشر بين الرجال والنساء.
ماذا تقولون في شأن المرأة التي قد نزعت حجابها وتبرجت؟ أين هي أنوثتها لقد عرضتها على قارعة الطريق وامتهنتها وكأن حالها أنها تتسول من ينظر إليها، وتدعو من يلتفت إلى جمالها.. إن البضاعة العظيمة لدى صاحبها لا يعرضها إلا للفت النظر إليها ولرغبة الناس وترغيبهم فيها
أما إن كانت بضاعة تخصه؛ فإنه لا يعرضها بل يحفظها لينتفع بها وحده؛ فإن عرضها فإن الناس كلهم سوف يأتون ليأخذوا حضهم منها، أو ليدفعوا ثمنها.. وأعجب من رجل مؤمن مسلم يسير ومعه امرأته، وقد تبرجت وأظهرت زينتها، ولو سألته أو سألتها: أعطني جواباً يقنعنا لم تبرز هذه المرأة مفاتنها؟ أليست متزوجة؟ بلى! أليست عفيفة؟ ستقول لك بملء فيها: بلى! ولن نكذبها في ذلك.. لكننا نقول: لماذا تبرزين هذه الزينة وذلك الجمال؟ لماذا تمتهنين هذه الأنوثة؟ وما الذي بقي للمرأة مع زوجها؟ أو ما الذي بقي للزوج من امرأته إذا كانت تكون على شاطئ البحر بلباس البحر كل عورتها مكشوفة إلا السوءتين؟
أليست عاملاً مشتركاً لكل هؤلاء الرجال ما الذي خص به زوجها.. هل هو ذلك الجزء اليسير الذي كما سنذكر تنهار كل الحواجز إذا تكشفت المرأة، وتصبح حتى تلك الخصوصية مهددة واقعاً لا مثالاً، وحقيقة لا خيالاً؟!
إذاً هذه المرأة تضيع أنوثتها وذلك أيضاً ماسخاً لفطرتها، وكلكم يعلم شأن المرأة المسترجلة إذا كانت تمشي كأنها عسكري، وإذا كانت تبدي كل ما لديها من جسمها، وإذا كانت تخالط الرجال وتتحدث معهم وتخرج إلى الأسواق وتذهب إلى الأعمال وتعيش حياتها خارج بيتها ما الذي بقي من أنوثتها؟ ما الذي بقي من السر الذي ينجذب إليه الرجل مع المرأة.. وذلك أيضاً شأن تربوي خطير.
وننتقل إلى الرعاية النفسية
فإن هاهنا مسألة مهمة.. إن كثيراً من الأخطار والأمراض والأحوال النفسية التي تصيب المرأة عموماً والفتاة المراهقة عند بلوغها خصوصاً مردها إلى شأن الحجاب، وليس ذلك تخرساً أو كلاماً عجيباً!
بل هو أمر قامت عليه ودلت عليه الدراسات العلمية.. في دراسة أجريت في أمريكا عاصمة بلاد الحرية - كما يزعمون - هذه الدراسة أجريت على الفتيات بعد السن الثانية عشر في إحدى المناطق.. فوجد أن الفتيات بعد هذا السن أكثر كآبة من الفتيان، ووجد أن الفتيات بعد البلوغ والمراهقة أكثر كآبة منهن قبلها، ووجد أن الفتيات الأقل جمالاً أكثر كآبة ممن هن أحسن جمالاً.. لماذا؟ ومن أين جاءت الكآبة؟
إن الفتاة في مقتبل عمرها يدرك الجميع أن رأس مالها وأكثر ما يشغل بالها هو جمالها، فإذا كانت ستخرج غير متحجبة.. فستعلم حينئذٍ أن جمالها موضع النظر، والخلق من خلق الله - عز وجل - متفاوتون.. فما رأيكم بفتاة عندها عيب خلقي في رجلها أو في عينها؟ وما رأيكم في فتاة شعرها مجعد؟ أو في وجهها نمش.. أو غير ذلك؟ كيف سيكون حالها؟
إنها ستحمل من الهم والغم لأجل ذلك ما لا يوصف وإذا جئنا إلى المقارنة في ميادين الفتيات والنساء؛ فإن كل امرأة أقل جمالاً إذا رأت غيرها من الجميلات في معرضٍ من الرجال وحضور منهم.. سترى أن الميزان يتأرجح، وأن الكف تهبط بها وترجع وهي تفكر كيف نظر الناس إلى تلك؟ وكيف كانوا ينظرون إليها ويلتفتون إليها ويجلسون معها ويتحدثون معها وهي على هامش الأحداث.
كل هذه الجوانب في شأن عدم الحجاب وأما الفتاة والمرأة إذا تحجبت؛ فإن ذلك كله يزول لأنه يختفي تحت ستار الحجاب، ولا يبقى ذلك الشأن إلا في دائرة محدودة عندما تكون المرأة أو الفتاة مع النساء من مثيلاتها والأمر هنا أهون وأخف وأقل وأدنا وقد أثبتت هذه الدراسة العلمية أن ذلك له أثره في مثل هذا الجانب النفسي المهم للنساء عموماً وللفتيات خصوصاً.
ومن هنا ننظر كذلك إلى صفة الحجاب في اللباس ونحن نرى ذلك فيما يذكره العلماء في أن المرأة يحرم عليها أن تلبس ثياباً رقيقة تشف عن جسمها، أو أن تلبس ثوباً ضيقاً يصف حجم عظامها وهيئة جسمها.. وذلك كله إذا التزمته المرأة لم تظهر تلك العيوب، ولم تظهر تلك الاختلافات، وكانت نفسياً مرتاحة، ولديها من الرضا النفسي ما يجعلها لا تتأثر بمثل هذا التأثر الذي يعلم الجميع كم هو ذا غورٍ وعمق في نفس المرأة والفتاة.. وكم يؤثر في تصوراتها وأفعالها.
والمظهر الخارجي أيضا المرأة إذا أرادت أن تخرج وهي من اللائي لا يتحجبن.. فهي تحتاج إلى أنواع من الزينة في الوجه وغير الوجه، وتحتاج إلى حلي وإلى لباس وإلى أن يكون اللباس أيضاً متغيراً في كل يوم.. وأما إذا تحجبت فهي تنتقل من هنا إلى هناك، ثم تصل إلى البيت الذي تريد أو إلى المجمع النسائي الذي تريد لا تحتاج إلى مثل هذا - وسيأتي حديثنا عن الاختلاط لاحقاً - فإن كانت ذاهبة إلى عمل ليس فيه إلا النساء لم تحتاج إلى مثل هذا كله وذلك كله من الآثار المهمة المفيدة.
وهكذا نجد تأثير هذا في أمور كثيرة؛ ولعلي هنا أنقل شيئاً طريفاً، وخبراً قد يكون من ظاهره مضحكاً، لكنه يعبر عن حقيقة واقعة هذا الخبر عن امرأة كانت في هذا العصر قريباً قبل سنوات قليلة تحكم دولة من الدول الكبرى من الدول الكبيرة، وقد حصل في بلادها محاولة انقلابية في بلاد من البلاد الآسيوية.. تقول - وهي رئيسة تحتاج إلى سرعة تصرف، وإلى سرعة حركة - تقول لنا تخبرنا عن الواقع: " إنه بوسع الرجل أن يستيقظ من الفراش ويمشط شعره؛ ليكون مستعدا لمباشرة عمله في لحظات.. غير أن الأمر يختلف بالنسبة للمرأة، لا يمكنني أن أسمح أن تلتقط لي سورة وقد استيقظت من توٍ من الفراش، وعندما جاءت حادثة الانقلاب عندما استيقظت على هذا الحادث وإخباري به انصرف اهتمامي إلى مظهري الذي سأخرج به؛ فكل ما يعنيني أن أفعله هو ارتداء الملابس بسرعة، وأن أكون في الموقع المناسب، ولكن إذا كانت الرئيسة امرأة؛ فإن الأمر يحتاج إلى الاهتمام بالمكياج "، وهذا أمر بدهي فالمرأة إذا كانت ستخرج متبرجة.. فالزينة شرط لازم لا تستطيع أن تتجاوزه ولذلك هذا التشريع يحررها من هذا القيود والضغوط.
ثم ننتقل إلى الحجاب كرعاية أمنية، ونحن نعلم أنه بقدر التهتك وترك الحجاب بقدر ما تكون أسباب إمكانية الاعتداء على المرأة سواء كان اعتداء لفضي أو كان اعتداء يدوياً أو كان اعتداءاً جنسياً.. والإحصاءات في هذا في عالم الغرب يشيب لهولها الرأس في أمريكا وهذه إحصائيات إلى حد ما قريبة لم تتجاوز إلا أقل من عشرة سنوات.. تقول هذه الإحصائية أن هناك ثلاث مائة وسبعة آلاف حالة اغتصاب وهي تمثل ثلث ما يمكن أن يكون في الواقع ثم من هذه الإحصائية إذا قسمناها وجدنا أنه في كل ساعة ستة وثلاثون حالة اغتصاب، وأنه بمعدل هذا التزايد يصبح الأمر في أخطر أحواله وانظروا إلى الأمور التي وقعت عند الناس في بلادهم وديارهم.
الشرطة البريطانية قبل بضع سنوات أيضاً وزعت منشوراً أمنياً منشور يطالب النساء بأن يلبسن لباساً ساتراً، وأن يجتنبن الملابس القصيرة المثيرة ما دخل هذا بالأمن إن الشرطة قد صدعت رؤوسها وملئت مخافرها بالمشكلات الناتجة عن الاعتداءات الناشئة من مثل هذا التبرج والإغراء والإثارة وليس كما يقول المرجفون بأن هذا سوف يزيل الكبت ويطبع العلاقة بين الرجل والمرأة لو كان الأمر كذلك لرأينا القوم الذين لم يعد عندهم شيء اسمه حجاب حتى إن العري في بعض المناطق مطلوب وبعض السواحل والشواطئ لا يجوز ويمنع أن يدخلها إنسان وهو يلبس أي قطعة من الملابس.. فهل انتهى ذلك الكبت عندهم أم أنه قد تزايد عوار الشهوة، وسعارها حتى أصبحت في أوجه مراتب الجريمة.
ودعوني أنتقل بكم إلى جانب أمني طريف.. وهو أيضاً مما يقوله الناس أولئك:
" إن مسألة الحجاب لها أثر أمني على المجتمع في جانب آخر وهو جانب الحوادث المرورية، ولا تتعجبوا من ذلك فهناك من دعا في تلك البلاد إلى طلبٍ رسمي من مدير شرطة مدينة جورج كاون في أمريكا إلى مناشدة النساء بعدم لبس الملابس المثيرة.. يقول بالنص: " وإلا فإنه سيكون العالم مهدداً تهديداً عظيما، بل هو يقارن ذلك على سبيل المبالغة بأخطر من تهديد القنبلة الذرية "، ويقول في كلمات لطيفة عندما تكون عين السائق تتركز على تلك المرأة التي يرى محاسنها تكون مقدمة سيارته متركزة في عمود كهرباء أو عابر سبيل أو في سيارة أخرى.
وفي دراسة لدى أحد التقاطعات في مدينة وعاصمة أوروبية وجدوا أنها تزداد فيها الحوادث في فترة الصيف وقامت إدارة المرور بدراسة فوجدت أن سبباً رئيسياً هو أن بعض الفتيات عند هذه التقاطع يبعن الماء البارد للناس عند تقاطع الإشارات وهن يلبسن اللباس المناسب للجو الحار، فكلما جاء إنسان إلى هذا التقاطع نظر إلى تلك الفتاة وصدم بالسيارة التي أمامه، وتزداد الحوادث وقاموا بنقل هؤلاء الفتيات من هذه المنطقة فقل عدد الحوادث.
قد يقول بعض الناس - خاصة من غير الذين يحبون الالتزام ويحبون أن يدركوا عظمة هذا الإسلام - أن هذه مبالغات، وهذه أقاصيص سمجة، وهذه نوع من الحديث العاطفي الذي تقررونه لتثبتوا مثل هذه الأمور وما رأينا شيئاً من ذلك، وأقول: ارجعوا واقرءوا وتابعوا؛ فإن الذي نذكره غيض من فيض، وبعض إدارات الشرطة - وذلك سيأتينا في حديث تفصيلي آخر - أرادت وطلبت أن يفصل النساء عن الرجال في المواصلات العامة خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل؛ لأن هذه هي طبائع الأمور وإذا جئنا إلى الأمور الأمنية وجدنا أموراً كثيرة فيها.
ثم أيضاً الحجاب رعاية صحية وهذه أيضاً مسألة مهمة في دراسة أجريت على الفتيات والنساء اللائي - كما يقولون - يأخذن حمامات الشمس بلباس البحر على أنهن أكثر عرضة للإصابة بالسرطان الجلد بثلاثة عشر مرة ضعف عن غيرهن من أن يلبسن لباس البحر دون أن يكون مكشوف الظهر.
نحن الآن في مقارنة بين لباس البحر الذي لا يكشف الظهر الذي يكشف له ثلاثة عشر ضعفاً في الإصابة بمرض سرطان الجلد والآخر مثله إلا أنه أقر ضرراً فكيف بالمرأة المسلمة المتحجبة، وتقول هذه الدراسة أن هناك سرطانات جلدية معينة كسرطان الخلية القاعدية وبعض أنواع السرطان تزداد بكثرة في النساء اللاتي يتكشفن ويتعرضن للشمس لمدة طويلة وفي بريطانيا يزداد في كل سنة ألفين وستمائة حالة من حالات سرطان الجلد؛ بمعدل زيادة سنوياً متنامٍ 50 % في كل سنة.
ثم انظروا إلى الناحية الطبية درس بعض العلماء في أمريكا أيضاً حالات من حالات لباس وهو اللباس الضيق الذي يضيق على الساقين والرجلين، فقيست سيقان بعض الفتيات قبل لباسهن هذا اللبس ثم بعد لباسهن بفترة فوجد أن هذا يسبب تضخم في حجم الساقين وحجم الأرجل تضخماً غير طبيعي أو غير صحي بنسبة 5 %، ويتغير لون الجلد بنسبة 7 %، ثم أضافت المجلة الطبية البريطانية أن السرطان الخبيث الذي يصيب الجلد في المناطق المكشوفة من جسد المرأة أصبح في تزايد مستمر حسب الملابس العارية، والتي تكشف أجزاء من الجسم بسبب التعرض الطويل للشمس في هذه المناطق المكشوفة من الجسم.
وعندما يأتي أحد ويقول نريد أن نمنع شيئاً لأن هذا ضار صحياً وعندما يأتي نظام من الدولة أو أي دولة يقول: امتنعوا عن كذا أو كذا! أو لا تشربوا كذا وكذا أو تمنع! ماذا يقول الناس؟
"هؤلاء جزاهم الله خيراً يحافظون على الصحة العامة " ونقول للذين لا يفقهون شأن الحجاب في كتاب الله وسنة رسوله، فنصدر لكم تعليمات بهذا الحجاب لغرض المحافظة على الصحة فحسب!
وهذا غيض من فيض وتشريع الله - عز وجل - حكمته أعظم ومنفعته أجل.
الخطبة الثانية:
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن تقوى الله - عز وجل - التزام أمره واجتناب نهيه في كل شأن من شئون الحياة.
ومع الحجاب أيضاً نمضي لنعرف أن وراء ذلك أموراً كثيرة ففي الحجاب رعاية اقتصادية إذ يقل عند المرأة المحجبة استهلاك الكماليات من أمور التجميل والملابس بقدر ظاهرٍ عن غيرها من غير المتحجبة التي تخرج في كل وقتٍ فتحتاج إلى لباس جديدة وزينة جديدة وغير ذلك إضافة إلى صور أخرى ينبغي أن ننتبه لها.
ومنها قضية شخصية المرأة وهنا يتحدث إلينا كثيرون من الذين يزعمون أنهم متحررون فيقولون أنكم لا تنظرون من المرأة إلا الجانب الجنسي، وترون أن المرأة عورة لأنكم لا تنظرون إلا بمنظار الشهوة ما هي نظرتكم - أنتم معاشر القوم المتقدمين - فيقولون لك نحن ننظر إلى المرأة بثقافتها وفكرها وشخصيتها وعلمها.
ونقول كلامكم حسن معسول! لكنه بداخله السم وهو غير واقعي والأمثلة تشهد بذلك.. فعندما تأتي إلى بعض الوظائف وخاصة الوظائف التي في الواجهة كما يقولون مطلوب سكرتيرة تجيد كذا وكذا وكذا إذا تساوت، لا نقول دون ذلك إذا تساوت امرأتان في المهارات الملازمة للوظيفة وكانت إحداهما أعلى من الأخرى بقليل، ولكن الثانية أجمل وأكثر غنجاً ودلال أيهما يتم اختياره من قبل الرجال والمدراء في الغالب الأعم وبما تشهد به الإعلانات - كما سأشير الآن - هي تلك فأين شخصية المرأة وعلمها! بل قد يقدم غير تلك ممن ليس لها تلك المهارات ولا تلك المؤهلات؛ لأن هناك لفت نظر إلى جانب آخر وعندما تقرأ إعلانات طلب توظيف المضيفات على الطائرات؛ فإنك تقرأ وقد قرأت ذلك بعيني أن يكون السن من كذا إلى كذا ما فائدة هذا السن عندنا في المهمة والوظيفة لا شيء ثم أن تكون جميلة حسنة المظهر ما فائدة ذلك أيضاً في نفس الخدمة ذاتها ليس هناك شيء إلا أن هناك شيء يفرض نفسه وهو أن المرأة ينظر إلى جمالها وإلى أنوثتها شاء من شاء وأبى من أبى!
ثم ننظر كذلك إلى: الحضور العقلي والعلمي والحضور الأنثوي والجمالي
إن المرأة إذا تحدثت للرجال أو اختلطت بهم في أي أمرٍ من الأمور المحمودة وفي جو نظيف هناك حضوران: حضور علمي فكري، وحضور أنثوي جمالي.. فإذا تركنا المرأة غير محجبة انصرف الناس عن علمها وجمالها، ونظروا إلى دقة ساقيها وإلى جمال عينيها، وإلى بياض بشرتها وذلك واضح أيضاً في أجواء العمل كما سنشير الآن.
ثم أيضاً إن حجبناها بقي علمها من قال إذا حجبناها لم تعد عالمة ولم تستطع أن تكتب، أو أن تحدث، أو أن تقوم بأي عمل من الأعمال.. كلا!
نحن منعنا الناس أن ينشغلوا بجمالها عن علمها وعن عملها - كما يقول أحد الكتاب في بلاد غير بلادنا يقول: " نحن إذا جئناك أيتها المرأة وأنت في وضيفة من الوظائف إنما نريد الخدمة، ونريد العمل، ونريد انجاز المهمة، فإذا كشفت شعرك وذراعيك شغلنا عن ذلك بهذا! لكن إذا سترت أدت دورتها، وبقي جمالها، وبقيت أنوثتها لبيتها وزوجها وأسرتها وأبنائها "، وذلك أو هذه هي فلسفة الحجاب من وجه صحيح.
وانظروا إلى إحدى الشركات البريطانية الكبرى - وقد أصدرت تعميماً لموظفيها - تقول فيه إنها تطلب من النساء عدم لبس الملابس القصيرة والمثيرة لماذا؟
لأنه وجدوا أن هناك انشغالاً عن العمل من قبل الرجال بسب طريقة لبس بعض زميلاتهم..
وهذا بدهي وواضح كما قلنا وهكذا نرى أن الحجاب تشريع يحفظ شخصية المرأة، ويربي فيها المعاني السامية ويحفظ نفسيتها مستقرة ويوفر شيئاً من مالها ويحمي عرضها ونفسيتها من عدوان المعتدين بنظرات آثمة أو بكلمات نابية أو باعتداءات جنسية - والعياذ بالله - وهنا يبقى المجتمع كله فيه نوع من الأمن والاستقرار تلك بعض وجوه الرعاية في تشريع واحد هو الحجاب من تشريعات المرأة وما وراء ذلك أكثر.
http://www.islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/407)
وراء من يصلون ..؟!!!
يسري صابر فنجر
وقفت متعجباً ومستغرباً أمام ما تناولته وكالات الأنباء حول مطالبة امرأة بالخطابة والإمامة والصلاة وراءها وشد الرحال لذلك تحت دعوى المساواة تارة والإصلاح أخرى والحقوق ثالثة، ولست هنا أقف مع الحدث كبحث فقهي فقد تصدى لذلك علماء أجلاء وانتشرت فتواهم، وصدر بذلك قرار من اللجنة الدائمة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ثم تهافت آخرون يُنَظِرون بأقوال ضعيفة وادعاءات باطلة فرأيت أن أتناول الموضوع من زوايا متعددة ونقاط محددة وبيانها كالتالي:
أولاً.لقد أحاط الإسلام المرأة بسياج من العفة والطهارة والكرامة مثال ذلك ما ورد صريحاً في قوله - سبحانه -: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (الأحزاب: من الآية32).
وقوله - جل شأنه -: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" (الأحزاب: من الآية53).
يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -: تقرر الآية الحجاب بين النساء والرجال: " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.. " وتقرر أن هذا الحجاب أطهر لقلوب الجميع: " ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ... ".
فلا يقل أحد غير ما قال الله، لا يقل أحد: إن الاختلاط، وإزالة الحجاب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك... إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين، لا يقل أحد شيئاً من هذا، والله يقول: " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ".. يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات أمهات المؤمنين.
وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولا. ويقول خلق من خلقه قولاً، فالقول لله - سبحانه - وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد!
والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدعين غير ما يقوله الله، والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول. وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع من كل دليل، وأمريكا أول هذه البلاد التي آتى الاختلاط فيها أبشع الثمار ا. هـ بتصرف.
ثانياً. ستبقى نون النسوة وتاء التأنيث موجودة باقية في كيانها المخصص لها الذي فطرها الله عليها وشرع لها ما يحفظها ويرعاها ويجعلها جوهرة مصونة طالما كانت على تلك الفطرة ولم تخرج عنها.
ثالثا. المجددينات هذا الجمع الذي أطلق عليه أحد العلماء الأجلاء (جمع مخنث غير سالم) فهو جمع لمن خرج عن فطرته وكيانه المنوط به شرعاً وعقلاً.....
رابعاً. متى كانت الخطابة أو الإمامة في الإسلام مطلباً وحقاً للرجل فضلاً عن المرأة يسعى إليها ويطالب بها إلا إذا كان هذا الرجل صاحب هوى فيحرص على الخطابة والإمامة والصدارة، أما الرجل التقي النقي فالإمامة والخطابة والصدارة تأتي إليه ويحمله الناس عليها حملاً، فما بالك إن خرجت امرأة عن فطرتها وطالبت بذلك.....
سادسا. لقد ذكر في القرآن الكريم ما أخبر به الهدهد في أسلوب إنكاري في قوله: "إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ" (النمل: من الآية23) وهذا الذي أنكره الهدهد تتمسك به بعض العقول البشرية تحت دعوى الإصلاح والحقوق، بل ورد الحديث بلفظ التملك: فقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة" وهو صحيح رواه الإمام أحمد وغيره وذكره ابن حبان تحت عنوان: ذكر الإخبار عن نفي الفلاح عن أقوام تكون أمورهم منوطة بالنساء....
سابعاً. أن ما نقلوه عن الطبري وغيره إما أنه لا يصح أو أنها خاص بأمور المرأة وما تصح شهادتها فيه قال القاضي أبو بكر بن العربي: نقل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ولم يصح ذلك عنه، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق ولا بأن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة، وهذا هو الظن بأبي حنيفة وابن جرير وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قدم امرأة على حسبة السوق ولم يصح فلا تلتفتوا إليه فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث، والمرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس ولا تخالط الرجال ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير؛ لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها وإن كانت بارزة يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم وتكون مناظرة لهم ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده. ا. هـ بتصرف.
ثامناً. صرحت د. أمينة ودود عبر برنامج من واشنطن في قناة الجزيرة عندما سألها المذيع عن الأدلة التي استدلت بها فيما ذهبت إليه، فقالت: أنها أخذت من المذهب الذي أخذ منه الرسول - صلى الله عيه وسلم -: (وضع خطوطاً تحت قولها هذا فهو خطير جداً، ومورد هلاك فليس هذا اتباعاً ولا اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -) فهناك فرق كبير بين أن تقول: أذهب إلى ما ذهب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قولها السابق والمذهب الذي أخذ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أغلق فلا نبوة بعده - صلى الله عليه وسلم -..... ثم قالت: إنها أخذت من فحوى القرآن ومعانيه المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة... إلخ ولا أدري عن أي قرآن تتحدث، بل قالوا عنها: إنها لم تفهم من القرآن أكثر مما فهمه منه المستشرقون...
تاسعاً. قال – تعالى -: "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" (النساء: 32).
يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -: والنص عام في النهي عن تمني ما فضل الله بعض المؤمنين على بعض.. من أي أنواع التفضيل، في الوظيفة والمكانة، وفي الاستعدادات والمواهب، وفي المال والمتاع، وفي كل ما تتفاوت فيه الأنصبة في هذه الحياة، والتوجه بالطلب إلى الله، وسؤاله من فضله مباشرة، بدلاً من إضاعة النفس حسرات في التطلع إلى التفاوت، وبدلاً من المشاعر المصاحبة لهذا التطلع من حسد وحقد، ومن حنق كذلك ونقمة أو من شعور بالضياع والحرمان والتهاوي والتهافت أمام هذا الشعور، وما قد ينشأ عن هذا كله من سوء ظن بالله، وسوء ظن بعدالة التوزيع، حيث تكون القاصمة، التي تذهب بطمأنينة النفس، وتورث القلق والنكد، وتستهلك الطاقة في وجدانات خبيثة، وفي اتجاهات كذلك خبيثة. بينما التوجه مباشرة إلى فضل الله هو ابتداء التوجه إلى مصدر الإنعام والعطاء، الذي لا ينقص ما عنده بما أعطى، ولا يضيق بالسائلين المتزاحمين على الأبواب! وهو بعد ذلك موئل الطمأنينة والرجاء، ومبعث الإيجابية في تلمس الأسباب، بدل بذل الجهد في التحرق والغيظ أو التهاوي والانحلال!
إن المنهج الإسلامي يتبع الفطرة في تقسيم الوظائف، وتقسيم الأنصبة بين الرجال والنساء. والفطرة ابتداء جعلت الرجل رجلاً والمرأة امرأة، وأودعت كلاً منهما خصائصه المميزة؛ لتنوط بكل منهما وظائف معينة.. لا لحسابه الخاص ولا لحساب جنس منهما بذاته. ولكن لحساب هذه الحياة الإنسانية التي تقوم وتنتظم وتستوفي خصائصها وتحقق غايتها - من الخلافة في الأرض وعبادة الله بهذه الخلافة - عن طريق هذا التنوع بين الجنسين والتنوع في الخصائص والتنوع في الوظائف، وعن طريق تنوع الخصائص، وتنوع الوظائف ينشأ تنوع التكاليف، وتنوع الأنصبة، وتنوع المراكز.. لحساب تلك الشركة الكبرى والمؤسسة العظمى.. المسماة بالحياة..
وحين يدرس المنهج الإسلامي كله ابتداء، ثم يدرس الجانب الخاص منه بالارتباطات بين شطري النفس الواحدة لا يبقى مجال لمثل ذلك الجدل القديم الذي ترويه هذه الروايات ولا كذلك للجدل الحديث، الذي يملأ حياة الفارغين والفارغات في هذه الأيام، ويطغى أحياناً على الجادين والجادات بحكم الضجيج العام!
إنه عبث تصوير الموقف كما لو كان معركة حادة بين الجنسين، تسجل فيه المواقف والانتصارات.. ولا يرتفع على هذا العبث محاولة بعض الكتاب الجادين تنقص "المرأة " وثلبها، وإلصاق كل شائنة بها.. سواء كان ذلك باسم الإسلام أو باسم البحث والتحليل.. فالمسألة ليست معركة على الإطلاق! إنما هي تنويع وتوزيع. وتكامل. وعدل بعد ذلك كامل في منهج الله.
يجوز أن تكون هناك معركة في المجتمعات الجاهلية، التي تنشئ أنظمتها من تلقاء نفسها، وفق هواها ومصالحها الظاهرة القريبة. أو مصالح طبقات غالبة فيها أو بيوت أو أفراد.. ومن ثم تنتقص من حقوق المرأة لأسباب من الجهالة بالإنسان كله وبوظيفة الجنسين في الحياة أو لأسباب من المصالح الاقتصادية في حرمان المرأة العاملة من مثل أجر الرجل العامل في نفس مهنتها أو حقوق التصرف في المال - كما هو الحال في المجتمعات الجاهلية الحديثة!
فأما في المنهج الإسلامي فلا.. لا ظل للمعركة. ولا معنى للتنافس على أعراض الدنيا، ولا طعم للحملة على المرأة أو الحملة على الرجل، ومحاولة النيل من أحدهما، وثلبه وتتبع نقائصه!.. ولا مكان كذلك للظن بأن هذا التنوع في التكوين والخصائص لا مقابل له من التنوع في التكليف والوظائف، ولا آثار له في التنوع في الاختصاصات والمراكز.. فكل ذلك عبث من ناحية وسوء فهم للمنهج الإسلامي ولحقيقة وظيفة الجنسين من ناحية! ا. هـ بتصرف.
هذا ما أحببت التذكير به جعلني الله وإياكم من أهل طاعته ورضوانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم، بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
13/2/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/408)
محورية الجسد في خطاب المرأة
محمد العبد الكريم
مهما قال التأريخ عن الماضي والكبرياء عن المستقبل، ستظل المرأة "السعوديّة" رهينة لخطاب الجسد المتسرمد في روح الطرح الفكري عند المثقف السعودي، المسكون بالشك تجاه ثقافته العربية والإسلامية بأنها: ثقافة ذات جذور عنصرية تجاه المرأة، وأن الذي أعطاها بعض حقوقها ليس الإسلام بالطبع، فالإسلام في زعمه أكّد على مفاهيم "العيب" وأغلق منافذ الحرية.
إن محوريّة الجسد في الطرح العلماني تُعتبر أهم معيار لقياس الحقوق .
فسيدة الأعمال والطبيبة..لا يُقاس إنجازها وإنتاجها ما دامت تحترم جزءاً ولو يسيراً من أصولها وقيمها.ولذا فإن فتاة تافهة متبذلة هي أكثر رقياً وقبولاً من أخرى مبدعة ومحافظة على الفضيلة بمعناها الشرعي ومفهومها الفطري.
إنه لمن المؤسف أن يسعى بعض أطياف هذا التيار إلى تكريس صورة نمطية لا تحتمل إلا خياراً واحداً، إما أن يكون نموذج الفتاة العصرية: نساء متبذلات خارجات عن نسقنا القيمي والأخلاقي، أو نحن متخلفون لا نعي معنى حقوق المرأة!!
والمشكلة لم تقف عند هذا الحد، بل زاد الأمر سوءًا: حين أغرق بعض "الوعاظ" في حماية الجسد، ورتب الدنيا وسنن الكون على فتنة النساء، فحرم المجتمع، وحُرمت كثير من المبدعات من الحضور والتواجد وأصبحن خلف "قضبان "الذريعة!
لقد آن الأوان كي يعرف الآخرون أن هناك نموذجاًَ مغايراً يضيف بعداً آخر إلى حماية الجسد، ويكرّس الحاجة محوراً رئيساً في التعامل مع المرأة، ويؤمن بأن العناية بعقلها وروحها... يحميها ويعطيها كامل حقوقها.
فلا النموذج العلماني ولا الطرح "الوعظي" قادر على الخروج من مأزق الحقوق، فهما نقيضان متعاكسان، وكلاهما يفهم الحقوق من خلال معطيات الآخر، ويبني مشروعه من خلال ممارسات الإسقاط اللا أخلاقية المتبادلة بين الطرفين.
إن الهوس الجنسي والتعليقات والمسامرات والنكت الجنسية... هي منتجات لخطاب الجسد.
وأزعم أن المدخل الجنسي فيما يتعلق بشؤون المرأة صار مستحكماً في تفسير ما لها من حقوق وما يلزمها من واجبات، فلا غرابة أن تتعبّأ الثقافة الاجتماعية بالنظرة الجنسية خصوصاً مع تدعيمها بنظريات القبيلة وقيود العادات والتقاليد.
لا أريد الإسهاب في الحديث عن مركزيّة الجسد في خطابنا الثقافي بشتى أطيافه، فالحديث عن النتائج طويل وكارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولكن لعل في الانتقال إلى مفهوم المرأة في الثقافات الأخرى ما يؤكد على أنها ليست معزّزة أو مكرمة كما قد يتصوّر بعض المثقفين الذين يستلطفون الحديث عن المرأة الغربية، ويعجبون بها كنموذج وخيار لا حياد عنه للمرأة العربية.
وبداية أقول لقد حاولت في هذه العجالة التطواف على خزائن الآخرين شرقاً وغرباً حتى أنقل نظرتهم تجاه المرأة وما شاع في أدبياتهم عنها، فوجدت أن الأمثال والحِكم خير دليل في فهم ثقافة الشعوب.
هذه الأمثال والحِكم تختزل في جملها القصيرة ماهية المرأة وكنهها، وتعبر عن ثقافتهم تجاه النساء، وتعرب في الغالب عن نظرة دونيّة أشدّ مما يمكن أن يدركه كتابنا.
إن صورة المرأة عند اليابان يعبر عنها مثل سائد لديهم يقول: "الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة".
بمعنى أن المرأة بلغت استحقاقها من السوء والخبث... حتى صارت أستاذة للشيطان عياذاً بالله، ونفس المعنى عند الإيرلنديين الذين يقولون: المرأة تغلب الشيطان.
أما في تراث الإنجليز فلهم أمثلة كثيرة منها:
ـ المرأة شعر طويل وعقل قصير!
ـ ومن تزوج امرأة لها ثلاث بنات تزوج أربعة لصوص.
ـ ولا سلاح للمرأة إلا لسانها.
ـ والنساء والجسور دائماً تحتاج إلى ترميم.
أما المرأة القبيحة فهي مرض للمعدة، والمرأة الجميلة فهي وجع للرأس.
ويقولون أيضاً: آخر ما يموت في الرجل قلبه وفي المرأة لسانها.
هذه الأمثال الشعبية في تراث الإنجليز ليس فيها مثل واحد يدل على احترام المرأة.
أما المثل التشيكي فهو يلغي الثقة بالمرأة: فلا تستند إلى الجدار المائل، ولا إلى المرأة. وعند البلجيك المرأة هي سبب الخراب فيقولون: يخرب البيت ثلاثة: زوجة شابة، وخبز جديد، وخشب أخضر.
وإذا انتقلنا إلى الفرنسيين الذين يعبدون الحرية، ويقدّسون جسد المرأة فهم يقولون:
ـ لا أصعب من أن تجد بطيخة طيبة وامرأة طيبة.
ـ والمرأة والمال يضيّعان الرجل.
ـ الرجل هو النار، والمرأة هي الحطب، وإبليس هو الهواء.
ـ سلاح المرأة لسانها فكيف تدعه يصدأ بعدم الاستعمال.
ثلاثة أنواع من الرجال لا يفهمون المرأة: الشباب والشيوخ والكهول.
أما الألمان فهم ليسوا بأقل نظرة من اليابانيين في تفوق المرأة على الشيطان في الخبث والدهاء فيقولون:
ـ مالا يقدر عليه الشيطان تقدر عليه المرأة.
ـ والشيطان يكفيه عشر ساعات ليخدع رجلاً، والمرأة يكفيها ساعة واحدة لتخدع عشرة شياطين.
والمثل اليوناني يقول: (لا تثق بالمرأة حتى وإن ماتت) (وُعود المرأة تُكتب على صفحات الماء). وهناك مثل لاتيني يقول: (من له بيت هادئ ليست له زوجة) (وعندما تفكر المرأة بعقلها فإنها تفكر في الأذى). وأما الروس فيقولون: (الكلب أعقل من المرأة؛ لأنه لا ينبح على سيدة) ويقولون: (للمرأة سبعة وسبعون رأيا في آن واحد). البلغاري يقول: (لا تثق بشمس الشتاء ولا بقلب المرأة).
والسويدي يقول: (قلب المرأة يرى أكثر من عيون عشرة رجال).
والألباني يقول: (لا شِجار بلا امرأة).
والدانمركي يقول: (الزوج الأصم والزوجة العمياء هما أسعد الأزواج).
والأسباني يقول: (المرأة كظلك اتبعها تهرب واهرب منها تتبعك). و(لا تثق بالمرأة الصامتة ولا بالكلب الذي ينبح).
والصيني يقول: (النساء كالحكام قلّما يجدن أصدقاء مخلصين).
و(يستطيع الرجل أن يحمي المرأة من كل رجل إلا نفسه). (والمرأة كالسجادة كلما ضربتها بالعصا تخلصت من الغبار العالق بها ونظفت). و(إذا أخفق الشيطان في التسرب إلى مكان أوفد إليه امرأة).
وهناك الكثير مما قيل في المرأة في جميع الثقافات وعند كل الشعوب، والمتفق عليه بين معظم تلك الثقافات: أن المرأة أقل شأناً، وأدنى ذكاءً، وأقل عقلاً من أن يُجعل لها كل هذا الاهتمام والتقدير.
ونحن أيضاً لا نبرئ أمثلتنا الشعبية وثقافتنا الاجتماعية فهي مليئة بالتشوّهات التي أُضيف إليها بعد الجسد.
أما صورة المرأة في منظور الشريعة فيجب أن تتفاصل عن الثقافة الاجتماعية السائدة المعبّأة بالنقص والازدراء.
وما يوجد في شريعتنا من وصف للمرأة بأنها ناقصة عقل ودين قد بين في ذلك المعنى، ولا حاجة للخلط والإسقاط والإسفاف في الربط المتكلف الذي يمارسه بعض المتعالمين على شريعة الله.
وقد أشار المنفلوطي - رحمه الله - إلى معنى جميل حول وصف المرأة بنقصان العقل، وذكر الفرق بين العقل والذكاء، وأن الحديث لا يستنقص من ذكاء المرأة، ولكنه يشير فقط إلى نقصان العقل، والعقل يختلف عن الذكاء؛ لأن من النساء من تفوق الرجال ذكاءً وفطنة. بدليل أن اللص المحترف يوصف بالذكاء ولا تسطيع وصفه بالعقل.
20/2/1426
30/03/2005
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/409)
حواء والصلاة
د. رياض المسيميري
أخذت الصلاة أعظم نصيب من اهتمام نساء الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين، ومظهر ذلك تلك الروايات الكثيرة التي سجلتها دواوين الإسلام تصف العديد من مشاهد ومواقف نساء السلف مع الصلاة.
فلو تتبعنا زياراتهن المتتالية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألنه عن الطهارة والصلاة لبلغ كماً هائلاً فتلك تسأله عن الطهارة بعد المحيض وهذه تسأله عن استحاضتها الدائمة، وثالثة تسأل عن غسل الجنابة ورابعة عن مشروعية صلاتها في المسجد وخامسة عن المواقيت، وسادسة عن النوافل وهكذا...
وما ذلك إلا ما يرينه - رضي الله عنهن - من عظم شأن الصلاة وكونها مسألة حياة أو موت وجنة ونار.
واليوم ننظر في واقع نسائنا فنراهن زاهدات مضيعات لهذه الفريضة الركن، فلا تؤدي إلا بعد فوات وقتها أو مجموعة أو متروكة بالكلية إلا ما رحم ربي.
إن الكثيرات يؤخرن الصلاة عن وقتها لأتفه الأسباب؛ فقد يكون السبب انشغالها بتصفح جريدة، أو مجلة، أو مطالعة قصة، أو رواية، أو محادثة صديقة، أو زميلة، أو متابعة مسرحية، أو مشهد فضائي، أو حتى إعداد طبق، أو طهي وجبة طعام.
ثم إنْ تفضلت بأداء الفريضة فهي كالعادة نقر كنقر الغراب والتفاتة كالتفاتة الثعلب.
ولما أصبحت الصلاة بهذه الآلية المضطربة هانت المعصية والمخالفة في أذهان الكثيرات؛ فالصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر إلا إذا أقيمت على الوجه المرضي شرعاً، وحين ألمت النساء بالمعاصي استولت الوحشة على صدروهن، وتمكنت الكآبة من نفوسهن وساد القلق في حياتهن، وتسلطت الشياطين عليهن، ولسائل أن يسأل هل إلى خروج من سبيل؟
والجواب: إنه ليسير على من يسره الله عليه، وإنه ليبدأ أولاً بمعرفة قدر الصلاة حق المعرفة وإدراك أهميتها حق الإدراك.
وحسبنا أن نعلم ما استدل به عبد الله بن الشقيق - رحمه الله - ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، وهو مصداق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم.
وهذه لعمر الحق قوارع تهتز لوقفها الجبال الصمّ!!
ومن بين سائر العبادات ظلت الصلاة واجبة على الأعيان لا تسقط بحال مهما خارت القوى وارتخت الأعصاب ما دام للإنسان عقل وإدراك.
فهيا يا فتاة الإسلام أغيظي شيطانك، واقهري عدوك وتناولي وضوؤك وقفي بين يدي ملك الملوك، وقولي: رب إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
وافتحي صفحة جديدة بصلاة خاشعة خاضعة وسترين ساعتها انقلاباً عظيماً في حياتك لا يعدله طلاع الأرض ذهباً والله المستعان.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/410)
نصيحة للأم العاملة .. ترتيب أكثر وتوتر أقل
هل تريدين أن تصبح حياتك أسهل - أبسط وأقل تعقيداً وداخل نطاق سيطرتك؟ إنك فعلاً في المكان الصحيح.
الوقت هو المشكلة:
هذه هي الشكوى الرئيسية لكثير من الأمهات العاملات، فأنت كأم مضطرة إلى إيجاد بعض الوقت الخاص لهؤلاء الأشخاص الذين تعلمين أنهم أكثر أهمية في حياتك، وللعبادات التي عليك تأديتها، ولبعض النشاطات التي تشعرين أنك في حاجة لممارستها، ولتجدي هذا الوقت إليك بعض المفاتيح الرئيسية.
ضعي خطة:
بما أن هناك الكثير من الأفكار التي لا يستطيع عقلك ترتيبها وتذكرها معاً، استخدمي المفكرة ولا يهم نوعها، سواء كانت بسيطة أو الكترونية، المهم أن ترتبي حياتك، ضعي قوائم لكل شيء، للشراء أو مواعيد تطعيمات الأطفال أو أعمال المنزل، أو حتى بعض القيم التي تحرصين على تعليمها لأبنائك.
تعلمّي أولوياتك:
إذا كان أمامك خياران فهل تستطيعين تحديد الخيار الأفضل بسهولة وبسرعة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنت تعرفين ما هو الشيء المهم بالنسبة لك، وتعرفين أولوياتك، أما إذا وجدت بعض الصعوبة في الوصول إلى قرار، فأنت تحتاجين لقضاء بعض الوقت في ترتيب أولوياتك، ولا تنتظري كثيراً قبل فوات الأوان وقبل أن يتخذ كل فرد من أسرتك طريق حياته دون تدخل منك، وعندها يحل الندم، عزيزتي ابدئي من الآن ولا تتأخري.
ولمساعدتك في ترتيب أولوياتك اسألي نفسك هذه الأسئلة:
1- ما هي الاحتياجات والنشاطات التي تريدين القيام بها؟
2-من هم أكثر الناس الذين تهتمين بهم؟
3-ما هي أهم المجالات التي تحبين أن تمارسيها في مجتمعك؟
4-من هم الأشخاص الذين ترغبين أن تعملي معهم؟
5-من هم الأشخاص الذين تُكنّين لهم كل الاحترام؟
ففي لحظات يمكن أن تحددي ما هي أولوياتك؟ هل هي عباداتك؟ عملك؟ جلوسك مع أبنائك؟ عشاؤك مع زوجك؟ أم جلسة مع صديقاتك؟ وهذه اللحظة التي سوف تقضينها في ترتيب أولوياتك، ستوفر لك الكثير من الجهد الفكري والنفسي، والكثير من الوقت.
3- رزنامة كبيرة:
ضعي رزنامة كبيرة لك وللعائلة، تضم هذه " الرزنامة" كل المناسبات الخاصة بالعائلة، سواء المواعيد العائلية، أو مواعيد الأطباء، أو مواعيد حفلات المدرسة للأبناء، أو مواعيد انصراف الأبناء من المدرسة، كما تضم أيضاً مواعيدك الخاصة، وحاولي تسجيل كل التواريخ المهمة في هذه الرزنامة.
4- جمع الأرقام:
احرصي على جمع كل أرقام الهواتف التي تعتبرينها مهمة في حياتك، وسجليها في قائمة واحدة في متناول يدك، مثل أطباء الأطفال، الأشخاص الذين تتصلين بهم في وقت الطوارئ، بيت الجد أو الجدة، محلات تصليح الكهرباء أو الأدوات الصحية، أرقام هواتف المدارس، بعض الأصدقاء المقربين، وعليك هنا أن تعلمي أنك لست الوحيدة التي ستطلعين على تلك القائمة فاحرصي عليها وعلقيها بالقرب من " رزنامة العائلة".
5- اطلبي المساعدة:
لا تقومي بكل العمل بمفردك فهناك الكثير من حولك يستطيعون القيام بمساعدتك إذا طلبت منهم أنت ذلك، مثل الزوج والأبناء والأقرباء، حتى الصديقات، فالكل يستطيع أن يقدم لك المساعدة إذا أدركت كيف تطلبينها ومتى؟
6- احجزي عطلة نهاية الأسبوع:
لا تشغلي عطلة نهاية الأسبوع بخطط خارج نطاق الأسرة ولكن اجعليها في المنزل وابحثي مع الأبناء عن أشياء تقومين بها في هذه العطلة، فاقرئي معهم، ودعيهم يشاركونك الطهي، واشتركي معهم في لعبهم.
بالتأكيد إنك الآن تدركين أولوياتك، وتريدين أن تغمري أبناءك بالكثير من الحب والعطاء من أجل مستقبل مشرق وسعيد ينتظرهم هناك بإذن الله - تعالى -.
http://www.waldee.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/411)
صرخات عوانس وهدية مالية للزوجة الأولى
سماح بيبرس باتت مواجهة العنوسة بالزواج الثاني محطّ اهتمام و جدل طريف في المجتمع الأردني لأكثر من أسبوعين بين مؤيد ومعارض، وذلك بعد أن دعا نداء موجه للمتزوجين من الرجال بالتفكير جدياً في الزواج للمرة الثانية مع تقديم التسهيلات المالية اللازمة لهم، مع تعهد بتحمل نفقات الزواج الثاني، "وبشرط موافقة الزوجة الأولى التي ستحصل بدورها على هدية مالية نقدية".
وكان النداء الذي بدأ تداوله على نطاق واسع قد وصل إلى المواطنين عبر فاكسات مواقع عملهم، وفي المؤسسات الرسمية والخاصة والمكاتب والمحال التجارية، حيث بات الكثيرون من أبناء مدينتي إربد و الزرقاء يتناقلونه عبر الفاكس أو يدوياً.
وبحسب ما ورد في النداء فإن دراسات أجريت في الجامعة الأردنية وبالاستناد إلى ملفات دائرة الأحوال المدنية الأردنية أظهرت أن نسبة العزوف عن الزواج تجاوزت الـ70 بالمئة، الأمر الذي زاد من نسبة العنوسة إذ تجاوزت 67 بالمئة.." لهذا وحرصاً على أعراض المسلمين اللاتي هن أخواتنا وبناتنا نهيب بجميع الإخوة المسلمين، وخاصة المتزوجين بالمبادرة بالتفكير جدياً بالزواج الثاني".كما جاء في النداء بأنه سيتم تحمل جميع تكاليف الزواج، وذلك بالتعاون مع المركز الإسلامي العربي - الرياض، وهنالك هديّة مالية للزوجة الأولى في حالة الموافقة مقدارها ثلاثة آلاف دينار، وقد تضمن النداء أيضاً أسماء الذين قاموا بالإشراف على الدراسة المذكورة. في هذا التحقيق استطلع موقع (الإسلام اليوم) آراء فئات اجتماعية مختلفة في موضوع العنوسة والزواج الثاني، وحاور عدداً من الخبراء والمتخصصين في هذا الموضوع..
الناس والزواج الثاني بين القبول والرفض
رأى الشاب محمد سالم بأنه لا يجد ما يمنع أن يتزوج الرجل مرتين طالما أنه مقتدر مادياً، كما قال أحمد (40 عاماً):إن هذا النداء"غريب نوعاً ما" فليس هناك منطق في هذا النداء الذي يستهزئ بعقول الناس، ويجعل من الزواج أمراً مادياً بحتاً خصوصاً بعرض النداء مبلغاً من المال للزوجة الأولى لترضى بزواج زوجها بأخرى. فيما قالت السيدة مرام عبيدات: إنه ليس هناك امرأة ترضى بأن يتزوج زوجها امرأة أخرى إلا في ظروف معينة وهي قليلة جداً ومشروطة مشيرة إلى أن الدعوى السابقة مشبوهة ويجب متابعة ناشريها لمعرفة الهدف من مثل هذا النداء الغريب.
أما الموظفة مها فقالت: إنها ستقبل بأن يتزوج زوجها بأخرى إن هو أصر، فهي لا تستطيع أن تمنعه من استخدام حقه الشرعي في ذلك، أو مخالفة ما أحلّه الله له، ولكنها بالمقابل لن ترضى بأخذ أي مبلغ مالي مهما بلغت قيمته لقاء موافقتها، فهي إن رضيت فمن منطلق شرعي وحسب، وإن كانت لا تستطيع إنكار تفضيلها لأن يبقى زوجها لها ولأسرته فقط. مواجهة العنوسة بتيسير تكاليف واستحقاقات الزواج في المقابل أكّد رئيس جمعية العفاف الخيرية عبد اللطيف عربيات أن مشكلة العنوسة مشكلة محلية و عالمية، ولها أسباب اجتماعية واقتصادية و تعليمية إضافة إلى العادات الاجتماعية التقليدية التي لا تقدر ظروف الشباب وحاجاتهم، و الظروف الاقتصادية السيئة لهم، مضيفاً أن الأهل و العادات الاجتماعية التي تفرض متطلبات ومهوراً عالية من المشاكل التي تزيد العنوسة. وأكد عربيات على ضرورة محاربة العادات السيئة، وتقديم الدعم للشباب وذلك من خلال تقديم القروض الميسرة، ومن غير فوائد إضافة إلى عمل حفلات الزفاف الجماعي التي تقلّل من تكاليف حفلات الزفاف، ومثال ذلك ما تقوم به جمعية العفاف الخيرية في الأردن.
العنوسة مرتبطة بمظاهر اجتماعية وشروط اقتصادية
أما نوال فاعوري -إحدى أبرز القيادات الإسلامية النسوية في الأردن- فرأت أن أهم أسباب العنوسة هو الحالة الاقتصادية و المغالاة في المظاهر الاجتماعية كالمغالاة بالمهور، واعتبارها دالّة على المكانة الاجتماعية للفتاة و عائلتها، والمباهاة في المظاهر الاجتماعية إضافة إلى التصاعد المستمر في تكاليف المعيشة الذي أدّى إلى تآكل الدخول. وأضافت الفاعوري أن ارتفاع مستويات البطالة التي تتجاوز 15% من إجمالي القوى العاملة إضافة إلى تأثير ما لا يقل عن (300) ألف أردني بعد أزمة الخليج عادوا من الكويت، مما أدّى إلى ارتفاع مستويات البطالة وانخفاض تحويلات الأردنيين.
وسائل الإعلام ساهمت في مشكلة العنوسة
من جهته بيّن أستاذ الشريعة بجامعة اليرموك عبد الرزاق أبو البصل أن الانفلات الأخلاقي وعدم الالتزام بتعاليم الشريعة في الحياة من أهم مسبّبات العنوسة في الأردن و العالم العربي، وذلك من خلال أثره في سمعة الفتاة المقبلة على الزواج، و في النظرة لها خصوصاً بعد زيادة نسبة النساء العاملات، وانخراطهن في الحياة مشيراً إلى أن زيادة نسب التعليم ومستوياته لدى المرأة زاد من هذه النسبة.
وأضاف أبو البصل أن وسائل الإعلام وما تبثه من مسلسلات و أفلام تصور الحب و الزواج بأسلوب غير أخلاقي يبلور تصوّرات لدى الشباب و الشابات للزوج و الزواج لا يتناسب مع الواقع و البيئة التي يعيشون فيها، مع الإشارة إلى روايات الحب والكتب التي تصوّر
الزواج بأسلوب رومانسي غير واقعي.
وألمح أبو البصل إلى دور الجمعيات والمؤسسات في محاربة العنوسة من خلال إعادة ثقافة ومفهوم المجتمع حول الزواج ودوره في القضاء على الرذيلة في المجتمع. في حين تشير الأرقام الإحصائية في الأردن إلى وجود (71) ألف فتاة تجاوزن عمر الزواج ولم يتزوجن، ووجود 000ر105 فتاة تجاوزن العمر 25 سنة، و لم يتزوجن، و000ر85 ألف شاب تجاوزوا عمر ألـ (30 (سنة ولم يتزوجوا، كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة البطالة بين الشباب الفقراء في الأردن تصل إلى 43%، و75% من الذين يعانون من البطالة هم من الشباب من فئة العمر (20-30) سنة.
26/2/1426
05/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/412)
حواء موحدة
رياض المسيميري
حاجة المرأة لأن تكون موحدة حق التوحيد أعظم من حاجتها إلى طعام يسد موتها وشراب يبل عروقها، وأشد ضرورة من حاجتها لبيت تسكنه، وزوج يصونها، وأطفال يملؤن حياتها، ويشبعون عاطفتها.
ذلك أن التوحيد هو سر الوجود كله، وسبب الاستخلاف الآدمي برمته.
ولن يقر لحواء قرار ولن يهدأ لها بال إلا حين يمتلئ قلبها تعظيماً لخالقها واعترافاً بفضله ونعمائه المترادفة، وإيماناً بحقه الخالص بالعبادة والخضوع.
ومتى أدركت ذلك عرفت أنها مأمورة بوجوب التوكل عليه وحتمية المحبة له، ولزوم الخوف والخشية منه إلى غير ذلك من منظومة أعمال القلوب وأقوالها.
إن تحقق التوحيد في قلب حواء هو الذي يجعله دائمة التفكر في آلاء الله، دائمة التفكر في أسرار الوجود، دائمة التفكر في عواقب الأمور.
وبذلك تنجو من الغفلة حين يغفل الأخريات، وتسلم من القلق حين تحار الكثيرات ولم لا؟
أليست عارفة لربها، خاضعة لخالقها؟ منيبة لبارئها؟ أليست تعرف أنها مستخلفة في هذه الحياة إلى أمد قصير تنقضي بعدها أيامها وينصرم أجلها المحتوم؟!
أليست تعرف أن وراء الموت قبراً؟ أو أن وراء القبر بعثاً؟ وأن وراء البعث حساباً؟ وأن وراء الحساب جنة أو ناراً؟
لقد حاز الكثيرات على العديد من النجاحات الموهومة، وحققن الكثير من الآمال والطموحات: الشهادات العليا، المناصب البراقة، الثروات الطائلة، الشهرة العريضة... لكنهن عجزن عن معرفة الخالق العظيم، ومن ثم إفراده بالعبادة والوحدانية فيا لها من نجاحات موهومة، وإنجازات من سراب.
أما أنت يا ابنة الإسلام فما يضيرك أن فقدت ذلك الحطام، بعد أن تكوني فزت بتوحيد الملك العلام وهو لعمرك أعظم وسام، وأغلى ما يعد ليوم التغابن والملام( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء: 88-89).
والقلب السليم هو القلب الموحد الخالي من تعظيم غير الله أو محبة أحد سواه.
فاحرصي بارك الله فيك على تحقيق التوحيد الخالص بأي ثمن ولو كلفك العمر كله تعلماً وبحثاً لمسائله وأركانه وحدوده ومتطلباته وواجباته وحين يتحقق التوحيد فأي فائت بعد ذلك فهو جلل والله المستعان.
http://www.asyeh.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/413)
مفهوم التمييز ضد المرأة
" رؤية شرعية "
تأليف
المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
والباحث في الدراسات الفقهية والقانونية
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
... إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
... و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
... وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً )
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
...
... أما بعد :
... فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .(1)
فهذا بحث في " مفهوم التمييز ضد المرأة "
رؤية شرعية
يتضمن مفهوم التمييز ضد المرأة في الفكر الغربي والمستغرب و مفهوم و حدود المساواة ما بين المرأة و الرجل في الشريعة الإسلامية .
... ولا يخفى عليك – أخي القارئ – ما يراد بالمرأة المسلمة التي أصبحت هدفاً مباشراً لتدمير الإسلام و المسلمين من قبل الغرب و مناصريه في مجتمعاتنا العربية والإسلامية . فكان حقيق على أهل العلم و طلابه الاعتناء في الرد على أفكار و دعاوى هؤلاء و خصوصاً بعد أن اشتد ساعدهم و فشت بدعتهم و فتنوا كثيراً من نساء الأمة و لاسيما البعيدات عن العلم وأهله .
... وانطلاقاً من و جوب العناية بأمر العامية بالهدي والإرشاد ، والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كتبت هذا البحث ، و جعلته في عدة فصول :
... الفصل الأول :في مفهوم التمييز ضد المرأة في الفكر الغربي و المستغرب .
... بينت بهذا الفصل المبادئ التي تقوم عليها دعوتهم مظهرا أهم أفكارهم و معتقداتهم سواء عند مفكريهم أو في مؤتمراتهم الدولية . ثم بينت بعض نتائج دعوتهم على المرأة الغربية والمجتمع بلغة الأرقام عسى أن يكونوا عبرة لمن يروج لبدعهم وأفكارهم في مجتمعاتنا الإسلامية .
... الفصل الثاني : في مفهوم و حدود المساواة ما بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية ، و قد قسمت هذا الفصل إلى عدة فروع :
__________
(1) -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبته ، و يعلمها أصحابه ، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة – رضوان الله عليهم – و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6/153-156-157 ، وأبو داود في السنن ج 1/287.برقم 1097.و النسائي في المجتبى ،ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى ،ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
... الفرع الأول : في مفهوم و حدود التمييز ما بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية .
... الفرع الثاني : في مفهوم التمييز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية .
... و أخيراً ... لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يقف موقف المتفرج بعد أن عرفنا حقيقة دعوة هؤلاء ، بل الواجب على الجميع بذل الجهد في التعاون على البر و التقوى ، وإيضاح الحق بدليله ، والحرص على صفاء النفوس من الغل والحقد من بعضنا البعض ، كما ان الواجب الحذر من أسباب التفرقة والتهاجر ، لأن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين أن يعتصوا بحبله جميعا ً و ألا يتفرقوا :
قال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ] (1)
... فعلينا جميعاً – أهل القبلة – أن نتقي الله سبحانه وتعالى ، وأن نسير على تهج سلفنا الصلح بتمسكنا بالحق و أهله والدعوة إليه ، و التناصح فيما بيننا والحرص على معرفة الحق بدليله ، مع بقاء المحبة و الأخوة ، وعدم التقاطع والتهاجر إلا وفق الضوابط التي بينها علماؤنا الأبرار .
... و أخيراً لا أدعي أن هذا البحث قد أصاب المحز و طبق المفصل و خلا من كل عيب ، وسلم من كل نقص ، و أعتقد تمام الاعتقاد أنه مهما بالغت بتحريره و تهذيبه ، فلابد من وجود هفوات و مآخذ تثير الانتقاد ، لأن غير المعصوم أهل للخطأ والنسيان ، فإن الإنسان ضعيف لا يسلم من الخطأ إلا أن يعصمه الله تعالى بتوفيقه .
فنحن نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يزيدنا و سائر المسلمين هداية و توفيقاً ، و أن يمنحنا جميعاً التفقه في دينه و الثبات عليه و نصرته ، والدعوة إليه إنه ولي ذلك و القادر عليه .
( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(البقرة: من الآية286) .
المحامي الدكتور
مسلم محمد جودت اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
و الباحث في الدراسات الفقهية و القانونية
حلب سورية 22/جمادى الأولى /1425هـ الموافق لـ 10/7/2004م
هاتف 00963212262346
00963212268436
حلب سورية ص.ب 10347
Moslem@scs-net.org
abokotaiba@hotmail.com
الفصل الأول
مفهوم التمييز ضد المرأة في الفكر الغربي والمستغرب
الفصل الثاني
مفهوم و حدود المساواة ما بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية
الفرع الأول : مفهوم و حدود المساواة ما بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية
الفرع الثاني : مفهوم التمييز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية
الفصل الأول
التمييز ضد المرأة في الفكر الغربي و المستغرب
يتساءل أحدنا لماذا كل هذا التركيز ، و الاهتمام بالمرأة من قبل الغربيين ، و من دار بفلكهم من المستغربين من أبناء جلدتنا . لعل السر أن هؤلاء و أمثالهم عرفوا مكانة المرأة الأساسية ، و دورها الرائد في مسيرة الأمة ، و تكوينها و حمايتها . فأيقنوا أنهم متى أفسدوا المرأة و أخرجوها من عباءة الإسلام ، ونجحوا في تضليلها ، ربحوا قضية السيطرة على العالم دون أي منازع .
فالنصارى بعقائدهم المحرفة الفاسدة اعتبروا المرأة مسؤولة عن انتشار الفواحش و المنكرات ، و ما آل إليه مجتمعهم من الانحلال و التفسخ , فالمرأة باب الشيطان ، لذلك عليها أن تستحي من جمالها , لأنه سلاح إبليس للفتنة و الإغواء .
و قد أثرت هذه الأفكار كلها في أمم الغرب التي دخلت في النصرانية ، ففي عام 586 للميلاد عقد اجتماع لمناقشة (أتعد المرأة إنسانا أم غير إنسان ؟) و كان ختام البحث أن قرر المجمع أن المرأة إنسان و لكنها مخلوقة لخدمة الرجل(2).
__________
(1) - صحيح مسلم ، ج3/1340، برقم 1715. صحيح ابن حبان ،ج8/182-برقم 3388. مسند أبي عوانة ج4/165، برقم 6385.
(2) - الأخوات المسلمات وبناء الأسرة القرآنية، محمود الجوهري، دار الوفاء ،المنصورة مصر ،ط2 1989م ص 48.
و نتيجة لهذه الأفكار وغيرها استطاع العلمانيون إشعال الثورة الفرنسية التي أطاحت بالكنيسة و قيمها فأعلنت مبادئ ما يسمى بالحرية و الإخاء و المساواة . فأصبح الإيمان بالوطن و الدولة هو دين الشعب الفرنسي , فحلت القومية الفرنسية وحب الوطن محل العقيدة النصرانية ، و أصبح الوطن هو القيمة العليا الوحيدة التي تبذل في سبيله الروح و الأموال .
وأصبحت فرنسا دولة علمانية ليس لها علاقة بالكنيسة تطبيقا لمبادئ جان جاك روسو و فولتير و فونتسكيو في فصل الدين عن الدولة ، و ظهور ما يسمى بالحرية الشخصية و الحرية الاقتصادية , و المذاهب الفكرية الهدامة المتمردة على الله تعالى تحت مسمى التقدمية و حرية الفرد المطلقة .
و الملاحظ أن كل هذه المذاهب تعتبر ردا على الزهد النصراني المفتعل الذي يتنافى و الطبيعة البشرية السليمة , فجاءت هذه المذاهب المضادة لإسقاط النفس البشرية في أوحال اللذة ، و الشهوة و الهوى ,حتى تصبح غير قادرة على الدفاع عن نفسها ، أو تركيز وجودها , فأصبحت المرأة بجسدها العاري أو شبه العاري سلاحا خطيرا في يد هؤلاء للسيطرة على المجتمع ، و أركانه .
و تتلخص هذه الدعوات في المبادئ التالية:
أن الأسرة ليست نظاما فطريا بيد أن الفطرة الطبيعية هو الاتصال الحر بين المرأة و الرجل .
أن إطلاق حريات المرأة هو الطريق الصحيح لحركتها في المجتمع الطبيعي .
أن خروج المرأة للعمل هو العامل الأكيد ، و الوحيد في قدرتها على امتلاك إرادتها إزاء الرجل ، و المجتمع الذكوري .
أن المرأة مساوية للرجل ، بيد أن السر في ضعفها هو الحيلولة بينها وبين حرياتها في العصور الماضية التي منعتها من ممارسة هذه الحرية بشكلها الطبيعي .
أن المرأة نصف المجتمع بل أكثر ، و لا يستوي المجتمع إلا باشتراكها فيه بكل طاقاتها عن طريق تحريرها من كل القيود .
إنكار كافة الدعوات الدينية التي تدعو إلى الضوابط الدينية بحجة أنها تخلف المجتمع ، و تعرقل نموه الطبيعي .
ثم بدأ الاهتمام بما (يسمى بقضايا المرأة ) على المستوى العالمي بشكل واضح ابتداء من عام 1975م حيث اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك العام (عام المرأة الدولي) و أقيم في ذلك العام المؤتمر العالمي الأول للمرأة ، ثم في عام 1979 م عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمرا تحت شعار القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة ، وخرج المؤتمرون باتفاقية تتضمن ثلاثين مادة ، وردت في ستة أجزاء للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – وفق التصور الغربي للمسألة - و جاءت هذه الاتفاقية لأول مرة – بصيغة ملزمة للدول التي توافق عليها إما بتصديقها ، أو بالانضمام إليها .
و إن كانت الدول الغربية تسعى بشكل دؤوب إلى تغريب المرأة المسلمة عن طريق دعاة - ما يسمى بتحرير المرأة - من أمثال رفاعة الطهطاوي في كتابه تلخيص الابريز في تلخيص باريس ، و غيره , ثم جاء الشيخ محمد عبده الذي أوّل آيات أحكام النساء تأويلات فاسدة , فتكلم عن حقوق المرأة الحديثة , ثم جاء سعد زغلول زعيم حزب الوفد المصري الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه و تشجيعه في هذا المجال , ثم توالت موجات التغريب من أمثال هؤلاء المستغربين الذين يريدون ربطنا بالغرب بكل ما فيه من انحراف و تفسخ و فجور بحجة التقدم والتطور و الحداثة ويمكننا إجمال أهم أفكارهم و معتقداتهم فيما يلي:-
1- الدعوة إلى السفور و القضاء على الحجاب الإسلامي بحجة أنه العائق الأساسي أمام تطور المرأة الاجتماعي .
2- الدعوة إلى اختلاط الرجال مع النساء في المدارس ، و الجامعات و المؤسسات و غيرها لكسر الحاجز النفسي و الإجتماعي بين الجنسين المسؤول عن تخلف المجتمع .
3- تقييد حق الطلاق ، و الاكتفاء بزوجة واحدة مع تحديد سن زواج الفتاة بـ 18 سنة كحد أدنى .
4- المساواة في الميراث مع الرجل .
5- الدعوة إلى اللادينية ، بحيث لا يتحكم الدين في أي مجال من مجالات الحياة .
المطالبة بالحقوق الاجتماعية ، و السياسية ، والاقتصادية للمرأة .
ثم تطورت فتن هؤلاء من الأفكار و الدعوات إلى المؤتمرات و الاتفاقيات الملزمة عن طريق الأمم المتحدة التي عقد اتفاقية تعتبر من أخطر الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة المسلمة , لأنها تفرض بشكل رسمي نمط الحياة الغربية في كل مجالاتها المختلفة السياسية ، و الاقتصادية , و الاجتماعية ، و التعليمية ، و الفكرية و غيرها من مجالات الحياة .
و لعل أهم النقاط التي تطالب بها تلك الاتفاقيات(1):-
المصادقة على اتفاقية إلغاء جميع أنواع التمييز ضد المرأة دون تحفظ .
سن قوانين خاصة بزيادة مساهمة المرأة في السلطة .
إلزامية التعليم في كل مراحله .
سن قوانين خاصة بتحديد سن الزواج .
منح النساء الحق المطلق في استخدام وسائل تنظيم الأسرة ، دون إذن من الزوج .
منح المرأة الحق في السفر ، دون إذن الزوج أو ولي الأمر.
__________
(1) –انظر المرأة والجندر،د.شيرين شكري،دار الفكر،دمشق ص 121.
سن تعديلات لصالح المرأة في قوانين الأحوال الشخصية .
سن قوانين الحماية من العنف المنزلي ، و تحديد مجالاته .
و من أجل سرعة و ضمان تغريب المرأة المسلمة شجعت الأمم المتحدة عقد مؤتمرات قمة للمرأة على مستوى قرينات رؤساء ، و ملوك بعض الدول العربية فأقيمت قمتان الأولى في مصر , القاهرة, و الثانية في عمان الأردن , و قد انبثق عنهما عدة مؤتمرات إقليمية ناقش كل منها موضوعا خاصا بالمرأة ، كالمرأة و الإعلام ، و المرأة و التعليم ، و المرأة و التنمية .
كما تم إنشاء مؤسسات خاصة تعنى بشؤون المرأة على أعلى مستوى مثل المجلس القومي للمرأة في مصر ، و المجلس الأعلى لشؤون المرأة في بعض دول الخليج (1).
بعض نتائج تحرر المرأة و مساواتها بالرجل في العالم الغربي بلغة الأرقام (2):
ذكر ( معهد الدراسات الدولية حول المرأة ) الواقع في مدريد بأسبانيا في تقريره السنوي عن أحوال المرأة في العالم الغربي إحصاءات مذهلة تبين بما لا يدع مجالا للشك ، أن مشكلة حقوق المرأة ، ومساواتها بالرجل ، وفق الرؤية الغربية ، و التي تحاول الأمم المتحدة ، و من ورائها الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على العالم كله , هي مشكلة غربية , و أن المرأة الغربية بأعلى درجاتها ، و ثقافتها لا يمكن أن تكون النموذج المحبب و القدوة لنساء العالمين .
وسأورد بعض نتائج هذا الفكر بلغة الأرقام وفق التالي :-
في عام 1985 م فقط ، حصل أكثر من مليون وخمسمائة و ثلاث وخمسون ألف حالة إجهاض , و قالت الشرطة : أن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك .
و في عام 1986 م أن 27% من المواطنين يعيشون على حساب النساء .
و في عام 1985 م : 82 ألف جريمة اغتصاب , 8% منها في محيط الأسرة و الأصدقاء ، بينما تقول الشرطة أن الرقم الحقيقي 35 ضعفا فقط.
و تقول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة أن كل ثلاث ثوان تغتصب امرأة ، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه بل أن الرقم الحقيقي : أن في كل ست ثوان حالة اغتصاب فقط ، ،، تأمل يا مؤمن ! .
نشرت مجلة التايم الأمريكية في عام 1997 م أن ست ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية و النفسية بسبب الرجال , و أن 70 % من الزوجات يعانيين الضرب المبرح و أن 4 آلاف زوجة يقتلن ضربا كل عام على أيدي أزواجهن .
و كان من عام 1980 م إلى عام 1990 م أكثر من مليون امرأة يعملن بالبناء في الولايات المتحدة الأمريكية فقط(3).
و في يوليو عام 1970 م أصدرت الحكومة الأمريكية قانونا يبيح الإجهاض لولاية نيويورك ، و قد بلغ عدد عمليات الإجهاض التي أجرتها المستشفيات والعيادات الخارجية خلال 21 شهرا ، و من صدور القانون (278122) عملية مع العلم أن هذه الجهات لا تجري العمليات إلا إذا كان الحمل دون ثلاثة أشهر .
كتب الأستاذ جابر رزق في مجلة الدعوة (1) مقالا بعنوان ( سقوط المجتمع الأمريكي ): الظاهرة التي بدأت تقلق علماء الاجتماع الأمريكيين في مجال ممارسة الجنس الطبيعي بين الرجل و المرأة ، و هي ظاهرة البغاء بين الفتيات الصغيرات طالبات المدارس من الإعدادية . فالأسرة الأمريكية تدفع أبناءها من سن الرابعة عشر و الخامسة عشر سواء بنات ، أو بنين إلى الاكتساب و الاعتماد على النفس في الإنفاق , فلا تجد الفتيات الصغيرات أسهل من احتراف البغاء لاكتساب نفقات الحياة .
و في عام 1981م أشار( شتراوس ) إلى أن حوادث العنف الزوجي منتشرة ما بين 50-60 % من العلاقات الزوجية . كما بين ( أبلتون ) في بحثه الذي أجراه عام 1980 م على 620 امرأة أمريكية أن 35 % منهن تعرضن للضرب مرة واحدة على الأقل من قبل أزواجهن .
و من جهتها أشارت ( والكر ) استنادا إلى بحثها عام 1984م إلى خبرة المرأة الأمريكية الواسعة بالعنف الجسدي فبينت أن 41 % من النساء أفدن أنهن كن ضحايا العنف الجسدي من جهة أمهاتهن , و 44% من جهة آبائهن , كما بينت أن 44% منهن كن شهودا لحوادث الاعتداء الجسدي لآبائهن على أمهاتهم .
و في عام 1985م قتل 2928 شخصا على يد أحد أفراد عائلته , و إذا اعتبرنا ضحايا القتل الإناث وحدهن لوجدنا أن ثلثهن لقين حتفهن على يد زوج ، أو شريك حياة , وكان الأزواج مسؤولين عن قتل 20% من النساء اللاتي قتلن في عام 1984م في حين أن القتلة كانوا من رفاقهن الذكور في 10% من الحالات .
أما عن إحصاءات مرتكبي الاعتداءات ضد النساء في أمريكا ، فثلاثة من بين أربعة معتدين هم من الأزواج ، و 9% أزواج سابقين , 35% أصدقاء ، و32% أصدقاء سابقين .
__________
(1) - انظر المسلمة بين موضات التغيير وموجات التقرير،د.فؤاد عبد الكريم ال عبد الكريم.
(2) - انظر كتاب معاناة المرأة في الغرب ،اعداد موقع المنبر على شبكة الانترنيت بتصرف.
(3) - احصاءات صادرة عن قاموس المرأة الصادر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة ومقره في مدريد، اسبانيا نقلا عن معانات المرأة في الغرب اعداد موقع المنبر بتصرف.
و في إحصائية أخرى تدرس نسبة المعتدين تبين أن الأزواج المطلقين ، أو المنفصلين عن زوجاتهم ارتكبوا 79% من اعتداءات بينما ارتكب الأزواج 21% .
و في الدراسة الثالثة تبين أن مجموع النساء اللواتي سعين في طلب العناية الصحية من طبيب العائلة 37% منهن كونهن من الناجيات من حوادث التعذيب الجنسي في مرحلة الطفولة ، و 29 % أبلغن أنه تم الاعتداء عليهن جنسيا بعد البلوغ .
أربعة ملايين أمريكية تقع تحت اعتداء خطير من قبل شريك قريب لها خلال سنة . وقرابة 1 من 3 نساء بالغات يواجهن تجربة الاعتداء عليهن جسمانيا على الأقل مرة واحدة من قبل شريك في فترة النضج ، و في عام 1993م تم توقيف 575 ألف رجل لارتكابهم العنف ضد النساء . و أن 90-95% من حالات العنف العائلي هم من النساء .
و في عام 1979م نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أن 40% من حوادث قتل النساء بسبب المشكلات الأسرية و أن 25% من محاولات الانتحار التي قد تقدم عليها الزوجات يسبقها نزاعا عائلي.
و أختم هذا الفصل بقول المعدة و المخرجة الأمريكية - و التي تسمت بأمينة السلمي بعد إسلامها :
أن مشكلة الداعيات إلى تحرير المرأة في الدولة الغربية أنهن لسن فقط لا يعرفن حقيقة دعاة تحرير المرأة في الغرب و إنما لا يعرفن حقيقة الإسلام.
و تقول أيضا: إجبار المرأة على العمل خارج البيت كان على حساب أمومتها , و هذا يدمر مفهوم الأمومة ، و النتيجة أن يتربى الأطفال في الشوارع ، و ينضموا إلى عصابات و مجرمين , وهذا أيضا يسبب قلقا للمرأة ، وشعورا بالذنب و تحذر السيدة أمينة السلمي , حفظها الله – المرأة المسلمة من دعاة التحرير بقولها:
( أحذر المرأة المسلمة من دعاة تحرير المرأة في الغرب فقد كنت قبل دخولي في الإسلام من دعاة التحرر و أعرف جيدا ماذا تعني هذه الكلمة , و أريد أن تعرف المسلمة أن المرأة الغربية ليست محررة كما نتوهم , و إنما هي حبيسة النظام الغربي , و أن الحرية الحقيقية هي التي أعطاها لها الإسلام . )(1) .
الفصل الثاني
مفهوم و حدود المساواة ما بين المرأة و الرجل في الشريعة الإسلامية
نعرض في هذا البحث مفهوم ، وحدود المساواة ما بين المرأة ، و الرجل في الشريعة الإسلامية , كما نبحث في بعض الشبه التي تثار من قبل الغربيين ، و المستغربين بما يسمى بالتمييز ضد المرأة في الإسلام ، ونعرج أخيرا لمفهوم التميز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية الغراء .
إذا سنقسم هذا الفصل إلى عدة فروع وفق التالي:
الفرع الأول: مفهوم وحدود المساواة ما بين المرأة و الرجل في الشريعة الإسلامية.
الفرع الثاني: مفهوم التميز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية.
الفرع الأول
مفهوم و حدود المساواة ما بين المرأة و الرجل في الشريعة الإسلامية.
مفهوم و حدود المساواة ما بين المرأة و الرجل مفهوم له حدود و ضوابط في الشريعة الإسلامية ، و الحق أن مصطلح المساواة فيه كثير من عدم الدقة , فلا يمكن أن نقول أن الإسلام دين المساواة فالصحيح أن الإسلام دين العدل و الإحسان .
قال الشيخ ابن عثيمين- عليه رحمة الله تعالى :-
( يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل العدالة المساواة ، و هذا خطأ , لا يقال : مساواة , لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما , و من أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون : أي فرق بين الذكر و الأنثى ؟..
سووا بين الذكور ، و الإناث , حتى أن الشيوعية قالت: أي فرق بين الحاكم ، والمحكوم ؟ .
لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد و الولد ليس للوالد سلطة على الولد , و هلم جرى .(82/414)
لكن إذا قلنا بالعدل ، و هو إعطاء كل ذي حق ما يستحقه : زال هذا المحذور , و صارت العبارة سليمة , و لهذا لم يأت في القرآن أبدا : ((أن الله يأمر بالتسوية)). لكن جاء: أن الله يأمر بالعدل- سورة النحل- الآية 90, و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل-سورة النساء- الآية 58 و كذب على الإسلام من قال: أن دين الإسلام دين المساواة , بل دين الإسلام دين العدل ، و هو جمع بين المتساويين ، و التفريق بين المفترقين .
أما أنه دين مساواة ، فهذه لا يقولها من يعرف دين الإسلام ، بل الذي يدلك على بطلان هذه القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة : ( ِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9)
__________
(1) - معاناة المرأة في الغرب ،اعداد موقع المنبر على شبكة الانترنيت بتصرف.
( وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) (الرعد:16) ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد:10) (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ) (النساء:95)
و لم يأت حرف واحد في القرآن يأمر في المساواة أبدا إنما يأمر بالعدل ، و كلمة العدل أيضا تجدونها مقبولة لدى النفوس ، فأنا أشعر أن لي فضلا على هذا الرجل بالعلم , أو بالمال , أو بالورع , أو ببذل المعروف , ثم لا أرضى بأن يكون مساويا لي . كل إنسان يعرف أنه فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى)(1).
و عليه فالإسلام لم يساو ما بين المرأة ، و الرجل في معظم الحقوق و الواجبات و لكن هناك بعض المفاهيم يمكن أن نسميها بالمساواة ، وفق ضوابط شرعية معينة منها لكل حالة منها :
المساواة في أهلية الخطاب الشرعي مع مراعاة الضوابط الشرعية :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
فخطاب الله تعالى إلى جميع بني آدم على حد سواء رجالها ، و نسائها فالمرأة و الرجل مطالبان بالإيمان بالله تعالى ، و رسله وكتبه ، و اليوم الآخر ، و هما مطالبان بكافة التكاليف الشرعية من صوم ، و صلاة و زكاة و حج ، مع مراعاة الضوابط الشرعية لكل من الجنسيين كحالة الحيض و النفاس و غيره مما يعتري المرأة بحيث تصبح بعض هذه التكاليف لها أحكام خاصة .
المساواة في عمل الجوارح مع مراعاة الضوابط الشرعية :
قال تعالى:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب:35)
روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه و سلم , وقالت : ما أرى كل شئ إلا للرجال , و ما أرى النساء يذكرن بشىء ! فنزلت هذه الآية: (إن المسلمين والمسلمات)(2).
فلينظر من ينادي بالمساواة كيف هي ، و ما هي حدودها ما بين المرأة ، و الرجل .
قال تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) (آل عمران:195)
فما أجمل هذه المساواة و أعظمها !فالله سبحانه و تعالى نص بنص مكتوب و منطوق أن الأعمال لا تضيع عند الله سواء أكان العامل ذكرا أم أنثى .
المساواة في مباشرة المعاملات المختلفة مع مراعاة الضوابط الشرعية :
شرّع الإسلام المساواة ما بين المرأة ، و الرجل في مباشرة المعاملات المختلفة كالبيع ، و الشراء و السلم و الصرف ، و الفرض و الهبة و الإجارة.... الخ.
دون ولاية أب أو زوج ما دامت بالغة راشدة غير سفيهة ، فإذا كانت سفيهة ، فإن الشريعة تساويها مع الرجل أيضاً في الحجر على السفيه حفاظاً على أموالها ، و ممتلكاتها .
المساواة في طلب العلم مع مراعاة الضوابط الشرعية :
جعلت الشريعة الإسلامية للمرأة الحق في طلب العلم كالرجال ، بل اعتبرت طلب العلم فريضة على الذكر و الأنثى مع مراعاة الضوابط الشرعية بهذه المسألة .
__________
(1) – شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين ج1/180-181 .
(2) - رواه الترمذي في سننه ج 5/354 رقم 3211 وقال عنه حديث حسن غريب.
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم ))(1).
فالخطاب الشرعي حث على التعلم و التحصيل العلمي و هذا الخطاب عام يشمل الذكور الإناث مع مراعاة الضوابط الشرعية المعروفة عند أهل العلم المعلقة بالفروق بين الجنسين بما يحقق عدالة الله سبحانه و تعالى .
قال تعالى : (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (محمد:19)
قال الإمام البخاري : فبدأ بالعلم – و الخطاب و إن كان للنبي ، فهو يتناول جميع أمته (2).
و منه قوله صلى الله عليه و سلم : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ))(3)
قال صاحب الكوكب المنير : (( من شرطية و هي تعم الذكور و الإناث بلا نزاع يذكر ))(4).
و لا نعلم قانون وضعي في أي دولة من دول العالم أو شريعة من الشرائع رعت المرأة كما رعتها الشريعة الإسلامية ، فعندما تكون أم جعلها تسبق الأب في حسن صحبة ابنها الصالح .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : من أحسن الناس بحسن صحابتي ، قال أمك ، قال : ثم من . قال : أمك . قال : ثم من . قال : ثم أمك ، قال : ثم من قال : ثم أبوك .(5).
بل أن الجنة تحت أقدام الأم الصالحة ، كما روى الطبراني عن معاوية بن جاهمة عن أبيه ، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره في جهاد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألك ، والدان ، قال : نعم ، قال الزمهما ، فإن الجنة تحت أقدام أقدامهما ) (6)
: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا (7)
و الإسلام كرّم المرأة أفضل تكريم عندما تكون المرأة زوجة حتى جعل الإحسان إليها مقياسا للخير ، فقال عليه الصلاة و السلام : (( خيركم خيركم لنسائه و بناته )) (8)
قال المناوي ) : ينبغي للزوج إكرام الزوجة بما يناسب من موجبات المحبة و الألفة كإكرام مثواها ، و إجادة ملبوسها على الوجه اللائق...)(9).
قال عليه الصلاة والسلام :((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، و ألطفهم بأهله))(10).
و من شدة حرص الإسلام على المرأة كانت آخر ، وصية للرسول عليه الصلاة و السلام ، و هو يتلفظ أنفاسه الأخيرة الوصية بالصلاة ، و النساء.
__________
(1) جمع الزوائدة لابي بكر الهيثمي دار الريان للتراث بيروت ، عام 1047 – ح1 / 119 .مصباح الزجاجة لأبي بكر بن اسماعيل الكناني ، دار العربية بيروت سنة ض1403 – ط2 تحقيق محمد منتقى الكشناوي – ج1 / 30 – سنن ابن ماجه – دار الفكر—بيروت - تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ح1/ 81 برقم 224 – المعجم الأوسط للطبراني – دار الحرمين القاهرة – سنة 1415 هـ تحقيق عبد المحسن الحسيني – ح1 / 8 برقم 9- معجم الشيوخ لمحمد بن أحمد بن جمع الصيداوي مؤسسة الرسالة – بيروت 1405 هـ -ط1 – تحقيق د .عمرعبد الله تدمري – ج1 / 177 . معجم أبي معلي – لأحمد بن علي بن المثنى الموصلي – دار العلوم الأثرية – فيصل آباد –الباكستان – تحقيق ارشاد الحق الأثري – ح1 / 257 –برقم 320 المعجم الكبير للطبراني –مكتبة العلوم والحكم – الموصل العراق 1404 هـ تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي – ج10 / 195 برقم 10439 .
- سئل الشيخ النووي عن هذا ... ا الحديث ، فقال أنه ضعيف وإن كان معناه صحيحا ، و قال تلميذه المزي هذا الحديث روى من طريق تبلغ رتبة الحسن وهو كما قال : فإني رأيت له خمسين طريقاً وقد جمعتها في جزء – انظر شرح السنن ابن ماجه للسيوطي وعبد الغني والدهلوي – ج1 / 20 برقم 224 . وقال الشيخ ناصر الدين الألباني حديث صحيح انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته ح1 / 727 برقم 3913 .
(2) - فتح الباري ، ج1 / 160
(3) - صحيح مسلم –دار إحياء التراث العربي – بيروت – تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – ج2 / 718 برقم 1037 .
(4) - الكوكب المنير – ج3 /240.
(5) - صحيح البخاري ، ج5/2227، برقم 5626. صحيح مسلم ، ج4/1974، برقم 2548.
(6) - مجمع الزوائد ، ج8 /138 .
(7) - معتصر المختصر ، ليوسف بن موسى الحنفي ، عالم الكتب ، بيروت ، ح1/ 206
(8) - شعب الايمان للبيهقي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1410 هـ تحقيق محمد زغلول ، ج6 / 415 برقم 8720.
(9) - فيض القدير للمناوي, المكتبة التجارية الكبرى ,مصر 1356هـ ,ج3/498.
(10) - المستدرك على الصحيحين, للحاكم , دار الكتب العلمية , بيروت 1411هـ تحقيق مصطفى عطا , ح1/119 برقم 173.
عن أنس , قال : ثم كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هو يغرغر بها في صدره و ما كان يفيض بها لسانه الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانهم حتى جعل يغرغر بها في صدره ، و ما يكاد يفيض بها في لسانه .
و كقوله عليه الصلاة و السلام: اتقوا الله في النساء , فإنكم أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله (1).
و حسبنا أن الله تعالى اشتد في كتابه الكريم على قاذفي النساء في أعراضهن بأشد مما اشتد على القتلة ، و قطاع الطرق .
قال تعالى في سورة النور: (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:4)
)وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (النور:6)
)إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور:23)
و هكذا نرى أن الشريعة الإسلامية كرمت المرأة و صانتها وحفظتها من كل سوء قد ينالها, و لكن لو انقلبت الموازين ، و ارتكبت المحاذير , فلابد من عقاب يرد عليها إذا انتهكت حدود الله ، فتطبق عليها الحدود كالرجل سواء بسواء ، و إن كانت هناك ضوابط شرعية خاصة في تطبيق حدود الله ، فذلك لاختلاف طبيعتها وتكريم الإسلام لها حفاظا على سترتها و حشمتها(2).
المساواة في الأحكام مع مراعاة الضوابط الشرعية :
فالأصل مساواة المرأة للرجل في الأحكام الشرعية ذلك أن مناط التكليف بأحكام الشريعة الإسلامية كون الإنسان بالغا عاقلا.
روى ابن خزيمة: عن أبي ظبيان عن بن عباس , قال : ثم مر علي بن أبي طالب بمجنونة بني فلان قد زنت ، فأمر عمر برجمها ، فرجعها علي ، و قال لعمر: يا أمير المؤمنين ترجم هذه . قال نعم ، قال : أو تذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : رفع القلم ، عن ثلاث عن المجنون المغلوب على عقله ، و عن النائم حتى يستيقظ ، و عن الصبي حتى يحتلم . قال : صدقت فخلى عنها(3).
فإذا بلغ الإنسان الحلم ، و كانت أقواله ، و أفعاله وفقا للمألوف المعتاد من الناس بحيث يستدل على سلامة عقله و تصرفاته حكم بتكليفه بأحكام الشريعة الإسلامية لتوفر مناط التكليف ، و المرأة متساوية مع الرجل في هذا المعنى ، و الحكم .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن النساء شقائق الرجال)(4).
قال الخطابي في معالم السنن : ( أي نظائرهم ، و أمثالهم في الخلق ، و الطباع فكأنهن شققن من الرجال ، و فيه من الفقه.... أن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا للنساء إلا مواضيع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها )(5).
و قال ابن حزم: ( و لما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مبعوثا إلى الرجال ، و النساء بعثا مستويا و كان خطاب الله تعالى و خطاب بينه صلى الله عليه وسلم للرجال ، و النساء واحدا لم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال ، دون النساء إلا بنص جلي أو إجماع )(6).
__________
(1) - صحيح مسلم، ج2/889- المنتقى لابن الجارود لعبد الله بن علي بن الجارود, مؤسسة الكتاب الثقافية –بيروت 1408 هـ تحقيق عبدالله عمر البارودي ج1/125 . صحيح ابن حيان لمحمد ابن حيان, مؤسسة الرسالة , بيروت, 1414هـ تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط ج4/311. سنن الدرامي لأبي محمد الدرامي – دار الكتاب العربي بيروت، تحقيق خالد العلمي، ج2/69. سنن البيهقي لآبى بكر البيهقي مكتبة دار الباز ،1414هـ تحقيق محمد عطا،ح5/8.
(2) - انظر أهم قضايا المرأة في الحدود و الجنايات في الفقه الاسلامي , د.أمينة الجابر- دار القطري بن الفجاءة – قطر الدوحة ط1 –1987 – ص 62.
(3) - صحيح ابن خزيمة ، ح2/102 برقم 1003. صحيح ابن حيان ح1/ 356 برقم 143 . المستدرك على الصحيحين ج1/389 برقم 949 . سنن البيهقي ج3 /83 برقم 4868. سنن ابي داود ج4/140. برقم 4401. وروى الامام احمد هذا الحديث عن عائشة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث عن المجنون المغلوب على عقله حتى يعقل و عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم. مسند أحمد ح6/100 برقم 24738.
(4) - المنتقى لابن الجارود, ج1/ برقم 90- مسند ابي عوانة دار المعرفة , بيروت 1998 تحقيق ايمن بن عارف الدمشقي, ج1/244 برقم 832 – سنن الترمذي ج1/190- سنن الدرامي ج1/215 برقم 764 – سنن ابي داوود , ج1 /61 برقم 236- مسند احمد ج6/256, برقم 26238.
(5) - معالم السنن الخطابي ،ج1/161.
(6) - الاحكام في احوال الاحكام, لابن حزم ج3/337
و قال أيضا مدعما لما سبق : ( و قد تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مبعوث إليهن كما هو الرجال ، و أن الشريعة التي هي شريعة الإسلام لازمة لهن كلزومها للرجال ، و أيقنا أن الخطاب بالعبادات ، و الأحكام متوجه إليهن كتوجهه إلى الرجال إلا ما خصهن أو خص الرجال منهن دليل , و كل هذا يوجب أن لا يفرد الرجال دونهن بشيء قد صح اشتراك الجميع فيه إلا بنص ، أو إجماع )(1).
المساواة في تزويج الأيامى:
و من أجمل المساواة ما بين الرجل ، و المرأة التي شرعها الإسلام ، هو الحث على تزويج الأيامى للحفاظ على الفرد ، و المجتمع من الفساد و التهلكة .
قال تعالى (( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور:32)
قال الدكتور يوسف حامد العالم :(و هذا المبدأ من أهم الوسائل في حماية المجتمع من ظواهر الفواحش ، لأن المجتمع الذي يهتم بتزويج أياماه يطهر نفوس أفراده ، و في ذلك طهارة له بدون ريب ، و المجتمع الذي يهمل أمر الأيامى لا ينجو من مظاهر الفساد و الدنس(2).
المساواة في الطلاق مع مراعاة الضوابط الشرعية :
ساوى الإسلام ما بين المرأة والرجل في رغبة العيش المشترك ، أو الافتراق إن لم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة مقبولة ، فأباح للزوج طلاق زوجته بعد أن يدفع لها كافة حقوقها المشروعة من مهر ، و نفقة ...الخ .
كما أباح الإسلام للزوجة أن تفارق زوجها إذا كان ظالما لها ، سيئا في معاشرتها ، فلها أن تفارقه إذا أخفقت جميع محاولات الإصلاح بينهما .
و بعد فهذه بعد النقاط ، و الأحكام سلط عليها ضوءا ليتفكر بها أبناء جلدتنا ليروا عظم هذه الشريعة التي حافظت على الإنسان ، و حقوقه ، و مصالحه الدنيوية ، و الأخروية ، ذلك أن هدفها الأعظم هو إسعاد العباد في الدنيا ، و الآخرة و أن السعادة المطلوبة لا تتحقق إلا بمتابعة أحكامها ، و قواعدها ، و مبادئها ، و موافقة مقاصدها .
الفرع الثاني
مفهوم التميز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية
إن مفهوم التمييز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية يمكن أن تعتبره تمييزا إيجابيا لأن بين طياته الرحمة ، و الرأفة بالمرأة ، ذلك المخلوق الذي أوصانا الله تعالى و رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم بهن خيرا . و لا يمكن أن نفهم التمييز كما يروج له أعداء الدين على أن الإسلام يظلم و يضطهد المرأة ، و يحرمها من حقوقها الأساسية نقول لهؤلاء ، و من في قلبه مرض أن الإسلام قد ميز ما بين المرأة في الرجل انتفاء للظلم الذي سيقع على الطرفين ، لأن المساواة في غير مكانها ظلم شديد على الرجل والمرأة .
فالقرآن أمر المرأة أن تلبس لباسا مختلفا تماما عن لباس الرجل للفارق في فتنة كل من الجنسين بالآخر إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من بدنها ما يكشف الرجل لاختلاف الفتنة في بدنها و بدنه كما سنبينه تفصيلا إن شاء الله تعالى .
لذلك لابد من الاعتراف بأن هناك أمورا تتميز فيها المرأة عن الرجل في الشريعة الإسلامية مراعاة لمقتضى حال المرأة ، و اختلافها عن الرجل ، و من هذه الأمور :
أولا- إسقاط بعض العبادات عن المرأة :
سوّى الشرع الحنيف بين المرأة ، و الرجل في كثير من العبادات ، فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل ، و تغتسل كغسله ، و تصلي كصلاته ، و تصوم كصيامه ألا أن تكون في حال حيض ، أو نفاس عندها تتميز المرأة عن الرجل بنعمة إسقاط بعض العبادات ، و لهذا الإسقاط صورا كثيرة منها :
1- إسقاط الصلاة : قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم : ( أجمع المسلمون على أن الحائض و النفساء لا تجب عليها الصلاة و لا الصوم في الحال )(3).
إلزامها بقضاء الصوم دون صلاة بعد زوال الحيض أو النفاس :
قال ابن المنذر : ( أجمع أهل العلم على أن عليها الصوم بعد الطهر ، و نفى الجميع عنها الصلاة)(4).
- إسقاط طواف الوداع عن الحائض :
و من إشكال تمييز المرأة في الشريعة الإسلامية أن الله سبحانه قد أسقط عنها طواف الوداع إذا حاضت ، دون أن يفرض عليها أي فدية .
قال الإمام الخرقي عليه رحمة الله : ( و المرأة إذا حاضت قبل أن تودع خرجت و لا وداع عليها ، و لا فدية ،.... و هذا قول عامة فقهاء الأمصار )(5).
ثانيا - الأمر بالقرار في البيوت :
__________
(1) - الأحكام في أصوال الاحكام, لابن حزم الظاهري ج3/341-342.
(2) - المقاصد العامة للشريعة الإسلامية ، د.يوسف العالم ،دار الحديث ، القاهرة عام 1417 هـ ص464 –465
(3) - شرح صحيح مسلم للنووي ج1/637
(4) - الاوسط لابن المنذر ،ج2/203.
(5) - المغني لابن قدامة المقدسي ج5/341.
قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33)
الإسلام ميز المرأة المسلمة الحرة عن غيرها من نساء العالمين بأن اعتبرها جوهرة ثمينة يجب الحفاظ عليها ، لبناء خلايا المجتمع القادر على مواجهة مصاعب الدنيا ، و فتنه .
قال الشهيد سيد قطب عليه رحمة الله: " و ليس معنى هذا ملازمة البيوت ، فلا يبرحنها إطلاقا إنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن ، و هو المقر ، و ما عداه استثناء طارئا لا يثقلن فيه ، و لا يستقررن إنما هي الحاجة تقضى بقدرها.
والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى ، غير مشوهة ، و لا منحرفة ، و لا ملوثة ، و لا مكدورة في غير وظيفتها التي هيأها الله لها بالفطرة"(1).
ثالثا- تحريم الخلوة بالأجانب وتحريم سفرها بلا محرم:
عن أبي معبد قال : سمعت بن عباس يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب , و يقول : لا يخلون رجل بامرأة إلا ، و معها ذو محرم ، و لا تسافر إلا مع ذي محرم، فقام رجل، فقال يا رسول الله : إن امرأتي خرجت حاجة و إني اكتتبت في غزوة كذا ، وكذا ، قال : انطلق فحج مع امرأتك(2).
قال محمد بن إسماعيل الصنعاني : دل الحديث على تحريم الخلوة بالأجنبية ، و هو إجماع ، و قد ورد في حديث " فإن ثالثهما الشيطان " و هل المحرم مقامه في هذا بأن يكون الوقوف من يزيل معنى الخلوة الظاهر أنه يقوم , لأن المعنى المناسب للنهي إنما هو خشية أن يوقع بينهما الشيطان الفتنة . و قال القفال : لابد من المحرم عملا بلفظ الحديث و دل أيضا على تحريم سفر المرأة محرم ... . (3).
و قال القاضي عياض :( و المرأة فتنة ممنوع الانفراد بها لما جبلت عليه نفوس البشر من الشهوة ، فيهن ، وسلط عليهم الشيطان بواسطتهن , ولأنهن لهم على ضم إلا ما ذب عنه و عورة مضطرة إلى صيانة ، و حفظ و ذي غيرة يحميها ، و يصونها , وطبع الله في ذوي المحارم من الغيرة على محارمهم ، و الذب عنهن ما يؤمن عليهن في السفر معهم ما يخشى(4) .
4-التحذير على الدخول على النساء لغير المحارم:
من شدة حماية الشريعة الإسلامية للمرأة نرى قد حذرت من الدخول على النساء لغير المحارم خوفا عليهن من الفتن ، و مقدماته و عواقبه .(82/415)
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إياكم و الدخول على النساء , فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو , قال : الحمو الموت(5) .
قال ابن حجر العسقلاني : ( الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية ، أو إلى الموت إن وقعت المعصية ، و وجب الرجم ، أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملت الغيرة على تطليقها(6).
و قال المباركفوري في تحفة الأحوذي : (( أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت ، و الاستقباح و المفسدة أي ، فهو محرم معلوم التحريم في الزجر ، و شبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج ، و الزوجة لفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة .... و كذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين ، أو إلى موتها بطلاقها ثم غيرة الزوج ، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة (7).
خامسا : الحث على تربية البنات و بيان فضله :
و لعل من الميزات الهامة التي كفلها الشرع للمرأة أن حث على تربيتها ، و الإحسان إليها ، بل ربط هذا الإحسان بالوقاية من النار .
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : ( دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل ، فلم تجد عندي إلا تمرة ، فأعطيتها إياها ، فقسمتها بين ابنتيها ، و لم تأكل منها ، فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا ، فأخبرته , فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار )(8)
__________
(1) -في ظلال القرآن ، سيد قطب، دار الشرق،ط21 عام 1414 ه مج 5/2859 .
(2) - صحيح مسلم ,ج2-978,برقم 1340.صحيح ابن خزيمة,ج4/137,برقم 2529.صحيح ابن حيان ج9-72,برقم 3757-مصنف ابن ابي شيبة, ج386 , برقم 15175.
(3) - سبل السلام , لمحمد بن اسماعيل الضعاني , دار احياء التراث العربي, بيروت, ص4 تحقيق محمد عبد العزيز الحولي ج2/ 183.
(4) - إكمال المسلم , ج 4/448.
(5) -صحيح مسلم , ج4/ 1711, برقم 2172, صحيح البخاري , ج 5/ 2005 , برقم 4934 .
صحيح ابن حيان , ج12 /401 برقم 5588- سنن الترمذي , ج3 / 474 برقم 1171.
سنن الدارمي, ج2 / 361 برقم 2642 . سنن البيهقي الكبرى , ج 7 / 90 برقم 13296.
مسند الامام احمد ج4 / 149.
(6) - فتح الباري , ج9/ 332.
(7) - تحفة الأحوذي للميار كفوري , دار الكتب العلمية , بيروت , ج4 /281 .
(8) - صحيح البخاري ,ج2/ 514، برقم 1352 . صحيح ابن حيان , ج7/ 201 برقم 2939.
سنن الترمذي , ج4/ 319 برقم 1915 مسند الإمام أحمد ,ج6/ 166 برقم 25371.
.
قال ابن حجر : ( و في الحديث تأكيد حق البنات لما فيهن من الضعف غالبا عن القيام بصالح أنفسهن , بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن , و جزالة الرأي ، و إمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال ))(1) .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.(2)
و في رواية أخرى رواها الحاكم في المستدرك على الصحيحين : ( عن انس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عال جارتين حتى تدركا دخلت الجنة أنا ، و هو كهاتين و أشار بإصبعيه السبابة ، و الوسطى ) (3) .
و في رواية ثالثة عن مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ(4).
قال الإمام النووي : ( معنى عالهما قام عليهما بالمؤنة ، و التربية ، و نحوهما (5) .
خامسا - ضمان النفقة للمرأة :
كذلك ضمن الإسلام نفقة المرأة على زوجها إن كانت متزوجة ، و إلا ، فنفقتها على أصولها ، و فق التفصيل الذي أورده الفقهاء في كتبهم (6).
قال تعالى : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة:233) .
و المولود له في الآية هو الزوج ، و الضمير في "رزقهن " عائد إلى الوالدات ، و هن الزوجات .
وروى مسلم في صحيحه , باب : حجة النبي صلى الله عليه و سلم عن جابر رضي الله عنه في حديث حجة الوداع الطويل : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ(7).
- قال الإمام النووي : فيه وجوب نفقة الزوجة كسوتها , و ذلك ثابت بالإجماع (8).
- و قال ابن قدامة المقدسي : و فيه ضرب من العبرة , و هو أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف ، و الاكتساب , فلا بد أن ينفق عليها كالعبد مع سيده(9).
و من أجل أن يكون كل من الزوجين عنصر إسعاد للآخر , لبناء بيت الزوجية العامر بالرعاية والحب و الوئام . وكي تظل المرأة عزيزة مطلوبة من الرجل , و حتى لا تصبح مهانة تجري وراء الرجل و هو عنها معرض أو مخادع .
و من أجل ذلك كله كان بيت الزوجية واجبا على الزوج دون الزوجة .
سادسا : الشهادة ، فشهادة الرجل بشهادة امرأتين :
__________
(1) - فتح الباري , ج10 / 443.
(2) - صحيح مسلم , ج4 / 2027 , برقم 2631 .
(3) - المستدرك على الصحيحين , ج4/196 برقم 7350 و هذا حديث صحيح الاسناد و لم يخرجاه .
(4) - سنن الترمذي , ج4 /319 , برقم 1914 و قال حديث حسن غريب من هذا الوجه .
(5) - شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 / 180.
(6) - انظر الفقه المنهجي , د. مصطفى الخن , علي الشربجي , د. مصطفى البقا , دار العلوم الانسانية ج4/178-المغني لابن قدامى , ج8/ 156.
(7) - صحيح مسلم , ج2 / 889 , برقم 1217.
(8) - شرح صحيح مسلم للنووي , ج8 / 184.
(9) - المغني لابن قدامى المقدسي ج11 / 348.
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:282)
البيان الإلهي ( إنما دعا الرجال ، لأنهم هم الذين يزاولون معظم عادة في المجتمع المسلم السوي , الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمل لتعيش , فتجور بذلك على أمومتها و أنوثتها ، و واجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانية ، و هي الطفولة الناشئة الممثلة لجيل المستقبل , في مقابل لقيمات ، أو دريهمات تنالها من العمل , كما تضطر إلى ذلك المرأة في المجتمع النكد المنحرف الذي نعيش فيه اليوم ! فأما حين لا يوجد رجلان ، فليكن رجلا واحدا و امرأتان ... و لكن لماذا امرأتان ؟ إن النص لا يدعنا نحدس ، ففي مجال التشريع يكون كل نص محددا واضحا معللا ( أن تضل أحدهما فتذكر إحداهما الأخرى ) و الضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة . فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد , مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه ، و ملابساته ، و من ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء ، فتذكر الأخرى بالتعاون معا على تذكر ملابسات الموضوع كله . و قد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية . فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسيا في المرأة حتما , تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء ... و ذلك من فضل الله على المرأة ، و على الطفولة ... و هذه الطبيعة لا تتجزأ فالمرأة شخصية موحدة هذا طبعها- حين تكون امرأة سوية – بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال , و وقوف عند الوقائع بلا تأثر و لا إيحاء . و وجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى - إذا انحرفت مع أي انفعال فتتذكر ، وتفيء إلى الوقائع المجردة(1) .
سابعا- اللباس :
و من أرقى تميز المرأة في الإسلام أن أوجب عليها ستر كل بدنها ، حفاظاً عليها من الأذى .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)
وبعد أن أوردت كل هذه المزايا بشأن تمييز المرأة في الإسلام لا بد من البيان بأني قد أوردتها على سبيل المثال لا الحصر ، فهناك من مميزات الخاصة بالمرأة في الشريعة الإسلامية بحيث يصعب حصرها لذلك سأعدد بعضا منها تعدادا فقط من أمثال :
المرأة المسلمة لا تتزوج إلا مسلما ، و هذه ميزة رفيعة جدا لا يفقهها إلا مؤمن متين الإيمان .
الصلاة في المسجد أفضل للرجل من بيته ، بينما صلاة المرأة في بيتها أفضل وأحب إلى الله من المسجد .
يباح للمرأة لباس الحرير ، و الذهب ، و هما محرمين على الرجال .
الخاتمة :
... و بعد أن انتهيت من هذا العمل المضني ، لا بد لي من طرح تساؤل مهم وهو
ما هي النتائج التي يمكن استخلاصها من هذا البحث .
... النتائج الممكن استخلاصها من هذا المبحث تظهر في النقاط التالية :
أن دعوة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ما هي إلا جولة من جولات العالم الغربي ، ومن سار بركبهم للقضاء على الإسلام ، و أهله .
أن مفهوم المساواة ما بين المرأة ، و الرجل مفهوما له حدود ، و ضوابط في الشريعة الإسلامية ، و الحق أن مصطلح المساواة فيه كثير من عدم الدقة ، فلا يمكن أن نقول إن الإسلام دين المساواة ، فالصحيح أن الإسلام دين العدل و الإحسان .
__________
(1) - في ظلال القرآن , سيد قطب , ج1/336.
أن التمييز المتعلق بالمرأة في الشريعة الإسلامية هو في حقيقته تميزا ، لا تمييزا .
و أخيرا بينت أن لابد من العودة إلى كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم للفلاح في الدارين ، و مقارعة أهل الباطل والضلال .
و لئن كنت أبغي في هذا البحث أن يسير نحو الكمال ، بيد أنه لا يزال يتسم بالنقصان . و إنه كمن أظهر مظاهر الضعف ، و القصور في الإنسان أن يشعر بالنقص في كل شؤونه مع تصوره الكمال بعقله ، دون أن يستطيع أن يدركه بالواقع العملي .
... فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يفقهني في الدين ، و يعلمني التأويل ، و يهبني الإخلاص في القول ، والعمل .
والحمد لله رب العالمين
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم محمد جودت اليوسف
ـــــــــــــــــــ(82/416)
القوامة :
تأليف
المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
والباحث في الدراسات الفقهية والقانونية
... إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
... و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
... وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
()يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
...
... أما بعد :
... فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .(1)
و بعد :
حاول الكثير من أعداء الإسلام التشنيع على الدين الإسلامي من خلال آية القوامة كدليل على التمييز ضد المرأة , و لعل أطرف ما قيل (2):
أن الإسلام قد سلب المرأة حريتها ، و أهليتها و ثقتها بنفسها إذ جعل الرجل قواما على المرأة .
أن القوامة تمثل بقايا من عهد استعباد المرأة و إذلالها , يوم أن كانت المرأة كما مهملا في البيت , و فكرة مجهولة في المجتمع و أماً ذليلة مهينة للزوج .
ليس من المستساغ ، و لا من العدل أن ينفرد الرجل بالقوامة ، و رياسة الأسرة من دون المرأة ، و هي قد حطمت أغلال الرق ، و الاستعباد ، وتساوت مع الرجل في كل الحقوق ، و الالتزامات .
و للرد على هذه الشبهات والمغالطات , نرى أن نبسط القول في قوامة الرجل على المرأة في الشريعة الإسلامية :
قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
إن القوامة في الشريعة الإسلامية ما هي إلا آلية تنظيمية تفرضها ضرورة السير الآمن للأسرة المسلمة القائمة بين الرجل ، و المرأة و ما ينتج عنهما من نسل طيب ، و ما تستتبعه من تبعات .
و في شأن القوامة ما بين الرجل و المرأة هناك فروض ثلاثة : فإما أن يكون الرجل هو القيم ، أو تكون المرأة هي القيم ، أو يكونا معا قيمين .
و حيث إن وجود رئيسين للعمل الواحد يؤدي إلى التنازع والإفساد , لذلك سنستبعد هذا الفرض منذ البدء .
__________
(1) -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبته ، و يعلمها أصحابه ، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة – رضوان الله عليهم – و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6/153-156-157 ، وأبو داود في السنن ج 1/287.برقم 1097.و النسائي في المجتبى ،ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى ،ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
(2) - شبهات حول الاسلام , محمد قطب , دار الشروق , بيروت , ص 121- وانظر قوامة الرجل على المراة موقع is lamunveileol .
قال تعالى : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء:22) .
و الفرض الثاني - أن تعطى المرأة القوامة ، و رئاسة الأسرة :
و الأم –كقاعدة عامة- عاطفية انفعالية تتغلب عاطفتها على عقلها في أي أزمة تمر بها هي ، أو أحد أفراد أسرتها , و الذي يدبر أموره ، و أمور غيره بالانفعال كثيرا ما يحيد عن الطريق المستقيم ، و يعرض نفسه ، وغيره لأزمات كان بالإمكان تخطيها ، و عدم الوقوع بها .
و العاقل الذي لا يحكمه هواه يستبعد هذا الفرض الذي لا يصلح لقوامة ، و رياسة الأسرة .
قال الشيخ محمد قطب ، حفظه الله : ( أن المرأة ذاتها لا تحترم الرجل الذي تسيره فيخضع لرغبتها بل تحتقره لفطرتها ، و لا تقيم له أي اعتبار ، فهذه هي المرأة الأمريكية بعد أن ساوت الرجل مساواة كاملة ، و صار لها كيان ذاتي مستقل عادت فاستعبدت نفسها للرجل فأصبحت هي التي تغازله ، وتتلطف له ليرضى ! و تتحسس عضلاته المفتولة ، و صدره العريض ، ثم تلقي بنفسها بين أحضانه حيث تطمئن إلى قوته بالقياس إلى ضعفها (1).
و حيث إننا استبعدنا الفرض الأول والثاني لم يبق إلا الفرض الذي حكم به الإسلام لسببين :
أن الرجل بناء على طبيعته التي خلقها الله تعالى عليها يتمتع بقدرات جسمية ، و عقلية أكبر بكثير على - وجه العموم - من المرأة التي تكون عادة أقل حجما وقوة ، و يتحكم بانفعالاتها و أفعالها ، العواطف الإيجابية و السلبية أكثر من حكمة العقل ورجحانه .
( و قد أثبتت الأبحاث الطبية أن دماغ الرجل أكبر من دماغ المرأة ، و أن التلافيف الموجودة في مخ الرجل هي أكثر بكثير من تلك الموجودة في مخ المرأة ، و تقول الأبحاث أن المقدرة العقلية و الذكاء تعتمدان إلى حد كبير على حجم ، و وزن المخ و عدد التلافيف الموجودة فيه ) (2) .
الإسلام فرض على الزوج الإنفاق على أسرته بالمعروف , كما كلفه بدفع المهر ، و غيره من الالتزامات ، و الواجبات , و ليس من العدالة و الإنصاف في شيء أن يكلف الإنسان بالإنفاق على أسرته دون أن يكون له حق القوامة ، و الإشراف و التربية .
و قد ذكر الله سبحانه و تعالى إلى هذين السببين الرئيسيين لاختيار الإسلام الرجل للقوامة .
بقوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
قال الإمام ابن كثير عليه رحمة الله : ( أي هو رئيسها ، وكبيرها و الحاكم عليها و مؤدبها إذ اعوجت , بما فضل الله بعضهم على بعض أي لأن الرجال أفضل من النساء و الرجل خير من المرأة ، و لهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، و كذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : (لم يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ...)(3). و كذا منصب القضاء ، وغير ذلك ، ( و بما أنفقوا من أموالهم ) أي من المهور ، و النفقات و الكلف التي أوجبها الله عليهن في كتابه ، وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، و له الفضل عليها ، والإفضال , فناسب أن يكون قيما عليها كما قال الله تعالى : ( و للرجال عليهن درجة ).
و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهم : ( الرجال قوامون على النساء ) (( يعني أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، و طاعته أن تكون محسنة لأهلها حافظة لماله ))(4)
و قال الإمام البغوي عليه رحمة الله : ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) , يعني الرجال على النساء بزيادة العقل ، و الدين و الولاية , و قيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : (فإن لم يكونا رجلين فرجل و امرأتان , و قيل بالجهاد و قيل بالعبادات من الجمعة و الجماعة ، و قيل هو الرجل ينكح أربعا . و لا يحل للمرأة إلا زوج واحد , و قيل : بأن الطلاق بيده , و قيل : بالميراث , و قيل : بالدية ، و قيل , بالنبوة ) (5).
__________
(1) —شبهات حول الاسلام , محمد قطب ,ص 122.
(2) - عمل المراة في الميزان , د. على البار , موقع صيد الفوائد.
(3) - وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري ج6/2600 برقم 6686 (عن أبي بكرة , قال : لقد نفعني الله بكلمة أيام الحمل لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى , قال : لم يفلح قوم ولوا أمرهم .
(4) - تفسير ابن كثير , ج1 /492.
(5) - تفسير البغوي , ج2/206.
و قال البيضاوي عليه رحمة الله : ( الرجال قوامون على النساء : ( يقومون عليهن قيام الولاية على الرعية وعلل ذلك بأمرين , و هبي ، وكسبي , فقال : (بما فضل الله بعضهم على بعض ) , بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل , و حسن التدبير , و مزيد القوة في الأعمال و الطاعات , و لذلك خصوا بالنبوة و الإمامة و الولاية , و إقامة الشعائر و الشهادة في المجامع القضايا ، و وجوب الجهاد و الجمعة و نحوها ، و زيادة السهم في الميراث ، و بأن الطلاق بيده ( و بما أنفقوا من أموالهم في نكاحهن كالمهر ، و النفقة ) (1).
فالإسلام إذا جعل القوامة للرجل على المرأة , لم يشرع استبداد الرجل بالمرأة , و لا بإرادة الأسرة , ولم يرد أن تكون تلك القوامة سيف مسلط على المرأة , و إنما شرع القوامة القائمة على الشورى ، و التعاون و التفاهم ، و التعاطف المستمر بين الزوج و زوجته .
قال تعالى (( و عاشروهن بالمعروف ))(2) سورة النساء من الآية 19.
و لقوله صلى الله عليه وسلم (خيركم خير للنساء ولبناته))(3)
و لقوله صلى الله عليه و سلم (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و ألطفه بأهله ))(4).
و لقوله صلى الله عليه وسلم ( الصلاة الصلاة , و ما ملكت إيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء , فإنهن عوان بين أيديكم أخذتموهن بأمانة الله , و استحللتم فروجهم بكلمة الله ) (5) .
و لا يمكننا أن ننسى قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم (رفقا بالقوارير ) (6) .
ضوابط القوامة :
إن القوامة في الشريعة الإسلامية لها مدى تقف عنده ، و تنتهي إليه ، فهي لا تمتد إلى حرية الدين ، و المعتقد ، فليس للزوج أن يكره زوجته على تغير دينها إذا كانت كتابية و لا أن يجبرها على اتباع مذهب معين ، أو اجتهاد محدد من الاجتهادات الفقهية إذا كانت من أهل القبلة مادام هذا الرأي لا يعتبر بدعة مضلة ، و لا يخالف الحق و أهله .
كما لا تمتد القوامة إلى حرية المرأة في أموالها الخاصة ، و لا في المساواة بينها و الرجل في الحقوق التي أراد الله فيها المساواة ، و ليس لها طاعته إذا ارتكب معصية ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لأحد في معصية الله تبارك و تعالى ) .(7)
فإذا كانت قوامة الرجل لا تمتد إلى الحقوق الأساسية للإنسان فما الذي يخيف دعاة ما يسمى بتحرير المرأة في قوامة الرجل ؟
فماذا يريدون للمرأة افضل ، و أكرم من تلك المكانة المرموقة التي بوأها الإسلام إياها إن كانوا حقا ينشدون خيرا للمرأة – كما يزعمون ؟ .
الحقيقة أنهم لا يريدون ذلك بل يريدون تحطيم ذلك الحصن المنيع للمرأة المسلمة المتمثل ( في قوامة الرجل ) الذي جعله الإسلام قلعة لحماية المرأة من عاديات الزمان وتقلباته ، و رجاله .
ذلك أن موضوع تشريع الحقوق ، و الواجبات لو أوكل إلى الإنسان لشرع من الحقوق ما لا يناسبه ، و قد يأتي تشريعه تسلطا على الآخرين هذا من جانب ، و من جانب آخر لا توجد الضمانات التي تحمل الآخرين على قبول رأيه , و تشريعه للحقوق , و هو إنسان مثلهم ، و خاصة مثل هذه التشريعات قد تأتي وسيلة للتحكم ، و استغلال الآخرين .
أما عندما تكون من عند الله تعالى , يتساوى أمامها الجميع وتبرأ من الشهوة و الهوى ، و تحقق الاستقرار ، و تنسخ فكرة أن يتخذ الناس بعضهم أربابا من دون الله إلى جانب ما يمتاز به الحق الذي شرعه الله ، و منحه من القدسية الثواب والعقاب في الدنيا و الآخرة .
( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة:286) .
الفصل الثالث
كيف تقاوم هذه البدع
(( بدعة ما يسمى بالقضاء على التمييز ضد المرأة ))
كيف تقاوم هذه البدع التي تريد هلاك النسل ، و الحرث ، وخصوصاً أن دعاتها كثيراً ما ينفذون ما يريدون ، وفقاً لخطة مدروسة ومرسومة ، فنراهم يحددون أهدافهم و يجيدون صناعة ، و صياغة المبررات للإقناع البسطاء ، و من في قلبه هوى .
__________
(1) - تفسير البيضاوي , ج2 / 184 .
(2) - شعب الايمان , ج6 / 415, برقم 8720 .
(3) - شعب الإيمان ، ج 6/415، برقم 8720.
(4) - صحيح ابن حيان , ج2/ 76 , برقم 361 المستدرك على الصحيحين , ج1/43 , برقم 1 مجمع الحوادث , ج1/ 58 , باب في كمال الايمان.
(5) - صحيح مسلم , ج2 / 889 , برقم 1216 . المنتقى لابن الجارود , ج1 / 125 صحيح ابن حزيمة. ج4 / 251 . صحيح ابن حيان , ج4 / 251 .
(6) - فتح الباري , ج10 / 594 بالاستيعاب لابن عبد البر, ج1 / 140 تهذيب الاسماء , ج136 .
(7) - مجمع الوائد , ج5/225, باب لا طاعة في معصية .
قال الإمام الشاطبي عليه رحمة الله : ( و لا تجد مبتدعاً ممن ينتسب إلى الملة إلا و هو يستشهد على بدعته بدليل شرعي ، فينزله على ما وافق عقله ، و شهوته )) (1)
كما نراهم يثيرون هذه البدع في فترات محددة بتكاتف ، و تجمع مع كل أهل البدع و الأهواء ، و ضعاف الدين و العقل .
فحقيق على أهل العلم ، و الفضل ، أن يقابلوا هؤلاء بخطط مضادة ، مدروسة وفق منهج علمي سليم يجمع ما بين الاستدلال الشرعي الصحيح ، و العقلي السليم مستفيدين من التجارب السابقة لمقاومة ، و مقارعة أمثال هؤلاء ، لأن أكبر أسباب انتشار و قبول بعض القوم لهذه البدع هو تعدد أساليبهم الإقناعية الخبيثة ، و ضعف طرقنا و أساليبنا ، و تشتتها مقارنة مع ، وسائل هؤلاء و طرقهم .
و كي لا تتكرر الأخطاء ، و الإخفاقات بحقنا و نجاحات أهل البدع و الأهواء نضع هذا المنهج البسيط وفقاً لما يلي :
تحديد أهداف أهل البدع ( دعاة التغريب و تحرير المرأة و مساواتها بالرجل ) بدقة متناهية ، و معرفة جميع الوسائل التي تساعدهم على تحقيق أهدافهم .
معرفة حقيقة موقفهم الحالي وفق ما تحقق ، و ما لم يتحقق .
وضع الحلول المناسبة لصد تلك الهجمات .
4 – التحصين داخليا وذلك بنشر العلم الشرعي وخاصة بين نسائنا فلإنسان عدو ما يجهل
أولاً : تحديد أهداف أهل البدع ، والأهواء :
لعل أوضح أهداف دعاة تحرير المرأة ودعاة القضاء على كافة أشكال التمييز بحسب زعمهم بما يلي :
نزع حجاب الوجه كهدف قريب ، ثم القضاء عليه كله كهدف بعيد ، وتشريع قوانين موجبة لهذا الإجراء ، بحيث تصبح أي معارضة لنزع حجاب المرأة مخالفة للقوانين والنظم المرعية . كما حدث في الكثير من البلدان مثل تركيا وفرنسا وتونس وكان تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام 2002 قد تحدث عن الحملات الأمنية والإدارية ضد المحجبات التونسيات، وجاء فيه أن العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتم تجريد العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب .
كما أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد ذكرت في 28-5-2003 أن عددًا من طالبات التعليم الثانوي مُنعن من اجتياز امتحانات نهاية العام بسبب ارتدائهن للحجاب. يذكر أنه في عام 1981 أصدرت السلطات التونسية قانونا يعتبر الحجاب زيا طائفيا. ومنذ ذلك الحين والحكومة تلتزم بهذا القانون ، إلا أنه تم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات الحكومية منذ مطلع العقد الماضي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج، خصوصا من جانب المنظمات الحقوقية التي ترى في منع الحجاب والتضييق على المحجبات تدخلا في الحرية الشخصية للمواطنين.
تشجيع الاختلاط في كل مراحل التعليم ، وخصوصاً المرحلة الابتدائية كهدف قريب ، ثم فرض الاختلاط في كل مراحل التعليم وغير التعليم كهدف بعيد .
تشجيع المرأة على العمل بالنشاطات المختلفة كالإعلام ، و المهرجانات ، و غرف التجارة و الصناعة ، و جعل هذه المشاركة مقبولة ، و مرغوبة من كل طبقات المجتمع كهدف قريب ، ثم ترسيخ هذا العمل رسمياً كهدف بعيد .
تشجيع المرأة على الخوض في غمار العمل السياسي ، و إقرار حق الانتخاب كخطوة أولى ، ثم إقرار حق الترشيح لمجالس النواب و الشعب ... الخ كهدف قريب ، ثم السماح لها للعمل بالقضاء ، و المحاماة ، و تولي الوزارات ، و غيرها من المناصب و الولايات السياسية و الاقتصادية ، و الاجتماعية كهدف بعيد .
الترويج لفكرة المساواة ما بين المرأة ، و الرجل في كل شؤون الحياة كهدف قريب ، ثم رفع القوامة ، قوامة الرجل عن المرأة ، و منحها حقوقاً و التزامات تساوي حقوق و التزاماته بعيداً عن أية ضوابط شرعية صحيحة كهدف بعيد .
ومن أجل تنفيذ خططهم الخبيثة نراهم كثيراً ما ينسبون تغطية الوجه و الرأس و منع الاختلاط و القوامة ، إلى العادات و التقاليد و الثقافة السائدة بحسب زعمهم ، و اتهام كل من يعارضهم ، أو يقف بوجههم بالجهل ، و التخلق ،و عدم الفهم الصحيح للإسلام ،و أنه لا يريد مصلحة البلاد ، و لا العباد ولا يريد التقدم الاقتصادي والرفاهية للمجتمع .
فهؤلاء يعزفون على وتر الاقتصاد و الفقر و الحاجة ، مستغلين حاجة الناس إلى المال ، و العمل ، وحرص بعض المسؤولين على تحسين الأداء الاقتصادي ، وكل هذا لا يمكن أن يكون بحسب زعمهم إلا بنزع الحجاب ، و مشاركة المرأة للرجل في كل أصناف العمل و ألوانه و تدرجاته .
ثانياً - وضع الحلول المناسبة ، لصد ووقف تلك الدعوات ، ثم القضاء على هذه الأفكار ، و الهجمات التي يشنها الغرب ، و من يسير بركبهم من دعاة تحرير المرأة و تغريبها و مساواتها بالرجل :
أهم الأسلحة التي يجب استعمالها لمحاربة بدع هؤلاء ، و أفكارهم :
__________
(1) الاعتصام ، للشاطبي ج1 / 134 .
نشر الدعوة السلفية القائمة على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ، و لن يفترقا حتى يردا على الحوض )) (1) .
و قوله ( : (( من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها ، و عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة )) (2) .
تفعيل الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي ، لأن كل شر يقع على هذه الأمة لا بد أن يكون بسبب ذنب جنته فعاقبها الله تعالى بذنبها .
قال الله تعالى : (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران:110)
وقال تعالى : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير ٍ) (الشورى:30) .
مقاطعة بضائع الدول التي تروج لهذه البدع ، وتدعم أهل الأهواء :
فاللمقاطعة الأثر الحسن إذا ما استمرت و عممت في ردع هؤلاء و مناصريهم .
نشر و دعم التعليم الشرعي بكل مراحله لتخريج دعاة يحبون الله و رسوله ومتسلحين بالعلوم القرآنية و النبوية ، وغيرها من المعارف العصرية التي تساعدهم على نشر الدعوة السلفية ، و مقارعة أهل البدع و الأهواء و مناصريهم .
وأخيراً أختم هذا المبحث بقوله تبارك تعالى :
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214)
وقوله تعالى : (( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم بن محمد جودت اليوسف
abokotaiba@hotmail.com
moslem@scs-net.org
00963212262346
00963212268436
ـــــــــــــــــــ(82/417)
بسم الله الرحمن الرحيم
حجاب المرأة المسلمة
تأليف
المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
والباحث في الدراسات الفقهية والقانونية
... إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
... و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
... وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
()يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
...
... أما بعد :
... فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .(3)
... و بعد :
__________
(1) سنن الدارمي ، ج4 / 245 ، برقم 149 ، سنن الدارقطني ، ج10 / 114 المستدرك على الصحيحين / ج1 / 172 ، برقم 319 .
(2) صحيح ابن حبان ج 1 / 179 ، برقم 5 .
(3) -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبته ، و يعلمها أصحابه ، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة – رضوان الله عليهم – و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6/153-156-157 ، وأبو داود في السنن ج 1/287.برقم 1097.و النسائي في المجتبى ،ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى ،ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
إن قضية الحجاب شكلت على مدى عقود كثيرة محورا رئيسا لمحاربة الإسلام ، و أهله ، و تناميه في ظل الهجمة المستعرة ، و المتبناة من قبل العديد من الدول و الجمعيات و المؤسسات النسائية الغربية ، و المستغربة المنتشرة في أرجاء عالمنا العربي ، و الإسلامي و الهادفة إلى تدمير النسيج القيمي والعقدي ، و الأخلاقي في مجتمعنا المسلم من خلال إدخال ، و ترويج ، مفاهيم خاطئة أساسا ، و مدمرة لقيم و أخلاق ، وحياة المرأة المسلمة .
و لعل ملخص الشبهات التي تدور حول حجاب المرأة المسلمة تتلخص بالأفكار التالية :
1- دعوة المرأة المسلمة إلى تغطية شعرها باعتباره عورة لا يجوز كشفه للرجال , فكرة لا تستند إلى نص إسلامي بل تستند إلى نص الإجماع الحادي عشر من رسالة بولس الأول إلى أهل كونثوس التي يقول فيها : كل امرأة تصلي ، أو تتنبأ , ورأسها غير مغطى , تشان . إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها ، و إن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق ، فلتتعظ (1) ) (2)
2-أن الحجاب تقاليد فقهية ليس لها مصدر قرآني واحد ، و لا يمكن تفسيرها إلا في ضوء رسائل بولس (3)، الذي يقول : ليس إذن للمرأة أن تتعلم , و لا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت ) (4) .
3- أن الأمر الوارد في سورة الأحزاب , الآية 59 ليس أمرا لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب ، و لا يستقيم تفسير النص على هذا النحو ، إلا في منهج فقيه بدوي من أهل القرن السابع الميلادي يريد أن يفرض جلباب والدته على مسيرة الحضارة باسم الله ، و الإسلام . أما فيما عدا ذلك , فإن الآية تتوجه بوضوح بنهي المرأة عن تسخير ثيابها في أغراض التبرج ، و هي فكرة لا علاقة لها بالحجاب ، و لا تلزم المرأة بزي معين , بل تلزمها بأن تتحرر من عقدة الجارية , و تكف عن اعتبار نفسها مجرد سلعة جنسية (5) .
أن الحجاب رمز ديني كأي رمز عند باقي الأديان مثل الصليب عند النصارى ، و القلنسوة عند اليهود ، و لا علاقة له بجوهر الإسلام .
و للرد على هذه الشبهات لابد من التأكيد على المنهج العلمي الصحيح القائم على الكتاب ، و السنة ، و فهم السلف الصالح لهذين المصدرين ، و غيرهم من المصادر المعتبرة عند أهل العلم المحققين .
فالحجاب واجب على المرأة المسلمة و قد دل على هذا الوجوب كتاب الله تعالى و سنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، و الاعتبار الصحيح ، و القياس المطرد .
أولا - القرآن الكريم :
قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) . (النور:31)
و لعل أهم الأحكام التي يمكن أن نستنبطها من هذه الآية:
أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن ، و الأمر بحفظ الفرج أمر بما يكون وسيلة إليه , و لا يشك عاقل أن من وسائل الوقاية من الزنا تغطية الوجه , لأن كشفه سبب النظر إليه ، و تأمل محاسنه , و بالتالي الوصول إلى الاتصال المحرم .
... عن أبي هريرة أن النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، قال : أن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر ، و زنى اللسان النطق ، و النفس تمنى و تشتهي ، و الفرج يصدق ذلك أو يكذبه (6).
... و في رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود يقول : العينان تزنيان ، و الرجلان تزنيان ، و اليدان تزنيان ، و يصدق ذلك الفرج ، أو يكذبه (7).
__________
(1) - التوراة , ج3, 16 سفر التكوين-انظر المرأة مفاهيم ينبغي أن تصحح ، سامر اسلام بولي دار الأوائل , دمشق-ص52-53.
(2) - إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم , دار الريس ط2-دمشق 1995م ص 202.
(3) - رسالة بولس الاولى الى يوفوثاووس, ج2/12.
(4) - إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم , ص 203.
(5) - إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم , ص204-وانظر ما وراء الحجاب لفاطمة الريسي , دار حوران , للنشر ط1, 1997م.
(6) - صحح مسلم,ج4 /2046 برقم 2657 صحيح البخاري , ج5 /2304,برقم 5889.
(7) - مجمع الزوائد,ج7/ 125.
... و في رواية الإمام أحمد عن بن مسعود عن النبي محمد صلى الله عليه و سلم أنه قال : ثم العينان تزنيان ، و اليدان تزنيان ، و الرجلان تزنيان ، و الفرج يزني(1)..
... و عليه فإذا كان تغطية الوجه من وسائل الوقاية لحفظ الفرج كان مأمورا به ، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد .
أما معنى الجيب قوله تعالى ( و َلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) فالجيب هو فتحة الرأس ، و الخمار ما تخمر به المرأة رأسها ، و تغطيه به ، فإن كانت مأمورة بالضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها .
أما ، لأنه من لازم ذلك ، أو بالقياس , فإنه إذا وجب ستر الخمر ، و الصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى , لأنه موضع الجمال و الفتنة .
ج- أن الله سبحانه وتعالى عفا عن إظهار الزينة مطلقا إلا ما ظهر منها دون إرادة لذلك ، كظاهر الثياب ، و أسافلها , لذلك قال تعالى : ( إلا ما ظهر منها ) و لم يقل إلا ما أظهرن منها ، و قد فسر بعض السلف : كابن مسعود و الحسن و ابن سيرين ، و غيرهم قوله تعالى ( إلا ما ظهر منها ) بالرداء و الثياب ، فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ظاهر الزينة هو الثياب(2) .
... ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم ، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى .
... فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ، و لا يمكن إخفاؤها ، و الزينة الثانية هي الزينة الباطنة (من الوجه) ، و لو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن التعميم في الأولى ، و الاستثناء في الثانية فائدة معلومة .
د- أن الله تعالى رخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين أمثال الخدم الذين لا شهوة لهم و الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم ، و لم يطلع على عورات النساء .
و عليه:
... فإن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين ، و أن علة الحكم و مداره الخوف على المرأة من الفتنة ، فيكون ستر الوجه ، واجبا لئلا يفتن أولوا الإربة من الرجال ، و خاصة أنه مجمع الحسن ، و موضع الفتنة .
هـ- و قوله تعالى ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) معناه لا تضرب المرأة برجلها ليعلم ما تخفيه من الخلاخيل و نحوها من الزينة ، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفا من افتتان الرجال بما يسمع من صوت خلخالها ، و نحوه فكيف بكشف الوجه .
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة قد لا يدري من هي ، و ما جمالها ، أو ينظر إلى وجه جميل ممتلئ شبابا ، و نضارة ، وحسنا بما يجلب الفتنة ، و يدعو إلى النظر إليها ؟
... إن كل إنسان له حاجة في النساء يعلم أي الفئتين أعظم ، و
أحق بالستر ، و الإخفاء .
قوله تعالى ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60)
إن الله تعالى نفى في هذه الآية الأثم عن القواعد ، و هن العواجز اللاتي لا يرجون زواجا لعدم رغبة الرجال بهن ، بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج و الزينة . و تخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون النكاح يخالفن في الحكم ، و لو كان الحكم شاملا للجميع في جواز وضع الثياب ، و لبس درع و نحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
ومن قوله تعالى (غير متبرجات بزينة ) دليل أخر على وجوب الحجاب للشابة التي تأمل بالزواج , لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها ، أنها تريد التبرج بالزينة ، و إظهار جمالها ، و تطلع الرجال لها ، و مدحها و نحو ذلك , ومن سوى هذه فشاذ ، والشاذ لا حكم له .
قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطي ، وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ، و يبدين عينا واحدة (3) .
و تفسير الصحابي حجة ، بل قال بعض العلماء : إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . و قول ابن عباس رضي الله عنهما : ويبدين عينا واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة ، و الحاجة إلى النظر في الطريق ، فأما إذا لم يكن هناك حاجة ، فلا موجب لكشف العين .
__________
(1) - مسند الامام احمد, ج1/ 412 برقم 3921.
(2) - تفسير القرطبي ج12/228.
(3) - تفسير الطبري , دار الفكر , بيروت , 1405هـ .ج22/ 46.
قوله سبحانه وتعالى : ()لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (الأحزاب:55)
قال ابن كثير عليه رحمة الله : (( لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم ، كما استثناهم في سورة النور عند قوله : ( و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن ...(1)
ثانيا - السنة النبوية الشريفة :
عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : إذا خطب أحدكم امرأة فاستطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها , فليفعل , فخطبت امرأة من بني سليم ، فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها(2) ) .
وجه دلالة هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح ، و هو الإثم عن الخاطب خاصة ، بشرط أن يكون نظره بسبب الخطبة فقط . أما غير الخاطب ، فيعتبر آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال , و كذلك الخاطب إذا نظر إلى غير الخطبة كأن يكون غرضه التلذذ ، و التمتع و نحو ذلك .
عن أم عطية قالت : أمرنا النبي صلى الله عليه و سلم أن نخرجهن في الفطر و الأضحى العواتق ، و الحيض و ذوات الخدور ، فأما الحيض ، فيعتزلن الصلاة و يشهدن الخير ، و دعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله أحدنا لا يكون لها جلباب ، قال : لتلبسها أختها من جلبابها .(3)
و من دلالة هذا الحديث الشريف أن المعتاد عند نساء الصحابة ، أن المرأة لا تخرج إلا بجلباب , و عند عدمه لا يمكنها أن تخرج من بيتها . و أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بلبس الجلباب كان دليل على الوجوب ، و أنه لابد من التستر .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الفجر ، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس (4).
وجه دلالة هذا الحديث أن الحجاب و التستر كان هو الطابع العام لنساء الصحابة الذين هم خير القرون ، و أكرمهم عند الله عز وجل ،و في هذا الحديث الدلالة ، و البيان لصفة الحجاب و شروطه .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة , فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء بذيولهن , قال : يرخين شبرا , فقالت : إذا تنكشف أقدامهن , قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه (5) ).
و دلالة هذا الحديث على وجوب ستر قدم المرأة ، و أنه أمر معلوم عند نساء الصحابة , و القدم أقل فتنة من الوجه ، و الكفين بلا ريب . فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه ، و على ما هو أولى منه بالحكم ، و حكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما أقل فتنة ، و يرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة ، فان هذا من التناقض المستحيل بحق الله ، و شرعه (6).
ثالثا - الاعتبار الصحيح والقياس المطرد :
الاعتبار الصحيح ، و القياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة ، و هو إقرار المصالح ، و وسائلها ، و الحث عليها , و إنكار المفاسد ، و وسائلها و الزجر عنها.
و إذا تأملنا السفور ، وكشف المرأة لوجهها ، وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة , و إن قدر أن فيه مصلحة ، فهي يسيرة لا تتساوى بأي حال مع مصالح المرأة والمجتمع .
فمن مفاسد كشف المرأة لوجهها للأجانب :
الفتنة : فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ، و يبهيه و يظهر المظهر الفاتن الجذاب . و هذا من أكبر دواعي نشر الفتنة ، و الفساد .
زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ، و زوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها خروج عن الفطرة التي خلقت عليها .
__________
(1) - المستدرك على الصحيحين , ج2/179 برقم 2696 وقال بانه حديث صحح على شرط مسلم . سنن البيهقي الكبرى , ج7/84 برقم 13265 – سنن ابي داود ,ج2/228 برقم 2082 . مسند الامام احمد ج3/334 برقم 14626-
(2) - صحيح مسلم , ج2/ 606 برقم 883 . صحيح البخاري ,ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 – صحيح ابن حبان ,ج7/ 56 برقم 2816.
(3) - 3- صحيح مسلم , ج2/ 606 برقم 883 . صحيح البخاري ,ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 – صحيح ابن حبان ,ج7/ 56 برقم 2816.
(4) - صحيح البخاري ج1 / 146, برقم 366 – صيح مسلم ,ج1/ 446 برقم 645.
(5) - سنن الترمذي , ج4/ 223 برقم 1731 و قال عنه حديث حسن صحيح . السنن الكبرى للنسائي ج5/ 494 برقم 9735 الجامع لمعمر بن راشد , المكتب الاسلامي , بيروت 1403 هـ تحقيق حبيب الاعظمي , ج11 / 82.
(6) - رسالة في الحجاب لابن عثيمين , منقول من موقع سؤال وجواب , سوال رقم 11774 بتصرف.
عن سالم عن أبيه ، سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا يعظ أخاه بالحياء , فقال : الحياء من الإيمان (1).
افتتان كثير من الرجال بالمرأة السافرة ، و لاسيما إذا كانت جميلة ، و الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، و على المسلم أن يحذر من الشيطان ، و مداخله و دروبه.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مع إحدى نسائه ، فمر به رجل ، فدعاه , فجاء فقال : يا فلان هذه زوجتي فلانة ، فقال : يا رسول الله من كنت أظن به , فلم أكن أظن بك , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم (2)..
و في رواية البخاري عن علي بن الحسين , كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد و عنده أزواجه فرحن , فقال لصفية بنت حيي لا تعجلي حتى انصرف معك ، وكان بيتها في دار أسامة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم معها ، فلقيه رجلان من الأنصار , فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , ثم أجازا ، و قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : تعالا إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله , قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، و إني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا )(3).
و قد يؤدي اختلاط النساء بالرجال إلى فتنة المرأة بأن تعتبر نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه ، و التجول سافرة ، مما يؤدي إلى فتنة كبيرة ، و فساد عريض كما هو حاصل الآن في كثير من الديار العربية و الإسلامية .
... عن حمزة بن أبي اُسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه ، وسلم يقول : و هو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال ، مع النساء في الطريق , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للنساء استأخرن , فإنه ليس لكُن أن تحققن الطريق , عليكن مجافاة الطريق . فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أنّ ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به )(4)..
... و أخيرا بعد أن أوردت كل هذه الأدلة من الكتاب ، و السنة و الاعتبار و القياس أضيف ملحوظة لمن في قلبه بقايا من إيمان عسى أن ينتبه لما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات و فتن :
... الملاحظ أن المنظمات الحقوقية بجميع فروعها في العالم الإسلامي ، و العربية على وجه الخصوص متحيزة ، و مغلقة أمام انتماء أية امرأة مسلمة ملتزمة بدينها .
... كما أننا لا نرى أي ملف ، أو ذكر للمرأة المسلمة ، و خاصة ما يتعلق بالتمييز ضدها كما هو ملاحظ في ارتدائها للباس الشرعي و الحجاب و التعذيب و العنصرية التي تواجهها في كثير من البلدان العربية ، و الإسلامية وحتى الأوربية التي تدعي الحرية و الديموقراطية .
... إن النظرة الدونية للمتدنية ، و الملتزمة من قبل الغرب و المستغربين الذين يتعاملون معها بأسلوب إقصائي عن المجتمع والفعالية الإيجابية فيه .
... ما هو إلا ضمن اتفاق دولي من قبل الصليبين والصهاينة و من سار بركبهم من أبناء جلدتنا للقضاء على الإسلام و المسلمين (5).
و الله المستعان .
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم بن محمد جودت اليوسف
abokotaiba@hotmail.com
moslem@scs-net.org
00963212262346
00963212268436
ـــــــــــــــــــ(82/418)
ـــــــــــــــــــ
عمل المرأة المسلمة
تأليف
المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقاً
والباحث في الدراسات الفقهية والقانونية
... إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
... و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
... وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
()يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
...
... أما بعد :
__________
(1) - صحح مسلم , ج1/ 63 برقم 35.
(2) - صحيح مسلم ج4/ 1712 برقم 2174.
(3) - صحيح البخاري ج2/ 717 برقم 1933.
(4) - سنن أبي داود , ج4/ 369 برقم 527 – المعجم الكبير للطبراني , 19/261 برقم 580- شعب الايمان للبيهقي , دار الكتب العلمية , بيروت 1410هـ تحقيق محمد زغلول ج6/173 برقم 7822.
(5) - انظر حلقة بعنوان منع الحجاب والتمييز ضد المرأة والإسلام في موقع الجزيرة نت على الشبكة العنكبوتية .
... فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .(1)
و بعد :
لا تزال قضية عمل المرأة ، و خروجها من بيتها و قرارها الشغل الشاغل لليهود و النصارى ، و من سار بركبهم , آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة ، و من هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي ، و أصوله ، و لعل من أهم تلك الشبهات هي :
أن منع المرأة من العمل أو تضييقها في أضيق نطاق هو من الثقافة الاجتماعية السائدة في كثير من البلاد الإسلامية ، و التي تؤدي إلى تعطيل لقوة كبيرة من المجتمع , و من الظلم أن تبقى الإناث فارغات اليد من العمل , عاطلات عن الكسب في البلاد الإسلامية ، و هي بحاجة إلى تجنيد كل طاقاتها من الرجال ، و النساء لبناء مجتمع الرفاهية و الرخاء (2).
أن من حق المرأة أن تعمل وتتكسب من أي مهنة شاءت كما يفعل الرجل طالما أن ذلك نابع من رغبتها , و كان لها قدرات على العطاء ، و الإنتاج ولا تقل عن الرجل في أي شيء , كما أن منعها من العمل لا يواكب روح العصر ، و متطلباته , حيث تقضي ظروف المعيشة الراقية أن تباح للمرأة كافة صنوف الأعمال التي ترغب فيها(3).
أن عمل المرأة ينمي الاقتصاد الوطني خصوصا عندما تحل المرأة الوطنية محل الأيدي العاملة الأجنبية , فتصبح منتجة لا مستهلكة فقط(4).
وللرد على هذه الشبهات و غيرها نبسط القول في عمل المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية .
فالشريعة الإسلامية – كقاعدة عامة - لا تمنع أحد من العمل و التكسب ، و لكنها تضع الحدود ، و الضوابط التي تلائم ، و تفيد المجتمع وأفراده .
ذلك أن الإسلام قد قسم الأدوار بين المرأة ، و الرجل تقسيما عادلا فريدا لبناء أسرة سليمة تبني في الدارين ، فالرجل هو المسؤول عن نفقة أفراد أسرته و تأمين احتياجاتها , فهو يتولى شؤون المنزل الخارجية ، و يقع على المرأة مسؤولية العناية بالبيت ، و الزوج و الأولاد ، و توفير الراحة و الحنان و تربية الأولاد .
و حيث إن المجتمع الإسلامي و المرأة المسلمة قد تحتاج إلى عمل المرأة ببعض الأعمال ، و المهام على سبيل الضرورة , كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها ، و طبيبة لمعالجة و تطبيب الإناث ، أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها مع مراعاة الضوابط الشرعية و التي من أهمها(5):
ألا يكون لعمل المرأة تأثيرا سلبيا على حياتها العائلية :
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ألا كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته ، و الرجل راع على أهل بيته ، و هو مسؤول عنهم ، و المرأة راعية على بيت بعلها و ولده و هي مسؤولة عنهم , والعبد راع على مال سيده ، و هو مسؤول عنه ألا فكلكم راع ، و كلكم مسؤول عن رعيته (6).
ذلك أن المرأة راعية لبيتها ، و لأولادها و إن عملها خارج بيتها فيه مضيعة للأولاد ، و تقصير لحق الزوج , لذلك فإن عملها محرم للفساد الذي ينتجه من خلال عمل المرأة خارج بيتها .
قال الشيخ ابن باز عليه رحمة الله : ( أن عمل المرأة بعيدا عن الرجال ، و كان فيه مضيعة للأولاد ، و تقصير بحق الزوج من غير اضطرار شرعي لذلك يكون محرما , لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية , وتعطيل للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها , مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال ، و تفكك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون ، و التكافل .(7)
ألا تعمل عملاً فيه محذور شرعي ، كالاختلاط و الخلوة :
__________
(1) -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفتتح بها خطبته ، و يعلمها أصحابه ، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة – رضوان الله عليهم – و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل : شرح صحيح مسلم للنووي ، ج 6/153-156-157 ، وأبو داود في السنن ج 1/287.برقم 1097.و النسائي في المجتبى ،ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى ،ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
(2) - انظر حقبة المرأة السعودية , أميرة كشفري في موقع 7 rat.net www.ala
والمرأة العصرية بين الماضي والحاضر لاحمد طه.
(3) - انظر بحوث المؤتمر الاقليمي للمرأة ج1/23 – عمل المرأة , اعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد.
(4) - انظر بحوث المؤتمر الاقليمي للمرأة ج1/23 – عمل المرأة , إعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد
(5) - انظر – المحاماة في ضوء الشريعة الاسلامية ,د. مسلم اليوسف مؤسسة الريان , بيروت , لبنان ،2001م ص131 وانظر عمل المرأة في المحاماة ، د.مسلم اليوسف , موقع عودة ودعوة , على شبكة الانترنت.
(6) - صحيح مسلم ,ج3 /1459 برقم 1828 – المنتقى لابن الجارود ,ج1 /275 برقم 1094 – صحيح البخاري ج1/304 برقم 853 . صحيح ابن حيان ,ج10 / 342 برقم 4490.
(7) - التبرج وخطورته , للشيخ ابن باز , ص 30-31.
لقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)
عن أم عطية قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه ، وسلم أن نخرجهن في الفطر ، و الأضحى العواتق ، و الحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، و يشهدن الخير ، و دعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب , قال : لتلبسها أختها من جلبابها (1).
فالرسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر جميع المسلمات أن تلبس الحجاب إن أردن الخروج ، و عند عدمه لا يمكنها أن تخرج .
و لقوله عليه الصلاة و السلام : (( إياكم ، والدخول على النساء , فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو , قال الحمو الموت ))(2).
عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ (3) [ واللفظ لمسلم ]
ففي هذه الأحاديث ، و غيرها تصريح بعدم إجازة الدخول على النساء ، وبعدم الخلوة مع المرأة الأجنبية إلا مع ذي محرم حفاظا على الأعراض ، و وقاية من القيل و القال و الفتن .
ألا يؤثر عملها على عمل الرجال , كأن تكون سببا في قطع رزقه :
فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يعيش هو ، و من تحت جناحيه من هذا العمل ، مما يؤدي إلى انتشار البطالة ، و تفاقمها في صفوف الرجال .
لقوله تعالى : ( (الرجال قوامون على النساء )) . سورة النساء الآية 34 .
و لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا ضرر و لا ضرار في الإسلام )(4) .
قال ابن عبد البر : ( معنى لا ضرر : لا يدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه ، و معنى لا ضرار لا يضار أحد بأحد )(5).
و قال الخشني : ( الضرر الذي لك فيه منفعة ، و على جارك فيه مضرة ، و الضرار الذي ليس لك فيه منفعة ، و على جارك فيه المضرة )(6) .
فالمرأة عندما تعمل دون ضوابط شرعية تجلب منفعة لنفسها لا تتناسب مع المضرة التي تلحقها بغيرها على أحسن وجه ، و ربما تجلب من جراء عملها الضرر ، و المضرة و الضرار لها ، و لغيرها . إذا لم تراع الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء المعتبرون.
أن يتوافق عملها ، و طبيعتها الأنثوية :
فقد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي ، و الجسدي الذي خلقه الله تعالى على هيئة تخالف تكوين الرجل , و قد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفتها الأمومة ملائمة كاملة , كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة ، و سيدة بيت , و قد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها ، و أسرتها نتائج فادحة في كل مجال .
يقول تقرير الصحة العالمية : ( أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل . و أن فقدان هذه الغاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشر بصورة مريعة في المجتمعات الغربية و طالبت هذه الهيئة الموقرة بتفريغ المرأة للمنزل ، و طلبت من جميع حكومات العالم أن تفرغ المرأة ، و تدفع لها راتبا شهريا إذا لم يكن لها من يعولها حتى تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها .
و قد أثبتت الدراسات الطبية ، و النفسية أن المحاضن ، و روضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية و لا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به(7) .
و بعد هذه الشروط و الضوابط الشرعية ما هي مجالات العمل المسموح بها للمرأة المسلمة ؟.
... لعل خير عمل تعمل به المرأة هي رعاية بيتها ، و أولادها و زوجها ،كما يمكن أن تعمل في هذه المجالات ضمن الضوابط التي أوردها علماء الأمة المعتبرين :
في مجال الدعوة إلى الله تعالى :
كداعيات و معلمات يعلمن النساء أحكام الشريعة الإسلامية بكافة أصولها ، و فروعها في المدارس ، و المعاهد و الجامعات و للحصول على أعلى الشهادات العلمية و التعليمية المعتبرة .
__________
(1) - صحيح مسلم , ج2/ 606 برقم 883 . صحيح البخاري ,ج1/123 برقم 318.
(2) - صحيح مسلم ج4 / 1711 برقم 2172- صحيح البخاري , ج5 /2005 برقم 4934.
(3) - صحيح مسلم ,ج2/978, برقم 1341 –صحيح البخاري ج3/1094 برقم 2844.
(4) - المعجم الاوسط , للطبراني ,ج5/238 برقم 5193
(5) - التمهيد لابن عبد البر , وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية , المغرب 1487هـ ,ج20/ 158.
(6) - التمهيد لابن عبد البر, ج20/ 158.
(7) - عمل المرأة في الميزان ، د. محمد علي الباري , موقع صيد الفوائد,ص 23.
مجال العلم ، و التعليم العام :
كأن تعمل مدرسة للبنات , فتعلمهن كافة علوم العصر الحديثة التي يحتاجها في حياتهن لأجل مجتمعهن مع مراعاة الضوابط الشرعية.
عن الشفاء بنت عبد الله , قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أنا عند حفصة , فقال لي : ألا تعلمين هذه الرقية النحلة (1) كما علميتها الكتابة (2) ) .
في التطبيب : لمعالجة و تطبيب النساء من الأمراض ، و الحمل و الولادة و غيرها .
في مجال الشؤون البيتية :
كأن تعمل في خياطة و تفصيل الألبسة النسائية و الولادية ، و غيرها من المهارات اليدوية المشابهة .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , قال : كانت ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم , و كانت من أكرم أهله عليه ، و كانت زوجتي , فجرت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها , و أسقت بالقربة حتى أثرت بنحرها , و قمت – أي كنست – البيت حتى اغبرت ثيابها ، و أوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها , فأصابها من ذلك ضرر .
و بعد , أليس الأجدر بالمرأة أن تؤدي واجباتها الأساسية كزوجة ، و أم ، و أخت , لها مسؤولياتها في الأسرة على الوجه الذي رسمه ، وحدده لها الشرع الحنيف .
و أليس من الشطط أن يمجد عمل المرأة خارج هذه الضوابط الشرعية من أجل تقليد الغربيات اللواتي لم يحققن من خروجهن على التعاليم الربانية إلا الخراب للبيوت الآمنة , فانحلت الأخلاق ، و فسد المجتمع وشرد كثير من الأطفال مما ولد مشاكل عظيمة لدى حكومات الدول الغربية ومن نهج نهجها في أسلوب حياتها في معالجة البطالة وأطفال الزنى والأمراض الجنسية الخطيرة كالأيدز وغيرها ورصدت لذلك مئات الملايين من الدولارات ودون جدوى ، و فتكت البطالة في صفوف الرجال .
و بالاطلاع على معطيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية ، و غير النفسية يتضح أن هناك عوائقا ذاتية تؤثر على عملها غير الشرعي و ذلك للأسباب التالية(3) :
أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي ، و الجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل ، و قد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة المرأة الأصلية و هي الأمومة , كما أن نفسيتها قد خلقت لتكون ربة منزل , بل أن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصه ، و تركيبها عن خلايا الرجل. و إذا دققنا النظر في المجهر لنا أن نجد الفروق واضحة بين خلية الرجل وخلية المرأة .. ستون مليون مليون خلية في جسم الإنسان ، و مع هذا فإن نظرة فاحصة في المجهر تنبئك الخبر اليقين : هذه خلية رجل ، وتلك خلية امرأة , كل خلية فيها موسومة بميسم الذكورة ، أو مطبوعة بطابع الأنوثة .
أن أعضاء المرأة الظاهرة و الخفية ، و عضلاتها و عظامها تختلف إلى حد كبير عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة ، و الخفية كما تختلف عن عضلاته ، و عظامه في شدتها و قوة تحملها ، و ليس هذا البناء الهيكلي ، و العضوي المختلف عبثا ، إذ ليس في جسم الإنسان ، و لا في الكون شئ إلا و له حكمه سواء علمناها ، أو جهلناها ، و ما أكثر ما نجهل ، و أقل ما نعلم .
و الحكمة في الاختلاف البين في التركيب التشريحي ، و الوظيفي بين الرجل و المرأة هو أن هيكل الرجل قد بني ليخرج إلى ميدان العمل ليكدح ، و يكافح و تبقى المرأة في المنزل تؤدي وظيفتها العظيمة التي أناطها الله بها ، و هي الحمل و الولادة ، و تربية الأطفال و رعايتهم ، وتهيئة عش الزوجية حتى يسكن إليها رب الأسرة عند عودته من خارج المنزل .
قال تعالى :-(( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)
و إذا أردنا أن نقلب الموازين ، و نقلد أعداء الله، و الدين فإننا سنتصادم مع الفطرة التي فطرنا الله عليها ، و نتصادم مع التكوين البيولوجي ، و النفسي الذي خلقنا الله عليه ، و تكون نتيجة تلك المصادمات ، و تجاهل التكوين النفسي ، و الجسدي للمرأة وبالا على المرأة ، و على المجتمع و سنة الله ماضية .
قال تعالى : (( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:62)
__________
(1) - النحلة : قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد فتح الباري , ج10 /196.
(2) --سنن ابي داود ,ج4/11 برقم 3887- السنن الكبرى للنسائي , ج4/366 برقم 7543 – مسند الامام احمد ،ج6/372, برقم 27140 و صححه الألباني في الجامع رقم 26407 .
3—انظر عمل المرأة من إعداد موقع المنبر , ونشر موقع صيد الفوائد , وبيان حقوق المراة ومنزلتها في الاسلام , ونشر موقم الامة ومجال عمل المراة في الاسلام ,د. محمد بن احمد الصالح , نشر موقع لها اون لاين و عمل المراة في الميزان , د. محمد علي البار , نشر موقع صيد الفوائد .
و قال عز وحل : (( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح:23) .
3- وفي مقال نشرته مجلة الريدرز دايجست في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان (( لماذا يفكر الأولاد تفكيراً مختلفاً عن البنات للدكتور ريتشارد ديستاك ، جاء ما يلي :-
(( أن الصبيان يفكرون بطريقة مغايرة لتفكير البنات رغم أن هذه الحقيقة الناصعة ستصدم أنصار المرأة ، و الداعين إلى المساواة التامة بين الجنسين .. و لكن المساواة الاجتماعية في رأينا تعتمد على معرفة الفروق في كيفية السلوك ، و معرفة الفروق بين مخ الفتى ومخ الفتاة ......
و يعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في سلوك الأولاد عن البنات راجع إلى التوجيه ، و التربية في البيت ، و المدرسة ، و المجتمع التي ترى أن الولد يجب أن يكون مقداماً كثير الحركة بل و تقبل منه أي سلوك عدواني بهز الكتفين بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقة هادئة لطيفة )) .
بيد أن الأبحاث تبين الاختلاف بين الجنسين ليس عائداً ، فحسب إلى النشأة ، و التربية و إنما يعود أيضاً إلى اختلاف التركيب البيولوجي والى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة .
4-يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات التي تمنعها قهريا من العمل ، ففي الحيض : تصاب أكثر النساء بآلام ، و أوجاع في أسفل الظهر ، و أسفل البطن و تكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يستدعي الطبيب ، كما تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة ، و الضيق أثناء الحيض ، و خاصة عند بدايته ، كما تصاب بعض النساء بالصداع النصفي ، و تكون الآلام مبرحة ، و تصبها اضطراب في الرؤية ، و القيء . كما تصاب الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض فتقل الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض ، فتنخفض درجة حرارة الجسم و يبطىء النبض ، و ينخفض ضغط الدم ، و تصاب كثير من النساء بالدوخة ، و الكسل و الفتور .
تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة ، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوين عاطفي خاص بها لا يشبه تكوين الرجل ، و عليه فإن إقحامها في الأعمال الشاقة بدنياً ظلم لها ، و إجحاف في حق مجتمعها ، لأنه صرف و توزيع خاطئ لطاقاتها . فعوضا عن توجيهها إلى عمل يناسبها و يناسب طبيعتها نوجهها إلى عمل يناسب غيرها ، و يلائمه ، ففي هذا تعطيل ظاهر لكفاءات المجتمع و قدراتها .
و بعد بينا بعض معطيات العلوم الحديثة التي كشفت العوائق التي تؤثر على عمل المرأة ، فلننظر إلى بعض سلبيات عمل المرأة من دون ضوابط شرعية :
ظهور تغيرات في جسم المرأة أفقدتها كثير من أنوثتها .
انتشار الاعتداءات و التحرش الجنسي :
أن دراسة ألفي مؤسسة ، و مصنع توضح أن الجاذبية الجنسية في المرأة هي أحد الشروط الهامة للحصول على الوظيفة ، و خاصة في عاملات التليفون ، و الاستقبال ، و السكرتيرات .
و قد قامت جامعة كورنل عام 1975 باستفتاء عن رأي المرأة العاملة في الاعتداءات ، و المضايقات الجنسية أثناء العمل ، و قد اشتركت في الاستفتاء نسوة عاملات في مختلف القطاعات ، و في الخدمة المدنية ..
و قد أجابت 70 % منهن أنهن قد تعرضن لهذه المضايقات و الاعتداءات أثناء العمل ، و وصف 56 % منهن هذه الاعتداءات بأنها كانت جسمانية ، وخطيرة ، و في يناير عام 1976 م نشرت مجلة ( ردبوك ) استفتاء شمل تسعة آلاف عاملة أجابت 92% منهن أن الاعتداءات ، و المضايقة الجسمية تشكل مشكلة صعبة . وقالت الأغلبية أنها مشكلة خطيرة .. كما أجابت 90 % منهن بأنهن قد وقعن ضحية لهذا الابتزاز الجنسي و قد جربنه بالفعل ، لهذا نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم ، و عن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد ، وإغلاقا لباب الإثم ، وحسما ، لأسباب الشر ، و حماية للعرض و الشرف و صيانة للرجال ، و النساء.
فالحمد لله على نعمة الإسلام .
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم بن محمد جودت اليوسف
abokotaiba@hotmail.com
moslem@scs-net.org
00963212262346
00963212268436
ـــــــــــــــــــ(82/419)
ـــــــــــــــــــ
يا أخيه .. إن الله اصطفاك
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
أنتِ يا أُخيّه
نعم أنتِ
أنتِ من اصطفاكِ الله
أنتِ من اختارك مولاك
أنتِ من شرّفك خالِقك
أنتِ من رفع قدرك إلهك
أشعرت أن الله اصطفاك على نساء العالمين؟
لقد منّ الله على مريم البتول فقال: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)
فهل تأملت في هذا الاصطفاء أُخيّه؟
أشعرتِ أن لك جزءاً من هذا الاصطفاء؟
وأنّ لك قدراً من هذا الاختيار؟
أنتِ مختارة الكون
أنت درة الدنيا
كيف؟
ألم يُشرّفك ربك ومولاك بالإسلام؟
ألم يمنّ عليك أن جعلك أمَة له؟
ويمنّ عليك أخرى أن جعلك من أتباع خاتم الأنبياء والمرسلين.
ومما زادني شرفا وفخراً *** وكِدتُ بأخمصي أطأ الثريّا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيّرت أحمد لي نبيّا
أنتِ يا أُخيّه
لقد اختارك الله على ملايين البشر
واصطفاك على أمم الأرض
فَجَعَلك مسلمة موحِّدة لله عابِدة
في حين أن أكثر أهل الأرض على ضلال وفي ضلال (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)
نعم.. هم في شك وحيرة
وأنتِ على يقين
هم في خوف وقلق
وأنت في أمن وأمان
هم لا يرجون الله والدار الآخرة
وأنتِ في رضا مولاك ساعية
هم يخافون مما يُخبئه المستقبل
وأنت في طُمأنينة الإيمان
في دَعَةٍ وسَكينة
تعلمين أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك
تعلمين أن رزقك لا يُنقِصه التّانِّي
تعلمين علم يقين أنك على الحق المبين
تنامين ملء جفونك
وتظلّ عيونهم ساهرة
تأوين إلى دوحة القرآن
فيأوون هم إلى هجير الأغنية الماجنة، وإلى سَمُوم الموسيقى الصاخبة!
إذا ضاقت عليك الأرض رفعتِ طرفك للسماء
وإذا ضاقت بهم السُّبُل لجأوا إلى من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
أنتِ مؤمنة.. وكفى
وأمم الأرض كافرة شقية
منهم من يغو إلى بيعة، أو يذهب إلى كنيسة
منهم من يسجد لشجر أو لحجر
بل منهم من ينحني أمام حيوان بهيم
وأنت في شموخك كأنك النخلّة الشمّاء، لا تنحني هامتك إلا لِخَالِقِك
وأنتِ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء
من أجل ذلك شبّه النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمن بالنخلة.
هم يا أُخيّه يضعون جباههم بين أقدام العبيد خضوعا لكل بليد!
وأنت تضعين جبهتك على الأرض خضوعا لسيِّدك ومولاك
أشعرتِ يا أُخيّه.. أنك لست رميّة.. ؟ أشعرت أنكِ مختارة الكون؟
وأنك مصطفاة على العالمين؟
ألا يحق لك الفخر بذلك؟
عندما تُقدّم جنازتك تقف جموع المصلِّين، كبيرهم وصغيرهم، أميرهم ومأمورهم، ووزيرهم وفقيرهم.. يقفون جميعاً لِيُصلُّون عليك..
وأعجب حينما يكون ذلك في أطهر بقعة.. حينما يكون ذلك بجوار البيت الحرام.
أي تكريم؟
وأي عِزّة؟
وأي رِفعة؟
وأي حياة تعيشها المرأة المسلمة في ظل الإسلام؟
إن أعداءك حسدوك هذا الشّرف
وأرادوا سرقة هذا الجاه
وسعوا سعياً حثيثاً لهدم مَجْدِك
وأرادوا إنزالك من عليائك
فأنتِ في الحصنِ أُخيّه
قال ابن الجوزي:
" يا مختار الكون وما يعرف قدر نفسه "
فهلاّ عرفتِ قدر نفسك؟
12 / رمضان / 1425 هـ.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/420)
إلى كل زوجين : الابتسامة سر الحب
منى محمد العمد
تناهى إلى سمعها بعض ما تتحدث به نسوة في المدينة، هي تعلم أنها لم تؤت حظاً وافراً من الجمال، لكنها تحاول أن تتزين في بيتها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، لكنهن يتكلمن، وكلامهن دائماً يجد من ينقله فيؤذي به سمعها ويعكر صفو حياتها، ولا جريرة لها سوى أنها ليست جميلة، بل هناك ذنب آخر وما هو من اللمم، تتهامس به صويحبات يوسف، إن زوجها وسيم جداً، ورجل أعمال له وزنه في المدينة ولا ينقصه شيء، ومع ذلك فهو يبقي على زواجه منها منذ بضع عشرة سنة، ولا يفكر في الزواج من أخرى، وتنفض إحداهن ثوبها وهي تقول: أستغفر الله ربما عملت له شيئاً! من يدري؟
كانت هذه الأفكار تراودها وهي تجلس أمام المرآة لتأخذ زينتها فهذا موعد وصول زوجها إلى منزلهما، نظرت إلى المرآة، رأت صور النساء يهزأن بها وبزينتها، تمثلت إحداهن قائلة: "ماذا تفعل الماشطة بالوجه العكر"؟
أصابها شيء من الإحباط، لم تعد تقوى على تناول أدواتها، نعم عيناها صغيرتان بل إن إحداهما تبدو لمن يدقق النظر أصغر من الأخرى، وحول عينيها كلف واضح تعجز هذه المستحضرات عن إخفائه، وهناك خنس في أنفها، ذلك بالإضافة إلى أنها سمراء، عادت تنظر إلى المرآة، لا تزال النسوة هناك يتحدثن ويتضاحكن، لمحت ساعتها وقد اقترب موعد زوجها، قالت تباً لكنَّ، لن تفسدن علي هنائي، استعادت رباطة جأشها وأخذت تتهيأ للقاء زوجها كأنما تلقاه اليوم للمرة الأولى.
رفع يده ليطرق الباب فإذا بها تفتحه وتستقبله بابتسامة عذبة، وبحركة مسرحية انحنت وهي تقول تفضل سيدي، بادلها الابتسامة بمثلها وهو يقول شكراً مولاتي، وأخذا يتضاحكان.
لكن حديث النسوة لا يزال يخطر في قلبها مرة بعد مرة، إنها تعلم أنها في عين زوجها جميلة، أو هي على الأقل ليست قبيحة.. فعين الرضا عن كل عيب كليلة، لقد نجحت في كسب حبه وهي ماهرة في تغذية هذا الحب، ولكن ماذا لو كان زوجها يجاملها وينوي أن يتخذ زوجة أخرى وهي لا تدري؟
أضمرت في نفسها أمراً، فقط تريد أن تطمئن إلى مكانتها في قلب زوجها، باتت ليلتها تفكر، وتقدح ذهنها كيف السبيل إلى ما تريد؟ ما الحيلة التي توصلها إلى ما قد يخفيه زوجها؟ فكرت طويلاً حتى اهتدت إلى فكرة أعجبتها ونالت رضاها وبعد غداء اليوم التالي قالت لزوجها متلطفة: الليلة هو موعد زواج إحدى قريبات صديقتي فلانة وقد دعتني لحضور الحفل، قاطعها قائلاً وهو يبتسم: وزوجتي العزيزة تود أن تحضر حفل قريبة صديقتها!
قالت: إذا سمح لي زوجي العزيز بذلك.
قال مداعباً: فإن لم يفعل؟
قالت وهي تتصنع العبوس: تغضب منه.
قال: وماذا يعني ذلك؟ هل ستمتنع عن استقباله عند الباب مساءً؟
قالت: قد لا يصل الأمر إلى ذلك ولكنها قد تستقبله عابسة.
قال: لا يا سيدتي، إنه لعقاب لا يقوى زوجك على تحمله، فاذهبي حيث شئت، ولكن حافظي على ابتسامتك عند استقباله. ثم قال جاداً: هل تعلمين أن حسن لقائك وابتسامتك عند الباب تذهب عني كل وصب ونصب لقيته في عملي طوال النهار؟ وكلما حزبني أمر تذكرت أني سأعود إلى عشي وتقابلني زوجتي بابتسامة حية فأشعر بسعادة كتلك التي يحس بها مسافر في صحراء إذا بدت له واحة مخضرة.
أسعدها كلامه وأذهب عنها شيئاً مما تجد، عادت تقول: ستتكرم بإيصالي إذن إلى مقر الحفل؟ قال: أفعل إن شاء الله.. فمتى تكونين جاهزة؟ قالت: هل يناسبك بعد المغرب؟ قال: اتفقنا.
أثناء عودتها بصحبة زوجها من الحفل، سكتت فترة على غير عادتها، وتصنعت حالة استغراب شديد، فقد حان وقت تنفيذ حيلتها، سألها زوجها كما توقعت، ماذا بك؟
قالت: قد شاهدت الليلة أمراً عجبا، قال: وما ذاك؟ قالت: إن العروس ليست جميلة أبداً، أستغرب كيف خُطبت لزوجها وهي بهذا القبح؟!
قال: سبحان الله.
استرسلت تقول في وجل كاد أن يفضح خطتها: إنها سمراء.
قال: وماذا في ذلك؟
نظرت إليه من طرف خفي وهي تتابع: عيناها صغيرتان، وحولهما الكثير من الكلف، بدا عليه الضيق وهو يقول: لم أعهد هذا منك، لم تكوني تنتقصين الناس بهذه الطريقة من قبل.
قالت: إنه ليس كلامي وحدي.. كل النساء كن يتحدثن في الأمر. وتابعت تقول: أليس غريباً أن تكون هي بالوصف الذي ذكرت لك ويكون مع ذلك زوجها (كما يقولون) وسيماً جداً؟
قال وقد ازداد ضيقاً، إنها حكمة الله يا عزيزتي.
سكتت قليلاً عندما لاحظت ضيقه بحديثها، وما هي إلا لحظات حتى وصلا إلى منزلهما، عند مدخل البيت وقف قليلاً وهو يشير إلى البدر يتوسط السماء قائلاً: انظري إلى البدر.
قالت: إنه جميل، قال: ومع ذلك ففي وجهه كلَف بيَّن، هل ترينه؟ قالت: هل تصدق؟ أنا لم أره قبل الآن.
قال: لأن نوره وجماله غطى على ما فيه من عيوب إن صحت تسميتها كذلك.
تابعت تقول وقد أصرت على تنفيذ الخطة حتى النهاية: لكن البدر ليس في أنفه خنس! وخفضت صوتها وهي تلقي آخر ما في جعبتها: مثل تلك العروس!
وأخذت تنظر إليه في تخوف وقد ازداد ضيقاً، هل سيقول لها: انظري إلى وجهك أولاً ثم اذكري عيوب الآخرين؟ هل سيقول لها: احمدي الله أني ما زلت صابراً عليك حتى الآن؟ إنها تمسك قلبها بيدها، وهما يدخلان الصالة، اتخذ الزوج مكانه.
وقال: لا أدري فعلاً كيف تتحدثين بهذه الطريقة عن صديقتك..أتمنى لو أني ما سمعت ذلك منك، ولكني أقول لك: اتقي الله يا زوجتي العزيزة في صديقتك، أخشى أن يعاقبك الله فيبتليك بمثل ما ابتلاها به!.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/421)
تولية المرأة للمناصب ( شبهات وردها )
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
روى البخاري - بإسناده - عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم - قال: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"..
ويُورِد بعض أعداء الملّة من المستشرقين ومن نَحَا نَحْوَهم ولَفّ لفّهم عِدّة شُبهات حول هذا الحديث، وسأورِد بعض ما وقَفْتُ عليه من تلك الشبهات، وأُجيب عنها بمشيئة الله.
الشبهة الأولى:
لماذا لم يتذكر أبو بكرة راوية الحديث هذا الحديث إلا بعد ربع قرن وفجأة وفى ظل ظروف مضطربة؟
الجواب:
لم ينفرد أبو بكرة - رضي الله عنه - بهذا الأمر، فقد جاء مثل ذلك عن عدد من الصحابة، أي أنهم تذكّروا أحاديث سمعوها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرووها إلا في مناسباتها، أو حين تذكّرها.
فمن ذلك:
1- ما قاله حذيفة - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقاماً ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاَّ حدَّث به، حَفِظَه مَنْ حَفِظَه، ونَسِيَه مَنْ نَسِيَه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكُره كما يذكُر الرجل وجْهَ الرَّجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عَرَفَه. رواه مسلم.
2- وروى مسلم عن عمرو بن أخطب قال صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا
3- ما فعله عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - حينما تولّى الخلافة سنة 64 هـ، فإنه أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تَرَك ذلك إلا لحدثان الناس بالإسلام، فلما زالت هذه العِلّة أعاد ابن الزبير بناء الكعبة.
وشكّ عبد الملك بن مروان في ذلك فهدم الكعبة، وأعاد بناءها على البناء الأول.
روى الإمام مسلم أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين، يقول سمعتها تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحِجْر، فإن قومك قصروا في البناء، فقال الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فأنا سمعت أم المؤمنين تحدِّث هذا. قال: لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير.
فهذا عبد الملك يعود إلى قول ابن الزبير، وذلك أن ابن الزبير لم ينفرد بهذا الحديث عن عائشة - رضي الله عنها -، وإنما رواه غيره عنها.
هذا من جهة
ومن جهة أخرى لم يقُل عبد الملك بن مروان لِمَ لَمْ يتذكّر ابن الزبير هذا إلا بعد أن تولّى، وبعد ما يزيد على خمسين سنة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -!
إلى غير ذلك مما لا يُذكر إلا في حينه، ولا يُذكر إلا في مناسبته.
ثم إن أبا بكرة - رضي الله عنه - لم ينفرِد برواية الحديث، شأنه كشأن حديث عائشة في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، إذ لم ينفرد به ابن الزبير عن عائشة.
فحديث: لا يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قد رواه الطبراني من حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه -.
فزالت العِلّة التي علّلوا بها، وهي تفرّد أبو بكرة بهذا الحديث، ولو تفرّد فإن تفرّده لا يضر، كما سيأتي إن شاء الله.
الشبهة الثانية:
زعم بعضهم أن الحديث مكذوب، فقال: الكذب في متن الحديث فهو القول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله لما بلغه أن الفرس ولوا عليهم ابنة كسرى. في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى.
الجواب: هذا أول قائل إن في البخاري حديثا موضوعا مكذوبا، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له! لسقوط هذا القول، ووهاء هذه الشبهة!
فإن كل إنسان يستطيع أن يُطلق القول على عواهنه، غير أن الدعاوى لا تثبت إلا على قدم البيِّنة وعلى ساق الإثبات.
فإن قوله: (في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
دعوى لا دليل عليها ولا مستند سوى النفي العام!
في حين أن القاعدة: الْمُثبِت مُقدَّم على النافي.
وكُتب التاريخ قبل كُتب الحديث تنص على ذلك.
قال ابن جرير الطبري في التاريخ:
ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى أنو شروان.
وقال ابن الجوزي في المنتَظَم:
ومن الحوادث ملك (بوران) بنت كسرى أبرويز. اهـ.
وقد عَقَد ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ) باباً قال فيه:
ذكر ملك (بوران) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو شروان.
ثم قال: لما قُتِل شهريراز مَلَّكَتْ الفرس (بوران) لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلا يُمَلِّكونه، فلما أحسنتْ السيرة في رعيتها، وعدلتْ فيهم، فأصلحت القناطر، ووضعت ما بقي من الخراج، وردّت خشبة الصليب على ملك الروم، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر. اهـ.
وفي البدء والتاريخ للمقدسي ما نصّه:
وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره ابرويز لياتياه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ قال لهما: إن ربى أخبرني إنه قَتَل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين منها، فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم وثب شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فَمَلَك عشرين يوما ثم اغتالته بوران دخت بنت ابرويز فقتلته، وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة، فأحسنت السيرة وعَدَلَتْ في الرعية ولم تَجْبِ الخراج، وفرّقت الأموال في الأساورة والقوّاد، وفيها يقول الشاعر:
دهقانة يسجد الملوك لها *** يجبى إليها الخراج في الجرب اهـ.
بل ذَكَر ابن كثير - رحمه الله - أنه مَلَك فارس أكثر من امرأة في أزمنة متقارِبة
قال ابن كثير في البداية والنهاية:
فملكوا عليهم ابنة كسرى بوران بنت ابرويز، فأقامت العدل وأحسنت السيرة، فأقامت سنة وسبع شهور، ثم ماتت، فملّكوا عليهم أختها ازرميدخت زنان، فلم ينتظم لهم أمر، فملّكوا عليهم سابور بن شهريار وجعلوا أمره إلى الفرخزاذ بن البندوان فزوَّجه سابور بابنة كسرى ازرميدخت، فكرِهَتْ ذلك، وقالت: إنما هذا عبد من عبيدنا! فلما كان ليلة عرسها عليه هَمُّوا إليه فقتلوه، ثم ساروا إلى سابور فقتلوه أيضا، وملّكوا عليهم هذه المرأة، وهي ازرمدخيت ابنة كسرى، ولعبت فارس بملكها لعبا كثيرا، وآخر ما استقر أمرهم عليه في هذه السنة أن ملّكوا امرأة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. اهـ.
وقال الذهبي في التاريخ: ومات قتلا ملك الفرس شهر براز ابن شيرويه قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى. اهـ.
ولا يخلو كتاب تاريخ من ذِكر تولِّي (بوران) الْحُكُم.
فقد ذَكَرها خليفة بن خياط، واليعقوبي، وابن خلدون، واليافعي، وكُتب تواريخ المدن، كتاريخ بغداد، وغيرها.
على أنه لو صحّ (أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
لكان فيه دليل على قائله وليس له!
كيف ذلك؟
يكون قد أثبت أنه لا يُعرف لا في جاهلية ولا في إسلام أن امرأة تولّت مَنْصِباً!!
الشبهة الثالثة:
قول القائل: هل من المعقول أن نعتمد في حديث خطير هكذا على راوية قد تم جلده (أبو بكرة) في عهد عمر بن الخطاب تطبيقاً لحد القذف؟!
الجواب:
سبق أن علِمت أن أبا بكرة - رضي الله عنه - لم ينفرد برواية الحديث.
ثم الجواب عن هذه الشبهة أن يُقال:
أولاً: لا بُدّ أن يُعلم أن أبا بكرة - رضي الله عنه - صحابي جليل.
ثانياً: الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة، عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أغْنَتْ عن كل تزكية.
ثالثاً: أبو بكرة - رضي الله عنه - لم يفسق بارتكاب كبيرة، وإنما شهِد في قضية، فلما لم تتم الشهادة أقام عمر - رضي الله عنه - الْحَدّ على من شهِدوا، وكان مما قاله عمر - رضي الله عنه -: قبلت شهادته.
وقال لهم: من أكْذَبَ نفسه قَبِلْتُ شهادته فيما يُستَقْبَل، ومن لم يفعل لم أُجِزْ شهادته.
فعمر - رضي الله عنه - لم يقُل: لم أقبل روايته.
وفرق بين قبول الشهادة وبين قبول الرواية.
والفروق ذكرها القرافي في كتابه: الفُروق.
رابعاً: مما يؤكِّد الفرق بين الرواية والشهادة ما نقله ابن حجر عن المهلّب حينما قال:
واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه ليس شرطا في قبول توبته، لأن أبا بكرة لم يُكذب نفسه، ومع ذلك فقد قبل المسلمون روايته وعمِلُوا بها.
على أن آية القذف في قبول الشهادة.
وعلى أن هناك فَرْقاً بين القاذِف لغيره، وبين الشاهد كما سيأتي.
خامساً: أبو بكرة - رضي الله عنه - لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق، ولذا لم يَرَ وجوب التوبة عليه، وكان يقول: قد فسَّقوني!
وهذا يعني أنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق.
قال البيهقي: إن صح هذا فلأنه امتنع من التوبة من قَذْفِه، وأقام على ذلك.
قال الذهبي: قلت: كأنه يقول لم أقذِف المغيرة، وإنما أنا شاهد، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد، إذ نصاب الشهادة لو تمّ بالرابع لتعيَّن الرجم، ولما سُمُّوا قاذِفين.
سادساً: في الرواية تُقبل رواية المبتدع، إذا لم تكن بدعته مُكفِّرة، وهذا ما يُطلق عليه عند العلماء (الفاسق الْمِلِّي)، الذي فِسقه متعلق بالعقيدة، لا بالعمل.
وروى العلماء عن أُناس تكلّموا في القدر، ورووا عن الشيعة، وليس عن الرافضة الذين غَلَوا في دين الله!
ورووا عن الخوارج لِصِدقِهم.
ورووا عمّن يشرب النبيذ.
وعن غيرهم من خالَف أو وقع في بدعة
فإذا كان هؤلاء في نظر أهل العلم قد فسقوا بأفعالِهم هذه، فإنه رووا عنهم لأن هؤلاء لا يرون أنهم فسقوا بذلك، ولو رأوه فسقاً لتركوه!
فتأمّل الفرق البيِّن الواضح.
وأبو بكرة - رضي الله عنه - مع كونه صحابياً جاوز القنطرة، إلا أنه يرى بنفسه أنه لم يأتِ بما يُفسِّق، ولو رأى ذلك لَتَاب منه.
وهو حقيقة لم يأتِ بما يُفسِّق.
غاية ما هنالِك أنه أدى شهادة طُلِبت منه، فلم يقذِف ابتداء، كما علِمت.
والصحابة قد جاوزوا القنطرة، والطّعن في الصحابة طَعن فيمن صحِبوا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
فإن القدح في خير القرون الذين صحِبُوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - قَدْحٌ في الرسول - عليه السلام -، كما قال مالك وغيره من أئمة العلم: هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين، وأيضا فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي - صلى الله عليه وسلم -.. اهـ.
فإن مرتبة الصُّحبة كافية في العَدَالَة.
ولذا قيل لهم ما لم يُقَل لغيرهم
ونالوا من شرف المراتب ما لم يَنَلْه غيرهم
فإنه لا يوجد أحد قيل له: اعمل ما شئت فقد غُفِر لك، سوى أصحاب بدر.
روى البخاري ومسلم عن علي - رضي الله عنه - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا: اخرجي الكتاب. فقالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجنّ الكتاب أو لتلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا حاطب ما هذا؟ قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت أمرا مُلصقاً في قريش - قال سفيان كان حليفا لهم - ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتّخِذ فيهم يَداً يَحْمُون بها قرابتي، ولم أفعله كُفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صَدَق، فقال عمر: دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق! فقال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: إن الله - عز وجل - اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. رواه الإمام أحمد.
فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل، ولو فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر، لربما كان له شأن آخر.
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة - رضي الله عنه -، فإنه نال شرف الصحبة، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً.
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في صحيح البخاري!
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث؟
أنا أُخبِرك!
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة!
الشبهة الرابعة:
ذِكر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم.
حيث قال القائل: (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه:
الوجه الأول: أن يُقال أين هي الإشادة؟
أفي نسبتها للضلال والكُفر؟
كما في قوله - تعالى -: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية؟!
كما في قوله - تعالى -: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في:
الوجه الثاني: أن يُقال إنها كانت كافرة، فهل إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره؟!
بل وفي نفس القصة: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال: هذا فيه ثناء على العفاريت! فتُولَّى المناصِب! وتُحكّم في الناس؟!!!
الوجه الثالث: أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة مع ما فيه من ذمّ فليس فيه مستند ولا دليل.
أما لماذا؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا، وجاء شرعنا بخلافه.
الوجه الرابع:
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها، فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان - عليه الصلاة والسلام -، فقد حكى الله عنها أنها قالت: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك، بل صارت تحت حُكم سليمان - عليه الصلاة والسلام -.
أخيراً:
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب، ومن يُطالِب أن تكون المرأة (قاضية)!
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما وحديثا.
أما قديما فيستدلّون بقصة بلقيس!
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم (اليزابيث)!
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً!
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي وراثي فحسب.
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية.
ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً!
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً على الحقوق من غيرها، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية.
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير "
كما قال د. المسلاتي في كتابه (أمريكا كما رأيتها).
وهذا يؤكِّد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في وادٍ آخر!!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في بلاد الإسلام فحسب!
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى القضاء والمناصِب القيادية، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّة الْحُكْم؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل.
_________________
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
الرياض 15/8/1425 هـ.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/422)
أول من نصر الإسلام امرأة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
لما بدأت بوادر هذا الدّين
ولما حلّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حلّ
ونزل به ما لو نزل بالجبال لدكّها دكّاً
رجف فؤاد الحبيب - صلى الله عليه وسلم -
وارتعدت فرائصه
وخاف مما نزل به وطرأ عليه
لم يجد قلبا أقرب من قلب خديجة
ولم يلجأ بعد الله إلا إليها
فعاد إليها وهو يقول: زمّلوني زمّلوني...دثّروني دثّروني
فوَقَفَتْ خديجة - رضي الله عنها - إلى جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - في موقف يعجز عنه آحاد الرجال وَقَفت صامدة ثابتة
لقد وقفت موقف الثبات
حالفة بالله لا يُخزي الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ولكنها لم تُبادره بالسؤال بل زملته حتى ذهب عنه الروع
فلما قال - عليه الصلاة والسلام - لحبيبته وحليلته: أي خديجة! ما لي؟ لقد خشيت على نفسي.ثم أخبرها الخبر.
فانبرتْ تحلف وتُقسِم بالله بل وتُبشِّره!: كلا، أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا.
ثم طيّبت نفسه وعلّلت قسمها، بل وأتبعته بقسم آخر فقالت:
فو الله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسِب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
ثم لم تكتفِ بذلك بل انطلقت به خديجة - رضي الله عنها - حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة فقالت له خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك.
فقال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يُخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَ مخرجيّ هم؟! فقال ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يُدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. والقصة في الصحيحين.
فمن تمام نُصرة خديجة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن هدّأت روعه وفعلت به ما طلب من التّغطية، ثم طيب نفسه بما تعرفه عنه من خصال البِرّ والخير، ثم ذهبت به إلى من تعلم منه النّصح لها ولزوجها، ذهبت به إلى رجل صالح، هو ورقة بن نوفل الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين. رواه الحاكم وصححه.
فَحُقّ لخديجة بعد ذلك أن لا ينساها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بعد موتها بل حفظ لها العهد والودّ
ولما أكثر النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن ذكر خديجة قالت عائشة - رضي الله عنها - وقد غارت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق! قد أبدلك الله - عز وجل - بها خيراً منها. قال: ما أبدلني الله - عز وجل - خيرا منها؛ قد آمَنَتْ بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذا حرمني الناس، ورزقني الله - عز وجل - ولدها إذ حرمني أولاد النساء. رواه الإمام أحمد.
بل ويرتاح - عليه الصلاة والسلام - ويهتز سرورا لاستئذان أشبه استئذان خديجة! ولصوت أشبه صوت خديجة - رضي الله عنها -.
ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة! قالت: فَغِرْتُ، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش! حمراء الشدقين! هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرا منها.
قال العيني - رحمه الله -: قوله: فعرف استئذان خديجة " أي تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة وقوله " فارتاع لذلك " من الرّوع أي فزع، ولكن المراد لازمه وهو التغير، ويُروى " فارتاح " بالحاء المهملة أي اهتز لذلك سروراً. اهـ.
قلت: رواية " فارتاح " رواها مسلم.
ومن وفاءه - صلى الله عليه وسلم - لها أنه كان يشتري الشاة فيذبحها ثم يبعث بها لصواحب خديجة - رضي الله عنها -. قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما غِرت على امرأة ما غِرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها، ولقد أمره ربّه - عز وجل - أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها. رواه البخاري ومسلم.
فبُشِّرت ببيت في الجنة لأجل ما وقفته من مواقف في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولتثبيتها له.
فأول نصر لهذا الدّين كان على يد امرأة
فَحُقّ للنساء أن يفخرن بهذا الإنجاز
ولو كان النساء كمثل هذي لفُضِّلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال
http://www.muslmh.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/423)
من المسئول عن ظلم المرأة ؟ !
جاءت الإجابات في استطلاع "لها" حول سبب الظلم الذي تتعرض له المرأة متقاربة إلى حد كبير، فلا يوجد تفاوت شاسع لصالح سبب دون غيره، فمن يرون الرجل هو السبب 11%، ومن يرونها العادات والتقاليد 15%، ومن يرون السبب جهل المرأة بحقوقها 16%.
أما الملفت للنظر حقا فهو نسبة من يرون أنه لا يوجد ظلم (20%)!
فهي نسبة تفوق كل النسب السابقة..!
وهي إجابات نستشعر أنها خرجت من بيوت مباركة، يقوم كل من فيها من ذكر وأنثى بواجبه قبل أن يطالب بحقه، ويراعي أمر ربه في مراعاة الطرف الآخر والقيام بمسؤوليته نحوه، وغير ذلك من أسس صلاح البيوت ودوام العشرة!
لكننا ـ والحق يُقال ـ نقف وقفة إنصاف مع من يرون أن الرجل هو السبب في ظلم المرأة؛ فكثير من الرجال يطالبون أزواجهم بحقهم عليهن، ناسين أو متناسين أن للنساء في المقابل حقاً عظيماً عليهم {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}..
وكيف يحتج رجل على امرأته بحقه الذي أوجبه الإسلام عليها، وهو لا يريها من الإسلام إلا هذه المطالبة.. ويُغفل ما أوجبه الله من العدل والإحسان والمعاشرة بالمعروف، والقيام بمسؤوليته تجاه أهله وذريته؟!
نعم، جاءت النصوص بتعظيم حق الرجل على امرأته، كما جاءت بعظم ثواب المرأة على حسن تبعلها وقيامها بمسؤوليتها في بيت زوجها، لكنها نصوص من شريعة متكاملة؛ ذمّ الله - تعالى -من يأخذون ببعضها دون بعض!
إنها ليست دعوة لأحد شريكي الحياة للتمرد على الآخر إذا لم يقم بحقه عليه، بل دعوة للطرفين كليهما للإيمان بالكتاب كله، والدخول في شرائع الإسلام كافة، والصبر على أخطاء رفيق العمر، ومعاملة الله - عز وجل - وحده في الإحسان إليه والصبر على هفواته وزلاّته..
إن الزواج مؤسسة عظيمة، هي النواة الأولى للمجتمع، والصورة المصغّرة لما ينشده الناس فيه من خير وسعادة، والثمرة المباركة لصلاح الإنسان في نفسه.. وشراكة تمنح لمن قام بحق الله - تعالى - فيها، وأسّسها على التقوى من أول يوم.. ظلالاً وارفة من السكينة والمودة والرحمة.
22/10/1425 هـ
04/12/2004 م
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/424)
المرأة بين الإسلام وسائر الأديان(1)
الإسلام هو الدين الوحيد الذي أعطى المرأة ميراثاً من الوالد
يوسف أبو بكر المدني
tkyoosuf*aktoob.com
توجه للإسلام انتقادات عنيفة بخصوص وضع المرأة وحقوقها، ويدعي الناقدون أن دين الإسلام يحجز المرأة بين جدران البيت ويعاملها كالأمة أو يعتبرها كالمزرعة.
وفي طليعة هؤلاء الناقدين، يأتي الرأسماليون الذين يرون المرأة كالسلعة التجارية، والصهاينة الذين يعتبرون المرأة كالماكينة الحرفية، والملحدون الذين يروون المرأة كسباً عاماً للدولة.
فما الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة؟ وما موقف سائر الأديان تجاهها في أمورها الدينية والشخصية والاقتصادية؟ بالإضافة إلي سائر المجالات مثل اكتساب العلم والعمل والميراث والزواج والطلاق والأمومة فضلاً عن وضعها بعد الموت؛ هل تجد الجزاء من الله أم تنتهي حياتها في الضريح؟.
يعتقد اليهود والنصارى أن المرأة هي التي تسببت في توريط الإنسانية في الإثم، أكلت الثمرة المحرمة وأغرت زوجها بأكلها، يقول العهد القديم "فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت، فقال: من أعلمك أنك عريان، هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت" (تكوين 3: 1310) .
وفي رأي النصارى: "لولا المرأة لما صلب المسيح ابن الله في الصليب".
وتقول أسفار الهندوكية إن المرأة بؤرة جميع الآثام والمصائب للإنسانية، لذا تضع مبادئ الهندوكية لها أغلالاً بتحديد أفكارها واعتقادها وأقوالها، وحسب آية السابع عشر من سفر ينجويلكيوبانشات: المرأة هي الشبكة التي جعلتها آلهة الغرام لاجتذاب الرجال. وأما القرآن فيقول في سورة النساء: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء(النساء:1).
البداية وهى جنين
تبدأ مأساة المرأة منذ أن تكون جنيناً في بطن أمها؛ حتى صارت أرحام النساء في العصر الحديث أكبر مجزرة في العالم، وبواسطة التقنية الحديثة يمكن للإنسان تشخيص جنس الجنين ويقدر على إزالته إن كان بنتاً، فقد زادت هذه الجريمة بين أهل الهند والصين وسائر الدول المكتظة بالسكان، وإذا أمعنا النظر في موقف الأديان من هذا الإثم رأينا أن أهل الكتاب والهندوكية تسمح بهذه الجريمة، يقول الكتاب المقدس: إن الأم التي تلد البنت تكون نجسة في مدة أطول ممن تلد الابن "إذا حبلت امرأة وولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام كما في أيام طمث علتها تكون نجسة.... وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين" (اللاويين 12: 51).
ويقول تلمود الهندوكية (مانوسمرتي) "يجوز للرجل طلاق زوجته إن كانت عقيماً بعد المكث معها ثماني سنوات، وبعد المكث معها عشر سنوات إن كانت تلد الأنثى دون الذكر" (9: 81) ويقول الكتاب المقدس للهندوكية إن الابن هو الرمز لليمن والخير والبركة، فكيف يمكن أن نعاتب عامة الهندوكيين الذين يحاولون إجهاض البنات من أرحام أمهاتهن مخافة الفقر والعار؟
وعندما يقول الكتاب المقدس والأسفار الهندوكية إن الأم هي السبب في ولادة البنت، يوضح القرآن أن منّي الرجل هو الذي يحدد جنس الجنين، بقوله: وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى" 45 من نطفة إذا تمنى" 46(النجم)، وجاء العلم الحديث ليؤيد ذلك بعد 14 قرناً من الزمان، ويثبت أن الجنين يكون ولداً عندما يلتقي كروموسوم Y للرجل مع كروموسوم X لبويضة المرأة، ويكون بنتاً حينما يلقح X كروموسوم من نطفة الرجل مع X كروموسوم من بويضة المرأة، وتكشف هذه الحقيقة العلمية أن نطفة الرجل هي التي تحدد جنس النسل.
عار ونجاسة
وإذ يعتبر الكتاب المقدس ولادة البنت مأساة
أو عار ومسببة للتنجس، ينكر القرآن هذه العادة الجاهلية بقوله: وإذا بشر أحدهم بالأنثى" ظل وجهه مسودا وهو كظيم 58 يتوارى" من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على" هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون 59(النحل).، فضلاًعن تحريم القرآن قتل البنات مخافة العار والفاقة بقوله: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا 31(الإسراء) وبقوله: وإذا الموءودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9)(التكوير).
حرية المرأة
إذا ناقشنا موقف أهل الكتاب من حرية المرأة رأينا أنهم يحرمون عليها أبسط مبادئ الحرية، حيث يقول الكتاب المقدس "لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهن أن يتكلمن" (الرسالة إلى أهل كورنثوس14:36). وأما الهندوكية فلا نرى أي كتاب ديني في العالم يحرم حرية المرأة، كما حرم سفر الهندوس المسمى بمانو البيت الثاني من الكتاب التاسع، يقول فحواه: "إن المرأة لا تستحق الحرية أبداً، حيث تكون المرأة تحت رعاية الأب أيام الطفولة، وتكون تحت رعاية الزوج أيام الشباب، وتكون تحت رعاية الأبناء أيام الشيخوخة".
أما القرآن فيقول: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228(البقرة)، ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على" بعض للرجال نصيب مما \كتسبوا وللنساء نصيب مما \كتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما 32 (النساء) ومن الغريب أن أهل المذاهب التي حرمت حرية المرأة يذرفون دموع التماسيح على حقوق المرأة. أما إن كان معنى حرية المرأة خروجها من البيت دون ضابط ولارابط، لقضاء شهواتها مع من تحب من الأجانب أو ترقص عارية في النوادي والفنادق وتهيم في الأسواق دون حجاب أو التزام فهذه الحرية لايقبلها الإسلام.
التعليم
وهنا نذكر أن الكتاب المقدس حرم التربية والتعليم للبنات والنساء حسب آياته التالية ".... ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئاً فليسألن رجالهن في البيت" (الرسالة إلي أهل كورنثوس 14:37) كما صرحت أسفار الهندوكية أنه لا حاجة للبنت في التعليم والتربية بما ورد في أبيات مانو "زوجوا بناتكم إلى أسرة كريمة فأعطوا الأبناء التعلم والتربية". أما في الإسلام فالوضع مختلف، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله { "من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة".
المرأة والميراث
وإذا ألقينا نظرة على ما قررته الأديان بخصوص ميراث البنات لآبائهن وجدنا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أعطاهن ميراثاً، بينما نرى أن العهد القديم يمنع حق الميراث للمرأة بقوله "إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة، فإن كان الابن البكر للمكروهة فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة" (التثنية 21: 1716). توضح بعض الآيات أن البنت لا تستحق من مال أبيها إن كان له ولد مثل آية "أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته" (27:8 ) وأما القرآن فأعطى النساء حق الميراث بقوله: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7) (النساء).
ـــــــــــــــــــ(82/425)
المرأة في طريق الهداية
يحيى بشير حاج يحيى
لم يقف كتاب القصة الإسلامية عند الجانب المعتم من واقع المرأة، فهي وإن كانت قد تأثرت بالدعوات التغريبية في الفكر والسلوك بحسب البيئة، وقوة الضغط الاجتماعي، إلا أن حالة التردي لم تكن قدراً محتوماً لا فكاك منه.
استطاع كاتب القصة الإسلامية أن يصور حالة الصراع التي تعيشها المرأة المعاصرة بين فطرتها، وبين واقعها المصطنع، دون أن يفتعل هذا الصراع، ومن ثم فهو يبشّر بانتصار الخير على الشر، والإرادة على الهوى، والفطرة على الزيف. ففي أقصوصة "شاطئ الرؤى الخضر" من المجموعة التي تحمل العنوان نفسه يصور الكاتب محمد السيد رحلة العذاب والضياع في حياة امرأة تصل إلى شاطئ الأمان في آخر العمر، وقبل فوات الأوان:
(وتعالت الأمواج، واشتدت، وأخذ الشراع يتمايل ويرتطم، السواعد القوية تعمل دون كلل لإنقاذه..والسواعد الناعمة كلّتْ، والريح الغريبة تضرب..
تعبت من الحياة.. العمل والرجل.. والرجل والعمل.. الزينة واللباس والموضة، والتسكع، والحفلات، والسهرات.. اللهاث والسعير ما هذا؟!).
وتخاطب نفسها: "تعبتُ وتعبت الأيام مني.. الدوار يلاحقني، والسأم يخيم على لحظات عمري، وشيء يشدني إلى هناك إلى الشاطئ حيث كنت أزرع وردة متبرعمة).
إن هذا الذي يشدها إلى هناك حيث الشاطئ والأمان لم يكن سوى الفطرة التي فطر الله عليها المرأة.. تريد طفلاً تظهر من خلال تربيته أمومتها، ويتوضح ما خصه الله - تعالى -به من الحنان! تريد بيتاً يضمها مع زوج يظللها من هجير الضياع ولم تكن تلك الوردة المتبرعمة المزروعة على الشاطئ سوى الحلم - الأمل - في حياة سعيدة يظللها الحب الصادق والأمان الحقيقي، والطموح الواقعي.
أطبق السبات عينيها على رؤيا جميلة.. الشاطئ تغفو فوقه الأحلام الوردية حيث الرمال تسبح بين جدائل الشمس الذهبية، والناس ينامون ملء جفونهم، ويستيقظون على صلوات الملائكة، حيث الطيور لا تهاجر، والنساء تلد العمالقة والأفراح دائمة الخضرة، وأفاقت تتمتم: لقد وجدته، وجدت الشراع المنقذ، إنه الموصل إلى شاطئ الرؤى الخضر.
وأما أقصوصة "ونامت على قرار" من المجموعة ذاتها، فلا تبعد كثيراً عن سابقتها، وإن كانت بطلتها قد اختصرت الطريق، فعادت إلى جادة الصواب بتأثير زميلتها الملتزمة بالإسلام، ووالدتها الصالحة، وكانت من قبل تعيش كما يحلو لها دون أي رادع!!
(ولكنها كانت مع ذلك تشعر في أعماقها بنوع من عدم الرضا المصحوب بشيء من القلق فكانت تتدفق بزيادة من النشاط والحركة. و إنها لتذكر يوم ذهبت مع والدتها تحضر موعظة فبكت بكاءً شديداً، كانت كثيراً ما تقف بعدها مع نفسها تتساءل عن معنى الحياة وهدفها وما وراءها، فتغلب عليها خفتها وحركتها وضعف التوجيه فتنطلق على سجيتها دون ضابط ).
وفي الليلة التي سبقت موعد الرحلة "التي ستحملها مع زميلاتها إلى الساحل" أوت هند إلى فراشها، وتقلبت كثيراً وكثيراً وأرقت أكثر، ولكنها أخيراً نامت على قرار ضمته بين جوانحها وفي الصباح الباكر، ومع النداء الإلهي العطر ينساب من المئذنة القريبة كانت هند تتوضأ، وتستعد للصلاة، وفجأة شعرت بيد تمسح على شعرها برفق وحنان، وصوت نديّ رخيم يملأ كل جوانحها بالخشوع.
(من البداية يا بنتي كنت أتوقع لك هذه النتيجة، فأنا أمك، وأعرف الناس بك وبفطرتك السليمة ونفسك الصافية).
وعندما حان موعد إقلاع سيارة الرحلة كانت هند هي الطالبة الثانية من الصف التي لم تحضر بعد نعيمة...
و يوضح القاص أحمد بدوي هذه الصورة أكثر في قصته الطويلة "أختاه أيتها الأمل" حيث يعالج قضية من أخطر القضايا الاجتماعية وهي قضية الصحبة، والتأثير المتبادل بين الأصدقاء، فيعرض نماذج من واقع الحياة لهذا التأثر والتأثير.
فها هي "نور" الطالبة في كلية الطب، والتي ترك لها أهلها الحرية الكاملة في خروجها بالمظهر الذي تريد؛ تجمعها ظروف الدراسة بعدد من الفتيات المسلمات الملتزمات، فتتأثر بهن، وتنقل هذا التأثير إلى أهلها!!
وهذه "رولا " زميلتها تُسدُّ أذنيها عن كل نصيحة، حتى تفاجأ بفقد أغلى ما تملكه الفتاة، فلا تجد بعد التخبط غير باب التوبة تلجه ليفاجئها الموت، وهي تدخل إلى المسجد لتستمع إلى درس تقيمه إحدى الداعيات، حيث تدهسها سيارة الشقي "فريد" الذي غرر بها من قبل.. ومع ذلك فلم يكن قد فاته الأوان، فقد وصلت إلى بر النجاة، والله غفور رحيم.
وتلك "ماجدة" تسلك طريق الهداية على الرغم من معارضة أبيها، فتكسب بإصرارها أمها إلى جانبها، وتقنعان الأب بأحقية الإسلام في حكم الحياة.
وأما "مي" الفتاة المؤمنة فإنها تتحرك بحرقة لإنقاذ من تستطيع من زميلاتها، والعودة بهن إلى حظيرة الإسلام.
وأخيراً "مها" طالبة الثانوية التي كادت تسقط لولا أن تدراكتها رحمة ربها، فتصحو وتكتشف كذب "سامر" الطالب المتخلف!!
ويخرج المؤلف بعد عرضه لهذه النماذج إلى أن الكثيرات يحتجن إلى من يأخذ بأيديهن، فليس الانحراف في حياتهن عن السلوك السوي ضرب لازب، وإنما هو أمر عارض، وغشاوة زيف تنزاح عندما تمتد اليد الحانية، وقد ارتسمت هذه المعاني في ذهن إحدى شخصيات القصة "نور" وتمثلت بشكل رمزي عن طريق الحلم.. فبعد أن ودعت صديقاتها اللاتي اتفقن على الاستمرار في تبادل النصح، وألا تدّخر إحداهنّ جهداً في البذل لصديقاتها مما عندها، وعلى ألا تتحرج بأخذ ما ينقصها من فقه ووعي من أخواتها المؤمنات.. في تلك الليلة تراءى لنور في أحلامها فتيات ناشرات شعورهنّ، يضحكن مولولات وهنّ يلقين بأنفسهنّ في مستنقع آسن، ولما رأينها لمعت عيونهن بضجيج حاقد، ولكن نور تبينت خلف قناع الحقد الهش رجاءً متوسلاً.. يغبطنها ويلتمسن العون منها.. فنادتهن محذرة.. ولكن أفاعي مرقطة في القاع عزفت ألحاناً مجنونة زادت هستيرية الفتيات البائسات... وفجأت ظهرت صديقاتها المؤمنات، وأخذن يحجزن أولئك التعيسات المقنعات بمرح مزيف، فهجمت الأفاعي المتوحشة على الطاهرات.. محاولة غرس أصابعها القذرة المطلية ببريق خادع في رؤوس المؤمنات.. !! تململت نور في فراشها وأيقظت صرخاتها المكبوتة أمها التي أمسكت قلقة بيد ابنتها النائمة، ومست بيدها الأخرى جبينها بحنان.. تشنجت يد نور عاصرة كف أمها.. وتعابير وجهها المتقلصة تنبئ باضطراب شديد.. ثم عادت قبضتها فاسترخت.. وأزهرت على وجهها ابتسامة هانئة.. وكأنها اطمأنت لنتيجة معركة شغلتها.. فانسحبت الأم بهدوء دون أن توقظها.. وقبل أن تغلق باب الغرفة تهادى إلى سمعها صوت ابنتها وهي تزفر مرتاحة.. الحمد لله..
وفي قصة "ثورة النساء" لعبد الودود يوسف تتجلى إرادة المرأة عندما تعرف الحق، وتؤمن به.. بل وتُضحي من أجله! وليس ذلك عجيباً، ألم تختر "سمية" الموت على الكفر؟
في هذه القصة الطويلة أظهر الكاتب فظاعة ما تعاني منه المرأة الغربية في ظل المجتمعات المادية.
فبطلة القصة " سامورا " الفتاة الفرنسية يتخلى أبواها عنها، بل إن أمها تحاول استغلالها! فتخرج إلى الحياة لتفاجأ بالأفاعي والذئاب البشرية، فالكل يطلبها عشيقة وصديقة فراش؟! فتتألم للحياة التي تعيشها بنات جنسها، وتعزم على تخليصهن من هذه المأساة..
يستجيب لها بعضهن.. ويزداد العدد بحيث أصبح يشكل ظاهرة غير مريحة في المجتمع الفرنسي، فيصيح منها ومن مطالبتها لكرامة المرأة، وارتدائها مع السائرات على خطها لباساً أقرب إلى الحشمة، فتقاد إلى السجن بتهمة تخريب اقتصاد البلاد.. ويأتي شقيقها الذي يدرس في قسم الأديان بالجامعة لزيارتها، فيقدم لها كتاباً عنوانه "حياة محمد" فتفاجأ "سامورا" حين تجد أن ما كانت تحلم به من حرية المرأة موجود في دين محمد بصورة تفوق كل ما تسعى إليه، فتؤمن به مع عدد من السجينات..، وعند إعادة محاكمتها تهجم النساء على السجن، ويخرجنها منه، وتعود الصحافة والبرلمان لينشغلا بها، وتعود الشرطة للبحث عنها، وينتشر الخبر بين الناس "فامتلأت الشوارع بالدعوة إلى الثورة ضد مَنْ يضطهدون المرأة، ويريدونها عشيقة لا زوجة ولا أماً، ويريدون الولد لقيطاً أو يتيماً لا إبناً يعرف حنان الأم والأب.. وارتجت فرنسا كلها حيث أعلنت دوائر البوليس مقتل "سامورا" واشتعلت في البلاد ثورة لاهبة في سبيل تحرير النساء..
وإذا كان المؤلف قد أدار أحداث هذه القصة من خلال رؤية مستقبلية لما سيؤول إليه حال المرأة، وأنها ستصل إلى وضع لا تحتمل فيه المزيد من التضييع والامتهان، فإنه يُبشّر بأن يوم تحريرها قادم: "لا بد أن تنتصر ثورة النساء في العالم كله.. لا بد أن يحققن ما أعطاهنّ الله، لا بد أن يصبحن - كما أراد الإسلام- مكرمات محررات زوجات لا عشيقات... أمهات لا خادمات".
ومن هذا المنطلق، وهو أن المرأة خلقت لتكون أماً صور القاص إبراهيم عاصي في أقصوصته "القرار الحازم" حالة المرأة حين تخرج من بيتها فها هي ذي "يسرى" موظفة تتجاذبها مختلف الدوافع ؟ فإحساسها الفطري يدفعها إلى الالتزام بواجبها الذي يتلاءم مع فطرتها، والواقع الاجتماعي يشدها إلى الخروج من المنزل، ومزاحمة الرجال، لينضاف عبء جديد إلى أعبائها.
وقد عبّر الكاتب عن هذا الصراع بالمشاعر الصادقة التي تنبع من الفطرة، وهو ما نسمعه اليوم ينبعث بشكل واضح وصريح من كثير من المثقفات في أوروبا وغيرها وحتى في بلداننا: أن ارفعوا أيديكم عن المرأة لتختار ما يناسبها فهي أدرى بشؤونها (رباه لمن أشكو حالي؟ لماذا لم تجعلنا مثل الرجال؟ مسؤوليتهم محدودة: كسب وإنفاق وحسب! وأي ظلم نتحمله نحن الموظفات؟ عمل حتى الإرهاق خارج البيت، ثم أشغال لا تنتهي داخل البيت، ثم تربية للأطفال، ثم بعد هذا كله تحكّم الخوادم بنا، وأخذهن بخناقنا دون رحمة؟ ألا تكفينا مسؤولية واحدة.
فماذا تفعل المسكينة؟ لم تحضر الخادمة هذا اليوم لأنها طلبت رفع أجرتها، وهو ما يعادل نصف مرتب "يسرى"؟ ثم إن هذه الخادمة تسببت بموت طفل "يسرى" البكر، حين قفز من النافذة، وهي عنه لاهية، وعادت بها الذكرى إلى الحوار الذي دار بينها وبين زوجها منذ أربع سنوات حين طلب منها أن تبقى في البيت تتفرغ لشؤونه ولتربية الأولاد، أصرت على الوظيفة.. اتهمته بالرجعية.. هاجمته بأن عهد الحريم قد ولى.. قال لها: سترهقين نفسك، وتذيبين عافيتك؟ فقالت: هذا كلام مبعثه غرور الرجال.. مضى اليوم بأكمله والخادمة لم تحضر.. في اليوم التالي احتارت ماذا تفعل؟ أتترك طفلها وتمضي إلى الوظيفة.
قدمت رِجلاً وأخرّت أخرى عند مدخل الدائرة!! وقرب دفتر توقيع الحضور فوجئت باستفسار من المدير عن سبب غيابها غير المبرر.. إنه لا يقنعه شيء، ولا بدّ من اتخاذ ما يلزم!
لم تسترسل كثيراً في تساؤلاتها تلك، فمزقت الكتاب بكبرياء، وأمسكت بمفتاح سجنها الرهيب، وقد انطوت نفسها على قرار حازم لا رجعة فيه، مرجحة صوت الفطرة بالدعوة إلى العودة للبيت على الضغوط الاجتماعية ومزاحمة الرجال.. وقد أحسنت الاختيار... ولكن بعد مرارة التجربة.
من كتاب (المرأة وقضايا الحياة في القصة الإسلامية المعاصرة).
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/426)
كيف تتحدثين عن زوجك ؟
هند السويلم
كم هو عنيد، وغير متفهم..كأن رأسه صخرة صماء..!
هكذا بدأت أمل حديثها عن زوجها.. ثم تابعت بحماس.. هل تصدقين أنه يرفض طلبي لمجرد الرفض؟! أشعر أنه يستمتع بمعارضة كل اختياراتي وطلباتي..
واسترسلت.. تصب حمم بركانها على زوجها.. وتصر على إلباسه هذه الصفة، وتدلل بأمثلة أخرى من حياتها.. !!
وتطول وتتفرع أحاديث مسمومة عن الأزواج.. وكل يدلي بدلوه.. وبعد هذا المجلس.. ستعود كل واحدة إلى بيتها وستجد زوجها كما تركته، إلا أنها أضافت انطباعا سيئا وتصورا قبيحا عنه لدى كل واحدة حضرت ذلك المجلس! لدرجة أن الكثير من الأشخاص قد يحكمون على إنسان بمجرد موقف واحد، فيتصرفون مع هذا الشخص وفقاً لذلك التصور!
إن الحديث عن الزوج هو في الحقيقة: إطلاق حكم على شخص غائب، وقد يكون حكماً عادلاً أو جائراً.. وعلى أثره تلتصق كل الصفات بهذا الشخص لدرجة أنك كلما ذكرت زوجك في مجلس فستحتشد كل الصفات التي عرفوها عنه من خلالك في أذهانهم.. ! ومهما حاولت تغييرها، وعند رضاك عنه، أو تحسينها.. فلن تمحى وستبقى في أذهانهم إلى الأبد.. !
وكم أخذنا انطباعا عن زوج فلانة أنه عصبي، ثم يتضح أنه حليم، إلا أنه في لحظة غضب عاتبها فتحدثت عنه وهي مشحونة.. إلخ.
واحذري دائماً الانطباع الأول.. في بداية حياتك الزوجية.. فالنساء لا يعرفن زوجك إلا من خلالك، وكل كلمة تخرج من فمك تضاف إما إلى حسناته أو سيئاته، ثم من الصعب بعد ذلك تغيير هذا الانطباع..
وأخيراً كيف تتحدثين عن زوجك؟
لا تتحدثي عن زوجك حال غضبك فإنك لا تدرين ماذا تقولين.
تذكري دائماً أن الناس ليس لهم إلا الظاهر، وهم يعتقدون أنك أدرى بزوجك، فكل صفة تطلقينها عليه فهي في نظرهم صحيحة مئة بالمئة مهما كانت مبالغا فيها؛ لذا يجب أن تتحري العدل والصدق.
كلنا نعرف حكم الغيبة، والزوج إنسان مسلم، و غيبته ليست كغيبة أي مسلم، بل أشد؛ لعظم حقه على امرأته، فتنبهي!
اجعلي الله نصب عينيك، واتقي الله أن تظلمي زوجك فتقللي من حسناته وتضخمي عيوبه.
اعرفي متى تتحدثين عنه؟ ومع من؟ فالحديث عند أمك يختلف عن الحديث في مجلس مليء بالنساء.
ما أجمل أن ترى امرأة تذكر زوجها بكل خير، وتثني عليه، تذكر محاسنه وتدفن عيوبه.. وقد تكون في بيتها تبكي ألماً منه!
هل ترضين أن يتكلم زوجك عنك عند أصدقائه كما تتكلمين عنه؟!!
إن نشر انطباع جميل عن زوجك يجعل الآخرين يحبونه ويتوقعون منه كل خير، والعكس بالعكس فكلما علموا عنه صفة قبيحة زادت نفرتهم منه، بل قد تلصق كل صفة سيئة عند أطفالك به فهذا عصبي على والده، وهذا الشبل من ذاك الأسد... إلخ.
30/12/1424
20/02/2004
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/427)
حين تطالب المرأة بالتعدد
عز الدين فرحات
دعت جمعية نسائية مصرية تسمى جمعية "الحق في الحياة" إلى مبدأ تعدد الزوجات، كحل أمثل لمواجهة ظاهرة العنوسة المتفشية في مجتمعاتنا العربية.
وقالت الصحفية "هيام دربك" -رئيسة الجمعية-: إن الفكرة راودتها بعد أن صرح لها أحد الفرنسيين أثناء إجرائها حوارا معه بأن أهم الأسباب التي دفعته لاعتناق الدين الإسلامي، هو أنه وجد أن الإسلام يحمي الرجل من الانحراف خارج المنزل، حينما يمنحه الحق في الزواج بأربع نساء مما يجنبه الإصابة بأمراض عضوية ونفسية.
وفي برنامج "للنساء فقط" الذي عرض في قناة (الجزيرة)في28/10/2002م ذكرت السيدة "هيام دربك" تجربة لها مع إحدى صديقاتها حين علمت بأن زوجها قد تزوج عليها فتقول: جاءتني إحدى صديقاتي المقربات..وكانت منهارة جداً، وهي تبكي وتضرب وجهها وقالت: "زوجي تزوج عليَّ، وأنا لا يمكن أعيش معه، ولابد من الطلاق"، وللعلم معها ثلاثة أطفال، وكان متزوجا من 3 سنين..ولم تكن تعرف، وكان يعاملها معاملة طيبة جداً، ولم يتغير في مشاعره تجاهها، ولا تجاه أولاده أو بيته، ولكن لما عرفت هي كادت تخرب البيت،.. فحاولت أهدّيها، وكلمتها بالمنطق أن هذا حقه، وهو لو لم يشعر بالحاجة لهذه المرأة لما تزوج بها، وهو يُشكر على أنه لم يقع في الزنا، فبالتالي يخون دينه ونفسه وبيته، ويكون أكثر إهانة لكِ، وأقنعتها بأن الطلاق سيعقَّد المشكلة ولن يحلها على الإطلاق، وسيكون هناك ضحايا؛ 3 أطفال في سن يحتاجون فيه للأب، بالإضافة إلى الزوجة الجديدة، سنجني عليها من أجل حل مشكلة امرأة أخرى - الزوجة الأولى-.. هدأت واقتنعت بالكلام وبالفكرة ورجعت لبيتها، ورجعت لزوجها، وهو رجع معها أفضل مما كان عليه في الأول، واستقامت الحياة بشكل جيد جداً.
أحوال المرأة العربية
- كشفت أرقام رسمية صادرة عن وزارة التخطيط في المملكة العربية السعودية أن ظاهرة العنوسة "بدأت تتفشى في المجتمع السعودي بشكل كبير"... وأكدت الإحصاءات أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث الفتيات السعوديات في سن الزواج، وأن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيا ـ وهو 30 عاما ـ بلغ حتى نهاية عام 2002 حوالي "مليون و813 ألف فتاة"!
- وفي دولة الإمارات العربية بلغت نسبة العنوسة بين الفتيات 68% وهي تعني باختصار أن في كل بيت فتاة عانسا.
- وكشفت دراسة إحصائية أجراها المجلس القومي للسكان في مصر، ونشرتها مجلة المستقبل في عددها رقم 151 الصادر في ذي القعدة 1424 عن تفشي ظاهرة الزواج السري، خاصة بين طالبات الجامعات المصرية، وبينت الإحصاءات وجود 400 ألف حالة زواج سري، وأن أغلب الحالات بين الشباب والفتيات الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 ـ 30 سنة، وأن نسبة الزواج السري بين طالبات الجامعة تشكل 6% من مجموع الطالبات المصريات.
-وكشفت دراسة أخرى للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر عن وجود 30 ألف حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم.
المجتمعات الأخرى والتعدد:
بدأت الدول الغربية الآن تطالب بالتعدد وتدعو إلى تطبيقه بعدما رأت ما حل بمجتمعاتها من فساد وانحراف؛ نتيجة لعدم تطبيق الشرع الرباني فيها وسماحهم باتخاذ العشيقات، حتى أثر ذلك في بعض مجتمعات تلك الدول، فضعف نسلها وقلت مواليدها قلة تهدد بالانقراض، ونتيجة لذلك فقد صرحت بعض المثقفات من النساء الغربيات بتمني تعدد الزوجات للرجل الواحد لكي يكون لكل امرأة قيم وكفيل من الرجال تركن وتأوي إليه، وليزول بذلك البلاء عنهن وتصبح بناتهن ربات بيوت وأمهات لأولاد شرعيين. ويقول الكاتب الإنجليزي "برتراندرسل": "إن نظام الزواج بامرأة واحدة وتطبيقه تطبيقاً صارماً قائم على افتراض أن عدد أعضاء الجنسين متساو تقريباً، وما دامت الحالة ليست كذلك فإن في بقائه قسوة بالغة لأولئك اللاتي تضطرهن الظروف إلى البقاء عانسات".
حقائق وإحصائيات تفضح واقع المرأة الغربية:
- يغتصب يومياً في أمريكا 1900 فتاة، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن!!
- يقتل سنويا في أمريكا مليون طفل، ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة!!
- بلغت نسبة الطلاق في أمريكا 60% من عدد الزيجات!!
- وفي بريطانيا 170 شابة تحمل سفاحاً كل أسبوع.
- في أسبانيا سجلت الشرطة أكثر من 500 ألف بلاغ اعتداء جسدي على المرأة في عام واحد وأكثر من حالة قتل واحدة كل يوم!!
* في أمريكا أثبتت مراكز دراسات وبحوث أمريكية عديدة هذه الإحصائية التالية:
ـ (1.553.000) حالة إجهاض أجريت على النساء الأمريكيات سنة 1980م (30%) منها لفتيات لم يتجاوزن العشرين من أعمارهن. بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك!!
- 82 ألف جريمة اغتصاب منها 80% وقعت في محيط الأسرة والأصدقاء.
- يتم اغتصاب امرأة واحد كل 3 ثوان ٍ سنة 1997م.
- 74% من العجائز النساء فقيرات، و85% منهن يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعدة.
- مليون امرأة تقريباً عملن في البغاء بأمريكا خلال الفترة من 1980م إلى 1990م.
- 2500 مليون دولار الدخل المالي الذي جنته مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية سنة 1995م.
* أسبانيا تموت من الداخل!
يتحدث الدكتور (سايمونس مور) - وهو شاهد من أهلها - عن وضع المرأة في الغرب؛ فيؤكد أن العلاقة غير الشرعية مع المرأة لم يتولد معها غير الخراب الاجتماعي، فيقول: "تؤكد آخر الإحصائيات عن أحوال المرأة في العالم الغربي بأنها تعيش أتعس فترات حياتها المعنوية، رغم البهرجة المحاطة بحياة المرأة الغربية التي يعتقد البعض أنها نالت حريتها، والمقصود من ذلك هو النجاح الذي حققه الرجل في دفعها إلى مهاوي ممارسة الجنس معه دون عقد زواج يتوّج مشاعرها ببناء أسرة فاضلة. وهناك اعتراف اجتماعي عام بأن المرأة الغربية ليست هي المرأة النموذجية، ولا تصلح أن تكون كذلك وهي تعيش حالة انفلاتها مع الرجال".
ومشاكل المرأة الغربية يمكن إجمالها بالأرقام؛ لتبيّن مدى خصوصية تلك المشاكل التي تعاني منها (مع الإقرار أن المرأة غير الغربية تعاني أيضاً من مشاكل تكون أحياناً ذات طابع آخر):
- تراجع متوسط الولادات في إسبانيا من (1.36) لكل امرأة سنة 1989م إلى (1.2) سنة 1992م، وهي أقل نسبة ولادة في العالم.
- 93% من النساء الإسبانيات يستعملن حبوب منع الحمل وأغلبهن عازبات.
• من أسباب التعدد:
لا شك أن التعدد هو أقوم الطرق وأعدلها؛ لأمور يعرفها العقلاء بعيداً عن العواطف والمجاملات، منها:
- من سنن الله في الكون أن الرجال أقل دائماً من النساء في كل إحصائيات الدنيا تقريباً، وأكثر تعرضاً للهلاك في جميع ميادين الحياة كالحروب وحوادث السيارات ونحو ذلك، مما يجعل دائماً عدد النساء أكثر من الرجال، فلو اقتصر الرجل على امرأة واحدة لبقي عدد كبير من النساء من غير زواج، مما يؤدي إلى انتشار العديد المشكلات الاجتماعية، كما هو موجود الآن في كثير من الدول الغربية.
- قد يتزوج الرجل بامرأة عاقر وهو يريد الأولاد، أو قد يتزوج بامرأة ثم تمرض مرضاً طويلاً، فماذا يفعل؟ هل يطلقها لأنها عاقر أو لأنها مريضة؟ أو يبقيها ويبقى هو مريضاً معها أو بدون أولاد؟ إنه إن طلقها لأحد هذه الأسباب؛ فإن هذا من سوء العشرة وظلم للمرأة، وإذا بقي هو معها على هذا الحال فهو ظلم له أيضاً؛ فالحل إذاً أن تبقى زوجة له معززة مكرمة ويتزوج بأخرى.
- غالبا ما تكون النساء مستعدات للزواج في أي وقت؛ إذ ليس عليهن تكاليف مادية، أما كثير من الرجال فقد لا تكون له قدرة على متطلبات الزواج إلا بعد وقت طويل، فإذا كان كذلك فهل تتعطل النساء بدون زواج وهن جاهزات؟ فإن كان بعضهم لا يجد مهراً فإن هناك من عنده القدرة على المهر ممن يتزوج ويرغب في أخرى، فهل تتعطل المرأة لهذا السبب؟ إن هذا فيه ظلم كبير للمرأة.
وأخيرا لماذا يلام الرجل على التعدد؟ ولا تلام المرأة على القبول بأن تكون زوجة ثانية وثالثة؟!
إن المرأة التي تقبل بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة هي بالتأكيد في حاجة إلى رجل يرعاها ويعفها؛ فإن لم تقبل بالزواج الثاني فهل تلجأ إلى الحرام؟!
18/04/1425
06/06/2004
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/428)
واقع المرأة الدعوي
الشيخ / عوض بن محمد القرني
1- ضعف الاهتمام بدعوة المرأة، ويظهر ذلك من خلال:
ـ مقارنة البرامج الدعوية الخاصة بالنساء بمثلها الخاصة بالرجال من حيث عدد البرامج وتنوعها وفاعليتها واستمرارها.
ـ مقارنة عدد العاملات في مجال الدعوة بعدد العاملين من الرجال.
ـ مقارنة عدد وإمكانات المؤسسات المهتمة بدعوة المرأة مع مثيلاتها المهتمة بدعوة الرجال.
2- التقصير في تأهيل المرأة للدعوة.
ويظهر ذلك من خلال:
ـ عدد الدارسات في أقسام الشريعة وأصول الدين والدعوة مقارنة بأعداد الرجال.
ـ عدد النساء المستفيدات من الدورات العلمية مقارنة بأعداد الرجال المستفيدين من تلك الدورات.
ـ أعداد العاملات في حلقات القرآن مقارنة بالرجال في الميدان نفسه.
ـ أعداد المحتسبات العاملات في مجال الدعوة مقارنة بالرجال.
3- مظاهر الواقع الدعوي للمرأة:
برامج دعوية يستفيد منها الرجال والنساء وينفذها الرجال، وهذه شبه مقصورة على المحاضرات والدروس في المساجد التي فيها أماكن للنساء، وهي قليلة بالنسبة إلى المساجد التي لا يوجد فيها أماكن خاصة بالنساء.
- برامج دعوية يستفيد منها النساء فقط وينفذها الرجال مثل المحاضرات والمواعظ في كليات ومدارس البنات.
- برامج دعوية يستفيد منها النساء، وينفذها النساء مثل المحاضرات والدورات العلمية والدروس في كليات ومدارس البنات وحلقات التحافيظ النسائية.
* مقترحات للتطوير:
- تفعيل اللجان النسائية في المؤسسات الخيرية ودعمها بالإمكانات البشرية والمادية.
- إنشاء أقسام نسائية في مكاتب الدعوة وتوظيف داعيات مؤهلات.
- التوسع الكبير في الإذن للداعيات والمحتسبات وتشجيعهن ودعمهن لممارسة دورهن.
- توظيف مؤهلات شرعيات في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- التوسع في إنشاء حلقات تحفيظ القرآن الكريم النسائية، وإنشاء أقسام نسائية في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم.
- التركيز على تأهيل النساء الداعيات علمياً ومهنياً والتوسع في ذلك.
- إنشاء مؤسسات في المناطق والمحافظات توفر الأماكن والإمكانات لممارسة المرأة لدورها الدعوي، ويشرف على تلك المؤسسات إما وزارة الشئون الإسلامية أو تعليم البنات أو المؤسسات الخيرية.
- تجديد وتطوير الخطاب الدعوي النسائي بما يتفق مع مقتضيات العصر وحاجات المجتمع.
- التوسع في الاستفادة من تقنيات العصر في الدعوة النسائية.
- التأكيد على الدعاة من الرجال والنساء بالتركيز على خصوصية المنهج الإسلامي في قضايا المرأة، وبيان خطأ بعض الممارسات والتقاليد الاجتماعية، وكشف زيف وخطورة الشبهات التي يثيرها المستغربون ومن خُضع بهم في هذا الموضوع.
http://www.dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/429)
صاحبة القصة نموذج للمرأة المسلمة المعتزة بكرامتها المراقبة لخالقها قصة المجادلة.. قطوف تربوية
د. حمدي شعيب
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: "وَاللَّهِ، فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل - صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ. قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي. قَالَتْ فَقُلْتُ: كَلا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ. قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ. قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: يَا خُوَيْلَةُ، ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ. فَقَالَ لِي: يَا خُوَيْلَةُ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ. ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير (1) (المجادلة 1) إِلَى قَوْلِهِ وللكافرين عذاب أليم (4) (المجادلة)، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً. قَالَتْ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ. قَالَ: فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. قَالَتْ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ. قَالَ: فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ. قَالَتْ قُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا ذَاكَ عِنْدَهُ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ. قَالَتْ فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ. قَال: قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا. قَالَتْ فَفَعَلْتُ". قَالَ سَعْدٌ: "الْعَرَقُ: الصَّنُّ". (1).
وردت هذه القصة، في مطلع سورة (المجادلة).
وفي هذه السورة نشهد صورة موحية من رعاية الله للجماعة الناشئة؛ وهو يصنعها على عينه، ويربيها بمنهجه.
هذه الفترة الفريدة في تاريخ البشرية؛ فترة اتصال السماء بالأرض في صورة مباشرة محسوسة، فنشهد السماء تتدخل في شأن يومي لأسرة صغير فقيرة مغمورة، لتقرر حكم الله في قضيتها". (2).
وبتدبر آيات القصة يمكننا أن نضع أيدينا على بعض السمات أو الركائز؛ التي تجعل من خولة - رضي الله عنها -، شاهدة صادقة وموثقة على عصرها؛ ولتكون خير دليل، وبرهان عملي على مكانة المرأة في هذا المجتمع الرباني.
السمة الأولى: قدرتها على إدارة الأزمة:
لقد أوضحت خولة بنت ثعلبة - رضي الله عنها -، أن سبب المشكلة، وبداية القضية؛ أنها راجعت زوجها أوس بن الصامت أخا عبادة ابن الصامت - رضي الله عنهما - في شيء مما أثار غضبه، فقال لها: أنت عليّ كظهر أمي؛ أي محرمة عليّ، وهو من الطلاق في الجاهلية.
ثم بعد ذلك أراد زوجها - رضي الله عنه - أن يباشرها فأبت، وخرجت قاصدة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شكواها، ورفع القضية إليه.
وقد ورد أن أوساً كان "امرءاً به لمم فكان إذا أخذه لممه واشتد به يظاهر من امرأته وإذا ذهب لم يقل شيئاً". (3).
وسنرى كيف تصرفت خولة - رضي الله عنها - تصرفاً راقياً حيال هذه المشكلة.
السمة الثانية: فقهها لأدب الاختلاف:
وعندما نورد هذا المثال إنما نورده، لنفتح باباً في التربية، وهو أنه إذا كان هؤلاء بشراً يخطئون، ويتشاحنون، ويختلفون، ولكن كان يظلل هذا الخلاف ضوابط معينة؛ لم تك تغيب عن امرأة من ذلك الجيل القرآني العظيم.
"وليس هذا من باب الطعن بالسلف بحالٍ من الأحوال، ونعلم أن الله - سبحانه - يزن المسلمين بميزان سورة الأحقاف: أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون 16. (الأحقاف) "نعم إنه ليس الطعن، ولكنها دعوة إلى الواقعية في فهم تاريخنا". (4).
وندرك أيضاً أن الاختلاف بين البشر سنة ثابتة ومطردة، من سنن الله - عز وجل - الإلهية. ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين 118 إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين 119. (هود)
إذن لا يحق لنا أن نذهل أمام المشكلات والخلافات؛ التي تقع سواء على محيط الأفراد، أو على محيط الأسرة الواحدة، أو على محيط المؤسسات.
ولكن الخطورة هي أن ينقلب هذا الخلاف الظاهري إلى خلاف باطني مذموم، بل ومحرم: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"(5).
والعجيب أننا لا نعي ولا نستفيد مما وصل إليه الإداريون التربويون، في هذا الجانب؛ لقد وصلوا إلى خلاصة تعتبر قاعدة تربوية دعوية، نحن أحق بأن نعيها، وهو أن الخطأ يعتبر ظاهرة صحية في حق الجماعات، وليس الأفراد فقط؛ لأنه طريق التجربة والرصد والمعرفة ثم النماء إلى ما هو أفضل، "فالقائد يدرك أن للجماعة الحق في أن تُخطئ، وأنها لا تنمو إلا إذا تعلمت كيف تتحمل المسؤولية كاملة لِمَا تُصدره من قرارات وما تحسمه من أمور"(6).
ومن هنا يتبين لنا ألا نذهل، ولا يصيبنا الإحباط إذا رأينا بعض الخلافات الداخلية، وننظر إليها برؤية المنهج، الذي جاء ليرقى بالبشر، من حيث هم، ولم يعاملهم كملائكة مبرؤون من النواقص.
السمة الثالثة: الورع والخوف من الله:
لقد كان موقف خولة - رضي الله عنها - عظيماً وفريداً، عندما حكت عن زوجها عندما خرج وعاد؛ فقالت: "ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ: فَقُلْتُ كَلا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ، لا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ؛ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ. قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ، فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ً".
فتدبر أحداث تلك الواقعة، والملابسات التي حدثت بين زوجين داخل بيتهما، وسلوكها الراقي الورع الذي استوعب أخطاء الزوج، من أجل عدم الوقوع فيما يغضب الحق - سبحانه -.
وتذكر كيف فقهت أن طاعة الزوج لها حدود؛ وهي طاعة مبصرة في غير معصية لله - عز وجل -؟.
ثم سرعة تصرفها وحكمتها في وجوب الإسراع في حل تلك المشكلة العائلية، من أجل المحافظة على كيان الأسرة.
وهذا ما يشعرنا بالمستوى الراقي من الأخلاق والورع، الذي ربيت عليه المرأة في هذا المجتمع الرباني الفريد.
السمة الرابعة: فقهها للمرجعية:
لقد حملت خولة - رضي الله عنها - شكواها إلى الحبيب - صلى الله عليه وسلم -.
فلم تذهب لغيره - صلى الله عليه وسلم -، حتى وإن كانت عائشة رضوان الله عليها، وتدبر كيف أن خولة - رضي الله عنها - أتت إلى بيتها وانفردت به ص ولم تشرك أحداً في حل قضيتها.
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصْوَاتَ. لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُكَلِّمُهُ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل - (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) إِلَى آخِرِ الآيَةِ"(7).
وهذا يضع أيدينا على سمة أخرى، نستشعرها من هذا التصرف.
لقد كانت مثل أي فرد داخل هذا المجتمع تقر وتعلم أن لها قيادة ومرجعية تنظيمية يرجع إليها.
ويوضح هذا الملمح أيضاً أهمية وجود روح الانضباط التنظيمي، داخل الأمة، ووجوب تنميتها، خاصة بين أفراد كل جماعة تتبنى المشروع الحضاري الإسلامي، وركن ذلك أن يعي كل فرد أن له قيادة ومرجعية يعود إليها.
السمة الخامسة: شجاعتها الأدبية وقدرتها على الحوار:
لقد ورد عن خولة - رضي الله عنها -، أنها كانت تتمتع بقدرة فائقة، على الحوار؛ حيث عرضت قضيتها بشجاعة وثقة ولباقة.
وتدبر كيف بدأت شكواها، هي تقول:
"يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي، ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك". (8)
ثم في حوارها وجدالها في رأي الحبيب - صلى الله عليه وسلم -:
"فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقال لها: "حرمتِ عليه" فقالت: والله ما ذكر طلاقاً، ثم قالت: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ووحشتي وفراق زوجي وابن عمي وقد نفضت له بطني، فقال: "حرمت عليه"، فما زالت تراجعه ويراجعها حتى نزلت عليه الآية.
وروى الحسن: أنها قالت: يا رسول الله! قد نسخ الله سنن الجاهلية وإن زوجي ظاهر مني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما أوحى إلي في هذا شيء" فقالت: يا رسول الله، أوحي إليك في كل شيء وطوي عنك هذا؟!. فقال: "هو ما قلت لك" فقالت: إلى الله أشكو لا إلى رسوله. فأنزل الله: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله(المجادلة: 1)(9).
وكذلك في حوارها وجدالها في الحل الرباني الذي جاءت به الآيات:
بل إنها كانت طوال حياتها على هذه السمة المميزة لها.
فقد "مر بها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خلافته والناس معه على حمار فاستوقفته طويلاً ووعظته وقالت:
يا عمر قد كنت تدعى عميراً، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وهو واقف يسمع كلامها، فقيل له:
يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟
فقال: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ ". (10).
السمة السادسة: اعتزازها بكرامتها وإنسانيتها:
لقد ورد في أمر خولة - رضي الله عنها - أن أمها معاذة التي أنزل الله فيها: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا(النور: 33) وهي الأمة التي كان عبد الله بن أبي بن سلول يكرهها على البغاء والزنى والفجور، فأبت ذلك ونزلت فيها هذه الآية. (11).
ونستشعر من ذلك؛ ملمحاً تربوياً طيباً؛ وهو أن خولة - رضي الله عنها - قد نشأت متأثرة تأثراً بالغاً بأمها معاذة التي كانت مجرد أمة مملوكة؛ ولكنها لم تك إمعة أو سهلة أمام سيدها الذي أكرهها على الفسق فرفضت وكان لها موقفاً، زكاه الله - عز وجل - من فوق سبع سماوات.
ولو تدبرنا محور الآيات التي نزلت في خولة وأمها - رضوان الله عليهما -؛ نجدها تدور حول قوة الشخصية، والاعتزاز بالرأي طالما كان على الحق.
السمة السابعة: احترام خصوصية الزوج:
وهناك ملمح تربوي عظيم نستشعره من الحديث الشريف الذي ورد عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، قَالَت: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَشْكُو زَوْجَهَا وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها... إلى آخر الآية". (12)
فعائشة - رضي الله عنها - وهي من هي لم تشأ أن يدفعها الفضول لترى أو تتسمع ما يحدث في بيتها بين زوجها - صلى الله عليه وسلم -، وبين أحد الضيوف؛ خاصة عندما يكون امرأة.
وهو الملمح الذي يبين مدى سعة أفق هذا الجيل الرباني، ومدى السمو في العلاقات الزوجية، ومدى الثقة التي كانت بين الزوجين.
وكذلك مدى النضج في تربية المرأة وأخلاقياتها، في احترام خصوصية الزوج، وعدم الفضول في هتك أسراره، والتدخل في علاقاته الخاصة.
السمة الثامنة: الثقة في القيادة الواعية:
عندما حملت خولة - رضي الله عنها - شكواها إلى الحبيب - صلى الله عليه وسلم - أخذ الأمر بجدية وحقق في الأمر.
وتصرفه - صلى الله عليه وسلم - إنما يدل على أمور عظيمة، تضع الضوابط المطلوب توافرها في كل قيادة راشدة.
تلك الصفات هي التي جعلت كل فرد يرجع إليها في كل شيء، حتى ولو كانت مشكلة داخلية عائلية، لا يدري بها أحد.
ومن هذه الصفات:
(أ) الشعور بالمسؤولية: لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان على الرغم من مشاغله كحاكم مسؤول عن دولة عظيمة مترامية الأطراف، كان عنده الوقت ليفصل في الأمور الحياتية العادية بين الأفراد.
(ب) التواضع: لأنه - صلى الله عليه وسلم - وهو من هو لم يدّع الدراية بكل شيء، بل قال رأيه، وسمح لخولة - رضي الله عنها - أن تحاوره.
(ج) الحيادية والتروي والعدل: وذلك عندما نرى أنه - صلى الله عليه وسلم - قد قال لخولة - رضي الله عنها - مذكراً إياها بحساسية القضية، فرد غيبة زوجها: "يَا خُوَيْلَةُ، ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فيه".
وكم من أُخذ بجريرة الوشايات، ولم يُستمع إلى رأيه؟!.
(د) الرفق بالرعية: خاصة إذا كان المقصود فرداً غائباً، وتدبر نصيحته - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا".
(ه) الثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم: وهذا هو حجر الزاوية؛ أو هي القاعدة التي تقوم عليها كل الصفات.
وهو ما يتضح من توجه خولة - رضي الله عنها - بشكواها لثقتها أنه سينصرها ويأتي لها بحقها لأن الكل عنده سواسية.
ــــــــــــــــ
الهوامش
(1) مسند الإمام أحمد كتاب: مسند القبائل حديث مرفوع برقم 56. 26.
(2) في ظلال القرآن: سيد قطب، بتصرف.
(3) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير تفسير سورة المجادلة.
(4) العوائق: الراشد 306.
(5) رواه البخاري، الجامع الصغير 2-494.
(6) كيف نعد قادة أفضل؟: ترجمة د. حسين حمدي الطويحي 21 نقلا عن: القيادة: جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين 57.
(7) مسند الإمام أحمد كتاب: باقي مسند الأنصار مرفوع إلى النبي ص برقم 23064.
(8) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير تفسير سورة المجادلة.
(9) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي تفسير سورة المجادلة.
(10) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي تفسير سورة المجادلة.
(11) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير تفسير سورة النور.
(12) سنن ابن ماجه كتاب: المقدمة حديث شريف مرفوع إلى النبي ص برقم 148.
http: //www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/430)
السرقة الحلال - كيف تسرقين قلب زوجك ? ( 1 )
كانت صديقتي على سفر..اتخذت كل احتياطات تأمين شقتها، مزاليق تستعصي على الفتح، نوافذ حديدية، وسافرت للمصيف مع أسرتها مطمئنة، وعندما عادت فوجئت بسرقة كل ما خف حمله وغلا ثمنه من بيتها، انهارت صديقتي، ومن وسط دموعها لم أستطع التقاط سوى عبارة واحدة كانت ترددها طوال نحيبها:
كيف دخلوا بيتي؟
كيف فتحوه رغم كل ما اتخذناه من حيطة وحذر؟
أي مفاتيح استخدمها هؤلاء الشياطين؟
واسيتها ودعوتها للاسترجاع وقلتُ لها صادقة: إن عودتها وأسرتها بسلامة الله من سفر بعيد نعمة جزيلة لا يضاهيها شيء، وتركتها داعية لها بالخلف والعوض، وفي طريقي رددت ذات السؤال المحير الذي رددته هي:
كيف فتحوا المزاليق القاسية؟ وألانوا النوافذ الحديدية؟
ووجدتني أتخيل بيت صديقتي كقلب رجل تجتهد شريكته أن تفتحه وتسكنه ملكة متوجة وسألتُ نفسي:
هل يمكن أن يكون اللصوص أمهر وأذكى من زوجة محبة متفانية معطاءة حانية؟
وهل تلك الشريكة التي تفني نفسها ليل نهار من أجل زوجها وأبنائها يمكن ألا تمتلك بجوار صبرها وتحملها واحتسابها مفاتيح قلب زوجها؟
وهل يمكن أن تذوب الزوجة كشمعة وهي تعطي، ومع ذلك يوصد دونها قلب زوجها؟
عزيزتي الزوجة المسلمة:
كثيرات من نسائنا يعيش معهن أزواجهن بحكم الإلف والعشرة لا بدافع الحب، وعدم القدرة على الاستغناء، واعتادوا عليهن، وقد لا يصعب عليهن حين تقع الفأس في الرأس أن يعتادوا على غيابهن، فالقلوب مغلقة، والمشاعر محايدة، والنبض لا يهتف باسم شريكة الحياة، والشوق لا يحفز الزوج لكي يهرول إلى عشه بعد يوم عمل طويل لينعم بصحبة شريكة كفاحه.
قد أظن ويظن معي كثيرون وكثيرات أن ولوج قلب الزوج أو الزوجة مغامرة شاقة ومهمة عسيرة، ولكن عن خبرة شخصية وسماعية، بوسعي أن أؤكد أن الأمر أيسر مما يتخيلن وتحكمه معادلة:
حب + صبر + دأب سعادة في الدنيا وأجر في الآخرة.
وكلما كان النظر بعيدًا كانت الجهود أهون والمحاولة أنجح، وأثر التحبب حبًا، والتودد ودًا، وتدفقت الكلمة الحلوة أنهارًا من عسل السعادة والاستقرار والوفاق.
عزيزتي الزوجة المسلمة: اجتنبي 'الأخطاء العشرة'
هناك عشرة أخطاء مدمرة من قبل الزوجة كثيرًا ما تكون من أسباب الطلاق أو النفور الشديد والبغض من قبل الزوج.. عليكِ أن تتعرفي عليها مخافة الوقوع فيها قبل أن نمسك بمفاتيح قلب الزوج، والأخطاء هي:
1ـ استحداث المشكلات الشديدة مع أهله عمومًا، مما يجعل الزوج في حيرة بين حب أهله وزوجته، وبالتالي يقلل ذلك من حبه واحترامه لها.
2ـ التكلم عن أمه أو والده بشيء سيئ.
3ـ إهانة الزوج وخاصة أمام الآخرين.
4ـ جرح الزوج في كرامته ورجولته ولو على سبيل المزاح.
5ـ عقد المقارنة بينها وبينه في الأمور التي تتفوق فيها عليه كالمال أو العلم أو النسب وغيرها.
6ـ إزعاجه بالتذمر والشكوى عمومًا من حالها وبشكل دائم ومستمر.
7ـ عدم الاهتمام بتوفير الراحة والهدوء في مكان ووقت نومه، وقد قيل: إن من أخطر الأمور في الحياة الزوجة أن تضايق الزوجة زوجها في وقت نومه كأن تقوم بتشغيل المكنسة أو الغسالة أو لا تهتم بتهدئة الأطفال، مما يبغض الزوج في منزله، وقديمًا قالت أم إياس لابنتها في وصيتها: احفظي له خصالاً عشرًا تكن لكِ ذخرًا منها: أما الخامسة والسادسة: فالتعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
8ـ عدم الاهتمام بطعامه وملابسه ونظافة منزله، فالزوج قد يصبر لفترة على عدم توفير الطعام الجيد أو الملابس النظيفة المرتبة، لكنه حتمًا سيطفح به الكيل وينفر من الزوجة بشدة بعد ذلك.
9ـ الامتناع عن الزوج دون عذر.. وهذا من أهم الأسباب لبغض الزوج لها وأيضًا تبيت الملائكة تلعنها.
10ـ الظهور أمام الزوج بالمظهر الرث والمنفر، وبخاصة فيما يتعلق بالنظافة الشخصية.
أتبع مع زوجي سياسية السحر الحلال:
قالت إحدى الزوجات: الكلمة الحلوة نوع من السحر الحلال، ومحاولة امتصاص الغضب وعدم التأثر النفسي على حساب علاقتي بزوجي، وعدم مناقشته أثناء الغضب، بل إنني أسعى دائمًا للتأكيد على أن رضا زوجي هو أهم شيء في حياتي.
وكل رجل له مفتاح لشخصيته، وعلى كل زوجة أن تعرف هذا المفتاح، فأحيانًا يسعد الرجل إذا كانت زوجته على وئام مع أهله، وأحيانًا أخرى إذا حققت الزوجة بعض الأشياء التي يحبها كأن تزينت له أو أعدت له طبقًا مفضلاً أو استقبلته بشكل معين... والأهم عندي أن كل شيء في حياتنا يخضع للتفاهم والاتفاق، وأنا أسعى دائمًا للاقتراب من زوجي وأحاول أن أحب الأشياء التي يحبها، فالتقارب الزوجي له أثر كبير في استقرار الحياة الزوجية ' اهـ.
إذا أردت عزيزتي الزوجة امتلاك مفاتيح السرقة ـ سرقة قلب الزوج ـ فتابعي معي المقال التالي على موقعنا:
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
20 ذو الحجة 1425هـ - 30 يناير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/431)
وهذه مفاتيح السرقة الحلال ! ( 2 ) كيف تدخلين قلب زوجك ؟
سؤال يطرح نفسه قبل أن تمتلك الزوجة مفاتيح قلب زوجها.
عزيزتي الزوجة المسلمة هناك عدة أمور تدخلين بها قلب زوجك فلا يعود ينظر لغيرك وهي:
1ـ لين الحديث.
2ـ حفظ الزوج.
3ـ العبادة والذكر.
4ـ التطيب واللباس.
5ـ تحضير الطعام.
واليك عزيزتي الزوجة التفاصيل:
[1] لين الحديث:
استقبليه بابتسامة وودعيه بابتسامة، واسألي عن حاله وأحواله ولا تتدخلي بأعماله، تجاذبي معه أطراف الحديث ولا تذكِّريه منه بالجانب الخبيث، أسمعيه كلامًا طيبًا وأظهري له جانبًا لينًا، فإذا أخطأ فلا تلوميه وقولي له كلامًا يرضيه، وإذا طلبتِ منه شيئًا فلم يلبِّه فلا تعانديه بالقول الفظيع فينفر منك، ويدب بينكما النزاع والخصام، وقد يدوم ساعات وأيامًا، أطيعيه بما يرضي الله وبما يريد، ولا تكوني قاسية كالحديد، عندها سيصُبُ غضبه بالتهديد والوعيد، فلا ينفع بعدها إصلاح ذات البين في وقت شديد، وتذكري قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك حيث قال: 'إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت'.
[2] حفظ الزوج:
كوني له مستودع الأسرار، ولا تفشي شيئًا منها خارج الدار، وكُنّي له كل احترام واقتدار، وإذا قدر ودب بينكما الغضب والشجار، فلا تذكري له شيئًا من هذه الأسرار، عندها سيندم على كل حديث بينكما دار، ولا تنسي أن تحفظي له العرض والدار، ولا تسمحي لأي غريب أن يتخطى عتبة الدار، وفي عهد عمر قالت زوجة مؤمنة غاب عنها زوجها:
مخافة ربي والحياء يصدني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
وإذا أردت أن تخرجي فاخرجي باستئذان، عندها ستكون حياتك بأمان، حافظي على أمواله وتربية عياله، واذكري قوله - تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}.
[3] العبادة والذكر:
لا تنسي ذكر الله، ولا تجعلي التلفاز وغيره لكِ ملهاة، فيموت قلبه نحوك فليس لك سواه، إذا نسى الصلاة فذكريه، وصلي أمامه لتسعديه، وحافظي على الصلوات الخمس، واذكري الله دائمًا بالجهر والهمس، ولا تهملي ماذا أراد زوجك اليوم وماذا طلب بالأمس، وازني بين العبادة وبين رغبات الزوج دون نقص.
[4] التطيب واللباس:
اظهري لزوجك بأجمل الثياب، وتزيني وتطيبي له بأطيب الأطياب، فإن الرجل يحب أن يرى زوجته جميلة المظهر، بهية الطلعة، ارتدي له الألوان الزاهية، ونوعي له اللباس كل يوم، أنصحك بالتبرج داخل المنزل ولزوجك، كوني كالفراشة حوله، اختاري الألوان التي يحبها، تجملي له وليني له الكلام، بذا يزيد الشوق لك والهيام.
[5] تحضير الطعام:
اطهي له أشهى الطعام، وجهزي له السرير بعدها لينام، كوني له الطاهية، ولا تجعلي الخادمة هي الآمرة الناهية، اسأليه ماذا يحب من أصناف الطعام، وأظهري له الود والاحترام، فإذا لم يعجبه ذلك اليوم طبخ الطعام، فلا تتركيه غضبان لينام، وهنا قد يتلفظ بالشتائم ويكون يومك هو اليوم الغائم، فاصبري على ذلك لتنالي الأجر الدائم.
وتذكري قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 'ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود الولود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضًا حتى ترضى'.
عزيزتي الزوجة..إذا اتبعتِ هذه النصائح فسوف تعيشين في سعادة، وتجدين فوق ذلك زيادة، وسترفرف على أسرتكما أجنحة الرضا والسعادة.
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
أدعو كل زوجة محبة أن تجرب تلك المفاتيح لتسرق قلب زوجها:
ـ مفتاح الصمت والابتسامة الودود.
ـ مفتاح التذكرة.
ـ مفتاح الإصلاح.
ـ مفتاح الثقة.
ـ مفتاح زرع الهيبة.
ـ مفتاح الاحترام.
ـ مفتاح التفاخر والتماس الأعذار.
ـ مفتاح الجاذبية.
ـ مفتاح الإنصات والاهتمام، واليك مواقف استخدام هذه المفاتيح:
• حين ينفعل زوجك ويغضب، عليك بمفتاح الصمت والابتسامة الودود، ثم الربتة الحانية حين يهدأ، والسؤال المنزعج بلسان يقطر شهدًا: ما لك يا حبيبي؟
• حين يقصر في العبادة وتشعرين بفتوره، عليك بمفتاح التذكرة غير المباشرة بجُمَل من قبيل: سلمت لي.. فلولا نصحك ما حافظت على قيام الليل، سأنتظرك حتى تعود من المسجد لنصلي النوافل، هل تذكر جلسات القرآن في أيام زواجنا الأولى كانت أوقاتًا رائعة، وكل وقت معك رائع، مسارعتك إلى الصلاة بمجرد سماع النداء تشعرني بالمسؤولية والغيرة، جمعنا الله في الجنة ورزقنا الإخلاص والملامة على الطاعة.
• إن لمستِ منه نشوزًا فلن تجدي أروع من مفتاح الإصلاح الذي ينصحك به الله - تعالى -، توددي واقتربي وراجعي تصرفاتك، تزيني، ورققي الصوت الذي اخشوشن من طول الانفعال على الصغار، صففي الشعر الجميل الذي طال اعتقاله في شكل واحد.
• حين تحدث له مشكلة في عمله جربي مفتاح بث الثقة، واسيه وشجعيه، قولي له: ما دمت ترضي الله، فالفرج قريب، وبالدعاء تزول الكربات.
• أمَّا وأنتما مع أولادكما فلا تنسيْ مفتاح زرع الهيبة، أشعريه بأنه محور حياتكما، إن عاد بشيء مهما كان قليلاً فأجزلي له الشكر، وقولي لأولادك بفرحة حقيقية: انظروا ماذا أحضر لنا بابا أبقاه الله وحفظه، إياك أن تسمحي لأحد الأولاد أن يخاطبه بـ'أنت' دون أن تنظري إليه بعتاب، وتحذريه من أن يكررها ويخاطب أباه بغير أدب، على مائدة الطعام احرصي على ألا يضع أحد في فمه لقمة قبل أن يجلس ويبدأ هو بالأكل، وحين يخلد إلى النوم والراحة حولي بيتك إلى واحة من الهدوء، وألزمي صغارك غرفة واحدة دون أصوات عالية أو تحركات مزعجة.
• مع أهله وأهلك اصطحبي مفتاح الاحترام، وأنتما وحدكما استخدمي مفتاح الأنوثة والجاذبية.
• وهو يتحدث افتحي مغاليق نفسه بمفتاح الإنصات والاهتمام وإظهار الإعجاب بما يقول وتأييده فيه.
• في أوقات الخلاف استعيني بمفاتيح التفاخر والتماس الأعذار، وحسن الظن، والرغبة في التصافي.
عزيزتي الزوجة المسلمة:
إن كنت تحبين زوجك وتريدين أن تمضي عمرك معه فستجدين ـ بعون الله ـ لكل باب مغلق مفتاحًا يجعله طوع يمينك، ومهما كان زوجك عمليًا غير رومانسي فإن قلبه لن يكون أكثر تحصينًا من بيت صديقتي الذي فتحه اللصوص، 'وأنت لستِ لصة بل صاحبة حق'. وليس من الحكمة أن يسرق قلب زوجك سواك.
فهلمي إلى الكسب الحلال ولنعم العمل ذاك باب للسعادة في الدنيا ونيل الجنة في الآخرة.
4 محرم 1426هـ
13فبراير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/432)
نفقة الزوجة .. حدودها وصورها
نوال الطيار
تعريف النفقة
أولاً: النفقة في اللغة: تشتمل مادة (نفق) على حروف النون والفاء والقاف على أصلين صحيحين.
الأصل الأول:
1-مصدر مأخوذ من النفوق، يقال: نفق الفرس، والدابة، وسائر البهائم، ينفق، نفُوقأ، أي: ماتت، وفي حديث جابر بن سمرة: فأبى، فنفقت.. "(1) الحديث، أي: ماتت.
2-مصدر مأخوذ من الإنفاق، وهو صرف المال وفناؤه، ومنه قوله تعالى{إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق}(2). أي: خشية الفناء والنفاد(3).
3-مصدر مأخوذ من النفاق، يقال: نفق البيع نفاقاً، أي راج، ونفقت السلعة، أي: غلت ورغب فيها. ونفقة الزوجة والأقارب والمماليك مأخوذة من هذا الأصل، فالنفقة: ما أنفقت واستنفقت على نفسك وأولادك(4).
الأصل الثاني:
مأخوذ من النفق، وهو السرب في الأرض له مخلص إلى مكان ومنه قوله - تعالى -: {فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض.. }(5) الآية
والنفق في الأرض: المدخل وهو السرب(6) والجمع أنفاق، والنفقة، والنّافقاء: جحر الضب.
ومن هذا الأصل اشتقاق النفاق، لأن صاحبه يخفي خلاف ما يظهر، فكأن الإيمان يخرج، أو هو يخرج من الإيمان في خفاء، لذا فالأصل في الباب واحد وهو الخروج(7).
النفقة في اصطلاح الفقهاء:
اختلفت آراء الفقهاء - رحمهم الله - في تعريف النفقة،
لكن لعل أقربها إلى الصواب ما ذكره علماء الحنابلة، وهي أن النفقة: "كفاية من يمونه خبزاً وأُدماً وكسوة وسكنى وتوابعها"(8).
شرح التعريف:
1-كفاية: بيان بأن الواجب بالنفقة هو قدر الكفاية للمنفق عليه، ويخرج ما زاد عن الضرورة والحاجة فلا تسمى نفقة وإنما هي من باب التبرعات والهبات.
2-من يمونه: بيان لمن تشمله النفقة من زوجة أو قرابة ومن في حكمهم.
3-خبزاً وأدما وكسوة وسكنى: بيان لأنواع النفقة، وهي الحاجات التي لا يقوم حال الإنسان إلا بها.
4-وتوابعها: بيان لتوابع النفقة كثمن الماء، وتكاليف الوقود ونحوهما.
العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي:
بالنظر إلى المعنى اللغوي والاصطلاحي للنفقة، فيظهر بينهما عموم.
وخصوص، فاللغوي عام في الإخراج، والمعنى الاصطلاحي خاص بإخراج كفاية من يمونه في حال الحياة، لذا فيكون التعريف الاصطلاحي للنفقة أخص من التعريف اللغوي.
ما تشمله نفقة الزوجة:
لما كانت النفقة من ضروريات حفظ الحياة، وبها يقوم حال المنفق عليه، فقد أوجب الله - تعالى -للزوجة ما يقوم به حالها من مستلزمات الحياة الضرورية، وهي:
أولاً: الطعام:
للزوجة على زوجها قدر الكفاية، لقول الله - تعالى -: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}(9)، والمعروف هو: قدر الكفاية. ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة - رضي الله عنها -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(10)، فذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإنفاق مطلقاً دون تقييد ولا تحديد ورده للعرف(11).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(12): "الصواب المتطوع به ما عليه الأمة علماً وعملاً، قديماً وحديثاً، أن تأخذ الزوجة قدر الكفاية، ولم يقدر لها نوعاً ولا قدراً، ولو تقدر ذلك بشرع أو غيره لبين القدر والنوع، كما بين فرائض الزكاة والديات".
ثانياً: الكساء:
الكساء الواجب للزوجة هو الكساء الكامل الكافي لها بحسب العرف، وهو ما جرت به العادة في البلد من ثياب البدن بلا تقتير أو إسراف.
وهو مقدر بكفايتها، لأن الشرع أوردها غير مقدرة، وليس لها أصل يرد إليه، فيرجع في عددها وقدرها إلى العرف(13).
ثالثاً: المسكن:
لما كانت حاجة الزوجة قائمة للإيواء، وحفظ النفس والمتاع، فقد جعل الله - تعالى -سكنى الزوجة حقاً من حقوقها، على أنه يشترط فيه ما يلي:
1-أن يكون على قدر حالهما يسارا أو إعسارا(14).
2-أن يكن المسكن آمناً، بحيث تأمن على نفسها فيه، كإسكانها بين جيران صالحين(15).
3-أن يسكن الزوج زوجته في دار مفردة ليس فيها أحد من أهله، وقد اختص علماء الحنفية(16) والمالكية(17) بهذا الشرط وزاد المالكية أنه خاص بالشريفة.
وبناء على هذا القول فإذا اشترطت الزوجة على الزوج عند العقد أن تكون في بيت مستقل، فيتعين الوفاء بهذا الشرط لخبر "المسلمون على شروطهم"(18) وأما إذا لم تشترط عليه فالعرف جار على إسكانها مع أهله دون نكير. والله أعلم.
رابعاً: الخادم:
ذهب جمهور الفقهاء على أنه يجب على الزوج أن يخدم زوجته إذا كانت مريضة عاجزة عن القيام بأمور نفسها، وكذلك إذا كانت غير مريضة ولكنها ممن لا يخدم نفسه في العرف، بأن كان لها خادم في بيت أبيها، فإن على زوجها في هذه الحال إخدامها بخادم واحد لا يزاد عليه، وذهب أبو يوسف إلى أن لها أكثر من خادم إذا كانت ممن يستحق ذلك في العرف.
فإذا كانت معافاة وهي ممن يخدم نفسه في العرف، لم يجب عليه إخدامها، لأن العرف في حقها خدمة نفسها(19).
خامساً: العلاج:
ذهب الأئمة الأربعة(20) على أن العلاج لا يجب على الزوج لزوجته، ولكنه واجب عليها في مالها، فإذا لم يكن لها مال وجب على من تجب عليه نفقتها لولا زوجها كالأب والأبن، لأن الواجب على الزوج النفقة العادية، وهذه نفقة طارئة فلا تجب عليه. لكن هناك من قال بوجوب تكفل الزوج بنفقات علاج الزوجة وهو قول لبعض علماء الحنفية وبعض علماء المالكية(21) وهو الراجح إن شاء الله للأدلة التالية:
1-أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهند بنت عتبة "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وهنا أمر بأخذ الكفاية بلفظ عام، باعتبار لفظ ما، ومن كفايتها: القيام بعلاجها.
2-قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"(22). فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برزق الزوجات، وهو لفظ عام، ومن الرزق: القيام بعلاجها.
3-لأن علاج الزوجة مراد لحفظ الروح، فكأن شبيها بالنفقة(23).
4-لأن الحاجة إلى الدواء والعلاج أشد من الحاجة إلى المأكل والمشرب، فإذا وجبت النفقة وجب الدواء وهو أولى.
5-لأنه ليس من مكارم الأخلاق التخلي عن الزوجة في حال مرضها، حيث لا يخلوا حالها من أن تكون غنية فتستطيع القيام بأمر نفسها، وإما فقيرة لا مال لها، فمن أين لها المال لعلاج نفسها، هل من إكرامها ردها لأهلها ليداووها وقد قال - تعالى -: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}(24) ومن تمام الأخلاق القيام بعلاجها.
أدلة مشروعية نفقة الزوجة:
لقد ثبت وجوب النفقة للزوجة بالكتاب العزيز والسنة المطهرة والإجماع والمعقول.
أولاً الأدلة من الكتاب:
1-قال الله - تعالى -: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}(25).
وجه الاستدلال:
أمر الله - عز وجل - بنفقة وسكنى المطلقة المعتمدة، فيجب لمن هي في صلب النكاح بطريق الأولى(26).
2-قال الله - تعالى -: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}(27).
3-قال الله - تعالى -: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}(28).
وجه الاستدلال:
فرض الله - تعالى -فرائض للزوجات وما ملكت الأيمان، ومن تلك الفرائض النفقة(29).
4-قال الله - تعالى -: {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(30).
خص الله - تعالى -وجوب النفقة في حالة الولادة وهي تتشاغل بولدها عن استمتاع الزوج، ليكون ذلك أدل على وجوبها عليه في حال استمتاعه بها"(31).
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
1-قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
2-عن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال" "تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"(32).
3-قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
ثالثاً: الإجماع:
اتفق أهل العلم - رحمه الله تعالى - على وجوب نفقة الزوجات على أزواجهن البالغين إلا الناشز منهن، والممتنعة عن الطاعة، أو من حبس زوجها بدعوى منها"(33).
رابعاً: المعقول:
أن الزوجة محبوسة المنافع عليه، وممنوعة من التصرف لحقه في الاستمتاع بها، فوجب عليه مؤنتها من طعام وكسوة وسكنى، لقول - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان"(34) كالعبد الموقوف على خدمة السيد، وكما يلزم الإمام في بيت المال نفقات أهل النفير، لاحتباس نفوسهم على الجهاد"(35).
شروط وجوب نفقة الزوجة:
يشترط لوجوب نفقة الزوجة على زوجها ما يأتي:
1-أن يكون عقد زواجهما صحيحاً.
فإذا كان عقد النكاح فاسداً كالعقد بلا شهود، أو كان باطلاً كالعقد على المجوسية والمرتدة ومن لا دين لها، لم تجب النفقة لها على العاقد مطلقاً؛ لأن سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها عامة الاحتباس، ولا احتباس على المعقود عليها فاسداً، أو باطلاً، لوجوب التفرق عليهما، فلا تجب النفقة لها عليه لذلك.
وهذا الشرط محل اتفاق بين أهل العلم(36).
2-أن تسلم المرأة نفسها لزوجها أو وليها.
وذلك لأن مقصود النكاح لا يتم إلا بالتسليم، ويحصل ذلك بأن تصرح أو يصرح الولي باستعدادهما للتسليم، أو أن يظهروا بما يجري به العرف.
وكذا أن يطلب الزوج التسلم بدون ممانعة، أما إذا رضي الزوج ببقاء الزوجة عند أهلها فهذا في حكم التسلم، لأن فوت حقه في الاحتباس باختياره.
أما لو تساكتا، ومضت مدة معتبرة أو امتنعت الزوجة أو الولي من التسليم، فلا تجب لها النفقة، والدليل هو فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قصة عائشة فإنه عقد عليها لسبع سنين وبنى بها لتسع و بقيت في بيت أبيها ولم يدفع نفقة ما مضى.
3-أن يكون الرجل والمرأة من أهل الاستمتاع.
والمعنى بأن يكون الرجل ممن يطأ مثله عادة، وكون المرأة ممن يوطأ مثلها عادة.
فإذا كانت الصغيرة لا تقدر على المعاشرة الزوجية ولا إيناس الزوج أو القيام بمهام بيت الزوجية فهذه لا تستحق نفقة على زوجها.
وإن كانت تقدر على مصالح بيت الزوجية وإيناس الزوج وإمتاعه نفسياً، ولكن لا تقدر على إشباع رغبته الجنسية وجبت النفقة لها.
وبالأولى تجب النفقة لها لو كانت تقدر على إشباع رغبته الجنسية حيث لا فرق بينها وبين الكبيرة حينئذ.
هذا رأي أبي يوسف بن الحنفية(37) ورأي لبعض الشافعية(38) والحنابلة(39) والظاهرية(40) لأن الزوج بتسلمه للمرأة قد رضي بحقه ناقصاً وهو الوطء والحق له، ثم إننا لا نسلم أن الاستمتاع مقصوراً بالوطء فقط، لتحققه فيما دون الوطء، فيمكن الاستئناس والسكن إليها وهذا قدر من الاستمتاع، وهو الراجح إن شاء الله.
وأما إن كان الزوج صغيراً لا يصلح للمعاشرة الجنسية، فالصحيح من أقوال العلماء أن هذه المرأة لها النفقة، لأن المانع من كمال الاستمتاع ليس من جهتها بل من جهته، فيقاس على ما إذا كان كبيراً وسافر وتركها أو كان كبيراً ورضي ببقائها في بيت أهلها، فلا يمكنه الاستمتاع ومع ذلك عليه النفقة.
4-ألا يفوت حق الزوج في احتباس الزوجة من أجله إلا بمسوغ شرعي أو بسبب من جهته؛ لأن الاحتباس في الجملة حق للزوج، فإذا فات حقه فات ما يقابله وهو النفقة.
ويدخل تحت هذا صور منها:
1-لو امتنعت من تسليم نفسها، كما إذا امتنعت عن الانتقال إلى بيت الزوجية دون مبرر شرعي وقد دعاها الزوج، فإن كان لها مبرر شرعي في امتناعها فلا تعتبر ناشزاً، وبالتالي لا يسقط حقها في النفقة، وذلك كما لو كان امتناعها بسبب مطالبتها الزوج في دفع معجل صداقها، وكما لو كان بيت الزوجية مشغولاً بأناس يضرها ويؤذيها وجودهم معها فيه.
2-إذا امتنعت عن السفر والانتقال معه إلى بلد آخر اضطرته ظروف عمله إلى الانتقال إليه وكان مأمونها عليها.
أما لو كان سفره بقصد الإضرار بها والكيد لها فلا يعتبر امتناعها نشوزاً ومن ثم لا تسقط نفقتها.
3-إذا خرجت من بيته بلا أذن أو عذر شرعي، فإذا أذن لها وكان خروجها بسبب عذر يحتم ذلك لا تكون ناشزاً ولا تسقط نفقتها.
4-إذا فات حق الزوج بسبب من جهته، كأن يسافر فيتركها، فتجب لها النفقة، فكأن الزوج تنازل عن حقه.
قال العلامة ابن سعدي - رحمه الله -: "والصحيح وجوب النفقة لكل زوجة غير ناشز - حتى الصغيرة والمسافرة لحاجتها بإذنه ونحوهما - لأن الأصل وجوب النفقة لكل زوجة، كما تجب بقة أحكام الزوجية، ولا نسلم أن النفقة علتها إمكان التمكين فقط، بل العلة الأصيلة كونها زوجة غير ناشز، ويؤيد هذا وجوب النفقة على الزوج الصغير، وللزوجة المريضة، والحائض، المحرمة، ونحوهن، مع أن التمكين من الوطءِ غير ممكن حساً أو شرعاً. والله أعلم"[41].
----------------------------------------
(1)رواه الإمام أحمد في مسنده 5/140، ورواه أبو داوود في سننه، كتاب كتاب الأطعمة، باب: المضطر إلى الميتة 3/358 (6/38) وفيه سماك بن حرب، قال ابن حجر في تقريب التهذيب: صدوق، 1/230، ومسنده صحيح، ورجاله ثقات.
(2)سورة الإسراء: آية (100)
(3)لسان العرب 12/235.
(4)ينظر: معظم مقاييس اللغة 5/454-455، لسان العرب 11/236.
(5)سورة الأنعام، آية (35)
(6)تفسير غريب القرآن ص53
(7)معجم مقاييس اللغة 5/4540455، لسان العرب 12/36م، 37م.
(8)المبدع 8/185، كشاف القناع 5/460، الروض الندي 1/432. وعندي أن الأولى تقييد التعريف (بالمعروف) فيكون على ما يلي: (كفاية من يمونه بالمعروف من الطعام والكسوة والسكنى وتوابعها".
(9)سورة البقرة: آية (233)
(10)رواه الإمام البخاري في صحيحه، ينظر: البخاري في صحيحه، ينظر: البخاري مع الفتح، كتاب النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف 9/507 (5364)، ورواه الإمام مسلم، ينظر: صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الأقفية، باب قضية هند رضي الله عنها12/ن.
(11)زاد المعادة/ 492.
(12)مجموع الفتاوى 34/85، 86
(13)ينظر: الاخيار لتعليل المختار 4/4، جواهر الأكليل 1/402، الحادي الكبير 15/22، المغني م/159.
(14)ينظر: البحر الرائق 4/211، مواهب الجليل 3/232، روضة الطالبين 9/52، المغني 8/160، نيل المآدب 1/113.
(15)نظر: بدائع الصنائع 4/23، الشرح الكبير للدردير 2/512، 513 2، 513، الاختيار لتعليل المختار 4/8.
(16)ينظر: بدائع الصنائع 4/23، حاشية ابن عابدين 3/600.
(17)ينظر: الشح الكبير للدردير 2/512، 513، حاشية الدسوقي 2/513.
(18)رواه أبو داوود، كتاب الأقفية، باب: في الصلح 3/304 (3594) والدار قطني في السنن (69)، والحاكم في المستدرك 2/49، والبيهقي في السنن الكبى 6/79، وابن عدي في الكامل 6/68، وقال: "كثير بن زيد الأسلمي لم أر بحديثه بأساً، وأرجوا أنه لا بأس به". وقال الألباني: حديث صحيح (إرواء الغليل 5/142).
(19)ينظر: بدائع الصنائع 4/24 البحر الرائق 4/190/191، المدونة الكبرى 2/268، بداية المجتهد 2/86، ففي المحتاج 3/434، نهاية المحتاج 7/197، المغني 8/160 / المحرر 2/114.
(20)ينظر: فتح القدير 4/387، الفواكه الدواني 2/104، مغني المحتاج 3/431، المغني 8/159، الفروع 5/579.
(21)منح الجليل للشيخ عليش 2/425، الفقه على المذاهب الأربعة 4/558.
(22)رواه الإمام مسلم في صحيحه، ينظر صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الحجج، باب: حجةالنبي - صلى الله عليه وسلم - 8/ 149.
(23)الروضة الندية 2/79.
(24)سورة البقرة: آية (237)
(25)سورة الطلاق: الآية (6)
(26)المبدع 8/186
(27)سورة الطلاق: الآية (7)
(28)سورة الأحزاب: الآية (50)
(29)الحاوي الكبير 15/4
(30)سورة البقرة، الآية 233.
(31)الحاوي الكبير 15/4
(32)رواه الإمام احمد في مسنده، انظر: الفتح الرباني، كتاب النكاح، أبواب حقوق الزوجين 16/231 (258)، وكتاب النفقات، باب: وجوب نفقة الزوجة باعتبار حال الزوج وأنها مقدمة على الأقارب وثواب الزوج عليها 17/57 (26)، ورواه أبو داوود في سننه، كتاب النكاح، باب: في حق المرأة على زوجها 2/244 0 245 (42/2)، ورواه ابن ماجه في سننه، كتاب النكاح، باب: حق المرأة على الزوج 1/341 (1855) ورواه ابن حبان، انظر، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، باب معاشرة الزوجين 6/188 (4163)، والحاكم في المستدرك 2/187، 188، والبيهقي في السنن الكبرى 7/295، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وقال الألباني: حديث صحيح (إرواء الغليل 7/98).
(33)ينظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم 1/119، بدائع الصنائع 4/16، الهداية 2/39، بداية المجتهد 2/86، الفواكه الدواني 2، 104، نهاية المحتاج 7/187، المغني 8/156، العدة شرح العمدة ص398، المملى 10/88.
(34)رواه الإمام أحمد في المستند 6/60، 183، 237، 269، ورواه أبو داود في البيوع، باب: فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم وجد به عيباً 3/284 (3508)، والإمام الترمذي في سننه، كتاب البيوع، باب: ما جاء فيمن يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيباً 4/422 (1303) والنسائي في البيوع، باب: الخراج بالضمان 7/254، 255، وابن ماجه في التجارات، باب: الخراج بالضمان 2/23 (2261)، والحاكم في المستدرك 2/15 والدارقطني في سننه 3/53 (213)، والشافعي في مستنده 9/438، والطيالي في مسنده (14641) وقال الترمذي: "حديث صحيح غريب" وقال الألباني - رحمه الله -: حديث حسن (إرواء الغليل 5/158).
(35)ينظر: بدائع الصنائع 4/16، الحاوي الكبير 15/7.
(36)المبسوط 5/113 مثنى المحتاج 3/ 438، المغني 8/960.
(37)بدائع الصنائع 4/20.
(38)مغنى المحتاج 3/438.
(39)المغنى 8/
(40)المحلى 7/88
[41] المختارات الجلية من المسائل الفقهية، تأليف العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص 137
01/07/1425
17/08/2004
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/433)
مالي وللوعود المزيفة ؟
سارة السلطان *
لماذا نعتقد، بل ونجزم أن الدعوة إلى مكان المرأة الفطري ـ البيت ـ وحدودية الوظائف غطرسة وظلماً، وأن بقاء عمل المرأة في بيتها امتهان لكرامتها ولذاتها؟
ولماذا نعتقد بشدة أن حق المرأة، ورقي المجتمع يكون بإعطائها مساحة كبيرة للعمل؟ وهل ستحرر المرأة ويرفع عنها الضيم (إذا كان هنالك ضيم) إذا شغلت الوظائف العامة والخاصة على جميع المستويات والمشاركات، بصرف النظر عن كونها تتناسب وتكوينها الجسمي والانفعالي؟ والأهم من هذا وذاك: مَنْ له الأحقية بالوظائف إذا كان هناك وظائف مطروحة (للرجل أو المرأة)؟
وهل عمل المرأة في بيتها امتهان لذاتها وانتقاص من كرامتها؟ وهل تفضيل الرجل عليها ببعض الوظائف والمشاركات حرمان لها من الحقوق والمشاركة؟ إنها دعوات مزيفة من أعداء الإسلام من الدول الغربية وعلى رأسهم اليهود وبمساعدة ـ مع الأسف ـ بعض من أبناء ملتنا ممن يتحدثون بألستنا.
حب كاذب للمرأة محفوف بالفتن ونشر الشقاء للمرأة التي تأبى إلا استغلالها بأبشع الصور من خلال استجابتها للدعوات الآثمة والشعارات المضللة، ظاهرها فيها الرحمة وباطنها العذاب. وهل مَنْ يطالبون بالمساواة وحقوق المرأة أكثر إخلاصاً ومودة من المرجعية الإسلامية؟ هيهات..هيهات! لقد جاءنا من قِبَلهم بريق يشع نوراً نحسبه وهج الضوء وقنديل الدجا؛ فإذا ما قربناه وجدناه ناراً تلظى، تحرق فضيلتنا وعفتنا وأمننا؛ فدعاة الفساد والفتنة ينعقون باسم حرية الفكر والحوار الهادف وحفظ كرامة المرأة، وهم في الأغلب دعاة الرذيلة وسعاة للفساد.
فهم يسعون في بث سمومهم في أرض المسلمين الخصبة، ويحرثونها بدعوى حسن نيتهم في مساعدة المسلمين، ثم يدسون بها بذوراً متعفنة لتنتج أراضي المسلمين ثماراً فجة تسر الناظرين في الظاهر، ولكن داخلها دوداً ينخر لبها لتخرج للناس ثماراً فاسدة متعفنة لا تنفع حين حصادها، وتؤثر على باقي الثمار الناضجة بالفساد، هذا ما يريده أعداء الإسلام؛ فهل نعي خطورة الأمر؟
فالجو الإيماني الهادئ الذي تعيشه المرأة المسلمة والذي حفظ لها دينها من سيادة في بيتها وعزة في قومها أقضَّ مضاجع اليهود الذين أغاظهم أن تحيا المرأة المسلمة حياة مطمئنة لها مكانتها، وقوة تأثيرها في المجتمع الإسلامي، لا يُمَس لها كيان أو كرامة في نطاق موزون وأهداف سامية تقتضيها الفطرة السوية لكل من المرأة والرجل، وما قوامة شقيقها الرجل إلا لعلو شأن المرأة، وليكون سنداً قوياً للذب عنها، وحمايتها من الاستبداد والاستغلال والاعوجاج.
أما مجال العمل، فالإسلام لم يحرِّم عليها العمل والتجارة والخروج من المنزل؛ فأم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - كانت تتاجر بمالها، واختارت أشرف الناس ليساعدها بهذه المهمة؛ فالمرأة مهما يكن من شأنها فلا غنى للرجل عنها. لذا يجدر بالمرأة المسلمة التي تريد العمل أو التجارة أن تلتزم بضوابط تحفظ لها نفسها وكرامتها وإنسانيتها حتى لا تتعرض لمكر مَنْ في قلوبهم مرض، وإذا انتفت المحاذير فالمجتمع في غنى عن عملها، والمصلحة العامة أوْلى من المصلحة الخاصة.
والتوسع في عمل المرأة واستحداث تخصصات جديدة لمجرد أن المرأة تعمل لنساير التيارات الغربية ولترضى عنا المجتمعات الأوروبية، ليقال إننا شعب متحضر فهذا انهزامية، وهو من دواعي انكسار المجتمع المسلم، وأخشى أن تكون بداية للانسلاخ من قيمه ومبادئه ودينه الذي هو مصدر عزته. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ولو ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله».
وخطورة مزاحمة الرجال في شغل الوظائف دون استثناء، هذا ليس في صالح الناحية الاقتصادية والاجتماعية؛ لأن العمل والحالة هذه يسهم في زيادة ارتفاع معدلات البطالة؛ فعمل المرأة يسهم في زيادتها بطريق غير مباشر؛ لأنها تقتحم جميع ميادين العمل؛ فالرجل أحق من المرأة في وظائف هو الأوْلى بشغلها لما عليه من التزامات مادية نحو نفسه وأسرته، والمهر والنفقة مستقبلاً، وما لتكوينه الجسمي والانفعالي ما يؤهله للعمل الشاق بجدارة، ولكن أعداء الإسلام الذين يبثون في روع المرأة التي لا تعمل سوى في بيتها أن كرامتها سلبت، وويل لها ولمجتمعها من شبح البطالة.
فهذا حقد على المرأة المسلمة التي تعيش سيدة بيتها باطمئنان؛ لأن المرأة لا تعاني بطالة مطلقاً، وفي كل حال؛ فهي إن كانت ربة منزل فإن ذلك لا يُقِلُّ من شأنها وشخصيتها، بل هو مدعاة للفخر والعزة، وشرف عظيم لها تقصُر دونه الكثير من همم الرجال لما تقتضيه مسؤولية التربية والتنشئة من حلم ومجاهدة واستقرار نفسي يعود على الأبناء بالصلاح والتقوى.
----------------------------------------
(*) إعلامية سعودية
المحرم 1426هـ * فبراير/مارس 2005م
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/434)
المؤسسات الدعوية النسائية الواقع والتطلعات
رقية بنت محمد المحارب
أتناول في هذه الورقات موضوعاً أحسب أنه غاية في الأهمية في هذا الوقت يتعلق بإقامة مؤسسات دعوية نسائية متخصصة تعتني بكل الجوانب المهمة في حياة المرأة المسلمة أينما وجدت. وتعتبر الصفحات الآتية محاولة للفت الانتباه إلى أهمية الموضوع أكثر من كونها دراسة مستوفية لكل الجوانب المتعلقة به، وكلي أمل أن يتبع هذه المحاولة كتابات أعمق تتناول زوايا مهمة نحتاج إلى تجليتها وبيانها.
تمهيد:
أتساءل أيها الإخوة والأخوات عن مستقبل المرأة المتوقع خلال الزمن القادم، وماذا أُعِدَّ من جهود لمواجهة المستجدات القادمة فيما يخص المرأة بالتحديد؟ وماذا نعرف عن رموز التحرر النسائية والرجالية من أمثال:
نازك العابد، ودرية شفيق، وهدى شعراوي، وملك حفني ناصف، وفاطمة اليوسف، ونوال السعداوي، وجرجي زيدان، ورفاعة الطهطاوي، وقاسم أمين؟
بل ماذا نعرف عن الدور الكبير الذي تلعبه الأمم المتحدة في مجال الأسرة؟ وماذا عن منظمة التجارة العالمية وتداعياتها فيما يختص بالشؤون الاجتماعية؟ وماذا تحقق على أرض الواقع في كل بلد إسلامي نتيجة المؤتمرات الدولية عن الطفولة والأمومة أو عن المرأة؟ وماذا لدينا من معلومات عما تواجهه المرأة في الخليج والمغرب العربي وغيرها من مناطق العالم الإسلامي؟ وما هي الهموم والتطلعات التي تراود بنات المسلمين؟ وما مدى تأثير وسائل الإعلام، والظروف الاقتصادية على تنشئة الفتاة ونموها الثقافي والنفسي والاجتماعي؟ وماذا عن عالم الطفل والمشروعات التي تُناقَش الآن تنفيذاً لتوصيات المؤتمرات الدولية لنزع ولاية والديه عنه نتيجة العنف الذي يتعرض له في بلاد الغرب، وما مدى فداحة الوضع في البلاد الإسلامية؟ ثم ما مدى موافقة هذه التشريعات للمقاصد الشرعية؟
هذه الأسئلة وغيرها كثير لا يمكن أن تفي صفحات كثيرة بمجرد سردها بَلْهَ الدخولَ في كل قضية بتفصيلها.
وكنا ولا زلنا نعيش بشكل كبير في دائرة ردود الأفعال؛ فالحدث يصنع بيد غيرنا، والمبادرات الموجهة لصرف المرأة عن دينها تقام على مدار الساعة؛ فهذه مجلاَّت تؤصِّل التمرد على شرع الله، وهذه دراسات أكاديمية تظهر أرقاماً وتخفي أخرى في محاولة لإثبات أن عمل المرأة في بيتها مثلاً خسارة للاقتصاد الوطني، وهذا ملف عن المرأة يردد مقولات الحركات النسائية الغربية ويصف عصر الصحوة بأنه عصر الانتكاسة ويصف عصر السفور بأنه عصر التقدم (1) وهكذا في سلسلة متنامية.
إن الجهود الدعوية المبذولة على صعيد المرأة تحاول بقدر المستطاع تقديم رؤية شرعية، ولكنها تظل تتسم غالباً بردة الفعل وبالتكرار أحياناً، وبفقدان الشمولية والتكامل والقلة، كما أنها تفتقر بشكل ملموس وملاحظ إلى المعلومة الدقيقة والإحصائيات، وبالإضافة إلى ذلك فإنها لا تتميز بطول النفس في الاستقصاء والمتابعة؛ وهذه طبيعة الجهود الفردية وضخامة المهمة.
والمرأة المسلمة وهي تواجه كل هذه التحديات المعاصرة تحتاج إلى من يعينها على الصمود ويأخذ بيدها إلى بر الأمان، وتحتاج بشكل خاص إلى عمل مؤسسي متخصص علمي وتربوي واجتماعي وثقافي واقتصادي. ومن شأن هذه المؤسسات المتخصصة ونحن في عصر التخصص أن تساهم مساهمة جليلة في توفير الحصانة الفكرية والعقدية، وفي البناء التربوي الإيماني والدعوي للمرأة، وإيجاد محاضن تربوية تخرج لمجتمعات المسلمين المرأة التقية المثقفة الفاعلة؛ بحيث تُكَوِّن أعني هذه المؤسسات رافداً مهماً لأهل التربية في مهماتهم، ولأهل الإعلام في جهودهم؛ وعلاوة على ذلك تكون رأياً عاماً مستنداً على الدليل الشرعي والتحليل المنطلق من الذاتية الثقافية في انفتاح على الصالح من ثقافة الآخر؛ إذ الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها. كما أن وجود هذه المؤسسات المتخصصة سوف يفتح آفاقاً للباحثين والباحثات في شؤون المرأة والأسرة الذين يعانون أشد المعاناة من ندرة مصادر المعلومات، وتبعثر المراجع العلمية وغياب الرصد الإعلامي المتخصص، وعدم وضوح القضايا الملحة التي تحتاج إلى جهود علمية لتحرير الموقف الشرعي.
وبعد هذه المقدمة الموجزة أتساءل:
لماذا لم توجد مثل هذه المؤسسات الدعوية النسائية؟ ثم ما هو المطلوب منها بقدر من التفصيل؟ وما هي آفاق العطاء المنتظر؟ وما هي العوائق التي قد تحول دون قيام هذه المؤسسات؟ ثم أخيراً دعوة إلى إخواني وأخواتي لإبداء آرائهم حول هذا الموضوع ونقده.
أسباب غياب مؤسسات دعوية نسائية متخصصة:
قبل أن أورد جملة من الأسباب التي أرى أنها مسوِّغات لعدم وجود مثل هذه الهيئات النسائية أحب أن أشير إلى أنه ليس المقصود أن يكون القائمون على هذه المؤسسات الدعوية بالضرورة نساء، بل إن الهدف هو توجيه الاهتمام إلى كل ما يتعلق بالمرأة من أمور على سبيل الاختصاص، كما أنه من المهم الإشارة إلى أنني أقر بوجود جهود كثيرة بحمد الله مهتمة بهذه القضية منذ زمن، سواء كان ذلك من خلال الفروع النسائية لبعض الجمعيات الدعوية في العالم الإسلامي أو أفراد تخصصوا في الكتابة؛ ولكنني أعتقد أن الجميع يتفق معي في أنها لم تصل إلى مستوى الهيئات المتخصصة التي تعتبر ذات مرجعية في قضايا المرأة.
وعلى سبيل المثال فإننا لا نجد مركز بحوث متخصصاً يُعنى بقضية الأسرة من وجهة النظر الشرعية ويغطي كافة جوانبها. وأذكر هنا بعض الأسباب التي أدت إلى افتقار الساحة الدعوية لهذه المراكز المهمة:
1- حداثة سن الصحوة إن صح التعبير وضخامة المهمات المنوطة بها؛ فخلال الأربعين سنة الماضية شهدت مناطق العالم الإسلامي أحداثاً كبرى، فأصبح العالم الإسلامي ينوء بالتبعات والرواسب على مختلف الأصعدة التي خلفها الاستعمار الذي عمل بكل جهده على استنزاف المنطقة اقتصادياً وثقافياً، وهذا انعكس على وضع المرأة في تربيتها ودعوتها.
2- عدم القناعة لدى قطاع من الدعاة والمربين بأهمية العناية بقضايا الدعوة في أوساط النساء، ولا تزال هذه القناعة موجودة إلى يومنا هذا وإن كانت في طريقها إن شاء الله إلى الزوال.
3- سلامة البنية الأساسية للأسرة المسلمة في كثير من بلاد العالم الإسلامي؛ فمؤسسة الزواج لا زالت محترمة رغم الدعوات المحمومة إلى اعتبار الزواج العرفي مشروعاً! ! ولا زالت قيمة العناية بالوالدين عظيمة عند السواد الأعظم من المسلمين، والنظرة الإيجابية للأبناء وضرورة تربيتهم التربية الصالحة.
4- ضعف الموارد المالية للمؤسسات الدعوية مما أدى إلى تأخير تنفيذ كثير من مشروعات التوعية، ووجود أولويات في قائمة الاهتمامات لدى هذه الجهات.
5- ندرة الطاقات النسائية القادرة على المطالبة بإنشاء هذه المؤسسات، وضعف تكوينهن الثقافي والتربوي مما نتج عنه فراغ كبير استطاع الاستعمار من خلاله تبني بعض القيادات النسائية وتقديمهن للمجتمع على أساس أنهن مناضلات؛ كما حدث في المغرب أثناء المظاهرات التي رُمي فيها الحجاب في الشارع احتجاجاً على المستعمر الفرنسي وكأنه هو الذي طالب به، وكما حصل أيضاً في مصر في المظاهرة المشهورة ضد الإنجليز، وتذكر عائشة بلعربي (2) أن الفرنسيين اهتموا بالمرأة منذ منتصف القرن التاسع عشر! ! فأسسوا ثلاثة أنواع من المراكز:
أحدها: للأسرة والطفل، والثاني: للطبقة العاملة، والثالث: في الأرياف لخدمة المرأة القروية. والهدف هو بالتأكيد الوصول للمرأة وتقديم الخدمات التعليمية المنسجمة مع المصالح الفرنسية. وأدى وجود بعض التقاليد المنافية للإسلام والتي فيها إجحاف واضح بحق النساء إلى الإقبال على البديل الفرنسي الذي لم يقصِّر في ربط هذه الممارسات بالدين.
فوائد المؤسسات المتخصصة:
لا أظن أن أحداً يختلف معي أن هناك منافع عظيمة من وجود المؤسسات المتخصصة التي تتناول القضايا النسائية وتتولى إعداد التصورات والدراسات المختلفة حول القضايا التي تشغل المهتمين بالدعوة إلى الله - عز وجل -، ولا ينقضي عجبي حين أرى أنه تكونت في لبنان مثلاً 150 جمعية نسائية كثير منها نصراني أو يمثل الديانات اللبنانية المختلفة، وأجد مثلاً أن غاية (الجمعية المسيحية للشابات) في بيروت هي (بناء رابطة من النساء والفتيات لتحقيق المبادئ والمثل العليا التي ائتُمِنَّ عليها باعتبارهن مسيحيات جادات في تفهم تعاليم يسوع والاشتراك في حبه مع الجميع والنمو في معرفة الله ومحبته و الإقتداء به في محبة الغير وخدمة المجتمع) (3). ولا أدري هل لا زالت هذه الجمعيات موجودة أم أن بعضها توقف عن العمل، أو أن جمعيات جديدة أنشئت، فأنا محتاجة إلى دراسات تعطيني صورة واقعية عن النشاطات النسائية في العالم، وتُمِدُّني بحصيلة قوية أتمكن بها من الوعي بالواقع الذي يهمني بصفتي امرأة.
وشيء آخر ذو دلالة بهذه الجزئية: ما هو نشاط المنصِّرات وطرقهن للتعامل مع ظروف المرأة في بعض البلاد الإسلامية؟ وما هي استراتيجيات هذه الحركات وغيرها للتأثير على عقل المرأة المسلمة؟ وأورد فيما يلي بعض المقترحات، وأجزم أن هناك أبعاداً أخرى لم أتناولها:
1 - الخروج من دوامة ردود الأفعال، والعمل على صناعة الأحداث.
2- القيام بمتابعة النشاطات ذات العلاقة بالمرأة ورصدها من خلال ما ينشر في الصحافة والمؤتمرات واللقاءات.
3- توفير المراجع العلمية ومساعدة الباحثين والباحثات في اختيار الموضوعات التي نرى أنها مهمة وتحتاج إلى بذل جهود فكرية متميزة، وبدون وجود مراكز دراسات متخصصة يصبح اختيار الموضوع وطرق معالجته نتيجة لجهد فكري للباحث يعتريه ما يعتري الفرد من قصور.
4- ترشيد الكتابات الموجهة للمرأة منعاً للتكرار وتحقيقاً لتغطية مختلف جوانب القضية المراد الحديث عنها. وسوق الكتاب النسائي الإسلامي يحتاج كغيره إلى كتابات نقدية قوية حتى تخرج الأعمال بصورة تتناسب وعمق الأمر.
5- تكوين رأي عام مؤيد للرأي الشرعي المبني على الكتاب، والسنة المستصحب لظروف الواقع. فكم أدى النظر للواقع مجرداً عن النصوص الشرعية من فتنة لبعض الناس! وكم جر إغفال الواقع من صدور آراء لا تتفق والمقاصد الشرعية!
6- التعرف على المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها المرأة: طالبة على مقاعد الدراسة في الجامعة والمدرسة، أو عاملة لها زوج وأولاد، أو مطلقة، أو ربة بيت، أو غير ذلك، ووضع الحلول الشاملة، وهذا يحتاج إلى إجراء بحوث مكثفة وربما دراسات أكاديمية للوصول إلى أفضل الوسائل للتعامل مع هذه المشكلات.
7- التعرف على الاتجاهات الفكرية المؤثرة في المجتمع وقياس قوة الخطاب الشرعي ووسائل تنميته، وتعريف المهتمين بالقوى المختلفة ذات العلاقة.
8- التعرف على المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها المرأة، فالمرأة أصبحت ذات دخل وهذا الدخل يعني أنها تريد مجالات لاستثماره ووجود دراسات شرعية تساعد المرأة على أفضل الوسائل لاستغلال مالها وتنميته، كما أن هذه الدراسات تتيح لها خيارات كثيرة تحقق المرأة المسلمة من خلالها عوائد في دينها ودنياها. ونتيجة لغياب الطروحات الشرعية أصبحت المرأة تستثمر في مجالات قد تؤدي إلى خسارة مالها أو تحقيق نسبة ضئيلة من الأرباح، كما تؤدي هذه الدراسات دوراً كبيراً في توجيه اهتمام المرأة لصرف مالها بدل أن يبذل في أدوات تجميل وجري وراء الموضة. ويكفي أن نعلم أن بلايين الدولارات تنفق على أدوات التجميل في العالم سنوياً لا أعلم تحديداً كم نصيب عالمنا الإسلامي من هذا المبلغ؟ !
9- التعرف على الجهود التي تستهدف تغيير تشريعات الأحوال الشخصية التي كانت إلى وقت قريب إحدى البنود في الدساتير الوضعية التي لا تتعارض مع الشريعة. والمعارك التي تمت في المغرب مثلاً ونتج خلالها بحمد الله تآزر وتكاتف بين الغيورين هناك، نحتاج أن نعرف عنها أكثر من تحقيق ينشر في مجلة أو اثنتين ثم ينسى بعد فترة. نحتاج إلى توثيق لكل هذه التطورات وإجراء الدراسات القانونية الشرعية ومثل ذلك ما حصل في لبنان حول مسألة الزواج العرفي، وفي مصر حول قضية إسقاط حق التطليق من الرجل وإعطائه للقاضي، وتطليق المرأة إذا رغبت؛ كل ذلك يحتاج إلى مؤسسات متخصصة. ونقطة مهمة هنا أن محاربة التصرفات المجحفة بحق المرأة في بعض البلاد والمطالبة بتغيير بعض التشريعات التي لا تراعي حقوق المرأة لا يمكن أن يتم دون وجود تصور عن الواقع ومعرفة بالبنود ذات العلاقة، وكل هذا يتطلب جهوداً كبيرة.
10- التعرف على مجالات العمل الإعلامي وإمكانية إنشاء مجلات أو دور نشر متخصصة، وإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية لمثل هذه المشروعات.
11- تنشيط حركة التأليف الأدبي الملتزم خاصة في مجال القصة والرواية والشعر. والأدب لعب دوراً كبيراً في مسيرة سفور المرأة كما هو معلوم؛ ولذا فإن من المهم قيام دور نشر متخصصة مثلاً برعاية المواهب الأدبية وتقديم نتاجهم الذي يخدم الأمة عبر المطوية والكتاب والشريط وغير ذلك. وأركز على العناية بمواهب الفتيات الأدبية وتربيتهن على الأدب الملتزم حتى لا يقعن وسط الضجيج الإعلامي في تمجيد أمثال نزار قباني والبياتي وغيرهما من رموز الحداثة والفساد.
12- صناعة الرموز المصلحة من خلال إبرازهم للمجتمع، وتقديم القدوة لكافة شرائح المجتمع النسائية؛ فتقدم مثلاً المرأة الواعية التي تنطلق من شريعة ربها في فكرها وإنفاقها وتعاملها مع زوجها وأولادها، والعاملة الملتزمة المنتجة في مجال عملها، وتلك التي تبذل في سبيل الإصلاح، والأديبة التي شغلتها هموم المسلمين فتسخر موهبتها في معالجة شؤونهم.
نماذج من الدراسات النسائية المطلوبة:
من الأعمال التي من المؤمل قيام هذه المؤسسات المتخصصة بها ما يلي:
1. إعداد قاعدة معلوماتية لكل ما نشر عن المرأة في الصحافة العربية وغيرها.
2. إجراء الدراسات الميدانية عن العادات الاجتماعية وأثرها على أنماط السلوك النسائي في مختلف البلاد.
3. عمل الدراسات الاقتصادية لتوفير مشروعات لتنمية رأس المال النسائي.
4. إصدار دوريات ومجلات تخدم قضايا نسائية معينة وموجهة لطبقات مختلفة؛ فدورية تُعنى بالشؤون التربوية، وأخرى لمعالجة قضايا فكرية، وثالثة تخاطب البنت في المرحلة الثانوية والجامعية، ورابعة موجهة للمرأة العاملة، وخامسة تتناول الأمومة والطفولة، وهكذا..وليس بالضرورة أن تصدر هذه الدوريات بصورة شهرية بل ربما كان صدورها مرة في السنة.
5.إقامة مجموعات عمل لمناقشة قضايا اجتماعية ملحة كالطلاق والعنوسة وعمل المرأة وآثارها على بنية المجتمع وكينونة الأسرة، ووضع توصيات ومتابعة تنفيذها مع الجهات ذات العلاقة.
6. بحث إمكانية التعاون بين الهيئات النسائية الدعوية القائمة في العالم.
7. التعاون مع الجامعات ومراكز البحوث لإدراج قضايا المرأة ضمن أولوياتها والتعاون في اقتراح الأفكار والمشروعات العلمية. وكمثال على البحوث الأكاديمية تناول تأثير القنوات الفضائية على أفكار البنات في المرحلة الجامعية.
8. متابعة المؤتمرات الدولية والمشاركة بفعالية بغرض الدفاع العلمي الرشيد عن قضايا المرأة المسلمة.
عوائق في طريق التأسيس:
إذا كان ثمة اتفاق على حيوية وجود هذه المؤسسات فما هي يا تُرى العقبات والصعوبات التي تقف أمام تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع؟ لعل بعض ما ذكر عند مسألة أسباب غياب هذه المؤسسات في الماضي لا يزال يمثل حجر عثرة حتى الآن. وألخص أبرز النقاط فيما يلي:
1. طبيعة هذه المؤسسات الجادة تجعل من نفر قليل من الناس قادراً على تحمل عبء تأسيسها، وهذا النفر يكون منشغلاً بقضايا أخرى لا تقل عن هذا الأمر أهمية في كثير من الأحيان.
2. تحتاج هذه المؤسسات إلى مبالغ مالية؛ لكونها تقوم باستقطاب فئة معينة من الباحثين مما يعني ضرورة تفريغهم. والتعويل على العمل التطوعي لا يعني الاستقرار كما أنه لا يعني عملاً مؤسسياً.
3. حساسية الموضوعات المطروحة وصعوبة إجراء الدراسات الميدانية بحرية كافية.
4. قلة الخبرة بالعمل المؤسسي لدى قطاع عريض من المهتمين، وكذا ضعف القدرات الإدارية.
كلمة أخيرة:
وفي ختام هذه الورقات أحب أن ألفت نظر إخواني وأخواتي إلى بعض الأمور:
1. ضرورة استحضار الإخلاص في هذا الأمر؛ إذ إنه من وسائل الدعوة إلى الله - عز وجل -، وبدون الإخلاص تصبح كل هذه الأعمال هباءاً منثوراً يوم الدين.
2. الثقة بنصر الله والتفاؤل بالخير خاصة في مثل هذا الوقت الذي قلَّ فيه الناصر، وهكذا كان هدي الرسول عند الفتن تفاؤلاً وحسن ظن بالله وثقة به مع العمل الجاد المستمر.
3. أن المرحلة التي نعيشها تتطلب اهتماماً كبيراً بقضايا المرأة.
4. ما جاء من معلومات أو أفكار يحتمل الخطأ؛ وإنني أتمنى موافاتي بأي ملاحظة أو تصويب أو تعقيب؛ بحيث يتبلور العمل وتنفتح آفاق دعوية جديدة للمرأة المسلمة في العالم أجمع.
أسأل الله أن يأخذ بأيدينا جميعاً إلى مرضاته، وأن يجعل نياتنا خالصةً لوجهه، وأن يبصِّر نساء المسلمين بدينهن، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
---------------------
1- مجلة الوسط، عدد 414.
2- الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي إصدار اليونسكو، 521.
3- الطاقات النسائية العربية، ص 153.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/435)
أحبي نفسك
د. محمد بن عبد العزيز الشريم
هل تساءلت يوماً ما: هل أحب نفسي؟
اسأليها إن لم تكوني فعلتِ ذلك، ولا تستعجلي الإجابة، فكري وتأملي في معنى هذا السؤال ومعنى الجواب الذي يلوح في خاطرك..
هل أنت إحدى الفتيات اللواتي لا يشعرن بالحب نحو أنفسهن!
قد يكون هذا الأمر مستغرباً، لأننا نعتقد أن كل إنسان يحب نفسه..
صحيح إن الله جبل الناس على حب أنفسهم، ومن ذلك أنهم يتمنون لها الخير ويكرهون لها الشر، ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "، والشاهد قوله: " ما يحب لنفسه "، فهو أعلى درجات المحبة الإنسانية بعد حبه - صلى الله عليه وسلم -.
قد يبدو أنك تحبين نفسك حباً نافعاً لها، ولذلك تنساقين وراء رغباتها مثلما تنساق أم اليتيم لتلبي رغبات وليدها حتى لو أذلت نفسها للآخرين، لذلك لا بد أن يكون حبك لنفسك دافعاً يؤدي بها إلى الفلاح ليكون أمراً محموداً. ولذلك قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تتركه ينشأ على... حب الرضاعة، وإن تفطمه ينفطم
ولكي تحبي نفسك حقاً استشعري أهمية تلك المحبة وما يمكن أن تجنين وراءها من فوائد.
سجيتك لنفسك تعني أنها ليست رخيصة، بل تساوي في عينيك الكثير، فإن كنت تحبين نفسك فعلاً فلا تلقي بها في مهاوي الردى، ولا تجعلي منها فريسة سهلة لكل متربص وكما تعلمين فالجواهر الثمينة العزيزة على أصحابها لا يعرضونها للناس إلا من وراء زجاج حتى لا تلمسها أيدي المتفرجين بعكس المجوهرات المقلدة التي تعرض دونما اكتراث من أصحابها..
محبتك لنفسك تستلزم أن تستشعري أنك ذات قيمة عالية مهما زهد فيك من حولك..
فليس كل من انتقصك جدير بأن يؤخذ رأيه بعين الاعتبار، خاصة من كن الزميلات والقريبات اللواتي قد يشعرن بالغيرة منك بسبب أو بدون سبب.
اعرفي الفرق بين النصيحة والتعبير، فهما متشابهان لكن الناصحة تربطك بالله - تعالى - وكيف تحصلين على مرضاته، ولذلك تحرص على إبلاغك بالخطأ على انفراد وبأسلوب حسن، أما المعيرة فلا تربط قولها بمخافة الله ومرضاته، لذلك تجنبيها تغلف شماتتها في غلاف النصيحة وقد تجاهر بها أمام الأخريات حتى يرين خطأك، فهل مثل هذه جديرة بأن يعند بقولها فيك؟
محبتك لنفسك تعني أن تنظري بإيجابية لما تملكين، وأن لا يستغرقك التفكير فيما لا تملكين، فلو قضيت ساعات يومك كلها في تمني حصول ما ليس لما تحقق ذلك دون عمل، أليس من الغبن أن تقضين جزءاً من عمرك في الحسرة والندامة على شيء ليس في الإمكان تحصيله؟!
أليس من الأجدى صرف تلك الطاقة المهدرة فيما يمكن أن يفيد، كزيادة علم أو تدريب أو حتى تسلية بدلاً من هم لا يعود عليك بخير؟!
محبتك لنفسك تجعلك تهتمين بجسمك فلا تدخلين إلى جوفك ما يضره، ولا تضعين عليه ما يفسده، ولا تنساقي إلى ما يقال من مصادر غير موثوقة عن بعض مستحضرات تجميل البشرة أو الشعر، ولا مواد التخسيس وغيرها، فضلاً عما هو أشد ضرراً منها، التي قد تجر إليها الفتاة البريئة وهي لا تدري أنها متجهة نحو هاوية سحيقة.
محبتك لنفسك تجعلك تستشعرين نعمة الله عليك بأن حباك نعماً كثيرة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها، ومن يشاهد محروماً من نعمه ربانية يعلم كم هو غني..
تصوري فتاة فقدت إحدى يديها، ألا ترينها ناقصة؟
ماذا لو رأتها فتاة فقدت يديها الاثنتين أليست تراها أكمل منها؟!
كل شيء يزيد عن الوسط قد ينقلب ليصبح شؤماً على صاحبه، كالمال والجمال، إلا تقوى الله فإنها لا تأتي، إلا بخير، أتى سائل إلى أحدهم يطلب منه صدقة فقال له: لو أعطيتك عشرة آلاف درهم وأخذت بصرك أترضى؟ قال: لا، فقال: لو أعطيتك عشرة آلاف درهم وأخذت سمعك أترضى؟ قال: لا، فقال: لو أعطيتك عشرة آلاف درهم وأخذت قدميك أترضى؟، قال: لا، فقال: لو أعطيتك عشرة آلاف درهم وأخذت يديك أترضى؟ قال: لا، فقال له: أما تستحي يا هذا؟ لديك أربعون ألف درهم وتسأل الناس!
http://www.saaid.net المصدر:
المرأة والفوز
عبد الرحمن السحيم
المرأة نصف المجتمع
لا
بل هي المجتمع كلّه
على حدّ مقولة: المرأة نصف المجتمع، وهي تلد النصف الآخر!
وهي نصف الدِّين لمن ظفِر بها
قال - عليه الصلاة والسلام -: من تزوّج فقد استكمل نصف الإيمان، فليتق الله في النصف الباقي. رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان، وحسّنه الألباني.
وكأن في هذا إشارة إلى العزاب بنقص دينهم
بل إشارة إلى الرجال جميعاً أن دينهم وإيمانهم لا يكمل إلا (بامرأة)
فهم بحاجة إلى النصف الآخر شرعاً وعقلاً وطبعاً.
وليس مجرّد تحصيل حاصل
بل هو الفوز والظفر
أي فوز تعني؟
أهو الفوز الرياضي؟؟؟
أم هو الفوز الدراسي؟؟؟
كلا. لا هذا ولا ذاك
بل هو الفوز والظّفر بـ " ذات الدين " بالمرأة المتدينة الصالحة
فإذا تعددت وتنوّعت واختلفت مقاصد الناس في الزواج فعليك بالظفر والفوز بصاحبة الدِّين" تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبَتْ يداك " متفق عليه.
ومعنى تَرِبَتْ يداك: أي التصقتا بالتّراب. كناية عن الفقر.
وهذا من باب الدعاء على من نكح وتزوج لمقصد آخر غير الدّين.
لماذا ذات الدّين بالذات؟
1- لأنها خير متاع الدنيا.
" الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " رواه مسلم.
2- لأنها تُعين على الطاعة.
" ليتخذ أحدكم: قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة "
قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئل: أي المال نتخذ؟ رواه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني.
3- لأنها من خصال السعادة
" ثلاث من السعادة، وثلاث من الشقاوة؛
فمن السعادة: المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك.
والدابة تكون وطية فتلحقك بأصحابك.
والدار تكون واسعة كثيرة المرافق.
ومن الشقاوة: المرأة تراها فتسوءك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك.
والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركبها لم تلحقك بأصحابك.
والدار تكون ضيقة قليلة المرافق " رواه الحاكم، وهو في صحيح الجامع.
4- لأنها أمان نفسي.
" خير النساء من تسرّ إذا نظر، وتطيع إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها " رواه الإمام أحمد وغيره، وحسنه الألباني.
فأي فوز بعد تقوى الله أعظم من الفوز بامرأة صالحة؟؟؟
وها هنا وقفة نفسية مع قوله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة الصالحة: وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك.
يؤكد علماء النفس أن الرجل أيّاً كان بحاجة إلى المرأة المتدينة!
والمرأة بحاجة إلى الرجل المتديّن!
لماذا؟؟؟
لأن الدِّين الذي يحمي صاحبه ضرورة من ضرورات الأمن النفسي
وذلك في حالة غياب أحدهما عن الآخر يبقى الودّ محفوظاً لا لأجل الطرف الآخر فحسب، بل لأن المتديّن حقيقة يُراقب الله، ويعلم أن الله مُطّلع عليه.
حدثني طبيب مسلم عربي يُقيم في فرنسا قال:
أول ما أتيت إلى هذه البلاد الأوربية تركت زوجتي وأطفالي في بلدي ريثما أجد السكن المناسب وأُنهي بعض الترتيبات.
قال: فعملت في إحدى المستشفيات، وفي يوم من الأيام سألتني طبيبة فرنسية:
أين زوجتك؟
قال: قلت: في بلدي.
قال: فعرضت عليّ أن أبيت معها على فراشها ولو ليلة واحدة!
(مع أنها ذات زوج)!!
قال: فرفضت ذلك وبشدّة.
قالت: لماذا؟ وأنت الآن أعزب؟ وزوجتك بعيدة عنك؟
قال: لِعدّة اعتبارات:
الأول: أن ديني ينهاني عن هذا الفعل القبيح.
الثاني: أن عقيدتي تغرس في نفسي مراقبة الله وحده في الخلوة والجلوة.
الثالث: أنني أحفظ الودّ لزوجتي، وكما أنني لا أرضى أن تخونني كذلك لا أخونها.
الرابع: أن هذه الأمر، وهذا الفعل دَيْنٌ مردود على صاحبه.
قال: فرأيت الدهشة على وجهها.
قال صاحبنا الطبيب:
ثم سألتُ تلك الطبيبة:
هل تأمنين زوجك؟
قالت:
لو كُنت أجلس معه على طاولة واحدة، فأغمضت عيني لم آمن خيانته! وهو كذلك لا يأمنني!
فتأملوا حال أولئك الذين وصفهم العليم بهم بأنهم (كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا)
ثم تأملوا حال المرأة المسلمة الصالحة التي تحفظ زوجها وإن غاب عنها السنوات الطوال
فهي:
" لا تخالفه في نفسها ومالها "
وهي:
إن نظر إليها أعجبته، وإن غاب عنها أمِنها على نفسها وعلى ماله.
" المرأة تراها تعجبك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك "
إذاً:
الفوز والظفر بِذاتِ الدِّين مطلبٌ شرعي، وضرورة نفسيّة.
" فاظفر بِذاتِ الدِّين "
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/436)
خروج النساء
مسألة خروج النساء من البيوت مسألة مهمة تنازعتها التقاليد والأهواء، وهي مسألة ولج منها أهل الشبهات والشهوات، وتكلم عليها سلباً وجهلاً وخبثاً المستشرقون والمستغربون كثيراً وعدوها مطعناً على هذا الدين العظيم.
وهي في الحقيقة مسألة لها طرفان ووسط، فقوم أفرطوا وزعموا أنه ليس للمرأة أن تخرج من بيتها أبداً إلا للضرورة، ونسوا أو تناسوا أن عدداً من الصحابيات الفضليات كن يخرجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجهاد، وأن الشفاء كانت تتولى الحسبة على عهد عمر - رضي الله عنه - في بعض الأمور التي أناطها بها الفاروق - رضي الله عنه -، وأن النسوة كن يخرجن للصلاة في المساجد ولشهود دعوة الخير، ولم يكن كل ذلك لضرورة، وما أشبه هذا الفريق بالحاكم بأمر الله الفاطميّ الذي ادعى الإلهية والعياذ بالله والذي منع النساء من الخروج مطلقاً، ومنع صنع الخفاف لهن فأقمن في البيوت سبع سنوات وسبعة أشهر!!
وفريق آخر فُرّط فزعم أن للمرأة أن تخرج كيفما شاءت أينما شاءت بلا رقيب ولا حسيب، ونسي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء))، ونسي أن النساء إن لم يكن ملتزمات بدينهن فإنهن حبائل الشيطان ووسائل إلى الفساد غالباً.
وخروج النساء اليوم بلا ضوابط من أسباب الفساد والذرائع الموصلة إلى الفاحشة، كيف لا وقد رقّ دين كثير من الناس، وقلت مروءتهم، وتناقصت شيمهم، وقال سعيد بن المسيب: (ما أيس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء).
والعجيب من ولي الأمر من والد وزوج وأخ كيف يسمح لمن يلي أمرهن ويقوم عليهن أن يخرجن متى شئن متبرجات متعرضات للذئاب الغادرين، مفسدات للشباب الطائشين، مميلات قلوب المراهقين، إن لم يكن عنده دين يمنعه من ذلك أليس عنده مروءة وشيمة تحجزه عن هذه الأفعال؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.
والمذهب الوسط هو السماح للنساء بالخروج ملتزمات بالضوابط الشرعية، غير خرّاجات ولاّجات بمعنى ألا يكثرن من الخروج لأدنى مناسبة، وأن يسمح لهن بالترفيه عن أنفسهم وقضاء حاجاتهن بمصاحبة أحد محارمهم حتى لا يتجرأ عليهم الفساق وأراذل الناس، وحتى لا يفسدن باعتياد رؤية المفاسد، ويتجنبن الاختلاط تماماً، فمجتمع نساؤه على هذه الصفة مجتمع طاهر بعيد عن المفاسد، ولا يجرؤ أحد من الكافرين أو الفاسدين أن يطعن فيه، فديننا دين سمح فيه سعة وفيه ترويح عن النفس، وهو بعيد كل البعد عن القسوة والجلافة أو التراخي والميوعة والفساد.
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/437)
ثقافة الجسد
د. نورة خالد السعد
ما تصدره النظرية النسوية التي استخدمت حركات تحرير المرأة في الغرب والحركة النسوية المعاصرة، من قضايا خاصة بالمرأة ابتداءً من المطالبة بإلغاء دور الوالدين في اختيار شريك الحياة لأبنائهما وليس انتهاءً بإلغاء الأماكن المخصصة للرجال وأخرى للنساء. بل جعلتها عامة للاثنين دون تمييز بينهما، أي إلغاء النوادي الرجالية والنوادي النسوية، أو محلات لممارسة الأنشطة النسوية وأخرى لممارسة الأنشطة الرجالية..وإلغاء نظام تقسيم العمل القائم على الاختلافات النوعية - الجنسية.
وهذا يعني إلغاء تخصيص أعمال خاصة بالرجال وأخرى بالنساء وأن المرأة يمكنها القيام بأعمال يقوم بها الرجل وفي المقابل تحويل الرجل من العمل الذي كان يعمل فيه إلى عمل كان مخصصاً للمرأة.. ومن يتابع ما يعلن من توصيات في نهاية المؤتمرات العالمية للمرأة أو للطفولة وحتى للسكان والبيئة سيجد تمريراً لبعض بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وأخص منها البنود التي تلغي شكل الأسرة وتمثل انتهاكاً لشرعيتها وللدور الأمومي للمرأة وإلغاءً لمفهوم (العفة) ليس في نسقنا الإسلامي فقط ولكن في معظم المجتمعات المحافظة.
.. والمطالبة بمنع التمييز ضد المرأة واجهت رواجاً وترحيباً من قبل الأمريكيين مثلاً في بداية ظهورها كشعار ومواثيق عالمية وخصوصاً عندما قارنت التنظيمات والحركة النسوية الأمريكية هذا التمييز بالتمييز العنصري السائد في المجتمع الأمريكي وذلك من خلال الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة وبين الأبيض والزنجي أو الملونين (الأصفر والأسمر والأحمر) التي ولدت بينهم مسافات نفسية واجتماعية أدت إلى تمايز مماثل في موقع وأدوار كل منهم أي بين الأبيض والأسود وبين الأبيض والأصفر أو الأسمر.. وجميعنا يعرف كيف كانت لوحات التنبيه التي توضع عند المطاعم أو بعض النوادي والمحلات الأمريكية والتي تؤكد على (ممنوع دخول السود والكلاب)!! ورغم اختفاء هذه اللوحات من المجتمع ولكنها لم تختف تماماً من ذهنية معظم الأمريكيين.. ومن يتابع الأفلام أو الدراسات يجد أنها لا تزال تمثل عائقاً عنصرياً بينهم وبين من يختلف عنهم (لوناً أو حتى عقيدة)!!
وما يعيشه المجتمع الأمريكي الآن من تغييرات نفسية وإجراءات قانونية بعضها يحبس حرية ليس الأجنبي أي غير الأمريكي، بل حتى للأمريكي نفسه.. رغم وجود المؤسسات المدنية والقانونية المتجذرة في بنية المجتمع ديموقراطياً.
.. هذا الاهتمام بإلغاء التمايز بين الرجل والمرأة امتد إلى مفاهيم الجسد في النسق الثقافي في المجتمع.. فقد أصبح (الجسد) في جميع حقول الحياة الاجتماعية مركز بعض الاهتمامات التكنولوجية والأيديولوجية على نطاق متزايد، وأصبح الجسد في حضارة الغرب موضوع بحث واختبار واستثمار سواء كان في الإنتاج أو الاستهلاك أو أوقات الفراغ أو في التمثيليات وأفلام السينما والإعلام بشكل عام.. وكما يذكر د. معن خليل عمر في دراسته عن علم اجتماع الجسد.. ونشوئه في الغرب حالياً.. أن الحضارة عادت إلى تكريم الجسد بعد أن كانت ترتكز على كبته وأن الثقافة التي شيدت بفضل التخلي عن الجسد والتخلي عن الغرائز لا سيما الجنسية منها - كما كانت في النسق الكنسي - قد تحولت إلى ثقافة جسد وإلى التمجيد الخفي للغرائز وإعلائها عن طريق الجسد.. وأن (علم اجتماع الجسد) ينظر إلى الجسد كمرآة اجتماعية لا كجسم بشري، ليدرسه من خلال صوره الاجتماعية المعبرة عن انطباعات واستجابات لإيقاعات الحياة الاجتماعية العصرية وليس من خلال تشريح أعضائه..
(الجسد) كان مركزاً لاستقطاب القادة العسكريين في بناء الأجسام القوية المحاربة.. وبالطبع هو محور للاستهلاك والإنتاج السلعي.. بل هو مهم لمن يستثمره في استقطاب المؤسسات التجارية والرياضية والذوقية العصرية المتخصصة في المأكل والمشرب والملبس.. والتعامل مع (الجسد) هنا وفي ثقافة الغرب الحديث يلغى تماماً. ماذا تعني الأخلاقيات في التعامل مع (جسد الإنسان) وليس (الجسد) فقط!! ومن خلال (ثقافة الجسد) اسقطت جميع إن لم يكن أغلب المحرمات في التعامل مع جسد الإناث.. فالثقافة الاستهلاكية السائدة والعارمة تتسم بأنها تركز على الجسد خاصة جسد المرأة الجميلة وتحويله إلى رمز أساسي تجرى الاستفادة التجارية منه كما تجرى التجارب على الفئران في المختبرات.. وعن طريق استغلاله إلى الحد الأقصى كمادة للثقافة الاستهلاكية المباشرة وإثارة الغرائز الجنسية وللترويج ليس لأنواع معينة من السلع الاستهلاكية فحسب بل ما يلاحظ أخيراً في معظم أنواع السلع والخدمات.. بل أصبح جسد المرأة مثار استقطاب لجمهور متابعة الأخبار!! فلم يعد استخدام مذيعات التلفاز والقنوات الفضائية لقراءة الأخبار فقط.. بل وفي بعض القنوات الفضائية في بعض الدول الأوروبية مذيعات للأخبار يتخلصن من ملابسهن قطعة قطعة مع كل خبر يقرأنه!! فهل هذا الانحدار بجسد المرأة هو مكسب تسعى رائدات حركات تحرير المرأة إليه.. ؟ ما نُشر منذ أيام عن قنوات التلفزيون الايطالي واستثمار الحسناوات الايطاليات في برامجه بمختلف أنواع الاستقطاب!!
ونظراً لهذا الانحدار قال رئيس الجمهورية الايطالي كارلو ازيليو تشامبي: إن التلفزيون الايطالي أصبح يتسم بالإسفاف.. رغم أن رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني استخدم جمال المرأة كي يجذب المستثمرين لايطاليا وقوله لهم مازحاً في اجتماعات قمة الدول الصناعية: إن المستثمرين سيجدون كافة التسهيلات في ايطاليا بما في ذلك الفتيات الجميلات!!
.. رجل الغابة لم يجد ما يستر جسده فاكتفى بستر سوأته بينما إنسان الحضارة حالياً تخلص مما يستر جسده برغبته ويشحذ الهمم لتعرية جسد المرأة تحت شعار عدم التمييز ضدها!! أو إغرائها بتاج الجمال!!
24/01/1426
http://almokhtsar.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/438)
إلى زوجتي ( من هو المفلس )
يا زوجتي، انتبهي من ذلك اللسان فهو خطير وجُرُمه عظيم، وهو بوابة لكثير من السيئات، وكم كان سبب في مصائب وكوارث لا يعلمها إلا الله - تعالى -.
حفظ اللسان مطلب عظيم، ومصلحة كبيرة وقد جاءت النصوص الكثيرة في التأكيد على حفظ اللسان والحذر من إطلاقه بلا رقابة.
زوجتي قد تكسبين حسنات في هذه الحياة ولكنك قد تخسرينها كلها يوم القيامة بسبب ذنوب اللسان.
هل سمعت بهذا الحديث: "أتدرون من المفلس"؟ قال الصحابة: المفلس من لا درهم له ولا متاع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه وإلا أُخذ من سيئاتهم وطُرحت عليه فألُقي في النار. رواة مسلم.
زوجتي الغالية: إن هذا الحديث يبين ضرورة حفظ اللسان وأنه قد يخسر المؤمن حسناته بسبب هذا اللسان فأوصيكِ بالانتباه من شأن اللسان، حتى لا تخسرين حسناتكِ.
14/1/1426
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/439)
يا ريحانة الدنيا .. ماذا دهاك ؟؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يا نسل خير من وطئ الثرى.. !!
إن محترفو الغش الثقافي وأدعياء الاستنارة عُرفوا بأهم نحلة فيهم، وهي: ـ
الجرأة على الحقائق وقلبها.
الجرأة على المعاني وتحريفها.
الجرأة على الله والكفر به.
واسمع لهذيانهم.... !! الإضطهاد الطبقي متوافق مع اضطهاد الجنس المذكر للمؤنث. إن البغاء لا ينفصل عن الزواج الذي هو تكملته الضرورية.
إن قهر المرأة مسألة سياسية فلا بد أن تناضل المرأة من أجل استرداد حقوقها السياسية. حيث تضافر باتفاق وثيق رجال الحكم مع رجال المؤسسات الدينية لدعم الظلم والتخلف. (أثر التكنولوجيا على المرأة العربية، ورقات مقدمة لمركز البحوث العلمية والتطبيقية بقطر).
مؤتمر بكين ومؤتمر السكان الذين تبنتهما أمريكا من خلال قفاز الأمم المتحدة. أن الجنس كله مقبول اجتماعيا حتى نكاح المحارم والبهايم، وأن الدساتير الواردة في المؤتمرين لتكاد تبيح صراحة ذلك، وأن حجر الزاوية الذي ينبغي أن يطحن هو القيم والمعتقدات والعادات.
فما الهدف المستتر خلف هذه الدعاوى؟.
إنه دون ريب ولا لبس.. السيطرة على الشعوب.. فالاستباحة الجنسية وتفكيك الشباب وتنصيب النساء في مراكز اتخاذ القرار. التي لا ينبغي لمثلها وإن منحت لها أن تتصدى لها فضلا عن المزاحمة والمقاتلة عليها.
إنهم يخلطون بين الرغبة في تصدر العمل السياسي وبين فرص العمل للمرأة..
ولندع الأرقام لتتحدث..
** في السعودية 20% من وظيفة أستاذ جامعي. و 100% من وظائف المرحلة مرحلة التعليم العام للبنات، و100% من التعليم في رياض الأطفال ذكور وإناث. وبنفس مميزات العمل للرجل.
** في القاهرة 48% من مجموع وظائف الدولة هي للنساء وبنفس مميزات العمل للرجل.
** في المغرب والسودان وباكستان 45% من مجموع الوظائف هي للنساء.
في حين أنها: ـ
** في الصين 46% مجموع الوظائف تدار من النساء.
** في كندا وأمريكا من 46 ـ 65%.
** في بريطانيا 35% من مجموع الوظائف هي للنساء.
فما ينقمون علينا هؤلاء الغرب وما نسبة الفارق بيننا وبينهم. ؟
ولنأتي إلى أهم سؤال وهو ما النتيجة من دفع المرأة للعمل في المناصب السياسية، من ناحية وإشراكها في كل مجالات العمل مساواةً مع الرجل من ناحية أخرى. ؟.
لقد ثبت أن المرأة الحاكمة لم تفعل شيئا للمرأة المحكومة ليس فقط في بلاد العالم الثالث بل في بلاد العالم.
ففي بريطانيا صدرت القوانين الأكثر ظلما للأمهات والأرامل والمطلقات في عهد مارجريت تاتشر. وإلى الآن لا يسمح الدستور الأمريكي بتنصيب المرأة رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الرغم من حرص أمريكا وسعيها المحموم لتدويل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز بين الرجل والمرأة في كل دول العالم إما سلماً أو قسرا.
وهذه الدلائل وغيرها تقوض دعوى التنظير الخبيث لمفهوم مصطلح (تمكين المرأة (Empowerment) الذي ورد في صكوك (عصابة الأمم)، وأنه ضرورة من ضرورات تقدم المجتمع، أو أن التقدم الاجتماعي ليس ممكنًا دون تمكين المرأة في السياسة، أو أي من صورهم المتطرفة الأخرى.
في الإتحاد الشيوعي.. بلغ الفقر ذروته حتى تجد المرأة ذات الحسب والنسب، وهي تتسول، أو تبحث عن اللقمة في صناديق القمامة.
نعم.. !! لقد انهارت الشيوعية فخرج العفن من بطنها ليراه كل من كان مفتونا بالزرع والضرع منها.
أما في الغرب فما هي التنمية السكانية التي جاءت بها المرأة التي تقلدت الرئاسة. ؟.
فمن الارتفاع المتنامي للبطالة إلى الركود الاقتصادي إلى الانحطاط الخلقي في شتى الميادين، حتى لتجد أن هناك محطات وقنوات فضائية تلفزيونية متخصصة للدعارة (Pronography). ازدادت قوة ونفوذا في عهدهن غير الميمون.
إلى الحملات الرسمية التي تبناها رؤساء الدول. ومنها الحملة التي قادتها تاتشر وجون ميجور وريجان لترشيد استخدام العازل الطبية. عند ممارسة الزنا.
إلى استخدام كلينتون لورقة الشواذ في الانتخابات الرسمية، وتصريح زوجته هيلاري عن الفاعلية الجنسية للشباب.
يا هؤلاء النسوة.. لكم قصة مع الله أتعرفونها.
وإن أهم فصولها لقاؤكن بين يديه فما قولكن حينئذٍ له؟؟.
إن المجرمين في حق إسلامنا سيدفعون الثمن غالياً مهما طال الزمن..
أهذا ما ترغبون فيه يا نساء الخليج ويا بنيّات الحرم من مصارعة الرجل في الحقوق السياسية.. ؟؟.
يا زهرة الدنيا ماذا دهاكِ.. !!
ففي إسلامنا. لا وجود لمن تهان، ولا لمن بيعت من أجل لقيمات.
ولا لمن عرضت جسدها على الطرقات. والله المستعان..
آه. ! لو لم أعش مآسي قومي *** لم أصدق ما قد ترى عينان.
كيف أحتوى الأمة الكريمة وهن *** واعتراها ما ليس في الحسبان.
اللهم هازم الأحزاب وكافي كل مرتاب، اللهم أخذل من خذل الدين وأنصر من نصر الدين. وأبرم لأمة حبيبك أمر رشد يعز فيها أهل طاعتك ويذل فيها أهل معصيتك ويؤمر فيها بالمعروف وينهى فيها عن المنكر يا رب العالمين... ولا حول وقوة إلا بك..
والله من وراء القصد،،،،
http://saaid.net المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/440)
ثلاثون نهيا شرعيا للنساء
.نهي المرأة عن وصل شعرها.
نهي المرأة عن الوشم والنمص والفلج.
نهي المرأة عن الخروج متطيبة.
نهي المرأة عن إبداء الزينة أمام الرجال.
نهي المرأة عن الامتناع عن فراش زوجها.
نهي المرأة عن إذاعة أسرار الاستمتاع بين الزوجين.
نهي المرأة عن صوم التطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه.
نهي المرأة عن الإنفاق من بيت زوجها إلا بإذنه.
نهي المرأة عن معصية زوجها.
نهي المرأة عن طلب الطلاق من زوجها في غير ما بأس
نهي المرأة عن كفران العشير.
نهي المرأة عن الخلوة بأجنبي.
نهي المرأة عن النظر إلى الأجانب.
نهي المرأة عن مصافحة الأجانب.
نهي المرأة عن التشبه بالرجال.
نهي المرأة عن أن تصف المرأة لزوجها.
نهي المرأة عن النظر إلى عورة المرأة أو مباشرتها في الثوب الواحد.
نهي المرأة عن السفر بغير محرم.
نهي المرأة عن الخروج من منزلها لغير حاجة.
نهي المرأة عن دخول الحمام (يقصد بالحمام أماكن الاستحمام والاغتسال العامة وتقابلها اليوم ما تُسمى بدور التجميل والمساج والسونا والبخار).
نهي المرأة عن اللطم وشق الثياب عند المصيبة.
نهي المرأة عن النوح.
نهي المرأة عن الحداد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام.
نهي المرأة عن اتباع الجنائز.
نهي المرأة عن إتيان الكهان والمنجمين.
نهي المرأة عن الدعاء على الأولاد.
النهي عن الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام.
النهي عن تعذيب الخدم.
النهي عن إيذاء الجار.
فلتحذري أختي المسلمة من الوقوع فيما نهى الله عنه فإنه من أسباب دخول النار يوم القيامة وعليك بالاستغفار والتوبة إذا ارتكبت معصية أو وقعتِ فيما نهى الله أو رسوله عنه، قال - تعالى -: ((و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها ونعم أجر العاملين)).
كتاب: ثلاثون نهياً شرعياً للنساء عمر عبد المنعم سليم
http://muslm.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/441)
لا تتسببي في إصابة زوجك بسكتة دماغية
سلام الشرابي
موعد قدومه من العمل قد حان.. لابد أن أحكي له كل ما حدث اليوم، سأخبره عن الإزعاجات الكثيرة التي تسبب بها أبناؤه، وعن الحوار الهاتفي الذي جرى بيني وبين أخته وتلميحاتها التي قذفتها في وجهي.
ولن أنسى أن أذكره بآخر مرة خرجنا بها سوياً في نزهة وكيف أنه لا يهتم بالترويح عني وعن أبنائه، ولا بأس بقليل من التقطيب مع بعض الدموع الحارة..
موال يتردد صداه كل ليلة والنتيجة إما أن يقضي الرجل جلَّ وقته خارج المنزل وهو يعلم أنه سيعود في نهاية الأمر ولن يسلم ولو من القليل من هذه الموشحات أو أن تصل به كثرة الهموم المشاكل إلى حد الاكتئاب الذي غدا - وفق ما أكدته دراسة نفسية - من أكثر الأمراض النفسية الحديثة انتشاراً.
والأسوأ من ذلك أن الأمر لن يتوقف عند حالة الإصابة بالاكتئاب فحسب إذ حذرت دراسة طبية جديدة نشرت حديثا، من أن حالات الكآبة والإحباط قد تزيد مخاطر الوفاة عند الرجال بسبب السكتات الدماغية.
ووجد الباحثون أن الرجال المصابين بأعراض كآبة حادة يتعرضون للوفاة بسبب السكتات الدماغية بحوالي الضعف، مقارنة مع غير المصابين بتلك الأعراض النفسية، مشيرين إلى أن هذه العلاقة بقيت ثابتة حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تؤثر على خطر السكتة.
ولاحظ هؤلاء أن الرجال المصابين بأقل معدلات من الكآبة قد يتأثرون أيضاً، حيث تزداد مخاطر إصابتهم بالسكتة من 25 في المائة إلى 75 في المائة.
ولم يتضح للباحثين بعد ما إذا كان الاكتئاب يسبب السكتة مباشرة أو أنه يمهد الطريق للإصابة بها، ولكنهم يعتقدون أن السكتات الصغيرة الصامتة التي لا تظهر سريريا، قد تكون السبب وراء الإصابة بالكآبة وقد تؤدي إلى سكتة مميتة فيما بعد، لا سيما وأن الإصابة بسكتة واحدة يزيد خطر الإصابة بأخرى.
ووجد الباحثون في جامعة ولاية نيويورك الأمريكية، بعد متابعة 12900 رجلاً في منتصف الأربعينات من العمر، لم يصابوا سابقا بأمراض القلب ولكنهم أكثر استعدادا لها، لمدة 6 سنوات، وتسجيل أعراض الكآبة لديهم ثم متابعة معدلات الإصابة والوفاة لديهم لمدة 19 سنة أخرى، أن الاكتئاب يلعب دورا مهما في زيادة خطر إصابة الرجال بالسكتات الدماغية.
وينصح الباحثون ضرورة أن يأخذ الأطباء في اعتبارهم إصابة مرضاهم بمشكلات نفسية أو كآبة قد تزيد فرص تعرضهم لأمراض القلب الوعائية والتدخل الطبي الفوري لمعالجة مثل هذه الحالات.
وتلعب الزوجة دوراً كبيراً في حالة الزوج النفسية، فهي القادرة على إشاعة جو المرح والسعادة في عش الزوجية وهي أيضاً من تستطيع إشعال فتيل الحرب في بيتها
والرجل الذي أثقلته ضغوطات الحياة ومسؤولياتها التي تزداد باستمرار يبحث عن الراحة النفسية والجسدية داخل المنزل ولكن للأسف أن كثيراً من الزوجات تحوّل هذا المسكن إلى حلبة مصارعة لفظية وأحاديث تدور في حلقة المشاريع المرهقة والطلبات والانتقاص من الزوج والتذمر من أهله والمطالبة بمزيد من الحقوق وكلما دخل الرجل وخرج أُمطر بسيل من الشكاوى والاعتراضات وأحياناً الصراخ.
كل هذه الأمور وإن لم تخلف طلاقاً أو هجراً فإنها لا شك ستفضي إلى حالة من الاكتئاب الأسري والذي ستأتي بنتائج لا تحمد عقباها، ففي دراسة أخرى أشارت إلى أن الاكتئاب يعطل معاني الحياة لدى الإنسان مما يؤدي في أقل حالاته إلى العزلة واليأس، وفي أشد حالاته إلى الانتحار.
ويشكل الاكتئاب هاجساً اجتماعياً أمنياً في الدول المتقدمة اليوم، فالدول المتحضرة تصرف مليارات الدولارات في التشخيص والعلاج والتوعية من هذا المرض.
وعرفت الدراسة الاكتئاب بأنه من الأمراض المزاجية، فهو شعور عميق بالحزن يستمر لأكثر من أسبوعين، وتصحبه - بعض أو كل - الأعراض سواء كانت جسدية كضيق الصدر وقلة النشاط الجنسي والأرق أو النوم الكثير والاضطرابات في الشهية. أو كانت الأعراض نفسية وفكرية، كالتشاؤم تجاه المستقبل واليأس أو الخيبة والشعور بالذنب والندم أو البكاء، أو وجود أفكار تسلطية ووساوس وضعف في التركيز والذاكرة، فضلاً عن الأعراض الاجتماعية كالانسحاب الاجتماعي، وعدم الرغبة في العمل.
وتفرق الدراسة بين الحزن والاكتئاب في ضوء مسألتين تحددان الفاصل بينهما وهما الحدة والمدة، فالحزن خفيف وقصير، ويزول بزوال الأسباب أو مضيّ الوقت أما الاكتئاب فملازم وأكثر حدة وكلما زادت المدة والحدة زادت نسبة الاكتئاب
وأوضحت الدراسة أن الاكتئاب يعد ثالث أكبر الأمراض النفسية تشخيصاً، وأشارت إلى أن نسبة الإصابة في التعداد العام هي بحدود 5% وتختلف من دولة إلى أخرى وفق وضع الدولة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
يختلف انتشار الاكتئاب باختلاف العوامل الحضارية والاجتماعية والاقتصادية من مجتمع لآخر ولقد أقر "نورمان سارتوريس" مدير الصحة النفسية بمنظمة الصحة العالمية، أن هناك أكثر من مليون نسمة في العالم يعانون من اضطراب اكتئابي تدخل في المعدل الإكلينيكي.
ويعتقد أن هذه النسبة في تزايد للأسباب الآتية:
تزايد متوسط عمر الفرد.
تزايد الأمراض المزمنة التي تؤدي إلى الاكتئاب الثانوي.
تزايد استعمال الأدوية التي تؤدي آثارها الجانبية إلى الاكتئاب مثل (الفينوثيازين) وأدوية ضغوط الدم المرتفع.
سرعة التغير الاجتماعي الذي عمل على زيادة الضغوط النفسية والمعروف بأنها تعجل بحدوث الاضطرابات الاكتئابية كما تساعد على استمرارها.
هذا بالإضافة إلى التفاوت الطبقي في المستوى الاقتصادي حيث وجد علاقة بين المستوى الاقتصادي المنخفض وشيوع الأعراض الاكتئابية والاضطرابات الوجدانية. ولقد دلت إحصائيتا هيئة الصحة العالمية الحديثة أن نسبة الاكتئاب في العالم حوالي 5% وانه يوجد حوالي 300 مليون مكتئب في عالمنا الحاضر إذا كان تعداد العالم ستة آلاف مليون نسمة، وتشكل الأمراض الوجدانية نسبة كبيرة من المترددين على عيادات الطب النفسي.
همسة في أذنك..
ما من زوجة في العالم ترغب في تدمير عشها الزوجي، وليس منا من ترغب في التسبب بإصابة زوجها بمكروه لذلك انتبهي على كل كلمة تتلفظين بها أو تصرف تقومين به وجاملي زوجك واجعلي الابتسامة تقفز إلى وجهك مع دورة مفتاحه في بابك.
فلاشك أنك تضطرين إلى مجاملة الكثيرين في حياتك اليومية ولابد أنك تفتحين باب بيتك وقلبك على مصراعيه لزوارك وأقاربك.. لكنك توصدين هذين البابين بوجه زوجك الذي يكون أحوج من غيره إلى أن تفتحيهما لاستقباله بعد عودته من يوم عمل شاق.
06/12/1425
16/01/2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/442)
رياح مرسلات
فوزية الخليوي
إنّ من أبهى ما ترتديه المرأة من ملابس الدنيا وأزينِ حُلَلِها! هو ثوب الكرم والجود والإيثار!! لما لهذه الصفة من محبة عند الله - عز وجل - فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله - تعالى -جوادٌ يحب الجود"، وجاء من صفاته - صلى الله عليه وسلم - أنه: "أجود الناس"
تعوّد بسط الكفّ حتى لو أنّه *** ثناها لقبضٍ لم تجِبه أناملهُ
ومن شرف هذه الخلة أن الله - عز وجل - قرن ذكرها بالإيمان ووصف أهلها بالفلاح (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) إلى قوله: (أولئك هم المفلحون) ولهذا لما خالطت بشاشة الإيمان قلوب الصحابيات جُدن بالغالي والنفيس لهذا الدين ولم يلتفتن إلى جمع الحُي والحلل؟!
فهذه عائشة حبيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمبرّأة من فوق سبع سموات كان من حالها مع الجود والإيثار كما حكت عنها أم درة في طبقات ابن سعد: أنها أُتيت بمائة ألف ففرقتها وهى يومئذ صائمة فقلت لها: أما استطعت فيما أنفقتِ أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه!
فقالت: لو ذكّرتني لفعلت! وكيف لا تجود بكل ما تملك وهى ابنه الصّديق الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما نفعني مال قط إلا مال أبي بكر" [رواة النسائي] وهو الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بماله فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم -: "ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله! [رواة الترمذي].
ثم هي تبلغ أقصى الإيثار عندما تؤثر عمر بن الخطاب - بدفنه عند رسول الله فى حجرتها!!
ومن أقوالها رضي الله عنها-: " ليس من السّرف التبسّط للضيف في الطعام".
وحذت حذوها سائر نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكُنّ بحق كما قيل:
ليس يعطيك للرجاء أو الخوف *** ولكن يلذّ طعم العطاءِ
فهذه صفية بنت حييّ تدخل ومعها ذهب فتهب منه لفاطمة ولنساء معها ويتجلى الجود والصفح فى هذه الحادثة عندما اشتكتها جارية لها عند عمر بن الخطاب فقالت: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود؟؟
فسألها عمر فقالت: أما السبت فإني لم أحبه منذ أن أبدلني الله الجمعة! وأما اليهود فإن لي فيهم رحماً فأنا أصلها!! ثم أعتقت الجارية على ظلمها لها!!
وتأبى عليها نفسها الفياضة أن تدع آل عثمان بن عفان محبوسين في الفتنة فجاء عن ابن سعد فى الطبقات: بسند حسن أنها خرجت على بغلتها فلما منعوها وضعت خشباً بين منزلها ومنزل عثمان فكانت تنقل عليه الطعام والماء!!
ثم تأتي زينب بنت جحش زوجة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتزويج الله له من السماء قالت عنها أم سلمة: " كانت صوّامة قوامة صناعاً تصدق بذلك كله على المساكين".
وفى مسلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال: " أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً" فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: وكانت أطولنا يداً زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق وإنما أراد أطولهن بالصدقة!!
وكان عطاؤها اثني عشر ألفاً لم تأخذه إلا عاماً واحداً فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال من قابل فإنه فتنة!! ثم قسمته في رحمها وفي أهل الحاجة!!
وبلغ عمر فعلها فأرسل لها باثني عشر ألفاً أخرى لتستبقيها لنفسها ففعلت بها نفس فعلها!!
ويتجلى هذا السموّ في آخر لحظات حياتها عند الوفاة حينما يرسل لها عمر بكفن فقالت: إني أعددْت كفني فتصدقوا بأحدهما وإن استطعتم أن تتصدقوا بحقوي فافعلوا فقالت عائشة: لقد ذهبت مفزع اليتامى والأرامل!!
فقد ورد في مسلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهى تمعس منيئة (تدبغ جلداً) فقضى حاجته فهذا يشير أن هذا هو دأبها والعمل ديدنها!!
وتحذو حذوهن زينب امرأة عبد الله بن مسعود فقد دخل بلال على النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً في الباب زينب!
قال: أي الزيانب؟
قال: زينب امرأة عبد الله بن مسعود وزينب امرأة من الأنصار تسألانك عن النفقة على أزواجهما وأيتام في حجورهما!
فقال: لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة" رواة البخاري.
ولله درّ القائل:
إذا المرء لم ينفعك حيّاً فنفعُه *** أقلُ إذا ضُمت عليه الصفائحُ
لأية حال يمنع المرءُ ماله غداً *** فغداً والموتُ غادٍ ورائحُ
ربح البيع!!
كانت أم الدحداح جالسة في بستانها الذي يُعد من أشهر البساتين في المدينة النبوية، فقد غطت الأفق أشجار النخيل الفارهة، وأسبغت على المكان هواءً عليلاً، ومع دخول زوجها أبي الدحداح الذي دخل مسرعاً، وهو يلوّح لها بالخروج!!
فتبينت منه قوله: يا أم الدحداح! اخرجي من الحائط، فإني بعته بنخلةٍ في الجنة!!
فقالت (وبدون تردّد)ربح البيع، ربح البيع!!
فلما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كم من معلقٍ لأبي الدحداح في الجنة" رواة أحمد ومسلم.
فللّه درهم من قوم عقلوا قول الله - عز وجل -: (لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون).
وتضرب هذه الصحابية أروع الأمثلة التطبيقية، عندما ضاف الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فقال لنسائه فقلن: ما معنا إلا الماء!!
فقال رسول الله -صلى ا لله عليه وسلم- " من يضم أو يضيف هذا!!
فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني!
فقال: هيئي طعامك، وأصلحي سراجك، ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاءً!!
فهيأت طعامها، وأصلحت سراجها، ونوّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يُريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ضحك الله أو عجب من صنيعكما".
فأنزل الله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خَصَاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).
وهذا مصداق قول الحسن البصري: والله لقد رأيت أ قواماً كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتاً! فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، فيتصدق ببعضه، ولعله أجوع إليه ممن يتصدق عليه!!
03/01/2005
22/11/1425
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/443)
أين وجدت سعادتها
أختي الفاضلة
ما هي السعادة؟
هل السعادة في المال؟
أم في الجاه والنسب؟
إجابات متعددة ... ولكن دعينا ننظر إلى سعادة هذه المرأة ...
اختلف رجل مع زوجته ...
فقال: لأشقينكِ
فقالت الزوجة في هدوء: لا تستطيع.
فقال لها كيف ذلك؟
قالت: لو كانت السعادة في مال لحرمتني منه أوفي حلي لمنعتها عني، ولكن لا شيء تمتلكه أنت ولا الناس.
إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي وقلبي لا سلطان لأحد عليه إلا ربي.
هذه هي السعادة الحقيقية ... سعادة الإيمان، ولا يشعر بهذه السعادة إلا من وجد حب الله في قلبه ...ونفسه ...وفكره 0
يا لها من سعادة ... تسمو بالإنسان نحو الولوج في محبة العزيز الرحيم "
مواقف نسائية مشرقة...تأليف نجيب خالد العامر
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/444)
هفوات الزوجات .. وتغاضي الأزواج
د. خالد سعد النجار
التغاضي عن الهفوات والأخطاء الصغيرة من أعظم الحقوق المشتركة بين الزوجين، فالحياة الأسرية لا تتم سعادتها واكتمالها إلا بهذا الخلق الكريم، فأي مجموعة صغرت أم كبرت تتباين طباع أفرادها بين السهل والحزن، وعالي الهمة النشيط وضعيف الهمة الكسول، وحاد الذكاء وقليل الفهم... ألخ كما ورد في الحديث الشريف «إن الله - تعالى - خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث والطيب وبين ذلك»، فإن لم يكن الرفق والتسامح السمة الغالبة على الفرد نفر منه الخلق سريعاً، واستحالت معه العشرة التي لابد له منها، وفقد المعين والمشير والرفيق في أشد الأوقات احتياجاً إليهم، فيتنغص حاله، ويتكدر عيشه، ويسلب التوفيق في أمره، وصدق - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير»، و«من يحرم الرفق يحر الخير كله»، فعلى كل من الزوج والزوجة أن يحتمل صاحبه، فلكل جواد كبوة، ولكل امرئ هفوة، ولكل إنسان زلة، وأحق الناس بالاحتمال من كان كثير الاحتكاك بمن يعاشر.
إن أحدنا لتمر عليه فترات لا يرضى فيها عن نفسه، فهو لا يرضى لها الضعف في مجال القوة، أو الغضب في مقام الحلم، أو السكوت في معرض بيان الحق ولكنه يتحمل نفسه، ويتعلل بما يحضره من المعاذير، فليكن هذا هو الشأن بين الزوجين يلتمس كلاهما لقرينه المعاذير، فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب الزلات، وحين تحسن النوايا وتتوارد القلوب ويكون التعقل هو مدار المعيشة يتوافر هذا الجانب الكريم في حياة الأسرة، وعلى كل طرف ألا يقابل انفعال الآخر بمثله، فإذا رأى أحد الزوجين صاحبه منفعلاً بحدة فعليه أن يكظم غيظه، ولا يرد على الانفعال المباشر، وهذه النصيحة يجب أن تعمل بها المرأة أكثر من الرجل، رعاية لحق الزوج، وما أجمل قول أبي الدرداء - رضي الله عنه - لزوجته: إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب. وعن محمد بن عيسى قال: أراد شعيب بن حرب أن يتزوج امرأة فقال لها: إني سيئ الخلق، فقالت أسوأ منك خلقاً من أحوجك أن تكون سيئ الخلق، فقال: إذاً أنت امرأتي. وتزوج الإمام أحمد رحمة الله عليه عباسة بنت الفضل أم ولده صالح، وكان الإمام أحمد يثني عليها ويقول في حقها: أقامت أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة.
وإذا كان ارتباط اللين والرفق بالسعادة الزوجية من آكد الأمور، فارتباطهما بالتقوى والإيمان يزيدهما محبة وإجلالاً في قلب المسلم إذ بهما يكون صلاح دنياه وآخرته فقال - صلى الله عليه وسلم - «من كان سهلاً هيناً ليناً حرمه الله على النار»، «ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين قريب سهل»، قال الماوردي: بين بهذا الحديث أن حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة ويحرمه على النار، فإن حسن الخلق عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة، لكن لهذه الأوصاف حدود مقدرة في مواضع مستحقة، فإن تجاوز بها الخير صارت ملقاً، وإن عدل بها عن مواضعها صارت نفاقاً، والملق ذل والنفاق لؤم.
http://www.al-mostaqbal.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/445)
اكتشفي سعادتك الزوجية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
السعادة الزوجية حلم كل فتاة وامرأة..
السعادة الزوجية أمل يراود خاطر كل زوجة..
السعادة الزوجية مخرج من كل فتن الحياة ومشكلاتها وضغوطاتها..
السعادة الزوجية نبتة تحتاج إلى حماية ورعاية لكي تكبر وتثمر، وتقف في وجه الرياح العاتية..
السعادة الزوجية بناء كبير يحتاج إلى بناء ماهر يضع كل حجر في موضعه بدقة وإتقان.
* مدخل *
كثير من الزوجات لا يعلمن شيئاً عن قوانين السعادة الزوجية، ولا عن قواعد صناعتها، ولذلك فإنهن يتحطمن على صخرة الفشل الزواجي، فإما أن ينتهي الزواج بالطلاق والإنفصال، وإما أن يستمر الزوجان في زواجهما نتيجة ضغوط اجتماعية أو وجود أبناء يحتاجون إلى رعاية، فتبقى الحياة الزوجية بين الزوجين بصورة شكلية مفتقدة أهم مقوماتها وهو الحب الذي يمثل العنصر الأول للسعادة الزوجية.
* نقطة البداية *
ونقطة البدء هنا تكون بالبحث عن شريك الحياة المناسب، وإليك بعض النقاط التي تساعدك على ذلك:
(1) صاحب دين وخلق:
إن أولى الصفات التي يجب على المرأة أن تبحث عنها في شريك حياتها هو التدين، والشخص المتدين هو الذي يخشى الله - تعالى -، ويطيع أوامره وينتهي عن نواهيه، وإن خشية المرء لله - تعالى -تمنعه من الظلم والتعدي والاستهانة بزوجته، فإذا أحب الشخص المتدين
زوجته أكرمها، وإذا كانت سيئة تستحق البغض لم يظلمها، وحاول بشتى الطرق إصلاحها وكثيراً ما ينجح في ذلك، لأن الإنسان يحب ويخضع لمن يحسن إليه ويعطف عليه.
وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من منع تزويج ذي الدين والخلق، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وحسنه الألباني،.
أما تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلق بالذكر مع كونه من الدين، فإنه لأهميته في استمرار الحياة الزوجية واستقرارها، فالخلق هو الحاكم على التدين قوة وضعفاً، وقد يكون الرجل صاحب عبادات ظاهرة، إلا أن رصيده في جانب الأخلاق ضعيف، مما يدل على هشاشة تدينه وجهله بحقيقة الدين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " [رواه الحاكم و صححه الألباني].
(2) عاقل:
إن العقل هنا ليس هو الصفة المضادة للجنون، فالمراد به هنا: الحكمة في التعامل، والتريث قبل الحكم على الأشياء، والبصر النافذ بشتى الأمور والتصرفات، والإلمام بالدوافع التي تقف وراء الأفعال السيئة، والحلم الذي يرفض الاندفاع وراء باعث الغضب، والإنصاف الذي يأبى الظلم وينفر من الحيف، والنظرة المتوازنة لشتى الجوانب الإنسانية، إن رجلاً هذه صفاته لجدير بأن يكون زوجاً لك.
(3) عالم أو متعلم:
إن الجهل صفة ذميمة في أي إنسان، وإن الزوج الجاهل بطرق السعادة وقوانينها لا يمكن أن يقدم السعادة الزوجية لشريكة حياته. قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لكميل بن زياد: ((احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ".
(4) متبع غير مبتدع:
قال - تعالى -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من رغب عن سنتي فليس مني " [متفق عليه].
إن أثر اتباع السنة على الحياة الزوجية يبدو جلياً من خلال تطبيق ما أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - الأزواج في معاملة زوجاتهم، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" [رواه مسلم]، ومعنى لا يفرك: لا يبغض. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة " [رواه النسائي وابن ماجة]،
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " [رواه أبو داود وصححه الألباني].
(5) أهل للزواج:
وأهلية الزواج لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإنما تشمل:
أ- أهلية الدين.
ب- أهلية الوطء والقدرة على الجماع.
ج- أهلية العقل.
د- أهلية المال والقدرة على الإنفاق.
* سعادتك في إيمانك *
اعلمي - أختاه - أن الإيمان بالله - تعالى - هو ينبوع السعادة ومصدر السكينة والطمأنينة، وأن الشقاء والتعاسة والنكد الدائم والأحزان المتوالية في الإعراض عن الإيمان بالله والغفلة عن ذكره وشكره وحسن عبادته. قال - تعالى -: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد، وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (124) سورة طه.
يروي أحد الشباب المسلم المهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية أنه كان يعمل لدى صاحب أعمال وأموال يملك شركات بالولايات المتحدة، وكان صاحب الشركات كلما مر عليه وجده مبتسماً، تبدو عليه علامات السعادة، وكان صاحب هذه الشركات دائم الحزن والقلق والحيرة، فسأله صاحب الشركات عن سبب هذه الابتسامة التي تنم عن الفرح والسعادة؟
فقال: لأنني مسلم!
فقال له صاحب الشركات: لو أسلمت أجد هذه السعادة التي تحس بها؟
قال الشاب: نعم. فأخذه الشاب المسلم إلى أحد المراكز الإسلامية، فشهد شهادة الحق، ثم انفجر في بكاء شديد، فسئل عن سبب هذا البكاء فقال: لأول مرة في عمري أجد طعم السعادة. [طريق السعادة].
* وصايا أم لابنتها *
أوصت أم الخنساء ابنتها قبيل زواجها فقالت:
* أي بنية! إنك فارقت الحواء الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه إياك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً.
* أي بنية! احفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً وذكراً.
* فأما الأولى والثانية: الصحبة له بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
* وأما الثالثة والرابعة: التعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
* وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه. فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
* أما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، لأن الاحتفاظ بالمال من حسن الخلال، ومراعاة الحشم والعيال من الإعظام والإجلال.
* أما التاسعة والعاشرة: فلا تفشي له سراً، ولا تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره.
* ثم اتقي- مع ذلك- الفرح بين يديه إذا كان ترحاً، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التذكير.
* وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراماً.
* وكوني أكثر ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما يكون لك مرافقة.
* واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت.
http://muslm.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/446)
لماذا لا تتزوج المرأة المسلمة من غير المسلم
جاسم المطوع
أكثر من 500 امرأة حضرن مؤتمر المرأة المسلمة السويسرية في مدينة (نيوشاتيل) بسويسرا، وقد ألقيت في المؤتمر دورة بعنوان (فهم النفسيات)، وأخرى بعنوان (كيف عالج النبي - عليه الصلاة والسلام - مشاكله الزوجية)، وختم المؤتمر (بالمائدة المستديرة)، وهي جلسة لمناقشة مشاكل الأسر المسلمة في سويسرا وفرنسا وايطاليا، و كان من بين الحضور مسلمات من اصل عربي ومسلمات جدد ومسلمات من أصل أوروبي.
ومما ميز المؤتمر حسن إدارته حيث جعلت قاعة خاصة للنساء اللاتي معهن أطفال رضع، وكان في المؤتمر ثلاثة أماكن للحضانة، أما مدة المؤتمر فكانت يوماً واحداً إلا أنه أفضل من مائة يوم بأحداثه وبرامجه المتميزة، ومما لفت نظري معاناة المقبلات على الإسلام، والمسلمات الجدد في القضايا الاجتماعية.
فقالت الأولى: إنني أريد أن أدخل في الإسلام ولكني لا أريد أضع الحجاب على رأسي.
وقالت الثانية: أنتم تتحدثون عن التربية الإيمانية و الإسلامية للأبناء، وأنا مسلمة جديدة و ليس لدي القدرة على التربية الإيمانية فماذا أفعل؟
وقالت الثالثة: لماذا تسمحون للمسلم أن يتزوج من كتابية، ولا تسمحون للمشرك أن يتزوج من مسلمة.
وقالت الرابعة: أنا زوجي لاجئ سياسي وكثرة أشغالنا بأوضاعنا المادية تجعلنا نلتفت عن تربية أبناءنا.
بعد ذلك بدأنا نناقش هذه المسائل من خلال الدورات التدريبية و الحوارات الجانبية، وأكتفي بمناقشة قضية واحدة في هذا المقال وهي المسألة التي طرحت من باب عدم مساواة الإسلام بين الرجل و المرأة بجعل الرجل الغير مسلم لا يتزوج امرأة مسلمة بينما المرأة الكتابية يمكن أن يتزوجها الرجل المسلم، أثناء الحوار بدأت أبين للأخت السائلة بأن الأصل عندنا هو التكافؤ بين الزوجين في العقيدة ليساهم ذلك في نجاح الزواج.
وأما سماح ديننا بزواج المسلم من كتابية (يهودية أو نصرانية) فهو استثناء من أصل لحالات خاصة يلجأ لها المسلم، وعندما يتزوج المسلم من كتابية فليس لدينا مشكلة لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء و الكتب السماوية فلا مشكلة بين الاثنين خاصة وأن دينه الإسلامي يأمره بأن يكون عادلاً مع زوجته، ولو كانت كتابية، كما يفضل لكل من يقدم على هذه الخطوة أن يكون متين العقيدة ملتزم بدينه، وأما عدم سماح ديننا بزواج المسلمة من غير المسلم، فلأن غير المسلم يؤمن بنبيه فقط، ولا يؤمن بنبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -، وجميع الأنبياء.
ثم ضربت لنا مثالاً أن المسلمة لو أرادت أن تربي أبناءها على حب الأنبياء جميعا فلن يوافقها زوجها على هذه التربية لأنه يؤمن بنبي واحد فقط، فيتدخل في تربيتها وينهاها عما تفعله، وهنا تحدث مشكلة وتكون هي بين مشكلتين:
الأولى: أنها تسكت وتصمت، وفي ذلك إهانة لدينها.
والثانية: أن تتكلم وتدخل معه في خلافات عائلية تربوية.
أما لو تزوج المسلم من غير المسلمة فليس لهذه المشكلة وجود، لأن الزوجة لو أرادت أن تربي أبناءها على الأيمان بالنبي الذي تؤمن به فان زوجها المسلم يؤمن بهذا النبي كذلك، وليس هناك ثمة مشكلة في الموضوع، ولهذا شرع الإسلام زواج المسلم من غير المسلمة، ونهى عن زواج غير المسلم بالمسلمة، فالقضية ليست احتراماً للرجل وإهانة للمرأة وإنما القضية احترام للعلاقة الأسرية والحرص على استقرارها.
إن الحوار مع الغرب بهذه القضايا من الأمور المستحبة حتى يتعرفوا إلى ديننا ويفهموا حقيقة القضايا الاجتماعية، و أذكر من الحوارات الطريفة التي ذكرت في المؤتمر قصة فتاة مسلمة احتفلت مدرستها بعيد المسيح - عليه السلام - فعابوا عليها بأنها لا تحتفل بعيد ميلاد نبيها محمد - عليه الصلاة والسلام -، فوفقها الله - تعالى - إلى إجابة ذكية للمدرسات و الطالبات فقالت لهن: أنتم تعترفون بنبي واحد، لكننا نحن المسلمين نحترم ونؤمن بجميع الأنبياء، فلو عملنا لهم عيداً لكانت أيام السنة كلها عيداً عندنا، فسكتوا من إجابتها وأبهرتهم.
Dec 23، 2004
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/447)
خذيها مني صريحة ؟؟
أختاه.. يا فتاة الإسلام:
خذيها مني صريحة، إنك تواجهين حرباً تغريبية مسعورة لا هوادة فيها فتناً شيطانية لا مهادنة فيها، إنك تواجهين تحدياً لدينك، لأخلاقك، لعفافك، بل لكل مظاهر الخير والحياء لديك، فهل تدركين ذلك؟
إنها حرب مكشوفة وإفساد معلن، هيؤوا لك كل مغر وجديد، وحجبوا عنك الحق وكل نافع ومفيد!
فهل تصمدين يا فتاة الإسلام أمام رياح الباطل وإغراءات الشيطان؟ هل تقفين متمسكة بعقيدتك معتزة بدينك محافظة على سترك وحيائك أمام هذا السيل الجارف من الفتن والمغريات، أم أن رياح الباطل تهوي بك في مهاوي الرذيلة ومواضع الفساد، وتقذف بك الأمواج العاتية في مستنقعات الموضة الفاجرة والأزياء المتبرجة؟
فإن كانت الأولى (اعتزازاً بالدين وتشرفاً بالحجاب وصدقاً في الاستقامة وثباتاً على الحق) فهنيئاً للأمة بكِ وبأمثالك، ولا أخالك إلا قائلة: نعم، نعم...
وإن كانت الثانية (مجاراة للموضة، وتقليداً للأزياء، ومتابعة القنوات، وإعراضاً عن الآيات البينات، وغفلة عن القبر والحساب والممات) فيا لشقاء الأمة بكِ وبجيل اليوم من أمثالكِ وأحسبك قائلة: لا لزمن الغفلات ونعم لعمل الصالحات.. والتوبة التوبة لرب الأرض والسماوات.
اللهم أسألك الثبات:
وأبشرك بقول الله - تعالى -: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" (سورة النحل: 97).
ختاماً أخيه:
جعلنا الله وإياك من المؤمنين المهتدين، وأعاذنا من طريق الفاسقين المعرضين، ورزقنا الثبات في القول والعمل اللهم آمين..
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/448)
لا تخرجوهن
فوزية الخليوي
منذ سنوات خلت كانت الأحاديث بين النسوة عن مشكلاتهن الزوجية تتم بصوت خافت وعلى نطاق محدود؛ أما الآن فتعالت الأصوات وكثرت الآهات من جرّاء حوادث يندى لها الجبين وينفطر لها القلب الحزين!! ولا حيله لها إلا أن تنضم إلى قافلة المستائين عبر التاريخ فتردد معهم:
ضَّيعونى وأيّ فتى أضاعوا *** ليوم كريهة وَسداد ثغر
" ولجهل الرجل بطبيعة المرأة وما يطرأ عليها كل آونة وأخرى من تغيرات هرمونية سواء مطلع كل دورة شهرية أو في فترات الحمل والولادة! مما لها أكبر التأثير على نفسيتها وتقلب مزاجها!!
ولعله مصداق الحديث النبوي" إن المرأة كالضلع إن ذهبت تقيمها كسرتها وان تركتها استمتعت بها على عوج " وهذا لحكمه إلهية أرادها الله حيث لا يطغى على حياة الزوجين العقل والجدّ؛ بل كان لهذا الاعوجاج أكبر الأثر في تسليه الرجل وتلطيف جوّه العقلاني الحازم! بشيء من العاطفة المشوبة بالنقص! فهي امرأة اغتربت غربتين! غربة عن بلدها وغربة عن أهلها ومحضن طفولتها!!
لبلد لم تعرفه!
وبيت لم تأنسه!
وزوج لم تألفه!
لتصبح فجأة رهن إشارته! وقيد تصرفه! ومؤتمرة بأمره!
عناءٌ ويأسٌ واشتياقٌُ وغربةٌ *** ألا شدّ ما ألقاه في الدهر من غبن
فقد نص الله - عز وجل - في كتابه ("وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) [الطلاق: من الآية1]
قال القرطبي: أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ولا يجوز لها الخروج أيضاً لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة؛ فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة والرجعية والمبتوتة في هذا سواء وهذا لصيانة ماء الرجل وهذا معنى إضافة البيوت إليهن كقوله - تعالى -: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) [تفسير القرطبي (18 102] فإذا كان هذا النهي عن إخراجها وهى قد طلُقت؛ فكيف بإخراجها عند مجرد خلاف؟!
أين السكينة؟!
وأين المودة والرحمة؟
ولكن يأبى الرجل إلا أن يلتقط معوله مقوماً لذاك الضلع المعوج! ليس باللوم والتقريع؛ بل بالقطع والتمزيق!
وهو بذلك لا يغلق كتاب الزوجية بهدوء ويطوى صفحاته برفق وتؤدة!
بل يلقى به ممزقاً فتتقاذف صفحاته الريح عندما تلقى بالمرأة في بيت وأبنائها في آخر!
يتجاوز فيها الزوج حد الإنسانية!! ويرتدى ثوب الأنانية!
لماذا يصر الرجل عند أي خلاف أن يخرجها في الحال إلى بيت أهلها؛
ليقطع جميع حبال الوصل والعتب، ويضيع الأبناء بلا سبب؟!
يُذكرُنى حاميم والرُمح شاجرٌ *** فهلا تلا حاميم قبل التقدُّم
وإليك هذه الحادثة التي تتمثل فيها مغبة العجلة!! كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن على بن أبى طالب فلما أصيب علىٌ وبويع الحسن بالخلافة قالت: لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين!!
فقال: يُقتل علىٌ وتظهرين الشماتة! اذهبي أنت طالق ثلاثاً!
فتلفعت بساجها وقعدت حتى انقضت عدّتها فبعث إليها بعشرة آلافٍ متعهً وبقية ما بقي لها من صداقها.
فقالت: متاعٌ قليلٌ من حبيب مُفارقِ
فلما بلغه قولها بكى! وقال: لولا أنى أبنت الطلاق لها لراجعتها!
ففاضت دموع العين مِنّى صبابةً *** على النحرِ حتى بَلّ دمعي ِمِحملي
فهذا نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - يواجه أصعب موقف تتهم فيه الرجولة عندما يتحدث في حادثه الإفك! عن عائشة الطاهرة المطهرة، وهى من أحب الناس إليه، عندما تتهم في شرفها ويُقع في عرضها!
ومع ذلك لم يجابهها أو يثور في وجهها! في بدء الأمر أو يطلعها على الخبر! بل تروى وكان يكتوي شهراً كاملاً، بما يدور على الألسن ولم يسمح لما يعتمل في صدره أن يظهر لها!! وكان يزورها في كل يوم، ليطمئن على حالها وهى محمومة مع ما يعانيه ويثقل كاهله!
فتحكي عائشة" اشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك. ولا أشعر بشيء يريبني في أوجعي أنى لا أعرف من رسول الله اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى إنما يدخل علي رسول الله فيسلم ثم يقول:كيف تيكم؟ ثم ينصرف" رواة البخاري.
15/10/1425
28/11/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/449)
شهيدة الواجب
د. نهى قاطرجي
تألمت فريال كثيراً عندما علمت بوفاة جارتها أم محمد...هي لم تحزن لفراقها... إذ كانت، - رحمها الله -، تعاني من المرض منذ زمن طويل... ولكنها حزنت على ابنتها فاطمة... صديقتها التي أصبحت بعد وفاة أمها وحيدة من دون أنيس أو صديق...
بقي هذا الموضوع يشغل تفكير فريال طوال يوم الدفن... كان شغلها الشاغل هو مراقبة فاطمة في تحركاتها... في ذهابها وإيابها... تنظر إليها وهي تتقبل التعازي بصبر واحتساب... تشارك الحاضرات في قراءة القرآن والذكر... تدعو لوالدتها وترجو لها الرحمة والمغفرة.
مسكينة فاطمة... ها هي الآن وحيدة من دون زوج أو ولد... وحيدة بعد أن قضت ريعان شبابها ترعى أمها المريضة... وها هي الآن تضطر لتقضي باقي حياتها مع وَحدتها وذكرياتها وآلامها...
كانت دوماً تطلق على صديقتها لقب... شهيدة الواجب.
أذان المؤذن لصلاة المغرب جعل فريال تنتبه إلى أن هذا النهار قد انتهى... وأن عليها أن تغادر إلى بيتها وعائلتها... ولكن كيف تترك صديقتها لوحدها في هذا اليوم... ماذا تفعل؟ فكرت بالاتصال بزوجها لتخبره أنها ستبيت مع فاطمة الليلة... هو لن يمانع... سؤال فاطمة أنجاها من أفكارها:
- فريال... ألن تذهبي إلى بيتك؟ لقد تأخرت على الأولاد...
-لا... لا... سأنام معك اليوم... تعرفين نحن في فصل الصيف... والأولاد في إجازة... لن أتركك لوحدك.
-اذهبي... لا عليك مني... فهذا أمر عليّ أن أعتاد عليه... لا تخافي عليّ.
-حسناً... أبقى قليلاً... ثم أذهب... أنا حزينة جداً لأجلك! لقد ضحيت بوظيفتك وشبابك... بعمرك كله... وها أنت الآن وحيدة...
-لا تحزني يا صديقتي... الموت علينا حق... صحيح أن أمي توفيت وأصبحت لوَحدي... ولكني لست نادمة على الماضي... ما كنت أستطيع أن أفعل غير ما فعلته...
لقد كنت دوماً أحسب حساب هذا اليوم... ولكن لم يكن لديّ أي خيار آخر... يكفيني رضا والدتي عني... فهي طالما قبّلت يديّ عندما كانت تجدني متعبة وتقول لي: أنت أفضل أولادي... صحيح أنهم يعطونني المال ولكنك أنت ضحيت بحياتك من أجلي... فسامحيني يا ابنتي.
- كثيراً ما كنت اتساءل عن تلك القدرة على العطاء التي منحك إياها الله - عز وجل -... وكنت أقول بأنه لو كان لديك أطفال لكنت أفضل أم على الإطلاق...
-لماذا هذا الاستغراب؟ لا... أنا لم افعل سوى الواجب... أي ولد بار بأهله كان سيفعل ما فعلته... أذكر مرة أني قرأت قصة رجل ترك عمله وعائلته وبقي أمام والده المريض... وكان هذا الولد البار يضع يديه ليقضي والده حاجته عليهما...
أنا لم أفعل شيئاً...
- ولكنك لست لوحدك في الميدان... أين إخوتك؟ كلهم تزوجوا وتركوك لوحدك تتحملين هذا الأمر... هذا ظلم.
- لا تحزني يا صديقتي... هذا قدَرَي... إخوتي... لو كانوا هنا فلن يستطيعوا أن يساعدوني... أعرف طباعهم جيداً... حتى من قبل مرض أمي ووفاة أبي، - رحمهما الله -، كنت أنا وحدي الذي أقوم بشؤون الأسرة... أجلب اللوازم والاحتياجات... أرعى أمي وأبي... وحتى مشاكل إخوتي فأنا التي كنت أساعدهم على إيجاد حلول لها... كل هذا في غفلة من الجميع عني وعن همومي... ومع ذلك ما كنت أتذمر... أتعرفين لماذا؟ لأني كنت أحب هذا الفعل... كان يجلب لي السعادة والفرح... لذلك لم أعتبر نفسي يوماً إنسانة مضحّية... إذ إن المضحي هو الذي لا يلقى مقابلاً لما ضحى به... أما أنا فلقد كنت آخذ الأجر مقابل كل عمل أقوم به... كنت آخذ أكثر مما أعطي... وكنت لا أجد المتعة إلا عندما أرى السعادة على وجوه الآخرين... وكم كان يشتد فرحي عندما أعطي شيئاً أحبه... وكم يشتد حزني عندما أشعر بالعجز أمام بعض الاحتياجات التي تفوق طاقتي المادية والمعنوية.
- ما تتحدثين عنه صحيح... فلقد عبّر كثير من الصالحين قديماً وحديثاً عن تلك السعادة التي يجدونها في العطاء... فقال أحد الصحابة عندما سئل عن أحب الأعمال إليه: " إدخال السرور على المؤمنين، قيل: فما بقي من لذتك؟ فقال إدخال السرور على الإخوان ".
كما قال "سيد قطب" متحدثاً عن تجربته في العطاء: " يصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء لأنهما يعطيان مدلولاً واحداً في عالم الروح، فكل مرة أعطيت لقد أخذت، لست أعني أن أحداً قد أعطى لي شيئاً، إنما أعني أنني أخذت نفس الذي أعطيت لأن فرحتي بما أعطيت لم تكن أقل من فرحة الذين أخذوا ".
- لا أدعي؟ أنني إنسانة صالحة... فأنا ما اعتدت أن أزكي نفسي... ولكن مسؤوليات البيت لم تجعل لي خياراً آخر... أذكر مرة أني حاولت أن أحتج على ما أنا فيه وأرفض الاستمرار في تحمل العبء... عبّرت عن رفضي لهذا الظلم الذي وقع عليّ وحدي... أردت أن أنصرف إلى نفسي وإلى حياتي الخاصة... لماذا الجميع لا يفكر كما أفكر أنا؟ لماذا عليّ أن أتحمل همّ الجميع ولا يتحمل أحد همّي؟ اتخذت قراري بالاعتزال... لن أعبأ بهموم الآخرين بعد اليوم... لم تمرّ فترة وجيزة إلا وساد الاضطراب جو البيت... فلان يتشاجر مع فلان... البيت ينقصه أمور عديدة... أبي وأمي لا أحد يهتم بهما... ينظران إليّ بعتب شديد... ولكني بقيت مصرّة على موقفي... لن أرضخ أو أستسلم... أريد أن ألتفت لنفسي كما يفعل غيري... ولكن هيهات... ليست المطالب بالتمني... لم أستطع أن أستمر بسياسة المقاطعة... فلقد أدركت أني إن فعلت غرقت السفينة... والسفينة، كما تعلمين، لا يوجد لها إلا ربّان واحد...
-ولكن هذا ليس عدلاً... إخوتك أنانيون... أين هم اليوم؟ انصرف كل منهم إلى بيته... وتركوك لوَحدتك وحزنك... هذا ظلم... وأنا أضع اللوم عليك... لو فرضت عليهم أن يساعدوك في تحمل المسؤولية... لو قبلت الزواج بأحد الأشخاص الذين تقدموا لك... لوجدوا أنفسهم ملزمين بمساعدتك... على الأقل... لو تزوجت لكان لديك من الأولاد من يرعاك ويحفظك عند كبرك... أنت اهتممت بأمك ولكنك الآن... إذا أصبت بمرض، لا قدّر الله، فمن سيهتم بك؟
- هذا هو الخطأ الذي يقع فيه كثير من الناس، إذ يعتقدون بأن جزاء الإحسان لا بد أن يأتي من الشخص الذي أحسن إليه... بينما الجزاء مرتبط بالله - عز وجل - وليس مرتبطاً بالأشخاص... فكم من والد أو والدة انتظرا البرّ من احد أبنائهم فجاءهم عن طريق ولد آخر لم يتوقعوا منه البر والصلة، وصدق الله - عز وجل - في قوله: "آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً ".
أذكر قصة إحدى صديقاتي... كان وضعها مثلي... لم تتزوج وأنفقت مالها كلّه على إخوتها وعائلتها... وحين أقعدها المرض ولم تعد قادرة على العمل بحثت عن عائلتها فلم تجد أمامها أحداً منهم... اللهم إلا قلّة... ولكن الله - عز وجل - قيّض لهذه المرأة أناساً مدّوها بالمال والعطف والمودة حتى فارقت الحياة وليس هذا فحسب... بل بقيت هذه الأخت تعطي الآخرين من المال الذي يصل إليها... فهل كان عطاء هذه المرأة في حياتها خيراً لها أم وبالاً عليها؟ أم يصدق فيها قول الله - عز وجل - في الحديث القدسي: " أَنفق أُنفق عليك، ويد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار ".
إن هذا الخطأ في التفكير يعود إلى عدم ربط البعض الإحسان بالنية، فالعطاء كما هو معلوم قد يكون لله - تعالى -، كما قد يكون من أجل أهداف أخرى دنيوية مثل الشهرة والجاه وحب الظهور، فإذا كان العطاء من النوع الأخير لم يلق أصحابه مقابلاّ لأعمالهم لا في الدنيا ولا في الآخرة، أما إذا أخلصوا النية لله - عز وجل - في عطائهم، تيقنوا عندئذ بأن ما بذلوه وأنفقوه لله، وهو - سبحانه - الغني، إنما هو قرض يضاعفه لهم، ويردّه إليهم - سبحانه - عند الحاجة، قال - تعالى -: " من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم "، وقال - عز وجل -: " وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين "
ثم... لا تبالغي في تضخيم الموضوع... فهل أنا الإنسانة الوحيدة التي ضحت في حياتها؟ ولنفترض أنني تزوجت وكان لديّ أولاد... فهل ستخلو حياتي من التضحية والعطاء... انظري حولك... كم من امرأة ابتليت بزوج غير صالح ولكنها صبرت على بلائها من أجل سعادة أبنائها... إحداهن قالت لي ذات يوم: ماذا ينفع إن طلقت زوجي وتركت أولادي في قبضته؟ وهل يمكن أن تكون حياتي أسعد وأفضل وأنا بعيدة عنهم؟ لقد اخترت هذا الزوج بملء إرادتي... وعليّ أن أتحمل نتيجة هذا الاختيار... لن أجعل أولادي يتحملون هذا عني.
إن النماذج من العطاء المنتشرة في المجتمع تجعل المسلم يشعر بالفخر والاطمئنان على أن الأمة الإسلامية لا زالت بخير، فالتضحية والعطاء هما اللذان يعطيان للأمة قوتها واستمرارها أمام الأعاصير القادمة من الغرب، فالمشاكل الكبرى التي تعاني منها المجتمعات الغربية من تفكك وانهيار إنما تعود لغياب مبدأ التضحية والعطاء، وتغلّب الأنانية وحب الذات على النفوس، وما انتشار دور الرعاية الاجتماعية للأيتام والعُجَّز إلا نماذج حيّة عن غَلَبة المصلحة الفردية على المصلحة الجماعية.
- تعرفين... أنت طوال عمرك إنسانة قوية... حتى في لحظات ضعفك قوية...
- عظيم... هكذا تطمئنين أنني بخير... اذهبي إلى بيتك... لا تخافي عليّ فأنا راضية بقدَري... محتسبةً الأجر على الله - عز وجل -... وأرجو ألا أكون قد قصّرت بواجبي تجاه والدتي... هيا اذهبي...
أقفلت فاطمة الباب بالمزلاج... ودخلت إلى داخل البيت وهي تتمتم بالدعاء وتقول: " اللهم لا تكِلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله ".
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/450)
سرير العانس
عبد الحكيم عبد الله
عادت سعاد وفي وجهها جمر الظهيرة وفي ثوبها دخان الشارع الملتهب، نزعت حذاءها الأسود، سلخت جواربها السوداء وتأملت للحظة خيوط العرق على ساقيها، بعد الاستحمام قعدت تتناول الطعام مع والديها وأخويها الصغيرين.
دلفت إلى غرفتها، أرجاء الغرفة عبقة بروائح العود المحترق جيداً، جلست على الكرسي وتأملت زوجها المستلقي على السرير غافياً بخفة متناهية، وسمعت تنفسه الخافت، بدت غير مقتنعة بالمشهد هذه المرة، فكرت: (الأزواج يصلون من أعمالهم بعد وصول زوجاتهم، غالبا).
أغمضت عينيها فاختفى زوجها من الفراش وتلاشى في ضباب هش، عاد بعد لحظة من عمله، دخل الغرفة فسمعت تكسر ملابسه وراءها، انتظرت ليعانقها من ظهرها، عانقها فاستدارت إليه لتستنشق نكهة الشمس الحارقة في ثوبه الأبيض.
كل يوم يصل من عمله في حافلة الموظفين غير المكيفة، هكذا كانت تتمناه..رجلاً حقيقياً، فيه رائحة الرجال الذين يأتون من الخارج وعلى أكتافهم غبار التعب وفي سحناتهم وعثاء العمل المضني، كانت تريد رجلاً.
قدمت له الطعام بينما كانت تنزلق ساهمة تحت الغطاء في سريرها المبخر، ناولته أول لقمة بيدها المحناة وهي تدفع وجهها أكثر في ليونة المخدة، وحين بدآ حديثهما المؤنس أثناء الطعام رشفت رطوبة دموعها في سطح الوسادة.
***
بعد تناول العشاء مع والديها وأخويها الصغيرين، سارعت إلى غسل يديها على عجل ونظفت أسنانها جيداً بالفرشاة، منذ المساء وهي متلهفة للدور الجديد الذي حضّرته لهذه الليلة.
وضعت يدها على باب الغرفة، هيأت ملامحها للمشهد الجميل وهي متلبسة بكل كيانها دورها الذي تمثله هذه الليلة، دخلت الغرفة ويدها تتحسس نحرها لإسكات تنفسها المتدافع.
توقفت وسط الغرفة، زوجها لم يعد بعد، لم يكن يتأخر عن العشاء، ها! هناك رسالة صغيرة على نضد الزينة وتحت زجاجة عطرها المحبب لديه.
جمّدت المشهد لحظات لتكتب الرسالة نيابة عنه وبيده هو، وبخطه الرجالي المجعد، ولم تنس محاكاة نبرة تفكيره الخشنة داخل ذهنها وهي تصيغ كلمات الرسالة.
كانت تنفذ المشهد بإتقان مذهل وبإحساس كأنه الحقيقة، كتبت - كتب -: (حبيبتي سعاد، أعتذر عن العودة للعشاء، سأعود في العاشرة.. محبتي).
انتبهت لخيالها في المرآة، سعادُ المرآة تنظر إليها متأملة، ابتسمت بخجل وتحركت نحو خزانة الملابس، اختارت ثوب النوم الوردي، رشت عطرها فوق صدر الثوب ووضعت منه على عنقنها وخديها، جلست على حافة السرير تنتظر وكانت متلهفة بشدة، شعرت بارتعاش فمها وخدر دافئ يسري في أطرافها.
دخل، نهضت، سقطت الوسادة من حجرها، وطئتها وهي تخطو إليه، عانقته مباشرة لتتفادى اضطرابها وتلعثمها، أحست صدره ألين من مخدتها المعطرة، رفعت يدها تتحسس وجهه برقة متناهية وعينين حالمتين، مست لحيته.. إنه رجل، إنه زوجها.. زوج حقيقي بلحية كلحى الرجال الذين تشاهدهم في الشارع وهم راجعون إلى بيوتهم ليقبلوا زوجاتهم، قبلها على خدها، قبلة خافتة مشحونة بأحاديث كثيرة.
***
في الصباح كان أثر القبلة ينبض في خدها بمس لطيف، همت بلمس خدها ولكنها خجلت فقامت مسرعة لتناول الإفطار مع والديها وأخويها الصغيرين.
***
عادت سعاد وفي وجهها جمر الظهيرة وفي حلقها دخان الشارع الملتهب، وفي صدرها نار لا تخبو، عقب الاستحمام جلست لتناول الطعام مع والديها وأخويها الصغيرين.
دخلت الغرفة، كان مستلقياً في السرير، مستنداً إلى الوسائد يقرأ كتاباً، التفت إليها، ابتسم، ابتسمت، وفجأة أحست بالضجر، فكرت في مشاهد أجمل وصور جديدة.
***
سعاد في مشغل الخياطة منهكة من يوم العمل، قِطع الخيوط الملونة عالقة بثوبها، أجفانها متعبة من تحديد عين الإبرة، أطراف أناملها محفورة وأظفارها مهشمة.
***
عادت سعاد وفي وجهها جمر الظهيرة، وفي ثوبها دخان الشارع الملتهب...
***
عادت سعاد وفي وجهها جمر الظهيرة، وفي ثـ وبـ ها.. د خـ ا ن الـ شـ ا.. رع..
12/1425
03/02/2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/451)
أثر تهميش دور المرأة على نهضة الأمة
د. ليلى عبد الرشيد عطار
رغم التقدم العلمي والتقني في وقتنا الحاضر، ورغم حصول المرأة على الدرجات العلمية العليا، وتوليها المناصب المرموقة، إلا أنها عادت القهقرى إلى جاهلية عاتية، وتخلف مقيت لا يليق بإنسانيتها ومكانتها في صناعة البشر وإدارة الحياة، وهذا يذكرنا بما كانت عليه قبل الإسلام، وكيف كانت مهنية ذليلة لا تملك من أمرها شيئاً، تُملك ولا تملك، وتُورث ولا ترث حتى حررها الإسلام من عبودية الرجل وطغيانه، وأعطاها حقوقاً كثيرة تتناسب ووظيفتها ودورها في الحياة، فأثبتت جدارتها وشاركت الرجل في صناعة الحياة ونهضة الأمة الإسلامية في مختلف جوانب الحياة.
وعندما ابتعدت الأمة الإسلامية عن تطبيق شرع الله - عز وجل - في جميع أمورها، وانشغلت بالمطامع الدنيوية والشهوات الوقتية، ضعف دور المرأة تدريجياً، وأصبحت تفقد كل يوم حقاً من حقوقها، وتقلص دورها وانحصر في خدمة الزوج ورعاية الأطفال دون علم ومعرفة، وإنما من مورثات العادات والتقاليد التي ورثتها من أمها وجدتها وقريباتها، فنتج عن ذلك أجيال ضعيفة لا تفقه من دينها إلا العبادات الشكلية، أما روح الدين وتشريعاته فلا علم لهم به وإنما محفوظ في الكتب.
وقد صدق الشاعر عندما قال:
ولم أر للخلائق من محل يهذبها كحضن الأمهات
فحضن الأم مدرسة تسامت بتربية البنين أو البنات
وهل يرجى لأطفال كمال إذا نشأوا بحضن الجاهلات
ونتيجة لهذه التربية الضعيفة للرجال والنساء من هؤلاء الأمهات، ظهر جيل من الرجال يعاملون المرأة كأنها من جنس ثاني في المرتبة الأخيرة من المخلوقات البشرية، فهم يشعرون بالحرج الشديد من ذكر اسم المرأة أماً و زوجة وبنتاً، ولم يقتدوا برسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يذكر أسماء زوجاته وبناته ونساء المؤمنين صراحة تكريماً وتعزيزاً لهن، وهذا ما حدث عندما مر عليه رجلان من الأنصار فسلما عليه، فقال لهما: (على رسلكما، إنما هي صفية بن حي).
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن عمرو بن العاص سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة)، قلت: من الرجال؟ قال: (أبوها). هل يستطيع الآن رجل مسلم أو عالم من علمائنا الأفاضل أن يصرح بحبه لزوجته؟!
وفي وقتنا الحالي كم من الرجال يسمح لزوجته أو لابنته بحضور مجالس العلم لتعلم وتتعلم، حتى تفيد نفسها وأطفالها ومجتمعها، كما حدث من حرص نساء المسلمين عندما جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله. فقال: (اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا).
هل تستطيع امرأة، الآن، أن تطالب بحقها في مفارقة الزوج دون إضرار شديد مؤلم لها ولأطفالها سواء من قبل زوجها أو من قبل المحاكم؟!
هل تستطيع أن تحصل على هذا الحق بيسر وسهولة كما حدث عندما جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله: ما أنقم على ثابت في دين ولا خُلق إلا إني أخاف الكفر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فتردين عليه حديقته؟ ) فقالت: نعم، فردت عليه وأمره ففارقها.
ولم يُهدر حق المرأة في طلب مفارقة الزوج فقط، وإنما حقها في اختيار الزوج الذي تراه مناسباً لها، فالأب هو الذي يختاره بناء على مواصفاته هو وليست هي؟! متناسياً قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تنكح الأيم (الثيب) حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن). كم من الآباء طبق هذا الحديث وأعطى للمرأة الحق في الاختيار دون ضغوط وتهديد!
هل يوجد عالم من علمائنا الأفاضل في هذا الزمان - يسمح لزوجته أن تحضر صلاة الجنازة؟! عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمرروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه ففعلوا فوقِف به على حُجَرِهن يصلين عليه.
إن ما عرضته من مواقف نبوية بسيطة جداً، لأدلل على أن وراء ضعف دور المرأة في نهضة الأمة وازدهارها، هي النظرة الدونية من الرجل للمرأة وهي التي دفعته إلى بخسها حقوقها وإرادتها ورأيها، وجعل منها تابعاً له لا حول ولا قوة لها إلا باتباع أوامره ورغباته، وإلا فالويل لها من سوء المعاملة والضرب والهجر والحرمان من أطفالها إن لم تنفذ ما يريد!! وللأسف الشديد إن معاملة الرجل للمرأة، هي معاملة السيد لعبده، فكيف يمكن لعبد أسير الخوف والضعف والظلم والألم والحرمان أن يكون له دور إيجابي مع نفسه أو مع غيره!
إن المرأة المسلمة يوم حررت من الجاهلية الأولى وأعطاها الإسلام حقوقها كاملة، وعاملها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يليق بإنسانيتها وكرامتها بلغت درجة عالية من الفضل وشاركت في بناء الأمة الخيرة، ويوم أن عوملت بالفهم الخاطئ للآيات القرآنية والأحاديث النبوية (وقرن في بيوتكن) و (النساء ناقصات عقل ودين) وغيرها، سلبت إرادتها، وتقلص دورها، وأصبحت أسيرة التفكير الجاهل للرجل المسلم!!
قد يعتقد القارئ الكريم أنني مبالغة فيما أوجزت في كتابته عن بعض حقوق المرأة، وأنني من النساء الحاقدات على الرجال، لذلك فإنني أدافع عن نفسي بأنني غير ذلك، وحتى يصدر حكمه العادل عليّ، فإنني أحيله إلى قراءة وفهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي وردت في إثبات حقوق المرأة في جميع الجوانب حتى كان لها دور إيجابي فعال في إقامة خير أمة أخرجت للناس في عهد رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
وكل ما تحتاجه المرأة المسلمة حتى تستعيد دورها في بناء المجتمع المسلم أن يصحح الرجل نظرته الدونية عنها ويعاملها معاملة كريمة من خلال إعطاءها حقوقها كاملة غير منقوصة دون تبرير أو تردد، مع الإيمان المطلق بقدراتها واستعداداتها، القادرة على البناء والعطاء دون حدود.
ويوم أن تعطي المرأة المسلمة حقوقها التي أعطاها الإسلام، وفي ظل المعطيات المادية والبشرية الموجودة حالياً، فإنها تستطيع أن تصنع المعجزات وتصل بالأمة الإسلامية إلى قمة مجدها وعزها كما فعلت المسلمات الأوائل، فحرروا الرجل من معتقداته وفكره وتسلطه عن المرأة فإن المرأة تتحرر وتنطلق في بناء الأمة. والله أعلم
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/452)
يا نساءنا دونكن أم عبد العزيز
عبد الملك بن محمد القاسم
أن تذهب إلى لبنان فإن كثيراً من مظاهر الفساد والانحلال سوف تكون صورة ماثلة أمامك، مطابقة لما رسمه الإعلام وبعض الأفراد!
ويؤكد ذلك أن تجد لوحات إعلانية بمساحات كبيرة تحمل صوراً لنساء شبه عاريات إلا من قطعتين تبرز لك بين الحين والآخر في الشوارع الرئيسية والطرق السريعة!
هذا ما نعرفه وهذا ما رأيته، لكن هذا الدين منصور، وفي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بقية من أهل الخير والصلاح،
يا نساءنا دونكن أم عبد العزيز!
إنها امرأة في مقتبل العمر تحمل همم الشباب ونشاطهم وتتطلع إلى أن تستثمر فرصة الحياة بالعمل على خدمة الإسلام في أي مكان.
افتتحت بجهودها الذاتية مدرسة لتدريس فقراء المسلمين وتعليمهم أمور دينهم، وجمعت لهذه المدرسة المبالغ الكبيرة وجدَّت وتعبت في البحث عن مصادر تمويل لاستمرار ثمار هذه الشجرة المباركة حتى وصل بها الأمر إلى السفر إلى كندا لجمع الأموال من الجالية المسلمة هناك.
أم عبد العزيز امرأة لبنانية وتتربع مدرستها هذه على أرض ومبنى كبير مكون من ثلاثة أدوار.
هذه هي المعلومات الأولى التي سمعتها عن هذه المرأة من الدعاة الذين يذهبون إلى هناك.
وقدر الله - عز وجل - أن أزور منطقتها ورتّب موعد لمقابلتها ومناقشتها في أمر المدرسة.
تخيل أيها القارئ أنك ستقابل امرأة لبنانية في مقتبل العمر، كيف تكون وبأي هيئة ستدخل وتقابلك! لقد دار في ذهني الكثير ولكن عندما صعدنا إلى مدرستها ودخلت غرفة الإدارة فإذا بزوجها رجل تظهر عليه سيما الخير، لما أقبلت فإذا بها ليست حاسرة الرأس أو كاشفة الوجه أو عارية النحر، لقد كانت محجبة الحجاب الشرعي الكامل فلا ترى منها وجهاً ولا شعراً ولا نحراً بل قد جعلت الكفوف السوداء في يديها نعم ذلك في لبنان ولها الفخر ابنة الإسلام أن تكون كذلك.
ورغم أن الشعور الذي انتابني والفكر الذي أحاطني انصرف إلى أمر حجابها ومحافظتها عليه إلا أن الأمر لا يزال محزناً وأنت ترى كيف يسقط الحجاب في بلد الحجاب.
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/453)
ماذا تعرفين عن عورة المرأة أمام المرأة ؟
قال سماحة الشيخ ابن عثيمين في الجزء السادس من شرح رياض الصالحين: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: للمرأة في بيتها في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لباس يستر من كف اليد إلى كعب الرجل، وهي في البيت ما عندها إلا النساء أو رجال محارم، ومع ذلك تستر من الكف إلى الكعب فكلها مسترة. وبهذا نعرف فساد تصور من تصور قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) أن المرأة يجوز لها أن تقتصر في لباسها على لباس يستر السرة والركبة!! يردن أن تخرج المرأة كاشفة كل بدنها إلا ما بين السرة والركبة فمن قال هذا؟؟
إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الناظرة لا اللابسة يقول (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) يعني ربما تكون اللابسة قد كشفت ثوبها لقضاء حاجة من بول أو غائط، فيقول لا تنظر لعورتها، لم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمرأة أن تلبس ما يستر ما بين السرة و الركبة فقط، ومن توهم هذا فإنه من وحي الشيطان ولننظر كيف كانت النساء في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - تلبس الثياب. لذلك يجب أن نصحح هذا المفهوم الذي تدندن به كل امرأة ليس عندها فهم، وليس عندها نظر لمن سبق نقول لها: هل تظنين أن الشرع الإسلامي يبيح للمرأة أن تخرج بين النساء ليس عليها إلا سروال قصير يستر ما بين السرة إلى الركبة فمن قال إن هذا هو الشرع الإسلامي... )
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس: ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)
أختي الحبيبة:
قرأت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق فمن هي في ظنك الكاسية العارية التي ذكرها؟
هل ترينها تلك التي عرت صدرها أو عرت ساقيها وجزء من فخذيها أو التي عرت ظهرها
أو ترينها امرأة أخرى غير تلك التي تشاهدينها في كثير من المناسبات وعلى رأسها الأفراح...؟
إن كنت تستبعدين أن تكون هذه المرأة هي الكاسية العارية فمن هي أذن الكاسية العارية؟
ومن هن النساء اللاتي ذكرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثه الصحيح السابق؟
وهل تظنين أنه سيظهر عري أكثر من هذا الذي ترينه أو تسمعين به في الأفراح والمناسبات؟
ألا يخيفك الحديث يا من تلبسين هذا اللباس؟ ألا ترين أن كل شيء يخطر على البال أو قد لا يخطر على البال أبدا ظهر أمامك بكل جرأة وسفاهة وقلة عقل؟
تأملي الحديث جيداً (من أهل النار) هذا هو مآل الكاسية العارية..
(لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) باعت أخرتها بدنياها.
أختاه:
إن الأمر والرأي ليس لي ولا لك بل المرجع إلى ورثة الأنبياء الذين وضحوا لنا من هي الكاسية العارية إن لابسة الضيق و المفتوح والشفاف والقصير والبنطلون كما جاء في فتاوي العلماء التي بالتأكيد وصلتك هي الكاسية العارية ولا يخدعنك الشيطان أو الجهل بالمقصود أن تقولي عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فالأمر ليس كما تفهمين...
وأخيراً لن نقول لك إلا عبارة واحدة:
إن لم تكن هذه هي الكاسية العارية فمن هي إذن؟
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/454)
المرأة المسلمة والمشاركة السياسية
أقوال الأعلام من علماء الإسلام
د. سامي محمد صالح الدلال
لقد دارت رحى القرون، وأبحرت سفن الحياة عبر محيطات الزمان، ثم أرست مراسيها في موانئ العصر الحاضر، فإذا بها إزاء أقوام تدثروا بالأوهام، وادعوا انقطاع عهدهم عن العهد الزاهر، وقالوا في المرأة ما لم يقله الشرع الطاهر. أرادوها مجرد متعة، ولكن دين الله أراد لها الرفعة! فجعل دائرة حركتها مؤطرة بالستر، وابتغى أولئك أن تكون مجللة بالوزر؛ فشتان ما بين الثرى والثريا، وما أبعد قضم الحجر عن أكل الثمر!
لقد حدد الإسلام بشكل واضح وجلي ما للمرأة وما عليها، ومن ذلك أنواع ولاياتها.
إن الولايات في الإسلام تقسم إلى قسمين:
الأول: الولايات العامة: كرئاسة الدولة، ورئاسة مجلس الوزراء، والوزارة والنيابة والقضاء، وهي ولايات مقصورة على الرجال.
الثاني: ولايات خاصة، وهي ما سوى ذلك. وللمرأة فيها نصيب بحسب تلك الولاية، وفي إطار نصيبها منها فإن لها حقوقاً وعليها واجبات.
وانطلاقاً من ذلك فإن كلامنا في الموضوع سيكون ضمن ثلاثة محاور رئيسة، هي:
(1) قوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33].
(2) قوله - تعالى -: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53].
(3) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لن يفلح قوم ولوْا أمرهم امرأة» رواه البخاري(1)، وعند أحمد في أحد رواياته بلفظ: «ما أفلح»(2).
(4) وقد اخترت هذا الترتيب ليتبين لنا أنه إذا كانت المرأة المسلمة مأمورة بالقرار في بيتها ـ من حيث الأصل ـ وأن المباشرة معها في الخطاب يكون من وراء حجاب؛ فكيف يتسنى لها مع ذلك أن تكون في إطار أي من الولايات العامة التي لا يمكن أن تمارس المرأة دورها فيها إلا إذا اخترقت الأصلين السابقين.
وسأذكر الآن نبذة مختصرة بشأن كل عنوان.
* قرار المرأة في البيت:
الأصل في ذلك قوله - تعالى - مخاطباً نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، قال ابن كثير: «هذه آداب أمر الله - تعالى - بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك»(1).
والحكمة في ذلك هي إتاحة الفرصة للمرأة للاضطلاع بدورها العظيم المناط بها شرعاً، وهو تربية الأولاد ليكونوا رجالاً صالحين عابدين مجاهدين، وللقيام بشؤون الزوج ولرعاية بيته، كما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والمرأة راعية في بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم» رواه البخاري ومسلم من طريق ابن عمر رضي الله عنهما(2). فإذا ما أخلَّت المرأة بهذه المسؤولية انخرقت سفينة المجتمع، فربما غرقت أو أوشكت!
لذا وجب على الحكام والعلماء أن يُلزموا المرأة بأداء دورها الشرعي الذي ذكرته مستلهمين في ذلك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها؛ فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم؛ فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا، جميعاً» رواه البخاري ـ وهذا لفظه ـ والترمذي، وأحمد من طريق النعمان بن بشير(3).
لكن للمرأة أن تخرج من بيتها، ويكون هذا الخروج ممثلاً لحركة طارئة من حيث الأصل، ومنضبطاً بالشرع من حيث الممارسة، وبما لا يخل بقاعدة «القرار»، ومن ذلك:
1 ـ الخروج للعبادة:
كالصلاة في المسجد؛ لحديث ابن عمر عن الشيخين: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فائذنوا لهن» ـ لفظ مسلم، وأخرجه أحمد(4) ـ رغم أن صلاتها في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد، وكصلاة العيدين لحديث أم عطية قالت: «كنا نؤمَر بالخروج في العيدين، والمخبأة والبكر، قالت: «الحُيّض يخرجن فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس» رواه مسلم(5). وفي رواية البخاري: «أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور»(6)، وتخرج المرأة للحج، لقوله - تعالى -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]. وهو شامل للرجال والنساء؛ على أن يكنَّ مع محرم؛ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكن أحسن الجهاد وأجمله، الحج المبرور» رواه البخاري والنسائي، وابن ماجه بنحوه(7).
2 ـ الخروج في خدمة المجاهدين:
كما جاء في حديث الربيع بنت المعوذ، قالت: كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة(8). قال ابن عباس: «قد كان يغزو بهن (أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فيداوين الجرحى، ويحذين من الغنيمة» رواه مسلم والترمذي وأبو داود والبغوي(9).
3 ـ الخروج للبيعة:
وهو ليس بالمعنى المعروف حالياً من المشاركة في الانتخابات، أو الترشيح للمجالس النيابية، بل هو خروج ضرورة حدث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتوثيق العهد على امتثالهن لأوامر الإسلام، وقد حدث ذلك مرات عديدة، كما حصل في بيعة العقبة الثانية، وكبيعة النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة العيد، وهو في الصحيحين(10)، ومبايعة أميمة بنت رقيقة في نسوة، كما في رواية مالك والنسائي والترمذي وأحمد(11). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال محقق جامع الأصول: إسناده صحيح(12)، ومبايعة أم عطية في نسوة كما في رواية الصحيحين والنسائي(13)، وقد جاء في التنزيل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الممتحنة: 12].
4 ـ الخروج لحوائجهن:
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد أذن لَكُنَّ أن تخرجن لحوائجكن» رواه الشيخان(14). نقل الحافظ في «الفتح» عن ابن بطال قوله: «فقه هذا الحديث أنه يجوز للنساء التصرف فيما لهن الحاجة إليه من مصالحهن»(1): أي مصالحهن الدينية والدنيوية: كطلب العلم، وزيارة الزوج في المعتكف، وللقيام بأعباء الحياة، قالت أسماء بنت أبي بكر: «كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي، وهي مني على ثلثي فرسخ» رواه الشيخان(2).
5 ـ الخروج للعرس:
هو مشروع للنساء؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - في الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى صبياناً ونساءً مقبلين من عرس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ممثلاً: «اللهم أنتم من أحب الناس إليَّ، يعني الأنصار» لفظ مسلم(3).
نلاحظ مما ذكرته أن الإسلام رغم أنه وسع للمرأة حركتها خارج المنزل للقيام بالمهمات المنوعة، لكنه لم يجعل من بينها المشاركة في أي عمل سياسي، إضافة إلى أنه وضع لها ضوابط في ذلك الخروج، من أهمها:
1 ـ أن لا يؤدي خروجها إلى خلل في أداء واجباتها الأصلية في مقرها وهو المنزل، أي لا بد من استحضارها لقوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33].
2 ـ الالتزام بالحجاب؛ لقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59].
3 ـ الالتزام بغض البصر: قال - تعالى -: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31].
4 ـ عدم التبرج: لقوله - تعالى -: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] ولقوله - تعالى -: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].
5 ـ عدم التعطر أو إصابة البخور؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «..والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني زانية» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه أبو داود بدون «يعني زانية»، بل قال: «قال قولاً شديداً»، لكن عنده «ليجدوا من ريحها فهي زانية» رواه النسائي، وأحمد؛ جميعهم من طريق أبي موسى الأشعري(4)؛ ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» رواه مسلم، وأخرجه أحمد في المسند(5).
6 ـ عدم الاختلاط بالرجال في أماكن التجمعات العامة، وقد وردت في ذلك أحاديث، منها فصل النساء عن الرجال في المساجد وفي صلاة العيد، بل وفي الطرقات؛ لحديث أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول وهو خارج من المسجد؛ فاختلط الرجال بالنساء في الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء: «استأخرن؛ فإنه ليس لَكُنَّ أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق؛ فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به» رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير(6).
ومعلوم أن مشاركة المرأة في أي من الولايات العامة لا بد لها فيه من الاختلاط بالرجال وحضور المجالس العامة، بل والاختلاء ببعض الرجال بسبب متطلبات العمل السياسي.
قوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ليس مقصوراً على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، هو قول جمهور المفسرين، منهم:
(1) ابن كثير ـ قال في تفسيره لهذه الآية: «هذه آداب أمر الله - تعالى - بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك»(7).
(2) أبو عبد الله القرطبي، قال في «الجامع لأحكام القرآن»: «معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء؛ فكيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والكفاف عن الخروج منها إلا للضرورة»(8).
(3) العلامة الآلوسي البغدادي قال في «روح المعاني»: «والمراد على جميع القراءات أمرهن ـ رضي الله عنهن ـ بملازمة البيوت، وهو أمر مطلوب من معاشر النساء»(9).
(4) الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية السابق، وعضو جماعة كبار العلماء قال في «صفوة البيان لمعاني القرآن» في تفسيره لقوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}: الزمنها! فلا تخرجن لغير حاجة مشروعة، ومثلهن في ذلك سائر نساء المؤمنين(10).
ثم أسوق شهادتين أختم بهما هذه المحطة:
الشهادة الأولى: قال العالم الإنجليزي (سامويل سمايلس)، وهو من أركان النهضة الإنجليزية: «إن النظام الذي يقضي بشتغيل المرأة في المعامل مهما تنشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية؛ لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان الأسرة، ومزق الروابط الاجتماعية».
الشهادة الثانية: قالت الخبيرة الأمريكية الدكتورة «إيدا أولين»: «إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة؛ فزاد الدخل، وانخفض مستوى الأخلاق. إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم ـ أي إلى البيت والقرار فيه ـ هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه».
ذكر تلكما الشهادتين الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله - في كتابه «المرأة بين الفقه والقانون»(1).
السؤال من وراء حجاب:
ومداره على قوله - تعالى -: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53].
حيث تؤكد هذه الآية عدم جواز الاختلاط والذي لا بد منه في العمل السياسي؛ إذ تبين أن سؤال الرجل للمرأة ينبغي أن يكون من وراء حجاب، وأن ذلك عامٌّ، وليس مقصوراً على زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاءت أقوال المفسرين مبينة تماماً لهذا المعنى من الآية. أذكر منها:
1 ـ ابن جرير الطبري: قال في «جامع البيان في تفسير القرآن»: وإذا سألتم أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب، يقول من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن، ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن»(2).
2 ـ ابن كثير قال في تفسيره لقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ}.. إلى قوله: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]: «حظر على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير إذن، كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتى غار الله لهذه الأمة؛ فأمرهم بذلك؛ وذلك من إكرامه والدخول على النساء» الحديث(3)، ثم قال: «وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب»(4).
3 ـ أبو عبد الله القرطبي: قال في «الجامع لأحكام القرآن»: «في هذه الآية دليل على أن الله - تعالى - أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يُستفتَيْن فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة: بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة: كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها»(5).
4 ـ الشوكاني: قال في «فتح القدير»: «فاسألوهن من وراء حجاب» أي من وراء ستر بينكم وبينهن.. وفي هذا أدب لكل مؤمن وتحذير له من أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له، والمكالمة من دون حجاب لمن تحرم عليه»(6).
* المرأة والولايات العامة:
المعوَّل عليه في هذه المسألة هو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو بكرة - رضي الله عنه - : «لن يفلح قوم ولَّوْا أمرهم أمرأة» هذا لفظ البخاري، وهو أيضاً عند النسائي والترمذي بلفظ «لن يفلح»، وعند أحمد في المسند «لا يفلح قوم تملكهم أمرأة»، و «ما أفلح قوم يلي أمرهم أمرأة»(7)، وجميع ألفاظه بصيغة العموم؛ فهو عام الدلالة، وليس فيه أدنى حجة لمن قصره على سبب وروده. ومعلوم لدى الأصوليين أن «العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب». وما ورد من بعض الولايات للمرأة: كولايتها على بيت زوجها، وما سوى ذلك فهي ولايات مقيدة ومخصوصة من العموم المذكور، ولعلنا هنا نكشف أبرز ما يتعلق بهذه المسألة ضمن النقاط التالية:
(1) إن الذي دعا أولاً إلى تولية المرأة الولاية العظمى (رئاسة الدولة)، والولايات العامة الأدنى (رئاسة الوزارة، الوزارة، النيابة، القضاء) هم العلمانيون، أفراداً ومؤسسات منسجمين في ذلك مع منهجهم القائم على كسر حصون خصوصية المرأة وفتح السبل على مصاريعها لجعلها في مساحة مكشوفة للجميع.
(2) إن الذي تولى كِبْر هذه الدعوة هي الأنظمة العلمانية التي تسلطت بقوة الإرهاب على رقاب المسلمين؛ فأصدرت التشريعات التي تحقق تلك المآرب، ولا يزال المسلمون يعانون من هذه المأساة التي خلفت خللاً في توازن البنيان الاجتماعي.
(3) إن القوى العالمية التي وراء تلك الدعوة هم اليهود والنصارى والمشركون، ويمارسون ذلك في اتجاهين:
أ ـ الضغط على الأنظمة في العالم الإسلامي لاستصدار تشريعات تتيح للمرأة تلك الولايات السياسية.
ب ـ تسخير الإعلام بكافة وسائله على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية للوصول إلى تحقيق هذا الغرض.
(4) إن متولي الولايات العامة، وخاصة الولاية العظمى لا بد له من مواصفات معينة ذكرها العلماء في تصانيفهم، وقد ذكر منها الفراء عشرة(1)، والماوردي سبعة(2). قال الفراء وهو يعدد تلك المواصفات: «السادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة.. العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال ليهتم بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعوِّل على التفويض متشاغلاً بلذة أو عبادة» انتهى.
ومعلوم أن المرأة لا تستطيع الاضطلاع بهذه المسؤولية لضعف بدنها وشدة تأثرها العاطفي وتخوفها من مواجهة الأزمات وتقهقرها إزاء تحمل وقع الصدمات.
ومعلوم أن الجهاد لا يضطلع بقيادته إلا أصحاب الخبرة العسكرية، وأولو العقول الراجحة النقية، والقلوب الصامدة القوية، وذوو الدهاء والروية، ومن هم أهل لحضور مواقع القتال وساحات الوغى الدموية. وقد اتفق أصحاب العقول السوية أن المرأة ليست لذلك أهلاً، لا من حيث الخلقة ولا من حيث التخلُّق؛ ولذلك اشترط الماوردي فيمن يحق له تولي الإمامة العظمى «الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو»(3). إضافة إلى ذلك؛ فإن المرأة بسبب ما يطرأ عليها من العوارض الخلقية: كالحيض، والحمل، والنفاس فإنها لا تستطيع مباشرة أمورها العادية بسهولة ويسر؛ فكيف بمباشرة أمور أمة بكاملها. وقد ذكر الماوردي في شروط الإمامة: «سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض»(4).
(5) احتج دعاة مشاركة المرأة في الولايات العامة بأن أبا يعلى الفراء لم يورد شرط الذكورية في شرائط الإمامة العظمى، وفاتهم أنه لا يرى جواز توليها منصب وزارة التنفيذ ولا ولاية القضاء؛ فكيف بمنصب الولاية العظمى؛ فهو بعد أن ذكر سبعة أوصاف فيمن يتولى وزارة التنفيذ قال: «ولا يجوز أن يقوم بذلك امرأة، وإن كان خبرها مقبولاً، لما تضمنه من معاني الولايات المصروفة عن النساء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة»(5)، وفي ولاية المرأة القضاء قال: «فأما ولاية القضاء فلا يجوز تقليد القضاء إلا لمن كملت فيه سبع شرائط: الذكورية، البلوغ.. »، ثم عدّد السبعة، ثم قال: «أما الذكورية فلأن المرأة تنقص عن كمال الولايات وقبول الشهادات»(6).
(6) إن هذا الحديث الصحيح يشير بوضوح إلى أن «الفلاح» يفتقده القوم الذين يولون أمرهم امرأة؛ فهل الفلاح مفقود قبل توليتهم لها، أم بعد توليتهم لها، أم من قبل ومن بعد؟ وقد ورد الحديث عند البخاري وغيره بلفظ: «لن يفلح» وعند أحمد في أحد رواياته بلفظ: «ما أفلح»(7). إن المتمعن في اللفظ: «ما أفلح» ستنكشف له الحكمة المخبوءة من اختيار هذا التعبير النبوي المندرج في جوامع الكلم؛ إذ إنه يلقي الضوء على حال هؤلاء القوم الذين ضعفت فيهم الهمم، وقعدت بهم أسباب التخلف، واستوطنهم الوهن؛ فما بات رجالهم قادرين على القيام بأعباء نهوض أمتهم فانحط بهم ركبهم في وديان التردي إلى أن أصبحوا على مستوى أدنى من همم نسائهم في البذل والعطاء والعمل؛ فصار نساؤهم روادهم وقادتهم، فحالهم ذلك ليس من الفلاح في شيء؛ إذ لم يصبح نساؤهم رؤساءهم إلا لأن القوم «ما أفلحوا».
فإذا ما تسلم النساء دفة القيادة وحُزنَ مواقع «الولايات»، بما فيها «الولاية العظمى» ادلهمَّ الخطب، وعظمت المصيبة، وازداد تداعي الأمة في منحدرات التراجع والتقهقر، وأصبح القوم عن «الفلاح» في منأى؛ فهم لم يكونوا قبل ذلك مفلحين؛ إذ ولوا أمرهم امرأة، وما هم بعده سيكونون مفلحين؛ فقوله: «ما أفلح» وصف لحالهم فيما كانوا فيه، وقوله: «لن يفلح» وصف لحالهم فيما هم مقبلون عليه، وهم في الحالين ليسوا بمفلحين فتأمل!
(7) جاءت لفظة «قوم» في الحديث غير معرَّفة، أيَّ نكرة في سياق النفي فهي تعُمُّ، وفقه ذلك أن أي قوم يولون أمرهم امرأة ليسوا مفلحين، بغض النظر عن عقيدتهم أو جنسهم أو بلادهم أو زمانهم؛ فهو أمر مضطرد على الدوام. وسر ذلك ليس فقط فيما ذكرناه في البند (6)؛ بل لأن وصول المرأة إلى هذا المركز الأول لم يأت من فراغ، بل هو محصلة عامة لوضع المرأة في ذلك المجتمع الذي سلك طريق الانفتاح الاجتماعي غير المنضبط بأي ضابط يضمن إطار ثباته، أو يحدد مساحة تموج حركته، فلا شك أن المجتمع الذي طوح برجاله عن مواقع المسؤولية، وأحل بدلهم نساءه هو مجتمع قد تخلت نساؤه عن القيام بواجباتهن المنزلية التربوية، وخرجن لممارسة الحياة العامة، أي أن البنية الأساسية لذلك المجتمع قد تخلخلت، ولبناته المكونة له قد انفرط عقدها ووهن تماسكها، وهذا يعني أنه في طريقه إلى التأخر، وأنه يختط سبيل التقهقر، بما يؤول به في النهاية إلى الانهيار ثم الاندثار. ويدل على صحة ما ذهبنا إليه أن جميع الدول التي سادت فيها النساء سواء في الدول النصرانية أو اللادينية، بل وحتى الدول الإسلامية قد أصابها هذا التفكك الأسري، ولكن ما أصاب الدول النصرانية أو اللادينية هو أكثر بكثير مما أصاب الدول الإسلامية؛ وسبب ذلك أن المرأة في تلك المجتمعات قد تخلت عن مهامها البيتية بالكلية؛ مما جعلها تتيه في صحراء العلاقات الآثمة؛ حيث تستنفد طاقاتها البناءة في الهدم الاجتماعي، وهذا لا يعني أنها تنكص عن حيازة الشهادات العلمية أو المشاركات السياسية، بل هي تفعل ذلك: أولاً لإثبات ذاتها في هذه المجالات الجديدة عليها، وثانياً لصرف الأنظار عن النتائج الوخيمة التي نجمت عن تركها لوظيفتها الأساسية، وقد أصبح معلوم لدى تلك المجتمعات وبعد تجاربها المريرة في هذا المضمار أنه ليس بالإمكان أن تجمع المرأة بين وظيفتها التربوية إزاء الأجيال الصاعدة وبين ممارسة المهام التي أرادت تقمصها عنوة. إنها بالتأكيد لن تستطيع فعل ذلك رغم الدعم اللامحدود الذي تحظى به من كافة المعنيين العلمانيين في جميع أنحاء العالم. ولذلك فإن أي «قوم» يصل بهم الحال إلى أن تتولى أمرهم امرأة لا بد لهم من الولوج عبر هذا النفق اللانهائي. إنه نفق الانخذال الاجتماعي والتزعزع الأسري؛ ولذلك فإنهم ليسوا في ساحة «الفلاح» بحال.
(8) إن لفظ «ولوا أمرهم» تناول طبيعة الصلاحية الممنوحة، سواء كانت: مطلقة كالحكم الديكتاتوري، أو مقيدة كالحكم الديمقراطي؛ فاللفظ شامل لهما جميعاً.
(9) باستثناء الولايات العامة التي ذكرتها فللمرأة أن تتولى ولايات أخرى في مختلف مجالات الحياة وفق الشروط التي ذكرتها بشأن خروج المرأة من المنزل. فيمكن أن تكون مديرة مدرسة بنات أو رئيسة مستشفى نسائي أو مسؤولة جمعية نسائية، وما شابه ذلك.
أقوال العلماء في تولي المرأة الولايات العامة:
اتفق العلماء على مضمون ما ذكرته بشأن تولي المرأة الولايات العامة، وهذه بعض أقوالهم:
((82/455)
1) ابن حزم: قال في «المحلّى» في «كتاب الإمامة»: «ولا تحل الخلافة إلا لرجل من قريش». ومنع ما سوى ذلك، ومنهم الصبي والمرأة، فقال: «وأما من لم يبلغ والمرأة فلقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث»؛ فذكر الصبي، ثم ساق حديث أبي بكرة بلفظ: «لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة»(1). وقال في «الفصل في الملل والأهواء والنحل»: «وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة»(2).
(2) الجويني: نقلنا قوله: «فما نعلمه قطعاً أن النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة»(3)؛ فإذا كان لا مدخل لهن في التخير؛ فمن باب أوْلى أن لا يكون لهن مدخل إلى منصب الإمامة، ولذلك عندما ذكر الإمام الجويني شروط الإمام قال: «ومن الصفات اللازمة المعتبرة الذكورة والحرية، ونحيزة العقل والبلوغ»(4).
(3) أبو حامد الغزالي: قال في «فضائح الباطنية» وهو يعدد شروط الإمام: «الرابعة: الذكورية؛ فلا تنعقد الإمامة للمرأة وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات»(5).
(4) الماوردي: نُقلت أقواله في «الأحكام السلطانية والولايات الدينية»(6).
(5) أبو يعلى الفراء: نُقلت أقواله في «الأحكام السلطانية»(7).
(6) البغوي: قال في «شرح السنة»: «اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً؛ لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور؛ ولأن المرأة ناقصة، والإمامة والقضاء من كمال الولايات، فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال»(8). قال ذلك في شرحه لحديث: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
(7) القاضي ابن رشد القرطبي: قال في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد»: «فأما الصفات المشترطة في الجواز ـ يعني فيمن يجوز قضاؤه ـ فأن يكون حراً مسلماً بالغاً ذكراً عاقلاً عدلاً»، ثم قال: «فمن رد قضاء المرأة شبَّهه بقضاء الإمامة الكبرى»(9)؛ فإذا كان ذلك ممتنعاً لولاية القضاء فمن باب أوْلى امتناعه للولاية العامة.
(8) ابن قدامة: قال في «المغني»: «جملته أنه يشترط في القاضي ثلاثة شروط: أحدها الكمال، وهو نوعان: كمال الأحكام، وكمال الخلقة. أما كمال الأحكام فيعتبر في أربعة أشياء: أن يكون بالغاً، عاقلاً، حراً، ذكراً.. » ثم رد على ابن جرير في عدم اشتراطه الذكورية؛ فقال: «ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»؛ ولأن القاضي يحضره محافل الخصوم والرجال، ويحتاج فيه إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي، ليست أهلاً للحضور في محافل الرجال»، ثم قال: «ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخلُ منه جميع الزمان غالباً»(1).
(9) القرطبي: قال في تفسيره الشهير «الجامع لأحكام القرآن»: وأجمعوا على أن المرأة لا يجوز أن تكون إماماً، وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه»(2).
(10) العز بن عبد السلام: قال في «قواعد الأحكام»: «ولا يليق بالرجال الكاملة أديانهم وعقولهم أن تحكم عليهم النساء لنقصان عقولهن وأديانهن، وفي ذلك كسر لنخوة الرجال مع غلبة المفاسد فيما يحكم به النساء على الرجال، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»(3).
(11) ابن تيمية: قال في «مجموع الفتاوى»: «فإن الأئمة متفقون على أنه لا بد في المتولي من أن يكون عدلاً أهلاً للشهادة»(4). ومعلوم أن المرأة ليست دائماً أهلاً للشهادة منفردة دون رجل، إلا فيما لا يعلمه إلا النساء وفي حالات أخرى. وقال في «منهاج السنة النبوية»: «وإذا كان أبو بكر أوْلى بعلم مثل ذلك ـ أي ميراث الأنبياء ـ وأوْلى بالعدل؛ فمن جعل فاطمة أعلم منه في ذلك وأعدل كان من أجهل الناس، لا سيما وجميع المسلمين الذين لا غرض لهم مع أبي بكر في هذه المسألة؛ فجميع أئمة الفقهاء عندهم أن الأنبياء لا يورثون مالاً، وكلهم يحب فاطمة، ويعظم قدرها - رضي الله عنها -، لكن لا يترك ما علموه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا عن أقاربه، ولا عن غير أقاربه، وإنما أمرهم الله بطاعة الرسول وأتباعه، وقد ثبت عنه في الصحيحين ـ كذا ـ(5) أنه قال: «لا أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»(6)؛ فكيف يسوغ للأمة أن تعدل عما علمته من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يحكى عن فاطمة في كونها طلبت الميراث، تظن أنها ترث»(7).
(12) النووي: قال في «مغني المحتاج»: «فلا تولى امرأة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»؛ ولأن النساء ناقصات عقل ودين»(8).
(13) ابن حجر العسقلاني: نقلنا قوله في «الفتح» قبل ذلك(9) وقال في مكان آخر من «الفتح»: «والمنع من أن تلي (أي المرأة) الإمارة والقضاء قول الجمهور»(10).
(14) الخطابي: قال: «الحديث ـ يقصد حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء» نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح(11).
(15) الشوكاني: قال في «نيل الأوطار»: «قوله: لن يفلح قوم... إلخ، فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقوم توليتها؛ لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب»(12).
وقال في «السيل الجرار»: «وأما كونه ذكراً ـ أي الإمام ـ فوجهه أن النساء ناقصات عقل ودين، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان كذلك لا يصلح لتدبير أمر الأمة؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في الصحيح: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»(13).
(16) الإمام الصنعاني: قال في «سبل السلام» بعد أن أورد حديث ـ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ: «فيه دليل على عدم جواز تولية المرأة شيئاً من الأحكام العامة بين المسلمين، وإن كان الشارع قد أثبت لها أنها راعية في بيت زوجها»، ثم قال: «والحديث إخبار عن عدم فلاح من ولي أمرهم امرأة، وهم منهيون عن جلب عدم الفلاح لأنفسهم، بل مأمورون باكتساب ما يكون سبباً للفلاح»(14)، وقال في موقع آخر من الكتاب بعد أن أورد حديث: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة لنفسها» رواه ابن ماجة والدارقطني والبيهقي وصححه الألباني في «الإرواء»(15)، «فيه دليل على أن المرأة ليس لها ولاية في الإنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجاباً ولا قبولاً؛ فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا غيره، ولا تزوج غيرها بولاية ولا بوكالة ولا تقبل النكاح بولاية ولا وكالة، وهو قول الجمهور»(16)؛ فمن كانت هذه حالها كيف لها تسلُّم مناصب الولايات العامة؟
(17) أبو العلى المباركفوري: نقل في «تحفة الأحوذي» ما ذكره الخطابي مما ذكرته آنفاً، ثم قال: «والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول الجمهور»(17).
(18) القرافي: قال في «الذخيرة»: «لم يسمع في عصر من الأعصار أن امرأة وليت القضاء، فكان ذلك إجماعاً؛ لأنه غير سبيل المؤمنين.. وقياساً على الإمامة العظمى»(1).
(19) الشيخ سيد سابق: قال في «فقه السنة»: «فلا يصح قضاء المقلد ولا الكافر ولا الصغير ولا المجنون ولا الفاسق ولا المرأة لحديث أبي بكرة»، ثم ذكر حديث: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»(2).
(20) النيسابوري: قال في «الإجماع»: «وأجمعوا على أن شهادتهن لا تقبل في الحدود»(3)؛ فكيف تلي ولاية عامة وشهادتها في الحدود مردودة؟
(21) عبد الله بن عبد الرحمن البسام: قال في: «توضيح الأحكام»: «الحديث صحيح ـ يقصد حديث أبي بكرة: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ـ في عدم صحة ولاية المرأة، وأن الأمة التي توليها لن تصلح في أمور دينها ولا في أمور دنياها، وعدم صحة ولايتها هو مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، وذهب الحنفية إلى جواز توليتها الأحكام إلا الحدود، وقولهم مصادم للنص وللفطرة الربانية»(4).
(22) الدهلوي: قال في «الحجة البالغة»: «اعلم أنه يشترط في الخليفة أن يكون عاقلاً بالغاً حراً ذكراً شجاعاً ذا رأي وسمع وبصر ونطق، وممن سلَّم الناس بشرفه وشرف قومه ولا يستنكفون عن طاعته.. وإذا وقع شيء من إهمال هذه رأوه خلاف ما ينبغي، وكرهته قلوبهم وسكتوا على غيظ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لما ولوا أمرهم امرأة، ثم ذكر الحديث»(5).
(23) محمد صديق حسن خان القنوجي البخاري: قال في «الروضة الندية شرح الدرر البهية» بعد أن أورد حديث أبي موسى الصحيح «لا نكاح إلا بولي»(6)، وحديث عائشة الصحيح: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل؛ فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له»(7) قال: «وأما ولاية السلطان فثابتة بحديث: «إذا تشاجر الأولياء فالسلطان ولي من لا ولي لها» الحديث رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، وصححه الألباني في الإرواء»(8)، قال الشافعي: لا يعقد نكاح امرأة إلا بعبارة الولي القريب، فإن لم يكن فبعبارة الولي البعيد، فإن لم يكن فبعبارة السلطان»(9). فإذا عدمت المرأة الولي فوليها السلطان، فكيف إذاً يمكن أن تكون هي السلطان!
(24) مصطفى السباعي: قال في كتابه «المرأة بين الفقه والقانون»: «إني أعلم بكل صراحة أن اشتغال المرأة بالسياسة يقف الإسلام منه موقف النفور الشديد، إن لم أقل موقف التحريم، لا لعدم أهلية المرأة لذلك (كذا)، بل للأضرار الاجتماعية التي تنشأ عنه، وللمخالفات الصريحة لآداب الإسلام وأخلاقه، وللجناية البالغة على سلامة الأسرة وتماسكها، وانصراف المرأة عن معالجة شؤونها بكل هدوء وطمأنينة»(10).
وبعد: فهذه أقوال لأربعة وعشرين عالماً على مر الدهور والعصور تبين بجلاء ووضوح أن المرأة المسلمة لا محل لها في المشاركات السياسية؛ لما يترتب على ذلك من ضياع للمسؤوليات المناطة بها؛ بما يؤدي إلى انفراط العقد الاجتماعي وتداعي البناء الإسلامي.
ولمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى كتاب «المرأة المسلمة والولايات العامة» لكاتب هذه السطور.
ما كان من الحق فمن الله وحده، وما كان غير ذلك فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله العظيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
----------------------------------------
(*) رئيس مركز الركن الاستراتيجي الكويتي.
(1) فتح الباري 8/126 ج رقم 4425 في «باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر» و 13/53 ح رقم 7099 وسنن الترمذي 4/527، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وسنن النسائي 8/227 كتاب «آداب القضاة» باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، ومسند أحمد 5/38، 51 جميعهم بلفظ: لن يفلح.. الحديث، ومسند أحمد 5/43، 47 بلفظ «لا يفلح قوم تملكهم امرأة «ومسند أحمد 5/50 بلفظ» ما أفلح قوم يلي أمرهم امرأة»، وجميع الروايات عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعزاه ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» 5/523 إلى الصحيحين، وهو وهْم حيث لم يخرجه مسلم.
(2) انظر هامش رقم (1) أعلاه.
(1) تفسير ابن كثير 3/482.
(2) «اللؤلؤ والمرجان» ص 478 ح رقم 1199.
(3) فتح الباري 5/132 ح رقم 2493 باب «هل يقرع في القسمة والاستهام فيه»، وسنن الترمذي 4/470 ح رقم 2173 بلفظ مقارب، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه أحمد في المسند 4/268، 269، 270. ثم أخرجه بلفظ آخر في 4/273.
(4) صحيح مسلم 1/327 ح رقم 137، فتح الباري 2/347 ح رقم 865 مسند أحمد 2/7، 57، 143، 156، وليس فيها «بالليل».
(5) صحيح مسلم 2/606 ح رقم 11.
(6) فتح الباري 2/464 ح رقم 974.
(7) فتح الباري 4/72 ح رقم 1861 وانظر سنن النسائي 5/114 وسنن ابن ماجة 2/986 ح رقم 2901.
(8) فتح الباري 6/80 ح رقم 2883 باب «رد النساء والجرحى والقتلى» ومسند أحمد 6/358.
(9) صحيح مسلم 3/1444 ح رقم 1812، وسنن الترمذي 4/125 ح رقم 1556 وسنن أبي داود 3/74 ح رقم 2728 بمعناه، والبغوي في «مصابيح السنة» 3/96 ح رقم 3036.
(10) الفتح 8/638 ح رقم 4855 وصحيح مسلم 2/602 ح رقم 884.
(11) الموطأ 2/250 وسنن النسائي 7/149 والترمذي 4/151، 152 ح رقم 1597 والمسند 6/356.
(12) جامع الأصول لابن الأثير 1/255 ح رقم 46 في أحكام البيعة.
(13) الفتح 8/637 ح رقم 4892 وصحيح مسلم 2/646 ح رقم 33، والنسائي في سننه بلفظ مقارب 7/148، 149.
(14) غياث الأمم، لأبي المعالي الجويني ص 48، 49.
(1) فتح الباري 1/250.
(2) فتح الباري 9/319، 320، ح رقم 5224، وصحيح مسلم 4/1716 ح رقم 2182، وأخرجه أحمد في المسند 6/347.
(3) صحيح مسلم 4/1948 ح رقم 2508، وفتح الباري 9/248 ح رقم 5180، وهو في مسند أحمد 3/176.
(4) سنن الترمذي 4/106 ح رقم 2768 وسنن أبي داود 4/79 ح رقم 4173، ورواه النسائي 8/153 وأخرجه أحمد 4/418.
(5) صحيح مسلم 1/328 رقم 143، مسند الإمام أحمد، 2/ 304.
(6) سنن أبي داود 4/396، صحيح الجامع الصغير 1/317 ح رقم 942.
(7) تفسير ابن كثير3/ 482.
(8) «الجامع لأحكام القرآن» لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي 14/179.
(9) «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني» للعلامة مفتي بغداد أبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي 22/6.
(10) «صفوة البيان لمعاني القرآن» للشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية، وعضو جماعة كبارالعلماء ص 531.
(1) «المرأة بين الفقه والقانون» للدكتور مصطفى السباعي ص 252، 259. نقلاً عن دائرة معارف فريد وجدي 8/639 وكتاب «فتاة الشرق في حضارة الغرب» للأستاذ محمد جميل بيهم، على التوالي.
(2) «جامع البيان في تفسير القرآن» للإمام ابن جرير الطبري 22/28.
(3) رواه الشيخان، «اللؤلؤ والمرجان» ح رقم 1403 والترمذي 3/465 ح رقم 1171 وأحمد في المسند 4/149.
(4) «تفسير ابن كثير» 3/505.
(5) «الجامع لأحكام القرآن» لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي 14/227.
(6) «فيض القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير» للإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني 4/298.
(7) انظر هامش رقم (1).
(1) «الأحكام السلطانية» للفراء، ص 27، 28.
(2) «الأحكام السلطانية» للماوردي، ص 6.
(3) المرجع السابق، ص 6.
(4) «الأحكام السلطانية» للماوردي، ص 6.
(5) «الأحكام السلطانية» للفراء، ص 31.
(6) «الأحكام السلطانية» للفراء، ص 60.
(7) انظر هامش رقم (1).
(1) «المحلى» لابن حزم 9/438، 439.
(2) «الفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم 4/179.
(3) «غياث الأممً للجويني، ص 48.
(4) «غياث الأمم للجويني، ص 65.
(5) «فضائح الباطنية» لأبي حامد الغزالي. ص180.
(6) «الأحكام السلطانية» للماوردي، ص 23.
(7) «الأحكام السلطانية» للفراء، ص 31.
(8) «شرح السنة» للإمام البغوي 10/77.
(9) «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لابن رشد 4/1768.
(1) «المغني» لابن قدامة 10/36.
(2) «الجامع لأحكام القرآن»، القرطبي 1/270.
(3) «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» للإمام العز بن عبد السلام 1/210.
(4) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية 28/259.
(5) وهم من الشيخ - رحمه الله -؛ حيث لم يروه مسلم.
(6) الصحيح «ما أفلح» انظر «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم. 5/523 حاشية رقم (1).
(7) «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية 5/522. 523.
(8) «مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج» للإمام النووي 4/375.
(9) فتح الباري، ابن حجر 13/56.
(10، 11) فتح الباري 13/128.
(12) «نيل الأوطار» للشوكاني 9/168.
(13) «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» للشوكاني 4/505.
(14) «سبل السلام» للإمام الصنعاني 8/8279.
(15) رواه ابن ماجة في سننه برقم 1882، والدارقطني في سننه 3/227 رقم 25. 27 والبيهقي في سننه 7/110، وصححه الألباني في الإرواء 6/248 برقم 1841، انظر «سبل السلام» تحقيق محمد صبحي حسن حلاق 6/41.
(16) «سبل السلام» للصنعاني 6/41، 24.
(17) «تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي» للإمام الحافظ أبي يعلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري 6/542 شرح حديث رقم 2365: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
(1) «الذخيرة» للإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي المالكي 10/22.
(2) «فقه السنة» لسيد سابق 3/315.
(3) «الإجماع» لأبي محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ص 78.
(4) «توضيح الأحكام من بلوغ المرام» للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام 6/149.
(5) «الحجة البالغة» للإمام شاه ولي الله بن عبد الرحيم المحدث الدهلوي 2/149.
(6) رواه أحمد في المسند 4/394، 413 وأبو داود في السنن 2/568 رقم 2085 وابن ماجة في السنن 1/605 رقم 1881 والترمذي في السنن 3/407 رقم 1101 والحاكم في المستدرك 2/170، وابن حبان في «الموارد» 304 رقم 1234، وصححه الألباني في «الإرواء» 6/235 رقم 1839، انظر: «الروضة الندية» تحقيق محمد حسن صبحي الحلاق 2/26.
(7) رواه أحمد في المسند 6/47، 165، وأبو داود في السنن 2/566 رقم 2083، وابن ماجة في السنن 1/506 رقم 1879، والترمذي في السنن 3/407 رقم 1102 وحسنه، والحاكم في المستدرك 2/168 وابن حبان في الموارد ص 305 رقم 1248. وصححه الألباني في الإرواء 6/243 رقم 1840. انظر الروضة الندية تحقيق محمد صبحي حسن حلاق 2/26.
(8) رواه أبو داود في السنن 2/566 رقم 2083 والترمذي في السنن 3/407 رقم 1102، وقال: حديث حسن، وابن ماجة في السنن 1/605 رقم 1879، وصححه الألباني في الإرواء رقم 1840، انظر الروضة الندية تحقيق محمد صبحي حسن حلاق 2/28.
(9) «الروضة الندية شرح الدرر البهية» لمحمد الصديق حسن خان القنوجي البخاري 2/26 ـ 30.
(10) «المرأة بين الفقه والقانون» للدكتور السباعي، ص 156 ـ 160.
شوال 1425هـ * نوفمبر/ديسمبر 2004م
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/456)
نداء لكل زوجة
رأيت وسمعت الكثير من المشاكل.. وأكثرها.. المشاكل بين الزوجين وحينما أذكر قول الله - عز وجل -.. "وجعلنا بينهم مودة ورحمة" أتعجب مما أرى.. !!
فأين المودة والرحمة؟!
المشاكل التي قرأتها ورأيتها كثيرة جداً..
لكن مما يحز في النفس..
أنها مترتبة بسبب أمور غفلت عنها الزوجة..
ولم تهتم بها ولم تسأل أو تبحث عن حل لها!!!
رغم أنها أساس الحياة الزوجية.. وأهم صفة يجب تواجدها في الزوج..
كما ذكر رسولنا الكريم..
"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه "
تدين الزوج وخوفه من الله وحفاظه على الصلوات في أوقاتها..
يردعه عن فعل المعاصي..
ويجعله يخاف الله فيك أيتها الزوجة من أي قول أو فعل..
ولو أغضبكِ وذكرته بالله لصمت وأرتدع خوفاً من الظلم..
ويكفي أنه يذكر قوله - عز وجل -"والكاظمين الغيظ "
ويكفي في حال نشوب خلاف أنه يذكر الله
وهذا بحد ذاته كافي لطمئنة نفسكِ ونفسه..
ولطرد إبليس اللعين الذي يزيد المشكلة..
يكفي أنه يدعو لكِ وله في صلاته..
بعكس الزوج الذي لا يعرف الله وتنفر نفسك منه..
تقومين للصلاة وهو جالس في البيت كأنه مرأة!!!
أو قابع أمام التلفاز أو نائم تشمئز منه النفس..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر "
هذا الزوج لو أردتي مناقشته..
يرى الحل والضرب والتهديد كعقاب لكِ.. !!
يرى بشربه للمسكرات أو متابعته للفضائيات والأفلام الخليعة
درس لكِ عن أي نصيحة من نصائحك التي ترفضها نفسه.. !!
أختي الكريمة..
إتقي الله أنتِ وزوجك يجعل لكِ من كل هم فرج ومن كل ضيق مخرج..
أحرصي على طاعة الله وحثي زوجك معكِ..
أحرصوا على النوافل من الصلاة والصيام..
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ}
عوديه ونفسك كثرة الإستغفار وذكر الله..
"إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "
أحرصي على الدعاء لكِ وله بالهداية..
وأجعليه ديدنكما عند كل ضيق وغضب.. بل وفي كل لحظه..
"أعجز الناس من عجز عن الدعاء "ولا تنسي أتنك تدعين أكرم الأكرمين..
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ "
وأصبري على ما يمر بكِ ولا تيأسي..
" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
فتدين الزوج وخوفه من الله..
هو الأساس في الحياة الزوجية..
وإهماله في طاعة الله هي أساس المشاكل..
إذا كيف يكف الزوج عن المحرمات وعن ظلمك وهو لا يخاف الله؟!
فهو من يردعه عنها.. !
فأحرصي أختي الزوجة على فعل الطاعات وحثي زوجك عليها..
ويجب أن تحرص كل فتاة على هذا الجانب المهم..
حتى تبدأ حياة سعيدة مع زوج يخاف الله فيها.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/457)
أغار منها ... فماذا أصنع ؟
سقطت من عيناها الدمعة تلو الأخرى
أغار منها.. فماذا أصنع؟؟
نعم أغار منها!!
هكذا ابتدأت محدثتي كلامها عن التي تغار منها؟!!..
فمن هي يا ترى هي تلك التي تغار منها؟؟
قد يتبادر للكثيرات منكن..
أن غيرتها.. من ضرة تزوجها زوجها عليها!!
أو من فتاة في سنّها.. تمتلك مالا تمتلكه هي من الثياب.. والزينة؟؟
حسناً.. لا أنكر أن هذا هو تصوري حين ابتدأ كلامها
فدار في ذهني حديثاً.. بأن هذا هو حال النساء!!
لكن انتظرت حتى نكمل حديثها.. فهي التي ابتدرت الحديث.. فلم أشاء أن أقاطعها!
ثم.. أكمل ما ابتدأت به حديثها: -
كلما سمعت أن رجلاً يفعل المستحيل لأجل أن يرتبط بها..
وحتى أنه يقدم لأجلها حياته.. لا أحتمل فتبدأ نار الغيرة تزداد و تتأجج في قلبي..
لماذا لا يكون لي حظاً ونصيباً مثلها.. وأكون أمل وأمنية وحلم مثلها.. )
تهدج صوتها.. ثم أكملت.. (كل فتاة تحب ذلك وتريده وتتمناه
فنحن بنات حواء.. نفرح أن نكون مطمح لكل شاب..
ونسعد أن يبذل لأجل أن يكسب ودنا الكثير
وننتشي طرباً حين يتغنى بذكرنا
كلما سمعت عنها.. كلما قرأت ما يكتب عنها أبكي... نعم أبكي.. )
ثم سكتت لفترة.. احترمت صمتها..
مرت اللحظات.. ففكرت أن أسئلها بدافع الفضول.. يا ترى من تكون هذه؟
ابتدرتني قائلة..
(لعله يدور في خلدك الآن.. من تكون هذه التي أتحدث عنها..
حسناً.. سأخبرك
ومن ثمّ اخبرني هل أنا على حق حين تتساقط دمعاتي غيرة منها أم لا؟
من أتحدث عنها.. أنت تعرفها.. نعم تعرفها..
تحدث القرآن عن جمالها والله - سبحانه وتعالى - شهد لها بذلك و حسبنا تلك الشهادة
لنعرف أنها بلغت غاية الحسن والجمال وذلك حين قال عزّ من قال: [(وحور عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون)]
أخبرني بربك..
أي شهادة أعظم من ذلك؟؟
وأي وصف أبدع من ذلك؟؟
ومِنْ مَنْ.. ؟؟
من رب السماوات والأرض.. فأي شهادة أعظم من تلك الشهادة.. وأي شهادة بعدها؟؟؟
الله شهد لهن بالحسن والجمال والكمال؟!
ألا تستحق أن أغار منها؟؟
و رسول الله وخير البشر يخبر عنها بقوله: (ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها)
فأي وصف أبلغ من ذلك؟؟
ولأجلها الرجال يتراكضون في ساحات المنايا.. يخطبون ودّها.. ويطلبون القرب منها!!
ويتسابقون في تقديم المهور لها.. بأي شكل من الأشكال؟؟..... )
ثم سكتت..
وابتدأت تبكي بصمت..
في تلك اللحظة.. كنت أحدث نفسي
عجيبة هذه الفتاة؟؟
كيف لها أن تفكر بهذه الطريقة؟
كيف يصل تفكيرها لمثل هذا الأمر؟
لم أكن أتصور أنه يوجد فتاة في سنها.. تملك مثل هذه الغيرة
وخصوصاً.. أنه لم يكن ينقصها شيء من ملذات الدنيا ولا نعيمها كل ما تريده ملبى..
وكل ما تتمناه محقق لها..
ولو طلبت الغالي من الأثمان.. لوجدته أمامها
وهي المدللة.. والتي ترفل في صور نعيم الدنيا!!!
قطع علي تفكيري..
صوتها المتهدج.. وهي تتسائل..
(كيف أصبح مثلها؟؟
أخبرني بالله عليك!!
أقظ مضجعي هذا التفكير كثيراً..
والتساؤلات تعذبني.. والغيرة تقتلني.. )
اعتلت وجهي ابتسامة إعجاباً وتقديراً لها..
فحديثها.. وتفكيرها.. أفرحني..
وغيرتها.. أسعدتني..
وأكبرت فيها هذه الهمّة..
فقد سمت بأمنيتها.. وعلت بهدفها وطموحها
(هل تضحك ساخراً مني؟؟
وهل ما أقوله تستحق منك تلك الابتسامة الساخرة؟؟)
هكذا فاجأتني..
لربما قرأت في تلك الابتسامة.. ما لا تعكس حقيقتها
بادرتها..
(أبداً أبداً.. صدقيني لم يكن ما قصدتيه..
حسنا يا عزيزتي..
لك مني بشارة..
تلك التي تغارين منها.. أنت تكونين في مكانة أفضل من مكانتها؟؟ )
(هل تهزأ بي.. ابتدأتها بابتسامة وتلوتها بهذا الكلام؟؟
هل تراني مازحة في كلامي؟؟ )
يا لهذه الابتسامة؟!
حاولت التخلص منها.. لكنها لا زالت عالقة
(صدقيني لم اهزأ بك.. ولكن هذه هي الحقيقة..
من تغارين منها.. أنت ستكونين في مقام أعلى منها.. لا وبل تكون خادمة لك أنت؟ )
وبتردد سألت..
(كيف ذلك.. وكيف تكون خادمة لي؟ )
بهدوء ابتدأت حديثي
(حسناً.. لا تقاطعيني.. واستمعي إلي جيداً..
أسدل الليل ستاره.. وهجع الناس إلى فرشهم.. وغطوا في نومهم
إلا هم.. فقد جاء نديمهم.. وقدم حبيبهم.. جاء الليل يحمل في جوانحة الخير العظيم
فهفت قلوبهم.. للقاءه.. وطارت أرواحهم.. لقضاءة بالصلاوات.. والدعوات
في تلك الليلة وفي أحد الحجرات المطهرة..
كان يقف بين يدي ربه.. يناجيه.. ويسأله.. ويطلبه..
كان يرجو رحمته.. ويطلب عفوه وغفرانه..
يطلب صفحة.. ويسأله الجنة..
هذا هو حاله.. رغم أن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر..
هذا هو خير البشر شفيعي وحبيبي.. محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -..
كان قائماً.. يصلي.. ويتلو آيات من القرآن.. (.... لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ 33 وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ 34 إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء 35 فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا 36 عُرُبًا أَتْرَابًا.. )
سكت برهة.. ثم عاد يقرأ.. (عُرُبًا أَتْرَابًا).. ويقول (اللهم إني أسألك من فضلك) ويكررها عدة مرات..
كانت هناك آذان تصغي لتلاوته.. وما أن سمعت ذلك الترداد.. حتى بدأت الغيرة تدب في قلبها كانت ذاك قلب امرأة من أطهر النساء.. إنها أمنا.. أم المؤمنين (أم سلمة) - رضي الله عنها -..
فكيف لا وزوجها.. يسأل الله أن يرزقه ممن قال فيهن (عربا أتراباً)..
عزمت في نفسها.. بعد أن ينتهي من صلاته أن تسأله عن من يكنّ هؤلاء؟
وانتظرت.. ريثما انقضت صلاته..
كانت لا تريد أن تبين تلك الغيرة التي اشتعلت في قلبها..
فأردات أن تسأله.. ولكن بطريقة غير مباشرة.. حتى لا يحس بما يختلج في نفسها..
لندع الحديث لأم سلمة رضي عنها فتخبرنا عن الحديث الذي دار بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
تقول أم سلمة - رضي الله عنها -.. وعن أمهات المؤمنين: [سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أخبرني عن قول الله - تعالى -: (حور عين) قال: "حور": بيض، "عين": ضخام العيون
قلت: أخبرني عن قوله - تعالى -: (كأمثال اللؤلؤ المكنون)
قال: "صفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي"
قلت: أخبرني عن قوله: (فيهن خيرات حسان)
قال: "خيرات الأخلاق حسان الوجوه".
قلت: أخبرني عن قوله: (كأنهن بيض مكنون)
قال: "رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر وهو الغرقي"
قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله: (عربا أترابا)
(الآن وصلت أم سلمة لما تريد أن تسأله عنه منذ البداية..
الآن تسأله عن من دبت الغيرة في قلبها بسببهنّ)
وقال: "هن اللواتي قبضنا في الدار الدنيا عجائز رمصاً شمطاً خلقهن الله بعد الكبر، فجعلهن عذارى عربا متعشقات محببات أتراباً على ميلاد واحد "
قلت: يا رسول الله وبما ذلك؟
(استمعي يا رعاك الله.. وارعي سمعك لما سيقول بأبي هو وأمي..
استمعي لتلك البشارة.. التي بشرتك بها في أول حديثي..
استمعي وأصغي إلي بقلبك.. قبل سمعك.. )
قال: "بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله - عز وجل -، ألبس الله وجوههن النور، و أجسادهن الحرير، بيض الألوان، خضر الثياب صفر الحلي، مجامرهن الدر، و أمشاطهن الذهب، يقلن نحن الخالدات لا نموت أبداً ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً، طوبى لمن كنا له وكان لنا "]
هل سمعت بماذا يتغنين؟؟
وماذا يقلن؟؟.. )
لم أكد انتهي من حديثي حتى رأيتها تتجه نحو القبلة.. فتسجد سجوداً أطالته.. شكراً لله حين رفعت رأسها.. كانت الدمعات تملأ عينيها..
ويعلو وجهها نور مشرق.. وفرحة بانت على محياها..
وأخذت تردد اللهم إني أسألك من فضلك.. اللهم إني أسألك من فضلك أكملت حديثي إليها..
(بل و إن نساء الدنيا يكن في الجنة أجمل من الحور العين بأضعاف كثيرة نظراً لعبادتهن الله فهذه الجنة قد تزينت لكنّ.. فلا تضعي الفرصة فأن العمر عما قليل يرتحل ولا يبقى بعده إلا الخلود الدائم فليكن خلودك في الجنة إن شاء الله.. واعلمي أن الجنة مهرها الإيمان والعمل الصالح وليس الأماني الباطلة مع التفريط... )
ثم نظرت إليها..
(هل تعلمين.. أنها تغار منك؟ )
لم أمنع نفسي من الابتسامة التي رسمتها.. وباتساع أكبر مما سبقتها حين رأيت علامات الدهشة والعجب على محياها!!
(نعم إنها تغار منك.. هل تعلمين لماذا؟
إنها تغار منك إن أنت صبرت و أطعت الله في هذا الزمن زمن تخلفت فيها الكثير من الفتيات.
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/458)
العجائن الجاهزة
بدور بنت عبد الرحمن
في مجتمع النساء، يكاد الجميع يتفق على لوم من تعتمد على الأكلات الجاهزة، من معلبات ووجبات سابقة الإعداد؛ لما في ذلك من كسل ولما تتميز به الأطعمة الجاهزة المعدة في وقتها عن تلك الجاهزة..
في المقابل نجد الجميع في المجال الدعوي وتربية النشء يفضل احتواء الشخصيات المؤسسة تأسيسا جيداً، إما بفعلها هي أو بفعل بيئتها الصالحة التي نشأت فيها.ولا نجد من يلوم المربين على هذا الاختيار، صحيح أن في الشخصيات الجاهزة واستغلالها فائدة جمة؛ من أهمها استغلال الوقت، لكن الفئة الأخرى يمكن تشكيلها غالباً وفق تربية الداعية نفسه، خصوصاً أن بعض الأفراد من هذه الفئة يبدي تجاوباً عظيماً ويظهر للمربي أنه مستعد لتنفيذ كل ما يؤمر به من قبله فيما يرضي الله ورسوله.
نحن لا ندعو إلى إهمال الفريق الأول (الجاهز)؛ بل ندعو إلى عدم حصر الاهتمام فيه وإهمال الآخر، فلربما كانت لديه طاقات كامنة لو تفجَّرت لأقامت الدنيا ولم تقعدها.. ولكنها تنتظر منك الاكتشاف.
أخي المربِّي أختي المربِّية:
التفتا لمن حولكما من النشء فربَّما وجدتم درة تنتظر من يصوغها في أجمل عقد..
بطاقة شكر:
أهديها لتلك المعلمة الفاضلة التي وضعت تركيزها على بنات البيئات المتفرنجة، فانتزعت منهن طالبات العلم والداعيات إلى الله، وأنقذتهن من هوة لا يعلم عمقها إلا الله.
18/08/1424
14/10/2003
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/459)
حكم مشاركة المرأة في الانتخابات ؟
أحمد بن محمد جعفري
صدرت قبل فترة لائحة الانتخابات من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ولم تشر صراحة إلى مشاركة المرأة من عدمها في الانتخابات ’ ولذلك بدأ بعض الناس يتساءلون عن هذا الأمر: أعني جواز مشاركة المرأة في الانتخابات من عدمه، وقد اختلف العلماء والباحثون المعاصرون حول هذا الأمر. والحقيقة أنه يتضح لمن تأمل في نصوص الشرع وقواعده العامة أن النساء لا مدخل لهن في الانتخابات لأدلة كثيرة منها:
أولا: لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة إباحة تولي المرأة لأية ولاية عامة، والانتخابات والترشيح لها من الولايات العامة، كما لم ترد إباحة الانتخابات لهن، لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا في سنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم’ بل نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تولي المرأة أية ولاية عامة في قوله (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) حديث صحيح.
ثانيا: وإذا قيل إن عدم وجود دليل صريح في المنع معناه الإباحة فالجواب أنه لم يثبت أن المرأة شاركت في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - في اختيار الخليفة أو من دونه، ولاشك أن أفضل تطبيق للإسلام كان في هذين العصرين ’ فلو كان للمرأة حق الانتخاب لما منعت منه فيهما، ولو كان الانتخاب من حقوق النساء لما سكتت زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجات الصحابة الكرام عن المطالبة به.
ثالثا: أن العلماء حددوا الشروط المعتبرة فيمن يختار الإمام أو من دونه وهي العدالة والعلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة أو ما دونها ’ والرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو أهل للمنصب المراد الترشيح له، والشرطان الأخيران لا يتوافران في المرأة لأن طبيعة رسالتها التي تقتضي بقاءها في البيت وبعدها عما لا يعنيها من الأمور تحول بينها وبين معرفة من يستحق الترشيح، وليست لديها خبرة بهذه الأمور. كما أنها عاطفية تتأثر بالدعاية إلى حد كبير، ولا تستطيع معرفة حقيقة الأمر مع وجود مرشحين كثر كل منهم يدعي لنفسه المصداقية والحرص على المصالح العامة.
رابعا: أن عملية الانتخاب والترشيح تستلزم سلسلة من الاجتماعات والاختلاطات ونحو ذلك من أنواع الشر والأذى التي ينبغي للمرأة أن تبعد نفسها عنها، ومن المعلوم أن الطريقة السائدة للانتخابات تعتمد على اجتماع الناخبين بالمرشح ليقوم بالدعاية لنفسه وذكر برامجه ورؤاه الإصلاحية، وهذا معناه اختلاط النساء بالرجال بدون ضرورة تدعو لذلك وفتح باب من أبواب الفساد وهو ما تأباه نصوص الشريعة وقواعدها.
وهنا أمر ينبغي التنبيه عليه وهو أن حق المرأة في التعبير وإبداء الرأي فيما يمكن أن تبدي رأيها فيه أمر ثابت لا يستطيع أحد أن يسلبها إياه، ولكن لابد أن يكون هذا التعبير عن علم وبصيرة ’ وهناك طرق أخرى لإبداء الرأي والنصح والمشورة، فإذا فرض وجود امرأة أو أكثر يعرفن صلاحية شخص وكفايته ولهن رأي في ذلك فيمكن أن يدلين رأيهن بأي طريقة شرعية لا تؤدي بهن إلى مخالطة الرجال ومزاحمتهن كالفاكس والبريد الالكتروني فيكون كالترشيح منهن ثم ينتخبه الرجال. وليس في هذا عداوة للمرأة من قبل الرجل ولا ينقص شيئا من إنسانيتها وإكرامها ولا نزاع بين الرجل والمرأة في هذا الشأن أو غيره لأنها أمه أولا وأخته ثانيا وزوجته ثالثا وبنته رابعا ولها في كل هذه الأحوال ما تستحقه من الاحترام والتقدير، ولكن العدل وضع الشيء في موضعه وتقدير أهمية الأمر والعمل بما هو أصلح. وأخيرا فربما يعترض إنسان على ما قلناه بخروج عائشة - رضي الله عنه - في معركة الجمل ويرى أنه يدل على جواز المشاركة في مثل هذه الأعمال والجواب أن أم المؤمنين - رضي الله عنها - لم تخرج لتطالب بالخلافة أو البيعة لها أو لغيرها وإنما خرجت داعية للإصلاح بين الناس وللمطالبة بدم عثمان - رضي الله عنه -، وقد كان خروجها اجتهادا منها أنكره عيها بعض الصحابة - رضي الله عنهم - فاعترفت بخطئها وندمت على خروجها (انظر: ولاية المرأة في الفقه الإسلامي / حافظ محمد نور/ ص 146)
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/460)
البنات والحب !
ما أجمل أن يشعر الإنسان بالدفء في أبرد أيام الشتاء، وببهجة الربيع في قلب الخريف، وبأنغام رقيقة حالمة وسط صخَب الحياة وضجيجها ومتاعبها وهمومها!!!
ما أحلى أن ترَي نفسك مَلِكة متوَّجة على قلب رجل، رغم أنك إنسانة عادية في بيتك و بين أقرانك!!!
وما أروع أن تحظَي باهتمامٍ خاص، رغم أنك لا تحصلين على اهتمام ٍ يُذكر بين إخوانك وأهلك وأقاربك!!!
وما أعذب أن تسمعي عن نفسك أحاديثاً شجية...بينما لا يرى فيك والديكِ سوى عيوبك ونقائصك!!!!
وكم هو مريح أن تظلي تتكلمين وتبوحين، وهناك مَن يسمعك بكل اهتمام، بينما تسمعك أمك وهي مشغولة بالطهي أو بترتيب البيت أو غيره... هذا إن استمعت إليك أصلاً!!!!
وما أهنأك وأنت تسمعين عبارات الغَزَل في كل شيء فيكِ، بينما لا تسمعي من والديك سوى عبارات اللوم والنقد والتوبيخ!!!!
ولكن مهلاً عزيزتي، أليست الأمور بخواتيمها؟؟؟!!!
لماذا لا تتأملي علاقتك بالحبيب، بالمقارنة بعلاقتك بوالديك؟؟؟
ولماذا لا تتساءلي: ما هو هدف الحبيب وما هو هدف والديك؟؟؟؟
ومَن مِن الفريقين يتمنى أن تكوني أفضل منه في الدنيا والآخرة؟؟؟!!!!
سأترك الإجابة لك!!!
والآن هل تسمحين لي أن أحدثك بصراحة؟؟
نعم إن الحب شيء رائع، ولكنه – للأسف - يا أخيتي لا يصفو طويلاً، كما أن سعادته مهما دامت... فإنها لا تستمر كثيراً، بل وغالباً ما تنقلب إلى عذاب وآهات وندم وحسرة وخيبة أمل وشعور بالقهر والذل... سلَمكِ الله وعافاكِ.
والعاقل يا حبيبتي مَن دان نفسه، وحاسبها قبل فوات الأوان.
ولكن هذا لا يعني إطلاقاً أ ن تمنعي نفسك من الحب!!! فهذا ما لا يطيقه الإنسان الطبيعي، لأن الله - سبحانه - فطره على الحب وخلق له العواطف والأحاسيس... ولو تأمَّلتِ معي الكون لوجدتي أن أساسه الحب!!!!
" فالكواكب لا تفارق مجموعاتها لأنها دوماً في حالة انجذاب، والقمر لا يغادر كوكبه لأنه في حالة ارتباط، هذا فيما عظُم من مخلوقات، أما ما دقَّ منها، فنرى نواة الذَّرَّة لها حالة من التجاذب تنتظم إلكتروناتها!!!
ولأن الله - سبحانه - جعل الحب عنوان علاقته بأفضل خلقه وأقربهم إليه وهو الإنسان - فحين أخبر عن حالهم معه ووصف علاقته بهم، وعلاقتهم به - سبحانه -(1) قال: " يُحبُّهم ويُحبُّونَه"(سورة المائدة -54)
ليس ذلك فحسب، وإنما جعل الله الحب أساس الإيمان به - جل شأنه - والدليل على ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))
وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاَّ من نفسي "فماذا قال له الحبيب المصطفى؟؟؟
قال له: ((لا يا عمر، حتَّى أكون أحبَّ إليك من نفسك))، فلما قال له عمر: " والله أنت الآن أحبُّ إليَّ من نفسي"، قال له: ((الآن يا عمر))!!!!! (رواه البخاري).
فلا تصدقي يا أخيتي من يقول لك أن الإسلام يحرمك من حقك الطبيعي فبي الحب، بل تأملي معي أحوال المحبين من النجوم الأزاهر.... فهذا "سيدنا إبراهيم - عليه السلام - الذي كان يحب زوجته سارة حباً شديداً، حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تُنجب، لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج غيرها أبداً حتى لا يؤذي مشاعرها، فلما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحَّت عليه اضطر إلى النزول عند رغبتها"!!!! "(2)
وهذا قدوتنا ومعلمنا - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يستَحِ من إعلان حبه لعائشة حين عاد "عمرو بن العاص" منتصراً من غزوة "ذات السلاسل"، وسأله: " مَن أحب الناس إليك؟ "- ظناً منه أنه سيكون هو - فقال له – صلى الله عليه وسلم - أمام الناس: " عائشة"!!!، فقال عمرو: " إنما أسألك عن الرجال"، فقال - صلى الله عليه وسلم - مؤكداً اعتزازه بعائشة: أبوها"(3)، ولم يقُل أبو بكر أو صاحبي... هل رأيتِ رئيس جمهورية أو قائد أُمَّة يعترف بهذا أمام الناس؟؟؟!!!
إن الأنقياء الذين يُحبون بصدق وطهر لا يخشون البوح به أمام الخَلق!!!
بل ومن الطريف أن يكون أمر حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أمراً يراعيه الخلفاء وكبار الصحابة من بعده في تشريعاتهم، وفي علمهم...، " فنرى الصحابة ينتظرون يوم عائشة ليقدموا الهدايا لرسول الله حتى غارت بقية أمهات المؤمنين!!!! "(حلقات عائشة من برنامج ونلقى الأحبة لعمرو خالد)!!!
"وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المشهور بشدته يراعي هذا الحب، فيفرض لأمهات المؤمنين عشرة ألاف من العطاء، ويزيد عائشة ألفين!!!.. وحين يُسأل: وما السبب يا عمر، يقول: " إنها حبيبة رسول الله"!!!!
بل إن مسروقاً - وهو أحد علماء الحديث الكبار - كان إذا روى حديثاً عن عائشة - رضي الله عنها -، قال: " عن الصِدِّيقة بنت الصدِّيق، حبيبة رسول رب العالمين"!!!!
وتأملي معي موقفاً آخر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيه لعائشة حين غارت من خديجة - رضي الله عنها -: " إني قد رُزِقتُ حبَّها"!!!! (رواه البخاري)...
هكذا ببساطة ووضوح، وهو - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن كل كلمة يقولها سوف تنشر بين الناس إلى يوم القيامة!!!!
ولما جاءه كما روى ابن عباس- رجل وقال له: " عندنا يتيمة قد خطبها رجلان: موسِر ومُعسِر، قال له: " فهَواها مع مَن؟؟!! "
قال مع المُعسِر، فقال رسول الإنسانية - صلى الله عليه وسلم -: " لم يُر للمُتحابَّين إلا النِكاح""(4)
فلم يغضب - صلى الله عليه وسلم - من رجل يسأل عن علاقة عاطفية أو قلوب تهوى وتحب، وإنما بارك هذا الحب، وقال أن خير ما يُمكن أن نفعله لمَن يتحابا هو مساعدتهما على الزواج!!!!
"وهذه القصة الشهيرة لمُغيث و بريرة، الَّذين كانا زوجين، ثم أُعتقت بريرة، فطلبت الطلاق من مغيث فطلَّقها، ولكنه ظل يحبها، وظل كبده يتحرق شوقاً إليها، فكان يجوب الطرقات وراءها، ودموعه تسيل على خديه يتوسل إليها أن تعود إليه، وهي تأبى.
ومِن فرط صدق هذا الحب وجماله، رقَّ قلب رسول - صلى الله عليه وسلم - لأمر مغيث، فذهب إلى بريرة وقال لها: " لو راجعتيه، فإنه أبو ولدك"، فقالت له: " أتأمُرني يا رسول الله؟ " قال: " إنما أنا شافع"!! قالت: " فلا حاجة لي فيه"!!! (أخرجه البخاري)"(5)
أرأيتِ كيف اهتم بأمر الحب الطاهر رغم كثرة مشاغل وهموم الأمة الإسلامية التي كان يحملها على كتفيه؟؟؟!!!
أرأيتِ كيف أعطى الحق للمتحابين في الزواج حتى لو كانت الحالة المادية للحبيب متعسرة؟!!
أرأيتِ كيف أعطى الحق للمرأة أن تختار من تتزوجه بناءً على ميل هواها وقلبها؟!!!
أرأيت كيف رقَّ لحال الحبيب، ولكنه لم يُجبر الحبيبة على العودة إليه؟؟؟!!!!
ثم انظري" للصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - الذين عرفوا - من خلال معايشتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - تقديره للحب ورغبته في الجمع بين المتحابين والشفقة عليهم، فعملوا على إحياء سنته و السير على دربه ومنهجه، فهذا أبو بكر الصديق يسير في الطرقات ليلاً يتفقد أحوال الرعية، فإذا به يسمع صوت فتاة تغني عن الحب وتبث شكواها وألمها لفراق حبيبها، فيسارع الصديق بطرق الباب، ويلح عليها حتى تخبره عن حبيبها، وكانت مملوكة... فاشتراها، ثم أعتقها ومنحها لمن أحبته وأحبها!!!!
هذا هو خليفة رسول الله الذي يرى أن مِمَّا يقرِّبه إلى الله أن يجمع بين المتحابَّين في الحلال، وأن من مقتضيات عنايته برعيته أن يطيِّب قلوبهم وجراحهم... فلنتعلم منه الشفقة والتبسم، وإطلاق الحب لا كَبتِه، ومراعاة المشاعر النبيلة لا خنقها.
وللصدِّيق موقف آخر من الروعة بمكان، فقد تزوج عبد الله بن أبي بكر من "عاتكة بنت زيد"وكانت جميلة لدرجة أن عبد الله كان لا يُفارق منزله إلا لصلاة الجماعة، فرأى أبو بكر أنها شغلته عن أمور عظيمة كالجهاد في سبيل الله، وطلب العلم، ومرافقة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأشار عليه بأن يطلقها، فلم يجد الإبن بُدَّاً من أن يبر والده ويمتثل لأمره، فالضغط على قلبه أفضل من عقوق الوالد، وربما وجد في رأى أبيه صواباً، واستشعر تكاسله وقعوده عن مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطلقها.
أما عمر بن الخطاب الذي ينخدع البعض فيتهمه بالقسوة، فقد عُرف عنه قوله الرقيق: " لو أدركتُ عُروة و عفراء لجمعتُ بينهما"، وعروة وعفراء كانا مُحبَّين في الجاهلية تفرَّقا ولم يتزوجا، فعمر الذي يتجنب الشيطان سبيله، يرقّ لقصة حبيبين، و يعالجهما بدواء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الزواج.
حتى أن زوجاته يصفنه بأنه كان إذا دخل بيته تحول إلى طفل صغير، من شدة رفقِه، ومعاملته الحسنة لأهله!!!!!
وقد شغل أمر غياب الأزواج عن زوجاتهم لفترات طويلة، بال الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما سمع في جوف الليل في أثناء حراسته للمدينة ـ صوت مرأة تقول:
تطاَول هذا الليل وازورَّ جانبه *** وليس إلى جنبي خليلٌ ألاعبه
فو الله لولا الله لا شيءَ غيره *** لزعزَع من هذا السرير جوانبه
مخافةَ ربي والحياءُ يكفُّني *** وأُكرِمُ بعلي أن تُنال مراكبه
فسارع أمير المؤمنين إلى ترك حراسته ثم سأل عن هذه المرأة، فقيل له: هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأرجعه إليها مما كان فيه ـ ثم دخل على أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - فقال: يا ُبنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله، مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، قالت: خمسة أو ستة أشهر، فحدد للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة، ويسيرون راجعين!!!!
بل الأعجب من ذلك أن نجد كبار الصحابة قد عاشوا قصص حب
فهذا عبد الله بن عمر العابد الزاهد العالِم التقي يحب جارية له حباً شديداً، فتعثَّرت يوماً في مشيتها ووقعت، ففوجئ من شاهد الواقعة أنه ما احتمل الموقف، وظل يمسح التراب عن وجهها بيديه، قائلاً: " فِداكِ نفسي وروحي، ثم أنها فارقته، فكان حزيناً جداً لذلك، وكان حين يتذكرها يقول فيها الشعر، ويتهم نفسه بالتقصير في حق حبيبته فلم يخشَ أيضاً من البوح ولا الإعلان عن مكنونات قلبه المؤمن"!!!
هذه النظرة الراقية للحب هي ما جعلت "أبا السائب المخزومي" - الذي يصفه ابن القيم بأنه من أهل العلم والدين - يتعلق بأستار الكعبة وهو يقول: " اللهم ارحم العاشقين وقوِّ قلوبهم، وأعطِف عليهم قلوب المعشوقين"
فانظري إلى أي مدى وجد هذا العابد العالم أنه في موقفه هذا يحتاج إلى الدعاء لهذا الصنف من الناس، فلم يتهمهم بالخواء، ولا بالفراغ، ولا صبَّ اللعنات على المحبين، لكنه وجد سعادتهم الحقيقية في أن يلتئموا مع أحبابهم!!!! "(6)
والآن دعيني أخيتي أتخيل تساؤلات قد تقفز إلى عقلك الرشيد، واسمحي لي بمحاولة الإجابة عنها:
س- لماذا يُتَّهم الحبُّ إذن ويُدان؟؟!!!
ج- ليس كل أصناف الحب يتَّهم ويدان أخيتي، إنما يتهم فقط ذلك النوع الذي ينشأ ويستمر في الظلام!!! ولعلك تعلمين أن كل ما ينشأ في الظلام يختنق ولا ينتهي إلا في ظلام أشد منه!!!!
س- وما المشكلة؟؟!!
إنها علاقة خاصة جداً ومن حقي الاحتفاظ بخصوصياتي!!!!!
ج- نعم إنها علاقة خاصة جداً ومن حقك الاحتفاظ بها لنفسك، إن استطعت ألا تتعدي الحدود.
س- وما هي الحدود؟؟
ج- ألا تتصلي بالحبيب أو تقابليه في غفلة من والديك (أو ولي أمرك)، فهذه خيانة لهما وعقوق في نفس الوقت!!
وألا تتعمدي مقابلته على انفراد بحيث تحدث بينكما خلوة، فيكون الشيطان - والعياذ بالله - هو ثالثكما.
س- وماذا يحدث لو تعديت هذه الحدود؟؟؟!!!
ج- تحدث أضرار عديدة، سلَّمكِ الله وعافاكِ منها.
س- وما هي هذه الأضرار؟؟!!!!
1- تفقدين احترامك لنفسك، وبمرور الوقت ستكرهينها، وما أقساه من شعور!!!
2- تفقدين احترامه لك... ولكنه لن يعلن ذلك بالطبع، لأنه يؤثِر قربك ويتَّبِع شهواته.
3- تفقدين احترام أهله لك لو حدث أن تزوجتما في المستقبل.
4- يغضب منك الله - سبحانه - لأنك خالفتِ تعليماته التي بيَّنها لنا من أجل مصلحتنا وليس من أجل التضييق علينا... وغضب الله معناه إما أن يُمهلك إلى حين لعلك تتوبين، أو يعجِّل لك العقوبة، أو يتركك لنفسك والشيطان... ثم يحاسبك يوم القيامة!!!!
5- تبدأ حياتك في أن تأخذ شكلاً جديدا يغلب عليه التوتر والقلق والترقُّب والخوف من أن يُكتشف أمرك، والخوف من أن يغرِّر بك الحبيب أو يوقع الشيطان بينكما ما لا تُحمد عقباه... ونتيجة لذلك تبدأين بتفضيل العُزلة والبعد عن أقرب الناس إليكِ حتى والديكِ.
6- تكونين قد بدأتِ في حكاية أشبه بلعبة التزحلق للأطفال، من بدأها كان من الصعب عليه أن يقف قبل أن ينهيها.
7- تصبح سُمعتك في خطر، لأن الكثير من الشباب يتفاخرون بعلاقاتهم العاطفية أمام أقرانهم... وهل تحتمل فتاة فاضلة مثلك أن تعيش بسمعة سيئة؟؟!!!
8- قد يكون حبك كله مخاطرة لأن غرض الحبيب منك قد لا يكون هو الحب والعواطف كما هو غرضك، وإنما قضاء شهوة مُلحة أو مجرد التسلية، أو الانتقام لنفسه من حبيبة سابقة فعلَت به ما فعلت!!!!
وإذا كان لا يرضى أن يحدث هذا مع أخته أو أمه، فلماذا يرضاه لك؟؟!!! وكيف
3-11-1425 هـ
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/461)
من أنتِ
محمد محمود السيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛؛ وبعد:
فهذا حديث إلى فتاة الإسلام أقول لها:
لا تتسرَّعي....قفي... لا تُجيبي.
لأنك قد تقولين...
اسمي....
وهويتي....
وقبيلتي..................
وقد تقولين أنا متزوجة أو.............
لا أخيتي..
أنا لا أريد اسمك، بل أريد نفسك.
أنا لا أريد هويتك، بل أريد هدايتك.
أريدك خاطبة للحسنات مفارقة للسيئات.
أعتقد أنك الآن عرفتِ أن الإجابة على.... منْ أنتِ؟
يجب أن تكون بتمعن فكر وخلجات قلب وآهات لسان وتقدم جوارح.
لمن شاءتْ منكنَّ أن تتقدم أو تتأخر.
أيتها الغالية... أخيتي..
إن أردنا أن نعرف الإجابة على: (من أنت؟ )، فثمة محطة يجب أن تقفي فيها وقفةً باختيارك وقناعتك.
لنجلس بها جلسة العمر جلسة المصارحة جلسة رفيقها معك عقلك، وقلبك، ولسانك، وجوارحك.
جلسة يسمع من حناياها آهات واستغفار، ويُرى بها تلكما العينان وهما تقطران تلك القطرات المحبوبة، عندها يمكن أن تضعي بطاقة الإجابة مباشرة على هذا السؤال.. من أنت؟.
نعم إن الطريق إلى معرفة (من أنت) هو كشف حساب تستلميه اليوم فتعدلي فيه المسار، قبل أن يسلم لك في يوم لا تستطيعين التعديل فيه أبداً، بل هو شهادة عبور إما إلى الجنة وإما إلى النار، وكأني بك قد أخرجت كشف حسابك وجلست مع نفسك في غرفتك الخاصة بك.
ونظرة على ذلك الكشف بتأمل وحزن وفرح.. حزن بما صرف من أوقات في غير طاعات، وفرح بما أودع من حسنات لتبقى هي الباقيات الصالحات، وصدق الله إذا يقول: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل: 4] فكشف الحساب يختلف من بين كل فتاة وأخرى اختلافاً، كما بين:
السماء والأرض، الجنة والنار، النور والظلام، الهداية والغواية، البر والعقوق.
وفي نظرة متأملة في كشوف حساب كثير من الفتيات نجد فتاتين:
إحداهما: قلبها يحب الله، ولذلك أصبح مليئاً بالإخلاص لخالقها ومولاها، تراقب الله في كل صغيرة وكبيرة لا يهمها إلا رضا الله، ولا تنظر لمدح الناس وذمهم، المهم الله لأنها علمت (أنَّ الإخلاص هو أسرع طريق الجنان) فجعلت حياتها ومماتها لله رب العالمين.
والأخرى: على العكس من ذلك لا إخلاص ولا خشية بل رياء وسمعة، المهم أن يرضى الناس حتى لو سخط الله.
وغداً توفى النفوس وما كسبت...
فمن أنت من هؤلاء؟
أخية.. هل سمعت بشريط (المفتاح) للشيخ إبراهيم الدويش؟....
***
وفي نظرة أخرى لكشوف الحساب نجد......
فتاة..... صلاتها قرَّة عينها وكنزها الوضاء وراحتها واطمئنانها وطبيبها من الهموم والأحزان.. تسرع إليها وهي فرحة مسرورة بها تقدم قبلها ركعات من السنن الرواتب وقراءة للقرآن، وبعدها تدخل صلاتها بكل خشوع وتلذذ لأنها تعلم أنَّ الله ينظر إليها فوقفت...
والكعبة أمامها، والجنة عن يمينها، والنار عن شمالها، وملك الموت خلفها.
ما أجملها من صلاة! وما أجمله من شعور يملأ قلب تلك الفتاة بالإيمان والخشية! وصدق الله إذ يقول: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
أما الأخرى: تكاسل وتفريط فلا سنن ولا قرآن، وصلاة بلا راحة ولا اطمئنان، وقد تقطع الصلة بينها وبين خالقها فحرمة الراحة والاطمئنان..
وابتعدت عن الجنان ورضيت بسفر من الآن: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر].
وغداً توفى النفوس ما كسبت.
فمن أنت من هؤلاء؟
أخيَّة: اسمعي شريط (المعاد) للشيخ إبراهيم بوبشيت.
***
وفي كشف الحساب تجد مسلمتين...
إحداهما: إذا نزلت بها المصائب والأحزان علمت أنها من الله، وتيقنت أن مقدرها هو الله، وقالت بقلبها (ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا).
فتجدها عند كل همٍّ وحزن وسقم ومرض وفقد عزيز أو حبيب صابرةً محتسبة، لسان حالها: الحمد لله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، فكسبت حب الله وكسبت الإيمان واليقين {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157].
وأخرى: إذا نزلت بها المصائب والأحزان تسخطت وشكت، وعلى ربها اعترضت، ولم تعلم أنها مقدرة من رب العالمين لكي ترجع إلى صراط الله المستقيم.
وغداً توفى النفوس ما كسبت.
فمن أنتِ من هؤلاء؟
أيتها الغالية.. هل سمعت شريط (يا سامعاً لكل شكوى) للشيخ إبراهيم الدويش؟..
***
وعند التمعن في كشوف الحساب تجد بنتين...
إحداهما: تسير في هذه الدنيا وشعارها: (البر والإحسان) وخاصة لوالديها!.
الراحة لا تكون بدونهما، بذل وتفان في خدمتهما آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يرضي الرحمن دون كلل أو ملل.
لأنها علمت أن أوسط أبواب الجنَّة هو باب الوالد فلم تضيع طريقاً أبداً.
وأخرى: عقوق الوالدين، ونكران، وضياع للحق والعرفان، غلظة وتأفُّف، ورفع للصوت بأكثر من أُفٍّ، وكأنها هي المنعمة، والمتفضلة، ونسيت أن العقوق أثره مفزع في الدنيا قبل الآخرة، وأن أكثر ما يدخل النار العقوق،
وغداً توفى النفوس ما كسبت..
فمن أنت من هؤلاء؟
أخية.. هل سمعت شريط (توقيع) للشيخ عبد العزيز الأحمد؟.
***
وفي كشف الحساب نجد مسلمتين...
الأولى: تعيش في هذه الدنيا على مبدأ (مخمومة القلب) لا إثم ولا حسد، تعيش بين الناس من أهل وصديقات، وقلبها يتسع لحبهم جميعاً.
تفرح لفرحهم، وتحزن لحزنهم، ولا تنظر إلى ما في أيديهم، ولا تحب أن تزول النعم عن الآخرين، فكل خير من مال أو تقدم وصل إليهم فكأنما وصل إليها، وكل شئ أصابهم فكأنه أصابها.
وفي كل لحظات حياتها لا يدخل في قلبها حقد ولا بغضاء.
صلح قلبها فصلحت جوارحها، فلا تسمع غيبة ولا نميمة، وكل ليلة تنام تلك الشامخة بالإيمان وليس في قلبها إلا الخير والصفاء لكل مسلمة، ولكن..
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}[فصلت].
أما الثانية: تعيش في هذه الحياة على مبدأ (يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله).
إن فرح الناس حزنت، وأن حزنوا فرحت.. انشغلت بما في أيدي الناس فتوقد قلبها غيظاً وحسداً... وبفساد قلبها فسدت جوارحها.
غيبة ونميمة، ولمز وغمز، وصبح مساء، لأنَّ الحسد قد غمر قلبها.
وغدا توفى النفوس ما كسبت.
فمن أنتِ من هؤلاء؟
أخيَّة... استمعي إلى شريط (صلاح القلوب) للشيخ محمد الشنقيطي.
***
وفي كشف الحساب نجد فتاتين:
أما الأولى: مؤمنة نقية صانت الحجاب، وجعلت غرفتها المحراب، وإن خرجت فجوهرة مكنونة، عباءتها على رأسها أقصد تاجها، لأنها علمت أنه لا يمكن لأيِّ تاج أن يوضع على الكتف.
أكسبها ذلك التاج جمالاً إلى جمالها، وحسناً إلى حسنها، وأنوثة على أنوثتها، بل اكسبها الجمال كله، وهو الحياء فعاشت والكل يحبها، ويحترمها، لقد عاشت في سعادة وهناء، وهذا في الدنيا وعند الله جنان وقصور، وما الدنيا إلا متاع الغرور.
أما الثانية: فيا حسرة المحرومين....
قصرت في حجابها مع أن هذا الحجاب ليس عليها في كل وقت بل دقائق معدودة في وقت خروجها، لقد استغنت عن تاجها، ولم تجعل غرفتها محرابها، فإذا خرجت فتمايل مصطنع لا تاج ولا جوهرة بل أصبحت سلعة ظاهرة، فخسرت جمالها وحياءها وعاشت بين همز الناس وغمزهم.
إنها حياة شقاء، وهم، وقلق، وغم، هذا في الدنيا، أما في الآخرة: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ(10)}[البروج].
وغدً توفى النفوس ما كسبت ويحصد الزارعون ما زرعوا فمن أنتِ من هؤلاء؟
أخيتي: استمعي إلى شريط (العفيفة) للشيخ عبد العزيز السويدان، وشريط(خدعوها) للشيخ ناصر الأحمد.
***
وفي كشف الحساب تجد فتاتين...
الأولى: متذكرة دائماً أبواب الجنان وجنة الرحمن، ولذلك فهي ترتفع في الدنيا والآخرة، لأن كلام ربها أجمل كلام.
فأناملها تمسك بالقرآن، وعيناها تمعنان النظر في آيات الرحمن، ولسانها وشفتاها رطبه بكلام الخالق المنان، فعاشت تلك الحسناء الشامخة والحسنات بينها ومن بين يديها ومن خلفه، وأصبح القرآن ربيع قلبها.
والربيع بهجة ونضارة وخضرة، كل ذلك في قلبها، فلا تنتظر فصل الربيع لأن الربيع ساكن في قلبها، كيف لا وهي أترجة الدنيا.
فانعكس ذلك على قوة ذكائها وسعة أفقها ونضارة وجهها وجمال مطلعها وابتسامتها، فهي تردد وتذكر دائماً قول ربها: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [الاسراء: 9] أي أفضل وأعلى، وفي الآخرة مع السفرة الكرام البررة.
أي: مع فاطمة، وعائشة، وخديجة، وآسيا، وغيرهن من الصالحات ويقال لها: (اقرئي ورتلي كما كنت ترتلين في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرئينها)
وأخرى: غير مرتفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة، من غرفتها يخرج كلام الشيطان، لأنها هجرت كلام الرحمن.
غناء، وسخط، وتأثر، ووجد، وكأن المغنين والمغنيات صادقون في كلماتهم ومشاعرهم.
تلك الفتاة حرمت أناملها من مسك كتاب ربها وعينيها من التلذذ بآيات خالقها، فهي في آهات وحسرات لأنها ابتعدت عن الآيات.
وفي قلب فتاة لم يجتمع أبداً قرآن وغناء.
فأصبحت هذه الفتاة والآثام حولها من كل مكان فلا ربيع ولا بهجة بل قلق وضيق، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه: 124]
وغداً توفى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا
فإن أحسنوا فقد أحسنوا *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، وفي الجنة نلتقي بإذن الله.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/462)
حدود تصرف المرأة في مال زوجها
عبد الرحمن بن محمد العمراني
تعد النفقة الزوجية أثراً من آثار عقد الزواج، تدل على تميزه عن غيره من العقود، كما تدل على أن العلاقة التي تنشأ بسببه بين الزوجين تختلف عن غيرها من العلاقات الاجتماعية الأخرى. فالذي تقتضيه الرابطة الزوجية أن يعمل الرجل من أجل إطعام زوجته وإكسائها وتمريضها كما يقوم بذلك لمصلحته. لكن هل يعني استحقاقها ذلك أن لها أن تتصرف في ماله كما تشاء؟ هذه المسألة وردت في شأنها نصوص شرعية تضبطها يمكن على ضوئها مناقشة المسألة وما يرتبط بها فيما يلي:
أولاً: ثبوت حق الزوجة في النفقة وأجر الزوج عليها:
يدل قوله - تعالى -: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) البقرة: 233، وقوله - صلى الله عليه وسلم -، لمن سأله عن حق المرأة على زوجها: .أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت.(1)، على أن نفقة المرأة حق ثابت لها على زوجها بمقتضى الزوجية، هذا ما نص عليه أهل العلم بعامة لم يخالف في ذلك واحد منهم، من هنا كان الزوج مأموراً شرعاً بأن يوفر لزوجته وأولاده ما يكفيهم منها، وأنه متى توقف عن دفعها كان لها أن تطالبه بها، بل يكون لها عند تمرده أن تطالب بمفارقته كما هو ظاهر قول أبي هريرة - رضي الله عنه – "تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني (•••) ويقول الابن: أطعمني، إلى من تدعني"؟ (2)•
إذا ثبت هذا، فليعلم أنه لم يرد في الشرع تقدير نفقة الزوجة بقدر معين، وإنما بيَّن - سبحانه - أنها تكون بالمعروف، "أي بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسراف ولا إقتار، كل حسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره كما قال - تعالى -: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدِرَ عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا) الطلاق: 7(3).
قال ابن تيمية: "تنازع الفقهاء فيما يجب للزوجات من النفقات، هل هي مقدرة بالشرع أم يرجع فيها إلى العرف فتختلف في قدرها وصفتها باختلاف أحوال الناس؟ وجمهور الفقهاء على القول الثاني، وهو الصواب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(4).
ويستفاد من التنصيص على الكفاية في الحديث أن نفقة الزوجة تقدَّر بكفايتها في العرف، وأنها لا تملك لها، وإنما يطعمها زوجها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى، على هذا دلَّت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه جرى عمل المسلمين.
وإن من ألطف ما يستفاد من أحكام النفقة أن وجوبها شرعاً على الزوج يثبت معه كونه مأجوراً عليها، فإن أجر الواجب يزداد إذا تم به ابتغاء وجه الله كما نص عليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ـ وهو يحتسبها ـ كانت له صدقة.(5).
وقد نقل الحافظ ابن حجر عن الطبري قوله ملخصاً: "الإنفاق على الأهل واجب، والذي يعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوع"(6).
ثانياً: إهمال الرجل الإنفاق على زوجته:
قد يحدث ألا يوفي الرجل ـ لشح نفسه ـ ما تستحقه زوجته من النفقة، فهل يجوز لها أن تعالج الأمر بأخذ جزء من ماله من غير علمه، لتكمل به ما تحتاج إليه؟
أجاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن هذا السؤال، وبيَّن كيف تعالج المرأة هذا الوضع في حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "دخلت هند بنت عُتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح(7)، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم• فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "(8)• ظاهره أن أبا سفيان على الرغم من يسره ومنزلته في قومه، كان يقتِّر على زوجته وعلى عياله، فلم يكن يمكِّنها من القدر الذي يكفيها من النفقة، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حكم أخذها من ماله بغير علمه ما يكفيها• ويتبين للقارئ من خلال سؤال هند بنت عتبة حرص عائشة - رضي الله عنها - على معرفة مدى مطابقة فعلها الشرع، فلم يمنعها شيء من سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حكم ما تريد القيام به، وهذه درجة عالية من الورع تجعل الشخص لا يخشى أحداً في عرض مسألته، ولا يستحيي من الحق أن يقوله ولو على نفسه وأهله، فذكرت زوجها بما يتصف به من شح في حاله معها، ولم يرد من أبي سفيان تكذيب ولا وعيد لها بالطلاق إذ فضحته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمع قصتها الصحابة.
ويظهر منه أيضاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدَّقها فيما ادَّعته فأجابها بأن أقرها على ما أخذت في الماضي، وبجواز أخذها من ماله فيما يستقبل، بدليل قوله: "لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف"، وهذه الإباحة مقيدة بعدم الغلو في الأخذ لقوله: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". وهي فتوى(9) منه - صلى الله عليه وسلم - تفيد أن للمرأة ـ إذا بخل عليها زوجها بالنفقة ـ أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها بالمعروف• وقد أكد هذا التقييد بقوله: "لا، إلا بالمعروف"(10)، قال النووي ـ وهو من الشافعية -: "في هذا الحديث فوائد منها وجوب نفقة الزوجة، ومنها وجوب نفقة الأولاد الفقراء الصغار، ومنها أن النفقة مقدَّرة بالكفاية لا بالأمداد(•••) ومنها أن من له على غيره حق وهو عاجز عن استيفائه، يجوز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه• وهذا مذهبنا، ومنع ذلك أبو حنيفة ومالك - رضي الله عنهما - (•••). ومنها أن للمرأة مدخلاً في كفالة أولادها والإنفاق عليهم من مال أبيهم"(11).
ثالثاً: تصدق المرأة من مال زوجها:
يرتبط بالمسألة السابقة مسألة أخرى هي هل يجوز للمرأة إذا أوفاها زوجها حقها من النفقة أن تتصدق من ماله بغير إذنه؟ وإن الجواب عنه يتفرع إلى جزءين أحدهما حكم تصدقها من مال زوجها والثاني مشاركة زوجها في الأجر• ويمكن توسيع القول فيهما فيما يلي:
1 ـ حكم تصدق المرأة من مال زوجها:
لقد ورد توضيح هذه المسألة فيما أخرجه البخاري ومسلم بسنديهما إلى عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً"(12)• وهو ما يفيدنا بظاهره الحكم بجواز أن تنفق المرأة من مال زوجها ولو لم تستأذنه• ولقد وقف علماء السلف عند هذا الحكم فمنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج لها بذلك ولو بطريق الإجمال، فإذا لم يحصل ذلك لم يكن لها أن تفعل• ومنهم من حمله على ما جرت به عادة الناس من إطعام الجائع، فإنه يسمح به في العادة. ويكون إذنه بذلك حاصلاً وإن لم ينطق به لجريان العادة على أن الشيء اليسير لا يؤبه له، اللهم إلا أن يزيد على المتعارف اليسير فيمنع لاشتراط رسول الله عدم إفسادها في تصدقها بقوله "غير مفسدة". وهذا قول الإمام النووي: "واعلم أنه لابد للعامل وهو الخازن وللزوجة والمملوك من إذن المالك في ذلك، فإن لم يكن إذن أصلاً فلا أجر لأحد من هؤلاء الثلاثة، بل عليهم وزر(13) بتصرفهم في مال غيرهم بغير إذنه• والإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة.
والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، واطراد العرف فيه، وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم• وهذا إذا علم رضاه لاطراد العرف، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به، إن اضطرب العرف وشك في رضاه، أو كان شخصاً يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه، لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه".(14)
2 ـ مشاركة الرجل زوجته في الأجر على الصدقة:
يدل ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب" أن المرأة تأخذ أجرها على تصدقها، ويشاركها زوجها فيه إذ أنفقت من ماله• ولقد ورد هذا الطرف من الحديث بلفظ آخر: "وله مثله" أي للزوج مثل أجرها، فاقتضى ذلك تساويهما في الأجر كما يشعر بذلك أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فله نصف أجره"(15)، وذهب الإمام النووي إلى أن "معنى هذه الأحاديث أن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجراً كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، والمراد المشاركة في أصل الثواب"(16)، وقال القاضي عياض عند شرحه الحديث: "ليس التصنيف حقيقة بل مجاز، والمعنى الأجر بينكما قسمان، وكونه قسمين لا يقتضي التساوي في الأقدار، أي لك أجر وله أجر بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينقص من أجورهم شيئاً". ويحتمل أن التصنيف بينهما حقيقة دون تفاوت في الأقدار لأن الأجر لا يدرك بقياس ولا هو بحساب الأعمال (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) المائدة: 45(17)•
رابعاً: خلاصة القول:
نخلص من كل هذا إلى أن المرأة بارتباطها في عصمة زوجية تستحق نفقتها ولو موسرة، وذلك بالمعروف، بحيث إن زوجها لا يبخل عليها بالموجود ولا يتكلف المفقود• ويستحق على ذلك أجراً إذا كان يبتغي بعمله رضى الله لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومهما أنفقت فهو لك صدقة، حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك"(18)•
وينبني على استحقاقها ذلك أنها مستأمنة على مال زوجها يمكن أن تأخذ منه قدر كفايتها بالمعروف ولو لم يعلم، لكن غير ذلك من التصرفات الأخرى في ماله ولو كان صدقة تتصدق بها، فإنه يحتاج إلى إذن منه ولو على طريق الإجمال اللهم إلا أن تكون صدقتها مما جرت العادة على تقديمها نحو إطعام سائل وإكرام ضيف فإنها نظراً لاطراد العرف باعتبارها لا تحتاج إلى إذن من الزوج، ويكون لها أجرها بما أنفقت ويكون له أجره بما كسب. ويستفاد من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشاركة الرجل زوجته في الأجر على ما تنفقه ندبه إلى فعل الخير والإعانة عليه كما هو واضح في حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا نبي الله! ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ(19) مما يدخل علي؟ فقال: ارضخي ما استطعت، ولا توعي فيوعي الله عليك"(20).
قال النووي: "قوله - صلى الله عليه وسلم - (ارضخي ما استطعت) معناه مما يرضى به الزبير، وتقديره أن لك في الرضخ مراتب مباحة بعضها فوق بعض، وكلها يرضاها الزبير، فافعلي أعلاها، أو يكون معناهما استطعت مما هو ملك لك"(21). وقال ابن حجر في بيان معنى قوله: "ولا توعي فيوعي الله عليك" : "لا تجمعي في الوعاء وتبخلي في النفقة فتجازى بمثل ذلك"(22).
ـــــــــــــــــ
الهوامش:
1 ـ سنن أبي داود: كتاب النكاح، رقم الحديث 2142، وسنن ابن ماجة: كتاب النكاح، رقم الحديث 5810•
2 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقة، رقم الحديث 5535•
3 ـ انظر تفسير ابن كثير: قوله - تعالى -: (وعلى المولود له رزقهن) البقرة: 332•
4 ـ مجموعة الفتاوى لابن تيمية: ج10/561، وج22/691•
5 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقات، رقم الحديث 1535•
6 ـ انظر: فتح الباري لابن حجر: ج10/526، عند شرح الحديث رقم 1535•
7 ـ الشح أقبح من البخل لأن البخل يختص بمنع المال، بينما الشح يعم منع كل شيء في جميع الأحوال، قال - تعالى -: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الحشر: 9•
8 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقات، رقم الحديث 4635• وصحيح مسلم بشرح النووي: كتاب الأقضية، رقم الحديث 2544•
9 ـ عد العلماء جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنا فتياً لا حكماً، وهو قول ابن القيم في زاد المعاد: ج3/553: "فهذه فتيا لا حكم، إذ لم يدع بأبي سفيان، ولم يسأله عن جواب الدعوى، ولا سألها البينة".
10 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقات، رقم الحديث 9535•
11 ـ انظر: صحيح مسلم بشرح النووي: كتاب الأقضية، باب قضية هند، عند شرح الحديث رقم 2544•
12 ـ صحيح مسلم بشرح النووي: كتاب الزكاة، رقم الحديث 1632•
13 ـ كون المرأة مأزورة على تصدقها إذا عدمت إذن زوجها الصريح أو الوارد بطريق الإجمال هو قول ابن حجر أيضاً في الفتح عند شرحه هذا الحديث في باب قوله: (أنفقوا من طيبات ما كسبتم)، كتاب البيوع•
14 ـ شرح النووي على صحيح مسلم: كتاب الزكاة، رقم الحديث 3632•
15 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقات، رقم الحديث.6350
16 ـ شرح النووي على صحيح مسلم، عند شرح الحديث رقم 3632 من كتاب الزكاة•
17 ـ إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض: عند شرح الحديث رقم 3632 من كتاب الزكاة•
18 ـ صحيح البخاري: كتاب النفقات، رقم الحديث 4535•
19 ـ يعني أن أعطي، فالرضخ: العطاء اليسير• لسان العرب لابن منظور: باب الخاء فصل الراء•
20 ـ صحيح البخاري: كتاب الزكاة، رقم الحديث 4341• وصحيح مسلم بشرح النووي: كتاب الزكاة رقم الحديث 5732•
21 ـ شرح النووي على صحيح مسلم، عند شرح الحديث رقم 5632 من كتاب الزكاة•
22 ـ فتح الباري: عند شرح الحديث رقم9520 من كتاب الهبة•
http://alwaei.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/463)
المرأة الداعية وحاجة المجتمع إليها
كمال عبد المنعم محمد خليل
أمر الله - سبحانه وتعالى - كل فرد في المجتمع المسلم سواء كان رجلاً أو امرأة بالدعوة إليه في إطار من الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، قال الله - سبحانه وتعالى -: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن..» النحل/125، والدعوة إلى الله - تعالى - ليست مقصورة على الرجال فحسب، وإنما تشمل النساء أيضاً، وإذا ما فتشنا في الساحة الإسلامية على امتداد البلدان المسلمة نجد القصور البين في دور المرأة المسلمة الداعية، وهذا الذي نذكره لا يقلل مطلقاً من الجهد المشكور المبذول من الداعيات إلى الله، إلا أننا نحتاج إلى أضعاف هذه الجهود حتى نصل إلى ما نريد، ذلك لأن الأمية الدينية منتشرة بدرجة كبيرة بين النساء، نظراً إلى انشغالهن بأمور الحياة من تربية وعناية بالبيت والزوج والأبناء، فضلاً عن عملهن، إن كن من العاملات.
وقد خصصت أماكن في معظم المساجد للنساء لتأدية فريضة الصلاة، وسماع دروس العلم من العلماء الذين يوجهون حديثهم إلى الرجال والنساء على السواء.ولكن المرأة الداعية أنجح في الإقناع والتأثير على قريناتها من الرجال لأنها تصاحبهن وتتكلم معهن بدون حرج، فتسمع منهن، وترد على تساؤلاتهن، هذه التساؤلات قد يخجلن من ذكرها أو حتى السؤال عنها إذا كان المتحدث من الرجال.
إن دور المرأة في المجتمع المسلم عظيم، وفي أمر الدعوة إلى الله أعظم، فلا يقتصر دورها على الزواج والحمل والإنجاب، بل لابد لها من دور في مجال الدعوة إلى الله، خاصة في هذه الآونة التي كثرت فيها المؤثرات المتنوعة والمتمثلة في التقدم التقني في وسائل الإعلام والاتصال، وهي تجعل الانحراف سهلاً ميسوراً لمن ليس لديه وازع من دين أو ضمير.
ولا ينبغي أن يفهم من مطالبتنا بالمرأة الداعية إلى الله أن تقتصر هذه الدعوة على المحاضرة أو الدرس أو الندوة أو غير ذلك، فنحن نقصد أن تكون المرأة داعية أينما كانت، فهي في بيتها مثال للزوجة المطيعة لربها وزوجها، المهتمة بشؤون أبنائها تربية وتوجيهاً، وهي في طريقها تكون داعية، فلا تخرج متبرجة تتمايل وتميل قلوب الرجال، ولا تخضع بالقول، بل تخرج بحجابها الشرعي في حياء وأدب، وهي في حديثها مع أخواتها لا تغتاب أحداً، أو تكذب أو تشهد زوراً، بل يكون لسانها مشغولاً بذكر الله - تعالى -، ولا يخرج منه إلا الصدق والحق، وهي في عملها تلتزم الإخلاص، وتراقب الله، فلا تقصر فيما تكلف به، وتلتزم بأوقات العمل، وتتقنه وتجيده، كل ذلك يعبر عن صورة طيبة، ومثال حي للمرأة المسلمة، وهو ما يعرف بالدعوة بالقدوة، وهو من أجدى وسائل الدعوة إلى الله، لأن الناس يقتنعون بالفعل قبل القول، وبالحال قبل المقال.
وقد أعطانا البيت النبوي أنموذجاً فريداً للداعيات إلى الله تمثل في السيدة عائشة -رضي الله عنها- التي حفظت الكثير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروت وحدثت وعلمت الكثير من الصحابة والصحابيات حتى مدحها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته لكثرة علمها، وبعد وفاته قصدها طلاب العلم من كل مكان للسؤال عن الحديث والفقه، وكانت تجيبهم إجابة العالم الفقيه، قال أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: ما أشكل علينا أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط فسألنا عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علماً، وقال الإمام الزهري - رحمه الله -: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل، ويمكن القول: إن علم عائشة سبق علم كثير من الرجال أيضاً.
إن حاجة المجتمع المسلم إلى المرأة الداعية يأتي من الحاجة إلى تعليم النساء أمور الدين الإسلامي الحنيف، وهي حاجة ملحة في وقتنا هذا، حتى نصل بالمجتمع المسلم رجالاً ونساء إلى ما يحبه الله ويرضاه من سلوك حسن وخلق قويم.
http://www.al-mostaqbal.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/464)
زوجتي الحبيبة : تعالي نتسابق
فهد بن عبد العزيز التوجيري
من جوانب عظمته - صلى الله عليه وسلم - حسن معاشرته لزوجاته الكريمات - رضي الله عنهن - فلقد كانت عشرته نعم العشرة وملاطفته أرق ملاطفة، ورحمته أعظم رحمة فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".. تصوروا معي وقع تلك الكلمات على أهله.
كأني أنظر إليه الساعة في عرفات قائما يخطب: "استوصوا بالنساء خيرا.. اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم" يا للرحمة والعظمة.
قال الجاهلون: الإسلام ظلم المرأة ولم يعطها حقوقها. كذبوا والله.. وهل أكرم المرأة أحد كالإسلام ونبيه العظيم - صلى الله عليه وسلم -؟
في ديننا الحق.. المرأة أم حنون البر بها من أعظم الواجبات، وأخت كريمة، وزوجية وفية رفيقة درب وشريكة حياة، وبنت هي فلذة كبد وثمرة فؤاد وحجاب من النار، جعل ديننا الدفاع عن المرأة وحماية العرض جهادا والمقتول دون عرضه شهيدا!
ألا ليت الجهلة من قومنا يعلمون، إذ ينظرون إلى زوجاتهم على أنهن للمتعة ليس إلا، أو للخدمة فقط ويعمون ويتعامون عن حقيقة أن الزوجة مخلوق كريم ذا إحساس وشعور، إنها شريكة العمر ورفيقة الدرب الطويل. والمعين بعد الله على نوائب الدهر. الزوجة السكن بنص كتب الله - سبحانه وتعالى -.
ما أجمل أن يدخل أحدنا إلى زوجته حاملاً معاني الحب والوفاء معبراً عنها بهدية أنيقة ومعها الكلمة الحلوة والابتسامة الصادقة!
وكم يقشعر جلدي وأنا أقرأ القصة الصحيحة عن معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم - أنه سابق أمنا عائشة - رضي الله عنها - على الأقدام فسبقته في الأولى وسبقها في الثانية. عليك صلاة الله وسلامه يا إمام الهدى ويا أرحم الخلق بالخلق. لم تشغله النبوة والرسالة والجهاد والتعليم عن مداعبة زوجته والجري معها على قدميه الشريفتين.
وبعد..فيا زوجتي الغالية..
تعالي نتسابق!
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/465)
حددي أهدافك
محمد بن سرار اليامي
حددي أهدافك، وليكن هذا السؤال هو أول هاجس، ولتكن وسائل الوصول إليه هي الهاجس الثاني مباشرة، ولا بد من توافق وتجانس بين الأهداف والوسائل، وليكن هذا الهدف يحقق لك غاية عظمى في حياتك.
الرضى "بالله رباً" لا يكون إلا بإخلاص العمل له وحده لا شريك له، وإفراده دون من سواه بالطاعة والعبادة والقصد والإرادة {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} البينة: 5. {ألا لله الدين الخالص} الزمر: 3. {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً} الإنسان: 9. والرضى " بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً" لا يكون إلا بصدق متابعته والعمل بسنته، والاقتداء به، وحسن التأسي والطاعة في المنشط والمكره، والمحبة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} آل عمران: 31. {وإن تطيعوه تهتدوا} النور: 54. {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} المائدة: 92.
فطاعة الله مطلقة، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - مطلقة، وطاعة ولاة الأمر من العلماء والأمراء والأزواج مقيدة بطاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
والرضى " بالإسلام ديناً " لا يكون إلا بأن يكون الهدف مشروعاً، والوسائل أيضاً مشروعة، والغاية هنا لا تبرر الوسيلة.
فلا بد أن يكون العمل مما شرعه الله، أو لا يضاد أمر الله، وأن تكون الوسائل المعدة لتحقيقه مشروعة صحيحة، فهذا الدين شامل كامل، وكل متكامل.
بهذا تحقق المرأة معنى الرضى بالله رباُ وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً، وبالإسلام ديناً، وفي الحديث أن من رضيها " كان على الله حقاُ أن يرضيه" تكرماً وفضلاً منه جل وعز.
فتحديد الأهداف مفرح للنفس المتميزة، وتحديد الوسائل لتحقيقها حاث للنفس على دروب النجاح، والوصول إلى المأمول..والتميز فتميزي..
فإذا وصلت المرأة كانت سعيدة كل السعادة، راضية عن نفسها كل الرضى.
وانطلقت إيجابية منتجة من نجاح إلى نجاح، ومن فلاح إلى فلاح تلاحقها الهمة الوثّابة والعزم الصحيح والوسيلة المشروعة المناسبة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/466)
أيتها الداعية .. منزلك يناديك
منال الدغيم
صورة..
أختنا "سميرة" داعية قديرة، فهي في الصباح معلمة مخلصة متقنة، تلقي الدروس مطعّمة بثقافة واسعة ونصح مُشفِق، ولها أنشطة شائقة في المصلّى طوال اليوم، ثم تفتح قلبها في آخر الدوام لكل طالبة يقضّ مضجعها هم أو تشغل بالها مشكلة؛ فخير الناس أنفعهم للناس.
ومنذ أول العصر، تخرج "سميرة" إلى الدار القريبة، تعلّم القرآن والتجويد والفقه، وتقيم المسابقات والبرامج، ولحديثها قبول في نفوس الكثير من مرتادات الدار؛ وخيركم من تعلم القرآن وعلمه.
وبعد العشاء، تحرص سميرة على حضور المحاضرات للداعيات مهما بعدت عليها المسافة؛ فالنفس بحاجة إلى الموعظة والتذكير والتربية، والغفلة عن مجالس الذكر سبب لقسوة القلب وإدبار الهمة!
وماذا بعد؟
هل ترون أختنا "سميرة"، نموذجاً صالحاً للمرأة المسلمة، التي تُعقد عليها الآمال في بناء الأمة وتربية الأجيال، والوقوف بشموخ في قمة الأمجاد؟
وهل ترون أن جهودها ستسفر عن أبناء صالحين ومنزل قائم على طاعة الله، وزوج راضٍ يحمد الله أنْ وفّقه لزوجة متفانية من أجل الدعوة وطلب العلم ونفع الناس؟
حقا إنّ التعليم والدعوة، وثني الركب في مجالس العلم والذكر مكانة سامية، ولكن "سميرة" ستدرك بعد مدة طالت أم قصرت كم كانت مفرطة مخطئة في صنيعها هذا.
حقيقة المبادئ!
هل نعلم حقاً، حقيقة المبادئ التي نتشرف بالانتماء إليها والدعوة لها والعمل بها؟
إن مبادئ الإسلام كل لا يتجزأ، وحين نتحدث عن فضل العلم والدعوة والتعليم ومجالس الذكر، يجب ألاّ نغفل عن أهمية القرار في البيت والقيام بشؤونه وتربية النشء والقيام بحقوق الزوج، فالمرأة راعية في بيتها مسؤولة عن رعيّتها.
ولتعلم المرأة، أن حسن تبعّلها لزوجها وتربية أبنائها يعدل الجهاد في سبيل الله، والمنزل أكرم وأجلّ وأعزّ مكانة للمرأة، وهو ميدان إصلاحها الحقيقي، وساحة جهادها للعمل والإنتاج الفعّال.
وعلى العاقلة أن توازن، بين خروجها المتكرر للمنزل بحجة العلم والدعوة، ما لهذا من إيجابيات وما عليها من سلبيات نتيجة الانشغال عن البيت والصغار، وأي أثر رائع سيضفيه وجودها في المنزل، راحة وهدوءاً وسعادة، وتربية للأطفال وإصلاح لهم، والقيام بحقوق الزوج العظيمة.
فمنزلك بحاجة لك أيتها الداعية القديرة، صغارك بحاجة إلى نسمات الحنان والدفء والعناية، والتوجيه والنصيحة، وهم أولى الناس بجهدك وعلمك ووقتك، وزوجك بحاجة إلى اهتمامك ورعايتك لشؤونه، والمنزل بحاجة إلى إشرافك على أقل تقدير ولمساتك الصادقة الجميلة!
لا نقول دعيهن!
حقاً إن بنات جنسك بحاجة ماسّة إلى كل معلمة ناصحة وداعية مشفقة، والحال في المجتمع لا يسر فعلاً، والناس متلهّفون للمزيد من جهود الإصلاح والنصيحة.
لكن ما ننبّه له هو الآثار السلبية المترتبة على تركك لواجبك الأَوْلى، وكيف أن الخروج الطويل المتكرّر عن المنزل إهمال للرعية ومخالفة صريحة لمبدأ القرار الفاضل، وهذا ما تعلمين بعلمك ودعوتك أن الإسلام الذي نحتجّ به حين خروجنا للتعليم والدعوة يرفضه وينهى عنه، ولا يمكن لعاقل أن يُفني وقته في أمور تدور بين المُباح والمندوب وفروض الكفاية، حتى يصل إلى المحظور في إهماله للواجب المؤكد المطلوب.
وربما خُشِي على تلك الأخت، التي تدع بيتها وصغارها وتضيع حق زوجها، وربما تفرّط كذلك في حقوق واجبة كصلة للأرحام والجيران، من أجل الدعوة والعلم، ربما خُشِي عليها من حظوظ للنفس تدفعها إلى اتباع الهوى ونبذ المسؤوليات.. فتفكري!
داعية نافعة في المنزل..
وحين تكتفي عالية الهمة بخروج معقول كمرة أو مرتين في الأسبوع، فإنها تبادر إلى النفع والعطاء طوال الأيام وفي كل وقت وحين، فيمكن أن تقيم حلقة قرآن في منزلها لصغارها، تعلمهم وتربّيهم وتصلحهم، كما كانت نساء السلف الصالح في بيوتهن. فهل فكّرت يوماً أن يختم صغارك القرآن حفظاً وتفسيراً وعملاً؟!
كما يمكن أن تنفع بما وهبها الله من القلم فصيح البيان قويّ الحجة، فتساهم به في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام، إحقاقاً للحق وإزهاقا للباطل، فتبني بذلك المجتمع بيد دون أن تهدم بيتها بالأخرى.
ويمكن أيضاً أن تربّي نفسها بالاستماع إلى الأشرطة العلمية، أو قراءة الكتب النافعة، وإعداد المسابقات والبرامج الشائقة للعائلة، وأفكار أخرى كثيرة لمن ترغب في النفع حقاً وتفكر بهمة وحماس، وتتمسك بمبادئ الفضيلة والقرار قبل كل شيء
كلمات.. جميلة..
ونختم بكلمات جميلة للأخت زبيدة الأنصاري، في كتابها "نسمات ونبضات"، علاقة المسلمة ببيتها وأطفالها:
البيت هو الأصل في حياة المسلمة.. هو المقر.. ما عداه استثناء طارئ.. لا تثقل فيه ولا تستقر.. إنما هي الحاجة تُقضى وبقدرها.. بيتها هو المكان الذي تجد فيه نفسها على حقيقتها.. كما أرادها الله - تعالى -.. غير مشوّهة ولا منحرفة، ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيّأها الله تعالى- لها بالفطرة، فيتاح لها من الوقت والجهد وهدوء البال ما تشرف به على فراخها الزغب، وما تهيّئ به لمقرها وبيتها نظامه وعطره وبشاشته، إنها تدرك أن الأم المكدودة بالخروج عن المنزل المرهقة بمقتضياته المقيّدة بمواعيده، المستغرقة الطاقة فيه، لا يمكن أن تهب للبيت جوّه وعطره، ولا يمكن أن تهب الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها... إنها لن تنشر في البيت إلا شدّ الأعصاب والإرهاق والضجر.
27/12/1425
07/02/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/467)
كيف تملكين قلب زوجك ؟
سحر الناجي
جمعتني الصدفة بسيدة كانت قد اشتهر عنها المثالية والكياسة، بالإضافة إلى العقلانية والمظهر الجذَّاب، فسألتها عن سرِّ سعادتها الزوجية الهانئة، تلك السعادة التي كادت تصبح من المظاهر النادرة في هذا الزمان، فقالت: لم أتبع أسلوباً معيناً في حياتي، اللّهُمَّ سوى تطبيق نصيحة أمّي التي أسدتها إلي قبل زفافي بأيام حيث تجسَّدت في الآتي: إذا أراد زوجك أن يصبح لك طفلاً يوماً، فكوني له كما يشتهي من المرح، والحبّ، والحنان، وأغدقي عليه بكل مهاراتك كأنثى حتى يكون لك للأبد..أمَّا إذا ما تحوَّل فجأة إلى رجل عنيد أو حزين، فحاولي أن تتجنبي إثارته أو مضايقته؛ وذلك حتى لا يلمس منك العناد أو المشاكسة..وإيَّاك ونصائح الساذجات من النساء، فإنَّها قد تؤدِّي بك إلى عواقب وخيمة، أو تخلق منك امرأة متناقضة.
وأردفت السيدة بسعادة: فكنت بناءً على ذلك أدلِّل زوجي الطفل الوحيد عندي في هذا العالم، حيث أستقبله وأودعه دائماً بابتسامة رقيقة، وأطهو له ما يحبّ من الطعام، وأرتدي ما يروقه أو يختاره من الثياب، وكنت لا أخرج إلاَّ بإذنه، ولا أستقبل أحداً في منزلي إلاَّ بموافقته، هذا بالإضافة إلى أنني كنت بين الحين والآخر أقيم له احتفالاً صغيراً محصوراً بيني وبينه، أقدِّم له فيه هدية رائعة أدخل ـ من خلالها ـ الفرح والسعادة إلى قلبه..
وأنهت حديثها قائلة: باختصار شديد.. لقد طبَّقت نصيحة أمّي القيمة بحذافيرها؛ حتى أصبحت أسعد زوجة على الإطلاق.
بالطبع لن أسترسل حول إمكانات هذه المرأة المذهلة في طريقة تعاملها مع زوجها، وإن كان الآن منا ـ نحن معشر النساء - قد تظن بهذه المرأة الضعف والسلبية بناءً على دبلوماسيتها المدروسة في الحياة، ولكنَّّها ـ والحق يقال ـ استطاعت بذكاء نادر أن تمتلك زمام حياتها وتشغلها على هواها، كما أنَّها استطاعت وبحكمة نادرة امتلاك قلب زوجها.. وربَّما لأزمان طويلة.. !
ولعل السؤال الذي ينبغي طرحه هنا:
ما رأي الأزواج، أو ما هي وجهات نظرهم في المرأة والزوجة الناجحة؟
في لقاء ضم العديد من الرجال، قيل أن معظم الحاضرين أجمعوا على أنَّ المرأة التي تَقدِر على امتلاك زوجها يجب أن تتحلى بالخصال التالية:
• الاستقامة والصلاح من مميزات الزوجة الناجحة؛ لأنَّ الرجل غالباً ما يشعر بالطمأنينة البالغة على أبنائه مع امرأة صالحة تعلِّمهم الأخلاق الفاضلة، وتعاليم الدين السامية!
• الأناقة والجاذبية، حيث لوحظ أنَّ أكثر ما يؤلم رجل العصر هو رؤيته لزوجته وهي تغدق على نفسها بأناقة باذخة في زياراتها الخارجية، في حين تقبع في المنزل مهملة نفسها وزينتها، وخصوصاً في حضور الزوج.. !
• المعاملة الطيبة الدقيقة تُعدُّ من طباع المرأة المتغيِّرة؛ وذلك لأنَّ الخلق الفظ الغليظ، وبالتالي اللسان الفاحش، قد يدفعان بالزوج لأن يبحث له عن زوجة أخرى تمنحه الكلمة الدافئة والمعاملة الحسنة!
• اللباقة والحوار السلس الذكي، من خلاله تتمكَّن الزوجة أن تمتص مخزون زوجها المكبوت من العذابات اليومية المختلفة، التي يمرُّ بها الزوج، إلى مشكلات صغيرة تستطيع معه أن تجد لها الحلول المناسبة ـ وهي أيضاً من الصفات المهمة!
• القناعة وعدم تقليد الأخريات، صفة رائعة للزوجة الناجحة؛ وذلك لأنَّ إمكانات الرجل المادية تتفاوت من زوج لآخر، فلا يمكن لموظف بسيط ـ مثلاً ـ أن يهيأ المستوى المعيشي والممتاز الذي يوفِّره أو يستطيعه المدير مثلاً!
• الصبر والكياسة أيضاً من مزايا المرأة الخاصة، حيث ينبغي للمرأة في مواقف عديدة أن تكنّ لذوي زوجها وأقاربه بالمودَّة والاحترام، حتى وإن أساؤوا إليها؛ لأنَّه من أصعب المواقف على الزوج أن يجد نفسه ـ وبدون سابق إنذار ـ حكماً عادلاً بين زوجته وأمه، أو أحد أقاربه مثلاً.. !
• العقلانية والصمت في الأوقات المناسبة؛ وذلك لما للثرثرة الفارغة من قبل المرأة ـ حول مشاكل الأولاد والجيران ـ من دافع قوي للرجل لأن يفرَّ من منزله باحثاً عن الهدوء في مكان آخر.
والآن سيدتي..
في رأيك.. مَنْ مِنْ النساء اليوم تستطيع أن تكون هذه المرأة؟!
20/03/1425
09/05/2004
http://www.lahaonline.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/468)
المرأة في كتابات سيد قطب
نهى قاطرجي
آمن الشهيد سيد القطب بالإسلام ومنهجه في الحياة، كما آمن بحاكمية الله - سبحانه وتعالى - على كل أمر من الأمور التي تواجه المسلم في مجتمعه المعاصر، فالمجتمع المسلم بنظره هو الذي " يتخذ المنهج الإسلامي منهجاً لحياته كلها، ويحكّم الإسلام كله في حياته كلها، ويتطلب عنده حلولاً لمشكلاته، مستسلماً ابتداء لأحكام الإسلام، ليست له خيرة بعد قضاء الله ".
ومن المشاكل التي تحدث عنها سيد قطب، ووجد لها حلولاً بالعودة إلى تطبيق تعاليم الإسلام، مشكلة المرأة وعلاقتها بالرجل، وما شابت هذه العلاقة من تجاذبات بين الطرفين، أدت في كثير من الأحيان إلى التفكك الأسري، وإلى الانفلات الأخلاقي نتيجة جهل كل الفريقين بمهمته التي أناطه بها الإسلام.
دور المرأة في المجتمع الإسلامي:
يؤكد سيد قطب أن الإسلام لا ينظر إلى المرأة نظرة منفردة عن الرجل، كما لا ينظر إليها نظرة متساوية له في الوظائف والتخصصات، إذ لكل واحد من هذين المخلوقين مواصفاته الخاصة التي قد تجتمع في نواح وتختلف في نواح أخرى.
فالمرأة تشترك مع الرجل في إنسانيتها، بعد أن رفعها الإسلام من المرتبة الحيوانية التي وضعها فيها أعداءه، فقال - تعالى -: { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة} سورة النساء: آية 1.
كما تشترك معه في مساواتهما في الثواب والعقاب أمام رب العالمين، يقول - عز وجل -: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى?} سورة آل عمران: آية195.
أما الاختلاف فيكون في الوظائف والتخصصات لكل واحد منهما، وهذا الاختلاف مرده إلى اختلاف في التكوين البيولوجي لكل واحد منهما، فبينما وضع الله - عز وجل - في المرأة خصائص " الرقة والعطف وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة بغير وعي ولا سابق تفكير ".
جعل للرجل خصائص " الخشونة والصلابة، وبطء الانفعال والاستجابة، واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة والاستجابة ".
ويعود سبب هذا الاختلاف في الخصائص إلى اختلاف نوعية وظيفة كل منهما، ففيما تحتاج المرأة الحاضنة والحارسة على بيتها وأولادها إلى الرقة والعطف، يحتاج الرجل في سعيه لطلب المعاش وفي جهاده الأعداء إلى الخشونة والصلابة لتأمين الحماية والأمن لبيته وأسرته.
ويأتي تركيز سيد قطب على الأسرة في كل مجال يأتي فيه على ذكر المرأة، إذ انه لا ينظر إلى المرأة باحترام إلا في هذا الإطار الإسلامي، وهو يعطي للمرأة الدور الأول في تكوين الأسرة، فهي الحاضن والحارس للمحضن " الآمن النظيف المتخصص لإنتاج صناعة البشر"، وهذا الأمر يستوجب منها أن تتمتع بالثقافة والحكمة للمحافظة على هذا المحضن والإشراف على فراخه.
ويعتبر المصلح الإسلامي سيد قطب أن الهدف الأساسي من تكوين الأسرة هو " الواجب " وليس " اللذة "، لأن المسلم في زواجه يقوم بواجب إنساني عام وخاص في آن معاً، ففي الواجب الإنساني العام يحمل الزواج مسؤولية تأهيل " الجيل الناشئ لحمل تراث التمدن البشري والإضافة إليه".
ويكون الهدف الإنساني الخاص بالمحضن هو السكن والاطمئنان والأنس والاستقرار، وهذان الهدفان الإنسانيان لا يتحققان في حال طغت اللذة على سائر أهداف الزواج، لأن الأمر لا يعدو أن يكون سعياً حيوانياً لاهثاً وراء إشباع الشهوات، ويؤدي الأمر في كثير من الأحيان إلى البحث عن اللذة خارج إطار الزواج، أو يؤدي إلى سوء استخدام رخصة تعدد الزوجات التي جاء بها الإسلام، هذه الرخصة التي أباحها الإسلام كضرورة " تواجه ضرورة، وحل يواجه مشكلة، وهو ليس متروكاً للهوى بلا قيد ولا حد في النظام الإسلامي، الذي يواجه كل واقعيات الحياة ".
دور المرأة في هلاك الأسرة:
يؤكد المصلح سيد قطب في كتاباته على دور الأسرة في حماية المجتمع الإسلامي، وحماية الأخلاق والقيم الإسلامية، وهو لا يحمل مسؤولية الفشل في استمرار هذه المؤسسة على المرأة، كما لا يحملها للرجل كل على حدة، إنما يجعل الأمر متعلقاً بخلل في النظام الأسري يقوم به أحد الطرفين، أو يقوم به كلاهما، من أنواع الخلل نذكر:
أ- الخلل في الوظائف:
يؤدي الخلل في وظائف كل من الحاضنين إلى تأثر جو الأسرة العام بهذا الخلل، فالرجل الذي لا يقوم بوظيفته الخاصة في القوامة على بيته، وتأمين متطلباته، يشعر المرأة " بالحرمان والنقص وقلة السعادة "، ويدفع الأبناء إلى الانحراف نحو " شذوذ ما، في تكوينهم العصبي والنفسي، وفي سلوكهم العملي والخلقي ".
والمرأة التي تكلف نفسها بوظيفة فوق وظيفتها، تفقد السكن والاطمئنان اللذان يشكلان دعائم الأسرة إذ أن الرجل لا يشاركها في تحمل وظيفتها الأولى فتشعر بالتعب والمهانة، لذلك لم يكلف الإسلام المرأة أن " تحمل وترضع وتربي، وفي الوقت ذاته تعمل وتكدح وتشقى..بينما الرجل لا يشاركها الحمل والرضاع والتربية.ثم يزعم بعد ذلك أنه ينصف المرأة ويحترمها ويرقيها ".
ب- العودة إلى الجاهلية:
يرفض سيد قطب مقولة أن الجاهلية مرحلة تاريخية انتهت بظهور الإسلام وانتشار تعاليمه، بل هو يعتبر أن الجاهلية " إنما هي حالة اجتماعية معينة للحياة، ويمكن أن توجد هذه الحالة، وأن يوجد هذا التصور في أي مكان، فيكون دليلاً على الجاهلية حيث كان ".
وحالة الجاهلية الاجتماعية المعاصرة تعود بأصولها وجذورها إلى الحركة الصهيونية العالمية التي أدركت بفطنتها أنه لا سبيل للقضاء على المجتمع الإسلامي إلا عن طريق الإلهاء بالملذات، وأدركوا بفطنتهم أن المرأة هي الأداة التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق مآربهم، فأخذوا ببث الأفكار الغربية ودعوا إلى نظريات تحررية، وربطوا عمل المرأة وخروجها من بيتها لغير حاجة بشعارات خاصة كالحرية والمساواة.
وقد انجرفت بعض نساء المسلمات وراء هذه الشعارات، فخرجت للعمل " من غير ضرورة" أو خرجت بهدف " الاختلاط ومزاولة الملاهي والتسكع في النوادي والمجتمعات "، كما أخذت تلهث وراء الموضة التي يستولي على أكبر معاملها وأكبر مصمميها مفكرين يهود عمدوا إلى إبراز عري المرأة تحت شعار اعتبار العري حضارة وتمدن، واعتبار اللباس والسترة تخلف ورجعية، بينما الواقع يشير إلى أن العري فطرة حيوانية، وهو دليل على انتكاس في الذوق البشري قطعاً فإن "المتخلفون في أواسط أفريقيا عراة ".
دور المرأة في محاربة الفساد الاجتماعي:
لا يقف المصلح الاجتماعي سيد قطب موقفاً سلبياً من هذه الجاهلية المنتشرة في العالم بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص، فهو يرفض فكرة المقاطعة والانعزال بهدف الاستعلاء والنجاة، بل هو يدعو المرأة المسلمة التي تواجه " ضغط التصورات الاجتماعية والتقاليد الاجتماعية الشائعة " إلى " التثبيت أولاً، والاستعلاء ثانياً، وتعريف أتباع هذه الجاهلية بحقيقة الدرك الذي هم فيه بالقياس إلى الآفاق العليا المشرقة للحياة الإسلامية التي نريدها،
ولن يكون هذا بأن نجاري الجاهلية في بعض الخطوات، كما أنه لن يكون بأن نقاطعها وننزوي عنها وننعزل.. كلا إنما هي المخالطة مع التمييز، والأخذ والعطاء مع الترفع، والصدع بالحق في المودة، والاستعلاء بالإيمان، في تواضع ".
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/469)
ماذا تفعلين إن أخذ قراره بالطلاق ؟
سلام الشرابي
من منا لا تحلم بزواج سعيد وتفاهم يستمر عبر السنين، يحفر طريقه بقوة وثبات في الحياة الزوجية، بالطبع جميعنا يحلم بذلك لكن القليل منا من تعمل على استمرار زواجها سعيداً.
هل شعرت في يوم من الأيام أن زواجك يتداعى أمام عينيك بينما وقفت عاجزة عن فعل أي شيء لإيقافه؟..
وهل شعرت أنها نهاية العالم عندما سمعت زوجك يقول لك أنا لم أعد أحبك وأريد الانفصال عنك؟..
لابد أن مثل هذه المواقف والكلمات ستجعلك تشعرين بالاضطراب ولا تعرفين ماذا تفعلين وتعتقدين أنك الوحيدة التي تعرضت لمثل هذا الموقف، لكن الحقيقة أن هناك الكثيرات ممن لا يعرفن ماذا يعملن وكيف يتصرفن في مثل هذا الموقف.
هناك عدة ردود فعل انفعالية مختلفة تتصرفها الزوجة عندما يخبرها زوجها بأنه ينوي الانفصال عنها:
- الاستسلام لقرار الزوج.
- ردة فعل مثلية كأن تخبر الزوجة زوجها بأنها أيضاً تتمنى أن يحدث الانفصال وأنها لاشك ستجد حياة أفضل من التي تعيشها إن تم الطلاق.
- إعلان الحرب، الثورة والغضب واللجوء إلى الأصدقاء والأهل لإخبارهم بالظلم الذي تعرضت له الزوجة و انتقاد تصرفات زوجها والتحدث بإسهاب عن عيوبه وكأن الزوجة لم تقض يوماً جميلاً مع زوجها ولا تجد فيه أية صفة إيجابية وبالتالي النتيجة هنا محسومة.. الطلاق
هذه الطرق لن تنقذ عش الزوجية من التهدم..
عليكِ أولاً قبل أن تتخذي أي قرار أن تسألي نفسك؟..
أولاً - هل يستحق زواجك المجهود الذي ستقومين به للمحافظة عليه؟
ثانياً - كيف ستشعرين إذا ما تم الطلاق بالفعل؟
ثالثاً- ما هي التأثيرات السلبية على العائلة والأطفال في حال وقوع الطلاق؟
تعطيك الإجابات على هذه الأسئلة فكرة جيدة تستنتجين منها إلى أي درجة يمكن أن تناضلي من أجل إنقاذ هذا الزواج.
فإذا كنت تريدين تجنب الطلاق عليك بـ:
- اعرفي دائماً أن هناك أمل لإنقاذ زواجك، إعلان زوجك بقرار الطلاق أمر خطير ولكن يجب أن لا يؤدي ذلك إلى فشل الزواج والانتهاء به إلى حافة النهاية.
- اعلمي أن الناس عادة ما يتعلمون ويكتسبون حسن التصرف من طرق رئيسة عدة؛ كالمحاولة والاكتشاف والنظر إلى ما يفعله الناس الناجحون، أو الخطأ الذي يقعون فيه خلال حياتهم والمواقف التي يتعرضون لها.
- لذلك قومي بالخطوات التي أثبتت نجاحها في مثل هذه المواقف من خلال الاطلاع على تجارب الأقرباء والأصدقاء ومعرفة أي الأفعال التي تؤثر سلباً على الزواج وأيها تبني وتوثق العلاقة والحب بين الطرفين.
- تجنبي القيام بما يجرح علاقتك مع زوجك.
- اتخذي الإجراء الفوري لوقف كل ما من شأنه أن يوصلك إلى الطريق المسدود وتحركي نحو الأمام في تحسين العلاقة بينكما بناء على معرفتك بزوجك وطباعه و ما يحب وما يكره خلال فترة زواجكما أو من خلال الاستعانة بتوجيهات المستشارين والمختصين.
- اعلمي أنه ليس لديك وقت لإهداره في محاكمة زوجك والبحث عن المخطئ ومن يقع عليه اللوم فيكما، عليك بالبحث عما يمكن أن ينقذ زواجك.
- لا تجادليه في مشاعره، قد ترغبين بالرد على قراره بتركك بأنه لا يمتلك الحق وحده في اتخاذ هذا القرار، وقد سمعنا عن الكثيرات اللواتي حاولن ثني أزواجهن عن البوح بمثل هذه المشاعر التي تهدد الزواج ولكن مثل هذه المجهودات لتغيير رأي الزوج ذهبت هباء؛ لأن وراء هذه الكلمات مواقف ومشاعر وتاريخا تحكيه سنون الزواج المنصرمة، ولا يمكن تغيير هذه المواقف عن طريق النقاش.
- لا تدفعي زوجك ولو بصورة غير متعمدة لأن يغادر بيت الزوجية، عليك بإدراك انفعالاته وعدم مقابلتها بالغضب وعليك أن تكوني شديدة الحذر بشأن سلوكك وردات فعلك لئلا تحطمي طريق العودة بينكما.
لاشك أنك تعرفين كما أعرف أن الكثيرات ثرن من كلمة (لم أعد احبك وأنوي تطليقك) وتركن لغضبهن العنان والنتيجة كانت سلبية لأن الغضب يدمر أي فرصة لتسوية الخلافات، واستخدامه غير ناجح أبداً في العلاقات الاجتماعية خاصة في قضايا الزواج.
في هذه الحالة ما الذي عليك فعله؟
لا تسقطي في كمين الجدال أو إخبار زوجك أنه المخطئ لأن ذلك سيدفعه للتمسك برأيه ورفض الاستمرار في النقاش معك.
اعلمي أنك ستضطرين إلى قبول سخط زوجك لبعض الوقت في مرحلة إعادة الحياة إلى عشك الزوجي وهو أفضل من تحمل فكرة الانفصال وإن كنت غير مقتنعة بأسباب سخط زوجك أو متفقة معه.
عليك أن تتقبلي زوجك كما هو بعيداً عن محاولة تغييره كما يحلو لك وإن عرفت الوصول إلى ذلك استطعت النجاة بزواجك من الطلاق.
عليك بفهم زوجك مشاعره وتصرفاته والإقرار باختلافه عنك فهو قد لا يكون مخطئا لكنه حتماً مختلف عنك في التفكير وفي التعبير عن مشاعره وفي المواقف التي يتخذها.
يجب أن تبنى ردة فعلك في مثل هذه المواقف لا على أساس ما يحدث لك إنما على أساس تفسيرك للأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك؛ فإذا فكرت أن زوجك ينوي تركك لأنك امرأة غير جيدة أو غير مرغوب بها ستغضبين لأن ذلك سيشعرك بالحزن وفقد الثقة بالنفس وتبدأ مشاعر الخوف تهدد حياتك وسيبعث ذلك في نفسك اليأس والإحساس بعدم الجدوى.
ولكن إن فكرت أن زوجك يعاني من بعض التوتر في هذه الفترة، ويحتاج إلى مزيد من الاهتمام والدعم العاطفي الذي قصرت به بسبب مسؤوليات الحياة المترتبة عليك سيكون ذلك أفضل بالنسبة لك، إذ أنك في هذه الحالة ستسعين جاهدة لتقديم أفضل ما لديك لزوجك من الحب والرعاية والاهتمام الأمر الذي من شأنه أن يزيل السحابة السوداء من حياتكما.
هذان تفاعلان مختلفان وسيؤدي كل منهما إلى نتيجة مختلفة جداً في زواجك
أما الاستراتيجية التي يمكن أن تتخذيها:
كوني ككرة المطاط (وهي منتشرة جداً هذه الأيام بين لعب الأطفال) طبعاً لا يمكن أن ننكر أنك بشر وأن هناك ما يعصف بمشاعرك ولكن عليك باستعادة توازنك والبدء بأخذ الخطوات الإيجابية لاستعادة زواجك وتذكري أنه بإمكانك تغيير ردة فعلك في أي وقت.. فقط قرري عمل ذلك.
عليك بمواجهة نفسك بشجاعة بأن كل ما كنت تفعلينه لم يعطك النتائج التي ترغبينها، إذاً عليك تغيير نفسك وتصرفاتك وهذا لاشك من شأنه أن يغير حياتك ويؤثر على علاقتك بزوجك.
إن أقوى قرار يمكن أن تتخذينه هو تحميل نفسك مسؤولية نجاح حياتك الزوجية وهذا من شأنه أن يجعلك تفكرين دوماً بما عليك فعله لتحققي السعادة والنجاح لحياتك مع زوجك دون انتظار ما سيقدمه زوجك لك أو لحياتكما الزوجية.
21/12/1425
31/01/2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/470)
هم العدو ، أيتها الغالية ...
أختي الكريمة، تدركين ما يحدث في هذه الأيام من فتن ومحن، وتسمعين وترين ما يكافح من أجله دعاة الرذيلة، ومحبي نشر الفاحشة وإشاعة الفساد، ممن جعلوا همهم إبعاد نساء المسلمين عن دينهن، زاعمين أنهم يسعون إلى تحرير المرأة وإسعادها، ورد الحقوق إليها، فهم كمن قال الله - تعالى - فيهم: ((وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)) [سورة المنافقون: 4]، نعم هم العدو، قد فضح الله أستارهم، وكشف معايبهم.
نراهم ينعقون في كل مناسبة، ولا يفوتون أية فرصة كي يروجوا لدعوتهم ويمرروها على الناس زاعمين أنهم أنصار الحق، ومحبي نشر الحرية والمساواة.
وحيث إنني أعلم أن مثل هذه الدعوات لا تؤثر إلا على السذج من الناس؛ فلم أكتب هذه الكلمات لأقول لك احذري هذه الذئاب ولا تلتفتي إليهم؛ فأنت تدركين أنهم دعاة ضلالة، همهم محاربة الفضائل، ونشر الرذائل، والصد عن سبيل الله، ممن ينطبق عليهم قول المولى جل شأنه: ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الحياة الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون)). [سورة النور: 19]، وكما جاء في الحديث: ((دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها)) [رواه البخاري: 3606]، لكنني كتبت هذه الأسطر لأذكرك بأن يكون لك دور بارز في مواجهة هذه الفتن وهذه الدعوات الباطلة: ضاعفي جهدك في نشر الخير والدعوة إليه؛ فأمتنا تمر بفترة عصيبة، شمر فيها الأعداء وبذلوا كل غال ونفيس لتحقيق مآربهم، مستخدمين في ذلك جميع الوسائل، وسالكين كل السبل.
أختي الكريمة، اعملي في مجتمعك النسوي لفضح خططهم، ونشر معايبهم، وهتك أستارهم، واعملي جهدك كي لا يغتر أحد من بنات المسلمين فتنساق وراء دعواتهم. احرصي على نشر العلم الشرعي بين أخواتك، فإن العلم المؤصل هو ـ بعون الله ـ الحصن الواقي من الزلل. وتذكري أنك بعملك هذا تسهمين في صلاح المجتمع، ودفع العقوبة عنه، والله - سبحانه - يقول: ((وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)) [هود: 117].
ثم اعلمي أنه لا بد من مجاهدة النفس والصبر والمصابرة، قال ابن القيم - رحمه الله - تعالى-: جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله، فإذا أستكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين.
وأختصر رسالتي بهذه النقاط السريعة، جازماً أنها ستجد نفساً واعية، وهمة عالية:
- ابتعدي عن السلبية وليكن لك دور في الإصلاح والبناء.
- تزودي من العلم لتعملي على بصيرة.
- ابذلي وسعك، والله الله أن يؤتى الإسلام من قِبَلك.
- كوني أداة بناء للمجتمع ولا تكوني معول هدم.
- اعملي ولا يهمك عُرفت أم لم تُعرفي، نوَّهوا بك أم لم ينوهوا، أشاروا إليك أم لم يشيروا.
- عليك بالإخلاص، ولا تنتظري الثناء والأجر إلا من الله.
- كوني كالغيث أينما وقع نفع. وطوبى لمن جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.
- تذكري أن العمل لهذا الدين واجب على الجميع صغيرًا كان أم كبيرًا، ذكرًا كان أم أنثى كل حسب طاقته.
- كوني ذات همة عالية ونفس كبيرة لا تقنع بالقليل من الخير، بل كلما قدمت تاقت لما هو أكبر.
- وأخيراً الصبر الصبر، فإن الصبر طريق النجاح، وإياك أن تستعجلي النتائج، أو تيأسي وتحبطي مما ترينه من تسلط الأعداء.
وفقك الله في مسيرتك في نشر الخير، ونصرة الأمة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/471)
هل تاهت الخطى ؟
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الاسم عربي
والبلد عربي
والأصل عربي
وهي ابنة الإسلام التي وُلِدت عليه.
وربما طافت بالبيت العتيق، وصلّتْ في المسجد الحرام
وهي توجِّه وجهها للبيت العتيق كل يوم خمس مرّات.
ولكنها لم تقُل يوما بقلبها: (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ)
ربما استفتحت صلاتها بـ " وجّهتُ وجهي للذي فَطَرَ السماوات والأرض "
ولكنها عن هذا غافلة
فهي ربما تُردِّد ما لا تفهم
أو تتكلّم بما لا تعِي
ربما قالت بلسانها: وجّهت وجهي للذي فَطَرَ السماوات والأرض، ووِجْهة القَلب دُول الغرب!
وهي - بلا شك - تقرأ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
ولربما لم يَدُر بِخَلَدِها ماذا تعني هذه المسألة!
وهي أعظم مسألة
وأهمّ سؤال
وأعظم دعاء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فانه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يُصِبْه شَرٌّ لا في الدنيا ولا في الآخرة. اهـ.
ربما تاهت خُطى بنت الإسلام فتبِعت خُطى غُراب الغَرْب!
وإذا كان الغُراب دليل قومٍ دلّهم على جيف الكلاب
بنت الإسلام ربما قرأت (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
ثم ما تلبث أن تنصرف من صلاتها حتى تتصفّح مجلة أزياء غربية تبحث فيها عن لباس غربي تلبسه فتاة عربية!
بل ربما استعرضت تلك الأزياء في مُخيَّلتِها وهي تقرأ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)!
ربما دَخَلَتْ جُحر الضبّ الْخَرِب!
" حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم "
وإنما عُبِّر بـ " جُحر الضبّ " دون غيره والله أعلم لثلاثة أسباب:
الأول: كون جُحر الضبّ أشد الجحور انحداراً للأسفل، وهو هنا يعني الهاوية!
الثاني: كونه أشدّ الجحور تعرّجا والْتِواء.
والثالث: ما يُساكن الضبّ في جحره من الهوام، كالعقارب ونحوها.
وسبيل المغضوب عليهم والضالين يتّصف بذلك
فهو منحدر نحو الهاوية
وهو مُتعرِّج ومُلتَوٍ، حائد عن الجادة.
مع ما فيه من خطورة لسالِكيه من الضلال والشقاء!
ولذلك كانت الهداية في مُقابِل الغواية والضلال
وفي الهداية سعادة (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)
وبعض بُنيّات الإسلام تنكّبن الصراط المستقيم، وتاهتْ خُطاهنّ في ظلمات التِّيه!
فأي تِيهٍ تعيشه بعض بُنيّات الإسلام اليوم؟!!
بنتُ الإسلام ووا أسفي تَجترّ سموم الأطباقِ
تنساق وراء حضارتهم وتُحاكي نهج الفسّاق
يُهدي الإسلام لها بَصَراً وتُقلِّد عُمي الأحداقِ
أما حفيدات سُميّة وأسماء فَهُنّ:
قِصار الْخُطى شُمٌّ شموسٌ عن الْخَنَا..............................
لا زِلْنَ يحتفظن بقيَِمهنّ
ومظاهرهن تدلّ على مخابِرهنّ
ولؤلؤة القاع تُحفظ في الأصداف!
وقول الله أصدق وأبلغ (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)
حفِظ الله الصالحات القانتات الحافظات للغيب، ورَدّ الله تائهات الْخُطى إلى طريق الرشاد وإلى جادة الْهُدى
الجمعة 6 / 6 / 1425 هـ.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/472)
فتش عن المرأة
منى العمد
كنت وبعض زميلات الدراسة، نمشي في طريقنا إلى كلية الشريعة، إذ اعترض سبيلنا رجل في الخمسينيات وألقى علينا تحية الإسلام باحترام بالغ، توقفنا ورددنا التحية بمثلها، فقال بلغة عربية، تكاد لا تخفي لكنة أجنبية، معرفاً نفسه وسبب اعتراضه لنا، قال: أعمل مرشداً سياحياً، وأرافق الآن الفريق الألماني الذي يزور الجامعة، وقد لفت شكل لباسكن المتشابه نظر أعضاء الفريق، وهم يستأذنونكن في طرح بعض الأسئلة إن أمكن.
التفتنا إلى حيث أشار، فرأينا بضعة عشر سائحاً وسائحة يجلسون قريباً ينتظرون الإشارة، نظر بعضنا إلى بعض، فمن متشددة تقول: إنه لا يجوز لنا أن نكلم الرجال، إلى متشنجة تقول وهي تنظر ناحيتهم: ماذا يفعل هؤلاء الكفار في بلادنا؟ وثالثة تدعونا لتجاهل الأمر والمضي إلى كليتنا القريبة نلوذ بحماها من هؤلاء الغرباء، قلت: فلماذا ندرس الشريعة إذاً؟ دعونا ننظر أولاً ماذا يريدون، ثم أليست هذه فرصة نبلغ فيها رسالتنا السامية؟ فرصة ما أوجفنا عليها من خيل ولا ركاب، بل جاءتنا إلى ديارنا تسعى، ولن يخلو الأمر من فائدة، أيدت بعض الزميلات الفكرة، واستقر الأمر على الموافقة.
سألونا أولاً: هل ما نرتديه هو زي رسمي للكلية؟ قلنا: بل هو استجابة لأمر الله - تعالى -، فقد أمر المرأة بلباس محتشم يحفظ عليها كرامتها، ويحميها من التعرض لما تكره، بل ويحمي المجتمع المسلم من عاقبة التبرج التي يشهدها العالم اليوم، قالوا: وهل هذا الزي بالضبط هو الذي أمر الله به؟ قلنا: ليس تماماً إن كنتم تقصدون الشكل أو اللون، فقد أمر الله - تعالى - بلباس ساتر له شروط معينة، وقد جرى العرف في منطقتنا على ارتداء الحجاب بهذا الشكل، أبدوا إعجابهم بما قلنا، وكان يبدو أنهم يسمعون عن الإسلام لأول مرة، وأخذوا يتناقشون بينهم، في هذه الأثناء، قال لنا مرشدهم: إنهم يتقنون الإنجليزية، لكنهم يرفضون التحدث بها ما لم تدعهم إلى ذلك ضرورة قصوى!! اعتزازاً بلغتهم وتكريساً لانتمائهم لوطنهم.
تقدم أعضاء الفريق منا معبرين عن شكرهم وتقديرهم، يمدون أكفهم لمصافحتنا مودعين، اعتذرنا بلطف وقلنا بأننا نستطيع فقط مصافحة النساء منهم، فتراجع الرجال ينظر بعضهم إلى بعض يعبرون عن استغرابهم.
وتساءلت النساء اللاتي تقدمن لمصافحتنا عن سبب امتناعنا عن مصافحة الرجال؟ قلنا: أترون الدين الذي ينهى المرأة عن إبداء زينتها أمام الأجانب من غير محارمها، ويأمر الرجال بغض البصر عنها إكراماً لإنسانيتها، ترونه يسمح للرجال بمس يدها؟ نظرت النساء إلى بعضهن نظرات ذات مغزى لا يخفى على ذي بصيرة، ثم حييننا شاكرات، وانصرفنا نتابع طريقنا ونحن نرجو أن تنمو البذرة التي زرعناها يوماً ما، فربما يبقى لهذا اللقاء العابر أثره وربما أثمر ولو بعد حين، على أي حال فقد أدينا بعض الواجب، ولسنا مسؤولات عن الهداية، فما علينا إلا البلاغ.
طرحنا نحن عدة أسئلة بعد أن ابتعدنا عنهم: ألسنا نحن أحق بهذا الاعتزاز بلغتنا وعروبتنا؟! لماذا نعتبر التحدث بغير لغتنا وبالإنجليزية تحديداً مظهراً حضارياً؟! ثم ما السر في اعتزاز الألمان بلغتهم إلى هذه الدرجة؟ وبقيت هذه الأسئلة دون إجابات زمناً.
لم نكن نحن فقط من تساءل عن استعلاء الشعب الألماني واعتزازه الشديد بلغته وانتمائه، فقد أثار هذا الأمر فضول بعض علماء الاجتماع الذين قرروا أن يبحثوا عن السبب بطريقتهم، ورأوا أن المرأة الألمانية هي فقط من يعرف الجواب. أليست هي المسؤولة عن تربية الجيل؟ فكيف غرست هذا الانتماء حتى أصبح صفة عامة للشعب كله؟! ومن أجل التوصل إلى إجابات أوضح؛ تم توزيع استبيان على النساء هناك، يحوي عدة أسئلة من جملتها وأهمها على الإطلاق: ما حلمك في الحياة؟ ويا للعجب لقد أجابت نسبة كبيرة من النساء على السؤال بقولها: أحلم بإنجاب طفل يكون مثل (هتلر)، وقد كان شعار هتلر الذي يرتبط باسمه ألمانيا فوق الجميع، وقديماً قالوا: إذا عرف السبب بطل العجب، أليست أم تحلم بأن يكون ولدها مثل هتلر إعجاباً به ستربي هذا الولد على تقديس شعاره؟ وبالتالي ينشأ الجيل كله معتزاً بهذا الشعار مفتخراً بانتمائه، صدق لعمري من قال: فتش عن المرأة، وعند جهينة الخبر اليقين.
نعم ما سادت فكرة في مجتمع إلا كانت المرأة هي المسؤولة عنها، فهي التي ترضع أطفالها فكرها وعلمها أو جهلها وتخلفها، ولله در أحمد شوقي إذ قال:
وإذا النساء نشأن في أمية *** رضع الرجال جهالة وخمول
ثم ألم تكن عند العرب في الجاهلية عصبية قبلية وتعاظم بالآباء وتفاخر بالأنساب؟ سنجد الجواب عند المرأة أيضاً، فلقد كانت تهدهد طفلها لينام وهي تنشد له أشعار الفخر:
نما به إلى الذرى هشام *** قوم وآباء له كرام
ولهذا فقد صنعت المرأة الجاهلية رجالاً، هم الذين كانوا خير القرون بعد أن أكرمهم الله - تعالى -بالإسلام، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا".
من حقنا أن نسأل: ماذا أرضعت المرأة المسلمة ولدها مع اللبن؟ وعلى أي شيء ربته اليوم؟ وبأي نشيد تهدهده لينام (نام لأذبح لك طير الحمام)؟؟! ثم هي لا تريد إزعاج وتخويف الحمام، فتحرص على أن تؤكد للحمام أنها ليست جادة فيما تقول وأنها (تخادع) ولدها لينام!
أفكر جدياً في توزيع استبيان مماثل على عينة عشوائية من طالبات المدارس الثانوية مثلاً، فنتيجته قد تلقي الضوء على جيل المستقبل، أو على الأقل ستظهر للدعاة والمصلحين مواطن الضعف في بناء فتيات اليوم وأمهات الغد، فيتجهون إلى تقوية الأساس، بدلاً من أن يهدروا جهودهم في محاولة تزيين البناء وزخرفته من الخارج، بينما يأكل السوس دعاماته ويحاول تقويضه من الداخل، ويتجهون إلى القضاء على أصل الداء، بدلاً من الانشغال في معالجة بعض مظاهره العارضة.
وفي هذا السياق أذكر أنه أثناء زياراتي لبعض المدارس، تسألني مديرة المدرسة أحياناً عن الموضوع الذي سوف أحدث به طالباتها، فأسألها بالمقابل: ماذا تودين؟ فتقول: حدثيهن عن مدى حرمة نمص الحاجبين وحكم تشقيرهما وتضيف بحماس وارتداء الأحذية الملونة...و.... القائمة طويلة، فأقول: أفعل إن شاء الله ولكن بطريقتي، أريد أن أوجه اهتمامها إلى وظيفتها الأساس، إلى أهمية دورها، إلى خطورة تخليها عن حماية الثغرة التي تقف عليها حيث تنفذ سموم الأعداء الفتاكة محاولة القضاء من خلالها على أرومة الأمة، سترفض هي بذلك أن تكون تلك الدمية التي تحاول جهدها تجميل منظرها بحلال أو حرام، بينما هي فارغة من الداخل لا عقل لها ولا قلب ولا إرادة ولا هدف.
http://muslema.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/473)
أهذا سَمْتُ مُسْلِمة حَصَانٍ ؟!
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
في البلد الأمين يجب أن تُعظّم شعائر الله وحُرُماته أكثر من أي مكان آخر، إذ تعظُم فيه السيئات، وتُضاعف فيه الحسنات.
غير أن الناظر بِعَيْن بَصَرِه وبصيرته ليرى من أحوال فِئام من الناس عَجَبا!
إذ يرى التهاون في شعائر الله، والتفريط في حُرُماته.
فَتَعْجَب ويطول العَجَب حينما ترى مُسلمة جاءت إلى تلك البقاع الطاهرة المبارَكة، وتَجْزِم أنها ما جاءت للسياحة ولا للفُرْجَة، وإنما جاءت للطاعة والقُرْبَة.
ولكنك ترى من المظاهر ما يتناقض مع هذا المقصِد
بل يتناقض معه تناقضا صريحاً صارخا
فترى من الملابس النسائية ما يتنافى مع الحشمة
ويصطدم مع الأخلاق
ويُنافِي الذَّوق
فضلا عن مخالفته لصريح الكتاب الرّباني والسنة النبوية
فترى لباساً شفافاً يحتاج إلى لباس آخر يستره
فكم من عباءة تحتاج إلى عباءة أخرى تسترها!
وثياباً ضيّقة تحتاج إلى ثياب أخرى فضفاضة واسعة
وأصوات عالية
وضحكات بل وقهقهات
وكأن لسان الحال: يا غريب لا تكن أديباً!!
ربما هانَ اللباس على صاحبته
وربما رخُصت الحشمة على المحتشمة
أو قلّت قيمة الحياء
أو زهدت في العفاف
ولكن أن يكون هذا في البلد الأمين
وبِقُرْبِ بيت رب العالمين
وفي الْحَرَم فهذا الذي لا يُستساغ أبداً
أرى ألبسة غريبة أو غربية لا تمتّ إلى دِينٍ ولا إلى خُلُق
يُراد منها نزع الحياء، ووأد العفاف، ونَبْذ الفضيلة
حينما أشاهد تلك الملابس أتساءل:
أهذا سَمْتُ مُسلمة حَصَانٍ؟ وسَمْتُ المسلمات هُدىً ودِينُ
وأبْدَتْ زينة خُلِقت لِبَعلٍ ولم تُخلَق لِتَقْحَمَها العيونُ
حينها تذكرت قصة طريفة..
مَفادُها أن مسلماً جاء من أوربا إلى مكة - شرّفها الله وحرسها - فرأى يوماً سارقاً تقتاده الشّرطة في الحرم، فتساءل عن ذنب هذا الذي قُبِض عليه، فقيل له: سارق! فتعجّب: سارق وفي الْحَرَم! فما كان من هذا المسلم الذي جاء من أقصى الأرض إلا أن تبِع هذا السارق حتى أُدخِل مكتباً للأمن، فاستأذن للدخول فأُذِن له، ثم استأذن أن يُكلِّم هذا السارق، فأُذِن له، فقال للسَّارِق: الناس تُذنِب في بلادها ثم تأتي تتوب وتغسل الذنوب هنا..وأنت تّذنب في الْحَرَم، فأين سوف تتوب؟!
فيا مسلمة جاءت إلى البلد الأمين، وطافت بالبيت العتيق، وسارت في إثر مسير المسلمة الصابرة الصادقة (أم أسماعيل) بل وطافت حيث طاف الأنبياء..
هلاّ استشعرتِ أنك في أعظم بلد؟
وأنك في أطهر بقعة؟
وفي أقْدس مكان؟
فإن لم ثَمّة تعظيم لشعائر الله وحُرُماته في هذا البلد فأين يكون؟؟؟
وإن لم يكن حياء من الله بجوار بيته فأين يكون الحياء منه - سبحانه وتعالى -؟؟؟
رُحماك ربنا..
السبت 21/6/1425هـ.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/474)
كيف تتصرفين لحظة غضب زوجك ؟
المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لحظة غضب زوجها لتمتص غضبه بهدوء ومحبة ولا يوجد بيت يخلو من المشاكل، وليس هناك زوج لا يغضب ولا يثور، لكن المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لتمتص غضب زوجها بهدوء ومحبة، ولا تلح عليه بالسؤال عما به من ضيق إلا إذا صرح هو بذلك. ولا تفكر بأن الحب بينهما قد فتر، فغضب الزوج ليس دليلا على نهاية الحب، والمحافظة على استمرارية هذا الحب يتوقف على مقدار التفاهم بين الزوجين والاحترام المتبادل، وعلى مقدار حسن تصرف الزوجة وفطنتها وذكائها..
كيف تتصرفين لحظة غضب زوجك في المواقف التالية:
- عندما ترين زوجك غاضبا ومتضايقا حاولي أن تمتصي غضبه، ولا تستقبليه بالشكوى من الأطفال وهموم البيت، وتذكري دائما قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ".(رواه ابن ماجة)
كلما تذكرت هذا الحديث، واستشعرت به بعمق، وطبقته بسعادة واقتناع، أدركت الفائدة التي ستعود عليك، وستنعمين حينئذ ببيت سعيد بعيد عن المشاكل والمشاحنات.
- عندما تكونين مخطئة بعمل ما، كتأخيرك لتنفيذ بعض الأمور بسبب انشغالك بالحديث على الهاتف مع إحدى الصديقات، قومي بمناداة زوجك بأحب الأسماء إليه، وقدمي له اعتذارك وسبب التأخير مع التأثر الشديد، وليس بعدم الاهتمام واللامبالاة، لكي يشعر بأنك فعلا قد أدركت أن هذا العمل خطأ، واحتملي ما قد يقوله لك من عبارات لأنه بهذه الحالة سيفرغ جزءا من غضبه.
- إذا تحدث وهو غاضب فإياك أن تقاطعيه، وأيديه ببعض الكلمات الرقيقة مثل: أعرف أنك مرهق.. لا تتعب نفسك. فمثل هذه الكلمات ستلين قلبه وستشعره بأنك تهتمين به وبهمومه.
- حاولي تهدئته، واضبطي انفعالك إذا كان الحق معك، وتحدثي معه بأسلوب لبق.
- لا تستفزيه عندما يغضب، ولا تثيريه بكلمات وعبارات تبين له مدى استهانتك بشخصيته.
- لا تنامي وهو غضبان منك، فبعد أن تهدأ الأمور، وتتأكدي من هدوء زوجك، حاولي المبادرة للرضا، فالواجب الشرعي يقول: إن المبادرة تكون من خيرهما ديناً وعقلاً، أو من أقدرهما في الغضب والرضا، كما قال أبو الدرداء لأم الدرداء - رضي الله عنهما - "إذا غضبتُ فاسترضيني وإذا غضبتِ أسترضيك وإلا لم نجتمع".
- تذكري أن البيت المملوء بالحب والهدوء والتقدير المتبادل والاحترام والبساطة في كل شيء خير من بيت مليء بما لذ وطاب ومليء بالنكد والخصام.
- لا تجعلي العبوس رفيقك، وحاولي ألا تفارق وجهك الابتسامة المشرقة المضيئة والفكاهة والبشاشة لكي تمنحي زوجك السعادة وتنعمي بحياة
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/475)
طرق جديدة للتعبير عن الحب بين الزوجين
إن أجواء المعيشة المليئة بالصخب وساعات العمل الطويلة تجعل من الصعب على الإنسان أن يجد الوقت الكافي لقضاء أمسيات رومانسية مع الشريك أو قضاء وقت هادئ وعمل مشاريع مشتركة بين الأزواج.
هذا الأمر أخذ يؤثر على العلاقات الزوجية حيث أن انعدام الرومانسية يؤدي إلى شعور الإنسان بالفتور والملل..نقدم لك الآن بعض التصرفات البسيطة التي لا تستهلك أي وقت للتعبير عن حبك لزوجك:
- عند استعداده للخروج إلى العمل عبري له عن مدى إعجابك بمظهره وأناقته.
- حاولي أن تعبري له عن حبك كلما انفردت به ولو للحظات وذكريه دائما بأنك لا زلت تحبينه كما كان الأمر في بداية علاقتكما.
- حاولي دائما أن تشعريه بأنك مهتمة بمظهره عن طريق إعطاءه نظرة فاحصة قبل مغادرة المنزل أو اقتراح ربطة عنق مناسبة لما يرتديه.
- أشعريه بتقديرك لمدى جده واجتهاده في العمل من اجل توفير حياة جيدة للأسرة.
- قومي بطبخ وجبته المفضلة من حين لآخر.
- قومي بمدحه أمام أهله موضحة مزاياه التي جذبتك إليه.
- حاولي إظهار مدى سعادتك عند قيامه بمساعدتك في الأعمال المنزلية.
- دائما أشعريه بمدى سعادتك بأنه جزء من حياتك وأنك لا تستطيعين تخيل حياتك من دونه.
هذا ومن جانب آخر، وبينما يعتقد البعض أن قضاء وقت حميم مع الشريك ما هو إلا مقدمه لممارسه الجنس، يعتقد علماء النفس أن الحميمية جزء مهم و أساسي في العلاقة الزوجية. بل إنه العنصر الذي يمنح العلاقة الزوجية عمقها ومعناها الحقيقي. وإذا كان للدفء والحميمية في العلاقات بين البشر هذه الأهمية فلماذا إذاً يكون من الصعب تحقيق ذلك؟ إن أكبر عقبة تحول دون تحقيق ذلك هي الوقت وعدم توفر الأساليب لتحقيق ذلك، حيث يضيف الخبراء أننا بحاجة لتخصيص وقت أكبر من برنامج حياتنا لكي نحصل على وقت حميم و دافئ لقضائه مع الشريك. العقبة الأخرى قد تكون الخوف، أي أننا نخشى التعبير عن مشاعرنا و أن نظهر للشريك مدى ضعفنا كأشخاص و أننا مهما بدونا متماسكين فإن لكل منا نقاط ضعفه.
وعندما نقوم بإخراج مكنونات أنفسنا أمام الشخص المقابل، فإننا نكون عرضه للاستهزاء أو إصدار الأحكام علينا أو حتى أن نتعرض للرفض، الأمر الذي يشعرنا بالخوف من الإقدام على تلك الخطوة في الأساس. والغريب أننا قد نفضل تناول مواضيع حساسة مع أناس قد نصادفهم لأول مرة على أن ندير هذا الحوار مع أقرب الأشخاص إلينا. مثل أن تتحدث مع شخص أثناء رحلة بالطائرة فتقوم بالتحدث معه بحرية تامة وذلك لأنك تعرف أنك لن تراه مرة أخرى.
ومن أحد أكثر الأخطاء شيوعاً حول الحميميه هو إنك لا يمكن أن تقضي أوقات حميمة إلا مع الزوج أو الزوجة، في الوقت الذي يؤكد العلماء أن نظرة الرجل والمرأة إلى الوقت الحميم قد تكون مختلفة تماماً. فمثلاً من وجهه نظر الرجل قد يكون الوقت الحميم هو الجلوس بالمنزل و مشاهده مباراة في كره القدم بينما يكون بالنسبة للزوجة هو الخروج للتسوق. لذلك لا يجب أن تعتمد على الشريك كلياً في توفير هذه الأوقات، بل يجب أن تعتمد على أصدقائك أيضاً حتى لا تعرض العلاقة الزوجية إلى ضغوط جديدة.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/476)
سيدة القصور
على ضفاف نهر بردى..حيث غوطة دمشق..وبين أشجار اللوز والليمون..
ولدت سيدة لم تر العين أبهى من حظها، ولا أعرق من نسبها.. حين تطل بمحياها يختبأ المجد خجلاً من أصالتها وعظيم شرفها.
تلك هي فاطمة بنت عبد الملك بن مروان.. وليدة قصر الخضراء بيت الخلافة الأموي.. سيدة منذ نعومة أظفارها..
حملت بين آثارها خطوات ثابتة لامرأة عربية أصيلة توجت عقلها بعظمة الإسلام وأخلاق العرب المثلى.. فشبت يافعة طلقة المحيا دمثة الخلق رصينة بجمالها القرشي.. فهفت نحوها قلوب الأمراء الأمويين كل يطرق بابها خاطباً وراغباً.. لكن والدها عبد الملك تاقت نفسه لأفضلهم عقلاً وأكثرهم عزاً وأنبلهم خلقاً ابن أخيه عمر بن عبد العزيز.. ولم يتردد خليفة المسلمين في أن يعرض عليه الأمر قائلاً له: قد زوجك أمير المؤمنين ببنته فاطمة..
فرد عليه عمر: وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد أجزيت وكفيت.. لتدخل فاطمة مروج التاريخ من أبهى بساتينه كشجرة باسقة طيبة الريح وعظيمة الأثر.. فعاشت مع زوجها عيشة الرغد والحب المعطاء.. تجمع السكينة والألفة بين نفسيهما لتصنع من زواجهما نموذجاً جميلاً في التضحية لأجل الهدف النبيل.. فاجتمع لها ما لم يجتمع لنساء الأرض قاطبة من العظمة والسؤدد والجاه والزواج السعيد.
ثم توجت أقدار السماء نعيمها على سيدة بني أمية حين توفي أخوها سليمان بن عبد الملك تاركاً الأمر من بعده لعمر بن عبد العزيز.. لتصبح حفيدة لخليفة وابنة لخليفة وأختاً لأربعة خلفاء، ثم زوجة لخليفة.. غير أن هذا الأمر العظيم لم يكن لعمر بن عبدا لعزيز طمع فيه.. فقد وصلت إليه الخلافة مختالة تجر أذيالها وهو غير راغب بها ولا آبه لتيجانها.. بل تلقفها بوجل كبير وهم تخر له الجبال.. ناظراً إلى عرشها بقدر التكليف لا التعظيم.. ليعود أدراجه إلى منزله بعد سماعه النبأ وقد عرج على الجامع الأموي معتلياً منبره يخاطب الناس بصوت متحشرج باك.. يتوسل إليهم أن يعفوه من هم الخلافة!!! فيزداد الناس به تمسكاً وله إكباراً.. فيغادرهم على ظهر دابته رافضاً مواكب الخلافة المحلاة بأثمن الجواهر وأعظم الخيول.. تلك المواكب التي اعتاد خلفاء بني أمية ركوبها بعد اعتلائهم سدة الحكم..
ليصل إلى بيته وقد لبسه الهم والحزن.. لا يقوى على تحمل المصاب.. في وقت كانت فاطمة سعيدة بما حباها القدر من حظوة حين صارت زوجة لخليفة المسلمين فتخرج لاستقباله فرحة متزينة كعادة النساء، بأنفس اللآلئ والحلي.. وقد علت وجنتيها إمارات السعادة والابتهاج.. لتفاجأ به مهموماً يذرف الدموع ولا يقوى لسانه على وصف الحال.. فتهدئ من روعه وتسأله عما أصابه وهو اليوم خليفة للمسلمين والآمر المطاع.. فيجيبها وقد أجهش في البكاء: يا فاطمة لقد أصبت كرباً ففكرت بالفقير الجائع والمسكين الضعيف والمظلوم المقهور فعلمت أن الله - عز وجل - سائلي عنهم يوم القيامة.. لتخبو بهذه الكلمات شمعة الفرح التي اشتعلت في قلبها وتستيقظ على الواقع الجديد الذي فرضته أعباء الخلافة على زوجها الحبيب.. فتعي الدرس العمري الجديد لترجع بخطاها إلى عهد خلفاء الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين نظروا إلى الحكم مكلفين لا محبين.. فتعلم أنها الآن لا تقف أمام ابن عمها الأمير الأموي المدلل.. بل تقف أمام حفيد عمر بن الخطاب الذي فرق الحق عن الباطل.. وأنها منذ هذه اللحظة مقبلة على حياة ربما لن ترتضيها الكثير من النساء حين تطغى الدنيا بزخرفها الفاني على نعيم الآخرة الباقي عند ضعيفات النفوس..
لكن عمر لم يترك لها المجال لكثرة التساؤلات فقد بادرها مخاطباً بما يرتضيه لنفسه من رد الضيع والهبات التي وصلته وهو أمير إلى بيت مال المسلمين.. فلم يبق مما تحت يده إلا ما كان من حر ماله.. ولم يكن ذاك سوى بيتاً متواضعاً بسيطاً.. ويعلم عمر بن عبد العزيز بأن ابنة عمه سليلة الأمجاد وليدة القصور لن تقدر على ما اختاره لنفسه من زهد الطلب وضنك الحياة ومشقة التكليف.
فيخيرها في أمرها بين عيشة البساطة كما أراد أو يسرحها إلى بيت أبيها لتعيش كما اعتادت عليه من النعيم.. وهنا يكمن الفرق بين النساء حين تشتري المرأة عظمه القرار بكل ما في الدنيا من متاع.
فتأبى فاطمة بنت عبد الملك إلا الرضا بما اختاره زوجها الحبيب تقاسمه الدنيا بكل ما فيها من حلوها ومرها لتتوج حبها في الجنة حين تصبح أجمل الحوريات وأحبهن إلى قلب زوجها..
ولم يكتف الخليفة الزاهد بذلك.. بل ينظر إلى بريق الجواهر في معصمها وقدها كأنه جمار من نار جهنم فيردها إلى بيت مال المسلمين وفاطمة راضية بذلك.. لا تحولها الأيام عن قرارها.. فحينما توفي عمر بن عبد العزيز وآلت الخلافة الأموية إلى أخيها يزيد بن عبد الملك أعاد إليها يزيد جواهرها قائلاً: هذه جواهرك التي وهبها عمر لبيت المال قد ردت لك.. فتجيبه وقد تملكها الحزن على وفاة عمر: والله لا أطيعه حياً وأعصيه ميتاً...
وجاء التحول السريع لحياة فاطمة من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها الأوحد الذي لا يملك سواه.. وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم.. راضية النفس مطمئنة البال باختيار لم يغير حياتها فحسب بل غير نظام الحكم الأموي، بزمن وجيز لم يتجاوز العامين وبضعة أشهر، وشعر به أهل الأرض قاطبة.. فقد هدأت له النفوس وعم الخير أرجاء البلاد من أقاصي الشرق عند نهر سيحون إلى أقاصي الغرب في المغرب والأندلس.. حتى أن عامل الخليفة على الصدقات ليطوف بالصدقة فلا يجد من يقبلها فلله درك يا حفيد الفاروق!!
حين جاءت الأعرابية تريد لقاء الخليفة فدلها الناس على بيته البسيط.. فطرقته لتفتح لها الباب امرأة امتلأت يداها بالعجين، فسألتها الأعرابية عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، فطلبت منها المرأة أن تنتظر للحظات ريثما يأتي الخليفة.. وإذا بجانب حائط البيت رجل يصلح الجدار، وقد علقت بقع الطين بيديه وثوبه.. فنظرت الأعرابية إليه مستغربة من جلوس هذه المرأة التي تعجن العجين أمام هذا الطيان الغريب لم تتستر منه.. فبادرتها بالسؤال عن هذا الطيان؟ وكيف تجلس أمامه دون أن تستر نفسها؟ فتجيبها ضاحكة: إنه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأنا زوجته فاطمة.. !!
تلك هي سيدة بني أمية التي حفرت في أعماق التاريخ بصمات واضحة لحسن الاختيار.. فكانت نبراساً يهتدي بها نساء المسلمين إلى قمة العظماء..
رحم الله فاطمة بنت عبد الملك.
http://www.muslema.com المصدر:
تعمل في وظيفة فيها اختلاط
سعد الماجد
السؤال:
أعمل لدى مؤسسة حكومية قرابة الخمسة الأعوام، وأغلبية الموظفين من الرجال، وقد اعتدت إلقاء السلام عند دخولي المكتب، إنني- قدر المستطاع- أحاول عدم الاختلاط بهم، ولكن أحيانًا يكون هناك اجتماع فيجب حضوري أو الحصول على توقيع المدير، أو مساعدة الزبائن والتعامل معهم، بصراحة مشكلتي تكمن في عدم رغبتي في العمل، ولكنني أعمل لأعيل أسرتي المكونة من اثني عشر فردًا، وخاصة أمي- هداها الله- فطلباتها كثيرة. لا أدري ما العمل، هل يتقبل الله - عز وجل - أعمالي؟ هل أنا مقصرة في حق ربي؟ مع أنني أخرج من البيت محتشمة. لا أدري! أعينوني أعانكم الله.
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
جواب هذا السؤال يحتاج إلى وقفات:
الوقفة الأولى: دعاوى إخراج المرأة المسلمة للعمل خارج بيتها. هناك أصوات كثيرة تطالب بإخراج المرأة للعمل خارج بيتها، بدعوى الاستفادة من النصف الثاني من المجتمع وهو المرأة، وأن عدم الاستفادة تأخُّر ورجعية...إلخ.وأصحاب هذه الدعاوى هم:
1- بعض أبناء المسلمين الذين تأثروا بحضارة الغرب، والذين ملكوا زمام الكتابة في وسائل الإعلام في البلاد الإٍسلامية.
2- وسائل الإعلام في بلاد الغرب التي رغبت في إخراج المرأة للعمل.
3- الخبثاء من العلمانيين في البلاد الإسلامية الذين يريدون إفساد المجتمعات المسلمة بدعوى(تحرير المرأة)، وأن من خصائص حريتها العمل، بل وبجانب الرجل، فهي مساوية له!
4- بعض من أعماه حب الدرهم والدينار ففرط في قوامته ومسئوليته؛ فلم يبال بحفظ زوجته وابنته من الذئاب المسعورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الوقفة الثانية: مجال عمل المرأة. للمرأة المسلمة أن تعمل في كل ما من شأنه خدمة بنات جنسها من النساء، سواء كان في التعليم وغيره، شريطة خلوه من الاختلاط بالرجال الأجانب.
الوقفة الثالثة: مكان عمل المرأة. يجب أن يكون مكان عمل المرأة بعيدًا عن الرجال، فلا يجوز الاختلاط بين الجنسين، لذلك شرع الإسلام الوسائل الوقائية التي من شأنها صيانة أعراض المسلمين وطهارة بيوتهم؛ ولذلك:
1- شرع الحجاب، قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)[الأحزاب: 59]. قال ابن عباس،
رضي الله عنهما: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة.
2- ومن هذا الباب أيضًا- حرم الشرع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه؛ خشية الفتنة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ إلاَّ كان ثالِثَهُمَا الشَّيطانُ". أخرجه الترمذي (2165). ولا فرق في ذلك بين أن يكون الرجل عزبًا أو متزوجًا. ومنه-كذلك-حرم الشرع على المرأة أن تخرج متعطرة إذا كانت تعلم أنها ستمرُّ بحضرة رجال أجانب، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ". أخرجه أحمد (19711) والترمذي (2786) والنسائي (5126). وهذه الأدلة يقصد بها الشرع أن تكون المرأة بعيدة عن مخالطة الرجال؛ وذلك سدًّا لذريعة الفساد.
3- وحرم الشرع مصافحة النساء، فقد أخرج البخاري (5288) ومسلم (1866)، عن عائشة، - رضي الله عنها -، في قصة مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - للنساء، قالت: واللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلَّا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ - تعالى -، وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: "قَدْ بَايَعْتُكُنَّ". كَلَامًا. وأخرج أحمد في مسنده (27009)، بسند صحيح، عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نساء لنبايعه. وفيه: ألا تصافحنا؟ فقال: "إنِّي لا أُصَافِحُ النِّسَاءِ، إنَّما قَوْلِي لامرأةٍ واحدةٍ قَوْلِي لمائةِ امرأةٍ". وأخرج الطبراني 20/211(486) والبيهقي، عنه - صلى الله عليه وسلم -: "لَأَنْ يُطْعَنَ في رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِن حديدٍ خيرٌ له مِن أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ لَه".
4- كما حرم الشرع على المرأة أن تخرج للرجال متعطرة، كما جاء في حديث: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ". أخرجه أحمد (19711) والترمذي (2786) والنسائي (5126).
الوقفة الرابعة: العمل من أجل الإسراف. كثير من النساء يطلبن العمل من أجل التوسع والإسراف في شراء أدوات الزينة وأثاث البيت والتجديد له كل وقت من الزمن، والله - تعالى -نهى عن الإسراف فقال: (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)[الإسراء: 27، 26]. كما أمر بالاعتدال في الإنفاق فقال: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)[الإسراء: 29].
الوقفة الخامسة: نصيحة. وعليه أنصحك بترك هذا العمل والبحث عن عمل في مجال يناسبك لا يكون فيه اختلاط بالرجال، ومن ترك شيئًا لله عوضه خيرًا منه؛ قال - تعالى -: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2].
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/477)
أنا ملكة
ندى بنت عبد العزيز محمد اليوسفي
تجادلوا في شأنها، نصّبوا أنفسهم محامين مدافعين عن حقوقها، بكوا وتباكوا وأبكوا أقلامهم من أجلها. في كل زاوية يصيحون، وعلى كل مطبوعة يصرخون، وفي كل فضائية ينددون..أما هي ففي بستان عامر جلست، وتحت ظلال وارفة نمت، و لزروع يانعة سقت ورعت، فطابت وطاب نباتها، فعَلَتْ و سَمَتْ...... !!
أخبرتها بحرقة..، هل قرأتِ ما كُتِبَ عنّا اليوم.. ؟!..، قالت بتعجّب: ومن نحن.. ؟ من يعرفنا حتى يكتب عنّا.. ؟!، أجبتها بتنهيدة عظيمة: من أنتِ.. !.. أنتِ من نغّصتِ عليهم بتمسكك بعفافكِ وحيائك.. !، أنتِ من ارتفعت نفسك عن حضيضهم و أبيتِ إلا النهل من كتاب ربّك.. !، أنتِ من أفزعتِهم يوم خرجتِ محتشمة متسترة من أعلى رأسك حتى أخمص قدميكِ.. !، أنتِ من أفسدتِ عليهم خططهم في العبث بكِ لما حولكِ من رجالٍ كفلت لكِ الشريعة الحماية والرعاية من قبلهم.. !، أنتِ من رفضت متابعة فُحشهم وخبثهم في ركام الفضائيات وعلى صفحات المجلات و بين أذرع العنكبوتية؛ فأبكيتِ سادتهم ونغّصتِ بتحصّنكِ حياة كبرائهم وأذنابهم.. !، أنتِ من إذا احتجتِ شيء؛ هبّ جيش من المحارم لإعانتك و الحفاظ عليكِ من ولادتكِ و حتى يضعوكِ بأيديهم في قبركِ.. !
نعم أنتِ.. !، أرأيتِ كم أنتِ مؤثرة.. !، أرأيتِ كيف قلبتِ حياتهم عاليها سافلها وأتعبتهم في البحث عن طرقٍ فاعلة للقصاص منكِ.. ؟!..، قتلتِ أوقاتهم... !، بعثرتِ أوراقهم.. !، وأجهزتِ على ما تبقى من حبرِ أقلامهم.. !
ورغم ذلك.. مازالوا يصرخون.. وبحريتكِ يطالبون.. ولتخليصكِ من العبودية يدْعون... !، وبحبّك لسانهم يلهج.. وبالحرص على مصلحتكِ أياديهم تشهد.. !!!!
العجيب أنهم من بني جلدتنا.. ! يتكلمون بألسنتنا.. ! نراهم ونقرأ لهم ونسمع أنّى تقلّبت أعيننا.. !، و كأن ما شغل العالم من حربٍ على الإرهاب؛ في طرفة عينٍ انقلب لاهتمام عاصف بالحرب على الفضيلة والعفاف.. !!
أخية.. دائماً كنتُ أقول أنكِ السلاح..، نعم سلاح..، سلاح مع أو ضد..، وهنا المشكلة، يستخدمونك لتحقيق مآربهم، ويستخدمونك لتوصيل مطالبهم..، و في ذات الوقت.. أنت الشريفة العفيفة المصونة سلاحٌ نواجه في غدرهم وحمقهم، و إعراضكِ عنهم سهام تغرز في قلوبهم... !
لكن.. حبّ الشهوات.. و تسريب الشبهات.. امتلك رؤوسهم فأقبلوا في شكل أفاعي تنفث بخبثٍ سمومها.. !، اشرأبت للطغيان أذيالها، فأخذت تضرب الأمة سوطاً تلو الآخر، وتغتال أفرادها فرداً فرداً، لا لشيء إلا لأنهم تمردوا على طبيعتهم وفطرتهم و ما ابتغاه الله لهم، فشوهتهم عمليات التجميل بل الترقيع الفكرية و أمحى البراءة من محياهم غسيل الأدمغة المشبوه عن طريق ديار لم تعرف ما هو الله، فأصبحوا مسخاً يباع ويشترى، بل ويساومون على هذه الأمة المتعطشة لكل دقيقة تبذلها في عمل نافع فبدأت خطوات الضياع، وضحكت الأفاعي وهي تلعق بلسانها المسموم أجهزتنا الفكرية ملتهمة أول الأفواج.. !
في منتدياتهم يكتبون.. وفي مجالسهم يخططون.. وفي كتاباتهم يعلنون.. ولأفكارهم ومطالبهم بخبث ينثرون.. !، بثقة يعلنونها.. نحن قادمون.. !، يفتي أحدهم بعدم وجوب كشف الوجه وأن تغطيته ظلم وإجحاف ويأتي بأدلة مختلقة، لا وجه للدلالة فيها إلا أنها توافق هواه.. !، وآخر يطالب بوظائف للنساء في مكاتب الحجوزات وضيافة الطائرات ومندوبة مبيعات بحجة السعودة و تحرير المرأة من قيود ولي الأمر ونصف شبابنا الذكور معلقين، لا وظيفة ولا دراسة.. !، وأخرى تستنكر وجود كفيل للمرأة عند إخراج شريحة هاتف وأن ذلك ظلم لها و تبعية و همجية... !، وتأتي فرق الطواريء تطبل لهذا وتزمّر و تصفق لذاك وتشمّر... !..، وأنتِ أنتِ.. في بيتك بأمان جالسة.. و لأبنائك وزوجِكِ راعية.. ولطلب العلم بجد مثابرة.. !. نعم أنتِ..، أرأيتِ الحرب عليكِ.. ؟!..، أرأيتِ شدة هذه الهجمة.. ؟!.. ولكن كما قيل: " من أمن العقوبة؛ أساء الأدب"... !!
أجابت في طمأنينة: أنا ملكة..، نعم أنا ملكة..، ملكة في مملكتي الصغيرة..، آمر وأنهى..، أعطي وأمنع..، أطلب و يأتيني ما أريد..، أخرج فيوصلني ولي أمري للمكان الذي أريد دون أن أتعرض لإزعاج هذا أو مضايقة ذاك..، ألبس حجابي الشرعي فلا تمتد أعين ذاك لي وأنا الجوهرة الثمينة والدرة المصونة، حولي أبًّ.. أخًّ.. خالًّ وعم..، زوج وابن و ابن أخت..، حفيد و ابن أخ..، كل هؤلاء في خدمتي، في رعايتي، وإن ظلمني أحدهم يممت وجهي شطر آخر، وإن عدمت الوسيلة فالشريعة كفلت لي حقوقي كاملة..، بالله عليكم هل أتجرّد من ملكي.. ؟!..، بالله عليكم.. هل تصفون ملكة وجدت ما وجدت من أرزاق و علم و صيانة ورعاية ثم تطالب بعزلها لتعمل خادمة بغير الجنون وسوء التدبير........ ؟!
أنا ملكة.. فلماذا ألقي بالاً لعباد شهواتهم.. ؟!.. لماذا أعزل نفسي لأصبح خادمة لأهوائهم و نزواتهم.. ؟!.. لماذا أخرج من قصري لأختلط بهم في نواديهم و ملاعبهم.. ؟!..
أنا ملكة.. فلماذا أنزع حجابي وهو تاجي من على هامتي وألقي به على كتفي لأطبق تعليماتهم.. ؟!.. بل لمَ يصل الحال بي أن أخلعه وأرمي به بعيداً وقد كان ومازال رمز عفافي وحيائي والصائن لنضارتي وجمالي.. ؟!!
أنا ملكة.. أملك جواهر نفيسة و درر ثمينة فلماذا أتعرّى أمامهم وأكشف ما أملك ليكون عرضة للنهب والسرقة.. ؟!..
أنا ملكة.. فكيف بالله عليكم تقود ملكة سيارتها بنفسها.. ؟!..، أو تصلح إطار مركبتها على لهيب الأرض الحارقة بيديها... ؟!!
أنا ملكة.. فهل يعقل أن تقوم ملكة بملاحقة أوراقها بنفسها أم يكون لها وكلاء ينوبون عنها ويكفونها المؤونة ويعينوها.. ؟!!
أنا ملكة.. فلأستعلي في الطريق العالي.. ولأمضي في طريقي.. ولأحافظ على مملكتي.. ولأحرص على تحصينها بما أستطيع.. ولأدافع عنها بكل ما أستطيع.. !
أنا ملكة.. فلأرفع هامتي منتصرة.. ولأستمتع بحصاد الثمرة.. ولأتركهم خلف حصوني المانعة يسترقون النظرة.. وأنا أنهل من معين لا ينضب.. وأستزيد من علوم الدين والدنيا النافعة دون أن أسمح لهم برؤية اظفري أو ملاحقة خطواتي الواثقة.. !
أنا ملكة.. فلأتركهم في غيهم يمضون.. فما هم إلا كالراقم على الماء.. ولا يضر السحاب نباحهم.. بل تأتي مثقلة بالمياه.. فتغيث الناس وتغيظ الأعداء... !
أنا ملكة.. فلأضع يدي في يد أخواتي الملكات.. ولنعلنها تعاون واتحاد.. في وجه العلمانية والإلحاد..، لننشر الخير والنماء.. العلم والعطاء.. الأمان و الحياء... !
أنا ملكة.. فلتفوا يا أولياء الأمور بحقوق البيعة.. !، ولتكونوا نعم الرعاة البررة.. !، فأنتم بأداء أمانتي وصيانة عرضي وحيائي مطالبون..، وستقطفون الثمرة يوم ينادى في الجموع (وقفوهم إنهم مسؤولون).. !
مجلة المتميزة - العدد الخامس - جمادى الأولى - 1424 هـ
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/478)
البخور يعطر بيتك
سحر فؤاد أحمد
منذ زمن بعيد اهتمت المرأة - لا سيما الخليجية - بالعطور والبخور، فقد ولع العرب بالطيب والتطيب حتى أصبح أحد مظاهر حياتهم اليومية، وتفيد بعض الدراسات بأن للطيب دوراً كبيراً في حياة المجتمع العربي والإسلامي فقد استعملوه في شتى المناسبات السعيدة منها والحزينة.
وفي العصر الإسلامي ازداد اهتمام العرب بالطيب فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحث أهل بيته على استعماله وأمر أن يجعل في جهاز السيدة فاطمة عند زواجها من الإمام علي - رضي الله عنهما - في ثيابها، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير طيب الرجل ما ظهر ريحه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه ".
والعطور الخليجية تختلف عن غيرها من العطور في جاذبيتها وأصالتها، وهي ليست وقفاً على المرأة وحدها، فالرجال لهم عطورهم أيضا، ويقبلون عليها لأنها نابعة من تراثهم.
لكن المرأة الخليجية تتمتع بذوق خاص في استخدام العطور والبخور، ومن بينها دهن العود - وهو أشهرها- وعرق الصندل، وعرق الزعفران، وعرق العنبر، وعرق المسك، وعرق الحنة، وهب النسيم، والياسمين وعطر النديم وغيرها.
والبخور كلمة تطلق إما على مفردات عطرية أو على مخاليط عطرية توضع على الجمر فبتأثير حرارة الجمر على المواد العطرية المكونة لها يتحول المخلوط إلى دخان عطري جيد الرائحة، ويستعمل لذلك مباخر أو مجامر ذات أشكال وألوان متعددة وبعض هذه المباخر يعمل على الكهرباء، والبعض الآخر على الجمر الطبيعي أو الصناعي، لكن الغالبية تفضل الجمر الطبيعي.
وتستخدم النساء نوعاً من البخور اسمه الدخون، ومعظم النساء يتفنن في صناعة الدخون ويعرفن جيداً مكوناتها ونسب كل منها، فالدخون تصنعه النساء من عجينه مكونه من سجا العود والمسك والعنبر وقد يضاف إليها دهن الورد، تخلط معاً وتعجن، وتشكل على شكل أقراص مستديرة، وتستخدم بعد أن تجف، وتوضع في الخوص وتعلق عليها الثياب لتظل الرائحة عالقة بها دائماً حتى بعد غسلها.
كما تحرص النساء أيضا على حرق بخور العود كل مساء. حتى أصبحت الرائحة الذكية شيئاً مميزا للبيت العربي، ومظهراً من مظاهر الترحيب بالضيوف.
• كيف تتبخرين؟؟
ترى النساء أن أفضل وقت تتبخرين فيه بعد أن تكوني قد أخذت دشا وجسدك ما زال ندياً وشعرك ما زال مبللا لكي تعلق بك رائحة العود (البخور)، وإذا كنت ممن يفضلن البخور على العطور فضعي قطره من دهن العود تحت كل إبط وتكفيك لمدة يومين.
وإذا كنت تطلقين البخور في غرفة النوم فافتحي الدواليب وأغلقي باب الغرفة، حتى تعلق رائحة البخور في الفساتين والشراشف.
• كيف تحافظين على البخور؟؟
لكي تبقى العودة محتفظة برائحتها أطول مده لا بد من حفظها في علبة مغلقة جيداً. وإذا كانت أعواد العودة كبيرة حاولي تكسيرها إلى قطع مناسبة، حتى لا يكون هناك نوع من الإسراف.
• كيف تجعلين من العود العادي عودا فاخرا؟؟
هناك أنواع غالية جدا للعود لا تستعمل إلا في المناسبات، أو عند استقبال زوار يعرفون العود الغالي. إما للبيت فاختاري نوعا عاديا من العود تبخرين به البيت من وقت لآخر لطرد رائحة الطبخ.
وهناك فكرة تجعل من العودة ضعيفة الرائحة عودة قوية وذلك بأن تضعي العودة في علبة وتصبي عليها أحد أنواع دهن العود المتوفر - ليس شرطا أن يكون غالي الثمن - ثم أغلقي العلبة، سوف يتشرب العود بزيت العود وكلما احتجت لأخذ عود فخذي من الأسفل وقلبي العود كل مرة.
• كيف تنتقين البخور؟؟
عند شرائك للبخور ننصحك بالتالي:
• ابتعدي عن البخور المصبوغ ( المطلي)لأنه في العادة يكون سيئا، كما أن الصبغ نفسه يغير رائحة البخور.
• انتبهي عند شرائك لقطع البخور الكبيرة من احتوائها على مادة الرصاص، لأنه يأتي في بعض الأحيان بهذا الوضع لزيادة الوزن.
• جربي قطعة صغيرة من البخور المراد شراءه، ثم لاحظي لون الدخان المتصاعد، فالبخور الجيد يميل لون دخانه إلى الأزرق.
• افتحي عينيك عند استنشاقك للبخور، فإذا أحسست بألم فيها فاعلمي أنه رديء.
• لاحظي عملية احتراق البخور، فالبخور الجيد يتميز بكثرة فقاعات الدهن عند احتراقه.
• دققي النظر في قطع البخور ولاحظي وجود عروق لونها يميل إلي اللون البني الغامق أو الأسود، فإن البخور الجيد يتميز بكثرتها.
• ضعي قطعة صغيرة من البخور في ماء فإن طفت فالبخور جيد. ولابد من ملاحظة لون الماء إن مال إلى الاصفرار فإن فيه صبغ أصفر أو أنه مصبوغ أو مطلي.
08/11/1424
31/12/2003
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/479)
أي بنيتي
عبد اللطيف البريجاوي
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد:
أي بنيتي
في لحظات الفراق والبعد المؤقت يتذكر الإنسان لحظات البعد الذي لا عودة فيه، ويتذكر الرحلة الأخيرة والسفر الأخير وهنا تراوده أسئلة كثيرة
ماذا لو فارقت الدنيا الآن؟
ماذا تركت لأولادي من بعدي؟
سألت نفسي هذا السؤال وجاشت عيناي بالدموع وتذكرت صغيرتاي (هداية) التي لم تبلغ الثالثة من عمرها و (تسنيم) التي لم تبلغ عامها الأول فعزمت على كتابة وصية لهما يتخذانها دليلا ومنهجا فكتبت لهما قائلا:
في أي لحظة من لحظات قد أودع الدنيا وأترك هذا العالم إلى عالم أشد أمنا لأنه مع الله وحده، ومتى كان الإنسان مع الله وحده كان في مأمن من كل شيء فهو الملجأ وإليه المصير.
أي بنيتي: فكرت لو تركتك على حين غفلة وأختك التي لم تتجاوز عامها الأول ماذا سيكون منهجكما وكيف ستسيران في هذه الحياة فأحببت أن أكتب لكما هذه الكلمات لتكون لكما ولكل فتيات المسلمين منهجا ودليلا.
أي بنيتي: كلمة واحدة في القرآن لو عرفها الإنسان لعرف كل شيء، ولو فهمها الإنسان لفهم كل شيء، ولو تمسك بها الإنسان ما فاته شيء، وإن أضاعها ضاع منه كل شيء ألا وهي الله ومن غفلة ابن آدم أنه يدور حول كل شيء وحول كل معنى وينسى أن يدور حول هذه الكلمة كمن يطوف حول نفسه فيعجب بها وينسى أنها خلق الله في الأرض فيطوف جسده ولا تسمو روحه.
أي بنيتي: القرآن مائدة الله..ومن ذا الذي يجوع إذا جلس إلى مائدة الله!!
والقرآن حبل الله... ومن ذا الذي ينقطع إذا تمسك بحبل الله!!
ومائدة الله غذاء، وحبله طريق مستقيم، والمسلم في سفره لا يحتاج إلا إلى غذاء في طريقه الصحيح ليصل إلى هدفه ومبتغاه فاجلسي إلى مائدة الله، وتمسكي بحبله المتين يكن لك خير جليس وخير معين.
أي بنيتي: أول معرفة الله الطاعة والامتثال ومن لا يمتثل لا يعرف ومن لا يعرف لا يعرف ومن لا يعرف لا يتصف فكوني مع الله بالطاعة والامتثال، تتحققي بمعرفته وتعرفي من هدايته، فتنار لك البصيرة، وتخلص لك السرية وتكوني ربانية كما أراد الله - سبحانه - وأول إصلاح العلاقة مع الأرحام اللهفة والحنان، فكوني ملهوفة القلب عليهم
شديدة القرب منهم غريبة عما يزعجهم وضاءة فيما يسعدهم فإنك إن فعلت كانوا لزلاتك دثارا ولهفواتك جبارا
وأول السرور مع الزوج الحب والجمال فبالحب يكمل البنيان وبالجمال يتم العمران، ولتكن علاقتك معه كلها جميلة فاصبري عليه صبرا جميلا وتقربي منه تقربا جميلا واعذريه عذرا جميلا وأول إصلاح العلاقة مع الأصدقاء عدم طلب ثمن محبتك لهم، فليس كل إنسان يملك رصيدا ليدفع ثمن محبة الناس له، فإنك إن فعلت كشفت أرصدة الناس
والناس لا يحبون أن تكشف أرصدتهم.
وأول النجاح في الحياة هدف واضح، وسير أكيد إليه بلا كلل ولا ملل.
وأول النجاح في الآخرة أن يكون ذلك الهدف هو رضا الله - سبحانه -.
أي بنيتي: الحياة مجموعة تجارب والتجربة لا تكون إلا بامتحان فإذا كثرت عليك الامتحانات في الدنيا فاعلمي أنها سلم للارتقاء إلى العلياء، فلا تجزعي منها واستقبليها برحابة صدر وابتسامة أمل واحتساب عند الله - سبحانه -.
واعلمي بنيتي أن قلب الفتاة أشد شبها بالكبريت الأحمر، سريع الاشتعال وصعب المنال، فلا تزهدي به وتعطيه لمن لا يستحقه، فيذهب به ويترك خلفه دخانا أسودا يسود عليك حياتك ومعيشتك، واعلمي أن خير نساء العالمين مريم و خديجة و فاطمة وعائشة فاجعلي من سيرتهم قرطا في أذنك كلما هب النسيم اهتز فأسمعك من سيرتهم ما تقومي به سلوكك وتتقربي به من ربك وتنفعي به أمتك واعلمي أني خارج من الدنيا عاجلا أم آجلا وأنكما عملي بعد مماتي، وسببا في زيادة حسناتي، وسببا في تثقيل موازيني إن هي خفت، وحجابا من النار إن هي لفحت، فاجعلا لي من دعائكما نصيبا، ولا تفرطا به وتذكروا أني ربيتكما على الكتاب والسنة فإنه أوثق ما عملت وأرجى ما فعلت.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/480)
الرجال لهم الحور العين في الجنة.. والنساء ماذا لهن ؟
لكم الحور العين... فماذا لنا؟
قالت: كلما قرأت القرآن استغربت من كثرة تشويق الله لكم بالزوجات من الحور العين، ولم يعرض الله لنا نحن معشر النساء أي ترغيب من رجال الجنة، فلماذا هذه التفرقة في المعاملة؟ وهل خص الله الرجال بنعيم لم يعط للنساء مثله؟
قلت: أن سؤالك في محله، ولكن دعيني أوضح لك بعض الجوانب المهمة في هذه المسألة.
قالت: تفضل.
قلت: أختي الفاضلة... إن الله - تعالى - خلق البشر وهو أعلم بالخطاب الذي يؤثر بهم، كما أن من المعروف أن لغة الرجال تختلف عن لغة النساء، فأنت مثلا تقولين لابنك الذكي: إذا كبرت فإني أزوجك من فتاة صالحة جميلة، بينما لا تقولين لابنتك الأنثى إذا كبرت سأزوجك بشاب جميل.
قالت: هذا صحيح.
قلت: فلغة الإغراء بالجمال الشكلي تحرك الرجل، ولكن المرأة يحركها جمال المشاعر والأخلاق.
قالت: إذن المرأة أفضل...
قلت: القضية ليس لها علاقة بالأفضلية، وإنما هي فروق فردية في الخطاب بين الجنسين، فالرجل غالباً ما يكون (طالباً)، والمرأة غالباً ما تكون مطلوبة، ولهذا فضل الله - تعالى - صفات للنساء في الجنة للرجال لأن ذلك يؤثر بهم ويحرك مشاعرهم، بينما لم يفضل في ذلك النساء ولأنه أعلم بما يؤثر بكل واحد منهم.
قالت: ولكن أحياناً المرأة تكون طالبة والرجل مطلوباً، أليس كذلك؟؟
قلت: ربما، ولكن هذه حالات نادرة، والشريعة الإسلامية تنزل أحكامها على الأغلب والأعم.
قالت: ولكنك أنت تلغي شهوة المرأة للرجال في هذا التحليل؟
قلت: كلامك غير صحيح، فإن الله - تعالى - عادل وحكيم وعليم، وهذه الأسماء والصفات الله - تعالى - تجعلنا نعتقد بأنه لا يظلم أحداً أبداً، فكما أنه - تعالى - خصص نساء في الجنة للرجال وسماهم (الحور العين) فكذلك ربنا - تبارك وتعالى - لا يظلم النساء وخصص لهن ما يشتهين.
قالت: وهل أفهم من كلامك هذا أن لنا مثل الرجال؟ وأن الله - تعالى - خصص لنا ما نستمتع به؟!
قلت: وما المانع في ذلك؟
ألم تقرأي قول الله - تعالى -: ((ولهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ العين))، والخطاب هنا للرجل والمرأة، فكل ما تشتهيه نفسك موجود في الجنة، فالله لم يفصل للنساء بالخطاب لأنه أعلم باللغة التي تؤثر بهن وتقوم سلوكهن، بينما فصل للرجال لأن التفصيل في النساء من أهل الجنة يؤثر بالرجال ويقوم سلوكهم.
قالت: أشكرك على هذا البيان، وكما ذكرت فإن الله لا يظلم أحداً ويعطي كل جنس ما يشتهيه ويحبه في الجنة.
قلت: وأزيدك.. فإنك إن دخلت الجنة تكونين أفضل من حور العين لأنهن خلقن للجنة، وأما أنت فدخلت الجنة بعملك ورحمة الله - تعالى -...
قالت: إذن هنيئاً لنا بما تشتهيه أنفسنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم تسليما كثيرا...
http://www.muslema.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/481)
اصمتي أنت أيضاً
سلام الشرابي
قتلني صمته..مللت سكوته، جربت كل الطرق التي قرأت عنها لأخرجه من هذا الصمت لكن دون جدوى!..قالوا إنها قضية اختلاف طبع بين النساء والرجال ولا فائدة من كل ما تقومين به، استسلمي للأمر الواقع.. وليبق على صمته..
معاناة المرأة من صمت زوجها وعدم التعبير عن مشاعره بالكلام مشكلة أصبحت معروفة ومنتشرة، وكثيراً ما تم التطرق إلى حلول مختلفة ومتنوعة؛ هدفها انتزاع الكلمات من فم الزوج وتحريك الحجر الذي يقف صامتاً دون حراك وحل هذه المشكلة وما تخلفه من استياء وجمود وبرود في الحياة الزوجية..
ولكن ما رأيك في حل آخر وبأسلوب آخر بعيداً عن محاولات تغيير طبع زوجك، الذي أثبتت أبحاث علم النفس أنه يعتمد عادة الصمت؛ لأنه بعكس المرأة قليل الكلام يشغل تفكيره أكثر من لسانه.
عادة تحاول المرأة بكل الطرق، إن رأت زوجها صامتاً، جره إلى مشاركتها الحديث؛ كسؤاله عن عمله، ما صادفه في يومه، عن أصدقائه وذكر أسمائهم فرداً.. فرداً، استرجاع ذكريات قديمة، التحدث عن مشاريع جديدة من المهم القيام بها..
وتظن المرأة أنها بذلك ستحقق نجاحاً في إدخال زوجها في دائرة النقاش والكلام وقد تصيب مرة لكنها ستفشل مرات عندما تواجه كلماتها بهز الرأس لا أكثر أو بكلمة نعم أو لا على أحسن تقدير..
ولكن ما رأيك لو جربت طريقة مناقضة ومخالفة تماماً لذلك..
جربي أن تكوني صامتة..
لو أدركت المرأة قيمة السكوت لتسلحت به في كل تصرفاتها وتعاملاتها ولأحرزت نجاحاً واكتسبت احتراماً من زوجها.. ووطدت ثقته بها، هذا ما كشفته الدراسة التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر.
قد تجدين في الأمر صعوبة ولكن إن عرفت فوائد الصمت لحاولت التطبع به؛ إن الصمت يكسبك ثقة زائدة في النفس في نظر الآخرين الذين يحارون في ردة فعلك ويصعب عليهم فهم ما تريدين قوله وما سيصدر عنك من تصرفات وبهذا تزدادين قوة وجاذبية.
الصمت عند الغضب: إن أصبح الصمت عادة لديك ستستطيعين استخدامه في أكثر المواقف حاجة له وفائدة، وذلك عند نشوب مشكلة بينك وبين زوجك، ويمكنك في هذه الحالة أن تكتفي بالتعبير عن غضبك واستيائك بنظرة معبرة من عينيك.
صمتك من شأنه أن يوقف الآخرين عند حدهم ويضع حداً للمشاكل والمجادلة، فالصمت يرتبط بالحذر ولهذا تأثيرات إيجابية على علاقتك بزوجك لأن المرأة الحذرة في كل كلمة تقولها تكسب احترامها لنفسها واحترام زوجها لها.
المرأة التي تطبق أسلوب الصمت عند الغضب تفسح لنفسها المجال أن تفكر ملياً قبل حصول ردة فعلها المفاجئة، وهكذا تتحكم في نفسها وتركز أكثر في الحبكة المنطقية لمحور النقاش مع الطرف الآخر، ولكن إذا بدأت بالكلام بطريقة انفعالية تقع في أخطاء وتصدر منها ألفاظ قد تندم عليها لاحقاً.
المرأة الصامتة في نظر زوجها أكثر ذكاء وأعمق تفكيراً ويعتبرها إنسانة جديرة بالاعتماد عليها في المواقف الصعبة.
من المعروف أن المرأة التي تجيد الصمت وتستمع أكثر مما تتكلم وترد بكلمات مقتضبة تعجب الرجل ويجذبه غموضها فيحاول التقرب منها لفك هذا الغموض واكتشاف أسرارها، خاصة أن الرجال يعانون من طبع يغلب على كثير من النساء، وهو ولعهن لجلسات القيل والقال والشائعات.
يرى الرجل في المرأة الصامتة مستودعاً أميناً لأسراره، الأمر الذي يجعله يثق بأن ما يقوله لن تعرفه الجارة أو الحماة وربما كل أفراد الحارة.
الصمت في المواقف الصعبة يولد الاحترام
الصمت يعلمك حسن الاستماع الذي تفقده نساء كثيرات
الصمت يدمر أسلحة الشجار لأنه يحرم الطرف الآخر من القدرة على مواصلة الكلام.
صمتك سيخرج زوجك عن صمته.. اعملي بهذه القاعدة لأنك حين تتحدثين وتكثرين الكلام ستخرجين وتفرغين كل ما لديك، بل إنك قد لا تفسحين له المجال للتحدث أو قول ما يريد، ولكن إن صمتت ستضطره إلى الكلام وإخراج ما لديه، وربما سيلجأ إلى ذلك لإخراجك أنت عن صمتك الذي لم يعتده.
25/12/1425
04/02/2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/482)
عمل المرأة المسلمة
الدكتور مسلم اليوسف
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1).
وقال - جل جلاله -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).
أما بعد:
فإن أحسن الكلام كلام الله، - عز وجل -، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [1]
وبعد:
لا تزال قضية عمل المرأة، وخروجها من بيتها وقرارها الشغل الشاغل لليهود والنصارى، ومن سار بركبهم، آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة، ومن هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي، وأصوله، ولعل من أهم تلك الشبهات هي:
1- أن منع المرأة من العمل أو تضييقها في أضيق نطاق هو من الثقافة الاجتماعية السائدة في كثير من البلاد الإسلامية، والتي تؤدي إلى تعطيل لقوة كبيرة من المجتمع، ومن الظلم أن تبقى الإناث فارغات اليد من العمل، عاطلات عن الكسب في البلاد الإسلامية، وهي بحاجة إلى تجنيد كل طاقاتها من الرجال، والنساء لبناء مجتمع الرفاهية والرخاء [2].
2- أن من حق المرأة أن تعمل وتتكسب من أي مهنة شاءت كما يفعل الرجل طالما أن ذلك نابع من رغبتها، وكان لها قدرات على العطاء، والإنتاج ولا تقل عن الرجل في أي شيء، كما أن منعها من العمل لا يواكب روح العصر، ومتطلباته، حيث تقضي ظروف المعيشة الراقية أن تباح للمرأة كافة صنوف الأعمال التي ترغب فيها [3].
3- أن عمل المرأة ينمي الاقتصاد الوطني خصوصاً عندما تحل المرأة الوطنية محل الأيدي العاملة الأجنبية، فتصبح منتجة لا مستهلكة فقط [4].
وللرد على هذه الشبهات وغيرها نبسط القول في عمل المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية.
فالشريعة الإسلامية كقاعدة عامة - لا تمنع أحد من العمل والتكسب، ولكنها تضع الحدود، والضوابط التي تلائم، وتفيد المجتمع وأفراده.
ذلك أن الإسلام قد قسم الأدوار بين المرأة، والرجل تقسيماً عادلاً فريداً لبناء أسرة سليمة تبني في الدارين، فالرجل هو المسؤول عن نفقة أفراد أسرته وتأمين احتياجاتها، فهو يتولى شؤون المنزل الخارجية، ويقع على المرأة مسؤولية العناية بالبيت، والزوج والأولاد، وتوفير الراحة والحنان وتربية الأولاد.
وحيث إن المجتمع الإسلامي والمرأة المسلمة قد تحتاج إلى عمل المرأة ببعض الأعمال، والمهام على سبيل الضرورة، كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها، وطبيبة لمعالجة وتطبيب الإناث، أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها مع مراعاة الضوابط الشرعية والتي من أهمها [5]:
1- ألا يكون لعمل المرأة تأثيراً سلبيا على حياتها العائلية:
عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته" [6].
ذلك أن المرأة راعية لبيتها، ولأولادها وإن عملها خارج بيتها فيه مضيعة للأولاد، وتقصير لحق الزوج، لذلك فإن عملها محرم للفساد الذي ينتجه من خلال عمل المرأة خارج بيتها.
قال الشيخ ابن باز - عليه رحمة الله -: (أن عمل المرأة بعيداً عن الرجال، وكان فيه مضيعة للأولاد، وتقصير بحق الزوج من غير اضطرار شرعي لذلك يكون محرماً؛ لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية، وتعطيل للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال، وتفكك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون، والتكافل.[7])
2- ألا تعمل عملاً فيه محذور شرعي، كالاختلاط والخلوة:
لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 59)
عن أم عطية قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر، والأضحى العواتق، والحيض وذوات الخدور.فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها [8].
فالرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر جميع المسلمات أن تلبس الحجاب إن أردن الخروج، وعند عدمه لا يمكنها أن تخرج.
ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: (( إياكم، والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو، قال الحمو الموت))[9].
عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَقُولُ لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ" [10] [واللفظ لمسلم].
ففي هذه الأحاديث، وغيرها تصريح بعدم إجازة الدخول على النساء، وبعدم الخلوة مع المرأة الأجنبية إلا مع ذي محرم حفاظا على الأعراض، ووقاية من القيل والقال والفتن.
3- ألا يؤثر عملها على عمل الرجال، كأن تكون سببا في قطع رزقه:
فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يعيش هو، ومن تحت جناحيه من هذا العمل، مما يؤدي إلى انتشار البطالة، وتفاقمها في صفوف الرجال.
لقوله - تعالى -: ((الرجال قوامون على النساء)). سورة النساء الآية 34.
ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام )[11].
قال ابن عبد البر: (معنى لا ضرر: لا يدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه، ومعنى لا ضرار لا يضار أحد بأحد) [12].
وقال الخشني: (الضرر الذي لك فيه منفعة، وعلى جارك فيه مضرة، والضرار الذي ليس لك فيه منفعة، وعلى جارك فيه المضرة)[13].
- فالمرأة عندما تعمل دون ضوابط شرعية تجلب منفعة لنفسها لا تتناسب مع المضرة التي تلحقها بغيرها على أحسن وجه، وربما تجلب من جراء عملها الضرر، والمضرة والضرار لها، ولغيرها. إذا لم تراع الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء المعتبرون.
4- أن يتوافق عملها، وطبيعتها الأنثوية:
فقد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي الذي خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفتها الأمومة ملائمة كاملة، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة، وسيدة بيت، وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها، وأسرتها نتائج فادحة في كل مجال.
يقول تقرير الصحة العالمية: (أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وأن فقدان هذه الغاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشر بصورة مريعة في المجتمعات الغربية وطالبت هذه الهيئة الموقرة بتفريغ المرأة للمنزل، وطلبت من جميع حكومات العالم أن تفرغ المرأة، وتدفع لها راتبا شهريا إذا لم يكن لها من يعولها حتى تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها.
وقد أثبتت الدراسات الطبية، والنفسية أن المحاضن، وروضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به [14].
وبعد هذه الشروط والضوابط الشرعية ما هي مجالات العمل المسموح بها للمرأة المسلمة ؟.
لعل خير عمل تعمل به المرأة هي رعاية بيتها، وأولادها وزوجها، كما يمكن أن تعمل في هذه المجالات ضمن الضوابط التي أوردها علماء الأمة المعتبرين:
1- في مجال الدعوة إلى الله - تعالى -:
كداعيات ومعلمات يعلمن النساء أحكام الشريعة الإسلامية بكافة أصولها، وفروعها في المدارس، والمعاهد والجامعات وللحصول على أعلى الشهادات العلمية والتعليمية المعتبرة.
2- مجال العلم، والتعليم العام:
كأن تعمل مدرسة للبنات، فتعلمهن كافة علوم العصر الحديثة التي يحتاجها في حياتهن لأجل مجتمعهن مع مراعاة الضوابط الشرعية.
عن الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا عند حفصة، فقال لي: ألا تعلمين هذه الرقية النحلة [15] كما علميتها الكتابة [16]).
3- في التطبيب: لمعالجة وتطبيب النساء من الأمراض، والحمل والولادة وغيرها.
4- في مجال الشؤون البيتية:
كأن تعمل في خياطة وتفصيل الألبسة النسائية والولادية، وغيرها من المهارات اليدوية المشابهة.
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال: كانت ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكانت من أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثرت بنحرها، وقمت أي كنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر.
وبعد، أليس الأجدر بالمرأة أن تؤدي واجباتها الأساسية كزوجة، وأم، وأخت، لها مسؤولياتها في الأسرة على الوجه الذي رسمه، وحدده لها الشرع الحنيف.
وأليس من الشطط أن يمجد عمل المرأة خارج هذه الضوابط الشرعية من أجل تقليد الغربيات اللواتي لم يحققن من خروجهن على التعاليم الربانية إلا الخراب للبيوت الآمنة، فانحلت الأخلاق، وفسد المجتمع وشرد كثير من الأطفال مما ولد مشاكل عظيمة لدى حكومات الدول الغربية ومن نهج نهجها في أسلوب حياتها في معالجة البطالة وأطفال الزنى والأمراض الجنسية الخطيرة كالأيدز وغيرها ورصدت لذلك مئات الملايين من الدولارات ودون جدوى، وفتكت البطالة في صفوف الرجال.
وبالاطلاع على معطيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية، وغير النفسية يتضح أن هناك عوائقا ذاتية تؤثر على عملها غير الشرعي وذلك للأسباب التالية[17]:
a. أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة المرأة الأصلية وهي الأمومة، كما أن نفسيتها قد خلقت لتكون ربة منزل، بل أن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصه، وتركيبها عن خلايا الرجل. وإذا دققنا النظر في المجهر لنا أن نجد الفروق واضحة بين خلية الرجل وخلية المرأة.. ستون مليون خلية في جسم الإنسان، ومع هذا فإن نظرة فاحصة في المجهر تنبئك الخبر اليقين: هذه خلية رجل، وتلك خلية امرأة، كل خلية فيها موسومة بميسم الذكورة، أو مطبوعة بطابع الأنوثة.
b. أن أعضاء المرأة الظاهرة والخفية، وعضلاتها وعظامها تختلف إلى حد كبير عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة، والخفية كما تختلف عن عضلاته، وعظامه في شدتها وقوة تحملها، وليس هذا البناء الهيكلي، والعضوي المختلف عبثا، إذ ليس في جسم الإنسان، ولا في الكون شيء إلا وله حكمه سواء علمناها، أو جهلناها، وما أكثر ما نجهل، وأقل ما نعلم.
والحكمة في الاختلاف البين في التركيب التشريحي، والوظيفي بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بني ليخرج إلى ميدان العمل ليكدح، ويكافح وتبقى المرأة في المنزل تؤدي وظيفتها العظيمة التي أناطها الله بها، وهي الحمل والولادة، وتربية الأطفال ورعايتهم، وتهيئة عش الزوجية حتى يسكن إليها رب الأسرة عند عودته من خارج المنزل.
قال - تعالى -: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)
وإذا أردنا أن نقلب الموازين، ونقلد أعداء الله، والدين فإننا سنتصادم مع الفطرة التي فطرنا الله عليها، ونتصادم مع التكوين البيولوجي، والنفسي الذي خلقنا الله عليه، وتكون نتيجة تلك المصادمات، وتجاهل التكوين النفسي، والجسدي للمرأة وبالا على المرأة، وعلى المجتمع وسنة الله ماضية.
قال - تعالى -: ((سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب: 62)
و قال عز وحل: ((سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح: 23).
3- وفي مقال نشرته مجلة الريدرز دايجست في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان ((لماذا يفكر الأولاد تفكيراً مختلفاً عن البنات للدكتور ريتشارد ديستاك، جاء ما يلي: -
((أن الصبيان يفكرون بطريقة مغايرة لتفكير البنات رغم أن هذه الحقيقة الناصعة ستصدم أنصار المرأة، والداعين إلى المساواة التامة بين الجنسين.. ولكن المساواة الاجتماعية في رأينا تعتمد على معرفة الفروق في كيفية السلوك، ومعرفة الفروق بين مخ الفتى ومخ الفتاة......
ويعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في سلوك الأولاد عن البنات راجع إلى التوجيه، والتربية في البيت، والمدرسة، والمجتمع التي ترى أن الولد يجب أن يكون مقداماً كثير الحركة بل وتقبل منه أي سلوك عدواني بهز الكتفين بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقة هادئة لطيفة)).
بيد أن الأبحاث تبين الاختلاف بين الجنسين ليس عائداً، فحسب إلى النشأة، والتربية وإنما يعود أيضاً إلى اختلاف التركيب البيولوجي والى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة.
4- يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات التي تمنعها قهريا من العمل، ففي الحيض: تصاب أكثر النساء بآلام، وأوجاع في أسفل الظهر، وأسفل البطن وتكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يستدعي الطبيب، كما تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة، والضيق أثناء الحيض، وخاصة عند بدايته، كما تصاب بعض النساء بالصداع النصفي، وتكون الآلام مبرحة، وتصبها اضطراب في الرؤية، والقيء. كما تصاب الغدد الصماء بالتغير أثناء الحيض فتقل الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض، فتنخفض درجة حرارة الجسم ويبطىء النبض، وينخفض ضغط الدم، وتصاب كثير من النساء بالدوخة، والكسل والفتور.
5- تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوين عاطفي خاص بها لا يشبه تكوين الرجل، وعليه فإن إقحامها في الأعمال الشاقة بدنياً ظلم لها، وإجحاف في حق مجتمعها، لأنه صرف وتوزيع خاطئ لطاقاتها. فعوضا عن توجيهها إلى عمل يناسبها ويناسب طبيعتها نوجهها إلى عمل يناسب غيرها، ويلائمه، ففي هذا تعطيل ظاهر لكفاءات المجتمع وقدراتها.
وبعد بينا بعض معطيات العلوم الحديثة التي كشفت العوائق التي تؤثر على عمل المرأة، فلننظر إلى بعض سلبيات عمل المرأة من دون ضوابط شرعية:
1- ظهور تغيرات في جسم المرأة أفقدتها كثير من أنوثتها.
2- انتشار الاعتداءات والتحرش الجنسي:
أن دراسة ألفي مؤسسة، ومصنع توضح أن الجاذبية الجنسية في المرأة هي أحد الشروط الهامة للحصول على الوظيفة، وخاصة في عاملات التليفون، والاستقبال، والسكرتيرات.
وقد قامت جامعة كورنل عام 1975 باستفتاء عن رأي المرأة العاملة في الاعتداءات، والمضايقات الجنسية أثناء العمل، وقد اشتركت في الاستفتاء نسوة عاملات في مختلف القطاعات، وفي الخدمة المدنية..
وقد أجابت 70 % منهن أنهن قد تعرضن لهذه المضايقات والاعتداءات أثناء العمل، ووصف 56 % منهن هذه الاعتداءات بأنها كانت جسمانية، وخطيرة، وفي يناير عام 1976 م نشرت مجلة (ردبوك) استفتاء شمل تسعة آلاف عاملة أجابت 92% منهن أن الاعتداءات، والمضايقة الجسمية تشكل مشكلة صعبة. وقالت الأغلبية أنها مشكلة خطيرة.. كما أجابت 90 % منهن بأنهن قد وقعن ضحية لهذا الابتزاز الجنسي وقد جربنه بالفعل، لهذا نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم، وعن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد، وإغلاقاً لباب الإثم، وحسما، لأسباب الشر، وحماية للعرض والشرف وصيانة للرجال، والنساء.
فالحمد لله على نعمة الإسلام.
---------
[1] -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبته، ويعلمها أصحابه، وروى هذه الخطبة ستة من الصحابة رضوان الله عليهم وقد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 6/153-156-157، وأبو داود في السنن ج 1/287. برقم 1097. والنسائي في المجتبى، ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى، ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
2- انظر حقبة المرأة السعودية، أميرة كشفري في موقع rat.net www.ala
والمرأة العصرية بين الماضي والحاضر لأحمد طه.
3- انظر بحوث المؤتمر الإقليمي للمرأة ج1/23 عمل المرأة، إعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد.
4- انظر بحوث المؤتمر الإقليمي للمرأة ج1/23 عمل المرأة، إعداد موقع المنبر نشر موقع صيد الفوائد
5- انظر المحاماة في ضوء الشريعة الإسلامية، د. مسلم اليوسف مؤسسة الريان، بيروت، لبنان، 2001م ص131 وانظر عمل المرأة في المحاماة، د. مسلم اليوسف، موقع عودة ودعوة، على شبكة الانترنت.
6- صحيح مسلم، ج3 /1459 برقم 1828 المنتقى لابن الجارود، ج1 /275 برقم 1094 صحيح البخاري ج1/304 برقم 853. صحيح ابن حيان، ج10 / 342 برقم 4490.
7- التبرج وخطورته، للشيخ ابن باز، ص 30-31.
8- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318.
9- صحيح مسلم ج4 / 1711 برقم 2172- صحيح البخاري، ج5 /2005 برقم 4934.
10- صحيح مسلم، ج2/978، برقم 1341 صحيح البخاري ج3/1094 برقم 2844.
11- المعجم الأوسط، للطبراني، ج5/238 برقم 5193
12- التمهيد لابن عبد البر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب 1487هـ، ج20/ 158.
13- التمهيد لابن عبد البر، ج20/ 158.
14- عمل المرأة في الميزان، د. محمد علي الباري، موقع صيد الفوائد، ص 23.
15- النحلة: قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد فتح الباري، ج10 /196.
16- سنن أبي داود، ج4/11 برقم 3887- السنن الكبرى للنسائي، ج4/366 برقم 7543 مسند الإمام احمد، ج6/372، برقم 27140 وصححه الألباني في الجامع رقم 26407.
17- انظر عمل المرأة من إعداد موقع المنبر، ونشر موقع صيد الفوائد، وبيان حقوق المرأة ومنزلتها في الإسلام، ونشر موقف الأمة ومجال عمل المرأة في الإسلام، د. محمد بن احمد الصالح، نشر موقع لها أون لاين وعمل المرأة في الميزان، د. محمد علي البار، نشر موقع صيد الفوائد.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/483)
نصائح للزوجة
لك أنتي سيدتي المحترمة بعض النصائح التي تجعل من حياتك مستقرة ومتجدده.
1-استقبله بابتسامة وكلمة رقيقة عند دخوله المنزل.
2- التزم بمواعيد الخروج والعودة، ولا أشغله في الأمور التافهة.
3- تغيير مواقع ديكور المنزل بين فترة وأخرى.
4- اهتم به عند حديثه معي وأحترم رأيه إذا خالفني.
5- أهيئ له الجو العاطفي دائماً حتى لا يطير مني، لأنه كالطفل يحتاج إلى رعاية دائمة.
7-إن اهتمامي بأولادي أكبر تعبير عن مشاعر حبي تجاه زوجي.
8-عدم تدخلي فيما لا يعنيني في أموره الخاصة.
9-أحدثه ببعض الكلمات التي تعبر عن مدى ثقتي به وخصوصاً أمام المشاكل والأزمات فإنني أبين له مدى تحمله وحسن تصرفه.
10- لا أسمعه كلمة تؤذيه وتعكر صفو حياته، وإذا بدر مني ذلك فإنني أتودد إليه وأعتذر منه.
11-ألبس له الملابس الفاخرة واضع المكياج على وجهي وأختار الألوان التي يحبها.
12-أحضر له الغداء وأعرضه بالطريقة التي يحبها.
13-أشاركه همومه وأحاول أن أعالج مشاكله، وأساعده على التخلص منها.
14-أحاول أن أخفف عنه عندما تمر به الأزمات، بالتذكير برحمة الله وحثه على الصبر.
15-أن أناديه بما يحب وأدلعه، فزوجي يحب ذلك.
16-أحرص أن أكيف نفسي مع طلباته التي لا أرغب في عملها.
17-أحاول أن أشعره بأننا نقدر تعبه وجهده من أجلنا.
18-أحترم رجولته وقوامته.
19-أحترمه أمام أهله وأحافظ على أسراره.
20-أبين له أهميته في حياتي وفي مجال عمله وأثر إنتاجه على المجتمع.
21-أردد عليه [يا حبيبي] ولا أطلب منه المال الكثير.
22-أكون وفيه في تعاملي معه وأن أغفر له بعض أخطائه.
23-لا أسأله أين يذهب وأين يصرف ماله، وأساهم معه في توفير المال.
24-أرحب به إذا دخل المنزل وأقبله وأشاركه الحديث.
25-أشعره بأنه أهم شيء في حياتي، حتى ولو رزقني الله أولاداً كثيرين إلا أنني أتفرغ له وأعطيه ما يحبه
26-أني لا أكتم ما في نفسي، بما يضايقني وأصارحه به وأضحي من أجله، وأتنازل له في بعض المواقف.
27-أن أقدر تقلب نفسيته وأراعيه في الظروف الصعبة التي يمر بها وأقف بجانبه في الأزمات.
28- أشعره بأن الله وفقني به وأنه ملأ حياتي سعادة وبهجة.
29-أن أقدم له ما يرغب به وأحرص على راحته وخصوصاً من الناحية الجنسية ولا أجعله ينفر مني.
30-أشاركه في تحمل بعض أعباء الأسرة من جميع النواحي، ولا أثقل عليه بالطلبات.
31-أحترم أهله وأمدحه أمامهم.
32-أضع يدي في يده إذا جلسنا لوحدنا وأسمعه بعض كلمات الغزل والدلال.
33-أقف عند رأسه عند مرضه وأسهر على راحته وأدعو له.
34-أحتضنه بألفة ومحبة عندما يحتاجني أو عندما يكون متضايق من شيء.
35-أطبخ له الأصناف التي يحبها وأتفنن في عرضها عليه
36-أعامل والديه معاملة حسنة وأكرمهما وأحترمهما.
37-استأذنه عند الخروج من المنزل.
38-أكتم أسرار زوجي ولا أبوح بها وأبين له أنني كتومة من أجله.
39-أحرص أن لا أنام حتى يأتي زوجي إلى المنزل ولو تأخر في الليل.
40-أتحدث معه فيما يحب ويكره، ثم أعمل ما يحب وأبتعد عما يكره فيفهم أنني أعبره له عن مشاعر حبي له.
41-أتجمل له وأتعطر حتى يشتم مني رائحة طيبة ويراني بأجمل صورة وأكرر عليه هذا المشهد حتى ولو لم يمدحني لأن الرجل قليل الكلام والمدح والتعبير عن المشاعر.
42-لا أكثر الطلبات عليه.
43-أشعره برجولته من خلال كلماتي وتصرفاتي معه.
44-أحسن له استقباله لضيوفه وأجهز لهم المكان وأعطره.
45-أبين له أنني قنوعة معه ولست طماعة، فهذا يزيد من ارتباطه بي.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/484)
زينة .. للنساء فقط
شيماء الغامدي
إن الفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوآتها الجسدية والنفسية، وتحرص على سترها ومواراتها..
والذين يحاولون تعرية الجسم من اللباس، وتعرية النفس من التقوى، ومن الحياء من الله ومن الناس؛ والذين يطلقون ألسنتهم وأقلامهم وأجهزة التوجيه والإعلام كلها لتأصيل هذه المحاولة - في شتى الصور والأساليب الشيطانية الخبيثة - هم الذين يريدون سلب "الإنسان" خصائص فطرته، وخصائص "إنسانيته" التي بها صار إنساناً. وهم الذين يريدون إسلام الإنسان لعدوه الشيطان وما يريده به من نزع لباسه وكشف سوآته! وهم الذين ينفذون المخططات الصهيونية الرهيبة لتدمير الإنسانية وإشاعة الانحلال فيها لتخضع لملك صهيون بلا مقاومة. وقد فقدت مقوماتها الإنسانية!
إن العري فطرة حيوانية. ولا يميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان. وإن رؤية العري جمالاً هو انتكاس في الذوق البشري قطعاً. والمتخلفون في أواسط إفريقية عراة. والإسلام حين يدخل بحضارته إلى هذه المناطق يكون أول مظاهر الحضارة اكتساء العراة! فأما في الجاهلية الحديثة "التقدمية " فهم يرتكسون إلى الوهدة التي ينتشل الإسلام المتخلفين منها، وينقلهم إلى مستوى "الحضارة "بمفهومها الإسلامي الذي يستهدف استنقاذ خصائص الإنسان وإبرازها وتقويتها.
والعري النفسي من الحياء والتقوى - وهو ما تجتهد فيه الأصوات والأقلام وجميع أجهزة التوجيه والإعلام - هو النكسة والردة إلى الجاهلية. وليس هو التقدم والتحضر كما تريد هذه الأجهزة الشيطانية المدربة الموجهة أن توسوس! وقصة النشأة الإنسانية في القرآن توحي بهذه القيم والموازين الأصيلة وتبينها خير بيان. }يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ{[الأعراف: 2]
.. فهناك تلازم بين شرع الله في اللباس لستر العورات والزينة، وبين التقوى.. كلاهما لباس. هذا يستر عورات القلب ويزينه. وذاك يستر عورات الجسم ويزينه. وهما متلازمان. فعن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه. ومن لا يستحي من الله ولا يتقيه لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العري.. العري من الحياء والتقوى، والعري من اللباس وكشف السوأة!
إن ستر الجسد حياء ليس مجرد اصطلاح وعرف بيئي - كما تزعم الأبواق المسلطة على حياء الناس وعفتهم لتدمير إنسانيتهم، وفق الخطة اليهودية البشعة التي تتضمنها مقررات حكماء صهيون - إنما هي فطرة خلقها الله في الإنسان؛ ثم هي شريعة أنزلها الله للبشر؛ وأقدرهم على تنفيذها بما سخر لهم في الأرض من مقدرات وأرزاق.
فالله يذكر بني آدم بنعمته عليهم في تشريع اللباس والستر، صيانة لإنسانيتهم من أن تتدهور إلى عرف البهائم!.. ومن هنا يستطيع المسلم أن يربط بين الحملة الضخمة الموجهة إلى حياء الناس وأخلاقهم؛ والدعوة السافرة لهم إلى العري الجسدي - باسم الزينة والحضارة والمودة! - وبين الخطة الصهيونية لتدمير إنسانيتهم، والتعجيل بانحلالهم، ليسهل تعبيدهم لملك صهيون! ثم يربط بين هذا كله والخطة الموجهة للإجهاز على الجذور الباقية لهذا الدين في صورة عواطف غامضة في أعماق النفوس! فحتى هذه توجه لها معاول السحق، بتلك الحملة الفاجرة الداعرة إلى العري النفسي والبدني الذي تدعو إليه أقلام وأجهزة تعمل لشياطين اليهود في كل مكان!
والزينة "الإنسانية " هي زينة الستر، بينما الزينة "الحيوانية " هي زينة العري.. ولكن "الآدميين" في هذا الزمان يرتدون إلى رجعية جاهلية تردهم إلى عالم البهيمة. فلا يتذكرون نعمة الله بحفظ إنسانيتهم وصيانتها!!!
وحين تكون القيم "الإنسانية " والأخلاق "الإنسانية " - كما هي في ميزان الله - هي السائدة في مجتمع، فإن هذا المجتمع يكون متحضراً متقدماً.. أو بالاصطلاح الإسلامي.. ربانياً مسلماً.. والقيم "الإنسانية " والأخلاق "الإنسانية " ليست مسألة غامضة ولا مائعة؛ وليست كذلك قيماً وأخلاقاً متغيرة لا تستقر على حال - كما يزعم الذين يريدون أن يشيعوا الفوضى في الموازين، فلا يبقى هنالك أصل ثابت يرجع إليه في وزن ولا تقييم.. إنها القيم والأخلاق التي تنمي في الإنسان "خصائص الإنسان" التي ينفرد بها دون الحيوان. وتُغلب فيه هذا الجانب الذي يميزه ويجعل منه إنساناً. وليست هي القيم والأخلاق التي تنمي فيه الجوانب المشتركة بينه وبين الحيوان.. وحين توضع المسألة هذا الوضع يبرز فيها خط فاصل وحاسم وثابت، لا يقبل عملية التمييع المستمرة التي يحاولها "التطوريون"! عندئذ لا تكون هناك أخلاق زراعية وأخرى صناعية. ولا أخلاق رأسمالية وأخرى اشتراكية. ولا أخلاق صعلوكية وأخرى برجوازية! لا تكون هناك أخلاق من صنع البيئة ومن مستوى المعيشة، على اعتبار أن هذه العوامل مستقلة في صنع القيم والأخلاق والاصطلاح عليها، وحتمية في نشأتها وتقريرها.. إنما تكون هناك فقط "قيم وأخلاق إنسانية " يصطلح عليها المسلمون في المجتمع المتحضر. "وقيم وأخلاق حيوانية " - إذا صح هذا التعبير - يصطلح عليها الناس في المجتمع المتخلف.. أو بالاصطلاح الإسلامي تكون هناك قيم وأخلاق ربانية إسلامية؛ وقيم وأخلاق رجعية جاهلية! إن المجتمعات التي تسود فيها القيم والأخلاق والنزعات الحيوانية، لا يمكن أن تكون مجتمعات متحضرة، مهما تبلغ من التقدم الصناعي والاقتصادي والعلمي! إن هذا المقياس لا يخطىء في قياس مدى التقدم في الإنسان ذاته.
وفي المجتمعات الجاهلية الحديثة ينحسر المفهوم الأخلاقي بحيث يتخلى عن كل ما له علاقة بالتميز الإنساني عن الحيوان. ففي هذه المجتمعات لا تعتبر العلاقات الجنسية غير الشرعية - ولا حتى العلاقات الجنسية الشاذة - رذيلة أخلاقية! إن المفهوم "الأخلاقي" ينحصر في المعاملات الشخصية والاقتصادية والسياسية - أحياناً في حدود مصلحة الدولة! - والكتاب والصحفيون والروائيون وكل أجهزة التوجيه والإعلام في هذه المجتمعات الجاهلية تقولها صريحة للفتيات والزوجات والفتيان والشبان: إن الاتصالات الجنسية الحرة ليست رذائل أخلاقية!
مثل هذه المجتمعات مجتمعات متخلفة غير متحضرة - من وجهة النظر "الإنسانية ". وبمقياس خط التقدم الإنساني.. وهي كذلك غير إسلامية.. لأن خط الإسلام هو خط تحرير الإنسان من شهواته، وتنمية خصائصه الإنسانية، وتغلبها على نزعاته الحيوانية...
إن مشركي العرب وهم - على شركهم - لم يكونوا يتبجحون تبجح الجاهليات الحديثة التي تقول: ما للدين وشؤون الحياة؟ وتزعم أنها هي صاحبة الحق في اتخاذ الأوضاع والشرائع والقيم والموازين والعادات والتقاليد من دون الله! إنما كانوا يفترون الفرية، ويشرعون الشريعة، ثم يقولون: الله أمرنا بها! وقد تكون هذه خطة ألأم وأخبث، لأنها تخدع الذين في قلوبهم بقية من عاطفة دينية؛ فتوهمهم أن هذه الشريعة من عند الله.. ولكنها على كل حال أقل تبجحاً ممن يزعم أن له الحق في التشريع للناس بما يراه أصلح لأحوالهم من دون الله!
ليس لإنسان أن يزعم عن أمر أنه من شريعة الله، إلا أن يستند إلى كتاب الله وإلى تبليغ رسول الله. فالعلم المستيقن بكلام الله هو الذي يستند إليه من يقول في دين الله.. وإلا فأي فوضى يمكن أن تكون إذا قدم كل إنسان هواه، وهو يزعم أنه دين الله!!
إن الجاهلية هي الجاهلية. وهي دائماً تحتفظ بخصائصها الأصيلة. وفي كل مرة يرتد الناس إلى الجاهلية يقولون كلاماً متشابهاً؛ وتسود فيهم تصورات متشابهة، على تباعد الزمان والمكان.. وفي هذه الجاهلية التي نعيش فيها اليوم لا يفتأ يطلع علينا كاذب مفتر يقول ما يمليه عليه هواه ثم يقول: شريعة الله! ولا يفتأ يطلع علينا متبجح وقح ينكر أوامر الدين ونواهيه المنصوص عليها، وهو يقول: إن الدين لا يمكن أن يكون كذلك! إن الدين لا يمكن أن يأمر بهذا! إن الدين لا يمكن أن ينهى عن ذاك،.. وحجته هي هواه!
إن الدين لم يجعل المسألة فوضى، يقول فيها كل إنسان بهواه، وأمر بأن تكون الدينونة خالصة لله، والعبودية كاملة، فلا يدين أحد لأحد ولا يخضع أحد لأمر أحد.
إن الدينونة لله تحرر البشر من الدينونة لغيره؛ وتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده. وبذلك تحقق للإنسان كرامته الحقيقية وحريته الحقيقية، هذه الحرية وتلك اللتان يستحيل ضمانهما في ظل أي نظام آخر - غير النظام الإسلامي - يدين فيه الناس بعضهم لبعض بالعبودية، في صورة من صورها الكثيرة. فكلها عبودية، وبعضها مثل بعض، تخضع الرقاب لغير الله، بإخضاعها للتلقي في أي شأن من شؤون الحياة لغير الله".
والناس لا يملكون أن يعيشوا غير مدينين! لا بد للناس من دينونة. والذين لا يدينون لله وحده يقعون من فورهم في شر ألوان العبودية لغير الله؛ في كل جانب من جوانب الحياة! إنهم يقعون فرائس لأهوائهم وشهواتهم بلا حد ولا ضابط. ومن ثم يفقدون خاصتهم الآدمية ويندرجون في عالم البهيمة:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ}[محمد: 12]
ولا يخسر الإنسان شيئا كأن يخسر آدميته، ويندرج في عالم البهيمة، وهذا هو الذي يقع حتما بمجرد التملص من الدينونة لله وحده، والوقوع في الدينونة للهوى والشهوة.
إن العبودية للعبيد لا تقف عند حدود العبودية للحكام والرؤساء والمشرعين.. فهذه هي الصورة الصارخة، ولكنها ليست هي كل شيء!.. إن العبودية للعباد تتمثل في صور أخرى خفية؛ ولكنها قد تكون أقوى وأعمق وأقسى من هذه الصورة! ونضرب مثالا لهذا تلك العبودية لصانعي المودات والأزياء مثلا! أي سلطان لهؤلاء على قطيع كبير جدا من البشر؟.. كل الذين يسمونهم متحضرين.. ! إن الزي المفروض من آلهة الأزياء - سواء في الملابس أو العربات أو المباني أو المناظر أو الحفلات... الخ.. ليمثل عبودية صارمة لا سبيل لجاهلي ولا لجاهلية أن يفلت منها؛ أو يفكر في الخروج عنها! ولو دان الناس - في هذه الجاهلية "الحضارية! " لله بعض ما يدينون لصانعي الأزياء لكانوا عبادا متبتلين!.. فماذا تكون العبودية إن لم تكن هي هذه؟ وماذا تكون الحاكمية والربوبية إن لم تكن هي حاكمية وربوبية صانعي الأزياء أيضا؟!
وإن الإنسان ليبصر أحيانا بالمرأة المسكينة، وهي تلبس ما يكشف عن سوآتها، وهو في الوقت ذاته لا يناسب شكلها ولا تكوينها، وتضع من الأصباغ ما يتركها شائهة أو مثارا للسخرية! ولكن الألوهية القاهرة لأرباب الأزياء والمودات تقهرها وتذلها لهذه المهانة التي لا تملك لها ردا، ولا تقوى على رفض الدينونة لها، لأن المجتمع كله من حولها يدين لها. فكيف تكون الدينونة إن لم تكن هي هذه؟ وكيف تكون الحاكمية والربوبية إن لم تكن هي تلك؟!
لقد جاء على المسلمين زمان - ما نزال نعانيه - ضعفوا فيه عن حماية أنفسهم، وعن حماية عقيدتهم، وعن حماية نظامهم، وعن حماية أرضهم، وعن حماية أعراضهم وأموالهم وأخلاقهم. وحتى عن حماية عقولهم وإدراكهم! وغير عليهم أعداؤهم الغالبون كل معروف عندهم، وأحلوا مكانه كل منكر فيهم.. كل منكر من العقائد والتصورات، ومن القيم والموازين، ومن الأخلاق والعادات، ومن الأنظمة والقوانين... وزينوا لهم الانحلال والفساد والتوقح والتعري من كل خصائص "الإنسان" وردوهم إلى حياة كحياة الحيوان.. وأحيانا إلى حياة يشمئز منها الحيوان.. ووضعوا لهم ذلك الشر كله تحت عنوانات براقة من "التقدم" و "التطور" و "العلمانية " و "العلمية " و "الانطلاق" و "التحرر" و "تحطيم الأغلال" و "الثورية " و "التجديد".... إلى آخر تلك الشعارات والعناوين.. وأصبح "المسلمون" بالأسماء وحدها مسلمين. ليس لهم من هذا الدين قليل ولا كثير. وباتوا غثاء كغثاء السيل لا يمنع ولا يدفع، ولا يصلح لشيء إلا أن يكون وقودا للنار.. وهو وقود هزيل!.. "اهـ
فقرات أنقلها لك من "دستور الأسرة في ظلال القرآن " تعبر جيداً عن المراد من المقال. رحمة الله على المجدد صاحب الظلال.. بدون تصرف...
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/485)
الرياضة النسائية
دين الإسلام دين شامل لجميع مناحي الحياة، متناولها لها تناولاً متوازناً بديعاً، ولم يترك شاردة ولا واردة تهم المسلم في دينه ودنياه إلا ووضحها أو أشار إلى حكمها، وهذا سر كبير من أسرار تفوق دين الإسلام على غيره من المذاهب ومحرفات الأديان، وهذا الشمول من الأسباب الكبيرة التي أكسبت الإسلام الخصيصة الكبرى ببقائه إلى آخر الزمان صالحاً لكل الناس في مختلف البلدان.
ومن جملة اهتمامات الإسلام بحال الناس وما يصلح لهم تناوله لمسألة الرياضة، فقد ورد في الكتاب والسنة وأخبار السلف - رضي الله عنهم - ما يكفي ويشفي في هذه المسألة المهمة، وقد جاء في الكتاب العزيز قوله - تعالى -: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، والرياضة إعداد للقوة وتمهيد للأخذ بأسبابها، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير) والرجل والمرأة في الخبرين السابقين سواء، إذ ليس المقصود بالقوة ها هنا ضخامة الجسد وعظمه لكن المقصود صلاحه وقدرته على الوقوف في وجه مصاعب الحياة وأهوالها، ولقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل لأمته في هذا الباب فقد كان يسابق عائشة فيسبقها أولاً ثم سبقته ثانياً رضي الله - تعالى -عنها، وكان قد سير جيشاً أمامه حتى تخلو لهم ساحة السباق، وكان بعض النسوة يجاهدن في المعارك فلو لم يكنّ مؤهلات بدنياً لما استطعن الوقوف في ساحات الوغى.
والرياضة النسائية مطلوبة في عصرنا هذا لجملة أسباب، منها:
1- إعداد الفتيات بدنياً لتحمل مشاق الحياة مستقبلاً وتولي مسؤوليات البيوت، وتجاوز متاعب الحمل والولادة، ونرى كثيراً من الفتيات الضعيفات لا يكدن يصبرن على ما ذكرته ولا يقوين عليه.
2- ما نشاهده ونلاحظه من السمنة المنتشرة بين الفتيات على وجه عجيب، وهذه السمنة لا مبرر لها إلا كثرة الأكل وقلة الحركة، والرياضة سبيل للتخلص من هذا الأمر المعيب، والذي قد أثقل الفتيات كثيراً وأخلدهن إلى الكسل والدعة والتعلق بتوافه الأمور، خاصة في الأسر المقتدرة التي يكثر فيها الخادمات، واللواتي يقمن بعمل كل شيء من أعمال البيت تقريباً.
3- اغتنام فوائد الرياضة التي ذكرها الأطباء، وليست الفائدة بدنية فقط بل هي بدنية ونفسية وعقلية، وتساهم كثيراً في تحقيق الترويح المطلوب، المذهب للعناء والجالب لأنواع من الارتياح النفسي.
4- الرياضة الجماعية المنزلية تحقق كثيراً من الأهداف الأسرية، خاصة إن شارك الوالد والوالدة الأبناء والبنات، فهذا يساعد على تنمية العلاقات الأسرية، وإتاحة الفرصة المناسبة لإزالة بعض العوائق عن العلائق الأسرية التي نحن بأشد الحاجة في عصرنا هذا إلى تنميتها وإقامتها على دعائم من الود والعطف وتبادل الآراء والاستماع إلى الطرف الآخر، وهذا كله مقاوم للانحراف في أفراد الأسرة وعامل مهم في استقرارها.
والرياضة النسائية جائزة شرعاً بضوابط، وهي:
1- ألا تكون هذه الرياضة من جملة الرياضات التي حذر منها الأطباء والمختصون نحو رياضات المصارعة والملاكمة التي تعود على البدن بأفدح الأضرار.
2- ألا تكون الرياضة مما تنكشف بها العورات أو تظهر على وجه فاضح كالباليه مثلاً.
3- ألا تكون الرياضة من العنف أو الصعوبة بحيث تعرض المرأة خاصة لأضرار في جسدها، أو تمس شيئاً مما انفردت به من الخِلقَة بتهتك أو تمزق.
4- ألا تكون على وجه من التنافس جالب للعداوات، أو السب والشتم وسيء الكلام، ولا بأس بأن يكون هناك شيء من التنافس والتسابق لكن على ألا يكون جالباً لما ذكرته.
5- أن تحذر المرأة من النوادي الرياضية الحديثة التي تجتمع فيها النساء وتكشف فيها العورات، وقد يحصل فيها تصوير خفي، فمثل هذه النوادي لا يصح للمرأة أن ترتادها بدعوى الرياضة، وهناك استثناء وحيد وهو أن تعلم المرأة أن القائم على نادٍ معين يحرص على وضع الضوابط الشرعية الملائمة لإحكام سير النادي على هيئة لا تخالف الشرع المطهر، فمثل هذا قد يظهر القول بجوازه لكن يبقي الحذر قائماً من ضعاف النفوس الذين يرتادون هذه النوادي.
6- أن تحذر المرأة من الخروج منفردة من البيت بدعوى التريض والسير في الطرقات، فإن الذئاب يتربصون بمثلها وينتهزون هذه الفرصة للإيقاع بها، فعليها إن أرادت فعل هذا أن تخرج مع أحد محارمها أو مجموعة من النساء يرتدع بهن ضعاف النفوس.
ختاماً، ينبغي عدم إطلاق القول بتحريم ممارسة المرأة الرياضة، وينبغي أيضاً عدم إطلاق جوازها، بل التوسط هو سمة الإسلام ومنهج أهله الكرام، والله - تعالى -أعلم.
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/486)
أختاه : أترضين أن تكوني ملعونة
أُختاه: هذه كلمات يسيرة من مشفق، فأرجو أن تقبليها...
أُختاه: إن بعض الأخوات قد تتساهل في أمر تظنه يسير وتتهاون به، وهي لا تدري أنها قد تعرضت بفعلها لهذا الأمر إلى سخط الله ولعنه، وهي التي تطمع في الجنة والنجاة من النار، واللعن يا أُختاه هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله...
ولا أظن أن عاقلةً ترضى أن تُصبح ملعونة، وتُمسي ملعونة، وقد تلقى الله وهي ملعونة.. كيف لا؟ وهذا أمر إنما هو طاعة الشيطان ومعصية الرحمن، وهذا هو الشيطان يُخبر الله عنه بقوله{ولأمرنهم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (النساء: من الآية119) وخلق الله هي الفطرة التي خلق الله عليها الإنسان.
و الله أخبر أنه خلق الإنسان في أحسن صورة وهيئة {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين: 4) فلماذا تسعى البعض إلى تغيير خلق الله؟ وخاصة إن هذا التغيير موجبٌ للطرد من رحمة الله.
أُختاه: إن هذا التغيير هو ما يسمى بالشرع بالنمص، وهو حف شعر الحواجب من ترقيق وتحديد وتخفيف وغير ذلك، فهذا الفعل اليسير كما تراه البعض، إنما هو موجب للإبعاد من رحمة الله - عز وجل -، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (لعن الله النامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والواصلة والمستوصلة، والمتفلجات للحسن) رواه البخاري، فهذه أمور تعرضكِ لعذاب الله والطرد من رحمته، فاحذريها.
أُختاه: ما هي الغاية من الجمال - المزعوم- إذا كان سبباً للعن الله؟!
أُختاه: كيف يكون جمالاً وهو تغيير لخلق الله؟ ومن أسباب التعرض للعن الله، وهو معصية للرحمن، وطاعة للشيطان، وإضاعة للمال والوقت، وربما الصلاة من أجل جمال زائف.. !! فاحذري أُختاه وتعقلي..
أُختاه: لا يغرنّكِ كثرة الساقطات في الجمال المزعوم، فإن نظرةً واحدةً إلى تلكم النامصة سوف تعرفين قدر نعمة الله عليكِ، فإنكِ صُنتي جمالكِ بحجابكِ وحيائكِ وطاعة ربكِ، وغيركِ قد تعرضت لأسباب اللعن... أنتِ إلتزمتي طاعة ربكِ، وغيركِ إلتزم طاعة الشيطان.. فهل يستويان؟!!
أُختاه: احذري أن يفجاءك الموت وأنتِ على هذه الكبائر، فإن الموت كما ذهب لغيركِ وتعداكِ، سوف يتعدى غيركِ ويأتيكِ، فبادري بالتوبة النصوح قبل حلول الموت، واعلمي أن من تاب تاب الله عليه {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر: 53)..
وختاماً أُختاه: بعد هذا، أترضين أن تكوني ملعونة.. ؟!!.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/487)
القوامة
الدكتور مسلم بن محمد جودت اليوسف
إن الحمد لله نحمده، و نستعينه، و نستهديه و نستغفره، ونسترشده، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
و قال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1).
وقال - جل جلاله -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).
أما بعد:
فإن أحسن الكلام كلام الله، - عز وجل -، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار. [1]
و بعد:
حاول الكثير من أعداء الإسلام التشنيع على الدين الإسلامي من خلال آية القوامة كدليل على التمييز ضد المرأة، و لعل أطرف ما قيل [2]:
1- أن الإسلام قد سلب المرأة حريتها، و أهليتها و ثقتها بنفسها إذ جعل الرجل قواما على المرأة.
2- أن القوامة تمثل بقايا من عهد استعباد المرأة و إذلالها، يوم أن كانت المرأة كما مهملا في البيت، و فكرة مجهولة في المجتمع و أماً ذليلة مهينة للزوج.
3- ليس من المستساغ، و لا من العدل أن ينفرد الرجل بالقوامة، و رياسة الأسرة من دون المرأة، و هي قد حطمت أغلال الرق، و الاستعباد، وتساوت مع الرجل في كل الحقوق، و الالتزامات.
و للرد على هذه الشبهات والمغالطات، نرى أن نبسط القول في قوامة الرجل على المرأة في الشريعة الإسلامية:
قال - تعالى -: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء: 34)
إن القوامة في الشريعة الإسلامية ما هي إلا آلية تنظيمية تفرضها ضرورة السير الآمن للأسرة المسلمة القائمة بين الرجل، و المرأة و ما ينتج عنهما من نسل طيب، و ما تستتبعه من تبعات.
و في شأن القوامة ما بين الرجل و المرأة هناك فروض ثلاثة: فإما أن يكون الرجل هو القيم، أو تكون المرأة هي القيم، أو يكونا معا قيمين.
و حيث إن وجود رئيسين للعمل الواحد يؤدي إلى التنازع والإفساد، لذلك سنستبعد هذا الفرض منذ البدء.
قال - تعالى -: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء: 22).
و الفرض الثاني - أن تعطى المرأة القوامة، و رئاسة الأسرة:
و الأم - كقاعدة عامة- عاطفية انفعالية تتغلب عاطفتها على عقلها في أي أزمة تمر بها هي، أو أحد أفراد أسرتها، و الذي يدبر أموره، و أمور غيره بالانفعال كثيرا ما يحيد عن الطريق المستقيم، و يعرض نفسه، وغيره لأزمات كان بالإمكان تخطيها، و عدم الوقوع بها.
و العاقل الذي لا يحكمه هواه يستبعد هذا الفرض الذي لا يصلح لقوامة، و رياسة الأسرة.
قال الشيخ محمد قطب - حفظه الله -: (أن المرأة ذاتها لا تحترم الرجل الذي تسيره فيخضع لرغبتها بل تحتقره لفطرتها، و لا تقيم له أي اعتبار، فهذه هي المرأة الأمريكية بعد أن ساوت الرجل مساواة كاملة، و صار لها كيان ذاتي مستقل عادت فاستعبدت نفسها للرجل فأصبحت هي التي تغازله، وتتلطف له ليرضى! و تتحسس عضلاته المفتولة، و صدره العريض، ثم تلقي بنفسها بين أحضانه حيث تطمئن إلى قوته بالقياس إلى ضعفها [3].
و حيث إننا استبعدنا الفرض الأول والثاني لم يبق إلا الفرض الذي حكم به الإسلام لسببين:
1- أن الرجل بناء على طبيعته التي خلقه الله - تعالى - عليها يتمتع بقدرات جسمية، و عقلية أكبر بكثير على - وجه العموم - من المرأة التي تكون عادة أقل حجما وقوة، و يتحكم بانفعالاتها و أفعالها، العواطف الإيجابية و السلبية أكثر من حكمة العقل ورجحانه.
(و قد أثبتت الأبحاث الطبية أن دماغ الرجل أكبر من دماغ المرأة، و أن التلافيف الموجودة في مخ الرجل هي أكثر بكثير من تلك الموجودة في مخ المرأة، و تقول الأبحاث أن المقدرة العقلية و الذكاء تعتمدان إلى حد كبير على حجم، و وزن المخ و عدد التلافيف الموجودة فيه ) [4].
2- الإسلام فرض على الزوج الإنفاق على أسرته بالمعروف، كما كلفه بدفع المهر، و غيره من الالتزامات، و الواجبات، و ليس من العدالة و الإنصاف في شيء أن يكلف الإنسان بالإنفاق على أسرته دون أن يكون له حق القوامة، و الإشراف و التربية.
و قد ذكر الله - سبحانه وتعالى- إلى هذين السببين الرئيسيين لاختيار الإسلام الرجل للقوامة.
بقوله - تعالى -: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء: 34)
قال الإمام ابن كثير - عليه رحمة الله -: (أي هو رئيسها، وكبيرها و الحاكم عليها و مؤدبها إذ اعوجت، بما فضل الله بعضهم على بعض أي لأن الرجال أفضل من النساء و الرجل خير من المرأة، و لهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، و كذلك الملك الأعظم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لم يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة... )[5]. و كذا منصب القضاء، وغير ذلك، (و بما أنفقوا من أموالهم) أي من المهور، و النفقات و الكلف التي أوجبها الله عليهن في كتابه، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، و له الفضل عليها، والإفضال، فناسب أن يكون قيما عليها كما قال الله - تعالى -: (و للرجال عليهن درجة).
و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهم -: (الرجال قوامون على النساء) ((يعني أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته، و طاعته أن تكون محسنة لأهلها حافظة لماله))[6]
و قال الإمام البغوي - عليه رحمة الله -: (بما فضل الله بعضهم على بعض)، يعني الرجال على النساء بزيادة العقل، و الدين و الولاية، و قيل: بالشهادة، لقوله - تعالى -: (فإن لم يكونا رجلين فرجل و امرأتان، و قيل بالجهاد و قيل بالعبادات من الجمعة و الجماعة، و قيل هو الرجل ينكح أربعا. و لا يحل للمرأة إلا زوج واحد، و قيل: بأن الطلاق بيده، و قيل: بالميراث، و قيل: بالدية، و قيل، بالنبوة) [7].
و قال البيضاوي - عليه رحمة الله -: (الرجال قوامون على النساء): يقومون عليهن قيام الولاية على الرعية وعلل ذلك بأمرين، و هبي، وكسبي، فقال: (بما فضل الله بعضهم على بعض)، بسبب تفضيله - تعالى - الرجال على النساء بكمال العقل، و حسن التدبير، و مزيد القوة في الأعمال و الطاعات، و لذلك خصوا بالنبوة و الإمامة و الولاية، و إقامة الشعائر و الشهادة في المجامع القضايا، و وجوب الجهاد و الجمعة و نحوها، و زيادة السهم في الميراث، و بأن الطلاق بيده (و بما أنفقوا من أموالهم في نكاحهن كالمهر، و النفقة) [8].
فالإسلام إذا جعل القوامة للرجل على المرأة، لم يشرع استبداد الرجل بالمرأة، و لا بإرادة الأسرة، ولم يرد أن تكون تلك القوامة سيف مسلط على المرأة، و إنما شرع القوامة القائمة على الشورى، و التعاون و التفاهم، و التعاطف المستمر بين الزوج و زوجته.
قال - تعالى - ((و عاشروهن بالمعروف))[9] سورة النساء من الآية 19.
و لقوله - صلى الله عليه وسلم - (خيركم خير للنساء ولبناته))[10]
و لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و ألطفه بأهله))[11].
و لقوله - صلى الله عليه وسلم - (الصلاة الصلاة، و ما ملكت إيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء، فإنهن عوان بين أيديكم أخذتموهن بأمانة الله، و استحللتم فروجهم بكلمة الله) [12].
و لا يمكننا أن ننسى قول رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - (رفقا بالقوارير) [13].
ضوابط القوامة:
إن القوامة في الشريعة الإسلامية لها مدى تقف عنده، و تنتهي إليه، فهي لا تمتد إلى حرية الدين، و المعتقد، فليس للزوج أن يكره زوجته على تغير دينها إذا كانت كتابية و لا أن يجبرها على اتباع مذهب معين، أو اجتهاد محدد من الاجتهادات الفقهية إذا كانت من أهل القبلة مادام هذا الرأي لا يعتبر بدعة مضلة، و لا يخالف الحق و أهله.
كما لا تمتد القوامة إلى حرية المرأة في أموالها الخاصة، و لا في المساواة بينها و الرجل في الحقوق التي أراد الله فيها المساواة، و ليس لها طاعته إذا ارتكب معصية، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا طاعة لأحد في معصية الله -- تبارك وتعالى --). [14]
فإذا كانت قوامة الرجل لا تمتد إلى الحقوق الأساسية للإنسان فما الذي يخيف دعاة ما يسمى بتحرير المرأة في قوامة الرجل؟
فماذا يريدون للمرأة أفضل، و أكرم من تلك المكانة المرموقة التي بوأها الإسلام إياها إن كانوا حقا ينشدون خيرا للمرأة كما يزعمون؟.
الحقيقة أنهم لا يريدون ذلك بل يريدون تحطيم ذلك الحصن المنيع للمرأة المسلمة المتمثل (في قوامة الرجل) الذي جعله الإسلام قلعة لحماية المرأة من عاديات الزمان وتقلباته، و رجاله.
ذلك أن موضوع تشريع الحقوق، و الواجبات لو أوكل إلى الإنسان لشرع من الحقوق ما لا يناسبه، و قد يأتي تشريعه تسلطا على الآخرين هذا من جانب، و من جانب آخر لا توجد الضمانات التي تحمل الآخرين على قبول رأيه، و تشريعه للحقوق، و هو إنسان مثلهم، و خاصة مثل هذه التشريعات قد تأتي وسيلة للتحكم، و استغلال الآخرين.
أما عندما تكون من عند الله - تعالى -، يتساوى أمامها الجميع وتبرأ من الشهوة و الهوى، و تحقق الاستقرار، و تنسخ فكرة أن يتخذ الناس بعضهم أربابا من دون الله إلى جانب ما يمتاز به الحق الذي شرعه الله، و منحه من القدسية الثواب والعقاب في الدنيا و الآخرة.
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة: 286).
كيف تقاوم هذه البدع
((بدعة ما يسمى بالقضاء على التمييز ضد المرأة))
كيف تقاوم هذه البدع التي تريد هلاك النسل، و الحرث، وخصوصاً أن دعاتها كثيراً ما ينفذون ما يريدون، وفقاً لخطة مدروسة ومرسومة، فنراهم يحددون أهدافهم و يجيدون صناعة، و صياغة المبررات للإقناع البسطاء، و من في قلبه هوى.
قال الإمام الشاطبي - عليه رحمة الله -: (و لا تجد مبتدعاً ممن ينتسب إلى الملة إلا و هو يستشهد على بدعته بدليل شرعي، فينزله على ما وافق عقله، و شهوته)) [15]
كما نراهم يثيرون هذه البدع في فترات محددة بتكاتف، و تجمع مع كل أهل البدع و الأهواء، و ضعاف الدين و العقل.
فحقيق على أهل العلم، و الفضل، أن يقابلوا هؤلاء بخطط مضادة، مدروسة وفق منهج علمي سليم يجمع ما بين الاستدلال الشرعي الصحيح، و العقلي السليم مستفيدين من التجارب السابقة لمقاومة، و مقارعة أمثال هؤلاء، لأن أكبر أسباب انتشار و قبول بعض القوم لهذه البدع هو تعدد أساليبهم الإقناعية الخبيثة، و ضعف طرقنا و أساليبنا، و تشتتها مقارنة مع، وسائل هؤلاء و طرقهم.
و كي لا تتكرر الأخطاء، و الإخفاقات بحقنا و نجاحات أهل البدع و الأهواء نضع هذا المنهج البسيط وفقاً لما يلي:
1- تحديد أهداف أهل البدع (دعاة التغريب و تحرير المرأة و مساواتها بالرجل) بدقة متناهية، و معرفة جميع الوسائل التي تساعدهم على تحقيق أهدافهم.
2- معرفة حقيقة موقفهم الحالي وفق ما تحقق، و ما لم يتحقق.
3- وضع الحلول المناسبة لصد تلك الهجمات.
4 التحصين داخليا وذلك بنشر العلم الشرعي وخاصة بين نسائنا فلإنسان عدو ما يجهل
أولاً: تحديد أهداف أهل البدع، والأهواء:
لعل أوضح أهداف دعاة تحرير المرأة ودعاة القضاء على كافة أشكال التمييز بحسب زعمهم بما يلي:
1- نزع حجاب الوجه كهدف قريب، ثم القضاء عليه كله كهدف بعيد، وتشريع قوانين موجبة لهذا الإجراء، بحيث تصبح أي معارضة لنزع حجاب المرأة مخالفة للقوانين والنظم المرعية. كما حدث في الكثير من البلدان مثل تركيا وفرنسا وتونس وكان تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام 2002 قد تحدث عن الحملات الأمنية والإدارية ضد المحجبات التونسيات، وجاء فيه أن العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتم تجريد العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب.
كما أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كانت قد ذكرت في 28-5-2003 أن عددًا من طالبات التعليم الثانوي مُنعن من اجتياز امتحانات نهاية العام بسبب ارتدائهن للحجاب. يذكر أنه في عام 1981 أصدرت السلطات التونسية قانونا يعتبر الحجاب زيا طائفيا. ومنذ ذلك الحين والحكومة تلتزم بهذا القانون، إلا أنه تم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات الحكومية منذ مطلع العقد الماضي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج، خصوصا من جانب المنظمات الحقوقية التي ترى في منع الحجاب والتضييق على المحجبات تدخلا في الحرية الشخصية للمواطنين.
2- تشجيع الاختلاط في كل مراحل التعليم، وخصوصاً المرحلة الابتدائية كهدف قريب، ثم فرض الاختلاط في كل مراحل التعليم وغير التعليم كهدف بعيد.
3- تشجيع المرأة على العمل بالنشاطات المختلفة كالإعلام، و المهرجانات، و غرف التجارة و الصناعة، و جعل هذه المشاركة مقبولة، و مرغوبة من كل طبقات المجتمع كهدف قريب، ثم ترسيخ هذا العمل رسمياً كهدف بعيد.
4- تشجيع المرأة على الخوض في غمار العمل السياسي، و إقرار حق الانتخاب كخطوة أولى، ثم إقرار حق الترشيح لمجالس النواب و الشعب... الخ كهدف قريب، ثم السماح لها للعمل بالقضاء، و المحاماة، و تولي الوزارات، و غيرها من المناصب و الولايات السياسية و الاقتصادية، و الاجتماعية كهدف بعيد.
5- الترويج لفكرة المساواة ما بين المرأة، و الرجل في كل شؤون الحياة كهدف قريب، ثم رفع القوامة، قوامة الرجل عن المرأة، و منحها حقوقاً و التزامات تساوي حقوق و التزاماته بعيداً عن أية ضوابط شرعية صحيحة كهدف بعيد.
ومن أجل تنفيذ خططهم الخبيثة نراهم كثيراً ما ينسبون تغطية الوجه و الرأس و منع الاختلاط و القوامة، إلى العادات و التقاليد و الثقافة السائدة بحسب زعمهم، و اتهام كل من يعارضهم، أو يقف بوجههم بالجهل، و التخلق، و عدم الفهم الصحيح للإسلام، و أنه لا يريد مصلحة البلاد، و لا العباد ولا يريد التقدم الاقتصادي والرفاهية للمجتمع.
فهؤلاء يعزفون على وتر الاقتصاد و الفقر و الحاجة، مستغلين حاجة الناس إلى المال، و العمل، وحرص بعض المسؤولين على تحسين الأداء الاقتصادي، وكل هذا لا يمكن أن يكون بحسب زعمهم إلا بنزع الحجاب، و مشاركة المرأة للرجل في كل أصناف العمل و ألوانه و تدرجاته.
ثانياً - وضع الحلول المناسبة، لصد ووقف تلك الدعوات، ثم القضاء على هذه الأفكار، و الهجمات التي يشنها الغرب، و من يسير بركبهم من دعاة تحرير المرأة و تغريبها و مساواتها بالرجل:
أهم الأسلحة التي يجب استعمالها لمحاربة بدع هؤلاء، و أفكارهم:
1- نشر الدعوة السلفية القائمة على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، و لن يفترقا حتى يردا على الحوض)) [16].
و قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها، و عضوا عليها بالنواجذ، و إياكم و محدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة)) [17].
2- تفعيل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي، لأن كل شر يقع على هذه الأمة لا بد أن يكون بسبب ذنب جنته فعاقبها الله - تعالى - بذنبها.
قال الله - تعالى -: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران: 110)
وقال - تعالى -: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير ٍ) (الشورى: 30).
مقاطعة بضائع الدول التي تروج لهذه البدع، وتدعم أهل الأهواء:
فللمقاطعة الأثر الحسن إذا ما استمرت و عممت في ردع هؤلاء و مناصريهم.
3- نشر و دعم التعليم الشرعي بكل مراحله لتخريج دعاة يحبون الله و رسوله ومتسلحين بالعلوم القرآنية و النبوية، وغيرها من المعارف العصرية التي تساعدهم على نشر الدعوة السلفية، و مقارعة أهل البدع و الأهواء و مناصريهم.
وأخيراً أختم هذا المبحث بقوله - تبارك تعالى -:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة: 214)
وقوله - تعالى -: ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر: 51)
----------
[1] -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبته، و يعلمها أصحابه، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة رضوان الله عليهم و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 6/153-156-157، وأبو داود في السنن ج 1/287. برقم 1097. و النسائي في المجتبى، ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى، ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
2- شبهات حول الإسلام، محمد قطب، دار الشروق، بيروت، ص 121- وانظر قوامة الرجل على المراة موقع is lamunveileol.
3- شبهات حول الإسلام، محمد قطب، ص 122.
4- عمل المراة في الميزان، د. على البار، موقع صيد الفوائد.
5- وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري ج6/2600 برقم 6686 (عن أبي بكرة، قال: لقد نفعني الله بكلمة أيام الحمل لما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فارسا ملكوا ابنة كسرى، قال: لم يفلح قوم ولوا أمرهم.
6- تفسير ابن كثير، ج1 /492.
7- تفسير البغوي، ج2/206.
8- تفسير البيضاوي، ج2 / 184.
9- شعب الإيمان، ج6 / 415، برقم 8720.
10- شعب الإيمان، ج 6/415، برقم 8720.
11- صحيح ابن حيان، ج2/ 76، برقم 361 المستدرك على الصحيحين، ج1/43، برقم 1 مجمع الحوادث، ج1/ 58، باب في كمال الإيمان.
12- صحيح مسلم، ج2 / 889، برقم 1216. المنتقى لابن الجارود، ج1 / 125 صحيح ابن حزيمة. ج4 / 251. صحيح ابن حيان، ج4 / 251.
13- فتح الباري، ج10 / 594 بالاستيعاب لابن عبد البر، ج1 / 140 تهذيب الأسماء، ج136.
14- مجمع الوائد، ج5/225، باب لا طاعة في معصية.
15- الاعتصام، للشاطبي ج1 / 134.
16- سنن الدارمي، ج4 / 245، برقم 149، سنن الدار قطني، ج10 / 114 المستدرك على الصحيحين / ج1 / 172، برقم 319.
17- صحيح ابن حبان ج 1 / 179، برقم 5.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/488)
وقفة مع الفتاة الملتزمة
في الحقيقة نرى من بعض الملتزمات من تظن الالتزام في لبس العباءة الواسعة ولبس الشراب مع المحافظة والتمسك بالفرائض وترك الاستماع إلى ما حرم الله أو رؤية بعض ما حرم الله فحسب.
ولاشك أن هذا جزء من الالتزام ولكنه ليس كل الالتزام كما مر معنا فالالتزام يكون في شئون المرأة في القيام بما افترض الله عليه واجتناب ما نهانا الله عنة والتزام في الأفعال والأقوال الظاهر منها والباطن.
فهي في الظاهر ملتزمة بالحجاب الشرعي بعيدة عن كل ما يخل به مبتعدة عن الكذب، والغيبة والنميمة، مبتعدة عن السخرية أو اللمز أو التنابز بالألقاب حريصة على ألا تقول إلا خيرا فلا استهزاء ولا تكبر ولا حسد ولا حقد مجتنبة كل خلق سييء ما استطاعت، إلى ذلك من سبيل،
فهي متواضعة هينة لينة كريمة الأخلاق محبة للناس ساعية بكل خلق حسن تؤدى الفرائض في أوقاتها بارة بوالديها قائمة بحق زوجها تالية لكتاب ربها، صائمة لشهرها على أكمل وجه تعمل الحسنات وتحرص على تحصيلها عن رغبة ومحبة وتجتنب السيئات عن كراهية وبغض لها وهى ملتزمة في باطنها. بإصلاح نفسها وإصلاح قلبها تجعل باطنها موافقا لظاهرها قد صححت اعتقادها ونفت عنه كل شائبة توالى في الله وتعادى في الله تصبر على طاعة ربها وتصبر عن الأقدار يا ليت أن يكون في الأمة أمثالها وجزاكم الله خيرا إن كنت وفقت فمن الله وإن كانت الأخرى فأرجو المعذرة ادعو لي بشهادة في سبيله.
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/489)
اكتبي رسالة إليه
د. رقية بنت محمد المحارب
تتقن بعض الزوجات فن التعامل مع أزواجهن وبطرق لا تخلو من الطرافة والتجديد. وهكذا وبطريقة ذكية حولت الكثيرات حياتهن وبيوتهن إلى حدائق جميلة من الأنس والسعادة والاستقرار دون أن يكلفهن هذا كبير جهد أو كثير مال. ولا يمكن أن تخلو العلاقة الزوجية من منغصات بسبب أشياء صغيرة، ولكن الزوجة الذكية تستطيع أن تحول هذه المنغصات إلى فرص لتقوية العلاقة وملء البيت بالسعادة بعد أن هربت منه نسائمها.
وقد تسألين كيف؟ وأقول: هل جربت أن تكتبي رسالة إلى زوجك تعبرين فيها عما في نفسك من مشاعر وما تحسين فيه بصدق من آلام وما تحلمين به من آمال؟ إن المشاعر المكبوتة لا تموت، إنها تبقى في النفس وتتراكم الواحدة تلو الأخرى حتى يأتي الوقت الذي تنفجر فيه وينفرط العقد مرة واحدة.. من أجل ذلك كانت تجربة الأخوات في كتابة الرسائل تجربة ناجحة آتت ثمراتها بسرعة في أحيان كثيرة.
هذه الكتابة تجعل من الرجل يدرك أنه يتعامل مع إنسان له مشاعر وأحاسيس، وأنه لا يتعامل مع جماد ينفذ ما يقال له دون أي اعتراض تماماً كالآلة الصماء.. إن بعض العادات التي يتوارثها بعض الرجال وللأسف تجعل نظرتهم للمرأة فيها شئ من الانتقاص والسخرية وهذا أمر لم يكن من سمت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا هديه ولا ما أمر به.. إن هذه الكتابة تعمل على إضافة رصيد ثقافي له وينبهه إلى القيام بدوره تجاه شريكة حياته بطريقة غير مباشرة.
كثيرات يشتكين من سوء معاملة أزواجهن وتأتي كثير من الإجابات بالتوصية بالصبر والاحتساب وهذا صحيح أن المرأة وكذلك الرجل مطالبين بالصبر على بعضهما، ولكن ألا يضاف إلى ذلك البحث عن وسائل أخرى تفيد في تلطيف الجو وتقريب النفوس. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن كتابة رسالة شكر وتضمينها بعضاً من أبيات الشعر الرقيقة إن هو قام بمبادرة طيبة كفيل بتقوية العلاقة الروحية وسبب لزيادة المحبة كبير. وبعض الأخوات تقول إنها تستحي من ذلك بحجة طول الزواج وأنها لم تتعود عليه وأقول لها: إن البداية تحتاج إلى قدر من الشجاعة وبعد التجربة سوف تشعرين بأنك ولدت من جديد.. إن هذا يعتبر من المعروف الذي يحقق أهدافاً قريبة وبعيدة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/490)
كيف تسعدين زوجك ؟
تستطيع المرأة أن تجعل بيتها جنة يحب الزوج أن يأوي إليها كل حين ويجد في رحابها السكينة والطمأنينة وتذهب عنه الهموم والأحزان وتمسح عنه المتاعب والآلام وترفع معنوياته فيؤدي رسالته نحو ربه ومجتمعه..ولكن كيف ذلك؟.
هذا ما يجيب عليه كتاب كيف تسعدين زوجكِ للكاتب (محمد عبد الحليم حامد) حيث يقدم لنا القواعد والتوجيهات التي تمكَن الزوجة المسلمة من إسعاد زوجها المسلم:
حسن الاستقبال:
من الأمور التي تسعد به الزوجة زوجها أن تحسن استقباله عند عودته إلى البيت فتمسح عنه متاعبه في العمل وتخفف عنه عنا ومشقات الحياة.قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).
الغيرة المحمودة:
هي دليل على حب الزوجة لزوجها وتعلقها به ولكن الغيرة التي تدفع إلى معصية لا يقرها الإسلام.. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كتب الغيرة على النساء والجهاد على الرجال فمن صبر منهم احتساباً كان له أجر شهيد).
حفظ غيبة الزوج:
يجب على المرأة أن تحافظ على أسرار زوجها وما يحدث بينهما، وتحفظه في أولاده بحسن التربية والتعليم والتأديب ورعاية صحتهم وتحفظه في ماله. ولا تخرج إلا بإذنه كما يجب أن تحفظه في أهله وأقاربه فلا تسيء إليهم وأن تكرم أهله وضيوفه.
تجميل الصوت وترقيقه:
يجب على المرأة أن تخص زوجها برقة خطابها ونعومته ولا تتعداه لغيره لئلا تكون فتنة. قال - تعالى -: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).
التزين والتطيب:
مما يشرح الزوج ويقر عينه أن يرى زوجته في زينة جذابة من ثياب نظيفة وجميلة وشعر مصفف مع العطر الفواح فيشعر حينئذ بالسرور والارتياح.
أوقات الزينة:
المرأة الذكية هي التي تحسن وضع الشيء في أوقاته. فتضاعف الزينة في الأوقات التي ذكرها الله في وقت الرحة وقبل الفجر وعند الظهيرة وبعد العشاء وعند العودة من السفر.
اجتناب الزينة المحرمة:
يحرم على المرأة أن تصل شعرها بشعر آخر وهو ما يسمى بالبروكة. وغيره (لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والفالجة والمتفلجة). والنماص هو إزالة شعر الحاجبين أو تسويتها.
طاعة الزوج:
الزوج هو القائد وهي قيادة تكليف وبذل وتضحية لا قيادة استعباد وتسلط. والزوجه تعين زوجها على مهمته بالسمع والطاعة. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لو كنت آمراً أحداً لأن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)
الرضا بما قسم الله:
عليكِ بالقناعة والرضا بما قسم الله لكِ وعليكِ أن تنظري لمن هو دونك في الدنيا. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من أصبح معافى في جسده آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).
الاعتراف بالجميل:
على الزوجة أن تكون دائمة الاعتراف بالجميل لزوجها فإن ذلك يدعم بينهما الألفة والمحبة وما يتبعه من وفاء واخلاص.
إعداد الطعام واتقانه:
يحسن بالزوجة أن تجهز الطعام وتتقنه (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). وقد قيل أقرب طريق لقلب الرجل معدته.
المرأة الراعية:
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها) فلقد كلفها الإسلام رعاية البيت والحفاظ عليه.
الصبر والمواساة:
مما يساهم في زيادة السعادة الزوجية وحمايتها أن تتحلى الزوجة بالصبر على ما يحل بها أو زوجها من بلاء في النفس والمال وتعمل على مواساة زوجها على ما نزل به من ضر.
الجماع:
من حقوق الزوج على زوجته أن تستجيب له بسرعة إذا دعاها إلى الفراش قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة).
الأخبار السارة:
يحسن بالمرأة المسلمة أن تستقبل زوجها بالأخبار السارة والأحداث السعيدة ولا يليق بها أن تفجر في وجه الزوج المجهد بالمتاعب أخبار الهموم والمصائب والمشاكل.
التعاون على الطاعة:
مما يسعد الزوج أن يرى زوجته تقوم بواجبها نحو ربها وتعينه على طاعة الله وعبادته.
حسن تدبير المنزل:
من واجبات الزوجة أن تحسن تدبير منزلها فتنظف بيتها وتعمل على إزالة كل كريه منه.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/491)
حكم ترشيح المرأة
حسنين محمد مخلوف
من المشكلات المزمنة: إقحام المرأة في ميادين تصادم طبيعتها وجِبِلَّتها، وتضاد شرع الله المنزل، ومن ذلك أن تسند الولايات العامة للمرأة كالولاية العظمى والقضاء ونحوهما، وقد سئل الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية - رحمه الله - سنة 1952م، عن حكم ترشيح المرأة نفسها ودخولها مجالس النواب أو الشيوخ أو الشورى ونحو ذلك فأجاب فضيلته:
بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله.
عُني الإسلام أتم عناية بإعداد المرأة الصالحة للمساهمة مع الرجل في بناء المجتمع على أساس من الدين والفضيلة والخلق القويم، وفي حدود الخصائص الطبيعية لكل من الجنسين، فرفع شأنها وكوَّن شخصيتها، وقرر حريتها، وفرض عليها كالرجل طلب العلم والمعرفة، ثم ناط بها من شؤون الحياة ما تهيئها لها طبيعة الأنوثة وما تحسنه؛ حتى إذا نهضت بأعبائها كانت زوجة صالحة، وأماً مربية، وربة منزل مدبرة، وكانت دعامة قوية في بناء الأسرة والمجتمع.
وكان من رعاية الإسلام لها حق الرعاية أن أحاط عزتها وكرامتها بسياج منيع من تعاليمه الحكيمة، وحمى أنوثتها الطاهرة من العبث والعدوان، وباعد بينها وبين مظانِّ الريْب وبواعث الافتتان؛ فحرم على الرجل الأجنبي الخلوة بها والنظرة العارمة إليها، وحرم عليها أن تبدي زينتها إلا ما ظهر منها، وأن تخالط الرجال في مجامعهم، وأن تتشبه بهم فيما هو من خواص شؤونهم، وأعفاها من وجوب صلاة الجمعة والعيدين مع ما عرف عن الشارع من شديد الحرص على اجتماع المسلمين وتواصلهم، وأعفاها في الحج من التجرد للإحرام، ومنعها الإسلام من الأذان العام، وإمامة الرجال للصلاة، والإمامة العامة للمسلمين، وولاية القضاء بين الناس، وأثَّم من يوليها، بل حكم ببطلان قضائها على ما ذهب إليه جمهور الأئمة، ومنع المرأة من ولاية الحروب وقيادة الجيوش، ولم يبح لها من معونة الجيش إلا ما يتفق وحرمة أنوثتها.
كل ذلك لخيرها وصونها وسد ذرائع الفتنة عنها والافتنان بها حذراً من أن يحيق بالمجتمع ما يفضي إلى انحلاله وانهيار بنائه؛ والله أعلم بما للطبائع البشرية من سلطان ودوافع، وبما للنفوس من ميول ونوازع، والناس يعلمون والحوادث تصدق.
ولقد بلغ من أمر الحيطة للمرأة أن أمر الله - تعالى - نساء نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب وهن أمهات المؤمنين حرمةً واحتراماً، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تمس يده (وهو المعصوم) أيدي النساء اللاتي بايعنه، وأن المرأة لم تُوَلَّ ولاية من الولايات الإسلامية في عهده ولا في عهد الخلفاء الراشدين ولا في عهود من بعدهم من الملوك والأمراء، ولا حضرت مجالس تشاوره - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه من المهاجرين والأنصار؛ ذلك شأن المرأة في الإسلام ومبلغ تحصينها بالوسائل الواقية فهل تريد المرأة الآن أن تخترق آخر الأسوار، وتقتحم على الرجال قاعة البرلمان فتزاحم في الانتخاب والدعاية والجلسات واللجان والحفلات والتردد على الوزارات والسفر إلى المؤتمرات والجذب والدفع، وما إلى ذلك مما هو أكبر إثماً وأعظم خطراً من ولاية القضاء بين خصمين وقد حرمت عليها؟ !
واتفق أئمة المسلمين على تأثيم من يوليها تاركة زوجة وأطفالها وبيتها وديعة في يد من لا يرحم؛ إن ذلك لا يرضاه أحد ولا يقره الإسلام؛ بل ولا الأكثرية الساحقة من النساء؛ اللهم إلا من يدفعه تملُّق المرأة أو الخوف من غضبتها إلى مخالفة الضمير والدين ومجاراة الأهواء، ولا حسبان في ميزان الحق لهؤلاء.
على المسلمين عامة أن يتعرفوا حكم الإسلام فيما يعتزمون الإقدام عليه من عمل؛ فهو مقطع الحق وفصل الخطاب، ولا خفاء في أن دخول المرأة في معمعة الانتخاب والنيابة غير جائز لما بيناه.
وإننا ننتظر من السيدات الفضليات أن يعملن بجد وصدق لرفعة شأن المرأة من النواحي الدينية والأخلاقية والاجتماعية والعلمية الصحيحة في حدود طبيعة الأنوثة والتعاليم الإسلامية قبل أن يحرصن على خوض غمار الانتخاب والنيابة، وأن نسمع منهن صيحة مدوية للدعوة إلى وجوب تمسك النساء عامة بأهداب الدين والفضيلة في الأزياء والمظاهر والاجتماعات النسائية وغير ذلك مما هو كمال وجمال للمرأة المهذبة الفاضلة. ولهن منا جميعاً إذا فعلن ذلك خالص الشكر وعظيم الإجلال. ذلك خير لهن والله يوفقهن لما فيه الخير والصلاح [1].
ـــــــــــــــــــ(82/492)
ــــــــ
(1) عن كتاب: الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، 7/1513 1515.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/493)
القوامة .. دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط ؟
خباب بن مروان الحمد
الحمد لله رب العالمين على نعمه وآلائه المتوالية، وأصلي وأسلم على نبيه الأمين الذي هدى البشرية والإنسانية لدين رب العالمين، وبعد:
فقد خلق الله - عز وجل - الإنسان، وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، وحثنا على التعارف، فقال - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، وبيَّن - تعالى - أنَّ ميزان كرامة الإنسان لديه، ذكراً وأنثى، هو التقوى، فقال - سبحانه -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ... } [الحجرات/13].
وكتاب الله - تعالى - جاء بتحقيق مصالح الناس، ودرء المفاسد عنهم، في الدنيا والآخرة، فقال - تعالى -: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}41{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 43، 42].
وقال - تعالى -: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ.. } [النحل: 90].
وقال جلَّ في علاه: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ... } [الأنعام: 38].
ومن هذه الأمور التي جاء الشرع المطهر ببيانها بياناً وافياً (في القرآن والسنة)، ثم أفاض علماء الأمة في شرحها وتفسير مجملها للناس: أمر" القوامة"، فقال الله - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}34{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء/ 35، 34].
ما هي القوامة؟
إذاً كان الله - عز وجل - ذكر أنَّ الرجل قوَّام على المرأة ـ وهذا لا يجادل فيه عاقل ـ ولكن الجدال والنقاش مع الذين يدورون في رحى الخلاف: التحديد لماهية القوامة، وكيف يقوم الرجل على امرأته؟ وما معنى القوامة هذه؟
إنَّ أهل العلم السابقين تكلموا عن ذلك، وشرحوا النصوص الربانية القرآنية بكل تحقيق وتدقيق، فأحسنوا وأبدعوا في إيصال معانيها وفوائدها النفيسة.
وهم أعلم بمقصود الآية منَّا؛ لأنهم قريبون من عهد النبوة، ولأنَّ كثيراً منهم تلقى العلم عن الصحابة والتابعين، فسألوهم عن مراد الله ورسوله في كل آية، ثم إنَّ الرسول تكلم عن القرون التي عاشوا فيها فمدحها وأثنى عليها، فقال: "خير أمتي القرن الذي بُعثتُ فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يخلف قوم يحبون السَّما، يشهدون قبل أن يُستشهدوا" (1)
وقد تكلم المفسرون في شرح آية القوامة السابقة كلاماً بديعاً، وها أنذا ألتقط شيئاً من درر كلامهم في شرحهم لماهية القوامة وكيفيتها:
قال ابن كثير في تفسيره عن هذه الآية:
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} أي: الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}: يعني: أمراء: عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة لأهله، حافظة لماله، وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك.. وقال الشعبي في هذه الآية: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) قال: "الصداق الذي أعطاها... (2)
وقال الشوكاني في تفسيره عن هذه الآية الكريمة: "والمراد: أنَّهم يقومون بالذب عنهن، كما تقوم الحكام والأمراء بالذب عن الرعية، وهم أيضاً يقومون بما يحتجن إليه من النفقة، والكسوة، والمسكن، وجاء بصيغة المبالغة قوله: {قَوَّامُونَ} ليدل على أصالتهم في هذا الأمر" اهـ.
وقال أبو بكر العربي في كتابه "أحكام القرآن": "قوله: {قَوَّامُونَ} يقال: قوَّام وقيِّم، وهو فعال وفيعل من قام، المعنى هو أمين عليها، يتولى أمرها، ويصلحها في حالها، قاله ابن عباس، وعليها له الطاعة.. ثم قال عندما ذكر القوامة: "فعليه أن يبذل المهر والنفقة، ويحسن العشرة، ويحجبها، ويأمرها بطاعة الله، ويرغب إليها شعائر الإسلام من صلاة وصيام إذا وجبا على المسلمين، وعليها الحفظ لماله، والإحسان إلى أهله، والالتزام لأمره في الحجة وغيرها إلا بإذنه، وقبول قوله في الطاعات" اهـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره:
"يخبر الله - تعالى - أنَّ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} أي: قوَّامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله - تعالى -، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهم بذلك، وقوَّامون عليهن أيضاً، بالإنفاق عليهن، والكسوة، والمسكن" اهـ.
وبمجموع كلام هؤلاء المفسرين نستنتج أنَّ معنى القوامة يدور على خمسة أشياء:
• أنَّ الرجل كالرئيس على المرأة والحاكم عليها والأمير.
• مؤدبها إذا اعوجت وأخطأت وضلَّت طريق الهدى.
• أنَّ الرجل يبذل لها المهر والصداق.
• أنَّ الرجل يتولى أمرها ويصلح حالها، ويحسن عشرتها، ويأمرها بالاحتجاب عن الأجانب وأهل الشر والفتنة.
• إلزامهن بحقوق الله - تعالى -، بالمحافظة على فرائضه، والكف عما نهى عنه.
وهذا يجرنا إلى الحديث عن:
سبب قوامة الرجل على المرأة
ذكر أبو بكر ابن العربي - رحمه الله – في تفسيره أحكام القرآن(3) أنَّ سبب تفضيل الرجل على المرأة في القوامة ثلاثة أشياء، فقال: "وذلك لثلاثة أشياء:
الأول: كمال العقل والتمييز.
الثاني: كمال الدين والطاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العموم، وغير ذلك، وهذا الذي بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للبّ الرجل الحازم منكن. قلن: وما ذلك يا رسول الله؟ قال: أليس إحداكن تمكث الليالي لا تصلي ولا تصوم، فذلك من نقصان عقلها". وقد نصَّ الله - سبحانه - على ذلك بالنقص، فقال: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}.
الثالث: بذلهُ لها المال من الصداق والنفقة، وقد نصَّ الله عليها ها هنا" اهـ.
قال الشوكاني (4) في قوله - تعالى -: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} قال: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ} للسببية، والضمير في قوله: {بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} للرجال والنساء، أي: إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء، والسلاطين، والحكام، والأمراء، والغزاة، وغير ذلك من الأمور.
قوله: {وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي: وبسبب ما أنفقوا من أموالهم، وما مصدرية، أو موصولة، وكذلك هي في قوله: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ} ومن تبعيضية، والمراد: ما أنفقوه في الإنفاق على النساء، وبما دفعوه في مهورهن من أموالهم، وكذلك ما ينفقونه في الجهاد، وما يلزمهم في العقل".
وقال الشيخ محمد رشيد رضا (5): "وسبب ذلك أنَّ الله - تعالى - فضَّل الرجال على النساء في أصل الخلقة، وأعطاهم ما لم يعطهن من الحول والقوة، فكان التفاوت في التكاليف والأحكام أثر التفاوت في الفطرة والاستعداد، ومن ثم سبب آخر كسبي، يدعم السبب الفطري، وهو ما أنفق الرجال على النساء من أموالهم، فإنَّ في المهور تعويضاً للنساء ومكافأة على دخولهن بعقد الزوجية تحت رياسة الرجال، فالشريعة كرَّمت المرأة إذ فرضت لها مكافأة عن أمر تقتضيه الفطرة ونظام المعيشة، وهو أن يكون زوجها قيِّماً عليها، فجعل هذا الأمر من قبيل الأمور العرفية التي يتواضع النَّاس عليها بالعقود لأجل المصلحة، كأنَّ المرأة تنازلت باختيارها عن المساواة التامة وسمحت له بأن يكون للرجل عليها درجة واحدة هي درجة القوامة والرياسة، ورضت بعوض مالي عنها... ".
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره عن آية {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}: "أي: بسبب فضل الرجال على النساء، وإفضالهم عليهم.. فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة؛ من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات، كالجهاد، والأعياد، والجمع، وبما خصَّهم الله به من العقل، والرزانة، والصبر، والجَلَد، الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصَّهم بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال، ويتميزون عن النساء. (6)
ولعلّ هذا سر قوله: {وَبِمَا أَنفَقُواْ} وحذف المفعول، ليدلّ على عموم النفقة، فعلم من هذا كله أنَّ الرجل كالوالي والسيد لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة، فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به... " اهـ.
وبعد هذا التتبع والاستقراء، نستنبط من كلام هؤلاء العلماء سبب قوامة الرجل على المرأة:
• كمال عقل الرجل وتمييزه.
• كمال دينه كله؛فطبيعة التي خلق عليها جعلت تكليفه أكثر من المرأة.
• إعطاء المرأة صداقها ومهرها، والنفقة عليها.
• أن الرجال عادة يكون منهم الأنبياء والرسل والخلفاء والغزاة والأمراء.
• أنَّ الرجل بطبيعته أقوى من المرأة قوة بدنية، ونفسية، فهو يتحمَّل المشاق والمتاعب والأعباء.
هل تعني القوامة إلغاء شخصية المرأة؟
قال سيد قطب - رحمه الله -: "ينبغي أن نقول: إنَّ هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني.. وإنَّما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة، وصيانتها وحمايتها، ووجود القيم في مؤسسة ما لا يلغي وجود ولا شخصية ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها، فقد حدَّد الإسلام في مواضع أخرى صفة قوامة الرجل وما يصاحبها من عطف ورعاية وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله، وآداب في سلوكه مع زوجه وعياله"(7)
القوامة: دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط؟
يسيء بعض الناس فهم آية {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} فهذا الرجل تجده يشتم ويلطم ويضرب زوجته المسكينة، ثم إذا اعترضت عليه يقول: قال - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}، وقد يكون لا يحفظ من القرآن إلا القليل، وهذه الآية؛ لأنَّها ـ على زعمه ـ آية واضحة في أنَّ الرجل قوَّام على زوجته فليفعل بها ما شاء.
وهذا فهم سقيم، وتأويل فاسد؛ فإنَّ معنى الآية ليس هكذا، بل المعنى هو ما سبق بيانه في تفاسير العلماء.
لذلك بعض النساء قد تحصل لهن ردة فعل أمام هذه التأويلات الخاطئة، فلا يثبتن للرجل القوامة، بل قد نجد نساء بدورهن يؤولن هذه الآية تأويلاً مضحكاً وغريباً، كأن يرين أنَّ هذه الآية مناسبة للعصر الذي كان يعيشه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده، أمَّا الآن (في عصر العولمة) فإنَّ النساء يستطعن أن يستظللن ببيوتهن وآرائهن.
وقد حدَّثني أحد الإخوة الذين ذهبوا للدراسة في "باكستان" وقال لي: توجد بعض المناطق هناك.. المرأة فيها هي التي تدفع المهر للرجل، وهي التي تقود به في السيارة، وهي التي تحاسب عند محل "البنزين" وعند السوق ونحوها.. فالله المستعان!
وعود على بدء: إنَّ قوامة الرجل على المرأة تعني تهذيبها وأمرها بما تطيق وتستطيع، وليس من القوامة: الظلم والتسلط.
وقد قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ... } [التحريم: 6] فالقوامة هنا تعليم الرجل امرأته وأولاده دين الله؛ حتى يقيهم نار يوم القيامة.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خياركم خياركم لنسائهم" وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله". (8)
وقال - صلى الله عليه وسلم - كما رواه عنه ابن عمر: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيِّته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته". (9)
ففي هذا الحديث أنَّ الرجل راع، وكذلك أنَّ المرأة راعية فهي ترعى الأبناء وترعى زوجها وتحفظ بيتها من كل سوء ومنكر.
وقال- صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنَّ المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً"(10). ففي هذا الحديث ما يدل على أنَّ القوامة تعني الأمر بالمعروف بمحبة وألفة، والنهي عن المنكر برفق وتلطف، لا بغلظة وتعسف.
إن المرأة بطبيعة الحال والخلقة التي ركبها الله فيها ضعيفة، ولذا فإنَّ الله أسقط عنها الجهاد والقضاء وسائر الولايات، كالولاية في النكاح، وقد خصَّ الدين الإسلامي الرجال بفروض وأسقطها عن النساء، مثل الجمع والجماعات والأذان والإقامة، وجعل الطلاق بيد الرجل لا بيدها.
بل إنَّ الميراث جعل الله الرجل له حظ الأنثيين، وليس ذلك ظلم في الإسلام للمرأة ومصادرة حقوقها، بل هو العدل والإنصاف؛ لأنَّه تدبير من عزيز عدل رحيم رؤوف حكيم - سبحانه - وبحمده ـ، ومن الحكم التي نلتمسها في أن الله جعل الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين أنَّ الرجل صاحب نفقات، فهو الذي ينفق على أهله، والمرأة لا تنفق في بيت زوجها ـ إلا برضا الطرفين ـ والرجل مشاغله كثيرة، والمرأة ليست كذلك، بل إنَّ الله أمرها بالقرار في البيت، فقال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} إلى غير ذلك من الحكم. وقد تكون الحكمة في ذلك تعبدية، ولذا فإنَّ سبب نزول قول الله - تعالى -: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء/32].
وسبب نزولها ما رواه مجاهد(11) قال: قالت أم سلمة: أي رسول الله: أيغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث؟ فنزلت: {ولا تتمنوا ما فضَّل الله}
كما أن المرأة - بحكم ضعفها التكويني الطبيعي - تحتاج لمن يقوم عليها ويكرمها بهذا القيام، حتى بلغ ببعض النساء في الغرب إلى أن تعطي الرجل المهر حتى تكن-هي- تحت رئاسته!، فهل هذا إلا بدافع الفطرة التي جُبل عليها الإنسان؟!
استسلام الزوجة سرّ نجاح زواجها!
هذا عنوان كتاب ألَّفته امرأة أمريكية تبلغ من العمر (32) سنة، اسمها "لوردا دويل"، يقول الأستاذ "جاسم المطوع" (في مجلة المجتمع (12) بمقالٍ لهُ بعنوان: "القوامة على الطريقة الأمريكية":
".. وفكرة هذا الكتاب أنَّها عرضت فيه تجربتها الشخصية مع زوجها، وكيف كانت متسلطة تريد أن تتحكَّم في كل شيء وباستمرار، إلى أن بدت تشعر بأنَّ زوجها في طريقه إلى الفشل، واكتشفت ذلك عندما شعرت بأنَّ زوجها بدأ يتهرَّب منها، ثم غيَّرت منهجها في الحياة إلى الحوار الهادئ معه وعدم التدخل في كل شؤونه وعدم مضايقته، والمسارعة إلى السمع والطاعة في كل ما يطلبه، وتقول للزوجات: كفوا عن التحكم في حياة أزواجكن.. ! "
إنَّ هذا الكلام قد ذكره الله من قبل (1400) سنة، ولكن الكفار لا يعلمون {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون} [الروم/7]. وقد قيل قديماً: "والحق ما شهدت به الأعداء".
ويقول الدكتور "عبد الله وكيل الشيخ" في كتابه "المرأة وكيد الأعداء":
"أمَّا قوامة الرجل، فالمرأة أحوج إليها من الرجل؛ لأنَّ المرأة لا تشعر بالسعادة وهي في كنف رجل تساويه أو تستعلي عليه، حتى لقد ذهبت إحداهن إلى القاضي تطلب طلاقها من زوجها، وحجتها في ذلك أنَّها سئمت من نمط الحياة مع هذا الرجل الذي لم تسمع له رأياً مستقلاً، ولم يقل لها يوماً من الأيام كلمة: "لا"، أو "هكذا يجب أن تفعلي"، فقال لها القاضي مستغرباً: أليس في هذا الموقف من زوجك ما يعزز دعوة المرأة إلى الحرية والمساواة؟ فصرخت قائلة: كلا.. كلا.. أنا لا أريد منافساً، بل أريد زوجاً يحكمني ويقودني"(13)اهـ.
فيا سبحان الله! من هذه المرأة التي تعرف حق قوامة الزوج على زوجته وإن لم يفعل معها زوجها تلك القوامة؟
وهكذا المرأة الصالحة التي تستسلم لأوامر زوجها إن كانت بطاعة الله - عز وجل - ولا تحاول أن تعصيه، وقد ورد عن الترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"(14)
ومن اللطيف الظريف ما ذكره الشيخ "مازن الفريح" في كتابه أسرة بلا مشاكل: (قال الزوج لصاحبه: من عشرين لم أرَ ما يغضبني من أهلي.. فقال صاحبه متعجباً: وكيف ذلك؟ قال الزوج: من أول ليلة دخلت على امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية.. كما أنت، ثم قالت: الحمد لله وصلاة على رسول الله.. إني لامرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبيِّن لي ما تحبه فآتيه، وما تكره فأتركه، ثم قالت: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
قال الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم، وبعد:
فإنك قلتِ كلاماً إن ثَبَتِّ عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجةً عليك.. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا.. وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها، فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟ قال: ما أحب أن يملني أصهاري.. (يعني لا يريدها أن تكثر من الزيارة) فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟ قلت: بنو فلان قومٌ صالحون، وبنو فلان قوم سوء.. قال الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.. فلما كان رأس الحول.. جئت من عملي.. وإذا بأمَّ الزوجة في بيتي فقالت أم الزوجة لي: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خير زوجة.. قالت: يا أبا أمية.. والله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.. فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن تهذب.. قال الزوج: فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً).
قال الشيخ مازن الفريح: "ما أسعدها من حياة.. والله لا أدري أأعجب من الزوجة وكياستها، أم من الأم وتربيتها، أم من الزوج وحكمته؟! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
هل قوامة الرجل على المرأة مقصورة على الحياة العائلية؟
أي: هل قوامة الرجل على المرأة مقتصرة على الحياة العائلية فقط أم على غيرها من أمور الخلافة والقضاء والسلطة وغيرها.
والجواب على ذلك أن يُقال: إنَّ قوامة الرجل على المرأة ليست مقتصرة على الحياة العائلية، بل على كل شيء، فمثلاً الخلافة لا يجوز للمرأة أن تتولاها، وقد قال الإمام ابن حزم - رحمه الله - في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" ما نصَّه: "ولا خلاف بين أحد أنَّها لا تجوز للمرأة". (15)
يقول الأستاذ أبو الأعلى المودودي - رحمه الله - في قوله - تعالى -: {وللرجال عليهن درجة}: "فالدرجة هي القوامة، وهي ليست مقصورة على الحياة العائلية، لأنَّ قوامة الدولة أخطر شأناً من قوامة البيت، ولأنَّ النص القرآني لم يقيد هذه القوامة بالبيوت".
ثم قال: "إنَّ قوامة الرجال على النساء لا تقتصر على البيوت بدليل أنَّه لم يذكر البيوت في الآية، فهي إذاً قوامة عامة لسائر البيوت كذلك، ثمَّ إذا جعل الله قوامة على المرأة المفردة في بيتها فهل يظن بالله أن يجعل قوامة على ملايين في حين أنه لم يجعلها لها على بيت هو بيتها" (16)
وإن أقوى الأدلة في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - حين علم أنَ أهل فارس قد ملِّكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"(17)
والعجب من أناس يقولون عن هذا الحديث: هذا مقيَّد بزمان النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان الحكم فيه لأبي جهل استبدادياً أمَّا الآن فلا. والله المستعان.
بل إن الهدهد (الغيور على التوحيد) عندما رأى الملكة بلقيس تحكم قوماً جاء عند سليمان - عليه السلام - وقال له: {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم.. } فبعد ذلك جاء سليمان وأبطل حكمها ودخلت تحت ولايته وقالت: {أسلمت مع سليمان لله رب العالمين} بعد أن قال سليمان: {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
ولذا فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُوَلِّ المرأة في حياته ولا أوصى بعد مماته بأن تتولى المرأة أي منصب رفيع.
ولذا يتبين لنا، أنَّ من ينادي بتحرير المرأة وأنَّ لها أن تتولى مناصب في الدولة ويكون تحتها أناس من الرجال تدير شؤونهم قد أخطؤوا خطأً بيناً، وخالفوا هذه النصوص الواردة في ذلك
ولقد ألف أحد المفكرين العالميين وهو"بليرداجو" ـ رئيس مدرسة التحليل النفسي العلمي، ومقرها سويسرا ـ كتاباً اسمه "المرأة: بحث في سيكولوجيا الأعماق" وذكر في هذا الكتاب أنَّ أهم خدعة خدعت بها المرأة في هذا العصر هي التحرر والحرية، وفي الواقع أنَّ المرأة، ولو علت وادعي أنَّها متحررة وتمارس شؤونها بنفسها إنَّما هي قد سقطت أكثر في عبودية الرجل.
فتأملي ـ أختاه ـ رعاك الله، واعلمي أنَّ الخير كل الخير في إخلاص الوجه والعبادة لله وحده، واتباع نبيه محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والرضا بأحكام الله - تعالى - وأحكام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - تعالى -: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52، 51]
ولنحذر جميعاً من دعاة السوء والفتنة والشر والرذيلة {ولتعرفنهم في لحن القول}.
لا يخدعنك عن دين الهدى نفر *** لم يرزقوا في التماس الحق تأييدا
عمي القول عروا عن كل قائدة *** لأنهم قد كفروا بالله تقليدا(82/494)
وابتعدي عن كل ما يمسُّ عرضك من الدعوة إلى التبرج، أو الاختلاط، أو تنكر لفطرتكِ التي فُطرتي عليها، وذودي حن حريتك وحقك بقلمك ولسانك، ورُدِّي عليهم في الجرائد والمجلات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإنَّ دين الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.
من الدين كشف الستر عن كل كاذب *** وعن كل بدعي أتى بالعجائب
ولولا رجال مؤمنون لهدمت *** صوامع دين الله من كل جانب
وأقول لكل من قرأ ما كتبت ـ رجلاً كان أو امرأة ـ: ليؤدِّ كل منكم حقوق الله - عز وجل - التي فرضها؛ فمن الرجل القوامة والأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا غضب ومنكر، ومن المرأة أداء حقوق زوجها عليها.
وأختم بكلام للإمام ابن باز - رحمه الله -، هذا نصه: "ومعلوم أنَّ الذي جعل الرجال قوامين على النساء هو الله - عز وجل - في قوله - تعالى - في سورة النساء: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ). فالطعن في قوامة الرجال على النساء اعتراض على الله - عز وجل -، وطعن في كتابه الكريم وفي شريعته الحكيمة، وذلك كفر أكبر بإجماع علماء الإسلام، كما نصَّ على ذلك غير واحد من أهل العلم.. ) اهـ(18) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
------------
(1) (رواه مسلم). (انظر صحيح الجامع الصغير: 1/622 ـ 624 فقد ذكر روايات عدة في هذا الموضوع).
(2) من تفسير ابن كثير
(3) (ذكرها في مجلد 1/416)
(4) "فتح القدير" (1/414)
(5) "تفسير المنار" 5/67
(6) ص142
(7) في ظلال القرآن2/652.
(8) رواه الترمذي وصححه الألباني
(9) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
(10) متفق عليه
(11) رواه الطبري، والإمام أحمد، والحاكم، وغيرهم
(12) العدد: 14/10/1422
(13) ص25
(14) حديثٌ صحيح صححه الإمام الألباني وغيره، ينظر سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم: 3366
(15)4/129، وذكر الإمام الماوردي نحو هذا الكلام في كتابه (الأحكام السلطانية ص46).
(16) ذكره في كتابه (نظرية الإسلام وهديه ص319)
(17) (فتح الباري 8/159 حديث 4425).
(18)[مجلة البحوث العلمية، العدد 32 سنة 1412هـ]
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/495)
استثمار
محمد بن سرار اليامي
واستفيدي من عاداتك الحياتية، وتجاربك اليومية في راحة بدنك، وطمأنينة نفسك، واجعلي من هذه العادات دافعاً للتميز في حياتك، فإذا نمت فليكن نومك في مكان مهيأ ومريح لتستفيدي من هذه العادة في تنشيط بدنك، وصفاء ذهنك.
وإذا أكلت فلا تدخلي الطعام على الطعام، وتخيري من الطعام أجوده وأنسبه لك.
فقد كان بعض أهل العلم يحرص على أكل أصناف من الطعام، ويحذر من بعض الأصناف، فكان حبيبهم الزبيب، وعدوهم الباذنجان.
وقد أثر عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي أنه كان - رحمه الله - كثيراً ما يصطحب الزبيب في جيبه.
وأيضاً فإن من التوفيق الأخذ بالأسباب التي سببها الله جل وعز، فجعل العلاج سبباً في شيء من الشفاء، والطعام سبباً في الشبع وهكذا...
وقد أثر أيضاً عن ابن القيم - رحمه الله رحمة واسعة - أنه كان يعتني بطعامه، ومنامه، وبعض عاداته، وذلك لأن يستفيد منها في راحة بدنه، وتهيئة الجو المناسب للحفظ والفهم الاستنباط... والتميز.
وإن كان مذهب بعض من قنن الإبداع أن الفقر والجوع والتعب والنصب تذكي جذوة طالبة العلم، وتوقد شعلة العلم والفهم والمنافسة والاستنباط.
وهذا لأحوال وذاك لأحوال، هذا الصحيح عندي.
فهذا ابن القيم - رحمه الله رحمة واسعة - يعتني بالاستفادة من عاداته لراحة بدنه، ومن ثم لممارسة لميوله وإبداعه وسطوعه وتميزه.
وقد أثر عنه أيضاً - رحمه الله - أن صنف كتابه العظيم " زاد المعاد في هدي خير العباد - صلى الله عليه وسلم - " وهو على راحلته في السفر، فبهذا تخرجين بالطريقتين، وتستفيدين من المنهجين، فتشعرين ببعض السعادة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/496)
ممنوع دخول الرجال
إنها تجربة خليجية رائدة تحمل عنوان للنساء فقط أماكن خاصة للنساء ممنوع دخول الرجال فيها
يقول الأستاذ محمد رشيد العويد الكاتب الصحفي مدير تحرير مجلة النور ومؤمنة يعبر عن رأيه:
أعتقد أن هذا التخصيص لأماكن الخدمات والتسوق والترفيه..الخ، ما هو إلا تلبية للفطرة السليمة في الفتاة قبل أن يكون استجابة لتوجيه إسلامي، ذلك أن الفتيات خاصة والنساء عامة يجدن حرية حقيقية عندما يكنّ في أماكن خدمات يعمل فيها إناث مثلهن ويشعرن بطمأنينة كبيرة وقد يرتحن من حرج عظيم لا يتوفر في الأماكن التي يعمل فيها رجال.
فائدة أخرى يراها الأستاذ العويد لهذا التخصيص وهي توافر الطمأنينة للفتيات والنساء وذويهن من آباء وإخوان وأزواج فضلاً عن أن ذلك يعفي الرجال من مرافقتهن طوال التسوق أو الترفيه أو التعليم أو أداء الخدمة.. فتستطيع النساء قضاء أوقاتهن وأداء مهامهن في حال انشغال الرجال لظروف العمل وخلافه.
مجلة تحت العشرين العدد 52
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/497)
عمل المرأة في الطائرة
د. يوسف بن عبد الله الأحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد نشرت جريدة الجزيرة (بتاريخ 1/11/1425هـ في عددها 11764) إعلاناً لشركة المملكة القابضة في صفحتين كاملتين، وقد صدر الإعلان بقوله - تعالى -: {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ} (النساء 32) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما النساء شقائق الرجال ". ثم جاء في الإعلان بالخط العريض: " لأول مرة في تاريخ المملكة شركة المملكة القابضة توقع عقود عمل مع أول امرأة سعودية حاصلة على رخصة كابتن طائرة، بالإضافة إلى طاقم من خمس سعوديات ضمن التعاليم الإسلامية"اهـ.
إن ما دعت إليه شركة المملكة القابضة والعقود التي أبرمتها ــ كما في الإعلان ــ هو أمر محرم شرعاً؛ فلا يجوز للمرأة أن تعمل كابتن طائرة، أو مضيفة، ولا يجوز لأي جهة توظيفها، ولا الإعلان عن ذلك، ولا الدعاية له، ومن الأدلة على التحريم:
أولاً: أن عمل المرأة على متن الخطوط الجوية يلزم منه سفرها بلا محرم؛ ولا يجوز للمؤمنة أن تسافر بلا محرم لصريح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. حتى قال جمع كبير من العلماء إن الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام يسقط وجوبه على المرأة إذا لم تجد محرماً يسافر معها.
ثانياً: يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة وقوعها في الاختلاط المحرم مع العاملين وغيرهم، والاختلاط بين الجنسين محرم شرعاً ومفاسده في الخطوط الجوية على وجه الخصوص لا تخفى على العقلاء، والأدلة على تحريم الاختلاط كثيرة جداً، ومنها:
1- حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" متفق عليه.
2- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لو تركنا هذا الباب للنساء. قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات " أخرجه أبو داود بسند صحيح.
3- وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: " أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال " أخرجه البخاري. قال ابن شهاب (وهو الزهري): فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم.
ثالثاً: يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة نزعها للجلباب الذي أمر الله به نساء المؤمنين، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}(59 الأحزاب). ولما اعتذر بعض النساء عن الخروج لصلاة العيد بسبب عدم وجود الجلباب، لم يرخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترك الجلباب أو الاكتفاء بوضع الخمار، بل أمر به فقال: " لتلبسها صاحبتها من جلبابها.." متفق عليه.
وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في تحريم عمل المرأة مضيفة برقم (8259) وهذا نص السؤال والجواب:
" السؤال: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في الخطوط الجوية كمضيفة، أو في الفنادق وما إلى ذلك؟.
الجواب:
أولاً: عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال، ورؤيتهم منها ما لا يحل لهم، وكل ذلك محرم.
ثانياً: عملها في الفنادق مثار فتنة، ومدعاة لاختلاط بها مريب، ومظنة لخلوة الأجانب بها، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود (عضو)، عبد الله بن غديان (عضو)، عبد الرزاق عفيفي (نائب الرئيس)،
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (الرئيس).
رابعاً: صدر الإعلان بآية وحديث، وفي هذا إيهام للناس بأن هذين النصين يدلان على جواز عمل المرأة على متن الطائرة، وليس الأمر كذلك. وختم الإعلان بوصف توظيف المرأة على متن الطائرة بأنه (ضمن التعاليم الإسلامية) وقد تبين مما سبق أنه مخالف للأحكام الشرعية.
والجهة المعلنة وهي (شركة المملكة القابضة) لا تحمل تخصصاً شرعياً، ولا يشرف عليها لجنة شرعية معتمدة؛ وعليه فإنه ليس لها حق التحديد أو الفتيا بجواز عمل المرأة على متن الطائرة، أو أن عملها هذا ضمن تعاليم الإسلام، أو الاستدلال بآية وحديث لا دلالة فيهما لا من قريب ولا من بعيد على جواز عمل المرأة في الطائرة.
وأخشى أن يكون تذييل دعاوى تغريب المرأة بأنها ضمن تعاليم الإسلام هو نوع من الاستهزاء بشريعة الإسلام.
وأخيراً فإن الدعوة إلى عمل المرأة على متن الطائرة هو من مطالب الليبراليين ودعاة التغريب، فمن بدأ أو دعا إليه فإنه يصدق فيه حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ".. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " أخرجه مسلم.
والواجب شرعاً على شركة المملكة القابضة أن تعلن توبتها وتراجعها من هذا الإعلان وما تضمنه من مخالفات شرعية، وبهذا ينتهي الموضوع، وبالله التوفيق.
5/11/1425هـ.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/498)
السراب الزائف
فاطمة البطاح
لم يكن موقف زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل ما فيه من جرأة ظاهرة حينما وقفن أمامه يُطالبن بحقهن في زيادة النفقة- لم يكن هذا الموقف موقفا غريبا، ولا سلوكا مريبا يدعوه - صلى الله عليه وسلم - لاستنكاره منهنّ أو الغلظة في الرد عليهن قولا وعملا..!
هذا الموقف الأسري تكاد تفاصيله لا تغيب عن ذهنك ليسَ لأنه حدث في بيت نبي من أنبياء الله، وبينه وبين زوجاته أمهات المؤمنين.. ولا لأن القرآن الكريم استعرضه واضعا صاحبات الشأن - رضي الله عنهن - بين خيارين اثنين ((يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما)).
بل تستحضره في ذهنك كلما تأملت في مضامين بعض الأطروحات المعاصرة التي يقدمها أصحابها لمعالجة المشكلات والخلافات الأسرية والزوجية، فهذا التأمل سيجعلك تلمس حجم الفارق النوعي بين نظرتنا للحياة الأسرية ونظرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطريقة تعامله مع أي مشكلة تحدث في بيته، أو بين نسائه رضي الله عنهن.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموقف وفي سواه حاور زوجاته واستفسر منهن.. سامعا مطالبهن كلها. تاركا تحميل الأمور مالا تحتمل، مدركا أن نساءه على فضلهن ورجاحة عقولهن- يبقين نساءً كسائر النساء يتطلعن إلى حظوظهن من الحياة الدنيا وإن كانت فانية! هذا الوعي النبوي بمفهوم ((بشرية البشر)) الذي امتاز النبي - صلى الله عليه وسلم - به.. نحتاج إلى تدبره والاقتداء به .. علنا نتخلص مع الوقت من قائمة التوجيهات والنصائح التي ما يزال أصحابها يزفونها للمقدمين على تكوين أسرة من الجنسين، ويؤكدون على أهمية الالتزام بها مدى العمر.. !
فالزوجة مثلا يفترض ألا تنام في حضرة زوجها، ولا تسبقه إلى طعامه ولا تزعجه بكثرة الشكاوى ولا تساره بما يكدر صفوه حتى ولو كانت هموم بيته وأطفاله.
تُرى هل ندرك.. ونحن نسوق هذه التوجيهات أن الحياة الطويلة ورحلة العمر الزوجي والأسري لا تحتمل كل هذه المثاليات التي لا تتنفس إلا في عقول أصحابها وحسب.. !
والسؤال الأهم: هل غابت هذه الآداب الأسرية والتوجيهات الفاضلة عن ذاكرة امرأة مثل عائشة تربت في بيت النبوة.. حينما وضعت قدميها وهي نائمة في موضع سجوده - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في البخاري-.
كيف لم تنتبه زوجه في حجم ذكاء عائشة وفطنتها.. إلى أنها يفترض أن تستيقظ من نومها فزعة قبل أن يبدأ زوجها صلاته.. خاصة مع إدراكها أنه - صلى الله عليه وسلم - أهل لهذا كله ولغيره!!
ثم كيف لم يشعر أصحاب هذه التوجيهات أنهم إنما يرسمون صورة ورقية للحياة الأسرية تمتلئ إشراقا وجمالا ويمكننا بسهولة أن نقرأ عنها ونسمع، لكن من الصعب أن نعيشها.. !
ولو حاول أحد منا ذات يوم.. فسيكون البدء خيالات، وأطياف، وأحلام ثم إذا تجاوز الخيال للواقع والمثالية للبشرية فسوف يكتشف بمرارة أن في صاحبه الذي يسكن إليه ما لا يُعجبه، وأن من الحمق وتفويت الفرص أن يحتمل الحياة معه.. وسيضيء في ذهنه خيارٌ آخر ربما تتفق صورته مع ما سمع عنه وقرأ.. ! ولن تتفق، لأن المثالية التي ننادي بها، ونعجز عن احتمالها هي أشبه بالسراب الزائف.. الذي يسرك مرآه وتفشل محاولات الإمساك به ولو تعددت!!
المصدر: الأسرة 106
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/499)
الإعجاب مطلوب
د. رقية بنت محمد المحارب
سمعنا كثيراً ورأينا بعضاً من مظاهر الإعجاب والتعلق بين طالبة ومعلمتها أو بين طالبة وزميلتها التي لا تقف عند الحدود الطبيعية. وكان من نتيجة هذا أن تم التنبيه المتكرر على تقوى الله - عز وجل - والتذكير بالرابطة الأولية عبر المطوية والشريط والمحاضرة والندوة والمقالة وغيرها. لكن الذي حصل كرد فعل أحياناً هو الجفاف في العلاقة هروباً من تحكم هذه الظاهرة وتحولت مظاهر الإعجاب التي أقلقت يوماً ما كثيراً من المربيات إلى مظاهر من القطيعة لا مبرر لها. نحن لا نريد أن نعالج الخطأ والانحراف بمثله ولا يصح أن نقابل التطرف بتطرف مضاد فالتوازن مطلوب ومعرفة أصول العلاقة الصافية مقدمة لسلامة مسيرة الأخوة الصادقة.
لا يمكن أن تؤثر المعلمة في الطالبة وتعمق من توجهها الطيب وتغير من سلوكياتها المنحرفة إن وجدت إلا بقدر من الإعجاب الشرعي والحب والتعلق. وما أجمل أن تكون شخصية المعلمة جذابة بحسن كلامها وخلقها وملبسها وتعاملها مع طالباتها، وتحصيل هذه الجاذبية مطلوب لتحقيق هدف إيصال الرسالة التربوية. والسؤال هو: إذا كان بعض المربيات يتجنبن أن يكن جذابات فكيف يمكن أن يؤثرن على من حولهن. إننا نرى من تظهر علامات الصفاء والنقاء على وجوههن نتيجة قلوب مخبتة وصدق وإخلاص وقيام ليل وصيام ونشعر بارتياح لهن ومحبة للاستماع إليهن والجلوس إليهن فهل يعد هذا إعجاباً ينبغي محاربته أم أن اللائق أن نقابل من حولنا بنوع من الغلظة حتى لا يحصل الإعجاب المذموم؟
ومن يتأمل في السنة النبوية يدرك كيف أسرت شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ومع ذلك لم يؤد بهم هذا إلى غلو في محبته وخروج عن المقاصد الشرعية وعندما حصل شيء من هذا جاء التوجيه النبوي بإصلاح الوضع وليس بتغيير معاملته - صلى الله عليه وسلم - للناس، كما جاء التوجيه المتكرر للحب في الله - عز وجل - والدعوة إلى تنميته وزيادته وأمثلة هذا كثيرة منها ما رواه مسلم - رحمه الله تعالى - عن أنس بن مال - رضي الله عنه -: أن رجلاً كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمر به رجل، فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه. فلحقه فقال: إني أحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له. وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك رواه أبو داود - رحمه الله - وقال الألباني - رحمه الله -: إسناده صحيح.
إنها المدرسة النبوية الثرية التي نحتاج أن نقرأها وندرسها لنعلمها ونعمل بها ونعرف مداخل النفوس و نعرف حدود الحب الشرعي وننميه ومظاهر الغلو في التعلق فنعالجه بحيث يعود التوازن إلى حياتنا.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/500)
أدركني يا أبي أرجوك
جلال المصلح
أرجوك أسرع قبل فوات الأوان..
إن كنت نائما فاستيقظ، وإن كنت في عملك فدعه وتعال، وإن كنت تسمر مع أصحابك ففارقهم وأدركني دون توان..
يا أبتي هناك من أصابني بسهامه.. هناك من يلعب بعواطفي ويدغدغ مشاعري بكلام لم أسمعه أبدا.. ! هناك من أوجد لي ما كنت أرجوه وأطلبه منك ومن أمي وإخوتي منذ زمن.. نعم يا أبي هناك من أمسكني من اليد التي تؤلمني.. !
لا أعلم كيف انسقت إليه.. ؟ أسرتني كلماته التي أحس أنها كالحبل المحيط بعنقي، والتي أشعر أنها تقودني إلى ما كنت أخشاه وتخشاه أنت من قبلي.. صدقني لا أعلم يا أبي كيف حدث هذا.. ؟
في لحظة فراغ وعبث وبحث طائش عن تغذية عاجلة أروي بها ضمئي وعاطفتي؛ وقعت من حيث لا أشعر بشاب تقول كلماته أنا من سيروي لك هذا الضمأ.. أنا من سيوفر لك الحنان والسعادة اللتين ضاق بهما منزلك، تقول كلماته أنا من سيحترمك ويقدرك ويناديك بأحب الأسماء والألقاب إليك، تقول كلماته يا أبتي أشياء كثيرة لم أظن في يوم من الأيام أنني سأسمعها فضلا عن أن توجه لي.. !!
كانت كلماته يا أبي تحيط بعنقي وتجذبني إليه دون أي مقاومة أو عناء مني.. ! بل لا أكذب إن قلت لك أنني لم أشعر إلا وأنا أجري خلفها بلهف.. ! نعم يا أبي كنت أجري خلفه وأنا على يقين تام بأن هذه الكلمات وإن برقت لي إلا أنها ستقودني إلى ضياع الشرف والعفة والطهر وكل معان النزاهة التي تنتظرها مني.. !
كنت أعلم ذلك.. لكن نفسي الفقيرة ووجداني الخاوي من عطفك وبرد حنانك؛ هما اللذان دفعاني وحثاني على إسراع الخطى خلف ذلك الشاب (الماكر) الذي استطاع بذكائه أن يفعل معي ما لم تفعله أنت وأمي وإخوتي جميعا.. !
بل لا أبالغ إن قلت لك بأنه أشعرني بأنني إنسانة من الممكن أن يكون لها احترامها وتوقيرها بعد أن كانت قناعتي في ذلك أن البنت مثلي ليس لها كرامة ولا وزن، وإنما حقها أن تُنهر وتلام وتضطهد تحت وطأت التسلط والسيادة..
كنت وأنا أسمع كلمات هذا الشاب - الذي لا أعلم كيف لقيت - استرجع بذاكرتي ما كنت تعاملني به من قسوة مقذعة ليس لها مبرر.. ! كنت أسترجع تحطيمك المتواصل لي بين أخوتي وأخواتي.. ! كنت استرجع ضربك الذي يكون على أتفه الأمور.. ! كنت أسترجع بذاكرتي الأليمة بعدك عني رغم وجودي معك في سكن واحد وتحت سقف واحد.. !
كنت أتذكر وأنا أتذوق كلمات هذا الشاب ما كانت تفعله أمي بي بين زميلاتها وقريباتها.. ! من طردي من المكان الذي هم فيه عند وقوعي في أي خطأ أو تأخير في تلبية طلب لها.. ! إي والله يا أبي كانت كلمات هذا الشاب تنبش جراحي وتوهمني بلملمتها من حيث لا أشعر.. ! كل هذا يا أبي أذكره بألم تقرعه كلمات هذا الشاب الذي لا زلت أصر على أنه ماكر يصطاد في الماء العكر.. حتى أصبحت في صراع معه ومع نفسي وذاكرتي الحزينة التي تتربع أنت على أكبر سهم فيها.. !
أسرع يا أبتي العزيز وأدركني قبل أن أغرق في مستنقع الرذيلة وأكون بعد ذلك قصة تلاك وتعجن في كل مكان.. ! أشعرني بكياني أرجوك وبوجودي كإنسانة لها عزة وكرامة.. لا إنسانة تشعر بأنها ضيف ثقيل تنتظرون فراقه في أي لحظة يطرق الباب فيه خاطب.. !
أسرع يا أبتي وعوضني ذلك النقص الذي يساومني عليه هذا الشاب ويساوم أسرتي معه.. صدقني لا أريد المستحيل ولا أطلب المطالب الصعبة أبدا.. كل الذي أريده أن تعاملني كما تحب أن يعاملك الناس..
عاملني برفق ولين بدلا من العنف والقسوة الذين تلبسهما أمامي وتخلعهما أمام الناس.. ! عوضني هذا النقص الذي أبحث عنه، والذي يريد هذا الشاب أن يصطادني من خلاله.. أروي عاطفتي من أجل أن تقطع الطريق على كل من يريد الظفر بي وإسقاطي.. نعم يا أبي أريد منك (الدلال).. الذي فقدته من سن السابعة أو العاشرة.. أريد ذلك الدلال الذي يربطني بك وبأسرتي ويغنيني عن كل عابث.. تنازل يا أبي عن جبروتك وعزتك وأنفتك ورفع صوتك.. وانزل إلى مستوى ابنتك التي توشك أن تفلت بسببك.. ! انزل إلى مستوى ابنتك التي يكفيها منك أحيانا الابتسامة أو الثناء البسيط على أي عمل تقوم به.. !
صدقني لست مغفلة يا أبي.. وأرجو ألا تظن ذلك يوم أن علمتَ أنني أنسقتُ خلف هذا الشاب.. بل والله أنني لست ساقطة يوم أن كلمته أو هاتفته على غفلة منك ومن أمي.. كل ما في الأمر أنني أعيش بلا حنان.. أعيش فراغا عاطفيا أوهمني هذا الشاب بأنه من سيعوضه ويحققه لي بأسرع وقت.. هذا الفراغ يا أبي إن لم تملأه أنت ببرد أبوتك وعطفك فقد يملأه عبث العابثين من المتخصصين في سرقة الطهر والعفاف.. !
أرجو ألا تفهمني خطأ يا أبي .. فأنا لا أبرر لنفسي ولا لأي فتاة أن تقع في الخطاء مقابل إساءة معاملتها.. بل الفتاة مطالبة بأن تعف نفسها بنفسها وأن تكون حذرة فطنة من الذئاب من حولها حتى وإن كانت في بيت عقيم من الحنان.. لأن شرف الفتاة وسمعتها كالزجاجة إذا انكسرت صعب جبرها.. فليس لأي فتاة عذر في أن تضيع هذا الشرف بحجة البحث عن عاطفة.. وليس لها الحق في أن تعالج الخطأ بخطأ أسوء..
فقط كل الذي أردت إيصاله يا أبي.. هو أن تعلم بأن القسوة والجفاء خشبتان من الممكن أن تُعلق بهما عفة الفتاة وينحر بعد ذلك تحتهما شرفها ولات حين مناص.. !! لا أعلم حقيقة يا أبي هل ستهزك كلماتي هذه وتحثك على إسراع الخطى من أجل إنقاذي وانتشالي من هذا الخطر المحيط.. ؟ هل ستدفعك إلى التغيير تجاهي؟ أم ستقرأها على أنها من فتاة مبالغة ليس لها خبرة في الحياة.. فتاة طائشة تتحدث بكلام لا تعيه.. !
باختصار شديد يا أبي أنا أشكو لك من جرح عميق أنت طبيبه وإن وصل إليه غيرك أفسده وأعطبه.. ! فماذا أنت فاعل.. ؟!
ابنتك من على حافة الهاوي.. !
نعم هذه هي الحقيقة التي يجب الا يغفل عنها كل أب وكل أم.. يجب أن يعلم الآباء والأمهات وكل معني بالتربية أن السنارة التي يرميها هذا الشاب وأمثاله على أمثال تلك الفتاة البائسة.. لم تكن لتُصب لو كانت هناك معاملة حسنة.. هذه السنارة ستقع بعيدا كل البعد عن كل فتاة تعيش في ظل حنان الأبوة والأمومة.. هذه السنارة ستنكسر بيد الفتاة نفسها إن هي أشبعت وغذيت بتغذية أسرية نافعة.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/1)
وراودته عن نفسه
فوزيه الخليوي
عندما راودت امرأة العزيز يوسف - عليه السلام -!! متحديٌه بذلك الُسلطات الثلاث: سلطه النفس وسلطه الزوج وسلطه المجتمع!!
ثائرة منساقة وراء أهوائها!!
إنها ثورة على النفس والفضيلة!! تخرج المرأة منها كما يحدث غالباً في سائر الثورات: حطام ركام أشلاء وهل حياة المرأة! وجمالها! وسيادتها! إلا باجتماع الفضائل فيها..
وعندما قالت العرب: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها!
فقد أصابوا؛ لأنها تحرّرت من أسر الشهوات وسادت نفسها بالفضائل.. لا بالنسب والقبائل!!
وهل الفضائل إلا العفة والحياء.. !!
وبهما سادت فاطمة - عليها السلام - نساء الجنة!! كانت تتثنى حياءً إذا خرجت وبمنزلها قرّت!! بلغ من حيائها أنها استدعت أسماء بنت عميس وأفضت إليها بما يجول في خاطرها ويشغل بالها بعد مماتها فقالت: إني استقبحت ما يُصنع بالمرأة أن يطرح عليها ثوب يصفها!!
فدلتها أسماء على فعل الحبشة حيث دعت بجرائد رطبة فحنّتها ثم طرحت عليها ثوباً فاطمئنتّ وقالت: ما أحسن هذا! وأجمله!! فإذا مِتّ فاغسليني أنت وعلي ولا يدخل عليّّ أحد.
يأنسن عند بُعوُلهن إذا خلوا *** وإذا هم خرجوا مِنهنّ خِفارُ
فلماذا كان الزنا هو الخطبُ الجلل والداهية الزلل..
قال ابن القيم: إن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها زوجها أقاربها ونكّست رؤوسهم بين الناس وإن حملت من الزنا فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج!! فأدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم فورثهم وليس منهم ورآهم وخلا بهم؟
والعفة هبةٌ ربانية... بحاجةٍ للصيانة البشرية!!
بذل في سبيلها بعض النسوة حياتهنّ!! قريرة بها أعيُنهنّ!!
في مواطن تساوى فيها الفقر مع الغِنى كان الفيصل فيها للتُقى!!
وعندما ذكر مصطفى الرافعي في أحد كتبه: قصة المرأة التي وُجدت ميتة في صحراء المُقطم!؟ فظنّ النّاس بها شراً ولكن تبين فيما بعد أنها توفيت من جراء الجوع!! وخرجت إلى الصحراء لئلا تضعف وتمد يدها وتبيع شرفها في سبيل سدّ الرمق!؟
كان امتحانا تجاوزته تلك الفقيرة بنجاح فهل الغنية أيضاً لا تستطيع الصمود أمام المغريات!!
جاءت زوجة الخليفة العباسي لتدلل العكس في هذه القصة الرائعة عندما دخل التتار بغداد وقتلوا زوجها وأبنائها وحاشيتها ظلماً وعدواناً؟!
ولم يبق إلا هي وجواريها.... فلم تلهها هذه الفاجعة أن تحتفظ بما تبقى لها من شرف عفّتها! وقد طاش عقلها! واستطار صوابها! عندما دخل عليها هولاكو قصرها!! وطلب أن يواقعها!! فشرعت تُقدم له التحف والجواهر تُشغله عما يرومه!! فلما علمت تصميمه على ما عزم اتفقت مع جارية لها على مكيدة فأعطتها سيف الخليفة وقالت: سأريه أنى سأجربه بك؟؟ وأنا إذ ذاك أقول لك افعلي هذا أنت بيِ!! فإذا ضربتني فليكن الضرب بكل قواكِ على نفس المقتل!! وعندما حضر هولاكو بدأت بحيلتها فضربتها الجارية فقدتها نصفين!!! وماتت - رحمها الله - وما ألمتّ بعار ولا جعلت فراش ابن عمّ رسول الله فراشاً للكفار.
كان بحق أمراً مؤلماً أن تذهب هذه النماذج العفيفة عن أنظارنا في وقت ازدحمت فيه المغريات وتكالبت علينا الشهوات!! كما يتكالب الأكلة على القصعة؟!
وأصبحت نساؤنا في أمسّ الحاجة لذكر نماذج تحلّت بالطُهر والعفة والتحفت بالسواد وازدانت بالحياء!!
وأخلصت في منح قلبها! ووجدانها! وفكرها! لزوجها ورفيق دربها!! وأسبغت عليه سيمآء المهابة والرفعة!
فعندما سأل زياد بن أبيه جلساءه: من أنعمُ النّاس عيشهً؟
قالوا: أمير المؤمنين!
قال: لا ولكن رجل مسلم له زوجةٌ مسلمةٌ لهما كفافٌ من العيش قد رضيت به ورضي بها! لا يعرفنا ولا نعرفه!!
وحتى تكوني من أنعم الناس عيشهً عليك بالأمور التالية:
(1) البعد عن مواطن الفتنة والاختلاط:
لقد وضع ابن حزم قاعدةٌ وهى: إن الصالحة من النساء هي التي إذا ضُبطت انضبطت!
وإذا قُطعت عنها الذرائع أمسكت! والفاسدة من النساء هي التي إذا ُضبِطت لم تنضَبِط! وإذا حيل بينها وبين الأسباب التي تُسهِّل الفواحش تحايلت في أن تتوصّل إليها بُِِضروبّ من الِحيل؟
وقد عبرت هذه الأعرابية حين حملت من ذي قرابة لها فسئلت: ما ببطنك يا هند؟ ؟ فقالت: قُرب الوِساد وطول السواد!
وقالته البضعة النبوية فاطمة الزهراء عندما سألها علي بن أبي طالب: ما خير للنساء؟ قالت: أن لا يرين الرجال ولا يرونهنّ!!
(2) تذكّر شدّة عقوبته:
عندما تضع المرأة بين عينيها انّه - عز وجل - شد يد العقاب وأنّه لا يُرد بأسه
عن القوم المجرمين!! قال أحد السلف: من قطع منك عضواً في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على هذا النحو!
ومفسدة الزنا من أعظم المفاسد لمّا شرّع الله حفظ الإنسان وحماية الفروج كانت تلي مفسدة القتل في الكِبر قال الإمام أحمد بن حنبل: ولا أعلم بعد قتل النفس شيئاً أعظم من الزنا وقد ذكر - سبحانه - حرمته بقوله: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون" الفرقان 68.
(3) غضّ النظر:
جاء الأمر الإلهي لجميع المؤمنات بغضّ النظر والكفّ عن إرسال أبصارهنّ في تتبع الرجال وهيئاتهم "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" النور 31 فمن مساوئ هذا الأمر على الزوجة أنها تبغض زوجها ويزين لها الشيطان الرجال أمام ناظريها!! فترى زوجها قبيحاً فتبغضه ولا تطيق رؤيته!! ولا أدل على ذلك من قصة زوجة ثابت بن قيس حيث جاء في الأثر أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: يا رسول الله! لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبداً؟!! إني رفعت طرف الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامةً وأقبحهم وجهاً!
ألم تر أن العين للقلبِ رائدُ *** فما تألف العينان فالقلب آلف
ومن ثمّ يجب أن تلتفت المرأة إلى إصلاح ذات البين مع زوجها.
(4) إسباغ الهيبة والتقدير على ا لزوج:
إن للتواصل اللفظي بين الزوجين باحترام يضفي على علاقتهما شيئاً من الألفة، هما بأشدّ الحاجة إليها، لمواجهة الضغوطات العاطفية التي لا تخلو منها أي علاقة!! وقد قالت امرأة سعيد بن المسيب: لم نكن نخاطب أزواجنا إلا كما تخاطبون أمراءكم: أصلحك الله! عافاك الله!!
وهذا أمر أدركته (مسز سمبسون) المرأة التي تخلى ملك بريطانيا إدوارد الثامن عن العرش من أجلها!! كانت لا تخاطبه إلا بكلمة (سيدي) ولا تتحدث عنه إلا وتسميه (بسيدي)!!!
(5) النظر إلى الصفات السلبية من منطلق إيجابي:
إن مما يزيد التوتر بين الزوجين، عدم إغفال كلٍّ منهما لمثالب الآخر!! وترديدها بين آونة وأخرى!! فلا مناص إذن من التعامل معها بشيء من الإيجابية أياً كانت؟؟!
فإن كان الزوج: بخيلاً.... فهو اقتصادي!
أو كان كثير الحديث... فهو متحدث!
أو كان مجادلاً.... فهو يحب النقاش!
وهكذا يمكن للحياة أن تسير وتستمر بين زوجين دون وجود كادر يعكِّر صفوهما، ويستأصل البهجة والسرور من حياتهما.
23/10/1425
06/12/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/2)
قضايا المرأة .. قضايا المجتمع
د.نورة خالد السعد
هل المرأة المسلمة محرومة من حقوقها كما جاءت في الإسلام؟ وهل هي مضطهدة؟ وهل هناك تمييز ضدها في التشريع الإسلامي؟
هذه الأسئلة وما يماثلها تعتبر (محورية) لأنها هي السائدة الآن وسابقاً، سواء على المستوى العالمي أو العربي وحتى المستوى الإسلامي ممن يناقش قضاياها.
ورغم مئات المقالات وعشرات المؤلفات، ومثلها الدراسات التي تصدر في مجال الحديث عن قضايا النساء المسلمات وحقوقهن معظمها يصب في خانة الدفاع عن هذه الحقوق التي تميز بها الإسلام ديناً يكرم المرأة ويرفع من مكانتها.
بعض هذه المؤلفات يحمل إعلاءً للتقاليد في ثنايا السطور، وليس للنص القرآني الحقيقي للحقوق المالية والأسرية للنساء.
على سبيل المثال، بعضهم يناقش هذه الحقوق وفق التشريع الحقيقي وكأنه (واقع) لا تجد أي ملامسة لسلبيات التطبيق لهذه الحقوق في الواقع المجتمعي في معظم مجتمعاتنا الإسلامية، والذي ينبغي أن نتعرف أنه واقع لا يماثل ما ينبغي أن يكون عليه المجتمع الذي يتشكل وفق الأصول الشرعية التي هي دستور كل مسلم.
فقد تحرم المرأة من ميراثها ومن حقها في التصرف في أموالها بتقييد هذا التصرف من خلال إجراءات إدارية هي (القيود) لتلك الذمة المالية التي منحها لها الله - سبحانه وتعالى -، وقد تُحرم من طلبها (الخُلع) إذا ما انطبقت شروطه لمجرد أن القاضي أخذ بما يطلق عليه (الاستئناس)، وهناك من تحرم من الحصول على (مهرها) وهو حق شرعي لها في بعض مجتمعاتنا العربية ليأخذه الأب، وقد يتزوج الأب نفسه بهذا المهر.
وفي الوقت نفسه هناك مجتمعات إسلامية تحرم المرأة من حقها الشرعي في (الحجاب). وأخيراً وكما صدر في إحدى الدول العربية مُنعت النساء من حضور صلاة الجمعة في المساجد، وتم ذلك باسم الدين؛ فقد تم تجميع عدد من الأحاديث كي تسوِّغ هذا القرار خصوصاً بعد أن أصبح ملحوظاً أن النساء في ذلك المجتمع قد التزمن الحجاب الشرعي.
إذن هناك إجراءات مجتمعاتية وممارسات مؤسساتية تزيد من حرمان النساء من هذه الحقوق المكفولة لهن شرعاً.
وفي الوقت نفسه نجد أن مرحلتنا المعاصرة تسود فيها أجندة ثقافة حقوق المرأة من منظور الجندر (النوع الاجتماعي) هذا المفهوم الذي أصبح الورقة الرابحة في كل مؤتمر وكل وثيقة وكل نشاط نسائي.
هذا المنظور الذي يحمل جانبين:
أحدهما: إيجابي إذا ما تم استخدامه بصفه آلية للتحليل الاجتماعي لكل دور اجتماعي يمارس من قِبَل الرجل أو المرأة.
والجانب الآخر: سلبي إذا كان يستخدم كآلية لإلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة فسيولوجياً واجتماعياً وإعلاء (التماثل) بين دور الرجل ودور المرأة في المجتمع وفق جذوره التاريخية المستمدة من الحركة النسوية الراديكالية.
وحتى لا نقع ضمن حدين متناقضين بين واقع اجتماعي تعيشه معظم النساء المسلمات ليس هو (التطبيق الحقيقي) لما جاء في التشريع القرآني في شموليته، وبين واقع اجتماعي فرض أجندته بما يناسب مضمون اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة دونما (استثناء) لبعض بنودها الخاصة بالولاية والميراث والمناقضة لما في التشريع الإسلامي. بين هذين الجانبين يتم النظر في قضايا المرأة المسلمة رغم الاهتمام، لكنها تظل (مشكلة)؛ لأن الفهم الصحيح لها وتعريفها يقع بين هذين الجانبين المتناقضين إلى حد ما.
فالحركات الغربية النسوية تعرّفها على أنها قضايا (نسوية) تناقش غالباً سياق الأسرة والمجتمع.
بينما ـ نحن ـ في الجانب الإسلامي ننظر إليها ضمن سياق هذه الأسرة، وننطلق من النص القرآني الذي يمنح النساء المساواة في الأجر والثواب لقوله - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وفي الوقت نفسه هذا المصدر السماوي يميز بين الذكر والأنثى في الحقوق والالتزامات إذا ما كان الحديث عن النظام المالي الخاص (بالميراث)؛ لأنه يضع الأسس في المجتمع من خلال نظام مساواة اقتصادي اجتماعي ينطلق من (الأسرة) بدلاً من الانطلاق من (الفرد). ومن ثم يتم ضبط مسؤولية كل فرد فيها بدقة حتى لا يهمل أي فرد فيها؛ ولهذا كان التمييز لصالح الأنثى من قِبَل الذكر المسؤول (مسؤولية كاملة) عن (الأسرة) وفي حالة تعذر القيام بهذا الواجب لأي سبب كالوفاة أو المرض والعجز؛ فإن المسؤولية تنتقل آلياً إلى أقارب الأسرة الذكور، ثم المجتمع بعد ذلك لتوفير الرعاية للأسرة.
هذه الدوائر لتداول المسؤولية المالية تجاه رعاية الأسرة والمرأة الزوجة، أو الأم، أو الابنة على وجه الخصوص هي الجزء الذي تم إضعافه في واقعنا المعاصر للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ولهذا نجد في بعض مجتمعاتنا الإسلامية أن النساء أصبحن في مواجهة أعباء الحياة ورعاية الأسرة، وتناقص دور بعض الأزواج أو أولياء الأمور في هذا الجانب، ولكن بقي في الجانب الآخر وهو ممارسة التسلط وليس القوامة كما جاءت في التشريع، وتنامى هذا الخلل في استيعاب (الحكمة) من نظام الميراث في الإسلام على الأقل من وجهة نظر بعض رائدات الحركات النسوية العربية.
هذا مثال فقط؛ ولهذا فإذا كان الخلل من سوء التطبيق وعدم مساندة مؤسسات المجتمع الثقافية والاقتصادية لما يحقق التشريع الرباني ليس لقضايا النساء معزولة عن (الأسرة) ولكن لجميع قضايا الأفراد رجالاً ونساء وفق دائرة الأسرة ثم المجتمع. والإصلاح لا بد أن ينطلق من مصدر الخلل، وليس محاكمة المصدر التشريعي، واعتساف تطبيقه على الواقع.
إصلاح الخلل لن يتم عبر مقالات، أو كتب، أو مؤتمرات فحسب، بل لا بد من تغيير نوعي في الوعي الحقوقي الاجتماعي لأفراد المجتمع، ولا بد من إشاعة روح الحوار والتفاعل بين مختلف المهتمين بالمرأة وقضاياها والأسرة أيضاً، واستثمار هذا المناخ العالمي الذي يُظهر الاهتمام بقضايا النساء للتأكيد على تفعيل الحقوق الشرعية في الإسلام، والاستفادة من آليات التفعيل لمواثيق الأمم المتحدة شرط أن لا تتعارض مع ثوابتنا وقيمنا وأخلاقياتنا، ولكن هذا ينبغي أن يتم (عملياً) وليس (نظرياً).
----------------------------------------
(*) أستاذ علم الاجتماع المساعد كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الملك عبد العزيز ـ جدة.
شعبان 1425هـ * سبتمبر/أكتوبر 2004م
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/3)
7958 أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ : " تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ " قَالَتْ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ خَفِيفَ ذَاتِ الْيَدِ فَقَالَتْ لَهُ : " أَيَسَعُنِي أَنْ أَضَعَ صَدَقَتِي فِيكَ وَفِي بَنِي أَخٍ لِي أَيْتَامٍ ؟ " فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَلِي عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا عَلَى بَابِهِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ تَسْأَلُ عَمَّا أَسْأَلُ عَنْهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا بِلَالٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلْهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ ، فَانْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ هُمَا ؟ قَالَ : زَيْنَبُ قَالَ : " أَيُّ الزَّيَانِبِ ؟ " قَالَ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْنَبُ الْأَنْصَارِيَّةُ قَالَ : " نَعَمْ ، لَهَا أَجْرَانِ ، أَجْرُ الْقَرَابَةِ ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ
...
كتب التخريج كتب الأطراف
الجمال نعمة
الجمال لا شك نعمة .. بل نعمة كبيرة..
والمرأة الجميلة، اصطفاها الله بهذه النعمة..
فكان جديراً بها أن تعرف أولاً تكريم الله لها بهذه النعمة..
وأن تعرف ثانيا كيف طريق شكر هذه النعمة، ليحفظها الله لها ولبناتها..
إذا كنتَ في نعمة فارعها ** فإن المعاصي تزيل النعمْ
فإذا لم تعرف المرأة الجملية نعمة الله عليها في هذا.. فتلك مصيبة..
وإذا عرفتها، ثم لم تعرف كيف تؤدي شكر النعمة..
فالمصيبة أعظم وأطم.. !
حيث تنقلب النعمة عند ذاك إلى نقمة..
وتصبح المنحة، محنة.. ويمسي العطاء بلاء.. !!
يحاسبها الله عليها حسابا لا يحاسب غيرها..
ممن لم ينعم الله عليهن بمسحة الجمال هذه.. فيا ويلها ثم يا ويلها.. !
وأقبح خلق الله من بات عاصياً ** لمن بات في نعمائه يتقلبُ
وربما سلبها هذه النعمة عاجلا قبل الحساب الآجل..
وتغدو حسرتها مضاعفة.. فلا جمال أبقت، ولا عذاب رفعت.. !!
فلا تملك يوم ذاك إلا أن تعض بنان الندم والحسرات، ولكن هيهات ثم هيهات
لا ينفع الندم أصحابه، وقد فرطوا يوم كانت الأيام مقبلة عليهم..
لا نعني أن باب التوبة مغلق في وجوه هؤلاء، إذا قررن العودة إلى الله
إنما نعني من تندم في وقت نفضت الدنيا منها يديها من تلك الجميلة
وهي الآن تغرغر وروحها تنزع بلا رحمة..
إن شكر نعمة الجمال كما هو واضح من مقررات نصوص الوحي:
أن تلزم الجميلة ما أمرها الله ورسوله به..
بأن تستر نفسها بحجابها الشرعي..
كما تستر اللؤلؤة نفسها بصدفتها فلا تنالها كل يد.. !
وكما تستر البذرة نفسها، حتى تنبت وتثمر وتزهر،
وإلا فإن ظهورها فساد لها!
ولكن .. ولكن كثيرات للأسف لم يعرفن قيمة نعمة الله عندهن..
وكثيرات عرفن النعمة أو هن يزعمن ذلك ولكنهن لم يعرفن طريق الشكر الصحيح على تلك النعمة، كما يريد الله ورسوله.
فتجرأن على الله جل الله ربنا وتبارك..
وأصررن على مخالفة أوامره وتعاليم نبيه الكريم..
وركبن رؤوسهن، وانطلقن على صهوات خيول الهوى الجامح..
فإذا الواحدة منهن كما قال القائل:
(.. تبرز حين تخرج من بيتها لا إلى الطريق..
ولكن........ إلى.. إلى نظرات الرجال!!! )
تقف أمام مرآتها وقتا طويلا تتهيأ وتتزين وتتمكيج،
وتلف على نفسها وتدور.. !!
وتنظر إلى نفسها في مرآتها بعيون رجل يتشهى ويتلمظ.. !
فإذا استحسنت عيونها زينتها.. طارت إلى الخارج لتراها عيون الخلق
وتشحذها ألسنتهم الحداد..
إما ذبحا لها بلعنات الملائكة والناس أجمعين تتابعها حتى تعود إلى بيتها!!
.. أو ذبحا لها بخيط من حرير من شياطين الأنس
الذين يزينون لها طريق النار وهي تضحك، وتخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض.. !
أفهكذا شكر المنعم على نعمته أيتها المسلمة.. ؟؟!!
أخاطب فيكِ إسلامك.. أخاطب بصيص الإيمان في قلبك..
أما الكافرة فلا خطاب لي معها.. لأنه ليس بعد الكفر ذنب
ولكن المسلمة ... .. ولكن المسلمة.. !!
نعم.. ولكن المسلمة هي التي نخاف عليها، لأنها كنزنا الذي نحرص عليه
وما أجمل ما قيل:
إنما المرأةُ مرآةٌ بها *** كلُ ما تنظرهُ منكَ ولكْ
فهي شيطانٌ إذا أفسدتها ** وإذا أصلحتها فهي مَلَكْ
http://www.muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/4)
دعوة إلى من لم تلتحق بالركب
دعوة .. ملؤها الحب..ومدادها الإخلاص..
دعوة من القلب إلى القلب اختطفها قلم ليطبع عليها حبره ويشارك في شرف تقديمها لك أنت يا من تقرئين أحرفي هذه.. إليك يا نور الصباح.. دعوة من دار التحفيظ..
دعوة من أخوات هناك ينتظرنك يتلهفن للقاك..
ويطمعن أن تنظمي لركبهن وأن تجاوري عالي النجوم بهمتك العالية..
فماذا تنتظرين؟!
هيا.. ولا تحرمي نفسك الأجر..
أم تراه يسرك أن يذهب شبابك وتمضي حياتك.. وهمك لم يزل بك مع ركام الدنيا؟ يا أخيه.. الحياة قصيرة.. والعدة والله قليلة والسفر جد طويل..
سفري بعيد وزادي لن يبلغني *** وقسمتي لم تزل والموت يطلبني
فيا تراه.. ما يكون الزاد (فيلم، أغنية، رقصة، قصة)
أم (صلاة، قرآن، حديث، حسن خلق.. ))
"إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً "((الإنسان: 3)
أيا حبيبة...
أما يتملكك شعور بالغبطة حين ترين فتاه ممن هي في مثل سنك قد عاشت وقت فراغها مع القرآن.. فحفظت منه جزءاً ليس باليسير.. وهي إنشاء الله في طريقها لختمه حفظاً وتجويداً..
قد ترين عملها هذا كبير ولا تقواه نفسك أودعيني أقول.. سيبدأ الشيطان يصعب عليك الوصول إلى ما وصلت إليه هذه الغالية ويبدأ ـ أخزاه الله ـ يثبطك ويسقيك من داء سوف ولعل..
وأنا أقول لك لست وحدك التي سيصعب عليه هذا.. ولكن هناك من سمت نفوسهم.. وعلت هممهم فاستعانوا بالله - سبحانه - وصدقوا مع الله فصدقهم ما وعدهم.. واعلمي يا أخيه أنها مجرد خطوة.. خطوة واحدة تخطينها إلى الله.. وأنا واثقة بإذن الله أن كل شيء سيسهل عليك.. ثم لا تقوين أن تفارقي ما اعتدت عليه من عمل صالح ألم تسمعي حديث (من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً).
فهيا.. شمري عن ساعديك والحقي بالركب قبل أن ينزل بك الموت وإليك بعضاً من الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح :
1. الإخلاص.. والمتابعة ومن ثم القبول بإذن الله ستجدين نفسك بعدها تبحثين جادة عن ما يقربك لله.
2. الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء.
3. الرفقة الصالحة فهي والله خير معين بعد الله - سبحانه -.
4. عيشي مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومع صحبه وذلك بالقراءة في سيرهم.
5. عدم الاغترار بالدنيا والإيقان أنها ظل زائل.. وأن الموت لا يفرق بين صغير ولا كبير.
6. تذكري نعم الله عليك .. وأن لكل نعمة ثمن.. وأنك مسؤولة عما أنعم الله به عليك.
وختاماً..
محاضن الخير.. تنتظرك.. تفتح لك ذراعيها مرحبةً بك.. فهلمي لها.. عيشي بين جنباتها..
وبإذن الله ستجدين الأنس والسعادة والانشراح..
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/5)
إلى كل عاشقة تريد الحقيقة
أختي العزيزة:
هل تريدين الحقيقة؟ وهل تبحثين عنها؟ هل تريدين حقا أن تعيشي قصة حب مع فتى أحلامك؟!!... إذا فاسمعيني جيدا وافتحي قلبك إلى كلام يخرج من شاب إلى فتاة ... ولكن من شاب يريد أن ينقذك.. لا يغرقك..
أختي فتاة الإسلام .. ما هو الحب؟ ولماذا خلقه الله؟...
أولا وقبل كل شيء، إن الإسلام لم يحرم الحب بحد ذاته كمشاعر وعواطف، بل منع العلاقة التي تحدث بين الرجال والنساء قبل الزواج ... ولكن لماذا؟!
في البداية، من وجهة نظر واقعية، اسألي أي إنسان منصف، شاب كان أم فتاة.. متزوجون كانوا قد عاشوا قصص غرامية متعددة قبل الزواج .. اسأليهم.. ما هو تأثير علاقاتك الغرامية السابقة على حياتك الزوجية بعد أن أصبح لديك أسرة وأولاد ... أنا سأجيبك عنه: وسوف أتكلم من وجهة نظر الشباب:
إن كل شاب عندما يتزوج، يلزم منه أن يرتبط بزوجته وألا يحب غيرها، وهذا هو الواجب عليه وعليها. ولكن للأسف يحدث شيء لم يكن يتوقعه، وهو عندما يعيش مع زوجته، يبدأ الشيطان بعملية وسوسة، فيقول له: قارن بين زوجتك وبين اللاتي كنت تقيم معهن علاقات غرامية... فواحدة شقراء ذات خصر نحيل.. وأخرى بيضاء ذات عيون رائعة.. و و و.. عندها يبدأ الرجل بإجراء هذه المقارنة، وذلك بسبب تأثير ما كان قد عاشه في الأيام الخوالي.. وفي لحظات الضعف هذه، يتسلل الشيطان إلى قلب الرجل ويقذف في قلبه البغض والكره لهذه الزوجة المسكينة، التي قد تكون لا تملك تلك المواصفات، حتى يصبح الرجل يرى كل شيء منها سيئا ولا يعجبه شيء... وهكذا.. حتى يوقع البغضاء بينهما وبعدها..... الطلاق.
نعم أختي.. صدقيني، هذا ما يحدث للشاب أو الرجل.. صدقيني أنا شاب وأعلم جيدا ما يدور في أذهان الشباب والرجال.. وكذلك النساء والفتيات، يجرين المقارنة السيئة السابقة.
إذا من وجهة نظر واقعية واجتماعية، ظهر لنا أن هذه العلاقات سوف تؤثر على علاقة الزوج بالزوجة، وذلك عبر تذكر الأيام الخوالي ... فانظري إلى المشاكل التي تحدث في البيوت، وكما تعلمين البيوت أسرار.
أما الآن فتأملي معي هذا الرسم البياني، وأرجو ألا تتسرعي وتقولي أني أخون وأشك بأحد.. ولكن هذا هو الواقع الذي أعلمه تماما وهذا من خلال معايشتي لكثير من القصص التي رأيتها..
لنرى ونعيش أحد التجارب التي من الممكن أن تحدث مع إحداكن في المدرسة مثلا: تخرج الفتاة من المدرسة مع صديقاتها، فإذا بشاب وسيم، يضع على شعره الزيوت و العطور ووو.. فيقع نظرك عليه وهو كذلك، وهذه هي الدرجة الأولى من السلم الأعلى. وبعد هذه النظرة يبدأ تفاعل المشاعر، ثم تتحول إلى إعجاب، وهذه هي الدرجة الثانية. وبعدها يبدأ مسلسل النظرات والضحكات.. وهكذا، بعد عملية التعارف وبعد فترة من الزمن، يطلب الشاب من الفتاة أن يسمع منها كلمات تشعره بنشوة الحب، كما هي كلمات الأغاني التي قد تأثر بها. ثم يتكرر هذا الطلب وهكذا حتى يتحول إلى رغبة لدى الشاب يريد أن يفرغها، وتتحول إلى غريزة حيوانية تطالبه بالمزيد ... حتى يقع المحظور والعياذ بالله. ولكن هذا قد يأخذ فترة من الزمن حتى لا يكون الأمر مفاجئا. وهذه هي طريقة الشيطان: طريقة الخطوة خطوة. وهذا ما حذرنا منه الله - تعالى - في القرآن الكريم وقال (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) .. لاحظي أن الله - تعالى - لم يقل ولا تتبعوا طريق الشيطان، بل لا تتبعوا خطوات الشيطان. لأن الشيطان ماكر خبيث، يشعر الفتاة أن الموضوع بسيط. فكلما عظمت أحد الخطوات بعين الفتاة، جاء الشيطان وبسطها لها حتى تهون عليها ثم تبدأ بمسلسل التنازلات .. واحدة تلو الأخرى، حتى يزول الخوف من الذنب ويبدأ الحياء بالتلاشي شيئا فشيئا، إلى أن يقع الفأس بالرأس، وعندها لا ينفع الندم. وإذا أردت التأكد فاسألي أصحاب التجارب السابقة ...
عود على بدء ...
أما الآن أريد أن أرجعك إلى ما قد بدأت به أولا. ونقول هل حرم الإسلام الحب؟ أبدا لم يحرمه. ولكن في إطاره الشرعي. ولتسمعي معي هذه الوقفات من حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة الطاهرة - رضي الله عنها -، وليتعلم كل امرأة ورجل من هذه الدروس الرائعة.
1- كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة - رضي الله عنها -: حبي لك كعقدة في حبل!!! فتضحك هي - رضي الله عنها -، ثم كلما مرت عليه سألته: كيف حال العقدة يا رسول الله؟ فيقول : كما هي ... انظري يا أختي إلى هذه الكلمات.. بالله عليك هل يقدر أكبر شاعر في العالم بل وأكبر ممثل وعاشق أن يخرج مثل هذه الكلمات.
تأملي هذا الموقف..
2- كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حاضت عائشة - رضي الله عنها -: يلاطفها ويداعبها. وكانت إذا شربت من كوب الماء أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الكوب وبحث عن موضع شفتيها وشرب من نفس المكان الذي شربت منه ... (أسف للتطرق لبعض الأمور الحساسة ولكنه الإسلام ولا خجل في الإسلام.. بل الحياء من الإسلام).
-3- سأل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة!! قال يا رسول الله من الرجال؟ قال: أبوها.. تخيلي أختي المسلمة.. هل يستطيع الرجل في هذه الأيام أن يجيب مثل هذا الجواب بل ويلفظ اسمها أيضا...
إذا الإسلام لا يحرم الحب، بل يحرم العلاقة التي تكون في غير إطارها الشرعي.
أخيرا أخيتي:
أريد أن اختم بحكمة الله في خلق الحب: عندما خلق الله الإنسان، وخلق أعضاءه، خلق لكل عضو من الأعضاء طاقة معينة ومحدودة لكي نصرفها فيما يرضي الله. فمثلا، خلق الله العين وأعطاها طاقة النظر لكي تبصر ما هو حلال لها. وكذلك الأذن والسمع، واليد والعمل ... الخ. وكذلك أيضا القلب، فقد أعطاه الله طاقة، هذه الطاقة هي الحب والعواطف، فانظري يا أختي أين تصرفي هذه الطاقة .. أتصرفيها في هذه العلاقات وتنفذ منك ؟! لكي تصابي بما أصاب قلوب الأزواج الذين تحدثنا عنهم من قبل. حتى لا يجدوا حبا يتبادلونه أبدا..
يا أختاه أرجوك فكري جيدا ... نحن أمة يتكالب عليها الأمم الباقية.. يا أختي أرجوك أنت قلعة من قلاع الإسلام.. إياك أن يؤتى الإسلام من قبلك، وأن يخترقوا هذا الحصن وأنت فيه.. وإياك أن تفتحي هذه القلعة لكل ذئب يطرقها... ولكل متسول كذاب... بل افتحيها لرجل يستحقها ... لرجل لا يمل من حبك إذا أحبك.. ولا يؤذيك إذا كرهك.. بل يحافظ عليك... أتعلمين من هذا الرجل؟... إنه الشباب المؤمن.. الشباب المحافظ الملتزم.. هو الذي سوف يحفظك... فبالله عليك إياك وأن تخدشي حياءك... وإياك أن تخوني أهلك وأبويك.. وأن تخوني الإسلام ... وأخيرا إياك أن تأتي يوم القيامة وتري الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتركضي إليه.. تريدين أن تتحدثي معه فيعرض عنك ويقول لك: لا تقتربي مني فأنت من الذين خذلوني ... وضيعوا الدين.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/6)
أسرار الدورة الشهرية
الدورة الشهرية حدث أساسي في حياة الأنثى يميزها عن الذكر. والدورة الشهرية ترتبط بأحداث كبيرة في حياة المرأة كالبلوغ والحمل، وهي أيضا تؤرخ لنهاية مرحلة الإخصاب عندما يختفي حضورها الشهري من حياة المرأة.
الغالبية من الفتيات لا تفرح عند مجيء الدورة الشهرية لأول مرة، برغم أنها علامة صحية في مسار حياتهن وايذان بدخولهن مرحلة الإنجاب. فالدورة الشهرية تلازم المرأة بين سن الثانية عشرة والخمسين تقريبا. وقد يصل مجموع الدورات في حياتها إلى 450 دورة.
والدورة الشهرية هي الفترة الممتدة بين اليوم الأول لنزول الدم إلى اليوم الأول لنزول الدم للدورة التالية. وتستغرق الدورة الشهرية حوالي 28 يوماً. وخلال هذه الفترة الزمنية تحدث تغيرات عديدة في جسمك تسببها الهورمونات الأنثوية. وهذه الهورمونات هي التي تغير الإحساس والمزاج والنشاط والإرهاق والمرح والانطواء وقوة الذاكرة من يوم إلى آخر طول فترة الدورة.
وإليك في ما يلي كشف لما يحدث خلال الدورة الشهرية من تقلبات، مع ملاحظات وتوصيات حول طبيعة التغيرات التي تشعرين بها:
المرحلة الأولى:
من اليوم الأول إلى اليوم السابع: وهي فترة الحيض Menstruation وتتميز بنزول الدم من المهبل وهو ما يعرف بالحيض أو العادة. وتفقد المرأة حوالي ثلاث أوقيات ونصف الأوقية أو حوالي 100 غرام، من الدم مع بعض الأنسجة المنقشعة من جدار الرحم، هذا بالإضافة إلى بيضة غير ملقحة.
وغزارة نزول الدم لا علاقة لها بشكل جسمك أو حجمه، بل تتحكم فيها العوامل الوراثية. وتلاحظ معظم النساء أن النزف يقل لديهن بعد حوالي ثلاثة أيام. وفي هذه المرحلة بالذات تبدأ بيضة أخرى في المبيض بالنضوج.
ماذا يحدث لك؟
* قد تنتابك رغبة ملحة في تناول الحلويات لا سيما الشوكولاته، فكلي منها باعتدال. ومع أنها تحتوي على معادن مهمة تساعد على رفع مستوى هورمون السيروتونين Serotonin وتفيد قلبك، لكن انتبهي أيضا إلى وزنك.
* تكون بشرتك في هذه الفترة حساسة وأكثر عرضة لظهور البقع والطفح.
* لمعلوماتك فإن هذا هو أسوأ وقت في الشهر لإزالة الشعر (لأن بشرتك تكون حساسة جدا في هذه المرحلة).
* قد تواجهين صعوبة في الخلود للنوم ولربما تكون لياليك غير مريحة. خذي حماماً دافئاً قبل النوم ليساعدك على الاسترخاء.
* قد تشعرين بالتعب والتوتر وحدة الطبع. وبوسعك مقاومة هذه الحالات بمزاولة النشاطات الرياضة المعتدلة مثل المشي. وهذه الممارسة تخفف تشنجات عضلة الرحم. كما أن خفض استهلاك القهوة والأغذية الدسمة والسكرية يخفف تشنجات عضلة الرحم.
* يلاحظ انه في هذه المرحلة يرتفع مستوى الإدراك والمهارات العملية مثل مهارة الحياكة والرسم وما شابه.
* يوصي الأطباء بضرورة استعمال المناشف الصحية لحماية جهاز التناسل من الأمراض.
المرحلة الثانية:
من اليوم الثامن إلى اليوم الرابع عشر: مرحلة ما قبل الإباضة Pre-Ovulation يبدأ مستوى الهورمون الإنثوي «الاستروجين» بالارتفاع مع اقتراب موعد الإباضة عندما تنطلق بيضة من احد المبيضين. وتكونين في هذه المرحلة في أعلى درجات الإخصاب. وتكون درجة حرارة جسمك أعلى قليلاً.
ماذا يحدث لك؟
* قد تظهر عليك مشاعر الغيرة الزائدة.
* ربما تشتكين من وجع في الجانب الأيمن أو الأيسر من أسفل البطن. وقد يستغرق بين بضع دقائق إلى بضع ساعات.
* و هي الفترة المناسبة للإخصاب فإذا كنت تخططين مع زوجك لتكوين أسرة فهذا هو الوقت المناسب.
* تلاحظين ظهور إفرازات لزجة صافية تتسرب من المهبل. ووظيفة هذه الافرازات هي توصيل الحيوانات المنوية نحو البيضة لتلقيحها.
* تكون المهارات اللفظية والذاكرة لديك في أعلى مستوى لها.
* تشعرين وتبدين متألقة وفي وضع نفسي ممتاز عموماً.
المرحلة الثالثة:
من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الواحد والعشرين ـ ما بعد الإباضة Post-Ovulation: تنتقل البيضة في هذه المرحلة عبر أحد أنبوبي «فالوب» نحو بيت الرحم وينخفض مستوى هورمون الإستروجين بينما يرتفع مستوى البروجستيرون.
ماذا يحدث لك؟
* ربما تظهر في هذا الوقت المبكر جداً أعراض الحالة المعروفة بتوترات ما قبل الحيض PMS، (Pre-menstrual Syndrome)، وأبرز أعراضها تقلب المزاج مع انتفاخ الجسم الناتج عن انحباس السوائل.
* من النصائح المهمة في هذه الفترة شرب الماء بكثرة للتخلص من الغازات المنحصرة في البطن.
* تناولي وجبات طعام غنية باللحم والكاربوهيدرات والخضار والفاكهة لكي تحصني صحتك مسبقاً قبل موعد نزول الدم المقبل.
* كافحي الألم بالمسكنات مثل حبوب «باراسيتامول» والسوائل الساخنة مثل الشاي وحساء الخضار. المرحلة الرابعة
من اليوم الثاني والعشرين إلى اليوم الثامن والعشرين، ما قبل الحيض Pre-menstrual: لا يزال مستوى هورمون البروجستيرون في ارتفاع متواصل خلال هذه الفترة.
ماذا يحدث لك؟
* قد تشعرين بحدة في الطبع وكآبة وصداع ورغبة في البكاء ووجع في الثديين وارتباك. وهذه من أعراض (توترات ما قبل الحيضPMS).
* يزداد حبك للطعام وخاصة الخبز والرز والشعيرية والفطائر والشوكولاته. وربما يكون هذا دليلا على انخفاض سكر الدم. وعليك تحسين التوازن الغذائي في جسمك بتناول الخضار والفاكهة والبقول والعدس ومنتجات الحبوب بنخالتها مثل الخبز الأسمر والرز الأسمر.
* في هذه الفترة تصبح بشرتك دهنية وشعرك دهنيا.
* قد يتعذر عليك ارتداء ملابسك نظراً لانحباس السوائل في جسمك وزيادة وزنك. وقد يصل ما تحملينه من السوائل المنحبسة إلى ثلاثة كيلوجرامات قبل أن يبدأ الحيض.
* تخلصي من الغازات المنحبسة في بطنك بتقليل استهلاك الملح، وأكثري من شرب الماء.
* اخلدي إلى النوم مبكراً ونامي وقتاً أضافياً.
* عليك بمزاولة نشاطات رياضية معتدلة مثل المشي. فهذا يساعد على قهر الكآبة وتخفيف أوجاع المعدة ويزيل الإرهاق.
* لا تحاولي قيادة السيارة في هذه الفترة لأن تفكيرك مشتت.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/7)
امرأة سعودية تسلم على يدها سبع نساء
ذهبت هذه المرأة السعودية بصحبة زوجها إلى أحد المؤتمرات الطبية في أحد المدن الأوربية، ذهبت وهي تعلم أن ربها في السعودية هو ربها في أوربا، وهي تعلم أن هنا رجال وهناك رجال. التزمت بدينها وبتعاليم دينها وانعكس هذا على لباسها، فكان الحجاب الكامل.
نزلت في تلك المدينة بالحجاب الكامل حتى أنه لا ترى – منها - شيئاً. كانت تنتقل مع زوجها بين أورقة المؤتمر وهي سواد لا يعرف ما بداخلها، وكانت الأعين تتفحصها وتود أن تعلم ما هذا حجاب كامل وسط أوروبا؟! شيء لم يألفوه. واجتمعت عليها كثير من النساء الأوربيات وهن بروفسورات قد بلغن من العمر سنيناً وقلن لها - وكانت تجيد اللغة الإنجليزية - "أنك ما لبست هذا الشيء إلا وفيكِ عيب أو وجهك مشوه"، وهذه هي فكرتهم عن الحجاب أنه يخفي القبح داخله.
أخذتهن جانباً وكشفت عن وجهها فإذا هي امرأة كأي امرأة أخرى لا قبح ولا تشويه بل نور إن شاء الله. تحدثت إليهن وشرحت لهن وضع المرأة في الإسلام وعظمة المرأة المسلمة وكم الحجاب يصونها ويحميها وتحدثت عن الإسلام عموماُ، وبعد حوالي ثلث ساعة أعلنت سبع برفسورات منهن الإسلام! ودخلن في الإسلام والسبب هذه المرأة السعودية المسلمة المحافظة على دينها وحجابها...
ياه! سبع بروفسورات في ثلث ساعة فقط! كم نحن مقصرات!؟ هذه المرأة لم تتنكر لدينها ولم ترم الحجاب وتذوب داخل هذه المجتمعات وتصبح رخيصة ذليلة بعد أن أعزها الإسلام.. هذه هي المرأة المسلمة إذا قامت بدورها تقود العالم، امرأة عادية تقود البروفسورات!!!!
وفقكِ الله يا أختي المسلمة وحماكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين وجعلكِ قدوة لغيركِ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/8)
الحمامات المغربية رؤية شرعية
يوسف بن حسن بن محمد الحمادي
تكررت الأسئلة عن حكم ذهاب النساء إلى ما يسمى بـ(الحمامات المغربية) وما موقف الشريعة من تردد النساء على مثل هذه الأماكن؟
والجواب عن ذلك أن يقال:
إن من محاسن الإسلام العظيمة، وتوجيهاته الكريمة، ومقاصده الجليلة في صيانة الأعراض وحفظها من كل ما يدنسها أن أمرَ بستر العورات، ونهى عن إبدائها أو النظر إليها لغير ضرورة شرعية تدعو إلى ذلك، ومن النصوص في ذلك:
1- قوله - صلى الله عليه وسلم -: (نهيت عن التعري).
أخرجه الطيالسي، وينظر في تخريجه السلسلة الصحيحة برقم (2378).
2- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (غطِّ فخذك؛ فإن فخذ الرجل من عورته). أخرجه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
3- وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبيَّ الله، عوراتنا، ما نأتي منها وما نذر؟
قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك).
قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟
قال: (إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها).
قلت: يا نبيَّ الله، إذا كان أحدنا خاليا؟
قال: (فالله أحق أن يستحيا منه من الناس).
أخرجه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (203).
4- وعن عبد الله بن الحارث بن جَزْء الزبيدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مرَّ وصاحب له بـ(أيمن)، وفئة من قريش قد حلوا أزرهم، فجعلوها مخاريق يجتلدون بها وهم عراة، قال عبد الله: فلما مررنا بهم قالوا: إن هؤلاء قِسِّيسون فدَعُوْهُم، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عليهم، فلما أبصروه تبددوا، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبا حتى دخل، وكنت وراء الحجرة، فسمعته يقول: (سبحان الله، لا من الله استحيوا، ولا من رسول الله استتروا) أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (2991).
فغضبه - صلى الله عليه وسلم - وتمعر وجهه من هذه الحالة التي شاهدها، واستياؤُه من تلك الصورة التي رآها يدل على أنها ليست من دينه، ويدل أيضا على قبح ذلك المنظر وشناعتِه.
5- وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، و لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد).
فهذه النصوص وغيرها مما لم يذكر كلُّها دالة دلالة صريحة على وجوب ستر العورة، وحرمة التساهل في إظهارها إلا فيما أذن فيه الشرع من الرجل مع زوجه أو أمته، ((وما هذه العناية من الإسلام بشدة المحافظة على العورات... والنهي عن كشفها، إلا لما في حفظ العورات والابتعاد عن النظر إلى الفروج التي لا تحل من الاحتشام، وصيانة العرض، وقمع الفاحشة، وصلاح الأخلاق، ودرء المفاسد العظيمة المترتبة على التفريط في ذلك؛ فإن كشفها أمام الناس والتساهل في ذلك من المنكرات العظيمة... ))(1).
وما تقدم بيانٌ لعموم الأمة ـ رجالا ونساء ـ في وجوب ستر عوراتهم والمحافظة على ذلك.
وأما العناية بالمرأة على وجه الخصوص فـ ((إن الدين الإسلامي الحنيف بتوجيهاته السديدة، وإرشاداته الحكيمة، صان المرأة وحفظ شرفها وكرامتها، وتكفل بتحقيق عزها وسعادتها، وهيأ لها أسباب العيش الهنيء، بعيدا عن مواطن الريب والفتن، والشر والفساد، وهذا كله من عظيم رحمة الله بعباده، حيث أنزل عليهم شريعة ناصحة لهم، ومصلحة لفسادهم، ومقومة لاعوجاجهم، ومتكفلة بسعادتهم، وتلك التدابير العظيمة التي جاء بها الإسلام تعد صمام أمان للمرأة بل للمجتمع بأسره من أن تحل به الشرور والفتن، وأن تنزل به البلايا والمحن، وإذا ترحّلت ضوابط الإسلام المتعلقة بالمرأة على المجتمع حل به الدمار، وتوالت عليه الشرور والأخطار... ))(2).
ومن تلك الضوابط العظيمة المتعلقة بالمرأة: أمرها بالقرار في بيتها وعدم خروجها منه إلا لحاجة. يقول – صلى الله عليه وسلم -: ((المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها)) أخرجه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2688).
قالت اللجنة الدائمة - سددها الله -: ((ومعنى الحديث أن المرأة ما دامت في خدرها فذلك خير لها وأستر، وأبعد عن فتنتها والافتتان بها، فإنها إذا خرجت طمع فيها الشيطان فأغواها وأغوى بها الناس إلا من رحم الله؛ لأنها تعاطت شيئا من أسباب تسلطه عليها وهو خروجها من بيتها، فالمشروع في حق المرأة المسلمة التي تؤمن بالله واليوم الآخر أن تلزم بيتها، ولا تخرج منه إلا لحاجة مع الاستتار التام لجميع جسمها، وترك الزينة والطيب عملا بقول الله - سبحانه -: (وقَرْنَ فِيْ بُيُوْتِكُنَّ وَلاْ تَبَرَّجَنَّ تَبَرَّجَ الجَْاهِلِيِّةِ الأُوْلَىْ... ))الخ(3)
ولهذا كان من تدابير الإسلام القويمة التي جعلها للمرأة هو تحريم ذهابها إلى الحمامات والتردد عليها، فإن هذه الحمامات قد كانت موجودة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذا بين حكمها لأمته، يدل لذلك ما ثبت في مسند أحمد والدولابي في الكنى بسندين أحدهما صحيح وقواه المنذري (4)من حديث أم الدرداء - رضي الله عنها - قالت: خرجت من الحمام فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال (من أين يا أم الدرداء؟) قالت: من الحمام. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده، ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها، إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن).
فدل هذا الحديث على حرمة ذهاب المرأة إلى هذه الحمامات فإنه يلزم من ذلك وضع ثيابها عنها، وهذا فيه هتك كل سترٍ بينها وبين ربها - جل وعلا -.
وثبت أيضا من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله) أخرجه أبو داود والترمذي وقال الألباني في صحيح الجامع: (صحيح).
وثبت أيضا من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله - عز وجل - عنها سترها)) أخرجه أحمد والحاكم وغيرهم وصححه الألباني في صحيح الجامع
ومن تأمل حال هذه الحمامات وجد فيها محاذير متعددة، ومفاسد متنوعة واحدة منها تكفي للزجر عن دخولها أو التردد عليها، ومن هذه المفاسد:
أولا: خلع المرأة ثيابها في غير بيتها، وهذا فيه ارتكاب صريح لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - الوارد في هذه المسألة.
ثانيا: أن هذه الأماكن يقع فيها كشف للعورات وإظهارها، وبعض الذاهبات ربما تحفظت من كشف عورتها لكنها لا تسلم من النظر إلى غيرها من النساء، بل قد تتعمد بعضهن النظر خاصة إن كان من بين النساء امرأة ذات جمال، وهذا فيه مخالفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة... ).
يقول العلامة ابن القطان الفاسي المتوفى سنة (628) في كتابه العظيم المسمى بـ(النظر في أحكام النظر بحاسة البصر)ص237: ((لا خلا ف بين الأمة في منع بعضهم - أي النساء - من النظر إلى عورة بعض، ولا في منعهن من تجريد العورات للنساء أمثالهن كتجريدهن إياها للرجال، هذا ما لا نزاع فيه، فإذا: إن قدرناهن يدخلن الحمام متجردات العورات فلا يتخالج أحدا شك في تحريم ذلك... فإن قدَّرنا منهن من تدخل متسترة العورة، ومنهن من تدخل منكشفتها فكذلك؛ لأنه لا فائدة في استتارها وهي ترى غيرها منكشفة... )).
ثالثا: أن التردد على هذه الأماكن لا تخلو من لمسِّ العورات من قبل المغسلات، وهذا فيه ما فيه من العواقب الوخيمة من مثل حصول الفتنة بأجساد بعض النساء، وربما أدّى ذلك إلى الوقوع فيما لا تحمد عقباه من المباشرة المحرمة بينهنَّ خاصة إن وافق ذلك طواعية من الطرفيين وخفة في الديانة، وضعف في الإيمان، وإن سلمت المرأة من ذلك فإنها لن تسلم من أن تُوصَفَ لغيرها من النساء، - هذا إن لم يتعد وصفها للرجال الذين على شاكلة أولئك المغسلات، وفي هذا كلّهِ ارتكاب لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه بقوله: ((لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها)) أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود - صلى الله عليه وسلم - وهذه الحمامات لا يبعد أن توجد بها (كاميرات خفية مصغرة) تقوم بعملية تصوير اغتسال المرأة، وهذا فيه سعي ظاهر للتلاعب بأعراض نساء المسلمين، والنظر إلى عوراتهن، بل وربما نَشَر ذلك وتناقَلَه - بين الفَجَرة والفَسَقة - الذين يتتبعون عورات المسلمين، سواء عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) أو غيرها من طرق الفساد؛ ولهذا فإن امتناع المرأة عن الذهاب إلى هذه الأماكن وما شابهها فيه مصالح عظيمة تجنيها المرأة في دينها، وعرضها، وخلقها، وكذلك فإن امتناعها دفعٌ للتهمة عن نفسها أو سوء الظن بها من قِبَلِ الآخرين، فإن هذه الأماكن لا يردها- في الغالب - إلا رقيق الدين.
ومن هنا يتعين على الأزواج وأولياء أمور النساء منعهن من الذهاب إلى هذه الحمامات، فإنهم مسؤولون عنهن يوم القيامة، بل إن منعهن من علامات الإيمان كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدْخِلْ حليلته- أي زوجته- الحمام... )) أخرجه الترمذي والحاكم من حديث جابر وحسنه الألباني، وعليهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم نحوهنَّ من التعليم والتأديب وحسن الرعاية عملا بقوله تعالى((?يَا أَيَّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوُا قُوُا أَنْفَسَكُمْ وأَهْلِيْكُمْ نَارَاً))الآية، هذا وبالله - تعالى - التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
----------------------------------------
(1) لباس الرجل أحكامه وضوابطه(2/813)
(2)تكريم الإسلام للمرأة للشيخ عبد الرزاق البدر(26)
(3) حجاب المرأة المسلمة ولباسها من فتاوى اللجنة الدائمة(163ـ).
(4) انظر آداب الزفاف للألباني(140).
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/9)
رسالة خاصة : ( همسة مشفقة ... لأختي النامصة )
أشكرك أختي على دخولك...
وأبدأ قولي لك:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
السلام على قلبك.... الذي رضي بالله ربا
السلام على قلبك.... الذي رضي بالإسلام دينا
السلام على قلبك.... الذي رضي بمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا
أختي الفاضلة...
اسمحي لأخيك المحب...
أن يهمس في إذنك كلمات من القلب....
تسمعين صوت كلماته........ بنبراتك....
وتستشعرين صدق نصحه بهتافاتك....
فأكرمي من يموت كمدا لنجاتك.....
أكرميه بحسن استماعك وانصاتك.....
فيا أختااااه....
يا من تحبين الله وتشتاقين لرؤياه......
يا من كل مناك أن يرضى عنك مولاك......
كأني بك وأنتِ تصلين تقولين:
(إياك نعبد وإياك نستعين)
كأني بك وأنتِ تسجدين تقولين:
(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
كأني بك تقولين قبل سلامك:
(اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم
ومن عذاب القبر وفتنة المحيا.....)
أختي الغالية.....
دعواتك هذه...... تستمطر الرحمات....... من رب الأرض والسماوات...
دعواتك هذه...... ابتهالات ومناجاة...... تطلبين بها الفوز والنجاة...
رفعتيها للذي خلقك فسواك وعدلك...... في أي صورة ما شاء ركبك...
فتبارك الله أحسن الخالقين...
أختاااه....
مالي أراك تخالفين الدعوات.....؟؟؟
مالي أراك تستنزلين اللعنات بدل الرحمات؟؟؟
نعم.... أو ما سمعتي: (لعن الله النامصة والمتنمصة)
أتريدين أن تكوني من الملعونات...؟؟!!!!!
أتريدين أن تكوني من المطرودات من الرحمات؟!؟!؟!؟!
أختاااه.....
أي حياة هذه تعيشينها.....
وقد لعنك الله.... ولعنك اللاعنون؟؟؟؟؟
الله يلعنك... ورسوله يلعنك... وملائكته تلعنك.....
والأرض تلعنك والجبال والشجر والدواب....
الكل يلعن بلعنة الله ورسوله.....
فمن يبقى بعد لعن الله لك........ لا يلعنك؟؟
اختااااه....
أغضبتي مولاك من أجل هواك...؟؟؟
أكل هذا من أجل شعرات؟؟؟
أمن أجل أن يقال فلانة جميلة......
وليكن ذلك فقد قيل......... ثم ماذا؟؟؟
ثم تُلعنين كما لُعنت فلانة وفلانة....
أختاااه...
أي جمال زائف هذا الذي يكون.....؟؟؟
وأي زينة تكونين عليها بنمصك....؟؟؟
أجمل مما خلقك عليه ربك....... ؟؟؟
مالي أراك تتنكرين لخلقة الله التي في أحسن صورة سواك؟؟؟
فمالك لا ترجين لله وقارا؟؟
أختااااه...
إن جمالك الحقيقي.....
هو: تقواك لربك.....
(ولباس التقوى ذلك خير)
وإن إسلامك الحقيقي....
هو استسلامك لمولاك.....
فيما أمرك ونهاك.......
أختااااه....
اعتذر إليك...... ولن أطيل عليك...
ولكن......... أتدرين لمن تزينتي...... ومن أسعدتي وأفرحتي....
إنه إبليس اللعين....!!!!!!!!
نعم... يوم أن أبررتي قسمه... (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)
أختااااه......
أين تلك الشعرات التي كان ماء الوضوء يغسل ما فيها من الخطايا؟؟
أين تلك الشعرات التي كانت تسجد لله معك يوم تسجدين لرب العالمين
أختااااه......
أخيراً أقول لك.....
والله ثم والله.....
إن جمالك.... إيمانك
وقبولك لدين الله وإذعانك...
(ومن يؤمن بالله يهد قلبه)
فهيا أختاااه....
توضئي لله وصلي ركعتين وقولي:
رباه قد تبت إليك مما جنيت...
فلا ترد من تاب وعاد إليك....
اعتذر من سوء قيلي....
واعتذر أيضا من تطويلي.....
جعلكِ الله ممن يعملون بعد السيئة الحسنة.....
وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.....
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/10)
أتعس امرأة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
قالت " مارلين مونرو " - إحدى أشهر ممثلات هوليود - إني أتعس امرأة على هذه الأرض ...لم أستطع أن أكون أُمّاً... إني امرأة أُفَضِّل البيت!... لقد ظَلَمَنِي كل الناس، وإن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نَالَتْ من المجد والشهرة الزائفة.
[وُجِدَ ذلك القول في رسالة لها بعدما انتحرت!! نقلاً عن كتاب المرأة بين الفقه والقانون للدكتور مصطفى السباعي].
" سلعة رخيصة تافهة " فهل تربأ المسلمة أن تكون كذلك؟
إن البيت والزوج والأولاد يكفلون غالباً للمرأة حياة كريمة، فهي زوج مصون، وأمّ حانية، وربّة بيت غالية، فأينما ذَهَبَتْ وَجَدَتْ تلك الحفاوة.
بينما هي على الجانب الآخر عاهرة ساقطة، ومتمّمة لعدد البغايا، ومُحْيية لسوق الليل في عنفوان شبابها، وإذا ما ذهبت نَضارة وجهها، وكبر سنّها، ورقّ عظمها، فهي غير مقبولة إلا لدى بعض دور العجزة! فهي لم تَعُد صالحة للاستهلاك الآدمي!! ولم يكن بمقدورها أن تأكل بثدييها!!
وفي صحيفة الوطن السعودية العدد 1380 مقال لإحداهن قالت فيه : مَن قال إن الاختلاط يؤدِّي إلى سقوط الحشمة؟
أقول : قاله عقلاء الغربيين بعد أن ذاقوا ويلات الاختلاط!
قالت صحيفة هيليان الأمريكية : أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم. امنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة. بل ارجعوا لعصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاقِ ومُجُونِ أوربا وأمريكا. امنعوا الاختلاط فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة. إن ضحايا الاختلاط يملؤون السجون. إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوربي زلزل القيم والأخلاق.
فإلى كل مُعجب بأمريكا... هذه نصيحة القوم!
وإلى كل مُرتمٍ في أحضان حانات نيويورك، وصالات قمارها.. هذه وصايا القوم!
وقالت الكاتبة الشهيرة " آتي رود " - في مقالة نُشِرت عام 1901م - : لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم، خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدرانٍ تَذهَب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحِشمة والعفاف والطهارة ... نعم! إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت، وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها!
ونشَرَتْ الدكتورة " أيدا أيلين " بحثاً بيّنَتْ فيه : أن سبب الأزمات العائلية في أمريكا، وسِرّ كثرة الجرائم في المجتمع، هو أن الزوجة تركت بيتها لِتُضاعِف دَخْل الأسرة، فزاد الدّخل وانخفض مستوى الأخلاق!
وقالت الدكتورة " ايلين " : إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى " الحريم " هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التّدهور الذي يسير فيه.
وقالت الكاتبة الإنجليزية " اللادي كوك " : إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طَمِعت المرأة بما يُخالِف فطرتها، وعلى قَدْرِ كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزّنا، وههنا البلاء العظيم على المرأة.
وقال أحد أركان النهضة الإنجليزية، وهو "سامويل سمايلس " : إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن النتيجة كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوّض أركان الأسرة، ومزّق الروابط الاجتماعية.
وقال " جول سيمون " : المرأة التي تشتغل خارج بيتها تؤدّي عمل عامل بسيط، ولكنها لا تؤدّي عمل امرأة.
وقال الفيلسوف " برتراند رسل " : إن الأُسْرَة انحلّت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرّد على تقاليد الأخلاق المألوفة، وتأبى أن تظلّ أمينة لرجل واحد إذا تحرّرت اقتصادياً!
قال الفيلسوف الألماني " شوبنهور " : اتركوا للمرأة حُريّتها المُطْلَقَة كاملة بدون رقيب، ثم قابلوني بعد عام! لِتَرَوا النّتيجة، ولا تنسوا أنكم سَتَرْثُون معي للفضيلة والعِفّة والأدب، وإذا ما مِتّ فقولوا : أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة.
لقد أصبت كبد الحقيقة بل وقَلْب الحقيقة
ولا أدل على ذلك مما قَالَهُ السيناتور الأمريكي " جرين " - عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي - حيث قال : إن الضمير الأمريكي يجب أن يتحرّك، وإن معاهدةً لتصحيح الموقف يجب أن تُعقد.. أما الموقف فهو خاص بـ " سبعين ألف ابن حرام!! " وُلِدُوا بسبب الجنود الأمريكان!! فلما حاولَتْ إحداهن أن ترفع قضية نَفَقَة حَكَمَ القاضي ضدّها، وقال : إن العبرة تقضي بضرورة أن تحرص هؤلاء الشّابات في علاقتهن مع الجنود الأمريكان حرصاً أكثر من ذلك، وبذلك سَقَطَتْ نفقة سبعين ألف امرأة!!
ومن نتائج بعض الدراسات الأمريكية :
80% من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن!
75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسّخ العائلي.
80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد.
ونشرت مجلة الأسرة في عددها الصادر في شهر رجب من عام 1420 هـ هذه الأرقام :
في أمريكا:
مليون طفل يولدون سنويا من السفاح.
12 مليون طفل مشرد في ظروف غير صحية.
مليون حالة إجهاض سنويا في أمريكا.
40 مليون طفل مشرد في أمريكا اللاتينية.
أكان هذا نتيجة الاحتشام ولزوم البيت؟
وقد تضاعف عدد النساء المجرمات القابعات في السجون البريطانية خلال الأعوام الستة الماضية وأصبح خمس مجموع المجرمين في السجون نساء!
وفي دراسة من (خدمات أدلمان المالية في فيرفاكس في فرجينيا) من رويترز، جاء فيها : تُقدّر قيمة عمل الأم على الورق مبلغا ضخما إذا تم حساب أجور وظائفها المختلفة التربية والطبخ والإدارة المالية، ودَورها في العلاج النفسي للأسرة وغيرها يجب إعطاؤها أجرا سنويا يصل إلى 508 ألف دولار، وهي تعمل 24 ساعة في 17 وظيفة مهمة! (نشرة إحصائيات نَشَرتها شبكة الفجر على الشبكة العالمية).
وقد تجددت الحملات في إنجلترا على المرأة، فلقد تقدم بعض الأعضاء في مجلس العموم البريطاني باقتراح إلغاء العلاوات التي تُضاف إلى مرتّبات المرأة المتزوّجة.. واقْتَرَحُوا عدم قبول طلب المرأة المتزوجة للعمل إلا بعد الاكتفاء بالرجال؛ لأن توظيف النساء أدّى إلى بطالة قسم كبير من الرجال!
ولا يُنكر أن للاختلاط فوائد!!!
وسبق أن كتبت موضوعاً بعنوان : فوائد الاختلاط!
جمادى الأولى 1425 هـ
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/11)
هل أنتِ كالثريد ؟
يقول النبي الحبيب بأبي هو وأمي..- صلى الله عليه وسلم - "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"رواه الشيخان.
جاء في أساس البلاغة للزمخشري: ثردت الخبز أثرده وهو أن تفته ثم تبله بمرق وتشرفه في وسط الصحفة وتجعل له وقبة وهو الثريد.
وقال صاحب القاموس المحيط: ثَرَدَ الخُبْزَ : فَتَّهُ.
ومن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -..يستشف ما هو آت:
1-الثريد.. هو" الوجبة" المفضلة لا أقول عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحسب.. بل عند عامة العرب.. والسياق يدل عليه..
وهو عبارة عن خبز مغموس في مرق اللحم.. واللحم يتوسط الصفحة ..
وقريب منه.. أكلة "الفتة" في فلسطين.. حيث تعد أفخر الأكلات.. وتقدم للزائر المحتفى به..
وكنا عندما نزور الأهل هنالك .. يسارعون لطبخ الفتة.. التي هي رقائق من الفطير.. بللت بالمرق.. وفوقها رز مزدان باللحم.. (أرجو ألا يكون القاريء صائما).
ويقابل هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن أحب الناس إليه قال: عائشة..
فشبه مكانتها من قلبه.. بمكانة الثريد إزاء صنوف الطعام المختلفة.
2- والثريد ليس مجرد طعم لذيذ.. بل يجمع أصول ما يحتاجه البدن من فائدة
فالخبز المصنوع من القمح.. غني (بالفيتامينات).. والنشويات التي ستتحول إلى سكريات
واللحم.. (بروتينات) و(دهنيات)..
والمرق.. فيه خلاصة ما سبق.. مضافا إليه العناصر المعدنية الموجودة في الماء
وكما أن البدن قد استفاد أيما فائدة من هذا الطعام البسيط.. فإن الأمة انتفعت بالصديقة بنت الصديق.. أيما فائدة فكانت فقيهة تشد إليها الرحال.. ومن الرواة الخمسة المشهورين بالإكثار من التحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -..
وقد سأل أحد الناس شيخ الإسلام .. قائلا: أي أفضل .. خديجة أم عائشة؟
فقال -كعادته في الدقة - رحمه الله -: خديجة فضلها في بداية الإسلام بتثبيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومؤازرته ومواساته بمالها.. وعائشة فضلها في نهاية الإسلام(أي البعثة).. بنشر العلم.
3-ولقد عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تشبيهه موقِعا المشبه به على شيء مأكول.. وهو الثريد.. لأن النساء.. ألصق بالمطبخ وعمل البيت من غيرهن.. فكان هذا التشبيه أليق من غيره.
كأنه يقول..
النساء يطبخن.. فمن بين أنواع الطعام.. أختار الثريد
ومن بين أنواع النساء.. أتخير عائشة -رضي الله عنها-
وقد حبب له - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا -كما جاء في النسائي- النساء والطيب.
فهذه عائشة صفوة الصفوة.. حببت إليه.. رضي الله عنها.
4- وقوله - صلى الله عليه وسلم - (فضل).. كما دل أن الثريد فاضل.. وما سواه مفضول.
فعائشة - رضي الله عنها - فاضلة.. والنساء مفضولات..
وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
http://www.gafelh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/12)
المرأة والدعوة
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
(المؤمن كالسراج، أينما وضع أضاء)
ما أروع هذه العبارة المأثورة عن أحد السلف في الدعوة إلى الله، لكن الدعوة ليست مقصورة على الرجال فحسب، بل إن المرأة ينبغي أن يكون لها حظ وافر من ذلك، فهي لا تعدوا أن تكون بنتاً أو أختاً أو زوجة أو أماً، فإن كانت بنتاً فهي تدعو والديها إن احتاجا إلى ذلك، بألطف أسلوب وأرق عبارة، أسوة بأبينا إبراهيم - عليه السلام - لما دعا أباه وإن كانت أختاً فهي تدعو إخوتها وإن كانت زوجة فإن زوجها أحق بالدعوة من غيره. وإن كانت أماً فتدعو أولادها. وهذا لا يمنعها أن تكون داعية في مكان آخر حيث وجدت، فإن كانت معلمة دعت طالباتها وزميلاتها من المعلمات، وإن كانت طبيبة أو ممرضة أو موظفة في أي قطاع اجتهدت في دعوة زميلاتها في العمل في الأوقات المناسبة، دون انتظار النتائج، لأن النتائج أمرها إلى الله - تعالى -.
أما الوسائل والأساليب فهي كثيرة جداً، والداعية الحكيم هو الذي ينوع في أساليبه ووسائله المشروعة، بحسب حالة المدعو، وحسب ما هو متاح له، وأهم ذلك كله:
1 ـ القدوة الحسنة، فما انتفع الناس بشيء في الداعي أعظم من انتفاعهم بسلوكه وخلقه الحسن، وصدقه في القول والفعل، فالمعلمة التي تنهى طالباتها عن النمص ـ مثلاً ـ وهي تفعله، لن يكون لقولها أي تأثير، بل سيكون مثار سخرية وتندر..
2 ـ ومن الوسائل المهمة والأساليب المؤثرة : الكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة الصادرة من القلب، وما خرج من القلب فإن يصل إلى القلب.
3 ـ ومن ذلك أيضاً الكتاب والشريط المناسبان، لا سيما كتب الرقائق، والقصص المؤثرة التي تدعو إلى الفضيلة والسلوك الحسن، فهي مفتاح للهداية والتوبة.
4 ـ ومن ذلك : المشاركة في وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز على أن يقتصر في هذين الأخيرين بالنسبة للمرأة على الإعداد فقط، دون ظهور الصوت أو الصورة.
5 ـ ومن ذلك : الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كالفاكس والإنترنت مع الحذر مما فيه من الشرور، والاستعانة بمن لهم خبرة في ذلك من الدعاة.
6 ـ ومن ذلك : الدعوة بالمراسلة، وبإمكان الفتاة الحصول على عناوين الفتيات عن طريق الدعاة المشهورين أو دور النشر الذين تصلهم يومياً مئات الرسائل من سائر أنحاء الدنيا، ويعجزون عن الرد عليها. أو عن طريق صفحات التعارف في المجلات الهابطة. ويجب أن يقتصر دور الفتاة على مراسلة الفتيات فقط من أجل توجيههن والأخذ على أيديهن، وهذا المجال مجال رحب، وأجمل هدية يمكن أن تقدم عن طريق المراسلة هي الكتيب النافع، والمطوية المفيدة، والشريط المؤثر.
7 ـ ومن ذلك : إقامة المسابقات النافعة، لا سيما في الاجتماعات العائلية ونحوها، ووضع جوائز مفيدة ومشجعة.
8 ـ ومن ذلك: إصدار المجلات الحائطية الدورية في المدارس والجامعات، ويفضل أن تكون أسبوعية، حتى تُقرأ وتُتابع، أما موضوعاتها فتكون متنوعة وشيقة، ولا بأس بفتح المجال للطلاب للمشاركة فيها.
9 ـ ومن ذلك: العناية بإصدار النشرات المفيدة المختصرة، في المناسبات وغيرها، على أن تكون بخط واضح، وإخراج جيد. ولا بد من عرضها على بعض أهل العلم لتصحيحها، وضمان سلامتها من الأخطاء.
10 ـ ومن ذلك: العناية بلوحات الإعلانات في الأماكن النسائية، وتنظيمها وتجديدها كلما جد جديد، والدال على الخير كفاعلة.
11 ـ ومن ذلك: إلقاء الدروس والمحاضرات النسائية لمن لديها القدرة على ذلك، لا سيما في كثير من الأماكن التي لا يدخلها الرجال.
12 ـ ومن ذلك: إعداد مظاريف شهرية تحتوي على كتيب وشريط ومطوية ونشرة، بعدد الإخوة والأخوات الأشقاء توزع عليهم في بداية كل شهر، فالأقربون أولى بالمعروف، على أن يراعى في اختيار الكتيبات والأشرطة المناسبات المتكررة. ويمكن التوسع في التوزيع ليشمل أكبر عدد من الأقارب، أو حتى الجيران..
13 ـ ومن ذلك: التعاون مع المؤسسات الدعوية، كمكاتب الدعوة وتوعية الجاليات، والمؤسسات الخيرية الإغاثية ونحوها، فهم بحاجة إلى العنصر النسائي في الدعوة..
14 ـ ومن ذلك: زيارة بعض الداعيات القديرات الأماكن النسائية العامة التي يغلب على أجوائها اللهو والغفلة، كمدن الملاهي، والأسواق النسائية ونحوها، ومناصحة النساء بالأساليب الحسنة، وتوزيع المطبوعات الدعوية، ولا تترك هذه الأماكن لشياطين الإنس والجن ليجدوا فيها بغيتهم، ويرفعوا فيها رايتهم.
وهناك وسائل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، والمهم هو الإخلاص والعمل، فمتى ما أخلصت الداعية نيتها لله، واستنارت بهدي الله، نفع الله بها وبارك في جهودها، وحقق الخير على أيديها، ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم، والله الموفق.
http://www.fin3go.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/13)
رسائل متبادلة بين زوجين
عبد الملك القاسم
المقدمة:
الحمد لله الذي جعل بين الأزواج مودة ورحمة، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الأسرة في الإسلام هي قوام المجتمع وعماده.اهتم بها الإسلام أيما اهتمام، ووردت آيات كثيرة في كتاب الله - عز وجل - تنظم هذه الأسرة وتقيم صلبها وتعالج مشاكلها، وأفاضت السنة النبوية المطهرة فأتمت الأمر وأوضحته، وكانت سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير مثال على حسن رعاية الأسرة وتعليمها والمحافظة عليها والقيام بحقوقها.
ولقلة ما في الساحة الإسلامية من كتيبات صغيرة تعالج مشاكل الأسرة وتحيي سعادتها- وتعيد لها مكانتها العظيمة.. سطرت هذا الكتاب بأسلوب جديد، آملاً أن يكون فيه الخير والفائدة حتى تكون الأسرة المسلمة مستقرة هانئة مطمئنة؛ لتخرج لنا جيلا تقر به أعين المسلمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل فتح الرسالة:
للرسائل عموماً وقع خاص في النفس.. وفي الرسائل المتبادلة بين الأحباب والأصحاب من علامات الرقي وحسن التربية ونبل المودة الشيء الكثير! فهي تقرب القلوب وتزيل إحن الصدور، وتنشر المودة، وتبقي المحبة!
وهذه رسائل عتاب ومودة بين زوجين تحكي واقعا ملموسا ومشاهدا.. ولم آت فيها بجديد، وإنما هي أمور بدهية أحببت أن ألفت النظر إليها، والتأكيد على أهميتها، لعل فيها إصلاح ما تهدم، ووصل ما تقطع، وجمع ما تشتت.. وهي إشارات متتالية إلى كل زوج وزوجة.
يا زوجي:
قبل سنوات مضت فرحت وأنا أزف إليك، معتزة بقوامتك علي سعيدة باقترانك بي.. واليوم لا تساورني ندامة ولا دمعة حزن على زاوجي منك.. بل لك من المودة أعلاها، ومن المحبة أكملها وأسماها.. فالحمد لله الذي جعل لك في قلبي سكنا، وفي نفسي طمأنينة، وفي حديثي فخرا واعتزازا، وأحمد الله - عز وجل - فلا يظهر بيني وبينك تنافر في الخلق، ولا تباين في المزاج، ولا اختلاف في الطبائع.. بل وجدتك نعم الرجل متمسكا بقول الله - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، ووجدت أثر حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قولك وفعلك ((.. واستوصوا بالنساء خيرا.. )).
فأنعم بك من رجل قام بحقوق الله - تعالى - وحقوق بيته، وأبشر بنصيب وافر من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)).
ونحن نسير سويا في هذه الدنيا، نرى ونسمع من قد تنكب الصراط، أو زلت به القدم.. فخالف أمر الله - عز وجل - وهدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - في القوامة وحسن المعاملة والصفح عن زلات أهل بيته.. والبعض أهملهم وبخسهم حقوقهم.. وإن كنت يا زوجي أربأ بك أن تحمل صفة من تلك الصفات وزلة من تلك الزلات، فإني كتبتها للذكرى، والمؤمن مرآة أخيه، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة.. وعهدتك تحب الحوار وتستمع له، ولك قدوة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم -، ومن سار على خطاهم، والعاقل الأريب الفطن الكيس من يستمع إلى قول الحق، فما بالك بمن يطلب الحق.. ولطول الطريق فقد يقع ما يكدر مسيرة الحياة الزوجية، وقد تكون هذه العثرات باب شؤم، وطريق معصية، ومفترق طرق، فأحببت أن أذكرك بها علك تنصح بها من وراءك من الأحباب والأصحاب.. إنها أنات زوجات، وآهات أمهات..
إنها جلسة وحديث من زوجة إلى زوجها ولا يبخس الرجل العاقل حديث النصيحة.. بل هو مستمع منصت رفعه الأدب وزانه العقل، محتسباً الإصلاح أجرا ومثوبة!
يا زوجي العزيز:
• لا أرى لك اهتماما بأمر العقيدة الذي عليه مدار الإسلام والإيمان. فقد تراخيت في أمر التوكل على الله، ووكلت الأمر للأسباب. قال ابن رجب عن التوكل: ((هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة..))
وقال ابن القيم: ((التوكل: نصف الدين)).
والناس في هذه الأزمان على ثلاث مراتب:
الأول: من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة الله - عز وجل - في الكون.
الثاني: من قام بالأسباب وترك التوكل، وهؤلاء هم الماديون وأتباعهم.
الثالث: أهل الحق، من قاموا بالأسباب وتوكلوا على الله - عز وجل -، وهذا هو طريق الأنبياء والمرسلين، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله، ويسيرون في مصالحهم وهم متوكلون على الله - عز وجل -، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون.
فكن يا زوجي في أعلى المراتب وأسماها متوكلا عاملا، كما هو قدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
• يا زوجي الحبيب:
تبدت أمور خطيرة تهدم الدين من أساسه، ومن أخطر تلك المعاول: موافقتك للذهاب لمن تعرف في قرارة نفسك أنه من المشعوذين والدجالين، وقد حذر الله - عز وجل - ورسوله من ذلك، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -)).
وإن لبسوا عليك بالاسم وقالوا هو: طبيب شعبي.. فالأسماء لا تغير الأمر!
واسمع- يا زوجي- في أوساط الرجال حديثا يصل إلى الردة- والعياذ بالله- من الاستهزاء بالدين وأوامره من حجاب، وإعفاء لحية، وتقصير ثوب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((إن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر صاحبه بعد إيمانه)).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي- رحمه الله -: ((إن الاستهزاء بالله ورسوله كفر يخرج عن الدين، لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة)).
وليس لك يا زوجي إلا الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها، واسمع قول الله - عز وجل -: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}.
فتنبه يا زوجي لهذا الأمر الخطير، واحذر أن تزل قدمك بعد ثبوتها.
يا زوجي العزيز:
• خلقنا الله - عز وجل - لأمر عظيم هو عبادته.. فأين موقع هذا الأمر من دقائق حياتك؟! وأذكرك بقول الله - عز وجل -: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وأراك تكدح الليل والنهار من أجل ريالات تجمعها، وأنستك الدنيا الفانية الآخر الدائمة.. فأنت تعمل للدنيا وتجذ وتحرص وكأنك مخلد فيها، وتساهلت في أمر الآخرة وكأنك لن ترحل إليها.. وكلما رأيتك تجري وتلهث، تذكرت قول يحي بن معاذ: ((مسكين ابن آدم لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة)).
يا زوجي الكريم:
هل انقطعت حاجتك عن الله - عز وجل - فأهملت الدعاء؟! من يدفع عنك المرض، ومن يصلح زوجك وأبناءك، ومن يعنيك على نوائب الدهر؟ أنسيت أنه كان من دعاء نبي هذه الأمة الدعوة على الثبات على هذا الدين؟! بل وأبو الأنبياء كان يدعو لنفسه ولأبنائه بأن يجنبهم الله - عز وجل - عبادة الأصنام.. {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}.
فحري بك يا زوجي أن تكثر من الدعاء في زمن تتخطف فيه الفتن دين الرجل، والأمر كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بين أيديكم فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا.. )).
لا تحقرن يا زوجي معصية لله - عز وجل -، فإن للمعاصي شؤما وخزياً وعاراً في الدنيا والآخرة، وربما يطمس الله على قلب الإنسان بسبب معصية صغيرة يحتقرها.. وقد ورد في القرآن العظيم أن الله - عز وجل - خسف الأرض بأمم أسرفت على نفسها في عمل الفواحش والذنوب، ثم تأمل من خسف الله به الأرض لأنه خرج في ذنب قد تراه سهلاً وهو عند الله عظيم.. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بينما رجل يتبختر في حلة قد أعجبته نفسه، إذ أمر الله الأرض فأخذته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)).
يا زوجي الكريم:
• أرى تقصيرا وتكاسلا منك في أداء الصلاة مع الجماعة وأحياناً أراك تصلي بجواري! مع علمك بوجوب أداء الصلاة مع الجماعة فما بالك! وماذا دهاك! وأخشى أن يكون فيك خصلة من خصال المنافقين، كما قال عبد الله بن مسعود: ((وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق)).
أما في أمر متابعة صلاتي وصلاة أبنائنا فأرى منك إعراضاً ولا مبالاة وهي تحتاج منك إلى صبر ومصابرة كما قال - تعالى -: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} ونحن اليوم وإن كنا أحبابك ورعيتك، فإننا غدا يوم القيامة خصماؤك إن فرطت، فإن لك أمر الولاية علينا الآن ومسؤول ومحاسب عنها غدا..
يا زوجي..
• أرى في بعض تصرفاتك حدة ويتملكك الغضب والرسول - صلى الله عليه وسلم - حذر من ذلك فقال: ((لا تغضب))رددها مراراً. والكثير من المشاكل التي تقع داخل الأسر نتيجة تهور وغضب.. وأوصيك بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ((لا تغضب)) وكن قدوة لنا جميعا.. نرى فيك الرجل العاقل والزوج الحكيم والأب المتزن.
وسأورد لك ما ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى، عن أم ذرة عن ميمونة (أم المؤمنين) - رضي الله عنها - قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة من عندي، فأغلقت دونه الباب،. فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له، فقال: ((أقسمت إلا فتحته لي)) فقلت له: تذهب لأزواجك في ليلتي هذي، قال: ((ما فعلت، ولكن وجدت حقناً من بولي)).
أرأيت يا زوجي نبي هذه الأمة - عليه الصلاة والسلام - وقائدها ومعلمها يخرج لحاجته فيغلق دونه الباب في الليل المظلم، ويستفتح الباب فترفض زوجته! فيقسم عليها أن تفتح له الباب ويوضح ويشرح لها بكلمات وافية لماذا خرج! عندها ترضى أم المؤمنين - رضي الله عنها - وتفتح له الباب وينتهي الأمر! انتهى لرفق النبي - صلى الله عليه وسلم - بزوجاته وحلمه عليهن ومعالجته للموقف بهدوء واتزان.
• سمعت يا زوجي أن جارتنا تسعى جادة لحفظ أجزاء من القرآن وقد شجعهما زوجها على ذلك، بل وجعل لها هدية ثمينة كلما أتمت حفظ سورة معينة، وأكثر من ذلك بدأ هو بنفسه يراجع ما حفظت.. فليتك تسعى معي بهذا الأمر وتحثني عليه، وتأكد أنني إذا رأيت فرحك وسرورك ومتابعتك سأكون مثل جارتنا، بل وأكثر منها.. فهيا نتعاون على الخير ونجني الحسنات.
• سأنقل لك يا زوجي صورة طالما تمنيتها في عشنا الزوجي.. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)). فهلا رأيت منك تلك اللمسات الإيمانية..
•يا زوجي.. الإسلام تناله السهام من كل مكان وأراك تنام قرير العين.. لا يهمك أمر الإسلام ولا المسلمين! وأعجب من هذا أنك كنت فيما سبق سباقاً في العمل الدعوي فماذا دهاك؟ هل أنت في انحدار وتراجع؟ أم هي بداية انتكاسة والعياذ بالله؟! وإني لأربأ بأمثالك أن تكون همومه منحصرة في جيبه وبطنه وليس للإسلام مكان في قلبه!
يا أبا عبد الله.. لو لم يقم الصحابة - رضوان الله علمهم أجمعين- بتبليغ الرسالة إلينا فهل يصل الدين إلى من بعدهم؟. إنهم أمة من الأخيار قاموا بالدعوة وتلقفها السلف عن الخلف إلى يوم القيامة! فما نصيبك من هذا الخير العظيم. ولقد تيسرت السبل وتعددت وتنوعت ورخصت الأثمان في سبيل الدعوة.
قف وراجع نفسك فالأمة بحاجة إلى همتك وعزمك فكل قليل مع قليل يبارك الله فيه.. ولو كل رجل استشعر مكانه ورأى حق الإسلام عليه لارتفعت الراية وشيدت الحصون!
• يا زوجي.. مال المرأة الذي يأتي إليها هدية، أو من وارث، أو من عمل تقوم به، هو مال خاص بها لا يجوز أخذ شيء منه إلا بطيب نفس منها وموافقتها! وهذا المبدأ من محاسن الدين الإسلامي وشرائعه في تكريم المرأة وقيام كيان مادي خاص بها. لكن مع الأسف كثر في الآونة الأخيرة التعدي على مال الزوجة بسبب أو بدون سبب، وافتعل كثير من الأزواج المشاكل لكي تتنازل الزوجة عن مالها وهي مكرهة إرضاء لزوجها، وآخرون اتخذوا التهديد والوعيد سلماً لمآربهم، وآخرون خدعوا زوجاتهم، إما بشكل مباشر كادعاء شراء أرض أو بيت لها وهو لا يفعل ذلك، وإما بأخذ المال على شكل قرض لا يرد! وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.
• يا زوجي.. أرى رفقاء السوء بدأوا يخطون- نحو دارنا! وقد ذكرت لك ذلك من قبل، وقلت لي: إنك رجل عاقل وكبير ومطلع وتقدر الأمور بقدرها! ولكني أراك بدأت تنجرف معهم! وبدأت تتهاون في أمر دينك وتؤخر صلاتك.. والدش قاب قوسين أو أدنى! ورفقاء السوء يا زوجي لا يقتصرون على صغار السن فحسب.. فهذا أبو جهل يأتي إلى رجل كبير السن هو عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.. يأتيه. أبو جهل ليكون رفيق سوء يصده عن قول لا إله إلا الله.. وكان لرفيق السوء ما أراد فمات عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل كبير عاقل فطن على الشرك! هذا هو رفيق السوء يأتي مثل اللص حتى إذا وجد منك ثغرة نفذ منها!
• يا زوجي العزيز.. المشورة حث عليها الله - عز وجل - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وهناك أمور أرى أن من حقي عليك أن تشاورني فيها، وهناك أمور أنت وشأنك! أحياناً آخر من يعلم بقراراتك أنا!
هذه أم المؤمنين- أم سلمة - رضي الله عنها - دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الحديبية مهموماً مغموماً فشاورها، فلقي عندها الحل الأمثل والجواب الباتر..
لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتابة الصلح مع قريش قال لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)) فثقل الأمر على الصحابة وقد كان حنينهم إلى مكة. فدخل - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمة رضي الله عنها: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحدا حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الصحابة فعله، قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً.
• يا زوجي: أرعني سمعك، وأنصت بقلبك، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولأن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)).
فإذا أديت العبادة المفروضة كاملة وتقربت إلى الله - عز وجل - بالنوافل فإن الله - عز وجل - يكرمك بكرم عظيم ويجود عليك بأعظم أنواع الجود، يقول الخطابي- رحمه الله - عن هذا الحديث: ((المعنى توفيق الله لعبده التي يباشرها بهذه الأعضاء، وتيسير المحبة له فيها: بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه عن مواقعة ما يكره من الإصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره، ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله)).
• القلوب يا زوجي تصدأ كما يصدأ الحديد.. وأرى أن قلبي بدأ يصدأ؟! وجلاؤه ذكر الله - عز وجل - وقراءة القرآن وسماع المواعظ والدروس والمحاضرات.. وأنا الآن أطلب منك أن تحضر لي دروس بعض العلماء ومحاضراتهم عبر شريط أو كتاب؟! فلماذا تبخل علي بذلك. ألا تريدني أن أتفقه في ديني، وأعرف حقوق ربي، وأتزود من دنياي لآخرتي.. ألا يسرك أن أسمع موعظة ترقق قلبي وتفيض منها عيناي خشية لله - عز وجل - ورجاء فيما عنده؟! ألا تحب أن تراني أسمع دروس العلماء في التوحيد والعقيدة وأحكام الطهارة وغيرها! فأتفقه في ديني وأعرف طريق جنتي؟!
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.
• يا أبا عبد الله.. اتفقنا منذ- البداية أن هذه رسائل مصارحة دافعها المصالحة والإصلاح..
ولذا سأعلن لك للمرة الأولى يا زوجي أنك إنسان جانبت طريق النظافة في ملبسك وفي مظهرك، ولا أراك تستعمل فرشاة أسنان أما السواك فإنه مفقود من جيبك منذ شهور وهو من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -! فأين النظافة التي حث عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وأين التزين للزوجة؟! لا تغضب وراجع نفسك! ولو أصبح حالي مثل حالك، ماذا تفعل؟ كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: ((إني لأحب أن أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي)).
والله - جل وعلا - يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
قال ابن كثير - رحمه الله -: ((أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم، وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال - تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.
• يا زوجي.. مع طول الأيام نشأ بيني وبينك حاجز وهمي.. فلم تعد الصراحة هي طريقنا ولم نعد نتحدث ببساطة مثل ما سبق.. بل أصبحت أحسب ألف حساب لكل كلمة أقولها؟ وماذا أقول؟ فإلى هذا الحد نما وترعرع هذا الحاجز بيننا! أخشى أن تمر الأيام وتتوالى الشهور وأنا أتردد أن أبوح لك بهمومي وهموم أبنائنا..
• يا زوجي الكريم.. المعادلة ناقصة والميزان أرى أنه لصالح الرجل.. فالنساء إحدى امرأتين إما أنها تخرج للعمل، أو أنها تبقى في المنزل وتعمل، والرجل كذلك... هذا كله في الفترة الصباحية، وإذا انتهى كل هذا الوقت الذي يشترك فيه الجميع في العمل أتى الرجل يريد الراحة والسكن أما الزوجة فإنها لا تجد راحة ولا سكناً، فهي مطالبة بالحمل من الصباح إلى أن تنام، وعليها أعباء أخرى من تدريس الأولاد وتربيتهم ونظافة المنزل و.. قائمة طويلة أليس كذلك؟! اتق الله في زوجتك أيها الرجل.. واعمل يوما واحدا مثل مجهودها لتعرف حجم مسئوليتها وكثرة إعمالها.. وإني أرى أنك خير من ينصف زوجته وأخته وابنته، فهيا إلى العمل، وأعنها على أعباء المنزل، ومتابعة الأبناء ومراجعة دروسهم، واحتسب الأجر في ذلك كله. قيل لعائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله في بيته؟ قالت: ((كان بشرا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه)).
• اسمع يا زوجي صوت ابنتك تناديك.. إنها في حاجة إلى العطف والحنان.. إن لم تجده لدينا بحثت عنه في مكان آخر.. فانتبه!! قربها وألن لها الجانب ودعها تفرح بأبوتك وحسن إنصاتك. ولك في سيرة خير الخلق قدوة حسنة.. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى فاطمة ابنته - رضي الله عنها - رحب بها وقال: ((مرحبا بابنتي)) ثم يجلسها عن يمينه أو شماله.
وقال البراء رضي الله عنه: (... فدخلت مع أبي بكر على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها يقبل خدها، وقال: ((كيف أنت يا بنية)).
• كثير من الرجال يتصيد الهفوات ويجمع الزلات وتراه يعيد ذكر زلة مضت منذ سنوات؟! ويجمع على الزوجة أخطاءها؟! فكيف يصح هذا؟! وأين كظم الغيظ؟! وأين العفو والمسامحة؟! بل أين الإحسان؟! {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}. أما سمعت يا زوجي عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).
يا زوجي: ألا تريد أن تدنو منزلتك في الجنة حتى تكون! بقرب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)).
• يا زوجي.. نحن في نعم عظيمة، أولها ورأسها نعمة في الإسلام التي أكرمنا الله بها. !. - شرق أو غرب لترى أمم الكفر وكيف من الله علينا بهذا الدين العظيم. ومن النعم يا زوجي... نعمة الأمن، والاستقرار، ونعمة العقل، ونعمة السمع والبصر... وصدق الله إذ يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} وواجبنا نحو هذه النعم شكرها والقيام بحقها.
ومن شكرها: استعمالها في طاعة الله - عز وجل - والبعد عما يغضب الله {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. ومن شكرها إقامة عبودية الله - عز وجل - في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا، وبث ذلك في مجتمعنا عبر الأمر بالمعروف النهي عن المنكر والتواصي بالحق وكثرة الثناء على الله - عز وجل - وحسن عبادته.
• يا زوجي الحبيب.. بيتنا يخلو من الجلسة الإيمانية.، أريدك أن تقرأ علينا حديثا من رياض الصالحين كل يوم، أو نسمع صوتك الجهوري يروي سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كتب السيرة.. فمتى تبدأ؟! لا تقل غدا.. بل اليوم سوف أهيئ لك الكتاب ودعنا نسمع صوتك ونأنس بجلوسك ويفرح أطفالنا جميعاً بأبوتك.
• كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينادي نساءه بأحب أسمائهن.. بل ويرخم الاسم إمعاناً في إظهار المودة والمحبة فكان ينادي عائشة - رضي الله عنها - بـ((يا عائش)).
ولي شهور لم أسمع اسمي بصوتك الحبيب حتى نسيت اسمي، وظهر على لسانك أسماء وألقاب بعضها منهي عنه شرعاً لما فيه من التحقير والازدراء! فأين حقي من القدوة التي تقتدي بها!
• في الطريق ونحن سائرون أو في فترات الراحة أراك يا زوجي تطلق لسانك تزدري زميلك وتغتاب مديرك وتغمز هذا وتلمز ذاك! ألم تعلم أنه {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أنسيت أن صحائفك تطوى لك اليوم وتنشر أمامك يوم القيامة!
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: ((إذا أراد الكلام فعليه أن يفكر قبل كلامه، فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى يظهر)).
فهل وقفت هذا الموقف يا زوجي؟! واعلم أن خصماءك يوم القيامة كثير.. قال الحسن: ((إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله، فيقول: والله ما أعرفك! فيقول: أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطا من ثوبي)).
• يا زوجي.. من الظواهر المخالفة لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حلق اللحى وقد استمرأت النفوس هذا المنكر فلا ترى أحدا ينبه إلى هذه المعصية، أو يوضح الحكم لمن لا يعرفه. فإعفاء اللحية من هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، وكذلك الصحابة الكرام والسلف الصالح.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((خالفوا المشركين: وفروا اللحى وأحفوا الشوارب)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (جزوا الشوارب، وأرخو اللحى)).
قال ابن تيمية: ((يحرم حلق اللحية)).(83/14)
وقال الإمام القرطبي: ((لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصها)).
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله -:
((إن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوز تركه)).
وحلق اللحية يا زوجي ليس من الأمور الصغيرة كما قد يتوهمه البعض، بل ربما يكون حلقها أعظم إثماً من بعض المعاصي الأخرى، لأن حلقه يعتبر من المجاهرة بالمعصية، وقد لا يعافى حالقها ولا يغفر له بسبب هذه المجاهرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)). كما أن في كراهية اللحية أو الاستهزاء بها وبأهلها يخشى على فاعله من الردة والكفر والعياذ بالله، لأن من نواقض الإسلام: الاستهزاء والسخرية بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كراهية ما جاء به، وحلق اللحية قد ينم عن كراهيتها والتخلص منها، وكراهيتها قد يكون أيضا سبباً لحبوط الأعمال كما قال - تعالى -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}.
• البخل داء تنفر منه النفوس الزكية فما بالك إذا نهى الإسلام عنه؟!.. قال الله - عز وجل -: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والبخل آثاره واضحة على بيتنا وعلى الدعوة وعلى فقراء المسلمين! فأين نصيب أولئك مما رزقك الله.
ولمن يا زوجي العزيز تجمع الدينار والدرهم وأنت تبخل به علينا؟! هل تريد أن نتطلع إلى ما في أيدي الناس وأنت حي ترزق؟!
عن أنس - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول?(اللهم إني أعوذ بك من البخل والكسل)).
أولا تعلم يا زوجي العزيز أنك تؤجر على النفقة؟! كما قال - صلى الله عليه وسلم -?(إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهي له صدقة)).
يا زوجي: راجع واقعك وانظر في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -?(دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك)).
وتأمل في عظم وأهمية المصارف الأربعة، ثم انظر في أعلاها منزلة وأعظمها أجرا.
• زوجي الحبيب: تمر بي حالات ضعف نفسي واضطراب جسمي وقد تصيبني الآلام والأمراض! ولكنك لا تلقي لذلك بالا. مع أنني امرأة ضعيفة مسكينة كسيرة الجناح!
تأمل في حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته فلما مرضت رقية - رضي الله عنها - تخلف زوجها عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن معركة بدر. ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب له بسهمه من الغنيمة - عليه الصلاة والسلام -: ((أقم معها، ولك أجر من شهد بدرا وسهمه)). وما ذاك إلا من عظم أمر العناية بالزوجة وأنها قد تحبس الرجل عن الجهاد إذا كانت في حاجة لرعايته وعنايته.. ذكرت لي صديقتي أن زوجها يثني على خفة دمك وظرفك وسرعة بديهتك وأنك حاضر النكتة! فهل هذا صحيح؟! لأنني لم أر إلا عبوساً وهجرا! فما رأيتك في مبتسماً ولا ملقياً طرفة إلي! أخشى أن تكون صديقتي أخطأت في وصفك أو أنك رجل لك أكثر من شخصية!
وأعود بك قروناً ليحدثك عبد الله بن الحارث فيقول: ((ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
والتبسم يا زوجي صدقة من الصدقات التي تؤجر عليها قال - صلى الله عليه وسلم -: ((وتبسمك في وجه أخيك صدقة)).
• يا زوجي: الولاء والبراء من أركان العقيدة، وشرط من شروط الإسلام، تغافل عنه كثير من الناس وأهمله البعض. الغنيمة وقال والولاء: هو حب الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين ونصرتهم.
والبراء: هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
فكل مؤمن موحد ملتزم للأوامر والنواهي الشرعية، تجب محبته وموالاته ونصرته، وكل من خالف ذلك وجب التقرب إلى الله - تعالى - ببغضه ومعاداته وجهاده بالقلب واللسان بحسب القدرة والإمكان.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)).
قال الشيخ حمد بن عتيق- رحمه الله -: (فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أن الله - سبحانه وتعالى- قد أوجب- ذلك، وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى أنه ليس في كتاب الله - تعالى - حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده)).
ومن صور موالاة الكفار: التشبه بهم في اللبس والكلام والسفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس وكذلك مشاركتهم أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها، أو تهنئتهم بمناسبتها أو حضور إقامتها، ومن صور موالاتهم: مدحهم والإشادة بما هم عليه من- المدنية والحضارة، والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. ومن صور موالاتهم: الاستغفار لهم والترحم عليهم ومما وقع فيه كثير من الناس وهو من صور موالاتهم استقدامهم للعمل لدينا دون ضرورة.
• يا زوجي: اعترف بجميلك وفضلك علي، فأنت تنفق الأموال وتتلمس حاجاتنا اليومية، فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك. وأذكرك وأنت من كرام الرجال بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تهادوا تحابوا)). والهدية مفتاح للقلوب تنبئ عن محبة وقرب. ولي سنوات لم أر منك ولو هدية بسيطة تقدمها في نهاية الأسبوع أو بمناسبة عودتك من السفر.. ولا يهمني قيمة الهدية.. فقيمتها أنها أنت منك وحدك!!
• يا أبا عبد الله.. مرت سنوات طويلة على زواجنا وما جرى مساء البارحة أدمى قلبي وجرح فؤداي! فهل بعد هذه العشرة الطويلة تهينني أمام أبنائنا وتلمزني بأسوأ الألقاب.. لقد سمعت ألفاظا نابية وكلمات غير لائقة! والمصيبة أن كل الأبناء سمعوا ذلك! فهل هذا تصرف يليق بنا كزوجين! وهل من العقل والحكمة أن يسمع الأبناء مشاكلنا وأن نضعها أمامهم! ألا ترى أن ذلك يؤثر سلبا على تربيتهم واحترامهم لنا!
وأمر كهذا - يا زوجي - يكون علاجه في الخفاء بيني وبينك! ألم تسمع قول الله - تعالى -: {واهجروهن في المضاجع} ولم يقل واهجروهن عن المضجع، فهذا أدعى لعدم معرفة الناس لما شجر بين الأزواج، إنه هجر في المضجع وهو مكان قاص لا يعلم ما يدور بداخله أحد من البشر! إنه هجر في البيت وليس أمام الأقارب والأبناء! الهدف من ذلك العلاج لا التشهير أو الإذلال! فماذا جنيت مما حدث مساء البارحة!
• أمر خطير يا زوجي.. أرعني له سمعك، وأعرني فيه قلبك! لو تحدث رجل عن صفاتي. وطولي وعرضي أمام زملائك ماذا يكون موقفك؟! العجب أنك تقوم بهذا الدور مسروراً فرحا.. فتذكر ما يدور بيننا وماذا تفعل، وهي أسرار بيوت وخبايا أزواج..؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من هذا أشد الحذر فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)). فاحذر أن يقوم لسانك مقام (جهاز تصوير) يصف ما يقع بيننا فالأمر خطير!
• لا تغضب يا زوجي إذا قلت لك إنك غير ثابت المنهج غير واضح الخطا.. ها أنت لا ترضى أن أنظر إلى الرجال في الأسواق والمحلات، بل وفي الشارع، ثم ها أنت تجلسني أمام الشاشة لأرى ذلك الممثل الجميل الممتلئ صحة ووسامة!! فكيف هذا التناقض عندك؟! أليس النظر حرام في كل مكان؟! وفي أمرك هذا لا طاعة لك؟ لأن الطاعة في المعروف {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}. ثم قل لي بربك.. كيف تطيع الله - عز وجل - ولا تنظر ببصرك إلى امرأة متسترة متحشمة في الشارع.. وفي المنزل تطلق عينيك في الشاشة لترى النساء بدون حجاب وبكامل زينتهن.. فأين الطاعة والامتثال وغض البصر؟! وأذكرك بقول عجيب قرأته حيث قال ابن سيرين: ((إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها)).
• دخلت يا زوجي في مزالق خطيرة ودروب متعرجة فبدأت! تستهين بالمال من أين يأتي! أمن حلال أم من حرام.. ونحن كما قالت إحدى بنات السلف لأبيها: ((نصبر على الجوع ولا نصبر على النار)) وفي الحلال غنية حتى وإن كان قليلا!!
هذا جيبك يحوي بطاقات بعضها محرم وأفتى العلماء بحرمتها! وهذا أنت تسارع إلى التأمين التجاري عند شراء سيارة! والرشوة انتشرت بين الموظفين بأسماء مختلفة وصور متنوعة، والربا والتعامل به في كل زاوية، وفي تضييع أوقات الدوام والاستهانة بها أكل مال بدون وجه حق. فهذا الراتب وضع- لك كأجير تعمل به لدى بيت مال المسلمين. فهل وفيت أم أن الأمر فيه تهاون وتكاسل وإضاعة؟! إن كان كذلك فاعلم أنه قد يدخل إليك أموال محرمة أخذتها دون مقابل؟!
• ويا زوجي.. ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة! فمتى يبدأ الفجر الصادق في حياتك.. متى تبدأ التوبة وتجدد العودة؟! واعلم أن المال ببركته لا بكثرته، فكم ترى من شخص يملك المليارات وهو في شقاء؟ وكم من سعيد وهو يملك الكفاف؟!
وقد سئل علي بن أبي طالب عن الدنيا فقال: ((حلالها حساب وحرامها النار)).
وقال الحسن: ((يا ابن آدم إنما بطنك شبر في شبر فلم يدخلك النار؟ )) ومَرات ومرات تسعى للمال ولا تسأل أهو حلال أم حرام!
• طاعة الوالدين بالمعروف واجبة، وهي من أعظم القربات إلى الله - عز وجل -، وأرى منك تململا حينما أطلب زيارة والدي.. وتستثقل طلبي الذهاب لهم كل أسبوع مرة أو مرتين! خاصة في فترات مرضهم أو ضعفهم! ودائما تعلل ذلك.. بأن الهاتف موجود ويكفي الاتصال الهاتفي بهم! لعلك من هذا اليوم تعينني على زيارتهم وتفقد. حاجاتهم وبرهم وصلتهم!
• يا أبا عبد الله: ظهرت في الفترة الأخيرة تزكية النفس من كثير من الشباب.. فها أنت تزكي نفسك وكأنك تجاوزت القنطرة! وتأمل في حالك.. لا تذهب إلى الصلاة إلا عند سماع الإقامة.. ومن رمضان الماضي إلى رمضان الحالي لم تختم القرآن، بل طويت المصحف وهجرته شهورا طويلة.. أما قيام الليل وصيام أيام البيض ويومي الاثنين والخميس فلعلك لم تسمع بها! يا زوجي لا تغضب، ولكن لا تزك نفسك فلازلت في بداية المشوار! ولكن كما قال أحمد بن عاصم: ((هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى)).
• سنوات طويلة نعيش فيها سويا تحت سقف واحد.. ولم أسمع طوال تلك السنوات كلمة حانية وهمسة محبة، فأنا أعيش في صحراء مقفرة ليس فيها همسة حانية ولا كلمة طيبة! ونادرا ما أسمع منك كلمة شكر لطعام أعددته أو للباس جميل ارتديته..
• زوجي الحبيب.. أراك رجلا موفور العقل حاد الذكاء.. ومع هذا كله لا تقدر جهدي!
أحيانا أمضي ساعات من وقتي واقفة على قدمي لطبخ أكلة تحبها! وأتحمل الوقوف والتعب تقربا إلى الله - عز وجل - بخدمتك ويهمني رأيك.. أريد أن أسمع كلمة شكر على هذا الصنيع! ولكنك تفاجئني لخطأ بسيط في الإعداد وتنسى ذلك الجهد كله!! وكان قدوتنا - صلى الله عليه وسلم - لا يعيب طعاما قط إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه!
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه)).
يا أوجب الحبيب: نهاية الأسبوع يعني أن هناك أياماًَ غير عادية في منزلنا! فأنت تخرج مع أصحابك وزملائك وتتركني أنا وصغاري، ولطالما سمعت بكاءهم ورغبتهم في الخروج معك لرؤية الربيع والمرح في واحة رملية! غناء، ولكنك لا تبالي بذلك.. وتسارع خطواتك ثم تغلق الباب، ! وتتركني وصغاري في بكاء وحزن! لا نريد أن نحرمك متعتك سعادتك ولكن لي حق، وللصغار حقوق، فاقسم واعدل بيننا وبين أصحابك وزملائك!
• يا زوجي: من ورائك من الرجال انتشر بينهم الإسبال في الثياب والمشلح. وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزاري استرخاء فقال: يا عبد الله ارفع إزارك! فرفعته، ثم قال: ((زد فمازلت أتحراها بعد فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: ((أنصاف الساقين))
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)).
هذه الأحاديث وغيرها لمسبل ثيابه دون كبر وخيلاء، أما من تلبسه الشيطان وألقى عليه رداء الكبر والخيلاء فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)).
• لا تنزعج يا زوجي من سؤال طالما طرحته على نفسي وطالما سمعته من صغاري وهو: أين تقضي وقتك خلال الأسبوع؟! نرى أن الأصدقاء والزملاء والرحلات والاستراحات قد أخذت وقتك كله وليس لنا إلا دقائق نراك فيها، وفي بعض الأيام يكون أحد الصغار نائماً فيمر عليه يومان لم يرك؟! وهل- يا زوجي- الزملاء والبيع والشراء أحق منا بالوقت؟!
سأعود بك يا زوجي العزيز سنوات وقرون.. لترى من كان أكثر منك عملا ودعوة ومقابلة وتعليماً.. أطلق بصرك في كتب الحديث لترى نبي الأمة وقائدها ومعلمها مع كثرة أعبائه إلا أنه أعطى كل ذي حق حقه.. أليس لك فيه قدوة!! بلى والله، لنا جميعا فيه القدوة الحسنة..
• يا زوجي.. همومنا كثيرة ومتشعبة ولكني سأجعلها في أجمل ما رأت عيني.. كتاب الله - عز وجل - وسنة نبينا الكريم في حسن العشرة وطيب المودة: يقول الله - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالنساء خيرا.. ))وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم)).
يا زوجي: إن زللت في هذه الكلمات فأنت من الكرام الذين يعفون عن الخطأ ويتجاوزون عن الزلل.
زوجي: رزقك الله العافية وألبسك لباس الإيمان والتقوى، وأقر عينك بصلاح أبنائنا، وجمعني وإياك ووالدينا في الفردوس الأعلى من الجنة وجعلنا ممن ينادون يوم القيامة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/15)
رسالة إلى أمي وأختي
الرسالة الأولى:
إلى أمي:
إلى التي حملتني في بطنها،، وأرضعتني من صدرها.. وغمرني حبها وحنانها..
أهدي إليك يا أمي رسائل ممزوجة بالحب.. نابعة من القلب....
قال الله - تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} النساء: أية34 فقد ذكر الله - سبحانه وتعالى- حقكما بعد حقه مباشرة، فأي حق وأي تشريف أعظم من ذلك.. ** أمي... هناك حقوق وواجبات مشتركة بينك وبين زوجك، مثل تربية الأبناء وغيرها-فأنتما فيه سواء ويقع على كاهلكما عبء التربية، ولكن هناك حقوقا وواجبات عليك أنت بالذات أحببت أن أعرضها في رسائلي هذه، ألا وهي: -
(1)علاقتك بزوجك
إن أساس الحياة الزوجية، والتي يقوم عليها البناء الأسرى، هي العلاقة التي تربطك بزوجك، فمتى كانت هذه العلاقة قائمة على التقوى والصدق والتفاهم كان ذلك إيذانا بقيام أسرة تعيش في جو من السعادة والفرح (والعكس صحيح).
* أمي.. هداك الله... قال الله - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}(النساء: آية 34)
ورد في تفسير هذه الآية(ا) يخبر الله - تعالى - أن الرجال قوامون على النساء أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله - تعالى - من المحافظة على فرائضه؟ وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالأنفاق عليهن والكسوة، والمسكن. ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: ((بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) أي: بسبب فضل الرجال على النساء، وأفضالهم عليهم، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد، والأعياد، والجمع، وبما خصهم الله به من العقل، والرزانة والصبر، والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء ((فالصالحات قانتات)) أي مطيعات لله - تعالى -، (حافظات للغيب) أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب، تحفظ بعلها بنفسها وماله.
أمي الحبيبة...
إن العلاقة بينك وبين زوجك يجب أن يكون مبدؤها الطاعة التي تكون في غير معصية الله، ومتى تحقق ذلك كانت الحياة الزوجية أقرب إلى الدوام والاستمرار...
وإليك يا أمي بعض الأحاديث النبوية والتي توجب طاعة المرأة لزوجها. عن أبي هريرة-رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ".
وعنه أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ".
وأما حال اليوم يا أماه - فحدثيني ولا حرج فوالله إن هناك زوجات يرفعن أصواتهن على أزوجهن، وإن منهن من يخرجن من البيت بدون إذنه، وإن منهن من تأبى عليه إذا دعاها لفراشه بدون عذر،.... الخ... وأني لأتساءل، ألا يخشين الله؟ ألم يخفن من عقابه؟ ألم يسمعن قول الحبيب بأبي هو وأمي "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله! فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا".
وأذكر لك هنا يا أمي قصة سمعتها قديما مفادها: أن رجلا دعا امرأته ذات ليلة إلى فراشه ولم تكن لها رغبة في ذلك، فتحججت بحجج واهية، ونام الرجل ليلته تلك وهو غير راضي عنها، وعندما أرادت أن تنام لم تستطيع ولم يغمض لها جفن، فقد تذكرت. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبي عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها". وعند ذلك قامت وتزينت له وأيقظته وأخبرته بخبرها.
أمي هداك الله....
إن طاعة المرأة لزوجها في غير معصية الله لهي من أجل الطاعات وأعظمها، وهي تقربة تقرب بها المرأة إلى ربها، وهي السبيل الموصل إلى جنة الله ورضوانه، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها أدخلي الجنة من أي الأبواب شئت ".
(2) علاقتك بأولادك..
أمي الحبيبة...
إن ارتباط الأولاد- وخصوصا في المراحل الأولى من حياتهم- يكاد يكون ارتباطا كليا بك من دون الأب، ومن قاعدة "والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "، نقول وبالله التوفيق...
أمي الحبيبة...
إن الثمرة أولها بذرة. فلا وجود للثمرة إن لم يكن هناك ماء يسقي هذه البذرة، فالبذرة هي أبناءك، والماء هو الغذاء البدني والروحي الذي يتلقاه الأبناء، والثمرة هو نتاج ذلك كله، فإما ثمرة صالحة أو ثمرة فاسدة. "
لذا يا أمي...
اغرسي حب الله - تعالى - وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - في قلوبهم، واجعلي كلمة التوحيد "لا إله إلا الله " محفورة في صدورهم، وأطعميهم من زاد التقوى وأسقيهم من شراب الطاعة والأخلاق الفاضلة، وليكن منهاجهم ومنار سبيلهم قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -...
أمي هداك الله...
هناك أخطاء شائعة تؤثر في مسيرة ومسلك الأولاد منذ صغرهم، وسوف نذكر هنا رؤوس أقلام فقط..
أ) تعلق الأولاد منذ صغر بالتلفزيون والفيديو: وذلك يؤثر على مسلكهم فيما بعد، حيث ينشأ الولد و قلبه معلق بالأفلام والأغاني، وحب الصور.
ب) الكذب على الطفل: وسرد القصص المكذوبة وذلك بقصد إخافته، وهذا يجعل الطفل يعيش في جو هذه الأكاذيب والقص خائفا مرعوبا.
جـ) المتناقضات التي يراها الولد في حياته: وأقوى مثال لذلك - هو قولك لولدك.. الدخان حرام ولا يجوز، ويسبب أمراض كثيرة و و. الخ..، فإذا كان أباه يدخن فكيف يقتنع الولد بصحة كلامك وهو يرى عكس ذلك..
د) ومن الأخطاء الملفتة للنظر والشائعة في مجتمعنا هو لبس القصير من الثياب بالنسبة للبنات قد يقول قائل هذا لا ضير فيه ما دمن في سن صغيرة؟. وأقول عن ذلك! إن من هو صغير اليوم كبير في الغد. وإن التربية السليمة لابد أن تكون قولا وعملا منذ الصغر حتى يحصل بذلك التطبيق الصحيح. وإنه من المؤسف جدا أن نرى فتيات في أعمار الثامنة أو التاسعة وربما العاشرة وهن يلبسن هذه الثياب القصيرة، مع العلم بأن بعض الفتيات قد يبلغن وهن في سن التاسعة من العمر.
أمي.. الحبيبة... أتعرفين كيف تطور هذا اللباس (الثوب القصير) في بعض البلدان (؟) وأصبح شائعا وشاملا لجميع الأعمار. أقول لك يا أمي كيف تم ذلك.. بدأ ذلك مع الفتيات اللاتي لم يصلن سن البلوغ أي من هم في سن صغيرة وبعد ذلك بلغن الفتيات وأصبح ذلك اللباس مقتصرا على داخل البيت فقط ولم ينكره الأب ولم تنكره الأم.. ثم.. ثم ماذا.. ثم أصبحت الفتاة لا تتورع بعد ذلك في لبسه سواء داخل البيت أو خارجه. يقول محمد قطب في كتابه "قضية تحرير المرأة"..
- ورويدا رويدا تتغير ملابس بنات المدارس! تقصر (المريلة) قليلا.. هل هناك مانع؟! الجورب يغطي ما كشفته (المريلة) فماذا يحدث؟!. ويقصر الكم قليلا.. هل هناك مانع؟! سنتيمترات قليلة لا تقدم ولا تؤخر.. ماذا يحدث؟! هل تخرب الدنيا إذا قصرت الأكمام قليلا أو قصر (الذيل)! لا تحبكوها أيها المتزمتون! وتتبلد الأعصاب على المنظر المكروه فتقصر الأكمام بضعة سنتيمترات أخرى أو يقصر الذيل، أو يقصر الجورب، وينكشف من المرأة ما أمر الله بستره بالمقدار نفسه.. انتهى كلامه.
(3) علاقتك بخدمك...
أمي الحبيبة...
تلاحظين ونلاحظ كلنا قسوة بعض ربات البيوت على من تحت أيديهن من الخدم فبعضهن هداهم الله يشتمن خدمهن، ويضربوهن، ويكلفونهن بما لا يطيقون.. فلماذا.. لماذا يا نساء المسلمين؟.. إنهن من طينة مثل طينتكم، ومكثن في بطون أمهاتهن كما مكثتم في بطون أمهاتكم، ولكن فضلتم عليهن بالرزق، فأغناكم الله من فضله، وهن فقراء يبحثن عن لقمة العيش لتسد حاجتهن وحاجة عيالهن.. عن أسامة بن زيد رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قمت على باب الجنة، فإذا عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار. وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء". يا مسلمون... عاملوا من تحت أيديكم بالحسنى، وأعينوهم إن كلفتموهم أعمالا فوق طاقتهم، وأطعموهم مما أطعمكم الله، و أكسوهم مما كساكم الله. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "هم إخوانكم. وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم".
أمي.. أبقاك الله...
إن خير النساء هي التي وصفها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي هريرة رضى الله عنه -، قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " فمن كانت تلك خصالها كانت خير النساء.
الرسالة الثانية:
إلى.. أختي..
(1) إياك أعني..
أنت إياك أعني.. يا بنت الجزيرة. يا حفيدة عائشة وخديجة.. أنت إياك أعني... يا غصة في حناجر الأعداء، يا رمز الطهارة والنقاء. أنت إياك أعني... يا من جعلتي العفاف ثوبك، والحياء نهرك، والطاعة شرابك وزادك.. أنت إياك أعني... يا من رضيتي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا.. " أختي الحبيبة.... قد تقولين أنني أبالغ عندما أقول. إن جل اهتمامات المخططين والمفكرين الغربيين هو أنت.. يا فتاة الإسلام.. أنت. ولقد أدركوا - أخزاهم الله - تأثير المرأة على مستقبل وحياة الشعوب، لذا حاولوا بكل ما يملكون من وسائل للنيل منك ومن عفتك، ولقد آلمهم كثيرا تمسكك بحجابك حتى هذا الوقت، ولقد كان يظن المخططون الغربيون في السابق أن ذلك الأمر لن يدوم طويلا ولكن رد الله كيدهم في نحورهم {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. (آل عمران: 54). فهم يحاولون ولازالوا ليخرجوك من العفة إلى الرذيلة، ومن الحسن إلى القبح، ومن الصفاء والنقاء إلى التعاسة والشقاء.
• هم يا أختاه... يريدونك في كل مكان وزمان في ليل أو نهار.
• هم يا أختاه... يريدونك في المكتب، والمتجر، في السوق، وفى النادي، وفى المطعم..
• هم يا أختاه... يريدونك سائقة تاكسي وعاملة مصنع وشرطية وسكرتيرة ومديرة.
• هم يا أختاه... يريدونك أن تخلعي ثوب الحياء، وتمشين سافرة في الأسواق والطرقات.
• هم يا أختاه... يريدونك صديقة لكل رجل، وحبيبة لكل شاب.
• هم يا أختاه... يريدون النيل من عفتك التي طالما آلمهم تحجبك.
• هم يريدون... ونحن نريد.. والله يفعل ما يريد..
(2) لمحة عن المرأة الغربية
نعود إلى الوراء إلى العصور القديمة، لنرى مكانة المرأة عندهم، فالهنود مثلا يرون أن المرأة تحيا بحياة الرجل وتموت وتحرق بعد وفاته، واليهود يرون أن المرأة تعتبر خادمة ليس لها حقوق أو أهلية.. وفى الجاهلية تعتبر المرأة من سقط المتاع لا قيمة لها..
فجاء الإسلام وأعطى المرأة أحقيتها.. وأهليتها، ومكانتها في المجتمع التي تليق بها، ووضع ضوابط لصيانتها وحمايتها من الوقوع في الزلل. والقرآن والسنة بينتا الكثير من المسائل التي تتعلق بالمرأة من حيث حقوقها وواجباتها..
والمتأمل لأحوال المرأة في دول الغرب.. يجد الانحطاط والرذيلة بعينها.. يجد الفساد الأخلاقي، والتفكك الأسري، والسقوط الاجتماعي. فمن النادر جدا أن تجد فتاة عذراء في المجتمعات الغربية، ففي أمريكا مثلا. ومما لاحظته مديرة مشروع سان فرانسيسكو للبنات الحوامل أنه لا توجد أية بنت ترغب فى أن تبقى عذراء، وأنه لمن المهم أن تكون البنت نشيطة جنسيا! !
وذكرت (ا) مجلة التايم أن عدد الحوامل من بنات أمريكا مليون فقط سنويا، علما بأن أربعة أخماس هؤلاء غير متزوجات وأنه حوالي000، 30 منهن تحت سن الخامسة عشرة من العمر، أما نسبة البنات الحوامل ممن هن دون سن الرابعة عشرة من العمر فهي 40%.
أتطري يا أختي المسلمة إلى أي درجة، وصل الانحطاط الخلقي والفساد الاجتماعي، وبعد هذا يريدونك أن تصبحي مثل الفتاة الغربية "المتحضرة" أهذا تحضر؟ ! أهذا تقدم؟ !. ربما هذا تحضر ونحن لا ندري! ! فالتحضر في قواميسهم هو أن لا تبقى الفتاة عذراء، والتحضر عندهم هو أن تصبح المرأة زوجة لكل رجل.. يوما مع هذا ويوما مع ذاك.. إنها والله رجعية وتأخر... إنه والله فساد وتقهقر..
(3) قضية المساواة
أختي الحبيبة...
هداك الله.. قبل أن أتطرق لهذا الموضوع، أود أن تتمعني في هذه الآية الكريمة، قال - تعالى -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب: 36). هذه الآية الكريمة السابقة تقرر أمرا واحدا هو التسليم بأمر الله وقضاؤه، فليس لأحد من الناس أن يخالف أمره. ولما كانت صفتي "الحكيم العليم " من أسماء الله وصفاته فإنه - سبحانه - بحكمته وعلمه، قد أعطى كل ذي حق حقه دون نقصان، وقد فرق الله - سبحانه وتعالى- بين الرجل والمرأة حيث قال - تعالى -: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}. (آل عمران: 36). وفضل الله الرجل على المرأة، قال - تعالى -: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة: 228)، فسر ابن كثير هذه الآية ((وللرجال عليهن درجة)) أي في الفضيلة وفي الخلق والخلق والمنزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة كما قال - تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} - وقوله أي عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره انتهى. وقد فرض الله على الرجل والمرأة فروضا وألزمهما بها.. فمن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، سواء ذكرا كان أم أنثي، قال - تعالى -: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (النساء: 124).
أختي الحبيبة..
أصلحك الله.. إن ممن ينادي اليوم بالمساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء وفى جميع نواحي الحياة، فهو إنما يهدف للنيل من هذا الدين الذي شمل جميع نواحي الحياة الإنسانية. فالذي ينادي بالمساواة.. فهو إما أن يكون إنسان شهواني (كالبهيمة) لا يهمه إلا إرضاء شهواته ونزواته. أو أن يكون عميلا أو تلميذا لإحدى المدارس الفكرية الغربية المنحلة التي تهدف إلى إفساد المجتمعات.
وسؤالنا هنا يا أختاه.. ماذا وجد الغرب المتقدم علميا وحضاريا، من المساواة بين الرجل والمرأة في جميع ميادين الحياة؟.. أقول لك ماذا وجدوا.. تفكك في الأسرة الواحدة، وانتشار لفاحشة الزنا من أثر الاختلاط، وانتشار البطالة وذلك لأن المرأة شغلت حيزا كبيرا من عمل الرجل، وكذلك كثرة الجرائم والسرقات وخصوصا (جرائم الاغتصاب). وهناك أمور كثيرة نتجت بسبب المساواة. "
أختي الحبيبة...
وأنه مما تجب معرفته أيضا، أن لكل من الرجل والمرأة تكوينا جسديا يختلف عن الآخر. فالتكوين الجسدي للرجل مهيأ لتحمل أعباء الحياة من كد وتعب ومشقة، أما المرأة فقد منحها الباري جسدا ناعما طريا لا يحتمل المشقة، والضرب في الأرض، وتكوينها الجسدي مهيأ لعمليات إنجاب الأبناء. وقد ميز الرجل على المرأة أيضا بالرزانة والحكمة في تصريف شئون الحياة، أما المرأة فقد وهبها الله قلبا عطوفا، وصدرا حنونا، فإليها ينجذب الطفل، وإليها يسكن الرجل.
(4) الحجاب
قال - تعالى -: (يا أيها النبي قال لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين، وكان الله غفورا رحيما*.
أختي الحبيبة... هداك الله وان البعض يقول الحجاب هو ما غطى الرأس والصدر فقط أي لا يشمل تغطية الوجه، وهذا القول باطل من عدة أوجه:
أولا: الحجاب: إن لم يستر ويغطي ويحجب عن النظر، فكيف يسمى حجابا، فالغرض من الحجاب هو الستر والتغطية، فلو أن المرأة غطت رأسها وصدرها فقط فهل حققت بذلك الغرض من الحجاب؟ طبعا لا. !
ثانيا: قال عبد الله بن عباس: أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة
ثالثا: في قول الله - تعالى - ((يدنين عليهن من جلابيبهن)).. قال ابن عباس رضي الله عنه فيه: هو الذي يستر من فوق إلى أسفل. وقال سعيد بن جبير: هو المقنعه (الملاءه) وقيل: كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها، ويجب أن يكون فضفاضا غير ضيق، لا يشف عن البدن، ولا يظهر أماكن الزينة.،
رابعا: إن زينة المرأة وجمالها وفتنتها، يكن في وجهها، فإذا كان وجه المرأة مكشوفا كان ذلك مدعاة للفتنة، وياعجبا.. وهل وضع الحجاب إلا لإخماد الفتنة في مهدها!
خامسا: قد تقول بعض النساء أنني واثقة من نفسي، وأنني لست ممن يتبرجن ويتزين لإرضاء نزواتهن ورغباتهن. ونقول أن الحجاب ليس غطاء للمرأة فقط، بل الحجاب فى معناه الحقيقي أعم من ذلك وأشمل، فكما هو حفظ للمرأة وصيانة لها، فهو أيضا حفظ للرجل وصيانة له من النظرة الحرام، وخطر الوقوع في الفتنة.
أحذري يا أختاه
أ ) إظهار الزينة..
الملاحظ جدا في هذا العصر "عصر المتناقضات ". هو تطويل الثوب بالنسبة للرجل (إسبال)، وتقصيره بالنسبة للمرأة (أي عكس السنة، إنا لله و إنا إليه راجعون)، فإن الموضة الحديثة تقتضي أن يكون ثوب المرأة قصيرا فوق الكعب، وذلك تمهيدا للمرحلة المقبلة وهي أن يكون الثوب إلى منتصف الساق. "والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة"، فقد نجد أن بعض النساء أصلحهن الله لا يلقين بالا لمسألة تغطية الأرجل، والملاحظ أيضا أن الحجاب الآن أصبح موضة عصرية، فقد أدخلت عليه التعديلات، فأصبح الحجاب مبهرجا بألوان جذابة يلفت الأنظار، وهذا بعكس قول الله - تعالى - ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)). أي بدون تعمد ولا قصد في إظهار الزينة. ومن الملاحظ أيضا.. بل الأدهى والأمر.. هو أن بعض الفتيات أصلحهن الله.. أتجهن إلى الملابس الضيقة جدا، وهي تبين وتبرز مفاتن الجسم، وهذا والله أبلغ في الفتنة.. وسؤالي هنا.. هل هناك امرأة عاقلة تلبس مثل هذه الملابس الضيقة؟.. قال لي أحد الأقرباء وهو يعمل في إحدى المستشفيات: والله لقد رأيت امرأة ساترة لوجهها وصدرها ورأسها، ولكن على جسدها ثوبا ضيقا جدا ما رآها أحد في المستشفى إلا وأخذ يحدق في جسدها! وهنا أوجه نداء إلى كل فتاة تلبس مثل هذه الثياب الضيقة، أذكرها بقول الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. يقول: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". هذا الحديث من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخبر الصادق المصدوق بخبر سوف يقع مستقبلا، وقد حدث بالفعل وإنه في زماننا هذا، فقوله: "كاسيات عاريات "، فمن النساء، من يلبسن الثياب القصيرة، فهي قد أظهرت بعض الجسد، وكست الآخر، ومن النساء، من يلبس الثياب الضيقة، فهي قد كست بالفعل ولكن أبرزت المفاتن والمحاسن، وبالغت في الفتنة.
وقوله: "مائلات مميلات " - مائلات.. أي في مشيتهن وتكسرهن أو المشطة الميلاء "مشطة البغايا" مميلات.. أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم. "ومن الزينة أيضا يا أختاه... التعطر والتطيب، فإذا خرجت المرأة متعطرة وشم الرجال طيبها فقد وقعت في المحظور، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعني زانية، وعن أبي هريرة - رضى الله عنه -، أنه لقي امرأة شم منها ريح الطيب ولذيلها إعصار، فقال: يا أمة الجبار جئت من المسجد؟ قالت: نعم، قال لها: تطيبت؟ قالت: نعم، فقال إني سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغسل غسلها من الجنابة". يقول الشيخ ابن باز - رحمه الله -: يجوز لها (أي المرأة) الطيب إذا كان خروجها إلى مجتمع نسائي، ولا تمر في الطريق على الرجال، أما خروجها بالطيب إلى الأسواق التي فيها الرجال فلا يجوز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أي امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا الصلاة".
وقد يقول قائل: ما مدخل العطر والعطورات في التحريم؟.. أقول لك؟ أن الرائحة الزكية لها تأثير كبير ومحرك قوي على إثارة الرغبة الجنسية، وخصوصا عندما يكون ذلك ملتصقا بجسد امرأة فهنا يكون أبلغ وأقوى لتحريك الشهوة من مكانها. وفي هذا الزمن وفي الأسواق نجد أن بعض النساء (هداهن الله) يصل عطرها إليك قبل أن تمر من أمامك وذلك لقوة العطر وكثرته.. فإلى متى يا إماء الله وإلى متى يا فتاة الإسلام.. نشكو إلى الله قسوة في قلوبنا..
ب) الخلوة..
الخلوة: هي أن ينفرد الرجل بامرأة في غيبة عن أعين الناس، ولما كان الرجل ميالا إلى المرأة، والمرأة ميالة إلى الرجل، وكلاهما يجد حنينا إلى الآخر، جاء الإسلام ليحفظ للأمة رجالها ونساءها؟ ليبعدهم عن مراتع الفاحشة، وليغلق أبواب الشر. يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما". هذا الحديث واضح وصريح، فأي رجل أختلى بامرأة كان الشيطان معهما وثالثهما، ومن كان الشيطان ثالثهما فالسقوط أولى لهما.(83/16)
قد يقول قائل: ماذا في الخلوة إذا كان أحدهما أو كلاهما كبيرا في السن أو معاقا أو في حال من هذا القبيل؟ ونقول؟ إن الصادق المصدوق لم يستثن أحدا.. شيخا أو شابا، عجوزا أو فتاة. فهو - صلى الله عليه وسلم - أعلمنا بالله وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3-4) وكما قلنا سابقا فالرجال ميالون إلى النساء بالفطرة وهذه هي ((فطرة الله التي فطر الناس عليها).
أختي الحبيبة..
هناك بعض من الناس يتساهل في أمر الخلوة مع الأقارب كابن العم وابن الخال. وغيرهما.. مع العلم بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما منع خلوة الرجل بالمرأة، شدد على الأقارب بالذات، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "إياكم والدخول على النساء"، فقال رجل "أرأيت الحمو يا رسول الله فقال الحمو الموت.. " وفى رواية للإمام أحمد قال: "الحمو الموت ثلاث مرات - وذلك لبيان خطورة ذلك. والمشاهد الآن يحز في النفس، ولا مطلوب مني أن أورد دليلا فهو مشاهد للعيان، ويكفيك أن تسير في الطرقات لترى ذلك. "
أختي الحبيبة..
هناك موضوع آخر مرتبط بهذا الباب ألا وهو سفر المرأة بدون محرم، وسفر المرأة بدون محرم (حرام)، وهو يؤدى إلى الخلوة. قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ".
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - (ا) هل تعتبر المرأة محرما للمرأة الأجنبية في السفر والجلوس ونحو ذلك أم لا؟.. وأجاب فضيلته.. ليست المرأة محرما لغيرها، إنما المحرم هو الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها، أو سبب مباح كالزوج وأبي الزوج وابن الزوج، وكالأب من الرضاع والأخ من الرضاع ونحوهما. ولا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية ولا أن يسافر بها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". ومن الملاحظ أن البعض يسمحون لزوجاتهم أو أخواتهم أو بناتهم أن يسافروا من بلد لآخر بالطائرة، ويقول إن هذا ليس فيه شيء مادام أن أباها أو أخاها سوف يستقبلها في البلد الآخر، هذا بالإضافة إلى أن الطائرة لا يوجد بها خلوه. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال وسوف ادعك تتولى الإجابة عليه؟.
- هل تضمن أن الطائرة لن يحدث بها خللا، خلال فترة سيرها، وإنها لن تهبط في بلد آخر غير البلد المقصود؟..
جـ) ترقيق الصوت...
قال - تعالى -: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} (الأحزاب: 32)
أختي الحبيبة.. هداك الله
في هذه الآية السابقة نهي وتحذير لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولنساء الأمة. وهذا النهي هو عدم الخضوع بالقول أي: (ترقيق الكلام والتكسر فيه) - وقوله - تعالى -: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي ضعاف النفوس - وقوله {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}. قال ابن زيد: قولا حسنا جميلا معروفا في الخير. وقال ابن كثير: أي إنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. "
أختي الحبيبة...
إن صوت المرأة وكلامها كالسحر يسري في النفوس إذا كان مصحوبا بترقق وتكسر، فإذا تكلمت المرأة بصوت مرقق مكسر عند الأجانب كان ذلك أدعى إلى تحريك الشهوة من مكانها، واهتياج الثورة في نفس صاحبها، وسولت له نفسه بأنه المقصود بذلك.. فعندئذ يطمع الرجل ويكون دافعا له ووسيلة تجرئه وتجره إلى عمل المحظور.
وفي الأسواق يحدث ما لا يطاق.. فبعض الفتيات أصلحهن الله - تتكلم مع البائع بكلام لين مصحوبا بعبارات رقيقة، وقد يكون هذا العمل لاستجداء قلب البائع والحصول منه على سعر رخيص لبضاعة معينة.. فلماذا يا أمة الجبار؟... لماذا يا أمة الله؟..
والحكمة يا أختاه.. من هذه الآية السابقة، هو قطع للشر من جذوره، وإخماد لنار الرذيلة في مهدها، وسد لباب لا يأتي بخير.. فتذكري يا أختاه {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
د) المشي المتكلف...
قال - تعالى -: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} النور: 1-12. ذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية
- كانت المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوتها، ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك. وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتظهر ما خفي، وكل في هذا النهي لقوله - تعالى -: ((وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ)). الآية
أختي الحبيبة...
في عصرنا هذا قل من يستخدم الخلخال.. بل هناك شبيهة ألا وهو الكعب وما أمر الكعب عن الخلخال ببعيد.. فلقد أصبحت الآن هناك نغمات للكعب - ولم يبق إلا تسجيل هذه النغمات على أشرطة كاسيت وتوزيعها في الأسواق! ! ذكر عبد الرحمن الواصل في كتابه (ا) يقول: "كنت في مصلحة حكومية أنجز فيها بعض مطالبي، فسمعت أحد الموظفين يقول موجها حديثه إلى زملائه: إنني أعرف (فلانة) عندما تنزل من السلم، فسأله زملاؤه: كيف؟ فقال: أعرفها بحذائها فإن له نغمات خاصة أميزها به وأميزه بها".
" أختي الحبيبة يرحمك الله...
إن بعض الفتيات إتخذن أسلوبا خاصا في المشي، فخطواتها قصيرة جدا، ومشيتها متكلفة جدا جدا ولولا يقيني من أنها تمشي على الأرض لقلت أنها تمشي على مجموعة من البيض! !.
أختاه..
لقد منحك الله جسدا طريا، ووجها جميلا، وصوتا رقيقا. فاتق الله في نفسك، ولا تجعلي للنار سبيلا على هذا الوجه الصبوح، ولا على هذا الجسد الناعم، وترفقي بإخوانك المسلمين يا أمة الله. "
أختاه..
تأكدي قبل أن تخرجي من بيتك، بأن ثوبك ساترا لجميع أماكن الفتنة، وتجنبي التكلف في المشية، وترقيق الصوت في الكلام، فإنها والله من السهام التي تصيب قلب الرجل، واحذري من عقوبة الله، فإن الله لا ينظر إلى الأجسام، والصور ولكن ينظر إلى القلوب التي في الصدور. واعلمي يا أختاه أولا وأخيرا وقبل كل شيء أن تحجبك وتسترك حماية لك ولمن حولك..
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/17)
البرقع مقابل البكيني : فسوق المرأة الأمريكية
محمد الكندري
"البرقع مقابل البكيني: فسوق المرأة الأمريكية" عنوان لمقال سطره د. هنري ماكوو يبدي من خلاله تقديره للحياء كصفة ملازمة للفتاة المسلمة كما لا يخفي احترامه للمرأة المسلمة التي تكرس حياتها لأسرتها وإعداد النشء وتربيتهم. وعلى الوجه الآخر يبوح بما يضمره من استياء نتيجة للانحطاط القيمي والهياج الجنسي الذي تعيشه الفتاة الأمريكية.
د. هنري ماكوو- أستاذ جامعي ومخترع لعبة (scruples) الشهيرة ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحررية.
المقال يعكس مدى إعجاب بعض المنصفين من دعاة التحرير في الغرب بقيمنا الإسلامية رغم اختلاف الإيدلوجيات والتوجهات. وقد أثار مقال د. هنري ردود أفعال في الشارع الامريكي بين مؤيد ومعارض.
صورتان متناقضتان:
يقول د. هنري في مقاله (على حائط مكتبي صورتان، الأولى صورة امرأة مسلمة تلبس البرقع النقاب أو الغطاء أو الحجاب وبجانبها صورة متسابقة جمال أمريكية لا تلبس شيئأ سوى "البكيني"، المرأة الأولى تغطت تماماً عن العامة والأخرى مكشوفة تماماً) هكذا كانت مقدمة المقالة والتي تعتبر مدخلاً لعرض نموذجين مختلفين في التوجهات والسلوكيات.
حرب متعددة الأهداف:
يشير الكاتب إلى الدوافع الخفية لحرب الغرب على الأمة العربية والإسلامية موضحاً أنها حرب ذات أبعاد سياسة وثقافية وأخلاقية، إذ أنها تستهدف ثروات ومدخرات الأمة، إضافة إلى سلبها من أثمن ما تملك: دينها، وكنوزها الثقافية والأخلاقية. وعلى صعيد المرأة فاستبدال البرقع وما يحمله من قيم بالـ "بكيني" كناية عن التعري والتفسخ. يقول الكاتب (دور المرأة في صميم أي ثقافة، فإلى جانب سرقة نفط العرب فإن الحرب في الشرق الأوسط إنما هي لتجريد العرب من دينهم وثقافتهم واستبدال البرقع بالبكيني)!!
دفاعاً عن القيم:
يمتدح د. هنري القيم الأخلاقية للحجاب أو البرقع، أو ما يستر المرأة المسلمة فيقول (لست خبيراً في شئون النساء المسلمات وأحب الجمال النسائي كثيراً مما لا يدعوني للدفاع عن البرقع هنا، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها البرقع لي) ويضيف قائلاً (بالنسبة لي البرقع -التستر- يمثل تكريس المرأة نفسها لزوجها وعائلتها، هم فقط يرونها وذلك تأكيداً لخصوصيتها). وكأن د. هنري يتفق هنا مع ما ذهبت إليه السيدة عائشة - رضي الله عنها - لما سئلت: أي النساء أفضل؟ قالت (التي لا تعرف عيب المقال ولا تهدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لزوجها والإبقاء على رعاية أولادها) أو كما قالت - رضي الله عنها -.
المسلمة مربية أجيال:
ويشيد الكاتب بمهمة ورسالة المسلمة والمتمثل في حرصها على بيتها واهتمامها بإعداد النشء الصالح فيقول (تركيز المرأة المسلمة منصب على بيتها، العش حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، هي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يُبقي على الحياة الروح للعائلة..... تربي وتدرب أطفالها.... تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأ له).
وماذا عن المرأه الأمريكية؟
بعد الانتهاء من شرح الصورة الأولى التي على مكتبه وهي صورة المرأة المسلمة ينتقل د. هنري إلى الصورة الثانية فيقول (على النقيض، ملكة الجمال الأمريكية وهي ترتدي البكيني فهي تختال عارية تقريباً أمام الملايين على شاشات التلفزة... وهي ملك للعامة... تسوق جسمها إلى المزايد الأعلى سعراً... هي تبيع نفسها بالمزاد العلني كل يوم).
ويضيف (في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، وبهذه المعايير تنخفض قيمتها بسرعة... هي تشغل نفسها وتهلك أعصابها للظهور).
الجنس والعواطف الفارغة:
ينتقد د. هنري فترة المراهقة الشاذة التي تعيشها الفتاة الأمريكية حيث التعري والجنس والرذيلة فيقول (كمراهقة قدوتها هي "بريتني سبيرز" المطربة التي تشبه العرايا، من شخصية "بريتني" تتعلم أنها ستكون محبوبة فقط إذا مارست الجنس... هكذا تتعلم التعلق بالعواطف الفارغة بدلاً من الخطوبة والحب الحقيقي والصبر).
الفتاة المسترجلة:
ثم يعرج الكاتب إلى الآثار السلبية لتلك الحياة الماجنة التي تعيشها الفتاة الأمريكية فيقول (العشرات من الذكور يعرفونها قبل زوجها... تفقد براءتها التي هي جزء من جاذبيتها.. تصبح جامدة وماكرة.. غير قادرة على الحب).
ويشير إلى أن المرأة في المجتمع الأمريكي تجد نفسها منقادة إلى السلوك الذكوري مما يجعلها امرأة عدوانية مضطربة لا تصلح أن تكون زوجة أو أماً إنما هي فقط للاستمتاع الجنسي وليس للحب أو التكاثر.
النظام العالمي يكرس العزلة:
وينتقد د. هنري نظام الحياة في العالم المعاصر حيث التركيز على الانعزالية والانفراد فيقول (الأبوة هي قمة التطور البشري، إنها مرحلة التخلص من الانغماس في الشهوات حتى نصبح عباداً لله... تربية وحياة جديدة) ويضيف قائلاً (النظام العالمي الجديد لا يريدنا أن نصل إلى هذا المستوى من الرشد.. حيث يريدوننا منفردين منعزلين.. جائعين جنسياً ويقدم لنا الصور الفاضحة بديلاً للزواج).
احذروا خدعة تحرير المرأة:
ويكشف د. هنري زيف ادعاءات تحرير المرأة ويصفها بالخدعة القاسية إذ يقول (تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية أغوت النساء الأمريكيات وخربت الحضارة الغربية).
ويؤكد الكاتب أن تحرير المرأة يمثل تهديداً للمسلمين فيقول: (لقد دمرت الملايين وتمثل تهديداً كبيراً للمسلمين).
وأخيراً يقول د. هنري (لا أدافع عن البرقع - أو النقاب أو الحجاب- لكن إلى حد ما بعض القيم التي يمثلها، بصفة خاصة عندما تهب المرأة نفسها لزوجها وعائلتها والتواضع والوقار يستلزم مني هذه الوقفة).
وقفات!
- أليس هذا الكاتب وأمثاله أكثر صدقاً وجرأة وقولاً للحق من الكثير من دعاة العلمانية في بلادنا؟!
- ألا يكفي المرأة المسلمة فخراً بأن يشيد بمكارم أخلاقها من ليسوا على دينها؟
15-9-1423 هـ
http://akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/18)
مصلحة اجتماعية ..!
لا تخلو الحياة من خلافات أو مشكلات تكدر صفوها، فيها تظهر معادن الناس، ومكارم الأخلاق أو رذائلها، ومدى القدرة على الاستيعاب وإصلاح ذات البين..
من الأدوار التي تفتقد كثيرا في أوساط النساء ومجتمعاتهن.. دور "المُصْلِحة"، ليس بالضرورة أن تكون المصلحة داعية مثقفة أو واعظة مفوّهة، بل إن كثيرا من النساء الأمّيات هن من أفضل المصلحات في الأوساط المحيطة بهن.. فكم من امرأة لم تنل قسطا من التعليم، لكنها حازت من حسن التربية في بيت كريم ما جعلها سببا في نشر السعادة في بيتها وبيوت من حولها من جارات أو قريبات.. !
إن إصلاح ذات البين من أهم ركائز إصلاح الأمة بأسرها، وبقدر تحققه فيها وقيام الأمة ـ رجال ونساءً ـ به يتحقق في الأمة كثير من أسباب الخير والقوة.
وفي المقابل.. تقل هذه الأسباب بنقص تحقق هذا الإصلاح، وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساد ذات البين بـ"الحالقة" التي تحلق الدين!
المأساة الحقيقية اليوم ليست في مجرد التخلف عن القيام بإصلاح ذات البين في مجتمعات النساء، بل الأنكى أن تقوم بعض النساء بدور معاكس؛ بنشر النميمة والاستماع إليها وقبولها، وتأليب قلوب النساء بعضهن على بعض، أو الزوجات على أزواجهن.. بدلا من تأليفها بالعفو والصلح والتسامح!
ما أحوج الأمة اليوم إلى نساء مصلحات، ينشرن في ملتقيات النساء ومجالسهن أخلاق النبوة، وينهين عن الغيبة والنميمة وغيرها من آفات هذه المجالس، ويصلحن بين المتخاصمات، ويؤلفن بين القلوب.. فيسهمن بدور عظيم في إصلاح الأمة..
فكوني منهن ولا تترددي!
01/11/1425
13/12/2004
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/19)
هذه هي أسلحة المرأة لمواجهة العولمة
حققت المرأة المغربية انتصاراً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وفازت أكثر من عضوة عن التيارات الإسلامية بعضوية مجلس النواب، مما يحمل دلالة عودة المرأة المغربية إلى أصولها الإسلامية، ونجاحها في مواجهة التغريب والفرنسة، ووضوح أهدافها التي تتمركز حول المساهمة الفعالة في صياغة مشروع نهضة إسلامية للمجتمع الغربي بشكل عام، وللمرأة المسلمة هناك على وجه الخصوص.
وقد زارت القاهرة مؤخراً السيدة خديجة مفيد- عضوة مجلس شورى حركة الإصلاح والتجديد المغربية- لحضور مؤتمر الأدب الإسلامي، فكان للزهور معها حوار شامل، تناولت فيه وضعية المرأة المغربية بين الأمس واليوم، وكشفت عن تهافت أفكار العولمة التي تكتسب رواجها من القوة الإعلامية، وحددت المداخل الثلاثة التي تستطيع المرأة المسلمة عبرها مواجهة مخططات العولمة لهدم الأسرة.
كما تحدثت عن المرأة الفلسطينية، وجهادها المقدس، وطرحت رؤيتها لواجب المسلمات تجاه شقيقتهن في أرض الرباط.
مع رمز لما يصنعه الالتزام بالإسلام كمرجعية وأساس لحركة المرأة المسلمة كان لنا هذا الحوار:
آخر الحصون
•نريد منكم إطلالة على وضع المرأة في المغرب؟
المرأة المغربية ظلت إلى وقت قريب وثيقة الصلة في توجهها ومبادئها الإسلامية، ولكن موجة التغريب والعولمة دفعت بها إلى أن تناضل من أجل التحرر انطلاقاً من منظومة غربية، وتبحث عن بدائل لهذا التحرر في هذه المنظومة، مما جعلها تقع في فخ الحلول الغربية لمشاكل المجتمع المغربي، والتي لا تستجيب إلى مشاكل القاعدة العربية من النساء في المجتمع الغربي الذي صنعت من أجله أساساً، وهذا أدى إلى انفصال بين النخبة المثقفة والقاعدة العالمة للنساء المغربيات.
كما أن المرأة المغربية ما زالت تعاني من الأمية التي تجعلها غير مؤهلة تأهيلاً كاملاً للمساهمة في بناء المجتمع، ولا في إحباط الخطط التدميرية التي يضعها الغرب للقضاء على آخر حصن من الحصون التي ترابط لدفع مكونات التدافق الحضاري، والآن- ولله الحمد عرف المغرب صحوة إسلامية في صفوف النساء كثمرة للصحوة الإسلامية عموماً، وبدأت النساء يخضن غمار التحرر، انطلاقاً من المنظومة الإسلامية، والواقع المحلي للمجتمع المغربي في مواجهة التيارات الغربية، ولما ظهر هذا التيار وبفئات من النساء فرضنه بقوة فكرية، ونشاط حركي واجتماعي قوي حدث صلح بين نخبة من الحركة الإسلامية وبين الشعب الذي عاطفته كلها مع الإسلام.
ومع النساء المسلمات كذلك باعتبارهن الممثلات الرئيسات لمطالبهن المشروعة، ومن ثم كان وقوفهن ضد المشروعات البديلة التي طرحت لتغيير القوانين المتعلقة بالمرأة، خاصة ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية؛ حيث قدمت كل هيئات المجتمع المدني مشروعات لرفع الحيف الواقع على المرأة، والذي نتج عن المكاسب التي كسبها الرجل ظلماً، وغلفها بمسحة دينية ليس لها أي علاقة بالدين.
•هل يعني ذلك وجود اتفاق بين الحركة النسائية الإسلامية والمنظمات المدنية الأخرى في قضية المرأة؟
هناك اختلاف شديد فالمنهج الذي ننطلق منه يختلف مع أصول المنهج الذي تنطلق منه المنظمات العلمانية، إلا أنه فيما يتعلق بالواقع الذي تعيشه المرأة المغربية، فهناك إجماع واتفاق على أنه واقع مزرى، ولكن الاختلاف هو حول نوعية الحلول التي تطرح لحل هذا الإشكال؛ حيث إنهم كانوا يريدون بدائل للمرجعية الإسلامية، مستغلين جهل القاعدة العريضة من النساء، ولكن تم الكشف عن ذلك عن طريق سلسلة من المحاضرات والندوات.
مقارنة:
•وهل يختلف واقع المرأة المغربية عن نظيرتها في العالم العربي؟
واقع المرأة العربية لا يختلف كثيراً عن واقع المرأة المغربية إلا باختلاف العوامل المؤثرة فيه، فالمجتمع المغربي تهب عليه رياح الثقافة الغربية لقربه لأوروبا.
والمرأة في الوطن العربي تعاني من ترسيبات ونتائج العقلية التقليدية التي تخلط بين منطلقات الدين ومكتسبات التقاليد والتاريخ؛ حيث إن الرجل الذي اكتسب أوضاعاً ومكاسب من التاريخ ليس لديه أي استعداد لأن يراجع أو يجاهد نفسه لإعادة صياغة وضع المرأة في المرجعية الإسلامية؛ لذلك يتحفظ كثير من الرجال ضمن الحركة الإسلامية على الأخذ من الفكر التجديدي الذي يتزعمه قلة من العلماء والمفكرين فيما يتعلق بقضية المرأة، وكذلك نعاني من موجة التغريب والعولمة التي تريد أن تصهر المجتمع العربي في الخط الغربي، والتي تستهدف العالم العربي الإسلامي.
الأسرة والعولمة:
•في رأيك هل ستنجح العولمة في تغريب الأسرة المسلمة، والقضاء على هويتها؟
نجاح العولمة يرتكز بالأساس على القوة الإعلامية التي تمتلكها المؤسسات والدول التي تتولى نشر العولمة في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبالتالي بالقوة تمارس هذا التفكيك في بنية الأسرة ثقافياً وتربوياً من خلال الفضائيات التي تفرض نفسها على البيت والأسرة، ومن خلال بعض الدول التي تضغط على الدول العربية الإسلامية وتقايضها ببعض القروض مقابل التمكين لقوانين دولية داخل أوطانها، ولكي تحجم حركة القوة المناهضة للعولمة وللثقافة والتغريبيين؛ لأنها تعلم أن قوة مؤسسات المجتمع المدني ذات البعد الإسلامي لها قدرة على التأثير في البنيات التحتية الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية، وأنها وحدها تكتسب مصداقية لدى شرائح المجتمع.
•كيف يمكن للأسرة والمرأة خاصة مواجهة هذا التحدي المفروض عليهما؟
لا يمكن للمرأة مواجهة هذا التحدي إلا بجهد مضاعف، عليها أن تكون امرأة مجاهدة بما تحمل هذه الكلمة من معنى، ذلك أن له عدة أبعاد في هذه المرحلة، فالمرأة ذات المستوى الفكري المستوعبة لقضايا أمتها، مطلوب منها أن تمارس التوعية لأكبر عدد ممكن من النساء سواء داخل المؤسسات أو بجهد فردي تعمل على ألا يسحب البساط من تحت أقدامها فيما يتعلق بإدارة أسرتها وبيتها، وهي تمارس دورها خارج المنزل، وهذا تحدٍ كبير يحتاج إلى دعم رجال يتسمون بالرشد، وهم الذين سماهم الله (- عز وجل -) الصادقين، وبهذا تتحقق المعادلة الصعبة إذا حُلت فسنضمن تحقق النصر للأمة، واستعادة الدور الريادي والتاريخي الذي أصله صحابة الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) والصحابيات اللواتي عشن في بناء المنظومة الدينية في بداية المجتمع الإسلامي.
ولكن الساحة العربية اليوم تفتقر لوجود النساء الملتزمات الواعيات في الوقت الذي تعج فيه بمئات النساء العلمانيات برغم افتقادهن إلى مشروع يستند إلى مرجعية ذات مصداقية وأصول.
كما أن فترة الانحطاط والركود التي عرفتها الأمة الإسلامية أدت إلى عدم وجود خيار للنساء والرجال- الذين كانت لهم قدرات فكرية وإدراك- إلا أن يقبعوا في خندق التقاليد المميتة التي لا تفتح مجالاً للفكر.
وبالنسبة للمرأة على وجه الخصوص، فقد كانت المرأة محاصرة، ولا يتاح لها المجال للحركة، والمشاركة في الشأن العام مما فتح المجال لكي تتلقى فئة متنوعة من النساء من تيارات غربية، وتوجه لخدمة العداء للدين بدلاً من أن توجه لخدمة الدين، وهذا ما يفسر لجوء هذه الفئة من النساء للعلمانية.
وبفضل الله المرأة المسلمة الآن بدأت تشق الطريق، وكما قلت فهي لها جهادان خارج البيت وداخله، بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من المفاهيم التي دخلت على البنية الفكرية والسلوكية الإسلامية مثل الاختلاط، فالإسلام اتخذ موقفاً من الخلوة، ولم يعرف ما يسمى بالاختلاط، فكانت هناك مشاركة المرأة للرجل في عديد من المجالات، ولكنها مضبوطة بضوابط شرعية وضعها الإسلام.
فكر عقيم:
•ما هو تقييمك لدور المرأة الفلسطينية، وما قدمته من تضحيات؟
المرأة الفلسطينية التي تعيش في فلسطين تعتبر مرآة أمام الإنسان العربي ليكتشف ذاته وليقيس رجولته، رجولته التي اهتزت في المرحلة الأخيرة من التاريخ؛ حيث لم يعد للرجل الدور الريادي والدور الجهادي الذي كانت تُعرف عروبته به، فعندما نرجع إلى التاريخ نجد المرأة تدفع في العصر الجاهلي الرجل إلى أن يرتقي، وعندنا نموذج هند بنت عتبة، وهي تدفع بالرجال في أحد المعارك لمواجهة من قتل أباها وأخاها، وكيف كانت تنهر الرجل الذي كان لا يجاهد ولا يحارب ولا يناضل من أجل ماله وعرضه، بل لنصرة امرأة، اليوم المرأة الفلسطينية تؤكد أن الأدوار انقلبت حين دخلت ميدان العمليات الاستشهادية، وهذا إعلان عن أن المرأة ستقود عجلة التاريخ في حين أن بعض الفقهاء ما زال مشغولاً بما إذا كان صوت المرأة عورة أم لا؟ تحاضر أم لا تحاضر؟ فقد أصبحت مثل هذه المناقشات عقيمة، لا معنى لها، ولا دلالة عندما قدمت فتيات في عمر العرس والحناء أرواحهن للشهادة، يريدن أن يمتن في هذا السن ثأراً لكرامة العقيدة والوطن، وثأراً للمقدسات الإسلامية، إننا نعيش مرحلة الخجل أو الذل العربي التي لم يعرف التاريخ العربي لها مثيلاً، وإذا كنا في مناظرتنا وندواتنا نبحث الاستدلال على أن الإسلام أنتج نماذج نسائية رائدة، فالمرأة الفلسطينية اليوم هي قدوة تقدمت إلى الأمام، والذي بعث فيها هذه الروح دائماً هو دينها.
فقد اختارت الموت الذي هو حياة تبشر بأن المرحلة القادمة للمرأة المؤمنة المتوضئة التي اختارت أن تكون رسالية وجهادية، ولها مهمة في إعادة الاعتبار للوجود الإنساني.
•ما الدور الذي يمكن أن نقوم به كنساء مسلمات تجاه أختنا الفلسطينية في العالم العربي؟
دورنا كحد أدنى يتأسس على:
أولاً: الدعوة إلى الجهاد بالمال، فالمال أساس لإعادة البناء والتعمير.
ثانياً: بناء الذاكرة لدى الطفل المسلم، كما بنتها المرأة اليهودية، وهي تهدهد أطفالها (أورشليم.. أورشليم) وتركز لديهم مفهوم العودة إلى فلسطين على أنها إسرائيل، وتلقنهم منظومة إسرائيل الكبرى، فالمرأة المسلمة في هذه المرحلة مطالبة من الناحية التربوية بإعادة تأصيل ذاكرة الطفل المسلم العربي، وبناء العداء القوي تجاه المؤسسة الصهيونية العالمية.
كذلك عليها تركز عند طفلها مفهوم جغرافية العالم الإسلامي، ومفهوم الجسد الواحد.
ثالثاً: بناء الفكر الإسلامي، ودعم إعلامي للقضية الفلسطينية عن طريق كل الوسائل سواء كانت الكتاب أو المجلة أو أي شيء يجعل القضية الفلسطينية قضية الإنسان المسلم اليومية التي لا يمكن أن تنسى، ويجب أن يتضامن الجميع من أجلها، وإن كنت لا أستحسن لفظ التضامن؛ لأن التضامن يعني مشاركة طرف خارج القضية، وكل مسلم هو طرف في قضية فلسطين، قضية العقيدة؛ لأن القدس أحد المقدسات الدينية التي ترتكز عليها العبادة، فهي من المساجد الثلاث التي شُرع لها الحج وشد الرحال.
يناير 2003
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(83/20)