فتاتي ... والحياء
قصة واقعية
حكت لي صديقتي .. كانت تسير في الطريق فإذا بفتاة جميلة ترتدي استرتش ضيق .. لا أعلم كيف ارتدته .. سمعتها تصرخ.. لماذا تصرخ؟
إنه انقطع وتكشف كل مستور .. وهي لا ترتدي تحته أي شيء آخر!!!
وصرح جميع من في الطريق غطوها .. غطوها ... أين أهلها؟ كيف نزلت من بيتها بهذا البنطلون؟
والفتاة تصرخ وتبكي .. تساءلتُ لماذا؟ وعلى ماذا تبكي؟
لقد نزع منها الحياء قبل أن تتفتق منها الملابس.
وقالت أخرى:
رأيتُ الفتاة وهذه صفاتها [ومن لم تفعل ذلك ليست بفتاة عصرية أو متحضرة] ذات المكياج المتوهج والمشي المتعوج، والسلوك المتعرج الجريئة على محادثة الرجال، التي لا تثبت على حال.
قد عمدت إلى تدقيق الحواجب، وإضاعة الواجب.
لها عطر فواح ودموع كدموع التمساح، وزميل في الصباح وصديق في الرواح.
عزيزتي الفتاة:
اعلمي أن هذه الفترة من حياتك هي فترة تغيرات شاملة وسريعة في نواحي النفس والجسد والعقل والروح، وهي فترة نمو سريع في هذه الجوانب كلها، حتى قال عنها علماء النفس: إنها فترة انقلاب كامل، وقال آخرون هي مرحلة ثورة وتوتر.
ولكن عزيزتي الفتاة لا تنسي أثناء هذه التغيرات 'الحياء'.
ـ وتساءلت في نفسي لماذا قل الحياء بين الفتيات؟
ربما يرجع ذلك إلى:
1ـ النشأة: فمن شب على شيء شاب عليه. يقول الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه
ويقول آخر:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولن تلين إذا كانت من الخشب
2ـ الاختلاط وكثرة احتكاك الفتاة بالفتى في المجالات المختلفة كالجامعة والعمل.
3ـ التأثير الخارجي من مخالطة من قل حياؤهم أو تكررت رؤيتهم، سواء كان ذلك ناتجًا عن السفر إلى الخارج أو بدون وسائل الإعلام، أو غير ذلك فإن الأخلاق حسنها وسيئها تكتسب بالمخالطة.
4ـ ولعل من الأسباب أيضًا كثرة خروج الفتاة من بيتها أو الصحبة الفاسدة أو الغرق في المعاصي وأقول أخيرًا إنني أرجع قلة الحياء عند الفتيات إلى ضعف الإيمان والجهل بمعنى الحياء.
تعالى معي عزيزتي الفتاة.. لنقف أمام هذا المشهد القرآني الجميل الذي تجسده لنا الآية الكريمة في سورة القصص {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال 'على استحياء' في غير ما تبذل ولا تبرج ولا تبجح ولا إغواء. جاءته لتنهي إليه دعوة في أقصر لفظ وأخصره وأدله يحكيه القرآن بقوله: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص:25].
[لم تقل له: أحب أن أتعرف عليه .. ما اسمك؟ أنا اسمي كذا...].
فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح، لا التلجلج والتعثر والربكة، وذلك كذلك من إيحاء الفطرة النظيفة السليمة المستقيمة، فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لا تضطرب إلاضطراب الذي يطمع ويغري ويهيج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب].
عزيزتي الفتاة المسلمة:
ما معنى الحياء؟ هل هو خلق مكتسب أم غريزي؟
هل يمكن لمن لا حياء عنده أن يملك من الحياء ما يردعه عن المعاصي؟
وأخيرًا كيف نغرس الحياء في نفوسنا؟
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة هناك قاعدة عريضة توضحها لنا الآية، أنه لابد من حاجز بين العبد وبين المعصية وهذه الآية هي قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى[40]فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40ـ41].
فتوضح لنا الآية شقين أساسيين هما:
1ـ خوف من مقام الله تعالى.
2ـ نهي للنفس وزجر لها عن هواها متى خالف أمر الله تعالى.
وهذا الشق الثاني يكون عن طريق زراعة موانع وبناء حواجز داخل النفس ترفع مستوى تحكم وسيطرة الإنسان على نفسه.
ولذا كانت العناية الربانية ثم النبوية بهذا البناء عظيمة كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [[إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق]].
ـ ولقد روى ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء]].
فما معنى الحياء إذن؟
ـ الحياء كما عرفه أهل العلم في اللغة أنه انقباض وانزواء وانكسار في النفس يصيب الإنسان عند الخوف من فعل شيء يعيبه.
ـ والحياء مشتق من الحياة، ولذا قال بعض الفصحاء حياة الوجه بحيائه كما أن حياة الغرس بمائة.
ـ كما عرفه علماء الشريعة بأنه خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق.
أو هو الامتناع عن فعل ما يعاب.
ـ وأخيرًا وهذا مرادنا هنا هو نهي النفس عن القبيح [وهو كل ما يغضب الله تعالى].
ونتساءل الآن هل الحياء خلق مكتسب أم غريزي؟
الحياء نوعان غريزي ومكتسب:
الحياء الغريزي: وهو الفطري الطبيعي.
والحياء المكتسب: هو الذي جعله الله تعالى من الإيمان وهو المكلف به [وهذا النوع هو مدار حديثنا] ومن كان فيه غريزة من الحياء فإنها تعينه على الحياء المكتسب.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
لقد جاءت النصوص النبوية تؤكد على أن خلق الحياء من الإيمان في روايات كثيرة منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان]].
وفي رواية أخرى: [[الحياء من الإيمان]]، وفي وراية [[الحياء لا يأتي إلا بخير]]، وفي رواية أخرى [[الحياء خير كله أو كله خير]].
وعن عمران بن حصين قال صلى الله عليه وسلم [[الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ]].
فلماذا جعل الحياء من الإيمان؟
قال القاضي عياض وغيره من الشراح: [[إنما جعل الحياء من الإيمان ـ وإن كان غريزة ـ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيرًا كله ولا يأتي إلا بخير فأشكل حمله على العموم لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الإخلال ببعض الحقوق.
ـ والمراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيًا، والحياء الذي ينشأ عن الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعيًا بل هو عجز ومهانة.
وإنما يطلق عليه حياء لمشابهته للحياء الشرعي، والحياء الشرعي هو خلق يبعث على ترك القبيح.
ومعنى أن [[الحياء كله خير ..]]. يحتمل أن يكون المعنى: من كان الحياء من خلقه الخير يكون فيه أغلب أو لكونه إذا صار عادة وتخلق به صاحبه يكون سببًا لجلب الخير له.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم [[إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت]].
وفي شرح هذا الحديث في كتاب فتح الباري يقول: [[إن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء، فإذا تركه صار كالمأمور طبعًا بارتكاب كل شر، وقيل: هو أمر تهديد أي إذا نزع منك الحياء فافعل ما شئت, فإن الله مجازيك عليه، وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء]].
كيف نغرس الحياء في نفس الفتاة؟
سؤال أحتاج إلى كثير من البحث للإجابة عنه، فلم أجد جوابًا شافيًا إلا في النصوص النبوية التي تشير بومضات إلى كيفية بناء الحياء في النفوس والوسائل المستخدمة لذلك.
[1] الوقفة الأولى مع الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان]].
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي حتى كأنه يقول قد أضر بك [أي الحياء]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[دعه فإن الحياء من الإيمان]].
انظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح، ونجد هنا الارتباط الوثيق بين الحياء والإيمان.
ولما كان الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن الحياء يزيد وينقص، يزيد بالطاعات المؤكدة على معنى الحياء، وينقص بالمعاصي التي تخدش الحياء.
ويؤكد هذا المعنى ما رواه الحاكم في مستدركه [[الحياء والإيمان قرناء جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر]].
إذن فنفهم من الحديث أن من وسائل بناء الحياء في النفوس زيادة الإيمان، وبالتالي عليك أيتها الفتاة العناية الشديد بوسائل الثبات عل دين الله.
[2] الوقفة الثانية:
ما ورد في صحيح البخاري في كتاب الأدب عن بشير بن كعب في قوله: 'مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقارًا وإن من الحياء سكينة'.
قال القرطبي: معنى كلام بشير: أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه، ومنه ما يحمله على أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة'.
ـ وبذا نصل إلى وسيلة أخرى من وسائل غرس الحياء وهي الوقار والسكينة.
بمعنى أن توقري غيرك أيتها الفتاة وتوقري نفسك باحترامها، ولا تكوني كمن لا تراعى قيمًا ولا تقاليد ولا أعرافًا فتصوني نفسك عن كل ما يهين نفسك.
وأيضًا يعني أن تسكن عن كثير من الأفعال التي يعاب على صاحبتها، ونراها الآن كثيرة منها: لبس الضيق والشفاف والمعاكسات في التليفون، والصداقات التي يزعمن أنها بريئة مع الشباب، والروائح في الطرقات، وغير ذلك كثير ومشاهد.
والفتاة المسلمة لها شخصيتها وسمتها، ولا تكون إمعة تجري وراء كل ناعق أو تقليد كل سفيهة وتقول: كل البنات هكذا. إن أحسن أحسنت وإن أسأن أسأت، ولكن عودي نفسك إن أحسن الناس أن تحسن وإن أساءوا أن تتجنبي إساءتهم.
[3] الوقفة الثالثة:
عن أبي القاسم الجنيد رضي الله عنه قال: [[الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء]].
عزيزتي الفتاة:
[[إن النفس مجبولة على الحياء ممن أسدى إليها معروفًا ومجبولة أيضًا على رد النعمة بمثلها، فمن الأمور التي تعظم الحياء في نفسك استشعار عظم نعم الله عليك بغير أداء لحقها ورد بمثلها.
فهل تقابلي هذه النعم بالجرأة على الله سبحانه وعدم الأدب معه سبحانه ـ فهذا الشعور يولد الحياء.
[4] الوقفة الرابعة:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [[استحيوا من الله حق الحياء]].
قلنا: يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله.
قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء' [صحيح سنن الترمذي].
'استحيوا' الألف والسين والتاء في اللغة للطلب أي اسعوا وابذلوا الجهد في طلب تحصيل منزلة حق الحياء، والمراد هنا هو الحياء المكتسب الذي أمرنا بتحصيله وبذل الجهد لتحصيل أعلى مراتبه.
وينبهنا هنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياء وهو خلق قلبي لا بد وأن يبدو أثره على الجوارح.
الرأس وما وعى: أي الأنف والأذن واللسان والعين ويشمل أيضًا الفكر.
فعليك أيتها الفتاة أن تحفظي هذه الجوارح عن المعصية {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، واتخذي هذه الجوارح وسيلة لإرضاء الله، لا وسيلة للجرأة على محارم الله وسببًا لغضب الله عليكِ.
البطن وما حوى: أي الحياء في طيب المطعم وطهارة اليد.
ذكر الموت والبلى: وهو الشعور بأن الآخرة حاضرة عيان ليست غيبًا بعيدًا.
ومن وسائل تحقيق الحياء تذكرك بملاقاة الله والملائكة، وإذا تذكرت أن الله سيقبضك على خاتمتك التي كنت تعملين وما كنت تفكرين فيه في الدنيا فيزيد الشعور بالحياء في قلبك.
ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى: فالحيية تشعر بالقيمة الحقيقية للدنيا وتؤثر الآخرة عليها، وتحاسب على أفعالها وتستحي من الله أن تُرى في غير ما يحب الله، ومن الملائكة التي تسجل أعمالها.
قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: [[إن معكم من لا يفارقكم فاستحيوا منهم وأكرموهم]].
وقد نبه سبحانه وتعالى على هذا المعنى بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ[10]كِرَاماً كَاتِبِينَ[11]يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:10ـ12].
'أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام وأكرموهم وأجلوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم، والملائكة تتأذى منه بنو آم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان يعمل مثل عمله فما الظن بأذى الملائكة؟'
وبذلك تصل إلى درجة الإحسان وهي أعلى المراتب في الإيمان كما جاء في الحديث الشريف: 'الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
عزيزتي الفتاة المسلمة...
إن الله عز وجل ـ حليم حيي ستير يحب الحياء والستر كما ورد في صحيح سنن النسائي عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا إشارة إلى أنه حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح.
واعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.
فأي جهل وحمق وظلم للنفس إذا تخليت عن حيائك وطاعتك لربك.
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
ولك في رسول الله أسوة حسنة حيث وصف لنا أبو سيعد الخدري الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: [[كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذارء في خدرها]] متفق عليه
أليس حريًا بك أن تكوني في حياء الرسول صلى الله عليه وسلم وهو رجل وأنت امرأة؟
ألا تتشبهين بإحدى ابنتي شعيب التي كرمها الله بذكرها في القرآن ووصفها بهذا الخلق الكريم خلق الحياء عندما قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
فتاتي .. ابذلي الجهد واعزمي وجاهدي نفسك لتصلي إلى مرتبة الحياء الحق.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
ـــــــــــــــــــ(82/195)
فتاتي .. والاستقامة (1- 2 )
وافته المنية وهو يشتري حزام الإحرام:
هذا صديق العائلة كان عمره إحدى وعشرين سنة، خرج من بيته سليمًا في كامل الصحة والشباب ليشتري حزام الإحرام... ويتوجه في اليوم التالي لأداء مناسك العمرة.... وهو في الطريق صدمته سيارة وانتقل على إثرها إلى المستشفى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة... - رحمه الله -.. وأحمد الله أنه توفي على هذه النية الكريمة.
قصص ومشكلات:
تقول إحدى الفتيات: أتهاون في صلاتي وأخشى أن أموت.
وتقول أخرى: صديقتي شجعتني وأنا الآن نادمة!!
وهذه امرأة تسأل: مات ابني في عز الشباب [17 سنة] ولم يصل، فماذا أفعل؟
عزيزتي الفتاة المسلمة:
ما الذي يدعو الفتيات إلى استعراض ما لديهن ولفت الأنظار إليهن أحيانًا؟
ولماذا تسعى الكثير من الفتيات إلى اقتناء المجلات غير المحافظة؟
ولماذا تتابع الفتاة الأفلام والمسلسلات الغرامية فضلاً عن الإباحية؟
ولماذا تقوم بعض الفتيات بالمراسلات والمهاتفات والمعاكسات؟
ولماذا تتهاون كثير من الفتيات في أداء فريضة الصلاة وكذلك الالتزام بالحجاب الشرعي؟
وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة المتعلقة بنفسية الفتاة المراهقة وأفعالها.
تحليل ودراسة نفسية:
للإجابة على هذه الأسئلة لا بد أن نرجع إلى علماء النفس الذين يؤكدون أن المراهق يعيش تحولاً عضويًا وجسديًا لا يعي الكبار عنه إلا القليل، ومن ثم فإنهم لا يحسنون التعامل مع المراهق والمراهقة.
ـ إن المراهق يمر بمجموعة من التغيرات التي تحدث في نموه الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، فالمراهقة تعتبر مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرشد.
ـ وتؤكد الدراسات الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورة مرحلة عواصف وضغوط بينما هي مرحلة نمو سريع فقط.
فترة المراهقة ليست فترة أزمات بالضرورة:
وسوف نلاحظ أن المجتمعات الإسلامية في عهودها الأولى قد تسامى فيها الشباب نحو أعمال البطولة والجهاد أو الدعوة أو العبادة، والعلم وأعالي الأمور، مما يؤكد أن فترة المراهقة ليست فترة أزمات بالضرورة وإنما قد تحولت إلى طاقات بناءة بسبب التربية العقدية والسلوكية تحت مظلة الدين الجديد'.
ـ إن علم النفس الحديث ينكر تمامًا أن مرحلة المراهقة مرحلة مصحوبة بمظاهر سلوكية تدل على الانحراف أو سوء التوافق ـ خلافًا للمعنى الشائع عند بعض الباحثين ـ بل يرى أصحاب علم النفس الحديث أن هذه الظاهرة ما هي إلا حالات عارضة تصاحب النمو السريع للمراهق.
وكل عجز عن التكيف أو اضطراب في السلوك أو تمرد هدام فإن أساسه ما يصادفه الفتى أو الفتاة من ظروف تسبب له هذا التوتر وعدم التكيف.
وذلك نتيجة لعوامل إحباطية قد يتعرض لها الفتى أو الفتاة في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع، وهذه العوائق وعوامل الكبت والإحباط هي التي تدعو المراهق عادة إلى العناد والسلبية وعدم الاستقرار والانحراف السلوكي في بعض الأحيان.
معادلة ولكنها ليست صعبة:
والآن نتساءل:
كيف توازن الفتاة بين هذه المرحلة العمرية وما يصاحبها من تطورات وتغيرات سريعة، وبين سعيها للاستقامة والبعد عن الحياة العابثة اللاهية؟
ـ الجواب الشافي لهذا السؤال يتجسد في هذه النصوص:
1ـ 'قل آمنت بالله ثم استقم'.
2ـ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112].
3ـ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[13]أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13ـ14].
عزيزتي الفتاة.. تعالي معي نغوص في أعماق هذه النصوص لنصل إلى الجواب الشافي لهذا السؤال.
1ـ عن أبي عمرو ـ وقيل أبي عمرة ـ سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله قلُ لي في الإسلام قولاً لا اسأل عنه أحدًا غيرك.
قال: 'قل آمنت بالله ثم استقم' [رواه مسلم].
استقم: أي على عمل الطاعات والانتهاء عن المخالفات.
قال العلماء: معنى الاستقامة لزوم طاعة الله - تعالى -.
قالوا: وهي من جوامع الكلم وهي نظام الأمور.
2ـ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112].
فالاستقامة: الاعتدال، والمعنى: على النهج دون انحراف، وهو في حاجة إلى اليقظة الدائمة والتدبر الدائم، والتحري الدائم لحدود الطريق، وضبط الانفعالات البشرية التي تميل الاتجاه قليلاً أو كثيرًا، ومن ثم فهي شغل دائم في كل حركة، من حركات الحياة'. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب]
3ـ {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[13]أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 13ـ14].
ربنا الله: ليست كلمة تقال، بل إنها ليست مجرد عقيدة في الضمير إنما هي منهج كامل للحياة يشمل كل نشاط فيها وكل اتجاه وكل حركة وكل خالجة، ويقيم ميزانًا للتفكير والشعور.
'ربنا الله' فله العبادة وإليه الاتجاه، ومنه الخشية وعليه الاعتماد.
'ربنا الله' فكل نشاط وكل تفكير وكل تقدير متجه إليه، منظور فيه إلى رضاه.
'ربنا الله' منهج كامل على هذا النحو، لا كلمة تلفظها الشفاه ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة.
'ثم استقاموا': وهذه أخرى... فالاستقامة والاطراد والثبات على هذا المنهج درجة بعد اتخاذ المنهج... استقامة النفس وطمأنينة القلب... استقامة المشاعر والخوالج، فلا تتأرجح ولا تضطرب ولا تشك ولا ترتاب بفعل الجواذب والدوافع والمؤثرات ـ وهي عنيفة ومتنوعة وكثيرة ـ واستقامة العمل والسلوك على المنهج المختار.
وفي الطريق مزالق وأشواك ومعوقات، وفيه هواتف بالانحراف من هنا ومن هناك! وهؤلاء:
'فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ' الاستقامة ضمان لعدم الخوف وعدم الحزن.
'أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ'.
كلمة 'يعملون' تشير إلى أن هناك عملاً كان الخلود في الجنة جزاءه.
عملاً منبعثًا من ذلك المنهج 'ربنا الله'، ومن الاستقامة عليه والثبات.
ـ ومن ثم ندرك أن الكلمات الاعتقادية في هذا الدين ليست مجرد ألفاظ تقال باللسان، فشهادة أن لا إله إلا الله ليست عبارة ولكنها منهج.
ومن ثم ندرك القيمة الحقيقية لمثل هذه الشهادة التي ينطق بها اليوم ملايين ولكنها لا تتعدى شفاههم ولا يترتب عليها أثر في حياتهم.
عزيزتي الفتاة المسلمة:
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تتهاونين في الصلاة؟ [أي لا تستقيمين].
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تؤجلين الحجاب؟ [أي لا تستقيمين].
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تضيعين وقتك مع المجلات الهابطة والمسلسلات والأفلام الخليعة؟ [أي لا تستقيمين].
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تستمتعين بالمعاكسات والمراسلات الغرامية؟ [أي لا تستقيمين].
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تعقين والديك وتسيئين الأدب معهم؟ [أي لا تستقيمين].
كيف تقولين: آمنت بالله ثم تجرين وراء الموضة وأحدث الصيحات وأدوات المكياج؟ [أي لا تستقيمين]
عزيزتي الفتاة... الحياة قصيرة مهما طال بها الوقت:
وإن امرؤ دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور
وإذا جلست مع نفسك فستجدي شيئًا ما يحيك في صدرك إنه إحساس المعصية وعدم الاستقامة على طريق الله.
فمن أراد حفظ قوة الإيمان فذلك بثلاث أمور:
الأول: امتثال أوامر الله [الغذاء].
الثاني: اجتناب النواهي [الحمية].
الثالث: التوبة النصوح [استفراغ المواد الفاسدة والأخلاط].
واعلمي عزيزتي الفتاة أن الشيطان يستعين بأمرين:
أحدهما: الغفلة ـ فإن غفل قلبك عن الله - تعالى -والدار الآخرة دخل لك الشيطان من كل مدخل.
والثاني: الشهوة ـ إذا زينت في قلبك وحسنت في عينك فقد فاز بك الشيطان وإنما أخرج آدم وحواء من الجنة بهذين المدخلين الغفلة والشهوة.
المعصية تنسى العبد نفسه:
قال - تعالى -: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19]، فعاقب - سبحانه - من نسيه عقوبتين:
إحداهما: أنه - سبحانه - نسيه: أي أهمله وتركه وتخلى عنه وأضاعه فيكون بذلك الهلاك أدنى إليه من اليد للفم.
والثانية: أنه أنساه نفسه ـ فهو إنساؤه لأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها.
والمعاصي تزيل النعم:
فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.
والمعصية تباعد بين العبد والملك: [أي الملك الموكل به].
قال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[30]نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [فصلت: 30ـ31].
وقال - تعالى -: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12].
فيقول له الملك عند الموت: 'لا تخف ولا تحزن وأبشر بالذي يسرك'.
ويثبته بالقول الثابت أحوج ما يكون عليه في الحياة الدنيا، وعند الموت، وفي القبر عند المسألة.
وهذا ليس منك ببعيد أيتها الفتاة وقد سمعت عن الكثير ممن ماتوا وهم شباب.
ولعل رسالة الأم التي تقول: مات ابني في عز الشباب [17 سنة] ولم يُصلِّ تكون عبرة لشبابنا الذين يؤجلون طاعتهم لله والاستقامة على طريقه - سبحانه - بدعوى أنهم سوف يستقيمون عندما يكبرون.
{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
والعمر بيد الله وحده لا يدري الإنسان هل سيصل إلى مرحلة الشيخوخة أم سيقبضه الله وهو في شبابه أم أم...
عزيزتي الفتاة المسلمة:
إن قلت آمنت بالله فعليك إذن بالاستقامة على تعاليم الله الذي آمنت به، وافخري واعتزي بهذا الإيمان وهذا الشرف العظيم أنك من عباد الله قال الشاعر:
ومما زادني شرفًا وتيهًا *** وكدت بأخمصي أطأ الثري
دخولي تحت قولك: يا عبادي *** وأن أرسلت أحمد لي نبيًا
ربيع الآخر 1425هـ
- 15 يونيو 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/196)
فتاتي ... والاستقامة ( 2 )
فريقان على النقيض:
الأول: هذه أم قطعت لابنتها الحجاب ومنعتها من النزول من البيت.
وهذه أخرى حرمت ابنتها من المصروف حتى لا تشتري به الطرحة.
والثاني: وهذه أم تدعو ابنتها للهداية والمواظبة على الصلاة وارتداء الحجاب والفتاة لا تريد وتؤجل وتؤجل بدعوى أنها ما زالت صغيرة، وتريد أن تستمتع بالحياة وتعيش كما تعيش بنات سنها.
عزيزتي الأم من الفريق الأول:
وعزيزتي الفتاة من الفريق الثاني:
لقد ذكر العلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله - في كتابه عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين فصلاً في تقوية باعث الدين اخترت منها المشاهد التالية أسوقها لنموذج الأم الأول ونموذج الفتاة الثانية:
المشهد الأول:
إجلال الله - تعالى - أن يُعصى وهو يرى ويسمع.
ومن قام بقلبه مشهد إجلاله - سبحانه - لما طاوعه قلبه لذلك البتة، وهذه هي مرتبة الإحسان الذي جاء في حديث جبريل 'الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
المشهد الثاني:
مشهد محبته - سبحانه - فيترك معصيته محبة له يقول الشاعر: إن المحب لمن يحب مطيع
المشهد الثالث:
مشهد النعمة والإحسان، فإن الكريم لا يُقابل بالإساءة ممن أحسن إليه، وإنما يفعل هذا لئام الناس، فيمنعه مشهد إحسان الله - تعالى -ونعمته عن معصيته حياء منه - سبحانه وتعالى -.
عزيزتي الفتاة... فكيف يكون خير الله نازلاً ومعاصيك وقبائحك صاعدة إليه فملك ينزل بهذا وملك يعرج بهذا... فأقبح بها من مقابلة.
المشهد الرابع:
مشهد الغضب والانتقام، فإن الله - تعالى -إذا تمادى العبد في معصيته غضب، وإذا غضب لم يقم لغضبه شيء يقول - تعالى -: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12].
فتاتي.. أنت إذا غضبت عليك الأم أو الأب أو المعلمة أو من له سلطة عليك فكيف يكون حالك؟
'ولله المثل الأعلى' فكيف يكون حالك إذا غضب عليك خالقك ـ- تبارك وتعالى - ؟
المشهد الخامس:
مشهد الفوات، وهو ما يفوت بالمعصية من خير الدنيا والآخرة.
ويكفي في هذا المشهد فوات الإيمان، فكيف يبيعه بشهوة تذهب لذاتها وتبقى تبعتها... تذهب الشهوة وتبقى الشقوة.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: 'لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن'.
قال بعض الصحابة: ينزع منه الإيمان حتى يبقى على رأسه مثل الظلة ـ فإن تاب رجع إليه، وقال بعض التابعين: ينزع عنه الإيمان كما ينزع القميص فإن تاب لبسه.
ولهذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه البخاري: 'الزناة في التنور عراة لأنهم تعروا من لباس الإيمان، وعاد تنور الشهوة الذي كان في قلوبهم تنورًا ظاهرًا يحمى عليهم في النار.
تأملي عزيزتي الفتاة، فما أدق هذا التشبيه العجيب.
المشهد السادس:
مشهد القهر والظفر، فإن قهر الشهوة والظفر بالشيطان له حلاوة وفرحة أعظم من الظفر بعدوه من الآدميين.
المشهد السابع:
مشهد العوض، وهو ما وعد الله - سبحانه - من تعويض من ترك المحارم لأجله ونهى نفسه عن هواها.
قال - تعالى -: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى[40]فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40ـ41]
وهنا نلمس شقين أساسيين يعينان الفتاة هما:
1ـ خوف مقام الله.
2ـ نهي النفس عن الهوى.
فإن تحقق هذا الشقان كان الجزاء برضاء الله في الدنيا والفوز بجنته في الآخرة يقول - تعالى -: 'فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى'.
الأول: طغيان.
والثاني: إيثار الحياة الدنيا.
والعاقبة بعد ذلك هي الجحيم والعياذ بالله.
فأيهما تؤثرين وترضين لنفسك أيتها الفتاة؟ عليك إذن الاختيار.
المشهد الثامن:
مشهد المعية
وهو نوعان: معية عامة ومعية خاصة.
فالعامة: هي إطلاع الله عليك بعينه - سبحانه - فهو لا تخفى عليه حال.
والخاصة: المقصود بها هنا كقوله - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128].
وقوله - تعالى -: {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
عزيزتي الفتاة المسلمة:
هذه المعية الخاصة خير لك وأنفع في الدنيا والآخرة، وهذه المعية تفقدها من تنال شهوتها على التمام من أول عمرها إلى آخره.
وهذا ما أكده رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - في حديثه لابن عباس:
'احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك'.
المشهد التاسع:
مشهد المعاجلة:
وهو أن يخاف أن يفاجئه الأجل فيأخذه الله على غرة فيحال بينه وبين ما يشتهي من لذات الآخرة، فيا لها من حسرة.
وقد قيل: يا من لا يأمن على نفسه طرفة عين، ولا يتم له سرور يوم.. الحذر... الحذر وكلنا يقرأ ويسمع يوميًا ـ تقريبًا ـ عن شباب ماتوا بدون سبب أو مقدمات من مرض وغيره.
المشهد العاشر:
مشهد البلاء والعافية:
فإن البلاء في الحقيقة ليس إلا الذنوب وعواقبها، والعافية المطلقة هي الطاعة وعواقبها، فأهل البلاء هم أهل المعصية وإن عوفيت أبدانهم، وأهل العافية هم أهل الطاعة وإن مرضت أبدانهم.
وقال بعض أهل العلم في الأثر المروي: إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية.
وأنت عزيزتي الفتاة المسلمة إذا رأيت غيرك من الفتيات على علاقة بشباب أو ترتدي الضيق والعجيب من الملابس أو أو أو...... مما فيه حال البنات اليوم، احمدي الله على العافية وعلى نعمة الإيمان، ولا تتمني أن تكوني مثلهن، فقد ادخر الله لك الخير الكثير في حياتك وبعد مماتك، وادخر للأخريات ما الله به عليم من العقاب إلا إذا تبن ورجعن إلى الطريق الصحيح.
27 جمادى الأولي 1425ه- 15 يوليو 2004
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/197)
أدخلي في سباق الإنجاب ولا تترددي
عبد الملك القاسم
من ألقى نظرة سريعة على الصحف العربية في طول العالم العربي يجد أن الكتابة وتسويد تلك الصفحات أصبحت سلعة رخيصة لكل من حمل قلماً وقرب محبره. ولا يهم زاده الفكري أو علمه الشرعي بل ولا من أين شرب ولا أين ارتوى!
كتبت إحداهن من بني جلدتنا تحت عنوان (سباق الأرانب في السعودية) كلاماً طويلاً يحكي عقدة الخور والضعف وواقع عدم التوكل على الله - عز وجل - وقلة الإتباع لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -..ما قالت!
دخلت المملكة العربية السعودية سباق الأرانب.وبعد أن كنا نتندر على الآخرين، أصبحنا موضع التندر.. ما الذي حدث في حياتنا حتى انقلبنا إلى مصنع لإنتاج الأطفال أصبحنا نقدم طفلاً إلى الحياة كل دقيقة وأصبحت السعودية حسب إحصاءات صندوق الأمم المتحدة للسكان تصل إلى الحد الأعلى بين جميع دول العالم في زيادة عدد المواليد.
في الصين يولد طفل كل ثلاث دقائق. في الهند كل دقيقتين ونصف دقيقة وفي مصر كل خمس. نحن إذن نكسب سباق الأرانب. لكنه سباقٌ الكاسب فيه خسران.
نحن نزيد بمعدل نصف مليون فرد سنوياً. وهذه الزيادة تعني الضغط على جميع المرافق وتمثل عبئاً اقتصادياً. إذا احتملنا اليوم فلن نحتمله غدا.. وإذا كان في الإمكان توفير الطعام لكل فم الآن. فإن ذلك قد لا يكون متاحاً في المستقبل.
والمقال وحالنا كما قال الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغرباً *** شتان بين مشرِّقٍ ومغرِّب
لذا سأورد جواب اللجنة الدائمة للإفتاء حول سؤال ورد إليها مفاده: هل يجوز للمسلم تنظيم أسرته باتباع الوسائل المختلفة في تحديد النسل!
ج: لقد سبق أن بحث مجلس هيئة كبار العلماء هذه المسألة فأصدر قراراً مضمونه ما يأتي:
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنَّة عظيمة منَّ الله بها على عباده فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها. ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الربد - تعالى - لعباده. ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها. وحيث أن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله - تعالى - هو ا لرازق ذو القوة المتين(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) هود: من الآية6. أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة.
وصلى الله وسلم على نبينا ممد وآله وصحبه وسلم.
فيا أيتها المسلمة.. ادخلي في سباق الإنجاب ولا تترددي وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بأمس الحاجة إلى الرجال والنساء ممن يتربون في محاضن العلم والصلاح. ألا فاكثرن من سواد الأمة ممن يوحدون الله - عز وجل - ولا يشركون به شيئاً.
08/09/2005
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/198)
قصة نفس
ربى محمد الخصاونة
أريد أن أجمع أيام عمري المتناثرة، أن أخط لكم آلامي وأحزاني، أترجم أحلامي وأمنياتي التي ربما عجزت عن تحقيقها لنفسي وأريد أن أحققها لكم وفيكم.
عشت ما يقارب سبعة عشر عاماً بين عائلة كأن بينهم وبين الصلاة عداوة غريبة فلا أحظى برؤية الوالد يركع لله ركعة إلا في شهر الصوم، والوالدة إن أدت صلاتها في ذلك اليوم أدتها ساهية لاهية، أما باقي أفراد العائلة فأفكارهم أوروبية بحتة كيف لا وهم منذ صباهم يعيشون بلا إشراف أو توجيه سليم؟
عشت في مجتمع يرى الناس فيه أن عبادة الله تقتصر على بعض الشعائر الدينية التي لا يقوم بها إلا كبار السن فقط.
لذا عشت في برج عاجي، الطبع المتعالي سمتي، أفعل ما يأمرني به الشيطان من سفور وتبرج. وكم كنت أفرح عندما أجد نظرات المعجبين تدور من حولي. لم أجد من ينهاني أو يرشدني، فالأب منشغل بتجارته، والأم بعيدة كل البعد عني كأني لا أعنيها ولا تشغلها قضيتي.
كانت كل متع الدنيا محيطة بي أفعل ما أريد وأطلب ما أريد، لكن رغم كل هذا لم أكن أجد لحياتي طعماً. كانت عقيمة من كل معاني السعادة والراحة، كان كل يوم يمر يزداد التوتر والقلق داخل نفسي.
تتقاذفني مشاعر متمازجة، أفكار متضاربة، تعبت، أحتاج إلى أرضية ثابتة مستقرة أرسو عليها وأثبت، وأزرع الآمال والأمنيات وتتجذر فيها الأحلام والطموحات.
تعبت من ازدواجية المعايير من ضياع القيم والمبادئ المشوشة، تختلط المشاعر وتضطرب ما بين مد وجزر.
أأبقى أسيرة متع الدنيا، أم أنسى عنوان حياتي وأختار آخر؟
هل سأكون قادرة على مجابهة تلك الفتن؟ هل سأتخطى كل ما اعتادته النفس من تبرج وسفور وحفلات وسهرات؟ أم أن الفتن ستلقيني إلى البعيد؟
وجدت أن أنهض وأغسل وجهي وأطرد غيمة أفكار سوداء ألقت عليّ بظلالها. بدأت بتصحيح هيئتي فاستبدلت بتلك الثياب البذيئة ثياباً أجمل بل في غاية الروعة تتسم بالوقار والهيبة عندها فقط وجدت السكن والهدوء النفسي. ورغم كل العراقيل التي وقفت في طريقي ورغم كل المكائد والمؤامرات التي نصبت شباكها للإيقاع بي من كل المحيطين الذين كان هدفهم إضعاف عزيمتي مما سيؤدي إلى إضعافي وضياع ديني.
رفضت كل المغريات ودست على لذائذ الدنيا أحاول أن أتخطاها، استطعت بحمد الله أن أتخطى بعضاً من الحفر والممرات الوعرة، كما أن الشيطان نجح في بعض الأمور وأوقعني في دروب ومسالك لا نهاية لها لكن في كل مرة كنت أفشل، كنت أجد في نفسي الدافع إلى التحدي والصمود. أحاول أن أنسى تلك الأفكار العقيمة التي نشأت عليها، والتي يحاولون ترسيخها في ذهني.
أصنع لنفسي أفكاراً ومبادئ من رحاب الإسلام، تلك المبادئ التي ترتاح لها النفس كيف وهي من البارئ - عز وجل -.
نجحت وبحمد الله أن أنسى كل الذي اعتادته النفس من سفور وتبرج. ربما أكون افتقدت أشياء كنت أرغب القيام بها لكن الله عوضني عنها خيراً بنفس مطمئنة، وسريرة هادئة، كما أني أنعم بصحبة طيبة عوضتني عمن أفتقده. والأكثر من هذا أني أجد نظرات الاحترام في عيون المحيطين بي حتى هؤلاء الذين يحاولون إغرائي بمتع الدنيا.
حتى الآن رغم أن المسافات قاربت الستة كيلومترات أي الست سنوات إلا أن المكائد والمؤامرات ما زالت تحاك لتدميري، نجحت في التغلب على بعضها وفشلت في بعضها الآخر، لكني ما زلت أقول: يا دنيا غري غيري.
حاولت أن ألخص تجربتي من واقع الحياة لتتأكد أخي القارئ أنه يجب علينا التحدي. فالكثير يواجه الظروف نفسها، رفض الأهل الالتزام، أو رفض شيطان النفس، لكن علينا أن نتخطى تلك المغريات الملتفة حولنا كأفعى تريد أن تدس السم في أجسامنا وتهرب لتختبئ.
أعلم بأننا نعيش في عالم التناقضات، الأديب سخر إبداعه لمحو الأدب من نفوسنا، والصحفي بدلاً من أن لا يكون قلمه سيفاً لقطع من يهدم العقيدة نجده اليوم سخر السيف والقلم لهدم العقيدة.
لنكن على إدراك أنه بأيدينا نستطيع أن نسيطر على حياتنا ونكون أقوى من أنفسنا. فالنفس أمارة بالسوء. علينا أن نفكر فيمن هم حولنا لنكون مؤثرين لا متأثرين فقط، دعونا نتخط كل المبادئ العلمانية التي يريدون منا أن نتشبع بها ونعيش في أجواء إيمانية حتى لو أدى بنا ذلك إلى أن نجد أنفسنا بعيدين عن كل لذائذ الدنيا، دعونا نترك المبارزة بالمعاصي ونتذوق لذة الدمعة والخشية من الله.
محرم1422هـ
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/199)
رسالة إلى مهمومة
عبد الله القحطاني
الحمد لله تعالى ولي الصالحين، رب العالمين، ومجيب دعوة الداعين، والصلاة والسلام على صفوة المرسلين، وقدوة الناس أجمعين وعلى الآل والأصحاب أقمار الدين وزينة المتقين :
هذه رسالة أرسلها... إلى كل من أحاطها الملل في حياتها، وسكن القلق عيشُها في صباحها ومسائها
أرسلها... إلى كل من بارت عليها الحيل وضاقت بها السبل
أرسلها ... إلى كل من فنيت آمالها ، وأوصدت الأبواب في زمانها
أرسلها ... إلى كل من ضاقت عليها الأرض بما رحبت، وضاقت عليها نفسها بما حملت
أرسلها ... إلى كل من تربى في فكرها الوساوس، وزاد في منسوب عيشِها الدسائس
أرسلها ... إلى كل من ذاقت طعم الهم ، وتجرعت كأس الغم
أرسلها ... إلى كل من اضطربت مشاعرها ،واحترّت أعصابها
أرسلها ... إلى كل من تأخر عليها الفرج ، ويأست مِن من بيده مفاتيح الفرج
أرسلها ... إلى كل من لامها اللائمين ، وعذلها العاذلين
أرسلها ... إلى كل عاطلة عن العمل ، وذاقت طعم الملل والكسل
أرسلها ... إلى كل من واجهتها الصعاب، وترعرع في نفسها راسب الاكتئاب
أرسلها... إلى كل من خافت من المستقبل ، وانزعجت من كابوس الماضي
أرسلها... إلى كل من أصيبت بعاهة في جسدها، وأصيبت بالقرحة ومرض القلب وكل مرض نغص عيشُها
أرسلها ... إلى كل من عانت وعانت من جفاء وقسوة ولدها
أرسلها ... إلى كل من عانت وعانت من جفاء وقسوة والدها
أرسلها ... إلى كل فتاة صدرها أضيق من سمِّ الخياط
أرسلها ... إلى كل شابة تصرمت حياتها بين كل ذنب وحرام ، وفقدت الأنس بالعليم العلام
أرسلها ... إلى كل شابة عاشت بين صفحات الاكتئاب، وضاقت عليها الأحوال من كل باب
أرسلها ... إلى كل فتاة أحسَّت بالعنوسه، وفقد الزواج
أرسلها... إلى كل امرأة انهار زواجها ، وفقدت حلاوة العيش ونعيم الزواج
أرسلها ... إلى كل فتاة لم تنعم بالحياة ، ولم تتلذذ بطعم الإيمان
إليكم أيها المسلمات... إليكم هذه الرسالة طرزتها بالود والوفاء، جملتها بكل مايزيل العناء بإذن العليم العلام....
ياالله ... ياالله ... ياالله ...
ولقد ذكرتك والخطوب كواحِلٌ *** سودٌ ووجهُ الدهرِ أغبرُ قاتِمُ
فهتفت في الأسحار باسمكِ صارخاً *** فإذا مُحيا كُلَّ فَجرٍ بَاسِمُ
ياالله .. قلت وقولك الحق {قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب}
ياالله .. قلت وقولك الحق {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر}
ياالله.. قلت وقولك الحق {أليس الله بكاف عبده}
مهما رسمنا في جلالك أحرُفاً *** قُدسيةً تشدو بها الأرواحُ
فلأنت أعظمُ والمعاني كلها *** يارب عند جلالكم تَنداحُ
أيها المهمومة :
بقربي تعالي .. وسبِّح المُتعالِ..
أيها المهمومة :
... افهمي ما أقول ، وترجمي كل ما تقرأينُ على أرض واقعك ، وليكن لديكِ وعياً في هذه الحياة،ولا تُصيُّرُكِ التوافه إلى الحضيض، وحققِ السعادة في دنياك وآخرتك .
أيها المهمومة :
اصبري وما صبركِ إلا بالله ،
استقبلي المكارة برحابة صدر....
استقبلي الهموم والغموم بقوة وشجاعة تناطح السحاب ....
فهل أوجد العلماء
وهل أوجد الحكماء والأطباء
حلاً للأزمات والمصائب غير الصبر؟!
اصبري يا مهمومة فالله يقول { اصبروا وصابرو }
اصبري يا مهمومة فالله يقول {اصبر وما صبرك إلا بالله }
اصبري يا مهمومة فمحمد صلى الله عليه وسلّم يقول ( إن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم )
اصبري مهما داهمتكِ الخطوب
اصبري مهما أظلمت أمامكِ الدروب
فإن مع العسر يسر....
وإن مع الكرب فرج....
أيها المهمومة :
من الذي يفزع إليه المكروب
من الذي يستغيث به المنكوب
من الذي تصمد إليه الكائنات
إنه الله لا إله إلا هو
حقٌ علي وعليكِ أن ندعوه في الشِّدة والرخاء
حق علي وعليكِ أن ننطرح على عتبات بابه سائلين .... باكين ....ضارعين.... منيبين
{أمن يجيب المضطر إذا دعاه }
الله قريب
الله سميع
الله مجيب
يجيب المضطر إذا دعاه
يا مهمومة
يا مهمومة
يا مهمومة
يا مغمومة ...
مُدّي يديكِ ....
ارفعي كفيكِ ....
اطلقي لسانكِ....
أكثري من طلبه ....
بالغي في سؤاله ....
ألِحّي عليه ....
ألزمي بابه ....
انتظري لطفه ....
أيها المهمومة :
إذا أصابكِ مايُهِمُّكِ ....
ونزلت عليكِ النوازل ....
وأصابتكِ الملمات ....
وقهركِ الرجال ....
وفشلتِ في الأعمال ....
فلا تغضبي ....
ولا تجزعي ....
ولا تنهري أهلكِ....
ولا تشتكين على أحد....
ولا تجعلي شدّة المصيبة على أبيكِ أو على ولدكِ أو على أخيكِ أو على بيتكِ
ولكن قولي
الحمد له ...
قولي
الشكر لله ...
قولي
قدر الله وما شاء فعل....
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ، إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها
وقال محمد فصلي على محمد /
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابتها سرا شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له
إذن
استسلمي للقدر ....
لا تتسخطي ....
لا تتذمري ....
اعترفي بالقضاء والقدر....
وليهدأ بالكِ ....
ولا تقولي لو أني فعلت كذا لكان كذاو كذا ولكن قولي قدر الله وما شاء فعل ....
أيها المهمومة :
قد يكون همكِ بسب فراغك القاتل أوالعطالةِ عن العمل ...
ولكن ....
تذكري نعمة الله عليكِ
يكفيكِ أنكِ مسلمة ....
يكفيكِ انكِ مؤمنة ....
يكفيكِ أنكِ تصلين ....
يكفيكِ أن حواسَّكِ غير معطّلة ....
يكفيكِ الأمنَ والأمان ....
يكفيكِ أنكِ قادرة على العمل وإن لم تتيسر لكِ ظروف العمل ....
يكفيكِ انكِ في صحة وعافية دائمة....
فانظري لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن
أيها المهمومة :
سوف أدلكِ على واسطة تحقق لكِ كل ما تريدين....
ولكن إذا نويتِ الدخول عليه
فتهيأي تهيأًً كاملا والتزمي بالشروط التي يجب إحضارها إليه من أجل أن يقبل ما عندكِ
ثم بعد ذلك
أدخلي عليه
فهو يفتح أبوابه لكِ كل ليل لكي يقبل طلبات المحتاجين....
ثم أرسلي له برقية مباشره بينكِ وبينه حتى تخرجين من عنده بثقة كاملة في الحصول على المطلوب وصد قيني أن هذا الواسطة سوف تحقق لكِ من طلبكِ إحدى ثلاث أشياء ....
من هو هذا الواسطة لكي نذهب إليه هذه الليلة ....
إنه ملك الملوك....
إنه رب الوزراء ....
إنه إله الرؤساء....
إنه الله ....
إنه الله ....
إنه الله الذي أمره بين الكاف والنون ....
{إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}
فاستعدي قبل الدخول عليه سبحانه عز وجل ....
فرغي قلبكِ من الشهوات ....
والتزمي بشروط إجابة الدعاء....
فإن الله لا يقبل من قلبٍ غافلٍ لاه ....
حققي شرط أكل وشرب الحلال....
فأنى يستجاب لآكل الحرام
بعد ذلك أدخلي عليه لوحدكِ في ظلمة الليل ....
أدخلي عليه في ذلك الوقت الذي ينام فيه أهل الوساطة الذين نتعلق بهم....
ولكن...
ما نام الذي ما تنام عينه ....
ما نام الحي القيوم ....
يقول للعباد ....
يقول للشابات ....
يقول للنساء....
هل من سائلٍ فأعطيه ....
....هل من داعٍ فأستجيب له....
هل من مستغفر فأغفر له ....
نعم أليس الله سبحانه فرج الكرب عن أيوب ..
أليس الله سبحانه ألان الحديد لداود ..
أليس الله سبحانه فلق البحر لموسى ..
أليس الله سبحانه جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ..
أليس الله سبحانه شق القمر لمحمد ..
لا إله إلا الله
سافر الناس يتوسطون بالناس ونسو رب الناس ....
لا إله إلا اله
في هذا الوقت قدمي ما لديكِ على ربكِ ....
ادعِ ربكِ ....
ناديه ....
اسأليه....
استغفري منه ....
استغفري منه ....
استغفري منه ....
ثم إذا فرغتِ من دعائكِ له ،فإنكِ سوف تفوزين بإحدى ثلاث أشياء
إما أن يحقق لكِ طلبك ....
وإما أن يدِّخر لكِ يوم القيامة بشيء أفضل بكثير وكثير مما تطلبينه في هذه الدنيا ....
وإما أن يدفع الله بهذا الدعاء بلاءً ينزل ُ عليكِ من السماء....
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بها الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعا *** وما أجدى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوثٌ *** يمُنُّ بها اللطيف المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت *** فموصول بها فرج قريب
أيها المهمومة :
أذا ضاق صدركِ ....
وصعب أمركِ ....
وكثر مكركِ ....
وأظلمت في وجهكِ الأيام ....
فعليكِ بالصلاة....
عليكِ بالصلاة....
عليكِ بالصلاة....
{يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة }
سبحان الله الصلاة هي مستشفى تداوى البشر من السقم وتشرح الصدر من الهم والغم
،فكان الرسول في المهمات العظيمة يشرح صدره بالصلاة ،
وكان العظماء يحاطون بالنكبات ،فيفزعون إلى الصلاة ، فيفرج الله عنهم .
أيها المهمومة:
اعلمي....
ثم اعلمي ....
ثم اعلمي....
أن قلة التوفيق....
وفساد الرأي ....
وخفاء الحق ....
وفساد القلب ....
وإضاعة الوقت ....
والوحشة بين العبد وبين ربه ....
ومنع إجابة الدعاء ....
وقسوة القلب ....
ومحق البركة في الرزق....
وحرمان العلم ....
ولباس الذل ....
وضيق الصدر ....
وطول الهم....
والابتلاء بقرناء السوء ....
تنشأ
وتتولد
.... .. من المعصية والغفلة عن ذكر الله ........
فالله الله في ترك الذنوب ....
الله الله في ترك الذنوب ....
فالله الله في ترك الذنوب ....
كلنا نعرف الحلال و الحرام ....
ولكن السعيدة
من فعلت الحلال وتركت الحرام
والشقية منا
من فعلت الحلال وفعلت الحرام
فتوبي إلى الله وارجعي إليه واسمعي الآيات التي تقوي من رجائكِ،وتشد عضدك ، وتزرع في النفس التفاؤل وعدم القنوط قال الله {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم }
وقال الله {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}
وقال الله {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما}
أيها المهمومة :
إن سِرَّ أسباب راحة البال ....
وهدوء الجنان....
هو الاستغفار ....
يقول ابن تيميه :
إن المسألة لتغلق علي ،فأستغفر الله ألف مره ، أكثر أو أقل فيفتحها الله علي .
قال الرب:{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيم }
أيها المهمومة :
أبشري باللطف الخفي ....
أبشري بالأمل المشرق....
أبشري بالمستقبل الحافل....
فقد آن أن تداوين شككِ باليقين ....
قدآن أن تقشعي عنكِ غياهب الظلام بفجر صادق....
آن أن تقشعي مرارة الأسى بحلاوة الرض....
أبشري أيتها المهمومة .. بصبح يملؤكِ نورا ..
أيها المهمومة ....اطمئني فإنكِ تتعاملين مع اللطيف بالعباد والرحيم بالخلق .
أيها المهمومة.... اطمئني فإن العواقب حسنه ،والنتائج مريحة ، والخاتمة كريمه
لمعت نارهم وقد عسعس الليـ ــل ومل الحادي وحار الدليل
فتأملتها وفكري من البيـ ــن عليل وطرف عيني كليل
وفؤادي ذاك الفؤاد المعنى وغرامي ذاك الغرام الدخيل
وسألنا عن الوكيل المرجى للملمات هل إليه سبيل
فوجدناه صاحب الملك طرا أكرم المجزلين فرد جليل
أيها المهمومة:
هدئي أعصابكِ بالإنصات إلى كتاب ربكِ ، أنصتي إلى تلاوة ممتعه حسنه مؤثره من كتاب الله تسمعينها من قارئ جيد حسن الصوت ، أو اقرئي كتاب الله العظيم الذي هجره بعض الناس ، اقرئي هذا الكتاب ، وتدبريه ورتليه ، فإن ذلك يفضي على نفسكَِ
السكينة
والراحة
والطمأنينة
قال تعالى/
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب
هذه رسالتي بإختصار
أرجوا أني قد عالجت بهذه الرسالة ولو بشيء بسيط من همكِ ....
يامن هو عالم بالسرائر ....
يامن هو مطلع على مكنونة الضمائر....
فرَّج همَ المهمومين من المسلمين ....
وفرج كرب المكروبين ....
إنك على كل شيء قدير....
ـــــــــــــــــــ(82/200)
كيف تستطيعين الفوز بزوج صالح؟؟؟
راجية الجنان
من حق أية فتاة أن تطلب شريكاً لحياتها، ولكن هناك ضوابط للفتاة المسلمة؛ فهي مميزة عن بقية الفتيات...
.
فلا تظهر على القنوات الفضائية وتعرض نفسها كالسلع فى الأسواق، كما أنها لا تعلن عن نفسها في الصحف ولا تتبع الطرق الرخيصة.. ولكن هناك قواعد وخطوات لاستجلاب رزق الله.
ومن القواعد الذهبية لاستجلاب الفيوضات الإلهية ما يلي:
*
عليك بالصبر والدعاء في الأوقات المفضلة للدعاء (رب إنى لما أنزلت إليَّ من خير فقير)، وادعي لأخواتك بظهر الغيب وسترد عليك الملائكة: ولكِ مثله. وكثرة الدعاء.. لان الدعاء يرد القضاء كما وُرد في الحديث.
*
واظبى على الطاعات وقيام الليل {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.
* اعلمي أن الزوج الصالح نعمة، ورزق من المولى، ورزق الله لا يستجلب إلا بطاعته؛ فأكثري من الطاعات والاستغفار {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.
* ابتعدي عن المعاصي والذنوب، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: \"إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ\" (رواه أحمد). وكما تعلمين فإن الزواج رزق.
* وتذكري أيضا قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
* غضي بصرك، فالفتاة المسلمة تحفظ قلبها، وتزيد إيمانها؛ بالمداومة على غض البصر ، فغض البصر يستجلب رزق ربك بالزوج الصالح عفة لك، فالجزاء من جنس العمل. وغض البصر يحفظ قلبك طاهرا بكرا لزوجك، فمن صفات حور الجنة أنهن {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أى: لا يمتد طرفهن لغير أزواجهن.
* تحلّي بالحياء، فالفتاة المسلمة شديدة الحياء، دقيقة الشعور، لا يظهر في كلماتها، أو إشاراتها، أو سلوكها، ما يدل على انتظارها للزوج، أو لهفتها عليه، واستعجالها لقدر الله - عز وجل - حتى مع أقرب الناس لها (إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء).
* احسني الظن بالله وادعي وأنت موقنة بالإجابة ، وتحرّي أوقات الاستجابة بين الأذان والإقامة وعند نزول المطر وثلث الليل الأخير وفي السجود وغيره . ( وخاصة قيام الليل ، ولنعلم ان سهام الليل لا تُخطيء )
* اطلبي من والدتك أن تدعو لك، لان دعاء الوالدين مستجاب.
* ادخري مشاعرك وعواطفك لزوجك، واحفظيها له - حتى قبل أن تلتقيه ـ فالفتاة المسلمة تحفظ مشاعرها من الاهتمام بأي رجل مهما كان، وتلجم عنان نفسها من أن تجنح وراء تخيلات وأمنيات، حتى ولو لم تتحدث بها لأحد؛ حتى تسلم كنزها لمن أحله الله لها وأحلها له
ـــــــــــــــــــ(82/201)
المرأة المميزة
الكاتب : طالبة العز
إن مما لا يقبل المراء ولا الجدل أن للمرأة المسلمة دور بارز وإسهام عظيم في المجتمعات... وذلك بما تقدمه لمجتمعها وبما تسهم به في تكوين وتشكيل الأجيال ... فبين أحضانها تنمو الطفولة... ومن خُلقها وسلوكها تمتص الطفولة خُلقها وتتكون دوافع سلوكها ... فلها الأثر الأكبر في حركة التغير وبناء المجتمع ... ولذا جعل لها الإسلام تميز سامي ومقام ومنزلة رفيعة...
ومن ثم فلقد أدرك أعداء الإسلام من جميع الملل هذا الأمر مما عمد بهم إلى كثرة الهجمة على المرأة المسلمة ومحاولة النيل من حيائها وعفتها ودينها ... فصوبوا نحوها السهام محملة بالأفكار المنحرفة لإبعادها عن فطرتها والسير بها في دروب الضلال ... وما فتئ الأعداء عن الكيد بها والتخطيط ، لتجريدها من ثياب التقى والعفاف ... وللأسف فقد شطت كثير من النساء في مظهرها ومخبرها كل الشطط.. فوقعت في شراك هؤلاء الفجار ... وانطلقت دون وعي منها وتبصر وراء وافدات مظاهر الانحلال..فأصبحت أسيرة التقليد الشائن تحت أسماء زائفة( التقدم تارة ، والمودة أو المودرن تارة أخرى ) واتخذت ذلك سببا َلتميزها ولم تتفطن لحظة أنها بذلك تتخذ أسلوباًً ذليلاً في حياتها وتسير تابعة لشهواتها ورغباتها... وعلى جانب أخر اتسم بالإشراق.. فلقد تميز بعضهن بكل معاني الفضيلةٍ..
ولعله ومما لاشك فيه أن كل إمرة منا تسعى للتميز... ولكن هنا سؤال يفرض نفسه ولعله يجول في خاطر كلاً منا ألا وهو من هي المرأة المميزة حقاً ؟ وكيف تميزت ؟ هل هي واقع موجود فنتحدث عنه،أم أنها خيال طارت به الركبان ؟ هل هي امرأة تعيش بيننا وفي مجتمعنا أم ورآها التراب فأصبحت تحت أطياف الثرى ... وما السر يا ترى وراء هذا التميز وهذا الرونق والجمال الذي كان بمثابة علامة فخر لها ...
أهي المرأة التي تميزت بمظهرها الفاتن ولباسها..أم هي التي تميزت بماكياجها .. أم هي التي تميزت بطريقتها في التعامل مع الآخرين أو بطريقة كلامها ومشيتها وأخذها وعطائها..أم هي التي تشهد لها الأسواق بكثرة الخطى فيها..أم هي التي خرجت بعباءة فاتنة ساحرة وحجاب وجوده كعدمه من شدة ما يكشف..أم هي التي ما جهلت الموديلات وما نسيت أسماء الماركات...........هل هذا هو التميز الذي جعل لهذه المرأة كل هذا الرونق والجمال ؟؛
لا والله يا أخية .. لا يمكن أن يكون ذلك مصدراَ لتميزها ذلك أن التميز رفعة ومكانة وأن كل تلك الأمور والصفات ليست مصدراَ للتميز.. فكيف بامرأة كان في أخلاقها المطامع الذليلة والضجر والكسل والبلادة والركود إلى الدنيا والانغماس في ملذاتها أن تحوز على هذا المنزلة وعلى هذه الرفعة والمكانة.. و ما رأينا السيف سلط على المرأة التي لا تعرف الدين ولم ترفع له راية ...
بل إن التميز الحقيقي هو لتلك المرأة التي جرى دم الإسلام في جسدها،وجملت ظاهرها وباطنها بسنة نبيها محمدr.. فهي المجتهدة في طاعة ربها...الصوامة القوامة...القوالة بالحق ...العفيفة النزيهة.. القانعة باليسير..الخاشعة المتواضعة لله..الخائفة منه جل جلاله..البارة بوالديها..الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر..الوافية بالعهود.
التي جعلت حبيبها الإنفاق... و شعارها الصدقة... وعشيقها الدعوة إلى الله تعالى ...
إن التميز الحقيقي ،هو لتلك المرأة ،التي تنهض بالأمة وتعيد لها أمجادها من جديد.. فهي أمة لوحدها..
إن التميز هو لتلك المرأة التي تكون مع زوجها بمثابة تسلية لألمه ومصائبه كما كانت خديجة مع النبي r ..
إن التميز هو لتلك المرأة المباركة..أينما كانت وأينما حلت وأينما ذهبت.. فهي متميزة في بيتها وعملها ومدرستها في السوق ومع زوجها وأهلها وفي كل مكان تحل بهِ ...
إنه لتلك المرأة المتيقظة بين النساء النائمات،التي أعلنت همتها ويقظة نفسها... كما قال ابن القيم رحمه الله عن هذه اليقظة المباركة(هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، والله ما أجمل هذه الروعة، وما أعظم قدرها وخطرها، وما أشد إعانتها على السلوك، فمن أحس بها، والله لقد أحس بالفلاح وإلا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبها شمر لله بهمته إلى السفر إلى منازلة الأولى)
إن تميزها في إيمانها بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدr نبياً ورسولاً ...
إن تميزها في شخصيتها الإنسانية ... في فكرها الوقاد .. وأهدافها السامية ... وغايتها النبيلة ...
إن تميزها في التزامها بمكارم الأخلاق والبعد عن مساوئه ...
إن تميزها في اهتمامها بمعالي الأمور والبعد عن سفا سفها ... إن تميزها بخروجها عن مألوفاتها ... وقربها من ربها بمحافظتها على الأوامر الشرعية والصبر على ذلك والانتصار على وساوس الشيطان وحيله ...
إن تميزها في حفظها لكتاب ربها ..وإتقان تلاوته ... وأن تجعل منه منهجاً تنتهج به في حياتها...
إن تميزها في حرصها على طاعة ربها والبعد عن معصيته والانقياد لأمره والتسليم لرسوله r
إن تميزها هو الذي يبعث فيها العفاف والفضيلة ، ويدعوها إلى الحياء والخلق الرفيع ..
إن تميزها يجعلها عنصر فعال في مجتمعها ويحقق لها مشاركتها الفعالة في بناء حضارته ...
إنها امرأة من نوع فريد إنها شامخة كشموخ الجبال يتعاقب خيرها كتعاقب الليل والنهار..
هي المرأة التي تلد الأبطال الشجعان فتمد بهم الثغور فالرجال العظماء وراءهم نساء متميزات ..
فهذا الزبير بن العوام فارس رسول الله r والذي عدل به عمر ألفاَ من الرجال من هي أمه ؟
إنها صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله وأخت أسد الله حمزة بن عبد المطلب هؤلاء الكمل العظماء ،
وعلي بن أبي طالب من رباه ؟ إنها فاطمة بنت أسد وخديجة بنت خويلد رضي الله عنهم أجمعين ..
وهذا الإمام سفيان الثوري ذو العلم المشايخ كان ثمرةُ أمٌ صالحة غذته بلبنها وحاطته بكنفها حتى صار إمام المسلمين وأميرهم في الحديث.......قالت له أمه وهو صغير:(أي بني أطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي )
وهذا الأوزاعي والشافعي والبخاري عاشوا أيتام ..ولكنهم رزقوا بأمهات متميزات.. موجهات ..مربيات..
هذه هي المرأة المتميزة فهي البحر الزاخر في عطائه وعظمته وكنوزه وهي شمس النهار وقمر الليل ..
كيف لا ؟ وهي مربية الأجيال وقائدة مسيرتها ومقوية بنائها ومشيدة صروحها ... هي المرأة التي قال عنها نبي الأمة الذي لا ينطق عن الهوىr لعمر ابن الخطاب ( ألا أخبرك يا عمر بخير ما يكنز المرء ، المرأة الصالحة ) ...
هي المرأة التي لها في كل ميدان صولة وجولة ، وفي كل عمل لها سبق ونهم.. كيف لا ؟؛
وهي حفيدة خديجة وعائشة ... إنها امرأة قد تأثرت بالرميصاء واقتد بالخنساء ...
فحديثها عن أم سليم وفعالها كذات النطاقين ... ماذا نقول عنها وهي التي تربت في أحضان سيرة سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء ... هي المرأة التي لها صور مشرقة في كل جوانب حياتها ... فتميزت
فنحن يا أخيه أمة التميز والعزة متى ما استقمنا على شرع الله ومنهج نبينا عليه السلام ...
فإن ابتغينا العزة والتميز في غيرهما أذلنا الله..
ـــــــــــــــــــ(82/202)
عَشْر همسات للنساء
...
...
التاريخ : 11/12/2006
الكاتب : عبد الرحمن بن محمد السيد ... الزوار : 2902
< tr>
إلى حفيدات أسماء في العفة و الطهر و النقاء .. إلى السائرات على درب عائشة و حفصة و سمية .. إلى الطاهرات النقيات التقيات العفيفات ..
إلى المغرورات بزخارف الغرب و الشرق الزائفة .. إلى المبهورات بحضارة المتخلفين .. إلى كل من عصت ربها و شقَّت ستور خدرها فخرجت من بيتها كاسية عارية مائلة مميلة فاتنة مفتونة أُطلِق صيحة التحذير و صرخة النذير ..
الهمسة الأولى : أيتها الأخت المؤمنة .. يا من أنعم الله عليكِ بصحة البدن .. يا من أكرمكِ الله بنعمة الإسلام .. احمدي الله سبحانه واشكريه .. وتقرَّبي إليه وأطيعيه .. فإن طاعته فيها سعادة الدنيا والآخرة .. والقرب منه منوطٌ بعزَّ الآخرة والأولى .. قال تعالى : ( ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ) .
الهمسة الثانية : حافظي على حجابكِ وعفافِك .. فالحجاب طهارةٌ وعفٌة ونقاء .. قال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذَيْن ) ..
نعم .. إنه زينة وعلامة للمرأة الطاهرة الشريفة .. كيف لا ؟ وهو دليل حيائها .. وعلامة نقائها .. وهو صيانةٌ لها من شياطين الإنس والجن .. فاحرصي على حجابكِ - رحِمكِ الله - فإنه سرُّ سعادتكِ .
الهمسة الثالثة : احذري دعاة التبرج والسفور .. فإنهم يريدون الشرَّ لك َ .. وكوني سداً متيناً أمام أفكارهم .. وحصناً منيعاً أمام شهواتهم .. نعم يا أختاه .. لقد أرَّقهم وأقضَّ مضاجعهم حياؤكِ وعفَّتُكِ .. فأرادوا أن يُلحِقونكِ بركب الفاجرات الغربيات .. من أجل قضاء شهواتهم .. وتحقيق رغباتهم .. فاحذريهم .. إني لكِ من الناصحين ..
الهمسة الرابعة : صوني لسانَكِ عن الغيبة والنميمة .. فإنهما يمحقان الحسنات .. ويأكلان أجور الطاعات .. قال تعالى : ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) .
ثم اجتنبي تلك المجالس التي يحصل فيها مثل هذه المعاصي والآثام .. وأكثري من ذكر الله وقراءة القرآن .. فإنهما من أسباب النجاة من هذه الأمور ..
الهمسة الخامسة : احرصي - رعاكِ الله - على التفقُّه في أحكام دينِك .. وأمورِ عقيدتِك .. وأوصيك بقراءة الكتب النافعة .. والوصايا الجامعة .. من كتب علمائنا ودعاتنا .. كما لا تنسَيْ حضور مجالس الذكر والعلم .. فإنها من أسباب تحصيل ذلك ..
وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة ) .
الهمسة السادسة : أيتها المؤمنة .. لا زال التاريخ يذكر لنا سِيَر العظماء من النساء .. اللائي ضحّين بجهدهنَّ ووقتهنَّ .. فربّين العظماء والأبطال .. وساهمن في إعداد نماذج مشرقة .. تحدَّث عنها العالَم .. وصَفَّق لها التاريخ .. وقديماً قالوا : وراء كلَّ تربية عظيمة امرأة عظيمة ..
فهل ستكونين ممن نقشت اسمها في جدار الزمن .. ورسمت فعلها في لوحة التاريخ .. وذلك بإنتاج جيلٍ متميِّزٍ فريد .. تغرسين فيه حبَّ دينه وأمته .. وتزرعين فيه روح الفداء .. فيُثمرُ عقيدة التضحية ..
فهيا يا أختاه .. فإن الجهد لن يضيع .. والعمل لن يبور .. ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .
الهمسة السابعة : أيتها الكريمة .. احرصي على كثرة النوافل .. وداومي على البذل والإنفاق .. وكوني من السبَّاقات .. إلى جنةٍ عرضها الأرض والسماوات .. قال تعالى : ( وسابقوا إلى مغفرةٍ من ربكم ) .. وقال : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ..
فهيا يا أختاه .. فالميدان فسيح .. والطريق طويل .. فتزودي بزاد الإيمان .. وتسلحي بسلاح الطاعة .. والموعد الجنة ..
الهمسة الثامنة : أيتها الفاضلة .. هل سمعتِ بقصة أم صالح ؟
إنها امرأةٌ عجوز .. سمعت عن فضل الدعوة إلى الله تعالى وعظيم ثوابها .. فخرجت مع أولادها إلى قرية من القرى .. لتعليم النساء ونصحهنَّ وتوجيههنَّ .. فلله درُّها .. وأين اللواتي يقتدين بفعلها ؟
قال تعالى : ( ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) .. فهل ستخضعين لهذا النداء الرباني العظيم .. وهل هل ستنقادين لهذا التوجيه الإلهي الجليل ؟ أرجو ذلك ..
الهمسة التاسعة : أيتها المؤمنة .. لا زال الكثير من النساء يتشوقن إلى من يشاطرهنَّ همومهنَّ .. ويناصفهنَّ أحزانهنَّ وآلامهنَّ .. فهم بحاجةٍ إلى الصالحات أمثالِك .. فبادري رعاكِ الله بالقرب من أخواتك .. وكوني عوناً لهم على الطاعة ..
بل كوني مرشدة لهم إلى الخير والفلاح .. فأنتِ أهلٌ لذلك - إن شاء الله - وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمُر النعم ) .
الهمسة العاشرة : أوصيكِ بالقراءة في سِيَر من سلف من النساء الصالحات .. اللاتي ضربن نموذجاً رائعاً في القدوة الحسنة .. والمثال النادر .. والنوع الفريد .. حقاً إن في سيَر تلك النساء عبراً ودروس .. ودرراً وجواهر ..
ولولا ضيق المكان .. لذكرتُ لكِ نماذج مضيئة .. وصوراً مشرقة .. من أخبارهم وآثارهم .. ولعلي أن أفرد ذلك في موضوع لاحق - بإذن الله - .. ولكني أحيلكِ إلى كتب السِّيَر .. ففيها الشيء الكثير ..
والله يتولاكِ .. ويُسعدكِ ويرعاكِ ..
ـــــــــــــــــــ(82/203)
يا أبتاه لا تكن عوناً للشيطان علي.. إنني ابنتك
...
...
التاريخ : 12/11/2006
الكاتب : عبدالعزيز السدحان ... الزوار : 1964
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا الأمين محمد بن عبدالله صلى اللّه عليه وسلم الذي أوصانا بالنساء خيراً وقال { رفقاً بالقوارير } وقال: { إستوصوا بالنساء خيراً }، وبعد:
أحبابنا في اللّه:
إن دين الإسلام شامل لجميع مصالح البشريه حسيها ومعنويها. فتح أبواب الخيرات ورغب فيها ورتب على ذلك الأجر والثواب. وغلّق أبواب الشر وحذّر منها ورتب على ذلك الوزر والعقاب.
وإن من الأمور العظام التي أولاها الإسلام إهتماماً عظيماً أمر المسئولية. مسئولية المسلم عن نفسه وأهل بيته ومن يعول.
أحبابنا في اللّه:
إن أمر المسئولية عظيم والتفريط فيها نذير شر وفتنة، فكم انقلبت سعادة إلى شقاء، وكم تفرقت من بيوت، وكم تقطعت من أواصر بسبب التفريط في شأن المسئولية.
ولقد كثرت النصوص المنوهة بشأن المسؤولية. فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم:{ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته } [أخرجه الشيخان].
وإن من أعظم المسؤوليات العناية بشأن الأولاد عامة والبنات بخاصة. ذلكم أن صلاحهن وفسادهن مربوط في الغالب بصلاح الأبوين أو عدمه.
ويزداد أمر المسؤولية بهن في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمنكرات وتفنن شياطين الإنس والجن في إغوائهن بشتى الوسائل والطرق.
من أسباب إنزلاق بعض النساء في الفتن
وأسباب إنزلاق بعض النساء في الفتن واتباع الشهوات في هذا الزمن كثيرة، ومن لازم المسؤولية أن يعرف الولي تلك الوسائل ليزداد إجتناباً عنها إن كان معافى منها. ومن أعظم أسباب إنحراف النساء ما يلي:
1 - كثرة تغيب الولي عن البيت
وبخاصة السهر خارج البيت إلى وقت متأخر بصورة معتادة.
وهذا أمر قد بُلي به بعض الأولياء.
يخرج أحدهم من بيته عند آخر النهار ثم لا يعرف البيت إلا آخر الليل. فإذا كان هذا يقضي نهاره في أداء وظيفته وليله خارج الدار فكم يبقى لبيته من الوقت؟ وماذا عن حال أهله وأولاده؟
فيا من بُلي بهذا اتق الله تعالى في وقتك. اتق الله في التفريط في صلاة الفجر.
ألم تعلم هداك الله أنك بفعلك هذا تجرئ شياطين الإنس والجن على إفساد بيتك وعرضك.
قل لي بربك. ماذا يقرأ أولادك؟ وماذا يشاهدون؟ وماذا يسمعون؟ ومع من يذهبون؟ وإلى أين يذهبون؟. كيف تعرف ذلك وأنت بعيد عنهم ببدنك ومتابعتك فاحذر من التفريط واستشعر ما حملك الله من المسؤولية.
2 - عدم إهتمام بعض النساء بأداء الصلاة في وقتها
ومما أعان الشيطان عليها عدمُ المتابعة والسؤال من والدها، حتى وصل الحالُ ببعض النساء أنها لا تصلي الفجر إلا قبيل الذهاب إلى مدرستها أو جامعتها وبعضهن تجمع الظهر مع العصر، ولا يخفى عليكم معاشر الآباء أن التهاون بأداء الصلاة يجر صاحبه إلى أبواب الشر فإذا ضعف الوازع قلّت الغيرة وأصبحت المسكنية أسيرة لشهواتها وشبهاتها.
فاتق الله أيها الولي واحذر من سخط الله عليك فتابع نساءك في أمر الصلاة وتفقد ذلك معهن ورغّبهن في الخير وفعله وبخاصة في فرائض الله ترى منهن البر والصلاح وما تقرّ به عينك.
3 - تفريط بعض الأولياء وتعجله في الموافقة على من تقدم لخطبة ابنته
دون حرصٍ على السؤال عنه وعن خلقه وأمانته فكم سمع الكثبر عن أسر تم عقد الزواج والترابط بينهم ثم لا تلبث الأيام اليسيرة أو الأشهر حتى يحل ذلك العقد وينقلب الترابط إلى تفرّق فترجع الفتاة إلى بيت أبيها كسرة حزينة. بما صدمت به من واقع ذلك الزوج الذي ضيع زوجه. ومما ينبغي ذكره في هذا المقام أن بعض الآباء إذا تقدم الخطاب إلى ابنته أصم أذنيه وأغمض عينيه عن كل أحد إلا عن قريب له كائناً ما كان صالحاً أو طالحاً شقياً أو تقياً لايهمه ذلك كله. إنما همه أن يكون المتقدم ثرياً في المال أو ذا شهادة مرموقة، وهذا والله من الظلم والتفريط فكيف يجعل ابنته وقفاً على قريب له بغض النظر عن صلاحه وحسن سيرته. فيا أيها الولي إتق الله تعالى في نفسك. إتق الله تعالى في ابنتك. فكم من شر وبلاء حصل بين الزوج وزوجته وكان من أسباب ذلك جناية الوالد على ابنته في كونه إختار لها زوجاً لم يرع فيه صفات الصلاح من غيرها.
فاتقوا الله تعالى معاشر الآباء و الأولياء. واجعلوا نصب أعينكم قول النبي : { إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير }.
4 - عدم إهتمام بعض الآباء بالسؤال عن أمر بناته إلا فيما يخص صحتهن و دراستهن
فعند مرض إحدى البنات ترى ذلك الوالد مهموماً مغموماً حزيناً يسارع في الذهاب بها إلى الطبيب ولا يسأل بل ولا يهتم بما ينفق من مئات بل آلاف الريالات في سبيل تحصيل علاج يجعله الله سبباً في علاج ولده أو بنته وقل مثل هذا في إهتمام ذلك الوالد على بناته عند الإمتحانات المدرسة. فتراه شاحذاً لهمتهن متابعاً لمذاكرتهن واعداً لهم بالجوائز والرحلات في حال نجاحهن وتفوقهن. وهذا غاية مبلغ بعض الآباء مراعاة صحتهن و دراستهن، أما ما سوى ذلك فلا مبالاة ولا إهتمام و كأنّ مسؤوليته قضيت عند هذا الحد.
فيامن كان هذا شأنه.. إتق الله تعالى في نفسك واعلم هداك الله أن حرصك على صحتهن و نجاحهن جزء من المسؤولية لكن حرصك على إستقامتهن وحمايتهن من أسباب الشر هو المسؤولية الحقة والأمانة الكبرى في عنقك فبادر هداك الله وسدد خطاك وتفطن إلى مواضع التقصير وعاجل بالتخلص منها ترى من بناتك ما يشرح صدرك وتقر به عينك. فضلاًمن الله ونعمة.
5 - تساهل بعض الآباء والأولياء في ذهاب بناتهم ونسائهم إلى حفلات تتضمن أموراً تنافي الفضيلة وتخل بالديانة
ولذا ترى بعض الأولياء لا يتردد مطلقاً عندما تطلب نساؤه من بنات وزوجات الذهاب بهن إلى أي دعوة توجه إليهن. ولم يكلف ذلك الولي نفسه بالسؤال عن طبيعة تلك الدعوة وما سيحصل فيها. من أسباب انحراف النساء.
6 - كثرة تردد النساء على الأسواق
حتى أن بعض النساء أصبح الذهاب إلى السوق عندها أمراً ضرورياً لا تستطيع الصبر عنه والفكاك منه.
حتى وصل الأمر ببعض النساء أنها تصر على الذهاب إلى السوق لأتفه الأسباب كذهابها لشراء سلعة يستطيع ولدها أو زوجها الإتيان بها بكل سهولة. لكن كثرة ترددها على السوق تتشرب في قلبها حتى أصبح ملازماً لها. وكان الأولى بك أيها الولي أن تحاول جاهداً، أن تخفف من ذهابهن إلى الأسواق ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وذلك بعدم لين الجانب دائماً أو السماح بهن مطلقاً كلما أردن الذهاب إلى السوق والأماكن التي يكثر إختلاط الرجال فيها بالنساء وكذلك قيامك أنت بما تستطيع من إحضار ما تحتاجه الزوجة أو الإبنة من السلع التي يمكن الإتيان بها دون الحاجة إلى ذهابهن بأنفسهن. فكثرة تردد المرأة على الأسواق يفتح عليها أبواباً من الشر.
ومن أسباب الإنزلاق أيضاً:
7 - بعض الآباء والأولياء يقوم بجلب المجلات الهابطة التي تتضمنن صوراً تخدش الحياء وتظهر الفحش في صور متنوعة
ناهيك عن ما تحويه من المقالات التي تفوح برائحة الفحش والرذيلة شاهد المقال: إن بعض الأولياء يُبتلى بمطالعة تلك المجلات الهابطة ولا يكتفي بذلك فحسب بل يجلبها إلى بيته ثم لا يبالي بها بعد إشباع نهمته من مطالعتها فيلقيها في ركن من أركان المنزل. فيتلقفها أبناؤه وبناته. يقلبون النظر فيها وقد يحتفظون بها في غرفهم الخاصة ويعيدون النظر فيها مرات وكرات. حتى يدمنوا على متابعة أعدادها والتشوق إلى موعد صدورها بشغف وشوق. حتى وصل الحال عند النساء أنها تشتريها بنفسها أو توصي والدها بشراءها في حالة عدم إحضار الوالد لها من تلقاء نفسه. والمصيبة هنا أن ذلك الوالد الذي فرط في مسؤوليته يذهب مختاراً لجلب ذلك الخبث إلى بناته يا سبحان الله! كيف ترضى أيها الوالد لنفسك بهذه الدونية ألا تخشى من عقوبة ربك فاتق الله في نفسك.
8 - خروج النساء بكثرة إلى المنتزهات
أو إلى تلك الزيارات المتلاحقة، التي تعادل جلوس المرأة في البيت أو تزيد.
فاحذر رعاك الله من التفريط في ذلك وكن أهلاً للمسؤولية. وقبل ذلك ومعه وبعده سل ربك التوفيق والرشاد، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن بعد العسر يسراً.
9 - جلب القنوات الفضائية عن طريق الأطباق الهوائية وهذا الأمر من أعظم الشرور
تلك الأطباق التي أصبحت كالرايات على الكثير من البيوت تشكك في العقيدة وتنشر الرذيلة، تحارب الفضيلة، توالي التبرج والسفور تعادي الحشمة والحياء، تتفنن في إظهار الفحش صوتاً وصورة.
يا عجباً منك أيها الوالد. يا عجباً منك يا من تحافظ على الجمعة والجماعة! يا عجباً من أمرك! أبلغ منك أمر المسؤولية إلى هذا الحد. أين الحشمة والوقار؟ بل أين الحياء؟ أما تتقي الله تعالى في نفسك؟ ألم تعلم أن سهام الرذيلة الفحشاء تسلط على نفسك وذريتك صباح مساء. كيف ترضى لنفسك أن ترى زوجتك وبناتك يقلبون النظر في مشاهد بذيئة؟ مسكين أنت! بل مخدوع أنت!
أبلغ التفريط إلى هذا المبلغ! أين غيرتك؟ أين حقيقة مسؤوليتك؟
أما تخشى أن ترى عقوبة الله فيك أو في بناتك اللاتي أعنت الشيطان على إغوائهن، بشرائك لتلك القنوات. ألم تعلم أن من نتائج تلك القنوات عقوقاً من الأولاد وضياعاً للأوقات ومالا تحمد عقباه من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء ألا تخشى أن يقع أولادك أو بناتك في الحرام. وإن قُلت لم فعلت هذا قال لك فعلت ما تعلمته من القنوات الفضائية التي إشتريتها أنت يا أبي. فما هو جوابك حينها ! نسأل الله لنا ولك السلامة.
فيا هداك الله ويا رعاك الله تفطن لهذا وبادر إلى توبة نصوح وتخلص من ذلك الخبث والخبائث وسترى من ربك ما يسرك ومن ذريتك ما تقر به عينك.
10 - عدم الرقابة على إستعمال الهاتف وبخاصة إذا كان الهاتف مشغولاً لفترات طويلة
وليس هذا من باب الإتهام. فالأصل البراءة. لكن مقام الحذر لا بد منه. فقد تبتلي بعض النساء ببعض السفهاء الذين يتصيدون بنات المسلمين عن طريق المكالمات الهاتفيه. وقد تقع المسكينة ضحية لأولئك السفهاء الذين يتفنون في التحيل في طريق الكلام لإيقاع النساء في شراكهم وكم أسقطت تلك المكالمات في شراكها من بنات المسلمين. وكم تم الإتفاق ثم اللقاء ثم الركوب معه أحياناً بسبب تلك المكالمات المشبوهة. وعلى ذلك فينبغي عدم الغفلة عن هذا الأمر لأن الحرص على التفقد يحصن الفتاة ويدفع عنها الشر بإذن الله تعالى.
11 - إرتداء الملابس المخلة بالحياء
والمبدية لبعض مفاتن المرأة أو لأكثر جسدها. ويزيد الأمر سوءاً وشراً عدم مبالاة الولي بذلك. وهنا يعظم الخطب فكلما رأت الفتاة سكوت وليها عن ذلك وعدم مبالاته بلباسها. زاد تشبثها بذلك بل وزاد إخراج المفاتن وحينها نخشى أن يحل بنا ما حل بكثير ممن حولنا من التساهل في إظهار المفاتن و كشف العورات، حتى يكون ذلك عادة لها يصعب عليها أن تنفك عنه أو تتخلص منه. فلنحرص جميعاً معاشر الآباء والأزواج فالمسؤولية جسيمة وإذا استعان العبد بربه وبذل جهده. أعانه الله وسدد أمره.
اللهم أعنا على مسؤولياتنا وبارك لنا في ذرياتنا. اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ نسائنا، اللهم احفظ نساءنا من شر الأشرار وكيد الفجّار، اللهم من أراد بحكامنا فتنة وبمجتمعنا فساداًً ونسائنا سفوراً. اللهم رد كيده في نحره، واجعل اللهم تدبيره تدميراً عليه وعلى من شايعه ونصره والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــ(82/204)
مواقف مؤثرة من حياة الصالحات
الحمد لله الذي فَلَقَ النواة والحَبْ ، وخلق الفاكهة والأب ، وأبغَضَ وكرِه وأحب ، وأَمْرضَ وداوى وطَبْ ، أنشأ الإنسان والحيوان بقدرته فَدَبْ ، فالعجب كل العجب لمربوب يجحد الرب ، أشهد أن لا إله إلا الله ويفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، سبحانه وسِعت آثار رحمته أهل الأراضي وسكان السماوات .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أشرفُ الخلائقِ خُلْقاً وخَلْقاً ، ورضي الله عن أصحابه حازوا كل الفضائل سبقى ، فما حَمَلَتْ من ناقةٍ فوق ظهرها أبر و أوفى ذمةً من محمدٍ ــ عليه السلام ــ . أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أحمدُ الله تعالى على أَنْ وفَّقَنِي لِجَمْعِ سِِيرِ الصالحات ، فلقد ظَنَنْتُ أَنَّ الصالحات في زَمَانِنَا أَقَلُ مِنَ الأَزْمَاِن الغابرة السابقة ، لكن لما رأيتُ وبحثتُ وجمعتُ بعض الأخبار وجدتُ العجب . فإليكم هذه الأخبار :
القصة الأولى :
عَمَّةُ أحد طلاب العلم دائماً تصلي ولا تُرى إلا على مُصلاها ، ولما ماتت رأتها قريبةٌ لها على صورةٍ حسنة ، فسألتها عن حالها ، فقالت : أنا في الفردوس الأعلى ، قالت قريبتها بماذا ؟ قالت : عليك بكثرة السجود .
القصة الثانية :
أخبرني أحد طلاب العلم أنه اتصلت به امرأة وهي تبكي وظنَّ أنها قد أذنبت بل قالت له : يا شيخ إني قد عصيت الله عز وجل ، معصيةً عظيمة ، فلما استفسر منها وسألها ، فإذا هي قد تركت صلاة الوتر البارحة ، فقالت : هل من كفارة أُكَفِّرُ بها عن ذنوبي .
القصة الثالثة :
تقول إحدى مديرات دُور تحفيظ القرآن : لمّا افتتحنا الدار كان عندنا دَرَجٌ في الشارع ولم نجعل ممراً للعربات ، لا لكبيرات السِّن ولا للمعوقات ، قالت : وفي اليوم الأول للتسجيل فوجئنا بامرأة تجاوزت الستين من عمرها وهي تحبوا على الدَرَج ، تريد الدخول للدار فالتحقت بهم لكن صَعُبَ عليها الاستمرار بعد مُدة ، ولم تستطع أن تواصل الحفظ ، لِكِبَرِ سنها وقعدت في بيتها .
القصة الرابعة :
وهذه أخرى من الصالحات ، حَفِظت القرآن وهي فوق الستين ، وأخبارها عجيبة ، لكن مُلخص الخبر وهذا الموقف أو المواقف لها ، أنها تجاوزت الستين ولمّا ختمت القرآن في رمضان الماضي ، استأجرت امرأة لا تعرفها ولا تعرفها النساء اللاتي حولها ، حتى تُسَّمِع لها القرآن كاملاً ، ولا يعلم بخبرها إلا قلة من النساء ، وأَخَذَت العهد على بعض النساء ألاّ يُخبرن أحداً .
القصة الخامسة :
فتاةٌ أخرى لها همةٌ عالية عظيمة ، شابةٌ مُعاقة ، أُصيبت في حادث بشللٍ رباعي جعلها طريحة الفراش أكثر من خمس عشرةَ سنة ، امتلأ جسمها قروحاً وتآكل اللحم بسبب ملازمتها للفراش ، ولا تُخرج الأذى من جسدها إلا بمساعدة أمها ، لكن عقلها متدفق وقلبها حي مؤمن ، فَفَكرت أن تخدم الإسلام ببعض الأمور ، فوجدت بعض الأساليب والطرق التي تنفع بها دين الله عز وجل ، أو تنفع بها نفسها وتنشر دين الله عز وجل ، فجَعلت ما يلي :
1/ فتحت بيتها لمن شاء ، من النساء أن يزورها ، أو حتى من الناس من محارمها أن يزوروها ليعتبروا بحالها ، فتأتيها النساء ودارِسات التحفيظ ، ثم تُلقي عليهن محاضرةً بصوتها المؤثر .
2/ جعلت بيتها مستودعاً للمعونات العينية والمادية للأسر المحتاجة ، وتقول زوجة أخيها : إنَّ ساحة البيت الكبيرة لا أستطيع أن أسير فيها من كثرة المعونات للأسر الضعيفة .
3/ تُجهز المسابقات على الكتب والأشرطة وتوزعها على الأسر المحتاجة مع المواد الغذائية ، ويقول أحد محارمها : إني لا أستطيع أن أُحَضِّر المسابقات إلا من طريقها .
4/ لا تدع مُنكراً من المنكرات ، من منكرات النساء إلا وتتصل على صاحبة المُنكر وتُنكر عليها .
5/ تُشارك في تزويج الشباب والشابات عن طريق الهاتف .
6/ تُساهم في إصلاح ذاتِ البين وفي حلول المشاكل الزوجية . إنها والله امرأةٌ عجيبة .
القصة السادسة :
وهذه أُخرى لا يُطيعها زوجها أن تذهب للمحاضرات ، فبدأت تتصل على النساء اللاتي تعرفهن من الجيران ومن الأقارب ومن الزميلات ، فتحُثُهُن على حضور المحاضرات وهي قليلة الحضور للمحاضرات بسبب زوجها .
القصة السابعة :
امرأة في مدينة الرياض ، لها في كل باب من أبواب الخير سهم ، فهي تساعد الراغبين في الزواج ، وتعطي أُسرة السجين ، وتقوم على الأرامل والمساكين ، ومن أعمالها أنها تسببت في بناء سبع مساجد في المملكة ، وكَفَلَتْ (500 ) أسرة من الأسر المحتاجة ، وقد كَفِلَتْ (30) يتيماً أيضاً ، وأَسَلم بسببها في دولة تشاد بأفريقيا قريباً من مائتي ألف رجل وامرأة ، لله دَرُّها .
القصة الثامنة :
وهذه امرأة أخرى ، فتحت دارها للعلم والدعوة والتحفيظ ، فلمّا كَثُرتَ النساء والأطفال عندها ، فتحت على حسابها وعلى حسب ما تجمعه من النساء فتحت دارً في مكان آخر .
القصة التاسعة :
أُقيمت مرة محاضرة في مدينة الرياض ، ووصل حضور النساء إلى : عشرة آلاف امرأة وقبل المغرب بساعة وصل العدد كما يقول أحد أهل العلم عن إحدى قريباته ، وصل العدد ما قبل المغرب بساعة إلى : سبعة آلاف امرأة .
القصة العاشرة :
بعض المريضات في المستشفى يقلن : من أحسن الهدايا لنا أثناء الزيارة وأيام العيدين ، أن يأتي أحد الزوار لنا ، بمصحف أو شريط للقرآن أو أن يأتي بالكتب النافعة .
القصة الحادية عشر :
وهذه أم عبد الرحمن ، تأتي مع زوجها من أقصى جنوب الرياض إلى أقصى شرقه ، يتركها زوجها في المستشفى للعلاج ويذهب هو لدوامه ، وتمر عليها فترات تحتاج إلى المستشفى كل يوم تقريباً ، فاستغلَّت هذه المرأة الداعية المريضة جلوسها الطويل في المستشفى وانتظارها لدورها في العلاج ، استغلَّت الوقت بالدعوة إلى الله عز وجل ، والتذكير به سبحانه وتعالى ، وزيارة المريضات ، وتقوم بتعليمهن الصفة الصحيحة للطهارة والصلاة وأحكام طهارة المريض ، ولا تترك فرصةً لدعوة ممرضة أو طبيبة إلا وتقوم بالدعوة، وهكذا تتنقل بين الأقسام وقد نفع الله عز وجل بها نفعاً عظيماً .
فاللهم اشفها وعافها ، فما أعظم الأجر ، تحمل في جسدها المرض ، وفي قلبها النور والإيمان والدعوة إلى الله عز وجل ، وتقوم بتنفيس الكُربات عن المحزونين والمرضى ، والله عز وجل الموعد .
القصة الثانية عشر :
امرأة أخرى مات زوجها وهي في الثلاثين من عمرها ، وعندها خمسة من الأبناء والبنات ، أظلمت الدنيا في عينها وبكت حتى خافت على بصرها ، وطوّقها الهم وعلاها الغم ، فأبناءها صغار وليس عندها أحد ، كانت لا تصرف مما ورثته من زوجها إلا القليل ، حتى لا تحتاج إلى أحد ، وذات مرة كانت في غرفتها في شدةِ يأس وانتظار لفرج الله عز وجل ، ففتحت إذاعة القرآن الكريم وسمعت شيخاً يقول : قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ " من لزِم الاستغفار جعل الله له من كل همِِّ فرجاً ، ومن كل ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " . تقول هذه المرأة : فبدأتُ أُكثر من الاستغفار وآمر به أبنائي ، وما مرَّ بهم ستة أشهر حتى جاء تخطيط لمشروع على أملاكٍ لهم قديمة ، فعُوِّضت هذه المرأة
عن أملاكهم بملايين ، ووفَّق الله أحد أبناءها فصار الأول على أبناء منطقته ، وحفظ القرآن الكريم كاملاً ، وصار الولد محل عناية الناس واهتمامهم ورعايتهم لما حفظ القرآن ، وتقول هذه الأم : وملأ الله عز وجل بيتنا خيراً ، وصرنا في عيشةٍ هنيئة ، وأصلح الله كل ذريتها ، وأذهبَ الله عنها الهم والغم ، وصدق الله عز وجل إذ يقول : {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنَّ الله بَالِغُ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً}.
القصة الثالثة عشر :
وهذا رجلٌ صالح عابد أُصيبت زوجته بمرض السرطان ولها منه ثلاثة من الأبناء ، فضاقت عليهم الأرض بما رَحُبَتْ ، وأظلمت عليهما الأرض ، فأرشدهما أحد العلماء إلى : قيام الليل ، والدعاء في الأسحار مع كثرة الاستغفار ، والقراءة في ماء زمزم ، واستخدام العسل ، فاستمرا على هذه الحالة وقتاً طويلاً ، وفتح الله عز وجل على هذا الرجل و زوجته بالدعاء والتضرع والابتهال إليه جل وعلا ، وكانا يجلسان من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، ومِنْ صلاة المغرب إلى صلاة العشاء ــ على الذكر والدعاء والاستغفار ، فكشف الله عز وجل ما بها وعافاها ، وأبدلها جِلداً حسناً وشعراً جميلاً ، قال الله سبحانه وتعالى : {أمَّن يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشِفُ السوءَ ويجعلُكُم خُلفاءَ الأرض أإله مع الله قليلاً ما تَذَّكَرون} .
القصة الرابعة عشر :
وهذه امرأة صالحة ومتصدقة كريمة ، شَهِدَ لها بهذا الأمر المُقرَّبُون ، خمسون عاماً مرَّت عليها وهي بَكْمَاء لا تتكلم ، اعتاد زوجها هذا الوضع ، مؤمناً بقضاء الله وقدره ، وفي ليلة من الليالي استيقظت المرأة وبدأت تُصلي بصوتٍ مسموع ، فقام زوجها مُستغرباً فَرِحاً ، ثم سمعها تنطق بالشهادتين نُطقاً صحيحاً ، ثم تضرعت إلى الله عز وجل بالدعاء ، وكان زوجها ينتظرها تنتهي من صلاتها فَرِحاً بها لكنها تُوفيت بعد قيامها الليل ، هنيئاً لها ، فمن مات على شيء بُعِثَ عليه .
القصة الخامسة عشر :
ذكر أحد الدعاة عن امرأة في روسيا ، امرأةٌ غريبة في الدعوة إلى الله عز وجل ، والصبر على التعليم ، قد صنعت هذه المرأة ما لم يصنعه الرجال ، ظلَّت هذه المرأة خمس عشرة سنة تدعوا إلى الله عز وجل سِراً ، أيام الحكم الشيوعي ، وتنتقل من بيت إلى بيت وتُعلِّم النساء القرآن وتُخرِّج الداعيات ، ولم تغفل أيضاً عن أسرتها ولا عن أولادها ، فأولادها من كبار الدعاة في روسيا ، وأزواج بناتها الأربع كلهم من الدعاة أيضاً ، وأحد أزواج بناتها هو مُفتي البلدة التي تُقيم فيها هذه المرأة .
القصة السادسة عشر :
طالبة أمريكية متمسكة بالحجاب مُعتزةً بدينها ، أسلم بسببها (3) من الأساتذة في الجامعة ، وأربعة من الطلبة ، لمّا أسلم أحد الأساتذة بدأ يذكر قصته ويقول : قبل أربع سنوات ثارت عندنا زَوبَعَة كبيرة في الجامعة حيث التحقت بالجامعة طالبة مسلمة أمريكية ، وكانت متحجبة وكان أحد الأساتذة من معلميها متعصباً لدينه ، يُبغض الإسلام ، كان يكره كل من لا يُهاجم الإسلام ، فكيف بمن يعتنق الإسلام ؟ ، وكان يبحث عن أي فرصة لإستثارة هذه الطالبة الضعيفة ، لكنها قوية بإيمانها ، فكان ينال من الإسلام أمام الطلاب والطالبات ، وكانت تُقابل شدته بالهدوء والصبر والاحتساب ، فازداد غيضه وحَنَقُه ، فبحث عن طريقة أخرى مَاكِرة ، فبدأ يترصد لها في الدرجات في مادته ويُلقي عليها المهام الصعبة في البحوث ، ويُشدد عليها بالنتائج ، ولمّا لم تستطع التحمل وانتظرت كثيراً وتحملت تحمُّلاً عظيماً ، قَدَّمت شكوى لمدير الجامعة للنظر في وضعها ، فأجابت الجامعة طلبها وقررت أن يُعقد لقاء بين الطرفين ، مع حضور جمع من الأساتذة لسماع وجهة نظر الطالبة مع معلمها ، بحضور بعض الأساتذة والدكاترة والطلاب ، يقول هذا الكاتب الذي أسلم وهو أحد الأساتذة ، حضر أكثر أعضاء هيئة التدريس ، يقول هذا الدكتور : وكنا مُتحمسين لحضور هذه الجولة والمناظرة والحوار ، التي تُعتبر الأولى من نوعها في الجامعة ، فبدأت الطالبة تذكر أن الأستاذ يُبغض الإسلام ولأجل هذا فهو يظلمها ولا يعطيها حقوقها ثم ذكرت بعض الأمثلة ، فكان بعض الطلبة قد حضروا وشَهِدوا لها بالصدق ولِمُعلمها بالكذب ، وهم غير مسلمين ، فلم يجد الأستاذ الحاقد على الإسلام جواباً ، فبدأ يَسُبُّ الإسلام ويتهجم عليه فقامت هذه الطالبة تُدافع عن دينها وتُظهر محاسن الإسلام ، يقول هذا الدكتور : وكان لها أسلوبٌ عجيب لجذبنا ، حتى أننا كنا نُقاطعها ونسألها عن أمور تفصيلية في الإسلام فتُجيب بسرعة بلا تردد ، فلمّا رأى الأستاذ الحاقد ذلك منهم خرج من القاعة واستمرت هذه الطالبة مع بعض الأساتذه والطلاب ، وأعطتهم ورقتين كتبت عليهما عنوانًا / ماذا يعني لي الإسلام ؟
فذكرت هذه الطالبة الدوافع التي دعتها للإسلام ، ثم بيَّنت أهمية الحجاب وعَظَمَةْ الحياء والحِشْمَة للمرأة ، وأنه سبب الزَوبَعَه من هذا الأستاذ ، ولم تكتفي بهذا ، بل قالت : أنا مُستعدة أن أُطالب بحقي كله حتى لو تأخرتُ عن الدراسة ، يقول هذا الكاتب : لقد أُعجبنا بموقفها وثباتها ولم نتوقع أنَّ الطالبة بهذا الثبات والتحمل ، وتأثرنا بصمودها أمام الطلاب والمعلمين ، فصارت المُحجبة هي قضية الجامعة أيامها يقول فبدأ الحوار يدور في عقلي وفي قلبي ، حتى دخلتُ في الإسلام بعد عِدةِ أشهر ، ثم تبعني دكتورٌ ثانٍ ، وثالثٍ في نفس العام ، ثم أصبحنا جميعاً دُعاةً إلى الإسلام .
إنَّها امراةٌ قليلة المثيل في هذا الزمان . . .
القصة السابعة عشر :
حدثني أحد إخوانها بخبرها لقد ماتت رحمةُ الله عليها ، قبل مُدة ليست بالطويلة ، فهي مَدْرَسَةٌ في الأخلاق العالية ، يُحبها الصغير والكبير ، كما قال عنها أهلها وزوجها ، في المناسبات يجتمع عليها الصغار والكبار ، تتَّصل على القريب والبعيد وتسأل عن الأحوال ولا تترك الهدايا للأقارب ، هي امرأةٌ زاهدة ، ثيابها قليلة وَرَثَّة ، أُصيبت هذه المرأة بمرض السرطان ، نسأل الله عز وجل أن يجعلها في الفردوس الأعلى ، مِن صبرها وثباتها بقيت سنةً ونصف لم تُخبر أحداً إلا زوجها ، وأخذت عليه العهد والميثاق والأيمان المُغلظة ألاَّ يُخبر أحداً ، ومِن صبرها وثباتها ــ رحمةُ الله عليها ــ أنها لا تُظهر لأحدٍ شيئاً من التعب والمرض ، فلم يعلم بها حتى أولادها وابنتها الكبيرة التي تخرج معها إذا خَرَجَتْ ، إذا جاءها أحدُ محارمها أو أحدُ إخوانها أو ضيوفها مِن النساء ، فإنها تستعد وتلبس الملابس وتُظهر بأنها طبيعية ...
وكان أحدُ إخوانها أَحَسَّ بأنها مريضة وفيها شيء ، فقد انتفخ بطنُها وظَهَرت عليها علامات المرض ولمّا أَلَحُّوا عليها إلحاحاً عظيما ، أخبرتهم بشرط أن لا تذهب إلى المستشفى ، تُريد الاكتفاء بالقرآن والعسل وماء زمزم ، ولمّا أَلَحُّوا عليها وأخبروها بأن هذا الأمر والعلاج والدواء لا يُنافي التوكل ، وافَقَتْ وشَرَطَتْ أن تذهب إلى مكة المكرمة للعمرة قبل أن تذهب للمستشفى ، ثم ذَهبت في الصيف الماضي مع أهلها وبَقيتْ قُرابة الأسبوعين ، ولمّا رجعتْ من العمرة وذهبت إلى الطبيب ، شَرَطَتْ ألاَّ يدخل عليها أحدٌ سِوى الطبيب وزوجها ، وكانت مُتحجبة ومُغطيةً لوجهها ولابِسةً القُفَازَينْ ، ولم تكشف إلا موضع الألم المحدد في جزءٍ من البطن حتى لا يُرى شيئاً آخر منها ، فرأى هذا الطبيب وتَعَجب واستغرب من وضعها ومن صبرها ، فرأى أن الماء السام بسبب الورم في بطنها وصل إلى ثلاثةَ عشر لِتراً ، وكان من بُغضها للمستشفى تقول لأحد إخوانها وفَّقَهُ الله ، وهو الذي اهتم بها ويُراعيها في آخر وقتها تقول له : إنِّي أُبغضُ الشارع الذي فيه المستشفى ...
لأنها لا تُريد الذهاب إلى الرجال ولا الخروج من البيت ، تَحَسَنَتْ أحوالها في رمضان الماضي ، ثم عرض عليها أخوها الحج فلم تُوافق وحصل لها شيءٌ من التردد ، لأنها إذا قامت يحصل لها تعبٌ أو إعياء أو دوار ، ولا تستطيع أن تنهض واقِفَة واستبعدت الحج ، ولمّا أَصَرَّ عليها وافقت ، حجَّ بها أخوها فيقول : قد حججتُ كثيراً مع الشباب وجرَّبتُ عدة رحلات وسفرات مع الشباب لكن يقول : والله ما رأيت أسهل من هذه الحجة مع هذه المرأة المريضة ، والنبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقول : " إنَّما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم " ، يقول هذا الأخ : وقد يَسّرَ الله عز وجل لنا أشخاصاً لخدمتنا بدون سبب ، سواءً في الرَّمِي أو في الممرات أو في النزول من درج الجمرات ، ويقول أخوها : كان بعض عُمَّال النظافة حول الجمرات قد وضعوا حِبالاً لتنظيف ما حول الجمرات ، يقول لمّا قَدِمْنَا لرمي الجمرة لم نستطع أن نَقْرُب فنادانا أحد العَسَاكِرْ فقال : أُدْخُلُوا من تحت هذا الحبل ، بدون أي سبب ، وحصل لهم هذا الأمر في الدور الثاني في اليوم الثاني ...
ولمّا أرادوا النزول ناداهم أحد العَسَاكِر ، بدون أي سبب ، ولا يظهر على المرأة أي علامة من علامات التعب أو المرض ، يقول أخوها وكل المناسك قد يُسِّرَتْ لنا ، وكانت هذه المرأة تهتم بالدعوة ، فَقَلَّمَا تذهبُ إلى مجلسٍ إلاَّ وتُذكرُ بالله عز وجل ، أو تدعوا إلى الله تعالى ، أو تُعَلِّم أو تُخْرِجُ كتاباً من شنطتها وتقرأ أو تأمر إحدى النساء بالقراءة وهي التي تشرح ، قد كَفِلَتْ يتيماً على حسابها ، ولا تذهب إلى قصور الأفراح ، وهي قليلة الاختلاط بالنساء ، إنْ اجتمعت مع النساء لا تحضر إلاَّ للعلم أو الدعوة إلى الله عز وجل ، وليس عندها ذهبٌ فقد باعته كله قبل مرضها ، كانت تُرَكِزُ على البرامج الدعوية ، وما زال الكلام لأخيها ، وهي تُرَكِز على الخادمات بالأخَّصْ ، وتُعلِمُهُن وتُعطيهن بعض السور للحفظ ، كانت مُنذُ فترةٍ طويلة تتواصل مع أخيها على قيام الليل ، فالذي يقوم الأول هو الذي يتصل على الآخر قبل الفجر بنصف ساعة ، ثم بدأت أُمُّهُمْ حفظها الله وصبَّرها وثبَّتها معهم ، مع هذه المرأة المريضة وأخيها البَّارْ ...
ثم بدأت هذه المرأة تتواصى مع نساء الجيران ، وفي شِدَةِ مرضها في سَكَراتِ الموت ، لمّا كانت في المستشفى قبل وفاتها وفي أثناءِ المرض ما تَذَمَرتْ ولا تَأَفَفَتْ ولا جَزِعتْ ، بل كانت صابرةً مُحْتَسِبَةْ ، يقول أخوها : أشدُّ ما سَمِعْتُ منها من الكلمات قالت : يا ربِّ فرِّج عنِّي ، وكانت في أثناء السَكَراتْ يقرأ عليها أحدُ الدُعاة ، فماتت وهو يقرأ عليها رَحِمها الله ، أمَّا بالنسبةِ للتغسيل : لمّا أُحضرتْ لمغسلة الأموات يقول أخوها : قد أَصَرَّ الصغار و الكبار حتى الأطفال من العائلة يُلاحظون التغسيل ، فحضروا جميعاً في مغسلة الأموات وصَلّوا عليها ، أمَّا أخوها الذي كان يُلازمها فقال : لقد رأيتُها لمّا أُخرِجَتْ من الثلاجة قد تغير الشُحُوب الذي كان فيها والتعب انقلبَ إلى نورٍ و بَياضْ ...
وكانت هذه المرأة الصابرة المُحتسبة ــ رَحِمَهَا الله ــ رَأَتْ رُؤيا قبل وفاتها بشهرٍ ونصف ، كأنها جاءت لِدارٍ تُريدُ أن تدخُلها ، فَسَمِعَتْ رجال يقولون عند الدار ليسَ هذا بيتُك اذهبي إلى بيتٍ آخر ، ثم رَأَتْ قصراً أعلى من الأول وله دَرَجٌ رفيع أو سلالم رفيعة ، فلمّا أرادت أن تصعد ناداها رجُلان من أعلى القصر ، وهذا كله في الرؤيا ، وهي التي قَصَّتْ الرؤيا على من حولها ، وكان في أعلى القصر رجُلان عرضا عليها المُساعدة لِتصعد الدرج ، فَتَحَمَّلَتْ وتَصَبَّرتْ ثم صعدتْ بِنَفْسِها بعدَ تعبْ ، تقول : لمّا صَعَدتُ إلى القصر أَحْسَسَتُ براحةٍ وسعادة وسُرور حتى وهي في المنام ، ثم قالت لِمَنْ حولها : لا تُفَسِّروا هذه الرؤيا ، فأنا إن شاء الله عز وجل أَسْتَبْشِرُ بِخير . فَرَحْمَةُ الله عليها ، وجَمَعَها وأهلها في الفردوسِ الأعلى .
القصة الثامنة عشر :
كَتَبَتْ إحدى مُديرات مدارس التحفيظ تقول : تَقَدَمَتْ امرأةٌ للتسجيل في مدرسةٍ من مدارس التحفيظ ، فلم تُقبل هذه المرأة لإكتفاء العدد ، ولأنها تَقَدَمَتْ هذه المرأة مُتأخرة إلى مكتب المديرة ، تقول تَقَدَمَتْ هذه المرأة وهي تبكي بِحُرقة وتقول : أرجوكم لا تَرُدوني ، فإنِّي والله مُسْرِفة على نَفْسِي في المعاصي ، وكُلَما عَزَمْتُ على التوبة والرجوع إلى الله عز وجل أَضعَفُ وأعود إلى ما كُنْتُ عليه ، تقول هذه المديرة : فلمّا سَمِعْتُ ما قالت ولَمَسْتُ صِدْقَ حدِيثِهَا ورأيتُ بُكاءها قَبِلْتُها ، ودخَلَتْ في ذلك العام في دورةِ الحِفْظ والتجويد ، أو في دورة الحفظ في سنة ، والتجويد في السنة التي بعدها ، تقول وبفضل الله عز وجل ، قد خَتَمَتْ كتابَ الله تبارك وتعالى ، وهي من المعلمات القديرات الداعيات إلى الله عز وجل ، بل مِن خِيرةِ الأخوات الصالحات ، ولا أُزكيها على الله عز وجل .
القصة التاسعة عشر :
امرأةٌ أخرى قاربتْ السبعين من عمرها ، تحفظ القرآن في نفسِ هذه المدرسة ، تحضرُ لِحِفْظِ القرآن في الصباح والمساء ، تقول هذه الكاتبه : هذه امرأةٌ عجيبة ، وصَلَتْ إلى السبعين ، امرأةٌ نَذَرت نفسها لله عز وجل وللأعمال الخيرية التي تُقرِّبها إلى الله جل وعلا ، فهي لا تَفْتُرُ ولا تَكْسَلْ ولا تستكين ، طوال العام تعمل في الصيف و الشتاء ، ولا تُرى إلاَّ في طاعةِ الله ، تعيش هذه المرأة في منزِلٍ كبير لوحدها مع عاملةٍ لها ، ورَّبَتْ هذه العاملة على العمل الخيري و الإحتساب ، ولها عدة أعمال منها : أنها تُشارك في كثير من البرامج بل تقول هذه الكاتبه : في كل برنامج أو مشروع أو جمع تبرعات ، ما يُقام شيء إلاَّ ويكون لها سهمٌ كبير ، وقد رزقها الله عز وجل ، أبناءَ بارِّين بها ، ويُعينُونها بالمال وبما تريد ، تقول فوالله إنَّ هذه المرأة مصدرٌ مهم بعد الله عز وجل ، بإمدادنا بالهمةِ العالية والعزيمةِ الصادقة ، وهي نموذجٌ حي يَنْدُرُ وجوده في هذا الزمان .
القصة العشرون :
جاء رجلٌ كان مُسرفاً على نفسه بالمعاصي ، وكان يشرب الخمر ، ويسهر مع رُفقاء السوء على الخمرِ و الغناء ، وكان يترك الصلاة أو يُصلي أحياناً حياءً أو خَجَلاً أو مُجاملةً ، وذات مرة زار هذا العاصي إحدى قريباته ، فَحَمِلَ طفلاً من أولادها ، فَبَالَ هذا الطفل على هذا الرجل العاصي المُسرف على نفسه ، يقول هذا الرجل بعد ما تاب ، فَقُلتُ لأمه خُذي هذا الطفل فقد بَالَ على ملابسي ، فقالت : الحمد لله أنه لم يَبُل على ملابس فُلان ، وكان قد حضر معه أحد أقاربها من محارمها فاستغرب هذا الرجل العاصي ، وكُلُنا ذلك الرجل ، وقال ما السبب ؟ قالت : أنت لا تصلي ، مثل هذا الرجل ، والبَول على الثياب لا يضرك ، بهذه الكلمات القليلة ، أنتَ لاتُصلي ــ لست مثل هذا الرجل ــ البول على الثياب لا يضرك يقول هذا العاصي : فَرَجَعْتُ إلى المنزل وتُبْتُ إلى الله عز وجل ، واغْتَسَلْتُ وتركتُ الخمر وهجرتُ رُفقاء السوء ، ولَزِمتُ الصلاة ، وفَرِحَتْ بي زوجتي المُتدينة التي تحُثُني دائماً على تركِ الخمر ، يقول الكاتب : لمَّا أَخَذَ منه بعض هذه القصة ، يقول الكاتب : لقد رأيتُ الرجل قبل موته يترك أي عمل إذا سَمِعَ المُؤذن ، وإذا كان في السيارة يقف عند أَقْرَبِ مسجد إذا سَمِعَ الأذان ، فرحمةُ الله عليه وعفا عنَّا وعنه .
القصة الحادية والعشرون :(82/205)
امرأةٌ أُخرى مُتحجبة بعد الخمسين ، لقد تَقَدمت بها السِّن وهي لا تهتم باللباس الشرعي وليس عندها من ينصحها ، يقول أحد أقاربها : أنشَأت جماعة أنصار السُّنة المُحمدية في قريتنا مكاناً لتحفيظ القرآن الكريم ، وخَصَّصُوا مكاناً للنساء ، فبدأتْ هذه المرأة تحضر وتأثرت بالدروس والحجاب والصلاة ، وتركت مُصافحة الرجال ، وحَفِظَتْ بعض قِصار السور ، وتَحَجَبَتْ حِجاباً كاملاً ، وغَطَتْ وجهها ، ولمّا زاد عمرها وتَقَدمتْ بها السِّن ، قيل لها : إنَّ وضع الحجاب في حقك جائز لا بأس فيه ، ثم يذكُرون قول الله تبارك وتعالى {والقَواعِدُ مِنَ النِسَاءِ اللاتِي لا يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِنَّ جُناحٌ أنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيرَ مُتَبَرِجَاتٍ بِزِينَة } ، ثم يسكتون ، وتقول لهم أكملوا هذه الآية {وأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمْ} ، كانت تقول :أُريد العفاف ولطالما كَشَفْتُ وجهي وأنا صغيرة وأنا جاهلة ، فكيف أكشفه وأنا كبيرة مُتعلمة حافظة ، وبالتزامها بالحجاب تأثَرَتْ بها أصغرُ بناتها في البيت فَتَحَجَبَتْ كَأُمِّها .
القصة الثانية والعشرون :
امرأةٌ أمريكية يضربها زوجها ، أمريكية نصرانية تزوجها رجل سَيءُ الخُلُقْ ، يدَّعِي أنه مُسلم ، وطوال الثمان سنوات كما تقول لم يحدِّثها عن دينه ، وبعد مُدّة تقول : رأيتُ رؤيا في المنام سَمِعْتُ فيها الأذان ، وبعد مُدَّة وهي تُشاهد التلفاز رَأَتْ المسلمين في شهر رمضان في إحدى الدول وسَمِعَتْ الأذان مَرَّةً أخرى ، رَأَتْ المسلمين فقط في شهر رمضان ،قد يكونون ذاهبين إلى المسجد أو يُفْطِرونْ في الحرم ، وسَمِعَتْ الأذان مَرَّةً أخرى فارتاحتْ كثيراً ، وبدأتْ تقرأ وتبحث عن الإسلام ، فَأَسْلَمَتْ ، ومن أسباب إسلامها ، سَأَلَتْ عن أمرِ زوجها فقيل لها : أنه مسلم كَمِثْلِ هؤلاء الذين يصومون رمضان ، وكان عندها اضطراب بين زوجها وبين المسلمين في عقلها ، لكن تقول : عندما أسْلمتُ تَحَجَبْتْ ، فتلقاها زوجها سيءُ الخُلُقْ بالضرب والسَّبْ ، ومَزّقَ حجابها لأنه رجلٌ دبلوماسي كما يقول ، وهي تُحْرِجُهُ كثيراً بين المسؤولين بهذا الحجاب ، وازدادت مُعاملته سوءاً يوماً بعد يوم ، وكان يضربها بِشراسة وحقد حتى بَقِيتْ في المستشفى عدة أشهر تتعالج بسبب ضربه لها ، وعَمِلَتْ ثلاث عمليات في العَمُودِ الفَقَرِّي ، واستعملت كرسي العجلات سنة ونصف ، وصَلَ بهم الأمر إلى الطلاق ، وقد رَفَعَتْ هذه المرأة على زوجها دعوى عند القاضي ، لكن كانت تقول : هل أُسْقِطْ الدعوى عن هذا الرجل وأُفوض أمري إلى الله عز وجل أو أُطالبه به ، مع أنِّي سأضطرُ وأقِفْ أمام القاضي ، وهي لا تُريد ذلك ، لأنها احتمال أن تخضع إلى فَحْصٍ طبي لأجل أن تُكمل الدعوى ، فتضطر معها إلى عرضِ جسدها على الأطباء ، فهذا الذي دعاها لإسقاط الدعوى ، واستمرت هذه المرأة على دينها مُتَمَسِكَةٌ بحجابها ، ولم يُغير دينها هذا الرجل سيءُ الخُلُقْ .
القصة الثالثة والعشرون :
وأخرى كانت تنصح زوجها حتى يترك هذه العادة السيئة (( التدخين )) ، ولا يقبل ولا يهتم ولا كأنها تُكلمه ، ففي ذات مرة تقول : دخل علينا ابننا البالغ من العمر ثلاث سنوات وفي فمه سيجارة ، وبدون شعور من والده قام وصَفَعَ ابنه ، وهي أول مرة يضرب فيها زوجي أحد أبناءه ، لأنه رحيمٌ بهم يحبهم ويعطف عليهم ، فقالت الزوجة : بهذه الكلمات القليلة اليسيرة ، استغلتْ هذه الفرصة ودعت زوجها إلى الله عز وجل ، فقالت له : إنه يعتبرك القدوة لذلك يعمل مثل هذا العمل ، فخرجتْ هذه الكلمات من قلبٍ صادقٍ ناصح فَوقَعَتْ في قلبه ، فأقلع من ذلك اليوم عن التدخين .
القصة الرابعة والعشرون :
كلمة مؤثرة ، كانت هناك امرأة متهاونة في الصلاة ، زوجها كثير السفر ، ولِذَا فإنها اعتادت على الخروج دائماً من المنزل بلا استئذان ، حتى مع وجود زوجها تخرج بدون استئذان ، وكان إذا قَدِمَ من السفر يغضب إذا رأى خروجها وينصحها بعدم الخروج ، ويحُثَّها كثيراً على تربية الأولاد ، تقول هذه المرأة : لم أهتم كثيراً بما كان يقول ، وكُنْتُ أخرجُ بدون استئذان ، وكُنْتُ أَلْبَس الملابس الفاخرة ، وأتعطر بأحسنِ العطور ، وسَمِعتُ ذات مرة أنه سيُقام في منزل أحد الأقارب مُحاضرةً لإحدى الداعيات ، فذهبتُ إلى حضورها حُبَّاً للإستطلاع ، فَتَحَدَثَتْ هذه المرأة الداعية الحكيمة عن بعض مُخالفات النساء ، حتى أَبْكَتِ الحاضرات ، قالت هذه المرأة المُتهاونة : فتأثرتُ بها وسَأَلْتُها عن حُكْمِ الخروج من البيت من غير إذنِ الزوج ، فَبيَّنتْ لي أنَّ هذا حرام إلا بإذنِ الزوج ، وأَرشَدَتها أن لا تتبرج ، وأن تُحافظ على نفسها ، قالت : لمّا قَدِمَ زوجي من السفر اعتذرتُ منه وطلبتُ منه السماح والعفو ، واستأذنته للخروج مرَّةً من المرات فقال : مُُنذُ متى وأنتِ تستأذنين مني ، فقالت : له هذا الخبر وهذه القصة ، فَحَمِدَ الله عز وجل على نعمة الهداية
لا تُنْكِروا أَثَرَ الكلامِ فإنَّهُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
القصة الخامسة والعشرون :
امرأةٌ حفظها حجابها ، سافر زوجها وتركها مع أولادها وأوصى أخاه الكبير بأن يأتي إلى زوجته ، وأن يقوم بأعمال البيت ، ويُتابع الأولاد ، تقول هذه المرأة : كان يأتي هذا الأخ الكبير كل يوم تقريباً ، وكان لطيفاً في أولِّ أيامه ، لكن لمّا أكْثَرَ التردد علينا وليس عندي محرم ولم أتحجب بدأت تظهر منه تصرفاتٍ غريبة حتى قَدِمَ زوجي ، وكنتُ أريد أن أُفاتح زوجي في الموضوع ، لكن خِفْتُ من المشاكل ، ثم سافر زوجي مَرَّةً أُخرى ورجع أخوه إلى حالته الأولى ، من الحركات الغريبة ، والكلام العاطفي ، وبدأ يُعاكس زوجةَ أخيه ، وبدأ يحضر في كل وقت ، لِسببٍ أو بدون سبب ، تقول هذه المرأة : لقد تَعِبْتُ من تصرُفاته ، فَكَّرتُ في الكتابة إلى زوجي لكن تَراجَعْتْ حتى لا أُضايقه لأنه في بلدٍ آخر ، يبحث عن المَعِيشَة ، وحتى لا تحصل المشاكل ، وقُلتُ لابد من نَصِيحَةِ هذا الخَائِنْ الغادر ، ونَصَحَتْ هذا الرجل الذي هو ليس برجل ، لكن لم ينفع فيه النُصح ، وتقول : كنتُ أدعوا الله عز وجل كثيراً أن يحفظني منه ، تقول فَطَرَأتْ عليَّ فكرة ، ففكرتُ في لبسِ الحجاب ، وتغطية وجهي ، وكتبتُ لزوجي بأنَّي سأتركُ مُصافحةَ الرجال الأجانب ، فشجعني زوجي ، وأرسَلَ لي كُتُباً وأشرطة ، وتقول هذه المرأة بعدما لبِسَتِ الحجاب : وعندما جاء شقيقُ زوجي كعادته ذلك الخائن ورآنِّي وَقَفَ بعيداً ، وقال : ماذا حصل ؟ قُلْتُ لن أُصافح الرجال ، إلاَّ محارمي ، فوقف قليلاً ثم نَكَّسَّ رأسه فَقُلْتُ له : إذا أردتَ شيئاً فَكَلِّمني من وراء حجاب فانصرفْ ، فَكَفَّ الله عز وجل شرَّهُ عنها .
القصة السادسة والعشرون :
أمّا ما جاء عن أُمِّ صالح ، امرأةٌ بلغت الثمانين من عمرها تتفرغُ لحفظ الأحاديث ، إنَّها نموذجٌ فريد من أعاجيب النساء ، أَجرتْ مجلة الدعوة حوارًا معها فقالتْ هذه المرأة إنّها بَدَأتْ بحفظ القرآن في السبعين من عمرها ، امرأةٌ صابرة ، عاليةُ الهمّة ، قالت هذه الحافظة الصابرة : كانت أُمنيتي أن أحفظ القرآن الكريم من صِغَري ، وكان أبي يدعوا لي دائماً بأن أحفظ القرآن كإخوتي الكبار ، فحَفِظتُ (3) أجزاء ، ثم تزوجتُ وأنا في الثالثة عشر من عمري ، وانشغلتُ بالزوج والأولاد ، ثم توفي زوجي ولي سبعةٌ من الأولاد كانوا صِغَاراً ، تقول : فانشغلتُ بهم ، بتربيتهم وتعليمهم والقيام بشؤونهم ، وحين رَبّتهم وتَقَدمتْ بهم الأعمار ، وتزوج أكثرُهُمْ ، تَفَرَغَتْ هذه المرأة لِنَفْسِها ، وأول ما سَعَتْ إليه أنَّها بدأتْ بحفظ القرآن ، وكانت تُعينها ابنتها في الثانوية ، وكانت المُعلمات يُشجعنَ البنت على حِفْظِ القرآن ، فَبَدَأتْ مع أُمِّها كُلَّ يوم تحفظ عشرة آيات ..
أمَّا طريقة الحفظ : كانت ابنتها تقرأ لها كل يوم بعد العصر عشر آيات ، ثم تُرددها الأُم ثلاث مرات ، ثم تشرح لها البنت بعض المعاني ، ثم تردد هذه الأم الآيات العشر ثلاث مرات أخرى ، ثلاث ثم تشرح ثم ثلاث ، وفي صباح اليوم الثاني تُعيدها البنت لأُمها قبل أن تذهب إلى المدرسة ، وكانت هذه المرأة الكبيرة في السِّن تستمع لقراءة الحُصَري كثيراً وتُكرر الآيات أَغْلَبَ الوقتْ حتى تحفظ ، فإن حَفِظَتْ أَكْمَلَتْ ، وإن لم تحفظ فإنها تُعاقب نفسها وتُعيد حفظ الأمس ، تُعيده في اليوم مع ابنتها ، وبعد أربع سنوات ونصف حَفِظَتْ هذه الأم اثنا عشر جزءاً ، ثم تزوجتْ البنت ، ولمّا عَلِمَ الزوج بشأن زوجته مع أمها وطريقة الحفظ ، استأجرَ بيتاً بالقُربِ من منزل الأم ، وكان يُشَجِّعُ البنت وأمها ، وكان يَحضُرُ معهن أحياناً ويُفَسِّرُ لَهُنَّ الآيات ، ويستمع لحفظهن ، واستمرتْ هذه البنت مع أمها ثلاثة أعوام أيضاً ثم انشغلت بأولادها هذه البنت ، ثم بَحَثَتْ البنت عن مُدَّرِسَةْ تُكْمِلُ المشوار مع أمها ، فأتت لها بِمُدَرِّسَة ، فَأَتَمَّتْ حفظ القرآن الكريم ، هذه المرأة الكبيرة أَتَمَّتْ حفظ القرآن وما زالت ابنتها إلى إجراء الحوار مع أُمها تواصل الحفظ حتى تلحق بالأم الكبيرة في السِّنْ ، وقد حَفِظتْ القرآن بعد أكثر من عشر سنوات ، أمَّا النِّساء حولها فَتَأَثرنَ بها ، فبناتها وزوجات أبناءها تَحَمَّسْنَ كثيراً وكُنَّ دائماً يضربنَ المثل بهذه الأم العجيبة ، وبَدَأْنَ بحلقة أسبوعية في منزل الأم للحفظ ، فصارت هي العالِمة بينهُنْ ، أو الحافظة بينهُنْ ...
وقد أَثَّرتْ هذه المرأة بحفيداتها ، فكانت تُشجعُهُنَّ بالإلتحاق بحلقات التحفيظ ، وتُقدم لهُنَّ الهدايا المُتنوعة ، أمَّا جاراتها فأول الأمر كُنَّ يُحْبِطْنَ عزيمتها ويُرددنَ إصرارها على الحفظ لِضَعْفِ حِفْظِها ، ولمَّا رأَينَ استمرارها وصبرها ، بَدَأنَ يُشَجِعْنها ، تقول هذه الأم المُربية العجيبة التي حَفِظَتْ القرآن بعد الثمانين : حينما عَلِمَتْ هؤلاء النِسْوة أَنِّي حَفِظْتُ القرآن رَأَيْتُ دُمُوعَ الفَرَحِ منهُنْ ، وهذه المرأة تَسْتَمِعْ كثيراً إلى إذاعة القرآن الكريم ، وتَقْرَأُ في صلاتها السور الطويلة ، بَدَأَتْ بالحفظ وعُمْرَهَا تجاوز السبعين ، ثمَّ لم تكتفي هذه المرأة بحفظ القرآن فقط ـــ بل انْتَقَلَتْ إلى حفظِ الأحاديث النبوية ، فهي تحفظ إلى إجراءِ الحوار (90) تسعين حديثاً ، وتحفظ مع إحدى بناتها ، وتعتمد على الأشرطة ، وتُسَمِّعْ لها ابنتها كل أسبوع ثلاثة أحاديث ، اسْتَمَرَّتْ هذه المرأة أكثر من عشر سنوات في الحفظ ، تقول : أَحْسَسْتُ بِإِرْتِياحٍ عجيب بعد حفظِ القرآن ، وغَابَتْ عَنِّي الهموم والأفكار ، ومَلأْتُ وقْتَ فراغي بطاعة ربي ، اقْتَرَحَتْ عليها بعض النسوة أَنْ تَدخُلَ في دُورِ تحفيظ القرآن ، فَأجَابتْ هذه المرأة وَرَدَّتْ فقالت : إِنِّي امرأةٌ تَعَودتُ على الجُلُوس في البيت ولا أَتَحَمْلُ الخروج ، وتدعُوا كثيراً لإبنتها وتَشْكُرها بأنَّها بَذَلَتْ معها الكثير الكثير ، تقول : وهذا من أَعْظَمِ البِرِّ و الإحْسَانْ ، خَاصَّةً أَنَّ البنت كانت في مرحلة المُراهقة ، التي يشكوا منها الكثير ، فكانت البنت تضغط على نَفْسِهَا وعلى دراستها لِتُفَرِّغَ نَفْسَهَا لِتَعْلِيمِ أُمِّها بِصَبْرٍ و حِكْمَة ، وثُمَّ خَتَمَتْ هذه المرأة الصالحة وقالتْ : لا يأْسَ مع العَزِيمَةِ الصَادِقَة ، ولا يَأْسَ مع قُوةِ الإرادة والعَزمِ والدعاء ، ثُمَّ البداية في حفظِ القرآن ، ثُمَّ قالتْ : والله ما رُزِقَتْ الأُمُّ بِنِعْمَةٍ أَحَبِّ إليها من ولدٍ صالحٍ يُعِنُها على التَقَرُّبَ إلى الله عز وجل .
صَدَقَ الشاعِرُ حينَ قال :
بَصُرْتُ بِالرَّاحَةِ الكُبْرى فَلَمْ أُرَها *** تُنَالُ إلاَّ على جِسْرٍ مِنَ التَعَبِ
القصة السابعة والعشرون :
مُعلِمةٌ ماتت ، تُوفيت إحدى المُعَلِّمَاتْ الدَّاعِياتْ مَعَ زَوجِهَا في حَادِثْ ، وكَتَبَتْ عَنْها بعض الطَالِبَاتْ ، بعض المَقَالاتْ في إِحْدَى الصُحُفْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قالتْ إِحْدَاهُنْ : رَحِمَكِ الله أُسْتَاذَتِي ، جَعَلْتِ جُلَّ اهتِمَامَكِ الدعوة ، وجَعَلتِ نَصْبَ عينيكِ إيقاظُ القُلُوبِ الغافِلَة ، فَأَنْتِ المَنَارُ الذي أَضَاءَ لنا الطريق ، لَنْ يَنْسَاكِ مُصَلَّى المدرسة ، لكن سَيَفْقِدُ صَوتَكِ العَذْبْ ، وكَلامَكِ الرَّصِينْ ، والقِصَصَ الهادِفَة التي تَأْتِينَ بها ، والمَواعِظَ الحَسَنَة ، ولَنْ أَنْسى جُمُوعَ الكَلِمات التي تَصْدُرُ منها ، ولن أنسى المُعلمات ولا الطالبات اللاتي يُسْرِعْنَ لِحُضُورِ درسَكِ في وقْتِ الإِسْتِراحة ، فَسَتَبْقَى كَلِمَاتُكِ ونَصَائِحُكِ مَحْفُوظَةً في جُعْبَتِي لن أَنْساها ما حييتْ .
لا تُنكِروا أَثَرَ الكَلامِ فَإِنَّه ُ أَثَرٌ عَجِيبٌ في النُفُوسِ مُجَرَّبُ
ومَهْما كَتَبْتُ أو دَوّنْتُ فَلَنْ أَصِلَ إلى نِصْفِ ما بذلتيه لنا .
وقالت طالبةٌ أخرى عن هذه المعلمة : ما زَالَتْ كَلِمَاتُها في قلبي إلى الآن ، لمّا قالت لي ناصحةً لي : إنَّ للإيمانِ طَعْمَاً حُلْواً لَنْ يَتَذَوقْهُ إلاَّ مَنْ أَطَاعَ الله عز وجل . مازالتِ القِصَصْ التي قُلْتِيها في قلبي ووجداني ، لقد رأيتُها في المنام قبل وفاتها ، سَمِعْتُ صوتاً حول هذه المُعَلّمَة يقول : هذه المرأة على طريقِ العُلَمَاءْ ، تقول هذه الطالبة : فلمّا أَخْبَرتُها تَبَسْمَّتْ . ـــ رَحِمها الله ـــ على ما بذلته من أعمال الخير .
القصة الثامنة والعشرون :
امرأةٌ أخرى تتمنى أنَّها إذا دَخَلَتِ الجَنَّة ، أَنْ تَجْلِسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ ، وتُصَلِّي وتَعْبُدُ الله عز وجل ، لِحُبِّها للصلاة وتَعَلُقِها بها .
أَشْرِقِي يا مَعْدَنَ الطُهْرِ الثَمِينْ دُرَّةً بالحَقِّ غَرَّاءَ الجَبِينْ
شُعْلَةً تُوقِظُ في أَرْواحِنَا خَامِدَ العَزْمِ وأَنْوارَ اليَقِينْ
يا ابْنةَ الإِسْلامِ يا نَسْلَ الهُلى سََطَّروا الأَمْجَاد بِالفَتْحِ المُبِينْ
فَتَّحُوا الأَقَفَالَ في وجْهِ الضُحى أَسْعَدُوا الإِنْسَانَ في دُنْيا و دِينْ
فَجَّروا تِلْكَ الينَابِيع التي تَسْتَقِي مِنْهَا قُلُوبُ المُؤمِنِين
أَبْشِرِي يا أُخْتُ بالفَجْرِ الذي سَوفَ يأْتِي في عُيونِ القاَدِمين
مُحْصَناَتٍ في خدُوُرٍ زُودَتْ بِالتُقَى و الخلُقِ البَرِّ الثَمِينْ
امْلَئِي الأَرْضَ سَلامَاً وآ سَلام وازْرَعِي الدُنْيا ورُودَ اليَاسَمِينْ
أَنْتِي يا أُخْتَاه إِشْراقَ المُنَى فَاصْعَدِي العَلياءَ بِالدِينِ الحَصِينْ
كُلُّ مَا نَرجُوهُ يا ذَاتَ الضِياء أَنْ تَكُونِي شَرَفَاً في العَالَمِين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . . .
30 قصة من حياة الصالحات المعاصرات
عبد السلام العييري
ـــــــــــــــــــ(82/206)
الحجاب ... إيمان .. طهارة .. تقوى .. حياء .. عفة
...
...
التاريخ : 10/08/2006
الكاتب : إعداد دار القاسم ... الزوار : 2920
< tr>
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد:-
فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها ، وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرضت عليه في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة ، ووحل الابتذال ، أو تكون مسرحاً لأعين الناظرين .
فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم :
أوجب الله طاعته وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [الأحزاب : 36]
وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور : 31]
وقال سبحانه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33] وقال تعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب : 53] وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } [الأحزاب : 59].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" المرأة عورة" يعني يجب سترها .
الحجاب عفة
فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب : 59]
لتسترهن بأنهن عفائف مصونات { فَلَا يُؤْذَيْنَ } فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه { فَلَا يُؤْذَيْنَ } إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر .
الحجاب طهارة
قال سبحانه وتعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب : 53].
فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب ، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب :{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب : 32].
الحجاب ستر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله حيي ستير ، يحب الحياء والستر " وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره "، والجزاء من جنس العمل .
الحجاب تقوى
قال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26]
الحجاب إيمان
والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال سبحانه وتعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } وقال الله عز وجل { وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ}
ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين – عائشة رضي الله عنها – عليهن ثياب رقاق قالت :"إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتين غير مؤمنات فتمتعن به ".
الحجاب حياء
قال صلى الله عليه وسلم :" إن لكل دين خلقاً ، وإن خلق الإسلام الحياء" وقال صلى الله عليه وسلم :" الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة " وقال عليه الصلاة السلام : " الحياء والإيمان قرنا جميعاً ، فإن رفع أحدهما رفع الآخر ".
الحجاب غيرة
يتناسب الحجاب أيضاً مع الغيرة التي جُبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته ، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن ، قال علي رضي الله عنه :" بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج –أي الرجال الكفار من العجم – في الأسواق ألا تغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يغار ".
قبائح التبرج
التبرج معصية لله ورسول صلى الله عليه وسلم
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئاً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ".
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كأسنمة البخت ، العنوهن فإنهن ملعونات ".
التبرج من صفات أهل النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات .. " الحديث .
التبرج سواد وظلمة يوم القيامة
رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متسجدة في ظلمة والحديث – وإن كان ضعيفاً – لكن معناه صحيح وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب ، والطيب نتن ، والنور ظلمة ، بعكس الطاعات فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك .
التبرج نفاق
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" خير نسائكم الودود الولود ، المواسية المواتية ، إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم : هو أحمر المنقار والرجلين ، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء لأن هذا الوصف في الغربان قليل .
التبرج تهتك وفضيحة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ".
التبرج فاحشة
فإن المرأة عورة وكشف العورة فاحشة ومقت قال تعالى :{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء} [الأعراف:28]
والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}[البقرة:268]
التبرج سنة إبليسية
إن قصة آدم مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس كشف السوءات ، وهتك الأستار ، وأن التبرج هدف أساسي له ، قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27]
فإذن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف ، وهو زعيم زعماء ما يسمي بتحرير المرأة .
التبرج طريقة يهودية
لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ".
التبرج جاهلية منتنة
قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33]
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي "، سواء في ذلك تبرج الجاهلية ، ودعوى الجاهلية ، وحمية الجاهلية .
التبرج تخلف وانحطاط
إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية ، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله ، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور :
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين
كأن الثوب ظلٌ في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنكِ ربما لا تشعرينا
التبرج باب شر مستطير
وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبَر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا ، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر .
فمن هذه العواقب الوخيمة :
* تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة ، لأجل لفت الأنظار إليهن .. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة .
ومنها : فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة . ومنها : المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها .
ومنها : الإساءة إلى المرأة نفسها باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبيث طويتها مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء .
ومنها : انتشار الأمراض لقوله صلى الله عليه وسلم :" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ".
ومنها : تسهيل معصية الزنا بالعين : قال عليه الصلاة والسلام : " العينان زناهما النظر " وتعسير طاعة غض البصر التي هي قطعاً أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية .قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء:16]، وجاء في الحديث : "أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب ".
فيا أختي المسلمة :
هلا تدبرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" نَحِ الأذى عن طريق المسلمين " فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فأيهما أشد شوكة ... حجر في الطريق ، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول ، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟
إنه ما من شاب مسلم يُبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله وتصده عن صراطه المستقيم – كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها – إلا أعقبك منها غداً نكال من الله عظيم .
بادري إلى طاعة الله ، ودعي عنك انتقاد الناس ، ولومهم فحساب الله غداً أشد وأعظم .
الشروط الواجب توفّرها مجتمعه حتى يكون الحجاب شرعياً .
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح .
الثاني: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة .
الثالث: أن يكون صفيقاً ثخيناً لا يشف .
الرابع: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق .
الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً .
السادس : أن لا يشبه ملابس الكافرات .
السابع : أن لا يشبه ملابس الرجال .
الثامن : أن لا يقصد به الشهرة بين الناس .
احذ ري التبرج المقنع
إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيراً من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجاباً ، والمعصية طاعة .
لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لو أدها في مهدها بالبطش والتنكيل ، فأحبط الله كيدهم ، وثبت المؤمنين و المؤمنات على طاعة ربهم عز وجل . فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون صوراً مبتدعة من الحجاب على أن أنها "حل وسط " ترضي المحجبة به ربها –زعموا- وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على " أناقتها "!
سمعنا وأطعنا
إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه عز وجل ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي ، حباً وكرامة للإسلام واعتزازا ً بشريعة الرحمن ، وسمعاً وطاعة لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة ، الذاهلة عن حقيقة واقعها والغافلة عن المصير الذي ينتظرها .
وقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:47،48] إلى قوله { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور : 51،52 ]
وعن صفية بنت شيبة قالت : بينها نحن عند عائشة –رضي الله عنها – قالت : فذكرت نساء قريش وفضلهن ، فقالت عائشة –رضي الله عنها -:" إن لنساء قريش لفضلاً ، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله ، ولا إيماناً بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور : 31] فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها ، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته ، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ( أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن ) فاعتجرت به ( أي سترت به رأسها ووجهها ) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه ، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ(82/207)
المرأة و الإبداع
...
...
التاريخ : 10/08/2006
الكاتب : د.هدى بنت دليجان الدليجان ... الزوار : 1775
< tr>
لقد أتى الإسلام بتشريعاته الحكيمة ونصوصه المبينة بالتكريم الإلهي لبني الإنسان عمومًا، وللمرأة خصوصًا، بما حباها الإله –تعالى- من نعم جليلة وصفات جميلة ومشاعر فياضة عميمة، فشهدت المرأة تحولات واقعية في المجتمعات التي تعيش فيها خلال تقلب الأزمان والأماكن، فمن الحضارات الإنسانية من أعلى شأن المرأة ومنها ما أهانها ،وجعلها كسقط المتاع،حتى جاء الإسلام والمرأة في أشد حالاتها انتكاسة وجهلاً وتضييعًا وذلة، فرفع شأنها وأدبها وخاطبها بما خاطب به الرجال العقلاء، وجعلها مؤهلة للتكاليف الشرعية والتصرفات المالية والواجبات الاجتماعية والثقافة الإنسانية.
وتنقلت المرأة في العصور الإسلامية ما بين الزوجة العالمة والأم المربية والمثقفة الأديبة والطبيبة الحكيمة والنسابة الشريفة، وكل ذلك وهي تتدثر بدثار الإسلام وتتحلى بأخلاقه وآدابه، حتى نبتت نابتة الاستعمار في وطننا الإسلامي؛ فتغيرت أحوال المرأة المصونة إلى المرأة المتبذلة المتبرجة التي تبحث عن قضيتها من بين القضايا لتخالط الرجال بكل وقاحة وتستعرض مفاتنها بكل جراءة وخناعة،حتى أصبحت المرأة العصرية هي المرأة التي خلعت ثياب الحياء والدين وأسلمت زمام نفسها لأهل الأهواء وإخوان الشياطين.
ولئن ساغ للمرأة المسلمة – في أزمان خلت وظروف مرت- حينما كانت منعزلة في باديتها، أو مزرعتها، أو قريتها المحدودة، أو وظيفتها المغلقة، أن تكتفي بقدر باهت من الأمور الثقافية والمعرفة الذاتية، فإن هذا الزمان مع كثرة المتغيرات والنوازل الملمات اخترقت السهام ثقافة المرأة القريبة والبعيدة سواء المنغلقة في البيت أم المنفتحة في الوظيفة والتجمعات النسائية،فأصبحت المرأة المسلمة محطة استقبال لصنوف الثقافات البشرية والمطامع الأجنبية ، فكان لزامًا على المرأة المسلمة الواعية أن تواجه التحديات بالأصالة الشرعية والثقافة العميقة الواقعية، وتتكفل بوضع الحلول للمشكلات العارضة ، وتفجير الطاقات الأنثوية الكامنة ،مع الاستقامة الشرعية الكاملة، والإيجابية الفعالة المؤثرة.
وهذا هو الإبداع الحقيقي للمرأة عندما تضع يديها الناعمتين على الداء، وتبدأ بالتشخيص الصحيح وصرف الدواء .
فما هو الإبداع بالنسبة للمرأة؟ وهل نحن بحاجة إلى الإبداع؟ وما هي مقومات الإبداع؟ وكيف تكونين مبدعة؟ أسئلة متناثرة.. حاولت جاهدة الإجابة عنها خلال هذه الورقة.
أولا:ما هو الإبداع؟
لغة : من مادة (بدع) أي أنشأه وبدأه،قال تعالى ( بديع السموات والأرض) [البقرة:117] فالبديع من أسماء الله تعالى ويعني : إيجاد الشيء وإحداثه على غير مثال سابق.
فقد خلق الله تعالى البديع الكون آية في الجمال والكمال والحسن، وغاية في الإحكام والإتقان، فرفع السماء بغير عمد ترونها وجعلها سقفًا مرفوعًا محفوظًا، وخلق الأرض ومد فيها الرواسي الشامخات، وفجر أنهارها، وأخرج ثمراتها، وألبس الليل النهار فجعله ساكنًا، وألبس النهار الليل فجعله مضيئًا معاشًا، وكذا كل مخلوقات الله تعالى.. البديع.. ذي الجلال والإكرام.
اصطلاحًا: الإبداع والابتكار والاختراع مصطلحات مترادفة يراد بها: عملية بشرية تراكمية مرنة، لتطوير فكرة قديمة، أو إيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، لتحقيق إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله. [علي الحمادي- الإبداع1].
وقيل:هو القدرة على إيجاد علاقات بين أشياء لم يسبق النظر فيها ،لاستحداث طريقة جديدة لعمل شيء ما أو استبدال طريقة قديمة. [عبد الإله الحيزان- تنمية التفكير الإبداعي].
محترزات التعريف:
عملية بشرية: أي أن الإبداع عمل مستمر يقوم على أسس عقلية؛ لأن العقل مناط التكليف للإنسان وتكريمه بين المخلوقات.
تراكمية: أي هي القدرة على التحليل والتركيب من الأفكار القديمة فكرة جديدة ولو كانت صغيرة، وهذا يعني الإفادة من مجهودات السابقين وأفكارهم والبناء عليها، فالإبداع لا وطن له ولا قومية ولا احتكار فيه.
مرنة: أي لديها القدرة على التكيف مع الظروف والمتغيرات.
لتحقيق إنتاج متميز غير مألوف، وهذه صفات المنتج الإبداعي أن يكون فيه الجدة والأصالة وملائم للهدف المراد تحقيقه من الفكرة ونافع غير ضار، ومحكم في تركيبه وقوي في جاذبيته للآخرين.
يمكن تطبيقه واستعماله: أي ليس خيالاً فلا يمكن الإفادة منه، ولا مستحيلاً فلا يمكن الوصول إليه.
وهذه خلاصة تنمية التفكير الإبداعي الأنثوي في جميع المجالات الحيوية والهامة.
ثانيا- الفرق بين الإبداع والابتداع:
الأفكار حق بشري مشاع ، بينما الدين حق إلهي مطاع، فلا يمكن تغييره ولا تبديله، قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)[ المائدة:3] فالبدعة هي: كل محدثة في الدين ليس لها أصل في الشرع ، ولم يأذن بها الله ولا رسوله، وقد أحسن الإمام النووي عندما عقد في كتابه الجامع رياض الصالحين، باب في النهي عن البدع ومحدثات الأمور، وذكر فيه حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، أي مردود عليه.
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه؛ فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء ذلك في مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة.
ثالثا:مقومات الإبداع:
تمتلك النفس البشرية طاقات كامنة من المواهب والقدرات التي تؤهلها لبلوغ درجة المبدعين والمبدعات، فالشاعرة المجيدة، والمعلمة الفعالة، والإدارية الناجحة، والأم الماهرة، والمربية الفاضلة، والداعية المؤثرة..؛ يستخدمون قدراتهم الإبداعية بطريقة معينة لتشمل عدة مناحي واتجاهات؛ فالطاقة الإبداعية لعقولنا مصدر غني بالطاقات الخام التي لا تنضب، فضلا عن المهارات الإبداعية التي يمكن أن نتعلمها ونتدرب عليها.
فالمرأة مأسورة –غالبًا- لنمطية معينة في التفكير، تكاد تتجمد عليها، فينضب التفكير وتشح الموارد، فتتراكم المشاكل اليومية والمسائل التربوية التي مجموعة الحل فيها خالية من الحلول، فالإبداع في التفكير ضرورة ملحة لمواجهة التيارات المتلاطمة والأمواج العالية من الفتن والأزمات ، وأصبح أسلوب الإجابة الواحدة الصحيحة ركامًا من الماضي التليد لأن مجموعة الحل مليئة بأنواع الحلول التي يمكن استغلالها بطرق التفكير الإبداعية.
ويمكن إجمال مقومات التفكير الإبداعي بعدة أمور كالتالي:
1- الصحة النفسية للمبدع : يرى علماء النفس التربويون أن المبدع شخصية تمتلك مجموعة من القدرات الظاهرة والسمات الباطنة المنعكسة على السلوك منها:
- التفاؤل: وهي النظرة الطيبة للأمور، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "ويعجبني الفأل : قالوا : وما الفأل يا رسول الله؟ قال: الكلمة الطيبة"، فالتفكير الإبداعي يحتاج إلى هذه الكلمة الطيبة ليندفع بحماس وحكمة نحو الهدف المراد تحقيقه، مع إيمانه اليقيني بالقضاء والقدر خيره وشره.
- المرونة في التفكير: وهي القدرة على التكيف السريع مع المواقف والمشاكل الطارئة، وذلك بأن يمتلك المبدع سيلاً كبيرًا من الأفكار المتنوعة، ويساعده في ذلك طلاقته في التعبير عن هذه الأفكار وتصويرها واقعيًا، فيستطيع تصنيع الحلو من الليمون الحامض، وهذا ما حدث –فعلاً- مع النساء الأوليات المؤمنات المهاجرات اللاتي استجبن لأمر الله ورسوله ، واستطعن التخلص من ركام الجاهلية والانطلاق في فضاء الدين الجديد، فهذه امرأة سعد بن عبادة بعد أن استشهد زوجها بـ"أحد" استولى عم بناتها على ميراثهن ، فأتت رسول الله تسأله عن ذلك، فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فنزل قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم.. )..الآية[ النساء:11]؛ فيقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- ميراث البنتين ، وحق الزوجة ، والباقي للعم. [الحديث في الصحيحين]. فسؤال تلك المرأة الجليلة كان سببًا لفصل الحكم في قضية ميراث النساء إلى قيام الساعة .
- الإحساس بالمشكلات والإدراك الدقيق للثغرات وقراءة ما بين السطور: ويتمثل في الإحساس المرهف للتعرف على المشكلات العادية التي تصبح مع مرور الأيام رانًا ثقيلاً يصعب إزالته وعلاجه، فتدرك تمامًا نواحي القصور في الأفكار الشائعة، وتنظر بعين ثالثة للأمور، ومثال على ذلك: تلك الصحابية الجليلة التي عرضت على رسول الله صنع منبر له يقوم عليه عند خطبته للناس، وذلك عندما ازدحم الصحابة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وضعف صوته أمام الحشود المتوثبة لسماع ورؤية نبضات رسول الهدى نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم-. [أخرجه البخاري].
- التجديد: ويرى المبدع أنه نسيج وحده من الخبرات والقدرات فلا يقبل بتكرار الحلول ولا أن يسد مسد الخبر، فلا يرضى بتكرار نفسه ولا تكرار أفكار غيره،مثل ما ذكر عن أديسون أنه كرر تجربة المصباح الكهربائي1800 مرة لم يكرر إحداها مرتين، يقول: الذكاء والعبقرية1% منه إلهام ووحي،99% عرق وجهد وكفاح .
2- حب التنظيم : وهذه إحدى المقومات المهمة للوصول إلى الإبداع في تنظيم التفكير والوقت والأولويات والأهداف ، فلا يطغى شيء على شيء من الأهداف، فمنهجية التفكير لديه واضحة ودقيقة، فنجد أعماله لوحة رسام رائعة في ترتيب الألوان وتناغم الشخوص.
3- البيئة الواعية: وتتمثل البيئة الواعية في عدة أمور:
-التغلب على العادات: فالعادات هي في الأصل استجابات نمطية متكررة وغير إبداعية لعمل شيء بالطريقة نفسها والظروف نفسها؛ كالأكل والشرب والنوم والاستيقاظ، لكن هناك الكثير من العادات التي تحتاج إلى تغيير في نمطيتها وتطويرها بشكل إبداعي، مثال على ذلك:ما رأته السيدة الزهراء فاطمة بنت النبي- صلى الله عليه وسلم- من انكشاف جسد المرأة المتوفاة وهي محمولة على السرير، فأخبرت أسماء بنت عميس ، فأخبرتها أنها رأت في الحبشة النساء يغطين بالعباءات على سرير الموت، وفي ذلك ستر لهن، وتغيير للنمطية المعتادة فأوصت بذلك رضي الله عنها، ثم غلب ذلك الفعل بالمرأة المحمولة على سرير الموت.
4- تشجيع روح المغامرة والجرأة : وتتمثل حقًّا البيئة الواعية الرفيعة في الجيل القرآني الفريد الذي تخرج من مدرسة النبوة ونهل من معينها الرقراق، فمن أمثلة ذلك: موقف أم عمارة في غزوة أحد، وأم سليم في غزوة حنين، وأم حرام في ركوب البحر.
فالمبدع لا يتملكه الخوف من النقد لينكفئ على نفسه ويطوي أفكاره، لذا قال الله تعالى في وصف المؤمنين: (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم)[ المائدة: 54]. فمادام أن العمل على صواب، فلا يخاف المبدع لومة لائم، ولا داعي لإضاعة الوقت في التفكير في هذا النقد أو الرد عليه ، بل يدير ظهره لَهُ ويتوكل على الله، ومن ذلك بيعة أم عمارة في العقبة الأولى مع النقباء من الأنصار.
5- تسخير الإمكانات المتاحة : فالمبدع يستفيد من تجارب الآخرين ومجهوداتهم الخيرة سواء بالقراءة أو المشاورة أو المحاكاة، ويبني عليها أفكاره ولو كانت مجرد فكرة صغيرة، ولا تكون الظروف التي حوله عائقًا له من الانطلاق نحو الهدف،يقول العالم النفساني (الفرد أدلر):إن من أسمى خصائص الإنسان قدرته على تصيير القوى السلبية قوى إيجابية، ومن أمثلة ذلك :
-المجاهدات الصابرات في أرض الرباط والعراق والشيشان وغير ذلك.
- ذوات الحاجات الخاصة اللاتي يمتلك بعضهن قدرات إبداعية رائعة في التعامل مع التقنيات وغير ذلك.
رابعا: معوقات الإبداع :
الإبداع مهارة عالية يمكن تعلمها بالمراس والتمرين ، لكن قد يعيق تعلم الإبداع بعض الأمور منها:
1- الشعور بالنقص، و عدم الثقة بالنفس وتحقيرها.
2- الانشغال بالأمور الروتينية (زوجة عادية- أم روتينية- معلمة نمطية).
3 - الاكتفاء بالتعليم العادي دون محاولة التطوير والاستمرار فيه.
4- الخوف من النقد.
5- الخوف من الفشل.
6- عدم وضوح الأهداف المستقبلية القريبة والبعيدة.
7- القناعة السلبية بالرضا بالواقع.
8- التشاؤم.
9- التأثر بالبيئة الجامدة.
10- الاتكالية على الآخرين في تحقيق الهدف.
صناعة الإبداع:
أي صناعة حيوية تقوم على عدة معادلات تفاعلية، وتكون بنسب قياسية متوازنة ، مع وجود العوامل المساعدة ، ويمكن تفسير معادلة الإبداع بما يلي:
هل أنت مبدعة؟
نفسية متفائلة + تفكير منظم + هدف واضح+ بيئة واعية إبداع
ويمكن تطبيق معايير الإبداع بقياس مستوى بعض المقومات اللازمة للإبداع، وذلك بحل التمرين التالي الذي يظهر بوضوح مستوى استعدادك النفسي لخوض غمار الإبداع والانطلاق في رحابه الواسعة.
تمرين (1)
ولكي تتمكني من قياس مستوى الإبداع لديك قومي بهذا التمرين –شخصيًا- واكتشفي طاقاتك الإبداعية لعلك تحرريها من قيودها وأغلالها، لتقدمي فكرة إبداعية تكون خطوة في سلم الرقي والحضارة الإسلامية.
حددي المستوى الذي تتمتعين به من خلال القيم التالية:
ممتاز(10-8) متوسط(7-5) ضعيف(4-1)
1- مدى نظرتك المتفائلة للأمور.
2- مدى وضوح أهدافك المراد تحقيقها.
3- مدى قدرتك على تحديد المشكلات.
4- مدى قدرتك على وضع الحلول لها.
5- مدى استفادتك من تجارب الآخرين.
6- مدى استغلالك للوقت وتنظيمه.
7- مدى ثقتك بنفسك واتخاذك للقرارات.
8- مدى التصميم على العمل ولو كانت المحاولات فاشلة.
9- مدى اهتمامك بتشجيع الآخرين أو نقدهم.
10- مدى الجرأة وحب المغامرة لديك.
أخيتي: توقفي الآن ، واجمعي محصلة الدرجات: المجموع (..)
فإذا كان مجموع درجاتك من 100-90 فقدراتك الإبداعية رائعة، وأنت مؤهلة لتكوني في صفوف المبدعات ، فحيهلا بأفكارك وأعمالك الإبداعية.
وإذا كان مجموع درجاتك من 89-75 فقدراتك الإبداعية جيدة، وعليك بالتزود بالتعليم الذاتي في المجال الذي تحبينه، ومراجعة صفات المبدعين، والتحرر من معوقات الإبداع.
أما إذا كان مجموع درجاتك من 74-60 فقدراتك الإبداعية ضعيفة، وكما قال بعض العلماء : إذا لم تزد في الحياة شيئًا فأنت على الحياة زائد، فابحثي عما يشغل بالك وحددي أهدافك وارسمي طريقك بحكمة وأناة ، لعلك في يوم سعيد تنضمين إلى صفوف المبدعات.
----------------------------------
* رئيسة قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية للبنات بالأحساء
المصدر : الإسلام اليوم
ـــــــــــــــــــ(82/208)
رفقاً بالقوارير" يا إعلامنا الإسلامي...!!
عزيزة بنت محمد الشهري
أعتقد من وجهة نظري – كأنثى- أن مناقشة أسباب تغييب المرأة من الظهور الإعلامي في وسائل الإعلام المحافظة أو الملتزمة يجب ألاّ يُناقش إلا في أجواء سليمة وراقية وواقعية حتى لا ننجرف في ظل الأوضاع غير السليمة التي تُمارس في الإعلام المعاصر حتى في الفضائيات والمطبوعات المحافظة.
نحن أمام مشهد تتكون أبرز تفاصيله من صور ثلاث لوضع الصورة المرأة في الإعلام:
1- الصورة الأولى لوسائل أسرفت في ثقافة الجسد للجنسين، فكان جسد المرأة وسيلة جذب للرجل، وكان جسد الرجل وسيلة جذب للمرأة، وهنا تكون المرأة الخاسر الكبير في المعادلة، وبالتأكيد سيكون المجتمع ضحية لهذه الثقافة وخاسراً بانحطاط فكر المرأة.
2- الصورة الثانية لوسائل تعمل على شرعنة مشاركة المرأة وإقحامها في الإعلام، وتظهر هذه المشاركة متأثرة – بقوة- بفكر الصورة الأولى، وهي تعمل بذات المفاهيم "النجومية"، مع أسلمة الصورة من خلال تصيّد الرخص وتطويرها وتحديثها.
3- الصورة الثالثة وهي الصورة التي ترسخها القنوات المحافظة – قنوات المجد تحديداً- وهي الاكتفاء بالصوت النسائي، وتجنّب ظهور صورة المرأة، وهذا ما أدين الله سبحانه وتعالى بحبه والرضا به، وتطمئن إليه نفوس النساء المتدينات والمحافظات – بناء على نقاشات جادة ومكتوبة مع بعض المهتمات بالموضوع- ولكن تبقى صورة الرجل في هذه القنوات هي الإشكال، وهي النقطة التي تكفل لنا إعادة هذا الموضوع برمته للوضع الصحيح.
الوضع الذي يسمح في النهاية بإدراك أن الصورة التي تظهر للجمهور هي صورة تدعم وتعبر عن مضمون يحتاجه الناس، ولا تكون بحال من الأحوال هي الهدف أو المضمون الذي يحمله الإعلام، ولا تكون جاذبة لجنس من الجمهور على حساب الجنس الآخر.
وحتى أكون أكثر وضوحاً فإن ما تعرضه قنوات المجد من صور الرجال بأسلوب إخراجي يعرض حتى أدق تفاصيل وجه الرجال وقامته وجلسته وضحكته تدعو إلى السؤال وبقوة: ألا تُحترم المرأة حتى من الإعلام النظيف وحتى وهي مجرد جمهور؟
أرجو ألاّ يُفهم من كلامي هذا بأنه دعوة إلى إظهار المرأة بنفس الطريقة التي يظهر فيها الرجل أو حتى بأقل منها أو عدم إظهار صورة الرجل كلياً، لا فهذا ليس المطلب، إنما المطلب أن تُحترم المرأة "المشاهدة" (الجمهور) فيكون التركيز منصباً على المضامين، وتُستخدم أساليب الإخراج المناسبة كإبعاد الصورة عن التفاصيل الدقيقة والاكتفاء باللقطات العامة، وأجزم أن المهتمين بالإعلام الإسلامي لديهم القدرة على التنظير الواقعي لمجال الإخراج في الإعلام الإسلامي.
إن قضية النجومية في الإعلام الإسلامي هي نجومية المضامين والدعم الفني التوضيحي لهذه المضامين، أما أن نتحول إلى المدرسة الإعلامية المادية فنستقي منها كيفية تقديم موادنا الإعلامية وطريقة العرض، دون اعتبار لنوع الجمهور والواجبات الدينية التي أُمروا بها، كغضّ البصر، فإن المرأة ستجد أنها لا تستطيع مشاهدة حتى أفضل القنوات في فضائنا!!
في ضوء الوضع القائم تدور الأسئلة والاستفسارات الملحة لدى أعداء الفضيلة.. أين المرأة في هذا الإعلام الذكوري الذي يصنع النجوم وينتجهم؟! أما عندما تقدم مصلحة الرسالة على مصالح الأفراد فلن يكون هناك مسوّغ لهذا التساؤل.
ثم إن هناك أسئلة يجب الإجابة عنها من قبل القائمين على هذه المحطات تحديداً، أهمها:
هل هذا الإعلام موجّه للرجال أم للرجل والمرأة؟
ألستم تعملون في الإعلام الإسلامي بقاعدة الحلال والحرام.. فهل للمرأة "الجمهور" أن تنظر إلى هذا الكم الهائل من الذكور الذين يقدمهم الإعلام بطرق وأوضاع إخراجية تكاد تشبه "الفيديو كليب" أحياناً!!
أنا على يقين أننا لو ضمنا أن قناة فضائية للمرأة لن يشاهدها إلا النساء فقط لتغير حكم مشاركة المرأة وظهورها على شاشات الإعلام... لكن ذلك مستحيل.
كما أن إعلام الرجال للرجال فقط لن يكون بدون قيود وحدود تضبط محتويات الصورة المقدمة..
فكيف عندما يكون الإعلام للجنسين؟
سنظل في ظل الإسراف الفاحش في تقديم آلاف الصور الرجالية دائماً حذرين عن الإجابة عن تساؤل: أين المرأة؟! لكننا عندما نعلم ونعمل بمبدأ أن الإعلام ليس لتسويق الصور وصناعة النجوم، وإنما هو لتقديم الخير والحق، وكل من يمثل هذا الحق والخير بأساليب إخراجية واقعية ومحترمه للمرأة لن نجد حرجاً في الإجابة.
خلاصة القول: إن على القائمين على قنواتنا الحبيبة - المجد- ومجلاتنا الإسلامية القيمة احترامنا كإناث من خلال استخدام أساليب إخراجية غير تلك التي تعلّمها المخرجون ومارسوها في قنوات أو مطبوعات غير ملتزمة، وعليهم الاستمرار في حجب المرأة وتطوير أساليب مشاركاتها المحجوبة والموضوعات التي تناسبها وتحظى باهتمامها، وفي ظني أن هذا ليس عدلاً فقط مع المرأة بل هو إخراج للقائمين على هذا الإعلام من تحمّل آثار قد يتحملونها دون علم منهم ضحيتها امرأة جهلت.
أرجو ألاّ يُنظر للأمر على أنه تكبيل وتقييد وتصيّد للأخطاء، بل هو دعم لمسيرة هذه القنوات والمجلات وترسيخ لمنهجها المتميز ورفق بالقوارير، ورفق بالقوارير، والله من وراء القصد.
ـــــــــــــــــــ(82/209)
المرأة الداعية كيف تنجح في دعوتها
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
ففي عصور الإسلام الفاضلة اشتهرت صحابيات وتابعيات ونساء فقيهات عالمات وأديبات وشاعرات حملن لواء الدعوة والعلم وانطلقن ينشرون في أرجاء المعمورة فانتفع بعلمهن الكثير، فكانوا أقماراً وشموساً في سماء الإسلام الساطعة . واستكمالاً للمسيرة الدعوية ، نقدم للأخت المسلمة الداعية لمحات يسيرة فيما يجب أن تكون عليه لتنجح دعوتها إلى الله .
1- الداعية الناجحة : تأتلف مع البعيدة وتربي القريبة وتداوي القلوب ، قال الشاعر :
احرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجعوها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها *** مثل الزجاجة كسرها لا يشعب
2- الداعية الناجحة : تظن كل واحدة من أخواتها بأنها أحب أخت لديها عند لقائها بها ، قال تعالى : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي )
3- الداعية الناجحة : عرفت الحق فعرفت أهله ، وإن لم تصورهم الأفلام ، أو تمدحهم الأقلام ، قال تعالى : { تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
4- الداعية الناجحة : أذا قرعت فقيرةٌ بابها ذكرتها بفقرها إلى الله عز وجل ، فأحسنت إليها ، قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }
5- الداعية الناجحة : تعلم أنها بأخواتها ، فإن لم تكن بهن فلن تكون بغيرهن قال تعالى : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا }
6- الداعية الناجحة : لا تنتظر المدح في عملها من أحد ؛ إنما تنظر هل يصلح للأخرة أم لا يصلح ؟
7- الداعية الناجحة : إذا رأت أختاً مفتونة لا تسخر منها ، فإن للقدر كرات قال تعالى : { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) ، وليكن شعارك : ( يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك )
8- الداعية الناجحة : ترعى بنات الدعاة الكبار الذين أوقفوا وقتهم كله للدعوة ، والجهاد في سبيل الله ، بعيداً عن الأهل والبيت قال تعالى : { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وفي الحديث : ( من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا ) .
9- الداعية الناجحة : تجعل من بيتها مشغلاً صغيراً تنفع به الدعوة ، والمحتاجين ، كأم المساكين ( زينب ) رضي الله عنها .
10- الدعية الناجحة : تعطي حق زوجها ، كما لا تنسى حق دعوتها حتى تكون من صويحبات خديجة رضي الله عنها ، قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ( صدقتني إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ طردني الناس ، وواستني بنفسها ومالها ، ورزقني الله منها الولد ، ولم يبدلني الله خيرا منها ) .
11- الداعية الناجحة : مصباح خير وهدى في دروب التائهين .. تحرق نفسها في سبيل الله ... ( لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم )
12- الداعية الناجحة : تعلم أن مناهجها على ورق إن لم تحيها بروحها وحسها وضميرها وصدقها وسلوكها وجهدها المتواصل .
13- الداعية الناجحة : لا تهدأ من التفكير في مشاريع الخير التي تنفع المسلمين في الداخل والخارج .. أعمالها تظل إخوانها في كل مكان { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
14- الداعية الناجحة : تنقل الأخوات من الكون إلى مكونه ، فلا تكون كبندول الساعة ، المكان الذي انطلق منه عاد فيه .. بل تشعر دائماً أنها وأخواتها في تقدم إلى الله . { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }
15- الداعية الناجحة : تشارك بقلمها في الجرائد والمجلات الإسلامية والمنتديات ، تشترك فيها وتقوم على إهدائها للأخوات وإرشادهن إلى أهم الموضوعات . والمقال القصير المقروء خير من الطويل الذي لا يقرأ (( أحب الأعمال إلى اله أدومها وإن قلَّ ))
16- الداعية الناجحة : تحقق العلم على أرض الواقع ، كان خلق الرسول الكريم القرآن ، فهي تعلم أن العلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر .
17- الداعية الناجحة : تبحث عن الوسائل الجديدة والمشوقة في تبليغ دعوتها ، ولكن في حدود الشرع وسيأتي الزمن الذي تسود فيه التقنية والمرئيات على الكتب والمؤلفات في اكتساب المعلومات { وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }
18- الداعية الناجحة : لها مفكرة تدون فيها ما يعرض لها من فوائد في كل زمان ومكان " كل علم ليس في قرطاس ضاع "
19- الداعية الناجحة : تعرف في أخواتها النشاط وأوقات الفترة فتعطي كل وقت حقه ، فلنشاط إقبال تستغل ، وللفترة إدبار تترفق بهن (( لكل عمل شرة ولكل شرة فترة ))
20- الداعية الناجحة : غنية بالدعوة فلا تصرح ولا تلمح بأنها محتاجة لأحد لقوله تعالى { يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا }
21- الداعية الناجحة : تعلم أن المال قوة فلا تسرف طلباتها لكماليات المنزل قال تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } وتسخر المال في خدمة الإسلام والمسلمين .
22- الداعية الناجحة : تمارس الدعاء للناس ، وليس الدعاء عليهم ، لأن القلوب الكبيرة قليلة كما في قوله صلى الله عليه وسلم (( اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون )) ، وقد قال تعالى { قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ }
23- الداعية الناجحة : إذا نامت أغلب رؤياها في الدعوة إلى الله فإذا استيقظت جعلت رؤياها حقائق . قال تعالى { هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا }
24- الداعية الناجحة : تطيب حياتها بالإيمان والعمل الصالح ، لا بزخارف الدنيا قال الله تعالى { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
25- الداعية الناجحة : عرفت الله فقرت عينها بالله ، فقرت بها كل عين ‘ وأحبتها كل نفس طيبة ، فقدمت إلى الناس ميراث الأنبياء .
26- الداعية الناجحة : لا تعتذر للباطل من أجل عملها للحق ، وهل يأسف من يعمل في سبيل الله ؟ { قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ }
27- الداعية الناجحة : تكون دائما على التأهب للقاء الله ، وإن نامت على الحرير والذهب !! { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ }
28- الداعية الناجحة : لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت من متاع الدنيا ولو أعطيت ملك سليمان ، لم يشغلها عن دعوة الله طرفة عين ، قال تعالى { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }
29- الداعية الناجحة : لا تفكر في نفسها فقط ، بل تفكر في مشاريع تخدم المسلمين والمسلمات ، قال الله تعالى { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
30- الداعية الناجحة : تسأل الله دائماً الثبات على الإيمان ، وتسأله زيادته ، قال صلى الله عليه وسلم (( اسئلوا الله ان يجدد الإيمان في قلوبكم ))
31- الداعية الناجحة : لا ترجو غير الله ولا تخاف إلا الله . ومتوكلة على الله ، وراضية بقضاء الله .
32- الداعية الناجحة : قرة عينها في الصلاة ، قال صلى الله عليه وسلم (( وجعلت قرة عيني في الصلاة ))
33- الداعية الناجحة : يجتمع فيها حسن الخلق ، فهي ودودة كريمة جوادة .
34- الداعية الناجحة : تتحمل الأذى من كل من يسيء إليها ، وتحسن إليهم .
35- الداعية الناجحة : العلم عندها العلم الشرعي لا الدنيوي .
36- الداعية الناجحة : أولادها مؤدبون ، دعاة ، قدوة ، تربوا في بيت دين وعلم ، لا يولدون للآخرين الإزعاج .
37- الداعية الناجحة : منارة تحتط لنفسها في مجال النسوة ، وفي غاية الأدب والتحفظ ، وهي صادقة في أخلاقها .
38- الداعية الناجحة : منضبطة تعرف متى تزور ومتى تزار ، حريصة على وقتها ليست بخيلة بزمانها ، وليست ثقيلة فتُمل ، ولا خفيفة فيستخف بها .
39- الداعية الناجحة : لا تنس الفقراء وهي تلبس ، ولا تنسى المساكين وهي تطبخ ، ولا تنسى الأرامل وهي تشتري حاجياتها ، ولا تنسى اليتامى وهي تكسو عيالها ، قال تعالى { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }
40- الداعية الناجحة : تسعى على تزويج أخواتها في الله ، لأنها تعلمت من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (( أن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا )) ، فلا تترك أخواتها للهم والوحدة والأحزان ، ولا تهدأ الأخت حتى يتم لأختها الخير والسعادة .
41- الداعية الناجحة : إن وقع عليها بلاء كغضب زوج ، أو إيذاء جار ، تعلم أن ذلك وقع لذنب سبق فعليها التوبة والاستغفار .
42- الداعية الناجحة : تصبر على الدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتصبر على إصلاح عيوب أخواتها ، ولا تتعجل ولا تظن بأحد الكمال ، بل تنصح بلطف وتتابع باهتمام ولا تهمل .
فنسأل الله أن يوجد في أخواتنا وبناتنا مثل هذه الداعية الدرة الثمينة . إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .
ـــــــــــــــــــ(82/210)
رسالة خاصة : ( همسةٌ مشفقةٌ ...لأختي النامصة )
...
...
التاريخ : 02/07/2006
الكاتب : حلال العقد ... الزوار : 2476
< tr>
اشكرك أختي على دخولك ...
وأبدء قولي لك :
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته
السلام على قلبك.... الذي رضي بالله ربا
السلام على قلبك ....الذي رضي بالإسلام دينا
السلام على قلبك.... الذي رضي بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا
أختي الفاضلة...
اسمحي لأخيك المحب ...
أن يهمس في إذنك كلمات من القلب....
تسمعين صوت كلماته ........ بنبراتك....
وتستشعرين صدق نصحه بهتافاتك....
فأكرمي من يموت كمدا لنجاتك.....
أكرميه بحسن استماعك وانصاتك.....
فيا أختااااه....
يامن تحبين الله وتشتاقين لرؤياه......
يامن كل مناك ان يرضى عنك مولاك......
كأني بك وانتِ تصلين تقولين:
( اياك نعبد وإياك نستعين )
كأني بك وانتِ تسجدين تقولين :
( يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )
كأني بك تقولين قبل سلامك :
( اللهم إني اعوذ بك من عذاب جهنم
ومن عذاب القبر وفتنة المحيا.....)
أختي الغالية .....
دعواتك هذه...... تستمطر الرحمات.......من رب الأرض والسماوات...
دعواتك هذه......إبتهالات ومناجاة...... تطلبين بها الفوز والنجاة...
رفعتيها للذي خلقك فسواك وعدلك......في أي صورة ماشاء ركبك...
فتبارك الله أحسن الخالقين ...
أختاااه....
مالي أراك تخالفين الدعوات.....؟؟؟
مالي أراك تستنزلين اللعنات بدل الرحمات؟؟؟
نعم ....أوما سمعتي : ( لعن الله النامصة والمتنمصة )
اتريدين ان تكوني من الملعونات...؟؟!!!!!
اتريدين ان تكوني من المطرودات من الرحمات؟!؟!؟!؟!
اختاااه.....
أي حياة هذه تعيشينها .....
وقد لعنك الله.... ولعنك اللاعنون؟؟؟؟؟
الله يلعنك... ورسوله يلعنك... وملائكته تلعنك .....
والأرض تلعنك والجبال والشجر والدواب ....
الكل يلعن بلعنة الله ورسوله.....
فمن يبقى بعد لعن الله لك ........لا يلعنك؟؟
اختااااه....
اغضبتي مولاك من أجل هواك...؟؟؟
أكل هذا من أجل شعرات ؟؟؟
أمن أجل أن يقال فلانة جميلة ......
وليكن ذلك فقد قيل .........ثم ماذا؟؟؟
ثم تُلعنين كما لُعنت فلانة وفلانة ....
أختاااه...
أي جمال زائف هذا الذي يكون .....؟؟؟
وأي زينة تكونين عليها بنمصك....؟؟؟
أجمل مماخلقك عليه ربك....... ؟؟؟
مالي أراك تتنكرين لخلقة الله التى في احسن صورة سواك؟؟؟
فمالك لاترجين لله وقارا؟؟
أختااااه...
إن جمالك الحقيقي .....
هو : تقواك لربك.....
( ولباس التقوى ذلك خير )
وإن اسلامك الحقيقي....
هو استسلامك لمولاك.....
فيما أمرك ونهاك.......
أختااااه....
اعتذر إليك...... ولن أطيل عليك...
ولكن.........أتدرين لمن تزينتي......ومن اسعدتي وأفرحتي....
إنه ابليس اللعين ....!!!!!!!!
نعم ...يوم أن أبررتي قسمه ...( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله )
أختااااه......
اين تلك الشعرات التي كان ماء الوضوء يغسل مافيها من الخطايا؟؟
اين تلك الشعرات التي كانت تسجد لله معك يوم تسجدين لرب العالمين
أختااااه ......
اخيرا اقولك لك .....
والله ثم والله .....
إن جمالك ....إيمانك
وقبولك لدين الله وإذعانك...
( ومن يؤمن بالله يهد قلبه )
فهيا أختاااه....
توضئي لله وصلي ركعتين وقولي :
رباه قد تبت اليك مماجنيت ...
فلاترد من تاب وعاد اليك....
اعتذر من سوء قيلي ....
واعتذر أيضا من تطويلي.....
جعلكِ الله ممن يعملون بعد السيئة الحسنة.....
وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.....
المرسل :
أخوك / حلال العقد
رسالة خاصة : ( همسةٌ مشفقةٌ ...لأختي النامصة )
حلال العقد
ـــــــــــــــــــ(82/211)
أختاه احذري ما يكتبون
الشيخ محمد بن علي السعوي
من الجوانب التي تولاها الإسلام بالعناية والرعاية، وأحاطها بسياج منيع من الصيانة والحماية، الجانب المتعلق بالمرأة وشئونها، ومسؤوليتها في الأمة، ومكانتها في المجتمع، وما لها من حقوق، وما عليها من واجبات، لأن المرأة هي التي يقوم عليها عمود الأسرة، فإذا طابت نشأتها، واستقامت تربيتها، وصلح حالها، كانت الأمة رفيعة المكانة عالية القدر، لأن المرأة هي الأم الرؤوم المشفقة، والزوجة المؤنسة، والأخت الكريمة السارة، والبنت اللطيفة البارة.
لقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها كاملة، وهي مكرمة معززة، مصونة من الابتذال، ومحفوظة أنوثتها من الاستغلال، فالإسلام لا يستغل أنوثة المرأة في التخلي عن عفتها وطهارتها، مقابل تشغيلها في الأعمال والوظائف، كما هو الحال في الحضارة الغربية.
إن المرأة في المجتمعات الغربية بل وفي بعض الدول العربية مع الأسف إذا تزوجت فإنها تفقد اسم أبيها وعائلتها الذي هو عنوان هويتها، واستقلال شخصيتها، وتُلحق بعائلة زوجها، وهذا أمر بالغ الدلالة على حقيقة تبعية المرأة وذلتها عند الكفار وعند أتباعهم الموالين، أما في الإسلام فالمرأة لها هويتها المتميزة، وشخصيتها المستقلة سواء قبل الزواج أو بعده.
إن المساواة المطلقة أيها المسلمون بين الرجل والمرأة جمع بين مختلفين، ولقد فرق الله بينهما في قوله: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى)) (آل عمران: 36).
فتحميل المرأة أعمالاً هي من خصائص الرجال يعتبر مصادمة للفطرة، وإفسادًا للمرأة، وجناية على المجتمع.
إذ للرجل من الوظائف والخصائص ما يليق به، وللمرأة كذلك.
فمواهب الرجل واستعداداته الفطرية لا تماثل مواهب المرأة، ولا تطابق استعداداتها الفطرية، فالرجل في الغالب يمارس مهنته خارج المنزل،
وهو مكلف في السعي لطلب الرزق، وعمارة الأرض، لينفق على أهله
ويوفر لهم كل مطالبهم واحتياجاتهم الدينية والدنيوية من التعليم والإرشاد، وإيجاد السكن، وتوفير اللباس والغذاء والدواء، بينما المرأة معفاة من هذه المطالب والتكاليف لتتفرغ لمهمتها الأساسية وهي رعاية البيت، والعناية بالشئون الداخلية من تربية وتوجيه وخدمة، ليكون البيت سكنًا وراحة، مع ما تتحمله من حمل وإرضاع، وعناية بالأطفال. وغير ذلك مما يتعلق بها مما لا يقوم به غيرها.
فعلى المرأة المسلمة أن تحذر مما يكتبه متبعو الشهوات، ومثيرو الشبهات الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وعليها أن تستمسك بالدين الحق، وأن تعتصم بالله - تعالى -، وأن تأخذ العبرة من أحوال الكفار والكافرات، يقول أحد الكتاب الكفار لما رأى من تبرج النساء عندهم وما حصل من الشرور والمشاكل من جراء ذلك وما علمه عند المسلمين من سلامة من ذلك بسبب تحفظ المسلمات، قال: إني أغبط المسلمين على صونهم لنسائهم.
29/8/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/212)
لا تحزني
...
...
التاريخ : 02/07/2006
الكاتب : المستبشرة ... الزوار : 2532
< tr>
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله... أما بعد:
أختاه.. يا من تملّك الحزن قلبها.. وكتم الهمّ نفسها.. وضيّق صدرها.. فتكدرت بها الأحوال.. وأظلمت أمامها الآمال.. فضاقت عليها الحياة على سعتها.. وضاقت بها نفسها وأيامها.. وساعتها وأنفاسها !
لا تحزني.. فما الحزن للأكدار علاج.. لا تيأسي فاليأس يعكر المزاج.. والأمل قد لاح من كل فج بل فجاج !
لا تحزني.. فالبلوى تمحيص.. والمصيبة بإذن الله اختبار.. والنازلة امتحان.. وعند الامتحان يعز المرء أو يهان !
فالله ينعم بالبلوى يمحصنا *** من منا يرضى أو يضطربُ
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك؟ ! إن يكن سببه مرض.. فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء.. قال : { من يرد الله به خيراً يصب منه }، وقال الله جل وعلا: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين } [الشعراء:80].
وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة فتأملي خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر:53].
وإن يكن سبب حزنك ظلم حلّ بك من زوج أو قريب أو بعيد، فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلان والذل. فقال تعالى: { وَاللّهُ لاً يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم: { وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين }.
وقال سبحانه: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [المجادلة:1].
وإن يكن سبب حزنك الفقر والحاجة، فاصبري وأبشري.. قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [البقرة:155].
وإن يكن سبب حزنك انعدام أو قلة الولد، فلست أول من يعدم الولد، ولست مسؤولة عن خلقه.
قال تعالى: { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً} [الشورى:50،49].
فهل أنت من شاء العقم؟ أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك ! وهل لك لأن تعترضي على حكم الله ومشيئته ! أو هل لزوجك أو سواه أن يلومك على ذلك.. إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباً لحكم الله ومعقباً عليه..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله !
لا تحزني.. مهما بلغ بك البلاء ! وتذكري أن ما يجري لك أقدار وقضاء يسري.. وأن الليل وإن طال فلا بد من الفجر !
وإليك أختي المسلمة.. كلمات نيرة تدفعين بها الهموم.. انتقيتها لك من مشكاة النبوة لننير لك الطريق.. وتكشف عنك بإذن الله الأحزان.
أولاً: كوني إبنة يومك
اجعلي شعارك في الحياة:
ما مضى فات والمؤمل غيبُ *** ولك الساعة التي أنت فيها
وأحسن منه وأجمل قول ابن عمر رضي الله عنه: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه البخاري].
إنسي الماضي مهما كان أمره، انسيه بأحزانه وأتراحه، فتذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً وإنما ينكد على يومك، ويزيدك هموماً على همومك. تصوري دائمك أنك وسط بين زمنين:
الأول: ماض وهو وقت فات بكل مفرداته وحلوه ومره، وفواته يعني بالتحديد عدمه فلم يعد له وجود في الواقع وإنما وجوده منحصر في ذهنك.. ذهنك فقط ! وما دام ليس له وجود.. فهو لا يستحق أن يكون في قاموس الهموم.. لأنه انتهى وانقضى.. وتولى ومضى !
والثاني: مستقبل وهو غيب مجهول لا تحكمه قوانين الفكر ولا تخمينات العقل.. وإنما هو غيب موغل في الغموض والسرية بحيث لا يدرك كنهه أحد.. { قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } [النمل:65]، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34].
إذاً فالماضي عدم.. والمستقبل غيب !
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولّت.. ولا تتشاءمي بأفكار ما أحلت ! وعيشي حياتك لحظة.. لحظة.. وساعة ساعة.. ويوماً بيوم !
تجاهلي الماضي.. وارمِ ما وقع فيه في سراب النسيان.. وامسحي من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان.. ثم تجاهلي ما يخبئه الغد.. وتفائلي فيه بالأفراح.. ولا تعبري جسراً حتى تقفي عليه.
تأملي كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال: { اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وقهر الدين وغلبة الرجال } [رواه البخاري ومسلم].
فالحزن يكون على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها.. والهم يكون بسبب الخوف من المستقبل والتشاؤم فيه.
أختي المسلمة.. يومك يومك تسعدي.. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة.. واجتهدي في لحظاته بالصلاح والإصلاح.. استثمري فيه لحظاتك في الصلاة.. في ذكر الله.. في قراءة القرآن.. في طلب العلم.. في التشاغل بالخير.. في معروف تجدينه يوم العرض على الله.. { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً } [آل عمران:30].
ثانياً: تعبدي الله بالرضى
لا تحزني.. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها.. اهتفي بهذه الكلمات عند أول صدمة.. تنقلب في حقك البلية.. مزية.. والمحنة منحة.. والهلكة عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155-157].
استرجعي عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعند المرض والمصيبة.. وأبشري بالرحمة من الله وحده !
ثالثاً: افقهي سر البلاء
لا تحزني.. فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة.. لا يخلو منه.. غني ولا فقير.. ولا ملك ولا مملوك.. ولا نبي مرسل.. ولا عظيم مبجل.. فالناس مشتركون في وقوعه.. ومختلفون في كيفياته ودرجاته.. { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } [البلد:4].
طبعت على كدر وأنت تريدها *** خالية من الأنكاد والأكدار
هكذا الحياة خلقت مجالاً للبلاء.. { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [الملك:2].. { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ } [محمد:31].. إذن فسر البلاء هو التمحيص ليعلم المجاهد فيأجر.. والصابر فيثاب !
لا تحزني.. واستشعري في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !.. تثبتي وتأملي وتمالكي وهدئي الأعصاب.. وكأن منادياً يقول لك في خفاء هامساً ومذكراً: أنت الآن في إمتحان جديد.. فاحذري الفشل.
تأملي قوله : { من يرد الله به خيراً يفقه في الدين } [رواه البخاري]، ثم قوله : { من يرد الله به خيراً يصب منه } [رواه البخاري].
فطالب العلم.. والمبتلي بالمصائب يشتركان في خير أراده الله لهما.. وهذا أمر في غاية الأهمية فقهه !
فكما أن العلم شرف.. يريده الله لمن يحب من عباده ! فكذلك البلاء شرف يريده الله لمن يحب من عباده ! يغفر به ذنباً.. ويفرج به كرباً.. ويمحي به عيباً.. ويحدث بعده أمراً لم يكن في الحسبان.
{ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [الطلاق:1]، وفي الحديث: { إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط } [رواه البخاري].
رابعاً: لا تقلقي
المريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد.. { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } [الشرح:6،5].
لا تحزني.. فإنما كرر الله اليُسْر في الآية.. ليطمئن قلبك.. وينشرح صدرك.. وقال : { لن يغلب عُسر يُسرين }.. العسِير يعقبة اليُسر.. كما الليل يعقبة الفجر..
ولرب ضائقة يضيق بها الفتى *** وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فُرجت وكنت أظنها لا تُفرج
خامساً: اجعلي همك في الله
أُخية.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض.. فاجعلي همك في السماء.. ففي الحديث: { من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك } [صحيح الجامع: 6189].
لا تحزني.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال.. { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [الحديد20].
إذا آوى إليك الهم.. فأوي به إلى الله.. والهجي بذكره: ( الله الله ربي لا أشرك به أحداً )، ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )، ( رب إني مغلوب فانتصر )، فكلها أورد شرعية يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب.
اطلبي السكينة في كثرة الإستغفار.. استغفري بصدق مرة ومرتين ومائة ومائتين وألف.. دون تحديد متلذذة بحلاوة الاستغفار.. ونشوة التوبة والإنابة.. { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة:222].
اطلبي الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح، والتهليل، والصلاة على النبي الأمين ، وتلاوة القرآن، { أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].. { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [الإسراء:82]..
لا تحزني.. وافزعي إلى الله بالدعاء.. لا تعجزي ففي الحديث { أعجز الناس من عجز عن الدعاء } تضرعي إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبار الصلوات.. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيةً إليه.. باكيةً لديه.. سائلةً فَرَجُه ونَصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب المُلحين في الدعاء.. { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة:186].
لا تحزني ولا تيأسي.. { إِنَّهُ لاً يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف:87].
ستنجلي الظلمة.. وتولِّ الغمة.. وتعود البسمة.. فافرشي لها فراش الصبر.. وهاتفيها بالدعاء والذكر.. وظني بالله خيراً.. يكن عند حسن ظنك..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ(82/213)
أي المرأتين أنت ؟!
...
...
التاريخ : 04/06/2006
الكاتب : يسري صابر فنجر ... الزوار : 3160
< tr>
حديثي إليك أختي المسلمة حديث عفة وطهارة ،كرامة وصيانة ، فوز ورفعة ، لقد جرب الأعداء لأغوائك كل السُبل وسلكوا لذلك كل الطرق وجمعوا له الحيل والخدع وزينوها بطرق شتى ، ووسائل متفرقة ، وقوى متعددة ، ويمكرون بك فإن كنت بتعاليم دينك متمسكة ، وبثياب العفة متسلحة ، وعلى أنوثتك محافظة ، ولجمالك صائنة ، وللأمانة حاملة ، ولرسالة ربك داعية ، فمكرهم إلى زوال ، وسعيهم إلى سراب، وعملهم إلى بوار.
أختي المسلمة لا مساومة على العفة والطهارة وإن سموها حرية أو حقوقاً ولا مداهنة في الأعراض والغواية وإن سموها تحضراً ورقياً .
أختي المسلمة سيري على دربك مؤمنة بربك ثابتة على فطرتك .
أختي المسلمة اعملي ما شئت فلن يغني عنك أحد من الله شيئاً ( لا أبوك ولا أمك ولا ابنك ولا أخوك ولا زوجك ولا مجتمعك ... لن يغنوا عنك من الله شيئاً)
أختي المسلمة أمامك امرأتان وطريقان فأي المرأتين تكونين وأي الطريقين تسلكين
قال ربك سبحانه "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " [ التحريم : 10ـ 11 ]
قال العلامة عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ : هذان المثلان اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين، ليبين لهم أن اتصال الكافر بالمؤمن وقربه منه لا يفيده شيئًا، وأن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئًا مع قيامه بالواجب عليه.
فكأن في ذلك إشارة وتحذيرًا لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، عن المعصية، وأن اتصالهن به صلى الله عليه وسلم، لا ينفعهن شيئًا مع الإساءة، فقال:
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا } أي: المرأتان { تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ } وهما نوح، ولوط عليهما السلام.
{ فَخَانَتَاهُمَا } في الدين، بأن كانتا على غير دين زوجيهما، وهذا هو المراد بالخيانة لا خيانة النسب والفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، وما كان الله ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيًا، { فَلَمْ يُغْنِيَا } أي: نوح ولوط { عَنْهُمَا } أي: عن امرأتيهما { مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ } لهما { ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } .
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها، وسؤالها لربها أجل المطالب، وهو دخول الجنة، ومجاورة الرب الكريم، وسؤالها أن ينجيها الله من فتنة فرعون وأعماله الخبيثة، ومن فتنة كل ظالم، فاستجاب الله لها، فعاشت في إيمان كامل، وثبات تام، ونجاة من الفتن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء، إلا مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام " رواه البخاري ومسلم.
وقوله { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: صانته وحفظته عن الفاحشة، لكمال ديانتها، وعفتها، ونزاهتها.
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم، فجاء منها عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ، الرسول الكريم والسيد العظيم.
{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة، فإن التصديق بكلمات الله، يشمل كلماته الدينية والقدرية، والتصديق بكتبه، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل، ولهذا قال: { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي: المطيعين لله، المداومين على طاعته بخشية وخشوع، وهذا وصف لها بكمال العمل، فإنها رضي الله عنها صديقة، والصديقية: هي كمال العلم والعمل.
أختي المسلمة هناك أمثلة حية في واقعنا المعاصر تمردت فنقلت روايات الفحش والرزيلة والبذاءة من الغرب ( وإن ادعت أنها من واقعنا المحافظ ) ، وأقامت المؤتمرات ، وسنت القوانين لتخالف الثوابت الشرعية وتميع الفروق الفطرية وتحارب الفضيلة وتنشر الرزيلة .
وهناك أمثلة حية في واقعنا المعاصر صنعت روايات العفة والطهارة وأقامت الثوابت الشرعية وحافظت على الفروق الفطرية ونشرت الفضيلة وحاربت الرزيلة.
هناك من أرادت أن تكون رجلاً فتمردت على محارمها من أب أو أخ أو زوج ..... وبحثت عن غيرهم،وهناك من غضت الطرف عن غير محارمها .
هناك من تركت تربية أبنائها وتخلت عنهم وخرجت تبحث عن أبناء آخرين تربيهم ونسيت أن فاقد الشئ لا يعطيه،وهناك من ربت أبنائها وصنعتهم على عينها لتقيم بهم المستقبل لهذا الدين.
هناك من تركت فراغاً في بيتها لتصنعه في بيوت وشركات الآخرين،وهناك من ملئت البيت بفيض حنانها ودقة تدبيرها لتكون سيدته الأولى ، وملكته التي لا عوض عنها.
هناك من بخلت على بيتها وأهلها بالعطايا والوداد وبحثت خارجه عمن تعطيه دون مقابل وتزوده بغير ثمن ، وهناك معطاءة لأهلها وبيتها ودودة إليهم .
هناك من تفانت في إفساد بيتها وتنصلت من أهلها تحت تزيين الشيطان وإغوائه ، وهناك من تفانت في إصلاح بيتها وصلاح أهلها ووقفت وثبتت ضد إغواء الشيطان وتزيينه هناك ....... وهناك ....
فمع من تكونين أختي المسلمة ومع أي المرأتين أنت قلباً وقالباً عملاً ودعوة .
أختي المسلمة أحاطك الله بسياج من الكرامة والعفة والطهارة والوقاية فحافظي عليها واصبري وصابري ورابطي مع أهل الفضيلة حتى تلقي ربك طاهرة نقية عفيفة تقية.
أسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ويرزقك البر والتقوى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــ(82/214)
حياتنا والبعثرة المؤسفة!!!
...
...
التاريخ : 14/05/2006
الكاتب : أ/ سارة السويعد ... الزوار : 1821
< tr>
أعمال تحت التنفيذ ، وأطروحات مسجلة في القائمة ، وأفكار فور التطوير ، وبعثرة مؤسفة في حقوق النفس..
فماذا تعني البعثرة في قاموس الطامعين بالتفوق والوصول دعوة ونشاطاً وخدمة لدين الله في شتى المجالات .
هي لا تعني فشل الأعمال والمشاريع.. إنما تعني استهلاك وقت أكثر في انجاز عمل أقل و(لقليل دائم خير من كثير منقطع )!
هي لاتعني فساد وانتهاء صلاحية الفكرة ....ولكنها تعني انعدام الدقة والتنظيم أكثر .
هي تعني ازدحام الخُطط ، واضطراب النفس في تنظيمها وفق الأنسب والمحبب لا وفق الأصعب المتعب .!
هي تعني إهدار الطاقات في جهدِ لربما أستطاع إكمالُ مسيرته البسطاء وقليلي الإنجاز .!
وكما أن ازدحام الأعمال على أُناس نصبوا قامتهم خدمة لله ، وبذلاً له وفق ما يرون أنفسهم قادرة عليه لهو أمر مؤسف للغاية، فإن تشخيص النفس هل هي مبعثرة أمر مهم وحتم لا زم ليهنأ كل فرد منا بنفسه أولاً ثم بحياته ، ومن القبيح حقاً أن نرضى بالتخبط والارتجالية في الأعمال لنكون ( كالمنبت لا ظهر ابقي ولا أرضاً قطع ).
إننا كثيراً ما نخترق حاجز الركود، بمجرد فكرة جالت في خواطرنا ، نبدأ العمل بعد التخطيط الجيد فكرة تتبعها فكرة ثم أخرى وأخرى ونعيش في دوامة التفكير بالإنجاز نرغب به، والوقت لا يسمح بتنفيذها كلها مباشرة ... وهنا تكمن المشكلة وهي البعثرة :.
ولا عجب فالإنجاز مطلب محمود العاقبة ومقصود مهم لكل حييّ القلب فكيف بنا نحن النساء ، وتواتر الإعمال على أجسادنا مؤذٍنٌ بالبعثرة، بالإضافة لما ترميه الصحافة على كواهلنا من مناقضات وانهيارات لمفهوم الإنجاز !!.
أرجو أن تدرك بعض المُنتجات ثقل أحرفي هذه لأن حياتهن رغم ما تفيض من طموحات إلا أنها بلا منازع
بعثرة x بعثرة ولرغبتي بزيادة مستوى الإنتاج ، وفوقيه المكانة
كتبت هنا للكل .. فحذاري من البعثرة
حتى لاتكوني مُبعثرة:.
سأضع هنا الأطر السليمة لتقويم ما أعوج ولملمة ما تبعثر .. فدونك إياها..
• اقتطعي من وقتك ولو يسيراً لقراءة الكتب المهتمة بإدارة الوقت من أمثال .. "كيف تزيد من طاقتك الإنتاجية" ، "فن إدارة الوقت" ، " ابدأ بتحفيز نفسك .....حتى لا تكون كلاّ" . وغيرها كثير مترجمة كانت أم عربية.
• ابتعدي عن ضياع الوقت واستهلاك الكثير منه في انجاز عمل قليل بل اتجهي نحو عمل أقل تحبه نفسك وهو حتماً سيفوق وقت من لا تحبه.
• اجعلي نسبة الإنتاج في يومك على الأقل60% وإذا لم تكن كذلك فأنتٍ مع الأسف مبعثرة فأعيدي حساباتك.
• أجليّ ما يتطلب منك تدريب وتطوير لإتقانه إلى أقرب وأوسع وقت ولا تلٍجي أرضه حتى تتقني ما بيدك.
• التفكير والتعلق في عمل معين أمر غير محمود يكفيك مبدئياً دراسة إمكانيات نفسك ونتائج المشروع لا النوم عليه .
• لا تهملي تنمية وتطوير ذاتك فهي بحاجة لذلك أكثر من حاجتها للطعام والشراب .
• احذري تراكم الأعمال والمشاريع على نفسك ..... فلقد رأيتها أهلك للنفس والله .
• رتبي أعمالك ترتيباً منطقياً قادرة عليها لا مُباٍلغة ولا مُفرٍطة، واعقدي عقد صلح مع وقتك واكتبيه في ورقه قريبه أو في هاتفك النقال .
• حددي الهدف والنتيجة من كل مشروع مراد قبل الشروع فيه وهذا أقوى حافز للمضي أو الإلغاء والبعثرة .
• ثقي أن المرونة والسهولة في التفكير بطرح الإيجابيات أولاً فهي المحببة للنفس ثم البحث عن السلبيات أفضل من الشروع في العمل مباشرة .
• حاولي الإسراع بإتقان في أي مشروع ترغبين الإتيان به أو اتركيه غير آسفة، واحصري احتياجاتك دائماً.
• النمطية الواحدة والإستراتيجية المعقدة ليس لها في ترقية الروح قدر أنمله.....فلينتبه لذلك.
• إنشاء صندوق للذات تكتنزين فيه أمتع ما يفيد ويعلو بذاتك وقدراتك من قراءة كتب أو حضور دورات أو محاورة مبتكرين ....مهم للغاية .
• النظر في أمورك ومشاريعك من جهة واحدة ( الإقدام فقط ) هو منحى خطير وبعثرة محققه .....فأدركي ذلك.
• لا تجادلي مطلقاً في التفاصيل مالم تكن مهمة قطعاً لمشروعك لأنك إذا كسبتي فإنك لن تكوني كسبت أي مصلحة فالقضية جدال.
• أوجدي النية في كل خطة وفكرة تتربع على عرش فكرك قال الحسن عن عمر -رضي الله عنهم ( ما ظننت عمر خطا خطوة إلا وله فيها نية ).
• من الآن استدركي ما فاتك ولممي بعثرتك خشية أن يحين عليك زمن تتحسر ين فيه على بعثرتك وقلة إنتاجك .
• لا تتنازلي أبدا عن عمل أو مشروع ابتدأ تيه إلا في أشد الأمور كخلل في الصحة أو ضعف في الإمكانيات وألجئي إلى صاحبة تكمل مسيرتك .
• ربما يصادفك مصيبة أو محاولة تثني عزمك ،تقدمي وفكر ي بالتنظيم رغماً عنها وابتسمي فأنت لا تحبين البعثرة .
• بعثرة .. فوضوية .. تشتت .. ارتجالية .. سمي ما شئتٍ كل الأوصاف تنُم عن حياة بائسة مهما جنيتٍ الثمرة فلقد كان الأولى بك أن تجني ثماراً لا ثمرة ........فإياك أن تكوني بائسة .
ختاماً : تدبري قوله تعالى ( ومن يهن الله فماله من مكرم )
وإياك أن يتضاءل نورك لتكوني عشوائية مبعثرة.
ـــــــــــــــــــ(82/215)
موعد مع الحياة - رسالة إلى متبرجة
لو كان الظبي مطواعًا سهل الصيد والانقياد لما افتتن به الصيادون أو عشقه العامة، ودفع الخاصة لأجل الظفر به الأموال وتحملوا مشاق السفر وعناء البحث وويلات المسافات في سبيل صيده أو الحظو به. والمرأة كالظبي تقترن غالبًا بجماله وتمنعه والافتتان به، لكن هذا الأمر لا ينطبق على المرأة العارضة جسدها في سوق الأثمان البخسة، والتي لا تنتسب للإسلام أو التي لا تحمل منه إلا اسمه.
في أصل الفطرة المرأة مقرونة بالحياء. وهو صفتها الأولى: كثير من السلوكيات والأفعال يقوم بها الرجال لا تقوم بها المرأة ولا تليق بها، كأمور القتال والخصام والجهاد ومجابهة الأحداث والرجال، وفي هذا يقول الله - سبحانه وتعالى - واصفًا المرأة {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18]، أي المرأة.
وهذا بالفعل ما يحكيه سلوك كثير من النساء حتى بعض المتبرجات أنفسهن وهو مما يدل على أن الحياء في أصل المرأة لكنها تقلّد على غير هدى.
وأستشهد بمثال لإحدى الضيفات عبر برنامج تلفازي كانت ترتدي 'جونلة' قصيرة، بين اللحظة والأخرى تشدها إلى الأسفل في محاولة لستر ما ظهر، رغم أنها هي من كشفت عن مفاتنها، فالأصل في المرأة الحياء، لكنها مخلوق ضعيف، وهي تابعة للرجل، قابلة للإيحاء وسهلة الانقياد، ونقطة الضعف لديها أن يعتز إنسان بجمالها، وينبهر بمحاسنها، ولهذا الأمر سقط كثير من النساء في كيد الكائدين وحبائل الشياطين. وإذا ضعف الإيمان ضعف كل ما يتصل به، وفي مقدمة ذلك الحياء الذي لا يأتي إلا بخير، والذي هو 'شعبة من شعب الإيمان' كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة، وهو مما تتميز به المرأة المسلمة عن المرأة الغربية الخالعة، التي أدى بها المآل للفشل والتعاسة كما يقر بذلك كثير من النساء في تلك المجتمعات.
إن الستر والحياء اللذين يدعو إليهما ديننا الحنيف، ويقرهما بل ويقرنهما بالمرأة من الأمور الراقية ومن النعم الكبرى، ومما يصل بالمرأة ومجتمعها إلى التقدم والنضج والأهلية الكاملة لأداء رسالتها في الحياة، بل مما يطمئن على سلامة الأجيال القادمة وسلامة المجتمعات وتطورها الحقيقي.
المرأة مخلوق لطيف، جاء الإسلام فقدّرها ورعاها وحفظ لها كرامتها وصانها عن الفساد والانحلال، بل ورفعها إلى مكانة عالية لم تكن لتبلغها لولا هذا الدين.
لكن نساء سقطن في مكائد الشيطان وحبائله، بالجهل غالبًا، وباسم التحضر المزعوم تارة، وغرّتهن زخارف الأقوال وظاهر الأمور عن حقائقها وبواطنها بل ومآلها.
وكم هو مؤلم ومؤسف أن تتعلق النساء بالقشور وتصدق كل ما يقال أو يُفعل لأغراض دنيئة لا شك أنها لا تخدم المرأة أو تنجيها من العذاب الأليم.
لم ينجح المغرضون في سلب الحياء المطلق من المرأة في المجتمعات المحافظة من خلال الدعوة إلى ترك الحجاب، ولكنهم فتنوها في أشكاله وألوانه الملفتة للانتباه لتخرج عن أصل الهدف إلى الانشغال بغيره، وهكذا هي خطوات الشيطان والنتيجة واحدة: الضلالة والانحراف. مسكينة تلك المرأة التي تُصدق كل ما يقال عن الموضة والجمال المزعوم على حساب القيم الدينية المتأصّلة وعلى رأسها الحياء؛ لأنه في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح والبراهين عديدة. وأستشهد على ذلك ببعض الأمثلة: إحدى المصدومات بالصديقة والصداقة كما تدعي جاءت إليَّ محبطة تبكي وتشتكي قلة الوفاء وغدر الصديقات عندما رفضت صديقتها خطبتها لأخيها. وانتخبت أخرى غريبة وهي الصديقة المصدوقة الوفية الملازمة والأمر واضح وضوح الشمس، فهذه الصديقة ذات الأظافر الطويلة، والقصة الفرنسية والحجاب الناقص أو غير اللائق لا تنفع لأن تكون العروس المناسبة أو الإنسانة التي يشهد لها الجميع بالصلاح، صلاح الظاهر على الأقل ما دام صلاح الباطن لا يعلمه إلا الله.
والحقيقة أن المرأة الساترة تفرض احترامها حتى على الأقل تدينًا، وهي محل الثقة والتقدير...والعكس تمامًا.. بل كيف يحترم الناس مهرجًا في السيرك يغير في شكله ليضحك الناس بل ليضحكهم عليه؟! كيف يثق الناس بالمتذبذب، والإمعة، والمندفع، والسطحي.
ومما يدعو إلى مزيد من القهر والألم أن من وضع عراقيل الشعارات الضالة أمام النساء ومن يحاول تجريدهن من ثياب العفة والفضيلة هو نفسه أول من ينظر إليهن نظرة الازدراء والتهكم ما إن يقعن في شراكه ويمضين في سبيله.
والأشد ألمًا أن تنشد المرأة السعادة والرقي وهي من يحاول اغتيالها بين يديها، وتبغي السمو، وهي من تهوي بنفسها في قاع الضلالات.
نعم لا يصح إلا الصحيح، وهذه النتيجة يصل إليها المتغربلات في أوحال الفن النتنة، عندما لا تجد إحداهن من يتزوجها، أو تستحيل حياتها الزواجية إلى شقاء ومسرح خيانات ومشكلات زواجية مستمرة والله - تعالى -لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وبالمقابل، ما أصاب الإنسان من مصيبة أو شقاء أو تعاسة فمن نفسه، ومعاصيه، والسفور عصيان أمر رباني واضح.
إن من يبحث عن الستر يجده، ومن يريد السلامة يسلم. الخمار تاج المرأة المصون، وليس سببًا للتخلف والرجعية. وهذا ما أقرت به إحدى نساء الغرب التي صدمت في طريقها للالتزام بإحدى بنات المسلمين ـ وهي تقفز كالكنغر في بنطلون الجينز الضيق في إحدى المحلات التجارية ـ بعد أن سألتها مستنكرة: لماذا تخلعون الخجاب هنا... ألستم تؤمنون برب واحد... وهو هنا كما هو هناك؟
وعودًا على بد.. لقد كان الجمال لؤلؤة بيضاء داخل محارة مغلقة يغامر الرجال من أجلها، ويتحملون المشاق تحوطهم المجازر وتفتك بهم المخاطر فلا يزيدهم إلا إصرارًا وعزيمة... فهل تعقل النساء؟!
ذو القعدة 1425هـ
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/216)
تغريب المرأة ...المشكلة والحل
...
...
التاريخ : 14/05/2006
الكاتب : د.ناصر بن يحيى الحنيني ... الزوار : 1342
< tr>
الحمدلله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته فله الجلال والكمال والجمال سبحانه من حكيم عليم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين فجزاه الله خيرا ماجزى نبيا عن أمته وعلى آله وأصحابه الأطهار ، الذين حموا الذمم والديار وبلغوا لنا الأخبار رغم الصعاب وكثرة الأشرار ،وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم وعمل بهديهم إلى يوم الدين أما بعد :
أيها المسلمون :الصراع بين الخير والشر ، والحق والباطل ، والإيمان والكفر ، سنة ماضية منذ أن خلق الله آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو يأخذ صوراً وأشكالاً تختلف من عصر إلى عصر ، ومن مكان إلى مكان ، ولكن هناك قواعد وأسس يتفق عليها أعداء الدين والمبادئ ، قواعد كليه ، وأسس متشابهة أثناء حربهم وعدوانهم على الحق وأهله ، وإن من الميادين التي الصراع فيها قديم هو الصراع على المرأة بين دعاة الضلالة والاستمتاع بالمرأة وإهانتها وبين دعاة العفة والطهارة ومريدي كرامتها ورفعتها ، ويحرص الأعداء منذ القدم على المرأة لأنها إذا فسدت المرأة ضعف المجتمع وانحلت عراه ، وانتشرت الرذيلة وأمكن السيطرة عليه وتنفيذ المخططات التي يريدون ،فالمرأة بوابة قوية إذا هدمت هدم المجتمع وصدق المصطفى j إذ يقول (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء )،وفي هذه الأزمان المتأخرة ، وتحديداً في البلاد العربية وتحديداً في هذا البلد المبارك بلد الحرمين الشريفين فإن المرأة تتعرض لهجوم سافر حاقد بشع لم يعهد في هذه الحزيرة من قبل ، فالهجوم عليها عالمياً من الخارج ، ومحلياً من الداخل ، أما الخارج فلا غرابة وكيدهم مكشوف وصريح ومعلن ، والمسلمون يرفضونه جملة وتفصيلاً وربنا قد قال في محكم التنزيل :{ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء }[النساء89]،وقال سبحانه :{ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}[البقرة 109]،فالغرب غارق في الرذيلة والمرأة تعيش بؤساً لم يحصل في تأريخ البشرية منذ أيامه الأولى وهذا ليس دعاية ولا مبالغة ومن قرأ الإحصائيات التي تنشر في الصحف والمجلات وفي صفحات الانترنت سوف يتعجب من حجم البؤس والشقاء كل هذا لأنها تمردت على شرع ربها وزينوا لها الاختلاط بالرجال والسفور والعري والحرية المزعومة وهي عبودية أشد من عبودية البشر للبشر بل هي عبودية الشهوات والهوى والتي تصبح فيها أمة مملوكة لأكثر من طرف نسأل الله السلامة والعافية ، والغرب يعلم أن المرأة هنا لو فعلت كما فعلت المرأة الغربية أمكن ترويض هذه المجتمعات التي استعصت عليهم ، لأن الشهوات مفتاحها وبابها المرأة ، ويعلمون أن الرجال الأقوياء الأشداء لا يلين عريكتهم إلا النساء ، فسلطوا كل ما يستطيعون من كل أنواع المكر والكيد المعلن والخفي عبر جمعيات حقوق المرأة ، وعبر وسائل الإعلام والتعليم والمناهج والبعثات التغريبية ، والمنتديات والملتقيات الاقتصادية وغير الاقتصادية والمؤتمرات الدولية والكتب والصحف والمجلات والانترنت ، وماخفي اكثر وأكثر ، كل هذا معلوم وواضح والتصدي له يجب أن يكون معلنا وواضحاً أيضاً ، لا أريد أن أطيل حول هذه القضية فهي معلومة لدى غالب الناس، ولكن الشأن في الهجوم والتغريب من الداخل وأقصد به الشأن المحلي ، أعني به ما يقوم به المنافقون ، والعملاء بالوكالة عن الغرب من كيد ومكر كبار بالليل والنهار في بلاد الحرمين لتغريب المرأة وإفساده حتى يضعف المجتمع ويستطيع الغرب أن يروض هذه المجتمعات الأبية الصامدة ، والغرب لا يراهن على الحكومات فقد انتهى منها ولكنه متجه بثقله إلى الشعوب لأن هذا هو زمن الشعوب هي التي تتحرك وهي التي تغير ، لقد أقض مضاجعهم الانتفاضة الكبرى من كل أنحاء العالم لنصرة إخوانهم في فلسطين ، ومقاطعة المنتجات الأمريكية مع بداية الغزو لأفغانستان والعراق ، وآخرها كانت الانتفاضة المباركة في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها لنصرة خير البرية محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ، نعم هذا مؤشر أن الشعوب فيها الخير وفيها الاعتزاز بالدين ، فازداد المكر والكيد لإغراق المجتمعات المسلمة وخاصة مجتمع الحرمين الشريفين في الشهوات ، وأعظم بوابة هي بوابة المرأة ، ولكن لماذا الكيد المركز على بلاد الحرمين لعدة أسباب :
أولاً : الوضع المتميز للمرأة في بلاد الحرمين بين كل شعوب الدنيا من حيث الحجاب والعفة والصيانة والرعاية في ظل الشريعة الإسلامية فحقها مكفول في الجملة رغم وجود التقصير .
ثانياً : البلد الوحيد في العالم الذي التعليم فيه غير مختلط في كل مراحله ماعدا الطب .
ثالثاً : لا زالت بعض الحدود والضوابط الشرعية معمول بها كمنع سفر المرأة بدون محرم وغيرها من الضوابط وهي لا توجد إلا في هذا البلد .
رابعاً: أكثر الأنشطة الإسلامية في العالم والتي لها أثر كبير على المسلمين هي من هذا البلد المبارك سواء برعاية مالية أو توجيه وقيادة مما أثار حفيظة الغرب وهاج وماج ضد هذا البلد المبارك وضد كل الجهود فيه .
ويبقى السؤال الآن وهو الذي يهمنا ما أبرز وسائل التغريب والإفساد للمرأة في بلاد الحرمين حتى نتنبه لها ونحذر منها ولا نقع في حبائلهم ولا مصايدهم عصمنا الله ونسائنا وبناتنا وأبنائنا من كل سؤ:
الوسيلة الأولى : إضعاف التدين بإغراق الناس في الشهوات واستخدام المرأة وسيلة في ذلك عبر وسائل الإعلام وعبر الهجوم على الثوابت وخاصة ما يخص المرأة كالهجوم على الحجاب وترويج الفتاوى والأقوال الشاذة والساقطة والدعوة للاختلاط وما استار أكاديمي وسوبر استار ونواعم عنا ببعيد ،وغيرها من البرامج التي تشيع الرذيلة وتتطبع في أذهان الفتيات الفساد والانحلال وأنه رمز للتقدم والحضارة فسقط في هذه المصيدة فئام من الفتيات بل أمهات وزوجات فكثر الانحراف واسألوا المعلمات والهيئات ومراكز الشرطة
الوسيلة الثانية : الكذب المتواصل حتى يصبح حقيقة يصدقها الناس مثل الترويج اليومي عبر وسائل الإعلام لأكذوبة أن المرأة مظلومة ولا تأخذ حقوقها وأن الرجل متسلط عليها ، وقد يكون هناك ظلم نعم ولكن لما يأتي التمثيل للظلم والتسلط يمثلون بما هو من ديننا وبما هو حفظ لكرامة المرأة وصيانتها فتدعوا تلكم الوسائل المرأة إلى التمرد والعصيان والخروج بغير اذن الزوج والولي وأن هذا الفعل هو الحل الناجح لأخذ حقوقها،ومن الكذب افتعال قصص غير واقعية ومكذوبة والبناء عليها وتسويقها وترويجها ومن ثم الدعوة إلى التحلل والتفلت انطلاقا من هذه القصص المكذوبة فاذا غاب الرقيب والحسيب فماذا يمكن ان تتصوروا أن تفعل هذه الوسائل .
الوسيلة الثالثة : تشويه الحق وأهله وتصويره بصور منفرة والإعلاميون يعرفون أن هذه الوسيلة من أكثر الوسائل تأثير في النفوس فيربط بين التخلف والحجاب وبين التشدد والتزمت والدين ، وبين النفاق والكذب وبين الحجاب والعفة وهكذا مما ينطبع في أذهان المراهقات والأطفال بأن الحجاب هو نفاق وتزمت فتجد الصغيرة تكره الحجاب وتغطية الوجه بناء على ماترسب عندها في وعيها من الصورة الذهنية التي رسمها هذا الإعلام الفاجر والله المستعان .
الوسيلة الرابعة : إبراز قدوات وشخصيات يقتدي بها النساء وخاصة الصغيرات والمراهقات ويركز على الشخصيات الأكثر انحرافا وتحررا بزعمهم فتسوق ويعلى من شأنها في الإعلام العميل ، وفي المجلات والجرائد وتدعم ، وإذا شئت أن تعلم صدق هذا الكلام من كذبه اسأل الصغيرات عن أبرز أسماء المغنيات والممثلاث وقصات شعورهن وإذا اتجهت للمراهقات اسألهن عن تفاصيل حياة فلانة وفلانة من المغنيات والممثلات وتجرباتهن الغرامية واللقطات المخلة بالآداب ، واسألوا الهيئات والمعلمات عن اللقطات الفاضحة التي تتداول بين أيدي الشباب والبنات في البلوتوثات للمغنيات والممثلات ، وفي المقابل تغيب النساء الجادات العاملات المثقفات في بلادنا ولا يبرزن بل يغيبن وهذه والله عين الخيانة التي يمارسها الإعلام في بلاد الحرمين .
الوسيلة الخامسة : استصدار القرارات الجائرة التي تؤصل وتتطبع الاختلاط والفجور وإشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم الطاهر النقي ، فقد سبق وأن أقر الاختلاط في المستشفيات والمستوصفات وفي الاستقبال ، فماذا كانت النتيجة لقد أزكمت أنوفنا رائحة الفساد في المستشفيات والمستوصفات وخاصة الممرضات والله المستعان ، هذا وهو مكان لعلاج المرضى وأبعد ما يكون عن التفكير في الفساد فكيف بالأسواق وما صدر مؤخراً من قرار إلزام أصحاب المحلات لبيع الملابس الداخلية النسائية بتوظيف النساء في المحلات من غير أن يكن مستقلات في المحل بعيدات عن الرجال ، وهكذا لما توصد الأبواب أمام من يريدون التغريب في البلد يستخدمون سلطتهم ولكن هيهات لقد نسوا أن الله فوقهم وسوف يجعل كيدهم وتدبيرهم تدميراً عليهم بإذن الله .
ـأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره أما بعد:
عباد الله :
تحدثنا عن الداء فماهو الدواء ، ماهو الحل لمواجهة هذه الهجمة الشرسة الظالمة الحاقدة لتغريب المرأة المسلمة في بلاد الحرمين فنقول وبالله التوفيق ومنه الإعانة والتسديد :
أولاً: أن يؤدي كل منا مسؤوليته أمام الله ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، أيها الأب المبارك ،والأخ الناصح ،.والإبن البار :أت مسؤول في بيتك ووالله مهما عملوا لن يجبروك على تغيير برنامجك علينا أن نهتم بتربية أبنائنا وبناتنا وغرس المبادئ والقيم والتفنن في ذلك والتفرغ لهم وعدم الانشغال عنهم فهذا من اعظم الحقوق التي تجب علينا تجاههم ، لا يكفي ان نعتني بالمأكل والملبس والمشرب والمركب ونوعية المدرسة التي يسجلون فيها والمباهاة أمام الناس بأن أبنائنا وبناتنا أحسن من غيرهم في أمور الدنيا ماذا يفيد كل هذا إذا مسخت عقولهم وفسدت أخلاقهم وجلبت بنتك لك العار والشنار في أخر عمرك ، لنستيقظ غفلتنا ولنبذل جهدنا مع بناتنا ونسائنا ، فنجلب لهم الإعلام الآمن من قنوات محافظة تدل على الخير تامر به ، ومن مجلات نسائية فاضلة عفيفة ، وأشرطة مرئية ومسموعة نقية طاهرة ، مع الاهتمام بالخلطة والصحبة ، والتذكير بالله وغرس الإيمان بالله في نفوسهم ومحبة رسوله ودينه وكثرة الجلوس معهم قبل أن يتخطفهم شياطين الإنس والجن، ومن المسؤولين أيضا المعلمين والمعلمات ، أنكم أهم فئة في المجتمع فأنتم تصيغون عقول الجيل وتجلسون مع أبنائنا وبناتنا ما يزيد على ست ساعات يوميا فماذا أنتم فاعلون فاتقوا الله أيها المعلمات وأدوا ما أوجب الله عليكن من التربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساطكن .
ثانياً: واجب المسؤولين ومن بيده القرار أن يحمي البلاد من هذه الهجمة العاتية لماذا هؤلاء يسرحون ويمرحون بلاحسيب ولا رقيب أين المحاسبة أين المعاقبة لهؤلاء وهم يغتالون العفة ويصدرون القرارات تلو القرارات ويخالفون نظام الحكم الذي قام عليه البلد من تحكيم للشريعة فاللوم بالدرجة الأولى على كل مسؤول في هذا البلد وسوف يسألكم الله عن ذلك وسوف نقف أمام الحكم العدل الديان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم فأعدوا للسؤال جوابا وللجواب صواباً.
ثالثاً: يجب على العلماء وطلاب العلم والدعاة الصدع بالحق وأن يقوموا بالواجب الذي عليهم ولا يجاملوا ولا يكتموا الحق ويعلنوا به ولا يكون سرا في المجالس بل يقال للناس هذا حق وهذا باطل {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً }الأحزاب39،والناس سوف يصدرون عن رأيكم إذا أحسنتم مخاطبتهم وحل مشكلاتهم وهمومهم ، وعليكم أن تكونوا حاضرين عبر وسائل الإعلام كي يصل صوتكم إلى أكبر شريحة في المجتمع فأنتم أصحاب الحق وأنتم تخاطبون الفطرة وما يوافقهم وأعداؤكم دخلاء غرباء في أفكارهم عن هذا البلد ولا يخيفنكم العدو ولو وصموكم بالإرهاب والتطرف وصدق الله إذ يقول : {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }[لإسراء81].
رابعاً: إعلاء شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعله أمراً مألوفاً في مجتمعنا ودعم كل من يناصح ويأمر وعدم الوقوف بجانب أهل الباطل ضدهم فهم صمام الأمان وحماة الأعراض ، وأن نذب عنهم في المجالس وفي وسائل الإعلام بكل ما أوتينامن قوة .
خامساً: الاهتمام بمحاضن الفضيلة والعفة وتكثيرها والعناية بها وتطويرها ودلالة الناس عليها وترويجها إعلامياً ودعمها مالياً ومعنوياً والمشاركة فيها بكل ما نستطيع وعلى رأسها مدارس تحفيظ القرآن النسائية والمراكز الاجتماعية والمنابر الإعلامية النسائية كالمجلات والمواقع النسائية المحافظة لأنه هذه المحاضن هي التي تبني وتقف أمام هجمة التغريب هذه فهي أولى بالعناية .
سادساً: المطالبة بعزل أي مسؤول يكون بوابة وداعماً لتغريب نسائنا ،فهذا حق مشروع لنا فنحن متضررون من هؤلاء أشد الضرر فديننا وأعراض نسائنا أغلى ما لدينا ، ولا بد من رفع الخطابات للمسؤولين والاستنكار لكل ما يعمل لتغريب نسائنا وبناتنا ولا تقل أن بيتي محافظ فالخطر سوف يدهمك والمجتمع لحمة واحدة وما يحدث لجارك سوف يأتيك وما تشاهده في الإعلام سوف يدخل بيتك والله المستعان ولا بد أن نكون إيجابيين وننزع جلباب الخوف فأبواب المسوؤلين مفتوحة وصدورهم تتسع لشكواكم ومعاناتكم والله المستعان .
ـــــــــــــــــــ(82/217)
حوار جريء مع فتاة معاكسة
رنين الهاتف يعلوا شيئاً فشيئا .. والشيخ ( محمد ) يغط في سبات عميق ... لم يقطعه إلا ذلك الرنين المزعج ... فتح ( محمد ) عينيه .. ونظر في الساعة الموضوعة على المنضدة بجواره ... فإذا بها تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل !! ...
لقد كان الشيخ ( محمد ) ينتظر مكالمة مهمة .. من خارج المملكة .. وحين رن الهاتف في هذا الوقت المتأخر .. ظن أنها هي المكالمة المقصودة .. فنهض على الفور عن فراشة .. ورفع سماعة الهاتف .. وبادر قائلاً : نعم !! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فسمع على الطرف الآخر ... صوتاً أنثوياً ناعما يقول :
لو سمحت !! .. هل من الممكن أن نسهر الليلة سوياً عبر سماعة الهاتف ؟!!
فرد عليها باستغراب ودهشة قائلا : ماذا تقولين ؟!! ... من أنتِ ؟!! ..
فردت عليه بصوت ناعم متكسر : أنا اسمي ( أشواق ) .. وأرغب في التعرف عليك .. وأن نكون أصدقاء وزملاء ( !!! ) .. فهل عندك مانع ؟!!
أدرك الشيخ ( محمد ) أن هذه فتاة تائهة حائرة .. لم يأتها النوم بالليل .. لأنها تعاني أزمة نفسية أو عاطفية .. فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف !!
فقال لها : ولماذا لم تنامي حتى الآن يا أختي ؟!!
فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام بالليل ؟!!.. وهل سمعت بعاشق ينام بالليل ؟!!.. إن الليل هو نهار العاشقين !!!
فرد عليها ببرود : أرجوك : إذا أردتِ أن نستمر في الحديث .. فابتعدي عن الضحكات المجلجلة والأصوات المتكسرة .. فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات !!
تلعثمت الفتاة قليلاً ... ثم قالت : أنا آسفة ... لم أكن أقصد !!
فقال لها ( محمد ) ساخراً : ومن سعيد الحظ ( !!! ) الذي وقعتِ في عشقه وغرامه ؟!!
فردت عليه قائلة : أنتَ بالطبع ( !!! )
فقال مستغرباً : أنا ؟!! .. وكيف تعلقتِ بي .. وأنتِ لا تعرفينني ولم تريني بعد ؟!!
فقالت له : لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية .. وقرأت لك بعض المؤلفات .. فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق .. والأذن تعشق قبل العين أحيانا ( !!! )
قال لها محمد : إذن أخبريني بصراحة ... كيف تقضين الليل ؟!!
فقالت له : أنا ليلياً أكلم ثلاثة أو أربعة شباب !! ... أنتقل من رقم إلى رقم ... ومن شاب إلى شاب عبر الهاتف .. أعاكس هذا .. وأضحك مع هذا .. وأمني هذا ... وأعد هذا .. وأكذب على هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وأستمع إلى أغنية من هذا .. وهكذا دواليك حتى قرب الفجر !! .. وأردت الليلة أن أتصل عليك .. لأرى هل أنت مثلهم !! أم أنك تختلف عنهم ؟!! ..
فقال لها : ومع من كنتِ تتكلمين قبل أن تهاتفينني ؟!! ...
سكتت قليلاً .. ثم قالت : بصراحة .. كنت أتحدث مع ( وليد ) .. إنه عشيق جديد .. وشاب وسيم أنيق !! ..
رمى لي الرقم اليوم في السوق .. فاتصلت عليه وتكلمت معه قرابة نصف الساعة !!..
فقال لها الشيخ ( محمد ) على الفور : ثم ماذا ؟!! .. هل وجدتِ لديه ما تبحثين عنه ؟!!
فقالت بنبرة جادة حزينة : بكل أسف .. لم أجد عنده ولا عند الشباب الكثيرين الذين كلمتهم عبر الهاتف أو قابلتهم وجهاً لوجه ... ما أبحث عنه ؟!! .. لم أجد عندهم ما يشبع جوعي النفسي .. ويروي ظمأي الداخلي !! ..
سكتت قليلاً .. ثم تابعت : إنهم جميعا شباب مراهقون شهوانيون !! .. خونة .. كذبة .. مشاعرهم مصطنعة .. وأحاسيسهم الرقيقة ملفقة .. وعباراتهم وكلماتهم مبالغ فيها .. تخرج من طرف اللسان لا من القلب .. ألفاظهم أحلى من العسل .. وقلوبهم قلوب الذئاب المفترسة .. هدف كل واحد منهم .. أن يقضي شهوته القذرة معي .. ثم يرميني كما يرمى الحذاء البالي .. كلهم تهمهم أنفسهم فقط .. ولم أجد فيهم إلى الآن – على كثرة من هاتفت من الشباب – من يهتم بي لذاتي ولشخصي !! .. كلهم يحلفون لي بأنهم يحبونني ولا يعشقون غيري .. ولا يريدون زوجة لهم سواي !! .. وأنا أعلم أنهم في داخلهم يلعنونني ويشتمونني !! .. كلهم يمطرونني عبر السماعة بأرق الكلمات وأعذب العبارات .. ثم بعد أن يقفلوا السماعة .. يسبونني ويصفونني بأقبح الأوصاف والكلمات !! ..
إن حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف !! .. كل منا يخادع الآخر .. ويوهمه بأنه يحبه !!
وهنا قال لها الشيخ ( محمد ) : ولكن أخبريني : ما دمتِ لم تجدي ضالتك المنشودة .. عند أولئك الشباب التائهين التافهين .. فهل من المعقول أن تجديها عندي ؟!! .. أنا ليس عندي كلمات غرام .. ولا عبارات هيام .. ولا أشعار غزل .. ولا رسائل معطرة !!
فقاطعته قائلة : بالعكس .. أشعر – ومثلي كثير من الفتيات – أن ما نبحث عنه .. هو موجود لدى الصالحين أمثالك ؟!! .. إننا نبحث عن العطاء والوفاء .. نبحث عن الأمان .. نطلب الدفء والحنان .. نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب لتصل إلى أعماق قلوبنا .. نبحث عمن يهتم بنا ويراعي مشاعرنا .. دون أن يقصد من وراء ذلك .. هدفاً شهوانياً خسيساً .. نبحث عمن يكون لنا أخاً رحيما .. وأباً حنونا .. وزوجاً صالحا !!
إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا !! .. نبحث عن معنى الراحة النفسية .. نبحث عن الصفاء .. عن الوفاء .. عن البذل والعطاء !!
فقال لها ( محمد ) والدموع تحتبس في عينيه حزناً على هذه الفتاة التائهة الحائرة : يبدو أنكِ تعانين أزمة نفسية .. وفراغاً روحياً .. وتشتكين هماً وضيقاً داخلياً مريرا .. وحيرة وتيهاً وتخبطا .. وتواجهين مأساة عائلية .. وتفككاً أسريا !!
فقالت له : أنت أول شخص .. يفهم نفسيتي ويدرك ما أعانيه من داخلي !!
فقال لها : إذن حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا .. لتتضح الصورة عندي أكثر ...
فقالت الفتاة : أنا أبلغ من العمر عشرين عاما .. وأسكن مع عائلتي المكونة من أبي وأمي .. وثلاثة أخوة وثلاث أخوات .. واخوتي وأخواتي جميعهم تزوجوا إلا أنا وأخي الذي يكبرني بعامين .. وأنا أدرس في كلية ( ... .. )
فقال لها : وماذا عن أمك ؟ وماذا عن أبيك ؟
فقالت : أبي رجل غني مقتدر ماليا .. أكثر وقته مشغول عنا .. بأعماله التجارية ... وهو يخرج من الصباح .. ولا أراه إلا قليلا في المساء .. وقلما يجلس معنا .. والبيت عنده مجرد أكل وشرب ونوم فقط ...
ومنذ أن بلغت .. لم أذكر أنني جلست مع أبي لوحدنا .. أو أنه زارني في غرفتي .. مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد الحاجة إلى حنانه وعطفه .. آه !! كم أتمنى أن أجلس في حضنه .. وأرتمي على صدره .. ثم أبكي وأبكي وأبكي !!! لتستريح نفسي ويهدأ قلبي !!!
وهنا أجهشت الفتاة بالبكاء ... ولم يملك ( محمد ) نفسه ... فشاركها بدموعه الحزينة .
*****
بعد أن هدأت الفتاة .. واصلت حديثها قائلة :
لقد حاولت أن أقترب منه كثيرا .. ولكنه كان يبتعد عني .. بل إنني في ذات مرة .. جلست بجواره واقتربت منه .. ليضمني إلى صدره .. وقلت له :
أبي محتاجة إليك يا أبي ... فلا تتركني أضيع ...
فعاتبني قائلا : لقد وفرت لكِ كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا !! .. فأنتِ لديك أحسن أكل وشرب ولباس ... وأرقى وسائل الترفيه الحديثة .. فما الذي ينقصك ؟!!..
سكتُّ قليلا .. وتخيلت حينها أنني أصرخ بأعلى صوتي قائلة : أبي : أنا لا أريد منك طعاماً ولا شرابا ولا لباسا .. ولا ترفاً ولا ترفيها .. إنني أريد منك حنانا .. أريد منك أمانا ... أريد صدراً حنونا .. أريد قلباً رحيما .. فلا تضيعني يا أبي !!
ولما أفقت من تخيلاتي .. وجدت أبي قد قام عني .. وذهب لتناول طعام الغداء ...
وهنا قال لها ( محمد ) هوني عليك .. فلعل أباكِ نشأ منذ صغره .. محروما من الحنان والعواطف الرقيقة .. وتعلمين أن فاقد الشيء لا يعطيه !! .. ولكن ماذا عن أمك ؟ أكيد أنها حنونة رحيمة ؟ فإن الأنثى بطبعها رقيقة مرهفة الحس ..
قالت الفتاة : أمي أهون من أبي قليلا .. ولكنها بكل أسف .. تظن الحياة أكلا وشربا ولبسا وزيارات فقط .. لا يعجبها شيء من تصرفاتي .. وليس لديها إلا إصدار الأوامر بقسوة .. والويل كل الويل لي .. إن خالفت شيئا من أوامرها ..و( قاموس شتائمها ) أصبح محفوظاً عندي .. لقد تخلت عن كل شيء في البيت ووضعته على كاهلي وعلى كاهل الخادمة .. وليت الأمر وقف عند هذا .. بل إنها لا يكاد يرضيها شيء .. ولا هم لها إلا تصيد العيوب والأخطاء .. ودائما تعيرني بزميلاتي وبنات الجيران .. الناجحات في دراستهن .. أو الماهرات في الطبخ وأعمال البيت .. وأغلب وقتها تقضيه في النوم .. أو زيارة الجيران وبعض الأقارب .. أو مشاهدة التلفاز ... ولا أذكر منذ سنين .. أنها ضمتني مرة إلى صدرها .. أو فتحت لي قلبها ...
قال لها ( محمد ) وكيف هي العلاقة بين أبيك وأمك ؟
فقالت الفتاة : أحس وكأن كلا منهما لا يبالي بالآخر .. وكل منهما يعيش في عالم مختلف .. وكأن بيتنا مجرد فندق ( !!! ) .. نجتمع فيه للأكل والشرب والنوم فقط ... .
حاول محمد أن يعتذر لأمها قائلا : على كل حال .. هي أمك التي ربتك .. ولعلها هي الأخرى تعاني من مشكلة مع أبيك .. فانعكس ذلك على تعاملها معك ... فالتمسي لها العذر .. ولكن هل حاولتِ أن تفتحي لها قلبك وتقفي إلى جانبها ؟ فهي بالتأكيد مثلك ... . تمر بأزمة داخلية نفسية ؟ !!!
فقالت الفتاة مستغربة : أنا أفتح لها صدري ... وهل فتحت هي لي قلبها ؟ ... إنها هي الأم ولست أنا .. إنها وبكل أسف .. قد جعلت بيني وبينها – بمعاملتها السيئة لي – جداراً وحاجزاً لا يمكن اختراقه !!
فقال لها ( محمد ) ولماذا تنتظرين أن تبادر هي .. إلى تحطيم ذلك الجدار ؟!! .. لماذا لا تكونين أنتِ المبادرة ؟!! ... لماذا لا تحاولين الاقتراب منها أكثر ؟!!
فقالت : لقد حاولت ذلك .. واقتربت منها ذات مرة .. وارتميت في حضنها .. وأخذت أبكي وأبكي .. وهي تنظر إلي باستغراب !! .. وقلت لها :
أماه : أنا محطمة من داخلي ... إنني أنزف من أعماقي !! .. قفي معي .. ولا تتركيني وحدي ... إنني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى ... !!
فنظرت إلي مندهشة !!.. ووضعت يدها على رأسي تتحسس حرارتي ... ثم قالت :
ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟! ... إما أنكِ مريضة !! .. وقد أثر المرض على تفكيرك .. وإما أنكِ تتظاهرين بالمرض .. لأعفيكِ من بعض أعمال المنزل .. وهذا مستحيل جداً ... ثم قامت عني ورفعت سماعة التليفون .. تحادث إحدى جاراتها .. فتركتها وعدت إلى غرفتي .. أبكي دماً في داخلي قبل أن أبكي دموعاً !!..
ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير !!
حاول ( محمد ) أن يغير مجرى الحديث فسألها : وما دور أخواتك وأخوتك الآخرين ؟
فقالت : إنه دور سلبي للغاية !! .. فالإخوان والأخوات المتزوجات .. كل منهم مشغول بنفسه .. وإذا تحدثت معهم عن مأساتي .. سمعت منهم الجواب المعهود :
وماذا ينقصك ؟ احمدي ربك على الحياة المترفة ... التي تعيشين فيها ...
وأما أخي غير المتزوج ... فهو مثلي حائر تائه .. أغلب وقته يقضيه خارج المنزل .. مع شلل السوء ورفقاء الفساد .. يتسكع في الأسواق وعلى الأرصفة !!
أراد الشيخ ( محمد ) أن يستكشف شيئاً من خبايا نفسية تلك الفتاة ... فسألها :
إن من طلب شيئاً بحث عنه وسعى إلى تحصيله ... وما دمت تطلبين السعادة والأمان .. الذي يسد جوعك النفسي .. فهل بحثتِ عن هذه السعادة ؟؟
فقالت الفتاة بنبرة جادة : لقد بحثت عن السعادة ... في كل شيء .. فما وجدتها !!!
لقد كنت ألبس أفخر الملابس وأفخمها ... من أرقى بيوت الأزياء العالمية .. ظناً مني أن السعادة حين تشير إلى ملابسي فلانة .. أو تمدحها وتثني عليها فلانة ... أو تتابعني نظرات الإعجاب من فلانة ... ولكنني سرعان ما اكتشفت الحقيقة الأليمة ... . إنها سعادة زائفة وهمية .. لا تبقى إلا ساعة بل أقل ... ثم يصبح ذلك الفستان الجديد الذي كنت أظن السعادة فيه ... مثل سائر ملابسي القديمة .. ويعود الهم والضيق والمرارة إلى نفسي ... وأشعر بالفراغ والوحدة تحاصرني من كل جانب .. ولو كان حولي مئات الزميلات والصديقات !!
ظننت السعادة في الرحلات والسفرات .. والتنقل من بلد لآخر .. ومن شاطئ لآخر .. ومن فندق لفندق .. فكنت أسافر مع والدي وعائلتي .. لنطوف العالم في الإجازات .. ولكني كنت أعود من كل رحلة .. وقد ازداد همي وضيقي .. وازدادت الوحشة التي أشعر بها تجتاح كياني ... ..
وظننت السعادة في الغناء والموسيقى ... فكنت أشتري أغلب ألبومات الأغاني العربية والغربية التي تنزل إلى الأسواق ... فور نزولها .. وأقضي الساعات الطوال في غرفتي ... في سماعها والرقص على أنغامها ... طمعاً في تذوق معنى السعادة الحقيقية .. ورغبة في إشباع الجوع النفسي الذي أشعر به .. وظناً مني أن السعادة في الغناء والرقص والتمايل مع الأنغام ... ولكنني اكتشفت أنها سعادة وهمية ... لا تمكث إلا دقائق معدودة أثناء الأغنية ... ثم بعد الانتهاء منها .. يزداد همي .. وتشتعل نار غريبة في داخلي .. وتنقبض نفسي أكثر وأكثر .. فعمدت إلى كل تلك الأشرطة فأحرقتها بالنار .. عسى أن تطفئ النار التي بداخلي ...
وظننت أن السعادة في مشاهدة المسلسلات والأفلام والتنقل بين الفضائيات .. فعكفت على أكثر من ثلاثين قناة .. أتنقل بينها طوال يومي .. وكنت أركز على المسلسلات والأفلام الكوميدية المضحكة .. ظناً مني أن السعادة هي في الضحك والفرفشة والمرح ...
وبالفعل كنت أضحك كثيراً وأنا اشاهدها ... وأنتقل من قناة لأخرى ... لكنني في الحقيقة ... كنت وأنا أضحك بفمي .. أنزف وأتألم من أعماق قلبي ... وكلما ازددت ضحكاً وفرفشة .. ازداد النزيف الروحي ...
وتعمقت الجراح في داخلي ... وحاصرتني الهموم والآلام النفسية ... .
وسمعت من بعض الزميلات .. أن السعادة في أن ارتبط مع شاب وسيم أنيق .. يبادلني كلمات الغرام .. ويبثني عبارات العشق والهيام .. ويتغزل بمحاسني كل ليلة عبر الهاتف ... وسلكت هذا الطريق .. وأخذت أتنقل من شاب لآخر .. بحثاً عن السعادة والراحة النفسية ... ومع ذلك لم أشعر بطعم السعادة الحقيقية .. بل بالعكس .. مع انتهاء كل مقابلة أو مكالمة هاتفية .. أشعر بالقلق والاضطراب يسيطر على روحي ... وأشعر بنار المعصية تشتعل في داخلي .. وأدخل في دوامة من التفكير المضني والشرود الدائم ... وأشعر بالخوف من المستقبل المجهول .. يملأ علي كياني .. فكأنني في حقيقة الأمر .. هربت من جحيم إلى جحيم أبشع منه وأشنع ..
سكتت الفتاة قليلا .. ثم تابعت قائلة :
ولذلك لابد أن تفهموا وتعرفوا .. نفسية ودوافع أولئك الفتيات .. اللاتي ترونهن في الأسواق .. وهن يستعرضن بملابسهن المثيرة .. ويغازلن ويعاكسن ويتضاحكن بصوت مرتفع .. ويعرضن لحومهن ومحاسنهن ومفاتنهن .. للذئاب الجائعة العاوية من الشباب التافهين ... إنهن في الحقيقة ضحايا ولسن بمجرمات ..إنهن في الحقيقة مقتولات لا قاتلات .. إنهن ضحايا الظلم العائلي .. إنهن حصاد القسوة والإهمال العاطفي من الوالدين .. إنهن نتائج التفكك الأسري والجفاف الإيماني .. إن كل واحدة منهن ... تحمل في داخلها مأساة مؤلمة دامية .. هي التي دفعتها إلى مثل هذه التصرفات الحمقاء .. وهي التي قادتها إلى أن تعرض نفسها .. على الذئاب المفترسة التي تملأ الأسواق والشوارع ... وإن الغريزة الشهوانية الجنسية .. لا يمكن أن تكون لوحدها ... هي الدافع للفتاة المسلمة .. لكي تعرض لحمها وجسدها في الأسواق .. وتبتذل وتهين نفسها بالتقاط رقم فلان .. وتبيع كرامتها بالركوب في السيارة مع فلان .. وتهدر شرفها بالخلود مع فلان ... .
فبادرها ( محمد ) قائلا : ولكن يبرز هنا سؤال مهم جدا ، وهو : هل مرورها بأزمة نفسية .. ومأساة عائلية .. يبرر لها ويسوغ لها أن تعصي ربها تعالى .. وتبيع عفافها .. وتتخلى عن شرفها وطهرها .. وتعرض نفسها لشياطين الإنس .. هل هذا هو الحل المناسب لمشكلتها ومأساتها ؟؟ هل هذا سيغير من واقعها المرير المؤلم شيئا ؟؟
فأجابت الفتاة : أنا أعترف بأنه لن يغير شيئا من واقعها المرير المؤلم .. بل سيزيد الأمر سوءاً ومرارة .. وليس مقصودي الدفاع عن أولئك الفتيات .. إنما مقصودي : إذا رأيتموهن فارحموهن وأشفقوا عليهن .. وادعوا لهن بالهداية ووجهوهن .. فإنهن تائهات حائرات ... يحسبن أن هذا هو الطريق الموصل للسعادة التي يبحثن عنها ... .
سكتت الفتاة قليلا ... ثم تابعت قائلة : لقد أصبحت أشك .. هل هناك سعادة حقيقية في هذه الدنيا ؟!! .. وإذا كانت موجودة بالفعل .. فأين هي ؟!!.. وما هو الطريق الموصل إليها .. فقد مللت من هذه الحياة الرتيبة الكئيبة ...
فقال لها الشيخ ( محمد ) : أختاه ... لقد أخطأتِ طريق السعادة .. ولقد سلكتِ سبيلا غير سبيلها ... فاسمعي مني .. لتعرفي طريق السعادة الحقة !! ... .
*****
إن السعادة الحقيقية أن تلجأي إلى الله تعالى .. وتتضرعي له .. وتنكسري بين يديه .. وتقومي لمناجاته في ظلام الليل .. ليطرد عنك الهموم والغموم .. ويداوي جراحك .. ويفيض على قلبك السكينة والانشراح ...
أختاه : إذا أردتِ السعادة فاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار .. بدلا من قرع أرقام الهاتف .. على أولئك الشباب التافهين الغافلين الضائعين ..
صدقيني يا أختاه .. إن الناس كلهم لن يفهموك .. ولن يقدروا ظروفك .. ولن يفهموا أحاسيسك .. وحين تلجأين إليهم .. فمنهم من يشمت بك .. أو يسخر من أفكارك .. ومنهم من يحاول استغلالك لأغراضه ومآربه الشخصية الخسيسة .. ومنهم من يرغب في مساعدتك .. ولكنه لا يملك لكِ نفعاً ولا ضرا ...
أختاه : إنكِ لن تجدي دواءً لمرضك النفسي .. لعطشك وجوعك الداخلي .. إلا بالبكاء بين يدي الله تعالى .. ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة .. إلا وأنتِ واقفة بين يديه .. تناجينه وتسكبين عبراتك الساخنة .. وتطلقين زفراتك المحترقة .. على أيام الغفلة الماضية ...
قالت الفتاة .. والعبرة تخنقها : لقد فكرت في ذلك كثيرا ... ولكن الخجل من الله .. والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك .. إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلب منه المعونة والتيسير .. وأنا مقصرة في طاعته .. مبارزة له بالذنوب والمعاصي ...
فقال لها ( محمد ) : سبحان الله ... يا أختاه : إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالف أمرهم ... غضبوا عليه ولم يسامحوه .. وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد والنكبات ... ولكن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده .. ولو كان من أكبر العصاة وأعتاهم .. بل متى تاب المرء وأناب ... فتح له أبواب رحمته .. وتلقاه بالمغفرة والعفو .. بل حتى إذا لم يتب إليه ... فإنه جل وعلا يمهله ولا يعاجله بالعقوبة ... بل ويناديه ويرغبه في التوبة والإنابة ... أما علمت أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : « إني والجن والإنس في نبأ عظيم .. أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم ، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم الفقراء إلي !! من أقبل منهم إلي تلقيته من بعيد ، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب ، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ، فإني أحب التوابين والمتطهرين ، وإن تباعدوا عني فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، رحمتي سبقت غضبي ، وحلمي سبق مؤاخذتي ، وعفوي سبق عقوبتي ، وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها »
وما كاد ( محمد ) ينتهي من ذلك الحديث القدسي ... حتى انفجرت الفتاة بالبكاء .. وهي تردد : ما أحلم الله عنا ... ما أرحم الله بنا ... .
بعد أن هدأت الفتاة .. واصل الشيخ ( محمد ) حديثه قائلا :
أختاه : إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا .. ولقد وجدتها أخيرا .. وجدتها في طاعة الله ... في الحياة مع الله وفي ظل مرضاته .. وجدتها في التوبة والأوبة .. وجدتها في الإستغفار من الحوبة ... وجدتها في دموع الأسحار .. وجدتها في مصاحبة الصالحين الأبرار ... وجدتها في بكاء التائبين .. وجدتها في أنين المذنبين .. وجدتها في استغفار العاصين .. وجدتها في تسبيح المستغفرين .. وجدتها في الخشوع والركوع .. وجدتها في الانكسار لله والخضوع .. وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع .. وجدتها في الصيام والقيام .. وجدتها في امتثال شرع الملك العلام .. وجدتها في تلاوة القرآن ... وجدتها في هجر
المسلسلات والألحان ...
أختاه : لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق .. فوجدت أن الناس إذا احبوا أخذوا .. وإذا منحوا طلبوا .. وإذا أعطوا سلبوا .. ولكن الله تعالى .. إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب .. وإذا أطيع جازى وأثاب ..
أيتها الغالية : إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان .. وما نطلبه من رقة وحنان .. ونتعطش إليه من دفء وسلوان .. لأن كل منهم مشغول بنفسه .. مهتم بذاته .. ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة .. ولا يعرف معناها فضلا عن أن يتذوق طعمها .. ومن كان هذا حاله .. فهو عاجز عن منحها للآخرين .. لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما هو معروف ...
أختاه : لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه .. إلا ربك ومولاك .. فإن الناس يغلقون أبوابهم .. وبابه سبحانه مفتوح للسائلين .. وهو باسط يده بالليل والنهار .. ينادي عباده : تعالوا إلي ؟ هلموا إلى طاعتي .. لأقضي حاجتكم .. وأمنحكم الأمان والراحة والحنان .. كما قال تعالى : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }
أختاه : إن السعادة الحقيقية .. لا تكون إلا بالحياة مع الله .. والعيش في كنفه سبحانه وتعالى .. لأن في النفس البشرية عامة .. ظمأ وعطشاً داخلياً .. لا يرويه عطف الوالدين .. ولا يسده حنان الإخوة والأقارب .. ولا يشبعه حب الأزواج وغرامهم وعواطفهم الرقيقة .. ولا تملأه مودة الزميلات والصديقات .. فكل ما تقدم يروي بعض الظمأ .. ويسقي بعض العطش .. لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه .. فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل لغيره .. ولكن الري الكامل والشبع التام لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى .. والعيش في ظل طاعته .. والحياة تحت أوامره .. والسير في طريق هدايته ونوره .. فحينها تشعرين بالسعادة التامة .. وتتذوقين معنى الحب الحقيقي .. وتحسين بمذاق اللذة الصافية .. الخالية من المنغصات والمكدرات .. فهلا جربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة .. وحينها ستشعرين بالفرق العظيم ... وسترين النتيجة بنفسك ...
فأجابت الفتاة ... ودموع التوبة تنهمر من عينيها : نعم .. هذا والله هو الطريق !! وهذا هو ما كنت أبحث عنه .. وكم تمنيت أنني سمعت هذا الكلام .. منذ سنين بعيدة .. ليوقظني من غفلتي .. وينتشلني من تيهي وحيرتي .. ويلهمني طريق الصواب والرشد ...(82/218)
فبادرها ( محمد ) قائلا .. إذن فلنبدأ الطريق .. من هذه اللحظة .. وهاهو الفجر ظهر وبزغ .. وهاهي خيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلاً قليلا .. وهاهي أصوات المؤذنين تتعالى في كل مكان .. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهة .. أن تعود إلى ربها ومولاها .. وهاهي نسمات الفجر الدافئة الرقيقة .. تناديك أن عودي إلى ربك .. عودي إلى مولاك .. فأسرعي وابدئي صفحة جديدة من عمرك ... وليكن هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد .. وليكن أول ما تبدئين به حياتك الجديدة .. ركعتان تقفين بهما بين يدي الله تعالى .. وتسكبين فيها العبرات .. وتطلقين فيها الزفرات والآهات .. على المعاصي والذنوب السالفات ..
وأرجوا أن تهاتفيني بعد أسبوعين من الآن ... لنرى هل وجدت طعم السعادة الحقيقية أم لا ؟
ثم أغلق ( محمد ) السماعة ... وأنهى المكالمة ...
بعد أسبوعين .. وفي الموعد المحدد .. اتصلت الفتاة بـ ( محمد ) .. ونبرات صوتها تطفح بالبشر والسرور .. وحروف كلماتها تكاد تقفز فرحاً وحبورا .. ثم بادرت قائلة :
وأخيراً .. وجدت طعم السعادة الحقيقية .. وأخيراً وصلت إلى شاطئ الأمان الذي أبحرت بحثاً عنه .. وأخيرا شعرت بمعنى الراحة والهدوء النفسي .. وأخيراً شربت من ماء السكينة والطمأنينة القلبية الذي كنت أتعطش إليه ... وأخيراً غسلت روحي بماء الدموع العذب الزلال .. فغدت نفسي محلقة في الملكوت الأعلى .. وأخيرا داويت قلبي الجريح .. ببلسم التوبة الصادقة فكان الشفاء على الفور ... لقد أيقنت فعلا .. أنه لا سعادة إلا في طاعة الله وامتثال أوامره .. وما عدا ذلك فهو سراب خادع .. ووهم زائف .. سرعان ما ينكشف ويزول ...
وإني أطلب منك يا شيخ طلباً بسيطا ... وهو أن تنشر قصتي هذه كاملة .. فكثير من الفتيات تائهات حائرات مثلي ... ولعل الله أن يهديهن بها طريق الرشاد ...
فقال لها الشيخ ( محمد ) عسى أن تري ذلك قريبا .......
ـــــــــــــــــــ(82/219)
رسالة إلى الأخت المسلمة
أشرف شعبان
إليك يا أختي المسلمة أخط بضع كلمات هي إلى العظة والتذكير أقرب منها إلى النصح فإن الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فاعلمي أنك على ثغر من ثغور الإسلام ألا وهو الأسرة المسلمة وتربية أطفالها فلا يصح أن يُؤتَى من قِبلك، فارتداؤك الحجاب الإسلامي الفضفاض وغير الشفاف وما يتبعه من خمار لا يعني نهاية الطريق بل هو بدايته، به تعلنين أمام الملأ انضمامك للصف الإسلامي وتمسكك بتعاليم الإسلام وأوامره ونواهيه والتزامك به في سلوكياتك وتصرفاتك أمام أهلك وأمام المجتمع.
ولتعلمي يا أختي أن المحن والابتلاءات ستدور عليك وحولك: ستخيَّرين بين من يقدم لك متاع الدنيا وبين من لا يملك سوى دينه يريدك زوجة له، فتذكري حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: » إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه « ولك في نساء الصحابة أسوة حسنة حين أتم رسول الله زواج إحداهن بمهر وقدره خاتم من حديد أو بما حفظ من آيات القرآن الكريم.
وتُمتحنين في أقرب الناس إليك: زوجك أو ابنك، فقد يجبر أحدهما أو كلاهما على الرحيل من بلده فراراً بدينه أو للجهاد في سبيله هنا وهناك، فلا تحزني فالدنيا مهما طالت أيامها معدودة وقصيرة وستلتقين بهما لتنضموا سوياً إما بالنصر أو النعيم في الجنة وهذا هو الإسلام وذروة سنامه، ستتذوقين شظف العيش ويخلو بيتك من الملذات فتذكري أن بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمضي عليه ثلاثة شهور دون أن تشعل فيه نار، فلا تترددي أو تضعفي يا أختي أمام المحن والابتلاءات فكلما ازداد إيمان الفرد اشتد بلاؤه، وتذكري حديث رسول الله » إن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء ثم الصالحون « وكل ابتلاء يثاب عليه المؤمن في جسده أو ماله أو ولده ليخرجه من الدنيا كما ولدته أمه بلا ذنوب واعلمي أن حياتك الدنيا ما هي إلا دار ابتلاء وامتحان، فمن صبر وشكر فهو مع الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والشهداء في جنة الخلد عند مليك مقتدر.
جعلنا الله وإياك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/220)
تشغيل النساء .. كيف ؟
...
...
التاريخ : 12/04/2006
الكاتب : د. نورة خالد السعد ... الزوار : 3441
< tr>
منذ أعوام ثلاثة تقريباً وهناك حمى لدى البعض لإقحام النساء في مجتمعنا في كل عمل وفي كل جهة وموقع!! آخرها ما جاء في سؤال أحدهم لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عن موعد تعيين سفيرة لخادم الحرمين الشريفين في إحدى الدول؟!
هذا الاندفاع نحو غرس المرأة السعودية في كل موقع وفي كل وظيفة فقط للتباهي بأننا حضاريون وفق النموذج الغربي المتصادم مع أحكام شريعتنا مرفوض من كل قطاعات المجتمع إلاّ الأقل .
ولست أقولها جزافاً رغم أن ما يسمح بنشره هو الجانب الذي يؤيد هذا الانتشار للنساء في مواقع لا علاقة لها بالتنمية ولا بالتقدم ولا بالاحتياج الحقيقي أو الضروري لعملها، أو الذي يستهزئ (بخصوصية المجتمع) !! كناية عن محدداتنا الشرعية التي تم وفقها توحيد هذا الكيان على يد المغفور له الملك عبدالعزيز، والذي استمد دستوره من القرآن الكريم وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، وليس من مواثيق حقوق الإنسان العالمية التي وضعها منظّرو الثورة الفرنسية ومن تلاهم وهم بشر وهم أناس لا يفقهون شريعتنا، ويخطئون ويصيبون!! وليس خالق الكون والإنسان، وقوله الحق تبارك وتعالى .
ما أردت قوله ، والتأكيد عليه هو أننا ( نرفض الاختلاط بين النساء والرجال في مواقع العمل ) كما جاء في البند 160 من نظام العمل السابق والذي ينص على : ( لا يجوز في أي حالة من الأحوال اختلاط النساء بالرجال في أمكنة العمل وما يتبعها من مرافق وغيرها ) .
والذي تم إغفاله في نظام العمل الجديد الصادر في شوال 1426ه ضمن ( القواعد المنظمة لعمل المرأة في القطاع الأهلي في المملكة العربية السعودية ) .
بل إننا نرفض هذا الحذف من نظام العمل الجديد..
فإذا خرجت المرأة في المجتمع الغربي للعمل في المصانع وفي بناء الجسور وفي كنس الشوارع ودورات المياه العامة كنتيجة للحروب التي قضت على الرجال وجبرت هؤلاء النسوة للعمل تحت طائلة البحث عن لقمة العيش.. فإننا هنا لسنا في هذا الوضع فدولتنا غنية وصناديق تنميتها الصناعية والإنمائية تسهم في تقديم معونات لدول عديدة.. كما أن ميزانيتنا لديها فائض وعد خادم الحرمين الشريفين في استثماره لخدمة المواطن ونمائه. فإذا تم توظيف هذه الميزانيات في مشاريع إنتاجية للشباب من الجنسين بشكل (منفصل) فلن نعاني من ظاهرة (البطالة) ولهذا نرجو من وزارة العمل التي استحدثت اجراءات نظامية عديدة وضوابط كي يتحقق بيع النساء في محلات المستلزمات النسائية أن تكرس جهودها (لتوظيف الشباب أولاً) الذين لا يزالون يبحثون عن وظائف رغم ما يقدم لهم من وعود بتوفير فرص وظيفية عند افتتاح كل مشروع صناعي أو تنموي آخر..
وأنا هنا أشدد على ضرورة توظيف الشباب وإيجاد حلول لمشكلاتهم الاسكانية والوظيفية فهم (المسؤولون) عن (أسرهم) وليست (النساء) هي المسؤولة عن الإعالة لأسرهن..
ثم لابد من عدم السماح باختلاط العاملات في بيع المستلزمات النسائية مع من سيشرف على تلك المحلات أو يملكها من الرجال.. ولابد من تنفيذ الشروط التي حددها معالي الوزير فيما يخص هذا الجانب ، حيث ذكرت د. نادية باعشن أن الشركات التي يتم الاستيراد منها تضع شروطاً خاصة بديكورات واجهات المحلات وهذا يتعارض مع شروط الوزارة في تظليل هذه الواجهات.. وما نخشاه هو التغاضي عن ( شروط الوزارة ) أمام ( شروط الشركة الأم ) !! التي لو أبلغها وكيلها التجاري هنا بأن هذه الشروط أو الشرط مخالف لنظام المملكة ولن يقبل لرضخت فوراً لنظامنا وخضعت له كما يخضع المجتمع الغربي وشركاته للمال دون الله سبحانه وتعالى..
فهل سنتنازل عن تشريعاتنا إرضاء لشروط الشركات التي نستورد منها مستلزمات النساء والملابس الداخلية؟!
والأهم هل سنسمح بالاختلاط في المحلات والمتاجر لأننا نرفض أن يبيع رجل مستلزمات نسائية؟؟
ألا توجد حالياً معارض نسائية ومحلات مغلقة ولا تبيع فيها سوى النساء وصاحباتها نساء أيضاً..؟!
لماذا لاتعمم ويمنع التجار الرجال من استيراد هذه المستلزمات أو أن يستوردوها ويبيعوها للمحلات النسائية كناقل للبضاعة فقط.. وبالتالي تكون مجالاً خاصاً لعمل النساء وفي معارض مغلقة للنساء فقط ولا علاقة بين البائعات وبين الرجال..؟! ولا بين البائعات والتجار..
ونكون هنا قد تجنبنا ما قد يحدث لاحقاً من تخفيف إجراءات منع الاختلاط تحت شعار ( لا بأس من اختلاطها بالبائعين طالما هي بلباسها الشرعي ) !!
وقد تحدثت إحداهن أو أحدهم بأن الصحابيات كنّ يبعن في الأسواق.. وكأنهم يرتقون لمستوى الصحابيات، أو كأن المناخ الاجتماعي الحالي يماثل ذلك المناخ السامي المنضبط، الذي يتم فيه تنفيذ التشريعات بدقة، ويدرك كل مسلم ومسلمة ماذا تعني أوامر الله واجتناب نواهيه.
?? إن القطاع الخاص يمارس حالياً دوراً في هذه الإجراءات فلا بد من وضع (شروط) لهذا التوظيف ولا بد من إعادة الجزئية الخاصة بمنع الاختلاط في أماكن عمل النساء.. إلى نظام العمل..
?? إن الحفاظ على تنفيذ التشريعات والتعاليم الإسلامية هي التي ستحقق لأي مجتمع التقدم والقوة والتنمية وليس اتباع وتقليد المجتمعات الغربية والعبرة بالنتائج.. فما الذي تحقق من (تقدم) و(رخاء) لمعظم الدول العربية التي اختطلت فيها النساء بالرجال في كل موقع!؟ والتي اسقطت فيها النساء الحجاب؟؟ وأين هذه الدول في تقرير التنمية البشرية لعام 2005م؟؟
?? فلا نجعل خروج المرأة للعمل في مجتمعنا في كل موقع هو معادلة التقدم - وهو غير صحيح - لأننا بذلك نرتدي قناعاً وهمياً يخفي خلفه وجهاً آخر !
ـــــــــــــــــــ(82/221)
الفتاة الأوكرانية تعتنق الإسلام ...
إنها بداية عام دراسي جديد، الجامعة فتحت أبوابها تستقبل الطلاب الجدد...و كنت من بين هؤلاء، تقدّمت للدخول إلى قاعة المحاضرات؛ لحضور الدرس الأوّل...
جلست وجلست بجواري فتاة شابة وهبها الخالق البارىء من الجمال ما لا يدع الفرد يتجاهلها...
و في فترة مابين المحاضرات قدّمت لها نفسي و سألتها عن اسمها، فأجابت مع ابتسامة تدل على مدى رقّتها و لطفها في التعامل...تجاذبنا أطراف الحديث، دار حوارنا بخصوص الدراسة و الحياة و الهوايات...الخ و طغت على لهجتها لكنة أجنبية؛ لم تكن تتحدّث العربية، كان كلامها باللغة الفرنسية ولم تكن تتقنها وعلمت منها بعد ذلك أنها لم تكن تعيش في البلد العربي الذي نقيم و ندرس فيه و إنّما أتت من أرض بعييييدة غلبت عليها البرودة و غطّت الثلوج تلالها و جبالها، وربّما قلوب بعض سكّانها...إنّها من أوكرانيا.
مرّت الأيام وتوطّدت علاقتنا أكثر فأكثر و أصبحنا صديقتين...
علمت منها أنّها تدين بالمسيحية الأرثودوكسية واغتنمت الفرصة و عرضت عليها اعتناق الإسلام...لكن ذهبت كل جهودي في إقناعها سدى...
و السبب كان غريباً و مُحزناً في نفس الوقت...
إنّ ما أخبرتها به عن الإسلام لم يكن يمتُّ بأية صلة مع ما كانت تراه من المسلمين، ولو أنّها كانت في بلد أجنبي لكان ذلك أسهل؛ على الأقل كانت ستقارن هفوات الحياة الأجنبية مع سماحة و حضارة الإسلام و النتيجة ستكون بلا شك في صالح الحق و دين الحق...المُحزن أنّني كنت أحدّثها عن دين هي تعيش وسط من "يدينون" به؛ تراهم يصومون رمضان و منهم من يصلّي، يحتفلون بالأعياد (الفطر و الأضحى) ومولد الرّسول و... و...!
كلّمتها عن دين الصّدق و الأمانة و المحبّة وهي ترى و تسمع كذباً و غشّاً في الامتحانات وغيبة و نميمة...!!!
حدّثتها عن دين الأخلاقيات العالية و العفّة وهي ترى بنات وذكور يفعلون ما يشاءون وكم ممّن ادّعى الإسلام طلب منها الخروج و أن تأتي له بالـ"فودكا" مع أن الإسلام ينهى عن الخمر و الزنى...!!!
حدّثتها عن دين يحث على العمل و النشاط و الاجتهاد، و هي ترى كسلاً يعم المكان، و تخلّفاً يتناقض مع مفهوم هذا الدين...من جهة أخرى كانت ترى"الملتزمين" و"الملتزمات" أولئك من المؤسف؛ اعتزلوا الناس و المجتمع و لخّصوا الإسلام في زي وعبادات ونكران للغير وابتعاد عمّا يرونه خطأ، وانحلال وصاروا يتعاملون مع الباقي و كأن لديه مرض معدي بل وباء خطير يجب استئصاله أو الحجر عليه و الابتعاد كل البعد منه!! مع أن الإسلام دين النصح و الإرشاد و البذل و العطاء؛ كما قال الحبيب المصطفى صلّى الله عليه و سلّم: «الدّين المعاملة» و في حديث آخر:«الدّين النصيحة»... الإسلام و المسلمين...!!!!!!!
التّطرّفين؛ تطرّف الميوعة و البعد عن تعاليم الرّحمن و تطرّف من ظنّوا أنّهم على صواب بتلخيص الدين في عبادة إن صحّ القول "أنانية".
كان هذا عقدة الموضوع الكبرى؛ فمن وجهة نظرها ما دام الفرد يعتمد على مبدأ ما في حياته، فمن المفروض أن تظهر آثار مبدئه و عقيدته عليه...فإذا كان المبدأ سليماً كانت النتائج إيجابية، أمّا إذا كانت النتائج سلبية فالخطأ كل الخطأ في المنهج المتّبع، وكان عليّ أن أثبت العكس و أن أريها مدى خطئها في حكمها على أفضل ما حظت به البشرية: الإسلام!
في خضم الحياة و الدروس و الامتحانات..ابتعدنا قليلاً عن الموضوع، ثمّ قدّر علينا الافتراق.
بعد مرور سنتين أو ثلاث، شاء الله سبحانه و تعالى أن نلتقي من جديد...
مع اختلاف بسيط، لكنه جذري؛ كنت قد ارتديت الحجاب.! تفاجأت لرؤيتي كذلك، وراحت تسألني عن سبب قراري فاغتنمت الفرصة من جديد، و كلّي ثقة بأنّني سأكون أكثر إقناعاً مع كل ما عرفته عن ديني وكلّ ما أنعم به الله عليّ بعد تديّني...
تلك كانت أكثر اختلافاً من المرّات السابقة، كانت تصغي لي بانتباه و صمت، وكنت أتكلّم و أتكلّم...ثمّ انفجرت بالبكاء على حين غرّة! كانت تمرّ بفترة صعبة للغاية وكانت مشاكلها كثيرة والظاهر أن حديثي عن الله والدين والإيمان وأمن الإسلام كان قد حرّك فيها شيئاً ما ولكنّها أبت أن ترضخ لذلك و كأنّني كنت أحدّثها عن برّ أمان تجد نفسها في أمس الحاجة إليه لكن لا تعرف الوصول إليه، بل تخاف من اتخاذ الخطوة؛ فحيرتها زادت أكثر خاصة وأنّ سبب مشاكلها أناس قالوا بأنّهم مسلمون...!!!
وافترقنا من جديد...
وبعد هذا العام، بعد مضي بضعة سنين، التقينا و نحن ننهي دراستنا الجامعية. لكن هذا اللقاء كان حاسماً بالنسبة لي؛ هي ستناقش رسالة تخرّجها و ستتزوّج من مسلم وتغادر معه إلى الجنوب. لقائي هذا كان ربّما الأخير معها، ولن يدوم أكثر من ثلاث أسابيع...دعوت الله من كلّ قلبي أن يشرح صدرها للإسلام؛ فهي فتاة ذكيّة ولطيفة وتتميّز بصفات حميدة كثيرة، وتوكّلت على الحيّ القيّوم راجية منه التّوفيق. بينما كنت أخطّط لدعوتها من جديد؛ خطر لي أن أطلب العون من أحد الرّفاق في موقع طريق الإسلام، هو شاب تطوّع لدعوة الرّوس للإسلام، أخبرته بالإشكال الموجود عبر الإنترنت و طلبت منه النصيحة كونه أعلم منّي بأحوال القوم في تلك المناطق، ووضّحت له أنّ الوقت جدّ ضيّق وأنّني عازمة على النّجاح في مهمّتي هذه المرّة.
فاتّفقنا على بعض الخطوات نقوم بها، كانت أولاها إقناع الفتاة بعدم مقارنة الإسلام بما تراه من قبل بعض المسلمين و التأكيد على تعريفها بالإسلام الحقيقي المُجرّد من كل الشوائب، و في هذا الإطار اقترح عليّ بعض المواقع المختصة بالدّعوة باللغة الروسية، وكان عليّ إرسالها لها على بريدها الإلكتروني، إلاّ أنني التقيت بها قبل ذلك، كان لقاءً حارّاً فالفراق دام طويلاً و صداقتنا عبر كل تلك السنوات كانت قد اتسمت بالحميمية و الودّ. تجاذبنا أطراف الحديث ثمّ سألتها بكل صراحة: كيف أحوالك مع الإسلام...؟؟
فضحكَت وقالت لي: ألازلت تذكرين..؟؟ قلت: ولن أتراجع! تعالي نكمل ما علق بيننا..!
واتخذنا مكاناً جلسنا فيه وقلت لها دعينا نحلّ الإشكال هذه المرّة. تكلّمنا على وجود الله (وقد كانت في بعض لحظات ضعفها تنكر وجوده بحجّة أنّه لا يستجيب لدعواها حين تكون بحاجة إليه)، فاتفقنا على ذلك، وتحدّثت عن وجود الدّارين الأولى و الآخرة وعن مغزى وجود الإنسان و أنّه سيحاسب و أخبرتها عن الجنّة، ففاجأتني بردّها الغريب..!: أفضّل أن أذهب مع الرّوس الذين هم قومي إلى النار على أن أذهب إلى الجنّة مع هؤلاء!!!!
كان من الواضح أنّ الإشكال لا يزال قائماً...رددت بمثال طرحته عليها؛ إن العالم مليء بمن يسمّون أنفسهم "مسيحيين" و من المنطقي أن المسيحيين أناس يدينون بدين السيد المسيح و العذراء مريم..؟
ردّت؛ بنعم!..
فأكملتُ: لكن هل يُعقل بأن يكون شعب يدين بدين أعفّ و أطهر امرأة عرفتها البشرية، اصطفاها الله لطهرها و نقائها؛ بلا أخلاق ولا قيم ويظهر في مجتمعه كلّ ذلك الانحلال والآفات الاجتماعية و الخُلقية؟؟؟؟؟ وهل يجوز لنا أن نحكم على دين ومنهاج سماوي بالبطلان لمجرّد إخفاق وضلال أتباعه؟؟؟؟؟؟؟
كذلك بالنسبة للإسلام؛ الدين الذي اصطفاه عزّ و جلّ على باقي الأديان، لا يحق أن نحكم عليه من خلال أخطاء بعض أتباعه ومن لم يفقهوا معناه وقيمه السمحة لسبب من الأسباب. ثمّ تطرّقنا لعلاقة العبد بربّه وأنّ من أبسط الأمور أن يكون العبد شكوراً لنعم الله عليه، كونه سبحانه و تعالى خالق البشر المتفضل عليهم بكل شيء...
وركّزت في الحديث على علاقة الحب المتبادلة التي يجب أن تكون بين العبد وربّه وكيف أنّ الإنسان يجب عليه الثقة بمن خلقه و كرّمه...تحدّثنا عن فائدة الصّلاة وما تمثّله من صلة بين العبد وربّه وحاولت تقريب مفهوم تلك الصّلة بوصف شعور المسلم في صلاته و تضرّعه و دعائه و ذكره لله، وكيف أنّه سبحانه و تعالى يذكر من يذكره و يغفر له و ينعم عليه في الدّنيا و الآخرة...وكانت تصغي لكلّ ذلك، ثمّ سألتها إن فهمت مغزى ما أخبرتها به، فردّت أن نعم وأنّها أكثر اقتناعاً، فاغتنمت الفرصة و سألتها إن هي آمنت بوجود ووحدانية الله فأجابت بـ:نعم، وهل هي تؤمن بوجود الملائكة وتوالي الرسل وأن سيدنا محمّد رسول الله وآخر أنبيائه فردّت بـ:نعم، وهل آمنت بوجود اليوم الآخر والحساب فردّت بـ:نعم، فما كان منها إلاّ أن نطقت بالشهادتين وبالتالي اعتنقت الإسلام...
كم كانت سعادتي في أوجها حين سمعتها تردّد أنّها تشهد بأن لا إله إلاّ الله و أنّ مُحمّدا رسول الله...ياااااااه ! أخيراً..!!!
لكنّني خفت أكثر بعد ذلك؛ خفت أن تكون قد فعلت مجاملةً لي أو لتضع حدّاً للموضوع، خفت أن أفيق من تلك اللحظات وأجدها لا تزال على ما هي عليه...فانطلقت بعد تلك المقابلة أشتري لها كتيبات إسلامية بالفرنسية أهديتها لها ثم ذهبت إلى الإنترنت؛ بعثت لها بالمواقع الإسلامية الروسية التي أوصاني بها رفيق الدعوة إلى الله، ثمّ بعثت أبشّره بإسلامها...انتظرت ردها بفارغ الصبر ...حين ردت كدت أطير من الفرح.
لأن حماسها لمعرفة المزيد عن الإسلام و فرحها بالمواقع كان لا يوصف ...
حينها أدركت بأنها جادّة في إسلامها، و حمدت الله كثيراً...أخيراً أسلمت الأوكرانية...!!!
ـــــــــــــــــــ(82/222)
الوقت في حياة المسلمة
تعاني نساء كثيرات مشكلة الفراغ وأخريات يلجأن إلى ما يسمينه 'قتل الوقت' دون اهتمام كبير بوسيلة ذلك، وبين هذين الصنفين صنف ثالث يبحث عن كل ما هو مفيد ونافع لشغل أوقاتهم، فبعد قيامها بحق ربها عز وجل ثم زوجها وبيتها نجدها كالنملة حيوية وحركة وعطاءً حسنًا مؤثرًا في الآخرين.
أختي المسلمة:
لقد أعطانا الله عمرًا وأمدنا بطاقات وقدرات، وأنعم علينا بالإسلام ومتعنا بنعمة الأمان والصحة والعلم وسعة الرزق، فنعم الله تحيط بنا من كل جانب: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].
ولو سألت نفسك ما أكثر نعمة أنعمها الله عليك بعد الإسلام؟
هل هي نعمة المال أم الجمال أم الأولاد أم الصحة؟
الإجابة بعيدة كل البعد عن الأشياء التي ذكرتها، والجواب هو: نعمة الوقت.
الوقت نعمة كبيرة:
ـ هناك من الدلائل الكثيرة على عظم قيمة الوقت منها:
1ـ لقد أقسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالوقت في القرآن، ولا يقسم الله بشيء إلا إذا كان غاليًا وهامًا قال تعالى: {وَالْعَصْرِ [1] إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1ـ2].
و{وَالْفَجْرِ [1] وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1ـ2].
2ـ إن كل شعائر الإسلام مرتبطة بالوقت كالصلوات الخمس، وصيام رمضان، والحج والوقوف بعرفة.
3ـ وكذلك إقامة الحجة على الإنسان يوم القيامة مرتبطة بالوقت.
يقول تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]. نعمركم: أي أعطيناكم عمرًا ووقتًا.
ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ [[لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه.... ]] الحديث
أي لا يدخل المرء جنة ولا نارًا حتى يُسأل عن عمره أي الوقت الذي أعطي له في الدنيا ماذا عمل فيه.
وهناك نسأل ما علاقة هذا الكلام بنا نحن الفتيات والنساء عمومًا؟
أريد أن أقول: إن رأس مال المرأة في الدنيا هو أنفاسها والوقت هو حياتها، والمصيبة الكبرى التي تقع فيها جميع النساء إلا القليل ـ هي أن الوقت عندها ليس له قيمة، بالرغم من أن الوقت هو الحياة.
وكلنا يعرف القول المشهور 'الوقت من ذهب'.
لا والله الوقت أغلى من الذهب ولا يقدر بثمن.
لذلك يقول الحسن البصري رحمه الله:
'كل يوم تشرق فيه شمس ينادي هذا اليوم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة'.
ويقول أيضا:
'يا ابن آدم إنما أنت أنفاس وأيام فإذا ذهب نفسك ويومك فقد ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل'.
ـ فاحرص أن تخرج أنفاسك في الدنيا في عمل مفيد في الحياة يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
'كل نفس وكل عرق سيخرج في الدنيا في غير طاعة الله أو فائدة في الحياة سيخرج يوم القيامة حسرة وندامة'.
وهذه قضية إيمانية لذلك يقول العلماء أن من علاقة غضب الله ومقته على العبد أن يكون مضيعًا لوقته، ومن علامة محبة الله للعبد أن يجعل شواغله أكثر من وقته.
بداية المعصية تبدأ بالفراغ:
إذا نظرنا بعين فاحصة لكل مشاكل النساء تجدها بسبب الفراغ، وما وقع النساء في الغيبة والنميمة وتصيد أخطاء الآخرين والخلافات وغير ذلك إلا وكان الفراغ وراء هذا الوقوع.
يقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة
إذن بداية المعصية تبدأ بالفراغ، وأكبر مثال حي وصادق على ذلك امرأة العزيز التي راودت يوسف عن نفسه وهذه معصية كبيرة كان وراءها الفراغ.
ونساء المدينة كن فارغات لا يفكرن إلا في الحديث عن قصة امرأة العزيز ويوسف ـ عليه السلام ـ.
وهنا يأتي السؤال فيم تضيع المرأة في هذا العصر وقتها؟
من أشكال الفراغ وتضيع الوقت بين النساء في هذا العصر:
ـ النوم لساعات الطويلة، قراءة المجلات التافهة بالساعات إن لم تكن فاضحة، التزين الزائد عن الحد، الذهاب للتسوق وبالساعات، مشاهدة التليفزيون والأفلام والمسلسلات والتقليب في القنوات الفضائية بالساعات، الحديث في التليفون مع الأصدقاء أوقات طويلة، والكلام بين الفتيات والشباب بالساعات في الإنترنت إما في كلام ليس له قيمة أو علاقات آثمة، فضلاً عن الخروج والفسح والأكل بالأربع ساعات في المطاعم... وغير ذلك كثير.
الزينة حلال للمرأة.. ولكن:
وأرد لمن يرد في ذهنه أننا ضد الزينة للمرأة وأقول:
إن الوقت لهو الحياة وهو سريع الانقضاء، وما مضى منه لا يرجع، ولا يعوض بشيء، والمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، فعليها أن تحرص على الاستفادة من عمرها، وصرف وقتها فيما ترجو نفعه، والمرأة التي تمضي الساعة تلو الساعة أمام المرآة لتجميل وجه، وتسريح شعر بصورة مبالغ فيها هي ممن أضاع الوقت، وفرط في العمر، لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة لا غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة، وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة، ولكن يجب أن يكون ذلك بحد معين في الوقت والمال.
والإسلام كما يرفض إضاعة الوقت في الزينة فهو كذلك لا يرضى بإضاعته في البحث عن وسائل الزينة ومتابعة المستحدثات وكثرة ارتياد الأسواق.
صور ونماذج لكيفية استغلال الوقت:
تعالي معي لنرى كيف استفاد السابقون بأوقاتهم في عظائم الأمور ومفيدها:
المحاسبي:
انظري إلى المحاسبي وهو يقول: 'والله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر أشتري بها أوقاتًا لخدمة الإسلام والمسلمين فقالوا له: فممن تشتري هذه الأوقات؟ فقال: من الفارغين.
ابن عقيل:
وانظري إلى ابن عقيل وهو يقول: 'أنا الآن ابن الثمانين، والله أجد همة وعزمًا واستفادة من الوقت كما كنت وأنا ابن العشرين'. إني لا آكل الطعام كما تأكلون فقالوا له: فكيف تأكل؟
قال: إني لأضع الماء على الكعك حتى يصير عجينًا فآكله سريعًا حتى لا أضيع وقتي'.
لذلك استمرت هذه الأمة 1300 سنة لقيمة الوقت في حياتهم.
أسامة بن زيد:
وهذا أسامة بن زيد يقود جيشًا وعمره السادسة عشر ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عليه:
وإنه لخليق بالإمارة [أي يقدر عليها].
محمد الفاتح:
وهذا محمد الفاتح يفتح القسطنطينية التي استعصت على المسلمين عدة قرون يفتحها هو وعمره ثلاثة وعشرين سنة.
النووي:
كلنا يعرف النووي مؤلف كتاب رياض الصالحين هل تعرفين كم كتابًا ألف؟
لقد ألف خمسمائة كتاب ومات في الأربعين من عمره قبل أن يتزوج، وكانت أمه تطعمه وهو يكتب دون أن يشعر لكثرة مشاغله.
ابن رجب:
يقول ابن رجب: لقد كتبت بإصبعي هذا أكثر من ألفين مجلد.
يقولون: فبعد موته أخذنا كتب ابن رجب وقسمناها على عمره فكان نصيب اليوم من الكتب تسعة كتب.
هؤلاء كانوا يبنون أمة فنجحوا وأشرقت هذه الأمة.
والتاريخ الإسلامي يزخر بالعالمات من النساء والفقيهات والطبيبات والشاعرات، فهذه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ يؤثر عنها أنها روت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث.
وكثير من النساء في ذلك الوقت كن يشغلن أوقاتهن فيما يفيد ولخدمة الإسلام والمسلمين.
الحل بيدك.. فبادري:
كيف تشغلين وقت فراغك فيما يفيد وينفع في الدنيا والآخرة؟
1. يقول تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ[7]وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]. أي إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع دوامة الحياة، فإذا فرغت من كل هذه الأعباء فتوجهي بقلبك كله إلى من يستحق أن تنصبي فيه، وتجتهدي من أجله. والمسلمة طالما احتسبت أعمال الدنيا لله تعالى بما فيها الترويح المباح الذي لا يأخذ من وقتها الكثير فهي في عبادة وهي في جهاد. فحاولي استغلال معظم لحظات حياتك في جلب الخير لك وللآخرين.
2. أشغلي نفسك بتحقيق أهداف ذات قيمة تشعرك بالحماس كحفظ سور من القرآن الكريم وقدرًا من الأحاديث النبوية، وتعلم أحكام فقهية تتعلق بالعبادات وكذلك قراءة الكتب المفيدة.
3. التحقي بدورة مفيدة [كمبيوتر، أو تعلم لغة] أو تعلم مهارة تطورك في جانب تحبينه كالخياطة والتطريز والأعمال الفنية.
4. عليك بالدعاء فهو سهم الله النافذ، فعلى المرأة أن تدعو الله أن يشغلها بما يفيد وينفع في حياتها وفي مماتها، لأن النفس إن لم تشغليها بحق شغلتك هي بباطل.
5. مشاهدة البرامج المفيدة المتعلقة بالمرأة والنواحي الأسرية.
6. المبادرة إلى الخيرات كما أمرنا الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] أي سارعوا إليها.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: [[بادروا بالأعمال [أي الصالحة] سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا أو هرمًا مفنداً [أي موقعًا في الفند وهو كلام المخرف] أو موتًا مجهزًا [أي سريعًا] أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر]]. [رواه الترمذي].
هذه اقتراحات بسيطة وعليك أختي المسلمة التفكير فما يشغل وقت فراغك بما ينفع بيتك وأسرتك وحياتك ومماتك.
أعدي للسؤال جوابًا...وعن عمرك فيما أفنيتيه؟
27 شعبان 1425هـ 11 أكتوبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/223)
كيف نثقف النساء دينياً " ؟
...
...
التاريخ : 27/03/2006
الكاتب : إكرام الزيد ... الزوار : 2728
< tr>
تمهيد:
إنّ في الناس كل حينٍ ودهرٍ على اختلاف أحوالهم ومشاربهم ومآربهم، حاجةٌ شديدةٌ إلى العلم الشرعي؛ لتقضى به الأحكام، وتسيّر بهِ الحياة منهجاً ربانياً رشيداً، تبياناً لكلّ شيء وهدى ورحمة!
ولقد قضى الله علينا في هذا الزمان الذي كثرت فتنه، وعمّ فيه الجهل، ورقّت الديانات واتّبعت الأهواء، أن تكونَ حاجة الناس إليه أشدّ وأعظم، بل وتزيد الحاجة عند من تناط بهنّ تربية النشء، وصناعة جيل غدٍ مشرقٍ يحمل الراية، ويتسامى بالغاية، أنشأته مدارس الأمهات، فصار شعباً طيّب الأعراقِ!
لهذا، فإنّي أقدّم هذه الاقتراحات المتواضعة، بناء على ما أبلغتني بهِ د.حصة بنت عبد الكريم الزيد عن مشروع تثقيف المجتمع دينياً، الذي سيقسّم على فئاتِ المجتمع، ونالني شرف التكليف بكتابة ما يمكن تقديمه لفئة الفتيات العمرية 18 – 25 سنة، داعية الله أن تكونَ في محلّها نافعةً طيّبة مباركة، هذا، والله أسأل إخلاص مبتداها وقبول منتهاها، آمين!
أولاً: الالتحاق بالدروس العلمية:
وهنا مدار الأمر وأصله، وبه حفظِ العلم ونقلَ عبر القرون، لكنّ هذه الطريقة لا تكونُ إلاّ للفتياتِ اللاتي أنشئنَ على حبّ الكتاب، ووجّهن الوجهة الصحيحة في تربيتّهن، ولديهنّ الأرضية الصالحة للالتحاق بالدروس، مع القدرة على التوفيق بينها وبين الدراسة النظامية، والجدية والانتظام، والالتزام بالسمت الحسن، فمن وفّقها الله ونالت مثل هذا أو بعضه، فالدروس أوّل طريقٍ وأكمل.
ثانياً: الدورات الشرعية:
هناك من لا تستطيع الانتظام بشكل دائمٍ في الدروس، لأمور كثيرة أبسطها عدم وجود الوقت الكافي، أو هدم توفر مواصلاتٍ دائمة، فهذه يحسن بها الالتحاق بالدورات الشرعية المكثفة، والتي تكونُ غالباً في وقتٍ فراغٍ كالعطلة الصيفية ونحوها، والأفضل أن تمتد لأسبوعين أو ثلاثة، وأن تكون مركزة شاملة بإشراف أستاذات متخصصات، ولزيادة نظر فقد طُبّقت هذه التجربة في بعض المؤسسات الخيرية " كمؤسسة مكّة "، وخرجت الطالبات منها بخيرٍ كثير.
ثالثاً: القراءة الموجّهة:
بعض الفتياتِ في هذا العمرِ تكونُ محبّة للقراءة متابعة لجديد الكتب، لكنّ الغالب أنّ قراءتها لا تكونُ موجّهة وجهة سليمةً تنشئ لها أرضيّة فكرية ودينية متينة، والمدخلُ إلى هؤلاء الفتيات له عدّة طرائق، منها:
التأليف المخصص: بحيث تؤلف كتب موجّهة لهنّ خصيصاً، تناقشُ همومهنّ، وتؤصّل أفكارهن، وتزيد ثقافتهن، ويشترط أن تكون ذاتُ عرضٍ جذاب، وأسلوبٍ سهل سلس، سواء كان الموضوع سلوكياً أو عقدياً بعيداً عن التفصيلات والفروع والخلافات، ليقبلنَ عليها بلهفة وحماس.
نادي القراءة: وهذه الفكرة تمّ تطبيقها في بعض والمكتبات وكذلك المجموعات الدعوية الصغيرة، بحيث يكون هناكَ لقاء شهري تجتمع فيه عضوات النادي لمناقشة جديد الكتب وآخر ما قرأنَ، وللاستعارة وتبادل الكتب بينّهن، والفكرة ناجحة جداً إذا روعيَ فيها اختيار الكتب القوية التي تؤصل العلم الشرعي المرتبط بالقضايا العصرية، ويشترط جدا ًوجود إشراف كفء متابع لنوعية الكتب المطروحة في هذه اللقاءات وتوجيهها.
التوجيه الفردي: وهذا عبء قائم على أهل التربية والتعليم إذا لحظت المعلّمة الواعية في تلميذتها حبّاً للقراءة وتوجهاً نحوها. بحيث تخصّها بالمتابعة، وتسألها عن قراءتها وجديدها، وتقترح عليها أسماء كتبٍ جيدةٍ تناسب ومستواها القرائي.
المجلات: والمجلات المتخصصة في هذا العمر لها دور كبيرٌ في إرساء قواعد الثقافة الدينية، خاصة إذا كانت ذات إخراج جميلٍ وأسلوب مشوّق مع سلامة في المنهج والمسيرة، ومن أمثلة هذه المجلات مجلة "حياة"، التي تقبل عليها الفتيات إقبالاً كبيراً.
رابعاً: التثقيف إلكترونياً:
المجموعات البريدية: في الشبكة العنكبوتية مجموعات بريدية يسجل فيها الشخص، فتصل إلى بريده بعد التسجيل أبرز العلوم والأخبار الخاصة بالمجموعة التي سجّل فيها، فمثلاً هناك مجموعات تعنى بأخبار العالم الإسلامي، ومجموعات بالرياضة، وهناك الفنّ أيضاً وغيره، فلو قام مركز أو مؤسسة دعوية باستحداث مجموعتهم الخاصة – وهي لا تكلف شيئاً – بحيث يرسلون رسائل دورية للمسجلين، تحمل بين طياتها الفكرة الجيدة والأسلوب الشيّق، حتى تنتشر في ربوع الأرض بإذن الله لا تترك بيت مذر ولا وذر إلا دخله العلم والخبر، لا تحده المناطق والمسافات والحدود!
المعاهد الشرعية: أيضاً في الشبكة يوجد معاهد تعليم العلوم الشرعية، تقوم الطالبة بتسجيل اسمها فيه بالمراسلة الإلكترونية، ثمّ يكون لها جدولها الدراسي، بحيث تسمع المحاضرة من الأستاذ من الجهاز، وتقرأ الكتب الموجودة في موقع المعهد، وتمتحن أيضاً، وهي تجربة مثيرة جداً للفتيات لو وجدنَ من يوجههن لها، أو يقوم على معهد مثيل، خاصة مع ما تقدم عن أنّ في الإنترنت الفرصة العظيمة للنشر الواسع الذي لا يحدّ بشيء.. ومثال ذلك " معهد الفرقان ".
توزيع أو بيع الأقراص المشوقة، جيل الكومبيوتر يحّب التعامل مع الأقراص بشكل كبير، لذلك .. استخدام الأقراص في التثقيف سيكون وسيلة فعالة، خاصة إذا كان معروضة بشكل احترافي جذاب، ومواضيع مشوقة متنوعة، تلامس الاحتياج الفعلي للفتاة المسلمة.
خامساً: التثقيف بالمسابقات:
والمسابقات لها وهج لا ينطفئ عند الشابات، وتستثير حماسهنّ والفكرة معروفة لكنّ إدراجها تكميلي للبرنامج، ومنها المسابقة على شريط موجّه للفتيات، أو على كتاب يثير حماستهنّ، أو تكون مسابقات عامة. في النهاية .. هو هدف واحد!
سادساً: البرامج التلفازية:
وغالب البرامج الدينية حالياً تعتمد على الوعظِ أو القصص أو الفتاوى العاّمة دون تأصيل قوي واضح، رغم أنّ التلفاز له شريحة واسعة من الفتيات الحريصات على متابعة برامجه، لذلك فإنّ أبرز فكرة يمكن تطبيقها في هذا الجانب، هو البرامج التخصصية، فالبرامج إذا أعدّت وقدّمت بشكل موجه تماماً للفتيات في هذا العمر ستكون ذات تأثير قوي فاعل، سواء كانت على شكلِ مشكلة وحل، أو وعظ، أو محاضرة، أو استشارات، أو تقارير وغير ذلك من الوسائل الإعلامية.
ويمكن أيضاً أن تُشجَّع الفتياتُ على متابعة البرامج الهادفة والقنوات التعليمية، " كقناة المجد العلمية " .. ولو ربط الأمر بمجموعة واحدة تتدارس هذه العلوم فيما بينها لكانت فكرة مبتكرة تتحمس لها الفتيات.
سابعاً: البحوث:
وقد جعلتها متأخرة، لأنّها الأقل عملية بالنسبة للشريحة الكبرى من الفتيات، لكنّ هذه الطريقة نافعة جداً لمن وجدت فيها روح التقليب في الكتب وحبّ البحث وكثرة المطالعة. ولو لم يأتِ من البحوث إلا معرفة أسماء الكتب ونسبتها لمؤلفيها وتوسعة المدارك؛ لكفى!
هذا ما تيسّر لي كتابته والله أعلم ..
إكرام الزيد
ـــــــــــــــــــ(82/224)
أحكام تخص المرأة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أما بعد:
فإن المرأة تُخاطَبُ بما يُخاطب به الرجل غالباً وفي هذا ردٌّ على مَنْ زعموا أن الإسلام هضم المرأة حقوقها، ولا أدلّ على ذلك مِن قوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما النساء شقائق الرجال رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديث حسن.
وقد جاء الخطاب كثيراً في القرآن الكريم للرجال والنساء، كقوله - تعالى -: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 72].
وقال - سبحانه -: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) [النساء: 124].
وقال - عز وجل -: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
حياةٌ طيبةٌ في الدنيا للمؤمنين والمؤمنات، وأجرٌ بأحسنِ ما عمِلوا في الآخرة.
والآيات في هذا الصّدد كثيرة، بل إن الخطاب القرآني بعامة وإن جاء بصيغة المذكَّر فإنه عام للرجال والنساء، إلا ما اختصّ به الرجال.
قال ابن القيم: قد استقر في عرف الشارع أن الأحكام المذكورة بصيغة المذكَّرين إذا أُطْلِقت ولم تَقْتَرِن بالمؤنث فإنها تتناول الرجال والنساء؛ لأنه يُغلّب المذكَّر عند الاجتماع، كقوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) [البقرة: 183] اهـ.
ولكن ثمة أحكام اختصّت بها المرأة، كما اختصّ الرجل بأحكام أخرى.
أولاً: أحكام الحجاب.
فيجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الحجاب، وما يتعلق به من شروط الحجاب واللباس ونحوها.
شروط حجاب المرأة ولباسها:
1 - أن يكون ساتراً لجميع البَدَن، لقوله - تبارك وتعالى - : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب: 59]
فقد كان من المعلوم عندهم أن الحرّة ليست كالأَمَة، في الْحُكم واللباس، ولذا قال: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي يُعرفن أنهن حرائر، ولذا كان عُمر - رضي الله عنه - يضرب الإماء إذا تشبّهن بالحرائر.
فالأمَة في الحدود على النصف من حدِّ الْحُرّة، وهي كذلك في اللباس إلا أن تُخشى الفتنة.
قال ابن عباس - في تفسير الآية -: أمر الله نساء المؤمنين إذا خَرَجْن من بيوتهن في حاجة أن يُغطِّين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة.
وقال ابن سيرين: سألت عَبيدة السَّلماني، فقال بثوبه فغطّى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه.
فهذا يدلُّ على أن غطاء الوجه كان معروفاً عندهم، بخلاف مَنْ يُفتي بجواز كشف الوجه ناسياً أو مُتناسياً أنه مجمع المحاسن.
ثم إن المرأة إذا تستّرت لم يكن لأهل الريب والفساد والغَزل سبيل إليها، فالمرأة المحتَشمة تصون عرضها، وتحمي نفسها، فلا يجرؤ أحدٌ أن يُكلّمها أو يلتفت إليها.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان. رواه الترمذي
قال القرطبي: أجمع المسلمون على أن السوءتين عورة من الرجل والمرأة، وأن المرأة كلها عورة إلا وجهها ويديها، فإنهم اختلفوا فيهما (1).
وفي هذا ردٌ على منْ قال: إن عورة المرأة مع المرأة مثل عورة الرجل مع الرجل.
والصحيح أن عورة المرأة مع المرأة ليست كذلك، فلا يجوز أن تَرى المرأة من المرأة أعني الحُرّة من الحُرّة إلا مواضع الزينة ومواضع الوضوء، وهو ما يظهر عادة للمحارم، لقوله - تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].
أما حديث أسماء بنت أبي بكر أنها دَخَلَتْ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب شامية رِقاق فأعرض عنها، ثم قال: ما هذا يا أسماء؟! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يَصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه.
فهذا حديث ضعيف فيه سبع علل لا يجوز الاحتجاج به.
ومن أحكام اللباس:
أن يكون ساتراً لجميع البدن بما في ذلك اليدين والرجلين:
ولذا لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه قالت أم سلمة: يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يُرخينه شبرا. قالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: يُرخينه ذراعا لا يَزدن عليه. رواه الإمام أحمد وغيره.
وهذا يدلّ على شدّة حرص أمهات المؤمنين والصحابيات على ستر أقدامهن، مع أن القدم ليس موضع زينة، بخلاف الساق فهو موضع زينة في السابق، حيث كانت تُلبس فيه الخلاخيل، ولذا قال الله: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور: 31].
وفي هذا الوقت حلّت الأحذية محلّ الخلاخيل، فتُعرف مِشيَة المرأة مِن مِشية الرجل، بل أصبح صوت مشية بعض النساء مُلفتاً للنظر، وإذا كانت المرأة نُهِيَتْ عن إظهار صوت ما لا يَظهر للرجال من خلخال ونحوه، فإن إخفاء صوت ما ظهر من الحذاء آكد.
2 - أن يكون صفيقاً متيناً لا يَشِفّ، فلا تلبس المسلمة الثياب الشفافة حتى أمام النساء. وفيه قول عمر - رضي الله عنه -، وقصة المنذر بن الزبير مع أسماء - رضي الله عنها -.
3 - أن لا يكون ضيقاً يُبدي حجم العورة، فإن كذلك حرُمَ عليها لُبسُه.
أن لا يكون زينة في نفسه، وقد قال الله - تبارك وتعالى - في شأن القواعد من النساء: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [النور: 60].
4 - أن لا يُشبه لباس الرجال؛ لأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. رواه البخاري عن ابن عباس
ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجلة من النساء. رواه أبو داود.
5 - أن لا يُشبه لباس الكافرات.
فالمرأة المسلمة لها شخصية مستقلة لا تتشبّه بنساء الغرب، بل تعتزّ بدينها، وتَفْخَر أنها مسلمة شرّفها الله بالإسلام، في حين أن غيرها تَشْقَى بدفع ضريبة الحياة المدنية والحضارة المادية.
قال - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَشبَّه بقوم فهو منهم.
6 - أن لا يكون لباس المسلمة لباس شُهرة، بمعنى أن لا يكون ملفتاً للنظر، تشتهر به بين الناس، بل تلبس ما تلبس نساء بلدها مِن غير إسراف ولا مَخيلة.
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: مَن لَبِس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة.
ثانياً: - مما تختصّ به المرأة - أحكام الحيض والنفاس.
فيجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الدماء الطبيعية، وهناك رسالة صغيرة للشيخ العثيمين عن هذا الموضوع.
ثالثاً: أحكام الرضاعة، وما يتعلق بها.
فتتعلّم ما يتعلّق بالرضاع، وأنه لا يُحرّم من الرّضاع إلا ما كان خمس رضعات فأكثر، وأنه يَحرُم من الرّضاع ما يَحرُم من النّسب، فيجوز للمرأة أن تكشف وجهها لوالدها من الرضاعة ولأخيها من الرضاعة، وأنه لا يجوز لها أن تتزوّج بإخوانها من الرضاعة، ولا بآبائها من الرضاعة.
ثالثاً: أحكام الزينة.
قال - سبحانه وتعالى -: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)[الزخرف: 18].
وقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريرا بيمينه وذهبا بشماله فقال: أُحِلَّ لإناث أمتي وحُرِّمَ على ذكورها. رواه أحمد وغيره.
فللمرأة أن تجمّل بالذهب والفضة والحرير، من غير إسراف ولا مَخيلة ولا طلباً للشهرة.
وتتجنّب المسلمة في الزينة ما حُرِّمَ عليها من التّفلّج، ونتف الحاجب أو قصِّه أو حلقِه، وهو ما يُعرف بالنّمص، ويلحق به شعر الوجه، وتتجنّب كذلك الوشم سواء كان في الوجه أو في اليد أو في سائر الجسد.
لأن هذه الأفعال سبب في اللعن، وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله.
ولأن هذه الأفعال من تغيير خلق الله، وفيها طاعة للشيطان، قال الله - تبارك وتعالى - حكاية عن إبليس: (وَلآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا) [النساء: 119].
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بنِ مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله. قال: فَبَلَغَ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك؛ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال: عبد الله وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله - عز وجل -: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[الحشر: 7]، فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن! قال: اذهبي فانظري. قال: فَدَخَلَتْ على امرأة عبد الله فلم تَرَ شيئا، فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئا، فقال: أما لو كان ذلك ما جامعتنا.
أي ما ساكَنَتْنا.
وقد جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته، فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمعّط (فتمزّق) شعرها، وإني زوجتها أفأصل فيه؟ فقال: لعن الله الواصلة والموصولة. رواه البخاري ومسلم.
فإذا كان هذا فيمن تساقط شعرها فلم يُرخّص لها، فكيف بمن تتخذه للزينة فتلبس ما يُسمّى " الباروكة " بقصد التجمّل؟
ولما حجّ معاوية بن أبي سفيان قال وهو على المنبر وتناول قصة من شعر كانت بِيَدِ حَرَسِيّ: أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذه، ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم. رواه البخاري.
وروى عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قَدمَة قدمها فخطبنا فأخرج كُبة من شعر، فقال: ما كنت أرى أحدا يفعل هذا غير اليهود، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه الزور، يعني الوصال في الشعر.
ومما يحرم على المرأة وتتساهل فيه كثير من النساء الخلوة بالسائق الأجنبي.
وإذا كانت المرأة لا تؤدّي فريضة الله - أعني الحج - إذا لم يوجد لها مَحرَم فما بالها بما هو دون ذلك؟
قال ابن عباس: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة، وأني اكتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحج مع امرأتك. رواه البخاري ومسلم.
فهذا الرجل لم يؤذن له أن يخرج إلى الجهاد في سبيل الله ويترك امرأته تُسافر إلى الحج، علماً أنه يُريد الخروج إلى عملٍ هو ذروة سنام الدِّين، ولا يشفع للمرأة أن تقول: إنها تُسافر مع رُفقة صالحة، أو أنها تثق بنفسها، أو بسائقها.
وبعض النساء إذا وافق الأمر هواها بحثت عن الفتاوى التي تُبيح هذا الشيء، وهذا قد سمّاه الله عبادة الهوى، كما في قوله - تعالى -: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: 23].
فلتحذر المسلمة أن تجعل هواها إلهاً من دون الله، فما وافق هواها أخذت به واتّبعته، وما لم يُوافق هواها ضربت به عرض الحائط، وبحثت في الفتاوى ما يُوافق هواها.
ومما تتساهل به بعض النساء مصافحة الرجال الأجانب من غير المحارم، والمقصود بالمحارم مَنْ يَحرُم عليها على التأبيد. يعني مَنْ لا يجوز للمرأة أن تتزوّج بأحد منهم.
وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُصافح النساء، سواء كان مباشرة أو مِن وراء حائل، كما تفعل بعض النساء، إذا مدّت يدها وضعت طرف عباءتها وما شابه ذلك.
وورد الوعيد الشديد في ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: « لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن تمسه امرأة لا تحل له ».
فيَدُلُّ ذلك على أن هذا الأمر شديد، وإذا كان كذلك فلا يجوز للمرأة مصافحة الرجال الأجانب، وقد تقول المرأة: إن هذا مُخاطب به الرجال، فأقول: إن الحديث دلّ على تحريم مسّ المرأة الأجنبية، وعليه فلا يجوز للمرأة أن تُمكِّن الرجل مِنْ معصية الله، يعني أن لا تكون هي سبب للمعصية.
ومما انتشر بين النساء حتى أصبح ظاهرة ملفتة للنظر توسّع النساء في النقاب والبرقع، والنقاب كان معروفاً عند نساء الصحابة لكنه لم يكن كنقاب النساء اليوم فنقاب اليوم نقاب زينة وفتنة، لا نقاب ستر وحشمة.
وقد كان الشعراء يتغزّلون بالعيون وحسنهنّ وجمالهنّ، فهنّ موضع الفتنة، كما قال جرير:
إن العيون التي في طرفها حَوَرٌ قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا
وقد وُصِفَتْ العيون بأنها تنطق بما في نفس صاحبها، كما قيل:
والنفس تعرِفُ من عينيّ محدِّثها إن كان مِنْ حِزبها أو مِنْ أعاديها
فإذا كانت المرأة منتقبة ونظرت إلى الرجال نَطَقَتْ أو كادت تنطق عيناها بما في نفسها من الإعجاب ونحوه، بخلاف ما إذا كانت مستترة فإنه لا يُدرى ما وراءها.
والأصل أن المرأة تؤمر بغضِّ بصرها كما يؤمر الرجل، قال - سبحانه -: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)
ثم قال بعدها مباشرة: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور: 31]
فَدَلَّ على أن غضَّ البصر سبيل لحفظ الفرج.
ومما ينتشر بين الطالبات على وجه الخصوص الإعجاب بعضهن ببعض، وهذا يكفي أنه حبٌّ في غير ذات الله، أي أنه ليس لله.
وقد قال الله في شأن صحبة غير المتّقين، وفي شأن المحبة التي لغير الله: (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 67].
فتتحوّل العلاقة والمحبّة التي كانت لغير الله إلى عداوة يندم عليها صاحبُها يوم لا ينفع الندم
قال - سبحانه وتعالى -: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا) [الفرقان: 27-29].
والخُلّة درجة أعلى من المحبّة، وغالباً ينشأ التعلق والإعجاب من الإفراط في المحبّة وهذا الإعجاب مُحرّمٌ لما يترتّب عليه من تعلّق الفتاة بفتاة مثلها، ومما يُصاحبُه من محظورات.
ثم إن له من المفاسد الشيء الكثير، وهو يجرُّ إلى محظورات تعرفها الطالبات
وما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم.
فلتحذر الفتاة المسلمة من هذه العلاقة المحرمة شرعاً، وقد صدرت فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين بهذا الخصوص.
ثم إن من هذا الإعجاب ما يجرّ إلى إعجاب آخر، وهو إعجاب الفتاة بأخِ صديقتها ومن ثمّ يجر هذا إلى مفاسد ومحذورات لا تُحمد عُقباها.
وللخلاص من هذا الداء، وهو داء العشق والتعلق بالفتيات أو الفتيان، أن تتذكّر عيوب مَنْ أعجبها من شاب أو شابّة، وبالتالي يقلّ الإعجاب، أو تخفّ حدّته.
وقد ألف ابن القيم - رحمه الله - كتاباً حول هذا الموضوع، كان تأليفه نتيجة سؤال عن هذا الداء العضال الذي يصرف القلب عن العبودية لله، فإن القلب لا يحتمل أكثر من عبودية، ولذا سمّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - التعلق بشيء من متاع الدنيا عبادة كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: « تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة؛ إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش » رواه البخاري
فالتعلّق بغير الله تعلقاً يصرف القلب عن الله هو في حقيقته عبودية لغير الله.
وإذا قدّم العاشق رضا محبوبه على رضا ربِّه تبارك وتعالى، وقدّم حقّه على حق مولاه - سبحانه -، وآثر رضاه على رضا ربِّه - عز وجل -؛ فإن هذا يُعدُّ عند العلماء من الشرك.
قال ابن القيم - رحمه الله - العشق هو الإفراط في المحبة، بحيث يستولي المعشوق على القلب من العاشق، حتى لا يخلو من تخيُّلِه وذكره والفكر فيه، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القوى، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يَعُزُّ دواؤه ويتعذر، فتتغيّر أفعاله وصفاته ومقاصده، ويختلُّ جميع ذلك فتعجز البشر عن صلاحه، كما قيل:
الحبُّ أولُ ما يكون لجاجةً تأتي بها وتسوقه الأقدار
حتى إذا خاض الفتى لُججَ الهوى جاءت أمور لا تُطاق كبار
والعشق مبادئه سهلةٌ حلوةٌ، وأوسطه همٌّ وشغل قلب وسقم، وآخره عَطَبٌ وقتلٌ، إن لم تتداركه عنايةٌ من الله، كما قيل:
وعش خاليا فالحب أوله عنى وأوسطه سقم وآخره قتل
وقال آخر:
تولهَ بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجةً فلما تمكن منها غرق
والذنب له، فهو الجاني على نفسه، وقد قعد تحت المثل السائر: يداك أوكتا وفوك نفخ. اهـ
----------
[1] وهذا الخلاف ضعيف، ثم إنهم لم يختلفوا في وجوب تغطية الوجه زمن الفتنة، بل نصّ شيخ الإسلام ابن تيمية على أن الأمة إذا كان يُخشى منها الفتنة فإنها تؤمر بالتّحجّب.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/225)
أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين?
بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة المسلمة في هذا العصر تعيش فراغا في كل شيء:
- فراغا في القدوة، فلا تجد من تقتدي بها في أخلاقها ودينها..
- فراغا في الإيمان، فلا تجد من يذكرها بالله تعالى ويطعم روحها من معاني القرآن والسنة..
- فراغا في الوقت، تشكو من كثرة الأوقات وقلة الأعمال..
وفي مقابل ذلك تواجه هجمة شرسة لهدم حرمتها، وإبراز عورتها، وتضييع كرامتها، بألفاظ براقة، ودعايات خداعة، تنادي بحقوقها ومساواتها بالرجل، زعموا ..
تصوروا فتاة لا تجد القدوة الحسنة التي تعلمها وتهذبها وتربيها لا في البيت ولا في المدرسة ولا الكلية، وتعاني ضعفا في الإيمان، وجهلا بأحكام الدين، يصاحب ذلك الفراغ وتوفر المال، ثم يأتيها جند إبليس من كل حدب وصوب يزينون لها الخروج والغزل والتبرج واللهو، يوهمونها أن ذلك من حقوقها، وأن فيه سعادتها وراحتها وملء فراغ وقتها، وقتل الملل الذي في حياتها......
ألا يدعوها كل ذلك إلى الانجراف إلى مواطن الخطر، وفساد الخلق، وضياع الحياء والدين؟..
نحن في هذه الكلمة العابرة نحاول أن نبرز لإختنا المسلمة القدوة والأسوة التي تبحث عنها فلا تجدها.... نجتهد في أن نقدم صورة مشرفة لفتاة مؤمنة صادقة تصلح أن تكون قدوة لكافة الفتيات والزوجات.
---
هذه الفتاة لم يتجاوز عمرها العشرون، كانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله، بشرها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالجنة مع السيادة فيها، فهي سيدة نساء العالمين في زمانها..
فمن هي؟..
وكيف نالت هذه الدرجة الرفيعة، في الوقت الذي يتهاوى فيه كثير من النساء، والشيطان يتخذهن غرضا وهدفا لكل مفسد?..
قال عليه الصلاة والسلام: ( أريت النار، فرأيت أكثر أهلها النساء) .
لم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه بالتبرج والسفور وتضييع حق الله عليها..
لم تكن لتصل إلى الجنة والسيادة على نسائها، وهي تخالل الشباب، غارقة في شهواتها..
لم تكن لتنال ذلك، وهي تقتدي بالكافرات، وتركب كل ما يزينه الشيطان لها..
لم تكن كذلك إلا وهي صاحبة مباديء وإيمان، صاحبة طاعة وعبادة لربها، قرة عين لزوجها، قائمة بحقه وحق بيتها، حافظة لعرضها وعفتها وجمالها، بعيدة عن أعين الرجال، محتشمة صادقة مؤمنة خاشعة..
فأيما فتاة أرادت أن تلحق بركبها، فلتركب مطيتها، ولتقتد بسيرتها، ولتتخذها أسوة.
قال عليه الصلاة والسلام:( فاطمة سيدة نساء أهل الجنة).
إنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الطاهرة النقية الطائعة المتعبدة الكارهة للتبرج والسفور، الصابرة على ما أصابها رضي الله عنها..
ولدت قبل البعثة بقليل، وتزوجها علي رضي الله عنه، في السنة الثانية للهجرة، وولدت له الحسن والحسين..
كان أبوها رسول الله يكرمها ويحبها لصدقها ودينها وصبرها، قالت عائشة رضي الله عنها:
"جاءت فاطمة تمشي ما تخطيء مشيتها مشية رسول الله، فقام إليها أبوها وقال:(مرحبا بابنتي)"..
ما قام لها وما أحبها إلا لعظم شأنها عند ربها..
لم تكن فتاة ككل الفتيات، ولم تكن امرأة ككل النساء، لم تفخر على النساء والقرينات بأبيها، ولم تتعال على زوجها بمنزلة أبيها، بل كانت رضي الله عنها نعم الزوجة لزوجها، تقوم على خدمته، وتسعى في رضاه، وتأتمر بأمره وتقف عند نهيه، مثال رائع لكل زوجة مع زوجها..
جاءت تشكو إلى رسول الله ما تلقى في يديها من الرحى إذا طحنت، وفي نحرها إذا حملت القربة، حتى أصابها الضر والجهد، وتسأله خادما، فجاءها رسول الله وعلي معها وقد دخلا في فراش إذا غطيا رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فقال لهما:
( ألا أدلكما على خير مما سألتماني إذا أخذتما مضجعكما أو آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم) .
فرضيت وقنعت وصبرت على الفقر والشدة، رضي الله عنها، وهي بذلك ترسل رسالة حية إلى كل امرأة رضيت بالدعة والخمول، وآثرت الخروج من البيت والتسكع في الطرقات تاركة عمل بيتها وواجباتها، أن ذلك ليس من سبيل المؤمنات العاقلات السابقات، وتعلّم كل امرأة تتخذ خادمة في بيتها أن تسبيحها وتحميدها وتكبيرها لله تعالى هي وزوجها خير من خادم، وأعون على قضاء حوائج البيت وأعماله.
أما عن طاعتها لزوجها، فقد كانت تعلم وهي التي تربت في بيت النبوة والدين أن طاعة الزوج من موجبات دخول الجنة:
( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت الجنة بإذن ربها) ..
لما مرضت أتى أبو بكر فاستأذن، فقال علي:
"يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك"..
فقالت: "أتحب أن آذن له؟"..
قال: "نعم"، فأذنت له..
قال الذهبي: "عملت السنة رضي الله عنها، فلم تأذن في بيت زوجها إلا بأمره"..
ونساء اليوم يغلب عليهن عصيان الزوج، والتعدي على حقوقه، كما أن الأزواج كذلك لهم نصيب من ظلم الزوجات، لكن عليا وفاطمة رضي الله عنهما كانا خير زوجين لبعضهما، كانا يلتمسان رضا بعضهما..
لما أراد علي أن يتزوج عليها ابنة أبي جهل، غضبت، وغضب لغضبها رسول الله، وقد كان يغضب لغضبها، ويقول: ( فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها فقد أغضبني)..
فترك علي الخطبة رعاية لها، فما تزوج عليها ولا تسرى حتى ماتت، والتعدد حلال بنص الكتاب، لكن رسول الله كره أن تجتمع ابنته وابنة عدو الله أبو جهل تحت رجل واحد، لما في ذلك من الأذى لفاطمة رضي الله عنها والعار، ولأنها أصيبت في أمها ثم أخواتها واحدة بعد واحدة فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر إذا تزوج عليها، فلذا كرهت ولأجلها كره رسول الله ذلك.
وقد كانت رضي الله عنها تحب الحشمة والستر، وتكره التبرج والخلاعة والسفور، قالت لأسماء بنت عميس:
"إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب، فيصفها"..
تقصد إذا ماتت ووضعت في نعشها..
قالت: "يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة"؟..
فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة:
"ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد".
هذه الطاهرة النقية تشعر بقلق خشية أن يبدو شيئا من وصف جسدها وهي ميتة، فكيف بها وهي حية؟..
وهذه رسالة بليغة لكل مسلمة رضيت أن تظهر زينتها ووصف جسدها لكل ناظر، وسارت أمام الرجال متبرجة سافرة.
رضي الله عنها، لم يصب أحد بمثل مصابها:
ماتت أمها خديجة رضي الله عنها، ثم إخوتها وأخواتها جميعا، ولم يبق لها من أهلها إلا أبوها، وفي يوم جاءت إليه فأسر لها بقرب رحيله، فبكت بكاء مرا، تخيلت نفسها وقد فقدت أعز الناس وصارت وحيدة من أهلها، فلما رأى رسول الله حزنها وبكاءها أسر لها بأنها أول من يتبعه من أهله، فزال حزنها وكربتها، وداخلها السرور، فضحكت..
وقد ذكر ابن حجر أن من أسباب فضلها على غيرها من النساء صبرها على وفاة أبيها، فإن كل بنات رسول الله متن في حياته فكن في صحيفته إلا هي فقد مات في حياتها فكان في صحيفتها، يدل على ذلك أنه لما رأى حزنها وبكاءها على قرب وفاته بشرها فقال:
(أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين)..
يعني إن صبرت واحتسبت، وفي رواية عند الطبري أنه قال لها:
(أحسب أني ميت في عامي هذا، وأنه لم ترزأ ـ تصب ـ امرأة من نساء العالمين مثل ما رزئت، فلا تكوني دون امرأة منهن صبرا)، فبكت، فقال: (أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم، فضحكت) .
---
ولما ثقل بالنبي جعل يتغشاه الكرب، فقالت: "واكرب أبتاه"، فقال: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)..
فلما مات حزنت عليه، وبكته، وقالت:
"يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه، جنة الفردوس مأواه"..
وقالت بعد دفنه: "يا أنس، كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله"..
عاشت بعده حزينة مكروبة مريضة سبعين ليلة ثم ماتت بعده بشهرين أو ثلاث، كانت زاهدة رضي الله عنها، ماتت وعمرها ثمان وعشرون عاما، فهي أسوة حسنة لكل مسلمة في أخلاقها وصبرها وطاعتها وحشمتها وعفتها، هدى الله النساء للسير على سنتها.
ـــــــــــــــــــ(82/226)
اخيتي .!هل نقتدي بـ ياسيمن
...
...
التاريخ : 19/02/2006
الكاتب : همام الخازندار ... الزوار : 2593
< tr>
إنها قصة من أروع القصص الواقعية المؤثرة ، حصلت لطفلة صغيرة تقية صالحة رغم صغر سنها ، وهي قصة من أعجب القصص سيرويها لكم أبوها وهو لبناني اشتغل في السعودية فترة من الزمن .
قال: عشت في الدمام عشر سنين ورزقت فيها بابنة واحدة أسميتها ياسمين،
وكان قد ولد لي من قبلها ابن واحد وأسميته احمد وكان يكبرها بثمان سنين وكنت اعمل هنا في مهنة هندسية..فأنا مهندس وحائز على درجة الدكتوراة.. كانت ياسمين آية من الجمال لها وجه نوراني زاهر..ومع بلوغها التسع سنوات رأيتها من تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القرآن بصورة ملفتة للنظر.. فكانت ما إن تنتهي من أداء واجباتها المدرسية حتى تقوم على الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتأخذ بقرآنها وهي ترتله ترتيلا طفوليا ساحرا..كنت أقول لها قومي العبي مع صديقاتك فكانت تقول:
صديقي هو قرآني وصديقي هو ربي
ونعم الصديق..ثم تواصل قراءة القرآن..
وذات يوم اشتكت من ألم في بطنها عند النوم .. فأخذتها إلى المستوصف القريب فأعطاها بعض المسكنات فتهدأ آلامها يومين.. ثم تعاودها.. وهكذا تكررت الحالة.. ولم أعط الأمر حينها أي جدية.. وشاء الله أن تفتح الشركة التي أعمل بها فرعا في الولايات المتحدة الأمريكية.. وعرضوا علي منصب المدير العام هناك فوافقت .. ولم ينقض شهر واحد حتى كنا في أحضان أمريكا مع زوجتي واحمد وياسمين..ولا أستطيع وصف سعادتنا بتلك الفرصة الذهبية والسفر للعيش في أمريكا هذا البلد العملاق الذي يحلم بالسفر إليه كل إنسان..
بعد مضي قرابة الشهرين على وصولنا إلى أمريكا عاودت الآلام ياسمين فأخذتها إلى دكتور باطني متخصص..فقام بفحصها
وقال: ستظهر النتائج بعد أسبوع ولا داعي للقلق
ادخل كلام الطبيب الاطمئنان إلى قلبي..وسرعان ما حجزت لنا مقاعد على أقرب رحلة إلى مدينة الألعاب (أورلاندو) وقضينا وقتا ممتعا مع ياسمين..بين الألعاب
والتنزه هنا وهناك .. وبينما نحن في متعة المرح..رن صوت هاتفي النقال .. فوقع قلبي .. لا أحد في أمريكا يعرف رقمي..عجبا أكيد الرقم خطأ فترددت في الإجابة .. وأخيرا ضغطت على زر الإجابة..
الو..من المتحدث ؟؟
أهلا يا حضرة المهندس.. معذرة على الإزعاج فأنا الدكتور ستيفن.. طبيب ياسمين هل يمكنني لقاؤك في عيادتي غدا ؟
وهل هناك ما يقلق في النتائج ؟!
في الواقع نعم .. لذا أود رؤية ياسمين .. وطرح عدد من الأسئلة قبل التشخيص النهائي..
حسنا سنكون عصر غد عند الخامسة في عيادتك إلى اللقاء.. اختلطت المخاوف والأفكار في رأسي..ولم ادر كيف أتصرف فقد بقي في برنامج الرحلة يومان وياسمين في قمة السعادة لأنها المرة الأولى التي تخرج فيها للتنزه منذ وصولنا إلى أمريكا .. وأخيرا أخبرتهم بأن الشركة تريد حضوري غدا إلى العمل لطارئ ما .. وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل ياسمين فوافقوا جميعا على العودة بشرط أن نرجع إلى أورلاند في العطلة الصيفية وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لياسمين بقوله:
- مرحبا ياسمين
كيف حالك ؟
جيدة ولله الحمد..ولكني أحس بآلام وضعف، لا أدري مما ؟
وبدأ الدكتور يطرح الأسئلة الكثيرة..وأخيرا طأطأ رأسه وقال لي: -
تفضل
في الغرفة الأخرى..
وفي الحجرة انزل الدكتور على رأسي صاعقة..تمنيت عندها لو أن الأرض انشقت وبلعتني..
قال الدكتور: -
منذ متى وياسمين تعاني من المرض ؟
قلت: منذ سنة تقريبا وكنا نستعمل المهدئات وتتعافى ..
فقال الطبيب: ولكن مرضها لا يتعافى بالمهدئات..أنها مصابة بسرطان الدم
في مراحله الأخيرة جدا..ولم يبق لها من العمر إلا ستة اشهر..وقبل مجيئكم تم عرض التحاليل على أعضاء لجنة مرضى السرطان في المنطقة وقد أقروا جميعا
بذلك من واقع التحاليل ..
فلم أتمالك نفسي وانخرطت في البكاء
وقلت: مسكينة..والله مسكينة ياسمين هذه الوردة الجميلة..كيف ستموت
وترحل عن الدنيا..وسمعت زوجتي صوت بكائي فدخلت ولما علمت أغمى عليها..
وهنا دخلت ياسمين و ابني أحمد وعندما علم أحمد بالخبر احتضن أخته
وقال: مستحيل أن تموت ياسمين..
فقالت ياسمين ببراءتها المعهودة: أموت..يعني ماذا أموت ؟ فتلعثم الجميع من هذا السؤال..
فقال الطبيب: يعني سترحلين إلى الله..
فقالت ياسمين: حقا سأرحل إلى الله ؟!.. وهل هو سيئ الرحيل إلى الله
ألم تعلماني يا والدي بان الله أفضل من الوالدين والناس وكل الدنيا..
وهل رحيلي إلى الله
يجعلك تبكي يا أبي ويجعل أمي يغمى عليها..فوقع كلامها البريء الشفاف
مثل صاعقة أخرى فياسمين ترى في الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع الحبيب..
عليك الآن أن تبدأ العلاج..
فقالت: إذا كان لابد لي من الموت فلماذا العلاج والدواء والمصاريف..
نعم يا ياسمين..نحن الأصحاء أيضا سنموت فهل يعني ذلك بان نمتنع عن الأكل والعلاج والسفر والنوم وبناء مستقبل..فلو فعلنا ذلك لتهدمت الحياة ولم يبق على وجه الأرض كائن حي..
الطبيب: تعلمين يا ياسمين بأن في جسد كل إنسان أجهزة وآلات كثيرة هي كلها أمانات من الله أعطانا إياها لنعتني بها..فأنت مثلا..إذا أعطتك صديقتك لعبة.. هل ستقومين بتكسيرها أم ستعتنين بها ؟
ياسمين - بل سأعتني بها وأحافظ عليها..
الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعدة والعينين والأذنين ، كلها أجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف.. والأدوية والمواد الكيميائية التي سنقوم بإعطائك إياها إنما لها هدفان..الأول تخفيف آلام المرض والثاني المحافظة قدر الإمكان على أجهزتك الداخلية من التلف حتى عندما تلتقين بربك وخالقك تقولين له لقد حافظت على الأمانات التي جعلتني مسئولة عنها..هأنذه أعيدها لك إلا ما تلف من غير قصد مني..
ياسمين : إذا كان الأمر كذلك..فأنا مستعدة لأخذ العلاج حتى لا أقف أمام الله كوقوفي أمام صديقتي إذا كسرت لعبها وحاجياتها..
مضت الستة اشهر ثقيلة وحزينة بالنسبة كأسرة ستفقد ابنتها المدللة والمحبوبة.. وعكس ذلك كان بالنسبة لابنتي ياسمين فكان كل يوم يمر يزيدها إشراقا وجمالا وقربا من الله تعالى..قامت بحفظ سور من القرآن..وسألناها لماذا تحفظين القرآن ؟
قالت: علمت بان الله يحب القرآن..فأردت أن أقول له يا رب حفظت بعض سور القرآن لأنك تحب من يحفظه..
وكانت كثيرة الصلاة وقوفا.. وأحيانا كثيرة تصلي على سريرها..
فسألتها عن ذلك فقالت: سمعت إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يقول:( جعلت قرة عيني في الصلاة) فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين..
وحان يوم رحيلها..وأشرق بالأنوار وجهها..وامتلأت شفتاها بابتسامة واسعة..وأخذت تقرأ سورة (يس) التي حفظتها وكانت تجد مشقة في قراءتها إلى أن ختمت السورة ثم قرأت سورة الحمد وسورة (قل هو الله أحد) ثم آية الكرسي..ثم قالت:
الحمد لله العظيم الذي علمني القرآن وحفظنيه وقوى جسمي للصلاة وساعدني وأنار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين ، حمدا كثيرا أبدا..واشكره بأنه لم يجعلني كافرة أو عاصية أو تاركة للصلاة..
ثم قالت: تنح يا والدي قليلا ، فإن سقف الحجرة قد انشق وأرى أناسا مبتسمين لابسين البياض وهم قادمون نحوي ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم إلى الله تعالى ..
وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة ورحلت إلى الله رب العالمين
اللهم ارحم هذه الطفلة الصالحة وارحمنا برحمتك وأحسن خاتمتنا
فهل نحن فعلنا مثل ما فعلت الطفلة وتعلق قلبها بخالقها وفعلت ما يقربها منه
هل نحن كذلك يا اخوتى
هل تركنا الاغانى المحرمة عندما عرفنا انها محرمة
هل ارتدينا الحجاب ؟؟؟؟؟
هل ما تخلينا عن ما يغضب الله
طفلة صغيرة السن شعرت بخالقها وتعلق قلبها به ففعلت ما يقربها منه وفرحت بلقائهه
اللهم انت من احب فأجعلنى ممن تحب ..
نقله لكم ... أخوكم / همام الخازندار
ولا تنسونا من صالح الدعاء ..جزآكم الله كل خير
ـــــــــــــــــــ(82/227)
إليك يا مَنْ أحرقت أنوثتي!!
...
...
التاريخ : 21/01/2006
الكاتب : حنان بنت محمد الثويني ... الزوار : 4077
< tr>
لربما عاكست الفتاةُ شاباً بقصد الترويح عن النفس ليس إلا!! ولربما كان السبب في ذلك العطش العاطفي الذي أحدثه سوء المعاملة وجفاف العبارات والمنع من أبسط الحقوق والمباحات من قبل الأسرة وبالأخص الأقرب منهم إلى نفسها ( الأب.. الأم )!!
وقد لا يخفى على لب حكيم أن المشاكل والنزاعات الأسرية هي الدافع المحض وراء تخبط بعض فتياتنا وضياعهن وانقيادهن للهفوات التي دفعت ثمنها من العفة والشرف والسمعة الطيبة الطاهرة..
ومناسبة القول أنني لم أسمع في حياتي عن شاب لجأت إليه فتاة تبثه همّها وتلتمس منه الرأفة إلا ويجهز- وبأسرع ما يكون- على حسن ظنها ويقذف بها في وهادٍ لا طائل لها بها!! إذ يرتع بمكره وخبثه ويدغدغ بدهاء إحساسها المخملي البريء ليصل إلى ما لم يكن بحسبانه أنه دّيْن سيدفعه في أخته أو زوجته أو ابنته مع أول قادم من دولة الأيام!!
دائماً ما أسأل نفسي وأحاكيها: ما الضير لو أنه أخذ بيدها لجادة الحق دون أن يستغلها أو يؤذيها ويقدّم لها على طبق من ذهب نصائح وجرعات روحانية يقوّي بها إيمانها بربها ويزيد من تقواها؟!! علّه بمعروفه هذا يوقظها من غيبوبتها وينقذها من آخرين ربما كانوا أشد قسوة منه ودهاء..
والسؤال الآخر الذي أعيتني مشاهد الواقع إيجاد جوابه: ماذا لو فعلت أخته ما يدنّس عرضه مدى حياته؟
ولماذا لا ينظر إلى نساء المسلمين إلا بنظرة ساقطة هابطة يسهل على إثرها هتك عفتهن، بينما يعتقد أن من الصعوبة والاستحالة وصول ذئاب متعطشة إلى محارمه!!
وقد تذكّرت مأساة فتاة غَرّر بها شاب قاربت طبائعه طبائع البهائم والخنازير إذ لم يفكّر إلا في متعته غير آبه بما سينالها من آلام وأحزان مريرة تعترضها من نظرات الناس المتربصين بكلّ زلّة أو فضيحة..
وهاهي تكتب خطاباً تنضح عباراته بالندم واللوعات لأحد الدعاة تخاطب به ميّتَ القلب الخائن قائلة: " إليك يا من أحرقت أنوثتي، إليك يا من تركتني وخلّفت في صدري جرحاً لن يلتئم، إليك يا من عَلّمتني خيانة ربي وأهلي وعرضي، إليك يا من تركتني بلا أمن، إليك أنت يا من سرقت عِفّتي بكلماتك المعسولة أبعث هذه الرسالة المحشوة بالألم وكم أتمنى أن تسمعها بقلبك قبل سمعك إن كان لك قلب!!!
ألا تعلم أني ما زلت أتذكرك.. نعم.. عند غروب كل شمس وإطلالتها أتذكرك، عند سكون وقت السحر، أتذكرك بدعوات حارة ودموع حارقة وآهات معذبة قاسية.. نعم.. أتذكرك بدعوات مظلوم وأسأل الله تعالى أن تكون من الدعوات المستجابة التي تمزق السعادة في حياتك.. نعم.. إنني أسأل الله أن يرد عليك ذاك الدَّيْن في محرم من محارمك..
كيف يَهنَأُ لك رغد العيش وحلو الطعام وبرد الشراب وليونة الفراش والمنام وأنت الذي بترت معنى السعادة في حياتي وأنت الذي قتلت شرفي ومزّقت عرضي وسرقت زهرة شبابي وأنوثتي وتركتني أعيش مرارة الأسى لوحدي تمزقني كل يوم نظرات من حولي، لك أن تتخيل فتاة تعيش بلا شرف بلا عفاف بلا أمل. لقد حطمت محطة الأمل وكسرت صورة الأحلام في حياتي.. لقد أخذتني بكل شيء ثم رميتني بلا شيء.. لقد انتهيت الآن وبقيت زهرة بلا عبير ليتك حين حَطّمت معنى السعادة في قلبي قتلتني بموتة واحدة لأني الآن أُقتَل كل يوم، فهل تدرك هذا؟! "
المصدر: مجلة الأسرة العدد 148 رجب 1426هـ
ـــــــــــــــــــ(82/228)
أنت حلوة!
أنا متأكد من هذا !
لكن الذي لست متأكداً منه خمسة أشياء :
الشيء الأول:
لست متأكداً هل أنت سعيدة بحلاوتك وجمالك أم لا؟!
أتدرين لماذا؟
لأن الجمال الباهر، والحسن الفائق ليس دليلاً على السعادة والرضا النفسي بكل حال.
فهذه فتاة جميلة مضيئة كالقمر، لكنها قلقة متوترة، بسبب حبيبات صغيرات من حبوب الشباب على وجنتيها، أرقتها وأقلقتها، وأفسدت الاستمتاع بجمالها، وتلك فتاة أخرى إذا أردت أن تجاملها قلت أنها دميمة!، ومع ذلك فهي بنت فرحة ضاحكة مرحة، فجعلت جمال النفس وخفة الظل التي وهبها الله، مقابلاً للدمامة في المنظر، فذاقت الدميمة من السعادة والرضا النفسي، مالم تذقه الجميلة! .
الشيء الثاني:
لست متأكداً هل أنت ممن تشغل نفسها بالمقارنة بينها وبين غيرها من الفتيات، (هذه أجمل مني!)
(وأنا أجمل من هذه ) .
فإذا كنت كذلك فإني أدعوك أن تتركي هذه "المقارنة الغبية" وذلك لسبب واضح بسيط وهو أن كل فتاة هي أجمل من بعض الفتيات، كما أن هناك من هو أجمل منها، وهذه قسمة ربانية، فلا الجميلة جلبت لنفسها الجمال، ولا من هي دون ذلك جعلت نفسها كذلك، والفتاة المتزنة تدرك أن عليها أن تتجمل في حدود ما أعطاها الله عز وجل، وتذكري أن الحياة لا تستقيم بأن تكون كل نساء الدنيا في غاية الجمال، كما أنها لا تستقيم أن يكون كل الناس أغنياء، وهكذا.
الشيء الثالث:
لست متأكداً هل أنت ممن تشغل نفسها بمراقبة لون بشرتها، أو حجم ثدييها، أو سعة فمها، أو شكل أسنانها.
فما لم يكن ثمة مشكلة في العمل وكفاءته، فلا تكترثي له، لأنه جزء من اختلاف النساء فيما بينهن، وهذا الأمر لا ضابط له البتة ، فكم من فتاة جاءت للعيادة تبكي وتنوح بسبب أنفها الكبير جداً، الذي يكاد يحجب عنها ضوء الشمس، كما تقول، إذا نظرت فإذا الأنف كبقية أنوف بني آدم، ليس كحبة عنبة طبعاً، لكنه أيضاً ليس كخرطوم الفيل!.
وهذه المشكلة تتكرر كثيراً في عيادات التجميل، إلى درجة جراحي التجميل الغربيين، ترك تخصصه واشتغل بالطب النفسي، وكتب في هذه نظرية نفسية مشهورة مؤداها أن الإنسان هو الذي يرسم الصورة التي يراها لنفسه، فإذا أوحت الفتاة إلى نفسها أنها ناجحة مثلاً أو أنها دميمة أو أن شفتاها كبيرتان كطرف قرص البيتزا، فإنها تقتنع بذلك حقاً، وتعتقد أنه من الصواب والحقيقة التي لا مفر منها، مع أن الأمر في الواقع ليس كذلك!.
ثم إني أضيف أمراً آخر: إذ لا تجد الفتاة من نفسها ما تكره، إلا وجدت فيها ما تحب، ولابد!..
ومعنى هذا أن الإنسان كل مركب من مجموعة أشياء، وليس هو جزء واحد فقط، ولهذا فإن الفتاة إذا وجدت في جمالها وتقاسيم جسدها شيئاً تكرهه، فلتبحث عما يعجبها من نفسها ولابد واحدة، إما نفساً مرحة ضاحكة، أو روحاً أريحية باذلة معطاءة، أو ذكاء وقاداً أو كفاية مالية، أو أسرة مستقرة، أو.. أو في أشياء كثيرة لا حصر لها..
وأضيف أمراً آخر أيضاً: إذا ضاقت بالفتاة نفسها، بسبب ما تكره وجوده في جسمها فلتذكر نفسها إنه لم يكن لها يد في إحداثة أصلاً، ثم هو شيء غير قابل للتغيير فلماذا تشغلين بالك به؟ والحكمة تقتضي أن نشغل أنفسنا فيما نقدر على تغييره، لا فيما سبق به القدر وجفت عليه الأقلام.
الشيء الرابع:
لست متأكداً هل أنت ممن يدرك أن لكل مناسبة ما يليق بها من الزينة والجمال،
إذ ليس من المعقول أن تقضي الفتاة زمناً طويلاً في التزين والتجمل، في كل مرة تذهب فيها إلى المدرسة أو لزيارة صديقة أو للسوق. إذ لكل مناسبة ما يناسبها من اللباس ومن الوقت الذي ينفق في تجهيزه.
إن من خصائص الأنوثة الملازمة للبنت الاهتمام بمظهرها، وهندامها، ولباسها وشعرها ومشيتها، وهذا الاهتمام لا تعاب به الفتاة بل هو من كمال أنوثتها، وليس من حقنا أن نصادر هذه الرغبة منها، لكن الذي يهمنا هو أن يكون هذا الاهتمام بالزينة والجمال داخلاً في دائرة الاتزان ، الذي ندندن حوله دائماً..
إنه أمر جوهري أن تفهم الفتاة قيمة الجمال، فليست قيمة الإنسان في ثوبه وحذائه، هل سمعت فتاة تستمد قيمتها من حذائها الذي تلبسه في رجليها؟
الشيء الخامس:
لست متأكداً هل أنت ممن يدرك أن التجمل والتزين لا يشمل الجلباب،
وهو الذي تجعله النساء فوق ملابسهن، ويسمى في بلاد كثيرة بالعباءة، إذ ليس ثمة جلباب جميل وآخر دون ذلك، وليس هناك جلباب للسوق وآخر للمدرسة وثالث للمناسبات، فالحجاب بالجلباب مقصود ستر زينة الملابس وستر زينة الجسم، فإذا كان الجلباب هو زينة في نفسه فقد قيمته وفقد الحكمة من تشريعه، واحتاج هذا الجلباب إلى جلباب آخر فوقه يستر زينته.
إن الحجاب إعلان أن الفتاة أكرم من أن تكون ملتقى أعين الشباب، وأنها لن تكون مصدراً لإثارة غرائزهم، ولن تكون سبباً في هدم بيت لم ير صاحبه في زوجته من الجمال ما رأى في المتبرجة.
وهو تأكيد على أن جمال الفتاة في أنوثتها، والأنوثة تفقد قيمتها إذا كانت مبتذلة، لأنها حينئذٍ تكون عرضاً للجسد الأنثوي خال من كل معنى سام، وما التبرج إلا جزء من العهد الإبليسي الذي قطعه إبليس على نفسه بكشف عورات آدم عليه السلام وذريته، وقد سمعنا وسمعتم عن بعض بلاد أوروبا وفيها أقوام يخرجون للشوارع عراة تماماً، تماماً بدون أية خرقة، ويقولون: أيش فيها!..
وهذا يجر إلى الكلام على ما يمكن تسميته بـ (نفسية الحجاب والتبرج) لكني غير قادر على ذلك الآن فعسى الله أن ييسر لذلك من أمره ما يشاء.
د. خالد الجابر
استشاري طب العائلة
مجلة حياة العدد الخامس والثلاثون
ربيع الأول 1424هـ
ـــــــــــــــــــ(82/229)
يا فتاة اسمعيها مني صريحة .. تابت بسبب قول ( تستري )
كندية تغطي وجهها.. وأمريكية سترت حتى قدميها!!
رسالة إلى من تعتز بدينها وتحترم عقلها
لقد رأى في المنام زوجته تشتعل ناراً!!
لابسة البنطال لم تستطيع التفاهم مع ملك الموت!!
تابت إلى الله بسبب قول: تستري!!
لماذا قالت: موتوا بغيظكم؟
أُختاه: قفي.. اقرئي.. تفكري.. ثم أجيبي.. إلى متى؟؟
الحمد لله وبعد:
أيتها الأخت المسلمة؛ سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
أحمدُ الله الذي هدانا وإياك للإسلام وجعلنا من خير أمةٍ أُخرجت للناس، أرسل إلينا خاتم رسله، وأنزل عليه أفضل كتبه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أختاه: ها أنذا أكتب لك هذه الرسالة مذكراً لا معلماً يدفعني قول الله تبارك وتعالى: فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى [الأعلى:9-11] وأحسب أنكِ ممن قلوبهن تخشى الله، بل ويحدوني توجيه نبينا محمد في الحديث المتفق عليه { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه } ووالله إننا نحب الخير لكل مسلم ومسلمة، وأي خير أعظم من الدلالة على الهُدى والبر والتقوى.
أختاه: لولا ثقتي باعتزازك بدينك واحترامك لعقلك واستجابتك لأمر نبيك عليه الصلاة والسلام لما خاطبتُكِ، بل ولولا قناعتي باستجابتك للذكرى وقبولك لهذه الدعوة الصادقة لما اقتطعت جزءاً من وقتكِ لقراءة هذه الرسالة.
تابت إلى الله بسبب قول تستري
أختاه: تحدثت فتاة كانت غافلة عن سبب هدايتها فقالت: كنتُ في أحد الأسواق أتجول بملابس هي آخر ما أنتجته بيوت الأزياء! وعباءة تحكي أحدث صرعات الموضة! وخمار يوحي بنجاح جهود سنوات طويلة من التغريب للعقول، والتغيير للحجاب! وإذا أنا بشاب - أدركت فيما بعد أن قلبه يتقطع ألماً لما يرى من حال أخواته المسلمات، وتتحسَّر نفسُهُ حزناً على ضحايا كيد الشيطان ومثيري الشهوات - وإذ به يقول لي بلسان المشفق الناصح والواعظ الصادق: ( تستري، الله يستر عليك في الدنيا والآخرة! ) الله أكبر... لقد هزت هذه الدعوة كياني وخفق منها جنابي واستفاق بسببها عقلي فتساءلتُ في نفسي: أيعرفُني هذا الناصح؟ لا.. فلا شيء يميزُني عن الكثيرات أمثالي، إذاً كيف يدعو لي بالستر؟ ليس في الدنيا فحسب بل وفي الآخرة أيضاً، إنه والله يريد لي الخير والستر، ويخشى عليَّ من عذاب القبر وعقوبة النار، وبعد تفكير عميق تُبتُ لربي والتزمتُ بحجابي، فعزَّت نفسي وسعدت روحي بترك زبالات أفكار مصممي الأزياء وتُجار الموضة بعد أن زالت غشاوة الحضارة المزيَّفة عن عيني وبريق العصرية الكاذب واتضحت لي حقيقة العبودية لله والانتماء للإسلام.
أختاه: إن الطبيب المخلص في عمله الناصح لمراجعيه هو الذي يخبر المريض بمرضه وحقيقة شكواه ويصدق معه في وصف الدواء النافع بإذن الله، وإن ما أراه عليك يا فتاة الإسلام من لباس هو أقرب للتبرج وإظهار الزينة منه للستر والحشمة.
نعم فلا تظني أيتها العفيفة أن مجرد كون اللباس أسود اللون يكفي ليُسمى ستراً وحجاباً، لا بل ليس المقصود بالتبرج إظهار شيء من الجسد للرجال الأجانب فحسب، فالتبرج معناه التزين، وتبرجت السماء أي تزينت بالكواكب [المعجم الوسيط]. قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ( التبرج أن تتزين المرأة للرجال باللباس، والزينة، والقول، والمشية، ونحوذلك مما تُظهِر به نفسها للرجال وتُوجِبُ لفت النظر إليها ).
فاحذري - هداك الله - من عقوبة لبس الملابس التي تُظهِرُ زينتك للرجال الأجانب، فقد صح الخبر عن نبينا أنه قال: { صنفان من أهل النار لم أرهما } وذكر منهما: { نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة }. [رواه مسلم].
وفي صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: { رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة } كاسية بثوبٍ ضيقٍ أو شفافٍ أو قصيرٍ أو فاتنٍ للرجال.
أختاه: إن امرأة شرَّفها الله بالإسلام ورفع قدرها بالإيمان وحدَّد لها صفة لباسها وسياج زينتها يجب ألا تتنازل عن ذلك أو ترفضه بحجة الحرية والعصرية! وفي نفس الوقت تقبل بل وتتفاخر بألبسة صنعتها أيد غربية كافرة أو علمانية فاجرة بحجة الموضة والتمدن والحضارة!! لا وألف لا، فالحضارة والعصرية التي تتعارض مع الدين مرفوضة لدى المسلمة الصادقة في إسلامها.
ناشدتُكِ الله أُختي المسلمة... هل الحضارة معناها ترك الدِّين؟ لا، بل يجب أن تتحطم أمواج الموضة ورياح الأزياء المتبرجة على صخرة إيمانك الراسخ وقناعتك التامة بفرضية حجابك الساتر وأنه جزءٌ من دينك الذي تنتمين إليه.
أختاه: إن مصمِّمي الأزياء وتُجار هذه الألبسة يريدونك بألبستهم المتبرجة كسلعة معروضة، ومائدة مكشوفة تنهشها العيون الجائعة وتتغزَّل في وصفها الألسنة الفاجرة، قال تعالى: وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيكُم وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيلاً عَظِيماَ [النساء:27]. واسمعي ثمرة الميل عن الحق ورفض الستر، قال النبي : { وشرُ نسائكم المتبرجات المتخيِّلات وهنَّ المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم } [حديث صحيح]، والأعصم من الغربان نادر الوجود، وعلى هذا فهذا الصنف من النساء نادر الدخول للجنة، أعاذكِ الله من ذلك وأعزكِ بدينكِ وستركِ بحجابك. ولله در القائل:
وكم فتاة زهت بالطهر صادقة *** إذ لقنت بيتها القرآن والسُننا
وكم فتاة هوت من أوج منزلها *** بالانحراف وراحت تدفع الثمنا
لابسة البنطال لم تستطع التفاهم مع ملك الموت
أختاه: إن من النصح لكِ والخوف عليك أن أسألك: لماذا هذا العبث بالحجاب؟ أما علمتِ أنه شرفُ المسلمة وعزُ المؤمنة؟ إلى متى وفتياتنا يجعلن من أجسادهن هياكل يعرض عليه الغرب زبالات أفكارهم وأصناماً متحركة تُعلق عليها أزياؤهم الفاضحة، وكتلاً من اللحوم المتمايلة مُهِمَّتُها العبث بقلوب الرجال وتحريك كوامن الشباب؟ أجيبي أيتها المسلمة إلى متى.. إلى متى؟؟ أما سمعت عن تلك الفتاة المسكينة التي ظنت أن الموت لن يأتيها إلا عندما تُصبحُ عجوزاً لا تُشتهى ومسنةً لا تستطيع مجاراة خطوط الموضة وصرعات الأزياء.. فخرجت إلى السوق ببنطالها الضيق وبلوزتها المفتوحة وعباءتها الشفافة المطرزة التي لا تستر جسداً ولا تنم عن رغبة في حشمة.. فرأتها إحدى الصالحات، فأدركت أنها ضحية من ضحايا الغزو الفكري - الذي زعم مروجوه أن لا دخل للدين في صفة ملابس المرأة فهي تلبس منها ما شاءت بلا ضوابط بزعم الحرية - فاقتربت منها مشفقة فذكرتها بأدب وناصحتها بحكمة.. وختمت نصيحتها بقولها: ماذا لو جاءك ملك الموت وأنتِ بهذه الهيئة؟ فردت ساخرة: إذا جاء ملكُ الموت سأتفاهمُ معه!! الله أكبر... ما أعظمها من جُرأة وما أكبرَها من كلمة!!
تقول الأخت الناصحة: بعد انصرافها مِنِّي بدقائق رأيتُ جمعاً من الناس قريباً مِنِّي اجتمعوا على شيء فلمَّا نظرتُ إلى ما اجتمعوا عليه وإذا بها صاحبة البنطال قد سقطت عباءتها وظهر بنطالها وانكشف ما بقي من سترها وهي مجندلة لا حراك بها.. فاللهم حسن الخاتمة.. إن الله الذي خلقها وأنعم عليها بهذه النعم ( صحةً وشباباً ومالاً ) أرسل إليها ملك الموت ليتوفاها كما قال تعالى: قُل يَتَوَفَّاكُم مَّلكُ المَوتِ الَّذِى وُكّلَ بِكُم ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم تُرجَعُونَ [السجدة:11] فجاءها ملك الموت بعد قولها ذلك بدقائق فلم تستطع التفاهم معه!!!
كندية مسلمة تغطي وجهها
يا بنت الإسلام: أما سمعت بتلك المرأة الكندية التي تعتز بحجابها الذي غطى جميع جسدها حتى وجهها فتقول: أنا كندية مسلمة، دخلتُ الإسلام منذ سنة ونصف ومن حينها وأنا أرتدي حجابي، وأسير وعزتي وفخري بديني الجديد يسيران معي.
أختاه: لماذا إبداء المفاتن التي أمر الله بسترها: وَلا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهنَّ [النور:31]. أما تعلمين أن المفسدين لما عجزوا عن إقناعك بنزع الحجاب وإبداء المفاتن دفعة واحدة لجؤوا إلى حيل شيطانية أوحى بها إليهم إبليس الذي حذرنا منه ربنا فقال: يَا بَنِى ءَادَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيَطَانُ كَمَا أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِّنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوءَتِهِمَا [الأعراف:27]، وحيلهم تتمثل بصنع ألبسة بديلة للحجاب الساتر للمفاتن، وهي ( هذه الألبسة ) كفيلةٌ بنزع الستر خطوة خطوة ومرحلة مرحلة، خدعوكِ بأقوال ماكرة ودعايات متتابعة قالوا: هذه أزياء المرأة الأنيقة، وتلك ملابس السيدة العصرية، هذه ملابس العروس الجميلة، وتلك بنطلونات الأذواق الرفيعة! لجمالكِ! لسهرتكِ!! لمناسباتكِ السعيدة!! يا الله... إنها لونٌ من ألوان إبراز المفاتن وذهاب الحياء.. تفاصيل جسد المرأة بادية وأيديها حاسرة وأكتافها بارزة وعباءتُها ناعمة وخمارها مزركش مزخرف!! سبحان الله!! أين العبودية لله أين محبة الله؟ وأين استشعار معنى الإسلام؟ أم أن الإسلام لا علاقة له بلباس المسلمة كما يزعم العلمانيون؟
موتوا بغيظكم
أختي المسلمة: أما آن لكِ أيتها الشريفة أن تصرخي في وجوه دعاة التغريب وزاعمي التحرير كما صرخت بهم أختكِ من هذا البلد المبارك قائلة: ( موتوا بغيظكم.. فحسبي عن إغراءاتكم الساقطة وسفاسفكم البينة كتاب ربي وهدي ورسولي عليه الصلاة والسلام، ولي منهما تشريعٌ عظيم هو لي أنا المسلمة حصنٌ حصين، هو حجابي ثم حجابي، فموتوا بغيظكم أيتها الذئاب المسعورة ).
وارفضي إظهار الزينة وإبداء المفاتن ولو كانت يسيرة. فهذه امرأة أمريكية مسلمة ترفض النزول للسوق لأنها نسيت جوارب قدميها!! وتقول: كيف أخرج ويتكشفني الناس وأخالف أوامر الله ورسوله ؟!
أما أنا فأنقل لكِ ما حدثني به رجل أعرفه وأثق به حيث قال لي بعد وفاة زوجته: لقد رأيتها في المنام وكل ما كان يظهرُ من جسدها للرجال يشتعل ناراً.. أجاركِ الله من النار.
أختاه: لن أنقل لك فتاوى العلماء في حكم لبس النقاب المُشاهد على كثير من فتياتنا أو اللثام الذي يظهر نصف الوجه فهي لا تخفى عليكِ، ولكن أسألك بالله: أيجوزُ للمسلمة أن تُظهر للرجال عينين مكحلتين ووجنتين مصبوغتين، وهي تتابعُ الشباب بنظرات فاتنة من خلال فتحةٍ مستطيلةٍ في خمارها تسميها نقاباً؟!
أما قال ربكِ تبارك وتعالى: وَإِذَا سَألتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].
فاحجبي عينيكِ عن الرجال لتسلمي من عقوبة فتنتكِ لهم أو عاقبة افتتانِكِ بهم، واعلمي أن في ستر عينيك طهارة لقلبك وحماية لغريزتك وطمأنينة لنفسك. حفظكِ اللهُ بحفظه وحرسك بعنايته وحبب إليك الستر والحياء.
وأما وضعك للعباءة على الكتف فلا شك أنكِ ترين ذلك أجمل مما لو كانت على الرأس! أليس كذلك؟ ستقولين نعم إلا أن تُكابري، وهذا سبب منع ذلك شرعاً وإفتاء العلماء بعدم جوازه فهي للستر لا للتجمل والزينة وقد أفتى العلماء بعدم جواز لبسها على الكتف وعلى رأسهم مفتي عام المملكة سابقاً سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله لأن في ذلك تشبهاً بالرجال، وإبراز للأكتاف، وانكشاف شكل الرأس، والعنق، وتسريحة الشعر..
تقول إحدى التائبات من لبس العباءة على الكتف: رأيت تطبيقاً عملياً لتغسيل الميتة فوجدتها أكثر ستراً مني وهي تُحملُ على النعش ولا يمكن لأحد أن ينظر لها بشهوة، فكيف بنا نحنُ الأحياء؟ أنتفنن في وضع العباءة وندفع أغلى الأسعار وكأن ليس وراءنا عقاب ولا حساب؟!
أختاه: أما كان ربكِ يحفظك وأنتِ في بطن أمكِ؟ فلم لا تحفظين أوامره بعد خروجك لهذه الدنيا ولم لا تلزمين حدوده وتعرفين حقوقه عليكِ؟ أما كان ربك يرعاك وأنتِ في رحم أمكِ بالغذاء والحماية والدفء؟ أفلا ترعين دينه وتلزمين أوامره؟ لقد خرجتِ من بطن أمكِ بلا ثياب وستجردين عند الموت من الثياب لتلبسي كفناً متعدد اللفائف ليس فيه زخرفة ولا تطريز ولا زركشة! فاحذري من أن تكتسي في حياتك بما يغضبُ خالقك من عدم، وكاسيك من عُري.
جاء في الأثر أن الله تعالى يقول: { إنني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري وأرزق ويُشكر غيري } ألا تعلمين يا فتاة أن عبادته بطاعته سبحانه وتعالى وطاعة رسوله وسؤال العلماء عما تجهلين من أحكام؟ قال تعالى: فَسئَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمُونَ [النحل:43] فهلا استجبت لفتاوى العلماء في حكم البنطلون، والشفاف، والضيق، والكعب، وعباءات الموضة ( الشبح، الليزر، لكزس.. ) وغيرها من أنواع العباءات المتبرجة التي استُخفت بها عقول المسلمات وزُهدت بسببها في الستر والحشمة العفيفات، بل وبسببها تعرضن للمضايقة، فقد أجرت محررة صفحات أسرتي بمجلة الدعوة عدد (1577 ) تحقيقاً مع ( 312 ) امرأة ممن يلبسن تلك الأنواع من العباءات المتبرجة أنقل لكِ بعض إجاباتهن وأهمها:
1 - 86% قُلن: نتعرضُ للمضايقة بسبب لبسها!! وصدق الله: يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب:59] والواقع يثبت أن لابسة العباءة الساترة غير اللافتة للنظر لا تُضايق ولا تعاكس، والعكس صحيح.
2 - 60% قلن أيضاً: نلبسها مسايرةً للموضة فقط!!
3 - 61% قلن: لا نشعر بتأنيب الضمير على اتباع الموضة الجديدة في العباءة!!
وهذه نسبة عالية تدلُّ على استحسان ما لا يرضي الله تعالى. واستحسان القبيح ليس من صفات المؤمنين، قال تعالى: أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً [فاطر:8]. وقال عليه الصلاة والسلام: { إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن } فمن لم تسؤه سيئته فليس بمؤمن.
ألا تعلمين أيتها المسلمة أن من شكر الله أن لا تسخري نعمهُ في معصيته، قال تعالى: يَابَنِى ءَادَمَ قَد أَنزَلنَا عَلَيكُم لِبَاساً يُوارِى سَوءاتِكُم وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقوَى ذَلِكَ خَيرٌ [الأعراف:26] ولا تنسى قول الله تعالى: يَومَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلا مَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:89،88]. سليم من الشبهة التي تورث الشك في دين الله، ومن الشهوة التي تورث تقديم الهوى على طاعة الله، ومن الغضب الذي يورث العدوان على خلق الله، جعلكِ الله ذات قلب سليم، ووفقك لصراطه المستقيم.
خذيها مني صريحة
يا فتاة الإسلام: خذيها مني صريحة، إنكِ تواجهين حرباً تغريبية مسعورة لا هوادة فيها وفتناً شيطانية لا مهادنة فيها.. إنكِ تواجهين تحدياً لدينكِ.. لأخلاقكِ.. لعفافكِ.. بل لكل مظاهر الخير والحياء لديكِ.. فهل تُدركين ذلك؟ إنها حربٌ مكشوفة وإفسادٌ مُعلن، هيؤوا لكِ كل مُغرٍ وجديد، وحجبوا عنكِ الحق وكل نافع ومفيد!
فهل تصمدين يا فتاة الإسلام أمام رياح الباطل وإغراءات الشيطان؟ هل تقفين مستمسكة بعقيدتك، معتزة بدينك محافظة على ستركِ وحيائكِ أمام هذا السيل الجارف من الفتن والمغريات، أم تُطوح بك رياح الباطل في مهاوي الرذيلة ومواضع الفساد، وتقذف بك الأمواج العاتية في مستنقعات الموضةِ الفاجرة والأزياء المتبرجة؟ فإن كانت الأولى ( اعتزازاً بالدِّين وتشرفاً بالحجاب وصدقاً في الاستقامة وثباتاً على الحق ) فهنيئاً للأمة بكِ وبأمثالكِ، ولا أخالكِ إلا قائلةً: نعم. وإن كانت الثانية ( مجاراةً للموضة، وتقليداً للأزياء، ومتابعةٌ للقنوات، وإعراضاً عن الآيات البينات، وغفلةً عن القبر والحساب والممات ) فيا لشقاءِ الأمةِ بكِ وبجيل اليوم من أمثالكِ..
وأحسبُكِ قائلةً: لا لزمن الغفلات ونعم لعمل الصالحات.. والتوبة التوبة لرب الأرض والسموات، اللهم أسألك الثبات.
وأُبشرك بقول الله تعالى: مَن عَمِلَ صَالِحاً مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُو مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُواْ يَعمَلُونَ [النحل:97].
ختاماً: جعلنا الله وإياكِ من المؤمنين المهتدين، وأعاذنا من طريق الفاسقين المُعرِضين، ورزقنا الثبات على دينه والإخلاص في القول والعمل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الرحمن الوهيبي
ـــــــــــــــــــ(82/230)
أم اليمان .. إحدى بطلات الحياة
فدوى محمد سالم
لتأتِ المنظّمات النِسويّة جميعاً، ليتعلّمنَ منها الدروس الحيّةَ العمليّةَ، على الأرض.. لعلّهن يدركنَ كيف تكون المرأة بطَلة..
فلتأتِ النساء.. ولتأتِ الجمعيّات النسائيّة إلى هنا.. إلى (أمّ اليمان) عائشة محمود شعبان، وليجلسن بأدب وإجلال أمامها.. وليسألنَها عن حالها، وعن الكيفيّة التي جمَعت فيها جيشاً من النساء في شخصها.. !
وقَبل أن يزرنَها ليعرفنَها ويسألنَها.. نَضع أمامهنّ هذه الحزمةَ الصغيرة من المهمّات التي تؤدّيها، ومِن الشمائل التي تتحلّى بها، ومن الخصال الكريمة التي تميّزها عن الآلاف، بل مئات الآلاف من النساء.. !
أ المهاجِرة: ربع قَرن من الهجرة القَسريّة عن الوطن، وعن الأهل.. ولا تزال الغربة مستمرّة، ولا يعلم، إلاّ الله، متى تنتهي.
ب العامِلة: منذ خرجتْ من بلادها مبتعدةً بدينها وطفلَيها، عن ظلم الطغاة الذين طاردوها، وزوجَها، وآلافَ المؤمنين من أبناء وطنها البرَرة، الرافضين للاستبداد والاستعباد، وهي تعمل، بلا كلَل في التدريس، وتَحمل من أعباء المِهنة، في غربتِها القاسية، ما ينوء به الرجال الأشدّاء.. !
ج الأمّ المربّية: قامت بتربية طفلين في الغربة، فتاةٍ وغلام، وحدَها، مع أعباء غربتها وتدريسها، حتى تخرّجا في الجامعة، وزوّجتهما.
د الداعية: نهضتْ، منذ خرجتْ من بلادها ولا تزال بعبء المسؤوليّة التامّة، عن توجيه نساء بلادها المهاجرات السوريات مَن كنّ في سنّ الشَباب، ومَن كنّ في سنّ الكهولة تَرعاهنّ، وتقيم لهنّ جلساتِ التربية والوعظ والإرشاد وحفظ القرآن، وتعلّمِ الفِقه والسيرة والحديث والأخلاق الفاضلة.
وكأنّ هذه الأعباء لم تكفِها، حتّى صارت تدعَى إلى حضورِ منتدياتٍ تَربويّة ثقافيّة، ومخيّمات صيفيّة، تقيمها الجاليات المسلمة، في دول أوروبا.. !
ه الصابرة:
1 تحمّلت بجلَد غريب سجنَ الزوج، ثمَّ وفاتَه في السجن، ووفاةَ الوالد، ووفاةَ الأخ، وهي في الغربة، دون أن تحظى بإلقاء نظرة على أيّ منهم، وهو يودّع دنياه، ويَمضي إلى لقاء ربّه، وذلك بسبب الجوّ البوليسيّ الخانق، الذي فرضته سلطات بلادها، على المواطنين داخل الدولة، والمصيرِ المفزع الذي ينتظر كلّ مواطن مطارَد خارجَ بلاده، إذا لامست قدماه تراب وطنه.. !
وتلقّت ذلك كلّه، بصبر المؤمنة المحتسِبة، الشامخة الصلبة، لا تهدّها النكبات، ولا توهِن عزمها المصائب.
2 تسلّلت إلى جسمها الأمراض، التي من شأنها أن تنهك الأجسامَ، وأن تَمنح أصحابَ النفوس العاديّة الأعذارَ، للقعود والراحة في البيت. فما لجأت إلى قعود، ولا أخلَدت إلى راحة، وظلّت المهمّاتُ التي نَدبَت نفسَها لها، شغلَها الشاغل.. ولا تزال.. !
ومع ذلك كلّه.. لا يرتفع صوتها بشكوى، ولا تضغَط عليها نفسها للاعتزال.. وإن مالت إليه يوماً، حفَزها للاستمرار، إيمان راسِخ، ونفس كريمة محِبّة للخير، وتطلّع إلى ما عند الله من ثواب..
وما عرِف عنها ضيق أو ضجَر، أو تذمّر منافٍٍ لطبعها الصافي السمح الكريم.
سبحان الله! أينَ فارساتُ الاتّحادات النسائيّة؟! وكم واحدةً منهنّ تستطيع أن تَحمل مِعشارَ ما تَحمل هذه المرأة الصابرة؟! وفي الوقت ذاته تستطيع ضبطَ لسانها عن الثرثَرة (بإنجازاتها العظيمة، ومهمّاتها السامية الجَليلة)؟!
ولولا ضآلة الشأن، لأكثرِ الاتّحادات النسائيّة في بلادنا لأمكَن الجزم بلا تردّد، بأنّ أم اليمان، وحدَها، اتّحاد نسائيّ كامل، من حيث المهمّات والأعباء..واتّحاد نسائيّ إسلاميّ كامل، من حيث سموّ الطباع ونبل الأخلاق..!
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/231)
الوصفة السحرية للحياة الهنية
أولاً: تشتكي أغلب الزوجات من صمت أزواجهن، فالمرأة تحب من يمدحها ويثني عليها ويعبر لها عن عواطفه تجاهها بصوت عال لا بالسر، ولكي تنعش عزيزي الزوج حياتك الزوجية براحة واطمئنان تذكر دائمًا أن زوجتك امرأة وأنثى في حاجة إلى اهتمام كبير من طرفك، وكلما منحتها هذا الاهتمام منحتك هي أكثر.
ثانيًا: نعترف نحن النساء أننا بمجرد إنجاب الأطفال ننسى أزواجنا ونحول كامل اهتمامنا إلى البيت والأبناء..ويصبح المطبخ أكثر مكان نجلس فيه، ويتحول الحديث الودي إلى صراخ ومطاردة دائمة وراء الأبناء..نحمل على عاتقنا مشاكل الأبناء نهتم ونتحدث عن مشكلة ذلك [الابن الدلوع] الذي يحاول الاستحواذ على أمه، أو تلك البنت المشاكسة العنيدة التي ما تنفك تصدر أصواتًا لتلفت الانتباه إليها.. في هذه الدوامة ننسى أن أساس هذه الأمور وأن ركيزة هذا البيت، رجل يسعى على راحلته، ويعمل ويكدح من أجل ذلك، رجل وضعنا يدنا في يده من أجل بناء أسرة.. وننسى أن ذلك الرجل هو بحاجة إلى العناية والرعاية والحب والاعتصام، وأنه هو مثل الطفل الصغير الذي ينتظر دائمًا من زوجته أن تحنو عليه.. لذلك يجب أن نعيد النظر في جميع تصرفاتنا وأن نفهم حياتنا واهتماماتنا ونعطي كل عنصر في الأسرة حقه من الرعاية والاهتمام.
ثالثًا: أنت أيتها الزوجة التي تسمحين لأبنائك بالنوم بجوارك، ألم يحن الوقت لكي يجد زوجك سريرًا مريحًا وزوجة في انتظاره لتساهره وتتقرب منه وتحدثه عن أحاسيسها وتنصت إليه بكل عناية وانتباه؟!
أين كوب الشاي الذي تعودت إعداده بعد الغداء وتعودت أيضًا ارتشافه في الركن الذي أعددتماه لجلساتكما الودية معًا؟ لماذا نسيت أو تناسيت هذه العادة؟ أفيقي يا أختي فإن التيار إذا جرف الحياة والود الزوجي فلن يعيده ثانية.
رابعًا: يعتقد بعض الأزواج أن إعطاء الزوجة مصروفًا شهريًا أو حصولها على راتب يغنيها عن حاجتها إلى هدية أو باقة ورد تقدم إليها من حين إلى آخر من زوجها العزيز فيبخل على زوجته بذلك ولا يفكر في إسعادها أبدًا.
خامسًا: إن الكرم مع الزوجة، يجعلها تشعر بقيمتها وغلاوتها وأهميتها، فلا بأس من دعوتها بمفردها إلى عشاء في مكان هادئ ومفاجأتها بهدية بسيطة والثناء عليها بالكلام الحلو، الذي يجعلها تطير من السعادة والهناء.
سادسًا: بعض النساء يعتقدن أن ما يجلبه الزوج لبيته من أشياء وهدايا وما يقدمه لها من فساتين وعطور ومجوهرات هو من باب واجبه، فلا يسمع منها أبدًا كلمة شكر أو ثناء لخدماته بل بالعكس تقابل تصرفه هذا بالفتور أو النقد.. لمثل هؤلاء الزوجات نقول: إن تقديم الهدايا للزوجة عادة حسنة تحسدك عليها بعض الزوجات، لذلك حاولي دائمًا أن تمدحي زوجك وتعبري له عن إعجابك بكل ما يفعله، وأن ترتدي الملابس التي يجلبها لك حتى وإن كانت لا تعجبك، فلبسها أمامه يشعره بالفخر والاعتزاز ويشعره أيضًا أنك ترغبين في السعادة.. فبعض الزوجات يجلب لهن أزواجهن ما تشتهيه النفس من ملابس وعطور وإكسسوارات وحلي من جميع أنحاء العالم ومن أغلى الماركات.. ولكنها ترمي بهذه الأشياء في خزانتها ولا تفكر حتى في قياسها، أو تقدمها هدايا لصديقاتها وأهلها.. وبالطبع مثل هذا التصرف يجعل الزوج ينصرف ويتخلى عن عاداته الحسنة وساعتها ستندم.
سابعًا: [شكرًا] كلمة تحب المرأة سماعها باستمرار، فإذا ما بخل عليها بها زوجها فإن الحزن والألم يدمران قلبها، لذلك سيدي الزوج لا تنس قول كلمة: [شكرًا] فهي العصا السحرية التي تفتح لك أبواب السعادة والهناء.. فعندما تعود من عملك وتجد الطعام على السفرة فلا تلتهمه وأنت صامت، فعبارة [سلمت يداك] أو [الله يعطيك العافية] لا تكلف شيئًا ولكنها تعطي مردودًا هائلاً من السعادة.
ثامنًا: الرجل يحب التغيير وهذا لا يعني أنه يفكر في تغيير زوجته، لا، وإنما يجب أن يرى زوجته تتغير من أجله كل يوم ولا نعني بذلك تغيير الطباع أو الملامح، إنما تغيير الملابس والتسريحة والماكياج.. فعندما تستقبلينه كل يوم بنفس الثوب أو برائحة الثوم والبصل، فإنه بالتأكيد سوف يرفض النظر إليك، وبالتدريج سوف يتجنب الجلوس بجانبك، لذلك سيدتي خصصي يوميًا ربع ساعة قبل عودة زوجك من عمله مساء واستحمي والبسي أحلى ما عندك واجلسي في انتظاره، فالملابس والزينة هي له ومن أجله وليست للصديقات والجيران ومن أجلهن.
وأخيرًا نقول لكما: أنت أيتها الزوجة وأنت أيها الزوج: تخليا قليلاً عن الكبرياء والأنانية ليمنح كل واحد منكما الآخر لحظات من الفرح والضحك، فالحياة الزوجية تحتاج إلى الحب وإلى كثير من الصبر.
شعبان 1425هـ
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/232)
السرقة الحلال- كيف تسرقين قلب زوجك؟؟
...
...
التاريخ : 21/11/2005
الكاتب : اللجنة العلمية بمفكرة الإسلام ... الزوار : 8118
< tr>
[1]
كانت صديقتي على سفر.. اتخذت كل احتياطات تأمين شقتها، مزاليق تستعصي على الفتح، نوافذ حديدية، وسافرت للمصيف مع أسرتها مطمئنة، وعندما عادت فوجئت بسرقة كل ما خف حمله وغلا ثمنه من بيتها، انهارت صديقتي، ومن وسط دموعها لم أستطع التقاط سوى عبارة واحدة كانت ترددها طوال نحيبها:
كيف دخلوا بيتي؟
كيف فتحوه رغم كل ما اتخذناه من حيطة وحذر؟
أي مفاتيح استخدمها هؤلاء الشياطين؟
واسيتها ودعوتها للاسترجاع وقلتُ لها صادقة: إن عودتها وأسرتها بسلامة الله من سفر بعيد نعمة جزيلة لا يضاهيها شيء، وتركتها داعية لها بالخلف والعوض, وفي طريقي رددت ذات السؤال المحير الذي رددته هي:
كيف فتحوا المزاليق القاسية؟ وألانوا النوافذ الحديدية؟
ووجدتني أتخيل بيت صديقتي كقلب رجل تجتهد شريكته أن تفتحه وتسكنه ملكة متوجة وسألتُ نفسي:
هل يمكن أن يكون اللصوص أمهر وأذكى من زوجة محبة متفانية معطاءة حانية؟
وهل تلك الشريكة التي تفني نفسها ليل نهار من أجل زوجها وأبنائها يمكن ألا تمتلك بجوار صبرها وتحملها واحتسابها مفاتيح قلب زوجها؟
وهل يمكن أن تذوب الزوجة كشمعة وهي تعطي, ومع ذلك يوصد دونها قلب زوجها؟
عزيزتي الزوجة المسلمة:
كثيرات من نسائنا يعيش معهن أزواجهن بحكم الإلف والعشرة لا بدافع الحب، وعدم القدرة على الاستغناء، واعتادوا عليهن , وقد لا يصعب عليهن حين تقع الفأس في الرأس أن يعتادوا على غيابهن، فالقلوب مغلقة، والمشاعر محايدة، والنبض لا يهتف باسم شريكة الحياة، والشوق لا يحفز الزوج لكي يهرول إلى عشه بعد يوم عمل طويل لينعم بصحبة شريكة كفاحه.
قد أظن ويظن معي كثيرون وكثيرات أن ولوج قلب الزوج أو الزوجة مغامرة شاقة ومهمة عسيرة, ولكن عن خبرة شخصية وسماعية، بوسعي أن أؤكد أن الأمر أيسر مما يتخيلن وتحكمه معادلة:
حب + صبر + دأب سعادة في الدنيا وأجر في الآخرة.
وكلما كان النظر بعيدًا كانت الجهود أهون والمحاولة أنجح، وأثر التحبب حبًا، والتودد ودًا، وتدفقت الكلمة الحلوة أنهارًا من عسل السعادة والاستقرار والوفاق.
عزيزتي الزوجة المسلمة: اجتنبي 'الأخطاء العشرة'
هناك عشرة أخطاء مدمرة من قبل الزوجة كثيرًا ما تكون من أسباب الطلاق أو النفور الشديد والبغض من قبل الزوج.. عليكِ أن تتعرفي عليها مخافة الوقوع فيها قبل أن نمسك بمفاتيح قلب الزوج، والأخطاء هي:
1ـ استحداث المشكلات الشديدة مع أهله عمومًا, مما يجعل الزوج في حيرة بين حب أهله وزوجته, وبالتالي يقلل ذلك من حبه واحترامه لها.
2ـ التكلم عن أمه أو والده بشيء سيئ.
3ـ إهانة الزوج وخاصة أمام الآخرين.
4ـ جرح الزوج في كرامته ورجولته ولو على سبيل المزاح.
5ـ عقد المقارنة بينها وبينه في الأمور التي تتفوق فيها عليه كالمال أو العلم أو النسب وغيرها.
6ـ إزعاجه بالتذمر والشكوى عمومًا من حالها وبشكل دائم ومستمر.
7ـ عدم الاهتمام بتوفير الراحة والهدوء في مكان ووقت نومه، وقد قيل: إن من أخطر الأمور في الحياة الزوجة أن تضايق الزوجة زوجها في وقت نومه كأن تقوم بتشغيل المكنسة أو الغسالة أو لا تهتم بتهدئة الأطفال, مما يبغض الزوج في منزله, وقديمًا قالت أم إياس لابنتها في وصيتها: احفظي له خصالاً عشرًا تكن لكِ ذخرًا منها: أما الخامسة والسادسة: فالتعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
8ـ عدم الاهتمام بطعامه وملابسه ونظافة منزله، فالزوج قد يصبر لفترة على عدم توفير الطعام الجيد أو الملابس النظيفة المرتبة، لكنه حتمًا سيطفح به الكيل وينفر من الزوجة بشدة بعد ذلك.
9ـ الامتناع عن الزوج دون عذر.. وهذا من أهم الأسباب لبغض الزوج لها وأيضًا تبيت الملائكة تلعنها.
10ـ الظهور أمام الزوج بالمظهر الرث والمنفر، وبخاصة فيما يتعلق بالنظافة الشخصية.
أتبع مع زوجي سياسية السحر الحلال
قالت إحدى الزوجات: ' الكلمة الحلوة نوع من السحر الحلال, ومحاولة امتصاص الغضب وعدم التأثر النفسي على حساب علاقتي بزوجي، وعدم مناقشته أثناء الغضب, بل إنني أسعى دائمًا للتأكيد على أن رضا زوجي هو أهم شيء في حياتي.
وكل رجل له مفتاح لشخصيته, وعلى كل زوجة أن تعرف هذا المفتاح، فأحيانًا يسعد الرجل إذا كانت زوجته على وئام مع أهله، وأحيانًا أخرى إذا حققت الزوجة بعض الأشياء التي يحبها كأن تزينت له أو أعدت له طبقًا مفضلاً أو استقبلته بشكل معين...والأهم عندي أن كل شيء في حياتنا يخضع للتفاهم والاتفاق, وأنا أسعى دائمًا للاقتراب من زوجي وأحاول أن أحب الأشياء التي يحبها , فالتقارب الزوجي له أثر كبير في استقرار الحياة الزوجية ' اهـ.
[2]
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
كيف تدخلين قلب زوجك؟
سؤال يطرح نفسه قبل أن تمتلك الزوجة مفاتيح قلب زوجها.
عزيزتي الزوجة المسلمة هناك عدة أمور تدخلين بها قلب زوجك فلا يعود ينظر لغيرك وهي:
1ـ لين الحديث.
2ـ حفظ الزوج.
3ـ العبادة والذكر.
4ـ التطيب واللباس.
5ـ تحضير الطعام.
واليك عزيزتي الزوجة التفاصيل:
[1] لين الحديث:
استقبليه بابتسامة وودعيه بابتسامة، واسألي عن حاله وأحواله ولا تتدخلي بأعماله، تجاذبي معه أطراف الحديث ولا تذكِّريه منه بالجانب الخبيث، أسمعيه كلامًا طيبًا وأظهري له جانبًا لينًا، فإذا أخطأ فلا تلوميه وقولي له كلامًا يرضيه، وإذا طلبتِ منه شيئًا فلم يلبِّه فلا تعانديه بالقول الفظيع فينفر منك، ويدب بينكما النزاع والخصام, وقد يدوم ساعات وأيامًا، أطيعيه بما يرضي الله وبما يريد، ولا تكوني قاسية كالحديد، عندها سيصُبُ غضبه بالتهديد والوعيد، فلا ينفع بعدها إصلاح ذات البين في وقت شديد، وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك حيث قال: 'إذا صلت المرأة خمسها, وصامت شهرها, وحفظت فرجها, وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت'.
[2] حفظ الزوج:
كوني له مستودع الأسرار, ولا تفشي شيئًا منها خارج الدار، وكُنّي له كل احترام واقتدار، وإذا قدر ودب بينكما الغضب والشجار, فلا تذكري له شيئًا من هذه الأسرار، عندها سيندم على كل حديث بينكما دار، ولا تنسي أن تحفظي له العرض والدار، ولا تسمحي لأي غريب أن يتخطى عتبة الدار، وفي عهد عمر قالت زوجة مؤمنة غاب عنها زوجها:
مخافة ربي والحياء يصدني *** وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
وإذا أردت أن تخرجي فاخرجي باستئذان، عندها ستكون حياتك بأمان، حافظي على أمواله وتربية عياله، واذكري قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}.
[3] العبادة والذكر:
لا تنسي ذكر الله, ولا تجعلي التلفاز وغيره لكِ ملهاة، فيموت قلبه نحوك فليس لك سواه، إذا نسى الصلاة فذكريه، وصلي أمامه لتسعديه، وحافظي على الصلوات الخمس, واذكري الله دائمًا بالجهر والهمس، ولا تهملي ماذا أراد زوجك اليوم وماذا طلب بالأمس، وازني بين العبادة وبين رغبات الزوج دون نقص.
[4] التطيب واللباس:
اظهري لزوجك بأجمل الثياب، وتزيني وتطيبي له بأطيب الأطياب، فإن الرجل يحب أن يرى زوجته جميلة المظهر، بهية الطلعة، ارتدي له الألوان الزاهية، ونوعي له اللباس كل يوم، أنصحك بالتبرج داخل المنزل ولزوجك، كوني كالفراشة حوله، اختاري الألوان التي يحبها، تجملي له وليني له الكلام، بذا يزيد الشوق لك والهيام.
[5] تحضير الطعام:
اطهي له أشهى الطعام، وجهزي له السرير بعدها لينام، كوني له الطاهية، ولا تجعلي الخادمة هي الآمرة الناهية، اسأليه ماذا يحب من أصناف الطعام, وأظهري له الود والاحترام، فإذا لم يعجبه ذلك اليوم طبخ الطعام، فلا تتركيه غضبان لينام، وهنا قد يتلفظ بالشتائم ويكون يومك هو اليوم الغائم، فاصبري على ذلك لتنالي الأجر الدائم.
وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: 'ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود الولود, التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك, لا أذوق غمضًا حتى ترضى'.
عزيزتي الزوجة.. إذا اتبعتِ هذه النصائح فسوف تعيشين في سعادة, وتجدين فوق ذلك زيادة, وسترفرف على أسرتكما أجنحة الرضا والسعادة.
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
أدعو كل زوجة محبة أن تجرب تلك المفاتيح لتسرق قلب زوجها:
ـ مفتاح الصمت والابتسامة الودود.
ـ مفتاح التذكرة.
ـ مفتاح الإصلاح.
ـ مفتاح الثقة.
ـ مفتاح زرع الهيبة.
ـ مفتاح الاحترام.
ـ مفتاح التفاخر والتماس الأعذار.
ـ مفتاح الجاذبية.
ـ مفتاح الإنصات والاهتمام, واليك مواقف استخدام هذه المفاتيح:
* حين ينفعل زوجك ويغضب, عليك بمفتاح الصمت والابتسامة الودود, ثم الربتة الحانية حين يهدأ، والسؤال المنزعج بلسان يقطر شهدًا: ما لك يا حبيبي؟
* حين يقصر في العبادة وتشعرين بفتوره, عليك بمفتاح التذكرة غير المباشرة بجُمَل من قبيل: سلمت لي.. فلولا نصحك ما حافظت على قيام الليل، سأنتظرك حتى تعود من المسجد لنصلي النوافل، هل تذكر جلسات القرآن في أيام زواجنا الأولى كانت أوقاتًا رائعة، وكل وقت معك رائع، مسارعتك إلى الصلاة بمجرد سماع النداء تشعرني بالمسؤولية والغيرة، جمعنا الله في الجنة ورزقنا الإخلاص والملامة على الطاعة.
* إن لمستِ منه نشوزًا فلن تجدي أروع من مفتاح الإصلاح الذي ينصحك به الله تعالى, توددي واقتربي وراجعي تصرفاتك، تزيني، ورققي الصوت الذي اخشوشن من طول الانفعال على الصغار، صففي الشعر الجميل الذي طال اعتقاله في شكل واحد.
* حين تحدث له مشكلة في عمله جربي مفتاح بث الثقة, واسيه وشجعيه، قولي له: ما دمت ترضي الله، فالفرج قريب، وبالدعاء تزول الكربات.
* أمَّا وأنتما مع أولادكما فلا تنسيْ مفتاح زرع الهيبة، أشعريه بأنه محور حياتكما، إن عاد بشيء مهما كان قليلاً فأجزلي له الشكر، وقولي لأولادك بفرحة حقيقية: انظروا ماذا أحضر لنا بابا أبقاه الله وحفظه، إياك أن تسمحي لأحد الأولاد أن يخاطبه بـ'أنت' دون أن تنظري إليه بعتاب، وتحذريه من أن يكررها ويخاطب أباه بغير أدب، على مائدة الطعام احرصي على ألا يضع أحد في فمه لقمة قبل أن يجلس ويبدأ هو بالأكل، وحين يخلد إلى النوم والراحة حولي بيتك إلى واحة من الهدوء، وألزمي صغارك غرفة واحدة دون أصوات عالية أو تحركات مزعجة.
* مع أهله وأهلك اصطحبي مفتاح الاحترام، وأنتما وحدكما استخدمي مفتاح الأنوثة والجاذبية.
* وهو يتحدث افتحي مغاليق نفسه بمفتاح الإنصات والاهتمام وإظهار الإعجاب بما يقول وتأييده فيه.
* في أوقات الخلاف استعيني بمفاتيح التفاخر والتماس الأعذار، وحسن الظن، والرغبة في التصافي.
عزيزتي الزوجة المسلمة:
إن كنت تحبين زوجك وتريدين أن تمضي عمرك معه فستجدين ـ بعون الله ـ لكل باب مغلق مفتاحًا يجعله طوع يمينك، ومهما كان زوجك عمليًا غير رومانسي فإن قلبه لن يكون أكثر تحصينًا من بيت صديقتي الذي فتحه اللصوص, 'وأنت لستِ لصة بل صاحبة حق'. وليس من الحكمة أن يسرق قلب زوجك سواك.
فهلمي إلى الكسب الحلال ولنعم العمل ذاك باب للسعادة في الدنيا ونيل الجنة في الآخرة.
ـــــــــــــــــــ(82/233)
أختي المسلمة
محمد محمود عبد الخالق
للمرآة في هذه الأيام دور كبير إما في إصلاح المجتمع أو إفساده ولذلك كان هناك حرص من أعداء الأمة الإسلامية على كسب المرآة المسلمة في صفهم ومحاولة إغرائها وتزييف الأمور عليها فجعلوا حجابها تخلفا وتشددا وجعلوا تبرجها وسفورها تحضرا وتمدنا وجعلوا سكونها في بيتها وخروجها لجاجتها تسلطا وتجبرا وجعلوا خروجها واختلاطها بالرجال تقدما وتحررا، فلقد قلبوا لها الأمور فجعلوا الحلال في عينها حراما وجعلوا الحرام حلالا واستخدموا لتحقيق ما يريدون أناس من بني جلدتنا جعلوهم يتحدثون بألسنتنا لكي ينشروا من خلالهم ما يريدون ويدافعوا عما يهدفون ولذلك وجدنا تلك الشرذمة من الرجال والنساء الذين لا يكلون ليلا ولا نهارا عن الحديث عن المرآة وحقها وعن ظلم الإسلام لها بل إنهم يدافعون عن تبرجها وسفورها واختلاطها بالرجال بدعوى الحرية والمدنية وللأسف رأينا مجموعة كبيرة من المسلمات يستجبن لتلك الدعوات التحررية الفاجرة التي تريد للأمة أن تسقط وللمسلمين أن يهزموا وللعفة أن تنتهك وللأخلاق أن تنضحل وصدق من قال " فتح الباب من الداخل أيسر من فتحه من الخارج " فهؤلاء العلمانيون ومن على شاكلتهم استطاعوا أن يفتحوا الأبواب الداخلية لتلك الأمة والتي تمثل مصدر الحماية لها من الانهيار والتفرق واستطاعوا أن يصلوا إلى الكثير مما يريدوه أعدائنا لنا وكانت من أهم وسائلهم في تحقيق ذلك وهو ما نؤكد عليه " المرأة المسلمة ".
وإذا كانت المرأة المسلمة تشك فيما قلته فإني أدعوها إلى التدبر والتفكير في تلك الكلمات التي قالها هؤلاء العلمانيون وغيرهم من أعداء تلك الأمة في الداخل والخارج لنعرف معا حقيقية الأمر فلعلنا نكون مخطئين فيما ذهبنا إليه أو نكون على صواب، ومن هذه الأقوال على سبيل المثال لا الحصر:-
قال أحدهم " لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن "
وقال آخر " ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة "
ويقول أحد شعرائهم وهو محمد صادق الزهاوي يخاطب المسلمة العراقية فيقول:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا *** وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث *** فقد كان حارسا كذابا
وبعضهم كان يقول " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد مالا يفعله ألف مدفع "
وفي الدلالة على النوايا الخبيثة لدى أعداء الإسلام من وراء هذه الدعوة يقول محمد طلعت حرب باشا في كتاب له بعنوان " المرأة والحجاب ": - "إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي ".
إن المرأة وسط تلك الهجمة الشرسة التي تتعرض لها وهذا الاستغلال الخبيث لقدرتها على الهدم من خلال جسدها وعاطفتها وقدرتها على الإغواء وتحريك الشهوات الكامنة تحتاج إلى أن تفهم قيمتها الحقيقية في تلك الحياة وتعرف قيمة ما قدمه الإسلام لها والذي يتهمونه بأنه لم ينصف المرأة على الرغم من ذلك التكريم الذي تحظى به المرأة في الشريعة الإسلامية، ولكن للأسف أنهم لا يريدون إلا التشكيك والتضليل حتى ولو على حساب إظهار الحقيقة، فالمرأة المسلمة لها في الإسلام مكانة جعلت غيرها من الغربيات غير المسلمات يحسدونها على تلك المكانة ويصفونها بأنها " ملكة " وهذه المكانة العظيمة جعلت الكثير من النساء غير المسلمات يدخلن في الإسلام بسبب تكريمه للمرأة واحتفائه بها ومع ذلك ولآني أحب أن أدلل على ما أقوله فإني أعرض تلك الشهادات لمجموعة من العلماء والمثقفين والذين وصلوا إليها بعد دراسة وتمحيص في أوضاع المرأة في كافة العصور وفي وضعها في العصر الإسلامي لعلها توضح للمرأة المسلمة عظم مكانتها في الإسلام: -
يقول الدكتور محمد عبد العليم مرسي: " لم تعرف البشرية دينا كالدين الإسلامي عنى بالمراة أجمل عناية وأتمها، ولم يعرف تاريخ الحضارات الإنسانية حضارة كالحضارة الإسلامية قامت على أكتاف الرجال والنساء سواء بسواء، بل وضعت المرأة في مكانة مساوية للرجل لا تقل عنه ولا تتأخر، كما أعلم بذلك سيد الخلق أجمعين ونبي هذه الأمة الأمين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال مؤكدا "إنما النساء شقائق الرجال ".
يقول بشر الطرزي الحسيني من كبار علما تركستان: " وبالإجماع فإن مقام المرأة في المجتمع العربي قبل الإسلام كان نازلا (!!) إلى حد ينكره الضمير الإنساني وفي هذا قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " والله إنا كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل " فقد أفاد بهذا القول الوجيز ما كانت المرأة عليه في العهد الجاهلي من انحطاط وذلة، ثم ما صارت إليه من رفعة وعزة في ظل تعاليم الإسلام ومبادئه الحكيمة ".
يقول " ول. ديورانت " في كتاب " قصة الحضارة ": " الإسلام رفع مكانة المرأة في بلاد العرب وأن لم ير عيبا في خضوعها للرجل..وهو يحرم على النساء ولاية الحكم، لكنه يسمح لها بحضور الصلاة في المساجد... وقضى القرآن على عادة وأد البنات (سورة الإسراء / 31) كما سوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء (النساء / 4، 32).. وقضى على ما تعود عليه في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع ".
والأقوال كثيرة ولكن المهم هو فهمها وأدراك معانيها ولتعلم الأخت المسلمة أنها غالية عندنا وأن الأمة تحتاج إليها وإلى عودتها إلى دينها وطاعة ربها وأخذ مكانها الحقيقي في تنمية المجتمع المسلم ورخاءه فتكون مسلمة نافعة لأمتها ساعية بجهدها ومالها وكل ما تملك إلى عزة تلك الأمة ونصرتها فالأمة كما نعلم ولا يخفى ذلك عن أحد تمر بأزمة حقيقية تحتاج إلى الجهد والبذل والعطاء والدعوة إلى الإسلام وتصحيح المفاهيم تبيين حقيقة الإسلام وتمسك الناس به والعمل له وهذا مطلوب من الرجال والنساء على حدا سواء فأحوالنا سيئة وأعداءنا لا يملون ولا يكلون من سعيهم لهدم الإسلام والقضاء عليه، ولذا أدعوك أختي المسلمة بالعودة إلى رحاب الإسلام قولا وعملا حتى تكوني من المسلمات المؤمنات الصادقات الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وأخيرا أدعوا الله عزوجل أن تكون الرسالة قد وصلت وأن تجد صداها لدى الأخوات المسلمات والله من وراء القصد والسلام عليم ورحمة الله وبركاته.
--------------------
المصادر والمراجع:-
1- كتاب " الإسلام ومكانة المرأة " للدكتور / محمد عبد العليم مرسي.
2- كتاب " صفحات مشرقات من حياة الصحابيات " للدكتور / محمد طلعت عفيفي.
http://www.28hrf.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/234)
إليك زميلتي . . .
أروى إبراهيم عباس
أختي المسلمة : أيتها الطالبة الفاضلة . . .
أيتها الأخت المربية . . .
أيتها الأم الحاضنة ؛ أنت معهد الرجال ، ومنبت الأبطال ، وأم العظماء ، ومدرسة القادة الأفذاذ . .
أنت مفخرة الزمان وأساس البناء ونواة المجتمع .
أنت - زميلتي - أمل الأمة ؛ بصلاحك يصلح المجتمع بأسره وتسعد الأجيال قاطبة ، وبانحرافك - لاسمح الله - ينهار كيان الأمة ويتحطم بنيانها ، فأنت صلب البناء الذي تقوم عليه أعمدة الخير ، وأنت في الوقت ذاته العقبة التي تتحطم عليها الآمال العظام متى حادت عن الطريق .
فلتعلمي أيتها الطفلة وأنت ترفلين في ثوب البراءة . .
وأنت أيتها البنت وأنت تحلمين بعش العفاف والطهر والنقاء ، وأنت أيتها الزوجة كلما شغلت فكرك تفكرين في سعادة فلذات كبدك ومستقبلهم . . .
لتعلمي زميلتى الطالبة وأنت تسهرين الليالي في طلب العلم ابتغاء وجه الله والدار الآخرة . .
لتعلمي أختي المسلمة وأنت تسعدين بأي مرحلة من مراحل العمر وتعبرين أي طريق من طرق السعادة والعيش في هذه الحياة ، أنك تعيشين في غربة عَزّ فيها الحق ، وندر فيها سالِكوه وفشا فيها الجهل والفجور وكثرت فيها طرق الغواية ، وتنوعت سبل الضلال وقل الخير والصلاح .
نعم - يا عزيزتي - إنك تعيشين في عالم لا يأبه بك ، ولا يحترم لك قدراً ، ولا يقيم لك وزناً ، ولا يعرف لك فضيلة ، وليته يتركك وشأنك فيكفيك حينئذ رصيد الفطرة ليقودك إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، بل لَيعاديك أشد العداء ويضللك من خلال جميع المنافذ والمسالك والثغرات وعبر كل قناة من قنوات الشر والفساد .
إنه ينصب شراكه ويرسل أعوانه وشياطينه لملاحقتك في كل مكان ليدعوك باسم الحرية التي أصبحت المرأة الغربية تئن من جمرها وقد رأت بعينيها بريقها الزائف وقناعها المزور .
إنهم ينادونك اليوم - كما نادوها بالأمس - ينادونك بأسماء زائفة وألقاب طنانة وتساعدهم على ذلك وسائل الإعلام المختلفة التي يمسكون بخطامها ويوجهونها حيث شاءوا . .
إنهم يهتفون لك ويلوحون : بالموضة . .
بالأزياء . .
بالفَرْنَجَة . .
بالتحرر . .
بالحب . .
بالجمال . .
بالفن . .
بالزينة . .
بكل ما يغري الأنوثة من أسماء وكلمات وكلها شراك خبيثة ومصائد تفتك بعفتك وتخدش حياءك وتنال من كرامتك وتدنس عرضك وشرفك وتقتل مروءتك وتزعزع عقيدتك ثم ترمي بك في أوحال الرذيلة ومستنقعات الجريمة وهوة الدمار .
فاستيقظي - أختي المسلمة - وكوني على حذر ، فلا تخدعنَّك سموم هذه الألقاب الجوفاء والأسماء اللامعة والشهرة المصطنعة ، فقد تندمين ولاتَ ساعة مندم ، وتصرخين فلا تجدين من يمد لك يد المساعدة .
مجلات الفن والتمثيل والمسرح . .
المجلات الهابطة الخليعة التي تستعرض فيها زينات النساء وتزين أغلفتها بصور العاهرات المائلات المميلات . .
ماذا تريد منك ؟ وماذا يريد منك أصحابها ومحرروها ؟ هل يريدون مصلحتك ؟ هل يريدون تعليمك الأخلاق القويمة والآداب الحسنة ؟ هل يريدون إرشادك إلى الحق ؟ هل يريدون صيانتك والمحافظة على دينك واستقامتك عليه ؟ هل يريدون أن يذكّروك بقول الحق - جل ذكره - ( ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) [الأحزاب : 33] ؟! كلا وربي .
منظر ذلك العملاق الضخم ذي العضلات المشدودة والسروال الذي قد يغطي سوءته أو شيئاً منها وبقية عورته مكشوفة لناظريك ، تمتلئ به عينك العفيفة الطاهرة الشريفة ، وهو يصارع مثيله في حلبة الشر وميدان الفجور على إقرار وإعجاب شديدين من آلاف المشاهدين .
ماذا تريدين أن يترك في نفسك من أثر - وإن كان حياؤك أمام الناس لَيمنعك من مشاهدة الشيخ العفيف الوقور المستتر السائر إلى بيت من بيوت الله ؟ ! .
صوت الأغنية الفاجرة في شريط الكاسيت ، وما يصاحب ذلك من سم زعاف وآهات كاذبة تريد أن تغزو قلبك العامر بذكر الله لتملأه قيحاً وصديداً ، هلاّ استبدلت بها ذكر الله وتلاوة القرآن الذي فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ؟ ! .
كلمات القصة الغرامية التي يكتبها القلم الفاسد الخبيث أو المستأجَر الماكر وتنشرها وتوزعها دور النشر الماسونية الكافرة أو أعوانها من الدور التجارية الجشعة المغفلة والتي تسوقك حبكتها الفنية الفاجرة وأدوارها الماكرة إلى سوق الفتنة والبغاء ؛ فتأسر فكرك وتشوه عقيدتك . .
هذه القصة وأمثالها ماذا تجنين من ورائها من خير ؟ ! .
ألا تسألين نفسك هذه الأسئلة وتحاسبينها اليوم قبل أن يأتي يوم ( لا يَنفَعُ نَفْساً إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْراً ) [الأنعام : 158] ؟ ، هلا تعودين إلى رشدك وتعزمين على الحياة في ظلال القرآن والسنة ، تنهلين من معينهما العذب ، وترشفين من رحيقهما الصافي وتكونين قرة عين لأهلك وقدوة خير لزميلاتك ؟ . .
هلا تسارعين إلى حديقة الإيمان وتتوجهين إلى محرابك لتؤدي فريضة الصلاة كلما نادى المنادي قائلاً : الله أكبر ؛ لتكون لك نوراً وبرهاناً يوم القيامة وليثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ؟ ! .
هلا تعزمين العزم الأكيد على مقاطعة الأفلام الفاجرة والشرائط المحرمة والمجلات المضللة وأماكن السوء والفجور وخليلات العشق والسفور ؛ لتكوني عوناً على قيادة أخواتك إلى بر الأمان ؟ ! .
هذا ما أرجو ، والله يوفقكن وإياي إلى ما فيه الخير والصلاح .
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/235)
وأهلها مصلحون
مريم أحمد الأحيدب
في أحد المجالس النسائيه. وبينما كان الجميع يتجاذب أطراف الحديث..
جالت أسماعنا هنا وهناك.. فإذا بنا نرى ونسمع العَجَب العُجَاب..
حيث لاحظنا تناقضاً عجيباً في ردّات فعل بعض الحاضرات... تجاه مايُقدّم لهن من نصائح وعظات.. وإليكِ بعضًاُ منها:
أحد الزوايا
سعاد: مالي أراك مرتديةً هذا الفستان؟!
رجاء: ما به؟!
سعاد: ألا ترين أنّ (موديله) قديم.. وأنّ الدهر قد أكل عليه وشرب..
صدّقيني من يراكِ ترتدينه يقول عنكِ مُتخلّفه.. وليس عندكِ (ذُوق)
ردّة الفعل المتوقعه!!!!!!!
رجاء: بصراحه أشكرك من كل قلبي.. على هذه النصيحه...
هل تصدقين؟! كنت سأرتديه لحضور حفل الخميس المقبل.. لكن
الحمد لله أنك أخبرتيني بذلك قبل أن أ لبسه...
زاويه أخرى
هند: لمَ يا هدى لَم تغيّري لون عدساتك.. فهي لم تناسب لون بشرتك إطلاقاً؟
بصراحه كنت متردده في إخبارك لكن وجدت واجبي كصديقه يُحتّم عليّ ذلك ... حتى لو كان في الأمر ما يضايقك..
ردّة الفعل المتوقعه!!!!!!
هدى: بل العكس هو الصحيح، لو لم تخبريني لعتبت عليك أشدّ العتب و إلا فما فائدة الصداقة إذاً؟
زاويه أخرى
حصه: تعلمين يامنى.. كم أُكِنّ لك من الحُب والإحترام..
كيف لا وأنت الصديقه الوفيه وابنت العم الغاليه...
منى: حتى أنا ـ يعلم الله ـ أني أبادلك هذا الشعور بمثله ...
حصه: و لكن هذا كله لا يمنعني من إخبارك بأمرٍ جال في صدري ... ولولا فرط حبي لك خوفي عليك لما أخبرتك به..
منى: تفضّلي.. فكلّي آذانٌ صاغيه.
حصه: من المؤكّد ياأخيّه أنّك سمعت حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: [لعن الله النامصه والمتنمصه ... ]
منى: نعم.. لقد تناولناه بالدراسه في المرحله المتوسطه.
حصه: إذاً.. فأنت تعرفين النمص! وتعرفين حكمه!..
أتعرفين أن من تقع فيه تعرّض نفسها للطرد والإبعاد عن رحمة الله؟...
أخيتي... إرفعي يديك عن حاجبيك.. فلا أظنك مستغنيه عن رحمة ربك... ولا أظن جسدك يقوى على النار..
منى ــ محاولةً إنهاء الحوار ــ: حسناً.. حسناً ... ... ثمّ انصرفت.
ردّة الفعل المتوقعه!!
أحد الزوايا
منى: أرأيت يا سعاد.. ماذا فعلت حصه؟؟
سعاد: ماذا فعلت؟؟
منى: أخذت تمطرني بوابلٍ من النصائح.. كل هذا لأنني أخذت جزءاً من شعر حاجباي.. ولا أدري أهي حاجباي أم حاجباها؟
سعاد: غير معقول.. تصرّفٌ غير لائق..
لا أدري.. لماذا بعض الناس لا يفهمون أن هذه مسائل شخصيه.. وينبغي عدم التدخل بها! (إنتهى)
لابد أن العجب والدهشة قد أخذت منكم كل مأخذ!!!!..
لكن وللأسف الشديد.. هذه وقائع متكرره في مجالسنا..
تصرفات متناقضه.. ردود فعل متضاده.. إن دلت على شيء فإنما تدل على ضعف الإيمان، و نقص التقوى.. حتى أصبح المنكر معروفاً.. والمعروف منكراً... ونسوا أن الإصلاح من أهم مستلزمات الصلاح.. وأنه من أسباب دفع العقوبات.. قال - تعالى -:
(وماكان ربك ليهلك القرى بظلمٍ وأهلها مصلحون) ـ هود: 117
ثم إن ترك التناهي عن المنكر من أسباب الوقوع في اللعن ـ والعياذ بالله ـ حيث ذكر الله ذلك في معرض ذمه لبني اسرائيل.. قال - تعالى -:
(لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود و عيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لايتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يصنعون) ـ المائده: 78، 79
فالمجتمع الذي لاتُرفع فيه راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مجتمع يُخشى عليه من الهلاك..
و ياليتنا نحرص على التناصح في أمور ديننا الذي هو عصمة أمرنا.. كحرصنا على التناصح في أمور دنيانا ...
فيا معشر النساء ... أفيقوا من سُباتكن..واتقين الله فيمااستخلفكن عليه ... فكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيّته..
ـــــــــــــــــــ(82/236)
نصائح ( للفتيات ) اللواتي هاتفن أو لم يهاتفن الشباب
( للفتيات فقط ) ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فقد يستهوي الشيطان فتاة.. فتعبث بالهاتف.. فيتصيدها ذئب بشري.. ويسجل مهاتفاتها.. ثم بعد مدة يطلب رؤيتها.. فإذا رفضت هددها بما سجله عليها.. وحينئذ يسقط في يدها.. فإما أن تلبي طلبه.. وتقع في مستنقع الرذيلة.. وترتكب الفاحشة.. وإما أن لا تستجيب له.. فيقوم بفضحها بين أهلها وذويها وغيرهم.. فماذا تفعل.. وماذا تصنع.. ؟
الذي أراه.. أن تقوم من ابتليت بهذه المعصية.. بالتوبة إلى الله .. ورفض طلب من هددها .. وأن تخبر أمها .. ومن يتفهم أمرها من أقربائها .. ثم تقوم بتبليغ من يقوم بتأديب ذاك الذئب البشري وإيقافه عند حده .. وأن لا ترتكب حماقة الخروج معه مهما صور لها الشيطان أن ذلك أستر من الفضيحة .. وذلك لأن الذئاب البشرية من هذا الصنف تهوى تكبيل فرائسها بالتسجيل ثم بالتصوير .. !
فلتحذر الفتاة من خطوات الشيطان.. ولتدع السقوط في الخطوة الأولى وهي العبث في الهاتف.. فإن سقطت فلتتب إلى الله.. ولتعد إلى عقلها.. ولتنهي الأمر.. ولتخبر من ينقذها من هذه الورطة.. ممن يهمه أمرها من أقربائها..
وأقول لكل مسلمة ما يلي:
1 - عليكِ بمراقبة الله تعالى.. الذي لا تخفى عليه خافية..
وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستحيِّ من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني
2 - الحرص على القريب الناصح المشفق الذي يذكر بالله تعالى.. (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)..
3 - غض البصر عمّا حرم الله.. قال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.. } وفي الحديث: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس)..
4 - عدم إعطاء صور خاصة.. للصديقات.. أو نشر رقم هاتف المنزل أو الجوال.. من باب الحذر والاحتياط..
5 - عدم الرد على المكالمات المجهولة المصدر.. وإن حصل رد فليكن مختصراً.. وإن كان المتصل متلاعب فليقفل الخط في وجهه مباشرة..
6- عدم الحديث مع الرجال قدر الإمكان.. وترك الإخوة يطلبون ما تريد عبر الهاتف كالمستشفيات ونحوها..
7- عدم التساهل في العبث بالهاتف.. وإضاعة الوقت في المكالمات العابثة.. التي تورث الحسرة والندامة..
8 - إن حدث وردت الفتاة.. فليكن الرد دون مزاح أو خضوع بالقول.. أو ما يشعر بالدلال والدلع.. أو يطمع الذئاب فيها..
9- على الفتاة أن تضع تقوى الله تعالى نصب عينيها.. وأن تعلم أنها ضعيفة.. وأنها صيد مرغوب مطلوب لضعاف النفوس.. بل وربما زينها الشيطان لبعض من كان من أهل الصلاح.. والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء).. فلتحذر الفتاة من الانزلاق والسقوط..
10 - على الفتاة أن تنتبه جيداً إلى أن الشيطان قد يأتي من باب من أبواب الخير ليصيب هدفه.. فلتنتبه لذلك.. ولتقطع الطريق إذا تبين لها بداية الزلل والخلل.. ولتدرك أن هناك خطوات تتلوها خطوات يستخدمها إبليس لإسقاط بني البشر الذين ليسوا من طلاب الانحراف.. والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر... } وكل معصية تعتبر خطوة من خطوات الشيطان.. وكل معصية تقول: أختي أختي.. أي تطلب معصية أخرى..
11- على الفتاة ألا تغتر بمن يهاتف ويدعي الحب.. ويعد بالزواج.. فإنما هم ذئاب تحاول الدخول مع الفتيات وإقامة العلاقات.. فلتحذر الفتاة أشد الحذر.. ولتحتط لنفسها.. فإن ذئاب البشر لا ترحم.. بل تمزق وتأكل وتعبث.. كفى الله المسلمين والمسلمات كل شر وشرير.. وكل بلاء وفتنة..
.. أسأل الله تعالى أن يصرف عنا وعن المسلمين والمسلمات السوء والفحشاء.. وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين..
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى..
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/237)
وعي المرأة بدورها الاجتماعي وأثره في معالجة مشكلة الفقر(1/3)
د. فريدة صادق زوزو
تهدف هذه الورقة إلى تناول أهمية وعي المرأة بدورها الاجتماعي في تفعيل مشاركتها الاجتماعية، وتخصص الورقة الحديث عن أهمية هذا الوعي الاجتماعي للمرأة في المساهمة في حل إحدى أهم المشكلات التي تواجه الأسر والمجتمعات في العالم الإسلامي؛ وهي مشكلة الفقر.
ومن أجل تحقيق أهداف هذا الموضوع، فإن الورقة تناقش ثلاث مسائل مهمة: أولها مسألة وعي المرأة بدورها الاجتماعي وكيفية تفعيله من خلال مناقشة الإطار النظري للمشاركة الاجتماعية للمرأة في الإسلام. والثاني تخصيص الكلام للحديث عن الدور الاجتماعي للمرأة في دائرة التدبير الاقتصادي للأسرة. وثالثها أهمية الاقتصاد المنزلي الجماعي في الدفع بالاقتصاد المجتمعي إلى الحركية والتكامل.
وخلصت الورقة إلى مجموعة من التوصيات تتعلق بتشكيل الوعي الاجتماعي للمرأة، وكيفية تفعيله في حل مشكلة الفقر في العالم الإسلامي.
مقدمة:
ليس غريباً أن يوجد فقراء في مجتمع ما، ولكن الأغرب ألا يجدوا ما يقتاتون به في ظل وجود الأغنياء وأهل البذخ والترف، خاصة في المجتمعات الإسلامية التي يوجب فيها الإسلام إخراج الزكاة إلى مستحقيها، ومستحقها الثاني ترتيبا- كما هو معلوم- الفقير، ناهيك أن تكون الأسرة الفقيرة لا عائل لها، لفقدها الزوج بسبب ترمل أو طلاق أو هجرة، فتكون الأسرة أحادية، وتصبح الأم هي المعيل الأساسي لها، أو لكون معيلها شيخا كبيراً عاجزاً عن العمل، أو أن المعيل مصاب بمرض عضال وغشيته الديون بسبب مصاريف العلاج الباهظة، وكذلك حال الأسرة الفقيرة عند وجود المعيل إلا أنه عاجز عن توفير الحاجيات الأساسية التي تبدأ بالطعام ثم العلاج ثم الدراسة لفقدان الدخل الشهري القار والثابت.
ويهمني هنا تسليط الضوء على دور المرأة المسلمة في مساهمتها الفعالة والجدية في التقليل أو اجتثاث الفقر في أسرتها الفقيرة، وإلا فإن الركود المالي سيؤثر على فعالية المرأة المسلمة لتتحول إلى دائرة الركود الاجتماعي القاتل.
فالمرأة إذا ما قُدِّر لها أن توجد في أسرة فقيرة، أو لحق أسرتها مصاب فدخلت في عداد الأسر الفقيرة، فإن المطلوب منها أن تعي الظرف الذي تعيشه وأسرتها وأولادها، فدورها كبير جدا في التقليل من حدة الإحساس القاتل بالفقر، في نفسها ونفس زوجها، والأهم من ذلك كله أولادها الأبرياء الذين لا يعون معنى الفقر، ومعنى أن يكون الفقير والغني في حي واحد، ومجتمع واحد، والأصعب فهماً أن يوجد الفقراء بين أفراد أسرة واحدة؛ بين إخوة أو أعمام، أو أخوال وخالات، فإن للأم هنا دورا مهما في توضيح هذه الصورة وتبسيطها للفهم، حتى لا يكبر الأولاد ناقمين على المجتمع، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {تعوذوا بالله من الفقر، والقلة، والذلة، وأن تظلِم أو تُظلم} رواه ابن ماجة، باب الدعاء.
ثم يأتي الدور الثاني؛ وهو عملها الجاد على محاربة الفقر ومجاهدته، فإذا كانت في أسرة لها دخل قار ولكنه قليل، فدورها هنا يكمن في التدبير المنزلي والترشيد الاقتصادي، بغرض التعامل الذكي بين الدخل القليل والمتطلبات الكثيرة.
وأما إذا كانت في أسرة لا عائل لها إلا هي، فإنها مطالبة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها أن تخرج للعمل أو تعمل في بيتها، بما يمكن أن يأتيها منه بمصروف يومي أو شهري، كما هو معمول به في بعض الأسر في العالم، وسنأخذ لذلك بعض النماذج للعمل الصناعي البيتي، كما هو الحال في اليابان والصين وبعض الدول العربية مثل السعودية والأردن ومصر خصوصا.
ووضعية المرأة الفقيرة أعقد وأكثر حرجا من فقر الرجل الذي يعيل أسرة، وتثبت دراسات كثيرة أن أعلى نسبة للفقر هي الواقعة على فئة النساء، فإذا كان عدد فقراء العالم أجمع هو 1 بليون نسمة يناضلون من أجل البقاء على قيد الحياة بأقل من 1 دولار يوميًا؛ فإن ثلثي هذا العدد هم نساء - كما جاء في التقرير السنوي للبنك الدولي لعام 2000م- على لسان السيد "مارك مالوش براون" متصرف برنامج الأمم المتحدة.
المشاركة الاجتماعية للمرأة في الإسلام:
كرم الإسلام المرأة تكريما لا نظير له في الشرائع والديانات الأخرى؛ إذ أعطيت المرأة حقوقا لا تحصى ولا تعد، ولم ينته الأمر عند استرجاع كرامتها بل تعداه إلى إشراكها في مسؤوليات متعددة مثل الرجل تماما من أجل تحقيق عبادة الله تبارك وتعالى.
وهذه نصوص القرآن والسنة تؤكد التكامل الفطري بينهما يقول تعالى: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} (آل عمران، 195)، وقوله عز وجل: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة،71)، من حيث إنهما يشتركان ويتكاملان في القيام بالمسؤوليات والواجبات التي فرضها الله عليهما في هذه الدنيا.
والتكامل والاشتراك في أداء الواجبات التي فرضها الشرع عليهما لم يجعل الشرع يهمل الفصل بين الاثنين فيما يتعلق بوظائفهما الفطرية والكونية، باعتبار ما ركب الله تعالى في كل منهما من فطرة تتضمن إمكانات واستعدادات بدنية وعقلية ونفسية تميز أحدهما على الآخر.
ولهذا كان في شرع الله أحكام مشتركة بينهما تتعلق بالواجبات التي يؤديانها ويشتركان فيها، كما أن في الشرع أحكاما خاصة بكل واحد منهما مما ينسجم مع فطرته ويحافظ عليها.
وليس هناك فرق بين المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والعلمية والفكرية وغيرها إلا استثناءات حددها الشرع بدقة.
وهنا أركز على الدور الاجتماعي والمهني لمشاركة المرأة المسلمة، ولنا في هذا الموضوع أسوة حسنة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما كانت الصحابيات وقبلهن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن يشاركن في الحياة العامة للمجتمع، بالخروج للتعلم والتعليم، ولا يخفى على أحد سؤالهن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهن يوما خاصا بهن وحدهن فقط، ثم خروجهن للعمل في الزراعة والحرث والرعي والتجارة، ناهيك عن الخروج في قوافل المجاهدين، سواء كمجاهدات أو ممرضات، أو مسعفات للمرضى والجرحى، وغيرها من الأعمال التي امتهنتها الصحابيات رضوان الله عليهن، التي برهنت بها الصحابيات أنه بإمكان المرأة المسلمة أن تكون عضوا فاعلا في الحياة الاجتماعية للأمة المسلمة إذا أرادت هي ذلك، "وذلك استجابة لحاجات الحياة الجادة النشطة"، وتوفر لها الجو الإسلامي بضوابطه المشروعة التي لا تخدش الحياء، ولا تدعو للاختلاط، وقبل ذلك اختيار الوظيفة المناسبة لها، "وما يليق بها من الأعمال، التي لا تتعارض مع واجبها في البيت، فيمكن أن تعمل بأجر لبعض المؤسسات، وهي في البيت، أو في خدمة مجتمعها وبنات جنسها، والإسهام في مقاومة الفقر والجهل والمرض والرذيلة".
لدور الحيوي للمرأة داخل أسرتها لمجابهة الفقر:
لا يمكن بحال من الأحوال تغييب دور المرأة الحيوي في هذه الحياة، ألا وهو تربية أولادها، فهي كامرأة مسلمة يجب أن تعي وظيفتها الوجودية التي وجدت لأجلها في الحياة الدنيا وهي الاستخلاف، والمطلوب منها لتحقيق الاستخلاف أن تنجب لنا خلائف آخرين، جيل المستقبل، وهم أبناؤها.
فالمرأة أو بالأحرى الأم وهي تؤدي دورها الحيوي في الحياة "الأمومة" عليها أن تستغل هذه الأمومة، ومشاعر الأمومة، وتوظفها في إعداد جيل المستقبل، لتحقيق الاستخلاف في الأرض، بالرعاية الطبيعية الحياتية (المأكل والملبس والنظافة)، ثم بالتربية والتنشئة الاجتماعية والدينية، فتكون الأم هي القيّم على نشر مبادئ وقيم وتعاليم الإسلام بين أولادها، "والأم المسلمة يجب أن تحرص على تقوية دعائم أسرتها، وتربية أبنائها على الفهم الصحيح للأمور، والعزيمة الصادقة؛ لتغيير واقع الأمة المسلمة إلى الأفضل"، فمن خلال التدريب اليومي على الأخلاق الإسلامية، والتنشئة الموجَّهة المستمرة، لا يعترض الأسرة أي عارض، لا الفقر ولا الحاجة.
إن الأم وهي تقوم بأشغالها اليومية ستمثل نموذجا حيا لطفلها، نموذج المسلم العامل، المسلم الفاعل، الذي يجابه صعوبات الحياة من أجل عبادة الله عز وجل، فالكل يؤدي دوره بصبر وصدق وقوة عزيمة على التغيير؛ سواء تغيير جو البيت من بيت وسخ غير مرتب إلى بيت نظيف مرتب تعبق منه رائحة النظام والهدوء والصحة أو تغيير أنماط السلوك أو التصورات والأفكار.
فليس المال وحده هو الذي يجلب السعادة، فكم من غني شقي، وغني تعيس في الدنيا، لأنه بدون أولاد، أو لأنه لا يعرف كيف يسيِّر حياته على الصورة المثلى.
فالبيت النظيف البسيط الهادئ أفضل من البيت الذي تملأه الصور الحائطية والزرابي والأرائك وغيرها. وإن قناعة الطفل بتوفر الضروري والضروري لا غير يجعله هانئا غير حانق على ما في يد غيره، إذا لم يكن متوفرا لديه.
إن الطفل الذي يولد وهو صفحة بيضاء، للأم الدور المهم والأساسي في ملئها، والكتابة عليها ما تريده من طفلها، وهي في ذلك تنطلق من وعيها لدورها كإنسان مسلم مستخلف في هذه الأرض؛ على أطفالها، وعلى بيتها، وعلى مجتمعها، وعلى أمور دينها.
إن كل ما تخطه الأم في ذهن ابنها ليدل عليها أصالة، لأنه يدل على مدى وعيها، ومدى علمها، ومدى ثقافتها، ومدى استيعابها لدورها الاستخلافي.
فالطفل الذي يولد في أسرة فقيرة، أمه هي المسؤولة عن غرس مبادئ القناعة والبركة في نفسه، وغرس الخلال الحميدة، التي يعتبرها الصبي كنزا لا يفنى، حينما يفنى المال في لحظات معدودة، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: {ليس الغنى كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس}. رواه البخاري ومسلم.
وإن الأم الواعية هي التي لا تنتظر حتى تُواجه البدايات المضلة والمنحرفة لأولادها على مشارف سن المراهقة، أين يكون الطفل، والذي أصبح الآن شابا، قد خرج عن طوعها، وأصبحت توعيته وإرجاعه إلى جادة الصواب ليس أمرا سهلا، فإن المعالم التربوية، وفضائل الأعمال التي تصقلها في أبنائها وهم رضع أوثق وأعمق، فالشاب الذي نشأ في أسرة فقيرة، تكبر أحلامه وهو يرى أقرانه في سيارات فارهة، يغيرون ساعة اليد كل حين، ويبددون الأموال على الفراغ والتفاهات، لذا كثيرا ما يلجأ أبناء الأسر الفقيرة للمخدرات هربا من الحياة الدنيا إلى أحلام اليقظة.
إن الأبناء أمانة عند آبائهم، فكيف نحافظ على هذه الأمانة لتحقق الاستخلاف في الأرض؟
فهل ندع هؤلاء الأبناء، وفي هذا العصر بالذات (عصر العولمة) أين الانفتاح على العالم بأسره، على ثقافاته، وتقاليده، وعاداته، الحسن منها والقبيح، الانفتاح على وسائل الترفيه والتسلية، في يسر الحصول عليها، وعلى مواقعها، في سهولة تلبية رغبات وشهوات النفس بما لذ وطاب، من دون خوف أو حرج إلا الخوف من الله تبارك وتعالى، إذا وجد الأبناء هذا الخوف، وهذه الخشية، منقوشة ومصقولة في قلوبهم قبل عقولهم التي تميز النافع من الضار.
والتحكم في الأبناء وهم صغار أيسر بكثير من التحكم فيهم وهم شباب، وتعليمهم وتربيتهم وهم صغار أيسر من تعليمهم وهم كبار، وصدق من قال: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
ومن جهة أخرى، فعندما تضطلع المرأة بهذا الدور القيمي على بيتها، فإنها بذلك تحقق ذاتها، وإنها بذلك تتخلص من عبوديتها للنماذج المشوهة المستوردة عن المرأة والأم، وبذلك أيضاً تستطيع أن تسد الثغرة التي ينبغي أن ترابط عليها، فلا يؤتى الإسلام من قبلها.
إن وعي المرأة بذاتها وبدورها كقيِّم على الأسرة وحارس للقيم والمبادئ، يعني في ميزان القيم أنها تعي تماما دورها وحقيقتها، وأنها حقيقة تعرف وجودها ووظيفتها، وأنها مستخلفة الله في الأرض، عابدة لله وحده دون سواه، وبالتالي تتميز عمن يخالف سلوكها وأخلاقها واعتقادها، وتحاول التأثير فيه لا التأثر به.
إن المرأة المسلمة المثقفة الواعية بدورها الرسالي كقيِّم على البيت، تدرك تماما أن ثغر البيت لا يمكن أن يسده الرجل، بل إنها هي المسؤولة الأولى عنه؛ أين ستقوم برعاية أبنائها وزوجها، وبالتالي تساهم في بناء مجتمعها والحفاظ على استقراره وأمنه، فهي بالتزامها بنداء الفطرة تكون قد أمنَّت المرابطة على ثغر من الثغور الحساسة، ألا وهو القيام بشؤون البيت وتربية الأبناء، التربية التي تؤمِّن جانبهم من تأثير الأفكار الفاسدة التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة.
ولا يعني ذلك أن مسؤولية المرأة المسلمة تنتهي عند قيامها على بيتها، بل لها دور اجتماعي مهم، غير أنه لا يلغي دورها الأساس والجوهري في التنشئة الأسرية.
الدور المهني للمرأة في الترشيد الاقتصادي:
لا يقتصر دور المرأة على بيتها كأم فقط كما قلنا، وإن كان هو الدور الحيوي لها؛ إنما دورها يتسع ويزداد كل حين وفي مجالات أخرى؛ لأن الأسر الفقيرة عمادها في تدبير الزوجة والأم، فهي: أولاً: المتصرفة في المال القليل الذي تتحصل عليه، وهذه العملية هي ما يسمى بـ"الترشيد والتدبير الاقتصادي"، وهي ثانياً: التي تخرج للبحث عن العمل الذي سيساعدها "على تحقيق أمرين: أولهما: توفير الحياة الكريمة لها ولأسرتها عند فقد العائل أو عجزه أو فقره. وثانيهما: توفير مزيد من الفضل والمكانة الرفيعة لها إذا تصدقت من كسبها وبذلت في سبيل الله".
وهذه العملية تقوم على مجموعة من الأسس المتينة هي:
القناعة:
قال العرب قديما "القناعة كنز لا يفنى"، وهو مبدأ غاية في الأهمية، ساقه الناس عبر السنين، عندما رأوا أن الشخص كلما ازداد شأنه وارتفع قدره لا ينظر خلفه أبدا، وما يلبث يريد المزيد المزيد، ولعلاج هذا المرض النفسي، وجد الناس أن الحل الأمثل هو القناعة بما تيسر ودام، خير من التمسك بما لا يدوم، أو بما لا طائل من ورائه.
وقد صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: {لو كان لابن آدم وأديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب} رواه البخاري ومسلم.
وليس معنى هذا أن الإنسان يستسلم ويرضخ للحالة التي وجد عليها، وإنما القناعة تعني رضا الإنسان بنفسه وبقدراته وإمكاناته، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: {قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه} رواه مسلم.
فالمطلوب من الفقير ألا يبقى مكتوف اليدين، قائلا إنه راضٍ بقضاء الله وقدره في فقره، وإنما عليه أن يعمل جاهدا للخروج من بوتقة الفقر المدقع إلى حد الكفاية، وهذا مطلب إلهي قبل أن يكون مطلب الشخص الفقير نفسه، مع الوضع في الحسبان أن الأرزاق بيد الله، وهو ما تبين في الحديث السابق، إذ فسر العلماء الكفاف بالذي لا يزيد على قدر الحاجة .
وبين القناعة والسياسة الرشيدة للاستهلاك علاقة وثيقة، تتمثل في عدم الاغترار بما تبثه الشركات الإعلانية، ودور التجارة ومراكزها، من صور إشهارية، لما يحتاجه، ولا يحتاجه المستهلك.
فالقناعة تتمثل في طلب الضروري والاستغناء عن الكماليات، بالتحديد الواضح لضروريات الحياة الأسرية لتوفيرها قدر الإمكان، مع الموازنة بين الضروريات نفسها.
البركة:
وتمثل الركن الثاني في المبادئ الإسلامية التي يعتقدها الإنسان المسلم، ويعمل بها واقعا؛ "لأنها غيب يرسله الله بعلمه، فيعطي به عباده المستحقين صك أمان ضد الفقر".
فالمُسَّلم به عند المسلم، أن ليس كل ما يتمناه المرء يطلبه، وإنما يسير وفق نظرية "الاقتصاد" التي جاءت في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله}... (سورة فاطر: 32).
وقوله تعالى: {وأقصد في مشيك}... (سورة لقمان: 19).
وبين القناعة والبركة ارتباط وثيق في أن يقنع المسلم بما عنده ويسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك له فيه، فإن طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وهذه قاعدة جليلة عظيمة، جاء بها قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية} رواه مسلم.
فالمسلم لا يجنح نحو إشباع رغباته كماً وكيفاً، إنما يقتصد بقدر الحياة الرغيدة، التي تأخذ بيده نحو الحياة الأزلية، في جنة الخلد إن شاء الله تعالى، قال تعالى: {وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}.... (القصص:77).
وجاء في تفسير الآية: قول الإمام مالك: "في رأيي معنى "ولا تنس نصيبك من الدنيا" تعيش وتأكل وتشرب غير مضيق عليك".
فقه الاستهلاك وترشيده:
إن المتحكم اليوم في طريقة استهلاكنا هو التلفزيون بإعلاناته المغرية التي تظهر بين الحين والآخر، فإذا ما كانت المرأة تشاهد برنامجها المفضل فإنه ينقطع للحظات بإغراءات الإعلان التلفزيوني على الأشياء الخاصة بها، والأمر نفسه مع الطفل، فإن فيلم الكرتون سينقطع لتدخل عليه إعلانات تهمه كطفل، لتأخذ بلبابه، فيسارع للأم طالباً شراء هذا وذاك.
وهو ما يحدث عند الخروج للتسوق، إذ تسارع المرأة إلى شراء أمور غير واردة في ورقتها التي كتبتها بغرض التسوق، ويصرخ الطفل ملء فيه طالباً هذا لأنه رآه في التلفزيون أو لأن جارهم أو صديقه في المدرسة اشتراه.
فالإعلام وفنون الإعلان الذي يصور مقتنيات السوق على أنها هي لذة الحياة التي تتيح للإنسان التمتع بالحياة بأرقى وسائل العيش والترفيه، يجعل الإنسان يصاب بظاهرة "حمى الاستهلاك" أو "النهم الاستهلاكي" خاصة في غياب البعد الأخلاقي الذي يميز بين أولويات الاحتياج، وسفاسف الأمور التي تأتي على الأخضر واليابس من الدخل الشهري.
وليس الحل هنا أن نتقشف - وإن كان ذلك مطلوباً أحياناً- ولكن علينا اتباع سياسة "ترشيد الاستهلاك"، فالمسلم لا يعيش حياته الدنيا بغرض الترفيه عن نفسه بكل الوسائل المتاحة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أكثر الأسر المسلمة في البلاد النامية والفقيرة؛ وإنما المستهلك الرشيد أو الحكيم هو الذي ينفق بحسب احتياجاته الضرورية، تاركاً حيزاً لطارئ المرض وغيره.
فقه الإنفاق:
تتحقق سياسة ترشيد الاستهلاك في معرفة الإنسان لفقه الإنفاق وآلياته، فليس كل سلعة يجب أن تُشترى، وليس كل مال يجب أن ينفق، وليس المال الكثير هو أمارة الغنى، ولا قلته هي أمارة الفقر، "فالاعتدال في إنفاق المال من السجايا النبيلة التي أمر بها الإسلام".
وأول آلية للإنفاق هي معرفة أوجهه ومداركه؛ فالإنفاق في الخير والحلال والطيبات أول أبوابه، بدون إسراف في شراء الكماليات، أو التوسع بغرض التباهي، فكم من بيت فقير يخرج من بابه ما إن تراه لتحسبه أخطأ طريقه لذاك الباب، لأن مظهره يوحي بالبذخ، وهذه من سلوكيات كثير من أبناء الفقراء الذين يحسون بعقدة النقص تجاه زملائهم في المدرسة أو العمل.
أو تراهم يتعاطون الدخان، وهو إسراف بحد عينه، وعند سؤالهم عن ذاك يقولون إنه بغرض نسيان وتناسي الهم والفقر الذي هم فيه!
ويمكننا تقسيم هذه الأوجه إلى ثلاث مراتب، هي مراتب المصالح؛ ضروريات، وحاجيات، وتحسينيات.
فمن أوجه الإنفاق الضروري: الإنفاق على إقامة شعائر الدين، والفرائض الإسلامية.
ومثلها في مجال حفظ النفس: بالحفاظ عليها بالمأكل والمشرب النقي الصافي والمسكن والذهاب للطبيب والعلاج، والمواصلات.
ومنها كذلك إرسال الأولاد للمدارس للتعلم فهذا مطلب ضروري في الحياة، وإنا لنجد كثيرا من الأسر الفقيرة تستغني عن ذلك لترسل أبناءها للرعي والزراعة أو التسول ومدّ اليد على الطرقات!! ففي تصورها أن التعليم من الأمور التحسينية، وهو اعتقاد لابد من تغييره في ظل مجانية التعليم خاصة المراحل الأولى منه.
وأما مثال الحاجيات فالملبس الوثير، والمسكن المريح، والأكل الغالي، ووسيلة النقل الفارهة، وتعليم الأولاد في المدارس الخاصة، والذهاب إلى أشهر الأطباء، وغيرها كثير، وهو مما يمكن أن يستغني عنه الناس في حياتهم المقتصدة الهنيئة.
ومن التحسينيات أن يتمتع الإنسان بطيبات ونعم الله إذا قدر على اقتنائها بعد أن يكتفي أولاده وأسرته بالملبس والمأكل والمسكن، فهل يعقل أن يقتني المحتاج سيارة وأولاده لا يجدون ما يسد رمقهم، والمصيبة أن ينفق بعض الأشخاص الأموال في الدخان والمسكرات في الوقت الذي يتضور أولادهم جوعاً وعرياً!!!
دور المرأة الحيوي في بناء الاقتصاد المنزلي لمجابهة الفقر وتفعيل الذات:
المرأة، وهي تؤدي دورها الاجتماعي بعيداً عن البذخ والتكلف، ستحس أنها عنصر فاعل، حقيقة وواقعاً، فهي لم تؤد هذا الدور مثلاً قصراً أو إلزاماً أو للضرورة، وبذلك ستقدم نموذجاً حياً لتفعيل دور المسلمة.
ثم إن ما ينتظره المجتمع من المرأة هو ألا تتخلى عن دورها في المشاركة الفعالة والإيجابية مع أخيها الرجل في أدوار الحياة المختلفة داخل المجتمع، وذلك من دون إلغاء للفروق الخَلْقية والوظائف الفطرية المنوطة بكل منهما، ولا يفهم من هذا الكلام أنه دعوة لإلغاء أنوثة المرأة بمعنى ترجيلها، ولا ترهيل الرجل أو تأنيثه على مذهب دعاة التحرر والتعري والتبدل.
وعلى المرأة من جهة أخرى أن تتخذ خطوات إيجابية شجاعة، من أجل مجابهة الفقر الذي يضرب بها وبأسرتها، فإن عملها بجد واجتهاد في سبيل التخفيف من حدته أو حتى الوصول إلى اجتثاثه أمر مطلوب من الرجل والمرأة، وعلى المرأة المساهمة بذلك بقدراتها وجهودها الميسرة لها، وهو ما يمكن تسميته بمبدأ "المبادرة".
فإن كثيراً من المجتمعات تشهد للمرأة بالعمل الحثيث والصبور والمتكامل، لما لها من صفات الصبر والتفاني في العمل، حباً فيه وفي أسرتها ابتداء، فهي تعمل لأجل إعالة أفراد أسرتها، الأمر الذي يخول لها القيام بدورها الكامل في المجتمع، وبحسب متطلبات العصر، لأنها أساس أي بناء للمجتمع، ذلك أن نجاح المرأة في هذا يفعِّل دورها في المساهمة في ازدهار المجتمع والأمة، أما إن بقيت سلبية اجتماعياً فإنها ستكرس التخلف والفرقة.
وقد أظهرت الدراسات أن الفقراء لديهم القدرة على الارتقاء بمستواهم المعيشي، ولكن لعدم تمكنهم من الحصول على الموارد المالية اللازمة للاستثمار؛ فإنهم لا يستطيعون إيجاد فرص للعمل؛ "ومن ثم كان الحل الإسلامي لمشكلة الفقر هو ضمان حد الكفاية لكل فرد، يوفره لنفسه بعمله وجهده، فإن لم يستطع ذلك لسبب خارج عن إرادته كمرض أو عجز أو بطالة... الخ، تكفلت له بذلك الدولة من مال الزكاة".(82/238)
وهذا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: {والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه} رواه البخاري، في كتاب الزكاة. فيدلنا الحديث النبوي على أهمية البحث عن عمل أي عمل أفضل من مدّ اليد للتسول وسؤال الناس الصدقة.
وهنا تظهر أهمية "المشروعات الصغيرة" التي يحاول أصحابها من خلالها اقتلاع جذور الفقر بصورة مستديمة متواصلة، لا لسد الحاجات الآنية بتوفير الغذاء اليومي فقط، وهو مطلب مهم يستحقون التشجيع عليه، خصوصاً من أصحاب القرار في بلادهم، والأمر يصبح أعظم، إذا كانت صاحبة المشروع امرأة تعيل أسرة بكاملها.
فالمطلوب من الحكومات "تبَنِّي برامج تدريب تتوافق واحتياجات سوق العمل لتدريب النساء على مجالات عمل جديدة ونافعة".
ومنه اشتهرت الكثير من المعامل وورشات العمل الصغيرة وكما يسمى بعضها بـ "المشروعات الصغيرة"، والتي تبدأ عادة من فكرة بسيطة لأي فن أو عمل تتقنه المرأة والأسرة عموما لينتهي بتوزيعه وبيعه، والتي تعد أكثرها بيتية، وهي إما تتعامل بصفة مباشرة مع المصانع أو تتعامل مع المدارس والفنادق، أو أي مسوق آخر بديل، حسب المنتوج الذي تعده المدرسة في بيتها. سواء كانت الخياطة والحياكة، أو طبخ أطباق الأكل والحلويات، أو أي فن من فنون الصناعة اليدوية. ومنه تكون المرأة عاملاً فعالاً يدر مدخولا للأسرة المحتاجة.
وفي إطلالة على أنواع بعض ورشات العمل البيتية، أو كما يسميها أهل الاقتصاد "المشروعات الصغيرة"، يظهر بعض منها فيما يلي:
الخياطة:
الحقيقة أن مهنة الخياطة والتفنن فيها عمل فنّي راقٍ لا يتقنه إلا حاذق ماهر؛ والنساء اللواتي لهن هذه الهواية حباهن الله بنعمة يحسدن عليها، لأنها تدر دخلا وفيرا، إذا ما امتهنت المرأة فن الخياطة، ومثله فن التطريز؛ لأن اللباس أمر ضروري في حياة الإنسان؛ فالخيَّاطة امرأة تقدم الخير للناس في إبداع الملابس البهية، سواء للاستعمال اليومي أو للمناسبات أو للأزياء الرسمية للمصانع والمدارس ورياض الأطفال وبعض المحلات التجارية، حيث أن المرأة تتعاقد مع أي جهة من هذه الجهات لتخيط لهم زيهم المطلوب أثناء أداء العمل أو الدراسة، وعادة ما يكون هذا التعاقد لمرتين في السنة، وهو مما يجلب دخلا للأسرة، دخلا قاًّرا لموسمين متفرقين، ناهيك عن الخياطة للأفراد.
الطبخ:
وهو الأمر نفسه مع سابقه أو أفضل منه، حيث يعد الطبخ فنّا تتقنه أغلب النساء، وهو مما يحتاج إليه الإنسان يوميا؛ فالمرأة تستطيع مساعدة أهلها وذويها في زيادة الدخل اليومي للأسرة من خلال تعاقدها مع مطاعم عامة أو داخل المؤسسات التعليمية، إضافة إلى الفنادق ومحلات الحلويات، وفي المجتمع الماليزي مثلا لا تحتاج المرأة إلا إلى أن تشتري بعض الأغراض البسيطة غير المكلفة لتفتح أمام بيتها كشكا صغيرا تبيع فيه الأكل في كل وقت بدء من بعد صلاة الصبح إلى منتصف الليل، فتوفر على نفسها مشقة البحث عن مسوق، ومشقة الابتعاد عن البيت وأسرتها، مما يكفل لها عملا غير مرهق.
الأعمال اليدوية (الفخارية، والنسيجية):
تعتبر الأعمال اليدوية التي تمارسها النساء عادة، خصوصاً في القرى والأرياف من الأعمال المميزة التي تتميز بالجودة والإتقان، وإن كانت تأخذ وقتا في إعدادها، ولكنها في الوقت نفسه تكون قابلة للتسويق والتوزيع بشكل كبير في الأماكن السياحية، وحتى على قارعة الطرقات أين يتوقف الباعة يستوقفون سيارات السياح ومرتادي الأماكن السياحية.
زراعة بعض المنتوجات الزراعية البسيطة في حديقة البيت/ الزراعة على سطح البيت:
بدأ مؤخرا في مصر مثلا الحديث عن إمكانية الاستفادة من أسطح المنازل والبيوت في الزراعة، وهو مما سيسهل الحصول على خضراوات نقية خالية من الهرمونات، ومنه أيضا توفير عمل لربات البيوت.
فهذا العمل لا يحتاج إلا لمجهود ومال قليل –كما ذكر ذلك صاحب فكرة هذا المشروع- ورعايتها سهلة وبسيطة، كما أن إنتاجها عادة ما يكون مبكرا على الطبيعي.
وهذه المشروعات إما أن تساعد الأسرة نفسها في الحصول على مبتغاها الغذائي أو يمكن لها التعاقد مع وزارعة الزراعة كما حدث في مصر، حيث " تم التعاقد على تنفيذ مشروعين، الأول مع منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" لتدريب الفتيات على الزراعة بدون مبيدات فوق أسطح المنازل، والثاني مع هيئة المعونة الكندية لتدريب ألف فتاة أخرى بمحافظة الفيوم، وذلك بهدف توفير فرصة عمل مناسبة يمكن لربة البيت أن ترفع بها دخل أسرتها دون الخروج من المنزل".
تربية النحل:
يسهل هذا المشروع في المناطق المفتوحة، حيث يمكن للنحل أن يتنقل بحثا عن غذائه اليومي، وبالتالي فإن اعتماد هذا المشروع يتم بطريقين اثنين؛ إما أن يتوفر لدى الأسرة المكان المناسب لتعريش النحل، ووضع بيوته الخشبية، وإما أن تستأجر لهذا الغرض عند صاحب أرض أو مزرعة في مكان قريب من الحقول التي يرتادها النحل عادة.
وهذا المشروع لا يكلف الشيء الكثير، كما أنه لا يحتاج إلا لمجهود قليل جدا، ومدخوله يكون مرة في السنة، ولكن عسل النحل عادة ما يكون سعره مرتفعا في الوقت الذي لا يبخل الناس عن شرائه، لما له من أهمية صحية.
تربية الأرانب:
لم تعد تربية الأرانب مجرد هواية لبعض المزارعين في السابق، بل أصبحت تعتبر مشروعا اقتصاديا مفيدا، يدر الربح الكبير؛ فالأرانب سريعة التوالد وأولادها كثر!! والمختصون يرون أن تربيتها سهلة، إلا أنها تحتاج إلى جهود ضخمة في النظافة اليومية.
تربية الأسماك على سطح البيت:
ظهرت هذه الفكرة عندما تقدم أحد طلاب كلية الزراعة بجامعة عين شمس بالقاهرة ليقترح استغلال أسطح مباني الكلية لإنشاء أحواض خشبية لتربية الأسماك، ثم تلتها تجارب أخرى، مثل التجربة التي قام بتنفيذها أحد الفنادق بعد أن وجدت إدارة الفندق في هذا المشروع وسيلة تمكنها من الحصول على احتياجاتها من الأسماك الطازجة، فما بالك بالأسرة التي تحتاج للغذاء اليومي، خصوصاً بعد أن أثبتت التجارب صلاحية وفعالية نجاح هذا المشروع عندما يقترن مع مشروع زراعة الخضراوات فوق الأسطح حيث تتم عملية الاستفادة الثنائية والعكسية بين الخضراوات والأسماك .
التعاونيات الاستثمارية (الاقتصاد المنزلي الجماعي):
إن الفكر الاقتصادي التعاوني فكر أصيل في الفقه الإسلامي، والحل التعاوني قادر على القضاء على مشكلة رأس المال الذي تعاني منه المشروعات الصغيرة.
فإذا ما تكاتفت أيدي الأسرة الواحدة أو مجموعة من الأسر في مشروع عمل واحد مع إحدى المؤسسات أو المصانع كما هو الأمر المعمول به في الصين واليابان وماليزيا مؤخرا، فإن النتيجة ستكون مجدية وفعالة، وتأخذ وقتا قصيرا؛ إذ أثبتت التجارب أن أفراد الأسرة أيدي عاملة ماهرة وهي تؤدي عملها داخل البيت من دون الحاجة للذهاب للمصنع، إذ سينحصر دور المصانع في التمويل والتسويق والتوزيع، ويبقى للأسرة دخل قار.
أو اللجوء إلى انخراط الأسر في المشروعات الصغيرة التي تدخل في نظام "التصنيع العنقودي" كما تسمى في ماليزيا، أو "الصناعات المساندة" كما تعرف في اليابان، حيث يتمثل دور الدولة بعد ذلك في الترويج والتسويق لهذه المنتجات، إضافة إلى تبني مجموعة من البرامج المساعدة على تشجيع عمل هذه المشروعات، مثل برامج تدريب العمال، والإعفاء الضريبي، ثم تزويدها بالقروض الميسرة ، وهي إجراءات كفيلة بتشجيع وتحفيز العمال البسطاء على العمل والدخول في معترك برامج التنمية الاقتصادية للدولة.
وقد نقلت مجلة" الأسرة" السعودية دراسة علمية مفادها أن 46 مليون من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا- ومعظمهم من النساء- يعملون في منازلهم لإيجاد موازنة أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلا أكثر من دخل موظفي المكاتب بنسبة 28%.
وممن أولى أهمية لهذا الأمر في الدول الإسلامية - حسب علمي- مجلس الوزراء السعودي كما جاء في قراراته الصادرة بتاريخ 12/4/1425هـ بشأن زيادة فرص عمل المرأة في القطاع الأهلي، ما سماه " العمل عن بعد"، وبرنامج" الأسر المنتجة"؛ ما نصه: "على وزارة العمل بالاشتراك مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الخدمة المدنية ووزارة الخدمة الاجتماعية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ أسلوب "العمل عن بعد" كأحد المجالات الجديدة التي يمكن أن تعمل من خلالها المرأة، وتنفيذ برنامج الأسر المنتجة، وتوفير الدعم اللازم لإنجاحها".
يتضح مما سبق أن برامج التنمية الاقتصادية التي تعتمد وتستند على "التصنيع العنقودي" لها فوائد كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني عموما، وإيجاد دخل قار للأسرة المشاركة خصوصا، وهو ما من شأنه أن يوفر فرص عمل كثيرة وقارة لأفراد الأسر الفقيرة، والنساء خصوصا، إذ تثبت الدراسات أن أكثر الأسر الفقيرة هي المعولة من قبل النساء، أي أن العائل هو الأم في ظروف غياب الأب لوفاة أو طلاق أو سجن أو عجز مرضي الخ...
الدراسة وآفاق البحث:
- تنظيم برامج توعية للمرأة بدورها الحيوي في المجتمع ومسؤولياتها تجاه أسرتها ووطنها.
- تبنّي الحكومات لبرامج عمل تدريبية للنساء في مجال خبراتهن وقدراتهن للانتفاع بهن في المؤسسات الصناعية ومراكز التشغيل.
- تبنّي المشروعات الصغيرة التي تعتمد على نظام التصنيع العنقودي والتي من شأنها مساعدة الأسر الفقيرة في إيجاد مسوق وموزع لما تنتجه.
وأخيرا:
إن الفقير لا يريد أن يبقى فقيرا إذا أتيحت له فرصة عمل، أيّ عمل يعول به أسرته.
وإن توفير فرص عمل للفقراء أفضل وأضمن لهم من مدّهم بالغذاء واللباس فقط.
وصلّى الله وسلم على سيد الخلق أجمعين وآله وصحبه الميامين
ـــــــــــــــــــ(82/239)
فتاتنا الجامعية والمهمة الغائبة
سارة بنت عبد المحسن الجلوي
بعد سبات طويل تجاوز القرنين من الزمان، استيقظ المسلمون ليجدوا أنفسهم وقد فاتهم ركب الحضارة، وهم في حالة تأخر، وجمود، وفكر تحجر بمرور سنين من الانحطاط، يعيشون حالة من التبلد، والركود، والسلبية والانهزامية النفسية المريرة.
خلفهم حضارة إسلامية عظيمة، وماض مشرق مجيد ساد الدنيا وارتقى بالأمم، وأمامهم حضارة غريبة وصلت إلى أعلى درجات التقدم التقني، والاكتشافات العلمية، والرقي الحضاري الذي أسهم في بناء حضارة إنسانية متقدمة، استطاع خلالها الإنسان أن يحل الكثير من مشكلاته المادية التي عانى منها قروناً طويلة. نظر المسلم إلى واقعه فماذا وجد..؟
وجد أنه محاصر بالتخلف، والجهل، والجمود الفكري، والانحطاط العام في كل ميادين الحياة، والبعد عن تعاليم ربه ومنهاج نبيه صلى الله عليه وسلم، وفوق كل هذا احتلال عسكري أجنبي يستنزف دماءه، وغزو فكري نشط يظهر أثره في كل المجالات.
غرب يملك كل مقومات الحضارة المعاصرة، وشرق يفتقر إلى أبسط أسسها ويعيش في غفلة، وفراغ، وذهول عما يحيط به.فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة المنطقية لهذا التقدم والنشاط عند الغرب، والغفلة والجمود عند الشرق، أن فتنت فئات من المجتمع ببريق الحضارة الغربية، ذاك البريق الذي خطف أبصارها واستفز مشاعرها، وأثار في نفسها الرغبة في الصمود للتحدي وتأكيد الذات، إذا فقد وضع العالم الإسلامي نفسه في موضع التحدي الحضاري، هذا التحدي أوجد حركة انبعاث بين المسلمين، تمثلت في تيارات إصلاحية متعددة، تراوحت بين محاك مندفع تجاه كل ما هو غربي، ورافض مقاوم له.
تمثلت الفئة الأولى في التيارات الليبرالية، واليسارية وما انضوى تحت لوائهما من أحزاب سياسية وجماعات فكرية، كالعلمانية وما تقوم عليه من دعوات قومية، واجتماعية وأخلاقية، والاشتراكية الشيوعية، ونبذ الدين، والإقبال على الحياة المادية الحضارية بكل معطياتها، هذه المذاهب كانت جميعها متحدة في الأصول وإن اختلفت في تفريعاتها.
ومثلت الفئة الثانية، الحركات الإسلامية المعاصرة والتي حاولت جاهدة أن تقف في وجه هذا المد، ولكن ضعفها وقلة خبرتها وإمكاناتها لم تمكنها من ذلك وإن أثرت فيه.
في دوامة هذا الصراع العقدي، الفكري، والأخلاقي، والسياسي ماذا كان حال المرأة المسلمة؟
الواقع أن موضوع المرأة المسلمة كان من أظهر الموضوعات التي انهزم فيها المجتمع الإسلامي أمام التدفق القوي لهذا المد. فنشأ في المجتمع ما يمكن أن نسميه مشكلة المرأة في المجتمع الإسلامي؛ ويرجع ذلك لأسباب وظروف داخلية وخارجية أحاطت بالمرأة في القرون المتأخرة، أو ما يطلق عليه(قرون الانحطاط) أو (الضعف).
ففي هذه القرون سلبت المرأة كل ما أعطاها الإسلام من حقوق ومكانة، وحولت إلى كم مهمل لا قيمة له ولا شأن، وأصبحت تعد من سقط المتاع، وضعها قرين للتخلف، والجهل، السلبية المطلقة والبعد عن حياة المجتمع والتفاعل معه.
وأمام هذا الوضع المهين للمرأة المسلمة، وتصارع التيارات الفكرية المتباينة انقسم المجتمع إلى فئتين:
الفئة الأولى: التغريبية الداعية إلى تحرير المرأة المسلمة من رق العبودية للرجل أياً كان زوج، أب، أبن، أخ، ومن سجن البيت، ورأت في المرأة الغربية وتحررها نموذجاً صالحاً، ومثالاً رائعاً يجب أن يحتذى، مهما كانت التضحيات، وتحركت هذه الفئة باتجاه التغريب والتبعية الذليلة للغرب، دون محاولة للفحص والتمحيص، أو إيجاد نوع من التوازن بين ما لديها من قيم إسلامية أصيلة، وأفكار وتقاليد وافدة.
الفئة الثانية: سلكت الاتجاه المعاكس تماماً، فآثرت الانعزال والتقوقع داخل شرنقة التقاليد الموروثة، دون تمييز بين أن تكون لها أصول إسلامية أو جذور عربية جاهلية.
والحقيقة: أن الظلم الفادح والمهانة التي تعرضت لها المرأة في عصور انحطاط المسلمين، والذي حولها إلى كم مهمل لا قيمة له، ولا رصيد عنده من ثقافة أصيلة تحميه، فتح الباب على مصراعيه أمام تيارات المد الغربي الذي عمل على الإطاحة بكل ما هو إسلامي في كثير من المجتمعات الإسلامية، وكانت المرأة التي رزحت تحت أنواع شتى من المظالم أسرع فئات المجتمع وأكثرها تجاوباً وتفاعلاً مع أفكار هذا المد ومعطياته، ذلك أن الإسلام صار بالنسبة لها سجناً يحجبها عن الحياة، عن العالم المتقدم، عن الاستقلالية والشعور بالذات.
ووجدت في مشاريع التغيير التي قدمتها الحركات العلمانية الليبرالية، والقومية والاشتراكية، الطريق الذي يوصلها إلى تحقيق مكانتها ومحاكاة المرأة الغربية، وكانت هذه المشاريع جميعها تهدف إلى تغريب المجتمع المسلم وتشويه خصائصه ومقوماته، واقتلاعه من جذوره الإسلامية وتذويبه في إطار الحضارة الغربية، وتكريس التبعية الذليلة للغرب، ليصير مجتمعاً مسخاً بلا هوية، بلا شخصية.
وهكذا أصبحت المرأة المسلمة في كثير من البلاد ذيلاً للمرأة الغربية وصورة مشوهة لها في شكلها الظاهري، وإن لم تضاهها في رقيها العلمي وثقافتها الفكرية.
وبالرغم من هذا النجاح للتيارات الفكرية الليبرالية واليسارية، إلا أنها لم تستطع الصمود في وجه الفكر الإسلامي الصحيح، والعقيدة الصافية، فمع مرور الوقت ثبت فشلهما في المجتمع المسلم، على الصعيد الاقتصادي، والنفسي والروحي، والأخلاقي، وحتى العسكري، والسياسي.
لقد كانت إنجازاتهما جزئية، ومكاسبهما وقتية، لكنها أثرت في المجتمع المسلم بصورة لا يمكن تجاهلها؛ لأنها أدت إلى اضطرابات سياسية، واجتماعية وصراعات داخلية، أنهكت الأمة ومزقت شملها وأحدثت الفرقة بين صفوفها.
ولو ضيقنا نطاق الدائرة قليلاً، وانتقلنا من المجتمع الإسلامي الكبير، إلى مجتمعنا السعودي الصغير لوجدنا أن الوضع يختلف، فبلادنا بفضل الله ومنته لم تخضع لاحتلال عسكري أجنبي أبداً ولكنه أي مجتمعنا كان قبل بضع عشرة سنة مجتمعاً قروياً، وبدوياً بسيطاً، يعيش منغلقاً على نفسه في حياة انعزالية حافظت له على خصائصه الاجتماعية والأخلاقية والدينية.
لكن مد التطور والتقدم الذي رافق اكتشاف النفط في أراضينا، قفز بالمجتمع السعودي قفزة مذهلة، وانتقل به نقلة كبيرة من البساطة الاجتماعية إلى حياة التقدم والمعاصرة في فترة وجيزة جداً تكاد لا تصدق، والانتقال الفجائي السريع من حال إلى حال وهو ما يسمى (الطفرة) لا بد أن يحدث خللاً وفجوةً واضحةً في المجتمع، واهتزازاً في الموازين، فقد أحدثت هذه الطفرة هزة عنيفة قسمت المجتمع إلى فئات متباينة تعيش حالات من التناقض أمام معطيات العصر وإن احتفظ المجتمع بخصائصه الإسلامية بشكل عام.
الفئة الأولى: التقليديون
وهي قليلة نسبياً ويكاد ينحصر وجودها في الوقت الحاضر بعدد قليل من الأفراد.
هذه الفئة تريد التمسك ببقايا الماضي، ورواسب الأفكار، والتقاليد الموروثة، وتجميد المجتمع على صورته السابقة، ورفض معطيات الحضارة المعاصرة جملة وتفصيلاً وتنسب ذلك إلى الإسلام وهو منه براء. ذلك أن الإسلام يندد بالجمود الفكري، والتحجر العقلي، وتعطيل الملكات وإهمال التجديد والتطور وينعى على الذين لا يفكرون بعقولهم، أو يتجمدون على القديم المألوف ولو كان الجديد أهدى سبيلاً وأقوم رشداً، وكتاب الله مليء بالآيات التي تذم مثل هذا الموقف التقليدي، وتدعو إلى إعمال العقل والحواس للوصول إلى الحق على هدى من نور الوحي الإلهي. وماضينا المجيد أوضح دليل، وأصدق شاهد على بطلان هذا الموقف. وكم أصبحت الحاجة ماسة للتمييز في تقاليدنا بين ماهو إسلامي فنتشبث به، وما هو جاهلي مناف للإسلام فنتخلص منه.
الفئة الثانية: الحداثيون
وهي قلة ولله الحمد لكنها تعمل بجد ونشاط ومؤشرات عملها قد ظهرت في الأيام القليلة الماضية.
هذه الفئة تقف على طرف النقيض من الفئة الأولى، طابعها الإسراف إلى أبعد الحدود، والرغبة في الانغماس في الحضارة الغربية، ونسف كل ماهو موروث من عقائد، وقيم ومفهومات، وتقاليد، واستبدالها بالجديد، زاعمة أن ذلك لا يتنافى مع الإسلام وأنه علاقة شخصية بين المرء وربه، فتأخذ منه ما يناسبها وتترك مالا يناسبها، هي فئة هجين لا شخصية لها ولا هوية، تجهل الإسلام جهلاً فاضحاً، لأن الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل، والإسلام لا يكون إسلاماً إلا بتطبيق أحكامه جملة وتفصيلاً في شتى جوانب الحياة الشخصية والاجتماعية؛ لأنه كل لا يقبل التجزؤ.
الفئة الثالثة: المتحيرون
وهي تشكل الأكثرية.
تعيش هذه الفئة في صراع دائم، وقلق مستمر حاد، واضطراب بين معطيات المدينة الحديثة، ومغرياتها، وأساليبها المثيرة في الدعاية والتأثير، وأصولها الإسلامية الراسخة في أعماقها وفطرتها النقية التي أوجدها الله فيها، والتي تدعوها إلى المحافظة على جذورها الدينية، والتمسك بشخصيتها الإسلامية العريقة.
فنراها ترنو بعين متشوقة إلى الجديد المثير، وترنو بعين أخرى بتراثها الموروث الذي تربت عليه، ونهلت من منابعه الرائقة، فهي مشتتة، تعاني من الحيرة والقلق، والاضطراب، وهذه الفئة تحتاج إلى تقوية إيمانها وتثبيته، ومراجعة ثقافتها الإسلامية وتراثها المجيد.
الفئة الرابعة: الوسطيون
تحاول أن تواكب ركب الحضارة، دون أن تفقد كيانها الإسلامي، وشخصيتها المستقلة، وتراثها الثمين، فتأخذ من معطيات الحضارة ما يتناسب وعقيدتها الإيمانية، وأصولها الإسلامية، وجذورها العريقة، ويعينها على القيام بدورها المأمول.
وترفض في المقابل ما يتنافى مع ذلك، أو يناقضه.
وهي الفئة التي فهمت الإسلام فمهاً حقيقياً، وآمنت إيماناً صادقاً، فنسأل الله لها الثبات والتمكين.
والصراع بين هذه الفئات الأربع دائم ومستمر، يحتد في بعض الأحيان ويهدأ أحياناً أخرى، لكنه موجود ولا يمكن إنكاره.
وبعد هذا الاستعراض لواقعنا المعاصر يواجهنا سؤال مفاده أين المرأة المسلمة المثقفة؟
أين فتاتنا الجامعية الواعية؟ وهل قامت بدوها المأمول؟ وماذا قدمت لمجتمعها؟ وتأتينا الإجابة حين نلقي نظرة شاملة على ساحات الصراع في العالم أجمع، حيث نجد المرأة المثقفة في البلاد الأخرى، قد قامت بدورها، كبر هذا الدور أم صغر فاعلاً كان أم منفعلاً، ضاراً أم نافعاً، لكنه يبقى دور أعطى لها مكانتها وأثبت وجودها وقدرتها على الدفاع عن معتقداتها.
لكن حين ننتقل إلى الساحة الإسلامية لا نكاد نجد للمرأة المسلمة المثقفة دوراً، على الرغم من أهمية دورها في هذا العصر الحافل بأقسى أنواع الصراعات العقدية، والفكرية، والاجتماعية، والسياسية باختلاف درجاتها، وتباين صورها، وإن كان لها وجود فهو وجود محدود وفي نطاق ضيق لا يؤثر في تحريك عجلة التغيير الاجتماعي نحو الإسلام إلا شيئاً قليلاً. وإن كان للمرأة المسلمة في البلاد الأخرى بعض العذر؛ لأنها تحارب حرباً لا هوادة فيها فإن الفتاة السعودية المثقفة لا عذر لها؛ ذلك أن الجو العام في هذه البلاد مهيأ من الناحية النفسية، والروحية، والفكرية والاجتماعية، على الصعيدين الرسمي والشعبي، والظروف مناسبة. لكن أين هي؟ لماذا لا يكون لها دور فعال في هذا العصر.. ؟ ما سر غيابها عن ساحة الصراع في هذه المرحلة الحرجة من تأريخ أمتنا.. ؟ لماذا آثرت السلبية.. ؟ وارتضت أن تقف موقف المتفرجة وكأن الأمر لا يعنيها.. !
مكتفية بالتغني بأمجاد ماضيه، واستعراض الصور المشرقة للمرأة المسلمة في صدر الإسلام.
هل كان الهدف من إكمالها تعليمها وحصولها على أعلى الشهادات هو التفاخر بها في المجتمع؟ أو أن الدراسة الجامعية أصبحت مظهراً اجتماعياً لا بد منه لاستكمال الشكل الخارجي للفتاة؟
تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابات مقنعة وواقعية ومنطقية.
من هذا المنطلق أقول: إن وضع فتاتنا الجامعية يحتاج إلى مراجعة جذرية عميقة، نحدد من خلالها العلل، ونصف العلاج، من أجل الوصول إلى إيجاد فتاة جامعية مثقفة في أكمل ملامحها الإسلامية التي تحسن التوفيق بين الأصالة، والمعاصرة، وتعمل جاهدة على تحقيق المجتمع الإسلامي الأمثل، وتتحمل مسؤولياتها كاملة في الحفاظ على مجتمعنا ليبقى مسلماً مؤمناً متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فواقعنا الإسلامي المعاصر يحتم على المرأة أن تقوم بدورها الكامل في بناء المجتمع؛ ذلك الدور الذي أبعدت عنه لقرون متعددة.
إن الفتاة المسلمة المثقفة مطالبة بالمشاركة الإيجابية الفعالة في النهضة الإسلامية المعاصرة، وبناء جيل إسلامي واع مثقف مؤهل لتحمل المسؤولية العظيمة في إعادة بناء صرح هذه الأمة فلئن عجز الجيل السابق عن القيام بهذا الدور على الرغم من تدينه وتمسكه بالقيم الأخلاقية؛ لكونه ينقصه الكثير، فهو جيل عانى من الأمية، من ضعف الخبرة في معطيات العصر، وانعدام الفاعلية في حركة المجتمع المعاصر، وضعف القدرة على فهم الجيل الجديد وتطلعاته.
فهل نصلح نحن بواقعنا الثقافي الحالي للقيام بهذه المهمة المرتجاة؟
بصدق... أعترف لكم: إن دورنا مازال هامشياً، وقاصراً، ولم يصل إلى المستوى المطلوب من الفاعلية، على الرغم من أننا حصلنا على أعلى الشهادات، وتولينا مناصب قيادية، واقتحمنا معظم الميادين، ويرجع ذلك لأسباب ذاتية واجتماعية، على الرغم مما تشهده بلادنا من تطور فتح المجال أمام الفتاة للمشاركة في نهضة المجتمع، وبناء الأمة.
والخلاصة:
إن المرأة في بلادنا تعيش حالة من عدم الفاعلية على المستويين الأمي والمتعلم.
وتركيزي على الفتاة الجامعية؛ لأنها تشكل الشريحة المثقفة من المجتمع، والقطاع الأساسي من الرأي العام الواعي المؤثر، الذي يجب أن يكون له دوره المستقبلي الفعال، فالمرأة المسلمة المثقفة تتحمل المسؤولية نفسها التي يتحملها الرجل في تحقيق المجتمع الإسلامي بصورته الرائعة، وتطهيره من كل ما داخله من شوائب فكرية وأخلاقية، وعادات غريبة؛ لذا فنحن في حاجة إلى إيجاد جيل من الفتيات المسلمات المثقفات ثقافة إسلامية عميقة، للقيام بالدور المرجو في أوساط قد لا يتأتى دخول الدعاة من الرجال إليها.
كما أن تأثير العنصر النسائي في بناء المجتمعات لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه، أو إخفاء أهميته؛ ذلك أن المرأة تشكل أساس المجتمع الذي يتربى فيه رجال الأمة. وتأثيرها في هذا المجال عميق جداً، فهي الأم، والأخت، والزوجة والابنة، هي المجتمع كله لا نصفه كما يقال؛ ولأن الله سبحان وتعالى أناط بالرجل مهمة إعداد الجماعة، فقد حمل المرأة مسؤولية إعداد الرجل الذي يقود الجماعة.
ولكن كيف نصل إلى تحقيق ذلك الأمل؟ ومن أين نبدأ؟ وما هو الحل؟
البداية لا بد أن تكون من عالم الأفكار.. أفكارنا نحن الجامعيات الجيل الأمل لهذه الأمة..
فنحدد لون ثقافتنا، وحجمها وعمقها، وفاعليتها، ومساهمتها في بناء الوطن، والتغيير الاجتماعي، لا بد لنا من تحديد نقطة الانطلاق، وتحديد الأهداف الأساسية، والأهداف الثانوية، لا بد من تحديد الوسائل والآليات، سواء أكانت وسائل ثقافية وفكرية، أم وسائل عملية وتربوية، وما إلى ذلك من وسائل. وهذه كلها يقدمها لنا الإسلام، فالإسلام إذن هو الحل الأمثل لكل مشكلاتنا، منه نبدأ، وعلى هداه نسير، ولرفع رايته عزيزة عالية نعمل، لحفظ هويتنا، وأصالتنا، ووجودنا، لتنمية مجتمعنا، ومواجهة ما يتهددنا محلياً وخارجياً.
فلئن استطاعت الوجهة التغريبية أن تحول بدرجة مؤثرة دون توظيف المرأة المسلمة في عمل جاد للإسلام، واستطاعت بشكل أو بآخر تحييد قطاع واسع من النساء إزاء المعركة الضارية التي تشن ضد المرأة المسلمة، وتجعلها تعيش في جو من الاغتراب النفسي والعقلي المغلف باسم الدين أحياناً. وباسم التقدم أحياناً أخرى، فقد وجب على الفتاة الجامعية أن تقوم بدورها كاملاً في التصدي لتيارات التبعية والتغريب، والرجعية، وبناء المجتمع المحكوم بالقيم الإسلامية. وتصحيح صورة المرأة المسلمة التي ظلت لقرون طويلة قرينة السلبية والعجز والاضمحلال الثقافي، وقصور الوعي والإدراك.
وتقديم صورة جديدة ومشرقة للمرأة المسلمة التي حملت مسؤولية الحفاظ على بناء أمتها فتحملتها بجدارة، وكانت أهلاً لها، لأنها والله مأساة كبرى أن نرى الإسلام الحقيقي ينحسر عن بيوتنا، عن مجتمعاتنا، ونقف نتفرج صامتات.
ومن أجل القيام بدورنا المتميز كاملاً فلا بد لنا من خطوات نتبعها.
الخطوة الأولى:
بناء الشخصية المتكاملة
الفتاة الجامعية التي نالت حظاً من التعليم فتح أمامها الكثير من مجالات الحياة، لا بد لها من أن تقف من نفسها موقف النقد الذاتي الذي تستطيع من خلاله معرفة أوجه النقص في شخصيتها فتكملها، ومواطن القوة فتنميها، وذلك ضمن إطار شرعي واع، حتى تستطيع تشكيل شخصيتها الإسلامية المستقلة، وهذا يتطلب منها رسم منهاج متكامل له خصائص متميزة نوجزها فيما يلي:
1) سلامة العقيدة، وصحة التصور.
2) العمل الجاد على تحصيل القدر الأكبر من الثقافة الإسلامية وأخذها من مصادرها الأصلية.
3) غرس الآداب الإسلامية في النفس وتهذيب الأخلاق.
4) التزود بالمعارف والعلوم التي تعينها على توسعة مداركها وتعميق ثقافتها.
5) الدراسة العميقة والواضحة لواقع المرأة المسلمة المعاصرة ومشكلاتها.
6) أخذ صورة واضحة ومتكاملة لهذا العصر بما فيه من حسنات وسيئات من خير، وشر، ومذاهب فكرية، وسياسية، واقتصادية، وأخلاقية، ومعرفة الأفكار والأساليب التي ينتهجها أصحاب كل مذهب.
7) إدراك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، والدور المهم الذي ينتظرها في مجابهة التحديات المعاصرة.
8) مراقبة الله في السر والعلن.
على أن يتم ذلك كله بعيداً عن أي مؤثرات داخلية أو خارجية، ولكن وفق تصور عقلي ناضح منضبط بضوابط الشريعة، وأن تعيش وفق المتطلبات الراهنة والمستقبلية لهذه الأمة؛ ذلك أن مستقبل الأمة سيقوم بإذن الله على ما تقدمه له.
بذا تكون نموذجاً للمرأة المسلمة الواعية المثقفة، الفاعلة، المنفعلة، التي تقتحم ميادين الحياة بكل ثقة وإقدام، متمسكة بكتاب الله، متبعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائرة على منهاج الإسلام الأصيل.
الخطوة الثانية: مراجعة التقاليد
على فتاتنا رصد العادات، والتقاليد، التي تحكم حياتنا، وتتحكم في مجتمعنا، ووزنها بميزان الإسلام، حتى تستطيع أن تميز بين ماهو إسلامي صحيح فتعمل على تأصيله ونشره والمحافظة عليه، وما هو غير إسلامي من تقاليدنا العربية والقبلية. فترفض ما كان منها مخالفاً لشرع الله، وتسعى لبيان ذلك بالأسلوب العقلاني الواعي الرشيد، وتقبل ما وافق أصول الشرع الثابتة، فكثيراً ما كانت بعض التقاليد الخاطئة سبباً لرفض الإسلام، أو الابتعاد عنه، بل والتمرد على قيمة ومبادئه.
الخطوة الثالثة:
مواجهة التغريب
في هذا العصر الذي أطلق عليه(عصر القلق) لما يعج به من نظريات علمية، وتيارات فكرية، واتجاهات عقلية، تفرض نفسها على الإنسان، وتقتحم عليه حياته، وتطل عليه من كل مكان، متسللة إلى ذهنه عبر وسائل الإعلام المختلفة مسموعة ومرئية مقروءة، وما تبثه هذه بدورها من سموم فكرية، ونظريات مادية، وعقائد مختلفة، تزلزل النفوس، وتشوش الأفكار، وتحدث الاضطراب في القناعات.
في هذا العصر المسمى(عصر الانفتاح والتقارب) الذي جعل العالم الأرضي كبلد واحد، بات من المستحيل فيه إغلاق الأبواب على الأجيال الشابة المثقفة، منها وغير المثقفة.
في هذا العصر الذي أصبح فيه الفكر منتشراً كالهواء، يحيط بالإنسان في كل مكان، ويدخل إلى عقله شاء أم أبى، بطرقه المباشرة، وغير المباشرة، وأساليبه المشوقة، وصوره الجذابة، التي تسعى جاهدة إلى تذويب الشخصية الإسلامية وإفقادها الكثير من أصالتها، وروحها الإسلامية المتميزة، وصهرها في خضم المذاهب والأخلاق، والأفكار الوافدة، حتى أصبح فقدان الشخصية الإسلامية من أكبر المشكلات التي يعاني منها مسلمو هذا العصر، خاصة بعد عصور الانهزامية التي عملت على تمييع الشخصية الإسلامية، وتشويهها في نفوس المسلمين.
إن معالم القلق النفسي والاضطراب الفكري الذي يوشك أن يفقد الإنسان المسلم ذاته، وهويته الفكرية والسلوكية، في غمرة صراعه الخطير مع معطيات الحضارة الغربية، وثقافتها، وتقدمها العلمي والتقني، وتفوقها المادي، يؤكد لنا ضرورة وأهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به فتاتنا الجامعية المثقفة من رصد لما يجري على الساحة الإسلامية والعالمية، والمحاولة الجادة في مجابهة تيارات التبعية والتغريب، وتغيير واجهة المجتمع الهجين، والقيام بدورها الحقيقي للنهوض بهذه الأمة، والتخلص من الأفكار التبعية، والتغريبية، والموروثة التي تتنافى مع مبادئ الإسلام وأصوله فما نراه في مجتمعاتنا الإسلامية من تفكك، وانحلال، وما نتج عنه من اختلاط وتبرج وما إلى ذلك من مظاهر سلوكية بعدت قليلاً أو كثيراً عن الإسلام ماهو إلا أعراض ظاهرية لمرض نفسي خبيث مستتر، استشرى في نفوس البعض منا نتيجة للغربة النفسية، والصراع الداخلي، وفقدان الثقة فيما بين أيدينا من تراث عقدي، وفكري، وأخلاقي، وثقافي، واستشعار الدونية أمام الآخرين.
والقضاء على هذه المظاهر الخارجية لا بد فيه من العلاج الداخلي، واستئصال المرض من جذوره بتطبيب النفوس، وحماية العقول، وهذا لا يكفي فيه التحدث عن أمجادنا السابقة، وتاريخنا المجيد، ولكن بإعادة الثقة إلى من فقدها بصناعة مجد جديد، وكتابة تاريخ مجيد، لا يُكتفى فيه بالإعجاب ببطولات الخالدين من الرجال والنساء في تاريخنا المجيد، ولكن بتقديم بطولات جديدة لا تقرأ التأريخ فقط وإنما تقوم بصناعته أيضاً.
أما الآليات والوسائل المستخدمة في تحقيق هذا فهي متعددة ومختلفة، لكنها تجتمع كلها تحت لواء العودة إلى الله والدعوة إلى الله، ونشر الفكر الإسلامي الواعي، وتصحيح المفهومات الخاطئة، والارتقاء بالوعي الإسلامي العام، وأن نشيد من عقيدتنا، وشريعتنا وتراثنا الفكري ثقافة إسلامية، لا تعمل على دحض الهجوم الفكري الوافد فقط، بل وتكون صالحة بما فيها من عناصر الصمود والبقاء، على أن تدفع بالمسلمين إلى نشر فكرهم على العالم أجمع، فالأصول التي سطرت أروع صفحات تاريخنا المجيد، ما زالت موجودة، ولا تحتاج إلا لمن ينفض عنها غبار التخاذل، والانهزامية، لتعود مشرقة تضئ الطريق أمام الأمة الإسلامية.
والدعوة إلى الله لها وسائلها المتعددة التي يكمل بعضها البعض ولا يغني أحدها عن الآخر.
1) الوعظ والإرشاد:(82/240)
الوعظ والتذكير، والإرشاد والتبليغ، عن طريق الكلمة المخلصة، والموعظة المؤثرة، والرقائق من ترغيب وترهيب، بالمحاضرات، والندوات، والاجتماعات أمر مهم، فقد كان الوعظ والإرشاد جزءاً من مهمة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، قال تعالى{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات 55).
فهذه وسيلة هامة من وسائل الدعوة إلى الله، لكنها وحدها لا تكفي إذ يبقى أثرها محدوداً بالزمان، والمكان، والأشخاص، كما أنها تستلزم صفات خاصة لا بد من توفرها في القائمين بها.
2) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لا بد منهما لحراسة القيم الصحيحة، وتحجيم أهل الضلال، وهذه مسؤولية المسلم رجلاً كان أم امرأة من منطلق قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.. } (آل عمران 110).
وقوله عز من قائل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ.. } (التوبة 71).
وقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران 104).
وما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (رواه مسلم).
لكن يشترط في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط أساسية في مقدمتها أن يكون عالماً بما يأمر به، عارفاً لما ينكره، فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهي عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه.
3)القدوة الصالحة:
القائمة على الانضباط في القول والعمل، والسلوك الشخصي، والعلاقات الاجتماعية، بحيث تكون الفتاة ممثلة للتعاليم والقيم الإسلامية في واقعها، مجسدة لها في تعاملها.
4) ربط التعاليم الإسلامية بواقع الحياة المعاشة:
بحيث تكون مبادئ الإسلام هي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الحياة بشتى جوانبها المادية، والمعنوية، فيطبق الإسلام تطبيقاً واقعياً داخل حياة الأفراد والجماعات. ويعمل على ترسيخه في نفوس الناشئة وتأصيله في عقولهم والربط الوثيق بين معطيات العصر، وثوابت الإسلام.
5) إنشاء المؤسسات الاجتماعية والخيرية:
والمساهمة فيها، ومد يد العون للمحتاجين مادياً أو معنوياً، من منطلق مبدأ التكافل الاجتماعي للوصول إلى من لا يمكن الوصول إليهم إلا بهذا الطريق.
ذلك أن نشر الدعوة لا ينحصر في المحاضرة، والندوة والكتاب والشريط، ولكن أيضاً من خلال العمل الصالح، وإسداء المعروف. وقد قال الله تعالى: {.. وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة2).
وقال جل شأنه {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء 114).
فالعمل الاجتماعي جزء من العمل الدعوي؛ لأن الناس تختلف في مواهبها، وقدراتها وإمكاناتها؛ لذا نجد كثيراً من الناس قادرين على العمل الاجتماعي في حين يعجزون عن العمل الفكري، فيعمل كل حسب استعداده. ولكن يجب أن يتم هذا وفق منهاج مدروس ومعلوم، ومحيط بالظروف البيئية، والزمانية، المادية والنفسية؛ لأن ما يصلح في بلد قد لا يصلح في غيرها لظروف وملابسات خاصة.
6) مخالطة الناس:
ومعايشة المواطنين والاختلاط بهم في أماكن سكنهم، ومواقع عملهم، والمساهمة في حل مشكلاتهم وتذليل ما يواجههم من عقبات، وتعليم الأميين منهم، ومعاونة المحتاجين، وتوعية المتخلفين، وتذكير العصاة، وتقوية الضعفاء.
والابتعاد عن التقوقع على النفس والالتزام بحدود جماعة معينة لا تفارقها. فهذا لون من ألوان الدعوة إلى الله للناس في مواقعهم وهي دعوة مقترنة بالعمل، فالاهتمام بالناس وحل مشكلاتهم يقربهم من الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه.
7) تنمية المهارات العملية عند المرأة داخل البيت وخارجه:
حتى تتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه وأتمه، دون أن تشعر بالنقص، أو العجز، أو التقصير.
8) الإخلاص، والإتقان وأداء الأمانة، وتحمل المسؤولية:
كل في موقع علمه، ربة البيت في بيتها، الموظفة في عملها، الطالبة في دارستها.
ساحات الحركة، وميادين العمل.
كثيرة هي الساحات والميادين التي يمكن أن تمارس فيها المرأة دورها المنشود في إبلاغ رسالتها وأداء أمانتها التي كلفت بها من ربها دون أن يخل ذلك بما يأمر به دينها.
لتكن انطلاقتها من قاعدة المجتمع الأساسية، ولبنته الأولى، من داخل الأسرة بين أبويها وأخواتها، وزوجها وأبنائها وأقاربها.
في مواقع العمل والدراسة، داخل الجامعة أو المدرسة، أو المؤسسة.
في المرافق الصحية النسائية، وسجن النساء، دور الرعاية الاجتماعية.
الاستفادة من وسائل الإعلام المقروءة، صحف ومجلات، ونشرات دورية والتي وللأسف الشديد تكاد تخلو من وجود القلم النسائي المسلم، في حين أنها تعج بالأقلام المنادية بالاتجاهات الأخرى.
المؤسسات النسائية كالجمعيات، والأندية الأدبية مثلاً والحضور فيها.
الاستفادة من المناسبات العامة كالأعراس، والحفلات، والأعياد، وغيرها من أماكن تجمع النساء على اختلاف مشاربهن، وتباين توجهاتهن؛ لأن مقاطعة أمثال هذه المناسبات يترك المجال مفتوحاً أمام الفكر المضاد. على أن يتم ذلك كله ضمن حدود قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.. } (النحل 125). دون تعصب، أو غلو، دون إفراط أو تفريط.
وبتحقيق ذلك تستطيع فتاتنا الجامعية أن تقوم بدورها الهام في تحقيق إيمان المجتمع، وإعادته إلى إسلامه الصحيح، الذي يثبت وجوده، ويبرز حقيقته ويزيل التناقض من مظاهر حياته، ويحل التوازن والوسطية مكانها، ويعالج مشكلاته من جذورها، ويتناولها من جميع جوانبها المادية، والنفسية، والمعنوية فيوجد الإنسان الصالح، الذي يقيم المجتمع الصالح، الذي تتحقق فيه الطمأنينة والاستقرار، والحياة الراسية على دعائم ثابتة لا تهن ولا تتزلزل.
فتحفظ للأمة وحدتها، ويتآخى أبناؤها، وتجتمع كلمتها في ظل وحدة تذوب فيها العصبيات القومية، والإقليمية، والفوارق الطبقية، واللونية واللغوية تحت شعار(لا إله إلا الله محمد رسول الله)، اعتقاداً، وقولاً، وعملاً.
فتتجدد روح الأمة وتقوى عزائمها، وتتحرك طاقاتها، وتدب فيها الحياة، فتستعيد كرامتها وشخصيتها وتبرز أصالتها واستقلالها، وتسترجع أستاذيتها للأمم جميعاً.
قال الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون} (التوبة 105)
أختي الجامعية..
هذا هو الطريق، وهو صعب وطويل ويحتاج إلى صبر جميل لكن لا بد لك من المضي فيه؛ لأنه قدرك الذي قدره الله عليك، وحملك أمانته، وهو سائلك عنها لا محالة.
وهذه هي مهمتك الغائبة، ودورك المفقود.
فهلا قمت بهما، وأرضيت ربك، وجاهدت في دينك. لتدخلي جنة عرضها السموات والأرض.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التوبة112)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والله أسأل لي ولكم المغفرة والسداد والعون، والرشاد، والثبات على دينه، وأن يرينا الحق حقاً ويعننا على اتباعه، والباطل باطلاً، ويعننا على اجتنابه.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/241)
تجريد المرأة من مملكتها الحقيقية
الشيخ / محمد بن علي السعوي
إن دينَ الإسلام دينٌ مستهدفٌ من قبل أعدائه في كل زمان ومكان، فأعداءُ الله ورسولِه والمؤمنين لا يألون جهدًا في تشويه الإسلام، وإفسادِ أعماله في المسلمين، بشتى الطرقِ والوسائل، ويتربصون بالمؤمنين والمؤمنات الدوائرَ بين حينٍ وآخر.
ولقد وجه الكفارُ كل إمكاناتهم الماديةِ والمعنويةِ لمحاربةِ الإسلام؛ وذلك ببث أفكارهمُ الإلحاديةِ، التي تمحق القيمَ والأخلاقَ، وقد شاركهم في هذا المضمارِ أناسٌ محسوبون على الإسلام وعلى أهله من المنافقين، وهنا يكمن الخطرُ، حيث تأثر هؤلاء المفتونون بأفكار الكفار، وآمنوا بها وسيلةً للرقي والتقدمِ، واتخذوا من حالة المسلمين الراهنةِ وما هم عليه من تأخرٍ وركودٍ، وسيلةً للطعن في الإسلام، وعدمِ صلاحيته نظامًا للحياة، وإن لم يقولوا ذلك صراحةً، وإنما يظهرُ ذلك باعتراضهم على بعض شرعِ الله تعالى.
من ذلك: اتهامُهم الإسلامَ بظلم المرأةِ المسلمة، ومنعِها من حقوقها، وباحتقارها وإثارتُهم الفتنَ بين المسلمين، ودعوتُهم إلى تحرير المرأة والمطالبةِ بحقوقها.
فمتبعو الشهوات في الحقيقة يريدون ذهابَ الحياءِ من النساء ليستمتعوا بفتنتهن ويكرهون استقامتهن على الخير والستر، ولذلك يسعون في تحقيقِ ما يريدون بشتى الوسائل بتحريضها على التمرد من قيودِ الرجل والمطالبةِ بالاستقلالية والمشاركةِ في الأعمال.
إن غرضَ المنافقين من حثهم المرأةَ على المشاركةِ في شتى المجالات هو إخراجُها من بيتها لتخالطَ الرجالَ، وتُظهرَ زينتَها.
وإن استجابةَ المرأةِ لذلك فيه فسادُ الدينِ والأخلاق، وظهورُ الفتن، كما هو الحاصلُ في كثيرٍ من بلادِ العالم.
وقد كَتَبتْ إحدى الصحفِ الغربيةِ تقريرًا عن ارتفاعِ نسبةِ الجريمة بين النساءِ المتبرجات، أو بعبارةٍ أخرى بين ما يسمى بالنساءِ المتحررات.
فقالت الصحيفةُ: إن ارتفاعَ نسبةِ الجريمة بين النساء يوجد بكثرةٍ في حركاتِ التحرر النسائية، ثم قالت: إن منحَ المرأةِ حقوقًا متساويةً مع الرجل يشجعها على ارتكابِ نفس الجرائم التي يرتكبها الرجل، بل إن المرأةَ التي تتحررُ تُصبحُ أكثرَ ميلاً لارتكابِ الجريمة [1].
ولتحذر المسلمةُ من المنحدر الذي تردت فيه المرأةُ في بلادِ الكفر باسم الحرية، فبسبب هذه التسميةِ الزائفة استخدم الرجالُ المرأةَ مصيدةً لجمعِ المال، ومطيةً لتحصيلِ المتعةِ واللذة، وبعد أن يستنفذوا منها أغراضَهم يتخلوا عنها، وتبقى هي وحدَها تعاني من مرارةِ الذُلِ والمهانة.
إن المرأةَ إذا انهارتْ أخلاقُها، وشذَ سلوكُها، وآثرت حياةَ التبرج والسفور والعبث والاختلاط، على حياةِ الطُهر والعفاف، وانخدعت بالأبواق الماكرةِ والأصوات الناعقة، فقد انهارت من ورائها الأمةُ، وانحلت الأسرةُ، وانتشر الفسادُ، وعمت الفتنُ، وضاعت الفضائلُ، وحلت النكباتُ، وكثرت الجرائمُ والموبقات، لأن أكثر ما يفسد الأخلاقَ؛ تبرجُ النساءِ، وإظهارُ مفاتنهن أمام الرجال، عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: ((ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرُ على الرجال من النساء)) رواه البخاري ومسلم عليهما رحمة الله [2].
إن الواجبَ على المسلمين وخاصةً ولاتَهم ومسئوليهم هو منعُ أسباب الفساد قبل استفحاله، والنهيُ عن المنكر، والأخذُ على أيدي السفهاء، ومنعُهم من خرق سفينة المجتمع، قبل أن تصيبَ الفتنُ والعقوباتُ الظالمين وغيرَهم. قال الله تعالى: ((وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))[3].
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
-----------------------------------------------------------
[1] المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم (الطبعة الرابعة 1407 هـ) للدكتور / عمر بن سليمان الأشقر(ص 27) نقلاً عن صحيفة (النيويورك تايمز) في إبريل 1975 م.
[2] صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب: ما يتقى من شؤم المرأة، حديث رقم: 4808. وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء، وبيان الفتنة في النساء، حديث رقم: 2740
[3] سورة الأنفال، الآية: 25.
26/7/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/242)
هل تدخلين المنتديات ...
أختي الحبيبة...
إن من العجب العجاب أن تغفلي عن أمرٍ يبث الفتنة ويفتح باب الشر والمفسدة...
وها أنا يا غالية،، أقف بحروفي معك،، أوجه نداء حب إليك.. أرجوا في قلبكِ فطرة الخير والإيمان...
أملي أن تفتحي لي صدرك،، وتصغي إلي بقلبك..
فكم،، وكم،، أرى كلماتك.. وأقرأ حروفكِ فينتابني الألم و تخالجني الحسرة...
أشعر بالأسى والحرقة،،
أناجيك،، وأتمنى لو أُسمِعُك،،، يا غالية كفى،،،،
هل تعلمين متى....
حين أراكِ تخاطبين بكلماتك أحد الأعضاء ـ الرجال ـ تخضعين له بالكلم والجملة ـ وتلينين له الحرف والعبارة،،،
تتوجين خطابكِ بـ (يا عزيزي) وتختمينها بـ (يا غالي)
والأدهى والأمر يوم أن تضمنيها وجوهًا تعبيرية.. تبتسمين لهذا، وتغمزين لذاك.. وكأن ذلك الشخص عندكِ بلا إحساس...
فيا حبيبة... أطالبك أن تقفي وقفة صريحة مع نفسك..
أتظنين أن مثل هذه الكلمات والمحادثات ستمر عابرة،،،
هل يخفى عليك ما في قلوب الرجال ـ خاصة مرضى القلوب ـ من شدة الافتتان بالمرأة،،
ألم تسمعي بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قال (ما تركت فتنة أشد على الرجال من النساء)
أترضين أن تكوني مفتاحًا للشر،،
هل ستسركِ هذه الكلمات والمحادثات حينما تعرض على ربك،،
فليت شعري،، بأي عين ستنظري إليه،، بأي قدم ستفقي أمامه،، بأي لسان ستجيبيه،، حينما يسائلك،، أمتي ما ابتغيتي بهذه الكلمات؟ أمتي،، لما استهنتي بحرماتي،،
أمتي،، لما فتنتي عبدي،،،
أم ستراكِ ستنجين يوم أن يأتيك ذلك الشاب يحاجكِ عند الله - تعالى -،،، ربي،، أغوتني،، وأغرتني،، وبحبائلها أوقعتني،،،
نعم،، هو سيحاسب،، وليس له عذر في معاصيه،، ولكنكِ أيضًا ستحملين وزر كل شخص فتنتيه،،،
فهل ستطيقي ذلك....
فهيا يا غالية،،، ليكن إيمانكِ ودينك أغلى،،، ولا تضيعيه بكلمات تافهة،،، تتحسرين عليها يوم القارعة...
حفظكِ الله - تعالى -وهداك
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/243)
مال المرأة وحق الرجل فيه
ـ إن مسألة الذمة المالية للزوجة مسألة كثر فيها الكلام، وباتت مسألة شائكة تسبب كثيرًا من المشاكل وتقع كأي مسألة بين إفراط وتفريط، فهناك صنف من الأزواج ينظر إلى زوجته على أنها بقرة حلوب تدر مبالغ من الأموال إلى خزانتها العامة، دون أن يكون للزوجة أدنى حق في مالها التي اكتسبته يداها ومن تعبها وعرقها، وينتظرها كل شهر ليأخذ منها راتبها دون شفقة أو رحمة، وإلا فالويل ثم الويل لها.
ـ وهناك صنف من النساء يخرج يوميًا ما لا يقل عن عشرة ساعات، وتقصر في خدمة زوجها وبالتالي في الرعاية المستحقة لأبنائها وتعود وقد سئلت حقيبة بمال كثير نظير هذا العمل، ولا ترى لزوجها ولا لأولادها أي حق في مالها الخاص، بل يجب على الزوج النفقة عليها وعلى أولادها بلا أي تقصير، بل أحيانًا يتعدى الأمر ذلك وتكلفه ما لا يطيق، فيعيش مهمومًا فقيرًا ورفيق الدرب عُني بكنز أمواله.
ـ وفي الغالب فإن الرجل الكريم القادر لا يطلب من زوجته مالاً ينفق منه على البيت، وكذلك فإن المرأة الكريمة القادرة لا تنتظر تنبيهًا من أحد يدفعها أن تساهم في نفقات الأسرة، لأن هذا الكيان المشترك الذي يتكون من الأب والأم والأطفال صغروا أو كبروا مسئولية مشتركة تقوم فيها المرأة بالدور الأكبر في الرعاية والتربية وتساعد ببعض المال بحسب الظروف والأموال، مع أن الأصل الذي نميل إليه هو أن الرجل هو المسئول عن الإنفاق بشكل كامل على قدر دخله، ولو كانت زوجته ذات مال.
ـ وهناك مسألة يجب التنبيه إليها وهي أنه ليس للرجل أي حق في مال المرأة الذي ورثته، أو وصل إليها بصورة لا تضر بالبيت أو الأولاد كالتجارة تمارسها في بيتها، أو إيجار بيوت أو عقارات، أما راتبها من العمل فمسألة أخرى اختلف فيها الفقهاء: فمنهم من قاسها على الأصل السابق بما لا يجعل الرجل فيه حقًا، ومنهم من رأى فيها مسألة مستحدثة تستقطع فيها المرأة جزء من الوقت المخصص أصلاً لرعاية البيت، لتقوم بأداء هذا العمل مما يترتب عليها حقًا ما نظير خروجها هذا.
ـ والأمر المهم أننا عندما نناقش الأمور الزوجية يجب ألا نغفل عن الأصل القرآني وأن هذه العلاقة المقدسة وإن كان يحكمها ويضبطها الحدود الشرعية والواجبات ويجب ألا ننسى الفضل في هذه العلاقة كما في قوله - تعالى -: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] وإن كانت المرأة وهبت للرجل أعز ما تملك ووهبت له زهرة شبابها فهل تبخل عليه بدريهمات، وكذلك الرجل، فقد ضحى بالغالي والنفيس حتى يتمكن من الزواج والإنفاق على زوجته وأولاده، فلم يبق له شيء، فهل يطمع في دريهمات من مال زوجته تعبت في الحصول عليه.
ـ إذًا فإن الأصل في إدارة شئون الأسرة سواء في الاقتصاديات أو غير ذلك، إنما يقوم على الثقة والفضل، وفي إطار هذه الثقة وهذا الفضل نتوقع من الزوجة أن تساهم بقدر معقول تقدره هي حسب ظروف البلد وحسب احتياجاتها الأخرى التي تقوم بقضائها من ملبس وغيره بالاتفاق مع الزوج، وإن كانت غير ملزمة شرعًا بذلك والله أعلم.
ـ وأفضل ما تنفقه الزوجة، بل خير الإنفاق على العموم، هو إنفاق الزوجة على زوجها، إن هذا من باب التراضي بين الزوجين، ودفعها إلى مزيد من الترابط، شرط أن يكون ذلك عن طيب نفس منها، ولا تنسى أن ذلك كان موقف السيدة خديجة - رضي الله عنها - من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثته حيث يقول: [وواستني بمالها].
وهذه الطريقة من الإنفاق بالتراضي تعمر البيت المسلم، أما سلب مال الزوجة دون رغبتها فهو يخربه، أو تجعلها مغبونة وهو ما لا يرضاه الله - عز وجل -.
وفصل الخطاب في هذا الأمر يتضح من خلال النقاط التالية:
1] أن مسئولية الإنفاق على الزوجة والأبناء تقع على الرجل وهي القوامة.
2] أن للزوجة ذمة مالية خاصة بها، ولا يجوز للزوج ولا لغيره أخذ شيء منها إلا برضاها.
3] أن الحياة الزوجية السعيدة مبنية على الفضل والتنازل وليست على الصراع والسيطرة والأنانية.
4] أن أفضل النفقة والقربة إلى الله - عز وجل - هي نفقة الرجل على زوجته وعياله وكذلك الحال بالنسبة للمرأة.
5] في حالة يسر الرجل فالأولى له ترك مال الزوجة للزوجة، فهذا أفضل القوامة عليها وأسكن لنفسها.
6] الإنفاق بين الرجل والمرأة والتفاهم العاقل يحل كثيرًا من هذه المشاكل، فمثلاً يتفقا على قدر معين من المشاركة، ويقول بعد ذلك جزء للمرأة تتصرف فيه كما تشاء، وهذا بالطبع ليس إلزامًا ولكنه يكون عن تراض منها.
7] أن هناك فرقًا بين الميراث أو المال الذي يخص المرأة بصورة ليس للرجل أي دخل فيها، وصورة عمل المرأة الذي يمكن أن ينقص من حقوق الرجل، فالكلام والنقاش في هذا وليس من أي مال للمرأة.
8] أن خروج المرأة للعمل لا بد وأن يصاحبه تقصير في حق الزوج، على المرأة أن تعوضه بالمشاركة في المنزل.
10 محرم 1425هـ
1 مارس 2004م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/244)
كيف أجدد بشرتي ؟
أ. شذا البني
يعتبر جمال البشرة من أهم عناصر جمال الوجه، ولكي يبقى الوجه نضراً يحتاج بين فترة وأخرى إلى تجديد البشرة و إعادة الجمال إليها وذلك بإزالة البقع الداكنة وإغلاق المسامات العريضة وتخفيف التجاعيد وإعادة الرونق والنضارة للبشرة الكامدة.
يتم كل ذلك عن طريق إعادة وظائف البشرة إلى حالتها الطبيعية عن طريق تجديد البشرة وزيادة الدوران فيها بدلاً من إخفاء عيوب البشرة بالمساحيق التجميلية.
يتغير مع ازدياد العمر:
يتأثر الجلد كباقي أعضاء الجسم بعوامل كثيرة خارجية وداخلية تؤدي إلى تدهور حالته ومظهره، كما يتكون حب الشباب عندما تفرز الغدد الشحمية زيوتاً أكثر من اللازم مؤدية إلى انسداد المسامات، وتظهر الهالات السوداء تحت العين والتجاعيد والمسامات العريضة.
و تظهر على الوجه أحياناً بعض البقع البنية اللون، إما لأسباب هرمونية داخلية أو بسبب التعرض للشمس بشكل متكرر أو الحمل واستعمال حبوب منع الحمل، مما يؤدي إلى حث الخلايا الصبغية على النشاط وبالتالي تشكل البقع.
أما التجاعيد وفقد البشرة مرونتها فإنها تظهر عندما يخسر الجلد مادة الكولاجين بشكل أسرع مما ينتجه من هذه المادة. إن التغيرات التي تحدث للبشرة تغير من وظائف الجلد بالإضافة إلى العوامل الداخلية والخارجية التي تؤدي إلى أن يخسر الجلد صحته بشكل تدريجي.
كيف تتم معالجة كل ذلك:
تحتاج بشرتك إلى برنامج معين تلتزمين به:
أولاً من الضروري استخدام منظف ومقوي للجلد على أن يكون مؤلف من حموض الفواكه والحمض الفيتاميني آ والفيتامين C و E ومواد مفيدة أخرى.
قد تلاحظ احمراراً للبشرة وجفاف وتقشر للجلد القديم كما لو أنك تعرضت لحمام شمس خفيف. هذه التفاعلات طبيعية جداً وتختلف من بشرة لأخرى، بعد فترة الأسابيع الأولى تتلاشى التفاعلات تدريجياً ويبدأ الجلد بالتحسن
عليك باستخدام منظف الجلد صباحا ومساءً.
إذا كنت تعانين من حب الشباب فمن الأفضل استخدام مضاد باكتيريا، لقتل الباكتيريا الموجودة على سطح الجلد ويخفف هذا المضاد من التهابات الجلد وظهور حب الشباب.
لتنظيف بشرتك بشكل جيد يجب عليك أن تغسلي وجهك صباحاً ومساءاً بماء فاتر(تجنبي المياه الحارة التي تضر بالجلد) ثم استخدمي المنظف الذي يصفه لك الطبيب والذي يجب أن يكون مناسباً لنوع جلدك.
بعد الغسيل يجب أن تجففي وجهك بالمنشفة بلطف وبدون تدليك ثم تضعي المقوي باستعمال قطنة صغيرة لتسريع عملية التنظيف وإعادة حموضة الجلد.
تحتاج بشرتك إلى عامل مجدد أو مضاد للشيخوخة والذي عليك البدء باستخدامه في سن 25 ويمكن استخدام هذا المستحضر مساءً على أن يحتوي على مادة طبيعية مزيلة للبقع (كالفطر الياباني وخميرة القمح) ومضادات الأكسدة المضادة لتعجز الجلد (فيتامين C، E، D) والبروتين الحامضي A وحمض اللبن.
ولإعادة صفاء لون الجلد من البقع الداكنة والهالات الزرقاء أو السوداء تحت العين وهي من المشاكل الجلدية التجميلية المعندة على أكثر العلاجات. ضعي ما يعادل 3 حبات بازالياء على كامل الوجه ما عدا الرقبة من كريم مجدد البشرة ودلّكي بلطف لمدة دقيقتين، يجب عدم وضع مجدد البشرة على الرقبة وزاوية العين وزاوية الفم والأجفان حيث أن تلك المناطق حساسة جداً.
يجب وضع هذا المستحضر صباحاً ومساءً بعد وضع المقوي.
إذا كانت بشرتك دهنية و تحتاج لتصليح البقع الداكنة والكلف والمسامات العريضة استعملي واحد غرام من مجدد البشرة أي ما يعادل ثلاث حبات من البازالياء صباحاً ومساءً.
أما إن كانت بشرتك عادية فضعي كمية واحد غرام مساءً فقط.
وإن كانت بشرتك حساسة ورقيقة فاستعملي نصف غرام أي معا يعادل حبة أو حبتين بازالياء كل مساء.
من الضروري إن أردت أن تحافظي على بشرتك أن تحميها من أشعة الشمس لذلك ينصح باستخدام الواقي الشمسي لحماية بشرتك وتخفيف ضرر الشمس عليها
حاولي أن تخضعي مرة بالسنة للتقشير كيميائي بحمض TCAهو حمض خفيف، وأن تقومي بتنظيف بشرة وجهك عند أخصائية التجميل مرة كل أسبوعين.
كيف ستكون ردة فعل جلدك؟
سيكون رد فعل بشرتك متفاوت أثناء المعالجة وقد تظن أنه من الغريب ما يحصل لبشرتك في أول الأمر، فالكريمات التي تضعيها لتحسين مظهر بشرتك تجعله يبدو أسوأ مما كان عليه في بداية الأمر ولكن تذكري أن ردود الفعل هذه طبيعية وجزء من عملية تجديد الجلد.
الاحمرار: قد يحدث احمرار خفيف وهو يدل على أن تصحيح الجلد قد بدأ. وهو يحصل عادة في بداية المعالجة، وبشكل عام ويقل في المراحل المتقدمة من المعالجة ويختفي أثناء استعمال برنامج المحافظة.
الشعور بالحرق الخفيف أو الحكة: إن استعمال بعض الكريمات سيسبب الشعور بالحرق الخفيف أو الحكة أثناء المرحلة الانتقالية التي يتحول فيها الجلد المتضرر إلى جلد صحي وخاصة لصاحبات البشرة الحساسة. ولكن هذا الإحساس سيختفي بعد عدة أسابيع لأن بشرتك سوف تكون قادرة على التحمل أكثر، إذا وصلت إلى مرحلة عدم تحمل هذه العوارض الجانبية فيجب عليك أن تخففي كمية الكريمات التي تزعجك وأن تضعي الكريم المسكن أو المرطب.
جفاف الجلد: إن جفاف البشرة هو شيء طبيعي وضروري أثناء المعالجة لأنه يسهل تقشر الخلايا السطحية المتضررة وتبديلها بخلايا ذات صحة جيدة ورونق. ولكن إذا ازداد الجفاف عن حده وانزعجت من ذلك كثيراً فيجب أن تتوقفي عن استعمال مجدد البشرة و مستحضر الحمض الفيتاميني A لعدة أيام، وأن تستعملي الكريم المسكن والمرطب عدة مرات باليوم حتى تشعرين بالراحة ومن ثم تابعي البرنامج مرة أخرى.
التجاعيد: ستبدو التجاعيد الموجودة على وجهك واضحة أكثر في المراحل الابتدائية من البرنامج وهذا يعود لجفاف الجلد المبدئي. وستختفي هذه الظاهرة بعد فترة قصيرة من استخدام الكريمات وستظهر بشرتك متألقة ناعمة وتخف التجاعيد.
التحسس: التحسس هو تورم أو انتفاخ أو حكة يمتدان إلى ما بعد المنطقة المعالجة. إذا حصل معك أي رد فعل تحسسي فيجب مراجعة أخصائية التجميل حتى تستطيع تقرير ما هو سبب التحسس، ومن ثم تصف لك العلاج المناسب إذا أحسست بأنك أصبت برد فعل تحسسي فتوقفي عن استعمال الكريمات فوراً.
إذا كانت لديك مناسبة ماذا تفعلين؟
من الطبيعي أحياناً أن تضطر لتحسين مظهر بشرتك أثناء المراحل الأولية من المعالجة خصوصاً إذا أردت أن تحضري مناسبة معينة. تذكري أنه يجب أن تخففي من قوة البرنامج الذي تستخدميه لتحقيق ذلك.
ننصحك بما يلي:
توقفي عن استعمال الكريمات المجددة، وابدئي باستخدام الكريمات المسكنة والمرطبة مرتين باليوم، تعود بشرتك عادة إلى حالتها الطبيعية خلال يومين أي يزول الجفاف والاحمرار والتقشير.
تابعي باستخدام المرطب والمنظف والمقوي الخاص بإعادة صفاء البشرة عندما يكون التقشير كثيراً تستطيعين تسريع التخلص من القشور بغسيل وجهك بيديك أو باستخدام منشفة ناعمة.
07-شعبان-1426 هـ
10-سبتمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/245)
شقائق الرجال : والمرأة .. سلاح ذو حدين
الشيخ محمد الشعلان
عندما نلقي نظرة على المجتمعات الغربية الكافرة، التي تتباهى دولها بالتقدم في الصناعة والاختراع، وتتعالى بالكثرة في العدد والعتاد، وتختال بالريادة على دول العالم الثالث; الدول النامية، فإننا نجد الفساد والانحطاط، والتفكك، والتبذل، والجريمة والسوء، والتسيب والعطالة، علامات ظاهرة لتلك المجتمعات، لفقدها الدين القويم، الفاحشة والسوء والخنا سرت إلى كبار القوم وصغارهم، الرهبان والأحبار عباد الصليب ودعاة الجحيم فساق في أنفسهم، أخلاقهم منحلة وأفكارهم فاجرة.الأسر تعيش وضعا مأساويا من تفكك وانحلال، وشبح الجريمة والأذى يخيم عليها في الصباح والمساء، المرأة أطلق لها العنان تفعل ما تشاء وتذهب إلى أي مكان تهواه
تصادق من تشاء وتخادن من تشاء، فعاشت المجتمعات الغربية حياة مليئة بالمتناقضات، وحافلة بالخوف وعدم الاستقرار، وكل ذلك سببه الكفر بالله عز وجل، وغاظها ما تتمتع به بعض البلاد الإسلامية من استقرار في الحال، وأمن على الأعراض والأبدان والأموال، وندرة في الجريمة والفساد، فقررت بما تحمله من عداوة لهذا الدين القويم وأهله أن تذيق المجتمعات الإسلامية ما ذاقته من ويلات الفساد والانحلال، فطرقت سبلا شتى من أجل تحقيق هذا الهدف الخبيث وهذه الغاية الآثمة، وصوبت سهام الغدر والخبث والحقد إلى مجتمعات المسلمين لتصيب المقاتل منها، فتعيش الوضع الذي تعيشه المجتمعات الغربية أو أشد، ولا غرابة أن يفعلوا ذلك لأنهم أعداء الدين الإسلامي والعقيدة الصحيحة وأعداء المسلمين أينما كانوا، وعداوتهم ظاهرة وواضحة والقرآن الكريم والسن ة النبوية مليئان بذكر هذه العداوة.ولقد عثروا على الداء الذي إذا ما أصيبت به المجتمعات الإسلامية، أهلكها ودمرها، ألا وهو إفساد المرأة المسلمة وإضلالها، وذلك بالسعي في إخراجها من خدرها، ونزع الحياء منها، وبث الشعور في نفسها بأن ما تعيشه في بلادها ما هو إلا كبت لحريتها، وهضم لحقها في تدبير شأنها بنفسها بلا سلطة من أب أو أم أو أخ، وتزيين الحياة التي تعيشها المرأة الغربية لها، ومن أجل هذا جعلوا المرأة هي قطب الرحى في مقالاتهم وكتبهم ومجلاتهم وأفلامهم ومسرحياتهم ودعاياتهم، ما بين تغزل بها ووصف لمفاتنها، وبين إظهارها أمام الملأ عارية أو شبه عارية، وغزوا بذلك مجتمعات المسلمين عن طريق وسائل الإعلام المختلفة. إن ما يقوم به أعداء الدين من هذا العمل ليس مستغربا، فالحقد ملأ قلوبهم، والبغض عشعش في عقولهم، والكره ملأ صدورهم، فلا تتصوروا يوما ما أن يريدوا بالمسلمين خيرا، ما داموا في مقام القوة والغلبة، وإن أظهروا الخير وتملقوا للمسلمين، فإنما هو في حال الضعف والذل وما يضمرونه في قلوبهم للمسلمين أعظم وأعظم، لكن الخوف والمصيبة، أن تنقض عرى الإسلام عروة عروة، وأن ينال المجتمعات الإسلامية الأذى والفساد من بعض المسلمين، الذين انخدعوا ببريق الحضارة الغربية، وأشربوا الأفكار الغربية الماردة، وظنوا أن الخير والصلاح في سلوك سبيلهم في التحضر والتمدن، هذا مما يخاف منه ويحذر، أن تطعن المجتمعات الإسلامية برماح أهلها، وتذوق الويل والمر بأيدي بعض المسلمين، ممن يذهب إلى ما يذهب إليه الغرب الكافر من تحرير المرأة المسلمة من رق العبودية لله رب العالمين، إلى رق العبودية للهوى والشيطان الرجيم. لنعلم علم اليقين أن المرأة سلاح ذو حدين، فإن كانت صالحة تقية نقية طاهرة، نفع الله بها المجتمع نفعا عظيما، فهي أم مربية وأخت داعية، وإن كانت فاسدة خبيثة، فإنه سيكون لها أثر سيىء على المجتمع، فهي فتنة شديدة وعظيمة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ؛ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء« والشاهد على هذا الوضع الأليم الذي تعيشه المجتمعات الغربية، وبعض المجتمعات الإسلامية، من جراء فساد المرأة وترك الحرية لها في ممارسة حياتها، ولهذا كان علينا في هذه البلاد المباركة واجب عظيم في الحفاظ على المرأة وتطبيق شرع الله عليها، عبادة ومعاملة وسلوكا، وسد كل السبل التي تؤدي إلى فسادها، وعدم تمكين المنخدعين بالغرب الكافر ومبادئه، أو من قل علمه وساء عمله، من الوصول إلى المرأة المسلمة وخدش حيائها، سواء عن طريق الكتابة في الصحف والمجلات، أو عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فعلى المسؤولين عن الإعلام الواجب الأكبر في هذا، وعلى غيرهم واجب كبير أيضا في هذا، بالتربية الإسلامية والتوجيه السليم، وعدم السماح لوسائل هدم المرأة المسلمة وإضلالها من التسلل للبيوت أو لعقول النساء، وإن لم نتكاتف جميعا ونتعاون في محاربة دعاة الضلال والانحراف عموما، ودعاة تحرير المرأة وإفسادها خصوصا، فيخشى علينا أن يصيبنا ما أصاب غيرنا من البلاء الذي حل بهم من جراء الفساد والتحرر الذي وقع فيه نساؤهم، فاتسع الخرق على الراقع، وصعب عليهم إعادة المرأة إلى كرامتها وحيائها كما قيل: لا نسب اليوم ولا خلة ***اتسع الفتق على الراتق فيا أيها الأب الكريم عليك مسؤولية كبيرة نحو زوجتك وبناتك، ويا أيها الأخ الكريم عليك مسؤولية كبيرة نحو أخواتك وبناتك، أيتها الأم الكريمة عليك مسؤولية عظيمة نحو بناتك، ويا أيتها المعلمة عليك مسؤولية كبيرة نحو طالباتك، ويا أيها القائمون على وسائل الإعلام عليكم مسؤولية كبيرة نحو نساء المسلمين، عليكم جميعا القيام بهذه المسؤولية بكل أمانة وصدق فأنتم مسؤولون عنها يوم القيامة أمام ربكم، فكونوا وسائل عمارة وبناء ولا تكونوا وسائل نقض وهدم، وخذوا العبرة من غيركم، فالسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وعظ به غيره.
إن الأعداء اليوم، شعروا بما سببه خروج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال في العمل ومقاعد الدراسة وفي الأسواق، من متاعب أخلاقية وإدارية، فطالب العقلاء منهم بمنعها من الاختلاط بالرجال وتوفير الراحة والمال لها وهي بعيدة عن الرجال، ومكافأة الأسرة التي تنجب ذرية وتقوم على تربيتها لتكون صالحة في المجتمع ولا أعني صلاح الدين وإنما صلاح الحال، فيأتي من يأتي من المسلمين ممن ذر في عينه الرماد، فيبكي أو يتباكى على حال المرأة المسلمة، ويشيد بالمرأة الكافرة وما تعيشه من حرية في الحياة، ويطالب لها بأمور لا يأتي منها إلا الشر والأذى، لا حبا للمرأة المسلمة ولا رحمة بها، وإنما رغبة في إخراج المرأة المسلمة من خدرها لتكون هدفا للعيون الجائعة ولقمة سائغة للذئاب البشرية، من يقول على للمرأة أن تمثل كما يمثل الرجال لكن بشروط، هل انتهت مشاكل المسلمين وارتفع الفساد حتى لم يبق إلا أن نتكلم في هذا الأمر الذي ضرره وعاقبته الوخيمة معلومة حتى للعامي من الناس فضلا عن العلماء والمثقفين الثقافة الإسلامية الصحيحة، ومن ينادي بتهيئة مقاهي للنساء يجتمعهن فيها بعيدا عن الرجل الذي يصحبها في البيت والسيارة وفي كل مكان، ولعله الزوج، يا سبحان الله يقال هذا في زمن اشتعل فتيل الفتن في المجتمعات وأصاب الناس بلاؤها وهم لم يفكروا إلا في مقاهي للنساء ونواد للنساء، إن في الشريعة الإسلامية قاعدة لأرجو ألا تغيب عمن يحبذ مثل هذا، القاعدة هي: سد الذرائع، وهذه القاعدة تتأكد في هذا الزمان الذي كثر فيه الشر وانتشر، ليست المقاهي والنوادي وغيرها هي التي ستصلح النساء وتحميهن من الشرور، وليس الخلل في فقدها، إنما الذي يصلح النساء التربية والتوجيه، ويفسدها الإهمال والتضييع، وإلا فجلوس المرأة في البيت وعدم خروجها إلا لحاجاتها الضرورية، والإسراع في تزويجها، لتكون أما ومربية وداعية ومعلمة، هو الذي يليق بها وهو الذي دعا إليه الإسلام فعلينا أن ننتبه لما يخطط للمرأة المسلمة، من قبل أعداء الدين وأدعيائه، وألا نغفل عنها.
25111424 هـ
http://www.abowab.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/246)
لماذا لا يقل وزني ؟
كثيرات هن اللاتي يسألن..لماذا لا يقل وزني رغم كل الجهد الذي أبذله لأبدو أقل وزناً وأكثر رشاقة؟!.
تعتقد الكثيرات أنهن ملتزمات بقواعد الريجيم الصحيحة لذا يصيبهن الإحباط عندما يقفن على الميزان ليجدن أوزانهن كما هي، فيتجهن محبطات إلى الثلاجة ليتناولن من كل صنف ولون ويعوضن الحرمان الذي يعشنه دون فائدة.
وفيما يلي نعرض بعض العادات أو السلوكيات الخاطئة التي نقوم بها وتتسبب دون أن ندري بإحباط نظام الريجيم الذي نتبعه:
الوجبات السريعة:
تشتكي بعض النساء من أن وزنها لا ينقص رغم أنها لا تتناول إلا وجبة واحدة في اليوم، وعندما نبحث عن مكونات الوجبة التي تناولتها يتضح لنا أنها من الوجبات السريعة والتي تحمل من الوحدات الحرارية أكثر بكثير من الوجبات العادية، كما أن تناول مثل هذه الوجبات يؤدي إلى حصول خلل في الكثير من العمليات الحيوية داخل الجسم، لذا يجب على من تتبع الريجيم أن تكون على دراية كاملة بعدد الوحدات التي تتناولها والابتعاد قدر الإمكان عن تناول الوجبات السريعة.
إجازة من الريجيم:
تقبل بعض النساء على الطعام في العطل الأسبوعية، فتتخذ من عطلة نهاية الأسبوع إجازة من نظام الريجيم التي كانت ملتزمة به ظناً منها أن ذلك لن يؤثر على وزنها، وأن اتباع الريجيم لمدة خمسة أو ستة أيام في الأسبوع كافٍ للوصول إلى الوزن المنخفض، وهي بهذا الاعتقاد مخطئة، إذ إن أي تسيب من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في آلية الجسم الذي شرع في التخلص من الدهون، وقد يؤدي ذلك إلى تمسكه بها فيصعب إحراقها بعد ذلك.
الامتناع عن تناول الطعام نهائياً:
تمتنع بعض النساء عن تناول الطعام نهائياً رغبة منها في إنقاص وزنها بسرعة، وتكتفي بشرب الماء فقط، ومع ذلك لا تلحظ انخفاضاً في الوزن، ذلك أن هرمونات الجسم في هذه الحالة تعمد إلى تخزين الدهون وترفض تسليمها للإحراق عن طريق إبطاء عملية التمثيل الغذائي، وهي تفعل ذلك حفاظاً على الجسم.
لذلك على من تود الوصول إلى وزن منخفض أن تأكل حتى تنشط من عملية التمثيل الغذائي في جسمها، وعندئذ سيبدأ وزنها في الانخفاض.
كما أن الجسم بحاجة لبعض المواد لكي يقوم بإحراق الدهون أثناء الريجيم، ومن المواد التي تساعد الجسم على إحراق الدهون: الزنك والمغنيسيوم وفيتامين ب6، إضافة إلى شرب عصير البرتقال.
بلا دهون:
غالباً ما تتبضع النساء اللاتي يتبعن نظام الريجيم من الأطعمة المصنفة على أنها خالية من الدهون، وتبدأ بأكل هذه الأطعمة وهي مطمئنة البال أنها لن تزيد من وزنها.
والحقيقة أنه لا يوجد طعام من هذه الأطعمة الجاهزة يمكن اعتباره خالياً خلواً حقيقياً من الدهون، وإن أقصى ما تفعله هذه الشركات المصنعة لهذه الأطعمة أنها تسحب الدهون بمقدار 85%، كما أن الشركات المصنعة لهذه المأكولات تعرف أن ما يجعل أطعمتها مقبولة المذاق هما الدهون والسكريات فإن أنقصت من نسبة الدهون فإنها ستزيد من نسبة السكر وبالتالي فإن مثل هذه الوجبات لن تؤدي إلى إنقاص الوزن.
الأكل العاطفي:
ونعني بذلك أن يكون الدافع وراء تناولنا للطعام ليس إشباعاً للجوع إنما إشباعاً لعواطفنا، إذ إن الكثيرات ارتبط لديهن الطعام بحالتهن النفسية، فإذا عانين من اضطراب أو قلق أو حزن يواسين أنفسهن بلوح من الشيكولاتة خصوصاً أن الأبحاث والدراسات الأخيرة أثبتت أن الشيكولاتة تزيل الاكتئاب وتبعث على السعادة.
ومثل هذا السلوك ليس وليد الحالة، إنما هو شيء للأسف نشأنا عليه، فمن منا لا يذكر أن قطعة الحلوى كانت تعطى له وهو صغير عندما كان يبكي وأنها كانت من أكثر المكافآت التي كنا نحصل عليها إذا قمنا بعمل جيد أو أطعنا أوامر والدينا.
هذا السلوك الذي تربينا عليه أصبح عادة في حياتنا، وهنا نجد أن محاولات الريجيم وقواعده تقف عاجزة أمام هذه العادة خاصة وأننا معرضون للشعور بالقلق أو الحزن لأي ظرف من الظروف.
وفي هذه الحالة يجب أن ندرس مشاعرنا جيداً قبل أن تمتد يدانا إلى الطعام، ونسأل أنفسنا، هل نحن جائعون فعلاً؟
كما يجب أن نعود أنفسنا إذا شعرنا بالضجر أو الانزعاج ألا نذهب إلى الثلاجة، وأن نتبع سلوكاً آخر؛ كقراءة القرآن وسرعان ما سنكتشف أنه السلوك الأنجع كما قال الله - تعالى -: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
كما يمكننا أخذ حمام دافئ أو القيام ببعض التمرينات الرياضية؛ فهي تفرغ الطاقة الموجودة في جسدنا وتصرفنا عن التفكير أو الإحساس بالضجر، كما أنها تساعد بشكل كبير على إحراق الدهون وسرعة الوصول إلى الوزن الذي نتمناه.
27- رجب -1426 هـ
31-أغسطس-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/247)
تمزيق قضايا المرأة ؟!
الدعوات التي تتبنى قضايا المرأة الحقيقية دون مزايدة أو افتعال قليلة؛ بل شحيحة، الأمر الذي يجعل المرأة ضحية المغالين والمزايدين عليها وعلى حقوقها، والمطالبين بأغراض هي أبعد مما تحتاجه المرأة وأبعد ما تكون عن صيانتها وتحقيق حريتها وراحتها التي يزعمون.
وعلى الجانب الآخر نجد من يستميت في دفع ما يرميه المبطلون من شبه حول المرأة حدباً عليها وشفقة مما قد يؤول إليه أمرها، وهو ما يجعلهم يقعون في المغالاة والمزايدة أحياناً، وفي كلتا الحالتين تصبح المرأة ممزقة بين هؤلاء وهؤلاء.
فريق ثالث هو الأضعف صوتاً والأقل ـ يالأسف ـ أثرا هو من يرى مشاكل المرأة واحتياجاتها بإنصاف من خلال واقعها ويسعى للحلول دون الاصطدام مع ثابت من ثوابت الدين أو عرف يميز مجتمعاتنا عن غيرها..وهذا الفريق بالرغم من أنه يمثل السواد الأعظم ممن ينظرون لقضايا المرأة ويتفاعلون معها، إلا أن تواصلهم مع الإعلام ووسائله المختلفة ليس كما يفعل المبطلون، وأصحاب الأهواء..وليسوا على نفس القدر من الجلد والمناورة، والصبر في تقديم رأيهم وعرض مشاكل المرأة التي تواجهها في مجتمعها وتقديم الحلول لها مما يدفع بعض المتحمسين والمتحمسات للانزلاق مع الموجة وركوبها بفعل قوة التأثير الإعلامي والهالات الضخمة التي تثير الغبار فتختلط الحقائق بالمغالطات.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/248)
بيان العلماء وطلبة العلم حول قيادة المرأة للسيارة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن مما لاشك فيه أن للمرأة في الإسلام منزلة رفيعة ومكانة عظيمة، وقد أعز الإسلام شأنها وأعلى مكانتها واحترم حقوقها وضمن لها حريتها وكرامتها وأحاطها بسياج منيعة من الصيانة والحماية، وشرع لها ما يحفظها ويحفظ الرجال من الافتتان بها.
ولما أدرك أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمنافقين هذه المكانة العظيمة للمرأة في الإسلام ودورها الخطير في صلاح الأمة الإسلامية واستقامتها، أو فسادها وضلالها، رموا المرأة عن قوس واحدة يريدون إفسادها ومن ثم إفساد الأمة بها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) متفق عليه،
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) رواه مسلم.
وقديما قال قائلهم "إن التأثير الغربي الذي يظهر في كل المجالات ويقلب المجتمع الإسلامي رأساً على عقب لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو من تحرير المرأة".
وإن مما لاشك فيه أن كل مبطل لابد أن يُلبس باطله ثوب الإصلاح وزخرف القول والبيان، حتى يروج باطله على الناس، لأن الباطل قبيح ومسترذل ومكروه لا ترضى به الفطر السليمة، كما قال - تعالى -: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)).
ولذلك يحاول أعداء الإسلام دائماً إيهام المرأة المسلمة أنها مظلومة مسلوبة الحقوق مهيضة الجناح، إنهم يصورون لها البيت وكأنه سجن مؤبد، والزوج وكأنه سجان قاهر، والقوامة وكأنها سيف مصلت على رقبتها، ويوهمونها أن الحجاب تأخر ورجعية، والأمومة تكاثر رعوي، وعدم اختلاطها بالرجال شل لحركتها وقتل لإبداعها.
ولقد علم هؤلاء المبطلون أن الناس لا يتحركون بغير قضية تزعجهم وتقض مضاجعهم، فافتعلوا قضية المرأة المظلومة في بلادنا، وفي كل يوم يطرحون في وسائل الإعلام وغيرها مظهراً من مظاهر الظلم المزعوم، وآخر ما طرحوه قضية قيادة المرأة للسيارة، زاعمين أنهم يريدون إعطاء المرأة حقها، ودفع الأضرار الشرعية والاجتماعية والاقتصادية عن المجتمع، ولذا فإننا نصدر هذا البيان حول قيادة المرأة للسيارة مستعينين بالله متوكلين عليه فنقول:
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بسد الذرائع والوسائل المفضية إلى المحظورات والمفاسد، حتى وإن كانت هذه الوسائل مباحة في الأصل، بل حتى وإن كانت واجبة، وأمثلة ذلك كثيرة جداً، منها نهيه - سبحانه - عن سب آلهة المشركين مع كون السب غيظاً وحمية لله وإهانة لألهتهم لكونه ذريعة إلى سبهم لله - تعالى -((وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ))...الآية.
ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى المرأة أن تسافر بغير محرم ولو كان سفرها للحج لأن ذلك ذريعة إلى انتهاك عرضها وذهاب كرامتها، وهذه القاعدة العظيمة مطلوبة في جميع الأمور الدينية والدنيوية، بل لا يقوم الدين ولا الدنيا إلا بها، ومن الأمور الدنيوية الظاهرة: كثير من التنظيمات والترتيبات في واقع الناس اليوم "الإشارات والسرعة وغيرها.. " التي وضعت سداً للذرائع والوسائل المفضية إلى وقوع المفاسد والخسائر في الأرواح والأموال.
قال ابن القيم - رحمه الله - مبيناً أهمية هذه القاعدة في الإسلام: باب سد الذرائع أحد أرباع تكاليف الدين، فإنه - أي التكليف - أمر ونهي، والأمر نوعان: أحدهما مقصود لنفسه، والثاني وسيلة إلى مقصود، والنهي نوعان: أحدهما ما يكون النهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني ما يكون وسيلة إلى المفسدة، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين" ثم بين - رحمه الله - أهميتها أكثر في كلام بديع فقال: "لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطُرُق تُفْضِي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعةً لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقُرُبَات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود، لكنه مقصودٌ قصدَ الغاياتِ، وهي مقصودة قصد الوسائل.
فإذا حَرَّمَ الربُّ - تعالى - شيئاً وله طرق ووسائل تُفْضِي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها، تحقيقاً لتحريمه، وتثبيتاً له، ومنعاً أن يقرب حِمَاه، ولو أباح الوسائل والذرائع المُفْضِية إليه لكان ذلك نقضاً للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمته - تعالى -وعلمه يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسة ملوك الدنيا تأبى ذلك؛ فإن أحدَهم إذا منع جُنْدَه أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم أباح لهم الطرق والأسباب والذرائع الموصِّلة إليه لعُدَّ متناقضاً، ولحصل من رعيته وجنده ضدّ مقصوده. وكذلك الأطباء إذا أرادوا حَسْمَ الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصِّلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه. فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال؟ ومَنْ تأمل مصادرها ومواردها علم أن الله - تعالى - ورسوله سد الذرائع المُفْضِية إلى المحارم بأن حرمها ونهى عنها " انتهى كلامه - رحمه الله -.
وإذا عُلم هذا فإنا نقول إن قيادة المرأة للسيارة لا تجوز لأن قاعدة سد الذرائع منطبقة عليها تماماً، لأنها أي القيادة تفضي بالمرأة والمجتمع إلى الوقوع في مفاسد عظيمة وعواقب وخيمة، ومن أهمها:
1- كثرة خروج المرأة من البيت وعدم القرار فيه، ولا شك أن هذا مصادم لأمر الله - تعالى - في قوله: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى))... الآية.
2- ما يترتب على القيادة من تبرج وسفور وخلع لحجاب المرأة، فمما لا شك فيه أن قيادة المرأة للسيارة من أسرع الطرق لخلع الحجاب بحجة رؤية الطريق بوضوح، بل إن القيادة طريق لإلزامها بخلع الحجاب احتجاجاً بالمصلحة الأمنية، كما حدث هذا في بعض الدول الخليجية الملاصقة لبلادنا، إضافة إلى تكرار مطالبة المرأة بخلع حجابها وإظهار وجهها للتأكد من هويتها.
3- تصوير المرأة حيث إنها ستلزم باستخراج رخصة قيادة للسيارة، والتي لابد فيها من الصورة، وسينظر إلى صورتها الرجال عند إصدار الرخصة وتجديدها، وعند التحقق من هويتها عند التفتيش، وعند وقوع الحوادث والمخالفات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
4- الاختلاط بالرجال، وأشد من ذلك الخلوة المحرمة بالرجال في الورش والمحطات ونقاط التفتيش ودوائر المرور، وأشد من ذلك وأمرّ حجزها في حجز المرور عند وقوع المخالفة منها أو الحوادث، وربما يقول قائل: المخرج من هذه البلايا والمحرمات أن نسمح للنساء بالعمل في القطاع العسكري والمرور والورش والمحطات، وهذا المخرج مع صعوبة إمكانيته، فهو كما قال الأول "كالمستجير من الرمضاء بالنار".
5- نزع الحياء منها، نتيجة تكرار مقابلتها للرجال ومحادثتهم عند المحطات والورش ومعارض السيارات ونقاط التفتيش والحوادث وعند تعطل السيارة، وهل سيبقى للحياء مكان في قلبها بعد هذا كله.
6- تسهيل أسباب الفساد أمام المرأة بحيث تخرج متى شاءت وتذهب أين شاءت بدون حسيب ولا رقيب.
7- أنها ذريعة قوية لسفرها وحدها بدون محرم وهو من كبائر الذنوب.
8- إضعاف قوامة الرجل، إذ أن المرأة إذا قادت السيارة وقضت حوائجها بنفسها، قلت حاجتها للرجل الذي يقوم على شأنها.
9- الإيذاء الكثير"التحرش والمضايقات والخطف والاغتصاب" الذي سيحصل لها من ضعاف النفوس في الطرقات وعند التوقف وتعطل السيارة، ولا يخفى ما تتعرض له المرأة في وقتنا هذا من تحرش ومضايقات ومعها محرمها أو سائقها، فكيف إذا كانت تقود السيارة وحدها.
10- إيجاد الشك والريبة لدى الزوج عند تغيبها وتأخرها، مما يؤدي إلى الخصام والفرقة والطلاق، ونظن أن مجتمعنا ليس بحاجة لزيادة نسبة الطلاق العالية فيه.
11- زيادة ازدحام السيارات وكثرة الحوادث، لأن المرأة بمقتضى طبيعتها أقل من الرجل حزماً، وأقصر نظراً وأعجز قدرة، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف، ولنتصور هذا جلياً علينا أن نضرب أعداد الحافلات الناقلة للموظفات والمعلمات والطالبات كل صباح وظهيرة بأعداد مقاعدها.
12- الأضرار الصحية التي تلحق بالمرأة جراء قيادتها للسيارة كما أثبتت ذلك الدراسات العلمية المعتمدة.
13- امتهان المرأة بوظائف لا تناسب طبيعتها وتؤدي بها إلى مفاسد عظيمة مثل سائقة ليموزين وشاحنات وحافلات نقل ومندوبات توزيع وساعيات بريد ومراقبات بلدية... وغيرها، ولا تسأل عن حرص المنافقين على إقحام المرأة في كل عمل حتى يتسنى لهم إخراجها والعبث بها وبأخلاقها.
14- أنها سبب للإرهاق في النفقة، إذ أنه من المعلوم عشق المرأة للزينة والتفاخر بالجديد والباهظ بالثمن.
15- أن في هذه الدعوة إيقاظاً للفتن النائمة وتفرقة للصف وخلخلة لكيان المجتمع وتوريطاً له في خلافات وانشقاقات لا يعلم عواقبها إلا الله ولا يستفيد منها إلا الأعداء.
شبهتان وجوابهما:
الشبهة الأولى:
أن في قيادة المرأة مصالح. وعلى تقدير تسليمنا بوجود هذه المصالح المزعومة، فإن مفاسدها الشرعية أعظم وأكثر وأطم كما تقدم بيانه، ومن قواعد الشريعة: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والشريعة مبناها على جلب المصالح ودفع المفاسد، فما غلبت مصلحته أباحته، وما غلبت مفسدته منعته. قال - تعالى -: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا))... الآية.
الشبهة الثانية:
أن في وجود السائقين في بلادنا أضراراً اقتصادية. ونحن نسلم لهم بهذا ونقبل منهم ومن أي أحد ما كان حقاً، ولكننا نقول الضرر لا يزال بضرر أكبر منه إذ أن الأضرار الاقتصادية لقيادة المرأة للسيارة أكبر من ضرر وجود السائقين وذلك من عدة أوجه:
- تعدد سيارات المنزل الواحد بدلاً من سيارة واحدة بيد السائق.
- تكرار تبديل السيارات من المرأة نتيجة عشقها لكل جديد.
- كثرة الحوادث نتيجة ضعفها و ارتباكها في المواقف الصعبة والأزمات المرورية
- اضطرار الدولة لفتح أقسام كثيرة خاصة بمراجعة النساء والتكاليف الاقتصادية المترتبة على ذلك لا تقارن بتكاليف السائقين.
- كثرة الزحام مما يثقل كاهل الدولة بإقامة مشاريع لتوسيع الطرق وتهيئتها لتتناسب مع الزيادة في السيارات. علماً بان الدول التي سمحت بقيادة المرأة للسيارة لازالت تعاني من وجود السائقين وبكثرة، والدول المجاورة لنا شاهد على ذلك، ولهذا فإننا نقول إن المخرج من هذا أن يتم إنشاء مشروعات نقل متطورة وفعالة وسريعة حكومية وأهلية خاصة بالنساء. ومخرج آخر أن لا يُستقدم إلا سائق مسلم مستقيم عند وجود الحاجة والضرورة إليه، فإن كان لابد من السائق الأجنبي أو قيادة المرأة للسيارة اخترنا السائق الأجنبي لأنه أخف ضرراً بكل المقاييس من قيادة المرأة، ومن قواعد الشريعة "الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف" و"ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعظمهما".
ولا يفوتنا أن نذكر الجميع ببيان اللجنة الدائمة للإفتاء برأسة سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -، بتاريخ 25/1/1420هـ والمتضمن التحذير من المطالبة بقيادة المرأة للسيارة لما يترتب عليها من مفاسد.
وفتوى فضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - بتاريخ 1420هـ، المتضمنة التحذير من مفاسد قيادة المرأة للسيارة.
أخيراً نقول:
أليس من العجب ومما يدعو إلى الشك والريبة أنه لم يدع إلى قيادة المرأة للسيارة عالم ولا داعية ولا مصلح ولا محتسب، بل إن أغلب المتحمسين لها هم الذين ينادون بتغريب المرأة المسلمة، أليس في هذا دليل على أن وراء الأكمة ما وراءها وأنه أمر قد قضي بليل وأٌريد به إفساد المرأة المسلمة، وأن الدعوة لقيادة المرأة للسيارة صنيعة دعاة تغريب المرأة المسلمة ووسيلة خطيرة لتحقيق أهدافهم الخبيثة.
وإننا في نهاية هذا البيان نطالب هؤلاء الداعين إلى قيادة المرأة للسيارة بتقوى الله - عز وجل - والتوبة إليه، وعدم إثارة الفتنة وإشاعة البلبلة في مجتمعنا وأن يحذروا عذاب الله وعقابه، ونشكر كل من بين للأمة مفاسد قيادة المرأة للسيارة وحذر من عواقبها، وندعو العلماء إلى القيام بما أوجبه الله عليهم من النصح والإصلاح والبيان للأمة.
وندعو ولاة الأمر وفقهم الله إلى الأخذ على أيدي السفهاء الذين يريدون خرق سفينة المجتمع وإغراقها قياماً بالمسئولية والأمانة التي ولاهم الله إياها، ومنعاً للفرقة والاختلاف والتنازع في ظل ما تعيشه المنطقة من حروب وقلاقل.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وولاة أمورهم وأن يكبت عدوهم من الملحدين والمنافقين وأن يحفظ نساء المسلمين من كل شر وبلاء ورذيلة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الموقعون على البيان:
1. فضيلة الشيخ العلامة د/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
2. فضيلة الشيخ العلامة/ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
3. فضيلة الشيخ د/ محمد بن ناصر السحيباني عميد كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية سابقا والمدرس بالمسجد النبوي
4. فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن حماد العمر
5. فضيلة الشيخ / فريح بن صالح البهلال
6. فضيلة الشيخ د/ عبد الرحمن بن صالح المحمود جامعة الإمام محمد بن سعود
7. فضيلة الشيخ د/ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف جامعة الإمام محمد بن سعود
8. فضيلة الشيخ د/سعد بن عبد الله الحميّد جامعة الملك سعود
9. فضيلة الشيخ د/يوسف بن عبد الله الأحمد جامعة الإمام محمد بن سعود
10. فضيلة الشيخ د/رياض بن محمد المسيميري جامعة الإمام محمد بن سعود
11. فضيلة الشيخ د/ناصر بن يحيى الحنيني جامعة الإمام محمد بن سعود
12. فضيلة الشيخ د/حمد بن إبراهيم الحيدري جامعة الإمام محمد بن سعود
13. فضيلة الشيخ د/سليمان بن صالح الغيث جامعة الإمام محمد بن سعود
14. فضيلة الشيخ د/إبراهيم بن علي الحسن جامعة الإمام محمد بن سعود
15. فضيلة الشيخ د/إبراهيم بن عثمان الفارس جامعة الإمام محمد بن سعود
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/249)
كيف أزرع الحب في قلب زوجي الذي لا يحبني ؟
كدت أسمع صوت بكائها في رسالتها التي تقول فيها: منذ تزوجت لم أشعر يومًا مثل الأخريات بحبه.. لكني صبرت حتى كان ذلك اليوم الذي اعترف لي فيه أنه لا يحبني.. هكذا بكل سهولة قذفني بكلماته دون أدنى مراعاة لمشاعري.. 'أنا لا أحبك.. ولم أحبك منذ تزوجتك'.
وهي حائرة لا تعرف كيف تتصرف وشبح الطلاق يحوم حولها كل يوم.. فيطرده صوت طفلتها الرضيعة.
هذه المرأة لم تكن أول زوجة تكتشف هذه الحقيقة. فالكثيرات اكتشفنها لكنهن آثرن السلبية والصمت أو التغافل.. وبعضهن لم يكتشفن هذا الأمر إلا بعد مرور عشرات السنين من زواجهن حين صدمن بالحقيقة على لسان الزوج لتقتل ماضي عمر بأكمله.
المرأة الذكية هي التي تعرف جيدًا أن عدم حب زوجها لها لا يعني نهاية المشوار ولا استحالة ولادة الحب من جديد.. وهي التي تستغل الحزن والقهر الموجودين بداخلها كطاقة هائلة لزرع شجرة حب رائعة بدلاً من البقاء صامتة وسلبية ومتقوقعة على ذاتها، ومستسلمة لتلك الصدمة تاركة الحزن يأكل قلبها..
ولكن يبقى السؤال: كيف أزرع الحب في قلب زوجي الذي لا يحبني؟
وفي هذا الموضوع ينصحك الخبراء وأصحاب التجارب بالآتي:
ـ عليك أولاً أن تقنعي بنصيبك وترضي به وتحمدي الله؛ لأن الرضا والقناعة من مفاتيح السعادة في الدنيا والآخرة.. واعلمي أن الله قد اختاره ليبتليك هل تصبرين وتحمدين على قضائه وقدره أم لا؟ وتذكري أنك مأجورة بإذن الله على صبرك، وقد يكون في ابتلاء الله لك بزوج لا يحبك خير كثير لا تعلمينه {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].
ـ لا تركزي على هذا الأمر، ولا تفكري فيه بشكل سلبي، فتقارني نفسك بالأخريات معتقدة أنهن أفضل منك، فقد تكون حياتك الزوجية أسعد وأرغد بكثير من حياة غيرك برغم عدم وجود الحب. وأفضل وسيلة لطرد الوساوس والهموم هي إشغال النفس بطاعة الله، في قراءة الكتب المفيدة، وسماع الأشرطة أثناء العمل في المنزل، والانشغال بتغيير ديكور المنزل والعناية به، ووضع أهداف شهرية وأسبوعية لتحقيقها وإنجازها حتى تنشغلي بها عن التفكير فيما يزعجك وينغص عيشك.
ـ تجنبي لوم زوجك ومعاتبته المستمرة؛ لأن الزوج قد ينفر من زوجته بسبب اللوم المتواصل والنكد حتى لو كان يحبها، فما بالك لو لم يكن يحبها! وابتعدي عن كل ما يمكن أن ينفره منك كالمظهر الرث، والصراخ، واستخدام الألفاظ النابية، وغير ذلك مما لا يحبه أي زوج..
ـ ليس من المجدي في هذه المرحلة أن تحاولي التقرب منه كثيرًا؛ لأن كثرة اقترابك منه ونفسه لا تميل لك قد يجعله ينفر منك. وهذا لا يعني أن تبتعدي عنه تمامًا، لكن المقصود ألا تفرضي نفسك عليه حتى لا تتعرضي لما قد يجرح مشاعرك.
ـ إذا كان التزين والاهتمام بالمظهر مطلوبين من كل زوجة فإنه أهم وأجدى بالنسبة لك، فعليك الاهتمام دائمًا بمظهرك وجوهرك والتجديد في ذلك، مع الحرص على تزيين وجهك بالابتسامة العذبة المريحة.
ـ من أهم وسائل زرع الحب في نفس الزوج أن تحرصي على توضيح مدى احترامك وتقديرك له وفخرك به، سواء بينكما أو أمام الآخرين، وذلك بالكلام والفعل معًا، وقد تتغير مشاعره تجاهك لأنه يشعر بالراحة والفخر والاعتزاز بالنفس معك..
ـ من أهم المفاتيح للوصول إلى قلب الزوج أن تعرفي اهتماماته وميوله وتشاركيه إياها، فإذا كان يحب هواية معينة فابحثي عن الكتب والمواقع التي تتحدث عنها، واقرئي فيها لتستطيعي مناقشته فيها، فالتحدث معه في المواضيع التي يحبها ومشاركته اهتماماته وميوله من أهم الأشياء التي تجعل زوجك يميل إليك، وتنمي روابط المحبة بينكما.
ـ استعيني بالصبر والهدوء والسرية والكتمان، ولا تطلعي أحدًا على مشكلتك إلا من تثقين في حكمتها ومحبتها لك، فمن تستمع لك فستتعاطف معك وتبدي حزنها، وهذا غالبًا يزيدك همًا وحسرة على نفسك وحالك، وقد تسمعين منها بعض النصائح التي تعطي نتائج سلبية.
ـ توكلي على الله وفوضي أمرك إليه والزمي الدعاء الصادق لربك في الثلث الأخير من الليل بأن يسخر قلبه لك ورددي دائمًا {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74] مع التفاؤل واليقين بأن الله سيجيب دعاءك إنه سميع مجيب.
ـ تذكري دائمًا أنه ليس بالحب وحده تُبنى البيوت، فكم من أزواج نجحوا في العيش في سلام وراحة وسعادة في تربية أطفال ناجحين دون أن يكون هناك حب بينهما، ولكن يمكن العيش والنجاح بالقليل منه، خصوصًا إذا كان الزوجان يخافان الله ويلتزمان التقوى وحسن العشرة مع بعضهما، فهناك الكثير من الأشياء التي تستحق التضحية كالعشرة والاحترام المتبادل والعلاقة الطيبة بأهل الزوج ووجود الأطفال.. وكم من زوجة طلبت الطلاق من زوجها بسبب انعدام الحب ثم ندمت بعد الطلاق وشعرت بفراغ بعده وافتقاد له ولعشرته الطيبة.
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/250)
]
المرأة القائدة
محمد بن إبراهيم الملحم
أدبيات قيادة الأنثى Female Leadership تنبئ عن أبعاد متعددة تختلف فيها المرأة عن الرجل في العملية القيادية، فعلى سبيل المثال تعتبر المرأة أكثر قابلية للعمل التشاركي، بينما يميل الرجل إلى التنافسية، كما أن الرجل أسرع في اتخاذ القرار بينما تحتاج المرأة إلى وقت أطول. ولكن هذه الأدبيات تستقي خلاصاتها الفكرية من نتاج دراسات وتجارب مؤطرة بيئيًا ويتركز أغلبها في العالم الغربي ولا تقدم في هذا المجال للعالم العربي الكثير للبون الشاسع بين العالمين.
وعلى الرغم من وجود دراسات دولية متعلقة بالنوع الإنساني Gender Studies والقضايا المرتبطة به سواء كانت في التربية أو الاجتماع أو الإدارة فإن غالبها كان من نصيب دول العالم الثالث في إفريقيا وأقصى آسيا شرقًا أو جنوبًا لتزايد اهتمام العالم الغربي بهذين الجزأين من العالم من حيث مصالح الغرب السابقة واللاحقة فيهما والعلاقات الدولية الاقتصادية الحالية القائمة على استثمار رأس المال البشري في هذه الدول لصالح الإنتاج الموجه لأسواق الغرب، بالإضافة إلى الاعتبارات السياسية الأخرى المعلنة وغير المعلنة. وما يهمنا من ذلك هو أن تلك الدراسات لا تخدم عند التكييف أو المقارنة محاولة التعرف على قضايا المرأة العربية في هذه الجوانب، خصوصًا جانب القيادة Leadership الذي ظل غير مطروق لفترة طويلة دون مبرر عقلاني قائم على أساس مقبول علميًا باستثناء اتباع العادة والعرف وهو أن مكان المرأة بيتها ولا حاجة لها خارجه، وهي مقولة (لو سلمنا بإطلاق صحتها جدلاً) لا تتعارض مع الاهتمام بدراسة قدرات المرأة القيادية وتطويرها، فدورها في رعاية منزلها وتربية أبنائها ينطوي أيضًا على مهارات قيادية متنوعة تحتاج إليها المرأة لتنجح في هذه المهمة!
المجال التربوي هو الأرحب لخوض غمار مثل هذه الدراسات خصوصًا في المملكة العربية السعودية، حيث تتركز معظم مشاركة المرأة في العملية القيادية في هذا المجال، فهناك مديرات المدارس وهناك المشرفات التربويات وهناك رئيسات الأقسام ومديرات الإدارات العامة وعميدات الكليات ووكيلات الوزارة. وتجربة المرأة السعودية في القيادة بمستوياتها المختلفة التنفيذية والإشرافية والوسطى والعامة تحتاج إلى دراسات متعددة لكشف أبرز معالم هذه التجربة، وينبغي أن تكون هذه الدراسات شاملة فمنها ما يكون تنويريًا ومنها ما يكون تطويريًا ومنها ما يكون دوليًا مقارنًا يصنف التجربة السعودية ويقيمها في سلم التجارب الدولية المماثلة لترى القائدة السعودية أين هي من مثيلاتها في العالم. نحن في هذا الصدد بحاجة إلى الإجابة عن أسئلة متنوعة على غرار الأسئلة التالية:
* ما النمط السائد في إدارة المرأة السعودية من بين أنماط الإدارة الشائعة؟
* ما الممارسات الإيجابية السائدة في السلوك القيادي للمرأة السعودية؟ وكم نسبتها؟
* ما الممارسات السلبية السائدة في السلوك القيادي للمرأة السعودية؟ وكم نسبتها؟
* ما الفروقات الرئيسة بين القيادة النسائية والقيادة الرجالية السعودية؟
* ما مدى تقدير المرأة العاملة القائدة السعودية مقارنة بتقديرها للرجل القائد؟
* ما نقائص حسن تطبيق المرأة السعودية لمهارات ومبادئ القيادة الفعالة إن وجدت؟ وما العوائق التي تتسبب في ذلك؟
* ما مدى إقبال المرأة السعودية على القيادة؟ وما دوافعها نحو ذلك؟
* ما مدى توظيف القائدة السعودية الناجحة لمهارات ومفاهيم القيادة الفعالة التي تعلمتها في بيئة العمل في إدارة منزلها وأسرتها؟
* ما مستوى ومجالات ثقافة القيادة لدى المرأة السعودية عمومًا سواء العاملة أو غير العاملة؟ وما مصادر هذه الثقافة؟
* ما تأثير التعليم من حيث المستوى ومن حيث التخصص على تكوين واتجاهات الشخصية القيادية لدى المرأة السعودية؟
* ما تأثير الثقافة السائدة في المجتمع النسائي السعودي على تكوين واتجاهات الشخصية القيادية لدى المرأة السعودية؟
وعمومًا القائمة في هذا المجال طويلة وبحاجة إلى من يميط اللثام عنها بأيد سعودية تقدر متغيرات مجتمعنا وخصوصيته ويقدم للمجتمع الدولي التجربة السعودية في إدارة المرأة بصورة علمية صحيحة بعيدة عن أية وصايات فكرية من باحثي الغرب أو الشرق، حيث نملك الكفاءات العلمية القادرة على العطاء الثري في هذا المجال ويبقى أن نركز عليه ونعطيه الاهتمام الكافي لتتضح معالمه لأصحاب القرار والعاملين والعاملات في الميدان التربوي سعيًا للنهوض به وتطويره للوصول بالقيادات السعودية الأنثوية إلى المستوى اللائق بها من حيث توظيف أحدث اتجاهات القيادة الفاعلة وتنظيمات الإدارة العملية المتميزة.
على الرغم من كون الدخول في دراسات المرأة مجازفة لا يقدم عليها الكثيرون إلا أنه ينبغي لنا أن نتقدم لملء هذا الفراغ ونعطيه حقه من الرعاية في ظل اتجاه المجتمع نحو الانفتاحية المعلوماتية والفكرية لتصبح هذه الانفتاحية سائرة على هدى ومحدودة بالاعتبارات العلمية والأخلاقية للبحث العلمي في هذا المجال والتي تستقي مثلها من خصوصية المجتمع وثوابته القيمية المميزة. وأظن أن الباحثات الإناث أولى الناس بملء هذا الفراغ والتخصص فيه لما يتميزن به من قدرة على إجراء دراسات نوعية قائمة على التعايش والتفاعل بين الباحث والموضوع وهو من الاتجاهات المعاصرة المهمة في البحث العلمي اليوم الذي يجد إقبالاً كبيرًا ودعوة أصيلة من مؤسسات البحث العلمي الاجتماعي والتربوي، وتؤكده أحدث أدبيات البحث التربوي المعاصرة.
نحتاج في هذه الدراسات إلى استيعاب العلاقات المباشرة وغير المباشرة لأبعاد وعوامل البيئة المختلفة على مفاهيم المرأة القيادية وممارساتها الإدارية..ومن أمثلة هذه المعاملات نظرة المجتمع لعملية القيادة ونظرة المجتمع للمرأة كموظفة وكقائدة ونظرة المجتمع عمومًا للمرأة من حيث هي، وهناك أيضًا نظرة المرأة إلى نفسها وتصوراتها الاجتماعية والثقافية.أيضًا تفاعل المجتمع مع المرأة كقائدة واحترامه لقراراتها واستجاباته لمشكلاتها.وأخيرًا فإن كل ذلك أيضًا ينبغي أن يضع في الاعتبار مشكلات العملية القيادية عمومًا في البيئة السعودية ونوعية ومستوى استجابة المرأة لهذه المشكلات.
لقد عملت في المجال الإداري التربوي سنوات عديدة في قطاع تربوي رجالي تلتها تجربتي الحالية في إدارة قطاع تربوي نسائي يحتاج إلى إعادة صياغة طريقة التفكير والتعامل واتباع استراتيجيات قرار مختلفة وطرق حل مشكلات خاصة، وهي نظرة شخصية قائمة على تجربة ذاتية ولا تجد لها معززًا فكريًا ونظريًا إلا بقدر ما هو موجود في أدبيات الموضوع الأجنبية التي لا ينبغي الاعتماد الكامل عليها في هذا المجال كما أسلفت، وإن كانت تقدم رؤية تنويرية أساسية تفيد في عدد من الحالات. وأظن أن من سيعمل في دراسة هذا المجال سيجد فيضًا من التجارب والمفاهيم والمشكلات لم يمس. إن من يعملون في هذا المجال اليوم يعيشون حالة من الاختبارات المتعددة لمفاهيمهم وخبرتهم الإدارية والقيادية ويقفون على نتائج مميزة جديرة بالتسجيل، إلا أني أشك في قدرتهم على رصدها بما يكفل نتاجًا علميًا واعيًا وذلك لما يحيط بهم من سيل الأعمال، كما أن هذا الرصد يحتاج إلى إطار نظري بل إطارات نظرية متنوعة لتكشف جوانب الخبرة التي يعيشونها وتبرز الممارسات القائمة ومبرراتها أو منطلقاتها وهذا لا يكون إلا ضمن البحث العلمي المقنن محكم التخطيط. وعلى الرغم من ذلك فإن الدعوة إلى التسجيل والرصد تبقى قائمة ضمن حماس العاملين والعاملات في هذا المجال واهتمامهم بتدوين التجرية وتقديمها في إطار علمي متناسب مع محدودية أوقاتهم أو إمكاناتهم أو قدراتهم، لعل الرجوع إليها لاحقًا في دراسات تحليلية فائقة (Meta Analysis) يكشف مضموناتها الفكرية والخبراتية ويسهم في مقارنتها بدراسات لاحقة محكمة قائمة على تخطيط علمي.
http://www.almarefah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/251)
لماذا للذكر مثل حظ الأنثيين؟
علاء الدين عبد الرزاق جنكو
سؤال خارج الدرس:
"عندي سؤال خارج الدرس يا أستاذ" قالها طالب يشع من عينيه بريق الذكاء والشقاء، وفي تلك اللحظة عادت بي الأيام إلى الوراء، عندما كنا نختبر الأستاذ حين دخوله علينا في بداية مشواره، بطرح سؤال - في ظننا - أنه يعجز عن الإجابة عنه لنكشف مستواه العلمي - طبعاً - والشخصي، ابتسمت له مجيباً: ولكننا لم نبدأ بالدراسة أصلاً، تلك العبارات الأولى في أول حوار لي مع الطلاب؛ بعد أن اخترت لنفسي مهمة التدريس الشاقة مشقة صعود جبال همالايا!!
أجبت الطالب بما كنت أعلمه؛ بعد أن قارنت له ولزملائه - مستخدماً السبورة - بين متطلبات الرجل والمرأة، حينها توقف الجميع ينتظرون مني أن أتكلم؛ كما أني لاحظت أن المسلمين قد تأثروا بالشبهة التي أثارها المستشرقون ومن سار على دربهم من أبناء المسلمين، ودأبوا على ترديدها وعدُّوها من المثالب والطعون التي يرمونه بها؛ وهي قضية ميراث المرأة، فالرأي الشائع بين أولئك الطاعنين بالإسلام: أن الإسلام ظلم المرأة واستهان بها حين جعل ميراثها نصف ميراث الرجل، فرأيت لزاماً عليَّ أن أوضح - حسب قدرتي - بعض الجوانب المهمة في نظام الميراث في الإسلامي؛ لإزالة اللبس عن عقول شبابنا المنخدع بما يسمعه من الآخرين، وبيان الكنز الذي بين أيديهم؛ ليملؤوا منها عقولهم وأفكارهم.
فلسفة الميراث في الإسلام:
عند الحديث عن فلسفة الميراث في الإسلام لا بد ولو بإشارة بسيطة للتنويه إلى حال المرأة قبل الإسلام بل وبعده، فعرب الجاهلية قبل الإسلام وضعوا المرأة في أخس وأحقر مكانة في المجتمع، فما أن يسمع أحدهم بأنه رزق بطفلة حتى يتوارى من القوم بسبب ما بشر به، يقول الله - تعالى-: (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ))(النحل:58) كما كانوا يدفنون الطفلة وهي حية يقول تعالى: (( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } ))(التكوير: 8- 9).
وكانت المرأة تورَث كما يورَث المتاع، وكانوا لا يرثون النساء والأطفال؛ لأن أساس التوريث عندهم كان الرجولة والفحولة والقوة، فورَّثوا الأقوى والأقدر من الرجال على الدفاع عن الديار؛ لأنهم كانوا يميلون إلى الحرب والنهب، وكانوا أهل فرٍّ وكرٍّ وغارات من أجل الغنائم.
أما بعد الإسلام: فالمرأة قديماً كانت تباع وتشترى، فلا إرث لها ولا ملك، وإن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور، وكانت الزوجة في انجلترا تُبَاع حتى القرن الحادي عشر، وفي سنة 1567م صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة على أي شيء من الأشياء، أما الإسلام فقد عامل المرأة معاملة كريمة وسامية، وأنصفها إنصافاً لا تجد له مثيلاً في العالم القديم والحديث وخاصة في نظام الإرث، حيث حدد الشرع لها نصيباً في الميراث سواءٌ قلَّ الميراث أو كثُرَ، حسب درجة قرابتها من الميت، فالمرأة إما أن تكون أماً أو زوجةً أو ابنةً أو أختاً شقيقة أو لأبٍ أو بنت ابنٍ أو جدةً وفي كل هذه الحالات حدد الإسلام لهن نصيباً مفروضاً من التركة، قال الله - سبحانه وتعالى -: ((لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ))(النساء: 7)، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام الحنيف منذ أكثر من أربعة عشر قرناً حق النساء في الإرث مثل الرجال، ويكفي المرأة المسلمة فخراً أن الإسلام قرر مبدأ المساواة في الاستحقاق بينها وبين الرجل، بل وساوى بينهما في الحكم التكليفي أيضاً.
إذاً فلماذا للذكر مثل حظ الأنثيين؟
إذا كان الإسلام سوَّى بين الرجل والمرأة في الاستحقاق فلماذا فرق في قَدْر الميراث؟ ولماذا تأخذ المرأة نصف ما يأخذه الرجل؟
إن أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في الإسلام، ويدَّعون أن المرأة مظلومة؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين، لا يستندون على أساسٍ من منطلق أو تفكير، فهو إدعاء باطل المقصود منه التهجم على الإسلام، وهؤلاء هم أجهل الناس بتوزيع الحقوق، وإلا فأنا أتحداهم أن يكونوا على قدْر - ولو بسيط - من معرفةٍ بالنظام الميراثي الإسلامي المثالي الذي يقرر أن للمرأة نصف ما للرجل، إن الناظر في حكمة هذا التفريق بين نصيب الرجل والمرأة سيعلم أن الإسلام بذلك قد حقق العدالة الاجتماعية في عالمٍ كل من فيه ينادي بها، ثم إن الإسلام لم يجعل ميراث المرأة نصف ميراث الرجل كقاعدة عامة في الميراث؛ حيث يتساوى نصيبهما في بعض الحالات، بل يزيد نصيبها عن نصيب الذكر أحياناً إلى ثلاثة أضعاف، وأحياناً أخرى ترث المرأة والرجل لا يرث!! فأين جهَّال الشريعة من عظمة الشريعة؟
الحكمة من إعطاء المرأة نصف نصيب الرجل:
مما سبق يتبين أن سبب نقص ميراث المرأة في بعض الحالات عن الرجل لا يعود لكونها امرأة، وإلا كيف يفسِّرُ أعداء الإسلام تساوي المرأة مع الرجل في بعض الحالات، وزيادتها في حالات أخرى؛ بل هذا النقص يعود لاعتبارات أخرى تخص الميراث والتوزيع، والعدالة الاجتماعية ودرجة القربى، وعدد الورثة... إلخ، ويمكن وضع الأسباب والاعتبارات التي جعلت نصيب المرأة نصف نصيب الرجل بما يلي:
1- الرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقاً، فالرجل يدفع المهر قال - تعالى-: ((وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ))(النساء:4)، ومعنى كلمة نحلة: أي فريضة مسماة يمنحها الرجلُ المرأةَ بطيب نفسٍ، والمهر حقٌ خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد، فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما شاءت متى كانت بالغة عاقلة راشدة، فالمرأة مكفولة، والرجل مسؤول عن نفسه ومن يعول.
2- الرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده: لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية، إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس قال تعالى: ((لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ))(الطلاق:7)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع كما ورد عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)(رواه مسلم برقم 1218)، فمال الرجل مستهلك، ومال المرأة موفور.
3- كما أن الرجل مكلف أيضاً بجانبٍ من النفقة على الأهل والأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، حيث يقوم بالأعباء العائلية، والالتزامات الاجتماعية التي كان يقوم بها المورِّث بعد موته، باعتباره جزءاً منه، وامتداداً له، أو عاصباً من عصبته.
هذه هي أهم الاعتبارات التي من أجلها جعل الشرع نصيب المرأة نصف نصيب الرجل، وعند فقدان هذه العبارات والأسباب نجد أن نصيبها يختلف بحسب وجودها وفقدانها.
تتساوى مع الرجل:
كما أسلفنا أن هناك حالات تأخذ فيها المرأة من الميراث بقْدرٍ مساوٍ لما يأخذه الرجل، وهذه الحالات هي:
- في ميراث الأب والأم، فلكل واحد منها السدس، إن كان للميت فرع وارث مذكر وهو الابن أو ابن الابن وإن نزل، كما في قوله تعالى: ((وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ))(النساء:11).
- ويكون ميراث الأخوة لأم؛ ذكرهم وأنثاهم سواء في الميراث كما قال - سبحانه وتعالى -: وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ))(النساء:12).
وهنا تتفوق على الرجل في الميراث:
وهناك صور في الميراث تأخذ المرأة أضعاف ما يأخذه الرجل وهي:
- كما في قوله تعالى: ((فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ))(النساء:11)، فالأب يأخذ السدس وهو أقل بكثير مما تأخذه البنت أو البنات، ومع ذلك لم يقل أحد أن كرامة الأب منقوصة بهذا الإرث.
- وقد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا كانت في درجة متقدمة مثل: البنت مع الأخوة الأشقاء، أو البنت مع الأعمام، وهنا ترث المرأة والرجل لا يرث!! وذلك في حال موت الرجل عن ابن وابنة، وأخوين شقيقين: فالابن والابنة لهما كل التركة، والأخوة الأشقاء ليس لهم شيء منها، فالأنثى ترث وهي: البنت، والذكر لا يرث وهو: الأخ الشقيق.
عدل وانصاف:
مما سبق نستنتج أن المرأة غُمِرَت برحمة الإسلام وفضله فوق ما كانت تتصور، وحفظ حقها على أساسٍ من العدل والإنصاف والموازنة، وعلى الرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى فهي مرفهة ومنعمة أكثر من الرجال؛ لأنها تشاركه في الإرث دون أن تتحمل أية تبعات، فهي تأخذ ولا تعطي، وتغنم ولا تغرم، وتدخر المال دون أن تدفع شيئاً من النفقات، أو تشارك الرجل في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة، ولربما تقوم بتنمية مالها في حين أن ما ينفقه أخوها وفاء بالالتزامات الشرعية والاجتماعية قد يستغرق الجزء الأكبر من نصيبه في الميراث.
فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات، وهو القائل جل شأنه: ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ))(الملك:14)، وليس لله مصلحة في تمييز الرجل على المرأة، أو المرأة على الرجل يقول الله - تعالى-: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ))(فاطر:15).
المصدر : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ(82/252)
خواطر مسلمة..في معركة السفور والحجاب ( 1- 3 )
يلاحظ الدارسون لتحوُّلات القيم في المجتمع المصري المعاصر أن السفور كان حالة طارئة، بدأت على استحياء منذ ما يقرب من خمسين عاماً، وبلغت أوْجها منذ ثلاثين عاماً،
ثم بدأ صعودها البياني في التوقف، ثم الهبوط، ولا يزال آخذاً في الهبوط السريع منذ عشر سنوات، وأن المؤشرات كلها تؤكد أن السفور يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، وستعود- بالحتم- السيادة لقانون الله، وأمْره بالحجاب.
ويلاحظ الجميع - على سبيل المثال - أن السفور في الواقع لم يكن مسيطراً إلا على شريحة صغيرة من تعداد المرأة المصرية المسلمة والقبطية على السواء، فالمرأة الريفية والصعيدية والشعبية لم تتخلَّ أبداً عن الحجاب، وهذا أمر دليله وبرهانه في جولة يقوم بها ذو عينين مسافراً بين القرى والنجوع. إذن فالبحث يكون مع التساؤل: كيف تسرب السفور - تلك الحالة الطارئة - إلى معاقل الحجاب، وقلاع المرأة المسلمة؟!.
كيف تحولت قضية تحرير المرأة المسلمة إلى حملة سفور؟!
وكيف أخذت كلمة تحرير مدلول سفور، على الرغم من أن التحرير يأخذ - في الإسلام - مدلول الحجاب، فكانت المحجبة هي الحرة، والسافرة هي الأَمَة؟!، وهل كانت المعركة التي انتصر فيها السفور على الحجاب في بلاد الإسلام، هل كانت معركة شريفة حقاً، انتصر فيها السفور؛ لأنه التطور الحضاري المرتقب - كما زعموا ويزعمون - ولأنه الرغبة الفعلية للمرأة، واختيارها الحر من أجل خلاصها؟.
إن الثابت تاريخياً أن حركة السفور تطابقت زمنياً في الدول القوية الثلاث: مصر، تركيا، إيران، فلقد ألقت هدى شعراوي وسيزا نبراوي حجابيهما، وداستاهما بأقدامهما فور وصولهما من مؤتمر النساء الدولي، الذي عُقد بروما صيف عام 1923، وفي تركيا قام أتاتورك عام 1925 بإجبار تركيا بأكملها - وليس المرأة فقط - على هجر الإسلام كلية، حتى الحرف الذي تُكتب به اللغة التركية متشابهاً مع لغة القرآن، أما نزع حجاب المرأة التركية فقد تم بالإرهاب والإهانة في الطرقات، حين كانت الشرطة يقوم بنزع حجاب المرأة التركية بالقوة، وعندما نصَّب الإنجليز الكولونيل رضا خان شاه إيران عام 1926 - مؤسساً للأسرة البهلوية - قام هو الآخر من فوره بأمر الشرطة بالتعرض لكل امرأة محجبة، ونزع حجابها غصباً، وحظر على الفتيات المعلمات وضع الحجاب، ودخول مدارسهن به، ومنع أياً من ضباط الجيش من الظهور في الأماكن العامة في الشوارع برفقة امرأة محجبة، مهما كانت صلتها وقرابتها به.
هذه الرياح العاصفة التي هبت هكذا في منتصف العشرينات؛ لتقلع المرأة المسلمة من اختيارها العقائدي الحر بالتزام الحجاب الشرعي - متدبرة هذه الآية الكريمة: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً [الأحزاب: 36].
هذه الرياح العاصفة القامعة الإرهابية هل كانت صدفة في المنطقة؟، وهل كان تركيزها على حجاب المرأة المسلمة مسألة عفوية، قُصد بها الحجاب فعلاً، وخلاص المرأة أصلاً، أم كانت تستهدف - في ضميرها - ما هو أخطر وأبعد من الحجاب؟!
إن المتأمل في النصف الأخير من القرن التاسع عشر مع مطلع القرن العشرين - في إطار الوطن الإسلامي - لن يغيب عنه تميُّز هذه الفترة بالنشاط والحيوية، نشاط وحيوية المخاض، التحضير والإعداد وشحذ الهمم والطاقات لإرساء بدايات واعدة لنهضة وبعث شعوب المنطقة من سُباتها الطويل، وتمهيد الأرض لميلاد صحي للأجنة الشرعية المنبثقة من الإسلام، متجاوزة عصور الكبوات والتحريف، مادة حبلها السُّرِّي؛ لتتغذى مباشرة من صدر الإسلام.
لكن هل كان من المقبول - لدى الطيور المفترسة المحوِّمة، القادمة من الغرب المغتصب للانقضاض والثأر من صلاح الدين - أن تترك للمخاض النبيل مداه، حتى يُولد طفل الرؤيا الجميلة؟!
الإجابة هي الواقع الذي حدث على مدار السنوات الطويلة الماضية، والواقع الذي يحدث الآن.
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/253)
خواطر مسلمة .. في معركة السفور والحجاب .. ( 2من3 )
كان الغرب قد تعلَّم - منذ الحروب الصليبية - أن الحرب الصريحة المعلنة بالجيوش لضرب الإسلام نتيجتها الهزيمة، فقد استجاشت في صدور المسلمين النار الخطرة، التي استعرَّ لهيبها ما يزيد على القرنين،
حتى تم اندحار المعتدين على يد القائد المسلم - الكردي - صلاح الدين، وجنده المسلمين على اختلاف أجناسهم، وكان على الحقد الغربي أن يتريث؛ ليغير أسلوبه للوصول إلى غرضه القديم، وهو اغتصاب كل الأرض التي انتشرت عليها العقيدة الإسلامية، وحصْر أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله في جزيرة العرب، بعد تمزيقها أشتاتاً في قبائل جاهلية مرتدة عن دين الله الحق، يضرب بعضها أعناق بعض.
وكان الغرب قد نجح - بالغدر ونقض العهد والإرهاب - في محو الإسلام نهائياً من أرض الله أسبانيا (أندلس المسلمين) عام 1609 م (أيام العصر الشيكسبيري بعد تأليف هاملت، وقبل وفاة شكسبير بسبع سنوات، أيام العصر الذهبي للحضارة والثقافة الغربية في (أوروبا) - ويشهد المستشرق نيكلسون على أسلوب إبادة المسلمين من أرض الله (أسبانيا)، فيقرر هذه الأسطر (الصفعة) على وجه الحضارة والرقي الأوروبي المزعوم، فيقول نيكلسون - في كتابه التاريخ الأدبي للعرب (ص441) - ما أترجمه حرفياً: في عام 1492م فُتحت آخر قلاع عرب الأندلس لفرديناند وإيزابيللا، وحلَّ الصليب محل الهلال على أبراج غرناطة، وأظهر المنتصرون تعصباً وحشياً، بلغ من بشاعته أنه انتهك تعهداتهم المغلظة، بأن يحترموا الدين وممتلكات المسلمين، وتناقض تعصبهم تناقضاً كاملاً مع التسامح والمعاملة التحرُّرية (الليبرالية)، التي تمتع بها المسيحيون تحت الحكم الإسلامي، وأمام الإجبار على الاختيار بين الردة أو الهجرة - فضَّل الكثير من المسلمين الهجرة، أما هؤلاء الذين بقوا فقد تعرضوا لاضطهاد بشع حتى جاء عام 1609، فتم بأمر من فيليب الثالث - طرد كل مَن كان من أصل عربي، وتم طردهم من الأرض الأسبانية طرداً جماعياً.
وهكذا بعد موقعة النصر - بالغدر والإرهاب - على مسلمي الأندلس الغافلين، استمرأت الشهية الغربية لحوم المسلمين، ووجدوا أن في الصيغة المؤلفة من الخديعة والتسلل مع الإرهاب والغزو - ما يمكِّنهم من الانتصار على صلاح الدين، ولو بعد حين، ومن ثم حين ماج القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بمخاض بعث إسلامي - كانت حربة إبليس ذات الثلاث أسنان قد صُوِّبت ونشبت في لحم المنطقة مجهضة طفل الإسلام الشريف، طارحة - في المقابل - أطفالها: بهائية، صهيونية، ماسونية: توائم دميمة ثلاثة لمنطلق واحد واستراتيجية واحدة، وبتكتيك يختلف باختلاف الموقع والتكليف:
- فالبهائية: تطلب السلام بين القاتل والمقتول، ونزع السلاح من المظلومين والمجني عليهم، بينما تتسلل تفكك عُرى المسلمين مع شريعتهم عروة عروة، حتى الانسلات الكامل.
- والصهيونية: تمارس الاغتيال والإرهاب، واغتصاب الأرض شبراً شبراً، ثم وطناً وطناً.
- والماسونية: تلف حبائلها لتشد وتشل - إلى قيادتها وتوجيهاتها - عقول المثقفين والأدباء والشيوخ والعلماء والقادة الاجتماعيين والساسة، وتصنع على عينيها الأحزاب السياسية، التي تسرق البعث من الإسلام، والوحدة من المسلمين؛ ليصير البعث بعثاً من العصبية العرقية الجاهلية قبل الإسلام، وتكون الوحدة بين كل مَن تبرأ في سلوكه من الإسلام - بدعوى شعار براق آخر هو مسايرة العصر - وكل مَن انحاز للادينية (العلمانية)، وتبنَّى النقاط السبع الجوهرية في البهائية، وأهمها:
1- فصل الدين عن الدولة. 2- إباحة الربا. 3- نزع حجاب المرأة.
إن أحداً لا يماري في أن المرأة المسلمة في العالم - وفي مصر - كانت قبل وعند مطلع القرن العشرين، ترسف في أغلال تراكمات السنوات الطويلة من الإهمال والجهل والحرمان من حقوقها الشرعية، التي كفلها لها الإسلام في التعلم والدراسة واختيار الزوج.. الخ، وكانت في إطار الظلم العام، والتآمر الذي كان واقعاً على المواطن المسلم على مساحة الوطن الإسلامي - كانت تعاني ظلماً مضاعفاً، وتتهدد بتآمر أخطر، وكان بعض علماء الدين التقليديين قد ركنوا إلى قواقع، هربوا إليها، منسلخين من مسئوليتهم الإسلامية الجوهرية في ريادة الأمة، والاضطلاع بحمل متطلباتها السياسية والاجتماعية والثقافية، في الوقت الذي لم تأخذ قضية تحرير المرأة المسلمة شيئاً يُذكر من اهتمام الطليعيين من علماء الشريعة، فكان حظ المرأة المسلمة من الالتفات - إسلامياً - لمحنة ظلمها الاجتماعي، الذي أعادها إلى عذابات موروثات من العقلية الجاهلية قبل الإسلام، التي يسودُّ وجهها كلما بُشِّرت بالأنثى، فتلجأ إلى وأْدها، كان حظ المرأة المسلمة ترديداً مبتوراً للآية الكريمة: ?وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّج الجاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا? [الأحزاب: 33]، مع إغفال الآية الملحقة: ?وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خبِيراً? [الأحزاب: 34]، مع ما تعطيه هذه الآية الكريمة من منهج قرآني مرسوم لمهمة المرأة المسلمة، التي أُمرت من قِبَل القرآن بالتزام بيتها - لا لكي تجلس، كما كان يحدث لقرون طويلة، في فراغ أو زحام من الجهل والتفاهة واللافاعلية- ولكن لتأدية عديد من المهمات لإعدادها كادراً إسلامياً، لها موقعها الأساسي في المجتمع الإسلامي منها:
أولاً: المهمات التعبُّدية:
رياضة لجسمها وروحها ?وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً?[الأحزاب: 33].
ثانياً: المهمات التعليمية:
بناءً لعقلها وثقافتها ووعيها، ومن ثم فاعليتها في جسم المجتمع الإسلامي: ?وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خبِيراً?[الأحزاب: 34]، وعند كلمة الحكمة تنبجس - أمامنا - المئات من عيون المعرفة والخبرات، وأبواب توظيفها، وتتشكَّل أمامنا - تربوياً وعلمياً وثقافياً - تلك المرأة المسلمة، كما يرسمها القرآن الكريم، ويريدها الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - ونرى بعين الرؤية الإسلامية: امرأة نظيفة، نشطة، جادة، لها زيها المتميز عن الجاهلية وعن الكتابية {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً[الأحزاب: 59] تغض بصرها، لكنها لا تخضع بالقول، فهي قوية نابهة، تدربت إسلامياً؛ لتعرف الفرق بين التهذيب والضعف، الذي يثير الطمع، وهي متفقهة في دينها، تعرف كتابها، وتوجيهات رسولها - صلى الله عليه وسلم - وتتلقى من منابعهما الحكمة، التي تربي وعيها، كذلك لتتعرف على إمام زمانها، الذي عليها أن تبايعه، وتتبعه نصرة لله والرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي امرأة قارئة، كاتبة، متأملة، مفكرة، مستنبطة، مستوعبة، تعرف تفاصيل قوانين شريعتها وفقهها، كما تعرف أصول حكومتها، وتدرك كيف يكون الحاكم العادل، ومتى يصير - بالمفهوم الإسلامي - جائراً، فتُلزم، وتؤمر - مع مجتمعها المسلم - بتقويمه ونصحه، أو مجاهدته.
هي نصف متزامل مع الرجل المسلم في حشد بديع، يأتي به القرآن صفاً من ضياء وعبق المسك، كما ورد في الآية الكريمة: ?إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجراً عَظِيماً?[الأحزاب: 35].
هذه الصورة الكريمة الناصعة للمرأة المسلمة - كما حدد معالمها القرآن الكريم - طُمست وتلاشت (إلا في حالات استثنائية نادرة) عبر القرون التي اتخذ فيها المسلمون ?هَذَا القُرْآنَ مَهْجوراً?[الفرقان: 30]، فتحولت المرأة المسلمة إلى كائن جاهل خامل، متخلف الحس والإدراك، فاقد الوعي، منكمش في تواجد باهت على هامش المجتمع، وكان لا بد أن يؤدي هذا الطمس والجور - على قانون الله - إلى سرقة مطلب تحرير المرأة من منطلقاته وتصوراته الإسلامية، بعد أن تقاعس علماء المسلمين عن أن يكونوا أول مَن يقود الحملة لمحو أمية المرأة، والدفاع عن حقوقها الشرعية، وإعادتها إلى ملامح ومعالم صورتها، كما قررها القرآن؛ لتنبعث حرة عزيزة من أرضيتها العقائدية، وتراثها الثقافي والفكري.
وهكذا - وفي غياب المبادرة الإسلامية للتصويب - وقعت قضية تحرير المرأة المسلمة في أيدي غير الأمناء، ممن لا ينطلقون من أرضية أو تصوُّر إسلامي، وتقدم كل مَن هب ودب؛ ليدلي بدلوه في مسألة تحرير المرأة المسلمة: ما بين صديق جاهل، وعدو ماكر، استطاع في نهاية الأمر - بعدائه ومكره - أن يكتِّل الصديق الجاهل إلى معسكره المعادي للإسلام، ويستثمر جهله لضرب معاقل المسلمات، وهتك سترهن، كجزء من المخطط الأسود الشامل على كل الأصعدة لضرب الإسلام والمسلمين، وإلغاء شريعتهم - لا سمح الله - حيلولة، ومنعاً لانبعاثهم الحتمي رحمة للعالمين، ولو كره الكافرون.
وفي مولد هذا الشعار البَرَّاق - تحرير المرأة - انفسخ المجال أمام الرواد العظام من تجار الشنطة الثقافية، القادمين من أوروبا ومن أمريكا أخيراً - ليصولوا ويجولوا، محمَّلين بأشكال وأنواع بضاعة الثقافة الغربية، بموروثاتها الجاهلية الوثنية الإغريقية، ومعها نماذج المرأة الأوروبية والأمريكية، التي كانت قد نالت حريتها حديثاً، متشكلة من رصيد فكري واجتماعي وديني خاص بها وحدها، لا تنتمي إليه، ولا يمكن أن تنتمي إليه المرأة المسلمة بحال.
وككل الباعة الجائلين، كانت أصوات تجار الشنطة الثقافية - هؤلاء - أعلى الأصوات، وأكثرها صخباً، وككل الباعة الجائلين - كذلك - كانوا يعرفون الكلمة التي تقال لتبهر وتجتذب، والبضاعة التي تُدس لتسلب، ونعجب الآن - ونحن ننظر إليهم على بُعد ما ينيف على النصف قرن - كم كان واضحاً كونهم مندوبي مبيعات شامخي الأنوف مع مواطنيهم، مهدوري الكرامة للرؤوس الأوروبية الغربية الداهية، من صهاينة وصليبيين وماسون، وكم كان واضحاً - على الرغم من الحذلقة - تشتُّتهم الفكري، وسطحيتهم - كنقال ببغاويين - بنداءاتهم الفجة، التي لا تخلو من وقاحة وسوقية، لهجر التأصيل من الذات لحساب التبعية الفكرية لغرب يمقتنا، ديناً وجنساً وتاريخاً، ويمارس معنا فوقية وغطرسة واحتقاراً، وهو يحضر الأنشوطة وراء الأنشوطة؛ لتلتف حول أعناقنا، جاذبة جباهنا عند أقدامه: جباهنا نحن المسلمين أصحاب العزة من الله: ?وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ? [المنافقون: 8].
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/254)
خواطر مسلمة .. في معركة السفور والحجاب ( 3 - 3 )
كان مطلب تجار الشنطة الثقافية هؤلاء أن يجعلونا ننظر بإكبار لإنجازات أوروبا - بسبب ما وصلت إليه من قوة البخار والكهرباء - ونضعها أمامنا قدوة ومثلاً أعلى، نسعى للوصول إليه، ونتشكل بشكله، ومن ثم يصير كل شيء - ينتسب إلينا، أو ننتسب إليه، يتعلق بنا أو نتعلق به من أصولنا - يصير سلفياً، جامداً، مرفوضاً، يجب التنصل منه، والاعتذار عنه، كأنه جذام أو عاهة، وكان المطلوب أن نعتقد معهم بأن أوروبا والغرب قلعة للحرية والديمقراطية والتمدن واحترام الإنسان، بينما يدوس النعل الأوروبي والغربي وجه الوطن الإسلامي، اغتصاباً وإرغاماً وسحقاً تاماً للإنسان وحريته وكرامته واستقلاله.
هؤلاء الباعة الجائلون الصم العمي الثرثارون - من تجار بضاعة الشنطة الثقافية - يكتب عنهم لويس عوض، مؤيداً بأنهم أبناء الثقافة الغربية والمفهومات الغربية والوثنية الفرعونية - القومية المصرية - ويضعهم بسبب ذلك موضع الاستحسان والافتخار، مما يثبت لنا أن عمليتنا الحسابية سليمة، حيث نضعهم نحن موضع الاستياء والإدانة (2).
ومع سرقة مطلب تحرير المرأة المسلمة ووقوعه في أيدي الجهلة والأعداء وتجار الشنطة الثقافية - كان الدأب منذ البداية لجعْل القضية قضية تحرير المرأة فقط، مع إسقاط التعيين المسلمة، ومن ثم ربطها بقضية تحرير المرأة في العالم، كأنما صارت هناك قومية خاصة اسمها القومية النسائية، تربط المرأة المسلمة بالمرأة المسيحية، بالمرأة اليهودية، بالمرأة عابدة البقر والأوثان، بالمشركة، بالملحدة.. الخ، كأن قضيتهن واحدة، ومطالبهن واحدة، وأهدافهن واحدة، ومعتقداتهن واحدة، وكان السعي - فعلاً - حثيثاً لتأخذ المرأة المسلمة ملامح المرأة الغربية، وكلما تطابقت صورتها مع الغربية زاد الإعجاب بها، وتقريظها بأنها لا تفترق عن الأجنبية!، حتى سقطت المرأة المسلمة فيما لم تسقط فيه حتى عابدة البقر، التي ظلت معتزة بزيها الخاص (الساري)، وتميُّزها بالنقطة الحمراء بين عينيها.
كذلك كان الدأب الأهم لفصل قضية تحرير المرأة المسلمة عن قضية تحرير الوطن المسلم، وفصل قضية الظلم الواقع عليها عن قضية الظلم الواقع على الرجل المسلم - تجزئة للقضية الواحدة من أجل أن تتفتت في مسارات متباينة متعارضة، بل ومتصارعة، إذ لم يقف الأمر عند الفصل، بل تعداه إلى أن جعلت المرأة المسلمة تقف خصماً أمام الرجل المسلم وأمام الوطن المسلم، تقف خصماً ضد شريعتها: تمتلئ رعباً وهلعاً كلما قيل لها: هناك مَن يطالب بتطبيق حكم شريعتك، وتنفرج أساريرها فرحة بانتصار انهزامي كلما خرجت من النظم العلمانية بقانون خائب للأحوال الشخصية، مستلهم من قوانين الغرب المغتصب لبلادها، المهيمن على مقدرات أهلها، المستذل لناسها، المقيد لحرياتهم، والواقف عقبة في طريق تحررهم واستقلالهم، راجية - في بلاهة واستخذاء - العدل من أيدي الجناة، لاجئة إلى السجان والجلاد؛ لكسر قيدها، وعتق رقبتها!
وقد استمر - فعلاً - الالتواء بقضية تحرير المرأة المسلمة، فتحول من قضية للتحرير من عبودية الظلم والجهل، ومطلب للانبعاث من حقوقها الشرعية في التعلم والإنسانية - التي كفلها لها الإسلام - إلى حركة تنحرف إلى المطالبة بنزع الحجاب، وحملة للسفور، وتحقيق ذلك، مع كسر متواصل دؤوب لأصول وميزان الإسلام في البناء العقلي والنفسي والعصبي للمرأة المسلمة المعاصرة، حتى وقعت - في النهاية - فريسة بين جاهليتين: جاهلية قديمة تستمد موروثاتها المتخلفة من عقلية قبل الإسلام، تقوم بوأد البنات، وجاهلية جديدة غربية تستمد موروثاتها المتخلفة من عقلية مادية تجارية، ذهبت إلى طرفي نقيض باستغلال أنوثة الأنثى، واستثمارها في إعلانات تسويق السلع والجذب السياحي والتشويق الفني المحبِّذ لإباحة الأنثى، وشيوعها، وتقديمها كأحد أطباق المتعة للسيد الرجل!
وكانت النتيجة الطبيعية أن وجدنا - بعد مرور كل تلك السنوات على مطلب تعليم المرأة - غالبية النساء المسلمات ظللن أميات جاهلات مسلوبات، حتى من معرفتهن بعموميات الإسلام، التي كانت تلقَّن لهن، بينما تفشت بينهن - بسرعة البرق - نزعة العري والانسياق السوقي وراء قيم ومفاهيم المرأة الغربية، التي وُضعت لهن كمثل أعلى، يحبَّذ اتباعه وتقليده، فلم تتحرر المرأة المسلمة، بل وقعت - بشكل أسوأ - في الرق الجاهلي الجديد.
غير أن تحولات الوعي ودلالات الواقع تؤكد أنه قد آن الأوان لهذا المرض الطارئ - السفور وملحقاته الذي حطَّ على أدمغتنا، وأعمى عيوننا ما ينيف على الخمسين عاماً - أن ينقشع، وأن نبرأ منه ككل باطل مصيره أن نقذف بالحق عليه، فنزهقه ?إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ? [الإسراء: 81].
وطُوبى لمَن تنزع عنها غلالة الردة الرجعية، وتعود من اغترابها وغُربتها، تأتي اليوم وغداً بالحجاب، ومعها العلم والوعي والعمل والحرية بإذن الله، ووفق شريعته.
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/255)
نصائح إسلامية إلى كل فتاة مسلمة
منيرة صالح الشلاش
1 - أختي المسلمة حماك الله والله إني لأحبك في الله إن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته وحده لا شريك له وأن نخلص جميع أعمالنا الصالحة لوجهه الكريم كما قال جل شأنه: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البينة: 5).
2- أوصيك بتلاوة القرآن الكريم وتجويده والعمل به.
3- أختي الغالية هداك الله أوصيك ببر الوالدين والإحسان إليهما وتعظيم شأنهما والدعاء لهما، فإن الله سبحانه وتعالى ذكرهما بعد عبادته في محكم كتابه حيث قال عز وجل: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (النساء: 36).
4- أختي في الله أوصيك بتأدية الصلوات في أوقاتها المحدده كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً) (النساء: 103).
5- أختي العزيزة أوصيك بالاقتداء بالسنة النبوية الشريفة والأخذ بها وعدم الابتداع.
6- أختي في الله أوصيك بالعلم النافع الذي يهديك للعمل الصالح وينير بصيرتك في الدنيا والآخرة.
7 -أختي في الله يا من تعتزين بدينك الإسلامي الحنيف أرجو منك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي الذي أمرنا به رب العزة والجلال وذلك باكتمال الشروط الخاصة به فأنت جوهرة غالية ودرة مصونة فلابد أن تكوني مصونة مكنونة بهذا الحجاب وأن تشعري عندما تلبسينه أنك قد امتثلت لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
8- أختي في الله أنت فتاة مسلمة فلابد للمسلم أن يحارب كل ما ينافي شريعة الإسلام فهاهم دعاة التحرير بأصواتهم الناعقة وكلماتهم المعسولة يريدون منك أن تتخلي عن الحجاب ويطالبونك بالإختلاط بالرجال الأجانب يريدون لك التبرج والسفور والفساد ويجعلونك دمية في يد كل فاجر وكافر فكوني ثابتة قابضة على دنيك.
9- أختي الغالية أنصحك بأن تكوني داعية إلى الله على بصيرة بشتى الوسائل من نشرة أو كلمة هادفة أو تأليف كتيب صغير على حسب القدرة والاستطاعة فبهذا تنالين الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
10- أختي رعاك الله أريد منك أن تتخلقي بأخلاق المرأة المسلمة المحافظة بأخلاق حسنة وصفات حميدة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تتشبهي بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابيات رضي الله عنهن كي تحشري معهن يوم القيامة.
11- أي أخية أحذرك كل الحذر من التشبه بالكافرات والملحدات في تسريحة شعر أو زي محرم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود عن ابن عمر (صحيح الجامع الصغير).
12- أختي في الله أنصحك بأن تجعلي من زيارتك للأرحام والأقارب وقتاً لنشر الخير والفائدة بين الجميع ونشر المحبة والمودة ففي هذا خير عميم إن شاء الله، وفي نهاية هذه السطور أسأل الله لي ولك التوفيق لما يحبه ويرضاه وأن يكون ما كتبته خالصًا لوجهه الكريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آهل وصحبه وسلم.
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/256)
دور المؤمنات
إن الكثير من البلايا التي عرفتها المجتمعات الإفريقية المسلمة، وغير المسلمة يعود إلى الحيف الذي أصاب النساء فيها.
وقد ثبت أن للمسلمات الإفريقيات استعدادات طيبة جداً للالتزام بمقتضيات منهج الإسلام في حياتهن إذا وجدن من يوضح لهن الحلال والحرام وقيم الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، كما ثبت أن لهن استعدادات كبيرة للعمل بحماس وجدية في مجالات الدعوة والتربية.
وعليه، يكون لدور تأهيل النساء أهداف عدة:
• التربية الدينية المنظمة ثم اختيار المتميزات لتأهيل دعوى خاص.
• التأهيل في حرف مدرة للدخل.
• التوجيه في مجالات تربية الأطفال حسب القيم الإسلامية.
• محو الأمية.
• تعليم أصول النظافة والإسعافات الأولية.
http://www.labaik-africa.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/257)
شاوروهن .. واحترموا آراءهن
من الأحاديث التي شاعت وانتشرت وهي غير صحيحة، حديث ((شاوروهن وخالفوهن)) كما أفاد السخاوي والمناوي، وكذلك حديث ((طاعة المرأة ندامة)) فهو موضوع كما أفاده ابن عدي وأبو حاتم.
ومما يؤسف له أن كثيراً من الرجال، والأزواج - يستشهدون بهذا الحديث أمام زوجاتهم أو أخواتهم بغير حق، فيؤلمون نفوسهن، وكأنما يفهمونهن أن الإسلام لا يقدر رأي المرأة ولا يحترمه، وهذا مخالف للحقيقة والواقع، واختار شاهدين على هذا:
الأول: أخذه - صلى الله عليه وسلم - برأي زوجته أم المؤمنين أم سلمة لما أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك.
الثاني: قول عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -: والله ما كنا في الجاهلية نعد النساء شيئاً، حتى أنزل الله - تعالى - فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم، وبينما أنا في أمر أأتمره إذا قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا وكذا!
فقلت لها: ومالك أنت ولما هاهنا؟ وتكفلك في أمر الدين؟
فقالت لي: عجباً يا بن الخطاب! ما تريد أن تراجع أنت! وإن ابنتك لتراجع رسول الله حتى يظل يومه غضبان؟!
فأخذت ردائي ثم انطلقت أدخل على حفصة فقلت لها: يا بنية ... إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان؟
فقالت: إنا والله لنراجعنه. ((البخاري))
وتأملوا تأكيد أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - في إجابتها على سؤال أبيها عمر - رضي الله عنه -: ((إنا والله لنراجعنه)). ففي عباراتها القصيرة هذه أربع توكيدات.
الأول ((إن)) الثاني: القسم بلفظ الجلالة، الثالث: اللام في (لنراجعنه)، الرابع: نون التوكيد المشددة.
فهل أنتم منتهون أيها الرجال عن تحقير آراء النساء وتسفيهها؟!!.
الفوائد المنتقاة من هذا الحديث:
1- الدين الإسلامي هو الدين الحق فقد جاء لخير البشرية جمعاء رجالاً ونساءً ولم يقتصر على فئة بعينها كما هو ملموس عند بعض الأديان.
2- الدين الإسلامي هو دين المساواة الحق حيث جاء مبيناً للحقوق الواجبة والمترتبة لكلا الجنسين الرجال والنساء.
3- إن المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء التي يدعو لها الغرب مساواة كاذبة إذ أنها ما هي إلا هضم للحقوق وغرضها هو جعل المرأة مجرد سلعة لتوافق أهوائهم وشهواتهم كما اعترفت الكثير من نساءهم بذلك وأنهن يشعرن بالتحقير والدونية من مجتمعاتهم.
4- يتجلى من هذا الحديث الرائع عظمة الإسلام حيث أنه جاء فأخرج المرأة من غيابات الظلام والجاهلية، فجعل لها مكانة عظيمة وأشركها في كثير من الأمور وجعلها النصف الآخر المكمل للرجل.
5- على المسلمة من خلال هذه المكانة العظيمة التي منحها لها الإسلام أن تسعى لبناء مجتمع واعٍ، ومتقدم وفق ما تدعو له الشريعة الإسلامية.
http://www.denana.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/258)
الفتاة المسلمة ورمضان
الحمد لله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم الذنوب ويكفر عنهم السيئات ويضاعف لهم الحسنات ويرفع الدرجات.
فتاتي المسلمة: إن بلوغ شهر رمضان رحمة مهداة، والسعيد من بلغه الله إياه وأعانه على صيامه وقيامه ثم قبل منه خالص أعماله.
فكم من أناس تمنوا بلوغه وحال بينهم الموت. فإلى فتاتي التي بلغها الله هذا الشهر الكريم أسأل: كيف تستقبلين شهر رمضان؟
هل تستقبل الفتاة شهرها العظيم بالنوم وإضاعة الوقت والكلام فيما لا يفيد، وبعد الإفطار السهر على التلفاز والأكل الكثير والخروج مع الصديقات إلى الأسواق.
لا يا صغيرتي فليس هذا حال من يشكر الله على هديته ونفحاته.
والصورة الجميلة التي يحب الله أن يراك عليها هي من تعزم على:
1ـ مضاعفة الجهد والإكثار من الطاعات المتنوعة كالبر والإحسان وقراءة القرآن والصلاة والذكر والاستغفار.
2ـ ترك الآثام والسيئات.
3ـ التوبة الصادقة مع الله، فرمضان شهر التوبة فمن لم تتب فيه فمتى تتوب؟
4ـ قراءة القرآن وتدبره لأن رمضان شهر القرآن.
5ـ الحمد والشكر لله على بلوغ شهر رمضان. فله الحمد وله الشكر.
ـ ومما يعين الفتاة على استغلال الوقت في شهر رمضان الإحاطة بفضائل هذا الشهر الكريم التي لو علمها لم يفرط فيها، والحرص على استثمار ساعات رمضان بل والدقائق ولا تستسلم لمرض 'التسويف' الذي يقطع أعمارنا ويكون سببًا في التفريط في هذه النفحات الربانية: 'لله في أيام دهره نفحات، فتعرضوا لنفحاته واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم'.
فضائل شهر رمضان والصيام:
رمضان شهر القرآن
يقول - تعالى -: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].
ولم يذكر في القرآن شهر من الشهور غير شهر رمضان، فالقرآن شرف المكان 'مكة' والزمان 'رمضان'، ومن الجميل أن القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: 'الصيام والقرآن يشفعان للبعد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان'.
انقلاب في الكون
وذلك استعدادًا لهذا الشهر العظيم كما جاء في صحيح البخاري ومسلم: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين'.
كنوز الحسنات
يضاعف الله فيه الحسنات ويرفع الدرجات، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه'.
وجزاء الصوم لا يعلمه إلا الله، فقد جاء في الحديث: 'كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به'. وقد خص الله من كرمه أيضًا للصائمين بابًا في الجنة يقال له: الريان كما جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إن في الجنة بابًا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون فيدخلون، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد'.
ألا تتمنين أن تكوني منهم فتاتي الصائمة؟
العتق من النار
لله عتقاء من النار في رمضان وذلك كل ليلة من رمضان، ومن فطر صائمًا كان عتقًا لرقبته من النار كما جاء في الحديث الصحيح.
وجاء في الحديث الطويل الذي رواه ابن خزيمة والبيهقي: 'أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار'، ولقد جاء في الحديث أيضًا أن من صام يومًا في سبيل الله باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفًا 'فكيف بمن صام أيام رمضان'؟
إجابة الدعاء
للصائم دعوة مستجابة عند فطرة لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 'عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد'.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: 'ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر' رواه البيهقي.
غفران الذنوب السابقة
إن صيام رمضان وقيامه سبب لمغفرة ما تقدم من الذنوب كما جاء في الأحاديث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه'.
'من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه'.
'من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه'.
وفي الحديث: 'رغم أنف من أدرك رمضان ولم يغفر له'.
فمن لم يغفر لها في رمضان فمتى ستكون فرصة المغفرة إذن؟
هدية ليلة القدر
في شهر رمضان ليلة القدر وهي خير من ألف شهر كما جاء في سورة القدر 'ما يقرب من أربع وثمانين سنة'. وفي الحديث الشريف: 'من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن حرم خير هذه الليلة فقد حرم خيرًا كثيرًا'.
اللهم لا تحرمنا أجرها وخيرها.
يفرح الله بعباده
ويزين جنته لعباده ويقول: 'يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليكِ'. [جزء من حديث أبي هريرة].
والملائكة أيضًا تستغفر للصائمين حتى يفطروا كما جاء في الحديث، ويباهي الله بعباده الملائكة ويقول: 'انظروا يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ترك طعام وشرابه من أجلي'، من أجل ذلك كان 'خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك'.
اسألي نفسك!!
فتاتي المسلمة
اسألي نفسك: ماذا سأفعل في رمضان؟
وإليك إشارات لتساعدك على ترتيب أفكارك قبل كتابة خطتك في رمضان:
1ـ أنا والقرآن [كم سأقرأ من القرآن اليوم؟].
2ـ أنا والصدقة [بكم أتصدق ولمن؟].
3ـ أنا والدعاء [اكتبي الأدعية التي تريدينها لتكون واضحة أمامك لتدعي بها في رمضان].
4ـ أنا وصلة الأرحام [اكتبي أسماء الأهل لتتصلي بهم أو تقومي بزيارتهم وابدئي بوالديك، فرمضان فرصة للتواصل الأسري].
5ـ أنا وقيام الليل [احرصي على صلاة القيام مهما كانت الظروف].
6ـ أنا والصلاة في المسجد [إن أمكن، واختاري المسجد القريب، وإن لم يكن فصلاتك في بيتك خير لك].
7ـ أنا والمدرسة [نظمي وقتك واجعلي للدراسة حظًا من اليوم، فرمضان شهر العمل والعبادة].
رمضان فرصة لاكتشاف النفس وبناء الذات
اجعلي من شهر رمضان شهر إعداد وتربية ذاتية ودينية فالأمة بحاجة إلى فتيات جادات تعيد مجد الأمة وعزها، يقول الشاعر:
شباب ذللوا سبل المعالي *** وما عرفوا سوى الإسلام دينا
فتاتي لا تعرضي عن هدي ربك ساعة، عضِّي عليه مدى الحياة لتغنمي.
فمن لم يدرك الإيمان في رمضان فمتى يدركه؟
ومن لم يدرك التوبة وإصلاح قلبه فمتى يدركه؟
ـ فتاتي: إن رمضان فرصة لبداية صداقة حقيقية مع النفس وكشف أغوارها، نكتشف فيه مواطن الضعف، ونربي أنفسنا على الأفضل، ننظر في كتاب الله، ونجلس جلسات رمضانية مع من نحب، ونتسلى في آخر الليل بنجوى خالقنا، وهنا نحب أنفسنا لأنها قادرة على فعل الخير في هذا الشهر، والتغلب على شهوات النفس، ومشاركة الآخرين مشاعر الود والرحمة، تلك فرصة، فهل ندعها تضيع منا قبل أن نستغل كل دقيقة فيها.
وقد قيل: 'من علامة المقت ضياع الوقت'، وقال الشاعر:
إذا مر بي يوم لم أقتبس هدى ولم أستفد علمًا فما ذاك من عمري
اللهم يا من بلغتنا رمضان، أعنَّا على صيامه وقيامه واكتب لنا الأجر والثواب والعتق من النار، ولا تجعل حظنا من صيامنا الجوع والعطش.
فتاتي كوني مختلفة وامنحي نفسك رمضانًا مختلفًا هذا العام.
23رمضان1425هـ
- 6 نوفمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/259)
كيف تقرعين باب الجنة ؟
نجوى محمد الدمياطي
إلى أختي المسلمة..
إلى من تستلهم في حياتها من التقوى إطاراً، ومن العلم قيمة، ومن الصلاح عملاً..
أهدي هذه الكلمات لكي تدافع عن إيمانها بالتطبيق، وتظهر إسلامها بالقدوة والعمل، فتفوز في الدنيا والآخرة، وتكون لها الحياة الطيبة.
قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أختي المسلمة..
تعلمين يا أختاه أن منهاج الله منهاج عبادة، وأن العبادة فيه ذات أسرار، ومن أسرارها أنها مدد للروح وجلاء للقلب، وأنها زاد الطريق.
ولقد عرف الرعيل الأول من المسلمات هذه الحقيقة، وأدركن طول السفر، فتزودن له بخير الزاد.. (التقوى)..
قال تعالى: (وتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)، فالتقوى هي زاد الطريق إلى الله، زاد القلوب والأرواح، والتقوى حساسية في الضمير وخشية مستمرة وحذر دائم، وما يدفع الهوى إلا التقوى ومخافة الله ومراقبته في السر والعلن.
والتقوى هى التي تهيئ القلب ليلتقي ويستجيب، قال تعالى: (ألم * ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ).
والتقوى تجعل في القلب فرقاناً يكشف له الحق من الباطل ويبصره بطريق الحق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ويُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ).
والتقوى الحقيقية يا أختاه هي تقوى القلوب لاتقوى الجوارح، قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ). وقال عز وجل: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ).
ولذلك تكون المسلمة أحرص على إصلاح سرها منها على إصلاح علانيتها، وتخشى الله ولا تخشى الناس.
هذه هي التقوى..
وهي غاية عالية وهدف أسمى، هل أدلك على وسيلة من وسائل تلك الغاية؟ إنه الصوم يا أختاه.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فالتقوى تستيقظ في القلوب وهي تؤدي عبادة الصوم طاعة لله وإيثاراً لرضاه.
فالصوم يجعل للتقوى القوامة على الجسد وحاجاته، بل يجعل الجسد مطية للروح، فيصفو الفكر ويرهف الحس وتشف النفْس.
ولذلك فإن الصوم يا أختاه يخرج فرداً لا يقبل أن يبيع دينه ببطنه أو فرجه..
وكلما دُعي لعبادة الطواغيت ردد قول يوسف عليه السلام: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إلَيْهِ).
أختي الحبيبة: إن الصوم أسلوب عملي لتربية النفس وتهذيبها وتعبيدها لله رب العالمين، وإمدادها بعون الله لتثبت في دربها الطويل وطريقها الوعر في مواجهة التحديات والمحن.
وذلك لأن الصوم يربي الإرادة، الإرادة التي تصمد للحرمان وتستعلي على الضرورات وتؤثر الطاعة.
فالصوم يربى إرادة (الامتناع) التي هي أصل الإرادة في الإنسان، وقد كانت تجربة (الإرادة) التي خاضها آدم وحواء في الجنة هي تجربة إرادة (الامتناع)، قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ).
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون إرادة الامتناع إرادة مطلقة فقال صلى الله عليه وسلم: » ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عن شىء فاجتنبوه «، فأوجب رسول الله الانتهاء عن المنهيِّ عنه مطلقاً، بينما جعل الأمر بقدر الاستطاعة.
أختي الحبيبة: لقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقام الصائمين الذين استعلوا على أهوائهم وغرائزهم ولجموها بلجام التقوى، فقال: » الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه.
قال: فيشفعان «.
وقال صلى الله عليه وسلم: » إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد «.
وبين صلى الله عليه وسلم أن الصوم يكون حجاباً بين صاحبه وبين النار، فقال: » ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً «.
أختي الحبيبة: إن من الأشياء ما لا تدركه الكلمات، وليس يكفي أن نقول: (هذا حلو) إذا لم نتذوق طعمه فمن ذاق عرف، ومن هذه الأشياء طعم الطاعة لله بالصيام! ! فجاهدي نفسك يا أختاه بالصوم، فإنه من أهم عوامل تزكية النفس وبلوغها درجة التقوى وقربها إلى باب الجنة.
http://www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/260)
كيف تحافظين على جو الحوار الزوجي الهادئ ؟
دلال سامي
كثيرا ما تتسبب الحوارات الزوجية الانفعالية في إثارة بعض المشكلات وينبغي هنا على كل طرف أن يتعلم كيف يناقش المشكلات الزوجية بينه وبين الطرف الآخر بطريقة هادئة وإيجابية حتى أثناء الغضب حتى لا يؤثر ذلك على جو الهدوء الأسري.
- وهناك أساليب فعالة للتغلب على تلك المشكلة و منها:
- حاولي تغيير خططك إذا كانت هذه الخطط لا تتناسب مع الطرف الآخر؛ فإن ذلك أفضل من الإصرار على فعل شيء لا يرضي الطرف الآخر ويؤدي إلى تعميق الخلاف بينكما.
- اجعلي دائماً صوتك منخفضا وهادئا، لاسيما في بداية الحوار.
- لا تستخدمي العبارات التي تشير إلى عدم الاحترام أو عدم الحب.
- حاولي الحد من العبارات التي تنتقد الشخصية والعادات.
- حاول الاسترخاء لمدة 20 دقيقة حتى تهدئي، إذا كنت في حاجة إلى ذلك.
ولا شك أن كلا الزوجين يحتاج إلى فترات من الاحتكاك الإيجابي وتبادل النقاش في مواضيع مختلفة لتجنب زيادة حجم المشكلات حيث يعمل معظم الأزواج طوال النهار، وينشغلون بأمور أولادهم ويبدأ الحوار المتبادل بينهم في الانقطاع لذلك يجب إعادة الاتصال وإعادة العلاقات العاطفية بينهم وذلك عن طريق:
* محاولة القيام بنزهة قصيرة في المساء بمفردهم.
* الالتقاء بعد العمل وبعد العودة إلى المنزل لمدة20 دقيقة على انفراد بين الزوجين.
* تحديد ساعتين كل أسبوع للخروج. على أنها عادات ثابتة.
* الاستفادة من تجارب الحوار الناجح والاستفادة من أهل الخبرة بقراءة بعض الكتيبات المعينة على ذلك.
* وقبل ذلك كله الاستعانة بالله ودعائه أن يديم عليكما وعلى أبنائكما الهدوء والسكينة والجو الأسري الجميل.
كيف نرغب أطفالنا في الصلاة؟
منذ البداية يجب أن يكون هناك اتفاق بين الوالدين- أو مَن يقوم برعاية الطفل- على سياسة واضحة ومحددة وثابتة، حتى لا يحدث تشتت للطفل، وبالتالي ضياع كل الجهود المبذولة هباء، فلا تكافئه الأم مثلاً على صلاته فيعود الأب بهدية أكبر مما أعطته أمه، ويعطيها له دون أن يفعل شيئاً يستحق عليه المكافأة، فذلك يجعل المكافأة التي أخذها على الصلاة صغيرة في عينيه أو بلا قيمة؛ أو أن تقوم الأم بمعاقبته على تقصيره، فيأتي الأب ويسترضيه بشتى الوسائل خشية عليه.
وفي حالة مكافأته يجب أن تكون المكافأة سريعة حتى يشعر الطفل بأن هناك نتيجة لأفعاله، لأن الطفل ينسى بسرعة، فإذا أدى الصلوات الخمس مثلاً في يوم ما، تكون المكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة وهكذا.
طرق إزالة روائح المطبخ
- تزال رائحة الطبخ عن اليدين بفركهما بالخل.
- تزال رائحة البصل عن اليدين بفركهما بورق البقدونس.
- تزال رائحة الثوم عن اليدين بفركهما بتفل القهوة.
- تزال رائحة السمك عن اليدين بفركهما بالليمون.
تنبيهات عند شواء اللحوم والدجاج والسمك:
1- مراعاة نزع الدهن عند شوي اللحوم.
2- كي تتأكدي من استواء اللحم لا تحاولي قطعه بالسكين بل يكفي الضغط عليه بواسطة طرف سن رفيع فإذا صدرت مقاومة قوية من اللحم فهذا معناه أنه نضج واستوى جيدا أما إذا كانت المقاومة لينة فهذا معناه أن اللحم مازال بدمه يعني نصف استواء.
3- عدم استخدام شوكة لتقليب اللحم حتى لا تثقب ويخرج منها السائل ويؤدي إلى جفافها.
4- قبل شواء اللحم المنقوع في الثلاجة يجب إخراجه وتركه لمدة ربع ساعة قبل الشواء. ويمكن استخدام النقيع في دهن الدجاجة بين فترة وأخرى.
5- لا تقلبي اللحم أكثر من مرة واحدة لكل جهة.
6- أما بعض أنواع السمك فيفضل لفه بالقصدير عند شويه حتى لا يلتصق بالشواية ويفسد منظره.
7- عند تشويح اللحم أو الدجاج في مقلاة استخدمي المرق الناتج في عمل الصوص الخاص به.
نصائح للأمهات الجدد:
- تجنبي إعطاء طفلك الأطعمة التالية قبل أقل من سنة: اللبن البقري، بياض البيض، الفراولة، الشكولاتة، الفول.
- تجنبي الآتي قبل 3 سنوات: الأطعمة التي قد تؤدي إلى اختناق الطفل مثل الفشار، حبات العنب - يمكنك تقطيع الحبة إلى4 أجزاء-. الجزر غير المطهي، الحلويات الصلبة مثل البونبوني والمصاصات.
- تجنبي الآتي قبل سن الخامسة: المكسرات.
إذا كان أحد أفراد أسرتك يعاني من إكزيما أو ربو أو أي نوع من أنواع الحساسية، استشيري طبيبك قبل إعطاء الطفل منتجات الألبان مثل الزبادي والجبن لأنها قد تسبب له حساسية.
لا تضيفي الملح أو السكر لطعام الطفل لأنك إذا فعلت ذلك تحفزين حاسة طفلك لتذوق الطعم الحلو و المملح مما قد يؤدي فيما بعد إلى مشاكل زيادة الوزن أو مشاكل في الأسنان أو ضغط دم مرتفع.
http://www.al-forqan.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/261)
أزف الرحيل
الشيخ محمد أمين مرزا عالم
أختي المسلمة:
اسألي نفسك في صراحة وخشوع وتفكر وخضوع: أين الآباء والأجداد..!
وأين الكثيرون من الأهل والأحباب!
ستجدين الجواب مصحوباً بدموع الحزن..وأزيز القلوب على الفراق:
هم تحت طيات الثرى والتراب!
نعم هذا هو المصير.. وهذا هو المصير..
تفكر في مشيبك والمآب *** ودفنك بعد عزك في التراب
إذا وافيت قبراً أنت فيه *** تقيم به إلى يوم الحساب
وفي أوصال جسمك حين تبقى *** مقطعةً ممزقةً الإهاب
فلولا القبر صار عليك ستراً *** لأنتنتِ الأباطح والرَّواب
خُلقنا للممات ولو تُركنا *** لضاق بنا الفسيح من الرحاب
ينادى في صبيحة كل يوم *** لدوا للموت وابنوا للخراب
يا أمة الله..
كم في كتابك من خطأ وزلل، وكم في عملك من سهو وخلل.. هذا وشمس عمرك على أطراف الذوائب وقد قرب الأجل..
يُذكر أن رجلاً جاء إلى إبراهيم بن أدهم فقال: أين العمران؟! فأخذ إبراهيم بيده حتى وقف به على القبور فقال له: هنا العمران!!
ولذلك قال الشاعر:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
أختي المسلمة:
وقفتُ مرةً على قبر من القبور قد أُعِدَّ لدفن ميت فرأيت بين التراب المنثور خصلة من شعر إمرأة. ماتت منذ زمن، اللهُ أعلم به.. !
فقلت في نفسي:
كم يا ترى كانت هذه المرأة أو الفتاة تعتني بهذا الشعر الجميل وتمنع عنه كل أذى وكل ما يذهب رونق جماله ونعومته!!
لكن أُنظري كيف حاله وقد اختلط بالتراب والثرى؟!!
فالبدار البدار يا أمة الله.. ويا محمية هذا الدين ويا أمل هذه الأمة.. البدار البدار إلى توبة نصوح ورجعة صادقة لله - تعالى -من قبل أن يحين الحين ويبين البين!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/262)
أحوال المرأة المتحررة ... تجربة .. والتجارب عظات ..
لم تكن المرأة في الغرب قبل الحضارة المعاصرة في أوربا تعيش حياة التبرج والسفور والرذيلة والتفلت من القيم والأخلاق والآداب والرباط العائلي والديني..
بل كانت وقبل قيام الثورة الصناعية، تحيا حياة الطهر والعفة، لم تكن تخالط الرجال لا في عمل ولا مدرسة ولا بيت، ولم تكن المرأة الغربية تلبس اللباس العاري وتخرج بزينتها أمام الرجال، فضلا أن تتخذ صديقا تعاشره ويعاشرها، بل كانت في بيتها ومزرعتها تقوم بشؤون أولادها وزوجها وأهلها..
نعم كان الرجل الأروبي ينظر إلى المرأة باحتقار ومهانة وانتقاص، لكنه ما كان يسمح لها أن تدنس عرضها، فقد كان العرض محل التقدير والحفظ، فمن المعلوم أن الزنا محرم في كافة الشرائع اليهودية والنصرانية والإسلام، ولا تجد مجتمعا محافظا على أخلاقه ولو كان على غير ملة الإسلام إلا ويحرم الزنا ويعاقب فاعله..
كانت أوربا تعيش تحت وطأة الحكم الكنسي وحكم الرهبان الذين انحرفوا بدين النصرانية وبدلوها، وبالرغم من هذا التحريف إلا أن الكنيسة كانت محتفظة ببعض التعاليم الصحيحة كتحريم الزنا ومعاقبة من يفعله..
ومن هنا حافظت المرأة على طهرها وعفتها، لكن طغيان الرهبان واستبدادهم ولّد في نفس الإنسان الغربي كراهية الكنيسة وكراهية رجال الدين الرهبان، بل وكراهية الدين ذاتِه، فلما قامت الثورة الفرنسية، نبذ الغرب الدين بأكمله وقتلوا الرهبان المنحرفين، وكان من ضمن ما نبذوه الحفاظ على عفة المرأة وطهرها وصيانتها..
فخرجت المرأة من حصنها الذي كان يحميها من الشياطين منفلتة من كل رباط أخلاقي وأسري، بعد أن نبذت الدين الذي كان يحرم عليها ذلك بالرغم من انحرافه..
هذا سبب..
وسبب آخر لتفلت المرأة في الغرب من القيم الأخلاقية:
أنه لما قامت الثورة الصناعية، ذهب الرجال إلى المدينة للبحث عن الرزق وطلب فرصة أفضل لبناء حياة كريمة، ترك الرجال القرية فبقيت النساء بلا عائل ولا منفق، فاضطرت المرأة هي الأخرى للذهاب إلى المدينة لتبحث عن
الرزق والمعيشة، فتلقفها أصحاب العمل ورضخت تحت وطأة الحاجة أن تعمل بنصف أجر الرجل مع كونها تقوم بنفس عمله..
وهناك في المدينة، وجدت المرأة نفسها وحيدة، ليس لها أسرة ولا عائل، فالكل مشغول في حياة المدينة..
سكنت وحيدة، وعاشت وحيدة، فقد كان عليها أن تبني نفسها بنفسها وتلبي حاجاتها بجهدها، وكان من ضمن ما تحتاجه الرجل الذي يحوطها ويحفظها ويشبع رغباتها ويكون لها زوجا، ولما كانت حياة المدينة صاخبة، والكل في عمل وسعي، لم تجد العطف والحنان في كنف رجل يكون لها وتكون له، فلم يكن من اليسير أن تجد زوجا لما في الزواج من كلفة صرفت الرجال عنه، ومع مخالطتها للرجال في العمل كان من الطبيعي أن تنزلق إلى الرذيلة والمخادنة مع من شاءت..
وعزز ذلك أنه لم يكن هناك قانون يحرم ذلك، لكن ثمة طائفة أخرى لم تجد عملا، وهنا تلقف دعاة الرذيلة هؤلاء الفتيات العاطلات، وأنشأوا لهن بيوت الدعارة، فكان سببا آخر لفساد المرأة في الغرب..
انفلتت المرأة الغربية من رباط الدين والأخلاق ومن رباط العائلة
والأسرة، وصار عليها لزاما أن تترك بيتها وأسرتها إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها، ولها الحق في أن تعاشر من شاءت، ولايملك الأب حق منعها، بل لها الحق أن تداعيه في المحاكم إن هو اعترض عليها أو منعها من حريتها الشخصية
التي تعني حرية المخادنة..
خرجت المرأة الغربية تاركة كل القيم الإنسانية فضلا عن القيم الدينية، واغترت بما حصل لها من انفراج، وما حصلته من تحرر يرضي غرورها، شعرت أنها ملكت نفسها بعد أن كانت في أسر الرجل، أو هكذا خيل إليها، ظنت أنها حصلت على حقها المسلوب، أو هكذا أقنعت..
خرجت وانطلقت وتحررت من كل رباط، وفعلت ما شاءت، فماذا كانت النتيجة؟....
تبدأ الفتاة منذ الثامنة عشرة من عمرها حياة لا يحكمها أحد فيها، تمضي حيث شاءت مع من شاءت، يستعملها الرجل في شهواته، ويستخدمها كأداة إغراء، في:
الأفلام
ومسابقات ملكات الجمال
وفي الإعلانات
وفي المجلات
وفي الأزياء
وفي بيوت الدعارة وغير ذلك..
يستهلك زهرة شبابها ونضرتها، حتى إذا بدأ العجز يدب إليها وذهبت نضرتها وجمالها رمى بها المجتمع لتعيش بقية حياتها في ملجأ إن لم يكن لها مدخرات من المال، أو تنزوي في بيت لها وحيدة لا أنيس لها سوى كلبا اقتنته لتسلو به وتعوض به ما فقدت من حنان..
فاليوم عرفت أنها كانت مغرورةً مخدوعة، حين انفض الجميع عنها، كم عانت في حياتها وكابدت المشاق والخوف في مجتمع لايعرف حق المرأة ولايحفظ لها كرامتها، ومن شدة بغضها للمجتمع الذي تعيش فيه، توصي بجميع مالها لذلك
الكلب، فهي لاترى في الناس من يستحق أن تحسن إليه ولو ببعض مالها، فالبهائم في نظرها أولى منهم، كيف لا؟ وقد وجدت عند هذا الكلب من الوفاء ما لم تجد طرفا منه عند الناس، حتى أولادها.. تنكروا لها، فلاتراهم ولايرونها، والبار منهم من يرسل إليها بطاقة معايدة في كل عام..
كم تعاني المرأة في الغرب من الحرمان والخوف:
فحوادث الاغتصاب شائعة حتى من المحارم..
لا يقبل صاحب العمل فتاة للعمل إلا بشرط المعاشرة..
تتعرض للسلب والنهب والقتل فلاتجد من يحميها ويحفظها إلا قوانين بائدة خروقاتها كثيرة..
كل ذلك بسبب مخالطة الرجال، وترك القرار في البيوت..
أي نظرة إلى واقع المرأة في الغرب تورث القلب حزنا وألما من جشع الإنسان وظلمه، فالمرأة في الغرب.. نعم تحررت ظاهرا لكنها في الحقيقة تقيدت..
خرجت من قيد العفة والأخلاق، ودخلت في فضاء الرذيلة والهوان..
ليس كل قيد مذموما، فالإنسان لابد له من قيد يحكمه يكفيه شر نفسه وشر هواه وشر من حولَه، وهذا القيد هو قيد الدين والأخلاق، وبهذ القيد ينعم الإنسان بحياة الأمن والرخاء والسعادة، وإذا حل هذا القيد فسدت معيشة بني آدم..
انظروا إلى الطفل يهوى اللعب بكل شيء حتى بما فيه هلاكه، فهل نسمح له بذلك؟..
الجواب: لا، فنحن الكبار أدرى بما يصلحه، وكذلك ربنا جل شأنه، أدرى بما يصلح المرأة، فإنه لما شرع لها: القرار في البيت.. وأوجب عليها القيام بشؤون أولادها وأهلها.. وأمرها بالحجاب بستر الوجه واليدين وسائر الجسد ونهاها عن التبرج.. لم يكن ذلك حرمانا لها من حق هو لها، بل كان ذلك هو الذي يصلحها، ولا يصلحها غيره.. فقرارها في البيت: يحفظ الأسرة من التفكك والانحلال، وينشر في البيت العطف والمودة، حيث يعود الرجل فيجد زوجته قد استعدت له بكل ما يحب، ويعطي المرأة فرصة لتمنح صغارها الحنان والرعاية والتربية، ويحفظها من الأشرار وكيد الفجار، ويحفظ المجتمع من الهدم..
وحفاظها على حجابها:
يمنع عنها نظرات زائغة من قلوب مريضة، ويكفيها أذى الخبثاء، ويصرف عنها كل سوء، ويصونها ويبقيها في حصن الفضيلة والشرف..
إن المرأة المسلمة تعيش في ظل الاسلام في كرامة وعزة..
يجب على الرجل أن ينفق على وليته، ويجبر على ذلك، أبا كان أو أخا أو زوجا فإن لم يوجد فالحاكم لها ولي، والإسلام يأمر بالإحسان إلى المرأة طفلة كانت أو أما أو زوجة، فإذا كبرت.. فحقها أعظم، يجب برها ويحرم عقوقها، قال - تعالى -: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} فالأم والمرأة الكبيرة في الإسلام لها المكانة والمنزلة، والمجتمع يتسابق إلى خدمتها ويرون ذلك واجبا لافضلا.. وقد حرم الشارع إيذاء المرأة بالضرب المبرح أو الضرب في الوجه .. وأمر بالعدل بين الضرائر ورهب من الميل.. وجعل لها الحق في اختيار الزوج..
ومن مظاهر عناية الإسلام بالمرأة تخصيصها بالذكر في سور عدة وفي آيات كثيرة كسورة البقرة والأحزاب والنور والطلاق..
بل ومبالغة في إكرامهن سمى بعض سور القرآن بهن كسورة النساء وسورة مريم..
وقد سخر الإسلام الرجل لخدمة المرأة خارج البيت مقابل أن تخدمه في داخله، فيجب على الزوج أن ينفق عليها ولو كانت تملك أموال الدنيا، ولا يلزمها أن تنفق عليه درهما إلا عن طيب نفس واختيار..
وخاتمة التكريمات ونهاية التبريكات أن جعلها الله - تعالى -من آياته فنوه بذكرها فقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}..
وإذا كان من تعاليم الإسلام أن تبقى المرأة تحت قوامة الرجل، فهذا من رحمة الله بها، فقد جربت المرأة القوامة على نفسها، وألا يكون لها ولي ولا حافظ، واليوم..
انظروا ماذا تعاني المرأة في الغرب من خوف وعدم أمان وما تجده من عنت ومشقة في القيام بحاجياتها التي كان الرجل هو المتولي لذلك كله، والمرأة في راحة وأمان، لا تخاف ولا تهتم، فلما بطلت ولايته عليها تحتم أن تقوم بشؤونها لوحدها..
فلتعلم المرأة أن الله هو الذي أمر أن تبقى تحت قوامة الرجل، وأن يكون لها وليا، والله أعلم بها..
وقد ثبت بالتجربة أنه لا يصلح إلا ذلك.. فهذه المقارنة المستعجلة بين حالة المرأة في الغرب وحالتها في الإسلام، يثبت للمرأة كذب الدعاوي التي تلقى هنا وهناك القائلة أن للمرأة حقوقا مسلوبة، وأنها مسجونةٌ محرومة في ظل التزامها بالحجاب والبعد عن الرجال..
وإذا فكرت الفتاة بعقل وحكمة وإيمان ستجد أن الحرمان كل الحرمان سيعتريها إن هي انساقت وراء كل فكر يدعو إلى التحرر من القيم، قال الله - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله}..
فينبغي على المرأة المسلمة أن تحذر من أن تحذو حذو المرأة في الغرب، بعد أن عرفت ما تعانيه من صعوبات وآلام نفسية واجتماعية وأخلاقية، ولتحمد الله - تعالى -أن هيأ لها مجتمعا متدينا يحب الله ورسوله ويحرص على العمل بتعاليم
الدين الحنيف، ولا تغتر بكل ما تراه من حضارة نساء الغرب، فإن وراء تلك الحضارة ما قد أخبرتكم عن طرف من سلبياتها وآلامها وضياعها.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/263)
وحدة الصف النسائي
د. رقية بنت محمد المحارب
من لوازم النهضة في أي مجتمع واستمرار بقائه قوياً: وحدة صف أهله، وعدم تنازعهم ووجود مرجعية علمية واعية مخلصة تسهم في إضاءة الطريق لمسيرتهم. هذه الإضاءة المهمة اليوم في عالم يعيش متغيرات لا حصر لها في جوانب الحياة المختلفة.
وعند الحديث عن صف العاملات في الحركة النسائية الدعوية في العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً تبرز الحاجة ماسة لتجمع نسائي يمهد لوحدة فكرية تكون عوناً للنساء الفاعلات في المحيط الاجتماعي لمواجهة التحديات بشتى أنواعها.
لعل من المثير للعجب هذا الغياب الواضح لمبادرات نسائية مؤثرة تدعو إلى إقامة تجمعات فاعلة وتنظيم ملتقيات ومؤتمرات يتم فيها تبادل الرأي حول الشأن النسائي والدعوي منه بشكل خاص. إن مثل هذه المؤتمرات والملتقيات على مدار العام تصدر عنها توصيات تجد طريقها إلى التنفيذ مباشرة، ليس على المحيط المحلي فحسب، بل على المحيط العالمي أيضاً.
وإذا كان التجمع وسيلة لا غاية فإنني أحسب أن السعي للالتقاء بين النساء الفاعلات في البلد الواحد، بل المدينة الواحدة، مقدمة ضرورية لتحقيق الوسيلة التي تؤدي بدورها إلى تحقيق الأهداف العامة للطبقة النسائية المثقفة المحافظة في مجتمعاتنا. وهذا النشاط الاستعماري الجديد المحموم الموجه إلى المرأة المسلمة اليوم يمثل تحديات كبيرة لا بد أن تواجه باتحاد قوي بين الأخوات في كل قطر؛ لتتكون مصدات ثقافية قوية، وليتم تنسيق الجهود من خلاله؛ وإلا فإن برامج المستعمر ستنفذ دون مقاومة فكرية قوية، وفي هذا يقول الله - جل وعلا -: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].
لا أعلم على وجه الدقة مدى التنسيق بين الفاعلات في المجال الدعوي لكنني أستطيع القول إنه لا يتوافر لدينا الحد الأدنى من الاجتماع والتعارف؛ إذ بات من البين أن الداعيات في جهة من جهات إحدى المدن لا تعرف أختها في الجهة الأخرى في المدينة ذاتها، وهذا دون شك خلل ينبغي إصلاحه ومشكلة يلزم علاجها.
هناك أسباب كثيرة لعزوف الأخوات عن المبادرة وتولي القيادة في اقتراح وتنفيذ مثل هذه المشروعات، يمكن إجمالها في عدة أمور، منها: ضعف الوعي بأهمية الاجتماع والاتحاد في تحقيق النصر، ومن ذلك ضعف التدريب على العمل الجماهيري، والتمحور حول أساليب قديمة، والخوف من الأفكار الجديدة، وترك مساندة الرجال الذين كانوا ولا يزالون يقومون بدور كبير في الدفاع عن المرأة والتنظير لقضيتها وحمل همومها.
ما لم تدعم المرأة الصور النمطية للأعمال الدعوية بأساليب إبداعية فلن نبرح مكاننا، ويمضي الوقت والمستعمر وأذنابه يحققون مكاسب كنتيجة مباشرة لاجتماعه والتنسيق بين مختلف مؤسساته والدأب في المطالبات والصبر على الأذى.
هناك خطوات أحب أن أنبه أخواتي الفاضلات إليها للبدء في مشروعات تجميع الجهود وتنسيقها، منها:
أهمية إيجاد القناعة بضرورة الاجتماع؛ وذلك يمكن تحقيقه عبر القراءة في كتب الإدارة، وحضور دورات تدريبية في القيادة والتخطيط وتنظيم الوقت.
ومنها: أن نبحث عن الكفاءات الإدارية التي تتولى التنسيق والقيام بمثل هذه المشروعات المهمة؛ فليس صحيحاً أن البارزة في مجال الخطابة بالضرورة تصلح لإدارة مؤسسة، ولا تلك الكاتبة قادرة أن تلقي محاضرة، ولا الإدارية مؤهلة للفتيا، وهكذا نضع الأخت في مكانها الصحيح في المنظومة المؤسسية.
وثمة خطوة ثالثة مهمة تتمثل في: ترك انتظار الأخريات للقيام بمثل هذا العمل المبارك، بل المبادرة بالعمل مهما كانت الصعوبات، والإصرار على بلوغ الهدف دون ملل ولا يأس؛ بشرط أن تتحقق المؤهلات الدعوية الضرورية للقيام بهذه المهمة الكبيرة.
هذه إضاءات سريعة للفت نظر أخواتي إلى ضرورة ترتيب الصف النسائي، وعقد اللقاءات؛ توفيراً للأوقات، ودرءاً لتكرار المشروعات وتبادلاً للخبرات.
وإذا كان الاجتماع في السابق يعد مستحباً؛ فإنني أرى أنه من الواجبات لظروف التحديات الضخمة التي نواجهها كمسلمين؛ حيث تحتل بلاد المسلمين وتنفذ فيها مشروعات تغريبية في وضح النهار.
أسأل الله أن يوفق القائمات على العمل الدعوي في كل مكان ويرزقهن العلم النافع والعمل الصالح.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/264)
وحدة الصف النسائي
د. رقية بنت محمد المحارب
من لوازم النهضة في أي مجتمع واستمرار بقائه قوياً: وحدة صف أهله، وعدم تنازعهم ووجود مرجعية علمية واعية مخلصة تسهم في إضاءة الطريق لمسيرتهم. هذه الإضاءة المهمة اليوم في عالم يعيش متغيرات لا حصر لها في جوانب الحياة المختلفة.
وعند الحديث عن صف العاملات في الحركة النسائية الدعوية في العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً تبرز الحاجة ماسة لتجمع نسائي يمهد لوحدة فكرية تكون عوناً للنساء الفاعلات في المحيط الاجتماعي لمواجهة التحديات بشتى أنواعها.
لعل من المثير للعجب هذا الغياب الواضح لمبادرات نسائية مؤثرة تدعو إلى إقامة تجمعات فاعلة وتنظيم ملتقيات ومؤتمرات يتم فيها تبادل الرأي حول الشأن النسائي والدعوي منه بشكل خاص. إن مثل هذه المؤتمرات والملتقيات على مدار العام تصدر عنها توصيات تجد طريقها إلى التنفيذ مباشرة، ليس على المحيط المحلي فحسب، بل على المحيط العالمي أيضاً.
وإذا كان التجمع وسيلة لا غاية فإنني أحسب أن السعي للالتقاء بين النساء الفاعلات في البلد الواحد، بل المدينة الواحدة، مقدمة ضرورية لتحقيق الوسيلة التي تؤدي بدورها إلى تحقيق الأهداف العامة للطبقة النسائية المثقفة المحافظة في مجتمعاتنا. وهذا النشاط الاستعماري الجديد المحموم الموجه إلى المرأة المسلمة اليوم يمثل تحديات كبيرة لا بد أن تواجه باتحاد قوي بين الأخوات في كل قطر؛ لتتكون مصدات ثقافية قوية، وليتم تنسيق الجهود من خلاله؛ وإلا فإن برامج المستعمر ستنفذ دون مقاومة فكرية قوية، وفي هذا يقول الله - جل وعلا -: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].
لا أعلم على وجه الدقة مدى التنسيق بين الفاعلات في المجال الدعوي لكنني أستطيع القول إنه لا يتوافر لدينا الحد الأدنى من الاجتماع والتعارف؛ إذ بات من البين أن الداعيات في جهة من جهات إحدى المدن لا تعرف أختها في الجهة الأخرى في المدينة ذاتها، وهذا دون شك خلل ينبغي إصلاحه ومشكلة يلزم علاجها.
هناك أسباب كثيرة لعزوف الأخوات عن المبادرة وتولي القيادة في اقتراح وتنفيذ مثل هذه المشروعات، يمكن إجمالها في عدة أمور، منها: ضعف الوعي بأهمية الاجتماع والاتحاد في تحقيق النصر، ومن ذلك ضعف التدريب على العمل الجماهيري، والتمحور حول أساليب قديمة، والخوف من الأفكار الجديدة، وترك مساندة الرجال الذين كانوا ولا يزالون يقومون بدور كبير في الدفاع عن المرأة والتنظير لقضيتها وحمل همومها.
ما لم تدعم المرأة الصور النمطية للأعمال الدعوية بأساليب إبداعية فلن نبرح مكاننا، ويمضي الوقت والمستعمر وأذنابه يحققون مكاسب كنتيجة مباشرة لاجتماعه والتنسيق بين مختلف مؤسساته والدأب في المطالبات والصبر على الأذى.
هناك خطوات أحب أن أنبه أخواتي الفاضلات إليها للبدء في مشروعات تجميع الجهود وتنسيقها، منها:
أهمية إيجاد القناعة بضرورة الاجتماع؛ وذلك يمكن تحقيقه عبر القراءة في كتب الإدارة، وحضور دورات تدريبية في القيادة والتخطيط وتنظيم الوقت.
ومنها: أن نبحث عن الكفاءات الإدارية التي تتولى التنسيق والقيام بمثل هذه المشروعات المهمة؛ فليس صحيحاً أن البارزة في مجال الخطابة بالضرورة تصلح لإدارة مؤسسة، ولا تلك الكاتبة قادرة أن تلقي محاضرة، ولا الإدارية مؤهلة للفتيا، وهكذا نضع الأخت في مكانها الصحيح في المنظومة المؤسسية.
وثمة خطوة ثالثة مهمة تتمثل في: ترك انتظار الأخريات للقيام بمثل هذا العمل المبارك، بل المبادرة بالعمل مهما كانت الصعوبات، والإصرار على بلوغ الهدف دون ملل ولا يأس؛ بشرط أن تتحقق المؤهلات الدعوية الضرورية للقيام بهذه المهمة الكبيرة.
هذه إضاءات سريعة للفت نظر أخواتي إلى ضرورة ترتيب الصف النسائي، وعقد اللقاءات؛ توفيراً للأوقات، ودرءاً لتكرار المشروعات وتبادلاً للخبرات.
وإذا كان الاجتماع في السابق يعد مستحباً؛ فإنني أرى أنه من الواجبات لظروف التحديات الضخمة التي نواجهها كمسلمين؛ حيث تحتل بلاد المسلمين وتنفذ فيها مشروعات تغريبية في وضح النهار.
أسأل الله أن يوفق القائمات على العمل الدعوي في كل مكان ويرزقهن العلم النافع والعمل الصالح.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/265)
ملكة أنا رغم أنوفكم
أقولها وتقولها غيري كثيرات.. ملكة أنا أتبختر وأدوس بقدماي على أنف كل متبجّح ناعق ينازعني مملكتي.. على أنف كل ساقطة تافهة تنادي بحريّتي المزعومة لينتهي بها الحال إمامة في الصلاة للرجال تنادي بحريّتي المظلومة.. كذبت وكذبوا، بل خابوا وخسئوا.. فأنا الملكة على عرشي، وهبني الله جل وعلا مملكة دعائمها الحب والوئام، رعاياها من ينهلون عذب الإيمان والإسلام..
مملكة تمنحني السعادة الحقيقة؛ وليست الزائفة، وطريقاً ممهده إلى جنان ربي، فأسارع بالخطوات بالأعمال الصالحات ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.. ) ملكة أنا لزوجي، مبحرة في بحر حبّه بكل جدارة، مبحرة مجدافي الطهارة والعفة.. اللقمة تأتي إلى فمي يضعها لي بكسبه وعمل يديه وعرق جبينه، فتكون له صدقة كما قال عليه الصلاة والسلام {واللقمة تضعها في في زوجتك صدقة}، فآكلها هنيئاً مريئاً أتقوّى بها على عبادة ربّي لا أذل لسواه، ولا أذرف دموعي إلا من خشيته.
تتدفق عليّ الأشعار وكلمات الحب والحنان من زوجي الحبيب الذي ملك قلبي وعقلي بعد حب ربي ونبيي فأفوز برضاه.. وأيما فوز!!
قال عليه الصلاة والسلام {أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت}
الله أكبر.. سعادة تنتظرني عشتها في دنياي، وتنتظرني بإذن ربي ومنّه وفضله في الآخرة على رؤوس الخلائق، أتوّج أنا لأدخل من أي أبواب الجنة..
بشّرني نبيي عليه الصلاة والسلام {إذا صلّت المرأة فرضها وصامت شهرها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي أي أبواب الجنة الثمانية شئت}..
تغبطني، بل تحسدني عليها كثيرات، وكثيرات محرومات، للتعاسة والشقاء أسيرات، يحاولون إخراجي من مملكتي فنادوا بقيادة السيارة لأختنق بدخان السيارات بعد أن كنت أنعم بأزكى وأزهى العطورات، فهل من المعقول أن أجلس أنا خلف مقود السيارة؟ لا والله ماخلقني ربي للمهانة بل جعلني ملكة مصانة.. ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى.)
وحتى إن اضطررت للخروج فإن خروجي بتاج الوقار.. حجابي الكامل لي مهابة وبعد ذكر ربي ضد أعين الذئاب حصانة..
قادت سيارة، وقفت أمام إشارة، بشعر مكشوف وعينان تغطيها نظارة، نظر إليها كل ذئب حتى عامل النظافة، كالحلوى المكشوفة اشتهوها ليلفظوها دون ندامة، قادت غيري السيارة ووأدت حياء وتركت مملكة وكرامة، وتساوت مع رجل فما ربحت غير حسرات وآهات وندامة..
قالوا متشدقين متبجحين بأنني ومثيلاتي يجب أن تكون لنا قيادات فنادوا بانتخابات، وهنا تعالت مني الضحكات؛ يوم أن تذكّرت تلك الرسائل التي تأتيني من أزواج وزوجات وفشلهم في حل المشكلات، فشلت الزوجة أن تتعامل مع زوجها فرد واحد، فبالله أسألكم كيف ستنجح مع عدد الرجال؟
بأي نجاح موهوم تمنّي نفسها وهي تجلس حول طاولة تناقش فلان وتقنع فلان وهي فشلت في التعامل مع زوجها وتفهّم رغباته وإرضائه، وهي فشلت مع ابنتها وخسرت ثقتها وصداقتها حتى ذهبت تبحث عن صديق أو صديقة. كما ذهب أخوها يبحث عن الصديقة والعشيقة..
قد تقول ناعقة أنها في تربية أسرتها وتنشئتهم ناجحة، وتملك من القدرات أن تكون في الانتخابات..
وهنا أقول لها خدعوك فقالوا:
أنت بدر الدجى فلا تحجبيه *** بقتام يصدّ نور البهاء
اكشفي وجهك الجميل وغنّي *** إنما السعد في ليال الغناء
يا دعاة التغريب إنا أناس *** قد رفعنا جباهنا للسماء
عزّنا بالإله والفخر فينا *** بالنبي الكريم والأنبياء
نداء عاجل أوجهه لكل ملكة..
حافظي على مملكتك، ويكفيك فخراً أن تفتح لك أبواب الجنة الثمانية يوم تموتين وزوجك عنك راض، فبشراك يوم تتوّجين ملكة على سائر الخلائق يوم القيامة؛ فأنت ملكة قَرَنَ الله عز وجل رضاك بعد التوحيد وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
وندائي أيضاً لكل أب وزوج وأخ وولي، أن يساعد هذه الملكة ويقف بجانبها ويؤازرها بما يمنحه لها من حب وحنان وعون على طاعة الله وثبات..
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/266)
البنات وتأخير الزواج
د. عبد الرحمن صالح العشماوي*
أم عبدالله، مُدِّرسةٌ قضتْ في مجال التعليم سنواتٍ عديدةً، وموجِّهةٌ قضتْ في مجال التوجيه سنواتٍ أخرى، ذات علاقات وطيدة مع الطالبات، ولها أسلوبها الخاص في مناقشتهن، والتعامل معهن، والتعاون حسب قدرتها معهنَّ في حلِّ كثير من مشكلاتهنَّ.
تؤكد أم عبدالله أنَّ السلوك الخلقي غير المستقيم ينتشر بين كثير من الطالبات، وأنَّ العلاقات المنحرفة التي تنتشر بينهن مع بعضهنَّ، وبينهن وبين بعض الشباب من جانب آخر تثير قلق العارف بها، المدرك لأبعادها، وتؤكد أم عبدالله أنها تدخل في مناقشات صريحة مع كثير من الفتيات اللاتي يثقن بها وهن كثيرات وأنَّ ذلك قد أتاح لها معرفة كثيرٍ من الأسباب المتعلِّقة بالمنزل، والأسرة، والمجتمع، والمدرسة، والصديقات، والفضائيات، والمجلات الخليعة، ومواقع الإنترنت، وغيرها من الجبهات الساخنة المفتوحة على أبنائنا وبناتنا، وكثير من الآباء والأمهات وصانعي القرار والمعلمين والمعلمات غافلون عن ذلك، لا يُلقون إليه بالاً ولا يُولونه اهتماماً.
قالت أم عبدالله جزاها الله خيراً ولقد تأكد لي من خلال ذلك كلِّه أنَّ تأخير زواج الفتاة سببٌ رئيسٌ مهمٌ من تلك الأسباب، فهو سيِّد أسباب الانحراف بلا منازع، وتؤكد أنَّ جميع مَنْ تتحدَّث إليهن من الفتيات تقريباً يشتكين من ذلك، ويصارحنها بأن أهلهنَّ يسيئون إليهن من حيث لا يشعرون، حينما يردُّون الصالحين من الخاطبين..بحجج يظنّونها قوية، ونحن نرى أنها واهيةً لا قيمة لها، بل إننا نسخر من تلك الحجج حينما نبوح لبعضنا، وتقول أم عبدالله: إنَّ الفتيات ذكرن لها أنَّ من الحجج التي يسمعْنها على ألسنة أهلهنَّ لردِّ الخطباء ما يلي: أنها صغيرة ليست أهلاً للزواج، أنَّ الخاطب ليس من مستوانا الاجتماعي، أنه فقير ليس له مال كثير، أنه يسكن في منطقة أخرى بعيدة، أنَّه صغير لا يقدِّر معنى الحياة الزوجية، أن الفتاة تدرس ولا يريدون إشغالها عن الدراسة، أنَّ شكل الخاطب ليس على ما يرام، أنهم طلبوا منه مهراً كبيراً فلم يقبل فهو لا يصلح للزواج، أنَّ الفتاة قد سُمِّيت منذ الصغر لابن عمها أوخاله أو أحد أقاربها..إلى غير ذلك من الأسباب والحجج التي تعطِّل زواج الفتيات.
تقول أم عبدالله: والله لقد لمست من الطالبات من معاني العتب الشديد على الأهل، والغضب الشديد من تعطيلهنَّ عن الزواج ما جعلني أشعر أنني أمام قضية اجتماعية خطيرة، بل إن بعض الطالبات قلن: إنا ضد دعاوى خروج المرأة من دائرة أخلاقها وقيمها وآدابها، ولكنَّ تعنُّت المجتمع معنا في موضوع الزَّواج ممن نريد، أو ممن يصلح للزواج من الشباب المتقدمين لنا، يجعلنا نستحسن أحياناً تلك الدعاوى معتقدات أنها ستخرجنا من الدائرة المغلقة التي أحاطتنا بها بعض العادات البالية والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وتؤكد أم عبدالله أنَّ انحراف كثير من الفتيات إنَّما هو احتجاجٌ على التعسُّف الذي يعانين منه في موضوع الزواج، وهو بمثابة الانتقام المغلَّف للنفس، وحينما تتحدث إلى الفتيات بأن هذا الأسلوب يدمرهنَّ ويدمِّر حياتهنَّ إلى الأبد، فالانحراف يقتل الإنسان، تجد معظمهنَّ يبكين بكاءً مرَّاً ويقُلْن: ماذا نصنع؟ هذا ما ترويه واحدةٌ من المربيات القريبات من الفتيات، فماذا نقول نحن، وبماذا نجيب وماذا نصنع؟!
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/267)
المرأة في مواجهة نفسها
لماذا تتهجم المرأة على نفسها؟ بل لماذا تجلد ذاتها حين تستميت في التخلي عن إرادتها والاستلاب أمام الرجل وهي تظن أنها تمارس أقصى ما يمكن أن تصل إليه من الحرية والتعبير عن الذات؟
تلك المرأة صاحبة الصوت العالي، نسمعها في الإذاعات وتطل علينا من الشاشات وتكتب ويكتب عنها في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، تلك التي يراد بها مصادرة أصوات ما دونها من النساء وجعلها النموذج والمثال وما سواها فهي ليست كفء هذا العصر الذي زعموا أنها انتصرت فيه وحققت ذاتها!
ومن العجب أن تسعى هذه المرأة وفق ما أراد لها الرجل وفي القالب الذي يصممه لها للاستمتاع بها، مقابل رشوتها بالخديعة ودفعها إلى الثورة على مجتمع الذكور، فتراه ـ وهو ذكر ـ يرتب لها معاركها، وينظم لها هجومها وهجاءها على من يريد هو لا على من تريد هي، وهو الذي يستغلها ويستنفدها، بل ويجعلها ألهية بين يديه، كل ذلك باسم محاربة جمود وجحود الرجل، واسترداد حقوق المرأة ومساوتها معه والكثير من العبارات المبهرجة، التي تنبئ ـ حين اختبارها ـ عن بضاعة كاسدة وهذيان لا عقل فيه ولا روح!
والواقع يقول أن هذه المرأة ليست هي من تمثل نساءنا، ولا هذا الرجل هو نموذج الرجل لدينا، وأنهما معاً نماذج معملية لا نراها إلا في وسائل الإعلام التي تكبر الصغير وتعظم الحقير وتثير الغبار بلا معارك ولا يحزنون.
إنهم ليسوا مثلنا ولا يمكن أن تنمو أشجارهم في بيئتنا، لأنهم ببساطة صنف من الرجال غلبه الهوى والعبث صادف عقول نساء فارغة سقطت مع أول تلويحة من هذا الرجل الذي لم يكن ليسعى من أجل المرأة ولا من أجل حريتها المزعومة؛ بل كل ذلك من أجل نفسه ونفسه فقط.
17-شعبان-1426 هـ
20-سبتمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/268)
القرار
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الله - تعالى - العليم الحكيم أمر المرأة بأمر عظيم فيه حياتها وعفتها وكرامتها وصيانتها فقال - تعالى -: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " [الأحزاب: 33]، قال ابن كثير - رحمه الله -: (أي إلزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد) اهـ. وذكر ابن عطية في تفسيره قال: (ذكر الثعلبي وغيره أن عائشة - رضي الله عنها - كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها. وبكاء عاثشة إنما كان بسبب سفرها أيام الجمل وحينئذ قال لها عمار بن ياسر: إن الله أمرك أن تقري في بيتك. وقيل لسودة - رضي الله عنها -: لم لا تحجين: ولا تعتمرين؟ فقالت: قد حججت واعتمرت وأمرني الله - تعالى - أن أقر في بيتي. قال الراوي: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى خرجت جنازتها) اهـ.
وعملها هذا أخذاً منها لظاهر الآية ولقول الرسول فيما أخرجه أحمد في مسنده قال: حدثنا حجاج ويزيد بن هارون وإسحاق بن سليمان كلهم عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة أن رسول الله قال لنسائه عام حجة الوداع: {هذه ثم ظهور الحصر}، قال: فكن - كلهن - يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وكانتا تقولان: (والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبي.
قوله - تعالى -: " وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب: 33] والتبرج هو إظهار الزينة والتصنع بها، ومنه البروج لظهورها وانكشافها للعيون، وقال مجاهد وقتادة: (التبرج هو التكسر والتغنج). وقال ابن أبي نجيح: (هو التبختر وقيل هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال).
ولم يكن يعرف التبرج من النساء والخروج من البيوت عند سلفنا الصالح وإنما تسرب إلينا على هذه الصفة في هذا العصر للإختلاط بأهل الكفر ومن شابههم من أذنابهم وهذا سبب فتح الباب لهن باسم التربية والتعليم والمصحات وغيرها، فإلى الله المشتكى.
بل أمر الله نساء نبيه وهن في البيوت بعدم المخاطبة إلا من وراء حجاب، قال - تعالى -: " وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " [الأحزاب: 53]، قال البغوي في تفسيره: (أي من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله متنقبة كانت أو غير متنقبة ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الريب).
بل حتى في هذا السؤال والخطاب لا يكون فيه خضوع، قال - تعالى -: " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلاَ تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولاً مَّعرُوفاً " [الأحزاب: 32]. قال ابن عباس: (أي ترخصن بالقول ولا تخضعن بالكلام) كما نقل ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره بإسناد إلى ابن عباس.
قوله - تعالى -: " فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ " [الأحزاب: 32] قال ابن جرير: (الذي يطمع في قلبه ضعف لضعف إيمانه في قلبه. إما شاك في الإسلام منافق فهو لذلك من أمره يستخف بحدود الله وإما تهاون بإتيان الفواحش).
قوله - تعالى -: وَقُلنَ قَولاً مَعرُوفاً قال ابن زيد: (قولاً جميلاً حسناً معروفاً في الخير). قال ابن كثير: (ومعنى هذا أنها تخاطب المرأة الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها).
إذاً هذا هو سبيل النجاة للمرأة وهو القرار في البيت وأن السؤال من وراء حجاب وأن ذلك بدون خضوع للقول، وقد أخبر النبي الشفيق بأمته الرحيم بها كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: {كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته}. وقد بوّب عليه البخاري باب المرأة راعية في بيت زوجها. فهذا الحديث يبين أن المرأة لها مكان ترعاه وهو بيت زوجها فإذا خرجت من هذا الباب ضيعت ما استرعاها الله عليه والله سائلها عن ذلك فما جوابها، وإن صلاح المرأة ودينها وشرفها في داخل بيتها، قال - تعالى -: " وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً " [الأحزاب: 34].
أخرج ابن خزيمة في كتاب التوحيد قال: (حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: إذا لبست المرأة ثيابها ثم خرجت قيل: أين تذهبين؟ فتقول: أعود مريضاً أو أصلي على جنازة أو أصلي في مسجد، فقيل: وما تريدين بذلك؟ فتقول: وجه الله، والذي لا إله غيره ما التمست المرأة وجه الله بمثل أن تقر في بيتها وتعبد ربها).
وجاء قريب من هذا اللفظ عند عبد الرزاق قال حدثنا الثوري عن أبيه عن أبي عمرو الشيباني قال: (جاء رجل فقال: كان يقال: صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في دارها، فقال له أبو عمر: ولم تطول؟ سمعت رب هذه الدار (يعني ابن مسعود) يحلف فيبلغ في اليمين، ما مصلى لامرأة خير من بيتها إلا في حج أو عمرة، إلا امرأة قد يئست من البعولة فهي في منقليها، قيل: ما منقليها؟ قال أبوبكر: امرأة عجوز قد تقارب خطوها).
والمرأة إذا خرجت تلاعب بها الشيطان واستشرفها بل يكون خروجها بصورة شيطان في إقبالها وإدبارها، أخرج مسلم في صحيحه عن جابر أن رسول الله رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها، فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال: {إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه}.
معناه الإشارة إلى الهوى والدعوى إلى الفتنة بحالها وما جعل الله في طباع الرجال من الميل إليها.
فإذا كانت تقبل بصورة شيطان وتدبر بصورة شيطان فهي فتنة للناظر وهي في ذلك الزمان، فكيف بهذا الزمان الذي خلعت فيه النساء جلباب الحياء واستهترت بالتبرج والسفور؟ فمن أقبح المنكرات وأقبح البلايا وأعظم الفتن وسبب سقوط الملك والدول أن تتبرج المرأة وتظهر زينتها للرجال الأجانب في الطرقات والأسواق وأماكن التجارة، بل في المساجد وأعظم ذلك في المسجد الحرام، بل في الطواف بالبيت.
نراها في كل ساعة يزداد تبرجها وسفورها فخلعت عنها ثيابها وأصبحت بادية النهود والأرداف حاسرة الرأس أو تكون كاسية كالعارية بلباس الزينة والتشبه بلباس الإفرنج كالبنطال ونحوه ورائحة الأطياب تبدو منها من بعد، فلا دين يمنعها ولا حياء يردعها ولا ولي يحافظ عليها وعلى كرامتها فيوقفها عند حدها، والله المستعان.
أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: {صنفان من أهل النار لم أرهما! نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا}.
وأخرج البخاري في صحيحه عن أم سلمة قالت: استيقظ النبي من الليل وهو يقول: {لا إله إلا الله! ماذا أنزل الليلة من الفتن؟ ماذا أنزل من الخزائن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ كم من كاسية في الدنيا عاريه يوم القيامة}. فهل يرضى أحد لموليته أن تكون من أهل النار، أو أن تكون عارية يوم القيامة، أو هل ترضى ذلك المرأة لنفسها؟ وأخرج النسائي قال: أخبرنا إسماعبل بن مسعود حدثنا خالد بن الحارث حدثنا ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال رسول الله: {أيما امرأة استعطرت فمرّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية} [وهو إسناد صحيح].
وقد حذر رسول الله من فتنة النساء وأخبر بأنه من أعظم ما يتضرر به الرجال، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن النبي قال: {ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء}. بل ما فتنت الأمم السابقة بمثل الفتنة بالنساء، وجاء الأمر: بالوقاية من فتنتها كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي قال: {إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء}.
فانظر إلى النبي كيف حذر من فتنة النساء، وانظر إلى الواقع المؤسف 6 أما يكفي هذا زاجراً ورادعاً؟ وكل يوم تزيد الفتنة بالنساء إذا رأيتها في الأسواق تتمطى في مشيتها عجباً وتيهاً وتتلون إختيالاً وزهواً، بتدليل وتكسر وتظرف. بل أعظم من دلك تجده في الأسواق وغيرها تتساءل أهذه بلاد الإسلام! وصل بها الأمر إلى هذا الحد؟ كيف ترون ذلك وتصبرون؟ أما تغارون؟ أما تخافون العذاب من رب العباد؟ أما تخجلون؟ فالمرأة مأمورة بالاحتشام والحياء والبقاء في قعر البيت لئلا تفتن وتفتتن فتتنغص عليها حياتها وسعادتها ويخدش عرضها وتهان كرامتها وتنطلق إليها النظرات الوقحة الجريئة.
أيتها المرأة المسلمة! انطري لأي شيء خُلقت، خُلقتِ لعبادة ربك وعدم تعدي حدوده وانتهاك محارمه فالله - تعالى - أمرك فقال: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً [الأحزاب: 59].
قال ابن عباس: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة).
وقال ابن سيرين: (سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية قال: فقال: بثوبه وغطى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه).
وقال - تعالى -: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " [النور: 30]. أخرج البخاري في صحيحه أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول لما نزلت هذه الآية: (شققن مروطهن فاختمرن بها) أين هذا من واقعنا؟ واقعهم الاستجابة لأمر الله وواقعنا ونساءنا إلا من رحم الله الاستجابة لكل نابح وناعق وزنديق وفاجر مخنث عاهر.
ثم ختم الله هذه الآية بقوله: وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون قال ابن كثير: (أي افعلوا ما أمركم به من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة واتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة، فإن الفلاح كل الفلاح في فعل ما أمر الله به ورسوله وترك ما نهينا عنه).
وأخرج أحمد في المسند حدثنا أبو عامر حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله محمد بن عقيل عن ابن أسامة بن زيد أن أباه أسامة قال: كساني رسول الله قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله: {ملك لا تلبس القبطية؟ } قلت: يا رسول الله! كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله: {مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها}. قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -: (كسوة المرأة في الحقيقة هو ما سترها كاملاً بحيث يكون كثيفاً فلا يبدي جسمها ولا يصف لون بشرتها لرقته وصفائه، ويكون واسعأ فلا يبدي حجم أعضائها ولا تقاطيع بدنها لضيقه) اهـ. وروى مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: (دخلت حفصه بنت عبد الرحمن على عائشة أم المؤمنين وعلى حفصة خمار رقيق فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً).
وأخرج النسائي قال أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا النضر أخبرنا معتمر حدثنا عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قالت: سئل رسول الله: (كم تجر المرأة من ذيلها؟ ) قال: {شبراً} قالت: (إذاً ينكشف عنها)، قال: {ذراع لا تزيد عليها}.
فهذا لباس المرأة وكسوتها، بل أمرت أن تغطي رأسها قي الصلاة وهي في بيتها حيث لا يراها أحد، أخرج أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا حماد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي أنه قال: {لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار} رواه أحمد والترمذي وقال الترمذي: (حديث عائشة حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من شعرها مكشوف لا تجوز صلاتها). بل عندما حصل شيء من التغير بعد موت الرسول من ناحية النساء ولباسهن وتوسعهن قالت عائشة - رضي الله عنها -: (لو أدرك رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل) أخرجه البخاري ومسلم، هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم قالت: (لو أن رسول الله رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل). انظر ماذا تقول عائشة أم المؤمنين حينما حصل من بعض النساء التغير مع أن النبي قال: {إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها} [أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر] وكما أخرج البخاري عن ابن عمر قال: (كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقيل لها: لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني، قال: يمنعه قول رسول الله: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله).
وقد اشترط أهل العلم شروطاً لجواز خروج النساء إلى المساجد، قال النووي عند شرحه في مسلم: (وهذه الشروط ألا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها وألا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها).
ويلحق في ذلك النقاب الفاتن ولبس البنطال أو الجلباب المزخرف أو ما فيه من التشبه بالكفار أو التشبه بالرجال. وهذا كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: {أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة} وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله: {إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً} فلذا تجد هيئة النساء إذا خرجن في زمن النبي كما ذكرت ذلك عائشة - رضي الله عنها - قالت: (إن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي ثم يرجعن ملفعات بمروطهن لا يعرفهن أحداً).
بل أمرهن النبي أن يخرجن تفلات؛ أخرج أحمد وأبو داود من طريق محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله قال: {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات} هذا لفظ أبي داود وإسناده لا بأس به. وقد بيّن النبي بأن صلاتها في بيتها خيرٌ لها، أخرج أبو داود قال حدثنا ابن المثنى أن عمرو بن عاصم حدثهم قال حدثنا همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي قال: {صلاة المرأة قي بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها}، قال البيهقي - رحمه الله -: (وفيه دلالة على أن الأمر بأن لا يمنعن أمر ندب واستحباب لا أمر فرض وإيجاب وهو قول العامة من أهل العلم) اهـ.
وقد كره بعض أهل العلم الصلاة في المسجد كما قالت ذلك عائشة وابن مسعود فيما أخرج أبن أبي شيبة قال حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي قرة الهمداني عن أبي عمرو الشيباني قال: (رأيت ابن مسعود يحصب النساء يخرجهن من المسجد يوم الجمعة) وجاء عن عبدالله ابن مسعود أيضاً عن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أيي الأحوص قال: قال عبد الله بن مسعود: (المرأة عورة وأقرب ما تكون من ربها إذا كانت في قعر بيتها فإذا خرجت استشرفها الشيطان) بوّب على ذلك ابن حبان فقال: ذكر الأمر للمرأة بلزوم قعر بيتها لأن ذلك خير لها عند الله - عز وجل -. وجاء عن إبراهيم النخعي أن له ثلاث نسوة فلم يكن يدعهن يخرجن إلى جمعة ولا جماعة. وجاء عن أبي حنيفة: (لا يخرجن إلا للعيد خاصة). وقال أحمد: (أكره خروجهن في هذا الزمان لأنهن فتنة). ومنهم من رخص فيه للعجائز دون الشواب وهو قول مالك في رواية والشافعي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وطائفة من الحنابلة. هذا من كلام ابن رجب في فتح الباري. وهذا إذا صار فيه شيء من الفتنة في خروجها أما إذا أمنت الفتنة فإنه لا كلام لأحد عند السنة التي سنها رسول الله الناهية عن منع النساء عند الخروج إلى المسجد.
فانظر رحمك الله أقوال الأئمة لوجود بعض من الفتن وهي خارجة تتعبد الله في المسجد فكيف بخروجها للأسواق وأماكن الرقص والحفلات والأماكن المشبوهة؟ فيجب الغيرة على المحارم والقيام بحق القوامة التي ذكر الله - تعالى -: الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض [النساء: 34]. قال ابن كثير - رحمه الله -: (أي الرجل قيم على المرأة وهو رئيسها وكبيرها الحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم وكذا منصب القضاء وغير ذلك، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال فناسب أن يكون قيماً عليها) اهـ.
اعرفوا أيها الرجال هذا الفضل وقوموا بحقه، لا تبخسوا أنفسكم حقها وتنسوا الفضل، لا تغلبنكم النساء على رجولتكم ولا يلهينكم الشيطان عن رعاية أهليكم ولا تشتغلوا بأموالكم عن قيمكم وأخلاقكم والحفاظ على عوراتكم وشرفكم.
ويجب على الرجال أن يغاروا على محارمهم وهذه من صفات أهل الإيمان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {إن الله يغار وإن المؤمن يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه} بل الغيرة لا تكون إلا عند الرجال العظماء أما الذي لا يغار فهو ديوث فعن أبي هريرة قال: قال سعد بن عبادة: يا رسول الله! لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء! قال رسول الله: {نعم} قال: كلا، والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله: {اسمعوا لما يقول سيدكم إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني}. وعن المغيرة بن شعبة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع أمرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي فقال: {أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني} هؤلاء الرجال الذين رباهم محمد.
وهذه قصة شاب يذكرها أبو سعيد الخدري قال: كان فتى منا حديث عهد بعرس قال: فخرجنا مع رسول الله إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يوماً فقال له رسول الله: {خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة} فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له: اكفف رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدري أيهما كان أسرع موتاً الحية أم الفتى، قال: فجئنا إلى رسول الله فذكرنا ذلك وقلنا له: ادع الله يحييه لنا فقال: {استغفروا لصاحبكم}.
بل المرأة تعظم الرجل الغيور وترفع من شأنه بل تعرف أن وراءها رجلاً فيه رجولة وغيرة فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - قالت: (كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ. فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: {أخ، أخ} ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وكيرته وكان أكير الناس، فعرت رسولى الله أني قد استحييت فمضى).
بل الرجال أهل الغيرة يعرفون حتى في الرؤيا فعن أبي هريرة قال: بينما نحن عند رسول الله إذ قال: {بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ فقال: لعمر بن الخطاب؟ فذكرت غيرته فوليت مدبراًَ}، فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟.
قال القحطاني في نونيته:
إن الرجال الناظرين إلى النسا *** مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها *** أكلت بلا عوض ولا أثمان
بل انظر للخليفة الراشد أبي تراب علي بن أبي طالب ماذا يقول، قال أحمد في المسند: حدثنا هناد ابن السري حدثنا شريك وحدثنا علي بن حكيم الأودي أنبأنا شريك عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي قال: (أما تغارون أن يخرج نساؤكم فإني بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج)، رحماك يا رب، كيف لو رأى علي أو أحد رجال ذاك الزمان وواقع نسائنا تخرج هي التي تزاحم الرجال في الأسواق، وانظر إليها وهي خارجة من مدرستها والعلوج عن يمينها ويسارها وأمامها، انظر إليها وهي في الحفلات والمسلسلات والأفلام والمسرحيات ومقاهي الانترنت والمطاعم العائلية، كيف لو أبصروا المرأة في هذا الزمان وقد صورت الصور في البطائق والوثائق؟ كيف لو رأوها وهي تطالب بقيادة السيارة وتنادي بفتح أماكن للعب كرة القدم والسلة والطائرة وغير ذلك.
معاشر المسلمين:(82/269)
اقضوا على أسباب الشر قبل أن يقضي عليكم، وسدوا أبواب الفساد قبل أن تنهار عليكم. والله ثم والله لبطن الأرض خير من ظهرها عائذاً بالله من الفتن عائذاً بالله من الفتن. إنك لا تستغرب هذا الأمر من الدعاة على أبواب جهنم لكن المصيبة العظمى والكسر الذي لا يتجبر رضا بعض من يُرى عليهم أثر الصلاح؛ يرضون لنسائهم ذلك بل يطالبون بأن يكون هناك نساء في مكاتب الدعوة وفي المحاكم بل بعض منهم يرضى أن تسافر المرأة مسافة ثلاثمائة كيلو متر يومياً ويفتي بعضهم بجواز ذلك بدون محرم ويقول بأن هذا ليس سفراً. عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: {لا تسافر المرأة إلا مع محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم} وقال أبو داود: حدثنا يوسف بن موسى عن جريد عن سهيل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {لا تسافر المرأة إلا معها ذو محرم} كيف تسافر بدون محرم ولم يأذن الشارع لنساء النبي بأن يخرجن إلا لقضاء حوائجهن بعد أن كان عمر ينكر عليهن خروجهن للبراز، فعن عائشة أن أزواج النبي كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب، قالت عائشة: قال النبي: {قد أذن أن تخرجن في حاجتكن} يعني البراز.
ولذا نهى عن الدخول على النساء فعن عقبة بن عامر أن رسول الله قال: {إياكم والدخول على النساء} فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: {الحمو الموت} أتظن أن الرسول ينهى عن ذلك ويرضى للمرأة أن تسافر بدون محرم أو أن تركب مع السائقين في البلد، بل جعل النبي أن وجود الرجل مع امرأته لا بد أن يبريء ساحته، فعن صفية بنت حيي - رضي الله عنها - قالت: كان النبي معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي أسرعا فقال النبي: {على رسلكما إنها صفية بنت حيي} فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: {إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً} أو قال {شيئاً} هذا لفظ مسلم. إذاً ماذا يريد دعاة تحرير المرأة اليوم، نعم إنهم دعاة تحرير المرأة من شرع ربها وسنة نبيه وعبوديتها لربها إلى عبوديتها للشيطان، وأن يسترقوها وتكون سلعة رخيصة ومُضغة في أفواه المجرمين وإلا ماذا يريدون؟ ألم يجعل الله القرار لها في البيت وعملها فيه من أشرف الأعمال ويدل على شرف عملها في البيت قيام سيد ولد آدم في مهنة أهله، عن الأسود بن يزيد قال: سئلت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبي يصنع في البيت؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج).
بل أخبر أن الجنة تحت قدم الأم، روى أحمد قال حدثنا روح أخبرنا ابن جريج أخبرني محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه طلحة بن عبد الله عن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى رسول الله قال: يا رسول الله أردت الغزو وجئتك أستشيرك فقال: {هل لك من أم؟ } قال: نعم فقال: {الزمها فإن الجنة عند رجلها ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى كمثل هذا القول}. وإن الأم مقدمة في البر وحسن الصحبة من الأب، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: {أمك} قال: ثم من؟ قال: {ثم أمك} قال: ثم من؟ قال: {ثم أمك} قال: ثم من؟ قال: {ثم أبوك}.
وقد أوصى النبي بالنساء خيراً في أعظم المواقف وأعظم جمع وهو موقف عرفة في خطبة عرفة فقال: {فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فأضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف}. وأخرج أحمد حدثنا ابن إدريس سمعت محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخيارهم خيارهم لنسائهم}. اسمعوا هذه النصوص يا دعاة الاختلاط، يا دعاة الرذيلة يا دعاة المجون والخنا ويا من يحب الفاحشة في الصورة أو المجلة أو الإعلام المسموع أو المرئي أو المقروء لدعوة حرية المرأة - دعوة المساواة بين المرأة والرجل في جميع الشؤون، يقولون ذلك بأفواههم وكتابة أقلامهم في الهرم في الوسائل، ويخترقون سد الذرائع إلى الرذائل، ويتقحمون الفضائح ويهونون من شأنها ويعيبونها وأهلها، كل ذلك يفعلونه وأشد، وبأنهم قوم يزعمون التباكي على المرأة والانتصار لها ولحقوقها، ذئاب جائرة وكلاب نائحة.
قال - تعالى -: " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُواْ لَهُم عَذَابُ أَلِيمٌ فِي الدُّنيَا والآَخِرَةِ وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ " [النور: 19]. وقال - تعالى -: " وَدُّواْ لَو تَكفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاءً " [النساء: 89] وصدق فيهم قوله - تعالى -: " وَاللهُ أَن يَتوبَ عَلَيكُم وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيلاً عَظِيماً " [النساء 27]. نقل جرير في تفسيره عن ابن زيد في تفسيره هذه الآية قال: (يريد أهل الباطل وأهل الشهوات في دينهم أن تميلوا في دينكم ميلاً عظيماً تتبعون أمر دينهم وتتركون أمر الله وأمر دينكم) وقال مجاهد: (هم الزناة يريدون أن تميلوا عن الحق فتزنون كما يزنون).
وألصق وصف للدعاة على أبواب جهنم الذين من ضمنهم دعاة الاختلاط والحرية ومساواة المرأة بالرجل قوله - تعالى -:" وَإِذَا قِيلَ لَهُم لاَ تُفسِدُواْ فِي الأَرضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحنُ مُصلِحُونَ (11) أَلاَ إِنَّهُم هُمُ المُفسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشعُرُونَ " [البقرة: 12].
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/270)
كيف تكونين موظفة داخل جدران البيت ؟
ليلى بيومي
قد تخرج المرأة للعمل لعدة أسباب من بينها الظروف الاقتصادية..وإذا كانت الدراسات الميدانية تؤكد أن دخل المرأة من العمل الوظيفي لا يشكل سوى 15% من دخل الأسرة، وأن معظم راتب المرأة العاملة يتم إنفاقه في وسائل المواصلات، واستهلاك الملابس والأحذية، فما هو الحل لكي تصبح المرأة منتجة؟
يقول الدكتور حامد الموصلي الأستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس: هناك مغالطة كبرى، وهي أن دائرة عمل المرأة قاصرة على المنشآت والمؤسسات التي يضمها القطاع المنظم، وأن المرأة كي تعمل وتكتسب صفة "المرأة العاملة" عليها أن تخرج من المنزل، فمن قال: إن المرأة التي تبقى في المنزل لا تعمل؟ إن هناك إحصائيات تقول: إن ساعات عمل المرأة في بلد مثل فرنسا داخل البيوت بلغت (45) مليار ساعة في السنة في حين لم تتعد عدد ساعات العمل للقوى العاملة من الجنسين خارج المنزل (44) مليار ساعة..ونخلص من هذا إلى أن ربة البيت تعمل أكثر من نظيرتها التي تعمل خارج المنزل وهي أيضًا "امرأة عاملة".
وتشير إحدى الدراسات التي أُجريت في أمريكا إلى أن ما يحققه العمل المنزلي للمرأة من عائد يمثل حوالي ثلث الناتج القومي إذا قُيم بأسعار السوق، وأن متوسط قيمة الإنتاج المنزلي الذي تقوم به الزوجة الأمريكية يمثل حوالي 60% من الدخل النقدي للأسرة، هذا الكلام ليس موقفاً ضد عمل المرأة خارج المنزل؛ فنحن مدعوون رجالاً ونساءً للعمل كل لما يُسّر له، ووفقاً لما تمليه مصلحة الجماعة والأمة من ناحية، والظروف الخاصة بكل أسرة من ناحية أخرى.. ولكن المطلوب ألا يُنظر لخروج المرأة للعمل خارج المنزل كما لو كان يمثل إنجازاً في حد ذاته، أو هروباً من مسؤوليات أضخم وعمل أهم وأشق في بيتها.
ويُعرّف الدكتور حامد الموصلي معنى التنمية فيقول: إن معناها السائد في الفكر الاقتصادي هو تحقيق أعلى معدل نمو ممكن، أما إذا نظرنا للتنمية بصفتها بالمعنى الحضاري الارتقاء بالجماعة والأمة فسوف يأتي إلى جانب الهدف الاقتصادي أهداف أخرى حضارية واجتماعية، وسوف يُنظر إلى دور المرأة في التنمية من منظور مركب، فالمرأة حاملة للتراث الحضاري أكثر من الرجل، ودورها في التنشئة الحضارية للأجيال الجديدة أهم من دور الرجل.
أما الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة فيقول: إن دور المرأة في التنمية يتمثل في جانبين: جانب الاستهلاك وجانب الإنتاج.. وبالنسبة لجانب الاستهلاك إذا ما تحلت المرأة بأخلاقيات وضوابط المنهج الإسلامي في الاستهلاك استطاعت كربة بيت أن ترشّد الاستهلاك دون تبذير أو إسراف.. وهذا التوازن يساهم في زيادة إنتاج الأسرة، بالإضافة إلى ما يمكن أن تقوم به من عمل منتج داخل جدران البيت.
المرأة الريفية أكثر إنتاجاً
وفي دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة أكّدت الدراسة أن الآثار الاقتصادية التي تترتب على زيادة دخل الأسرة الريفية بإمكاناتها المحدودة تكون ملموسة فعلاً؛ فهم يبيعون البيض والديوك لأنها لا تبيض، أو يذبحونها في المنزل فتتوفر المبالغ التي كانت ستُنفق في شراء اللحوم، ولا تكلفهم تربية هذه الدواجن كثيراً؛ لأنها تتغذى على فضلات الطعام في المنزل، وهم عادة يطلقونها في الشوارع أو على الأسطح فتلتقط ما يقابلها بجانب توفير الحبوب التي قد تكون موجودة في المنزل من محصول الأرض. وتشير الدكتورة إلهام عبد الجليل الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن المرأة في القرى تقوم بعمل إنتاجي هام بجانب أعبائها المنزلية، ويتمثل هذا الإنتاج من مستخرجات الألبان والبيض والطيور، والمرأة بذلك تساهم بقدر إمكاناتها المحدودة في دخل الأسرة.
المرأة الغربية مرغمة على العمل
تقول د. هدى فراج أستاذة علم الاجتماع: إن مفهوم عمل المرأة والاهتمام به في الغرب يرجع إلى بداية الثورة الصناعية في أوروبا، وذلك عندما بدأ عمال المصانع يضربون عن العمل نتيجة لإرهاقهم بساعات عمل طويلة وذات أجر محدود. بسبب ذلك دخلت المرأة ميدان العمل لتغطي نقص الأيدي العاملة في المصانع، خوفاً من توقف العمل والخسارة المالية المترتبة على ذلك.
والمرأة في الغرب لم تنزل إلى ميدان العمل، إلا بعد أن تخلى الرجل عن سد حاجاتها، فصارت مرغمة على العمل.
والأب في الدول الغربية لا تكلفه الدولة ولا الأعراف الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها؛ لذا فهو يجبرها على أن تجد عملاً إذا بلغت هذه السن، أو أن تدفع له أجرة الغرفة التي تسكنها.
ولقد نتج عن عمل المرأة في الغرب أن تفكّكت الأسر، وتشرّد الأطفال، وهذا ما دعا علماء الغرب ومفكريه لرفع أصواتهم عالياً منذرين محذرين مجتمعاتهم من الهاوية نتيجة عمل المرأة خارج بيتها.
كيف يُقاس عمل المرأة؟
ويرى د. صالح العساف أن المرأة تعمل عندما تكون هناك حاجة اجتماعية ملحة تتطلب أن تعمل المرأة عملاً مأجوراً يتفق مع تكوينها وأنوثتها، ولا يتصادم مع قيم الإسلام. وينبغي أن يكون لعمل المرأة شروط وضمانات مثل: ألاّ ينافي عملها تكوينها الأنثوي، وألاّ يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، وألاّ يعوقها عن دورها الأسري، وألاّ يكون عملها مدعاة لتبرجها.
ومن ثم إذا أُخذت هذه الضمانات في الاعتبار، وكانت هناك حاجة اجتماعية ملحة يمكن للمرأة أن تعمل عملاً مأجوراً في عدد من المجالات، وذلك مثل: الطب، والتمريض، والتدريس، والخدمة الاجتماعية، والأعمال التجارية الخاصة بالنساء كالحياكة والنسيج والخياطة.
ولكن هل عمل المرأة المأجور هو ما يجب قياسه؟ بالطبع لا، فينبغي قياس عمل المرأة المأجور، وغير المأجور المتمثل في الأمومة وتربية الأولاد وأعمال البيت.
وعدم إدخال عمل المرأة في بيتها ضمن بنود الناتج الوطني يُعدّ تضليلاً في معايير قياس النشاط الاقتصادي؛ لأن عمل المرأة في بيتها هو إنتاج، ينبغي احتسابه في الناتج الوطني بتقدير أجر المثل.
وعند النظر إلى العائد المادي المتمثل في دخل المرأة ينبغي أن نأخذ في الحسبان تكلفة الفرصة البديلة أو المضيعة والمتمثلة في أجور الخدم والسائقين، ومصاريف المربيات ودور الحضانة، والطعام المجهز خارج المنزل، مما يعني أن الصافي الناتج لا يقابل سلبيّات خروج المرأة للعمل.
24/7/1426
29/08/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/271)
الإيجابية في حياة المرأة المسلمة
أم سفانة رسميه الغامدي
أين أثركِ؟
كل من سار على هذه الأرض ترك أثراً وعلامة تدل على مروره على هذه الأرض! فإن سرت على الرمال بدت آثار قدمك، وإن تجولت في حديقة ظهرت علامات طريقك!
ولنا اليوم أن نتساءل: لكِ سنوات تتعلمِين العلم فأين أثر علمكِ؟ ولك سنوات تصلين وتصومين فأين الأثر في النفس والجوارح؟! ولقد قرأتِ كثيراً وحفظتِ كثيراً عن بِرِّ الوالدين وحسن المعاملة فأين النتيجة؟!
* دعيني أذكر لك أمثلة على خدمة الدين منها: طرح الآراء النيرة والأفكار الجيدة على أهلها، ومتابعة تنفيذها، وقد ألقى أحد الموفقين قبل سنوات كلمة إلى أحد الدعاة وقال له: هذه الجالية التي تقدر أعدادها بالملايين لماذا لا يجعل لها مكان يختص بدعوتها وتعليمها الإسلام؟! ألقى هذه الكلمات على الداعية وخرج..... ولا يُعرفُ من هو حتى الآن؟! بعد حين سعى الداعية إلى تنفيذ هذه الفكرة الجيدة وطرق الأبواب لإصدار ترخيص لأول مكتب جاليات في المملكة وكان له ما أراد، وزاد اليوم عدد تلك المكاتب عن مائة وعشرين مكتباً نفع الله بها نفعاً عظيماً.
فما رأيكم لو بقيت هذه الفكرة حبيسة رأس صاحبها؟!
* وأذكر هنا عمل امرأة كبيرة مُحبة للخير يذكرها الشيخ عبد الملك القاسم فيقول: فقد كنت خارجاً من مكة المكرمة إلى الرياض في رمضان العام الماضي وتوقفت للصلاة في مسجد أحد محطات الوقود وكان مصلى النساء بجوار مدخل الرجال وقد جلست بين المدخلين امرأة عجوز كبيرة وكان معها مجموعة من الأشرطة وبجوارها صغير لعله من أحفادها، وكلما رأت مصلياً خارجاً أرسلت الصغير بشريط من الأشرطة الإسلامية الموجودة لديها كهدية! وكان الشريط الذي أرسلته إليَّ عن بر الوالدين. فجزاها الله خيراً.
فالدعوة تحتاج إلى قيام وجهد وتعب ونصب، يقول الله - جل وعلا -: {يأيها المدثر قُم فأنذر}. فأمره الله - عز وجل - بالقيام والجهاد في سبيل هذا الدين.
وقال الله - عز وجل - حاكياً عن أهل النار: {ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير}
فالنذير يذهب ويكد ويكدح في سبيل الوصول إلى الناس وتعليمهم وإرشادهم. ونبينا - عليه الصلاة والسلام - في كل مكان يسعى إلى الدعوة، فصعد الصفا، وذهب إلى الطائف، وهاجر إلى المدينة، كل ذلك في سبيل نشر هذا الإسلام.
كيف تخدمين الإسلام؟
1- تخدمين الإسلام: إذا صح منكِ العزم وصدقت النية: فإن الله - عز وجل - يبارك في العمل الخالص لوجهه الكريم حتى وإن كان قليلاً، والإخلاص إذا تمكن من طاعة ما حتى وإن كانت قليلة أو يسيرة في عين صاحبها ولكنها خالصة لله - تعالى - يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله، فيغفر الله به كبائر كما في حديث البطاقة.
2- تخدمين الإسلام: إذا عرفتِ الطريق وسرت معه: الطريق المستقيم هو سلوك طريق نبيناً محمد - صلى الله عليه وسلم - في أمر الدعوة ومبتدئها ووسائلها وطرقها والصبر على ذلك مع الرفق بالناس ورحمتهم فهم مرضى المعاصي والذنوب.
3- تخدمين الإسلام: إذا استفدتِ من جميع الظروف المتاحة والإمكانات المتوفرة: وهذه نعمة عظيمة فكل الوسائل مباحة إلا ما حرمها الله - عز وجل -، ونحن ندعو بكل الوسائل المشروعة مراعين الأدلة الشرعية والآداب المرعية.
4- تخدمين الإسلام: إذا قدمتِ حظ الإسلام على حظوظك النفسية والمادية: خدمة هذا الدين معناه قيامك ببذل الغالي والنفيس من مال وجهد ووقت وفكر وغيره.
5- تخدمين الإسلام: إذا سلكتِ سبل العلماء والدعاة والمصلحين: فاستصحب الصبر وتحمل التعب والنصب فأنتِ في عبادة عظيمة هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على أثرهم.
6- تخدمين الإسلام: إذا ابتعدتِ عن الكسل والضعف والخور: فإن هذا الدين دين العزيمة والهمة والشجاعة والإقدام، ولا يضر الدعوة إلا خمول كسول، أو متهور جهول.
7- تخدمين الإسلام: إذا ربطتِ قلبك بالله - عز وجل - وأكثرت من الدعاء والاستغفار ومداومة قراءة القرآن، فليس أنفع في جلاء القلوب وصقل الأرواح وجعلها تعمل ولا تكل، وتكدح ولا تمل من الإكثار من ذكر الله - عز وجل - والتقرب إليه بالطاعات ونوافل العبادات.
8- تخدمين الإسلام: إذا ارتبطتِ بالداعيات العاملات: اللاتي لهن قدم صدق وجهاد معلوم في نصرة هذا الدين.
9- تخدمين الإسلام: إذا نظمتِ الوقت بشكل يومي وأسبوعي وشهري: فهناك أعمال تقضينها في اليوم، وأخرى في الأسبوع، وثالثة شهرية، ورابعة سنوية.
مثال اليومي: دعوة من ترينهم كل يوم، وأسبوع: من تقابليهم كل أسبوع، وشهري: مثل اجتماع الأسرة العائلي الشهري، وسنوي: مثل اللقاءات الكبيرة السنوية أو السفر إلى الحج أو العمرة وهكذا.
10- تخدمين الإسلام: إذا وهبتيه جزءاً من همكِ، وأعطيته جزءاً من وقتكِ وعقلكِ وفكركِ ومالكِ، وأصبح هو شغلكِ الشاغل وهمكِ وديدنكِ؛ فإن قمتِِ فللإسلام، وإن سرتِ فللإسلام، وإن فكرتِ فللإسلام، وإن دفعتِ فللإسلام، وإن جلستِ فللإسلام.
11- تخدمين الإسلام: كلما وجدتِ باباً من أبواب الخير سابقتِ إليه وسرتِ إلى الإسهام بالعمل فيه.. لا تترددين ولا تؤخرين ولا تُسوفين..
تأملي نعمة الله عليك:
كثيرات اليوم شغلن أنفسهن في غير طاعة، وبذرن أموالهن في غير طريق مشروع!
أحداهن: انفقت جل مالها في فستان سهرة لحضور حفل زفاف صديقتها.
وأخرى: أضاعت عمرها بين القنوات والتجول في الأسواق.
وثالثه: أخذت وقتها الصحفُ والمجلات، ورابعة وخامسة..
والكنز الثمين ((الوقت)) يذهب هدراً ويضيع سدىً!
لقد اشتغلت الكثيرات بسفاسف الأمور، وضاعت منهن أنفس اللحظات وأثمن الدقائق في غير ما خُلِقن له!
تجدين لإحداهن اهتمامات في اللباس وآخر قصات الشعر والمرور على المراكز التجارية والاهتمامات الدنيوية أخذ عليها جل وقتها وجهدها.... ودينها!
أليس هذا أعظم الحرمان؟!
ثم أليس من أعظم نعم الله عليك أن صرفك لطاعته واستعملك في عبادته؟!
كيف أخدم الإسلام؟!
تخدمين الإسلام في كل حركة وسكنة..... ليس لخدمتك منتهى ولا لها حد ولا تعرف مكاناً ولا زماناً..... بل في كل حين ووقت وزمان ومكان... استفيدي من الفرص وأوجدي بنفسك المناسبات، إن لم تستطيعي أن تحولي المجلس إلى ما تريدي فلا أقل من قطع الطريق على صاحبات الغيبة والنميمة والمزاح والكذب..... ولا يشترط أن تكوني داعية عالمة!
تأملي في حال نبي الله موسى - عليه السلام - وما كان يجد من صعوبة في الكلام ومع هذا دعا قومه، ولم يكن ذلك حاجزاً أو سبباً لتوقف دعوته - عليه السلام -.
أختي المسلمة:
يكفي أنه تحرك بداخلكِ شعور طيب جعلكِ تتساءلين كيف أخدم الإسلام؟!
بقي الجواب منكِ، وليكن جواباً عملياً.
متى تعملي؟!
إني سائلتك فأجيبي فنحن أحبه وأخوات!
إذا لم تعملي في شبابكِ ووقت نشاطكِ فمتى سوف تعملينِ! إذا هرمتِ وشختِ وحملتِ العصا؟!
إذا لم تعملي وأنت صحيحة الأعضاء تسيري بقوةٍ وتسمعين بوضوح وترين عن بُعد!
إذاً متى تعملي؟! إذا قلَّت أموالكِ وكثر دائنوكِ؟!
متى تعملي إذا تركتِ مكاناً لن تعود إليه مطلقاً ((مثل الجامعة)) ((أو المدرسة))؟
متى تعملي إذا متِ وانتقلتِ إلى مثواكِ وقبركِ؟!
إذاً متى تعملي؟!
أنتِ في هذه الحياة! أمامك أبواب مفتوحة، وطرق ممهدة، وجدد سالكة، فإذا أُغلقت الأبواب وحيل بين جسمكِ وروحكِ انقطع العمل!
قالت صفية بنت سيرين: ((يا معشر الشباب خدوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب))
من خدمة الإسلام:
تتنوع وسائل وطرق خدمة الإسلام ومنها:
أولاً: إشاعة كل عمل إسلامي ترينه أو تسمعين به فتدلين عليه وتخبرين عنه ولكِ مثل أجر فاعله، ويكون ذلك حديثاً في المجالس أو نشرة عبر الصحف والمجلات والإذاعة، أو من خلال المدرسة أو الجامعة أو التجمعات العائلية أو غير ذلك.
ثانياً: الدفاع عن العلماء والدعاة والمصلحين ورد غيبتهم؛ وذكر محاسنهم وفضائلهم، ونبذ اللاتي لا همَّ لهم إلا الحديث عن العلماء وتصيد هفواتهم
ثالثاً: التحدث بفضائل هذا الدين ومحاسنه، وإزالة الالتباس الذي زرعه الفكر السيء الدخيل على الأمة ومن المواضيع المطروحة: تكريم المرأة في الإسلام، حقوق الأطفال، الطلاق وما هي ضوابطه الشرعية وكيف شُدِّد في عدم التساهل فيه، تربية الأبناء والحرص على تنشئتهم.
لقد فُتح لكِ الباب
أبواب الدعوة كثيرة جداً ولكل منا أن تطرق ما يناسب قدراتها وملكاتها من وقت ومال وفكر وعلم! والبعض يفتح الله لها باباً من أبواب الخير فتراها تلج فيه وتسارع إليه، لكن ما إن تمر أيام أو تعصف أدنى مشكلة، أو تقف أمامها عقبه إلا رجعت وتركت هذا الطريق. بعضهن يتركن المكان لأن فلانة من الناس تعمل في ذاك المكان وهي لا تريد هذه المرأة، وأخرى تتعذر أعذار أخرى واهية؛ مثل عدم وجود الإمكانات الكبيرة.
وبعض الفتيات دخلنا في طريق خير ولكن الشيطان لبَّس عليهن بأمور يسيرة فارتدت على عقبها وتركت أمر الدعوة.
كتب عبد الله القمري العابد إلى الإمام مالك يحضه على الانفراد والعمل فكتب إليه مالك - رحمه الله -: ((إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فُربَّ رجل فُتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، آخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر)).
احذري!
ومما يبطء العمل وقد يوقفه أمور لا تخفى على فطن مثلكِ ومنها:
* احذري الكسل والفتور: فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص والمناسبات، وربما تحوّل إلى داء يستمر معكِ ولا يترككِ.
* احذري الرياء والسمعة: فإنه يقتل العمل وقد يحبطه.
* تجنبي حظوظ النفس: التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليكِ، وتقليل عمل من كان معكِ.
* تجنبي التذمر والتشكي: فإن ذلك من أنواع المنة والعياذ بالله بل كوني صامتة محتسبة.
* إياكِ والانقطاع عن العمل: كثيرات يأخذهن الحماس ليوم أو يومين لكنها بعد ذلك تتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلاً فإنه أدعى للاستمرار يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل)).
* تجنبي الحقد والحسد والكبر، وطهري قلبكِ.
* ابتعدي عن الاندفاع والعجلة: من عملت في المجال الدعوي ترى أن الساحة تحتاج إلى أضعاف الجهود المبذولة، وقد يدفع هذا بالبعض إلى التسرع والعجلة رغبة في تحصيل الخير وسد الثغرات. والعمل الدعوي يحتاج إلى الأناة وعدم العجلة والتريث وإعطاء الأولويات حقها.
في منتصف الطريق!
يقول ابن القيم - رحمه الله -: ((إن لم يكن العبد في تقدم فهو في تأخر ولا بد، فالعبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق، وإما إلى أسفل، وإما إلى أمام، وإما إلى وراء وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة. ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إما إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير وفي السرعة والبطء {إنها لإحدى الكبر (35) نذيراً للبشر(36) لمن شآء منكم أن يتقدم أو يتأخر (37)}. ولم يذكر واقفاً، إذ لا منزل بين الجنة والنار ولا طريق لسالك غير الدارين البتة، فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة، فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة)).
من أعمال السائرين
ذكر الشيخ عبد الملك القاسم في كتابة كيف أخدم الإسلام هذه النماذج:
* منذ سبع سنوات بدأ بعض الشباب توزيع الكتب على الحجاج القادمين وكانوا يحملون تلك الكتب في سياراتهم، وتدرج الخير حتى أصبح لهم مكتب مرخص له وتم توزيع أكثر من ثمانية ملايين نسخة في عام واحد عبر مكتبهم بمساندة المؤسسات الدعوية والجهات الخيرية! بذلك كانوا إيجابيين.
* امرأة تزوجت زوجاً غير ملتزم وأهله مثله! فكانت صدمة لها جعلتها مذهولة حيناً من الزمن، لكن لما أفاقت من الصدمة علمت أن الطريق هو طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - فشمرت في العمل، وبدأت بألين وأسهل من في الأسرة من البنات الصغيرات وبذلت نفسها في خدمتهم جميعاً، فكانت لا تكل ولا تمل ولا تتذمر ولا تتشكى حتى أحبها البعض! ومع هذا قالت: البعض نعمة؛مرت سنوات هي على حالها تعاني من الاستهزاء والغمز واللمز، لكنها صابرة.
** وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)) رواه مسلم
فلا تحقرين من العمل شيئاً قلَّ أو كثر.
أن المرأة تقوم بدور خطير في حياة كل فرد. فإما أن تجعل منه عظيماً يُشيد الناس بذكره. وأما أن يكون حاملاً لذكر لا يؤبه له؟!
وعلى قدر تربية المرأة وعظمة أخلاقها يكون البناء في كل شيء وما العظماء إلا أبناء جليلات القدر، رفيعات المنزلة، كريمات المنبت.
من علامات تأسيس النفس البشرية:
أن تجد المرأة الإيجابية بين يديها صورة للمثل الأعلى في السلوك البشري في كل شأن تتمسك بها وتمثلها وتتأسى بها.
((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً))
• ومن هنا فالمرأة المسلمة تكون أقدر من الرجل على البيان والتبليغ خصوصاً الوسط النسائي لتجانس الظروف.
• أن مجال تأثر المرأة بأختها سواءً في القول والعمل والقدرة والسلوك أكثر مما تتأثر المرأة بالرجل
• أن المرأة بحكم معايشتها للمجتمع النسائي تستطيع أن تطرق كافة المجالات التي تحتاجها المرأة.
• تستطيع المرأة أن تميز بين الأولويات في قضايا الدعوة الأهم فالمهم.
• تستطيع المرأة أن تميز وتلاحظ الأخطاء مما يدفعها للتنبيه وتصحيح الأخطاء.
• تستطيع المرأة القيام بالدعوة الفردية مع كافة النساء مما لا يمكن للرجل القيام به.
• ومع ظروف العصر فإن اتصال النساء قد أصبح من الأمور المتكررة والميسرة مثل الدراسة والعمل والهاتف.
كيف تقلل من السلبية في حياتك والتسويف في إنجاز أعمالك؟
• خذي قدراً كافياً من النوم بدون إسراف وعلى وضوء.
• استيقظي مبكراً ولا تكثري من التململ في الفراش
• لا تفوتك صلاة الفجر.
• لا تنسي أذكار الصباح فهي مفتاح السعادة ليومك
• خططي برنامجك اليومي في هدوء.
• احرصي على تنويع برنامجك اليومي على أن يكون فيه أشياء محببة. وتتوقعي بفعلها النسبة العالية من النجاح.
• انطلقي لتنفيذ برنامجك مبتدئه بدعاء الخروج ودعاء الركوب.
• ابتسمي إلى كل من تلتقين بها من أخوات في يومك.
• احرصي على إنجاز عملك أولاً بأول بحيث تتمكنين من إنهاء برنامجك مع كفاية يومك حتى لا يبقى منه شيء للغد.
• إذا عدت لمنزلك فداعبي من تلقيه من أهل وأطفال وإحضار بعض الهدايا التشجيعية.
• ضمني برنامجك وقتاً للراحة والاسترخاء أو النزهة.
• شاركي الجيران والصديقات في مناسباتهم بالطريقة المناسبة.
كيف تكونين إيجابية ومقبولة:
1- ازرعي الفكرة: بأنك حية ترزقين ويكفيك أن الله أهدى لك الحياة.. واحسني الظن بالله.
2- كوني عارفة: بما تقدمين ومستعدة. ولا تتوقعي أن تكوني منجزه وأنت لا تعرفين ولا تتقنين.
3- تجنبي نفي الحظ منك: أنا ما لي حظ أنا سلبية أنا أنا.
4- خططي جيداً: فالتخطيط دليل الرؤية الواضحة.. وكذلك يجعل العمل منظماً.
5- تصرفي بثقة: انتبهي من الإحباطات واطرديها.
6- رافقي المبدعات المميزات الداعيات العاملات: الرفقة مؤثرة جداً لا تنقل العادات فقط بل المشاعر والطاقات فكوني دائماً مع...
7- الدعاء: اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده. وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده.
ثم استبشري خيراً وابتسمي.
دور المرأة في الإسلام:
• أم عطية غزت مع رسول الله سبع غزوات كانت تخلفهم في رحالهم وتصنع الطعام وتداوي الجرحى.
• عائشة زوجة النبي كانت تحمل القرب قرب الماء هي وأم سليم إلى الجرحى في غزوة أحد يسقينهم ويغسلن جراحهم.
• في غزوة حنين رؤيت أم سليم ومعها خنجر فسألها النبي ما هذا الخنجر قالت اتخذته إن دنا مني أحد المشركين بقرت بطنه.
• فتاة عربية مسلمة تفوز في مسابقة.
((فتاة كل أمريكا))......
فعندما فازت سئلت وكانت إجاباتها:
سئلت عن الحجاب: قالت أن المرأة مثل الجوهرة التي يجب حجبها خشية السرقة.
سئلت عن المناصب التي قادتها: القائد الحقيقي الذي يقود الناس إلى الطريق السوي.
وعندما يسألني الناس أسئلة عن ديني الإسلام فإني أعتبر هذا هو العمل الحسن الذي يمكن أن أوديه للآخرين.
المراجع.....
كيف أخدم الإسلام عبد الملك القاسم
موقفك الإيجابي أغلى ما تملك إلوود. إن تشاجمان ترجمة مفيد ناجي عودة
النجاح في العلاقات الإنسانية أساليب عملية للتنمية الذاتية تأليف إلوود. إن تشاجمان ترجمة باهر عبد الهادي
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/272)
ظاهرة تنذر بشيخوخة الوطن
شابات المغرب بلا أزواج..لماذا؟
عبد الغني بلوط
ما زال شبح العنوسة يواصل مطاردته للشابات والشبان في المغرب، محققاً أكبر حصيلة منذ الستينيات بالعام الماضي، استناداً إلى عدد عقود الزواج المنجزة بين الفئات العمرية الشابة خلال العام المنصرم.
ولم يخف أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط في المغرب عجبه من تنامي الظاهرة، خلال ندوة عقدت بمراكش المغربية مؤخراً حول الإحصاء الأخير الذي صدر بالمغرب في شهر سبتمبر 2004 المجتمع، مشيراً إلى أن نسبة العازبات والعزاب في الفئات العمرية 15 - 19 سنة و20 - 24 سنة أصبحت تناهز 100%.
وأضاف لحليمي أن ذلك أثر في معدلات الخصوبة لدى النساء، مشيراً في زلة لسان إلى أن سياسة المغرب في تعميم "وسائل منع الزواج" يقصد "وسائل منع الحمل"، ساهمت أيضاً في انخفاض معدلات الخصوبة.
وأكد الدكتور عزيز أجبيلو من مركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية أن السنوات الأخيرة سجلت تحولات يمكن اعتبارها جذرية فيما يتعلق بسن الزواج في المغرب، مضيفاً أنه إذا كان المغرب في فترة الستينيات قد تميز بالزواج المبكر عند الشبان، حيث كانت الفتيات يتزوجن في المتوسط عند سن 17 سنة والذكور عند 24، فإن الوقت الراهن ارتفع فيه هذا السن ليصبح 28 سنة عند النساء و31 سنة عند الرجال، وساهم في ذلك تعميم وسائل التخطيط العائلي الذي أصبح أكثر انتشاراً إذ إن نسبة النساء اللواتي يستعملن وسائل منع الحمل أصبحت تناهز 63% (65 في الوسط الحضري وحوالي 60 % في الوسط القروي) بعدما كانت النسبة لا تتجاوز 8% خلال الستينيات.
وأضاف أن تأخر سن الزواج أثر بشكل كبير في معدلات الخصوبة عند النساء؛ حيث إن الخصوبة بلغت أعلى مستوياتها خلال الستينيات بمعدل سبعة أطفال لكل امرأة، في حين لا يتعدى هذا المؤشر 2. 5 طفل لكل امرأة سنة 2004 المجتمع، مما يعني أن المغرب يسير في اتجاه شيخوخة مبكرة.
وأظهرت دراسات اجتماعية أخرى أن العنوسة باتت ظاهرة اجتماعية تؤرق الشباب ذكوراً وإناثاً الذين قد يتعرضون لها إجبارياً في غالب الأحيان بسبب ظروف المعيشة والوضع الاقتصادي الصعب الذي ينتج عن بطالة الخريجين وهيمنة بعض اللوبيات على وحدات الإسكان.
حتى إن البعض وصف العنوسة بالطاعون الذي لا يترك أخضر ولا يابساً، مذكرين بأن سياسة الدولة لم تعد تستجيب لحاجات شبابها، كما أن انتشار العلاقات غير الشرعية قد تدفع البعض إلى العزوف عن الزواج.
وأمست بعض الشابات يرفضن الزواج المبكر، ويعتبرنه مانعًا لتحقيق طموحاتهن في الحياة العامة بسبب انتشار التعليم وإمكانية تبوئهن مناصب عليا في الإدارة، كما يتعللن بأن كثيراً من الشبان أصبح يفضل الفتاة الموظفة التي تعينه على القيام بأعباء الحياة، إلى جانب أن إكمال الدراسة يجعل الفتاة واعية ومدركة لحقوقها وواجباتها. لكن مرور الزمن لا يتوقف، ويتناسى كثير من الفتيات المتعلمات أن قطار الزواج قد يفوتهن.
ومن المثير أيضاً أن بعض الفتيات في المغرب يفضلن الزواج بالأجنبي سواء من أوروبا أو من دول الخليج، حيث كشفت إحدى الإحصاءات التي أجرتها إحدى اللجان الخيرية بدولة عربية على الرسائل والمكالمات الهاتفية الواردة من المغرب أن أكثر من 99% من طلبات الزواج التي تأتي من المغرب لنساء، وأكثر من نصف هذه الطلبات تريد صاحباتها عرساناً يعيشون خارج المغرب، ولا يشترطن شروطاً معينة مثل الجنسية، أو كون الشاب لم يسبق له الزواج، أو صغر السن.
وتدل هذه الرسائل على أن صاحباتها على درجة جيدة من التعليم، بالإضافة إلى ثقافة عالية وخلق طيب، ومن عائلات كريمة بعضها ذو مستوى مادي لا بأس به، فتيات في سن الزواج وآنسات فوق الأربعين، ومنهن المطلقات والأرامل، والجميع يعرضن أنفسهن للزواج بدون شروط مجحفة أو مبالغ فيها.
ويطرح أكثر من سؤال عن اتجاه المغرب نحو شيخوخة مبكرة تضعف من قدراته التنافسية في الإنتاج على الصعيد العالمي، وعن العنوسة التي تنذر بأمراض مجتمعية خطيرة قد لا ينفع معها أي علاج بعد فوات الأوان.
http://www.almujtamaamag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/273)
الداعيات إلى الله
كم هي الأعمال المصفوفة على رفوف المستقبل
يتطلع الإنسان لإنجازها ليوم مؤجل
فيأتي اليوم.......... ويليه الغد
تطوى الأيام
لتكون أضغاث أحلام
وتكتب إنك كنت المهمل
وستسأل!!!
لم التذبذب عن أداء العمل الصالح؟؟!
لم التردد حتى يهمل؟؟!
أيعقل يا بن آدم أن تملك الدنيا وتنسى الآخرة!
كم هي الأفكار الحسنة التي تتقافز
لذهنك فتذيبها (الوسوسة)!
و جنود الشيطان
تتربص للإنسان
لتدس السم
بالعسل.. !
أختاه،، أيتها الدر النفيس
التي لا تبيع نعيم الآخرة
بمتاع زائل رخيص
أدعوكِ أن تكوني من صناع الحياة
تكون لكِ بصمة......... في صنع الأمة
أن ترسمي على وجه التاريخ أجمل بسمة لتكوني من....
http://da3yat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/274)
طرق تزيد خبرتك في الحياة
يحتاج الإنسان في هذه الحياة لمدة طويلة وتجارب عديدة في مشاكل الحياة حتى يستطيع اكتساب الخبرة اللازمة له ليصبح أكثر نضجاً وأكثر قدرة على حل مشاكله ومشاكل غيره بنفسه.
قد تتساءلين وكيف أكتسب هذه الخبرة؟ هل أنتظر لسنوات طوال..ربما عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة لكي أكتسبها؟
ربما..نعم.. بعد هذا العدد من السنوات قد تكتسبين خبرة جيدة. لكن هناك طرق أكثر فاعلية تستطيعين من خلالها اكتساب سنوات خبرة إضافية لعمرك الحقيقي فتصبح خبرتك مثلاً خبرة ثلاثين سنة بينما عمرك عشرين فقط!
كيف؟
يمكنك اكتساب هذه الخبرة الإضافية بعدة طرق منها:
1 ـ النظر لتجارب الآخرين من حولك والتعلم منها: والاستفادة من الأحداث التي تحصل لصديقاتك وقريباتك وغيرهن بدلاً من المرور عليها بسرعة، انظري لمشاكل من حولك جيداً وخذي منها العبرة وفكري كيف كان بالإمكان تجاوزها.
2 ـ القراءة المكثفة في شتى مجالات الحياة: وما نعنيه بالقراءة هي القراءة الجادة وليس قراءة المجلات الهابطة. اقرئي في شتى الكتب الثقافية والاجتماعية وغيرها وحاولي أن تكتسبي الكثير من المعلومات من خلالها.
3 ـ الاستفادة من أهل الخبرة: فقد يكون حولك جد أو جدة أو والد أو والدة لديهم خبرة وتجارب كثيرة في مشاكل الحياة وأحداثها الصعبة.. استمعي إليهم وتعلمي من قصص حياتهم واستفيدي.
4 ـ حضور الدورات الاجتماعية والنفسية: التي تساعدك على تطوير ذاتك ومهاراتك وتقوي شخصيتك وتكسبك خبرة أكثر في شؤون الحياة.
5 ـ تقوية صلتك بالله ورفع مستوى إيمانك: وهو الأهم، فكلما ازدادت صلتك بالله وتوكلك عليه كلما وفقك الله للقرارات الصائبة وأرشدك للحق بإذنه. وكلما كنت معه وقت الرخاء كان معك وقت الشدة إن شاء الله.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/275)
نهاية الجدل في قيادة المرأة
لطف الله خوجة
"...الدعوة إلى القيادة مرتبطة بالدعوة إلى خروجها من البيت، واختلاطها بالذكور، في كل المجالات العلمية والعملية، وزوال الحجاب والحاجز بين الجنسين، مع زوال قوامة الرجال... "
مرة أخرى، تعود قضية القيادة إلى السطح.. تهيج، وتهتز، ثم تصفر، ثم تكون حطاما. ثم تعود، وهكذا إلى أن يتوقف السبب. ولن ننتهي من هذه الدائرة إلا في إحدى حالتين:
الأولى: إذا ما أقر للمرأة بالقيادة. فحينئذ ينجح المطالبون، ويخيب أمل المعارضين.
الثانية: إذا ما أدرك المطالبون حقيقة العلاقة بين الجنسين، ودور كل منهما، شرعا، وعقلا، وتكوينا: أن السعي في الأرض مهمة الرجل، وأما المرأة فسعيها استثناء من الأصل، وعلى الرجل أن يقضي حوائجها، فإذا كان عليه قضاء الحوائج، فهو السائق، ليست المرأة.
وأن صون المرأة واجب كبير على الأمة، ومن التفريط تعريضها للمخاطر، ومن التعريض تركها ترد وحدها المجامع، خصوصا في زمن يكثر فيه المستهينون بالأعراض.
أما من دون هذه أو هذه، فهي باقية، لا تزال تتردد، بما فيها من صرف عن المهمات.. ؟!. وإلى أن يحصل ذلك، ويأتي يوم الحسم، ونهاية الجدل، فنحن نعيش هذه القضية، ولن يكفوا، ولن يكفوا؛ كلا الفريقين، فكلاهما يرى الحق ما هو عليه، والذي يجب قوله هنا: إن على كلا الفريقين أن يطرح رأيه ببرهان، ويبتعد عن أسلوب الخطابة والوعظ ( المعارضون)، وعن أسلوب التهويل والمجازفة ( المطالبون)، فهذا ما يلاحظ من الجانبين.
فالأدلة التي يتكئ عليها المطالبون على أنواع:
الأول: يتعلق بالمرأة نفسها، وفيه:
1- أن الأصل المساواة بين الجنسين، فما كان حقا له هو حق لها.
2- حاجة المرأة إلى القيادة، حيث لا يوجد من يقوم بشئونها.
الثاني: يتعلق بالسائق الأجنبي، وفيه:
3- أن في الاستغناء عنه توفيرا للمال، ودعما للاقتصاد.
4- أن السائقين ينتمون إلى ثقافات غريبة عن البلد، وفي ذلك إضرار بالناحية الاجتماعية.
5- أنهم يتسببون في الحوادث وخسارة الممتلكات، لقلة خبرتهم بالقيادة الطرق.
الثالث: يتعلق بالناحية الشرعية، وفيه:
6- أنه لا نص من القرآن أو السنة يمنع من قيادة المرأة.
7- قد أفتى بجوازها جمع من العلماء.
8- أن الخلوة محرمة، وهي حاصلة مع السائق.
9- أن النساء في عهد الصحابة كن يقدن الدواب في الطرقات والأسواق.
وبكل نوع قال فريق وأفراد، وبجميعها قال بعضهم، يقابلهم المانعون بأدلة مضادة، بالتقسيم نفسه: فيقولون عن النوع الأول:
1- الأصل في الجنسين التمايز، وليس التساوي. والأدلة على ذلك ما يلي:
أولا: من القرآن، قال الله تعالى: {وليس الذكر كالأنثى}، {وللرجال عليهن درجة}، فالحقوق ليست متساوية، فالرجال عليهم السعي، وبذل المهر، والقوامة والدفاع والقتال دون النساء.. والنساء لهن ترك الصلاة والصيام في أحوال، وليس عليهن الجهاد، ولا النفقة.
ثانيا: من التكوين الجسدي والوظيفي، فجسد المرأة مختلف عن الرجل، ومن ثم فلا بد أن يختلف تبعا لذلك أدوارهما في الحياة، فتضطلع المرأة بالمهام الملائمة لتكوينها، والرجل كذلك.
وبهذا تسقط الدعوة إلى القيادة من أصلها، إذا كانت مبنية على مبدأ التساوي المطلق. أما إذا بنيت من جهة التساوي الجزئي، فتكون محل النظر والتحرير، وهذا ما تكفله المناقشات والتحليلات الآتية.
2- أما حاجة المرأة إلى القيادة، فتناقش من وجهين:
الأول: هذا تعميم، فأين الدليل عليه؟!.. أين الدليل على أن القيادة حاجة عند عامة النساء أو الغالبية؟!.
مثل هذا الإطلاق يحتاج إلى إجراء استفتاء عام لجميع الإناث البالغات، حتى يثبت.
فهل المطالبون أجروا مثل هذا الاستفتاء؟.
فإن قالوا: المقصود بعضهن.
قيل: إذن، لم تعد مشكلة عامة، تستدعي هذا الضجيج.. !!، فإذا كان كذلك، فحاجة هذه القلة يمكن أن تعالج بطرق بديلة، كما في الوجه الثاني، من دون جر المجتمع كله إلى خطوة، نذرها أكثر من مبشراتها.
الثاني: ثمة حلول أخرى غير قيادتها، فالواجب حمل وليها على العناية بشئونها، ومعاقبته إن قصر، فإن لم يوجد فتطرح طرق بديلة، كالحافلات النسائية، وتيسير مكان عملها وتقريبه.
فإذا كان كذلك، فتسقط هذه الدعوى، ولا يصح أن تكون دليلا، حتى تثبت ببرهان هو:
الاستفتاء العام على أنها حاجة للمرأة، فإن كانت الأغلبية تقول كذلك، فالأمر كذلك، وإلا فلا.
أن تنعدم الحلول إلا حل القيادة، فإذا كانت الحلول الأخرى موجودة فلا.
ويقولون في النوع الثاني:
3- عن توفير المال، يجاب عنه من طريقين:
الأول: هذا مبني على فرضية هي: أنه مع إقرار القيادة سيكف الناس عن استقدام السائقين.
وهذا لا دليل عليه:
فليس كل النساء يقدمن على القيادة، فاستنادا إلى الحال الملموس للمجتمع، فالغالبية لا تحبذ القيادة.
ولا كل الأولياء يرضون بها لمحارمهم.
حتى التي تقبل على القيادة قد تبقي سائقها.
وكل هذه أحوال متوقعة وحاصلة.. فأين التوفير إذن؟!.
الثاني: ليس التوفير مقصودا لذاته، وصون المرأة مقصود لذاته، فإذا تعارضت المصالح، فالواجب تقديم المصلحة الكبرى.. وصون المرأة، ومنع ابتذالها، وتعريضها للمخاطرة بقيادتها، أعظم مصلحة من توفير المال، فليذهب المال، ولتنعم المرأة بالأمن والراحة، وهل وجد المال إلا لجلب الراحة؟.
فهذه الدعوى كذلك غير مبرهنة، فتسقط، ولا يصح أن تكون دليلا، فإنه لو ثبت التوفير الاقتصادي، فتعارض مع صون المرأة، فيقدم الصون بلا تردد، بإجماع العقلاء.
4 - عن انتماء السائقين لثقافات أخرى. يقال:
أغلب هؤلاء السائقين مسلمون، والمسلمون أخوة، فمجيئهم في كل حال خير، يفيد في التعارف، والتقارب، وإذا كان ثمة أخطاء ومشكلات عندهم، فليس مكان أحسن من هذه البلاد، ليتعلموا على أيدي أهلها، وعلمائها، ومفكريها، ففي ذلك: الشرف، والقدوة، والقيادة. أما منعهم وإبعادهم فإنه لا يتلاءم مع روح الإسلام، كما أنه يتعارض مع مفهوم القرية الكونية الواحدة ( العولمة)، المزيلة للحدود والحواجز، الذي يؤمن به، ويروج له، كثير من المطالبين بالقيادة.. !!.
إذن تسقط هذه الدعوى، ولا يصح اعتمادها دليلا على القضية.
5- عن تسبب السائقين في ازدياد الحوادث، يجاب عنه من طريقين:
الأول: هذه دعوى، لا تثبت إلا بإحصاءات تجريها الدوائر المختصة؛ لأن للمعارض أن يقول: العكس هو الصحيح، فحوادث السائقين إذا ما قورنت بحوادث المواطنين، فشيء لا يذكر.
الثاني: هو معارض بأن المرأة أقل خبرة وقدرة على القيادة، وهذا مجرب معروف، يشهد به من سبق. إذن لا بد من دراسة للأمرين معا:
دراسة ما يسببه السائق الأجنبي من خسائر، ومقارنتها بما يسببه المواطنون من خسائر.
دراسة ما تسببه المرأة إذا قادت، ومقارنته بما يسببه السائق.
وإلى أن تحصل الدراسة، فالدعوى فرضية تحتاج إلى إثبات، ولا يمكن أن تبنى عليها القرارات.
ويقولون في النوع الثالث:
6- عن قولهم: أنه لا نص يمنع من قيادتها. فذلك يقال فيه:
أولا: كذلك لا نص يمنع من شرب الدخان، لكن الجميع يمنعه؛ لتحقق ضرره. فمن اشترط نصا مباشرا للمنع، فعليه أن يبيح: شرب الدخان، وقطع الإشارة الحمراء، وقيادة الطفل للسيارة.. ونحو ذلك. وهذا غير صحيح، لا يقول به عاقل؛ فإن المنع:
إما بنص مباشر.
أو حين تحقق الضرر، أو غلبته على المنفعة، وهذا متفق عليه بين العقلاء والفقهاء.
وفي قيادة المرأة: الضرر محقق، وهو غالب. والدليل:
أنها فتنة الرجل. بالنص النبوي، وبحكم العقل، وإقرار الفطرة.
وفي الناس من يجري إلى الفتنة.
فإذا ساقت تعرضت للضرر، إذا سلمت في الأولى، ففي الأخرى، كالذي يشرب الدخان، قد يسلم مرارا، لكنه يسقط فجأة.
7- عن فتوى بعض العلماء بجواز القيادة: فذلك يقال فيه:
أولا: العبرة بالدليل، والدليل يأمرها بالحجاب، وبالقرار في بيتها، والبعد عن الرجال. وهذا متعذر في القيادة.
ثانيا: إن أهل مكة أدرى بشعابها، وأعلى هيئة علمية شرعية في البلاد، قد أصدرت فتوى بالمنع.
8- عن الخلوة، يجاب عنه من طريقين:
الأول: لا تعالج المشكلة بمثلها، فإذا كان الركوب مع السائق خلوة، فقيادة المرأة فيها مخاطرة لا تخفى، ومن السطحية حصر الحل في: إما الخلوة، وإما القيادة. فالعقل يقول هناك حلول أخرى، مثل:
قيام محرمها بالمهمة عنها.
ألا تركب وحدها، بل معها أخرى.
أن تكفى المرأة حوائجها، فتقر القوانين الكافلة لها، المانعة لها من أن تحتاج إلى القيادة، مثل:
أن يكون عملها في بيتها بالإنترنت.
تيسير مكان عملها، وتقريبه.
إنشاء حافلات نسائية، تتكفل بإيصالها لمبتغاها.
الثاني: هذه كلمة حق أريد بها باطل.. !!.
فالخلوة موجودة منذ عقود، من حين مجيء السائق، فأين هذا الحكم حينذاك. ؟.
لم لم يعترضوا. ؟، هل كانوا غافلين عنه حتى تنبهوا له مع قيادة المرأة؟!.
بل المعترضون على القيادة، هم أول من حذر من هذه الخلوة، يوم كان المطالبون ساكتين.. ؟!.
والحاصل: أنه إذا كان ثمة خيارات أخرى غير السائق، هو الذي يدعو إليه المانعون، فحينئذ لا يصح أن يكون هذا دليلا صحيحا يستند إليه المطالبون بالقيادة.
9- عن قيادة النساء للدواب في عهد الصحابة:
فهذه دعوى لا تثبت، وليست المقصود مجرد الركوب، فبينه والقيادة فرق، فالقيادة: أن تستقل بركوب الدابة من غير سائق، ثم تلج كذلك في الأسواق والطرقات، فمثل هذا لم يكن معروفا في ذلك العهد، ومن زعم أنه كان موجودا فعليه أن يأتي بالدليل.
فتسقط هذه الدعوى كذلك، فلا تثبت إلا إذا أتوا بأدلة من التاريخ والآثار، فيها أن المرأة كانت تقود. وإذا كان الفريق المانع قد تشدد في منعه، للاعتبارات الآنفة، فإن الفريق المطالب قد جازف كثيرا، فاستند إلى ما ظنه أدلة، وهي:
إما فرضيات وأوهام أطلقوها جزافا، من غير دارسة ولا إحاطة ( حاجة المرأة، التوفير الاقتصادي، كثرة حوادث السائقين).
أو مغالطات ظاهرة لكل ذي عقل ( الخلوة، ضرر السائقين الاجتماعي والثقافي).
أو مصادمة للنصوص المحكمة الصريحة (المساواة بين الرجل والمرأة).
أو خطأ تاريخي، مع مصادمته للنصوص كذلك ( قيادة المرأة للدواب في العهد النبوي) فكل تلك التي قدمها المطالبون في صورة حقائق وأدلة: لا تفيد القضية، بل تصب في مصلحة المعارضين؛ كونها خالية من: الإثبات، والصدق، والصحة.
وإذا كان الأمر كذلك، فما بقي للمطالبين إلا دليل واحد، يمكن يحتجوا به، ويدعو الباقي، وهو ما استعمله العلماء المجيزون للقيادة: أن الأصل فيها الإباحة، وأما المنع فلأجل العوارض.
فهذا صحيح، لا يختلف عليه أحد؛ ولأجله نحى بعض العلماء إلى تجويز قيادة المرأة، نظرا منهم إلى أصل الحكم، وخالفهم غيرهم، نظرا منهم إلى ما يحتف بها من مفاسد، ترجحت على المصالح، ولا يخفى أن الضرر إذا غلب على المصلحة، فالحكم الشرعي حينئذ هو المنع، وهذا متفق عليه بين العقلاء والفقهاء. فالمعارضون بنوا رأيهم على:
أن قيادتها حلقة في سلسلة تحرير المرأة من الحجاب والعفة.
فالدعوة إلى القيادة مرتبطة بالدعوة إلى خروجها من البيت، واختلاطها بالذكور، في كل المجالات العلمية والعملية، وزوال الحجاب والحاجز بين الجنسين، مع زوال قوامة الرجال، واستقلاليتها عنه، وفي هذا الحال يحصل أن تترك بعض النساء بيوتهن، ويخرجن عن طاعة الولي الشرعي.. ولما حدث تحرير المرأة في البلدان العربية، تفاقمت مشكلة هروب الفتيات، وامتلأت المحاكم بقضايا أخلاقية لا عهد للمجتمع بها. ولو فرض أنها ليست حلقة من حلقات التحرير، فإنها تتعارض وصيانة المرأة.
فالذين يدعون إلى القيادة، لا يتذكرون منها، إلا أن المرأة تركب لتصل إلى عملها، أو للشراء، ثم تعود، لا يتذكرون أنها معرضة للتعطل.. لحادث.. وكلها أحوال تضر بالمرأة، وتعرضها لأجناس من الناس، فيهم من لا يوقر الأمانة ولا العرض، وهم موجودون لا يمكن إنكار وجودهم، وهي في غنى عن التعامل معهم، وفي غنى عن هذه المعاناة، التي لا يتمناها الرجال لأنفسهم، فكيف بالمرأة؟!.
إذن، حتى يتحقق للمرأة الفائدة من القيادة، اضمنوا لها مجتمعا مثاليا، وإلا فأنتم تغرقونها في الوحل.. !!. فمنعهم إذن مبناه على التعارض:
ما بين صونها وقيادتها.
ما بين حجابها وقيادتها.
ما بين وظيفتها وقيادتها.
ثم إن المطالبين يرفضون هذه النتيجة، ويقولون: هذا وهم. ليس في هذا دعوة إلى تحرير المرأة، فكم هم النساء في كثير من البلاد، وقد رأيناهن: ملتزمات بالحجاب الكامل مع القيادة، مصونات مع القيادة، قائمات بوظائفهن مع ذلك.
إذن، فمحل الخلاف بين الفريقين: هل الضرر قطعي، أم ظني.. ؟.
فمن رأى أنه قطعي منع، ومن رأى أنه ظني أذن.. فما الفيصل بينهما.. ؟.
عندما يكون المجتمع مثاليا، يرعى الأمانة والخلق، ويكف عن الأذى، ويرفض العدوان، ويتعاون على البر والتقوى، ليس فيه محل للفاجر، والفاسق، المستهين بالأعراض، والسمة العامة الغالبة: المسارعة للخدمة والعون بكل أدب، واحترام، وصدق، وإذا مرت المرأة تقود سيارتها، فاحتاجت إلى العون: لعطل، أو إصلاح، أو خدمة. عاملها الرجال كما يعاملون محارمهم: فقيادة المرأة لا تمثل مشكلة حينئذ.
وعندما يكون المجتمع خليطا، فيه البر والفاجر، والصالح والفاسق.. فيه العادل والظالم.. فيه الحافظ للحرمات وحدود الله، والمعتدي المتجاوز: فقيادة المرأة حينئذ تمثل مشكلة.
فإذا كان المجتمع مع ذلك يصب عليه الفساد صبا، ويدعى إلى خرق الحرمات، والاعتداء على المصونات، بواسطة الوسائل الإعلامية، وعلى رأسها القنوات الفضائية، ثم ما يليها من صحف، ومجلات، وقصص.. إلخ، فالفتن تموج، والرقيب غائب، والرادع ضعيف، والشهوات مستعلية، والناس وراءها يسعون، ودعوات حرية المرأة واستقلالها عن الرجل؛ أي عن المحرم، والخروج عن قوامته الشرعية، هي الرائجة والمتبعة، فالآباء والأولياء عاجزون عن القيام بما أمرهم الله به من القوامة والولاية: فالقيادة حينذاك لا تمثل مشكلة، بل كارثة.. !!.
في حال كهذا، إذا خرجت المرأة فهي محل: النظر، والفحص، والقياس، والتلصص، والتلطف، والتتبع، والتقرب، والكلام، والتغزل، والاستمالة، وربما الاعتداء. هذا في حال خروجها فحسب، دع عنك القيادة، فإذا قادت، زادت البلايا والرزايا.. !!..
والسؤال المهم هنا: أي المجتمعات نحن:
مثاليون؟.
أم خليط؟.
أم خليط يصب عليه الفساد صبا؟.
في الجواب عنه تحرير لمحل الخلاف: إن كان الضرر قطعيا أم ظنيا؟. والقصد: أن المطالبين بالقيادة إن أرادوا البرهنة عليه بشكل صحيح أن يتبعوا الآتي:
أن يستبعدوا فكرة المساواة بين الجنسين من أدلتهم؛ لأنها معارضة بالقرآن.
أن يتركوا الاستدلال بأن الخلوة محرمة؛ لأن السائق ليس البديل الوحيد لمنع المرأة من القيادة.
أن يتركوا الاستدلال بأن النساء كن يقدن الدواب؛ لأنه لا مستند لهم في هذا ألبتة.
أن يستبعدوا فكرة الأثر السيء للسائق؛ لأن السائق موجود في كل حال، ولأن كثيرا منهم مسلمون.
فإذا فعلوا ذلك، كانوا أصدق في دعوتهم، وأقرب إلى: المنطق، والعقلانية، والواقع. وبه يجتازون من الطريق مرحلة، لكنها غير كافية، وإن كانت مفيدة.. !!، فإن عليهم مَهمّة عملية، تساعدهم في تحقيق الهدف، هي:
أن يثبتوا بالبراهين من: استفتاء، وإحصاء، ودراسة ميدانية وتطبيقية:
أن أغلبية النساء تحتاج إلى القيادة، ويطالبن بها.
أن أغلبية الرجال، من: الآباء، والإخوان، والأزواج، الأبناء يطالبون بالقيادة، فلا يمكن عزل الرجل عن معرفة رأيه في هذه القضية، التي تخصه مباشرة، لعلاقته بالمرأة. إذن هو استفتاء عام.
أن في الاستغناء عن السائق دعما للاقتصاد.
أن السائق الأجنبي يزيد من الخسائر في الممتلكات.
أن المرأة أقدر على تفادي تلك الخسائر والحد منها، إذا قادت.
إذا أثبتوا هذه الدعاوى بالطرق الآنفة، لا بالكلام الجزاف، فإنهم يضعون أقدامهم على الطريق إلى تحقيق الهدف. ولا يعني ذلك: أن القيادة غدت مشروعة، مقبولة. فإن الحسم الشرعي لا يبنى على مجرد:
أن الأغلبية يريدونه.. أو لأن الجدوى الاقتصادية كبيرة.. أو لمجرد حصول الخسائر.
كلا، بل له اعتبارات أخرى أكبر من ذلك، فأكبر ما يعنى به: حفظ الدين، والأخلاق، والأنفس، والأعراض. حتى لو تعارضت مع رأي الأغلبية، وحكمها، أو مع توفير المال، أو حصول الضرر بالممتلكات.
فإن أرادوا دفع الفكرة إلى الأمام، وإزاحة العوائق الباقية، فعليهم:
أن يثبتوا بالبرهان الواضح، أن المجتمع مثالي للغاية، أو قريبا منه، وأن المرأة ستكون في غاية الأمن والأمان وهي تقود، لن يلحق بها سوء، ولو كانت في جنح الليل وحدها تقود، فلا خوف على الأعراض، ولا على الأخلاق، وإذا حصل شيء مؤسف، فإنما هو من القليل النادر، الذي لا يخلو منه حتى عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وإنما العبرة بالأغلب.
إذا فعلوا هذا، وقدروا على هذا البرهان، وبينهم وبينه مفازة، من الارتقاء بالمجتمع إلى القيم المطلقة، والأخلاق الفاضلة، حتى تضاهي مجتمعات الصدر الأول، وغابر عهود المسلمين، وهذا يحتاج إلى جهد، وتربية، وتزكية: إذا فعلوا هذا، ووفقوا في ذلك، فإنه حينئذ لا نقول سيكون الناس معهم، بل سيلقون حمدا وثناء: أن فعلوا ما هو أهم من القيادة، وهو: قيادة المجتمع ليكون مثاليا، والمدينة لتكون فاضلة.
فإذا أريد لقيادة المرأة أن تتحقق، بما ينفي الضرر عن المرأة والمجتمع، فأولاً: على المجتمع أن يهيأ الأوضاع، لتلائم أوضاع المرأة كما قرر شريعة. والحذر أن تهيأ المرأة لتنسجم مع المجتمع بعلاته وعلله.
لكن، ومع ذلك، تبقى المسألة الكبرى:
لم أعرض المسلمون منذ عهد النبوة والصحابة، عن منح فرصة القيادة للمرأة.. ؟!.
ولم المرأة نفسها لم يُسمع صوتها مطالبة بالقيادة.. ؟!.. لم كان دورها الركوب فحسب، دون قيادة الدواب في المجامع والطرقات كالرجل، سواء بسواء. ؟!.
إن أحسن حال عاشته المرأة المسلمة هو: العهد النبوي، وما تلاه عهد الصحابة. وأي تغيير للحال الذي كانت عليه، فبالضرورة يلزم عنه نقص حالها، وتغيره من الأحسن إلى الأدنى.
وهذا النتيجة، المتفق عليها، محصلة من مقدمتين، هما:
الأولى: أن أحسن تطبيق للشريعة كان في عهد النبوة والصحابة.
الثانية: أن المرأة عاشت، وعاصرت تلك الفترة.
النتيجة: أحسن حال عاشته المرأة: عهد النبوة، والصحابة. حققت فيه كيانها، وأخذت حقوقها كاملة.
إذن، هذا العهد يمثل الصورة المثالية لأوضاع المرأة، وما نسج وفقها فهو مثالي، وما خالفها فهو أدنى؛ لأنه ليس شيء أحسن مما كانوا عليه، ولا شيء يماثل ما كانوا عليه، فهم خير أمة أخرجت للناس.
وهنا يرد السؤال التالي المهم: هل كان من الشريعة المطبقة: الإذن للمرأة بقيادة الدواب. لتركب الخيل، أو الحمير، أو الإبل، ثم تجوب بها الطرقات، والأسواق، وتطرق مجامع الرجال، حتى يكون من إلفهم وعادتهم؟.
إذا كان الأمر كان على هذه الصورة، دون اعتراض، أو توجيه، فهو من الحال الحسن للمرأة، والحق المكفول شرعا.. وحينئذ قيادتها السيارة اليوم: حق يجب أن تعطاه، ولا يجوز أن تمنع منه. وحرمانها منه إنما هو نقص، ونزول عن الصورة المثالية، وسلب لحق مشروع لها.
أما إذا كان الأمر على غير هذه الصورة، فلا تركب إلا بسائق، وفي هودج، وإن احتاجت للقيادة، لظرف ما، فبعيدا عن مجامع الرجال، والطرقات العامة، والأسواق: في الصحراء، وفي المزارع الخاصة، ونحو ذلك.. فحينئذ الدعوة إلى قيادتها، ما هي إلا استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير، وإقحام المرأة في شأن ليس من شؤونها، وفرض عادة على المجتمع المسلم، ليس من أخلاقه، ولا من دينه.
إذن، على المطالبين بالقيادة أن يوفروا الأدلة التاريخية والحديثية، التي تثبت أن المرأة في ذلك العهد كان تقود، ولا يكفيهم أن يرددوا أنها كانت تقود، دون استناد على أدلة، فالكلام حتى يصدق يحتاج إلى دليل صحيح.
لكن إذا لم يجدوا دليلا، فقالوا: الزمان تغير، ذلك الوقت لم يحتاجوا للقيادة، واليوم الحاجة موجودة.
قيل: هذه دعوى، فمن أين لهم أن المرأة لم تكن تحتاج؟.
ألأجل أنها اليوم تتعلم وتعمل؟.. فكذلك كانت: تتعلم، وتعمل. والنصوص شاهدة.
ألأنها اليوم تخرج للسوق، والصلاة، والعيد؟.. فكذلك كانت: تخرج لكل ذلك. والنصوص شاهدة.
ألأنها اليوم تسافر؟.. فكذلك كانت: تسافر في البلاد، وإلى الحج، وللجهاد، والنصوص شاهدة.
فإذا كانت الشريعة طبقت على أحسن وجه في ذلك العهد، وحاجات المرأة اليوم هي حاجاتها بالأمس، والمرأة في ذلك الوقت لم تكن تقود، فكمال تطبيق الشريعة اليوم، وموافقته لعهد النبوة والصحابة، في أي شيء يكون: في قيادتها السيارة، أم عدم قيادتها؟!. ذلك هو نهاية الجدل في قيادة المرأة للسيارة.
http://www.alqlm.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/276)
فتياتنا والإعلام
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
أولاً: ينبغي أن يُعلم أنَّ الفتاةَ أو المرأة في الإسلام درةً ثمينة، وجوهرةً مصونة، فهل رأيتم أحداً يُفرط بجواهرهِ ودوره، إلاَّ من به خبلٌ أو جنون!! ولذا حرص الإسلام أشدَّ الحرص على صيانة كرامة المرأة، وسدَّ باب يؤدي إلى فتنتها أو الفتنة بها.
ولما كانت المرأة المسلمة بهذه المنزلة الرفيعة، انقسم الناس في شأنها إلى قسمين: قسم أفرطَ في الحفاظ عليها وصيانتها، وحجبها حتى منعها من بعضِ حقوقها الأساسية، وأساءَ إليها من حيث يشعر أولا يشعر، وهذا هو حالُ الجاهلية الأولى. وقسمٌ فرّط وتساهل في حفظها وصيانتها والحفاظ عليها، وأطلقَ لها العنان بلا رقيبٍ ولا حسيب، بل جعلها نداً للرجل في كل شيء، وأسبغ عليها من الحقوق ما ليس لها، وشجَّعها على التمرد على القيم والأخلاق، وخلع جلباب الحياءِ الذي هو زينةُ المرأة الحقيقية، وهذا هو حال الجاهلية الحديثة المتمثلة في الفكر الغربي المعاصر، ومن تأثر بها من أبناءِ هذه الأمة وبناتها. وخيرَ الأمور أو سطها، وهو ما جاءَ به الإسلام الحنيف، ودعا إليه من إنزال المرأة منزلها اللائقة بها دون إفراطٍ أو تفريط.
أما فيما يتعلقُ بالموضوعِ المطروح، وهو مُشاركة الفتاة أو المرأة بقلمها أو صوتها في وسائل الإعلام المختلفة، فالمسألةُ من شقين.
الشق الأول: المشاركة بالقلم وهي الكتابة، فالكتابة بوجهٍ عام أمرٌ مطلوب و هي صفةُ كمالٍ في المخلوق، وقد امتن الله على عباده بهد النعمة فقال سبحانه: ((الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)) (سورة العلق: 5. 4).
ولا فرق في ذلك بين ذكرٍ وأنثى، هذا من حيثُ الكتابةِ بوجهٍ عام، أما من حيث المكتوب، فهو سلاحٌ ذو حدين، فإن كان المكتوبُ مما فيه خيرٌ للأمةِ ونفعٍ لها، من بيانٍ للحق، أو دفاعٍ عنه ونحو ذلك، فهذا مطلوب، بل هو من أفضلِ الأعمال التي تنفعُ صاحبها في حياتهِ وبعد موته، سوء كان ذكراً أم أنثى.
أما إن كان المكتوبُ خلاف ذلك، من دعوةٍ إلى باطلٍ أو دفعٍ لحق ونحو ذلك، فهو مذمومٌ وصاحبه مأزور، بل الواجبُ الأخذ على يدهِ ومنعه من الكتابةِ حمايةً للناس من شره.
وأما ما كان بين ذلك مما لا نفع فيه ولا ضرر، كالخواطر التي يكتبُها بعض الناس – خاصةً الفتيات المراهقات – بغرضِ التنفيس عمَّا يجولُ بدواخلهن، فإنَّ هذا (إن سلم من المحظور) مما يعفى عنه، لكن لا أرى الاهتمام به ونشره في الصحف، لأنَّ ذلك قد يجرُ الفتاة إلى أمورٍ لا تُحمد عقباها، لا سيما وأنَّ غالبَ الفتيات يكتبنَ بأسماءٍ مستعارة، مع بقاءِ أسمائهنَ الحقيقية لدى المحرر، ورُبما أرقام هواتفهنَّ، مع احتفاظ الفتاة نفسها برقم هاتفِ المحرر، ورُبما اتصلت الفتاةُ للاستفسار عن مشاركتها، ومع تكرارِ الاتصال تنشأُ العلاقات البريئة في أولِّ الأمر، ثُمَّ ما تلبث أن تتحول إلى علاقاتٍ أخرى، ثمَّ إلى نهاياتٍ أليمة، وقد وقفتُ على حالاتٍ من هذا النوع.
وبإمكان الفتاة إذا احتاجت إلى كتابةِ مثل هذه الخواطر، أن تكتب ما شاءت، وتحتفظ لنفسها في كراسةٍ ونحوها، ولا تُطلع عليها أحداً،
أو تُطلع عليها بعض معلماتها أو زميلاتها القريبات، إن كان ذلك يَروي غليلها، ويرضي مشاعرها.
أمَّا كتابةُ اسمها الصريح عند المشاركة في الصحفِ والمجلات، فإنَّ كانت المشاركةُ نافعةً للأمة، وكان الباعثُ على ذلك حسن القصد، والغيرةُ على قضايا الأمة، فلا غضاضةَ عليها ولا على أهلها أن تكتب بالاسم الصريح الكامل، بل إنَّ ذلك مما يدعو إلى الفخر والاعتزاز.
أمَّا إن كان الأمرُ على الضد من ذلك، بأن كتبت الفتاة ما يُسيءُ إلى دينها وعقيدتها، أو كتبت كلاماً فارغاً لا نفعَ فيه، فإنَّها بكتابتها اسمها الصريح تُسيءُ إلى أهلها وإلى الاسم الذي تحمله، وقبل ذلك تُسيءُ إلى نفسها وسمعتها، ولوليها مَنعها من ذلك وجوباً.
وينبغي لولي الفتاة أن يُشجِّعها على الكتابة الجادة النافعة، والمشاركةِ الإيجابيةِ فيما يطرحُ من القضايا الجادة التي تفيدُ الأمة، ويعينها على ذلك إن وجد منها موهبةً في الكتابة، فما أحوجَ الأمة الإسلامية اليوم إلى الأقلام الجادة المخلصة، رجاليةً كانت أو نسائية.
الشق الثاني من القضية: وهو المشاركةُ الصوتية للفتاة في الإذاعةِ والتلفاز، والقولُ في هذه المسألةِ يتوقفُ على أمرين، أحدهما: نوعية المشاركة، وقد سبق الحديث عن ذلك في الشق الأول.
والثاني: حكم صوت المرأة، وهل هو عورة أم ليس بعورة.
والحقيقةُ أننا لا يمكن أن نقولَ إنَّ صوت المرأة عورة مطلقاً، ولا ليس بعورة مطلقاً، ونحنُ إذا تأملنا نصوص الشريعة الإسلامية، وجدنا تحث المرأة على خفض صوتها، لا سيما في التجمعاتِ العامةِ التي يحضرها الرجال، كالمساجد والشوارع ونحوها ونحو ذلك، إذا أخطأ الإمام في الصلاة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُسبح الرجال وتصفق النساء، وما ذلك إلاَّ لصيانة كرامة المرأة أن يظهرَ صوتها بحضرة الرجال، ولو كان مجردُ تسبيحٍ في عبادة هي من أجلّ العبادات في الإسلام.
فإن قال قائل: إنَّ ذلك خاصٌ بالصلاة وبالمسجد، قلنا: كلا، بل في كل مكان، والدليل على ما ذكرهُ الفقهاء رحمهم الله من أنَّ المرأةَ في الحج تخفض صوتها بالتلبية، مع أنَّ التلبية من أظهرِ شعائر الحج، والرجال مأمورون برفع أصواتهم بها، وهذا ما جرت به السنة العملية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن إذا احتاجت المرأة إلى إظهار صوتها للسؤال عمَّا يشكل عليها من أمور دينها ودنياها، ولم تجد من يُجيبها من محارمها، فلا حرجَ عليها أن تسأل من تثق به من أهل العلم، على أن يكون الكلامُ بقدر الحاجة، ومن غير خضوعٍ بالقول، وأن لا يكون على رؤوسِ الأشهاد، بحيث يسمعهُ الملايين من الرجال، أقول هذا لما لُوحظ في الآونةِ الأخيرة من كثرةِ البرامجِ المباشرة التي تُبثُ عبر الهواء، حتى أصبحنا نسمعُ صوت المرأة يُجلجلُ في كل وقت، ويسمعهُ الملايينُ من الناسِ في كل مكان، من غيرِ حاجةٍ تدعو إلى ذلك، و إنَّ من المعلوم أنَّ صوت المرأةِ ليس هو المقصود، وإنَّما المقصودُ فكرُ المرأة وهمومها ومشاكلها، وكل ذلك لا يستدعي إظهارُ صوتها بهذه الصورة، ومحادثتها للرجال الأجانب، وبإمكان المرأةِ أن تبعث بمشاركتها عن طريق الفاكس أو البريد، لأنَّ التوسع في ذلك يُؤدي إلى مفاسدَ كثيرة، من أهمها وأخطرها، زوال حياءِ المرأة الذي هو تاجُ رأسها وعفتها، وإشغالُ الفتيات بهذه الاتصالات التي في غالبها قليلة الفائدة كما هو الواقع، وعلى سبيل المثال، ما الفائدةُ حين تتصل فتاة مراهقة لتُحادث أحد " الفنانين " في غايةِ الخضوع، ثم تطلبُ منه أن يغني لها أغنيةً في الحب، وأخرى تتصلُ لتلقي قصيدةً في الحب والغرام وهجر الحبيب، وثالثةً تتحدثُ مع المذيع بكلِّ جرأةٍ عن الزواج والطلاق والعلاقة بين الزوجين، ورُبما لم تتزوج بعد، فأين حياءُ المرأة المسلمة الذي كانت تضربُ به الأمثال، كما ورد في الحديث أنَّ صلى الله عليه وسلم كان أشدُّ حياءً من العذراءِ في خدرها، فهل أبقت وسائلُ الإعلام اليوم خدوراً للعذارى؟ ومع ذلك أقول: لا يزالُ الخير موجوداً في نساءِ الأمة، فإنَّ غالبَ نساءِ الأمة ولله الحمد لا زلنَّ محافظاتٍ على حيائهن، ولا عبرةَ بالقلة القليلة الشاذة، كوني أخشى إن استمر الحال على هذا المنوال، أن يقضي على ما تبقى من حياءِ فتياتنا، فأرجو أن يتنبه لذلك القائمون على وسائلِ الإعلام في بلادنا العزيزة،
والله ولي التوفيق.
21/3/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/277)
انتصار غريزة الأمومة لدى المرأة الغربية
د. فاروق مساهل
ما يحدث في الغرب منذ أكثر من عام شيء لم يكن في حسبان الذين خططوا له وشجعوا عليه طوال القرن الماضي على خروج المرأة للعمل، ولا حتّى في أذهان اللواتي اندفعن دون رويّةٍ وتعقلٍ، مهرولاتٍ مستجيباتٍ للنداءات والمغريات والمزاعم، والتي لم يقصد به إلاّ التفسّخ والتفكّك والفحش، فعندما رأت المرأة الغربية النتائج المزرية المحزنة أفاقت من الغفلة، واستيقظت من حلمٍ وكابوسٍ كان قد صوّر لها التمرّد مكسبًا، فلقد تغلّبت غريزتها الطبيعيّة على ما حيك لها، فقامت ترفض الادعاءات، وتركل الأكاذيب، وتعترف أنها خسرت بتركها بيتها، وأنّ رعاية أولادها هو أولوية مطلقة في جدول حياتها.
على غلاف مجلّة "التايم" الأمريكية المشهورة والصادرة في 10 مايو 2004م صورة معبّرة تجعل قلب كلّ أمٍّ مهما كان متحجرًا متصلبًا يلين ويستجيب لنداء طفلها الصغير وقد تعلّق بساقها، ينظر إليها ولسان حاله يستجديها ويقول: أمّي..أمّي..أرجوك أمّي كوني بجانبي.. لا تتركيني وحدي..
وفي التحقيق المصاحب يفخر النسوة الغربيّات اللاتي تخلّيْن عن مناصبهنّ بأنهن "أمهات كلّ الوقت"Fulltime mothers، وأنهنّ يشعرن بمتعةٍ وبهجةٍ وسعادةٍ لكونهنّ في بيوتهنّ ومع أولادهنّ.
وعلى مدى العام الماضي كانت التقارير والمقالات تتحدّث في هذا الشأن، وآخرها المقال الذي نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانيّة في عدد الصادر في 10 مارس 2005م، ممّا يؤكّد أنّ هذه الصحوة والرجعة عامّة ومستمرّة وفي تزايد واطراد، وليست خاصة أو استثنائيّة.
وبينما يجري هذا الآن في الغرب يحدث نقيضه في بلادنا... فلقد ازداد اهتمام الدول الغربيّة بنسائنا، ويا ليتهم يطلبون منّا الاهتمام بصحة المرأة، أو تعليمها، أو بسترها والحفاظ عليها، بل يرغبون منّا أن نعاملها كما عاملوا نساءهم: نشر الاختلاط المحرم والعري، وإجهاضها، أو دفعها للشذوذ، وعدم وضع القيد على رغباتها في السهر والتدخين والمخدرات، ونشر الفساد والانحلال في أوساطها، وهاهي امرأة الغرب ترفض دعاواهم، وتندم على مجاراتهم، وتعود راغبةً مختارةً إلى عرينها، منه تُخرّج الأجيال، وتبني مستقبل أمتها، ومثل هذا ليس بالصعب ولا بالمستبعد على بناتنا ونسائنا.
نعم؛ نحن بحاجةٍ ماسّةٍ وضروريّةٍ للمرأة في مجال العمل في قطاعاتٍ أساسيّة في المجتمع، مثل: التعليم والصحّة، بالشروط والضوابط الشرعيّة، ومراعاة الدولة لهنّ من ناحية ساعات الدوام والحوافز والمكافآت السخيّة والرعاية الصحيّة، لكي يتسنّى لهنّ قضاء أكبر وأطول وقتٍ ممكن مع أولادهنّ في أهمّ مراحل نموهم، ليتوقّف أو يقلّ الاعتماد على المربيات والعاملات، وخاصة غير المسلمات، وهو بلا شك من أهمّ وأفضل جوانب استثمار الدول، لأنّها ترعى أبناء مستقبلها، وجيل عقودها القادمة.
http://www.almujtamaamag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/278)
مفاهيم يجب أن تصحح في ضرب الزوجات ؟!
محمد الغزالي
يملكني الغضب والأسى عندما أجد رجال الحديث النبوي ضعفاء الوعي بالقرآن الكريم! يقرؤون على الناس الحديث غير شاعرين بقربه أو بعده من هذه الآيات القرآنية.
في الجزء الثالث من تيسير الوصول إلى جامع الأصول جاء أن رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) قال: ((لا يسأل الرجل: فيم ضرب امرأته))؟
قال الشيخ محمد حامد الفقي في تعليقه على هذا الحديث: و أخرجه النسائي! أي أنه قوّى سند الحديث، و ترك المتن وكأنه صحيح لا غبار عليه..!
وهذا الظاهر باطل، فالمتن المذكور مخالف لنصوص الكتاب، ومخالف لأحاديث أخرى كثيرة! و عدوان الرجل على المرأة كعدوان المرأة على الرجل مرفوض عقلاً ونقلاً وعدلاً ولا أدري كيف قيل هذا الكلام ونسب إلى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -).
إن من قواعد الجزاء الأخروي قوله - تعالى -: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومَن يعمل مثقال ذرة شراً يره) فهل الزوجة وحدها هي التي تخرج عن هذه القاعدة فلا يسأل الرجل ((فيم ضربها؟ )) وهل له أن يضربها لأمر ما في نفسه، أو لرغبة عارضة في الاعتداء؟ فأين قوله - تعالى -: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) و قوله: (أمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف) و أين قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك... ))
ما يقع هو النشوز، ومعنى الكلمة الترفع و الاستعلاء، أي أن المرأة تستكبر على الزوج وتستنكف من طاعته و يدفعها هذا إلى كراهية الاتصال به في أمسّ وظائف الزوجية، فيبيت وهو عليها ساخط! و قد يدفعه هذا إلى ضربها... !.
و هناك أمر آخر أفحش " أن تأذن في دخول بيته لغريب يكرهه مع ما في ذلك من شبهات تزلزل العلاقة الزوجية وتجعلها مضغة في الأفواه.. ".
ولم أجد في أدلة الشرع ما يسيغ الضرب لا هذا وذاك..
و مع ذلك فقد اتفقت كلمة المفسرين على أن التأديب يكون بالسواك مثلاً! فلا يكون ضرباً مبرحاً، ولا يكون على الوجه! ففي الحديث: ((... ولا تضرب الوجه، و لا تقبح أي لا تقل لها قبحك الله)).. !.
ثم قال - تعالى -في الزوجات المستقرات المؤديات حق الله و حق الأسرة: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيرا ً).
وختام الآية جدير بالتأمل، فقد تضمن صفتين من صفات الله - تعالى -هما العلو و الكبرياء و هما صفتان تنافيان الإسفاف في التصرف، و الاستئساد على الضعيف، و المسلك البعيد عن الشرف، و في ذلك كله لفت أنظار الرجال إلى أن تكون سيرتهم مع أهليهم رفيعة المستوى، متسمة بالرفق و الفضل، و ليس يتصور مع هذا كله أن يعدو الرجل على امرأته كلما شاء، و أنه لا يسأل عن ذلك أمام الله...
و من ثم فالحديث الذي رواه أبو داود والنسائي في ضرب النساء لا أصل له، مهما تمحلوا في تأويله...
على أن من احترام الواقع ألا نظن النساء كلهن ملائكة، و الرجال جميعاً شياطين، هذا ضرب من السخف، و الانحياز في الحكم إلى أحد الجانبين ليس من الإنصاف..
و الأولى أن ندرس العلاقات العائلية بتجرد، و أن نحسب آثار الطباع و الأزمات و الأحداث الطارئة، و ألا نترك لسبب تافه القضاء على الحياة الزوجية..
إن انهدام بيت شيء خطير! وقد رأى الإسلام ـ حتى بعد وقوع طلاق ـ أن يجعل كلا الزوجين يواجه الآخر، لعل الذكريات الحلوة تغلب الذكريات المرة، أو لعل الإيلاف يطرد الفراق على نحو ما قال أبو الطيب:
خُلقتُ ألوفاً، لو رجعت إلى الصبا ** لفارقت شيبي موجع القلب باكياً
ومن ثم وجب تدخل المجتمع لفض الاشتباك على مهل و إعادة المياه إلى مجاريها، و أولى الناس بأداء هذه المهمة أقارب الزوجين، فهما أرغب في الصلح و أبصر بالمصلحة و أقدر على التنفيذ، و هذا هو قوله - تعالى -: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله و حكماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان علياً خبيراً).
و قد روى الشافعي بسنده عن علي بن أبي طالب (- رضي الله عنه -)، أنه جاءه رجل و امرأة، ومع كل واحد منهما فئام من الناس ـ جماعات ـ قال: ما شأن هذين؟ قالوا: وقع بينهما شقاق! قال عليّ فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهله وحكماً من أهلها.
ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكم؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما! وإن رأيتما أن تفرِّقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه وبما لي!.
و قال الرجل: أما الفرقة فلا.. ! قال علي كذبت حتى تقر بمثل ما أقرت به..
و معنى اعتراض الزوج أنه لا يعطى للحكمين حق إيقاع الطلاق باسمه.. أي أن لهما الجمع لا التفريق! و لكن علياً كذّبه! مبيناً أن للحكمين التوفيق أو التطليق أو المخالعة، وهذا هو كتاب الله..
و الفقهاء يختلفون في سلطة الحكمين و مداها، ولا ندرس الموضوع هنا، و إنما نشعر بالغرابة لأن الرجل الذي استفحل الشقاق بينه و بين زوجته حتى بلغ ما بلغ لم يفرط في عقد الزوجية، ورغب في بقائه.. !.
وشيء آخر نتوقف عنده، أن المجتمع باسم الله تدخل لحسم النزاع، واستدامة العلاقة العائلية! أما اليوم فقد تطلق المرأة في رطل لحم يعلق الرجل بقاء امرأته على شرائه!.
الحق أن قضايا المرأة تكتنفها أزمات عقلية و خلقية و اجتماعية و اقتصادية، كما أن الأمر يحتاج إلى مراجعة ذكية لنصوص وردت، وفتاوى تورثت و عادات سيئة تترك طابعها على أعمال الناس.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/279)
دور المرأة في إصلاح المجتمع
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله - تعالى - بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإنه يسرني أن أحضر لأعبر عما في نفسي في هذا الموضوع الخطير، وهو دور المرأة في إصلاح المجتمع.
فأقول مستعيناً بالله - عز وجل -، طالباً منه التوفيق للصواب والسداد. إن دور المرأة في إصلاح المجتمع دور له أهميته الكبرى، وذلك لأن إصلاح المجتمع يكون على نوعين:
النوع الأول: الإصلاح الظاهر:
وهو الذي يكون في الأسواق، وفي المساجد، وفي غيرها من الأمور الظاهرة، وهذا يغلب فيه جانب الرجال لأنهم هم أهل البروز والظهور.
النوع الثاني: إصلاح المجتمع فيما وراء الجدر:
وهو الذي يكون في البيوت، وغالب مهمته موكول إلى النساء لأن المرأة هي ربة البيت، كما قال الله - سبحانه وتعالى - موجهاً الخطاب والأمر إلى نساء النبي في قوله: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) [الأحزاب: 33].
أهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع:
نظن بعد ذلك أنه لا ضير علينا إن قلنا: إن إصلاح نصف المجتمع أو أكثر يكون منوطاً بالمرأة.
السبب الأول:
أن النساء كالرجال عدداً، إن لم يكن أكثر، أعني أن ذرية آدم أكثرهم من النساء، كما دلت على ذلك السنة النبوية، ولكنها تختلف من بلد إلى بلد ومن زمن إلى زمن، فقد تكون النساء في بلد ما أكثر من الرجال، وقد يكون العكس في بلد آخر، كما أن النساء قد يكن أكثر من الرجال في زمن، والعكس في زمن آخر.
وعلى كل حال فإن للمرأة دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع.
السبب الثاني:
أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء، وبه يتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع.
مقومات إصلاح المرأة في المجتمع:
لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع، لا بد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح..وإليكم جانباً من هذه المقومات:
المقوم الأول: صلاح المرأة:
أن تكون المرأة نفسها صالحة، لتكون أسوة حسنة وقدوة طيبة لبنات جنسها، ولكن كيف تصل المرأة إلى الصلاح؟ لتعلم كل امرأة أنها لن تصل إلى الصلاح إلا بالعلم، وما أعنيه هو العلم الشرعي الذي تتلقاه، إما من بطون الكتب - إن أمكنها ذلك - وإما من أفواه العلماء، سواء أكان هؤلاء العلماء من الرجال أو النساء.
وفي عصرنا هذا يسهل كثيراً أن تتلقى المرأة العلم من أفواه العلماء، وذلك بواسطة الأشرطة المسجلة، فإن هذه الأشرطة - ولله الحمد - لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى ما فيه الخير والصلاح، إذا استعملت في ذلك.
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم، لأنه لا صلاح إلا بالعلم.
المقوم الثاني: البيان والفصاحة:
أي أن يمن الله عليها - أي على المرأة - بالبيان والفصاحة، بحيث يكون عندها طلاقة لسان وتعبير بيان تعبر به عما في ضميرها تعبيراً صادقاً، يكشف ما في قلبها وما في نفسها من المعاني، التي قد تكون عند كثير من الناس، ولكن يعجز أن يعبر عنها، أو قد يعبر عنها بعبارات غير واضحة وغير بليغة، وحينئذٍ لا يحصل المقصود الذي في نفس المتكلم من إصلاح الخلق.
وبناءً على ذلك نسأل: ما الذي يوصل إلى هذا؟ أي يوصل إلى البيان والفصاحة والتعبير عما في النفس بعبارة صادقة كاشفة عما في الضمير؟
نقول: الطريق إلى ذلك هو أن يكون عند المرأة شيء من العلوم العربية: نحوها، وصرفها، وبلاغتها، وحينئذٍ لا بد أن يكون للمرأة دروس في ذلك ولو قليلة، بحيث تعبر عما في نفسها تعبيراً صحيحاً تستطيع به أن توصل المعنى إلى أفئدة النساء اللاتي تخاطبهنّ.
المقوم الثالث: الحكمة:
أي أن يكون لدى المرأة حكمة في الدعوة، وفي إيصال العلم إلى من تخاطب، وحكمة في وضع الشيء في موضعه، كما قال أهل العلم، وهي من نعمة الله - سبحانه وتعالى - على العبد، أن يؤتيه الله الحكمة. قال الله - عز وجل -: ( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) [البقرة: 269]. وما أكثر ما يفوت المقصود ويحصل الخلل، إذا لم تكن هناك حكمة، فمن الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل - أن ينزل المخاطب المنزلة اللائقة به، فإذا كان جاهلاً عومل المعاملة التي تناسب حاله، وإذا كان عالماً، ولكن عنده شيء من التفريط والإهمال والغفلة عومل بما تقتضيه حاله، وإذا كان عالماً ولكن عنده شيء من الاستكبار وردّ الحق عومل بما تقتضيه حاله.
فالناس - إذن - على درجات ثلاث: جاهل، وعالم متكاسل، وعالم معاند، ولا يمكن أن نسوي كل واحد بالآخر، بل لا بد أن ننزل كل إنسان منزلته، ولهذا لما أرسل النبي معاذاً إلى اليمن قال له: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب} وإنما قال له النبي ذلك ليعرف معاذ حالهم كي يستعد لهم بما تقتضيه هذه الحال ويخاطبهم بما تقتضيه هذه الحال أيضاً.
أمثلة على استعمال الحكمة في دعوته:
ويدل على استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله وقائع وقعت ممن هو أحكم الخلق في الدعوة إلى الله، ألا وهو النبي، ولنضرب لذلك أمثلة:
المثال الأول: الأعرابي الذي بال في المسجد:
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما: من حديث أنس بن مالك أن أعرابياً دخل المسجد ثم جعل يبول، فأخذت الصحابة الغيرة، فنهوه وصاحوا به، ولكن النبي الذي أوتي الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل -، قال: {لا تزرموه} أي لا تقطعوا عليه بوله، فلما قضى الأعرابي بوله أمر النبي صلى الله وعليه وسلم أن يصب عليه (أي على البول) ذنوباً من ماء (أي دلوا من ماء)، ثم دعا الأعرابي وقال له: {إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى (أو من القذر) وإنما هي للصلاة وقراءة القرآن وذكر الله - عز وجل -.. } أو كما قال.
وقد روى الإمام أحمد - رحمه الله - أن هذا الأعرابي قال: (اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً).
ونأخذ من هذه القصة العبر التالية:
العبرة الأولى:
أن الصحابة - رضي الله عنهم - أخذتهم الغيرة وصاحوا بهذا الأعرابي، فيؤخذ من ذلك أنه لا يجوز الإقرار على المنكر، بل الواجب المبادرة بالإنكار على فاعل المنكر، ولكن إذا كانت المبادرة تؤدي إلى أمر أكبر ضرراً فإن الواجب التأني حتى تزول هذه المفسدة الكبرى، ولهذا نهاهم النبي، بل زجرهم عن أن ينهوا الأعرابي ويصيحوا به.
العبرة الثانية:
أن النبي أقر بالمنكر لدفع ما هو أنكر منه، فالمنكر الذي أقره هو استمرار هذا الأعرابي في التبول، والمنكر الذي دفعه بهذا الإقرار هو أن هذا الأعرابي لو قام لا يخلو من أمرين:
1- إما أن يقوم مكشوف العورة لئلا تتلوث ثيابه بالبول، و حينئذٍ يتلوث منه المسجد بقدر أكبر، ويبدو الرجل للناس وهو كاشف عورته وهاتان مفسدتان.
2- وأما إذا لم يقم على هذا الوجه، فإنه سوف يستر عورته، ولكن تتلوث ثيابه بما يصيبها من البول.
فمن أجل هاتين المفسدتين أقره النبي على استكمال البول، على أنه أيضاً قد حصلت هذه المفسدة بالبول في المسجد من أول الأمر، فإذا قام فإن هذه المفسدة التي حصلت لن تختفي، فنأخذ من هذه النقطة عبرة، وهي أن المنكر إذا كان لا يؤول إلا لشيء أنكر منه، فإن الواجب الإمساك دفعاً لكبرى المفسدتين بصغراهما.
ولهذا أصل في كتاب الله، فقد قال الله - تعالى -: ( وَلا تَسُبُّوا الذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْوَاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [الأنعام: 108].
كلنا يعلم أن سب آلهة المشركين من الأمور المحبوبة لله - عز وجل -، ولكن لما كان سب هذه الآلهة يؤدي إلى سب من ليس أهلاً للسب، وهو الرب - عز وجل -، فقد نهانا الله - سبحانه وتعالى - عن سب آلهتهم في الآية السابقة.
العبرة الثالثة:
أن النبي بادر بإزالة المفسدة لأن التأخير له آفات، إذ كان من الممكن أن يؤخر النبي تطهير هذه البقعة من المسجد حتى يحتاج الناس إلى الصلاة فيها، فتطهر من أجل ذلك، ولكن من الأولى أن يبادر الإنسان إلى إزالة المفسدة حتى لا يعتريه فيما بعد عجز أو نسيان، وهذه نقطة هامة جداً، وهي أن يبادر بإزالته المفسدة خوفاً من العجز عن إزالتها في المستقبل، أو نسيانه - فمثلاً: لو أصابت الثوب نجاسة وهو ثوب يصلي فيه أو لا يصلي فيه.. فالأولى أن يبادر بغسل هذه النجاسة، وألا يؤخره لأنه ربما ينسى في المستقبل، أو يعجز عن إزالتها إما لفقد الماء، أو لغير ذلك.
ولهذا لما جيء إلى النبي بصبي أقعده في حجره فبال الصبي في حجر النبي فأمر صلى الله عليه مسلم بماء فأتبع البول مباشرة، ولم يؤخر غسل ثوبه إلى وقت الصلاة لما ذكرنا آنفاً.
العبرة الرابعة:
أن النبي أخبر الأعرابي بشأن هذه المساجد وأنها إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن وذكر الله، أو كما قال: لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر.
إذن فشأن المساجد: أن تعظم وأن تنظف وأن تطهر وألا يعمل فيها إلا ما يرضي الله - تعالى -، من الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله - عز وجل - ونحو ذلك.
العبرة الخامسة:
أن الإنسان إذا دعا غيره بالحكمة واللطف واللين حصل من المطلوب ما هو أكبر مما لو أراد معالجة الشيء بالعنف، وقد اقتنع هذا الأعرابي اقتناعاً تاماً بما عَلَّمَه النبي حتى إنه قال هذه الكلمة المشهورة (اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً).
فنجد هنا أن النبي استعمل مع هذا الرجل جانب اللين والرفق لأنه جاهل بلا شك، إذ لا يمكن لعالم بحرمة المسجد، ووجوب تعظيمه أن يقوم أمام الناس ليبول في جانب منه.
المثال الثاني: الصحابي الذي جامع زوجته في نهار رمضان:
أخرج البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكتُ. قال {ما أهلكك؟ } قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم! وهذا جرم عظيم أن يتعمد الإنسان جماع زوجته وهو صائم في رمضان، ولكن لننظر كيف عامله النبي.. هل زجره؟ هل تكلم عليه؟ هل وبّخه؟ لا. لأن الرجل جاء تائباً نادماً، وليس معرضاً مستهتراً غير مبالٍ بما جرى منه... فسأله النبي: {هل يجد رقبة ليعتقها كفارة عما وقع منه؟ } فقال: لا. فسأله: {هل يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين؟ } فقال: لا، فسأله: {هل يستطيع أن يطعم ستين مسكيناً؟ } فقال: لا. ثم جلس الرجل فأُتي النبي بتمرة، فقال: {خذ هذا فتصدق به} يعني كفارة. فقال: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! ما بين لامتيها أهل بيت أفقر مني! فضحك النبي حتى بدت نواجده، ثم قال: {أطعمه أهلك}.
فنجد في هذه القصة عبراً منها، أنه لم يعنف الرجل ولم يزجره ولم يوبخه لأنه جاء تائباً نادماً، وهناك فرق بين رجل معاند ورجل مسالم جاء يستنجد بنا ويطلب منا أن نخلصه مما وقع فيه، لذلك عامله النبي بهذه المعاملة حيث رده إلى أهله ومعه الغنيمة التي حملها من رسول الله، وهي هذا التمر الذي كان مفروضاً عليه أن يطعمه ستين مسكيناً، لو لم يكن فقيراً.
المثال الثالث: الرجل الذي عطس في الصلاة:
نأخذ هذا المثال من حديث معاوية بن الحكم - رضي الله عنه -، حين دخل مع النبي وهو يصلي فعطس رجل من القوم، فقال: الحمد لله. فقال له معاوية: يرحمك الله. فرماه الناس بأبصارهم، يعني استنكاراً لقوله.. فقال: واثكل أمّاه، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما انصرف النبي من الصلاة دعاه وقال له: {إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التكبير، وقراءة القرآن} أو كما قال.
قال معاوية: بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً أحسن تعليماً منه والله ما كهرني ولا تهرني.
المثال الرابع: الرجل الذي لبس خاتماً من ذهب:
نأخذ هذا المثال من قصة الرجل الذي كان عليه خاتم من ذهب، وكان النبي قد بيّن أن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة. فقال النبي: {يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده}. ثم نزع النبي الخاتم بنفسه، ورمى به فلما انصرف النبي قيل للرجل: خذ خاتمك وانتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتماً طرحه النبي.
نرى في معاملة النبي لهذا الرجل شيئاً من الشدة، إذ الظاهر أن هذا الرجل كان قد بلغه الخبر بأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة فلهذا عامله النبي هذه المعاملة التي هي أشد من معاملة من ذكرنا سابقاً.
إذن لا بد أن يكون الداعية منزلاً لكل إنسان منزلته بحسب ما تقتضيه الحال: فهناك جاهل لا يدري، وهناك عالم ولكن عنده فتور وكسل، وهناك عالم ولكنه معاند ومستكبر، فيجب أن ينزل كل واحد من هؤلاء المنزلة اللائقة به.
المقوم الرابع: حسن التربية:
أي أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها، لأن أولادها هم رجال المستقبل ونساء المستقبل، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق وحسن المعاملة، وظهروا على يديها وتربوا عليها، فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم وحدها بأبيهم أو بولي أمرهم، إذا لم يكن لهم أب من إخوة أو أعمام أو بني أخوة أو غير ذلك.
ولا ينبغي للمرأة أن تستسلم للواقع، وتقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغيّر، لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح، إذ إن الإصلاح لا بد أن يغير ما فسد على وجه صالح، ولا بد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح منه حتى تستقيم الأمور.
ثم إن التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية، ولهذا لما بعث النبي في أمته مشركة يعبد أفرادها الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق، لم يستسلم، بل لم يأذن الله له أن يستسلم للأمر الواقع، بل قال - سبحانه وتعالى - له: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ [الحجر: 94].
فأمره - سبحانه - أن يصدع بالحق، وأن يعرض عن المشركين ويتناسى شركهم وعدوانهم حتى يتم له الأمر وهذا هو الذي حصل، نعم قد يقول قائل: إن من الحكمة أن نغير، لكن ليس بالسرعة التي نريدها، لأن المجتمع على خلاف ما نريد من الإصلاح. فحينئذٍ لا بد أن ينتقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه، أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحاً ثم ينتقل بالناس شيئاً فشيئاً حتى يتم له مقصوده.
المقوم الخامس: النشاط في الدعوة:
أي أن يكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها، وذلك من خلال المجتمع سواء أكان في المدرسة أو الجامعة أو في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا. كذلك أيضاً من خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي تحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل.
ولقد بلغنا - ولله الحمد - أن لبعض النساء دوراً كبيراً في هذه المسألة، وأنهن قد رتّبْنَ جلسات لبنات جنسهن في العلوم الشرعية، والعلوم العربية، وهذا لا شك أمر طيب تحمد المرأة عليه، وثوابه باقٍ لها بعد موتها لقول النبي: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له}.
فإذا كانت المرأة ذات نشاط في مجتمعها في نشر الدعوة: من خلال الزيارات، أو من خلال المجتمعات في المدارس أو غيرها، كان لها أثر كبير، ودور واسع في إصلاح المجتمع.
هذا هو ما حضرني الآن بالنسبة لدور المرأة في إصلاح المجتمع، وذكر مقومات هذا الإصلاح.
هذا والله - سبحانه - أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين، وصالحين مصلحين، وأن يهبنا منه رحمته إنه هو الوهاب.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
العلامة: محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -.
2-2-1426 هـ
http://www.islamhouse.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/280)
فتى الأحلام
قالت وهي تذرف دموع الندم : كانت البداية مكالمة هاتفيه عفويه، تطورت إلى قصة (حب) وهميه، أوهمني إنه يحبني وسيتقدم لخطبتي، طلب رؤيتي ... رفضت، هددني بالهجر !! بقطع العلاقة.. ضعفت... أرسلت إليه صورتي مع رسالة ورديه معطرة... توااااااالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة.. هددني بالصور، بالرسائل المعطرة بصوتي في الهاتف وقد كان يسجله.. خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن .. لقد عدت ولكن، عدت وأنا أحمل العار .. قلت له: الزواج.. الفضيحة.. قال لي بكل احتقار وسخريه: إني لا أتزوج فاجرة
أختي الكريمة.. إن كنت عاقلة فاستمعي إلى هذه النصائح:
لا تصدقي..
لا تصدقي أن زواجا يمكن أن يتم عن طريق مكالمات هاتفيه عابثة. ولو تم فإن مصيره إلى الضياع والفشل والشك والندم.
لا تصدقي أن شاباً مهما تظاهر بالصدق والإخلاص يحترم فتاة تخون أهلها وتحادثه عبر الهاتف أو تتصل به أو تخرج معه مهما أظهر لها من الحب وألان لها القول، فهو إنما يفعل ذلك لأغراض دنيئة لا تخفى على عاقل.
لا تصدقي ما يردده أدعياء التقدم أو ما يسمى بتحرير المرأة من أنه لابد من الحب قبل الزواج.
فالحب الحقيقي لا يكون إلا بعد الزواج، وما سواه فهو في الغالب حب مزيف، مؤسس على أوهام وأكاذيب لمجرد الاستمتاع وقضاء الوطر ثم لا يلبث أن ينهار فتنكشف الحقائق ويظهر المستور، روى البخاري في صحيحه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما قالا لي انطلق - وذكر الحديث حتى قال: فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا - أي صاحوا من شدة الحر - فلما سأل عنهم الملائكة، قالوا: (وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني).. فهل تودين أن تكوني منهم؟!
احذري المكالمات الهاتفية فإنها تسجل عند الله - تعالى - ويسجلها شياطين الإنس (أدعياء الحب) فيستخدمونها سلاحا للضغط عليكِ أو للنيل من سمعتك وعرضك.
احذري التصوير بشتى أنواعه فإنه علاوة على تحريمه ولعن صاحبه فهو من أخطر الأسلحة التي يستخدمها ذئاب البشر لإرغام الضحية وتهديدها وافتراسها.
احذري كتابة الرسائل الغرامية فهي أيضا من وسائلهم في التهديد والضغط.
احذري المجلات والروايات الهابطة فإنها تحمل بين صفحاتها الملونة وأوراقها المصقولة السم الزعاف.
احذري المسلسلات والأفلام الهابطة المضللة التي تقتل الحياء وتقضي على الفضيلة وتسعى إلى هدم الأخلاق والقيم.
احذري التبرج والسفور وكثرة الخروج إلى الأسواق وغيرها من غير حاجة مما يعرضك لغضب الله وعقابه.
احذري الركوب مع السائق الأجنبي منفردة، فإنا ذلك من الخلوة المحرمة التي حذر منها الشرع الحكيم. وإياك أن تحتجي بالضرورة فمن يتق الله يجعل له مخرجاً. ويرزقه من حيث لا يحتسب.
احذري رفيقات السوء الضالات المضلات.
أختي الكريمة
احذري جميع المعاصي والذنوب فإنها سبب للشقاء والتعاسة وزوال النعم وحلول النقم ونزول المصائب.
احذري ملك الموت إذا جاء لقبض روحك بالاستعداد للآخرة بالتوبة النصوح والأعمال الصالحة فإنك لا تدرين متى ينزل عليكِ.
وبعد هذه النصائح اعلمي وفقكِ الله أن باب التوبة مفتوح للتائبين، قال الله - تعالى -:
(قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
فإن كنتِ قد ألممتي بشيء من الذنوب فبادري بالتوبة النصوح قبل أن يغلق الباب ويعلوكِ التراب فلا ينفع الندم حينئذ.
وصلى الله على نبينا محمد
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/281)
المطالبة بخروج المرأة. . شهوة أم شبهة؟!
من المفارقات العجيبة أن يكون المناضل عن حق المرأة رجل. . فهو يريد أن تأخذ حقوقها وتتخلص من سيادة الرجل وظلمه كما يزعم. . ومعظم المطالبين إن لم نقل جميعهم من الرجال، إلا قلة قليلة من النساء. .
ألا توجد علامة استفهام هنا. . لماذا يدافع الرجل عن المرأة ويطالب بحقوقها وهو يرى أنها أهل لتحمل المسؤولية وأنها تستطيع مجابهة الحياة وظروفها دون الحاجة لرجل.
يطالب برفع الوصاية عنها وإطلاق العنان لها في نزع حجابها واختلاطها بالرجال وقيادة السيارة وتولي المناصب التي تتطلب جهداً واختلاطاً وسفراً. .
أليس في تلك المطالبات نيابة عن المرأة وصاية عليها؟ أم أن هذه الوصاية عليها حلال. . والقوامة وفق الشرع حرام؟!
ألا تثير تلك المطالبات الشك في أهدافها؟! إنها تبعث على الريبة وتدعو للقلق، لأنها وبكل تأكيد نابعة من شهوة أو شبهة. . فإن كانت نابعة من شهوة فتلك مصيبة أن يحاول شخص أو مجموعة إفساد مجتمع بأكمله لإرضاء رغباتهم وإشباع شهواتهم.
وإن كانت نابعة من شبهة فتلك مصيبة أخرى أعظم من سابقتها، لأنها تدل على أن صاحبها ناقص الرأي قليل العقل. . فكيف يؤخذ برأيه؟
لماذا هذا الحكم بأنها شهوة أو شبهة؟!
الواقع في الدول التي حررت المرأة ـ كما زعموا ـ أنها أصبحت سلعة ممتهنة، وألقيت عليها المسؤوليات الجسام دون الاكتراث لطبيعتها وفطرتها، أو على الأقل إعطاؤها حقها، وتركت وظيفتها الفطرية من استمرار النسل وتربية النشء.
فصاحب الشهوة فرح مسرور لأنها أصبحت سهلة المنال متى أراد إشباع شهواته.
وصاحب الشبهة ناقص الرأي، قليل العقل، لا يرى الحقيقة الماثلة أمامه في المجتمعات التي دفعت بالمرأة إلى خارج البيت في كل اتجاه، وكيف تعاني الويلات. .أم لا بد أن يرى ذلك في بنات قومه ومجتمعه حتى يتبين له الحق؟!
24- جماد ثاني- 1426 هـ :30- يوليو-2005
http ://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/282)
آسف أنت مطلقة....
(دعوة لإعادة تأهيل المطلقة)
مروان بن صالح الصقعبي *
تعاني المطلقة في المجتمعات العربية والخليجية خصوصاً - ولو لفترة مؤقتة - نوعاً من الجفوة الاجتماعية التي تسبب التغييب والتعطيل لدورها الحقيقي في المجتمع .. هذا التغييب الذي يمارسه المجتمع سواء في مؤسساته الرسمية، أو معظم أفراده.. هذا الشعور يدفع كثيراً من المطلقات إلى أن تنزوي ولو لفترة مؤقتة، وتغيب عن ممارسة دورها الحقيقي في المجتمع، حتى ينسى المجتمع جرمها وخطيئتها!!
هذا الحياء والخجل من المجتمع يولّد لدى المرأة المطلقة عزلة اجتماعية .. مما يعطلها عن دور كبير كانت تستطيع القيام به، لولا هذا الحكم الجائر من المجتمع وكأنه قد بنى حكمه على القاعدة الفقهية (ما أبين من حي فهو كميتته)
فهذه المطلقة هي فرد منتج في المجتمع، مُورست عليه الضغوط الاجتماعية التي شتت تفكيره وبعثرت جهوده!!
فالمجتمع يخسر هذه المطلقة التي قد تكون معلمة في مدرسة، أو أستاذة جامعية، أو باحثة تربوية، أو طبيبة، أو حتى أماً تمارس دورها التربوي والفطري في تربية أبنائها وبناتها..
وقد تمارس الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية دوراً غير مقصود في زيادة هذا العبء الاجتماعي على المطلقة؛ فقد أفادت بعض التقارير أن (350) سيدة لم يستطعن إجراء معاملاتهن الرسمية بسبب عدم وجود الإثبات الرسمي معهن(بطاقة العائلة) وذلك بسبب مماطلة الأزواج في تسليمهن!!
مما يسبب لهن تعطيلاً كاملاً في معاملتهن الوظيفية والبنكية، بل إن بعض المطلقات لم يتمكّنّ من إلحاق أبنائهن في المدارس رغم بلوغهم السن النظامي لعدم توفر الأوراق الرسمية!!
هذا الأسلوب في التعامل مع المطلقة سواء من الأفراد أو المؤسسات الرسمية يوجِد جوّاً من الضغط والشحن النفسي لدى هذه المطلقة.. مما يخلق لها بيئة مليئة بالاضطراب والتوتر والخلل في حياتها الطبيعية..
ذلك وإذا علمنا أن الخسائر الاجتماعية التي نخسرها بمثل هذا العزلة التي يمارسها المجتمع على المطلقة ليست قليلة؛ فقد ذكر باحث اجتماعي في جامعة الملك سعود أن المحاكم الشرعية في السعودية تستقبل يومياً مابين (30-35) حالة طلاق بشتى مسبباتها.. وفي دراسة أعدتها وزارة التخطيط في السعودية بينت أن (33) حالة طلاق يومياً تقع في المملكة، وفي مدينة الرياض فقط (3000) حالة طلاق من أصل (8500) حالة زواج.. !!
فإذا كنا سنمارس هذا الأسلوب والدور السلبي مع كل هؤلاء المطلقات، فنحن في الحقيقة نخسر ثروة ونبدّد قدرات وطاقات كان بالإمكان استغلالها والتعامل معها بشكل أفضل وأوعى .. يقودنا إلى توظيف وتأهيل هذه المطلقة مرة أخرى بدلاً من ممارسة هذا القمع الاجتماعي المزعج !!
وقد يستطيع البعض من المطلقات تجاوز هذا الصدود، والتسلّق على هذه السدود الاجتماعية .. بحكم تأهيلهم الاجتماعي، أو تأهيلهم العلمي، أو تأهيلهم الأسري..
ولكن نسبة كبيرة منهن قد تخفق في تجاوز مثل هذه العقبات التي يزرعها المجتمع في طريق عودتها إلى مسارها الصحيح..
وأجد أن العبء الأكبر في توجيه المجتمع وتغيير نظرته تجاه المطلقة.. وإعادة تأهيل المطلقة نفسها تأهيلاً كاملاً يقع على المؤسسات الاجتماعية والتربوية الرسمية، سواء كانت مؤسسات الإرشاد الأسري والاجتماعي أو أفراد مثلاً كالقاضي في محكمته الذي يقرّر ويصدّق حكم الطلاق، فيستغل هذا الموقف في توجيه المطلقة، أو الخطيب في جامعة أو المثقف في أسرته..
كل هؤلاء يتحملون إعادة تأهيل المطلقة تأهيلاً كاملاً سواء كان بتوعية المجتمع وذكر الموقف الشرعي للدين الإسلامي في التعامل مع المطلقة أو حتى إعادة تأهيل المطلقة نفسها وتوجيهها، وذلك بإقامة الدورات الاجتماعية، والعودة لممارسة دورها في الحياة في ميادين التربية والعمل.
إن المطلقة في مجتمعنا العربي والخليجي تعيش في سجن مفتوح تُراقَب بالأعين والهمسات .. وتُجلد بسياط الظن والشكوك!!
أخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نقول فيه للمطلقة: لا نستطيع مساعدتك.. آسف أنت مطلقة!!
----------------------------------------
* مشرف تربوي.
10/7/1426
15/08/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/283)
قضية المرأة .. خواطر وملاحظات
قصة قصيرة..
(هاني) طالب بإحدى الجامعات التي تنتشر على رقعة العالم العربي، وهو يعشق الجواهر بشدة، ونظرا لحالته المادّية الصعبة فهو لا يستطيع اقتناء جوهرة ترضي غروره، لذا فهو ضيف دائم على الحفلات الصباحية لدور السينما التي تعرض ما لذّ وطاب من أصناف وأشكال الجواهر، وأجدني في غنًى عن القول بأنه كان في سبيل ذلك يتهرب من المحاضرات الصباحية؛ لكن أحيانا ما يجده زملاؤه في الحرم الجامعي قبيل بدء موعد أول محاضرة بنحو ساعة كاملة، لكنهم لا يدركون أنّ صديقا له جلب مجلة متخصصة في نشر صور الجواهر التي يبهج منظرها (هاني)..
كان (هاني) هذا يستاء بشدة من تلك الجواهر التي يحرص أصحاب المعارض على تغطيتها بخميلة رقيقة من أجود أنواع الحرير ويزداد استياؤه من تلك الجواهر اللواتي زودْن بجهاز إنذار يعمل تلقائيا عند اقتراب أي جسم غريب من دائرة نصف قطرها 30سم..
ذات يوم، قرّرت إدارة الجامعة أن توفر للطلاب فرصة لا يحلمون بمثلها، فتم عرض أثمن وأجمل جوهرة في العالم للطلاب في مكان بارز بالحرم الجامعي، وسط حراسة مشددة..
كان الطلاب يحرصون على إمتاع أعينهم برؤية هذه الجوهرة على الأقل مرتين يوميا..
والبعض مثل هاني- أصبح يتسلل لا لخارج أسوار الجامعة، بل إلى حيث مكان عرض الجوهرة الثمينة..
للوهلة الأولى؛ سال لعاب (هاني) للجوهرة مما أوحى له بخطة شيطانية، فكلما قابل شخصا عبّر له عن تضايقه من وجود الحراسة المشددة ودلالتها السيئة على وجود جدار وحاجز من عدم الثقة بين الإدارة الجامعية وبين الطلاب، لاقت الفكرة رواجا، وأيد السذّج الفكرة على أساس أنّ وجود الحراسة قد يكون أمرا يسئ لسمعة الجامعة في الخارج لما تعنيه الحراسة من وجود خوف ولو ضئيل لدى الإدارة من تعرض الجوهرة للاختفاء بفعل أحد الطلبة، وقد رُفع الأمر للإدارة التي أيدت الفكرة ودرجت في تنفيذها وشكر صاحبها لأنّه كان سباقا في كسر حاجز الروتين والعادات والتقاليد البالية التي تقيّد جوهرة ثمينة كهذه من أن يستمتع برؤيتها عن قرب- ولمسها الطلاب الجامعيون المثقفون، وقد عارض هذا القرار بشدّة الموكلون بحراسة الجوهرة لكن اعتراضاتهم ذهبت أدراج الريّاح خصوصا مع قيام سفير الولايات المتحدة بتفسير عصيان الحراس على أنّه تكريس للهيمنة الأمنية ومحاولة من الحراس للاستفادة من مناصبهم، فما كان من الحرّاس إلا أن رفعوا الأمر إلى القيادات الأمنية التي بدأت تعقد اجتماعات لتدارس الوضع في إدراك تام لخطورته، لكن كانت هنالك على الجانب الآخر جهة أوروبية-أمريكية مشتركة تخطط لأعمال إرهابية إجرامية تنطلق متزامنة مع بدء الاجتماعات الأمنية بخصوص موضوع حراسة الجوهرة، وكان المنفذون المجرمون يرتدون نفس الزي الذي يرتديه رجال حراسة الجوهرة الأشدّاء، وهنا علا صراخ وعويل هاني ورفاقه بضرورة المسارعة برفع الحراسة عن الجوهرة خوفا عليها من الحراس الإرهابيين ، وقد أيد جهود (هاني) ورفاقه الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة حيث لفت الأخير نظر الجامعة إلى أنّ وجود حراسة على الجوهرة يعرّض سمعة الجامعة والدولة لخطر داهم..
وفي يوم مشهود، تمّ تنفيذ القرار برفع الحراسة، وسط دموع ما تبقى من الحراس؛ الذين استشهد عدد منهم في سبيل حماية الجوهرة، وكان السلاح المستخدم ضدهم هو رصاص الكلمات المفبركة ورشاش الحوارات الصحفية المختلقة والاتهامات الملفقة..
وقد سُرّ (هاني) بتنفيذ قرار رفع الحراسة، ذلك أنه حرص على أن يتم ذلك قبل أن يألف الطلاب منظر الجوهرة فيعرضوا عن الاستئناس بها..
سارع (هاني) بأخذ الجوهرة لتلميعها، بعد أن أقنع المتواجدين بقوله، وبالفعل أبقاها لديه ليلتين ثم أعادها وهي أكثر لمعانا من ذي قبل، ولم يكونوا ليدركوا أنّ ما يفعله (هاني) إنما هو إزالة الطبقة الخارجية من سطح الجوهرة، وكلما تعرضت الجوهرة لعوامل التعرية أخذها (هاني) إلى بيته وشارك هو ورفاقه في إزالة الطبقة الخارجية عنها، وكان اللمعان مع الإضاءة المبهرة يلهيان الكثيرين عن الانتباه لتضاؤل حجم الجوهرة! إلا أنّ بقايا الحراس لم تكن قلوبهم ميالة لما هب ودب من الجواهر، لذا فقد ارتدوا أحدث مصابيح الرؤية الخاصة، وكشفوا أمام الرأي العام تضاؤل حجم الجوهرة رغم ازدياد تلميعها.. وبدأ كل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة يتهامسون ويتكلمون، وينتقدون، ويراجعون أنفسهم، وبدا وكأنّه الطوفان القادم لا محالة لإعادة الجوهرة إلى حجمها الطبيعي..
إنّ الجوهرة لم تستفد من إلغاء الحراسة بل إنها أضحت عرضة لأن ينظر إليها كل من هبّ ودبّ!
الحديث عن المرأة هو حديث عن كلّ غالٍ نفيس، لذا أدعوكم لنحلّق سويا في عالم الخيال، ولنتخيل جامعة عربية تُقَرِّرُ أن تعرض أجمل وأثمن جوهرة في العالم في صندوق زجاجي لتكون في مدخل الجامعة، ما الذي سيحدث؟؟ سيحرص الطلبة والطالبات كلّهم على أن يمتعوا أعينهم برؤية هذه الجوهرة الثمينة مرتين في اليوم -على الأقلّ-، مرّةً أثناء الدخول للحرم الجامعي، وثانية عند خروجهم بعد انتهاء الدوام الرسمي، هذا إن لم يتسلل بعضهم خلسة من المحاضرات ليتأمل جمال تلك الجوهرة!
تخيلوا معي أنّ مذيعا تلفزيونيا شهيرا اقترب بحذر من أحد المتسللين وقال له:
المذيع: لم يا بنيّ تترك محاضرات العلم والفائدة؟؟
الطالب المتسلل: إنه الحبّ يا سيدي! إنّ هذه الجوهرة رائعة الجمال حقا ولم يكن لي أن أرى حتى اسمها لولا أنْ سُمح بعرضها للناس، إنّي أكاد أهيم بجمالها، بل إنني أطالب بضرورة إتاحة الفرصة لكل طالب للانفراد بهذه الجوهرة كلّ على حدة!
بعد بضعة أسابيع، انخفضت حدة ظاهرة التسلل من المحاضرات وعادت لمعدلاتها الطبيعية وأصبح من النادر رؤية طالب يقصد الجوهرة، بل إن الطالب المستجد لا يُعرف إلا بوقوفه مشدوها أمام الجوهرة!
لفت هذا الأمر المذيع التلفزيوني الشهير وعزم على أن يعود للجامعة وينجز تقريرا عن سر هذا العزوف المفاجئ:
المذيع: السلام عليكم، يا هل ترى ما هو سر قلة زوار الجوهرة؟
نفس الطالب المتسلل سابقا: مساء الجواهر، حسنا، هذه ثالث مرة آتي فيها إلى هنا، ولست مستعدا لتجشم عناء المجيء للمرة الرابعة، فقد مللت منظر هذه الجوهرة السخيفة..
المذيع [مقاطعا]: عفوا، ألا تعتبر ما قلتَه إهانةً لمثل هذه الجوهرة الجميلة؟؟
الطالب المتسلل سابقا: أي جمال يا هذا، أقول لقد سئمت، لقد مللت من منظر هذه الجوهرة، ليبحثوا لنا عن غيرها، فالتجديد مطلوب.
المذيع: حسنا، ولم لا تقتني واحدة من حرّ مالك؟
الطالب المتسلل سابقا: ويحك أجننت يا هذا؟ من أين لي بنفقات شراء جوهرة، أنا صعلوك لا أجد ثمن سيجارة، ثم إن شراء الجوهرة يستلزم وضعها في مكان مؤمّن بعيدا عن الأعين والأيدي، وهذا أمر لا أستطيع أن أحققه للجواهر..
المذيع: إذا فأنت ضيف دائم على معارض الجواهر؟؟
الطالب المتسلل سابقا: نعم في الواقع، ومما يشجعني أنّ بعض المعارض تتيح لك استئجار الجوهرة لبضعة أيام ومن ثم إرجاعها لصاحبها!
المذيع: ألا يعد هذا حطا من قيمة الجوهرة؟؟
الطالب المتسلل سابقا: كثيرون يفعلون هذا ثم إنّ أبي وعمي وكل أقربائي يفعلون هذا، فلم أتعب نفسي وأفكر وأنتقد؟
المذيع: بعض الناس يغفل عن جواهره، فتجد هذه الجواهر تنجذب نحو الأسواق مباشرة، ما رأيك في هذه الظاهرة؟؟
الطالب المتسلل سابقا: نعم، الأسواق فرصة عظيمة لرؤية الجواهر دون الخمائل الحريرية، لكنّ البعض لا يزالون يعرقلون خططنا في هذا المجال بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [يرتجف]
المذيع: ما لي أراك مرتجفا يا هذا؟ بالمناسبة، هلا عرّفت المشاهدين باسمك في ختام لقاءنا هذا؟
الطالب المتسلل سابقا: أبدا، كل ما في الأمر أنّ غريزة حب الجواهر تكبحها كلمة (أمر بمعروف/نهي عن منكر)، لذا أفضل الابتعاد عنها وعن كل ما يوصلني إليها، على كلّ فإن اسمي هو (هاني) وتجدني إما في الفندق وإما في السوق وإما في WC.
[[القصة فالخاطرة أهديهما للذين لا يدركون أنّ المرأة جوهرة ثمينة، إن عرضت للعامة فقدت جمالها وبريقها، وإن صانت نفسها باتباع أحكام الشريعة الغراء أضحت ملكةً غير متوّجة]]
ورد في حديث يروى فيه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال « أحب من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة عيني في الصلاة » فالمرأة كالصلاة إيمان وطهر وهي كالطيب إنعاش وسكون نفس!
كثيرا ما نرى ونقرأ اعتراضات من هنا وهناك على ربة المنزل (الزوجة التي لا تعمل)، رغم أن دورها لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الطبيبة أو المعلمة، فالمرأة التي آثرت الاهتمام والعناية ببيتها وفلذات أكبادها وبرفيق دربها تستحق منا كل التقدير والاحترام والإجلال، إنّ هذا الدور أعني دور الأمومة والتربية- قد تعرض في الآونة ولا يزال- لهجمة شرسة على كافة المستويات الإعلامية، فالأعمال الدرامية والأفلام السينمائية لم تقدم لنا نموذجا واحدا لامرأة فضّلت عن اقتناع- بيتها عن العمل ومتاعبه، فالملاحظ أن الدراما تحرص على تسليط الضوء على المهندسة والمذيعة والموظفة والسكرتيرة، ويندر ولا أبالغ لو قلت ويستحيل- أنْ تجد عملا دراميا يشعر المتلقي بأهمية دور الأم التربوي والعاطفي والنفسي، بل ويزداد الأمر سوءا إذا علمنا أنّ دور الأم كثيرا ما يظهر بشكل ينفر المشاهد أو بالأحرى المشاهدة- من عبء هذه المهمة السامية، فنجد تطويلا في مشاهد الولادة وآلام المخاض، ونجد مبالغة في تصوير متاعب الأبناء ومشاكلهم، ونجد تهويلا لحجم الكاهل الملقى على عاتق رب الأسرة وخصوصا التزاماته المادية.
كثيرون ينكرون على الزوجة إذا آثرت البقاء في مملكتها لتربية الأولاد والعناية بشؤون المنزل، ونقرأ بين الفينة والأخرى تعليقات ساخرة تقلل من شأن هذه الزوجة بل وتحقرها في بعض الأحيان على أساس أن هذا يضاد حقوق المرأة ويقلل من شأنها..
على الجانب الآخر، لم نجد شخصا أو هيئة يعترض أو يتذمّر من اللواتي يعملن بصفتهن (خادمات) أو (شغالات) في البيوت، صحيح أننا نجد تشديدا على أهمية حفظ حقوقهن وعدم تعرضهن لأية مضايقات من أي نوع من المقيمين في المنزل، لكن فيما عدا ذلك فإننا لا نرى أي تحفظ أو اعتراض على هذه (المهنة)..
في حين نجد العويل والبكاء على تلك الزوجة المسكينة التي بقيت في بيتها تربي أولادها وتنشئ جيلا جديدا يسهم في تحقيق النهضة التي تنشدها مجتمعاتنا، فياللعجب!
زوجة تخدم زوجها وأبناءها وبيتها، وهي مأجورة على ذلك من رب العزة والجلال، ولها من الحسنات ما الله به عليم، نجد من يعترض عليها بحجة حماية حقوق المرأة ومنع إهدار كرامتها، بينما الشغالات يملأن جحور البيوتات العربية ولا أحد يعترض أو ينكر، لماذا؟؟
إنّ الأم تعمل بلا مقابل (مادي)، وبالتالي فهي طبقا للاقتصاد البحت- غير منتجة اقتصاديا لأنها ببساطة تعتبر ((عاطلة))، نعم لا تتعجبوا فهذه هي أعراف هيئة الأمم المتحدة فيما يخص الاقتصاد والإنتاج..
أمّا الشغالة أو الخادمة فهي تعمل (وتتقاضى أجرا)، لذا فهي منتجة ولها دور في المجتمع على تلك ربة المنزل التي لا تعمل ولا تنتج بالمعنى الاقتصادي الرأسمالي لمصطلحي العمل والإنتاج-!
سبحان الله!
الزوجة التي تربي أجيالا، وتخدم أزواجا، وتنشئ بيوتا على الأخلاق والفضيلة، وتحمي المجتمع من الانهيار بفعل عوامل مثل المخدرات وانحدار المستوى الخلقي وتفشي الجريمة وعقوق الوالدين وتجاهل كبار السنّ، هذه الزوجة ليست ذات قيمة لدى الغرب وهيئاته، وجمعيات حقوق المرأة ومنظماتها!
كون ضابط المرور لا يكون إلا من خريجي كلية الشرطة فإنّ هذا لا يعني بالضرورة وجود أية عداوة لخريجي الكليات الأخرى، كالهندسة مثلا؛ كل ما في الأمر هو أن تنظيم المرور يتطلب أفرادا يملكون مهارات معينة لا يتم اكتسابها وتنميتها إلا داخل كلية الشرطة..
ولو طالب شخص بأن يحل محلّ ضابط مرور في أحد المناطق السياحيّة متعللا بأنه يحمل شهادة أعلى من الضابط أو بأنه أدرى بدروب المنطقة أو حتى متعللا بأنه يملك مهارة التحدث بعدة لغات أجنبية، فإن أحدا بحال لن يستطيع أن يلبي طلبه، إذ أنّ هنالك لوائح تنظم تعيين أفراد المرور، ونحن لقصر رؤيتنا نظن أننا أحيانا نكون أولى من هذا الضابط بتنظيم المرور؛ لكن الذين قعّدوا لضوابط اختيار ضابط المرور وضعوا في حسبانهم عدة أمور نحن ربما لا ندركها، فمثلا في حالة وقوع حادث تصادم بين مركبتين فإن ذلك الشخص الذي يتباهى بقدراته الأكاديمية واللغوية لن يتمكن من عمل شئ، ذلك أنه لا يملك أية خبرة في التصرف المناسب الذي يحفظ حقوق كلا الطرفين المتنازعين، لذا فإن ضابط المرور هو الشخص المناسب في المكان المناسب بحكم تعليمه وبحكم دراسته.
لنفترض جدلا أنّ مهندسا أحب أن يدخل إلى فناء الكلية الحربية ولم يكن يحمل تصريحا بالدخول، من الطبيعي أن يرفض رجال أمن البوابة السماح له بالدخول..
و في هذه الحالة؛ فإنه لا يحقّ لأي منصف أن يتهم رجال الأمن بأنهم حاقدون أو شكاكون مغرضون أو أنهم سيئو النيّة حيال ذلك الشخص الذي لم يرتكب جرما ولم يقترف إثما إلا رغبته في دخول الكلية الحربية!
[[هذه الخاطرة أهديها للجاهلين بأحكام الشريعة الإسلامية المتعالمين على العلماء، الزاعمين بأنّ الاختلاط مباح ومباح ومباح ولا شئ فيه وأنّ الكلام عن حظر ديني للاختلاط إنما هو محض تشدد وتزمّت وسوء نية]]
يعارض البعض القول بأن الحجاب حفظٌ للعرض والشرف، ويرى هؤلاء أنه يمكن للمرأة المحجبة والمتبرجة على السواء أن يتجاوزا كل الخطوط الحمراء المتعلقة بالعرض والشرف فيما لو راودتهما الرغبة في فعل ذلك..
فنرد ونقول:
1- لمْ تتضمن الغايات أو العلل الشرعية في فرض الحجاب مسألة حماية العرض أو الشرف، ولو كان الأمر كذلك لكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد طلب من ربه أن يلغي فرضية الحجاب على نساء المسلمين بعيد وقوع جريمة الزنا بماعز الغامدية على عهده، فلا وقت أنسب من هذه الحادثة للمطالبة بأمر كهذا.
2- لو طالب أحدٌ بإلغاء نقاط التفتيش المختصة بتفتيش الزائرين والواردين على مقار الجهات الحساسة والأجهزة الرسميّة الهامة بحجة أن أحدا لو رغب وفكر جديا في تنفيذ اعتداء أو تدبير حريق مثلا فإنه لن يعدم وسيلة لفعل ذلك، أقول إن أحدا لن يستجيب لهذه المطالب الواهية، فهل الحجاب نقرة والأمن نقرة أخرى؟
التمييز الإيجابي مطلوب، وضروري لأنه نوع من الحماية..
فمثلا رجال الأمن من شرطة وجيش- يميّزون بزيّ خاص بهم لا يشاركهم فيه أحد وذلك لاعتبارات شتى، بل إن قانون العقوبات ينص على إجراءات صارمة حيال كل من يرتدي هذا الزيّ من غير أهله؛ رغم كل هذا فإن هنالك حوادث تقع نتيجة انتحال مجرمين شخصية ضابط شرطة، حيث يتمكنون من التزيي بزي الضباط ويقومون بإجراءات تعسفية يستغلون فيها الموقوفين ويتعرضون لهم بالنشل أو الاغتصاب..
أعتقد أن أحدا لم يطالب حتى الآن بإلغاء الزي الخاص بالسادة الضباط وأعضاء سلك الشرطة بحجة أنّ هذا الزي لم يمنع كثيرا من المجرمين من ارتكاب جرائمهم عبر التنكر في زي ضباط الشرطة!
لكم أن تتخيلوا الوضع لو تم فعلا هذا الأمر، أعتقد أن بيوتنا الآمنة ستشهد عشرات الزائرين من ضباط الشرطة المزورين بدلا من عدد ضئيل من الزائرين الأفاقين لا يتجاوز زائرا لكل مبنى كل بضعة عشر عاما-، إذاً؛ فالزي الخاص يوفر ضمانة أمنية كبيرة..
نفس الأمر يقال بالنسبة لبطاقات الهوية IDs، فكثير منها يمكن تزويرها وتقليدها، لكن أحدا لم يطالب بإلغاءها في الجامعات وأجهزة الدولة والنوادي والنقابات رغم وقوع جرائم تزوير لهذه البطاقات أو الكرنيهات..
[[هذه الخاطرة أهديها للمحتجين على الحجاب بحجة تسهيله لارتكاب الجرائم]]
الهيئات الدبلوماسية والممثليات القنصليّة لها امتيازات خاصة، من السيارات ذات اللوحات المميزة إلى الحقائب الديبلوماسية وقصصها المشهورة، ولا يملك أحد الاعتراض على هذه الامتيازات لأنها وضعت لتسهيل مهام الدبلوماسيين التي لربما تتعرقل إن لم تتح لها هذه الامتيازات.
قد يتجاوز وزير ما للعلم فإن الوزراء المصريين يمنحون جوازات سفر دبلوماسيّة عند توليهم مهام الوزارة لكنها تسحب منهم بمجرد التقاعد - حواجز التفتيش والجمارك بمطار ما، ثم إن نفس هذا الوزير بعيد تقاعده قد يسافر عبر نفس المطار ويتعرض لإجراءات تفتيشية أمنية غاية في التدقيق..
أيحق لهذا الوزير السابق أن يتهجم على ضابط الأمن بحجة أنه لا يثق فيه أو أنّه لا يحترمه إذ سبق له قبيل بضعة أيام أن مرّ دون أية معارضة أمنية أو جماركية ثم ها هو الآن يفتش ذاتيا؟؟ أعتقد أن الإجابة ستكون بـ (لا).. ذلكم أنّ عدم تعرض الوزير للتفتيش في المرة الأولى لم يأت إلا نتيجة لكونه وزيرا يحمل جوازا دبلوماسيا، أما الآن فهو يتعرض للتفتيش كإجراء روتيني لا لشك فيه أو شئ من هذا القبيل.
[[خاطرة أهديها لمن يقولون لمَ إباحة نظر الرجل إلى أخواته وخالاته وعماته، بينما لا يجيز له الشرع الحنيف النظر إلى النساء الأجنبيات رغم أن كلا الصنفين ينتميان إلى الجنس اللطيف]]
قصة إسلام عكرمة بن أبي جهل - رضي الله عنه - تدحض كثيرا من افتراءات البعض باحتقار العرب للمرأة، لا ننكر أنّ المرأة كانت تعاني من اضطهاد في المجتمع العربي قبيل الإسلام، لكن هذا الاضطهاد يهون مقارنة بما كانت تلاقيه المرأة لدى الأمم الأخرى حتى وصل الحال ببعضهم إلى عقد المناظرات واللقاءات لتحديد مسألة هل المرأة كائن له روح أم لا!
وقصة إسلام هذا الصحابي الجليل موجودة في موطأ الإمام مالك موجزة، وأوردها صاحب (المغازي)ج2:
"عن أبي حبيبة مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير، قال لما كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة، وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عكرمة بن أبي جهل، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية البغوم بنت المعذل من كنانة، وأسلمت فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وأسلمت هند بنت منبه بن الحجاج، وهي أم عبد الله بن عمرو بن العاص، في عشر نسوة من قريش. فأتين رسول الله بالأبطح فبايعنه فدخلن عليه وعنده زوجته وابنته فاطمة ونساء من نساء بني عبد المطلب، فتكلمت هند بنت عتبة فقالت يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي، اختاره لنفسه لتمسني رحمتك يا محمد إني امرأة مؤمنة بالله مصدقة. ثم كشفت عن نقابها فقالت هند بنت عتبة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرحبا بك. فقالت والله يا رسول الله ما على الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ولقد أصبحت وما على الأرض من أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك. فقال رسول الله وزيادة أيضا ثم قرأ رسول الله عليهن القرآن وبايعهن فقالت هند من بينهن يا رسول الله نماسحك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لا أصافح النساء إن قولي لمائة امرأة مثل قولي لامرأة واحدة ويقال وضع على يده ثوبا ثم مسحن على يده يومئذ. ويقال كان يؤتى بقدح من ماء فيدخل يده فيه ثم يدفعه إليهن فيدخلن أيديهن فيه. والقول الأول أثبتها عندنا: " إني لا أصافح النساء". ثم قالت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فأمنه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو آمن. فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنيه حتى قدمت على حي من عك فاستغاثتهم عليه فأوثقوه رباطا، وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة فركب البحر فجعل نوتي السفينة يقول له أخلص فقال أي شيء أقول؟ قال قل لا إله إلا الله. قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا. فجاءت أم حكيم على هذا الكلام فجعلت تلح إليه وتقول يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس لا تهلك نفسك. فوقف لها حتى أدركته فقالت إني قد استأمنت لك محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أنت فعلت؟ قالت نعم أنا كلمته فأمنك. فرجع معها وقال ما لقيت من غلامك الرومي؟ فخبرته خبره فقتله عكرمة، وهو يومئذ لم يسلم. فلما دنا من مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت قال وجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها، فتأبى عليه وتقول إنك كافر وأنا مسلمة. فيقول إن أمرا منعك مني لأمر كبير. فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - عكرمة وثب إليه - وما على النبي - صلى الله عليه وسلم - رداء - فرحا بعكرمة ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف بين يديه وزوجته منتقبة فقال يا محمد إن هذه أخبرتني أنك أمنتني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقت فأنت آمن فقال عكرمة: فإلى ما تدعو يا محمد؟ قال أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة - وتفعل وتفعل حتى عد خصال الإسلام. فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا إلى الحق وأمر حسن جميل ; قد كنت والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثا وأبرنا برا. ثم قال عكرمة: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"ا. هـ.
فانظروا إلى عكرمة - رضي الله عنه -، لقد غير دينه وانتقل إلى دين الإسلام بمجرد إخبار زوجته له بأمان رسول الله شفاهة، لقد آمن الرجل بكل بساطة ولم يزدر زوجته أو يحتقرها، أو يقول: كيف أغير ديني من أجل امرأة؟؟؟ لقد آمن طوعا، في دليل دامغ على ثقة العربي بزوجته واحترامه لرأيها وعقلها.
وهنالك فائدتان من هذا الخبر:
1- يستفاد من قول الراوي حكاية عن هند بنت عتبة: " ثم كشفت عن نقابها " أن تغطية الوجه كانت هي السائدة في المجتمع المسلم لعموم الأدلة الواردة في ذلك والتي فهم منها الصحابة وجوب تغطية الوجه وحجبه عن الرجال الأجانب على أرجح الأقوال-.
2- يستفاد من قوله - صلى الله عليه وسلم -" إني لا أصافح النساء" عدم جواز مصافحة الرجل المسلم للمرأة الأجنبية.
الفقه الإسلامي ليس رجاليا كما يحاول البعض أن يوحي، فالسيدة عائشة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - روت لنا شطرا كبيرا من أحاديث المصطفى، كيف لا وهي الزوجة الأثيرة لديه - صلى الله عليه وسلم -.(82/284)
كذلك، مما يدحض هذه الفرية مسألة بقاء الجنود في الثغور للجهاد، فعندما رغب الفاروق عمر - رضي الله عنه - في تعيين أمد زمني يعود بعده الجنود إلى أسرهم وذويهم سأل ابنته حفصة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فأشارت بيدها حياء- بما يفيد أربعة أشهر، وبالفعل بادر الخليفة الراشد عمر - رضي الله عنه - بإعلام القادة العسكريين الميدانيين بهذا الأمر، صحيح أن القرار صادر من رجل، لكنه مستند إلى استشارة نسائية، فحفصة هي صانعة القرار في الحقيقة.
الفوارق الموجودة بين المرأة والرجل يجب ألا تكون فوارق امتياز وإنما تمايز.
29 - 09 - 2003
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/285)
حوار مع عانس
الأستاذ / جاسم المطوع
قالت: (إنه ليحزنني كثيراً أن أذهب إلي حفلة زفاف، وذلك لأن قطار الزواج بدأ يفوتني، ولم يتقدم إليّ أحد حتي الآن، وكم كنت أتمني لو أنني كنت أنا جالسة مكان العروس، ولكن لا حيلة)
كما إنني أتضايق كثيراً عندما تتحدث صديقاتي وأهلي أمامي عن الزوج والأولاد، وأنا امرأة لي عواطفي ومشاعري، وأحب أن يكون لي بيت وأولاد ولكن مرة أخري لا حيلة لي.
قد مللت الحياة، وتعبت من مجاملات الناس.
هذا ما قالته إحدى العوانس من النساء، وأنا أسمعها وهي تتحدث بهذه الكلمات بنبرة حزن وأسي.
قلت: يا أختي الكريمة أيمكنك أن تعدي نعم الله التي أنعمها عليك؟
قالت: ولكنها لا تحصي ولا تعد!!
قلت: فلم الحزن إذن؟! إن كلامك هذا فيه جانب كبير من الصحة، ولكن هل تنتهي الحياة إذا لم تتزوجي أو لم يتقدم إليك أحد؟!
صحيح أن العنوسة رمز الوحدة والفراغ، ولكن الله تعالي منحنا قدرات وإمكانات لو استثمرناها لجعلنا من الألم سعادة.
إن الإنسان المتفائل والإيجابي هو من يصنع السعادة بيده، ولقد سمعت مرة رجلاً يقول: إن السعادة في الزوجة والأولاد، والحصول علي المال، ومرت الأيام وتزوج صاحبنا وخلف الأولاد وازداد رصيده في البنك وما زال يقول أين السعادة؟! ويبحث عنها.
أختي الكريمة: لنتعلم كيف نحول الألم إلي سعادة، إن من يعمل الريجيم يحرم نفسه من الطعام وهو يتألم من ذلك، ولكن الذي يقلب له الألم إلي سعادة، طموحه إلي تخفيف وزنه وتخيله لصورة نفسه وهو رشيق، وكذلك الصائم يكون عنده الألم سعادة عندما يتذكر الأجر العظيم، والثواب الجزيل، فكل واحد منا لديه طريقة خاصة في التخلص من الألم والشعور بالسعادة، وبعض الناس أخطأ الطريق، فتجدينه عند شعوره بالحزن والألم يدخن سيجاره أو يتعاطى المريجوانا، أو يسرف في الطعام أو يسيء إلي الآخرين، وبعضهم يعرف كيف يستثمر وقته ويجعل من ألمه سعادة فيمارس الرياضة أو يتعلم الجديد، أو يكثر من الاطلاع والقراءة، أو يقوي علاقته بربه ويحرص علي حفظ القرآن، أو يوظف نفسه في الخير ويساعد الآخرين، ولنا في مريم ابنة عمران رضوان الله تعالي عليها أسوة حسنة حين نذرت نفسها لله، ويمكنك أن تنذري نفسك لله تعالي.
وأنا أسألك الآن: ما الطرق التي تتبعينها لتتفادي الألم والاستعاضة عنه بالسعادة؟ أمسكي بالقلم والورقة واكتبي ما الأسباب التي تجعلك سعيدة، افعلي ذلك الآن، لكي تخططي لحياتك الآن وتتعاملي مع الواقع بنفسية إيجابية ومرنة.
ثم إنه من قال لك إن كل المتزوجات سعيدات، ومن أخبرك بأن العنوسة مشكلة ومأساة؟ هل هي الصحف والمجلات؟ أو التجارب والواقع؟ أنا في الحقيقة لا أري العنوسة مشكلة، كما أنني لا أري الزواج سعادةٍ، فكم من عانس سعيدة؟ وكم من متزوجة شقية، ولكنني أري السعادة في الرضي بالقدر، وأن أتعامل مع القدر بنفسية إيجابية.
لعل من أسباب شعورك بالألم هو الفراغ فلو استطعت أن تحددي هدفك في الحياة، وأن تجيبي عن هذه الأسئلة: ما الذي حققته في الحياة؟ ما الهدف الذي ستقدمينه لمجتمعك؟ وما هدفك لوالديك؟ وما هدفك لنفسك؟ لو استطعت أن تحددي إضافتك إلي الحياة ثم أن تجدولي وقتك لتحقيق هذه الأهداف فإنك ستنسين حينها إنك عانس، وستوجهين طاقتك إلي ما فيه خير لك في الدنيا والآخرة.
أعرف عانساً في الخليج كانت وراء تأسيس وقف للاهتمام بالمرأة والطفل، وأعرف أخري كانت وراء تأسيس جمعية خيرية فريدة لتأهيل الأطفال، وأعرف ثالثة كان لها دور اجتماعي بارز، وكانت متميزة بنشاطها وقت احتلال الكويت، وكذلك الشيخ ابن تيميه - رحمه الله - والشهيد سيد قطب كان عزبين، فلم يقف أحدهما ويقول كلما سمعت عن متزوج أو عن عرس أحزنني ذلك، بل كانا طاقات متفجرة أنجزا أعمالاً جبارة وخدما الدين وهما متفائلين كانا يستخدمان مواردهما الإنسانية في تحقيق أهدافهما وطموحاتهما.
وأقول لك أختي الكريمة أنني أعرف ما يدور في نفسك الآن؟! تقولين إنه يتكلم كلاماً لا أختلف معه عليه، ولكنه تجاهل الحاجات النفسية والفطرية التي تطلبها المرأة في عصر كثرت فيها الفتن، وقل فيه الصالحون، وأنا أقول لك: لا، لم أتجاهل ولم أنس، وإن ما ذكرته صحيح وواقع، ولكن الذي يجعل الإنسان يعاني من ذلك هو الفراغ والصحبة السيئة، فإذا استطعت أن تملأي وقتك بما هو مفيد واخترت صحبة صالحة، فعندها ستخف المعاناة عنك، ثم أكثري من الدعاء بأن يحفظك الله ويرعاك، فهو الغني ونحن الفقراء، كما أنصحك بالابتعاد عن أماكن الريبة والفساد لتحافظي علي طهارتك النفسية والفطرية.
والآن وبعد هذه الجولة النقاشية أريد منك إذا ذهبت إلي حفل زفاف أن تقولي عسي الله أن يبارك في العروس والحمد لله علي كل حال
http://members.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/286)
من " رملة " إلى من تراه من المؤمنات
عبد الملك القاسم
لكل ملة من الملل ونحلة من النحل تميز يميزهم عن غيرهم..عبادة وتعاملاً ومعابد..بل وحتى ملابس.. فهي الأخرى من شعارات الأمم الظاهرة، فهذا اللباس هندي، وذاك ياباني، وآخر أوروبي.
والمرأة المسلمة المؤمنة لها تميزها الكامل والواضح في طاعة ربها، وامتثال أمره، واجتناب نهيه.. وهي تتعبد الله - عز وجل - في كل لحظاتها وسكناتها، وفي كل أمر عظم أو صغر لأن مصدر التشريع هو الله - عز وجل -..
فها هي المؤمنة تعبد الله - عز وجل - بالصلاة تقيمها وتؤديها، ثم هي مرة أخرى تترك الصلاة لعذر شرعي وتتعبد الله - عز وجل - بهذا الترك.. فما أجمل الامتثال وما أنصع التسليم!
هاهي التوابة الأوابة تلقي جانباً ما استجدّ من أنواع العباءات وهي تتأمل وتقول: أنا لست ألعوبة بأيدي من يريد إسقاط الحجاب.. ولست دمية يعبث بها العابثون.. أنا امرأة مسلمة أسلم بأمر الله ورسوله في الستر والعفاف، ولا تقوم قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، والعباءة ليست ثوباً وكساءً فحسب بل هي عبادة وطاعة وطريق جنة ومورد نجاة!
وتلك العباءة الساترة المحتشمة أبرز مظاهر المرأة المسلمة التي لا تتحرك ولا تهمس إلا بأمر، ولا تقوم ولا تقعد إلا بأمر الشرع المطهر مثل شقيقها الرجل، لذا فهي تسير واثقة الخطا، ملقية جانباً: ما خالف الشرع، مبتعدة عن المطايا المسمومة التي يريدها الأعداء والمغفلون أن تعتلي ظهرها لتطرحها حيث شاءوا!
إنها صاحبة موقف وقدوة.. وكلما رابها أمر واستجدت محدثة وألقى الأعداء لها بسهام.. تمثَّلت مواقف المؤمنات الخالدات، الصالحات القانتات، وعادت سريعاً إلى ربها محافظة على دينها وعفافها وحيائها.. تعلم علم اليقين أن خير أعمالها القرار في بيتها، وزينة عملها وأجلها للأمة أن يخرج من تحت يدها الحنون أمثال عمر وخالد وعمار ومعاذ..
هاهي الحييَّة التقية النقية التي تُعدّ لراية الإسلام يداً لا تسقط من المجاهدين والدعاة والمصلحين.. تتأمل فيما جرى لأم حبيبة - رضي الله عنها -، رملة بنت أبي سفيان.. زعيم مكة وقائدها.. فقد كانت زوجة لابن عمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عُبيد الله بن جحش الأسدي، وقد أسلم زوجها عُبيد الله وأسلمت رملة معه. وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتركت موطنها وأباها أبا سفيان وتركت الدار والأحباب طلباً لرضا الله - عز وجل -.. ولكن الحياة لم تَصْفُ لهذه المؤمنة الصابرة المهاجرة فقد فُجعت بعد حين برِدّة زوجها عُبيد الله عن الإسلام ودخول النصرانية.. وجاهد أن يردها عن دينها فأبت وثبتت على دينها كالجبال الرواسي والتزمت الصبر وتعاهدت الدعاء، وكانت قد وضعت ابنتها حبيبة التي كُنيت بها، فصارت تدعى "أم حبيبة" وكانت في نهارها وليلها مهمومة مغمومة مفجوعة في أهلها وزوجها تتناوبها الوحشة والغربة حيناً والفجيعة والحزن حيناً آخر.. وكادت أن تهلك غماً وكمداً وأسى وحسرة، فهي امرأة مسكينة وحولها طفلة صغيرة وزوج تنصَّر، وفي مكة أب مشرك تربَّص بها وبالمسلمين الدوائر.. ولم يُبرِّد وجعَ كبدها وأنَّة قلبها.. إلا طارقٌ أتى إلى النجاشي من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه أن يزوج أم حبيبة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. وقرَّت عين أم حبيبة وتدثرت بشرف عظيم حين تسمت بأم المؤمنين وأزال الله ما بقلبها من حزن وقلق وهم وغم.
وتتابع الأيام والشهور فإذا بالفجر الصادق يلوح في أفق المدينة النبوية مبشراً بنصر مؤزَّر وفتح لمكة قريب بعد أن نقض المشركون صلح الحديبية..
فحاروا في استعداد المسلمين وقدموا وأخروا واستشاروا.. وقرروا أن يبعثوا من يثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فتح مكة ويؤجله ولو إلى حين، فكان رسولهم إلى المدينة أبا سفيان ابن حرب- والد أم المؤمنين "رملة" قبل إسلامه.. الذي تسلل تحت جنح الليل في هدوء وحذر حتى استقر به المقام في المدينة وهتف قلبه.. أن سِرْ إلى ابنتك رملة فلن تُخيب ظنك ولن تفشي سرك وستكون يداً لك.. وتنازعته رغبة الأبوة وحنانها فأدرك ذلك كله بالخطا السريعة إلى منزل ابنته رملة يريد أن يدخل بيتها.. ولم تكن رأته منذ هاجرت إلى الحبشة قبل سنوات طويلة، فوقفت تنظر إليه بادية الدهشة والحيرة وقد عقدت المفاجأة لسانها، وأدرك والدها ما نزل بابنته من هول المفاجأة والمباغتة فأعفاها من أن تأذن له بالجلوس وتقدم بعاطفة الأبوة ليجلس على الفراش وهو مطمئن الفؤاد.. ولكن أنطق الله - عز وجل - لسان رملة - رضي الله عنها - وحرك يدها فاختطفت الفراش وطوته عن أبيها فقال لها متسائلاً: يا بُنية، ما أدري أرغِبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ فأجابته جواباً أذهله.. قالت: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه.
لقد محضت أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنهما- ولاءها لله، فلم تَأْسَ على زوج تنكَّب عن الصراط وارتد عن دينه، وتحملت في غربتها الضيق والمعاناة، ثم هاهي تتغلب على عاطفة الأبوة وتظهر ولاءها لله ورسوله وللمؤمنين، وبراءتها من الكفار والمشركين، حتى وإن كان أباها أو أخاها..
تأملت مؤمنة هذا الزمن موقف أم المؤمنين وتأسفت على حال أخواتها وكيف عصفت بهن الفتن، فقلَّ الدِّين وضعف الاتباع، وأصبح البعض منهن يتقلبن في يد كل ساقط وخلف نداء كل ناعق، ولذا ظهرت أنواع من العباءات غير المحتشمة، وترجلت النساء، وندر الحياء، وكثرت الخرَّاجات الولاَّجات، ممن همهن الموضة والأزياء ولو على حساب دينهن!!
لقد طال بمؤمنة هذا الزمن التفكير وألقت عصا الترحال وهي ترسل الطرف وتقلب النظر وتتأمل عباءة اسمها "العباءة الفرنسية" وتساءلت في عجب: منذ متى والفرنسية تلبس العباءة؟ وأهمَّها سؤال أشد إيلاماً.. منذ متى والفرنسية الكافرة تهتم بحجاب المرأة المسلمة وتعتني به؟! وأسقط في يد مؤمنة هذا الزمن وهي ترى تلك العباءة وشكلها!
أختي المسلمة: هذه رسالة كُتبت بدموع الصبر، وأنين الفاجعة، وصدق التوكل، وثبات اليقين، والرغبة فيما عند الله - عز وجل -.. إنها أيتها المؤمنة رسالة من أم المؤمنين "رملة" إليك خاصة، فما هي رسالتك أنت للأجيال القادمة؟!
10 - 10 - 2003
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/287)
مسلمة اليوم : بنت الدين أم بنت الدنيا ؟
في هدأة الليل تناولت كتابا بدأت أقلب صفحاته عسى أن أجد فيها كلمات تعيد إلى نفسي السكينة التي طالما افتقدتها هذه الأيام.
وصلت إلى صفحة عنوانها: "مسلمة هذا اليوم" فشدني العنوان وبدأت أطالع سطور هذه الصفحة عسى أن أجد قبسا من أمل..أو راحة بعد الملل..
تقول تلك السطور:
مسلمة اليوم تحمل حقيبة جميلة في داخلها بطاقة صغيرة كتبت فيها كلمة مسلمة، ولو أن هذه الحقيبة سرقت أو ضاعت لاختلط عليها الأمر لا تعرف إن كانت بنت هذا الدنيا أم بنت هذه الدنيا؟
هي تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لكنها أبعد ما تكون عن العلم بالله وصفاته وتنزيهه، كما أنها لا تعلم عن هذا الدين سوى اسمه، وبضع آيات قصار لا تفقه من معانيها إلا شيئا يسيرا.
كما أنها تصلي فروضا خمسة في كل فرض ركيعات لا تعي شيئا منها سوى عددها ولا بأس باستغلال الوقت في الصلاة للتفكير بأمور أهم بكثير، وأما شعارها فهو حجابها، لكنه يشكو من بعض الوهن في أطرافه.. فالرأس مستور كله أو مكشوف منه قليل بحلة سوداء تعيدها إلى ذكرى الماضي بعراقته كما تسير بها بخطى حثيثة نحو التقدم والحداثة.
ولا عيب إن كان الوجه ظاهرا وعليه آثار من الزينة، إما لرمد في العين، والعين الرمداء تحتاج إلى كحل وإما لإصابتها باليرقان، واليرقان دواؤه أحمر الوجه!!
وعلى الجسد رداء يتفق مع الموضة فتارة العباءة ذات الألوان والأضواء.. وأخرى بأشكالها وألوانها.. وتارة البنطال الغربي الضيق.. ولكل زمان دولة وأزياء!
أما حر الصيف فلا يدع لها المجال إلا أن تكشف عن قدميها وذراعيها وبعضا من ساقيها ولا عيب مما لا يعيبه الناس، وأما حر جهنم فلكل أمر وقته وإلى أن نصل إلى جهنم ننظر في أمرها.
فإذا ما أتمنت زينتها أو حجابها شقت طريقها إلى الأسواق.. التي لا تبرح تغادرها حتى تعود إليها بشوق الحبيب ولا بأس من مجاراة البائع بكلمات رقيقات ولا بأس من الضحك أيضا.. ولا بأس مما لا يرى الناس فيه بأسا!
فإذا ما دعيت إلى حفل.. فلا بأس بلباس يشف عن بعض ما تحته، فمجاراة العصر بدعة حسنة لا يشقى صاحبها أبدا.. حتى إذا ما وصلت للحفل وعلى وجهها أطنان من دهون شتى جلست وشرعت في حديثها المعتاد والبداية مع الأزياء والمكياج وآخر الصرعات في أرقى المحلات بأغلى الأسعار.. ومن ثمّ يأتي الحديث عن الخلاعة والمجون والخوض فيما حرّم الله - سبحانه وتعالى -.. ولا بأس بجو من المرح والسخرية من قصر هذه الفتاة.. وعاهة تلك.. وأن الضرورات تبيح المحظورات!
ولن تنسى نصيها من حديث الأزواج والزوجات، وما يحصل بينهم مما يسعدها ويسعد مثيلاتها من المسلمات القانتات السائحات العابدات الجالسات في الحفلات والاستقبالات!!
وأما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله الرجل يفضي إلى المرأة فيحدث بحديثها.. لعن الله المرأة تفضي إلى الرجل فتحدث بحديثه "، فنحن الآن في عصر الحرية والانفتاح.. ولكل مقام مقال !
وأما علاقتها بالرجال فتقول عنها: لا بأس بزوج أختي وأخي زوجي، ولا بأس بمن هو أبعد ولا حرج فيمن هو أقرب... هذه صلة رحم.. وهؤلاء أرحام ولا توصل الأرحام إلا بالضحك والتمايل والاختلاط وغير ذلك مما لا يرى فيه الناس حرجا أو عيبا ما دام الرأس مستورا (هذا إن كان مستورا أصلا! ).. والحجاب على أصوله..
وإلا فكيف سأعرف أن ذلك الشخص أفضل من زوجي؟!
وكيف سيعرفني ذاك بأنني أفضل من زوجته؟
وكيف ستهدم البيوت؟
أليس كل ذلك مدعاة لصلة الأرحام؟!
من ذا الذي يجرؤ على القول إن ذلك من الحرام؟
وأما إتمام دين تلك المرأة المسلمة، فصيامها.. فإن لها من السنة شهرا تصومه ولا تفطر فيه عمدا أبدا، أليس ذلك بكاف؟
فما إن يحلّ هذا الشهر حتى تضع لنفسها منهجا يقودها إلى خير الدنيا وفلاحها، فهي تصحو من النوم قبل آذان العصر بلحظات، فتصلي فروضها الفائتة ولا بأس من السنة في رمضان، ثم صلاة العصر.. والصلاة هنا جمع تأخير! وبعدها تعد من الطعام أشهاه، وألذه، حتى يؤذن المغرب بالإفطار بعد الجوع ثم صلاة المغرب والعشاء جمع تقديم وتسليف.. ومن ثم الجلوس إلى التلفاز بما فيه من مسلسلات عاطفية، وبرامج مسلية، ولن تحزن كثيرا على المسلسلات المدبلجة لأن الشهر قصير وسيتتابع عرضها بعد أن يرحل بسلام!
أما زوجها فهو راض عنها لأنه لا يرى فيها إلا جسدا يشبع فيه غرائز شتى.. جسدا خاليا من العقل، خاليا من العاطفة الطيبة الصادقة. وعقلا لا يعي سوى أحداث الأزياء، وأغلاها ثمنا.
أما أولادها فهم كثر والحمد لله، لكنهم في واد آخر، فهي لا تعرف عنهم إلا أسماءهم، وأما سلوكهم ودينهم وصلاتهم وعلمهم فهذا من الكماليات، وأما الضروريات فهي بر الأم والأم فقط لأن: "الجنة تحت أقدام الأمهات" من أمثالها بالطبع!! وأما ربها فبعيدة عنه إلا في مصائبها مع أنه قريب دائما.
تركت الخالق من أجل ما خلق! ولا عيب في ذلك كما يقول الناس: نحن لسنا أنبياء أو صحابة!
هكذا وصلت إلى نهاية تلك الصفحة لأقرأ كلمات خطتها يد تغار على هذا الدين لتقول: أهذه مسلمة متدينة بحق الله؟! أهي بنت دين أم بنت الدنيا؟
26 - 04 - 2001
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/288)
متى تزداد المرأة جمالاً ؟!
ذات يوم...
خرجت لي نفسي الأمارة بالسوء، وقالت: ابن محمد متى تزداد المرأة جمالاً في عينيك؟
قلت: ولماذا هذا السؤال؟!
قالت: إن صدقتك تصدقني؟
قلت: أفعل إن شاء الله.
قالت: معلمنا الأكبر يعكف على دراسة وإحصاء أكثر الأسباب التي تجعل المرأة تزداد جمالاً في عين الرجل.
قلت: ولماذا هذه الدراسة؟!
قالت: هو يريد عمل موسوعة منهجية يتم توزيعها على شياطين الإنس والجن، فمعلمنا الأكبر يريد أن ينقل أسلوب عملنا إلى أساليب عملية مدروسة.
والآن أخبرني متى تزداد المرأة جمالاً في عينيك؟
قلت: وهل لديكم طرق وأشكال تجعل المرأة أكثر جمالاً في عين الرجل؟
قالت: نعم. يوجد الكثير من الطرق والأشكال، حيث أن كل رجل يميل إلى طريقة أو شكل.
قلت: وما رأيك أن تذكري لي هذه الطرق والأشكال وأنا أختار منها؟
قالت: لا بأس.... هل تعجبك المرأة البيضاء أم السمراء؟
قلت: لا هذه ولا تلك!
قالت: المرأة ذات الشعر الطويل أم القصير؟
قلت: لا هذه ولا تلك!
قالت: تعجبك المرأة النحيلة أم البدينة؟
قلت: لا هذه ولا تلك!
قالت: هذه أشهر الأشكال. فلننتقل إلى الطرق..
هل تعجبك المرأة السافرة عن شعرها ونحرها؟
قلت: لا.. لا تعجبني.
قالت: تعجبك المرأة التي تلبس البنطال أم القصير؟
قلت: لا هذه ولا تلك!
قالت: تعجبك المرأة التي تبدي كتفيها وفخذيها؟
قلت: لا لا.. لا تعجبني!
قالت: تعجبك المرأة المتكسرة بمشيتها الضاربة برجلها الخاضعة بصوتها؟
قلت: لا.. لا تعجبني.
قالت: ابن محمد!! لم يعجبك شيء مما ذكرت!! لم يعد لدي شيء أذكره!
قلت: معقول!! تأملي!! تذكري!!
.... صمت....
ابتسمت ابتسامة صفراء و قالت: يا شقي
قلت:ماذا
قالت: أتعجبك المرأة بملابس البحر!!؟
قلت: (يخ) لا. لا تعجبني.
.... صمت....
ابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت: يا لئيم!!
قلت: ماذا
قالت: أتعجبك المرأة عندما تغلق الأبواب وتقول هيت لك!!!؟
قلت: قبحك الله يا نفس سوء... ما أفسدك وأفسد خلقك!!!
قالت: والله ما بقي عندي شكل ولا طريقة إلا ذكرتها لك! قل بالله عليك...
متى تزداد المرأة جمالاً في عينيك؟
قلت: حسناً أخبرك الآن...
تزداد المرأة جمالاً في عيني عندما تزداد وجنتيها احمرارا.
قالت: ماذا احمرارا لم أفهم!؟
قلت: تزداد المرأة جمالاً في عيني عندما يزداد رأسها انخفاضا.
قالت: انخفاضاً!! ما بك يا بن محمد تكلم بوضوح أرجوك!
قلت: تزداد المرأة جمالاً في عيني كلما ازدادت حياءً.
قالت: حياءً!! أتعبث بي يا بن محمد
قلت: لا والله.. إنني وكثير من الرجال لا تعجبنا طرقك وأشكالك التي ذكرت.
فهذه الطرق أشبه ما تكون بالأصباغ التي تضعها المرأة على وجهها والتي تزول مع أول وضوء للصلاة!!
إن الحياء في المرأة هو الذي يشدني ويشد الكثيرين من الرجال الأسوياء.
ولتعلمي أن انجذاب الرجل للمرأة تحكمه علاقة طردية بحيائها. فكلما زاد حياء المرأة زاد انجذاب الرجل وإعجابه بها....
أفهمت الآن؟
25 - 06 - 2001
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/289)
المرأة الداعية
عابدة المؤيد العظم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم ومسلمة. والدين النصيحة، لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح: "بلغوا عني ولو آية"، فهل يستطيع كل إنسان أن يكون داعية؟ بالطبع لا يستطيع! لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يختلف عن الدعوة إلى الله (وكذلك النصيحة وتبليغ آية)، فالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تذكرة سريعة وتنبيه صغير يقدمه أخ مسلم إلى أخيه حين يراه وقع في حرام لا لبس في حرمته أو تقاعس عن معروف لاشك في فرضيته، فهو لا يحتاج إلى علم واسع وكل مسلم عرف الإسلام حقاً يستطيع أن يأمر وينهى، والأمر والنهي يكونان في أمر جلي محدد. أما الدعوة إلى الله فإنها أدق من ذلك وأعمق، وهي مسؤولية أكبر وأعظم، وتحتاج إلى تمكن في الدين وإلى علم واسع، وإلى جرأة في الحق وإلى قوة في الشخصية وفي طريقة الطرح، فهل يملك كل إنسان أو كل داعية من دعاة اليوم هذه المقومات؟
بالطبع لا يملكها، ولكن أكثر الناس لا يعطون هذه المقومات حقها.
والمرأة كالرجل تستطيع أن تبلغ حديثاً بعينه سمعته ووعته وفهمته، أما الدعوة إلى الله فينبغي أن يتوافر للقيام بها بعض الشروط، منها ما هو ضروري ومنها ما هو تحسيني. أما الضروري: أن تكون متعمقة في العلوم الشرعية، ومتابعة للأحداث العالمية، تفقه الواقع وتدرك خبايا النفس البشرية، وأن تكون جريئة في الحق ولا تخشى بأس العادات والتقاليد الخاطئة، وألا تتجاوز حدودها فالناس يظنون الداعية فقيهةً، ويحسبونها عالماً في كل أمر فينهالون عليها بالأسئلة، فينبغي عليها ألا تقول إلا ما تعلمه حقاً. أما الشروط التحسينية والتي يفضل وجودها في الداعية: أن تكون قدوة في سلوكها ولباسها وفي إدارتها لبيتها، وأهم من هذا كله في تعاملها مع زوجها وتربيتها لأبنائها لتعطي كلامها قوة ودعوتها حياة. ومن كان في موضع المسؤولية يكون قدوة للناس، وموقعه هذا يفرض عليه الالتزام، وعدم الإسراف في التمتع بطيبات الحياة كما يفعل الآخرون.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/290)
يوم نبضت حوّاء من قلب آدم
المرأة...
المرأة...
حقوق المرأة...
حُريّة المرأة...
حياة المرأة...
قانون المرأة......
المرأة... المرأة...
تعالت الأصوات و كثرت الكلمات و صاح النّاس... تُرى ما بال العالم في هذه الأيّام لا يترك صغيرةً و لا كبيرةً إلاّ و عمل منها قضيّة و مبدأ، و رفع عليها و بسببها الرّايات و هتف للنّضال و الحرب في سبيلها!
و الغريب في الأمر أنّ آخر صيحات العالم منذ قرنٍ تقريبًا، تدور حول المخلوق العجيب المُسمّى: المرأة!
مخلوق؟ أم ظاهرة!! هل تعلم أنّ ذلك" المخلوق " كان محور نقاشٍ و تساؤلٍ كبيرين في أوروبا خلال قرونها " المُظلمة "؟
لقد ادّعى بعضهم أنّها " شيطان " وجب التّخلّص منه، و ادّعى آخرون أنّها مخلوق لم يوجد إلاّ للقيام ببعض المهامّ... !! لا يحقّ له إبداء رأيه أو التّعبير عن رغباته... و ليس الوقت وقت تفصيلٍ في معاناة المرأة عند " الغرب" طيلة القرون الفارطة، يكفي أن يطّلع الفرد على مُؤلّفات الكُتّاب الفرنسيين [القرن 15 -> القرن 19] حتّى يكتشف، و على لسانهم، حال ذلك " المخلوق".
ثمّ جاءت النّهضة الأوروبيّة؛ و هي نهضة صناعيّة اقتصاديّة بالدّرجة الأولى، و هنا كان على كلّ أفراد المُجتمع الأوروبّي العمل. أوروبّا صارت بحاجة لليد العاملة لِتُكثّف من نشاطها و تنمو. و هنا، و فجأةً؛ صار " الشّيطان " بشرًا!! و صار " المخلوق" إنسانًا كامل الحقوق!
و أوّل مزاياه التي سيحصل عليها، هو أن يقلع التّنانير الطّويلة الفضفاضة و ينزع " الفواليت" (غطاء الوجه آنذاك، كانت تلبسه الأوروبيّات مع القبّعات) و يلبس بذلة الشّغل، و ينزل للعمل في المصانع وسط الآلات و الصّخب: أخيرًا تحرّرت المرأة!!
ثمّ شيئًا فشيئًا صار العلم يتقدّم أكثر فأكثر، و صارت الاختراعات تتابع الواحدة تلو الأخرى، و هاهو عصر الكاميرات و التّلفزيون و السينما يعمّ، و بات من الضّروري تسويق بضائع أكثر و منتجات أعمّ نفعًا!! فتحصّلت المرأة على حقوق أكبر و أكبر؛ صار من "حقّها" أن تفقد السّيطرة على جسدها الذي أصبح ملكًا للشّعب! فليس من شيء يضاهي منظر فتاة شابّة في عرض سينمائي أو بالقرب من بضاعةٍ ما، ذلك أفضل "حقّ" لها و أفضل شيءٍ بالموازاة يزيد في رقم الأرباح التّجاريّة، حتّى صارت تستمتع بعرض نفسها أمام "مكنسة" و " أكل للكلاب" و... و... لأنّها الآن صارت " حُرّة "!!! نعم، نعم لا تستغرب إنّ للحريّة ثمنًا!
في أحدث ما تمّ عرضه من مشاكل المرأة الأوروبيّة و الفرنسيّة خاصّة هو كونها تعمل بنفس الكفاءة العلميّة و في نفس ساعات العمل كالرّجل مع أجرةٍ تنقصُ عنه بـ30 %!
إنّه حقّ المساواة الذي تستمتع به الآن. حتّى أنّها من فرط الحريّة التي حصلت عليها لا تستطيع حتّى مُمارسة ما خُلقت له ببساطة؛ إنجاب الأطفال و رضاعتهم...
لأنّ التّأمين لا يتحمّل شهرين غياب بمُرتّب، و ربّ العمل ليست مُشكلته إن أنجبت فإن أرادت الإرضاع أو الاعتناء بالصّغير وجب عليها ترك العمل، هناك غيرها للقيام به، عليها أن تختار إما العمل و جلب قوتها بنفسها و إمّا البطالة و التّشرّد لأنّ المسكينة من فرط الحريّة و الحقوق و المساواة التي حصلت عليها لم يعد لها والدٌ يكفلها، بل يضعها في الباب عند أوّل فُرصة تسنح له: إذهبي لن أصرف عليكِ لأنّكِ لم تعودي قاصرًا!
و ليس لها أخ يكفلها؛ كما يقولون " كلّ واحد لنفسه و الربّ للجميع " إنّها مُساوية له الآن و ليس عليه أن يتحمّل مسؤوليّتها لأنّها الآن راشدة و حُرّه!
و ليس لها زوج!
نعم، نعم لا تستغرب لأنّها الآن من فرط رُشدها و حُريّتها لم تعد تتزوّج و تعيش بسلام في كنف عائلةٍ مُحترَمة، بل هي الآن تحت رحمة " الصّديق" الذي بطبيعة الحال من فرط تحرّره و تقدّمه لم يعد يتزوّج لأنّ الزّواج يُقيّد الحُريّات و يقمع المشاعر و... و... الصّداقة الآن أفضل وسيلة للتّملّص من هذه الأم العزباء التي أضحت تُعاني البطالة، لم يبق له الآن إلاّ أن يصرف عليها!!
أبدًا!
سوف يذهب للعيش مع حُرّةٍ أخرى، تملك ما تعول به نفسها!
و هاهو صغيرها يكبر و قد عاشر العديد من الآباء، اعتاد" الحُريّة" و اعتاد " المساواة": " إلى اللقاء يا أمّي، أنا راشد و أنا ذاهبٌ للعيش مع صديقتي في منزلي الخاص!!! "، أين مصيركِ يا حُرّه؟؟! ؛ إلى دار المُتقاعدين.
هي الآن مع شقيقاتها من اللواتي أنهكهنّ العمل و الجري وراء القوت، كم من مهزلةٍ واكبت، كم من اعتداءٍ تحمّلت، لا خيار لها إمّا دار التّقاعد أو الشّارع لأنّ لا أحد سوف يدفع لها إيجار شقّتها و ليس في سنّ الخمسين أو السّتين سوف تجد عملاً فالشّرط الأساسي للحصول على وظيفة هذه الأيّام هو الجمال و الجاذبيّة!! للأسف، أم تراها تُراهن على حياتها بإجراء العشرات من العمليّات التّجميليّة " للبقاء على قيد الحياة "؟!
...
هل هذا حقّ، هل هذه حُريّة، هل هذا تطوّر؟؟! كلاّ و ألف كلاّ!
يوم نبضت حوّاء من قلب آدم، كان مصيرها الحقيقي و قدرها أفضل بكثير في رحاب ما قدّره لها ربّها، لأنّها حوّاء النّابضة بالحياة المخلوقة من الحياة و الواهبة للحياة، لأنّها الحياة لأنّها الرّحمة لأنّها العطف لأنّها الحنان و الحُبّ؛ كرّمها ربّها و جعلها الأمّ و الزّوجة و البنت.
25 - 07 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/291)
هل المرأة الغربية حرة أم مستعبدة ؟
في تقرير خطير نشرته محطة CNN الإخبارية الأمريكية؛ أكدت فيه انتشار ظاهرة تجارة الرقيق من النساء حول العالم لاستخدامهن في الأعمال الجنسية المحرّمة. كما أشار التقرير إلى أن معدلات هذه الظاهرة تزيد عاما بعد عام > وقد أكد التقرير بناء على أبحاث قام بها فريق بحث مقره جامعة: Johns Hopkins بـ Maryland بالولايات المتحدة أن:
هناك 2 مليون امرأة وطفلة يتم بيعهن كعبيد سنويا.
120 ألف امرأة من أوروبا الشرقية (روسيا والدول الفقيرة التي حولها) يتم تهجيرهن إلى أوروبا الغربية لهذا الغرض الدنيء.
أكثر من 15 ألف امرأة يتم إرسالهن إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأغلبهن من المكسيك.
تباع المرأة القادمة من دول شرق آسيا بأمريكا بـ 16 ألف دولار ليتم استخدامها بعد ذلك في دور الفواحش والحانات.
قرابة 200 ألف فتاة من نيبال، الكثير منهم تحت سن 14 عاما يتم بيعهن كعبيد في الهند سنويا.
وقرابة 10 آلاف فتاة من الاتحاد السوفييتي المنحل يتم إجبارهن على ممارسة الفاحشة في إسرائيل.
10 آلاف طفلة سريلانكية بين السادسة والـ 14 عشر يجبرن على الفاحشة.
وكذلك الحال بالنسبة لبورما والتي يصل الرقم فيها لـ 20 ألف حالة سنويا.
إن مثل هذا الخبر هو أقوى رد يمكن أن يوجّه إلى أولئك المطالبين بحرية المرأة المسلمة تأسّيا بالغرب.. وهم لا يقصدون حريتها في ممارستها حقوقها التي كفلها الإسلام.. بل يقصدون تحررها من أحكام الإسلام..
ها هو الغرب على رغم ما يدعيه المدعون من الحضارة المزعومة والتقدم الهائل.. إلا أن السقوط الاجتماعي عندهم والحياة الشهوانية المادية قد أوصلهم إلى درجة الاتجار في المرأة ذلك المخلوق الضعيف بغية التمتع الجنسي المحرّم بها.. ثم تلقى بعد ذلك تلك المسكينة في الطرقات بعد أن تفقد أشرف ما تملك..
في تقريرها السنوي أشارت منظمة العفو الدولية إلى التجاوزات الخطيرة التي تحدث بحق المرأة في كثير من بلدان العالم بل وعنونت المنظمة تقريرها بـ: "أجساد مكسورة وعقول مشتتة".. ذكرت فيه تلك المنظمة أن ملايين النساء يتعرضن يوميا للتعذيب والاغتصاب والضرب من قبل أفراد أسرهن أو رؤسائهن في العمل.
وتنقل المنظمة عن البنك الدولي إن واحدة من كل خمس سيدات تتعرض لاعتداء جنسي وجسدي. وأشارت أيضا إلى أن هناك امرأة تتعرض للضرب كل خمسة عشر ثانية وسبعمائة ألف يتعرضن للاغتصاب سنويا في الولايات المتحدة فقط.
وكذلك ذكرت المنظمة في تقريرها بعض الدول العربية مثل مصر والعراق وباكستان (وذلك بسبب ابتعاد هؤلاء المسلمين عن منهج الإسلام العظيم).
وفي نهاية مقالنا هذا.. نقول لأختنا المسلمة:
عودي إلى الرحمن عودا صادقا - فبه يزول الشر والأشرار
أختاه دينك منبع يروى به - قلب التقيّ وتشرق الأنوار
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين..
11 - 04 - 2001
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/292)
لماذا الخوف من تحرير المرأة ؟
دلت الأدلة الشرعية على حرمة الاختلاط بكافة صوره وأشكاله اتفق عليها العلماء بلا خلاف، و تناقض العقل السليم المبصر بالواقع و حاله مع دعاة التحرير و التبرج و السفور.
كان ذلك كافياً و مقنعاً لكل طالب حق، لكن البعض قد يستفيدون من كلام الغرب و يقبلونه أكثر من كلام الله و رسوله - عليه الصلاة والسلام - و أقوال علماء المسلمين، لهذا سوف أذكر بعض من دراساتهم و نتائج أبحاثهم و أقوالهم التي منها:
1. فوكوياما (ديلي تلغراف) تناول دور المرأة في انهيار النظام الاجتماعي الغربي بسبب الحرية المدمرة، حيث تحدث عن الفرق بين النظام الاجتماعي الغربي و النظام الاجتماعي في دول آسيا فيقول:
إن من أسباب عدم حصول المشكلات الاجتماعية في دول آسيا (أنها حدت بقوه من مساواة المرأة) و يضيف بأن الدول الغربية إذا أرادت أن تستحدث قوانين تبعد المرأة عن أسواق العمل و لم تسمح بإعطاء أجور مساوية للرجل، فإن ذلك سيؤدي إلى اعتماد المرأة على الرجل و بالتالي يساعد في إعادة الأسرة المكونة من أبوين.
أما السبب الذي قاد فوكوياما إلى هذه النظرة فهو أنه نظر إلى الأمراض الاجتماعية التي أصابت المجتمعات الغربية في الثلاثين سنة الماضية فوجد أنها ترجع إلى حصول المرأة على قدر كبير من الحرية، ويربط فوكوياما بين التطور الاقتصادي والبناء الأسري فيرى أن الزواج والأسرة يبنيان الرأسمال الاجتماعي وهو الذي تعتمد عليه المجتمعات وإن التراجع في الرأسمال الاجتماعي تبعه بلا شك تراجع في الأسرة.
2. أفاد تقرير الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن الفتى أو الفتاة (في سن المراهقة) الذي يتناول وجبة واحدة مع كبير الأسرة (الأم أو الأب) يكون أقل عرضة للإدمان و الضياع و التشرد. (إذاعة صوت أمريكا)
3. نشرت الشرق الأوسط خبر صدور كتيب الإرشادات للمرأة و قدمت له قائلة (في الوقت تتصاعد فيه باستمرار جرائم الاغتصاب في بريطانيا ليس فقط ليلاً أو في الأماكن المهجورة بل أيضاً في وضح النهار و في الأماكن العامة) يحتوي الكتيب على نصائح كثيرة بخصوص ركوب المرأة في وسائل النقل العامة، أو السير في الشوارع و غيرها.
4. فيلب لاركن يرى أنه منذ عام 1963م بدأ التدهور الاجتماعي في الغرب بظهور التحكم في النسل والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء، فحيث أن النساء يستطعن أن يسيطرن على خصوبتهن ويعلن أنفسهن وأولادهن، ومن هنا أصبح الطلاق وغياب الأب ممكناً بل أصبحت أمراً مرغوباً، وبالتالي تم التقليل من شأن الأبوة، وهكذا فالأطفال الذين عاشوا بلا آباء أنجبوا فيما بعد أطفالاً بلا آباء.
5. واكتشفت الدراسات الغربية مخاطر الاختلاط في التعليم على التحصيل العلمي -لم يذكروا الأخطار الأخلاقية- فسعت بعض المدارس البريطانية للفصل بين الذكور والإناث في بعض الدروس للرفع من مستوى الطلاب، وقد أثبت نتائج امتحانات الثانوية العامة في بريطانيا العام الماضي تفوق المدارس غير المختلطة، ولكن الغرب مبتلى بأن أصحاب القرار لم يعجبهم مثل هذه الخطوات فعدوها صورة من صور الرجعية، وهكذا فالعودة إلى الفطرة الصحيحة تعد رجعية.
6. قالت الكاتبة الإنجليزية اللادي كوك: إن الاختلاط يألفه الرجال ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها وعلى كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا وهاهنا البلاء العظيم على المرأة.
إلى أن قالت علموهن الابتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد.
7. قال شوبنهور الألماني: قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده وباذخ رفعته وسهل عليها التعالي في مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدينة الحديثة بقوى سلطانها ودنيء آرائها.
8. قال اللورد بيرون: لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها في حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة ولرأيت معي وجوب إشغال المرأة بالأعمال المنزلية مع تحسن غذائها وملبسها فيه وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير.
9. قال صامويل سمايلس الإنجليزي: إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية لأنه هاجم هيكل المنزل وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه يسلب الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيتية ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير منازل وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال وطفأت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل وصارت زميلته في العمل والمشاق وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة.
10. قالت الدكتورة ايد إيلين: إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق ثم قالت إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه. وقال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقا إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة.
11. قال عضو آخر: إن الله عندما منح المرأة ميزة إنجاب الأولاد لم يطلب منها أن تتركهم لتعمل في الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية هؤلاء الأطفال.
12. قال شوبنهاور الألماني أيضا: اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي للفضيلة والعفة والأدب وإذا مت فقولوا: أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة ذكر هذه النقول كلها الدكتور مصطفى حسني السباعي - رحمه الله - في كتابه المرأة بين الفقه والقانون.
27 - 03 – 2005
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/293)
رجل وامرأة ومقعد في حافلة
هل أقوم لها؟ هل أترك لها مقعدي لتجلس عليه؟ هل أتركها واقفة؟ ولكن هل تقدر هي على ذلك؟
سألت نفسي وأسألكم هذه الأسئلة، ارتبكت، احترت، بعضهم يقول لي أن أقوم لها تعاطفاً مع المرأة وقدرتها على تحمل مشاق الوقوف. لكنّ الآخرين قالوا إنّ الرجل والمرأة صنوان، فحقوق الأول هي نفسها حقوق الأخير من باب المساواة بينهما في الحقوق والواجبات، إذن فإنّ حقي في مقعد الباص هو نفسه حقها، وعليه فإما أن أقف ونبقى واقفين، وإما أن يجلس أحدنا والسابق أولى به من اللاحق.
المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، أقف هنا، ثم أدخل إلى صفحات المعجم الوسيط الذي يعرف المساواة على أنها المماثلة والمعادلة، فيقول (تساويا) في كذا أي تماثلا وتعادلا؛ فالأول يماثل الثاني ويعادله.
أما الرجل والمرأة فهما شريكان لا ينفصلان وزوجان لا يتباعدان، متكاملان، متكافلان، متعاونان، لكل منهما حقوقه وعليه واجباته.
هذه قاعدة لا اختلاف فيها، فمن يفصل بين الرجل والمرأة فكأنما يفصل إحدى يديه، ليعمل بواحدة، فلا هو يستطيع ولا نحن نستفيد.
للمرأة حقوقها، لا يجوز سلب أحدها بأي حال، أبى من أبى، وشاء من شاء، بل لهذا الأخير حق المدافعة عن حقوقها والتعاون مع الآخرين لتنال حقوقها المشروعة من غير قيد ولا شرط.
ولمّا كان لها حقوق كان لا بدّ من تكليفها بواجبات، هي في النهاية لن تصبّ إلا في مصلحتها، ولو كان غير ذلك لما كان واجباً كونه.
ثمّ إن للرجل حقوقاً، لا يجوز سلب أحدها بأي حال، أبى من أبى، وشاء من شاء. وعليه هو الآخر واجبات - ذلك أنه جزء لا يتجزأ من المجتمع - عليه أن يقوم بها.
أما الحقوق والواجبات فهي واضحة بيّنة، ليست بحاجة لفلان ولا (علان) ولا غيرهما ليعددها، ولكن على مثل هؤلاء التأكد من حُسن تطبيقها ومعاقبة منكرها، والعمل سوياً لتنفيذها.
ثم أقول جازماً: ليس ديناً قبل الإسلام - ولن يأتي بعده دين - نظّم العلاقة بين الرجل والمرأة كما نظمها الإسلام؛ بناها على أسس متزنة، أنكر كل ما يسيء للفرد رجلاًَ كان أم امرأة، وزاد فيه للمرأة لما كانت تعانيه من ظلم أيام الجاهلية قبيل الإسلام -، وأعطى للمرأة ما لها وطالبها بما عليها، وذلك تماماً ما فعله للرجل، ثم نظم علاقتهما معاً وحددها وجعل لها إطاراً مرناً يدخله ما قيس على ما فيه، ويخرج منه ما خالف أصله.
وأسأل: (هل لي بإجازة أمومة؟) لم أسمع مثله من رجل، و(هل أعمل في (طراشة) هذا المنزل؟) لم أسمعه من امرأة، و(هل هي ثقافة العيب؟) أقول: لا، ولكنها عيب الثقافة؛ كثيرون وللأسف ما زالوا يجهلون سرّ العلاقة بين الرجل والمرأة وأساسها، ولا بدّ من تبيانها لهم وتوضيحها حتى يخرجوا من دائرة المشاكل الشائكة الناتجة عن جهلهم.
لكل من الرجل والمرأة حقوق يشتركان في كثير، كثير منها، لكنهما يختلفان في بعضها والقليل منها، فليس لنا لذلك المساواة بينهما في كل شيء. سيخالفني الكثير في هذه، لكنّي أعتقد جازماً - أن علماء الأحياء والأطباء البشريين والنفسيين لن يكون لهم الرأي المخالف؛ ذلك أنهم هم من أثبتوا لنا علمياً - ما ليس بحاجة إلى إثبات واقعياً - اختلاف طبيعة الرجل والمرأة نفسياً وسيكولوجياً وعاطفياً ولا شكّ... جسدياً.
أمّا المنطق فيقول إنّ الذكر ليس أنثى وهي ليست هو. فلولا كون المرأة عاطفيّةً، رقيقة، لطيفة، منفعلة، قوية الثورة في المشاعر، لما كانت قادرة على رعاية الطفولة غير المحتاجة إلى التفكير بعمق، بل إلى عاطفة الأمومة والتي لم يكن للرجل نصيب منها. أمّا الرجل فله أيضاً وظيفة أساسية في المجتمع لا تصنف كرتبة أعلى ولا صعوبة أكبر- بل هي ما وافقت طبيعته، فهي لا تحتاج إلى الرقة والعاطفة لتحكمها، ولو حكمتها لضرتها.
وهذا ما يفسر استقرار الرجل في عمله، بينما هو حين تأتي العاطفة كالطفل تنقله هنا وهناك. ثم هذا ما يفسر أيضاً استقرار علاقة المرأة العاطفية تجاه الرجل، وهي بذلك الأقدر على العمل في كل ما يلبي ولو جزءاً من طبيعتها الأنثوية فتكون فيه أكثر دقة وفهماً، وأبعد نظراً.
كل هذا لا يعني أنّه هو وهي منفصلين (كضميريهما) بل هما ثانية - متعاونان، متكاملان، متكافلان في المجتمع، يداً بيد، ونصيحة بأخرى.
هذه هي القاعدة والأصل، ومن جاء بمثال من هنا وهناك يخالفها، فمثاله شاذ عن القاعدة ليس إلا، وربّ قاعدة ليس لها شواذ، وربّ أصلٍ لم تدخله المبتدعات.
ولن أنهي حديثي قبل أن أؤكد أن المرأة عانت الكثير الكثير مما لم يشتمّ الرجل رائحته، من سلب للحقوق، واستعباد، وقتل، واستغلال لزينتها وجمالها على حساب كرامتها، ومتاجرة بها؛ تباع وتبتاع، لكن الإسلام ما كان ليقبل بمثل هذا لإنسان؛ قال - تعالى - الأعلم بما خلق-: « يا أيّها النّاس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً »، فالرجال والنساء أصلهما واحد متساويان تماماً في كونهما إنسانين من نفس واحدة. وقال: « للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون » وهذا إقرار بحق المرأة في الميراث وهو ما كانت حرمت منه قبل الإسلام. و « للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن » كل هذا وغيره الكثير الكثير ليؤكد حرص الإسلام على سلامة العلاقة بين الرجل والمرأة وحفظ حقوقهما. « فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض »
ثمّ ماذا عساني أقول؟ إنّ ما تعانيه المرأة في كثير من الدول سيء لا يجب السكوت عنه، بل واجبنا أن نعمل سوياً للحد منه وتقليله حتى القضاء عليه. ولن يكون ذلك باتباع الفكر الغربي والتقليد الأعمى، بل هو واضح لا يحتاج إلا إلى تطبيق عملي من الأفراد؛ أعطى المرأة حقوقها تامة... جعل تعلمها واجباً على وليّها... منع الإساءة لها... حفظ لها كرامتها... أخرجها من العبودية لغير الله... و... و... و...، إنّه نظام رباني لا يتسع مقال كهذا ولا قلم كمثل ما أكتب به أن يعطيه حقه... إنّه الإسلام.
كثيرون حالياً يقولون - غير منتبهين - إنّ الرجل سيبحث عن حقوقه، لكنّي أقول: لِمَ لا، إن لم نثقف أبناءنا وبناتنا على الاحترام المتبادل وحفظ الحقوق والقيام بالواجبات وتطبيق النظام، فليس لنا إلا أن ننتظر الظلم المتبادل والحرمان والسلب، ومظاهرها كثيرة، عنيفة أحياناً، ظالمة دائماً.
وأختم حديثي....دون نهاية.... ثم قمت لها....
15 - 02 – 2003
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/294)
امرأة يستحي الرجل من ذكرها!
عبد الرحمن صالح المدني
حواء: هي كائن يوصف بأنه «إنسان». وعندما يوصف مخلوق بوصف الإنسانية تنفتح له لوائح تضمن له حقوقه التي من شأنها الحفاظ على كرامته وتفرض عليه واجبات يجدر القيام بها.
وعندما خلق آدم وحواء وضع لكل منهما دور مهم لبناء مجتمعات صالحة للعيش مواكبة للعصر مسايرة للتطور والتقدم في ظل قوانين وأسس دينية ربانية مبنية على الإخاء والرقي في التعامل. وهذا يدعونا إلى إثبات المساواة بين آدم وحواء،
فلا توجد مجتمعات وأمم يحتكرها آدم ولا توجد بالضرورة مجتمعات تحتكرها حواء، حيث إنه لا غنى عن حواء بآدم ولا عن آدم بحواء فهما ركنان أساسيان إن سقط أحدهما يصبح المجتمع عاجزًا عن اللحاق بركب التطور والتقدم.
ونجد هذا واضحًا جليًا وضوح الشمس في المجتمعات السابقة وحتى المحافظة. فقد عاشت حواء أزهى عصورها في زمن أشرف الخلق ورسول الأمة - محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث إنها هي الأم الصالحة والشاعرة المبدعة والطبيبة البارعة والمقاتلة المجاهدة والراوية الصادقة والبائعة الأمينة والتاجرة الذكية والعقل المدبر ذو الأفكار السديدة وغيرها من الوظائف التي رقت بالمرأة إلى أسمى معاني التشريف والتكريم وضمنت للمرأة دورها المحترم والإيجابي في تلك المجتمعات.
واستمر تكريم المرأة وعدم إهمال دورها وعقلها المدبر في جميع العصور التي تمسكت بالقوانين الربانية والدين الصحيح، فلم تكن هناك مجتمعات نظرت إلى المرأة نظرة عنصرية وأنها آلة إنجاب فحسب ولا تستحق العيش. بيد أن في مجتمعاتنا انتقلت حواء من أزهى عصورها إلى أسوئها، فهمش دورها وانحصرت مجالات إبداعها.
وكما أن الإسلام قد ضمن حقوق المرأة وجعل لها دورًا مهمًا في العصور السابقة فقد ضمن لها ذلك أيضًا في هذا العصر والعصور القادمة، حيث إن الدين الحنيف صالح لكل عصر ومطور له. وتخلف بعض الشعوب والمجتمعات لا يمت للدين بأي صلة ولا يرتبط به، ومن اعتقد أن المرأة ليس لها مكان في هذا العصر فقد شكك في قانون من قوانين الله التي ارتضاها للبشرية.
وقد يكون من أسباب هذا الانطواء ما عرف بالتقاليد التي بعدت كل البعد عن الدين وتعاليمه، حيث زرعت في نفوسنا منذ نعومة أظفارنا حاجزًا تجاه المرأة، وزرعت في نفس المرأة الخوف من التعبير عن رأيها!! ونتج عن ذلك حكم على المرأة العاملة في مجالات غير روتينية بأنها امرأة يستحي الرجل من ذكرها كأن يقول: «إن زوجتي ذات دور مهم في المجتمع». فلماذا بلغ بالمرأة هذا المبلغ من الإساءة وإنكار قدراتها؟!
من وجهة نظري يرجع سبب ذلك إلى عقل شريحة من المجتمع يرون أن المرأة عندما تخرج من بيتها تصبح فريسة لابد أن تصطاد وينهش في عرضها ويؤكل من لحمها!! ولما ارتبط التبرج بالمرأة العاملة ذات المنصب المهم والفعال وأيضًا ذات الأعمال غير الروتينية، وارتبطت صفة «الدعوة إلى تحرير المرأة» بكل رجل حاول الدفاع عن المرأة وإرجاع حقوقها - عجز اللسان عن الكلام وذابت حقوق حواء في بحار آدم! وياله من فكر قاصر أساء فهم الأمور وخلط بين معانيها، فالدفاع عن المرأة يكون ضمن حدود لا يجدر بالمدافع أن يتخطاها، فعندما نريد إثبات دور المرأة في التفكير والعمل لا يتحقق ذلك إلا بشروط أساسية أهمها في رأيي المتواضع:
** نضج فكر المجتمع، وخصوصًا شريحة الشباب وتمسكهم بالدين الصحيح.
** تصحيح النظرة إلى المرأة ومعاملتها معاملة الأخوة في الإسلام التي تقتضي المحافظة على حقوقها.
** التزام المرأة بحجابها الشرعي في مجال عملها.
وبهذا سيضمن المجتمع تعاملاً راقيًا بين الجنسين وتوافقًا وتطويرًا متبادلاً بينهما. وستضمن حواء حقوقها وستمضي قدمًا في تطوير قدراتها بما لا ينافي الدين والعقل والمنطق.
http://www.almarefah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/295)
العنوسة تضطر معلمات فيفاء إلى الزواج من عاطلين
يزيد الفيفي
في بادرة غير مسبوقة قوبلت بالتقدير من المجتمع أقدم عدد من المعلمات على الزواج من عاطلين عن العمل، وذلك طلباً منهن للعفة واقتناعاً منهن بدور الرجل في أساسية حياة المرأة.
وقد تجاوزت مبادرة هذه المعلمات الزواج بالعاطلين عن العمل، إلى مساعدتهم ماديا من خلال إمكانية المشاركة في شراء الأسهم أو فتح محلات تجارية أو شراء سيارة يقوم بالعمل عليها لتوفير دخل إضافي يساعد في توفير احتياجات الأسرة.
والملفت في الأمر أن أولياء الأمور الذين كانوا في السابق يرفضون تزويج بناتهم وبشكل خاص المعلمات من العاطلين عن العمل، باتوا اليوم الأكثر حرصا على تزويج بناتهم، حتى ولو من عاطلين عن العمل، وذلك في ظل تزايد ارتفاع نسبة العنوسة، التي لم تعد عائقا على ما يبدو أمام المعلمات في فيفاء للاقتران بالشباب من أجل الزواج، ودون تردد.
والملاحظ أيضا أن هذه الفئة من الشباب قد تخلوا هم أيضا عن رفضهم الاقتران بالفتاة العاملة بينما هم ما زالوا عاطلين عن العمل، حيث كان غالبية الشباب في الفترة الماضية يخشون من الارتباط بفتاة متعلمة وموظفة خشية أن تفرض عليهم نوعا من السيطرة أو التحكم في قرارات المنزل بسبب قدرتها المادية واستقلاليتها في أمور الشراء والدخل. والدافع وراء هذا الأمر في رأي الشباب هو أن الظروف المادية وكثرة البطالة وتكاليف المعيشة الباهظة، تجعل من المستحيل على طرف واحد سواء الرجل أو المرأة الوفاء بمتطلبات الأسرة، وأنه لا بدّ وأن يتعاون الطرفان لتطوير المستوى المعيشي للأسرة.
وقد تم تقنين المهور بحيث لا يتجاوز مهر الفتاة 20 ألف ريال يشمل جميع متطلبات الزواج من زفاف متواضع وحلي العروس.
http://www.alwatan.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/296)
مشكلة العمل الدعوي النسائي وحلوله
قد يتسائل البعض عندما يقرأ عن الشكاوى التي تصدر من أزواج الأخوات الداعيات فيما يرونه من إهمال أسري من قِبل الداعية فيما أنه كيف تخرج المرأة للدعوة إلى الله وبيتها الأحوج لذلك وكيف تقابل النساء بالنصح ولا ترى نفسها أنها بحاجة إلى النصح قبل غيرها...
إلى آخر هذه الأقوال والتساؤلات
وحتى نجد جواباً لهذه التساؤلات أقول:
أن " الدعوة " بحد ذاتها ليست المسؤولة عن ما تقع فيه " بعض " الداعيات من أخطاء أسرية قد تصل فيه إلى حد صعب وشائك.... وقد يُهدم بيت أسري صالح من جراء هذه الأخطاء والتي لا تكن في حسبان البعض....
ولكن المسؤولية هي مسؤولية الداعية ذاتها فكم من داعية ناجحة لم يقف طريق الدعوة أمام مسيرة حياتها وعلى النقيض من ذلك بعض الداعيات واللاتي قد يؤثر عملهن الدعوي بشكل واضح على حياتهن الأسرية ولو بعد حين...
إذن طريق الدعوة براء من هذا وذاك وهذه أول ثمرات الموضوع وقد اتضحت.... وهذه النقطة الرئيسية والجوهرية التي لا يمكن لإثنان الاختلاف عليها....
نأتي للنقاط الجزئية الباقية:
فإن فشل بعض الداعيات أسرياً في رأيي يمكن حصره في هذه النقاط نقف عندها ونتأمل ثم نستخرج الحلول ونستطيع من خلالها الوصول لمكمن الداء:
أولاً: الفهم الخاطئ للدعوة إلى الله:
فبعض الداعيات وكذلك الدعاه يظن بأن الدعوة إلى الله يجب أن تأخذ كل وقته وكل جهده وكأن لا حق لنفسه عليه فالداعية تخرج من بيتها صباحاً للدعوة إلى الله بمحاضرة أو عمل دعوي أياً كان وربما تكون أماً لأطفال رضّع أو ما فوق ذلك بقليل فتضطر أن تترك رعايتهم للخادمة فتعود إلى بيتها ظهراً وقد استهلكت قواها وأصبحت متعبه نفسياً وجسدياً وغير قادرة على بذل أي مجهود آخر غير أن تضع رأسها لتنام قليلاً ناسية أن لها أطفالاً بحاجة إلى رعاية واهتمام وتفقّد، فلا يصبح هناك فرق بينها وبين المرأة العاملة التي ينطبق على أبنائها قول الشاعر:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من *** همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
فأصاب بالدنيا الحكيمة منهما *** وبحسن تربية الزمان بديلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أماً تخلّت أو أباً مشغولاً
هكذا يصبح حال الأبناء وأنا على يقين تام بأن أخواتي الداعيات اللاتي يشتكون أزواجهن من إهمالهن التربوي لأبنائهن، أنهن لا يشعرن بحجم هذا الإشكال أو أنهن في هذا الإنهماك الدعوي لم يشعرن بأن المنزل بحاجة ماسة لتواجدهن خصوصاً مع توفر الخدم الذين ينوبون عن الأم حتى عودتها....
هذا بالنسبة للأبناء أما الأزواج فلهم أيضاً نصيب....
فالأخت الداعية وأقول " البعض " فإن حديثنا في هذا الموضوع عن " البعض " وليس الكل.... تخرج من بيتها وتعود إليه في أقصى حالات التعب بينما الوضع الصحيح الطبيعي هو أن الزوج عندما يعود للبيت متعباً منهكاً يجد من يستقبله ببشاشة وصورة حسنة ولا يمكن أن نرجو ذلك في إمرأة تعود لمنزلها والتعب يعلوا جبينها وفاقد الشيء لا يعطيه كما يقال فكيف تسعى لراحة زوجها وهي من يفتقد هذه الراحة في ظل خروجها من منزلها.. !
في حين أنها تستطيع توفير الراحة لكافة أفراد أسرتها لو أنها وجدت الراحة الجسدية واستقرت في منزلها.
ثانياً: عدم تنظيم الوقت:
ومشكلة الوقت هذه تحتاج إلى تنظيم وعمل وتطبيق.... لأن عدم تنظيم الوقت وتقسيمه قد يحدث فوضى عارمة لا في المنزل فقط بل في كل مجالات الحياة
فالإنسان العامل سواء في مجال الدعوة أو أي مجال غيره بحاجة ماسة لتنظيم وقته وعدم خلط هذا بذاك فكل عمل يجب إعطائه حقه فلا يطغى شيء على شيء آخر...
وهذا بالنسبة للداعيات أيضاً فمن تخرج من منزلها للدعوة إلى الله - تعالى -يجب أن تضع جدولاً مقسماً وواضحاً تمشي عليه حتى لا تحدث الفوضى في حياتها الأسرية وحتى توفق بين عملها كداعية إلى الله وبين واجبها كزوجة وأم....
إذن هل هناك مقترحات حول الوقت وتقسيمه؟
نقول نعم وإليك أختي الداعية بعض هذه المقترحات:
أولاً: عدم الخروج بتاتاً من المنزل قبل خروج الأبناء للمدارس إن كانوا طلاب مدارس.
ثانياً: الحرص على الرجوع للمنزل قبل الساعة السابعة مساءً. " إذا كان العمل في الفترة المسائية"
ثالثاًً: عدم الاتكال على الخادمة في العناية بالأطفال الصغار عند الغياب ويمكن استبدال الخادمة بأم الزوجة أو أم الزوج أو الأخوات إن أمكن ذلك.
رابعاً: لا تكن الأعمال الدعوية يومية بحيث تضطر الأخت الداعية للخروج من منزلها صباحاً أو مساءً بشكل يومي بل تختار أوقاتاً متفرقة تعطيها فرصة متابعة الأبناء بالشكل الصحيح وقضاء متطلبات الزوج.
خامساً: أن لا يستهلك العمل الدعوي كل وقتها وتفكيرها.
ثالث نقطة حول موضوعنا: عدم إيجاد البيئة المناسبة للدعوة:
فمثلاً قد تحتاج المرأة الداعية إلى وقت طويل جداً للوصول لمكان العمل الدعوي الذي تشارك به إذا كان المكان في مدينة أخرى أو حي يبعد عن بيتها بمسافة الساعة أو أكثر فتضطر للتأخر عن بيتها بعكس لو أن العمل كان قريباً من مسكنها بحيث لا تستغرق المسافة العشر دقائق.
فماذا يضير لو أن كل داعية اقتصرت على حيها ومدينتها للدعوة فيه دون التوجه إلى مدن أخرى قد تعرقل وتهز وظيفتها كأم وزوجة؟
إذن على الأخت الداعية التركيز على هذه النقطة وهي أيجاد بيئة مناسبة للدعوة إلى الله تتوفر فيها " قرب المسافة " بحيث تستغل الوقت فبدلاً من استغراق الساعتين في الذهاب والإياب تقتصرها في عشرون دقيقة ذهاباً وإياباً.
وأكرر بل أشدد على ذلك " إن لم تستطع المرأة الداعية التخلص من هذه المشكلة بأي طريقة مما ذكرنا أو مما لم نذكر ولم تستطع التغلب عليها أو التوفيق بين عملها " التطوعي " الدعوي وبين " واجبها " الأسري بحيث طغى (المهم) على (الأهم) فندعوها من هنا بأن تترك الدعوة إلى الله خارج منزلها وتتفرغ لمنزلها وأبنائها وزوجها لأن هذا هو الواجب وغيره إنما هي أعمال تطوعية تأجر عليه فقط وليست بواجبه عليها.
هذا بالنسبة للنوع الأول وهو " الدعوة خارج المنزل "
نأتي للنوع الثاني وهو " الدعوة داخل المنزل "
وهذا النوع هو عبارة عن [بديل دعوي] للمرأة المحبة للدعوة وكما قلنا فإن هناك نساء حباهن الله - تعالى -حب هذا الدين والدعوة إليه بحيث أنها لا تجد ذاتها إلا فيه وتعلقها بهذا الطريق يرغمها على المضي فيه رغبة منها ومشاركة لنيل الأجر من عنده - سبحانه وتعالى - فيأتي هذا البديل كي لا تضطر للخروج من منزلها مخلفة أبنائها فيه ومقصرة في حقوق زوجها فنعطيها هذه البدائل:
1) دعوة الزوج:
وتذكيره بين الحين والآخر والدعاء له بالصلاح والثبات على دينه والإحسان إليه في المعشر والتأدب معه وحفظه غائباً وحاضراً والحرص " كل الحرص " على المحافظة على حقوقه الزوجية كاملة. (فإنها أعظم دعوة)
2) دعوة الأبناء:
وحسن تربيتهم التربية الصالحة وحثهم على الصلاة وحفظ القرآن منذ نعومة أظفارهم والاهتمام بكل متطلباتهم والسؤال عنهم وعن من يصاحبون. (فهذا أجمل عمل فطري أمرنا الله به).
3) دعوة الخادمة:
وحسن معاملتها فإن حسن المعاملة وطيب الخلق مع الخدم " والمستضعفين " أقصر طريق لدعوتهم إلى الإسلام إذا كانوا غير مسلمين فإن كانت الخادمة مسلمة فالحرص على نصحها وتبصيرها من واجبات من استقدمها، كذلك شراء الكتب المترجمة لها (من تعليم للصلاة وقراءة للقرآن... الخ) وعدم إرهاقها بالأعمال المنزلية أو بما لا تستطع أن تقوم به بمفردها فلا بأس بمساعدتها في ذلك، ولا تنسى الأخت الداعية حث الخادمة على الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها.
4) الدعوة عبر الشبكة العنكبوتية:
فالإنترنت بحر لا نهاية له وعلى الداعية أن تجد مكاناً لها فإن صوتها يصل إلى ملايين البشر ولا يقتصر بمدينة بعينها أو بلد بعينه بل المخاطبة والدعوة هنا تصل إلى العالم بأسره (مسلمين وغير مسلمين... عرب وعجم... مقيمين أو مغتربين).
فيمكن للأخت الداعية هنا أن تستغل هذه الوسيلة لصالح الدعوة إلى الله فتنشأ لبنة خير وترسم لها طريقاً خاصاً بها وتكن شخصاً يعمل له دوره في هذه الحياة بما يخدم به دينه ويرضي به ربه.
5) دعوة الجارات والأقارب:
كتوزيع النشرات والمطبوعات والأشرطة بين النساء في التجمعات وإلقاء كلمة هي بمثابة البصمة لها في كل مجلس " بصمة خير تحفها الملائكة ".
أخيراً فإن المرأة الداعية هي القدوة في تربيتها وسلوكها فلا تجعل من بعض الأمور الصغيرة تؤثر على مسيرة حياتها الأسرية أو تعرقل من دورها الدعوي ولتبذل جهدها أولاً وأخيراً على مملكتها حيث أبنائها وزوجها فهم الأحق بها والأولى.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/297)
إلى أختي المسلمة حارسة القلعة
د. محمد محمد بدري
إلى أختي المسلمة...
إلى من رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً، إلى من رضيت بعائشة بنت الصديق، وأسماء وفاطمة أسوة حسنة...
إلى من أعزها الله بالإسلام ووقفت وسط جاهلية القرن العشرين تمسك بحبل الله المتين وتحرص على مرضاته، وترغب في الفرار إليه لتفوز في الدنيا والآخرة وتكون لها الحياة الطيبة (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) إلى شريكة العبد المسلم وحارسة قلعة العقيدة...
إليها في بيتها (بيت الدعوة)..
أهدي هذه الكلمات، لتعلم أنها في بيتها تقف على خط الدفاع الأول ضد أعداء الإسلام، وأن وقفتها هذه تمثل نقطة الارتكاز في دائرة امتداد هذا الدين، وأن نسيج ثوبها الشرعي هو نسيج الراية الإسلامية في الصراع بين الإسلام والجاهلية.
أختاه...
تعلمين أنه في مكة، وحين كان الإسلام يعيش غربته الأولى، كانت المرأة بجانب الرجل في مسيرة الدعوة أختاً وزوجاً وأمًا تعيش همه؛ بل كان ربع المجتمع الوليد في مكة من النساء، وعاشت المرأة هذه المرحلة تحاول مع زوجها إزالة غربة الإسلام وتحفظ السر وتكتمه...
وتعلمين - يا أختاه - أن هذه الغربة الأولى للإسلام...
غربة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسرة ياسر وبلال وغيرهم..
قد عادت للذين يقولون ربنا الله لا قيصر، والحاكمية لله لا للبشر،..
وأن هؤلاء الغرباء مكلفون أن يصلحوا ما أفسد الناس، فمهمتهم كمهمة الغرباء الأوائل أن يزيلوا غربة الإسلام ويمكنوا له في الأرض! وتعلمين - يا أختاه - أن من أهم حقائق صراعنا مع الجاهلية من حولنا أنه صراع اجتماعى قائم بين واقع إسلامي وواقع جاهلي، وأننا في حاجة إلى سنوات طويلة من صمود الظاهرة الاجتماعية الإسلامية في وجه الظاهرة الاجتماعية الجاهلية الغالبة الآن، والتي تحمل بين طياتها عوامل فنائها من العفن الخلقي والشقاء المعيشي! !.
وتعلمين - يا أختاه - أن بيتك خلية من خلايا كثيرة يتألف منها الجسم الحي للواقع الإسلامي، فبيتك قلعة من قلاع هذا الدين، وفي هذه القلعة يقف كل فرد على ثغرة حتى لا ينفذ إليها الأعداء؟!.
وأنت - يا أختاه - حارسة هذه القلعة، ولقد أفردك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمسئولية فقال: « والأم راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها » فأنت حارسة النشء الذي هو بذور المستقبل، ... وطفلك اليوم هو رجل الغد وامرأة الغد، ولكل دوره في الجهاد لإعلاء كلمة الله في الأرض، وينبغي أن يؤهل لهذا الجهاد منذ مولده بإعطائه القدر المضبوط من الحب والحنان والرعاية بغير نقص مفسد أو زيادة مفسدة! ! ثم حماية مبادئ الإسلام ومفاهيمه في ذهنه.
أعلمُ - يا أختاه - أنك تشعرين بثقل الوطأة الساحقة لهذا المجتمع بكل ما فيه من مكائد ومثيرات، وبما فيه من تقاليد موروثة تأخذ في بعض الأحيان طابع العقيدة وتضغط على حسك - يا أختاه - أضعاف ضغطها على حس الرجل، وهذا يتطلب منك مضاعفة الجهد وأنت قادرة على ذلك - بإذن الله - فأنت صاحبة عقيدة قوية واهتمامات عالية،...
فهدفك عبادة الله وحده لا شريك له، ورسالتك العمل على بناء المجتمع المسلم، ومسئوليتك تربية جيل مسلم، ووجهتك رضا الله وجنته في الآخرة! ! ولا شك - يا أختاه - أنك لكي تقومي بدورك الحضاري على أتمه لا بد أن تعرفي واقعك، وعندها ستجدين أن دورك يتطلب قسطاً من الصفات الأخلاقية والفكرية والعقائدية..
بل كل الصفات التي تلزم مجاهدة في معركة بين الحق والباطل، معركة يقف فيها أمامك أكابر مجرمي قرانا ينفذون أوامر أسيادهم من اليهود فينشرون فكراً قذراً وأدباً مريضاً يحاولون به تدمير الأسرة، بل وتدمير جميع المعوقات الأخلاقية حتى يخرجوا أجيالاً مدمرة مهدمة لا تعرف حقوق الله، وصدق الله العظيم (وكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ومَا يَمْكُرُونَ إلاَّ بِأَنفُسِهِمْ ومَا يَشْعُرُونَ) وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ».
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يربط في هذا الحديث بين الاستبداد السياسي وبين الانحلال الخلقي! ! فاحذري - أختاه - المجرمين الذين يريدون- أن يسيروا بك بخطى سريعة وحاسمة إلى الجاهلية الأولى أو إلى جاهلية القرن العشرين!.
إنهم يقولون لك إن الرجل قد ظلمك حين فرض عليك ارتداء الحجاب، ولا بد من التخلص من هذا الظلم وخلع الحجاب! !..
فقولي لهم - يا أختاه - لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة فترفع قضيتها ضده لتتخلص من ظلمه، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي لا تملك -إن كانت مؤمنة -أن تجادل فيما أمر به، أو يكون لها الخيرة في الأمر (ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً)...
وقولي لهم: لقد أسلمت نفسي لله وخرجت من إسار الشيطان ورضيت بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وارتقيت في فكري وسلوكي..
ولله الحمد والمنة.
وهم يقولون لك - يا أختاه - أن أختك الأوربية قد حملت قضيتها وأخذت حقوقها، وقضايا المرأة واحدة في كل بلاد العالم! !.
فقولي لهم بادئ ذي بدء لا أخوة بيني وبين الأوربية؛ لأن المسلمة لا تؤاخي المشركة.
وأما عن الحقوق التي تزعمونها للمرأة الأوربية، ففي الحقيقة لقد كانت هذه المرأة ضحية من ضحايا المجتمع الذي - حررها - فقذف بها إلى المصنع والمكتب، وقال لها: عليك أن تأكلي من عرق جبينك، في بيئة مليئة بالأخطار على أخلاقها، فتركها في حرية مشئومة ليس لها ولا للمجتمع فيها نفع، ففقدت الشعور بالعاطفة نحو الأسرة، وأصبحت بما ألقي عليها من متاعب العمل صورة مشوهة للرجل دون أن تبقى امرأة، وهكذا حرم المجتمع من هذا العنصر الأساسي في بناء الأسرة، وجنت أوربا ثمار هذه الأسرة المنحلة مشكلات كثيرة ... تلك هي الحقيقة يا من تحاولون إعطاء كلمة (تحرير المرأة) معنى السفور والاختلاط، بينما الإسلام يرى أن التحرر إنما هو في الحجاب، فقد كانت المحجبة هي الحرة والسافرة هي الأمة ... فالسفور هو العبودية.
وهم يقولون..
ويقولون..
ويقولون...
ولسان حالهم يشير إلى اليهود والملاحدة والفاسقين إشارة الحب والرضى (هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) ولما كان هذا هو ادعاؤهم واعتقادهم، فأجيبيهم - يا أختاه - بقول الحق- تبارك وتعالى -: (ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَتْ مَصِيراً) وقولي لهم - يا أختاه - لقد ودعت مواكب الفارغات وأسأل الله لكم الهداية ولي الثبات..
أختاه: كانت هذه بعض التحديات التي تحيط بك من خارج بيتك متمثلة في مكر وكيد أكابر المجرمين وذيولهم فماذا عن التحديات التي تواجهك داخل البيت؟ لا شك يا أختاه أن بيتك (بيت الدعوة) لا يعرف الخراب لأنه يتكون ومعه أسباب حمايته من الحب والرضا.
وليس معنى هذا أنه بيت لا يقع فيه شقاق أو عتاب أو خلاف فهذا أمر لا يمكن أن يتحقق في عالم البشر ولم يتحقق في بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة البشرية كلها، وإنما معناه أن الخلاف بين المرأة المسلمة وزوجها لا يستمر بل يثوب كلاهما إلى الله سريعاً فيذهب الشقاق ويبقى الوئام والحب والرضا.
فالزوج المسلم هو أحب الناس لزوجته، وهي أحب الناس إليه يربطهما الحب في الله - أوثق عرى الإيمان - وتزداد مشاعر الحب بينهما باستمرار العلاقة الزوجية، ومع ذلك فإن هذه المشاعر لا تدفع الزوج إلى الركون للبيت والزوجة، ولا تدفع الزوجة إلى محاولة الاستئثار بزوجها، لأن كلا منهما يعلم أن من حلاوة إيمان المرء « أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما »..
فكل منهما يقدم حب الله ورسوله على أي حب، وهذا يجعل حياة الدعوة والجهاد من أجل الإسلام منبعاً للحب لا يجف بين الزوجين، فالحياة في (بيت الدعوة) إما لحظة وداع وأمل، أو لحظة حنين وشوق، أو لحظة لقاء وفرحة...
فهي حياة طيبة وعيشة راضية وعمر مبارك...
وهكذا بيتك - يا أختاه - بيت يملؤه الحب وينعم بظلال الرضا بعيداً عن ظلمات المادية الطاغية وموبقات الفساد والإباحية، فماذا عن ذريتك؟ ذرية (بيت الدعوة)؟.
لا شك - يا أختاه - أن الذرية في بيتك ليست مجرد الرغبة في التناسل، بل الرغبة في استمرار الدعوة بما في هذا الاستمرار من طاقة وإمكانية..
وبعد إتمام الرضاع وإعطاء القدر المضبوط من الحب والحنان للطفل تأتي أولى محاولات تحقيق عبودية الطفل لخالقه عند سن سبع « علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع »، والصلاة تؤسس في نفس الطفل إحساس التناقض مع أي مجتمع لا يقيم الصلاة، ويبقى هذا الإحساس في نفس الطفل حتى يأخذ صورة العمل لتمكين دعوة الإسلام حتى يسلم المجتمع ويقيم الصلاة (الَذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ).
وكما ينبغي تعليم الأطفال الصلاة ينبغي أيضاً الاهتمام بتكوين شخصيتهم قوية قادرة على مواجهة الحياة من خلال طاعة الله والإيمان بالقدر، ولذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: « يا غلام... احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ».
ومن الأمور الهامة في التربية الحث على ممارسة الدعوة إلى الله، وهذه كانت نصيحة لقمان لابنه (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنكَرِ واصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) وفي الحقيقة - يا أختاه - أن قضية تربية الأولاد ليس هذا موضع استيفائها، ولذا أنصحك - أختاه - بمراجعة كتاب (منهج التربية الإسلامية) للشيخ محمد قطب، وكتاب (تربية الأولاد في الإسلام) للشيخ عبد الله ناصح علوان...
وأخيراً.. يا أختاه..
فإن الدور الذي تقومين به هو لون من ألوان الجهاد، وأنا أعلم أن لديك من إيمانك زاداً يستعلي بك على الجاهلية، ويصمد بك في وجه مكائدها، غير أن النفس تحتاج دائماً إلى سلوى تعضدها، ولا أجد سلوى للنفس أعظم من القدوة، ولذا أدعوك - أختاه - إلى زيارة بيت قدوة من بيوت الدعوة، وهو بيت (الرميصاء) امرأة أبي طلحة وكنيتها (أم سليم).
فأما كيف تكون هذا البيت؟ فقد طلب أبو طلحة زواج الرميصاء فاشترطت عليه أن يكون صداقها إسلامه (وقد كان مشركاً) فأسلم وتزوجته..
وتكون بيت مسلم، ويجىء ضيف إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن في بيته طعام، فيسأل من يستضيف ضيف رسول الله فيقول أبو طلحة: أنا يا رسول الله، ويذهب بالضيف إلى بيته ويسأل زوجته (أم سليم) عن الطعام، فتقول: لا يوجد غير طعام الأولاد، وتنيم أم سليم أطفالها وتضع طعامهم أمام الضيف، وتتصنع أنها تصلح السراج فتطفئه، وتتصنع هي وزوجها أنهم يأكلون حتى أكل الضيف وشبع! ! ويذهب أبو طلحة إلى صلاة الفجر فيستقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: « يا أبا طلحة لقد ضحك الله من صنيعكما الليلة »، وهكذا أطعمت الرميصاء ضيف رسول الله طعام الأولاد وعلمتنا نحن معنى إكرام الضيف، ففي المعنى طعم الإيمان ورائحة الجنة، ويبارك الله - تعالى -كرم (الرميصاء) فيطعم بطعامها جميع الصحابة إذ صنعت الرميصاء طعاماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -وبعثت ابنها (أنس بن مالك) يدعو الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الطعام فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة: « لقد صنع لكم أبو طلحة طعاماً »، وذهب جميع الصحابة إلى بيت الرميصاء، فقال أبو طلحة: ماذا نصنع؟! فقالت (الرميصاء): رسول الله أعلم بما يفعل، فأمر الرسول الصحابة أن تدخل عشرة عشرة حتى أكلوا جميعاً ولم ينقص من طعام الرميصاء شيء! !.
ويروي لنا أنس حادثة وفاة غلام في بيت الرميصاء: عن أنس قال: مات ابن أبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا.
قالت: فاحتسب بما كان ابنك، فغضب أبو طلحة وانطلق حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فأخبره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « بارك الله لكما في غابر ليلتكما »، قال: فحملت وأنجبت بعد ذلك عشرة أولاد كلهم يقرءون القرآن..
بل وتقاتل (أم سليم) بنفسها يوم أحد وتنقل القِرب وتفرغها في أفواه الجرحى!!.
وكانت تلك معالم بيت من بيوت الدعوة في خير القرون، امرأة جعلت صداقها إسلام زوجها، وأطعمت الصحابة من طعامها، وأضحكت الله بكرمها، وقاتلت في سبيل الله بنفسها..
، ربما قلت - يا أختاه - وأين نحن من هؤلاء الذين عاش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم؟..
وأنا أقول لك - يا أختاه - إن هذه الدعوة ما زالت تؤتي تلك الثمار الطيبة في عصرنا اليوم، فبين أظهرنا قام بيت من بيوت الدعوة، وقلعة من قلاع العقيدة تحرسها أخت لك هي (أمينة قطب)، فكيف تكون هذا البيت؟ ... لقد تقدم لخطبتها علية القوم فآثرت أن تخطب لأحد المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في عام 1963 م، و هو الأخ (كمال السنانيري) وكان هذا الارتباط في وقته قمة التحدي للحاكم الفرد الطاغية الذي قرر أو تقرر له من قبل صانعيه القضاء على دعاة الإسلام بالقتل أو الإهلاك بقضاء الأعمار داخل السجون ! !.
وانتظرت (أمينة قطب) زوجها عشر سنوات..
وفي عام1973 خرج زوجها من السجن وتكون البيت..
لعلك تدركين الآن- يا أختاه - أن تاريخ هذا الدين وقد رسم فيه ? وجوهاً كريمة تمثله، فوجه المرأة ليس أقلها بروزاً وضوحاً...
وليس من العبث أن تاريخ هذا الدين يحفظ في ذاكرته أسماء نساء عشن في لحظات ما قضية هذا الدين..
فلتأخذي دورك يا أختاه.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/298)
الطبيبات المصريات وتأخر الوصول إلى عش الزوجية
لم تصدر بيانات أو إحصاءات في مصر محددة حول ظاهرة تأخر الزواج عند الطبيبات ولكن بنظرة سريعة على طلبات الراغبات في الزواج والباحثات عن عريس في الصفحات المتخصصة بالصحف أو على مواقع الإنترنت التي تعرض هذه الخدمة أو حتى مكاتب الزواج الحديثة أو الخاطبة العصرية تؤكد بالفعل أن هناك مشكلة، تكشف أن الطبيبة من أكثر الفتيات تعرضاً لعزوف الشباب عن الزواج منها لإصرارها على..
أولاً على إنهاء دراستها قبل الزواج- حيث طول مدة الدراسة في كليات الطب- نتيجة الخوف الشديد من عدم الاستمرار، بل الخوف من عدم الاستقرار في الدراسة التي تتطلب تفرغاً كاملاً، وتركيزاً شديداً من أجل التفوق،
وثانياً اتهام البعض لها بالتعالي، والغرور، لأنها قد أصبحت طبيبة! ورغم أن مهنة الطب من أنبل المهن وأشرفها، إلا أنه يلزم قليل من التضحية والتنظيم وتنسيق الوقت واستغلاله وتحديد الأولويات، ومع هذا تستطيع طالبة الطب الزواج في سن مناسبة مع استكمال دراستها بعد الزواج والمحاولة الدائمة في تحقيق النجاح على المستوى العلمي والمهني والمستوى الأسري والعائلي.
ونتعرف على وجهة نظر الطبيبات والفتيات إزاء عزوف الشباب عن الارتباط بالطبيبة:
عزوف الأطباء
بداية تقول حسناء الطالبة بطب القصر العيني: بالفعل لاحظنا هذه المشكلة مؤخراً وهناك نماذج قريبة جداً منا وأسباب ذلك هو فترة الدراسة الطويلة والمرهقة والتي لا تترك للفتاة فرصة للتفكير في الارتباط أو لأنها تخشى منه أثناء فترة الدراسة حتى لا يشغلها عن المذاكرة، وسبب آخر أهم هو أن معظم الطبيبات إن لم يكن كلهن يفكرن بطريقة أنهن أحسن فئة في المجتمع وأنهن يجب ألا يرتبطن بأقل من طبيب مثلهن، أولاً للمكانة الاجتماعية، وثانياً لكي يكون أقدر على تقديرهن وفهم طبيعة عملهن، وثالثاً ربما كان الخوف من التعامل مع غير الطبيب.
تضيف حسناء أنها لذلك تلاحظ أن معظم الطبيبات متزوجات من أطباء ولم تكن هناك مشكلة ولكن ما حدث هو عزوف الأطباء على الارتباط بطبيبات وذلك لتواجدهن أغلب الوقت خارج المنزل ولهذا أصبح الطبيب يبحث عن غير الطبيبة، حتى لو فكر في الزواج من الطبيبة فإنه يطلب منها الجلوس في المنزل وترك العمل ورعاية الأولاد وفي المقابل تطلب حسناء من زميلاتها تغيير فكرتهن عن الزواج حتى لا يندمن ويفوتهن قطار الزواج!
وتوضح د. نبوية عبد المتعال عبد الحليم استشارية أمراض النساء والتوليد أن تأخر الطبيبة في الزواج يرجع إلى طول مدة الدراسة، فتتخرج وهي في الخامسة أو السادسة والعشرين وكثير منهن عندهن الطموح لاستكمال الدراسات العليا وكثير منهن يفضلن الانتهاء من الدراسة دون زواج وأولاد قد يعطلونهن عن المذاكرة والتفوق وهذا يؤدي إلى تأخر زواجها إلى ما بعد الثلاثين كما أن بعض الطبيبات يفضلن العريس الطبيب، وخصوصاً إذا كانت حاصلة على دكتوراه، فهي تنتظر أستاذ جامعة، وبهذا تنتظر إلى ما بعد الأربعين.
شرط قبل الزواج
أما فاطمة طبيبة أطفال تقول: للأسف يبدو أن مهنتنا أصبحت سبباً في عزوف العرسان عنا فأنا أصبح عمري الآن 35 سنة ولكن لم أوفق في الارتباط برغم خطبتي من قبل، وطالبني خطيبي بترك العمل والتفرغ لرعايته والأولاد فرفضت، خاصة أنى ذكرت له أن بعد كل سنوات الدراسة تلك والعناء والتعب لا يمكن أن "أركنها" في البيت، بالإضافة إلى المكانة الاجتماعية التي سأضحي بها، ورغم أنى أخبرته أنه في حال احتياج البيت والأولاد لي فإني سأتفرغ لهم حتى يمروا باللحظات الحرجة ولكنه لم يعجبه هذا الكلام وتم إنهاء ارتباطنا.
أما م. ع 39 سنة طبيبة فقد لجأت إلى الإنترنت للإعلان عن طلب عريس فتصف نفسها بأنها جميلة ورشيقة ومن أسرة ميسورة وعريقة ولديها شقة في حي راقٍ ومستعدة للمساهمة في تأسيس بيت الزوجية، أما مواصفات الزوج الذي تريده فليس أكثر من رغبتها في الاستقرار وحسن الخلق والتدين، وعن المؤهل فتطلب مؤهلاً عالياً أياً ما كان أو مؤهل فوق المتوسط حتى وإن كان له أطفال!
لست نادمة
أما د آمال 40 سنة فتقول: أصبحت وبلا فخر أحمل لقب عانس لكني لست نادمة إطلاقاً رغم اعترافي بأنني تركت العمر يمر من بين يدي والسبب هو أني فضلت المكانة الاجتماعية ولقب دكتورة، ومن قبل ذلك كله نذرت نفسي لهذه المهنة السامية التي تركت كل شيء من أجلها وبكامل إرادتي رفضت الارتباط حتى لا يشغلني عنها شاغل، وتضيف أنها تعرف أن الزواج مسؤولية كبيرة وكنت أشاهد كثيراً من زميلاتي الطبيبات يقمن بعملهن وكأنهن موظفات، يتعاملن مع أوراق وملفات لا مع حياة بشر وأرواح، فكن ينتظرن وقت الانصراف بفارغ الصبر ليجرين إلى منازلهن حتى يلحقن بأبنائهن قبل الخروج من المدارس، وكان العمل الليلي يسبب لهن أزمات كبرى ومشاكل مع الأزواج حتى لو كانوا أطباء، وكذلك مشكلات مع أطفالهن حتى لو كانوا كباراً ولذلك وجدت أن علي الاختيار إما أن أكون زوجة كما ينبغي أو أكون طبيبة كما ينبغي، وكان الاختيار للطبيبة.
وتضيف: أنا لست نادمة لكنني فقط قد أشعر ببعض التعاسة حين أفكر في الأمومة ولكني أتغلب على ذلك بافتراض أني سأصبح أنا أو زوجي عقيماً وبعدها أعود إلى راحة النفس، خاصة بعد أن رأيت أن نجاحي يتواصل وأشعر بدعوات المرضى الذين أكون سبباً في تخفيف آلامهم.
الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع والمستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ترى أن سن التخرج عند الطبيبات يكون له دور كبير في حدوث تلك الظاهرة ولكن بشكل عام فارتفاع سن الزواج موجود في مصر وبدأ يظهر بشكل واضح في الطبقة الوسطى وليس في الريف، وأهم الأسباب هو عدم وجود فرص عمل كافية للشباب أو ألا يكون الدخل من العمل مناسباً، والسبب الآخر هو في مشكلة السكن، حيث نجد ارتفاع الإيجارات الجديدة التي لا تناسب دخل الشباب أما التمليك فقد أصبح من المستحيلات.
أما الطبيبة ... .. بشكل خاص فإن الاختيار لدى الطبيبة سبب جوهري موضحة أن الطبيبات عادة ما تفضل المؤهل الأعلى القريب من مؤهلها وترفض الارتباط بمن هم من خريجي الآداب أو التجارة أو الحقوق فضلاً عن رفض أغلبهن للمؤهل المتوسط لذا تقل فرص الاختيار أمامهن.
وتتفق الدكتورة مها الكردي أستاذ علم النفس مع الدكتورة عزة في أن كل شرائح المجتمع تعاني من العنوسة والسبب الرئيسي كما نرى هو في خروج المرأة للعمل بشكل كبير واعتمادها الكبير على نفسها هذا إلى جانب أن الفتاة وهى صغيرة السن سيكون من السهل عليها الاختيار والاقتناع بشريك الحياة، لكن كلما كبرت وتقدم بها السن بعد استكمال التعليم والعمل تبدأ في وضع شروط أكثر وبالتالي تتأخر في مسألة الارتباط والوصول للزوج المناسب، وأضافت أن هذا يظهر بوضوح في وسط الطبيبات فهي بعد عملها تصبح مكتفية مادياً واعتبرت أن هذا من القيم السلبية في المجتمع المصري في الفترة الأخيرة حيث تحكم الاعتماد المادي على النفس في العلاقات الإنسانية وأنه في السابق كانت المصلحة الجماعية تطغى على المصالح الشخصية.
تقول الدكتورة مها: الطبيبة ترى نفسها متميزة في مجال عملها وذات دخل مناسب فيطغى عليها الإحساس بالذاتية وبالتالي فعندما تفكر في الارتباط تريد الأفضل والأكثر ثراء حتى ولو لم يكن طبيباً مثلها لكي يوفر لها المسكن الفخم والسيارة الفارهة وكل الكماليات التي تشعر أن من حقها الحصول عليها وحقها في الحياة المستريحة التي تعادل الإرهاق الذي تواجهه في عملها ومن قبل في دراستها، وتلقي باللوم على الطبيبات اللاتي لا يردن الكفاح والتحمل لصعوبات الحياة من البداية وبناء الحياة تدريجياً.
وتؤكد أن الأطباء أيضاً أصبحوا يعانون من عنوسة ملحوظة لأن الأوضاع الاقتصادية الراهنة فرضت عليه السعي بعد التخرج لعمل عيادة واستكمال الدراسة وبذلك يمر العمر سريعاً وتنعكس المشكلة على الطرفين الشباب والفتيات معاً.
الدكتور كمال الدين حسين الطبيب النفسي وأستاذ الدراسات الشعبية جامعة القاهرة يرى أن هناك معادلة لدى المرأة المتعلمة بصفة عامة فيما أسماه الزواج المتكافئ إلى الزواج التكاملي، وأوضح أنه كلما تحصل المرأة على درجة عالية في التعليم سواء كان تعليماً متخصصاً كالطب أو الهندسة أو التحاليل الطبية كمثال، أو درجة علمية كالماجستير والدكتوراه، حيث وصل عدد العوانس في مصر إلى أربعة ملايين عانس، و55% منهن من حاملات الماجستير والدكتوراه، يكون من الصعب عليها أن ترى في الزواج المتكافئ وسيلة للزواج خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الذي يقف حائلاً دون تحقيق أي مشروع أسرة وحتى يكون كل منهن ومنهم نفسه يكون قد فاتهن قطار الزواج.
يضيف أنها في تلك الحال تريد مؤهلاً يساويها وزوجاً قادراً يساوي طموحها العلمي، ومستوى حياة يساوي هو الآخر، وعندما تصطدم بأن هذا التكافؤ والمساواة التي تتطلبها طموحاتها لا تتوافر فيمن يناسبها في السن مثلاً فإنها ترجئ التفكير في الزواج حتى مراحل حرجة من عمرها، ويشير إلى أن البعض منهن تحت الضغوط الاجتماعية إلى الزواج بالتكامل بمعنى أنها كطبيبة قد تقبل بالأطباء من مستويات اجتماعية أدنى أو قد تقبل بخريجي كليات الآداب وغيرهم، طالما أنه سيحقق جانباً آخر من طموحاتها، وليس الجانب العلمي هو المحك للتكامل وربما كان الجانب المادي غير متوفر ولكنه علمياً مقبول، ويضيف أنها قد تجد شخصاً مساوياً لها علمياً، ولكنه غير مكافئ لها مادياً واجتماعياً مثل أن يكون سبق له الزواج من قبل أو أن يكون له أولاد من زواج سابق، يقول الدكتور كمال الدين أنه من هنا تبدأ النظرة التكاملية لديها فتتجه نحو استكمال نقص معيشي لديها من جانبين.. الأول بمنطق "ظل رجل ولا ظل حيطة (حائط)" وحتى لا تتهم بالعنوسة، فتتنازل لتكمل مع هذا الرجل ما تريده.
موقف درامي
ويحكي لنا الدكتور كمال عن أستاذة زميلة له تعمل في معهد القلب طلبت مشورته في شأن طبيبة تعمل في القسم عندها تشغلها مشكلة محيرة وهى أن الميكانيكي الذي يملك ورشة ميكانيكا أسفل الشقة التي تسكن فيها تقدم لخطبتها من منطلق أنه يملك كل الماديات ولن يكلفها شيئاً.
يقول الدكتور كمال أن طرحها تلك المشكلة للنقاش تعني الموافقة الضمنية والبحث عن شماعة تعلن من خلالها قرارها وهذا ما أسميه الزواج التكاملي، فالطبيبة لا يهمها التكامل الثقافي بقدر التكامل المادي، يشير الدكتور كمال أن الفكرة أوحت له برواية "نعامة وعشرين فيل" التي تحكي قصة موظفة حاصلة على بكالوريوس التجارة وتنافس زملاؤها في خطبتها ولكنها تزوجت أخيراً الميكانيكي الذي كانت معه الإمكانات المادية.
الدكتور إلهامي عبد العزيز أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس يرى أن سن الزواج قد ارتفع بشكل عام بالنسبة لكل فئات المجتمع، خاصة لمن هن في مراحل التعليم نتيجة الانشغال في التعليم وتحقيق هذا الهدف وبعد الانتهاء من التعليم نجد عملية الاختيار، وبما يتوافق مع المؤهل العلمي الذي حصلت عليه أو نتيجة لعزوف المستويات التعليمية الأدنى من التقدم إليها خشية رفض طلبه أو أنها سوف تتعالى عليه فيما بعد ولذا فإن المتعلمات كلما زاد تعليمهن دون أن يكن مرتبطات كلما أدى ذلك إلى حصر من يمكنه التقدم إليهن ويضيف أنه نتيجة زيادة المطالب والأعباء فمن يتقدم إلى أنثى غير متعلمة لا يتم المغالاة في مهرها أو نفقتها في تأسيس بيت الزوجية كمن يتقدم لأخرى متعلمة.
الأمر الآخر الذي يشير إليه الدكتور إلهامي هو الرجل نفسه وهو يحب أن يكون هو الأفضل في كل شيء وعلمياً بالأخص لكونه يحب أن يكون الأذكى وصاحب القرارات السليمة ومصدر القوة.
كمال يلمح إلى أنه كلما حدث نضج واعتاد الإنسان على الاستقلالية والإدارة الذاتية والسير على وتيرة واحدة كلما كان من الصعب أن تدخل في عباءة الآخرين، كما أن هناك كما يقول عند النضج يظهر نوع من الخوف من الدخول في تجارب قد تفشل على عكس المراهقة التي ترى حيزاً محدوداً وطموحات أكبر وحباً للمغامرة.
الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه بجامعة الأزهر يقول: على الفتاة تقع مسئولية النهوض بمستواها الثقافي والجمالي، جمال الأخلاق، وجمال الخلق، فالأخلاق تتمثل في الاحتشام، والمحافظة، كما أدق عليها أن تتعلم المهارات المنزلية، وتزن الأمور بالعقل قبل العاطفة وألا تغالي في الصفات المطلوبة في الزوج، فالكمال لله وحده، ولا يوجد إنسان تتوافر فيه كل الصفات الشكلية والجوهرية من دين وخلق والتزام وماديات، وألا تجعل هذه الرغبات الخيالية وغير المنطقية عقبة أمامها تحولها مع مرور الأيام إلى عانس برفضها كل خاطب لا تنطبق عليه هذه الأوهام وتكابر حتى يلحقها قطار العنوسة والذبول والندم.
كثير من الشباب يفضلون زوجات أقل منهم في المستوى العلمي، وبعض الشباب لا يفضلون زوجة تخرجت من الجامعة، وانشغلت بالعمل وجمع المادة مع أن السن قد تقدمت بها، إن الإسلام لا يقف أمام تعليم الرجل والمرأة، وإنما يقف أمام تلك المظاهر الكاذبة التي انتشرت والتي كان لها الأثر السيئ في المجتمع الإسلامي، فلو فرضنا أن الفتاة قد أكملت دراستها بدون زواج، وأخذت الشهادات العليا فكم يصبح عمرها؟ ومن سيتزوجها؟ بعد أن تخطت سن الزواج؟ فأغلب الرجال يفضلون الفتاة صغيرة السن وتمتلئ البيوت بفتيات نادمات على رفضهن الزواج بحجة إكمال الدراسة، وآباؤهن الديمقراطيون لا يحركون ساكناً، ولا يقدمون النصيحة لهن، وتود الواحدة من هؤلاء الفتيات اللاتي حصلن على شهادة الماجستير أن تحرق لأنها أضاعت عمرها، وأوصت شبابها ولحقت بقطار العنوسة، حيث الرجل لا يريد زوجة، لم يتبق من عمرها إلا القليل حتى تصل لسن اليأس.
http://akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/299)
التمرد على الشيء بدون تمرد
ملاحظات حول مقال -العنوسة خير ألف مرة من الزواج من رجل في هذا الشرق البائس- لوجيهة الحويدر.
هدى أبو مخ
حين يصرخ القلم، يكون صعبا تجاهل الم الإنسان الممسك به. وحين قرأت مقالات الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر شعرت عمق الألم الإنساني المسير لها والمختزن في جسد كل جريمته احتواءه على التضاريس الأنثوية، وفي ذات الوقت تلمست عمق الاضطهاد الاجتماعي المولد لكل هذا الغضب.
وأنا في الحقيقة قرأت مقالات الحويدر بعد لفتة من قارئ عزيز أشاد بقوتها التعبيرية وبأسلوبها في عرض أرائها لدرجة التشابه بيني وبينها كما علق ذات القارئ. وأنا لا أنكر إعجابي الواضح بجرأتها على قول كلمة الحق بوجه قوة تسوق الباطل والاستبداد، لكنني لم أكتب حتما هذا المقال من أجل الإشادة فقط. فإلى جانب هذا الإعجاب بالكاتبة إلا أن لي بعض التحفظات التي ارتأيت وجوب لفت النظر إليها. مهم الإشارة إلى أن هذه التحفظات لا تتعلق بأسلوب تعبير الكاتبة ولا براديكاليتها، بل بمنهجيتها في التعاطي مع موضوع المقال بحيث يحتوي على مضامين تنافي غرض الكاتبة وأهدافها بلا وعي منها إلى ذلك كما اعتقد. فإلى جانب صرختها المتمردة على الظلم تبرز أصوات أخرى ذكورية - لم تستطع الكاتبة محوها بسبب استبطانها إياها لدرجة التعامل معها كأمور "مفهومة ضمنا". فتلك الأصوات تعمل بقوة على نسف صرخة الحق الأنثوية في هذا المقال- من خلال مصطلحات وتعريفات بناها ذات المجتمع الذكوري بنفسه ونصبها كحقائق. الكاتبة ترسخ هذا الصوت من خلال عدم مواجهتها إياه وفكفكته. وأنا في هذا المقال القصير أرمي إلى لفت النظر إلى هذه الأصوات، إلى تلك "النقاط العمياء" المتمردة على تمردها، بخدمتها لمصالح الثقافة الاستبدادية السائدة، التي تتمرد عليها الكاتبة.
في مقالها "العنوسة خير ألف مرة من الزواج من رجل في هذا الشرق البائس" والمنشور في الحوار المتمدن، أعلنت الحويدر تفضيلها لحالة ال"عنوسة" على الزواج بذكر مهزوم كالذكر الشرقي والمسلم، مع تفصيلها لتلك الهزائم.
تحفظي الأول والشديد- يتعلق باستعمال الكاتبة لمصطلح "العنوسة". الحويدر أنتجت وصورت حالة أبرزت فيها ثنائية مترادفة: "العنوسة" الذكر المهزوم، بحيث أنه أفضل وفقا للحويدر- للمرأة البقاء "عانسا" على الزواج بهذا الرجل المهزوم. "العنوسة" تصور هنا كأمر سلبي تماما كهزيمة الشرقي- ولكن وفي ذات الوقت "كأفضل الأمرين". الحويدر تعاملت بذلك مع "العنوسة" من ذات المنظور الذكوري الذي يرى بها أمرا سلبيا. برأيي فإن أسلوب تعاطيها هذا مع المصطلح والظاهرة لا يتمرد على كل ذلك الكم الهائل من المعايير والقيم الاستبدادية التي يخفيها المصطلح في طياته اللغوية وتداعياته على أرض الواقع، والتي تمكن ذات الرجل من استخدام "العنوسة" كحجة وسلاح لإضفاء الشرعية على نزواته ومصالحه المختلفة بصورة تبدو "في منتهى الأخلاقية" (كاستخدامه مثلا لظاهرة "العنوسة" في خطاب الدعوة لتعدد الزوجات من خلال الادعاء بوجوب التعدد من اجل "إنقاذ" أولئك النساء ممن لم يحالفهن الحظ بالزواج). عدم الاستخدام الناقد للمصطلح على يد الكاتبة ياتي بمفعول عكسي ومضاد لهدفها ونيتها المعلنة، وذلك بترسيخه للمفهوم بصيغته الذكورية السائدة والمتعارف عليها ك"طبيعيه" - أي، العنوسة كأمر سلبي يجب محاربته.
في ذات المقال أبرزت الحويدر مسألة الرجل المهزوم. بداية، لا اعترض بتاتا على حقيقة هزيمة الشرقي، فهي حقيقة واقعة. اعتراضي وتحفظي يتعلقان بمنهجيتها في التعامل مع الأمر من خلال قبولها بمعتقدات وصيغ وظائفية معينة يفرضها المجتمع على الأفراد فيه بناء على تركيبتهم البيولوجيه. ففي مقالها ذكرت الحويدر إن "عنوسة" النساء أفضل من الزواج برجال مهزومين. هذه الدعوة للنساء بعدم الزواج من "أولئك المهزومين" هي بحد ذاتها إشكالية كبيرة، إذ تعني قبول الكاتبة بهذا التوزيع للوظائف في المجتمع كما هو موجود في المجتمعات الذكورية: الذكر كبطل ومحارب يدافع عن وطنه وشرفه، فيما الأنثى كتلك التي تنتظر هذا البطل "لينقذها". هذا التصوير للرجال ك"هم" المهزومين، فيما نحن النساء اللواتي علينا رفض أولئك الرجال لفشلهم في القيام بهذه الوظائف التقليدية الملقاة عليهم على يد النظام الناطق بلسانهم، هذا التصوير يقوم عمليا بترسيخ هذا التقسيم الوظائفي للأفراد وأدوارهم في المجتمع، بدون أي نقد لمدى عقلانية الأمر. المرأة لدى الحويدر تبقى ذات "المرأة"، والرجل يبقى ذات "الرجل"، لكن على شرط قمع "هزيمة الذكر". بل وسأذهب بعيدا في أقوالي وادعي بأن الحويدر تقوم برأيي عن غير قصد- بتذكير الرجال بوجوب تأدية أدوارهم "الذكورية" كيلا تكون العنوسة "ذلك الأمر الشديد السوء"- حلا أفضل منهم.
تحفظي الأخير حول المقال يتعلق بأسلوب تعامل الحويدر مع "الهزيمة" الحويدر قامت بخلق هزيمة تتعلق بالذكر الشرقي وفصلها عن المرأة العربية (وكان المرأة تعيش خارج حدود واقع الهزائم). هذا الفصل بحد ذاته إشكالية كبيرة من حيث علاقته بالمعطيات على ارض الواقع. فالهزيمة في فلسطين ليست هزيمة الرجال فقط، والاحتلال لا يقع فقط على الذكور. إضافة إلى ذلك، المرأة تعيش الهزيمة بصورة مضاعفة: فعلى الصعيد القومي نحن نعاني أيضا من الاحتلال والامبريالية ونظم الاستبداد المعولمة، وعلى الصعيد الاجتماعي الضيق نحن نعاني من استبداد الأنظمة الذكورية المؤسسة بكل أجهزتها المنظورة والمخفية، وبكل وسائلها من تلك الأكثر عنفا (القتل على خلفية ما يسمى "شرف العائلة"، الاغتصاب، والقائمة طويلة) إلى اشد أنواعها شفافية وخفية لدرجة استبطان النساء إياها والتعامل معها كبديهيات طبيعية، تصل أحيانا إلى درجة إلغاء الذات(وإلا فكيف نفسر تأييد 75% من نساء مصر لختان بناتهن وفقا لبحث أجرته باحثة المصرية باسم د. فريال عبد القادر).
كان مهما لي الإشارة إلى هذه الإشكاليات والتناقضات الحادة في مقال الحويدر، والتي "تتمرد" على أهداف وروح الكاتبة كما تود إيصالها إلى قرائها، على أمل العمل على إصلاحها وإعادة تقييمها من خلال التعامل معها بمنهجية وإحكام أكبر من قبل الكاتبة، كي يكون تمردها تمرد مثمر ومبني على أسس أشد متانة تتيح له التشعب إلى وعي الإفراد بدون تلك "الأصوات" الصاخبة التي تقف له بالمرصاد متوعدة، وتقف بوجه امتداده كحقيقة منطقيه.
http://www.rezgar.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/300)
الخطاب الدعوي الموجه للفتاة .. إلى أين ؟!
إيمان الشوبكي
أدرك الجميع خطورة التهاون فيما حيك للمرأة على وجه العموم والفتاة على وجه الخصوص، وما كان تركيز الأعداء على المرأة إلا لمخطط قد حذر منه رب البرية في كتابه العزيز، يوم أن بدأ بالمرأة قبل الرجل في قضية الزنى حينما قال الزانية والزاني ... (النور2)، وأيضاً الخبيثات للخبيثين ... والطيبات للطيبين ... (النور26) فما كان هذا إلا إبرازاً لأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع.
لذلك وجه الأعداء سهامهم تجاه نقاط الضعف فيها لتكون هي نقطة ضعف الأمة، وليطعن من خلالها الإسلام في عفته وفي شرف ذريته، ثم ظهر الخطاب الدعوي بكل مدخلاته نحو توجهات الفتاة، بعد أن عانى من نتائج تدابير طويلة منذ كان الاستعمار وما قبله للوصول إلى المرأة.. الفتاة.. الزوجة.. العاملة.. الداعية.
فلقد تأخر الخطاب الدعوي كثيراً ومازال متأخراً ويواجه صعاباً وخناقاً ويضيق عليه من كل اتجاه. فالفتاة ضُللت أفكارها وقُيدت مواهبها واختُصرت في جسدها فانحرفت سلوكياتها.
والزوجة.. هجمت عليها هجمة شرسة باسم التجمل والتزين، وبالغت حتى صارت لا تنام ولا تستيقظ إلا على أحدث ما يجري للجسد من تصغير أو تكبير.
المرأة الموظفة.. حصرت مبادئها في ارتفاع مستوى المعيشة، فالمادة هي التي تحكمها، فانعدمت القناعة وزاد الطموح فجنح بعيداً عما أراد به الإسلام أن يخدم دعوته.
المرأة الداعية.. حوصرت بفتاوى ملفقة ولي أعناق النصوص حتى صار الحليم حيران شبهة أو شهوة؟ فالشبهات كثيرة وقد تفتح باب الشهوات، وتلك طامة كبرى لأن "زلة العالِم زلة للعالَم".
لقد كان الخطاب الدعوي قابعاً في سبات عميق داخل بيوت ومؤسسات لا تقبل سوى المتدينين والملتزمين، حتى أدرك الدعاة حجم الخطر وهجمته الشرسة، فتوجه بكل ما يملك من ضعف في الإمكانات المادية والبشرية، ولكن يملك قوة إيمانية بشرية تمحق الباطل وتهزم الجمع، بيد أن هذه الغفلة أورثت لدى الناس الوهن والضعف والاستسلام، فكان على الخطاب الدعوي أن يعالج الوهن في الإيمان.. والضعف أمام نزوات الإنسان وشهواته الأرضية.
فالخطاب الدعوي أمام ثلة ليست بالقليلة ولكنها ضعيفة، ومع ذلك لاقت وللأسف الشديد رواجاً كبيراً لدى التفكك الأسري وانحراف أفراده داخل بيوتهم.. مدارسهم.. مكاتبهم.. أمام شاشاتهم وهواتفهم، فلقد يسرت لهم المعصية والفاحشة وهم داخل غرف نومهم.
وأصبح أمام مفاهيم جديدة اختلطت فيها الحرية بالانحلال والكبت بالالتزام، فصار الولي للمرأة بمثابة قانون حجر عليها وهي كاملة الأهلية كما يزعمون، وأيضاً قوامة الزوج والأب سياج الظلم الذي سجنت داخله الزوجة والأولاد كما يدعون.
فالخطاب الدعوي أمام قضية ترتيب الأوراق وتعديل المفاهيم وتصحيح السلوك وتثبيت الضعيف وتدعيم القوي، ولن يتأتى ذلك إلا من أناس قلوبهم تحترق أمام قضية الخيرية التي فضلنا بها على الأمم وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن قضية إخراجنا من عبادة العبيد لعبادة رب العبيد، فالخطاب الدعوي ليس حكراً على أحد دون الآخر، غير أن العلماء والدعاة لهم الخصوصية في ذلك، وأما غيرهم فكلٌ ميسر لما خلق له وكلٌ له دوره.
فالمؤسسات المعنية بالمرأة: تتوجه نحو الفتاة بنشاط يخصها ويخص قضاياها وتخاطبها بما هي أهله وبالطريقة التي هي أهل لها.
الداعيات: أذبن الفوقية في بوتقة الأخوية حتى يستقبلن منكن ويستجبن لكنّ، وانسين الدونية مهما كانت القضية، فإن الله - عز وجل - يقبل التوبة عن عباده بل يخاطبهم وهم عصاة بقوله عز من قائل قل يا عبادي الذين أسرفوا على" أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... (الزمر53)، فإن كل إنسان معرض للخطأ، فما بالك بفتيات شارك في تربيتهن من لا يرجو للإسلام خيراً؟!
ولا تكن عباراتك بائسة منفرة ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك (آل عمران 159).
خذي شكلك ولباسك الشرعي دعوة لها لتقبل على الالتزام.
انتبهي أختي الداعية، فإن عيون الفتاة معقودة عليك، الخير عندها ما صنعت، والقبيح ما تركت.
ارتقي بمستوى اهتمامات الفتاة وتوجهي بتفكيرها إلى قضايا إسلامية داخلية وخارجية حتى تتسع دائرة اهتمامها وتشعر بأهمية حمل هم الإسلام والمسلمين.
أيقظن النائمة ونبهن الغافلة وعظن العاصية، كلاً على حسب استيعابها، ولا يكن الخطاب موحداً لهن جميعاً، فهن شريحة ليست بسيطة أو هينة حتى يستهان بدورها فتلحق بالأطفال أو النساء، فهن لهن اهتمامات وتفكير يستحق منا أن نخصص لهن داعيات مؤهلات يعرفن كيفية الوصول إلى هذه الفئة لأنها أمل الأمة ومستقبلها.
لا تبدأن بالنهي دائماً، دون التعريف بعواقب هذا النهي أولاً، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما جاءه الشاب يستأذنه في الزنى وضح له الأمر ثم دعا له وأظهر المحبة والعطف عليه.
ومن ثم جاء الإيضاح لسبب النهي لما فيه من الفساد والإفساد، وإن كنا مأمورين بالسمع والطاعة دون إبداء الأسباب.
أيتها الأم: أنت حصن هذه الأمة، فإن وهن الحصن انهار البنيان، فانظري في نفسك بإصلاحها أولاً، فإن من لم يستطع إصلاح نفسه لن يستطيع إصلاح غيره، وتربية الأجيال تحتاج إلى جهد ومثابرة واحتساب كما تحتاج إلى ارتقاء في مستوى مدخلات ومخرجات التربية، لذلك قومي بواجبك تجاه ربك وراعي الرعية وحافظي على الهدية والمنة حتى تنجي من عذاب رب البرية.
أما الأب: فدوره أشمل وأعم من أن نختصره في هذه السطور والكلمات، لأن مهامه كثيرة والاهتمامات أكثر تجاه الدعوة المكلف بها في كل محيط يعايشه، ولكن لا ينسى دوره كزارع يتابع ويراقب نبتته حتى يجني ثماراً ندية.
أيتها الفتاة: لا تتركي نفسك للغرق يتخطفك الطرف الأقوى، فأنت قوية. هل تقبلين أن تكوني كالمرأة الإسفنجية أو الاتكالية أو السلبية وتحيّدين دورك على التلقي فقط؟ لا.. ولكن كوني مبادرة.. بدعوة غيرك وفعالة في بيئتك مؤثرة فيمن حولك، تحددين هدفك المنبثق من هويتك وانتمائك للإسلام، فيكون هدفك أين كان وحيث كان يرمي إلى الإسلام وخدمته. كوني حرة بالمعنى الحقيقي ولا تكوني حرة الحروف أسيرة المعاني فأنت حرة عزيزة قوية بالإسلام، فأعداء الإسلام يريدونك أن تظلي كما أنت غافلة عن قوتك التي يخافون أن تستيقظي لها فتسلطيها عليهم فتفسدي ما جمعوا وما فعلوا. فباغتيهم بإفساد مخططاتهم، وما سلطوه عليك لإغوائك، عاودي الكرّة عليهم بدعوة غيرك وإصلاح نفسك ومن حولك.
لا تكوني أسيرة معطيات تيار فاسد، لقد اختصروك في جسدك يوجهونك أحياناً للإيقاع بالفريسة أو لجمع مال أو لترويج سلعة، فهل تقبلين أن يكون هذا هو وزنك ومقدارك؟ لا والله..لن تقبله عفيفة مثلك ولن يقبله لك مسلم عاقل ولا إسلام، فقد أعزك وكرمك حينما تمشين متسترة عن أعين تجرحك أو تخدش حياءك وعزة نفسك وجمال إيمانك.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/301)
السعودية .. العوانس فوق المليون !
عبد الله بالخيل
كشفت دراسة مَسْحيّة حديثة أن نسبة العنوسة في المجتمع السعودي قد وصلت إلى أكثر من مليون ونصف المليون عانس خلال الفترة الأخيرة.
وأشارت الدراسة التي أعدّتها وزارة التخطيط السعوديّة إلى أن عدد الفتيات اللواتي لم يتزوجن، وبلغن سن الزواج وصل عددهن (1.529. 418) فتاة في مختلف المدن السعودية، وقد احتلت مدينة مكة المكرمة النسبة الكبرى بوجود (396248) فتاة، ثم منطقة الرياض بوجود (327427) فتاة، وفي المنطقة الشرقية (228093) فتاة، ثم المنطقة الشمالية ووصل عدد العوانس فيها إلى (159. 392)، بينما وصل مجموع العوانس في المنطقة الجنوبية من السعودية إلى(311199) ألف عانس.
وأوضحت الدراسة أن عدد الفتيات المتزوجات في السعودية بلغ مليونين و(638) ألفاً و(574) امرأة، من مجموع عدد الإناث البالغ أربعة ملايين و(572) ألفاً و(231) أنثى، كما أن هناك ما بين عشر وخمس عشرة حالة زواج لسعوديين من إندونيسيات شهرياً، وتبلغ أحياناً (25) زيجة، حيث يعمل معظمهن خادمات في المنازل.
وترتفع المهور بشكل لافت في السعودية مما حدا بالمسؤولين إلى السعي في تشكيل لجان خيرية لمساعدة الشباب على الزواج بتحمل جزء من تكلفة مستلزمات الزواج عنهم، وفي شكل موازٍ تنتشر مؤسسات الإسكان الخيري التي تبني شققاً سكنية وتؤجرها بمبالغ مخفضة للمتزوجين حديثاً وفق أولويات الترشيح.
كما ظهرت هناك دعوات من شيوخ بعض القبائل في السعودية إلى تقليل المهور وتكاليف الزواج، وبعض هذه القبائل استن قانوناً يمنع تقديم مهر فوق المبلغ المقرّر من شيخ القبيلة للحدّ من ظاهرة العنوسة وسط فتياتهم.
11/5/1426
18/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/302)
العنوسة .. والعزوف عن الزواج ..
القضية التي تؤرق البيوت الآمنة
تحقيق منار الحمدان
فتاة: أهلي رفضوا كل الخطاب والآن فاتني القطار
مواطن: زوجت بناتي عن طريق الإهداء
ظلت قضية عزوف الشباب عن الزواج من القضايا الملحة التي باتت تقلق المجتمع وترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية أخرى لا تقل عنها أهمية إلا وهي قضية تنامي معدلات العنوسة في المجتمع السعودي بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الجمعيات الخيرية ومشاريع إعانة الشباب على الزواج .. فما هي أبعاد القضية وما آثارها الاجتماعية وما الأثر الاقتصادي والثقافي في تفاقم هذه المشكلة حتى وصلت إلى معدلات غير مسبوقة؟ وما رأي الدين وعلم النفس وعلم الاجتماع ورأي الشباب والشابات في هذه القضية التي لامست ركائز مجتمع يعد أكثر المجتمعات تماسكاً ومحافظة وحرصاً على تعاليم الدين والعادات والتقاليد المستمدة من الإرث الثقافي الحضاري الإسلامي.
شروط الفتيات
الشباب يلقون باللائمة على الفتيات اللاتي يطالبن بما يفوق قدرات المتقدمين للزواج وإمكانياتهم المادية خصوصاً وأغلب الشباب هم من حديثي التخرج الباحثين عن العمل أو الذين يعملون برواتب ضعيفة ويبحثون عن تحصين أنفسهم وإكمال دينهم بما يرضي الله.
فماذا تقول الفتاة المتهمة بالغلو والمغالاة؟
الأخت كوثر راشد ترى أن مطالبة الفتاة بمنزل مستقل للزوجية حق من حقوقها لكنها تقول في بعض الحالات يكون الشاب هو الوحيد لدى والدته.. وليس لديه أخوة ووالده متوفى فلا بد أن يظل مع أمه في ذات المنزل الذي ترعرع فيه.. وعلى الفتاة أن تتفهم ذلك وكوني امرأة ليس لي من بعد الله غير ابني الوحيد فسأواجه هذه المشكلة مثلما واجهتها من قبلي بعض الأمهات.
توافقها الرأي أم عبد الرحيم فتقول: منذ فترة طويلة وأنا أبحث عن عروس لابني وحينما أذهب لرؤيتها وفي بعض الأحيان قبل أن أراها تشترط وجود منزل خاص .. مع العلم بأن ابني هو ولي أمري وليس لدي سواه وزوجي متوفى.
غلو.. وتعجيز
بعض الفتيات يضعن شروطاً تعجيزية للعريس وأحياناً تشارك أسرة الفتاة في وضع تلك العقبات والمتاريس التي تمنع إتمام الزواج فيظل الشاب عازفاً عن الزواج وتظل الفتاة عانساً.. وحول هذه الشروط تقول فوزية حسن: كلفني أحد أقاربي بالبحث له عن عروس، وعند قيامي بتلك المهمة عايشت نماذج وأنماطاً لطلبات وشروط تعجيزية سواء من الفتيات أو من أهلهن.. فكان أول سؤال طرحته أحداهن .. هل هو جامعي ولديه منزل خاص به فإن لم يكن جامعياً فلست موافقة على الارتباط به.. كما لاحظت أن غالبية الفتيات يركزن على الوضع المالي للعريس .. ويكون الثراء من أهم شروط القبول فتكون الشروط من جهة الفتاة تارة ومن جهة الأهل تارة أخرى، وأحياناً يكون ذلك هو رأي الجانبين معاً.
ماذا يريد الشباب؟!
هنا تلقي الفتيات بالكرة في ملعب الشباب ويتهمنهم بوضع الشروط المبالغ فيها .. وتقول الأخت أم سعيد : تقدم لابنتي أكثر من خاطب، فكان بعضهم يضع شروطاً لا يقبلها العقل والمنطق ، وليست من الدين في شيء .. ومن ضمن الحالات التي تؤكد مبالغة بعض الشباب في الشروط.. حينما هاتفتني الخاطبة "الوسيطة" تسألني عن مواصفات المخطوبة .. قالت لي هذا الرجل متزوج من امرأة على درجة عالية جداً من الجمال ويريد ألا تقل الزوجة الثانية عن الأولى في الجمال وقد تقدم لأكثر من فتاة ذات جمال لافت للنظر.. لكنه كان يبحث عن الأجمل، وقد رأى عشر فتيات يتمتعن بجمال مميز لكنه لم يقتنع بإحداهن فظل يبحث عن الأكثر جمالاً.. ويبالغ أكثر في شروطه بطلب مهاتفة المخطوبة قبل عقد القران.. وقالت لقد رفضنا ذلك لأنه لا يحل لهما التحادث قبل عقد القران..
وفي ذات الإطار قالت موضي نهار: ظللنا نبحث فترة طويلة فنجد بعض مواصفات المخطوبة ولا نجد البعض الآخر، فشروط ابني أن تكون بيضاء جميلة وذات شعر ناعم وغير قصيرة ومازلنا نبحث عن شروط لم نجدها مجتمعة في شخصية واحدة.
رؤية مخطوبته
للشباب آراؤهم ومواصفاتهم الخاصة فهم يعتقدون أن هذه شراكة عمر فلابد أن يكون اختياره موفقا ودقيقاً فلا يقتنع بعضهم برؤية "الخاطبة" ويريدون أن يروا بأنفسهم حتى يكون حكمهم نهائياً وقبولهم حجة عليهم وعن قناعة تامة.
فالشاب أحمد يقول إن بعض الأسر ترفض أن يرى الخاطب مخطوبته.. وأنا لا أقتنع برؤية الخاطبة، ولا حتى رؤية أخواتي، أو أمي أريد أن أراها بنفسي حتى أحدد بعد ذلك رأيي عن قناعة وكذلك من حقها أن تراني.. وتبني قبولها أو رفضها عن حكم ذاتي "وليس من رأى كمن سمع".
عريس مرفوض
مثلما للشباب شروطهم فإن للفتيات شروطهن ومواصفاتهن الخاصة.. وفيما يتعلق بالسن على وجه الخصوص .. وعادة ترفض الفتيات الشاب الذي تعدى الثلاثين من العمر .. وفي هذا الصدد يقول الأخ ش . ع:
وصلت سن الخمسين ولم أتزوج بعد وكلما تقدمت لفتاة لم يسبق لها الزواج ترفض ذلك .
و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بعضهن يعتقد أن سبب تأخري عن الزواج إما يعود لعدم استقامتي أو أنني أتعاطى المخدرات .. مع العلم بأنني على استقامة من أمري .. وأعمل ولله الحمد وأموري كلها سوية.
ويوافقه الرأي الأخ عامر ويقول : حينما بلغت الثلاثين، قررت الزواج، والمشكلة التي واجهتني هي رفض الفتيات وبعد فترة طويلة من البحث والرفض وجدت الفتاة التي قبلت بي وكان الرفض دائماً يأتي من جهة الفتيات الصغيرات اللاتي يعتقدن بأنني كبير في السن ولكني كنت أتقدم لفتيات يصغرنني بأربع أو خمس سنوات فقط..
ماذا تقول الخاطبات؟!
قضية عزوف الشباب وعنوسة الفتيات مازالت على بساط البحث، وعند الخاطبات الخبر اليقين طالما هن قد خبرن مداخل الزيجات وتحدثن إلى كلا الطرفين.. فهن أكثر من يملك أسرار هذه القضية.. فماذا تقول الخاطبات في هذا الصدد؟
أم حسن إحدى الساعيات لتزويج الشباب من الجنسين فهي متطوعة للبحث عن زوج لكل فتاة تعرفها والبحث عن زوجة صالحة لكل شاب يهمها أمره.. دون مقابل مادي.
وتقول انها ترجو الثواب من عند الله وترى ان تفاقم مشكلة العزوف عن الزواج ومشكلة العنوسة سببها الشروط والمواصفات المبالغ فيها من كلا الطرفين وكثيراً ما تؤثر الأطراف المحيطة بالعروسين في مجريات الأحداث ويكون تأثيراً سلبياً على سير خطوات الزواج ويجد الشباب والفتيات أنفسهم تحت تأثير تلك الأطراف التي لا تقدر حجم المسؤولية. ومن واقع تعاملها مع هذه القضية تقول أم حسن:
في إحدى المرات وجدت لإحدى الفتيات شاباً مناسباً وهو سوي وخلوق، وتم الاتفاق بين أهلها وأهله وبعد الموافقة على الزواج تم رفضه من قبل اخوتها بحجة انه يسكن في منزل بالإيجار.
أما الحالة الثانية فقد اشترطت الفتاة على من يريد الزواج منها ان يكون لديه سيارة وفيلا وسائق خاص أي تريد زوجاً ثرياً.. وبعض الفتيات تشترط ألا يكبرها الخاطب بأكثر من عامين أو ثلاثة.. وهناك بعض الشباب الذين يضعون شروطاً عجيبة، وقد شعرت بالحرج الشديد عندما كنت مضطرة ان أسأل إحداهن كم طولها بالسنتيمترات.. وهناك من يطالب ان تكون الفتاة شبيهة لممثلة أو فنانة معينة وحينما طرحت هذا السؤال لإحدى أمهات المخطوبات واجهت انتقاداً شديداً فكنت في موقع من يدافع ويبرر السؤال بأنه ليس مني.. بل من مواصفات الخاطب.
شروط موضوعية
هناك من المواصفات والشروط مايكون مناسباً ولايحمل أي طابع مبالغة أو تعجيز فبعض الشباب يشترط ان تكون الفتاة محافظة على صلاتها ومن أسرة متدينة وعلى قدر من الجمال.
وتضيف أم حسن: من العقبات التي تقف حائلاً دون إتمام الخطوبة مواصفات "السن" فأحياناً أجد كل المواصفات التي طلبها الخاطب إلا ان عمر الفتاة يكون أكبر من السن المطلوبة.. فعادة تطلب مني فتيات ان أبحث لهن عن خاطب يكون عمره بين العشرين والثلاثين.. وحينما يطلب مني خاطب ان أبحث له عن فتاة معينة.. ويكون عمره مناسباً "أي فوق العشرين ودون الثلاثين تكون مواصفاته متوافرة لدى فتيات يكبرنه في السن.. ويكون بعض الشباب متزوجين ويشترطون فتيات صغيرات.. فهذه المفارقات تقف دائماً دون تحقيق الزواج.
مجرد زواج
حينما يطالب ابن العشرين بفتاة تصغره سناً هذا يعني أنه يرغب في ذات الثماني عشرة أو ما دون ذلك.. فماذا يكون مصير ذات الأربع والعشرين والأكبر منها.. قطعاً سيكون منطقها.. لقد فاتني قطار الزواج فأتمنى الا تفوتني فرصة الإنجاب.. فيكون قبولها بالزواج في هذه الحالة لمجرد أنها تزوجت وحسب، وتنتفي هنا عناصر الاختيار والقناعة والتوافق والميول وما إلى ذلك.. حول هذه النقطة يقول سامي سلوم.. موظف حكومي يبلغ الثامنة والثلاثين من العمر.. ان عدم التفاهم يؤدي إلى عدم الانسجام.. وان الحياة الزوجية تبنى في الأساس على التفاهم.. أما إذا تم الزواج من غير ذلك فهو ناقص في نظري.. وأضاف قائلاً: حينما أتقدم لخطبة الفتاة وفي حال سماح الأهل برؤيتها بوجود محارم فهل تستطيع هي ان ترفض بأي حجة كانت أم انها ستوافق حتى لو لم يكن هناك ميول هذا ما يقلقني.. ومن الصعب أن أتزوج من فتاة لا ترغب في أو أنها توافق على الزواج مني لمجرد أنها تزوجت في نظر الآخرين وهذا سبب عزوفي عن الزواج.
أسباب وراء مشكلات الزواج
ما رأي علم النفس في هذا الخلل الاجتماعي المتمثل في عزوف الشباب عن الزواج، وعنوسة الفتيات.. يرى الدكتور عبدالحميد الهاشمي استاذ علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز في كتابه "علم النفس التكويني اسسه وتطبيقه.. من الولادة إلى الشيخوخة".
الزواج أمر طبيعي ونتيجة عادية للرجل الطبيعي خلال عقده الثاني أو الثالث من عمره الزمني، وهناك من يصل إلى الأربعينيات، وحتى إلى مابعد الخمسينات وهم عازبون.. لقد قدمت بحوث عديدة في مجال مشكلات ا لأسرة والزواج بدراسة احصائية أكدت انه في كثير من الدول توجد أزمة زواج نتاجها تفاقم ظاهرتي العنوسة والعزوف عن الزواج وكانت عينة الدراسة مكونة من مائة رجل أعمارهم مابين 2550 عاماً ينتمون إلى عشرين دولة من آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وكانوا جميعاً بصحة جيدة ولهم وظائف أو مهن توفر لهم مايكفيهم للانفاق على أسرة.
فما هي الأسباب إذاً؟!
قال فريق منهم ان أزمة السكن المستقل هي العائق الوحيد دون تحقيق الزواج.
وقال آخرون: وهم يعملون في وظائف "محترمة": إن الزواج مسؤولية مالية لم نستعد لسداد نفقاتها الباهظة.. "كون هذه الفئة بدأت الحياة العملية مؤخراً ولم يعد بمقدورها تحمل متطلبات الحياة الزوجية".
وفيما يرى استاذ جامعي وطبيب ان الطلاب والمرضى يشكلون أسرة بالنسبة لهما ولا حاجة لتكوين أسرة في ظل العمل المتواصل الدؤوب.. يقول آخرون: إن الزواج مغامرة غير مأمونة العواقب لذلك هم يترددون في اقتحام عالمها.
هناك فئة أخرى تقع عليها أعباء اجتماعية مثل من يعول أماً وأباً أو إخوة صغاراً ويرون ان الزوجة المثالية التي ستشاركهم تلك الرعاية غير موجودة.
ويعزي آخرون الأسباب في تأخر الزواج إلى الحياة المدنية والمادية العصرية التي أدت إلى انحدار بعض الشباب من الجنسين في وحل مايسمى بالحب.. وبعد فوات الأوان يستيقظ كل منهم على واقع يكون بعيداً عن عتبات الزواج المستقر.. وظلت فئة من الشباب تبحث عن الزوجة بمواصفات خاصة حتى وصلوا سن الخمسين دون تحقيق الهدف.
انتظار السراب
كما لاحظنا قد يرفض أحد الطرفين الآخر لعدم توافر شرط معين قد لايكون مبدئياً.. ثم تفوت الفرصة ولا يتم الزواج لا منه ولا من غيره.. لذلك يجب الا يكون التشدد والتطرف في المواصفات هو سيد الموقف.. بل المرونة، والاعتدال والواقعية والوسطية.
فعلى الطرفين عدم انتظار المثالية التي قد لا تتوافر في أي شخص على الاطلاق.
وقد تحمل الفتاة أو الشاب الخاطب صفات طيبة ومزايا حميدة.. وتوجد لديه صفة بسيطة قد لايرغبها الطرف الآخر.. فإذا تنازل أحدهما عن ذلك وتم الزواج ربما يستطيعان معالجتها بهدوء.. وفي حالة عدم التنازل ربما يفوت قطار الزواج فتبقى الفتاة في منزل أبيها بقية حياتها وقد يبقى الزوج بلا زوجة أيضاً.. وللأسف نجد بعض الأهل يتسببون في ذلك ويحرمون الطرفين من نعمة الزواج والاستقرار ومضاعفة معدلات العنوسة والعزوف عن الزواج.
فعلى الشباب والشابات إبداء المزيد من المرونة وعدم تفويت الفرص المواتية. وهنا تقول المرشدة الطلابية نهى فارس: يجب على كل شاب أو شابة مقبلين على الزواج التنازل عن بعض المواصفات فليس كل ماترسمه مخيلة الفرد هو بالضرورة موجود على الطبيعة أو في متناول اليد تحديداً.. فالمثالية التي تتوخاها في زوج أو زوجة المستقبل قد لانجد لها واقعاً على الأرض اطلاقاً، وكم من فتاة قابعة اليوم في منزل أهلها تعض أصابع الندم وقد أضاعت الفرص بسبب تمسكها بشروط محددة أو تمسك أهلها واصرارهم عليها.. وكم من فتاة تعاني حالة نفسية سيئة بسبب رفض الأهل لخاطب قد تكون راغبة فيه.. ولكن شروط الأهل (بعض الأهل) غير المنطقية حرمتها من الحياة الزوجية.
حيث لا ينفع الندم
حول البواعث التي تقود إلى العزوف عن الزواج، وارتفاع راية العنوسة تحدثت ز. ع لم تتزوج بعد، عمرها حوالي الثلاثين عاماً تقول.. كان كلما يتقدم لي شاب يرفضه والدي بأسباب أو من دون أسباب.. وكنت وقتها صغيرة وكبرت على هذه الوتيرة حتى بلغت هذه السن ولما توقف سيل الخاطبين وتعارف الناس على رفضنا ندم والدي في الفترة الأخيرة ندما شديداً في وقت لاينفع فيه الندم ودفعت أنا الثمن غالياً.
كما تحدث الشاب سليم قائلاً: من العقبات التي أراها تتسبب في عزوف الشباب عن الزواج جشع بعض الخاطبات ومطالبتهن بمبالغ كبيرة نظير البحث عن عروس فبعضهن يطالب بما يزيد على الأربعة آلاف أو خمسة وكأنها عروس أخرى.. فإذا كانت الخاطبة تطالب بهذا المبلغ فكم تكون الشبكة.. مما يوقع بعض الشباب في الاحراج فيكلف بعضهم والدته أو إحدى اخواته بهذه المهمة على الرغم من انها من اختصاص الخاطبة.
وللعلماء كلمة
الدكتور عمر سعود فهد العيد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم العقيدة والمناهج المعاصرة تناول تعريف العنوسة وقال: هي تجاوز الفتاة زهرة الشباب وحدد سن العنوسة بـ 3035 سنة والأمر متروك للعرف ويرى د. العيد ان غلاء المهور من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تأخير زواج الشباب إضافة إلى مايترتب على ذلك من ديون يظل الشاب يعانيها فترة طويلة وذكر ان شاباً تزوج ورزق بستة أبناء ولم يستطع سداد مهره بسبب غلاء المهور.. ولهذا يؤمر أولياء أمور النساء بخفض المهر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
وقد زوج "- صلى الله عليه وسلم -" شاباً بأن يُعلِّمَ زوجته سوراً من القرآن الكريم. وقال للشاب التمس ولو خاتماً من حديد.
ومن الأسباب التي أدت إلى تأخير الزواج احتجاج البعض بإكمال الدراسة مع العلم بأنه يمكن اتمام الزواج وإكمال الدراسة معاً خصوصاً ان لدينا شواهد عظيمة للعلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات الذين واصلوا تعليمهم بعد الزواج ويوجد اليوم عدد من الطلاب المتزوجين والمتفوقين في ذات الوقت وقد أتاحت بعض الكليات قبول الطلاب المتزوجين الذي أثبتوا تفوقهم العلمي والأخلاقي وفي المعاملة كما أنشأت هذه الكليات صندوقاً لمساعدة راغبي الزواج وهذا يؤكد ان التعليم لم يكن في يوم من الأيام حائلاً دون الزواج بل هذه حجة واهية وعلى الشباب وأهل الفتيات تجاوزها.
ومن الأسباب والحجج الضعيفة أيضاً ما يطلق عليه البعض تأمين المستقبل.. فكثير من الشباب بصرف النظر عن الزواج لعدم وجود السكن والوظيفة.. ما لم يكن والده مقتدراً وذا مال فلا مانع في هذه الحالة.
وقد قال الله - عز وجل - {وّأّنكحواٌ الأّيّامّى" مٌنكٍمً وّالصَّالٌحٌينّ مٌنً عٌبّادٌكٍمً وّإمّائٌكٍمً إن يّكٍونٍوا فٍقّرّاءّ يٍغًنٌهٌمٍ اللَّهٍ مٌن فّضًلٌهٌ وّاللَّهٍ وّاسٌعِ عّلٌيمِ}.
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "ثلاثة حق على الله عونهم ثم ذكر منهم الناكح يريد العفاف".
ويضيف د. العيد.. ومن الأسباب أيضاً وجود بعض العادات والتقاليد التي تلزم الابن ألا يتزوج إلا من ابنة عمه وقد لايوجد التناسب الفكري والعقلي.. وقد لا تكون على جمال.. وبسبب ذلك يؤخر الزواج.
ولعل من الأسباب أيضاً ما ذكره بعض الكتاب من تأثير وسائل الإعلام حيث تجد ان بعض الفنانين أو النجوم لايتزوجون إلابعد سن الأربعين باعتبار الزواج سجناً لهم.. وأعرف شخصاً تزوج وهو فوق سن الأربعين ويقول كنت أعيش حراً طليقاً والآن صرت أسيراً ولكن هذا تفكير خاطئ ونوع من الجهل يجب ألا نتأثر به بل يجب الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهو يقول "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج".
وحث بالمسارعة إلى الزواج وأعرف أحد الأحبة تزوج وهو في الصف الأول الثانوي وأكمل تعليمه وهو متزوج وهو الآن دكتور وأبناؤه دعاة إلى الله ولم يبلغ الأربعين إلا وأبناؤه كبار شباب فرح بهم وهو في ريعان شبابه ونفعوه.
وإذا طلب الابن الزواج فعلى الوالد ألا يمانع حتى لو كان ابنه طالباً.. ويرى شيخنا عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ان الأب يجب ان يزوج أبناءه من نفقته حفاظاً على دينهم وصلاحهم.
وسائل الخطبة
ويواصل الدكتور عمر سعود العيد حديثه قائلاً: لو أخذ الناس بالهدي النبوي لما احتاجوا إلى خاطبة أبداً.. فقد جاءت امرأة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعرضت عليه نفسها.. وتوجد لدينا بالمملكة ولله الحمد مكاتب لتنسيق أمور الزواج فهناك مكاتب متخصصة في كل من جدة والقصيم وعن طريقها يمكن التقريب والتوفيق بين الطرفين وليس في ذلك حرج ولاعيب كما ان الجمعيات الخيرية تؤدي دوراً مهماً في هذا الجانب وكذلك مأذونو الأنكحة والقضاة ومكاتب الدعاة.
فعمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق ورفض ثم عرضها على عثمان.. وليس في ذلك مخالفة للأعراف أو التقاليد، فعمر - رضي الله عنه - من أعرف الناس بتقاليد العرب ومن أشرف الأنساب.. وبعد ذلك خطبها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وعلى الخاطبة ألا تخدع أحد الطرفين بمعسول الكلام وان تتقي الله ولا تنظر كم يدخل جيبها.. فإن صدقت نيتها فقد يثمر جهدها بيتاً مسلماً يؤسس على التقوى وذرية تنشأ على الصلاح والتعاون على البر والتقوى.. أما بالنسبة للمخطوبة التي ترضى بالسكن مع أم زوجها فإنها تؤجر على ذلك ثم ان حبها لزوجها سيجعلها تحب من يحبه زوجها ألا وهي أمه وثالثاً انها ستعين زوجها على أعظم الأعمال وهي بر الوالدين.. وان رفضت ذلك فربما تعاقب بمثله عندما تصبح أماً وربما تطرد..
وقد تكون أم زوجها امرأة خلوقة وذات دين تدعو لها بدعوات صالحة يتقبلها الله. وفي الماضي كان الأب والأم يسكنان مع أبنائهما وزوجاتهم بقلوب متآلفة ومحبة ويعيشون حياة سعيدة.
تكاليف الزواج
وعن ضيق ذات اليد.. وارتفاع تكاليف الزواج ودخول الشباب في مديونيات لا طاقة لهم بها يقول الدكتور العيد: الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خيرهن أيسرهن مؤونة" وحتى في حالة اثقال كاهل الزوج بالديون فالأمر يعود على الزوجة بمردود سيئ.. وإذا أصبح الزوج عاجزاً عن سداد ديونه عدة سنوات فإنه سيبغض هذا الزواج وهذه الزوجة، وعادة الزواج الذي يبدأ بمعصية وإسراف وخيلاء وكبر يفشل.
وأنا أعرف زواجاً كلف 150 ألف ريال فقط لقصر الأفراح وبعد اسبوعين رجعت العروس إلى منزل أهلها.. وعندما يخالف الناس هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقعون في المحاذير ومن أهمها تزويج من لا يصلي وتزويج أهل المعاصي والفسق من باب الحرص على المال دون النظر إلى الدين الذي أمر به الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - على كل من الزوج والزوجة.
زوجت بناتي بالإهداء
هذا نموذج فريد، يريد الخير لابنته ويخشى مخالفة الشرع، ويتأسى بالسنة النبوية الشريفة ولا تغريه مفاتن الدنيا.. يقول ع. س: لا أرى عيباً في البحث عن زوج صالح لبنتي.. والحمدلله قد زوجت اثنتين من بناتي عن طريق الإهداء.. فقد أسررت إلى أحد أصدقائي الذي أثق في صدقه وأمانته ان إذا رأى شاباً سوياً مستقيماً يريد الزواج ان يتحرى منه ويخبرني به وبالفعل بعد ان تحرى صلاح ذلك الشاب وأخبرني به.. ذهبت إليه وتعرفت عليه وعرضت عليه ابنتي وأخبرته بمواصفاتها فتم الزواج وكذلك أختها بالطريقة نفسها والآن هما موفقتان في زواجهما وكان زواجاً بسيطاً ليس فيه تكلفة إلا ما استطاعها الشابان بيسر والحمدلله وذلك عين الصواب وفي ذلك الزواج وفي أمثاله بركة وتوفيق لا يدركهما إلا من قام بذلك عن إيمان ويقين.
بعيداً عن البذخ والخيلاء
وفي أحد نماذج الزيجات التي تعمل على إرساء عادات إسلامية نابعة من صميم الدين الحنيف وبعيداً عن تقاليد العصر وعن التكاليف المكبلة والمسببة الإحراج لأهل العروسين تحدثت هيام حمود، وهي حديثة عهد بالزواج: لقد تزوجت زواجاً متواضعاً مبسطاً برضى الطرفين وقد طلبت ممن تقدم للزواج مني ان يكون غير مكلف.. وكانت كل مراسم الفرح تتمثل في حضور العريس واستقبله أفراد أسرتي وكنت مستعدة في المنزل وتم الزواج بهذه الصورة المختصرة المبسطة والحمدلله حالفنا التوفيق.. مع العلم بأن والدي ثري بإمكانه عمل كل مظاهر البذخ والخيلاء ولكن أردنا التوفيق الذي يكون من عند الله وليس بأوجه الصرف البذخي والتبذير الذي نهى عنه الله - تعالى -. وحسب التجربة اعتقد ان الزواج كلما كان مبسطاً تحققت فيه السعادة بشكل أكبر لأن السعادة شيء نفسي ووجداني لايمكن للمال أو المظاهر إيجادها مهما بلغ مبلغها.
وهذه أم رشيد تتحدث عن جانب آخر في تيسير لأمور الزواج وكسر لأحد الحواجز التي كانت تعوق إكمال الزواج وتؤدي إلى تأخيره أو ربما تفويت الفرصة على الفتاة حتى تصير عانساً.
إذ تقول في السابق كان الأهل يرفضون رؤية الخاطب للفتاة قبل الزواج مهما كان الأمر ولكن حالياً تغيرت المفاهيم وتنامى الوعي لدى المجتمع فصار الكثير من الناس يتفهمون ضرورة ذلك فقد تم تزويج حفيدتي وسبق زواجهما رؤيتهما من قبل الخاطبين .. وأهمية هذه الرؤية أنها تبعث بالاطمئنان وترسخ القناعة لدى الطرفين حتى إن كان هناك رأي أو تحفظ فليحدث قبل عقد القران وهما الآن في غاية السعادة في زواجهما وما أود قوله ألا يمانع الأهل في الرؤية الشرعية بحضور المحارم.
أضاعوني.. أضاعوني(82/303)
كثيراً ما يجني الأهل على ابنتهم من حيث يدرون أو لا يدرون.. في هذا الشأن تقول س. ر موظفة بأحد المراكز الصحية: لم أكن أبالي بأي خطبة تقدم إلي في الماضي.. وكان أهلي كلما تقدم إلي خاطب يرفضون بحجج واهية.. حتى بلغت الثانية والثلاثين من العمر وتوقفت طلبات الزواج ولم يعد يتقدم إليَّ أحد إلا من كان متزوجاً ولديه أطفال أو من كان أرملاً كبيراً في السن.. وحتى الخطاب من هم فوق الأربعين يرفضون من هي في مثل سني فقبل أسابيع تقدم لي رجل في الأربعين ولديه أربعة أبناء وحينما علم بسني رفض واشترط أن تكون المخطوبة في حدود الثانية والعشرين من العمر ... فالسن صارت عائقاً أمام الزواج .. وهذه العقبة كثيراً ما يصنعها الأهل في بدايات طلبات الزواج على ابنتهم الشابة ومع مرور السنوات تكبر البنت ويقل الخطاب.
وتساءلت س. ر إذا لم يرغب فيّ من هو فوق الأربعين ولديه أطفال فمن يقبل بالزواج مني وهل أتزوج من هو في سن أبي؟ وما سر عزوف الرجال عن الزواج عمن في سني حتى الذين تجاوزوا الأربعين.
المفاخر الهدامة
الأخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني من المستشفى الوطني ترى أن التفاخر بفخامة مناسبات الزواج من أهم الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج وتقول : في الوقت الذي تراجعت فيه المهور كثيراً عما كانت عليه في السابق نجد الأغلبية من الناس تنظر لمناسبة الزواج بعين التفاخر والتباهي .. فصار حديث المجتمع عن الزواج أين كان قصر الأفراح وبكم تم استئجاره ومَنْ مِنْ الفنانات أحيت العرس .. لكنهم لا يسألون كم من الديون تراكمت على هذا العريس ومتى يقوم بسدادها وهل إمكاناته المحدودة تسمح بذلك.
نعم قلت المهور نسبياً ولكن ارتفعت تكاليف الحفل وارتفعت الديون .. فالكثير من الشباب صار يتردد في الزواج عندما يرى المجتمع يهتم بهذه البنود البذخية الاستفزازية فكلما سألت شاباً لِمَ تأخرت عن الزواج يقول : تكاليف الزواج والجوال والانترنت والمهر والحفل.. و.. والخاطبة هذا إذا لم يكن الخاطب متزوجاً ولا يريد أن تعلم زوجته بذلك فهنا ترتفع تكاليف الخاطبة.
فارق السن
وترى الأخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني أن الفارق البسيط في السن بين الزوجين مهم إن لم يكن ضرورياً ويفضل أن يكون الزوج أكبر من الزوجة بخمس أو سبع سنوات من أن يكون في مثل سنها خاصة الذين يتزوجون وهم في سن المراهقة فيكون تفكير الزوجين بمستوى واحد أي يكون تفكيراً شبابياً ليس فيه شيء من النضج والحكمة والتعقل.. وأما الفارق الكبير في السن فهو ليس جيداً أما حينما يكون الزوج عاقلاً وحكيماً وصاحب تجربة في الحياة ويكبر زوجته في حدود خمس أو سبع سنوات فهو خير لها من زوج في سنها خاصة إذا كانت هي في بداية العشرينات أو أقل من ذلك.
وفي ختام كلمتها شددت الأخصائية الاجتماعية على ضرورة أن يضع كل شاب وكل فتاة نصب عينيه كيف يبني حياة زوجية مستقرة قوامها الأمان والثقة وتثبيت أركان الأسرة .. ولا يقوم ذلك إلا بالتفاهم والنظرة الواقعية للحياة وألا يكلف أحدهما شريكه فوق طاقته.. فالله لا يكلف البشر إلا ما بوسعهم فكيف بنا نحن بني البشر، وعدم اتباع المظاهر الخادعة والمفاخر والتباهي الذي يهدم الأسر ويقوض بناء المجتمع وان تحترم الزوجة أم زوجها باعتبارها أماً لها وذلك دليل على تقدير الزوجة لزوجها ومحبتها الصادقة له وألا يكلف الآباء من يتقدمون لخطبة بناتهم فوق ما يطيقون بل يساهموا في تيسير أمور الزواج فإن في ذلك تسهيل لبناتهم وستراً لهن أو تحقيقاً لسعادتهن.
وألا يبالغ الشباب في المواصفات التي يستقيها البعض من وسائل الإعلام أو من عروض الجمال والمناظر المزيفة التي تعكسها بعض القنوات الفضائية فالأهم الجمال المناسب وقبل ذلك
الظفر بذات الدين.
http://www.al-jazirah.com.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/304)
أدركي نفسك قبل فوات الأوان ؟
أختاه...
يا ملكة الطهر ويا رمز الفضيلة والعفة...
أدركي نفسكِ قبل فوات الأوان... !!!
وقبل دنو أجلكِ وانقضاء عمركِ...
فالأنفاس محسوبة والأيام معدودة...
ولن ينفعكِ الندم حين يأتي لأخذكِ من بين أحبابكِ...
ولن يستطيع أحد منعه أو تأخيره ولو لثواني... !!!
بل سيأخذكِ رغماً عنكِ.. !!!
وستشربين من كأسه، أرضيتي أم أبيتي... !!!!!
وستتجرعين من غصصه وتذوقين كغيركِ من البشر... !!!
أتدرين عما أتكلم.... !!!!
وبم أنذركِ.... !!!!
إنه...... ؟؟؟!!
(الموت)
قال - تعالى -: {كل نفسٍ ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}
وليته فقط يأخذ روحكِ وينتهي كل شيء... !!!
لكن... !!
ماذا بعد الموت!!!
ماذا بعد مغادرتكِ من دار الدنيا... !!!
هل ستكونين في نعيم دائم نسأل الله الكريم من فضله.. !
أم في شقاء دائم والعياذ بالله.. !!
إذن...
لابد لكِ من أن تمسكي نفسكِ عن كل ما يغضب الله..
فهناك ملكان عن يمينٍ وشمال..
يدونان كل ما نفعله ونقوله..
نسأل الله أن يتجاوز عنا ويغفر ذنوبنا..
فالملك اليمين هو أمير على ملك الشمال..
إن فعلت سيئة فإن ملك اليمين يأمر ملك الشمال..
بعدم كتابتها إلا بعد 6 ساعات..
لعل العبد يتبع السيئة حسنة..
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
".. فاتبع السيئة الحسنة تمحها.. "
وقال - تعالى -: (إن الحسنات يذهبن السيئات)
http://www.moslimway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/305)
لا تحزني
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
* يا فتاة الإسلام.
* أيتها المؤمنة القانتة.
* أيتها الدرة المصونة، والجوهرة المكنونة.
السلام عليكِ ورحمة الله - تعالى -وبركاته، أما بعد:
* فلا تحزني لأن الله - تعالى - شرَّفكِ بالإسلام، ورفعكِ بالإيمان، وجعلكِِ شقيقةً للرجل ومثيلةً له قال - تعالى -: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (سورة الأحزاب: 35). وليس هذا فحسب بل قد أنزلك منزلةً رفيعةً عندما كرَّمكِ بالانتساب إلى أُمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ومن سار على نهجهن من النساء الصالحات، والعابدات القانتات، والمؤمنات الصادقات. اللواتي قال فيهن الشاعر:
فتشبَّهُوا إن لم تكونوا مِثلهم....... إن التَّشبه بالكِرام فلاحُ
* لا تحزني وقد أنصفك الإسلام يوم أن جعل منك البنت المصونة، والأُخت الغالية، والزوجة المكفولة، والأم الحنون، والجدة الموقرة. واعلمي أن هذه المنزلة العالية، والمكانة المتميزة لم تكن لتُمنح لك لولا أنك أمينةٌ على أبنائه، وحافظةٌ لكيانه؛ فلا تُفرطي في أداء هذه الأمانة العظيمة، واحتسبي ما تبذلينه من جهدٍ ووقتٍ في ذلك عند الله جل جلاله، فهو الذي لا يُضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أُنثى.
* لا تحزني وأنتِ متمسكةٌ بحجابك الشرعي الساتر لكل ما أمر الله بستره لأن في هذا الحجاب عزةً وكرامةً لا يذوق حلاوتها إلا من آمنت بالله رباً، ورضيت بالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً، فعن العباس بن عبد المطلب t أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ذاقَ طعمَ الإيمانِ، من رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ نبيّاً " (رواه الترمذي، الحديث رقم 2623، ص 591). وإياك ثم إياك أن تنزعي هذا الحجاب، أو تتهاوني في الحفاظ عليه؛ فهو أمرٌ من الله - تعالى -ليُجنبك الأذى، قال - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (سورة الأحزاب: 59). وهو هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء به ليُميز المرأة المسلمة عن غيرها من النساء وليُربيها على خُلق الحياء منذ نعومة أظفارها، فتعيش بإذن الله في سعادةٍ وسرور، وتسلم من الوقوع في الرجس والفجور، ويرضى عنها العزيز الغفور. ولله در من قال:
لا تُعرضي عن هدي ربك ساعةً *** عضي عليه مدى الحياةِ لتغنمي
ما كان ربُكِ جائراً في شرعه *** فاستمسكي بعُراه حتى تسّلمي
ودعي هراء القائلين سفاهةً *** إن التقدم في السفور الأعجمي
* لا تحزني وأنت ممن شرفها الله - تعالى -بحمل رسالة الإسلام في البيت، وفي المدرسة، وفي مكان العمل، وفي كل زمانٍ ومكان؛ وكوني قدوةً صالحة في دينك ودنياك، وعلمك وعملك، ومأكلك ومشربك، وملبسك وزينتك، وكلامك وصمتك، و في كل شأنك. وأعلمي أن لكل عملٍ غاية، ولكل مشوارٍ نهاية.
* لا تحزني وأنت تعلمين أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة، وأن السيئة بمثلها، ولا تنسي بارك الله فيك أن الله - تعالى -يعفو ويتجاوز عن عباده بفضله ورحمته وكرمه. لا تحزني وأنت ملازمةً لبيتك، محافظة على أداء واجباتك، قائمة بما افترضه الله - تعالى -عليك من العبادات والطاعات؛ واعلمي أن في عدم الاختلاط بالفارغات واللاَّهيات نعمةً كبيرةً لا تُقدَّر بثمن؛ إذ أن في البعد عن هؤلاء راحةً للبال، وهدوءا للخاطر، وسلامة للنفس، وبعداً عن الخطأ.
* لا تحزني وأنتِ محافظة على ذكر الله - تعالى -ملازمة للاستغفار، فإن في كثرة الاستغفار وملازمة الإنسان له ارتياحاً من الهموم، وسلامةً من الغموم، ووسيلة لطلب السعادة وراحة البال. جاء في الحديث عن ابن عباس عن معلم الناس الخير - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من لزم الاستغفارَ جعل الله له من كل ضيقٍّ مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب " (رواه أبو داود، الحديث رقم 1518، ص 234). وعليكِ بارك الله فيك بالإكثار من التسبيح والحمد والتكبير والتهليل والاستغفار، وترطيب اللسان بكثرة ذكر الله - تعالى -لتحصل لك الطمأنينة، قال - سبحانه -:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28).
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/306)
حول ظاهرة العنوسة في العالم العربي
ياسر الزعاترة
آخر الإحصاءات التي تابعناها خلال الأسابيع الأخيرة حول ظاهرة العنوسة كانت من تونس والأردن بعد إحصاءات مذهلة من مصر، ففي الأولى ارتفع عدد النساء العازبات من 990 ألفاً في العام 1994 إلى أكثر من مليون وثلاثمائة في العام 2004، والنتيجة هي أن 38% من النساء قد أصبحن في عداد العوانس.
في الأردن، وبحسب دراسة جديدة لجمعية العفاف، فقد انخفض المعدل العام للإقبال على الزواج بشكل تدريجي خلال العقدين الماضيين، وقد بلغت نسبة النساء العازبات في العام 2004 (40%) من النساء، أما نسبة النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج في الأعمار (15-49) فكانت 35% في العام 1979، فيما هي في العام 2004 (71، 8%).
لا شك أننا إزاء ظاهرة خطيرة، وفيما يرى الحداثيون أن الحل هو "تمكين المرأة"، بحسب مصطلح تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول، والذي سيخصص الجزء القادم (الرابع) منه لذات العنوان، فإن ما يلفت الانتباه في الحالة التونسية على سبيل المثال هو تزامن ارتفاع نسبة العنوسة مع ازدياد عدد العاملات من النساء، فعندما كانت العازبات في العام 1994، 990 ألفاً كانت النساء العاملات نصف مليون، وعندما ارتفعت العازبات إلى مليون و300 ألف كانت العاملات 733 ألف امرأة، ما يشير إلى تناسب طردي بين المسألتين.
من المؤكد أن عنوسة المرأة العاملة هي أقل وطأة عليها وعلى أسرتها من عنوسة امرأة تجلس في البيت وتتعرض تبعاً لذلك لمشاكل نفسية، وربما اجتماعية واقتصادية، لاسيما بعد وفاة الوالدين، لكن العلاقة بين القضيتين تبقى مهمة في مجتمعات كثيراً ما تأخذ فيها المرأة مكان الرجل في العمل، وبخاصة الأعمال المكتبية في البنوك والدوائر الرسمية، الأمر الذي يحرمه من القدرة على الزواج، في حين يعجز عمل المرأة من دون الزواج عن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي لها، كما يعجز في كثير من الأحيان عن تحسين الوضع الاقتصادي للعائلة بسبب الكلفة الكبيرة لخروجها اليومي من البيت، فضلاً عن مساهمته المحدودة في تحسين الوضع الاقتصادي العام قياساً بما يحدث في الغرب الذي يحتاج الأيدي العاملة لمصانعه ومؤسساته، وله القدرة المعقولة على التشغيل قياساً بالدول الفقيرة والنامية. ولا تسأل بعد ذلك عن تأثيرات خروج المرأة من البيت على الزوج والأبناء في مجتمعنا في ظل أسر لا يقل عدد أبنائها عن ثلاثة إلى أربعة في معظم الأحيان.
يعيدنا ذلك كله إلى البعد الاقتصادي لمسألة العنوسة كما ذهبت دراسة جمعية العفاف، وهو بعد يتداخل بالضرورة مع البعد الاجتماعي الذي لا يقل أهمية ، ذلك أن الإحصاءات لا زالت تشير إلى تساوي عدد الذكور مع الإناث في بلادنا، ومقابل كل أنثى لا تجد زوجاً ثمة بالضرورة شاب عازب أو آخر ترك البلاد وتزوج من أجنبية.
ولو بحثنا عن السبب الحقيقي خلف عزوف ذلك الشاب عن الزواج فلن نجد سوى السبب الاقتصادي، ومن ورائه السبب الاجتماعي، ذلك أن من غير الضروري أن يكون الشاب العازف عن الزواج عاطلاً عن العمل حتى يعزف عن الزواج، إذ يكفي أن يكون ما يجنيه من دخل أقل من المعدل اللازم لإتمام عملية الزواج، والأهم لمتابعة كلفة المعيشة بعد الزواج.
هنا تأتي المسألة الاجتماعية، ليس فقط من باب العقد المبالغ فيها إزاء الزواج الثاني بالنسبة للقادرين، بل أيضاً، وهذا هو الأهم، من باب الطقوس الاجتماعية الأخرى، إذ وصلت كلفة الزواج إلى رقم كبير يحتاج الشاب إلى زمن طويل كي يؤمنه، والسبب بالطبع هو العادات الاجتماعية التي أخذت تضع سقفاً عالياً لشروط الزواج ومتعلقاته من الأثاث إلى البيت وكلفته ومساحته.
من المؤكد أن ثمة حاجة لتحسين الوضع الاقتصادي، لكن أمراًَ كهذا لن يتم بين يوم وليلة، كما لن يتأثر بمناشداتنا، وإذا شئنا الدقة فإن ما نطمح إليه في معظم الدول العربية هو بقاء الحال على ما هو عليه وعدم التراجع، الأمر الذي يدفع إلى التركيز على البعد الاجتماعي المتعلق بشروط الزواج وكلفته، ومن بعده شروط الحياة المقبولة بالنسبة للشاب والفتاة حتى يتم الزواج ويستمر.
من المؤكد أن لعبة المظاهر وحياة الاستهلاك قد أتت على الكثير من قيم الرضا والقناعة في حياتنا، وهو ما جعل استمرار الحياة أمراً في غاية الصعوبة، وإذا لم يحدث تغيير يعيد الإنسان إلى نهج الرضا بالقليل فإن الأمور ستسير من سيء إلى أسوأ، وستزداد ظاهرة العنوسة من عام إلى آخر، الأمر الذي سيترك آثاره على حياتنا الاجتماعية برمتها. نسأل الله اللطف والستر.
http://www.attajdid.ma المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/307)
الاستخدام الصارخ للمرأة كوسيلة ترويجية
الإعلانات الهابطة تسيء للمرأة وتخدش حياءها!
مجلة المتميزة: لكرامة المرأة أهمية كبرى لا يمكن بدون صونها تخيل مدى ما تحدثه في المجتمع من تغيرات لها أثرها السلبي، والمسألة هنا تتجاوز حالة الإرشاد لتلامس قيم الفرد والعائلة، لذا فإن الإساءة للمرأة، أو محاولة تتفيه وضعها وإبراز وطأة الإغراء فيها بصورة بهيمية أو استثمارية، ضمن إعلانات تجارية سلبية، تنال من رفعة أخلاقياتها، وتخدش حياءها وتجعل المرأة لحيية تنظر إلى المجتمع وكأنه يتعمد إهانتها والإساءة إليها.
إلى الآن لم يتمكن أصحاب الإعلانات التجارية الذين يحاولون اختراق حشمة المرأة كمخلوق نظير للرجل، ويقدمونها عن عمد بشكل مغر، وفي صورة تبرز فيها شيئاً من مفاتن جسدها أن يبرزوا أسوأ اختيارهم كي تكون المرأة موضوعاً رئيساً في الإعلان.
إن تقديم المرأة نصف العارية (مثلاً) ضمن إعلان تجاري يُرغّب الناس لاقتناء بضاعة ما، يعد من قصور النظرة، وربما الابتعاد عن الأعراف الأخلاقية مما يحدث حالة من الإرباك لدى العوائل السوية، التي يتفاجأ أفرادها على حين غرّة بإعلان تلفزيوني سريع يبرز شيئاً في مفاتن جسد المرأة أمام أفراد العائلة (ذكوراً وإناثاً) مما يتنافى وعلاقة الاحترام والاحتشام فيما بينهم، حيث الأب مع بناته، أو الأخ مع أخواته، وتدفع المرأة المشاهدة للإعلان مهما كانت درجة عفتها، ضريبة الكيد لمعنوياتها من حيث لا ترغب، جراء ذلك الإعلان.
وما دامت الإعلانات عن المرأة تظهرها وكأنها سلعة مكملة للسلعة التجارية، التي يتحدث أو يعبر عنها الإعلان المعني، بما يحويه ذلك الإعلان من الخلاعة، التي تسيء لإنسانية المرأة، فإن المسؤول الأول عنه هو المعلن ((الوسيلة الإعلانية)) ثم يليه المعلن له، فقد جعل التساهل من قبل الرقابات الإعلامية أرباب الاستهداف يتمادون في المحظور بنشر الإعلانات المنتقصة من احترام موقع المرأة في الحياة عبر صناعة إعلانية قاتمة، يجني القائمون عليها مبالغ طائلة.
إن شعار (لا للإعلانات الساقطة) يخص أيضاً موضوع الإعلانات عبر الملصقات الكبيرة المعلقة، أو الملصقة أحياناً على العديد من واجهات المحال ومنعطفات الطرق، حتى ليكاد سكوت المجتمع عنها يعد بمثابة رضا أو غطاء ضمني.
إن إبداء بعض الملاحظات حول الإعلانات السلبية المثيرة للغرائز لدى المراهقين والمراهقات، يغير الكثير من قناعاتهم في ضرورة حفظ قدر من الاحتشام، كي تبقى الإناث في كل عائلة في وضع يكافئ الذكور من حيث المعنويات، والحرص على أن يكون الموروث في العرف الأخلاقي على أمثل صورة بينهما، وبعبارة أخرى فإن الجزئية الهابطة في نموذج الإعلان التجاري المقدم ورقياً أو المعروض تلفزيونياً، فيها ما يسيء للمرأة.
لقد أثبتت الدراسات المتعلقة بالإعلانات الساقطة تجاهل كرامة النساء في وسائل الإعلام المختلفة، سواء في التلفزيون أو في المجلات النسائية، أو في الصحافة بشكل عام، إذ غالباً ما تظهر الإعلانات تماذج الفتيات فيها، وكأنهن متصالحات مع أجسادهن بتلك العروض المشاكسة لفطرة المرأة المحافظة لكرامتها من خلال جسدها.
أما بالنسبة للمرأة المسلمة فإن صور الإعلانات المنشورة والمذاعة عن المرأة عموماً، تسبب لها شعوراً بالامتعاض باعتبارها المرأة التي تملك النموذج الأفضل في حجابها الوافر لشدة عفتها، لذلك فإن فعاليات الإعلان المسيء لنموذج المرأة السوية، مسألة مرفوضة قلباً وقالباً عندها.
وبخصوص الإعلانات الغربية الدعائية في مجال الإثارة والمسيئة للمرأة العربية أو المسلمة، فتلك قضية خبث أولئك الغربيين وحقدهم، الذين يتعاملون مع فن الإعلان من موقع الإساءة لنساء عربيات ومسلمات، لم يطلعوا على ضوابط الحشمة لديهن، متناسين أن حرية المرأة الغربية المزعومة، قد أوصلتها إلى الحضيض في كثير من الأحيان والمناسبات.
فقبل سنين عرض التلفزيون البريطاني إعلاناً تجارياً فلمياً يقدم شخصا إنجليزياً أشقر يقدم إلى مواطن عربي أسمر شفرة حلاقة واحدة أثناء ما كانا مجتمعين في حفل ترقص قيه فتاة عربية سمراء على رمال صحراء في وقت الغروب، فإذا بذاك العربي يتنازل عن زوجته لحساب ذاك الشخص الغربي الذي تأبط زوجته مقابل تلك الشفرة.
أي إسفاف هذا! وأي مغالطة تلك! وأي ذلة تلك التي جعلت هؤلاء يتندرون بأمتنا!
إنها التبعية المقيتة التي أعطينا لهم زمامها، فما علينا إلا الرضوخ حيث وجّهُونا!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إن الزمن قد تغير كثيراً في توجهات علاقاته بين الشرق والغرب، وعلى الجميع أن ينتبهوا إلى أن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب كرامة المرأة وسمعتها بأي حال من الأحوال في الإعلانات التجارية وغيرها..
18 - 03 – 2005
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/308)
نساء .. ولكنهن مثل عليا
د.عبد الحليم عويس
يعيش القرآن في قلوبنا يزكيها وينمي فيها الخير والخلق الطيب والإيمان الراسخ واليقين الصادق بالله - عز وجل - ويروي لنا أمثلة وقصصا، عبرا وعظات، ولا سيما قصص الأنبياء مع أقوامهم وبعض الصور المضيئة في حياتهم. ولم ينس القرآن المرأة، بل قص علينا حكايات عدة، منها ما يدعونا لأن نتخذ امرأة أو أخرى نبراسا ومعلما ومنارة نستضيء بنورها وآثارها حتى نكون مثلها على سواء الصراط.
ومنها ما يحذرنا من نماذج سيئة تركت أسوأ الأثر في الأسرة والمجتمع الإيماني. يقول جل شأنه: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما (10)} [التحريم]. وقال - سبحانه - بعدها مباشرة في آخر سورة التحريم: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين (11) ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين (12)} [التحريم].
هكذا يظهر لنا القرآن ببلاغته السامية المعجزة.. كيف يمكن للزوجة أن تقضي على سعادة زوجها وتهدم بنيان الأسرة في قصة نبي الله لوط عليه السلام، وكيف عاندت وزوجة نبي الله نوح - عليه السلام -، ولم تنفعهما نبوة زوجيهما، ولا نصحهما لهما فباءتا بالخسران المبين.
كما يصور لنا القرآن عظمة الإيمان الذي حول قلب آسيا عن زوجها بكل ما يملكه من متاع الدنيا الفاني لكنها كفرت به وقالت: {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} [التحريم: 11].
والعذراء مريم حفظت دينها وعفتها وصانت حقوق ربها فقالت لها الملائكة: {... إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين} [آل عمران: 45].
نشأت في الهيكل وزكريا - عليه السلام - خالها يتولى أمرها ويرعاها، وفجأة تأتيها البشارة جزاء عفتها وعبادها وتبتلها في محرابه.. ويخبرها جبريل أن الله سيهب لها غلاما ذكيا معجزة من المعجزات يولد دون أب، تحمل فيه دون اتصال برجل، وتلوم البتول حظها وتتمنى لو كانت لقيت حتفها قبل هذه البشارة، فكيف تواجه بني إسرائيل، سيوجهون لها أبشع التهم وسيرمونها بالسوء والمنكر والفحشاء، ويسكن الله روعها لتعلم أن من قدر لها هذا الأمر سوف يكفلها ويحميها وولدها، {فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} [مريم: 26] وتظهر المعجزة ويولد نبي الله عيسى - عليه السلام - ليقول لهم بعد أن اتهموها فأشارت إليه {قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (30) وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (31) وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا (32) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} [مريم: 30 - 33]، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (تكلم في المهد أربعة صغار، شاهد يوسف، وابن ماشطة بنت فرعون، وعيسى بن مريم، - عليهما السلام -، وصاحب جريج) كما قال عليه الصلاة وأفضل التسليم: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا امرأة فرعون ومريم ابنة عمران).
وها هي أم موسى (يوكايد بنت لاوي بن يعقوب) في مشهد من مشاهد حياتها التي تعلمنا منها الثقة بالله والتوكل عليه واليقين في نصره.. وانتصار ذلك على مشاعر الأمومة المرهفة وخوف الأم الطاغي الطبيعي على وليدها (موسى - عليه السلام -)، فيقول جل شأنه مخاطبا نبيه موسى: {إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى (38) أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل} [طه: 38 - 39] ويقول عنها: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} [القصص: 7].
أطاعت ربها رغم خوفها على وليدها من بطش فرعون الجبار المعاند، ولذا وهبه الله الحياة.. ثم تنتقل آيات سورة القصص لنموذج آخر فريد من أسرة موسى - عليه السلام -، تلك هي أخته (مريم بنت عمران بن قاهت) وهي غير مريم أم المسيح فتلك (مريم بنت عمران بن ماشان) أحد علماء بني إسرائيل.
رأت مريم بنت عمران أخت موسى ما فعلته أمها بأخيها تنفيذا لأمر الله، وتوصي الأم ابنتها بترقب مصير أخيها الرضيع وحين استقر به المقام عند شاطئ قصر فرعون خفق قلب الأم بقوة {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين (10) وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون} [القصص: 10 - 11] ويقص الله على نبيه موسى بعد أن صار شابا يافعا ما فعله الله في صغره ممتنا عليه بتعداد نعمه التي أظله بها منذ صغره فيقول:
{وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون (12)} [القصص: 12]
إذ يأبى الطفل الرضاع من جميع المرضعات التي قدمن لإرضاعه.. وهكذا يسوق الله بلطفه ومحكم تدبيره الطفل النبي لأمه من جديد {إن ربي لطيف لما يشاء} [يوسف: 100].
وينمو موسى ويشب قويا عاقلا رزينا مخلصا لله طائعا، لكنه يخطئ خطأ دون عمد.. يقتل مصريا دفاعا عن رجل من بني إسرائيل.. دون قصد منه أو نية.. ويحذره الرجل المؤمن من آل فرعون فيفر إلى مدين هاربا من مصر، وهناك يسوقه القدر إلى بين الرجل الصالح شعيب - وليس هو النبي فقد كان النبي شعيب غير متزامن مع النبي موسى - عليه السلام - ويرى الفتاتين تذودان: {قال ما خطبكما} [القصص: 23]؟ {قالتا لا نسقي حتى) يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} [القصص: 23]، {فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} [القصص: 24]، {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين (25)} [القصص: 25]، {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} [القصص: 26]، {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين} [القصص: 27].
وتزوج بعد السنوات المحددة من الفتاة التي عرفت بفطنتها أمانته وقوته وقدرته على العمل.. سقى لهما ودفع الزحام بقوة، ثم لم ينظر إليها حين دعته لأبيها، بل سار أمامها ودعاها لأن تصف له الطريق.. ثم عرفت كيف تكون زوجة صالحة حين صحبته إلى مصر تاركة موطنها وأهلها لتشاركه في حياته برأيها وحنانها وحسن عشرته..
ألا لمثل هذا فلتعمل النساء!!
http://www.aldaawah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/309)
جولة تاريخية في قضية المرأة بين الشرق والغرب
عبد الباقي شرف الإسلام
الحمد لله الذي خلق فسوى وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وضمن الحياة السعيدة لمن أطاعه في الدارين، سواءً كان ذكراً أو أنثى، وصلى الله وسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..
لقد أشرقت شمس الرسالة المحمدية على أرض جاهلية ممقوتة، فاستضاءت بنور الوحي واستنارت بنور الله، واستطاع النبي الأمي أن يحيي الأرض الموات، ويوقظ القلوب النائمة، ويجري في البلاد والعباد أكبر حركة إصلاحية عرفتها البشرية، ولم تكن توجيهات النبي الأمي مجرد مواعظ تدغدغ المشاعر أو نظريات فلسفية بعيدة عن رجل الشارع، وإنما جاء النبي بالهدى ودين الحق، جاء بالعلم النافع والعمل الصالح، وجاء بحلول لمشاكل المجتمع الكثيرة، لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يملك الدنانير الكثيرة ليستقطب بها الأعيان، ولكن كان يملك عقيدة يربط القلوب بخالقها ويحرر العباد من عبودية العباد ليشرفهم بعبودية رب العباد. وعندما رأى الناس أن هذا الدين يثلج القلوب ويضمن الحقوق ويساوى الفقير بالغني دخل الناس فيه أفواجاً.
وقبيل انتهاء الرحلة المحمدية وفي ذلك المحفل التاريخي في عرفة، ألقى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - خطبة سمعها الألوف، وكان في الحشد الفقراء كما الملوك، وكان يوماً مشهوداً أكمل الله فيه الدين، وأتم الله فيه النعمة، ورضي لأهل أم القرى ومن حولها هذا الدين الجديد، وكان هذا اللقاء بمثابة "قص الشريط" إيذاناً بانطلاق المشروع الحضاري الذي سيقوم به خير أمة أخرجت للناس، وأكد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموقف حقوق الخالق والمخلوق في خطبة قصيرة المبنى عظيمة المعنى، ولو أتى رجل غربي اليوم بعشر معشار ما جاء به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من مبادئ حقوق الإنسان لعدوه بطلاً قومياً، ولدرسوا أعماله في الجامعات والمعاهد، ولقتلوا رسائله وخطبه مناقشة وبحثاً.
وبعد هذه المقدمة يحسن بي أن أدخل في صلب الموضوع الذي عزمت الإسهام فيه، فأقول:
كانت المرأة الجاهلية مظلومة من أم رأسها إلى أخمص قدميها، منذ ولادتها إلى وفاتها. فإن سلمت من الوأد فهي لا تسلم من وأد حقوقها، ولا أستطرد في هذا لأن المثقف العربي يعرف ذلك ويعرف جيداً النقلة الهائلة التي نقلتها عن طريق الإسلام، وعرّفتها بواجباتها وحقوقها، وضمنت لها إن فعلت ذلك أن تلج الجنة من أي الأبواب شاءت، فكانت بعد الإسلام ابنة مكرمة في بيت أبيها وزوجة ودودة في بيت بعلها وأماً محترمة في بيت ابنها، بعد أن كانت قبل الإسلام سلعة رخيصة في بيتها أو في أبيات شعر عشيقها.
وينطلق المشروع الحضاري الذي ابتدأ في أم القرى ليشمل كل الجزيرة العربية، ثم تشرق شمس الإسلام على إمبراطوريتي فارس والروم، ويدخل الجم الغفير من الأعاجم في هذا الدين الجديد ليجد فيه الناس -رجالاً ونساءً- بغيتهم ويتحرروا من الرق الذي كانوا يعيشون فيه؛ من استعباد الملوك المستبدين واستعباد الأحبار والرهبان اللذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، وعندما يطلق الخلف شعار "تحرير المرأة" فإنهم يعنون في الحقيقة إدخالها من جديد في "العبودية الجاهلية" التي حررها السلف منها.
ويشاء الله - عز وجل - أن يحجب عن أوروبا المعاصرة شمس الرسالة المحمدية، فتظل في جاهلية ظلماء تعيش في عبودية معقدة أحكم نسيجها الملوك المستبدون ورجال الكنيسة والإقطاعيون، أما في الشرق الإسلامي فنور على نور، حكام وعلماء يصلحون شؤون البلاد والعباد، ويمخرون بسفينة الحياة بكل أمان. حركة حضارية متعددة الاتجاهات؛ في العمارة والبنيان، في الطب والفيزياء، في الرياضيات والكيمياء، في علم الإجتماع وعلم الفلك.. وقبل ذلك كله علم الكتاب والسنة وعلم العمل بهما الذي هو مفتاح الحضارة وسر رقي الأمم "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (الأعراف: من الآية96).
ولم يُسمع عن تلك القرون المتتالية بالرغم من كثرة المصادر التاريخية التي تحكي تفاصيل حياتهم- ثورة نسائية تطالب بـ "التحرير"، ولماذا تطالب به وهي محررة من شباك أرباب الشهوات!؟ معززة ومكرمة في بيت أبيها وزوجها، تقوم بواجب الزوجة والأم وتصنع الرجال ليصنعوا هم بدورهم حضارة بشرية كما يريدها الله.
ويصطدم الغرب المتخلف بالشرق المتحضر أثناء الحروب الصليبية، ويثبت الغرب في تلك الحروب بكل جدارة تخلفهم في حقوق الإنسان ومعاملة الآخر، وقد فوتوا على أنفسهم "فرصة العمر" للدخول في دين تحرر رجالهم كما نسائهم. ثم عادوا إلى ديارهم بعد أن عاثوا في الأرض الفساد- بنفس دينهم ولكن لازمت مظاهر الحضارة الإسلامية مخيلتهم وانبهروا بالمجتمع الشرقي المتحضر وما فيه من مظاهر المساواة والحرية والرحمة والنظام والعلم والتقنية وكل مقومات الحياة، وبدأ تأثر الضعيف بالقوي، حتى أن بنات الأرياف في أجزاء من أسبانيا تغطي شعرها إلى اليوم، ولا شك أن حال الضعيف سيصلح إن كان تأثره بأمة متحضرة تقوم بأمر الله، وهكذا بدأ الأوروبيون نهضة حضارية في الكشوفات الجغرافية والتجارب العلمية، وكلما تقدموا في ذلك ظهر لهم جلياً الوجه الكالح للطواغيت اللذين استعبدوهم، فانتفضوا انتفاضة رجل واحد، وأعلنوا النشوز الجماعي على الحكام المستبدين ورجال الكنيسة الإقطاعيين، وظنوا أن الصلاح والفلاح هو السير في الإتجاه المعاكس للكنيسة، فعمدوا إلى كل ما جاء في دينهم المحرف وعدوه تخلفاً، ثم ساروا في عكسه وعدوه تقدماً، فولد بسبب تطرف الكنيسة تطرفاً آخر فصلوا فيه الدين عن الحياة. واستبدلوا تعاليم السماء على ما فيها من غبش- بقوانيين وضعية لا تنضبط إلا بضابط واحد: كل ما خالف الدين فهو الحق! ولا شك أن الإنجيل - بالرغم ما فيه من التحريف- كانت تحتفظ بشيء من تعاليم المسيح - عليه السلام - ومن شريعة موسى - عليه السلام -، وهكذا أحلوا الربا والزنى وكل ما يشبع الرغبات الدنيوية.
ونظروا لوضع المرأة في عهد استبداد الكنيسة فوجدوها مثل المرأة العربية قبل الإسلام، عندئذ "حرروها".. ولكن هل تستطيع عقول مقتت تعاليم السماء، واتبعت هواها أن تحرر المرأة كما حررها الإسلام؟! في الحقيقة تحررت المرأة من عبودية رجال الدين المحرف لتدخل في عبودية رجال الشهوات. تحررت المرأة من تهمة الكتاب المقدس لحواء أنها أصل الخطيئة، ليجعلوها أصل للرذيلة! وهؤلاء "الذئاب البشرية" وجدوا توقيتاً مناسباً ليضربوا "عصفورين بحجر"، وجدوا أن المجتمع يرحب بكل مناد ينادي بمخالفة قوانين السماء، عندئذ أوقعوا بالمرأة في الشباك، وبرروا ذلك بضرورة مخالفة الكنيسة، ثم تتابعت المرأة الغربية بالهبوط إلى أن وصل إليها الحال كما نراها اليوم، وعلى أية حال لم نكن لنبال بتطور قضية المرأة الغربية لو لم يكن له تأثير على المرأة الشرقية المسلمة، فلنتابع ما كان يحدث في الشرق.
أصابت أمة الإسلام داء الأمم، وابتدأت تتأخر تدريجياً عن تعاليم دينها، وما كانت لتتزعم قيادة البشرية وهي لم تجعل كتاب الله قائدها "لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ" (الأنبياء: 10)، وفي المقابل كان الغرب قد قطعوا شوطاً كبيراً في التقدم الحضاري متأثرين بتجارب المسلمين، وهكذا دالت الدول "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (آل عمران: من الآية140)، وطمع الغرب مرة أخرى بالشرق ولكن هذه المرة جاؤوا بحضارة مزعومة إلى أمة مكلومة، وانبهر بالغرب أحفاد من بهروا الغرب من قبل، وعندما نحت الأمة شريعة الله جانباً أصابها المعيشة الضنكة وأصيبت بعمى الألوان، فرأت حضارة "الرجل الأبيض" بيضاء نقية بعد أن كانت تراها سوداء مظلمة، ورأت تعاليم دينها وطبائع أمهاتها وجداتها رجعية وتخلف، أما "شقراوات أوروبا" فهن شعار التقدم والرقي.
ودخلت أمريكا مسرح الأحداث بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، فهل كانت المرأة الأمريكية أحسن حالاً من أخواتها في أوروبا؟ عندما هبط الأوروبيون أرض أمريكا نقلوا إليها دينهم وحضارتهم ونظام إقطاعهم، وكانت المرأة هي نفسها المرأة الأوروبية والمرأة العربية قبل الإسلام، بل إن الهنود الحمر (سكان أمريكا الأصليين) كانوا أكثر رحمة بالمرأة من المهاجرين، فكانت المرأة الهندية تملك الأرض والعقار، بينما أختها الأمريكية سلعة في بيت زوجها، وأنى للجماد أن يمتلك!؟ وعندما قامت (آن هوتشينسون) في ولاية ماساتشوستس عام 1637م بحركة إصلاحية تنادي بحقوق المرأة، تصدت لها الكنيسة بيد من حديد، وطردت من مستعمرتها لتكون عبرة لكل من تسول لها نفسها معاندة الكنيسة، وتمر الأيام وتحرر الأرض من الإنجليز، وتنطلق أمريكا بقيادة "رجالية" ولكن تخفف القيود على المرأة، وكان رؤساء أمريكا القدماء أمثال: بنجامين فرانكلين- ينظرون للمرأة أنها خلقت لمهمة نبيلة تناسب عواطفها ورقتها من عبادة ربها وتربية أولادها وحسن تبعلها، إذن فهي لا تملك حق التصويت في الانتخابات، ولكن موجة التغيير واللادينية في أوروبا لم تكن لتقف على الشاطئ الشرقي للأطلنطي، بل عبرت المحيط، وبدأت جماعات الضغط تحاول إخراج المرأة من بيتها، ومن العجيب أن (إليزابث بلاكويل) هي أول طالبة تسمح لها كلية جنيفا للعلوم الطبية بدراسة الطب عام 1847م بعد أن رفضت من 29 كلية تقدمت إليها، وحتى عام 1860م لم تكن المرأة الأمريكية تتمتع بحق التملك أو البيع أو الشراء أو وراثة الزوج أو حق كفالة الأولاد، وانتقلت أمريكا مثل أوروبا من بلد زراعي لبلد صناعي، ودخلت أمريكا في حرب أهلية، وخرجت منها وقد تحرر العبيد من الرق، وعندها أملت المرأة الأمريكية أن تخرج هي الأخرى من قيود الكنيسة، وفتح ملف التعليم العالي المختلط للمرأة بين مؤيدين و مناهضين، ونتج عن ذلك جامعات مختلطة عريقة، مثل: جامعة بوسطن (1869م)، وكورنيل (1874م)، وبنسلفانيا (1876م)، وأخرى جامعات للنساء فقط (ولكنها مع الأيام أصبحت مختلطة)، مثل: جامعة فاسار (1865م). ورويداً رويداً ملت المرأة الأمريكية منزلها وتطلعت للخروج، وطالبت باجتياز جميع العقبات التي تواجه خروجها فنادت بتنظيم النسل حتى لا يعيق حركتها تربية الأولاد، واجتازت المرأة الأمريكية عقبة التصويت عام 1920م، وبدأت بعدها مطالب المرأة تترى: ارتدت اللباس القصير، وتضاعف عدد اللائي مارسن الجنس قبل الزواج، وتدفقن للالتحاق بأعمال خارج المنزل. وفي أعوام الحرب العالمية الثانية انخرطت 6 ملايين امرأة في مجال أعمال أغلبها في صناعة الأسلحة (في عام 1943م كان نصف الموظفين في مصنع بوينغ في سياتل من النساء) فيما كان الرجال يحاربون في شتى أنحاء المعمورة، وبعد انتهاء الحرب عاد الأزواج لتعود الحالة الطبيعية في أي مجتمع بشري: الزوج يعمل ليعول أهله، والزوجة تقوم بشؤون المنزل، ولكن رفضت الأزواج العودة للمنزل بعد أن ذاقت حلاوة الخروج، وارتفعت نسبة الطلاق في المجتمع، وتم تجنيد النساء في الجيش، وشاركت لأول مرة في حرب فييتنام. ومع رواج مصنع الرذائل في هوليوود والاختلاط في العمل نتج مشكلة التحريش الجنسي في موقع العمل، فما يشاهده الرجل من أفلام خليعة في الليل يجد متنفساً لتطبيقه في الصباح الباكر مع زميلته في العمل!
تلكم أيها السادة جولة سريعة عبر صفحات التاريخ، وتعمدت الإطالة في الجزء المتعلق بالمرأة الأمريكية؛ وذلك لأن أمريكا تتزعم قيادة العالم، وبالتالي فإنها تريد أن تسوق ثقافتها في الشرق "وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ" (النساء: من الآية89) ومن جملة ما يطمعون إليه أن تحذو بنات المسلمين حذو الغربيات في الثقافة والملبس و الوظيفة والاهتمامات، فإذا كان الله يقول: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" (الأحزاب: من الآية33) فإنهم عن طريق ممثليهم من أبناء وبنات المسلمين- يروجون لها أن لها الحق في العمل كما يعمل الرجل. إنها ترويج خبيث لحرية الفاحشة تحت ستار الحرية الفردية والمواساة.
فعلي المرأة المسلمة أن تعلم أن خالقاً رحيماً بها قد شرع لها تكاليفها وضمن لها حقوقها وكلفها ما تطيق "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة: من الآية286)، وإن الخالق هو أعلم بالمخلوق من مخلوق مثله "أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (الملك: 14)، وإنه من الظلم أن يطلب من النعامة الطيران، أو يطلب منها حمل المتاع مثل الجمال، كذلك المرأة بعواطفها وتركيبتها الفيسولوجية من الظلم أن يحمل فوق طاقتها ويطلب منها إعالة ولدها ورعايته في نفس الوقت، ولتعلم المرأة المسلمة أن التجارب الغربية -في ظل العلمانية- على المرأة آيلة إلى الزوال، وأن النموذج الغربي للأسرة والمجتمع قد بدا عوارها لكل ذي عينين.
قبل بضع سنوات حصد فيلم "الجمال الأمريكي" (The American Beauty) مجموعة من جوائز الأوسكار. ولعلها نالت شهرة كبيرة؛ لأنها تصور بالفعل وضع الأسرة في المجتمع الأمريكي المعاصر. أسرة تتكون من أب وأم وابنة مراهقة. الأم تعمل بالخارج وتمارس الجنس مع زميل لها في العمل. الأب في شجار دائم مع الزوجة ويريد حياة رفاهية، يجد فريسته عندما يلتقي بصديقة ابنته المراهقة، ويدخلان (الأب وصديقة البنت) في ممارسات جنسية. وماذا عن البنت؟ لها صديق بالطبع (البوي فريند) ومن الجوار، ويمارسان البغاء وكل منهما يمل البيت وينويان الهرب معاً لنيويورك. هذا الصديق المراهق من ضمن هواياته الاتجار بالمخدرات، وحتى يجمع الأب "الخمسيني" بين لذة الجنس مع صديقة البنت المراهقة وبين المخدرات، فإنه يستدعي صديق البنت للحصول على المخدرات، وفي أثناء هذا اللقاء يرى والد هذا الصديق (وهو ضابط متقاعد من المعجبين بهتلر) يرى ابنه في وضع يظن أن الجار (والد الفتاة) يمارس الجنس (الشذوذ) مع ولده. ويتشاجر الوالدان، فيعود والد الفتى لينتحر، أما والد الفتاة فيكتشف خيانة زوجته ويغضب، عندها تحس الزوجة بالخطر فتشتري مسدساً لتردي زوجها صريعا، وينتهي الفيلم.
أرأيتم كيف جمع هذا الفيلم خلال ساعتين كبائر الذنوب، لتصور في عجالة حال البؤس الذي تعيشه الأسرة الأمريكية: خيانة زوجية، الزنى، اللواط، المخدرات، القتل، الانتحار! فهل نحن بعد كل هذا- منتهون! ولنعد "للجمال الإسلامي" بعد أن تيقنا من قبح "الجمال الأمريكي".."أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (المائدة:50).
4/5/1425
http://www.almoslim.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/310)
جمال الخلق ( أ )
فتاتي هل أنت جميلة؟
قد يختلف الكثيرون في آرائهم حول الجمال ومعاييره، ولكنه لا يختلف اثنان على أن الخلق الحسن في حد ذاته جمال يزين صاحبته.
فقد نرى فتاة جميلة الشكل والصورة والملبس، ولكنها ليست مؤدبة ومقصرة في دراستها فهل هذه توصف بالجميلة.
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب
ونرى أخرى ليست جميلة الشكل والصورة ولكنها حسنة الخلق ومتفوقة في دراستها، فهي طبعًا جميلة في نظر كل من يراها، وانظري معي قول القائل:
كم من حسن في الخُلُق غطى عيبًا في الخَلْق.
وكان من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 'اللهم كما أحسنت خَلْقِي فحسّن خُلُقِي'.
• حسن الخلق من الإيمان:
ومن الجميل أن ينسب رسولنا الحبيب صفة الإيمان إلى من يتصف بحسن الخلق.
فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: 'أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا' [رواه الترمذي].
والفحش من صفات القبح، والقبح عكس الجمال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء'. [رواه الترمذي].
والبذيء: هو الذي يتكلم بالفحش رديء الكلام.
• حسن الخلق عبادة كالصوم والصلاة
ويؤكد ذلك ما روته السيدة عائشة عن حبيبها - صلى الله عليه وسلم -: 'إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم' [رواه أبو داود].
• حسن الخلق طريق إلى حب الرسول وجواره
ويؤكد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: 'إن من أحبكم إلي وأقربكم مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا'.
وإذا سألتِ عزيزتي الفتاة: وماذا نعني بحسن الخلق؟
فإنا نجد الإجابة الشافية والمبسطة فيما رواه الترمذي عن عبد الله بن المبارك - رحمه الله - في تفسير حسن الخلق حيث قال: 'هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى'.
ويقول الإمام ابن عيينة:
'البشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين'.
فتاتي المسلمة الجميلة:
ونحن بصدد الحديث عن جمال الخلق فإن هناك من الأخلاق ما تختص بها الفتاة المسلمة دون غيرها والمرأة المسلمة عمومًا ـ وسأشير بومضات سريعة إلى هذه الأخلاق وهي من أخلاق الجمال في الفتاة المسلمة، وهي:
الحياء ـ العفة ـ الاستقامة ـ التدين
[1] الحياء: هو خلق يبعث على ترك القبيح وكل ما يغضب الله.
وعن ابن مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: 'إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت'.
ـ ولقد روى ابن ماجة في سننه وحسنه الألباني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء'.
ـ والحياء خلق يثمر سلوكًا مع الله وسلوكًا مع الخلق أيضًا، من كانت به صفة الحياء يلقى من الخلق الثناء.
ـ والحياء والإيمان مرتبطان، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان'.
وأيضًا روى الحاكم في مستدركه: 'الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر'.
وقد ورد في صحيح النسائي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: 'إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر'. وهذه إشارة إلى أنه حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح.
وهنا لا بد أن نقف عند قصة آدم وحواء لما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها، وبدت لهما سوءاتهما، أخذا يجمعان من ورق الجنة ويشبكانه بعضه ببعض ويضعانه على سوءاتهما، ما يوحي بأن الإنسان يستحي من التعري بالفطرة، ولا يتعرى ولا يتكشف إلا بفساد في هذه الفطرة من إبليس وأعوانه.
وإن رؤية العري جمالاً هو فساد في الذوق الإنساني قطعًا.
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحاء
غرة جمادى الأول 1426هـ
- 8 يونيو 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/311)
جمال الخلق ( ب )
فتاتي هل أنت جميلة؟ [4]
استكمالاً لما ذكرنا من أخلاق الجمال لدى الفتاة المسلمة خلق العفة.
2ـ العفة:
هي الطهر والستر، قال - تعالى -: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31].
وهذا أمر من الله خاص للنساء بغض البصر عما حرم الله.
وأيضًا أمر هو من الله خاص 'بحفظ فروجهن' قال سعيد بن جبير: عن الفواحش وقال قتادة وسفيان: عما لا يحل لهن وقال مقاتل: عن الزنا.
والآن نقف ونتساءل: وما جزاء العفة عند الله تعالى؟
نجد الإجابة وبكل وضوح في الآية الكريمة قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ... أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج: 35].
فتاتي المسلمة الجميلة: إن مع المتعفف عون من الله ووعد منه أيضًا بالرزق والإغناء، لقد كفل الله بإغناء الرجال والنساء إن هم اختاروا طريق العفة النظيف: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: 'ثلاثة حق على الله عونهم، المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف'.
سوداء لكنها جميلة ومن أهل الجنة
فتاتي الجميلة إليك هذه القصة العجيبة:
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما -: ' ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلتُ: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله - تعالى -لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر فقالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها'. [متفق عليه].
إنها اختارت الجنة، ولكن أرَّقها أنها حين تصرع تتكشف، فسألت الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدعاء ألا تتكشف.. لماذا؟ إنه الحياء.. إنها العفة.. إنها امرأة جميلة مع أنها سوداء، إنها جميلة بخلق العفة والحياء.
فكيف بفتيات اليوم وأين ذهب حياؤهن؟ وتلك المرأة تخشى أن تتكشف ساقها فقط وهي مريضة، والفتاة الآن قد تكشف غير ذلك وهي بكامل عقلها وصحتها بلا حياء.
إن جمال المرأة ليس في لونها أبيض أو أسود، ولكن الجمال الحقيقي في الحياء والعفة، فحياء الفتاة قوة وليس ضعفًا، وهو عنصر جمال عند الفتاة لا يقل أهمية عن لونها وشكلها.
وللمربي.. أقول:
إن تربية الفتاة على معاني العفة يستلزم التقيد بآداب الإسلام وبالوسائل المؤدية إلى تهذيب النفس وبالتدابير التي لا توصل إلى إثارة هؤلاء المراهقات، ومن هذه التدابير: غض البصر ـ التقيد بآداب الاستئذان ـ الابتعاد عن مخاطر التلفاز ـ التورع عن الوقوع فيما حرم الله.
فلا بد أن تتربى الفتاة على التسامي والعفة قال - تعالى -: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33].
وإذا سألت سائلة: فكيف يكون الاستعفاف؟
تكون الإجابة بأن الاستعفاف يكون بالصوم أو بالزواج لمن استطاع الزواج، وأيضًا بالدعاء كما كان يدعو رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: 'اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى'.
3ـ الاستقامة: وهي لزوم طاعة الله، وهي من جوامع الكلم، وهي الاعتداء والمضي على المنهج دون انحراف.
فعن أبي عمرة سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله، 'قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم'. [رواه مسلم].
استقم: أي على عمل الطاعات والانتهاء عن المخالفات.
واعلمي عزيزتي الفتاة أن المعاصي تزيل النعم وتذهب الجمال، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.
لا تعرضي عن هدي ربك ساعة عضي عليه مدى الحياة لتغنمي
ما كان ربك جائرًا في شرعه فاستمسكي بهداه حتى تسلمي
4ـ التدين:وهذا ما سنفرد له مقالاً بعنوان 'جمال التدين' فتابعينا زادك الله جمالاً.
17جمادى الأول 1426هـ
25 يونيو 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/312)
أختي الغارقة هاكِ نصحي
لو رأيت العاصية و الكرب يغشاها و الندم قد أحاط بها و كفاها و الأسف على ما فاتها قد أضناها...
يا حسرة لها على أيامها الماضية فإليك يا صاحبة الخطايا أقول: أين دموعك الجارية يا أسيرة المعاصي؟! ابكي على الذنوب الماضية يا من بارزت ربها بالقبائح أتصبرين على الهاوية؟ يا من نست ذنوبها و الصحف للمنسي حاوية أسفاً لكِ إذا جاءك الموت و ما أنبت.
وآ حسرة إذا دعيت إلى التوبة و ما أجبت كيف تصنعين إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ألست التي بارزت بالكبائر و ما راقبت...
قد مضى في اللهو عمري و تناهى فيه أمري
شمر الأكياس و أنا واقف قد شيب أمري
بان ربح الناس دوني ولحيني بان خسري
ليتني أقبل وعظي .. ليتني أسمع زجري
كل يوم أنا رهن بين آثامي و وزري
ليت شعري هل أرى لي من همة في فك أسرى؟!
أو أرى في ثوب صدق قبل أن أنزل قبري؟!
ويح قلبي من تناسيه مقامي يوم حشري
و اشتغالي عن خطايا أثقلت والله ظهري...
فكوني لله عابدة قانتة لكي تصلي إلى مرتبة خير النساء التي لا تصل إليها المرأة إلا بعمل شديد و جهد جهيد.
ومن الله العون و التيسير....
http://www.d3wa.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/313)
جمال الشكل والصورة هل أنت فتاة جميلة؟ ..[1]
السبت 6 ربيع الثاني 1426هـ - 14 مايو2005م
الصفحة الرئيسة
من هي الفتاة الجميلة؟
وما معنى الجمال؟
لا شك أن قضية الجمال تحتل المقام الأول في عقل وقلب الفتاة في هذه المرحلة العمرية من حياتها, وخاصة بعدما حدث لها من طفرات وتغيرات في شكل جسمها وأيضًا في فكرها وروحها.
وكثير من الفتيات تسأل أمها هذا السؤال: هل أنا جميلة ؟ ما رأيك في شكلي ؟ أنا أجمل أم فلانة من أفراد العائلة أو الأصدقاء ؟
ونظرًا لأهمية موضوع الجمال عند الفتاة أقول: إن الجمال ليس جمال الشكل والملامح والصورة فقط, بل إن للجمال أشكالاً أخرى نطرحها في هذا الملف وهي:
1ـ جمال الشكل والصورة.
2ـ جمال العقل.
3ـ جمال التدين والأخلاق.
[1] جمال الشكل والصورة:
أنا لست جميلة
قالت إحدى الفتيات: أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا, أشكو من أنني لست جميلة ولا أمت للجمال بصلة, أعرف أنها خلقة ربي, ولكن نفسيتي سيئة, ليس اعتراضًا على قدر الله، ولكن هذا السبب لم يجعلني أعيش حياتي كما يجب, أحس أني 'ناقصة' أمام الأخريات من الفتيات، وبالرغم من أن هناك فتيات لسن جميلات لكني أرى حياتهن طبيعية، قد لا أفهم شعورهن، أو أن هناك أشياءً تعوض نقص الجمال عندهن، أفكر كثيرًا في عمليات تجميل أقوم بها، ولكن أعلم أن أهلي لن يوافقوا انتهى كلامها.
لسنا بصدد حل لهذه المشكلة في المقام الأول وإن كان هذا هو أحد أدوار نافذتنا ولكننا هنا بصدد توضيح بعض المفاهيم والأفكار الأساسية، فقد يظن البعض أن الجميلة هي ذات العيون الخضراء والشعر الأصفر والملامح الصغيرة الوسيمة والبشرة البيضاء، ومن لا تملك هذه الصفات فهي ليست جميلة.
ونحن نقول: ليست كل صاحبة وجه جميل جميلة، فالجمال لا تحكمه الملامح الخارجية للجسد فالشكل ما هو إلا إطار, أما الصورة الحقيقية فهي في أعماق ونفس وسلوك صاحبة الإطار.
لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ:
هذه الآية تشير أن للإنسان شأنًا عند الله، ووزنًا في نظام هذا الوجود، وتتجلى هذه العناية في خلقه وتركيبه على هذا النحو الفائق, سواء في تكوينه الجسماني البالغ الدقة والتعقيد أو في تكوينه العقلي الفريد، أو في تكوينه الروحي العجيب.
وحين تتولى اليد الكريمة الإلهية هذه الصفة فأي جمال تكون عليه ؟ وأي بهاء تلبسه ؟ وأي صورة تكون عليها ؟ لقد كانت صورتك أيها الإنسان بهية كل البهاء وحسنة كل الحسن، وكانت وما زالت جميلة أيما جمال أي صورة هذه التي جعلت وجه الإنسان بهذا القبول الآسر ؟ وهذا الاتساق الباهر ؟
فالعينان مثلاً معجزة الجمال في الشكل والحجم واللون وحتى المكان أكان مقبولاً لو وضعت مكان الأنف أو الفم فهبطتا، أو مكان الجبهة أو الناصية فصعدتا, أو تدحرجتا يمنة أو يسرة.. أو تلاصقتا أو تباعدتا, أو خلق الله لك واحدة ؟ أو لم يجعل لهما حاجبين.. أو غارتا أو برزتا, أكنت مقبولاً آنئذ أم كنت خلقًا آخر؟
إنه المكان الوحيد المناسب، وإنها الهيئة الفريدة التي لا بديل لها، وقس على ذلك بقية الحواس, ثم تأمل هذا الوجه وما حفل به من تناسق محكم واتساق بديع وتأمل معي قوله تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64] فكانت هذه الصورة السوية التي اختارها الله قد صنعها بيده وركبها بقدرته فكانت جميلة فاتنة، والله قصد الجمال والحسن في كل شيء خلقه وخاصة صورة الإنسان يقول تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7].
لقد خرجت صورة الإنسان في أحسن تقويم، وهذا اللفظ معجز والمعنى عميق، فكانت الصورة في أحسن وأجمل هيئة، فليس بعد هذه الصورة الجميلة جمال، وليس بعد هذا الشكل المبدع إبداع لقد كانت الصورة في أحسن تقويم فلا تقدر قوى البشر جميعًا على تغييرها، فإن حاولت كما تحاول الآن بعمليات التجميل فتقوم بتصغير هذا العضو أو تكبير ذاك الآخر، فإن الصورة مهما بدت متناسقة ستكون ممسوخة باهتة, وستفقد تقويمها الأول, وحينها سيذهب الجمال, هذا الجمال لا تدرك كنهه أحيانًا، ولا نقدر معرفة أسراره أحايين أخرى.
جمال مزيف:
تنظر الفتاة الآن بعين مبهورة للفتاة المعروضة على الشاشة، على أنها رمز الجمال والأناقة والرشاقة وهذه هي الجميلة حقًا.. ونسيت المخدوعة المسكينة أن هذا الجمال المشاهد هو جمال مزيف مغشوش جمال تجاري مصنوع؛ فالفتاة التي تظهر على الشاشة عارضة أزياء أو ممثلة أو عارضة لمنتج تظل ساعات طويلة أمام المرآة قد تصل إلى 12 ساعة لتبدو بهذا الشكل, وماذا يفيد هذا الشكل الجميل الممسوخ إن لم يكن لجمال الروح وجمال الخلق والدين وجود ؟! يقول الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس
ونحن لسنا ضد الجمال الشكلي, فجمال الشكل مرغوب كما ذكره لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف عند اختيار الزوجة: 'تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك'. متفق عليه.
ولكن أن نجعل جمال الشكل يأخذ كل اهتمامنا وننسى جمال النفس والروح والخلق والدين فهذا هو المرفوض يقول الشاعر:
ليس الجمال بأثواب تزيننا إن الجمال جمال العلم والأدب
إذن من هي الفتاة الجميلة؟
هي كل فتاة توازن بين جمال شكلها وجمال أخلاقها ودينها وروحها؟
أحيانًا الحسن تعاسة!!
فكم من فتاة جميلة لا يحبها الناس ولا يرغبون في معرفتها لأنها قد تكون مغرورة بهذا الجمال، بل قد يكون الجمال نقمة كبيرة على صاحبته، ولكم سمعنا أن هناك من طلقت وفشلت حياتها الزوجية بسبب غرورها بجمالها, وهنا نتأمل معا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: 'لا تزوجوا النساء لحسنهن, فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزجوهن لأموالهم, فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين, لأمة خرقاء ذات دين أفضل' وكلنا يعرف زوجة أبي ذر الغفاري وكانت سوداء ليست جميلة وكم كان يحبها زوجها كثيرًا لتدينها وأخلاقها وصفاتها الشخصية الرائعة.
وفي الختام نقول للفتاة:
اعتني بجمال شكلك, فإن الله جميل يحب الجمال، ولكن لا تهملي أيضًا مع جمال الشكل جمال الروح والدين, ليتكامل جمال الشكل مع جمال الروح والدين, وهذا هو الجمال الحقيقي للفتاة.
وأقول لكل فتاة عادية أو متوسطة الجمال أو قليلة الجمال الشكلي: أنت جميلة مهما كان شكلك, لأن الذي خلقك وصورك على هذه الصورة هو الله, والله تعالى يحبك، فقط ثقي بنفسك وكوني مؤمنة بالله وبقدر الله, وترنمي معي قول القائل: كم من حسن في الخُلُق, غطى عيبًا في الخَلْق.
وأقول لمن آتاها الله جمالاً في الشكل: لا تغتري بجمالك, فإن رأس الجهل الاغترار, وقولي لنفسك: لن أغتر بجمالي فهو منحة ربانية لم أصنعها بنفسي لنفسي, بل سأدعو الله أن يحسن خُلُقي كما حسن خَلْقي, وسأحافظ عليه كما أمرت حتى لا يكون نقمة عليّ.
... ـــــــــــــــــــ(82/314)
المرأة الصمغية
فوزية الخليوي
تتردّد في الأروقة النسائية الكثير من الروايات والقصص عن قيام بعض الأزواج بالاستيلاء على أموال زوجاتهم الموظفات، ومن ثمّ الزواج بامرأة أخرى! وهو ليس ضرباً من الخيال، ولا أمراً من المُحال!
ونتيجةٌ لهذا الخطب المُفجع، والواقع الموجع!! لجأت النساء إلى أسلوب آخر في الردّ على هذه الضربات المتتالية!! بالتخلي عن الأبناء لتحيا في هناء؟!
وبداية المشكلة عندما يتفق الزوج وزوجته الموظفة على التخفيف عن كاهله ببعض النفقات لقاء استمرارها بالوظيفة، وشيئاً فشيئاً تبدأ تكثر هذه النفقات على الزوجة، فمن أبنائها، إلى الخادمة، إلى الفواتير المنزلية، إلى أثاث المنزل..!
حتى لقد وصل الأمر ببعضهنّ إلى شراء المأكولات بشكل يومي.. عندها تبدأ المرأة بالتذمر والتشكي وتكون بمثابة بركان يغلي!
فإلى الزوجة أقول: احتسبي الأجر فيما تنفقينه حتى يكون قربةٌ وطاعة لكِ، فقد دلّل الرسول على ذلك عندما دخل بلال على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: على الباب زينب؟ قال: أيّ الزيانب؟
قال: زينب امرأة عبد الله، وزينب امرأة من الأنصار تسألانك النفقة على أزواجهما وأيتام في حجورهما.
فقال: لهما أجران: أجر القرابة، وأجر الصدقة" رواة البخاري.
وفي الجانب الآخر دعنا نهمس في أُذن الرجل: إن من كمال مروءة الرجل وقِوامته، ألاّ يستغل أموال زوجته فضلاً عن أن يحاول الاستيلاء عليها!
وليعلم أنّ النفقة من الأمور الواجبة عليه، بدلالة حديث هند بنت عتبة عندما قالت للرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنّ أبا سفيان رجلٌ شحيح، ليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي إلاّ ما أخذت منه وهو لا يعلم!!
فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف!
قال ابن القيم: فيه دليل على تفرّد الأب بنفقة أولاده، ولا تشاركه فيه الأم، وهذا إجماعٌ من العلماء، إلا قولٌ شاذ لايُلتفت إليه" زاد المعاد 5/ 502 ولكن إذا وقع ما لم يكن في حسبان المرأة أو خيالها!! فهل لها أن تسارع لإلقاء فلذات أكبادها!! في اعتراضٍ على الطبيعة، وضربٍ من الغطرسة!! بنوعٍ من الكبرياء على الأنوثة والذكورة معاً!! وتنقلب من امرأة خالصةِ الإنسانية.. إلى ذات فطرة وحشية!
وقد آلمني، بل أحزنني، بل أبكاني أن ترمى إحدى الموظفات أبناءها الثمانية بعد زواج زوجها لتعيش في منزلها وحيدة؟!
ولم يخلق الله المرأة ويبدعها إلا لتكون قوةً في العاطفة والرحمة، وما كان هذا يُعدّ منها ضعفاً ولا نقصاً!!
إن روز كيندي، امرأة ذات شخصيةٍ متميزة، أنتجت العديد من القادة السياسيين، من بينهم رئيس الولايات المتحدة!
سخّرت حياتها لأبنائها الاثني عشر، وعندما بدأ زوجها يبتعد عنها ليلاحق النساء! أخفت الخبر عن الجميع حتى عن أولادها! لا، بل ذهبت مع صديقته للتسوق إسكاتاً للإشاعات والأخبار المُغرضة!! وتتالت عليها المصائب في فقد أبنائها وكانت تقول: أن العصافير تُغرّد بعد العاصفة، لِمَ لا نفعل هكذا أيضاً!
قال عنها ابنها رئيس الولايات المتحدة: إنها كانت" الصمغ الذي ألصق العائلة ببعضها بعضاً" فلم لا تكوني امرأةً صمغية؟!
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/315)
أختي الحبيبة
أهديكِ من هذه الحروف المبعثرة..
((ا ت ض ل ة ى ح))
.......................... جُمل أتمنى أن تفيدكِ في حياتك..
1) كوني كشمس (الضحى) مشرقة بنور الإيمان والتقى واتقي يوماً تسود فيه الوجوه.
2) قدمي (التضحية) بمتع الدنيا الفانية على جنة عرضها السماوات والأرض وتذكري أخيتي يوم العرض!
3) أيتها الوردة الندية.. إياكِ أن تسقطِ (ضحية) لدعاة المساواة والحرية.. كلها شعارات وعبارات...... لنزع حياؤك برويه!
4) بين (ا ل ح ل ا ل) و (ا ل ض ل ا ل)
حرف...
وبين الجنة والنار زمن فلا تضيعي حسناتكِ بالتسويف
فمن يضمن عمره بعد لمحة طرف؟!!
5) صوني جمالكِ بحجاب....... هو رمز عفتك لتسلمي على جسدك.. وشعرك من ضمة القبر و(الحيّة)! وتذكري إن للإيمان حلاوة.. فعيشي هذه اللحظات
http://www.d3wa.org ا لمصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/316)
مقتطفات للمرأة المسلمة
لقد جمعت لك هذه المقتطفات، لأكون بريئة منك يوم القيامة، فأرجو أن تستجيبي لداعية الرحمن، فأنا أكتبها والله وقلبي يتقطع أسفاً وحزناً لما نراه منتشراً اليوم في السوق والحدائق العامة فاقبليها من أخت لكِ تحبك في الله وتخاف عليك من عذابه....
إن بعض الفتيات هداهن الله، ينمصن حواجبهن إما بالنتف أو الحلق، وهذا من أكبر العصيان بل هو تحقيق لوعيد الشيطان لما قال لربه: "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ".. والنمص تعرض إلى لعنة الله.. فقد صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لعن الله النامصة والمتنمصة المغيرات لخلق الله "
فكيف تتعرضين للعنته وأنت تسألينه المغفرة في كل صلاة... فتناقضين قولك فعلك!!
صدق الإمام الشافعي عندما قال:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
فلا تغتري أخيتي بكثرة من يفعله، فأنت مسئولة عن عملك وكما كنت في ظهر أبيك وحدك..... ثم في بطن أمك وحدك، وولدت وحدك فإنك تموتين وحدك، وتبعثين وحدك، وتمرين على الصراط وحدك، وتسألين بين يدي الله وحدك.
وبعضهن هداهن الله إذا خرجت صارت كأنها بغي تدعو الناس إلى فعل الفاحشة وإلا فبماذا تفسرين: تبرج بعضهن بعباءتها وإخراجها كفيها وقدميها بل ووجهها أحيانا وقد تخرج أكثر، ووضعها للطيب وهي تمر أمام الرجال.
قال- صلى الله عليه وسلم -: " أيما امرأة استعطرت ثم مرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية"... مع تكسرها في مشيتها وجرأتها في مخاطبة الرجال والله يقول: "ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً"..
وهذا من إشاعة الفاحشة، قال - تعالى -: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة" وهذا فيمن يحبون أن تشيع الفاحشة.. فكيف بمن تعمل على إشاعتها.. وإنك لتعجبين... إذا علمت أن قوله للمؤمنات: "ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" معناه: أن تمشي بهدوء حتى لا يسمع الرجال صوت خلخالها (أساور تلبسها المرأة في القدمين) فيفتنون... عجباً إذا كان إظهار صوت الخلخال حراماً فكيف بمن تحادث شاباً ساعات هاتفية وتنظم القصائد الشعرية وتكتب الرسائل العاطفية وترفع صوتها بالضحكات والهمسات...
أخيتي أدعوك إلى جولة في محلات العباءة، سترين عباءة مطرزة وأخرى مخصرة وثالثة على الكتفين ورابعة واسعة الكمين.. أصبحت أكثر العباءات تحتاج إلى سترها بعباءة.. فالحجاب شيع لستر الزينة، فإذا كان الحجاب نفسه زينة فما الحاجة إليه!!؟؟ ولو رأتك فتاة بعباءة متبرجة فاشترت مثلها.. صار عليك وزرها ووزر من قلدها إلى يوم القيامة.. أتكونين قدوة في الشر.. ولو سألت من تلبس هذه العباءات.. لماذا تلبسينها؟ لقالت لك: هذه أجمل.. فاسأليها عند ذلك: أنت في شارع أو سوق فتتجملين لمن!!؟.. لماذا قال الله: " ولا يبدين زينتهن".. لماذا أمرك بستر وجهك وشعرك؟.. هل بينه وبينك خصام؟.. أو ثأر أو انتقام؟.. كلا.. فهو الغني الذي لا يظلم أحداً.. لكنها سنة الله الباقية.. قضى على الرجل بأحكام.. وعلى المرأة بأحكام.. ولا يمكن أن تستقيم الدنيا إلا بطاعته.. أما المفسدون فيرددون.. العباءة على الرأس تضايقك.. والبنطال أسهل لمشيك.. وتغطية الوجه تكتم أنفاسك.. يحتالون ليتمتعوا بزينتك في أسواقهم. ورقصك في مسارحهم واستراحاتهم.. وجسدك على جلوسهم.. فهم في الحقيقة يطالبون حقوقهم لا بحقوقك.. لم يعرفوا من حقوق المرأة.. إلا حق التبرج. وحق قيادة السيارة. والخروج في وسائل الإعلام. وحماقات يسمونها حقوقاً. تباً لهم. !! لم يطالبوا بحقوق الأرامل والمعوقات.. أو يطالبوا الأبناء بحقوق الأمهات.
والعجب العجاب أخيتي في مسألة الغناء، يسمعنها بعض الفتيات بكل جرأة ويعترفن بسماعها، وقد قال الله - تعالى - في كتابه: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" وأقسم ابن مسعود- رضي الله عنه- على أنه الغناء. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر(الزنا) والحرير والخمر والمعازف".. والأغاني طريق لنشر الفاحشة.. فما يكاد يذكر فيها إلا الحب والغرام.. هل سمعت مغنياً غنى بالتحذير من الزنا؟ أو الأمر بغض البصر؟ أو في الحث على صوم النهار.. وبكاء الأسحار.. كلا.. بل أكثرهم يدعو إلى الحب والغرام.. بل قد يجر إلى الداهية العظمى.. وهو عشق الفتاة لفتاة مثلها.. والإعجاب بها.. ومصاحبتها.. نعم تحبها.. لا لأنها قوامة ليل أو صوامة نهار.. ولكن لجمال وجهها.. ومناحة بسمتها.. وكم نرى من الفتيات المائعات في حركاتهن وكلامهن ومشيهن مع الثياب الضيقة.. وكثرة اللمسات والقبلات وتبادل الرسائل العاطفية والهدايا الشيطانية وهذه مظاهر في بعض المدارس والكليات.. فلماذا يفعلن ذلك؟! بسبب الإعجاب والعشق والمحبة.. وهذا عمل قوم لوط الذين اكتفى رجالهم برجالهم ونساؤهم بنسائهم.. فطمس الله أبصارهم وسود وجوههم ثم خسف بهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل..
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط"...
وأخيراً أخيتي: إن بعض الفتيات المتحابات في الله يتعاونّ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتبادلن الكتب النافعة والأشرطة الدينية وغيرها من الأعمال الخيرية..هن يوم القيامة على منابر من نور وفي الجنة والنعيم يتقلبن وإلى وجه العزيز ينظرن وقد ذهب التعب والنصب وحلت الجوائز والرتب..فهلا بادرت أخيتي لتكوني منهن؟؟؟.
http://www.d3wa.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/317)
ضوابط عمل المرأة المسلمة
تهاني عبد الله العجمي
لا تزال قضية عمل المرأة، وخروجها من بيتها وقرارها الشغل الشاغل لليهود والنصارى ومن سار بركبهم، آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة، ومن هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي وأصوله.
وحيث إن المجتمع الإسلامي والمرأة المسلمة قد تحتاج إلى العمل ببعض الأعمال، والمهام على سبيل الضرورة فلامانع من ذلك، كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها، وطبيبة لمعالجة وتطبيب الإناث، أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها مع مراعاة الضوابط الشرعية والتي من أهمها:
1- أن لا يكون لعمل المرأة تأثير سلبي على حياتها العائلية: عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وذلك أن المرأة راعية لبيتها ولأولادها وإن كان عملها خارج بيتها فيه مضيعة للأولاد وتقصير في حق الزوج فإن عملها محرم للفساد الذي ينتج عن عملها خارج بيتها.
وقال الشيخ ابن باز عليه رحمة الله: -إن عمل المرأة إذا كان فيه مضيعة للأولاد وتقصير في حق الزوج من غير اضطرار شرعي يكون محرماً- لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية وتعطيل للمهنة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال وتفكيك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون والتكافل.
2- ألا تعمل عملا فيه محذور شرعي، كالاختلاط والخلوة: لقوله - تعالى - "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " -.
3- ألا يؤثر عملها على عمل الرجل، كأن يكون سبباً في قطع رزقه.
- فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد على عكس الرجل الذي يعيش هو ومن تحت جناحيه من هذا العمل مما يؤدي إلى انتشار البطالة وتفاقمها في صفوف الرجال.
لقوله - تعالى - " الرجال قوامون على النساء " -. ولقوله - عليه الصلاة والسلام -لا ضرر ولا ضرار-.
4- أن يتوافق عملها، وطبيعة أنوثتها:
قد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي، والجسدي خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة الأمومة ملاءمة كاملة، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة، وسيدة بيت، وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها وأسرتها نتائج فادحة في كل مجال.
وقد أثبتت الدراسات الطبية والنفسية أن المحاضن ورياض الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية ولا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به الأم.
وبعد هذه الشروط والضوابط الشرعية ما مجالات العمل المسموح بها للمرأة المسلمة؟
لعل خير عمل تعمل به المرأة هي رعايتها بيتها وأولادها وزوجها، كما يمكن أن تعمل في هذه المجالات ضمن الضوابط التي أوردها علماء الأمة المعتبرين.
أ- في مجال الدعوة إلى الله - تعالى -:
ب- مجال العلم، والتعليم العام:
جـ- في التطبيب: لمعالجة وتطبيب النساء من الأمراض والحمل والولادة وغيرها.
- وبعد، أليس الأجدر بالمرأة أن تؤدي واجباتها الأساسية زوجة وأماً وأختاً، لها مسؤولياتها في الأسرة على الوجه الذي رسمه وحدده لها الشرع الحنيف.
* وبالاطلاع على معطيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية وغير النفسية يتضح أن هناك عوائق ذاتية تؤثر على عملها غير الشرعي وذلك للأسباب التالية:
1- أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله - تعالى -على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بُني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة المرأة الأصلية وهي الأمومة، كما أن نفسيتها قد خلقت لتكون ربة منزل بل إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل.
2- يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات التي تمنعهن قصرياً من العمل، ففي الحيض: تصاب أكثر النساء بالألم وأوجاع أسفل الظهر وأسفل البطن، كما تصاب كثير من النساء بحالة الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته وتصاب كثير من النساء بالدوخة والكسل والخمول.
3- تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوينها الطبيعي الخاص بها والذي يختلف عن تكوين الرجل، وعليه فإن إقحامها في الأعمال الشاقة بدنياً ظلم لها وإجحاف بها وبمجتمعها؛ لأنه صرف وتوزيع غير صحيح لطاقاتها، فيجب توجيها إلى عمل يناسبها ويناسب طبيعتها.
- وبعد أن بينا بعض معطيات العلوم الحديثة التي كشفت العوائق التي تؤثر على عمل المرأة، فلننظر إلى بعض سلبيات عمل المرأة من دون ضوابط شرعية:
أ- ظهور تغيرات في جسم المرأة مما يفقدها كثيراً من أنوثتها.
ب- انتشار الاعتداءات والتحرش الجنسي.
http://www.al-forqan.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/318)
ملكة أنا رغم أنوفكم
أقولها وتقولها غيري كثيرات.. ملكة أنا أتبختر وأدوس بقدماي على أنف كل متبجّح ناعق ينازعني مملكتي.. على أنف كل ساقطة تافهة تنادي بحريّتي المزعومة لينتهي بها الحال إمامة في الصلاة للرجال تنادي بحريّتي المظلومة.. كذبت وكذبوا، بل خابوا وخسئوا.. فأنا الملكة على عرشي، وهبني الله - جل وعلا - مملكة دعائمها الحب والوئام، رعاياها من ينهلون عذب الإيمان والإسلام..
مملكة تمنحني السعادة الحقيقة؛ وليست الزائفة، وطريقاً ممهده إلى جنان ربي، فأسارع بالخطوات بالأعمال الصالحات وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.. ملكة أنا لزوجي، محبة في بحر حبّه بكل جدارة، مبحرة مجدافي الطهارة والعفة.. اللقمة تأتي إلى فمي يضعها لي بكسبه وعمل يديه وعرق جبينه، فتكون له صدقة كما قال - عليه الصلاة والسلام - {واللقمة تضعها في في زوجتك صدقة}، فآكلها هنيئاً مريئاً أتقوّى بها على عبادة ربّي لا أذل لسواه، ولا أذرف دموعي إلا من خشيته.
تتدفق عليّ الأشعار وكلمات الحب والحنان من زوجي الحبيب الذي ملك قلبي وعقلي بعد حب ربي ونبيي فأفوز برضاه.. وأيما فوز!!
قال - عليه الصلاة والسلام - {أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت}
الله أكبر.. سعادة تنتظرني عشتها في دنياي، وتنتظرني بإذن ربي ومنّه وفضله في الآخرة على رؤوس الخلائق، أتوّج أنا لأدخل من أي أبواب الجنة..
بشّرني نبيي - عليه الصلاة والسلام - {إذا صلّت المرأة فرضها وصامت شهرها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي أي أبواب الجنة الثمانية شئت}..
تغبطني، بل تحسدني عليها كثيرات، وكثيرات محرومات، للتعاسة والشقاء أسيرات، يحاولون إخراجي من مملكتي فنادوا بقيادة السيارة لأختنق بدخان السيارات بعد أن كنت أنعم بأزكى وأزهى العطورات، فهل من المعقول أن أجلس أنا خلف مقود السيارة؟ لا والله ما خلقني ربي للمهانة بل جعلني ملكة مصانة.. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى.
وحتى إن اضطررت للخروج فإن خروجي بتاج الوقار.. حجابي الكامل لي مهابة وبعد ذكر ربي ضد أعين الذئاب حصانة..
قادت سيارة، وقفت أمام إشارة، بشعر مكشوف وعينان تغطيها نظارة، نظر إليها كل ذئب حتى عامل النظافة، كالحلوى المكشوفة اشتهوها ليلفظوها دون ندامة، قادت غيري السيارة ووأدت حياء وتركت مملكة وكرامة، وتساوت مع رجل فما ربحت غير حسرات وآهات وندامة..
قالوا متشدقين متبجحين بأنني ومثيلاتي يجب أن تكون لنا قيادات فنادوا بانتخابات، وهنا تعالت مني الضحكات؛ يوم أن تذكّرت تلك الرسائل التي تأتيني من أزواج وزوجات وفشلهم في حل المشكلات، فشلت الزوجة أن تتعامل مع زوجها فرد واحد، فبالله أسألكم كيف ستنجح مع عدد الرجال؟
بأي نجاح موهوم تمنّي نفسها وهي تجلس حول طاولة تناقش فلان وتقنع فلان وهي فشلت في التعامل مع زوجها وتفهّم رغباته وإرضائه، وهي فشلت مع ابنتها وخسرت ثقتها وصداقتها حتى ذهبت تبحث عن صديق أو صديقة. كما ذهب أخوها يبحث عن الصديقة والعشيقة..
قد تقول ناعقة أنها في تربية أسرتها وتنشئتهم ناجحة، وتملك من القدرات أن تكون في الانتخابات..
وهنا أقول لها خدعوك فقالوا:
أنت بدر الدجى فلا تحجبيه *** بقتام يصدّ نور البهاء
اكشفي وجهك الجميل وغنّي *** إنما السعد في ليال الغناء
يا دعاة التغريب إنا أناس *** قد رفعنا جباهنا للسماء
عزّنا بالإله والفخر فينا *** بالنبي الكريم والأنبياء
نداء عاجل أوجهه لكل ملكة..
حافظي على مملكتك، ويكفيك فخراً أن تفتح لك أبواب الجنة الثمانية يوم تموتين وزوجك عنك راض، فبشراك يوم تتوّجين ملكة على سائر الخلائق يوم القيامة؛ فأنت ملكة قَرَنَ الله - عز وجل - رضاك بعد التوحيد وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
وندائي أيضاً لكل أب وزوج وأخ وولي، أن يساعد هذه الملكة ويقف بجانبها ويؤازرها بما يمنحه لها من حب وحنان وعون على طاعة الله وثبات..
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/319)
حكم قيادة المرأة للسيارة
للشيخين ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله -..
أفتى العلماء بالتحريم لما يترتب عليه من مفاسد.
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
فقد كثر حديث الناس في صحيفة " الجزيرة " عن قيادة المرأة للسيارة، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله - جل وعلا - نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال - تعالى -: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الأحزاب/33 الآية، وقال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) الأحزاب/59، وقال - تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما "، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة.
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار، وقد قال الله - تعالى -: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33، وقال - سبحانه -: (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/168، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ".
وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله - جل وعلا - أو يفضي إلى ذلك وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (3 / 351 353).
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة، وما رأيكم بالقول:
(إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ )
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين:
القاعدة الأولى: أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم. والدليل قوله - تعالى -: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) الأنعام/108، فنهى الله عن سب آلهة المشركين مع أنه مصلحة لأنه يفضي إلى سب الله - تعالى -.
القاعدة الثانية: أن درء المفاسد إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم مقدم على جلب المصالح. والدليل قوله - تعالى -: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) البقرة/219، وقد حرم الله الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما.
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة. فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها:
1- نزع الحجاب: لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد، فيقال جميلة اليدين، أو جميلة الشعر، أو جميلة القدمين. وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين.
وقد يقول قائل: إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين.
والجواب على ذلك أن يقال: هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا، بل سيتحول في المدى القريب إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة.
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة: نزع الحياء منها، والحياء من الإيمان كما صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة، ولهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال (أحيا من العذراء في خدرها)، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها.
3- ومن المفاسد: أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها كما أخبر بذلك النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم - لأن عاشقي القيادة يرون فيها متعة، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة.
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده، لأنها وحدها في سيارتها، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل. وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب، فما بالك بالشابات؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد وطوله، وربما خارجه أيضاً.
5- ومن المفاسد: أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة.
6- ومن مفاسدها: أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة: في الوقوف عند إشارات الطريق في الوقوف عند محطات البنزين في الوقوف عند نقطة التفتيش في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق، فتحتاج المرأة إلى إسعافها، فماذا تكون حالتها حينئذ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة.
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة: كثرة ازدحام الشوارع، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر.
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة، فإن المرأة بطبيعتها تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد، وإن كان أسوأ مما عندها. ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة. وعلى قياس ذلك بل لعله أولى منه السيارة التي تقودها، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد.
أما قول السائل: وما رأيكم بالقول: (إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ ).
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر، وأحدهما أضر من الثاني من وجه، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما.
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها.
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، ويستظلون برايتنا. قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة.
http://www.olamaalshareah.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/320)
هل تدخلين المنتديات ؟
أختي الحبيبة....
إن من العجب العجاب أن تغفلي عن أمرٍ يبث الفتنة ويفتح باب الشر والمفسدة....
وها أنا يا غالية،، أقف بحروفي معك،، أوجه نداء حبٍ إليك.. أرجوا في قلبكِ فطرة الخير والإيمان...
أملي أن تفتحي لي صدرك،، وتصغي إلي بقلبك..
فكم،، وكم،، أرى كلماتك.. وأقرأ حروفكِ فينتابني الألم و تخالجني الحسرة...
أشعر بالأسى والحرقة،،
أناجيك،، وأتمنى لو أُسمِعُك،،، يا غالية كفى،،،،
هل تعلمين متى....
حين أراكِ تخاطبين بكلماتك أحد الأعضاء ـ الرجال ـ تخضعين له بالكلم والجملة ـ وتلينين له الحرف والعبارة،،،
تتوجين خطابكِ بـ (يا عزيزي) وتختمينها بـ (يا غالي)
والأدهى والأمر يوم أن تضمنيها وجوهًا تعبيرية.. تبتسمين لهذا، وتغمزين لذاك.. وكأن ذلك الشخص عندكِ بلا إحساس...
فيا حبيبة... أطالبك أن تقفي وقفة صريحة مع نفسك..
أتظنين أن مثل هذه الكلمات والمحادثات ستمر عابرة،،،
هل يخفى عليك ما في قلوب الرجال؟ ـ خاصة مرضى القلوب ـ من شدة الافتتان بالمرأة،،
ألم تسمعي بحديث النبي يوم قال ما تركت فتنة أشد على الرجال من النساء
أترضين أن تكوني مفتاحًا للشر،،
هل ستسركِ هذه الكلمات والمحادثات حينما تعرضي على ربك،،
فليت شعري،، بأي عين ستنظري إليه،، بأي قدم ستقفي أمامه،، بأي لسان ستجيبي،، حينما يسألك،، أَمَتي ما ابتغيتي بهذه الكلمات؟ أَمَتي،، لما استهنتي بحرماتي؟،،
أَمَتي،، لما فتنتي عبدي؟،،،
أم ستراكِ ستنجين يوم أن يأتيك ذلك الشاب يحاجكِ عند الله - تعالى -،،، ربي،، أغوتني،، وأغرتني،، وبحبائلها أوقعتني،،،
نعم،، هو سيحاسب،، وليس له عذر في معاصيه،، ولكنكِ أيضًا ستحملين وزر كل شخص فتنتيه،،،
فهل ستطيقي ذلك؟؟؟....
فهيا يا غالية،،، ليكن إيمانكِ ودينك أغلى،،، ولا تضيعيه بكلمات تافهة،،، تتحسرين عليها يوم القارعة...
حفظكِ الله - تعالى -وهداك
http://www.d3wa.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/321)
رسالة إلى المرأة
إسماعيل أمين
رسالتي هذه إلى المرأة، الأم الرؤوم الحنون، والزوجة العفيفة المصون، والأخت والابنة الغالية اللؤ المكنون. رسالة إلى صانعة الرجال، إلى مربية الأجيال. رسالة إلى جالبة العظماء ومقدمة الشهداء.
تحية طيبة عطرة نقية سلام الله عليك ورحمته وبركاته أما بعد:
مما لا شك فيه أن المرأة في المجتمع كالقلب في الجسد إذا صلحت صلح المجتمع كله وإذا فسدت فسد المجتمع كله. ولمّا رأيت تلك الهجمة الشرسة وتلك الضربات الموجعة للمرأة المسلمة عامة والشرقية العربية خلصة لزم التنويه:
أختي في الله لقد نصب دعاة التحرير والتغريب شراكهم للإيقاع بك ووجهوا اسهمهم نحوك للإيقاع بك، حقدا وحسدا من عند أنفسهم، لقد أكلهم الكره أكلا لمّا رأوا تكريم الإسلام لك أختي وهنا مربط الفرس "تكريم الإسلام" تعالي أختي نناقش هذه المسألة بمنطق عقلي:
ما المسألة: "يقولون أن الإسلام حرر المرأة وكرمها دون سائر الأديان ولكنه في حقيقة الأمر استعبدها واستبقاها خادمة للرجل" هذه هي المسألة إذا فلنحرر المرأة ولكن مهلا أي تحرير تقصدون يا سادة؟:
يردون قائلين:
أولا: أن تخلع النسوة حجابهن فهو رمز للتخلف والتأخر وأن للمرأة أن تساير الموضة.
ثانيا: أن تتعلم جنبا إلى جنب مع الرجل.
ثالثا: أن تعمل فأي المجالات شاءت.
فهذا هو التحرر ويا له من تحرير. أن تتحرر المرأة بخلع الحجاب، ومال الحجاب ومال الحرية - ألم أقل إنه حقد وكره - هل سيعوق الجلباب والخمار وأحيانا النقاب تلك الحرية أم ماذا؟ أم أن هذه الأشياء تكبلها؟ وإذا خلعتها هل هي حرة؟ هيهات هيهات وكيف ذلك؟
عندما خلعت المرأة حجابها وتنازلت عن جلبابه وخمارها ونقابها أصبحت تركض وراء المموضة وتلهث خلفها، ظهر الفستان الفلاني في المكان كذا ولون الشعر هذا يقدمه المحل ذاك وهكذا وهكذا وهكذا وهكذا....فأصبحت لعبة في يد مصمم أزياء ومصفف شعر وهوس صاحب محل وثقافة استهلاكية جامحة، بل الأدهى والأمر عندما تخلت المرأة المسلمة عن حجابها كان ولابد وأن تتجه الأنظار إليها إذا فلابد وأن تحافظ على جسمها ونقلوا لنا المواصفات القياسية لهذا الجسم فترى كثيرا من البنات إذا زدن جراما واحا أصابهن الأرق والقلق من هذا الجرام والبعض الآخر يتبعن نظام حمية قاس(ريجيم) ولكن ما لم ينقلوه لنا هو أن بعض تلك الأنظمة تفضي إلى الإكتئاب وفي بعض حالاته الانتحار. كنت قد قرأت في أحد المواقع أن هناك في الغرب مرض يدعى اضطراب الأكل أو الخوف من الأكل يصل إلى درجة التقيؤ عند أكل أي شئ فيصاب المريض إلى انهيار في أجهزته الداخلية وخلص صاحب البحث أن سبب قلة وجود هذا المرض في المجتمعات المسلمة هو الحجاب-الجلباب والخمار-لأن المرأة المسلمة ليست في حاجة إلى أن تكشف عن جسدها وبالتالي لن يحملق فيها الغادي والرائح ولا تستطيع رد أسهم إبليس الموجهة نحوها من منافقي هذا العصر، فها أنت أصبحت أسيرة جسدك بل والطامة الكبرى والبلاء الأعظم أنك أصبحت أسيرة ويا للمفارقة - للرجل !.
هل لا حظتي أنه الآن لا يوجد إعلان إلا وفيه بنت تتعرى وتتلوى لماذا؟ لتشد الأنظار لها ويستطيع صاحب الإعلان أن يجعل المشاهد يسمع كل ما يريد فأصبحت بذلك يا أختي عبدة لذلك الرجل المريض والمشاهد الشره وكذلك في المحال التجارية والشركات، المرأة ممزقة بين هذا وذاك، فتحرري يا أختي بحجابك الشرعي تحرري من سيطرة هؤلاء عليك هذا من ناحية ترك الحجاب والتحرر. فماذا عن التعلم جنبا إلى جنب مع الرجل؟. هل لا يجوز العلم إلّا بجانب الرجال ومنهم البر والفاجر؟ أم ماذا؟ أين التحرر هنا؟ هل في إغواء الرجال للنساء وإيذائهم لهن أم في إغواء النسوة للرجال؟ هل في معاداة الرجال ومناطحتهم؟ لا أدري صراحة في أي من ذلك تكون المساواة والحرية؟، ماذا عن المواصلات؟ لو دققت النظر أختاه لوجدت أنك فعلا قد ظلمت، فأنت مضطرة إلى مكابدة عناء المواصلات والزحام يوميا ومشاحنة الرجال بل أحيانا الركض وراء المواصلات لكي تلحقي بعملك وللأسف قد ذهبت غيرة النساء على أنفسهن والرجال على زوجاتهن وأصبح التلامس لا يمثل مشكلة. وكل هذا لماذا؟ لكي تأتي في آخر الشهر وتعطي المرتب لزوجك مازلت تعملين للرجل- وتأخذي نصفه إن لم يكن ثلاثة أرباعه دواء لك ضغط، أعصاب، برد- ودعك من المادة ماذا عن زوجك وأولادك ألم تقصري في حقوقهم بما لا تعوضه نقود الدنيا ومن النسوة من يقلن أنا أعمل لأبني مستقبلي وأثبت ذاتي فأقول لها اعملي واجتهدي ولاشك عندي أنك ستنجحين بل وتصبحين وزيرة ورئيسة دولة ولكن بعد ماذا بعد أن أصبحت رجلا ونسيت أنوثتك ولكن هذه الأنوثة ستظل قابعة في مكان ما مظلم من وجدانك تنتظر اللحظة المناسبة لتنقض عليك وتفترسك جرّاء ما فعلته بها فتشعرين بها عندما لا تجدين حولك سكنك (زوجك) وأولادك وماذا تنتظرين من زوج تركتيه وأولاد هجرتيهم عندها فقط ستعترفي بأنك إمرأة. ها قد ناقشنا في إيجاز بعض شروط التحرر الغربي(الأسر والعبودية والذل والمهانة والوحدة) ونكمل في المرة القادمة كلامنا إن شاء الله- فإلى لقاء عسى أن يكون قريبا.
سبحانك اللهم وبحمدك لا إله أنت أستغفرك وأتوب إليك.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/322)
10 نصائح للأم مع العودة إلى المدارس
1ـ كوني منتجة في المساء:
حاولي قدر الإمكان أن تنجزي كل ما يمكن إنجازه في المساء ولا تتركيه حتى الصباح، جهزي ملابس الأطفال، وتأكدي أن أحذيتهم نظيفة، وانتهي من إعداد حقائب أطفالك الصغار، ولا تنسي أن تجهزي ملابسك أيضًا.
2ـ استيقظي قبل 15 دقيقة من موعد الاستيقاظ:
استيقاظك قبل بقية الأسرة بربع ساعة يعطيك متسعًا من الوقت لنفسك، نشطي نفسك بحمام أو أعدي لنفسك كوبًا من القهوة واشربيه دون إزعاج، بالتأكيد سوف تشعرين بضغط أقل وسوف يكون صباحك أهدأ.
3ـ اجعلي الروتين يحكم صباحك:
عودي أطفالك أن يقوموا بالأشياء المطلوبة منهم؛ مثل أن ينظفوا أسنانهم ويغيروا ملابسهم بالترتيب نفسه كل يوم، وبذلك يعرف الجميع ما عليه فعله دون أن يكون عليه تذكيرهم أو الجري بين الغرف لتتأكدي من أنهم قاموا بعملهم ولن ينسوا شيئًا.
4ـ لا تترددي في إعطاء الأوامر:
تجنبي النزاعات اليومية بين أطفالك، حددي لكل واحد منهم ما عليه فعله للمساعدة في الصباح؛ فمثلاً على أحدهم أن يأخذ الأطباق المتسخة إلى المطبخ، وعلى الثاني أن يعيد الطعام والحليب إلى الثلاجة..هكذا.كوني واضحة في إعطاء الأوامر وحددي واجب كل واحد منهم حسب سنه وقدراته.
5ـ كوني مستعدة للإفطار:
أعدي طاولة الطعام، وجهزي ما يمكنك تجهيزه في المساء، وأعدي قائمة أسبوعية بما عليك تجهيزه للإفطار كل صباح حتى لا ترتبكي أو تفكري بما عليك عمله ولكي تكون مستعدة بكل احتياجاتك.
6ـ كوني منظمة:
قومي بإعداد ركن في المنزل بقرب الباب بحيث توضع فيه الحقائب المدرسية في المساء، بالإضافة إلى الحقائب الرياضية ومستلزمات الأنشطة حتى لا ينساها أطفالك أو يقوموا بالبحث عنها في الصباح.
7ـ كوني مرحة:
إذا كنت متوترة في الصباح فإن هذا التوتر سوف ينتقل إلى أطفالك، لذلك حاولي أن تكوني مرحة فبدلاً من توبيخهم لأنهم تأخروا في ارتداء ملابسهم قومي بعمل سباق من ينتهي من ارتداء ملابسه أولاً.
8ـ امنعي فتح التلفاز في الصباح:
مشاهدة التلفاز أو الفيديو في الصباح تؤخر الأطفال عن القيام بأعمالهم أو تناول الفطور؛ لذلك امنعي فتح التلفاز في الصباح حتى لا تعرضي نفسك للمشاكل.
9ـ كوني صارمة في مواعيد النوم:
إذا كان من الصعب إيقاظ طفلك في الصباح أو إذا كان يستغرق وقتًا طويلاً ليجهز، اجعلي موعد نومه أبكر، وكوني دائمًا صارمة في مواعيد النوم ولا تجعليها مجالاً للنقاش.
10ـ تعلمي من أخطائك:
إذا مررت بصباح متعب حاولي التفكير بالسبب وماذا حدث من خطأ في هذا الصباح حتى لا يتكرر في اليوم التالي.
17شوال 1425هـ
29 نوفمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/323)
ولا متخذات أخدان ( 1 )
صديق...أهذا هو الطريق؟؟
قالت إحداهن: تعرفت عليه، بدأ يبادلني كلمات الحب والغزل كل يوم، وتطورت العلاقة بيننا وأخذت أحلم به زوجًا للمستقبل، واتفقنا يومًا على اللقاء فقابلته، وفي اليوم التالي دعاني على العشاء فذهبت، وركبت معه السيارة، وبدأ يتجه بي إلى مكان بعيد وأنا خائفة ومترددة ولكن ماذا أقول، وأنا التي سلمتُ له نفسي منذ أول لحظة حادثته فيها.
وفجأة توقف الشاب في مكان فركب معه شاب آخر وفهمت سوء نيتهما، وبدأتُ أقاوم ولكن دون جدوى حتى أغمى علي، وأخذاني وتركاني بعد أن ....... وتركوني مرمية في إحدى المزارع البعيدة.
فهل تتوقعين فتاتي هذه النهاية لقصة الحب المزعوم؟
وأخرى تقول: أحببت شابًا وأنا في سن السادسة عشر عامًا، ولقد فضلتُ صديقتي على أمي بهذا السر.. ومازلتُ إلى الآن أحبه وأخفي سري ولا أعرف ما السبب؟
وثالثة تقول: عزلتني أمي عن الجميع فعدتُ إلى حبي القديم. رغم سني الصغير ـ أربعة عشر عامًا ـ إلا أنني أحببتُ شابًا.. لم يمر وقت طويل حتى كشفتْ والدتي الأمر فعزلتني عن الجميع، وحرمتني من كل شيء ومن صديقاتي وأهلي ونقلتني من المدرسة.. وتحت هذه الضغوط عدتُ لحبي القديم، أتحدث معه فهو الوحيد الذي يسمعني ويواسيني ويراعي مشاعري فماذا أفضل؟
وهذه تقول: أنا في الخامسة عشرة من عمري تعرفتُ على شاب يكبرني بخمس سنوات أقابله باستمرار دون علم أهلي، وهو يطلب مني أشياء تتنافى مع الآداب العامة، وأرفض بالبداية ثم أرضخ لرغبته حيث إنه يهددني بالانفصال عني، وقد تعودت على وجوده في حياتي وأخاف أن أنزلق معه لأكثر من هذا، لقد قررتُ إخبار أهلي بأمري ولكنني أخاف من ردة فعل والدي ووالدتي.. فماذا أفعل؟
عزيزتي الفتاة المسلمة:
لا يطارد الإسلام المحبين، ولا يطارد بواعث الحب والغرام، ولا يجفف منابع الود والاشتياق ولكنه كعادته ـ في كل شأن من شؤون التشريع ـ يهذب الشيء المباح حتى لا ينفلت الزمام ويقع المرء في الحرام الهلاك.
ـ لقد ارتبط في أذهان الكثير من الفتيات أن يمارسن الحب خارج البيوت، وأن ينسجوا خيوط العشق وطرائق الغرام بعيدًا عن الزواج الحلال من باب أن الممنوع مرغوب.
فهل نقبل بما يسمى بـ 'حرية الحب' في مجتمعنا الإسلامي؟
لقد ترددت على ألسنة المراهقات عبارات الحب التي شوهت أفكارهن ومنها قولهن: الحب من أول نظرة، الزواج بدون حب فاشل، الحب يصنع المعجزات، الحب عذاب، الزواج مقبرة الحب، ومن الحب ما قتل.
وأعلم أن مشاعر الميل الجنسي لآخر في هذا السن طبيعية ولكن هل هذا مسوغ ومبرر للاندفاع وراء هذه المشاعر؟ وهل هذا مبرر لإقامة مثل هذه العلاقات بين الفتاة والشاب.
إن فترة المراهقة مرحلة من مراحل العمر، ولا يعني ذلك أبدًا تبرير الانحراف، والتغاضي عن إهمال التكاليف الشرعية، وإنما يعني أن فترة المراهقة هي مرحلة لها خصائصها التي تميزها جسميًا وجنسيًا وانفعاليًا وعقليًا شأنها شأن أي مرحلة من مراحل العمر، وما علينا إلا أن نتعامل مع خصائص مرحلة المراهقة على أسس شرعية ونفسية وعلمية والنمو الجنسي في مرحلة المراهقة قد لا يؤدي بالضرورة إلى أزمات، ولكن النظم الاجتماعية الحديثة هي المسئولة عن أزمة المراهقة.
إن ما يسمى بـ 'الحب' الذي تعيشه الفتيات اليوم فيه من الشطط والمعابة ما يجعله لهوًا ولعبًا فلا ترى له هدفًا، ولا نتلمس له ضوابط ومعايير، بل تراه خفيًا مستترًا أو بارزًا متبحجًا يلتقي مع السراب في كثير من الحالات ويترك هذا الحب جراحًا تدوم إلى الأبد ونادرًا ما ينتهي بالزواج، هذا إن كان حبًا عفيفًا وعلاقة شريفة، فما بالك بالحب غير العفيف والعلاقات غير الشريفة.
ومن الأعراض التي تظهر على الفتاة مع تعرضها لهذا النوع من العلاقات:
[1] انخفاض المستوى الدراسي إن كانت من الدارسات.
[2] السرحان الدائم والسباحة في عالم الخيال [أحلام اليقظة].
[3] تبتدع الفتاة الأكاذيب الدائمة على أهلها للخروج ولقاء الحبيب.
[4] الخوف المستمر من معرفة الأهل والقلق والتوتر.
[5] وأيضًا تأنيب الضمير إذا خلت بنفسها.
عزيزتي الفتاة:
من خلال قراءتنا للكثير من القصص فإنني وضعتُ يدي على كثير من الآثار المترتبة على مثل هذا النوع من العلاقات منها:
1ـ خوف الفتاة المستمر من ترك الحبيب لها أو الانحدار معه إلى الهاوية، فهي علاقة مزيفة وعالم خيالي لا ينتهي إلا بالأخطاء والندم.
2ـ وقد تقع الفتاة ضحية الابتزاز والتهديد والفضيحة وإخبار الأهل إن قررتْ ترك الشاب الحبيب المزعوم.
3ـ قد تتعرض لصدمة نفسية ومحنة كبيرة واضطرابات عصبية ونفسية، ألم نرَ من أصيبوا بالجنون بعد ابتعاد الحبيب عنهم.
4ـ انكسار قلب الفتاة إذا لم تستمر هذه العلاقة وتنتهي بالزواج.
5ـ وإذا تم الزواج فقد يحدث الطلاق بعد الزواج بسبب كثرة الشكوك بين الزوجين {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 109].
6ـ المشاكل الدائمة بين الفتاة وبين الأسرة.
7ـ وقد يترتب على هذه العلاقة انحراف وعلاقة غير شرعية قد يكون ثمرتها الحمل [الكارثة الكبرى].
8ـ فقد الفتاة لسمعتها وفقدها لثقة الآخرين.
9ـ فقد الفتاة لمستقبلها، وقد تفقد حياتها ثمنًا لمثل هذه العلاقات.
آنستي... هنا أقف وأسألكِ إلى أين هذه العلاقة؟ ولماذا لا ترى النور؟ وسأترك الإجابة لكِ
ولماذا لا يتقدم هذا الشاب للزواج ويدخل البيت من الباب لا من الشباك؟
الحب إخلاص وصفاء ونقاء، الحب عهد ورسالة، والحب سر الحياة، وهو فطرة فطر الله الناس عليها وهو ضرورة من ضروريات الحياة.
وأنا أقول قول الشاعر:
إنما الحب صفاء النـ *** ـفس من حقد وبغض
إن أفئدة تهوى *** وتأبى هتك عرض
وجنون خدرات *** تلمح الحسن فتغض
إنني أكره حبًا *** يجعل الفسق شعارًا
يجعل اللذة قصدًا *** ويرى العفة عارًا
أعلن الحرب على *** أصحابه ليلاً ونهارًا
إنَّ ما تطلقه الفتيات على هذه العلاقة 'بالحب' إنما هو وهم وخيال، فليس هناك حب قبل الزواج، والحب الحقيقي هو الذي ينمو ويكبر في مؤسسة الزواج الشرعي، أما ما عدا ذلك فليس حبًا بل هم وغم بالليل والنهار.
لماذا تشرع الفتاة بهذه المشاعر؟ وما دوافع العلاقات العاطفية لدى الفتاة؟
هناك أسباب ودوافع لهذه العلاقة العاطفية منها:
1ـ الفراغ وتسلية الوقت: فليس لديها ما يشغلها من هوايات وأهداف كافية لشغل وقت الفراغ، ولوقت الفراغ ضرر رئيس وهو المنشأ الأساس لأحلام اليقظة، ونتيجة للاندماج في أحلام اليقظة كثيرًا ما يتحول الواقع إلى خيال والخيال إلى واقع، ويختلط هذا بذاك وتكون النتيجة أن تعيش الفتاة قصة حب وهمية.
2ـ البحث عن الحب الحقيقي.
3ـ الزواج.
4ـ الشهوة غير المنضبطة: فقد تكون لدى الفتاة طاقة جسمية غير مستغلة فتفكر في مثل هذه العلاقات.
5ـ الفراغ العاطفي: فلدى الفتاة قدرة على العطاء العاطفي للآخرين كما أنه لديها الرغبة في سماع بعض الكلمات الرقيقة، وحرمان الفتاة من الحنان والعطف قد يدفعها إلى مثل هذه العلاقات التي قد تدفع عمرها ثمنًا لها.
6ـ ضعف الوازع الديني والخوف من الله لدى الفتاة.
7ـ ضعف علاقة الأم بابنتها وإهمالها وعدم الاستماع لمشاكلها قد يدفع الفتاة للبحث عن بديل.
8ـ رفقة السوء والتأثر بتجارب الفتيات الأخريات.
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي.
9ـ ومن الأسباب الرئيسية لهذه العلاقة الانفتاح الإعلامي:
فكلمات ومشاهد الحب والغرام والعشق تغزونا من كل جهة فتفتحت الأبصار وتفتقت الأذهان إن الإعلام بكل صوره لا يصور الحب بمعناه الصافي النبيل، فالإعلام الغربي يصور الحب على أنه قبلات وعلاقات جنسية مشبوهة وغير مشروعة بين الرجل والمرأة، ويحاكيه الإعلام العربي ناقلاً لنا لهذه القيم المنفلتة، وتسمية الزنى حبًا والفن الهابط حبًا، كما تصور الكثير من المشاهد الفنية، فإن ذلك يعد خروجًا عن الفطرة ونزولاً نحو الهاوية ونحو الانحراف الأخلاقي.
يقول الدكتور/ حمزة زوبع: 'ما تروجه المشاهد العربية والغربية تحت شعار الحب في حقيقتها استغلال سيئ ومنحط لأسمى قيم إنسانية وهي الحب، وما يشيعه الإعلام من نظريات التحرر والانفتاح والاختلاط بين الجنسين دون قيود، هو انسلاخ من قيم وهوية المجتمع' [مجلة الفرحة].
دراسة وتحليل
إلى المربي والمربية الفاضلة أقول:
هل صحيح أن الحب والغرام إنما يغلب على فترة المراهقة؟
وأن الحب والهيام والتعلق بالجنس الآخر هو ظاهرة المراهقة وقل من لا يمر بها فمقل ومستكثر؟
لماذا يتمكن انفعال الحب والتعلق عند المراهق فيستولي على فكره ومخيلته؟
ولماذا أحلام اليقظة والجنوح إلى الخيال؟
ولماذا تسرح الفتاة كثيرًا؟
يجيبنا علم النفس عن هذه الأسئلة فتقول د/عبد العزيز النغيمشي أستاذ علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود: إن المراهق في مرحلة المراهقة يحس بحاجة إلى الجنس الآخر أشد ما يكون الإحساس بخلاف أي حاجة أخرى ويكون مشغول التفكير، مضطرب المشاعر كثير التخيل حول هذا الموضوع.
ويمكن أن نحدد طبيعة المراهق حول هذا الموضوع في النقاط التالية:
1ـ عدم الاستقرار.
2ـ إلحاح الغريزة.
3ـ ضعف الشعور بالنوع.
4ـ الفراغ النفسي وعدم الاكتمال.
وتؤكد الدراسات النفسية والتربوية أن التحولات الجنسية التي يعيشها المراهق تؤثر على الاستمرار والنظام الحياتي، ويدخل المراهقون في دوامة التفكير والتخيل الجامح أحيانًا، وفي حال من القلق والمشاعر النفسية المضطربة حول جسده وعواطفه ومستقبله، وحول كيفية إشباع غريزته واتخاذ شريك حياته.
ويظهر الاضطراب ليس على نفسية المراهق فقط، بل يتعدى ذلك إلى الجوانب العملية في اتخاذ الهوايات وبرامج قضاء وقت الفراغ وطبيعة الرفقة المختارة، وأنواع التعامل مع الناس حيث تظهر العجلة واللامبالاة والتطرف في السلوك واستعراض القوة.
وهنا أقف عزيزتي الفتاة وأسأل:
أين أنتِ من الآية الكريمة {وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}؟ وما معنى أخدان؟
ما موقف الشرع من العلاقات العاطفية بين الفتيات والشباب؟ وهل من حل ومخرج من هذا المأزق؟
هذا ما سنعرض له في الجزء الثاني من هذا المقال فتابعي معي حفظك الله - تعالى -من كل سوء وشر.
16 ذي القعدة 1425هـ
- 28 ديسمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/324)
حكم اتخاذ الأخدان والخليلات
السؤال : ...
أنا أحب رجلاً مسلماً حباً شديداً وأريد أن أتزوجه . وأنا أعلم أن الله يحرم العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة والمرأة والرجل.
وأشعر بالأسى في نفسي على هذه العلاقة. أشعر بذلك لأننا نرتبط بهذه العلاقة التي يمقتها الله . وهو لن يتزوجني لأنه فقد احترامه لي.
ماذا يقول القرآن في هذه المسألة ؟
المفتي: ... الإسلام سؤال وجواب
الإجابة: ...
الحمد لله
قال الله تعالى :
{ فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متّخذات أخدان } [ النساء : 25 ]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :
وقوله تعالى "محصنات" أي عفائف عن الزنا لا يتعاطينه ولهذا قال "غير مسافحات" وهن الزواني اللاتي لا يمنعن من أرادهن بالفاحشة - وقوله تعالى "ولا متخذات أخدان" قال ابن عباس : "المسافحات" هن الزواني المعلنات يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة : وقال ابن عباس : ومتخذات أخدان يعني أخلاء وكذا روي عن أبى هريرة ومجاهد والشعبي والضحاك وعطاء الخراساني ويحيى بن أبي كثير ومقاتل بن حيان والسدي قالوا : أخلاء وقال الحسن البصري يعني الصّديق وقال الضحاك أيضا "ولا متخذات أخدان" ذات الخليل الواحد المقرة به نهى الله عن ذلك يعني تزويجها ما دامت كذلك ..
وقال تعالى : { اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهنّ أجورهنّ محصنين غير مسافحين ولا متّخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين } (5) سورة المائدة
قال ابن كثير رحمه الله :
وقوله " محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " فكما شرط الإحصان في النساء وهي العفة عن الزنا كذلك شرطها في الرجال وهو أن يكون الرجل محصنا عفيفا ولهذا قال غير مسافحين وهم الزناة الذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردون أنفسهم عمن جاءهم ولا متخذي أخدان أي ذوي العشيقات الذين لا يفعلون إلا معهن كما تقدم في سورة النساء سواء ولهذا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح نكاح المرأة البغي حتى تتوب وما دامت كذلك لا يصح تزويجها من رجل عفيف وكذلك لا يصح عنده عقد الرجل الفاجر على عفيفة حتى يتوب ويقلع عما هو فيه من الزنا لهذه الآية .. وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستقصى عند قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين }
ومن القصص التي تبيّن حرمة اتّخاذ العشيقات وحرمة الزواج بهنّ قصّة مرثد بن أبي مرثد وكان رجلا يحمل الأسرى من مكّة حتّى يأتي بهم المدينة قال وكانت امرأةٌ بغيٌّ بمكّة يقال لها عناقٌ وكانت صديقة له وإنّه كان وعد رجلا من أسارى مكّة يحمله قال فجئت حتّى انتهيت إلى ظلّ حائط من حوائط مكّة في ليلة مقمرة قال فجاءت عناقٌ فأبصرت سواد ظلّي بجنب الحائط فلمّا انتهت إليّ عرفته فقالت مرثدٌ فقلت مرثدٌ فقالت مرحبا وأهلا هلمّ فبت عندنا اللّيلة قال قلت يا عناق حرّم اللّه الزّنا .. فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت يا رسول اللّه أنكح عناقا فأمسك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يردّ عليّ شيئا حتّى نزلت الزّاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزّانية لا ينكحها إلا زان أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم " يا مرثد الزّاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزّانية لا ينكحها إلا زان أو مشركٌ فلا تنكحها " . رواه الترمذي 3101 وقال : هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ
وكذلك جاء عن عبد الله بن مغفل أن امرأة كانت بغيّا في الجاهلية فمرّ بها رجل أو مرّت به فبسط يده إليها فقالت : مه ، إن الله أذهب بالشرك وجاء بالإسلام فتركها وولّى وجعل ينظر إليها حتى أصاب وجهه الحائط ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال : " أنت عبد أراد الله بك خيرا ، إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا عجّل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " . رواه الحاكم 1/349 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي . ينظر صحيح الجامع رقم 308 .
فهذه الآيات والأحاديث تدلّ دلالة واضحة على تحريم إقامة علاقة أو صداقة بين الرجال والنساء الأجنبيات ومفاسد هذه وما تؤدي إليه من أنواع البلاء واضحة في الواقع وللعيان ، نسأل الله أن يباعد بيننا وبين الحرام ، وأن يقينا أسباب سخطه ، وأن يعيذنا من غضبه وأليم عقابه ، وصلى الله على نبينا محمد .
ـــــــــــــــــــ(82/325)
احكم نكاح نساء أهل الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد سألني بعض الإخوان وهذا نص السؤال:
ماحكم نكاح نساء أهل الكتاب؟
وهذا نص الجواب.. والله الموفق سبحانه لا إله غيره ولا رب سواه وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الجواب: حكم ذلك الحل والإباحة عند جمهور أهل العلم ، لقول الله سبحانه في الآية السابقة من سورة المائدة: (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) سورة المائدة: 5، والمحصنة هي الحرة العفيفة في أصح أقوال علماء التفسير ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية مانصه : وقوله(والمحصنات من المؤمنات ) أي: وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات، وذكر هذا توطئة لما بعده وهو قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) فقيل: أراد المحصنات الحرائر دون الإماء، حكاه ابن جرير عن مجاهد. وإنما قال مجاهد: المحصنات الحرائر، فيحتمل أن يكون أراد ما حكاه عنه ويحتمل أن يكون أراد بالحرة العفيفة كما في الرواية الأخرى عنه ، وهو قول الجمهور ههنا ، وهو الأشبه لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : حشف وسوء كيل ، والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات : العفيفات عن الزنا كما قال تعالى في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ) سورة النساء: 25، ثم اختلف المفسرون والعلماء في قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) هل يعم كل كتابية عفيفة سواء كانت حرة أو أمة ؟ حكاه ابن جرير عن طائفة من السلف ممن فسر المحصنة بالعفيفة وقيل : المراد بأهل الكتاب هاهنا الإسرائيليات ، وهو مذهب الشافعي. وقيل : المراد ببذلك الذميات دون الحربيات لقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر... ) سورة التوبة: 29 . وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بنصرانية ويقول: لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول : إن ربَّها عيسى ، وقد قال الله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ) سورة البقرة: 221 . وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا محمد بن حاتم بن سليمان المؤدب حدثنا القاسم بن مالك، يعني المزني، حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي مالك الغفاري قال : نزلت هذه الآية (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) قال : فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها : (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) فنكح الناس نساء أهل الكتاب .
وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى ولم يروا بذلك بأساً أخذاً بهذه الآية الكريمة : (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) فجعلوا هذه الآية مخصصة للتي في سورة البقرة: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها ، وإلا فلا معارضة بينها وبينها ، لأن أهل الكتاب قد انفصلوا في ذكرهم عن المشركين في غير موضع كقوله تعالى : (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) سورة البينة: 1 ، وكقوله : (وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ) الآية. انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله.
وقال أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة الحنبلي رحمه الله في كتابه المغني ما نصه: ليس بين أهل العلم بحمد الله اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب، وممن روي عنه ذلك عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم، قال ابن المنذر: ولا يصح عن أحد من الأوائل أنَّهُ حرم ذلك. وروى الخلال بإسناده أنَّ حذيفة وطلحة والجارود بن المعلى وأذينة العبدي تزوجوا نساء من أهل الكتاب ، وبه قال سائر أهل العلم . وحرمته الإمامية تمسُّكاً بقوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) ، (ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) الممتحنة: 10 . ولنا قول الله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات ) إلى قوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ) ، وإجماع الصحابة . فأما قوله سبحانه : (ولا تنكحوا المشركات ) فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نسخت بالآية التي في سورة المائدة . وكذلك ينبغي أن يكون ذلك في الآية الأخرى لأنهما متقدمتان والآية التي في المائدة متأخرة عنهما ، وقال آخرون : ليس هذا نسخا فإن لفظ المشركين بإطلاقه لا يتناول أهل الكتاب بدليل قوله سبحانه : (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ) . وقال : (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) سورة البينة: 6 ، وقال : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) سورة المائدة: 82 ، وقال: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ) سورة البقرة: 105 ، وسائر القرآن يفصل بينهما ، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب ، وهذا معنى قول سعيد بن جبير وقتادة ، ولأن ما احتجوا به عام في كل كافرة وأيقنا خاصة في حل أهل الكتاب ، والخاص يجب تقديمه . إذا ثبت هذا فالأولى أن لا يتزوج كتابية ، لأن عمر رضي الله تعالى عنه قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب : طلقوهن فطلقوهن إلا حذيفة ، فقال له عمر : طلقها قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي خمرة طلقها ، قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي خمرة ، قال : قد علمت أنها خمرة ولكنها إلى حلال ، فلما كان بعد طلقها فقيل له : ألا طلقتها حين أمرك عمر؟ قال : كرهت أن يرى الناس أني ركبت أمرا لا ينبغي لي . ولأنه ربما مال إليها قلبه فتفتنه ، وربما كان بينهما ولد فيميل إليها . انتهى كلام صاحب المغني رحمه الله .
والخلاصة مما ذكره الحافظ ابن كثير وصاحب المغنى رحمة الله عليهما أنه لا تعارض بين قوله سبحانه في سورة البقرة : (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) الآية وبين قوله عز وجل في سورة المائدة : (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) الآية لوجهين :
أحدهما : أن أهل الكتاب غير داخلين في المشركين عند الإطلاق ، لأن الله سبحانه فصل بينهم في آيات كثيرات مثل قوله عز وجل : (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ) الآية ، وقوله سبحانه: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها ) الآية ، وقوله عز وجل : (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) الآية إلى غير ذلك من الآيات المفرقة بين أهل الكتاب والمشركين . وعلى هذا الوجه لا تكون المحصنات من أهل الكتاب داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن في سورة البقرة فلا يبقى بين الآيتين تعارض . وهذا القول فيه نظر ، والأقرب أن أهل الكتاب داخلون في المشركين والمشركات عند الإطلاق رجالهم ونساؤهم ، لأنهم كفار مشركون بلا شك ، ولهذا يمنعون من دخول المسجد الحرام لقوله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا إنما
المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) سورة التوبة: 28 ، ولو كان أهل الكتاب لا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق لم تشملهم هذه الآية ولما ذكر سبحانه عقيدة اليهود والنصارى في سورة براءة قال بعد ذلك : (وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) سورة التوبة: 31.
فوصفهم جميعا بالشرك ، لأن اليهود قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى قالوا : المسيح ابن الله ، ولأنهم جميعا اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله . وهذا كله من أقبح الشرك ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
والوجه الثاني: أن آية المائدة مخصصة لآية البقرة ، والخاص يقضي على العام ويقدم عليه كما هو معروف في الأصول ، وهو مجمع عليه في الجملة . وهذا هو الصواب ، وبذلك يتضح أن المحصنات من أهل الكتاب حل للمسلمين غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن عند جمهور أهل العلم ، بل هو كالإجماع منهم لما تقدم في كلام صاحب المغني ، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل لما جاء في ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابنه عبد الله وجماعة من السلف الصالح رضي الله عنهم ، ولأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر ولا سيما في هذا العصر الذي استحكمت فيه غربة الإسلام وقلَّ فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين وكثر فيه الميل إلى النساء والسمع والطاعة لهن في كل شيء إلا ما شاء الله فيخشى على الزوج أن تجره زوجته الكتابية إلى دينها وأخلاقها كما يخشى على أولادهما من ذلك ، والله المستعان .
فإن قيل : فما وجه الحكمة في إباحة المحصنات من أهل الكتاب للمسلمين وعدم إباحة المسلمات للرجال من أهل الكتاب ؟ فالجواب عن ذلك والله أعلم : أن يقال : إن المسلمين لما آمنوا بالله وبرسله وما أنزل عليهم ومن جملتهم موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام ومن جملة ما أنزل على الرسل التوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى ، لما آمن المسلمون بهذا كله أباح الله لهم نساء أهل الكتاب المحصنات فضلاً منه عليهم وإكمالاً لإحسانه إليهم ، ولما كفر أهل الكتاب بمحمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه من الكتاب العظيم ، وهو القرآن ، حرم الله عليهم نساء المسلمين حتى يؤمنوا بنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ، فإذا آمنوا به حل لهم نساؤنا وصار لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، والله سبحانه هو الحكم العادل البصير بأحوال عباده العليم بما يصلحهم الحكيم في كل شيء تعالى وتقدس وتنزه عن قول الضالين والكافرين وسائر المشركين .
وهناك حكمة أخرى ، وهي أن المرأة ضعيفة سريعة الانقياد للزوج ، فلو أبيحت المسلمة لرجال أهل الكتاب لأفضى بها ذلك غالباً إلى دين زوجها فاقتضت حكمة الله سبحانه تحريم ذلك .
من فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله
مجلة البحوث الإسلامية، العدد 21، ص 81 - 90
ـــــــــــــــــــ(82/326)
ما هي شروط عقد الزواج ؟ ... السؤال
30/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
التراضي و الولي بالنسبة للمرأة والشهادة والمهر والعفة (الإحصان) والكفاءة، والصيغة الدالة على النكاح، هي أهم شروط عقد النكاح مع الاختلاف في ثبوت بعضها ضمن شروط العقد
يقول الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق :
مفهوم العقد:
العقد اتفاق ما بين طرفين يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة ولكل من الطرفين حقوق لدى الطرف الآخر ولكل عقد آثار تترتب عليه. فعقد البيع مثلاً يترتب على حصوله استمتاع المشتري بالسلعة، وانتفاع البائع بالثمن.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.. الآية.
مفهوم الشرط:
والشرط في اصطلاح العقود ولغة التشريع هو (الشيء) الذي لا بد من وجوده لصحة العقد. فإذا انتفى بطل العقد. كما سنعلم أن التراضي مثلاً بين الزوجين شرط لصحة العقد.. وكما نقول الوضوء شرط لصحة الصلاة.
و شروط العقد سبعة، وإليك تفصيلها وبيانها:
أولاً: التراضي:
عقد الزواج اختياري ولا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الزوجين (الرجل والمرأة) ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز أن يدخل طرف من طرفي العقد مكرهاً. أما بالنسبة للرجل فهذا مما لا خلاف فيه. وأما بالنسبة للمرأة فالأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: [الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها]. رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس. وفي رواية لأبي هريرة: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن]. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت] رواه الجماعة.
وعن عائشة قالت يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: [نعم]، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: [إذنها صماتها]. (رواه البخاري ومسلم).
وهذه الأدلة جميعها نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً، وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [تستأمر] أي يطلب أمرها. وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها ، فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
ولقد خالف في هذا الحكم بعض الأئمة والفقهاء مستدلين بزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بعائشة وهي ابنة ست سنين ولا تعي مثل هذا الإذن، ولا دليل في ذلك لاختصاص النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج بخصوصيات كثيرة كالزيادة على أربع، والزواج بغير ولي وشهود من أي امرأة تهب نفسها له لقوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين..} الآية. وهذا الزواج بعائشة على هذا النحو من جملة خصوصياته جمعاً بين الأدلة.
واستدلوا كذلك بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن ، وقالوا : إنه يجوز إجبار البكر على الزواج، وهذا خطأ فاحش لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضى والإذن فقط. ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).
وكذلك ما رواه ابن عمر قال: "توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبدالله: وهما خالاي. فخطب إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: [هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها]. قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. (رواه أحمد والدارقطني).
وهذه جميعها أدلة صحيحة واضحة أنه لا يجوز الإجبار مطلقاً وخاصة مع اليتيمة التي قال الله في شأنها: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع..} الآية. أي إن خفتم أن لا تعدلوا عند زواج اليتيمة في المهر وغيره فاتركوها إلى غيرها. وهذا حتى تنصف المرأة وتوضع حيث تريد لا حيث يشاء من يتولى أمرها ويتسلم ولايتها.
ثانياً: الولي:
ولاية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، ووسيلة إلى الفساد والزنى باسم النكاح، ولذلك جاء الشرع باشتراط مباشرة عقد النكاح بواسطة ولي المرأة: أبوها، أو أخوها أو الأقرب بها، فالأقرب، ولا يكون ولياً للمرأة إلا أقرب الناس الأحياء إليها ، فالأب أولاً ثم الأخ وهكذا..
والأصل في اشتراط الولي قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا نكاح إلا بولي] وقوله: [أيما امرأة نكحت (أي تزوجت) بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له] (رواه الخمسة إلا النسائي).
واشتراط الولي يقول فيه ابن المنذر: إنه لا يعلم مخالفاً من الصحابة له، وذهب أبو حنيفة من الفقهاء إلى عدم اعتبار الولي في النكاح.
والأحاديث السابقة ترد على هذا القول. واعتبر الإمام مالك رحمه الله الولي شرطاً في الرفيقة من النساء (ذات الشرف والمنصب) دون الوضيعة (التي تكون من ضعفة الناس وسقطهم) وهذا التفريق لا مسوغ له. بل قد يكون الاشتراط في الوضيعة ألزم منعاً للزنى والفساد..
ثالثاً: الشاهدان:
لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان، وقد جاء في هذا أحاديث لا يخلو واحد منها من مقال وضعف، ولكن عامة أهل العلم من المسلمين على العمل بذلك ، وبهذا أفتى ابن عباس وعلي وعمر رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن المسيب والأوزاعي والشعبي، ومن الأئمة الأربعة أحمد والشافعي وأبوحنيفة. وهذا القول هو الموجب لحفظ الحقوق عند كل من الرجل والمرأة، وضبط العقود، ومن ألزم العقود بالضبط عقد النكاح ووقوعه بغير شهود مدعاة للفساد والتلاعب أو النسيان وضياع الحقوق ، ولذلك أصبح وكأنه معلوم من الدين بالضرورة، ولا نرى أن يخالف في هذا أحد من أهل العلم..
رابعاً: المهر (الصداق):
اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجل للمرأة. ولا يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا. ويهمنا الحكمة العظيمة منه فهو هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه لزوجها كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} وهذه الآية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي هدية وعطية كما نقول نحلت فلاناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له. وهي نحلة واجبة للأمر الصريح بذلك في هذه الآية، وقد جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شيء منه ، ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها.
والنظر إلى المهر على هذا الأساس أكرم من النظر إليه على أنه ثمن لبضع المرأة، فالزواج ليس بيعاً وشراءً ولكنه رباط مقدس لاستمرار الحياة وتبادل المنافع وللتراحم والتآلف والحب، والبيع والشراء محله المشادة والغش والمناورة ، ولا يجوز أن يكون عقد الزواج كذلك ،ولذلك كان النظر إلى المهر على أنه نحلة وهدية هو الواجب لأن الهدية والعطية تكون بين الأحباب بعكس البيع والشراء.
ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد لأقله وأكثره وإنما ترك للمقدرة والأريحية وقد زوج الرسول رجلاً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القرآن الكريم وذلك لما لم يكن عنده شيء يصلح أن يكون مهراً حتى أن الرسول قال له: [التمس ولو خاتماً من حديد]، فلم يجد فزوجه إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن.
وبالرغم من أن الشارع لم يحدد نهاية للمهور إلا أنه حبب للمسلمين الاقتصاد فيها ونهى عن المغالاة التي تؤدي إلى أوخم العواقب.
وقد جاوز الناس في زماننا حد المعقول في المهور ، وأصبح ينظر إلى المهر على أنه ثمن وغنيمة وصفقة يكسب من ورائها آباء البنات ، وبهذا عظمت المصيبة ووضع أمام الزواج عقبة تعسر عليه أمر زواجه الذي هو في أصله مبني على التيسير.
والمهم هنا بيان أن المهر شرط في صحة عقدة النكاح وأنه حق المرأة الخالص ولا يجوز لأبيها أن يأخذ منه إلا بإذن ابنته وكذلك لا يجوز للزوج أن يسترد شيئاً من المهر إلا بسماح زوجته، وأن المهر هدية ومنحة وليس ثمناً وعوضاً كما ذكر بعض الفقهاء ذلك وأن خير المهر ما كان أيسره وفي حدود الطوق والوسع.
خامساً: الإحصان:
اشترط الله سبحانه وتعالى على المسلم أن لا ينكح (يتزوج) إلا العفيفة المسلمة، والعفيفة الكتابية كما قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} والنكاح هنا بمعنى الزواج بدليل الحديث الآتي:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرتد بن أبي مرتد الغنوي كان يحمل الأساري بمكة (أي يفر بهم إلى المدينة) وكان بمكة بغي يقال لها عتاق، وكانت صديقته (أي في الجاهلية) قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عتاقاً؟ قال: فسكت عني فنزلت {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فدعاني فقرأها علي وقال: [لا تنكحها]. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
وكذلك الأمر في الكتابية (اليهودية والنصرانية) كما قال الله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}.. الآية. وهذا نص في أنه لا يجوز إلا المحصنة المؤمنة والمحصنة الكتابية، والمحصنة هنا يعني العفيفة، سميت بالمحصنة كأن بينها وبين الفاحشة حصناً يمنعها عنها.
وهذا يعني أن المرأة المشهورة باقتراف الفاحشة أو الدعوة إليها لا يجوز لمسلم الزواج بها حتى على أمل أن تهتدي أو تتحصن بالزواج ، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل الزاني المشهور بالفاحشة لا يجوز لمسلمة أن ترضى به زوجاً أو تسعى للزواج به.
سادساً: الكفاءة:
الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الكفاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساساً، وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها.
فمن الأمور التي جعلها الشارع شرطاً في الكفاءة اتفاق الدين بين الرجل والمرأة وذلك أن الدين هو المعيار الأساسي الذي يقدم به البشر في ميزان الله سبحانه وتعالى ولذلك كان النظر الأول في الكفاءة إليه وكان الشرك مانعاً إذا وجد في أحد الزوجين كما قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}.. الآية.
إلا أن الله سبحانه وتعالى استثنى من هذا الحكم جواز نكاح الرجل المسلم بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية كما قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} فعلم بهذا النص المتأخر عن آية البقرة السابقة أن الكتابية مستثناة من جملة المشركين شريطة أن تكون عفيفة (محصنة) كما قدمنا والحكمة من هذا هو استمالة أهل الديانتين للدخول في الإسلام، وقد كان لها أكبر الأثر في دخول شعوب الشام ومصر في الإسلام وذلك بزواج العرب المسلمين من نسائهم ونشأة أولادهم على الإسلام.. وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم وآثاره. والمهم أنه حكم ثابت بالكتاب والسنة وباق إلى يوم القيامة مع وجوب معرفة محاذيره، وهي أن لا يتحول الأبناء إلى دين الأم بسبب ضعف شخصية الزوج أو سكنه في غير بلاد المسلمين، وقد أصيب المسلمون من جراء هذا بشر مستطير، ومن الأمور التي اعتبرها الشارع أيضاً في الكفاءة الحرية.
فالعبد لا يتزوج إلا أمة مثله، وكذلك الحر لا يتزوج إلا حرة. ولكن الله استثنى من هذا أيضاً زواج الأمة المسلمة وهذا شرط بالحر المسلم إذا خشي العنت على نفسه ولم يستطع الزواج بمسلمة حرة. قال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} ثم قال تعالى في آخر هذه الآية: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فعلم من هذه الآية جواز زواج الحر المسلم بالأمة المسلمة فقط في حالة الإعسار ولا يخفى أن علة هذا الحكم هو رفع الحرج عن بعض الذين ما كانوا يجدون ما يتزوجون به الحرائر وكذلك كره الله هذا الأمر لما فيه من اشتغال الزوجة بسيادة مالكها، واسترقاق أولادها أيضاً ، لأن الأولاد تبع للأم (وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم).
وأما الأمة الكتابية والمجوسية فلا يجوز الزواج بها قطعاً ولذلك لما قيل للإمام أحمد إن أبا ثور يجيز ذلك قال: (هو كاسمه) أي ثور.
وأما الأمور التي أهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والجنس والقبيلة والمنزلة الاجتماعية فكل هذه الاعتبارات مهدرة، ولا تخدش عقد الزواج.
سابعاً: الصيغة:
اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على الإيجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى الإيجاب: طلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ومعنى القبول: رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلت. وشط بعض العلماء فجعل العربية شرط في الصيغة وأن الزواج لا يعقد إلا باللغة العربية. وشبهتهم في هذا أنه عبادة فاشترط ما ليس في كتاب الله فالزواج معاملة فيجوز عقده بالعربية وغيرها. وكذلك هو عقد اختياري فيجوز بكل ما تتم به العقود وما يدل على الرضا بالزواج وكل لفظ يدل على الزواج الشرعي ويحصل به إيجاب وقبول بين طرفي العقد فإنه يعتبر صيغة صحيحة لأن يعقد العقد بها.
وبهذا نكون قد أنهينا الشروط اللازمة لصيغة عقد النكاح.
ـــــــــــــــــــ(82/327)
الصداقات عن طريق الشات ... العنوان
انتشرت ظاهرةو الحديث بين الجنسين عن طريق الماسنجر، وتكونت من خلال ذلك صداقات وعلاقات بين الجنسين من خلال ذلك، وقد يكون غرض كلا الطرفين نبيلا في باديء الأمر حيث يبث الرجل إلى المرأة همومه وأحزانه، وآلامه وآماله، وكذلك تفعل هي، وقد تقف العلاقة عند هذا الحد، وقد تتطور غالبا إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، ويحتج كثير من هؤلاء الشباب أن الحديث بين الرجال والنساء ليس حراما إذا كان بعيدا عن الفحش والبذاءة، فما رأي الإسلام في ظل هذه الأبعاد من هذه الظاهرة؟ ... السؤال
29/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
الإنترنت ولوازمه من المحادثة عبر الشات والماسنجر وسيلة قد تكون سببا في تحصيل الخير، من تبادل العلوم النافعة، والدعوة إلى الله، والتعرف على أحوال المسلمين، وقد تكون سببا للمفاسد والشرور، وذلك حينما تكون بين الرجل والمرأة.
ولذلك لا يجوز تكوين صداقات بين الرجال والنساء عبر هذه الوسائل للأسباب التالية:-
1- لأن هذا من اتخاذ الأخدان الذي نهى الله عز وجل عنه في كتابه الكريم.
2-لأنه ذريعة إلى الوقوع في المحظورات بداية من اللغو في الكلام، ومرورا بالكلام في الأمور الجنسية وما شابهها، وختاما بتخريب البيوت، وانتهاك الأعراض، والواقع يشهد بذلك ( ولا ينبئك مثل خبير).
3-لأنه موطن تنعدم فيه الرقابة، و لا توجد فيه متابعة ولا ملاحقة، فيفضي كلا الطرفين إلى صاحبه بما يشاء دون خوف من رقيب ولا حذر من عتيد.
4-لأنه يستلزم الكذب إن عاجلا أو لاحقا، فإذا دخل الأب على ابنته ، وسألها ماذا تصنع، فلا شك في أنها ستلوذ بالكذب وتقول: إنني أحدث إحدى صديقاتي ، وإذا سألها زوجها في المستقبل عما إذا كانت مرت بهذه التجربة فإنها لا شك ستكذب عليه.
5-لأنه يدعو إلى تعلق القلوب بالخيال والمثالية حيث يصور كل طرف لصاحبه أنه بصفة كذا وكذا، ويخفي عنه معايبه وقبائحه حيث الجدران الكثيفة، والحجب المنيعة التي تحول دون معرفة الحقائق، فإذا بالرجل والمرأة وقد تعلق كل منهما بالوهم والخيال، ولا يزال يعقد المقارنات بين الصورة التي طبعت في ذهنه ، وبين من يتقدم إلى الزواج به، وفي هذا ما فيه.
وليس معنى هذا حرمة الحديث بين الجنسين مطلقا عبر هذه الوسائل، ولكننا نتكلم عن تكوين العلاقات والصداقات بين الجنسين.
أما ما توجبه الضرورة، أو تستدعيه الحاجة مثل الحديث بين المراسلين الإخباريين، وبين العالم والمربي ومن يقوم على تربيتهن أو دعوتهن، والحديث الذي تقتضيه دواعي العمل بين الجنسين فليس حراما ما دام لم يخرج عن المعروف ، ولم يدخل دائرة المنكر، ولم يخرج عما تقتضيه الحاجة، وتفرضه الضرورة.
يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:-
لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت، ودخول " البالتوك " ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي ، كالمحادثة الخاصة مع الرجال ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول ، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية ، ولا شك أن هذه المحادثات الخاصة لا تعتبر خلوة لأمن الإنسان من إطلاع الآخر عليه ، غير أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب : ( لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام )
انتهى ، نقلا عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد ، وفي كل شر .انتهى.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف- من علماء مصر- لشاب سأله عن نفس السؤال :-
ما الغرض من هذه المحادثة، وإذا كان بغية التبادل الثقافي والفكري والمعرفي والمحاورة، فلماذا لا يكون مع شاب مسلم، وماذا أنت قائل لشاب يفعل ذلك مع أختك أنت، واعلم أن الشاعر قد قال: كل الأشياء مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر... فالنار العظيمة التي تحرق المدن لا تبدأ إلا بشرارة قليلة، وقد قال شوقي: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء..
فابتعد واستمع إلى هذا الحديث المتفق على صحته "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن بعد عن الشبهات (نكرر بعد) فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام"، أسأل الله أن يحفظك وأبناءنا وشباب المسلمين من هذا كله. انتهى.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف في فتوى أخرى:-
فإن الله خلق هذا الجنس البشري من الرجال والنساء وجعل كل طرف يميل إلى الآخر بغريزة أودعت في النفس لبقاء النسل، ولبقاء هذه الحياة، ولقد حدد الإسلام طريقة ومنهج العلاقة التي يجب أن تكون بين الذكر والأنثى، فإما أنها علاقة مع المحارم كالأمهات والبنات، أو علاقة مع ما أحلها الله له من الزوجات بضوابطها الشرعية، أما كل علاقة بين الرجل والمرأة خارج هذا النطاق، فلا تتم من المسلم إلا على سبيل الاضطرار أو الحاجة، كشهادة المرأة أمام قاضٍٍ في محكمة، أو ما يضطر إليه مما لا يملك تغييره، كمدرس متدين عُيِّن في الجامعة يدرس للذكور والإناث، وفي هذه الحالة الاضطرارية يجب ألا تكون العلاقة إلا عابرة وفي حدود التعلم والتعليم؛ لأن الاختلاط منهي عنه شرعًًا، فإذا تطور إلى الخلوة كان محرمًًًا، وعلى هذا الأمر فإنه لا يوجد ما يُسمَّى علاقة عادية مع البنات، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعًًًا إلى الحق. انتهى.
ويقول الشيخ نظام يعقوبي من علماء البحرين مبينا حكم المراسلة بين الجنسين عن طريق الوسائل الحديثة :-
هل تختلف المراسلة عبر البريد الإليكتروني عن المراسلة عبر البريد العادي، أو عبر صفحات الجرائد والمجلات؟ لا شك أن المحصلة واحدة مع فارق طبيعة الوسيلة، ولكن العبرة في الحكم بالجواز أو عدم الجواز ليست في الوسيلة الناقلة للخطاب، ولكن في مضمون الخطاب نفسه، وما إذا كان هذا المضمون منضبطاً بضوابط الشرع أم لا، وحيث إن هذه الوسيلة، وسيلة البريد الإليكتروني، تتيح لمستخدمها قدراً كبيراً من الخصوصية والبعد عن الرقيب وحرية التعبير والمراسلة بمختلف أنواع المصنفات الفنية، الصوتية والمرئية، فإنها تصبح أكثر إغراء من غيرها على التمادي والغواية، والاقتراب من خطوات الشيطان وقد نهانا الله تعالى عن اتباع خطوات الشيطان فقال تعالى {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} وقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.
فالأولى الابتعاد عن ذلك، حتى لا ينجر المرء إلى ما بعد ذلك ؛ من التدرج في موضوعات المراسلة إلى ما نهى الله عنه، فعندما نهانا الله تعالى عن الزنا نهانا عنه وعن مقدماته وعما يقربنا إليه فقال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا}. ولا نقول هنا أن مثل هذه المراسلات ستؤدي بالقطع إلى الوقوع في الزنا والعياذ بالله، ولكنها تظل مظنة الوقوع فيما لا يرضي الله.
وإذا كان لا بد للمرء أحياناً من المراسلة بغرض التبادل الثقافي والمعرفي في هذا الزمن الذي بدأت فيه وسيلة الإنترنت تحتل حيزاً كبيراً في حياة الناس، فالأولى أن تكون المراسلة بين أفراد من جنس واحد،ما لم يكن هناك ضرورة خاصة تقتضي المراسلة مع الجنس الآخر، وفي هذه الحالة يجب التأدب والاحتياط خشية الوقوع فيما يغضب الله.انتهى.
وجاء بموقع الشبكة الإسلامية:-
حرم الله سبحانه وتعالى اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ) [النساء:25] وفي خصوص الرجال: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) [المائدة:5] واتخاذ الأخدان محرم سواء كان عبر الهاتف أو الدردشة في الإنترنت أو اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الرجل والمرأة.
وما يعرف اليوم بمواقع الدردشة فهي في معظمها أوكار فساد ومصايد للشيطان، أفسدت دين ودنيا كثير من أبناء وبنات المسلمين، فعلى المسلم أن يحذر منها، وأن يستغل وقته ويبذل جهده فيما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه.انتهى.
ويقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر:-
إن الصداقة بين الجنسين لها مجالات وحدود وآداب فمجالها الصداقة بين الأب وبناته والأخ وأخوته، والرجل وعماته، وخالاته، وهي المعروفة بصلة الرحم والقيام بحق القرابة، وكذلك بين الزوج وزوجته، وفي كل ذلك حب أن ضعفت قوته فهي صداقة ورابطة مشروعة، أما في غير هذه المجالات كصداقة الزميل لزميلته في العمل أو الدراسة، أو الشريك لشريكته في نشاط استثماري مثلا، أو صداقة الجيران أو الصداقة في الرحلات وغير ذلك، فلابد لهذه الصداقة من التزام كل الآداب بين الجنسين، بمعنى ستر العورات والتزام الأدب في الحديث، وعدم المصافحة المكشوفة، والقبل عند التحية، وما إلى ذلك مما يرتكب من أمور لا يوافق عليها دين ولا عرف شريف، والنصوص في ذلك كثيرة في القرآن والسنة لا يتسع المقام لذكرها.
إن الصداقة بين الجنسين في غير المجالات المشروعة تكون أخطر ما تكون في سن الشباب، حيث العاطفة القوية التي تغطي على العقل، إذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار الجسيمة، وبخاصة ما يمس منها الشرف الذي هو أغلى ما يحرص عليه كل عاقل من أجل عدم الالتزام بآداب الصداقة بين الجنسين في سن الشباب كانت ممنوعة، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، ومن تعاليمه البعد عن مواطن الشبه التي تكثر فيها الظنون السيئة، والقيل والقال، ورحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه.
ولا يجوز أن ننسى أبدا شهادة الواقع لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرحال من النساء" رواه البخاري ومسلم.
ـــــــــــــــــــ(82/328)
الهاتف والشات: وسائل اتصال لا تواصل ... العنوان
الإنترنت والهاتف ... الموضوع
أنا طالبة في المرحلة الجامعية تعرفت على شاب من خارج الجامعة عن طريق الشات، وأصبحت أحادثه هاتفيًّا عن طريق هاتف صديقتي، علمًا بأنها المرة الأولى التي أحادث فيها شابًّا، ولكن عندما أنتهي من محادثة هذا الشاب تنتابني حالة من البكاء وعدم الرضا عن نفسي؛ لأني لم أكن في يوم من الأيام تلك البنت اللعوب.
في هذه الأيام أحاول ألا أتصل به ولكني لا أستطيع؛ لأنه أصبح بالنسبة لي كالمخدر، كلما حاولت الابتعاد عنه ازددت تعلقًا به. حاولت أن أقول لأمي كل شيء، لكني لا أستطيع لأني خائفة أن أفقد ثقتها. وفي هذه الأيام يحاول إقناعي أن أتصل به من هاتف المنزل لكني لا أريد وأخذ يقنعني بذلك، ولكن أنا أريد أن أسترد كرامتي التي أهينت من قبل تصرفاتي، أريد أن أعود تلك الفتاة التي كانت ملتزمة أرجو المساعدة.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة:
قلنا قبل ذلك: إن الطموح إلى الحب، وإلى الحصول على الحق في اهتمام الآخرين بنا خاصة من الجنس الآخر، أمر فطري وطبيعي، ولكن كيف يتم التعامل مع هذا الطموح، والتعبير عنه؟! هذا هو السؤال.
أنت اليوم تمرين بتجربة هامة ومؤلمة في الوقت نفسه، اتصالك بهذا الشاب يحقق لك بعض هذا الطموح المشروع، ولكن بأي ثمن يا أختي العزيزة؟!
أنت لست فتاة لعوبًا، ولن تكوني أبدًا بإذن الله، أنت فتاة طبيعية تريد أن تحب وأن تكون محبوبة، وعليك أن تسألي نفسك هل هذه هي الطريقة المناسبة للحصول على الحب؟! وما هي نهاية هذه المحادثات التليفونية مع شاب لم تعرفي عنه شيئًا سوى صوته في الهاتف، ومعلومات قالها عن نفسه، والله وحده يعلم دقتها وصحتها.
يا أختي، الشاب العربي يحب جدًّا أن تكون له صديقة أو عدة صديقات، ويحب أن يحادث هذه في الهاتف، ويجلس مع تلك على الشات، وربما يطمح إلى أكثر من هذا وذاك، ويحصل عليه من فتاة غافلة باسم الحب، والحب من ذلك براء؛ لأن الحب يعني الاحترام، ويعني المسئولية، والذي يطلبه منك هذا الشاب بأن تتصلي أنت به من منزلك، ودون علم أهلك لا ينطوي على أي احترام لك، أو أية مسئولية تجاهك.
هذا الشاب يتلاعب بك فلا تكوني أنت تلك اللعبة الرخيصة التي سيلقيها بعد حين، ولا تكوني أنت الغافلة التي يحصل منها على ما يريد دون مقابل سوى معسول الكلام. ولكي تتخلصي من مشاعر الذنب وتأنيب الضمير، ينبغي أولاً أن تصححي فهمك للأمر بمعرفة أن الحب حق مشروع، وفطرة إنسانية، وأن الذي بينك وبين هذا الشاب لا يمت إلى الحب الحقيقي بأية صلة من قريب أو من بعيد، وأن السبيل لإقامة علاقة حب جادة ومسئولة يكون في العلن، وفي إطار مسار الزواج والارتباط، والهاتف أو الشات مجرد وسيلة اتصال لا تكفي لإقامة علاقة تواصل وارتباط على أساس سليم من تفاهم وتعارف صحيح؛ لأن حب الهاتف والشات فيه من الأوهام والأحلام والأكاذيب والأماني أكثر مما فيه من الحقائق.
أنت محتاجة يا أختي إلى من تتبادلين معه الاهتمام الحق، والحب الصادق الجاد، وليس هذا الشاب بهذا الوضع يصلح لهذا، فإما أن يتقدم بالعلاقة إلى العلن وفق برنامج محدد، وخطوات ملموسة وسريعة، وإما أن تقطعي كل صلة بينك وبينه، ويكون هذا أولاً بالابتعاد عن أمثال تلك الصديقة التي سمحت لك بالاتصال به بدلاً من أن تنصحك وترشدك إلى الاختيار السليم، وتحتاجين ثانيًا إلى التشاغل عن هذا الشاب، والانشغال باهتمامات نافعة وممتعة تفتح لك باب التعارف العلني مع أخريات وآخرين في إطار حركة الحياة الاجتماعية العامة، والأنشطة الخيرية والثقافية التي تنشط في بلدكم، خاصة العام 2001م، حيث الكويت الحبيب هو عاصمة العرب الثقافية لمدة عام.
و لا تنسي بالطبع دراستك، فهي من مؤهلاتك حين تدخلين طرفًا في أية علاقة، والإنسان له جوانب متعددة منها العلم الذي حصل عليه، والشهادة التي يحملها، وكذلك الأخلاق ... .إلخ، فاهتمي بالدراسة؛ لأنها مرتبطة بوضعك الشخصي والاجتماعي حاليًا ومستقبلاً، وحبذا لو تحددين نشاطًا رياضيًّا أو ثقافيًّا أو اجتماعيًّا تركزين على تنميته في نفسك بحسب وقتك وجهدك، وأكرر وصيتي لك بالاهتمام بالصحبة الطيبة الصالحة، وأول صديقة هي أمك فكوني أقرب إليها، ولن تفقدي ثقتها بإذن الله حين تفهمين ما ينبغي عمله، وتقومين به في أسرع وقت.
أهلاً بهذا الشاب خاطبًا جادًّا يتقدم للارتباط بك في العلن، ولا حاجة لنا فيه إن كان غير ذلك، ونحن معك، فلا تسيري في هذه الطرق وحدك أبدًا؛ لأن الشيطان مع الواحد وهو عن الاثنين أبعد ... وفي انتظار رسائلك.
ـــــــــــــــــــ(82/329)
إنقاذ ضحايا الشات ... العنوان
الأخ الفاضل الدكتور أحمد عبد الله،أنا صاحبة مشكلة "
رائع في كل شيء: أطياف الواقع الافتراضي
- " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولا: أحب أن أعتب عليك تأخير الرد، ولكن يشفع لك هذا التحليل الدقيق لجوهر المشكلة، فشكرا لك.
ثانيا: أرى أنه من حقك أن تعرف مني باقي فصول الرواية، وبالرغم من انتهاء شهر
رمضان موسم المسلسلات.. فإنها كانت رواية مثلت بعناية واقتدار، ولقد أحب بطلها الوحيد انتزاع التصفيق من المتلقي الوحيد عنوة.. كيف؟
لقد اعترف لي صديقي الأكثر من رائع بحقيقته، وهي:
أولاً السن 31 بدلا من 25 سنة. ثانيًا الاسم. ثالثًا الصورة ليست له.رابعًا متزوج من 10 أشهر، واكتشف أنها تحب واحدًا غيره، فانفصلا. خامسًا الجنسية: هندي يعمل بالسعودية.
سادسًا الديانة: مسيحي.. لم يدخل الجامع قط. سابعًا.. وثامنًا.. وعاشرًا...
لعلك تضحك الآن مثلما ضحكت أنا من أسبوعين على غبائي وعمى بصري وبصيرتي، ولكن الإنسان لا يتعلم مجانا ، والحمد لله الخسائر في حدود المحتمل، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
لعلك تتساءل الآن: وما الذي دفعه للاعتراف بحقيقته؟ لا أعرف...
لقد صارحني فجأة وبدون مقدمات، وقال إن صلواتي هي التي حمتني، وبأنه علمني ألا
أثق بأحد، وأن الشات سراب ما تظنه ماء تجده ترابا، وأن هذا سيجعلني أحب زوجي أكثر، قال وقال.. ثم أرسل صورته الحقيقية.. دميم جدا.. وصورة عائلية مع والديه وأخته.. واسم الشركة التي يعمل بها وأرقام تليفوناتها للتأكد من صدقه هذه المرة، وسألني هل سأستمر معه أم لا؟ شكرته على صراحته، ولم ألمه على الإطلاق، واعتذرت عن الاستمرار، فلقد أفقدني الثقة فعلا بالشات.. ما رأيكم دام فضلكم؟
المشكلة الآن أنني أحيانا أفتقده وأتساءل لماذا لا أحترم صراحته وأجرب معه مرة
أخرى عله يصبح إنسانًا أفضل ربما يعتنق الإسلام وأكسب ثوابا؟ لا أدري لكنني أخاف أن يكذب مرة أخرى، وأتساءل ترى كم مرة فعل ذلك؟
إنني بحاجة إلى رأيك هذه المرة أيضا، ولكن بسرعة قبل أن يهزمني الحنين، وبمعنى ، وشكرا من أعماق القلب، وجزاك الله خيرًا،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.. وصلتنا رسالتك، وأعطتني إياها أختي وزميلتي الأستاذة "سمر عبده" لأستكمل معك ما بدأناه في الرسالة السابقة، ولعلك تتوقعين أنني لم أتفاجأ بالمعلومات التي ظهرت أو بالأحرى التي اعترف بها صديقك الإليكتروني الرائع –سابقا- عن حقيقته، وأنا لم أضحك أبداً لأن الأمر خطير، ولا أقصد بالخطورة فقط قصتك معه، بل الأكثر من ذلك والأهم هو تلك التغيرات الجذرية التي تجتاح حياتنا بسبب الاتصالات وثورتها، والمعلومات وكثافة وطرق تدفقها.
أختي، نحن في محنة حقيقية؛ لأننا نتعامل مع أداة جديدة لم ندرك أبعاد تأثيراتها بعد، وأصبح من الأمانة والنصح لهذه الأمة أن تتواصى فيما بينها بسبل جلب منافعها وطرق استثمارها في الخير، وكذلك بأساليب مواجهة أضرارها، وعدم التورط في فخاخها، وهي كثيرة.
هذا النصح والتناصح أراه فرض عين على كل من مارس هذه الخبرة الجديدة غير المسبوقة بالنسبة له، ولا مسبوقة بالنسبة للبشر، وأجزم أن كل من له بالإنترنت صلة معقولة فستكون له بالتأكيد تجارب يرويها، ودروس يرشدنا إليها، ولا أذيع سرًّا إذا قلت إن هذا كله يأتي في صلب اهتمام موقعنا، وفى صلب همنا الشخصي اليومي الإنساني، ولا أذيع سرًا إذا قلت إننا نفكر في ورشة تدريبية تشبه تلك التي كانت على موقعنا في موضوع كتابة وتذوق القصة القصيرة، وذلك فيما يخص علاقتنا بالإنترنت، وما أحدثته هذه الشبكة من تغيرات في حياتنا وعلاقاتنا بالكون والبشر.
ولا أذيع سرًّا أن علاقتي شخصيًّا بهذه الشبكة تكشف لي كل يوم شيئًا جديدًا يتعلق بنفسي أو بمن حولي، وأن لدي في هذا حكايات ونظرات، وأيضًا آلامًا وخبرات قد أجد يومًا فرصة مناسبة لروايتها، وحتى هذا اليوم دعيني أنقل لك بعض النظرات التي أرجو أن تكون صحيحة بتوفيق من الله؛ لأنها محض اجتهاد جديد لم أطرقه من قبل، لا أنا ولا غيري، وسامحيني مرة أخرى على بعض التأخير في الرد عليك، ولعل التحليل هذه المرة يكون شفيعًا، كما كان أخوه من قبل:
أولاً: ألعاب نفسية:
تتحدثين في رسالتك عن رواية درامية ذات فصول، وفي الشبكة، وحجراتها، وأوديتها ملايين الروايات بل بلايين القصص والحكايات، وكما يضع المهرجون على وجوههم الأصباغ والألوان، وكما يرتدي آخرون أقنعة وأزياء تنكرية، نفعل نحن وراء حجاب الشبكة الذي يجعلنا نتخفف من القيود الاجتماعية، والمسافات النفسية في العالم الواقعي ونقترب ممن نحادث، نقترب منه جدًّا، حتى نكاد نتلامس، ورغم البعد المكاني في الواقع يحدث نوع من القرب والحميمية حتى نكاد نسمع أحياناً صوت الأنفاس أو نشعر بدقات القلوب، أو رعشة الرموش، والمشاعر تكون مرهفة أكثر فنبكي من القلب بحرقة وحرية؛ "لأننا وحدنا" دون رقيب أو محيط جماعي يضبط، وقد نضحك مقهقهين، وقد نشعر بخليط من الأنس أو الشجن أو الحنين، إذا تواصلنا، وأمام الشاشة تتفجر براكين مشاعرنا التي أصبحت جامدة في عالم الواقع، ونتزلزل أحياناً تحت وقع الكلمات التي نراها مكتوبة أمامنا تحمل نبضاً صادقاً أو حتى وهمًا كاذبًا، ونعبث –وهكذا نحن- حين نغفل أو نتغافل عن أنها أداة شديدة النفاذ تخترق كل الحواجز لتصيب القلب والعقل والروح، وكاذب من يقول إنه دخل التجربة ولم يتأثر أو إنها كانت عادية، أو إنها كانت مثل أي اتصال آخر بالهاتف أو ما شابه.
ويمكن أن أسترسل في الوصف، ولكنني أخشى الإملال، ولذلك أقول لك إننا نلعب على الشبكة ألعابًا مختلفة سواء ندري بها أو لا ندري، وظهر لي منها:
لعبة الكذب: وهي أسهل الألعاب على الإطلاق، وأكثرها بدائية، وغالباً ما نبدأ بها، والغرض الأساسي يكون أن نلفت الأنظار بشيء جذاب، ولذلك نضع صوراً أجمل، ومعلومات مشوقة، أو نخفي تفاصيل مهمة نشعر أنها تخل بالصورة الجذابة التي نحاول أن نرسمها لأنفسنا، وقد يحدث الكذب بوعي، وهذا معروف ويسهل التراجع عنه من قبل صاحبه، أو كشفه من الطرف الآخر بصورة أو أخرى، ولكن الخطر الأكبر يكون في الكذب الذي نمارسه دون وعي في كلمة هنا، أو لفظة هناك، فنكذب في مدح الطرف الآخر بما ليس فيه، أو نغفل التطرق إلى عيب قادح قد يظهر منه، وقد نتغاضى عن أشياء كثيرة لا نتغاضى عنها في التفاعل الحي بين الناس، ويحدث هذا من أجل عيون استمرار التواصل والاتصال الذي يخلق نوعاً من الإدمان والشعور بالاحتياج المستمر لجرعة متجددة من هذا الإكسير السحري، وبدونه -أي هذا الإكسير- وبدون رسالة أو أكثر كل يوم، وبدون الشات –عند البعض– يشعر الإنسان أن شيئاً ما ينقصه.
هل أبالغ إذا قلت إن الأمر يشبه المخدرات التي يشعر متعاطيها أنه يحلق فوق السحاب، ويحتضن النجوم؟!
هل أبالغ إذا قلت إن لهذه الرسائل - إذا كانت قوية ومكتوبة بعناية- فعل المساج أو التدليك للعقل والروح، والتأثير القوي للغاية على المشاعر والمزاج وسائر العمليات النفسية من تفكير ولغة؟!!
ومن أجل هذه اللذات جميعًا نتغافل عن الكذب، وبخاصة غير الواعي منه، والتمثيل يتضمن مسبقًا نوعًا من الاتفاق على الكذب، أو بعضه على الأقل!!
لعبة الصدق الكاذب: وهي أخطر وأعقد من لعبة الكذب، وفيها قد يبدأ الإنسان بالبوح عن نفسه وعن حياته، وعرض آرائه في الشئون المختلفة، وقد يبدأ في الحديث عن عيوبه الجسدية أو النفسية، ولكن يحدث هذا كله بأسلوب مثير للإعجاب، وأحياناً للشفقة، وأحياناً لهما معاً، وخطورة الصدق هنا أنه كذب، ولكنه من طراز فريد وشديد المراوغة، وصعب الكشف والاكتشاف، ففي حين يكون الكذب الواعي بدائيًّا، والكذب غير الواعي خفيًا، فإن الصدق هنا يكون جزئيًّا، وهنا تكمن المفارقة، كيف يحدث هذا؟!! دعيني أحاول الشرح:
إن لدى كل إنسان آليات نفسية دفاعية تحميه من أن يتعرى فيكشف نفسه أمام الآخرين بعوراته ونقائصه، وحين يختار الإنسان أن يقيم علاقة مستخدمًا الأداة العنكبوتية فهو يدرك مسبقًا أن الطرف الأخر لن يعرف عنه إلا ما يوفره هو له من معلومات عن نفسه.
ولعبة الصدق تتضمن إغفال أو تهميش التفاصيل غير المستحبة في مقابل إبراز التفاصيل المثيرة للإعجاب أو الرثاء أو الشهوة أحيانًا، ويتضمن الصدق الكاذب هنا نوعًا من إعادة ترتيب الأفكار والأحداث أو النظر إليها على نحو يبرز تميز الذات، ولو بتوجيه بعض النقد الخفيف أو غير الحقيقي لها بديلاً عن ذكر العورات الحقيقية، والثغرات الأكبر والأهم.
وكذب هذا النوع من الصدق يتمثل في إعادة ترتيب المفردات الواقعية، وإعطائها من الألوان والظلال ما يجعلها إجمالاً أبهى بكثير من الحقيقة، رغم ما قد يبدو فيها من مساحات ضعف أو انتقاد للذات أحياناً، لأنه ضعف و انتقاد محسوب بعناية لإسباغ البراءة على ملامح الأبطال في تلك الرواية الإليكترونية العجيبة، وبدلاً من التلاعب بالضوء والظل، واللون والزوايا في الصورة الفوتوغرافية فإن رسم الصورة نفسها بالريشة والأصباغ، أو الكلمات والتعبيرات يجعلها زاهية وباهرة، وأكثر تأثيراً في النفس، وأكثر بعدا عن الحقيقة.
لعبة التقمص: وهي مختلفة عما سبق، وغير منفصلة عنه في الوقت ذاته؛ لأن الواحد منا يضع لنفسه مثالاً يريد أن يكونه في المستقبل، أو يعجز أن يكونه في الحاضر، ولكن تقمص هذا المثال ممكن جدًّا في الاتصال الإليكتروني، وفي حالة سابقة على الصفحة حكت أستاذة جامعية أنها تتقمص دور فتاة في العشرينيات، وأن هذا التقمص يشعرها بسعادة شديدة، ونوع من الترويح أو التسرية عن الذات.
والتقمص فيه بعض الكذب طبعًا، ولكنه كذب منهجي محسوب أو مبرمج على مقاس مثال موجود في الذهن فعلاً، وقد تجدين امرأة لديها بعض المواهب في الطبخ أو الكتابة تتقمص دور مديرة الطهاة في أشهر المطاعم، أو تتقمص الأخرى دور الفيلسوفة التي لم تلد مثلها النساء، وتبدأ في التنظير لكل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، أو من الجرة إلى المجرة، وهؤلاء جميعاً بدلاً من السعي الحثيث لتحقيق المثال فإنهم يتقمصونه.
والحقيقة أن الحوار الذي يدور على الإنترنت إنما يجري فعلاً بين هذه المحاولات أو الشخصيات المتقمصة منزوعة التشويش والألم والتداخل، منزوعة الكوابح والإعاقات الإنسانية الفعلية؛ فالإنسان المتحفظ، الخجول، غير الاجتماعي، ثقيل الظل، العاجز جنسيًّا أو نفسيًّا عن إقامة علاقة مستمرة وناجحة مع شريك واقعي بكل ما تحمله هذه العلاقة من تكاليف، وما تمليه من واجبات وحقوق، وما يترتب عليها من تبعات، هذا الإنسان يكون عذبًا رقراقًا، وجدولاً صافيًا، وخطيبًا مفوهًا، وشجاعًا لا يهاب ولا يتردد، ولطيفًا حلو المعشر، وسريع النكتة، وعلاوة على ذلك دونجوانًا رقيقًا، وفحلاً قادرًا، وكل ما يتمناه، وكل ما يحلم أن يكونه، ويعجز عن إنجازه في واقعه الفعلي.
والمرأة الفاترة النكدة، حادة الطبع، سريعة الغضب، قليلة البضاعة في الخلقة والخلق تكون حارة وضحوكة، لينة الجانب، ورائعة في كل شيء، كما وصفت أنت صاحبك الإليكتروني في المرة السابقة.
والتقمص هو ذروة تبلور مركب الصدق/ الكذب الذي حاولت شرحه لك هنا؛ ففيه من الصدق أنه قد يحتوي على أشياء حقيقية قد تكون موجودة في الشخص، ولكن بقدر أقل بكثير مما يبدو في الصورة التي تظهر، أو المثال الذي يحاوله، وفيه من الكذب أنه ليس الواقع كله، بدرجات تختلف من شخص لأخر، فقد تكون في هذه الأستاذة الجامعية روح شابة تحب التجدد، وربما التمرد، ولا تحصل على فرصة لاستثمار هذه النزعة التي يمكن أن تكون إيجابية، وقد تكون في الأخرى بدايات كتابة جيدة تحتاج إلى رعاية وتطوير، وقد يكون في صاحبنا ثقيل الظل مواهب أخرى فيها بعض الشبه من المثال الذي يطمح إلى أن يكونه، وبدلاً من الصبر على مسار التطوير يتم القفز إلى مساحة التقمص، وبدلاً من العلاقة المركبة بين إنسان وإنسان تجري العلاقة بين كائنات مصنوعة أو مصطنعة كل علاقتها بالبشر أن البعض يتقمصها!!
لعبة التمويه والخلط: هل يمكن أن نعترف بأننا نكذب أو نتقمص؟!
هل يمكن أن نكشف الأقنعة أو نتعرى حقيقة؟!
هل يمكن أن نعلن عن الكذب الكاذب أو الصدق الكاذب، ونستبدل الصدق الصادق بهذا وذاك؟
وبمعنى أدق هل يمكن أن تعترفي لنفسك أنك كنت معجبةً بهذا الكائن الخرافي رقيق الصوت، حلو الصورة؟!
هل يمكن أن تعترف امرأة مثلك أن تواصلها مع رجل أجنبي عنها فيه من المشاعر المختلطة ما فيه، وفيه من التأثير والتأثر المتبادل ما فيه، وفيه من الشبهات وبالتالي الفتن ما فيه؟!
وهل يمكن أن يعترف كل من يتورط في هذه المغامرة بأنه دخلها مدفوعًا بأحلام ورغبات، وهزائم وإحباطات، وحنين جارف لكلمة إعجاب أو تشجيع، وإنعاش نفسه التي أصابها الركود؟!! هل نعترف أنها مجرد محاولة لمقاومة الرتابة والملل؟!
هل يمكن أن نصارح أنفسنا بأننا لم نعد قادرين على التواصل مع من حولنا في الواقع –لسبب أو لآخر- على النحو الذي يملأ جوانحنا بالأمل والرضا عن النفس وعن الحياة، وأصبحنا نحتاج إلى مدد نلتمسه في هذا المصدر الإليكتروني؟!
إذا كنا شجعانًا وصادقين، أنقياء أتقياء راقبنا الله في كل كلمة قلناها وكتبناها، فهل لدينا الاستعداد لنشر كل هذه الكلمات أو الرسائل المتبادلة، أو نصوص الأحاديث في غرف الشات، أليس "الإثم ما حاك في صدرك، وخشيت أن يطلع عليه الناس"؟!
من منا يستطيع ذلك فهو صادق في دعواه، ومن لا يستطيع أن يواجه برسائله تلك الناس، فكيف يدعي النقاء والتقى؟! وكيف يدعي أنه كتبها لوجه الله ورسوله، وهو يستحي من الناس ولا يستحي من الله، وكيف سيقف بها أمام الله سبحانه، وهو الأعلم به، وهو البصير السميع؟! أحسب أننا في هذه نغتر برحمة الله، وبدلاً من المصارحة أو المواجهة أو الانكشاف أمام الذات، وأمام الطرف الآخر الشرعي نلعب معًا لعبة التمويه فيروي أحدهم عن أسرته، وتحكي تلك عبر الشبكة عن زوجها وحميد خصاله بما لا تذكره أمامه، ولا تشكره عليه، ولعلنا نجد مفردات أكثر في إطار الخلط والتمويه فيضع البعض مهام عاجلة أو متدرجة، وخططًا للتعاون أو المشاركة في خير عام أو خاص، ويحدث كل هذا لإسباغ نوع من المشروعية أو الخيرية على عملية الاتصال فهي تجرى لخير الأمة!! وباسم الله!! وفي إطار الحدود والضوابط!! والاحترام المتبادل!!
ولا داعي للسؤال: كيف هذا؛ لأنه لا داعي للإحراج؟
ولا داعي للتذكير بأنها محض علاقة فردية سرية، وعلاقة المؤمنين والمؤمنات جماعية وعلنية كما سأشرح لاحقًا.
وبدلاً من الوضوح الذي يختصر الطريق، فنقول: إننا أمام طرفين محتاجين بشدة إلى نوع تواصل إنساني، وربما علاج نفساني، ودعم اجتماعي في مواجهة الوحدة أو الافتقار إلى التقدير، أو العجز عن التحقق، أو الفشل في القيام بالواجبات المتوقعة أو المهام الأساسية التي تمليها حقوق النفس والآخرين، بدلاً من هذا نعمد إلى التمويه والخلط بين الذاتي والعام، بين اللائق والزائد عن الحد، بين ما يجوز شرعًا، وبين ما لا يجوز، ونحن نخلط هذا بذاك لتمر الطبخة أو الكذبة التي نكذبها على أنفسنا، فنحن نتلطف مع الشريك الإليكتروني لنحوز إعجابه وننتزع تصفيقه، ونضغط على إفراز غدد السرور عنده فيسعد هو ويسعدنا برد الفعل، ونحن قد نخدمه أحياناً لنظهر أروع ما يمكن، وقد نلومه أو نعاتبه بعذوبة لنصبح أقرب، وقد، وقد...
ونحن هنا مجرد كذبة نتقمص أدوارًا على غير حقيقتنا، ومن آيات كذبنا أننا لسنا كذلك مع الشريك الفعلي، لسنا لطفاء ولا مجاملين، ولا نبذل جهدًا كبيرًا في أن نحوز على إعجابه أو حتى مجرد رضاه، وإذا خدمناه مرة ولم يشكرنا، تبرمنا منه، وسحبنا اعترافنا به محبا وحميمًا، وحين نلومه نجلده، وحين نعاتبه نقصمه، وربما يفعل الشريك الفعلي ما يتبادل به معنا الجفاء بجفاء، وبدلاً من أن نقول هذا له ونتصارح، وبدلاً من أن ندرك الخطر ونتعاون ... نخلط ونذهب لنلتمس تمويهًا بأننا نتلطف مع الآخر لندعوه إلى الله، أو نخدمه
لنكسب قلبه للدين، أو نعاتبه نصيحة في الحق، وكله في سبيل الله!! وتحقيقاً لمعاني الأخوة!! أليس الشريك الفعلي أولى بهذا كله؟!
أليست معاني الدعوة ينبغي أن تدار في العلن؟ وعلاقات الأخوة بين المؤمنين والمؤمنات مشروطة بكونها تجري جماعية ومجتمعية؟
لعبة التمرير: وقد يشعر الطرف الآخر بضعفنا، ويعرف أننا صيد ثمين يمكنه أن يمارس معنا ألعابه جميعًا من صدق وكذب وتقمص وخلط، وقد يشعر كل طرف بضعف الآخر واحتياجه لهذا النوع من العلاقة الإليكترونية، وبدلاً من أن يرحم ضعفه ويبتعد نراه يوغل ويضغط أكثر. المرأة التي تشعر بالوحدة هي صيد سهل مثل الرجل المفتقد للحب أو الاهتمام أو الدعم النفسي، يلتقيان في الفضاء الإليكتروني فيحكي هذا، ويروي ذاك، وبدلاً من أن يكون اللقاء لخير الناس، ووجه الله، يكون العمل كله من أجل إرضاء الطرف الأخر، وحرصًا على استمرار العلاقة وتطورها، ويكون الكلام كله مسددًا إلى قلب الطرف الآخر ومشاعره، إلى عقله وروحه بتركيز فيأسره أو بالأحرى قد يصرعه، فهل هذا هو مقصد الأخوة؟!
والألعاب التي تحدثت عنها وغيرها لا تخفى على الأذكياء، ولكنهم يمررونها ويتغافلون عن تفاصيلها تلك لتستمر الكلمات المتبادلة المليئة بالتشجيع والإعجاب، والأخوة "الزائفة".
وأمام الذات يحدث نفس الشيء؛ فآليات التبرير والتمرير تفعل فعلها في تجاوز الإشارات الحمراء، ولافتات تجاوز السرعة، وتتكفل بإسكات صوت الضمير، أو تجاهل صيحات الواقفين على جانبي الطريق، ولا يسمع الإنسان عندئذ إلا صوت داخله المخمور بلذة التواصل، وحالة النشوة التي يعيشها تحت تأثير المخدر، وطعم الإشباع الكاذب المؤقت البديل عن الواقعي المفتقد، تنقلب أمام عينيه الحقائق، وتصيبه دفاعًا عن تصرفاته نوبة من جنون التبرير، ووهم القدرة والسيطرة فيهتف: "كل شيء تحت التحكم" يظن نفسه يدير التجربة باقتدار، بينما التجربة هي التي تديره فتقلبه وتعيده، وتخفضه وترفعه، وتلعب بمشاعره ومزاجه، وهو لا يرى هذا أو ذاك إنما يشعر بقوة غير عادية، وسيطرة زائدة عن الطبيعي، وهكذا تماماً يفعل الحشيش.
ولا يتسع المجال هنا لأصف ألعابًا أخرى إضافية، مثل: الإنكار والتخفي، والتصعيد، والانقطاع المؤقت، وخداع الذات، وغيرها مما يمكن استنتاج بعضه مما تقدم.
ثانياً: الهروب الكبير:
- هل يمكن عزل كل ما تقدم عن اندفاع الأطراف المتورطة في مثل هذه الاتصالات إلى عملية هروب كبيرة من الواقع الذي يبدو لهم مقبضاً وقاحلاً إلى مساحات أخرى أو ملاذات تقدم لهم أملاً يقيهم من الوقوع في الجنون أو الاكتئاب؟!!
- هل يمكن أن يرى الإنسان أمامه وعوداً بالنجاح، والتحقق، والتخلص من فشله الشخصي في هذه الناحية أو تلك، ويتركها ليبقى في واقعه بصدق ومسئولية رغم الآلام؟!
- هل يستطيع المدمن أن يستغني عن المخدر الذي يمنحه النشوة والسعادة، ولو لفترة محدودة، حتى لو كان يعود بعدها هائجًا يصرخ؟!
- هل الأسهل أن نستعيد الشريك الأصلي الحقيقي بكامله لنحصل على إشباع كلي، ولو بدرجة أقل من تلك التي يمنحنا إياها الشريك الإليكتروني بشكل زائف.. جزئي ومؤقت؟!!
- هل من الأسهل أن نستكمل نقص قدراتنا ونفوسنا، ونتعلم مهارات جديدة نقترب بها من واقعنا ومن شركائنا فيه، أم الأسهل أن نعيد تسويق وتذويق بضاعتنا القديمة لزبائن جدد فنحصل منهم على بعض الثناء والحمد؟!!
- هل من الأسهل أن نعترف بجهلنا وقصور معرفتنا بالشبكة وديناميات عملها في نفوسنا، وتأثيرها علينا وعلى حياتنا أم الأسهل أن نظل سادرين في غي ادعاء السيطرة، وخلط ما هو هدف نافع ونبيل بما هو وسيلة ملتبسة وملغومة؟!
- هل الأسهل هو المقاومة بكل ما تحتاجه أم الهروب؟ ونحن نرى الكل يقفز من السفينة الغارقة، ولكننا بدلاً من الهروب إلى البحر مثلهم نقفز إلى الفضاء الإليكتروني؟!!
- هل الأسهل أن ندخل في تحدي ما يواجهنا من مصاعب في سبيل تحقيق غاياتنا التي حددناها لأنفسنا سلفاً أم الأسهل أن ندخل في مغامرة مزدوجة تحقق لنا بعض الانتعاش، وتكون مناسبة للكذب على النفس، ووصفها على غير حقيقتها؟!
-هل نقبل بالتراجع بعد التورط، أم نتوغل أكثر وأكثر في سماء غير واضحة المعالم مدفوعين بالخوف من الوحدة، والرغبة في اقتحام المجهول، والفضول لكشف خريطة الألغام في هذا الفضاء الإليكتروني، مغترين بأن أحدها لم ينفجر فينا بعد؟!!!
- هل نحن مستعدون لوقفة حقيقية مع الذات بصراحة وجسارة لنضع الأمور في نصابها، ونقوم بما ينبغي أن نقوم به تجاه أنفسنا وأحبائنا وشركائنا في الحياة، وتجاه أمتنا، أم أننا نفضل الحصول على حقنة المخدر والحلم الذي هو في حقيقته فردي وخادع؟!!
- هل نحن مستعدون لاتهام أنفسنا ومراجعة المسافة والتفاصيل والمسار الماضي والحاضر لعلاقتنا بالله سبحانه، وبمن لهم حقوق علينا؟!
هل نحن مستعدون للاعتراف بأننا في موقف لا نحسد عليه، وأن التحدي أكبر منا، وأن التغيير المطلوب في أنظمة حياتنا يتجاوز ما نظنه من رسالة نرسلها أو نستقبلها، وأكبر من مجرد الفرجة والدهشة، واللعب بهذه الأداة الجديدة؟!
- هل نحن مستعدون لتفهم أنفسنا وغيرنا حين يتورط أحدنا في ذلك فنأخذ بيديه ولا نعيره أو نجلده، ونعامله بالحسنى على أنه مجتهد أخطأ؟! دون أن يعني هذا تبريرًا لقصور أو تزويرًا لحق؟!
- هل نحن من القوة النفسية بمكان حتى نستوعب أن الألم الحقيقي خير من التحقق الكاذب؟! وأن الفشل ليس بالضرورة مقدمة لمصارع السوء، ولكنه مجرد مرحلة تمر بكل إنسان، وأن الوحدة حالة إنسانية واردة، وأن حلها لا يكون هكذا؟! وبالجملة هل نحن مستعدون لوقف هذه الموجات الهائلة من أكبر هجرة عرفتها الإنسانية من الواقع الفعلي إلى الواقع الافتراضي؟! ومن الوجود الإنساني بمسئولياته ومصاعبه الثقيلة إلى الوجود الإليكتروني الخفيف اللطيف المتخلص من كل شائبة وكدر؟!
- هل نحن مستعدون لتسمية الأشياء بأسمائها بدلاً من الانتحال والتضليل، والكذب على الذات، فنسمي الوحدة وحدة، والغربة غربة، والاحتياج إلى التقدير وغير ذلك كما هو في الحقيقة؟!!
ثالثاً: ملاحظات ختامية وتوصيات عملية:
-لا أدري من أين جاءتك الفكرة أن صديقك الإليكتروني صادق هذه المرة؟!
أستطيع أن أجزم لك طبقاً لسوابقه، وطبقاً للتحليل الذي قدمته أنا هنا أنه ما زال يكذب بقدر أو بآخر!!!(82/330)
- العلاقة بين المؤمنين والمؤمنات من تواصٍ بالصبر وتواص بالحق، ومن تناصح ودعوة، أو تآزر إنساني أو موالاة لأهل الإيمان ومعاداة لأعدائه إنما تكون في العلانية، وضمن المجال العام الجماعي، ولا يجوز شرعاً أو منطقاً أن تكون غير ذلك، والعلاقة الإليكترونية هي علاقة سرية وشخصية فردية قد تجر إلى أي شيء، ومن يغشاها فلا يلومن إلا نفسه، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم.
- أن من طبيعة الاتصال الإليكتروني أن يتلاعب بالإدراكات والمنطلقات، فقد يبدأ الاتصال بهدف الدعوة، ثم يتطرق الأمر إلى التعارف،ن ثم إلى تبادل المجاملات والتشجيع الشخصي، ثم نوع من الألفة التي تخلق مناخًا مواتيًا ومفتوحًا على كل الاحتمالات، وفي هذا المسار يبدأ الإنسان في إعادة تفسير ذاته والطرف الآخر فيكتشف توافقًا بين الطرفين، ويتدعم هذا التوافق بالاتصال، وقد لا يكون هذا التوافق حقيقيًا أو بالقدر الذي يتخيله، وغالبًا ما يتغافل كل طرف عن التناقضات الموجودة بينهما، ويسود شعار "لم لا"؟! وبخاصة أن كل طرف يتفانى في إدخال السرور على قلب الآخر ليجازيه بالمثل، ولأنه عاجز عن منح السعادة لمن يحبهم أو يحبونه في الواقع!!!
- إن أي بشر معرض بطبيعة خلقته للضعف، واختلال المشاعر، واعتلال الإرادة، وانهيار المقاومة، وبالتالي فإن أي امرأة أو رجل يمكن أن يكونا إحدى ضحايا هذه التجربة، والسلامة لا يعد لها شيء، والعاقل حقاً من اتعظ بغيره، وكلنا معرضون لما أسميته أنت بحق "عمى البصر والبصيرة".. اللهم عافنا...
- إن إهمال الشريك الحقيقي وعدم منحه الثقة بنفسه، أو إعطائه التقدير الكافي، والعواطف المتدفقة المتجددة، وغيرها من دلائل الحب وبديهيات العلاقة بين زوجين، هذا الإهمال يسلم الطرفين غنيمة باردة لهلاوس الواقع الافتراضي، وسراب أمنياته يحسبه الظمآن ماءً، ولو لم يكن ظمأنا لاعتدلت رؤيته، واستطاع التمييز.
وقد يندهش البعض من قولي بأن الإهمال يضر بالطرفين، وأضيف موضحاً أن الإنسان مفطور على تبادل العواطف والاهتمام، وعلى الحب من طرفين، وحين لا يمنح هذا أو يحصل عليه تصيبه حالة من الفقد، ويظل معرضاً لأي سهم طائش يطلقه مجنون أو محروم، أو تمرضه أي جرثومة ضعيفة لأن مناعته أضعف.
إهمال الشريك فتنة للذات وله، ومدخل للانفتاح على حقل الألغام، والإشعار بالفشل أو انتقاد القصور دون التعاون لعلاجه لا يخلق دافعًا إلا للهروب من المواجهة إلى حيث الواحة الكاذبة، وبذلك فإن كل حياتنا الواقعية وبخاصة العائلية تبدو معرضة لنوع رهيب من التحدي على مستوى أن نكون أو لا نكون، فهل ننتبه؟!!
- إذا شعر أحد الشريكين في علاقة الزواج بأنه يعاني من أي مشاعر سلبية مثل الوحدة أو عزوف الشريك، أو خيانته الحقيقية أو المعنوية فلا يكتم هذا في نفسه، ولا يبحث هو الآخر عن بديل ظاناً بذلك أنه إنما يحل المشكلة أو يرد الصفعة، فهو في الحقيقة إنما يصفع نفسه ويخسرها حين يضعها في موضع الإمعة حين يسيء بحجة أن الشريك أساء، وفي حالة وجود هذا المناخ السلبي ينبغي أن يكون الحذر مضاعفًا في الاقتراب من الآخرين أو الدخول في علاقات جديدة، وبخاصة الإليكترونية، وإذا حدث هذا اضطرارًا فليكن في إطار تحديد صارم للعلاقة وأهدافها، وإدارتها في المجال العام العلني كما أسلفنا.
- أنت في أزمة حقيقية تحتاجين فيها إلى كل العون من زوجك ومنا ومن كل محبيك، ومن قبل هذا، ومن بعده فإنك تحتاجين إلى عون الله سبحانه وتسديده، وأنصحك بعمل خطة لرفع إيمانياتك إضافة إلى ما قلته لك من قبل بشأن إعادة تخطيط حياتك كلها، وتدعيم علاقاتك الاجتماعية، وأنشطتك العامة في أرض الواقع فتشعرين أن طاقتك تستثمر في مجالات خير فعالة وواضحة أمامك مما يمكن أن يشعرك بالتحقق، وينأى بك عن الشعور بالوحدة الذي تخافين منه، وفي حياتنا أمراض كثيرة تحتاج إلى كل جهد مخلص وطاقة مبدعة فكيف يشكو الوحدة من يعيش في أمة كأمتنا؟!!
أستطيع أن أدلك على بعض النماذج الممكنة للمشاركة في أنشطة جذابة ونافعة ولو دققت النظر حولك فستجدين بعضها مما يناسبك، وأرجو ألا يكون زوجك بمعزل عن هذه الخطط جميعًا، بدءًا من الإيمانيات واستعادة الحيوية والحرارة في العلاقة بالله سبحانه، ومرورًا بالمشاركة في النفع العام، وإعادة رسم خريطة العلاقة بينكما، ولا أحسبه إلا يحبك وسيدعمك مع إعادة تنظيم وقته، وبرمجة أسفاره، ورب ضارة نافعة؛ فأحسب أن دروس التجربة ستنضجك وتفيدك في كل نواحي حياتك وبخاصة في علاقتك بزوجك.
-أرجو ألا يفهم أحد من كلامي هذا أن كل اتصال على الإنترنت هو بالضرورة مدان وشر، أو سيجلب الشر حتمًا، ولكننا نريد أن نتعلم كيف نستثمر خير هذه الشبكة ونفعها –وهو كثير– وكيف نجتنب ألغامها، ومبدئيًا ننصح في أي اتصال أن يكون الهدف محددًا، ونرى أن الشات الأسرع أخطر من تبادل الرسائل الإليكترونية على فترات متباعدة؛ لأن التصعيد ومظنة الانزلاق تكون أقل، والاتصال المؤسسي أفضل من الشخصي بالنسبة لإنجاز الأعمال، والاتصال الجماعي أكثر أمنًا من الفردي في مسألة تدعيم الأواصر، وتبادل الآراء والأفكار حتى يمكننا القول إن الاتصال الجماعي عبر ساحات الحوار أو مجموعات الاهتمام وتبادل الرسائل المعلنة للجميع هي المعادل المكافئ لما نسميه بالمجال العام الذي نرى فيه المحيط المناسب للتفاعل بين الناس، والانطلاق إلى مبادرات الخير، وكلما صار المجال خاصًا لزم التحفظ والاحتراز، والتشدد في الضوابط والإجراءات، والله أعلم، وتابعينا بأخبارك
ـــــــــــــــــــ(82/331)
وقرن في بيوتكن
لقد اهتم الإسلام بالبيت المسلم وإصلاحه اهتماما بالغا فأمر المرأة أولا بالقرار فيه
فقال: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي}. أي اقررن واسكن فيها لأنه أسلم لكن وأحفظ. (ولا تبرجن...) أي لا تكثرن الخروج متجملات متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لا علم عندهم ولا دين فكل هذا دفع للشر وأسبابه.
وأمرها وأمر زوجها بعدم خروجها من بيتها حتى ولو طلقت فقال: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن). ويشاركها الرسول - صلي الله عليه وسلم - في المسؤولية مع الرجل فيقول: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " إذ " لا يصلح آخر هذه الأمه إلا بما صلح به أولها " كما قال الإمام مالك - رحمه الله -
قال - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.
هذه آداب أمر الله - تعالى -بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الأمة تبع لهن في ذلك، فقال - تعالى - مخاطباً لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهن إذا اتقين الله - عز وجل - كما أمرهن، فإنه لا يشبههن أحد من النساء ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة، ثم قال - تعالى -: "فلا تخضعن بالقول" قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال، ولهذا قال - تعالى -: "فيطمع الذي في قلبه مرض" أي دغل "وقلن قولاً معروفاً"
قال ابن زيد: قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير، ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وقوله - تعالى -: "وقرن في بيوتكن" أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات" وفي رواية "وبيوتهن خير لهن".
وقال الحافظ أبو بكر البزار: عن أنس - رضي الله عنه - قال: " جئن النساء إلى رسول الله فقلن: يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله - تعالى -، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله - تعالى -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قعدت ـ أو كلمة نحوها ـ منكن في بيتها، فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى" ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح بن المسيب، وهو رجل من أهل البصرة مشهور.
عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" رواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإسناده المتقدم و أبو داوود أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها" وهذا إسناد جيد.
وقوله - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية.
وقال قتادة "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" يقول: إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله - تعالى -عن ذلك
وقال مقاتل بن حيان "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.
وقال ابن جرير: عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تلا هذه الآية "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة. وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإن إبليس لعنه الله أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه فكان يخدمه، فاتخذ إبليس شيئاً من مثل الذي يرمز فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فيتبرج النساء للرجال، قال ويتزين الرجال لهن، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن فنزلوا معهن، وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى". وقوله - تعالى -: "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" نهاهن أولاً عن الشر ثم أمرهن بالخير من إقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة وهي الإحسان إلى المخلوقين "وأطعن الله ورسوله" وهذا من باب عطف العام على الخاص. وقوله - تعالى -: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" وهذا نص في دخول أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في أهل البيت ههنا، لأنهن سبب نزول هذه الاية وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة.
2)من كتاب فتح القدير:
"وقرن في بيوتكن" قرأ الجمهور "وقرن" بكسر القاف من وقر يقر وقاراً: أي سكن، والأمر منه قر بكسر القاف، وللنساء قرن.
وقال المبرد: هو من القرار، لا من الوقار، تقول قررت بالمكان بفتح الراء. وقرأ نافع وعاصم بفتح القاف وأصله قررت بالمكان: إذا أقمت فيه بكسر الراء، أقر بفتح القاف كحمد يحمد، وهي لغة أهل الحجاز،،، والصحيح قررت أقر بالكسر، ومعناه: الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن ومعنى الآية المراد بها أمرهن بالسكون والاستقرار في بيوتهن، وليس من قرة العين.
"ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" التبرج: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها ما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل. وقد تقدم معنى التبرج في سورة النور.
قال المبرد: هو مأخوذ من السعة، يقال في أسنانه برج: إذا كانت متفرقة. وقيل التبرج هو التبختر في المشي، وهذا ضعيف جداً..
وقد اختلف في المراد بالجاهلية الأولى، فقيل ما بين آدم ونوح، وقيل ما بين نوح وإدريس، وقيل ما بين نوح وإبراهيم وقيل ما بين موسى وعيسى، وقيل ما بين عيسى ومحمد. وقال المبرد: الجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء. قال: وكان نساء الجاهلية تظهر ما يقبح إظهاره، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخليلها، فينفرد خليلها بما فوق الإزار إلى أعلى، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى أسفل، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل.
وقال أبو العالية: هي في زمن داود وسليمان - عليهما السلام -، كانت المرأة تلبس قميصاً من الدر غير مخيط من الجانبين فيرى خلقها فيه. ((ووالله لقد ظهرت هذه الملابس المشقوقة من الجانبين وتسما "تونك ")).
وقال الكلبي: كان ذلك في زمن نمرود الجبار، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال.
قال - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى".
وقال قتادة: هي ما قبل الإسلام.
وقيل: الجاهلية الأولى: ما ذكرنا..
والجاهلية الأخرى: قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان.
وقيل: قد تذكر الأولى وإن لم يكن لها أخرى، كقوله - تعالى -: "وأنه أهلك عاداً الأولى" (النجم-50)، ولم يكن لها أخرى.
قال ابن عطية: والذي يظهر لي أنه أشار إلى الجاهلية التي لحقنها فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى كذا قال، وهو قول حسن. ويمكن أن يراد بالجاهلية الأخرى ما يقع في الإسلام من التشبه بأهل الجاهلية بقول أو فعل، فيكون المعنى: ولا تبرجن أيها المسلمات بعد إسلامكن تبرجاً مثل تبرج الجاهلية التي كنتن عليها، وكان عليها من قبلكن: أي لا تحدثن بأفعالكن وأقوالكن جاهلية تشابه الجاهلية التي كانت من قبل "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" خص الصلاة والزكاة لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية. ثم عمم فأمرهن بالطاعة لله ولرسوله في كل ما هو شرع "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" أي إنما أوصاكن الله بما أوصاكن من التقوى، وأن لا تخضعن بالقول، ومن قول المعروف، والسكون في البيوت وعدم التبرج، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والطاعة ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، والمراد بالرجس الإثم والذنب المدنسان للأعراض الحاصلان بسبب ترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى عنه، فيدخل تحت ذلك كل ما ليس فيه لله رضا
انتهي كلامه - رحمه الله - بتصرف
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/332)
وقرن في بيوتكن
منذ بضع سنوات وفقني الله إلي زيجة صالحة، فزوجي ولله الحمد خلق قويم سوي الشخصية، كريم الطبع، باسم الوجه وقد بدأت حياتنا حلوة ندية ولا يعكر صفوها كدر .. ولكن سرعان ما تبدل الحال، وتدخلت الكآبة والسأم لتأخذ مكانها البارز في بيتنا الدافئ .. لم أكن أنا السبب، بل هو الذي أخذ يكثر من الخروج من البيت حتى أصبح بيتنا بالنسبة له محطة استراحة، وأصبح شديد الحرص علي قضاء أوقات راحته وفراغه خارج المنزل إلا في حالات نادرة واعتراني السأم ولفني الحزن، وعزفت عن الابتسام .. وأخيراً أصبحت أنافسه في هوايته.
تلك كانت كلمات خفيفة همست بها زوجة بتردد يصاحبه انكسار وألم.. ربما لا يعني هذا أمراً جللاً وخطباً عظيماً، فالمشاكل والآلام التي تفوقه كثيرة لكن لو أمعنا النظر لوجدناه يستحق البحث والدراسة، فليس هيناً افتقاد البيت لرجل يحمل بين أضلعه قلباً بالمحبة والمشاركة الحقة، وليس مبهجاً تحمل المرأة للحياة حلوها ومرها.. وحيدة تائهة، تقف مشاركة زوجها لها عند حد الاستماع لشريط أحداث اليوم وانفعالاته دون التجارب الصادق بسبب تأخر الوقت مساءً والإرهاق الذي يعتريه من خروج النهار.
إن حياة من هذا النوع تصيب المرأة بالخذلان وتشتت الفكر، فيضعف الإنتاج أو يتوقف حتى لا يعود همها إلا إدارة حياة أسرتها اليومية كيفما كان .. لنَعُد إلي ما قبل النتيجة وننظر إلي المشكلة بعيون نساء تتساقط بينهن الحواجز، ونبحث عن السبب بصدق وعزم جارف مُلِح علي العودة بالرجل إلي بيته بمحبة وشوق.
وحتى لا نكون ممن يلقي بأخطائه على سواه، نبحث عن السبب في ذات المرأة فنقول: أختي الزوجة المحبة.. أنت تبكين من إعراض زوجك عن بيته حتى أصبح هاجسك أنه لا يحب بيته.. هل أحببِتِه أنتِ أولاً ؟ هل تحبين بيتك حقاً ؟
لا تحسبي أختي أن بقاءك في منزلك مقترن ببقائه، فإن خرج تبعتِه، بل المرأة المُحبة لبيتها هي الملازمة له " وقرن في بيوتكن " تقضي السويعات في الاستعداد الجسدي والنفسي لصاحب البيت، لا تكل ولا تمل مع الأيام محتسبة قرارها وصبرها قُربة لله، أما إذا عاد الزوج ووجدها قد عادت لتوّها من الخارج فإنه ينظر إلي وجه قد أذبله جهد الخروج ولن يجد صدراً يتحمل إجهاده هو .. فينفر ..
إن خروج زوجك لا يبرر لك الخروج.. فالأصل خروجه والأصل بقاؤك.. إن التقيت معه في جلسة هادئة ما هي الأحاديث التي تدور بينكما ؟
حاولي أن تكوني صادقة مع نفسك هل يتعدى حديثك معه: لقد بهت لون السجاد، كم هي سليطة اللسان هذه الخادمة، أختي ستسافر هذا العام إلى.. منذ زمن لم نخرج إلي البحر، للأسف إنك لا تحسن انتقاء أصدقائك، لقد كثر الأطفال وكثرت احتياجاتهم، كم أشتاق إلي أخي، لماذا لا تحترم مشاعري، طفل شقيقتك مزعج.. تمعني في نوعية أحاديثك، إنها تدور في حلقة المشاريع المرهقة والطلبات والانتقاص منه، والتذمر من أهله والمطالبة بمزيد من الحقوق، أكل هذه الأحاديث المنفرة المملة الغارقة بعدم محبتك لبيتك ثم تطالبينه بمحبة البيت؟
إليك هذا العلاج، وابدئيه من اليوم .. ما رأيك باستبدال تلك الأحاديث بأحاديث مشتركة ومناقشات مثمرة تنصب علي اهتماماته هو بالدرجة الأولى، حاولي وكرري المحاولة فالأمر يحتاج إلي تربية منك لنفسك.
زوجك هذا الذي تشتكين من انصرافه عن بيته.. هل يجد هذا البيت معداً لاستقباله فعلاً؟لا أعني التنسيق والنظافة وطيب الرائحة علي أهميتها، إنما أعني صاحبة البيت ذاتها هل تهيئ الهدوء وتهتم بالنفس فترتب أمر الصغار وتشطب المشاكل وتلغي المحادثات الهاتفية فور عودته؟
هل تحسني أختي من الابتسام ومن ملاحقته بالطلبات والخدمة المتفانية المخلصة؟
هل يعتريك الخجل والندم عندما يلمح منك تثاقلاً في إحضار ماء يشربه من يدك؟
هل توكلين هذه المهمة لأحد صغارك؟
هل تتوقعين منه الراحة في منزل يحسب نفسه فيه ضيفاً ثقيلاً ويشاركه فيه دائماً ضيوفك الذين يستقبلهم صباح مساء؟ فأنت كريمة تفتحين أبواب بيتك وقلبك للجميع إلا هو الذي يجد أبواب قلبك دائماً موصدة فيدلف إلي غرفته، وربما يغلبه النعاس وأنت لم تنته بعد من توديع آخر الضيوف الكرام الذين يعاودون الزيارة تلو الزيارة، فلهن أحسن الكلام وأطيب الطعام وأجمل الثياب، أما هو فله ما تجود به نفسك ويتبقى من وقتك.
معذرة أختي إن كان في الحديث قسوة ولكنها قسوة أخٍ ناصحٍ محب.. راجعي حساباتك وابحثي عن السبب الحقيقي في هروب زوجك من بيته.
وأخيراً أحبي بيتك يحبهُ هو .. وفقك الله.
http://mawada1.tripod.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ(82/333)
{ وقرن في بيوتكن } وقال الغرب ...
قال الغرب: المرأة مثل الرجل سواء بسواء.وقال الغرب: أعطينا للمرأة حقوقًا ومجالات لم تنلها في حقبة من أحقاب تاريخها المديد. وقال الغرب: لقد أهان الإسلام المرأة بالقرار في البيت وحجبها عن العالم الخارجي. عزيزتي المرأة المسلمة: المرأة طاقة عظيمة وقوة كبيرة في الخير أو في الشر، إن استغلت في الخير أصحبت محضنًا يربى الأجيال ويخرج الأبطال. وإن أهملت إلى تيارات الفساد أصبحت معول هدم للأمة وباب فتنة كبرى. عزيزتي المرأة.. لقد عقد الإمام البخاري بابًا في صحيحه في غزو النساء.. ومن هذا المنطلق أردت أن أغزو بقلمي وبفكري وأرصد الأفكار الفاسدة والهدامة التي تحيط بمجتمعنا من كل حدب وصوب.. وأذب عن بيضة الإسلام.. واستجابة لدعوة قرأتها على أحد مواقع الإنترنت والتي كان نصها: 'نريد بعض أخواتنا اللاتي آتاهن الله قلمًا أن يرصدن الأفكار العلمانية، ويكتبن مفندات لتلك الأفكار ومحذرات من تلك الأخطار'. نعم ... خرجت للعمل ولكن أي عمل؟ نعم خرجت المرأة الغربية للعمل وتركت بيتها ونالت حقوقًا كثيرة.. ولكنها حقوق الجسد العاري والشهوة الهابطة.. نعم خرجت وعملت ولكن أين عملت؟ لقد عملت في مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية. عملت فيما يسمى بالفن والدعاية وإعلانات التلفاز ومكاتب الاستقبال وبيوت الأزياء، حتى المجلات والصحف ليس بفكرها ولكن بجسدها على أغلفة المجلات.. وضعوها منظرًا جسديًا في كل هذه المجالات دون اعتبار لإنسانيتها وكرامتها عائبين عليها تربية الأجيال وإخراج الرجال. نعم عملت ولكن أي عمل؟ عملت مضيفة في رحلات الطيران أيضًا بجسدها وجمالها. عملت في مجالات السكرتارية توزع الابتسامات على الداخلين والداخلات. فأي عمل وأي حقوق يزعمون؟ تجارة ... بمن؟ وتكفي نظرة واحدة لتجارة الرقيق النسائي شرق آسيا وغرب أوروبا حيث تحولت المرأة إلى دمية تتناولها الأيدي الشهوانية المتدنية بأرخص وأبشع صورة.. ورغم كل قرارات حقوق الإنسان ومؤتمرات الدفاع عن المرأة لا زالت المرأة في الغرب ضحية للإنسان الذي لا يعرف لنهمته وشهوته حدودًا، ولا يحسب للآخرة حسابًا، وإحصائيات الاعتداء على النساء وحالات الاغتصاب واستعمال العنف معهن في تلك البلاد شاهد على أن المرأة هي المظلوم والخاسر الأكبر في هذا العالم المادي بشقيه الشرقي والغربي. الطفولة البريئة قالت كلمتها.. لماذا تعملين يا أمي؟ من الغريب أن النساء في الغرب يستعلمن حبوب منع الحمل لمدة طويلة قد تصل إلى 15 عامًا متتالية حتى لا تنجب وتتفرغ للعمل والحرية المزعومة. والتي تتهور منهن وتقدم على هذه الخطوة ـ الإنجاب ـ فإنها سرعان ما تمضي إلى عملها تاركة ذلك المسكين للمربين أو الخادمة. وهناك تقارير غربية كثيرة تؤكد أن المرأة العاملة لديهن تعاني العديد من المشكلات وكذلك من حولها من زوج وأولاد بل والمجتمع بأسره. فقد صدر مؤخرًا تقرير نشرته مجلة 'The women' الأمريكية بعنوان 'لماذا تعملين يا أمي' كان التقرير محاولة للإجابة عن السؤال الذي يهتف به الطفل كل صباح وهو يرمق أمه من النافذة حتى تغيب عن ناظريه، وهي تمضي إلى عملها تاركة إياه للمربين أو الخادمة، جاء في التقرير أن معظم الأطفال يعانون عقدة ذنب ليس لهم فيها يد، مفادها شعورهم بأن أمهاتهم يتركونهم عقابًا لهم على شيء اقترفوه.. لا يدرون ما هو؟ ناهيك بما تؤدي إليه هذه العقد المركبة ـ من شروخ نفسية يصعب التئامها مستقبلاً فيزداد الخرق على الواقع حين تثار قضية 'الحصول على جيل من الأسوياء'. اعترافات.. من أفواههن: ورد في تقرير نشرته صحيفة الاقتصادية نقلاً عن 'ذي تايمز' البريطانية بتاريخ 11/3/1999 أن معظم النساء الموظفات يفضلن العودة إلى المنزل. وتقول نسبة 24% من النساء أنهن فقدن الرغبة الحقيقية في العمل، ولم تعد لديهن أحلام وطموحات في ذلك المجال. وتشعر سبع نساء من كل عشر أنهم لا يحصلن على أجر مكافئ للرجل . وقالت نسبة غالبة أنهن يعملن بطاقة أكبر من الرجال للحصول على نفس المزايا. وانظري هذه الإحصائية للإجابة على السؤال التالي : هل الأمريكيات سعيدات بحريتهن وخروجهن بالعمل مساواة بالرجال؟ كشفت إحصائية لاتجاهات الأمريكيات أن 80% من الأمريكيات يعتقدن أن من أبرز النتائج التي نتجت عن التغير الذي حدث في دورهن في المجتمع وحصولهن على الحرية: انحدار القيم الأخلاقية لدى الشباب، وأن الحرية التي حصلت عليها المرأة هي المسؤولة عن الانحلال والعنف الذي ينتشر في الوقت الحاضر. ـ وبالنسبة للنساء العاملات قالت 80% أنهن يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه المنزل والزوج والأولاد. وقالت 74% أن التوتر الذي يعانين منه في العمل ينعكس على حياتهن داخل المنزل، ولذلك فإنهن يواجهن مشاكل الأولاد والزوج بعصبية، وأية مشاكل مهما كانت صغيرة تكون مرشحة للتضخم. وسئلن: لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء هل كانت المرأة تطالب بالتحرر
وحقها في العمل والمساواة بالرجل. 87% من النساء قلن : لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة بين الجنسين مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة ولقاومنا اللواتي يدفعن شعاراتها . وهذه هي حسابات الغرب : * لقد كان الغرب على خطأ كبير وكذلك من شاكلتهم حين أسقطوا من حساباتهم طبيعة المرأة وطبيعة الرجل. فقد أوجد - سبحانه - العاطفة والرحمة والحنان أصلاً في المرأة، فناسب ذلك تكوينها العضلي والجسدي، كما ناسب وظائفها التي من أجلها خلقت. فلولا غلبة هذا الجانب في تكوين المرأة ما تحملت أنثى آلام الحمل والوضع والرضاعة وتربية الأولاد وهي راضية مطمئنة، وما انجذب الرجال إلى النساء بأي حال من الأحوال. ـ وجعل - سبحانه - التعقل والتروي والتحمل أصلاً في الرجل فناسب ذلك تكوينه العضلي، كما ناسب وظائفه التي من أجلها خلق. ـ فالطبيعة هنا تختلف عن الطبيعة هناك، وهذه حكمة العلي القدير القائل: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى} [آل عمران: 36] فكيف تتساوى الحقوق والأعمال؟ * وليس التعقل والتروي بأفضل من الرحمة والحنان، ولا يعني ترجح أحدهما في طرف فقدانه في الطرق الآخر، ولكنه التوازن والتنوع الذي به يتم التلاحم بين الذكر والأنثى، ولكنها الإدارة الإلهية التي ميزت بينهما ليكمل أحدهما الآخر ، فالقضية قضية تكامل وتوازن لا قضية ندية وعناد. إنهم لا يفهمون هذه المعادلة .. فلو شاء ربك لخلق المرأة مثل الرجل أو العكس ولجعل الكل سواء! فهل تكون عندئذ حياة؟ فالله - تعالى -اختار لنا ما يصلحنا وتصلح به حياتنا {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. فأجمل ما في الرجل قوته وخشونته، وأجمل ما في المرأة عطفها وليونتها. فكان للقوة عملها: تكافح الشمس والصخر والجبال، وكان للعطف عمله يغذي به نسل الحياة وصغار الرجال. إن ذلك هو طرفا المعادلة، وإن ذلكما هو ما أراده الله للرجال والنساء. ومن هذا المنطلق نقول: إن عمل المرأة في بيتها لا يقل شأنًا عن عمل الرجل خارج بيته بل أحدهما يكمل الآخر. وهنا عزيزتي المرأة المسلمة نقف ونتساءل: ما معنى القرار في البيت كما جاء في البيت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]؟ وكيف يتفق هذا المعنى مع عمل المرأة خارج البيت؟ من أهان المرأة ومن أكرمها؟ وكيف تكون صورة المرأة العاملة في الإسلام؟ ومتى تخرج المرأة للعمل خارج بيتها؟ كل هذه الأسئلة سأتناولها بالطرح في مقالة لاحقة فتابعي معي.
29 ذو الحجة 1424هـ - 20 فبراير 2004م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/334)
وقرن في بيوتكن ( 4 )
ولك أدوار..مع القرار
عزيزتي الأخت الفاضلة:
أتعرفين تلك اللعبة القديمة التي نلعبها دوما:
عندما نريد أن ندفع شخصا ما إلى فعل شيء معين ونحن نعرف أنه عنيد ومتمسك بعكس ما نريد منه فعله ماذا تفعلين وبالأخص لو كان الشخص طفلة؟
نعم نعرف: في الغالب نظل نخاطبها ' أنت لا يمكنك أن تفعلي هذا، مثلك لا يستطيع، أنت عندك مشكلة، دعي هذه الأمور لغيرك من النساء ' مثل هذا الخطاب سيدفع المخاطب إلى إثبات العكس وبذل الجهد في سبيل ذلك بل سيدفعه إلى تغيير موقفه الأول لا لشيء إلا للدفاع عن نفسه تجاه التهم المتلاحقة بغض النظر عن صحة موقفه الأول من عدمه وهذا بالضبط ما يقوم به أولئك: ' أنت لم تحققي ذاتك، ماذا قدمت لمجتمعك، إلى أي المناصب وصلت.... ' وهكذا.... تدور العجلة ولا تتوقف فخ تقع فيه الكثيرات فهلا أخذت حذرك!!
فإلى المرأة العاملة حقا نتوجه بالحديث:
أنا هنا أخاطب المرأة العاملة في بيتها، وأقول لمن يطلقون 'المرأة العاملة' على من تعمل خارج المنزل: إن المرأة عاملة حتى وهي في المنزل بل عملها الحقيقي داخل منزلها.
فلا تقل من لا تعمل خارج البيت أنا عاطلة عن العمل وماذا أفعل؟
أنت لست عاطلة يا سيدتي بل عاملة، وإليك خطة مقترحة لك أن تتوسعي فيها كما تشائين:
أولاً: أن تعرفي دورك الحقيقي والأساس الذي خلقك الله له:
وهو السكن والحضن الدافئ واليد الحانية في منزلك على زوجك وأولادك وأهلك ومحارمك وهذا دور عظيم ومهم بعكس ما يظهر أعداء الإسلام.
فالبيت الذي ليس فيه من يقوم بهذا الدور ماذا يخرج لنا؟
هل يخرج لنا أزواجًا مفكرين وعاملين ومنتجين وعلماء؟
هل يخرج لنا أطفالاً أسوياء متميزين؟
بالطبع البيت الذي ليس فيه السكن هو محضن للعاطلين والمجرمين والمرضى النفسيين وغير ذلك من النماذج التي لا تبني المجتمع بل تكون معول هدم وخراب للأمة.
عزيزتي المرأة المسلمة:
الإسلام يعتبر البيت مملكة المرأة العظيمة، هي ربته ومديرته وقطب رحاه، فهي زوجة الرجل وشريكة حياته ومؤنس وحدته وأم أولاده، ويعد عمل المرأة في تدبير البيت ورعاية شؤون الزوج وحسن تربية الأولاد عبادة وجهادًا كما جاء في الحديث الشريف.
وكل مذهب أو نظام يحاول إجلاء المرأة عن مملكتها، ويخطفها من زوجها وينتزعها من فلذات أكبادها باسم الحرية أو العمل أو الفن أو غير ذلك هو في الحقيقة عدو للمرأة، يريد أن يسلبها كل شيء، فالمرأة لها أدوار كثيرة داخل البيت وهي لا تفطن لذلك.
ثانيًا: تربية النشء:
وهذا دور ليس بالسهل، ولا ننكر أنه دور تهيأت له المرأة بفطرتها، واختارها الله - تعالى -خالقها الذي خصها بنصيب أوفر من نصيب الرجل في جانب الحنان والعاطفة ورقة الإحساس وسرعة الانفعال ليعدها بذلك لرسالة الأمومة الحانية التي تشرف على أعظم صناعة في الأمة وهي صناعة أجيال الغد.
فلا تتركي هذا الدور للخادمة أو وسائل الإعلام هروبًا من المسؤولية، ولكن عليك أن تقرئي في مجال التربية للتعامل مع البنت ومع الولد وفي مراحل أعمارهم المختلفة، لتقومي بهذا الدور بمنطلق فكري ونظري وعقدي.
ثالثًا: تعلمي كل ما هو مفيد وحديث:
فمثلاً من الأمور الحتمية أن تتعلمي لغة الكمبيوتر والدخول على الانترنت، ليس من باب التسلية وقتل وقت الفراغ، ولكن من باب التعلم والإطلاع على أحوال المسلمين، وهناك من المواقع الإسلامية ما نفخر به، ويمكنك أن تقرئي ساحات الحوار والمنتدى الإسلامي وتتابعي أخبار العالم على المواقع الإخبارية.. وبذلك تكونين امرأة عصرية إيجابية متفهمة لواقع الأمة 'المسلم للمسلم كالجسد الواحد'.
رابعًا: حفظ القرآن الكريم وتجويده:
اجعليه هدفًا تسعين للوصول إليه، وهذا يحتاج ربما إلى سنوات من العمر فابدئي في وقت فراغك، ولا يكن ضعف الإرادة عقبة في سبيل تحقيق هذا الهدف.
خامسًا: استثمري مواهبك وقدراتك:
فالعقلاء يتفقون على أن قيمة المرء ما يحسنه، وهذا يصدق في الأمور الحياتية كلها، ولقد خلق الله الإنسان وأودع فيه طاقة وأودعه من الملكات والقدرات الشيء الكثير، ولكن كثيرًا من الناس يموت ولم يستغل جُلَّ هذه الطاقات والمواهب أو قام باستغلالها ولكن في غير طاعة، فأبدعي سيدتي فيما تحسنين وأخرجي كل طاقاتك ومهاراتك كأن تكون في:
ـ الخياطة والتطريز.
ـ كتابة مقالة أو أبيات من الشعر.
ـ الأعمال المنزلية والمطبخ.
فقد كانت النساء الأوائل عاملات وهن في بيوتهن، فقد كانت زينب بنت جحش ماهرة في الصناعات اليدوية، تدبغ وتخرز وماهرة في الخياطة لماذا؟ لتتصدق من مالها وبعرقها وكانت عائشة - رضي الله عنها - ماهرة في طلب العلم والفتوى وأم عطية وصفية كانتا طباخات ماهرات.
سادسًا: الدعوة إلى الله:
عن طريق نشر الخير بين أفراد الأسرة أو المجتمع أو المشاركة في عمل الأسواق الخيرية، أو جمع مادة لمحاضرة أو تحضير درس لغيرك من المسلمات، أو لنساء الأسرة، هذا يزيد من علمك ويجعلك مرجعًا يرجع إليه الصغار، وتكونين بذلك الأم القدوة والمثال.
سابعًا: اجعلي بيتك قبلة:
إن آتاك الله علمًا فلا تبخلي به على غيرك وتصدقي بنشره مقتدية بهدي رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم: 'خيركم من تعلم القرآن وعلمه'.
وسأضرب لك مثالاً من عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي السيدة عائشة - رضي الله عنها - التي كانت تفد إليها الوفود من النساء والرجال للتعلم منها والتفقه في أمور دينهم.
وأما من نماذج النساء الفريدات في عصرنا الحالي امرأة سمعت وقرأت عنها ورأيت صورتها في إحدى القنوات الفضائية، إنها امرأة مصرية وبالتحديد من الإسكندرية تعلم الرجال والنساء يوميًا من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءً يتخللها بعض اللحظات للراحة ويسافر من أجلها الرجال والنساء يقصدون بيتها ليتعلموا على يديها القرآن الكريم حفظًا وتلاوة وتجويدًا، والذي يميزها أنها تعطي [إجازة] بالسند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - للقراءات السبع، عمرها بلغ السبعين، نموذج للمرأة العاملة والتي تخدم مجتمعها وتعلم الناس كما أنها نموذج للزوجة الصالحة والوفية لزوجها.
ـ ويمكنك أيضًا إن كنت حاصلة على شهادة جامعية من مساعدة غيرك من النساء التي لم تنل فرصتها من التعليم، حتى تتمكن من قراءة كتاب الله وكتابة الرسائل وغير ذلك من ضروريات الحياة.
ولكن سيدتي قد تكون هناك عوائق منها:
1ـ الذنوب والمعاصي: فمن اشتغلت بأعراض النساء صدها ذلك عن الذكر والأولاد، ومن اشتغلت بالغناء صدها ذلك عن التلذذ بكتاب الله والاستئناس به.
2ـ عدم الاهتمام بالعلم الشرعي: فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.
3ـ ضعف الثقة بالنفس: 'لا أستطيع'، كلمة ترددها الكثيرات من النساء عندما تدعوها إلى المعالي، إلى بذل الخير، إلى أن يكون لها أثر في بيتها ومجتمعها، ولا تقولها إلا لتهرب من المسئولية ولضعف ثقتها بنفسها.
4ـ عدم الاهتمام بتطوير النفس.
5ـ الحياء: قد يمنع الكثيرات عن تقديم النفع للآخرين.
6ـ الانشغال الزائد بالدنيا ومتاعها: 'تعس عبد الخميلة أو الخميصة' فالمرأة التي همها أن يكون فستانها أجمل الفساتين، وأن تجمع أكبر عدد من الحلي وأدوات المكياج لا يرجى من وراءها أداء الدور المطلوب.
عزيزتي المرأة:
واتقاء هذه المعوقات والسلبية يكون عن طريق:
1ـ الاتصال بالله - تعالى -فهو القوة الدافعة لكل خير.
2ـ الاتصال بالوسط الإيماني: فكلما كانت المرأة في وسط نسائي صالح كان ذلك عونًا لها على زيادة الاندفاع إلى عمل الخير والصبر على المعوقات، قال - تعالى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
3ـ الشعور بالمسئولية: فأنت مسئولة سيدتي عن نفسك، عن عمرك، عن شبابك، عن علمك، عن مالك، عن بيتك: 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته' وما أصبنا بالسلبية إلا عندما قل الشعور بالمسئولية.
4ـ البعد عن سفاسف الأمور: فكلما توسعت المرأة في المباحات ومتع الحياة ضعفت عن أداء الواجبات واهتمت بالسفاسف من الأمور، والقيل والقال، وبالتالي قصرت في أداء الواجبات بل وضيعت المسؤوليات التي أنيطت بها.
والله - تعالى - الموفق وهو المستعان وعليه التكلان وإلى لقاء عما قريب بإذن المولي تعالى.
غرة ذي القعدة 1425هـ
13 ديسمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/335)
هل تعرفين كيف تتحدثين ؟
سلام نجم الدين الشرابي
سؤال قد تعتقدينه غريباً..فتاة في عمر الزهور ولا تتقن الحديث!! هل هذا معقول؟!
لا بد أنك ستجبين على هذا التساؤل بنعم أتقن الكلمات وأبرع في صياغتها، إلا أن المقصود من هذا السؤال هو قواعد الحديث هل تعرفينها؟..وإن عرفتها هل تلتزمين بها؟
في عصر السرعة وعمر التألق والإقبال على الحياة قد تفوتنا أمور مهمة.. نعتبرها ثانوية لكنها ليست بذلك.
قد تتصف الفتيات في هذا السن بالسرعة في الكلام والرغبة في البوح عما في داخلها، بغض النظر عن الطرف الآخر المستمع إليها، وبغض النظر إذا كان هذا الشخص يهمه مشاركتها الحديث في مواضيعها أم لا؟
وهنا يجب على الفتاة أن تختار أولاً الشخص المناسب الذي تفضي له عما في داخلها، الذي يسمع لها جيداً ويسدي لها النصح يفهمها، ويقدر مشاعرها وأحاسيسها المتقلبة والمرهفة.
ثانياً..
- لا تتحدثي إلى صديقه بلغة أجنبية، وأنتما بين أشخاص لا يعرفون هذه اللغة.
- ابتعدي عن الغيبة والنميمة فعواقبها وخيمة في الدنيا والآخرة.
- تعلمي أدب الحوار فإن اختلفت مع أحدهم في الرأي لا تدخلي شخصيته في مناقشته أو تنتقدينه لأن ذلك سيؤدي إلى النزاع بينكما، كما أنه يدل على ضعف في شخصيتك وحجتك لأنك ابتعدت عن المنطق ولجأت إلى أسلوب ضعيف.
- تحدثي إلى كل شخص بما يهمه.
- ابتعدي عن تكذيب الآخرين وإن شعرت بذلك.
- تجنبي كثرة الانتقاد..
أخيراً.. دعي ابتسامتك تدير الحوار.. فهي أقدر على التعبير منك..
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/336)
الاهتمام بدعوة المرأة وتربيتها
محمد بن حسين يعقوب
المقدمة:
تعاني الصحوة اليوم من ضعف في طاقاتها العاملة المؤهلة التأهيل اللازم، مما يساعد على محدودية الانتشار، ونخبوية العمل، ومن أشد ذلك تَبِعَةً: عدم تكافؤ الجهد المبذول لدعوة المرأة وتربيتها مع الواجب تجاهها، وما ترتب عليه من تنحي المرأة عن ميدان الدعوة، وبخاصة في ظل الدور الإفسادي المركّز الموجّه إلى المرأة المسلمة في جل ديار الإسلام لإبعادها عن رسالتها.
التقصير في دعوة المرأة:
إن نظرة في واقع الصحوة اليوم، ومكان المرأة فيه تنبئ عن ذلك ـ دون عناء ـ، ومن أبرز مظاهر ذلك:
1- قلة الطاقات والكفاءات الدعوية النسائية.
2- ضعف الاستفادة من هذا القليل؛ لندرة المبادرات الذاتية المستغلة لتلك الطاقات القليلة، وإهمالها في غالب الخطط الدعوية.
3- ضعف التكوين الدعوي والتربوي والعلمي لدى الداعيات الموجودات، وكثير من نساء الدعاة.
4- ضعف استيعابهن لدور أزواجهن الدعوي ـ المنوط بهم شرعاً ـ مما يفضي إلى شيء من التذمر، وربما الخصام!!
5- تفشي الجهل في الأمور الشرعية لدى غالبية النساء.
6- تأثير الدور العلماني الموجه لإفساد المرأة في الواقع المعاش.
7- ندرة المؤسسات الدعوية النسائية.
8- ضعف المؤسسات النسائية الدعوية القائمة ـ غالباً ـ؛ بدليل ضعف الإنتاج، وكثرة الوقوع في الأخطاء.
أسباب التقصير:
إن مما سبب إهمال المرأة أموراً عدة، هي في الحقيقة عقبات وعوائق، يصعب معها القيام بالواجب دون معرفتها وتحليلها، والسعي إلى معالجتها وتجاوزها:
- تسليم المجتمع للموروثات الخاطئة عن المرأة، ونظرته المستنقصة لها، حيث يعتبرها مجرد أداة لحفظ النسل فقط، وأيضاً بمراعاته للعادات والتقاليد التي ليس لها أصل في الشرع، والتي تحد من الحركة الدعوية للمرأة.
عدم اقتناع الرجل بمسؤولية المرأة الدعوية، وذلك عندما يحمّل قول الله - تعالى -: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) [الأحزاب: 33]، ما لا يحتمل، ويسيء استخدام حق القوامة، فيمنع المرأة من الخروج لمصلحة دينها ودنياها، وينسى أن المعاشرة بالمعروف تستلزم إذنه لها فيما لا محذور فيه ولا ضرر، ويسوء الحال أكثر عندما يكون أنانياً، أو ضيِّق الأفق، لا يفكر إلا في مصلحة شخصه، وأسوأ من ذلك: عندما يكون غير مستقيم.
- وبشكل أخصّ، فإن من الأسباب: غياب الأولويات لدى الرجل الداعية الذي أذهله واقع أمته عن الاهتمام ببيته وأهله، واستُنفِدت طاقته في العمل الدعوي خارج المنزل، فلم يُبق له شيئاً في ظل تخاذل غيره عن القيام بواجبه، مما أرهق الداعية وأفقده شيئاً من التوازن الضروري.
-والمرأة ذات دور مؤثر في الموضوع؛ وذلك عندما يضعف مستوى الوعي عند الملتزمات ويقفن دون مستوى النضج المطلوب، وأيضاً: حين تضعف رغبة المرأة في التضحية، أو تبالغ في التوسع في المباحات والكماليات، مما يضاعف جهدها داخل المنزل، وحين تصعب عليها الموازنة بين الحق والواجب، وحين تفقد شيئاً من الموضوعية والتوازن، فتنسى أن عملها داخل بيتها هو جوهر رسالتها، وتغفل عن أداء دورها فيه، وأيضاً: حين تجهل ترتيب الأولويات فترتبط بعمل وظيفي يشغلها عن بيتها، فضلاً عن رسالتها الدعوية داخله وخارجه، وكذلك حين ينقلب الحياء خجلاً من أداء الواجب، فيصير مرضاً خطيراً يفتقر إلى العلاج.
-ومن الأسباب: محدودية بعض الدعوات الإصلاحية، وعجز أكثرها عن استيعاب المرأة، وعدم مراجعتها لخططها وبرامجها، وضعف التربية المؤدي إلى ضعف الشعور بالمسؤولية بالشكل المتكامل.
-ومن الأسباب: الكيد الخارجي ـ والداخلي أيضاً ـ المتمثل في الغزو الفكري، وخاصة الموجه للمرأة، تحت ستار: تحرير المرأة، مما أقصى المرأة عن رسالتها، وشوّه صورة الإسلام في ذهنها، واستخدمها في غير ما خلقت له، ومنها أيضاً الأوضاع الجائرة في كثير من بلاد المسلمين التي أقصت الرجال عن ميدان الدعوة، فضلاً عن النساء.
-وهناك أسباب أخرى، مثل: صعوبة المواصلات، وهذا أمر يهون؛ إذ لا مانع من الدعوة داخل البيت، ومع الجيران والزائرات والأرحام، وفي هذه الحال على ولي المرأة ـ وكل من يعنيهم الأمر ـ احتساب الأجر، وسعيهم في تذليل هذه العقبة.
أهمية إعداد المرأة الداعية:
ثمة أسباب ومسوغات كثيرة تعكس أهمية ذلك، ومنها:
1- أن المرأة أقدر من الرجل على البيان فيما يخص المجتمع النسائي.
2- أن المرأة تتأثر بأختها في القول والعمل والسلوك أكثر من تأثرها بالرجل.
3- أنها أكثر إدراكاً لخصوصيات المجتمع النسائي، ومشكلاته.
4- قدرتها على الشمولية للجوانب الدعوية النسائية، والتمييز بين الأولويات، لطبيعتها ومعايشتها للوسط النسائي.
5- أنها أكثر قدرة وحرية في الاتصال بالنساء، سواء بصفة فردية، أو من خلال المجامع النسائية العامة، التي يكثر فيها لقاء النساء من خلال قنوات الدراسة والتدريس والعمل والزيارات وغيرها.
6- أن كثيرات من المسلمات اللاتي يحتجن إلى دعوة وتوجيه وتربية يفتقرن إلى وجود المحرم الذي يقوم بدعوتهن؛ مما يعني تحتّم قيام بنات جنسهن بهذا الدور تجاههن.
7- أن وظيفة المرأة التربوية أوسع من وظيفة الرجل؛ لقيامها بالحمل والولادة والرضاع والحضانة، مما يجعل الأولاد أكثر التصاقاً وتأثراً بها من الأب، بالإضافة إلى طول ملازمتها للأولاد في البيت، خاصة قبل بلوغ الأبناء وزواج البنات، مما يمكنها من تنشئة أولادها كما تريد، وبالتالي فقد تضيِّع كثيراً من جهود زوجها الدعوية، إذا لم تحمل الهمّ الدعوي الذي يحمله، أو تقتنع بجدواه على الأقل، ولعل في قصة امرأة نوح (- عليه الصلاة والسلام -) وابنه ما يشير إلى هذا (نسأل الله السلامة).
8- أن للمرأة تأثيراً كبيراً على الزوج، فصلاحها معين على صلاحه، وأيضاً فإن ضعف قناعتها بأمر دعوته موهن له كثيراً، وفي قصة طلب زوجة فرعون الإبقاء على موسى (- عليه السلام -) ما يؤكد هذا، وكذا قصة إسلام عكرمة بسبب إلحاح زوجه أم حكيم (رضي الله عنها)(2).
9- تتميز المرأة بجملة من الصفات والخصائص، تؤكد الأهمية، كما ينبغي وضعها في الحسبان، ومنها:
أ - رقة العاطفة، والحماس لنشر قناعتها. ب - ضعف الإرادة، وسرعة التأثر، وحب التقليد.
ج - ضعف التحمل، والميل إلى الفسحة واللهو. د - كثرة الإلحاح على الرجل ومراجعته، ومحاولة ثني إرادته، وتغيير قراره.
آثار قيام المرأة بالدعوة:
- رفع الجهل وإعمال سعة الأفق الفكري، وتوفير كفايات علمية نسائية تكون مرجعاً للنساء.
- إصلاح السلوك، واختفاء كثير من الممارسات الخاطئة التي أخذت طابع الظاهرة الاجتماعية في كثير المجتمعات.
كون الداعية رقيبة على نفسها في حركاتها وسكناتها، مما يقلل متابعة الرجل، وحرصه على ذلك للثقة بها.
-إبراز مكان المرأة في الإسلام وإشعارها بحقوقها وواجباتها؛ لتسعى إلى أداء الواجب، والمطالبة بالحق الشرعي.
-التوازن في التوجيه، واتحاد الأهداف وتضافر الجهود لتنشئة الجيل المسلم الصالح.
-سدها ثغرة من ثغرات المجتمع، بوقوفها أمام تيار الفساد الموجه ضد المسلمين بعامة، والنساء منهن بخاصة.
-إحياء قوة الانتماء للإسلام، بإظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي من أعظم شعائره.
-تأمين رافد مالي مهم للدعوة، وهو جانب الإنفاق النسائي في وجوه الخير، لوفرة ما لديهن عادة، ووجود المال ـ أحياناً ـ من إرث ونحوه، ومن ناحية أخرى: حفظ مال الزوج من تبديده في الكماليات، للإبقاء عليه معيناً له على الاستمرار في دعوته.
المرأة المسلمة مدعوّة وداعية:
كل أمر ونهي عام في خطاب الشارع فإنه شامل للذكر والأنثى قطعاً، والمرأة داخلة فيه بلا شك، وإنما يوجّه الخطاب للذكور تغليباً على الإناث، وهذا أمر سائغ في اللغة، إلا أن هناك أحكاماً لا خلاف في اختصاصها بالرجال.
وبالمقابل فإن الله (- عز وجل -) ونبيه قد خصّا النساء بأمور دون الرجال، مما يدل على اعتبار شخصيتها المستقلة عن الرجال، وهذا وذاك يؤكد وجوب التوجه إلى المرأة بالدعوة والتربية والإصلاح والتوجيه؛ فإنها مخاطبة بدين الله (- عز وجل -)، مأمورة بالتزام شرعه، مدعوة لامتثال الأوامر، وترك النواهي.
ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجه للنساء خطاباً خاصاً بعد حديثه للرجال، وربما خصهن بيوم يعلمهن فيه دون الرجال(5).
ويؤكد الوجوب أيضاً: مسؤولية الرجل عن بيته مسؤولية خاصة، قال الله (- عز وجل -): ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) [التحريم: 6]، وقال الرسول: (والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤولٌ عن رعيته)(6)، وقد أورد البخاري - رحمه الله - في باب: (تعليم الرجل أَمَته وأهله) حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة لهم أجران ـ وذكر منهم ـ: رجل كانت عنده أَمَةٌ فأدبها فأحسن تأديبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران)(7)، ولا شك أن الاعتناء بالأهل الحرائر في التعليم والتربية آكد من الاعتناء بالإماء.
ويزداد هذا الواجب في حق الداعية؛ لاعتبارات كثيرة لا تخفى، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المرأة مكلفة بالدعوة إلى الله - عز وجل -، ويستفاد وجوب الدعوة عليها من أدلة كثيرة منها:
1- عموم الأدلة على وجوب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كقول الله - تعالى -: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَاًمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ...)) [آل عمران: 104]، ونحوه من الآيات والأحاديث.
2- تخصيصها بخطاب التكليف بالدعوة؛ كقوله - تعالى -: ((يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً)) [الأحزاب: 32]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - تعالى -: ((وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً)): (أمْرُهن بالمعروف، والنهي عن المنكر)(8) وهذا خطاب عام لنساء المؤمنين، وقوله - تعالى -: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... )) [التوبة: 71]، وهذا دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليهن كوجوبه على الرجال، حيث وجدت الاستطاعة، وكذا قوله: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته... )، وفيه: (والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم)، والراعي: هو الحافظ المؤتمن على ما وضع عنده، الملتزم صلاح ما قام عليه.
3- بعض الأحوال والقرائن والأحكام الشرعية، نحو:
أ- حرمة الاختلاط بين الجنسين؛ مما يعني وجوب قيام داعيات بين صفوف النساء.
ب- وجود بعض الأحكام الشرعية التي اختصت المرأة بروايتها عن النبي.
ج- صعوبة قيام الدعاة من الرجال بكل ما تحتاجه الدعوة بين النساء؛ لاختصاص المرأة ببعض الأحكام والأعذار الشرعية، التي يصعب إفصاح الرجال عنها، وتستحيي النساء من السؤال عنها(9)، إلى غير ذلك من الأمور التي يصعب القول معها بغير الوجوب.
حقيقة دور المرأة الدعوي المطلوب:
الناظر في دور المرأة المسلمة ـ في هذا المجال ـ يجد أنه كان لدعم عمل الرجل، ولا يصح بحال أن يستهان بهذا الدور؛ فإن المرأة تمثل السكن النفسي للرجل، وهي بذلك تؤدي دوراً دعوياً مهماً؛ لأنه لا يستطيع حل مشكلاته الخاصة إذا كان مشغول البال، فضلاً عن تحمله أعباء الدعوة. وكم عرفت الدعوات أناساً سقطوا على طريق الدعوة أو ضعف إنتاجهم؛ لهذا السبب.
وموقف خديجة - رضي الله عنها - في مواساة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومؤازرته وعونه: أكبر دليل على الأهمية البالغة لهذا الدور. ولقد تأملت في حال الصحابة - رضي الله عنهم - وسلف الأمة - رحمهم الله - في انطلاقهم في كل صقع من الأرض، مجاهدين ودعاة ومربين... وغياب بعضهم المدد الطويلة فألفيتها تعطي أوضح دليل على ما كان لنسائهم من دور فعّال في تربية أبنائهم، الذين كانوا على خطى آبائهم؛ ديناً ومنهجاً وقوة ومَضَاء!!.
وجُلّ نساء اليوم لا تعي هذا الدور، ولا تفهمه، ومن باب أوْلى لا تقوم به، فعندما تزف البنت إلى عش الزوجية تظنه مكاناً للراحة والتدليل، وما درت أنه بداية الكفاح والتضحية والمسؤولية والعطاء الذي تطرق به باب الجنة، إن قامت به على وجهه.
ولا يقف دور المرأة عند هذا الحد، فإن لها دوراً قوياً مؤثراً في كونها قدوة حسنة، كريمة الأخلاق، حسنة المعشر، تقضي حوائج الناس، وتشاركهم همومهم وأفراحهم ـ مع التزام الشرع ـ إضافة إلى الدعوة المقصودة في انتهاز الفرص المناسبة للدعوة والتوجيه، مع مراعاة أحوال المدعوات والمدعوين من المحارم(10)، وقد بلغ نساء السلف في هذا مبلغاً عظيماً.
صور من دعوة المرأة تجلي دورها:
حقاً لقد فهمت المرأة واجبها فبدأت بنفسها، فبادرت بطلب حقها من التعليم والتربية ولم تبالِ بعد ذلك بما حصلت عليه من متع الحياة الفانية، روى البخاري عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قالت النساء للنبي: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن.. الحديث(11).
فكانت ثمرة ذلك الفهم النسوي مع ذلك الاهتمام النبوي صوراً مشرقة، أدعو المرأة المسلمة إلى الوقوف معها.
فهذه (أم سليم) - رضي الله عنها - تلقن ولدها أنس بن مالك الشهادتين، مع رفض زوجها مالك بن النضر الإسلام، حتى هلك، فخطبها أبو طلحة ـ وكان مشركاً ـ فتجعل مهر زواجها الإسلام، فيسلم، فتتزوجه، وتجعل ابنها خادماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأم حكيم كانت سبباً في إسلام زوجها عكرمة، وعمة عدي بن حاتم كانت سبباً في إسلامه - رضي الله عنهم -.
وعَمْرَة ـ امرأة حبيب العجمي ـ توقظ زوجها للصلاة ليلاً، وتقول: (قم يا رجل! فقد ذهب الليل، وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدّامنا، ونحن قد بقينا)(12)، وأسماء - رضي الله عنها - نهت ابنها عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - عن قبول خطة غير مرضية خشية الموت، مع كبر سنها، وحاجتها لابنها، ومن قبل كان لها موقف في صباها يوم هجرة الرسول، حين سميت (ذات النطاقين)، وكانت حفصة بنت سيرين - رحمها الله - تقول: (يا معشر الشباب! خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب) (13)، فإذا كان هذا حالهن في دعوة الرجال، فماذا يُظن بدورهن بين النساء؟
وإذا انتقلنا إلى دائرة أوسع وجدنا للمرأة المسلمة دوراً عظيماً في التضحية والبذل لدين الله - عز وجل -، فبذلت سمية - رضي الله عنها - نفسها ـ قتلها أبو جهل لإسلامها ـ، فكانت أول شهيدة في الإسلام، وأنفقت خديجة - رضي الله عنها - مالها، فكانت أول مناصر للدعوة، وكانت رقية - رضي الله عنها - من المهاجرات إلى الحبشة أول مرة، وضحّت أم سلمة - رضي الله عنها - بسبب الهجرة كثيراً، ففارقت زوجها، وأوذي ولدها، حتى جمع الله شملها، وكان لعائشة - رضي الله عنها - صولات وجولات في العلم والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحضرت أم عمارة يوم أحد، وابنها معها، وقاتلت دفاعاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحضر نساء من المسلمين يوم اليرموك، فرددن المنهزمين إلى صفوف القتال، وكان لرفيدة الأسلمية وغيرها جهد في معالجة جرحى المسلمين... والأمثلة أكثر من أن تذكر.
ضوابط عمل المرأة الدعوي:
الدعوة الموجهة إلى المرأة ينبغي أن لا تخرجها عن فطرتها وأنوثتها؛ وهناك ضوابط مهمة في هذا الباب يمكن إجمالها فيما يلي:
1 - الأصل: قرار المرأة في البيت، قال - تعالى -: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)) [الأحزاب: 33]، وقال: (المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان حتى ترجع)(14).
2 - للمرأة أحكام خاصة، لا بد من مراعاتها في أي نشاط دعوي يوجه إليها، أو تقوم به، ومن ذلك:
أ - التزام الحجاب الشرعي بشروطه، مع تغطية الوجه والكفين، فالوجه موضع الزينة، ومكان المعرفة، والأدلة على وجوب ستره كثيرة.
ب - تحريم سفرها دون محرم، قال: (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)(15).
ج - تحريم خلوتها بالأجانب، لقوله: (لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) وفي رواية: (إلا كان الشيطان ثالثهما) (16).
د - تحريم اختلاطها بالرجال الأجانب، فقد قال للنساء: (استأخرن؛ فإنه ليس لكنّ أن تَحْقُقْن الطريق، عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به(17).
هـ ـ تحريم خروجها من بيتها إلا بإذن وليها... إلى غير ذلك من الضوابط الشرعية التي لا يجوز الإخلال بها.
3 - يضرب أعداء الإسلام على هذا الوتر الحسّاس، ويجعلون مثل هذه الأحكام مدخلاً لوصفهم الإسلام بإهانته المرأة، فتأثر بذلك بعض دعاة الإسلام، فحصل لديهم تفلّت في هذا الباب، فيتأكد في حق دعاة أهل السنة: ضرورة الانضباط في ذلك، وعدم التأثر والانصياع لشهوات المجتمع ورغباته.
4 - الأصل في الدعوة والتصدر للميادين العامة: أنها للرجال، كما كان الحال عليه في عصر الرسول والقرون المفضلة، وما رواه التاريخ من النماذج النسائية الفذة لا يقارن أبداً بما روي عن الرجال؛ وذلك مصداق قول النبي: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا: آسية: امرأة فرعون، ومريم: بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)(18)، فطلبُ مساواة المرأة بالرجل في أمور الدعوة ينافي روح الدعوة أصلاً.
5 - ولا يعني هذا الكلام إلغاء دور المرأة وتهميشه وإهماله، بل دورها لا ينكر، وشأنها له أهميته، لكن مع التزام ما سبق من ضوابط.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/337)
ابنتي والموضة !!
اهتم الإسلام بزينة المرأة المسلمة اهتمامًا كبيرًا، ورخص لها من الزينة أكثر مما رخصه للرجل كالحرير والذهب، لأن الزينة أمر فطري بالنسبة لها، وتلبية لنداء الأنوثة لديها، ومع اهتمام الإسلام بالزينة فإنه لم يتركها عبثًا، ولكن وضع القيود، والشروط، والقواعد، والضوابط في اللباس والحلي والطيب ونحو ذلك.
ولكن الذي يؤسف له اليوم أن بعض فتياتنا المسلمات لم يعدن متقيدات بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة واللباس، وأصبحت قضية التقليد للكافرات والفاسقات طريقًا سارت عليه تحت مسمى 'الموضة' فتعالي معي ابنتي نضع الموضة في الميزان وتحت المجهر.
[1] عوامل انتشار الموضة:
1ـ وسائل الإعلام لها دور كبير في انتشار الموضة بين الفتيات وإبراز المشاهير فيها على أنهم أهل للاقتداء بما في ذلك ملابسهم.
2ـ هناك جزء من المسئولية يقع على التجار وأصحاب المحلات في تسلل أزياء الموضة إلى بلاد المسلمين.
3ـ الترف والبذخ الذي تعيشه بعض المجتمعات وسذاجة عقول بعض النساء اللواتي لا يهمهن إلا اسم الماركة.
4ـ كما تلعب التنشئة الاجتماعية دورًا مهمًا في بلورة شخصية الفتاة واختياراتها واتجاهاتها، فالأسرة التي تهمل الفتاة وتترك لها الباب مفتوحًا على مصراعيه والأسرة التي تعتمد الكتب والقهر أسلوبًا في التربية يدفعان الفتاة إلى التعويض عبر المؤثرات الخارجية، وتصبح مجرد تابع ومقلد، وتختلط لديها المعايير السلوكية فتؤثر على اتجاهاتها النفسية وبالتالي على أفكارها وآرائها.
5ـ إذا تحول الاهتمام لدى الفتاة من المهم إلى الثانوي، ومن الجوهري إلى الشكلي فإنها تجري وراء الموضة.
[2] الموضة..ومرض التقليد للكافرات وحكم الشرع في ذلك:
أصبحت قضية التقليد للكافرات والفاسقات طريقًا سارت عليه بعض الفتيات تحت مسمى الموضة، ولقد زحفت هذه الموضة لتمتد على مناحي الحياة لتشمل الأزياء والأحذية وتصفيفات الشعر وماكياج الوجه.
ليس هذا فقط بل بدأت الموضة ترتبط بالحمية وتخسيس الجسم بين الفتيات لتقليد عارضات الأزياء اللاتي تظهرن في مجلات الموضة في منتهى الرشاقة، مما يثير في نفسية الفتاة الإحساس بالعجز عن التشبه بهن.
ـ ومن مواصفات الزي الشرعي الذي يجب أن تتعود عليه الفتاة ألا يشبه لباس الرجال أو لباس الكافرات، ومن أسوأ الفتن التي تهدد مجتمعات المسلمين التشبه بالكفار، حيث إن التشبه الظاهري يتسرب تدريجيًا إلى القلب والعياذ بالله ـ فيكون كبيرة، والتشبه بالكافرات يدل على ضعف الهوية، وعدم الثقة بالنفس، ورؤية أن ما عند الكفار من الدنيا خير وهو ليس كذلك.
وقد نهانا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن التشبه فقال: 'من تشبه بقوم فهو منهم'.
ـ ومن مواصفات الزي الشرعي أيضًا ألا يكون لباس شهرة، وثوب الشهرة هو الثوب الذي يقصد بلبسه الاشتهار بين الناس كالثوب النفيس الغالي الذي يلبسه صاحبه تفاخرًا بالدنيا وزينتها.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: [[من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة]]. [حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، رقم 3399].
ـ وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عضو هيئة كبار العلماء عن المجلات التي تعرض آخر صيحات موضات الأزياء فأفتى بأنها مجلات تنشر الخلاعة والبذاءة والسفور، وهذه المجلات هدامة للأخلاق مفسدة للأمة بعيدة عن الحياء والفضيلة، ولا يشك عاقل فاحص ماذا يريد مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ.
ـ فلا بد أن تعي الفتاة المسلمة خطورة هذا الأمر، وأن تراعي عند اختيارها ملابسها ألا تكون غريبة الألوان، غالية الأثمان، لافتة للأنظار، وكذلك في اختيار القصات والتسريحات، فتختار ما يناسب أذواق المسلمين وعاداتهم، لأن مخالفة ملبوس الناس يدعو إلى التعجب، فيجعل اللباس لباس شهرة.
[3] الموضة وتفسير الطب النفسي..
ـ يفسر الدكتور على الحرجان اختصاصي الطب النفسي شغف النساء بالموضة بأنه نابع من حس داخلي بقيم الجمال والأشياء الجديدة، لكنه قد يتحول إلى خلل عند رغبة بعض النساء في مواكبة الموضة واقتناء كل ما هو جديد وعصري دون أن تمتلك السيولة المادية، وهذه تعرف بالشخصية 'النرجسية' التي تحب أن تكون حديث الآخرين.
ـ وهناك بعض النساء يشعرن بالنقص ويندفعن وراء الموضة بشكل مرضي لتغطية هذا النقص، فيقضين ساعات طويلة في السوق للتبضع والشراء وتغطية لبعض الجوانب في شخصيتها.
ـ وتفسر الاختصاصية الاجتماعية فوزية العقيل التسابق المحموم بين الفتيات لمسايرة الموضة بأنهن يجدن في الموضة وما يصاحب عارضات الأزياء من وهج الأضواء طموحًا يسعيه للانتماء إليه، ونموذجًا مثاليًا يشبع حاجات لديهن، كما لا نستطيع أن نغفل عامل الغيرة والتنافس بين النساء الذي يدفع المرأة إلى تقليد امرأة أخرى تحظى بالإعجاب والإطراء من الناس، وأحيانًا كثيرة تتجاوز التقليد إلى الابتكار والبحث عن كل ما هو غريب ولافت للنظر أكثر. [مجلة الأسرة ـ العدد 109].
[4] الموضة.. والهزيمة النفسية:
من يتتبع أمر هذه الموضة من مبدئها إلى منتهاها يجدها شرًا في شر، وأن الهدف منها هو تحطيم المرأة ماديًا عن طريق استنزاف أموالها، وإضاعة وقتها فيما لا يضر ولا ينفع، وتحطيمها معنويًا وذلك لغير القادرات واللاتي لا يملكن من المال ما يحقق رغباتهن في الجري وراء الموضة فيصبن بالإحباط والعقد النفسية.
فضلاً عن أن فيها نوعًا من العبودية لغير الله - تعالى - لأنها تقود صاحبتها عند الإسراف فيها إلى عبودية شهواتها، وتقديس جسدها وهذا له أثر مدمر على الأسرة والمجتمع.
ـ وهذا التشبه يدفع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها، ويقعد المنافسين وراء عادات الأجنبي وأزيائه وأخلاقه عن كثير من الواجبات الدينية، والمسئوليات الاجتماعية، وهو أيضًا من العوامل التي تحطم الشخصية وتستأصل فضيلة الشرف والعفاف لما يؤدي إليه من تفلت للغرائز، وانطلاق للشهوات والملذات.
[5] الموضة.. وإفساد المجتمع وعلاقة اليهود بذلك:
وإن معركة الموضة من أعتى وأشرس المعارك التي تخوضها المجتمعات، لأنها معركة تخاض بقفازات حريرية، وبعناوين مخادعة، فكل حركاتنا وسكناتنا باتت تخضع لسلطة الموضة ومصممي الأزياء الذين يصممون لنا الملابس، ويحددون وزن الجسم، ويقررون لون الشعر وشكل الأنف، وسماكة الشفاة، وطول الأظافر.
ـ وها هي دور الأزياء تنتشر في كثير من بلادنا وينظر إليها على أنها سمة للرقي والتطور، وتتهافت الكثير من النساء على تلك الدور للمتابعة ولاقتناء ما لا يتناسب مع معتقداتهم ودينهم وهنا يأتي السؤال: من الذي يصنع هذه الموضة؟
اليهود وهم الذين يسيطرون على بيوت الأزياء التي تصنع الموضة، ويسيطرون أيضًا على منابع الإعلام العالمي، ومن خلاله يمارسون عملية غسيل مخ للنساء، ويصنعون عندهم إحساسًا بأنهم ناقصات، متخلفات، وقبيحات إذا لم يسايرن صيحات الموضة.
ـ وقد عمل اليهود أيضاً على السيطرة على معامل الملابس، والمساحيق والعطور وما سواها من مستلزمات الموضة، هم بذلك يتوصلون إلى تحقيق الغرضين: السيطرة على المال وإفساد الدين والأخلاق.
ـ ومما يؤثر له أن وسائل الإعلام في أكثر الدول العربية تسير على نهج بيوت الأزياء العالمية، وتقلدها تقليد الأعمى، فنجد معظم مجلات المرأة العربية تتبارى في تقديم آخر صيحات الموضة، وتقدم عارضات الأزياء على أنهن النموذج الأرقى في الأناقة والرشاقة والقدوة المثلى.
ـ واتباع خطوات الموضة فيه إفساد للمجتمع وإضاعة للمال والوقت.
* أما عن إضاعة المال:
لقد امتن الله على عباده بالمال وجعله قيامًا لمصالحهم، ووضع الضوابط لاستعمال هذا المال، وقد وضع القيود في إنفاقه، قال - تعالى -: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الإسراء /29].
وفي اتباع خطوات الموضة وقوع في براثن الإسراف والخيلاء الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: [[كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة]]. [أخرجه البخاري ـ معلقًا، ك/ اللباس، ب/ قول الله - تعالى -: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ... }.
وأما عن إضاعة المال:
فالمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، ويجب أن تحفظ عمرها فيما يعود عليها بالنفع في الدين والدنيا، وإضاعة الساعات الطوال أمام المرآة وتسريح الشعر، والجري وراء الموضات، والتسكع بين محلات الأزياء، كل هذا مضيعة للوقت والعمر نهى الشارع عنه لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة وليست غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة، وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة.
ـ والجري وراء الموضة يدفع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها ويقعد المنافسين وراء عادات الأجنبي وأزيائه وأخلاقه عن كثير من الواجبات الدينية والمسئوليات الاجتماعية، وهي أيضًا من العوامل التي تحطم الشخصية وتستأصل فضيلة الشرف والعفاف، لما يؤدي إليه من تفلت للغرائز وانطلاق للشهوات والملذات.
6- الموضة... والفرق بين الجمال والأناقة:
الجمال الطبيعي هو البساطة الإنسانية والفطرة كما خلقها الله - تعالى -، والجمال لا علاقة له بالملابس والماكياج، والجمال المرهف العذب زهيد الثمن تملكه كل فتاة دون أن تضيع وقتها في أسواق الملابس، والتصفح في مجلات الأزياء.
إنه جمال ينبع من الروح الكبيرة المستوعبة، والذهن المرن والقلب النابض الرقيق، وهو جمال الخلق الكريم والعذوبة والخشوع لله والنزاهة.
* أما التأنق فهو الجمال المصنوع بالوسائل الآلية المصطنعة، فبدلاً من أن تعتمد الفتاة على مرونة ذهنها وسعة ثقافتها، وجمال روحها، تجدها تعتمد على كثرة ملابسها والتصنع في شعرها ولبس الملابس القصيرة التي تبرز أعضاء الجسم.
ـ وقد تظن المرأة أن تبرجها شيء ظاهري لا يمس عقلها ـ وهي في هذا مخطئة ـ فإن لكل عمل يقوم به الإنسان آثارًا فكرية وروحية بعيدة المدى، فإذا لم يتحكم العقل في سلوكنا تحكم سلوكنا في عقلنا.
ـ فالتأنق يذل المرأة ويقتل كبريائها، ويشعر المرأة بأن الجمال هو الشيء الذي ينقصها لا الشيء الذي تملكه، فإذا أرادت أن تكون جميلة وجب عليها أن تكافح وتعمل ليل نهار في استكمال ذاتها الناقصة.
ـ فمبدأ التأنق يقوم على الإقرار بأن المرأة لا تملك جمالاً، وإنما هي ناقصة وعليها أن تصنع الجمال صنعًا.
ـ فالتأنق إكمال لنقص بخلاف الجمال الذي هو فيض من السحر والعذوبة يتدفق ويغمر الحياة كلها. فالتأنق نقص والجمال فيض وطبيعة.
ـ ومبدأ التأنق يحرم نساء الطبقة الفقيرة أن يكن جميلات، وبذلك يصبح الجمال حكرًا تملكه الطبقة المرفهة وحدها، فهو ضرب من الطبقية الاجتماعية، بينما الجمال مشاع يملكه الكل ولا يشترى بالمال، والأناقة أيضًا تقضي على الوقت والمال.
ـ إن الإسلام رفع ذوق المجتمع الإسلامي، وطهر إحساسه بالجمال فلم يعد الطابع الحيواني للجمال هو المستحب بل الطابع الإنساني المهذب، وجمال الكشف الجسدي جمال حيواني يهفو إليه الإنسان بحس الحيوان، أما جمال الحشمة فهو الجمال النظيف الذي يرفع الذوق الجمالي ويجعله لائقًا بالإنسان، ويحيط بالنظافة والطهارة في الحس والخيال.
ـ ونلخص من كل ما سبق أن الموضة والأناقة المصطنعة هي عدو الجمال. [الأسرة ـ العدد 109].
[7] كيف نواجه طوفان الموضة:
1ـ تذكري أيتها الفتاة أن التقوى خير لباس. قال - تعالى -: {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}. [الأعراف: 26].
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: 'ولباس التقوى هو الإيمان بالله وخشيته والعمل الصالح والسمت الحسن'. [تفسير ابن كثير 2/ 407 باختصار]
2ـ تزيني التزين المباح كالتحلي بالذهب والملابس الحسنة الجميلة والعناية بالشعر وتصفيفه وتزيينه بما لا يشتمل على محظور شرعي.
3ـ اشغلي أوقاتك بما يفيد وخاصة بقراءة الكتب النافعة والاستماع للتسجيلات والأشرطة النافعة.
4ـ لا داعٍ مطلقًا لتعدد الملابس والفساتين بتكرار المناسبات وتذكري أنك ستسألين يوم القيامة عن قيمة ذلك الفستان من أين أتيت بها؟ وفيم أنفقتها؟
وتذكري أن هناك من المسلمين والمسلمات من لا يجدون ما يكسون به أجسادهم، فتصدقي لعل الله أن يكسوك من حرير الجنة، وتذكري وأنت تشاهدين أزياء الموضة أن الناس سيخرجون من الدنيا بزي موحد واحد وهو الكفن.
5ـ العلاج المبكر لما يسمونه بالعصرية والانطلاق والتمرد للفتيات في سن المراهقة، وذلك عن طريق الصداقات مع ذات الأخلاق والدين والأمانة، وتعيش الفتاة مع صديقاتها حياة تتسم بالطاعة، وفي الوقت نفسه حياة كلها انطلاق ومرح مباح، وصدق رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ حيث قال: 'المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل'.
6ـ أن تعيش الفتاة معنى الآية: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}.
فالموضوع ليس مشكلة ملابس على الموضة، الموضوع أعمق من هذا، فعلى الأم أن تتفهم طبيعة المرحلة التي تمر بها الفتاة، وبأسلوب الأم الحنون تفهم ابنتها أننا نعيش حياتنا لغرض وهدف وغاية ألا وهي خلافة الله في الأرض، وكل ما يصب في هذا الهدف مما شرعه الله هو طاعة، فالمأكل الحلال طاعة، والملبس الجميل المتناسق في ألوانه وشكله طاعة.
السبت 9ربيع الآخر 1425هـ - 29 مايو 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/338)
الأمم المتحدة دعت إلى تحرير المرأة من كل شيء
محمد جمال عرفة
هل تصدقون أن مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة (بكين +10) الذي عقد في الفترة من 28 فبراير 2005 حتى 11 مارس الماضي، سمح للشواذ والمنحلات أخلاقياً بعرض مشكلاتهم والمطالبة بإجبار وعقاب الدول التي لا تلتزم بهذا، وبالمقابل رفض بشدة وتجاهل مطالب المنظمات الإسلامية بعرض وجهة النظر الإسلامية الصحيحة في قضية المرأة؟؟.
وهل تصدقون أن نساءً من عالمنا العربي والإسلامي وقفن أمام المؤتمر وهن يطالبن بإجبار الحكومات العربية والإسلامية على تطبيق مقررات بكين حرفياً بما فيها تعليم الفتيات الجنس منذ الصغر، والسماح بما يسمى ممارسة آمنة للجنس، والسماح بالإجهاض والحمل، ورعاية الدولة للفتيات اللاتي يحملن سفاحاً، وعدم مضايقة الشواذ جنسياً من الرجال أو النساء!!.
وهل تصدقون أيضاً أن معظم الدول العربية والإسلامية التي شاركت في مؤتمر (بكين+10) لم تعترض على أي فقرة من فقرات مقررات بكين بسبب حالة الجهل المتفشية بين الدبلوماسيين العرب والمسلمين عن تعاليم الإسلام تارة، والخشية من أن يقال إن الإسلام دين رجعي إن هم اعترضوا على الحرية الجنسية مثلاً تارة أخرى، وأن الدولة الوحيدة التي اعترضت هي أمريكا ومعها الفاتيكان!!.
المنظمة الدولية منعت الائتلاف الإسلامي للمنظمات الإسلامية من إلقاء بيانه أمام الوفود الرسمية رغم إدراجه في قائمة المتحدثين، والأغرب أنه تم استبدال ببيان منظمة نسوية من أمريكا اللاتينية به..طالب بإعطاء جميع أنواع الحريات للمرأة وضرورة التزام الحكومات بالتطبيق الكامل لوثيقة بكين!؟.
جلسات الاضطهاد!
لقد وصلت درجة التبجح في مؤتمر الأمم المتحدة الأخير إلى حد عقد عشرات الجلسات عن الجنس واضطهاد المرأة المسلمة مثل:
جلسة عن أن الامتناع عن الجنس يتعارض مع الحقوق الجنسية للإنسان وقد عقدته جمعية للشواذ تسمى لجنة الشاذين والشاذات العالمية لحقوق الإنسان.
جلسة ثانية بعنوان: رفع العنف عن المرأة في المجتمعات الإسلامية نظمته جمعية Women learning partnership)) (WLP) تحدثت فيها (سكينة ياكوبي) رئيسة مؤسسة تعليم الأفغان عن ضرورة أن تتعلم النساء كيف يفسرن القرآن لأنفسهن إعادة تفسير النص، وذلك حتى يتوصلن إلى مبادئ الديموقراطية وحقوق النساء!.
جلسة أخرى بعنوان: النساء العربيات يتكلمن، نظمتها جمعية عربية تسمى مركز قضايا المرأة المصرية دعت فيها للعمل على تغيير قوانين الأحوال الشخصية لتنفيذ مساواة الجندر.
والمشكلة الكبرى أن ائتلاف المنظمات الإسلامية الذي أعد دراسات مختلفة تبين البديل الإسلامي لمفهوم الجندر وتنتقد بعض بنود وثيقة بكين ومنها دراسة د. عبدالعظيم المطعني التي عرضتها المجتمع في عدد سابق حاول عرض هذه الدراسات التي تبين التحفظات الإسلامية وموقف الشريعة من بعض بنود الوثيقة، مع فتوى لمفتي مصر بشأن مفهوم الجندر، على رؤساء الوفود العربية مثل الوفد المصري والجزائري كي يشاركوهم التحفظ على هذه البنود فلم يهتم أحد، ووصل الأمر بمندوب البعثة الجزائرية الدائمة إلى القول إنه مقتنع بالتحفظات، لكنه حاول جاهداً أن يبين أن سكوتهم إنما هو لعدم مخالفة أمريكا، متجاهلاً بذلك النتائج الخطيرة التي يمكن أن تنعكس آثارها على المجتمعات الإسلامية، وكررت الكلام نفسه والتبريرات كل الوفود العربية والإسلامية!!.
ثقافة العفة!
وفي ظل تجاهل الأمم المتحدة لإعطاء ائتلاف المنظمات الإسلامية الكلمة رغم أنه كان مقرراً أن يلقي كلمته في المرتبة الثانية قام الائتلاف بتوزيع بيان رداً على هذا التجاهل يدعو فيه دول العالم لاحترام التعددية الدينية والثقافية والهوية الخاصة بالشعوب لأن مشكلات المرأة تختلف تبعاً للثقافات والمجتمعات، والحلول تختلف تبعاً لها، وطالب بتحقيق المساواة في إطار مفهوم العدالة والإنصاف، لأن المساواة المطلقة تفترض المماثلة الكاملة وتؤدي إلى النديّة والصراع.
وأكد الائتلاف في البيان الذي حصلت عليه المجتمع ضرورة وضع حلول جذرية تتعامل مع المشكلات برؤية متكاملة، وتأخذ في الاعتبار الحيلولة دون قيام المشكلة وليس الاقتصار على علاج آثارها مشدداً وسط جهود دولية لإباحة الإجهاض والاعتراف بالشذوذ الجنسي على أن الإسلام عالج مشكلات مثل الأمراض التي تنتقل جنسياً كالإيدز وحمل المراهقات عن طريق ترسيخ ثقافة العفة والابتعاد عن الممارسة (الجنسية) خارج إطار الزواج دون انتظار لتفشي تلك المشكلات ثم الانشغال بعلاج آثارها.
وأكد الائتلاف في بيانه ضرورة النظر إلى كل من المرأة والرجل في سياقهما الاجتماعي بما يحافظ على مصالح الأسرة والمجتمع وعدم الاستغراق في الفردية.
الأمر الواقع!
وفي الجلسة الأخيرة للمؤتمر صادقت الدول جميعاً بما فيها الدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي على إعلان (بكين+10) الذي يؤكد الالتزام بإعلان بكين ومنهاج العمل و(بكين+5)، بينما أكدت أمريكا والفاتيكان على تمسكهما بتفسيرهما لوثيقة بكين بأنها لا تستحدث حقوقاً جديدة للإنسان (أي أنها غير ملزمة قانوناً) بما فيها حق الإجهاض، كما أكدا على تمسكهما بالتحفظات السابقة على بكين 1995. والغريب أن الاجتماعات تضمنت مطالب مغالى فيها من قبل المنظمات النسائية في ظل صمت عربي وإسلامي ودعوات لإجبار الحكومات على تنفيذ وثيقة بكين رغم مخالفة بعض بنودها للشريعة.
وقدمت المنظمات النسوية العربية التي شاركت في المؤتمر بياناً باسم المنظمات غير الحكومية العربية، طالبن فيه الحكومات بالالتزام الكامل بمنهاج عمل بكين على مستوى التشريعات السياسية والآليات المؤسسية، وضرورة التصديق على اتفاقية سيداو لمن لم يصدق عليها ورفع التحفظات عنها، كما طالبن الحكومات العربية بتبني مشروع الإعلان الصادر عن هذه الدورة (إعلان بكين +10) كما هو وبدون تعليق.
أخطار التصديق
وفي هذا الصدد أكدت المهندسة كاميليا حلمي مديرة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ومنسق ائتلاف المنظمات الإسلامية أن: أخطر ما ورد في الإعلان أمران:
(الأول) تأكيد الدول والحكومات على الالتزام الكامل والفعال بتطبيق إعلان بكين ومنهاج العمل ووثيقة (بكين+5)، مع عدم الإشارة إلى التحفظات التي وضعتها الدول على بعض بنود الوثيقة.
(الثاني) ما ورد في البند الرابع من الإعلان من الربط بين وثيقة بكين، واتفاقية سيداو (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) في محاولة لإعطاء وثيقة بكين مزيداً من القوة والإلزامية، حيث إن اتفاقية سيداو هي اتفاقية ملزمة قانوناً لمن وقع عليها من الدول متجاوزة المرجعيات الدينية والثقافية للشعوب، بينما وثيقة بكين تضع سياسات وآليات تطبقها الدول بما لا يتعارض مع دساتيرها وثقافاتها وتقاليدها، والربط بين الوثيقتين يستمد من اتفاقية سيداو بعضاً من إلزاميتها ليضيفه إلى وثيقة بكين!.
خدمات تثقيفية: وأضافت أن أخطر ما في وثيقة بكين هو المطالبة بتقديم خدمات الصحة الإنجابية للأطفال والمراهقين والتي تشتمل على:
1- التثقيف الجنسي للأطفال والمراهقين من خلال التعليم والإعلام وذلك لتعليم الأطفال ما يسمى بالجنس الآمن أي كيفية ممارسة الجنس، مع توقي حدوث الحمل، أو انتقال مرض الإيدز.
2- توفير وسائل منع الحمل للأطفال والمراهقين في المدارس.
3- إباحة الإجهاض بحيث يكون قانونياً وبالتالي يتم إجراؤه في المستشفيات والعيادات.
وهناك أمر آخر لا يقل عن سابقه أهمية وخطورة كما تقول د. كاميليا هو المطالبة بإلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة، حتى البيولوجية منها، والوصول إلى التطابق والتماثل التام بينهما، بدعوى الارتقاء بالمرأة وضمان حصولها على حقوقها كاملة وذلك من خلال ما يعرف بمساواة الجندر Gender Equality وهو ما يعني توحيد الأدوار التي يقوم بها الرجل والمرأة وفصل هذه الأدوار عن التكوين البيولوجي لكل منهما، وبالتالي فليس بالضرورة أن تقوم المرأة بدور الأمومة، أو أن يقوم الرجل بدور ريادة الأسرة (القوامة) مما يشكل خطراً جسيماً على استقرار الأسرة واستمراريتها، كما يستنبط من هذا المصطلح أيضاً الاعتراف بالشاذين والشاذات، ومنحهم نفس الحقوق التي يتمتع بها الأسوياء من زواج وإرث وغيرهما من الحقوق!.
فتاوى من مصر والمجلس الأوروبي
وكانت السيدة كاميليا حلمي قد سعت للحصول على فتاوى من مفتي مصر ومن المجلس الأوروبي للإفتاء قبل المؤتمر بشأن بنود الوثيقة وتعارض بعضها مع الإسلام؛ بيد أن هذه الفتاوي تجاهلتها معظم الوفود العربية الرسمية قبل الأجنبية.
لقد حرص ائتلاف المنظمات الإسلامية على تلخيص وجهة النظر الإسلامية في مسألة الجندر بأنه يجب التعامل مع جذور المشكلة وليس مع أعراضها، ولذلك دعا إلى التمسك بكل التحفظات على ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وبخصوص الإجهاض أكد أنه لا يعتبره حقاً مطلقاً للمرأة خارج ما تجيزه الشريعة الإسلامية، ولكن جهل الوفود الرسمية العربية بشؤون دينها، وغلبة تيار الجمعيات النسوية الغربية والشرقية المنحلة في المؤتمر حسم الجولة لصالح هدم نظام الأسرة كما نعرفه، وسمح للشواذ والزناة بالجهر بمعصيتهم تحت حماية دولية!!.
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/339)
دور المرأة التربوي ... المأمول والمعوقات
أفراح بنت علي الحميضي
من الأمور التي اجتمع عليها المربون إقرارهم بأهمية التربية بوصفها عاملاً رئيساً في توجيه الأفراد نحو أهداف المجتمعات، ولمدى أهميتها فقد لفتت انتباه العلماء المسلمين الذين دوَّنوا في موضوعات التربية الإسلامية مؤصلين لها، ومبرزين عناصرها وأهدافها وسبلها، والمؤثرات التي تؤثر في نتائجها، والتأثيرات التي تشعها التربية الإسلامية في المجتمع، بل كان من اهتمام علماء التربية الإسلامية التركيز على التربية البيتية أو المنزلية باعتبارها قاعدة أساسية في إعداد الأفراد موضحين بشكل بارز أهمية دور الوالدين في تلك المهمة.
وتبعاً لهذا فإن إبراز دور المرأة(1) التربوي والعوامل التي تساعد على إظهار ذلك الدور بوصفها وظيفة من أهم الوظائف بل هي أهم ما يجب أن تتقنه المرأة، والأمور التي تعيقها عن أداء وظيفتها تلك يعد موضوعاً جديراً بأن يهتم به كل من يعنيه أمر التربية والنشء ومستقبل الأمة.
توطئة:
دور المنزل في تنشئة الفرد:
تعد السنوات الأولى التي يقضيها الطفل في منزله من أكبر المؤثرات المسؤولة عن تشكيله في المستقبل؛ ذلك أن المجتمع المنزلي يعد أول مجتمع ينمو فيه الطفل ويتصل به ويستنشق الجو الخلقي منه، بل إنه ومن خلال الجو العاطفي الموجود في البيت فإن الطفل يعتمد على والديه في أحكامه الأخلاقية وفي مَدِّه بتقاليد وعادات وأعراف مجتمعه(2).
ولأجل ذلك فقد أرجع المربون أن إحساس الطفل بحب الأبوين ناشئ من ممارسة الأسرة لوظيفتها في التنشئة الاجتماعية(3)، بل إن تفعيل كل الوظائف التربوية لن يتحقق إلا بتكاتف جهود وأهداف الوالدين.
فمن الأدوار التي يجب أن تمارسها الأسرة ويضطلع بها المنزل قبل وبعد سن دخول المدرسة العنايةُ بالنمو الجسمي من خلال رعاية الطفل صحياً؛ وذلك باستكمال أسباب الصحة في الغذاء، والراحة الكافية، والمسكن الملائم، والرعاية الصحية الوقائية.
ومن الأدوار كذلك العناية بالنمو العقلي للطفل الذي يتأتى من خلال اكتسابه للغة الأم في المنزل، وما يتبع ذلك من توسيع لمداركه وزيادة لمعارفه، كذلك فإن من أهم الأدوار الوظيفية التي تمارسها الأسرة هي إشباع حاجات الطفل النفسية، ومن خلال الأسرة يتحقق للطفل النضج الانفعالي؛ وخاصة إذا توفرت في المنزل أسباب ذلك النضج؛ فمن خلال الأسرة يتعوَّد الطفل القدرة على التعامل مع الآخرين، ومن خلالها أيضاً تساهم الأسرة في الارتقاء الأخلاقي لدى الطفل؛ إذ تنمو شخصيته الأخلاقية؛ ويُعزز ذلك كله حين تقوم الأسرة بدورها في إكساب الطفل الدين الذي تعتنقه(4).
ومن أجل ذلك نستطيع أن نقرر حقيقة أن للوالدين دوراً هاماً في تربية الطفل لا يستطيع المعلم أو أي شخص آخر أن يحل محلهما؛ فقد يستطيع المعلم أن يزوِّد الطفل بحصيلة من المعلومات قد تجعل منه دائرة معارف، لكنه يفتقد ما للوالدين من تأثير على اتجاهات الطفل نحو الحياة(5).
ولهذا فقد حرص علماء التربية الإسلامية على تأكيد ضرورة إعداد المرأة لممارسة دورها بل وانتقائها قبل إنجاب الأولاد مؤكدين على حقيقة أن تربية النشء تحدث قبل ولادتهم باختيار الأمهات.
يقول أكثم بن صيفي لأولاده: "يا بَنيَّ! لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مَدْرَجةٌ للشرف".
وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسَبُّون بها".
ولهذا فإن من أول حقوق الوالد على والده أن يختار له الأم المؤمنة الكريمة ذات الهدف من الحياة التي تحسن تربيته، وتقوم على شؤونه، وتتعاهد دينه وعقيدته؛ لأن الطفل والطفلة ينتقل إليهما كثير من صفات أمهما النفسية والخلقية، بل يمتد هذا التأثير مدى الحياة(6).
الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم:
مما هو معروف بالبديهة أن الأدوار التربوية المناطة بالمرأة الأم تتخذ أهميتها من كونها هي لب العمل الوظيفي الفطري الذي يجب أن تتصدى له المرأة، وهذا يعني ضرورة أن تسعى الأم إلى ممارسة دورها بشكل يحقق نتائجه التي يأملها المجتمع، وهذا يعني أيضاً ضرورة إعداد المرأة الأم لأداء ذلك الدور قبل مطالبتها بنتائج فعالة، وأعتقد أن ذلك الإعداد لا بد أن يشمل:
1 - غربلة المناهج الدراسية: بحيث يكون الغرض الأساسي من تلك الغربلة وإعادة الصياغة إعانة (المرأة الأم) في وظيفتها داخل منزلها الذي يُعد المقر الوظيفي الرئيسي لها؛ لا أن يكون دور المناهج الدراسية تهيئة المرأة لتمارس وظيفة خارج المنزل، وفي حالة إعادة التكوين والصياغة هذه؛ فإن المناهج ستساهم في دعم دور الأبوين في إعداد الفتيات للاقتناع أولاً بمهمتهن الأولى، ثم في التعرف على صور وأنماط عديدة لأصول التربية السليمة وطرقها، والتي من الممكن الانتقاء منها حسب عدد من المعطيات ووفقاً للظروف المواتية، وبهذا ستؤدي المناهج الدراسية دورين أساسين:
أ - دوراً إعدادياً للمرأة للقيام بوظيفتها التربوية.
ب - دوراً مسانداً؛ حيث ستشكل المناهج معيناً نافعاً تستمد منه المرأة سبلاً وطرقاً تربوية ناجحة ونافعة.
2 - الإعلام: نظراً لأن إعداد المرأة لممارسة وظيفتها التربوية يشكل ثقلاً عظيماً في النظرة الشاملة لمصلحة الأمة عموماً؛ فإن إعادة اهتمامات الإعلام بتلك المسألة من الأهمية بمكان؛ وهو أمر يستلزم قيام جميع القنوات الإعلامية بإبراز ذلك الدور والتركيز على ممارسة المرأة دورها بنفسها؛ فهي وظيفة لا يجوز فيها التوكيل، بل إن تصدي المرأة لدورها بنفسها بوصفها أيضاً مربية يعد مسلكاً عظيماً في رقي الأمة، بل هو الطريق الأساسي لتحقيق آمال الأمة ثم إعادة صياغتها فعلياً عبر التربية إلى نواتج قيِّمة تضاف إلى رصيد الأمة الحضاري، ولأجل ذلك فإن من الضروري أن تضع وسائل الإعلام ضمن أهدافها تبني المفهوم القائم على أن رقي الأمة مطلب إسلامي حضاري لن يتأتى إلا من خلال إعادة تكوين النظريات التربوية وتأسيسها بما يتفق مع الأصول والمصادر السليمة التربوية المعتمدة على المصادر الإسلامية، وأيضاً من خلال إعداد الكوادر التي تستطيع ترجمة تلك النظريات إلى واقع؛ أي العناية والتشجيع لإعداد المرأة الأم المربية التي تمتص ما يجب أن تفعله لتعيد تكوينه رحيقاً تربوياً يداوي جراح الأمة.
3 - تبني مسؤولية التربية: لا تستطيع المرأة أن تؤدي دورها التربوي ما لم تتبنَّ تلك القضية وجدانياً من خلال حملها لهمّ التربية، ويقينها التام بدورها في إعداد الفرد، وانعكاس ذلك على صلاحه وصلاح الأمة، ثم سعيها الدؤوب نحو تزويد من تعول تربوياً بما صح وتأكد من مغانم تربوية كسبتها من خلال ما نالته في رقيها التربوي الإسلامي، ويتأتى ذلك عن طريق دعم حصيلتها العلمية الشرعية؛ إذ إن جزءاً من مهامها التربوية يعنى بتشكيل عقيدة الأبناء ومراقبتها، وتعديل أي خلل يطرأ عليها.
ولهذا، ولأهميته فإن أول دور يُناط بالأم هو:
1- التربية العقائدية:
لا تتمكن الأم من القيام بتلك المهمة ما لم تكن معدة لهذا الأمر من خلال علم شرعي يعينها على أداء هذه المهمة، ولا يعني هذا أن تتوقف المرأة عن ممارسة ذلك حتى تكون طالبة علم. إن على الأم معرفة الأساسيات التي لا يقوم دين العبد إلا بها كأصول المعتقد وما تشمله من أصول الإيمان، وأقسام التوحيد وشروط لا إله إلا الله ونواقض الإسلام، وأقسام الشرك والكفر وأنواع النفاق، كما أن عليها معرفة الحلال والحرام خاصة ما استجد في هذه الأزمنة من مستجدات أوضح العلماء حكمها.
إن دور المرأة الأم هو قيادة قاطرة التربية في أرض مليئة بشوك الشبهات المضلة، والشهوات المغرية، والفتن السوداء.
على المرأة الأم أن تدرك أن منهج تربية النشء في الإسلام يقوم في أصوله وأساساته على مرتكز الإيمان بالله وحده، وهو منهج متوافق مع نظرة الله التي فطر الناس عليها. قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه"(7).
إن التطبيقات الضرورية لهذا الدور التربوي الهام تتضح من خلال عدد من الإجراءات منها:
تربية الأبناء على حب الله ورسوله، ربط قلوبهم بالله ومراقبته في كل تصرفاتهم، ويكون ذلك منذ طفولتهم المبكرة؛ إذ يُعلَّمون النطق بالشهادتين، ويُوجَّهون إلى إرجاع كل نعمة إلى الله وحده، وحينما تشب أعوادهم يُعوَّدون على قراءة كتب العقيدة المناسبة لأعمارهم(8).
2- ربط أصول العقيدة وفروعها بمناحي الحياة؛ مما ينتج عن ذلك حماسهم لها ودفاعهم عنها؛ فيتأكد لدى الطفل أنه لأجل الإيمان بالله وعبادته خُلق؛ فيعيش تأكيداً لمعاني ذلك الإيمان محققاً العبودية لله وحده ويموت دفاعاً عنها.
ومهمة المرأة الأم في هذه الأمور واضحة؛ فهي من يُشربه عند نُطق الحروف الأولى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، ثم هو يراها نموذجاً قائماً أمامه يحاكيه ويقلده حين تكون كل حركاتها وسكناتها تهدف إلى تأكيد معنى كلمة الإخلاص؛ فهي حريصة على ألا يُعبَد في المنزل إلا الله وحده؛ فلا يدعى إلا هو، ولا يسأل إلا إياه، ولا يستعان أو يستغاث إلا به، ولا يُخاف إلا منه، ولا يُتوكل إلا عليه، ولا يُذبح إلا له، ولا يُصرف أي شيء من أمور العبادة إلا لله وحده، فيشب الناشئ وينشأ الطفل وهو يرى العقيدة الصافية تشع في كل أنحاء البيت.
ويندرج ضمن هذه التربية تعويد الطفل منذ مرحلة تمييزه على الأداء الصحيح للعبادات؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في المضاجع"(9)؛ إذ على الأم أن تُعوِّد مَنْ تعول على البعد عن الأمور المستنكرة شرعاً وعُرفاً، وتعرفهم على أحكام الحلال والحرام حتى يعتادوا ذلك ولا يأنفون منه، وعلى الأم أن تُعوِّد الأطفال على الطاعات كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، وتحذرهم من ارتكاب المعاصي كالكذب والسرقة والخيانة والغش(10).
التربية السلوكية:
بتأكيد أهمية البيت في تبني السلوكيات الطيبة تتضح مسؤولية ما تقوم به المرأة في تفعيل دورها العظيم في زرع هذه السلوكيات، وقلع أي سلوك سيئ ينشأ في حديقتها التربوية حيث رعيتها الصغيرة، وتهذيب أي سلوك ينشأ منحرفاً عن مساره.
إن مهام المرأة في ذلك الدور كما هو في جميع مهامها التربوية لا بد أن يسير بمشاركة الوالد تدعيماً وعوناً، وفيما يخص مهمته التربوية؛ فإن تعاضد المرأة والرجل في بذر السلوك الحسن وتكوين القدوة الصالحة له أنجع الأمور للوصول إلى نتائج سريعة ومثمرة، ولأن المربين قد أدركوا أن من ضمن الأسس التي ترتكز عليها المنهجية التربوية الإسلامية في التربية هو إيجاد القدوة الحسنة؛ فقد حرصوا على ذلك الأمر من منطلق أن الطفل يبدأ إدراكه بمحاكاة ذويه ومن حوله حتى يتطبع بطبائعهم وسلوكياتهم وأخلاقهم(11).
وفي مقابل غرس السلوكيات الحسنة كان إهمال أي سلوك يأخذه الطفل من البيئة المحيطة يعني تشرُّبه السلوكيات الخاطئة واستنكاره أي نصيحة مقومة له. وغالباً ما يأتي الإهمال من قِبَل الوالدين جميعاً أو باتكال أحدهما على الآخر، أو كما قال ابن القيم: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَّت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قِبَل الآباء"(12).
ولهذا أيضاً كانت المنهجية التربوية الإسلامية تعتمد على مراقبة سلوك الطفل وتصرفاته وتوجيهه في حينه إلى التعديل المناسب لذلك السلوك مهما كان ذلك السلوك حقيراً أو عظيماً(13).
وتبعاً لذلك فإن من تطبيقات تلك المهمة التربوية:
1 - حفظ الطفل من قرناء السوء.
2 - أن تمارس المرأة مهمتها بإخلاص في غرس الفضائل والعناية بالواجبات، وتعويد الصغار على معالي الأمور.
3 - ربط النشء بسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة، وتعليقهم بما تشمله سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتراجم الصحابة من علو ورفعة وعزة.
4 - أن تضع المرأة شعاراً تطبقه في تربية من تعول تعتمد على تفعيل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِقِ الناس بخُلق حسن"(14).
التربية النفسية:
تعتمد تلك المهمة على إقرار حقيقة في الصحة النفسية هي أن العطف والحنان بلا إفراط ولا تفريط هما أساس الصحة النفسية لدى الأفراد؛ فينشأ الأطفال ويشب النشء وهم مترفلون بهذه الصحة؛ ولهذا فقد مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - صفة الحنان في نساء قريش بقوله: "صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده"(15).
وهذه التربية النفسية لا تتأتى فقط بما تمنحه الأم من رعاية وحنان وعطف جُبلت النساء عليه، وإنما لا بد من تعاضد الوالدين جميعاً في تهيئة البيئة المنزلية لتكون بيئة صالحة هادئة ينشأ فيها الطفل متزناً واثقاً من نفسه؛ إذ ثبت أن الحياة العائلية المضطربة والمشاحنات بين أفراد الأسرة وبخاصة قطبيها الأب والأم يؤثران بشكل ملحوظ على تكوين شخصية مضطربة تنفر من الحياة وتكرهها، وثبت أيضاً أن أغلب الأمراض الخُلُقية مثل الأنانية والفوضى وفقدان الثقة بالنفس وعدم الإحساس بالمسؤولية والنفاق إنما تبذر بذرتها الأولى في المنازل، وأن من الصعوبة على المدرسة والمجتمع استئصال تلك الأمراض إذا تزمَّنت وتمكنت في نفس النشء أو الأطفال(16).
التربية الجسمية:
تبدأ تلك التربية منذ وقت مبكر حين تركز المرأة عنايتها بما خُلق في رحمها من خلال اهتمامها بالتغذية والراحة، ثم تستمر تلك التربية بعد الولادة حين يضع المنهج الإسلامي مسألة الرضاعة وتغذية الرضيع من المسائل الأساسية التي تُكلَّف بها المرأة. قال الله - تعالى -: ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) {البقرة: 233}.
ولكي تمارس الأم ذلك الدور لا بد أن يكون لديها وعي تام بأهمية هذا الجانب التربوي المعتمد على الثقافة الصحية المتوازية مع التطبيق العملي لهذه الثقافة.
معوقات في أداء الأدوار التربوية:
إذا كانت تلك بعض الأدوار التربوية المناطة بالمرأة بوصفها أُمّاً فإن مما يُعطل تلك الأدوار عن أداء مهمتها بفعالية، ومما يعيق المجتمع عن الحصول على ثمار يانعة معوقات من الممكن حصرها في:
1 - معوقات ذاتية تتمثل في:
- قصور في الإعداد النظري للمرأة لممارسة دورها التربوي.
- قلة وعي المرأة بأهمية دورها التربوي وأهمية ناتجها على المجتمع.
- إشغال الأم أو انشغالها بممارسات ثانوية تعطل وظيفتها الأساسية كانشغالها بوظيفة خارج المنزل.
2 - معوقات خارجية تتمثل في:
- الاعتماد على شخصيات بديلة تمارس دور الأم كالمربية الخارجية والخادمة، ويتأتى ذلك الاعتماد السلبي حين تعتقد الأم أن التربية عبء لا ناتج له معطل لقدراتها.
- تشجيع وسائل الإعلام المرأة للخروج من المنزل وممارسة أدوار بديلة لدورها الأصلي الأساسي، بل الدعاية لتلك الأدوار والوظائف واعتبارها خدمات أولية تقدمها المرأة للمجتمع تفوق في ناتجها دورها التربوي، وهذه الدعاية ساهمت في صرف المجتمع عن تأكيد دور الأم المربية إلى تشجيع دور الأم العاملة أو المرأة العاملة؛ وذلك بتشجيع تأخير الإنجاب.
- عدم قيام المؤسسات التعليمية بأدوارها في إعداد المرأة الأم وتشجيعها لممارسة دورها التربوي إضافة إلى ازدحام قائمة المناهج الدراسية بمواد بعيدة الصلة عن الحاجات الفعلية للمرأة مما يترتب على ذلك عدد من النتائج أبرزها طول فترة اليوم الدراسي باعتبارها أول تلك النتائج، وثانيها طول فترة المرحلة الدراسية، ثم ثالثها ضعف إعداد المرأة تربوياً، وتبعاً لذلك فقد تتأخر المرأة أو تتعطل في أداء دورها التربوي.
توصيات:
أَخلُص من ذلك كله إلى عدد من التوصيات تتعلق بالمرأة المربية والنشء والطفولة بل والأسرة مما يعزز فعالية المرأة:
أولاً: تكثيف البرامج التعليمية في مدارس تعليم البنات فيما يخص إعداد المرأة إعداداً فعلياً لأداء دورها الوظيفي.
ثانياً: إنشاء مراكز لأبحاث الطفولة والناشئة تكون غايتها بحث أفضل السبل لوضع منهجية تربوية قائمة على أصول شرعية قادرة على مواجهة المتطلبات المتصاعدة للحياة العصرية؛ بحيث تمد تلك المراكز الأمهات ودور الحضانة ومدارس المرحلة الابتدائية بالأبحاث والدراسات فيما يخص الطفولة والناشئة وكيفية تواؤمها مع المجتمع بما يحافظ على أصالة التربية.
ثالثاً: إنشاء مراكز لسلامة الطفولة ودعمها، غايتها بث وعي إعلامي وقائي للأمهات والآباء فيما يخص سلامة أطفالهن من كافة أنواع المخاطر كحالات الحرق، والغرق، والخنق، والسقوط،... إلخ.
رابعاً: تكثيف المواد الإسلامية وخاصة مسائل التوحيد في مناهج ما قبل المدرسة، وعرضها بطريقة تناسب عقول الصغار؛ ففي هذه المرحلة تغرس مبادئ التوحيد بأنواعها الثلاث في عقولهم الغضَّة، مما يشكل دعماً لجهود الوالدين في تلك القضية.
خامساً: إنشاء هيئة عليا للدراسات الأسرية التربوية تختص بتذليل كافة السبل لدعم البرامج التربوية في مناهج التعليم، وتهيئة الظروف لتحقيق توافق أسري داخل البيوت من خلال البرامج والدورات التدريبية التي تشمل فيما تشمل دورات أسرية لمرحلة ما قبل الزواج ثم مرحلة ما بعد الزواج، كما يكون من ضمن اختصاصها فتح قنوات اتصالية مع الأمهات لبحث ما يعتريهن من مشاكل تربوية تعيقهن عن أداء دورهن.
http://saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/340)
الأدلة من السنة على بقاء المرأة في بيتها
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
هناك نصوص كثيرة في الأمر والحث على بقاء المرأة في بيتها ويمكن أن تقسم هذه الأحاديث إلى عدة مجموعات:
المجموعة الأولى: أحاديث تفيد استشراف الشيطان للمرأة إذا خرجت:
- عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي[1]
- أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ بِرَوْحَةِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا)[2]
قال المنذري: (قوله (فيستشرفها الشيطان)أي: ينتصب ويرفع بصره إليها ويهم بها لأنها قد تعاطت سبباً من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها)[3].
وقال المباركفوري - يرحمه الله -: يقَوْلُهُ: ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ)) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ، جَعَلَ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا عَوْرَةً، لِأَنَّهَا إِذَا ظَهَرَتْ يُسْتَحَى مِنْهُمَا كَمَا يُسْتَحَى مِنْ الْعَوْرَةِ إِذَا ظَهَرَتْ، وَالْعَوْرَةُ السَّوْأَةُ وَكُلُّ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ إِذَا ظَهَرَ. وَقِيلَ إِنَّهَا ذَاتُ عَوْرَةٍ ((فَإِذَا خَرَجَتْ اِسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ)) أَيْ زَيَّنَهَا فِي نَظَرِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ أَيْ نَظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا وَيُغْوِيَ بِهَا. وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِشْرَافِ رَفْعُ الْبَصَرِ لِلنَّظَرِ إِلَى الشَّيْءِ، وَبَسْطُ الْكَفِّ فَوْقَ الْحَاجِبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَقْبَحُ بُرُوزُهَا وَظُهُورُهَا، فَإِذَا خَرَجَتْ أَمْعَنَ النَّظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا بِغَيْرِهَا، وَيُغْوِيَ غَيْرَهَا بِهَا، لِيُوقِعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْفِتْنَةِ، أَوْ يُرِيدَ بِالشَّيْطَانِ شَيْطَانُ الْإِنْسِ مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ سَمَّاهُ بِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ. [4]
المجموعة الثانية: أحاديث تفيد السماح للمرأة بالخروج للحاجة مما يدل على أن الأصل بقاؤها في بيتها:
- وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت قال - صلى الله عليه وسلم -: ((قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن)) رواه البخاري. [5]
- عن ابن عمر- رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن)) رواه البخاري [6]
فدل على أنَّ الأصل البقاء في البيت، والخروج إنما يكون لحاجة.
المجموعة الثالثة: أحاديث تفيد أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها حتى في المسجد النبوي:
- وعن أمِّ حميد امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: إني أحب الصلاة معك، قال: (( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي)).
قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيءٍ من بيتها، وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله - عز وجل -. رواه أحمد بإسناد صحيح [7]. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المرأة أن تؤدي أعظم فرائض الدين بعد الشهادتين في بيتها وهي الصلاة ولا تخرج!! بل جعل - صلى الله عليه وسلم - صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في مسجده - صلى الله عليه وسلم - مع ما ثبت له من الفضل المخصوص به.
- عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)) رواه أبو داود [8]
- و روى ابن خزيمة في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة)) [9].
المجموعة الرابعة: أحاديث تفيد سقوط فرضية الجهاد في سبيل الله عن النساء:
ـ عن عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- أنها قالت يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: ((لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور)) رواه البخاري [10]
- وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: جئن النساء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن يا رسول الله: ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، أفما لنا عمل ندركُ به عمل المجاهدين في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مهنة إحداكن في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله)) [11]
فأعفيت المرأة عن الجهاد في سبيل الله - تعالى -من أجل أن تقر في بيتها.
المجموعة الخامسة: أحاديث تفيد قلة خروج المرأة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
- وعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: ((لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا)). [12]
- وأخرجه الترمذي بلفظ: كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُخْرِجُ الْأَبْكَارَ وَالْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وَيَشْهَدْنَ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ: ((فَلْتُعِرْهَا أُخْتُهَا مِنْ جَلَابِيبِهَا)) [13]
ووجه الدلالة من الحديث من وجهين:
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تخرج ذوات الخدور والأبكار والعواتق من البيوت لصلاة العيد، مما يدلُ على أنَّ الغالب على هذا السن ـ أي الصغيرات ـ أنها لا تخرج من بيتها.
2- قول المرأة: يا رسول الله: إحدانا ليس لها جلباب. يدل على قلة خروج المرأة من بيتها في ذلك العصر، وإلاَّ لو كان خروجهنَّ كثيراً فهل يعقل ألاَّ تجد المرأة جلبابا تستر به؟!
- عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ، فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قَالَ: قُلْتُ وَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا ؟ قَالَ: ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّدٌ، هَذَا مُحَمَّدٌ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ وَالْمَشْيُ وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ)).[14]
والشاهد من الحديث: قوله: ((حتى خرج العواتق من البيوت)) مما يدل دلالةً واضحةً على قلة خروج الأبكار من البيوت، فالراوي صور حرص الناس على رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أن النساء خرجنَّ من بيوتهن لرؤيته - صلى الله عليه وسلم -.
- وعن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسائه عام حجةِ الوداع: ((هذه ثم ظهور الحصر)) قال: فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة، وكانتا تقولان: والله لا تحركنا دابةٌ بعد أن سمعنا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم –[15]
قال ابن كثير في التفسير: يعني: (ثم الْزَمن ظهور الحصر ولا تخرجن من البيوت)[16].
المجموعة السادسة: أحاديث تفيد ثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - على النساء اللاتي تبقى في بيوتهن:
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِي اللَّه عَنْه- عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ)) رواه البخاري [17]
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أثنى على نساء قريش بما يقمن به من الشفقة على الولد والرعاية للزوج، وهذه كلها أعمالٌ منزلية لابد من بقاء المرأة في المنزل حتى تؤدي عملها كاملاً على الوجه المشروع.
- و عَنْ عَبْد اللَّهِ بن عمر- رَضِي اللَّه عَنْهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.. وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ.. أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) [18]
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر قرار المرأة في بيتها هو الأصل الأصيل في دائرة عملهن؛ وما عداه استثناء.
- عن ضمرة بن حبيب قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنته فاطمة، بخدمة البيت، وقضى على علي- رضي الله - تعالى -عنه- بما كان خارجا من البيت من الخدمة [19].
- عن علي أنه كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي شيءٍ خير للمرأة ؟ فسكتوا فلما رجعت قلت لفاطمة أي شيءٍ خير للنساء؟ قالت: لا يراهن الرجال، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((إنما فاطمة بضعة مني)) [20]
- وعن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً خرج وأمر امرأته أن لا تخرج من بيتها، وكان أبوها في أسفل الدار، وكانت في أعلاها، فمرض أبوها، فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له فقال: أطيعي زوجك فمات أبوها، فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أطيعي زوجك فأرسل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها)) [21]
المجموعة السابعة: أحاديث تفيد نهي المرأة عن زيارة القبور:
- عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: ((لعن رسول الله زوارات القبور)). رواه ابن ماجه [22].
ووجه الدلالة من الحديث على ما نقرره: لا شك أنَّ في زيارة المرأة للمقابر فيه من تذكر الآخرة، والزهد في الدنيا، وتعجيل التوبة، ولكن منعت منه النساء صيانة لهنَّ عن الجزعِ والبكاء بحضرة الرجال، إضافةً إلى ذلك رغبةَ الشارع في تقليل الدواعي من خروج المرأة من بيتها، لما يترتبُ على خروجها من مفاسد، سنذكر طرفاً منها بإذن الله - تعالى -.
المجموعة الثامنة: أحاديث تفيد منع المرأة من تولي الإمامة العامة ونحوها؛ لأنَّ الأصل بقاءَ المرأة في بيتها ورعاية أسرتها، فإذا تولت هذه الأعمال انشغلت عن المهمة الأساسية المناطة بها.
- عن أبي بكرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري [23].
قال الإمام البغوي - رحمه الله - في شرح السنة: (اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً، لأنَّ الإمام يحتاج إلى البروز لإقامة الجهاد، والقيام بأمر المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور.. ).
المجموعة التاسعة: أحاديث تبين آثار خروج المرأة من بيتها
- عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد، كما منعت نساء بني إسرائيل. قال فقلت لعمرة أنساء بني إسرائيل منعن المسجد؟ قالت: نعم. رواه مسلم [24]
- وعن ميمونة بنت سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من امرأة تخرج في شهرة من الطيب، فينظر الرجال إليها إلا لم تزل في سخط الله ترجع إلى بيتها)) [25]
المجموعة العاشرة: أحاديث تفيد أن الرجل هو الذي ينفق على المرأة مما لا يستلزم خروجها من بيتها:
- عن عائشة - رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم.. فقال: ((خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)) [26]
- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)) [27]
- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه)) رواه مسلم [28].
المجموعة الحادي عشر: أحاديث تفيد عدم الإكثار من ثياب الزينة للنساء لئلا تُكثر من الخروج
- عن مسلمة بن مخلد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعروا النساء يلزمن الحجال)) [29]
قال المناوي في فيض القدير (1/559): (أعروا) بفتح الهمزة وسكون الراء (النساء) أي جردوهنَّ من ثياب الزينة والخيلاء، والتفاخر والتباهي، ومن الحلي كذلك، واقتصروا على ما يقيهنَّ الحر والبرد، فإنكم إن فعلتم ذلك (يلزمن الحجال) أي قعر بيوتهن، وهو بمهملة وجيم ككتاب جمع حجلة بيت كالقبة، يستر بالثياب له أزرار كبار، يعني: إن فعلتم ذلك بهنَّ لا تعجبهنَّ أنفسهن، فيطلبن البروز بل يخترن عليه المكث في داخل البيوت، وأما إن وجدن الثياب الفاخرة، والحلي الحسن، فيعجبهن أنفسهن، ويطلبن الخروج متبرجاتٍ بزينةٍ ليراهن الرجال في الطرقات والنساء، فيصفوهن لأزواجهن، ويترتب على ذلك من المفاسد ما هو محسوس، بل كثيراً ما يجر إلى الزنا، وفيه: حثٌ على منع النساء من الخروج إلا لعذر. وعلى عدم إكثار ثياب الزينة لهن والمبالغة في سترهن، وفي رواية بدل (الحجال) (الحجاب) بالباء، والمعنى متقارب.
----------------------------------------
[1] ورقمه (1173) وقال الترمذي: حسن غريب.
[2] قال في المجمع (2/35) رواه الطبراني في الكبير (10/108) ورجاله موثقون.
[3] الترغيب والترهيب 1/142.
[4] تحفة الأحوذي
[5] (5237).
[6] ورقمه (865(.
[7] رواه أحمد (6/371) وابن خزيمة (1689) وقال الحافظ في الفتح (2/350) إسناده حسن.
[8] ورقمه (567)، وكذا رواه البخاري (865) ومسلم (442).
[9] رواه ابن خزيمة (1691، 1692) عن ابن مسعود وأبي هريرة رضي لله عنهما.
[10] ورقمه (1520).
[11] أخرجه المروزي في (السنة) ورقمه (123). قال في المجمع (4/304): (رواه أبو يعلي (3415، 3416) والبزار (1475) وفيه روح بن المسيب وثقه ابن معين والبزار وضعفه ابن حبان وابن عدي) قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1041): هذا حديث لا يصح.
[12] أخرجه: البخاري (351).
[13] أخرجه: الترمذي (539) وقال: حسن صحيح. والعواتق جمع عاتق وهي الشابة أول ما تدرك، وقيل هي الجارية التي قد أدركت وبلغت فخدرت في بيت أهلها ولم تتزوج، سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها ولم يملكها زوج بعد. قاله أحمد شاكر في تحقيقه على الترمذي (2/419).
[14] رواه مسلم (1264)
[15] أخرجه: أحمد (6/324) وغيره. وإسناده حسن كما قال الشيخ شعيب الأرناؤوط
[16] تفسير ابن كثير (1/386).
[17] ورقمه (5082)
[18] أخرجه البخاري (2554).
[19]رواه هناد في الزهد (762) وأبو نعيم في الحلية (6/104) وابن أبي شيبة (13/284) عن ضمرة بن حبيب مرسلا وفي إسناده ابن أبي مريم وهو ضعيف كما في التقريب.
[20] قال في المجمع (4/255): (رواه البزار (488) وفيه من لم أعرفه وعلي بن يزيد أيضا)
[21] قال في المجمع (4/313): (رواه الطبراني في الأوسط (7861)وفيه عصمة بن المتوكل وهو ضعيف)
[22] ورقمه (1575) قال الألباني: حسن.
[23] ورقمه (4425).
[24] ورقمه (445).
[25] قال في المجمع (2/35): ( رواه الطبراني في الكبير وفيه موسى بن عبيده وهو ضعيف).
[26] رواه البخاري (5364).
[27] رواه أبو داود (1692) وكذا رواه مسلم (996) بنحوه.
[28] رواه مسلم (2631).
[29] رواه الطبراني في الأوسط (3191) والكبير (15912) قال المناوي في فيض القدير (1/559): ( أورده ابن الجوزي في الموضوعات... ولعله لم يقف على تعقب الحافظ ابن حجر له بأن ابن عساكر خرجه من وجه آخر في أماليه وحسنه وقال بكر بن سهل وإن ضعفه جمع لكنه لم ينفرد به كما ادعاه ابن الجوزي فالحديث إلى الحسن أقرب وأيا ما كان فلا اتجاه لحكم ابن الجوزي عليه بالوضع ).
24/3/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/341)
الزيارة بين النساء على ضوء الكتاب والسنة
خولة درويش
أهمية الوقت لدى المرأة وأضرار إضاعته :
لقد جرت العادة في أكثر بلادنا الشرقية:أن تخصص المرأة فترةَ بعد العصر لاستقبال صديقاتها ،أو زيارتهن على اختلافٍ في طريقة الزيارة أهي دورية منظمة أم عفوية؟ ، وأياً كانت الحال لا يخلو البيت يومها من إعلان حالة طوارئ فيها. فاستعدادات فوق العادة ، تستنزف الجهد ، وتضيع الوقت ، وتبعثر المال. وتحول يوم الاستقبال إلى مباراة بين الأسر فيما يقدم للضيوف ، وفي إبراز مظهر البيت ولباس أهله.
ولو سئلت غالبية النساء عن الهدف من هذه الزيارة؟ لكان أحسن ما يفصحن به: إنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم والملل عنهن.
ولا أدري هل الوقت إلا عمر الإنسان الذي يسأل عنه ؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر.. يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله.
عن أبي بردة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟، وعن علمه ما عمل به؟، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟، وعن جسمه فيما أبلاه؟" (1).
ومن السائل؟ إنه رب العالمين الذي خلق الجن والإنس لعبادته لا للهو ولا للتسلية ؛ ((لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إن كُنَّا فَاعِلِينَ)) [الأنبياء:17 ].
فماذا نقول لرب العالمين إذا سألنا عن الوقت المهدور الذي إن لم يخل من المحرمات فلا يخلو من لغو الكلام والثرثرة التي ذمها الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون"؟(2).
ومن أضاع وقته فقد أضاع جزءاً لا يعوض من حياته، وجديرٌ أن تطول عليه حسرته ، وهل الوقت للمرأة وحدها؟! أين حق الزوج والأولاد؟ ومتى تؤدي حقوق مجتمعها وأمتها الإسلامية؟
لمن تترك مهمتها إذا كان همها الخروج من البيت واللهو الفارغ؟ وقد تقول إحداهن: إنها أدت واجباتها، ظناً منها أن مهمتها محصورة في التنظيف وإرضاء الزوج والإنجاب ، وإن التفتت إلى تربية من أنجبتهم فقد لا يتعدى اهتمامها إطعامهم وكسوتهم المناسبة ودراستهم المتفوقة.
لا يا أختاه ، فأنت مربية الأجيال ، وممولة للمجتمع المسلم ببناته من نساء ورجال ، إن واجبي وواجبك التربية الرشيدة لأبنائنا ، وإعدادهم إعداداً إسلامياً يجعلهم قادرين على حمل الأمانة والنهوض بالأمة وبناء المجتمع الفاضل المنشود.
فإن تركتُ وإياكِ أبناءنا والتفتنا للتسلية فقد خلفنا أبناءً هم الأيتام حقاً رغم وجود أبويهم ،إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً تخلت أو أباً مشغولاً ، بل من فقد والديه بالموت قد يجد من يشفق عليه ويرعاه ويحنو عليه،أما من فقدهما في اللهو عنه: فأنى يجد من يرحمه ويفطن لمأساته ، فالمرأة المشغولة بنفسها دائماً لن تجد الوقت الكافي للإشراف على فلذات كبدها وتوجيههم ومتابعتهم والأنس بهم ، مما يساعدها على أداء رسالتها وإرضاء ربها.
صحيحٌ أن الدنيا - هي دار الامتحان - مليئة بالمتاعب والصعاب وفي اللقاء تسلية ومؤانسة... لكن هل التسلية غاية من تشعر أنها على ثغر من ثغور الإسلام ، فلا يؤتى من قبلها؟ أم هي غاية العابثات؟ أمَا وإن الترويح ضروري بين الفينة والأخرى فليكن على غير حساب الأخريات وأوقاتهن...!!
كثيراً ما نشكو من غزو أعدائنا الفكري... وأننا مستهدفون محاربون ، فهل أعددنا العدة لمجابهتهم ، أو على الأقل هل حصَّنا أنفسنا ضدهم روحياً وثقافياً لنطالب بالتسلية؟ ولا تنصر الدعوات وتنتشر بالتشكي والأسى.
إن ما نعانيه يوجب علينا أن نراعي واقعنا على أسس إسلامية لنستطيع النهوض من كبوتنا ، وإلا ستبقى آمالنا سراباً وأمانينا حلماً نرجو أن يتحقق ، وهيهات أن يتحقق بدون عمل وجهد وجهاد. ((والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت:69 ].
إن العقوبات التي يوقعها الله في أمتنا ما هي إلا لتخاذلنا عن نصرة ديننا وعدم القيام بواجبنا ، والانهزامات التي أصابتنا قد ساهمت بها المرأة من حيث لا تدري ، يوم بدأ دورها ينحسر وتخلت عن القيام بواجبها كما ينبغي في التربية والتنشئة والتعليم.
وهذه الحقيقة المؤلمة التي تدمي القلب وتحز في النفس ، تدفعنا في الوقت نفسه إلى الاستفادة من أوقاتنا للقيام بمهمتنا التي سنسأل عنها: "المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" (3).
فلنقم بواجبنا في تربية رجال وأمهات المستقبل ثم لنلتفت إلى التسلية. هذا وإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دلنا على طريقة لإبعاد الهم عن النفس ؛ ألا وهى :توثيق الصلة بالله ، نقبل عليه بالطاعات ، ونجعل همنا الدار الآخرة ، فما الهم إلا نتيجة الحرص على الفانية.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الآخرة همه: جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهى راغمة ، ومن كانت الدنيا همه: جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له"(4).
ولقد قال تعالى مبيناً مدى الضيق والضنك ، والعيش النكد الذي يكون به الغافل المعرض عن ذكر الله، وذلك في الدنيا قبل الآخرة: ((ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى)) [طه:126 ]
فلنجعل غايتنا رضا الله تعالى ، وسبيلنا اتباع شريعته ، عندها: نشعر أنه لا فراغ يثقل على النفس ويجلب الهم والحزن ، بل أوقاتنا معمورة بذكر الله وطاعته ،والحياة كلها تصبح عبادة وقُربة ، واستفادة من كل لحظة في حياة الإنسان عملاً بقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك"(5).
وإن كان ابن الجوزي قد عجب من أهل زمانه وإضاعتهم للوقت فقال: "رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ، وإن طال الليل فبحديثٍ لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر ، وإن طال النهار فبالنوم وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق نشبههم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر ، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد للرحيل ، إلا أنهم يتفاوتون ، وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة" (6).
فماذا نقول نحن عن الناس في زماننا؟! وقد أصبح العبث الفارغ أساس حياة أكثرهم ، والتبرم بالحياة سبباً في أمراض نفسية غريبة ، وصار الضيق والهلع من المجهول شبحاً يطارد ضعاف النفوس والإيمان؟!
إن أساليبهم في اللهو وإضاعة الأوقات تفوق الخيال: فبعد السهر والسحر على شتى البرامج في وسائل اللهو الحديثة المحرمة والمباحة ، النوم حتى الضحى ، واللهاث بقية النهار للدنيا فقط ، وفي أعمال الدنيا.. وكثرة النوم والتناوم هو شأن الخاملين اللاهين. أما الجادون: فيحرصون على أوقاتهم حرص الشحيح على ماله أو أشد حرصاً. حقاً: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (7).
أيهما أفضل المخالطة أم الانفراد؟
وكأني بك أختي المسلمة تتساءلين: وهل هذا يعني البعد عن الناس وعدم الاختلاط بهم؟
"إن اختيار المخالطة مطلقاً خطأ ، واختيار الانفراد مطلقاً خطأ" (8) ، والإسلام دين تجمع وألفة ، والاختلاط بالناس والتعارف بينهم من تعاليمه الأساسية ، وقد فضل الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلم الذي يخالط الناس على ذلك الذي هجرهم ونأى عنهم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (9) ، وكيف يكون الإحسان للجيران والأقارب إلا بمواصلتهم ومعرفة أحوالهم؟
فكم من زيارة دلت على خير في الدنيا والآخرة مسحت بها المسلمة آلام أختها المصابة ، تقوي عزيمتها، تشد أزرها وتدفعها إلى الصبر ، تحس عندها حسن الظن بالله وقرب الفرج ، تشاركها أفراحها ، تعلمها ما تجهله من أمور الدنيا والدين ، تتناصح وإياها وتتشاور لما فيه خيرها وخير المسلمين. أما المخالطة العشوائية التي لا يأبه لها كثير من النساء: فما هي إلا مظهر من مظاهر انهزام المرأة وتخاذلها عن القيام بواجباتها الأسرية ، وهروب من التبعات المنزلية لتمضي مع صويحباتها فترة لهو ولغو. وهى حالة مرضية من حيث الهدف والمضمون. فحري بنا أن نسعى حثيثاً للعلاج قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله. ((ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا ويْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنسَانِ خَذُولاً)) [الفرقان:27-29 ].
ولما للمرأة من مكانة عظيمة في توجيه الناشئة وغرس العقيدة الصافية في نفوس الأبناء -أجيال المستقبل،كان لابد من محاولة جادة للاستفادة من وقتها وعدم إضاعته سدى في مجاملات تافهة ، ومظاهر فارغة.
لقد كانت المرأة أما وزوجة خير عون على الخير لما تطلعت نحوه ، وشر دافع نحو الخراب والدمار لما سعت إليه. كانت مطية للأفكار الهدامة في القرن العشرين ، وستكون مشعل نور للأجيال إن تمسكت بعقيدتها ودينها.
والله أسأل: أن يجعل هذه المحاولة لبنة تعين الأسرة المسلمة على إكمال رسالتها ،وأن يلهم مسلمة عصرنا رشدها لتعود كسالفتها الصالحة مرشدة لكل خير وفضيلة.
استئذان الزوج في الخروج :
إن الإسلام يأمر بالنظام في كل الحالات، في العادات والمعاملات، في السفر والحضر، فإذا خرج ثلاثة في سفر دعا إلى تأمير أحدهم ، لذلك وتنظيماً للمجتمع فقد جعل قوامة الأسرة للرجل ، فهو أقدر على القيام بهذا الاختصاص من المرأة ، إذ جعل مجالها الطبيعي يتناسب مع فطرتها النفسية وتكوينها الجسمي ، وهو إمداد المجتمع المسلم بالأجيال المؤمنة المهيأة لحمل رسالة هذا ا لدين.
ولا أحد ينكر فضل الاختصاص من حيث قلة الجهد ، وجودة المردود ، سواء في النواحي المادية أو الإنسانية ، هذه الرئاسة والقوامة تقتضي وجوب طاعة المرأة لزوجها ، وقد جاء في الفتاوى لابن تيمية : (والمرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها أوجب ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ، إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسك و ما لك ".
وفى الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة " وقال الترمذي حديث حسن.
وقد ورد أيضاً في المسند وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان عن ابن أبى أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا يا معاذ ؛ قال : أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تفعلوا ذلك، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . والذي نفسي محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه ".
وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها، ونهاها أبواها عن طاعته في ذلك فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها.
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(10).
هذا ، وطاعة الزوج ليست تسلطاً منه ، ولا امتهاناً للمرأة ، وانتقاصاً لشخصيتها ، إنما هي من طاعة الله والقربات إليه التي تثاب عليها ويجب أن تعتز بها... وهذا ما يميز المسلمة الواقفة عند حدود الله عن العابثة المتسيبة ، التي لا أب يردها ولا زوج يمنعها ، تخرج من البيت متى تشاء وحيث تشاء ، فتزرع هذا الشر لتحصد الندامة فيما بعد بمشاكل لا تنتهي ، واتهامات كثيرة ، وواقع مرير ، ونتائج وخيمة ، ولا ينجي من ذلك إلا العودة إلى تحكيم شرع الله : ((ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ(([البقرة:228]، وهذه الدرجة هي قوامة الأسرة.
(ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها ، سواء كان ذلك لكونها مرضعاً أو لكونها قابلة أو غير ذلك من الصناعات ، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة)(11).
وهكذا فخروجها للعمل بغير إذن زوجها نشوز عن طاعة زوجها وعصيان لله ولرسوله فكيف إذا خرجت للتزاور أياً كان السبب ؟!! ولو كان ذلك لزيارة والديها المريضين.
(للزوج منعها من الخروج من منزلها إلى مالها منه بد ، سواء أرادت زيارة والديها ، أو عيادتهما ، أو حضور جنازة أحدهما. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها ، إلا أن يأذن لها) (12).
وحتى الخروج للعبادة تحتاج معه إلى إذنه "عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد للعبادة فأذنوا لهن".
وعن ابن حبان من حديث زيد بن خالد : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "قال القسطلاني : أي إذا أمنت المفسدة منهن وعليهن ، وذلك هو الأغلب في ذلك الزمان ، بخلاف زماننا هذا الكثير الفساد والمفسدين وقد ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد وذلك في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر بلفظ: "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن" ، وحديث عائشة رضى الله عنها في منع النساء علقته على شرط لو رأى رسول الله ما أحدثته النساء.
وفى رواية عند البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً : "إذا استأذنت امرأة أحدكم - أي أن تخرج إلى المسجد أو ما في معناه كشهود العيد وعيادة المريض - فلا يمنعها".
قال القسطلاني. وليس في الحديث التقييد بالمسجد ، إنما هو مطلق يشمل مواضع العبادة وغيرها.
ومقتضى الحديث : أن جواز خروج المرأة يحتاج إلى إذن الزوج) (13).
أما قول القائل : إنهن لا يخرجن من بيوتهن مطلقا لقوله تعالى :((وقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ)) فليس بحجة له بدليل قوله تعالى بعدها : ((ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى((والمقصود به عند خروجهن.
( ومعنى هذه الآية : الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخصص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة) (14).
(وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقاً ، وإنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن وهو المقر وما عداه استثناء طارئاً لا يثقلن فيه ولا يستقررن وإنما هي الحاجة وتقضى وبقدرها) (15).
وقد عرف عن أمهات المؤمنين والصحابيات أنهن كن يخرجن في حوائجهن وللمشاركة في الغزو.
(فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى) (16).
وفيه خروج للنساء في الغزو والانتفاع بهن في السقي والمداواة لمحارمهن وأزواجهن وغيرهم مما لا يكون فيه مس بشرة إلا موضع الحاجة.
وهذه أم عمارة تحدثنا حديثها يوم أحد : (خرجت أول النهار ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والريح والدولة للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون ، انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وأرمى بالقوس حتى خلصت إلّى الجراحة.
وعن عمر رض الله نه عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما التفت يوم أحد يميناً ولا شمالاً إلا ورأيتها تقاتل دوني) (17).
وتستأذنه صلى الله عليه وسلم أم سنان الأسلمية في الخروج إلى خيبر للسقيا ومداواة الجرحى فقال لها عليه الصلاة والسلام: »فإن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك ومن غيرهم فكوني مع أم سلمة«(18).
وفي خيبر أيضاً عن امرأة من بني غفار قالت : (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا : يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا - وهو يسير إلى خيبر - فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا. فقال : "على بركة الله" فخرجنا معه)(19).
(حتى المقعدة فلها الخروج في حوائجها نهاراً ، سواء كانت مطلقة ، أو متوفى عنها ، لما روى جابر قال : طُلقتْ خالتي ثلاثاً فخرجت تجذ نخلها فلقيها رجل فنهاها ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : "اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا".
وروى مجاهد قال : "استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن. يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها" (20).
ويدخل الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة رضى الله عنها وعندها امرأة قال : من هذه ؟ قالت: فلانة ، تذكر من صلاتها ، قال: "مه ، عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ، فكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه" (21) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان.
كما طلب من الشفاء - وهى من المهاجرات الأول وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن - قال لها صلى الله عليه وسلم : »علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة«(22).
وكيف يكون تعليمها إلا بلقائها معها وخروجها إليها.
فهذه كلها حالات تخرج فيها المرأة بمعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقراره بخروجها أو أمره وإذنه الصريح به ، فلو كان المقصود بالقرار في البيت عدم الخروج المطلق لنهى عن الخروج ولما أذن به.
ثم إن الحبس الدائم للمرأة في البيت ما هو إلا عقوبة شرعية - كان قبل أن يشرع حد الزنا فنسخت هذه العقوبة بالحد الشرعي - أقول كان الحبس في البيوت للمرأة التي تأتي الفاحشة وذلك لقوله تعالى : ((واللاَّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ في البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)) [ النساء:15 ].
أما المرأة العفيفة الملتزمة بأحكام دينها ، والتي تراقب الله تعالى في حركاتها وسكناتها فهي تقدر شرف مهمتها وعظم مسئوليتها : إنها إن قرت في بيتها فهي في عمل واعٍ يقظ ، لا فراغ اللاهيات ولا تفاهة العابثات من ربات الفيديو والأزياء والسينما...
إنها تعد لأمتها الإسلامية أبطالها الذين يستعيدون مجدها فتربيهم على الاعتزاز بقيم الإسلام ليفدوه بأنفسهم إن واجههم الخصوم ، ويعملون وسعهم لإعلاء كلمة الله.
وإن أرادت الخروج من بيتها فلن يكون ذلك إلا إن كانت المصلحة الشرعية في الخروج راجحة عنها في البقاء.
وإن خرجت : فبالحدود المشروعة وبالطريقة المشروعة ، تستأذن الزوج المسلم ولا تخرج بغير إذنه ، وإلا اعتبرت عاصية لمله ولرسوله ، وبالمقابل فزوجها المسلم يرعى الله فيما ائتمنه ، فيحرص على أن يبعدها عن الشبهات ومواطن الزلل. ويأخذ بيدها إلى كل خير ، ليشاركها أجرها سواء كان زيارة أقاربها وصلتهم أو بر والديها ، أو صلة أخواتها في الله ، أو العلم المشروع.
ثم إن الأصل أن ينبني البيت المسلم على المودة والرحمة ، لا الغلظة والتسلط. فالزوج والزوجة كلاهما يحكم الشرع ويزن الأمور بمقياسه ، فلا يتعسف الرجل في استعمال حقه الذي منحه الله إياه ويحفظ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالمرأة : " استوصوا بالنساء خيراً " وبالمقابل لا يجمح الهوى بالمرأة ولا تستكبر عن طاعة زوجها فتكون في عداد الناشزات.
أما عند عدم الزوج لوفاته ، أو لعدم زواج المرأة. فتستأذن أبويها وهذا من برهما وحسن صحبتهما فهما أحرص الناس على حسن سمعتها وجلب الخير لها.
إن المؤمنة حيثما جالست غيرها تحرص على أن لا تقذف بكلامها دون تمحيص ، فهي تسعى لتكون أقوالها فضلاً عن أفعالها في ميزان حسناتها.
لذا تتواصى مع أخواتها المؤمنات بكل ما فيه خير وصلاح ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وإن لمست نفوراً وشقاقاً بين البعض منهن فهي تعمل على إصلاح ذات البين ، وإطفاء نار العداوة ، تتمثل قوله تعالى : ((لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)) [النساء 114].
المتأمل في هذه الآية يجد أن غالبية النجوى لا خير فيها إلا هذه الثلاث :
1- الأمر بالصدقة.
2- الأمر بالمعروف ، ونجمعهما تحت عنوان الدلالة على الخير.
3- الإصلاح بين الناس.
ومن تكلم بها أو بأحدها فهو في قربة إلى الله تعالى ، بل وكلامه من أفضل الذكر فقد قال ابن تيمية رحمه الله :
»إن كل ما تكلم به اللسان، وتصوره القلب ، مما يقرب إلى الله ، من تعلم علم ، وتعليمه ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، فهو من ذكر الله ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع ، بعد أداء الفرائض ، أو جلس مجلساً يتفقه أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله فقهاً فهذا أيضاً من أفضل ذكر الله« (23).
1- الدلالة على الخير :
فإذا رزقك الله فهماً وعلماً ، أو قوة وعافية ؛ فاستخدميها لمعاونة المسلمين وتسهيل حاجاتهم ، سواء بعملها بيدك ؛ أو بتعليمها غيرك ، فما ذلك إلا زكاة الصحة التي حباك الله إياها.
"كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة" (24).(82/342)
إن كثيراً من بلادنا المسلمة مليئة بالأزمات الاقتصادية بسبب القحط أو الحروب. وتنشط المؤسسات التبشيرية والشيوعية للاستفادة من تقصيرنا جميعاً ، فتستغل آلام المكلومين لتقدم لهم الغذاء واللباس والدواء طعماً لجذبهم به لمصيدتها ، وتعمل جاهدة بكل الوسائل لجلبهم لساحتها ، بتربية أبنائهم أو تعليمهم أو تطبيبهم...
فهلا استفدنا من زياراتنا ووقتنا الضائع؟! فتدارسنا أحوال أمتنا ، وعلمنا بعضنا أن نخيط الثياب التي تستر عورات أخواتنا المسلمات المحتاجات.
ولنصنع من الطعام ما يمكن أن يرسل لهن. ولنثبت أننا المسلمات اللاتي يهمهن أمر الأمة المسلمة. لا الدمى المتحركة التي تُزين لتلهي من حولها وتبعد عن جادة الصواب.. فهل النصرانيات أقدر منا؟؟ أم أنهن أكثر تضحية وإيماناً؟ نحن حفيدات عائشة وخديجة وأسماء ، أو لسنا أجدر أن نضحي من أجل حقنا الأكيد أكثر من تضحيتهن من أجل باطلهن؟.
ويتامى المسلمين؟! من ينجينا من الإثم إذ يُحملون إلى البلاد الشيوعية أو النصرانية ليربوهم على دينهم؟.
ماذا نقول غداً لرب العالمين إن سألنا عنهم وعن تفريطنا وتقصيرنا في حقهم؟\
أفلا يجدر بنا أن نتكفلهم؟ وماذا لو ضمت الأسرة إليها فرداً أو اثنين لتنشئتهم (لا تبنيهم فهو محرم) وتربيتهم؟.
أو إن عملت الجمعيات الخيرية المسلمة لرعايتهم ، وساهمت المرأة المسلمة بما تستطيع ، سواء بالمادة أو بالجهد الذي تقدر عليه ، من عمل يدوي أو تعليمي أو توجيهي؟!
قد يقال : إن هذه أعمال ضخمة لا تقدر عليها جهود فردية قليلة المورد.
((إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) [الرعد 11] فهذه الفكرة إن اقتنعت وإياي بها وأقنعت في زيارتك صديقتك المؤمنة وجارتك المسلمة لابد وأن نحقق خيراً كثيراً للمسلمين ، ونكون قد ساهمنا معاً في النهضة الإسلامية.
ولاشك أن ذلك مطلب شرعي بدلاً من أن تظل المسلمة مجال تنافس الدول لتلهيها عن رسالتها بمستحضرات التجميل ، وأدوات الترهل والترفيه.
وبذلك نكون قد ارتقينا بزياراتنا عن اللغو إلى التناصح لما فيه خيرنا وخير المسلمين ، وفي عملك ذلك أجر الصدقة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيله. قال: قلت: ثم أي الرقاب أفضل؟ قال : أنفسها ثمناً عند أهلها وأكثرها نفعاً. قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق« (25).
فلك في معاونتك لأختك المسلمة أياً كانت تلك المعاونة الثواب الجزيل فعملك من أفضل القربات.
فإن كانت مريضة أعجزها المرض عن أداء مهمتها تساعدينها في تعليم أولادها الصغار ، أو عمل طعام لهم ، أو ترتيب بيتها وتنسيقه بدل أن تكون زيارتها للكلام والتسلية فحسب.
وإن كانت نفساء أمضها ألم الولادة : تقومين على رعايتها ورعاية وليدها. فهذا أجر قد ساقه الله إليك، ولا يقدر عليه غيرك، وإن كانت جاهلة بفنون المنزل، أو حتى في التعامل الاجتماعى تعلمينها وتنصحينها فالدين النصيحة، ولك في كل ذلك أجر الصدقة، ولنذكر معاً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: »من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة« (26).
فلنكن في حاجة أخواتنا المسلمات ، والله معنا في قضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا. وأينا تستغني عن غيرها؟! وإن استغنت الواحدة عن غيرها بأعمالها ، فلابد أن تحتاج إلى التناصح والمشاورة معهن.
فما أجدرنا نحن المسلمات الحريصات على حسن تنشئة أبنائنا ونراقب الله في تربيتهم ما أجدرنا أن نستفيد من فترة زياراتنا للتناصح في تربيتهم، وحل مشكلاتهم ليحل العمل والتوجيه محل الشكوى والأسى الذي لا يصحح خطأ ولا يغير واقعاً.
فإن أقلقنا أن نجد بعضاً من أبناء المسلمين يفوتهم الفكر الديني الواعي، أو لا يلتزم آخرون بالتعاليم الشرعية، أو لا يجيد الكثير منهم التعامل مع الآخرين ... فعلينا نحن المسلمات أن نسعى إلى تصحيح هذا الواقع المرير بكل ما نستطيع وبصبر وجلد.
ذلك أن التربية ليست أن تلقي الكلمة والتوجيه على أبنائنا ثم ننتظر الاستجابة، فالمغريات كثيرة لا تنتهي... والتربية طويلة وشاقة تبدأ من نعومة أظفارهم.
فلابد من الرعاية الدؤوب لهم دون ملل. نتابعهم باستمرار في جدهم وهزلهم، لعبهم ومذاكرتهم.
وبعد أن نعمل جهدنا لنكون القدوة الحسنة لهم في كل خلق فاضل كريم، نتناصح مع أخواتنا المؤمنات في حسن اختيار القصص المفيدة التي تثقف الطفل وتعده لحياته المستقبلة، وتربي وجدانه فيعرف كيف يعطي كل ذي حق حقه. ونبعده عن القصص الخرافية والبوليسية وكذلك عن البرامج الإعلامية التي لا تليق، ونسعى بالتشاور مع بعضنا لنحيط أبناءنا بالصحبة الطيبة التي تعينهم على الخير.
فالشر كالداء المعدي، سرعان ما ينتشر بالمخالطة. فنبعدهم عنه لنحفظ عليهم دينهم وخلقهم.
وهكذا نشحذ هممنا لتكون زياراتنا هادفة لما يرضي الله وينفع المسلمين.
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله. أي الناس أحب إلى الله؟ قال: »أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على قلب مسلم".
فلنحرص على نفع المسلمات وإدخال المسرة على قلوبهن ، ولا نبخل بنعمة حبانا الله إياها أن نخدم بها مسلمة فنفرج بها كربتها ونعمل ما فيه مصلحتها ، وندعوها إلى اتباع الخير الذي نريده لأنفسنا، قال تعالى: ((والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [التوبة 71].
ولا تقول المسلمة: مالي وللناس، فإني أدعهم وشأنهم ولا أتدخل في خصوصياتهم، نعم ذلك في أمور الدنيا المباحة التي يستوي فيها عملها وتركها »فمن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه« أما ما فيه خطر محقق وحتى لو كان ذلك في أمور الدنيا، فالواجب النصح فالدين النصيحة.
إن المؤمنة عليها مهمة النصح والدعوة إلى دينها على قدر ما تستطيع، ومن روائع ما روته لنا السيرة ، قصة الصحابية الجليلة أم سليم.
(كانت أم سليم أم أنس بن مالك من السابقات للإسلام من الأنصار خطبها أبو طلحة قبل أن يسلم وبعد وفاة زوجها فقالت : يا أبا طلحة ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده نبت من الأرض، قال: بلى. قالت : فلا تستحي أن تعبد شجرة؟! إن أسلمت فإني لا أريد صداقاً غيره. قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم جاء. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالت : يا أنس زوج أبا طلحة. فزوجها)(27).
إنه مهر كريم لامرأة داعية كريمة ، دعته إلى عبادة الله وحده ، والبعد عن الشرك به ، فشرح الله صدره وآمن فأكرِم به من مهر.
وما هلك بنو إسرائيل إلا لتركهم فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ((كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)) أما اعتزال الناس اعتقاداً بعدم صلاحهم، فهو كما يقال : آخر الدواء الكي ذلك أننا (حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً أو أطيب منهم قلباً ، أو أرحب منهم نفساً ، أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة.
إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع.
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العالية ، ومثلنا السامية ، أو أن نتملق هؤلاء الناس ، ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يطلبه هذا التوفيق من جهد هو العظمة الحقيقية) (28).
وهكذا ... فبعد أن تتعهد المسلمة نفسها بالإصلاح فتلتزم السنة وتعض عليها بالنواجذ، تساهم بالدعوة إلى الخير بين النساء. وهذا واجب ديني تأثم إن قصرت به، مهما كان مستواها الثقافي، فتعمل بقدر طاقاتها وإمكانياتها، تأمر بالمعروف بلفظ لين وقول لطيف، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ((ولَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران 159] ، ترفق بمن حولها ، توقر الكبيرة وترحم الصغيرة ، ولا تنسى أنها صاحبة هدف جليل تسعى لتحقيقه بأسلوب يرضي الله تعالى ويؤدي للنتيجة التي ترجوها.
فكما يسعى أصحاب الأهداف الدنيوية لتحقيق أهدافهم، فيتحسسون مداخل نفوس من يتعاملون معهم، ليعرفوا كيف الوصول لغايتهم، يجب أن نكون نحن المسلمات أكثر اهتماماً بمعرفة من ندعوهن لتكون دعوتنا كما أراد الله تعالى:((ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل 125].
2- الإصلاح بين المؤمنات :
كما نجعل من زياراتنا مجالاً خصباً للإصلاح بين الناس ، فإن عمل الشيطان على إثارة العداوة بين المسلمات نزيلها بالإصلاح بينهن، فإن إزالة الخصام دليل سمو النفس التي تعمل على إشاعة المودة بين الآخرين، ليحل الوفاق محل الشقاق، والصلة مكان القطيعة، لذا كانت درجة من يصلح بين الناس أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة التطوع لا الواجبة .
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: »إلا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا : بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة«. ويروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: هي الحالقة: لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين«.
ذلك أن الإفساد بين الآخرين يؤدي إلى القطيعة التي حرمها الشرع كما جاء في الحديث الشريف:»لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" (29).
وقال صلى الله عليه وسلم منفراً من الشحناء والقطيعة ومبيناً سخط الله تعالى على المتقاطعين حتى يصطلحا: »تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا ثلاثاً«(30).
فإن حصلت جفوة بين المسلمات نسارع إلى الإصلاح بينهن للتغاضي عن هفوة المخطئة، فإذا بالعيش صافياً بعد كدر ، والوداد عاد بعد الجفاء.
والواجب أن تقبل عذر من تعتذر، لا أن تشيح بوجهها بعيداً عن أختها ، إصراراً على مواصلة القطيعة، وعدم قبول العذر: إذ من شرار الناس من لا يقبل عثرة، ولا يقبل معذرة كما بين الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله، قال: إن شراركم الذي ينزل وحده، ويجلد عبده، ويمنع رفده. أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: من يبغض الناس ويبغضونه، قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: الذين لا يقبلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغتفرون ذنباً، قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا : بلى يا رسول الله : قال : من لا يرجى خيره ولا يؤمن شر5"(31).
ـــــــــــــــــــ(82/343)
الهوامش:
1- رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
2- أخرجه الترمذي في البر والصلة من حديث جابر وحسنه. وهو في المسند 4/193، وانظر شرح السنة 12/367.
3- صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 213. 4- رواه الترمذي / 2583.
5- أخرجه أبو نعيم في الحلية مرسلاً ، وأخرجه الحاكم 4 / 306 موصولاً. ينظر شرح السنة 14/224.
6- صيد الخاطر / 142. 7- رواه البخاري في الرقاق ،والترمذي في الزهد.
8- فتاوي ابن تيمية 1/426. 9- مصنف ابن أبي شيبة 8 / 564.
10- الفتاوى لابن تيميه 32/من260-264 بإيجاز. 11- الفتاوى لابن تيمية 32/281.
12- المغني 7/20. 13- عون الباري 2/285-287باختصار.
14- أحكام القرآن للقرطبي 14/179. 15- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، 5/2859.
16- شرح صحيح مسلم 12/88. 17- الإصابة 4/457.
18- الإصابة 4/443 19- البداية والنهاية لابن كثير ، 4/204.
20- المغني 7/226. 21- فتح الباري 1/101.
22- الإصابة 4/333. 23- الفتاوى 10 / 661.
24- رواه البخاري ، ومسلم. 25- شرح صحيح مسلم 2 / 73.
26- متفق عليه. 27- الإصابة 4/442.
28- أفراح الروح ، لسيد قطب. 29- شرح صحيح مسلم 16/ 117122.
30- شرح صحيح مسلم 16/ 177 - 122 .
31- رواه الطبراني وغيره ، ينظر الترغيب والترهيب 3/394.
ـــــــــــــــــــ(82/344)
اليوم العالمي للمرأة شعار يفقد مصداقيته
نورة خالد السعد
كان يوم الثلاثاء 27 محرم الذكرى السابعة والتسعين لليوم العالمي للمرأة الذي حدث فيه أول اجتماع لشبكة التحالف النسائية في الغرب (8 مارس 1908م) بكوبنهاجن في الدانمرك ومن ذلك التاريخ أصبحت هذه الذكرى (يوماً عالمياً للمرأة)..
هذا اليوم هو لصيق بجذور تأسيسه في الغرب وتدريجياً تبع ذلك الاجتماعَ عدد من الاجتماعات والمؤتمرات في العالم الغربي التي تنادي بقضايا المرأة والمطالبة بحقوقها وأصبحت (المرأة والأسرة) محورين أساسيين من محاور عمل التجمعات والفعاليات الاجتماعية في العالم.ولدى كثير من المنظمات والجمعيات (الحكومية وغير الحكومية) التي ترفع لواء (الحرية والمساواة وحقوق الإنسان) كما أصبح الشغل الشاغل لتلك التجمعات والمنظمات السعي لعولمة الحضارة الغربية ليس في جانبها العلمي التكنولوجي ولكن في جانبها القيمي الذي يتناقض تماماً مع قيم ومعتقدات المجتمعات الإنسانية وليس الإسلامية فقط.. وهذا يمثل (اعتسافاً لحقوق الإنسان)!!
في كل مؤتمر من المؤتمرات العالمية للمرأة أو للطفولة أو حتى للسكان والبيئة نجد أن هناك فرضاً دولياً على تنفيذ توصيات هذه المؤتمرات تحت ستار (تحرير المرأة) والسؤال ما هو هذا التحرير؟ ومن ماذا؟
الشعارات البراقة أنها لإنصاف المرأة ورفع الظلم عنها.. ومرة أخرى لنسأل ظلم من؟ هل ظلم الدولة الصهيونية في فلسطين لنساء فلسطين وأطفالها وليس شيوخها ومراهقيها وشبابها بل المجتمع بأكمله لا يعتبر من ضمن متطلبات هذا التحرير؟!
.. ليس منا من يرفض إنصاف جميع نساء العالم وليس فقط النساء في المجتمعات الإسلامية أو المسلمات في الدول غير الإسلامية.. بل رفع الظلم عن الإنسان بشكل عام وتأمين الحياة الآمنة دون قتل وفقر ومرض.. ولكن أن تفرض على مجتمعاتنا الإسلامية هذه التوصيات والاتفاقيات مثل (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) وتعتبر هي (المرجعية) بما فيها من مواد تتعارض مع معتقداتنا وتشريعاتنا الإسلامية مثل المادة الأولى، والمادة الخامسة والمادة السادسة عشرة وبعض بنود المادة العاشرة والثانية)..
إن رفضنا لهذه المواد يتفق مع رفض معظم الدول وحتى القساوسة الذين حضروا بعض هذه المؤتمرات مثل مؤتمر بكين رفضوا هذه المواد.. بل وفي داخل الولايات المتحدة الأمريكية هناك جمعيات مناهضة للاتفاقية رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لم توقع عليها!! لأنها (تتعارض مع مواد الدستور الأمريكي)!!
وهذا هو التناقض الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على المجتمعات واختراق نسيجها الاجتماعي بدعوى عدم إنصاف النساء والتمييز ضدهن وتطالبها بتنفيذ بنود هذه الاتفاقيات والتسريع في تنفيذ توصيات المؤتمرات التي تعقد كل خمس سنوات أو كل عامين بل أحياناً تبدأ المؤتمرات بشيء من التكتم كما حدث في المؤتمر العالمي الخامس للمرأة الذي عقد في نيويورك عام 2000م ولم يتم إبلاغ الجمعيات الأهلية غير الحكومية المعارضة بأوقات المؤتمر ولم تدعَ له ومع هذا لم يسلم من اعتراضات صاخبة وانتهى بتكرار التوصيات.. والآن هذا المؤتمر عقد في نيويورك منذ 17 محرم 1426هـ وحتى الجمعة 1 صفر ولا توجد أي تغطية إعلامية عنه!!
بل إن بعض هذه اللقاءات هناك يدور في قاعات مغلقة!!
إن البحث عن إنصاف المرأة من الظلم كما يقال.. ينبغي أن يكون وفق معادلة واحدة.. وهي وفق مرجعيتنا نحن بصفتنا مسلمين وليس وفق مرجعية الحضارة الغربية التي لا تقيم وزناً للأسرة ولا للقيم الخاصة بالعفة وتحريم الزنا والشذوذ الجنسي..
ولسنا هنا نقول إن هذه الاتفاقية أو المؤتمرات التي تعقد لتحرير بنودها وتفعيل تنفيذها.. أنها قامت فقط لحرب المجتمعات الإسلامية.. لأن هناك الكثير من الأفراد والمؤسسات داخل المجتمعات الغربية نفسها فضلاً عن غيرها يعارض هذه المؤتمرات وقراراتها إلا أن الواضح أن الهدف الأساسي من هذه المؤتمرات هو فرض (النموذج الاجتماعي الغربي) على العالم إكمالاً لنجاحه في فرض النموذج السياسي والاقتصادي وهذه النماذج لا تراعي في تشريعاتها القانونية اختلاف العقيدة أو تباين الثقافة بين المجتمعات بل تسعى لفرض نمط حضاري موحد على العالم تلتزم به الدول كلها.
ومن الغريب أن الإدارة الأمريكية تسلمت زمام قيادة العالم (قسراً) فها هي كبيرة منسقي البرنامج العالمي للمرأة بوزارة الخارجية الأمريكية شارلوت بوبنتكيلي في حديث لها مع الصحف خلال فعاليات مؤتمر القمة العالمية للمرأة الذي عقد في المغرب في العام الماضي تقول: (إن حكومة الرئيس بوش تضع النهوض بأوضاع المرأة كجزء أساسي من الحلول المطروحة للقضاء على التطرف والحرمان.. )
وقالت أيضاً: (إن الدول التي يحرم سكانها من العيش الكريم ومن الحرية والعدالة لا تستطيع كسب المعركة ضد التطرف والإرهاب)..
وسنوجه سؤالاً لها ولمثيلاتها ممن ينتشرن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لفرض أجندة أمريكا المعلنة وهي القضاء على الإرهاب!! ولكن ما هو واقع هو محاربة المعتقدات الدينية واختراق أنسجة المجتمعات وقيمها وأعراقها السليمة.. لنسأل هذه المرأة: ما الذي تحقق للمرأة الأمريكية من أمن وأمان؟
فمن يرغب في تصدير نموذجه الحضاري ينبغي أن يكون هو يعيش هذا النموذج!.. ولنقارن إحصاءات الجريمة هناك فقد أظهرت دراسة كشف عنها البيت الأبيض أن واحدة من كل عشر مدارس رسمية أمريكية شهدت أعمال عنف خطرة عام 1997م وأتوقع أنها ازدادت..
وكتب أحد كبار صحافيي نيويورك متعجباً: (هناك حرب حقيقية في شوارع الولايات المتحدة ويسقط قتلى بالرصاص ما يقارب 45 ألف شخص كل تسعة عشر شهراً وهو العدد نفسه الذي سقط خلال تسعة أعوام من حرب فيتنام)!! ناهيك عن أعداد القتلى من المليشيات العسكرية الموجودة في ثمان من ولاياتها ووجود وكلاء لهم في 32 ولاية و113 مدينة!! وكما ذكر فإنه في قطاع لوس انجلوس فقط يوجد 800 منظمة إرهابية هذا كمثال..
فهل الولايات المتحدة الأمريكية وفق منطق شارلوت بوبتكيلي لم تنهض بأوضاع المرأة لديها وبالتالي أصبح الإرهاب والقتل زاداً يومياً في شوارع ومدارس أمريكا؟؟
ولن أتحدث عن حالات الاغتصاب والاعتداءات التي تتعرض لها النساء هناك؟ والتمييز ضدهن في مواقع العمل وعدم مراعاة ظروفهن بعد الولادة فإجازة الأمومة في دولة تصدر نموذجها الحضاري لا تزيد على (أسبوعين فقط)!!
ومما يستغرب له أيضاً أننا وفي مجتمعاتنا أصبحنا كالببغاء نقلد حيث ستقوم إحدى الكليات الخاصة بالاحتفال بيوم المرأة العالمي؟! وكان الأحرى بها أن تحتفي بتشريع منح المرأة نظاماً عالمياً قبل 1400 عام وعدم التطبيق الحقيقي لتشريعاته كان سبباً في هذا الوضع للنساء في عالمنا الإسلامي
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/345)
وصايا إلى اللؤلؤة المصونة
احذري:...
1- احذري يا أختاه من الذئاب البشرية المتربصة على سماعة الهاتف.
2- احذري يا أختاه من الغيبة والنميمة والسباب واللعان والدعاء المحرم وتذكري أن ذلك من أسباب كثرة النساء في النار قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أو أنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخيرهم إلا حضائد ألسنتهم».
3- احذري يا أختاه من لبس العباءة المزينة فقد صدرت فتوى من العلماء بتحريم لبسها؛ لأنها ليست حجاباً شرعياً ولا تستر بل تفضح وهي سبب رئيسي إلى الفتنة والضياع.
4- احذري يا أختاه من الألبسة الضيقة والقصيرة والشفافة والغير شرعية فهي طريق إلى النار.
5- احذري يا أختاه من جلب الخدم والسائقين إلى البيوت فهم سبب في خراب البيوت.
6- احذري يا أختاه من الاستماع إلى الكلام والغناء المحرم واحفظي جميع جوارحك عما حرم الله فهي تشهد عليك يوم القيامة.
7- احذري يا أختاه من قراءة المجلات الهابطة التي تدعو إلى الفساد والرذيلة وتحارب الفضيلة.
8- احذري يا أختاه من قرينات السوء وجارات السوء فلن ينفعك في الدنيا ولا في الآخرة بشيء غير زيادة رصيد السيئات.
9- احذري يا أختاه من حضور الحفلات والأفراح المنكرة ففيها معصية لله - تعالى -.
10 احذري يا أختاه من التشبه بالرجال كلبس البنطال وقص الشعر وجعله كشعر الرجال.
11- احذري يا أختاه من عصيان الزوج أو ولي الأمر ما لم يأمرانك بمعصية.
12 احذري يا أختاه من إدخال الأقارب غير المحارم عليك في البيت عند غياب زوجك.
13- احذري يا أختاه من اختلاط النساء مع الرجال في الزيارات العائلية والأسواق وغيرها.
14- احذري يا أختاه من شاشة التلفاز والفيديو والدش والإنترنت وغيرها.
15- احذري يا أختاه من إفشاء أسرار الزوج والبيت إلى الآخرين.
16 احذري يا أختاه من التكبر والغرور والاحتقار للغير.
17 احذري يا أختاه من الزنا فإنه أبشع جريمة، والخروج من البيت بدون إذن الزوج.
18 احذري يا أختاه من الذهاب إلى السحرة والكهنة والعرافين.
19 احذري يا أختاه من لبس العباءة التي على الكتف والضيقة فقد صدرت فتوى من العلماء بتحريم لبسها.
20 - احذري يا أختاه من استعمال الطيب عند الخروج من البيت.
21- احذري يا أختاه من تغير خلق الله وذلك بالأخذ من الحاجب أو التفلج فقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « النامصة والمتنمصة والفالجة والمتفلجة ».
22- احذري يا أختاه من وضع المواد العازلة عن وصول الماء إلى مواضع الوضوء من الجسم مثل الأظافر بوضع الطلاء عليها فإنه يمنع وصول الماء فيبطل الوضوء.
احرصي:...
1- احرصي يا أختاه على أداء الصلاة في وقتها بتأن وخشوع.
2- احرصي يا أختاه على التوبة والاستغفار لله والذكر دوماً.
3- احرصي يا أختاه على قراءة القرآن الكريم يومياً فهو نور القلب وجلاء الهم والغم.
4- احرصي يا أختاه على قراءة الكتب الإسلامية النافعة والمفيدة.
5- احرصي يا أختاه على الاستماع إلى الأشرطة النافعة مثل أشرطة القرآن والمحاضرات والندوات والاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم.
6- احرصي يا أختاه على قيام الليل ولو بركعات قليلة.
7- احرصي يا أختاه على ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين.
8- احرصي يا أختاه على السنة الراتبة بعد الصلاة المفروضة وقبلها.
9- احرصي يا أختاه على ارتداء الحجاب الإسلامي الصحيح والكامل في جميع الأماكن
.
10- احرصي يا أختاه على الصدقةوتوزيع الشريط والكتيب الإسلامي.
11- احرصي يا أختاه على أذكار الصباح والمساء وعند النوم وعند الضيق والهم والحزن.
12- احرصي يا أختاه على قول الصدق والاعتراف بالحق دائماً.
13- احرصي يا أختاه على تربية أبنائك التربية الإسلامية وعلميهم القرآن الكريم والأخلاق الحميدة حتى يكونوا ذرية صالحة تنفعك في حياتك وبعد مماتك.
14- احرصي يا أختاه على طاعة زوجك وحفظ سره دائماً وعدم إغضابه تنالين الأجر من الله.
15 احرصي يا أختاه على كفالة الأيتام والعطف على المحتاج من الأقارب والجيران.
16 احرصي يا أختاه على النصح والتوجيه والدعوة إلى الله - تعالى -بالخير.
17- احرصي يا أختاه على تطهير بيتك من جميع المعوقات التي تحرمك من دخول الملائكة إلى بيتك.
18 احرصي يا أختاه على إبعاد المستقبلات الهوائية (الدش) من بيتك.
19 احرصي يا أختاه على قراءة سورة البقرة في بيتك دائماً فإنها تطرد الشياطين من البيت.
20 احرصي يا أختاه على أداء العمرة والحج قبل الموت.
وأسأل الله أن يهديك إلى سواء السبيل، وأن يبصرك بأرشد أمرك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/346)
جنون التسوق عند النساء !
ولاء محمد
يشتمل الإسلام على منظومة من القيم التوازنية تحقق للفرد والأسرة والمجتمع ـ وهم بنية متكاملة متصلة ومتفاعلة ـ تماساً مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ومن ثم لا تغلّب مطلباً على آخر، ولا تطلق العنان لجموح رغبة لتتآكل معها بقية الرغبات، فيقع الخلل مخلفاً شروخاً في الجدر النفسية للفرد والأسرة والمجتمع، وتتجلّى "منهجيّة التوازن" هذه في العملية المصرفيّة، أي عملية "إنفاق" المال، بشكل عام، وخصوصاً، في العملية "الشرائيّة"، ولأن المرأة هي المنوطة ـ في الأغلب ـ بالتعامل مع الأسواق لشراء حاجيات البيت فإنها قد تكون أكثر اطلاعاً ومتابعة لما تضخّه الأسواق، وما تسوّقه الشركات من منتجاتها في زمن "السوق" والاستهلاك الذي هو أحد إفرازات العولمة؛ وقد صارت بلاد المسلمين عموماً، والعرب خصوصاً، سوقاً استهلاكياً كبيراً يفتح الشهية للّهث وراء كل جديد، وكانت "المرأة" هي ضحية هذا الفخ الاستهلاكي، الذي أصاب كثيراً من الأسر، فاتصفت المرأة بالمستهلكة، وتلاشى من حياة الكثيرات وصف "المدبِّرة".
فلماذا هذا " الهوس الاستهلاكي"؟ وما هي الأسباب التي أوجدته؟ وما آثاره على البناء الأسري؟ ولماذا "المرأة" بالتحديد دون الرجل هي الأكثر عرضة لهذا المرض؟
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابة وقد حاولنا الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق:
في البداية التقينا السيدة "مرفت كامل" " ربة منزل"، فأشارت إلى أن متعتها الحقيقية تكتمل حينما تتمكن من اقتناء الجديد في عالم الأسواق، خاصة ما يتعلق بالأدوات المنزلية والإكسسوارات وأدوات التجميل.
ولكنها تؤكد أن هذه المتعة وقتية سرعان ما تزول بظهور منتج لم يكن في حوزتها، أو لم يكن في استطاعتها شراؤه وتكون أكثر توتراً إذا أشبعت رغبتها الملحة في شرائه أو شراء منتج أفضل منه حتى ولو اضطرت إلى الاستدانة.
أما السيدة "كريمة حامد" زوجة وأم لثلاثة أولاد فبالرغم من أنها تدرك تماماً مدى خطورة هذا الهوس الاستهلاكي على الحياة الزوجية، والحالة الاقتصادية للأسرة إلا أنها لا تستطيع أن تقلع عن هذا السلوك؛ فقد أدمنت شراء التحف والمفروشات الأثرية، وكلما وقعت عيناها على تحفة جديدة أو سجادة من طراز خاص لا تستطيع أن تتحكم في سلوكها وتبادر على الفور باقتنائها. حتى ولو كانت بأغلى الأثمان، وتؤكد أنها حاولت كثيراً الإقلاع عن هذا السلوك؛ نظراً لأن ذلك يسبب لها كثيراً من المشاكل في محيط الأسرة، ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
ضروري.. ضروري
في حين ترى السيدة "منى عرفات" تعمل في إحدى شركات الملابس" أن كل ما هو موجود بالأسواق الآن أصبح من ضروريات الحياة، ولا يمكن الاستغناء عنه خاصة للمرأة العاملة.. لذلك فهي حريصة على مشاهدة الإعلانات لمتابعة الجديد من المنتجات، ثم تبادر إلى الاتصال حتى تكون أول الحاصلين عليه.
كما أوضحت أنها تشعر بمتعة شديدة عندما تتسوق عبر شاشات التليفزيون، وتصف ذلك بأنه طفرة هائلة في مجال التسوق.
ولم يعد الأمر قاصراً على السيدات فحسب بل يشمل أيضاً الفتيات؛ إذ تقول "رندا عبد الكريم" -الفرقة الثالثة كلية التجارة-: إن الموضة الجديدة هي أهم نقاط ضعفها في الحياة. حيث تستثير رغبتها في الشراء وتفتح شهيتها للشراء.. حتى وإن كانت لا تحتاج إلى ما تشتريه، وإنما تطلعاً في أن تكون أكثر زميلاتها تألقاً وأناقة هو الذي يدفعها إلى ذلك. وتشير إلى أن الوسط الجامعي نمّى بداخلها هذا السلوك؛ إذ لا حديث للفتيات داخل الجامعة إلا عن الموضة الجديدة في عالم الأزياء والإكسسوارات.
الاستهلاك.. طريق الهلاك
هذا ما قاله عادل عبد الرشيد "محاسب "، ويؤكد أن زوجته كانت تستمتع بالشراء من أجل الشراء حتى وإن كانت ما تشتريه لا فائدة منه، كما كانت تميل إلى الاستعراض على الآخرين بما تمتلكه. ومعظم حديثها لا يخرج عما تريد أن تشتريه، وما يمتلكه الآخرون وينقصها.
ويشير إلى أنه بمرور الوقت لم يعد يحتمل تصرفاتها؛ إذ كانت تتبع معه سياسة "الأمر الواقع"، وهي أن تفاجئه بشراء الأشياء، ويضطر هو إلى تسديد أثمانها، وبالرغم من كل هذا فقد حاول معها كثيراً تقويم سلوكها حتى تستمر الحياة من أجل الأبناء.
إلا أنها كانت في كل محاولة تتهمه بالبخل وتقارنه بالآخرين، ومن ثم استحالت الحياة بينهما، ولم يجد أمامه سوى "الطلاق".
الاستهلاك الشعوري.. واللاشعوري
وفي هذا الإطار يؤكد د. علي ليلة (أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس) أن الهوس الاستهلاكي مشكلة كبيرة تحتاج إلى دراسة متعمقة نظراً لخطورتها الاجتماعية والاقتصادية، ويرى أن أسباب تفاقم هذه المشكلة وانتشارها في الوطن العربي هو الثقافة الاستهلاكية السائدة. والتي تتمثل في الإعلانات المختلفة عبر وسائل الإعلام المتعددة، والتي يكون أول المستهدفين منها هو "المرأة والشباب" نظرا لتغلب الجانب العاطفي لديهم، وبالتالي يكون من السهل إثارة شهوتهم في الشراء.
كما أن الانقسام الطبقي أيضاً له دور كبير في ذلك؛ إذ نجد أن المرأة التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة أو فوق المتوسطة غالباً ما تكون أكثر تطلعاً إلى الانتماء إلى الطبقة الثرية، ومن ثم تعتقد خطأً أن الإسراف هو رمز من رموز المكانة الاجتماعية، وبالتالي نجدها تبالغ في الأشياء التي تقتنيها، وتحرص على إبرازها للآخرين؛ لأنها تريد من وراء ذلك اعتراف اجتماعي بأنها من طبقة الأثرياء، وقد تفعل ذلك بصورة شعورية، وتكون في هذا من الذين يطلقون عليهم "محدثي النعمة".
وقد تفعله بطريقة لا شعورية، وهو ما يمثل حالة مرضية تتمثل في الإحساس بالنقص يدفعها للتعويض، ويؤكد د. علي أن هذه المرأة لا تُؤتمن أن تكون أماً؛ لأنها افتقدت لأهم صفات الأمومة، وهي العطاء والتحمل من أجل الآخرين، كما أنها -من الطبيعي- سوف تغرس في داخلهم هذا السلوك.
ومن ثم يطالب د. علي بضرورة أن تتيقظ هذه النوعية من النساء لخطورة هذا السلوك؛ لأن من شأنه تدمير الحياة الزوجية وإفسادها.
ويجب أن يكون للزوج دور إيجابي، وهو ألا يكون عنيفاً معها دائماً أو محابياً لها دائماً. أي يشجعها على هذا السلوك نظراً لثرائه بل يجب أن يكون ناصحاً لها، وآخذاً بيدها للخلاص من هذا المرض، وهذا يتأتى من خلال إدراكه لمدى خطورة هذا السلوك ومدى حرمته الدينية.
إحساس بالنقص
كما تؤكد د. أمينة كاظم أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن انشغال المرأة بالشراء من أجل الشراء؛ إذ تجد متعة في الإنفاق والإسراف "يمثل حالة مرضية، ولكن قد يكون نوعاً من التعويض نظراً لإحساسها بالنقص نتيجة ظروف معينة تعرّضت لها في طفولتها، وامتدت معها بعد ذلك. وتكون أهم مظاهر التعويض هي الميول الاستعراضية والنزعة إلى التفاخر والمظهرية، وقد يكون رغبة مرضية تتمثل في حبّ الامتلاك وهي أيضاً جذورها تبدأ من الطفولة؛ إذ تنزع إلى الرغبة في الاستحواذ على كل شيء حتى وإن لم يكن ذا جدوى لها.
أما المبالغة في شراء الضروريات فلا يمثل حالة مرضية، ولكنه ليس معنى ذلك أنه سلوك مقبول اجتماعياً ودينياً.
"روشتة" إسلامية
وتشير د. أمنية أن الحالة المرضية المتمثلة في الهوس الاستهلاكي بالإمكان علاجها، ولكن هذا الأمر يتطلب اعترافاً من المرأة بخطورة هذا السلوك حتى تتولد لديها الرغبة في الخلاص منه.
ومن ثم يكون السبيل الأمثل للعلاج هو العودة إلى منهج الوسطية الذي أرساه لنا الإسلام حتى تُدرك حكمة الله - عز وجل - في تحريم الإسراف، ويجب أن يكون الزوج عوناً لها؛ لأنه مسؤول عنها إذا ضلّت الطريق ولم يرشدها.
هذا ويضيف د. مختار المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر والأمين العام للجمعية الشرعية- أن الإسلام حرّم الإسراف تحريماً تاماً، وحدّد السبل التي يكون من أجلها الإنفاق؛ لأن المال نعمة من الله، والإنسان مستخلف فيما أنعم الله عليه، وذلك لقوله - تعالى -: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه).
وبالتالي فإن الإنفاق يكون في الضروريات من مأكل وملبس ومشرب، وما شابه ذلك أما الإسراف في الكماليات فهو مكروه كراهة تامة.
ومن ثم فإن المرأة التي تخرج متعمدة عن هذه الضوابط تكون قد ارتكبت إثماً عظيماً، كما أن حبها لامتلاك الأشياء من أهم مظاهر حب الدنيا، وحب الدنيا هو رأس كل خطيئة، ومن ثم سوف تبوء بغضب الله وسخطه.
ومن هنا يحذر د. المهدي من خطورة استسلام المرأة المسلمة لهذا المرض؛ لأنه قادر أن يهلكها فسوف تكون من أصحاب النفوس التي لا تشبع، وهذا النوع من البشر لا يرضى بدنياه مهما قدّمت له، كما أنه أيضاً في الآخرة من الخاسرين.
ومن ثم فلا بد أن تقاومه بكل ما أوتيت من وقوة، وعليها الرجوع إلى تعليمات المولى - عز وجل - والذي نهى عن الإسراف في مواضع كثيرة من القرآن فقد تكرر قوله: (إن الله لا يحب المسرفين) في أكثر من موضع، وكما قرن بين المبذرين وبين الشياطين في قوله: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).
ويجب أن تدرك أن الزوجة الصالحة هي التي تقف بجوار زوجها في عثراته، وليست التي ترهقه، بمتطلباتها، وهي أيضاً التي تخلص زوجها من تبعات الدنيا وأعبائها وتعينه عليها، وليست التي تثقل كاهله وتعين الدنيا عليه!!
27/5/1426
04/07/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/347)
يا لخسارة الأنوثة
مها الجريس
إنها العاطفة والأنوثة في كل شيء
لم لو تكن الأنثى تضجّ بالعاطفة لما استمالت إليها قلب رجل!!
ولو لم تكن أنوثتها منبعاً للحب والحنان غير المشروط لما ضمَّت إليها صدرها طفل!!
تلك العاطفة والأنوثة ينطق بها الجسد قبل الروح، وتلك هي فطرة الخالق - سبحانه وتعالى - وصبغته التي صبغنا بها نحن النساء ـ قال - سبحانه -: " أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ" سورة الزخرف آية 18، وقال: " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى" سورة آل عمران آية 36.
إنها العاطفة والأنوثة في كل شيء، ابتداء من ظاهر الجسد حتى أدقّ الخلايا!! ولهذا النداء العاطفي الجسدي الصارخ؛ أكرم الإسلام المرأة بالحجاب وصانها بالعفاف، وحرَّم عليها الخلوة بأجنبي، والسفر من غير محرم تركن إليه وتحتاج لغيرته ونخوته من غير خوف ولا ثمن!!
وحينما تمتلك المرأة قلباً ينبض بالحب والعاطفة، فإنَّ قدراً من ذلك يظهر على الجوارح والتصرفات، وأول ذلك صوتها الرخيم الناعم الذي يطرب القلوب بلا وتر!!
ولهذا حرَّم الإسلام عليها الخضوع بالقول خوفاً من طمع الذي في قلبه مرضٌ من الرجال، وثاني ذلك حركاتها ومشيتها والتي تضجّ بالأنوثة بفطرتها دون أدنى تزيين، والتي لا بدّ لها منها، فجاء النهي عن التبرج بالزينة عند الخروج: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"، وعن استثارة كوامن النفس ولفت الانتباه إلى ذلك السحر الأنثوي الرباني بزينة ولو خفية كرنَّة خلخال أو نسمة عطر فواح!
قال - تعالى -: "ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة".
وحينما حباها الخالق دفء المشاعر وحرارة العاطفة التي تسري في أوصالها، حرَّم عليها أن تمسّ بيدها يدَ أجنبي عنها بمصافحة أو غيره، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أصافح النساء"، وقال: "لأن يغمز في رأس أحدكم بمخيط خير له من أن تمسّ يده يد امرأة لا تحلّ له".
إذا تقرر ذلك، فلماذا تغضب الأنثى مما يحفظ عليها أنوثتها؟
أرأيت صاحب كنز يرميه في الطريق؟
أرأيته وقد أتوا له بحرز أمين ليس له مفتاح في الدنيا سوى ما معه فيرفضه ويضع كنزه على رف مكشوف!!
إنَّ أنوثتك هي كنزك الذي حباك الله إياه، واختارك له، فحافظي على ذلك الكنز أو دعيه، فلن يفرح به أو يحزن عليه إلا أنتِ، فأنتِ صاحبته والمستثمر الوحيد له!!
غير أني أهيب بك أن تكوني رقماً متسلسلاً في عالم الخسارات والتي فتحت أبوابها من كل الجهات، فتلك وهبت أنوثتها للاستهلاك، فخرجت متبرجة متعطرة في كل مكان..وتلك بذلت صوتها الجميل سلسلة جلادٍ في عذابات ليل العاشقين عبر محادثات محرَّمة..وثالثة أهدرت سحر عينيها عبر لثام أو نقاب ترمي به ذات اليمين وذات الشمال، ونسيت أنَّ حديث المحبين في دواوينهم يمكن أن يختزل كله في نظرة هي السهم الأول من سهام إبليس!!
إنها خسارات لا تضيف لك إلا مزيداً من الشقاء والتعاسة ومزيداً من رصيد السيئات، فكيف يمكن أن تصوني أنوثتك عن هذه الخسارات؟!
إنه المنهج الإلهي للعفاف عبر تلك الآيات، الذي هو أولاً وآخر: لكِ، لا عليك.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/348)
ضحايا التحرر والتغريب
مجدي إبراهيم محرم
يا قراء التاريخ 00 وقفة من أجل الحق
يا شباب الأمة 00 وقفة من أجل التأمل
يا دعاة التحرر والعقلانية وهدم الدين
إن المرأة لم تشكو إليكم ظلمها ولم تطلب منكم أن تحلوا قيدها وتفكوا أسرها. فلماذا هذا الفضول منكم؟!!!!
إنها لا تشكو شيئاً سوى إسفافكم ومضايقاتكم لها ووقوفكم في وجهها أينما حلت وحيثما سارت. ليتمتع كل منكم بما يرى من مفاتنها فكفوا أيديكم وألسنتكم عنها، وأوقفوا هذه الخدعة المكذوبة التي أسميتموها حرية المرأة وما هي إلا استعباد لها ووأد لأنوثتها
يقول القس البروتستانتي زويمر رئيس مؤتمر القدس التبشيري وهو يخطب بين مجموعة من المبشرين
( أيها الإخوان الأبطال والزملاء الذين كتب الله لهم الجهاد في سبيل المسيحية واستعمارها لبلاد المسلمين!!!!!!!!!! فأحاطتهم عناية الرب بالتوفيق الجليل المقدس(!!!!!!)
لقد أديتم الرسالة التي نيطت بكم أحسن الأداء، ووفقتم لها أسمى التوفيق، وإن كان يخيل إلي أنه مع إتمامكم العمل على أكمل الوجوه، لم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية منه.
إني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين، لقد كانوا كما قلتم أحد ثلاثة: إما صغير لم يكن له من أهله من يعرّفه ما هو الإسلام
أو رجل مستخف بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته، وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش
وآخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية. ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن هذا هداية لهم وتكريم، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها!!
وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به في خلال الأعوام السالفة خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه، وتهنئكم دول المسيحية والمسيحيون جميعاً كل التهنئة"
وأضاف قائلاً: "لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية!!!
(( لقد حرصوا أن يكون التعليم العلماني كالماء والهواء))
ونشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير والكنائس والجمعيات والمدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية والأمريكية
والفضل إليكم وحدكم أيها الزملاء أنكم أعددتم بوسائلكم جميع العقول في الممالك الإسلامية إلى قبول السير في الطريق الذي مهدتم له كل التمهيد"
"إنكم أعددتم نشئاً (في بلاد المسلمين) لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار المسيحي لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات. فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإن بنوا أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات يجود بكل شيء".
"إن مهمتكم تمت على أكمل الوجوه وانتهيتم إلى خير النتائج وباركتكم المسيحية، ورضي عنكم الاستعمار، فاستمروا في أداء رسالتكم فقد أصبحتم بفضل جهادكم المبارك موضوع بركات الرب" 0
فهل تأملتم خطاب زويمر
يا من تدعون الحداثة والعصرنة:
إنه على كل مسلم غيور على دينه أن يتأمل هذه العبارات جيدا جيداً، ولعل من أهمها قوله:
((..وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها))
أيها التنويريين ادعاءا وجهلا:
أيها الإقصائيين مع الإسلاميين لا تخدعونا بأكاذيبكم عن الحرية
ولا تزيفوا الحقائق بالفصل بين الدين والوطنية
فلا وطنية لمن لم يؤمن بالله
ولا قداسة لوطن لمن لا يقدس الله 0
أيها المغيبين العميان البصائر:
إنني في مقالي الماضي لم أهاجم هدي شعراوي في شخصها بالقدر الذي هاجمت فيها المنهج الذي تدعو إليه
أنا لم أحدثكم عن علاقات هدي شعراوي المشبوهة بعد وفاة زوجها والتي أرادت أن تشيع الفاحشة فانقلبت الدنيا عليها فتجرعت من نفس السم الذي أرادت أن تسقيه لغيرها فللجميع أن يتخيل أن هدي شعراوي هي سلالة نقية من نبت الشيطان ومن بيت العمالة
(فهدى شعراوي هي ابنة محمد باشا سلطان الذي قام بإبلاغ ديلسبس بخطة عرابي وأماكن تمركز قواته وهو الذي أشار إلى ديلسبس أن يعلن حيادية القناة وأنها لن تستخدم بواسطة الإنجليز لاحتلال مصر !! بل إنه نقل حوار مجلس الحرب في كفر الدوار وساعد في إقناع عرابي بالثقة في وعد الكلب الفرنسي ديلسبس !!
كما كان يرافق جيش الاحتلال الإنجليزي في زحفه على القاهرة ويدعو الأمة إلى استقباله وعدم مقاومته، ويهيب بها إلى تقديم كافة المساعدات المطلوبة له ليقوم بنفس الدور الذي قام به أبو رغال الذي أخذ بيد إبرهة إلى مجاهيل صحراء الجزيرة من أجل هدم الكعبة بمكة وبنفس الدور الذي به علاوي والخونة المتأمركين مع أمريكا لمعرفة مجاهل العراق والأمة العربية!!)
محمد باشا سلطان قد لعب دوراً هاماً في تدعيم موقف العناصر الخائنة في الثورة العربية
(وقد كتب عن ذلك الدور صلاح عيسي وهو رجل من أهلكم أيها العلمانيين في كتابه الثورة العرابية 0 (ص 424).)
لقد كان سلطان باشا أكبر مساعد للإنجليز على قومه بالرشوة مع أنه من أكبر الأغنياء
(وقد كتب عن ذلك، رشيد رضا في كتابه تاريخ الأستاذ الإمام الجزء الأول (ص 233). )
فكانت الرشوة اللعينة كانت تنساب في الظلام فتقتل بسمومها بعض الضباط؛ أمثال الخائن علي يوسف الذي أخلى الطريق للإنجليز عند التل الكبير وكان لمحمد سلطان باشا والد هدى شعراوي دورا كبيرا في ذلك (ومن يريد قراءة المزيد فليقرأ موسوعة التاريخ الإسلامي، د أحمد شلبي 5 / 474. )
وقد لعبت الخيانة أقذر أدوارها في هذه الفترة من الحرب: فإن الأميرالاي علي يوسف خنفس أثرت الرشاوي الإنجليزية في نفسه الضعيفة فجعل من نفسه جاسوساً للإنجليز داخل صفوف الجيش المصري الباسل
(الثورة العرابية، محمد المرشدي، ص 83. ))
وقد تزوجت هدي محمد سلطان من ابن عمتها علي بك شعراوي فقد كان زوجها من جماعة الوفد، وممن اختلفوا مع سعد زغلول في قضايا وطنية.
وكان من هذه الخلافات بينهما أن رجع من مؤتمر باريس إلى مصر احتجاجاً على بعض مواقف زغلول من القضية المصرية.
ومن هنا وجدنا السيدة هدى على خلاف يكاد يكون شبه دائم مع سعد زغلول ثأراً من سعد لموقفه من زوجها.
وتدعي هدى شعراوي في مذكراتها بأن المظاهرة النسائية عام 1919م بالإضافة إلى مجموعة من النساء القبطيات! كانت للتعبير عن رفضهن للاحتلال الإنجليزي إلا أن المظاهرة كان الهدف منها (الهتاف بالتحرر أو بالأحرى التحلل ونزع الحجاب)!!
(تفاصيل هذه المظاهرة في مذكرات قائدتها هدى شعراوي، ص187 وما بعدها وفي كتاب المرأة المصرية لدرية شفيق، ص119 وما بعدها وفي كتاب عودة الحجاب للشيخ محمد بن إسماعيل، 1/158. وانظر صور هذه المظاهرة في كتاب 50 عاماً على ثورة 1919م، ص197 (إصدار جريدة الأهرام). ))
وقد انطلقت مظاهرة نسائية من مقر (الجامعة الأمريكية!) عام 1951م بقيادة درية شفيق وبتحريض من (وزير الشؤون البريطانية)!
وتطالب هذة المظاهرة بأن تتخلى المرأة عن بيتها وتعلن عن خروجها على القيم والتقاليد بعد أن حصلت على بعض المكاسب !! وتعلن عن سفورها وإشتراكها في العملية السياسية
(تفاصيل هذه المظاهرة في كتاب قائدتها درية شفيق: المرأة المصرية، ص201 وما بعدها. وليعلم أن درية هذه ماتت منتحرة !! عام 1975م. )
وتعالوا أيها السادة نتأمل قصة درية شفيق داعية التحرر الثانية وحاملة راية هدي شعراوي
يقول مصطفي أمين الذي كان جارًا لها في كتابه ((شخصيات لا تنسى)) (ص 257 وما بعدها): صدرت جريدة "الأهرام" ذات صباح، وفي صدر الصفحة الأولى صورتان كبيرتان بعرض أربعة أعمدة بعنوان "قران سعيد"
ودهش القراء، فهذه أول مرة تنشر جريدة الأهرام صورة عروسين في الصفحة الأولى؟!! (حتى خبر زواج الملك فؤاد من الملكة نازلي نشرته جريدة الأهرام الوقورة في صفحة المحليات في داخل الجريدة)).
وتضاعفت دهشة القراء عندما قرأوا أن العريس هو الكاتب الشاب المحبوب أحمد الصاوي محمد، الذي يكتب باب "ما قلّ ودل" في الصفحة الأولى من الأهرام، وقد كان الصاوي يومئذ أحد نجوم الصحافة الموهوبين وكانت كتاباته وقصصه موضع إعجاب السيدات والآنسات فقد كان ينصر المرأة، ويؤيد تعليمها، ويحيي نجاحها في جميع الميادين، وكانت العروس هي الآنسة "درية شفيق" التي تحمل شهادة في الآداب والتي حصلت على (الليسانس) من جامعة السوربون في باريس، والتي تحدث المجتمع عن جمالها ونبوغتها.
ثم زاد ذهول القراء عندما قرءوا في النبأ أن حفلة عقد القران تمت في قصر السيدة "هدى شعراوي" زعيمة النهضة النسائية في مصر، وأن قيمة الصداق كانت خمسة وعشرين قرشاً مصرياً فقط !!!
وكان هذا الزواج هو زواج الموسم وخاصة أن بطليه كانا من أنصار المطالبة بحقوق المرأة، وتم عقد الزواج بسرية تامة، ولم يتسرب النبأ أو الإشاعة إلى جريدة أو مجلة، وانفردت الأهرام وحدها بنشر الخبر الخطير.
ولكن الزواج الذي أحدث ضجة كبرى لم يستمر، بل حدث الطلاق قبل الزفاف
فقد كان أحمد الصاوي أوروبياً من الخارج وصعيدياً من الداخل (يعني مسلمًا!!)، ولد في مدينة أسوان وتعلم في باريس، فهو متحرر في كتابته ومحافظ في بيته ((الكاتب أحمد الصاوي محمد قام بترجمة عدة كتب سلبت لب الشباب بينها روايتين لأناتول فرانس الحاصل على جائزة نوبل في الأدب هما تاييس والزنبقة الحمراء وقد قال الأخيرة طه حسين أنك لتقرأها فتجد فيها لذة إلهية لا تظفر بمثلها إلا حين تقرأ لصاحبه أفلاطون!!! وقد قامت بطباعة هاتين الروايتين دار الكاتب اليهودية التي كان طه حسين مشرفا عليها))
نعود إلى درية شفيق وحكايتها
كانت درية شفيق متأثرة بدراستها في السوربون، تطالب للمرأة المصرية بكل حقوق المرأة الفرنسية، تريدها ناخبة ونائبة ووزيرة، وكان الصاوي لا يمانع أن تكون كل امرأة في مصر وزيرة وسفيرة ما عدا زوجته هو فإن مكانها في البيت !! فتم الطلاق وعندما تزوج أحمد الصاوي محمد بعد ذلك بأكثر من عشر سنوات رفض أن تُنشر صورة زوجته في الصحف، ولم تظهر حتى الآن صورة زوجة الصاوي الثانية على صفحات الصحف، بينما مضى على زواجهما أكثر من خمسة وثلاثين عاماً!!
يقول مصطفي أمين: وعاشت درية شفيق في وحدتها
أنصارها تخلوا عنها000صديقاتها انقطعن عن زيارتها000 والصحف منعت من ذكر اسمها حتى وهي تذكر القرار بمنح المرأة المصرية حق الانتخاب ودخول نائبات في البرلمان وتعيين وزيرة في الوزارة، نسي الناس اقتحامها البرلمان سنة 1951 مطالبة بحق المرأة في الانتخاب، ونسوا أنها فقدت حريتها وصحفها وما لها وزوجها لأنها طالبت بمزيد من التحرر للمرأة.
وبقيت درية شفيق شبه مسجونة في شقتها في الدور السادس بعمارة وديع سعد طوال 18 عاماً، لا تزور أحداً ولا يزورها أحد !!
سوكنتُ أراها من وقت لآخر في مصعد العمارة لأنها كانت جارتي- بلا زينة ولا طلاء، في فستان قديم، وقد كانت قبل ذلك ملكة للجمال وملكة للأناقة، وجهها شاحب، عيناها تبكيان بلا دموع، شفتاها ترتعشان بلا نطق، قلبها ينزف بلا دم، روحها تصرخ بلا صوت، كانت هذه المرأة أشبه بالشيخ، امرأة ميتة تمشي خرساء برغمها...
وبعد ظهر يوم 20 سبتمبر 1975م عدتُ إلى بيتي بعد أن تناولت الغداء في أحد الفنادق، وفي ردهة العمارة رأيت جمعاً من الناس يلتف حول ملاءة بيضاء، وسألت: ماذا حدث؟
قالوا: إن سيدة ألقت بنفسها من شرفة الطابق السادس.
ورفعتُ الملاءة البيضاء ووجدت جثة جارتي "درية شفيق!!!
انتهى كلام مصطفى أمين
وفيه عبرة وموعظة لما يعيشه هؤلاء من تناقض وصراع نفسي بين ما يعرفونه من دين الإسلام، وبين ما يشتهونه... قد يؤدي ببعضهم إلى (الانتحار) - عياذًا بالله (يذكر البعض أن قاسم أمين نفسه قد انتحر أيضًا ). أسأل الله أن يتوفانا مسلمين، وأن يجنبنا حال دعاة التحلل الفساد.
يا دعاة التحرر من الدين والتغريب:
لقد قالت (مارلين مونرو) إحدى أشهر ممثلات هوليود إني أتعس امرأة على هذه الأرض... لم أستطع أن أكون أُمّاً... إني امرأة أُفَضِّل البيت !!.. لقد ظَلَمَنِي كل الناس وإن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نَالَتْ من المجد والشهرة الزائفة. ( وقد وُجِدَ ذلك القول في رسالة لها بعدما انتحرت!!!)) إن البيت والزوج والأولاد يكفلون غالباً للمرأة حياة كريمة، فهي زوج مصون، وأمّ حانية، وربّة بيت غالية، فأينما ذَهَبَتْ وَجَدَتْ تلك الحفاوة. بينما هي على الجانب الآخر عاهرة ساقطة، ومتمّمة لعدد البغايا، ومُحْيية لسوق الليل في عنفوان شبابها، وإذا ما ذهبت نَضارة وجهها، وكبر سنّها، ورقّ عظمها، فهي غير مقبولة إلا لدى بعض دور العجزة لا يشمها أحد بالمنطق المادي التحرري الرخيص ! فهي لم تَعُد صالحة للاستهلاك الآدمي!! ولم يكن بمقدورها أن تأكل بثدييها !!
يا دعاة التحرر من الدين والتغريب: لقد قال الفيلسوف (( برتراند رسل)) : إن الأُسْرَة انحلّت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرّد على تقاليد الأخلاق المألوفة، وتأبى أن تظلّ أمينة لرجل واحد إذا تحرّرت اقتصادياً!!
(هذا هو كلام برتراند رسل وهو لا يعلم كيف يصون الإسلام ويكفل الذمة المالية للمرأة ويعطي لها حق التملك والتصرف من خلال منظومة إلهية عظيمة تكفل للأسرة الصون والعفاف 0)
ولقد قال الفيلسوف الألماني " شوبنهور ": اتركوا للمرأة حُريّتها المُطْلَقَة كاملة بدون رقيب، ثم قابلوني بعد عام !! لِتَرَوا النّتيجة، ولا تنسوا أنكم سَتَرْثُون معي للفضيلة والعِفّة والأدب، وإذا ما مِتّ فقولوا: أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة. ( وشوبنهور لا يعلم أن هناك أمهات مسلمات مات أزواجهن وكانوا يمتلكون الحرية الكاملة لكن العفاف كان زينة لهن والكمال كان تاج على رؤوسهن لأن الإسلام كان هو المرجع في التربية والإيمان هو المنهج في السلوك)
وتروي الممثلة الفرنسية الشهيرة " بريجيت باردو " التي عاشت حياة اللهو والغفلة على حساب جسدها وجمالها فتقول: (لقد علمتني التجربة أن ألف رسالة تأييد وإعجاب لا تساوي ذراع رجل يحيطني ويشعرني بالأمن والأمان، فقد كنت كثيرة الغنى وكثيرة الشهرة والمغامرات، وأنا الآن كثيرة التعاسة ومن أجل هذا ابتعدت عن الناس وسأعمل على أن أعيش بهدوء بعيدة عن عيون الكاميرا والصحافة فأنا لا أشعر أبداً بالحنين للعودة إلى السينما وتعترف بأنها فشلت في حياتها، وتقول: معارفي كثيرون، أما أصدقائي فهم يعدون على الأصابع حتى ابنها تقول عنه لم أهتم به عندما كان صغيراً، لذلك لا أتوقع منه أن يهتم بي وأنا كبيرة )
أما عن استغلال جسد المرأة في صالات عرض الأزياء
فتقول عارضة الأزياء الفرنسية فابيان التي أعلنت إسلامها
(كان الطريق أمامي سهل أو هكذا بدا لي فسرعان ما ذقت طعم الشهرة وغمرتني الهدايا الثمينة التي لم أكن أحلم بها ولكن الثمن كان غالياً، فقد كان شرط النجاح والتألق أن أفقد حساسيتي وشعوري وأتخلى عن حيائي الذي تربيت بداخله، وأفقد ذكائي ولا أحاول فهم أي شيء غير حركات جسدي وإيقاعات الموسيقى. كما كان عليَّ أن أحرم من جميع المأكولات اللذيذة وأعيش على الفيتامينات والمقويات. إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم مهمته العبث بالقلوب والعقول. فكنت جماداً يتحرك ويبتسم، ولكنه لا يشعر فكلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها، زاد قدرها في هذا العالم القاسي البارد. أما إذا خالفت أياً من تعاليم دور الأزياء فإنها تعرض نفسها لألوان العقوبات التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسمي معاً، وعشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء. ولم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي بينما كنت أشعر باحتقار الناظرين لي شخصياً واحترامهم لما أرتديه فقط )
هذا ما قالته عارضة الأزياء فابيان بعد إسلامها وفرارها من جحيم بيوت الأزياء اللعينة
فأي عبودية أقسى وأظلم من فقدان المرأة لإنسانيتها؟ واستعبادها ليداس عرضها وتسحق كرامتها ويدفن حياؤها في مستنقع الرذيلة.
وأنتن يا نساء الأمة:
ارجعن إلى حصن الأسرة واجعلن منه قلعة حصينة صامدة في وجه دعاة التحرر والتغريب، ومن على منابر الجمعيات النسائية، وعبر المنظمات والحركات النسائية المختلفة اهتفن وبصوتٍ عالٍ ، لترجع المرأة المسلمة إلى مملكتها متربعة على عرشها، تسعى إلى إسعاد زوجها تؤنسه فتغمره بودها وحبها فتكون سكنه وراحته وقرة عينه، لتعيد لنفسها أحاسيسها ومشاعرها الملتهبة التي تدعوها لحضن أبنائها صغاراً وكباراً، فتسهر على راحتهم وتحيطهم بعطفها وحبها الذي لا ينتهي.
نريد مجتمعاً تسوده الأخلاق السامية والقيم العظيمة، من الصدق والأمانة، وحب التضحية والشجاعة، والمروءة والكرم، والإخلاص والوفاء، والعفو والتسامح. مجتمع تحكمه الفضائل والمثل العليا، يدافع عن الأخلاق ويحرسها، لأن الأخلاق هي الحارس الأول للتشريع والعقيدة
نريد المجتمع المسلم
الرجل فيه، أب حاني، رحيم القلب عطوف، يحمل بين جوانحه عاطفة جياشة يغمر بها أبنائه صغاراً وكباراً، يحمل عقلاً نيراً وفكراً ثاقباً، يدبر الأمور بحكمة بالغة، فيكون لأبنائه المشعل الذي يضيىء لهم الطريق ليسيروا على هداه، إذا ما اشتدت الكروب وادلهمت الخطوب.
نريد المجتمع المسلم
الرجل فيه، زوج رفيق بزوجته، يحيطها بعطفه وحنانه، حامياً لها، يدفع عنها الظلم والضيم، فيعطيها الثقة والأمن والأمان، يحسن معاشرتها و يعينها على حمل أعباء الحياة الزوجية حتى يستكمل بناء الأسرة المسلمة فتكون قوية راسخة كالجبال، صامدة ثابتة في وجه العواصف والرياح العاتية، ليستعصي على أعداء الإسلام زعزعة بناء المجتمع المسلم.
أما الشباب في المجتمع المسلم فنريده جيلاً ممميزاً بصفاته الإيمانية والأخلاقية. ينتسب للإسلام ويحتكم إليه، ويتخذه دستوراً ومنهاجاً. مؤمناً بقول الله - تعالى - (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
أما المرأة في المجتمع المسلم فنريدها:
أماً قوية الإيمان والعقيدة، رابطة الجأش قوية الجنان ( تتخذ من الخنساء أسوة لها )
حينما جمعت أبنائها الأربعة في معركة القادسية وحثتهم على الجهاد بقولها: ( اعلموا أن الحياة الدنيا فانية وأن الآخرة خير وأبقى (فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) ولما وافاها خبر استشهادهم لم تزد على أن قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتهلم في سبيل الله وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته )
نريدها، أماً فاضلة مربية لأولادها وفق كتاب الله وسنة رسوله حتى تخرج لنا جيلاً من المؤمنين الصالحين الفاتحين، أمثال سعد، وخالد، وطارق.
نريدها يا سادتي الكرام أختاً صابرة قوية الشكيمة، لا تنهزم أمام المصائب، جريئة شجاعة، مثل شجاعة (خولة بنت الأزور) (عندما أسر أخوها ضرار في معركة أجنادين) حيث سار خالد بن الوليد بنفسه لاستنقاذه فبينما هو في الطريق إذا بفارس ملثم يشق الطريق ولا يلوي على ما وراءه، حتى أدرك جند الروم فحمل عليهم فقتل منهم رجالاً وهزم أبطالاً، ووقف المسلمون يناشدون الفارس ذكر اسمه، وناشده خالد قائد المسلمين فقال: (أيها الأمير إني لم أعرض عنك إلا حياء منك، لأنك أمير جليل، وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور، وإنما حملني على ذلك أني محرقة الكبد زائدة الكمد فقال خالد: من أنت؟ قالت: خولة بنت الأزور، كنت مع نساء قومي فجاءني خبر أسر أخي فركبت فرسي وفعلت ما فعلت. وهنا صاح خالد وقال: نحمل بأجمعنا ونرجو من الله أن نصل إلى أخيك فنفكه)
نريد الفتاة في المجتمع المسلم معتزة بعقيدتها متحررة بفكرها، غير تابعة لدعاة السفور بمظهرها أو تصرفاتها، تنظر إليهم من علياء الإيمان و الهداية، وكلها إيمان وثقة أنها على الحق الذي لا يهزم، عطرها الإيمان بالله - تعالى -، ورأس مالها حياؤها وخلقها الحسن، معتزة بجلبابها وسترها
يا سادتي الكرام:
نريدها زوجة مطيعة متوددة لزوجها، تبقى إلى جانبه تؤنسه بحديثها تغرس التقوى في قلبه، وتكون له سنداً في الحياة، فتعطيه قبل أن تأخذ منه، وتكون له الشجرة الوارفة الظلال التي يسير تحت ظلالها بكل ثقة وإقدام، ويعيش معها بهدوء واستقرار لينام قرير العين هانيها.
نريد المرأة داعية لله تعمل لإقامة شرع الله في الأرض فإن كانت معلمة زرعت العقيدة والإيمان في نفوس طالباتها، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في مدرستها تصدع بالحق مهما كانت العوائق التي تعترضها
و تنشر أشرعة الخير حيثما حلت، وتبث الوعي في أوساط النساء، فتذكرهن بطاعة الله - سبحانه وتعالى -، وباليوم الآخر بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى وتحذر الجيل الناشئ من مغبة الوقوع ضحية المؤامرات الحاقدة على الإسلام والمسلمين.
( نريد المرأة المسلمة التي تعي ما يدور حولها من أحداث اجتماعية وسياسية واقتصادية فإن واقعنا المعاصر يحتاج إلى النساء الحصيفات الواعيات المدركات لعواقب الأمور في جميع نواحي الحياة، وذلك عن طريق تحصيلها العلمي الديني والدنيوي الذي لا بد منه لتكون عنصراً فعالاً في بناء المجتمع المسلم، لتضاهي المرأة المسلمة بدورها ومكانتها نساء الأمم الأخرى)
حينئذ تستطيع المرأة أن تقف في مواجهة الحركات النسائية العالمية التي تدعو إلى التحرر من الدين والقيم والأخلاق.
وسوف تأخذ زمام المبادرة منهن لقيادة المجتمع النسائي في الحياة المعاصرة إلى نور الإسلام الذي هو الحل لمشكلات البشرية في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية وسيكون الإسلام هو المنقذ للنفس الإنسانية من براثن الفوضى الأخلاقية التي ذاقت البشرية على يديها الويل والثبور والهلاك.
يا كل الرجال المسلمين
ويا كل النساء المسلمات
أنتم لبنة هذا الوطن وبكم يعلو البنيان ليكون صرحا عظيما شامخا
فكونوا على حمل الأمانة أقدر وكونوا على مواجهة التغريب والفساد أعظم وكونوا من أجل الحق وبالحق أفضل حتي نحقق جميعا الحتمية القرآنية والتي هي آتية لا محالة
(((82/349)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))
http://al-shaab.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/350)
من أوراق زوجة مضطهدة
سلام نجم الدين الشرابي
زوجي الحبيب:
سهم أصاب قلبي حين دخلت الغرفة وفتحت الخزانة لأتناول محفظتي فوجدتها مفتوحة وما فيها قد فقد.
لا أخفيك حينها أني صدمت وتمنيت لو أن المال قد سرق من أن تكون أنت من أخذته، وجمني الخجل في أن أخبرك بامتعاضي فسألتك بحياء افتقدته أنت؛ هل أنت من أخذت المال فزدت خجلي بإجابتك " وهل هناك فرق بيننا؟! "
سبقت مشاعري لك استغرابي منك وأجبتك لا..وكنت آمل أن يأتي الشهر القادم فلا يحصل الأمر ذاته لكنك خيبت أملي لمرات ومرات.
كان علي أن أعرف منذ أتيت لخطبتي أنك لم تكن تبحث عن زوجة تسكن إليها، عن أم لأطفالك، إنما عن مصدر مال يصلك كل آخر شهر من غير جهد أو تعب منك.
لم تحرص حينها على التعرف إلي، إلى أفكاري، طباعي، كان كافياً بالنسبة لك إرسال أختك إلى المدرسة التي أعمل بها للاطمئنان على مستقبلي الوظيفي وراتبي الشهري. ولم يكن مستغرباً بعدها أن تصرخ في وجهي رافضاً رغبتي بالاستقالة من العمل الذي أتعبني مع مسؤولياتي كزوجة وأم.
زوجي الحبيب:
أنا لا أنكر أن الحياة تصبح أجمل والعلاقة تغدو أعمق عندما يكمل أحدنا الآخر فلا فرق بيننا، لكنك تنكر علي حقي في تعبٍ وجهدٍ أبذله طيلة شهر كامل يصل ثمنه إلى جيبك في ثانية واحدة.
لعلك لم تفكر في تلك المرأة التي تنتظر ثمن جهدها لتستمتع به، تشتري ما ترغب به.. فلا يخفى عليك أن هواية المرأة في الشراء تفوق رغبة وقدرة الرجل عليها لكن الأمر يجب أن يختلف عند الرجل عندما يكون لزوجته عمل وراتب تتقاضاه عن جدارة فلها الحق حينها في أن تفعل به ما تشاء حتى وإن رمته في البحر.
قال المنادون بتحرر المرأة إن العمل يعطي المرأة استقلالاً اقتصادياً، وأرى من خلال تجربتي وتجربة نساء كثيرات غيري أن كلامهم ليس إلا كذبة كبيرة وأننا عدنا إلى عصر الاستعباد نسخر ونساق للعمل لنسلم راتبنا آخر الشهر إلى أسيادنا.
وأياً كانت العبارات أو التسميات التي يخفي خلفها الرجال سطوهم على ما هو من غير حقهم فالنتيجة واحدة ولعلك نسيت وأنت تأخذ مالي قول رسول الله (لا يحل مال مسلم إلا بطيب نفس منه) فانظر إلى مالي الحلال الذي يغدو حراماً عندما تأخذه مني بهذه الطريقة.
أنا لا أنكر أن على المرأة أن تساعد زوجها وتقف إلى جانبه إن اقتضى الأمر، لكن ألا يصبح ذلك فرضاً وواجباً عليها لا تجد منه مهرباً، ودعني أهمس في أذنك شيئاً كتمته عنك لمدة طويلة إن المرأة تحترم الرجل الذي ينفق عليها لا الذي يعيش على (قفاها) كما يقول إخواننا المصريون.
زوجتك المضطهدة
15-ربيع ثاني-1426 هـ
23-مايو-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/351)
الاكتئاب يطارد المرأة .. !!
رباب الحسيني
الاكتئاب مرض العصر القاتل الذي تعاني منه المرأة، فكثيراً ماتشتكي السيدات من مشاعر الخوف والتوتر والحزن والملل ممن حولهن، وربما ترتبط هذه المشاعر عند المرأة ببعض الآلام الجسدية في المعدة والرأس، ويفشل الكثيرون في معرفة السبب.. لكن الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن الاكتئاب هو السبب فهو يؤثر على كل أجهزة الجسم!.. حول الاكتئاب وتأثيره على المرأة استطلعنا رأى علماء الإسلام وأساتذة علم النفس والأطباء لمواجهة هذا المرض القاتل
العلاج بالطاعات
يقول الدكتور يحيى إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر: إن المرأة ممكن جداً أن تُصاب بالاكتئاب عندما تغفل عن ذكر الله - سبحانه وتعالى - والتفكر في نعمه الكثيرة التي أنعم بها عليها.
خاصة وأن الاكتئاب يصيب المرأة عند تعرضها لضيق أو صدمة نفسية تجاه أمر من الأمور الحياتية التي تتعرض له على مدار اليوم والليلة.
ويحذر الدكتور يحيى من التهاون والتخاذل أمام مواجهة أسباب الإصابة بالاكتئاب فإنه يؤدي إلى هلاك النفس، ومن ثم الانتحار؛ لأن الاكتئاب مرض لعين.
ويشير الدكتور يحيى إسماعيل إلى أن على الرجل أن يلعب دوراً مهماً في مساعدة المرأة المسلمة المصابة بالاكتئاب سواء كانت زوجته أو أخته أو ابنته في أن يذهب بها إلى الطبيب المختص ليبدأ رحلة العلاج سريعاً.
فالمرأة المكتئبة عموماً إذا وجدت من تثق فيه فإن هذا أول درجة في سلم العلاج والخلاص من هذا المرض.
وعلى المرأة المسلمة ألاّ تيأس من رحمة الله فهي إنسانة مؤمنة بربها وكما نعلم جميعاً أن الإيمان يزيد وينقص، فهو مثل السائل في الشجرة إذا زاد أثمرت الشجرة واخضر ورقها، وإذا نقص يبست وتساقط ورقها.
وفي حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله".
وفي حديث آخر يقول: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما ولاه وعالماً ومتعلّماً".
وعلى هذا ينصح الدكتور يحيى إسماعيل المرأة المسلمة بعدة أمور:
- الإكثار من ذكر الله.
- الاشتغال بالعلم.
- الاهتمام بأمر المسلمين.
- المحافظة على الورد القرآني اليومي للتلاوة والحفظ.
وهذا يحصّن النفس ويطهّرها من هذا المرض اللعين.
اختفاء دور المؤسسات الإسلامية
بينما يؤكد الدكتور محمد حسن أستاذ الصحة النفسية أن الاكتئاب عند السيدات والفتيات مرض يعبر عن حالة مزاجية منخفضة يصاحبها الإحساس بالضيق وفقدان الاهتمام بكل شيء، وقد يكون السبب في الإصابة بالاكتئاب بيولوجياً أو نفسياً، وبالنسبة للسبب البيولوجي فيتركز في حدوث خلل في المواد الكيمائية الموجودة بالمخ؛ مما ينتج عنه اضطراب في تركيز بعض الموصلات العصبية في خلايا المخ مثل السيلاتيونين والدبونايين والأدرينالين.
ويضيف الدكتور حسن من خلال العديد من الدراسات الحديثة أكد العلماء أن معدل الاكتئاب في ازدياد على المستوى العالمي، وبالنسبة للمستوى المحلي نجد أن العوامل المسببة للاكتئاب لم تتغير، لكن المشكلة اختفاء دور المؤسسات الإسلامية والاجتماعية التي كانت تساعد المرأة المسلمة على التخلص من مشاعر الاكتئاب واختفاء دور الأسرة والجيران والأصدقاء؛ فالحياة العصرية البعيدة عن العلاقات الإسلامية جعلت حياتنا الاجتماعية تتقلص تدريجياً مما يجعلنا جميعاً عرضه للإصابة بالاكتئاب، وإن الاكتئاب لا وجود له في ظل الإسلام وطاعة الله، ولذلك نوصي كل مسلمة تتعرض للاكتئاب بالتزود بالطاعات والتقرب إلى الله ومصاحبة أهل الخير والصلاح.
سقوط الشعر
وحول رأي الطب في هذا المرض الذي يصيب السيدات والفتيات يؤكد الدكتور هاني الناظر أستاذ الأمراض الجلدية قائلاً: 70 % من الأمراض الجلدية تعود لأسباب نفسية، ومن هنا كان التعامل مع المشكلات النفسية داخل عيادة الأمراض الجلدية أمراً مهماً جداً؛ فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الحزن والاكتئاب يؤديان إلى حالة شد عصبي تسبب بدورها بعض الأمراض الجلدية.
وظهر لنا أن الأطفال الصغار الذين يتعرضون لضغوط نفسية وخوف من الخيالات أكثر إصابة بمرض الثعلبة غير المعدي عن غيرهم. فنتيجة للتوتر الشديد نجد في الرأس مساحات دائرية بيضاء خالية من الشعر ومع ظهورها تزيد صعوبة العلاج حتى يعود الشعر لوضعه الطبيعي.
ويظهر تأثير الاكتئاب الواضح على الشعر لدى الفتيات؛ إذ يعانين من ظاهرة سقوط الشعر بعد فشل أي تجربة زواج أو خطبة أو التعرض لأي صدمة نفسية.
كذلك أكدت الدراسات أن حب الشباب يبدأ في الظهور مع سن المراهقة "14 سنة فيما فوق" نتيجة لتحول الشاب من الطفولة إلى البلوغ؛ إذ يشعر أن العالم من حوله يتغير ولا يستطيع استيعابه، وتزداد حساسيته تجاه كل ما يحدث، وتبدأ المشاعر العاطفية في الظهور بما يصاحبها من توتر وقلق يؤديان إلى زيادة الحبوب في الوجه مما يسبب ألماً نفسياً.
ويضيف الدكتور الناظر إن تعرّض الإنسان للقلق والحزن لفترات طويلة يصيبه بالإكزيما العصبية؛ حيث تظهر على هيئة مساحة حمراء مع حكة تظهر في منطقة الفخذ وظهر اليدين وخلف الرأس. وبزوال حالة التوتر تختفي الأعراض المرضية تماماً.
التوتر يؤخرالحمل
أما الدكتور زكي ندا استشاري أمراض النساء والتوليد فيقول الاكتئاب يسبب العديد من المشكلات لأي امرأة، وكطبيب أمراض نساء تعاملت معه في حالات كثيرة؛ إذ تُصاب به المتزوجات حديثاً إذا لم يحدث حمل بعد ثلاثة أو أربعة أشهر بعد الزواج، وتزداد حدته في الأحياء الشعبية، وتأتي لي السيدة وهي في حالة نفسية شديدة السوء، وبعد الكشف عليها والتأكد من عدم وجود موانع أنصحها بالتريثـ وأتحدث مع الزوج ليساعدها في الخروج من حالة الاكتئاب، لأن التوتر يؤثر على الغدة النخامية، التي تؤثر بدورها على عمل المبايض مما يؤخر الحمل بسبب القلق، ونحاول في هذه المرحلة عدم إعطاء المرأة أي أدوية حتى الفيتامينات حتى لا يزداد بداخلها الشك في أن لديها مشكلة تمنع حدوث الحمل.
وفي 95 % من الحالات يحدث الحمل بدون علاج لكن بعد أن تبتعد عن مسببات التوتر والاكتئاب.
16/5/1426
23/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/352)
المرأة واجتماعات جمعية حقوق الإنسان
جميل اللويحق
أرجو في البداية أن لا يفهم الأخوة الكرام في جمعية حقوق الإنسان الوليدة من الكلمات الآتية أكثر من مجرد التساؤل المشروع، من متابع لما ينشر من الجمعية وما يرشح من أخبارها من هنا وهناك، ولأن الحديث عن صلب عمل الجمعية وما حققته من انجازات - وقد قاربت على نهاية عامها الأول أو قد ودعته - يفتقر إلى المعلومات الموثقة التي تمنح الكاتب قدرة على النقد أو الثناء ولا تتجاوز التصريحات المجملة التي تصدر عن إدارة الجمعية أو بعض أعضائها؛ فضلاً عما تمتلئ به الصحف كل يوم من قضايا متنوعة اتجه أصحابها إلى مقام الجمعية الموقرة للوقوف معهم، ثم لا ندري بعد ذلك ماذا جرى!!
بعيداً عن ذلك وإن كان هو جوهر الموضوع والى حين توفر معلومات كافية فسأكتفي بالإشارة متسائلاً عن مسلك الجمعية، بما يتهامس به بعض المتابعين لأنشطتها في عقد بعض اجتماعات أعضائها بطريقة مختلطة، يحضر فيها الأعضاء والعضوات جنباً إلى جنب، في مكان واحد، وعلى طاولة واحدة، وأنا اعلم بالطبع أن الجميع - نساء ورجالاً - من الفضلاء الكرام، وليس ثمة شك أو طعن في غيرتهم ودينهم.
وعلى افتراض صحة ما يتم التهامس فيه فقد انقدح في ذهني أن الأمر ربما كان رسالة ضمنية من الجمعية لجهة حق من حقوق المرأة تعتقد الجمعية إهداره وهو حقها في مشاركة الرجل طاولة الاجتماعات الدائرية المملوءة بالورود، وأن المجتمع بثوابته الشرعية، واختياره الفقهي، وسلوك قيادته في الجهات كلها، وذات العلاقة بالمرأة كالتعليم على وجه خاص قد أهدر هذا الحق للمرأة.
لست أدري لماذا لم تسلك الجمعية في هذه القضية ذات الدلالة ذلك الطريق الذي ارتضاه عموم المجتمع، ولم ير فيه إلا الالتزام بالضوابط الشرعية، والقيم المرعية، ولم ير فيه إلا اتساقاً مع خصوصية هذا المجتمع وطبيعته..وهل من المؤثر على عمل الجمعية أن تجري تلك الاجتماعات بالصورة التي تجري في دوائر القرار في التعليم، أو جلسات ولقاءات مركز الحوار الوطني أو غيرها؟
وأرجو أن لا يهوّن الأخوة في الجمعية من رمزية هذا الأمر الذي يدور سجال ساخن في بعض صوره بين أغلبية المجتمع وبين بعض أفراده، وان كان قد أخذ شكلاً أو صورة مختلفة عن المثال الذي نتحدث عنه ثم إن هذه الجمعية - بتركيبتها المتنوعة وبصفتها الاعتبارية - تمارس انحيازاً واضحاً في قضية مجتمعية كبيرة إن استمرت على هذا المسلك أو اعتمدته نموذجاً وليس من حقها ذلك، أما أفرادها فلكل منهم خياره الخاص.
أتمنى أن أسمع من الأخوة في إدارة الجمعية إيضاحاً في هذا الخصوص وأن لا يهدروا حق المجتمع من ممارسة حقه الطبيعي في نقده لعمل وحركة جمعية حقوق الإنسان التي قامت ابتداء لحفظ هذا الحق حينما يقع الخلل، والجمعية بين أن تنفي هذا الأمر وهي محل التصديق، وبين أن تقر به، وحينئذ فإننا نطالبها بالتحليل والتدليل وعليها أن تقبل نقاشاً واسعاً ومفتوحاً حول هذا الأمر.
http://islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/353)
المرأة المسلمة .. والنشاط السياسي !
عدنان علي رضا النحوي
للمرأة قضايا تثار في كلِّ مجتمع مضطرب الموازين منحرف القيم أو جاهليٍّ أو ملحدٍ، كان للمرأة قضيّة في العصر الجاهليّ في الجزيرة العربيَّة، وفي اليونان، وفي روما في عصور الانحلال والتفلّت. ولها قضيّة كُبْرى في الحضارة الغربيّة التي سحقت المرأة وسرقت شرفها، وحطّمت كرامتها ورمتها في فتنة الدنيا ووحول فسادها، مخدّرة لا تُحسُّ بحقيقة شقائها، خدّرتها الشهوة المتفلَّتة، أو الجري اللاهث وراء لقمة العيش، أو زهوة المراكز والمناصب والمسؤوليات.
ولكن لم يكن للمرأة مشكلة في عصر النبوة الخاتمة، ولا في عصر الخلفاء الراشدين، ولا في أيّ عصر ساد فيه حكم الكتاب والسنَّة وكانت كلمة الله فيه هي العليا.
ولكننا اليوم نعاني من هذه القضيَّة، قضيّة المرأة بعامة ومشاركتها في العمل السياسي بخاصة في الآونة الأخيرة، ونرى البعض يطلق مثل هذا الحكم:
" الإسلام لم يُفَرِّق بين المرأة والرجل في ممارسة الحقوق السياسية فهما على قدم سواء".
حكم عام يُطلق يكاد يوحي بأنه مستقى من نصّ من الكتاب والسنة، أو أنه يمثل ممارسة واضحة في التاريخ الإسلامي منذ عهد النبوّة.
إِنّ هذا النصّ العام المطلق على هذه الصورة الجازمة والتي يطلقها بعض العلماء المعاصرين دون أي قيود، لا تصحّ إلا بتوافر نصّ ثابت من الكتاب والسنة، أو بتوافر ممارسة واقعية ممتدّة في المجتمع الإسلامي الملتزم بالكتاب والسنة، والذي تكون فيه كلمة الله هي العليا. ولكننا لا نجد في الكتاب والسنّة أيّ نصّ يجيز هذا الحكم العام المطلق الخالي من أي قيود، ولا نجد كذلك أيّ ممارسة عمليّة ممتدّة له في حياة المسلمين والمجتمع الإسلامي الملتزم منذ عهد النبوة الخاتمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وحياة الخلفاء الراشدين، وسائر فترات التاريخ التي التزم فيها المجتمعُ الإسلامَ. نساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يمارسن النشاط السياسيّ مساويات للرجال على قدم سواء، ولا نساء الخلفاء الراشدين، ولا نساء العصور التي تلت، ولا نجد هذه الدعوة التي يطلقها بعض العلماء إلا في العصور الحديثة المتأخرة التي انحسر فيها تطبيق الإسلام، وغزا الفكر الغربي ديار المسلمين.
وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكا إلى زوجه أم سلمة ما حدث من أصحابه في الحديبية، فأشارت عليه برأيٍ استحسنه وأخذ به، فهذه حالة طبيعية في جوّ الأسرة المسلمة أن يُفرغ الرجل إلى زوجته بعض همومه، وأن يستشيرها في ذلك، وأن يستمع إلى رأيها، فإن وجد فيه خيراً أخذ به، وإن لم يجدْ تركه. هذه حادثة نتعلم منها أدب الحياة الزوجيّة في الإسلام، ونتأسَّى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونسائه في ذلك، دون أن نعتبر ذلك نشاطاً سياسياً لنخرج منها بحكم عام مطلق ينطبق على جميع النساء في جميع العصور والأماكن في النشاط السياسي.
وأم سلمة بعد ذلك لم يُعرَف عنها أنها شاركت في النشاط السياسيّ مساوية للرجال على قدم سواء، وكذلك سائر النساء لم يُعرف عنهن هذه المشاركة المساوية للرجال في المجتمع المسلم. فهذه حادثة تكاد تكون فريدة لا تصلح لإطلاق حكم عام.
وحين أنزل الله - سبحانه وتعالى - على عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قوله:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 28- 29].
لم يكن الأمر أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - يتطلّعن إلى الزينة والحليّ والمتع الدنيوية، كما هو حال نساء الملوك والرؤساء حسب ما ذكر بعضهم. لقد كنّ يدركن وهن في مدرسة النبوة أن الإسلام نهج آخر، ولكن حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان فيها شدة وتقشف وزهد لم يكن في سائر بيوت المؤمنين، فأردن المساواة مع مستوى غيرهنّ من المؤمنات، لا مستوى الملوك والرؤساء.
وعندما ندرس هذه الآيات وما يتعلّق بنساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنما ندرسه ليس من منطلق الرغبات الدنيوية الظاهرة في حياة الملوك، وإنما ندرسه منطلقين من القاعدة الرئيسة التي نصّ عليها القرآن الكريم من أنهنّ أُمهات المؤمنين، لهن هذه الحرمة والمنزلة العظيمة. فجاءت هذه الآيات الكريمة لتذكّر المسلمين ونساء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والنساء المؤمنات بعامة أن هناك نهجين مختلفين للحياة في ميزان الإسلام: نهج الدار الآخرة وما يشمله من قواعد وأسس ونظام، ونهج الدنيا وما يموج فيه من أهواء وشهوات. نهجان مختلفان:
نهجان قد ميّز الرحمن بينهما *** نهج الضلال ونهج الحقّ والرشَدِ
لا يجمع الله نهج المؤمنين على *** نهج الفساد ولا حقّاً على فَنَدِ
ولقد وَعَت أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن- هذا التذكير، فاخترْن الله ورسوله والدار الآخرة، ليكُنّ بذلك القدوة للنساء المؤمنات أبد الدهر. ولا يتعارض هذا مع بقاء الطباع الخاصّة بالنساء، الطباع التي فُطرن عليها يهذّبها الإسلام ويصونها من الانحراف.
ولقد خلق الله المرأة لتكون امرأةً، وخلق الرجل ليكون رجلاً، وجعل - سبحانه وتعالى - بحكمته تكويناً للمرأة في جسمها ونفسيّتها، وجعل للرجل تكويناً متميزاً في جسمه ونفسيّته، ومازال العلم يكتشف الفوارق التي تظهر بين الرجال والنساء. وعلى ضوء ذلك، جعل الله للرجل مسؤوليات وواجباتٍ وحقوقاً، وللمرأة مسؤوليات وواجبات وحقوقاً، لتكون المرأة شريكة للرجل لا مساويةً له، حتى يتكامل العمل في المجتمع الإسلامي، حين يوفي كلٌّ منهما بمسؤولياته، وقد عرف كلٌّ منهما حدوده كما بيّنها الله لهم جميعاً.
وهناك حقوق مشتركة بين الرجل والمرأة. فالبيت المسلم هو ميدان التعاون في ظلال المودّة والسكن والرحمة، دون أن يتحوّل الرجل إِلى امرأة أو المرأة إلى رجل. ومن حق المرأة أن تتعلم لأنَّ طلب العلم فريضة على كل مسلم، رجلاً كان أو امرأة، " طلب العلم فريضة على كل مسلم"، (1) ومن حقّها وواجبها أن تكون مدرِّسة للنساء، وطبيبة للنساء، وفي كل نشاط مارسته النساء المؤمنات في مجتمعات يحكمها منهاج الله وكلمة الله فيها هي العليا، دون أن يتشبّهْن بالرجال:
فعن ابن عباس -رضي عنه- عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعنَ الله المتشبّهات من النساء بالرجال، والمتشبّهين من الرجال بالنساء. "(2)
وعن عائشة -رضي الله عنها- عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " لعنَ الله الرَّجُلةَ من النساء " (3).
وأمثلة كثيرة لا مجال لحصرها هنا تبيّن أن للإسلام نهجاً مختلفاً عن نهج الاشتراكية والعلمانية والديمقراطية، وتبيّن بالنصوص والتطبيق كما أسلفنا أن المرأة ليست مساوية للرجل في النشاط السياسي في الإسلام، إلا إذا نزعنا إلى نهج آخر أخذت تدوّي به الدنيا، وأخذنا نبحث عن مسوّغات له في دين الله.
ومن أهم ما أمر به الإسلامُ المرأة متميّزاً بذلك من غيره طاعتها لزوجها، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدّي المرأة حقَّ الله - عز وجل - عليها كلَّه حتى تؤدّي حقَّ زوجها عليها كله،...) (4)إلى آخر الحديث.
فعندما ندرس المرأة وحقوقها ومسؤولياتها في الإسلام فيجب أن ننطلق من حماية الأسرة ورعاية الأطفال وتربيتهم، فالأسرة والبيت المسلم هو ركن المجتمع الإسلامي وأساسه، وهو المدرسة الأولى التي تبني للأمة أجيالها، لا تتركهم للخادمات وغيرهن.
في الإسلام لابد من عرض التصوّر الكامل المترابط لنشاط المرأة، دون أن نأخذ جُزْءاً وندع أجزاءً، ونركّز على أمر لم يركّز عليه الإسلام، ولم يبرزه لا في نصوصه ولا في ميدان الممارسة. فالحياة الإسلامية متكاملة مترابطة في نهج الإسلام، لا تتناثر قطعاً معزولة بعضها عن بعض.
ولا يمنع شيء أن يخرج من بين النساء المؤمنات عالمات مبدعات شاعرات، مفتيات موهوبات. ولكن هذا كله ليس هو الذي يحدّد دور المرأة في الإسلام، فالذي يحدّده شرع الله بنصوصه الواضحة دون تأويل وبالممارسة الممتدّة الواضحة. والمرأة حين تكون عالمة أو فقيهة أو أديبة، فهي أحرى أن تصبح أكثر تمسّكاً بقوله - سبحانه وتعالى -: (.... فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله...) [النساء: 34]
ومما يثير العجب حقّاً أن الرجل الشيوعي جوربا تشوف، أدرك خطورة غياب المرأة عن بيتها وواجباتها فيه، واجباتها التي ليس لها بديل. فلنستمع إلى ما يقوله: "... ولكن في غمرة مشكلاتنا اليوميّة الصعبة كدنا ننسى حقوق المرأة ومتطلباتها المتميّزة المختلفة بدورها أماً وربّة أسرة، كما كدنا ننسى وظيفتها التي لا بديل عنها مربّية للأطفال".
ويتابع فيقول: "... فلم يعد لدى المرأة العاملة في البناء والإنتاج وقطاع الخدمات، وحقل العلم والإبداع، ما يكفي من الوقت للاهتمام بشؤون الحياة اليومية، كإدارة المنزل وتربية الأطفال، وحتى مجرّد الراحة المنزليّة. وقد تبيّن أن الكثير من المشكلات في سلوكية الفتيان والشباب، وفي قضايا خلقية واجتماعية وتربويّة وحتى إنتاجية، إنما يتعلّق بضعف الروابط الأسرية والتهاون بالواجبات العائلية... "(5)
في دراستهم للمجتمع وللصناعة والإنتاج، انطلقوا كما نرى، ولو متأخرين، من البيت، من الأسرة، من دور المرأة في البيت، الدور الذي لا بديل له. ونحن المسلمين، وقد فصّل لنا الإسلام نظام حياتنا منطلقاً من تحديد مسؤوليات الفرد، الرجل والمرأة، ثم البيت والأسرة- تركنا ذلك وقفزنا لنبحث في حق المرأة أن تكون وزيرة أو عضواً في البرلمان أو رئيسة دولة، أو رئيسة شركة، ونضع من أَجل ذلك قانوناً عاماً مطلقاً دون قيود ": الإسلام لم يفرّق بين المرأة والرجل في ممارسة الحقوق السياسية! " وحسبُنا تطبيق الصحابة والخلفاء الراشدين، فهل كانت المرأة مساوية للرجل في الحقوق السياسية؟! أم أن الصحابة والخلفاء الراشدين أخطؤوا ولم يدركوا هذه الحقوق فظلموا المرأة وحرموها من حقوقها؟!
لا نقول: إِنّ المرأة عامة، أو أن النساء كلهن لا يصلحن للمهمات الكبيرة بحكم كونهنّ نساء. لا نقول هذا. ولكن نقول: إن الله الذي خلق الرجل والمرأة حدّد مسؤوليات الرجل والمرأة، ومارس المسلمون ذلك في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي عهد الخلفاء الراشدين، وفي عصور كثيرة أخرى.
وقد يكون بعض النساء أكبر موهبة أو طاقة من بعض الرجال، فهل هذا يعني أن تنزل المرأة معتركاً مختلفاً فيه أجواء كثيرة، وتترك قواعد الإسلام تأسّياً بنساء غير مؤمنات، أو مجتمعات غير ملتزمة بالإسلام.
وغفر الله لمن قال، كما نشرته إحدى الصحف: " إنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو كان يعلم أنه سيظهر بين النساء أمثال جولدا مائير، أنديرا غاندي، تاتشر، ما قال حديثه الشريف: (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة). فالمؤسف أنَّ من الناس من يعتبر أنَّ هؤلاء النساء أفلح بهنّ قومهن. عجباً كل العجب! هل أصبح الكفر وزينة الدنيا ومتاعها هو ميزان الفلاح! وأين قوله - سبحانه وتعالى -: (وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 33-35] نِعْمَ البيت الواسع والسرر المريحة للرجل الصالح. ونعمت القوّة والسلاح والصناعة للمؤمنين.
إننا نعتقد أنه لا يصح أن نستشهد بمجتمعات غير ملتزمة بالإسلام لنخرج بقواعد شرعية في الإسلام.
أما حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما أفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة)، فالحديث يرويه أحمد بن حنبل وأبو داود وابن ماجه والترمذي. ويأتي الحديث بألفاظ مختلفة ولكنها تجمع على المعنى والنص. وإنّ مناسبة الحديث ونصّ الحديث باللغة العربيّة يفيد العموم ولا يفيد الخصوص. ولا يعجز الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يخصّ ذلك بأهل فارس لو أراد التخصيص. ولكن كلمة قوم نكرة تفيد العموم، وامرأة نكرة تفيد العموم، فلا حاجة لنا إلى تأويل الحديث بما لا تحتمل اللغة، وربما لا مصلحة لنا في هذا التأويل.
وبما أنَّ المرأة مطالبة بعبادة الله وإقامة دينه، فإنها كذلك مكلفة مثلها مثل الرجل بتقويم المجتمع وإصلاحه! ولكنّ الله - سبحانه وتعالى - جعل للرجل تكاليف في ذلك ليست للمرأة، وجعل للمرأة تكاليف ليست للرجل. وذلك حتى في أركان العبادة ـ في الشعائر ـ فصلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في المسجد، وصلاة الرجل في المسجد خير من صلاته في البيت. والجهاد فرض على الرجال في ميدان القتال، وليس فرضاً على المرأة، وجهاد المرأة هو في بيتها ورعايته ورعاية زوجها: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك! هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أُجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون. ونحن النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أبلغي من لقيتِ من النساء أنَّ طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك، وقليل منكنّ يفعله).
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار ليسقين الماء ويداوين الجرحى " (6).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "وفيه: "... والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم). (7)
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله، أعلى النساء جهاد؟! قال: (نعم! عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة). (8)
وبصورة عامة فإن الإسلام جعل الميدان الأول للمرأة البيت بنص الآيات والأحاديث والممارسة والتطبيق، وجعل ميدان الرجل الأول خارج البيت، ويبقى للمرأة دور خارج البيت غير مساوٍ للرجل، وللرجل دور في البيت غير مساوٍ لدور المرأة.
ولا بد أن نؤكد أن للإسلام نهجاً متميّزاً غير نهج العلمانية والديمقراطية ومناهج الغرب في عمل المرأة والرجل. نهجان -كما ذكرنا- مختلفان.
نحن نمرّ بمرحلة فيها عواصف غربية وأمواج تكاد تكتسح. ما بالنا نريد أن نخرج المرأة المسلمة من مكانها الكريم الذي وضعها الإسلام فيه، لنجاري الغرب في ديمقراطيته وعلمانيته.؟! ونكاد نخجل من اتهام العلمانية لنا وادعائها بأن الإسلام حجر على المرأة. إن أفضل ردّ عليهم لا يكون بأن ندفع المرأة المسلمة إلى بعض مظاهر الغرب لندفع عن أنفسنا ادّعاءَهم. إن أفضل ردّ أن نقول لهم إن الإسلام أكرم المرأة وأعزها وحفظ لها شرفها وطهرها، وأنتم أضعتم المرأة وأضعتم كرامتها، ثمَّ نعرض الإسلامَ كما هو، وكما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكما مارسه المسلمون في عهد النبوة والخلفاء الراشدين.
المرأة المسلمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في أجواء النساء، حيث لا يستطع الرجل أن ينشط هناك إلا في أجواء الاختلاط التي لم يعرفها الإسلام لا في نصوصه ولا في ممارساته. وللمرأة المسلمة أنشطة كثيرة تقوم بها دون أن تلج في أجواء لم يصنعها الإسلام. المنافقات يقمن بإفساد المجتمع مع المنافقين جنباً إلى جنب سواء بسواء كما نرى في واقع البشرية اليوم. أما المؤمنات فيصلحن في المجتمع بالدور الذي بيّنه الله لهنّ، غير مساويات للرجال ولا ملاصقات لهن. دور بيّنه الله للنساء وللرجال، لا نجده في الديمقراطية، ولا في العلمانية، ولا في تاريخ الغرب كله.
نعم! إن أول من صدّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت زوجه خديجة - رضي الله عنها -. ولكنها بتصديقها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - التزمت حدودها في رسالته، فلم تنطلق خديجة -رضي الله عنها- في أجواء النشاط السياسي أو ميادين القتال أو مجالس الرجال. وكذلك كانت سميّة أول شهيدة في الإسلام - رضي الله عنها -، وكانت قبل استشهادها ملتزمة حدود الإسلام. والنساء اللواتي قاتلن في أُحد أو حنين، كان ذلك في لحظات طارئة عصيبة لا تمثل القاعدة الدائمة الرئيسة للمرأة في الإسلام، كما بيناها قبل قليل، فلم نَرَهنّ بعد ذلك في مجالس الرجال أو ميادين السياسة سواء بسواء كالرجال، وإنما كنّ أول من التزمن حدودهن التي بينها لهنّ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
المرأة التي قامت تردّ على عمر -رضي الله عنه- في المسجد، كانت في مكان تعبد الله فيه وتتعلم. وهو جو يختلف عن المجالس النيابية اليوم، وكانت في مجتمع يختلف عن مجتمعاتنا اليوم. وهذه المرأة نفسها لو عُرِض عليها الأجواء المعاصرة لأبت المشاركة فيها، وكثير من المسلمات اليوم يأبين المشاركة في الأجواء الحديثة.
وأتساءل عن السبب الذي يدعو بعضهم إلى الحرص على إدخال المرأة المجالس النيابية العصرية! لقد أصبح لدينا تجربة غنيّة في المجالس النيابية تزيد عن القرن، فلننظر ماذا قدّمت للأمة المسلمة، هل ساعدت على جمعها أم على تمزيقها؟ وهل ساهمت في نصر أم ساهمت في هزائم؟ وهل هذه المجالس التي نريد أن نقحم المرأة المسلمة فيها هي صناعة الإسلام وبناؤه، أم أنها مثل أمور أخرى غيرها استوردناها من الغرب مع الحداثة والشعر المتفلّت المنثور وغيره من بضاعة الديمقراطية والعلمانية؟!
وبصورة عامة، فإنّ هذا الموضوع: مساواة المرأة بالرجل كما يقول بعضهم: " لقد قرّر الإسلام مساواة المرأة بالرجل"! هكذا في تعميم شامل، شاع هذا الشعار في العالم الإسلامي، وأصبح له جنود ودعاة ودول تدعو إِليه. وكذلك: "مساواة المرأة بالرجل في ممارسة الحقوق السياسية"، هذا كله موضوع طُرق حديثاً مع تسلل الأفكار الغربية إلى المجتمعات الإسلامية، مع تسلل الديمقراطية والعلمانية، كما تسلّلت قبل ذلك الاشتراكية.
هنالك عوامل كثيرة يجب أن تُدرس وتُراعى عند دراسة نزول المرأة إلى ميدان العمل السياسي الذي يفرض الاختلاط في أجواء قد لا يحكمها الإسلام من ناحية، ولا تحكمها طبيعة العمل نفسه. والاختلاط مهما وضعنا له من ضوابط، فقد أثبتت التجربة الطويلة في الغرب وفي الشرق إِلى انفلات الأمور، وإلى التورط في علاقات غير كريمة.
وكذلك فنحن لسنا بحاجة لنزول المرأة إلى الميادين، ففي الرجال عندنا فائض، والرجال بحاجة إلى أن تُدرس حقوقهم السياسية التي منحهم إياها الإسلام.
إن نزول المرأة إلى الميدان السياسي ذو مزالق خطيرة، فعندما يُطلق هذا ويُباح، فهل معظم النساء اللواتي سيمارسن هذا العمل نساء ملتزمات بقواعد الإِسلام كلّه، و بالحجاب واللباس عامة؟
إنَّ إطلاق هذا الأمر ونحن لم نَبْنِ الرجل ولا المرأة، والتفلّت في مجتمعاتنا واضح جليّ ومتزايد في الرجال والنساء، دون أن ينفي هذا وجود بعض النساء الملتزمات والرجال الملتزمين، إنَّ إطلاق هذا الأمر قد يقود إلى فتنة يصعب السيطرة عليها.
وإني لأتساءل: لأيّ مجتمع تصدر مثل هذه الآراء؟! لأيّ رجل وأي امرأة؟ هل المجالس النيابية الحاليّة تصلح ميداناً للمرأة المسلمة لتمارس النشاط السياسي؟ أين هو المجتمع الذي يطبّق شرع الله كاملاً، لتُطلق فيه مثل هذه الأمور؟ وهل هذه المجالس مجالس يسودها شرع الله؟!
وميادين العمل المباح للنساء واسعة جداً وكافية لهن، وكلها منضبطة بقواعد الإسلام مثل المدرسات والطبيبات، وكل عمل ليس فيه باب من أبواب الفتنة أو الاختلاط، مع توافر جميع الشروط الشرعية الأخرى عند مزاولة هذه الأنشطة.
لا بدّ من الاستفادة مما حلَّ بأقوام آخرين حين انطلقت المرأة في المجتمع في هذا الميدان أو ذاك. وإذا نزلت ميدان السياسة فما الذي يمنعها أن تنزل إلى المصانع وسائر الميادين الأخرى، كما نراها في العالم الغربي؟!
وكذلك أتساءل: لماذا هذه الضجّة الكبيرة عن المرأة وحقوقها؟ ألا تنظرون إلى الرجل وحقوقه؟ في عالمنا اليوم فَقَدَ كثير من الرجال حقوقهم، فلماذا تكون الضجّة على حقوق المرأة وحدها، ففي ذلك ظلم للمرأة وللرجل.
والإسلام في نهجه جعل الحقوق والواجبات متوازنة في الحياة كلها من خلال منهاج رباني أصدق من سائر المناهج وأوفى وأعدل.
وأخيراً أقول: قبل أن نطلق مثل هذه الآراء اليوم، فلنبن الرجل ولنبن المرأة ولنبن المجتمع المسلم.
فلنبنِ الأمة، فلنبنِ الرجل والمرأة، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم الملتزم، ولنبنِ الأمة المسلمة الواحدة الملتزمة بالكتاب والسنة. حيث تكون كلمة الله هي العليا، فيكون هذا المجتمع أقدر على تحديد دور الرجل والمرأة.
إلى ذلك يجب أن تتجه الجهود متكاتفة بدلاً من أن تتمزَّق في قضايا جزئية لا تساعد إلا على تمزيق الأمة: أيها العلماء والفقهاء والدعاة والمسلمون، أقيموا الإسلام حقّ الإقامة أولاً في نفوسكم رجالاً ونساءً، وأقيموه في الأرض، كما يأمركم الله - سبحانه وتعالى -، وبلّغوه الناس وتعهّدوهم عليه، ثمَّ انظروا في حقوق المرأة والرجل تجدوها بيّنة جليّة لا تحتاج إلى فتوى، كما وجدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون المتقون في العصور كلِّها!
----------------------------------------
(1)عن أنس وغيره من الصحابة. صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم: 3913 أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، صحيح الجامع الصغير وزيادته 5100.
(2)صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم 5096، المشكاة: رقم: 4470.
(3)عن عائشة - رضي الله عنها -، وعن عبد الله بن أوفى، ومعاذ بن جبل، وأنس بن مالك، - رضي الله عنهم -، في روايات متعددة كلها تتفق مع النصّ المذكور. أخرجه الإمام أحمد: الفتح الرباني: 16/227 وأخرجه ابن ماجه وابن حبان. وفي صحيح الجامع الصغير وزيادته: رقم: 5295.
(4)جورباتشوف: البيروسترويكا والتفكير الجديد لبلادنا والعالم أجمع، ص: 166 ترجمة أحمد شومان.
(5)مسلم: 32/47/1800، وأبوداود: 9/34/2531.
(6)البخاري: 11/11/893 مسلم: 33/5/1829، الترمذي: 24/27/1705.
(7)أحمد وابن ماجة.
(8)أبوداود: 34/6/4607، الترمذي 42/16/2676، ابن ماجة: المقدمة 35.
24/4/1426
01/06/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/354)
المخالفات الشرعية في المجالس النسائية
لا تزال الاجتماعات الإنسانية مرتعاً خصباً وبيئة حية لتبادل كثير من الثقافات والعادات، وقد تختلف وسيلة نقل إفرازات تلك الاجتماعات من زمن إلى آخر.
واليوم نرى وسائل الإعلام تساندها القنوات الفضائية ناقلاً نشطاً لأنواع العادات والأفكار، بغثها وسمينها. وآثارها المدمرة ما تلبث أن تظهر جلية على أحوال المتلقي.
ومع أن ديننا الحنيف قد وضع لنا قواعد شرعية راسية ملائمة لكل زمان ومكان (تضمن ـ بإذن الله - تعالى -ـ صلاح أحوال الناس وعلاقاتهم، وينتهي بسالكيه إلى الجنة غاية المطالب)، فإننا لم نسلم من انعكاسات كثير من التغيرات على أحوالنا وأفعالنا، نتيجة الانفتاح على ثقافات العالم الغربي المبنية على أنظمة وديانات وضعية.
ومن باب التسديد والمقاربة نسلط الضوء على جانب من تلك الجوانب لندرس الأسباب ونصل إلى نتائج.
إن المتأمل في واقع مجتمعاتنا اليوم على وجه العموم، والمجتمعات النسائية على وجه الخصوص، يجد قناعاً براقاً إلا أنه لم يخف سوء ما تحته، وهذا أمر طبيعي، فأي ستار لا يبنى على تقوى من الله - تعالى - فإنه سرعان ما يتكشف ويبدي سوأته.
وإيماناً منَّا بقناعة القارئ بما يطرح فقد عرضنا استبانة أبدت فيها 88% ممن عرض عليهن السؤال أن المخالفات الشرعية أصبحت ظاهرة ملموسة، وأكدت 96% منهن بأن المخالفات الشرعية موضوع يستحق الطرح. وفي سؤال عن الفترة العمرية التي يلاحظ فيها انتشار هذه الظاهرة: أكدت 91% أن سن المراهقة مرتع خصب لها، بينما قالت 73% إن طالبات المرحلة الثانوية أكثر قابلية لها. وتقبلها طالبات الجامعة بنسبة 77%، وأكدت ما نسبته 35% إمكانية ظهورها في المراحل بعد الجامعة.
ونسلط الضوء على محورين رئيسيين نعتقد أنهما الأساس وتأتي المحاور الأخرى تبعاً:
إن من أولى الأولويات في مخططات أعداء الإسلام، وأسوأ المؤامرات على الأمة التي تبناها النظام العالمي الجديد (في إطار نظرية الخلط بين الحق والباطل، والمعروف والمنكر، والسنة والبدعة): تذويب الدين في نفوس المؤمنين، وتحويل جماعة المسلمين إلى قطيع يساق خلف شهواته، مستغرق في ملذاته، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً. كذلك فإن هذا النظام حريص على أن يصب فيهم العقائد المهزومة والأفكار المتردية، فقد أرّقهم أن يكون المسلمون قوة واحدة مترابطة بأخلاق وآداب وقيم ثابتة، وساءهم قوة الإسلام وصلابة الجسد الإسلامي، فسعوا جهدهم لهدمه وحاربوه بالسلاح والذخيرة.
وقد توصل هؤلاء إلى أن المرأة أساس صلاح الأسر ومرتكز فلاح الأمم؛ لذا سددوا نحوها السهام، وجمّلوا قبيح دعواهم بقولهم: "تعالي إلى الرقي والتطور". ورددوا: "لا تكوني رجعية". ولا عجب في ذلك، فهم متلهفون للسير في جنازة ديننا!
فأنى لأمة أن ترتقي درجات المجد وترفع راية الإسلام والدفاع عنه..وربة الأسرة وراعية البيت سائرة في ركب عدوه؟ فكانت المرأة أبسط وسيلة استخدمها الغرب لبلوغ غاياته فانتشرت المخالفات الشرعية في أواسط النساء انتشاراً واسعاً، وقد كان من أبرز أسباب انتشارها (كما جاء في استبانة وزعت على مجموعة من النساء) ما يلي:
القنوات الفضائية 93%
الفراغ 85%
قلة الوازع الديني 77%
التقليد والإحساس بالنقص 63%
فالإعلام بصوره وأشكاله كافة أسهم كثيراً في انتشار كثير من المفاهيم الضارة والنافعة، فمن خلال نتائج استبانة وزعت على عدد من النساء تبين أن مصدر ثقافتهن:
31% الإعلام
67% العلم والثقافة
89% التربية الصالحة
33% التربية الذاتية
وأما عن أثر الإعلام على العقل والفكر والحياة، فقد أثبت ذلك61%، ونفاه 23%، وأكد أثره في حياة الآخرين 81%.
إن الجهود الغامضة لا تزال تبذل في غير ما سبيل؛ لتحصل على أجيال مهيئة لقبول مثل هذه الصور المشوهة للإسلام، حتى نرتضي ما قام في أوساط السذج البسطاء من أهله من الجرأة على تحريم الحلال وإحلال الحرام، أو قطع ما أمر الله به أن يوصل، والوصول به إلى واقع يدفع بكثير من العادات البعيدة من هداية الله - عز وجل -، فيألف بعض الناس التفلت من كثير من المسلمات، مع مصادمة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعوة متهافتة إلى تحرير الناس من أواصر القيود الشرعية كمايزعمون.ولعل أكثر ما صوب عليه سهام التغريب هي سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، مع وجود الثورة المعلوماتية والثقافات العولمية التي تهدف إلى جعل العالم كتلة واحدة دون تميز، الأمر الذي سبب الهجوم الكاسح والحرب التي لا هوادة فيها على سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فمتى تكون السُنة تخلفاً؟ ومتى كانت ثوابت الدين وقيمه رجعية؟ بل هي مواكبة لكل عصر لا تقدح في تطوره ولا تقدمه. لقد أحدثت مظاهر ترف العيش غطاء سميكاً يحول دون معرفته، فتقلبت الموازين، فمن مظاهر هجر السنن والآداب الشرعية في المجتمعات النسائية ـ مثلاً ـ: ترك السلام واستبداله بتحايا محدثة ما أنزل الله بها من سلطان، حتى لا تكاد تعرف مدى التزام المرأة إلا من تحيتها حين تبتدئ بالسلام.
أما حب التجمل فهو غريزة في المرأة لا يستطيع أحد أن ينكرها، ولا تلام كذلك عليها، فقد أمرت بالتجمل، وهذا ليس بخاف على أحد، ولكن المحذور في الأمر هو التوسع الملحوظ في الزينة، فأصبح لبس الضيق والقصير والشفاف وشبه العاري والكعب العالي هو غاية الأناقة والجمال، ومن لم تلبس مثل ذلك فليست من الأناقة في شيء. ومن أكثر أنواع المخالفات انتشاراً في المجتمعات النسائية: إمرار البخور على النساء، وهنا المحذور الشرعي الخطير ـ كما جاء عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - ـ، فمتى خرجت المرأة من بيتها وهي متعطرة فمرت على رجال فوجدوا ريحها فهي زانية.
وفي سياق الحديث عن المخالفات الشرعية، قالت "د. شيخة المفرج" ـ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، في حديثها عن تلك المخالفات ـ: إن انتشار مثل تلك الممارسات، والابتعاد عن السنة والعدول عن تطبيقها؛ لإضفاء بعض لمسات المدنية والحضارة على الشخصية، راجع إلى دونية وانهزامية، قال - تعالى -: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}. وكذلك الواجب على المسلمة السعي لنيل رضا الله - تعالى -، وإن كان في تحصيله غضب الناس؛ لتضمن بذلك السعادة في الدارين.
ويحق للسائل بعد ذلك أن يسأل عن الأسباب التي أدت لظهور مثل هذه المخالفات وعن أسباب انتشارها، وعن الحلول الممكنة لها.
وقد تبين لنا من خلال الاستبانة المطروحة أن الإعلام بجميع صوره وأشكاله يتحمل تبعات كثير من المخالفات، كذلك التربية غير الصالحة والتقليد الأعمى، وضعف الوازع الديني لدى بعض نسائنا، وغفلتها عن أهميتها كبنت وزوجة وأم مربية، والشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس، والخوف من الانتقاد وانعدام القدوة وجلساء السوء. والحرص على مواكبة الحضارة والأخذ من حضارة الغرب المزيفة وعدم عرضها على ميزان الشرع والانفتاح الكبير الذي يشهده العالم اليوم بجميع قنواته وطرقه، وكذلك السفر إلى الخارج.
* يحسن أن يكون في قمة هذه الأسباب: ترك إنكار المنكر، الذي أصبح أمراً عزيزاً هذه الأيام، مع أن 65% ممن عرضت عليهن الإستبانة أكدن رضاهن التام عن النفس فيما لو أنكرن منكراً وتعرضن لإهانة، مع إصرارهن على معاودة الكرة لو تيسر لهن ذلك!! فنقول: أين مثل أولئك النسوة مع هذا الزخم الهائل من المخالفات؟ مع ذلك لا نكاد نرى مُنكِراً حكيماً.
* السعي للوصول إلى كل جديد إشباعاً لرغبات المرأة من حب الظهور والتميز وضعفها أمام المغريات.
* ضعف مستوى التعلم والتربية الذي نالته الفتاة.
* الفراغ الذي تعيشه المرأة مع وجود الخادمات، الأمر الذي سهل خروجها المتكرر، وكثرة الاجتماعات النسائية وما تنطوي عليه من كثير من المنكرات مع غياب الناصح.
* عدم وجود بديل مناسب وقلة الأنشطة التي تهتم بتفعيل دور الفتاة في المجتمع.
* الإعراض عن تعلم العلم الشرعي، وغياب دور الولي وغفلته عن مقتضيات القوامة.
* التوعية الإسلامية عن طريق القنوات التربوية: (المدارس المساجد الجامعات) والقنوات الإعلامية المقروء منها والمرئي والمسموع.
* الشد بقوة على أيدي المخالفين لأحكام الإسلام كبيرها وصغيرها في جميع المحافل (المدارس المؤسسات الحكومية الأخرى دور الأفراح الاستراحات أماكن النزه الأسواق العام).
* وضع رقابة صارمة وقوية على كل ما يرد عبر القنوات الفضائية ويتعارض مع مبادئ ديننا الحنيف، ووضع حد لورود المجلات والصحف التي ربما تحمل في طياتها ما يخالف الشريعة الإسلامية.
* وضع ضوابط للسفر للخارج، وتشجيع السياحة الداخلية وتسهيل أمورها.
* القراءة في سِير الصالحات وأمهات المؤمنين واتخاذهن قدوات.
* توعية أولياء الأمور بما يدور حولهم وقيام الرجل بولايته على نسائه.
* الاطلاع على ما يخططه الغرب من مخططات لهدم الإسلام، وبيان ذلك للناس وشرحه لهم.
وندخل قليلاً إلى داخل تلك المجالس ونرى ماذا يدور فيها.. وبنظرة فاحصة نرى أن الحوارات الساخنة والنقاشات الحادة هي السمة الواضحة على المجتمع النسائي، فكثيرة هي الموضوعات المثيرة التي يتم الحديث حولها في مجالس مطولة، يتوزع الحديث بين المشاركين في آن واحد، فكل من في المجلس يتكلمن بصوت واحد وفي موضوعات مختلفة ومتباينة.
فهذه تحدِّث من بجانبها عن زوجها، وأخرى تحدِّث من هي مقابلة لها عن مناسبة حضرتها، وثالثة تتحدَّث وهي في أول المجلس مع أخرى في آخره، وهكذا... في ضجيج وصراخ وتقاذف بالألقاب والشتائم أحياناً! وهذا يختلف بالطبع وطبيعة المدعوات ومستوى تعليمهن.
ويدخل الكذب في أحداث قصة مثيرة تستهوي انتباه جميع الحاضرات! عجيب أمر من تكذب! ألم تعلم أن الكذب أساس الفجور كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإن الكذب ليهدي إلى الفجور"؟ وأول ما يسري الكذب إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله، فيستحكم عليها الفساد. فبئس الكذب طريقة للوصول إلى القلوب.
ولا نجد مظهراً مساوياً للكذب في الفحش والنكارة كالغيبة والنميمة، فمضارهما على المجتمع وخيمة جداً، فالغيبة تكسب البغضاء وتورث الشحناء وتفسد على الناس علاقاتهم، وكم من مرة تجد نفسك تبغض إنساناً بغضاً شديداً وأنت لم تجالسه ولم تعرفه، وما ذاك إلا بسبب كلام سيئ سمعته عنه وأنت غير متأكد من وجوده فيه.
وكذا الحال في النميمة، فهي قاطعة لأواصر الترابط والمحبة بين المسلمين، ناهيك بما يترتب على الغيبة والنميمة من الوعيد الشديد، فلا يدخل الجنة نمّام، وأما المغتاب فيأتي يوم القيامة بجبال من الحسنات ثم ما يلبث أن تنتقل لموازين غيره ويحل مكانها جبال من السيئات إذا مانفدت حسناته ولم تنته مظالمه. فعجيب أمر المغتاب! أي لذة يجدها في أكل لحم ميت؟! وأي لذة يجدها النمّام في شحن القلوب ضد أخيه؟!
وقد تنخفض الأصوات ويبدأ الهمس بين اثنتين أو ثلاثة من الجالسات، فتتفشى في هذه الجلسة المغلقة أسرار بيوت أحكمت الأبواب عليها، فتقص إحداهن لجليستها مشكلة بينها وبين زوجها، وتتلقى بعدها التوصيات اللازمة لهدم بيتها. وليس طلب النصيحة هو الأمر الذي نحذر منه، إنما نحذر من طلبها من أي أحد كان بدون حيطة ولا حذر، فيحدث ما لا تحمد عقباه، وأحياناً تفشي أموراً خاصة بينها وبين زوجها وهي تعلم الوعيد الذي توعد به النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعمل مثل ذلك، ونعجب كيف ترضى أن تكون محل تندّر بين الأخريات بما أفضت، فينتقص منها ومن زوجها وهي تسمع، ولا يورثها ذلك إلا زيادة في سرد كل ما عندها، وهذا فعل مشين ينقص من قدرها وهي لا تعلم.
فهذه هي بعض أحوال مجالس النساء اليوم.. حوار ونقاش وكشف أستار، وهي ـ إضافة إلى ذلك ـ ميدان خصب لكسب السيئات وحرق الحسنات.
فما هو السبب الذي جعل المجتمع النسائي يصطبغ بهذه الصبغة، وتصبح هي السمة الغالبة والمهيمنة عليه؟ أهو عائد لحب النساء للثرثرة ونقل الأخبار وتتبع العورات، أم هو عائد لعدم وجود المصلح والموجه لهذه المجتمعات، أم هو عائد إلى افتقار المرأة لمعرفة حجم المسؤولية الملقاة عليها، وميلها نحو الهزل والمزاح، وبعدها عن الجدية والعمل المنتج؟
وما هي الحلول الممكنة للحد من هذه الظاهرة؟ فلنطالع ما تفضلت به "د. هياء البدراني" ـ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام حول هذا الموضوع ـ تقول: لو أردنا أن نجمل الأسباب التي تؤدي إلى المخالفات والأخطاء التي تقع فيها النساء لاستطعنا أن نلخص ما يلي:
* ضعف (بل سوء) التربية أحياناً، حينما تنشأ البنت غير مكترثة بأعراض الناس وحرماتهم، ولم تتعلم وهي في بيت أبيها أن أعراض الناس "حفرة من حفر جهنم".
* عدم الوعي بأهمية الوقت الذي هو من عمر المؤمن، "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ".
* الجهل بالواقع القريب والبعيد، في الماضي والحاضر، فإن المسلمة الواعية تعرف واقعها القريب المحيط بها وما له من حقوق وما عليه من واجبات، كما تعرف الواقع الحاضر البعيد من حيث المكان الذي يتمثل في العالم بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص، وقضاياه التي تعنيها.. ماذا يريد منها أعداء الإسلام؟ كما أن عليها أن تحيط بالواقع البعيد فيما يتعلق بالمرأة.. نظرة العالم لها.. نظرة الإسلام لها.. كيف كانت قديما قبل الإسلام وبعده؟
* قرينات السوء، فإن القرين يسعدك ويشقيك بحسب دينه وعقله وثقافته.
* الجهل بآداب الإسلام في الحديث، ما يقال منه وما يترك.
* عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأمة والدين.
والنتائج:
ما نراه اليوم من تقلص الأوساط الطيبة الصالحة، وقلة الوعي، والجرأة من الكثيرات على التبرج وطرح تعاليم الدين جانباً، ثم حال المجتمع الذي ننعاه بمزيد من الأسى والحزن.
* ترسيخ الخوف من الله - تعالى -من الخوض في أعراض الناس، وبث ذلك بين النساء عن طريق دور التعليم، دور القرآن، الجلسات العائلية.
* بث الوعي الإسلامي بوضع المرأة المهم في المجتمع المسلم، عن طريق القراءة في الكتب التي عالجت ذلك.
* "اعرف عدوك" إن أعداء المرأة الذين هم أعداء الدين يريدون تدميرها، فلتكن على علم وحذر من ذلك.
* حسن اختيار الصحبة، فإن قرين السوء "إما أن يحرق ثيابك، أو أن تجد منه ريحاً خبيثة"، كما أخبر الصادق المصدوق. فكيف بمن يحلق دينك وحسناتك؟
* بث الوعي بآداب الإسلام في الحديث والمحادثة والمجالسة، بل والكلام والتعرض لآفات اللسان.
المحور الثاني:
يبدو أن "الرسميات" و"المجاملات" أصبحت طابعاً وسمة واضحة وطاغية على كثير من مجتمعاتنا، فما عاد للوضوح والصراحة وحسن المعاملة الحضور السائد فيها، وهي الأخلاق التي كانت في أوقات مضى المسيّر لتلك العلاقات المدنية، ودعوى التمدن هي المتهم الوحيد في زوال السمة الرائعة عن مجتمعاتنا؛ إذ يخلط كثيرون بين حسن التعامل ودماثة الخلق وآداب الكلام وبين الكذب والتزييف والتستر خلف الأقنعة، فلم نعد نميز بين الأحاسيس والمشاعر الصادقة وبين المراوغة والنفاق، ما عاد حب الخير للناس ورجاء ثواب الله في حسن المعشر هدف الكثير منا.
فالأخلاق كما عرفها العلماء: هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة من غير حاجة إلى رويّة وفكر، فإن كانت الأفعال حسنة جميلة سميت خلقاً حسناً، وإن كانت سيئة سميت خلقاً سيئاً. وبناءً على هذا فإن الأخلاق قسمان، منها ما جبل عليه الإنسان، وقسم مكتسب يتربى عليه الإنسان. والإسلام دعا إلى الأخلاق، وما دار محور من محاور الإسلام إلا ودارت الأخلاق معه وربط بينها وبين الإيمان بالله - عز وجل -، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً" (صحيح الجامع: 1230).
وسئل الرسول عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق". وبما أن معاشرة الناس والتعامل معهم هو الميدان الذي تتضح فيه أهمية الأخلاق وكونها هي الأساس لاستمرار العلاقات ودوامها.. تقدمنا بسؤال لـ "د. وفاء العساف" ـ عضو هيئة تدريس في جامعة الإمام ـ عن القواعد والأسس التي يجب أن تبنى عليها العلاقات الإنسانية؛ كي ننطلق منها إلى مرضاة الله - تعالى -وجنته... فقالت:
بالنسبة للتعامل مع الآخرين فإن الله - تعالى -كما أنعم علينا بنعم مادية محسوسة كثيرة كالسمع والبصر والكلام وغيرها كثير فإنه - سبحانه - أنعم علينا بنعم مرتبطة بالقلوب، مرتبطة بالنوايا والخفايا، ومن هذه النعم: نعمة الأخوة أو المحبة في الله، نعمة التآلف والتقارب بين الناس، وبهذه النعمة يذكرنا الله - عز وجل - بقوله - سبحانه -: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً} (آل عمران: 102).
وهذا التآلف والتعامل مع الناس وضع الله - عز وجل - له قواعد وأسساً وبين لنا الحقوق والآداب التي تحفظ هذه العلاقات، وجعل الالتزام بها عبادة نتعبد بها وقربة إلى الله - تعالى -، فمن هذه القواعد:
* أن تكون هذه الأخوة أو العلاقة أخوة لله وفي الله، فلا بد أن ترتبط بهدف أخروي، فتكون خالصة لوجه الله - تعالى -، جاء في الحديث الذي رواه مسلم: "أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أخاً لي في هذه القرية، قال الملك: فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه".
* أن تكون هذه الأخوة مقرونة بالتقوى فـ"لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي".
* أن تكون هذه الأخوة ملتزمة المنهج الإسلامي، وقائمة على النصح لله ولرسوله، فلا كذب ولا نفاق ولا نميمة ولا غيبة ولا سرقة. والنصيحة علامة الحب الخالص إذا كانت بالأسلوب المرضي. قال الحارث المحاسبي "اعلم أن من نصحك فقد أحبك، ومن داهنك فقد غشك، ومن لم يقبل نصحك فليسبأخ لك".
* أن تكون هذه الأخوة مشاركة في السراء والضراء فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (رواه مسلم).
وتواصل "د. وفاء العساف" فتقول: وحتى تستمر هذه العلاقة بين الناس وتؤتي المؤاخاة ثمارها فلابد من حفظ الحقوق الخاصة والعامة.
ومن هذه الحقوق:
* السلام عليه إذا لقيه، وتشميته إذا عطس، وعيادته إذا مرض، وتعزيته، واتباع جنازته.
* النصح له إذا استنصحه، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لها.
* أن ينصره ولا يخذله في المواطن التي يحتاج نصرته.
* أن يتواضع له ولا يتكبر عليه، وأن لا يهجره أكثر من ثلاثة أيام، ولا يكذب عليه، ولا يغتابه ولا يحقره ولا يعيبه ولا يحسده، ولا يظن به سوءاً، ولا يغشه، وأن يبذل له المعروف، ويكف عنه الأذى.
أما عن قطع الأرحام وهجر الأقارب، وما ينتج عن ذلك من خلافات كثيرة وفجوات في المجتمع عظيمة، فقد أشارت "د. وفاء" إلى ذلك بقولها: تلك الحقوق والواجبات في حق عامة الناس، فكيف بالأقارب والأرحام الذين قال الله - تعالى - فيهم: {واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام} (النساء: 1) وعد قطع الرحم من الفساد في الأرض، فقال - سبحانه -: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} (محمد: 22).
ولا شك في أن صلتهم آكد، وصلتهم أعظم، فعلى المسلم أن يلتزم لأقاربه وذوي رحمه بكل الآداب التي هي واجبة في حق غيرهم، وأن يصلهم امتثالاً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها" (صحيح الجامع: 5385e).
وبعد.. فما السبب في سلوك كل تلك الطرق الملتوية من اتباع الهوى وإشباع الرغبات الجامحة؟ إنه ـ بلا ريب ـ الوصول إلى السعادة. إن السعادة الحقيقية في الاستقامة، وأصل الاستقامة يكون في القلب، فمتى استقام استقامت بقية الأعضاء.
أخرج مسلم في صحيحه أن عبد الله الثقفي سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقول له قولاً في الإسلام لا يسأل عنه أحداً غيره، فقال: " قل آمنت بالله ثم استقم"(صحيح الجامع: 4395).
ثم لنتأمل معاً هذا الحديث (الذي رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وغيرهم عن النواس بن سمعان) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، على جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس ادخلوا جميعاً ولا تتعوجوا. وداعٍ يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله - تعالى -، والداع من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم، والأبواب المفتحة محارم الله - تعالى -، وذلك الداعي على كل صراط كتاب الله".
قال القرطبي: "فأمر باتباع طريقه الذي بينه على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرعه، ونهايته الجنة. وتشعبت منه الطرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به على النار".
فلنحذر كل الحذر أن تزل أقدامنا عن طريق الاستقامة بعد أن أبصرته وسلكته، ففي النهاية ت بإذن الله - تعالى -ـ جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/355)