قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنَّة.) أي: إنَّ من أبواب الجنَّة: باب بر الوالدين، كما أنَّ منها: باب الصلاة، وباب الزكاة، وباب الجهاد، وباب الريَّان، فكذلك لها باب (باب الوالدين)، يدخل منه من كان باراً بوالديه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أوسط أبواب الجنَّة.) أي الأفضل، والأمثل، والأعظم.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،دلني على عمل أعمله يقربني إلى الله، قال: (هل بقي من والديك أحد ؟) قال: أمي. قال: (فاتق الله في برها، فإذا فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد.)
وهذا يدل على أن برَّ الوالدين في أعلى المقامات بين الأعمال الصالحات.
وعن عمرو بن مرَّة الجهني رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، وصلّيت الخمس، وأدَّيت زكاة مالي، وصمت رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا) ونصب أصبعيه، وقال: (ما لم يعقَّ والديه.)
وفي هذا دليل على أنَّ عقوق الوالدين يحبط ثواب الأعمال الصالحة، وأنَّ قبول العمل الصالح معلق ببر الوالدين ؛ وهذه القضية الخطيرة تجعل المسلم يعيش وأهم ما يفكر فيه – بعد رضا الله تعالى – أن يكون والداه راضيين عنه، فيواصل إحسانه إليهما، وبره بهما.
وعَنْ أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً، قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ. كَذَاكُمُ الْبِرُّ، كَذَاكُمُ الْبِرُّ.) وكان رضي الله عنه براً بأمِّه. والله الموفق.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل برَّ الوالدة من أفضل الأعمال عنده، الموجبة لدخول الجنة، والخلد في أعلى درجاتها، وعقوقها من كبائر الذنوب الموجبة للنار، عياذاً بالله تعالى.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة، فقال: (آمين) ثمَّ ارتقى الثانية، فقال: (آمين) ثمَّ ارتقى الثالثة، فقال: (آمين) ثمَّ استوى فجلس، فقال أصحابه: على ما أمنت ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: رغم أنف امرئ ذُكرت عنده لم يصل عليك، فقلت: آمين ؛ فقال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنّة، فقلت: آمين، فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يُغفر له،فقلت: آمين.)
فقوله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف امريء) هو دعاء عليه أن يلصق الله تعالى أنفه بالتراب، وهو مما تستعمله العرب تريد به ذل وهوان المدعو عليه به.
وعن مالك بن عمرو الشقيري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أدرك أحد والديه، ثمَّ لم يُغفر له، فأبعده الله وأسحقه.) أي: أهلكه، وأبعده عن رحمته، وفي الحديث إشارة إلى عظيم أجر من أدرك والديه أو أحدهما فأحسن إليهما وبرهما – كما أمره الله تعالى – فإنَّ ذلك سبب غفران ذنوبه، بخلاف من فرط في شأنهما فإنه يحرم هذا الفضل العظيم، ويكون ممن فوت على نفسه دخول الجنة من أسهل طرقها وهو طريق بر الوالدين.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حرَّم الله تبارك وتعالى عليهم الجنَّة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث، الذي يقرُّ الخَبَثَ في أهله.)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنَّة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث.) والله الموفق.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل رضاه في رضاها، وسخطه في سخطها:
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد).
وممَّا يبيّن المقام الرفيع الذي جعل الله تعالى فيه الأم: أنَّ الله تعالى جعل عقوقها قرين الشرك به:
فعن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟) ثلاثاً، قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين) الحديث.
ومن ذلك: أنَّ الله تعالى جعل برَّ الوالدة سبباً في زيادة العمر والبسط في الرزق:
حيث ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظمَ ما يرغب الناس فيه من أمور دنياهم ببر الوالدة، وهو: زيادة العمر، وبسط الرزق، فقال: (من سره أن يُمَدَّ في عمره، ويُزَادَ في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه.)
ومن ذلك: أنَّ الله تعالى جعل التكسب للإنفاق على الوالدة عديل الجهاد في سبيله:
فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال: مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جَلَدَه ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله.) والله الموفق.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل برَّ الوالدة سبباً في تفريج الكروب وإجابة الدعوات:
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ، فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ ! فَقَالَ: أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ، إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِيءُ بِالْحِلَابِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ؛ اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ ! فَفُرِجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي، كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ. وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَعْطِنِي حَقِّي ؛ فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي ؟ فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنَّهَا لَكَ. اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا ! فَكُشِفَ عَنْهُمْ.)
فهؤلاء الثلاثة كلٌّ منهم دعا الله عز وجل بأفضل عمل عمله، فكان أفضلَ عمل عمله أولهم: برُّه بوالديه، فكان هذا البرُّ سببَ تفريجِ كربتهم، وخروجهم من تلك الورطة التي وقعوا فيها. والله الموفق.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل برَّها سبباً في تفريج الكروب وإجابة الدعوات:
وقد مرَّ معنا في الحلقة الماضية قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم بالغار، وكيف أنجاهم الله تعالى بدعائهم، وكان أولهم من دعا الله تعالى ببره بوالديه.
وهذا أويس القرني – رحمه الله تعالى – كان مجاب الدعوة، لكونه كان براً بأمِّه، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل عنه أهل اليمن، كلما جاءه مدد منهم، حتى وجده، فقال له: أنت أُويس القَرَني ؟ فقال: نعم. قال: فكان بك برص فَبَرِأْتَ إلاَّ موضعَ درهمٍ ؟ قال: نعم. قال: لك والدة ؟ قال: نعم. قال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يأتي عليكم أويس بنُ عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد، ثمَّ من قَرَن، كان به برصٌ فبرِأ منه، إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرٌّ ؛ لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فالفعل.) قال عمر رضي الله عنه: فاستغفر لي، فاستغفر له.
وهذا الحديث العظيم يرينا جانباً من فضائل بر الوالدة، وبه تبرز المكانة الرفيعة التي جعلها الإسلام فيها، وإذا كان بر الوالدة يجعل الولد البار بها مجاب الدعوة، فكيف بها هي ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.).
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل برَّها سبباً في تكفير الذنوب:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إنَّي أذنبت ذنباً عظيماً، فهل من توبة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم نعم. قال: (فبرها.): (هل لك والدان ؟) قال: لا. قال: (فهل لك من خالة ؟) قال:
ومن ذلك أنَّ الله تعالى جعل دعاءهما مستجاب على الولد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.)
ومن عظيم مقامها أنَّ حقها لا يمكن للولد أن يفي به إلا أن يجدها عبدة مملوكة فيشتريها لتعتق:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.)
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه قيل له: ما حقُّ الوالدين على الولد ؟ قال: لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما !
وهذا وفاء بحقِّ وجود الولد فقط، وإلا فإنَّ ما تعبا عليه، وسهرا من أجله، وأنفقاه من أموال، وغير ذلك ممَّا لا يكاد يُحْصَر فلا يجزي الولد والديه عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجزيء ولدٌ عن والده إلاَّ أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.).
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ حقها لا يمكن للولد أن يفي به إلا أن يجدها مملوكة فيعتقها:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.)
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه قيل له: ما حقُّ الوالدين على الولد ؟ قال: لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما !
وهذا وفاء بحقِّ وجود الولد فقط، وإلا فإنَّ ما تعبا عليه، وسهرا من أجله، وأنفقاه من أموال، وغير ذلك ممَّا لا يكاد يُحْصَر فلا يجزي الولد والديه عنه.
جاء رجل يمني يحمل أمه، فرآه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت، يحملها على كتفيه، ويرتجز قائلاً:
إنِّي لها بعيرها المذلل ... إن أذعرت ركابها لم أُذعر
ثمَّ التفت إلى ابن عمر رضي الله عنهما وقال: يا أبا عبد الرحمن، أتراني جزيتها ؟ فقال: لا، ولا بزفرة في طلقها. قيل: ولم، يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: لأنَّها تعبت عليه ترجو حياته، وهو يتعب عليها ينتظر وفاتها.
وشتان ما بين العملين، وشتان ما بين النيتين !
وإنَّ للوالدين ولهاً على ابنهما، وفيهما حرقة عليه لا يدركها، ولا يمكن وصفها إلا لمن كابدها، وعاناها، وأشد ما يكون ذلك عند الوالدة، لذلك كان حقُّها أعظم، ورتبتها في البرِّ أعلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمُّك، ثمَّ أمُّك، ثمَّ أمُّك، ثمَّ أبوك.)
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
وجوب مراعاة ولهها على ولدها، وخوفها عليه، وتعلق قلبها به، وهو ممَّا يُبرز شدَّة حبِّها له، وهذا الأمر لا بدَّ أن تجازى عليه بالإحسان إليها:- {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
إنَّ للوالدين ولهاً على ابنهما، وفيهما حرقة عليه لا يدركها، ولا يمكن وصفها إلا لمن كابدها، وعاناها، وأشد ما يكون ذلك عند الوالدة، لذلك كان حقُّها أعظم، ورتبتها – في البرِّ – أعلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمُّك، ثمَّ أمُّك، ثمَّ أمُّك، ثمَّ أبوك.)
يروى: أنَّ بعض الصالحين أراد الحجَّ فاستأذن أمَّه، فأذنت له - مراعية بذلك حاجة ولدها، متحملة ألم فرقاه - فودعها عند باب داره، ثمَّ انصرف، فلمَّا كان في بعض طريقه، جلس ليقضي حاجته، فأصاب البول ثوبه، فاستنكر ذلك، ولم يكن يعهده من نفسه، فقال لنفسه: لا بدَّ أن أحدثت شيئاً، فعاد إلى بلده، فطرق الباب، وإذا بأمِّه وراء الباب، فقال لها: مالك، يا أمَّاه ؟ قالت: يا بني، آليت على نفسي أن لا أبرح هذا المكان حتى ترجع إليَّ !
وهذا شاعر يصور وله الوالدة على ولدها، وإن كان عاصياً مسيئاً، فيقول:
أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً ... بدراهمٍ كي ما ينالَ به الضرر
قال: ائتني بفؤاد أمِّك، يا فتى ... ولك الدراهمُ والجواهرُ والدُّرر
فمضى فأغرز خنجراً في صدرها ... والقلبَ أخرجه وعاد على الأثر
لكنَّه من فرط سرعته هوى ... فتدحرج القلب المضرج إذ عثر
ناداه قلبُ الأمِّ وهو معفر ... ولدي، حبيبي، هل أصابك من ضرر
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله تعالى فرض على الولد الإحسان إليها:
الإحسان: هو الإخلاص والإتقان، كأنَّ الله تعالى يأمر الولد بمعاملة والدته معاملة يتقن فيها ما يستطيع إتقانه من حسن معاملة، مخلصاً في إتقانه ذاك إحسانه إليها.
والمقصود بالإحسان إلى الوالدة: برُّها ؛ سئل الحسن البصري – رحمه الله تعالى – عن برِّ الوالدين، فقال: أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به، إلاَّ أن يكون معصية.
والإحسان: تلك الكلمة العظيمة، بكل ما تحمله من معانٍ كريمة، ومفرداتٍ جميلة، ومقتضياتٍ سامية ؛ من لين جانب، وتوددٍ في التقرب، وتلمسٍ لمواطن الرضا، وحرصٍ على كفِّ جميعِ أنواعِ الأذى، كلُّ ذلك حقٌّ من حقوق الوالدة على أبنائها، يجب عليهم أن يلتزموه، وأي إخلال به يعني التعرضَ لسخطِ الله عز وجل وعقابِهِ، قال الله سبحانه وتعالى:- {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً}.
ولكل عاقل أن يجول بفكره في عالم الإحسان هذا، الذي أمر الله تعالى به، وجعله قرين توحيده سبحانه، هل ترك باباً من أبواب الاحترام والتوقير والإجلال، ورفع الشأن ؟ وهل يستطيع نظام من الأنظمة، ومدنية من المدنيات أن يوصل الوالدين إلى هذا المقام ؟
فأين هذا ممن لا يرى لوالدته حقَّاً أكبر من إيداعها داراً للعجزة، أو تذكرها في يوم عيد ميلادها، أو عيد الأم ليبعث إليها بطاقة تهنئة؟
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله تعالى فرض على الولد الإحسان إليها.
والإحسان إلى الوالدة له مقامات:
• ... أولها: كفُّ الأذى عنها.
• ... ثانيها: إيصال الخير الذي تحتاجه، ويقدر الولد على إيصاله إليها.
• ... ثالثاً: التقرب إليها بلين الجانب، وخفض الجناح.
• ... رابعها: تحسس مواطن رضاها، فيأتيها ؛ ومواطن سخطها، فيتركها.
• ... خامسها: الدعاء لها بظهر الغيب.
• ... سادسها: الاعتراف بحقها بالقلب وباللسان.
• ... سابعها: السعي الجاد لنيل رضاها.
قال الله تعالى:- {وقضى ربُّك أن لا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. واخفض لهما جَنَاحَ الذُّلِّ من الرَّحمةِ وقل ربِّ ارحمهما كما ربَّياني صغيراً} فقوله تعالى:- {وقضى} أي: حكم وأوجب، وقوله:- {فلا تقل لهما أف} قال الحسين بن علي رضي الله عنهما: لو علم الله شيئاً من العقوق أدنى من أفٍ لحرمه، والتأفف: يكون باللسان وبالفعل، فكل كلام وفعل يدل على كراهية أمرهما، فهو من التأفف المنهي عنه، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: هي كلمة كراهية ؛ قال بعض المفسرين: ومن التأفف: هزُّ الكتفين، ونفض اليدين، وتقليب العينين، وتقطيب الجبين إظهاراً لعدم الرضا ؛ وقال مجاهد – رحمه الله تعالى -: لا تتقزز من رائحة صدرت عنهما، وأمط عنهما ذلك،فإنَّهما قد صبرا عليك في أشد من ذلك، وأماطا عنك الأذى وأنت صغير، ولم يكونا يتأففان منك.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله تعالى فرض على الولد أن يؤدي حقوق أمّه، ومن الحقوق التي فرضها الله تعالى للوالدة على الولد:
أنَّ الله تعالى قرن شكرها بشكره، قال تعالى:- {أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} وشكر الله سبحانه وتعالى يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح.
بالقلب: بالإيمان به سبحانه، وباللسان: بالإقرار بذلك، والنطق بكلمة التوحيد، وكل قول يحبّه الله تعالى، وبالجوارح: بالعمل في الطاعة.
والوالدة كذلك: تشكر بالقلب: بالاعتراف بحقها، وأنّه حقٌّ عظيم، لا بدَّ من السعي الجادِّ لأدائه، حسب الطاقة والإمكان. وباللسان: بلين مخاطبتها، وبالجوارح: بإطاعة أمرها، والكف عمَّا نهت الولد عنه، ما لم يكن في ذلك معصية، فإن كان في أمرها فعل معصية، وفي نهيها ترك واجب، فلا سمع – حينئذ – ولا طاعة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الطاعة في المعروف.)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ.)
ومن حقِّها أن الله تعالى جعله من أعظم وصياه للإنسان: قال الله سبحانه وتعالى:- {ووصينا الإنسان بوالديه}.
وقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ؛ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ).
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها:
أنَّ الله تعالى فرض على الولد أن يؤدي حقوق أمّه:
ومن حقوق أمِّه التي فرضها الله تعالى:
أن أوجب على الابن العمل لكسب رضاها: فمن أرضاها – بعد قيامه بحق الله سبحانه وتعالى – رضي الله عنه، ومن أسخطها سخط الله عليه.
وإرضاؤها يكون بطاعتها، والبعد عمَّا يغضبها، وتحسس مواطن ارتياحها وإتيانها، ومواطن سخطها والابتعاد عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.)
ومن الحقوق التي فرضها الله تعالى للوالدة على الولد:
تقديم حقها على حق من عداها من أهل الحقوق:
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: (أمك) قال: ثم من ؟ قال: (أمك) قال: ثم من ؟ قال: (أمك) قال: ثم من ؟ قال: (أبوك.)
وفي رواية: (ثمَّ الأقرب فالأقرب.)
ومن تلك الحقوق: تقديم حقها على الفروض الكفائية:
حيث لم يجعل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تقديم حقِّ الوالدة قاصراً على تقديم حقِّها على حقوق الآدميين فقط، بل تعدى ذلك إلى الفروض الكفائية، التي هي حقٌّ لله تعالى، ولكن وجد غير الابن من يقومُ بها، فقدم الله تعالى ـ تكرماً وتفضلاً منه سبحانه ـ حق الوالدة عليها.
وسيأتي بيان ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ في حلقات قادمة.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل حقَّها مقدماً على الفروض الكفائية، التي قام بها من المسلمين من أسقط وجوبها العيني عن الباقين، فأصبحت في باب المستحبات، فحقُّ الأمِّ حينئذٍ مقدم على هذه الفروض الكفائية.
فمن ذلك: الجهاد في سبيل الله: فإنَّه فرض عين على كلِّ مسلم، إن كان لدفع عدوٍ عن ديار المسلمين، وحرماتهم، وحقوقهم، أو تعين على مسلم باستنفار إمام المسلمين رجلاً بعينه لقتالهم.
والجهاد فرض كفاية إن كان جهاد طلب، وهو غزو المسلمين الكفَّار في ديارهم، إن قام به من يكفي سقط الوجوب عن الباقين.
ففي الحالة الأولى، وهو تعينه على رجل بعينه فلا إذن للوالدين فيه، لأنَّه بالتعين أصبح حقَّاً لله تعالى، يجب على المسلم القيام به، وحقُّه سبحانه وتعالى مقدم على حقُّوق الآدميين، مهما كانوا، وإن كانوا من الوالدين، لأنَّ ترك حقِّ الله تعالى الواجب على المسلم لا يجوز لإرضاء مخلوق، وتركه حينئذ يكون معصية ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله تبارك وتعالى) رواه الإمام أحمد.
وفي الصحيحين: عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (لا طاعة في معصية الله، إنَّما الطاعة في المعروف).
أمَّا في الحالة الثانية، وهي كونه فرضاً كفائياً فيقدم حقُّ الأمِّ، وتستأذن في الخروج، فإن أذنت فبها ونعمت، وإلا قدم الولد حقَّ والدته، وقعد عن الجهاد في سبيل الله.
وهذا ينسحب على كلِّ فرض عيني وفرض كفائي، من صلاة، وصيام، وصدقة، وحجٍّ وعمرة، وغيرها من الفروض، إن كانت عينية، لم ينظر فيها إلى رضا الوالدين، وإن كانت كفائية سعى الولد ـ قدر طاقته ـ في كسب رضا والديه، والحصول على إذنهما في ذلك. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
-------------------(82/22)
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل حقَّها مقدماً على الفروض الكفائية، التي قام بها من المسلمين من أسقط وجوبها العيني عن الباقين، فأصبحت في باب المستحبات، فحقُّ الأمِّ حينئذٍ مقدم على هذه الفروض الكفائية.
وكنَّا قد ذكرنا ذلك في الحلقة الماضية، وفي هذه الحلقة سنضرب بعض الأمثلة الموضحة لذلك، التي بها أبان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ما يجب على الولد لأمّه من حقُّوق، يجب عليه تقديمها على الفروض الكفائية.
فهذا معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه، يخرج من دياره ـ ديار بني سليم ـ وينطلق إلى مدينة رسول اللهصلى الله عليه وسلم يريد أن يكون جندياً في الجيوش الإسلامية، الخارجة لرفع راية الإسلام، التي وعد الله تعالى الخارجين فيها بإحدى الحسنيين، إمَّا الاستشهاد في سبيله تعالى، والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، مع النبيين والصديقين، وإمَّا الفوز والظفر بالعدو، والعيش في رضوان الله تعالى.
قال معاوية السلمي رضي الله عنه: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، خرجت أريد الجهاد معك، ابتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، فقال: (ويحك – يا معاوية – ألك والدة ؟) قلت: نعم. قال: (ارجع فبرها) قال: فأتيته من الجانب الآخر ؛ فقلت: يا رسول الله، خرجت أريد الجهاد معك، ابتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، فقال: (ويحك – يا معاوية – ألك والدة ؟) قلت: نعم. قال: (ارجع فبرها) قال: فأتيته من أمامه ؛ فقلت: يا رسول الله، خرجت أريد الجهاد معك، ابتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، فقال: (يا معاوية، الزم رجلها، فثم الجنة.)
أي إن المكث عند أمِّك، والمداومة على طاعتها، وتقديم حقها سيكون سبب دخولك الجنة، فإن كنت تبحث عن ذلك فالزمها حتى تنال رضاها، فإن فعلت فقد وجبت لك الجنة. وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل حقَّها مقدماً على الفروض الكفائية، التي قام بها من المسلمين من أسقط وجوبها العيني عن الباقين، فأصبحت في باب المستحبات، فحقُّ الأمِّ حينئذٍ مقدم على هذه الفروض الكفائية.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُهُ، قَالَ: جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ ! قَالَ: (فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا.)
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: (هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ ؟) قَالَ: أَبَوَايَ. قَالَ: (أَذِنَا لَكَ ؟) قَالَ: لَا. قَالَ: (ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا.)
قال العز بن عبد السلام – رحمه الله تعالى -: " يحرم على الولد الجهاد بغير إذن الوالدين، لما يشق عليهما من توقع قتله، أو قطع عضو من أعضائه، وشدة تفجعهما على ذلك ".
وسئل الحسن البصري – رحمه الله تعالى -: عن رجل استأذن والدته في الجهاد، فأذنت له، وعلم أنَّ هواها في المقام ؟ قال: فليقم.
أما إن كان الأمر فرضاً عينياً فلا، كأن يريد أن يصلي مع الجماعة فتمنعه والدته، خوفاً عليه، فإنَّه لا يطيعها، لأنَّ صلاة الجماعة فرض عين على الرجال ؛ أو تمنعه من الخروج لتعلم العلم الواجب عليه، فإنَّه لا يطيعها، لأنَّ رفع الجهل عن نفسه واجب عليه حينئذ، ولكن لا يكن رفضه بشدة وغلظة، وهو يقدر على اللين واللطف.
وقد سئل الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – عن رجل له والدة، يستأذنها أن يرحل لطلب العلم ؟ فقال: إن كان جاهلاً، لا يدري كيف يطلق، ولا يصلي، فطلب العلم أوجب، وإن كان قد عرف، فالمقام عليها أحبُّ إلي.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل حقَّها لا ينقطع بوفاتها، بل هو قائم موصول من الابن إلى أمِّه حتى بعد وفاتها، وهذا الأمر من محاسن دين الإسلام، حيث يبرز من خلاله خُلُقُ الوفاء، الذي لا ينقطع بانقطاع اللقاء، ولا تتعلق العلاقة فيه على المصالح، بل هو خُلُقٌ ينطلق من نفس الوفي، بناءً على قناعة ذاتية، يعتقد الوفي بسببها أنَّه ملزم بمواصلة ذلك البر، وطلب الرضا، وإن كان بعد تفرق الأجساد في الحياة الدنيا.
وهو سببٌ ـ كذلك ـ لتدارك الولد شيئاً من حقِّ والدته الذي فرط فيه ووالدته على قيد الحياة، والإنسان معرض لمثل هذا التفريط، وبعض الأبناء لا يشعر بالندم إلا بعد موت الوالدة، ففتح الله تعالى له باب الخير هذا حتى يستدرك شيئاً مما فاته، ويصلح ما وقع فيه من خلل.
وهو ـ كذلك ـ باب من أبواب الاستزادة من الخير والأجر في باب برِّ الوالدة، وإن كان الولد محسناً إليها في حياتها، فإنَّه لا يعدم الحاجة إلى الاستزادة من البر، لبلوغ ما تسمو إليه نفسه فيه من رتب عليّة.
وهو باب خير لمن لم يدرك والدته، إمَّا لموتها وهو صغير، أو لفقد الولد أو الأم، أو غير ذلك من أسباب حالت بين الولد وبين أمِّه أن يعيش في كنفها، وينال شيئاً من برها.
وهو دليل على أنَّ العلاقات بين المسلمين علاقات أسمى من المصالح الدنيوية، وأنَّ أخلاقهم أخلاقٌ ربَّانية، يبتغي المسلم الأجر فيها من ربِّه عز وجل.
ومن أنواع برِّ الولد أمَّه بعد وفاتها: الدعاء لها، والاستغفار لها، وإنفاذ عهدها، وصلة الرحم التي لا توصل إلا عن طريقها، والإحسان إلى صويحباتها، فإنَّ ذلك من أنواع البرِّ التي لا تنقطع بعد وفاة الأم، بل من فضل الله تعالى أنَّ من أنواع البرِّ مالا ينقطع حتى بعد وفاة الولد، كأن يوقف وقفاً ويجعل ريعه، أو جزءً منه صدقة لوالدته، أو يوصي بجزءٍ من ماله صدقة لوالدته، أو يوصي بفعل بعض القُرب لوالدته، كالصدقة والأضحية، فكلُّ هذا من برِّ الوالدة بعد وفاتها ووفاة ابنها.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل حقَّها لا ينقطع بوفاتها، بل هو قائم موصول من الابن إلى أمِّه حتى بعد وفاتها.
وكنَّا قد ذكرنا شيئاً من أنواع برِّ الأمِّ بعد وفاتها إجمالاً، وهانحن نذكر شيئاً ممَّا يدل على ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة، وآثار الصحابة الكرام.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال: (نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.) قال الرجل: ما أكثر هذا –يا رسول الله– وأطيبه ! قال: (فاعمل به.)
قال الله تعالى مبيناً حقَّ الوالدين في الدعاء لهما، في حياتهما، وبعد وفاتهما:- {وقل ربِّ ارحمهما كما ربَّياني صغيراً}.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيْه، إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ، وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ، فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا عَلَى ذَلِكَ الْحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلَسْتَ ابْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ، وَقَالَ: ارْكَبْ هَذَا، وَالْعِمَامَةَ، قَالَ: اشْدُدْ بِهَا رَأْسَكَ ؛ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ! أَعْطَيْتَ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ حِمَارًا كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ، وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأْسَكَ ؛ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ: صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ.) وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ رضي الله عنه.
وعن أبي بردة، قال: قدمت المدينة، فأتاني عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال: أتدري لِمَ أتيتُك ؟ قلت: لا. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحبَّ أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده.) وإنَّه كان بين أبي عمر رضي الله عنه وبين أبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذلك.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل طاعتها فرضاً لازماً يجب على الولد التزامه، ولا يجوز له عصيانها في أمر من الأمور، إلا أن تأمر ولدها بمعصية الله تعالى، فلا سمع ولا طاعة لها حينئذ في ذلك الأمر، ويبقى على طاعته لها فيما عدا ذلك، والإحسان إليها، ومصاحبتها بالمعروف، وكذا إن أمرته بأمر فيه إيذاءٌ لغيره، فلا يطعها في إيذاء غيره، سواء كان الذي سيقع عليه الأذى ابنه، أو زوجه، أو شريكه، أو غيرهم ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
قال الله تعالى:- {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً}.
وهذا بيان جلي من الله تعالى لعباده أن إذا جاهد الولدَ والداه على الإشراك بالله تعالى، بدعوته إليه، وإظهار غضبهم عليه، ومحاولتهم قسره على الوقوع فيه ؛ فإنه لا يطيع والديه في ذلك، أي في الشرك الذي دعاه والداه إليه، ولكن رفضه يجب أن لا يكون بالقول القبيح الشديد، بل بالقول الحسن، الذي يظهر فيه الولد تمسكه بدينه، ويحرص على تيئيس والديه من إجابته دعوتهما إيَّاه إلى الشرك، كما في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عندما دعته والدته إلى ترك دين الإسلام، والرجوع إلى عبادة الأوثان، وأقسمت أن لا تذوق طعاماً ولا تستظل حتى يعود أو تموت، فيعيره النَّاس بقولهم: قاتل أمه، فكان رده عليها أن قال: يا أماه، والله لو كانت لك كذا وكذا نفس فخرجت كل نفس إثر الأخرى ما تركت ديني. وبهذه الكلمة الموجزة قطع سعد رضي الله عنه أمل أمه أن يعود إلى ملتها بعد أن هداه الله للإسلام، وهو مع ذلك لم يؤذها بغير ترك ما طلبت منه من الإشراك.
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل طاعتها فرضاً لازماً يجب على الولد التزامه، ولا يجوز له عصيانها في أمر من الأمور، إلا أن تأمر ولدها بمعصية الله تعالى، فلا سمع ولا طاعة لها حينئذ في ذلك الأمر، ويبقى على طاعته لها فيما عدا ذلك، والإحسان إليها، ومصاحبتها بالمعروف، وكذا إن أمرته بأمر فيه إيذاءٌ لغيره، فلا يطعها في إيذاء غيره، سواء كان الذي سيقع عليه الأذى ابنه، أو زوجه، أو شريكه، أو غيرهم.
ومن ذلك ما وقع لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال الله تعالى:- {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً}.
قالت أسماء رضي الله عنها: قدمت عليّ أمي،وهي مشركة، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمت عليّ أمي، وهي راغبة (أي طامعة فيما عندي، تسألني الإحسانَ إليها) أفأصل أمي ؟ قال صلى الله عليه وسلم: (نعم صلي أمَّك.)
وسأل رجلٌ من أهل حمص الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – فقال: إنِّي قد غبت عن أبي – وله كروم – ويسألني أن أعينه على بيع العصير ؟ فقال: إن علمت أنَّه يعمله خمراً فلا تعنه.
وسأله فتى: إنَّ أبي حلف عليَّ بالطلاق أن أشرب دواءً مع مسكر ؟ فقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى –: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُّ مسكر حرام.) ولم يرخص له.
-------------------
ومما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه:
أنَّ الله تعالى جعل من حقِّها على ولدها أن يحتسب عليها إن وقع منها ما يلزم ذلك ؛ من تفريط في واجب، أو ارتكاب لمنكر.
وهذا الأمر ـ أعني الاحتساب على الوالدة ـ مما تقع الحيرة بسببه، وتختلف الآراء فيه، ويكثر السؤال عنه: هل يجوز للابن أن يأمر والدته بمعروف إن رآها تقصر في أدائه، وهل ينهاها عن منكر إن رآها تقع فيه ؟
وإذا كان له الإنكار، فهل هو مطلق، أم يكون في حالات مخصوصة ؟
وإذا كان يحتسب عليها، فما هو الأسلوب الذي يلزمه اتباعه معها ؟
هذه قضية شديدة الحساسية، لأنَّ حق الوالدة عظيم، والابن مأمور بالابتعاد عن كل ما من شأنه إغضابها، والاحتساب عليها قد يوصلها إلى الغضب على الابن، وغضبها يغضب الله تعالى ! كلُّ هذه الأمور تجعل التعامل مع هذه المسألة مشوباً بكثير من الحذر وأخذ الحيطة.
فأقول مستعيناً بالله تعالى:
الحسبة: منعٌ من منكرٍ لحقِّ اللهِ تعالى، صيانةً للممنوع من مقارفة المنكر.
إذن الحسبة لصالح المنكر عليه في المرتبة الأولى، لكونه بفعله المنكر، أو بتركه المعروف معرضاً نفسه لغضب الله تعالى وعذابه، فالحسبة تعود منفعتها – أولاً – على المحتسب عليه، فهي بابٌ من أبواب الإحسان إليه، وأحقُّ من يجب على الإنسان أن يحسن إليه: والداه، وخاصة الأم.
فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ؛ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ.).
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
شرعنا في الأسبوع الماضي في الحديث عما يبرز مكانة الأم، ويظهر الدرجة الرفيعة التي رفعها الإسلام إليها، والمقام العلي الذي بوأها إيَّاه ؛ وهو: أنَّ الله تعالى جعل من حقِّها على ولدها أن يحتسب عليها إن وقع منها ما يلزم ذلك ؛ من تفريط في واجب، أو ارتكاب لمنكر.
ونواصل الحديث عن أدلة مشروعية الاحتساب على الوالدين؛ ومنها:
• ... 1- قال تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} وهذا دليل على مشروعية الاحتساب على الأقارب، ومن أشدهم قرباً للابن: والدته، فكان الاحتساب عليها مشروعاً.
• ... 2- وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} فهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يقوموا بالقسط شهداء لله ولو كان على أنفسهم أو الوالدين والأقربين، ومن القيام بالقسط: أمر من ترك المعروف بفعله، ومن أتى المنكر بتركه، ولو كان أحد الأبوين أو كلاهما ؛ قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: " فأمر سبحانه أن يقام بالقسط، ويشهد على كل أحد ولو كان أحبَّ النَّاس إلى العبد، فيقوم بالقسط على نفسه، ووالديه اللذين هما أصله ".
• ... 3- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايعه الصحابة رضي الله عنه، اشترط عليهم النصح لكل مسلم ؛ قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: أبايعك على الإسلام ! فشرط عليّ: (النصح لكل مسلم).
والآباء من المسلمين الداخلين تحت قوله: (والنصح لكل مسلم)، ومن النصح للمسلمين: الاحتساب عليهم ؛ فيكون الاحتساب على الوالدة داخلاً في هذا، بل هي أولى من يوجه الابن نصحه لها، لعظيم حقها عليه، ولأنّ النصح ما شُرع إلا لتخليص المنصوح من الوقوع فيما يغضب الله سبحانه وتعالى. وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
شرعنا في الأسبوع الماضي في الحديث عن الأدلة على مشروعية الاحتساب على الوالدة، ونواصل الحديث بذكر بعض الأدلة على ذلك:
ففي كتاب الله تعالى قصة إبراهيم عليه السلام في احتسابه على والده، حين أمره بإخلاص عبادة ربِّه، وترك عبادة الأصنام، قال الله تعالى:- {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً * واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً}.
قال ابن حيان الأندلس – رحمه الله تعالى -: " وفيه دليل على الإنكار على من أُمر الإنسان بإكرامه، إذا لم يكن على طريقة مستقيمة، وعلى البداءة بمن يقرب من الإنسان، كما قال:- {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
والمسلم مأمور باتباع ملة إبراهيم عليه السلام قال الله تعالى {قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً} لذلك فإن من اتباع ملة إبراهيم عليه السلام: الاحتساب على الآباء.
وفي الاحتساب على الأعمام دليل على مشروعيته على الآباء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ عمَّ الرجل صنوُ أبيه).
ولما نزل قول الله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً ... يا عبَّاس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئاً. يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أغني عنك من الله شيئاً).
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
مازال الحديث موصولاً بالاحتساب على الأمهات، وأوردنا في ذلك بعض الأدلة على مشروعيته، وهذه بعض الأدلة التي تزيد في الدلالة على مشروعية هذا الأمر العظيم:
في الاحتساب على الأعمام دليل على مشروعيته على الآباء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ عمَّ الرجل صنوُ أبيه).
واحتسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمه أبي طالب لما حضرته الوفاة – فأمره بالتوحيد، والنطق بالشهادتين، واغتنام الفرصة قبل الموت، ويعده أن يشهد له بها عند ربه، وأخذ يقول له: (يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمةً أشهد لك بها عند الله).
واحتسب صلى الله عليه وسلم على عمه العبَّاس رضي الله عنه في حجة الوداع، حيث قال في خطبته العظيمة، التي شهدها أكثر من مائة ألف مسلم: (وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربانا، ربا عبَّاس بن عبد المطلب، فإنَّه موضوع كلُّه).
وأقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول على احتسابه على والده وكان والده الخبيثُ رأسَ المنافقين قد قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل، وهي من أخبث الكلمات التي تفوه بها هذا المنافق، فقال ابنه عبد الله رضي الله عنه: والله، لا تنقلب حتى تقرَّ أنَّك الذليل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز. ففعل.
فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على احتسابه على والده.
وفيما ذكرنا من أدلة في هذه الحلقة وفي الحلقات التي سبقتها دلالة على أن للوالدة حق عظيم على ابنها، ومن هذا الحق دلالتها على الخير، وحضها على التمسك به، وتحذيرها من الشر، وكفها عن الوقوع فيه، وبذا يظهر جلياً حب وتقدير الولد أمه، وسعيه الجاد لأن تكون أمه من الفائزين، وحذره الشديد من وقوعها في شر عمل غير لائق تقوم به. وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
فرغنا في الأسبوع الماضي من الحديث عن أدلة مشروعية الاحتساب على الوالدة، وسيكون حديثنا هذا الأسبوع عن درجات هذا الاحتساب.
لعظيم حق الوالدة، وخطير شأنها مع ولدها فإنه يحتسب عليها فيما تركته من معروف، وما أتته من منكر ؛ ولكن لحساسية أمر التعامل معها فإنَّه يجب على الولد أن يحتسب عليها بلطف ولين لا يجب عليه في حق الآخرين مثلُه، لذلك فإنَّ عليه أن يتخذ الخطوات التالية حال احتسابه على والدته:
الدرجة الأولى:- (التعريف)
والتعريف: أن يذكر الولد لوالدته مقام المعروف الذي تركته في الشرع الحنيف، بأنَّه واجب، ودليله كذا وكذا، أو أفتى به العالم الفلاني بكذا، ويذكر لوالدته مقام المنكر الذي أتته، وكونه محرماً، ودليله كذا وكذا، أو أفتى به العالم الفلاني بكذا، يقول الولد ذلك مع مراعاة اللين في تصرفه مع والدته، ورقة العبارة معها، وكريم القول، لقول الله تعالى:- {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً * واخفض لهما جناح الذُّل من الرَّحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً}، ولقول الله سبحانه وتعالى:-{وصاحبهما في الدنيا معروفاً}.
مثال ذلك: أن يرى الولد والدته تاركة لفعل معروف، فيأتيها –في وقت مناسب– ويقول لها: يا أماه، إنَّ لك حقّاً عظيماً عليّ، وأنا لا أستطيع مكافأتك، ولكني أحبك، وأحبُّ الخير لك، وأتقرب إلى الله تعالى بذلك، عسى الله تعالى أن يتجاوز عني بذلك، وإنَّ حبي للخير لك أن تناليه في الدنيا والآخرة، وأخشى ما أخشى عليك أن تُحرمي شيئاً من الخير في آخرتك، لذلك فإنَّ من الواجب عليَّ أن أسعى جاهداً لتنالي هذا الخير في الدنيا والآخرة، والأمر الفلاني واجب على المسلم فعلُه، والله تعالى يقول ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فأحببت أن لا يفوتك هذا الخير، وأن تأمريني به إذا رأيتيني قصرت فيه، ومن حقك عليّ أن أذكرك بذلك، حتى لا يفوتك الأجر العظيم ... الخ.
-------------------
الدرجة الثانية:- (النصح: بالوعظ، والتذكير، والتخويف بالله تعالى، والدعاء لها بالهداية)(82/23)
وذلك بالظهور أمام الوالدة بصورة الناصح، المخلص في نصيحته، الذي يريد الخير لها، وأنَّه يخشى عليها من غضب الله وسخطه، ويحتاج الابن أن يذكر لوالدته أنَّه يتحدث معها بعلم لا بجهل، لأنَّ الوالدة تنظر إلى ولدها نظرة الجاهل الصغير، وأنَّه دائماً يحتاج إلى توجيهه، لذلك لا بدَّ أن يشير الولد بلطف إلى أنَّه يتحدث عن علم تعلمه، ودليله في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي فتوى العالم الفلاني، خاصة من كانت الأم تثق بفتواه، وتأخذ بها حتى تزداد طمأنينة بصحة كلام ولده.
وقد سئل الإمام أحمد – رحمه الله – عن رجل مرا بي، يقول لابنه اذهب فتقاضي مالي من فلان، ترى أن يفعل ؟ قال: لا. ولكن يقول له: لا أذهب حتى تتوب.
وعن أَبُي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ، فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ !) فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جِئْتُ، فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقَالَتْ: مَكَانَكَ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؛ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ، وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ! قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ، قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ، وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ! فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ خَيْرًا ؛ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا ؛ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (اللهم، حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا) يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ: (وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ.) قال أبو هريرة: فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي. وللحديث بقية إن شاء الله.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة..
الدرجة الثالثة:- (الجدال بالحسنى)
إذا رفضت الوالدة الاستجابة لما نصحها الولد به، لشبهة علقت في ذهنها، كأن تكون تعودت هذا الفعل، ولم تر أحداً ينكر ذلك، أو أنَّها رأى شخصاً تثق به يفعله، أو لكونها تخشى من الحرج أمام أقاربها وجماعتها، فليبين الولد لها أنَّ أمر الله تعالى فوق كل ذلك، وأن من سعى في إرضاء الله تعالى - وإن كان فيه سخط النَّاس – فإنَّ الله تعالى سيرضى عنه، وسيرضى النَّاس عنه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ)
وعلى الولد أن يحذر من مجادلة الوالدة مجادلة تغضبها.
الدرجة الرابعة:- (الإيعاز لمن يقوم بذلك)
قد تكون الوالدة رافضاً لأي نصح يأتي من الولد، لسبب من الأسباب، فعلى الولد أن يسعى جاهداً لإيصال النصح إليها عن طريق غيره، ممن تثق الوالدة بهم.
مثال ذلك: أن يخبر خالته التي تثق بها والدته، مشافهة، أو يرسل لها رسالة يطلب منها الحديث معها عن المعروف الذي تركته الوالدة، أو المنكر الذي تأتيه، بطريقة لا تشعر الوالدة بها أنَّها مقصودة بذلك، وقد نفع الله تعالى بهذه الطريقة كثيراً من النَّاس.
أو: يحدث من تقبل الوالدة نصحه وتوجيهه، من عقلاء النَّاس، من عم، أو خال، أو صديقة للوالدة، ويطلب منه توجيه النصح لوالدته.
أو: يحضر شريطاً إلى والدته، ويهديها إيَّاه ؛ أو يحضر الشريط ويأخذ في الاستماع إليه في المنزل، ويجعله بمكان تسمع فيه الوالدة ذلك، وكأن هذا الفعل غير مقصود، فتستمع الوالدة، فينفعها الله بذلك الاستماع، وهكذا.
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة..
الدرجة الخامسة:- (التعنيف)
وهذا يقع في حدود ضيقة، بشروط معينة، وهي:
• ... 1- أن تكون الوالدة كافرة.
• ... 2- أن تكون الوالدة معاندة.
• ... 3- أن تستمر الوالدة في رفض الحقِّ، بعد استنفاد جميع الدرجات السابقة.
• ... 4- أن تكون الوالدة عنيفة مع ابنها المحتسب، وأشد من ذلك أن تتجاوزه إلى سبِّ الله تعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يجد الولد سبيلاً لردعها إلا التعنيف، فإنَّه يسلك هذا المسلك، بشرطه الذي قرره أهل العلم، وهو أن لا يجر إلى منكر أكبر منه، أو يفوت مصلحة كبيرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة – رحمه الله تعالى -: " إنَّ الأمر والنهي – إذا كان متضمناً لتحصيل مصلحة، ودفع مفسدة – فيُنظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً، إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته ".
وعن سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ، قَالَ: كنت رجلاً براً بأمي، فلما أسلمت حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ حتى تموت، قَالَتْ: لتدعنَّ دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمِّه ؛ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا، قَالَ: يا أمَّه ! لا تفعلي، فإنِّي لا أدع ديني هذا لشيء، تعلمين – والله – لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي ؛ فمَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا، يُقَالُ لَهُ: عُمَارَةُ، فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ:- {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} وَفِيهَا:- {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة..
الدرجة السادسة:- (الإنكار باليد)
وهو نوعان: نوع يتعلق ببدن الوالدة.
ونوع لا يتعلق ببدنها.
أمَّا النوع الذي لا يتعلق ببدن الوالدة، فمثل: أن ترفض الوالدة تغيير المنكر - بعد النصح والتذكير والبيان، وما ذكرناه في الدرجات الماضية - فإن للولد أن يغير المنكر بيده - بالشروط التي ذكرناها، وهي أن لا يجر إلى منكر أكبر، أو يفوت مصلحة أكبر – بل قد يكون التغيير واجباً على الولد حينئذ، كأن يرى آنية خمر لوالدته، فإنه يهريقها، أو يرى كيساً فيه مخدرات، فإنَّه يتلفها، أو يجد مالاً سرقته، فإنَّه يعيده إلى أربابه، أو يرى والدته تريد أن ترتكب ذنباً يؤدي إلى الإضرار بعرضه، وهكذا.
وليحرص الولد على فعل ذلك بعيداً عن عين الأم، وخاصة عند غيابه، حتى لا يؤدي ذلك إلى الخصام، أو العراك.
وقد سئل الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – عن رجل له بنات، يريد أن يبيع داره، ويشتري المغنيات ؛ هل لابنه أن يمنعه ؟ قال: أرى أن يمنعه، ويحجر عليه.
أما إن كان الأمر الذي تأمر به الوالدة مشتبه، وليس محرماً حرمة صريحة، فعلى الولد أن لا يظهر رفضه لقولها، لكن يتوقى ذلك حسب الطاقة.
وقد قيل للإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: هل للوالدين طاعةٌ في الشبهة ؟ فقال: في مثل الأكل ؟ فقيل: نعم. قال: ما أُحبُّ أن يقيم معهما عليه، وما أُحبُّ أن يعصيهما ؛ يداريهما، ولا ينبغي للرجل أن يقيم على الشبهة مع والديه ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ولكن يداري بالشيء بعد الشيء، فأما أن يقيم معهما عليه، فلا. انتهى كلامه.
والنوع الآخر: نوع يتعلق ببدن الوالدة، والإنكار في هذا غير جائز مع الأم المسلمة، أما غير المسلمة، المحاربة لله ورسوله، فإنَّه ينكر عليها باليد، بل لو استدعى ذلك ما هو أشد فعل. وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة، وفي هذه الحلقة يكون الحديث عن الدرجة السابعة والأخيرة، إن شاء الله تعالى، وهي:
الدرجة السابعة:- (الهجر)
وهذه مرحلة أخيره، لا يلجأ إليها الولد إلا أن لا يجد حلاً غيرها، بشرط أن يعلم أن في الهجر مصلحة، لأنَّ أسلوب الهجر أسلوب مشروع لا لذاته، بل لما يترتب عليه من مصلحة، فإن وُجِدَ أن لا مصلحة فيه، أو أنَّه يجر إلى مفسدة فإنَّه لا يفعل.
مثال ذلك: أن تكون الوالدة شديدة الحبِّ لولدها ـ وهذا هو الغالب ـ لا تصبر على فراقه، والولد يعلم ذلك، فإنَّه يهجرها – بعد استنفاد جميع الدرجات التي ذكرنا – حتى تحنَّ الوالدة، وتفعل المعروف الذي من أجله هجرها الولد، أو تترك المنكر الذي من أجله هجرها الولد.
أو: يكون الولد غنياً ينفق على والدته، فإنَّه يهجرها، فتخاف الوالدة من إيقاف النفقة أن تتضرر، فتترك المنكر، أو تفعل المعروف الذي من أجله هجرها الولد.
وفي قصة إبراهيم عليه السلام مع والده آزر استخدام كل هذه الدرجات التي ذكرنا، وهي:
• ... الدرجة الأولى:- (التعريف)
• ... الدرجة الثانية:- (النصح: بالوعظ، والتذكير، والتخويف بالله تعالى)
• ... الدرجة الثالثة:- (الجدال بالحسنى)
• ... الدرجة الخامسة:- (التعنيف)
• ... الدرجة السادسة:- (الإنكار باليد)
• ... الدرجة السابعة:- (الهجر)
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة، وفي هذه الحلقة يكون الحديث تلخيصاً لما سبق لنا أن عرضناه من درجات الاحتساب على الوالدة:
وفي قصة إبراهيم عليه السلام مع والده آزر استخدام كل هذه الدرجات التي ذكرنا، وهي:
• ... الدرجة الأولى: (التعريف)
• ... الدرجة الثانية: (النصح: بالوعظ، والتذكير، والتخويف بالله تعالى)
• ... الدرجة الثالثة: (الجدال بالحسنى)
• ... الدرجة الخامسة: (التعنيف)
• ... الدرجة السادسة: (الإنكار باليد)
• ... الدرجة السابعة: (الهجر)
قال الله تعالى:- {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً* يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً* يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً * واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً}.
ففي هذا الحوار الذي دار بين إبراهيم عليه السلام وبين أبيه آزر تعريف إبراهيم عليه السلام أباه خطر عبادة الأصنام، وكونها حجارةً لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، قال تعالى:_ {إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً}.
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى، في تفسير هذه الآيات الكريمات.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة، وفي هذه الحلقة يكون الحديث إكمالاً لتفسير قوله تعالى:- {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً * واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً}.
بيّن إبراهيم عليه السلام لوالده أنَّ عبادة الأصنام لم تأت إلا بإيعاز من الشيطان، وتحريض منه، وهو المخلوق العاصي لربِّه، الحريص على إيقاع النَّاس في المعاصي، وبيّن له عاقبة عبادة الأصنام، من كونها سبب سخط الرحمن، فقال:- {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً}.
ونلحظ في خطاب إبراهيم عليه السلام مع أبيه الرقة في العبارة، واللين في القول، حيث صدر حديثه معه بقوله: يا أبت، أربع مرات، وفي هذه العبارة ترقيق لقلب الأب، وتنبيه إلى اعتراف الابن بحقِّه عليه، وأنَّه غيرُ جاحدٍ لذلك، وأنَّ حقَّه عليه هو الذي حمله على تقديم هذا النصح للوالد، وأنَّ هذا النصح لا يُنقص حقَّه أبداً.
ونلحظ – كذلك في خطابه – عدم التعنيف والتعالي، أو وصف الوالد بشيء يثير غضبه، من تجهيل أو تسفيه أو غباء، إنَّما اقتصر على صبِّ بيانه على حقيقة الأصنام، ومن يعبد الأصنام، حتى يعيد والده النظر في حاله، ويتحقق من خطأ نفسه.
ولم يقل إبراهيم عليه السلام لأبيه: إنَّك من أهل النَّار، أو إنَّك عدو لله تعالى، بل ذكر له خوفه عليه – إن هو استمر على عبادة الأصنام – أن يصيبه عذاب الرحمن.
وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى.
-------------------
ومازال حديثنا موصولاً بدرجات الاحتساب على الوالدة، وفي هذه الحلقة يكون الحديث إكمالاً لتفسير قوله تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً * واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً}.
وهكذا سلك إبراهيم عليه السلام مع والده أسلوب التعريف أولاً، والنصح والتذكير، والتخويف من سخط الله تعالى ثانياً، والجدال بالحسنى ثالثاً.
وعندما رأى من والده الإصرار على الكفر، والتمسك بعبادة الأصنام عنفه، فقال تعالى - على لسان إبراهيم عليه السلام لأبيه - {إني أراك وقومك في ضلال مبين}.
قال ابن عاشور – رحمه الله تعالى -: " لما رأى تصميمه على الكفر، سلك معه الغلظة، استقصاءً لأساليب الموعظة، لعلَّ بعضها أن يكون أنجح في نفس أبيه من بعض، فإنَّ للنفوس مسالك، ولمجال أنظارها ميادين متفاوتة، ولذلك قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:-{ادع إلى سبيل ربِّك بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ وجادلهم بالتي هي أحسن} وقال له في موضع آخر {واغلظ عليهم} ".
ولما رأى التعنيف لم يجد معه أنكر عليه بيده، حيث انتظر حتى غادروا موقع وجود الأصنام، فقام يكسرها، قال تعالى – على لسانه عليه السلام:- {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تُوَلُّواْ مدبرين. فجعلهم جُذاذاً إلا كبيراً لهم لعلهم إليه يَرْجِعُون}. ثمَّ سلك معه آخر أنواع الاحتساب، وهو الهجر، عندما رأى إصراره على الكفر، وعدم قبوله النصح، وكون عدائه لله تعالى ظاهر، قال الله تعالى:- {فلما تبيّن له أنَّه عدوٌ لله تبرأَ منه}.
-------------------
وبعد أن فرغنا من الحديث عن مكانة المرأة إجمالاً في 56 حلقة:
ذكرنا فيها جوانب متعددة من المكانة العلية التي كرم الإسلام فيها المرأة، واستطعنا أن نخرج بتصور عام لمكانة المرأة في الشرع المطهر، سواء كانت زوجة أم بنتاً أم أماً، بعد أن فرغنا من هذا سيكون حديثنا في عدد من الحلقات القادمة عن بعض ما يثار في هذا الزمن من اتهام الإسلام والمسلمين بظلم المرأة، وانتقاصها حقوقها، في: عملها، وميراثها، وديتها، وحجابها، ومنعها من الاختلاط بالرجال، وتعدد الزوجات، وتفرد الرجل ببعض الأحكام الفقهية دونها، وغير ذلك كثير مما يثار عن وضع المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية، ومحاولة بعضهم انتزاع وضع بعينه من بين الكيان العظيم الذي جعل الله تعالى المرأة فيها ليقول: لم جعل الإسلام قسم المرأة في هذا أقل ؟ أو منعها من هذا الفعل ؟ ولاشك أن هذا القول يجد بريقاً ورواجاً عند كثير من الناس الذين ينظرون إلى الأمور نظرة قاصرة ضيقة، تنحصر في ذلك الوضع بعينه دون أن ينظر إلى الوضع العام للمرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي، فهو كمن ينظر إلى طبيب فتح بطن مريض ثم خاطها فاتهمه بقتله أو تعذيبه، دون أن ينظر إلى قصة المريض كاملة، وكون المصلحة اقتضت هذه العملية لعلاج مرضه الذي هو مصاب به.
ومما ينبغي على المسلم أن يعلمه أن غالب هذه التهم والشبهات التي تثار قديمة، قد يصل تاريخ بعضها إلى القرون الأولى، عندما دخل بعض أهل الملل في الإسلام ظاهراً، وبدأ مؤلفوهم ينفثون سمومهم عبر بعض مؤلفاتهم، وهي وإن لم تكن معنية بالمرأة كقضية تفرد بالتأليف لكنهم يوردون بعض ما يتعلق بها كنوع من أنواع الطعن، وقد تصدى لهم علماء الإسلام بالرد، وبيان زيف أقوالهم، وظلت طعونهم محصورة في زوايا ضيقة، إلى أن جاء المستشرقون فوسعوا دائرة الشبهات والطعون أكثر من السابق، مستفيدين مما كتبه القدماء من مؤلفات، حيث انتقوا منها ما يناسب العصر، وركزوا في طعونهم وشبهاتهم على كتاب الله تعالى، وعلى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى تدوين الحديث، وقضايا المرأة، وجاء هذا الزمن لتكون قضايا المرأة هي الأساس.
موقع جمعية البر بالرياض
http://www.albr.org/books/bn020.htm
ـــــــــــــــــــ(82/24)
أختاه أين أنت من الغيرة والحياء؟!
الشيخ مهنا نعيم نجم
عضو هيئة العلماء والدعاة - فلسطين
مما يثير اهتمامي ويشغل فكري هي تلك الصور التي تبرهن للعالم أجمع قدرة الخالق وعظمته، في حين كثير من المسلمات وبعض المسلمين - نسأل الله العفو والعافية - يترددون في نتفيذ وتطبيق شريعة الله في الأرض، نعم تلك الصورة التي ترى فيها رحمة الدابة على ولدها، وغيرة الحيوان على عرضه؛ أن ألا ترين الأسود كيف تتعارك غيرةً على أعراضها، فإذا كان الحيوان في شريعة الغاب لا يحب أن يشاركه أحد في الأنثى خاصته!! فكيف بنا بني آدم؟!، أمّا أنا فيصيبني الضجر، ويرهقني التفكير، وأتعطل عن العمل؛ حين أسمع أن الحضارة والتقدم تدعو المرأة للخروج مع القريب والبعيد!!، وأن تكون مباحة لكل طالبِ شهوة، وباحث عن الرذيلة!!
نعم أختاه " الغيرة هي السياج المعنوي لحماية الحجاب وحمايتُكِ، فالغيرة: ما ركبه الله في العبد من قوة روحيّة تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر، فالحجاب باعث عظيم على تنمية الغيرة على المحارم أن تنتهك أو تنال منها، وباعث على توارث هذا الخُلق الرفيع، لقد فقدت الغيرة في كثير من الشباب والشابات من أبناء المسلمين، ويكفي أن تنظري إلى تلك الصور المقززة للنفس، والتي لا يكاد يراها عاقل مؤمن بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، غيور على دينه وعرضه؛ إلا وراودته نفسه بالتقيؤ من تلك الصور التي تظهر بها النساء والفتيات اليوم اللواتي ينتسبن إلى الإسلام زوراً وكذباً.
انظروا إلى منظر هؤلاء الفواجر في الأسواق والطرقات؛ قد كشفن عن عوراتهنّ التي أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بسترها، والله ليؤسفنا الحال أن نرى هذه المناظر في الأرض التي بارك الله فيها وما حولها، فتجد بعض الفتيات اليوم قد أظهرت ساقيها، وكشفت وجهها، وربما كشفت رأسها، وشيئاً من صدرها، بل تجد بعضهنّ بلغت الوقاحة وقلة الحياء والغيرة فيهنْ إلى أن تكشف عن شيء من ثدييها، ونصف بطنها، وأحياناً لا تكتفي بذلك؛ بل ترتدي ما يشف ويصف ويُظهِرُ ما تظن أنه مستور من بدنها وجسمها!!! فأي وقاحة هذه، وأي قلة حياء؟!! والأكبر من هذا وقاحة، وأشد أسفناً، أن يمشي إلى جانبها رجلٌ - زوجها - طويل القامة، مشدود الهامة، أطلق شاربه، ظاناً بنفسه أنه رجل!! متناسياً أن البهائم أفضل منه!! يمشي إلى جانبها متباهياً بفضيحتها!! راضياً لها الرذيلة، قابلاً لنفسه أن يكون ديوثاً، غضب الله عليّه، فكان مستقراً مناسباً لشتائم الرجال، وموطن احتقارهم، فخرج من دائرة الرجال إلى دائرة المخنثين الأنذال!!
أين الغيرة والحياء؟! أين الذين ينعتون أنفسهم بالرجولة من هذا الأعرابي الذي رأى رجل ينظر إلى زوجته دون أن تفعل زوجته شيء، فطلقها غيرة على محارمه، فلما عوتب في ذلك، قال:
وأترك حبها من غير بغضٍ وذاك لكثرة الشركاء فيه
إذا وقع الذباب على طعامٍ رفعت يديّ ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماءٍ إذا الكلاب ولغنَ فيه
http://www.islamselect.com:المصدر
ـــــــــــــــــــ(82/25)
طوال خمسة قرون 80 % من جهودنا لـ المحافظة على المرأة20% من جهودنا لتنمية المرأة !
د. عبدالكريم بكار
كلما تفتح وعي الناس على واقعهم، وكلما تفتح وعيهم على ما بينهم من تباينات وتنوعات قفزت (قضية المرأة) لتكون أحد المحاور الأساسية في كل نقاش، بل إن كثيرًا من الاتجاهات والأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية يجعلون من موقفهم من المرأة أحد أهم الدلالات على طبيعة اتجاههم وطبيعة نظرتهم للمسائل الوطنية الكبرى، ولهذا فإن تناول مسائل إصلاح المرأة، يتسم بحساسية خاصة لدى الجميع، ولا يكاد يطرح حتى يثير العواصف والزوابع الإعلامية في كل اتجاه وعلى كل مستوى؛ ولهذا فإن التناول له يتسم دائمًا بالحيطة والحذر، ويحتاج إلى الكثير من الاحترازات.
ومن وجه آخر فإن كل الأمم ـ على ما يبدو ـ تجعل من المرأة المناط الأساس لشرفها، كما تجعل منها ما يشبه المؤتمن على تواصل الأجيال على المستوى الأسري، وكأن هزّ المرأة للمهد جعل منها القيّم الأول على عملية نقل التقاليد الشعبية واستمرارها عبر العصور.
لا أستطيع في هذا المقال أن أقول كل ما يجب قوله، فأقصر إذن على ما أراه أكثر أهمية، وذلك عبر الحروف الصغيرة الآتية:
* لا يستطيع أحد فينا أن يزعم أن أحوال المرأة المسلمة على خير ما يرام، فنحن نشكو من سوء حال المرأة المسلمة، كما نشكو من سوء حال الرجل المسلم ؛ بل إنه ليس في الغرب أو الشرق من يستطيع أن يدعي أن أحوال نسائه ورجاله مستغنية عن الإصلاح.
وإذا كان في الدول الغربية من يتخذ من الحديث عن أوضاع المرأة المسلمة عامة والمرأة العربية خاصة، وسيلة للضغط علينا ووسيلة للتدخل في شؤوننا، فإن هذا لا ينبغي أن يدفعنا إلى التباطؤ في تنمية المرأة المسلمة ودفعها نحو الأمام.
نحن من حيث المبدأ مع كل من يدعو إلى الإصلاح كائنًا من كان، ولكل من يساعد عليه الشكر والعرفان.
* من المهم أن نعترف أنه على مدار العصور الخمسة الماضية ـ ولك أن تقول القرون ـ كان جل اهتمامنا مصروفًا إلى صيانة المرأة المسلمة والتفكير في المحافظة عليها ومنعها من الاختلاط بالرجال. قد صرفنا 80% من جهودنا في ذلك، وصرفنا 20% منها على صعيد تنميتها وإعدادها للمهمات الملقاة على كاهلها.
وكان علينا أن نفعل العكس من ذلك. إننا لا نختلف في أهمية حجاب المرأة وأهمية إبعادها عن مواطن الفتن وإبعاد مواطن الفتن عنها، لكن هذا يجب أن يتساوق مع توفير البرامج والأطر والآليات التي تساعدها على أن تكون الزوجة والمربية والداعية والمواطنة الصالحة والمنتجة. ولو أننا تساءلنا عن المؤسسات التي توفر ذلك لم نجد إلا القليل والقليل جدًا مما يمكن أن نتحدث عنه.
* إن الغرب حين يطالب بإصلاح أوضاع المرأة المسلمة ـ وكذلك الذين يحتطبون بحباله ـ ينظر إلى واقع المرأة لدينا، وإلى ما يجب أن تكون عليه، من أفق ثقافته ورؤاه الحضارية، وبما أن الغربيين يجعلون من ثقافتهم ومن منجزاتهم مرجعية كونية شاملة ومتفردة، فإنهم لا يستطيعون أن يدركوا أن العالم وإن كان يستظل بحضارة واحدة، هي حضارتهم إلا أنه يحتفظ لنفسه بتنوع ثقافي هائل، ونحن المسلمين لسنا راضين عن وضع المرأة الغربية، كما أن ما اقتبسته بعض الدول الإسلامية من الغرب على صعيد المرأة سبَّب مشكلات كثيرة، ولم ننتفع منه بشيء ذي قيمة؛ ومن ثم فإننا لا نجد لدى الغرب النموذج المنشود للمرأة المسلمة.
إن أمة الإسلام وهي تحاول النهوض بأوضاع المرأة لديها لا تنطلق من فراغ تشريعي أو معرفي، كما أنها ليست الأمة الطارئة على التاريخ، ولا الأمة التي تشكو العوز على مستوى الأعراف والتقاليد والدلالات الرمزية. إننا بمعنى آخر نملك على مستوى الفلسفة وعلى مستوى التشريع منظومة من القيم والمفاهيم والأحكام التي توجه كل حركات النهوض والتقدم على الصعد كافة بما فيها صعيد المرأة. وإننا بالتالي نعتقد أن الإصلاح الذي يرمي إلى نزع قضية المرأة من تلك المنظومة ليس بإصلاح، وإنما هو تخريب.
تحريم الله - تعالى - للزنا يستلزم بداهة تأسيس أوضاع، تساعد الرجال والنساء على العفاف من نحو البعد عن اختلاط الجنسين وستر المرأة لمفاتنها، والبعد عن كل ما يهيج الغرائز. وإن كون المرأة ترث نصف نصيب الرجل من الميراث في بعض الحالات ـ مرتبط بتشريعات أخرى مثل كون الرجل هو المكلف بالإنفاق على الأسرة ومثل كونه هو الذي يدفع المهر وهكذا.
إن كثيرًا من الذين يطالبون بإصلاح شؤون المرأة وفق ما هو سائد لدى العالم الصناعي لا يعيرون أي انتباه لمسألة مهمة، هي أن التقدم على النحو الممتاز يظل مرتهنًا للانسجام بين معتقدات المرء وسلوكاته وأوضاعه العامة، كما أن التوجيهات والتشريعات الإسلامية تعمل مجتمعة في إطار منظومة واحدة، وإن إدخال أي تعديلات جوهرية على أي جزء من أجزاء المنظومة يعوق أداءها الكلي.
* إذا تركنا الثوابت التي لدينا في القضايا المتعلقة بشؤون المرأة، فإننا سنغادرها إلى اجتهادات وتجارب بشرية قاصرة وصادرة عن رؤى إقليمية وجانبية محدودة (والعقل لا يصدر دائمًا إلا عن رؤى جزئية)، وتلك الاجتهادات متغيرة ومتجددة، والارتباط بها لا يعني التبعية لما هو مرحلي ومتطور فحسب، لكنه يعني أيضًا إحداث تصدعات في البنى العميقة داخل مجتمعاتنا، وتشتيت القوى الاجتماعية بين متمسك بالقديم ولاهث خلف الجديد؛ وليس في هذا مصلحة لأي أحد فينا.
حين غزا الأوروبيون إفريقيا في القرن التاسع عشر أبدوا استهجانهم لتكشف المرأة الإفريقية وعدم اهتمامها بستر جسدها، حيث كانت المرأة الأوروبية آنذاك تلبس ثيابًا طويلة سابغة، كما كانت تضع شيئًا على رأسها. واليوم تجاوز العري الأوروبي كل مقاييس الحشمة، وصار ما هو دارج حجة أخلاقية وقانونية يمكن الاتكاء عليها بعيدًا عن أي نصوص دينية أو موروثات ثقافية. وتجاوز الأمر ذلك أيضًا إلى أنه يضيق بلد ذرعًا بقطعة قماش تضعها مسلمة على رأسها، وتصدر القوانين الحاظرة لذلك، مع أن ذلك البلد يوصف بأنه مركز التنوير والإشعاع الحضاري والديموقراطي الأول!!
* إن الاختلاف التشريحي والفزيولوجي بين الرجل والمرأة حدد في الحقيقة إلى مدى بعيد الدور الأساسي لكل منهما في الحياة، فكون المرأة هي التي تحمل وتلد وتُرضع، جعل من الأمور الطبيعية أن تهتم هي بشؤون الأسرة وليس الرجل، كما جعل من الطبيعي أيضًا أن تمكث في البيت أكثر من مكوث الرجل. وهذا يؤثر في مجمل خبراتها الحياتية، ويجعل أداءها لكثير من الأعمال خارج المنزل لا يتم بالكفاءة التي تبدو في أداء الرجل؛ ولهذا فإن المرأة لم تستفد من تشريعات المساواة المطلقة مع الرجال في كثير من بلدان العالم سوى القليل؛ ولا سيما على صعيد الوظائف العليا، فنسبتهن بين رؤساء الدول والوزراء والأمناء والمديرين العامين متدنية جدًا، ولا تقدم الدول المتقدمة شيئًا زائدًا في هذا عما تقدمه الدول النامية، ثم إن كون المرأة أخف وزنًا من الرجل وأصغر حجمًا منه، جعلها غير قادرة على مباشرة الأعمال التي تتطلب درجة عالية من القوة البدنية، وهكذا فالدول التي جندت النساء في جيوشها تكل إليها القيام ببعض الأعمال الإدارية، ولا تكلفها في الغالب بمباشرة القتال. وفي الولايات المتحدة انتهت بعض الدراسات والإحصاءات إلى أن الشرطية تستخدم السلاح، وتقتل من المطاردين أكثر مما يفعله الشرطة الذكور بسبب ضعف القوة البدنية لدى النساء وتوفرها لدى الذكور.
ولا يخفى أن بعضًا من سوء معاملة المرأة وبعضًا من الظلم الذي يقع عليها في كل أنحاء المعمورة، يعود إلى ضعفها البدني مقارنة بالرجل، وإن تأجج العاطفة لدى المرأة إلى حد السيطرة شبه الكاملة على القرار الشخصي وعلى المحاكمة العقلية ـ لا سيما في أوقات الغضب ـ يفسر حكمة إعطاء إدارة الأسرة والقوامة للرجل، وجعل الطلاق في يده على نحو عام وليس في يدها، إن كثيرًا من الخديعة للنساء والكثير من التلاعب بهن وتوظيفهن من قبل بعض الرجال في أعمال لا أخلاقية، يتم بوصفه حصيلة نهائية لكل العوامل التي أشرت إليها، وقد أشارت إحصائية حديثة إلى أنه للمرة الأولى في التاريخ تتجاوز نسبة المواليد غير الشرعيين في بريطانيا نسبة المواليد الذين ولدوا داخل مؤسسة الزواج. وفي هذا عبرة لمن يستطيع أن يعتبر!
* نحن ننظر إلى الاختلاف بين الرجل والمرأة على كل المستويات وفي كل الملامح على أنه جزء من عملية التناسق الكبرى التي بثها البارئ ـ - سبحانه - ـ في هذا الكون، فكون قيام الأسرة يشكل أحد أبرز معالم الحياة الاجتماعية في الرؤية الإسلامية ـ اقتضى وجود الاختلاف بين الرجل والمرأة، حيث يأتي الانسجام هنا من التباين، وليس من التناظر، على قاعدة: «نختلف لنأتلف»، فزيادة العاطفة لدى المرأة ترطب أجواء الأسرة، وتلطف العلاقات داخلها، كما أنها ضرورية جدًا لأداء الخدمة الشاقة في تربية الأطفال. وزيادة درجة المحاكمة العقلية لدى الرجل تساعد على ترشيد قرارات الأسرة، وتوجهها الوجهة الصحيحة، ويحدث الكثير من الخلل حين تتراجع العاطفة لدى المرأة، وحين تطغى لدى الرجل.
كما أننا ننظر من وجه آخر إلى الاختلاف بين الجنسين على أنه معقد الابتلاء في الحياة الاجتماعية، إذ على الرجل أن ينظر إلى التباين بينه وبين المرأة على أنه أداة اختبار له، وعلى المرأة أن تفعل مثل ذلك، وهذا هو البديل الجيد من أن ينظر كل منهما إلى نفسه على أنه محور وعلى الآخر الدوران في فلكه.
* إن أحد أهم المنطلقات في مسألة النهوض بالمرأة المسلمة يتجسد في النظر إلى أن الأصل في واجبات الرجال والنساء واحتياجاتهم وحقوقهم وآفاق نموهم والفرص التي يجب أن تتاح لهم ـ هو التوحد والتشابه، وليس الخصوصية والتباين إلا ما دلت النصوص الصحيحة الصريحة والأحكام المعتمدة على الاختلاف فيه. وهذه النظرة مخالفة على نحو جذري للنظرة التي تجعل من التباين بين الجنسين أصلاً، ومن ثم فإن على من يدعي التماثل الإثبات بالأدلة والبراهين. يقول الله - تعالى -: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرْا} (سورة النساء: 124) وقال: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرْا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} (سورة الأحزاب: 36). وقال - سبحانه -: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرْا والذاكرات أعد لهم مغفرة وأجرْا عظيمْا} (سورة الأحزاب: 35) وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك س- يرحمهم الله - إن الله عزيز حكيم} (سورة التوبة: 71).
إن حاجات المرأة البدنية والروحية والنفسية والترويحية والأدبية والمعيشية لا تختلف عن حاجات الرجل، وينبغي العمل على تلبيتها في إطار خصوصية المرأة ووفق حدود الشريعة الغراء، وللمرأة على الرجل حقوق كما أن للرجل على المرأة حقوقًا، وقد قال - سبحانه -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} (سورة البقرة: 228). وقد كان ترجمان القرآن ابن عباس يقول انطلاقًا من هذه الآية: «إني لأحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي»، وذُكر أنه قال في تفسير الآية: «أي لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه الله عليهن لأزواجهن». وقد اختلف المفسرون في تفسير كلمة (الدرجة) على أقوال، وقد ذهب ابن عباس إلى أن الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة والتوسع للنساء في المال والخُلُق، أي أن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه. قال ابن عطية: «وهذا قول حسن بارع».
إن للمرأة المسلمة الحق في أن تتطلع إلى تحقيق ذاتها وإثبات وجودها والقيام بدور ريادي في المجتمع عن طريق الدعوة إلى الله - تعالى -وتثقيف الجيل، والمشاركة في الحركة الإصلاحية، والمساهمة في تنمية الاقتصاد، ودفع عجلة التقدم بما لا يؤثر على وظائفها القائمة بها فعلاً من رعاية الأسرة وتنشئة الطفولة، وبما لا يتعارض مع الأطر الشرعية المعروفة في هذا الشأن، إننا لا نستطيع، كما لا يستطيع غيرنا، أن نفصل للنساء الأمور التي تتطلع إليها، أو تحقق ذاتها عن طريقها، فهذا شيء يشرطه الزمان الحاضر ونوعية الحالة الحضارية السائدة، ولا تختلف المرأة في هذا عن الرجل. المهم دائمًا مشروعية الأهداف ومشروعية الوسائل بالنسبة إلى كل منهما.
والحقيقة أن الأمة اليوم بما تعانيه من ضعف في كل المجالات بحاجة ماسة إلى جهود كل أبنائها وبناتها، وهو ما يجعل كثيرًا مما أشرت إليه على أنه حقوق نوعًا من الواجبات الحضارية التي ينبغي إعداد المرأة للقيام بها والنهوض إليها.
* يقول علماؤنا: الخير المحض نادر، والشر المحض نادر، ومعظم الأمور عبارة عن خير يشوبه بعض الشر، وشر يشوبه بعض الخير. وإننا انطلاقًا من هذا سنجد دائمًا بعض الميزات والإيجابيات لكثير من الأنشطة النسائية، كما سنجد أيضًا بعض المثالب والسلبيات لكثير من ذلك. وعلينا من خلال معرفتنا بموازين الشريعة السمحة ومعرفتنا بسنن الله - تعالى -في الخلق، بالإضافة إلى فهمنا لطبائع الأشياء ومنطقها ـ أن نقوم بـ(تقويم) الإيجابيات والسلبيات لكل عمل من الأعمال وكل نشاط من الأنشطة التي تحتاج إليها المرأة، وينبغي أن تساهم هي على نحو فاعل وواسع في توضيح الحاجات وتقويم الأنشطة، فما غلبت إيجابياته على سلبياته صارت سلبياته في حكم العدم، وما غلبت سلبياته إيجابياته، صارت إيجابياته كذلك، مع الأخذ في الحسبان أن تقديرنا للمزايا والنقائص كثيرًا ما يكون اجتهاديًا يقبل الخلاف والجدل والرؤية المتعددة. وإذا كان هذا صحيحًا فإن على الأمة أن توحد كلمتها، وتتعاون على تطهير المجتمع من السلوكات والأوضاع المتفق على تجريمها والمتفق على سلبياتها وضآلة إيجابياتها، كما أن عليها أن تبقي الباب مفتوحًا للحوار في الأمور المختلف فيها، وأن تتعلم مع ذلك كيف تتسامح فيما يحتمل تعدد الرؤية وتباين النظر والتقدير من أفق الحكم الشرعي أولاً، ومن أفق النظر العقلي والخبرة المتراكمة ثانيًا.
ومن الملاحظ في هذا الإطار أن كثيرين منا لا يظهرون أي استعداد للمناقشة في المزايا والعيوب، ولا ينفتحون على أي رأي مغاير لآرائهم في قضايا المرأة، وقد استسهلوا حظر أي نشاط أو عمل أو إطار لمحوا فيه سلبية من السلبيات، غير مدركين للأضرار الخلقية والنفسية والاجتماعية التي تتعرض لها المرأة بسبب كبح روح المبادرة لديها، وتضييق المجال الحيوي لنشاطها وحركتها.
إن على أهل الخير والغيرة على المرأة المسلمة أن يدركوا أن الزمان ليس ممتدًا أمامهم إلى ما لا نهاية، وأنهم إذا لم يسعوا على نحو جاد لإصلاح شأن المرأة من أفق مبادئهم ومنطلقاتهم ورؤاهم، فإن غيرهم سينجز المهمة وفق ما يراه، وعليهم آنذاك ألا يلوموا إلا أنفسهم. * من المهم في كل مشروعات الإصلاح العامة وتلك الخاصة بالمرأة أن نركز على التثقيف والتربية بوصفهما المورد الأكبر لبناء الإنسان من الداخل، وبوصفهما الأداة الأكثر فاعلية لتأسيس ذات حرة كريمة، تحركها المبادئ والقناعات الذاتية، ويكبح جماحها الوجدان والضمير والوازع الداخلي. وقد بات هذا الأمر اليوم أكثر إلحاحًا، حيث أخذت العولمة تهمش كل السلطات: سلطة الدولة والمجتمع والأسرة والمدرسة، وسينتج عن كل ذلك تدهور في سلطة الأعراف والعادات والتقاليد، وهو ما يعني أهمية استثنائية للرقابة الذاتية والمبادرة الخاصة التثقيف الجيد القائم على الحوار وتوسيع الأفق وقبول النقد والنظر إلى الأشياء من زوايا متعددة، يساعد الأجيال الجديدة على الشعور بالمسؤولية من خلال شعور بحرية الاختيار. ومن الشعور بالمسؤولية تنبثق الشخصية، ويبزغ فجر الإنسان المبادر والمنضبط ذاتيًا. وإن من المؤسف أننا على مدار التاريخ لم نكن نواجه انحرافات المجتمع وأمراضه وأشكال قصوره بتحسين مستوى التثقيف أو تطوير البنية التربوية، وإنما كنا نواجه ذلك بالإفراط في استخدام القوة وسن المزيد من النظم والقوانين الكابتة للنشاط والمقيدة للحركة. وقد عبر عن هذه الوضعية عمر بن عبدالعزيز، - رحمه الله -، حين قال: «يحدث للناس من الأقضية على مقدار ما يحدثون من الفجور». ولم نحصل من وراء كل ذلك إلا على أقل القليل من الصلاح والاستقامة والتقدم، لكننا خرجنا أجيالاً من الإمّعات والمهمشين، وأجيالاً من ذوي السلوكات المتناقضة والنفوس الناقمة، والتطلعات المرتبكة. إن التثقيف الجيد يحتاج إلى وقت وإلى جهد وصبر لكن نتائجه مذهلة! وإن طبيعة التدين الحق والالتزام الصحيح تتأبى على القسر والإكراه، وتنمو وتنتعش مع التحفيز والتشجيع والعناية الفائقة.
* تواجه المرأة المسلمة العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه المشكلات منها ما هو خاص بها، ومنها ما هو مشترك بين النساء جميعًا، وإن من سنة الله - تعالى -، في الابتلاء أن الذي يتحرك في إطار مبادئه وقيمه يجد نفسه يتحرك في مدى أضيق من المدى الذي يتحرك فيه من يمضي وفق رغباته وشهواته المطلقة، وهذه القيود والتكاليف تثقل كاهل الإنسان، ولكنها في الوقت نفسه تشكل وسائله وسبله إلى الرقي والسمو والنجاة، ومثلها في ذلك مثل جناحي النسر يثقلان حين يكون على الأرض لكن بهما يبلغ طبقات الجو العليا، وأنا أشعر أن إحساس الرجال بحجم معاناة النساء ضعيف، وقد تعودنا إصدار الأحكام العامة دون الدخول في التفاصيل، مع أن الشياطين، كما يقولون، تكمن في التفاصيل. وهذا بعض ما أعتقد أنه يشكل أزمات عامة للمرأة المسلمة، على نسب متفاوتة.
كثير من النساء يعانين السأم والملل والفراغ بسبب أن لديهن في البيت من يخدمهن ويحمل عنهن عناء رعاية المنزل. وهناك عدد كبير آخر من نساء المدن والأرياف يجدن أوقاتًا كثيرة في المساء لا يعرفن كيف يملأنها، ونظرت المرأة إلى نفسها فوجدت أنه ليس لديها رسالة سامية تسعى إلى نشرها، وليس لها اهتمام بخدمة اجتماعية تقوم بتأديتها، كما أنه ليس لها هواية نافعة تقوم بممارستها، وكانت النتيجة ضيق الصدر وتراكم الهم، وكان الملاذ في الخلاص من الفراغ هو الجلوس أمام الفضائيات ومتابعة ما فيها من غث وسمين، واللجوء إلى التسوق والتجول في الأسواق، وقد نمت النزعة الاستهلاكية لدى المرأة المسلمة والنزعة نحو التزين على نحو سبقت به المرأة الأوروبية! إن المرأة عندنا تتعامل مع المنتجات الاستهلاكية كما يتعامل السجين مع الطعام، حيث لا يجد ما يمارس حريته تجاهه سواه!
كثيرًا ما نقول: إن الوظيفة الأساسية للمرأة هي رعاية شؤون الأسرة وتربية الأطفال. وهذا حق لا جدال فيه، لكن ماذا تعمل العوانس اللواتي لم يتزوجن؟ وماذا تعمل امرأة لم تنجب؟ وماذا تعمل امرأة كبر أولادها؟ ووجدت نفسها وحيدة بين أربعة جدران؟ وماذا تعمل امرأة تزوجت وطلقت؟ إن هذه الفئات تشكل نسبة لا يستهان بها بين النساء.
هذه الوضعية تحتاج إلى حلول مركبة، قد يكون أولها حفز المرأة على تكوين رسالة دعوية أو اجتماعية أو خدمية تحاول تأديتها والعمل من أجلها، وهذه مهمة وسائل الإعلام في المقام الأول.
ومن تلك الحلول إيجاد أماكن للتسوق خاصة بالنساء، ويمكن داخل تلك الأماكن إيجاد أنشطة تربوية وتعليمية وترفيهية في إطار المباح؛ فذلك يساعد على شغل الوقت بشيء نافع بعيدًا عن مواطن الفتن. ويظل الحل الأكثر نفعًا والأكثر إمكانًا هو إنشاء ما لا يحصى من المؤسسات والأطر الخيرية والتدريبية والتعليمية التي تساعد المرأة على تنمية ذاتها، وعلى أداء دورها في خدمة الأمة. ونحن مقصرون في هذا تقصيرًا كبيرًا، وإن من المؤسف أن المرأة المسلمة تكاد تكون المرأة الوحيدة بين نساء الديانات المختلفة التي لا تذهب إلى مكان العبادة، مع صريح قوله [: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»، وقوله [: «إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها»، أخرج الحديثين مسلم في صحيحه ولا خلاف في أن على المرأة المسلمة إذا خرجت إلى المسجد أن تترك التزين والتطيب، وأن تلبس اللباس الساتر، إن معظم مساجدنا ليس بها أي مكان مخصص للنساء، والأماكن المخصصة في بعضها كثيرًا ما تكون ضيقة ومهملة. والعجيب أن كثيرين ممن يخشون من وقوع نسائهم في الفتنة إذا ذهبت إلى المسجد لا يجدون حرجًا في تجول نسائهم في الأسواق الساعات الطوال من غير رجل يرافقهن، ولا يجدون حرجًا في الذهاب مع أهليهم إلى الحدائق العامة والسفر بهم إلى البلاد الأجنبية!
إن حضور المرأة إلى المسجد ليس من أجل الصلاة فحسب، وإنما من أجل الانتفاع بالموعظة، وممارسة نشاط دعوي وتربوي وتعليمي، يمكن أن ينشأ في دوائر النساء إذا ما نحن ملكنا الرؤية الصحيحة لتنمية المرأة المسلمة.
إن كثيرات من النساء يعانين الأمرين من مشكلة الاختلاط في الدوائر والشركات والمؤسسات، ويتعرضن للكثير من الأذى والتحرش الجنسي، ولا أحد يهتم بهذا، ولا يسلط الضوء عليه، وبعض النساء يعانين انحراف أزواجهن وسلوكهم طريق الرذيلة واستسهال الخيانة الزوجية، كما أن بعضهن يعانين من زوج مدمن على المسكرات أو المخدرات. وبعضهن يعانين من الزوج الذي يسهر مع (شلته) إلى الفجر، ثم يعود إلى البيت لينام سويعات، ثم يذهب إلى عمله، ثم يعود لينام ويأكل، ثم ينصرف إلى أصدقائه وهكذا..!!
هناك نساء كثيرات يعانين ضرب أزواجهن لهن والاعتداء على أموالهن ورواتبهن، وهناك وهناك..إن كثيرًا من هذه المشكلات جاءت به أو زادت في تفاقمه الظروف الحضارية الراهنة، وإن كل هذا يحتاج إلى مواجهة شجاعة وحلول ناجعة، وأتصور أن علينا أن نقلل من الاختلاط إلى الحد الأدنى، وأن ننشئ أعدادًا كبيرة من الجمعيات والمؤسسات واللجان التي تسعى إلى تثقيف الرجال والنساء بأصول الحياة الأسرية وآدابها، كما تقوم بإصلاح ذات البين وحل المشكلات المتفاقمة بين الزوجين، كما أن علينا أن ننشئ محاكم مستعجلة جدًا وذات شفافية عالية من أجل الأخذ على أيدي الأزواج الظالمين والفاسدين والمهملين.(82/26)
لا بد أن ننشئ المزيد من الأطر لتوظيف المرأة للاستفادة من مؤهلاتها، ونحن نقول منذ البداية: إن الوظيفة الأساسية للمرأة هي الأمومة والقيام بأعباء البيت والأسرة، لكن هناك نساء تعملن ونلن أعلى الشهادات والأمة في حاجة ماسة إلى عملهن وخبراتهن، وهناك نساء لم يتزوجن والوظيفة بالنسبة إليهن باب للرزق وملء للفراغ. وفي ظل تراجع دخل الفرد في معظم الدول الإسلامية صار معظم الموظفين غير قادرين على توفير المال المطلوب لحياة أسرية كريمة، ويحتاجون إلى مشاركة زوجاتهم في تغطية نفقات الأسرة وهناك وهناك... إن الارتقاء بالحياة يوفر دائمًا المزيد من فرص العمل، وإن بعض الدول خاض تجارب ناجحة في توفير أعمال كريمة من خلال مشروعات (الأسر المنتجة)، كما أن بعض الشعوب الإسلامية تتبع تقليدًا حميدًا في توفير معلمين ومعلمات ومؤدبين ومؤدبات على مستوى عال من الاستقامة والمعرفة من أجل تهذيب وإرشاد الأولاد والبنات في البيوت. وأتصور أن سن تشريعات، في المدن على الأقل، لجعل الذهاب إلى رياض الأطفال منذ سن الرابعة إلزاميًا سوف يقدم خدمة كبيرة للأسر والنساء الباحثات عن العمل.
إننا حين نملك ما يكفي من العزيمة والوعي، فسنجد الكثير من الحلول، وسننجز إنجازات ضخمة للمرأة المسلمة والمجتمع المسلم.
22-ذو الحجة-1426 هـ
22-يناير-2006
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/27)
هروب الفتيات ... خطأ مشترك !!
فوزية الخليوي
هزّت الصحف السعودية بداية العام الحالي عدّة حوادث تداولتها عن هروب بعض الفتيات، كان لها وقع الصاعقة في قلوب الكثيرين، خاصةً في مجتمع محافظ، متمسك بثوابته الدينية!!
منها على سبيل المثال:
فتاة في السابعة عشرة تهرب من عائلتها في عسير، يذكر أن عسير شهدت قبل عدة أسابيع هروب فتاة من منزلها، ولم تتمكن الجهات الأمنية من العثور عليها جريدة (المدينة) عدد 1424.
هروب فتاة في العشر الأواخر من منزلها أثناء إعداد والدتها المسنة لوجبة السحور، ويذكر أن الفتاة تعاني من حالة نفسية، ولم تبلغ السلطات إلا في تاريخه (جريده الرياض عدد 23ذي الحجة 1425).
وهروب الفتيات ليست ظاهرة وليدة اليوم كما يدّعي البعض بل ورد في التاريخ الإسلامي بعض الحالات، فعندما كانت الروم تحاصر الأندلس المسلمة كان لأحد الأندلسيين بنت ففقدها فأُخبر أن كبيراً من رؤوس الروم خرج بها فتبعه أهلها وشكوه إلى صاحب مملكتهم فأحضره فقال الرومي: لا تعجل عليّ فإنها فرّت إلى ديننا، وجيء بها فأنكرت أبويها وارتدت!!
مما يدلل أن النفسية التي تتعامل بها الفتاة مع محيطها هي واحدة على مرّ الأزمان.
وقبل أن نُنْحى باللائمة تماماً على الفتاة، لك أن تنظر في هذه الإحصائيات من واقع مجتمعاتنا:
ذكرت جريدة الإتحاد، أن مراكز الشرطة في دبي خلال عام 2001 سجلت هروب (79) مراهقة (المجلة الإلكترونية).
أما في اليمن، ففي صنعاء خلال أسبوع واحد اختفت عشر فتيات، وفي صنعاء أيضاً خلال ثلاثة أشهر(45) حالة، أما الحالات المبلغ عنها من قبل أهاليهن على أنها هروب فكانت (20) حالة(جريدة الرياض 5 ربيع الثاني 1423عدد 12413)
وفي جمهورية مصر فقد قال الدكتور أحمد المجدوب الخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية: لقد أثبتت الدراسات الميدانية ارتفاع معدل هروب الفتيات ففي القاهرة كان المعدل من سن (12-17) سنة (28) حالة عام 1991، و(95) حالة عام 1994، أما في جميع المدن ففي الأعوام، 98، 97، 96 قد بلغت الحالات (7340) حالة.
أما في السعودية فتشير إحصائيات وزارة الداخلية إلى أن حالات هروب الفتيات قد سجلت منحنى خطيراً، حيث بلغ إجمالي حالات الهروب والتغيب المبلغ عنها(3285) من الجنسين، عدد الإناث(850) (جريدة الوطن عدد1537).
وإذا كانت بيانات التركيب العمري للسكان السعوديين قد أشارت إلى أن نسبة الأطفال في السعودية ممن يبلغ عمرهم (14) عاماً أو أقل حسب آخر تعداد 49. 23 % فلك أن تقدّر أعداد المراهقين والمراهقات في مجتمعنا خلال جيل قادم!!
أنواع الهروب:
هروب معنوي: وهو الأكثر شيوعاً وذلك لطبيعة المجتمع المحافظ، ولخوف الفتاة من الأسرة، فتنعزل الفتاة نفسياً وتبقى في غرفتها مدةً طويلة، حيث تجعل لنفسها عالماً آخر من خلال الأحاديث الهاتفية، أو المحادثة عبر الإنترنت، فتملأ هذه المحادثات عقلها ووجدانها، يطمئن فيها الوالدان بأن أبناءهم وبناتهم يواكبون العصر أمام شاشة الكمبيوتر، وهذا بنظرهم آمن من الخروج للنزهات؟!! وقد تستيقظ الأسرة ذات صباح على فاجعة هروب الفتاة!!
وشكل آخر من أشكال الهروب: وهو المشاكسة، حيث ترفض بعض الفتيات أي موضوع يطرح لها سواءً كان سلبياً أم إيجابياً، ليس بهدف الوصول إلى نتيجة ولكن بغرض الحب في المعارضة التي تأتى في هذا الإطار رغبة منها في إثبات الذات!!
هروب مادي: حيث تقذف الفتاة بكل المبادئ والفضائل، التي نشأت عليها وتنساق وراء رغباتها التي في الغالب تقودها إلى الوقوع في الرذيلة!!
وفي دراسة قامت بها عايدة سيف الدين الباحثة في مركز دراسات المرأة والطفل في (مصر) أن 15% من الفتيات هربت بدافع الحب لشاب رفضته الأسرة، وفي بعض الأحيان تكون البنت قد أخطأت معه!
ومن الأمثلة أيضاً ما حكته عائشة الشهري أخصائية الطب النفسي بوزارة الشؤون الاجتماعية من أن إحدى الفتيات التي عايشت قصّتها، والتي تبلغ من العمر (25) كانت على علاقة بأحد الشباب، وصلت لأمور غير شرعية وبعد رفض أهلها للزواج به، هربت الفتاة معه إلى خارج السعودية لإجبار أهلها على الموافقة، وبعد عودتها قام والدها بتطليقها منه؟! (جريدة الوطن)عدد1537
هروب مادي: (تُساق إليه الفتاة قسراً) بسبب كثرة الرفض من الأهل لمتطلبات الفتاة، وكثرة الجدال، يؤدي إلى الإحساس بعدم إشباع حاجتها النفسية من الحب والتقدير، فتزداد الفجوة بينها وبين عائلتها، وقد تُصاب الفتاة بالاكتئاب، وتصل في نهاية المطاف إلى فكرة الهروب حيث تتلقاها الأيدي غير النظيفة!! واللوم هنا لا يقع على هؤلاء الفتيات الهاربات! بل تتحمل الأسرة غياب (الحوار الأسري)؛ لأن الفتاة لم تنشأ منذ الأساس على الرضا بالواقع بأنّ كُلّ شيء مقسوم في الحياة، وأن الناس خُلقوا طبقات شتى، فتجنح بخيالها، وتبتغي تغيير الواقع بالطرق الملتوية غير المشروعة؟!
أسباب الهروب:
ضعف الوازع الديني
التفكك الأسري: ومثاله ما ذكرته مجلة الأمل التابعة لمستشفى الأمل للصحة النفسية(عدد 36) عن إحدى نزيلاتها التائبات من الإدمان، وكان بدايته انفصال والديها ومكوثها عند جدتها المُسّنة، فأجبرها والدها على الزواج من صديقه، وعمرها (14) عاماً!! فهربت منه إلى إحدى صديقاتها التي استغلتها لتهريب المخدرات، ثم زواجها مرّة أخرى بأحد الذين يتعاطون معها، وموت ابنتها أثناء تعاطيهم جميعاً للمخدرات؟!
صديقات السوء: يستطيع الأهل النظر في رفيقات الفتاة من خلال مقابلتها شخصياً أو بسؤال المدرسة، ومن متابعة أحاديث الفتاة الهاتفية معهنّ بشكل غير مباشر!!
التقليد الأعمى لو سائل الإعلام: لعبت وسائل الأعلام دوراً كبيراً في تغيير أفكار فتياتنا من خلال أحاديث الفنانات التي دائماً تشير إلى أن سبب نجاحها، هو هروبها من منزل أسرتها لتحقق رغباتها الشخصية، وأيضاً من عرض المسلسلات الأجنبية التي لا تتفق مع تعاليم ديننا حيث تزين لهنّ الحرية والانطلاق للعالم الخارجي دون قيود؟!
هامشية دور المشرفة الاجتماعية: لكون الفتاة تقضي وقتاً طويلاً في المدرسة، وتتشكل شخصيتها من خلال عالمها المدرسي، كان الأجدر بمن تتولى مهمة الإشراف المدرسي، تفعيل دورها وتطويره من خلال عقد الدروس والإجابة عن استفسارات الفتيات النفسية، وحصر الفتيات المشاكسات لتلقّي برنامج حواري فعّال؟!
التدليل الزائد: هو سلا ح ذو حدين، وسريعاً ما تُصاب الفتاة بالملل من حياتها الرتيبة بنظرها!! وتنشد الإثارة من خلال اقتحام المجهول أياً كان؟!
الضغط على الفتاة بالزواج من رجل مُسنّ:
غياب الرقابة المنزلية: بداعي الثقة تغيب الرقابة عن الفتاة، فتصبح أداة لأهل السوء على كافة مراتبهم! سواء في المنزل أو خارجه!!
الحلول:
- كفّ الممارسات الذكرية المتسلطة على الفتاة من قبل إخوانها وأحياناً والدها!
- اقتراب الأم من ابنتها برفق، وجمعها بين اللين والحزم مع المراقبة بطريق غير مباشر! وغالباً ما تقع في هذا التقصير الأمهات العاملات لابتعادهن عن بناتهنّ فترات طويلة!!
- مراعاة التركيبة النفسية والهرمونية للفتاة، وخاصة فترة الامتحانات والدورة الشهرية!
- توعية الأسرة بأساليب التربية السليمة!
- تفعيل دور الأخصائية الاجتماعية في المدارس!
- دور الإعلام الهادف في محاربة المخدرات، والمعاكسات الهاتفية!!
* عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/28)
المرأة تتعامل مع عملها بروحانية عالية
أكد السيد أدهم الشرقاوي مستشار قانوني أن المجالات التي تعمل بها المرأة يجب أن تتناسب مع طبيعتها وأن تراعي الفروق بينها وبين الرجل. وقال أنه يجب أن نسلم بأن التكوين الجسدي للرجل أقوى وأكثر تحملاً لمشاق العمل.
وقالت سناء الباكر "رئيسة الشؤون المالية في الهيئة العامة للشباب" لقد شاركت المرأة القطرية في مجالات العمل المختلفة كما تقلدت العديد من المناصب المرموقة دون أن تفصل لحظة التزاماتها وارتباطها الوثيق بتعاليم الاسلام والعادات والتقاليد والأعراف.
وقالت سارة عبد الغني العبد الغني مصممة مجوهرات إن إيمان المرأة بقدراتها هو ما أسهم بالفعل في ظهور المبدعات القطريات على الساحة الدولية والمحلية، والمرأة القطرية من طبيعتها لديها روح التميز في العطاء ورد الجميل إلى الوطن.
وقال رجاء الشيباني مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في الهيئة العامة للشباب: إنني اعتقد وليس من باب اتهام الرجال بالقصور أن المرأة تعاملها مع عملها بروحانية عالية أكثر من الرجال، فهي الأكثر ميلاً إلى تقديم كل ما بالمستطاع لإظهار عملها بالشكل المناسب وهذا الأمر جعلها تحتل مراتب متقدمة.
وتقول د. زكية مال الله صيدلانية: إنه في الفترة الأخيرة فتحت مجالات عمل كثيرة أمام المرأة منها الصعب والشاق، ولكنها اثبتت جدارتها على كل الأصعدة، كما دخلت مجالات جديدة مثل الهندسة المدنية، والجراحة، والغاز والبترول.
وقال السيد أحمد الشيب عضو المجلس البلدي المركزي: إن المجتمع بحاجة إلى المرأة وهناك أماكن عمل كثيرة بإمكان الدخول فيها.
21- ذو الحجة-1426 هـ
21- يناير-2006
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/29)
كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها
محمد بن عبد الله الهبدان
إنَّ من القضايا المهمة التي يلزمنا المرور عليها، والحديث عنها، هي هذه المسألة؛ كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها، لأنَّ من أسباب خروج المرأة من بيتها الملل الذي تجدهُ المرأة في البيت، لذا رأيت من الواجب النظر في هذا الموضوع، ووصف الواقع الذي تعيشه المرأة في بيتها، ومن ثم ذكر ما يمكن أن تفعلهُ المرأة في بيتها، فنقول وبالله التوفيق:
قضاء الوقت في البيت على قسمين:
القسم الأول: قضاء الوقت بما لا ينبغي
وهذه القسم يشملُ عدة أمور منها:
1- قضاء الوقت طويلاً مع الهاتف:
الهاتفُ نعمة من نعم الله - تعالى -، لكنها قد تكونُ نقمة في حالات، فالمرأة إذا استخدمت الهاتف للحاجة كالسلام على الأهل ومعرفة أخبارهم، وتفقد أمورهم على جهة الاختصار فهذا لا بأس به، لكن المصيبة أن تستمر المكالمة إلى نصف ساعة، بل تزيد إلى ساعة وأكثر في أمورٍ لا داعي لها، بل أحياناً في أمورٍ محرمةٍ كالمعاكسات ـ عافانا الله وإياكِ من ذلك ـ، فهنا تقعُ الكارثة، وتحصل المصيبة.
2- كثرة النوم:
النوم سلاحٌ ذو حدين، فهو نعمة إن كان بالمقدار المناسب المعتدل، وهو نقمة إن جاوز حد الاعتدال والتوسط، وكثرة النوم سببٌ لقسوة القلب وغفلته، وإذا قسا القلبُ تكاسل العبد عن القيام بالطاعات، ومالت نفسه إلى المعاصي والمحرمات، أو على الأقل توسع في فضول المباحات، وإهدار الأقوات فيها، ويا لله العجب كيف يليق بامرأة مسلمة أن تكثر من النوم في هذه الدنيا وهي تعلم علماً يقيناً أنَّ أمامها نوماً طويلاً في ظلمات القبور؟!!
يا طويلَ الرُقاد والغفلات *** كثرةُ النوم تُورث الحسرات
إن في القبر إنْ نزلتَ إليه *** لرقاداً يطولُ بعد الممات
3- الجلوس أمام شاشة التلفاز أو القنوات الفضائية:
كثيرا ما تقضي بعض المسلمات أوقاتها في متابعة برامج التلفاز، من أفلامٍ ومسلسلاتٍ ونحوها، أحياناً إلى ساعاتٍ مُتأخرةٍ من الليل، ولا يخفى على المسلمة أنَّ هذه الأفلام وتلك المسلسلات قد أفتى العلماء الأجلاء بحرمة النظر إليها، لما فيها من المشاهد المثيرة، والصور الفاتنة، وإثارة الشبهات، وتشويه الحقائق، والتلبيس على الناس في دينهم من حيثُ لا يشعرون، وكم جلبت هذه الأفلام من نقمة؟! وسببت من محنة؟!! وأوقعت في بلية، قد تقولين أنا أُشاهدها منذُ زمنٍ ولم يحدث من ذلك شيء؟ ماذا تنتظرين أن يحدث وأنت مُصرةً على هذا الذنب العظيم، ولو باغتك الموت وأنت على هذه الحالة فكيف تواجهين ربك، ثم إنَّ كثيراً من حالات الطلاق التي تعرضُ في المحاكم، من خلال استعراضها يتبينُ أن أكثرها كان بسبب مشاهدة القنوات الفضائية، لأنَّ الرجل حينما يرى امرأة فائقة الجمال، فإنَّ نفسه تشتاق، وقلبه يهوى، ومن ثم يطالبك أن تكوني مثلها في كلِّ حركةٍ وهمسة، وأنَّى لك ذلك، وقد تحاولين مرةً أو مرتين ولكن مع كثرةِ المطالبة والإلحاح لا تستطيعين ذلك، فتحصلُ عندها الخصومات والمنازعات، وتنتهي القضية بالفراق والطلاق.
وهل يمكن أن يجنى من مشاهدة الحرام إلاَّ مثل ذلك أو أكثر؟! فاتق الله يا أمة الله، وحاولي جاهدةً إقناع الأهل أو الزوج بإخراج هذا الجهاز من المنزل، ولا تسمعي لصيحات الناعقات كيف يمكن للمرأة أن تعيش بدونه؟! فلله الحمدُ والمنةُ، البيوت التي تخلصت منه كثيرة وهي تعيش في سعادة، وهل تشكين يا أمة الله أن من أطاع الله - تعالى -أورثهُ حلاوةً يجدُها المرءُ في قلبه، وانشراحاً يحسُّ بها في صدره، إذن كيف تُصدقين قولَ تلك الشرذمة الذين لا ينفعونكِ في الدنيا والآخرة، وسيأتي اليوم الذي ((يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)) (عبس: 34، 37)!! [1]
4- قراءة المجلات الفاسدة:
تقضي بعض الأخوات الوقت في قراءة تلك المجلات الفاسدة الهابطة، كمجلة سيدتي أو النهضة، أو طبيبك أو غيرها من المجلات، والتي تعرف من ظاهرها، فتبدأ بوضع صورةٍ لامرأةٍ حسناء، وهذه المجلات فيها ما يخدش الحياء، ويقتل العفة، ويذبح الكرامة، ويزيل الغيرة، وفيها من الطعن في الدين والاستهتار بالشرع أو محاولة الاستدراج في التلبيس في قضايا الحجاب والعفاف، خذي أمثلةً على ذلك:
في مجلة نصف الدنيا عدد (112) تقول سحر الموجي: (نشأتُ في بلدٍ يتعانق فيه الإسلام والمسيحية، ويتفقُ الناس على ألا يختلفوا على وجود الله)، و في مجلة سيدتي عدد (510): (من عيوب الزوج العربي الغيرة).
مع أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أتعجبونَ من غيرةِ سعد!! فو اللهِ إنِّي أغيرُ من سعد والله أغير مني. وتقولُ انتصار العقيل في مجلةِ كل الناس عدد (58): (ماذا لو قالت امرأة هذا الرجل صديقي!!)، وفي مجلة نصف الدنيا عدد (112) قالوا: (عفواً، صداقةُ الرجال أفضل!!) يعني للنساء، وفي جريدة الهدف عدد (1246) قالوا: (غيرة الرجل تعرقلُ تقدم المرأة..) [2].
وفي مجلةِ حواء قالوا: (أيهما تختارين، الزوج الغيور أم الهادئ - الديوث -)[3]
وفي مجلةِ الصدى تقولُ مريم أبو شقير: (الحب المقرون بـ (الصدق) يسيرُ دوماً إلى الأمام، ويخترع حيلاً ليتم اللقاء، ويعقد الوصال!!) وفي مجلة الحسناء عدد (81): (الفضيلةُ والكرامة تعترضان مسيرة النجاح!! )
وبعد فهل بعد هذه الدعوة للخيانةِ والإباحيةِ من دعوة!؟ فأحذري من هذا السم الزعاف.
قال العلامة ابن عثيمين في خطبته الشهيرة: (أقسم بالله في هذا المكان وأنتم تشهدون، واللهُ من فوقنا شهيد على ما أقول وعلى ما تسمعون، وجدت هذه المجلات هدامة للأخلاق، مفسدة للأمة، لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمعٍ إسلامي محافظ، وجدت النظر شراً من المسمع.. ) [4].
5 - كثرة اللقاءات مع نساء الجيران:
فاليوم عند فلانه، وغداً عند أم فلان، وبعد غدٍ سيتمُ اللقاءُ بعد الساعة العاشرة في بيتِ جارتنا أم زيد، وهكذا لقاءاتٍ إثر لقاءات، وتجمعات يتبعها تجمعات، وليت الأمر توقف عند ذلك لهان الأمر، ولكن هذه اللقاءات في غالبها لا يذكر اسم الله - تعالى -فيها، إنَّما هي للقيل والقال وكثرة السؤال عن الحال، وقالت فلانة، وجاءت فلانة، وفلانة طويلة والأخرى سمينة، فهي مجالس لا تخلو من غيبةٍ أو نميمة، فيضيعُ الوقت على المرأة وتنشغل عن بيتها وزوجها وأولادها بمثل هذه اللقاءات، التي قد يحصد أصحابها المر بسببها.
6- سماع الأغاني والرقص على أنغامها:
يحدث أحياناً خاصةً إذا كان في البيت عدة فتيات أن يجتمعن على رقصٍ وطرب، فيقضى الليل ويحيا على هذه الأفعال المشينة، أما سماع الأغاني فقد أجمع العلماء على تحريمهِ لدلالة الكتاب والسنة على ذلك [5]، وأما الرقص فإنَّهُ يسببُ ذهاب الحياء من المرأة، والذي يعتبر هو رونقها وجمالها الحقيقي.
إنَّ المرأة حينما تفقدُ حيائها تتدرج من سيئٍ إلى أسوأ، وتهبطُ من رذيلةٍ إلى أرذل، ولا تزال تهوى حتى تنحدر إلى الدركات السفلى، وصدق عمر حين قال: (من قلَّ حياؤه، قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعهُ مات قلبه) [6].
فالحائلُ بين العبد وبين المحرمات هو الحياء، فبقوة الحياء يضعفُ ارتكابه إياها، وبضعفُ الحياء تقوى مباشرته إياها ولله در القائل:
ورُب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلاَّ الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
7 - البقاء كثيرا في المطبخ:
بعض النساء تصابُ بهوسِ بحب الطبخ والطهي، كأنواع السلطات وأشكال الحلا، وأصناف المعجنات، وتبقى في المطبخ الساعات الطوال من أجل ذلك، وتشترى كتباً تتكلم عن فن الطبخ، وتقرأ وتبحث عن الجديد في الساحة، ونحنُ نقولُ لها الاقتصاد الاقتصاد، فإننا لم نخلق من أجل بطوننا، والأكل يا أخية وسيلة وليس غاية!!
8 - الانشغال في ترتيب المنزل وتنسيقه:
وهذا داءٌ آخر تصابُ به بعض النساء، فالمنزل في كل يوم له شكل، فمرةً الكنب في الصالة!! ومرة في غرفة الجلوس، ومرةً ينقلُ الدولاب وما فيه من تحف إلى المجلس، وأخرى إلى الصالة، وهكذا تستمرُ في كلِّ يوم لها فكرة، وفي كل يوم لها شكل!! ونحن نقول لا شك أنَّ التجديد في ترتيب المنزل له أثرهُ على الزوج، لكن أن يكون ذلك على جهةِ الاستمرار والدوام، فيضيع العمر في ذلك فلا وألف لا.
9- البقاء لمدة طويلة أمام المرآة:
من جملة ما ابتليناه به في هذا العصر أدوات التجميل التي سلبت من المرأة وقتاً طويلاً لتحسن شكلها، وتجمل نفسها، مع أنَّهُ ثبت طبياً ضرر تلك المساحيق وخطرها على بشرة المرأة [7]
فهل من الحكمة أن تقضي المرأة أكثر من ساعة أو ساعتين من أجل وضع الزينة؟!!
وهل المرأة التي تجلس أمام المرآة الساعات الطوال عرفت أهمية الوقت، وأنَّها مسؤولةٌ عنه يوم القيامة؟! وهل المرأة التي تقضي وقتها بمثل هذه القضايا يمكنُ أن تستعيد عزاً؟! أو تبني مجداً؟
إننا لا نمنعكِ أختي المسلمة من أن تتجملي وتتزيني، لكن لكل شيءٍ ضوابط وحدود، أمَّا أن يزاد الأمرُ فوق حدهِ فلا.
هذه أختي المسلمة بعضُ الأمور التي تفعلها بعض المسلمات للتخلص من الوقت والقضاء على الفراغ.
---------------------
[1] ولا أريد الإطالة في هذا الموضوع أكثر ولكني أحيلك إلى رسالة صغيرة بعنوان: رسالة إلى مشاهدي التلفاز. ورسالة أخرى بعنوان: البث المباشر آثار وأخطار.. لعل فيها غنية وكفاية والله يحفظك ويرعاك.
[2] إذاً لابد أن تكون ديوثا حتى تتقدم امرأتك.. هكذا يقولون.
[3] الديوث: هو الذي يقر الخبث في أهله.
[4] ـ فتاوى إسلامية (4/380)
[5] لعلك أختي القارئة تقرئين رسالة عن الغناء بعنوان: مزمار الشيطان وأثره على الفرد والمجتمع.
[6] رواه الطبراني في الأوسط (2259) وقال في المجمع (10/302): (فيه دريد بن مجاشع ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات) ورواه القضاعي (374) وفي إسناده صالح المري وهو ضعيف كما في التقريب.
[7] - انظر: زينة المرأة بين الطب والشرع. محمد المسند ص 17.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/30)
هل المرأة ناقصة عقل ؟
أ عزيز محمد أبو خلف
تُثار العديد من التساؤلات والشكوك حول قدرات المرأة من حيث طبيعة هذه القدرات ومستواها بالمقارنة مع الرجل.
ومن جملة ما يُقال في هذا الصدد أن المرأة أقل قدرة من الرجل على التفكير والعقل. فما مدى صحة ذلك، وما أصل هذه الأفكار؟ هل تُراها أتت من فهم طبيعة المرأة والرجل؟ أم تُراها استندت إلى الدين؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه أوهاماً وخرافات شاعت بين الناس دونما دليل أو واقع صحيح تستند إليه؟ وهل حقاً أن المرأة تختلف عن الرجل في أمر التفكير والعقل؟ وكيف يكون ذلك وقد خُلقت حواء من آدم - عليهما السلام -؟ مثل هذه التساؤلات تدفعنا للبحث عن إجابات لها ومعرفة وجه الحق فيها. ومن اجل تسهيل البحث فإننا نحتاج إلى فهم واقع التفكير وطبيعته وعلاقته بكل من المرأة والرجل. كما نحتاج إلى معرفة موقع المرأة في الإسلام وموقفه منها، وكذلك استعراض النصوص التي قد تكون موضع تلك التساؤلات.
التفكير عند الرجل والمرأة
التفكير نشاط ذهني يحصل في الدماغ، ويكون ذلك نتيجة لمعلومات ترد إلى الدماغ عن طريق الحواس، ثم يجري استكشاف للخبرات المتوفرة لدى الشخص عن طريق القدرات العقلية والخروج بالفكرة. من خلال هذا العرض المبسط لعملية التفكير يتبين لنا أن التفكير يحتاج إلى قدرات الحواس والذكاء والى الخبرة، كما أن هناك دوافع تدفعه وموانع يمكن أن تحول دون حصوله. وهذا يحصل عند كل من المرأة والرجل، فليس هناك أي دليل علمي قاطع على اختلاف المرأة عن الرجل في قدرات الحواس والذكاء، كما لا يظهر أي فرق في تركيب الخلايا العصبية بينهما، ولا في طرق اكتساب المعرفة. ويظهر هذا جلياً في البرامج التي نضعها في تعليم مهارات التفكير، حيث تنطبق على الجنسين على حد سواء. (لدي بحث منشور في هذا المجال يمكن الحصول على نسخة إلكترونية بالكتابة إليّ مباشرة على العنوان الإلكتروني، كما يمكن الاطلاع على مقال عن التفكير في الموقع: www.madinagifted.com). ومعنى هذا أن المرأة والرجل سواء بالفطرة من حيث عملية التفكير، ولا يتميز أحدهما عن الآخر إلا في الفروق الفردية. فأين يكمن الاختلاف؟
في رأيي أن الاختلاف هو في الخبرة والدوافع والموانع، وهذا يكون في الرجال كما يكون في النساء. والمرأة بحكم طبيعة تكوينها الجسدي وطبيعة عيشها في المجتمعات المختلفة تكون خبرتها في الغالب اقل من الرجال. وهذا يعتمد على طبيعة المجتمعات بلا شك، فالمرأة في المجتمع الإسلامي مثلاُ يقل اختلاطها بالرجال وتواجدها في الساحة العامة وفي مجالات معينة ليست فرضاً عليها كالجهاد مثلاً. وكل هذا يقلل من خبرتها ومعايشتها للوقائع، كما أن انشغالها بتربية الأولاد وعمل المنزل يبعدها عن الحياة العامة. أضف إلى ذلك طبيعتها الجسدية التي تجعلها تنشغل بالحمل والولادة وما تمر به من الحيض والنفاس وغير ذلك مما يؤثر في نفسيتها وفي تعاطيها مع الوقائع.
نظرة الإسلام إلى المرأة
يوجه الإسلام خطابه وتكليفه إلى الإنسان بوصفه إنساناً سواء كان رجلاً أو امرأة، كما انه لا يفرق بينهما من حيث التكوين العام. ففي كل من المرأة والرجل قدرات عقلية وغرائز وحاجات عضوية، وان كانت تتفاوت في قوتها وضعفها بين رجل ورجل وبين امرأة وامرأة أو رجل وامرأة. والإسلام في دعوته إلى الإيمان والعبادات والعقوبات والتعليم والأخلاق وغير ذلك لم يفرق بين المرأة والرجل. لكننا نجد أحكاما خاصة بكل من الرجل والمرأة حينما يتعلق الأمر بطبيعة كل منهما أو وضعه في المجتمع، من مثل الشهادات والميراث واللباس والقوامة وغير ذلك، وهذه أحكام خاصة بكل منهما، لا يُراعى فيها المساواة أو عدمها ولا المفاضلة أو عدمها.
وعند استعراض نصوص الكتاب والسنة وحياة الصحابة، فإننا نجد العديد من النصوص والوقائع التي تبين قدرات المرأة العقلية وتبرزها.
• فقد تحدث القرآن الكريم عن ذكاء امرأة العزيز حاكم مصر وتخطيطها المتقن، عندما جَمعت النسوة، وتوقعت ما يمكن أن يحصل لهن عندما يرين سيدنا يوسف وينبهرن بجماله.
• وكذلك الحال مع حاكمة سبأ وحنكتها وحسن تدبيرها.
• ومع بنات شعيب - عليه السلام - عندما أشارت إحداهن عليه أن يستخدم سيدنا موسى، ثم كان أن تزوج بإحداهن، ففي هذا تخطيط وبعد نظر ولفت انتباه يدل على توافر القدرات العقلية.
• ولا تخفى مواقف السيدة خديجة - رضي الله عنها - مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بداية الدعوة، حيث هدأت من روعه وذكرته بما هو عليه من الصفات الحميدة، وطمأنت نفسه، ثم أخذته عند ورقة بن نوفل. ثم مواقفها العديدة معه فيما بعد.
• واخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - برأي أم سلمة يوم الحديبية وأشارت عليه بان يحلق رأسه ويخرج للناس، فكان أن تبعه الناس كلهم بعدما امتنعوا عن الاستجابة لأمره. وهذه القصة موجودة عند البخاري بتمامها في باب الشروط في الجهاد.
• واستشار عمر - رضي الله عنه - ابنته حفصة واخذ برأيها في مدة غياب الزوج عن زوجته. كما ناقشته امرأته فأنكر عليها أن تناقشه، وأعلمته أن نساء الرسول يناقشنه باستمرار، حتى يظل يومه غضبان. وهذا عند البخاري في باب النكاح.
فهذه مجرد أمثلة على واقع مقرر وليست حالات شاذة كما يتوهم بعضهم.
النصوص الشرعية المثيرة للإشكاليات:
أما النصوص التي يمكن أن تثير إشكاليات حول هذا الموضوع فقد استعرضها الإمام ابن حزم - رحمه الله -، وهو من أئمة الظاهرية، وقام بالرد على الشبهات القائمة حولها. وسوف اذكر فيما يلي أهم هذه النصوص وردود ابن حزم بتصرف، مع بيان درجة صحة الأحاديث التي فيها.
• قوله - تعالى -: (وليس الذكرُ كالأنثى). ليس فيه مفاضلة فالذكر ليس كالأنثى من حيث الخِلقة كما أن الخضرة ليست كالحمرة وليس هذا من باب الفضل. ومن قال انه من باب الفضل فانه يقول انه افضل من عائشة ومريم وفاطمة.
• قوله - تعالى -: (وللرِّجال عَلَيهِن درجة). إنما هو في الحقوق الزوجية، وإذا حملت الآية على ظاهرها فيكون كل فاسق ويهودي وكافر أفضل من أم موسى وأم عيسى وأم إسحاق ونساء النبي وبناته لان هؤلاء رجال وهؤلاء نساء.
• قوله - تعالى -: (أوَ مَن يُنشَّأُ في الحِليةِ وهو في الخصام غيرُ مُبين). إنما ذلك في تقصيرهن في المحاجة في الأغلب، ولا يحط هذا من قدرهن.
• قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما رأيتُ ناقصاتِ عقل ودين أسلبَ لِلُب الرجل العاقل من إحداكن). مرد ذلك إلى كون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في أمور الرجال، وأنها لا تصلي ولا تصوم في الحيض. وهذا الحديث صحيح عند البخاري ومسلم.
• قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كَمُلَ من الرجال كثير ولم يَكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران وامرأة فرعون). الكمال إنما هو في الرسالة والنبوة التي انفرد بها الرجال وشاركهم بعض النساء في النبوة. والحديث صحيح عند البخاري.
• قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يُفلِح قومٌ أسنَدوا أمرَهم إلى امرأة). خاص بالولاية والحكم، ولا يعني هذا نقص في الفضل فان ابن مسعود وبلال وزيد ابن حارثة لم يكن لهم حظ في الخلافة وليس غيرهم أفضل منهم ممن تولوها. كما أن من الصحابة من ولي عليهم من الخلفاء من لا يجزم أحد أنهم أي هؤلاء الصحابة أفضل من هؤلاء الخلفاء من نواحي كثيرة. والحديث صحيح عند البخاري وغيره.
من هنا نخلص إلى أن النصوص تشير إلى وقائع شرعية معينة يجب الالتزام بها، وهذه الوقائع ليست مبنية على أساس فروق في التفكير أو مفاضلة معينة. فالمرأة والرجل لا يختلفان من حيث الفطرة وتكوين الدماغ عن بعضهما، وبالتالي لا يختلفان من هذه الناحية في التفكير إلا في نطاق الفروق الفردية، إنما الاختلاف في العوامل الأخرى التي أشرتُ إليها وهي الخبرة والدافع إلى التفكير والأشياء التي يمكن أن تمنع التفكير وتحول دونه. وعليه فان المرأة تفكر مثل الرجل، وينبغي أن نترك الأوهام والتأويلات الباطلة التي ليس لها أساس. كما على المرأة أن لا تتقاعس عن التفكير والإبداع فيما يخدم الدين والمسلمين وإلا تكبت مواهبها بحجة نقصان عقلها، فليس على ذلك دليل يمكن الاستناد إليه. وسأستعرض في مقال آخر واقع التفكير ومهارات التفكير عند الرجل والمرأة بشيء من التفصيل.
ـــــــــــــــــــ(82/31)
ــــــ
*باحث-جامعة الملك سعود
amkhalaf@ksu.edu.sa
http://www.islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/32)
زوجة .. تؤدب زوجها ( 1 )
بعض العادات والتقاليد - غير المحمودة - ربما تفرض على الفتاة (حصاراً) عن أن تختار شريك حياتها كما تتمناه أو تراه في أحلامها وخيالاتها..
فالبنت لابن عمها!!
وبعض هذه العادات - المذمومة - ربما حرمت الفتاة من أن تنظر إلى خاطبها في أول لقاء بينهما ولا ينكشف لها الستار إلاّ حين تراه على فراش الزوجية فلربما تفاجأت به إنساناً غير الذي كانت تأمل وتتمنى!!
وزوجات يعشن في أكناف أزواج في سعادة واستقرار ثم بعد فترة من الزمن تتفاجأ إحداهنّ بتغيّر في سلوك زوجها ومعاملته لها!!
زوجي مدخن!!
زوجي لا يصلّي!!
زوجي عصبي وعنيد!!
اكتشفت أن زوجي يخونني!!
يضربني..
زوجي بخيل..
دائماً ما يخرج مع أصحابه ويتركني وأبنائي وحيدة!!
لسانه بذيء.. !!
إلى غير ذلك من قائمة عريضه ترفعها كثير من الزوجات على أزواجهن في دعوى وإعلان صريح عن تعاستهنّ في حظّهن بأزواجهنّ!!
وهنا تقف بعض الزوجات إمّأ يائسات تندب حظّها وتغصّ بمرارة البقاء من أجل ضغوطات اجتماعية أو مادّية أو لأمر آخر، وبعضهنّ جعلت حدّاً لمعاناتها بطلب الطلاق والانفصال عن زوجها والرضا بقيود العنوسة والطلاق بقيّة العمر على أمل!!
والسؤال هنا: هل للزوجة دور في تأديب زوجها؟!
وهل من الصعب أن تغيّر أو تهذّب الزوجة من سلوك زوجها؟!
لقد أشار القرآن الكريم إلى دور الزوجة في تهذيب وتأديب خُلق زوجها، والتهذيب هنا ما نستطيع أن نعبّر عنه بالتغيير وإصلاح السلوك، قال الله - تعالى -: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً " (128)"
ومن هنا نعرف أن للزوجة دوراً مهمّاً في تهذيب سلوك زوجها وتأديبه، وعليها أن تضطلع بهذا الدور الذي قوامه سلوك الطرق الحكيمة الموصلة إلى التغيير أو التهذيب؛ وهنا لعلّي أن أشارك الزوجات بعض هذه الطرق والصفات المهمّة التي تفتح لهنّ آفاقاً في إيجابيّة التعامل وتغيير السلوك - المنحرف - في زوجها!!
بداية:
ينبغي أن تُدرك كل زوجة أن الحياة الزوجية في عمومها إنما تدوم على المصابرة والتغاضي والتسامح، أثبتت دراسة أجريت على مجتمعنا أن ما يقرب من 80%
من العلاقات الزوجية قائمة على الصبر ومحاولة التكيّف، وان الكثير منهم لو عاد إلى الوراء وخُيّر لما اختار هذا الشريك!
شعور المرأة بطبيعة سنّة الحياة وأن معها من يشاركها هذا الهمّ مما يدفعها
إلى محاولة التكيّف مع حياتها بما يضمن لها قدراً من الاستقرار والرضا.
من أهم طرق التأديب وتهذيب السلوك:
1 - الشعور بمسئولية التغيير.
فإن الزوجة التي تقف عند حدود الصدمة بسلوكيات زوجها وعدم شعورها بمسئولية.
التغيير مما يعني تفاقم هذا السلوك إلى سلوكيات أخرى، وتأثر أفراد العائلة.
بمثل هذه السلوكيات.
ولذلك فإن من أهم ما ينبغي على الزوجة أن تمتلك الإرادة والعزيمة الجادّة
على تغيير سلوك زوجها وأن تشعر بمسؤوليتها تجاه تغيير هذا السلوك فإن أول خطوة في التغيير تبدأ من الإرادة!
2 - حتى يغيروا ما بأنفسهم!
وهي الخطوة التالية بعد الإرادة والعزيمة على التغيير، وتلك قاعدة عظيمة يعلمنا إيّاها القرآن الكريم كسنّة سائرة "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" فابدئي أولاً بإصلاح نفسك..
ولا حظي مكمن الخلل والتقصير في نفسك..
كان بعض السلف يقول: إنّي لأرى أثر معصيتي في خلق زوجتي ودابتي!
3 - التجديد والمحاولة وعدم اليأس.
إنه لا يكفي أن تكرري المحاولة تلو المحاولة ما لم تجددي في كل محاولة وأخرى.
تقول زوجة: نصحت زوجي أكثر من مره ليقلع عن شرب الدخان، مرة بالكلام ومرة بالكتاب ومرة بالشريط ومرة بإظهار تضايقي من رائحته.. حتى بدأ اليأس يصيبني، فقلت أجرب محاولة أخيرة.. في ليلة تزيّنت وتجمّلت لزوجي وقبل أن يحضر إلى المنزل عمدت إلى المطبخ وأخذت (بصلة) فقشرتها وأكلتها..
دخل زوجي إلى المنزل استقبلته احتضنته.. فاشتم منّي رائحة (البصل) فتضايق.. كررت العملية أكثر من ليلة!!
وبعد أن فرغ صبره قال لي بتضجّر: إلى متى بصل بصل بصل!!
فقلت له بسرعة بديهة: وأنت إلى متى دخان دخان دخان!!!
ومن ليلتها أعلن مقاطعة التدخين!!
4 - احترميه ولا تحقّريه!!
لا تحتقري زوجك لمجرّد أنه واقع في سلوك خاطئ، لأن الإحتقار يثير في النفس روح العناد والتحدّي والانتصار للنفس، فالاحتقار والتعيير بالذنب أو الخطأ من أكبر الوسائل التي نقدم بها معونة للشيطان على المخطئ!!
أظهري احترامك له واقبليه ولا تقبلي سلوكه.
5 - الاستشارة وزيادة الاطلاع والبحث. فلا بأس على الزوجة أن تستشير وتسترشد وتطلب المساعدة في إصلاح زوجها من قريب أو بعيد ناصح مؤتمن، كما أن زيادة القراءة والاطلاع في المواضيع والكتب وسماع الأشرطة التي تفتح للزوجة آفاقاً في ثقافة التعامل الزوجي ومهاراته مما يعينها أيضاً ويبعث عندها الإصرار على محاولة تغيير سلوك زوجها.
6 - افتحي عينيك بتفاؤل!!
خلق الله - تعالى - لنا عينان لكي نرى بهما جميعاً، ولا تكتمل لنا رؤيا نراها إلا إذا استخدمنا كلتا العينين للنظر!!
وهكذا ينبغي أن تنظري إلى زوجك بعيني مفتوحتين لا بعين واحدة!! فلا تنظري فقط إلى هذا السلوك المزعج في زوجك بل افتحي العين الأخرى وانظري إلى سلوكياته المشرقة الجميلة المحببة. هذه النظرة الشاملة تصنع لك موقفاً متزناً وقراراً وحكيماً، وتعطيك دفعة معنوية نحو الثبات وعدم اليأس!!
حتى النظرة إلى سلوكه المزعج ينبغي أن لا تكون هي المهيمنة على النظر الآخر، بل ليكن النظر إلى السلوك المزعج بنظرة إيجابية.. كيف؟!
مرة خرجت إحدى النساء الدّاعيات إلى بلاد الخارج فوجدت امرأة محجبة تشرب الدخان!!
فقالت: محجبة وتشربين الدخان؟!!
ماذا لو أنها قالت: تشرب الدخان ومع ذلك محجبة؟!!
المقصود أن التغيير يكون على خطّين متوازيين:
- الإصلاح.
- التنمية والتعزيز.
فحتى تصلحي السلوك المزعج في زوجك لا بد أن تعزّزي الجانب المشرق فيه!!
7 - تذكّري أن الإحسان يصنع ما لا يصنعه الهجران!!
نلاحظ أن الله ختم الآية التي أشار فيها إلى دور الزوجة في تهذيب خلق زوجها بالإحسان فقال: "وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا.. "
ونلاحظ أنه قرن الإحسان بالتقوى.
فالإحسان الذي يُراد به المنّة ليس بإحسان!!
والإحسان الذي يُراد به الخروج من تبعيّة اللوم ليس هو الإحسان الذي يكون به التهذيب.
بل لابد من الإحسان الذي يُبتغى به وجه الله.
وفي هذا الاقتران - بين الإحسان والتقوى - إشارة لطيفة إلى أن الإحسان من أسباب الوقاية - ومما يُتقى به - من السلوكيات الخاطئة أو (نشوز الزوج)
كما عبّر بذلك القرآن.
الإحسان أيتها الزوجة يكون بالبسمة والكلمة الطيبة ومشاركة زوجك همومه ومنحه الحب والهدية ونحو ذلك..
إنه لا يسوغ أن ينتهي الإحسان بين الزوجة وزوجها عند سلوك خاطئ ربما يزول إن دام الإحسان بينهما!!
وقد قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإحسان إنسان!!
8 - الدعاء وحسن الاستعانة بالله.
وههنا لفتة مهمّة: وهي أحياناً نشعر أننا نستطيع تغيير سلوك الآخرين من خلال استخدامنا بعض الوسائل والطرق المبتكرة في الإصلاح، فنتّكل على هذه الوسائل والأساليب، وربما طلبنا النصح من الآخرين فدلّونا على بعض الطرق ووسائل الإصلاح، فنعوّل كثيراً على هذه الوسائل متناسين أن هذه الوسائل إنما هي مجرّد أسباب!!
وههنا نغفل كثيراً عن حسن الاستعانة بالله وسؤاله المعونة ودعائه
والإنطراح بين يديه!!
وهذه لفتة مهمّة يلفتنا إليهاالقرآن بقوله: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ".
هذه اللفتة تُشعرنا بعمق الارتباط بالله - عز وجل - الأمر الذي يدعونا إلى التفاؤل وعدم اليأس.
فيا أيتها الزوجة.. الدعاء الدعاء، واستشعري قول الله - جل وعلا - في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء"!!
دعواتي لكل زوج و زوجة بحياة سعيدة في ظل طاعة الرحمن؛؛؛
ـــــــــــــــــــ(82/33)
ـــــ
الهامش:
(1) التأديب أصله من (أدب) والأدب أصله الدعاء، ومن معانيه: حسن التناول والتهذيب والمعاقبة على الإساءة.
والذي أريده هنا: هو حسن التناول والتهذيب. أمّا التأديب الذي هو المعاقبة فإن للزوجة فيه دوراً لكن عن طريق الوالي أو (القاضي).
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/34)
مشكلتك لها حل
إيمان القدوسي
عبر رحلة الحياة تواجهنا مشكلات عدة، كيف نواجهها دون أن ننكسر؟
نصمد حتى نعبُر الأزمة دون أن تتصدع نفوسنا؟ كي نقلل من حجم خسائرنا فلا ننزلق إلى صراعات جانبية لا داعي لها.
علينا أولاً أن نتقي سوء الفهم والإدراك الذي يجرنا إلى مشكلات كان من الممكن تجنبها، ثم التخلص من القلق الذي يزيد متاعبنا ويشتت جهدنا، ثم مواجهة المشكلة الحقيقية بحسم، وأولاً وأخيراً الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه، ولنفصل الآن ما أجملناه.
1 ـ كوني واقعية
الحقيقة هي ما يحدث في أرض الواقع ونحن ندركها عندما تنعكس في مرآة ذاتنا، ولكن مرآة الذات مضللة إذ إنها بطبيعتها مشحونة بالتحيزات والأحكام المسبقة وفيض من المشاعر الخاصة والتوقعات، لذلك علينا ألا نكتفي بإنعام النظر في انعكاس الحقيقة على مرآة الذات ونعيد تقويم الأحداث بطريقة مجردة حتى يمكننا اتخاذ قرارات سليمة من دون الوقوع في فخ سوء الفهم والإدراك الخاطئ الذي يؤدي إلى إثارة الكثير من المشكلات لنا ولمن يتعامل معنا بغير داعٍ.
إن التروي والتحلي بروح الإنصاف في إدراك الواقع يؤدي إلى حسن التصرف وتجنب المشكلات، والتخفف للكثير من المشاعر السلبية التي تنهكنا وتشتت جهدنا بغير داع، وذلك يتيح لنا الفرصة كاملة للتوجه الإيجابي لتحقيق أهدافنا والوصول إلى غاياتنا.
2 ـ تخلصي من القلق
تخلصي من تلك الأفكار السلبية التي لا تكف عن مهاجمتك وتقتحم شعورك الواعي، بينما تقفين عاجزة أمامها، ومن العجيب أنك تشعرين أن القلق الشديد على هذه الأمور سيجنبك الوقوع فيها، ولكنك لا تجنين من وراء القلق سوى المزيد من المتاعب فتتفاقم الأزمة وتزداد سوءاً.
وتقول الإحصاءات: إن النساء يقعن فريسة للقلق أكثر من الرجال بمقدار اثنين إلى ثلاثة أضعاف، وذلك لأسباب عدة منها ما يتعلق بأسلوب التنشئة، ومنها ما يرتبط بتكوينها الفطري.
فقد جبلت المرأة وبداخلها شعور غريزي برعاية الآخرين وتقوى تلك الغريزة وتتعزز لدى المرأة عندما تصبح أماً مسؤولة مسؤولية كاملة عن رعاية طفلها والعناية به. بل إن هناك جانباً فسيولوجيا، فالاضطرابات الهرمونية المصاحبة للطمث والحمل والولادة تجعل المرأة أكثر حساسية للاستثارة النفسية، كذلك فإن مخ المرأة ذو تركيب خاص يسمح لها بتكوين نظرة جامعة تشمل الكثير من المؤثرات في آن واحد مما يزيد من فرصة القلق لكي يغزو نفسها.
وأهم ما يثير قلق المرأة هو: العلاقات الإنسانية ـ المظهر ـ إرضاء الآخرين ـ اتخاذ القرار ـ الصحة ـ مشكلات الأبناء ـ ضيق الوقت ـ التقدم في العمر ـ صحة الوالدين. ولكي تتخلصي من القلق تذكري أولاً أنه لن يفيدك في شيء، بل سيؤدي إلى مضاعفة مشكلتك وتبديد طاقتك وتشتيت جهدك، عززي ثقتك في نفسك واطردي أشباح القلق أيضاً، قاطعي رفاق القلق لأنه ينتقل بالعدوى واقطعي الطريق على السلبية واتخذي خطوات إيجابية لحل مشكلتك ومواجهتها.
3 ـ واجهي المشكلة
خطوات محددة لحل المشكلة
أ ـ تحديد المشكلة: بحيث لا نضيف إليها ما ليس فيها ولا نطرح منها ما هو منها، ويجب أن نرد المشكلة إلى أسبابها وعواملها، وعند حل المشكلة نركز على السبب باعتباره العنصر الأساس الذي أدى إلى المشكلة ونواجهه.
ب ـ يجب أن نرى المشكلة في سياقها الكلي الذي يحتويها ونجيد توقع ما يمكن أن ينتج منها لكي نعد العدة لكل الاحتمالات.
جـ ـ يجب أن نعرف متى تكون المواجهة ومتى نقبل بالحلول الوسط ونركز في الأساسيات وليس في الجزئيات والفرعيات التي لا تستحق المواجهة.
د ـ علينا أن نتمسك بالأهداف مع مرونة الاقتراب منها وتحقيقها مع الحرص على توافقنا وسلامنا النفسي من أن تعكر صفوه المشكلة، ويمكننا التغلب على خبرة الصراع والإحباط بالأساليب المباشرة الشعورية، فنبذل الجهد لإزالة العائق والوصول إلى الهدف، أو نبحث عن طرق أخرى للوصول إلى الهدف فإن تعذر ذلك فعلينا أن نستبدل الهدف بغيره دون أن ننزلق إلى الأساليب اللاشعورية غير المباشرة التي تعرف باسم الحيل النفسية الدفاعية كالتبرير والإسقاط والانسحاب والنكوص وأحلام اليقظة ما يلزمنا لحل المشكلة هو البحث دائماً عن سبل أفضل ومواصلة العمل والتوكل على الله.
4 ـ استعيني بالله
عند مواجهة المشكلة دائماً استعيني بالله وتوكلي عليه ونلفت النظر إلى أمور عدة:
أ ـ النية: قال - صلى الله عليه وسلم -: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى متفق عليه رواه البخاري ومسلم.
هذا الحديث أصل من أصول الإسلام ويدخل في كل ما نقوم به من أعمال ذات بال، فلتكن دائماً نيتنا صالحة خيِّرة لنجازى بها خيراً.
ب ـ الاستشارة والاستخارة: ما خاب من استخار، وما ندم من استشار، قال - تعالى -في محكم أياته: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران: 159.
والاستشارة تضيف عقول الآخرين إلى عقلك، أما الاستخارة فهي طلب الخيرة من الله، فيختار لك بعلمه الذي وسع كل شيء ويرضيك بما قسم لك.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآ.ن الحديث صحيح رواه البخاري.
جـ ـ الدعاء: والدعاء سلاح المؤمن قال - تعالى -: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) غافر: 60.
وقال - تعالى -: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) البقرة: 681• وقال - تعالى -: (أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) النمل: 26• وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الدعاء هو العبادة....رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
5 ـ الرضا بما قسم الله
كنز عظيم قدَّر الله وما شاء فعل بعد انتهاء المشكلة، واستفراغ الوسع واستقرار الأمور على نحو معين لا يبقى أمامنا سوى الرضا بالمقسوم، ولا ننس أن هناك مشكلات حلها ليس بأيدينا، وقد يجعل لنا الله منها مخرجاً لا يخطر لنا على بال، جاء في الحديث الشريف:
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان خرَّجه مسلم بمعناه من حديث أبي هريرة.
http://www.islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/35)
بسم الله الرحمن الرحيم
مسيرة تحرير المرأة من خلال بعض دعاتها البارزين (1)
الحمد لله وبعد ؛
إن من الدعوات الخطيرة التي تنتشر في بلاد المسلمين ، دعوة " تحرير المرأة " . هذه الدعوة الخبيثة بدأت في مصر من خلال دعاة لها تأثروا بما عند الغرب من حضارة وتقدم ، والأدهى والأمر أنها بدأت من خلال أناس انتسبوا إلى العلم .
ومن خلال هذا الموضوع سنلقي الضوء على بعض دعاة تحرير المرأة ، وما حملوا من أفكار لنشر هذه الدعوة الخبيثة .
لقد شخص الدكتور محمد محمد حسين سبب هذه الدعوة الخبيثة فقال في كتابه " الإسلام والحضارة الغربية " ( ص 14) :
... وأمام هذا الشعور بالخطر بدأ الإحساس بضرورة تعزيز الجيوش إلى البلاد الإسلامية ، وتطلع المسلمون إلى الأخذ بأساليب البلاد الغربية في تنظيم جيوشها وتسليحا ، وعزموا على نقل العلوم الغربية لتحقيق هذا الهدف . واتخذ هذا النقل طريقين :
* أُرسِلت بعثات إلى البلاد الأوربية في بعض الأحيان .
* واستُقدِمَ أساتذة وخبراء غربيون في أحيان أخرى للتدريس في المعاهد العلمية على اختلاف أنواعها ودرجاتها .ا.هـ.
وصدق - رحمه الله - فالذي ينظر إلى رؤوس هذه الدعوة يجد أنهم ممن تأثروا بما عند الغرب سواء ذهبوا إلى تلك البلاد ، أو سمعوا بما عندهم من التقدم والمدنية الزائفة .
ولنأخذ بعضا من رؤوس دعاة تحرير المرأة في مصر وغيرها لكي نكون على حذر ممن يندسون في صفوف المسلمين من أمثالهم .
1 - رفاعة الطهطاوي (1216 - 1290هـ 1801 - 1873م) :
قال د/ البرازي في كتاب " حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " (2/406) :
هو واعظ مصري . صحب البعثة المصرية المتوجهة إلى فرنسا كإمام لها غير أنه فُتِنَ بأفكار الثورة الفرنسية ، لِمَا كان عليه المجتمع الإسلامي - آنذاك - من ضعف ديني ، وتخلف سياسي .
وحين عاد إلى مصر حمل معه الروح الجديدة المتأثرة بالفرنسيين وعاداتهم ، خصوصا فيما يتعلق بالمرأة ، فكتب ثلاثة كتب كانت بذور الدعوة الأولى لما يسمى : بـ " تحرير المرأة " .
وهذه الكتب هي :
1 - تلخيص الإبريز في تلخيص باريز .
2 - مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية .
3 - المرشد الآمين للبنات والبنين .ا.هـ.
وكتاب " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " كتبه الطهطاوي أثناء إقامته في فرنسا ، وعرضه على أستاذه " جومار " قبل أن ينشره بعد عودته .
وقال د / محمد محمد حسين في كتاب " الإسلام والحضارة الغربية " عن دور رفاعة الطهطاوي :
وكان من أعضاء الجيل الأول لهؤلاء المبعوثين الشيخ " رفاعة الطهطاوي " ، الذي أقام في باريس خمس سنوات " من 1826 - 1831م " تقريبا ، وكان قد رافق البعثة المصرية كواعظ وإمام لها ، وما أن عاد إلى مصر حتى بدأ يبذر البذور الأولى لكثير من الدعوات التي تحمل جراثيمها معه من فرنسا ، مثل الدعوة إلى فكرة " الوطنية القومية " بمفهومها المادي المحدود المنابذ للرابطة الإسلامية بين المسلمين مهما تباعدات أوطانهم ، وكذا استوحى من واقع الحياة الفرنسية أفكارا عن المرأة هي أبعد عن شرائع الإسلام وآدابه ، وقد تجلى في مواقفه الجريئة من قضايا تعليم الفتاة ، وتعدد الزوجات ، وتحديد الطلاق ، واختلاط الجنسين ، حيث ادّعى في كتابه " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " ( ص305) أن " السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعيا إلى الفساد " ، وذلك ليبرر دعوته إلى الاقتداء بالفرنسين حتى في إنشاء المسارح والمراقص ، مدعيا أن الرقص على الطريقة الأوربية ليس من الفسق في شيء بل هو أناقة وفتوة ، وأنه لا يخرج عن قوانين الحياء ، ودعا المرأة إلى التعلم حتى تتمكن من تعاطي الأشغال والأعمال التي يتعاطاها الرجال .ا.هـ.
وقال د / السيد أحمد فرج في كتاب " المؤمراة على المرأة المسلمة " ( ص38) :
وكانت دعوة جريئة من رفاعة لم يجد لها معارضا خاصة وأن حاكم البلاد قد بارك دعوته ، وبارك أول كتاب وضعه رفاعة وهو " تلخيص الإبريز في تلخيص باريز " يبرز فيه تقدم الغرب ، ويُحسن لمواطنيه الانتفاع بتقدمه ، وأكثر من هذا فقد قرأ " محمد علي " الكتاب قبل نشره بناء على تزكية له من الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر فأمر بطبعه ، وأصدر أمره بقراءته في قصوره ، وتوزيعه على الدواوين ، والمواظبة على تلاوته ، والانتفاع به في المدارس المصرية ، بل إنه أمر بعد ذلك بترجمته إلى التركية .ا.هـ.
وقال الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه الرائع " عودة الحجاب " " القسم الأول " ( ص 27) :
لقد كان رفاعة أول من وضع الأفكار النظرية موضع التنفيذ ، وأول من أنتج عملا فكريا يمهد لخطة اجتماعية عملية ، وتجلى ذلك في مؤلفيه " تلخيص الإبريز " و " المرشد الأمين " الذي ألفه بناء على أمر الخديوي إسماعيل وذلك عام (1872م ) قبل افتتاح أول مدرسة للبنات ترعاها الحكومة بعام واحد ، وقبل موت رفاعة بأعوام قليلة ، ولما كان الخديوي إسماعيل يقود - في بداية تلك المرحلة - حركة التحديث في كل ميادين السياسية والفكرية والاجتماعية ، فقد حاول بعد ذلك أن يقنع أهل الرأي بتأليف كتاب في الحقوق والعقوبات يطبقه في المحاكم ، بحيث يكون سهل العبارة ، مرتب المسائل على نحو ترتيب القوانين الأوربية ، ولكن رفض أهل الرأي من مشايخ الأزهر هذه الدعوة ، فطلب الخديوي من الشيخ رفاعة إقناعهم بقبول ذلك ، ولكنه اعتذر عن ذلك على الوجه الذي وصفه الشيخ رشيد رضا في كتاب تاريخ الإمام محمد عبده على الوجه التالي :
قال الشيخ رشيد : حدثني علي باشا رفاعة بن رفاعة بك الطهطاوي قال : إن إسماعيل باشا الخديوي لما ضاق بالمشايخ ذرعا ، استحضر والده رفاعة بك ، وعهد إليه أن يجتهد في إقناع شيخ الأزهر وغيره من كبار الشيوخ بإجابة هذا الطلب ، وقال له : إنك منهم ، ونشأت معهم ، وأنت أقدر على إقناعهم ، فأخبرهم أن أوربا تضطرب إذا هم لم يستجيبوا إلى الحكم بشريعة نابليون فأجابه بقوله : إنني يا مولاي قد شخت ، ولم يطعن أحد في ديني ، فلا تعرضني لتكفير مشايخ الأزهر في آخر حياتي ، وأقلني من هذا الأمر ، فاقاله .ا.هـ. كلام رشيد رضا .
وكان أن انزوى الطهطاوي بعيدا عن مكان الصدارة ، وانتأى بعيدا ، ليحتل مكانه الشيخ محمد عبده الذي كان في ذلك الوقت في شرخ الشباب ، يحدوه جرأة الشباب وإقدامه ، وهنا تبدأ مرحلة جديدة من مراحل " تحرير المرأة " .ا.هـ. كلام محمد المقدم .
فهذا ملخص للبذرة الأولى من بذور دعاة تحرير المرأة على يد رفاعة الطهطاوي ، وسنأتي على باقي الدعاة .
وليعلم أن هذا السرد التاريخي ليس الهدف منه مجرد الترف الفكري ، بل أخذ العبرة والاستفادة من هذا التاريخ ، فليتنا نحاول من خلال هذا السرد التاريخي أن نستخرج الدروس والعبر ، وذلك من خلال ما لدى الرواد من طرح .
وللموضوع تتمة إن شاء الله تعالى ..........
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com
ـــــــــــــــــــ(82/36)
عفوًا ... أنت المسئولة عن ابتعاد زوجك ... زوجي يخونني ( 3 )
الأول في الترتيب:
سأل أحد الأزواج زوجته بكتابة اهتماماتها ومسئولياتها بالأولوية والترتيب الرقمي 1، 2، 3 فكتبت الزوجة:
1ـ الأولاد
2ـ البيت
3ـ الزوج
4ـ العمل
5ـ الأهل والأقارب
6ـ الصديقات.
فقال لها الزوج: أرجو إعادة الترتيب بكتابة: 1ـ الزوج 2ـ الأولاد... وهكذا.
عزيزي القارئ عزيزتي القارئة:
لا ينبغي استغراب الموقف السابق فهذا حال الكثير من الزوجات ـ إلا من رحم ربي ـ وهناك أيضًا من يضع العمل قبل الزوج في الترتيب والأهمية، على اعتبار أن الوظيفة مركز قوة وأمان استراتيجي لها إذا غدر بها زوجها. فقد قالت لي إحدى المعلمات الفاضلات:
'أنا لستُ في حاجة إلى العمل عندي الذهب والرصيد في البنك و... و... و... ولكني أعمل لأن الرجل ليس له أمان'.
وفي رأينا الشخصي، أن المرأة إذا برمجت عقلها على هذه الأفكار فإنه يترتب على ذلك طريقة في الحياة والتعامل مع الزوج تخالف تماما الطريقة التي ارتضاها المولى - جل وعلا - لهذه العلاقة.
ونحن لا نعترض على العمل ولكن أن تعمل ليكون سلاحًا ضد زوجها، هذا غير مقبول طبعًا وعلى من تفكر بهذه الطريقة أن تصحح التصور فتقول أنا أعمل لأنني شريكة زوجي في الحياة، فنحن شركاء في المنزل وشركاء في تربية الأولاد، وهناك علاقة تكامل أدوار بيننا.
إعادة الترتيب:
تخيّل معي عزيزي القارئ أن هذه المرأة أعادت ترتيب أولوياتها فكان:
1ـ الزوج 2ـ الأولاد.................. وهكذا
فكيف تكون الحياة وأسلوب التعامل مع الزوج والاهتمام به والمشاعر تجاه هذا الشريك، بالطبع سيختلف الأمر كثيرًا.
لذلك أقول: إن الزوجة هي التي تقع عليها في المقام الأول مسؤولية ابتعاد الزوج، أو انبهاره بأي امرأة أخرى لأن هذه الزوجة لم تعرف كيف تحتفظ به.
إن ابتعاد الأزواج ـ أو انحرافهم ـ يرجع في معظم الأحيان إلى جهل الزوجات بالأسلوب الذي يجب أن يتعاملن به مع أزواجهن. وكذلك سوء معاملة الزوج وجفاف المشاعر تجاهه.
العصفور في القفص:
ومن أمثلة التصورات الخاطئة ما تعتقده بعض الزوجات أنها بزواجها قد ملكت زوجها، وقد تهمل نفسها وتهتم أكثر بأولادها وتتصور أنها مهما فعلت فلن يفلت من قبضتها هذا العصفور.
وتظن خطأً أن اهتمام زوجها بها أمر مفروغ منه؛ لأن ذلك يجعلها تتصرف بلا مبالاة فيما يتعلق بجلب اهتمام زوجها، الذي سرعان ما يمل وقد ينزلق إلى طريق آخر ملقيًا باللوم عليها.
محطات حرجة في عمر الزواج:
على الزوجة أن تفطن أن هناك مراحل حرجة في عمر الزواج تزيد فيها فرص ابتعاد الزوج مثل قدوم الأطفال، وتزايد أعباء الزوجة وإرهاقها ساعات الليل والنهار.
وهنا أقول لكل زوجة: لا تذوبي في خدمة الأطفال بشكل جائر على حق الزوج.
وعلى الزوج أيضًا تفهم الأوضاع الجديدة لدى الزوجة والمشاركة معها في رعاية الصغار ما أمكن ذلك. ولا نغفل رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - وقدوتنا في هذا المقام فإنه كان يداعب الصغار ويحنو عليهم ويشارك في أعمال المنزل.
وهناك مرحلة حرجة أخرى تأتي مع تقدم سنوات الزواج عندما يبلغ الأبناء سن المراهقة وتنغمس الأم في مشاكل أبنائها، وأيضًا قد يؤدي تقدمها في العمل ووصولها لمركز مرموق أن يشعر الزوج أنها ليست في حاجة إليه وأن هناك أشياء كثيرة تشغلها عنه وهذه الأشياء أهم عندها منه.
فهو يحتاج العطف والحنان في جميع المراحل:
يجب على كل زوجة أن تغدق على زوجها بكلمات المجاملة الرقيقة التي تشعره باهتمامها البالغ مهما بلغ عمره أو عمر زواجهما، فالمرأة بحكم طبيعتها أكثر قدرة على العطاء وهذا العطاء هو الباعث الحقيقي لعطاء الزوج أيضًا.
إن جلوسك مع زوجك لمدة ساعة على الأقل يوميًا تكونين خلالها متفرغة له تمامًا؛ تتجاذبين أطراف الحديث في الشؤون التي تهمه يُعد أنفع وأجدى من قيامك بأي عمل آخر مهما كلفك ذلك من تضحيات.
وأخيرًا نؤكد أن المرأة الذكية لا يمكنها فقط أن تحتفظ بزوجها بل يكون في استطاعتها أن تستعيده إليها حتى لو انزلق نحو امرأة أخرى.
7 ذي القعدة 1426هـ
9 ديسمبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/37)
عفوًا ... أنت المسئولة عن ابتعاد زوجك ... زوجي يخونني 3
الأول في الترتيب:
سأل أحد الأزواج زوجته بكتابة اهتماماتها ومسئولياتها بالأولوية والترتيب الرقمي 1، 2، 3 فكتبت الزوجة:
1ـ الأولاد
2ـ البيت
3ـ الزوج
4ـ العمل
5ـ الأهل والأقارب
6ـ الصديقات.
فقال لها الزوج: أرجو إعادة الترتيب بكتابة: 1ـ الزوج 2ـ الأولاد... وهكذا.
عزيزي القارئ عزيزتي القارئة:
لا ينبغي استغراب الموقف السابق فهذا حال الكثير من الزوجات ـ إلا من رحم ربي ـ وهناك أيضًا من يضع العمل قبل الزوج في الترتيب والأهمية، على اعتبار أن الوظيفة مركز قوة وأمان استراتيجي لها إذا غدر بها زوجها. فقد قالت لي إحدى المعلمات الفاضلات:
'أنا لستُ في حاجة إلى العمل عندي الذهب والرصيد في البنك و... و... و... ولكني أعمل لأن الرجل ليس له أمان'.
وفي رأينا الشخصي، أن المرأة إذا برمجت عقلها على هذه الأفكار فإنه يترتب على ذلك طريقة في الحياة والتعامل مع الزوج تخالف تماما الطريقة التي ارتضاها المولى - جل وعلا - لهذه العلاقة.
ونحن لا نعترض على العمل ولكن أن تعمل ليكون سلاحًا ضد زوجها، هذا غير مقبول طبعًا وعلى من تفكر بهذه الطريقة أن تصحح التصور فتقول أنا أعمل لأنني شريكة زوجي في الحياة، فنحن شركاء في المنزل وشركاء في تربية الأولاد، وهناك علاقة تكامل أدوار بيننا.
إعادة الترتيب:
تخيّل معي عزيزي القارئ أن هذه المرأة أعادت ترتيب أولوياتها فكان:
1ـ الزوج 2ـ الأولاد.................. وهكذا
فكيف تكون الحياة وأسلوب التعامل مع الزوج والاهتمام به والمشاعر تجاه هذا الشريك، بالطبع سيختلف الأمر كثيرًا.
لذلك أقول: إن الزوجة هي التي تقع عليها في المقام الأول مسؤولية ابتعاد الزوج، أو انبهاره بأي امرأة أخرى لأن هذه الزوجة لم تعرف كيف تحتفظ به.
إن ابتعاد الأزواج ـ أو انحرافهم ـ يرجع في معظم الأحيان إلى جهل الزوجات بالأسلوب الذي يجب أن يتعاملن به مع أزواجهن. وكذلك سوء معاملة الزوج وجفاف المشاعر تجاهه.
العصفور في القفص:
ومن أمثلة التصورات الخاطئة ما تعتقده بعض الزوجات أنها بزواجها قد ملكت زوجها، وقد تهمل نفسها وتهتم أكثر بأولادها وتتصور أنها مهما فعلت فلن يفلت من قبضتها هذا العصفور.
وتظن خطأً أن اهتمام زوجها بها أمر مفروغ منه؛ لأن ذلك يجعلها تتصرف بلا مبالاة فيما يتعلق بجلب اهتمام زوجها، الذي سرعان ما يمل وقد ينزلق إلى طريق آخر ملقيًا باللوم عليها.
محطات حرجة في عمر الزواج:
على الزوجة أن تفطن أن هناك مراحل حرجة في عمر الزواج تزيد فيها فرص ابتعاد الزوج مثل قدوم الأطفال، وتزايد أعباء الزوجة وإرهاقها ساعات الليل والنهار.
وهنا أقول لكل زوجة: لا تذوبي في خدمة الأطفال بشكل جائر على حق الزوج.
وعلى الزوج أيضًا تفهم الأوضاع الجديدة لدى الزوجة والمشاركة معها في رعاية الصغار ما أمكن ذلك. ولا نغفل رسولنا الحبيب صلي الله عليه وسلم وقدوتنا في هذا المقام فإنه كان يداعب الصغار ويحنو عليهم ويشارك في أعمال المنزل.
وهناك مرحلة حرجة أخرى تأتي مع تقدم سنوات الزواج عندما يبلغ الأبناء سن المراهقة وتنغمس الأم في مشاكل أبنائها، وأيضًا قد يؤدي تقدمها في العمل ووصولها لمركز مرموق أن يشعر الزوج أنها ليست في حاجة إليه وأن هناك أشياء كثيرة تشغلها عنه وهذه الأشياء أهم عندها منه.
فهو يحتاج العطف والحنان في جميع المراحل:
يجب على كل زوجة أن تغدق على زوجها بكلمات المجاملة الرقيقة التي تشعره باهتمامها البالغ مهما بلغ عمره أو عمر زواجهما، فالمرأة بحكم طبيعتها أكثر قدرة على العطاء وهذا العطاء هو الباعث الحقيقي لعطاء الزوج أيضًا.
إن جلوسك مع زوجك لمدة ساعة على الأقل يوميًا تكونين خلالها متفرغة له تمامًا؛ تتجاذبين أطراف الحديث في الشؤون التي تهمه يُعد أنفع وأجدى من قيامك بأي عمل آخر مهما كلفك ذلك من تضحيات.
وأخيرًا نؤكد أن المرأة الذكية لا يمكنها فقط أن تحتفظ بزوجها بل يكون في استطاعتها أن تستعيده إليها حتى لو انزلق نحو امرأة أخرى.
7 ذي القعدة 1426هـ
9 ديسمبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/38)
عورة المرأة ( 1- 2 )
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
لباس المرأة بين النساء وأمام المحارم، مما تساهلت به بعض النساء، ولا شكّ أنَّ لهذا التساهل آثاره الخطيرة التي وقفت على بعضها بنفسي، وسأذكرها لا حقاً بعد بيان الحُكم عورة المرأة:
الصحيح أنَّ عورة المرأة مع المرأة كعورة المرأة مع محارمها.
فيجوز أن تُبدي للنساء مواضع الزينة ومواضع الوضوء لمحارمها ولبنات جنسها.
أما التهتك في اللباس بحجة أنَّ ذلك أمام النساء، فليس من دين الله في شيء.
وليس بصحيحٍ أنَّ عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، أي من السرة إلى الركبة، فهذا الأمر ليس عليه أثارةً من علم، ولا رائحة من دليل، فلم يدل عليه دليل صحيح ولا ضعيف. بل دلّت نصوص الكتاب والسنة على ما ذكرته أعلاه.
قال - سبحانه - وتعال: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} ووجه الدلالة أنَّ الله ذكر النساء بعد ذكر المحارم وقبل ذكر مُلك اليمين.
فحُكم النساء مع النساء، حُكم ما ذُكِرَ قبلهنَّ وما ذُكِرَ بعدهنّ في الآية.
ولعلك تلحظ أنَّ الله - سبحانه وتعالى - لم يذكر الأعمام والأخوال في هذه الآية، وليس معنى ذلك أنَّهم ليسوا من المحارم.
قال عكرمة والشعبي: لم يذكر العم ولا الخال؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما، ولا تضع خمارها عند العم والخال، فأمَّا الزوج فإنما ذلك كله من أجله، فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره .
وهذه الآية حدَّدَتْ مَنْ تُظهر لهم الزينة، فللأجانب {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ}.
قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي الخلخالان والقرطان والسواران. رواه ابن جرير في التفسير والحاكم، وصححه على شرط مسلم، والطبراني في المعجم الكبير، والطحاوي في مشكل الآثار.
قال ابن جرير: ولا يُظهرنَّ للناس الذين ليسوا لهنَّ بمحرم زينتهنَّ.
أمَّا الزينة المقصودة في قوله - تعالى -: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} الآية فهذه يُوضِّحها علماء الإسلام.
قال البيهقي: والزينة التي تبديها لهؤلاء الناس، قرطاها وقلادتها وسواراها، فأما خلخالها ومعضدتها ونحرها وشعرها، فلا تبديه إلاَّ لزوجها. وروينا عن مجاهد أنَّهُ قال: يعني به القرطين والسالفة والساعدين والقدمين، وهذا هو الأفضل ألاّ تبدي من زينتها الباطنة شيئاً لغير زوجها إلاَّ ما يظهر منها في مهنتها. ا هـ.
وقوله: لهؤلاء الناس: أي المذكورين في الآية من المحارم ابتداءً بالبعل (الزوج) وانتهاءً بالطفل الذي لم يظهر على عورات النساء، ثم استثنى الزوج. والمعضدة ما يُلبس في العضد، ويؤيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المرأة عورة)). رواه الترمذي وغيره، وهو حديث صحيح، فلا يُستثنى من ذلك إلاَّ ما استثناه الدليل.
وأمَّا قوله: إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، فليس عليه أثارةً من علم، ولا رائحة من دليل، ولو كان ضعيفاً.
إذاً فالصحيحُ أنَّ عورة المرأة مع المرأة ليست كعورة الرجل مع الرجل، من السرة إلى الركبة، وإن قال به من قال، بل عورة المرأة مع المرأة أكثر من ذلك.
ويؤيّد ذلك أيضاً أنَّ الأمَة على النصف من الحُرّة في الحدِّ، لقوله - تعالى -: ((فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ). والأمَة على النصف في العورة، لما رواه أبو داود، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا زوج أحدكم خادمهُ عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دُون السرة وفوق الركبة)). وحسّنه الألباني وزاد نسبته للإمام أحمد.
وإذا كان ذلك في الأمَة، التي هي على النصف من الحرة في الحدِّ والعورة وغيرها، فالحُرّة لا شك أنَّها ضِعف الأمَة في الحدِّ والعورة وغيرها، مع المحارم والنساء.
قال البيهقي: والصحيح أنَّها لا تبدي لسيِّدها بعدما زوّجها، ولا الحرة لذوي محارمها إلاَّ ما يَظهرُ منها في حال المهنة. وبالله التوفيق.
8/2/1426 هـ
19/03/2005 م
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/39)
الرجل الذي تفضله النساء
أ. سلام نجم الدين الشرابي
الفارس الذي يأتي على حصان أبيض لم يعد فارس أحلام فتيات اليوم، ربما لأن عصر الأحصنة ولى، وغدا حصان الأمس واحداً من الأدوات الترفيهية المنتشرة في مدينة الألعاب!.
وبغض النظر عن فتى أحلام فتاة الأمس، فإن الواقع الحالي فرض كثيراً من الرؤى المختلفة لدى الفتاة، وعند الحديث عن مثل هذه القضايا تطفو على السطح قضية تفضيل المرأة للرجل الغني، وهذا الكلام لا ينئى عن الصحة، فإن نسبة كبيرة من الفتيات ترغب الارتباط بالرجل الغني، لأنها تأمل أن تجد الراحة في ذلك، حيث أن بإمكانه أن يوفر لها كل أسباب الحياة الرغيدة، وقد تصطدم المرأة باختيارها، وتكتشف بأن المال ليس بالضرورة أن يكون مقياساً لاختيار الزوج المناسب، أو مصدراً للسعادة خاصة مع غياب أمور أخرى مهمة تنشدها الزوجة وتتمنى أن تكون في زوجها.
فما هي الصفات التي تفضلها المرأة في الرجل الذي تريد أن تختاره شريك لحياتها؟..
- الرجل المؤمن التقي الخلوق: الذي يتعامل مع المرأة وفق هدي القرآن الكريم وسيرة وخُلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يطبق في تعامله مع المرأة ما جاء في الإسلام الذي حفظ لها كرامتها وحقوقها وأوصى بالرفق بها.
ولا زالت الأمهات تكرر هذا المثل ناصحات بناتهن المقدمات على الزواج" تزوجي بالذي يخاف من الله، فإن من يخاف الله لا تخافي منه".
صاحب الدين والخلق يتحلى بجميع الصفات التي جئنا على ذكرها في هذا المقال والتي قد نكون غفلنا عنها وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: ( إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه).
- تريده كريماً: الرجل الكريم مطلب لا يمكن أن تتخلى عنه المرأة أو تساوم عليه، وقديماً قالوا : " الكرم يغطي مائة عيب وعيب".
وتعد المرأة المرتبطة برجل عرف عنه الكرم محظوظة جداً، وكلمة كريم تسمعها المرأة عن خاطب تسأل عنه تؤثر وبقوة في مدى موافقتها على الارتباط به.
وصفة الكرم تتعدى المال، فالكريم كريم بعواطفه وأخلاقه ونبله وليس فقط في ماله.. وهي من الصفات المقترنة جداً بالرجولة.
- تريده أن يعرف احتياجاتها العاطفية: تضيق المرأة ذرعاً بالرجل الصامت، إذ تفتقد كثير من النساء الرجل الذي يعبر عن مشاعره، الذي يبدي إعجابه بزوجته، يطرب مسمعها بكلمات الإطراء والغزل ويملأ حياتها الزوجية بمفردات الحب والهيام.
إن أكثر ما تتوق إليه المرأة وتبحث عنه في زوجها أن يعبر لها عن حبه واهتمامه بها، وأن يبدي إعجابه بكل ما تفعله، وأن يتغزل بها وبأنوثتها، فكم من المحبط أن تقف المرأة أمام المرآة تتجمل وتتزين لزوجها، فلا تجد منه أي تعبير يدل على أنه حتى انتبه إلى التغيرات التي تعبت في عملها وأخذت من وقتها الكثير لتحظى على إعجابه.
- تريده أن يحترمها: تحب المرأة الرجل الذي يحترمها؛ يحترمها أمام أهله وأهلها، يحترمها في البيت أمام أبنائهما، يحترم آراءها، أفكارها، لا يسخر من طموحاتها أو حماستها، يتعامل معها كإنسانة لها فكر ورؤى وليست كسجد فقط، يتحدث إليها ويحاورها، يناقشها ويشاورها تأسياً بسيد الخلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يشاور زوجاته ويأخذ برأيهن.
- تحبه غضيض البصر: إذ إن أكثر ما يجرح المرأة في كرامتها وكبريائها أن ينظر زوجها إلى امرأة أخرى أو يبدي إعجابه بها، وإن لم تشعره في ذلك.
وتعجب المرأة بالرجل الذي لا يلقي بالاً إلى غيرها من النساء مهما كانت فتنتهن، إذ تشعر بأنه ذو شخصية قوية، وأنه أكبر من أن يفتن بامرأة هي أساساً تسعى لأن تكون محط نظره ونظر أمثاله من الرجال، فإن لم يلقي لها بالاً، كبر في عينها.
- الرجل الذي يكتفي بزوجته عن نساء العالم: قطعاً أن المرأة تفضل الرجل الذي لا يفكر مجرد التفكير بالارتباط بأخرى، ويجد في زوجته ما يكفيه عن نساء العالم، والذي يؤكد لها باستمرار وفي كل مناسبة أنه من المستحيل أن يقدم يوماً على الزواج بأخرى أياً كانت الأسباب وأنها المرأة الأولى والأخيرة في حياته.
- الرجل المبادر: عادة ما تكون المرأة هي المبادرة في التخطيط لقضاء إجازة الأسبوع أو الإجازة السنوية، أو حتى الخروج إلى عشاء رومانسي هادئ مع الزوج، وتحب المرأة أن تجد في زوجها الحماس ذاته، وأن لا يلبي رغبتها فقط لأنها تريد ذلك، بل أن يكون مبادراً، كأن يدعوها للخروج سوياً في رحلة ما أو عشاء يجمعهما معاً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الهدايا حيث تهتم المرأة عموماً بشراء هدية لزوجها في كل مناسبة، بينما قد يخذلها نسيان زوجها لمناسباتهما الخاصة، إذ تتمنى المرأة أن يطلب زوجها مثلاً في مناسبة زواجهما منها أن يخرجا سوياً إلى مكان ما، وأن يجلب لها هدية وإن كانت غير ثمينة، والغريب في الأمر أن المرأة وإن عودها زوجها بأن لا يأت لها بهدية إلا أنها تتأمل في كل مناسبة أن يتذكرها ولو بوردة.
- الرجل المسئول: تتزوج المرأة متمنية أن تلقي بأعبائها على زوج تثق به، تضع رأسها على كتفه مطمئنة بأنه قائد المركب الذي لن يضيع ولن يُضيعها، يقف أمام أي تيار يواجه أسرتهما، ويبحر دوماً منشداً غد أفضل.
- الرجل الطموح الذي يتطلع دوماً إلى تحسين وضعه المادي والتعليمي على أن لا ينسيه طموحه زوجته، فلا يعلو وحيداً ويتركها بعيداً عنه، بل يأخذها معه في علوه.. ليتقدما سوياً نحو الأفضل، يدفعهما هدف مشترك يودان الوصول إليه معاً.
- تريده حليماً: إذ تعاني بعض النساء من سرعة غضب أزواجهن، والرجل الحليم يستوعب المرأة ويتفهم طبيعتها، ينقب عن مواطن الدفء والعاطفة داخلها، يتأنى في التعامل مع المشكلات التي تواجهه معها، يأخذ الأمور بروية، ويحسن التصرف أكثر من الرجل العصبي الذي قد يزيد الطين بلة.. وكم من البيوت تهدمت ووصلت إلى طريق مسدود بسبب عصبية الرجل.
- الرجل البيتوتي: تحب المرأة الرجل الذي يفضل الجلوس في البيت مع أسرته على الخروج مع أصدقائه و السهر معهم، والذي يحب إن خرج أن يصطحب أسرته معه.
- الرجل الأنيق: عادة ما يُطلب من المرأة التزين لزوجها، وأن تظهر أمامه في أحسن حلة، وقد يغيب عن ذهن الرجل أن المرأة التي جبلت على حب ذلك أيضاً تحب وترغب أن يبادلها الرجل بذلك، وأن يهتم بمظهره في البيت وخارجه، وأن يكون في نظرها أنيقاً وجذاباً، فالمرأة مرهفة الإحساس والمشاعر، والمظهر يؤثر بها كما يؤثر المضمون.
- الرجل الذي يدخل المطبخ: قد يكون من الغريب أن تدرج هذه الصفة مع الصفات السابقة إلا أن المرأة حقيقة تحب الرجل الذي يدخل المطبخ ويتعامل معه، إذ تعتبر المرأة أن تعامل الرجل مع الطبخ فن وإبداع بخلاف تعامل المرأة الذي يحدد بإطار الواجب والمسؤولية التي تفقده كثيراً من التجديد، مما يجعل المائدة التي يعدها الرجل أكثر فناً وإبداعاً.
كما تعتبر المرأة الرجل الذي يدخل المطبخ دون تحرج، ولا يجد في ذلك ما يعيبه رجل متفتح واثق من نفسه، لا تكبله العادات والتقاليد، يفهم معنى الرجولة الحقيقي، يمد يد العون ويساعد زوجته، متأسياً بالمصطفى - صلى الله عليه وسلم -، فعن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قال: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة) رواه مسلم والترمذي.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان يخيط ثوبه, ويخصف نعله, ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) صلى الله على سيدنا محمد، - صلى الله عليه وسلم -.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/40)
أثر الظرفية التاريخية والاجتماعية في إعمال غلق الذريعة في قضايا المرأة
د. رقية طه العلواني
تنعكس البيئة التي يعيشها المجتهد على طبيعة الاتجاهات والميول الفكرية التي يتأثر بها أو يتبناها في مراحل أخرى على اختلاف بين المجتهدين في ذلك قلة أو كثرة. فالمجتهد ابن بيئته ومجتمعه ولابد أن يكون مرآة صادقة تعكس هموم عصره ومتطلبات زمانه في تفاعل كبير بينه وبين البيئة التي تنشأ فيها.
إلا أن ذلك التأثر لا ينبغي أن يصل حد منازلة النصوص الشرعية بمعنى أن تصبح الأعراف والظروف البيئية حاكمة على النصوص الشرعية المطلقة، فالنص المطلق لابد أن يبقى حاكما على الزمان والمكان.
وغلق الذريعة يقوم في الأصل على أساس الدفاع عن الفضيلة في المجتمع وحمايتها من بؤر الفساد والرذيلة. وعلى هذا كان استعماله مرتهنا بطبيعة المجتمع وأحواله السائدة، فكلما غلب تيار الانحراف والرذيلة، كلما ازدادت الحاجة إلى إعمال غلق الذرائع المؤدية إلى المفاسد. وكلما سادت الفضيلة، غابت الحاجة إلى الغلق أو قلت.
والبيئة المسلمة (في مختلف المجتمعات المعاصرة منها والقديمة) لم تحكمها حالة واحدة من سيادة الفضائل أو النأي عن الرذائل، بل تقلبت بين هذا وذاك تبعا لعدد من العوامل والتغيرات الاجتماعية والثقافية الهائلة التي شهدتها ولا تزال. الأمر الذي يستلزم عدم ثباتها واستقرارها على حالة واحدة خاصة فيما يتعلق بالمرأة وقضاياها.
فمنذ ما يزيد على قرنين من الزمن والمرأة تقف بين موقفين:
الأول: يقوم على تبني النهج الغربي وموقفه التحرري إزاء المرأة ويدعو إلى الانصهار في المنظومة الفكرية الغربية وتقمص النموذج الغربي للمرأة في مختلف الميادين دون إجراء أية دراسة عميقة للفوارق البنيوية العقدية والفكرية والاجتماعية بين المرأة الغربية والمرأة المسلمة. وتضمنت دعوة أصحاب هذا الاتجاه، حق المرأة الكامل في العمل والمشاركة السياسية والاجتماعية وغيرها دون ثمة فوارق بينها وبين الرجل، وبات الرجل محور المقارنة في مختلف تلك الأدبيات، سيرا على المساواة بمفهومها الغربي التي اعتبرت مساواة المرأة بالرجل مرجعيتها المطلقة.
ولئن كانت المرأة في الغرب قد طالبت بالمساواة بالرجل باعتبار أنه يشكل الأنموذج المتكامل في مرجعيتها الثقافية والدينية والواقعية، فالأمر يختلف تماما بالنسبة للمرأة المسلمة. فتعاليم المرجعية الدينية في الغرب (على سبيل المثال) تكرس فوقية الرجل ودوره في الحياة. تلك التعاليم التي أرست دعائمها عشرات النصوص في العهدين القديم والجديد مؤكدة سيادة الرجل التكوينية والفطرية على المرأة مطلقا.
لقد أقام أصحاب هذا الاتجاه منهجهم على تصور إمكانية الجمع والتلفيق بين ضدين غير متشابهين، وإمكانية التعايش بينهما رغم التعارض القائم بينهما. كما جعلوا الغرب مرجعية مطلقة تستفتي في كل صغيرة وكبيرة ولذا غلبت على دراساتهم أساليب المقارنات السطحية. كما لم يأخذوا بعين الاعتبار حقيقة أن المفاهيم الكلية لأية دائرة حضارية وليدة عنصرين متضايفين: هما الوضع التاريخي الذي أفرزها، والجهد الجمعي المشترك للجماعة الذي قام بصياغتها. إضافة إلى أن الواقع يشهد باستحالة استزراع مفاهيم حضارة لها مكوناتها وخصائصها إلى دائرة حضارية أخرى لها خصائصها الذاتية كذلك.
كما فتح أصحاب هذا الاتجاه (بحسن نية في كثير من الأحيان) السبيل أمام دعاة تحرير المرأة والحركات النسوية، التي وجدت في تلك الأطروحات والمناهج مدلفا لخرق المجتمع المسلم ومنازلة أعرافه الفاسدة منها والصالحة، وتقمص الأعراف الغربية دون أي نوع من التمييز أو الغربلة المنهجية أو الفكرية.
وركز أصحاب هذا الاتجاه الجديد في كتاباتهم على أهمية تعليم المرأة وخروجها من البيت، ونبذها الحجاب. كما برزت في كتاباتهم نبرة المقارنة الحادة بين وضع المرأة في الغرب من انفتاح حضاري وحضور اجتماعي، وبين وضعها في بعض بلدان العالم الإسلامي من غياب عن المجتمع وانعزال عنه.
وعليه لم تكن دعوتهم منبثقة من صميم تعاليم القرآن الكريم، أو مبادئه الداعية إلى العلم ونبذ الخرافات والجهل بقدر ما ركزت على المقارنة بالمرأة الغربية المثال، والدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الواجبات والحقوق بناءا على تطور الزمن وتغير استعدادات المرأة والمجتمع. وتتابعت دعوات تحرير المرأة في المجتمع على يد أتباع هذا التيار، وظهرت على الساحة الجمعيات النسوية والتي استعانت بتلك الأطروحات والمناهج.
ولم يفرق أصحاب هذا الاتجاه بين الدين من حيث كونه تشريعا ثابتا لا يتغير، وبين اجتهادات العلماء السابقين المرهونة بظرفيتها. وهكذا حمل أتباع هذا المنهج على عاتقهم مهمة تغريب قضية المرأة المسلمة في المجتمع، وطرحوا كل ما يتعلق بالمرأة من وجهة نظر بعيدة كل البعد عن أي دين.
وهنا ظهرت ردود الفعل المضادة لدعوات تحرير المرأة، المتمثلة في الاتجاه التقليدي المحافظ Conservative، والذي رأى متبنوه، في تلك المحافظة شرطا لبقاء الإسلام وهويته في المجتمع، وهنا برز الموقف الثاني.
الثاني: جاء كردة فعل عنيفة للموقف الأول ويتمثل في موقف مضاد لدعوات الانصهار والتقمص للنموذج الغربي، متبنيا نهج المحافظة على الموروث كشرط لبقاء الإسلام وهويته في المجتمع. كما رأوا في تلك الدعاوى خطرا يهدد الهوية الإسلامية ويحاول اجتثاثها من الجذور. ونظر أصحاب هذا الاتجاه من العلماء والمفكرين إلى أن التّغييرِ(أي تغيير) سَيقوم بتخريب وتدمير البنية الاجتماعية ممهدا السبيل أمام الهيمنة والسيطرة الغربية.
وتصاعدت ردود الفعل المختلفة حول غالب ما يتعلق بالمرأة من تعليمها وعملها ومشاركتها في الحياة العامة، وبرزت على الساحة العديد من القضايا في ثوب لا يخلو من محاولات التجديد في الظاهر. وسايرت غالب الكتابات الإسلامية - بحسن نية وقصد - ذلك التيار، والذي تمثل في شكل تحدي صارخ ينازل مقومات الهوية الإسلامية. وهكذا باتت المرأة المسلمة بين تيارات متعددة، لا يمثل واحدا منها النهج الأصيل المتمثل في تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
وفي غمرة التعاقب والحوار المستمر بين أعلام الاتجاهات المختلفة في الفكر الديني الإسلامي، ازدادت الفجوة بين التقاليد والأعراف الاجتماعية من جهة، وبين تعاليم الإسلام الأصيلة المتمثلة في نصوص القرآن الكريم والسنة وممارسات العهد النبوي والراشد من جهة أخرى.
وباتت الكتابات الدفاعية ذات الاتجاه الإسلامي المحافظ Conservative backlash، أغلفة حافظة واقية لتقاليد وأعراف اجتماعية جاء الإسلام أساسا لتهذيبها وترشيدها وإصلاحها.
واعتبرت تلك الكتابات أن ذلك الحفظ لهذه التقاليد نوع من الحفاظ على البقية الباقية من مقومات الهوية الإسلامية المهددة بالضياع. خاصة وأن التيار الوافد استعمل سلاح الهجوم على تلك التقاليد والأعراف باعتبارها جزءا من تعاليم الدين، وأغفل تماما - سهوا أو عمدا - البون الشاسع بين الدين والتقاليد والأعراف السائدة.
إن عملية تبرير هذا الواقع الجائر والأعراف البالية، عن طريق تفسير النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تفسيرا يبعد بها عن روح الدين ومقاصده، أمر لا يقره الشرع ولا العقل ولا الواقع.
فلا تزال العديد من مظاهر الظلم والهوان تجري على المرأة في مجتمعاتنا باسم الدين، من خلال فهم البعض له فهما مقتطعا- mincing methodology- يناقض أصوله ومبادئه العامة.
إن عملية تغيير وإصلاح تلك الأعراف لا يمكن أن يُكتب لها النجاح إلا من خلال الاعتراف بالوجود والواقع الإنساني، وتحكيم منطق القرآن الكريم الذي ما نزل إلا لمعالجة الوجود الإنساني وإصلاحه وفقا لمطالبه ومقاصده العامة.
ولعل أخطر ما اتسمت به العصور المتأخرة، الخلط الحاصل بين التقاليد الاجتماعية المتراكمة من العصور السابقة واللاحقة، وتعاليم الإسلام النقية المتمثلة في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية. فقد التبست تلك التقاليد والأعراف الاجتماعية المتراكمة بمظاهر الدين وظهرت وكأنها جزء غير قابل للانفصال عن الدين الحنيف.
إن الكثير من مظاهر الظلم والإجحاف التي لحقت ولا تزال بالمرأة المسلمة، كانت من قبيل عادات غريبة دخيلة على المجتمع المسلم، أو من قبيل سوء فهم وتطبيق المسلمين لكثير من نصوص القرآن الكريم والسنة.
وفي ظل تلك الأجواء التاريخية والتيارات الفكرية السائدة، ازداد إعمال المجتهد لسد الذريعة في قضايا المرأة خاصة كنوع من الحفاظ عليها وعلى هوية المجتمع المهددة بالتغييب أمام تيارات التغريب الوافدة. والفقه لا يكون فقها إلا إذا أدرك المجتهد طبيعة الواقع وملابساته وراعى أعرافه وعاداته وأسهم في حل قضاياه ونازل تحدياته. بيد أن ذلك كله لا ينبغي أن ينازل النصوص المطلقة المفارقة لكل الأعراف والتقلبات وتغيرات المجتمعات. فالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة جاءت لتكون حاكمة على الأعراف ومهيمنة عليها وليس العكس.
وقد وجد أصحاب هذا الاتجاه في إعمال سد الذريعة مخرجا للخلاص من التبعية والتقمص للنموذج الغربي. واتسمت كتاباتهم غالبا بالالتزام الشديد بالأحكام الاجتهادية في أدق تفاصيلها، فهي ترى في هذا الالتزام والتمسك حفظا لهويتها الإسلامية ودرءا واقيا لها عن الذوبان في الآخر.
ولم تخرج آراء أصحاب هذا الاتجاه من دائرة محاولات التلفيق والتوفيق للخروج برأي لا يتجاوز أقوال العلماء السابقين - رحمهم الله - غالبا. فكان الاعتماد على تأويلات السابقين لنصوص القرآن والسنة، ديدنا لأصحاب هذا الاتجاه، فأصبح النظر إلى النصوص القرآنية والنبوية يتم من خلال التأويلات والتفسيرات الماضية. الأمر الذي جعل (بحسن نية وقصد) التأويلات والأفهام البشرية النسبية المحدودة المحكومة بالظرفية الزمانية والمكانية، حاكمة على النصوص المطلقة المفارقة للزمان والمكان ولكل الأفهام البشرية.
وواقع الأمر أن أصحاب هذا الاتجاه اندفعوا ولا يزال البعض منهم (بإخلاص وخشية على الدين وغيرة عليه) إلى الغلو والإسراف في تقدير التراث المتمثل في أقوال علمائنا السابقة - رحمهم الله - واجتهاداتهم والنظر إليها بعين الامتثال والإقتداء لا بعين الدراسة والتمحيص والنسبية على اعتبار أنها جهد بشري مهما علت منزلة من قال به.
فأقوال العلماء - رحمهم الله - (مهما علت منزلتهم وتقديرنا لهم ولجهدهم) لا ينبغي أن يخرج عن نطاق النسبية المرتهنة بظروف النشأة والأعراف والبيئة..وإلا انقلبت تلك الأقوال والاجتهادات إلى مطلق لا ينبغي تجاوزه وهذا أمر لا يصح وقوعه إلا في حق نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.
وهكذا غابت المفاهيم الأساسية المستفادة من النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة تحت ركامات التقليد، فأصبحت أقوال العلماء واجتهاداتهم النسبية - عند العديد من أصحاب هذا الاتجاه - لا تختلف كثيرا عن مفهومهم لمعنى الدين المعصوم الثابت.
وانعكست تلك التطلعات على آراء العديد من الكتاب المعاصرين الذين لم تزل توجهاتهم تنحى إلى استدعاء واستحضار أقوال وآراء السابقين - رحمهم الله - النسبية قبل استحضار نصوص القرآن الكريم وتعاليمه المطلقة مهما بلغت درجة وضوحها.
وهكذا وقعت المرأة وقضاياها في المجتمعات المسلمة في واحد من اتجاهين: اتجاه متحرر يرى في الجمع والانتحال المصطنع بين التقاليد الإسلامية والليبرالية الأوروبية، الوسيلة الأكثر فعالية في مواجهة القوى الغربية. واتجاه محافظ يُؤكد عدم وجود الحاجة إلى أي تغيير فكل تغيير يمكن أن يسوق إلى تخريب وتدمير البنية الاجتماعية والعقدية للأمة ويمهد السبيل أمام الهيمنة والسيطرة الأجنبية.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/41)
كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها
إنَّ من القضايا المهمة التي يلزمنا المرور عليها ، والحديث عنها، هي هذه المسألة ؛ كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها ، لأنَّ من أسباب خروج المرأة من بيتها الملل الذي تجدهُ المرأة في البيت ، لذا رأيت من الواجب النظر في هذا الموضوع، ووصف الواقع الذي تعيشه المرأة في بيتها، ومن ثم ذكر ما يمكن أن تفعلهُ المرأة في بيتها، فنقول وبالله التوفيق :
قضاء الوقت في البيت على قسمين :
القسم الأول : قضاء الوقت بما لا ينبغي
وهذه القسم يشملُ عدة أمور منها :
1- قضاء الوقت طويلاً مع الهاتف :
الهاتفُ نعمة من نعم الله تعالى، لكنها قد تكونُ نقمة في حالات، فالمرأة إذا استخدمت الهاتف للحاجة كالسلام على الأهل ومعرفة أخبارهم، وتفقد أمورهم على جهة الاختصار فهذا لا بأس به ، لكن المصيبة أن تستمر المكالمة إلى نصف ساعة، بل تزيد إلى ساعة وأكثر في أمورٍ لا داعي لها، بل أحياناً في أمورٍ محرمةٍ كالمعاكسات ـ عافانا الله وإياكِ من ذلك ـ، فهنا تقعُ الكارثة ، وتحصل المصيبة .
2- كثرة النوم :
النوم سلاحٌ ذو حدين ، فهو نعمة إن كان بالمقدار المناسب المعتدل، وهو نقمة إن جاوز حد الاعتدال والتوسط، وكثرة النوم سببٌ لقسوة القلب وغفلته، وإذا قسا القلبُ تكاسل العبد عن القيام بالطاعات، ومالت نفسه إلى المعاصي والمحرمات ، أو على الأقل توسع في فضول المباحات، وإهدار الأقوات فيها، ويا لله العجب كيف يليق بامرأة مسلمة أن تكثر من النوم في هذه الدنيا وهي تعلم علماً يقيناً أنَّ أمامها نوماً طويلاً في ظلمات القبور ؟!!
يا طويلَ الرُقاد والغفلات *** كثرةُ النوم تُورث الحسرات
إن في القبر إنْ نزلتَ إليه *** لرقاداً يطولُ بعد الممات
3- الجلوس أمام شاشة التلفاز أو القنوات الفضائية :
كثيرا ما تقضي بعض المسلمات أوقاتها في متابعة برامج التلفاز، من أفلامٍ ومسلسلاتٍ ونحوها، أحياناً إلى ساعاتٍ مُتأخرةٍ من الليل ، ولا يخفى على المسلمة أنَّ هذه الأفلام وتلك المسلسلات قد أفتى العلماء الأجلاء بحرمة النظر إليها، لما فيها من المشاهد المثيرة ، والصور الفاتنة ، وإثارة الشبهات ، وتشويه الحقائق، والتلبيس على الناس في دينهم من حيثُ لا يشعرون، وكم جلبت هذه الأفلام من نقمة ؟! وسببت من محنة ؟!! وأوقعت في بلية ، قد تقولين أنا أُشاهدها منذُ زمنٍ ولم يحدث من ذلك شيء ؟ ماذا تنتظرين أن يحدث وأنت مُصرةً على هذا الذنب العظيم، ولو باغتك الموت وأنت على هذه الحالة فكيف تواجهين ربك، ثم إنَّ كثيراً من حالات الطلاق التي تعرضُ في المحاكم، من خلال استعراضها يتبينُ أن أكثرها كان بسبب مشاهدة القنوات الفضائية، لأنَّ الرجل حينما يرى امرأة فائقة الجمال، فإنَّ نفسه تشتاق ، وقلبه يهوى ، ومن ثم يطالبك أن تكوني مثلها في كلِّ حركةٍ وهمسة، وأنَّى لك ذلك ، وقد تحاولين مرةً أو مرتين ولكن مع كثرةِ المطالبة والإلحاح لا تستطيعين ذلك، فتحصلُ عندها الخصومات والمنازعات، وتنتهي القضية بالفراق والطلاق .
وهل يمكن أن يجنى من مشاهدة الحرام إلاَّ مثل ذلك أو أكثر؟! فاتق الله يا أمة الله، وحاولي جاهدةً إقناع الأهل أو الزوج بإخراج هذا الجهاز من المنزل، ولا تسمعي لصيحات الناعقات كيف يمكن للمرأة أن تعيش بدونه ؟! فلله الحمدُ والمنةُ، البيوت التي تخلصت منه كثيرة وهي تعيش في سعادة، وهل تشكين يا أمة الله أن من أطاع الله تعالى أورثهُ حلاوةً يجدُها المرءُ في قلبه، وانشراحاً يحسُّ بها في صدره ، إذن كيف تُصدقين قولَ تلك الشرذمة الذين لا ينفعونكِ في الدنيا والآخرة، وسيأتي اليوم الذي (( يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)) (عبس:34 ، 37) !![1]
4- قراءة المجلات الفاسدة :
تقضي بعض الأخوات الوقت في قراءة تلك المجلات الفاسدة الهابطة، كمجلة سيدتي أو النهضة، أو طبيبك أو غيرها من المجلات، والتي تعرف من ظاهرها، فتبدأ بوضع صورةٍ لامرأةٍ حسناء ، وهذه المجلات فيها ما يخدش الحياء ، ويقتل العفة ، ويذبح الكرامة ، ويزيل الغيرة ، وفيها من الطعن في الدين والاستهتار بالشرع أو محاولة الاستدراج في التلبيس في قضايا الحجاب والعفاف، خذي أمثلةً على ذلك :
في مجلة نصف الدنيا عدد (112) تقول سحر الموجي: ( نشأتُ في بلدٍ يتعانق فيه الإسلام والمسيحية ، ويتفقُ الناس على ألا يختلفوا على وجود الله )، و في مجلة سيدتي عدد (510) : ( من عيوب الزوج العربي الغيرة ).
مع أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أتعجبونَ من غيرةِ سعد !! فو اللهِ إنِّي أغيرُ من سعد والله أغير مني . وتقولُ انتصار العقيل في مجلةِ كل الناس عدد (58) : ( ماذا لو قالت امرأة هذا الرجل صديقي !!)، وفي مجلة نصف الدنيا عدد (112) قالوا : ( عفواً، صداقةُ الرجال أفضل !!) يعني للنساء، وفي جريدة الهدف عدد (1246) قالوا : ( غيرة الرجل تعرقلُ تقدم المرأة ..) [2] .
وفي مجلةِ حواء قالوا : ( أيهما تختارين، الزوج الغيور أم الهادئ - الديوث - )[3]
وفي مجلةِ الصدى تقولُ مريم أبو شقير: ( الحب المقرون بـ (الصدق ) يسيرُ دوماً إلى الأمام ، ويخترع حيلاً ليتم اللقاء، ويعقد الوصال !!) وفي مجلة الحسناء عدد (81) : ( الفضيلةُ والكرامة تعترضان مسيرة النجاح !! )
وبعد فهل بعد هذه الدعوة للخيانةِ والإباحيةِ من دعوة !؟ فأحذري من هذا السم الزعاف .
قال العلامة ابن عثيمين في خطبته الشهيرة : (أقسم بالله في هذا المكان وأنتم تشهدون ، واللهُ من فوقنا شهيد على ما أقول وعلى ما تسمعون ، وجدت هذه المجلات هدامة للأخلاق ، مفسدة للأمة ، لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمعٍ إسلامي محافظ ، وجدت النظر شراً من المسمع ..) [4] .
5 - كثرة اللقاءات مع نساء الجيران :
فاليوم عند فلانه، وغداً عند أم فلان، وبعد غدٍ سيتمُ اللقاءُ بعد الساعة العاشرة في بيتِ جارتنا أم زيد، وهكذا لقاءاتٍ إثر لقاءات، وتجمعات يتبعها تجمعات، وليت الأمر توقف عند ذلك لهان الأمر، ولكن هذه اللقاءات في غالبها لا يذكر اسم الله تعالى فيها، إنَّما هي للقيل والقال وكثرة السؤال عن الحال، وقالت فلانة، وجاءت فلانة، وفلانة طويلة والأخرى سمينة، فهي مجالس لا تخلو من غيبةٍ أو نميمة، فيضيعُ الوقت على المرأة وتنشغل عن بيتها وزوجها وأولادها بمثل هذه اللقاءات، التي قد يحصد أصحابها المر بسببها .
6- سماع الأغاني والرقص على أنغامها :
يحدث أحياناً خاصةً إذا كان في البيت عدة فتيات أن يجتمعن على رقصٍ وطرب، فيقضى الليل ويحيا على هذه الأفعال المشينة، أما سماع الأغاني فقد أجمع العلماء على تحريمهِ لدلالة الكتاب والسنة على ذلك [5]، وأما الرقص فإنَّهُ يسببُ ذهاب الحياء من المرأة، والذي يعتبر هو رونقها وجمالها الحقيقي .
إنَّ المرأة حينما تفقدُ حيائها تتدرج من سيئٍ إلى أسوأ ، وتهبطُ من رذيلةٍ إلى أرذل ، ولا تزال تهوى حتى تنحدر إلى الدركات السفلى ، وصدق عمر حين قال : ( من قلَّ حياؤه ، قلَّ ورعه ، ومن قلَّ ورعهُ مات قلبه ) [6] .
فالحائلُ بين العبد وبين المحرمات هو الحياء، فبقوة الحياء يضعفُ ارتكابه إياها، وبضعفُ الحياء تقوى مباشرته إياها ولله در القائل :
ورُب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلاَّ الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
7 - البقاء كثيرا في المطبخ :
بعض النساء تصابُ بهوسِ بحب الطبخ والطهي، كأنواع السلطات وأشكال الحلا، وأصناف المعجنات، وتبقى في المطبخ الساعات الطوال من أجل ذلك، وتشترى كتباً تتكلم عن فن الطبخ، وتقرأ وتبحث عن الجديد في الساحة، ونحنُ نقولُ لها الاقتصاد الاقتصاد، فإننا لم نخلق من أجل بطوننا، والأكل يا أخية وسيلة وليس غاية !!
8 - الانشغال في ترتيب المنزل وتنسيقه :
وهذا داءٌ آخر تصابُ به بعض النساء، فالمنزل في كل يوم له شكل، فمرةً الكنب في الصالة !! ومرة في غرفة الجلوس، ومرةً ينقلُ الدولاب وما فيه من تحف إلى المجلس، وأخرى إلى الصالة، وهكذا تستمرُ في كلِّ يوم لها فكرة، وفي كل يوم لها شكل !! ونحن نقول لا شك أنَّ التجديد في ترتيب المنزل له أثرهُ على الزوج، لكن أن يكون ذلك على جهةِ الاستمرار والدوام، فيضيع العمر في ذلك فلا وألف لا.
9- البقاء لمدة طويلة أمام المرآة :
من جملة ما ابتليناه به في هذا العصر أدوات التجميل التي سلبت من المرأة وقتاً طويلاً لتحسن شكلها، وتجمل نفسها، مع أنَّهُ ثبت طبياً ضرر تلك المساحيق وخطرها على بشرة المرأة [7]
فهل من الحكمة أن تقضي المرأة أكثر من ساعة أو ساعتين من أجل وضع الزينة ؟!!
وهل المرأة التي تجلس أمام المرآة الساعات الطوال عرفت أهمية الوقت، وأنَّها مسؤولةٌ عنه يوم القيامة ؟! وهل المرأة التي تقضي وقتها بمثل هذه القضايا يمكنُ أن تستعيد عزاً؟! أو تبني مجداً ؟
إننا لا نمنعكِ أختي المسلمة من أن تتجملي وتتزيني، لكن لكل شيءٍ ضوابط وحدود، أمَّا أن يزاد الأمرُ فوق حدهِ فلا .
هذه أختي المسلمة بعضُ الأمور التي تفعلها بعض المسلمات للتخلص من الوقت والقضاء على الف------------------------
[1] ولا أريد الإطالة في هذا الموضوع أكثر ولكني أحيلك إلى رسالة صغيرة بعنوان : رسالة إلى مشاهدي التلفاز . ورسالة أخرى بعنوان : البث المباشر آثار وأخطار ..لعل فيها غنية وكفاية والله يحفظك ويرعاك .
[2] إذاً لابد أن تكون ديوثا حتى تتقدم امرأتك ..هكذا يقولون .
[3] الديوث : هو الذي يقر الخبث في أهله .
[4] ـ فتاوى إسلامية (4/380)
[5] لعلك أختي القارئة تقرئين رسالة عن الغناء بعنوان : مزمار الشيطان وأثره على الفرد والمجتمع .
[6] رواه الطبراني في الأوسط ( 2259) وقال في المجمع (10/302) : ( فيه دريد بن مجاشع ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ) ورواه القضاعي (374) وفي إسناده صالح المري وهو ضعيف كما في التقريب .
[7] - انظر : زينة المرأة بين الطب والشرع . محمد المسند ص 17 .
ـــــــــــــــــــ(82/42)
كيف تقضي المرأة وقتها
إن موضوع المرأة بشكل عام هو موضوع من الأهمية بمكان ، ذلكم لكثرةِ السهامِ المسمومة الموجهة إليها والحديثُ عن الوقت بالذات هو حديثٌ يبدأ ولا ينتهي ، وحديث تضيق فيه مثل هذه اللقاءات ، ولكن حسبي أن أتحدثَ بما يُسعف به الوقت ، أما عناصر هذا اللقاء المبارك فهي ستة نقاط أضعها بين أيديكم أحسِبها مهمةً في هذا المجال :
أما أولها فهي : منطلقاتٌ أساسية للحديث عن الوقت بشكل عام .
الثانية : أحاديثُ عن أهمية الوقت .
الثالثة : نماذج لحفظ الوقت من قِبَل العلماء السالفين .
الرابعة : العوائق والصوارف التي تشكل حائلا ومانعا دون استثمار المرأةِ لوقتها .
الخامسة : الأمور التي تعين المرأةَ على الاستفادة من وقتها .
السادسة والأخيرة : بعض الأمور التي يمكن للمرأة المسلمة أن تقضي وقتها فيه.
واللهَ أسأل أن يعيننا وإياكم على حفظ الوقت ، وأن يجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
النقطة الأولى : منطلقاتٌ أساسية للحديث عن الوقت .
إن من يريد التحدث عن الوقت ، لا بد أن يضع له أساساتٌ ومنطلقات يؤكدُ فيها دوافعَه عن الحديث عن أهمية الوقت ، وإن مما حادى بي أن أتكلم عن هذا الأمر عناصر من أهمها :
ـ العنصر الأول : الهدف من وجودنا .
فلو ألقينا التساؤل على أنفسنا : ما الهدف من وجودنا ؟ لكانت إجابتنا جميعا القيام بعبادة الله تعالى وحده امتثالا لقول الحق جلا وعلا " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " فإذا كانت عبادة الله تعالى هي الغايةُ وهي الهدف من وجودنا ، فيا تُرى ما هي عَلاقة العبادة بالوقت ؟ ولعلي أشير إلى مفهوم العبادة الصحيح حتى يتبين لنا إمكانيةُ الربطِ بين مفهومُ العبادةِ الصحيح وبين استغلال الوقت بما ينفع ، فالعبادة كما يعرفها العلماء ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى أنها " اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة " وإذا عرفنا هذا ، تبين لنا أنه ليس هناك وقت للعبادة في حياة الإنسان ووقت آخر لغير العبادة ، ولذلك تجد كثيرا من الناس يخطئون في فهم هذه الحقيقة ، فيظنون أن وقت العبادة هو أوقات الصلوات الخمس أو هو وقت رمضان أو حينما يؤدون الحج أو يزاولون أركان الإسلام الأساسية المحددةِ بزمان وربما بمكان معين ، نعم .. لا شك أن هذه الأشياء هي الأساسية في الدين ، ولكن مفهومَ العبادةِ أشملُ من هذا ، ومفهوم العبادةُ الصحيح هو أن يتصور الإنسان أنه عبد لله تعالى في كل وقت ، سواءٌ كان في وقت الصلاة أم في غيرها ، في داخلِ المسجد أم خارجه ، في حال السراء أم في حال الضراء ، فإذا انطلق المسلم من هذا التصور أصبح في عبادة الله تعالى ، ويَعتبرُ أيَ عمل قام به مادام مراعيا جانب الله تعالى مستشعرا مراقبة الله تعالى له فهو في عبادة الله تعالى ، حتى الأمورَ التي يزاولها في كل يوم وليلة من مأكل ومشرب ومنكح ولهو مباح حتى النوم يُصبح الذي ينامه هو في حقيقية الأمر عبادة الله تعالى ، ولذلك يقول أعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل رضي الله عنه " إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " فحين يفهم المسلمُ العبادة حق الفهم بهذا المعنى يستطيع أن يحافظ على أوقاته وأن يستثمرها بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة ، لأنه حينما يضيّع وقتا من أوقاته فإنما يخل حقيقة بمفهوم العبادة الذي ذُكر آنفا ، وأنتِ أيتها المرأة المسلمة حينما تزاولينَ حفظ ما استودع الله تعالى في بيتك من أمانات من مال الزوج أو من عرضه أو من تربية أبنائه أو أي عمل من الأعمال ، حينما ترتبط هذه الأمور منكِ بنية صالحة وهدفٍ نبيل إنما تتحول إلى عبادات تؤجرين عليها ، ولك أن تسمعي إلى هذا الحوار من امرأة سلفت ، هذه المرأة هي أسماءُ بنتُ يزيدِ بنِ السكن الأنصارية رضي الله عنها وهي المرأة التي أتت إلى النبي صلى الله عليه وهو في أصحابه فقالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أنا وافدتُ النساءِ إليك ، إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء كافة ، فأمنا بك وبإلهك ، وإنا معشر النساء محصوراتٌ مقصورات ، قواعدُ بيُوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحاملاتُ أولادكم ، وإنكم معشر الرجال فُضلتم علينا في الجُمع والجماعات ، وعيادةِ المرضى وشهودِ الجنائز والحجِ بعد الحج ، وأفضلُ من ذلك الجهادُ في سبيل الله تعالى .. إلى أن قالت : وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو مجاهدا ، حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، أفلا نشارككم في هذا الأجر ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كلِّه ثم قال : هل سمعتم بمقالةِ امرأةٍ قط أحسنُ من مسائلها في أمر دينها من هذه المرأة ؟ فقالوا يا رسول الله : ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثلِ هذا ، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال : افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفكِ من النساء أن حُسْنَ تبعُّلِ المرأةِ لزوجها ، وطلبِها مرضاتَه ، واتبَاعَه موافقته يعدِل ذلك كله ، فانصرفت وهي تهلل " [ رواه بن حجر في الإصابة والذهبي في سير أعلام النبلاء ] إذا : والمرأة تزاول هذه الأعمال والتي تتصور بعض النساء وهي تزاولها إنما هي تزاول أمورا قد لا تُؤجر عليها أو لا فائدة منها وإنما عليها في ذلك التعب والنصب ، هذا فهم خاطئ وإنما الحق أنها تؤجر على كل صغيرة وكبيرة لكن بشرط أن تستشعر مراقبة الله تعالى وإخلاصها في أي كل عمل تقوم به .
العنصر الثاني من المنطلقات الأساسية لحفظ الوقت : قِصَر أعمار هذه الأمة بالنسبة للأممِ قبلها .
فالأمم التي قبلنا قد أمدّ الله في أعمارها ، حتى ليتجاوزُ عمرُ الإنسانِ منهم الألفَ سنة أقل من ذلك أو أكثر ، وهذا نوح عليه السلام مكث في دعوته تسعمائةٍ وخمسين عاما " فلبث فيهم ألف عام إلا خمسين سنة " وعليه فإذا كانت أعمار الأمم قبلنا طويلة جد طويلة ، فأعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة للأمم السابقة قصيرة جد قصيرة ، يقول المعصوم صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك " فإذا قارنّا بين هذا العمر القصير وبين هذه الأعمار المديدة التي مدّ الله تعالى في عمر من قبلنا ، أدركنا أهميةَ الوقت بالنسبة لنا ، وأدركنا الحاجة الماسة إلى استغلال كلِ نفسٍ من أنفاسنا ، وإلى استثمار كلِ لحظة من لحظاتِ أوقاتنا ، هذا فضلا عن مراحلِ عمر الإنسان في حياته ، فإنه يبدأ ضعيفا بالصبوة ثم ينتهي ضعيفا بالشيخوخة ، فهناك أجزاء في عمر الإنسان في بدايته ونهايته قد لا يكون استثماره لها أو الاستفادة منها على الوجه المطلوب ، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام ساعات العمر قبل انصرامها حينما قال : اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحَتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك " [ رواه أحمد ] ولهذا انتبه سلفنا الصالح إلى أهمية الوقت في حياة الإنسان ، فهذا ابن القيم رحمه الله يشبّه عمر الإنسان بساعاته وأيامه وشهوره وسنواته فيقول " السنة شجرة ، والشهور فروعها ، الأيام أغصانها ، والساعات أوراقها ، والأنفاس ثمرها ، فمن كانت أنفاسه في طاعة ، فثمره شجرته طيبة ، والعكس بالعكس "
العنصر الثالث : سرعة الزمن .
وسرعة الزمن كثيرا ما نتحدث عنها ، فنقول كثيرا ما أسرع الزمن وما أقصر الوقت ، وهذا القول له أصل في الحقيقة ، فالزمن سيفٌ بتّار ، وهو لا ينتظر الغافلين المعرضين حتى يستيقظوا ، بل إن كلَ نفَس يتنفسه الإنسان هو من عمُره ، وهو جوهرةٌ ثمينة ، وكلُ يوم تغيب شمسه لا يعود إلى الدنيا مرة أخرى ، كسِب فيه من كسب وخسر فيه من خسر ، وسيكونُ هذا اليومُ الغائب شاهدا للإنسان أو شاهدا عليه ، يُروى عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه قال " ما من يومٍ ينْشقُّ يومه إلا وينادي ، يا ابن آدم : أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني ، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة " وكلما كان الإنسانُ أيها الإخوة والأخوات سليما معافا كان الوقتُ في نظره أقصر ، وعلى كلِ حال فالزمن ماضٍ ، وكما قال الأول :
مرّت سنينٌ بالوِصالِ وبالْهَنا *** فكأنها من قُصْرها أيام
ثم انْثنت أيامُ هجرٍ بعدها *** فكأنها من طولها أعوام
ثم انقضت تلكَ السُنونُ وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحلام
وما من شك أن الذين يُدركون اغتنام الزمن هم الذين يوفقهم الله تعالى لاغتنام ساعات العمر بما يفيد ، وإذا غاب شمس ذلك اليوم ولم يستفد منه تندم عله وتحسر ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غرُبت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزِد فيه عملي " ويُروى عن حكيم قولَه " من أمضى من عمره يوما في غيرِ حقٍّ قضاه أو فرض أداه أو حمد حصلّه أو خيرٍ أسسه أو علم اقتبسه فقد عقّ يومه وظلم نفسه "
العنصر الرابع : أن الوقت إذا لم يُقضَ بالخير قُضي بضده .
وهذه مسألة لا يتنازع فيها اثنان ، فالنفس إن لم تُشغلها بالخير شغلتك بالشر ، ومن الملاَحَظ أن الذين لا يستفيدون من أوقاتهم إنما يُهدرونها فيما يضرهم ولا ينفعهم ، والإنسان بطبعه لا يُمكن أن يقْعُد ويستكينَ عن الحركة ، لكن إن وجّه تلك الحركة فيما ينفع ويعود عليه بالفائدة عادت عليه وعلى أمته بالخير ، وإلا أصبح مرْتعا للشياطين يقلبونه كيف شاؤا ، ولذلك قال العلامة المَنَاويِّ رحمه الله تعالى " إن الإنسان إذا تعطَّل عن عمل يُشغلُ باطنه في مباح يستعين به على دينه ، كان ظاهره فارغا ، ولم يبق قلبُه فارغا ، بل يعشعش الشيطان ويبيض ويفرخ ، فيتوالدُ فيه نفسُه توالُدا أسرع من توالُدِ كلِ حيوان ، ومن ثَمّ قيل : الفراغُ للرجل غفلة وللنساء غُلْمة " [ إشارة إلى هيجان شهوة النكاح ] وهناك قضية لا بد للمسلم أن يعيها وهي : أن تفريط الإنسان في وقته قد لا تعود مغِبتُه على المضيِّعِ وحده ، بل ربما شمل غيره بذلك ، وهذا حاصل مع الأسف الشديد ، فكم هم العاطلون عن أوقاتهم يضيعون الأوقات على أنفسهم وعلى غيرهم .
العنصر الخامس : كيد الأعداء ومحاولتهم إضاعةَ أوقاتنا .
ففي الوقتِ الذي يحرص أعداؤنا على استثمار أوقاتهم ، يخططون لإفسادِ أوقاتنا وتضييعها ، وإشغالنا بسفاسفِ أمورٍ ننصرفُ بها عن المهِمِّ النافع لنا ، كما جاء ذلك في بروتوكولات حكماء صهيون ومن بينها قولهم " لكي نُبعد الناس عن أن تكتشف بأنفسها أيَّ خطِ عملٍ جديد سنلهيها أيضا بأنواع شتّى من الملاهي والألعاب ومُزجيات الفراغ والمجامع العامة وهلمّ من مجرّى ، وسُرعان ما نبدأ الإعلانَ في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مبارياتٍ شتى في كل أنواعِ المشروعات كالفنِ والرياضة وما يليها ، وبهذه وتلك سيفسد الشعب تدريجيا نعمةَ التفكير للمستقبل بنفسه وسيهتفُ بنا " وهذا لعمر الله واقع ، فالناس حينما يشتغلون بسفاسف الأمور ينسون أحيانا أن اشتغالهم بهذه الأشياء إنما هو كيدٌ مخطط لهم في الوقتِ الذي يستثمرُ فيه الأعداء أوقاتَهم ويحرصون كلَ الحرص على استغلال كلِ لحظة من لحظاته ، مع أن المسلمين هم أولى وأجدر باستغلال واستثمار هذه الأوقات
النقطة الثالثة : نماذج من حفظ العلماء لأوقاتهم .
يحدِّث أبو حاتم عن نفسه وجهاده في طلب العلم فيقول : بقيت في البصرة ثمانيةَ أشهر وكان في نفسي أن أقيم بها سنةً كاملة ، لكن انقطعت نفقتي فجعلت أبيع ثيابي حتى نفدت وبقيت بلا نفقة ، ومضيتُ أطوف مع صديقٍ لي إلى المشْيخة ، وأسمع إلى المساء ، فانصرف رفيقي فجعلت أطوف معه لسماع الحديث على جوع شديد ، وانصرفت جائعا ، فلما كان من الغد ، غدا عليّ فقال : مُرّ بنا إلى المشايخ ، قلت أنا ضعيف لا يمكنني ، قال ما ضعفك ؟ قلت : لا أكتمك أمري ، قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا ، قال : قد بقي معي دينار ، فنصفه لك ، ونجعل النصفَ الآخر في الكِرى ، فخرجنا من البصرة ، فأخذت منه نصفَ الدينار " هكذا كان حرص العلماء على أوقاتهم على الرغم من الشدة التي تقابلهم ، وهذا الإمام الذهبي يذكر نموذجا آخر في كتابه تذكرة الحفاظ وفي سير أعلام النبلاء لابن أبي حاتم صاحب الجرح والتعديل يقول : كنا في مصر سبعةَ أشهر لم نأكل فيها مرَقة ، كلُ نهارنا مقسَّم لمجالسِ الشيوخ ، وبالليل النسخ والمقابلة ، قال : فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا ، فقالوا : هو عليل [ أي مريض ] فرأنا في طريقنا سمكة ، أعجبتنا فاشتريناها ، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس ، فلم يُمْكِّنا إصلاح هذه السمكة ، ومضينا إلى السمكة ، ولم نزل حتى أتى على السمكةِ ثلاثةُ أيام ، وكاد أن يتغير ، فأكلناه نَيْئا ، لم يكن لنا فراغ أن نشويها ، ثم قال : إن العلم لا يُستطاع براحة الجسد ، وهذا عبد الغني المقدسي المتوفى في القرن السابع ، حكى عنه الإمام الذهبي فقال " كان لا يضيع شيئا من أوقاته بلا فائدة ، فكان يصلي الفجر ويُلقِّنُ القرآن وربما قرأ شيئا من الحديث تلقينا ثم يقوم فيتوضأ فيصلي ثلاثَمائةِ ركعةٍ بالفاتحةِ والمعوذتين ، إلى قبل الظهر ، فينام نومة ويصلي الظهر ، ويشتغل إما بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب ، فإن كان صائما أفطر ، وإلا صلى من المغرب إلى العشاء ، ثم يصلي العشاء وينام إلى نصفِ الليل أو بعده ، ثم قام كأن إنسانا يوقظه ، فيصلي لحظة ثم يتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر ، وربما توضأ سبعَ مراتٍ أو ثماناً مرات في الليل ، وقال " ما تطيب ليَ الصلاة إلا مادمت أعضائي رطبة ، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر وهذا دأَبه " وحفظُ الأوقات أيها الأخوة والأخوات ليس قصرا على الرجال وحدهم ، بل كانت هناك نماذج من النساء حافظات لأوقاتهن ، وفي مقدمةِ هذه النساء أمِ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ، الذي كانت محّلُ استشهاد الصحابة ، وحينما يُشكل عليهم أمرا من أمور الدين في الفقه أو الفرائض أو الشعر أو غيرها تكون هي مرجعُهم ، ويقال : لو وُزن علمها بعلم النساء مجتمعة لوزَنَ علم عائشة علمَ النساءِ كلَهن ، بل لم تحصل عائشة هذه المزية من هذا العلم والتي أصبحت من رواة الحديث المشهورين إلا بحرصها وحفظها على وقتها ، وهذه أيضا عمْرة بنت عبد الرحمن بن سعد بنُ زرارة الأنصارية قال عنها بن سعد في الطبقات : إنها كانت عالمة ، وربيبةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنتُ أبي سلمة بنت أمِ سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها يقال : إنها كانت أفقه امرأة بالمدينةِ في وقتها ، وأمُ الدرداء رضي الله عنها كانت من العالمات ومن الحافظاتِ لأوقاتها ، ولذلك كانت تحرص على حِلَق العلم والدروس مع أبي الدرداء زوجها ، ومن النساء أيضا جليلة بنتُ علي بنُ الحسن بنُ الحسين يقول عنها العلماء كانت محدثةٌ قارئة للقرآن ، وطلبت الحديث بالعراق وخُراسان ، وكتب عنها السمعاني : وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم ، وخيرة أمُ الحسن البصري وهي مولاة أمِ سلمة نموذج آخر من نماذج النساء الحافظاتُ لأوقاتهن الذي أنتج هذا الحفظ علما غزيرا وفقها كثيرا وعبادة جليلة ، وكانت خيِّرة تقُص على النساء وتعلمهن أمورَ دينَهن ، بل يصل الأمر أيها الأخوة بحفظِ الوقت لدى النساء في بعضهن ، أن أصبح منهن امرأة تُعتبر من شيوخ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، ومن هو الشافعي مع علمه وقوة حفظه وغزارة حديثه والذي من شيوخه امرأة تُدعى نفيسة بنتُ الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، بل إن العجب كل العجب حينما تعلمون أنها كانت أمية ومع ذلك كانت تحفظ القرآن الكريم والكثير الكثير من الحديث النبوي الشريف الأمر الذي جعلها واحدةً من مشايخ الإمام الشافعي ، قال عنها بن كثير : كانت عابدة زاهدةً كثيرةَ الخير ، وكانت ذاتُ مال فأحسنت إلى الناس وأنفقت على الزمنى والمرضى وعمومِ الناس ، وكانت من النساء أيضا على وقت النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت مثالا في حفظ الوقت ، وتغزوا معه إذا غزا هي نسيِبة بنتُ كعبٍ الأنصارية رضي الله عنها وهي مرأة مجاهدة عالمة ، وقد كان جماعة من الصحابة وعلماء من كبار التابعين في البصرة يأخذون عنها غسل الميت كما ساق ذلك بن حجر في تهذيب التهذيب وكانت في المغازي تمرضُ المرضى وتداوي الجرحى ، وشهدت غسل
بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو سرتم معي قليلا إلى القرن السادس الهجري نجد عالمة من العالمات هي نعمة بنتُ علي بنت يحي الفرّاح المتوفاة سنة 604 وهي شيخةٌ من أهل دمشق ، وكانت من أهل الحديث ، روته وأُخذ عنها ، سمعت من أبيها وأختٍ له اسمها عزيزة وابنة لأخيها كتابَ الكفاية في معرفة الرواية للخطيب البغدادي ، على جدها يحي سنةَ خمسمائةٍ وثلاثين ، وكان مولدها سنة خمسمائةَ وثمانيةَ عشر وسمعت عام خمسمائة وثلاثين ، فكان عمرها قرابةَ اثنتي عشرةَ عاما ، وهذا دليل على شغفها بالعلم وحرصها على الوقت منذ طفولتها ، وأردت من هذه الأمثلة أن أبين أن حفظ الوقت ليس قصرا على الصحابيات فحسب ، وإنما هي في قرون متأخرة إلى وقتنا هذا والحمد الله ، وعودا على بدء في عصر الرسالة والنبوة ، فهذه حواء بنتُ يزيد بن سِنان الأنصارية والذي كان خالها الصحابي الجليل سعدُ بن معاذ وزوجها هو قيس بن الحطيم ، وأردت من هذا النموذج أن أوضح أن المرأة تستطيع أن تستثمر وقتها مهما كان مجهوداتها وشغلها والضغوط عليها ، وقد أُخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن إسلام هذه المرأة ليلة العقبة ، وكانت تكتم إسلامها عن زوجها لأنه كان يصدها عن دينها ، بل كان يعبث بها ويأتيها أحيانا وهي ساجدة فيقلبها على رأسها ، وربما كان يأخذ ثيابها ويضعها على رأسها وهي تصلي وهو يقول : إنكِ لتعتقدين دينا لا يُدرى ما هو ، ومع ذلك كانت هذه المرأة مصرة ببقائها على دينها حتى كانت العاقبة لها ، فحينما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم خبرها وخبرَ زوجها ، عرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين قدومه مكة مع جمع من قومه من الأنصار كانوا يطلبون حلفا من قريش ، فقال هذا الرجل أنظرني حتى أقدُم المدينة ، فطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يجتنب إيذاء زوجته حواء ، وأوصاه بها خيرا وقال إنها قد أسلمت ، ففعل قيس ، ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم أنه تخلا عن إيذائها قال " وفى لنا قيس " وهذه أسماء بنتِ عمير وهي من الصابرات الصائمات العالمات ، صحابية جليلة عظيمةَ القدر ، أسلمت قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، ثم هاجرت مع زوجها جعفر إلى الحبشة وولدت بعض أولادِه هناك ، فلما قُتل زوجها جعفر رضي الله عنه زوجها النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق فولدت له محمد ثم تزوجها علي بن أبي طالب ، وكان من صبرها لما بلغها مقتل محمد بن أبي بكر في مصر قامت إلى مسجد بيتها وقيل إنها كظمت غيظها ، حتى شخَبَ ثدياها دما ، وهذا دليل على صبرها وتحملها المصائب رضي الله عنها . [ هذه بعض النماذج من هذه النساء المحافظات على أوقاتهن الداعيات إلى الله تعالى ، وحقيقة تركت الكثير والكثير من هذه القصص مخافة الإطالة في هذه النقطة ]
النقطة الرابعة : العوائق والصوارف التي تشكّل حائلا ومانعا دون استثمار المرأةِ لوقتها .
وهناك صوارف كثيرة تشكل حائلا للمرأة دون استثمارها لوقتها ، وأول هذه الصوارف :
أولا : طول الأمل والتسويف .
وهذه قاصمة الظهر وأمُ المشاكل ، ولذلك توعد الله عز وجل المسوفين فقال" ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون " قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية " يلههم الأمل : يَشْغلهم عن الطاعة " ويقول أبو سعيد الحسن البصري " ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل " نعم .. إن الأمل بطبيعته يكسِّل عن العمل ، ويورثُ التراخي والتواني ، ويُعْقِبُ التشاغلَ والتقاعس ، ويُخلدُ إلى الأرض ، ويَميل صاحبه إلى الهوان " وينتج عن طول الأمل : التسويف ، فكلَما همّ المرء بعمل وتذكر طول الأمل قال سوف أعمله غدا أو بعد الغد ، وهكذا ينقضي عمره مسوِّفا فلا يحصِّل ما أراد ، وزمانا قيل : إن سوف جند من جنود إبليس ، وإلا كيف يسوفُ المسلم وهو لا يعلم أيعيش لحظته أم لا ؟ ولهذا كانت وصيةُ عبد الله بنُ عمر رضي الله عنهما كما في البخاري " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " وصدق من القائل يوم قال :
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جنّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من سليم مات من غير علةٍ وكم من سقيمٍ عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يُمسي ويصبح آمنا وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com
ـــــــــــــــــــ(82/43)
الغيرة الأمريكية على مصالح المرأة العربية
أ. فائق فهيم
من نافلة القول أن نسجل حقيقة أن السياسة مصالح، ولا يوجد مجال فيها للعاطفة والحب والإيثار وغيرها من قيم العطاء. كما لا يختلف اثنان على أن الدول الكبرى عملت وتعمل دائما من أجل مصالحها حتى وإن أدى ذلك إلى الخوض في دماء الضعفاء وتكسير عظامهم وتحطيم قدراتهم. وقد حيرني وشغلني وأثار عجبي دائما ذلك الحرص الأمريكي على دفع المرأة العربية قدما وتحريرها، كما لو كانت أسيرة ومنحها المزيد من الحقوق.
اتضح ذلك في العديد من الأمور، أولها عبارة تذيل طلبات الوظائف كافة التي تعلن عنها الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، بأن تعطى أولويات الترشيح للمرأة، خاصة إذا كان الإعلان موجها للمجموعة العربية. والأمم المتحدة في العصر الأناني "نسبة إلى كوفي أنان" هي أداة صغيرة في وزارة الخارجية الأمريكية. فمهمة الرجل صياغة المطالب الأمريكية بقلم عالمي لإكسابها المشروعية عندما يبدأ الغدر والعدوان، ونحن الآن بصدد فبركة ضد سورية بطلها الهمام أنان.
واتضح ذلك من التعليمات التي تصدرها واشنطن إلى الدول العربية بإعطاء المرأة فرصا أكبر، وجعلها تتسنم مواقع أعلى، مع الإصرار على التنفيذ. اتضح كذلك من تجنيد شخصيات نسائية مرموقة في دول مثل مصر، تونس، المغرب، ولبنان، وغيرها لريادة حملات تقوية المرأة قانونيا وقضائيا بحيث تصبح لها اليد العليا في البيت. ولذلك صدرت قوانين معيبة تتيح للمطلقة مثلا أن تستدعي عشيقا إلى بيت الزوجية الذي لم يخرج منه الزوج الكسير، لأنها منحت حق امتلاك الشقة أو نصفها. وأطلق على مثل هذه القوانين أسماء حملت صفات عديدة، لكنها تعكس ولعا أمريكيا عجيبا بمصالح المرأة العربية.
كان نموذج أتاتورك في تركيا الذي أعدم ثلاث محجبات لارتدائهن الحجاب في إسطنبول والنموذج التونسي الذي ساوى في التوريث بين الرجل والمرأة في انتهاك صارخ للشريعة الإسلامية مع منع الرجل من الزواج بثانية تحت أي ظرف. هذه النماذج راقت للعم سام. وكنت أتساءل دائما: هل يفعل العم سام هذا حبا في نسائنا وغيرة على مصالحهن أم أنه له في ذلك إرب وغرض؟
ومع استعار حملة العم سام حملقت بناظري فيما حولي فوجدت المرأة العربية والآسيوية والإفريقية والمسلمة أفضل حالا من الأمريكية، وأدلتي على ذلك:
أولا: إن نساء مثل أنديرا غاندي وسونيا غاندي في الهند وبنازير بوتو في باكستان ومسز باندرانيكة وابنتها شاندايكة في سريلانكا وكورازون أكينو وجلوريا أوريو في الفلبين وحسينة وخالدة في بنجلادش وميجاواتي سوكارنو في إندونيسيا تولت القيادة المطلقة في دول مهمة وكثيفة السكان ومعظمها دول إسلامية أو ذات تعداد سكاني مسلم له وزنه، في حين أن قائمة رؤساء أمريكا من أولهم جورج واشنطن إلى جورج دبليو بوش رقم 43 لم تتضمن رئيسة واحدة. بل إن فيرارو وهي امرأة تم ترشيحها كنائبة للمرشح الرئاسي الديمقراطي دوكاكيس فشلت وأفشلت مرشحها، ونساء أمريكا حرمن من حق التصويت لمئات السنين في عمر دولة قصيرة الوجود إلى فترة وجيزة، بل إن المرأة الأمريكية ما زالت تعاني عدم المساواة في الأجور، أما تعيين أولبرايت وكوندوليزا رايس سكرتيرتين "ولا أقول وزيراتين" للخارجية فهو ذر للرماد في العيون فهما بلا صلاحيات حقيقية، والأولى جاءت لإرضاء مهاجري شرق أوروبا "تشيكية" والثانية لإرضاء 60 مليون أسود، ولم يكلف العم سام نفسه مشقة قراءة تاريخ المرأة في الشرق الأوسط، ويبدو كما هو معروف عنه من ضحالة أنه لم يسمع عن ملكة بابل، سميراميس، وملكة اليمن بلقيس وملكة تدمر في الشام الملكة زنوبيا، كما لم يسمع بحتشبسوت المصرية أول من أرسل أساطيل التجارة إلى أنحاء المعمورة، أو نوفرت ونفرتاري ونفرتيتي أو أم أحمس محرر مصر من الهكسوس أو مجموعات كليوباترا من الأولى إلى التاسعة أو شجرة الدر وقطر الندى، وهو ما يشي بأن النساء كالرجال نلن فرصا متساوية في كل شيء من الحكم إلى قتل الشريك.
أما التدخل القميء السافر الذي تمارسه واشنطن في قضية المرأة في بلادنا، وقلقهم العارم لعدم وجود نواد للشواذ وعدم قيادة المرأة السيارة في فيافي الصحراء (مع أن النساء يقدن السيارة لخدمة مصالح الأسرة في جنوب الجزيرة) وعدم السماح لهن بالسهر في نوادي الديسكو، فذلك يدخل في حساب رؤية أمريكية تتوقع من الشعوب أن تتحول إلى مرافئ لذة للأمريكيين كما حدث في تايلاند والفلبين وبعض دول أمريكا الجنوبية ومعظم الجزر اليونانية والهند الغربية واليابانية.
وقد أبلغني صديق له خبرته في المجال الدبلوماسي أن الوكالات والهيئات الأمريكية العاملة في حقل التجسس مثل وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي وآلاف المكاتب الملحقة بالسفارات تحت اسم "أمن" وتعمل في التجسس، شكت مر الشكوى من أن قدرتها على الحصول على معلومات مثالية عن دول الشرق الأوسط معوقة بسبب عدم وجود حياة اجتماعية على النمط الغربي، حيث يجتمع النساء والرجال في سهرات اجتماعية تضم الصفوة والنخبة وصناع القرار حيث يثرثرون بأهم الأسرار دون وعي، وهنا يصل إلى الأجهزة المحروسة كل ما تريد بأرخص الأثمان، ولذلك يجري الضغط لإعطاء الزمام للنساء ثم الترنم بحريتهن وقدرتهن على فتح صالونات وجلسات تتيح هذه الوظيفة. وقال آخر إن السبب يرجع إلى دراسات نفسية أجريت على الرجل العربي أثبتت أنه إذا هزم اجتماعيا أمام المرأة فلن يصلح للتصدي لمستعمر أو دخيل أو صاحب مصلحة أجنبي، مما يسهل المهمة التي تعلم أمريكا علنا على تحقيقها.
والطريف أن المرأة اليهودية وهي الجارة المفروضة والمزروعة قسرا في ترتبنا العربية، التي تنعم بمظلة العم سام تعاني أشد المعاناة من الدونية والحرمان من الحقوق الأساسية، ولكنا لم نسمع ببنت شفة صدرت من واشنطن لصالحها ولخدمة قضيتها وهي المقهورة الضائعة. فإسرائيل دولة دينية قامت على أساس ديني والارتباط بين الدين والدولة قوي والشريعة اليهودية تفرض تمييزا حادا بين الرجل والمرأة وتخضع أمور الزواج والطلاق كافة لسلطة المحاكم الشرعية التي لا تعترف بأي مساواة للرجل بالمرأة. والتلمود والعهد القديم هو أساس الزواج ولكن العم سام لا يحب ذلك لدى المسلمين. ورغم أن المرأة وفقا للشريعة اليهودية مملوكة للرجل وله وحده حق الطلاق وإذا طلقها طردها من بيته بلا حقوق والمطلقة اليهودية نجسة لا يحق لها العودة إلى زوجها وبذلك يمكن لليهودي أن يعلق امرأته إلى ما لا نهاية، كما أن الشريعة اليهودية تلزم الأرملة بأن تتزوج أحد إخوة الزوج الميت، ولا يؤخذ بشهادة المرأة اليهودية على وفاة زوجها، وإذا كان شقيق زوجها قاصرا (عمره 12 عاما مثلا) تنتظر حتى بلوغه حتى يخير في زواجها. وهناك عشرات الأمور التي لا قيمة إطلاقا للمرأة فيها، ولا مجال لمقارنتها بالمرأة المسلمة. ومع ذلك فإن مدافع الإصلاح الأمريكية على بلادنا لم تطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل، الأمر الذي يؤكد صدق ظنوننا من أن اللعبة مقصودة للهيمنة الإهانة وبتحريض من الوكيل الإقليمي لشؤون التحريض ضد العرب وهو الصهيوني التائه.
ـــــــــــــــــــ(82/44)
ــــــــــ
عن جريدة الاقتصادية 26 ـ 11 ـ 2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/45)
هذا حال المرأة في بريطانيا
د عبد الله الخاطر
رأيت في عيادة الأمراض النفسية امرأة في العشرينات من عمرها، وكانت حالتها النفسية منهارة، وبعد حين من الزمن شَعَرتْ بشيء من التحسن، وأصبحت تتحدث عن وعيٍ، فسألتها عن حياتها، فأجابت والدموع تنهمر من عينيها..
قالت: مشكلتي الوحيدة أنني أعيش بقلق واضطراب، ولا أدري متى سينفصل عني صديقي...
ولا أستطيع مطالبته بالزواج مني، لأنني أخشى من موقف يتخذه، ونُصِحتُ بالعمل على إنجاب طفل منه، لعل هذا الطفل يرغبه في الزواج، وها أنت ترى الطفل، كما أنك تراني ولا ينقصني جمال، ومع هذا وذاك فأبذل كل السبل؛ من تقديم خدمات، وإنفاق مال، ولم أنجح في إقناعه بالزواج، وهذا سر مرضي، وسبب قهري إنني أشعر بأنني وحدي في هذا المجتمع، فليس لي زوج يساعدني على أعباء الحياة..
ولي أهل ولكن وجودهم وعدمه سواء، وليتني بقيت بدون طفل؛ لأنني لا أريد أن يتعذب ويشقى في هذه الحياة كما تعذبت وشقيت وهذه المرأة المريضة ليست من شواذ المجتمع الغربي، بل الشواذ هم الذين يعيشون حياة هادئة..
ومع ذلك ينقد الغربيون مجتمعاتنا الإسلامية، ويزعمون بأن المرأة تعيش في بلادنا حياة بائسة محزنة..
ونحن لا يهمنا رأي الغرب بنا، ولا نطلب منه حسن سلوك، ولكن نريد من نسائنا أن يحمدن الله - سبحانه وتعالى - على نعمة الإسلام، فلقد كانت في الجاهلية ذليلة مهينة، وجاء الإسلام ليرفع مكانتها، وبفضل من الله - سبحانه وتعالى - أصبح الرجل يبحث عن المرأة، ويطلب الزواج منها، وهي قد تقبل وقد ترفض، ولأهلها دور كبير في أمر زواجها، وسواء كانت عند زوجها أو في بيت أبيها فهي عزيزة كريمة..
والرجال هم الذين ينفقون عليها، بل والذي نشكو منه في بلادنا الغلو في المهور، والتكاليف الباهظة التي تفرض على الرجل حتى يحصل على زوجة، [يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ][الحجرات/17].
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/46)
احذري أن يتزوج زوجك بـ"واكامار"
أ. سلام نجم الدين الشرابي
في قاموس الحياة الزوجية أسئلة تتكرر وعبارات حفظها كل من الزوج والزوجة...
زوجي هل ما زلت تحبني؟، أما زال حبك لي كما كان في أيام زواجنا الأولى؟...
مقدمة جميلة لسؤال ليس بأجمل لكنه أصعب، لا تخرج الزوجة منه مطلقاً بإجابة تريحها، وربما لذلك تعاوده مراراً.. زوجي هل ستتزوج بأخرى؟ هل ستفعلها يوماً؟!!
ويكبر هذا السؤال وتمتد فروعه بامتداد عمر الحياة الزوجية، سؤال تكرره الزوجة على مسامع زوجها وتتناقش بأسبابه ودوافعه ونتائجه مع صديقاتها وأخواتها، وتفضي النقاشات إلى اقتراحات متمثلة بقصص حصلت لقريبة أو جارة أو صديقة.
وقد تتوقع المرأة أن يأتي زوجها بزوجة تصغرها سناً أو تفوقها جمالاً أو علماً، وربما على العكس تماماً لا تفقه من الدنيا شيئاً لكنها أبداً لن تتوقع أن تكون منافستها فتاة لا تملك من الجمال شيئاً، شكلها غريب ذات وجه أصفر لامع ويديها فضيتين، وشيء ما يقف فوق رأسها هو ليس بالطبع بفعل الجل أو الكريم وإنما هو هوائي التوجيه.
هذه الزوجة هي إنسانة آلية تعمل برقائق الكمبيوتر قامت بتصنيعها شركة ميتسوبيشي اليابانية للصناعات الثقيلة وتدعى "واكامارو".
ولكن لماذا قد يترك زوجك بنات حواء ويلجأ إلى إنسانة آلية؟!!، لأنها ببساطة تملك أشياء غدت تفقدها كثير من النساء وينشدها غالبية الرجال، إنها صممت على أن تكون رقيقة الصوت، ذات شخصية ودودة تكسبها حب الجميع، وقد تجدها أكثر أفراد الأسرة شعبية حسب ما وصفتها الشركة المصنعة.
رقة الصوت التي طالما ارتبطت بالمرأة والأنوثة غدت عملة نادرة أمام صوت الصراخ الذي سيطر وبقوة على حنجرة كثير من النساء في تعاملهن مع أبنائهن، وقد يصاب الزوج "بالمعية" بشيء من تردداته أثناء الحوارات العائلية.
واكامارو قصيرة القامة لا يتجاوز طولها المتر لكن قوامها لا يحول دون تأديتها لعملها على أحسن وجه، كما يمكنك الاتصال بها على الهاتف المحمول للاطمئنان على أحوال البيت، أو تفقد ما يدور فيه من خلال آلة تصوير مثبته على جبهتها.
ميزة أخرى قد يجدها زوجك بواكامارو أنها لا تستطيع أن تتعرف إلا على عشرة أشخاص وهي بأي حال من الأحوال أفضل بالنسبة للرجل من حواء التي تتشعب علاقاتها ومعارفها، مما يجعل الرجل مضطراً لسماع جميع قصصهن ومشاكلهن وقصص أقارب أقاربهن وهو يتصنع الاهتمام.
استقبال "واكامارو" لزوجك عند عودته إلى المنزل قد يكون أكثر حناناً وأفضل على الصعيد العملي منك، إذ إنها مصممة على استقبال أفراد الأسرة بالترحاب بصوت رقيق أنثوي ثم تعرض عليهم قراءة الرسائل الهاتفية التي وصلت في غيابهم وكذلك رسائل البريد الإلكتروني التي في انتظارهم.
وصباح "واكامارو" مختلف حتماً عن صباحك فهي تندس إلى جوار الزوج في السرير لتوقظه على أهم الأخبار وتطلعه على أحوال الطقس ودرجات الحرارة ليعرف أي الثياب تناسبه، وكذلك تذكره بالمواعيد المرتبط بها لهذا اليوم ومن ثم تدعوه لمشاركتها بعض التمرينات الرياضية، بينما قد يستيقظ كثير من الأزواج على صوت صراخ زوجاتهن في حوار عقيم مع أبنائهن ليسرعوا الذهاب إلى المدرسة، أو قد يخرج من منزله صباحاً دون أن تشعر به وهي تغط في نوم عميق.
واكامارو ستكلف زوجك 10575 ين أي حوالي 14260 دولاراً، ستقولين بأنها غالية الثمن ولن يدفع زوجك هذا المبلغ للحصول عليها، ولكنه قد لا يجد ما تجدين مقارنة بالميزات الموجودة لديها، أضيفي إلى ذلك غلاء المهور الذي لا يرحم شباب اليوم المقدمين على الزواج.
وقد تقولين إن واكامارو تحتاج إلى صيانة شهرية تقدر بـ 10000 ين وهذا صحيح، ولكن زوجك إن قارن بين متطلباتك من ثياب وأدوات الزينة، وصالونات التجميل وتقشير البشرة وربما عمليات النفخ والشفط وأخيراً الصيانة التي تحتاجها المرأة كلما تقدم بها العمر لن يجد واكامارو مكلفة أبداً.
حقيقة إن واكامارو منافسة ليست سهلة، فاحذري منها لأن من صنعها كان يبحث فيها عما يفتقده الرجال في كثير من النساء.
05-ذو القعدة-1426 هـ
05-ديسمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/47)
نصائح ذهبية للمتزوجات
* مقتطفات من كتاب: (القاموس في مايحتاج إليه العروس) لصالح الغزالي.
1- من الاعتقادات الخاطئة عند بعض النساء، أن يعتقدن أن إنفاق الزوج عليهن هو الدليل الوحيد لحبهن....فكلما أنفق أكثر، كان حبه لها أكثر، والعكس بالعكس.
2- من العجب أن تكون المرأة عاقلة متزنة في تصرفاتها مع جميع الناس إلا مع زوجها.
3- من أخطاء الزوجة المتكررة سوء استقبالها لزوجها، حين عودته إلى بيته.
4- من وسائل الإثارة: (النظرة، والكلمة، واللمسة، والرائحة).
5- ينبغي أن يكون شعار كل من الزوجين تجاه الآخر (التسامح) في التعامل.
6- إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة، وأن الزينة لك الكحل، وعليك بالطيب، وأطيب الطيب إسباغ الوضوء.
7- من العادات المستقبحة عند بعض النساء، أنها إذا جلست مع أخرى ولو كانت غريبة، كشفت لها الأحوال الأسرية، صغيرها وكبيرها.
8- المرأة غالباً ليس عندها وسط أو اعتدال في تفكيرها، إما أن زوجها يحبها، وإما أن يكرهها....... وإذا اعتقدت أنه يكرهها فالويل له ولها.
9- كثير من المشاكل الزوجية يعود سببه إلى تقصير الزوجين أو أحدهما في (الإرواء العاطفي والجسدي) للطرف الآخر، وقد تختلق مشاكل أخرى بسبب ذلك، ويحصل أن يكون العلاج لتلك المشاكل دون المساس بالمشكلة الحقيقية.
10- الزوجة العاقلة لا تصدق كل ما تسمعه من مديح صديقاتها عن أزواجهن، أو تتأثر بذلك في ردود سيئة ضد زوجها فربما يردن المباهاة فقط، أو يردن إغاظتك لغيرتهن منك، أو يردن أن يوقعن العداوة بينك وبين زوجك وغير ذلك.
11- نصح أحد الخبراء الزوجين للاحتفاظ بحرارة الحب فقال:
* إحضار الهدايا، (وخير الهدايا الكلمة الطيبة).
* الاتصال هاتفياً للسؤال.
* أن يصطحبها في نزهة خلوية.
12- الحياة الزوجية تحتاج من الزوجين إلى كثير من ألوان الصبر والحكمة، والتحمل، والوفاء، والحب، والثقة، وتقويم الخطأ في ضوء تقويم الإسلام.
13- كثير من الزوجات يشتكين من غياب أزواجهن الطويل عن البيت، وينسين أنهن السبب، وذلك بتحويل البيت إلى قطعة من النار لا يحب الزوج أن يطيل البقاء فيها.
http://www.denana.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/48)
ظاهرة هروب الفتيات
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
أولاً: أرجو ألا تكون هذه القضية ظاهرة، وإنما هي حالات شاذة محدودة..فمجتمعنا ولله الحمد لا يزال بخير، وفتياتنا معظمهن يدركن خطورة مثل هذا العمل اللامسؤول، أما الحالات الشاذة فلا حكم لها، ولا يكاد يخلو منها مجتمع، مهما بلغت درجة طهارته ونقاوته..
إن ما تتميز به الفتاة المسلمة، بل المجتمع المسلم على وجه العموم، إدراكه لأهمية العفة لدى المرأة، والفتاة في السن المذكور على وجه الخصوص، لذا كان من الأقوال المشتهرة في التراث الإسلامي قولهم: (أشد حياءً من العذراء في خدرها) والخدر: ناحية في البيت، يُسدل عليها ستر، فتكون في الجارية البكر، وذلك دليل على ملازمتها للبيت وعدم خروجها منه إلا لحاجة ماسة، محافظة على عفتها. وهذا يذكرني بقصة رجل نصراني، جاء ليسجل ابنته البالغة في إحدى المدارس الإسلامية غير المختلطة هناك في بلاد الغرب، فاشترطوا عليه الحجاب فلم يمانع، فتعجبوا من حاله، وسألوه عن سر إصراره على تسجيل ابنته في مدارس المسلمين وهو النصراني المتدين، فأخبرهم أنْ ليس له هدف سوى المحافظة على عفة ابنته وبكارتها، لعلمه بحرص المسلمين على ذلك.
ولعل فتياتنا لم يسمعن بتلك الحملة التي شُنت أخيراً في إحدى الولايات الأمريكية للمحافظة على العفة تحت شعار (الحب الحقيقي يستحق الانتظار)، وكان من نتائج هذه الحملة أن بلغ عدد الفتيات المراهقات اللاتي وقّعن تعهداً بعدم ممارسة الرذيلة قبل الزواج ما يقرب من المليون فتاة، وهن بازدياد.. وقد تجمهر أمام البيت الأبيض ما يزيد عن خمسمئة فتاة عذراء للاحتفال بتعهدهن، ثم طلبن من سائقي السيارات إطلاق الأبواق ابتهاجاً بالطهارة.. هذا هو حال أولئك الكفرة.. أما نحن فلسنا بحاجة إلى مثل ذلك الضجيج، فالمحافظة على العفة من صميم ديننا. وصغيرنا وكبيرنا يقرأ قول الله - تعالى -عن مريم العذراء: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) وقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) فيكون ذلك أعظم دافع له للمحافظة على العفة والطهارة..
والفتاة التي تمزق خدرها وتهجر بيتها، وتهرب مع بعض الذئاب البشرية، والشياطين الإنسية، ماذا سيكون حالها سوى الضياع، والارتكاس في حمأة الرذيلة. ثم ما حالها بعد أن تعود إلى بيتها ـ إن عادت ـ وقد جلبت لنفسها وأهلها العار والفضيحة.
أما أسباب هذه الظاهر ة إن وجدت، فأرى أنه ليس سبباً واحداً، وإنما هي أسباب مجتمعة، أولها وأساسها: ضعف الوازع الديني والخوف من الله، الناتج عن سوء التربية. ثم غياب الرقابة المنزلية، الناتج عن إهمال الوالدين أو انشغالهما، ثم الغزو الإعلامي المركز عن طريق القنوات الفضائية و المجلات الساقطة، التي تعمل ليل نهار على شحن النفوس وشحذها، وإلهاب نار الغرائز وتأجيجها، وأخيراً رفقاء السوء الذين يمهدون الطريق لإكمال ما تبقى من القضاء على الحياء والعفة، كما أن الفراغ، والحاجة، وفقدان العطف والحنان من الوالدين، مع القسوة الزائدة، كلها عوامل مساعدة لوجود هذه الظاهرة.
أما العلاج فيكمن في تجنب كل ما ذكر من الأسباب السابقة، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
1 ـ وهو أهمها: تقوية الوازع الديني لدى الفتيات منذ الصغر.
2 ـ العناية التامة بالأولاد ذكوراً وإناثاً، وإشباع رغباتهم وحاجاتهم المادية والنفسية بالقدر المعقول دون إفراط ولا تفريط، وإشغال أوقات فراغهم بكل مفيد.
3 ـ الرقابة الواعية المستمرة على الأولاد، مع تعزيز ثقتهم بأنفسهم.
4 ـ تطهير البيت من جميع وسائل الهدم والإفساد، وإيجاد البديل النافع.
5 ـ تفعيل دور رجال الحسبة، لمكافحة العابثين ولصوص الأعراض والتصدي لهم، وحماية أعراض المسلمات من أساليبهم الماكرة.
6 ـ تكثيف المناشط الدعوية المختلفة لا سيما في مدارس البنات والتجمعات النسائية، من محاضرات وندوات وغيرها، لزيادة وعي الفتيات بالمخاطر المتوقعة، وتحذيرهن من مغبة الوقوع في شراك الأشرار والمفسدين ولصوص الأعراض.
هذه بعض الحلول،
والله ولي التوفيق.
28/8/1425 هـ
12/10/2004
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/49)
الأحكام التي اختصت بها المرأة
الدكتور عبد الرحمن بن عايد العايد
لقد راعى الإسلام الفروق الجسدية والنفسية بين الرجل والمرأة في بعض الأحكام ففرض على المرأة أحكاماً لم يفرضها على الرجل لعدم وجود موجب لفرضها كترك الصلاة زمن الحيض وغير ذلك.
كما أنه فرض على الرجل أحكاماً لم يفرضها على المرأة لعدم قدرتها على القيام بها كالجهاد، وفي هذا المبحث سأذكر بعض الأحكام التي اختصت بها المرأة:
1- إنها لا تجاهد كالرجل وذلك لأن الجهاد يحتاج إلى قدرة وقوة لا تتوفر في المرأة، فالمرأة سريعة الانفعال شديدة العاطفة ضعيفة القوى، فلم يفرض عليها الجهاد، قالت عائشة - رضي الله عنها -: ((يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور)). [1]
2- إن القوامة على الأسرة ليست بيد المرأة وإنما هي بيد الرجل قال - تعالى -: (({الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) (سورة النساء: 34).
3- إن شهادتها نصف شهادة الرجل: ((وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)) (سورة البقرة: 282).
4- إنها على النصف من الرجال في الإرث: ((فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)) (سورة النساء: 176).
5- أن الطلاق ليس بيديها كما قال - تعالى -: ((وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ (سورة البقرة: 237).
وقال: ((فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)) (سورة البقرة: 230).
وإنما جعل الطلاق بيد الرجل لأن المرأة قد يعتريها بعض الحالات النفسية نتيجة الحيض أو غيره فتجعلها في ضيق وعدم صبر وتضجر فتغضب لأتفه الأسباب مما قد يجعلها تتسرع في الطلاق.
كما أن الرجل أقدر على التحكم بنفسه من المرأة، وأكثر تروي وصبر.
6- إنها لا تتولى الخلافة والإمارة: ((لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)) [2]
7- إن المرأة لا تستطيع أن تعدد أكثر من زوج بعكس الرجل الذي يستطيع أن يعدد إلى أربع زوجات: ((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ)) (سورة النساء: 3).
وإنما منعت المرأة من ذلك لأن المرأة هي التي تحمل وتضع الأولاد فإذا عددت فلمن يكون الولد؟.
إن تعديدها سيسبب ضياع الأنساب وسيسبب العداوات والمشاحنات بين الرجال.
8- إن المرأة تصفق إذا أخطأ الإمام في الصلاة ((التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)).[3]
9- إنها لا تجوز أن تسافر إلا مع محرم ((لا تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم)). [4]
10- أنه لا يشرع لها بإتباع الجنائز: ((نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا)). [5]
11- انه لا يجوز لها أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها: ((لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه)). [6]
هذه بعض ما اختصت به المرأة وتركت غيره الكثير خشية الإطالة وخاصة أن الأمر للإشارة وليس المجال مجال استقصاء، وقد أكون تركت بعض الأشياء لظهورها واضحة جلية ولمعرفة الناس كلهم بها كالحجاب وعدم حلق الرأس وغير ذلك.
----------------------------------------
[1] البخاري في كتاب الحج: 4- باب فضل الحج المبرور.
[2] رواه البخاري - 64 - كتاب المغازي، 82 - باب كتاب النبي r إلى كسرى وقيصر.
[3] متفق عليه. البخاري في 21 كتاب العمل في الصلاة، 5- باب التصفيق للنساء.
[4] متفق عليه. للبخاري في 18 ـ كتاب تقصير الصلاة: 4- باب في كم يقصر الصلاة.
[5] متفق عليه. مسلم في (11) كتاب الجنائز (11) باب نهي الشارع عن اتباع الجنائز.
[6] متفق عليه. البخاري في كتاب 67 كتاب النكاح: 84 باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعاً.
6/7/1426 هـ
11/08/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/50)
زينة المرأة بين الحقيقة والواقع ( 1 )
عبد الله بن صالح الفوزان
عُني الإسلام بزينة المرأة عناية عظيمة، جاء ذلك مفصلاً في كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- تفصيلا دقيقاً، فَوُضِعَتْ لها القواعدُ والضوابط، التي تجعلُ الزينةَ تلبي فطرةَ المرأة، وتناسبُ أنوثتها من جهة، وتحفظها في مسارها الصحيح بلا إفراطٍ ولا تفريط، من جهة أخرى اهتم الإسلام بزينةِ المرأة ولباسها، وزِيِّها أكثرَ من اهتمامه بزينةِ الرجل ولباسه، وما ذلك والله أعلم إلاَّ لأنَّ الزينةَ أمرٌ أساسي بالنسبة للمرأة، حيثُ إنَّ الله - تعالى - فطرها على حبِّ الظهورِ بالزينة والجمال، ولهذا أُبيح للمرأة في موضوع الزينة أكثر مما أُبيح للرجل، فأُبيح لها الحرير، والتحلي بالذهب دون الرجل، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((حُرَّمَ لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأُحِلَّ لإناثهم)) [1].
فالزينة بالنسبة للمرأة تعتبر من الحاجيات، إذ بفواتها تقعُ المرأة في الحرج والمشقة، لأنَّ الزينةَ تلبيةٌ لنداء الأنوثة، وعاملٌ أساسي في إدخال السرور على زوجها، ومضاعفة رغبته فيها ومحبته لها.
وأمرٌ آخر، وهو أنَّ المرأةَ يجبُ أن تُصان وتحفظ بما لا يجبُ مثله في الرجل، وهذه الزينةُ متى فقدت المسار الصحيح والاتجاه المرسوم، صارت من أعظمِ أسباب الفتنة والفساد.
فلا غرو أن يهتم الإسلام بزينةِ المرأة، ويضعَ لها القيود والشروط في اللباس والحلي والطيب ونحوها، ويزودها بالوصايا النافعة، والآداب السامية، التي تُرشدها إلى الطريق المستقيم، والاتجاه السليم، الذي يكفلُ سعادتها، ويحفظُ لها كرامتها وعفتها.
وهذا الباب من أبوابِ حفظِ الإسلام للمرأة.
إنَّ الإسلام رفع شأن المرأة، وأعلى قدرها، وحفظ لها كرامتها، وجعل لها من الاحترام والتقديرِ، والثواب على العمل الصالح مثل ما للرجل، قال - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 97).
وروى أبو داود في سننه، أن أم هانئ بنت أبي طالب أجارت رجلاً من المشركين يوم الفتح: فأتت النبي – صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: ((قد أجرنا من أجرت وأمّنا من أمنت)) [2].
أحاطها الإسلام بالستر والحفظ والعفاف ستراً في الملابس، وتحريماً للخلوة بالأجنبي، وغضاً للطرف، وقراراً في المنزلِ حتى في الصلاة، وبعداً عن الإزراءِ بالقول والإشارة، وكلُّ مظاهر الزينة، وبخاصةٍ عند الخروج لحاجتها، كل ذلك لتبقى المرأة في المجتمع المسلم درةً مصونة، لا تطمعُ فيها أعين الناظرين، ولا تمتد إليها أيدي العابثين.
هذه هي الحقيقة فما الواقع؟
الواقع مؤسفٌ حقاً!! لم تعد كثير من نسائنا اليوم متقيداتٍ بتعاليم الإسلام في موضوع الزينة!! المرأةُ اليوم تجيدُ التقليد والمحاكاة! سريعةَ التأثر بتلك الدعايات الخبيثة، والشعارات البراقة، التي توهم أنَّها في صالح المرأة، وأنَّها تدافعُ عن المرأة! وأنَّها تسعى إلى تحرير المرأة!!
إنَّها مسخٌ للمرأة، وقضاء على عفتها، وهتكٌ لحرمتها! وهي تحريرٌ لها من عقيدتها وخلقها، وتحريضٌ لها على الخروج من بيتها، والتخلص من الحجاب، وترك العفة والتصون، والاختلاط بالرجل، والتشجيع على العري والملابس المثيرة، والملاحقة العمياء للمبتكرات المستحدثة (الموضة)، وما إلى ذلك ممَّا صاغوه في قالب التطور والتقدم، ومسايرة ركب الحضارة!!
ولم تجد هذه الدعايات الخبيثة ومخططات التضليل، ميداناً أكثرَ تأثيراً على المرأة من ميدان الزينة؛ لأنَّها تدركُ مدى أهمية الزينة في نظر المرأة، فقامت مؤسساتٌ كبرى لتصميم الأزياء، التي هي بعيدةٌ عن الحشمةِ والسترِ والعفاف، بل هي إلى الفتنة والإثارة والإسراف أقرب، ثم التفنن في أدوات التجميلِ تلاعباً بعقل المرأة، وابتزازاً لمالها، وإفساداً لجسمها، وسخرت لذلك كله: الأفلام، والصور، والروايات، والقصص، والمجلات، والصحف: دعايةً وتضليلاً، لإفسادِ الفطرة، وإشاعةِ الانحلال، وصارت المرأة أُلعوبةً في أيدي مصممي الأزياء، ووسائل التجميل.
ومن مكرِ القوم هذا التغير المذهل في صنوفِ الأقمشة، وأدوات الزينة، ليكون من وراءِ ذلك الإسراف في الاستهلاك لهذه الكماليات.
فانطلقت كثيرٌ من النساءِ متأثرات بهذا الواقع المرير، لاهثاتٍ وراءَ المرأة الغربية، معجبات بما هي عليه من حالةٍ لا تحسد عليها، مبتعداتٍ عن تعاليم دينهنَّ فيما يتعلقُ بموضوع الزينة والستر والعفاف، عن علمٍ وعنادٍ ومسايرةٍ لنساء الجاهليةِ المعاصرة، اللاتي تلقين عن تلك الدعايات أنَّ هذا تقدمٌ ورقي وتجديد!!.
هذا واقعَ كثيرٍ من النساءِ اليوم، لباسهنَّ وزينتهنَّ لا يمت إلى الإسلامِ بصلة، لا من قريبٍ ولا من بعيد، اللباس قصير، شفاف، يصفُ مفاتن جسمها، نشرت شعرها، عبثت بحواجبها، بعينها، سفرت عن وجهها، تتطيبُ إذا خرجت، تحسرُ عن ذراعيها، عن ساقيها، ترفعُ عباءتها فوق عجيزتها، تسرفُ في اللباس، في الحلي، في الزينة، تخضعُ بالقولِ ليطمع الذي في قلبه مرض، تنظرُ للرجالِ نظراتٍ فاتنة، الخ.
هل هذا من الإسلام؟ كلا، الإسلامُ أباح لها الزينة بشروط، تلبيةً لنداءِ فطرتها، وحَفِظَ لها كرامتها، وأرادَ أن تكون وسيلةَ إصلاح، زوجة مطيعة، وأُماً مربيةً لأجيالِ الغد المشرق بإذن الله، ويكفيها عزاً أنَّ رسول الهدى، - صلى الله عليه وسلم - قال: ((استوصوا بالنساء خيراً)) [3].
فهيا- أختي المسلمة - إلى أحكام الإسلام، وآداب الشريعة الربانية، فهي الحصنُ المنيع، الواقي لك من الفتنِ والمصائب، والكفيلةِ لك بسعادة الدنيا والآخرة.
----------------------------------------
[1]أخرجه الترمذي (5/383) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وانظر: جامع الأصول (10/677).
[2] أخرجه أبو داود (7/444) وهذا لفظه. وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي. انظر: جامع الأصول (2/3).
[3]أخرجه الترمذي (8/480) من حديث طويل وهو خطبة حجة الوداع.وقال:هذا حديث حسن صحيح.
29/2/1426 هـ
09/04/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/51)
زينة المرأة بين الحقيقة والواقع ( 2 )
الشيخ / عبد الله بن صالح الفوزان
في العالم الإسلامي من يقومُ بمهمةِ إفساد المرأة، والقضاءِ على ما بقيَ في بعض البلاد من محافظةٍ وعفاف، إذ تقومُ حملات تشكيكٍ موجَّهةً ضدَّ المرأة المسلمة في موضوعاتٍ شتى : في الحجاب، في الزينة واللباس ، في الاختلاط ، في العمل ، في التعدد، في القوامة .. إلخ.
ومن هُنا لزم المسلمين – ولا سيما الدعاة – أن يتنبهوا لهذا الواقع المُخيف، الذي يُنذرُ بفسادِ المجتمعِ بأسره ، وأن يتكلموا وأن يكتبوا ، لإنقاذِ المرأة المسلمة مما يُرادُ بها، ويُحاكُ ضدها، من قبلِ أعداءِ الإسلام ومن يتكلمون بلسانهم، ويتنفسون برئتهم من الرجال والنساء على حدٍ سواء.
وإنَّ من الإنصافِ في القولِ والثناءِ على الله – تعالى- ، ما رأيتهُ أخيراً من عودةِ المرأة المسلمةِ إلى شرع ربها، وتعاليمِ دينها، مما يختلفُ كثيراً عمَّا هي عليه منذُ سنوات، بدليلِ كثرة أسئلتها، ومحبتها للاستفسارِ عن موضوعاتٍ تتعلقُ بها، مما يؤكدُ أهمية إضاءةَ الطريق أمامها، لتعرفَ أحكام دينها، وتدركَ رسالتها ومسؤوليتها، وتتحققَ مما عليه تلك الدعايات من المكرِ والخداع !
وبالرغمِ من كثرةِ ما كُتب حول المرأة، إلاَّ أنَّ الوضع يحتاجُ إلى مزيدٍ من العنايةِ والجد، نظراً لقوةِ التيار المقابل.
أقول: لهذا الأمر، ولوجودِ مخالفاتٍ كثيرةٍ عند نسائنا في موضوع الزينة، بعضها نتيجةَ التشبه، وبعضها سببهُ الجهل، وبعضها سببُهُ الإسراف، آثرتُ البحث في هذا الموضوع، لعلي أكونَ قد أسهمتُ في إرشادِ المرأة المسلمة على قدرِ ما عندي من علمٍ وجهد، - وإن كان ذلك قليلاً – ولكن مع تضافرِ الجهود يكونُ كثيراً ونافعاً بإذن الله تعالى .
5/3/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/52)
اهتمام المرأة بزوجها قد يزيد من بدانتها !
رنا دقر صواف *
مع أن البدانة تُعد من المشكلات الصحيّة لدى كل من الرجل والمرأة إلاّ أنها بالنسبة للمرأة تُعدّ مشكلة جمالية ونفسية أيضاً، ولهذا تكتسب المزيد من الأهمية لدى النساء اللائي تشكل الرشاقة والتناسق البدني عندهن هاجساً وحلماً جميلاً يسعين إلى تحقيقه بمختلف الوسائل المتاحة. وهناك عدة عوامل تلعب دوراً هاماً في زيادة وزن المرأة..من أهمها:
- تجربة الزواج: يَحدث فيها تغيّرٌ في نظام حياة المرأة وكيفية التعامل مع عالمها الجديد المتمثل بالزوج وأهل الزوج وكيفية إرضاء الطرفين، مما يزيد من الضغط النفسي (Stress) فتلجأ إلى تناول الطعام كمحاولة للتعويض عن هذا التوتر؛ إذ إن الأكل يعمل كمهدّئ نفسي.
- محاولة المرأة العناية بزوجها بتحضير الوجبات الشهية المختلفة، وهذا يزيد من شهيتها.
- هناك الكثير من النساء اللاتي لا يشاركن في ترتيب بيوتهن أو تحضير الطعام وتربية وتدريس أولادهن، وهذا يقلّل من حركة المرأة وتفاعلها مع أولادها، ويسبب ضغطاً نفسياً خفياً قد لا تشعر به إلا بعد فوات الأوان.
- الزيارات الاجتماعية الكثيرة، والاعتماد على وجبات المطاعم وخاصةً الوجبات السريعة، والتي تترافق مع تناول الكثير من الأطعمة الشهية والدسمة.
- عندما يبدأ الوزن بالازدياد تُصاب المرأة بالاكتئاب، والذي يدفعها للبحث عبثاً عن حل جذري وسريع لهذه المشكلة، ومن جراء ذلك يمكن أن يزداد الاكتئاب والوزن بدلاً من أن ينقصا.
- في مرحلة الحمل تطرأ على المرأة الحامل تغيّرات عديدة، وللأسف نقول: إن العديد من الحوامل يعتقدن أن المرأة خلال مرحلة الحمل يجب أن تلتهم الكثير من الأطعمة، ومثل هذا الاعتقاد السائد بين النساء يُعدّ اعتقاداً خاطئاً؛ إذ ينبغي على الحامل أن تتناول الغذاء المناسب، وعليها اتباع النظام الغذائي الصحي والرياضة المناسبة للحفاظ على صحتها وسلامة جنينها.
- بعد الولادة كثير من النساء لا يرضعن أطفالهن خوفاً من تهدّل صدرهن، وهذا خطأ فادح؛ إذ إن حليب الأم مفيد جداً للرضيع فالرضاعة الطبيعية تزيد من الترابط العاطفي بين الأم والوليد، وتنشط المناعة عند الوليد مما يقلل من أمراض الرّبو والتحسّسات الهضمية في المستقبل، كما أن الرضاعة تساعد على تخفيض الوزن وإعادة الرحم إلى حجمه الطبيعي.
- تناول حبوب منع الحمل وهي تزيد الشهية والوزن في 50% من الحالات.
المتزوجات.. كيف يمكن أن يستعدن تناسقهن؟
من المعروف بأن التي ترتبط بالبدانة كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وغيرها، ولهذا ينصح باتباع الإرشادات التالية للمحافظة على صحة وجمال الجسم:
- تقسيم الوقت بين البيت والأولاد وأشياء أخرى مفيدة كالعمل الجزئي، أو الدراسة حتى لا تصبح الحياة مملّة لا قيمة لها، فالإحساس بالملل أو الفشل يزيدان من التوجه إلى الطعام كتعويض لا شعوري عن الكبت النفسي والعاطفي.
- التحكم بالشهية: عند الذهاب إلى أي اجتماع عائلي تلبية لإحدى دعوات الطعام، يمكن تناول صحن سلطة أو خضراوات مسلوقة قبل الذهاب؛ لأن المعدة عندما تكون خاوية، قد لا يستطيع المرء التحكم بشهيته لدى تقديم الطعام له.
- الانتباه إلى كيفية طهي الطعام في البيت، وتقليل نسبة الدهون وخصوصاً الحيوانية المستعملة في الطهي.
- الإكثار من الحركة: للمحافظة على تناسق الجسم ولتفادي زيادة الوزن يُنصح بالإضافة إلى ما سبق بالإكثار من الحركة كالمشي وصعود الدرج إلى آخره...
- التقليل من مشاهدة التلفاز ما أمكن؛ لأن التلفاز يحوّل الإنسان إلى شخص متلقٍ (منفعل غير فاعل) فالإنسان يستلقي ويصبح عنصراً سلبياً متلقياً للمعلومات، وأثناء ذلك يتناول الكثير من الطعام أثناء مشاهدة سيل الدعايات المتعلقة بالطعام من دون الانتباه إلى كمية السعرات الحرارية التي تمّت إضافتها إلى الجسم، والتي تتراكم تدريجياً على شكل دهون تتجمع في أماكن مختلفة من الجسم.
وأخيراً نشير إلى أن الجمال نعمة، وأن المحافظة على تناسق الجسم ووقايته من المضاعفات المرتبطة بالبدانة ليست بالحلم المستحيل؛ إذ يمكن للمرأة أن تحقق الرشاقة والصحة والجمال باتباع قواعد الصحة العامة، والالتزام بإرشادات الطبيب، وأخصائي التغذية طيلة مراحل حياتها.
----------------------------------------
* فنية تغذية بالأكاديمية الأمريكية للتغذية
5/12/1426
05/01/2006
http://www.islamtoday.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/53)
ورش منتدى المرأة والألفية
نظراً لأهمية ما سيكون عليه منتدى وورشة عمل (المرأة والألفية) الذي سيعقد في الرياض 15 - 17 ذي القعدة الحالي الموافق 17 - 19 ديسمبر الحالي وما سينفذ فيه من ورش تأتي كي تحقق جزءاً من أهدافه التي استعرضتها في مقالتي في يوم الثلاثاء 27/10/1426ه.
وكما ذكر عن هدف هذه الورش أنها (تهدف إلى طرح ومناقشة أهم القضايا المتعلقة بالمحاور الرئيسية لمنتدى (المرأة والألفية) وبحث سبل تحقيق دور أكبر للمرأة في عملية التنمية من خلال طرح ومناقشة البدائل المتاحة لتفعيل دورها في تحقيق أهداف الألفية.
وقد تم تحديد المحاور الرئيسية للورش كالآتي:
القيادة والتنمية، التمكين كأداة للتنمية، التعليم والعمل، العنف ضد المرأة، الإعلام والمرأة..
وكل ورشة لها أهداف خاصة بها تصب بعد ذلك في الهدف الرئيسي للمنتدى الذي سيكون توصياته محل التنفيذ للنساء (جميعاً!! )
فنجد أن أهداف ورشة عمل (القيادة والتنمية) تتمثل في الآتي:
- إبراز أهمية الدور القيادي للمرأة في عملية التنمية وفي تحقيق أهداف الألفية.
- تشخيص واقع مشاركة المرأة في صنع القرار في مختلف المجالات التي تعمل بها أو تمسها كمواطن في المجتمع.
- التماس مقومات ومعوقات تفعيل الدور القيادي للمرأة.
- استخلاص أولويات تفعيل الدور القيادي للمرأة ومشاركتها في صنع القرار.
أما أهداف ورشة عمل (التمكين كأداة للتنمية) فنجدها تتمثل في الآتي:
- التعريف بمفهوم وعناصر تمكين المرأة.
- إبراز معوقات تمكين المرأة في المجتمع السعودي وتأثير ذلك على عملية التنمية.
- بحث الآليات المناسبة لتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة السعودية.
وورشة عمل (العنف ضد المرأة) نجد أن أهدافها هي:
- التعريف بالعنف كأحد أسباب التخلف وأحد معوقات التنمية وكمحور من استراتيجية التنمية في الألفية.
- إبراز أهمية مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة وبحث سبل نشر ثقافة ترفض العنف ضد المرأة.
- تحديد الآليات الملائمة لتفعيل الأنظمة والتشريعات في مكافحة العنف ضد المرأة.
ورغم أهمية هذه النقاط فيما يتعلق بالعنف ولكن أين العنف ضد الأطفال؟؟ أليس مهماً مناقشته؟
ومن أهداف هذه الورش نجد أن أهداف ورشة الإعلام والمرأة تتمثل في الآتي:
- بحث سبل تفعيل دور وسائل الإعلام في التعريف بأهداف الألفية وإبراز دور المرأة في تحقيقها.
- استخلاص دور وسائل الإعلام في نشر الوعي بحقوق المرأة وتوعية المرأة بحقوقها.
- مناقشة دور وسائل الإعلام في ابراز أهمية مساهمة المرأة في التنمية.
- اقتراح الآليات المناسبة لتفعيل وسائل الإعلام لإبراز أهمية الدور القيادي للمرأة في عملية التنمية.
أما أهداف ورشة عمل العلم والعمل فتتلخص في التالي:
- تشخيص واقع مساهمة المرأة في سوق العمل وتأثير ذلك على عملية التنمية.
- بحث فرص العمل المتاحة للمرأة من حيث الكم والكيف في القطاعين الحكومي والخاص.
- تحديد دور أنظمة العمل في تشجيع وتفعيل مساهمة المرأة في سوق العمل.
- التعرف على موقع المرأة من استراتيجيات توطين القوى العاملة وتنمية الموارد البشرية في القطاعين الحكومي والخاص
- اقتراح الآليات المؤسسية اللازمة لتفعيل مشاركة المرأة في سوق العمل.
.. وبما أن من آليات الورش أن لا تزيد كل مجموعة عمل في كل ورشة على 28 عضوة فذلك يعني أن 140 امرأة فقط هن اللاتي سيتم تلخيص آرائهن وتوصياتهن لتيمم تنفيذها على 50? من سكان المملكة فهل هذه عدالة في الاختيار؟؟
وكيف تعمم توصياتهن على قطاعات متعددة في أجهزة الدولة ذات العلاقة بقضايا النساء..
فهل في هذه الورش التي ستعقد بعد اثني عشر يوماً تم تمثيل جميع نساء الوطن من كل محافظة؟! ومن كل القطاعات التعليمية بمستوياتها والإعلامية بمختلف كفاءتها ومواقعها الإعلامية المتعددة وأيضاً الشرائح الاجتماعية والوظيفية والأكاديمية والسؤال للمسؤولة عن برامج الأمم المتحدة ثريا إسماعيل إذا كانت القضية تتعلق بالمرأة السعودية فذاك يعني ضرورة تمثيل جميع القطاعات والاتجاهات الثقافية والفكرية والعملية بين النساء في هذا المنتدى وهذه الورش. هذا إذا كنا نثق في معاني المشاركة في صنع القرار فذاك يعني تمثيل الجميع وليس شريحة خاصة نقتصر عليها وبعد ذلك سنلزم الجميع بآرائها!! خصوصاً أن من أهداف هذا المنتدى (إعداد تقرير يرفع للممثل المقيم بمضمون الحوار ليمثل قاعدة أولية لعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمملكة مع وللمرأة السعودية في المستقبل القريب!!.
http://islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/54)
فتاة متبرجة في بيتنا
حسن الأشرف
متبرجات في حيِّنا - متبرجات في مجتمعنا، في بيتنا متبرجة، إذاً في بيتنا قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة في وجوهنا، فتحرق نفسها وتحرقنا معها، فلماذا تتبرج بناتنا وأخواتنا؟
ما أسباب هذا التبرج؟
وما نتائج هذا الانحراف؟
ولكن قبل كل شيء، ما معنى التبرج؟
وهل تحدث عنه قرآننا الكريم؟
وبماذا اتسمت مقاربته الحكيمة له؟
1 ـ معنى التبرج في القرآن:
التبرج هو خروج المرء من البرج أي القصر، وأيضاً هو خروج المرأة من برج العفة وقصر الحياء إلى متاهات العري وسراديب الخزي
لقد اهتم دستورنا العظيم: القرآن الكريم بهذا الموضوع الخطير، وتحدث رب العزة والجلال عن التبرج، فذكره في سورتين ورد فيهما فرض الحجاب على المرأة المسلمة وهما سورتا النور والأحزاب، ففي الآية 60 من سورة النور يقول عز من قائل: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن) ويقول في الآية 33 من سورة الأحزاب: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)
2 ـ في بيتنا متبرجة
هذا لا يعني أن خطراً محدقاً يحيط بنا جميعاً، إلا إذا تابت توبة نصوحاً وعادت إلى ربها عودة المؤمنة الخاضعة والخاشعة له - سبحانه وتعالى -، ومكْمَن الخطر ليس مجازياً أو مبالغاً فيه، بل هو واقع ملموس للعيان فحين تلامس الفتاة أولى خيوط ربيع مراهقتها، تتراءى لها الحياة الدنيا بألوان زاهية، وتصير منساقة لأي دعوة للتحرر والتقليد
وهكذا أول ما تتجه إليه هذه البنت هو إبداء زينتها للغير، وبخاصة الشباب، إرضاء لغرورها وغريزتها الأنثوية في ضرورة إثارة انتباه الآخرين، فكيف تعمل من أجل تحقيق أمنيتها العجيبة هذه؟ طبعاً، إن الشيطان تساعده نفس بني البشر الأمارة بالسوء في حض الفتاة على التجرد من ملابسها والتخفف من حملها، فلا بأس في نظر أختنا المتبرجة من إزالة غطاء الرأس، وتعرية الوجه والصدر والنحر، والساقين والفخذين، وآخر ما رأيناه ـ للأسف العميق ـ هو هذه الأشهر المتمثلة في لباس سراويل الضيقة، والفساتين الكاشفة لقسمات الجسد، وتفاصيله الأكثر حميمية، أليس مثل هذا اللباس قنبلة خطيرة حقاً قد تنفجر في أي وقت وحين؟ أكيد فهذا العري لمثل هاته الكاسية العارية تضرب كل خصال الحشمة والعفاف عرض الحائط، وتوقظ الفتنة النائمة وتعرض نفسها للعنة والطرد من رحمة الله - عز وجل -، وتشحن صدور الشباب العزاب وحتى المتزوجين منهم برغبات خطيرة، الأمر الذي يدفع حتماً إلى الزنى والفواحش ما ظهر منها وما بطن
3 ـ خطاب القرآن إلى كل متبرجة
سعياً لصيانة المرأة من عبث الأيدي بها، واختراق الأعين الحميمية جسدها، وبُغْية الحافظ على شرفها وحضها على التمسك بحيائها، وعفافها عفتها، وضع الشرع الحكيم حدوداً وشروطاً عدة تضع المرأة المسلمة في إطارها الصحيح، بل اعتنى القرآن الكريم بملابس المرأة التي ينبغي عليها أن تلتزم بارتدائها عناية فيها الكثير من التفصيل، وهذا ليس معتاداً في القرآن عند تناوله المسائل الجزئية مما يدل بشكل واضح وضوح الشمس في كبد السماء على الأهمية القصوى التي أولاها الشارع الحكيم لقضية لباس المرأة الذي فرضه عليها رب العزة والجلال، ألا وهو حجابها الذي يستر سائر بدنها
يقول الله - سبحانه وتعالى - في سورة الأحزاب الآية 59: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين)
فانظري أيتها الأخت المتبرجة هداك الله كيف أن الخطاب موجه إلى نساء النبي أمهات المؤمنين، وإلى بناته الطاهرات أولاً وإلى سائر نساء المؤمنين؟، فرغم طهارة نساء النبي وبناته العفيفات، فإن الأمر بالالتزام بالحجاب لم يستثنهن، بل بدأ بهن، فما بالك أنت أيتها الأخت العاصية؟
وزاد القرآن في الإيضاح أكثر، وأورد خمسة أمور أكد على ضرورة أن تتحلى بها المرأة المؤمنة، يقول - عز وجل - في الآية 31 من سورة النور: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين نزيتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)
وهكذا أمرك الله أيتها الأخت بأن تغضي بصرك حتى لا تقع عيناك على فتنة، قد تضرك إن عاجلاً أو آجلاً، فالنظر هو مقدم كل شر، وقالوا قديماً النظر بريد الزنا، وبأن تحفظي فرجك إلا على زوجك، فذلك أطهر وأعف لك وأصين لكرامتك، وأحفظ لشرفك وإنسانيتك، وبألا تظهري زينتك إلا ما ظهر منها، وقال ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما -: ما ظهر منها هو ظاهر الثياب، وأيضاً بأن تضربي بخمارك على جيبك، وفي هذا حرص أكثر على غطاء أماكن حساسة من جسدك، وبألا تُظهري تلك الزينة التي حرَّم الله عليك إظهارها للأجانب إلا لزوجك ومحارمك، إن المتبرجات اللائي لا يكدن يسترن أجسامهن إما بملابس ضيقة تصف تفاصيل الجسد أو بملابس شفافة تكشف أكثر مما تغطي، إذا مِتن على حال التبرج لا يدخلن الجنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
4 ـ أسباب تبرج البنات
الجهل بالدين وتعاليم الشرع الحنيف من طرف أولياء الأمور ومن الفتيات أنفسهن ـ التقليد الأعمى والببغائي لنساء الغرب الكافرات في لباسهن وطريقة كلامهن ـ الإعلام الفاسد الذي يدخل بيوتنا من دون استئذان حاملاً معه كماً هائلاً من المسلسلات والأفلام حيث تتبرج الممثلات ـ انتشار تجارة الأزياء والمساحيق والعطور وأصحاب الموضة ـ انتشار أماكن الفجور والملاهي والمراقص ودور السينما ـ فتنة الشواطئ والعري في الصيف ـ الرفقة السيئة ومخالطة السافرات ـ قراءة المجلات الخليعة أو ما تسمى بالمجلات النسائية حيث تجد النساء بمفاتنهن يبتسمن ببلاهة ـ الفراغ الروحي ـ الرغبة في إثارة انتباه الغير
5 ـ النتائج
وهذه بعضها فقط: زيوع الزنى ـ تمزق أوصال الأسرة ـ تفكك أواصر المجتمع ـ اندثار الخصال الحميدة كالحياء والعِفة ـ انحلال الأخلاق ـ كثرة التهتك والميوعة ـ سهولة الحصول على الحرام من نظرة وكلام وفعل ـ استفحال أزمة الزواج وانتشار العنوسة بين أوساط الشباب، إلى غيرها من نتائج وعواقب وخيمة على الفتاة نفسها وعلى أسرتها ومجتمعها
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/55)
صفات المرأة المسلمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلقد كرم الإسلام المرأة ، واعتبر لها شخصيتها التي تميزها عن غيرها ، وأمرها أن تحافظ عليها ، وأن تتمسك بها ، وهذه الرسالة ما هي إلا جزء يسير لبعض صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتحلى بها ، وأن تتصف بها ، لتنعم بالسعادة في الدارين .
لكن لابد أن تعلم المرأة المسلمة أن الأصل في خطاب الشرع العموم ؛ فيشمل الجن والإنس ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، ويبقى ما يستثنيه الشرع من هذا العموم فالأصل في موضوعنا وهو صفات المرأة المسلمة أن هذه الصفات عامة تشمل الجميع إلا ما استثني كالحجاب ونحوه وهذه قضية مهمة لها من التبعات والآثار ما لها ، فثمة قوم يتصورون أنه لابد أن يوجه خطاب خاص للمرأة دائما ، وهذا أمر لاشك في استحالته ، فأحكام التشريع عامة للجميع إلا في بعض القضايا ، فالشرع يوجه فيها أمره للمرأة بما يناسب فطرتها وتكوينها .
إذن لا تنتظر المرأة خطابا خاصا لها حتى تعمل وتقدم ، فإنها إن فعلت ذلك حُرمت خيرا كثيرا وفاتها الشيء الكثير وتخصِصنا لهذا الموضوع بصفات المرأة المسلمة تغليبا لذكر ما يخص المرأة من أخبار وسيرة ونحو ذلك مما يتعلق بجوانب المرأة المسلمة وإلا فصفات المسلم هي صفات المسلمة هذا هو الأصل إلا ما جاء الدليل باستثنائه والله أعلم .
والله أسأل أن ينفع بها قارئها وكاتبها والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* أسباب اختيار الموضوع :
1- ما آل إليه حال المرأة المسلمة من التناقضات في حياتها اليومية، ما بين إفراط وتفريط .
2- أن في صلاح المرأة صلاح للمجتمع، وفي فسادها فساد للمجتمع ، وصلاحها يكون باتصافها بهذه الصفات التي لابد من جلائها وبيانها، حتى تسير عليها المرأة المسلمة .
3- ما يحصل من التدليس والتلبيس على المرأة المسلمة، من أفواه المغرضين الحاقدين، الذين شرقت نفوسهم ما تسعد به المرأة المسلمة في هذه البلاد المباركة إن شاء الله تعالى، فمن أجل أن لا تنخدع الفتاة بأقوالهم المعسولة، وعباراتهم المحبوكة، نبين لها صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتصف بها، حتى تسلم بإذن الله تعالى من شرهم .
4- أن المرأة جنس ناعم رقيق، ويغلب عليه الضعف ، فدواعي الشر فيها أشد من الرجال ، ولذلك كان أكثر أهل النار من النساء، كما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء )) رواه أحمد [1] ويقول : - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر : (( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤسهن كأسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )) [2] لذا كان من اللازم على المرأة المسلمة أن تحذر أشد الحذر، وتراعي هذا الجانب العظيم، فتتمسك بصفات المرأة المسلمة ، التي تجنبها بإذن الله تعالى من النار .
أولاً : طلب العلم
إن من أبرز صفات المرأة المسلمة طلب العلم ، خصوصاً في مثل هذا الزمن التي تتأكد أهميته والعناية به لدى الفتاة المسلمة لأمور منها :
الأمر الأول : حين تحمل المرأة المسلمة زاداً من العلم الشرعي، فهو وسيلة بإذن الله لتربية أبنائها وتعاهدهم، ورعايتهم وتعليمهم ما يجهلون من دينهم .
الأمر الثاني : تحتاج الفتاة المسلمة اليوم لرصيد من العلم، يكون زاداً يمكن أن تملأ به المجالس بديلاً للهو والحديث غير المفيد ، وما أكثر الهموم التي يجب أن تطرح للنقاش والحوار في مجالسنا .[3]
الأمر الثالث : تحتاج الفتاة إلى العلم لتدرأ به عن نفسها شبهات المشبهين، وضلالات المضللين ،فلا تغتر بهم ولا تنخدع بمعسول كلامهم .
الأمر الرابع : وهو أهما أن العلم يقربها من ربها، ولذا أقرب الناس إلى الله العلماء قال تعالى : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) (فاطر: من الآية28) .
والمرأة المسلمة مطالبة بطلب العلم كالرجل ، و عليها طلب العلم الذي ينفعها في دينها ودنياها ، وهي حينما تقرأ قول الله تعالى : (( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طه: من الآية114) .
وتسمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) [4] تدرك قيمة العلم كما أدرك ذلك نساء الجيل الفريد، فطالبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يخصص لهنَّ يوماً ، تقول نساء الأنصار للرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( اجعل لنا يوماً من نفسك نتعلم فيه ، فقد غلبنا عنك الرجال)) ، فقال لهن : (( موعدكن دار فلانة ، فأتاهن فوعظهن وذكرهن وعلمهن )) [5] .
* ما ينبغي للمرأة المسلمة تعلمه :
أول ما ينبغي للمرأة المسلمة أن تتعلمه :
1- كتاب الله تلاوةً وتجويداً ، و حفظاً وفهما .
2- وكذا ما يتعلق بالمرأة المسلمة من أحكامٍ فقهية، كأمور الطهارة و الصلاة ونحوها .
3- وتعرج على شيءٍ من سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وسيرة أصحابه، فهي المعين الصافي .
4- ثم تلتفت بعد ذلك إلى اختصاصها الأول في الحياة، وهو إدارة البيت، ورعاية شؤونه، فتستعد الفتاة لوظيفتها الأساسية، وتتعلم الطرق المثلى لتربية أسرتها وأولادها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )) رواه البخاري ومسلم .
وهنا أنبه إلى أمور منها :
الأول : وهو تغافل الكثير من الفتيات المسلمات عن أعمال المنزل، بحجة الاستذكار للمدرسة، أو أنها أحياناً ترفض العمل خشية أن توصم بالعار، فتوصف بأنها مثل أمها العتيقة، التي انتهى زمانها، ووضع جيلها على الرف !! حتى إذا فجأها الزواج في نهاية المطاف، وجدت نفسها ـ فجأة ـ بلا عُدةٍ ولا تدريبٍ ولا استعداد ! [6]
وأنا أذكر ذات مرة، أن أحد الأزواج جاء ليعرض مشكلته عليّ وقال : أريد أن أطلق زوجتي !! فسألته عن السبب ؟ هل هو نقصٌ في دينها أم ماذا ؟ فقال : إني لا أعيبُ عليها لا خلق ولا دين، ولكنها لا تعرفُ من أمور المنزل شيئاً، فلا تحسن الطبخ ولا تجيده ونحوها، من أعمال المنزل الأساسية، مما جعلني أُحرج مع أضيافي أحياناً . وهذا القصة تأكد هذا الجانب .
الثاني : ليس من الحكمة في شيء أن يكون تعليم المرأة وثقافتها كتعليم الرجل، سواءً بسواء إلا فيما ندر- والنادر لا حكم له - فهناك أمور تختص بالمرأة لا يستطيعها الرجل، وأخرى يستطيعها الرجل لا تستطيعها المرأة، فهل من المناسب على سبيل المثال أن تتعلم المرأة كيف تصلح سيارة ؟ أو تصنع طيارة ؟إذن كان من اللازم أن ترعى فطرة الله التي فطر الناس عليها، من جعله سبحانه لكل من الجنسين خصائص تليق به، وإن غير ذلك يعتبر مصادمةً لأمر الله وقدره في خلقه.
الثالث : ليس الهدف من التعلم وطلب العلم في المدارس والجامعات هو العمل ؛ كلا .. بل المراد من التعلم أن تعلم المرأة ما يجب عليها ، وما يجب لها : المراد أن تعرف كيف تعبد ربها ، وتعتني بزوجها ، وتربي ولدها ، وما يزيد ثقافتها ، وينمي قدراتها الفكرية ، أما أن يُعلق العلم بالوظيفة ، فإن لم تحصل الوظيفة فتعد سنوات الدراسة ضياع على الفتاة ، فهذا خطأ فادح بكل المقاييس وأمرٌ مشين بكل المعايير ، ينبغي للمرأة العاقلة اللبيبة ألا تقع في مثله
ثانياً : القرار في المنزل
من صفات المرأة المسلمة العفيفة أن تقر في بيتها، لأنَّ قرار المرأة في بيتها آمانٌ للمجتمع من الفتنة وسد بوابة الشر ولذلك :
أمرها الله تعالى بالقرار في بيتها فقال: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (الأحزاب: من الآية33) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان )) رواه الترمذي قال المنذري : ( قوله فيستشرفها الشيطان أي ينتصب ويرفع بصره إليها، ويهم بها لأنها قد تعاطت سبباً من أسباب تسلطه عليها، وهو خروجها من بيتها ) [7]
ولأهمية هذا الأمر ـ ألا وهو القرار في المنزل ـ أُمرت المرأة أن تؤدي أعظم فرائض الدين بعد الشهادتين في بيتها وهي الصلاة ولا تخرج !! عن أمِّ حميد امرأة أبي حميد الساعدي، أنَّها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله إني أحبُّ الصلاة معك ، قال : (( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي )) . قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل . رواه أحمد بإسناد صحيح .
وعن عبد الله بن مسعود قال : (( إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس، فيستشرفها الشيطان فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبته، وأنَّ المرأة لتلبس ثيابها فيقال أين تريدين، فتقول أعود مريضاً، أو أشهد جنازة، أو أصلى في مسجد وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها )) رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات .
و أُعفيت أيضاً عن الجهاد في سبيل الله تعالى، كما جاء في حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال جئن النساء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن يا رسول الله : ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، أفما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مهنة إحداكن في البيت تدرك به عمل المجاهدين في سبيل الله )) [8]
وأُعفيت عن النفقة فيلزم وليها أن ينفقها عليها قال تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء: من الآية34) .
كل ذلك من أجل أن تقر المرأة في بيتها، وما أجمل والله ما قالته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها- حينما سألها علي فقال : يا فاطمة ما خير للمرأة ؟ قالت : ( أن لا ترى الرجال ولا يروها ) [9]
ولا يعني ذلك عدم عمل المرأة، فيمكنُ للمرأة أن تعمل ولكن بشروط ذكرها أهل العلم وهي :
1- أن تتحلى بتقوى الله تعالى : وذلك يورثها سلوكاً منضبطاً ، وخلقاً قويماً يريحها أولاً ، ويريح الآخرين من الفتن ثانياً .
2- أن يكون العمل في أصله مباحاً ، وأن يكون مما يناسبُ المرأة : فلا يجوز للمرأة أن تكون مغنية، أو تعمل سكرتيرة لرجل تختلط به ، ومن الضروري أن يكون العمل يناسبُ طبيعة المرأة، فلا يناسبُ أن تعمل في المصانع الثقيلة، والجندية الدائمة ، أو مما يكون فيه امتهانٌ لها كأعمال النظافة فيما يخص الرجال ونحو ذلك.
3- أن تبتعد عن الاختلاط بالرجال، وذلك لما ينتجُ عنه من الآثار السيئةِ في النفوس والأخلاق ، بل من الفساد في الأرض، وهو ما حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة البليغة : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان )) رواه أحمد والترمذي وصححه .
وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إياكم والدخول على النساء )) فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله: أفرأيت الحمو ؟ قال : ((الحمو الموت)) متفق عليه ، والحمو هو أخو الزوج .
4- ألا يؤثر العمل تأثيراً سلبياً على مهمتها الأولى :
يقول سماحة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ ( إن عمل المرأة بعيداً عن الرجال إن كان فيه مضيعةً للأولاد ، وتقصير بحق الزوج ، من غير اضطرار شرعي لذلك ، يكون محرماً ، لأنَّ ذلك خروج على الوظيفة الطبيعة للمرأة ، وتعطيلٌ للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها ، مما ينتجُ عنه سوء بناء الأجيال ، وتفكك عُرى الأسرة التي تقوم على التعاون ، والتكامل ، والتضامن ومساهمة كلٍ من الزوجين، بما هيأ اللهُ لهُ من الأسباب ، التي تسعد على قيام حياةٍ مستقرةٍ آمنةٍ مطمئنة ، يعرف فيها كل فرد واجبه أولاً ، وحقه ثانياً )
5- أن تلتزم بالحجاب الشرعي : قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الأحزاب:59)
6- إذن وليها : لقوله تعالى : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء: من الآية34) .
ولكن لا يحقُّ للزوج أن يتعسف في حق القوامة، ولذا يقولُ النبي : (( إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها )) متفق عليه. فيفعل الولي ما هو الأصلحُ والأنفع لها في الدنيا و الآخرة .
وإذا أردت المرأة أن تخرج فلابد أن تلتزم بآداب الخروج وهي :
* أن يكون خروجها لحاجة : قال - صلى الله عليه وسلم - : (( قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن)) رواه البخاري .
* أن تخرج بأذن وليها: قال - صلى الله عليه وسلم - : (( ولا تخرج من بيته إلاَّ بإذنه فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب والرحمة حتى تتوب أو تراجع )) رواه البيهقي [10].
* أن تكون محتشمة متسترة متحجبة : قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الأحزاب:59).
وقال تعالى : ((وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )) (النور: من الآية31) .
* أن تخرج تفلة ـ أي غير متعطرة ـ : لحديث أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استعطرت المرأة فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا )) رواه أبو داود [11] .
وفي رواية لأحمد : (( فهي زانية )) [12] .
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا تمنعوا إماءَ الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات )) رواه أبوداود .
وينبغي أن تعلم المرأة المسلمة جيداً أنها مستهدفة لإفسادها، ومن ثُمَّ إفساد غيرها، ولا وسيلة لإفساد الأمم كلها خيرٌ من (تحرير المرأة)، أي إخراجها إلى طريق الرجل لتفتنه وتفسد أخلاقه، فقالوا : ينبغي أن تخرج المرأة بأي ثمن إلى الطريق، تخرج بحجة الاستقلال الاقتصادي، تخرج بحجة ممارسة حقها في الحياة !! تخرج بحجة التعليم أو العمل، المهم أن تخرج ولكن أهم من ذلك أن تخرج في صورة إغراء ، لأنها إن خرجت محتشمة متحفظة محافظة على أخلاقها، فلا فائدة إذاً من كل التعب الذي تعبناه في إفساد البشرية، ينبغي أن تخرج المرأة في صورةٍ تفتن الرجل وتغرية .
فأوصي الأخت المسلمة أن تتقي الله تعالى ، ولا تكون أداة طيعة في يد إبليسٍ وجنوده من شياطين الإنس والجن، فبصلاحكِ تصلح البشرية ، وبوعيك وانتباهك تندحر جحافل الشر وقوى الفساد .
ثالثاً : العفة
من صفات المرأة المسلمة : العفة. والمراد بهذه الصفة: كفّ النفس عن المحارم ، وعما لا يجمل بالإنسان فعله ، وضدها الدناءة والخسة [13] فالمرأة المسلمة تكف نفسها عن ما حرم الله تعالى عليها فهي :
- تحافظُ على حجابها : فتغطي جميع جسمها عن الرجال الأجانب عنها ؛ لئلا تصيبها السهام الخفية، فتخدش عفتها وطهرها ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الأحزاب:59) .
- وتغضِ طرفها لقول الله تعالى: (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) (النور: من الآية31) .
فلا تنظر إلى حرام، ولا تنظر إلى عورةٍ لا تحل لها.
- وتقرُّ في بيتها ولا تخرج إلاَّ لحاجةٍ كما تقدم .
- و لا تختلط بالرجال الأجانب، كما كانت عائشة- رضي الله عنها – (( تطوف حجرة [14] عن الرجال لا تخالطهم )) رواه البخاري .
وجاء عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: وهو خارجٌ من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء : (( استأخرن فأنَّهُ ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق)) فكانت المرأة تلتصقُ بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . رواه أبو داود والطبراني وحسنه الألباني .
وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يمشي - يعني الرجل - بين المرأتين . رواه أبو داود (5273 ) .
- ولا تبدي زنتها إلا لمن أحل الله لها، فلا تتبرج ولا تتزين أمام الرجال الأجانب، قال تعالى : (( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب: من الآية33) .
- ولا تخلو برجلٍ أجنبي، لخطورة الخلوة، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يخلون أحد بامرأة إلاَّ مع ذي محرم )) متفق عليه.
وعن جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان)) رواه أحمد، .
وفي حديث عقبة بن عامر- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إياكم والدخول على النساء )) فقال رجل : يا رسول الله : أفرأيت الحمو ؟ قال: (( الحمو الموت )) رواه البخاري ومسلم .
والحمو: هم كما قال النووي : أقاربُ الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأمَّا آباؤهُ وأبناءهُ فمحارمٌ لزوجته، تجوز لهم الخلوة بها ، ولا يوصفون بالموت .
وهذا الحديث يفيدنا في قضية مهمة، يكثرُ التساهلُ فيها، وهي كثرة دخول أقارب الزوج على هذه المرأة، مما يسبب التساهلَ والتهاون في هذا الأمر، وهذه لاشك فيه خطورةٌ عظيمة ،ولهذا شبَّه رسول الله خلوتهم بها بالموت ، لأنه يؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت الفاحشة ، وهلاك النفس إن وجب الرجم ، وهلاكُ المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة على تطليقها .
- ولا تسافر إلاَّ مع ذي محرم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم )) .
- ولا تصافح الأجانب، ولا تسمحُ لأحدٍ أن يمسها من الأجانب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأة لا تحل)) رواه البيهقي والطبراني .
* وتكاد تتفق آراء الفقهاء، على أنه يُحرمُ على الرجل البالغ أن يمس شيئاً من بدن المرأة الشابة الأجنبية عنه ، إذا لم تكن ثمة ضرورةٍ أو حاجة تقتضيه ، ولو انتفت الشهوة ، وأمنت الفتنة عند المس ، والآن ولله الحمد قد تكون الضرورة نادرة الوقوع، وغالب ما يحصلُ المساس في المستشفيات، لأجل الكشف ونحوه ، ولو تأملت المرأة المسلمة، لوجدت أنَّه لا دعي لكشفها لرجلٍ أجنبي يطلع على عورتها، لوجود البدائل التي يمكنُ أن تذهب إليها- ولله الحمد والمنة- ولكن أحياناً الاستعجال أو الكسل أو غير ذلك، يجعل بعض أخواتنا تتساهل في هذا الأمر، ولذا ينبغي أن تتقي الله كل امرأةٍ مؤمنة، ولا تسمح لأحدٍ أجنبي عنها أن يمسها و الله المستعان .
ـ ولا تخضع بقولها وحديثها لقول الله تعالى : (( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً)) (الأحزاب: من الآية32) وينبغي تأمل :
1- الخطاب موجه إلى من ؟
2- وفي أي عصر ؟
3- فكيف بعصرنا وحاضرنا ونساءنا !!
- ومن عفتها أنها تحفظ فرجها عن الحرام :وذلك بتحصينه عن فعل الفاحشة ، ووسائلها قال تعالى : (( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)) (المؤمنون:5) .
رابعاً : الحياء
ومن صفات المرأة المسلمة الحياء، الذي هو الخلق النبيل البعث دوماً على ترك القبيح ، ويعدُّ الحياء من أخص صفات المرأة المسلمة، ولذلك عندما وصف الصحابة حياءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : ( كان أشدَّ حياءً من العذراء في خِدْرها) [15]، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ( وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً ، بل هو خاصةُ الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم ، وصورتهما الظاهرة ، كما أنه ليس معه من الخير شيء ) [16] .
والمرأة المسلمة تستحي من الله تعالى، فتحفظ الرأس وما وعى، فلا تنظرُ إلى حرام، ولا تسمعُ الحرام، ولا تقولُ الحرام، وتحفظُ البطنَ وما حوى، فلا تأكلُ إلا حلالاً، ولا تشربُ إلاَّ حلالا، وتذكر الموت البلى .
* صور من حياء الصحابيات :
لقد كانت نساءُ الجيل الفريد، تتميز بهذه الصفة العالية، فهذه عَائِشَةَ - رضي الله عنها- تقول : (( كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ)).
رضي الله عنك- يا زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أيُّ سموٍ أعظمُ من هذا السمو ؟!
وأيُّ حياءٍ أعلى من هذا الحياء ؟ تستحي من رجلٍ قد مات ودفن تحت الثرى!! فماذا نقولُ لبعض المسلمات اللاتي تساهلن بالحجاب، ورفع الصوت مع الرجال الأجانب ؟!! فأين حياءهن ؟!!(82/56)
تقول أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- : (( تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ : (( إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي، )) رواه البخاري .
وتقول عَائِشَةَ- رضي الله عنها- : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا يَسْرِقْنَ، وَلَا يَزْنِينَ، الْآيَةَ قَالَتْ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعَنَا إِلَّا عَلَى هَذَا، قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذًا فَبَايَعَهَا بِالْآيَةِ )) . رواه أحمد [17]
ومن ذلك أيضاً ما ذكره الشعبي، قال : مرَّ عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في بعض طرق المدينة فسمع امرأة تقول :
دعتني النفسُ بعد خروجِ عمرٍو إلى اللذاتِ فاطلعَ التلاعَا
فقلتُ لها : عجلتِ فلنْ تُطاعي ولو طالتْ إقامتُه رِباعاً
أُحاذرُ إنْ أطعتُكِ سبَّ نفسي ومخزاةً تُجللني قِناعا
فقال عمر - وأُتي بالمرأة - : أيُّ شيءٍ منعك ؟ قالت : الحياءُ وإكرام عرضي . فقال - رضي الله عنه - : إنَّ الحياء ليدلُ على هناتٍ ذاتِ ألوان، من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وُقي، وكتب إلى صاحب زوجها فأقلفه - أي أرجعه ـ إليها )
ولا تزالُ في نساء الأمة بقيتُ خيرٍ ولله الحمد، ويوجد نماذج كثيرةٍ تدل دلالةً واضحة على تأصلِ هذه الصفة في نساء الأمة، فمن ذلك ما ذكرهُ أحدُ الدعاة يقول : كنتُ في رحلةٍ دعوية إلى بنجلاديش مع فريقٍ طبي، أقام مخيماً لعلاج أمراض العيون، فتقدّم إلى الطبيب شيخٌ وقور، ومعه زوجته بترددٍ وارتباك، ولمّا أرادَ الطبيبُ المعالج أن يقتربَ منها، فإذا بها تبكي وترتجفُ من الخوف، فظنّ الطبيبُ أنَّها تتألمُ من المرض، فسأل زوجها عن ذلك، فقال - وهو يغالبُ دموعه - : إنَّها لا تبكي من الألم، بل تبكي لأنها ستضطر أن تكشف وجهها لرجلٍ أجنبي!! لم تنم ليلة البارحةِ من القلق والارتباك، وكانت تعاتبني كثيراً، أوَ ترضى لي أن أكشف وجهي؟! وما قبلتْ أن تأتي للعلاج إلاَّ بعد أن أقسمتُ لها أيماناً مغلظة بأنّ الله - تعالى - أباح لها ذلك للاضطرار، والله تعالى يقول: (( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (البقرة: 173).
فلمّا اقترب منها الطبيب، نفرت منه، ثم قالت: هل أنت مسلم؟
قال: نعم، والحمد لله !!
قالت: إن كنت مسلماً، فأسألك بالله ألاّ تهتك ستري، إلاَّ إذا كنت تعلم يقيناً أنَّ الله أباح لك ذلك !!
أُجريت لها العمليةُ بنجاحٍ، وأزيلَ الماءُ الأبيض، وعاد إليها بصرها بفضل الله تعالى، حدّث عنها زوجها أنَّها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي: قراءتي القرآن، وخدمتي لك ولأولادك.[18]
ما أعظم شموخ المرأة المسلمةِ بعزتها وعفافها !! وما أجمل أن تُرى المرأة مصونةً فخورة بحشمتها!!
أكرم به من إيمانٍ يتجلّى في صورةِ عمليةٍ صادقة، بعيدةً عن التكلف أو التنطع، سالمةً من الرياءِ وشوائبِ الهوى!!
فأين أولئك النساء اللواتي كسرنَ طوق الحياء، وأسلمن أنفسهنَّ لدعاة الرذيلة وأدعياءَ المدنية، وأصبحنَّ يلهثنَ وراء شهواتهن، ويتبارين في التفسخِ والانحلال، أين هنَّ من تلك المرأة العفيفة الطاهرة؟!
ولَكَم يتفطر القلب أسىً وحزناً على أولئك الفتيات الزهراوات، اللواتي طاشت بهنَّ الأهواء، وأسلمنَ أنفسهنَّ بكلِّ غفلةٍ وبلاهةٍ لكل ناعق؟!
إنّ الحياء شعبة من شعب الإيمان، وعنوان من عناوين العفة والفضيلة، تقوم قواعده على أُسسٍ راسخةٍ من التقى، وأصولٍ متينةٍ من الصلاح، ولهذا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((الحياءُ كله خير)) رواه مسلم . بل عظّم النبي- صلى الله عليه وسلم- من شأنه فقال: ((إن لكلِّ دينٍ خلقاً، وخلق الإسلام الحياء)) [19]
ويُتأكّد ذلك في حقِّ المرأة، فسِترها رمز حيائها، وحجابُها دليلُ كرامتها. وإذا اختلّ حياءُ المرأة تزلزلت أقدامها، وعصفت بها الفتن، وأصبحت سلعةً رخيصةً تباع بأبخس الأثمان، ويعبثُ بها دهاقنة الفساد، وأئمة الهوى، (وليس لمن سُلِبَ الحياءَ صادّ عن قبيح، ولا زاجر عن محظور؛ فهو يُقدم على ما يشاء، ويأتي ما يهوى ) [20]
وقديماً قال الشاعر:
فلا والله ما في العيشِ خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
خامساً : صور من الحياء المذموم
- أن تمدَّ المرأةُ يدها إلى رجلٍ أجنبي فيصافحها ، وتزعم أنَّهُ استحيا منه، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحل له )) [21] .
- عدم قول الحق والجهر به : قال تعالى : (( وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ )) (الأحزاب: من الآية53) .
قال الإمام النووي - رحمه الله - : ( فقد يُشكلُ على بعض الناس من حيث إن صاحبَ الحياءِ قد يستحي أن يواجه بالحقِّ من يجله , فيتركُ أمرهُ بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقد يحملهُ الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك، مما هو معروفٌ في العادة . وجواب هذا ما أجاب به جماعةٌ من الأئمة، منهم الشيخ أبو عمر بن الصلاح- رحمه الله- أن هذا المانعُ الذي ذكرناه ليس بحياءٍ حقيقةً، بل هو عجزٌ وخورٌ ومهانة، وإنما تسميتهُ حياءً من إطلاق بعض أهل العرف، أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياءَ الحقيقي، وإنما حقيقةُ الحياء خلقٌ يبعث على ترك القبيح , ويمنعُ من التقصير في حقِّ ذي الحق , ونحو هذا ) [22]
- عدم سؤالها عما أشكل عليها في حياتها ، تقول أُمِّ سَلَمَةَ : جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ)) فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِي وَجْهَهَا وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ؟ قَالَ: (( نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا )) رواه البخاري .
يقول الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في شرح صحيح مسلم : ( قولها : (( إن الله لا يستحي من الحق )) قال العلماء : معناه لا يمتنعُ من بيانِ الحق ، وضرب المثلِ بالبعوضةِ وشبهها، كما قال سبحانه وتعالى : (( إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً)) (البقرة: من الآية26) .
فكذا أنا لا أمتنعُ من سؤالي عما أنا محتاجة إليه. وقيل : معناه : إنَّ الله لا يأمرُ بالحياءِ في الحق ولا يبيحه ، وإنما قالت هذا اعتذاراً بين يدي سؤالها، عما دعت الحاجة إليه : مما تستحي النساء – في العادة – من السؤال عنه ، وذكره بحضرةِ الرجال ، ففيه : أنَّهُ ينبغي لمن عرضت له مسألةً أن يسأل عنها ، ولا يمتنعُ من السؤال حياءً من ذكرها ، فإنَّ ذلك ليس بحياء حقيقي، لأنَّ الحياءَ خيرٌ كله ، والحياءُ لا يأتي إلاَّ بخير ، والإمساك عن السؤال في هذه الحال ليس بخير ، بل هو شر . فكيف يكونُ حياء، وقد قالت عائشة- رضي الله عنها- : نعم النساء نساءُ الأنصار ، لم يمنعهنَّ الحياء أن يتفقهن في الدين ) .
وليس من هذا الباب ما تفعلهُ بعض النساء، فتسأل عبر الهاتف، أو مِن خلال الشاشة، أسئلةً خاصةً بالنساء، أو ما يتعلقُ مع زوجها، فيسمعها كل الناس !!، فإنَّ الواجب في مثل هذه الحالةِ أن تُهاتف أحد العلماء فتحادثهُ في أمرها ، وقد فعل ذلك السلفُ الصالح- رضي الله عنهم- وأرضاهم فمن ذلك :
ما رواه الإمام أحمد في مسنده، عَنِ الْأَسْوَدِ وَمَسْرُوقٍ قَالَ : (( أَتَيْنَا عَائِشَةَ لِنَسْأَلَهَا عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَاسْتَحَيْنَا فَقُمْنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهَا، فَمَشَيْنَا لَا أَدْرِي كَمْ، ثُمَّ قُلْنَا جِئْنَا لِنَسْأَلَهَا عَنْ حَاجَةٍ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهَا، فَرَجَعْنَا فَقُلْنَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا جِئْنَا لِنَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ فَاسْتَحَيْنَا فَقُمْنَا، فَقَالَتْ مَا هُوَ سَلَا عَمَّا بَدَا لَكُمَا، قُلْنَا أَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ؟ قَالَتْ : (( قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ مِنْكُمْ )) والله أعلم .
- ما رواه مسلم وغيره عَنْ عَلِيٍّ- رضي الله عنه- قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ - فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: (( يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ)) .
- وهذه أمُّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- استحيت أن تواجه الرجال ببعض الآداب ، فأمرت زوجاتهم بإبلاغهن ، فعنها- رضي الله عنها- أنَّها قالت : (( مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَسْتَطِيبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَفْعَلُهُ)) رواه الترمذي وصححه .
سادساً : صور من الحياء المحمود
ومن صفات المرأة المسلمة الحياء، الذي هو الخلق النبيل البعث دوماً على ترك القبيح ، ويعدُّ الحياء من أخص صفات المرأة المسلمة، ولذلك عندما وصف الصحابة حياءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : ( كان أشدَّ حياءً من العذراء في خِدْرها) [23]، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : ( وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً ، بل هو خاصةُ الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم ، وصورتهما الظاهرة ، كما أنه ليس معه من الخير شيء ) [24].
والمرأة المسلمة تستحي من الله تعالى، فتحفظ الرأس وما وعى، فلا تنظرُ إلى حرام، ولا تسمعُ الحرام، ولا تقولُ الحرام، وتحفظُ البطنَ وما حوى، فلا تأكلُ إلا حلالاً، ولا تشربُ إلاَّ حلالا، وتذكر الموت البلى .
* صور من حياء الصحابيات :
لقد كانت نساءُ الجيل الفريد، تتميز بهذه الصفة العالية، فهذه عَائِشَةَ - رضي الله عنها- تقول : (( كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ)).
رضي الله عنك- يا زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أيُّ سموٍ أعظمُ من هذا السمو ؟!
وأيُّ حياءٍ أعلى من هذا الحياء ؟ تستحي من رجلٍ قد مات ودفن تحت الثرى!! فماذا نقولُ لبعض المسلمات اللاتي تساهلن بالحجاب، ورفع الصوت مع الرجال الأجانب ؟!! فأين حياءهن ؟!!
تقول أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- : (( تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ : (( إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي، )) رواه البخاري .
وتقول عَائِشَةَ- رضي الله عنها- : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا يَسْرِقْنَ، وَلَا يَزْنِينَ، الْآيَةَ قَالَتْ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعَنَا إِلَّا عَلَى هَذَا، قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذًا فَبَايَعَهَا بِالْآيَةِ )) . رواه أحمد [25]
ومن ذلك أيضاً ما ذكره الشعبي، قال : مرَّ عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في بعض طرق المدينة فسمع امرأة تقول :
دعتني النفسُ بعد خروجِ عمرٍو إلى اللذاتِ فاطلعَ التلاعَا
فقلتُ لها : عجلتِ فلنْ تُطاعي ولو طالتْ إقامتُه رِباعاً
أُحاذرُ إنْ أطعتُكِ سبَّ نفسي ومخزاةً تُجللني قِناعا
فقال عمر - وأُتي بالمرأة - : أيُّ شيءٍ منعك ؟ قالت : الحياءُ وإكرام عرضي . فقال - رضي الله عنه - : إنَّ الحياء ليدلُ على هناتٍ ذاتِ ألوان، من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وُقي، وكتب إلى صاحب زوجها فأقلفه - أي أرجعه ـ إليها )
ولا تزالُ في نساء الأمة بقيتُ خيرٍ ولله الحمد، ويوجد نماذج كثيرةٍ تدل دلالةً واضحة على تأصلِ هذه الصفة في نساء الأمة، فمن ذلك ما ذكرهُ أحدُ الدعاة يقول : كنتُ في رحلةٍ دعوية إلى بنجلاديش مع فريقٍ طبي، أقام مخيماً لعلاج أمراض العيون، فتقدّم إلى الطبيب شيخٌ وقور، ومعه زوجته بترددٍ وارتباك، ولمّا أرادَ الطبيبُ المعالج أن يقتربَ منها، فإذا بها تبكي وترتجفُ من الخوف، فظنّ الطبيبُ أنَّها تتألمُ من المرض، فسأل زوجها عن ذلك، فقال - وهو يغالبُ دموعه - : إنَّها لا تبكي من الألم، بل تبكي لأنها ستضطر أن تكشف وجهها لرجلٍ أجنبي!! لم تنم ليلة البارحةِ من القلق والارتباك، وكانت تعاتبني كثيراً، أوَ ترضى لي أن أكشف وجهي؟! وما قبلتْ أن تأتي للعلاج إلاَّ بعد أن أقسمتُ لها أيماناً مغلظة بأنّ الله - تعالى - أباح لها ذلك للاضطرار، والله تعالى يقول: (( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (البقرة: 173).
فلمّا اقترب منها الطبيب، نفرت منه، ثم قالت: هل أنت مسلم؟
قال: نعم، والحمد لله !!
قالت: إن كنت مسلماً، فأسألك بالله ألاّ تهتك ستري، إلاَّ إذا كنت تعلم يقيناً أنَّ الله أباح لك ذلك !!
أُجريت لها العمليةُ بنجاحٍ، وأزيلَ الماءُ الأبيض، وعاد إليها بصرها بفضل الله تعالى، حدّث عنها زوجها أنَّها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي: قراءتي القرآن، وخدمتي لك ولأولادك. [26]
ما أعظم شموخ المرأة المسلمةِ بعزتها وعفافها !! وما أجمل أن تُرى المرأة مصونةً فخورة بحشمتها!!
أكرم به من إيمانٍ يتجلّى في صورةِ عمليةٍ صادقة، بعيدةً عن التكلف أو التنطع، سالمةً من الرياءِ وشوائبِ الهوى!!
فأين أولئك النساء اللواتي كسرنَ طوق الحياء، وأسلمن أنفسهنَّ لدعاة الرذيلة وأدعياءَ المدنية، وأصبحنَّ يلهثنَ وراء شهواتهن، ويتبارين في التفسخِ والانحلال، أين هنَّ من تلك المرأة العفيفة الطاهرة؟!
ولَكَم يتفطر القلب أسىً وحزناً على أولئك الفتيات الزهراوات، اللواتي طاشت بهنَّ الأهواء، وأسلمنَ أنفسهنَّ بكلِّ غفلةٍ وبلاهةٍ لكل ناعق؟!
إنّ الحياء شعبة من شعب الإيمان، وعنوان من عناوين العفة والفضيلة، تقوم قواعده على أُسسٍ راسخةٍ من التقى، وأصولٍ متينةٍ من الصلاح، ولهذا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((الحياءُ كله خير)) رواه مسلم . بل عظّم النبي- صلى الله عليه وسلم- من شأنه فقال: ((إن لكلِّ دينٍ خلقاً، وخلق الإسلام الحياء)) [27]
ويُتأكّد ذلك في حقِّ المرأة، فسِترها رمز حيائها، وحجابُها دليلُ كرامتها. وإذا اختلّ حياءُ المرأة تزلزلت أقدامها، وعصفت بها الفتن، وأصبحت سلعةً رخيصةً تباع بأبخس الأثمان، ويعبثُ بها دهاقنة الفساد، وأئمة الهوى، (وليس لمن سُلِبَ الحياءَ صادّ عن قبيح، ولا زاجر عن محظور؛ فهو يُقدم على ما يشاء، ويأتي ما يهوى ) [28]
وقديماً قال الشاعر:
فلا والله ما في العيشِ خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
----------------
[1]- رواه أحمد (4/429) والبخاري (6/318) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه .
[2]- رواه مسلم
[3]- انظر فتيات الصحابة للشيخ محمد الدويش ص 20 بتصرف .
[4]- رواه ابن ماجه 1/81
[5]- الفتح 1/195
[6]- انظر : منهج التربية الإسلامية 2/311 وما بعده .
[7] الترغيب والترهيب 1/142 .
[8] أخرجه المروزي في " السنة " ورقمه ( 143 ) .
[9] الكبائر للذهبي ص176 ط دار الندوة الجديدة .
[10] رواه البيهقي (7/292) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
[11] ورقمه (4173) .
[12] مسند أحمد (4/413 ) .
[13] الأخلاق الإسلامية ، للميداني 2/581 . وهناك تعريفات أخرى انظرها : المفردات ص339 ، الذريعة إلى مكارم الشريعة ص315 ، الكليات ص656 .
[14] حجرة : أي ناحية ومعتزلة .
[15] متفق عليه .
[16] مفتاح دار السعادة ص 277 .
[17] - رواه أحمد في المسند (6/151) .
[18] مقال في مجلة البيان بقلم الشيخ أحمد الصويان عدد (138) ص 164 .
[19] أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد (1/1399)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
[20] أدب الدنيا والدين، ص 241.
[21] رواه الطبراني وقال الألباني في الصحيحة (226) هذا سند جيد .
[22] شرح صحيح مسلم (2/5) .
[23] متفق عليه .
[24] مفتاح دار السعادة ص 277 .
[25] رواه أحمد في المسند (6/151) .
[26] مقال في مجلة البيان بقلم الشيخ أحمد الصويان عدد (138) ص 164 .
[27] أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد (1/1399)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
[28] أدب الدنيا والدين، ص 241.
ـــــــــــــــــــ(82/57)
المرأة .. ثم عمل المرأة ؟!
د. زيد بن محمد الرماني
لقد باتت قضية عمل المرأة من أعقد القضايا التي طرحت للنقاش منذ أن نالت البلاد الإسلامية استقلالها السياسي من نير الاستعمار الغاشم وإلى اليوم.
وحاول الكثيرون خلع المرأة المسلمة من منهاجها الرباني القويم، مسايرة للمرأة الغربية، ولتكون سهلة المأخذ.
وجنح غير قليل إلى إثارة الشبهات وإبداء المغالطات ليغطوا بها معالم الحق.
واتخذ أرذلوهم من وضع المرأة اليوم في البلاد الإسلامية وسيلة لتبرير مناهج تغريب المجتمعات الإسلامية الحاضرة.
لقد قدّر الإسلام المرأة وأكرم إنسانيتها وقرر حقوقها وآدابها وواجباتها، واهتم برعايتها ومكانتها ودفعها إلى تحمل مسؤولياتها النوعية، وجعل ذلك كله قرآناً كريماً وحديثاً نبوياً، شريفاً، فكانت سورة النساء من طوال المفصل، وسور أخرى مثل التحريم والمجادلة والطلاق قرآناً وتشريعاً وعبادة.
وكذلك انتهجت السيرة والأحاديث الشريفة فيها منهجاً عملياً وفق توجيهات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووصاياه.
ثم، هضم حق المرأة في المجتمع الإسلامي في عصور الانحطاط، من ناحيتين: حرمت من حقوقها الشرعية في العلم والعمل وإبداء الرأي، ومن ناحية أخرى بترت عن وظيفتها التربوية والأسرية، وحصرت في الاستمتاع والاستخدام، فتخلفت عن بناء المجتمع، وضعف دورها فيه حتى أضحت شيئاً لا يعتد به إلا حين متعة الرجل ومصلحته..
ثم، غزيت أفكار المرأة وأسرتها وافتري عليهما بافتراءات شتى، واتهمتا بما ليس فيهما، ونسب الغزاة ذلك كله إلى الإسلام، والإسلام منه براء، إذ استغلوا أوضاعها الاجتماعية المريضة وإهمال مجتمعها لها، وحرمانها من وظائفها وحقوقها، فأعلنوا أن الغرب يمكنه إنصافها ورعايتها وإعطاءها حقوقها، وعمدوا إلى مسائلها الفقهية فشوهوها وإلى مزاياها الشرعية فطمسوها، ثم حاولوا ربطها بالحريات المتفلتة والعمل المضني، والتعليم المختلط والمساواة الزائفة مع الرجل.
وشجعوا على تعليم المرأة وتوظيفها، فاستجابت لهم وأضحى العمل من تطلعاتها، فصار مشكلة اجتماعية لم تعتد عليه، ومشكلة عمالية لا توفق فيه أحياناً إلى اختيار العمل المناسب، ومشكلة أسرية تهدر من أجله بعض واجباتها، ولكنها على كل حال أثبتت جدارتها في بعض المجالات الطبية والتعليمية والنسائية والعملية.
لقد جاء في نتائج استفتاء أجرته مجلة (كلير) في باريس حول مساواة المرأة بالرجل: إن مليونين ونصف امرأة فرنسية مللن المساواة مع الرجل، وإنهن مللن الحياة العصرية، مللن حالات التوتر الدائم طوال ساعات النهار وأغلب ساعات الليل، مللن الاستيقاظ من الفجر خوفاً من أن يتأخرن عن ساعات بدء العمل في المصنع والمكتب مللن الحياة العائلية التي لا يرى فيها الزوج زوجته إلا أثناء العطل أو عند النوم، مللن الحياة التي لا تستطيع فيها المرأة أن تباشر مسؤولياتها الكبرى في تربية أطفالها فهي لا تراهم إلا لحظات خاطفة تكون خلالها مرهقة الجسم خائرة القوى متوترة الأعصاب.
وبعد، فهل يا ترى تعي المرأة المسلمة حقيقة تلك الدعوة المريبة وتلزم تعاليم دينها الذي كرمهاوكفل حقوقها وتقوم بأداء مهمتها في رعاية بيتها وتربية أولادها، فمهمتها ليست بهينة لو علمت ذلك وهي تتذكر دوماً حديث المصطفى إذ يقول - صلى الله عليه وسلم - (... والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها).
zrommany2@Hotmail.com
http://www.aldaawah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/58)
المرأة المسلمة والتحول السياسي
فوزية الخليوي*
تشكل المرأة في العالم الإسلامي النصف أو أكثر! وكان لها خلال العقود الماضية مواقف مشرفة؛ حماية منها لأبنائها، ونصرةً لدينها، ورعايةً لأطفالها، ووفاءً لزوجها...
ولكن طرأ على الساحة السياسية في العقد الأخير تحوّلات سياسية، وحروب طاحنة، وقيادات قمعيّة! والتي ساهمت في توسيع ثقافتها السياسية، وهتك النسيج الاجتماعي للمرأة وتمزيق استقرارها العائلي.. مع ما تعانيه من مستوى حضاري متدنٍ، علاوةً على النظرة الدونية الموجودة في ذهنية الرجل، ومنظومته الاجتماعية والفكرية، وأيضاً وعيها أن هناك قوّة تريد أن تنفرد بالعالم وتهيمن عليه، وتحتكر الرفاهية لنفسها مع تهميشها للجميع.
فمثلاً في العراق: بلغ عدد الأرامل العراقيات أكثر من (مليون و600 ألف) امرأة، وتجاوز عدد الأطفال اليتامى مليوني طفل أعمارهم دون العاشرة!!
وفي فلسطين بلغ عدد الشهيدات حتى عام 2004(208)، والأسيرات حتى عام 2003(77)أسيرة، و87 % منهن عازبات.
وتفيد مصادر مسئولة في(الصليب الأحمر الدولي) عن وجود خمس سجينات في العراق، بعد أن كانت المنظمة الدولية قد أشارت عام 2003 إلى أن عدد السجينات بلغ نحو ثلاثين امرأة فيما يُؤكّد الآن أن عدد السجينات يبلغ حالياً (78). (ميدل إيست 28 -5-2004).
وامتداداً لهذا التحوّل السياسي، حوكمت في اليمن امرأة لنضالها السياسي وانتمائها لجماعة الحوثي! وفي مصر خرجت الآلاف يهتفن "كفاية" بإصرار متجاوزات التحرّش الجنسي الذي تعرّضن له من قبل رجال الشرطة؟! وفي السعودية حرّرت السلطات زوجة قائد تنظيم القاعدة وأبناءها في سابقة فريدة من نوعها، بعد إقحامه لعائلته في المعترك السياسي، وفي باكستان قبضت السلطات على امرأة بتهمة انتمائها لتنظيم القاعدة، أما البقية الباقية من النسوة في البلدان المناضلة فقد سطّرت فيها النسوة أروع الأمثلة في المساهمة في النضال ضد العدو، كحملها الطعام إلى القرى المحاصرة، وتوفير الملابس والغذاء للفاّرين، وتحرير العديد من الشباب وتوفير كمائن، و إنقاذ أعداد من الاعتقال...، وأقلّها تربية أبنائها على التحدي والنضال!!
أما اللواتي لم يدخلن المعترك السياسي فقد كنّ بطريقة أو بأخرى ضحيةً للحروب، فقد أظهرت بعض الإحصائيات التي صدرت عن بعض البلدان التي خاضت الحروب: استخدام العنف الجنسي كأداة من أدوات الحرب، ومن ذلك ما أظهرته(بعثة السوق الأوربية للتقصي عن الحقائق)من أن أكثر من (20,000) امرأة مسلمة تعرّضن للاغتصاب في البوسنة منذ اندلاع القتال عام 1992م.
وكذلك الاغتصاب الذي وقع للمسلمات في كشمير على أيدي الجنود الهندوس(نقلاً عن أمان).
جميع هذه الإرهاصات، ومع ما تتميز به المرأة من عاطفة جيّاشة، مع إيمانها القويّ بالبعث والنشور بعد الموت وما يتبعه من خلود... انصبّت في بوتقة الفداء والتضحية، فاندفعت مرتديةً للأحزمة الناسفة في عمليات انتحارية.
ففي فلسطين قضت (8) نسوة في عمليات استشهادية! وفي لبنان كانت سناء محيدلي عبر المقاومة اللبنانية! وفي موسكو قضت (18) امرأة شيشانية في عملية مسرح قصر الثقافة 10-2002م، وفي العراق على مدى عامين ونصف فجّرت انتحاريات عراقيات أجسادهنّ المفخخة: كان أولها أمام حاجز تفتيش للجيش الأمريكي في مدينة الصويرة 8نيسان2003م، تلاها تفجير انتحارية نفسها قرب رتل عسكري أمريكي في حديثة، ثم انفجار سيارة مفخخة تقودها انتحارية قرب قرية المشاهدة، وصولاً إلى تفجير امرأة ترتدي السواد نفسها أمام جمهور المتطوعين في صفوف الجيش في تلعفر في أكتوبر الماضي، والتي أعلن فيها للمرة الأولى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بزعامة الزرقاوي تنفيذ انتحارية تلك العملية، وتلاها الآن ساجدة الريشاوي المتهمة بالضلوع في تفجيرات فنادق عمّان!!
ونقلت (جريدة الحياة عدد: 15567) إعلان وزارة الداخلية العراقية عن وجود (122) معتقلة بتهمة السعي إلى القيام بعمليات انتحارية، أو توفير الدعم للمسلحين!!
مما يدلل - بشكل قاطع - على استلام المرأة مستقبلاً لمسيرة النضال السياسي المسلح في المنطقة.
----------------------------------------
* عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/59)
عز المرأة في أحضان الإسلام
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
لقد كانت كثيراً من الأمم تستعبدُ المرأة وتذلها، ومنهم العرب في الجاهلية، فكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها تعتد حولاً كاملاً، وتحتدُّ عليه شرَّ حداد، وتلبسُ شرَّ ملابس، وتسكن في أخبث المساكن، ومسكنها يُسمى الجفش، وهو حجرةٌ صغيرةٌ مظلمة داخل البيت، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمسُّ ماءً ولا تُقلِّم ظفراً، ولا تزيل شعراً، ولا تظهرُ للناس في مجتمعهم مدة عامٍ كامل، فإذا انقضى العام خرجت بأقبحِ منظر، وأنتن رائحة، فتؤتى بدابة (حمار أو طير)، وتمسح به قبلها، ثم تنتظرُ مرور كلبٍ لترمي عليه بعرة، احقتاراً لهذه المده التي قضتها، وتعظيما لحق الزوج عليها، ففي الصحيحين: (قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ َقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثلاثاً كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي بها ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ، سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا) فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
وهذه إحدى صور العنتِ والشقاء الذي كانت تلاقيهِ المرأة، ولقد أعزها الإسلامُ ورفع عنها كل ذلك، وفي الوقت نفسه لم يرض الإسلام للمرأة أن تسلك مسالك الجاهلية في التبرج والاختلاط بالرجال، كما كان الحال في الجاهلية وفي كثيرٍ من العصور حتى هذا العصر الحديث، فلقد اتخذ الرجلُ المرأة سلعةً ولعبةً يلهُو بها، فإذا ملَّ منها رماها في سلة المهملات، ولقد استغل الغرب المرأة في كل شيءٍ، وكل ما فعلوهُ أن نقلوا المرأة من استعباد إلى استعباد آخر.
فاستخدم الرجال المرأة مصيدةً لجمع المال، ومطيةً لتحصيل المتعة واللذة، تحت شعارهم المسمى (حرية المرأة)، ولا تحظى بذلك سوى الجميلات فقط، ومن هنُّ تحت سنِ الخامسة والثلاثين، ومن تصل إلى سن الخامسة والأربعين تكون قد انتهى دورها، لهذا أخذت المرأةُ تُطالبُ بمنع استغلالها في الدعاية التجارية، حيث أصبحت المرأة تُستغلُ في الدعاية للمنتوجات والسلع المختلفة، حتى أن منتجي السيارات يستعينون بفتياتٍ شبه عاريات بقصد تنشيط الشراء.
وقد بدأت أفجر الممثلات في الغرب يشعرنَ بسقوط المرأة أمام أقدام الرجل ونفسيته الجشعة، فقد نشرت صحف العالم قبل ما يقرب من عشر سنوات، أن ممثلةً فرنسية كانت تمثلُ مشهداً عارياً، وفجأة ثارت ثورةٌ عارمة، وصاحت في وجه الممثل والمخرج قائلة: (أيُّها الكلاب أنتم الرجال لا تريدون منَّا النساء إلاَّ الأجساد حتى تصبحوا من أصحاب الملايين على حسابنا)، ثم انفجرت باكية، والواقع أنَّ هذه المرأة استيقظت فطرتها في لحظةٍ واحدة، بالرغم من الحياة الفاسدة التي غرقت فيها.
وأعظم من ذلك قضية أشهر ممثلة في عالم الإغراء، والتي أحدثت قضيتها ضجةً في وقتها، حينما انتحرت وتركت رسالة، وعندما فتحها المحققُ وجدها مكتوبةً بخط هذه الممثلة، واسمها (مارلين موزو)، وهي موجهه إلى فتاةٍ تطلبُ نصيحة مارلين موزو عن الطريق إلى التمثيل، فردت عليها مارلين في هذه الرسالة، ووجهتها إلى هذه الفتاة وإلى كل من ترغب في العمل في التمثيل قائلة: (احذري المجد، احذري كل من يخدعك بالأضواء، إنني أتعسُ امرأةً على هذه الأرض، لم أستطيع أن أكون أُماًً، إنِّي امرأةً أفضلُ البيت، والحياة العائلية الشريفة على كل شيء، إنَّ سعادة المرأةِ الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إنَّ هذه الحياةِ العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية، ثم تقول في نهايةِ الرسالة لقد ظلمني كل الناس، وإنَّ العمل في السينما يجعلُ من المرأة سلعةً رخيصةً تافهةً مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة، إنِّي أنصحُ الفتيات بعدم العمل في السينما وفي التمثيل، وإن نهايتهنَّ إذا كنَّ عاقلاتٍ كنهايتي).
ويكاد يجمع كل من زار الغرب من المسلمين، على أنَّ المرأة هناك في وضعٍ مؤلمٍ لا تحسد عليه، لما تعانيه من الشقاء والابتذال في سبيل نيل لقمة العيش، أو رغبتها في أن تكونَ مثل الرجل تماماً، وقد استطاع الرجلُ الغربي أن يستغل ضعف المرأة في هذه الناحية، فسخرها إلى أقصى الحدود في سبيل منافعه المادية وشهواته الجنسية، وقليلٌ من النساء هناك يحتلن مراكز مرموقة، بينما تعيشُ ملايين النساءِ هناك حياةً شقيةً مضنية، أوقعتها في رقٍّ من نوعٍ جديد لم تعرفه المرأة في أي عصرٍ مضى، بل تعدَّى ذلك الشقاء إلى الأسر والعائلات، فلم يعد الزوج يطيق الحياة مع زوجته على تلك الحال، وبدأ الأزواج يهربون من حياتهم الزوجية، وقد أنشئت منذُ زمن هيئة في نيويورك، مهمتها البحث عن الزوجات أو الأزواج الهاربين من بيوتهم، وأعلنت هذه الهيئة أنَّهُ قد اتضح من العمليات التي قامت بها في عام 1952م، أنَّ في الولايات المتحدة سبعين ألف زوجٍ هارب من زوجته، مقابل 15زوجة فقط هاربات من أزواجهن، وأصبح الغرب الآن يرغبُ في الرجوع إلى حياة الأسرة الهادئة، فقد جاء في كتاب (فتاة الرقِّ في حضارة الغرب)، لمحمد جميل بيهم، قوله: (وجدير بالذكر الإشارة إلى أنَّهُ حتى النساءَ اللواتي قُضي عليهن بمغادرة المنزل وراء الكسب، غلب عليهنَّ الأسى والنياحة لهذا المصير، وأكبرُ دليلٍ على ذلك: الاستفتاء الذي قام به معهد غالوب في أمريكا، وهو معهد مهمتهُ الاستفتاءات العامة لتحديد اتجاهات الرأي العام، فقد قام هذا المعهد باستفتاءٍ عام، في جميع الأوساط في الولايات المتحدة، بصدد تعيين رأي النساء الكاسبات في صدد العمل، وإذا هو ينشرُ الخلاصة الآتية: إنَّ المرأة الآن متعبة، وتفضل 65% من نساءِ أمريكا العودة إلى منازلهن، كانت المرأة تتوهم أنَّها بلغت أمنية العمل، أمَّا اليوم فقد أدمت عثرات الطريق قدمها، واستنزفت الجهود قواها، فإنَّها تودُّ الرجوعُ إلى عشها، والتفرغ لاحتضان فراخها).
29/3/1426 هـ
08/05/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/60)
قبل أن تكوني داعية
مريم سعيد
يقول الله - عز وجل - في كتابه العزيز (ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ) [النحل: 125].
جزء من آية يعبر عن معنى عظيم مهما حاول الإنسان أن يغوص في أعماقها ليستخرج المعنى المناسب لها لا يستطيع ويبقى وكأنه على السطح أو على الشط لم يتجاوزه.
ولنحاول أن نأخذ معنى من هذه المعاني الكبرى التي تحتويها الآية العظيمة: (الدعوة إلى الله).
أختاه: أقول لكِ بعض كلمات أرجو أن تغرسيها في قلبك وأن تزرعيها في عقلك وأرجو أن تجد لها مكاناً في قلبك وأن لا يطويها النسيان.
إن المسلم الحقيقي إذا قيل له: ألّف أجساداً تتجمع حولك وعيوناً تنظر إليك وآذاناً تستمع إليك يقول: لا؛ إني أريد أن أؤلف قلوباً تتجمع وعقولاً تعي ويداً تعمل وتبني.
إن هم المسلم الصادق هو كيف يستطيع أن يحول القلب القاسي إلى ينبوع من الحنان يتدفق وإلى شلال من العواطف تنساب، أن يمسح عن القلب الغبار الكثيف الذي خلفه ركام الزمن.
إن أسعد الناس حالاً في هذه الحياة أولئك الذين منحهم الله نفساً جميلة مادة يحبها الناس وتثق بها النفوس وتأنس لها الأرواح.
يا أختاه، إن كثيرات من المسلمات بحاجة إلى قلب وعاطفة ومشاعر فكوني أنتِ القلب لهن وأحبِّيهن بعاطفتك ومشاعرك، إن الإنسان الذي يعيش بلا قلب مؤمن حي ولا مشاعر عفيفة صادقة لا يستحق الحياة، إن المؤمنة الصادقة هي التي لا تفقد قلبها الطفل العطوف، وحتى لو أحست من قِبل أخواتها بقسوة فتتحمل، وليس هناك شيء ذو قيمة حقة يمكن أن يُشترى بلا آلام وأنت تطلبين الجنة!
فإن المسلمة الحقة هي التي تلوم نفسها على التقصير بينما التافهة هي التي تلوم الآخرين، يا أختاه، إن في هذه الأمة مناجم من قلوب لا يحجبها عنا إلا غبار الزمن، فامسحي بيدك على هذه القلوب لتتفتح كالزهور وتورق كالياسمين وهذه هي فراسة المؤمن.
إن الإنسان يقاس بقدر المهمة التي يسعى إليها، فكلما ارتفعت ارتفعت قيمته وسمت، إياك أن تكوني سطحية في الحكم وفي التفكير بل غوصي في الأعماق لتستخرجي اللؤلؤ وإياك أن تهتمي بالأخطاء الصغيرة وتتوقفي عندها لتحكمي على صاحبتها بالفشل (فالأخطاء كالقش تطفو على وجه الماء) فمن أراد البحث عن اللؤلؤ فليغص في الماء ليستخرجه، فإن الشجرة التي تلامس السماء نمت وترعرعت من أصغر بذرة وكما يقولون (ولولا ظلمةُ الأخطاءِ ما أشرقَ نورُ الصوابِ).
لابد أن نسير في طريق الدعوة مهما كانت شائكة، وعلينا أن نقطع الطريق إلى القمة الشاهقة إلى الفردوس الأعلى مهما أدمت أقدامنا الأشواك ومهما جرح كلام المستهترين القلوب.
إنني كم كنت أحزن على ذلك الشباب المستهتر المغرور الذي يظن الحياة للهو والمرح ومرتعاً للميوعة والعبث، أكره منهم تلك الأنانية المفرطة التي تطغى على شخصيتهم وذلك الاستعلاء الفارغ الذي يطل من عيونهم، وتحت مظهرهم الأرستقراطي الجذاب، كنت ألمح نفوساً دنيئة لا يراها أولئك الذين غرتهم الحياة وغرتهم الأموال والشهوات.
إن وجودك - يا أختاه - متمسكة بأخلاق دينك وبمبادئك معجزة تدب على الأرض؛ إذ كيف تشب هذه الفتاة أو هذا الشاب في واقع تذوب فيه الصخور ويصهر فيه الحديد.
وكثير من الناس - وا أسفاه! - ليس لهم من الإنسانية إلا نقاط الالتقاء مع الحيوان، إنني أعرف أن كثيراً من الإخوة والأخوات الشباب عقولهم من أذكى العقول، وقلوبهم من أطهر القلوب، يريدون التذكير والدعوة ليصبحوا عاملين.
ولو كان شبابنا وشاباتنا من هذا الطراز لطوينا حياة التخلف والانهيار التي نحياها في بلادنا.
فيا أختاه، ثقي بنفسك وبإيمانك وبدينك؛ فإن لك لغة مؤثرة لو لامست الصخر الأصم لَلان واستمع، ولتعلمي أن سلب الأجسام أرواحها ليس بأسهل من سلب النفوس غرائزها وميولها، وإني لأعلم أن في هذا مشقة ولكن قد كُتب لهؤلاء العاملين على وجه الأرض في مجال الدعوة أن يعيشوا فيها عيش الأشجار في الصحاري تظلل الناس بوارف ظلها وهي تصطلي حر الشمس.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/61)
زينة المرأة - الحلي
الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان
يباح للمرأة أن تتزين بالحلي مهما كان نوعه، في حدود المشروع، بلا إسرافٍ ولا مباهاة، سواءً من الذهب أو الفضة، أو غيرهما من اللؤلؤ والياقوت، والزمرد والماس ونحوها، ولا فرق في الذهب بين المحلق كالسوار والخاتم، وغير المحلق كالقلادة والقرط، لعموم الأدلة الشرعية، قال - تعالى -: ((أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)) (سورة الزخرف: 18).
وقد أخرج ابن جرير في تفسير هذه الآية عن مجاهد أنَّهُ قال: رخص للنساء في الذهب والحرير وقرأ: ((أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)) يعني: المرأة. وعن علي - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهباً فجعلهُ في شماله، ثم قال: ((إنَّ هذين حرامٌ على ذكور أمتي)) [1].
قال النووي في شرح المهذب: (أجمع المسلمون على أنَّهُ يجوز للنساء لبس أنواع الحلي من الفضية والذهب جميعاً، كالطوق والعقد والخاتم، والسوار والخلخال، ولا خلاف في شيء من هذا) [2].
لكن على المرأة أن تخفي الحلي عن الرجال الأجانب، ولا سيما إذا كان في يدها وذراعها، لأنَّ الحلي زينة والله يقول: ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) (سورة النور: 31).
ويزيد الأمرُ حرمةً وخطورةً إذا ازدادت غلبة الظن في حصول الفتنة.
ومن الملاحظ أنَّ كثيراً من النساء اليوم لا يبالين بإظهار أيديهنَّ وحليهنَّ حتى بين الرجال الأجانب في الأسواق ونحوها، وهذا من تبرجِ الجاهلية الأولى.
وبعض النساء لا يتورعنَّ عن إظهار أيديهن لبعض الصاغةِ ضعاف الإيمان، لأجلِ قياس حجمِ السوار أو الخاتم، أو لنزع الحلي من أيديهن، أو مساعدتهن في لبسها أو نزعها، وهذا أمرٌ محرم، إذ لا يجوزُ للرجل أن يمس أي جزءٍ من بدن المرأة الأجنبية، وهي بهذا الفعل عاصيةً لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى كل منهما التوبة، وقد ورد عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لأَنْ يُطْعَنَ في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأةً لا تحل له)) [3].
فهذا الحديث دليلٌ على أنَّه لا يجوزُ للرجل أن يمسَّ امرأة أجنبية، وهي شريكتهُ في الإثم إذا كانت مطاوعة. ومسُ البدن للبدن أبلغ في اللذة، وأقوى في إثارةِ الغريزة، وإيقاظِ الشهوة من النظر بالعين، وتحريمُ مس المرأة أحد التدابير الوقائية، التي وضعها الإسلام للحيلولةِ دون وقوع الفاحشة، التي تفسد الفرد والمجتمع، وتقضي على العفة والطهارة، وتؤدي إلى الهلاك والدمار.
فعلى المرأة المسلمة أن تراقبَ الله - جل وعلا -، وتعمل بأحكامِ دينها التي فيها خيرها، فلا تمدُّ يدها لرجلٍ أجنبي لا لمصافحة، ولا لقياس حلي، بل عليها أن تحتجبَ الحجاب الشرعي، بستر كل ما يلزم ستره، ومن ذلك الوجه والكفان والذراع، وعلى الصائغ وغيره أن يخافَ الله - تعالى -، ويغض بصره عما لا يحلُّ له النظر إليه، ولا يمسُ امرأةً لا تحل له، فيعاقبُ في نفسه وأهله وماله، نسأل الله السلامة.
ومما يتعلق بموضوع الحلي:
* دبلة الخطوبة:
شاع بين المسلمين في هذا العصر نتيجة التشبه لبس دبلة الخطوبة، وهي عبارةٌ عن خاتم ذهبٍ يلبسه الرجل وعليه اسمهُ في الغالب، وخاتم ذهب أو ماس تلبسهُ المرأة، فإذا خطبها ألبسها الخاتم في اليمنى، وإذ دخل بها نقله إلى اليد اليسرى، وهكذا الرجل يلبسهُ في اليمنى إذا كان خاطباً، وإذا تم الزواج نقلهُ إلى اليسرى [4]، فهذا فيه محذوران شرعيان:
الأول: لبس ما هو محرمٌ على الذكور بالنص والإجماع وهو الذهب، فقد ورد عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: ((نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبع: نهى عن خاتم الذهب)) الحديث [5].
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتماً من ذهبٍ في يد رجل فنزعهُ فطرحه، وقال: ((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده))، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [6].
والأحاديث في هذه كثيرة، وقد نقل النووي في شرح صحيح مسلم، الإجماع على تحريم خاتم الذهب على الرجال [7].
الثاني: إنَّ هذه العادة سرت إلى المسلمين عن طريق التشبه بالكفار، وأعني بذلك النصارى.
يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: (ويرجع ذلك إلى عادةٍ قديمة لهم عندما كان العروس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى، ويقول: باسم الأب. ثم ينقلهُ واضعاً له على رأس السبابة ويقول: وباسم الابن. ثم يضعهُ على رأس الوسطى ويقول: وباسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعهُ أخيراً في البنصر حيثُ يستقر) [8].
فعلى المسلمين البعد عن مشابهة النصارى في هذه الخصلة الذميمة، امتثالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى)) [9].
وعلى التجار من الصاغة والباعة أن يراقبوا الله - تعالى -، فلا يحلُ لهم شرعاً بيع خواتيم للرجال، أو صناعة خاتم الخطبة، لأنَّ هذا إعانةً على التشبه بالكفار، وإعانةً على الإثم، والله - تعالى - يقول: ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) (سورة المائدة: 3).
ثقب الأذن وتعليق الحلق فيها:
يجوزُ ثقب أذن البنت وتعليق الحلق فيها، لأنَّ فيه سد حاجةٍ فطريةٍ عند المرأة وهي التزين، ولا يمنعُ من ذلك حصول الألم الذي يكون نتيجةَ الثقب، لأنَّهُ خفيف، ووقته قليل، وهو لا يفعل غالباً إلاَّ في حال الصغر[10].
وثقب الأذن أمرٌ معلومٌ عند النساء قديماً وحديثاً، ولم يرد فيه نهيٌ لا في الكتابِ ولا في السنة فيما أعلم بل ورد ما يشعرُ بجوازهِ وإقرار الناس عليه.
فقد ورد عن عبد الرحمن بن عابس قال: سُئل ابن عباس: أشهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، ولولا منزلتي منهُ ما شهدتهُ من الصغر، فأتى العَلَمَ الذي عند دار كثيرٍ بن الصلت، فصلى ثُمَّ خطب ولم يذكر آذاناً ولا إقامة، ثُمَّ أمر بالصدقة، فجعل النساء يشرن إلى آذانهن وحلوقهنَّ، فأمر بلالاً فأتاهن ثم رجعَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي لفظ للبخاري عن ابن عباس أيضاً قال: ((أمرهنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة، فرأيتهنَّ يهوين إلى آذانهنَّ وحلوقهن)) [11].
فهذا فيه دليلٌ على جواز ثقبِ أذن المرأة لتجعل فيه الحلي، وإن كان ليس نصاً في الموضوع إذ يحتمل أنَّهُ شُبِكَ في الرأس أو في الأذن بدون ثقب، لكن ترك الإنكار عليهنَّ يصلحُ أن يكون دليلاً، فعدم النهي يدلُ على الجواز، والله أعلم [12].
----------------------------------------
[1] أخرجه أبو داود (11/107)، والنسائي (8/160)، وابن ماجة (2/1189)، وأحمد (1/115) قال الألباني: ورجال إسناده ثقات غير أبي أفلح الهمداني. وثقه ابن حبان وقال ابن القطان: مجهول. لكن له شاهد من حديث أبي موسى وابن عباس وابن عمر. ثم ذكرها. راجع: غاية المرام ص64، والتلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني (1/64). الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية.
[2] شرح المهذب (6/40).
[3] قال المنذري: (رواه الطبراني والبيهقي. ورجال الطبراني ثقات الرجال الصحيح). انظر (3/39) الترغيب والترهيب طبعة الحلبي. وانظر: الصحيحة للألباني رقم 226.
[4] المرأة المسلمة أمام التحديات: أحمد الحصين ص128.
[5] أخرجه البخاري (10/315)، ومسلم (14/274)، والترمذي (8/93)، والنسائي (4/54).
[6] أخرجه مسلم (4/310).
[7] شرح صحيح مسلم (4/310).
[8] آداب الزفاف للألباني ص123، الطبعة الرابعة. المكتب الإسلامي.
[9] أخرجه الترمذي (7/472)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (2/246). وانظر: فتح الباري (11/14).
[10] انظر: تحفة المودود لابن القيم ص125، ط المكتبة العلمية بالمدينة، والآداب الشرعية لابن مفلح (3/341)، والإنصاف (1/125).
[11] أخرجه البخاري (13/303).
[12] انظر: فتح الباري (10/331).
6/4/1426 هـ
15/05/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/62)
شبهات أثيرت في قيادة المرأة للسيارة
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
لا تزال دعواتٌ تخرجُ من هنا وهناك، تدعو إلى قضايا معينةٍ، أصبحتْ هي موضوعَ حديثِ الناسِ في مجالسِهم، ومدارَ كلامِهم في منتدياتهِم، وكلٌّ يطرحُ وجهتَه، ويدلي بدلوِه ليُقنعَ الآخر بجدوى قناعاتِه، لذا سنطرحُ الآراءَ في هذه القضيةِ وننظرُ إليها بعينِ الإنصافِ والتجردِ ونطرحُ الأهواءَ جانبا، ويكونُ هدفُنا هو الوصولُ للحق، نبتغي بذلك وجَه الله - تعالى -والدارَ الآخرة.
تُطالعُنا الصحفُ بين كلِّ حينٍ وآخر، بقضيةِ قيادةِ المرأةِ للسيارةِ، ويحقُ لنا أن نتساءلَ قبل أن نبدأَ الحوار، هل قضيةُ قيادةِ المرأةِ للسيارةِ هي أهمُ قضيةٍ نحتاجُها الآن؟!! أليستْ هناك قضايا أهمَّ وأولى بالطرحِ من هذه القضية؟ أليستْ قضيةُ العنوسةِ مشكلةً ضخمةً للغاية تحتاجُ إلى وقفةٍ جادةِ من المسؤولين؟ أليستْ قضيةُ الطلاقِ والمطلقاتِ وما يواجهْنَه من مشاكلَ ومصاعبَ تحتاجُ إلى علاج؟! كم نسبةُ النساءِ المطلقاتِ في مجتمعنا؟ هل طُرحتْ مشاريعُ لحلِ مشكلاتهِن وإثارةِ قضاياهن؟! كم عددُ الأرامل، ماذا قدم المجتمعُ لهن؟! فيا سبحان الله!! تناسينا كلَ هذه القضايا المصيريةِ، والتفتنا إلى قضيةٍ جانبية؟!.
وأقول كما قالتْ إحدى الكاتباتِ في جريدةِ الجزيرة: (إني أقولُ لمن يطرحون هذه القضية، أنتم إنسانيون للغاية تحملون كافةَ أعباءِ وهمومِ المرأةِ على عاتقِكم، وكلَّ ما يتعلقُ بها من قضايا ومسؤوليات، فهي شغلُكُم الشاغلُ بالفعلِ، ولكنْ هل مشكلاتُ وقضايا المرأةِ في العالم جميعُها حلت وأصبحت في أحسنِ حال، فلم يبق غيرُ مسألةِ قيادةِ السيارة؟ وهل قيادةُ السيارةِ غايةٌ أم وسيلةٌ في حدِ ذاتها؟ وما هي القيمةُ العظيمةُ التي تعطيها رخصةُ القيادةِ للمرأةِ حتى نقولَ إنَّ المرأةَ السعوديةَ حُرمتْ منها؟ وهل لديكم أدنى فكرةٍ عن وضعِ النساءِ في العالم؟ والمرأةُ السعودية أبعدُ ما تكونُ عما يحدثُ لنساءِ العالمِ من اعتداءٍ صارخٍ ونهبٍ للحقوق، والمرأةُ في هذه البلادِ تُدركُ جيداً أنها غاليةٌ ومعززةٌ ومكرمةٌ، فمعاملاتهُا تسيرُ في الجهاتِ الرسميةِ أولاً لأنها امرأةٌ، ولا تقفُ في الطابورِ لأنها امرأةٌ، وتتعاملُ معها الدولةُ وكافةُ الجهاتِ الرسميةِ بكثيرٍ من الاحترامِ والتقديرِ والمراعاةِ لكونهِا امرأةً، فتمثلُ قيمةً لدى حكومتِها ولدى أسرتهِا، فهي محاطةٌ بهالة من القدسيةِ والعفةِ والاحترامِ، ولذلك المرأةُ السعوديةُ أكثرُ نساءِ العالمِ غلاءً في مهورِهن مما شكَّل مشكلةً وعقبةً رئيسيةً أمام الراغبِ في الزواجِ، وأوجد مشكلةً العنوسةِ..) انتهى كلامُها.
لقد طالعتْنا الصحفُ ببعضِ ما استدل به المؤيدون لقيادةِ المرأةِ للسيارةِ، كقولهِم قيادةُ المرأةِ للسيارةِ ضرورةٌ من ضروراتِ العصرِ، ومطلبٌ من متطلباتِ الحياةِ، والسؤالُ الذي يطرحُ نفسَه بنفسِه، هل العصرُ والحياةُ أدلةٌ شرعيةٌ تتحكمان في حياتِنا وشئوننِا، بحيثُ ما أحله العصرُ أو ارتضاه أهلُه يكون حلالاً، وما حرمتْه الحياةُ أو أبغضَهُ الناسُ يكون حراماً؟ أم أننا متعبدون بدينٍ ربانيٍ، و منهجٍ إيماني.
وهل كلُّ ما كان من ضرورياتِ العصرِ يكونُ حلالا؟ إذن ما تقولون في الربا الذي ضرب بجذورِه في بلادِ العالم كافةً، هل سيكونُ حلالا؟ يقول الله - تعالى -: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)).
ونحن أيضاً إذا أردنا أن نُحَكِّمَ العصرَ والحياةَ - جدلاً - في قيادةِ المرأةِ للسيارةِ، فإننا سنجدُ أنَّ قيادةَ المرأةِ للسيارةِ ستسببُ مشكلاتٍ عديدةً والدليلُ على ذلك ما يلي:
- تسجلُ الإحصاءاتُ المروريةُ الرسميةُ أنَّ هناك تصاعداً في خطورةِ حوادثِ الطرقِ داخل المملكة، هذا الإحصاءُ والنساءُ لم يقدْن، فكيف إذا قادتْ النساءُ فكم ستصبحُ حوادثُ المرور؟ وكم سيكونُ عددُ الضحايا؟
وقد أكدتْ الدراساتُ في شتى دولِ العالمِ أن خمساً وثمانين بالمائةِ من أسبابِ الحوادث ترجعُ إلى السائق؟ مع العلمِ أن الرجلَ أثبتُ قلباً، وأقوى إرادةً، خاصةً في وقتِ الأزماتِ، فماذا سيكونُ الحالُ مع قيادةِ المرأةِ الرقيقةِ الناعمة؟!!
ومما استدلوا به أيضا قولهُم: إن قيادةَ المرأةِ للسيارةِ في هذه البلادِ لن تكونَ كغيرِها من بلاد العالم، بل يحكمُه نظامُ، وقانونٌ يحفظُ لنا نسائَنا من الاختلاطِ والسفورِ، فيقالُ: هل إذا خرجتْ المرأةُ لقيادةِ السيارةِ نستطيعُ أن نقولَ لها: عليكِ بالحجابِ الشرعي؟ وإياكِ أن تسافري إلى مدينةٍ أخرى بدون محرم؟ وإياكِ أن تخرجي من بيتِكِ إلا للضرورة والحاجةِ الماسةِ وبإذنِ زوجِكِ؟ وإذا اشتُرط أن يكونَ عمرُها أربعين سنة فهل كلُ امرأةٍ ستوقفُ ويسألهُا رجلُ المرور، كم عمرُكِ؟ ونقولُ للشباب إياكم أن تؤذوا السائقاتِ بالمطارداتِ أو المعاكساتِ لأنهن أخواتُكم في الله!! وإذا كانتْ النساءُ مع السائقين لم يسلمْن من مطارداتِ الشبابِ والمواكبِ التي أصبحتْ ظاهرةً في المجتمعِ، فكيف إذا كانتْ لوحدِها؟ وهل نمنُعها من الخروجِ خارجَ المدنِ أو الأماكنِ النائية خشيةَ أن تتعطلَ المرأةُ في مكانٍ بعيدٍ فتصبحُ هدفاً للذئابِ البشرية، ماذا سيقولُ المطالِبون بالقيادةِ أمام هذه الإشكالاتِ التي ستقعُ وهل يمكنُ حلُها؟!!
ومما ذكره المطالبون للقيادةِ أنه يمكنُ أن تقودَ المرأةُ وهي محجبةٌ!! والواقعُ يكذبُ هذا القولَ ويبطلُه، لأن من قادتْ من النساء سوف تكشفُ وجهَها لتحذرَ عقباتِ الطرق، ومغباتِ الحوادث، وعلى فرضِ أنه يمكنُ تطبيقه في ابتداءِ الأمرِ، هل سيستمرُ أم يتحولُ بعد فترة وجيزة؟ يوضحُ ذلك ما ذكرتْه صحيفةُ الشرقِ الأوسطِ الصادرةِ في عامِ ألفٍ وأربعِمائة وتسعةَ عشر في شهرِ ربيعٍ الأول في اليومِ الخامس، وفيه: (أن إدارةَ المرورِ في قطر سنتْ قانوناً يمنع النساءَ المنقباتِ من قيادةِ السيارات.
وقالتْ الصحيفة: إن الإدارةَ العامةَ للمرورِ التابعةَ لوزارةِ الداخلية سنتْ القانونَ الجديدَ بقصدِ تجنبِ تَخفي البعضِ من النساء أو الرجال تحت النقابِ للقيامِ بأعمالٍ مخالفةٍ للقانون؛ ومنهم فئةُ صغارِ السنِ من الشباب غيرِ المسموح لهم باستصدارِ رخصِ قيادةِ السيارات، حيث يتخفون في زيِ المنقباتِ ويقومون بقيادةِ السياراتِ، مما يؤدي إلى أضرارٍ بالغيرِ في الشارع ".
فماذا يقولُ المطالبون بقيادةِ المرأةِ بهذا التصريحِ من بلدٍ عربيٍ مجاور؟!! أرأيتم كيف أصبحتْ القيادة سبباً لإسقاطِ الحجاب!!
ومما قالوه أيضاً أنَّ النساءَ قد ركبْنَ في زمنِ النبي r الإبلَ لوحدِهن ولم يُنكَرْ عليهن، وهذا الكلامُ لا دليلَ عليه، فلم يثبتْ في دليل، ولا توجد حادثةٌ تشهدُ لقولهم بل بالعكس؛ فإنَّ من يراجعُ أحاديثَ النبيِ r وسيرتَه يتضحُ له أنَّ النساءَ كن يركبْنَ متستراتٍ في الهودجِ على ظهورِ الإبلِ، ويقودُ بهن أحدُ الرجالِ من محارمهنَّ كما روى البخاريُ، أنَّ النبيَ r كان من سيرتِه أنَّهُ يخرجُ بإحدى نسائِه في غزواتِه، ويجعلُها تركبُ في الهودج، ويأمرُ أحداً يقودُ بها البعيرُ أو من المماليكِ، أو يركبْن رديفاتٍ لأحدِ محارمِهنَّ، أي خلف ظهرِه، كما في البخاري أنَّ النبيَّ r أمر عبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكر الصديق أن يردفَ عائشةَ، ويعمرَها من التنعيم، وعلى التسليِم أنها تقودُ الجملَ، فيا أيها العقلاءُ هل هناك مقارنةٌ بين الجملِ والسيارة، أليستْ السيارةُ تحتاجُ إلى أوراقٍ ثبوتية، وتأكدٍ من هويةِ السائق، إضافةً إلى ما يترتبُ عليها من الحوادثِ المتلفةِ للأنفسِ والممتلكات، ولما تتطلبُه قيادتهُا من الفنِ والمهارةِ، وقد جُعلتْ لها أقسامٌ دوريةٌ وجهاتٌ رسمية، لم تجعلْ للجمالِ والبغالِ والحمير!!
وذكر بعضُهم أيضاً بأنَّ قيادةَ المرأةِ سيكونُ مثلُ تعليمِها؛ حيث عارضهُ البعضُ في بدايةِ أمرهِ، ثم تقبلوه تدريجياً، ونقول شتان بين الأمرين، فتعليمُ المرأةِ المسلمةِ أمرٌ رغبَ فيه الشرعُ، والذين عارضوا أمرَ التعليمِ في أولِ الأمر لم يعارضوه لذاتِه، كما يتوهمُ البعضُ أو يتغافلُ، إنَّما عارضوه لأنَّهم خشوا أن يكونَ حالُه كحالِ تعليمِ النساءِ في الدولِ الإسلاميةِ الأخرى؛ حيثُ الاختلاطُ والموادُ الفاسدة، فلما تيقنوا أنَّ هذا لن يحدث، وأنَّ التعليمَ سيرتبطُ بعلماءِ الشريعةِ، وسيكونُ مستقلاً اطمأنوا لذلك، فأين تعليمُ المرأةِ المسلمةِ التي تخرجُ من بيتِها بحجابٍ كامل، إلى مدرسةٍ خاصةٍ ببناتِ جنسِها مغلقةِ الأبواب، وعليها الحراس، وتدرسُ موادَ نافعة، من قيادةِ السيارةِ وما فيها من المفاسد؟!!
ومما قالوه أيضا: أنَّ هناك أُسراً لا يوجدُ من يعولهُم، وأراملُ لا ولي يقومُ على شؤونهِم، والسماحُ لنساءِ هؤلاءِ بالقيادةِ فيه دفعٌ لحاجتِهم، وتخفيفٌ لضرورتهِم، ويقالُ لهؤلاء إنَّ الأراملَ والمحتاجاتِ في المجتمع لن يستفدْن من السماحِ للمرأةِ بقيادةِ السيارة شيئا، لأنَّ غالبَهن لا يستطيعن شراءَ السيارةِ فضلاً عن تحملِ تبعاتهِا، لكونهنَّ لا يستطعنْ تحملَ تبعاتِ بيوتهِن أصلاً!! وإذا كانتْ أمهاتُ الأسرِ الفقيرة بحاجةٍ إلى القيادةِ فليحضرْن سائقاً يقضين به ضرورتهَن مع عدمِ الخلوةِ بهن بحالٍ من الأحوال، مع العلمِ أنَّه قد وفر الكثير من حاجات النقل الضرورية، فالتعليمُ العامُ والجامعيُّ تتوفرُ فيه حافلاتُ نقلٍ مجانية، والمستشفيات فد وُفرتْ لها سياراتُ الإسعافِ لنقل المرضى من أي مكانٍ في البلدِ إلى المستشفيات، فضلاً عن الجمعيات الخيرية التي تقومُ على الأسرِ المحتاجةِ، والترابطِ الاجتماعي المتميزِ في هذا البلدِ، بين غالبِ الأقاربِ والجيران.
ومما قاله المطالبون بالقيادِة قولهُم: إنَّ قيادةَ المرأةِ خيرٌ لها من الخلوةِ بالسائقِ الأجنبي!!
ومن تأمل بعينِ الإنصافِ والتجردِ علم أن كلاَ الأمرينِ فيهما ضررٌ وأحدُهما أضرُّ من الآخر، ولكن ليس هناك ضرورةٌ توجبُ ارتكابَ أحدِهما، فقيادةُ المرأةِ للسيارة مفاسدُها أعظم، وخطرُها أكبرُ، فالشرعُ عندما حرم الخلوةَ بالمرأةِ إنما حرمها سداً لذريعةِ الفساد، لكنَّ القيادةَ يلزمُ منها الوقوعُ في الحرامِ، ككشفِ الوجه، ونزعِ الحياء ـ والحياءُ من الإيمان ـ وسببٌ لكثرةِ الخروج من المنزل ـ والبيتُ خيرٌ لها ـ كما قال r، وفتحُ البابِ على مصراعيه لها، بحيثُ تخرجُ متى تشاء، وإلى مَنْ تشاء، وحيث شاءتْ، وتمردُها على زوجِها وأهلِها، فلأدنى سبب يُثيرُها في البيتِ تخرُج منه، وتذهبُ لسيارتهِا إلى حيث ترى، وكذا مطالبتُها بصورتهِا في رخصةِ القيادةِ للتحققِ من هويتِها، وكما أنها سببٌ للفتنة في مواقفَ عديدة: في الوقوفِ عند إشاراتِ الطريق، وعند نقطِة التفتش، وفي الوقوفِ لملءِ إطارِ السيارةِ بالهواء، وفي الوقوفِ عند محطاتِ البنزينِ، وفي الوقوفِ عند رجالِ المرورِ عند التحقيقِ في مخالفةٍ أو حادث، وفي الوقوفِ عند خللٍ يقعُ بالسيارة أثناء الطريقِ، فتحتاجُ المرأةُ إلى إسعافِها، فماذا تكونُ حالتُها؟ وربما تصادفُ رجلاً سافلاً يساومُها على عرضِها في تخليصِها من محنتِها، لا سيما إذا عظمتْ حاجتُها حتى بلغتْ حدَّ الضرورة، وهل يتوقعُ أن الأسرَ ستستغني عن السائقِ الذي اعتادتْ تكليفَه بشراءِ حوائجِ البيت، وإيصالِ من شاءوا وسط الليلِ، وغسيلِ السيارات وأفنيةِ المنازل، وتعبئةِ اسطواناتِ الغاز وحملِها، إلى آخر القائمة المعروفة، هل ستستغني الأسرُ عنه وقد اعتادتْ عليه، لتقومَ نساؤُها بذلك، وهل ستقومُ النساءُ مقامَه في توصيلِ من يريدن؟ إن معظمَ الشبابِ يتثاقلون عن خدمةِ أهاليهم وتحريكِ سياراتهِم لأقرب مكان، فما الظنُّ بالنساء؟!! ثم إنَّ واقعَ الدولِ القريبة منا يشهدُ بهذا، حيث قادتْ نساؤُهم وبقي السائقون في بيوتهِم!! فاجتمع الضرران.
وقالوا: ألا تروْن أننا بالسماحِ بالقيادةِ نتخلصُ من الضغوطِ الكثيرة التي تتعرضُ لها بلادُنا من الغربِ، بخصوصِ قضيةِ المرأة، فنرتاحُ بعدها، ونتنفسُ الصعداءَ من هذا الشدِ والتأزمِ الذي نعيشُه، ونقولُ: هيهات أن يكونَ ذلك!! لأن الغربَ كلما زدتَّ له انبطاحاً زاد ضغطاً في أمورٍ قد لا ترضونها سياسياً ولا شرعيا!! وقد أخبرنا اللهُ عن حقيقةٍ ينبغي أن لا تغيبَ عن أذهاننِا وأن لا نحاولَ خداعَ أنفسِنا بتجاهِلها، وهي أن الغربَ لن يرضى عنا دون الكفرِ باللهِ - تعالى -، فهل ترضون بهذا؟!! يقولُ الله - تعالى -: ((وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ)) (سورة البقرة: 120).
فلا تحلم برضا الكفارِ أو تخفيفِ الضغوطِ ما دمت على الإسلامِ، وليكنْ لنا عبرةٌ بحال تركيا، فهاهي قدمتْ التنازلاتِ تلو التنازلات التي لا تخفى على متابعِ، فعلمَنَتْ البلاد، وحاربتْ مظاهرَ الإسلام، وكل هذا لتُرضيَّ الغربَ النصراني وتتذللَ له أن يقبلَها عضوا في الاتحادِ الأوربي، ولكن ماذا كانتْ النتيجةُ إلى يومنا هذا؟ اسمع ذلك في هذا الخبرِ نشرتْه مجلةُ المجتمع في عددِها ألفٍ وخمسِمِائة وعشرة: (أكد جونتر فرهويغن مسؤولُ شؤونِ التوسعِ في لجنةِ الاتحادِ، عدمَ وجودِ خططٍ أوربيةٍ حاليةٍ لمنحِ تركيا موعداً ـ مجردَ موعدـ لبدءِ مباحثاتِ العضويةِ مع الاتحاد)!! والسببُ أن تركيا إلى الآن لم تعلنْ نصرانيتَها حتى يرضى الغربُ عنها كما أخبرنا - تعالى -، لهذا ينبغي أن يعلمَ العقلاءُ في بلادِنا أنهم إذا تنازلوا في هذا الأمرِ سيجدون أنفسَهم أمام قائمةٍ طويلةٍ من التنازلات التي لا تنتهي، ولكن إن هم اتقوا وصبروا ولم يتنازلوا في هذا الأمرِ، سيجدون أن اللهَ ينصرُهم ويفرجُ عنهم أزمتَهم، وأن الغربَ يملُّ ويكلُّ وييأسُ، ويتحققُ فيهم قولُه - تعالى -: ((وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا)) (سورة الأحزاب: 25).
هذا جلُ ما استدل به المطالبون بقيادةِ المرأةِ للسيارة، وليعلمْ الجميعُ أن في تحقيقِ هذا المطلبِ مفاسدَ عظيمةً تعودُ على الفردِ والمجتمع، وفيه أيضا تفريطٌ في حق البيتِ والأولادِ، ونحن نرى الآن الثمراتِ المرةَ لخروجِ المرأةِ للعملِ، فأصبحتْ التربيةُ والحضانةُ في كثيرٍ من بيوتِ الموظفاتِ من مهماتِ الخدم، وغالبُهم من الأعاجِم الذين لا يحسنون تربيةَ الأولاد، وربما كانوا من النصارى أو الوثنيين، وهنا تكونُ المصائبُ الثلاث: الأولى أنَّ الأبَ لا يقومُ بشؤونِ بيتِه، والأم لا تقومُ بشؤونِ منزلهِا، والأولادَ بيدِ الخدم، ومن ثم على المجتمعِ السلام، ولعلي أعرضُ لكم مقولةً لمن جربوا هذا الأمرَ وذاقوا مرارتَه، وهي دولةٌ خليجيةٌ مجاورة تقولُ صحيفةُ البيانِ الإماراتية ِ: ( تغيرتْ الحياةُ بشكلٍ كبيرٍ وملحوظ، وأثرُ هذا التغييرِ على كلِ فردٍ من أفرادِ الأسرةِ، الزوجِ والزوجةِ والأبناءِ، وجاء هذا التغييرُ لصالحَ فردٍ معين في الأسرةِ على حسابِ فردٍ آخر، أو بمعنى آخر أنَّ الرجلَ ارتاح كثيراً في هذه الحياةِ، مقارنةً بالمرأةِ التي خرجتْ لميدانِ العمل تشاركُ الرجلَ همومَ الحياةِ من الناحيةِ الماديةِ والمعنويةِ أيضا.
وإني أتساءلُ!! أليس للعلماءِ قيمةٌ في هذا البلدِ؟ أليس هناك جهاتٍ رسميةً من قبلِ ولي الأمرِ، قد بينوا فيها رأيَهم، ووضحوا فيها حرمةَ قيادِة المرأةِ للسيارة، أيحقُّ لغيرِهم من الكتابِ والصحفيين أن يتكلموا في القضايا المصيرية للأمةِ بعد أن فصل العلماءُ فيها؟
ألم يأمرْ اللهُ - عز وجل - بالرجوعِ لأهلِ العلمِ كما قال - تعالى -: ((وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)) (سورة النساء: 83)
فلماذا يسمحُ لهؤلاء بالحديثِ والكلام؟!!
فإنني أوجهُ عامةَ الأمة بما يلي:
أولاً: الله َاللهَ أن يؤتى الإسلامُ من قبلكَ، لا تكنْ ممن يساهمُ في نشرِ الرذيلةِ بين المؤمنين، أين كان موقُعك، وفي أيِ مكانٍ كان منصبُك، فإن هذه المناصبَ كلَّها ستزولُ، ومصيرُك أن تقفَ بين يدي اللهِ - تعالى -فما جوابُك أمام الجبارِ حين يسألُك: لم ألزمتَ الأمةَ بهذا البلاء؟ لم ساعدتَ وكتبتَ وشهدتَ عن أمرٍ بين العلماءُ حُرمتَه وضررَه؟ فتذكر هذا الأمرَ ولا تكنْ عوناً للشيطانِ وحزبِه على إخوانِك المؤمنين.
ثانياً: على الجميعِ بلا استثناءٍ أن يكتبوا ويبرقوا ويناصحوا المسؤولين برفضِ هذا الأمرِ، وأنَّه لا يمكنُ السكوتُ عليه، لأنَّه بوابةٌ لشرورٍ كثيرة، وإذا انفتح هذا البابُ فعلى الأمة السلام.
ثالثاً: على العلماءِ وطلابِ العلمِ أن يتقوا اللهَ - تعالى -ويبينوا الحقَ للناسِ ويناصحوا المسؤولين ويكتبوا بياناً عاماً للأمةِ، يوضحوا فيه خطورةَ الموضوعِ، وأثرَه الفاعلَ في فسادِ نساءِ المجتمع، وألا يقفَ الأمرُ على الكتابةِ فقط، بل المطالبةِ الأكيدةِ والإصرارِ الشديدِ على رفضِ الفكرةِ من أصلها.
رابعاً: نشرُ كلِ ما يتعلقُ بالموضوعِ لعامةِ الأمةِ سواءٌ كان ذلك عبرَ شريطٍ أو مطويةٍ أو كتابٍ لتوضيحِ حقيقةِ الأمرِ وأبعادِه الخفية.
خامساً: اللهَ اللهَ بالدعاءِ أن يحفظَ لهذا المجتمعِ ستَره وعفافَه، وأن يردَّ كيدَ الأعداءِ في نحورِهم.
سادساً: على جميعِ المشاركين في تأييدِ قيادةِ المرأةِ للسيارة والساعين لاستصدارِ القرارِ أن يتقوا الله في أمتِهم، لأن الأمةَ ستقفُ لهم خصماً يوم القيامةِ، ولن تنفعَهم المناصبُ يوم العرضِ الأكبرِ على اللهِ، بل سيرفعون أكفَ الضراعةِ إلى اللهِ أن ينتقمَ ممن كان وراءَ هذه المنكراتِ، بأن ينزلَ به المثلات، وأن يجعلَه عبرةً لمن خلفه ممن يفكرُ أن يسلكَ مسلكه.
سابعاً: على كل وليٍ من الأولياءِ القيامُ بخدمةِ أهليهم وقضاءِ حوائجِ أخواتهِم درءاً لفتنةِ السائقين، وسداً لذريعةِ القائلين بقيادةِ المرأة للسيارة.
وأخيراً على الجميعِ أن يتقوا عقوبةَ اللهِ إن سكتوا عن هذا الأمرِ ولم يجاهدوا في إنكاره وإسكاتِ كلِ من يثيرُه، ولْنحذرْ عقوبةَ الله، فالساكتُ عن الحقِ شيطانُ أخرس، ((واتقوا فتنة لا تصيبين الذين ظلموا منكم خاصة)).
13/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/63)
كيف تكونين منتجة ونافعة ؟؟
النجاح والفاعلية والإنتاج هدف كل إنسان بل وإن كان الإنسان فاشلا لا يريد أن يسمع أنه فاشل فتعالي معي أخيتي وتأملي في كل مرحلة من هذه المراحل للنجاح.
أولا: ابدأي بنفسك أنت المبتدأ وأنت المنطلق والإنتاج فأول طريق النجاح في الحياة النجاح في إدارة ذاتك والتعامل معها ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) تأملى يقول الله حتى يغيروا أنفسهم ما بأنفسهم فابدأى بالنقد الذاتي لنفسك وتنمية مواهبك.
ثانياً: ثقى بنفسك ولا شئ أضر على الإنسان من عدم ثقته بنفسه ولا شئ يهدم الثقة بالنفس أكثر
من الجهل بها وعظم الجهل بنفسك احتقارها ومنعها من المبادرة والإيجابية ولا نقصد بالثقة
الكبر والغرور فالصالح للكتابة مثلا لم يكن أديبا في عشية وضحاها بل ابدأى وبادرى وجربى
في محيط صغير ثم في أكبر وأكبر حتى تصبحين أديبة بارعة وكذلك المدير الناجح والتاجر الناجح.
وقفة
قارنى نفسك برجل كان عبدا أسودا أعورا أفطسا وأعرجا وأشل ثم عمي هل هو أحسن منك في شئ لا..لكنه رجل ناجح إنه عطاء بن أبي رباح كان مفتي مكة بأكملها وهذا لم يأتي من فراغ بل من علم وطلب علم ومجالسة ومزاحمة وإيجابية.
ثالثاً: صارحي نفسك خذي ورقة واكتبي قدراتك ومهاراتك ومميزاتك وقارني بين العمل وهذه الطاقات.
رابعاً: طوري نفسك بعد تحديد نقاط القوة والضعف طوري نفسك واعلم أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل وتذكري من لي بمثل مشيك المدلل تمشي الهوينا وتجئ في الأول
خامساً: كل أمر تريدين أن تنجحي فيه مارسي ومارسي فيه حتى تبدعي فيه فالممارسة وسيلة للنجاح.. والنجاح سيكون نصيب المتقدم والممارس فهذا بن حزم يكتب في كتابه مداواة النفوس 10 عيوب كانت فيه تخلص منها.
سادساً: النجاح مرهون بقوة الإرادة ما لم يكن عندك إرادة أنت فاشلة وصاحب الإرادة يتحكم في سلوكه ويوجه أهدافه وغاياته قال - تعالى -((ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة))..
القضية قضية إرادة فلو أرادوا لجاهدوا وأصحاب الإرادة جاهدوا والإرادة هي قوة مركبة من الحاجة والميل والأمل، فالمريض محتاج للعلاج وعنده رغبة وميل للعلاج وعنده أمل في الشفاء لذلك كان عنده إرادة وهذا نصف العلاج.
سابعاً: تخلصي من أمراض الإرادة فالتخلية قبل التحلية وأمراض الإرادة
1- فقد الاندفاع.. إنسان يريد أن يخطب أو يتعلم لكنه فاقد الاندفاع.
2- زيادة الاندفاع.. الفعل بدون بحث ودراسة وعلم وروية لا يؤدي نتائج حتى لو أدى إلى نتائج لكنها ليست المطلوبة فالعجلة غير مطلوبة.
3- ضعف مستوى التدين.. عدم فهم الدين كما هو فهو يفهم الدين أنه تقوقع أو عمائم أو طقطقة مسابح أو همهمة أذكار.
الدين دين كفاح دين عمل دين جهاد ونجاح..
وكيف تريدين أن تنجحي وأنت ضعيفة الإيمان ضعيفة الاتصال بالله وليس لك وقفات للخلو مع مالك الملك.
4- المجتمع والصحبة.. المجتمع والأصحاب الذين تعيشين معهم إذا كانوا لا يعينونك على النجاح بل يثبطونك فالنجاح محال أنت تبني وغيرك يهدم وهذا يحتاج منك أن تهندسي نفسك مع هذا المجتمع وكيف تتعايشين معه وتمضي قدما.. وقفي أخيتي مع حديث قاتل الـ 99 كانت نجاته تغير المكان السوء).
ثامناُ: قوي إرادتك.. وكيف تقويها؟
.. لتعلمي أولا أن الله هو و حده الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وتأملي أخيتي وقفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، عندما كلمه عمه في شأن الدعوة وقريش والله يا عم قوة لا تضاهيها قوة ونقوي إرادتنا بأمور منها
1- اقنعي نفسك لا تكوني مترددا.. تدرسين أولا تدرسين.. تحفظين أو لا تحفظين..
2- ثقفي ذهنك إقرأي كثيرا ليكن زادك بالليل والنهار..
3- حببي إلى نفسك النظام في بيتك ومسجدك وعملك وحياتك كلها واحفظي هذه الحكمة ضعي كل شئ في مكانه، وتأملي كم تضل عندما تبحثين عن شئ في بيتك ومكتبتك..
4- احرمي نفسك شيئا اعتادته.. الحلوى مثلا بعد الأكل.. النوم في أوقات من اليوم.. الطعام.. غيري مجرى حياتك.
5- ابتكري وأبدعي وأت بجديد ولا تقولي لا جديد وليكن شعارك وإني لآت بجديد ولا تقولي لا جديد وليكن شعارك وإني لآت بما لم تستطعه الأوائل..
6- تعرفي على شخصيات ناجحة وخالطيهم واقرأى عنهم من جميع المجالات..
7- غيري بيئتك والسفر له فوائد عديدة..
8- حددي هدفك وليكن هدفا ساميا عاليا شامخا واجعلي أهدافك الصغرى تحقق الهدف الكبير..
9- نظمى وقتك حتى تستفيدين منه وليكن التخطيط دليلك لذلك..
10- اكسبى عدد كثير من الناس ليكونوا عونا لك لتنجحين وتعاوني معهم ليتعاونوا معك في تحقيق هدفك..
11- ساعدي غيرك على النجاح وقد قيل إذا أردت أن تكون مهما فكن مهتما، ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه.
12- كوني متفائلة فلا ينجح اليائس والنبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل الحسن...
13- أولا وأخيرا ما هي علاقتك بربك وقد يقال لماذا أخرت هذه النقطة وأقول إنني انتهجت نهجا نبويا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تنكح المرأة لأربع وختم بالدين ليكون حاكما لا محكوما.. فكل ما ذكرناه من إرادة قوية وثقة وعلاقة مع الناس إذا كان موجودا وعلاقتك بالله فاشلة فالكل فاشل وإذا كانت معك تلك الصفات وعلاقتك بالله قوية نقول لك أبشر فإن بنيانك على تقوى وخير..
فيا أخيتي أذكرى الله كثيرا واستعيني به في كل أعمالك واجتنبي معصيته يوفقك..
والله الموفق والمعين..
ونختم بذكر حقائق لا تقبل الجدل..
- الحقيقة الأولى: من لا يتقدم لا يبقى في موقعه بل يتقهقر.
- الحقيقة الثانية: قوة الأفكار لا تجدي ما لم تقترن بالتغيير.
- الحقيقة الثالثة: الاستسلام للمألوف يخمد نار الفكر..
- الحقيقة الرابعة: العقل خلق ليعمل والمعرفة الجيدة إذا لم تهدي للعمل فإنه يعطلها فالعلم للعمل.. فمطلوب من المؤمنة أن لا تكون فاشلة في حياتها وعاطلة بل نريد منها أن تكون نموذجا رائعا لكل الناس في عملها وجهادها ودعوتها.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/64)
عمل المرأة في بيتها وظيفة شرعية مهمة
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
إن من المكابرة بمكان تجاهل البعض لوظيفة المرأة الأساسية، ومقرها الطبيعي، وهي تربية الأبناء ورعاية شؤون البيت، دون تدخل طرف خارجي كالخادمة أو غيرها.
وقيام المرأة بهذه المهمة عملٌ مهم لا يمكن التقليل من شأنه أو تهميشه، فإيقاظ الأبناء للصلوات المفروضة، وللذهاب إلى مدارسهم، وإعداد طعامهم، وتجهيز ملابسهم، والعناية بنظافة البيت وإشراقته، وتلبية مطالب الزوج المادية والنفسية وخلافها، هي في الواقع جملة من الوظائف وليست وظيفة واحدة.
ولتوضيح ذلك نفترض بيتاً يخلو من المرأة، إما لوفاتها أو لطلاقها، مع وجود زوجٍ وعددٍ من الأبناء القُصّر، فمن يقوم بشؤونِ هؤلاء إذا كان الأب مشغولاً بعمله خارج المنزل؟
فالجواب أحد هذه الاحتمالات:
1- إما أن يترك الأب عمله خارج المنزل ليقوم بالمهمة نيابةً عن زوجته المتوفاة أو المطلقة، مع الفارق الكبير بين أداء الطرفين.
2- وإما أن يتزوج امرأةً أخرى، فتقوم بذات المهمة التي كانت تقوم بها زوجته، مع الفارق كذلك بين أداء الأم وزوجة الأب، فليس الثكلى كالنائحة المستأجرة.
3- وإما أن يحضر خادمة للقيام ببعض شؤون البيت، وهو حلٌ أسوء من سابقيه بكثير، والفرق بين أداء الأم الفقيدة، وأداء الخادمة كما الفرق بين المشرقين.
4- أو يحضر طعامه وطعام الأولاد من السوق، ويذهب بالملابس إلى المغسلة الخ، مماّ يطول سرده، ويكفيك من شر سماعه!
وهذه الاحتمالات لامناص منها، ونتيجةً طبيعيةً لغياب المرأة عن البيت، وتخلفها عن القيام بعملها الأساس فيه، بل إن ما تقوم به من أعمال تربية ورعاية وطبخ وغسيل وتنظيف يحتاج إلى بضعة أشخاص يقومون به، وليس شخصاً واحداً فقط.
فأي مصلحة إذاً أن تترك المرأة عملها الأساس في بيتها، لتخرج مزاحمةً للرجال في مكاتبهم ومصانعهم، ومتاجرهم لا لشيء، إلا تقليداً ومحاكاةً لأقوامٍ لا خلاق لهم ولا دين!
وإذا كانت المجتمعات الغربية قد فرضت على نسائها الخروج للعمل، بفضل أنانيتها وماديتها المقيتة، وتهميشها لدور المرأة التربوي في بيتها ومع أولادها، فما بالنا نحن المسلمون نتتبع خُطى هؤلاء المساكين حذو القذة بالقذة، على حساب أخلاقنا ومنظومتنا الاجتماعية، ونستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟
لقد تعالت الأصوات في الغرب اليوم تُنادي بضرورة إعادة المرأة إلى مملكتها الغالية، وملاذها الآمن في منزلها، بعد أن تدنت الأخلاق، وانفصمت عرى الأسرة، وضاع الأبناء على الأرصفةِ وداخل بيوت الخنا والدعارة، ومن العار والله أن نقع في ذات الأخطاء التي وقع بها القوم، لا لشيءٍ إلا حب التقليد، واقتفاء دروب الحضارة باتجاهٍ معاكس.
فالحضارة والتقدم المدني لهما أسباب عديدة، ليس منها خروج المرأة للعمل خارج البيت، وهاهي دول عديدة ممّا يُسمى بالعالم الثالث قد أخرجت نساءها للعمل، وزاحمن الرجال حتى في أخص شؤونهم، وفي أشق الأعمال وأخطرها، فما رأينا تقدماً، ولا لمسنا تحضراً، إلا عبر لا فتاتٍ عريضة للإعلان عن أفلامٍ داعرة، أو مسرحياتٍ ماجنة، أو مسابقاتٍ لملكات الجمال، أو إن شئت قل:ملكات الرذيلة لا فرق!!
30/5/1426 هـ
07/07/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/65)
دور المرأة في القصة والرواية
د. عبد الله الخلف
ما الدور الذي يمكن أن تمثله المرأة في القصة القصيرة أو الرواية؟ وهل من الضروري أن يسند إليها دور معين فيها؟ إن القصة قصيرة كانت أو طويلة لا بد أن ترتبط بواقع الحياة بصورة ما، والمرأة تمثل دوراً هاماً وأساسياً في حياة البشر، لذلك كان من الطبيعي أن يكون لها مكانها الذي تمثله في هذا العمل الأدبي.
وإذا نظرنا في قصص القرآن الكريم فسوف نجد من بين شخصياتها عدداً من الشخصيات النسائية.
فأم موسى قامت بدور الأم المؤمنة المستسلمة لقضاء ربها.
ومثلت امرأة فرعون دور المؤمنة الصابرة على الأذى في سبيل الله.
ومثلت امرأة العزيز دور المرأة الفتنة التي يمكن أن يتعرض المؤمن للامتحان بها.
ومثلت حواء بالمشاركة مع آدم - عليها السلام - دور الإنسان عندما يتعرض للابتلاء ولإغواء الشيطان فينهزم أمامه، ثم يدرك أنه لا ملجأ من الله إلا إليه فيعود إليه تائباً منيباً.
وقد ورد ذكر نساء أخريات أو تمت الإشارة إليهن في بعض قصص القرآن.
وهكذا نجد أن المرأة كانت حاضرة في ذلك القصص، وهو أمر يدل على أن لها مكانها ودورها الهام الذي يمكن أن تقوم به في القصة.
وإذا ما نظرنا إلى الأعمال الروائية في العصر الحديث فسنجد أن المرأة دخلتها من أوسع أبوابها، واحتلت مكاناً بارزاً فيها، غير أن الكثير من كتاب الرواية قد أدخلوا المرأة في أعمالهم لا بوصفها عنصراً فنياً تقتضيه الضرورة الفنية للعمل الأدبي، بل بوصفها عنصراً يساعد على جذب القارئ وشد انتباهه لمتابعة الأحداث، أو لإغرائه باقتناء الرواية وقراءتها، وكأنهم يلتقون في ذلك مع شركات الدعاية والإعلان، التي تظهر المرأة في إعلاناتها، ولو لم يكن لها أي صلة بالمادة المعلن عنها، مستغلة إياها في جذب المشاهد ومداعبة غرائزه.
لذلك نجد الدور البارز الذي لعبته المرأة في تلك الروايات يدور حول العلاقات الغرامية أو الجنسية المثيرة.
وإذا كان هناك عدد كبير جداً من كتاب الرواية قد أسندوا إلى المرأة مثل هذه الأدوار، فإن منطلقاتهم لم تكن دائماً واحدة.
فمنهم من كان قصده إشاعة الفساد والانحلال من غير أن ينظر إلى مدى أهمية ما قام به من الناحية الفنية.
ومنهم من هو متأثر بالآراء والنظريات والدراسات النفسية الحديثة ولا سيما نظريات فرويد التي تعطي الجنس الأهمية الكبرى في حياة البشر، وترى أنه المؤثر الأعظم في سلوكهم.
ومنهم من يشعر بضعف القيمة الفنية لعمله، ويدرك أنه لا يستطيع اجتذاب القراء، فيجعل في تناوله لهذا الجانب وسيلة لاجتذابهم وشركاً يصطادهم به.
ونتيجة لشيوع إسناد مثل هذه الأدوار إلى المرأة في القصة الحديثة ظن البعض أن ذلك مقوم من مقوماتها وعامل فعال من عوامل نجاحها، وشرط أساسي لبلوغها المستوى المطلوب.
وظنوا أنه لا غنى للكاتب ولا مفر له من أن يضمن قصصه شيئاً من ذلك، وإلا فقد عمله قدراً كبيراً من قيمته وجاذبيته.
ويبدو أن هذا الظن تسرب إلى بعض كتاب القصة من ذوي الاتجاه الإسلامي، فأسندوا إلى المرأة أدوارا غرامية، وأصبح الهيكل العام لبعض رواياتهم قائماً على أساس وجود هذه العلاقة بين بطل القصة وبطلتها، دون أن يكون لهذا مغزى جوهري أو قيمة فنية، نجد مثل ذلك عند نجيب الكيلاني، وعلي أحمد باكثير.
وإذا كان هذا الأسلوب قد أدى إلى جذب بعض القراء فإنه أدى أيضاً إلى نفور طائفة أخرى.
وهو أسلوب لا يخلو من آثار سلبية ونتائج عكسية.
أما الظن بأن إسناد مثل هذه الأدوار إلى المرأة تقتضيه الضرورة الفنية فإنه ظنٌ بعيد عن الصواب، وهناك من الروايات ما نال الإعجاب الكبير، ونال به صاحبه شهرة واسعة على الرغم من خلوه من النموذج النسائي.
فرواية الشيخ والبحر للأديب الأمريكي أرنست همنجواي من أشهر الروايات، وترجمت إلى كثير من اللغات، ونال عليها صاحبها جائزة نوبل للآداب مع أنه ليس من بين شخصياتها أي شخصية نسائية.
وهي رواية تبرز قيمة العمل والكفاح والمثابرة والاعتماد على الذات.
ومن الروايات المشهورة رواية الطاعون للأديب الفرنسي ألبير كامو الحائز على جائزة نوبل، وهي أيضاً تخلو من الحديث عن الحب والغرام وأبرز الشخصيات النسائية فيها لعبت دور الأم.
لذلك يمكننا القول بأن القيمة الفنية للعمل الأدبي لا تتوقف على نوع الأحداث أو الشخصيات، إذ أن الكاتب القدير يستطيع أن يحول أحداثاً بسيطة وشخصيات مألوفة إلى عمل فني جميل قادر على أن يحوز على إعجاب النقاد، ويترك أعمق الأثر في نفوس قرائه.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/66)
عوامل خروج المرأة الغربية للعمل
محمد بن عبد الله الهبدان
المرأة الغربية سبقت المرأة الشرقية في الخروج إلى ميدان العمل، وتقلد مختلف الوظائف وشتى المهن، وكان ذلك نتيجة لظروف وملابسات معينة، لابد من إدراكها ومعرفتها وهي كالتالي:
أولاً: الثورة الصناعية:
والتي احتاجت إلى توفير عدد كبير من الأيدي العاملة، وخصوصا عندما يضرب الرجال عن العمل للمطالبة بحقوقهم المشروعة، فسدت المرأة بدورها هذا الفراغ، وبخاصة أنها تأخذ نصف الأجر الذي يتقاضاه الرجل تقريبا عن العمل نفسه.
ثانياً: الحروب التي سادت أوربا :
فانشغال الرجال بالحروب وفناءهم فيها، كما في ألمانيا وفرنسا، سببت مشاركة المرأة الغربية في بناء المجتمع وسد حاجاتهن.
ثالثاً: تخطيط اليهود والماسونية لإفساد المجتمعات العالمية:
فتخطيط اليهود يركز على المرأة كبؤرة اهتمام أساسية، ومن ضمن ذلك إخراج المرأة من ملكتها، حتى تستخدم كأداة لإفساد الأجيال الكبيرة، وضياع الأجيال الصغيرة، بأعمال تخل بكرامتها، ولا تتفق مع بيعتها وأنوثتها.
رابعاً: انتشار الروح الفردية في الغرب:
مما جعل أصحاب رؤوس الأموال والمصانع والمخططين، لا يراعون المصالح الأسرية والجماعية، للأسر والجماعات والمجتمع بصفة عامة، ولكن تتركز الاهتمام لديهم على مصالحهم الشخصية، وتحقيق أعلى معدلات من الإنتاج والمكاسب المادية، بغض النظر عن الخسائر الفادحة، التي سوف تنجم من جراء ذلك.
خامساً: أثر الثورات الاجتماعية الكبرى:
أثرت الثورات سواء كانت الفرنسية أو الروسية أو غيرها، وخصوصا تلك التي تحمل أفكاراً أو مثلا، وحاولت تطبيقها في الواقع الاجتماعي، ودخلت المرأة بصفتها عضواً في المجتمع الإنساني في خضم الأحداث، وتأثرت كما تأثر المجتمع بأكمله بهذه الأفكار والثورات والتغيرات.
12/6/1426 هـ
19/07/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/67)
إليك يا من أحرقت أنوثتي !!
حنان بنت محمد الثويني
لربما عاكست الفتاةُ شاباً بقصد الترويح عن النفس ليس إلا!! ولربما كان السبب في ذلك العطش العاطفي الذي أحدثه سوء المعاملة وجفاف العبارات والمنع من أبسط الحقوق والمباحات من قبل الأسرة وبالأخص الأقرب منهم إلى نفسها (الأب..الأم) !!
وقد لا يخفى على لب حكيم أن المشاكل والنزاعات الأسرية هي الدافع المحض وراء تخبط بعض فتياتنا وضياعهن وانقيادهن للهفوات التي دفعت ثمنها من العفة والشرف والسمعة الطيبة الطاهرة..
ومناسبة القول أنني لم أسمع في حياتي عن شاب لجأت إليه فتاة تبثه همّها وتلتمس منه الرأفة إلا ويجهز- وبأسرع ما يكون- على حسن ظنها ويقذف بها في وهادٍ لا طائل لها بها!! إذ يرتع بمكره وخبثه ويدغدغ بدهاء إحساسها المخملي البريء ليصل إلى ما لم يكن بحسبانه أنه دّيْن سيدفعه في أخته أو زوجته أو ابنته مع أول قادم من دولة الأيام!!
دائماً ما أسأل نفسي وأحاكيها: ما الضير لو أنه أخذ بيدها لجادة الحق دون أن يستغلها أو يؤذيها ويقدّم لها على طبق من ذهب نصائح وجرعات روحانية يقوّي بها إيمانها بربها ويزيد من تقواها ؟!! علّه بمعروفه هذا يوقظها من غيبوبتها وينقذها من آخرين ربما كانوا أشد قسوة منه ودهاء..
والسؤال الآخر الذي أعيتني مشاهد الواقع إيجاد جوابه: ماذا لو فعلت أخته ما يدنّس عرضه مدى حياته؟
ولماذا لا ينظر إلى نساء المسلمين إلا بنظرة ساقطة هابطة يسهل على إثرها هتك عفتهن، بينما يعتقد أن من الصعوبة والاستحالة وصول ذئاب متعطشة إلى محارمه!!
وقد تذكّرت مأساة فتاة غَرّر بها شاب قاربت طبائعه طبائع البهائم والخنازير إذ لم يفكّر إلا في متعته غير آبه بما سينالها من آلام وأحزان مريرة تعترضها من نظرات الناس المتربصين بكلّ زلّة أو فضيحة..
وهاهي تكتب خطاباً تنضح عباراته بالندم واللوعات لأحد الدعاة تخاطب به ميّتَ القلب الخائن قائلة: " إليك يا من أحرقت أنوثتي، إليك يا من تركتني وخلّفت في صدري جرحاً لن يلتئم، إليك يا من عَلّمتني خيانة ربي وأهلي وعرضي، إليك يا من تركتني بلا أمن، إليك أنت يا من سرقت عِفّتي بكلماتك المعسولة أبعث هذه الرسالة المحشوة بالألم وكم أتمنى أن تسمعها بقلبك قبل سمعك إن كان لك قلب!!!
ألا تعلم أني ما زلت أتذكرك.. نعم.. عند غروب كل شمس وإطلالتها أتذكرك، عند سكون وقت السحر، أتذكرك بدعوات حارة ودموع حارقة وآهات معذبة قاسية.. نعم.. أتذكرك بدعوات مظلوم وأسأل الله - تعالى - أن تكون من الدعوات المستجابة التي تمزق السعادة في حياتك.. نعم.. إنني أسأل الله أن يرد عليك ذاك الدَّيْن في محرم من محارمك..
كيف يَهنَأُ لك رغد العيش وحلو الطعام وبرد الشراب وليونة الفراش والمنام وأنت الذي بترت معنى السعادة في حياتي, وأنت الذي قتلت شرفي ومزّقت عرضي وسرقت زهرة شبابي وأنوثتي وتركتني أعيش مرارة الأسى لوحدي تمزقني كل يوم نظرات من حولي، لك أن تتخيل فتاة تعيش بلا شرف بلا عفاف بلا أمل. لقد حطمت محطة الأمل وكسرت صورة الأحلام في حياتي.. لقد أخذتني بكل شيء ثم رميتني بلا شيء.. لقد انتهيت الآن وبقيت زهرة بلا عبير ليتك حين حَطّمت معنى السعادة في قلبي قتلتني بموتة واحدة لأني الآن أُقتَل كل يوم، فهل تدرك هذا؟! "
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/68)
عاطفة المرأة بين السلب والإيجاب
فاتن سعد الصويلح
أختي الحبيبة..أُختي في الله.هل لي أن استأذنك لأعيش معك بفكرك وخاطرك.هل لي أن استأذنك وأمشي معك في حديث ومكاشفة.. وأخاطب تلك الروح الشفافة التي ارتضت الله رباً والإسلام ديناً ومحمداً رسولاً.
أستأذنك لأعيش معك دقائق معدودة مع كلمات أحسبها صادقة لا تعرف المجاملة ولا التزييف وإنما غايتها النصح وقصدها الهداية.
أُختي... إن الله - سبحانه وتعالى - قد فطرك على توحيده والإيمان به، ومما فطرك عليه ما تحملينه من حب وشفقة وحنان وود ورحمة وعطف قد تفوقين به الرجل، وكل ذلك لا يمثل إلا مجموعة من العواطف والمشاعر والأحاسيس التي تأخذ في مسارها السلب والإيجاب؛ فمن أحبت الله بذلك النهج أحبت هذا الكون الفسيح الذي يدل دلالة واضحة على المبدع والخالق - سبحانه وتعالى -.
وبما أن خطابي لك يا أمَةَ الله خطاب المسلمة للمسلمة فإني أعلم يقيناً أنك تعلمين أن تلك المشاعر والعواطف يجب أن تكون وفق ما يرتضيه الله ورسوله أولاً، ووفقاً لما يكون مقبولاً عقلاً وعرفاً ثانياً، وانطلاقاً من قول الله - تعالى -: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَاًمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ][التوبة: 71]. وإن كنت قد استعرضت فيها نقداً لي ولك فاصبري لأجل الحق في الله رحمني الله وإياك، ولتعلمي أن النقد ضرورة فطرية، ومطلب شرعي تربوي [1].
إن الله - سبحانه وتعالى - لم يخلق قلبكِ ضاماً أحاسيسك وعواطفك عبثاً بل خلقه لغاية ولهدف منطلقاً من هذا الهدف السامي وهو الإيمان بالله نوجه عواطفنا ومشاعرنا وأحاسيسنا لما يقويه من إيجابيات، ونبتعد عما يضعفه من سلبيات قاتلة نسعى جاهدين للبعد عنها وتوقي الشر حيثما كان. سلبيات العواطف والمشاعر: أختي الحبيبة: إن أقوالنا وأعمالنا لا تكاد تسلم من الخلل والكمال لله - سبحانه وتعالى - ومما لمسته من سلبيات قد تكون فيّ أو فيك، ولا أرجو من الله إلا أن يقينا شرها ويبعدها عنا.
فأدعوك صادقة للتأمل في المسائل الآتية:
أولاً: إن الله - سبحانه وتعالى - قد قال: [الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلاَّ المُتَّقِينَ][الزخرف: 67] وإن (الشعور بالمحبة، أصل ترجع إليه مكارم خلقية كثيرة كالتعاون وإرادة الخير للناس، ومشاركتهم الوجدانية في السراء والضراء، وأن يحب لهم مثلما يحب لنفسه، وأن يعاملهم بمثل الذي يحب أن يعاملوه به) [2] وهذا هو ما دعانا إليه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فمن أحبت الله ورسوله أحبت العابدات الصالحات في الله. ولله الحمد؛ فإن ظاهرة الأخوة والمحبة في الله لا تزال ظاهرة بين الأخوات؛ ولكن وماذا بعدُ لكن؟؟
الشيطان وجنوده من شياطين الإنس أعاذنا الله وإياكم منهم لم يتركوا طريقاً إلا ولجوه حتى في هذه المحبة والأخوة التي أصبحت العواطف والمشاعر والأحاسيس المحرك الأساس لها إلا من رحم الله فتجد الغيرة في غير محلها، والتفكير والانشغال إلى درجة تلهي عن ذكر الله، فأختنا أصلحها الله إن تكلمت فعن تلك الفتاة، وإن فكرت ففي تلك الفتاة حتى إنك تجدين بعضهن تسعى لإرضاء الأخرى في شهواتها وأهوائها، وإن تفاوتن في درجة ذلك الإرضاء؛ وكل ذلك من باب الأخوة في الله؛ وما علمت المسكينة أن المحبة في الله لا تكون بهذه الصفة.
ثانياً: مشاعر فياضة وأحاسيس مرهفة وشفافة وعالية تُرجمت إلى كلمات، وسطرت في صورة أشعار وكلمات نثرية رائعة. أعطاك الله هذه النعمة العظيمة ووهبك إياها بينما مُنعت أخرى منها، فكم تتمناها وكم تمنتها؛ فلِمَ يا مُحبّة الهدى تترجمينها لكلمات غزل وحب وعربدة وفسق؟
ولِمَ أعرضت عن أن تخاطبيني بعقلك وبقلبك الراغب في النصح؟ ولِمَ يا محبتي تبخلين عليّ بكلمات تعبر عن حالي وحالك، وأن تسطري لي ما استشعرته من حال أمتك وخوفك من الله ومن النار؟ أرضيت بهذه الكلمات؟ ! أين أنت من الخنساء الشاعرة العابدة التي عرفت أديبة قبل الإسلام، أما بعده فكانت تلك التي بكلماتها دفعت بأبنائها الأربعة وقدمتهم لله شهداء، وحمدت الله على استشهادهم، وسألته أن يجمعها بهم (قال عمر بن الخطاب للخنساء: (ما أقرح مآقي عينيك؟ قالت: بكائي على السادات من مضر. قال: يا خنساء إنهم في النار. قالت: ذاك أطول لعويلي عليهم. وقالت: كنت أبكي لصخر على الحياة فأنا اليوم أبكي له من النار) [3].
ثالثاً: انشغال قلبك بعواطف وأحاسيس ومشاعر متألمة ومتضجرة ساخطة على قدرها جالبة لنفسك الآلام النفسية والهموم والأمراض، قد بدا الحزن مرتسماً في وجهك كأنك كهلة أتعبتها السنون والأيام، وانغلقت على نفسك وكلفت قلبك ما لا يطيق، فلِمَ أنت في تردٍّ وليس في غيرك؟ ولِمَ الحظ لا يحالفك ولم ولم ولم... ؟ كل ذلك أشغلك وصرفك عن معالجة موطن الضعف فيك؛ فلِمَ التسخّط يا مُحبتي، ولِمَ عدم الرضا بقضاء الله وقدره؟ وأين القناعة والبحث عن جديد يصلح حالك ويسعد أيامك؟
ولتقرئي ما قاله ابن القيم - رحمه الله -: (إذا حمّلت القلب هموم الدنيا وأثقالها وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته، كنت كالمسافر الذي يحمّل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها، فما أسرع ما تقف به) [4].
رابعاً: إن الله - سبحانه وتعالى - قد ربط الزوجين برباط وثيق، هذا الرباط الذي أوجد المحبة والسكينة بين الزوجين، وتحت ظلاله ينشأ أبناء متوافقون نفسياً وصالحون اجتماعياً يسعون لإعلاء الدين والحفاظ عليه، وهذا ما تتمنينه يا أختي الغالية، وعتابي لكِ: لماذا أراك تمسكين بيد زوجك وهو ذاهب لحلقة ذكر أو لدعوة أو لزيارة رفقة صالحة أو لصلة رحم واجبة تريدينه لكِ أنت لا لغيرك، لا يفارقك لحظة واحدة، يلبي رغباتك وعواطفك وغير ذلك دون أن تتركي له وقفة مع نفسه.
أوَ ما علمت أنك قد تكونين سبباً لانتكاسته؟ أوَ ما تعلمين أنه إن لم يصاحب الصالحين تلقفته أيدي أصحاب السوء والانحراف؟ وغيرك إن قدر الله فتزوج زوجها بأخرى شغلت قلبها، وألهبت مشاعرها، وكادت تُجن إلى درجة أصبح فيها همها غيبته أو شتمه أو قذفه وتعييره! نعم يا محبتي أنا مثلك امرأة ولا أنكر عليك غيرتك، ولكن هل لي أنا أو أنت أن نحرِّم ما أحله الله؛ أو نرتكب ذنوباً هي في المحصلة من صحائف أعمالي وأعمالك؟
نعم أعلم يا محبتي أنك تغارين، ولقد غارت أمي وأمك أم المؤمنين عائشة من قبلُ، فعنها - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية، صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً وهو في بيتي، فأخذتني الرعدة فارتعدت من شدة الغيرة، فكسرتُ الإناء، ثم ندمتُ فقلت: يا رسول الله! ما كفارة ما صنعت؟ قال: (إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام) [5].
أرأيت أن الغيرة لم تمنع عائشة - رضي الله عنها - من الندم على ما فعلت ولم تمنعها ومن قول الحق في صفية - رضي الله عنها -؟ فهل لي ولك أن تكون أمهات المؤمنين والصالحات قدوة لنا؟ وهل لك أن تجاهدي وتصبري؛ ولن يضيع الله صبرك؟
خامساً: شفقة الأم وحنوها على ولدها شيء فطري، ولكن قد توجد عند بعضنا بصورة سلبية؛ لأنها قد أفرطت في تدليله وتلبية كل ما يريده دون توجيه أو إرشاد؛ إذ وضعت هذه العاطفة في غير محلها، لبت له رغباته وأهواءه لحنوها عليه وحبها له، لم تنكر عليه ما يقع فيه من أخطاء، لم تعنفه لم تضربه يوماً لأنه أخطأ؛ كل ذلك لأجل ماذا؟ لأنها أم حنون عواطفها ومشاعرها ضعيفة لا تقوى على التحمل فتلقي به في مواطن الهلاك من حيث لا تدري (إن تلك الأم الجاهلة الحمقاء، التي أشفقت على ولدها فأهملت تربيته قد دفعت به وهي لا تشعر حتى صار مجرماً، وساقته الجريمة إلى يد العدالة، عندئذ وقفت تبكي جزعاً من أجله وحسرة عليه، وندماً على ما فرطت في جنبه، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ويقول لها: أنت التي دفعت بي إلى هذا المصير المهلك بشفقتك عليّ وسوء تربيتك لي، وإهمالك شأني، وسرورك باتباعي أهواء نفسي) [6].
سادساً: تتحكم العاطفة في الكثير منا إلا من رحم الله حتى إن تلك العاطفة لا تردعها عن فعل قبيح أو محرم والله المستعان فكم من المرات انتهكت أعراض وضُيّعت أسر وأسودت وجوه رجال هم مثال للعفة والصلاح، كل ذلك لماذا؟
لأن تلك المرأة دفعت عاطفتها للبحث عن الجديد، أو لأن عاطفتها لم تشبع أسرياً ولم تلق قلباً حانياً يحن عليها، ومن ثم خرجت خارج المنزل لتلبي هواها، متناسية ما يعقب ذلك من ألم وأذى وعار لأجل ماذا؟ لأجل لذة حاضرة وعاطفة عمياء. يقول ابن الجوزي في ذم الهوى: (اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في عاقبة، وبحث على نيل الشهوات عاجلاً، وإن كانت سبباً للألم والأذى في العاجل وفيه لذات في الآجل. فأما العاقل فإنه ينهى نفسه عن لذة تعقب ألماً وشهوةٍ تورث ندماً) [7].
الأسباب: ترجع سلبيات العواطف والمشاعر إلى أسباب كثيرة، منها:
1- ضعف الإيمان بالله، وخواء القلب، وولوج الشيطان من مداخل وإن كانت بسيطة إلا أنها قد تمثل نقطة ضعف بالإضافة إلى وساوسه وهواجسه التي يوردها على الإنسان.
2- الابتعاد عن الأجواء الإيمانية.
3- عدم التوسط في الأمور، والاستهانة ببعضها وعدم حملها محمل الجد.
4- قلة محاسبة النفس والبطء في معالجة مواطن الضعف والقصور.
5- قلة الوعي والاطلاع في الأمور المتعلقة بالنساء، وضعف بروز الأقلام النسائية التي تتجه للحديث عن مثل هذه الأمور وغيرها من الخصوصيات التي قد لا يعلمها الرجل الداعية.
6- عدم استشعار المسؤولية الملقاة على الأم والأب تجاه الأسرة عند بعضهم؛ فكل راع مسؤول عن رعيته.
7- عدم إشباع الحاجات النفسية للفتاة وعدم الاهتمام بهذا الجانب لدى بعض الأسر.
8- قلة الإنصاف من قِبَل الزوج إلا من رحم الله مما يسبب الغيرة والشحناء والمبالغة المفرطة في بعض الأمور من قِبَل المرأة.
9- تبني أصحاب السوء للأقلام المنحرفة والمعبرة عن فسق ومجون لدى بعض النساء.
العلاج:
1- اللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى - والتضرع إليه وسؤاله الثبات؛ فالله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء إلا الموت والهرم.
2- الإكثار من الأعمال الصالحة؛ ومن رزقها الله قدرة على الكتابة شعراً ونثراً فلتجعله لخدمة هذا الدين ولتوعية أخواتها المسلمات ولا تتردد في ذلك فهي مأجورة بإذن الله.
3- على الأسرة متمثلة في الوالدين استشعار المسؤولية نحو الأبناء والبنات من إشباع حاجاتهم النفسية وإرشادهم للخير حيث كان، وتحذيرهم من الشر.
4 - الحرص على القرب من الأجواء الإيمانية وحلقات الذكر التي تحفها الملائكة والعمل على توجيه النساء وتعاهدهن، والمسارعة إلى علاج موطن الخلل لديهن.
5- الاستعاذة من وساوس الشيطان الجالبة للهموم والآلام النفسية.
6- اختيار الصحبة الصالحة الموثوقة والاقتداء بالسلف الصالح ومن جاء بعدهم.
7- العدل بين الزوجات؛ والله - سبحانه وتعالى - قد أوصاكَ أخي الزوج بالعدل فقال - سبحانه -: [وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً]. [النساء: 129].
8- التوسط والاعتدال من قِبَل الزوجة، وأن لا تترك الغيرة تدعوها إلى ارتكاب الذنوب كالغيبة والكذب واللعن وغيره من النكران والجحود.
9- مجاهدة النفس والصبر على ما قدره الله، والرضا والقناعة به ابتغاء مرضاة الله وطلباً للفوز بجناته. 10- الحذر من الاستهانة بالمحرمات، ومعرفة ما تحدثه المعاصي من آثار وخيمة وعواقب جسيمة.
وأخيراً: (احذر نفسك؛ فما أصابك بلاء قط إلا منها، ولا تهادنها، فوالله ما أكرمها من لم يهنها، ولا أعزها من لم يذلها، ولا جبرها من لم يكسرها، ولا أراحها من لم يتعبها، ولا أمّنها من لم يخوِّفها، ولا فرّحها من لم يحزنها) [8]. نفعني الله وإياكِ يا أختي. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـــــــــــــــــــ(82/69)
ـــ
(1) التربية الجادة ضرورة، محمد الدويش.
(2) الأخلاق الإسلامية.
(2) الميداني، ص 239، الجزء الثاني.
(3) أعلام النساء، عمر كحالة، ص 368، الجزء الأول.
(4) الفوائد، ص 60، ابن القيم.
(5) رواه أبو داود والنسائي.
(6) الأخلاق الإسلامية، الجزء الثاني، ص 245، الميداني.
(7) الأخلاق الإسلامية، الجزء الثاني، ص 245، الميداني.
(8) الفوائد، ابن القيم، ص 79.
http://www.denana.com
ـــــــــــــــــــ(82/70)
شروط اللباس
الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان
لقد حدد الإسلام الشروط والضوابط التي يجب على المرأة المسلمة أن تتقيد بها في موضوع اللباس، وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما يتعلقُ بتفصيل اللباس وهيئتهِ على البدن.
الثاني: ما يتعلقُ بنوعية اللباس.
ونحنُ الآن نتكلمُ بعون الله - تعالى - عن كل قسمٍ بشيءٍ من التفصيل فنقول:
القسم الأول: ما يتعلق بتفصيل اللباس
ونعني بذلك الخياطة، فلابدَّ أن تكون خياطة لباس المرأة موافقةً لما حددهُ الإسلام في هذا المجال، ثم في وضعهُ على البدن، وذلك بمراعاةِ الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يستوعب اللباس جميع البدن:
وذلك ليكون ساتراً للعورة، وللزينةِ التي نُهيت المرأة عن إبدائها، فإنَّ القصد الأول من اللباس هو الستر، فلابدَّ أن يكون لباسُ المرأة ساتراً لوجهها وكفيها وقدميها، وسائر جسمها، قال - تعالى -: ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) (سورة النور: 31).
والنهي عن إبداءِ الزينة نهيٌّ عن إبداء مواضعها من باب أولى، ولولا اللباسُ لظهرت مواضع الزينة: من الصدر، والذراع، والقدم ونحوها، فعلى المرأةِ المسلمةِ مراعاة ما يلي:
أولاً: أن يكون اللباس ساتراً لبدن المرأة ومنه الوجه والكفان والقدمان والساقان وعلى هذا فلابد أن تلبس المرأة ما يستر كل ذلك إذ قد يظهر شيء منه، لا سيما عند ركوبها للسيارة ونزولها منها، أو دخولها أماكن تضطر فيها على صعود سلالم، فتظهر زينتها وتحصل الفتنة بها.
ثانياً: وينبغي للمرأة لبس القفازين لستر الكفين، ويجوزُ استعمال البرقع إذا كان يسترُ الوجه ما عدا العينين أو إحداهما لحاجةِ الإبصار، ويدلُ لذلك قول عائشة - رضي الله عنها - في المرأة المحرمة: (لا تتبرقع، ولا تلبس ثوباً بورسٍ أو زعفران) [1].
وما ورواه مالك عن نافع عن ابن عمر، كان يقول: (لا تنتقبُ المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) [2].
فهذا يدلُ على أنَّ المرأة في غير حالةِ الإحرام تلبس البرقع والقفازين، إذ لو لم يكن كذلك، لم يكن هناك فائدةً من نهيها عنهما حال الإحرام [3].
ويرى بعض علمائنا عدم الإفتاءِ بجواز لبس البرقع في عصرنا هذا، لأنه ذريعةً إلى الفساد، حيثُ أصبحت النساء يظهرنَ مع العينين جزءاً من الوجه، مما يجلبُ الفتنة ولا سيما أنَّ كثيراً منهن تكتحلُ عند لبسه، فمنعهُ وجيه جداً من باب درءِ المفسدة والله أعلم [4].
ثالثاً: لبس العباءة لابد أن يكون ضافياً على جميع البدن، لئلاَّ يظهر شيءٌ من مفاتن بدنها وثيابها، لأنَّ ظهور هذا من التبرج الذي نُهيت عنه المرأة المسلمة، قال - تعالى -: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) (سورة الأحزاب). وعلى هذا فلا تضع المرأة عباءتها على كتفها أو على رأسها، ثُمَّ ترفع أسفلها، لعدم حصول المقصود منها.
رابعاً: إنَّ مهمة العباءةِ ستر ما تحتها من لباسٍ يعتبر من أهم أنواع الزينة المكتسبة، يقول - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (سورة الأحزاب: 59) والجلباب هو الرداء فوق الخمار. وقيل: هو ثوبٌ واسع تستر به المرأة بدنها كله، والعباءة نوع من الجلباب.
قالت أم سلمة - رضي الله عنها -: لما نزلت هذه الآية: ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ))، خرج نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهنَّ الغربان من السكينة، وعليهنَّ أكسيةِ سود يلبسنها [5].
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس العباءة المطرزة، التي يكون في أطرافها وأكمامها قيطان أو خيوطٍ ملونة، أو تكون واسعة تظهر منها الذراع، لأنَّ هذا من التبرج، ولأنَّ العباءة إذا كانت زينةً في نفسها فهي بحاجةٍ إلى ما يسترها.
الشرط الثاني: ألا يكون اللباس ضيقاً يصف جسمها
وذلك أنَّ الغرض من اللباس كما سبق ستر العورة، ومواضع الزينة، وهذا إنما يكون بالثوب الواسع، أما الثوب الضيق فإنه وإن يستر لون البشرة يصفُ جسم المرأة أو بعضه، فالواجب على المرأة أن تهتم بستر بدنها وتقاطع جسمها، والتساهل في ذلك من أعظمِ أسباب الفساد ودواعي الفتنة.
يقول أسامة بن زيد - رضي الله عنه -: كساني رسول الله قبطية كثيفة مما أهدى له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: مالك لم تلبس القبطية؟ قلت: كسوتها امرأتي. فقال: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخافُ أن تصف حجم عظامها)) [6].
فالرسول يأمر أسامة أن يطلب من امرأته أن تضع تحت هذا الثوب الثخين غلالة، ليمنع وصف بدنها وحجم عظامها؛ فهذه القبطية وإن كانت ثخينة قد تصف الجسم، ولا سيما إذا كان اللباس الثخين من طبيعته الليونة والانثناء؛ ولذلك خاف من أن تصف حجم عظامها.
وانطلاقاً من هذا الشرط على المرأة ملاحظة ما يلي:
أولاً: أن تعلم المرأة أن اللباس الضيق الذي يصف مفاتن الجسم لا يجوز شرعاً عند المحارم ولا عند النساء، وهو داخلٌ في لباس أهل النار كما قال: ((سيكون في آخر أمتي نساء كاسياتٍ عارياتٍ على رؤوسهن كأسنمة البخت إلعنوهنَّ فإنهن ملعونات)) وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: ((لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)) [7].
وقد فسر العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية [8] الكاسيات العاريات: بأنَّ من معانيها أن تلبس الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها. وقد انتشر عند النساء ظاهرة اللباس الذي يكون أسفلهُ ضيقاً لا تكاد المرأة تمشي فيه، ومما يزيدُ الأمر فتنة وضع فتحات جانبيه تظهر ساقيها. وجزءاً من فخذها. والله المستعان!!
ثانياً: ليس للمرأة أن تلبس البنطلون، لأنه من الثياب الضيقة التي تحددُ أجزاء البدن التي تحيط بها. فهو داخلٌ في معنى الحديث، ثم إنَّ في لبسه تشبهاً بالرجال، لأنه من لباسهم، بل إني أخشى أن يكون لبس المرأة البنطلون داخلاً في ثوب الشهرة الذي سيأتي الحديث عنه إن شاء الله.
ثالثاً: إنَّ هذا اللباس الضيق له آثار على بدن المرأة، يقول الدكتور وجيه زين العابدين: إنَّ الملابس الضيقة لا تخلو من أضرار لما قد تسببه من حساسية الجلد، والضغط على الأحشاء الداخلية، هذا عدا حساسية النايلون نفسه([9]).
الشرط الثالث: ألا يشبه لباس الرجال
فإنَّ لثوب الرجل صفات أهما أن يكون فوق الكعبين أو إلى أنصاف الساقين، وقد ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي قال: ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) [10].
ولكن الأمر أنعكس في هذا العصر، فصار ثوب كثيرٍ من النساء فوق الكعبين، وبعضهنَّ إلى أنصاف الساقين، وصار ثوب الرجال أسفل من الكعبين، ولا شك أنَّ قصر ثوب المرأة يُؤدي إلى ظهور عورتها من القدم والساق ونحوهما، وظهور زينتها إذا قامت، أو انحنت، أو جلست، والله يقول: ((وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)) (النور: 31) فإذا نُهيت عن إظهار زينة الرجل فهي منهية عن إظهار الرجل نفسها من باب أولى.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لعن رسول الله الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"([11]).
ولباس المرأة أسفل من الكعبين لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن! قال: يرخينه شبراً، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه)) [12].
فهذا فيه دليل على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة - رضي الله عنه - الجميع وأن الرجلين والساقين مما يخفى ولا يجوز إظهاره، فلابدَّ من ستره، ولا يكون ذلك إلاَّ بأن ترخي المرأة ثوبها شبراً أو ذراعاً، فعلى المرأة المسلمة أن تعمل بهذا الحديث، وتفصل ثيابها على ما يقتضيه الدليل الشرعي، ويكون لها قدوة بنساء خير الأمة وأفضل القرون.
وهناك أحاديث كثيرة تنهى المرأة أن تتشبه بالرجل، وتنهى الرجل أن يتشبه بالمرأة، ولا شك أن تشبه أحد الجنسين بالآخر انحرافٌ عن الفطرة، ودليلٌ على عقليةٍ فاسدة، وهو داءٌ عضال، انتقل إلينا نتيجة الاحتكاك بالغرب، ومحاكاته وتقليده، حتى أصبح الرجل كالمرأة! والمرأة كالرجل، في الزي واللباس والمشية والكلام ونحو ذلك! وهذا أمرٌ مستقبح يأباه الشرع، وتنفرُ منه العقول السليمة، لذا زجر عنه الإسلام، فقد ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: ((لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)) [13] وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لعن رسول الله الرجُلة من النساء" [14].
قال ابن أبي جمرة عن التشبه: "إنَّ الذي تقرر مما فهم من قواعد الشريعة خلفاً عن سلف هو في زي اللباس، وبعض الصفات والحركات وما أشبه ذلك. وأما التشبه بهم في أمور الخير، وطلب العلوم والسلوك في درجات التوفيق فمرغب فيه". ثم ذكر أنَّ الحكمةَ من لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، هي إخراج شيءٍ عن الصفة التي وضعها عليها أحكم الحاكمين، وقد بين ذلك النبي في لعن الواصلات وغيرهن بقوله: ((المغيرات خلق الله)) [15].
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الضابط في تشبه الرجل بالمرأة، وتشبه المرأة بالرجل، وبين أن ذلك يرجع إلى الأغلب، فما كان من اللباس غالبه للرجال نهيت عنه المرأة، وما كان غالبة للمرأة نهي عنه الرجل، مع اعتبار أن النساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، والرجل بضد ذلك، فالمرأة مأمورة بستر قدميها، فثوبها أسفل الكعبين بشبر أو ذراع، والرجل ثوبه فوق الكعبين، فمن فصّل ثوبه على صفة ثوب الآخر فهو متشبه به.
وليس الأمرُ راجعاً على مجرد ما يختاره الرجال والنساء، ويشتهونه ويعتادونه، إذ لو كان الأمر كذلك، لكان إذا اصطلح قومٌ على أن يلبس الرجال الخمار الذي يغطي الرأس والوجه والعنق، وتلبس النساء العمائم والأقبية لكان ذلك سائغاً. وهذا خلاف النص والإجماع، لأنَّ الله - تعالى -قال: ((وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)). فالفارق بين لباس الرجال ولباس النساء، هو ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء، مع ملاحظة الاعتبار السابق [16].
ولهذا نصَّ العلماءُ على أنَّهُ لا يجوزُ للمرأة أن تلبس اللباس الأبيض إذا كانت الملابسُ البيضاء في بلادها من سيما الرجال وشعارهم، لأنَّ هذا تشبه بهم والله أعلم.
الشرط الرابع: ألا يشبه لباس الكافرات
وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، مما ظهرَ في هذا العصر وانتشر باسم "الموديلات"، التي تتغيرُ كل يومٍ من سيئٍ إلى أسوأ! وكيف ترضى امرأة شرَّفها الله بالإسلام، ورفع قدرها. أن تكون تابعةً لمن يملي عليها صفة لباسها، بل صفة تجملها عموماً، ممن لا يؤمنُ بالله ولا باليوم الآخر، لأنَّه لباس فصّل لغيرها، وهل يلبسُ الإنسان ما فصّل له أو ما فصّل لغيره؟!
إنَّ كثيراً من صفات لباسِ المرأة اليوم، لا يتفقُ مع الضوابط التي حددها الإسلام في باب اللباس، وليس لأحدٍ أن يمنع التجديد في صفةِ الخياطة والتفصيل، ما دامت متفقةً مع تعاليم الإسلام في صفة اللباس، لكننا الآن نرى كل يوم صفة للخياطة والتفصيل، فمن أين جاءت؟ وما مدى تحقق شروط اللباس فيها؟ وما دور المرأة المسلمة في ذلك؟ أهو التعقل ومعرفة حكم الإسلام؟ أم هو إجادة التقليد وحب التبعية والإعجاب بما عليه الآخرون من خيرٍ أو شر؟!
لقد انتشرت في المكتبات "مجلاتُ الأزياء" التي تُعنى بصفة لباس المرأة، وتنويع التفصيل، تسابقت النساء إلى اقتنائها، بل إنَّ مما يُؤسف عليه، أنَّ بعضهنَّ لها اشتراك سنوي أو شهري، في هذه المجلات التي هي من وضعِ مصممي الأزياء، الذين خدعوا نساءنا باسم الموضة، وسخروا منهنَّ لترويج بضاعتهم، مع إفساد الأخلاق، والقضاءِ على العفة والنزاهة.
إن انتشار مثل هذه المجلات فيه محاذير عديدة منها:
- اشتمالها على صورِ فتيات شابات عاريات، واقتناءِ الصور حرام للأدلة في ذلك.
- إنَّ هذه الأزياء والموديلات تتنافى غالباً مع قواعد الإسلام في لباس المرأة، لأنها صُممت في بلاد الكفر والإباحية، التي لا ترى بأساً في العري، أو وصف حجم البدن، أو ظهور ما يسبب الفتنة، ونحو ذلك ممَّا تشتمل عليه.
- إنَّ المرأة تتطلعُ إلى كل زي جديد، فيقتضي ذلك بالتدريج نبذ أحكام ديننا والتأثر بأزياءٍ لا تمت إلى الإسلام بصلة، وإذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس، وهذا هو الواقع.
- إنَّ التهافت على شراء هذه المجلات واقتنائها، يوحي بأن عندنا نقصاً في موضوع لباس المرأة، نريد تكميلهُ من غيرنا، ولا ريبَ أنَّ تشبه أمةٍ بأمةٍ في غير ما أذن فيه ينافي الدين، وهو دليلُ الضعف والانحطاط والإحساس بالهزيمة وفقدان الثقة.
- إنَّ هذه المجلات تلعبُ بعقل المرأة، وتجعلها حقلاً للتجارب والحصول على أرباحٍ طائلة، لأنَّ هذه المجلات تتغيرُ بسرعةٍ مذهلة، فكلما تغيرت الموضة ازدادت النساء شراءً وإنفاقاً.
- إنَّ هذه المجلات خدمةً لمعامل الأقمشة الأجنبية، ذلك أنَّ المرأة تفصلُ عدداً من الملابس على نمطٍ معين، حتى إذا أكملت استعدادها تغير "الموديل" فجأة، فتركت ملابسها القديمة، وبدأت في تفصيلٍ جديد، وهكذا!
ولو وضعت المرأة إحصائية لملابسها في العام، لاتضح الإسرافُ في الشراء والخياطة، كما يدلُ على ذلك كثرة مشاغل الخياطة في المدن والقرى.
والقصد أنَّ المرأة منهيةٌ كالرجل عن التشبه بالكفار، ومنه التشبه بهم في اللباس، وقد ورد عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) [17].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم)، كما في قوله - تعالى - ((وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) (سورة المائدة: 51) [18].
وقال في سبل السلام: "والحديث دال على أنَّ من تشبه بالفساق كان منهم، أو بالكفار أو بالمبتدعة في أيِّ شيءٍ مما يختصون به من ملبوسٍ أو مركوبٍ أو هيئة..[19].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأى رسول الله عليّ ثوبين معصفرين، فقال: ("إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها") ([20]).
وفي رواية قال: ((اذهب فاطرحهما عنك" قال: أين يا رسول الله؟ قال: "في النار)) والمعصفر: هو المصبوغ بالعصفر، وهو نبت معروف.
والكلام في التشبه يحتاج إلى بسطٍ ليس هذا مكانه، ولكن أكتفى بالنقاط الآتية:
1) إنَّ الإسلام يريد من المسلم والمسلمة أن يكون لكل منهما شخصيةً مستقلة، وذلك بأن يأخذ عقيدته وعبادته، وأخلاقه وسلوكه، من المصدر الرباني لا من غيره، وبذلك تحصل له العزة والسعادة في الدارين، وإنَّ الأفكار والمناهج الأخرى غير صالحةً للتلقي منها واتباعها، لتحريفها وفسادها، وكفى بأهلها وأتباعها الضالين والمنحرفين دلالةً على عدم صلاحها وإصلاحها.
2) إنَّ التشبه بالكفار ضعفٌ وانهزامية، وعقدةُ نقصٍ سرت في أجسام بعض المسلمين في هذا العصر، بين الرجال والنساء على حدٍ سواء، وكأن عندنا من النقص والتخلف ما نحاولُ أن نمحوه بالتشبه بالكفار، واقتباس مناهجهم وأوضاعهم، وقد حكى ذلك المؤرخ "عبد الرحمن بن خلدون"، وعقد له فصلاً في مقدمته، فليرجع إليه[21]
3) إنَّ التشبه بالكفار لابد أن يورث عند المسلم نوعَ مودةٍ لهم، أو هو على الأقل مظنةُ المودة، فيكون مُحرماً من هذا الوجه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورثُ المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإنَّ إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان) [22].
فليعلم هذا من يتشبه بالإفرنج في لباسهم أو سلوكهم، وعاداتهم وغير ذلك مما يشعرُ بالميل إلى حبهم والإعجاب بهم، ويزدري المسلمين المتمسكين بما هم عليه من لباس وسلوك وعادات.
4) الضابط في موضوع التشبه بالكفار، هو ما ذكرهُ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من أنَّ كل فعلٍ مأخوذ عن الكفار ممَّا هو من خصائصهم فهو تشبه.
أما ما انتشر بين المسلمين مما لا يتميزُ به الكفار، ففي كونه تشبهاً نظر، لكن قد ينهى عنه لئلا يكون ذريعةً إلى التشبه، وإذا عارض هذا الفعل نصاً من نصوص الشريعة أو أصلاً، أو ترتب عليه مفسدةً فإنَّه ينهى عنه لذلك.
والشريعة إذا نهت عن التشبه بالكفار دخل في النهي، ما عليه الكفار قديماً وحديثاً، وبهذا نعلم أنَّ ما عليه الكفار في هذا الزمان من الأخلاق والعادات التي تختص بهم، مما لم يكن معروفاً من قبل فنحنُ منهينَ عنه [23].
----------------------------------------
[1] انظر: فتح الباري (3/405).
[2] الموطأ (1/328)، وانظر: جامع الأصول (3/23).
[3] النظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (15/371).
[4] فتاوى معاصرة ص31.
[5]تفسير ابن كثير (6/471). وانظر تفسير آيات الحجاب ص15.
[6] أخرجه أحمد (5/205)، والبيهقي (2/234) وله شاهد من حديث دحية نفسه أخرجه أبو داود وغيره وفيه مقال. انظر: عون المعبود (11/174)، وحجاب المرأة للألباني ص60، ط الخامسة.
[7] أخرجه الطبراني في الصغير (2/127) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال الألباني. بسند صحيح. حجاب المرأة ص56. وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فسيأتي إن شاء الله.
[8] مجموع الفتاوى (22/146).
[9] مجلة الوعي الإسلامي الكويتية عدد 140 شعبان 1396هـ ص92.
[10] أخرجه البخاري (10/256)، والنسائي (8/207).
[11] أخرجه أبو داود (4/157)، وأحمد 02/325)، والنسائي في عشرة النساء رقم 371. الناشر: مكتبة السنة. وقال النووي: إسناده صحيح (رياض الصالحين ص527).
[12] أخرجه البخاري (10/258)، ومسلم (14/304) دون قوله: فقالت أم سلمة.. الخ، وأخرجه الترمذي بتمامه (5/406)، والنسائي (8/209).
[13] أخرجه البخاري (10/333)، وأبو داود (11/156)، والترمذي (8/69)، وابن ماجة (1/614). ولفظه يختلف.
[14] أخرجه أبو داود (11/157) ورجاله ثقات غير ابن جريح فإنه ملس وقد رواه بالعنعنة لكن له شواهد ذكرنا بعضها فهو حسن. وانظر: جامع الأصول (10/655).
[15] انظر: بهجة النفوس لابن أبي حمزة (4/14).
[16] مجموع فتاوى ابن تيمية (22/146).
[17] أخرجه أبو داود (11/74)، وأحمد (2/50، 92). وإسناد جيد قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص82، وفتح الباري (10/222)، وتخريج أحاديث إحياء علوم الدين للعراقي (1/269) بهامش الإحياء.
[18] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص83 تحقيق: محمد حامد الفقي.
[19]) سبل السلام (4/348) طبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
[20] أخرجه مسلم (14/297)، وأبو داود (11/118)، والنسائي (8/203، 204)، والحاكم (4/190)، وغيرهم والرواية المذكورة للنسائي.
[21] انظر: مقدمة ابن خلدون ص147. واقرأ في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) فهو مرجع أساسي في موضوع التشبه. وانظر: مجموع الفتاوى (22/154)
[22] اقتضاء الصراط المستقيم (1/39، 40، 489).
[23] المصدر السابق (1/242).
22/3/1426 هـ
1/5/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/71)
خروج المرأة إلى العمل والثروة المهدرة
عادل أبو السعود
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وبعد:
أخي المسلم أختي المسلمة:
مما لاشك فيه أن ميدان المرأة الذي يجب ألا تغيب عنه لحظة هو بيتها، وأن أعظم مسئولية ملقاة على عاتقها هي تربية أبنائها...، هذا مايريد الإسلام منها لذا أمرها الله - عز وجل - بالقرار في بيتها قال - تعالى -: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب: 33)تجلس في بيتها ترعى صغارها لتقدم للأمة كما قدمت من قبل الخلفاء الراشدين، والأبطال المجاهدين، وعباقرة الدنيا والدين.
بيت بلا امرأة محراب بلا إمام، وطريق بلا أعلام، يريد الإسلام من المرأة العفاف والستر، يريد أن تكون أمينة حصينة، ويريد الكفر منها أن تتبرج، وبالفتنة تتبهرج، وعلى الثلج تتزلج، ويريدون منها أن تكون عالمة فيزياء وعارضة أزياء ولو فتنت رجالها وعقت أطفالها وضيعت أجيالها .... جعلوها سلعة للدعاية والإعلان، وخطيبة في البرلمان، تشارك في التجارة، وتقاتل الجيوش الجرارة، وجعلوها جندي شرطة،.... تمطي الدبابة، وتطارد الكتائب في الغابة... (مقامات القرني)
أخي المسلم.. أختي المسلمة:
كيف تترك المرأة ميدان الجهاد وتخرج من بيتها بلا عذر؟ من يزرع معاني الإيمان ويغرس العقيدة والأخلاق في نفوس كنوز الأمة - أطفال المسلمين- ؟
يهرفون بما لا يعرفون:
قالوا: أن المجتمع المسلم يخسر كثيراً من طاقاته ببقاء المرأة في البيت - وصحة هذا القول تقتضي أن عمل المرأة في بيتها ليس له قيمة، وأنها فرد عاطل في مجتمع المسلمين وغير منتج ... قالوا: إن المجتمع الغربي استثمر كل طاقاته البشرية حين أخرج المرأة من بيتها لتعمل مع الرجال.... في المتجر والمصنع والمكتب.... وصحة هذا القول تقتضي أن الرجال جميعهم يعملون. وإن هناك أعمالا ووظائف شاغرة تبحث عمن يشغلها فلا تجد أحدا. فعلم بطلان ما زعموا؟!
وشهد شاهد من أهلها:
جاء في تقرير الأمم المتحدة(لو أن نساء العالم تلقين أجوراً نظير القيام بالأعمال المنزلية لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد ولو قامت الزوجات بالاضطراب عن القيام بالأعمال المنزلية لعمت الفوضى في العالم... سيسير الأطفال حفاة عراة دون رعاية في الشوارع، ويرقد الرضع في أسرتهم جياعا تحت وطأة البرد القارص وستتراكم جبال من الملابس القذرة دون غسيل ولن يكون هناك طعام للمأكل ولا ماء للشرب.
ويقول التقرير... إن المرأة لو تقاضت أجراً لكان أجرها أكثر من 500، 14دولارا سنوياً. وإذا كان التقرير قد أشار إلى القيمة الاقتصادية المقابلة لعمل المرأة في البيت فإن هناك ثمرات أخرى إذا قرت المرأة في بيتها منها:
1-بقاء المرأة في بيتها يحافظ عليها كقيمة في مجتمع المسلمين, وأيضاً تنخفض نسبة جرائم المرأة ويحول ذلك دون زيادتها... ففي إحصائية للدوائر الأمنية في مدينة نيويورك جاء فيها أن الجرائم المختلفة التى ترتكبها عناصر نسائية في الولايات المتحدة زادت تصاعديا وبشكل خطير بنسبة 190% خلال الخمس عشرة سنة الماضية وعزت الصحيفة ذلك إلى موجة التحرر التى تعيشها النساء في الولايات المتحدة.
2- المرأة العاملة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العضوية والنفسية معا كما جاء في ندوة الإسكندرية قالت إحدى المحاضرات: إن المرأة العاملة أصبحت معرضة للانهيار العصبي أكثر من مرة لأنها أصبحت تلهث وراء العمل في المنزل وخارجه، وهى لا تستطيع الجمع بينهما فتشعر بالعجز.
وعقب الصحفي الذي نقل الخبر قال: وسبق أن قرأت في كتاب، المستقبل للزواج، (للأمريكية جيس برنارا)(التى تقرر بأن الحياة الزوجية مع العمل الخارجي للمرأة يصيبها بمجموعة من الأمراض-الانهيار العصبي، الإكتئاب، الأرق، الجمود.... )
3-ولعل أهم الآثار المترتبة على خروج المرأة من بيتها بلا عذر أو سبب، ضياع الأطفال تلك الثروة المهدرة التى هي أعظم وأثمن ما تملكه الأمة أثمن من الذهب الأحمر وأغلى من بترول الخليج.....
لقد نشرت صحيفة(الديلى أكسبرس)البريطانية تقريراً لإحدى جمعيات الأطفال جاء فيه.... أن الأمهات اللواتي يخرجن من منازلهن من أجل العمل يرتكبن خطأً كبيرا.... إذ الأطفال ينشئون كسالى، ويتهربون من أداء الواجبات، ويتغيبون عن المدارس بلا عذر أو سبب... وختم التقرير بالقول(إننا نأسف أشد الأسف لحالة الأمهات اللواتي يتركن أطفالهن من أجل العمل والحصول على بعض المال... (رسائل عربية).
حلول سهلة وبسيطة:
في إحدى الجامعات الأمريكية، اقترح المحاضر في محاضرته المفتوحة علا طلابه اقتراح مايرونه من حلول لمشكلة البطالة المتفاقمة.
اقترح أحد الطلبة... افتتاح مزيد من المصانع والمشاريع لاستيعاب العاطلين عن العمل فيها.
واقترح آخر..... تأميم الدولة جميع الشركات والمصانع لتقوم هي بتوفير فرص وظيفة أكثر، واقترح ثالث تخفيض ساعات العمل وزيادة أيام الأجازة الأسبوعية مما يقتضى تعيين المزيد من العاملين إنجاز العمل أما صاحبنا الطالب الكويتي فتوجه إلى اللوح ورسم ثلاث دوائر ... كتب داخل إحداها رجال عاملون، وفى الثانية رجال عاطلون، وفى الثالثة نساء عاملات وشرح اقتراحه بقوله:
الحل هو أن ينتقل الرجال العاطلون إلى دائرة النساء العاملات وتنتقل النساء العاملات إلى بيوتهن في تربية أطفالهن ورعاية أزواجهن وأضاف الطالب وبهذا نكون قد ألغينا البطالة وحفظنا المجتمع من الأمراض الاجتماعية الخطيرة الناتجة عن تصدع الأسر وغياب الأمهات عن البيوت، وختم الطالب شرحه البسيط الموجز بقوله: يبقى أن أذكر أن هذا الحل قرره الإسلام قبل أربعة عشر قرنا.
الآن وبعد أن ظهرت لنا حاجة المجتمع بل الأمة إلى بقاء المرأة في بيتها أكثر من حاجة إليها في المتجر والمصنع والمكتب... والغرب مقر بذلك وبضرورة عودة المرأة إلى بيتها هناك سؤال نطرحه: لماذا لم يتراجع الغرب عن موقفه من عمل المرأة؟
الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في نقاط ثلاثة:
أولا: بعد الحرب العالمية الأولى والثانية فقدت أوروبا كثيراً من رجالها وكانت عملية البناء لما خلفته الحرب من دمار وخراب تحتاج إلى كثير من الناس إضافة إلى أن معظم الأسر فقدت عائلها في الحرب لهذا كان لابد للمرأة أن تحل محل الرجل وتعمل في كثير من أعماله... فعملها إذا اقتضته حاجة طارئة... ناشئة وإن كان لا يتفق مع فطرتها.
ثانيا: تشريعات الغرب لا تلزم الرجل بالإنفاق على المرأة إذا كانت بنتاً أو أختاً وبلغت الثامنة عشرة.... وما يروى في هذا أكثر من أن يحصى.
قال العويد في رسالة إلى حواء:
واختار ما رواه الشيخ على الطنطاوي من الأستاذ الدكتور/يحيى الشماع الذي درس في باريس،... ذهب إلى منزل أسرة دل عليها... ليستأجر غرفة لديها فقابل وهو داخل إلى الدار بنتا تبكى فسأل مالها؟ قالوا: هذه بنتنا ولكنها انفصلت عنا لتعيش وحدها فقال: إنها تبكى قالوا: لقد جاءت تستأجر غرفة عندنا فلم نؤجرها. قال: ولم؟ قالوا أنها دفعت أجرة.
عشرين فرنكا وغيرها يدفع ثلاثين! أ. هـ ولقد تعالت صرخات المصلحين في الشرق والغرب يطالبون بعودة المرأة إلى بيتها فهو أولى ولها أحوج.
وتلك أقوالهم:
*لقد مضى الآن نحو أربعين سنة على نيل المرأة الأمريكية حقوقها السياسية وحريتها الاجتماعية... والسؤال هو: هل هذه الحرية التى نالتها المرأة جعلتها أسعد مما كانت من قبل - أم ادمز الأمريكية.
*إن زوجتي تعمل مديرة مصنع، وكثيراً ما تجلب عملاً معها في البيت. أقول: أما ولديها كل هذا العمل... فما الذي تستطيع عمله لبيتها وأولادها وزوجها؟ (روسي-سوفيت-سكايا).
*لقد عشت عمري في سعادة كنت أنظف البيت... وأطبخ ما يروقني من طعام... وماذا تريد المرأة أكثر من زوج طيب... وطعام شهى... وبيت مريح... -يابانية
*إن عمل المرأة إهانة... حتى إن كانت وزيرة! وما الذي تعينه الوزيرة؟... كأن المرأة تحكم العلم من غرفة النوم...!!
د/مصطفى محمود
•إني أرى العدل أن تتاح الفرصة للتعليم التخصصي- اقتصاد منزلي، طب أطفال، تطريز- فتصبح لدينا فئة من الأمهات المتخصصات، أما ماعدا هذا فمن الأجدى أن يتفرغن لمهمة لا تقل خطورة عن الطب والهندسة، وهي العناية بتربية الأجيال الجديدة. نجيب محفوظ
*أنا أنثى أعتز بأنوثتي ... وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله... وأنا ربة بيت ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملة أخدم خارج نطاق الأسرة... ولكن-يا رب أشهد-بيتي أولا... ثم بيتي... ثم بيتي... ثم العالم الآخر.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/72)
الحجاب وأصول الاعتقاد
عبد العزيز بن ناصر الجليل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه. أما بعد:
فلم يعد خافياً على أحد ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة من الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها وقرارها في بيتها؛ حيث ضاق عطنهم وأخرجوا مكنونهم ونفذوا كثيراً من مخططاتهم في كثير من مجتمعات المسلمين؛ وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات تعج بالسفور والاختلاط والفساد المستطير مما أفسد الأعراض والأخلاق، وبقيت بقية من بلدان المسلمين لا زال فيها والحمد لله يقظة من أهل العلم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرومون إليه. وهذه سنة الله - عز وجل - في الصراع بين الحق والباطل والمدافعة بين المصلحين والمفسدين.
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة مع وجود أهل العلم والغيرة أن أولئك المفسدين لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة؛ ولكنهم يتسترون وراء الدين ويُلبِسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه، وهذا شأن أهل الزيغ كما وصفهم الله - عز وجل - في قوله: (فّأّمَّا الذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌمً زّيًغِ فّيّتَّبٌعٍونّ مّا تّشّابّهّ مٌنًهٍ ابًتٌغّاءّ الفٌتًنّةٌ وابًتٌغّاءّ تّأّوٌيلٌهٌ) [آل عمران: 7]. وهم أول من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال، ولو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن أول ما دخل الفساد على أية أمة فإنما هو من باب الفتنة بالنساء، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: (ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء) [1]،
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (...واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) [2].
وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد، وملل الكفر أول من يعرف هذه الحقيقة؛ حيث إنهم من باب الفتنة بالنساء دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المهزومون من بني جلدتنا ممن رضعوا من ألبان الغرب وأفكاره، ولكن لأنهم يعيشون في بيئة مسلمة ولا زال لأهل العلم والغيرة حضورهم؛ فإنهم كما سبق بيان ذلك لا يتجرؤون على طرح مطالبهم التغريبية بشكل صريح لعلمهم بطبيعة تديُّن الناس ورفضهم لطروحاتهم وخوفهم من الافتضاح بين الناس، ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع، وإخراج مطالبتهم في قوالب إسلامية وما فتئوا يلبسون الحق بالباطل.
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونة الأخيرة مطالبتهم في مجتمعات محافظة بكشف المرأة عن وجهها وإخراجها من بيتها معتمدين بزعمهم على أدلة شرعية وأقوالٍ لبعض العلماء في ذلك. ولنا في مناقشة هؤلاء القوم المطالبين بكشف وجه المرأة المسلمة أمام الأجانب واختلاطها بهم في مجتمع محافظ لا يعرف نساؤه إلا الحجاب الكامل والبعد عن الأجانب لنا في ذلك عدة وقفات:
الوقفة الأولى:
إن هناك فرقاً في تناول قضية الحجاب وهل يدخل في ذلك الوجه أم لا؟ بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر، وبين الأجر الواحد مع العذر هناك فرق بين أولئك وبين من يتبع الزلات، ويحكم بالتشهي، ويرجِّح بالهوى؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها؛ فيؤول حاله إلى الفسق وَرِقَّة الدين ونقص العبودية وضعف الاستسلام لشرع الله - عز وجل -.
وهناك فرق بين تلك الفتاوى المحلولة العقال المبنية على التجرِّي لا على التحري التي يصدرها قوم لا خلاق لهم من الصحافيين ومن أسموهم المفكرين تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجاً، وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجاً، ينفرون من تغطية الوجه لا لأن البحث العلمي المجرد أدَّاهم إلى أنه مكروه أو جائز أو بدعة كما يُرجفون، ولكن لأنه يشمئز منه متبوعهم من كفار الشرق والغرب. فاللهم باعد بين نسائنا وبناتنا وأخواتنا وبينهم كما باعدت بين المشرق والمغرب ) [3]. ولك أن تقدر شدة مكر القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتَّبعوا التمدن الغربي، ثم يسوِّغون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي.
ولقد أوتيت المرأة من الرخص في النظام الإسلامي أن تبدي وجهها وكفيها إذا دعت الحاجة في بعض الأحوال، وأن تخرج من بيتها لحاجتها، ولكن هؤلاء يجعلون هذا نقطة البدء وبداية المسير، ويتمادون إلى أن يخلعوا عن أنفسهم ثوب الحياء والاحتشام، فلا يقف الأمر بإناثهم عند إبداء الوجه والكفين، يل يجاوزه إلى تعرية الشعر والذراع والنحر إلى آخر هذه الهيئة القبيحة المعروفة، وهي الهيئة التي لا تخص بها المرأة الأزواج والأخوات والمحارم فقط، بل يخرجن بكل تبرج من بيوتهن، ويمشين في الأسواق، ويخالطن الرجال في الجامعات، ويأتين الفنادق والمسارح، ويتبسطن مع الرجال الأجانب.
ثم يأتي القوم فيحملون رخصة الإسلام للمرأة في الخروج من البيت للحاجة وهي الرخصة المشروطة بالتستر والتعفف؛ على أنه يحل لها أن تغدو وتروح في الطرقات، وتتردد إلى المتنزهات والملاعب والسينما في أبهى زينة، وأفتنها للناظرين، ثم يتخذ إذن الإسلام لها في ممارسة أمور غير الشؤون المنزلية ذلك الإذن المقيد المشروط بأحوال خاصة يُتَّخذ حجة ودليلاً على أن تودِّع المرأة المسلمة جميع تبعات الحياة المنزلية، وتدخل في النشاط السياسي والاقتصادي والعمراني تماماً وحذو القُذَّة بالقذة كما فعلت الإفرنجية.
وهاهو ذا الشيخ المودودي - رحمه الله - يصرخ في وجوه هؤلاء الأحرار في سياستهم، العبيد في عقليتهم قائلاً: "ولا ندري أيُّ القرآن أو الحديث يُستخرَج منه جواز هذا النمط المبتذل من الحياة؟ وإنكم يا إخوان التجدد إن شاء أحدكم أن يتبع غير سبيل الإسلام فهلاَّ يجترئ ويصرح بأنه يريد أن يبغي على الإسلام، ويتفلَّت من شرائعه؟ وهلاَّ يربأ بنفسه عن هذا النفاق الذميم والخيانة الوقحة التي تزيِّن له أن يتَّبع علناً ذلك النظام الاجتماعي وذلك النمط من الحياة الذي يحرمه الإسلام شكلاً وموضوعاً، ثم يخطو الخطوة الأولى في هذا السبيل باسم اتِّباع القرآن كي ينخدع به الناس فيحسبوا أن خطواته التالية موافقة للقرآن؟ ) [4].
الوقفة الثانية:
وهي نتيجة للوقفة الأولى، وذلك بأن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم وما يدور بينها وبين السفور من معارك إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله - عز وجل - في كل صغيرة وكبيرة وعدم فصله عن شؤون الحياة كلها؛ لأن ذلك هو مقتضى الرضى بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً.
إن التشنيع على تغطية المرأة وجهها والتهالك على خروجها من بيتها واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية ولكنها مسألة خطيرة لها ما بعدها؛ لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس وعلى تغريب المجتمع وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنه بالطلقة الأولى.
وإن لنا في جعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية كلية مع أن محلها كتب الفروع إن لنا في ذلك أسوة في سلف الأمة؛ حيث صنفوا بعض المسائل الفرعية مع أصول الاعتقاد لَمَّا رأوا أن أهل البدع يشنِّعون على أهل السنة فيها ويفاصلون عليها، من ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية في قوله عن أهل السنة والجماعة: (ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر) وعلق شارح الطحاوية على ذلك بقوله: (وتواترت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة، تخالف هذه السنة المتواترة) [5].
ومعلوم أن المسح على الخفين من المسائل الفقهية؛ ولكن لأن أهل البدع أنكروه وشنعوا على مخالفيهم فيه نص العلماء عليه في عقائدهم.
إذن فلا لوم على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية مصيرية، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيهم عليه ولحملتهم المحمومة لنزعه وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع من ذلك، وأنها لم تعد مسألة فقهية يتناقش فيها أهل العلم المتجردون لمعرفة الراجح وجوانب الحاجة والضرورة فيه.
وقد صرَّح بعضُ العلماء بتكفير من قال بالسفور ورفْع الحجاب وإطلاق حرية المرأة؛ إذا قال ذلك معتقداً جوازه.
قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه: (المسائل الكافية؛ في بيان وجوب صدق خبر رب البرية)[6]: (المسألة السابعة والثلاثون): من يقول بالسفور ورفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة ففيه تفصيل:
فإن كان يقول ذلك ويُحسِّنُه للغير مع اعتقاده عَدَم جوازه، فهو مؤمن فاسق يجب عليه الرجوعُ عن قوله، وإظهارُ ذلك لدى العموم.
وإن قال ذلك معتقداً جوازه، ويراه من إنصاف المرأة المهضومة الحق على دعواه! فهذا يكفر لثلاثة أوجه:
الأول: لمخالفته القرآن: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ) [الأحزاب: 59].
الثاني: لمحبته إظهار الفاحشة في المؤمنين. ونتيجة رفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة واختلاط الرجال بالنساء: هو ظهور الفاحشة، وهو بيِّنٌ لا يحتاج إلى دليل.
الثالث: نسبةُ الحيف على المرأة، وظلمها إلى الله - تعالى - الله عما يقول المارقون؛ لأنه هو الذي أمر نبيه بذلك، وهو بيِّنٌ أيضاً.
قلتُ: وظهور الفاحشة نتيجة لرفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة، واختلاط النساء بالرجال يَشهد به الواقعُ من حال الإفرنج والمتفرنجين الذين ينتسبون إلى الإسلام، وهم في غاية البعد منه.
وصرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي أيضاً بتكفير من أظهرت زينتها الخلقية أو المكتسبة، معتقدة جواز ذلك، فقال في كتابه المشار إليه ما نصُّه: (المسألة السادسة والثلاثون ): من أظهرت من النساء زينتها الخِلقية أو المكتسبة؛ فالخلقية: الوجه والعنق والمعصم ونحو ذلك، والمكتسبة ما تتحلى وتتزين به الخلقة كالكحل في العين، والعقد في العنق، والخاتم في الإصبع، والأساور في المعصم، والخلخال في الرِّجل، والثياب الملونة على البدن، ففي حكم ما فعلتْ تفصيل:
فإن أظهرت شيئاً مما ذُكِرَ معتقدة عدم جواز ذلك، فهي مؤمنة فاسقة تجب عليها التوبة من ذلك، وإن فعلته معتقدة جواز ذلك فهي كافرة لمخالفتها القرآن؛ لأن القرآن نهاها عن إظهار شيء من زينتها لأحد إلا لمن استثناه القرآن، قال الله - تعالى -: (ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ)[النور: 31].
قال هشام بن عمار: سمعت مالكاً يقول من سَبَّ أبا بكر وعمر أُدِّب، ومن سَبَّ عائشة قُتِل؛ لأن الله يقول: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [النور: 71]. فمن سَبَّ عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قُتِل أي لأنه استباح ما حرَّم الله - تعالى -انتهى.
الوقفة الثالثة:
ليس المقصود في هذه الوقفات حشداً للأدلة الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب ووجوب الابتعاد عنهم؛ فهي كثيرة وصحيحة وصريحة والحمد لله ويمكن الرجوع إليها في فتاوى أهل العلم الراسخين ورسائلهم كرسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.
ومن الكتب التي توسعت في هذا الموضوع وردَّت على شبهات المخالفين كتاب: (عودة الحجاب/ القسم الثالث) للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم - حفظه الله - وإنما المقصود في هذه المقالة ما ذكر سابقاً من فضح نوايا المنادين بكشف الوجه والاختلاط بالرجال، وأن وراء ذلك خطوات وخطوات من الفساد والإفساد؛ ومع ذلك يحسن بنا في هذه الوقفة أن نشير إلى أن علماء الأمة في القديم والحديث من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه المرأة وكفيها إذا وُجِدَت الفتنة وقامت أسبابها؛ فبربكم أي فتنة هي أشد من فتنة النساء في هذا الزمان؛ حيث بلغت وسائل الفتنة والإغراء بهن مبلغاً لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الإنس في عرض المرأة بصورها المثيرة في كل شيء في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع؛ فمن قال بعد ذلك: إن كشف المرأة عن وجهها أو شيء من جسدها لا يثير الفتنة فهو والله مغالط مكابر لا يوافقه في ذلك من له مُسْكَة من دين أو عقل أو مروءة.
وبعد التأكيد على أن أهل العلم قاطبة متفقون على وجوب تغطية الوجه إذا وجدت الفتنة يتبين لنا أن خلافهم في ذلك كان محصوراً فيما إذا أُمِنَتِ الفتنةُ، ومع ذلك فتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هذا القدر من الخلاف بقي خلافاً نظرياً إلى حد بعيد؛ حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية خلال مراحل التاريخ الإسلامي، وفيما يلي نُقُول عن بعض الأئمة تؤكد أن التزام الحجاب كان أحد معالم (سبيل المؤمنين) في شتى العصور: قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله تعالى -: (كانت سُنَّة المؤمنين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحرة تحتجب، والأَمَةُ تبرز) [7].
وقال أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى -: (لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات) [8].
وقال الحافظ ابن حجر: (لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب) [9].
وقد يتعلق دعاة السفور أيضاً ببعض الحالات التي أذن الشارع للمرأة فيها بكشف وجهها لغير محارمها كرؤية الخاطب لمخطوبته، وعند التداوي إذا عدمت الطبيبة بشرط عدم الخلوة وعند الشهادة أمام القاضي ونحوها، وهذا كله من يُسْر الشريعة وسماحة الإسلام؛ حيث رُخِّص للمرأة إذا اقتضت المصلحة الراجحة والحاجة الماسة أن تكشف عن وجهها في مثل هذه الأحكام؛ وليس في هذا أدنى مُتَعَلَّق لدعاة السفور؛ لأن الأصل هو الحجاب الكامل وهذه رخص تزول إذا زالت الحاجة إليه.
الوقفة الرابعة:
ومن منطلق النصح والشفقة وإقامة الحجة أتوجه بالكلمات الآتية إلى أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم وأساؤوا إلى مجتمعهم وأمتهم وخانوا أماناتهم وحملوا بذلك أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون فأرجو أن تجد هذه الكلمات آذاناً صاغية وقلوباً واعية قبل مباغتة الأجل وهجوم الموت؛ حيث لا تقبل التوبة ولا ينفع الندم.
1- أذكِّركم بموعظة الله - تعالى -؛ إذ يقول: (قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}([سبأ: 46]. فماذا عليكم لو قام كل فرد منكم مع نفسه أو مع صاحبه، ثم فكرتم فيما أنتم عليه من إفساد وصد عن سبيل الله - عز وجل -، هل أنتم مقتنعون بما تفعلون وبما تجرُّونه على أمتكم من الفتن؟ وهل هذا يرضي الله - تعالى -، ويجلب النعيم لكم في الآخرة؟ إنكم إن قمتم لله - عز وجل - متجردين مثنى أو فرادى، وفكرتم في ذلك فإن الجواب البدهي هو أن الفساد والإفساد لا يحبه الله - عز وجل -، بل يمقته، ويمقت أهله، وسيأتي اليوم الذي يمقت فيه أهل الفساد أنفسهم، ويتحسرون على ما فرطوا وضيعوا وأفسدوا، وذلك في يوم الحسرة؛ حيث لا ينفع التحسر ولا التندم، فعليكم بالتوبة قبل أن يحال بينكم وبينها.
2- أذكِّركم بيوم الحسرة والندامة يوم يتبرأ منكم الأتباع وتتبرؤون من الأتباع، ولكن حين لا ينفع الاستعتاب ولا التنصل ولا التبرؤ، بل كما قال - تعالى -: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 33].
أذكِّركم بالأثقال العظيمة التي ستحملونها يوم القيامة من أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علم إن لم تتوبوا، قال - تعالى -: {ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ولَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 13]، وقال - عز وجل -: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ومِنْ أَوْزَارِ الَذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
وإن الظالمين جميعهم رئيسهم ومرؤوسهم، تابعهم ومتبوعهم لهم يوم مشهود ويوم عصيب، يوم يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً، ويحيل التبعة بعضهم على بعض؛ ولكن حين لا يجدي لهم ذلك إلا الخزي والبوار.
3- إن لم يُجْدِ واعظُ الله - سبحانه - والدار الآخرة فيكم فلا أقل من أن يوجد عندكم بقية مروءة وحياء تمنعكم من إفساد المرأة وإفساد المجتمع بأسره.
إن المتأمل لحال المتبعين للشهوات اليوم ليأخذه العجب والحيرة من أمرهم! فما لهم وللمرأة المسلمة التي تقر في منزلها توفر السكن لزوجها وترعى أولادها؟ ماذا عليهم لو تركوها في هذا الحصن الحصين تؤدي دورها الذي يناسب أنوثتها وطبيعتها؟ ماذا يريدون من عملهم هذا؟ !
ثم ماذا عليهم لو تركوا أولاد المسلمين يتربون على الخير والدين والخصال الكريمة؟ ماذا يريدون من إفسادهم وتسليط برامج الإفساد المختلفة عليهم؟ هل يريدون جيلاً منحلاًّ يكون وبالاً على مجتمعه ذليلاً لأعدائه عبداً لشهواته؟ إن هذه هي النتيجة؛ وإن من يسعى لهذه النتيجة الوخيمة التي تتجه إليها الأسر المسلمة اليوم لهو من أشد الناس خيانة لمجتمعه وأمته وتاريخه.
إن من عنده أدنى مروءة ونخوة فضلاً عن الدين والإيمان لا يسمح لنفسه أن يكون من هؤلاء الظالمين، وما ذُكِرَ من إفساد الأسرة إنما هو على سبيل المثال لا الحصر؛ فيا من وصلوا إلى هذا المستوى من الهبوط والجناية! توبوا إلى ربكم، وفكِّروا في غايتكم ومصيركم، واعلموا أن وراءكم أنباءاً عظيمة وأهوالاً جسيمة تشيب لها الولدان، وتشخص فيها الأبصار؛ فإن كنتم تؤمنون بهذا فاستيقظوا من غفلتكم وراجعوا أنفسكم، والله - جل وعلا - يغفر الذنوب جميعاً، وإن كنتم لا تؤمنون بذلك فراجعوا دينكم، وادخلوا في السلم كافة قبل أن يحال بينكم وبين ما تشتهون.
4 - يا قومنا! أعدوا للسؤال جواباً وذلك حين يسألكم عالم الغيب والشهادة عن مقاصدكم في حملتكم وإجلابكم على المرأة وحجابها وقرارها في بيتها، فماذا أنتم قائلون لربكم - سبحانه -؟ إنكم تستطيعون أن تفروا من المخلوق فتدلِّسون وتلبِّسون، وقد يظهر ذلك للناس في لحن القول وقد لا يظهر؛ لكن كيف الفرار ممن يعلم ما تخفون وما تعلنون؟ (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة: 81]. فتوبوا إلى علاَّم الغيوب ما دمتم في زمن التوبة، وصحِّحوا بواطنكم قبل أن يُبعثَر ما في القبور ويُحَصَّل ما في الصدور.
وختاماً:
أوصي نفسي وإخواني المسلمين الحريصين على دينهم وأعراضهم وسلامة مجتمعاتهم من الفساد بأن يكونوا يقظين لما يطرحه الظالمون لأنفسهم وأمتهم من كتابات وحوارات مؤداها دعوة إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب، فما دامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين فإن الله - عز وجل - يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق. وينبغي أن لا ننسى في خضم الردود على ما يكتبه المفسدون من الشبهات والشهوات؛ ذلكم السيل الهادر الذي يتدفق من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية في بلاد المسلمين؛ وذلك بما تبثه الإذاعات والتلفاز والقنوات الفضائية من دعوة للمرأة إلى السفور ومزاحمة الرجال في الأعمال والطرقات، والتمرد على الرجل سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً؛ ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين فكان لزاماً على المصلحين محاربتها وإبعادها عن بيوت المسلمين قدر الاستطاعة، فإن لم يكن إلى ذلك سبيل فلا أقل من تكثيف الدعاية ضدها والتحذير من شرها ووقاية المسلمين من خطرها؛ وذلك بإصدار الفتاوى المتتابعة والخطب المكثفة حول أضرارها وأثرها المدمر للدين والأخلاق؛ فإنها والله لا تقل خطراً عما تكتبه الأقلام الآثمة عن المرأة إن لم تزد عليه، والمقصود أن لا يكتفي المصلحون بمحاربة ما يكتبه المفسدون في الصحف والمجلات عن المرأة فإن هم سكتوا سكت المصلحون وظنوا أن الخطر قد انتهى. كلا! إن الخطر لم ينته وإن المعركة مستمرة؛ لأن الخطر الأكبر لا يزال قائماً ما دامت الوسائل المسموعة والمرئية لا تكفُّ عن المرأة والاستهزاء بحجابها وقرارها في بيتها وقوامة الرجل عليها، وإثارة الشبهات في ذلك.
أسأل الله - عز وجل - أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعز دينه ويعلي كلمته، وأن يرد كيد المفسدين في نحورهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
––––––––––––––––––––––––––––––––––––
(1) رواه البخاري، ح/ 6074.
(2) رواه مسلم، ح/ 5294.
(3) انظر عودة الحجاب، 3/ 734.
(4) انظر مقدمة عودة الحجاب للدكتور محمد إسماعيل المقدم، ص 22، 32 باختصار وتصرف يسير.
(5) شرح الطحاوية، ص 683.
(6) عن كتاب الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور، للشيخ حمد التويجري - رحمه الله -.
(7) تفسير سورة النور، ص 56.
(8) إحياء علوم الدين، 4 / 927.
(9) فتح الباري، 9/423.
مجلة البيان / العدد (150) التاريخ - صفر / 1421هـ.
9/8/1425 هـ
23/09/2004
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/73)
رؤية بين مجتمعين
الدكتور سعد بن عبدالله الحميد
حرص أعداءُ الإسلام على استغلال المرأة المسلمة، لهدم مبادئ الأمة الإسلامية من الداخل، ولقد تعددت المداخل التي دخلوا منها للمرأة المسلمة،
ومن أهم تلك المداخل: حث المرأة المسلمة على الخروج من البيت، إما للعمل أو لمزاولة نشاطات في عدد من المجالات المختلفة، وقد تمت تهيئةُ مختلفِ وسائل الاختلاط بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، مع ضعف الضوابط التي تضبط المرأة.
وقد بدأت عملية أخراج المرأة من بيتها، بغرض وظائف متعددة للنساء، ووضع المميزات والمغريات المادية، التي تحفزهنَّ للعمل، وأصبحت النساءُ ينافسن الرجال في أعمال لم يخلقن لمثلها، وقد فتحت الأقسام النسائية في عددِ من الأماكن، التي كان من الممكن شغرها بالرجال الذين ضاقت عليهم سبل العيش، ولا يجد الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته، ويلم شعثه، ويحصن نفسه بالزواج، ويكونَ أسرةً مسلمة، لها مردودها الإيجابي على المجتمع كافة، ومن هذا يدخلُ في عالم الفراغ، ويغلبه ضعف الإيمان في قلبه، وتغلبه شهوته، ليبدأ أعمالهُ الإجرامية، كالسرقة والزنا، واللواط وتعاطي المخدرات.
ونتيجة لهذا يحكم عليه بالإجرام، ويقضى على عنصرٍ فعال في المجتمع، وما ذلك إلاَّ نتيجة استجابتنا لنداءاتٍ مغلفةٍ بغلافٍ براق، يسلب الناظرَ إليه عقله، ومن خلف هذا البريق يكمن الخطر.
وقد نجد بيتاً يقومُ عليه شاب فقد أباه، وتحمل أعباءَ أسرته كاملة، والتي تضم أمه وإخوانه وأخواته، وهذا الشاب المسكين يتقلبُ يمنةً ويسرة، للبحث عن عمل يستطيع أن يكفَ به حاجة أسرته فلا يجد، وفي المقابل نجد بيتاً يقوم علية رجل يتمتع بمركز وظيفي مرموق يفيض دخلة عن حاجته، ونجد زوجته وبناته يعملن أيضا، فيكون لديهم من الدخل ما يكفي لإنقاذ أسر متعددة، ولامانع في أن يكون عمل المرأة قصر على الحاجة الملحة، كأن تكون معلمة أو مطببة لبنات جنسها، وماعدا ذلك فهو من اختصاص الرجال ولا ينبغي أن تشاركهم فيه النساء، ولو طبق هذا لكان الخطب أهون، لكننا نجد الأمة تنساق وراء تيار جارف يدعونا الميثاق الذي أخذ الله علينا لانتشالها منه، فالمخطط واضح ومكشوف، والأهم من ذلك عملهم في إبعاد المعوقات التي قد تواجه المرأة، فمثلا...
المرأة التي يعوقها أطفالها عن العمل.. نجد دور الحضانة قد هيئت لذلك ونجد التعليم في بلاد المسلمين وغيرها إنما يهيئ المرأة للعمل، لا لتكون ربة بيت.
وإلى هذا أشار أحد رجال الفكر من الكفار أ نفسهم في كتاب ألفه، والذي نال إعجابهم لدرجة أنه حاز على جائزة نوبل للأدب، وهذا يعني إقرار منهم لما جاء فيه من أراء، والمؤلف اسمه (ألكسس كارين) وقد سمى كتابه (الإنسان ذل المجهول) وقد نقد التعليم عندهم قائلا: (يجب أن تحسب قوانين التعليم وبخاصة تلك التي تتعلق بالبنات والزواج والطلاق حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء، وينبغي أن تتلقى النساء تعليما أعلى، لا لكي يصبحن طبيبات أو محاميات أو أستاذات ولكن لكي يربين أولادهن حتى يكونوا قوماً نافعين) ويقول أيضا: (أليس من العجيب أن برامج تعليم البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل الغربيين على الحمل فقط، بل أيضا على رعاية صغارها) ونحن نذكر هذا لا لحاجتنا إليه فديننا الإسلامي ولله الحمد قد بين كل شيء، ولكن نذكره لمن يسود وجهه إذا سمع المقالة صدرت عن أحد من أعلام المسلمين، وتهلل وجهه فرحا إذا ذكرت له مقوله لأحد الغربيين فيقول هاهم العقلاء..
وأصحاب تلك البلاد ينتقدون هذه الأوضاع التي جلبوها إلى بلادنا، ليبدؤوا بنا من حيث انتهوهم، وليساوونا بهم، مع أن وضعنا يختلف عن وضعهم، فلئن كانت المرأة في الغرب معذورة لأنها لا تجد الدين الذي يحفظ لها حقها، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها، ولا تجد المجتمع الذي يحتضنها إذا عجزت وخارت قواها، فما عذر المرأة في ديار الإسلام وقد أكرمها الله أما، وبنتا، وزوجةً، وذات رحم، ألم يكفل الله لها حقوقها؟ فحقها كأم مقدم على حق الأب كما جاء في حديث النبي صلى الله علية وسلم إذ جاءه رجل فقال: ((يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من؟ فقال: أبوك)).
وكفل لها حقها وهي طفلة، عندما أنقذها من براثن الجاهلية التي كانت تفتك بها وتغتالها ((وإذا الموؤدة سئلت، بأي ذنب قتلت)) صدق الله العظيم.
وكفل الله - سبحانه وتعالى - للمرآة حقها وهي زوجة ففي الصحيحين عنه صلى الله علية وسلم قال: ((استوصوا بالنساء خيرا)) وفي الحديث الصحيح عن الترمذي وغيره، عنه صلى الله علية وسلم قال: ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)).
وفي الصحيحين عنه صلى الله علية وسلم قال: ((إذا انفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقه)).
ولو ذهبنا نتبع النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين وفي الإحسان للبنات والزوجة والأقارب لطال المقام بنا، وهذا أمر لا يكاد يخفى، بل أن حال الغرب كحالنا بل هو أشد وطأة ووضعهم الاجتماعي في غاية من التفكك.
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/74)
دور المرأة في بناء شخصيتها 1/2
إن على المرأة أن تهتم ببناء نفسها فتربيها على القيام بأعمال تقربها إلى الله وتترك ما نهى الله عنه ، وبمعنى آخر عليها أن تستقيم على نهج الإسلام وتلتزم بما جاء به من أحكام ، أي نطلب منها أن تكون مستقيمة أو كما يقال ملتزمة بعض النساء تجدها ترتكب بعض المعاصي وتقصر في الطاعات خصوصاً الفتيات ولا شك أن لهذا أسباباً سنذكرها إن شاء الله في معوقات البناء .
كما نجد بعض الصالحات وقد قصرن في بعض الأمور فقد تجدها صالحة ولكنها لا تدعو إلى الله، و تجدها صالحة ولكن لا تتعلم العلم الشرعي، وتجدها صالحة ولكن أخلاقها سيئة وتجدها صالحة وقد أهملت في حق زوجها وهكذا إذن الالتزام الذي نريد لا يقتصر على لبس الحجاب الشرعي وعدم مشاهدة التلفزيون فقط ، لا بل هناك أمور ينبغي على الملتزمة المستقيمة الصالحة أن تبني نفسها عليها من هذه الأمور :
أن تكون امرأة هادفة : بمعنى أن لها هدفاً في الحياة، لا تعيش هكذا ، تقوم تأكل تصلي تنام ، لا : المفترض أن يكون لك هدف ، وهدف سامي كأن يكون هدفك تربية أولادك وتهيئتهم ليكونوا من الصالحين المصلحين ليكونوا من المجددين لهذه الأمة أمر دينها ، يكون هدفك إصلاح أسرتك ، جيرانك يكون هدفك حفظ القرآن كاملاً ، يكون هدفك أن تطبقي الحياة الإسلامية كاملة في بيتك .
طلب العلم الشرعي : من المؤسف أن كثيراً من النساء جاهلات وشبه جاهلات في أمور دينهم ، حتى وهن متخرجات من الجامعة أو جامعيات
عليك أيتها الأخت بطلب العلم الشرعي، وذلك بمعرفة ما لا يعذر المسلم بالجهل به ، أو ما يسمى بفرض العين كتعلم أمور الطهارة والصلاة مما تحتاجين إليه، ثم تزيدين على ذلك بأن تبدأي بالقرآن الكريم ، كيف تقرأينه ، القراءة الصحيحة ، ثم كيف تحفظينه أو جزءاً منه ، ثم معرفة معاني الكلمات أو الجمل غير الواضحة بالنسبة لك ، كيف تقرأين أو تسمعين كلام ربك وأنت لا تعرفين معناه لو سألت متعلمة جامعية أو دونها بقليل أو قد تكون أعلى بقليل عن معنى كلمة من القرآن لم تعرف . ما معنى المسد ، الصمد ، غاسق ، وقب ، عصف ، عهن ، عاديات ونحو ذلك من الكلمات الموجودة في السور القصيرة التي تكررينها تقريباً كل يوم في حياتك .
ثم تتعلمين الأحاديث وخصوصاً أحاديث الأحكام ما يخصك منها وأحاديث الأذكار، ما أذكار الصباح والمساء ما أذكار الصلاة وما بعد الصلاة ، ماذا تقولين عند دخول الخلاء وعند الخروج منه ، ماذا تقولين عند البدء بالأكل وعند الفراغ منه ، هل تحفظين دعاء السفر ، ماذا تقولين في عمرتك أو حجك وهكذا .
ثم تتعلمين ما يتعلق بعقيدتك الإيمان بالله وماذا يتضمن وماذا يخالفه ، الإيمان بالملائكة والكتب المنزلة ورسل الله واليوم الآخر وتعرفين ما يقدح في التوحيد سواء كان ينافيه أو ينافي كماله ، معرفة البدع التي تقعين فيها و يقع فيها أقرباؤك أو من تعرفين من النساء وهكذا تتعلمين الأحكام الفقهية للنساء كيف تطهر المرأة كيف تغتسل ، ماذا تصنع في الحيض وكيف تطهر منه وتتطهر . كيف تصلي . كيف تزكي ، كيف تصوم كيف تحج وتعتمر ، تتعلم ما يتعلق بأمور النكاح وهكذا.
ثم تنمين ثقافتك بإطلاعك على ما يخطط له الأعداء لإفسادك ، تعرفين ألاعيبهم ولا تنطلي عليك خدعهم .
وتستطيع المرأة أن تحصل على ما تريده من علم عن طريق ما يلي :
1. الدراسة المنهجية الشرعية ، وأخلصي فيها لئلا تكون حجة عليك .
2. حضور دروس العلم للمشايخ في المساجد ، وهذا ولله الحمد متوفر .
فما من درس إلا وفيه مجال لحضور النساء في الغالب ، احضري هذه الدروس أو ما يتيسر منها ولو واحداً في الأسبوع ، وإذا حضرت احضري معك الكتاب الذي يشرحه الشيخ وعلقي معه ما يذكر من فوائد ، راجعي ما شرح وحاول أن تقرأي ما سيشرحه في الدرس القادم .
أما مجرد الحضور هكذا بدون كتاب أو بدون تعليق فالفائدة منه قليلة .
3– الاستماع للأشرطة النافعة وهذا أمر ميسور للنساء جميعاً ولله الحمد.
4– الاستماع لإذاعة القرآن الكريم وخصوصاً ما فيها من فتاوى لهيئة كبار العلماء .
5– قراءة الكتب النافعة والسؤال عما يشكل فيها .
6– سؤال العلماء أو طلبة العلم الموثوقين عما يشكل عليك . تقول عائشة رضي الله عنها( نعم النساء نساء الأنصار لم ينعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)، وعند السؤال لابد من صياغته الصياغة الحقيقية ولا تتلاعبي فيه ، بعض النساء إذا كانت تود أن يكون الحكم بالإباحة صاغت السؤال بطريقة غير صحيحة وضخمت بعض الجوانب وهونت جوانب أخرى وهذا لا يجوز اذكري الواقع كما هو حتى تحصلي على الإجابة الصحيحة .
ثم هنا تنبيه وهو أن بعض النساء تسأل أكثر من شيخ لتتبع الرخص تسأل هذا فإن أفتاها إن هذا حرام ذهبت تسأل آخر وهكذا وهذا خطأ ثم بعد طلب العلم ابني نفسك أيتها الأخت على العبادة فرضها ونفلها ، الفرض بأدائه على وجه الصحيح مع الحرص على الإتيان بواجباته ومستحباته ، الصلاة مثلاً تؤدينها بخشوع وطمأنينة ، لماذا عودت نفسك على الاستعجال فيها لماذا لا تعودين نفسك على التمهل والتأني فيها والتدبر لما تقولين فيها، ثم السنن الرواتب ابني نفسك على ألا تفرطي فيها ، قيام الليل ولو قليلاً ، لماذا السهر إلى وقت متأخر ثم النوم عن صلاة الفجر، لماذا الاستعجال في صلاة العشاء إذا كانت هناك مناسبة وتودين أن تتعجلي لها صليتي العشاء بسرعة أو ربما أخرتيها إلى أن ينتهي وقتها بحجة أنك لا تريدين الوضوء لئلا يفسد المكياج ونحوه ، لماذا عدم الاهتمام بالصلاة مع أنها أول ما يحاسب عنها العبد .
ثم الصيام عودي نفسك على صيام النافلة ولو يوماً في الشهر ، لا يمر الشهر بدون صوم فإن استطعت صيام الاثنين والخميس أو ثلاثة أيام من الشهر فذلك فضل عظيم كذلك قراءة القرآن لا ينتهي اليوم دون قراءة كتاب ربك اجعلي لك مقدار تقرئينه يومياً، لماذا تقرئين كل شيء إلا القرآن .
تقرئين الصحيفة (الجرائد) أو على الأقل دروسك وربما لم يكن عليك اختبار ولكن ترغبين في التفوق ولا تقرئين القرآن تجدين فيه النور والهدى وانشراح الصدر والبعد عن الهموم ، والأمراض النفسية ، كذلك الذكر احرصي عليه ، اجعلي لسانك دائماً بذكر الله وأنت تعملين في المطبخ وأنت ذاهبة في السيارة في كل وقت حاولي أن تذكري الله سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله أكبر لا حول ولا قوة إ لا بالله ، أستغفر الله ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ، وهكذا ، احرصي أيضاً أن تبني نفسك على التصدق ، الصدقة في سبيل الله بقدر ما تستطيعين أنقذي نفسك من النار : (( يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار )).
كذلك تبنين نفسك على الدعوة إلى الله ، وسيأتي مزيد كلام عن هذا في دور المرأة في بناء غيرها أو المرأة والدعوة .
كذلك تبنين نفسك على حسن الخلق والتخلق بالأخلاق الحسنة، الحياء، الصبر، الكرم، الإيثار، التواضع ولين الجانب ، البشاشة، السماحة، طلاقة الوجه، الصق والبعد عن الكذب، البعد عن السب والشتم، إعانة المسكينة ، مساعدة الضعيفة، الإحسان إلى الأخريات، تعينها على القيام بأعمال منزلها خصوصاً إذا كانت عندها وليمة ، ما المانع أن تكلمي عليها وتقولين لها سأجهز أنا كذا وكذا وتذهبين به إليها أو ترسلينه ، هذا فيه مساعدة لأختك المسلمة وفيه أجر كبير .
دور المرأة في بناء شخصيتها 2 / 2
ذكر الشيخ في الجزء الأول من مقالته كيف تبني المرأة شخصيتها السوية عن طريق العلم الشرعي وسؤال العلماء ثم يكمل الشيخ في هذا الجزء بعض الأخلاقيات التي على المرأة التحلي بها لبناء شخصيتها ثم يذكر العوامل المساعدة في ذلك .
كذلك تبنين نفسك على ترك المعاصي سواء ما تعلق باللسان كالكذب والقذف (اتهام البريئة بالزنا) والسب والشتم والقول على الله بغير علم لا تفتي للنساء بدون علم هذا حلال وهذا حرام وأنت لا تعرفين وإنما مجرد توقعات ، الغيبة والنميمة ونحو ذلك .
كذلك ما يتعلق بالنظر كالنظر إلى الرجال سواء كان عن طريق الأفلام أو الواقع أو المجلات أو النظر إلى المجلات الفاسدة التي تسخر بتعاليم الإسلام وتحاول إفساد المرأة ، النظر في الكتب الفاسدة أو القصص الغرامية ، كذلك ما يتعلق بالسمع فلا تسمعي الأغاني ولا المعازف ولا تستمعي لحديث امرأة وهي لذلك كارهة ، لا تجسسي على خلق الله لا تخضعي بالقول ،
لا تبني نفسك على معصية مما يصعب عليك مفارقتها ، إياك والمعاكسات والتبرج والخروج متعطرة اجتنبي المعاصي بقدر ما تستطيعين .
كذلك ابني نفسك على عدم التوسع في المباحات ، لا تكثري النوم ، يذهب نصف اليوم في النوم ، لماذا تنفقين أموالاً طائلة في تفصيل ثوب لمناسبة ما وما أن تلبسينه مرة واحدة حتى يركن فلا يستعمل مرة أخرى لأنه رؤي عليك لماذا المبالغة في التزين وصرف الأوقات الطويلة من أجله ، تجلسين عند المرآة بالساعة لماذا ، نعم لا تتركي المباحات ولكن لا تكن هي همك .
كذلك ابني نفسك على اغتنام الوقت وسيأتي مزيد كلام في هذا في المرأة والوقت عند الكلام على شخصية المرأة وقضايا ملحة .
كذلك ابني نفسك على احترام الحياة الزوجية ، وسيأتي أيضاً تفصيل ذلك كذلك ابني نفسك على تربية أولادك التربية الصحيحة ، أمرهم بالصلاة وتعويدهم عليها، الاهتمام بهم وعدم تركهم للخادمة ، حثهم على حفظ القرآن الكريم معالجة مشكلاتهم وما يبدر منهم من تصرفات كالسب والسرقة والشتم والميوعة ، تحذيرهم من أصدقاء السوء ذكوراً أو إناثاً، معالجة بعض الأمور النفسية عندهم كالخجل الزائد، الخوف، الحسد ، العناد، تعليمهم احترام الآخرين وبالأخص الوالدين تعليمهم ببعض الآداب آداب الطعام آداب اللباس آداب الكلام آداب المجلس وهكذا تعليم البنات خصوصاً ما يتعلق بالحيض والحجاب، وربطهن بتعاليم الإسلام وغرس هذه الأشياء على أنها طاعة لله لا على أنها عادات وتقاليد وماذا يقول الناس عنها .
وعموماً ذكرت الكثير من ذلك وغيره في تربية الأولاد على الآداب الشرعية فليسمع، كذلك تبني نفسها على معرفة الواقع الذي يدور حولك ومخططات الأعداء في إفسادك ومطالعة بعض المجلات الإسلامية في ذلك .
العوامل المساعدة في بناء نفسك
ذكرت في محاضرة بناء النفس هذه العوامل وسأذكرها الآن بشكل مختصر سريع فمن هذه العوامل :
* الصبر والمجاهدة : لأن بناء النفس فيه مشقة فتحتاجين إلى الصبر صبر على طاعة الله وصبر على معصية الله .
* المحاسبة : تحاسبين نفسك على أعمالك .
* المراقبة : تراقبين الله في ترحكاتك وسكناتك في أقوالك وأفعالك ، وتستحضرين مراقبة الله لك في كل وقت .
* معرفة طبيعة النفس وأنها ميالة إلى السكون والدعة والبطالة .
* معرفة وظيفتك في الحياة وأنها ليست لجمع الأموال وإنما هي لعبادة الله .
* البيئة الصالحة : سواء كانت في البيت أو المدرسة والزميلات .
* قراءة سير السلف الصالح لتبعث في النفس النشاط والهمة .
* تذكر الآخرة : وما فيها والقبر وما فيه .
* الممارسة العملية : يعني تمارسين ما ذكرنا لأنك بالممارسة تستفيدين ثلاث فوائد :
- أشعرت نفسك أن هذا الأمر ليس مستحيلاً بل أنت قادرة عليه ، فمثلاً المرأة التي تجد صعوبة في القيام لصلاة الفجر تشعر أن قيام الليل بالنسبة لها مستحيل . فلو قامت ليلة ثم قامت ليلة أخرى وهكذا فإنها حينئذ ستشعر أن قيام الليل ممكن وليس أمراً مستحيلاً .
- إذا مارست العمل ستجدين له لذة ، وحصول هذه اللذة تدفعك إلى أن تعمليه مرة أخرى ، مثل : إذا جلست بعد صلاة الفجر وحفظت شيئاً من القرآن بعد الانتهاء تشعرين بلذة مما يدفعك إلى أن تعمليه مرة أخرى .
- إذا مارست العمل كسرت حاجز عدم الجرأة ، فمثلاً تريدين إنكار منكر على امرأة زميلتك مثلاً فأنت تترددين في ذلك حتى تمارسي الإنكار فإذا أنكرت مرة ثم مرة أصبحت جريئة في هذا الأمر .
* علو الهمة وعدم الرضا بالواقع الذي أنت فيه ، بعض النساء تقول الحمد لله أنا أحسن من غيري ، نصلي ونصوم ، ما سرقنا ولا زنينا ، وهذا ولا شك أمر طيب ولكن لماذا تقتصرين على هذا أنت تصلين الفريضة ما الذي يمنعك أيضاً أن تزيدي نوافل سنن رواتب أو قام ليل ونحوهما .
* تدبر القرآن .
* الدعاء فلا خاسر مع الدعاء .
هذه بعض الأسباب وهناك غيرها ولكن رغبة في الاختصار وعدم الإعادة بالتفصيل ذكرت هذه .
ـــــــــــــــــــ(82/75)
المرأة في رمضان
خولة عبد القادر درويش
قال جل من قائل: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) "البقرة: 183}.
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم"(1).
ولذلك قال من قال: "فضيِّقوا مجاريه بالجوع".
وفي الصوم نفحات ربانية لمن اتقى وأيُّ نفحات، فهو لجام المتقين، ورياضة الأبرار والمقربين، إنه يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها نوازع الشهوات والأهواء.
وفي رمضان تفيء القلوب إلى الله - جل وعلا -، فتسعد بنفحاته.
والصوم محطة يتزود فيها المرء بالطاقة الدافعة إلى الخير، التي تهذب الغرائز وتبعد الصائم عن النظرة الآثمة، والكلمة المحرمة...فتترطب الألسنة بالذكر، والقلوب بالشكر، والنفس بالشفقة على المحتاجين.
فلا عجب أن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ففي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه ويقول: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها قد حُرِم"(2).
أختي المؤمنة: ها قد تزينت الجنة للمؤمنين! فالبدار البدار بانتهاز الفرصة، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، فكم من متأمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله! فصار إلى ظلمة القبر، وكم من مستقبل يوماً لا يكمله ومُؤمّل غداً لا يبلغه.
شهر رمضان شهر القرآن:
القرآن الكريم شفاء الصدور وحياة القلوب، هو حبل الله المتين ونوره المبين، هو منهج حياة الصالحين، علينا أن نقرأه بتدبر وخشوع، للعمل بأحكامه والتأدب بآدابه، ورمضان موسم عظيم فهو شهر المغفرة والرحمة فعلينا انتهاز نفحاته العذبة.
قال - تعالى -: وبالأسحار هم يستغفرون"الذاريات: 18}.
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "ينزل الله - تعالى -كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول - عز وجل -: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟ "(3).
وفي الحديث الصحيح: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"(4) وفي رواية: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"(5).
فهنيئاً لمن وفقه الله لصيام يومه وقيام ليله، وحاسب نفسه قبل أن يحاسب.
ورمضان شهر التضحية والبر:
فيا أختي المسلمة، يا من تمضين الليالي الساهرة عبثاً، إن لك في مجالس الذكر نزهة للفكر وراحة للقلب، وأي راحة!!
لك في النساء الصالحات أسوة حسنة، قد كانت المرأة تعين زوجها على الخير، حتى ولو كان ذلك في أيام العرس الأولى، شأن عروس حنظلة - رضي الله عنه - المعروف بغسيل الملائكة حين سمع نداء الجهاد، فخرج ولم يغتسل، ولذلك غسلته الملائكة كما جاء في الحديث الشريف.
رضي الله عن سلفنا الصالح، فلم تثبط العروس زوجها عن الجهاد في سبيل الله، فهما يتطلعان إلى الباقية، ويبذلان المهج للفوز بها.
ولا يعني ذلك أن تنصب المرأة من نفسها محاسباً لزوجها تتدخل في كل أموره، صغيرها وكبيرها، بل تجعل من بيتها موئلاً للاستقرار والسكينة فيما يرضي الله، وتتأدب بأدب الإسلام الداعي إلى الحكمة والموعظة الحسنة.
والمسلمة لا تهمل أسرتها وبيت زوجها بحجة الصيام وكثرة الأعمال، فهي تحسن إلى زوجها وتحبب إليه صلة الأرحام وبر الوالدين، تذكره بها إن نسي، ولا تكون أنانية ممن يستأثرن بالرجل، ويهملن ما عداه.
فهي تهيء لزوجها الصالح ما يدخل المسره إلى قلبه، مما يعينه على تحمل أعباء الحياة فليست الغاية من الشهر الفضيل الكبت والحرمان، إنه شهر الصلة والعطاء شهر البر والصبر والإيثار.
ولنا أسوة بأم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها -، فقد كانت خير امرأة، تساعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمالها وحَدْبها على نشر الإسلام، كانت تضع الطعام استجابة لأمر رسول الله، كي يدعو بني عبد المطلب ليعرض عليهم الإسلام.
أختي المسلمة: كوني عوناً لزوجك الصالح في دعوته وفي أعمال البر والخير، كوني داعية صلح ووئام بين أخواتك المتخاصمات، ذكري بحرمة هذا الشهر وفضله ولك الأجر العظيم.
قال - تعالى -: " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "الحجرات: 10}.
ارأفي بالخادمة، ممن اضطرتها الحاجة للخدمة في بيتك، (والراحمون يرحمهم الرحمن) ارحمي ظروف الخدم الصعبة، وأشفقي على ضعفهم، وأحسني إليهم، ليشعروا أن ينابيع الخير لم تنضب، والعواطف لم تتحجر... فالمعاملة الطيبة مفتاح القلوب فلا تهمليها...
وللعمرة في رمضان طعم خاص ومثوبة عظيمة.
و"إن عمرة رمضان تقضي حجة أو حجة معي"(6) كما جاء في الحديث الشريف.
فاغتنمي هذه الفرصة، وأدي مناسك عمرتك كما أداها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعودي إلى ربك في هذه المواسم العظيمة، ولا تنسي في دعائك تفريج الكرب عن المسلمين في أنحاء الأرض، ولا تنسي الأهل والأخوات في الله من صالح دعائك، لعلك تهنئين بما وعد به - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"(7).
أختي المسلمة: فما بالنا في مكان تهفو له القلوب وتسكب فيه العبرات، ما بالنا نجد بعض المعتمرين والمعتمرات في الحرم الشريف حيث تتضاعف الحسنات، نجد أن الواحدة تحجز مكاناً يكفي الثلاثة... أين التزاحم على الخيرات؟!
فهل التسابق على أماكن ندعها بعد قليل هو الغاية؟
"سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله "الحديد: 21}.
أين نحن من النداء الرباني: " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم " المجادلة: 11}.
فقد يحجز المصلي مكاناً، ولا يعود إليه إلا بعد ساعات، وخاصة في صلاة القيام، وكم حصلت مشاجرات أليمة داخل الحرم المكي بسبب ذلك؟
إنه لأمر مؤسف ولا شك.
وأشد أسفاً أولئك الذين يَدَعُون لهواتفهم المحمولة" العنان، لإزعاج المصلين بنغمات الموسيقى المتنوعة. وكثيراً ما نجد بعض الطائفين ينشغلون بالرد على المكالمات لضرورة أو غير ضرورة.
أخواتي المعتمرات: تقبل الله منا ومنكن ومن جميع المسلمين صالح الأعمال.. ومما نلاحظه أن بعض الأخوات - للأسف - يجعلن المسجد الحرام مجالاً للفسحة لأطفالهن، يرتعون ويتراكضون بلا رقيب... يزعجون بصخبهم المصلين والمعتمرين.. أما الاهتمام بالأطعمة والشاي والقهوة فحدث ولا حرج، مع الخوض في الأحاديث الدنيوية مما يلهي عن الصلاة وعن ذكر الله - تعالى - في ذلك المكان المبارك وتلك الأيام الفضيلة.
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً
فإنما الربح والخسران في العمل..
إن في هذا الشهر الفضيل نفحات وأي نفحات.. عن كعب بن عجرة قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حينما صعد المنبر "لما ارتقى درجة، قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية، قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين، فلما نزل، قلنا: يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه، قال: إن جبريل عرض علي فقال: بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين. فلما رقيت الثانية، قال: بَعُدَ من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة، قال: بَعُدَ من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، قلت: آمين"(8).
إنه موسم الطاعة والمغفرة، فيا للخسران المبين لمن لم تفز برضوان الله ولم تكن من المقربين.
أختي المسلمة: إياك والمبالغة في انشغالك (وأهل بيتك) بأنواع الأطعمة وألوان الأشربة في هذا الشهر الكريم.
لقد أضحى شهر الصوم مرادفاً للتلذذ بأنواع الطعام والشراب، بل وأصبح موسماً - مع الأسف - لبسط الموائد بمختلف أنواع الأطعمة والأشربة والحلوى عند كثير من الناس ويستمر ذلك حتى الفجر، مما يعطي صورة مشوهة للعبادة في هذا الشهر المبارك.
يا خادم الجسم كما تسعى لخدمته
أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
ونقول لهؤلاء المسرفين على أنفسهم، كما قال مؤمن آل فرعون: " يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار " غافر: 39}.
فالمتاع زائل، أما دار القرار فباقية يخلد المؤمنون فيها في جنات النعيم.
وقد تقول المرأة التي تمضي سحابة يومها وجزءاً من ليلها وهي منهمكة في إعداد الطعام: "ماذا علينا وقد وسع الله علينا في الرزق، فلم هذا التقتير؟ نقول لهؤلاء: متى كانت كثرة المال سبباً في زيادة النفايات؟، فكم يلقى مع القمامة من خيرات كان الأجدر بها أن تسد رمق الكثيرين من الجياع والمحرومين من أبناء المسلمين..
فعباد الله المتقين يتبعون أفضل السبل للإنفاق والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما"الفرقان: 67}. المؤمن يهتم بالمثل العليا، له رسالة سامية يرتفع فيها عن جواذب الدنيا خلافاً لحرص الكافرين على المتاع الزائل. قال - تعالى -: " والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم "محمد: 12}.
رحم الله الخليفة الزاهد - عمر بن عبد العزيز - إذ كان ينشد هذه الأبيات:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة
وليلك نوم والردى لك لازم
وتتعب فيما سوف تكره رغبة
كذلك في الدنيا تعيش البهائم
أعاذنا الله وإياكم من الغفلة والحرمان.
ليالي رمضان... إنجازات وإخفاقات:
ليالي رمضان وما أدراك ما ليالي رمضان، فيها صلاة القيام، وتلاوة القرآن تلك الليالي التي تعطر آيات الكتاب الأجواء الهادئة الندية في المساجد المباركة، فيها ليلة خير من ألف شهر، من تحراها وأقامها فقد فاز فوزاً عظيماً وغفر له ما تقدم من ذنبه..
فليالي رمضان هي ليالي العبادة عند الصالحين...
ولكن انقلب الحال في ليالي رمضان عند كثير من الناس، فقد صار رمضان يرادف السهر الطويل في متابعة القنوات - مع الأسف - فيما لا يرضي الله، أو في سهرات طويلة في الألعاب المختلفة، أو في القيل والقال، وقد يكون النهار مجالاً للنوم العميق... قال - تعالى -: " فالق الإصباح وجعل الليل سكنا "الأنعام: 96}.
أختي المسلمة: إنك أمينة على صحة أطفالك الجسمية والنفسية فهلاَّ رعيت الأمانة؟!
فإذا كانت الراحة ضرورية لنا نحن الكبار لنعوض الإجهاد، فما بالك بأطفالنا الصغار؟
إنهم بحاجة إلى الراحة بعيداً عن اضطرابات النوم، وقد قال - تعالى -: " وجعلنا نومكم سباتا "النبأ: 9}.
أختي المؤمنة: لنغتنم ما أعده الله لعباده الصائمين القائمين من عظيم الأجر والثواب في هذه الأيام المباركة.. إن الله - تعالى - يقول كما جاء في الحديث: "إن الصوم لي وأنا أجزي به، إن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح، وإذا لقي الله - تعالى - فجزاه فرح، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"(9).
فإذا صام المسلم، فليصم سمعه وبصره ولسانه عن المحرمات، وأي عجز أكثر من إضاعة ما في الشهر من خيرات، وذلك بإرخاء العنان للسان وزلاته والبصر وسهامه، فلنحفظ جوارحنا عن الخطايا، ولنكبح جماح القلب عن الوساوس والترهات ف "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر"(10).
وفي الحديث القدسي: "الصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم"(11).
التسوق في رمضان:
للتسوق في أوساط النساء أهميته، خاصة في هذا الشهر المبارك، وهنالك سباق محموم بين النسوة للتفاخر بالأزياء والمباهاة بما جد من موضات، فقد امتلأت بيوتنا ببضائع الشرق والغرب، جرياً وراء الرغائب والأهواء، فيما هو ضروري وغير ضروري.. حتى ازدحمت الأسواق، واستنفر رجال المرور لتنظيم حركة السير، وتحول الشهر الكريم إلى سوق كبير على حساب قيامه، وخاصة في الثلث الأخير من أيامه المباركة..
فعجباً لنساء رضين بأن يكن عوناً للشيطان، يقلدن النساء الغربيات في سفاسف الأمور والتبرج والسفور..
ما بال نسوتنا المؤمنات يلحقن بالتائهات في كل نعقة أو صيحة؟
فالمبالغة في المشتريات لا تأتي بخير، والتباهي بها مذموم.
نعوذ بالله من الحرمان.. نعم إنه الحرمان لمن يدركها شهر رمضان ولم يغفر لها.
والله - تعالى - يقول: ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون"الأعراف: 156}، للذين يتقون، لا للذين يقلدون في الخير والشر..
الأم الربانية في رمضان:
المرأة المسلمة صاحبة رسالة، وشهر الصوم شهر التدريب على قيادة النفس وضبط الشهوات، ابتعاداً عن شعارات: أغنيات لرمضان! ومسلسلات لرمضان! لضياع الوقت، ورمضان من كل ذلك بريء.
إن ترفيهنا لن يشغلنا عن الطاعة، وحياتنا أسمى من أن نضيعها بالتفاهات والإسترسال في قطع الأوقات بلا طائل..
فيا أختي المسلمة: إن في الصوم تجرداً ونفحات.. لعلها تصون بيتك وتبنيه بناء شامخاً، حيث تكون الصائمة قدوة صالحة لأبنائها، ذات أهداف سامية تتجاوز جواذب هذه الحياة.. فلا تعطي النموذج السلبي لأبنائها، تحفزهم على الصوم منذ الصغر وترغبهم به اقتداءً بسلفنا الصالح..
والأم الصالحة تدعو أبناءها إلى الصلوات، في رمضان وغير رمضان، وتتابعهم على أدائها بهمة عالية.
وفي الصيام مدرسة إيمانية، مدرسة أخلاقية، تنظم فيها الحياة، يتعلم أفراد الأسرة أن الحياة ليست كلها مباهج ومسرات..
قال الشاعر أحمد شوقي:
أسفاً على الفتيان أين حماسهم *** قتل النعيمُ حمية الفتيان!
فلا تقتلي الحمية في نفوس أبنائك بالتدليل الزائد، وبصنوف الرفاه والترف فأنت قدوتهم الطيبة، ليصبحوا من الطليعة الجادة، التي تبني ولا تهدم، تتحمل المسؤولية ولا تفرط:
ومن عاش في الوسط الزاكي زكا خلقاً
حتى علا في المعالي أرفع الرتب
الأم الصالحة تراقب أبناءها عن كثب، وتوجههم بلباقة، بلسان مهذب وقلب عطوف، لا تتركهم للخدم يربونهم كيفما شاءوا... فمهمتك الأولى أختي المسلمة، هي تربية الناشئة، وإعداد الأجيال الصالحة، وتلك رسالة عظيمة سامية، للأمة الجادة التي تريد تحقيق أمجادها، وإحياء سيرة عظمائها وسلفها الصالح..
الأم الربانية تربي أبناءها على عزة الإسلام، وتعدهم للمهمات الجسام يستسهلون الصعب، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل عقيدتهم، والنهوض بأمتهم، وإعادة ماضيها التليد، إلى غد مشرق بنَّاء.
بالإيمان تسمو النفوس إلى أعلى الرتب، وبالإسلام تشعر بلذة الحياة..
لقد أماتت عبودية الشهوات القلوب.. وأضحت حياة الدعة والترهل هي مطلب الكثيرات، وغاية الأمنيات، وصار الانفلات مطلباً باسم الحرية، وحظ النفس هو الأساس في المنطلقات.
لقد صار شهر الإنتاج والعمل، شهر الانتصارات الكبرى في بدر وعين جالوت وحنين، صار شهر الكسل وشلل في الحركة عند كثير من الرجال والنساء في هذه الأيام..
هذا وإن المعصية تجلب التعاسة، والبعد عن الله يبعث على الضيق والهموم، قال بعض السلف: "إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي".
أختي المسلمة: جددي العزم على فعل الخيرات، وليكن رمضان بداية خطواتك، حاسبي نفسك قبل يوم الحساب.
فإلى جلسة مصارحة مع النفس، نسأل فيها أنفسنا: ما آلامنا، وما آمالنا؟ ما اهتماماتنا، وما أعمالنا المبتغاة؟! فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، ولنحاول أن نحسن العمل، وندعو الله لقبول الأعمال الصالحات.
أسأل الله لنا ولك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل. وأن يتقبل منا ومنكم أجمعين، وأن نفوز برضا رب العالمين، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا وأعمالنا وأن نكون من عتقاء هذا الشهر الكريم من النيران... والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــ(82/76)
ـــــــ
الهوامش:
1- متفق عليه.. من حديث صفية - رضي الله عنها -.
2- رواه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
3- متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وانظر: صحيح الجامع الصغير للألباني- ج2، ص: (1357).
4- صحيح الجامع الصغير عن أبي هريرة، حديث (6440) ومختصر مسلم (398).
5- متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - صحيح الجامع الصغير رقم: (6326).
6- في إحدى روايتي البخاري، عن ابن عباس، في حديثه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
7- سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (1797)، والجامع الصغير رقم: (3030).
8- رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
9- رواه الإمام مسلم: (158/3)، وانظر صحيح الجامع الصغير رقم: (1907).
10- سنن ابن ماجه عن أبي هريرة، والمشكاة (2014) وصحيح الجامع الصغير رقم: (3488).
11- أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/77)
ما هي آثار العنوسة (( السلبية )) على الفتاة والمجتمع ؟
آثار العنوسة السلبية على الفتاة والمجتمع
إذا لم تحسن الفتاة التعامل مع وضع العنوسة فإن الانتظار الطويل قد يعرض بعضهن إلي مجموعة من الآثار السلبية تختلف في حدتها من فتاة إلي أخرى.
آثار العنوسة السلبية على الفتاة
آثار نفسية:
• الشعور بالإحباط والحرمان: جعل الله - تعالى -فطرة المرآة تميل إلي الالتقاء والأنس بشريك حياتها أسوة ببنات جنسها، وعدم ممارسة هذا الحق وحرمانها منه يؤدي إلي إصابتها بالإحباط وخيبة الأمل.
• العدوانية: تُلقي العانس باللائمة على رجال المجتمع الذين أعرضوا عنها، وتشعر بالغيرة من بنات جنسها المتزوجات، ولهذا تنظر للمجتمع نظرة حسد وحقد وكراهية تعبر عنها في سلوك عصبي وعدواني تجاه أفراده.
• العزلة والانطوائية: ملاحقة الأنظار للفتاة العانس، ومجاملتها بتمني زواجها وكثرة ترديد ذلك على مسامعها (دون أمل)، تدفعها إلي الهرب من مواجهة الناس، وتفضيل العزلة أو مصاحبة من هم في مثل وضعها على المشاركة العامة في المجتمع.
• حرمان الإشباع الفطري: أي العجز عن تلبية حاجات ونداء الفطرة، فمشاعر الأمومة والحب الزوجي والجنس من صميم فطرة كل فتاة، فيها الرحمة والسكن والمودة والمتعة والسعادة، وعدم الزواج يحرم العانس من جميع الآثار الصحية للحياة الجنسية الشرعية والمتعة المباحة.
• فقدان التوازن النفسي: حيث تصاب الفتاة بنوع من عدم التوازن في شخصيتها ويظهر ذلك في سلوكها المتناقض في تعاملها مع الآخرين، وحتى لو تزوجت في وقت متأخر فإنها تستمر في مشاعر الضيق والتبرم من المجتمع، بما في ذلك الزوج والذي يجب، حسب اعتقادها، أن لا يشعر أو يُشعرها أبداً بالفضل والمنة عليها لأنه تزوجها.
آثار اجتماعية:
• التسرع في الزواج: وذلك للخلاص من شبح العنوسة بغض النظر عن التكافؤ أو مناسبة الزوج، بل قد تقبل بعض العوانس بعرض الزواج العرفي أو الزواج منقوص الحقوق مثل (زواج المسيار).
آثار أخلاقية:
• الانحراف الأخلاقي: قد تندفع العانس في حالة غياب الوازع الديني إلي تلبية حاجتها الغريزية وإشباع رغباتها الجنسية بإقامة علاقات منحرفة مع الرجال، دون تفريق بين عازب أو متزوج.
• التآمر والكيد: مشاعر الحقد والحسد قد تدفع الفتاة العانس إلي تدبير المقالب والمؤامرات للتنكيد على من هم سعداء ومستقرون في حياتهم الزوجية.
• السفور والتبرج: وذلك في محاولة البعض منهن محاولة ساذجة لجذب أنظار الرجال إليها عسى أن يلمح أحدهم جمالها ومواقع الفتنة فيها فيقدم على الزواج منها.
• اصطياد الشباب: بشتى الوسائل الممكنة وذلك بغرض إيقاعهم في حبائل التعلق بالفتاة باعتبار أن هذا السلوك قد يجلب زوجاً في نهاية المطاف.
• السلوك الإجرامي: وذلك بتقبل الصور المنحرفة والمشوهة للعلاقات الإنسانية للتعويض عن المفقود، ومنها اللجوء إلي الشذوذ وتناول المسكرات والمخدرات، وقد يقود ذلك إلي التفكير بالانتحار.
آثار صحية:
• التوتر العصبي الدائم: وما يتولد عنه من أمراض ضغط الدم والقولون وقرحة وحموضة المعدة والمزاج العصبي الثائر.
• الأمراض الجنسية: والتي غالباً ما تنتج عن الكبت والممارسات والعادات الجنسية غير السليمة.
• اختلال وظائف الغدد: فالتوتر والاكتئاب الدائم يؤديان إلي إضعاف النشاط الحيوي والذهني للجسم وبالتالي إضعاف المستوى الصحي بشكل عام.
• أخرى: ومنها إدمان المنبهات أو المسكنات، أو الإصابة بمصاعب الزفاف أو مشاكل المعاشرة بعد الزواج.
مشكلة العنوسة وما يصاحبها من تغيرات وسلوكيات تطرأ على بعض العوانس تحولت إلي ظاهرة تزداد مع مرور الوقت مسببة مجموعة من الآثار السلبية على المجتمع ككل.
آثار العنوسة السلبية على المجتمع
آثار اجتماعية:
• قلة النسل: الإنجاب مطلب شرعي ومقصد أساسي من مقاصد الزواج، والعنوسة تنفي هذا المطلب من أساسه.
• التفكك الأسري: بسبب المشاكل الناتجة عن تحميل كل طرف مسؤولية هذا الوضع، واتهام الفتاة والدها أو أخوتها بالذنب، أو بسبب أنانية الأهل وتخيلهم عن رعاية الفتاة العانس لانشغال كل فرد بمسؤولياته وحياته الخاصة.
• ضعف الروابط الاجتماعية: عدم الزواج يحرم المجتمع من العديد من الروابط الاجتماعية التي تربط الناس برباط المصاهرة والنسب، ناهيك عن غضب بعض الأسر من أقاربهم نتيجة عزوف شبابهم عن الزواج من بناتهم.
• انتشار الزواج العرفي: بسبب فقدان الأمل بالزواج الشرعي المعلن، حيث تنعكس ثمار هذا الزواج على المجتمع ككل في نزاعات بين أطرافه.
• الطلاق: اندفاع الفتاة العانس إلي الزواج غير المتكافئ للخلاص من واقعها، وقد يحدث ذلك من جنسيات وأديان أخرى، وغالباً ما يؤدي ذلك إلي الطلاق.
آثار أخلاقية:
• انتشار السفور: حيث إن مجاهرة بعض العوانس بسفورهن وتبرجهن قد تدفع العديد من النساء وخاصة الفتيات الصغيرات إلي تقليدهن وإظهار مفاتنهن وإن اختلفت الغايات، وهذا يقود إلى مجتمع متسبب في مظهره العام.
• انتشار الفساد: والظواهر الأخلاقية المنحرفة نتيجة سقوط بعض العانسات في دوامة الانحلال، ووجود فئة من الرجال تشجع هذا الانحلال.
آثار اقتصادية:
• انخفاض الإنتاج: بسبب عدم كفاءة العانس أحياناً، أو بسبب المعاناة النفسية التي تحول بينها وبين الإنتاج والعمل المتميز والسليم، وبسبب نقص اليد العاملة نتيجة قلة المواليد.
• البطالة: الفتاة العانس قد تضطر للعمل لتأمين مستقبلها وغالباً ما تستمر فيه لفترات طويلة جداً، وتقبل بأي عرض وظيفي يقدم لها، وهو ما يكون على حساب فرص الشباب في العمل.
• زيادة التكاليف: لمداواة الأمراض والانحرافات التي تصيب أفراد المجتمع، وتحمل مؤسسات الدولة مصاريف إضافية لدعم المؤسسات الصحية والإصلاحية والقضائية والعقابية والتي تنشغل بإفرازات هذه الظاهرة الاجتماعية.
http://66n.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/78)
الضوابط الشرعية لخروج المرأة من بيتها
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
الأصل أنَّ المرأة مأمورة بلزوم البيت، منهية عن الخروج إلاَّ عند الحاجة، إلاَّ أنَّ الفقهاء وضعوا ضوابط لخروجها وهي كالتالي:
الضابط الأول: أن يكون خروجها لضرورة أو حاجة
روى البخاري في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن)) [1].
يقول العيني في شرح هذا الحديث: (قال ابن بطال: في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ النساء يخرجن لكل ما أبيح لهنَّ، الخروج من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم، وغير ذلك مما تمسُّ به الحاجة) [2]
وقال ابن كثير ـ - رحمه الله - ـ في تفسير قوله - تعالى -: - ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)) أي الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة) [3].
وأمَّا إذا لم يكن لها ضرورة ولا حاجة، فلا يجوزُ لها بل يحرم عليها أن تترك عملها الأساس - وهو راعية بيتها - ثم تخرج إلى عملٍ لا حاجة لها به [4].
الضابط الثاني: أن يكون الخروج بإذن وليها:
والمرأة لا تخلو من حالتين:
أن تكون ذات زوجٍ أو غير متزوجة.
فإن كانت ذات زوج فلا تخرج إلاَّ بإذن زوجها:
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((ولا تخرج من بيته إلاَّ بإذنه، فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب والرحمة حتى تتوب أو تراجع)) [5].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (لا يحلُ للزوجة أن تخرج من بيتها إلاَّ بإذنه، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله، ومستحقةً للعقوبة)([6])
وقال النووي عند التعليق على حديث: ((إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى الْمَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ)): (أُستدل به على أنَّ المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلاَّ بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن، وللزوج منع زوجته من الخروج من منزله إلا ما لها منه بد، سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما، أو حضور جنازة أحدهما. [7]
قال ابن قدامة: (قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة، طاعة زوجها أوجب عليها من أمِّها، إلاَّ أن يأذن لها، ولأنَّ طاعة الزوجة واجبة، فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب، ولا يجوز لها الخروج إلاَّ بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما، لأنَّ في ذلك قطيعة لهما، وحملاً لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله - تعالى -بالمعاشرة بالمعروف [8].
- وإن كانت غير متزوجة:
فلا يجوزُ لها الخروج إلاَّ بإذن الأبوين في حال وجودهما، أو الجد في حال عدم وجود الأب [9].
الضابط الثالث: أن تلتزم بالحجاب الشرعي
فلا يبدو منها إلاَّ ما لابُدَّ منه من الثياب الظاهرة امتثالاً لقوله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الأحزاب: 59).
قوله - تعالى -: ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)) (الأحزاب: 53).
ففي تفسير الآية الأولى، يروي ابن جرير الطبري عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قوله: ((أمر نساء المؤمنين إذا خرجنَّ من بيوتهن في حاجةٍ أن يغطين وجوههنَّ من فوق الجلابيب، ويبدين عيناً واحدة))[10].
الضابط الرابع: أن يكون خروجها على تبذل وتستر تام
لحديث أبي موسى- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا استعطرت المرأة فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا)) رواه أبو داود [11]، وفي رواية لأحمد: ((فهي زانية)) [12].
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلا ت)) رواه أبو داود [13].
قال العيني: (يجوز الخروج لما تحتاج إليه المرأة من أمورها الجائزة، بشرط أن تكون بَذيئة الْهَيْئَةِ، خَشِنَةَ الْمَلْبَسِ، تَفِلَةَ الرِّيحِ، مَسْتُورَةَ الْأَعْضَاءِ، غير متبرجةٍ بزينة، ورافعة صوتها).
قال ابن قيم الجوزية: (يجب على ولي الأمر منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهنَّ من الثياب التي يكنَّ بها كاسيات عاريات، وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها، ولاسيما إذا خرجت متجملة، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهنَّ على الإثم والمعصية، والله سائل ولي الأمر في ذلك، وقد منع أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق) [14].
الضابط الخامس: أن لا يفضي خروجها إلى حرام أو ترك واجب
كأن يؤدي خروجها إلى اختلاطها بالرجال الأجانب، أو الخلوة بالرجل الأجنبي كالسائق والموظف، أو السفر بدون محرم، أو أنَّ خروجها سيؤثر على رعاية بيتها وزوجها وأولادها، أو أن تخرج لتعمل، فيؤدي عملها إلى تضييقِ فرص الكسبِ لدى الرجال، والمسألةُ محكومة بالقاعدة الأصولية المعروفة: (ما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب، وما يترتب عليه محرم؛ فهو محرم) [15].
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (الدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال في المجتمع الإسلامي، من أعظم آثارهِ الاختلاط، الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا، الذي يفتك بالمجتمع، ويهدم قيمه وأخلاقه، وعليه فعمل المرأة بين الرجال من غير المحارم فتنة، تضعها على الطريق الموصل إلى مالا تحمد عقباه مما حرم الله، وما يؤدي إلى الحرام، وعليه فعملُ المرأة بين الرجال محرمٌ لا يقول بخلافه إلاَّ من حادَّ الله ورسوله) [16].
ويقول أيضاً - رحمه الله - (إنَّ عمل المرأة بعيداً عن الرجال، إن كان فيه مضيعة للأولاد، وتقصير بحق الزوج، من غير اضطرارٍ شرعي لذلك يكون محرماً، لأنَّ ذلك خروجٌ على الوظيفة الطبيعة للمرأة، وتعطيلٌ للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها، مما ينتجُ عنه سوء بناء الأجيال، وتفكك عُرى الأسرة التي تقومُ على التعاون والتكامل والتضامن، ومساهمة كلٌ من الزوجين بما هيأ الله له من الأسباب، التي تساعد على قيام حياةٍ مستقرة آمنةٍ مطمئنة، يعرف فيها كل فرد واجبة أولاً، وحقهُ ثانياً). [17]
----------------------------------------
[1] ورقمه (5237).
[2] عمدة القاري (20/218).
[3] تفسير ابن كثير (3/483).
[4] أجريت دراسة على دوافع النساء العاملات للعمل فوجد أن من يعملن للحاجة فقط24 %.
[5] رواه البيهقي (7/292) والطيالسي (2063) وعبد بن حميد (814) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وعطاء لم يسمع من ابن عمر كما قال علي بن المديني. ورواه البزار من حديث ابن عباس وفيه حسين بن قيس وهو متروك الحديث. انظر: مجمع الزوائد (4/307) والمطالب العالية (1713).
[6] مجموع فتاوى شيخ الإسلام (32/281).
[7] المجموع (4/199).
[8] المغني (7/244).
[9] انظر: عمل المرأة، هند الخولي ص 150.
[10]جامع البيان عن تأويل آي القرآن (12/46).
[11] ورقمه (4173). والترمذي (2786) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[12] مسند أحمد (4/413).
[13]رواه أبو داود (565).
[14] الطرق الحكمية ص 280.
[15] القواعد والفوائد الأصولية، ابن اللحام ص 94.
[16] نقلا من: عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 190.
[17] نقلا من كتاب تأملات في عمل المرأة ص 65-66.
18/2/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/79)
النساء في الجنة !
أسماء الرويشد
المرأة الصالحة سيدة حور الجنة:
في الجنة درجات لا يعلمها إلا الله، ما بين الدرجتين مثل ما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها، والتفاضل هناك على قدر الاجتهاد هنا، نسأل الله لنا ولكم الفردوس الأعلى برحمته وفضله {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا} (سورة الأحقاف: 19)، إلا أنه يلحق بعض أهل الجنة بمن هو أعلى منهم في الدرجات بشفاعتهم وسؤال الله لهم لكي يصيروا معهم، كأن يلحق الذرية بالآباء وكذلك الأزواج بعضهم ببعض: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (سورة الطور: 21).
والمرأة الصالحة إذا دخلت الجنة فإنها تكون سيدة الحور العين، وجمالها أعلى وأكمل من الحور، وحسنها وكرامتها أعظم.
والنساء المؤمنات يدخلن مع أزواجهن في الجنة، فالله - سبحانه وتعالى - يقول: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} (سورة الزخرف: 70)، تحبرون: أي تفرحون وتكرمون، بل يتجدد السرور، فيأتيهم كل ساعة ما يسرون به. وليس هناك خلافات ولا غيرها: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ} (سورة يس: 55 - 56). إنه مشهد من مشاهد سعادة الأزواج في الجنة، قال ابن القيم - رحمه الله - في نونيته:
ولقد روينا أن شغلهم الذي * * * جاء في يس دون بيانِ
شغل العروس بعرسه من بعدما * * * عبثت به الأشواق طول زمانِ
لله لا تسألن عن شغله * * * تلك الليالي شأنه ذو شأنِ
شغل الأزواج الشاغل اللذة والمتعة بكل معانيها دون منغصات أو مزعجات، تمضي عليهم الأحقاب والدهور، وما يشعرون بمضي الوقت؛ لما هما فيه من المتعة والنعيم المقيم.
غاب الرقيب وغاب كل منكدٍ * * * وهما بثوب الوصل مشتملان
أبشري أُخيه ليس في الجنة أدوات زينة وماكياج وعمليات تجميل، بل جمال طبيعي دائم يتجدد {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (سورة المطففين: 24)، و{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ} (سورة عبس: 38).
تهب ريح الشمال في الجنة فتحثوا في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالاً، ويرجعون إلى أهليهم قد ازدادوا حسنا وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالا..! فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً..!
والناظر يرى وجهه في خد إحداهن، والشمس تجري في محاسن وجهها، والليل تحت ذوائب شعرها، فعجباً لشمسٍ وليلٍ كيف يجتمعان.
ويجدر أن نذكر أنه ليس في الجنة أعزب لا من الرجال ولا من النساء!
ربما يتساءل الكثير من النساء: مالنا في الجنة؟ فأقول: لكنّ في الجنة كل ما تطلبنهُ وترغبن فيه {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (سورة فصلت: 31)، ما تدعون أي ما تطلبون، ألستن تقرأن في القرآن {لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} (سورة الزمر: 34).
اطلبي أخيتي كل ما اشتهت نفسك وتمنت، ومهما تنوعت وعلت الطلبات فإنها مجابة. تلبس المرأة في الجنة سبعين حلة، تتنعم بكل حلة، كأنما هي تلبسها على حدة، فتستمتع بأنواع الثياب في وقت واحد، يرى مخ ساقها من وراء الحلل.
في الجنة ليس هناك أمنيات، بل حقائق بينات .. !
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/80)
الزينة عند المرأة وضوابطها
د. عبد الرحمن بن عايد العايد
لا تلام المرأة على حب الزينة والتزين، قال - تعالى -: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (الزخرف: 18).
فالاهتمام بالزينة جبلة وطبيعة عند المرأة، بل قد يكون مطلوب منها شرعاً، وتكون مأمورة به بمثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن نظر إليها سرّته).
فلو لم يكن ذلك لما رغب رجل بامرأته، ولكن لتعلم المرأة أننا أمة وسط في كل شئ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (البقرة: 143).
فينبغي للمرأة العاقلة التوسط في زينتها فلا إفراط ولا تفريط، يقول الله - تعالى -: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (الأعراف: 32).
ويقول - عليه الصلاة والسلام -: (إن الله جميل يحب الجمال) [1].
وينبغي للمرأة الاهتمام بزينتها ومظهرها عند غير الرجال الأجانب لسببين:
1- عفة الزوج:
وهو أحد الأهداف السامية في الزواج، ولو لم تتزين المرأة لزوجها وتتجمل له، فإنه سيصرف نظره إلى الحرام إلا من شاء الله.
ونجد مع الأسف كثيراً من النساء لا تعرف الزينة والتجمل إلاّ عند الخروج من المنزل والزيارات والسهرات، والزواج نصيبه ملابس تخرج منها رائحة الطبخ، وهذا تقصير تلام عليه المرأة، بل عليها أن تقترب من قلب زوجها بالألوان التي يحب والرائحة التي يرغب، فهو أحق من غيره في ذلك.
2- لئلا تكون سبباً صد غير الملتزمات ممن تحب الزينة:
إذ أن هناك من الفتيات من تحب التجمل والتزين والظهور بمظهر جميل عند النساء، فإذا رأت الملتزمة لم تهتم بظهرها ظنت أن الالتزام يحرم الجمال والظهور بمظهر حسن فتعرض عن الالتزام لئلا تنحرم من التزين والتجمل.
إذن هل يعني كلامنا السابق أننا نمنع المرأة من التزين والتجمل وأن تلبس الثياب الحسنة، أبداً لا نمنعها، ولا نصادم فطرتها في ذلك، إلبسي ما شئت وافعلي ما شئت ما لم يكن محرماً.
رأيت فستاناً أعجبك موديله لا تمتنعي عن تفصيله أو لبسه بحجة أنه من الموضة لا ليس هذا هو المنهي عنه المنهي عنه أن يكون تتبع الموضة هو همّك وديدنك.
ثم أن أي زينة تريدينها راعي فيها الضوابط التالية:
* ألا تكون منهياً عنها في شرعنا وذلك كالنمص والتفلج للسن والوشم والوصل للشعر وغيرها.
* ألا يكون فيها تشبه بالكفار.
* ألا يكون فيها تشبه بالرجال.
* ألا يكون فيها ضرر على الجسم.
* ألا يترتب عليها محظور شرعي: وهذا كما لو كانت تمنع وصول الماء إلى الجسم فتمنع الطهارة وكما لو كان فيها إضاعة للوقت، أو كان فيها إسراف وتبذير وهدر للمال وكما لو كان يؤدي استعمالها إلى الغرور والتكبر وغمط الآخرين، وكما لو أدى استعمالها إلى كشف العورة، وكما لو أدى استعمالها إلى تضييع شئ من أوامر الله أو التهاون فيه كأن تؤجل صلاة العشاء إلى نهاية وقتها بحجة أنها لا تريد الوضوء فيزيل ما عليها من مكياج.
وكما لو كان اللباس شهرة فإنه حينئذ يحرم كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله إياه يوم القيامة ثم ألهب في النار).
فإذا كان سيترتب على هذه الزينة محظور شرعي فإنها حينئذ لا تجوز.
هذه بعض الضوابط وقد يكون هناك غيرها لكن هذا الذي ظهر لي والله أعلم.
----------------------------------------
[1] رواه مسلم وابن ماجة وأحمد.
20/10/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/81)
كيف أصبحت ملكة
أخواتي الغاليات:
دعوني أعود إلى أحلى الذكريات؛ حين كُنتُ طالبة في نهاية المرحلة الإعدادية وشاء الله - تعالى - لي أن أتعرف على زميلة جديدة بفصلي بالمدرسة.
كانت فتاة وضيئة الوجه، هادئة، وديعة، متسامحة، رقيقة، على خُلُقٍ قَويم، واسمها (رحاب)، وكانت تقطن بجوارنا...فكنا نذهب إلى المدرسة ونعود سوِيَّاً، وكانت أحاديثنا في الغالب لا تتعدى أخبار المدرسة والدراسة، والأخبار العامة لأسرتها وأسرتي، والمسلسل التليفزيوني، وأغاني المطربة فيروز.
ولم تكن رحاب تتحدث معي في الدين إطلاقاً، و لكنها كانت تفعل شيئاً كان في البداية يُدهشني، ولكنه مع مرور الوقت - وتكراره - كان يُشعرني بوَخز الضمير !!!!
فقد كانت تحرص بين الحين والآخر على أن تعيد ربط غطاء الرأس (الإيشارب)، ليصبح حجابها مضبوطاً... فلا تظهر منها شعرة واحدة!!!!
وكنت -على العكس منها- أحرص يومياً على تغيير تسريحتي، بل وتغيير لون السُترة التي أرتديها فوق الزي المدرسي لتناسب لون الحقيبة المدرسية!!!!
وأصبح ما تفعله رحاب مع الوقت - يؤلمني، بل ويدفعني إلى التفكير: " لماذا تفعل رحاب ذلك ؟!!!! " وما هذا الحرص الشديد على كل شعرة لديها؟!!!
وبدأت أفكِّر لماذا هي كذلك ولماذا أنا كذلك؟
ومَن منَّا على الحق، وَمن مِنَّا على الباطل؟!!!!
لقد نشأتُ في أسرة مُحافظة متدينة تقدِّر الأخلاق كثيراً، وكانت كلمة (حرام)- في بيتنا - تعني أن هذا الشيء بشع ولا يجوز فعله على الإطلاق .... ولكن أمي لم تكن ترتدي الحجاب، وكذلك قريباتي وجاراتي وغالبية زميلاتي بالمدرسة وجميع المدرِّسات بالمدرسة .... فلماذا نلتزم بكل تعاليم ديننا ما عدا الحجاب ؟؟؟؟!!!!!
فهداني ربي إلى التفكير في أن هذا هو التقليد الأعمى للاستعمار الذي غزا بلادنا كي ينهب خيراتها، ثم يغزو عقولنا وقلوبنا، ويوهمنا أنه أفضل منَّا ... وبما أن الطبيعة البشرية دائماً تتطلع إلى الأفضل، فهي تميل إلى أن تقتدي به وتقلِّده .... وتذكَّرتُ نساء الجاهلية في المسلسلات الإسلامية، لقد كُنَّ يرتدين الحجاب، ولكنهن كُنَّ يُظهِرن خصلة من مقدمة الرأس، ومكان القلادة.... فقط!!!
إذن نحن أسوأ من نساء الجاهلية الكافرات!!!!!
وبدأت أشعر بخطورة الأمر، إن " رحاب" تطيع أمر الله، و تقتدي بالصالحات من المؤمنين، ونحن نطيع الشيطان وأعوانه من البشر، ونلتزم بسُنَّة الكفار من المستعمرين!!!!!
وبدأت أشعر بالخِزي من ربي ... ماذا سأقول له حين ألقاه إذا سأني: " لماذا لم ترتدي الحجاب وقد أمرتُكِ به؟!!!!"
هل سأقول له:
* لأنني اتَّبعتُ الكفار وأعرضتُ عن سُنَّة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!!!
وماذا فعل بنا الكُفَّر، وماذا فعل بنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!!!
فأي الفريقين أحق أن أتَّبِع؟!!!
أم لأنني آثَرتُ هواي على أوامره؟!!! *
وكيف ذلك وهو الذي خلقني بيديه وهداني للإسلام، وأعطاني من النِّعم ما لا أستطيع أن أحصيه؟!!!
* أم لأنني أكثر جمالاً بدون الحجاب؟!!!
وكيف سيكون جمالي حين أُلقى في النار بسببه، وحين أُعلَّق من شَعري في جهنَّم؟!!!!
* أم لأنني أحب الأزياء والموضة؟
إن الحجاب لا يمنع أن أكون أنيقة.
* أم لأنني أخشى أن تسخر مني زميلاتي أو صديقاتي؟
فهل ستحمل عني إحداهن شيئاً من العذاب يوم القيامة، أم ستقول: " نَفسي.... نَفسي؟!!! "
وبدأت أشعر بأن الحجاب شيء حتمي وأنني لابد من أن أرتديه عاجلاً أو آجلاً.
وأصبحتُ بعد ذلك أسمع الأذان بشكل مختلف... لقد أصبحت أُصغي إليه بقلبي!!!
وصِرتُ كلما سمعتُ الأذان تذكَّرتُ الآخرة، وتذكَرتُ المَوت الذي يأتي في لحظة لا نعلمها ولا نتوقَّعُها ... وبدأت أشعر بالخوف الشديد من أن يأتيني الموت قبل ارتدائي للحجاب!!!!!
بل والأكثر من ذلك، لقد صرت أشعر أن النداء"حيَّ على الفلاح" يقول لي: " هيا إلى الحجاب"!!!!!!!
فبدأت أحاول تجربة شكلي بالحجاب أمام المرآة، وأتحدث إلى نفسي: " هيا تشجَّعي، إن شكلك بالحجاب ليس أسوأ بكثير ... كما أن جمالك لن يشفع لك عند ربك، بل سيصير قُبحاً إذا دخلتِ جهنم بسببه، هيا أقبِلي، ففي الجنة ستصبحين أجمل من الحور العِين - كما سمعتُ من أبي - هيا أطيعي الرحمن واطردي وساوس الشيطان"
وقرَّرتُ أن أجرِّب نفسي، خوفاً من أن أرتديه، ثم أخلعه ... فأصبحت أكتفي بتسريحة واحدة، تضم الشعر من الخلف، ثم أصبحت أرتدي الكم الطويل وكنا مقبلين على فصل الصيف - فكنت أهم بتشمير قميص المدرسة مراراً وتِكراراً كلما تضايقتُ من الحرّ، ولكني كنت أقول لنفسي: لا تفعلي فجهنم أشد حرَّاً!!!!
وصِرت كلما زارنا أحد بالمنزل، إرتديتُ سُترة بكُم طويل حتى ألتزم بقراري ... ولما لاحظَت زميلاتي بالمدرسة أن تسريحتي أصبحت – تقريباً - واحدة تساءَلن، فقلتُ لهن بكل شجاعة: ((أنا أنوي أن أرتدي الحجاب))، فلم تصدِّق واحدة منهن!!! وقُلن لي: لابد أنك تمزحين، فهذا شيء لا يمكن أن نصدِّقه ... ولكني لم أسترسل معهن في هذا الحديث بل كنت أحدِّثهن عن أهمية الحجاب، فكُنَّ يتعجَّبن، ولكن دون تعليق.
ومع الوقت أصبح شَعري بالنسبة لي- حين خروجي من المنزل - شيءٌ أقوم بضمِّه من الوراء بشكل منسَّق ... ولم تعد تلك التسريحات تشغلني، كما اعتَدت أن أرتدي الكُم الطويل حتى في الصَّيف، فقررتُ أن أطلب من والدتي أن تُحيك لي بلوزات طويلة - تصل إلى تحت الرُّكبة - لأرتديها مع البنطلونات المتوفرة لدي (كبداية) ولكنها اعترضت بشِدَّة وقالت لي: "أخشى أن تخلعيه.. كما أنك حين تدخلين الجامعة لابد وأنك ستغيرين رأيك" فأوضحتُ لها أن الأمر مُلِحٌ بالنسبة لي وأنني أفكِّر فيه منذ شهور ... وأمام إصراري وإلحاحي لم تملك أمي إلا أن تستجيب لرغبتي.
وفي أول يوم ارتديتُ فيه الحجاب كان أبي في غاية السعادة، وكان إخوتي مندهشين، أما العائلة والجيران والأصدقاء، فعلى الرغم من اندهاشهم، إلا أنهم شجَّعوني كثيراً، حتى أن بعضهم قال لي: " لقد أصبحتِ أكثر جمالاً بالحجاب"!!!!!
وزاد ذلك بالطبع من سعادتي، ولكن سعادتي الحقيقية كانت بداخلي ... فقد شعرتُ بالنور يغمرني، و شعرت ُكأنني لم أعد أعيش على الأرض كسابق عهدي .. بل أحسستُ كأنني أعيش بجزء كبير منِّي في السماء، وجزء يسيرٌ على الأرض ... والأهم من ذلك أنني شعرت براحة الضمير، وعدم الخِزي من ربي حين أقابله!!!!
ولم أعد أخشى الموت... فلقد صحَّحتُ مساري، واختَرتُ طريق العِزَّة، والفُوز والنَّجاة... ألا وهو طريق ربّي!!!!!!
وشعرت أن حجابي هو تاج عِفَّتي وحيائي
لقد أصبحتُ مَلِكة!!!!!
نعم أنا الآن مَلِكة بطاعتي لربي!!!
وغداً بفضل الله ورحمته- سأصير مَلِكة في الجنة،
في قصر سقفه عرش الرحمن!!!!
وانتهت المشكلات المتكررة بيني وبين أبي وأخي الأكبر بسبب تعليقاتهما على ملابسي وتسريحاتي كلما خرجت من المنزل، وأصبح أبي راضياً عني، فخوراً بي، وأصبحَتُ وأخي الأكبر أصدقاء، أما أخي الأصغر فكان ما يزال مندهشاً!!!
وأما أمي فكانت تشعر بالحرج لأنها لم ترتدي الحجاب بعد، فكانت تقول لتريح ضميرها: " سأرتديه بعد أن أؤدي فريضة الحج"!!!
وكانت "رحاب"- جزاها الله عني خيرا كثيراً - هي أسعد الناس بحجابي، وأصبَحَت بعد ذلك هي أقرب الناس إليَّ، فلما حدَّثتُها عن شعوري بالجهل الديني- فمعلوماتي في الدين لا تتجاوز ما درسناه بمادة التربية الدينية بالمدرسة - إقترحَتْ عليَّ أن أذهب معها إلى الدروس الدينية عصر كل يوم خميس، فاستأذنتُ من أبي وأصبحتُ أرافقها إلى رياض الجنة!!!
نعم، لا تتعجبي، فقد كنت أشعر بذلك وأنا أتلقى هذه الدروس ... فرأيت أن أعرض على أمي أن تصحبنا، وكذلك طلبت من والدة رحاب (مع أنها ملتزمة بالحجاب)، ولكني أردتُ أن تحظَى أمي بصُحبة متدينة، فوافقَت أمها، وأصبحنا نذهب نحن الأربعة عصر كل خميس إلى رياض الجنة .... فتأثَّرت أمي كثيراً بهذه الدروس، وحرصَت في موسم الحج التالي على تأدية هذه الفريضة، فعادت من الأراضي المقدَّسة ترتدي الحجاب وهي في غاية السعادة والرِّضا!!!!!
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كُنَّا لِنَهتدي لولا أن هدانا الله.
17-5-1426 هـ
http://www.zzrz.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/82)
فتياتنا و الجوال .. بين الضرورة والترف ..
الأسرة المسلمة هي نواة المجتمع وأول لبناته، و العناية بهذه اللبنة يضمن ثبات بناءه و يكفل قوته ومتانته..
ومن هذا المنطلق سنناقش مشكلة تواجه الأسرة ونتناولها مستنيرين بآراء الكثير ممن شاركونا بأفكارهم في إخراج هذا الموضوع..
ثورة الاتصالات وما رافقها من حمى تقنية أدخلت الجميع في دوامة التعامل معها، فلم تعد قاصرة على فئة معينة من المجتمع فالهواتف النقالة وهي لب موضوعنا - أصبحت مع الأطفال والكبار الفتيات والشباب .. وليس هناك أي حدود لاستخدامها ، هذا بالإضافة إلى تفشي إساءة استخدامها وذلك بنشر البلوتوث السئ و المخل، أو بالتهاون باستخدام الكاميرا ومن ثم نشر الصور وهتك الحرمات.
وسنلقي الضوء على استخدام فئة الفتيات دون سن الجامعة لهذه الهواتف، فانتشار استخدامها بدون رقابة يحتاج منا إلى طرحه كمشكلة حاجة أم ترف؟
سنطرح السؤال الأهم في هذه النقطة هل استخدام الفتيات للجوال حاجة أم ترف.. ؟
وأين تكمن حاجة الفتاة له ولديها في مدرستها جدول دراسي معلوم ومتكرر طوال الفصل الدراسي فلا تحتاج إلى الخروج قبله أو التأخر لما بعده ..
في استطلاع أجريناه لمعرفة آراء بعض الفتيات لم يكن عامل المباهاة و تقليد ومجاراة الصديقات غائباً ..
خاصة أن الحديث عن الجوالات ورسائلها و أنواعها و الإكسسورات الخاصة بها يجذب كثيراً من الفتيات .. ولا تعد زينتهن مكتملة من غير جهاز جوال وكثير منهن يستخدمنه للتجمل والزينة ولفت الأنظار .
و لا تخفي بعض الفتيات شعورها بالنقص بين صديقات يمتلكن هواتف خاصة بهن .. و يتبادلن الرسائل و المقاطع المرئية بينهن ..
ولماذا المنع.. ؟
تطالب كثير من الفتيات أسرهن بأجهزة جوال خاصة بهن، ويعتبرن المنع تقييد لحريتهن في محادثة الصديقات و التمتع بهذه التقنية ومتابعة الموضة السائرة فيها ..
ولكن للأهالي رؤية أخرى مخالفة فكثير من الفتيات لا يملكن الوعي الكافي للوقوف بعيداً عن ظاهرة إساءة استخدام تقنية اتصالات الجوال .. إذ ترى كثير منهن أن استخدام الجوال بشكل متكرر طوال اليوم يعوض عن خروجها من المنزل, وبالتالي يسرفن في استخدامه لساعات طويلة بلا جدوى, كما أن كثيراً منهن لا يملكن الوعي الكافي والرؤية الكافية لأبعاد سوء استخدام تقنية الاتصالات والتي تتطلب استخدام هذه الوسيلة بترشيد وفي أضيق الحدود.
وحتى نستنير بآراء أهل الخبرة حملنا موضوعنا هذا إلى الأستاذ الفاضل بن دهيم الذي قال:
"إن الله - سبحانه وتعالى - عندما خلق الخلق وضع لهم ضوابط وحدود ووعدهم بمكافأة من يتقيد بها ومجازاة من يتعداها أو يخل بها.
ونحن كمسلمين نعلم أن لكل أمر من أمور دنيانا ضوابط تحكمنا في التعامل به أو معه.
الهاتف المتحرك أو النقال أو أياً كان ما نسميه به، أصبح اليوم مطلباً رئيسياً للكبار وللصغار فالكل يحرص عليه وقليل هم أؤلئك الذين يحرصون على وضع ضوابط لاستخدامه لأنفسهم ولمن يعولونهم قبل استخدامه:
من بين الضوابط الأساسية هنا:
مدى الحاجة لاستخدامه من قبل فتاة في الثامنة عشرة من عمرها أو أقل, وفي حال كانت هناك ضرورة فعلية لاستخدامه فلتكن هناك ضوابط واضحة تبين لها من قبل الأب والأب قبل البدء في استخدامه كما يجب ألا تغفل ويراقب استخدامها له لا من باب الشك بل من باب المحافظة والحرص عليها.
وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال بسيط وهو:
لماذا لا تستخدم الفتاة هاتف أمها مثلاً أو يكون هاتف مشترك بين الأخوات تستخدمه من تكون بحاجة له بدل أن يكون لكل فتاة هاتف خاص بها ".
ونفس الموضوع سقناه بحيرِة إلى الدكتور الفاضل يوسف السعيد الذي أشار إلى عدم تأييده لفكرة معالجة كل جزئية بشكل مستقل بل بتكوين إطار عام من المثل يحمي الابن أو البنت من الأخطار حولهم فقال:
"أنا في العموم لا أتبع السياسة التربوية المعتادة وما يُطرح في المجلات عن البنت والجوال l البنت و القنوات lالبنت والسوق l البنت و أولاد الآخرين، يعني لا ألجاء لمعالجة كل جزئية على حده .. بل أسعى لتشكيل إطار ثقافي تربوي يحيط بالطفل و الذي آمل من الله أن يحفظه من الخروج هنا أو هناك .. مع المتابعة من بعد وكان لمعارضة فكرة اقتناء الفتيات للهاتف النقال مساحة بين الآراء حيث قالت الأستاذة الفاضلة حنان الخطابي:
" أعارض وبشدة اقتناء الفتيات الصغيرات (الثانوية فما دون لهذا الهاتف) .. لعدة أسباب منها : أنهن لسن بحاجة حقيقية ماسة لهذا الجهاز .. وأكثرهن عندما يمتلكنه لا يمتلكنه إلا للمباهاة والمفاخرة به أمام الصديقات والزميلات.. أو هن يسعين لتقليد غيرهن ممن انتقين هذا الجهاز ... ثم لا يخفى على الجميع أن هذه السن سن خطيرة .. سن مراهقة وعبث وطيش غالبا .. بمعنى أنه يسهل تماما أن تنزلق الفتاة بسبب هذا الجهاز إلى هوة سحيقة لا ترتفع منها أبدا .. قد تكون من صديقاتها صديقة سوء .. تزين لها المنكر العظيم .. ولا تفيق الفتاة إلا بعد أن تحل بها كارثة حقيقية ...
أما إذا وصلت الفتاة إلى المرحلة الجامعية .. فلا مانع أن تقتنيه لأنها تكون في حاجة إليه .. على شرط أن تكون ملتزمة .. متزنة .. عاقلة .. أهل للثقة .. ويبقى دور الأهل في التوجيه والإرشاد والمراقبة عن بعد .. مهم جدا للحفاظ عليها من مزالق إبليس ..."
ولإيضاح الموضوع لم نكتف بما سبق بل جمعنا آراء بعض الإخوة والأخوات سعياُ منا للوصول إلى تصور ورأي لهذا الموضوع..
فالأخ راشد الصليحان فقال: علينا التنبه إلى الخطأ من المنع الكامل من الناحية التربوية لاقتناء الفتيات للهواتف المتنقلة وأشار إلى وجود إيجابيات وسلبيات وأن المتأمل لهذا الموضوع ربما قال سيأتي زمن ويكون هذا الأمر عادي جدا . النظرة بعيدة .. أليس كذلك.. ؟؟
الآن اترك النظرة القريبة، واشرع في تلك النظرة البعيدة .. من هي الفتاة التي تستطيع أن تحافط على دينها دون شوائب ؟ وكيف ؟ وفي المقابل .. من الفتاة التي تستخدمه فيما حرم الله ؟ وكيف ؟ وتذكر كذلك .. أن المنع دائماً سلبي خاصة في مسائل مثل هذه .. أقصد من النواحي التربوية ..
ستقول الفتاة: كل البنات معهن جوالات إلا أنا ... إلا إذا وضع لها الأب أو الأم، أو ولي أمرها بشكل عام كل الوسائل الأخرى التي تغنيها عن الجوال ومشاكله، أقصد التي ليس فيها أمور مضطربة، وغالب المسائل التي تكون مثل هذه، مبنية على التربية الحسنة... "
و بين التأييد والمعارضة كان هناك الوسط حيث قالت الأخت ريتاج:
"برأيي تقتنيه الفتاة المراهقة لكن لا تمتلكه ففيه تحقيقا لرغبتها بوجود جوال معها (اسوة بصديقاتها... ) وفيه تأكيد لثقة أهلها بها, وفيه خدمة لها عند الحاجة إليه, وفيه كبح لجماح الهوى ونزغات الشيطان (لعلمها باطلاع أهلها عليه).
وهذا هو ما تفعله الأمهات الحريصات تجعل جوالها مشتركا بينها وبين ابنتها وحتى للرسائل حافظه خاصة للبنت وللأم حافظة خاصة, (وقد يقوم مقام الأم الأخت الكبيرة) وهذا هو عين العقل .... فإن الفتاة في هذا السن سريعة التأثر وعواطفها هشة لينة يؤثر فيها كل شيء, وكثير من العلاقات المحرمة في وقتنا الحاضر كان سببها الجوال (نسأل الله السلامة").
آراء... آراء... آراء..
تباينت الآراء حول هذا الموضوع واختلفت .. وحتى نعرف رأي الفتيات في ذلك سألنا عدداً كبيراً منهن حول هذا الموضوع .. نسبة كبيرة من الفتيات اللاتي سألناهن رأين أن سن الجامعة هو السن المناسب لامتلاك الفتاة لهاتف نقال لحاجتها لاستخدامه .. ولم تبد الكثيرات منهن اهتماماً بمتابعة ما استجد من أجهزة وما تبعها من إكسسوارات رغم الحديث عن ذلك.. !!
ولم تكن الضرورة هي المبرر الوحيد لا قتناءه فكان استخدامه كوسيلة ترفيه عبر الرسائل أو الألعاب مطروحاً أيضاً..
بين الشد والجذب.
تفشل كثيراً الأساليب التربوية القائمة على القمع وفرض الرأي وبدون إقناع.. والأسرة تواجه مسؤولية كبيرة بتمكنها وضع حدود لاستخدام التقنية بشكل عام والهواتف النقالة بشكل خاص و بدون أن يمس ذلك إحساس تثقه الأهل بالفتاة في الفتاة, أو شعورها بالتقييد لحريتها والذي يكون في أوجه في هذا السن..
إن الأسرة المسلمة اليوم تواجه تحديات كبيرة وما حديثنا هذا إلا جزء يسير من العقبات والأخطار التي جاءت بها المدنية والتحضر .. و ألبستها لباس الضرورة القصوى حتى لو لم تكن كذلك..
ما سبق كان اجتهاد المقلين في إيضاح الموضوع .. ويبقى ناقصاً محتاجاًُ لآرائكم ..
متعثراً بدون عونكم بتجاوز أخطاءه و نقاط نقصه و جبرها بسديد رأيكم وفكركم.
http://www.ma3ali.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/83)
الآثار المترتبة على خروج المرأة للعمل
رياض بن محمد المسيميري
لقد أفرزت تجارب الأمم المعاصرة على وجه الخصوص نتائج فادحة، ترتبت على خروج المرأة من بيتها إلى العمل، ويمكن تلخيص تلك النتائج والآثار الوخيمة فيما يلي:
1- شيوع الاختلاط:
لقد كان الاختلاط في مقدمة الآثار الوخيمة لخروج المرأة من بيتها إلى العمل، فالمستشفيات وقطاع الإعلام والنقل الجوي، والمؤسسات العامة والخاصة وحقل التعليم، لا تزال أماكن تكتظ بالاختلاط الخبيث بصورة مقززة، حيث لم يعد غريباً أن تجتمع المرأة والرجل في حجرة واحدة، ومكتبين متلاصقين دون حسيب أو نكير من أحد.
ومعلوم أن الاختلاط هو البوابة الأولى نحو فاحشة الزنا، سيما مع نشوء الصداقة وزمالة العمل، حيث يسقط حاجز الخوف أو التردد، ويذوب الحياء تدريجياً، فتنشأ العلاقة الآثمة، ومن ثم تنحدرُ الأمة برمتها في مستنقع الرذيلة، ويصبح الناس عبيداً لشهواتهم وملذاتهم، فتنهار قواهم عند أدنى فتنة أو تحدٍ خارجي، فيكونون بذلك لقمةً سائغةً للعدو المتربص في ساعات النزال الأولى، ذلك أنَّ الأمة المترفة الغارقة في بحر شهواتها لا تستحق نصراً ولا يليق بها بقاء!!.
قال العلامة بكر أبو زيد: "وقد علم تاريخياً أن الاختلاط من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا وإخضاعها، بتضييع مقومات كرامتها وتجريدها من الفضائل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
كما نعلم تاريخياً أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات وزوال الدول، كما كان ذلك لحضارة اليونان والرومان [1].
وفيما يلي بعض الحوادث والقصص الواقعية الناتجة عن الاختلاط.
يروي المفتش هاملتون هذه الحادثة، فقد أبلغ بأن أحد مدراء المطاعم لا يعطي الوظيفة للفتيات إلا بعد موافقتهن على اقتسام الفراش معه، فقام بإعطاء إحدى المتقدمات للعمل مسجلاً صغيراً، و طلب منها أن تتقدم إليه طالبة العمل، وإليك مقتطفات مما دار بينهما من حديث:
المدير: هل تركت المدرسة لتوك؟
المتقدمة: نعم أنهيتُ الفصل الصيفي.
المدير: ستذهبين مرةً أخرى في الخريف.
المتقدمة: لست واثقة من ذلك، لأن علي أن أنتقل من منزلي (نتيجة لطرد أبويها لها).
المدير: هل أنت مضطرة للعمل.
المتقدمة: نعم.
المدير: سأعطيك نموذج الطلبات لتملئينه فيما بعد، والآن هل تسمحين لي ببعض الأسئلة الشخصية.
المتقدمة: تفضل ما بدا لك.
المدير: ما هو هدفك في الحياة؟
المتقدمة: في الحقيقة ليس لي هدف.
المدير: هل تريدين أن تعملي طوال حياتك أم أنك تريدين الزواج؟
المتقدمة: لا، أفضل أن أعمل طوال حياتي واستمتع بحياتي.
المدير: أنت رومانسية إذن.
المتقدمة: نعم.
المدير: هل لك مجموعة من العشاق (البوي فريندز) أم عشيق واحد مستمر.
المتقدمة: لا ليس لي عشاق، وإنما عندما أشعر بالحاجة إلى الذهاب مع أحدهم أذهب معه.
المدير: لا تكوني مضطربة ولا قلقة، ولكني رجل قذر "نعم" إن عليك أن تساعديني في الطبخ وسأتركك في المطبخ لوحدك بدون معونة، ولا تجعلي الزيت يحرق جلدك.
المتقدمة: أنا مستعدة لعمل أي شيء، أعطني فرصة.
المدير: وعليك التنظيف وغسل الأطباق، وأحياناً تكونين على الصندوق وأحياناً تنظفين المراحيض، هل تعترضين على ذلك.
المتقدمة: لا، سأفترض أنني في منزل والدتي.
المدير: يبدو أن عليك أن تقومي بأود نفسك.
المتقدمة: نعم لقد تركت منزل والدتي وسأعيش مع بعض صديقاتي.
المدير: هل تحبين الحفلات.
المتقدمة: نعم.
المدير: ما رأيك في الحشيش (الماريوانا).
المتقدمة: له حسناته وسيئاته، في الواقع لا أعرف.
المدير: إذا رأيت هنا واحداً يدخن الحشيش هل يضايقك ذلك؟
المتقدمة: لا يضايقني، إنه أمر لا يخصني، إنه أمر تراه في كل مكان.
المدير: ماذا تقولين إذا قلت لك سأعطيك الوظيفة بشرط أن تنامي معي؟
المتقدمة: إن ذلك يعتمد هل ذلك بصورة دائمة أم مرة واحدة فقط؟
المدير: لا اعرف؟ لكن ما أهمية ذلك؟ إني لا أقول لك كل يوم، يكفيني مرة واحدة في الأسبوع ما رأيك؟
المتقدمة: لا بأس بذلك.
المدير: هل نقفل الباب ونتكلم في هذا الموضوع بالتفصيل؟
المتقدمة: لا يهم.
المدير: تعالي إذن، إنك حقاً لجميلة.
المتقدمة: شكراً.
المدير: ولديك ساقان جميلتان.
المتقدمة: شكراً.
المدير: إنني سأستأجرك للعمل هنا ولن تمانعي طبعاً في الخدمات الجانبية ألا يضايقك ذلك؟
المتقدمة: لا.
المدير: ما رأيك في قبلة الآن؟
المتقدمة: إنني مضطربة الآن.
المدير: لا بأس، متى نجتمع؟
المتقدمة: متى ما تريد؟
المدير: بأسرع وقت ما رأيك الساعة الثانية بعد الظهر.
وعندما ألقي القبض على هذا المدير بتهمة الابتزاز الجنسي، أطلق صاحب العمل سراحه بكفالة، والغريب حقاً أن لا أحد يرى فيما فعل أي جريمة، حتى الشرطة ورجال القانون، لم يروا في ذلك ابتزازاً، إنَّ الجميع يرون ذلك أمراً روتينياً لا غبار عليه، وعندما قدم للمحكمة حكم عليه بغرامة مالية قدرها 125دولاراً فقط!!. وأطلق سراحه على الفور.
وتقول لين فارلي: إذا كانت المرأة تقبل من نفسها أن تكون صيداً جنسياً، فإنَّ من حق الرجال أن يصطادوا.
ولكن المرأة العاملة تجد نفسها مضطرة إلى الرضوخ لرغبات رئيسها الجنسية، لأنها لا تجد العمل ابتداء إلا بالموافقة على نزواته، ولا يمكنها الاستمرار في العمل إلا بالاستمرار في الرضوخ حتى يكون هو الذي ملها، فعندئذٍ يختلق أي عذر ليستبدلها بغيرها.
وقد يكون من المفيد أن يدرك القارئ الكريم أن على الفتاة إذا بلغت سن السادسة عشرة مغادرة منزل والديها، وتبحث عن عمل لأنَّ الوالدين لا يستطيعان الإنفاق عليها، وإنّ عليها أن تعيش من دخلها وهذه إحدى بدع، المساواة التي يزخر بها المجتمع الأمريكي والأوربي، حيث تطرد الفتاة من منزل أمها وأبيها بعد سن الثامنة عشرة أو نحوها، كما يطرد الفتى ويقال لكليهما: الآن انتهى دورنا، عليكما أن تبحثا عن عمل تعيشان منه، ولا شأن لنا بكما، تفضلا أخرجا من المنزل أو يمكنكما البقاء بشرط دفع أجرة السكن والأكل!!
ولا غرابة بعد ذلك أن نرى الأولاد عندما يكبرون يكيلون لآبائهم وأمهاتهم الصاع صاعين، فيموت الأب أو الأم دون أن يدرى عنه أحد!!
حتى يبدأ الجيران في الشك، فيطلبون الشرطة التي تفتح أبواب المنزل عنوة لترى منظراً معتاداً، فقد توفى العجوز منذ أيام!!
والقصص في هذا الشأن كثيرة و لا تخفي على أكثر المتابعين والمطلعين على أحوال القوم.
2- تفكك الأسرة وضياع الأبناء:
إن نظام الأسرة في الإسلام قائم على وحدة الشمل، وتحديد الواجبات، وتقسيم المهمات، فالأب مسؤول عن قيادة الأسرة وتوجيهها واكتساب المعاش، وإنفاقه على زوجته وأبنائه، والأم مسؤولة عن تربية الأبناء ورعايتهم.
فإذا أخل أحد الطرفين بواجباتهِ لسببٍ ما، فإنَّ نظام الأسرة برمته يصبح معرضاً للانهيار في زمنٍ وجيز، فحين تخرج الأم من بيتها لتعمل خارج البيت، فلا بد من تدبير البديل الذي ينوب عنها في مهمتها الخطيرة، وللأسف الشديد حلت " الخادمة " محل الأم العاملة، واستلمت المهمة، ومن ثم حدثت المآسي والفواجع، وحسبك أن تدرك أن نسبةً كبيرةً من الخادمات يعتنقنَ الديانة، الهندوسية أو البوذية، أو النصرانية، وجم غفير منهن متعصبات لمعتقداتهن الوثنية، ويسعينَ جاهدات إلى التبشير بها وتعليمها من تحت أيديهن من الأطفال الأبرياء!!.
وكان من المتوقع أن تصدر عن الأطفال الصغار تصرفات وحركات غريبة مشابهة لتلك التي يتعاطاها الخدم الوثنيون، تعبيرا عن طقوسهم الدينية، إذ أن بقاءهم تحت أيدي الخدم معظم ساعات النهار، وربما شاطروهم فراشهم ليلاً وطعامهم نهاراً سيؤدي بالطبع إلى قبول كل ما يصدر عنهم من حركات وتصرفات.
وأشد من هذا أحياناً استغلال هؤلاء الأطفال جنسياً، سيما من ذوي الأعمار ما بين 4-7 سنوات تقريباً، حيث تكبر أجسامهم وتظل عقولهم عاجزةً عن إدراك ما يفعله الآخرون.
ومن جهة ثانية تسبب غياب الأم عن بيتها إلى نشوء الخلافات بين الزوجين أنفسهما، حيث أخلت الزوجة بمتطلبات زوجها وحاجته إلى الاهتمام به شخصيا وتلبية مطالبه المختلفة، حتى لو كان مقتنعا بخروج زوجته إلى العمل لتشاطره الإنفاق على البيت، إلا أن هذا لم يمنع خروجه عن طوره في أحيان كثيرة بسبب الضغط النفسي الناشئ عن فوات حقوق كثيرة لا يمكن التغاضي عنها إلى الأبد.
وأما ضياع الأبناء الكبار فهو أمرٌ لا يمكن تجاهله، فأثره واضح وملامحه ظاهرة على نطاق الأسرة والمجتمع بأسره.
فكثيرا ما يخلوا الأبناء بالخادمات في البيوت، إما بسبب غيابهم عن المدرسة، أو هروبهم منها ساعات الضحى، أو بقائهم بلا دراسة بعد الثانوية لضعف معدلاتهم المخولة لهم في دخول في الجامعات، أو عدم توفر فرص العمل بعد إتمام الجامعة أو غيرها.
وكذلك الفتيات ربما خلون بالخادمات فمارسن العهر معهن أو مع السائقين، سيما مع ضعف الوازع الديني وكثرة المغريات والفتن.
كما كان حلول الانترنت ودخوله بيوتنا فرصة للعاطلين عن الدراسة أو العمل لإبرام العلاقات مع الجنس الآخر وعقد الصداقات والمواعيد المحرمة.
3- نشوء البطالة في أوساط الرجال:
لا شك أن شغل النساء لوظائف رجالية، يعني تفويت الفرصة عليهم لشغل تلك الوظائف، ومن ثم زيادة نسبة البطالة في أوساطهم.
فالمركز الطبي مثلاً حين يوفر وظيفتين في ركن الاستقبال، ثم تكلف موظفتان لشغل الوظيفتين المذكورتين، فهذا يعني بداهة حرمان العنصر الرجالي من فرصتين هم أجدر بهما منهن.
وهكذا حين تسند وظائف هنا وهناك لموظفات على حساب الرجال، تزداد نسب البطالة وتنمو باتجاه الأعلى، ومن ثم يتعرض المجتمع بأسره إلى شفير البركان الذي لا نأمن ساعة هيجانه وثورانه.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى بعض آثار البطالة على المجتمع، فيما يلي من سطور مع التأكيد على فروقٍ رئيسة بين بطالة الرجال وبطالة النساء، سيما في المجتمعات المسلمة المحافظة.
فمن هذه الآثار:
4- نشوء الحقد والكراهة على المجتمع بأسره:
إنّ الإنسان مجبول على الطمع والأنانية والأثرة، فإذا رأى الآخرين قد حازوا الألقاب وفازوا بالمناصب، وجمعوا الأموال، وهو صفر اليدين عاطل عن العمل، فإن ذلك كفيل بنشأة النقمة الجامحة على المجتمع، وصناعة حيز كثيف من الأحقاد ضد الآخرين!
إن التجارب الأممية المعاصرة أثبتت أن استئثار فئة من المجتمع بالمناصب والثروات وحرمان الآخرين، قد أوجد نظام الطبقيات المقيتة بكل سوءاتها الاجتماعية، ومخلفاتها التصادمية، وفي حالة المجتمعات الشيوعية والرأسمالية على حدٍ سواء أصدق الشواهد على صحة ما نقول، فكثيراً ما تحدث حالات الاعتداء على الآخرين، أو إتلاف الممتلكات العامة دون مبرر واضح إلا شهوة الانتقام والتنفيس عن الأحقاد الدفينة تجاه الجميع.
5- نشوء الجريمة الارتجالية والمنظمة:
وهذه الفقرة لها أشد العلاقة بسابقتها ولكنها تزيدها توضيحاً شيئاً ما، فأقول إنّ نشأة الأحقاد لدى الطائفة الشبابية وصغار السن بالذات، نتيجة شعورهم بالحرمان، واستئثار الآخرين بالثروات دونهم مع شعورهم بقوتهم البد نية، وطاقاتهم الجسمانية المعطلة، سيدفعهم إلى استغلال قدراتهم تلك في الاستيلاء على بعض ما عند الآخرين بالقوة عبر الجريمة الارتجالية، أو المنظمة أو حرمانهم منها من خلال تصفيتهم جسدياً، وقد أصبحت الجريمة بشقيها الارتجالي والمنظم مصدر القلق الأول، الذي يعكر صفو حياة القوم، فوق ما هم فيه من الضنك والتعاسة، ولا يبدو في الأفق أي بوادر انفراج في أزمة الأمن هذه بل العكس هو الصحيح، فإن معدلات الجريمة آخذة في الارتفاع بسرعة، وبنسبٍ عالية للغاية، سيما مع التطور المذهل في تقنية الاتصالات، وابتكار الشبكة العنكبوتية التي سهلت لشبكات الإجرام العالمية نفث سمومها، وعرض خبراتها وتجاربها القبيحة في مجال الجريمة والابتزاز!!
6- ارتفاع نسب الانتحار:
لقد صاحب موجة الإلحاد العالمية التي اكتسحت، ولا تزال أنحاء متفرقة من العالم المعاصر أن ضعف جانب الوازع الديني، حتى عند قطاع من المسلمين المتأثرين بالثقافات الأجنبية الوافدة، مما أدى إلى نشأة الأنماط السلوكية الشاذة، حتى بلغ الأمر إلى تصفية الذات تصفيةً مباشرة بالانتحار عند وصول الضحية إلى حالة من اليأس والقنوط، من إمكانية تصحيح وضعه الاجتماعي، أو تحقيق شيءٍ من آماله المعيشية والأسرية، مما يدفعه مع ضعف الإيمان - إلى وضع حد لحياته ومأساته بزعمه والله المستعان!
7- ارتفاع معدلات السرقة على وجه الخصوص:
لا يشك أحد أن أقوى دوافع السرقة هو الحاجة والحرمان، فالسارق - عادة وغالباً- إنسانٌ محتاج ومحروم - مع ضعف الديانة -، والبطالة بلا شك، واحدة من أهم أسباب ودوافع السرقة، سيما حين تعطل الحلول الشرعية الجادة القادرة على احتواء مشكلة البطالة، وتجاوز أزمة العاطلين عن العمل بتوفير أسباب الحياة المعيشية الكريمة، بفضل توفر السيولة المالية الكافية عبر مصرف الزكاة الشرعية، ناهيك عن رابطة التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع التي أمر بها الدين الحنيف.
8- شيوع المخدارت وانتشار المدمنين:
تبقى المخدرات عدواً متفقاً عليه لدى جميع الدول - ولو من الناحية الظاهرية - وذلك لما لها من الآثار المدمرة للفرد والجماعة، ومع ذلك ظلت تجارة المخدرات وتعاطيها في ازدياد مريع وسريع، لأسبابٍ كثيرة ليس هذا موطن ذكرها ويكفينا منها هاهنا سببان:
أولاهما:
أن لجوء البعض إلى المخدرات هو الرغبة في الهروب من الإحساس بالواقع، واطرح الهموم والإغراق في الخيال ونحوها من الترهات، والأوهام التي يصنعها الشيطان في أذهان هؤلاء المساكين من فاقدي الإيمان، واليقين برب العالمين، وذلك كله نتيجة لحالة الفراغ والبطالة السائدة في المجتمعات، وافتقاد هؤلاء المرضى فرص العمل والاسترزاق.
ثانيهما:
الرغبة الجامحة في إيجاد مصادر دخل، بعد أن أغلق المجتمع أبواب العمل المشروع، وقلص فرص الكسب الكريم، وأبطل نظم التكافل الاجتماعي التي جاء بها الإسلام، مما دفع هؤلاء إلى اقتحام مجالات تكسب غير مشروعة، فكان طريق الإتجار بالمخدرات هو أسرع الطرق إثراءً وأكثرها جاذبية.
9- العزوف عن الزواج بسبب العجز عن المئونة:
لا يخفى أن الزواج في عصرنا الراهن قد أصبح مكلفاً للغاية، بحيث لم يعد ممكنا إلا لفئةٍ محدودة من الناس، قادرةً على النهوض بأعبائه الثقيلة أو لفئة أخرى لديها الاستعداد لتحمل الديون وإراقة ماء الوجه، بحثاً عن مغامرين يقبلون إقراضهم لوجه الله أو تحمل أقساط شهرية باتباع طريقة التورق وغيرها.
وهذه التكاليف الباهظة للزواج أدت بالطبع إلى عزوف عام عنه، مما أدى إلى ارتفاع نسبة العوانس بشكل مثير للقلق حقاً، فضلاً عماّ يترتب على هذه النازلة من الأزمات الأخلاقية الماحقة، كانتشار الزنا ودور البغاء وكثرة اللقطاء عياذاً بالله، وما يصاحب هذا وذاك من المآسي الاجتماعية والصحية وغيرها.
----------------------------------------
[1] حراسة الفضيلة (82).
26/5/1426 هـ
03/07/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/84)
أقوال واعترافات الغربيين
محمد بن عبد الله الهبدان
اعترافات وأقوال بأهمية بقاء المرأة في بيتها، ونحن نذكر أقوال هؤلاء الغربيين لأمرين:
الأول: لأنَّ هناك طائفة من الناس بهرتهم حضارة الغرب، فسلبتهم عقولهم، وأسرت أفئدتهم، فأصبحوا لا يفكرون إلاَّ من خلال منظورٍ غربيٍّ بحت، فنقول لهؤلاء المحسوبين على الإسلام، الذين ينعقون صباح مساء بالتبجح بحضارة الغرب، وعقلاء الغرب الذين ولدوا ونشئُوا وماتوا في هذه الحضارة، هذه صيحات النذارة والندم من حضارتهم الهابطة، التي أوردتهم الموارد ففرقت جمعهم، ومزقت شملهم، وحرمتهم الراحة النفسية والبدنية، فهل من مُد كر ؟! فكيف تطالبون أنتم بخروج المرأة المسلمة من بيتها لتزاحم الرجال؟!
الثاني: أنَّ هؤلاء جربوا ويلات خروج المرأة من بيتها، وذاقوا مرارتها، وشعروا بخطرها، وكما قيل: السعيد من وعظ بغيره [1]
- يقول العلامة الإنجليزي: (سامويل سمايلس) وهو من أركان النهضة الإنجليزية: (..وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات البيتية..) [2]
- ويقول أوجست: (ينبغي أن تكون حياة المرأة بيتيه، وأن لا تكلف بأعمال الرجال، لأنَّ ذلك يقطعها عن وظيفتها الطبيعية، ويفسد مواهبها الفطرية، وعليه فيجب على الرجال أن ينفقوا على النساء، دون أن ينتظروا منهنَّ عملاً ماديا.. )([3])
- وتقول (كاتلين ليند): زوجة رائد الفضاء الأميركي د. دون ليزي ليند، القائد الثاني للمركبة الفضائية، (أبو للو): (كربّة بيت، فإنني أقضي معظم وقتي في البيت، وكامرأةٍ فإنني أرى أنَّ المرأة يجبُ أن تعطي كلُّ وقتها لبيتها وزوجها وأولادها، أي يجبُ أن تعطي منزلها الاهتمام الأول، ويجب ألا تغادر منزلها إذا كان منزلها في حاجة ماسة لها).
وتضيف: (ولا زلتُ أذكر حديثا لأحد رجال الدين، رداً على سؤال: إذا كان مصير المرأة بيتها فلماذا إذن تتعلم؟ لقد قال يومها لصاحبة السؤال: إذا علمت رجلاً فإنكَ تعلم فردا، وإذا علمت امرأةً فأنت تعلم جيلاً أو أمة)، ثم تقول: وأنا مسرورةٌ جداً من بقائي في البيت إلى جانبِ زوجي وأطفالي، حتى في الأيام العصيبة ـ وأقصد الأيام التي كُنَّا في حاجةٍ فيها إلى المال، لم يطلب مني زوجي أن أعمل، وكانت فلسفتهُ أننا نستطيع أن نوفر احتياجاتنا الضرورية، لكننا لا نستطيع أن نُربي أولادنا إذا أفلت الزمام من بين أيدينا).
وأخيراً: (أشعر بالأسف على هؤلاءِ الأمهات اللاتي يتركنَ أطفالهُنَّ ويخرجنَ للعمل لجمع المال، تاركين حياةَ الأسرةِ السعيدة مع أبنائهن)([4])
وقد اجتمع أعضاء الكونغرس الأمريكي لمناقشة موضوع منع الأم التي لديها أطفال من الاشتغال مهما كلَّفها ذلك.
- فقال بعضهم: إنَّ المرأةَ تستطيع أن تخدم الدولة حقاً إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة.
- وقال آخر: إنَّ الله عندما منح المرأة ميزةَ إنجاب الأولاد، لم يطلب منها أن تتركهم لتعمل في الخارج، بل جعل مهمتها البقاء في المنزل، لرعاية هؤلاء الأطفال.
واتفقوا في النهايةِ على السماحِ للمرأة بالتعليم، حتى تفيد أولادها مستقبلاً، أما العمل فلا [5]
- ويقول الأمير شارلز: ولي عهد بريطانيا في مجلة (البيت السعيد): (إنَّ هؤلاءِ النساءِ اللائي يُطالبن بالمساواةِ مع الرجال، أعتقد أنهنَّ يُردنَ أن يصبحنَ رجالاً، ناسياتٍ أن تنشئةَ النسلِ أعظم مهمةٍ يقمن بها)، وهذا الكلام يقولهُ ولي عهٍ لإمبراطوريةٍ كبرى، تُشكلُ قوةَ المرأة العاملة فيه نصف مجموع سكانها ومواطنيها [6]
- وتقول زوجة رئيس جمهورية جنوب أفريقيا: مُبيِّنةً أنَّ البيتَ هو المكان الطبيعي للمرأة، (إنَّ هذه وظيفتنا في المجتمع، وهي وظيفة يجبُ أن نفخر بها؛ لأنَّها تصنع رجالاً ناجحين وأجيالاً سوية)[7].
- وقال جُون سيمون: في مجلةِ المجلات الفرنسية: المرأة التي تشتغلُ خارج بيتها، تُؤدي عملَ عاملٍ بسيط، ولكنَّها لا تؤدي عمل امرأة) [8].
----------------------------------------
[1] أخرجه بن أبي عاصم في السنة (177) وقال الألباني: إسناده جيد وهو علي شرط مسلم. وقد رواه ابن أبي عاصم في السنة (178) والقضاعي (76) عن ابن مسعود مرفوعا، وقال الألباني في ظلال الجنة (1/79) ضعيف مرفوعا.
[2] المرأة بين الفقه والقانون ص 252.
[3] نقلاً من مقالة لفريد وجدي ص 486-487 مجلة الأزهر.
[4] رسالة إلى حواء 2/99-100. محمد رشيد العويّد.
[5] المرأة بين الفقه والقانون ص 255-256.
[6] مكانك تحمدي ص 118 أحمد محمد جمال.
[7] جريدة المسلمون عدد 328.
[8] رسالة إلى حواء، للعويد:ص 26.
11/5/1426 هـ
18/06/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/85)
حراسة الفضيلة من دعاة نظرية الخلط
عيسى بن عبدالله الغيث
قال الله تعالي: (والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاُ عظيماً).
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..أما بعد:
فقد تفضل صاحب المعالي سماحة شيخنا العلامة الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد حرسه الله بإخراج رسالة للناس وذلك لتثبيت نساء المؤمنين على الفضيلة، وكشف دعاوى المستغربين إلى الرذيلة، إذ حياة المسلمين المتمسكين بدينهم اليوم المبنية على إقامة العبودية لله - تعالى -، وعلى الطهر، والعفاف، والحياء والغيرة حياة محفوفة بالأخطار من كل جانب، بجلب أمراض الشبهات في الاعتقادات والعبادات، وأمراض الشهوات في السلوك والاجتماعيات، وتعميقها في حياة المسلمين في أسوا مخطط مسخّر لحرب الإسلام، وأسوأ مؤامرة على الأمة الإسلامية، تبناها: النظام العالمي الجديد في إطار: نظرية الخلط وهي المسماة في عصرنا العولمة؟ أو: الشوملة أو: الكوكبة بين الحق والباطل، والمعروف والمنكر، والصالح والطالح، السنة والبدعة، والسني والبدعي، والقرآن والكتب المنسوخة المحرفة كالتوراة والإنجيل، والمسجد والكنيسة والمسلم والكافر، ووحدة الأديان (وكذلك التقريب بين الفرق العقائدية)
ونظرية الخلط هذه، ما هي إلا مكيدة، لتذويب الدين في نفوس المؤمنين، وتحويل جماعة المسلمين إلى سائمة تُسام، وقطيع مهزوز اعتقاده، غارق في شهواته، مستغرق في ملذاته، متبلد في إحساسه، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، حتى ينقلب منهم من غلبت عليه الشقاوة على عقبيه خاسراً ويرتد منهم من يرتد عن دينه بالتدريج.
كل هذا يأتي باقتحام الولاء والبراء، وتسريب الحب والبغض في الله، وإلجام الأقلام، وكف الألسنة عن قول كلمة الحق، وصناعة الاتهامات لمن بقية عنده بقية من خير، ورميه بلباس: (الإرهاب) و (التطرف) و (الغلو) و (الرجعيه).. إلى آخر ألقاب الذين كفروا للذين أسلموا، والذين استغربوا للذين آمنوا وثبتوا، والذين غلبوا على آمرهم للذين استضعفوا.
ومن أشأم هذه المخاطر، وأشدها نفوذاً في تمييع الأمة و إغراقها في شهواتها، وانحلال أخلاقها، سعي دعاة الفتنة، وإشاعة الفاحشة ونشرها، وعدلوا عن حفظ نقاء الأعراض وحراستها إلى زلزلتها عن مكانتها، وفتح أبواب الأطماع في اقتحامها، كل هذا من خلال الدعوات الآثمة، والشعارات المضللة بأسم: (حقوق المرأة) (وحريتها) و (مساواتها بالرجل) وهكذا من دعوات في قوائم يطول شرحها، تناولوها بعقول صغيرة، وأفكار مريضة، يترجلون بالمناداة إليها في البلاد الإسلامية، وفي المجتمعات المستقيمة، لإسقاط الحجاب وخلعه، ونشر التبرج والسفور والعري والخلاعة والاختلاط، حتى يقول لسان حال المرأة المتبرجة: (هيت لكم أيها الإباحيون).
وقد تلطفوا في المكيدة، فبدؤوا بوضع لبنة الاختلاط بين الجنسين في رياض الأطفال، وبرامج الأطفال في وسائل الأعلام، وركن التعارف بين الأطفال، وتقديم طاقات وليس باقات من الزهور من الجنسين في الاحتفالات، وهكذا يخترق الحجاب ن ويؤسس الاختلاط، بمثل هذه البدايات التي يستسهلها كثير من الناس!!
وكثير من الناس تغيب عنهم مقاصد البدايات، كما تغيب عنهم معرفة مصادرها، كما في تجدد: (الأزياء) الموضة الفاضحة، الهابطة، فإنها من لدن (البغايا) اللائي خسرن أعراضهن، فأخذن بعض أنفسهن بأزياء متجددة، هي غاية في العري والسفالة، وقد شحنت بها الأسواق وتبارى النساء في السبق إلى شرائها، ولو علموا مصدرها المتعفن، لتباعد عنها الذين فيهم بقية من حياء.
ومن البدايات المحرمة:
إلباس الأطفال الملابس العارية لما فيها من إيلاف الأطفال على هذه الملابس والزينة بما فيها من تشبه وعري وتهتك، وهكذا سلكوا شتى السبل، وصاحوا بسفور المرأة وتبرجها من كل جانب، بالدعوة تارة، وبالتنفيذ تارة، وبنشر أسباب الفساد تارة، حتى صار الناس في أمر مريج وتزلزل الإيمان في نفوس كثيرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم. إذا ً لا بد من كلمة حق وترفع الضيم عن نساء المؤمنين، وتدفع شر المستغربين بين المعتدين على الدين والأمة، وتعلن التذكير بما تعبد الله به نساء المؤمنين من قرض الحجاب، وحفظ الحياء والعفة والاحتشام، والغيرة على المحارم، والتحذير مما حرمه الله ورسوله من حرب الفضيلة بالتبرج والسفور والاختلاط، وتفقأ الحصرم في وجوه خونة الفضيلة، ودعاة الرذيلة، ليقول لسان حال العفيفة: إليك عني، إليك عني فلست منك ولست مني وليثبت الله بها من شاء من عبادة علي صيانة محارمهم وصون نسائهم من هذه الدعوات، وأنه لا مجال لحمل شيْ منها محمل إحسان، لما يشاهده المسلمون من تيار الخلاعة والمجون، والسفور، وشيوع الفاحشة في عامة المجتمعات الإسلامية التي سرت فيها هذه الدعايات المضللة.
بل أن بعض الصحافة تسفلت في النقيصة، فنشرت كلمات بعض المقبوحين بإعلان هواية مقدمات البغاء، مثل: المعاكسة، وقول بعض الوضيعين: إنه يهوى معاكسة ((بنات ذوي النسب)) وهكذا.. من صيحات التشرد النفسي، والانفلات الأخلاقي.
وليتق الله امرؤ من أب أو أبن أو أخ أو زوج نحوهم، ولاّة الله أمر امرأة أن يتركها تنحرف عن الحجاب إلى السفور، ومن الاحتشام إلى الاختلاط والحذر من تقديم أطماع الدنيا وملاذ النفوس على ما هو خير وأبقى من حفظ العرض، والأجر العريض في الآخرة.
وعلى نساء المؤمنين أن يتقين الله، وأن يسلمن الوجه لله، والقيادة لمحمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يلتفتن إلى الهمل، دعاة الفواحش والأفن.
ومن كان صادق الإيمان قوي اليقين تحصن بالله، واستقام على شرعه.
ثم قال سماحته:
والآن هذه رسالة تنير السبيل في: أصول في الفضيلة وحراستها وحث المؤمنات على التزامها وفي كشف دعاة المرأة إلى الرذيلة وتحذير المؤمنات من الوقوع فيها.
وبالفصل الأول يعلم قطعاً الرد على الثاني.
وفيما ذكر إن شاء الله مقنع وهداية، وعظة وكفاية، لمن نوُر الله بصيرته، وأراد هدايته وتثبته، وكل امرئ حسيب نفسه، فلينظر موضع صدره وورده، وحسبي الله ونعم الوكيل.
وقال سماحته: هذا، وإن هذه الرسالة خلاصة أنتخلتها واستخلصتها من نحو مائتي كتاب ورسالة ومقالة عن المرأة، عدا كتب التفسير والحديث والفقه ونحوها، ولم أرد إثقال هذه الرسالة بعزو بعض العبارات والجمل إلى مواضعها، اكتفاء بهذه الإشارة.
وإن ما يثبت الله في قلوب المؤمنين والمؤمنات إظهار جملة من اللفتات لإسرار التنزيل في عدد من الآيات، وفي هذه الرسالة طائفة مباركة منها، كما ستراه في مثاني الصفحات، وأسال الله - سبحانه - أن يلبسها حلل القبول والحمد لله رب العالمين.
وقد جعلها سماحته في فصلين: الأول: ذكر عشرة أصول للفضيلة:
1- وجوب الإيمان بالفوارق بين الرجل والمرأة.
2- الحجاب العام.
3- الاختلاط محرم شرعاً
4- التبرج والسفور محرمان شرعاً.
5- لمّا حرم الله الزنى حرم الأسباب المفضية إليه.
6- الزواج تاج الفضيلة.
7- وجوب حفظ الأولاد عن البدايات المضلة.
8- وجوب الغيرة على المحارم وعلى نساء المؤمنين.
ثم ذكر سماحته في الفصل الثاني: كشف لدعاة المرأة إلى الرذيلة: سواء كانت خططهم في مجال الإعلام أو في مجال التعليم أو في مجال العمل والتوظيف وذلك في: (30) سلكاً ثم ختم رسالته بعبارة مباركة حيث قال: وما يتذكر إلا أولو الألباب، والله يتولى الجزاء والحساب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/86)
ـــــــــــــــــــ
أقوال واعترافات دعاة تحرير المرأة
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
- هذا الاعتراف للكاتبة المشهورة (غنيمة المرزوق): رئيسة تحرير مجلة أسرتي، تتحدث لبنات جنسها بصراحة فتقول: (عيب أنتِ بنت)، كلمة سمعناها كثيراً في طفولتنا، ورددتها (أغلب العجائز) آنذاك.
كنا نرى الولد يحظى بكل أنواع المتعة من مأكل وملبس، ولعب وسيارات، كان قلبنا يحترق، نريد أن نلعب بـ الفريج ولكن الحكارة لنا بالمرصاد، وكلمة عيب، عيب، كان كل شيء عيباً، ولا نعرف ما معنى عيب، وببراءة الطفولة سألت جدتي (كيف أصبح رجلاً)؟ فردت بدهاء (حِبي كوعك)، والكوع: هو العظم الذي يفصل الذراع عن الزند [1].
حاولنا مراراً مع بنات الفريج دون جدوى، كبرنا وكبرت آمالنا وتطلعاتنا، نلنا كل شيء، نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف، أصبحنا كالرجال تماماً، نقود السيارة، نسافرُ إلى الخارج، نلبس البنطلون، ارتدينا الماكسي الشبيه بالدشداشة، والحجاب الشبيه بـ الغترة، أصبح لنا رصيد في البنك، أصبح لنا رجل يحمينا ويعطينا كل شيء، دون قرقة أو نجرة، وصلنا إلى المناصب القيادية، واختلطنا بالرجال، ورأينا الرجل الذي أخافنا في طفولتنا، أصبحنا ـ نحن النساء ـ رجالاً، وبدأت تعتري أجسادنا الأمراض، وأصبنا كما يصاب الرجل، نتيجة تحمل المسؤولية بـ السكر وتصلب الشرايين، بدأ الشيب يغزو الشعر الأسود، وبدأ الشعر الكثيف الذي كأنَّهُ ليل أرخى سدوله بالسقوط، وبدأت الصلعة تظهر نتيجة التفكير والتأمل والذكاء، الرجل كما هو، والمرأة غدت رجلاً تشرف على منزلها، وتربي أطفالها، وتأمر خدمها، وتقف مع المقاولين، وتقابل الرجال في العمل، وكثرت هذه الأيام ظاهرة العقم عند النساء، وعن سؤالٍ وجِّه لاختصاصي كبير في الهرمونات قال: إن هناك تزايدا في هرمونات الذكورة عند النساء في الكويت، وقد يكون سببها البيئة، هذه حقيقة ذكرها طبيب عريق في مجال العقم، وبعد أن نلنا كل شيء، وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت، أقول لكم بصراحتي المعهودة: (ما أجمل الأنوثة)، وما أجمل المرأة، المرأة التي تحتمي بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته، ويحرمها من السفر لوحدها، ويطلب منها أن تجلس في بيتها، تربى أطفالها، وتشرف على مملكتها، وهو السيد القوي، نعم أقولها بعد تجربةٍ، أريد أن أرجع إلى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في الحياة والعمل،
إن الذكاء نقمة في بعض الأحيان، وأغلب الأمراض الحديثة نتيجة ذلك، وما أجمل الوضع الطبيعي لكل شيء، لقد انفتح المجال أمامنا بشكلٍ أتعبنا جميعاً، والآن لو تيسر لنا فعلاً وبالآلات الحديثة، (حبة الكوع) فلن أفعل هذا العمل إطلاقاً، ولن أخبركم بالسر، ولكن سأحتفظ به لنفسي[2].
- وهذا اعتراف آخر للأديبة الكويتية (ليلى العثمان): حيث كتبت تقول: سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يُسمى بحرية المرأة، تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها، وعلى حساب كرامتها، وعلى حساب بيتها وأولادها، سأقول: إنني لن أحمل نفسي - كما تفعل كثيرات - مشقةً رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل، نعم أنا امرأة، ثم تقول: هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت ـ الذي هو جنة المرأة - على أنَّه السجن المؤبد؟ وأنَّ الأولاد ما هُم إلاَّ حبل من مسد يُشد على عنقي، وأنَّ الزوج ما هو إلاَّ السجان القاهر، الذي يكبل قدمي، خشية أن تسبقه خطوتي؟ لا، أنا أنثى أعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيت، ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملةً أخدم خارج نطاق الأسرة، ولكن ـ ويا رب أشهد ـ بيتي أولاً، ثم بيتي، ثم بيتي، ثم العالم الآخر)[3]
- وهذا اعتراف آخر لأحد دعاة التحرير يقول: كلمة حق في القضية ذاتها، إنه أنيس منصور يقول في كتابه (يوم بيوم): (إن اليتيم ليس هو الذي مات أبوه أو أمه، ولكن اليتيم هو الذي له أبٌ وله أمٌ ولكنه لا يشعر بهما، يريانهِ ولكن لا يلمسانه، ويلمسانه ولكن بلا حنان، فلا هما موجودان بالنسبة له، ولا هو موجود بالنسبة لهما، لأنَّ الرجل يعمل، والمرأة تعمل، وليس عند هما متسعٌ من الوقت لتربية الأطفال).
ثم يأمل أنيس منصور: (أن يجيءَ ذلك اليوم الذي تعودُ فيه المرأة إلى البيت، لكي تكون أماً، ولكي تساهم في إنقاص عدد الأيتام) [4].
- وهاهو ذا الكاتب الروائي الشهير إحسان عبد القدوس: الذي أغرق السوق الأدبية، برواياته الداعية إلى خروج المرأة من البيت، والاختلاط بالرجال ومراقصتهم في الحفلات والنوادي والسهرات، يقول في مقابلةٍ أجرتها معه جريدة الأنباء الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 18/1/1989: (أعتبر أنَّ أساس مسؤولية أيِّ امرأة هو البيت والأولاد، وهذا ينطبق عليّ بالدرجة الأولى، فلولا زوجتي ما كنت أستطيع تحقيق الأسرة، والاستقرار والنجاح، لأنَّها متفرغة للبيت والأولاد) [5].
- وهذا تصريح آخر من أحد دعاة إفساد المرأة وهو قاسم أمين يقول: (لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الترك، بل الإفرنج في نحو تحرير نسائهم، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب، وإلى اشتراك النساء في كل أعمالهم، ومآدبهم وولائمهم، ولكني أدركتُ الآن خطرَ هذه الدعوة، بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعتُ خطوات النساء في كثيرٍ من أحياء العاصمة والإسكندرية، لأعرف درجة احترام الناس لهن، وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيتُ من فساد أخلاق الرجال بكل أسف، ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي، واستنفر الناس إلى معارضتي، رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها بألسنة البذاءة، ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا تناولها الأيدي والألسن جميعا. ) [6]
----------------------------------------
[1] ليس هذا هو الكوع وإنما هو المرفق، والكوع هو العظم الذي يلي الإبهام.
[2] المجلة العربية العدد 143 نقلا من كتاب اعترافات متأخرة ص 33-35 لمحمد المسند وفقه الله.
[3] رسالة إلى حواء، الجزء الثالث ص 85.
[4] مكانك تحمدي ص 116-117.
[5] انظر: شخصية المرأة المسلمة د. محمد الهاشمي ص 57-58.
[6] ـ انظر:حجاب المرأة المسلمة ص 458.د محمد البرازي.
16/5/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/87)
تحرير المرأة
د. سعد بن عبد الله الحميد
كانت كثير من الأمم تستعبد المرأة وتذلها، ومنهم العرب في الجاهلية، ولست أريد الإفاضة في الحديث عن ذلك فالأمر يطول، وإنما نكتفي بمثال عن عدة المتوفى عنها زوجها، فإن المرأة إذا توفي عنها زوجها تعتد حولاً كاملاً، وتحد عليه شر حداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن شر الغرف، وهو ما يسمى بالحفش وهو بيت صغير مظلم داخل البيت، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماء، ولا تقلم ظفراً، ولا تزيل شعراً، ولا تظهر للناس في مجتمعهم طيلة عام كامل، فإذا انتهى العام خرجت بأقبح منظر، وأنتن ريحه، فتؤتى بدابة حمارٍ أو طير فتقتفي به- أي تمسح به قبلها- فلا يكاد يعيش ما تقض به، بل يموت من شدة نتنها وريحها، ثم تنتظر مرور كلب لترمي عليه بعرة احتقاراً لهذه المدة التي قضتها، وتعظيماً لحق الزوج عليها، ففي الصحيحين عن أم سلمة- رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((لا..مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول: لا، ثم قال- صلى الله عليه وسلم -: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)).
فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر عليها سنة، ثم تؤتى بدابة حمارٍ أو طيرٍ أو شاةٍ فتقتفى به، فقلما تقتفى بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره، فهذه صورة من صور العنت والشقاء، الذي كانت تلاقيه المرأة، وهو مما رفعه عنها الإسلام، لكن لم يرض الإسلام للمرأة أن تسلك مسالك الجاهلية في التبرج والاختلاط بالرجال كما هو حال الجاهلية في كثير من العصور، ولا أظنها بلغت في عصر مضى مبلغ جاهلية هذا العصر، الذي اتخذ من المرأة سلعة ولعبة يلهوا بها، فإذا ملها رماها في سلة المهملات، فقد استغلوا المرأة في كل شيء.ولم يصنعوا شيئاً، وإنما نقلوها من استعباد إلى استعباد آخر، فباسم الحرية للمرأة استخدم الرجال المرأة مصيدة لجمع المال، ومطية لتحصل المتعة واللذة، وإنما يحظى بذلك الجميلات فقط، وفي سن معينة فقط، فإنها إذا وصلت إلى سن الخامسة ولأربعين تقريباً تكون قد انتهى دورها، وانتهت وقضي عليها، ولذا نجد المرأة في السويد أخذت تطالب بمنع استغلال المرأة في الدعاية التجارية، ونحن نرى اليوم كيف تستغل المرأة في الدعاية للمنتوجات والسلع المختلفة، وقد استعان منتجو السيارات، استعانوا بفتيات وهن شبات عاريات، وذلك بقصد تنشيط حركة الشراء، وقد بدأت حتى أفجر الممثلات في الغرب يشعرن بسقوط المرأة أمام قدمي الرجل ونفسيته الجشعة، فقد نشرت صحف العالم قبل ما يقرب من عشر سنوات أن ممثلة فرنسية بينما كانت تمثل مشهداً عارياً أمام الكاميرا، ثارت ثورة عارمة وصاحت في وجه الممثل والمخرج قائلة: أيها الكلاب أنتم الرجال لا تريدون منا النساء إلا أجسادنا، حتى تصبحوا من أصحاب الملايين على حسابنا، ثم انفجرت باكية، فهذه المرأة قد استيقظت فطرتها في لحظة واحدة، بالرغم من الحياة الفاسدة التي مرت فيها، وأعظم منها قضية أشهر ممثلة في العالم في الإغراء، والتي أحدثت ضجة في وقتها، حينما انتحرت وتركت رسالة وجد على غلافها كلمة تطلب فيها عدم فتح هذه الرسالة قبل وفاتها، وفتح المحقق الذي يحقق في القضية الرسالة، فوجدها مكتوبة بخط هذه الممثلة نفسها واسمها (مارلين مونرو)، وهي موجهة إلى فتاة تطلب نصيحة مارلين عن الطريق إلى التمثيل، فردت مارلين في هذه الرسالة التي وجهتها إلى هذه الفتاة وإلى كل من ترغب بالعمل في السينما فتقول: احذري المجد، احذري كل من يخدعك بالأضواء، إني أتعس امرأة على هذه الأرض، لم أستطع أن أكون أماً، إني امرأة أفضل البيت، الحياة العائلية الشريفة على كل شيء، إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية، ثم تقول في نهاية الرسالة: لقد ظلمني كل الناس، وإن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت المجد والشهرة الزائفة، إني أنصح الفتيات بعدم العمل في السينما وفي التمثيل، إن نهايتهن إذا كن عاقلات كنهايتي. ويكاد يجمع كل من زار الغرب، ومن المسلمين بخاصة على أن المرأة هناك في وضع مؤلم لا تحسد عليه لما تعانيه من الشقاء والابتذال في سبيل لقمة العيش أو رغبتها في أن تكون مثل الرجل تماماً، وقد استطع الرجل الغربي أن يستغل ضعف المرأة في هذه الناحية فسخرها إلى أقصى الحدود في سليل منافعه المادية وشهواته الجنسية وقليل من النساء هناك يحتللن مراكز مرموقة، بينما تعيش ملايين النساء هناك حياة شقية مضنية أوقعتها في رق من نوع جديد لم تعرفه المرأة في أي عصر مضى، بل تعدى ذلك الشقاء إلى الأسر والعائلات، فلم يعد الزوج يطيق من الزوجة الحياة معها على تلك الحال، وبدلاً من أن تكون الزوجة هي التي تهرب من الزوج كما هو معهود في كل مجتمع، فقد تغير الوضع هناك في الغرب وأصبح الرجل هو الذي يهرب، وقد أنشئت منذ زمن هيئة في نيويورك مهمتها البحث عن الزوجات والأزواج الهاربين من بيوتهم، وأعلنت هذه الهيئة أنه قد اتضح من العمليات التي قامت بها في عام 1952م أن في الولايات المتحدة سبعين ألف زوج هارب من زوجته مقابل 15 زوجة فقط هاربات من أزواجهن. وأصبح الغرب الآن يرغب في الرجوع إلى حياة الأسرة الهادئة، فقد جاء في كتاب (فتاة الشرق في حضارة الغرب) لمحمد جميل بيهم قوله: وجدير بالذكر الإشارة إلى أنه حتى النساء اللواتي قضي عليهن بمغادرة المنزل وراء الكسب، غلب عليهن الأسى والندامة لهذا المصير، وأكبر دليل على ذلك: الاستفتاء الذي قام ب معهد غالوب في أمريكا وهو معهد مهمته الاستفتاءات العامة لتحديد اتجاهات الرأي العام، فقد قام هذا المعهد باستفتاء عام في جميع الأوساط في الولايات المتحدة بصدد تعيين رأي النساء الكاسبات في صدد العمل، وإذا هو ينشر الخلاصة الآتية: إن المرأة الآن متعبة، ويفضل 65% من نساء أمريكا العودة إلى منازلهن- كانت المرأة تتوهم أنها بلغت
أمنية العمل، أما اليوم فقد أدمت عثرات الطريق قدمها، واستنزفت الجهود قواها، فإنها تود الرجوع إلى عشها والتفرغ لاحتضان فراخها.
فلا شك بأنكم ترون بأعينكم ما وصلت إليه أمتنا من تقليد الغرب في نواحي شتى، ومن ذلك في قضية المرأة، فإضافة إلى ما سبق أن ذكرناه، فإنا نجد أن المرأة أيضاً في بلدان العالم الإسلامي قد استغلت استغلالاً تجارياً ليتمتع الرجال بجسدها ومنظرها، وهذا كثير، ومن أمثلة ذلك: استغلالها في الدعاية التجارية كما يشاهد في التلفاز، وفي السلع التجارية كالصابون وأنواع الشامبو، والألبسة، والعطورات وغير ذلك كثير من البلاء الذي داهمنا، ونجد أنها اتخذت سلعة في الطائرات كمضيفات، وفي المستشفيات والمستوصفات، وغير ذلك. وتأخذ منك الدهشة مأخذها حينما تتساءل ما السر وراء جعل من يقوم بهذا العمل، هذه المرأة التي انتقيت بسبب جمالها، وأضافت إليه أنواعاً من الزينة المصطنعة، كل ذلك لأجل أن تقدم إلى كأساً من العصير أو الشاي؟ كل ذلك لأجل أن تناول الطبيب الأداة الفلانية، أو تأخذ درجة حرارة المريض ومقياس ضغطه، أفلا يستطيع الرجل أن يقوم بكل ذلك؟ وتبقى المرأة مصونة مكرمة عن الابتذال للرجال بهذه الصفة التي تدعوك للوقوع في سخط الله؟ فتنظر إلى ما حرم الله عليك؟ أو لستم تدعوننا بلسان الحال للوقوع في الفاحشة؟ إننا أصبحنا كالفارس في وسط الميدان، وقد وجهت له السهام من جهات عدة، فإن ذهب يصد هذا فلا يؤمن عليه أن يصيبه ذاك، فإن حماه الله بحماه وإلا فيا لضعفه، إننا نجد أن مجتمعنا الإسلامي المحافظ قد رمي بما ذكرنا، وما لم نذكر أكثر، فقد كثرت الأجواء الموبوءة التي يختلط فيها الرجال بالنساء، وكلنا يرى تلك الحدائق[1] التي يرتادها الرجل عديم الغيرة بنسائه ليتبادل مع الآخرين النظرات، ولقد رأيت بنفسي ما يحزن قلب كل مؤمن، فما السر وراء انتشار الحدائق بهذه الكثرة؟ وإن كان هناك عذر يعتذر به، فلماذا لا يكون للنساء حدائق خاصة بهن أو أيام؟ ولقد توفرت الأسواق والمجمعات التجارية التي يختلط فيها الرجال بالنساء، ويأتيها الرجل الفاسق عن أمر ربه لا لقصد الشراء، وإنما لقصد التصيد لفاسقة مثله، أو لظفر بالنظر على الأقل، مع أن واجبنا نحن المسلمين أن نعمل على كل ما من شأنه إبعاد المجتمع عن الوقوع في المعاصي والآثام، ولقد توفرت وسائل النقل بالأجرة وكثر السائقون، وأصبح من الميسور للمرأة أن تذهب مع السائق إن وجد لأي مكان شاءت، وإذا لم يوجد السائق فسيارات الأجرة (الليموزين) موجودة في كل بقعة، ويمكن استدعاءه عن طريق الهاتف، وأصبح الكل يرى من المناظر المخزية ما يجعله يتوقع نزول العقوبة عما قريب.
وليس أدل على هذا مما يشاهد في هذه الأيام من قيام هؤلاء المستهترين بالأمن والقيم والأخلاق في حال النشوة والسكر بالكرة، والافتتان بها، من إيذاء الناس في طرقاتهم، واعتراض محارمهم، وقيام بعض الفتيات بالذهاب مع السائقين لمجارات هؤلاء المجانين في هوسهم، فقد اعترض هؤلاء المفتنون سيارة أجرة (ليموزين) في نفق من الأنفاق، في ساعة متأخرة من الليل، وفيها نساء، فاستوقفوها، وأخذوا يطلبون من النساء النزول منها أمام جمهرة من الناس وازدحامهم، وكأنهم قد رفع عنهم القلم ما دام ذلك في نشوة النصر[2]، معركة من أشرس المعارك التي استطعنا بها افتتاح قلاع وحصون الأعداء، فيا له من نصر؟!!
وليس اللوم على هؤلاء الشبان فقط، بل اللوم على الجميع، إذا يجب على كل منا أن يحرص على صون محارمه من الذهاب وحدهن مع هؤلاء السائقين، وأن يحرص على صونهن أيضاً من الانسياق وراء هذه المتاهات والمزالق بحجة تشجيع النادي أو الفريق الفلاني، ويجب على المسئولين أن يتقوا الله في شباب المسلمين، وإن يتقوا الله في بنات المسلمين، فإنهم سيسألون عنهم يوم القيامة، وإن هذه الحوادث التي تحدث من مجانين الرياضة لهي نذير شؤم، وطالع خطر يهدد بفقدان الأمن الذي ننعم به، وإنه سيؤدي حتما إلى استفحال الداء، وتعسر الدواء، فإنهم اليوم يفعلون ما يفعلون بحجة الانتصار في الكرة، وسيأتي لهم يوم يستخفون فيه برجال الأمن كما استخفوا بهم في هذه اللحظات، ثم تكون النتيجة مروعة، فهل ما يحدث الآن أمر عفوي، وزلة من الزلات؟ أو هي مكيدة لإغراق شبابنا وشاباتنا في فتنة نارها تتأجج، ولا يعلم مداها إلا فاطر الأرض والسماء.
----------------------------------------
[1] الملاهي والمنتزهات.
[2] المزعومة، وكأننا قد خفنا.
19/11/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/88)
المرأة المعلقة
الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند
قبل الحديث عن هذه القضية، لابد من بيان أمر مهم، وهو أن الناس تجاه قضايا المرأة طرفان ووسط؛ طرف غلا في حجب المرأة ومنعها من حقوقها المادية والمعنوية، وانتقص من كرامتها وإنسانيتها. والطرف الآخر على النقيض من ذلك.. بالغ في إعطائها ما ليس لها، وأراد أن يفتح لها الباب على مصراعيه لتفعل ما تشاء بلا حدود، تقليداً للحضارة الغربية الزائفة. وخير الأمور الوسط، وهو ما جاء به الإسلام العظيم من تشريع عادل حكيم، يكفل للجميع حقه في المجتمع بلا إفراط أو تفريط.
وإن من القضايا التي أساء فيها بعض الرجال للمرأة؛ قضية التعليق: تعليق المرأة، لمنعها من حقها في النكاح واستئناف حياة جديدة، وقد حذر الله من هذا العمل المشين في كتابه الكريم، فقال - سبحانه -: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.
فنهى الله عن إمساك المرأة من غير رغبة فيها سوى منعها من نكاح غيره وإبقائها معلقة، وأخبر - سبحانه - أن فاعل ذلك ـ وإن كان في الظاهر قد ظلم هذه المرأة ومنعها حقاً من حقوقها ـ إلا أنه في الحقيقة قد ظلم نفسه حيث عرّضها لعقوبة الله؛ لأن الظلم عاقبته وخيمة، ودعوة المظلوم لا ترد.. وأذكر في هذا المقام قصة رجل تزوج امرأة، لكنها لم تستطع الحياة معه، فقد كرهته منذ اللحظة الأولى.. صبرت وتحملت، وذهبت إلى القراء للعلاج.. ولكن بلا جدوى، فالله - عز وجل - لم يجعل في قلبها حباً لهذا الرجل حتى صارحته بالحقيقة، وطلبت منه أن يطلقها ليريحها مما هي فيه، فجن جنونه، وركب رأسه، وأخذته العزة بالإثم، فقرر أن ينتقم منها، بأن يجعلها معلقة.. افتدت نفسها منه بكل ما تملك فلم يقبل، فما كان همه المال، وإنما كان همه إذلالها والنيل من كرامتها.. رفض سعي المصلحين، ونصح الناصحين، بل كان يتصل بها بين الحين والآخر ليجرعها العلقم بكلماته القاسية، وبعد أسابيع تزوج بأخرى، لا رغبة في الزواج ولكن ليغيظها، بل قال لها باللفظ الصريح: (لا تفكرين أني سأرجعك أو أطلقك، سأجعلك معلقة).. وبعد سبع سنوات من التعليق، رق لها قلبه، فجعل مبلغاً كبيراً من المال فدية مقابل تطليقها، ولما جاءه والدها وسلمه المبلغ، دعا عليه قائلاً: (أراك الله في نفسك ما تكره)، فلم تمض سنوات معدودة حتى صرعته هذه الدعوة (دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب) فإذ به مقيد على الفراش الأبيض، فراش المرض.. مرض خبيث، وعلاج إثر علاج، وألم ومعاناة ...
فنصيحتي لكل رجل في قلبه ذرة من إيمان أن يتقي الله - عز وجل - في نفسه وأهله، وأن يعلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأن الظالم لا يضر إلا نفسه..
أما المرأة المعلقة، فقد جعل الله لها سبيلاً.. إذ بإمكانها أن تلجأ إلى الشرع لتخليصها مما هي فيه، وذلك بإلزام الزوج، إما بإمساكها بمعروف، أو تسريحها بإحسان..
19/12/1425 هـ
30/1/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/89)
أرقام وحقائق في عمل المرأة
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فهذه بعضُ الأرقام والحقائق في عمل المرأة، تكشف طرفاً من المآسي التي يجُرها التوسع في عمل المرأة، فإليك تلك الحقائق:
ـ دلت دراسات حديثة أجريت على منطقة الخليج: منها دراسة في البحرين عام 1985م، شملت 31 أسرة، وكان من نتائجها ضعف قدرةِ الأبناءِ على تحمل مسئولية خدمة أنفسهم؛ نتيجةً الاعتماد على الخدم، كما أنَّ أثر المُربيات غير المسلمات على الأبناء من الناحية الدينية كان واضحاً.
ـ في دراسةٍ أجرتها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعمان عام 1984م، شملت 160 أسرة، وكانت نسبة العاملات من ربات البيوت 52%، واتضح من البحث أنَّ ثلث عدد الأطفال في العينة يتأثرُ بلغة المربية، ويستعملُ اللغة الإنجليزية في التفاهم، وأنَّ دلالات النمو النفسي أعلى في المعدل لدى أطفال الأسر التي لا تستخدم مُربيات خاصة، في مواقف الاعتماد على النفس، كما أنَّهم أكثر ميلاً للتفاعل مع الآخرين، وممارسة أدوار الزعامةِ والقيادة، وإدراك معنى الصواب والخطأ من أطفال الأسر التي تستخدم مُربيات.[1]
ـ تبين من خلال دراسةٍ أجريت أنَّ 84% منهنَّ يقولنَّ: أضايقُ زوجي بغيابي عن البيت عندما يكون موجوداً فيه، وقال 42 % منهن: أثيرُ أعصابَ زوجي بكلامي حول مشكلات عملي مع رؤسائي وزملائي، وقال 7 % منهن: أثيرُ أعصاب زوجي عندما أُناقشهُ حول اعتقاده بعدم كفاءتي في العمل، وأجاب 23 % بقولهن: أؤلم زوجي بتركي لهُ وحيداً في حالاتِ مرضهِ الشديد، وقال 22 % أقلقُ زوجي بتأجيلِ فكرةِ إنجاب طفلٍ آخر، وقال 12 % منهن أثيرُ أعصاب زوجي، عندما أرغبُ أن يكون لي رأي أساسي، في الموضوعات الهامة في الأسرة، وقال 9 % أثيرُ أعصابَ زوجي عندما أسألهُ مُساعدتي في إدارةِ شئون المنزل، كالطبخ وغسل الأواني والملابس.[2]
ـ في مجلةِ ماري كير بفرنسا أجري استفتاء عام 1990م، على مليونين ونصف من الفتيات، أبدى 90% منهنَّ الرغبة في العودة إلى البيت، لتجنب التوتر الدائم في العمل، ولعدم استطاعتهنَّ رؤية أزواجهن وأطفالهن إلاَّ عند تناول العشاء.
ـ تقول (بينا و لا د يف) السويسرية (فلو حسبت أجر المربية والمعلمين الخصوصيين، ونفقاتي الخاصة، لو أنني واصلتُ العمل ولم أتفرغ للأسرة، لوجدتها أكثر مما أتقاضاه في الوظيفة). [3]
ـ أجرى مكتب التوظيف النسوي للمنطقة الغربية، إحصائية للعاملات في منطقة جدة، فبلغ عددهن 520، ولم يتزوج منهنَّ إلا 250 فقط!!
ـ أجرت جريدة (البلاد) السعودية استبياناً، شاركت فيها 200 مُمرضة، كانت النتيجة كالآتي: 62% من المُمرضات السعوديات عوانس، 25% مطلقات، 18 % فقط متزوجات، 32% يرفضن الزواج [4].
ـ ظهر من خلال الدراسات الميدانية، أنه يقلُ عدد الأولاد عند النساء العاملات، ففي دراسةٍ أجريت على 260 أسرة عاملة، وجد أن 31ر67 % أطفالهنَّ من الواحد إلى الثلاثة، وأمَّا من أطفالهن من الأربعة إلى الستة فلا تتجاوز نسبتهن 46ر8 %، وأما من أطفالهن سبعة فما فوق، فهن قلة إذ لا يشكلن أكثر من 92ر1 % ([5]).
ـ حسب التقرير الإحصائي المجرى في ألمانيا، تبين أنَّ كل امرأة من ثلاثة نساء عانت من ملاحقة الرجال، في حين تعرض 7% لمحاولة اغتصاب، وذهب ثلاثة في المائة ضحية اعتداءات مهينة. [6]
ـ ذكرت جريدة الوطن أنَّه يُوجد (750) ألف خادمة في السعودية، و75% من العائلات السعودية تستخدم من 1ـ 12 خادمة في العائلة الواحدة [7].
ـ في استبانة أجريت على تسعين أسرة سعودية، تبين أنَّ 50 % من النساء يركبن مع السائق لوحدهن [8].
ـ أكدت الإحصائيات أنَّهُ يوجد ما بين 16 ـ 20 مليون شاب عربي عاطل عن العمل، معظمهم من المتعلمين [9].
ـ وقال المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية في السعودية، إنَّ معدل البطالة قد يصل إلى 20% في المملكة. [10]
ـ أظهر إحصاء أمريكي حديث، أنَّ النساء العاملات هناك، أكثر تعرضاً من ربات البيوت للإصابة بضغط الدم المرتفع، وتصلب الشرايين و الانهيار النفسي، ولا يرجع السبب في ذلك إلى جمع المرأة بين عملها والبيت، بقدر ما يرجع إلى ارتفاع مستوى طموحها [11].
ـ لقد دلت دراسات حديثة، أجريت في الولايات المتحدة، على أنَّ النساءَ العاملات أقل اتزاناً من الرجال، ولأنهنَّ يتعرضن لمؤثرات خاصة، شديدة الوطأة على شخصياتهن، وهذا المؤثرات لا وجود لها عند الرجال البتة [12].
ـ عُقد مؤتمر في ألمانيا، أكدَّ فيه رئيس أطباء المستشفى، أن الإحصاءات تبينُ أنَّهُ من كل ثمان نساءٍ عاملات، واحدة تعاني مرضاً في القلب والجهاز الدموي، بسبب الإرهاق غير الطبيعي، الذي تعاني منهُ المرأة العاملة،. بينما نرى هؤلاءِ الكتاب ومن وراءهم، يدفعون المرأة للعمل دون أي مناقشة، وطرح للآثار السلبية المترتبة عليه، ولو كانوا مُنصفين لما أهملوا ذكر هذه القضية.
ـ تشيرُ الدكتورة سامية الساعاتي- أستاذة علم الاجتماع- بجامعة عين شمس، إلى نتائج بحث المرأة الجديدة، التي تمَّ تقديمها لمؤتمر بكين، حيث تبين أنَّ 66 % من نساءَ العينةِ في البحث، تعرضن للإهانة في أماكن عملهن، وقد اتخذت الإهانة في 70 % من هذه الحالات الطابع الجنسي، و30 % من الحالات التحرش بالكلام، و20 % الغزل المباشر. [13]
----------------------------------------
[1]ـ قالوا في المرأة ولم أقل ص 234-235 نقلاً من تأملات في عمل المرأة ص 39-40.
[2] ـ مجلة العلوم الاجتماعية ص 222 نقلاً من تأملات في عمل المرأة ص 41-42.
[3] ـ المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟ د. صلاح الدين جوهر؛ ص 94-95. وانظر: مجلة الأسرة عدد (47) 1418هـ
[4] ـ العالم في عام، حسن قطامش: ص 28.
[5] ـ أثر عمل المرأة السعودية المتعلمة، على التوافق في الحياة الزوجية ص 755. وقد أثبتت جميع الدراسات، أنَّ الأمَّ العاملة، تحاول أنَّ تحدد حجم العائلة، نتيجةَ خطةٍ موضوعة. انظر: عمل المرأة في المنزل وخارجه، إبراهيم الجوير ص 43.
[6] ـ رسالة إلى حواء (2/36).
[7] ـ جريدة الوطن 18/3/1422هـ.
[8] ـ انظر: الخدم.. ضرورة أم ترف؟ ص 25.
[9] ـ العالم في عام، حسن قطامش: ص 27.
[10]ـ العالم في عام، حسن قطامش: ص 34.
[11]ـ أصول علم النفس د. أحمد عزت راجح ص 15. نقلاًً من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 50.
[12]ـ في علم النفس الاجتماعي ص 216. نقلا من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 67ـ 68
[13] ـ انظر: جريدة الرياض العدد 12772-الجمعة 13/4/1424هـ.
5/2/1426 هـ
16/3/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/90)
للأنيقات فقط
د. رياض بن محمد المسيميري
لا أحد ينكر الطبيعة الفطرية للمرأة، وما جُبلت عليه من حبّ التجمل والتعلق بالزينة فالله يقول: ((أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)) (الزخرف: 18).
والآية الكريمة تعترف بحقّ المرأة الطبعي في حبّ الزينة وحرصها الجبلّي عليه.
فهو أمرٌ مشروع لا اعتراض عليه ما دام في حدوده الطبعية والشرعية!
وفي زماننا هذا تسابقت فتياتنا إلى الزينة دون وعي أو تفكير، وبلا حساب أو عدّ.
حتى ألفينا عشراتُ الألوف من محلات الأزياء النسائية تملأُ المراكز التجارية الضخمة، والشوارع العامة، وتُسوِّقُ كلّ ما يسيل له لعاب المرأة اللاهثة خلف الزينة والمتاع الجميل!
وتمكن التجارُ والباعة من تحقيق الإثراء السريع عبر جيوب نسائنا اللاتي لايترددن في الدفع بكل بذخ وسخاء متى قرأن عبارات رنانة من مثل: ((وصلنا حديثاً! )) ((تخفيضات كبرى! )) ((للأنيقات فقط!!))
بل هذه العبارةُ الأخيرة ((للأنيقات فقط! )) مثيرةٌ لمشاعر الفتيات، ومشبعة لغرورهن، ومن ثمَّ اقبالهنَّ على الشراء، بسرعة البرق! ألسن كلهن أنيقات؟!
لقد أضحى اهتمام فتياتنا ونسائنا بالأناقة يستنفذُ كلَّ طاقاتهن واهتمامهن، ويسيطر على كلّ تفكيرهن وخيالهن!
بل ظللن يجرين خلف خطوط الموضة، وجديد الموديلات بشكل يثير الشفقة ويبعث على الحسرة ممّا وصل إليه حال المسلمات اليوم!
وما أن تقتني إحداهن قطعة أزياء جديدة إلا وتراها مبادرة إلى رفع سماعة الجوال مهاتفة كلّ صديقاتها لتخبرهن عن براعة ذوقها وروعة اختيارها وبالغ دهائها في إقناع البائع بتخفيض قيمتها وأحداًَ بالألف!!
ومن ثم تتسابق الأخريات إلى المحلّ نفسه للحصول على القطعة النادرة ولو من غير تخفيض حتى لا يكون أحدٌّ أحسن من أحد!!
ولا أظن لباساً يوجدُ في العالم إلا وقد امتلئت به أسواقنا ولبسته كثير من نسائنا محتشماً كان أو خليعاً، ساتراً كان أم عارياً!
وكلُّ ذلك دليل على عدم الاستقلال الفكري أو الاعتزاز الذاتي أو الثقة بالنفس لدى كثير من نساء المجتمع!
فمن (الشورت) إلى (البنطال) ومن (الميني جيب) إلى القصير ومن (التي شيرت) إلى (العاري) ومن الجلابية الخليجية إلى القميص البنجابي..إلخ
كلُّ ذلك تقليعاتٌ مارستها نساؤنا دون تردد حتى ضاقت مخازن حجرهن بالأزياء المتنوعة والتي لا يلبس جُّلها غير مرة واحدة!
في الرياض أكثر من ثلاثين مركزاً تجارياً ضخماً ومثلها قيد التخطيط وتحت الإنشاء حيث تمثل الأزياء النسائية وخصوصيات المرأة أكثر من 90% من معروضاتها!!
فهل من أجل ذلك خلق الله النساء؟!
وهل هذا مبلغهن من العلم وغاية مناهن في الحياة؟!
أننا نتساءل في حسرة وأسى؟!!
ترى ما مدى اهتمام النساء المسلمات بتحقيق العبودية الخالصة لرب العالمين والمبادرة إلى الباقيات الصالحات؟!
وما مدى إدراك المرأة المسلمة لأهمية إنشاء الأسرة الصالحة وتربية الأبناء على الفضيلة والمروءة والحياء؟!
بل ما مدى مساهمة المرأة في إصلاح المجتمع والدعوة إلى الأخلاق الكريمة والمبادئ الحميدة والقيم الفاضلة؟!
متى تدرك المرأة المسلمة أنّ جلَّ ما تدفعه من الأموال الطائلة مقابل أزيائها وأناقتها إنما يصب في جيوب أرباب بيوت الأزياء العالمية من يهود ونصارى؟!
متى تعي المرأة المسلمة أنّ ثمة الملايين من المسلمات لا يجدن ما يأكلنه في أفريقيا واليمن وبنجلاديش وغيرها؟!
فأين الرحمة يا هؤلاء؟ أين علو الهمة يا مسلمات؟
18/12/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/91)
أعذار خروج المرأة من بيتها
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
الأصل أن المرأة مأمورة بلزوم البيت، منهية عن الخروج إلا عند الحاجة، وليس كل داعي يصح خروج المرأة له، فهناك أعذار لا يصح خروج المرأة لها، وأعذار يصح خروجها، وسنذكرها جميعاً ونعلق على كل واحدٍ منها، فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: الخروج للاستفتاء أو السؤال عما أشكل عليها:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-ُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ قَالَ: فَقَالَ: (وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ) الحديث رواه مسلم [1].
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَت، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ) رواه البخاري [2]
ويمكن الاستغناء عنه بالسؤال عبر الهاتف، فقد وفر جهداً كبيراً، وحملاً ثقيلاً، أو عبر الفاكس أو من خلال شبكة الإنترنت ونحوها من الوسائل الحديثة.
ثانياً: الخروج لطلب العلم:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ فَقَالَ: (اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ..) الحديث رواه البخاري ومسلم [3].
ويمكن الاستغناء عن ذلك من خلال طلب العلم عبر الشريط الصوتي، فتستمع المرأة إلى من شاءت من العلماء، وتنهل مما تريد من العلوم النافعة [4]،
فإن أشكل عليها شيء رفعت سماعة الهاتف وسئلت عما أشكل عليها، دون الحاجة إلى الخروج من المنزل، حتى المحاضرات التربوية تستطيع المرأة أن تستمع إليها عبر الشريط، فما من محاضرة أو درس علمي إلا وقد سجل ونشر، فهل يكون هناك داع لخروج المرأة مع توفر هذه البدائل العظيمة؟
ثالثاً: الخروج للصلاة في المسجد:
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِد، فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ؟ قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي؟ قَالَ يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-: (لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) رواه البخاري ومسلم [5].
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-: (لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ) رواه أبو داود [6]
رابعاً: الخروج لصلاة العيد:
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَت: ((أَمَرَنَا نَبِيُّنَا –صلى الله عليه وسلم- بِأَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ) أي لصلاة العيد. رواه البخاري ومسلم [7]
خامساً: خروجها للسوق بيعاً وشراءً:
عن قيلة أم بني أنمار قالت: أتيتُ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في بعض عمره عند المروة، فقلت يا رسول الله: إني امرأة أبيع وأشتري، فإذا أردت أن أبتاع الشيء سمت به أقل مما أريد، ثم زدت ثم زدت حتى أبلغ الذي أريد، وإذا أردت أن أبيع الشيء سمت به أكثر من الذي أريد، ثم وضعت حتى أبلغ الذي أريد، فقال رسول الله: (لا تفعلي يا قيلة إذا أردت أن تبتاعي شيئا فاستامي به الذي تريدين أعطيت أو منعت، وإذا أردت أن تبيعي شيئا فاستامي به الذي تريدين أعطيت أو منعت) [8].
والمتأمل لواقع حياة النبي-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يجد أن هذا الأمر غير متعارف عليه، أن تخرج المرأة للبيع، حتى هذا الحديث الذي ذكرناه آنفاً لم يثبت، ولا يعني هذا حرمة أن تبيع المرأة أو تشتري، فالأصل في البيع الجواز للرجال النساء، لكن الأولى للمرأة أن تبقى في بيتها، فإذا كانت الصلاة وهي الصلاة الأولى أن تصلي في بيتها، فما الظن بالبيع والشراء؟ لا شك أن الأولى تركه من قبل النساء، و إسناد المهمة لمن يرغب من الرجال، كما فعلت خديجة- رضي الله عنها- قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة، ذات شرفٍ ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ما بلغها، من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج لها في مالها تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تُعطي غيره من التجار، مع غلامٍ لها يقال له: ميسرة. فقبله رسول الله –صلى الله عليه وسلم- منها وخرج في مالها [9].
سادساً: خروجها للزيارة:
سواء كانت زيارة لفرح أو لرحم أو لوالدين:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-ُ قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ فَقَامَ مُمْتَنًّا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ) [10]
عَنْ الْحَكَمِ قال سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ- عليها السلام - شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَى، (فَأَتَى النَّبِيَّ –صلى الله عليه وسلم- سَبْيٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ-صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ) الحديث رواه البخاري ومسلم [11].
عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم - (أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِد، فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنْ الْعِشَاءِ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا النَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم- يَقْلِبُهَا) الحديث[12].
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: (وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ[13]مِنْ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يُسَر ِّبُهُنَّ) [14].
سابعاً: خروجها للسفر سواء للعبادة أو لغيره بدون محرم:
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج ولا غيره بدون محرم، سواءً أكان السفر طويلاً أم قصيرا، وسواءً أكان معها نساء أم لا، وسواءً كانت شابة جميلة أم عجوزا شوهاء، وسواءً في طائرة أم غيرها، لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِي اللَّه عَنْهمَا- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً؟ قَالَ: (اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) [15]
ثامناً: خروجها للجهاد في سبيل الله - تعالى - جهاد الطلب ـ:
وردت عدة نصوص تدل على مشاركة المرأة المسلمة في عصر الرسالة في الجهاد في سبيل الله - تعالى -، وكان دورها فيه كما قالت الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذ: (كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَنَسْقِي الْقَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ). [16]
ثم بعد ذلك نسخ خروج المرأة إلى الجهاد بعد الفتح، لما رواه ابن أبي شيبة والطبراني وغيرهما عن أم كبشة القضاعية، قالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا، قال: لا، قلت يا رسول الله: إنه ليس أريد أن أقاتل إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى، وأسقي المرضى، قال: (لولا أن تكون سنة وأن يقال فلانة خرجت لأذنت لك ولكن اجلسي) [17].
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: (وأخرجه بن سعد عن بن أبي شيبة وفي آخره: (اجلسي لا يتحدث الناس أن محمداً يغزو بامرأة).
ويمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي أن هذا ناسخ لذاك؛ لأنَّ ذلك كان بخيبر، وقد وقع قبله بأحد كما في الصحيح من حديث البراء بن عازب، وكان هذا بعد الفتح ) [18]
تاسعاً: خروجها لزيارة المقابر:
زيارة المقابر للمرأة على قسمين:
الأول: أن تكون الزيارة غير مقصودة:
فهذه لا خلاف فيما يظهر والله أعلم في جوازها، لأنَّ المانعين من زيارة النساء أباحوها، قال شيخ الإسلام فيما نقله البعلي في الاختيارات: (والمرأة لا يشرع لها الزيارة الشرعية ولا غيرها، اللهم إلا إذا اجتازت بقبر في طريقها، فسلمت عليه ودعت له فهذا حسن). [19]
الثاني: وإما أن تكون الزيارة مقصودة:
فهذه اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
أصحها القول بالتحريم مطلقاً، سواء كانت الزيارة لقبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- أو غيره، ([20])وهو قول بعض المالكية والشافعية والحنفية، وإليه ذهب أكثر أهل الحديث، وهو الرواية الثالثة عن الإمام أحمد- رحمه الله - وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم ([21])
واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
1- حديث ابن عباس قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور). الحديث [22]
2- حديث علي –رضي الله عنه- قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإذا نسوة جلوس قال: (ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة، قال: هل تغسلن؟ قلن: لا، قال: هل تحملن؟ قلن: لا، قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات)[23].
قال ابن القيم- رحمه الله -: (فهذا يدل على أنَّ أتباعهن الجنازة وزر لا أجر لهن فيه، إذ لا مصلحة لهن، ولا للميت في اتباعهن لها، بل فيه مفسدة للحي والميت) [24]
3- حديث أم عطية- رضي الله عنها- قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا). [25]
4- أن الحكمة من مشروعية زيارة القبور، هي التذكر والاعتبار، وزيادة الإيمان، وهذه المصلحة وإن كانت مطلوبة من النساء، لكن ما يقارن زيارتهن من المفاسد التي يعلمها الخاص والعام من فتنة الأحياء وإيذاء الأموات، والفساد الذي لا سبيل إلى دفعه إلا بمنعهن منها، أعظم من مصلحة يسيرة تحصل لهن، إذا كانت مفسدته أرجح من مصلحته، ورجحان هذه المفسدة لا خفاء به، فمنعهن من الزيارة من محاسن الشريعة[26].
قال أبو العباس علي بن محمد البعلي: (ونهي النساء عن زيارة القبور، هل هو نهي تنزيه أو تحريم؟ فيه قولان: وظاهر كلام أبي العباس ـ أي شيخ الإسلام ابن تيمية - ترجيح التحريم لاحتجاجه بلعن النبي –صلى الله عليه وسلم- زائرات القبور وتصحيحه إياه، ورواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه، وأنه لا يصح ادعاء النسخ، بل هو باق على حكمه، والمرأة لا يشرع لها الزيارة الشرعية ولا غيرها، اللهم إلاّ إذا اجتازت بقبر في طريقها، فسلمت عليه ودعت له، فهذا حسن) [27].
----------------------------------------
[1] رواه مسلم ورقمه (1939).
[2] رواه البخاري ورقمه (1720).
[3] رواه البخاري ورقمه (6766) ومسلم ورقمه (4768).
[4] بل يمكن أن تستفيد من الدروس العلمية المقامة في المساجد من خلال شبكة الانترنت بل وتكتب سؤالها ويجيب عليها الشيخ وهي في قعر بيتها ولله الحمد والمنة.
[5] رواه البخاري ورقمه (849) ومسلم ورقمه (668).
[6] رواه أبو داود ورقمه (480). سبق تخريجه.
[7] رواه البخاري ورقمه (921) ومسلم ورقمه (1473).
[8] رواه ابن ماجه (2204) والطبراني في الكبير (25/13/4) قال البوصيري: (ليس لقيلة هذه عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، وليس لها شيء في الخمسة الأصول، لكن له شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله، وإسناد حديث قيلة منقطع. قال المزي في الأطراف: ابن خيثم عن قيلة فيه نظر، وقال الذهبي في الكاشف: قيل أم رومان روى عنها عبد الله بن عثمان بن خيثم مرسلا. وضعفه الألباني كما في السلسلة الضعيفة (2156) وانظر ضعيف سنن ابن ماجه (431).
[9] انظر: البداية والنهاية (3/462) تحقيق التركي.
[10] رواه البخاري ورقمه (4782) ومسلم ورقمه (4563).
[11] رواه البخاري ورقمه (3429) ومسلم ورقمه (4906).
[12] رواه البخاري ورقمه (5751) ومسلم ورقمه (4041).
[13] انقمع: تغيب ودخل وراء ستر. المعجم الوسيط مادة: قمع.
[14] رواه البخاري ورقمه (5665) ومسلم ورقمه (4470).
[15] رواه البخاري (3006) ومسلم (1341).
[16] رواه البخاري (2883).
[17] رواه ابن أبي شيبة (32987) والطبراني في الكبير (20428) قال في المجمع (5/324): (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح).
[18] الإصابة (8/283).
[19] الفتاوى الكبرى (5/448) وانظر: كشاف القناع (1/621) والشرح الممتع (5/478)
[20] فتاوى ابن إبراهيم (3/239) حاشية ابن قاسم على الروض (3/146) الشرح الممتع (5/476)
[21] انظر: الفتاوى الكبرى (5/448)، تهذيب السنن (4/448) وممن رجح هذا القول الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (4/358) وصديق حسن خان في حسن الأسوة، وبه جزم صاحب المهذب وصحاب البيان كما في المجموع (5/319) وهو اختيار إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب (3/40) مؤلفات الشيخ. وغيرهم من أهل العلم المحققين.. وانظر في هذا المبحث رسالة العلامة بكر أبو زيد ص109 من كتابه الأجزاء الحديثية.
[22] رواه أحمد (1/229) وأبو داود (3236) والترمذي (320)والنسائي (2043) وغيرهم
[23] رواه ابن ماجه (1578) والبيهقي (4/77)وفيه إسماعيل بن سلمان ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن معين وغيرهم.
[24] تهذيب السنن (4/349)
[25] رواه البخاري (1278) ومسلم (938)
[26] تهذيب السنن (4/349) بتصرف.
[27] الفتاوى الكبرى (5/448)
3/6/1426 هـ
10/7/2005
http://www.islamlight.net : المصدر ـــــــــــــــــــ(82/92)
أسوأ مؤامرة في الإسلام
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى اّله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن حياة المسلمات المتمسكات بدينهن اليوم، والمبنية على إقامة العبودية لله - تعالى -، هي حياة محفوفة بالشهوات والمغريات التي تم إنفاذها وتعميقها في حياة المسلمة في أسو أ مخطط مسخر لحرب الإسلام عرفته البشرية!
وأسوأ مؤامرة على الأمة الإسلامية،، تبناها: (النظام العالمي الجديد)
وأشدّها نفوذاً، هي تمييع الفتاة المسلمة، وإغراقها في شهوتها، وانحلال أخلاقها
لإسقاط الحجاب وخلعه، بمسميات براقة جميلة! ونشر التبرج، والعري، والخلاعة، والاختلاط..... الخ
تسألين كيف؟؟
هم تلطفوا في المكيدة، وتدرجوا في التنفيذ
أولاً. بدؤوا بوضع لبنة الاختلاط بين الجنسين في رياض الأطفال -- وبرامج الأطفال -- ووسائل الإعلام -- وركن التعارف بين الأطفال
ثانياً. ثم الفتاة، أغروها بتجدد " الأزياء "، وبمسمى.. الموضة.. والحرية.. والحب!! الخ
كل هذا يجري باقتحام الولاء والبراء. وتبديل الحب والبغض في الله، وجعله حب الهوا، وإشباع الرغبات، وقد سلكوا شتى السبل، وصاحوا بسفورها وتبرجها من كل جانب، بالدعوة تارة، وبالتنفيذ تارة، وبنشر أسباب الفساد تارة، حتى أصبحت في أمر مريج، وتزلزل الإيمان في نفوس كثيرين، وأصبح الإيمان عندهم قيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
http://www.fin3go.com :المصدر
ـــــــــــــــــــ(82/93)
أختاه تتجملين لمن .. !!
د. محمد العريفي
بعض الفتيات إذا خرجت صارت كأنها بغي تدعو الناس إلى فعل الفاحشة وإلا فبماذا تفسرين تبرج بعضهن بعباءتها وإخراجها كفيها وقدميها بل ووجهها أحيانا وقد تخرج أكثر ووضعها للطيب وهي تمر بالرجال قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة استعطرت ثم مرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية), مع تكسرها في مشيتها وجرأتها في مخاطبة الرجال والله - عز وجل – يقول: {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا }...
وهذه من إشاعة الفاحشة قال الله – تعالى-: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}, وهذا فيمن يحبون أن تشيع الفاحشة .. فكيف بمن تعمل على إشاعتها؟؟.
وإنك لتعجبين إذا علمت قول الله - عز وجل – للمؤمنات: {و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} معناه أن تمشي بهدوء حتى لا يسمع الرجال صوت خلخالها: [أساور تلبسها المرأة في القدمين] فيفتنون... عجباً إذا كان إظهار صوت الخلخال حراماً فكيف بمن تحادث شاباً ساعات هاتفية وتنظم القصائد الشعرية, وتكتب الرسائل العاطفية, وترفع صوتها بالضحكات والهمسات.. وأول الزنا خطوة كهذه, ونفى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الإيمان عن الزاني فقال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن), وقال الله - عز وجل -: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا}..
وفي إحدى الليالي رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنواعاً من عذاب العصاة, قال - صلى الله عليه وسلم -: (فأتينا على مثل التنور [وهو نقب كالحفرة يشعل فيه الخباز النار ويطرح الخبز على جدرانها لينضج] قال: فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا [صاحوا], فلما رآهم - صلى الله عليه وسلم - فزع من حالهم فقال جبريل: هؤلاء هم الزناة والزواني.. وذكر الهيتمي أنه مكتوب في الزبور:
إن الزناة يعلقون في النار ويضربون بسياط من حديد, فإذا استغاث أحدهم من الضرب نادته الملائكة أين كان هذا الصوت و أنت تضحك وتفرح وتمرح ولا تراقب الله ولا تستحي منه !!, وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :(يا أمة محمد والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته), نعم كم من لذة أورثت حزناً عظيماً, وأول من يشهد على الزاني أعضاؤه التي متعها بالزنا، رجله, ويده, ولسانه, وكل ذرة وشعرة, وكم من يد في الليل بسطت وجبهة سجدت وعين دمعت, ودعوة رفعت تدعو رب العالمين على الزناة الفاسقين.
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/94)
هذه القضايا تهم المرأة
خباب بن مروان الحمد
هل الإسلام يدعو إلى ضرب المرأة وانتهاك كرامتها؟!
والجواب عن ذلك أنَّ الإسلام لمَّا بيَّن حقوق الزوجين، وما يراعيه كلٌّ منهما في حقِّ الآخر، بيَّن أنَّ المرأة إذا بدأت منها علامات النشوز، فليكن موقف الزوج تجاهها عادلاً، فلا تأخذه الأهواء أو النزعات الانفعالية، فإنَّ هذا موكل لترتيبات الشارع الحكيم، في علاج تلك المشكلة، فلا يكون الضرب أو الطلاق أولها، ولذا كانت مراتب التأديب كما يلي:
1ـ الوعظ بلا هجر ولا ضرب: قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ...} (النساء: من الآية34) أي فَيُذَكَّرن بكتاب الله، وحقوقهنَّ على أزواجهنَّ، فإن أبت الزوجة، ولم ينفع معها الوعظ والتذكير، فينتقل إلى المرتبة الثانية.
2ـ الهجر في المضاجع: قال تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ... } (النساء: من الآية34)، وذلك بأن يولِّيها ظهره في المضجع، أو ينفرد عنها في فراش يخصه، كما يجوز له أن يهجرها مدة طويلة؛ فقد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه هجر نساءه شهراً، ولهذا جوَّز أهل العلم هجر الزوج لزوجه أكثر من ثلاثة أيام بسبب عذره الشرعي لنشوز المرأة، وترفعها عنه كما ذكره الإمام الخطابي في معالم السنن، وغيره من أهل العلم.
ولا يعني ذلك أنَّ الرجل إذا استخدم هذا العلاج الأخير مع زوجه أنَّه يكرهها، أو يكنُّ لها حقداً؛ كلاَّ... فالرجل قد يضرب ابنه على معصية ارتكبها، وابنه من أحبِّ الناس إليه، لكنه فعل ذلك لأجل حبِّه لابنه وهذا يخص من أحاديث النهي العامة التي تنهى عن هجر المسلم لأخيه المسلم أكثر من ثلاث، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) أخرجه البخاري.
3ـ الضرب: كما قال الله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: من الآية34) ولا يكنْ ذلك بداية علاج الداء، وليكن هو آخره؛ فإنَّ آخر العلاج الكي، ولذا كان القول الحقُّ من أقوال العلماء أن لا يبدأ الرجل بضرب زوجه بداية نشوزها، كما هو مذهب الإمام أحمد، وقول ابن عبَّاس، وغيرهم كثير من أهل العلم.
ثمَّ إنَّ الضرب للزوجة، ليس على إطلاقه بل له عدَّة شروط:
أ ـ أن تصرَّ المرأة على النشوز والعصيان.
ب ـ أن يتناسب نوع العقاب مع نوع التقصير.
ج ـ أن يراعي الرجل، مقصوده من الضرب، وأنَّه للعلاج والتأديب لا غير، فينبغي التخفيف منه بقدر الإمكان، ويتحقق ذلك كما ذكره أهل العلم (باللكزة ونحوها أو بالسواك) ولهذا وصَّى رسول الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أمَّته في حجة الوداع قائلاً: "... اتَّقوا الله في النساء، فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، وإنَّ لكم عليهنَّ أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهنَّ ضرباً غير مبرح" وقد عدَّ الألوسي الضرب غير المبرح بأنَّه (الذي لا يقطع لحماً، ولا يكسر عظماً) (روح المعاني 5/562).
ويجب كذلك على من ابتلي بترفع زوجته عنه، ولم يكن لها علاج إلا الضرب، بأن يتقي الله في ضربه. قال عطاء: قلت لابن عبَّاس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: السواك ونحوه، ويتجنَّب المواضع المخوفة كالرأس والبطن، وكذا الوجه؛ فإنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ضرب الوجه نهياً عاماً، ولذا ذكر المحققون من أهل العلم، كالنووي بأنَّ الرجل لو ابتلي بضرب زوجه، وأفضى ذلك إلى تلف بعض أعضائها، بأنَّ زوجها يجب عليه الغرم؛ لأنَّه كما قال النووي تبيَّن بأنَّ ذلك منه للإتلاف لا للإصلاح.
وقد أخرج أبو داود من حديث معاوية بن حيدة القشيري ـ - رضي الله عنه - ـ قال: قلت: يا رسول الله! ما حقُّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلاَّ في البيت" أخرجه أبو داود وصحَّحه ابن الملقن في البدر المنير(8/289) وكذا قال الألباني: (حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود/صـ402.
فهذا هو موقف الإسلام من قضية ضرب المرأة، وليس كما يمثِّله العلمانيون، والذين يقولون إنَّ الإسلام يأمر بضرب المرأة وإهانتها، أو المنهزمون الذين ينفون ذلك عن الإسلام بروح الهزيمة لقلَّة تضلعهم بعلم الشريعة، واطَّلاعهم على النصوص التي تعرضت لذلك، آخذين نصَّا مبتسراً من عدة نصوص من الكتاب والسنة، مع عدم ذكر سباق النص ولحاقه، ليتضح المعنى، وتبين الصورة.
ولا يعني ذلك أنَّ الرجل إذا استخدم هذا العلاج الأخير مع زوجه أنَّه يكرهها، أو يكنُّ لها حقداً؛ كلاَّ... فالرجل قد يضرب ابنه على معصية ارتكبها، وابنه من أحبِّ الناس إليه، لكنه فعل ذلك لأجل حبِّه لابنه، فيكون رجلاً مستقيماً على دينه، ومرضياً عند ربه.
هل من المعقول أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان، لأنَّ الله يقول عن النساء: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}، ويقول عن الشيطان: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}؟!
والحقُّ أنَّ هذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم على قولين:
1ـ أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان لظاهر نصِّ الآية؛ وممن اختار هذا القول من العلماء المعاصرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان؛ حيث يقول في كتابه المذكور(2/217): (كيد النساء أعظم من كيد الشيطان، والآية المذكورة هي قوله:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفا} (النساء: من الآية76)، فقوله في النساء: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (يوسف: من الآية28)، وقوله في الشيطان: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } يدلَّ على أنَّ كيدهن أعظم من كيده.
ويضيف الشيخ - رحمه الله - : قال مقاتل عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي هريرة قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ كيد النساء أعظم من كيد الشيطان؛ لأنَّ الله- تعالى- يقول: { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}، وقال تعالى: { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} ا. هـ وقال الأديب الحسن بن آية الحسني الشنقيطي: ما استعظم الإله كيدهنه إلاَّ لأنهن هنَّ هنه)ا. هـ
2ـ الرأي الآخر يرى أنَّ المسألة تحتاج لتوضيح، وتبيين ما في الآيتين من فروق ومن ذلك:
أ ـ أنَّ الظاهر لا مقابلة بين العظيم والضعيف.
ب ـ الكيد بالنسبة للنساء هو لجنسهنَّ، وبالنسبة للشيطان للعموم.
ج ـ كيد الشيطان كان ضعيفاً؛ لأنَّه يمكن دحره والتخلص منه بالاستعاذة، أو الأذان، أو ذكر الله عموماً، وكيد النساء عظيم؛ لأنه من الصعب طردها!
دـ أنَّ قوله- تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء: 76)، فالآية تقابل بين من يقاتل في سبيل الله ومن يقاتل في سبيل الطاغوت الذي هو الشيطان، فمن الذي سيكون كيده ضعيفاً؟ لا شكَّ أنَّه الشيطان، فكيد الشيطان بالنسبة لأولياء الله الصادقين ضعيف لا يقدر عليهم، كما أخبر الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (النحل: 99)، فمن كان يسنده القوي فأنَّى يضعف؟!
أمَّا ما ورد في سورة يوسف، فالمقابلة بين كيد المرأة وكيد الرجل، ولا شكَّ أنَّ كيدهنَّ أعظم من كيد الرجل ـ والقصص في ذلك كثيرة جداً ـ وجاء وصف كيدهنَّ على العظمة المطلقة مبالغة في تحقيق ذلك الوصف فيهنَّ، وقد نبَّه على هذه النقطة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في بعض دروسه وشروحاته والله أعلم.
فيتبين أن الراجح ـ والله أعلم ـ أنَّ كيد المرأة ليس أقوى من كيد الشيطان، فقد وصف الله كيد المرأة في سياق معين، ووصف كيد الشيطان في سياق معين، وكيد الشيطان أعظم من كيد المرأة، لأنَّ كيد المرأة جزء من كيد الشيطان، ولكن ذكر بعض أهل العلم أنّ كيد الشيطان عن طريق الوسوسة، بينما كيد المرأة عن طريق المباشرة، والمواجهة وهذا يكون له أعظم الدور في التأثير على المقابل.
وليس يعني ذلك أنَّ هذا الكيد يعدُّ مظهراً من مظاهر القوَّة، بل هو من مظاهر الضعف كما بيَّنه الأستاذ الدكتور محمد السيد الدسوقي؛ فكيد المرأة لا علاقة له بكيد الشيطان بحال من الأحوال، لأنَّه أسلوب الضعيف الذي يحاول أن ينال حقَّاً، لا يستطيع الوصول إليه صراحة.
وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
21/10/1426
http://www.almoslim.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(82/95)
إلا العرض يا فتاة !!
رياض بن محمد المسيميري
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد :
دعيني أهمسُ في أذنيك يا فتاة الإسلام، وأسألك بالله العظيم، جبّار السموات والأرض، العزيز الحكيم، الذي خلقك من عدم، أطعمك من جوع، وأسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة، هل أنت باقية على قيدِ الحياة بلا نهاية؟
وأسألكِ بالله هل أنت قادمة على قبر مُظلم، ووحدةٍ موحشة في عالم البرزخ، وعالم الأموات، أم ستظلين أبداً هانئةً بحياةِ الشباب والنضارةِ والمُُتعة الخادعة؟
أيتُها الفتاة الطيبة، أيُّ فرحة تملأ قلبك، وأي سعادة ستغمرُ فؤادك حين تبعث إليك زميلتك بهديةٍ مُغلفة، لا تزيد تكلفتها عن 1000 ريال؟
أجيبي من فضلك؟ أيُّ حبٍّ ستبادلينهُ تلك الزميلة الغالية، والرفيقة الكريمة السخية؟
إذاً فلنكن صرحاء!
ما قيمة هديةٍ بألف ريال، وما وزنها أمام هباتٍ إلهية، وعطايا ربّانية لا تُقدرُ بثمن؟!
وحتى تتأكدي من صحة أقوالي، وصدق مزاعمي، دعينا نتأملُ أيتها الفتاة المؤمنة.
أجيبي بربك من وهبك هاتين العينين المبصرتين، واللتان لولاهما لاسوّدت الدنيا في ناظريك، وما قدرت أن تتقدمي خطوةً إلى الأمام، إلاَّ وقلبك يرتجفُ خوفاً من الاصطدام بعمودٍ شاخص أمامك، أو رهبةً من التعثرِ بقشرة موزٍ بين قدميك.
كم ستدفعين؟ وكم سيدفع أبواك مقابل هذه النعمة المنسية لو فقدتها؟
وأمَّا نعمةُ السمع فإننا عاجزون عن تعدد فوائدها، والإحاطةِ بمنافعها !!
فتخيلي نفسك مسدودةَ الأذنين، ثقيلةَ السمع، عاجزةً عن فهم ما يدورُ حولك من حديثِ الصويحبات، وكلامِ الجالسات!
يكلمونك فلا تجيبين، ويحدثونك فلا تسمعين؟!
كم ستحمرُّ وجنتاكِ وتصفرّان حين تعجزين عن السماعِ، بينما الأُخريات يلتهمنكِ بأعينٍ مشفقاتٍ أو شامتات؟!
هاتان نعمتان فقط، ونعمُ الله لا تُحصى، وآلاء لا تُعد، فالمقامُ لا يسمحُ يا مسلمة!!
أن نذكركَ بيديكِ الناعمتين، واللتان لولا هما لعجزتِ عن إطفاءِ لهيب كبدك بشربةِ ماء، أو إسكاتِ صفير معدتك بلقمةِ طعام، بل كيف ستدخلين الخلاء؟ وكيف تتخلصين من النجاسة؟!
أرأيت كم تنعمين بنعمٍ منسية، وآلاءٍ مطوية؟!
وهل نذكركُ بقديمكِ الرشيقتين، واللتانِ لولاهما لعجزتِ عن الحركةِ إلاَّ محمولةً أو منقولة؟!
أم هل نذكرُك بقلب نابض، ورئتين سليمتين، وكبدٍ رطبة، ومعدةٍ فاعلة، كليتين حيويتين، وأعصابٍ حساسة، وعظامٍ قوية، ومخٍ فعَّال.
أختي الفتاة، والله وتالله وبالله لو ذهبنا نُعدّد نِعمَ اللهِ علينا لطال المقام، وكلّ البنان، وجفَّ المداد، وصدق الله إذا يقول: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} (سورة النحل: 18).
أفيليق بعد ذلك يا ابنة الكرام أن نركل هذه النعم بأرجلنا، ونقابلها بالجحود والنكران، من أنعم بها علينا وهو الله؟!.
أليس جزاء الإحسان هو الإحسان يا مسلمة؟
أيكون جزاء الإنعامِ بالعينين الجميلتين أن تتمتعا بالحرام، عبر النظر إلى أفلامٍ داعرة، ومشاهدَ ماجنة، ومناظر مُريبة، بدعوى الترفيه والمتعة؟
أهكذا تكافئين ربّك ومولاك والمتفضل عليك؟
أهذا جزاءُ النعمة يا مسلمة؟
أيكون جزاء النعمة سمعاً وبصراً، وإحساساً وشعوراً، وحيويةً ونشاطاً، أن نصادق الفتيان، ونفتن الخلاَّن؟ !
ما هذه الجرأة يا مسلمة على إقامة العلاقات المحرمة مع شباب، كلُّ همهم هتك الأعراض، وفضّ الأبكار بالحرام؟
أيُّ ورطةٍ تعرضين لها نفسك البريئة، حين تُقحمينها في أتون العلاقات الآثمة، تحت مظلة أوهام من الحبّ والغرام؟ أو التسلية وشغل الفراغ!!
إنَّ إقامتكِ علاقة حبّ وغرام مع شابٍ معاكس هو خطوتك الأولى نحو الشقاء الدائم، والعناء الطويل بعد ذهاب اللذات، وحلول العبرات والآهات، وبثِّ الزفرات والأنات؟!
هاهُنَّ الأبكار من حولك سبقنك إلى تجربةِ الغرام، والعشق والهيام، فما وجدنَ إلاَّ الخزي والفضيحة، والقهر والألم!!
فانظري إليهنَّ صرعى على مذبحةِ الفضيلة، ومقتلة اللئام!!
انظري إليهنَّ ينزفنَ دماء الشرف المستباح، والعرض المنتهك، والعفاف الممزَّق قطعاً وأشلاء!!
تأملي الحسرة في وجوههن، واللوعة في أكبادهن، والدموع في محاجرهن، بعد أن انكسر الزجاج فلم يعد في الإمكان إصلاحُه، ولا في اليدّ استبدالُه، فالعرضُ هو الزجاجةُ الوحيدةُ في العالم التي لا تستبدل ولا ترد!! أفهمت الآن؟.
إنّ الكثيرَ من الشابات أمثالك يا أختي الفاضلة، ينظرن إلى العلاقة مع الشباب من زاويةٍ واحدة ويهملنَّ بقية الزوايا، فتكون النتيجةُ صاعقةً حارقة، وفاجعةً ماحقة!!!
إنّهنَّ ينظرنَ من زاوية المتعة، والوناسة، والترويح (البريء!!) والمخاطرة والشجاعة في اقتحام المجهول.
لكنهنَّ ينسين أو يتناسين الآثار المُحزنة، والنهايات المؤلمة، لعلاقة أغضبت الجبار في عُلاه منذ بدأت، وحتى انتهت بصورتها البشعة وخاتمتها الباكية!!
أنستهنَّ حلاوةُ العشق والغرام، مرارة الشماتة والفراق!!
وأذهلهنَّ عذوبة صوت (الحبيب!)، وهو يتغنج في عبارته، ويتأوهُ في كلمته، قُبح ضحكاته عندما يودّع محبوبته هازلاً ساخراً، بعد أن نال مرادهُ وأشبع غريزته، وترك ضحيتهُ تناديه من بعيد وآحبيباه! أين الوعود الخلاَّبة، والأماني الجميلة، فلا يُجيبها إلاَّ رجع الصدى الحزين اليائس، فما نداءاتها إلاَّ صرخةٌ في واد، أو نفخةٌ في رماد!!
تُناديه من بعيدٍ واعشيقاه!!!
أين مكالماتنا الهاتفية أول الليل وأوسطه وآخره؟!
أين ضحكاتنا؟ أين نكاتنا؟ أين مسامراتنا؟!
فلا تُجيبها إلاَّ ضحكات الغدر، ونظرات العهر من طرفٍ غير خفي، نعم فاستيقظي يا مسلمة، ما دام الأمر في يديك، والحلُّ رهن إشارتك، فو الله إنّي لك ناصح، وعليك مشفق، ولسلامتك من خزي الدنيا، وجحيم الآخرة لحريص، والله يحفظك.
26/3/1426 هـ
05/05/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/96)
حقيقة المرأة بين الإسلام والجاهلية ( 1-2 )
خباب بن مروان الحمد
1- المرأة في الحضارات والأديان السابقة
الحمد لله الذي أكرم المرأة المسلمة كل الإكرام، وأسبغ عليها نعمة الإيمان والإسلام، وصانها بالستر والعفة والاحتشام. وأصلي وأسلم على محمد المبعوث رحمة للأنام.
وبعد: فقد خلق الله هذا الكون البشري من ذكر وأنثى، وجعله شعوباً للتعارف. وحياة المرأة بلا زوج، وحياة الرجل بلا زوجة..حياة نكد وشقاء ووحشة وضياع،..فسعادة كل واحد منهما (بعد تقوى الله - عز وجل -) بوجود الآخر بجانبه، قال - تعالى -: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) [الروم/21].
لقد جاء الإسلام بتهذيب النفوس والأخلاق، وأول شيء تُهذَّب به النفس ويرتاح به الخاطر ويطمئن به القلب: عبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص هذه العبادة له مع متابعة الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام -.
ومن الأمور التي هذَّب الإسلام بها الناس: تقويمه لنظرة المرأة عند الناس وتبيين منزلتها اللائقة بها، وجعلها مكافئة للرجل في كثير من شؤون حياته، إلا ما خصَّ الله - عز وجل - به الرجل، أو خصَّ به المرأة على حدِّ سواء.
وقد حرَّر الإسلام المرأة من أغلال الجاهلية، ورفع من شأنها وأكرمها بالقرآن والسنة، وجعلها في كثير من الآيات مثلاً يقتدى وسيرة تحتذى.
ولننظر إلى حال الجاهليات القديمة والحديثة وكيف ينظرون إلى المرأة، هل هي نظرة احترام وتقدير أم نظرة اشمئزاز واحتقار؟ فنقلب شيئاً من صفحات الأمم السابقة لنرى كيف هو كلامهم عن المرأة، وكيف أنَّهم يجردون هذه المرأة من جميع حقوقها الإنسانية:
*المرأة عند الإغريق
قال سقراط: (إنَّ وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، إنَّ المرأة تشبه شجرة مسمومة حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً).
ولذا فقد كانت المرأة عندهم حقيرة مهينة، حتى إنَّهم ليعدونها رجساً من عمل الشيطان، وكانت عندهم كسقط المتاع فتباع وتشترى في الأسواق.
* المرأة عند الرومان
كان شعارهم فيما يتعلق بالمرأة: (إن قيدها لا يُنزع، ونيرها لا يُخلع)..
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر ـ وهو ممَّا لا يكاد يُصدَّق ـ أنَّ "مما لاقته المرأة في العصور الرومانية ـ تحت شعارهم المعروف: (ليس للمرأة روح) ـ تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت" (1)
* المرأة عند الصينيين
شبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التي تغسل السعادة والمال، وللصيني الحق في أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترمَّلت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كثروة تورث، وللصيني الحق في أن يدفن زوجته حية!
* المرأة عند الهنود
في شرائع الهندوس: (ليس الصبر المقدر، والريح، والموت، والجحيم، والسم والأفاعي، والنار، أسوأ من المرأة).
وذكر الدكتور "مصطفى السباعي (في كتابه "المرأة بين الفقه والقانون) (2)
أنَّ المرأة لم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها، بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر حيث أبطلت على كرهٍ من رجال الدين اليهود، وكانت تقدم قرباناً للآلهة لترضى، أو تأمر بالمطر أو الرزق، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة؟! ".
* المرأة عند الفرس
أُبيح الزواج بالأمهات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى في فترة الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سلطة الرجل المطلقة، يحق له أن يحكم عليها بالموت، أو ينعم عليها بالحياة (3).
* المرأة عند اليهود
روى مسلم في صحيحه (في باب جواز غسل الحائض رأس زوجها) عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه -: ((أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسال الصحابة رضي الله عنهم-النبيe؛ فأنزل الله: ((ويسألونك عن المحيض))... الحديث.
وعند اليهود في ديانتهم المحرفة: (إن المرأة في المحيض نجسة تحبس في البيت، وكل ما يفعله الرجل من أعمال لا أخلاقية قائمة على المرأة).
كما كان ينظر إليها على أنَّها في مرتبة الخدمة، ولأبيها الحق في بيعها، واعتبروها لعنة؛ لأنَّها سبب خروج آدم من الجنة عندما أغوته بزعمهم.
* المرأة عند الفرنسيون
عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب".
ومن أساسيات النصرانية المحرفة:
التنفير من المرأة وإن كانت زوجة، واحتقار الصلة الزوجية وترذيلها وإن كانت حلالاً، حتى بالنسبة لغير الرهبان، بقول أحد رجال الكنيسة (بونافتور) الملقب بالقديس: (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنَّكم ترون كائناً بشرياً، بل ولا كائناً وحشياً، وإنَّما الذي ترون هو الشيطان بذاته، والذي تسمعون به هو صغير الثعبان).
وأصدر البرلمان الإنكليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبر نجسة!
وقد ذكر الشيخ "محمد رشيد رضا" ـ - رحمه الله - ـ في كتابه "حقوق النساء في الإسلام" (4): (من الغرائب التي نقلت عن بعض صحف إنكلترا في هذه الأيام أنه لا يزال يوجد في بلاد الأرياف الإنكليزية رجال يبيعون نساءهم بثمن بخس جداً كثلاثين شلنا، وقد ذكرت أسماء بعضهم) اهـ.
ويذكر الشيخ "مازن الفريح" (5) قصة وقعت في مدينة "لستر"
((بوسط انجلترا حيث تسكن امرأة عجوز بمفردها في بيت مستقل، قال: "وهذا شيء عادي، بل رأيته أنا بنفسي، تجلس المرأة بكرسيها وتستأجر غرفة وملحقاً به دورة مياه وتجلس من العصر حتى المغرب وتشكو من الوحدة. والمهم أنَّ هذه العجوز تسكن بمفردها وهي مغرمة بتربية القطط، وقد ذهب عنها الآباء، والزوج استمتع بها في شبابها ثم تركها إلى غيرها، فلما أصبحت عجوزاً تخلى عنها الكل فلم تجد إلا القطط، فاتخذت لها نحواً من عشر قطط تعطف عليها وتقدم لها بعض الطعام، وعلى عادة باعة الحليب هناك ببريطانيا يمرون الصباح وتشترك هذه العجوز باشتراك، فيأتي بائع الحليب ويضع الحليب في زجاجات عند باب البيت ولا يطرقه حتى لا يزعجها ويزعج الناس عندها، وعندما يمر في اليوم التالي إذا وجد زجاجات الحليب في مكانها عَلمَ أن أصحاب البيت قد غادروه أو أنَّ حادثاً قد وقع وهذا هو الغالب، وهو ما حدث لهذه العجوز، فبعد عدة أيام من تجمع الزجاجات عند باب البيت، اتصل بائع الحليب بالشرطة، وعندما جاءت الشرطة وفتحوا الباب وجدوها ميتة ووجدوا أن قططها العشر قد أكلت أطرافها وأنفها وأذنيها، ثم حققت الشرطة في هوية هذه العجوز فوجدت أنَّ ابن هذه العجوز يسكن في نفس الشارع الذي تسكن به أمه وحدها، وعلى مسيرة بضع دقائق فقط، ولما سألوه: منذ متى لم تشاهد أمك؟ فقال منذ خمسة أشهر))! اهـ.
فنعوذ بالله من هذه الحال، ولنتأمل في معاملة هذا الشاب لأمه في ذلك المجتمع الآسن الكدر النكد، ولا عجب في ذلك، فعندما تفسد العقيدة تضيع الروح.
وقصة أخرى ذكرها الشيخ "علي الطنطاوي" ـ - رحمه الله - ـ حيث قال: (رأيت في "بروكسل" عند ملتقى طريقين، وقد فُتح الطريق للمارة، عجوزاً لا تحملها ساقها، تضطرب من الكبر أعضاؤها، تريد أن تجتاز والسيارات من حولها تكاد "تدعسها " ولا يمسك أحد بيدها، فقلت لمن كان معي من الشباب: ليذهب أحدكم فليساعدها، وكان معنا الصديق الأستاذ "نديم ظبيان"، وهو مقيم في بروكسل منذ أكثر من أربعين سنة، فقال لي: أتدري أنَّ هذه العجوز جميلة البلد، وفتنة الناس، وكان الرجال يلقون بقلوبهم وما في جيوبهم على قدميها ليفوزوا بنظرة أو لمسة منها؟! فلما ذهب شبابها وزوى جمالها، لم تعد تجد من يمسك بيدها!!) (7).
إنه الجحيم الذي تعيشه النساء هناك في الغرب؟! فصدق من قال عن الغرب: إنَّه نافذة تطل على الجحيم!
هذه مجه من لُجج الحضارة الغربية التي يراد بالمرأة المسلمة أن تحذو حذوها، كي تصبح متغربة متقدمة، في عصر حضارة القرن العشرين!
إيه عصر العشرين ظنوك عصراً *** نير الوجه مسعد الإنسان
لست نوراً بل أنت نارٌ وظلم *** مذ جعلت الإنسان كالحيوان
---------------------------------------
(1) عودة الحجاب2/48.
(2) (ص18).
(3) (عودة الحجاب2/50).
(4) (ص / 62).
(5) ذكره في شريطه (المرأة في الغرب).
(7) قيد الصيد لمحمد العوشن (ص/ 58، 57).
29/12/1425 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/97)
حقيقة المرأة بين الإسلام والجاهلية ( 2-2 )
خباب بن مروان الحمد
موضوعُ المرأةِ شغلَ بالُ الإنسانية قديماً وحديثاً، وقد جاءَ الإسلامُ بالفصل فيه ووضعَ له الحل الكافي والدواءَ الشافي؛ لأنَّ أهلَّ الشرِّ اتخذوا من هذا الموضوع منطلقاً للتضليل والخداع عند من لا يعرفُ وضعَ المرأةِ في الجاهلية ووضعها في الإسلام.
فقد كانتِ المرأةُ في الجاهلية، تُعد من سقطِ المتاع لا يُقامُ لها وزن،
فقد قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: (والله إنَّ كنَّا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمراً حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسَّم لهن ما قسم).
ولم يكن لها حقُ الإرث، وكانوا يقولون في ذلك:"لا يرثنا إلا من يحملُ السيف، ويحمي البيضة، وهو الرجل". فإذا مات الرجلُ ورثهُ ابنهُ، فإن لم يكن فأقربُ من وُجد من أوليائِه أباً كان أو أخاً أو عمّاً، على حين يُضم بناتهُ ونساؤهُ إلى بنات الوارث ونسائه، فيكونُ لهنَّ ما لهن، وعليهنَّ ما عليهن.
فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "كانوا في الجاهلية يُكرهون إماءَهم على الزنا، ويأخذون أجورهنَّ"ونحنُ نعلمُ رُدود فعلهم حينما يُبشرُ أحدهم بأنثى قال - تعالى -: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}
[النحل: 59، 58].
وكان بعضُ أهلِّ الجاهلية لا يرون القصاصَ من الرجل إذا قتل المرأة، ويعفونهُ من الدية أيضاً، وكانوا أيضاً يُجبرون بناتهم على التزوجِ ممن يكرهنَ، فجاءَ الإسلامُ مثبتاً لهُنَّ كمالَ الحرية، فلا تُجبر البالغة على الزواج، بل الأمرُ منوطٌ بها، وبمحض رغبتها وإرادتها.
وكانت المرأةُ في الجاهليةِ تُمْلكُ ولا تملك، ولزوجها حقَّ التصرفِ بمالها إن ملك مالها بدون إذنها.
فهكذا كانت معاملةُ المرأةِ عند أهلِّ الكُفر باختلافِ طُرقهم ومللهم؟ وكما قيل:
فسل ذا خبرةٍ يُنبيكَ عنهُ *** لتعلمَ كم خبايا في الزوايا
المرأة في الإسلام :
لقد أكرمَ الإسلامُ المرأةَ ورفع مكانتها بين العالمين، ومن ذلك:
1/ أن دينَ الإسلامِ أعاد للمرأةِ إنسانيتها.
قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} (الحجرات: 13) فذكرَ - سبحانه - أنَّها شريكة الرجل في مبدأ الإنسانية، في حينِ كان النصارى يشكونَ هل هي إنسان! - كما هي شريكةُ الرجل في الثوابِ والعقابِ على العمل { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 97)، وقال - تعالى -: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} الأحزاب: 73.
وقال المصطفى- صلى الله عليه وسلم -: (إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال) (رواه أحمد و أبو داود وصححه والألباني).
قال الخطابي في معالمِ السُنن: "أي: نظائرُهم وأمثالُهم في الخلقِ والطباع، فكأنهنَّ شُققن من الرجال".
2 / أنَّهُ جعلَ المرأةَ مثلاً يُضرب للمؤمنين والمؤمنات.
فقد أشادَ بموقفِ ملكة سبأ (بلقيس) التي كانت في عهدِ سليمان- عليه السلام - وكيف أنَّها كانت سبباً في تحوّل قومِها من الشركِ للتوحيد، وذكرَ موقفُ آسيا- امرأةُ فرعون- في القرآن، وجعلهُ من أعظمِ الأمثلةِ في الثبات على الحق.
3 / أنَّهُ أكرمها أماً:
ويكفي شاهداً لذلك الحديث الذي رواه أبو هريرةَ- رضي الله عنه- قال: (جاء رجلٌ إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أُمك. قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمك. قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمك. قال: ثُمَّ من؟ قال: أبوك) (أخرجه البخاري).
4 / وأكرمَ المرأة أختاً.
فعن أبي رمثةَ- رضي الله عنه- قال: "انتهيتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعتهُ يقول: (برَّ أمكَ وأباك، وأختكَ وأخاك، ثُمَّ أدناك أدناك) (أخرجه الحاكم والإمام أحمد وصححه الألباني).
ولنتأملَ كيف قدمَّ الأمُّ على الأبِ، وكذا قدَّم الأختُ على الأخ!
5 / وكرمها بنتاً.
فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاءَ يومَ القيامة أنا وهو) ـ وضم أصابعه ـ أي: معاً. (أخرجه مسلم برقم2631).
6/ وصانها بالزواج الصحيح.
وجعل بين الزوجين المحبةَ والمودةَ والرحمة، قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)
)) (الروم: 21)، وقال - تعالى -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228).
ولعلَ من أعظمِ ما يدلُّ على علوِّ شأنِ المرأةِ في الإسلام ورفعةِ مكانتها: وصيةُ النبي- صلى الله عليه وسلم - بها في أكبرِ مجمعٍ إسلامي في حجةِ الوداع، عندما قال - صلى الله عليه وسلم -: (استوصوا بالنساء خيرا) رواه البخاري (9/218) في النكاح).
7/ وأكَّد حقها في الدفاعِ عن نفسها في حال شقاقها مع زوجها.
وعرض الخلاف على محكمةٍ مختصة، قال - تعالى -: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) (النساء: 35).
8/ وجعلَ عقابُ من قذفها ثمانين جلدة.
قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 4).
9/ ومنها أنَّ مبايعةَ النبي- صلى الله عليه وسلم - للنساء كالرجال.
قال الشيخ محمد رشيد رضا- رحمه الله -: "كان النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - يُبايعُ الرجالَ على السمع والطاعة والنصرة، وكانت أولَّ بيعةٍ منه لنقباءِ الأنصار في عقبةِ منى قبل الهجرة، على بيعة النساء، كما في السيرة ـ ولكن آيةُ بيعةِ النساءِ لم تكن نزلت، وبايعهم البيعةُ الثانية الكبيرة ِعلى منعه ـ أي حمايته ـ ممَّا يمنعون منه نساءَهم وأبناءَهم، وبايع المؤمنين تحت الشجرةِ في الحُديبية، على أن لا يفروا من الموت، سنة ستٍ من الهجرة. وخصَّت بيعةُ النساء بذكر نصِّها في سورة الممتحنة، وهو قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرُجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الممتحنة: 12).
نزلت يوم فتح مكة، وبايع النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - بها النساء على الصفا بعد ما فرغ من بيعةِ الرجالِ على الإسلام والجهاد، وكان عُمر بن الخطاب يبلغهُ عنهنَّ وهو واقفٌ أسفلَ منه" أ هـ.
10/ ومن إكرامِ اللهِ - عز وجل - للزوجة أن جعلَ لها حقوقاً حماها الشرع، وينفذها القضاء عند التشاحن.
وليست تلك الحقوق موكولةً إلى ضميرِ الزوج فحسب، وليس المقامُ مقامُ بسطها، وإنَّما هي لمحةٌ عابرةٌ لبعض حقوقها عليه:
11/ المهر.
وهو عطيةٌ محضة، فرضها اللهُ للمرأة، ليست مقابل شيءٍ يجبُ عليها بذلهُ إلا الوفاءَ بحق الزوجية، كما أنَّهُ لا يقبلُ الإسقاط، ولو رضيت المرأةُ، إلا بعد العقد{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} (النساء: 4).
12/ النفقة عليها بالمعروف.
{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 233).
13/ السكنُ والملبس.
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (الطلاق: 6).
14/ وبجانبِ هذه الحقوقِ المادية لها حقوقٌ معنوية أخرى:
* فهي حُرةٌ في اختيار زوجها، وليس لأبيها أن يُكرهها على ما لا تريد، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُنكحُ البكرُ حتى تُستأذن، ولا الثيب حتى تُستأمر) (أخرجه البخاري).
* يجبُ على زوجها أن يُعلِّمها أصولِ دينها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6).
قال الألوسي - رحمه الله - : "استدلَ بها على أنَّهُ يجبُ على الرجلِ تعلمُ ما يجبُ من الفرائض وتعليمه لهؤلاء".
* أن يَغار عليها ويصونها من العيونِ الشريرةِ، والنفوسُ الشرهة، فلا يُوردُها موارد الفساد، ولا يغشى بها دُورَ اللهو والخلاعة، ولا ينزعُ حجابها بحجةِ المدنيةِ والتطور.
* أن يترفَّع عن تلمسِ عثراتها، وإحصاءِ سقطاتها، ولذا كان النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - يكرهُ أن يأتيَّ الرجلُ أهلهُ طروقاً، والطروق: المجيءُ بالليل من سفرٍ أو من غيره، على غفلة.
* وأخيراً، فإنَّ عليه أن يُعاشرها بالمعروف والإحسان، فلا يستفزَّهُ بعضُ خطئها، أو ينسيه بعضُ إساءتها {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} (النساء: 19).
ويقولُ النبي- صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر) (رواه مسلم 1269) يفرك: يبغض ـ والفرك: البغض.
نسألهُ - تعالى -أن يجعلَ نساءَ المسلمين قدوةً لغيرهنَّ، ويحفظهنَّ من دُعاةِ التبرجِ والسفور،
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
6/1/1426 هـ
15/02/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/98)
أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك
أختي..حبيبتي..المتربعة على عرش قلبي.. حفظك الله..
السلام عليك ورحمة الله وبركاته..
أختي: ودعتك وأنت مسافرة بهذه الصيغة النبوية الجامعة ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.. ))
ثم دعوت لك بالدعاء المأثور في هذه المناسبة أيضا: ((زودك الله التقوى، وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت))
فأحببت أن تكون أولى رسائلي إليك بعد السفر: أن نعيش في ضلال صيغة التوديع دقائق معدودات.. لعل الله أن يكرمنا بعدها بسعادة الدنيا والآخرة
أختي العزيزة الأثيرة: إن الدين والأمانة وخواتيم الأعمال هي أغلى شيء في هذه الحياة عند المؤمنين والمؤمنات.. لذا فإن المقيم يستودعها عند الله- تبارك وتعالى - لأخيه المسافر.
وإن الله يحفظها بكرمه وفضله، فهو - سبحانه وتعالى - إذا استودع شيئا حفظه، تكرما وتفضلا منه - عز وجل -.. ولكنها يا أختي وبالدرجة الأولى هي ودائع غالية عند المسافر نفسه، يجب عليه أن يحفظها ويرعاها،
ويحوطها من كل جوانبها، حتى لا يفقد منها مثقال ذرة..
وإلا فكيف يدعوا الله أن يحفظها، وهو مقصر لم يأخذ بأسباب الحفظ والرعاية؟!!
وهل يجوز في العقول السليمة أن يقول الإنسان: (اللهم أدخلني الجنة) وهو مقصر في الصلاة وفي كثير من فرائض الله؟؟!!!
وهل يصح في الأذهان أن يقول الطالب (اللهم نجحني) وهو مهمل في دراسته؟!!
ثم أقول أيتها الأخت الحبيبة:
إن هذه الودائع الثلاث، وإن كان الواجب علينا أن نحافظ عليها دائما ونحن في سفرنا إلى الله في كل لحظة،
إلا إنها تزداد وجوبا وقداسة ورعاية وحفظا، ونحن في سفرتنا وغربتنا.. بعيدين عن أخوتنا وأحبتنا.. !!
الوديعة الأولى: دينك:
الدين - يا أختي كلمة جامعة شاملة لكل ما جاء به رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - من عقائد، وعبادات، وأخلاق، وأحكام تشريعية للفرد والأسرة والمجتمع والدولة في كل مجالات الحياة: العقيدية، والتربوية، والتعليمية، والإعلامية، والسلوكية، والأحوال الشخصية، والمالية، والقضائية، والإدارية، والجنائية، والمدنية، والقانونية، والدستورية، والسياسية، والجهادية، والداخلية، والخارجية...... الخ.
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل89
{أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}الأنعام
أختي الحبيبة: فالتزمي بتعاليم الإسلام كلها وطبقيها في حياتك كاملة، واحملي غيرك على الإيمان والاقتناع الراسخ بها، وبعد الإيمان: العمل والتنفيذ.. ولكن لا تستعجلي عليهن فالزمن جزء من العلاج.. وإن التدرج من سنة الله في التربية والتشريع واحذري يا أختاه ثم احذري أن تفرطي في شيء من أحكام الإسلام
حافظي على الفرائض.. واستكثري من النوافل..
امتنعي بتاتا عن المحرمات والمكروهات والشبهات.. واستبرئي لدينك وعرضك.. وكوني تقية نقية في مخبرك وفي مظهرك.. وإن ألممت بذنب أو تقصير أو فتور فألتجئ تائبة نادمة باكية إلى ساحة مولاك العظيم، وأيقني أنه - سبحانه وتعالى - تواب كريم.. غفار رحيم..
ثم أستأنفي المسير إليه بكل صدق وإخلاص وعزم ونشاط.. حفظك الله يا أختي وحفظ عليك دينك بكل آفاقه وأبعاده..
----------------------------------------
الوديعة الثانية: أمانتك
وهنا ليس عندي لك سوى التذكير.
أي أخيتي الحبيبة.. قال ربنا - سبحانه وتعالى -: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}الذاريات55
وهل أختي إلا فتاة مؤمنة بحق؟! نعم.. إذن فالأمانة الأمانة يا أختاه {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}المؤمنون8
ومن الأمانات الكبرى:
• أمانة الفطرة فلا نلوثها بالقاذورات الفكرية او السلوكية.
• وأمانة الإسلام فلا نضيع منه شيئا مهما كان في نظرنا هينا
• {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}النور15
• ثم أمانة العمل والجهاد من اجل تحقيق هذا الإسلام واقعا حيا في حياتنا وحياة الناس.
• وأمانة كل مسلم ومسلمة في أي شبر من الارض: أن نهتم بأمر المسلمين في كل بقاع العالم ، فنسر لسرورهم، ونتألم لآلامهم، ونتعرف على قضاياهم ومآسيهم، ونفديهم بأموالنا ودمائنا ومواهبنا وكل ما نملك.
• وأمانة حسن اختيار الزوج الصالح التقي النقي الفاهم العامل المجاهد، فلا تغرنا المظاهر الخداعة، أو بريق الجمال والفتوة، أو مغناطيسية المناصب والأموال والشهادات.
• ثم تأتي أمانة تربية الأولاد وتعهدهم ليكونوا هداة راشدين، وأبطالا فاتحين، وليكن زوجات صالحات وفيات، وأمهات بارات مثاليات، وداعيات ناجحات موفقات جاذبات..
• ثم أمانات: ودائع الناس وحقوقهم المادية والمعنوية (وفي مقدمتهم الوالدان والأرحام) وأسرار الناس وأخبارهم الخاصة وشئونهم الداخلية.
• ثم تأتي بعد ذلك سائر الأمانات أرأيت يا أختي أن الأمانة قد جمعن الكثير من هدي الإسلام
• بل جمعت الإسلام كله.. بل جمعت الدين والدنيا معا؟! فصلى الله وسلم.. على من أوتي جوامع الكلم.. جعلك الله وجعلنا جميعا من المؤدين للأمانات.. الأوفياء بالعهود.. الراعين للذمم.
• أقول ثم لا تنسي يا أختاه.. أمانة العمر والحياة.. فالله الله في اغتنام الدقائق قبل الساعات،
لتكوني من الراعين لأماناتهم والراعيات، وحتى نحظى جميعا بالفردوس الاعلى في الجنة {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}المؤمنون11
الوديعة الثالثة: خواتيم عملك
قال الله - تعالى - {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}التوبة105
أعلمي يا أخية أن الزمن هو رأس مال المسلم في هذه الحياة.. وان اللحظة التي تذهب لا تعود أبدا.. ومن اصدق ما قاله الإمام الحسن البصري - رحمه الله تعالى -: ((كل يوم ينشق فجره ينادي: يا أبن آدم.. أنا خلق جديد.. وعلى عملك شهيد.. فاغتنمي فإني لا أعود إلى يوم القيامة)).
وما أصدق ما قاله الإمام حسم البنا:
((الواجبات أكثر من الأوقات.. فعاون غيرك على الانتفاع بوقته.. وإن كانت لك مهمة فأوجز في قضائها)).
فاغتنمي كل لحظة.. وانتهزي كل دقيقة.. وأدخلي مع الزمن في سباق واسبقيه..
وخذي الزاد من رحيلك الطويل.. الزاد الذي لا زاد غيره..
الزاد الذي تجدينه مذخورا موفورا لك يوم تحطين الرحال.
(وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}البقرة197
ولا تنسي إننا تحت ظل الوديعة الثالثة..
فاعلمي يا أختي إنما الأعمال بخواتيمها فقد تكون البداية طيبة (نية وسلوكا) ثم في النهاية تخالط النية شوائب الرياء أو العجب أو الحديث عن النفس والعمل، أو ينحرف السلوك إلى غير المقصد النبيل.. أو إلى غير الطريق السوي.. وهنا يفسد كل شيء. ويضيع كل جهد.. وتتحول الطاعة إلى معصية..
ثم للربط بين الأمانة وبين الأعمال:
اجعلي صفات المؤمنين في أوائل سورة (المؤمنون) دستورا لك.. ونبراسا بين يديك ينير لك الطريق.
ثم للربط بينهما وبين الوديعة الأساسية الأولى (الدين):
تمثلي تعاليم الإسلام كلها في شؤون حياتك وفقك الله.
وختاما إليك أختي الغالية هذه الدرر الغالية من السحر الحلال.. وما أجملها من حكم بليغة:
1- قيل لأحد الصالحين.. من العابدين المجاهدين.. والدعاة العاملين: لو رفقت بنفسك!!
فقال: الخير كله الخير كله فيما أكرهت النفوس عليه. ثم قرأ قول القائد الأعلى صلوات الله وسلامه عليه: ((حجبت النار بالشهوات.. وحجبت الجنة بالمكاره)).
2- أخرجوا جاهلية الغرب من عقولكم وحياتكم يخرج أهلها من بلادكم.
3- أقيموا دولة الإسلام في صدوركم وبيوتكم تقم دولة الإسلام على أرضكم وفي حكمكم.
4- يا من يعانق دنيا لا بقاء لها *** يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة *** حتى تعانق في الفردوس أبكارا
5- ((إن تكوين الأمم وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ تحتاج من الأمة التي تحاول هذا
، إلى: قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة امرر: إرادة قوية (لا يتطرق إليها ضعف) ووفاء ثابت (لا يعدو عليه تلون ولا غدر) وتضحية عزيزة (لا يحول دونها طمع ولا بخل) ومعرفة بالمبدأ، وإيمان به، وتقدير له: يعصم من الخطأ فيه، والانحراف عنه، والمساومة عليه، والخديعة بغيره. على هذه الأركان الأولية التي هي من خصائص النفوس وحدها.. وعلى هذه القوة الروحية الهائلة تبنى المبادئ.. وتتربى الأمم الناهضة.. وتتكون الشعوب الفتية.. وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمنا طويلا))
وأخيرا وليس آخر أختم رسالتي إليك وقد عطرتها بزهور المحبة وعبير المودة، والشوق والحنين إلى رؤية محياك الطاهر بالسجود لله رب العالمين..
ومرة أخرى
(أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.. زودك الله التقوى.. وغفر ذنبك.. ويسر لك الخير حيثما كنت)...
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/99)
قضية المرأة ؟
مدخل:
إنهم يدعون إلى هذا الأمر الخطير في كل حين..
وفي كل الوسائل المتاحة لديهم..
بنفس طويل لا ينقطع، وأمل كبير لا يخبو،..
وهم يتقدمون بخطى وئيدة نحو أهدافهم..
ولا يتورعون في الاستدلال بالنصوص الشرعية مبتورة محرفة على ما يدعون إليه..
يتميزون غيظا من الحجاب، وودوا لو مزقوه، ويتخذون كل ذريعة لإسقاطه..
يحدث هذا وغيره في حين أن كثيرا من المسلمين في غفلة وسهو عن هذا البلاء الآتي، وبعض المسلمين لجهله وغفلته يُستخدم كأداة في تنفيذ مآربهم الخبيثة.. ?!.
المقال:
ذكر الفقهاء أن الجهاد يكون فرض عين على جميع الأمة إذا دهم العدو بلاد المسلمين...
قال الإمام الزركشي:
" إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم والنفير إليهم"..
ومداهمة العدو إنما تكون على قسمين:
- مداهمة حسية، بأن يحتل الكفار بلاد المسلمين بقوة السلاح.
- ومداهمة معنوية، بأن يحتل الكفار عقول المسلمين وأخلاقهم بالمكر والكيد الخفي، وأدواته: الأفلام والمسلسلات والقصص والمجلات والأزياء والموضة والملاهي..
وهذا القسم من الاحتلال أخطر من الذي قبله، لأن أكثر المسلمين يغفلون عنه ولا يحذرون منه، ولذا لا ينفرون إلى جهاده، كما ينفرون إلى جهاد من يحتل الأرض.
والحقيقة أن أعداءنا داهموا بلاد المسلمين في إيمانهم وأخلاقهم مستخدمين المرأة سلاحا لهم في هذه الحرب الماكرة، فما من وسيلة من وسائلهم إلا وتبرز فيها صورة المرأة، فهي رأس الحربة في أسلحتهم، وهذه حقيقة يجب أن نتفطن لها:
فإن هؤلاء يريدون أن يفسدوا بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا!..
وكل دعواتهم تجري في هذا المضمار، وهم يتلطفون في الدعوة إلى ذلك:
تارة باسم التقدم والحضارة..
وتارة باسم خدمة المجتمع..
وتارة باسم ضرورة العصر..
وتارة باسم تعليم المرأة وعملها..
وكلها دعوات هدفها شيء واحد هو خروج المرأة من بيتها، أي تركها لوظيفتها الأولى، والتي لايقوم بها سواها، العناية بالبيت والأمومة..
وإذا خرجت أعقبها السفور والاختلاط، وهذا مقصودهم.. ?!.
إنهم يدعون إلى هذا الأمر الخطير في كل حين..
وفي كل الوسائل المتاحة لديهم..
بنفس طويل لا ينقطع، وأمل كبير لا يخبو،..
وهم يتقدمون بخطى وئيدة نحو أهدافهم..
ولا يتورعون في الاستدلال بالنصوص الشرعية مبتورة محرفة على ما يدعون إليه..
يتميزون غيظا من الحجاب، وودوا لو مزقوه، ويتخذون كل ذريعة لإسقاطه..
يحدث هذا وغيره في حين أن كثيرا من المسلمين في غفلة وسهو عن هذا البلاء الآتي، وبعض المسلمين لجهله وغفلته يُستخدم كأداة في تنفيذ مآربهم الخبيثة.. ?!.
إن تجربة تحرير المرأة في الغرب كانت تجربة ناجحة في إفساد شعوبها، ومن ثم فإن العدو يريد أن ينقل إلينا التجربة ذاتَها، لينتقل معها الفساد والانحلال، تمهيدا لمد سلطانه على الأمة المسلمة، بعد أن يئس من تحقيق ذلك بالسلاح..
فهو يعلم جيدا أن المسلمين قد استقر في نفوسهم وجوب الجهاد على جميع الأمة إذا نزل العدو بأرضهم، لذا فهو يحذر أن ينزل بلادهم بسلاحه وجنده لكيلا يذوق الهوان كما ذاقه أول مرة، لكنه يغزوهم بفكره وأخلاقه، لأنه يدرك أن المسلمين قد يغفلون عن هذا النوع من الغزو فلا ينبرون لجهاده..
والحقيقة لا نبالغ إن قلنا إن بقاء الأمة يكمن في صلاح المرأة وحفاظها على بيتها..........
لذا يجب أن نسعى جهدنا للوقوف ضد كل فكر يدعو إلى تفريط المرأة في بيتها وأمومتها إن أردنا أن نحيا أعزاء....
فالعدو يريد أن يفسد علينا السكن الذي نسكن إليه، والبيت الذي نأوي إليه، والمحضن المربي الذي نعتمد عليه في تربية أبنائنا..
فيجب أن نجابه هذا الكيد الكبير بوعي وتحصين عظيم..
وللأسف فإن هذه القضية ليست ذات أهمية عند بعض من المسلمين، كأنهم لا يشعرون بهذا الكيد الخبيث، مع أن العدو قد جعلها في أولويات أهدافه، ومن غفلة هذه الفئة أنها ربما انتقدت من تكلم وأكثر التحذير من قضية تحرير المرأة والداعين إليها..
إن الواجب على جميع الأمة أن تستنفر طاقاتها لصد هذا العدوان الماكر، لو تخيلنا عدوا نزل بساحتنا بسلاحه وعتاده ماذا كنا نفعل؟..
كنا سنحاربه بكل ما نقدر..
هاهو قد داهم بيوتنا وعقولنا وأخلاقنا يريد تدمير إيماننا بأساليب لا يفطن إليها إلا اللبيب، وهو يريد تمزيق الروابط وتشتيت الأسر وإشاعة الزنا وانتشار اللقطاء وتمييع الشباب وتضييع الفتيات وحرمان الأطفال من العطف وتحليل ما حرم الله، وكل ذلك مرتبط بترك المرأة وظيفتها الأولى وسفورِها واختلاطِها، والعداوة هنا ماكرة شديدة، فهل سنقف مكتوفين؟!.
يجب أن لا يهدأ لنا بال بعد اليوم حتى نقضي على هذا العدو ونخرجه من ديارنا وعقولنا، وبين أيدينا مراكز هامة منها ننطلق في جهادنا:
البيت والمدرسة والمسجد والقلم والإعلام..
فعلى الآباء والأمهات والمدرسين والمدرسات والأئمة والكتاب تنبيه الناس إلى أهمية العرض والحفاظ على العفة، وأهمية الحجاب وحدوده وصفتِه ومزاياه..
- يبدأ الدور من البيت، حيث يجب على الأبوين أن يربيا الأولاد على تعظيم العرض ومعرفة حقيقة الحجاب وصفته..
- وبعده يأتي دور المدرسة:
فيجب على المدرسين أن يعمقوا في نفوس الطلاب دور الشباب في القيام بالأمة، وأهمية الأخلاق الإيمانية والحفاظ على أعراض المسلمات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
وعلى المعلمات أن يعلمن التلميذات دور الفتاة المسلمة في الأمة، وأهمية تربية الأبناء والقرار في البيت والعفة والستر والحشمة، وغاية الأعداء في إفساد المرأة..
- وعلى الأئمة في المساجد توعية عموم الناس بخطر العدو ووسائله في هدم جدار الأخلاق وأساس الإيمان، مع الإشارة على الدوام إلى أهمية الطهر والأمومة، وتربية الناس بصغار العلم ثم بكباره..
- أما الكتّاب فعليهم تفنيد شبه المفسدين والرد عليهم والتحذير من طرائقهم في الاستدلال وفضح مخططاتهم..
- وعلى وسائل الإعلام النقية الهادفة أن تجعل هذه القضية من أولوياتها، وعلى الجميع التطرق إلى جميع هذه الموضوعات كل في دائرته التي يختص بها، بالتوعية والتربية، لا بد أن نرفع صوتنا عاليا:
- أنا أمة لا نرضى بغير الحجاب والستر والعفة والقرار في البيت لنسائنا.
- أنا أمة لا نرضى بغير الزواج طريقا لعلاقة رجالنا بنسائنا.
- أنا أمة نعظم الأخلاق ونعتني بكيان الأسرة وتربية الجيل ورعاية النشء.
ثم إنه من الواجب علينا جميعا أن نيسر أمور الزواج ونسرع بزواج كل فتى وفتاة، فلا ينبغي ترك الفتيات بغير زواج حتى سن العشرين..
لا تقولوا صغيرة.. !
أليس زواجها خير من ارتكابها الفاحشة؟..
فالمغالاة في المهور والتكاليف، والتنطع في الشروط يؤخر الزواج، وكل من أخر زواج ابنه أو ابنته يساهم من حيث لا يشعر في تحقيق مآرب العدو منا، ولو أننا يسرنا الزواج وأسرعنا به لاختفت مظاهر الانحراف التي في بعض الشباب والفتيات، وفوتنا الفرصة على أعدائنا.
أليس من الخطأ أن نعطل الزواج بدعوى التعليم، أو رغبة في مال البنت العاملة؟.
أليس من الخطأ أن نحارب التعدد، في زمن نحن أحوج شيء إليه؟.
والجميع مطالب بإعانة المتزوجين، فعلى الأغنياء المعاونة بالمال، فالمتزوج أحق من أعناه، ومن وسائل محاربة كيد الأعداء في قضية المرأة نشر المجلات الإسلامية التي تعتني بشئون المرأة المسلمة وتسعى جاهدة في إقامة أسرة مسلمة.
إن مما يريح القلب وجود فئة مؤمنة تجاهد مكر الأعداء، ولا تفتأ في التحذير منهم في كل مناسبة، ومادام هذا الصراع بين الحق والباطل قائما فنحن إلى خير:
لأن سنة الصراع بين الحق والباطل سنة كونية لابد منها...
لكن المصيبةَ فيما إذا سلم أهل الحق قيادهم لأهل الباطل وزال هذا الصراع، حينئذ تنقلب الموازين ويعلو الباطل، والكافرون مهما صنعوا ومهما كادوا فإن الله مبطل كيدهم، قال الله - تعالى -:{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون}.
إن من منهج القرآن الكريم تكرار الموضوعات المهمة الرئيسة بصيغ مختلفة، مثل الجنة والنار وأسماء الله وصفاته ونعمه على عباده، لأن طبيعة الإنسان النسيان فلا ترسخ فيه الفكرة إلا إذا تكررت..
وقد عرف أعداء الدين هذه الصفة في الإنسان فهم لا يزالون يكررون أفكارهم في كل مناسبة بصيغ مختلفة ومن مجالات متعددة، يعلمون أنهم يخاطبون كل يوم جيلا، ويعلمون أن تكرار الخطاب باعث للاقناع..
لكن بعض أولي الحق قد يملون من التكرار وينفرون منه وينتقدونه، وهذا قصور نظر، وبعد عن منهج القرآن..
ينبغي لداعي الحق أن لا يمل من تكرار ما يدعو إليه، مادام مهما، بشرط أن تكون الصياغة مختلفة، فليس المطلوب الكلام فحسب، بل المطلوب البلاغ والاقناع.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/100)
حب لفت النظر !! ..... عند الفتيات
أحمد بن محمد الهرفي
الفتاة الطبيعية عبارة عن كتلة متحركة من العواطف التي تتأجج في كثير من الأحيان وتسكن في أحيان أخرى، ومن هذه العواطف:.. " عاطفة الحب "..
والحب الذي أقصده ليس حب الفتاة لوالدها أو والدتها أو لأخيها أو غيرهم من الأشخاص و الأشياء، بل هو الحب بمعنى الميل العاطفي و الذي يكون للزوج بالحلال أو العشيق بالحرام.
و هذه الحاجة موجودة أيضا عند الرجال، و لكن الفرق بين الرجال و النساء أن الرجل يتحكم في عواطفه و يتغلب عليها في كثير من الأحيان، بينما تعجز المرأة عن هذا في كثير من المرات.
و الفرق الآخر أن الرجل يستطيع أن يشبع هذه الحاجة بالزواج ممن يحب وليس عليه حرج في ذلك، بينما تبقى المرأة تتعذّب و تتألم في انتظار ذلك الخاطب الذي يأتي ليطرق الباب، وإن ابتلاها الله بالحب فإنها لن تستطيع أن تتقدم لخطبة من تحبه ولا أن تصرح بذلك لأحد، و لو قيل عنها إنها تحب رجلاً فستعامل على أنها فتاة منحرفة حتى ولو كانت ليست كذلك.
فإذا علمنا أن عاطفة الحب عند الفتاة ليس لها مجال للتفريغ المؤقت، و إذا أضفنا إلى هذا أن الفتاة ربما تكون تجد معاملة سيئة من أهلها فإننا سنفترض أن هذه العاطفة ستنحرف بالتأكيد.
ومن الملاحظ.. أن هذه العاطفة هي الوتر الذي يعزف عليه كثير من عُبَّاد الجنس و الشهوة من الفنانين و الفنانات، فيخرجون الأفلام التي تحكي قصة عاطفية عن شاب أحب فتاة، ثم لم يستطع هذا الشاب الوصول لحبيبته لسبب أو لآخر، و تمضي أحداث الفلم التي تحكي كيفية تخطي الصعاب في سبيل الوصول للحبيبة، و في آخر الفلم يلتقي الحبيبان لقاء رومانسيًا و يتزوج العشيق من عشيقته.
و هذه المشاهد ترغب الفتاة بالتجربة بعد أن صوروا لها الحبيب في أجمل منظر، ثم أنهوا القصة بالزواج الذي تحلم به أي فتاة.
و لهذا تعيش الفتاة في أحلام وردية، وتنتظر بطل الفلم الذي سيراها و يعجب بها ثم تعيش معه قصة حب تختمها بالزواج، وغالبًا ما يأتيها هذا الفارس ويحملها على الفرس الأبيض ويطير بها في السماء، ثم إذا قضى حاجته منها رماها من فوق الحصان ليستبدلها بأخرى.
لا أقول إن هذا يحصل " دائماً " ولكنه يحصل غالبًا.
أما الانحراف الثاني بسبب عدم تفريغ هذه العاطفة التفريغ الصحيح فهو أن تميل الفتاة لفتاة مثلها ميلاً عاطفيًا غير مقبول.
و هذا الحب اصطلح على تسميته بـ " الإعجاب ".
و في هذه العلاقة تكون المعجبة تتعامل مع من أعجبت بها وكأنها تتعامل مع زوجها، و لا يعني هذا أن كل علاقة إعجاب فهي علاقة تدخل في الشذوذ؛ لأن الإعجاب عند الفتيات قد ينتهي بمجرد تبادل الهدايا، و الخجل الشديد عند رؤية من أعجبت الفتاة بها، و الغيرة عليها من الأخريات....
وربما يتطور هذا الإعجاب لدرجة تدخل في الشذوذ الجنسي، خصوصا إن كان الرادع- الرقابة الذاتية أو الرقابة الخارجية- غائبا.
حُب لفت النظر
هذه الصفة موجودة عند معظم الفتيات، فالفتاة منذ صغرها وهي تحرص على شكلها ومظهرها أكثر بكثير من الشاب، ونجد أنها منذ أن تفهم وتعي ما يدور حولها تحب أن تتزين و تبدو في أجمل هيئة، و هذا لا ينطبق على الولد في كثير من الأحيان.
أما السبب في هذا- وهذا السبب كذلك في غيره من الفروقات بين الرجل والمرأة- فيقال:
أن الله - عز وجل - خلق آدم من تراب، و خلق حواء من آدم.. و لهذا فالرجل مرتبط بالأرض، والمرأة مرتبطة بالرجل، وهذا بالتالي يعني أن الرجل مرتبط بما لا روح فيه فيغلب عليه الجفاف العاطفي، بينما المرأة مرتبطة بما له روح فتغلب عليها العاطفة..
و هذا أيضا هو سبب الفرق بين طريقة إثبات التفوق عند الرجل والمرأة، فالرجل يثبت ذاته ويدلل على تفوقه بالعمل، بينما المرأة تثبت ذاتها بعلاقاتها الاجتماعية مع الآخرين..
ولهذا فإننا نجد أن الفتاة في التعليم المختلط مثلاً تحرص على لفت الأنظار بجمالها و أناقتها، بينما يحاول الشاب لفت الأنظار إليه بتفوقه على أقرانه.
وهذه الصفة في الفتاة قد تجعلها تلبس ما يغري الشباب بمعاكستها:
كالنقاب الذي يبدي معظم الوجه، والعدسات الملونة، والعباءة الضيقة وغير هذا مما يكون سببًا في لفت الأنظار إليها.
وهذا مما حرّمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما روى أحمد في مسنده: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
إن حب لفت النظر لا تعني به الفتاة لفت نظر الشباب فقط، بل لفت نظر الشباب و الفتيات أيضًا؛ لأن حب التزين و التجمل صفة تحبها الفتاة وتكون فيها حتى وهي في مجمع من النساء (كالأعراس مثلا)، وقد يكون الإطراء أو النظر إلى زينتها وهيئتها بإعجاب فيه ما يحقق لها الشعور بالسعادة والرضا.
ولذلك فإنه لا يشترط أن تكون الفتاة تنتظر نظرة إعجاب بمعناها السيئ، بل قد تكون حريصة على نظرة إعجاب بريئة أيضًا.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/101)
تريد أن تقتل نفسها !!
عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
جلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوماَ في المسجد..وأصحابه حوله..جلس كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل.. يُعلّمهم.. يُؤدبهم.. يزكيهم..
وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد.. فسكت - عليه الصلاة والسلام -، وسكت أصحابه.. وأقبلت رُويداً.. تمشي وجلاً وخشية.. أقبلت تطلب الموت.... نعم تطلب الموت.. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح.. يهون إن كان بعده الرضا والقبول.. حتى وصلت إليه - عليه الصلاة والسلام -.. ثم وقفت أمامه.. وأخبرته أنها زنت!!! وقالت: (يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني)..
ماذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟! حوّل وجهه إلى الميمنة.. وسكت كأنه لم يسمع شيئاً ..
حاول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ترجع المرأة عن كلامها.. فقالت واسمعي ماذا قالت.. قالت: أُراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك .. فوا الله إني حبلى من الزنا.. !! فقال: (اذهبي حتى تضعيه)
ويمر الشهر تلو الشهر.. والآلام تلد الآلام.. حملت طفلها تسعة أشهر.. ثم وضعته.. وفي أول يوم أتت به وقد لفَّته في خرقة.. وقالت: يا رسول الله.. طهرني من الزنا..
فقال: ارجعي وأرضعيه فإذا فَطَمْتيه فعودي إليّ.. فذهبت إلى بيت أهلها.. فأرضعت طفلها.. وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًّا كرسوِّ الجبال..
ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته.. وفي يده كسرة خبز.. وذهبت إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام - قالت: طهرني يا رسول الله.. فأخذ - صلى الله عليه وسلم - طفلها وكأنه سلَّ قلبها من بين جنبيها وقال - عليه الصلاة والسلام -: ( من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين ).
ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم أمر بها فَرُجمت، ثم صلّى عليها، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "تُصلي عليها يا نبي الله وقد زنت!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لقد تابت توبة، لو قُسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسِعَتْهُم)، وهل وجدتَ توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله- تعالى - " !!..
سبحان الله.. !! ما لذي جعلها تفعل هذا كله؟!!
إنه الخوف من الله.. إنها الخشية التي لم تزل بتلك المؤمنة.. نعم أذنبت.. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت.. إنها التوبة ياختاه الله.. نعم إنها التوبة ياختاها الله..
أختاه.. تأملي في قصة هذه المرأة.. كيف جادت بنفسها.. فلله درها ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها..
ثبتت على دينها.. برغم الفتنة العظيمة التي أحاطت بها..
ومن هنا.. قارني يارعاك الله بين حال هذه المرة.. وحال كثير من فتياتنا..
لا تستطيع إحداهن ترك المحرمات.. من نظرٍ لتمثلية ساقطة.. أو أغنية ماجنة.. أو ملبس فاضح.. أو اتصالات ومعاكسات..
* الوجه الآخر:
أختاه.. وإن كانت هذه المرأة.. قد استدركت أمرها.. وتابت إلى بارئها.. فما بالُ كثير من فتياتنا لا زالت تصر على ولوج سراديب الفاحشة.. عبر المعاكسات والمحادثات.. وعبر الحب والصداقات.. ثم تأتي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى.. تقول إحدى ضحايا هذا الطريق.. وهي تكفكف دموعها.. وتغص بعبراتها.. تقول: " لا أريد أن تكتبوا مأساتي هذه تحت عنوان (دمعة ندم) بل اكتبوها بعنوان (دموع الندم والحسرة): إنها دموع كثيرة تجرعت خلالها آلاماً عديدة.. وإهانات ونظرات كلها تحتقرني بسب ما اقترفته في حق نفسي وأهلي.. وقبل هذا وذاك.. حق ربي.. إنني فتاة لا تستحق الرحمة والشفقة.. لقد أسأت إلى والدتي وإخواني.. وجعلت أعينهم دوماً إلى الأرض.. لقد خنت الثقة التي أعطوني إياها بسبب الهاتف اللعين.. بسبب ذلك الإنسان المجرّد من الضمير.. الذي أغراني بكلامه المعسول.. فلعب بعواطفي وأحاسيسي.. حتى جعلني أتمادى في علاقتي معه إلى أسوأ منحدر.. وأدى بي في النهاية إلى فقدان أعز ما تفتخر به الفتاة، ويفخر به أبواها.... لقد أضعت هذا الشرف مع إنسان عديم الشرف.... وعندما حاولت البحث عنه كان يتهرب مني على عكس ماكان يفعله معي من قبل أن يأخذ ما يريد.. لقد مكثت في نار وعذاب ولا يعلم إلا الله ما قاسيته من آلام نفسية بسبب عصياني لربي واقترافي لهذا الذنب.. وعندما علم بحملي عرض علي بمساعدتي في الإجهاض وإسقاط الجنين الذي يتحرك داخل أحشائي.. كدت أجن.. لم يفكر أن يتقدم للزواج مني لإصلاح ما أفسده.. بل وضعني أمام خيارين : إما أن يتركني في محنتي أو أسقط هذا الحمل للنجاة من الفضيحة والعار.. !!!
[انظري كتاب قصة امرأة ص 27]
* صور مشرقة.. وبالمقابل أخيه تأملي في هذه الصور المشرقة.. آسيه.. هل تعرفينها؟.. كانت ملكة على عرشها.. على أسرة ممهدة.. وفرش منضدة.. بين خدم يخدمون.. أهل يكرمون... لكنها كانت مؤمنة تكتم إيمانها.. إنها آسية.. امرأة فرعون... كانت في نعيم مقيم.. فلما رأت قوافل الشهداء.. تتسابق إلى أبواب السماء.. اشتاقت لمجاورة ربها.. وكرهت مجاورة فرعون... فأعلنت إيمانها بالله.. فغضب فرعون.. وأقسم لتذوقن الموت.. أو لتكفرن بالله.. ثم أمر فرعون بها فمدت بين يديه على لوح.. وربطت يداها وقدماها في أوتاد من حديد.. أمر بضربها فضربت.. حتى بدأت الدماء تسيل من جسدها.. واللحم ينسلخ من عظامها.. فلما اشتد عليها العذاب.. وعاينت الموت.. رفعت بصرها إلى السماء.. وقالت: " رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ".. ورفعت دعوتها إلى السماء.. قال ابن كثير: فكشف الله لها عن بيتها في الجنة.. فتبسمت.. ثم ماتت!!.. ماذا قدمت للإسلام.. كم فتاة تابت على يدك.. كم تنفقين لهداية الفتيات إلى ربك..
تقول بعض الصالحات: لا أجرؤ على الدعوة.. ولا إنكار المنكرات.. عجبا!!.. كيف تجرؤ مغنية فاجرة.. أن تغني أمام عشرة آلاف يلتهمونها بأعينهم قبل آذانهم.. ولم تقل أنى خائفة أخجل.. كيف تجرؤ راقصة داعرة.. أن تعرض جسدها أمام الآلاف.. ولا تفزع وتوجل.. وأنت إذا أردنا منك مناصحة أو دعوة.. خذلك الشيطان.. بل بعض الفتيات.. تزين لغيرها المنكرات.. فتتبادل معهن مجلات الفحشاء.. وأشرطة الغناء.. وهذا من التعاون على الإثم والعدوان.. والدخول في حزب الشيطان.. ولتنقلبن هذه المحبة إلى عداوة وبغضاء.. قال الله - تعالى -: { الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }.. هذا حالهن في عر صات القيامة.. يلبسن لباس الخزي والندامة.. أما في النار.. فكما قال الله عن فريق من العصاة: {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من الناصرين }
نعم يلعن بعضهن بعضا.. تقول لصاحبتها التي طالما جالستها في الدنيا.. وضاحكتها وقبلتها.. تقول لها يوم القيامة: لعنك الله أنت التي أوقعتيني في الغزل والفحشاء.. فتصيح بها الأخرى: بل لعنك الله أنت.. فأنت التي أعطيتني أشرطة الغناء.. فتجيبها: بل أنت التي زينتي لي التسكع والسفور.... عجبا.. كيف غابت تلك الضحكات.. والهمسات واللمسات.. نعم.. لأنهن ما اجتمعن يوما على نصيحة أو خير.. فهن يوم القيامة يجتمعن.. ولكن أين يجتمعن؟.. في نار لا يخبو سعيرها.. ولا يبرد لهيبها.. ولا يخفف حرها.. إلا أن يشاء الله..
ولكن أبشري يا أمة الله..... من تدنست بشيء من قذر المعاصي ـ وكلنا كذلك ـ فلتبادر بغسله بماء التوبة والاستغفار.. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين..
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي قال: ( إذا أذنب عبد فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين حتى قال في الرابعة: فليعمل ما شاء ".. يعني مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنباً استغفر منه غير مُصر...
وقد فتح ربكم أبوابه لكل التائبين.. يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.. يخاطبنا في التنزيل فيقول {.. قُلْ يا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. فلا إله إلا الله ما عظمها من نداءات.. وما أوسعها من رحمة.. وما أجله من رب غفور رحيم ..
فمن الفريقين تريد أن تكوني أنت؟!
فهل آن لك أن ترجعي إلي ربك وتغتنمي جوده وكرمه.. وحلمه ورحمته.. فتلجئ إلى مولاك.. وتستغفريه من كل ذنب.. وتتوب إليه من كل سيئة ؟
وأخيرا.. يا ختنا.. يا مربية الأجيال.. ومحض الرجال.. لايستخفك الذين لا يؤمنون.. الذين يذرفون من أجلك دموع.. التماسيح.. دعاة التحرير ـ زعموا ـ وهم دعاة التغريب والإفساد.. فأنت عندنا الجوهرة المكنونة.. والدرة المصونة.. باسمك سميت سورة من القرآن.. وعنك وعن حقوقك تحدث آي الفرقان.. وبك ومن أجلك أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاهتمام والإحسان.. آلا يكفيك شرف أن أول من أسلم امرأة.. وأول من سكن الحرم امرأة.. وأن إحدى رواة صحيح البخاري امرأة.. وأن من أخرج لنا مالك, والشافعي, وأحمد, وابن تيمية هي امرأة.. !!
إذا.. فقدرك رفيع.. وشانك في الإسلام عظيم.. فلما تستبدلين الذي أدنى بالذي هو خير.. أما رأيت واقع حال المرأة حينما تركت دينها.. أظهرت مفاتنها.. وتحررت من رق الرجال بزعمها.. ما هي حالها؟! إليك صور من تلك الأحوال.. وذلك البؤس والهوان.. في عام واحد أغتصب في أمريكا 99146.. منهن من يغتصبن من قبل آبائهن !!.. بل حدثني من أثق به من أهل العلم وهو ممن استوطن تلك البلاد إن بعض الدارسات تشير إلى أنه كل دقيقة هناك محاولة اغتصاب.. !! ويقتل سنويا في أمريكا مليون طفل مابين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة!! وفي بريطانيا 150شابة تحمل سفاحا كل أسبوع!!..
فيا أختاه..
إياك وإظهار المفاتن.. وإياك لباس الكاسيات العاريات.. فهذه عباءة مطرزة.. وتلك مخصرة.. والثالثة على الكتفين.. والرابعة واسعة الكمين.... والحجاب.. إنما شرع لستر الزينة عن الرجال.. فإذا كان الحجاب في نفسه زينة.. فما الحاجة إليه.. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما.. رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس.. ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ).. فمن هي الفتاة التي لا تريد الجنة ولا رائحتها؟.. أما تعلمين.. أنك بتبرجك وسفورك تصبحين وسيلة من وسائل الشيطان ؟.. هل ترضين أن تكوني سببا في وقوع مسلم في الحرام ؟.. أتدرين أنك إذا لبست عباءة متبرجة.. ثم رأتك فتاة فاشترت مثلها فلبستها.. أتعلمين أن عليك وزرها ووزر من قلدها هي أيضا إلى يوم القيامة.. أيسرك أن تكوني قدوة في الشر.. ولو سألت امرأة تزينت بعباءة من هذه الأنواع.. لماذا تلبسين هذه العباءة؟ لقالت لك: هذه أجمل.. فاسأليها عند ذلك: تتجملين لمن!! نعم تتجملين لمن ؟!! لخاطب شريف .. أو زوج عفيف.. إنها تتزين لينظر إليها سفلة الناس.. ممن لا يلتفتون لمراقبة الله لهم.. ممن لا يهمهم شرفها.. ولا عفتها أو كرامتها.. يسعى أحدهم لشهوة فرجه.. ولذة عينه.. ثم إذا قضى حاجته منها.. ركلها بقدمه.. وبحث عن فريسة أخرى.. هل تفكرت يوما.. لماذا أمرك الله بالحجاب..
أيتها المباركة رددي ثم رددي " سمعنا وأطعنا " فإن ذلك والله هو عنوان الحرية.. وهو طريق العبودية لله - تعالى -.. وأصحابه هم الفائزون في الدنيا والآخرة.
. أسال الله أن يحفظك بحفظه وأن يكلاك برعايته.. وأن يجعلك صالحة مصلحة.. مباركة أينما كنت.. والله أعلم وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه..
* أصل هذا المقال كتاب قصة امرأة للكاتب
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/102)
الزينة المحرمة
الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان
تقدم أنَّ الإسلام شرع للمرأة التجمل والتزين لزوجها بكل ما أباحه الله - تعالى -، من لباس وحلي وطيب ونحو ذلك، في حدود التوجيهات الإسلامية في هذا المجال.
وقد رخص الإسلام للمرأة في مجال الزينة أكثر مما رخص للرجل، تلبيةً لفطرتها وأنوثتها، وحرصاً على دوام المحبة، وحسن العشرة بين الزوجين.
والإسلام عندما أباح للمرأة التزين لم يطلق العنان لتحصيل الجمال، أو استكماله، بل وضع الأسس والقواعد التي تحقق الهدف المقصود من الزينة، هذا من جانب. ومن جانبٍ آخر حرَّم بعض أشكال الزينة إن صحَّ التعبير كوصل الشعر، والوشم، والنمص، وتفليج الأسنان، ونحو ذلك لما فيه من تغيير خلق الله - تعالى -، والخروج عن الفطرة، مع ما في ذلك من التدليس والإيهام.
وليست هذه المحرمات هي كل ما حرم الله في مجال التزين والتجمل، بل هي تنبيه على ما يماثلها على ما يماثلها على مر العصور، ولا سيما ما ظهر في وقتنا هذا مما يُسمى بجراحة التجميل، وهذا لا يعني أن الأصل في الزينة هو التحريم، بل الأصل هو الإباحة، لكن ذلك مقيد بضوابط دلت عليها النصوص.
قال الخطابي: [إنما ورد الوعيد الشديد في هذه الأشياء لما فيها من الغش والخداع، ولو رخص في شيءٍ منها لكان وسيلةً إلى استجازة غيرها من أنواع الغش! ولما فيها من تغيير الخلقة، وإلى ذلك الإشارة في حديث ابن مسعود بقوله: (المغيرات خلق الله) والله أعلم] [1].
ولقد ظهر في هذا العصر من أنواع الزينة كما يقال ما أخبر عنه الرسول e وحذر منه، وظهر من يشجع على انتشاره من بيوت الأزياء ومحلات التجميل، والمستشفيات، ووسائل الأعلام، من صحفٍ ومجلاتٍ وغيرها، تقود إلى ذلك دعاية وترغيباً، بغية تغيير الخلقة، وإفساد الفطرة، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ثُمَّ تحقيق الأهداف الاقتصادية بابتزاز أموال المسلمين، في استهلاك هذه الكماليات، عدا ما فيها من أضرار.
وإنَّ من صفات المرأة المسلمة أن تكون وقَّافةً عند حدود الله - تعالى -، لا تتعداها ولا تقربها، تقتصر على ما أباح اللهُ لها من أنواع الزينة تنظر بعين البصيرة، مهتدية بشرع ربها، لم يفسد مزاجها، ولم تنحرف فطرتها، وإنَّ مما يؤسف له أن يعجب الإنسان بكل ما يصدر عنه، أو بكل ما يهواه، مهما بلغ من السوء! فيرى القبيح حسناً، والتشويه جمالاً، وتغيير خلق الله زينة، وهذا انتكاس في الفطرة، وفساد في الذوق، ونبذ لتعاليم الإسلام! قال - تعالى -: ((أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا)) (سورة فاطر: 8)). والشاعر يقول:
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
وإليك أختي المسلمة هذا الحديث الجامع، فاقرئيه وتأمليه علماً وعملاً، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله؟ فقال عبدا لله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله e وهو في كتاب الله فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته. فقال: لئن كنت قرأته لقد وجدتيه، قال الله - عز وجل -: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فقالت المرأة: فإني أرى شيئاً من هذا على امرأتك الآن. قال: اذهبي فانظري قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئاً فجاءت إليه فقالت: ما رأيت شيئاً. فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها)). [2]
قال النووي: قوله: [لو كان ذلك لم نجامعها] قال جماهير العلماء معناه: لم تصاحبها ولم نجتمع نحن وهي، بل كنا نطلقها ونفارقها][3].
وقال في فتح الباري: (قوله ما جامعتها) يحتمل أن المراد بالجماع الوطء، أو الاجتماع، وهو أبلغ. ويؤده قوله في رواية الكُشْمَيْهَنِي: (ماجامعتنا) للإسماعيلي (ما جامعتني) [4].
قال النووي: [فيحتج به في أنَّ من عنده امرأةً مرتكبةً معصية كالوصل أو ترك الصلاة، أو غيرهما، ينبغي له أن يطلقها، والله أعلم]. مثله قال ابن العربي في شرحه على الترمذي [5].
فهذا الحديث دلَّ على أنواع محرمة، مما يطلق عليه زينة، وهي تفليج الأسنان، والنمص، والوشم، وكذا الوصل كما عند أبي داود في سننهِ من حديث عبد الله بن عمر قال: ((لعن رسول الله e الواصلة والمستوصلة)) [6]، وتحريمها جاء من لعن فاعلها، لأنَّ اللعنة على الشيء تدلُ على تحريمه، وتدل على أنَّهُ من الكبائر، وهي تغيير لخلق الله - تعالى - كما تقدم.
قال ابن العربي: [إنَّ الله - سبحانه - خلق الصور فأحسنها في ترتيب الهيئة الأصلية، ثم فاوت في الجمال بينها، فجعلها مراتب، فمن أراد أن يغير خلق الله فيها وتبطل حكمته بها، فهو ملعونٌ لأنَّهُ أتى ممنوعاً] [7].
وقال الطبري: [لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص، التماساً للحسن لا للزوج ولا لغيره] [8].
----------------------------------------
[1] فتح الباري (10/380). وانظر: أعلام الحديث للخطابي (3/2162).
[2] أخرجه الخاري (8/630)، ومسلم (14/352) واللفظ له، وأبو داود (11/225) بزيادة (والوصلات)، والترمذي (8/67) بدون حكاية المرأة، والنسائي مختصراً (8/146، 148)، وأحمد (6/21، 85). تحقيق: أحمد شاكر.
[3] شرح النووي (14/354).
[4] فتح الباري (18/631).
[5] شرح النووي (14/355)، عارضة الأحوذي (7/263).
[6] انظر: عون المعبود (11/225).
[7] عارضة الأحوذي (7/263).
[8] فتح الباري (10/377).
15/5/1426 هـ
22/06/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/103)
د . مكارم : نسعى لإصلاح عام تشارك فيه المرأة
حوار: رضا عبد الودود
الدكتورة مكارم محمود نصر الدين الديري أستاذة الأدب والنقد بجامعة الأزهر مرشحة الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب المصري، من مواليد 1951 بمحافظة بني سويف، وهي أرملة إبراهيم شرف أحد رجال الرعيل الأول من الإخوان المسلمين، وقد اعتقل عدة مرات في العهد الناصري، وفي العهد الحالي، وتوفي عام 2000.
وهي أم لستة من الأبناء، كلهم متزوجون عدا الأصغر طالب بكلية الهندسة، وهي جدة لخمسة أحفاد.
بدأت مسارها العلمي بعد حصولها على الثانوية العامة؛ إذ التحقت بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر عام 1969، وحصلت على ليسانس الدراسات الإسلامية قسم اللغة العربية عام 1973، ثم حصلت على درجة الماجستير في الأدب العربي عام 1981 عن رسالتها: (أثر البادية في الشعر الجاهلي)، و نالت درجة الدكتوراه عام 1987 عن رسالتها: (الإسلاميات في شعر حافظ وشوقي).
وقدمت الديري للمكتبة العلمية العديد من الأبحاث والمؤلفات منها: الروافد الأدبية في عصر صدر الإسلام، التيارات الأخلاقية في النقد عند العرب، ديوان رسائل إلى شهيد....رؤية نقدية إسلامية، منهج الآمدي في شرح شواهد الموازنة، الأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق، أدب المرأة المعاصرة.... رؤية نقدية إسلامية، الأدب الجاهلي، دراسة في مقالات وحي القلم للرافعي، دراسة نقدية بين ميثاق الطفل في الإسلام والمواثيق الدولية.
وترأس قسم البحوث باللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، أحد فروع المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
وفي إطار تقصي مسار الحركة الإسلامية في مصر وفعالياتها المجتمعية، وتطور دور المرأة في فكر الحركة الإسلامية كان لنا هذا الحوار مع الدكتورة مكارم الديري مرشحة الإخوان المسلمين في القاهرة.
لماذا قررت خوض المعركة الانتخابية القادمة، مع أنك سيدة أكاديمية بعيدة عن السياسة؟ وهل قرار المشاركة في الانتخابات النيابية قرار شخصي أم مرتبط بجماعة الإخوان المسلمين؟
في الحقيقة جماعة الإخوان عرضت عليّ الترشح، ودرست الأمر وكان لي حق القبول أو الرفض وقررت المشاركة. وفي الحقيقة كان لديّ طموحات في أن يكون لي دور إصلاحي داخل مجتمعي من واقع تفاعلي وتربيتي داخل الإخوان المسلمين وتفاعلي المستمر مع أفكار الإخوان منذ الستينيات.
لكن البعض يقول: إن نزولك المعترك الانتخابي ما هو إلا ديكور تزيِّن به الحركة الإسلامية نفسها أمام العالم الذي يتّهمها بتهميش المرأة... ما تعليقك؟
هذا اتهام باطل؛ فالمرأة في الفكر الإسلامي شريك أساس في بناء المجتمع، ودورها مماثل لدور الرجل ليس بمقياس عددي أو موازنة حسابية بل دور حيوي مكافئ وخطير في المجتمعات الإسلامية، وترى الحركة الإسلامية أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية إثراء حيوي؛ إن المرأة خير من تعبر عن مشكلات المرأة مهما ارتقى الرجال في علمهم حول الأسرة أو شؤون المرأة.
ومثال ذلك ما تقوم به المرأة في الحركة الإسلامية من دور هام لا يقوم به غيرها من مقاومة مخططات الأمم المتحدة ودعاوى الجندر، وبرامج الأسر التي تروّج لها المنظمات الماسونية والتغريبية من أجل هدم الأسرة التي افتقد الغرب دورها في حياته وانهار أخلاقيًا، فيريد تعميم الأمر على مجتمعاتنا الإسلامية، عبر الترويج لنشر الثقافة الإنجابية للفتيات دون سن الزواج، والدعوة إلى نشر الاختلاط في المدارس المتوسطة، ودمج المرأة في العمل لمحاولة زحزحتها عن دورها الحقيقي.
وكيف تنظرين لأوضاع المرأة في الدول العربية؟
المرأة لابد أن تتساوى مع الرجل في الفرص، ولا يعني ضرورة أن تعمل المرأة أو ندعو للمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة كما يقول المشروع التغريبي؛ لأن ذلك مخالف لفطرة الله التي حبت كل نوع صفات تتناسب مع أدواره؛ فالمرأة تمتلك الحب الوفير لأسرتها وأبنائها، كما أن الرجل يمتاز بقدرته الكبيرة على بذل المجهود والعمل كي ينفق على أسرته.. كل مُيَسَّر لما خُلِق له.
هل أنت من أنصار عودة المرأة إلى البيت؟
أنا فقط أريد أن ألفت النظر إلى الجيل الذي وُجد في ظل غياب الأسرة ورقابتها بعدما خرجت المرأة إلى العمل، نجد فيه كثيراً من الخلل والأمراض الاجتماعية التي تهدد نقاء مجتمعاتنا الإسلامية، لذا أدعو إلى أن يُرشّد ممارسة عمل المرأة خارج البيت، وألاّ تنسى المرأة دورها الأساس في تربية أبنائها، ولا يعني ذلك أيضًا ألاّ يشارك الرجل المرأة في ذلك الدور.
وكيف ترى د. مكارم مستقبل دور المرأة في المجتمعات الإسلامية؟
المرأة في حاجة إلى وعي كبير لإدراك أهمية مشاركتها في اختيار من ينوب عنها، كما أنها مطالبة بالمشاركة في كافة المناشط، وذلك انطلاقا من أن كثيرًا من السياسات والبرامج الخاصة بالمرأة تُصاغ في غيبتها، وتؤثر سلبًا على أوضاع المرأة المسلمة في ظل تبني وفرض مقررات المؤتمرات الدولية على كثير من الدول الإسلامية، لذا فنحن في حاجة لعدد من النساء لشرح ظروفهن وتبني ما يصلحهن من قضايا وبرامج، وأدعو إلى حراك سياسي قوي من النساء والرجال معاً للمشاركة في عملية التغيير والإصلاح في المجتمع، كما أطالب القائمين بالعمل العام بتحفيز المرأة نحو المشاركة الإيجابية خاصة وأن التحديات كثيرة أمامها من كثرة حالات الطلاق والبطالة والعنوسة وسوء الأحوال الاقتصادية، وما نجم عنها من ضعف الوازع الديني وسوء استخدام حقوق القوامة من قبل الرجال بالرغم من أنها تكليف من الله للرجل للقيام بمهامه، وليست استبدادية أو تعسفية ضد الزوجة والأطفال.. ولنا في رسول الله قدوة حسنة.
التعليم والإعلام بؤرة الاهتمام
د. مكارم في حال فوزك ما أول مشاركة تودين أن تبدئي بها حياتك البرلمانية؟
أول قضية سينصبُّ اهتمامي عليها هي قضية تطوير التعليم، وإلى أين تتجه عملية التطوير؟ هل لتشكيل قناعات النشء وثقافتهم وفق مقتضيات الحضارة الغربية أم نحو تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع. وسأركز أساساً على واقع المناهج التعليمية التي باتت تهمش التربية الإسلامية والتاريخ والحضارة الإسلامية، بل أصبح الكتاب المدرسي يهمش القيم الوطنية والتاريخ في سبيل نشر ثقافة السلام والذوقيات.
كما سينصب تركيزي على تطوير دور الإعلام الذي بات يشوّه حاضرنا وتاريخنا الإسلامي، ويصور المجتمعات بصورة غير واقعية من ثراء فاحش واحتفاليات فارهة دون التعرض لقضايا الفقراء والمعدمين الذين يواجهون الموت جوعًا يوميًّا، كما أن الإعلام يمارس دورًا، ولا يحضُّ على الفضيلة ومكارم الأخلاق التي هي الواقي لشبابنا من الانحراف.
19/10/1426
21/11/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/104)
انتكاس الفطرة في أوساطِ النساء !
الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند
انتكاس الفطرة ظاهرة مؤلمة، بدأت تظهر بشكلٍ واضح، ولاسيما في بعض الأوساط النسائية، ولهذه الظاهرة مظاهر كثيرة لعلي أشير إلى بعضها في هذه العجالة.
أولاً: فيها يتعلق بالمظهر واللباس:
من ذلك أن تعمد المرأة إلى شعرها الناعم فتجعده , أو شعرها الأسود الجميل فتصفره أو تلونه , أو شعرها الطويل فتقصهُ وتقرهُ لتكون كالرجل , كل ذلك اتباعاً لما يُسمى بالموضة المستوردة من ديارِ الكفار.
ومن مظاهر انتكاس الفطرة أن تعمد المرأة إلى عينيها السوداويين وقد أثنى اللهُ على نساءِ الجنة بسواد أعينهن فتغيرهنَّ إلى اللونِ الأزرق أو الأخضر، وقد ذكرت إحداهنَّ في تحقيق صحفي، أنَّها لبست عدسات ملونة، فلمَّا رآها ابن أختها صرخ قائلاً: " في بيتنا جنيّة " أو كلاماً نحوه.
ومن مظاهر انتكاس الفطرة إطالة الأظافر، ومن المعلومِ أنَّ قص الأظافر من الفطرة.
كما ورد في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الفطرة خمسٌ: الختانُ، والاستحدادُ، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباطِ)) (رواه البخاري، الحديث رقم 5891، ص 1036).
وقد تعمد المرأة إلى تركيب أظافر صناعية مُصبوغةً بالحمرة، فتصبح وكأنَّها سبعٌ مفترس، قد فرغ من تقطيعِ فريسته، ولا تزال آثار الدماءِ على مخالبه. فانظر إلى هذه الموضة كيف جعلت الإنسان وقد كرمه الله كالحيوان البهيم دون أن يشعر.
أمَّا ما يتعلقُ باللباس: فالمرأة التي أُمرت بأن تطيل ثوبها شبراً، بل ذراعاً كما في حديث أم سلمة، قصرتهُ شبراً أو ذراعاً، مُحادةً لله ورسوله، وأفضلُ النساء وأحسنهنَّ هي التي لا يكادُ ثوبها يمسُّ الأرض، أمَّا جر المرأة ثوبها كما أمر به الشرع، فهو في نظر الكثيرين تخلفٌ ورجعية.
أمَّا الرجال الذين أُمروا بتقصير ثيابهم، فقد أطالوها تحت الكعبين، والذي يقصر ثوبه من الرجال فهو متزمتٌ متشد.
ومن مظاهرِ انتكاس الفطرة لبس المرأة البنطلون الواسع، أو الضيق، أو المفتوح الذي يستحي كثير من الرجال من لبسهِ والظهور به أمام الآخرين.
ومن أقبح مظاهر انتكاس الفطرة التعري، حتى في المسابح الخاصة، وحين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة وخصوصاً المرأة، فلتكبر على نفسها أربع تكبيرات، إلاَّ أن يتداركها الله برحمة منه.
ثانياً: فيما يتعلقُ بالعلاقات مع الآخرين:
فقد ظهرت علاقاتٌ شاذة مخالفة للفطرة، ولا سيما في أوساط النساء والمراهقات، وهو ما يُسمى بظاهرة الإعجاب التي تصل أحياناً إلى درجة العشق والعبودية، ومن المعلوم أنَّ الشرك أنواع، منها شرك المحبة، قال-تعالى-: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ)) (سورة البقرة:165).
ومنها شرك الطاعة العمياء ولو في ما رحم الله، فتتعلق الفتاة بامرأة أو بفتاة مثلها وهكذا الفتى فلا تطيقُ مفارقتها والبعد عنها، وتُطيعها في كل ما تأمرُ به، والميل الفطري هو الذي يكون بين جنسٍ وآخر، وقد شرع اللهُ الزواج لإشباعِ هذا الميل، وتوجيهه التوجيه السليم، وتأخير الزواج مخالفٌ للفطرة، وقد يُؤدي إلى أمرين خطيرين: أحدهما الكتب، والثاني: الإشباع المحرم، ومنه هذه العلاقات الشاذة.
وكل هذه المظاهر التي ذكرتها آنفاً، سببها تقليدُ المجتمعات الغربية، والبعد عن تعاليم الإسلام الذي هو دين الفطرة، ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) (سورة الروم: 30).
19/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/105)
أنا أنثى أعتز بأنوثتي أنا امرأة
الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند
هذا الاعتراف للأديبة الكويتية " ليلى العثمان: حيث كتبت تقول:
(سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يسمى بـ (حرية المرأة) تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها، على حساب كرامتها، وعلى حساب بيتها وأولادها. سأقول: إنني لن أحمّل نفسي كما تفعل كثيرات مشقة رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل، نعم أنا امرأة).
ثم تقول: (هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت الذي هو جنة المرأة على أنه السجن المؤبد، وأن الأولاد ما هم إلا حبل من مسد يشد على عنقي، وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبّل قدمي خشية أن تسبقه خطوتي لا، أنا أنثى وأعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيت، ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملة أخدم خارج البيت نطاق الأسرة، ولكن ويا رب أشهد بيتي أولاً، ثم بيتي، ثم بيتي، ثم العالم الآخر) [1]
إن دعوى مساواة المرأة بالرجل في كل شيء دعوى مرفوضة شرعاً وعقلاً، أما شرعاً فإن الله جعل شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين، وجعل للذكر في الميراث مثل حظ الأنثيين، وكذلك جعل دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد قال الله - تعالى -في كتابه الكريم: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)) (آل عمران: من الآية36).
أما عقلاً فإنَّ ذلك أمرٌ محسوس، فالمرأة يصيبها ما لا يصيب الرجل من الحمل والولادة والحيض والنفاس، وهذا وحده كافٍ في منع المساواة بين الجنسين.
بل إن العلم الحديث أثبت نقص عقل المرأة واختلافها كلياً عن الرجل، ففي السنوات الأخيرة عُقِدَت حلقةُ بحث في المركز الطبي بجامعة كاليفورنيا، عُرضَت خلالها مجموعة من نتائج الدراسات التي امتدت على مدَى ما يقرب من عشر سنوات، ومن بين هذه الدراسات بحث قدمته الطبيبة (اليانور ماكوني " تناولت فيه الاختلافات العقلية بين الرجل والمرأة، معتمدة على الإحصاءات التي سُجلت في هذا الصدد خلال الأربعين سنة الأخيرة، وكان من أبرز النتائج التي توصلت إليها (اليانور).
إنَّ الرجال أكثر إنتاجاً وابتكاراً من النساء، حتى في المجالات الأدبية، وتأكدت تلك الفوارق أيضاً من خلال اختبارات الذكاء التي تجري على الجنسين عند الالتحاق بالجامعات، حيث ثبت أن نسبة الذكاء في الصبيان كانت أعلى منها في البنات، وأرجع الباحثون السبب في ذلك إلى وجود نقص في الصفات التحليلية للعقل عند الإناث.
وكانت (اليانور): قد توصلت إلى مثل هذه النتائج بعد إجراء مجموعة من الاختبارات المختلفة التي تبرز الملكات العقلية من حيث الاستقلال في التفكير، ومدى الاعتماد على الغير، وتحليل المشكلات المتنوعة، ومدى القدرة على التركيز
وتقول د: اليانور ماكوبي: [إن الفتيات يختلفن عن الصبيان في طريقة صقل تفكيرهن، فيصرن أكثر ميلاً إلى النظرة العامة الشاملة، وأقل ميلاً للنواحي التحليلية] [2]
وهناك باحثة أخرى تشاطر الطبيبة اليانور رأيها في هذه المسألة.
وهي الباحثة " ماريا مان " التي تقول: [إنَّ النساء مصابات باضطراب عقلي يجعل الأنوثة مثلاً أعلى لديهن كضمان للسعادة فهن مطالبات بأن يكن نحيلات القوام، أنيقات، مرحات، عذ بات الحديث، وذوات جاذبية جنسية، ويعرفن كيف يتفنن في طهو الطعام، وتربية الأبناء، ومعاونة الزوج] [3]
هذه شهادة امرأتين إحداهما طبيبة والأخرى باحثة على بنات جنسهما بأن المرأة لديها نقص في الصفات التحليلية للعقل، وهذا ما أخبر به نبينا محمد r حين قال: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب لِلُّب الرجل الحازم من إحداكن)) متفق عليه.
ونحن لسنا بحاجة إلى شهادة أحد من الناس بعد قول الله - سبحانه وتعالى - وقول رسوله- صلى الله عليه وسلم - ولكن بعض النفوس المريضة لا تطمئن إلا لمثل هذا الأقوال، ولو كانت مخالفة لكلام الله وكلام رسوله r فأنا أذكرها هنا حتى لا يبقى لمعتذر عذر، والله - تعالى -أعلى وأعلم.
----------------------------------------
[1] رسالة إلى حواء، الجزء الثالث ص 85.
[2] انظر قاموس العائلة الطبي ص 183 وما بعدها.
[3] انظر قاموس العائلة الطبي ص 183 وما بعدها.
4/6/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/106)
في الاختلاط ... هل يمكن كبح الغريزة الجنسية ؟
زعموا أن المرأة الشريفة تستطيع أن تحفظ نفسها بين الرجال إذا اختطلت بهم في التعليم أو العمل..
وتلك خدعة كبرى..
فالشرف كلمة لا وجود لها حين يختلط الرجال بالنساء إلا في القواميس..
هل يملك رجل أن يزعم أنه يملك هواه بين يدي امرأة يرضاها؟..
أم هل تملك امرأة هواها بين يدي رجل ترضاه؟..
وأين يكون الشرف إذا اختلى رجل قادر مغتلم بامرأة حاذقة متميعة؟..
ولو تعففت المرأة فهل ستسلم من أذى الرجل وتحرشاته وربما اعتدآته؟..
ولو فرضنا أنهما من أهل التقوى ممن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويخافون يوم الحساب، وقد حبسا شهواتهما بالإمس واليوم فهل سيصمدا في الغد؟..
هل سيكونا خيرا من الصحابة؟، وقد قال قائلهم وهو عبادة بن الصامت:
" ألا ترون أني لا أقوم إلا رفدا، ولا آكل إلا ما لوق، وقد مات صاحبي منذ زمان، وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي، وأن لي ما طلعت عليه الشمس، مخافة أن يأتي الشيطان فيحركه".
تلك حقيقة لا مرية فيها...
نعم التربية مهمة والقناعة مهمة.. لكن لا يعني ذلك أبدا أن نرمي بأنفسنا إلى التهلكة...
الإسلام وهو الدين الذي يخاطب العقول بالحجة والبرهان، في ذات الوقت ينهى عن الاختلاط بين الرجال والنساء، وينهى عن الخلوة، ويأمر بغض البصر... ويصف النساء بأنهن فتنة..
إذن نحن بحاجة إلى الأمرين معا:
بحاجة إلى التربية والإقناع بأهمية الخلق والحفاظ على العفة..
وبحاجة إلى العزل بين الجنسين...
فإن الغريزة قوة جارفة، فكم من إنسان عقل وفهم أهمية الخلق، لكنه لم يملك نفسه ولم يصبر عن الخطأ والفاحشة، وقادته غريزته إلى المهالك جراء اختلاطه بالنساء ورؤيته لهن..
وكذلك كم من فتاة عاقلة فاهمة أدركت أهمية الخلق والعفة، لكنها ما ملكت نفسها ولم تصبر عن الخطأ والفاحشة، وقادتها غريزتها إلى المهالك والسبب اختلاطها بالرجال...
إذن لا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا.. مهما كانت التربية عميقة إلا إن إزالة الحاجز خطر كبير... والتجارب تثبت ذلك..
لكن الأمرين معا هو المطلوب..
وهذا نجده في المجتمع الأول، في القرون السابقة، خاصة القرن الأول، كان الصحابة مثلا يتربون على الخلق والعفة، وفي ذات الوقت يعتزلون النساء، فلا تجدهم في التعليم أو في العمل سواء.. بل كل على حدة...
وفي هذا رد على من زعم أنه لا خطر على الخلق والعفة إذا حصلت التربية القويمة.. وقائل هذا أحد رجلين:
إما رجل مستغفل لم يكلف نفسه أن يفكر ويتأمل في حقيقة الغريزة الجارفة الموضوعة في الإنسان..
أو رجل فاسد مفسد، يعرف حقيقة الأمر، لكنه يتكتم، ويريد أن يلبس على الناس أمرهم، وهذا ليس له إلا قول الرب الجبار - سبحانه -:
{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}..
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/107)
امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة
محمد بن عبد العزيز المسند
هذا الاعتراف للصحفية الأمريكية (هيلسيان ستانسبري): وهي صحفية متجولة، تراسل أكثر من 250 صحيفة أمريكية، ولها مقال يومي يقرؤه الملايين، وعملت في الإذاعة والتلفزيون والصحافة أكثر من عشرين سنة، وزارت جميع بلاد العالم، وهي في الخامسة والخمسين من عمرها.
زارت القاهرة، وأمضت فيها عدة أسابيع، زارت خلالها المدارس والجامعات، ومعسكرات الشباب، والمؤسسات الاجتماعية، ومراكز الأحداث, والمرأة, والأطفال، وبعض الأسر في مختلف الأحياء، وذلك في رحلة دراسية، لبحث مشاكل الشباب والأسرة في المجتمع، وفي ختام زيارتها سجلت هذا الاعتراف حيث قالت:
إن المجتمع العربي (المسلم) كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشباب في حدود المعقول، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة، تحتم تقييد المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك، عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا، ولذلك فإنَّ القيود التي يفرضها مجتمعكم على الفتاة، هذه القيود صالحة ونافعة، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، امنعوا الاختلاط، وقيدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأميركا، امنعوا الاختلاط، فقد عانينا منه في أميركا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً مقعداً، مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وإن ضحايا الاختلاط والحرية يملئون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا قد جعلت منهم عصابات أحداث، وعصابات للمخدرات والرفيق.
إنَّ الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبية والأمريكي قد هدد الأسرة، وزلزل القيم والأخلاق.
انتهى كلامها، وهو كلام واضح من امرأةٍ مجربة نسوقه إلى دعاة الاختلاط وإلى فتياتنا المخدوعات في كل قطر من أقطارنا الإسلامية، فهل من مدّكر.
" قروية ساذجة في حجرها طفلٌ أفضل للأمة وأنفع للبلاد من ألف نائبة وألف محامية ".
هذا الاعتراف لأستاذة مصرية اسمها (عزيزة عباس عصفور):
تعليقاً على قرار أصدره وزير العدل المصري بتعيين بعض النساء حقوقيات في نيابات الأحداث فقالت:
لو كانت الخطوة التي خطاها وزير العدل بتعيين (الحقوقيات) في نيابات الأحداث كسباً للمرأة، لكنتُ أول من تدعو الله أن يبارك للمرأة فيها، أما وإني ممن خرجتهن كلية الحقوق في الأفواج الأولى، وزاولتُ المحاماة أكثر من عشر سنين، وبلوت فيها حلاوتها ومرارتها معاً، فإنني أعلن بصراحة، أنَّ النيابة والمحاماة معاً تتنافيان مع طبيعة المرأة وتتعارضان مع مصلحتهما، وأعلن إشفاقي على البقية الباقية من فتياتنا المثقفات، اللاتي مازلن بخير أن يجربن هذه التجربة المريرة المضنية، وأهيب بهن أن ينجون بأنفسهن من عاقبة لا يدركن مرارتها إلا بعد أن يقعن فيها، ويهدمن بأيديهن صرح سعادتهن، لقد تحطمت أعصابنا نحن المحاميات من إرهاق المهنة وعنائها، ومن محاربتنا للطبيعة وتنكبنا طريق الواقع، بالله ما ذا تكون العاقبة إذا خضعت النائبة لطبيعتها، واستجابت لحقها في الحياة، فتزوجت ورزقت أطفالاً، فاقتلعتها من بينهم طبيعة التحقيقات والانتقالات والمعاينات، وتركت زوجها قعيد الدار يربي الأولاد، ويرضع الصغار، وهي في الخارج تدور في كل مكان كأنها رجل الشارع، يهجر بيته آناء الليل وأطراف النهار، وماذا تصنع إذا عينت في بلاد نائية عن أهلها، وليس بها مكان للسكن غير استراحة الموظفين، هل تبيت ليلتها مع زملائها مع الرجال؟
إن الدين والأخلاق والعرف الحميد تحتم أن تعيش المرأة بعيدة عن مواطن الفتنة والإغراء والزلل، واختلاطها على هذه الصورة يعرضها لخطر محقق، وضرر مؤكد، ويضع سيرتها في ألسن الناس تلوكها بالمذمة والمسبة والعار.
إنَّ رسالة المرأة في الحياة لها جلالها وقدسيتها، التي تعادل حقوق تمنحها ولا امتيازات تعطاها وإن كثرت، ثم تقول:
(ولقروية ساذجة في حجرها طفل أفضل للأمة وأنفع للبلاد من ألف نائبة، وألف محامية، وحكمة الله فيكن أن تكنّ أمهات) [1].
----------------------------------------
[1] " حوار هادئ " لسلمان العودة نقلاً عن كتاب:من هنا نعلم " للغزالي / 161.
29/5/1426 هـ
06/07/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/108)
الهدف من وراء خروج المرأة
سعد بن عبد الله الحميد
حرص أعداء الإسلام على استغلال المرأة المسلمة لهدم مبادئ الأمة الإسلامية من الداخل، ولقد تعددت المداخل التي دخلوا منها للمرأة المسلمة، ومن أهمِ تلك المداخل:
حثُّ المرأة المسلمة على الخروج من البيت، إما للعمل أو لمزاولة نشاطاتٍ في عدد من المجالات المختلفة، وقد تمت تهيئة مختلف وسائل الاختلاط بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، مع ضعف الضوابط التي تضبطُ المرأة.
وقد بدأت عملية إخراج المرأة من بيتها بغرض وظائف متعددة للنساء، ووضع المميزات والمغريات المادية، التي تحفزهنَّ للعمل، وأصبحت النساء ينافسن الرجال في أعمال لم يخلقن لمثلها، وقد فتحت الأقسام النسائية في عددٍ من الأماكن، التي كان من الممكن شغرها بالرجال الذين ضاقت عليهم سبل العيش، ولا يجدُ الواحد منهم مالاً يكتسب منه قوته ويلم شعثه، ويحصنُ نفسه بالزواج، ويكون أسرةً مسلمةً لها مردودها الإيجابي على المجتمع كافة، ومن هذا يدخل في عالم الفراغ، ويغلبهُ ضعفُ الإيمان في قلبه، وتغلبه شهوته، ليبدأ أعماله الإجرامية كالسرقة, والزنا, واللواط، وتعاطي المخدرات.
ونتيجةً لهذا يحكم عليه بالإجرام، ويقضى على عنصرٍ فعالٍ في المجتمع، وما ذلك إلاَّ نتيجة استجابتنا لنداءاتٍ مغلفةٍ بغلافٍ براق، يسلب الناظر إليه عقله، ومن خلف هذا البريق يكمن الخطر.
وقد نجد بيتاً يقوم عليه شاب فقد أباه، وتحمل أعباء أسرته كاملة، والتي تضمُ أمه وإخوانه وأخواته، وهذا الشاب المسكين يتقلبُ يمنةً ويسرةً للبحث عن عمل يستطيع أن يكفَّ به حاجة أسرته فلا يجد، وفي المقابل نجد بيتاً يقومُ عليه رجلٌ يتمتع بمركزٍ وظيفي مرموق، يفيضُ دخلهُ عن حاجته، ونجد زوجتهُ وبناته يعملنَّ أيضاً، فيكون لديهم من الدخل ما يكفي لإنقاذ أسرٍ متعددة، ولا مانع في أن يكون عمل المرأة قصر على الحاجة الملحة، كأن تكون معلمةً, أو مطببةً لبنات جنسها، وماعدا ذلك فهو من اختصاص الرجال ولا ينبغي أن تشاركهم فيه النساء، ولو طبق هذا لكان الخطبُ أهون، لكننا نجدُ الأمة تنساق وراءَ تيارٍ جارف، يدعونا الميثاق الذي أخذهُ الله علينا لانتشالها منه، فالمخطط واضحٌ ومكشوف، والأهمُّ من ذلك عملهم في إبعاد المعوقات التي قد تواجهُ المرأة، فمثلا.
المرأة التي يعوقها أطفالها عن العمل، نجد دور الحضانة قد هيئت لذلك، ونجد التعليم في بلاد المسلمين وغيرها إنما يهيئُ المرأة للعمل، لا لتكون ربة بيت.
وإلى هذا أشار أحد رجال الفكر من الكفار أنفسهم في كتاب ألفهُ، والذي نال إعجابهم لدرجة أنَّهُ حاز على جائزة نوبل للأدب، وهذا يعني إقرار منهم لما جاءَ فيه من أراء، والمؤلفُ اسمه (ألكسس كارين) وقد سمَّى كتابه (الإنسان ذل المجهول)، وقد نقد التعليم عندهم قائلا: (يجبُ أن تحسب قوانين التعليم وبخاصةً تلك التي تتعلقُ بالبنات، والزواج, والطلاق، حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء، وينبغي أن تتلقى النساءُ تعليماً أعلى، لا لكي يصبحنَ طبيباتٍ, أو محامياتٍ, أو أستاذات، ولكن لكي يربين أولادهنَّ حتى يكونوا قوماً نافعين) ويقول أيضاً: (أليس من العجيبِ أنَّ برامج تعليم البنات لا تشتملُ بصفة عامة على أيةِ دراسةٍ مستفيضةٍ للصغار والأطفال، وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجبُ أن تعادَ للمرأة وظيفتها الطبيعية، التي لا تشتملُ الغربيين على الحمل فقط، بل أيضاً على رعاية صغارها)، ونحنُ نذكرُ هذا لا لحاجتنا إليه، فديننا الإسلامي ولله الحمد قد بين كل شيء، ولكن نذكره لمن يسودُ وجهه إذا سمع المقالة صدرت عن أحدٍ من أعلام المسلمين، وتهلل وجههُ فرحاً إذا ذكرت له مقولةً لأحد الغربيين، فيقول هاهُم العقلاء.
وأصحابُ تلك البلاد ينتقدون هذه الأوضاع التي جلبوها إلى بلادنا، ليبدؤوا بنا من حيث انتهوا هم، وليساوونا بهم، مع أن وضعنا يختلف عن وضعهم، فئن كانت المرأة في الغرب معذورةً لأنَّها لا تجدُ الدين الذي يحفظ لها حقها، ولا الرجل الذي يقوم برعايتها، ولا تجد المجتمع الذي يحتضنها إذا عجزت وخارت قواها، فما عذر المرأة في ديار الإسلام وقد أكرمها الله أماً، وبنتاً، وزوجةً، وذات رحم، ألم يكفل الله لها حقوقها؟ فحقها كأم مقدمٌ على حق الأبِ كما جاءَ في حديث النبي- صلى الله علية وسلم- إذ جاءه رجلٌ فقال: (يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من؟ فقال: أبوك).
وكفل لها حقها وهي طفلة، عندما أنقذها من براثنِ الجاهلية التي كانت تفتكُ بها وتغتالها، (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) (سورة التكوير: 9، 8)[1]صدق الله العظيم.
وكفل اللهُ - سبحانه وتعالى - للمرأةِ حقها وهي زوجة، ففي الصحيحين عنهُ - صلى الله عليه وسلم - قال: (استوصوا بالنساء خيرا), وفي الحديث الصحيح عن الترمذي وغيره، عنه- صلى الله علية وسلم- قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وفي الصحيحين عنه- صلى الله علية وسلم- قال: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقةً يحتسبها فهي لهُ صدقه).
ولو ذهبنا نتبعُ النصوص الشرعية الواردة في بر الوالدين، وفي الإحسان للبناتِ, والزوجةِ, والأقارب، لطالَ المقامُ بنا، وهذا أمرٌ لا يكاد يخفى، بل إنَّ حالَ الغرب كحالنا بل هو أشد وطأة، ووضعهم الاجتماعي في غايةٍ من التفكك.
----------------------------------------
[1] سورة التكوير آية رقم (8، 9).
5/4/1426 هـ
14/05/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/109)
إني أتعس امرأة
محمد بن عبدالعزيز المسند
هذا الاعتراف رسالة كتبتها الممثلة الأمريكية (مارلين مونرو) التي انتحرت بعد حياة بائسة.
وقد كتبتها لفتاة طلبت نصيحتها إلى أفضل طريق للتمثيل فقالت:
إلى هذه الفتاة وإلى كل فتاة ترغب في العمل في السينما: إحذري (المجد). إحذري كل من يخدعك بـ (الأضواء).
إني أتعس امرأة، أفضّل البيت والحياة العائلية (الشريفة)على كل شيء.
إن السعادة الحقيقية للمرأة هي في (الحياة العائلية الشريفة الطاهرة).
بل إن هذه الحياة العائلية هي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية ".
وتقول في النهاية: [لقد ظلمني كل الناس، وإن العمل في السينما يجعل من المرأة (سلعةً رخيصةً تافهة)، مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة، إني أنصحُ الفتيات بعدم العمل في السينما والتمثيل، إن نهايتهن إذا كن عاقلات كنهايتي] [1]
إنها كلمات صادقة، صدرت من امرأة عانت الكثير من الشقاء والألم، رغم ما وصلت إليه من الشهرة والثراء، ولكنها سنة الله التي لا تتبدل، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} (طه: من الآية124).
فاعتبروا يا أولى الأبصار.
كم كنتُ سافلة في مقابلة أجريت مع الممثلة المشهورة (بريجيت باردو).
قال لها الصحفي: لقد كنت في يومٍ من الأيام رمزاً للتحرر والفساد.
أجابت قائلة: [هذا صحيح، كنت كذلك، كنت غارقة في الفساد الذي أصحبت في وقتٍ ما رمزاً له، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية، ورجموني عند ما تبت] .
ثم تقول نادمة: [عند ما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة، فإني أبصق على نفسي، وأقفل الجهاز فوراً، كم كنت سافلة] .
ثم تواصل قائلة: [قمة السعادة للإنسان الزواج، إذا رأيت امرأة مع زوج وأولادٍ، أتساءل في نفسي: لماذا أنا محرومة من هذه النعمة؟ ! ][2] أ. هـ.
ما أتعس الإنسان حين يبصق على نفسه، ويعترف بأنه كان سافلاً منحطاً، ولا غرابة في ذلك، فإنها ضريبة الفن والفساد والتحرر المزعوم.
----------------------------------------
[1] المرأة بين القانون والفقه لمصطفى السباعي.
[2] بناتنا بين التغريب والعفاف " للشيخ ناصر العمر.
13/6/1426 هـ
20/07/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/110)
النقاب الشرعي ونقاب الفتنة
محمد بن عبد العزيز المسند
لقد انتشرَ في الآونة الأخيرة ظاهرة لبس النقاب بشكلٍ ملفت للنظر، بل وصل الحال ببعضهنّ إلى التفنن في لبسه (!)، وبأشكالٍ متعددة، حتى يُمكننا القول بأنّه أصبحَ عند بعض نسائنا موضةً من موضات هذه العصر كسائر الموضات الأخرى، فما الذي يُمكننا قوله حول هذه الظاهرة الخطيرة.
أقول
أوّلاً: إنّ النقاب كان معروفاً في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قال- عليه الصلاة والسلام -: (لا تنتقب المحرمة) [1] فخصّ عن لبسهِ وقت الإحرام، ولكن السؤال هُنا هو: هل النقاب المذكور في الحديث هو النقاب المعروف اليوم والذي شاع بين النساء؟
وهل نساءُ الصحابة كلهنَّ وعلى رأسهن أمهات المؤمنين - كنّ يلبسن النقاب؟
وقبل الإجابة على هذين السؤالين لا بدّ من التذكير بأمرٍ مهمّ جدّاً، يغفلُ أو يتغافل عنه كثير من الناس، ألا وهو: الحكمة من مشروعية الحجاب، فإنّ الحجاب إنّما شُرع لستر المرأة، وصرف أنظار الرجال عنها، حتى إذا ما نظروا إليها لم يجدوا ما تطمحُ إليه نفوسهم، فيرتدّ إليهم البصر خائباً وهو حسير، وليس المقصودُ من الحجاب هو العكس، والمتأمّلُ في نقاب الفتنة اليوم يجدُ أنَّهُ يلفتُ الأنظار إلى المرأة، ويغري بالنظر إليها، حتى إنَّ بعض النساء لتلبسُ النقاب لتلفت أنظار الرجال إليها، وتخفي قبح وجهها الذي لو كشفتهُ لاستوحش منه الرجال وصرفوا أنظارهم عنه.
وإذا كان الأمرُ كذلك فما الفرقُ إذاً بين النقاب الشرعي ونقاب الفتنة؟ - وهو السؤال الأول الذي سبق طرحه والجواب: إنّ النقاب الشرعيّ فتحةً صغيرةً جداً لا يُبدو منها إلاَّ حدقتا العينين فقط كما ذكر ذلك أهل اللغة [2]
ومثل هذا النقاب لا يلفتُ الأنظار، بل لا يُكاد يُرى لإخفائه، أمَّا نقاب الفتنةِ فهو أوضحُ من عين الشمس، لا سيما إذا كانت المرأةُ بيضاء، فيُرى بياضُ وجهها مشعّاً من فتحة النقاب، هذا مع ظهورِ عينيها كاملتين بما فيهما من الجمال، ولا يخفى ما في ذلك من الفتنة.
أمَّا جواب السؤال الثاني: فإنّ الثابت عن أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن- وهنَّ القدوةُ الأولى والعليا لنساء المؤمنين سترُ جميع الوجه بلا استثناء، كما قالت عائشة - رضي الله عنها- في حادثةِ الإفك لمّا رأت صفوان: "فخمّرتُ وجهي، وكان يعرفني قبل نزول الحجاب" [3].
ففسّرت الحجاب بأنّه تغطيةُ الوجه، لكن لما كان بعضُ نساءِ الصحابة ضعيفات البصر، مع عدمِ وجودِ الإنارة الكافيةِ في ذلك الزمن، شاع عنهنَّ لبس النقاب الشرعي المذكور، وبعضهنَّ كنَّ يقتصرنَ على إظهار عين واحدة فقط، للحاجة كما فعل نساء الأنصار، فالأصل إذاً هو تغطيةُ جميع الوجه بلا استثناء. وفي هذا الزمن زمن الأضواء والفتنة لا تحتاج المرأة إلى لبس النقاب، وإن احتاجت فبإمكانها أن تلبسَ فوقه غطاءً خفيفاً يصرف عنها ما دقّ من أنظار الرجال.
وفي الختام أقول: ما دور الرجل في هذا الأمر المُهم ّ؟ والجواب: إنَّ الرجل بما منحهُ الله من منصبِ القوامةِ على المرأة هو المسئولُ الأول عن هذه الفتنة، المرأة لا تعدو أن تكونا أُماً أو أختاً أو بنتاً أو زوجة، وأياً كانت فالواجب على وليِّها منعها من تعاطي أسباب الفتنة، ورضاهُ بذلك قد يحرمه من دخول الجنة كما ورد في الحديث [4] والله ولي التوفيق، وهو حسبي ونعم الوكيل.
----------------------------------------
[1]- أخرجه البخاري عن ابن عمر.
[2]- انظر لسان العرب لابن منظور، وقد ذكر حديث ابن سيرين: (النقاب محدّث) أراد أن النساء ما كنّ ينتقبن بل يختمرن، قال أبو عبيد: " ليس هذا وجه الحديث، ولكن النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين، ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث، إنما كان النقاب لاحقاً بالعين.." أي ضيقاً لا تُكاد تُرى العين منه العينان.
[3]- أخرجه البخاري في الصحيح، ومعنى خمّرت وجهي أي غطيته.
-[4]قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة قد حرم عليهم الجنة: مدمن الخمر، العاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث)). أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
1/2/1426 هـ
12/03/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/111)
أمور ينبغي على المرأة فعلها واستغلال الوقت بها
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
أختي المسلمة: هناك وسائل كثيرة يمكن للمرأة أن تقضي وقتها فيه فمن ذلك:
1- القراءة النافعة: وتشتمل على أمرين:
أ - قراءة القرآن الكريم:
روى عن خباب- رضي الله عنه- أنه قال: (يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت فلن يُتقرب إلى الله بشيء أحب إليه مما خرج منه)[1]
والأحاديث في بيان فضل تلاوة القرآن وتعلمه كثيرة جدا منها:
- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) [2].
- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ)) [3]
ولا تتعذر المسلمة بكونها أمية لا تقرأ ولا تكتب فيمكن:
- أن تقرئي ما تحفظين كالفاتحة والإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي ونحوها.
-أو تستمعي إلى شريط أو إذاعة القرآن الكريم فتستفيدين منه في الحفظ والتلاوة.
- ولتعلمي أنَّ هناك من النساء الأميات من حفظنَ الكثير من القرآن من خلال التلقين.
ب - قراءة الكتب النافعة:
والتي من خلالها تعرف أحكام دينها، ومن المؤسف حقاً أن نسمع أن بعض النساء يجهلن الكثير من أحكام الدين، بل وصل الأمر في بعضهنَ إلى أنَّها لا تجيد قراءة الفاتحة، وتجهل أحكام الصلاة، فلا حول ولا قوة إلا بالله ([4]).
ومن العجيب حقاً أنَّ المرأة تشتري كتب فن الطبخ بأسعارٍ غالية وتقرأ فيها، وتتعلم كيف تتفنن في طهي الطعام، ولكن كم هن اللاتي ينفقن بعض أسعار تلك الكتب في شراءِ الكتب التي تعلمها أمر دينها وفي كيفية تربية أولادها؟ والله المستعان.
2- ذكر الله - تعالى -:
والذكر أمره ميسور ولا يحتاج إلى كبير عناء- ولله الحمد والمنة- ومن يسرهِ أنَّهُ يمكن لك أن تذكري الله وأنت تزاولين أعمال البيت ـ ما لم تكوني في مكان لا يذكر الله فيه، وخذي هذه النصوص في بيان فضل الذكر حتى تعلمي أهميته:
- قال - تعالى -: ((وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) (الأحزاب: 35).
- وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات)) [5]
- وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال يسبح مائة تسبيحه فتكتب له ألف حسنة، أو تحط عنه ألف خطيئة)) -[6]
فاحرصي - وفقك الله - على أذكار الصباح والمساء، وعلى ما يقال أدبار الصلوات ونحوها.
3- تربية الأولاد:
تربية الأولاد مسؤولية عظيمة يقع على كاهلها أكثر ما يقع على المرأة، لأنَّ الرجل أكثر انشغالاً من المرأة، وأقل لزوما للبيت، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا)) [7].
وصدق حافظ إبراهيم إذ يقول في حق المرأة الصالحة:
الأم مدرسةً إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا *** بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولى *** شغلت مآثرهم مدى الآفاق
يدرجن حيث أردن لا من وازع *** يحذرن رقبته ولا من واق
يفعلن أفعال الرجال لواهيا *** عن واجبات نواعس الأحداق
في دورهن شؤونهن كثيرة *** كشؤون رب السيف والزراق
وعليكمُ أن تستبين بناتكم *** نور الهدى وعلى الحياة الباقي
وتذكري أختي المسلمة إنك إذا مت انقطع عملك إلا من ثلاث، ومنها (أو ولد صالح يدعو لك)[8].
وهذا الولد الصالح لا يمكن أن يوجد إلا حينما تحسنين تربيته، فقدري الأمر حق قدره واستعيني بالله.
4- الإكثار من سماع الأشرطة الإسلامية:
الشريط الإسلامي نعمة من أجلَّ النعم، فإنَّ المرء يتمكن بواسطته وهو جالس في بيته، من الاستماع إلى مئات العلماء والدعاة، ولذا ينبغي للمرأة أن تستفيد من وقتها بمثل هذا الأمر، حتى ولو كانت تعمل في أعمال المنزل من طبخ وغسل ونحوه، فلا يلزم أن تعي المرأة كل ما يقال في الشريط، بل لو حصلت على بعض فوائده لكفى.
5- ممارسة مهنة الخياطة ونسج الصوف:
يمكن للمرأة أن تستغل وقتها بممارسة هذه المهنة، فتقوم بخدمة قريباتها وزميلاتها بأجرة رمزية، ولها الخيار أن تأخذها أو تتصدق بها، وأجر الصدقة عظيم، وفي هذا الأمر فائدة أخرى وهو القضاء على المنكرات التي تحدث في محلات الخياطة النسائية، أو على الأقل التخفيف منها.
6- العمل على الحاسب الآلي:
يمكن للمرأة أن تعمل في منزلها من خلال الحاسب الآلي دون الحاجة إلى الخروج من بيتها، فتمارس المرأة عملها التجاري من خلال كتابة البحوث، أو تصميم الأغلفة أو العمل كموظفة في الانترنت أو نحو ذلك، من الأعمال التي تقضي على وقت فراغها وتنفع نفسها.
7 - كتابة المقالات و إرسالها إلى المجلات الإسلامية:
فإذا كان في خاطرك وقفة، أو في نفسك لفتة تحبين أن تبينها للناس فيمكن لك ذلك، من خلال إرسالها عبر الفاكس أو البريد لإحدى المجلات الإسلامية، كمجلة الأسرة، أو الشقائق، أو حياة، أو جودي، وهذه كلها مجلة نسائية متخصصة في عالم المرأة، وهناك مجلة أخرى يمكن الاستفادة منها.
8- الإكثار من نوافل العبادات كالصلاة والصيام ونحو ذلك:
وهذه وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لربيعة بن كعب حين طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - مرافقته في الجنة فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بكثرة السجود)) رواه مسلم ([9])، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلاَّ رفع الله لك بها درجة وحط بها عنك خطيئة)) رواه أحمد عن أبي أمامة [10]
9- القيام بتفريغ وكتابة الأشرطة المهمة:
ووضعها في أماكن خدمات الطالب، لينتفع منها طلاب العلم، أو إنزالها في المواقع الإسلامية في ساحات الإنترنت، ولا يخفى على المسلمة كم من الأجر العظيم في هذا العمل الجليل.
10- التدبير المنزلي:
وهي أعمال الطهي وتنظيف المنزل، وغسل الملابس ونحو ذلك، والمرأة إذا احتسبت ذلك فإنَّها في عبادة تُؤجر عليها، أضف إلى ذلك أنَّ لهذا العمل فوائد منها:
ـ فوائد جسمية: حيث إنَّ حركة المرأة في بيتها تقيها بإذن الله شر التخمة التي أصيبت بها كثير من النساء.
ـ أنَّ الزوج يتضايق من المرأة الكسولة وقد يحدث لها ما لا تحمد عقباه.
11- صناعة بعض التحف والأشكال الجمالية:
إن طلب الجمال أمر مركوز في الفطرة، فحب الإنسان للمناظر الجميلة والأشكال الرائعة أمر مباح، وللإنسان أن يطلبها ويعملها إذا لم يكن فيها إسراف ولا محذور شرعي، كوجود الصور، وإن كثيراً من تلك الأشكال قد تعملها المرأة، فماذا لو استغلت المرأة بعض وقتها وعملت شيئاً من تلك التحف، ووفرت على نفسها ووليها هذا المال الذي تشترى به تلك التحف[11].
ويمكن أن تبيع تلك التحف فتنفع نفسها وتسد حاجتها، وقد كشفت دراسة نشرت في أكتوبر 1996م أن 46 مليوناً من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا - معظمهم من النساء - يعملون من منازلهم لإيجاد موازنةً أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلاً أكثر من دخل موظفي المكاتب بحوالي 28 %. [12]
12- البيع داخل البيوت:
كأن تبيع بعض الملابس على جيرانها وأقاربها، أو تعد بعض الأطعمة ومن ثم تبيعها على من يرغب ذلك، يقول الدكتور حسين شحاته - أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة الأزهرـ في الدراسة الميدانية التي قام بها: (إن المرأة العاملة خارج بيتها تنفق من دخلها 40% على المظهر والمواصلات، أما تلك التي تعمل في بيتها فهي توفر من تكلفة الطعام والشراب ما لا يقل عن 30%، وخلصت الدراسة إلى أنَّ المرأة التي تمكث في البيت توفر ما لا يقل عن 70% من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلاً أكثر مما تحققه الموظفة، إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية، بأن تصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها، ومجتمعها) [13]
13- التزيين وتصفيف الشعر للنساء:
فيمكن للمرأة أن تأخذ دورة في فن التجميل، ثم تمارس هذا العمل مع أهلها وأقاربها، وتعلمهم هذه الصنعة حتى يحتجن إلى غيرهن، ممن هن محل خطر على عفاف المرأة ودينها.
14- ترجمة الكتب وتصحيح الأخطاء المطبعية والإملائية.
15- صناعة الأطعمة والحلويات:
وقد علمت أن هناك نساء يقمن بهذا العمل، ودخلهن يغطي على الكثير من حاجاتهن دون أن يحتجن إلى الخروج من المنزل.
16- وأخيراً: الاهتمام بالزوج:
فجميل من المرأة أن تهتم بمنزلها ونظافته، ولكن كل ذلك لا فائدة منه إذا لم تهتم بزوجها، وذلك من خلال الاستقبال الحسن له والترحيب به، والاعتناء بخدمته ونحو ذلك مما لا تجهله المرأة العاقلة.
وهناك صور رائعة لبعض الزوجات الصالحات، واللاتي عرفن فن صناعة الحياة الزوجية، هذا أحد الأزواج تعجب أصحابه من نظافتهِ في كل يوم، مع أن عمله يقتضي اتساخ ملابسه، ومع ذلك يأتي كل صباح بملابس نظيفة، فسألوه عن ذلك فقال: زوجتي منذ تزوجتها؛ لم أقم يوماً لعملي وإلاَّ وقد وجدت إفطاري معد، وقد غيرت ملابسي، بل أشد من ذلك وقد وضعت المناديل في جيبي وهي مرتبة، ثم تودعني عند باب المنزل!! هكذا فلتكن النساء أدباً وكمالا.
وأخيراً قالت الشاعرة المسلمة:
وخير نساء العالمين هي التي *** تُدير شئون البيت أو فيه تعمل
إذا بقيت في البيت فهي أميرة *** يوقرها من حولها ويبجل
وإسهامها للشعب أن قدمت له *** رجالاً أعدوا للبناء وأهلوا
رعتهم صغاراً فهي كانت ***أساسهم تقلن كلاً ما يقول ويفعل
----------------------------------------
[1] رواه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (558) والآجري في الشريعة (771) والبيهقي في الأسماء والصفات (241) وقال: هذا إسناد صحيح
[2] رواه البخاري (4739) من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.
[3] رواه البخاري (4653) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
[4] وهذه مهمة الأزواج ومسؤوليتهم..يقول الله - تعالى -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )(التحريم: 6) فعلى الزوج أن يسعى لتعليم زوجته وإرشاد بناته بما لا يسع للمسلم جهله من أحكام الدين.
[5] رواه مسلم (2676).
[6] رواه مسلم (2698).
[7] رواه البخاري (893) ومسلم (1829) وهو جزء من حديث طويل أوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...).
[8] رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[9] رواه مسلم (489).
[10] رواه أحمد (5/248) وصححه الألباني في السلسلة (1488).
[11] انظر: دور المرأة؛ تربية الأسرة ص 51 ـ 52. بتصرف.
[12] مجلة الأسرة عدد 47، عام 1418هـ.
[13] مجلة الأسرة عدد (47).
4/5/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/112)
أيا صاحبة الصوت الجميل !!
رياض بن محمد المسيميري
الحمد لله, وبعد:
فلا ريب أنّ ترقيق المرأة صوتها، وتنعيمه بحضرة رجال أجانب، لا يحلنَّ لها فيه أعظم الضرر عليها وعليهم، كما أنّ في ذلك أمضى سبب إلى فساد المجتمع برمته، وشيوع الفاحشة بأسرع طريق!
ومن خلال هذه السطور أناشد حواءَ أن تتقي الله في مشاعر وعواطف الرجال، وألاَّ تعين الشيطان عليهم بعذوبة صوتها، ونعومة كلامها؛ فيكفيهم أمواج الفتنة، وبراكين الشهوات من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم!
ولعل الإخوة والأخوات يساعدونني في تلخيص مفاسد ترقيق المرأة صوتها، وخضوعها بالقول، والتي أحسب أن من أبرزها النقاط التالية:
1- إثارة أطماع من في قلبه مرض:
قال الله جلّ شأنه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (سورة الأحزاب: 32)
فقد نهى الله - تعالى -أشرف نساء الأمة عن الخضوع بالقول، حتى لا يكنَّ سبباً في إثارة أطماع مرضى القلوب، ذلك أنَّ حلاوة الصوت وجاذبيته كثيراً ما تُحركُ أرباب الشهوات، فيبذلون ما في وسعهم لإشباع غرائزهم مع ذات الصوت الجميل!
وقد قيل: يا قوم:
إنَّ أذني لبعض الحيِّ عاشقةً*** والأذن تعشق قبل العين أحياناً.
2- تعريض أهل العفة والصلاح إلى فتنةٍ محققة:
قد يكون الرجل في أصله صالحاً، ذا خُلق وعفة، لا تخطر سفاسف الأمور، وقبيح الفعال على قلبه، فيبتلى بامرأةٍ لعوبٍ ذات صوت حسن، ونغمة رقيقة، وغُنجٍ متعمد فتثير لديه شهوةً خاملة، وفتنةً نائمة، فيخرج عن طوره، ويتخلى عن أدبه ووقاره، وكم من الصالحين وقعوا ضحايا الغانيات الماجنات، والفاتنات الناعمات!
وصدق نبينا الكريم- عليه الصلاة السلام- حيث يقول فيما رواه مسلم من طريق أسامة بن زيد- رضي الله عنهما-: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
3- شيوع الفاحشة في المجتمع:
إنّ اعتياد بعض النسوة والفتيات الخضوع بالقول، وطمع مرضى القلوب فيهن، وافتتانهم بأصواتهنَّ كفيلٌ بإرباك المنظومة الأخلاقية في المجتمع، وإقحامه في أتون الفواحش والرذائل، وتعريض عامة الناس إلى الفتنة العمياء، والردّة الصمّاء!
وقد رأينا كيف وقعت بعضُ المجتمعات ضحية تهتك النساء، وتخنث الرجال، فراجت الفاحشة، وانتشرت الرذيلة، وذهب الحياء، وقلّ الوقار.
حتى احترف النساء الغناء والعزف، والرقص والتمثيل، بل لعبنَ كلَّ الأدوار التمثيلية المطلوبة، بما فيها دور الزوجة النائمة بجانب زوجها عارية، تحت لحافٍ واحد، تتبادل معه القبلات الحارة، والمضاجعة الآثمة، التي تضجُّ من هولها الجبال!!.
وما كان ليحدث شيء من هذا لولا تبذل النساء وتغنجهنَّ، وشروعهن في طريق الإغواء خطوةً خطوة، حتى آل الأمر إلى ما ترى وتسمع، والله المستعان!
4- الخضوع بالقول جرأة على حدود الله، وقواعد الشريعة:
لا ريب أنّ صوت المرأة في حدّ ذاته مهما كان جاداً بعيداً عن الريبة والخضوع، مثير لشهوة ضعاف النفوس، لئام الطبع؛ فكيف إذا صاحب الصوت تغنجٌ وتكسرٌ ولين وعذوبة؟ !
إنّ الأثر حينئذ لجدُّ خطير، والمفسدة متحققة لا محالة، وأبرزها:
افتتان الرجال بجمال الصوت ودلاله، فالغريزة في الذكور تجاه الإناث قابلة للهيجان عند أدنى مؤثر صادر عن المرأة، حتى ولو كان خفق نعليها، فكيف إذا كان الصوت صادراً من حنجرةٍ لعوب، ولسان ماكر؟!
قال الله - تعالى -: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور: 31).
5- الافتتان بالدميمات:
إنّ هيئة المرأة وصورتها قد لا تكون مثيرة للإعجاب لدى كثير من الرجال، بسبب دمامة الوجه وقبح المنظر، بيد أنّ نعومة الصوت وجاذبيته قد يتغلبان على ذلك النقص الجبلي، فيقع عقلاء الرجال فضلاً عن سفهائهم ضحية تلك الأصوات العذبة؛ فتطيش عقولهم، ويذهب وقارهم تحت أقدام النساء!!
6- ذهاب حياء المرأة وزيادة جرأتها:
ومن الآثار السيئة لخضوع المرأة بالقول ما يتبعه من خطوات أخرى أشد فحشاً، ومنها ذهاب حيائها شيئاً فشيئاً، ومن ثمّ جرأتها على إذاعة صوتها عبر الإذاعات، والقنوات، والمداخلات في الفضائيات وغيرها، فإنَّ صفيقات الوجوه هنّ اللواتي يُكثرنَ من هذه المشاركات بلا مبررٍ ضروري، بسبب ما تعودنَ عليه من التكسر والتغنج بأصواتهن، بل ربما جرَّهُنَ ذلك إلى الإنشاد والغناء، وإلاَّ من أين خرجن هؤلاء المطربات الفاجرات؟!
إلى هنا تم المقصود بحمد الله ونعمته وكرمه، والله المسئول أن يجعلهُ خالصاً لوجههِ الكريم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم،،،
5/5/1426 هـ
12/06/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
رياض بن محمد المسيميري
الحمد لله, وبعد:
فلا ريب أنّ ترقيق المرأة صوتها، وتنعيمه بحضرة رجال أجانب، لا يحلنَّ لها فيه أعظم الضرر عليها وعليهم، كما أنّ في ذلك أمضى سبب إلى فساد المجتمع برمته، وشيوع الفاحشة بأسرع طريق!
ومن خلال هذه السطور أناشد حواءَ أن تتقي الله في مشاعر وعواطف الرجال، وألاَّ تعين الشيطان عليهم بعذوبة صوتها، ونعومة كلامها؛ فيكفيهم أمواج الفتنة، وبراكين الشهوات من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم!
ولعل الإخوة والأخوات يساعدونني في تلخيص مفاسد ترقيق المرأة صوتها، وخضوعها بالقول، والتي أحسب أن من أبرزها النقاط التالية:
1- إثارة أطماع من في قلبه مرض:
قال الله جلّ شأنه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (سورة الأحزاب: 32)
فقد نهى الله - تعالى -أشرف نساء الأمة عن الخضوع بالقول، حتى لا يكنَّ سبباً في إثارة أطماع مرضى القلوب، ذلك أنَّ حلاوة الصوت وجاذبيته كثيراً ما تُحركُ أرباب الشهوات، فيبذلون ما في وسعهم لإشباع غرائزهم مع ذات الصوت الجميل!
وقد قيل: يا قوم:
إنَّ أذني لبعض الحيِّ عاشقةً*** والأذن تعشق قبل العين أحياناً.
2- تعريض أهل العفة والصلاح إلى فتنةٍ محققة:
قد يكون الرجل في أصله صالحاً، ذا خُلق وعفة، لا تخطر سفاسف الأمور، وقبيح الفعال على قلبه، فيبتلى بامرأةٍ لعوبٍ ذات صوت حسن، ونغمة رقيقة، وغُنجٍ متعمد فتثير لديه شهوةً خاملة، وفتنةً نائمة، فيخرج عن طوره، ويتخلى عن أدبه ووقاره، وكم من الصالحين وقعوا ضحايا الغانيات الماجنات، والفاتنات الناعمات!
وصدق نبينا الكريم- عليه الصلاة السلام- حيث يقول فيما رواه مسلم من طريق أسامة بن زيد- رضي الله عنهما-: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
3- شيوع الفاحشة في المجتمع:
إنّ اعتياد بعض النسوة والفتيات الخضوع بالقول، وطمع مرضى القلوب فيهن، وافتتانهم بأصواتهنَّ كفيلٌ بإرباك المنظومة الأخلاقية في المجتمع، وإقحامه في أتون الفواحش والرذائل، وتعريض عامة الناس إلى الفتنة العمياء، والردّة الصمّاء!
وقد رأينا كيف وقعت بعضُ المجتمعات ضحية تهتك النساء، وتخنث الرجال، فراجت الفاحشة، وانتشرت الرذيلة، وذهب الحياء، وقلّ الوقار.
حتى احترف النساء الغناء والعزف، والرقص والتمثيل، بل لعبنَ كلَّ الأدوار التمثيلية المطلوبة، بما فيها دور الزوجة النائمة بجانب زوجها عارية، تحت لحافٍ واحد، تتبادل معه القبلات الحارة، والمضاجعة الآثمة، التي تضجُّ من هولها الجبال!!.
وما كان ليحدث شيء من هذا لولا تبذل النساء وتغنجهنَّ، وشروعهن في طريق الإغواء خطوةً خطوة، حتى آل الأمر إلى ما ترى وتسمع، والله المستعان!
4- الخضوع بالقول جرأة على حدود الله، وقواعد الشريعة:
لا ريب أنّ صوت المرأة في حدّ ذاته مهما كان جاداً بعيداً عن الريبة والخضوع، مثير لشهوة ضعاف النفوس، لئام الطبع؛ فكيف إذا صاحب الصوت تغنجٌ وتكسرٌ ولين وعذوبة؟ !
إنّ الأثر حينئذ لجدُّ خطير، والمفسدة متحققة لا محالة، وأبرزها:
افتتان الرجال بجمال الصوت ودلاله، فالغريزة في الذكور تجاه الإناث قابلة للهيجان عند أدنى مؤثر صادر عن المرأة، حتى ولو كان خفق نعليها، فكيف إذا كان الصوت صادراً من حنجرةٍ لعوب، ولسان ماكر؟!
قال الله - تعالى -: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور: 31).
5- الافتتان بالدميمات:
إنّ هيئة المرأة وصورتها قد لا تكون مثيرة للإعجاب لدى كثير من الرجال، بسبب دمامة الوجه وقبح المنظر، بيد أنّ نعومة الصوت وجاذبيته قد يتغلبان على ذلك النقص الجبلي، فيقع عقلاء الرجال فضلاً عن سفهائهم ضحية تلك الأصوات العذبة؛ فتطيش عقولهم، ويذهب وقارهم تحت أقدام النساء!!
6- ذهاب حياء المرأة وزيادة جرأتها:
ومن الآثار السيئة لخضوع المرأة بالقول ما يتبعه من خطوات أخرى أشد فحشاً، ومنها ذهاب حيائها شيئاً فشيئاً، ومن ثمّ جرأتها على إذاعة صوتها عبر الإذاعات، والقنوات، والمداخلات في الفضائيات وغيرها، فإنَّ صفيقات الوجوه هنّ اللواتي يُكثرنَ من هذه المشاركات بلا مبررٍ ضروري، بسبب ما تعودنَ عليه من التكسر والتغنج بأصواتهن، بل ربما جرَّهُنَ ذلك إلى الإنشاد والغناء، وإلاَّ من أين خرجن هؤلاء المطربات الفاجرات؟!
إلى هنا تم المقصود بحمد الله ونعمته وكرمه، والله المسئول أن يجعلهُ خالصاً لوجههِ الكريم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم،،،
5/5/1426 هـ
12/06/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/113)
الهتك في الكوافير
سعد بن عبد الله الحميد
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
الزّواجُ نِعمةٌ مِنْ نِعمِ اللهْ، وإذا أحسنَ الإنسانُ بِهِ النيّةَ فَإِنهُ يكونُ عِبادةً يُؤْجَرُ عَليهْا، كما جاءَ في الحديثِ الذيْ رواهْ مسلمْ أنهُ - صلى الله عليه وسلم- قال: (وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدقَةْ) قَالُواْ: يا رسُول اللهْ، أَيأتيْ أحدُنا شهوَتَهُ ويَكونُ لَهُ فيها أجرْ؟! قَالَ: (أرأيتُمْ لو وَضعَها في حَرامْ، أَكانَ عليهْ وَزرْ؟ فكذَلكَ إذا وَضعهَا في الحَلالِ كانَ لهُ أجرْ).
َغيرَ أنَّ نِعمةَ الزواجِ هَذهِ قد أُحيطَتْ بِمفاسِدِ عَظيمةْ وأساءَ الناسُ إليهاْ إساءةً بالِغةْ، فأُدخِلتْ فِيهاْ المنكراتِ والأَخلاقِ والعاداتِ المستوردةِ مِنْ الغَربِ وَأَشْباهِهمْ مِنْ ذَلكَ أنّ المرأةَ يُسنُ لها أن تَتَزينَ لِزوجِها بالزينةِ المباحةِ وبالأَخَصِ ليلةُ الزفافْ، غيرُ أن الناسَ قد بالغوا في هذهِ إلى أنْ ارتكَبُواْ ما حَرَم اللهُ عَلِيهَمْ.
فالمرأةُ ليلةُ زِفافِهاْ يُذهَبُ بِها إلى مَحلِ التزيينْ الذيْ يُسمى عِنْدَهمْ (الكَوافيرُ)، حَيثُ يَجرِيْ تَزيينَها بما فَيهِ عِدوانُ على فِطْرَتِهاْ مما حرَّمَهُ اللهُ عَليْها، هَذِهِ الأماكِنُ يجبُ على المرأةِ المسلمةِ البعدَ عَنْهَاْ، لأُمورٍ عَدِيدةْ، مِنْ أهمِها: أَنّ رسولُ اللهِ –صلى الله عليه وسلم-، تَهدَدَ مَنْ وَضعتْ ثِيابَها في غيرِ بيتِ زوجِهَاْ، ففي الحديثِ الصحيحِ الذيْ رواهُ الإمامُ أحمدُ وغيرُهْ، عن عائشةَ - رضيَ اللهُ عَنهاْ - قَالتْ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: (أيّما امرأةٍ وَضعتْ ثِيابَهاْ في غيرِ بيتِ زوجِهاْ، فَقَدْ هَتكَتْ سِترَ ما بَينها وبين اللهِ - عز وجل -) وَأُخرِجَ عن أمِ سلمةَ-رضيَ اللهُ عَنهاْ- قَالتْ: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أيّمُا امرأةٌ نَزعتْ ثيابَها في غيرِ بَيتِهاْ، خَرَقَ اللهُ - عز وجل - عَنها سِتْرهْ).
أما أماكنُ الزينةِ هذِهِ إن كانَ يَعمَلُ فيها رِجَالُ فالمصيبةُ أَعْظَمْ، والخَطرُ فيها أَشَدْ، وَمعَ ذلكْ فهي أماكنُ يكْثُرُ فِيها الفَسادْ، وَلاَ يَخْفىْ علَىْ أَحدٍ ما يُحكَيْ عَنْها، وَليسَ بِمستبعَدٍ أَنّ يَوضَعُ فِيها جِهازُ لِتصويرُ المرأةِ وَهيَ عاريةٌ أوْ شِبْهُ عارِيةٍ وَهَيَ لا تَشْعُرْ، وقد فَعلوْا ما هُوَ أشدُ من ذَلِكْ، وحتى لو كانَ المباشِرُ للعَروسِ امرأةْ، فإِنها لا يَجوزُ لها أنْ تطّلِعْ منها على العورةِ المغلّظَةْ، بِقُولِهِ –صلى الله عليه وسلم-: (لا تُباشِرَ المرأةُ المرأةَ), وفيْ الذهابِ إلى هَذِهِ الأماكنْ زِيادَةً في تكاليفِ الزواجِ ونفقَاتِهْ، وإِهْداراً للمالِ الذيْ استخلفَ اللهُ - عز وجل - عليهِ ابن آدَمْ، وسيُسألُ عَنه يوم القيامة.
نسأله - سبحانه - الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، ونعوذ به من أن نقترف على أنفسنا سوءًا أو نجره إلى مسلم والحمد لله رب العالمين.
15/3/1426 هـ
24/04/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/114)
المعركة المفتعلة
الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز المبرد
إنَّ المعركةَ المفتعلةَ باسمِ المرأةِ، إنَّها في واقعِ الأمرِ معركةً حضاريةً واسعة، لا تستهدفُ إثارةَ الغرائزِ، وترويجَ الفسوقِ، ولكنَّها تستهدفُ الأمةَ بعقيدتها وبنائها الاجتماعي، إنَّها تدميرٌ لبُنيةِ التدين، ومنظومة الأخلاق، فهذه الدعاوى الآثمة تنطوي على اتهامٍ للشر عِ بالقُصورِ والظلم والجور في حقِّ المرأةِ، كما تتضمنُ سعياً لإثارةِ التسخُطِ والتبرمِ بأحكامِ الإسلام، ثمَّ إنَّها تؤولُ في نهايةِ أمرها إلى نسفِ الأسرةِ التي هي محضنُ الأجيال، ومسكنُ الرجال، وركيزة التماسكِ الاجتماعي، لقد كانتِ الجاهليةُ الأولى تَعُدُّ الأُنثى عاراً كريهاً، يتخلصون منها بدسِّها في التراب، وكانوا يحرمُونها الميراث، بل إنَّها هي ذاتها تدخُل في الميراث، فهي محرومةٌ من حقِّ الحياةِ، وحقِّ التملك، فضلاً عن حقِّ المشاركةِ في العلمِ والرأي، لم تكن عندهم إلاَّ مُتعةً رخيصةً، وأداةَ فسادٍ وتبرج، أمَّا جاهليةُ الغربِ فكانت أشدَّ قسوةً وظُلماً، فقد اتخذت منها دُميةً يعبثون في خُلُقِها ليُرضوا نزواتهم، ويسوِّقوا بها بضائِعهم، وإذا كان الجاهليُّ القديم يسعى على زوجتهِ ويكفيها مئونةَ العيش، فإنَّ الغربي الشحيح، يُكلِّفها العمل والكسب، وإذا كان الجاهليُّ القديمُ يغارُ عليها، ويصُونُها ويحميها، فإنَّ الغربي البليد، يترُكُها لكلِ عينٍ، ويُبيحُها لكل يدٍ، لم يكُن في الجاهليةِ الأولى شركات للجنس والدعارة، ولم يكُن فيها حقولٌ للتجريب على النساءِ، أمَّا الإسلامُ فقد جاءَ قمَّةً شامخةً بين الجاهليتين، ما عرفتِ الإنسانيةُ تشريعاً ولا حضارةً عزت فيها المرأةُ وارتفعت مكانتها كما في الإسلام، لمَّا جاءَ القرآنُ بذكر المهاجرين والثناءِ عليهم، جاءت أمُّ سلمةَ لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - بعد أن ربَّاها الإسلامُ على العزةِ والسمُو، فقالت يا رسول الله: لا نسمعُ ذكرَ اللهِ للنساءِ في الهجرةِ بشيء، فأنزلَ اللهُ قوله - تعالى -: ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)) (آل عمران: من الآية195).
هما سواءٌ في حملِ التكليفِ الذي أشفقت من حملهِ السمواتُ والأرضُ والجبال، هما سواءُ في الأجرِ والقُربِ من الله، ولذلك خضيت بالخطابِ العظيم، والنداءِ الكريم، فناداها القرآنُ باسمها: ((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)) (آل عمران: 42، 43).
وكرمَّ جنسها، بأن ضربَ لعبادهِ المؤمنين مثلاً، بموقفها وسلوكها ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ)) أمَّا عمومَ المرأةِ، فقد ضمنَ لها الإسلامُ حقَّ الحياة، وحقَّ التملكِ والميراث، وحقَّ الزواج وحقَّ التَّعلم، فهي تملكُ قرارها وخيارها، إن كانت أماً فلها البرُّ والإحسان، مقرونٌ في كتابِ الله بالتوحيدِ والإيمان، وإن كانت بنتاً فلها كريمُ الرعايةِ، وجميلُ الأدبِ، قال- صلى الله عليه وسلم -: ((من كان له ثلاثَ بناتٍ أو ثلاثَ أخواتٍ، أو بنتان أو أختان، فأحسن صحبتهنَّ وصبر عليهنَّ، واتقى الله فيهنَّ دخل الجنة)) رواه أبو داود.
وإن كانت زوجةً فلها مهرٌ كريم، ونفقةً موقرة، ومسكنٌ وادع، وملبسٌ ضافٍ، كل تلك الحقوقِ أوجبها الإسلامُ على الرجلِ من غير منةٍ ولا ذلة، بل ذهبَ الإسلامُ إلى أبعد من ذلك، فقد أدَّبَ الرجالُ وعلَّمهم كيف يتعاملون مع المرأةِ، فليس له أن يتتبع عوراتها، فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يكرهُ أن يأتيَ الرجلُ أهلهُ طُرُقا "، وحضَّه على التغاضي والغُفران.
21/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/115)
المرأة المسلمة هنا
محمد إبراهيم صبحي
صفات المرأة المسلمة
1) عقيدتك: على منهج أهل السنة والجماعة والسلف الصالح لهذه الأمة.
2) منهجك: قال الله وقال الرسول صلـ الله عليه وسلم ــى وقال الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
3) خلقك: الخلق الإسلامي الفاضل.
4) أدبك: الحياء والعفة والطهارة والحجاب.
5) قدوتك: رسول الله صلـ الله عليه وسلم ـى وصحابته وأمهات المؤمنين والصحابيات والنساء الصالحات.
6) محبتك: لله ولرسوله ولمن التزمت بدين الله - تعالى -.
7) خلوتك: تذكرك بالدار الآخرة وعمل تقدمينه لظلمة القبر وضيق اللحد.
8) صديقتك: كل مسلمة ومؤمنة ملتزمة بدين الله - تعالى -اجعليها أختاً لك في الله.
9) بغضك: للكفار واليهود والنصارى والمنافقين والعلمانيين ودعاة تحرير المرأة من حريتها وكل من يغضب الله - عز وجل - وليكن شعارك أحب ما يحب الله وابغض ما يبغضه ربي - سبحانه وتعالى -.
10) حرصك: على التوبة الصادقة بشروطها لأن الله غفور رحيم.
11) زواجك: إسلامي خالٍ من الأغاني والمنكرات.
12) أمنيتك: تكوين أسرة مسلمة وتربية الجيل على الإسلام الصحيح.
13) إجازتك: تقضينها في العلم النافع وحفظ القرآن والترويح المباح.
14) نزهتك: للتأمل والتفكر والتدبر في خلق الله والترويح عن النفس.
15) آخرتك: الفردوس الأعلى إن أنتي عملتي ما يرضي ربك وأطعته اوامره وابتعدت عن نواهيه.
فهذه صفات المرأة المسلمة في سطور فهل أنتِ كذلك؟؟
إن كنتِ كذلك فاحمدي الله وإلا فأصلحي.
قال رسول الله صلـ الله عليه وسلم ــى : {من وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه}
فقوليها غاليتي: أنا مسلمة أعتز بديني وعقيدتي وأتشرف بحجابي وأرفع رأسي عالياً باستقامتي وثباتي على الحق أمام كل المغريات لأنني صاحبة إرادة وصاحبة حق،،،
*أعلنيها أخيتي الحبيبة*
*أنا مسلمة عفيفة *
*وسيكون لي شأن في إعادة تاريخ الدولة الإسلامية وإنشاء جيل يحب الله ورسوله*
* جزاكم الله خيراً *"
21-5-1426 هـ
http://www.zzrz.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/116)
المرأة بين وأْدين
بدر بن علي العبدالقادر
قدمت رجلاً وأخرت أخرى وأنا أفكر في كتابة هذا الموضوع، وقلت في نفسي كيف أبيح لها الارتماء في خضم موج متلاطم ضاع فيه رجال أشداء، ثم ما لبثت أن هدأت نفسي، وأسكنت من روعتي، فأنا إنما أتحدث عن موضوع دخله الناس جماعات وفرادى، وقُتِل بحثاً واستقصاء، [فالسعيد من وعظ بغيره] واتعظ واستعاظ، ورجا ما عند الله، وباع بالدنيا الآخرة، واشترى بالنار الجنة، فالذي ينهش نفسه، وينازع ذاته[لا يزيد قومه إلا خبالاً] وهنا لا أريد في هذه العُجالة أن أخوض في الحديث بالتصريح والمكاشفة وخصوصاً عندما أجادل محدودي الاطلاع، وضعيفي الثقافة، ومجوفي العقول، وليس ذلك إلا أن في النفس حاجات، وليس في القوم نباهة، كذلك لا أريد أن اتجه في الحديث اتجاه السرديات في عرض الأدلة والشواهد وتمحيصها، واقتباس الحكم ومناقشته وعرضه على ميزان الشرع، وحكمة الأمر، لأن العلماء كفونا المؤونة، وسددوا وقاربوا، وبينوا ونصحوا، إنما الشأن هنا في تقديم إلماحات تفيد اللبيب، وتغني الأريب.
وإذا كانت المرأة في العصر الجاهلي لقيت من العنت والظلم ما يندى له الجبين، ويؤلم كل من [لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ]، [وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ] لا لشيء إلا الخوف من العار، وغياب التوكل، وحضور التواكل، فقد ظلمت وأي ظلم أقسى من دفنها حية، وسلبها أيسر حقوقها في العيش[وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ*بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ] وفي الوجه الآخر نجد عمقاً آخر، واتجاهاً مخالفاً، لأن الأب والحالة تلك تتنازعه عاطفة الأبوة، وشبح العار، والتغليب للمستقبل المجهول أما في الإسلام فقد حُفِظت للمرأة مكانتها وقيمتها في الحياة، فهي حرة مكرمة، فمن الولادة إلى الزواج وهي في دلال الأب ورعاية الأم، ومنه إلى سن اليأس وهي في دفء الزوج، ومنه إلى الوفاة في بر الأبناء والحفدة، ومازالت كذلك إلى أن جاء عصر الشقاء، الذي تتقاذفه أمواج التآمر والتماكر، ويحاصره الغزو العسكري والفكري، وطمست هيبته بالتدخل في أخص خصوصياته، وظل الأوصياء ينادون ويجادلون، ويقدمون ويؤخرون، [وما أكثر الناس ولو حرصت] بعارفين، لقد أعموا المرأة عن [وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى] وأنسوها[وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ] وألهوها عن [فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ] فحارت واستحارت، وضربوا لها أخماساً لأسداس، فبعد وأد الروح، جاء وأد العفاف، وما زالت [المرأة] مناط المشكلات في الطرح الإعلامي، وإن كان لا يكفي وذلك مرور الكرام، فحرية المرأة، وعملها، وحقوقها هدف كل ذي ريبة، يقول به المحق والمبطل، وتطورت المطالبات بحقوقها الضائعة المسلوبة، وهي مغلوبة على أمرها إلى أن: رقصت، واسترقصت، وغنت، ومثَّلت، وتبَّرجت، واختلطت، ومالت، واستمالت، وتعرت وهي كاسية، تاركة مملكتها وزوجتها وفلذات كبدها للوحدة أو لا مرأة أجنبية، متناسية قوامة الرجل، لتتشرد في البحث عن الذات المزعومة، تشقى، وتنسى واجباتها، وتنفر رمن دورها الأساس في الحياة، منفقة كسبها في أشياء [لا تسمن ولا تغن من جوع] وما زال الأوصياء-مع شديد الأسف-يطالبون بمزيد من التنازلات، ولم يتمعر وجه أحد منهم مما حصل لها، أو أخذ العبرة والعظة من المرأة الغربية التي أعطيت من الحقوق ما لم تعطه امرأة في التاريخ، ومع ذلك لَّم تزل تعيش البؤس والشقاء.
[وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ]
25 / 6 / 1426 هـ
http://www.toislam.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/117)
حقوق المرأة المهضومة في التشريع الإسلامي
أ•د•بوجمعة جمي
الهدف من تعاور هذا الموضوع بالدراسة الموجزة هو بسط القول في ما كرَّم به الإسلام المرأة من حقوق، فهي فوق ما يمكن تصوره، وقد قيل فيه الكثير، ولكن الهدف هو تبيان أهم الأسس التي تبنى عليها الشريعة الإسلامية أحكامها، الأمر الذي لا يُنتبه إليه عادة في دراستها، وهو ربط تلك الأحكام بسلوك المسلم المخاطب، الذي توجهه خشية الله - تعالى -توجيهاً عظيماً لا يوجد في أي مصدر آخر موجَّه لسلوك الناس؛ لأن رقابة الوازع الديني المستمرة ليست كالرقيب الذي تضعه القوانين الوضعية، إذ إن سلطته محدودة، ولا طاقة لها بمراقبة أسرار الإنسان•
لذلك سنقف في بعض المحطات التي فضل الله - عز وجل - فيها الرجل على المرأة تفضيلاً قد يبدو لبعضهم أنه السبب في إلحاق الرجل الضرر بالمرأة، دون البحث عن مسوِّغ هذا التفضيل على مستوى الظاهر، وعلى مستوى جانب من الحكمة الإلهية فيه.
دأب الغرب على التبجح بوضع قوانين وبيانات تضبط ممارسة الإنسان لحقوقه، كما أنه يتبجح بالدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الطفل خاصة، معتقداً أنه السبَّاق إلى هذه المكرمات، التي غُيِّبت في سلوك المجتمعات البشرية وقوانينها وأعرافها، وقد تعمد مهندسو هذه الشعارات والقوانين المنظمة لهذه الحقوق أن يقفزوا على مصادر هضمها ومسبباته لينزلوا بمظلتهم في ساح الإسلام الذي يعارض ويشوَّه منذ أن صدع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما أُمر به، وهذه المحاربة اختلفت أساليبها عبر التاريخ، منها الحملة الإعلامية المبنية على الإقناع < الديماغوجي >، وعلى الهجمات العسكرية المتطورة، وذلك بتشويه منهج الإسلام في تنظيم حياة البشر، وتمتيع المرأة ـ خصوصاً ـ بحقوقها، وهذا التحامل كالجرثومة تتنوع أشكاله وصوره تبعاً لتنوع الظروف والعوامل، ذلك أن أعداء الإسلام دأبوا على نعته بكونه هضم حقوق الإنسان بعامة وحقوق المرأة بخاصة، متخذين سلوك بعض المسلمين المنحرفين ذريعة لهذا الادعاء المبني على جهلهم للتعاليم الإسلامية المراعية لجميع متطلبات الإنسان النافعة له، ومصالحه عبر حياة البشرية، أو حقدهم على الإسلام ومعتنقيه.
يقول - تعالى -: (الرجال قوَّامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)(1)•
يقول الزمخشري: " يقومون عليهن آمرين ناهين، كما يقوم الولاة على الرعايا••• وفيه دليل على أن الولاية إنما تستحق بالفضل، لا بالتغلب والاستطالة والقهر، وقد ذكروا في فضل الرجال: العقل، والحزم، والعزم، والقوة، والكتابة في الغالب، والفروسية، والرمي وأن منهم الأنبياء والعلماء، وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى، والجهاد، والآذان، والخطب، وبما أنفقوا: وبسبب ما أخرجوا في نكاحهن من أموالهن في المهور والنفقات" (2)•
فإذا كان الله - تعالى -جعل الرجل قوَّاماً على المرأة، فإنه أوجب عليه أن يوفر لها ما تضمنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يجيب عن سؤال والد حكيم بن معاوية - رضي الله عنه -: " يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: ( تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبِّح ولا تهجر إلا في البيت )(3)، لقد حفظ الإسلام كرامة المرأة فحذَّر الرجل من تقبيحها بإسماعها ما تكره، وما يجرح نفسها، وبما أن الرجل قوَّام على المرأة بموجب ما فضله به الله على مستوى التكوين البيولوجي والفيزيولوجي، وتحمل المسئولية الكبرى، وغيرها من الخصائص الأخرى، فإن هذا التفضيل تقابله ضمانات شرعية تحمي المرأة من سوء فهم الرجل للهدف من الحقوق التي فُضِّل بها، إضافة إلى أن الإسلام حينما يشرِّع قوانينه وأحكامه، ينطلق من كون المؤمنين الذين سيطبقونها لهم وازع ديني وعقل رزين يجعلان الزوجين وجلين خائفين من الله - عز وجل - في كل سلوك يُقدمون عليه، لذلك أذن للرجل بتأديب زوجه تأديباً خفيفاً قصد تقويم إعوجاجها الذي غالباً ما ينتج مما يتولد عن أنوثتها، وتكوينها العام، فقد ثبت علمياً ـ إن كان لزاماً إقناع من قصر نظرهم وعميت قلوبهم ـ أن دماغ المرأة أقل تركيزاً من دماغ الرجل، وهو ما سبق إلى الإشارة إليه قوله - تعالى -: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضلَّ إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى} البقرة: 282•
يقول الزمخشري: " وشهادة النساء مع الرجال مقبولة عند أبي حنيفة فيما عدا الحدود والقصاص "• ويقول: "ومن بدع التفاسير: فتذكِّر، فتجعل إحداهما الأخرى ذكرا، يعني أنهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر"(4)•
لكن الله - عز وجل - ربط هذا الإذن بما ينبغي أن يتوافر في المؤمن من التقوى التي تمنعه من ظلمها، وهو الشرط الشرعي والمنطقي الذي يتجاهله من لا يربط سلوك الرجل المتقي بالحكم الشرعي التأديبي، أي الضرب الخفيف التأديبي الذي لم يبحه الإسلام إلا إذا كان له مسوِّغ شرعي، ولا تشوبه شائبة من الظلم، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يجلدْ أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم)(5)، أما هجر الرجل لزوجه في فراشها فهو إجراء دال على غضبه عليها، غالباً ما لا تتحمله، لكونها تشعر بالمهانة وغيرها، فتحس بانقطاع رابط قوي أسس عليه رباط الزواج، فتتراجع عن خطئها•
وإذا انتقلنا إلى محطة الميراث نجد الإسلام قد فضل الذكر على الأنثى في نصيبهما من الميراث، لحكمة إلهية، يمكن إدراك جزئية منها، وهي أن الذكر هو المسئول في التشريع الإسلامي عن المرأة مسئولية تحرم عليه التصرف في مال زوجته إلا برضاها، وعلى الرغم من ذلك فإن الشريعة الإسلامية منحت للأنثى نصيباً مهماً من الميراث، إلى درجة أنها قد ترث ما فسر به قوله - تعالى -: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين} النساء: 11•
يقول الزمخشري: " ألا ترى أن امرأة لو تركت زوجهاً وأبوين فصار للزوج النصف وللأم الثلث والباقي للأب حازت الأم سهمين والأب سهماً واحداً، فينقلب الحكم إلى أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين"(6)•
ومن محطات حقوق المرأة حقها في الزواج بعد موت زوجها وهي نفساء، مراعاة لضمان استمرار حياتها في كنف من يصون حقوقها، وينفق عليها، في الحديث الشريف: (فأرسل ابن عباس غلامه كُريباً إلى أم سلمة يسألها، فقالت: قُتل زوج سُبيعة الأسلمية، وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخُطبت، فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(7)•
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعاملة المرأة معاملة طيبة، وذلك في قوله: (واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خُلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً)(8)•
إن ما يمكن أن يجعل قوة الرجل البدنية والعقلية وشعوره بتفضيله عن المرأة في بعض الأمور، سبباً في ظلمها، احتاطت الشريعة الإسلامية في إزالته بشتى الوسائل منها هذا الحديث الذي دعا فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلم إلى معاملة المرأة معاملة حسنة، تضمن كرامتها وحقوقها العامة، كما أن المسئولية قد تم تقاسمها بينهما كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلكلم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وهكذا ضمن الإسلام للمرأة كل حقوقها، وحَفِظَ كرامتها، وأشركها مع الرجل في تحمل المسئولية لتكون عضواً عاملاً في الأسرة، وفي المجتمع، لتُسهم في تحقيق متطلبات البشر عبر التاريخ.
ومن محطات حقوق المرأة حماية الإسلام لليتيمة التي تكون تحت كفالة رجل يحل له الزواج بها، فقد نزلت آية كريمة في هذا الأمر، وهي قوله - تعالى -: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن و ما يُتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن و ترغبون أن تنكحوهن و المستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط} النساء: 127•
يقول الزمخشري: "وكان الرجل منهم يضم اليتيمة إلى نفسه ومالها، فإن كانت جميلة غنية قال: زوِّجها غيرك والتمس لها من هو خير منك، وإن كانت دميمة، ولا مال لها قال: تزوجها فأنت أحق بها"
قالت عائشة - رضي الله عنها - في سبب نزول هذه الآية الكريمة: " هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليُّها و وارثها فأشركته في ماله حتى في العَذْق فيرغب أن يَنكحها و يكره أن يزوِّجها رجلاً فيَشركه في ماله بما شركته، فيعْضُلها فنزلت هذه الآية"
فهل الفكر الغربي كرَّم المرأة بحقها في الحرية التي جعلها وسيلة لاستغلالها في مجالات متعددة استغلالاً بشعاً أدى إلى الإجهاز على كرامتها، وتمريغ شرفها في التراب، فقد استُغلت في المجال السياسي والإعلامي، وفي الإعلانات التجارية التي أصبحت وسيلة لإغراء الوسيط التجاري والمستهلك، كل ذلك باسم الحرية ومساواتها مع الرجل، فأي حرية هذه التي نزعت عن المرأة لباس الشرف والعفة والكرامة الذي كساها به الإسلام.
إن من يتتبع التشريع الإسلامي في مجال حقوق المرأة سيقف على حقيقة جليلة، وهي أن الإسلام راعى خصائص الأنوثة والفرق البيولوجي والفيزيولوجي بين الرجل والمرأة، فشرَّع قوانين وضوابط تجعل الرجل مكرَّماً في موقعه، والمرأة مكرَّمة في موقعها، وجعل بينهما مودة ورحمة واحتراماً متبادلاً يؤدي إلى تقاسم المسئولية بينهما طيلة استمرار العلاقة الزوجية بينهما•
ـــــــــــــــــــ(82/118)
ــــــــــــــ
الهوامش
1 ـ تفسير الكشاف للزمخشري 1/495، رتبه وضبطه محمد عبد السلام شاهين• دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ•
2 ـ رواه البخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم•
3 ـ تفسير الكشاف 1/321•
4 ـ رواه البخاري في باب النكاح•
5 ـ تفسير الكشاف 1/473•
6 ـ رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن، سورة الطلاق•
7 ـ رواه البخاري في كتاب النكاح•
8 ـ رواه البخاري في كتاب النكاح•
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/119)
المرأة والوقت
الدكتور عبد الرحمن بن عايد العايد
مما لاشك فيه أن كثيراً من النساء قد أهملن الاستفادة من الوقت، سأذكر هنا بعض النقاط اليسيرة.
أولاً: العوائق التي تصرف المرأة عن استثمار وقتها:
1- طول الأمل والتسويف: هذه قاصمة الظهر وأم المشاكل، ولذا تهدد الله - تعالى -أصحاب التسويف بقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} يقول القرطبي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "يلههم الأمل أي يشغلهم عن الطاعة، ويقول الحسن - رحمه الله - :" ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل". ولهذا كانت وصية عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كما في البخاري: (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).
إذاً التسويف أيها الأخت المسلمة عائق من عوائق الاستفادة والاستثمار للوقت، فحذار من التسويف ولنقطع التسويف بالعمل والحزم.
أحيانا تنشغل بها المرأة فيكون ذلك سببا لإضاعة وقتها وعدم استفادتها منه، مثال ذلك:
2- ارتياد الأسواق بكثرة بحثاً عن الجديد من الأزياء، وإسرافاً في ملذات الحياة نعم إن الله - تعالى -أباح الزينة للمرأة ولكن بالحدود الشرعية، أما أن تكون هي الهدف فلا، ولتعلمي أيتها المرأة أن من كيد الأعداء إشغال المرأة في عالم الأزياء حتى تنصرف عما خلقت له ولتكون عاملا من عوامل الإفساد في المجتمع.
3- الاشتغال بأعراض الناس في القيل والقال والغيبة والنميمة المحرمة. كما في الصحيح نهي عن قيل وقال، وأكد حرمة النميمة والغيبة في أكثر من حديث ومنها:
حديث المفلس حين قال النبي –صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (أتدرون من المفلس؟ قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال –صلى الله عليه وسلم-: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بقيام وصيام وصلاة وزكاة وحج ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا ونال من عرض هذا فيؤخذ من حسناته ولهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)
4- عدم إدراك أهمية الوقت.
5- حب التسيب وعدم الانضباط.
6- التربية الخاطئة منذ الصغر: لم تعود البنت على اغتنام الوقت.
7- عدم معرفة تنظيم الوقت.
8- سماع الأشرطة المحرمة ومشاهدة الأفلام الساقطة: بدعوى أن تلك تسليها وتقضي وقتها وما علمت المسكينة أن في ذلك سلخ لها عن دينها وإبعاد لها عن عقيدتها..
ثم هي أيضا مسئولة عن هذا الوقت الذي قضت في مثل هذه الأمور قال-صلى الله عليه وسلم-: (لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها: عن عمره فيما أفناه) فهل أعددنا لهذا السؤال جواباً؟.
9- كثرة سماع الأناشيد.
10- التحسر على الماضي: فمن دسائس الشيطان أنه يذكر الإنسان بتقصيره في الماضي ليقعد به عن العمل في الحاضر والمستقبل ولذا فإن خير وسيلة للتكفير عن الماضي هو العمل الجاد في الحاضر والمستقبل قال - تعالى -: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}.
11- ومن العوائق أيضاً: القدوة السيئة
بعض النساء تنظر إلى من هي أقل منها في الاستفادة لوقتها ولا تنظر إلى من هو أحسن منها فيدعوها ذلك إلى الاستمرار على إضاعة وقتها معللة نفسها بأن فلانة أكثر مني إضاعة للوقت وهكذا.. وتنسى بأن هناك من النساء من هي حافظة لوقتها ومستفيدة منه..
12- كثرة الكلام في الهاتف.
13- القراءة غير المفيدة.
14- ضعف الهمة
بعض النساء تدرك أهمية الوقت وتعرف كيف تستفيد من وقتها، ولكن لضعف همتها تتقاعس عن كثير من الأعمال..
وعلاج ذلك بأن تجاهد نفسها على التعلق بمعالي الأمور وجليلها، والتباعد عن سفاسف الأمور وحقيرها، ومن أعظم المعالي اغتنام الأوقات ومن تأمل النصوص وجدها تحث على علو الهمة.
قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.
وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}.
واستمعي إلى قول المصطفى –صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يحب معالي الأمور وأشرفها ويكره سفسافها) رواه الحاكم عن سهل بن سعد وصححه الألباني في الجامع (593) ويقول الشاعر:
إذا غامرت في شرف مروم*** فلا تقنع بما دون النجوم
15- الشعور بالنقص: إن الشعور بالنقص عقدة تلاحق بعض النساء، فقد تكون قوية العزيمة قادرة على الاستفادة لكنها تحطم نفسها بنفسها وذلك بأن تتصور أنها ليست أهلاً لأن تقوم بهذا العمل كتدريس القرآن, أو تعليم العلم, أو نحو ذلك.. ولذا لابد أن تعلم المرأة أن هذا من حيل الشيطان ووساوسه فإنه لا يولد المرء متعلما، والخطأ هو طريق الصواب ولابد أن تستشعر أنها إذا اجتهدت فهي مأجورة عند الله - تعالى -حتى وإن أخطأت.
16- النوم: وهو آفة عظيمة أصيبت بها كثير من النساء وقد سبب ذلك مفاسد منها:
تفويت كثير من الوجبات.
قد يكون سببا للخصومة بين الزوجين.
وقد تعلل بعض النساء المصابات بهذا الداء وتقول: النوم عبادة!!
والجواب عن هذه الشبهة العليلة من وجوه:
النوم يكون عبادة إذا كان على أثر عبادة تثقل كاهل الإنسان فيشعر أن هذا النوم يجدد نشاطه.
ويكون عبادة أيضاً إذا كان الإنسان قائماً بواجبات الله - تعالى -مؤدياً للسنن التي أمره بها.. أما إذا كان النوم عائقاً عن فعل الواجبات كالصلاة ونحوها فكيف يكون عبادة؟
وقد تقول بعضهن النوم أحسن للمرأة من أن تجلس إلى أخرى وتتحدثان في أعراض الناس
والجواب عن هذا: من قال إن المرأة ينبغي أن تكون إما نائمة أو تتحدث في أعراض الناس؟ فهذا مفهوم خاطئ لأن الأصل أن المرأة تستثمر كل لحظة من لحظات عمرها، وليس البديل هو النوم وإنما هو عمل الصالحات.
17- أولياء الأمور (الزوج، الأب):
قد يتسبب أحيانا بعض أولياء الأمور في عدم استفادة المرأة من وقتها نظراً لإشغالها في أمور تافهة أو بتوفير مزجيات الوقت لها أو بكونه قدوة سيئة لها في هذا المجال.
ثانياً: أمور تعين المرأة على حفظ وقتها:
1- مراقبة الله والخوف منه: فالمرأة التي تراقب الله لا يمكن أن تضيع وقتها دون فائدة بل هي أحرص على محاسبة نفسها في وقتها من محاسبة الشريك لشريكه ...
تقول فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز - رحمها الله - عن زوجها: "ما رأيت أحد أكثر صلاة ولا صياما منه ولا أحد أشد فرقا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينتفض العصفور من الماء ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف" فماذا نقول عن أنفسنا في هذا الزمان والله المستعان.
2- معرفة المرأة بالأزمنة والأمكنة الفاضلة: إن معرفة المرأة للأزمنة الفاضلة كرمضان, وعشر ذي الحجة, ويوم الجمعة, والثلث الأخير من الليل, ومعرفتها للأمكنة الفاضلة, كالحرم المكي, والمدني.. تعين المرأة على استثمار وقتها لأن الحسنة مضاعفة في مثل هذه الأزمنة وتلك الأمكنة كما هو معلوم.
3- شعور المرأة بواجبها ودورها في المجتمع
شعور المرأة بواجبها نحو المجتمع وتقويم ما أعوج منه، وإدراك أن عملها لا يتوقف فقط على إعداد الطعام وتنظيف الثياب وإن كان هذا من الأمور المهمة لكن ليس هو كل شيء يجعلها تحرص على اغتنام الفرص فيما يعود نفعه عليها وعلى الأمة.
4- الابتعاد عن المركزية: تريد أن تعمل كل شئ بنفسها
5- الابتعاد عن المثالية: تريد كل شيء على أكمل وجه.
6- عدم كثرة الخروج من المنزل: فإن مكثرات لخروج من اللاتي يتعرض للطفش في البيت.
7- معرفة أهمية الوقت.
8- تحديد الأهداف التي تريد إنجازها
9- التلذذ بحلاوة كسب الوقت في الإنتاج المفيد [تشعرين بلذة عندما تنتجين شيئا]
10- تنويع الأعمال التي تقومين بها حتى لا تتعرضين للملل.
11- قراءة أخبار مغتنمي الأوقات
12- القناعة بوجوب التغيير
13- معرفة أنك ستواجه صعوبة في التغيير.
14- الدعاء
15- اختيار الجليس الصالح
لا يمكن للإنسان أن يعيش لوحده بل لابد له من جليس.. وهذا الجليس كما أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- إما أن يكون كحامل المسك أو كنافخ الكير، وليس هناك وسط بين هذا وذاك.. وعلى المرأة أن تختار جليستها الصالحة لأنها تعتبر خير معين على الاستفادة من وقتها. وحتى تعلمي أيتها المرأة مواصفات الجليس الصالح استمعي لهذا الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (قيل: يا رسول الله! أي جلساؤنا خير؟ قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في عملكم منطقة وذكركم في الآخرة عمله) الحديث صحيح.
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/120)
أصل عمل المرأة في بيتها
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
لا يشك عاقلٌ أنَّ عمل المرأة الأساس هو في بيتها، بل مملكتها الغالية، ففيه تتولى رعاية زوجها، وتلبية احتياجاته، وبين حُجر هذا البيت وأركانه تربي صغارها، وتغدق عليهم من حنانها وعطفها.
فالأصل إذاً هو قرار المرأة في البيت امتثالاً لقوله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (سورة الأحزاب: 33).
قال ابن كثير: "الزمن بيوتكنَّ فلا تخرجنَ لغير حاجة" [1].
وقال ابن الجوزي: "قال المفسرون: ومعنى الآية: "الأمر لهنَّ بالتوقيرِ والسكون في بيوتهنَّ وأن لا يخرجن".
وقال بكر أبو زيد- تعليقاً على الآية-: "فهو عزيمة شرعية في حقهن، وخروجهنَ من البيوت رخصةً لا تكون إلاَّ لضرورة أو حاجة" [2]
ولذا لم يعرف عن نساء السلف إلاَّ القرار في البيوت في أغلب الأحيان، وظل خروجهنَ من البيت استثناءً تقتضيهِ الحاجة أو الضرورة، كما سيأتي تقريرهُ بحول الله - تعالى -.
حتى إننا لنرى البيت يفوقُ المسجد في حق المرأة، فضلاً وثواباً متى أرادت أداء الصلاة، لما في البيتِ من صيانةِ المرأة وحفظها من مزاحمة الرجال، وضمانِ التصاقها الوثيق بأولادها أكبر قدر ممكن من الوقت، فقد روى أبو داود وغيره عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: (صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها) [3]
ومن العجيب إغفال البعض للدور العظيم الذي تقوم به ربات البيوت، واعتبارهِ عملاً هامشياً لا قيمة له، وأنَّ ما تنفذهُ من مهامٍ جسام داخل أسوار المنزل، هو ضربٌ من البطالة الاجتماعية، وأنَّها بذلك تظلُ طاقة معطلة أو مهدرة!!
وهي دعاوى كما ترى تفتقد الموضوعية والإنصاف، وتفصحُ عن مغالطاتٍ مقيتة، لا يقبلها العقل السليم والنظر المحايد.
بل إنَّ هؤلاءِ ليقعون ضحايا التناقضِ المكشوف، بصورة تثير الضحك، إذ لو خرجت المرأة من بيتها إلى ما يُسمى برياض الأطفال، أو دور الحضانة، لتتولى تدبير وإطعام بضعة أطفالٍ لساعاتٍ محدودة من اليوم، لعدت في نظر هؤلاءِ امرأةً عاملة ذات مردودٍ اقتصادي ايجابي، بينما بقاءُ المرأة مع أولادها الصغار طيلة ساعات اليوم، تطعمُ جائعهم، وتكسو عاريهم، وتغدقُ عليهم من حنانها بلا حُدود، فإنَّ هذا يعني في نظرِ القوم أنَّها عديمة الإنتاج، سلبية الأثر.
وأعجبُ من هذا!! أنَّ استقدام الخادمةِ إلى المنزل، وقيامها ببعض أدوار الأم ووظائفها البيتية، يصنفُ في نظر هؤلاء المغالطين، عملاً له اعتباره المهم، أماّ قيامُ الأم نفسها بأعباءِ منزلها، بأمانةٍ واقتدار، وتضحيةٍ وتفانٍ، فتلك مسألة فيها نظر!!
إنَّ العدل والإنصاف ليجبران كل ذي مروءةٍ وحياد، ألا يكتفي بما قررناه، بل يضيفُ إليه بلا منةٍ أو أذى، أنَّ المرأة في بيتها تقوم في واقع الأمر بما يقوم به عددٌ من الأيدي العاملة، ذوي الوظائف المختلفة، فلو توقفت المرأة عن عملها في المنزل، فإنَّ طهي الطعام، وتنظيف الثياب، ورعاية الأولاد وغيرها من المهام، ستكونُ من نصيب المطاعمِ والمغاسل العامة، ودور الرعاية والحضانة، أو من نصيب الخادمات الوافدات، أليس كذلك؟!!.
----------------------------------------
[1] ابن كثير، (2) زاد المسير لابن الجوزي 6/379
[2] الحراسة ص74
[3] أبو داود، (570)، قال بن كثير: وهذا إسناد جيد (ابن كثير6/406)
18/5/1426 هـ
2005-06-25
http://www.islamlight.net :المصدر
ـــــــــــــــــــ(82/121)
حواء و الصلاة
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
أخذت الصلاة أعظم نصيب من اهتمام نساء الصحابة- رضي الله عنهم- أجمعين، ومظهر ذلك تلك الروايات الكثيرةِ التي سجلتها دواوين الإسلام، تصفُ العديد من مشاهد ومواقف نساءَ السلف مع الصلاة.
فلو تتبعنا زياراتهنَّ المتتالية لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسألنهُ عن الطهارة والصلاة، لبلغ كماً هائلاً، فتلك تسألهُ عن الطهارة بعد المحيض، وهذه تسألهُ عن استحاضتها الدائمة، وثالثة تسألُ عن غسل الجنابة، ورابعة عن مشروعيةِ صلاتها في المسجد، وخامسةً عن المواقيت، وسادسة عن النوافل وهكذا.
وما ذلك إلاَّ ما يرينهُ- رضي الله عنهن- من عظمِ شأنِ الصلاةِ وكونها مسألةُ حياةٍ أو موتٍ وجنة ونار.
واليوم ننظر في واقع نسائنا، فنراهنَّ زاهداتٍ مُضيعات لهذه الفريضة الركن، فلا تؤدي إلاَّ بعد فوات وقتها، أو مجموعة أو متروكة بالكلية إلاَّ ما رحم ربي.
إنَّ الكثيرات يُؤخرنَ الصلاة عن وقتها لأتفهِ الأسباب؛ فقد يكونُ السبب انشغالها بتصفح جريدة، أو مجلة، أو مطالعةِ قصة، أو رواية، أو محادثة صديقة، أو زميلة، أو متابعةِ مسرحية، أو مشهد فضائي، أو حتى إعداد طبق، أو طهي وجبة طعام.
ثم إنْ تفضلت بأداءِ الفريضة فهي كالعادةِ نقر كنقر الغراب، والتفاتةً كالتفاتةِ الثعلب.
ولما أصبحت الصلاة بهذه الآلية المضطربة، هانت المعصيةُ والمخالفة في أذهان الكثيرات؛ فالصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر إلاَّ إذا أقيمت على الوجه المرضي شرعاً، وحين ألمت النساء بالمعاصي استولت الوحشة على صدروهن، وتمكنت الكآبة من نفوسهن، وساد القلقُ في حياتهن، وتسلطت الشياطينُ عليهن، ولسائلٍ أن يسألَ هل إلى خروج من سبيل؟
والجواب: إنَّهُ ليسيرٌ على من يسرهُ الله عليه، وإنَّهُ ليبدأ أولاً بمعرفةِ قدر الصلاة حق المعرفة، وإدراك أهميتها حق الإدراك.
وحسبنا أن نعلم ما استدلَ به عبد الله بن الشقيق- رحمه الله - ما كان من أصحابِ النبي- صلى الله عليه وسلم - يعدون شيئاً تركهُ كفر إلاَّ الصلاة، وهو مصداقُ قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) رواه مسلم.
وهذه لعمرِ الحق قوارعُ *** تهتزُّ لوقفها الجبال الصمّ!!
ومن بين سائر العبادات ظلت الصلاة واجبةً على الأعيان، لا تسقطُ بحالٍ مهما خارت القوى، وارتخت الأعصاب، ما دام للإنسانِِ عقلٌ وإدراك.
فهيا يا فتاة الإسلام أغيظي شيطانك، واقهري عدوك، وتناولي وضوؤك، وقفي بين يدي ملكِ الملوك، وقولي: ربِّ إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً فاغفر لي فإنَّهُ لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت.
وافتحي صفحةً جديدةً بصلاةٍ خاشعةٍ خاضعة، وسترين ساعتها انقلاباً عظيماً في حياتك، لا يعدله قلاعُ الأرض ذهباً، والله المستعان.
15/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/122)
المرأة والسياسة
* لماذا الحديث عن المرأة والسياسة.
* حقوق المرأة السياسية عند الأمم والحضارات والأديان غير الإسلام:
1- الكونفوشيوسية.
2- اليابانيين.
3- الفرس.
4- الهنود.
5- البابليين والآشوريين.
6- الفراعنة.
7- اليونان.
8- الإغريق.
9- اليهود.
10- النصارى.
11- العرب قبل الإسلام.
12- الشرائع الوضعية الحديثة.
* وجهة النظر الشرعية في توزيع الأعمال على الرجل والمرأة:
- الفروق الجسدية والنفسية والعقلية بين الرجل والمرأة.
- الفروق في التكاليف الشرعية.
- مواطن المساواة.
* المرأة والولايات العامة في الإسلام:
- الفرق بين الولاية العامة والولاية الخاصة.
- تولي المرأة رئاسة الدولة (الإمامة العظمى).
- تولي المرأة الوزارة.
- تولي المرأة القضاء:
- القضاء العام.
- قضاء المظالم.
- ولاية الحسبة.
- قضاء النساء والأحداث.
- الانتخاب.
- الوظائف السياسية:
- الإمارة على الجهاد.
- المخابرات.
- الشرطة.
- السفارة.
- ولاية الصلوات.
- ولاية الحج.
- ولاية الصدقات.
* المرأة والولاية الخاصة:
1- الولاية القاصرة:
- على النفس.
- على المال.
2- الولاية المتعدية:
- على النفس (الحفظ، التزويج)
- على المال.
3- أهمية الولاية الخاصة في الحياة الاجتماعية.
* المراجع:
1- حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء أو أن تكون وزيرة، الأمين الحاج محمد أحمد.
2- مهلاً يا صاحبة القوارير، يسرية محمد أنور، (دار الاعتصام - القاهرة).
3- المرأة والحقوق السياسية في الإسلام، مجيد محمد أبو حجير.
4- حقوق المرأة في الإسلام، محمد عبد الله عرفة.
18-09-2005
http://islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/123)
شهادة غربية (خطر المساواة بين الذكور والإناث في مناهج التعليم)
لقطات:
(1)
الحقيقة أن المرأة تختلف اختلافا كبيرا عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها..
والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء، بالنسبة لجهازها العصبي.
(2)
على النساء أن ينمين أهليتهن تبعا لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهن ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة..
(3)
أليس من العجيب أن برامج تعليم البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟..
يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط، بل أيضا على رعاية صغارها..
(4)
ينبغي أن تتلقى النساء تعليما أعلى لا لكي يصبحن طبيبات أو محاميات أو أستاذات، ولكن لكي يربين أولادهن حتى يكونوا قوما نافعين...
(5)
إن أهمية وظيفة الحمل والوضع بالنسبة للأم لم تفهم حتى الآن إلى درجة كافية، مع أن هذه الوظيفة لازمة لاكتمال نمو المرأة.. ومن ثم فمن سخف الرأي أن نجعل المرأة تتنكر للأمومة، ولذا يجب ألا تلقن الفتيات التدريب العقلي والمادي، ولا أن تبث في نفسها المطامع التي يتلقاها الفتيان وتبث فيهم..
شهادة غربية((خطر المساواة بين الذكور والإناث في مناهج التعليم))
عندما انتقد الدكتور كارل الحضارة المادية الغربية، في كتابه:
"الإنسان ذلك المجهول"..
لم يفته بطبيعة الحال أن يذكر ما جنته الأسر الغربية من تلك الحضارة، إنه لا يتردد في الحكم عليها بالانهيار..
نعم يذكر ذلك بصراحة، لأنه واقع ملموس شهده:
" قد انحلت روابط الأسر، ولم يعد للألفة والمودة وجود" ص27، هكذا يقول..
وما السبب في ذلك؟..
السبب:
مساواة الأنثى بالذكر في كل شيء:
- من حيث تلقي الفتاة التعليم ذاته الذي يتلقاه الفتى.
- ومن حيث إقحامها في أعمال الرجال..
وتبعا لذلك تأخير الزواج، واحتقار الأمومة، والانصراف عن تربية الأبناء..
ابتدأ المؤلف بذكر الفروق الطبيعية بين الرجل والمرأة، وخلص منها إلى خطأ المساواة بينهما في الوظائف والمهام، منبها النساء أنهن بوصف الأنوثة يلعبن دورا أسمى مما لو كن مقلدات للرجال،، يقول:
" إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة لا تأتي من الشكل الخارجي للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم، إذ أنها ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك..
إنها تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيمائية محددة يفرزها المبيض.
ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليما واحدا، وأن يمنحا قوى واحدة ومسئوليات متشابهة..
والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافا كبيرا عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها..
والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء، بالنسبة لجهازها العصبي.
فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين مثل قوانين العالم الكوكبي.
فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي.
فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعا لطبيعتهن دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهن ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة". ص109.
نفهم من كلامه وما يسوقه من أدلة، أنه يريد التأكيد على أهمية أمومة المرأة، وأنها الوظيفة الأولى والأهم في حياتها، حتى إنه ليؤكد أن التأخر عنها ينعكس على قدراتها العقلية سلبا، يقول:
" وعلى أي حال، يبدو أن النساء، من بين الثدييات، هن فقط اللائي يصلن إلى نموهن الكامل بعد حمل أو اثنين.. كما أن النساء اللائي لم يلدن لسن متزنات توازنا كاملا، كالوالدات، فضلا عن أنهن يصبحن أكثر عصبية منهن.. " ص110
إنه لا يدعو إلى أهمية الأمومة فحسب، بل يدعو ويظهر فضل الأمومة المبكرة، أي يدعو إلى الزواج المبكر، يقول:
" من الواضح أن الأفراد الذين ينتمون لأربعة أجيال متعاقبة يكونون بعيدين جدا عن التجانس، فالكهل وحفيده إن هما إلا شخصان غريبان تماما..
وكلما قصرت المسافة الزمنية التي تفصل بين جيلين كلما كان تأثير الكبار الأدبي على الصغار أكثر قوة، ومن ثم يجب أن تكون النساء أمهات في سن صغيرة، حتى لا تفصلهن عن أطفالهن ثغرة كبيرة لا يمكن سدها، حتى بالحب".. ص215
وفي أثناء حديثه لا يفوته أن ينكر انقلاب المفاهيم وتغيرها في بلاده، من حيث نظرة الناس إلى الأمومة، وانصراف الأمهات عن تربية أبنائهن بالعمل واللهو..
إن الطفل يتعلم أحسن العلم ويتربى أحسن التربية حينما يلقى الرعاية من والديه، فالمدرسة لا تصلح بديلا للبيت، وصحبة القرناء لا تكون ثقافة ولا تمنح ذكاء، ومن المهم أن تتضمن مناهج تعليم الفتيات دراسة مستفيضة عن الطفل ليكن مهيئات للتربية، يقول:
" يكاد المجتمع الحديث أن يهمل الإحساس الأدبي إهمالا تاما.. بل لقد كبتنا مظاهره فعلا..
فقد أشربنا جميعا الرغبة في التخلص من المسئولية، أما أولئك الذين يميزون الخير من الشر ويعملون ويتحفظون فإنهم يظلون فقراء وينظر إليهم بضيق وتأفف..
والمرأة التي أنجبت عدة أطفال، وأوقفت نفسها على تعليمهم بدلا من الاهتمام بمستقبلها الخاص ضعيفة العقل".. ص176
" لقد ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالا تاما..
ولهذا تترك الأمهات أطفالهن لدور الحضانة حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن، أو مطامعهن الاجتماعية، أو مباذلهن، أو هوايتهن الأدبية أو الفنية أو اللعب البريدج، أو ارتياد دور السينما، وهكذا يضعن أوقاتهن في الكسل.. إنهن مسئولات عن اختفاء وحدة الأسرة واجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أمورا كثيرة..
إن الكلاب الصغيرة التي تنشأ مع جراء من نفس عمرها في حظيرة واحدة لا تنمو نموا مكتملا كالكلاب الحرة التي تستطيع أن تمضي في إثر والديها، والحال كذلك بالنسبة للأطفال الذين يعيشون وسط جمهرة من الأطفال الآخرين، وأولئك الذين يعيشون بصحبة راشدين أذكياء، لأن الطفل يشكل نشاطه الفسيولوجي والعقلي والعاطفي طبقا للقوالب الموجودة في محيطه..
إذ إنه لا يتعلم إلا قليلا من الأطفال الذين في مثل سنه، وحينما يكون وحده فقط في المدرسة فإنه يظل غير مكتمل، ولكي يبلغ الفرد قوته الكاملة فإنه يحتاج إلى عزلة نسبية واهتمام جماعة اجتماعية محددة تتكون من الأسرة". ص306
" يجب علينا أن نعيد إنشاء الإنسان في تمام شخصيته الذي أضعفته الحياة العصرية ومقاييسها الموضوعة، كذلك يجب أن يحدد الجنسان مرة أخرى، فيجب أن يكون كل فرد إما ذكرا أو أنثى، فلا يظهر مطلقا صفات الجنس الآخر العقلية وميوله الجنسية وطموحه ...
وتجديد التعليم يحتاج إلى بصفة خاصة إلى قلب الأهمية النسبية المنسوبة إلى الأبوين والمدرسين في تكوين الطفل.. إننا نعلم أنه من المستحيل أن ننشيء أفرادا بالجملة، وأنه لا يمكن اعتبار المدرسة بديلا من التعليم الفردي..
إن المدرسين غالبا ما يؤدون عملهم التهذيبي كما يجب، ولكن النشاط العاطفي والجمالي والديني يحتاج إلى أن ينمى فيجب أن يدرك الوالدان بوضوح أن دورهما حيوي، ويجب أن يعدا لتأديته..
أليس من العجيب أن برامج تعليم البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟..
يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط، بل أيضا على رعاية صغارها". ص353
ثم إنه يطالب بالزواج طويل الأمد، لأجل مصلحة الأطفال، حيث إن الطلاق المبكر في بلاده في ازدياد، والعلاقات خارج نطاق الزوجية كثيرة، وهي تنتهي سريعا، ويدعو إلى تحديد نوعية تعليم الفتاة بحيث يكون مناسبا لأمومتها، يقول:
" يجب أن يحصل كل فرد على الأمن والاستقرار اللازمين لإنشاء الأسرة، ومن ثم ينبغي ألا يكون الزواج بعد الآن اتحادا مؤقتا فقط، فاتحاد الرجل والمرأة يجب أن يستمر على الأقل إلى أن يصبح الصغار غير محتاجين إلى الحماية، كما يجب أن تحسب قوانين التعليم، وبخاصة تلك التي تتعلق بالبنات، والزواج، والطلاق، حساب مصلحة الأطفال قبل كل شيء..
وينبغي أن تتلقى النساء تعليما أعلى لا لكي يصبحن طبيبات أو محاميات أو أستاذات، ولكن لكي يربين أولادهن حتى يكونوا قوما نافعين".. ص339
ثم يبين خلاصة رأيه في وضع المرأة،، فيقول:
"صفوة القول:
أن وجود الجنين، الذي تختلف أنسجته اختلافا كبيرا عن أنسجة الأم، بسبب صغرها، ولأنها جزئيا من أنسجة زوجها تحدث أثرا كبيرا في المرأة..
إن أهمية وظيفة الحمل والوضع بالنسبة للأم لم تفهم حتى الآن إلى درجة كافية، مع أن هذه الوظيفة لازمة لاكتمال نمو المرأة.. ومن ثم فمن سخف الرأي أن نجعل المرأة تتنكر للأمومة، ولذا يجب ألا تلقن الفتيات التدريب العقلي والمادي، ولا أن تبث في نفسها المطامع التي يتلقاها الفتيان وتبث فيهم..
يجب أن يبذل المربون اهتماما شديدا للخصائص العضوية والعقلية في الذكر والأنثى، وكذا لوظائفها الطبيعية، فهناك اختلافات لا تنقض بين الجنسين..
ولذلك فلا مناص من أن نحسب حساب هذه الاختلافات في إنشاء عالم متمدين".. ص110-111
تلك هي نظرته إلى المرأة والأسرة والطفل ...
وكما رأينا إنه يدعو، بعد أن درس طبيعة المرأة في تكوينها الجسدي والعقلي والعاطفي، وبعد أن لمس الآثار السيئة لخروج المرأة إلى سوق الرجل، يدعو إلى الرجوع إلى الفطرة، إلى الأسرة، التي لا تقوم إلا بالمرأة، التي تتفرغ من أجل صغارها، هي المحضن الفعلي والصحيح لتربية الأطفال، فالمدرسة لا يمكن أن تقوم بدور الأسرة، والأحسن للمرأة أن تتزوج في سن مبكر، كي يعظم أثرها في أبنائها..
يستنكر أن تتلقى الفتاة نفس تعليم الفتى..
يستنكر خلو مناهج تعليم الفتيات من مواد تختص بالأمومة والتربية..
ويعلن صراحة أنه ليس مهما أن تصبح الفتاة طبيبة أو أستاذة أو محامية أو غير ذلك..
إنما المهم أن تتعلم ما يعينها على تربية أبنائها.
وبعد:
فهل ترون فرقا بين ما يدعو إليه دعاة الحق، وبين ما دعا إليه الدكتور كارل فيما سبق؟..
لا فرق..
ما دعا إليه هو بالضبط ما يعلنه المصلحون من الدعاء والعلماء الذين يقفون في وجه مدمري الأسر والمرأة..
فكيف اتفق المؤمن والكافر؟..
كيف اتحدت فكرة دعاة الإيمان والدكتور النصراني كارل في قضية المرأة؟..
إنها الفطرة والتجرد..
معلوم أن كل إنسان مهما كان دينه، فهو لا يخلو من عقل..
فهذا الدكتور له عقل يفكر به، وقد نظر في علم الطب وفهم حقيقة الفرق بين الرجل والمرأة، ورأى الواقع الصعب الذي آلت الأسر في الغرب، عندما أخذت بمبدأ المساواة التامة بين المرأة والرجل، مخالفة بذلك الفطرة وحقيقة الحياة..
فرجع إلى فطرته وما تعلمه من علم صحيح فوجد الحل في أن تمارس المرأة عملها الرئيس، الأمومة والتربية، وأنه يجب أن تهيء لهذا العمل منذ البداية، وأن من تعاليم الحضارة السيئة إخراج المرأة من بيتها للعمل مع الرجال، وتعليمها نفس تعليم الذكور..
ها قد شهد شاهد من أهلها..
ما أحسن الاعتبار، والسعيد من وعظ بغيره.. لكننا نرى قومنا يرفضون الاعتبار..
قلنا لهم: إن الله - تعالى -فرض على المرأة القرار في البيت، بقوله:
{وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}..
وهذا حكم عام في حق جميع النساء، ليس مختصا بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، كما يزعم بعضهم، فالأحاديث في المعنى كثيرة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -:
(إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها) صحيح رواه ابن خزيمة 3/93،
وهذا لا شك عام..
قالوا: تريدون حبس المرأة؟..
أليس كانت تخرج تعمل، تبتاع وتشتري، وتمرض الجرحى، وتطوف وتسعى؟..
قلنا: نحن لم نحبسها، إن كنتم ترون قرارها في البيت حبسا، فالله - تعالى -هو الذي حبسها، مع أنا لا نسمي قرارها في البيت حبسا، فالمحبوس مذنب لا يخرج إلا بعد انتهاء مدة العقوبة، أما المرأة فلها أن تخرج متى شاءت إذا كانت ثمة ضرورة، إذن ليست مذنبة، وليست محبوسة..
أما أن المرأة كانت تخرج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتعمل وتبتاع وتشتري ونحو ذلك..
نعم كان ذلك..
لكن هل خروجها في ذلك الزمان كالخروج الذي يطالب به دعاة تحرير المرأة اليوم؟..
لا.. كان الأصل أن تقر في بيتها، ولا تخرج إلا للضرورة، لكن هؤلاء يريدون الأصل فيها أن تكون داخلة خارجة، كالرجل تماما.. وشتان بين الأمرين..
ثم إن العادة في ذلك العهد هو خروج الكبار المتزوجات، أما المخدرات الأبكار فلم يكن يخرجن إلا نادرا..
ولذا احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحث ويأمر المسلمين بإخراجهن إلى العيد، كما في حديث أم عطية: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العيدين أن نخرج العواتق وذوات الخدور) مسلم 2/605..
لكن هؤلاء ينادون بخروج المرأة عموما، وبخاصة الأبكار وصغيرات السن، اللاتي هن محل الفتنة.. فهم لا يبالون بالنساء اللاتي فوق الأربعين..
إنما غرضهم الفتيات ما دون ذلك خاصة ما حول العشرين..
ودعاة تحرر المرأة يسعون اليوم حثيثا إلى المساواة التامة بين الذكر والأنثى، في التعليم والعمل.. ومقصودهم هو رفع الحجاب وبث الاختلاط..
وبدون ذلك لن تتحقق المساواة في نظرهم..
وهم دوما يستشهدون بالغرب في هذا المجال يقولون: لما نبذ الغرب تلك العادات البالية الفصل بين الجنسين تقدموا وفاقوا العالم.. ونحن لازلنا متأخرين لإصرارنا على الفصل بين الجنسين..
فما عساهم أن يقولوا إذا سمعوا شهادات علماء الغرب ومفكريهم في التأكيد الشديد على أن المساواة التامة بين الجنسين، واقتحام المرأة أعمال الرجال، وتركها لوظيفة الأمومة، هو الخطر الكبير على حضارتهم؟..
إن الذين عاشوا تجربة إخراج المرأة من بيتها يعلنون بصراحة أنها كانت فاشلة، تسببت في محو الأسر، وتشرد الأطفال، ونشوئهم محرومين من الحنان والعاطفة والتربية، وما يتبع ذلك من الانحراف، وهم الآن يحاولون إرجاع المرأة إلى بيتها:
فبعض الدول الأوربية تعطي جوائز لأحسن أم، وكثير من النساء اللاتي بلغن مناصب عالية في شركات كبيرة يستقلن ويعلن أن المكان الصحيح لهن هو البيت والأمومة، وكثير من الكليات والمدارس في أمريكا وأوروبا نسائية مائة بالمئة..
وأمام كل هذه الأدلة، الشرعية منها والواقعية، لا ندري لم يصر دعاة حقوق المرأة من بني جلدتنا على الترويج لإخراج المرأة من بيتها، والزج بها في أعمال الرجال والاختلاط بهم؟!
إن أرادوا نصوصا شرعية تحرم الاختلاط، وتوجب قرار المرأة في بيتها، والحجاب، فهي كثيرة رددناها مرارا وتكرار..
وإن زعموا أن تطور الغرب كان نتيجة خروج المرأة إلى العمل، فالغرب نفسه منذ ستين سنة وإلى اليوم يعلن عكس ذلك..
إذن كل الأدلة لا تقف مع دعاة خروج المرأة للعمل، بل هي ضدهم، لكنهم مع لا يؤمنون، فإما أنهم لا يفهمون، أو أنهم من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا..
وهم يربطون بين حضارة الغرب وخروج المرأة لغرض في نفوسهم، فإذا ما جوبهوا بالحقيقة، واعترافات مفكري وعلماء الغرب بعكس ذلك، لاذوا بالصمت..
لكن الأهم من هذا عموم الناس، الذين ليسوا من المصلحين ولا من المفسدين، بل هم من المتفرجين..
هؤلاء للأسف الشديد، بعضهم لأجل حفنة مال لا يمانع أن يخدم ابنته في عمل بين الرجال، يحطم أنوثتها ومستقبلها، وهو يزعم أنه يريد أن يحفظ مستقبلها، متناسيا خطر وجود الفتاة بين الرجال، فلهذا نقول:
إذا كنت ضعيف الإيمان بكلام الله - تعالى -، ولا تجد في نفسك خضوعا لأوامره، فلا أقل من أن تتعظ بتجربة الغرب في هذا المجال، وشهادات العقلاء منهم بخطر إخراج المرأة عن وظيفتها والزج بها بين الرجال..
فلعل ذلك يكون منبها لك أن تحذر المهالك في حق من وليت أمرهم..
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/124)
العلم يثبت أن الأمريكيات ناقصات عقل !
عزيز محمد أبوخلف
هل يعني هذا أن نقصان العقل لم يعد يقتصر على المسلمات فقط؟ ولكن كيف هذا وأمريكا بلد شاسع فيه مسلمات أيضاً؟!. من المرجح أن هذا العنوان سوف يثلج صدر من يفسر حديث ناقصات عقل ودين بأن المرأة مهما كانت جنسيتها فهي ناقصة الذكاء، ولا تصلح لما يصلح له الرجال. ولكنه، بالمقابل، قد لا يريح من يفسر الحديث بأنه مجرد مزحة أو هزار أو دعابة أراد الرسول - عليه السلام - أن يروح بها عن قلوب النساء المسكينات في يوم العيد، يوم الفرحة والسرور.
وهذا الرأي الأخير روج له علماء ودعاة مثل القرضاوي والبوطي وعمرو خالد وغيرهم، حتى تجرأ الأخير وقال بأن الرسول - عليه السلام - كان "يهزر" مع النساء. ولكن ما بال العلم يقتصر في قراراته على الأمريكيات؟ هل نشم في هذا رائحة التحيز والتمييز العنصري العلمي ضد نساء أمريكا مثلاً؟.
بداية القصة
عالم الاجتماع الأمريكي شارلز موري مثير للجدل، وهو من طليعة المفكرين المحافظين المدعومين مالياً من قبل المؤسسات اليمينية في أمريكا. أثار ضجة كبرى في أمريكا قبل سنوات في كتاب له أسماه منحنى الجرس، بين فيه أن الزنوج والجنس الأسود عموماً هم أقل ذكاء من البيض. وقد تعرض لانتقاد لاذع وصل إلى حد وصفه بأنه أشبه بالمسيح الدجال. ثم ما لبث أن نشر مؤخراً مقالة في إحدى المجلات بين فيها أن النساء ينقصهن الذكاء الجيني الفطري الذي يؤهلهن للبروز في مواضيع العلم الصعبة كالرياضيات.
وكان العالم لورنس سومرز قد سبقه بملاحظات علنية عابرة مفادها أن الأبحاث تشير إلى حصول الطلاب على علامات أعلى من الطالبات في فحوص الرياضيات. وقد أثارت هذه النتائج تعجب سومرز وتساءل عما إذا كان هذا يعود إلى فروق بيولوجية بين الجنسين لصالح الرجال. لكن هذه الملاحظات العابرة ما لبثت أن تعرضت لهجوم قاس وعنيف أدى إلى إسكاتها ودفنها في مهدها، وإلى تراجع صاحبها عنها واعتذاره العلني للجنس اللطيف عما بدر منه طالباً العفو والسماح. أما صاحبنا موري فلا يبدو أنه يكترث كثيراً بغضب النساء، كما لم يكترث من قبل لغضب السود، لأن المسألة برمتها وفي نظرة تعود إلى حقائق وبيانات إحصائية وليست مجرد رأي شخصي.
الدليل على نقصان عقل الأمريكيات
يستند موري إلى ما يراه حقائق علمية وبيانات إحصائية تؤكد وجود الفروق بين الجنسين من حيث الذكاء. لقد بينت فحوص الرياضيات المعتمدة في أمريكا (وبالأخص فحص سات) أن نسبة المتفوقين من الذكور إلى المتفوقات من الإناث هي كنسبة سبعة إلى واحد. ويؤكد علماء التطور البيولوجي على أن الذكر يبدي مهارات أعلى في الرؤية الثلاثية الأبعاد، في حين تتفوق الأنثى في مهارات التذكر. كما أن أدمغة الرجال أكبر من أدمغة النساء على الرغم من أن أبحاث علم النفس القياسي تقول بتساوي مقياس الذكاء بين الجنسين.
وتؤكد أبحاث علم الأعصاب أن المناطق الدماغية المسؤولة عن الإدراك المكاني أكبر عند الرجال منها عند النساء. وهذا الفرق الأخير هو الذي ينعكس على الفروق القياسية في فحوص الرياضيات المشار إليها في نظر موري.
وهذا لا يمنع، في نظر موري، من وجود حالات فردية متفوقة في وسط النساء، ولا يمنع كذلك من تفوق النساء في مجالات أخرى مثل المحادثة ومهارات الاتصال. لكن الملاحظ أن نسبة الفائزات بجائزة نوبل لا تتعدى اثنين بالمائة في القرن العشرين. كل ذلك يؤكد وجود الفوارق الفطرية الغريزية بين الجنسين من حيث الذكاء، وافتراض أن تحسين البرامج وتعديل القوانين كفيل بإلغاء هذه الفروق هو فرض خاطئ. والدليل على ذلك أن المساواة لم تحرز أي تقدم في تقليل الفجوة بين هذه الفوارق على مدى السنين. فلا بد من التسليم للرجل بتفوقه في امتلاك روح المخاطرة والتحدي والمنافسة والعدوانية، وحيازته هرمون التستوستيرون الذكوري الذي يؤكد هذا التفوق. هذا مع أن الأمومة ورعاية الأطفال قد تؤثر في عدم تفوق النساء لكنها تبقى عوامل غريزية نسائية.
مناقشة آراء موري
حاولت تلمس بعض العزاء للمرأة السوداء في كلام هذا الرجل، لكن التحليل المنطقي البسيط لما قاله يبين أن الرجل الأبيض هو في رأس قائمة الذكاء، ثم تليه المرأة البيضاء، ثم الرجل الأسود ثم المرأة السوداء. فلا عزاء للسوداوات اذن وقد صرن في أسفل السلم الذكائي وفق هذا التصنيف العلمي الأمريكي!. وغني عن البيان هنا أن الأسود يتضمن كل ما هو غير أبيض.
من الواضح أن هذا العالم يجري بعض الأبحاث والبيانات الإحصائية لصالح توجهاته المتطرفة والعنصرية. فما يسميه حقائق علمية وبيانات إحصائية لا يمكن أن تعكس الحقيقة بحال. فليس لوزن الدماغ وحجمه أية أهمية تذكر في ترسيخ الفوارق من ناحية الذكاء، ومن ثم تسقط فرضية تباين حجم المناطق الدماغية بين الرجال والنساء. أضف إلى ذلك إغفاله عوامل هامة جداً في تحديد الفوارق العقلية وهي الخبرة والمعلومات، وانشغال المرأة بأمور الأمومة وتربية الأطفال، وقد أشار هو إلى هذا العامل الأخير لكنه أصر على جعله عاملاً غريزياً فعالاً في تعميق الفوارق.
لا بد أن نؤكد هنا أنه ليس للمرأة من ملاذ آمن إلا في الإسلام وبالإسلام، فهو النظام الوحيد الذي يحقق لها السعادة في الدارين على الرغم من كل ما يشاع من أفكار خاطئة وتشويه لمكانة المرأة في الإسلام. وقد كنت بينت في عدة مقالات لي أن الإسلام لا ينتقص من عقل المرأة بأية حال، وأن الذكاء ليس هو مقياس العقل في الإسلام، فلك أن تتصور امرأة مسلمة تقية بأدنى مستوى من الذكاء فإنها ستدخل الجنة قبل اينشتاين ومن ماثلة من ذوي الذكاء العالي الذين لم يسعفهم ذكاؤهم في الدخول في الدين الذي ارتضاه الله.
ولنؤكد ذلك نذكّر ببعض الآيات القرآنية. قال - تعالى -عن الكفار: (أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) البقرة 170، وقال - تعالى -: (ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) المائدة 103. ومن المعلوم أنه يوجد في هؤلاء الرؤساء والعلماء والأذكياء، فكيف تكون المرأة أنقص عقلاً من أي منهم وقد نفى الله عنهم العقل بالكامل أو عن أكثرهم، كما هو واضح في هذه الآيات؟ كل هذا يجعلنا نؤكد أن قضية العقل ليست كما هو شائع بين الناس، ولا كما هو مصطلح عليه في علوم الذكاء وغيرها، بل هي قضية إيمانية، ولا عبرة فيها بمستوى الذكاء.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/125)
عزنا في صلاح نسائنا
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
لقد نظر الأعداء إلى تاريخ الأمة الإسلامية، ودرسوا العوامل التي أدت إلى قوة هذه الأمة، ولا شك بأن العامل الأساسي هو العقيدة، فوجدوا أنَّ للمرأة المسلمة دوراً في غرس العقيدة في نفوس أبنائها، فعز عليهم أن تجود المرأة المسلمة على أمتها كما جادت من قبل بالعلماء العاملين، والمجاهدين الصادقين، فصار همهم أن يعقموها من أن تلد مثل عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين الأيوبي، وعائشة بنت الصديق، وأسماء ذات النطاقين، والخنساء، ولقد ظلت المرأة المسلمة طيلة القرون الخالية، مصونةً متربعةً على عرشها، تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفر بشمالها، فراح الأعداءُ يحيلون المؤامرة تلو المؤامرة، وينصبون لها الشباك، ويحتالون بشتى الحيل، إلى أن تم لهم ما أرادوا، ولم يسحبوا جيوشهم من بلادنا إلا وقد اطمأنوا على أنهم خلفوا وراءهم جيشاً أميناً على مأربهم وأغراضهم، حفيظاً على عهودهم، فمثلاً في قادة الفكر والأدب والفن والرياضة. لقد نظر الأعداء إلى المرأة المسلمة فوجدوا أنَّها خطر وأي خطر، وأنَّها سلاحٌ لا يوازيه سلاح، ويكفينا أن نُلقي نظرة على سيرة الصحابيات والتابعيات، لنرى العجب، وإليكم موقفاً من المواقف الذي كان له أكبر الأثر في معركةٍ من أكبر المعارك، ففي وقعة اليرموك حمل المسلمون على الروم حملةً منكرة، ودارت بينهم الحرب كما تدور الرحى، وتكاثرت جموع الروم على ميمنة المسلمين، فعادت الخيل تنكص بأذانها راجعةً على أعقابها، فنظرت النساءُ إلى خيل المسلمين وهي منهزمة، فنادى بعضهنَّ بعضا: يا بنات العرب، دونكنَّ الرجال، ردوهم من الهزيمة حتى يعودوا إلى الحرب. قالت سعيدة بنت عاصم الخولاني: كنتُ في جملةِ النساء يومئذ على التل، فلمَّا انكشفت ميمنة المسلمين صاحت بنا عقيرة بنت غفار، ونادت: يا نساء العرب، دونكنَّ الرجال، واحملنَّ أولادكنَّ على أيديكن، واستقبلتهنَ بالتحريض، فأقبلت النسوة يرجمن وجوهَ الخيل بالحجارة، وجعلت ابنة العاص بن منبه تُنادي: قبح الله وجهَ رجلٍ ينظر عن حليلته، وجعلت النساء يقلنَّ لأزواجهن: لستم لنا ببعولة إن لم تمنعوا عنا هؤلاء الأعلاج، فرجعت بفرسانٍ تحرض الفرسان على القتال، فرجع المنهزمون رجعةً عظيمة، عندما سمعوا تحريضَ النساء، وخرجت هند بنت عتبة ومن خلفها نساءَ المهاجرين، ثُمَّ استقبلت خيل ميمنة المسلمين، فرأتهم منهزمين، فصاحت بهم: إلى أين تنهزمون؟ وإلى أين تفرون؟ من الله ومن جنته؟ هو مطَّلعٌ عليكم.
ونظرت إلى زوجها أبي سفيان منهزماً، فضربت وجهَ حصانه بعمودها، وقالت له: إلى أين يا ابن صخر؟ ارجع إلى القتال، ابذل مهجتك حتى تمحص ما سلف من تحريضك على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، قال الزبير ابن العوام: فعطف أبو سفيان عندما سمع كلام هند، وعطف المسلمون معه، ونظرتُ إلى النساء وقد حُملنَّ معهم، وقد رأيتهنَّ يسابقنَّ الرجال، وبأيديهنَّ العمد، ولقد رأيت منهن امرأةً وقد أقبلت على علجٍ عظيم وهو على فرسه، فتعلقت به، وما زالت به حتى نكبته عن جواده وقتلته، قال الزبير: وحمل المسلمون حملةً منكرةً لا يريدون غير رضا الله ورسوله، فانكسر الروم.
فهذا موقفٌ من مواقف نساء السلف، فشتان بين امرأةٍ تحضُّ الرجال هذا الحض على الصمود في وجوه الأعداء، حتى كان النصر، وبين امرأةٍ تسعى في هدم بنية مجتمعها، وتصغي بآذانها لأصوات دُعاة الشيطان، الذين يريدون أن يقفوا في وجه هذا الدين، شتان ما بين الفريقين.
لهذا كله نجدُ الأعداءَ فرحوا فرحاً عظيماً بالنكسة التي أصابت المرأة المسلمة، فهذا الكاتب الألماني هلمنس دورفر، في كتابه العبور العظيم والروح الجديدة لمصر، يقول: لقد عشتُ في القاهرة كمراسل صحفي من عام 1956 حتى عام 1961م، ومنذُ هذا التاريخ كانت طبيعة عملي وراءَ حضوري إلى المنطقة بين الحين والحين، وكنتُ أفضلُ دائماً الإقامة بجوار النيل، إنَّ التغيير الهائل الذي طرأ على القاهرة عاصمة الملايين معروفٌ للجميع، فقد انتقلت هذه المدينة الضخمة من الطابع الشرقي، حيث كانت النساءُ يرتدين الأحجبة، والرجال يرتدون الطربوش إلى عاصمةٍ كبرى، ولم تعد الفتيات اللواتي يرتدين البنطلونات والملابس العصرية يلفتن نظر أحد، أو يقابلنَّ بدهشةٍ واستغراب، وأصبحت العلاقات بين الجنسين علاقة سوية، لا تتخلها رواسب الجاهلية، التي استمرت فتراتٍ طويلة في الشرق، ويكفي أن نعلم أنَّه منذ (20) عاماً فقط كان (90%) من الرجال في القاهرة يرتدون الجلباب، وكانت النساء تقريباً يرتدين الحجاب، أما اليوم فإنَّ القاعدة العامة هي ارتداء البدل العصرية، وعلى أحدث موضة في الغرب، وبالنسبة للنساء فإنَّه حتى في أكثر المناطق شعبية لم نعد نرى الحجاب.
لقد فرح هذا الصحافي الألماني بهذا الذي حصل في بلدٍ من بلاد المسلمين، فما ظنكم به إذا حصل في بلدٍ هو قبلة المسلمين؟ ((وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)) (النساء: من الآية89).
ومنذُ وقتٍ قريب نشرت جريدة الأمة أن رئيس أمريكا ريجان، وجَّه إليه أحد الصحفيين سؤالا يقول فيه: (متى تنتهي مهزلة ما يحدث في بيروت والدماء تنزل؟) فأجاب رئيس أمريكا في غرور: (إننا لا نزالُ صليبيين، ولابدَّ من إنهاءِ المناوشات بين المسلمين واليهود، وحماية اتباع المسيح في لبنان من المسلمين الغرباء).
وإننا والله لسنا معذورين، ولنا في ما أصاب إخواننا في بقية البلدان عبرةً وأي عبرة، فلا يجبُ أن نستهين بالأمور، ونساؤنا ولله الحمد لازلنَّ في معظم مراحل التعليم معزولات عن الرجال، وإن كان هُناك بعض الهنات، والخشية أن يتولى أمورهنَّ أيادٍ مشبوهة، أو أيادٍ لها تاريخ أسود، حتى وإن تمشيخت، فإبليس ما أخرج الأبوين من الجنة إلاَّ بعد أن أعلن النصح لهما، فعلينا أن نصحوا من سباتنا وغفلتنا، وإنَّ غداً لناظرهِ قريب.
22/2/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/126)
خطة رمضان .. !
أ. غادة أحمد
أراكِ قد أعددت وبتفوق خطة محكمة تستقبلين بها هذا الشهر الكريم، تنظيم الوقت عندك أكثر من رائع، كم هو جميل حرصك على اجتماعك وزوجك وأولادك في أول ليلة من هذا الشهر الكريم، وما أعذب حديثكم عن فضل رمضان، وعظيم الأجر والثواب فيه لكل عمل صالح، وأحسب أنكم ستناقشون إلى أي مسجد ستذهبون لأداء التروايح، وبالتأكيد لن يفوتك تقسيم الأعمال على كل أفراد الأسرة؛ حتى يتسنى لك وقت للعبادة، فلا يستغرق كل يومك في شؤون المنزل..
كم هي مشجعة تلك المسابقة التي قمت بإعدادها لأولادك ليتسابقوا في حفظ سورة أو أكثر من كتاب الله - تعالى -، وكم سيكون مفيدا تخصيص نصف ساعة يوميا للاجتماع حول تفسير بعض الآيات، كما أنك ـ بارك الله فيك ـ لم تنسي حق أرحامك وجيرانك في الصلة، وتفقد أحوالهم، وتخوّلهم بالكلمة الطيبة، وما يتلمسه عقلك الواعي من موعظة رقيقة يحتاجون إليها، أو طعام بسيط معه هدية تذكر بفضل هذا الشهر الكريم، وما أحلى ترديد الصغار (آمين) خلف دعائك أنت وزوجك قبيل المغرب..
وفي كل عام لك لمسات وإضافات، لا حرمك الله منها، وزادك من فضله، ولكن...
ماذا عن قلبك؟!
أتراكِ أعددتِ له خطة، أم أنك مطمئنة أنه على ما يرام؟
هل كان لك معه وقفات تدبرت فيها الحكمة من كثرة ترديد الحبيب صلى الله عليه سلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك) كما رواه مسلم عن عائشة وغيرها؟
ما الذي سيدور في خلدك إذا تذكرت قول ابن القيم: (كن حارسا على أبواب النفس من جميع جهاتها وإلا دخل العدو) الوابل الصيب.
والقلب جهة.. لكم أغرت الشيطان، ومازال، ومهما احتل من أجزائنا إلا أنه لا يقنع بأقل من النفث والوسوسة فيه. أم لعلمك أن سجنه في هذا الشهر العظيم سيجعل قلبك في مأمن منه، ولكن ماذا عن تراكمات الشهور السابقة من شهوات خفية، وحب وبغض.. أتراه كان في الله ولله، أم كنا نحسب أننا نحسن صنعا؟ ونوايا أتراها كانت لله خالصة، أم وصل التلوث فيها إلى حد مخيف؟
هل سنستطيع أن نتخلص من كل ذلك، ونزكي هذا القلب في ليلة واحدة، أم أن الأمر يحتاج إلى خطة محكمة، ومتابعة ومراقبة ومحاسبة؟! يقول الرافعي: (إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة حولك، وتترك الفوضى في قلبك).
إن تنظيم الحياة دون الالتفات إلى القلب سيجعلنا نسير في أيامها صورا جميلة منسقة، ويا ليت الصور كانت هي محل النظر من الله - تعالى -.. إذن لهان الأمر، ولكن (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم عن أبى هريرة.
وليزداد الشأن خطورة.. إذ سلامته هي مصدر النفع الوحيد في الدنيا والآخرة (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء 88-89.
فهلا راجعنا خطتنا، وفقهنا أولويات احتياجاتنا، أم سيقف التسويف عقبة كؤودا في طريقنا؟! ولكن ومضات تشيع في النفس الأمل، وتحفز الهمم، نلمح سناها من قوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت69.
فلنبدأ من الآن..!
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/127)
هكذا أتمنى أن تكون أمي
مؤمنة الشلبي
1- أتمنى أن تكون أمي وكل أم مسلمة من أرهف الإسلام مشاعرها، وفتح نوافذ البصيرة في نفسها، فأضاء لها معالم الطريق الذي ستسير عليه في تربية أبنائها، وتوجيههم بعيداً عن الخطر الذي يدسه لهم أعداء هذا الأمة، متبعة في ذلك شتى الأساليب التربوية النبوية.
2- أتمنى أن تكون أمي على قدر كبير من الوعي والثقافة بما يدور حولها من مؤامرات ودسائس تحاك لها بدقة وتدبير؛ لصرفها عن مهمتها الأساسية في تربية أبنائها الذين هم شباب الإسلام وسده المنيع.
ولتنهمك هي بتوافه الأمور وصغائر الأعمال من إغراءات دنيوية مثيرة، وزخارف فانية، وموديلات جذابة كذابة، وشهوات تؤجج، وزينة هدامة، وتقليد أعمى لأولياء الشيطان وجنود إبليس.
3- أتمنى أن تكون أمي وكل الأمهات المسلمات على يقين أن وظيفة الأم المسلمة لا تقتصر على العناية بالأطفال من حيث المأكل والمشرب والملبس فقط، فهذه هبة من الله أعطيت لها، إنما هي المسؤولية الكبرى تجاه الأبناء والتي طوق الله بها عنقها، وجعلها بمقتضاها مسؤولة عن تربية أولادها تربية إسلامية قائمة على مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات فيشبوا مهيئين لتحمل المسؤوليات، وقادرين على نشر الإسلام بقلوب مؤمنة ونفوس صافية.
4- أتمنى من أمي أن تغرس العقيدة الإسلامية في نفوس أبنائها، وأن ترشدهم إلى الحلال والحرام، وتدربهم على العبادات التي تناسب أعمارهم كالصلاة والصيام والصدقة، كما تحرص على أن تطرب أسماعهم بقصص السيرة، وقصص أبطال الإسلام وعلمائه؛ لتثير في نفوسهم حب العلم والعمل والبطولة والجهاد في سبيل الله.
5- أتمنى من أمي أن تنصب من نفسها حكماً بين أبنائها، فلا تظلم ولا تجور، ولا يذهب بها الهوى أن تميل مع بعض أبنائها دون البعض، بل تخصهم جميعاً بحبها وعدلها، وتعترف بالفروق الفردية والعقلية بينهم، فلا تطالبهم فوق طاقاتهم، وقدراتهم العقلية والجسمية المختلفة ما بين صغير وكبير وذكر وأنثى.
6- أتمنى من أمي أن تحرص على سلامة الجو العائلي من الخصومات التي تؤدي إلى اضطراب شخصية الطفل وضعفها، مستخدمة من سيرة رسول الله وصحبه المنهل الذي تنهل منه في كل موقف لها مع أبنائها.
7- أتمنى من أمي أن تعلم أنها موضع القدوة لأبنائها، فهي معقد نظرهم ومنار حياتهم، فإن هي أحسنت وقرنت القول بالعقل غرست فيهم السلوك الراشد والعادات الحسنة، وجعلت منهم شباباً صالحاً يكون موضع أمل الإسلام وعدته.
8- أتمنى من أمي أن تتيح لأبنائها التمتع بطفولتهم من لهو ولعب، وأن تختار لهم الألعاب المناسبة لعقولهم، ضمن إمكانيات الأسرة، وضمن حدود ما أباحتة الشريعة الإسلامية.
9- أتمنى من أمي أن تحرص على إيجاد جو من الحرية؛ ليتمكن أبناؤها من التعبير عن أنفسهم وحاجاتهم دون خوف أو خجل أو تردد.
10- وأخيراً أتمنى من أمي ومن كل أم مسلمة - بعد أن تستفرغ كامل جهدها لتعذر إلى الله بالأخذ بجميع الوسائل والأسباب المشروعة - أن تستغرق بالدعاء وبسط أكف الضراعة إلى الله - عز وجل -؛ تناشده توفيقها وإصلاح ذريتها؛ فإن الله - سبحانه - وحده هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/128)
رأي فتاة
عبد الله بن عقيل الطيار
وتبقى الفتاة المتحجبه، المعتزة بدينها، الفخورة بإسلامها وإيمانها تقول لدعاة السفور بملء فيها: القضية قضيتنا، والأمر يخصنا، ولا نريد إلا ما أراده الله لنا.
ومن عزنا التمسك بكتاب ربنا وشعارنا قرارنا في بيتنا لا: ليد تريد أن تنال من شرفنا، ولا أخرى للسان يريد أن ينال من عفافنا، ولا ثالثة، بل لاءات متكررة لكل خطوة تنحدر بنا إلى مهاوي الردى.
جنتنا (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وسياجنا (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ...) حِمانا (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.... ).
وأنتم يا دعاة السفور: إن تخليتم عن رسالة القوامه، وسلكتم مسلك الغواية، وعصيتم ربكم وأطعتم عدوكم... فما بالكم تحسدوننا على الطهر والعفاف، وتستكثرون علينا النور والإيمان.
ولكن لقد خاب ضنكم، وأبطأت خططكم (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ).
كلما هدمتم طوبة أفاقت الأمة فبنت حائطاً، ها هي المرأة التي غربت قبل مائة سنه عادت بالحجاب الشرعي الساتر، عادت ومعها حفيداتها، عادت رغم قسوة الحياة وقسوة التغريب.
إننا نعلم علم اليقين أن الخير والشر في نزال حتى تقوم الساعة، والله غالب على أمره، والعاقبة للمتقين، وقد أخبر الله عن الكافرين أنهم ينفقون أموالهم ليصدو عن سبيل الله (فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ).
10 / 2 / 1426 هـ
http://www.toislam.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/129)
أقوال العلماء في خروج المرأة من بيتها
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
هذه مجموعة من أقوال العلماء، اتفقت آرائهم على أن خروج المرأة فيه من المفاسد الشيء الكثير، والخير كل الخير أن تبقى في بيتها كما أمرها ربها جل جلاله، ووجهها إليه نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن تلك الأقوال ما يلي:
يقول العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (ترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعاً للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنوياً، وعند ذلك يصبح المجتمع شكلًا وصورةً لا حقيقة ومعنى) [1].
يقول الأستاذ (محمَّد محمَّد حسين) - رحمه الله تعالى -: (وفي الوقت الذي يتجرع فيه الغرب آثار خروج المرأة على فطرتها ووظيفتها؛ كان بعض كتابنا ومفكرينا ينادون بأن نأخذ في ذلك الطريق، الذي انتهى بالغرب إلى ما هو فيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية، هزَّت دعائم مجتمعه هزاً عنيفاً، أفقده استقراره واتزانه، وعرَّض سلامته وكيانه لأشدَّ الأخطار، ولقد يبدو للدارس المتأمل أنَّ المرأة لا توضع الآن حيث تدعو الحاجة- صحيحة كانت أو مزعومة - إلى أن توضع، ولكنها توضع لإثبات وجودها في كل مكان، ولإقحامها على كل ما كان العقل والعرف ينادي بعدم صلاحيتها له، فليس المقصود بتوظيفها في هذه الأيام سدّ حاجة موجودة، ولكن المقصود هو مخالفة عرف راسخ، وتحطيم قاعدة مقررة، وإقامة عرف جديد في الدين وفي الأخلاق وفي الذوق، وخلق المبررات والمقومات، التي تجعل انسلاخنا من إسلامنا وعروبتنا وشرقيتنا أمراً واقعاً، كما تجعل دخولنا في دين الغرب، ومذاهب الغرب، وفسق الغرب أمراً واقعاً كذلك).
قال الدكتور لطفي الصباغ: (إن الكيد الذي يكاد للمسلمين، كان قسم كبير منه موكولاً إلى المرأة لإفسادها، وإخراجها إلى ميدان الفتنة والابتذال، ولقد كانت المرأة هي الخاسرة في هذه المؤامرة القذرة، وبخسارتها العظمى فقد المجتمع توازنه وسعادته، وأمنه وراحته، وإنني من أجل هذا أقدم هذه الرسالة نصيحة والد إلى بناته وفتياته، أحذرهن من الخطر المحاق، والمهانة الضخمة، والضياع في الدنيا والآخرة، والسقوط في نظر الناس جميعاً، فاسقين وصالحين.
أقدمها وأنا في سن الخمسين، ولا هم لي إلا أن أجنب أمتي المزيد من الأخطار، مما رأيت وسمعت خلال تجربتي الطويلة، أن هناك تآمراً رهيباً ضد المرأة المسلمة، يقوم به ناس لا يخافون الله ولا يخشون العار ولا الفضيحة، لأنهم ليسوا متدينين غيورين، فليس لكثير منهم زوجات ولا بنات، ولا يتقون يوماً يسألون فيه عما يعملون، وإن كان لبعضهم زوجات وبنات فليس عندهم من الغيرة شيء، حتى ولا التي توجد عند بعض الحيوان.
أما نحن فإن ديننا هو الذي يحملنا على أن نسدي النصح خالصاً لبناتنا وأخواتنا وأمهاتنا، وننذرهن من العاقبة الوخيمة، التي تنتظرهن إن هن فرطن في حق دينهن.
إن الدعوة لخروج المرأة من البيت لتخالط الرجال، جر المآسي والكوارث، وقد بدأ براقاً جذاباً، لتكون المرأة زهرة المجتمع وواسطة العقد المكرمة، ولكن انتهى بها الأمر إلى مهانة لتكون كانسة للطرقات، وخادماً في الخمارات، وربما تعرضت في خروجها هذا إلى ما يهدد عفتها، ويقضي على مستقبلها، إن المسؤولية تقع على الرجال والنساء من المؤمنين المتقين، ولابد من أن تنطلق صيحات الخير في وجوه الجائرين، ولكلمة الحق سلطان وأي سلطان). [2]
وقال الدكتور محمد بن علي البار: (سيصحب خروج المرأة تغييرات اجتماعية جذرية، مهما ادعينا غير ذلك، ولابد أن يزداد الزنا، وبالتدريج سيسمح به، وسيغلف النتن والقذر بعبارات الحب الجوفاء، وعبارات التحرر والتقدم، إلى آخر المعزوفة الممجوجة، التي لا تمل أجهزة الإعلام عن إسماعنا إياها صباح مساء، وسيزداد الزواج صعوبة، وستقل الرغبة في إنجاب الأطفال، حتى لو أمكن الزواج، وسيقل عدد السكان، وسيصبح المتنفس الوحيد للرغبات الجنسية الجامحة هو العلاقات الجنسية المحرمة، والتي سيسهل تنفيذها، نتيجة لخروج المرأة، واستعمال حبوب منع الحمل.
وتكون النتيجة الحتمية زيادة الحاجة للعمالة الأجنبية، بدلاً من خفض تلك الحاجة، وستنتهي حتماً إلى حالة من الفوضى الاجتماعية والخلقية، كالتي عانى منها الغرب، وستكثر الجرائم بمختلف أنواعها، ويزداد العنف وإدمان المخدرات بين الشباب، الذي فقد حنان الأمومة ودفء الأسرة، لأن الأمهات مشغولات في المصانع والمتاجر والمكاتب، وهكذا يكون خروج المرأة للعمل وبالاً على المرأة وعلى المجتمع، وخسارةً اقتصادية واجتماعية فادحة)[3]
ويقول الدكتور نور الدين عتر: (الحقيقة أن اشتغال المرأة بغير هذه الوظيفة التي خلقت لها، وجبلت على ملاءمتها، له أضرار تفوق كثيراً ما توهم القاصرين في تقدير العواقب، لأنها أضرار تشمل نواحي الحياة الإنسانية المادية والمعنوية). [4]
----------------------------------------
[1] قضايا تهم المرأة، للشيخ عبد الله الجار الله ص 59 ـ 60.
[2] مجموعة رسائل في الحجاب والسفور.
[3] عمل المرأة في الميزان، د محمد علي البار ص 153 ـ 154.
[4] ماذا عن المرأة.د نور الدين عتر ص 126.
5/6/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/130)
فتنة النساء
الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل
الحمد لله رب العالمين، - والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم- تسليماً كثيراً.
مربنا في أول سورة آل عمران قوله - تعالى -: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ)).
والميل إلى النساء أمر طبعي ركبه الله- عز وجل - في غريزة الإنسان، وما دام أنه في الحلال كالزوجة وما ملكت اليمين، وأنه لم يصد عن طاعة الله- عز وجل -، ولم يدفع إلى فعل محرم؛ فإنه أمر لا يعاب عليه الإنسان، بل هو من الأمور المطلوبة في غض البصر وتحصين الفرج وبقاء النسل، والتقوي بذلك على طاعة الله - عز وجل -، وقد قال r: ((حبب إلي من الدنيا: النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة)) [1].
وقد فصل الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -:
الفرق بين الحب في الله والحب مع الله تفصيلاً يكشف حقيقة المحبة، ومتى تكون فتنة؟ ومتى لا تكون؟! قال- رحمه الله - تعالى-: (والفرق بين الحب في الله والحب مع الله، وهذا من أهم الفروق، وكل أحد محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا، فالحب في الله هو من كمال الإيمان، والحب مع الله هو عين الشرك، والفرق بينهما: أن المحب في الحب تابع لمحبة الله، فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله، فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه؛ كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأوليائه لكونه- تعالى- يحبهم، ويبغض من يبغضهم لكونه- تعالى- يبغضهم.
وعلامة هذا الحب والبغض في الله: أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حباً، لإحسانه إليه، وخدمته له، وقضاء حوائجه، ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضاً إذا وصل إليه من جهته ما يكره ويؤلمه، إما خطأً وإما عمداً، مطيعاً لله فيه أو متأولاً، أو مجتهداً أو باغياً نازعاً تائباً.
والدين كله يدور على أربع قواعد: حب، وبغض، ويترتب عليهما: فعلٌ وترك، فمن كان حبه، وبغضه، وفعله، وتركه لله، فقد استكمل الإيمان؛ بحيث إذا أحب أحب لله، وإذا أبغض أبغض لله، وإذا فعل فعل لله، وإذا ترك ترك لله، وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه، وهذا بخلاف الحب مع الله فهو نوعان: [نوع] يقدح في أصل التوحيد: وهو شرك، ونوع يقدح في كمال الإخلاص ومحبة الله، ولا يخرج من ا لإسلام.
فالأول:
كمحبة المشركين لأوثانهم وأنداد هم قال - تعالى -: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ)) [البقرة: 165].
وهؤلاء المشركون يحبون أوثانهم وأصنامهم آلهتهم مع الله كما يحبون الله، وهذه محبة تأله وموالاة، يتبعها الخوف والرجاء، والعبادة والدعاء، وهذه المحبة هي محض الشرك الذي لا يغفره الله.
ولا يتم الإيمان إلا بمعاداة هذه الأنداد وشدة بغضها، وبغض أهلها ومعاداتهم ومحاربتهم؛ وبذلك أرسل الله جميع رسله، وأنزل جميع كتبه، وخلق النار لأهل هذه المحبة الشركية، وخلق الجنة لمن حارب أهلها وعاداهم فيه وفي مرضاته؛ فكل من عبد شيئاً من لدن عرشه إلى قرار أرضه فقد اتخذ من دون الله إلهاً وولياً، وأشرك به كائناً ذلك المعبود ما كان، ولا بد أن يتبرأ منه أحوج ما كان إليه.
والنوع الثاني:
محبة ما زينه الله للنفوس من النساء والبنين، والذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث، فيحبها محبة شهوة، كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، فهذه المحبة ثلاثة أنواع: فإن أحبها لله توصلاً بها إليه، واستعانة على مرضاته وطاعته أثيب عليها، وكانت من قسم الحب لله توصلاً بها إليه، ويتلذذ بالتمتع بها، وهذا حال أكمل الخلق الذي حبب إليه من الدنيا النساء والطيب، وكانت محبته لهما عوناً له على محبة الله وتبليغ رسالته والقيام بأمره.
وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته، ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه، بل نالها بحكم الميل الطبيعي، كانت من قسم المباحات؛ ولم يعاقب على ذلك، ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه.
وإن كانت هي مقصودة ومراده، وسعيه في تحصيلها والظفر بها، وقدمها على ما يحبه الله ويرضاه منه، كان ظالماً لنفسه متبعاً لهواه.
فالأولى: محبة السابقين.
والثانية: محبة المقتصد ين.
والثالثة: محبة الظالمين.
فتأمل هذا الموضع وما فيه من الجمع والفرق؛ فإنه معترك النفس الأمارة والمطمئنة، ((والمهدي من هداه الله)) [2]. أ. هـ
والحاصل: أن فتنة النساء فتنة عظيمة حذر منها الرسول r بقوله: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) [3]
وكذلك ما رواه أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه- عن النبي r قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) [4].
والآثار عن السلف في التحذير من فتنة النساء كثيرة منها ما يلي:
عن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة، عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم: فتنة النساء إذا تسورن الذهب، ولبسن رباط الشام، وعصب اليمن، فأتعبن الغني، وكلفن الفقير ما لا يجد [5].
وعن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قتل النساء، وقال لنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة، وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعش بالأخرى: ما من شيء أخوف عندي من النساء [6].
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثنا إبراهيم بن الحسن الباهلي، حدثنا حماد بن زيد قال: قال يونس بن عبيد: ثلاثة احفظوهن عني: لا يدخل أحدكم على سلطان يقرأ عليه القرآن، ولا يخلون أحدكم مع امرأة يقرأ عليها القرآن، ولا يمكن أحدكم سمعه من أصحاب الأهواء [7].
وقال عباس الدوري: كان بعض أصحابنا يقول: كان سفيان الثوري كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الوزر والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
والفتنة بالنساء تأخذ صوراً مختلفة أهمها ما يلي:
1- إطلاق النظر إلى الأجنبيات من النساء، وما يعقب ذلك من السقوط في حبائلهن والإصابة منهن بسهام إبليس اللعين، وعندئذ تكون الفتنة والعشق المحرم والمحبة المحرمة التي تملا قلب المفتون، ولا يكون فيه بعد ذلك محل لمحبة الله- عز وجل - ومرضاته وأعظم بها من فتنة.
2- النظر إلى صورهن الجميلة، سواء في تلفاز، أو فيديو، أو مجلة، أو كتاب، وما يعقب ذلك من الافتتان بهذه الصور وانشغال القلب بها، ولقد ظهر في عصرنا اليوم من وسائل عرض النساء وصورهن الخليعة، وشبه العارية، ما لم يظهر في أي عصر مضى، وأصبحت الفتنة بهن عظيمة وشديدة؛ لذا وجب على أهل الغيرة والإيمان أن يحموا أنفسهم وأولادهم وبيوتهم من شر هذه الوسائل المفسدة، وأن لا يفتنهم الشيطان بها مهما كان المسوغ لذلك، قال - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...الآية)) [التحريم: 6].
3- وقد تكون الفتنة ممن يجوز النظر إليها كالزوجة وما ملكت اليمين، وذلك بشدة التعلق بها، والافتتان بصورتها، مما يجعل الزوج أسيراً لها بل عبداً، عياذاً بالله. وهنا تقع الفتنة- وبخاصة إذا كانت المرأة قليلة دين وحياء- فتطلب من زوجها الأسير ما يوقعه في المحرمات، أو يترك به الواجبات الدينية إرضاءً لهواها.
ولا يقع في ذلك إلا من ضعفت محبة الله في قلبه، واستولت عليه محبة الشهوات؛ فقدم مرادها على مراد الله- عز وجل -، ومثل هذا يخشى عليه من الوقوع في المحبة الشركية، التي قال الله - عز وجل - في أهلها: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ... الآية)) [البقرة: 165] [8].
4- الافتتان بقراءة القصص الغرامية، وقصص الحب والعشق والجنس؛ مما يؤدي إلى إثارة الغرائز وثوران الشهوة، التي تؤدي بدورها إلى الوقوع في المحرم ومقارفة النجاسات، كل هذا من الفتن التي يجب على المسلم أن يفر منها، ويعتقد حرمتها، فإن ما أوصل إلى الحرام فهو حرام.
5- ما يتعرض له إخواننا الأطباء أو نحوهم من مخالطة النساء- الطبيبات، أو الممرضات أو المريضات- كل هذا من الفتن التي يجب على المسلم الحذر منها والفرار منها، وأن لا يسمح المسلم لنفسه مهما كان دينه وتقواه أن يخلو بهن، أو يلين الكلام معهن، أو ينظر إليهن من غير حاجة.
6- ومن الفتن بهن اليوم ما ابتلي به كثير من بيوت المسلمين من الخادمات الأجنبيات، اللاتي جئن بلا محارم- الكافرات منهن والمسلمات- وما نشأ عن ذلك من مصائب وجرائم، كل ذلك بسبب التساهل في جلبهن إلى البيوت، والترخص في التعامل معهن وكأنهن من ملك اليمين؛ سواءً في حجابهن أو اختلاطهن بالرجال الأجانب، أو خروجهن من البيوت مع أنهن أجنبيات حرائر!
7- التساهل في السفر إلى بلا الكفر والفحش والنجاسة من غير حاجة أو ضرورة، ومعلوم ما يتعرض له المسلم في تلك الديار من الفتن العظيمة، ومنها فتنة النساء وعريهن، وتهتكهن وإغرائهن، والمطلوب من المسلم أن يفر بدينه من الفتن لا أن يفر إليها.
8- التباغض والتشاحن بل وتقاطع الأرحام من أجل النساء، كما هو الحال في الشقاق بين زوجة الرجل وأمه أو أبيه، وميل الرجل مع زوجته لفتنته بها.
9- ومن صور الافتتان بالنساء في عصرنا الحاضر ما ينادي به علمانيو زماننا ممن يدعون تحرير المرأة، وتبني حقوقها، وذلك بالمطالبة بمساواتها بالرجل، والعمل جنبا إلى جنب مع الرجل، وإخراجها من منزلها، وممارستها لجميع الأعمال بدون استثناء، كقيادة السيارة وأعمال الجيش والشرطة، والقضاء... إلخ.
وقد تمت هذه الفتنة في كثير من بلدان المسلمين، وما زال أهل الفتنة والفساد يسعون في إخضاع بقية بلدان المسلمين لهذه الفتنة العمياء. ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) [الأنفال: 30].
كما يطرح هؤلاء المفتونون الدعوة إلى السفور وترك الحجاب كلما سنحت لهم الفرصة.
ومن المجالات التي يتبناها أهل الفتنة لإفساد المرأة وفق الناس بها: إقامة ما يسمى بالجمعيات النسائية، والنوادي النسائية، والحفلات العائلية المختلطة، والمطاعم المختلطة، والحدائق المختلطة، وغير ذلك مما يغري المرأة بهجر بيتها، وإهمال حقوق زوجها وأولادها، واختلاطها بجليسات السوء، بل وجلساء السوء أيضاً.
10- ومن صور الافتتان بالنساء أيضاً تلك الأزياء الغريبة على ديننا وعاداتنا، مما تلقفه كثير من نساء المسلمين، وقلدن فيها الغرب الكافر، والشرق الملحد، هذه الأزياء التي تخالف الشرع وتخرم المروءة، وتخدش الحياء، وتفتن الرجال: من ثوب قصير، أو مشقوق، أو شفاف، أو بنطال يحجم العورة، والمرأة بطبيعتها ناقصة عقل ودين.
وقد لا يستغرب خضوعها لبيوت الأزياء وأربابها، وبخاصة تلك المرأة التي لم تنل حظاً من التربية والتقوى، ولكن المستغرب أن يرضى زوج المرأة أو والدها، أو أخوها، بوقوع موالياتهم في هذه الفتنة فيفتن ويفتن.
11- فتنة الهاتف، وما يجر من الفتنة بالنساء وخضوعهن في القول، وما يعقب ذلك من فساد في الأعراض، وخراب للبيوت، وكم من هتكٍ للأعراض كانت بدايته من فتنة الهاتف.
----------------------------------------
[1] النسائي. ك. العشرة 17 61 وصححه الألباني في صحيح النسائي (3680).
[2] الروح لابن القيم: ص 253، 254.
[3] البخاري ك النكاح (5096) (فتح 19 41) مسلم في الذكر والدعاء (2740).
[4] مسلم ك. الذكر والدعاء (2742).
[5] صفة الصفوة 1/ 497.
[6] صفة الصفوة 2/80.
[7] سير أعلام النبلاء6/ 293.
[8] انظر كلاماً نفيساً لشيخ الإسلام في كتاب العبودية حول استعباد المرأة لزوجها: ص ه 4. مكتبة المدني.
7/6/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/131)
واقع الاختلاط وفن المواجهة
د. سناء محمود عابد الثقفي
موضوع الاختلاط موضوع قديم حديث، قديم في حكمه حديث في الاحتياج إلى طرحه، فهو مما عمت به البلوى، وانتشر بين الناس، واختلف الناس فيه مابين مؤيد بتفريط، أو مانع بإفراط، والحقيقة إننا مجتمع له قيمه ومرجعيته التي لم يترك فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صغيرة ولا كبيرة إلا بيّنها، وكما انطلق الإسلام في نظرته إلى المساواة بين الجنسين في ((حقوق الإنسان)) الأساسية والطبيعية وذلك في (الكرامة الإنسانية والأهلية الحقوقية)...فهو انطلق أيضا بنفس النظرة إلى المساواة بين الجنسين في ((الواجبات)) فيما قد عهد به إليهما بالجملة على السواء من: الخلافة على الأرض وعمارتها وعبادة الله فيها.. وأن على كل منهما واجبه ودوره الذي لا بد منه لإقامة المجتمع الإنساني الكامل وأنهما في دوريهما متكاملان لا متنافسان وملزمان لا متطوعان.
ولكن النزاع اليوم لا يزال قائما حتى في الغرب نفسه حول الدور الأساسي للمرأة في المجتمع، فتارة على أساس علمي تشريحي عند بعض العلماء. وتارة بدافع الحاجة إلى الزيادة في الطاقة الإنتاجية عند بعض رجال الاقتصاد، وتارة تحت دوافع التفلت من القيود الشرعية الواجبة في الممارسة الجنسية مما قد أدى إلى حرية الجنس بصورة عامة والى الانحلال الأخلاقي والى تفكك روابط الأسرة، وهذا مما لا يمكن قبوله تحت ستار حرية المرأة في الإسلام. فالمجتمع يتكون من رجال ونساء، ولابد من اجتماعهم واختلاطهم في أماكن عامة أو خاصة، وفي كلا الحالتين جاء الشرع ليوضح الكيفية دون إفراط ولا تفريط والسؤال الذي يطرح نفسه:
ما حكم الاختلاط بين النساء والرجال؟
يظهر هذا التساؤل في مجتمعنا ولم يظهر في غيره في المجتمعات لأن المرأة في ديننا لها حكم خاص بها فهي محجبة مما وضع حاجزا بين الرجال والنساء وقيوداً للتعامل بينهما فوضعنا خاص لا يقاس على الآخرين ولذلك فمن الاختلاط ماهو جائز بشروط، ومنه ماهو محرم.
فالاختلاط الجائز له شروط:
الشرط الأول:
أن يخلو من تبرج المرأة وكشف مالا يجوز لها كشفه لقوله - تعالى -((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)) وهذه الآية تأمر بالحجاب عند الاختلاط.
الشرط الثاني:
أن يخلو من النظر إلى مالا يجوز النظر إليه والدليل على هذين الشرطين: قوله - تعالى -: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) وقوله - عز وجل -: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)).
الشرط الثالث:
أن لا تتكسر المرأة في الكلام وتخضع فيه والدليل: قوله - تعالى -((فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا))
الشرط الرابع:
أن لا يكون مع خلوة فإن كان مع خلوة بأن كان رجل وامرأة في مكان لا يراهما فيه أحد حرم الاختلاط لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)) وقوله: ((لا يخلون أحدكم بامرأة فان الشيطان ثالثهما)).
الشرط الخامس:
أن لا تظهر المرأة على حالة تثير الرجال من تعطر واستعمال لأدوات الزينة لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا استعطرت المرأة فمرت بالمجلس كذا وكذا يعني زانية)).
الشرط السادس:
أن يخلو من إزالة الحواجز بين الجنسين حتى يتجاوز الأمر حدود الأدب ويدخل في اللهو والعبث كالاختلاط الذي يحدث في الأعراس.
الشرط السابع:
أن يخلو من مس أحد الجنسين الآخر دون حائل فلا تجوز المصافحة لقوله - صلى الله عليه وسلم - (إني لاأصافح النساء).
الشرط الثامن:
أن يخلو من تلاصق الأجسام عند الاجتماع عن أبي أسيد الأنصاري - رضى الله عنه انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساء ((استأ خرن فانه ليس لكن أن تحققن (تتوسطن)) الطريق عليكن بحافات الطريق)) فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. هذه الشروط الثلاثة الأخيرة من الحواجز التي وضعها الدين بين الرجل والمرأة حذرا من الفتنة والتجاذب الغريزي الذي قد يغري أحدهما بالآخر، فإذا توفر في الاختلاط هذه الشروط كان حلالا وان فقد شرط من هذه الشروط كان الاختلاط حراماً.
حالات الاختلاط الجائز:
1. الاختلاط للضرورة:
من أمثلة الاختلاط للضرورة ما قاله الإمام النووي فقد قال - رحمه الله تعالى - وقال أصحابنا: ولا فرق في تحريم الخلوة حيث حرمناها بين الخلوة في الصلاة أو غيرها ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في الطريق أو نحو ذلك فيباح له استصحابها بل ويلزمه ذلك إذا خاف عليها لو تركها وهذا لا خلاف فيه ومن صور الضرورة فرار الرجل الأجنبي بالمرأة تخليصا لها ممن يريد بها الفاحشة إذا كان الفرار بها هو السبيل لتخليصها ونحو ذلك من حالات الضرورة.
2. الاختلاط للحاجة:
* الاختلاط لإجراء المعاملات الشرعية:
وكما يجوز الاختلاط للضرورة يجوز للحاجة أيضا ومن حالات الحاجة ما يستلزمه إجراء المعاملات المالية الجائزة لها من بيع وشراء وغيرها لأن إجراء هذه المعاملات يستلزم عادة اجتماعها مع الرجل للمساومة ورؤية محل العقد ولكن يشترط أن تكون قد التزمت بشروط التي ذكرت سلفا.
* الاختلاط لغرض تحمل الشهادة:
يجوز للمرأة أن تكون شاهدة في قضايا الأموال وحقوقها، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء) (البقرة: 282).
وتحمل المرأة الشهادة يستلزم حضورها ما تشهد عليه من معاملة، وقد تكون بين رجلين أو أكثر، فيجوز لها هذا الحضور وما يقتضيه من اجتماعها بأطراف المعاملة من الرجال.
* الاختلاط لغرض أعمال الحسبة:
الدليل أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ولى (الشفاء)- وهي امرأة من قومه- السوق أي: فعمر ولى الشفاء الحسبة، لتراقب السوق، فتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وفي هذا مخالطة لأهل السوق.
* الاختلاط لغرض خدمة الضيوف:
يجوز للمرأة أن تجتمع مع الضيوف الأجانب إذا كان معها زوجها، وكانت هناك حاجة مشروعة لوجودها وحضورها لأن وجود زوجها معها يمنع الخلوة بالأجنبي، وفي واجب الضيافة الذي يستلزم قضاؤه وجود الزوجة فيجوز وجودها ولو أدى إلى اجتماعها واختلاطها بالضيوف وأكلها معهم. وقد دل على هذا الجواز- جواز اختلاطها بالأجانب- لهذه الحاجة عن سهل بن سعد، قال: )) دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وكانت امرأته يومئذ خادمهم، وهي العروس، قال سهل: أتدرون ما سقت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -؟ أنقعت له تمرات من الليل، فلما أكل سقته)). وفي راوية: ((فما صنع لهم طعاماً، ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد)). وقد جاء في شرح هذا الحديث وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه عند الأمن من الفتنة، ومراعاة ما يجب عليها من الستر، وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك. وفيه جواز إيثار كبير القوم في الوليمة بشيء دون من معه وكذلك ما جاء في سبب نزول قوله - تعالى -: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ).
* الاختلاط للقيام بأعمال الجهاد:
ومن أمثلة هذا النوع من الاختلاط اشتراك النساء في الجهاد، بأن يقمن بنقل الماء إلى المقاتلين ومداواة الجرحى منهم، ونحو ذلك من الأعمال وكلها جائزة ومشروعة، وإن استلزمت أو اقتضت مخالطة النساء للرجال، لأن هذه الأعمال تحقق مصلحة شرعية أذن الشرع الإسلامي للنساء بالقيام بها، ويدل على ذلك ما روته الربيع بنت معوذ، قالت: ((كنا نغزو مع النبي- صلى الله عليه وسلم - فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد القتلى إلى المدينة)). وفي رواية: ((كنا مع الني- صلى الله عليه وسلم - نسقى، ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة)).
* الاختلاط لغرض استماع الوعظ والإرشاد:
ومن اجتماع المرأة بالرجل للمصلحة الشرعية، اجتماع الرجل بالنساء لوعظهن وتعليمهن أمور الدين، سواء كان وحده أو كان معه شخص آخر، فقد روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولابعد ثم مال على النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن فجعلت المرأة تلقي القلب والخرص.
وبعد الانتهاء من هذه الشروط يتبادر إلى ذهننا سؤال آخر:
كيف كان الاختلاط في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
وهنا نسوق بعض النماذج التي تبين واقعاً عاشه المسلمون:
* عائشة - رضي الله عنها - كانت معلمة الرجال وهي من وراء حجاب قال هشام بن عروة عن أبيه قال: لقد صحبت عائشة فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية أنزلت ولا بفريضة ولا سنة ولا بشعر ولا أروى له ولا بيوم من أيام العرب ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها. وقد كانت منفذه لقول الله - تعالى -: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ).
* أم سلمة - رضي الله عنها - تهاجر وهي أول ظعينة دخلت المدينة وهذه حدود اختلاطها بعثمان، أرادت هجرة فمنعوها من زوجها وأخذوا ابنها فظلت تبكي سنة كاملة حتى سمحوا لها بالرحيل هي وابنها فركبت بعيرها وجاءها عثمان بن طلحه وهي بالتنعيم فأخذ بخطام ناقتها فانطلق يقودها تقول: " فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه كان أكرم منه ولا أشرف كان إذا بلغ منزلا من المنازل أناخ بي ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فأعده ورحله ثم أستا خر عني وقال اركبي فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه وقاده حتى أوصلني ثم انصرف راجعا إلى مكة".
* عائشة - رضي الله عنها - في سباق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويأمر جيشه بالتقدم لعدم المباسطة والمخالطة تقول - رضي الله عنها -: "كنت مع رسول الله في سفر وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال لأصحابه: (تقدموا) ثم قال: (تعالي أسابقك) فسابقته فسبقته على رجلي. فلما كان بعد حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في السفر فقال لأصحابه (تقدموا) فتقدموا ثم قال: (تعالي أسابقك) فقلت كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال فقال (لتفعلن) فسابقته فسبقني فجعل يضحك ويقول: (هذه بتلك السبقة).
* أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - ذات النطاقين تسوس بعير زوجها وتستحي من مخالطة الرجال تقول رضى الله عنها: "تزوجني الزبير وماله شيء غير فرسه فكنت أسوسه وأعلفه وأدق لناضحه النوى واستقي وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راسي وهي على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على راسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه ومعه نضر فدعاني فقال (أخ أخ) ليحملني خلفه فاستحيت وذكرت الزبير وغيرته قالت فمنعني فلما أتيت أخبرت الزبير فقال والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلى أبو بكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني.
* صفية بنت عبد المطلب - رضي الله عنها - عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخدم المجاهدين وتحارب الكفار برمحها حماية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ويوم الخندق تقتل اليهودي وتقطع رأسه عندما رفض حسان ذلك وتداوى الجرحى يوم خيبر.
* أسماء بنت يزيد بن السكن خطيبة النساء - رضي الله عنها - تقول: "يا رسول الله إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهن يقلن بقولي وهن على مثل رأيي إن الله بعثك إلى الرجال والنساء فأمنا بك واتبعناك ونحن معاشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت ومواضع شهوات الرجال وحاملات أولادهم وان الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ " (وكان هذا بحضور الصحابة) فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه فقال (هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه) فقالوا بلى يا رسول الله فقال (انصرفي يا أسماء وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته وإتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال) فانصرفت مهلله مكبره ورغم ذلك فإن أسماء عند داعي الجهاد وضرورة القتال نجدها شهدت اليرموك وقاتلت وقتلت تسعة من الروم رضى الله عنها وكذلك أم أيمن رضى الله عنها والربيع بنت معوذ رضى الله عنها وأم عماره يقول فيها رسول الله (ومن يطيق ما تطيقين يا أم عماره).
* هند بنت عتبة - رضي الله عنها - تبايع ولا يصافحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* خوله بنت ثعلبه - رضي الله عنها - تستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنصح عمرا بحجابها.
* أم محجن تنظف المسجد وهي بحجابها - رضي الله عنها -.
هل الإسلام يدعو إلى الاختلاط؟
انتهى البحث إلى أن الاختلاط بشروطه حلال لكن هل الإسلام يحبذ الاختلاط ويدعو إليه أم انه يحبذ عدم الاختلاط؟
الذي يبدو من الأحاديث الواردة في هذا الأمر أنه لا يحبذه فعن أم سلمه رضى الله عنها قالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء يقضي تسليمه ويمكث هو يسيرا قبل أن يقوم قال نرى - والله اعلم - أن ذلك لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال)).
وثبت من حديثي ابن عباس وجابر بن عبد الله رضى الله عنهما - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم العيد (((فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن)) فهذا يدل على أن النساء كن في مكان منفصل عن الرجال ولم يكن جالسات بين الرجال. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((لو تركنا هذا الباب للنساء) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. ورجح أبو داود أن الأصح أن نحو هذا من قول عمر موقوفا عليه. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تمنى على الصحابة أن يكون باب للنساء ولم يأمر به.
فمن حق المرأة عند اختلاطها بالرجال:
* أن لا تفرض عليها الخلوة.
* أن لا يتحرش بها أحد من الرجال احتراما لعرضها ودينها.
* أن لا تمارس عليها أي نوع من الضغوط -تجاه لباسها أو طريقة التعامل معها.
ومن واجباتها:
1. البعد عن الزينة وتعمد إظهارها.
2. الالتزام باللباس الساتر الذي لا يكون زينة في نفسه ولا يصف ولا يشف.
3. البعد عن الخضوع بالقول وقول المعروف وعدم التباسط.
4. البعد عن الخلوة.
5. البعد عن العطر.
6. البعد عن النظر أو التلامس مع الأجانب.
ومن العجيب رغم توافر الأدلة وظهور حدود الإسلام في التعامل بين الذكور والإناث أن تنهض دعاوى تطالب بالاختلاط مدعية أن فيه تنفيس وترويح وإطلاق للرغبات الحبيسة ووقاية من الكبت ومن العقد النفسية لكنها في الحقيقة فروض نظرية ليس لها آثار إيجابية ولو نظرنا إلى واقع المجتمعات المختلطة فعلاً لوجدنا أن في أمريكا مثلا الآن حملات قوية للدفاع عن الزواج وإقامة مدارس غير مختلطة وخصصت مبالغ طائلة لحملة تشجيع عدم إقامة علاقات جنسية تعطى منها المدارس التي توافق على قصر التربية الجنسية للطلاب على شرح فوائد عدم إقامة علاقات.
وانتقدت وزارة التربية القانون الذي يجعل الاختلاط بين الإناث والذكور في المدارس الرسمية إلزامياً والذي يعود إلى 30 عاماً مشيرة إلى أنها ترغب في تعديل القانون لإتاحة المجال أمام الفصل بين الجنسين في المدارس الرسمية وقامت عدة مدارس رسمية بفصل الذكور والإناث كاختبار تجريبي ووجدت أن نتائج الفصل ممتازة والبعض آثار ردود فعل متضاربة تجاه هذا القرار.
وأخيراً نحمد الله - تعالى -على أن هدانا لهذا الدين نظم به مجتمعنا وأرسى به علاقاتنا وهذّب به نفوسنا وأختم قولي بإقراري رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً.
* بحث قدم في المؤتمر الإسلامي لأخلاقيات الممارسة الطبية.
21-شوال-1426 هـ
22-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/132)
توحيد حواء
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
حاجة المرأة لأن تكون مُوحدةً حق التوحيد أعظم من حاجتها إلى طعامٍ يسد جوعتها، وشراب يبلُ عروقها، وأشد ضرورةً من حاجتها لبيت تسكنه، وزوج يصونها، وأطفالٍ يملئون حياتها، ويشبعون عاطفتها!!.
ذلك أنَّ التوحيد هو سرُّ الوجود كله، وسبب الاستخلاف الآدمي برمته.
ولن يقر لحواء قرار، ولن يهدأ لها بال إلا حين يمتلئ قلبها تعظيماً لخالقها، واعترافاً بفضله ونعمائه المترادفة، وإيماناً بحقه الخالص بالعبادة والخضوع.
ومتى أدركت ذلك عرفت أنها مأمورة بوجوب التوكل عليه، وحتمية المحبة له، ولزوم الخوف والخشية منه إلى غير ذلك من منظومة أعمال القلوب وأقوالها.
إنَّ تحقق التوحيد في قلب حواء هو الذي يجعلها دائمة التفكر في آلاء الله، دائمة التفكر في أسرار الوجود، دائمة التفكر في عواقب الأمور.
وبذلك تنجو من الغفلة حين تغفل الأخريات، وتسلم من القلق حين تحار الكثيرات، ولم لا؟
أليست عارفةً لربها؟ خاضعةً لخالقها؟ منيبةً لبارئها؟ أليست تعرف أنها مستخلفة في هذه الحياة إلى أمدٍ قصير تنقضي بعدها أيامها، وينصرم أجلها المحتوم؟!
أليست تعرف أنَّ وراءَ الموت قبراً؟ وأنَّ وراءَ القبر بعثاً؟ وأنَّ وراءَ البعث حساباً؟ وأنَّ وراءَ الحساب جنة أو ناراً؟
لقد حاز الكثيرات على العديد من النجاحات الموهومة، وحققن الكثير من الآمال والطموحات: الشهادات العليا، المناصب البراقة، الثروات الطائلة، الشهرة العريضة، لكنهنَّ عجزنَ عن معرفة الخالق العظيم، ومن ثم إفراده بالعبادة والوحدانية، فيا لها من نجاحات موهومة، وإنجازات من سراب!!!.
أمَّا أنت يا ابنة الإسلام فما يضيرك إن فقدت ذلك الحطام، بعد أن تكوني فزت بتوحيد الملك العلام، وهو لعمرك أعظم وسام، وأغلى ما يعد ليوم التغابن والملام، ((يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)) (الشعراء: 88-89).
والقلب السليم: هو القلب الموحد الخالي من تعظيم غير الله، أو محبة أحد سواه.
فاحرصي بارك الله فيك على تحقيق التوحيد الخالص بأي ثمنٍ ولو كلفك العمر كله، تعلماً وبحثاً لمسائلهِ وأركانه، وحدوده ومتطلباته وواجباته، وحين يتحققُ التوحيد فكل فائتٍ بعد ذلك فهو جلل، والله المستعان.
22/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/133)
بعد عقود من ادعاءات المساواة .. المرأة تكتشف فطرتها
الرباط: تبدو جمعيات نسائية في العالم متحمّسة لمحو كل الفوارق بين المرأة والرجل، لكن هذا الطموح المتطرف لم يعد يجد صدى واسعاً في أوساط النساء، فالمرأة، سواء في الغرب أم الشرق، إذ ما زالت المرأة متشبثة بفطرتها الغالبة رغم كل الدعاوى، والتي ستظل على الدوام سر خصوصيتها الباذخة.
فهذه "بيرلا سيرفان" تعترف بعد سنوات طويلة من العمل والحياة خارج البيت أنها اختارت أن تصير امرأة طوال الوقت، وبعد بحث طويل عن الذات، خلصت بيرلا إلى أن الأنوثة هي هوية المرأة العميقة والحقيقية.
طبعاً لن يروق مثل هذا الرأي لعديد من المنضويات تحت لواء النسوية المتطرفة العمياء، في مرحلة الشباب خصوصاً، فهن يزعمن مع الفيلسوفة المدعية "كاترين كليمون" بأن الهوية الأنثوية ليست معطى سابقاً بل مجرد اختيار!
لذا نجد عديدا من الفتيات الأغرار في الغرب ـ كما في الشرق أيضا ـ يفخرن بما يسمينه "وضعهن الجديد"، حيث أصبحت لكل واحدة منهن هويتها الخاصة التي لا تحدد بالانتساب إلى العائلة أو الأب أو الزوج! وبعضهن يصرحن بتلقائية شقية، بل بفخر أحياناً: أنا عزباء!
لكن عديدات من النساء يؤكدن أن أنوثة هؤلاء البنات لم تنضج بعد لكي يستشعرن هويتهن الحقيقية بعمق؛ فهن يفتقدن أحد عناصر الأنوثة الأساسية، وهي الحساسية العالية والمرهفة التي لا تكتسبها المرأة إلا بعد المرور في أهم تجارب حياتها، وهي تجربة الوضع والولادة والأمومة.
ففي أثناء المخاض، تقترب المرأة من الموت الذي يصير أقرب إليها من حبل الوريد، لكنها وهي على مشارفه ترى الحياة تخرج من بين أحشائها؛ إن الولادة والإحساس بالأمومة، الذي يليها، هما التجربتان اللتان تنضج فيهما حساسية المرأة العالية بأنوثتها وبخصوصية علاقتها مع العالم.
ولعل هذا ما جعل كاتبة مغربية شابة هي "لطيفة باقا" تصرح ذات يوم بأنها بعدما أنجبت طفلها الأول لم تعد تعتبر نفسها كاتبة، إنما امرأة تكتب.
إن كثيراً من الشعارات النسوية تذوب مباشرة بعدما تصير المرأة أماً، ويبدو أن هذه الشعارات بدأت تتراجع في الغرب عموماً بتراجع الفكر الشيعي والإلحادي الذي كان يغذيها في فترات سابقة، فهل هذا التحوّل الذي تعرفه علاقة المرأة بفطرتها جزء من تحولات الفكر والمجتمع مع تعاقب الأجيال؟
قد يكون الأمر كذلك- ولنتابع مسار التحولات عبر تجربة أم وابنتها، فالأم هي الكاتبة والروائية الفرنسية "مارييلا ريجيني" صاحبة الكتاب النسائي الشهير "أنصت لاختلافي"، أما الابنة فهي الصحفية "إيمانويل بوسك" التي حصل مقالها "العنصرية في التلفزيون" على جائزة الفيدرالية الدولية للصحافة.
نشأت الأم مرييلا في كنف أسرة تقليدية: أب قوي يفرض سلطته في البيت، وأم رقيقة تتفانى في خدمة أسرتها، وعلى رغم أن مارييلا تعترف بأن والديها كانا يشكلان زواجاً مثالياً وسعيداً، إلا أنها ومنذ بداية شبابها ستصير ممن يدعون "مناضلات نسويات" تخوض المعركة تلو الأخرى ضمن حركة نسوية. لقد نذرت حياتها امرأة وكاتبة للدفاع عما تسميها "قضيتها".
لكن الابنة إيمانويل افتقدت بكل بساطة الحياة الهانئة البسيطة التي عاشتها أمها وهي في مثل سنها، فقد كان عمرها ثلاث سنوات فقط حينما وقع الطلاق بين والديها، لتعيش في كنف أمها طوال العمر!
ولعل حاجة إيمانويل إلى الرجل كأب، وعدم تمكنها من تلبية هذه الحاجة في مرحلة الطفولة، هو الذي جعلها تتخذ قراراً مفاجئاً في الفترة الأخيرة، تضرب ببداياتها الصحفية الناجحة عرض الحائط ولتسافر إلى إحدى جزر البليار لتعيش حياة هادئة بسيطة برفقة زوجها الإسباني.
إن الحياة إلى جانب الرجل الذي اختارته ولو في جزيرة معزولة هو أهم بالنسبة إلى إيمانويل من كل المجد الأدبي الذي ينتظرها في باريس، هكذا اكتشفت بفطرتها السوية.
فهل عادت الجدة إلى الحياة في إهاب حفيدتها؟ هل هو اكتشاف متأخر للكذب وخداع ما يسمى انتحالا بقضية الأم ونضالاتها من أجل ما تسميه التحرر الشامل للمرأة؟! أم أنها المصالحة مع الذات ومع فطرة الأنثى التي تعيش داخل كل امرأة شاءت أم أبت؟
وفعلاً، فإن سفينة ما يسمى بالفكر النسائي أخذت وجهة أخرى، وهناك تصور جديد قيد التشكل الآن؛ فإذا كانت "النسوانيات" في العقود السابقة يتجاهلن نداء الفطرة الكامن في أرواحهن ويطالبن ادعاء بالمساواة التامة والشاملة مع الرجل، فإن الفكر النسائي الجديد لم يعد يلغي هذه الأنوثة، إنما أصبح يتشبث بهذه الأنوثة، مدافعاً بها ومؤمناً بأنها أساس التمايز مع الرجل.
هكذا ترى الباحثة الاجتماعية "باسكال ويل" Pascal Weil أن التحليل العقلاني والكفاية التقنية والخبرة والمنطق لم تعد هي مفاتيح النجاح في العمل والحياة في عالمنا المعاصر.
إن قيماً أخرى بديلة أضحت في الواجهة اليوم، كالحدس والخيال والإحساس والمرونة والحرارة في الأداء، وهي كلها خصائص وقيم أنثوية، لذا فإن باسكال تعتقد بأن المرأة كسبت في العقد الأخير من القرن العشرين أهم معاركها عندما عادت لتكتشف فطرتها وتستجيب لندائها.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/134)
مشاهداتي عن المرأة في إفريقيا ( 1 )
أ. محمد الجيفان
المرأة في إفريقيا والحياة المعيشية اليومية
لا تزال المرأة في أنحاء كثيرة من القارة - باستثناء الشمال- تعيش ما عاشته جداتنا في الخليج قبل خمسين أو ستين عاما، فقد رأينا بأم أعيننا تلك البيوت الطينية أو الخشبية والتي كثير منها لا تتجاوز الغرفة الواحدة تنام فيها المرأة مع زوجها ويشاركها أبناؤها وبناتها وأحيانا أفراد آخرين من الأقارب وفي أحد أنحاء هذه الحجرة يوجد المطبخ وهو عبارة عن مجموعة من الأحجار مرصوصة وفي داخلها بعض الحطب الذي جمعته من هنا أو هناك أو فرن من الطين في داخل الجدار وضعت عليه آنية قد أكل عليها الزمن و شرب.
وإن كنا رأيناهن يطبخن في العلب ونحوها لتعد ذلك الطعام الذي لا يتغير ولا يتنوع على كر الأيام والشهور، وأما بيت الخلاء (الحمام) فلا يوجد في المنزل له مكان فما حال المنزل بدونه؟ رأيناها وهي تعمل في مزرعتها الصغيرة تروي وتسقي وتحصد لا تكاد تراها بين سنابل الذرة أو وهي جالسة تجني ما خرج.
رأيناها وهي تسير حافية القدمين ربطت طفلها على ظهرها وآنيتها بين يديها تسير المسافات الطويلة علها تظفر بما يملأ وعاءها من الماء تعود به إلى بيتها وأسرتها..
رأيناها في السوق تبيع وتشتري في السوق الشعبي تبيع كل ما يمكن بيعه علما أن السوق في إفريقيا للنساء خصوصا في المدن الصغيرة والقرى والأرياف فلا مكان فيه للرجال إلا ما ندر بل إنه من العيب عند الرجال فهي من خواص النساء تزوره كل يوم لشراء حاجاتها فليس عندها ما تحفظ فيه طعامها فلا يفسد..
رأيناها وهي تسير على قدميها قبل طلوع الشمس حتى الضحى لتحضر السوق الأسبوعي في قرية أخرى مع زوجها أو وحدها مع رفيقاتها لتقايض ما معها بما في السوق لتعود بعد العصر فلا تصل إلا وقت العشاء في رحلة أسبوعية وقد تبيع ما معها أو لا تبيع..
رأيناها وهي تقف على جانب الطريق تتكئ على بعض الجدران أو غيرها ترتاح من ثقل الحطب الذي تحمله على ظهرها حتى تصل إلى مقصدها..
هذه بعض مشاهد الحياة اليومية التي تعيشها المرأة الإفريقية في القرى والأرياف وحتى المدن أوردتها لتقارن النساء أحوالهن بأحوال تلك المرأة لترى نعمة الله عليها ومدى ما تعيشه من رغد العيش مهما كانت تعاني من شدة وضيق ذات اليد وتلك التي تعاني من ضعف مرتب زوجها أو قلة نفقته عليها أو فقدت زوجها وعائلها فهي لا تزال بخير مقارنة بحال أختها في إفريقيا في هذا العصر وفي هذا القرن..
كذلك أن يرق قلبها لحال أخواتها فتسعى لإيصال الخير لهن بما تستطيع وتبذل من مالها أو من وقتها أو من جهدها أو فكرها ودعائها وكذلك قلمها. وليس الخبر كالمعاينة!
المرأة في إفريقيا والمسجد
من المشاهدات البارزة الواضحة في كثير من أنحاء القارة هو حضور المرأة لصلاة الجماعة وليس الجمعة فحسب؛ بل وصلاة العيد فلا يقام مسجد مهما بلغ في الصغر إلا وقسم النساء تراه في آخر المسجد مستورا بجدار أو قماش ونحوه.
ويبرز ذلك لدى كبيرات السن والفتيات، ومن المشاهدات كذلك ما أن ينادى لحضور كلمة أو محاضرة في المسجد لأحد القادمين، خصوصاً من بلاد العرب ومن مكة بالذات إلا وترى سرعة استجابة النساء لذلك أكبر من استجابة الرجال، بل وتأتي ببناتها وحتى أطفالها لحضور مجلس الذكر.
ومن المشاهدات كذلك حرصها على تعلم كتاب ربها في المسجد تلاوة وحفظاً مع قلة في المعلمات من النساء، فكثيراً ما يكون المعلم رجلاً، وما أن نزور مسجداً فيه حلقات التحفيظ للأطفال والشباب إلا ويخبرك المعلم أو الداعية بوجود أمثالهن من النساء والفتيات في تنافس كبير لتعلم وحفظ القران الكريم، بل وحفظ لبعض المتون في التجويد والتوحيد، وكثيرا ما كنا نحرج من طلبهن الجوائز مثل الشباب وكنا لم نستعد لهن بشيء.
ومن المشاهدات كذلك حرصهن على الحجاب والستر عند حضورهن للمسجد، ومن المشاهدات كذلك حلقات العلم لطالبات العلم لدى المشايخ وطلبة العلم في دروس خاصة بهن دون الرجال في بيوت الله، ومن المشاهدات كذلك في رمضان حضورهن الوعظ بعد صلاة العصر والإفطار في المسجد عند إقامة الإفطار في بعض المساجد بل وشاهدنهن يقمن بطبخ الإفطار للصائمين في رمضان حتى مع عدم توفر الآنية فقد شاهدنا بأم أعيننا طبخهن الإفطار من اللحم والمرق في براميل كبيرة أوقد عليها بالحطب.
ومن المشاهدات لبعض النساء اللاتي تبرعن لتنظيف المسجد كلما تمكنّ، ينتظرن ما عند الله من الأجر والثواب.وليس الخبر كالمعاينة!
21-شوال-1426 هـ
22-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/135)
عضل النساء .. ورواسب الجاهلية
صالح بن عبد الله بن حميد
النعيم في هذه الدار لا يدوم، والأجل على الخلائق محتوم، انظروا مصارع المنايا، وتأملوا قوارع الرزايا، فرحم الله امرءاً عَمَرَ بالطاعات لياليه وأيامه، وأعدَّ العدَّة للحساب يوم القيامة، قدم صالح الأعمال، وحاسب نفسه في جميع الأحوال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (الحشر/18).
الإسلام والمرأة:
حرر الإسلام العباد من رق الجاهلية وأغلالها، وأنار عقولهم من أوهامها وتقاليدها، نقلهم من ذل الكفر وظلماته، إلى عزّ الدين ونوره وبرهانه، بيَّن حق كل مسلم ومسلمة، ومنحها لهم كاملة غير منقوصة، أعطى كلاماً يلائم فطرته وطبيعته.
المرأة في الجاهلية:
كانت المرأة في جاهليات الأمم تشترى وتباع، كالبهيمة وسائر المتاع، تُملك ولا تَملك، وتُورث ولا تَرث.
بل لقد اختلف أهل تلك الجاهليات هل للمرأة روح كروح الرجل، وهل خلقت من طينة آدم أم خلقت من الشيطان؟ وهل تصحُّ منها عبادة؟ وهل تدخل الجنة؟ وملكوت الآخرة؟ حجروا عليها في تصرفاتها، وجعلوا للزوج حق التصرف في أموالها من دونها.
كم وضعت لها شرائع الجاهلية أحكاماً وأعرافاً، أهدرت كرامتها، وألغت آدميتها، فعاشت بين تلك التقاليد الباليات بلا شخصية، ولا ميزان ولا اعتبار، قليلة الرجاء، ضعيفة الحيلة، كاسفة البال، ضاعت حقوقها بين أبواب الذل والاحتقار، حتى حق الحياة كان محل عبث، تحرق مع زوجها إذا مات، توأد خشية الفقر والعار، جسَّد ذلك القرآنَ الكريم في قوله الله عزّ شأنه: " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ {16/58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ" (النحل/58ـ59)، وقوله - سبحانه -: " قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ" (الأنعام/140).
زواج المرأة في الجاهلية:
أما حقها في الزواج فحدث عن الجاهليات ولا حرج، تُزوَّج على من لا ترتضيه في أنواع من أنكحة الشغار والبدل والاستبضاع والإكراه عل البغاء، وإذا غضب عليها زوجها تركها معلقة، لا هي بذات زوج ولا هي بمطلقة.
نور الإسلام والأحكام الحكيمة:
وحين أذن الله لشمس الإسلام أن تطلع، ولنور رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تسطع، حينذاك أخذ ظلمات الجاهلية تتبدد، وقوافل المظالم والبغي تتلاشى، والمواكب من التقاليد البالية يختفي، والأعمى من التقليد يتهاوى، ونادى المنادي " إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ" (آل عمران/19)، فجاءت التشريعات العادلة وتنزلت الأحكام الحكيمة، وشاعت الأخلاق الرحيمة، وفرضت الحقوق، وحددت الواجبات، في شمول وكمال يسري على الغني والفقير، والعظيم والصعلوك، وللذكر والأنثى، يتحاكم به رعاتهم، كما يتحاكم إليه رعيتهم، الاحتكام به وإليه واجب، والوقوف عند حدوده فرض لازم: " تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (البقرة/229).
دين يصلح ما أفسدته الأهواء، ويعالج ما أمرضته الجاهلية: " صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ" (البقرة/138)، حكم الله: " وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (المائدة/50).
وطبقاً لهذا التشريع المحكم والدستور الكامل، جاء الحديث عن المرأة وعن الرجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" (النساء/1) " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ" (آل عمران/195)، " لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ" (النساء/32).
عضل المرأة:
لقد قرر الإسلام أن المرأة إنسان مبجل، وكيان محترم، مشكور سعيها، محفوظة كرامتها، موفورة عزتها، ردّ لها حقها المسلوب، ورفع عنها المظالم، لا تحبس كرهاً، ولا تعضل كرهاً، ولا تورث كرهاً، تنزل منزلتها اللائقة بها: أماً وأختاً، وزوجة وبنتاً، بل مطلوب المعاشرة بالمعروف، والصبر على السيء من أخلاقها: " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (النساء/19).
وهذا حديث عن مسألة من مسائل الزوجية، يتجلى فيها موقف الجاهلية وموقف الإسلام، مسألة كان للإسلام فيها موقف حازم، مسألة التزام حكم الإسلام فيها يقود إلى الطهر والزكاء في الدين والنفس والعرض، ويتجلى فيها مظهر من مظاهر الإيمان بالله واليوم الآخر.
والتقصير فيها جنوح إلى مسالك الجاهلية وتغليب للمصالح الشخصية.
تلكم هي مسألة عضل المرأة ومنعها من الزواج من الخاطب الكفء إذا تقدَّم إليها، أو طلبته، ورغب كل واحد منهما في الآخر، يقول - تعالى -: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ" (البقرة/232).
العضل تحكم في عواطف النساء ومشاعرهن، وإهدار لكرامتهن، بل هو إلغاء لإنسانيتهن من غير خوف من الله ولا حياء من خلق الله، ومن غير نظر في العواقب، ولا رعاية لحقوق الرحم والأقارب، مخالفة لدين الله والفطرة، مجانبة لمسلك أهل العقل والحكمة، ومجافاة للخلق الكريم.
وسمي العضل عضلاً لما يؤدي إليه امتناع الأولياء من تزويج مولياتهم من الشدة والحبس والتشديد والتضييق والتأثير المؤلم، بل المؤذي للمرأة في نفسها وحياتها وعيشها.
العضل مسلك من مسالك الظلمة الذين يستغلون حياء المرأة، وخجلها، وبراءتها، وحسن ظنها، وسلامة نيتها، وما ذلك إلا لعصبية جاهلية، أو حمية قبلية، أو طمع في مزيد من المال، أو أنانية في الحبس من أجل الخدمة.
يجب على الأولياء أن تكون غايتهم تحقيق مصالح مولياتهم الدينية والدنيوية، مبتعدين عن المصالح الشخصية، والأنانية الذاتية.
صور وأشكال العضل:
العضل لا يزحف بظله الثقيل على المجتمع بصورة واحدة، بل إنه يتلون بألوان شتى، ويتشكل بأشكال عديدة في صور قاتمة، وأحوال بشعة، تعلم شناعتها، وتدرك دناءة غايتها من مجرد تصورها.
من صور العضل ما جاء في قول الله - عز وجل -: " وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة/232)، فإذا طلقت المرأة أقل من ثلاث طلقات، ثم انتهت عدتها وبانت بينونة صغرى، ورغب زوجها الذي طلقها في العودة إليها بعقد جديد، ورغبت أن ترجع إليه قام وليها بمنعها من ذلك من غير سبب صحيح، لم يمنعه إلا التمسك ببعض رواسب الجاهلية، والعادات البالية، والعناد المجرد.
ومن أنواع العضل ما بينته الآية الكريمة في قول الله - عز وجل -: "وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ" (النساء/127)، وفي هذه الصورة يمتنع ولي اليتيمة عن تزويجها لغيره لرغبته في نكاحها لنفسه من أجل مالها.
ففي صحيح البخاري (1) ـ - رحمه الله - ـ عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "هذه الآية في اليتيمة التي تكون عند الرجل لعلها أن تكون شريكته ـ أي في أمواله وتجارته ـ وهو أولى بها ـ أي يريد أنه أولى بها في نكاحها ـ فيرغب أن ينكحها فيعضلها، ولا يُنكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في ماله.
ومن صور العضل ما جاء في قول الله - عز وجل -: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ" (النساء/19)، ومعنى ذلك: أن يضيق الزوج على زوجته إذا كرهها ويسيء عشرتها، ويمنعها من حقها في النفقة والقسم، وحسن العشرة وقد يصاحب ذلك إيذاء جسدي بضرب وسب، كل ذلك من أجل أن تفتدي نفسها بمال ومخالعة: " لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ" أي لكي تفتدي المرأة نفسها من الظلم بما اكتسبته من مال المهر والصداق، وبهذا العضل اللئيم والأسلوب الكريه يسترجع هؤلاء الأزواج اللؤماء ما دفعوه من مهور، وربما استردوا أكثر مما دفعوا، وكل ما أخذوه من هذا الطريق بغير وجه حق فهو حرام وسحت وظلم.
ومن صور العضل المقيت أن يمتنع الولي عن تزويج المرأة إذا خطبها كفء، وقد رضيته، وما منعها هذا الولي إلا طمعاً في مالها ومرتبها، أو طلب مهراً كثيراً أو مطالبات مالية له ولأفراد أسرته، تلكم صورة لئيمة يرتكبها بعض اللؤماء من الأولياء من أجل الكسب المادي، أو من أجل حبسها لتخدمه وتقوم على شؤونه.
وثمة تصرفات من بعض الناس قد تؤدي إلى عضل النساء وحرمانهن من الزواج وصرف الخطاب عنهن، من ذلك؛ تعزز ولي المرأة واستكباره، وإظهار الأنفة للخطَّاب، فيتعاظم عليهم في النظرات، ويترفع عنهم في الحديث، فيبتعد الرجال عن التقدم لخطبة بنته أو موليته، لشدته، وتجهم وجهه، واعتزازه بنفسه ومركزه وجاهه وثرائه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن صور العضل أن يمتنع الخطاب من خطبة المرأة لشدة وليدها".
ومن الأخطاء في هذا الباب: حصر الزواج وحجره بأحد الأقارب من أبناء العم أو الخال أو غيرهم والمرأة لا تريده، أو أقاربها لا يريدونها، وحصرها في أقاربها أو حجرها عليهم إما أن يكون بتكبر من العائلة وتعال على الناس، أو أنه خضوع لعادات وتقاليد بالية، وحصر المرأة وحجرها على أقاربها وهم لم يتقدموا إليها، أو هي لا ترغب فيهم ظلم وعدوان وتمسك بالعصبية الجاهلية والحمية القبلية.
ما ينبغي على الأولياء:
كما ينبغي الابتعاد عن شروط تؤدي إلى تعليق الزواج أو الدخول إلى مدد طويلة غير معلومة، بل قد تكون شروطاً لم تعلم بها المخطوبة أو غلبها فيه الحياء وليس فيها مصلحة ظاهرة، كشرط تأخير الدخول لسنوات طويلة من إنهاء دراسة بعيدة النهاية، أو بحث عن عمل أو تجارة لا ترتبط بوقت محدد.
إنَّ المطلوب المساعدة على الإحصان والعفاف والحرص على الأكفاء ذوي الدين والخلق وتحقيق الاستقرار النفسي، إنَّ من الظلم البيِّن حرمان الفتيات من الزواج بمثل هذه الأساليب والأعذار الباردة والحجج الواهية حتى ضاع على كثير من البنين والبنات سنوات العمر، وعنس الكثيرون والكثيرات.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واتقوا الله أيها الأولياء فيما ولاكم الله، إنكم إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، تعرضون النساء للزيغ والعنوسة والذبول، والولي راع ومسؤول عن رعيته، فعليه تفقد أحوال مولياته، وتلمس حاجاتهن، وتقدير مشاعرهن، وإيجاد الأساليب لحمايتهن ووقايتهن، وبذل ما يجلب الخير والسعادة لهن، بل لقد قال بعض أهل العلم: إن المرأة إذا اختارت كفأً واختار الولي كفأً غيره فيقدم الذي اختارته فإن امتنع كان عاضلاً.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (النساء/19).
إن في منع المرأة من تزويجها بالكفء ثلاث جنايات، جناية الولي على نفسه بمعصيته الله ورسوله، وجناية على المرأة حيث منعها من الكفء الذي رضيته، وجناية على الخاطب حيث منعه من حق أمر الشارع بإعطائه إياه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" (2).
وقد ذكر أهل العلم ـ - رحمهم الله -: أن الولي إذا امتنع من تزويج موليته بكفء رضيته سقطت ولايته وانتقلت لمن بعده، الأحق فالأحق، أو انتقلت إلى السلطان لعموم حديث: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" (أخرجه الترمذي (3) من حديث عائشة ـ - رضي الله عنها - ـ، وقال: حديث حسن.
كما قال أهل العلم أيضاً: إذا تكرر من الولي ردّ الخطاب من غير سبب صحيح صار فاسقاً ودخل عليه النقص في دينه وإيمانه.
فاتقوا الله أيها الناس، واتقوا الله أيها الأولياء، واحذروا من أفعال بعض الجهال من بادية وحاضرة من أمور منكرة في دين الله، وأفعال ممقوتة لدى العقلاء في تقاليد بالية ونظرات جاهلية، وجفاء في المعاملة، وضيق في التفكير.
ـــــــــــــــــــ(82/136)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(82/137)
ــــــــــــــــ
* أصل المادة خطبة ألقيت في الحرم المكي الشريف.
1- صحيح البخاري برقم 4574
2- رواه الترمذي برقم 1084)، وابن ماجه (1967)، والحاكم (2/164ـ165)، السلسلة الصحيحة للألباني (1022).
3- برقم (1102).
09-شوال-1426 هـ:: 10-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/138)
ابنتي الحبيبة
ابنتي الحبيبة..
اكتب لك ِ هذه الرسالة... وكلى ثقة بأنكِِ ستقرئينها بقلبكِِ قبل عينيك.
ابنتي الغالية..
يا من عشت سني حياتي أتقرب إلى الله برعايتي لك ِ.. وأبذل من وقتي وجهدي واهتمامي في سبيل حمايتك من أن تجرحكِ كلمة عابرة أو تؤذيكِ لمسة يد غادرة أو يقض مضجعكِ أذى من أحد.
لقد ربَيتك ِ كأحسن ما تكون التربية.. وضعت ثقتي بالله ثم بك بأنك ستصونين هذه الثقة.. كنت لكَ وأنت ِ طفلة صغيرة... العين التي تبصرين بها، والأذن التي تسمعين بها، والقدم التي تسيرين بها نحو الخير.
ولما كبُرت ِ.. خرجت ِ من تحت مظلة حمايتي لك ِ.. وانطلقت ِ في هذا العالم الواسع، وأنا أرقبك ِ بكل الخوف والقلق من أن تزل قدمك في سيرك وتتعثر خطواتك في طريق الحياة المملوءة بمنزلقات الضلال.. وتملكني الرعب من أن تسيري في طريق التيه.. ولكن كانت ثقتي بحسن تربيتي لك ِ تجعلني أراجع نفسي.. وأستعيذ بالله من وساوس الشيطان التي تملكتني..
طلبت ِ مني أن أتيح لك ِ استخدام النت.. ورغم تخوفي منه مما سمعته من الأمهات اللواتي عانين مع بناتهن في مشكلاته، وحذرنني من متاهاته والمآسي التي تحصل من ورآءه للغافلات الصغيرات.. إلا أنني تحت إصرارك رضخت... وتركت لك ِ الحرية في استخدامه.
أي بنيتي الحبيبة..
لقد حذرتك ِ من الخوض فيما لا ينبغي للفتاة أن تخوض فيه، ونبهتك ِ إلى أن يكون جلُ اهتمامك ِ إكتساب الفائدة والتفع منه.. وأن تساهمي مع أخواتك في نشر القيم الإسلامية.. وأن تتجنبي مسالك الزلل. إن الذئاب تتربص بك ِ.. أنت ِ ومن تكون بمفردها من الفتيات أمثالك. والذئب يا ابنتي لا يأكل إلا الشاة القاصية... كنت ُ ألاحظكِ وأتتبعك ِ على بعد، وأرقب خطوك ِ في هذا العالم.. فلما لاحظت أنك بدأت ِ تميلين نحو طريق الزلل الذي كنت ُ أخشى عليك أن تسلكيه.. راعني هذا، و كدت أقسو عليك بالحديث، غير أني رأيت أن هذا لن ينفعك ِ، بل رأيتُ أنه من واجبي أن أنصحك ِ و لكن كان واجبٌ علىّ أن أتبيّن من صحة هواجسي... راقبتك حتى تيقنت من صدق حدسي.. وأصدقكِ القول أني قد ُصدمت عندما وجدت أن فتاتي البريئة الطاهرة والتي تعبت في نصحها.. وغذيتها بكل ما أعرفه من مشاعر الصدق والنقاء، أن قدمها زلت في وحل النت!!
هنا لم أستطع الصمت طويلاً.. ناديتيني بيا أمي وسعدتُ بأمومتي لك ِ والتي أراها واجب علي قبل أن تكون حقٌ لك.
هنا... استنفرت النمرة تدافع عن أطفالها.. يجب علي حمايتك.. يجب أن تعودي فتاتي التي أعرفها.. يجب أن تتركي هذا الطريق.. يجب أن تعلمي أن ما ظننتيه حباً إنما هو سراباً و شبكاً تقع فيه الغافلات أمثالك..سأقطع عنك هذا الشبك... وسآخذ بيدك ِ لتنجي منه شئت ِ أم أبيت ِ.. فأنتِ ابنتي.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/139)
دور المرأة المسلمة
خولة درويش
س: لا نستطيع أن نقول أن هناك مشكلة في الإسلام اسمها المرأة، لأن هذا الدين من عند الله ولا يظلم ربك أحداً، وكل له مكانه ومكانته في حدود ما يسر له.
ولكن السؤال من ناحية واقع المسلمين، هل هناك مشكلة للمرأة؛ وما أسباب هذه المشكلة؟
ج: حقاً لا توجد مشكلة للمرأة في الإسلام...
أما من حيث واقع المسلمين، فواقعهم يزخر بالمشكلات لكل من المرأة والرجل على السواء: من بناء الأسرة إلى طريقة الكسب، طريقة الإنفاق، التعلم، العمل لخدمة الإسلام...
والمرأة المسلمة تعيش الأوضاع نفسها التي يعيشها الرجل المسلم، فهي بلا شك تعاني نفس المشكلات أيضاً، يضاف لها المشكلات المفتعلة والتي يصورون سببها رئاسة الرجل للأسرة.
وفي ظل الالتزام بأمر الله - تعالى -، لن تكون هناك مشكلة أبداً، وسبب ذلك أن الله - تعالى -خالق الذكر والأنثى وكرمهما جميعاً قال - تعالى -: (ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) شرع ما فيه خير الجميع من رجل أو امرأة، ولا يحابي في تشريعة الحكيم أيا منهما.
هذا وإن جعل التشريع الحكيم القوامة للرجل..
لكنه قيده بضوابط شرعية تمنعه من النكاية بالمرأة وإلحاق الضرر بها.
وفي غيبة تطبيق الشريعة الربانية تبرز الأنظمة البشرية التي تقصد مصلحة أحد الطرفين لا محالة، وهنا فقط تكون المشكلة من تضييق على المرأة باسم القوامة ليحرمها من حقها المشروع..
إلى تسيب المرأة تحت دعوى الحرية والمساواة.
س: بالنسبة لمشكلة التعليم، إلى أي حد تساهم المناهج الآن في تشكيل عقلية المرأة وإعدادها لدورها المطلوب؟ وما هي حدود تعلم المرأة التي تتناسب ودورها وشخصيتها؟
ج: إن عدم إلمامي بجمع مناهج البلاد العربية يجعل الجواب صعباً، وفي حدود معلوماتي فإن المناهج الحالية لها بعض الفائدة في تعليم البنات ما ينفعهن في حياتهن.
لكن يعكر على هذه الفوائد كثير مما لا فائدة حقيقية منه، بل ومآله ضرر محقق.
أما الاهتمام بدورها الأسري، وإعدادها لتكون زوجة واقعية وأماً مربية فالمناهج لا تفي بهذا المقصود المهم.
أما الشطر الثاني من السؤال، وهو حدود تعلم المرأة: فالعلم المفروض هو ما تحصل به معرفة أمور دينها التي لا يتم الإسلام إلا بها.
أما ما زاد على ذلك فالمرأة تتعلم ما قدر الله لها من العلم وما ترغب فيه ويتناسب مع استعداداتها وذكائها ما دام ذلك بحدود الشرع.
في كون العلم دون اختلاط أو خلوة..
ونحو ذلك وكذا نوعية العلم الذي تدرسه، فالعلم الذي هو ترف فكري لا ينفعها في دينها أو دنياها، ويعتبر مضيعة للوقت وتحاسب عليه أمام الله - عز وجل -.
ومن أكثر ما يهم المرأة المسلمة ويجب أن تسعى لتعلمه: معرفة أسس الشريعة التي تؤهلها للعبادة، معرفة قواعد الصحة العامة، التدبير والاقتصاد المنزلي، أسس التربية، وكذا ما ينفعها في مهنتها المشروعة (كأن تنمي معلوماتها التي تختص بالتعليم وإن كانت تعمل معلمة، أو تجدد اطلاعها إن كانت طبيبة.. وهكذا).
س: من الملاحظ أن المرأة كان لها دور كبير في أوائل الدعوة فما دورها الآن؟ وهل أتحنا لها أن تقوم بهذا الدور في مجتمعاتنا الدعوية المعاصرة. ومن يتحمل مسؤولية إبعادها عن هذا الدور؟
ج: لا شك أن كل منصف يقدر للمسلمة في فجر الدعوة دورها ومساهمتها في تبليغ رسالة السماء، ونتطلع إلى الاقتداء بأولئك النساء الفضليات.
أما دورها الآن، فأرى أنه شبه مفقود، وإن وجد فهي محاولات ذاتية وقليلة للقيام بهذا الواجب الشرعي.
ونرجو لهذه المحاولات أن تنمو على أسس شرعية سليمة.
أما مسؤولية إبعادها عن هذا الدور: - فتتحمله الأوضاع الجائرة في كثير من البلاد الإسلامية..
فهي قد أبعدت الرجال عن القيام بهذا الواجب فضلاً عن النساء.
- وتتحمله الموروثات الخاطئة عن مهمة المرأة في الحياة، حيث ينظر إليها على أنها أداة لحفظ النسل.
- وتتحمله أنانية كثير من الرجال أو ضيق أفق بعضهم، لشعورهم بذاتهم في غيبة وعي المرأة وعملها في الدعوة.
وتتحمله المرأة نفسها؛ إذ للأسف يصعب على البعض الموازنة بين الحق والواجب فيجمح بها الغرور، ويحول الكبر والغطرسة التي قد يخلفها العمل دون تقدير رأي الزوج مما يحول البيت إلى جحيم لا يطاق.
وأرى أن الحل هو في التربية الإسلامية المتوازنة التي تدعو إلى إعطاء كل ذي حق حقه أولاً، ومن ثم الدعوة إلى الخير والتناصح.
س: ضمن التناول المتطرف للأمور يأتي موضوع المرأة بين من يريدون مساواتها بالرجل في أمور الدعوة وبين من يحتصرون دورها ومهمتها في المطبخ والأثاث والملابس.. الخ ما رأيكم في هذا؟
ج: إن الدعوة قد تستلزم السفر أو الخروج من المنزل، وقد تستلزم الذهاب إلى بيوت الأخريات أو قدوم النساء إلى بيت المرأة، كما وأنها تحتاج إلى بذل وإنفاق.
وهذه الأمور جميعاً ينظمها الشرع ويجعل الرأي فيها جزءاً من قوامة الرجل على المرأة.
أي أن مساواتها بالرجل في أمور الدعوة تنافي الدعوة التي تريد أن تتصدر لها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن تكون مهمتها الطبخ والأثاث ونحو ذلك، فهذه مهام تقوم بها أي امرأة أو حتى الرجل إن كان خادماً، فلماذا أوصى الشرع بحسن اختيار الزوجة؟ وإلا ما الفرق بين امرأة وأخرى.
والناظر في دور المرأة المسلمة في هذا المجال عبر التاريخ، يجد أنه كان لدعم عمل الرجل، ولا يصح بحال أن يستهان بهذا الدور، فمواساة السيدة خديجة للرسول - صلى الله عليه وسلم - في بدء الدعوة شدت أزره وأذهبت روعه حين تحملت معه المصاعب في الشعب وواسته بمالها، فكان موقفها يعجز عنه الرجال.
فالمرأة في كونها السكن النفسي لزوجها تؤدي دوراً دعوياً مهماً.
ذلك لأنه مشغول البال والفكر، لا يمكن أن ينهض لحل مشكلاته الخاصة فضلاً عن دعوة الغير إلى الخير.
وأنّى له أن يجد الراحة وقد تحول بيته إلى مكان لتنغيص العيش وإثارة الهم.
وباختصار فالرجل المسلم لا يكبتها فيحطم كيانها وبنفس الوقت لا يترك الحبل على الغارب فيفسد دينها ودنياها، والمرأة المسلمة تعلم أن عملها في المطبخ ليس مجال أنفة وكبر، وإنما هو مجال للثواب، ورجلها المسلم إذا أمكنه لا يبخل عليها بإحضار بعض الآلة المريحة التي تشعرها، بكيانها، وتوفر جهدها ووقتها لتقوم بمهام دعوية جليلة.
س: هل تستطيع المرأة المسلمة توظيف موضوع الزيارة مع الأقارب أو الجيران أو أخواتها المسلمات دعوياً لإيجاد تطلعات إلى الحياة الإسلامية؟
ج: إذا كانت مسلمة حقاً فبالتأكيد تستطيع ذلك وهو جزء من واجبها الديني.
ذلك أن نظرة الناس إلى الدين إنما تبنى بالنظر إلى تصرفات المتدين.
ودعوتها تبثها في كونها قدوة حسنة في كريم أخلاقها، اعتدال لباسها واحتشامه، همومها، تطلعاتها، معايشتها للآخرين ومشاركتها لهم في آلامهم وأفراحهم، حسب ما يبيحه الشرع.
كل ذلك تأتي به طبيعياً دون تكلف، فضلاً عن الدعوة المقصودة في انتهاز الفرص المناسبة للدعوة والتوجيه على أن لا يكون في ذلك مبالغة، وعلى أن تراعي أحوال المدعوات وإلا كان الكلام ممجوجاً ثقيل الظل.
وبالتالي تمقت المبادئ التي تدعو لها.
س: أين تقف المرأة المسلمة الآن من مؤسسة الأسرة وهموم هذه المؤسسة؟
ج: للأسف قد تزف الكثير من فتياتنا إلى بيت الزوجية، والواحدة منهن تحمل أوهاماً كثيرة..
تظن أنها ستذهب للراحة والتدليل، وما درت أن هذه بداية المسؤوليات، فقد ذهب دور الأخذ الأسري الطفولي وجاء دور العطاء العاطفي والتضحية بالراحة والرغبات لمصلحة كل من الزوج وأهله والأصحاب والجيران..
ومن ثم الأولاد. وتبدأ المشاكل حين تصطدم الفتاة بالواقع الذي لم تهيأ له، وقد يطول لسان المسكينه لتثبت أنها ليست بأقل من رجلها، فتحول دون الهناءة المنتظرة ويتعلم أطفالها ذلك.
والمرأة الداعية لدينها تعلم أنها إن احترمت زوجها وأحسنت عشرته احتساباً للثواب من الله فهي في عبادة تؤجر عليها.
وإن حفظته في أهله فراعت حقهم وأحسنت إليهم، وإن حفظته في ماله فوضعت كل درهم في موضعه المشروع فهي في عباده.
وهي إن ربت أولادها فأحسنت أدبهم فهي في عبادة يبقى أجرها لما بعد الموت، تعرف أطفالها حق الله، وتتابعهم في أداء الصلاة، تعودهم على مراقبة الله والعمل على مرضاته، تعرفهم حق الوالدين، فلا تسمح لأحد بذكر كلمة سوء عن الأب، حتى ولو كانت في أشد حالات الغضب.
وإلا فهي التي ستتلقى التهجمات من ابنها نفسه فيما بعد؛ لأنها قد أورثته العقوق، تحببهم في العلم ومصاحبة الكتب..
وهكذا تجعل من بيتها واحة عطرة تفوح بالخير والفضيلة في أرجاء المجتمع، والمسؤولية للنهوض، بالمرأة (فيما أرى) موزعة بالتساوي على أسرنا وإعلامنا ومناهج الدراسة.
س: ما هي الكتب والموضوعات التي تبني شخصية المرأة وتنميها في الأمور التي نرى أنها مهمة لها كمسلمة تعيش في ظروف المجتمعات الإسلامية الآن؟
ج: الكتب كالدواء فكما أنه يوصف لكل مريض ما يناسبه، ويضر به أن يعب من الصيدلية أي دواء.
كذلك فلكل امرأة ما يناسبها من الكتب حسب ثقافتها واستعداداتها والغاية التي تريد أن تقرأ لأجلها.
وعلى العموم فالكتب التي يشترك الجميع فيها قد تكون:
- المرأة بين الفقه والقانون لمؤلفه، د. مصطق السباعي - رحمه الله -
كتاب الحجاب - تفسير سورة النور، لأبي الأعلى المودودي - رحمه الله –
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، لأبي الحسن الندوي.
- واقعنا المعاصر، محمد قطب - حفظه الله -
- قولي في المرأة، مصطفى صبري - رحمه الله –
- الإسلام والحضارة الغربية، د. محمد محمد حسين - رحمه الله –
- المجلات الإسلامية كالبيان مثلاً.
س: باعتبارك تشرفين على المدارس الأهلية للبنات، فما انطباعاتك عن هذه المدارس؟ وما دورها في تربية أبناء المسلمين تربية إسلامية هادفة؟
ج: للمدارس الأهلية دور كبير في التغيير الاجتماعي سلباً أو إيجاباً، وقد عرف المبشرون والعلمانيون ذلك، فتخرج من مدارسهم أناس أداروا دفة التوجيه والقيادة في كثير من بلادنا الإسلامية.
واليوم ولله الحمد قد أدرك الكثير من المسلمين أهمية المدارس والتربية فيها، فنشطوا ليسدوا بعض الثغرات، وليقوموا بأمانة تربية الأجيال المسلمة، وأصبح كثير من هذه المدارس يسعى إلى غرس المثل الإسلامية، والقيم الخلقية السامية رغم العقبات التي تلقاها، من قلة الكوادر المؤهلة في الإدارة والتعليم حيناً، أو الصعوبات المالية حيناً آخر أو تدخل الأنظمة في أكثر بلدان المسلمين؛ لتحد من انطلاقة المدارس الجادة نحو تحقيق أهدافها المرجوة الخيرة.
ومهما يكن الأمر فهي معقد الأمل للتربية الإسلامية المنشودة، جزى الله القائمين عليها خيراً.
س: وأخيراً هل لديك نصيحة تريدين توجيهها إلى الفتاة المسلمة؟
ج: نعم أرجو من كل فتاة مؤمنة أن تكون على مستوى مسؤوليتها، فالمؤامرات تحاك ضدها فلا تنخدع.
وأن تشعر أنها على ثغر خطير من ثغور الإسلام، فلا يؤتين من قبلها.
أن ترتفع فوق جواذب الأرض والتفاهات الفارغة، والموضات الخداعة القاتلة، لأنها ذات رسالة وأية رسالة! إنها إعداد الأجيال المؤمنة، لَبِنات الحياة الإسلامية، والمجتمعات الجادة على طريق سلف هذه الأمة وما ذلك على الله بعزيز.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/140)
الهالات السوداء الأسباب والعلاج
هي مشكلة تؤرقك تبحثين لها عن حل يُمَكنك من التخلص منها، إذ عادة ما تعاني السيدات وحتى الفتيات من ظهور دوائر داكنة اللون حول العيون في حالات المرض أو الإرهاق، وما يزيد الأمر سوءًا أن هذه البقع إذا لم تزال بالعلاج أو الراحة، فتضطر المرأة إلى الاستعانة بمستحضرات التجميل والماكياج لإخفائها.
ولكن ما هي الهالات السوداء؟
الهالات السوداء تحت العين هي عبارة عن حدوث اسوداد تحت العين بحيث يختلف لون الجلد حول العين عن الجلد في باقي الوجه.
يقول الدكتور نبيل نذير الوتار"أخصائي بالأمراض الجلدية والتناسلية - دمشق" إن فرط التصبغ تحت العين أو الهالات السوداء هي ثاني مشكلة تجميلية كبيرة من حيث الشيوع في العالم بعد التجاعيد، ولسوء الحظ لا يوجد في الأسواق حل لهذه المشكلة حتى الآن وهي تعود لفقر فهم حدوث مثل هذه الحالة.
توجد في الأسواق الكريمات والمحاليل ومعظم هذه الكريمات تعمل ككريم أساس لتغطية الهالات، وحديثا توجد صيغة جديدة تعتمد على الفهم الجيد لهذه الحالة حيث يجب علينا معرفة الأسباب الحقيقية لإمراضية فرط التصبغ تحت العين.
أسباب عائلية أو وراثية:
فالعامل الوراثي يلعب دورا مهما جدا وتبدأ هذه الحالة منذ الطفولة وتستمر طيلة الحياة حيث يمكن أن توجد عند الأطفال والأمهات والجدات في بعض العائلات أو العروق حيث تزداد عندها بسبب العامل الوراثي.
وسبب هذه المشكلة هو زيادة الميلانين في هذه المنطقة وهذه المشكلة تنتشر بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط والأدنى وبقية البلاد العربية، إذا هنالك أسباب عائلية.
التصبغات في الجفن السفلي الناتجة عن رقة الجلد هي مشكلة أخرى حيث يكون الجلد رقيق جدا وهو الأرق في الجسم حيث يسمح للعضلة المدارية وللتصبغات في هذه المنطقة أن تظهر.
العامل الآخر هو العامل المؤهب وهو:
1- التأثير الضار للشمس على الجلد ويؤدي إلى رقة الجلد وحدوث التوسعات الشعيرية وجذب الميلانين للقسم المصاب
2- الجاذبية حيث تجذب الجلد للأسفل وتؤدي بالمستقبل إلى ملء الجلد إذ عندما يجذب جلد الجفن للأسفل يبدو الجلد أرق والأوعية الدموية تزداد استجابتها للأشياء إذا الامراضية هنا هي وعائية واصطباغية وليست فقط مشكلة اصطباغية صرفة.
3- العنصر الوعائي الذي يظهر في المنطقة المصابة ويترافق بتوسعات شعيرية ويتظاهر العنصر الاصطباغي بملئه الجلد بالميلانين بالإضافة لسماحه للعضلة المدارية أن تظهر عبر الجلد كما أنه من الممكن حدوث الأسوداد نتيجة لوجود دوالي في الجفن السفلي.
4- عوز الحديد والفيتامينات الأخرى من العوامل المساعدة على حدوث الهالات.
5- الضعف العام بالجسم.
6- السهر المديد والتدخين يؤدي إلى زيادة وضوح الهالات.
7- نقص الدهون بشكل عام والتي تسبب مظهر العين الغائرة.
8- تبين حديثا أن الحك المستمر للجفن وخصوصا عند الأشخاص الذين يشكون من الأكزيما البنيوية هم عرضة أكثر من غيرهم لإحداث الهالات السوداء حول العين.
العلاج:
يقول الدكتور نبيل نذير الوتار: بما أنه هنالك سبب وعائي وسبب اصطباغي فقد استعملت صبغة للمعالجة تحتوي على الفيتامين k بنسبة 1% والريتينول في سواغ جديد يدعى micro sponge delivery system حيث أعطى نتائج جيدة.
بالإضافة إلى تجنب السهر الطويل والتدخين اللذين يساعدان على تفاقم المشكلة، معالجة فقر الدم ومشاكل اضطرابات التغذية والعوز الفيتاميني إن وجد ويمكن تغطية هذه التصبغات بواسطة كريمات التجميل التي تدعى Cover mark والمتوفرة بالأسواق، ولكن هذا الحل هو مؤقت وأفضلها ما يحتوي على الريتينول والفيتامين س، والفيتامين ك الذي يعمل بكفاءة مع البذور المستخلصة من شجر كستناء الحصان، فهو أفضل بكثير من استخدامه بمفرده، إذ يعالج هذا المستخلص اضطرابات الدورة الدموية وما يتصل بها خصوصاً سبب تمدد الأوعية الدموية التي تظهر في صورة هالات سوداء.
كما يستخدم مستخلص الكاموميل في تهدئة الجلد الذي يزيد من شكل الهالات السوداء سوءاً، ومن خواصه أنه مضاد للهرش وناعم على الجلد ولديه القدرة على محايدة المواد المثيرة له.
ويمكن التخلص من الهالات السوداء نهائياً بواسطة الطريقة العلاجية الجديدة التي طورها العلماء الأمريكيون، وهي تتمثل في أداة تبعث نبضات قصيرة من الضوء القوي مباشرة إلى المنطقة الجلدية الداكنة تحت العيون، بحيث يتم توقيت هذه النبضات الضوئية بدقة لتحمل المقدار الصحيح من الطاقة اللازمة لتقليص بعض الأوعية الدموية المحتقنة بالدم.
وأشار الخبراء إلى أن عملية إزالة الحلقات الداكنة حول العين تحتاج من ثلاث إلى خمس جلسات علاج، تستغرق كل جلسة عشر دقائق تقريباً، ولفت هؤلاء إلى أن هذا العلاج أثبت فعاليته عند نصف المرضى الذين خضعوا له، ولكنه لا يناسب أي شخص، لذلك لا بد من إجرائه تحت إشراف الطبيب.
أشياء تساعد على تخفيفها:
1ـ الرياضة في الهواء الطلق تزيد من مستوى الأكسجين في الدم الذي يعطيه اللون الأحمر الزاهي ويكسب الجلد لوناً وردياً.
2ـ النوم الكافي العميق المبكر والابتعاد عن السهر، فإنه يسبب الهرم المبكر.
3ـ عدم التدخين؛ لأن النيكوتين يؤدي إلى قبض الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تلونات جلدية داكنة، وكذلك تؤدي المركبات الكربونية إلى تقليل كمية الأوكسجين في الدم، فيصبح لون الجلد مضطرباً.
4ـ عدم التعرض لأشعة الشمس مدة طويلة، فإن كان لا بدَّ من ذلك، ففي طرفي النهار، وإن كان غير ذلك فيوضع كريم يصفي أشعة الشمس الضارة.
5ـ تجنب الاحتقان الأنفي ومراجعة الطبيب المختص لمعرفة إن كان هناك احتقان أو حساسية ولو لم يكن ملموساً لديك، ولا تستخدمي قطرة الأنف الخاصة بتخفيف الاحتقان؛ لأنَّ استخدامها أكثر من أيام معدودة على الأصابع قد تؤدي إلى تأثير معاكس. إنَّ القطرة تسبب الاحتقان بدلاً من تخفيفه إذا زاد استخدامها على 5 أيام أو نحو من ذلك.
6- عمل تمارين استرخاء لعضلات الوجه، وذلك من خلال استعادة أحلى ما في الذاكرة من أحداث جميلة وسارة.
7- الاحتفاظ بجهاز هضمي نظيف دائماً، وتجنب الإمساك والتخمرات؛ وذلك بتناول الفواكه والخضار الطازجة.
8-ـ التخفيف من تناول المنبهات مثل القهوة أو الشاي أو الكولا (تحتوي على كافيين)؛ لأنها تحتوي على كافئين.
9- ـ تناول كميات كبيرة من الماء أو السوائل على هيئة عصائر فواكه طبيعية وتجنب المواد الغريبة على الجسم والبشرة مثل الألوان الصناعية الموجودة في المشروبات الغازية.
10- التقليل من المقليات والأطعمة المعلبة أو المجمَّدة.
وصفات بيتية:
1ـ ضعي ورق نعناع مدقوق حول العينين مدة 5 إلى 10 دقائق.
2ـ دلكي المنطقة بزيت اللوز قبل النوم.
3ـ استخدمي شرائح الخيار أو البطاطا كمادات حول العينين مدة 20 دقيقة.
5ـ كمادات ماء الورد 10 دقائق.
28- شوال-1426 هـ
29-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/141)
وقرن في بيوتكن
لقد اهتم الإسلام بالبيت المسلم وإصلاحه اهتماما بالغا فأمر المرأة أولا بالقرار فيه
فقال: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي}. أي اقررن واسكن فيها لأنه أسلم لكن وأحفظ. (ولا تبرجن...) أي لا تكثرن الخروج متجملات متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لا علم عندهم ولا دين فكل هذا دفع للشر وأسبابه.
وأمرها وأمر زوجها بعدم خروجها من بيتها حتى ولو طلقت فقال: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن). ويشاركها الرسول - صلي الله عليه وسلم - في المسؤولية مع الرجل فيقول: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " إذ " لا يصلح آخر هذه الأمه إلا بما صلح به أولها " كما قال الإمام مالك - رحمه الله -
قال - تعالى -: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.
هذه آداب أمر الله - تعالى -بها نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الأمة تبع لهن في ذلك، فقال - تعالى - مخاطباً لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهن إذا اتقين الله - عز وجل - كما أمرهن، فإنه لا يشبههن أحد من النساء ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة، ثم قال - تعالى -: "فلا تخضعن بالقول" قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال، ولهذا قال - تعالى -: "فيطمع الذي في قلبه مرض" أي دغل "وقلن قولاً معروفاً"
قال ابن زيد: قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير، ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وقوله - تعالى -: "وقرن في بيوتكن" أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات" وفي رواية "وبيوتهن خير لهن".
وقال الحافظ أبو بكر البزار: عن أنس - رضي الله عنه - قال: " جئن النساء إلى رسول الله فقلن: يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله - تعالى -، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله - تعالى -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قعدت ـ أو كلمة نحوها ـ منكن في بيتها، فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى" ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح بن المسيب، وهو رجل من أهل البصرة مشهور.
عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" رواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإسناده المتقدم و أبو داوود أيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها" وهذا إسناد جيد.
وقوله - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية.
وقال قتادة "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" يقول: إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج، فنهى الله - تعالى -عن ذلك
وقال مقاتل بن حيان "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.
وقال ابن جرير: عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: تلا هذه الآية "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال: كانت فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة. وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإن إبليس لعنه الله أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فآجر نفسه منه فكان يخدمه، فاتخذ إبليس شيئاً من مثل الذي يرمز فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فيتبرج النساء للرجال، قال ويتزين الرجال لهن، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن فنزلوا معهن، وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى". وقوله - تعالى -: "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" نهاهن أولاً عن الشر ثم أمرهن بالخير من إقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وإيتاء الزكاة وهي الإحسان إلى المخلوقين "وأطعن الله ورسوله" وهذا من باب عطف العام على الخاص. وقوله - تعالى -: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" وهذا نص في دخول أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في أهل البيت ههنا، لأنهن سبب نزول هذه الاية وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة.
2)من كتاب فتح القدير:
"وقرن في بيوتكن" قرأ الجمهور "وقرن" بكسر القاف من وقر يقر وقاراً: أي سكن، والأمر منه قر بكسر القاف، وللنساء قرن.
وقال المبرد: هو من القرار، لا من الوقار، تقول قررت بالمكان بفتح الراء. وقرأ نافع وعاصم بفتح القاف وأصله قررت بالمكان: إذا أقمت فيه بكسر الراء، أقر بفتح القاف كحمد يحمد، وهي لغة أهل الحجاز،،، والصحيح قررت أقر بالكسر، ومعناه: الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن ومعنى الآية المراد بها أمرهن بالسكون والاستقرار في بيوتهن، وليس من قرة العين.
"ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" التبرج: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها ما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل. وقد تقدم معنى التبرج في سورة النور.
قال المبرد: هو مأخوذ من السعة، يقال في أسنانه برج: إذا كانت متفرقة. وقيل التبرج هو التبختر في المشي، وهذا ضعيف جداً..
وقد اختلف في المراد بالجاهلية الأولى، فقيل ما بين آدم ونوح، وقيل ما بين نوح وإدريس، وقيل ما بين نوح وإبراهيم وقيل ما بين موسى وعيسى، وقيل ما بين عيسى ومحمد. وقال المبرد: الجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء. قال: وكان نساء الجاهلية تظهر ما يقبح إظهاره، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخليلها، فينفرد خليلها بما فوق الإزار إلى أعلى، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى أسفل، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل.
وقال أبو العالية: هي في زمن داود وسليمان - عليهما السلام -، كانت المرأة تلبس قميصاً من الدر غير مخيط من الجانبين فيرى خلقها فيه. ((ووالله لقد ظهرت هذه الملابس المشقوقة من الجانبين وتسما "تونك ")).
وقال الكلبي: كان ذلك في زمن نمرود الجبار، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال.
قال - تعالى -: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى".
وقال قتادة: هي ما قبل الإسلام.
وقيل: الجاهلية الأولى: ما ذكرنا..
والجاهلية الأخرى: قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان.
وقيل: قد تذكر الأولى وإن لم يكن لها أخرى، كقوله - تعالى -: "وأنه أهلك عاداً الأولى" (النجم-50)، ولم يكن لها أخرى.
قال ابن عطية: والذي يظهر لي أنه أشار إلى الجاهلية التي لحقنها فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى كذا قال، وهو قول حسن. ويمكن أن يراد بالجاهلية الأخرى ما يقع في الإسلام من التشبه بأهل الجاهلية بقول أو فعل، فيكون المعنى: ولا تبرجن أيها المسلمات بعد إسلامكن تبرجاً مثل تبرج الجاهلية التي كنتن عليها، وكان عليها من قبلكن: أي لا تحدثن بأفعالكن وأقوالكن جاهلية تشابه الجاهلية التي كانت من قبل "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" خص الصلاة والزكاة لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية. ثم عمم فأمرهن بالطاعة لله ولرسوله في كل ما هو شرع "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" أي إنما أوصاكن الله بما أوصاكن من التقوى، وأن لا تخضعن بالقول، ومن قول المعروف، والسكون في البيوت وعدم التبرج، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والطاعة ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، والمراد بالرجس الإثم والذنب المدنسان للأعراض الحاصلان بسبب ترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى عنه، فيدخل تحت ذلك كل ما ليس فيه لله رضا
انتهي كلامه - رحمه الله - بتصرف
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/142)
يا بنيتي
عبد الملك القاسم
بعد صلاة الظهر من يوم شاتٍ ممطر وقف رجل كبير في السن تبدو على ملابسه آثار الفقر وعلى أطرافه علامات البرد وبجواره ابنه في الخامسة أو السادسة! وقف الرجل أمام المصلين وهو على تلك الحالة وشكى حاله إلى الله - عز وجل - ثم إلى المصلين وتحدرت كلماته تسابق دموعه والإبنه الصغيرة تمسح دمعه تلو الأخرى من على لحيته ثم أنفجرت بالبكاء! وكنت ممن غالب الدمعة رأفة ورحمة بالأب والابنة الصغيرة..مرت سنوات ولا زلت أتذكر ذلك الموقف بين الحين والآخر، فإن كان الأمر في حال خلوة سكنت أطرافي واهتز قلبي! وإن كنت في جمع زالت عجلي خجلي ثم انزوت بداخلي.
واليوم تذكرت موقف الرجل وابنته وعادت بي الذاكرة لقول عبد العزيز الديرني:
أُحب بنيتي وودت أني
وما بي أن تهون عليّ لكن
فإن زوجتها رجلاً فقيراً
وإن زوجتها رجلاً غنياً
سألت الله يأخذها قريباً
أما ابن الوردي فقد أجمل وأكمل..
دفنت بنيتي في قاع لحدٍ
مخافة أن تذوق الذل بعدي
اراها عنده والهم عندي
فيلطم خدها ويسُّب جدي
ولو كانت أحب الناس عندي
لولا أميمة لم أجزع من العدم
وزاد ني رغبةً في العيش معرفتي
أحاذرُ الفقر يوماً أن يُلِّم بها
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقاً
أخشى فظاظة عمٍ أو جفاء أخٍ
إذا تذكرتُ بنيتي حين تندبني
ولم أقاس الدجى في حندس الظُلم
ذل اليتيمة يجفوها ذوو الرحم
فيهتك الستر عن لحمٍ على وضم
والموت أكرم نزالٍ على الحُرَمِ
وكنتُ أبقى عليها من أذى الكلم
جَرَت لعبرة بنتي عَبرتي بدَمِ
وخير من ذلك كله قول النبيe لمن آنست جوارحه ابنه أو ابنتان: "من عال ابنتين أو ثلاثاً، أو اختين أو ثلاثاً، حتى يبنَّ أو يموت عنهن، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعه الوسطى والتي تليها" رواه أحمد. وقالe "من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يُهنها ولم يؤثر ولده عليها، يعني الذكور أدخله الله الجنة" رواه أبو داود.
فهنيئاً لمن تحمل هذه الأمانة وقام برعايتها والمحافظة عليها حتى تدلف به أبواب الجنة.
08/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/143)
وسارت مع الركب
عبد الملك القاسم
مجتمع فارغ، وأنفس مريضة، وضحكات مرتفعة، تجمعهن المعصية، وتفرقهن الذنوب، مجالس طويلة لا يذكر فيها اسم الله.. ليس لجهل في جليساتها، بل كلهن متعلمات، ولهن حظ من الشهادات العليا، لكن الغفلة أناخت ركابها، والتسويف أدلى بستاره..وتتعجب من شدة حرصهن على تسريحة شعر، وتهافتهن على اختيار تصميم لقطعة قماش.
وإن كان لديك متسع من الوقت، وكنز من الصبر لا ينفد، فاصغ بسمعك، هاهنّ يتحاورن، ويتجادلن طويلاً في لون حذاء أقمن الدنيا عليه، وقد يتفقن وكثيراً ما يختلفن، والهم كله في هذه الساعات الطوال لا يتجاوز حذاء، أو فستاناً، أو ما يقارب ذلك.
هذا هو مستوى التفكير لديهن، وهذه أقصى اهتماماتهن، بل التي تعد نفسها للدراسات العليا تساقطت دموعها عندما تأخر فستانها لدى مشغل الخياطة، وبكت بحرقة عجيبة.
في ذلك المجلس الذي خبت فيه جذوة الإيمان، ومع الضحكات المتوالية، والتعليقات المتتالية، كانت هي في وسط جمع من الفتيات، تسمع ما يقلن، تستلطف ما يتندرن. وعندما تعالت الأصوات، واختلطت الهمسات، سمعت إحداهن تسترجع الواقعة، قالت لي قارئة الحظ: حظك من السماء.. ستتزوجين رجلاً غنياً تطوفين العالم معه، وترين عجائب الدنيا، وسوف تكونين محظية عند زوجك، فهو صاحب كرم وسخاء!
وقالت الأخرى بمباهاة عجيبة، واستعلاء واضح: من ذهبت إليه ذو معرفة دقيقة، وإطلاع واسع، وقد فاجأني بمعرفة أسرار حياتي وأهمها تاريخ ميلادي! ومن حسن التوفيق لم يكن أحد يسمع هذا التاريخ من صويحباتي.
تنهدت وهي تروي تفاصيل تلك اللحظات الحاسمة، والدقائق الفاصلة، ثم قالت: لقد كنت مضطربة المشاعر، متلاحقة الأنفاس، خوفاً من المستقبل وماذا يخبئ؟! إلا أنه قرأ كفي على مهل وهو يقلب رأسه، ويحرك يديه، وأجهد نفسه حين ملأت جبينه!
وكانت البشرى أن قال لي: ستتزوجين من يحبك، وستكونين سعيدة، وأسراراً أخرى مفاجئة لكن!
تململت وهي تقلب طرفها في الحاضرات، ثم قالت: أخشى من الحسد، والحساد خصوصاً من غير المتزوجات.. وأتبعت الكلمة الأخيرة ضحكات متتابعة.
فتح الباب على مصراعيه، واستبدلت الهمسات بأصوات مرتفعة، فكلهن أصبحن شريكات في السؤال.
وعند أبواب العرافين، والكهنة، والمنجمين، وأصحاب الكف، وضرب الودع، كل أدلى بدلوه، حتى تكدرت الدلاء، وأجلب الشيطان عليهم بخيله ورجله، وتحول الحديث إلى ضحك، وتعليق وسخرية من تلك الأقوال والتوقعات.. ولكن في قرارة النفس شيئاً آخر، وعند النوم وحين تنزل نزلة، أو تعم سعادة، تدور الأمور في الرؤوس كأنها حقائق ووقائع، فتنقبض قلوب، وتفرح نفوس، هذا هو التصديق بعينه!
أما حديثة العهد بهذا المجلس فقد أغرقها الطوفان، وسارت مع الركب، وقررت أن ترى حظها مثلهن، وتسمع طالعها وتتحرى مستقبلها، تريد أن تسمع كلمة عن زوج المستقبل، وبيت الزوجية، ومن يحبها، ومن يكرهها، وأشياء أخرى كثيرة.
وكان ذلك.. فسألت وقلبها يتلهف لمعرفة الجواب، ونفسها تتطلع لاستشراف المستقبل:
ما هو حظي في هذه الدنيا؟ ومتى سأتزوج؟ وما هي مواصفات الزوج؟
سارت خطوات عجلى إلى حيث يطفأ نور الإيمان، وبدأ قلبها يخفق، ويتناثر على جنباته الإيمان.. وغرقت مثل كثيرات في الوحل، ولم تأخذ من حظ الآخرة.
وفي الزاوية البعيدة وقف الشيطان مبتسماً لما يرى، وهز رأسه فرحاً بهذا السقوط وهو يحدث أعوانه: لقد ثلم التوحيد، وسقطت رايته، ووراء كل سقطة سقوط أعظم إلا أن يلج صاحبها باب التوبة، وسأكون له بالمرصاد.
ثلاث سنابل:
•قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -" رواه أبو داود.
•عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاثة لا يدخلون الجنة، مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر" رواه أحمد، وابن حبان.
•قال بلال بن سعد: رب مسرور مغبون يأكل، ويشرب، ويضحك. وقد حق له في كتاب الله - عز وجل - أنه من وقود النار.
رجب 1418هـ.
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/144)
رجحان عقل امرأة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
المرأة شقيقة الرجل، ومنه خُلِقت.
وكمال عقل المرأة ورجحانه أمر مُشاهد
ودعونا نقف وقفات مع نساء مؤمنات رجحت عقولهن، وتبيّن ذلك في مواقف في حياتهن، ربما عجز أفذاذ الرجال عن بعض تلك المواقف.
أما الموقف الأول: فهو لامرأة من الأنصار
والقصة التي أريد أن أغوص في غورها جَرَتْ أحداثها في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -
وبالتحديد مكاناً في مدينته، في طيبة.
وفي بيت رجل من الأنصار.
تدور أحداث القصة في بيت بشير بن سعد الأنصاري - رضي الله عنه -
حيث تزوّج بامرأة أخرى، هي عمرة بنت رواحة، وهي أخت عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -.
ثم ولدت له ولداً سمّاه أبوه: النعمان.
فهو النعمان بن بشير - رضي الله عنه -.
كبُر الابن وترعرع، فأحبت أمه أن يُخص بعطيّة، وأن يُفرد بهديّة، وأن يُمنح مِنحة.
تردد الأب قبل أن يُجيب طلبها، وقبل أن يُحقق رغبتها.
فأخّرها عاماً كاملاً
ثم نزل عند رغبتها
فأعطى هذا الابن قطعة أرض، وفي رواية أنه أعطاه غُلاماً.
وعلى كلٍّ فقد أعطاه عطية، ومنحه مِنحة، ووهب له هِبة.
ولكن هذه المرأة العاقلة لم تهتبل الفرصة، ولم تغتنم الوقت لإقرار العطية، وعدم التردد كما كان من قبل.
بل لم ترضَ حتى تأخذ العطية الصبغة الشرعية، فمراد الله ورسوله مُقدّم على مراد النفس
وطاعة الله ورسوله أحب إليها من تحقيق أمنيتها
فقالت لزوجها: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يكن من طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بُدّ
والردّ إلى الله ورسوله فَرض.
فذهب بشير بن سعد - رضي الله عنه - إلى مُفتي الأمة ومُعلّمها
ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عما أشكل عليه، ويعرض عليه ما قالته زوجته الحصيفة العاقلة.
قال النعمان بن بشير بن سعد - رضي الله عنهما -: فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا. قال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم. قال: لا تشهدني على جور.
وفي رواية قال: لا أشهد على جور.
وفي رواية: فقال - عليه الصلاة والسلام -: أكُلّ بَنيك قد نَحَلْتَ مثل ما نحلت النعمان؟ قال: لا. قال: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذاً.
وفي رواية قال - صلى الله عليه وسلم -: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع فَرَدّ عطيته.
ولكن بشير بن سعد - رضي الله عنه - رضي بحُكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسلّم له، وانقاد وأذعن.
والأعجب رضا تلك الزوجة الحصيفة العاقلة التي رضيت بحُكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأذعنت وانقادت وسلّمت، فطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - مُقدّمة على رغبات النفس.
هذا موقف تمثّل فيه رجحان عقل عمرة بنت رواحة - رضي الله عنه -.
وأصل القصة في الصحيحين.
وأما الموقف الثاني فهو لامرأة عظيمة
لامرأة مِن أفاضل النساء.
بل لامرأة فاقت بشجاعتها بعض أفذاذ الرجال
فقد اتخذت خنجراً يوم حنين، فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجراً. فقالت: يا رسول الله اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بَقَرتُ به بطنه. فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ذلكم الموقف لامرأة انفردت عبر التاريخ بمهر فريد
إنها الرميصاء " أم سُليم "، وهي أم أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
فقد خطبها أبو طلحة فقالت: إني قد آمنت، فإن تابعتني تزوجتك. قال: فأنا على مثل ما أنت عليه، فتزوجته أم سليم، وكان صداقها الإسلام.
قال أنس - رضي الله عنه -: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان! وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت! قال: فانصرف أبو طلحة وفي قلبه ذلك، ثم أتاها وقال: الذي عرضت عليّ قد قبلت. قال: فما كان لها مهر إلا الإسلام.
ومن رجحان عقلها - رضي الله عنها - وأرضاها تماسكها يوم موت ابنها
قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقُبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم: هو أسكن ما كان! فقرّبت إليه العشاء، فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وارِ الصبي، فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: أعرستم الليلة؟ قال: نعم. قال: اللهم بارك لهما. فولدت غلاما، قال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرسلت معه بتمرات، فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أمعه شيء؟ قالوا: نعم، تمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها، ثم أخذ من فيه فجعلها في فيّ الصبي، وحنكه به، وسماه عبد الله. رواه البخاري.
وفي رواية قال أنس - رضي الله عنه -: ثقل ابن لأم سليم، فخرج أبو طلحة إلى المسجد، فتوفي الغلام، فهيأت أم سليم أمره، وقالت: لا تخبروه، فرجع وقد سَيّرت له عشاءه، فتعشى، ثم أصاب من أهله، فلما كان من آخر الليل قالت: يا أبا طلحة ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية فمنعوها، وطُلبت منهم فشقّ عليهم، فقال: ما أنصفوا. قالت: فإن ابنك كان عارية من الله، فقبضه، فاسْتَرْجَع، وحَمِد الله.
فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه قال: بارك الله لكما في ليلتكما.
فَحَمَلَتْ بعبد الله بن أبي طلحة، فولدت ليلا، فأرسلت به معي، وأخذت تمرات عجوة فانتهيت به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهنأ أباعر له ويَسمها، فقلت: يا رسول الله ولدت أم سليم الليلة.
فمضغ بعض التمرات بريقه، فأوجره إياه، فتلمظ الصبي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حب الأنصار التمر! فقلت: سمِّه يا رسول الله. قال: هو عبد الله.
قال عباية: فلقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلهم قد ختم القرآن.
(وتُنظر ترجمتها - رضي الله عنها - في سير أعلام النبلاء للذهبي 2 / 304)
هل تُريدون من مزيد؟!
إليكم ثالثة، وحقّها أن تكون الأولى!
هي امرأة عاقلة راجحة العقل
وهي زوجة أبي سلمة - رضي الله عنه -
قالت أم سلمة - رضي الله عنها - قال أبو سلمة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) عندك احتسبت مصيبتي، وأجرني فيها، وأبدلني ما هو خير منها. فلما احتضر أبو سلمة قال: اللهم اخلفني في أهلي بخير، فلما قُبض قلت: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) اللهم عندك احتسب مصيبتي، فأجرني فيها. قالت: وأردت أن أقول وأبدلني خيراً منها، فقلت: ومن خير من أبى سلمة؟ فما زلت حتى قلتها، فلما انقضت عدتها خطبها أبو بكر فردّته، ثم خطبها عمر فردّته، فبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: مرحبا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرسوله، أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنى امرأة غيرى، وأني مصبية، وأنه ليس أحد من أوليائي شاهد، فبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما قولك إني مصبية، فإن الله سيكفيك صبيانك، وأما قولك إني غيرى، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضاني. قالت: قلت: يا عمر، قُمْ فزوّج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه الإمام أحمد ومسلم مختصراً.
وفي رواية لمسلم قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: أرسل إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتاً، وأنا غيور. فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة.
لقد تردّدت في تطبيق السنة، وحدّثتها نفسها أن لا تقول ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك من هول المصيبة، لكنها سُرعان ما تراجعت وقالت ما أُمِرتْ به، فأخلفها الله خيراً، وذلك ببركة امتثال السنة.
ولم تستعجل في قبول الخِطبة، بل أخبرت بعيوب نفسها التي تراها عيوباً!
امرأة مُصبية أي كثيرة الصبيان
وغيرى أي شديدة الغيرة
وعُذر اعتذرت به أنه ليس أحد من أوليائها شاهد
كل هذا يدلّ على رجحان عقلها - رضي الله عنها - وأرضاها
فلو كان النساء كمن ذكَرْنا لفضِّلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال
والله أسأل أن يُصلح أحوال نساء الأمة.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/145)
أم حبيبة .. رضي الله عنها
مؤمنة الشلبي
مؤمنة قانتة، مهاجرة صابرة، عرف الإيمان طريقه إلى قلبها فعاشت له وتحملت في سبيله العذاب والتنكيل..
هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب.
جمعت - رضي الله عنها - إلى رفعة النسب والحسب، الغنى الوافر، والعقل الراجح، تزوجها عبيد الله بن جحش؛ فأسلمت معه وهاجرت إلى الحبشة واعتصمت بدينها حين ارتد، فقضت أيامها في ديار الهجرة بين عذابين: عذاب الغربة، وعذاب الترمل..
ولكنها - وبإيمانها الذي سكن جوارحها فأضاءها - استطاعت أن تصمد في وجه المحنة بكل صبر وعزيمة..
إلى أن خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النجاشي (ملك الحبشة) الذي أكمل هذا الزواج المبارك بين سيد البشر وبين المرأة المؤمنة الصابرة، التي عوضها الله بصبرها عن زوجها الهالك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقامت في بيته زوجة مخلصة، تقدر مسؤوليتها، وتحرص على إسعاد زوجها الكريم وطاعته.
ولأم المؤمنين أم حبيبة - رضي الله عنها - مواقف كثيرة مشرقة في حياتها تعتبر أمثلة ونماذج حية لكل الدعاة إلى الله، نختار من بينها ذلك الموقف الجريء العظيم، الذي تتجلى فيه مظاهر الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الطواغيت، ومن كل مشرك لا يؤمن بالله، وإن كان أقرب قريب.
الموقف:
ذكر ابن سعد - في كتابه (الطبقات) - أنه لما قدم أبو سفيان بن حرب المدينة جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزو مكة، فكلمه أن يزيد في هدنة الحديبية، فلم يقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام ودخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه فقال: يا بنية أرغبتِ بهذا الفراش عني أم بي عنه؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس ومشرك، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله.
فقال: (يا بنية، لقد أصابك بعدي شر)!، ثم خرج.
تحليل الموقف:
وهكذا قُدر لأم حبيبة - رضي الله عنها - أن تواجه والدها بعد فراق دام سنوات منذ أن أسلمت وفرّت بدينها إلى الحبشة، وأذهلتها المفاجأة...
حتى أنها لم تدرِ ما تقول...
بل كيف تستقبل والدها سيد قريش وزعيمها المطاع...
ولعل أبا سفيان قدر الموقف والتمس لابنته العذر، إذ لم تستقبله، ولم تدْعُه للجلوس، فتقدم بنفسه ليجلس على البساط المفروش في ركن الحجرة...
وفجأة تعود المؤمنة إلى هدوئها لتتصرف أمام هذا الحدث بكل رباطة جأش وعقيدة راسخة، لا مجاملة فيها ولا محاباة، لتطوي البساط المتواضع، قبل أن تدوس عليه أقدام الشرك والطغيان المتمثلة في أبيها آنذاك، ووقف أبو سفيان حائراً إزاء ما فعلته ابنته، فسألها: هل كان طيك للفراش لأنك لا ترغبين أن أجلس عليه لسبب ما؟ ! أم أنك طويته لأنك ترين أنه فراش لا يليق بمكانة أبيك؟ ؟ وأجابت أم المؤمنين بثبات، وثقة، واستعلاء إيمان، غير جازعة من سلطان سيد قريش وجبروته، قائلة: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت رجل مشرك ونجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله.
ولم يكن من أبي سفيان - وهو يسمع هذه الكلمات القاسية التي لم يكن يتصور على الإطلاق أن تتفوه بها ابنته - إلا أن كبح جماح غضبه فقد تذكر المهمة التي جاء من أجلها، وقال لها - وهو يتميز من الغيظ -: (لقد أصابك يا بنية بعدي شر)، ثم خرج غاضباً؛ ليبحث عن شفيع آخر ليتابع مهمته...
ولكن أنَّى للكفر أن يجد له شفيعاً بين هؤلاء المؤمنين الذين تغلغل حب الله ورسوله في نفوسهم...
فلم تعد تخدعهم المظاهر الجوفاء ولا القوى والاعتبارات التي تتعبد الناس في الجاهلية.
وكم نحن بحاجة ماسة - ونحن في غمرات الفتن العظيمة والأحداث السريعة المتلاحقة - لترسيخ عقيدة الولاء والبراء في النفوس؛ حتى لا يتكالب أعداء هذا الدين عليه من كل حدب وصوب، طامعين في إطفاء نور الله بكل الوسائل المتاحة لهم...
هدفهم الأول والأخير تشويه صورة الولاء والبراء، وفسخ ولاء المسلم لدينه وإخوانه المؤمنين وزعزعة برائه وعداوته للكفار، عن طريق نشر الدعوات الهدامة بأسماء براقة من قومية، ووطنية، و عالمية...
وأفلح الاستعمار في تكوين جيل يرفض العمل تحت لواء الإسلام ويستحي من الانتساب إليه وأصبح عوناً لأعداء هذا الدين وقدم ولاءه وتبعيته لهؤلاء.
وهنا نتساءل..
أين فتيات عصرنا - المبهورات بفتنة الغرب المتمردات على حياة الزوجية - من أم حبيبة التي لم تعرف صلة إلا صلة الإسلام، ولم تعرف ولاءً إلا لله ورسوله، ولم تعلم براءً إلا من الكفر والشرك؟ ! ! أين فتياتنا ونساؤنا اللاتي انخدعن بالحياة الدنيا وزينتها وشهواتها؛ فغمر قلوبهن وران عليها حب المال والشهوات..
من تلك المؤمنة التي غمر قلبها حب الله وحب رسوله فلم يبقَ فيه إلا تلك المحبة الطاهرة؟ ! أين أنتن يا مَن ترتعد فرائصكن خوفاً وذعراً من البوح بكلمة الحق...
من تلك التي ضنت بفراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها، وقالت له تلك الكلمة القاسية وهو الذي لم تسمع منه إلا طيب الكلام وأحسنه؟ ! شتان ما بين حال فتياتنا الضائعات المشغولات بالتافه من الأمور، وحال تلك الصفوة المباركة من أمهات المؤمنين، والصحابيات الجليلات، والمؤمنات اللاتي أشرقت قلوبهن بنور الله؛ فلم يتلكأن في طاعة الله ورسوله، والبراء من كل معصية لهما.....
أما آن الأوان لنسائنا وفتياتنا أن يتحلين بتلك الصفات ويمددن أياديهن للمساهمة في بناء صرح الإيمان؟، ألم يأنِ لقلوبهن أن تصبح عامرة بحب الله وحب رسوله؟.
إن هذا لن يكون إلا بالبراءة من كل منهج وتشريع غير منهج الإسلام، والبراءة من كل فكر يناقض هذه العقيدة التي كانت سبب ظهور الرعيل الأول من النساء المؤمنات.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/146)
سر جمالك
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
من صفات المرأة المسلمة الحياء، وهو الخلق النبيل الباعث دوماً على ترك القبيح، ويعدُّ الحياء من أخص صفات المرأة المسلمة، ولذلك عندما وصف الصحابة حياءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: (كان أشدَّ حياءً من العذراء في خِدْرها) [1]، يقول ابن القيم - رحمه الله -: (وخلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها، وأعظمها قدراً، وأكثرها نفعاً، بل هو خاصةُ الإنسانية، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم، وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء) [2].
والمرأة المسلمة تستحي من الله - تعالى -، فتحفظ الرأس وما وعى، فلا تنظرُ إلى حرام، ولا تسمعُ الحرام، ولا تقولُ الحرام، وتحفظُ البطنَ وما حوى، فلا تأكلُ إلا حلالاً، ولا تشربُ إلاَّ حلالا، وتذكر الموت البلى.
* صور من حياء الصحابيات:
لقد كانت نساءُ الجيل الفريد، تتميز بهذه الصفة العالية، فهذه عَائِشَةَ - رضي الله عنها- تقول: ((كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي، فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ)). [3]
رضي الله عنك - يا زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أيُّ سموٍ أعظمُ من هذا السمو؟!
وأيُّ حياءٍ أعلى من هذا الحياء؟ تستحي من رجلٍ قد مات ودفن تحت الثرى!! فماذا نقولُ لبعض المسلمات اللاتي تساهلن بالحجاب، ورفع الصوت مع الرجال الأجانب؟!! فأين حياءهن؟!!
تقول أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها-: ((تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: ((إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي، )) رواه البخاري. [4]
وتقول عَائِشَةَ- رضي الله عنها-: ((جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا يَسْرِقْنَ، وَلَا يَزْنِينَ، الْآيَةَ قَالَتْ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعَنَا إِلَّا عَلَى هَذَا، قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذًا فَبَايَعَهَا بِالْآيَةِ)). رواه أحمد [5]
ومن ذلك أيضاً ما ذكره الشعبي، قال: مرَّ عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- في بعض طرق المدينة فسمع امرأة تقول:
دعتني النفسُ بعد خروجِ عمرٍو إلى اللذاتِ فاطلعَ التلاعَا
فقلتُ لها: عجلتِ فلنْ تُطاعي ولو طالتْ إقامتُه رِباعاً
أُحاذرُ إنْ أطعتُكِ سبَّ نفسي ومخزاةً تُجللني قِناعا
فقال عمر - وأُتي بالمرأة -: أيُّ شيءٍ منعك؟ قالت: الحياءُ وإكرام عرضي. فقال - رضي الله عنه -: إنَّ الحياء ليدلُ على هناتٍ ذاتِ ألوان، من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وُقي، وكتب إلى صاحب زوجها فأقلفه - أي أرجعه ـ إليها)
ولا تزالُ في نساء الأمة بقيتُ خيرٍ ولله الحمد، ويوجد نماذج كثيرةٍ تدل دلالةً واضحة على تأصلِ هذه الصفة في نساء الأمة، فمن ذلك ما ذكرهُ أحدُ الدعاة يقول: كنتُ في رحلةٍ دعوية إلى بنجلاديش مع فريقٍ طبي، أقام مخيماً لعلاج أمراض العيون، فتقدّم إلى الطبيب شيخٌ وقور، ومعه زوجته بترددٍ وارتباك، ولمّا أرادَ الطبيبُ المعالج أن يقتربَ منها، فإذا بها تبكي وترتجفُ من الخوف، فظنّ الطبيبُ أنَّها تتألمُ من المرض، فسأل زوجها عن ذلك، فقال - وهو يغالبُ دموعه -: إنَّها لا تبكي من الألم، بل تبكي لأنها ستضطر أن تكشف وجهها لرجلٍ أجنبي!! لم تنم ليلة البارحةِ من القلق والارتباك، وكانت تعاتبني كثيراً، أوَ ترضى لي أن أكشف وجهي؟! وما قبلتْ أن تأتي للعلاج إلاَّ بعد أن أقسمتُ لها أيماناً مغلظة بأنّ الله - تعالى - أباح لها ذلك للاضطرار، والله - تعالى -يقول: ((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (البقرة: 173).
فلمّا اقترب منها الطبيب، نفرت منه، ثم قالت: هل أنت مسلم؟
قال: نعم، والحمد لله!!
قالت: إن كنت مسلماً، فأسألك بالله ألاّ تهتك ستري، إلاَّ إذا كنت تعلم يقيناً أنَّ الله أباح لك ذلك!!
أُجريت لها العمليةُ بنجاحٍ، وأزيلَ الماءُ الأبيض، وعاد إليها بصرها بفضل الله - تعالى -، حدّث عنها زوجها أنَّها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي: قراءتي القرآن، وخدمتي لك ولأولادك. [6]
ما أعظم شموخ المرأة المسلمةِ بعزتها وعفافها!! وما أجمل أن تُرى المرأة مصونةً فخورة بحشمتها!
أكرم به من إيمانٍ يتجلّى في صورةِ عمليةٍ صادقة، بعيدةً عن التكلف أو التنطع، سالمةً من الرياءِ وشوائبِ الهوى!!
فأين أولئك النساء اللواتي كسرنَ طوق الحياء، وأسلمن أنفسهنَّ لدعاة الرذيلة وأدعياءَ المدنية، وأصبحنَّ يلهثنَ وراء شهواتهن، ويتبارين في التفسخِ والانحلال، أين هنَّ من تلك المرأة العفيفة الطاهرة؟!
ولَكَم يتفطر القلب أسىً وحزناً على أولئك الفتيات الزهراوات، اللواتي طاشت بهنَّ الأهواء، وأسلمنَ أنفسهنَّ بكلِّ غفلةٍ وبلاهةٍ لكل ناعق؟!
إنّ الحياء شعبة من شعب الإيمان، وعنوان من عناوين العفة والفضيلة، تقوم قواعده على أُسسٍ راسخةٍ من التقى، وأصولٍ متينةٍ من الصلاح، ولهذا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((الحياءُ كله خير)) رواه مسلم [7]. بل عظّم النبي- صلى الله عليه وسلم - من شأنه فقال: ((إن لكلِّ دينٍ خلقاً، وخلق الإسلام الحياء)) [8]
ويُتأكّد ذلك في حقِّ المرأة، فسِترها رمز حيائها، وحجابُها دليلُ كرامتها. وإذا اختلّ حياءُ المرأة تزلزلت أقدامها، وعصفت بها الفتن، وأصبحت سلعةً رخيصةً تباع بأبخس الأثمان، ويعبثُ بها دهاقنة الفساد، وأئمة الهوى، (وليس لمن سُلِبَ الحياءَ صادّ عن قبيح، ولا زاجر عن محظور؛ فهو يُقدم على ما يشاء، ويأتي ما يهوى) [9]
وقديماً قال الشاعر:
فلا والله ما في العيشِ خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
----------------------------------------
[1] - متفق عليه.
[2] - مفتاح دار السعادة ص 277.
[3] - رواه أحمد ج6/ 202 برقم 25701
[4] - رواه البخاري ج5/ 2002 برقم 4626
[5] - رواه أحمد في المسند (6/151).
[6] - مقال في مجلة البيان بقلم الشيخ أحمد الصويان عدد (138) ص 164.
[7] - ج1/64 برقم 37
[8] - أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد (1/1399)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
[9] - أدب الدنيا والدين، ص 241.
18/10/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/147)
حارس المرمى
فاطمة السهيمي
في عالم الكرة ــ التي أصبحت الآن لغة مشتركة لمعظم شعوب العالم ــ هناك حارس وفريق، والحارس ضمن الفريق لكن له مهماته الخاصة التي لا يمكن لفرد آخر من أفراد الطاقم القيام بها، وهو يرتدي زيا مخالفا لفريقه ولم نسمع أن ذلك تمييز عنصري ضده، ولم يتدخل أحد لإنقاذه من هذه العزلة بحجة دمج الفريق والقضاء على التمييز، كما أن هذا الحارس ملتزم بحدود منطقة الجزاء يحق له ممارسة بعض الامتيازات التي لا تتوفر لغيره داخلها كما لا تتوفر له نفسه عندما يغادرها..وهو من حقه مغادرتها، ومن حقه مقارعة المهاجمين من زملائه فذلك كله غير مخالف للقانون، لكنه نادرا ما يفعل ذلك لأن العواقب وخيمة، وحتى عندما يقرر المغامرة فإن أعضاء الفريق إذا لم يمنعوه من المجازفة فإن الفريق غالبا سيمنى بهزيمة ساحقة.والآن يمكنكم أن تطبقوا ذلك كله على المرأة فهي تلبس زيا مخالفا للرجال وذلك لا يعيبها، بل هو مطلب يحافظ المجتمع على توازنه، ولتحتفظ الحياة برونقها ومتعتها، ثم إنها ملتزمة بمنطقة محددة تمارس فيها من الصلاحيات مالا يمكن لمخلوق غيرها أن يمارسه في جو من الحرية الشرعية لكنها تفقد هذه الصلاحيات بمجرد استسلامها لإغراءات الخروج ورغبتها في مزاحمة الرجال في تحقيق أمجاد وإنجازات غير مطلوبة منها في الأصل والمجتمع مطالب حينما تخرج المرأة عن هذا الإطار أن يعيدها لموقعها بالإقناع والمساعدة والتعويض، لأنه سيكون خاسراً أيضاً في حال استمرارها في الخروج عن النص.
وهي ربما حققت إنجازا أو مجداً خاطفاً كما قد يحرز الحارس هدفا ًنادراً أو مفاجئاً لكن ذلك لن يكون على امتداد الطريق بل استثناء، فنادراً، ونادراً ما تجد امرأة بارزة في مجال ذكوري بالسليقة أو بالعادة أو العرف، ثم تكون بعد ذلك محافظة على أسرتها كزوجة وأم وأتحدى أي امرأة في العالم أن تقول أنها تفضل النجاح في مجالها كعالمة ذرة أو رائدة فضاء أو رئيسة وزراء أو لاعبة كرة على تمتعها بمشاعر الأمومة، وقبل ذلك مشاعر المودة والرحمة المتبادلة مع الزوج.
فلماذا القفز على الحقائق، ولماذا الحرص على ابتكار مشاكل أو تضخيمها وتهويلها وغض الطرف عن مصائب ظاهرة للعيان لا تجد من يتفانى في إبرازها وطرح حلولها؟! فالنقاشات الحارة تدور هذه الأيام حول هذا المخلوق القضية ـ المرأة ـ والمعركة تستمد وقودها من حطب: الحجاب وقيادة السيارة والحوار يدخل ويخرج عن دائرة الحوار متجاوزا الخطوط الحمراء حينا، وملتزمًا بها حينا آخر والمرأة ــ كعادتها ــ ترقب الوضع عن بعد دون أن تعبر عن رأيها الفصيح، تاركة الأمر برمته للرجل ليؤيد، ويعارض، ثم تدعي بعد ذلك أنها تبحث بهذين الأمرين ـ كشف الوجه والقيادة ـ عن حريتها التي أهدرها الرجل، وحقوقها التي حرمها منها!! والآن يا سادة بصفتي امرأة فسوف أطرح رأيي في موضوعي: كشف الوجه بحجة اختلاف العلماء، وقيادة السيارة بحجة عدم وجود نص شرعي يحرم ذلك على المرأة، والهدف المعلن والغاية النبيلة من كل ذلك إعطاء المرأة حريتها المسلوبة وحقوقها المهدرة، وإذا كان الأمر كذلك، فإنني امرأة من هذا البلد الكريم، لم أتخيل نفسي ولا أسمح لها ولا أتمنى أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب، وأجدني سعيدة غاية السعادة بذلك، وأكتشف كل يوم حكمة جديدة لهذا التشريع الحكيم، ولست أحصي عدد المرات التي حدثت فيها مشاكل من نوع ما، فيكون تعليقي عليها: ولذلك سن الشرع الحكيم تغطية الوجه وأرجو أن تتاح لي الفرصة لأذكرها للقراء في مقال آخر وحتى لو سمح لي زوجي ووالدي بكشف وجهي فلن أسمح أنا لنفسي بذلك حبا ًفي ذاتي واعتزاز بها وخوفاً عليها وحرصا على مكتسبات حققتها بحجابي وغير مستعدة لفقدانها بفقدانه وإذا كان المؤيدون لكشف الوجه يجوبون بطون الكتب بحثاً عن الأدلة التي تدعم رأيهم، فإن آية من كتاب الله تكفيني لأتشبت بغطاء وجهي للأبد مطمئنة لسلامة رأيي ومنهجي. وأما قيادة السيارة فقد حسم أمرها شرعياً عندما أفتى ابن باز والعلماء الكبار بعدم شرعية ذلك، أما وقد فتح الموضوع من جديد، فاختلطت الآراء والفتاوى فإن المنطق والعقل على الأقل يقولون إن قيادة المرأة السعودية للسيارة قد يكون له بعض الإيجابيات لكن مصائبه وسلبياته ستكون أكبر من أن تحصى، وليس هناك أمر يخلو من السلب والإيجاب، لكن المؤمن يتفكر في المصلحة العامة، وفي النتيجة الأخيرة، فإن غلبت السيئات فلتذبح الحسنات القليلة على درب السيئات الكثيرة غير مأسوف عليها كما فعل المسلمون بالخمر في بداية الإسلام عندما أريق في الأزقة والشوارع، رغم أن الله - سبحانه - أوضح أن له بعض الفوائد.. أما تجربتي التي أود طرحها فهي أنني أعيش في مجتمع محافظ حتى النخاع.. ومع ذلك فلم يمنعني ذلك من نيل كافة حقوقي.. فدرست بلا سيارة وبحجاب سابغ، وتخرجت في معهد للمعلمات، ثم درست، ومارست كافة الحقوق في مرتبي، ثم عن لي أن أكمل دراستي في الجامعة وهي تبعد عن بلدتي حوالي 500كلم، ثم صقلت موهبتي في الكتابة بالكتابة في مجلة متخصصة، والآن أكملت الدراسة في الجامعة ـبحمد الله ـبحجابي وبدون قيادة السيارة وأكملت ست سنوات وأنا أكتب بكامل حريتي، وتزوجت وأنجبت، وحققت العديد من أهدافي على صعيد العمل والمنزل والحمد لله، دون أن أحتاج لخلع حجابي أو امتطاء مقود السيارة. صحيح واجهتني بعض الصعوبات لكنها ستواجه أي شخص آخر حتى لو كان رجلاً كاشفاً وجهه وممتطياً سيارته.. !!
رمضان 1426هـ
أكتوبر 2005م
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/148)
خطر ... ممنوع كشف الوجه
أختي المسلمة
... يا جوهرة هذا المجتمع.. اعلمي أن الجواهر الغالية تصان عن نظر الحساد ومرضى القلوب حفظاً لها ورفعة لشأنها.. وأنت يا أمة الله.. أغلى من تلك الجواهر الغالية. لأنك أنت الزوجة والأم والابنة والأخت والمربية الصالحة.. فإياك ثم إياك من كشف الوجه.
لأن في كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب مفاسد كثيرة منها:
أولا: أن كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب معصية لله - تعالى -ومعصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمعاصي شؤمها عظيم وخطرها جسيم في الدنيا وفي الآخرة.
ثانياً: أن فيه زوال لحياء المرأة... فإن حياءها مرتبط بحجابها فإن تبرجت وأسفرت عن وجهها زال حياؤها.
ثالثاً: أن كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب مؤد للافتتان بها من الرجال والشباب. فتكون سبباً في فتنتهم وإنحرافهم فتحمل إثمها وإثمهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابعاً: أنها تعرِّض نفسها للإيذاء بالكلمات الساقطة والنظرات العابثة من مرضى ً القلوب.
خامسا: أنها قد تعرِّض نفسها للإختطاف أو الإيذاء الجسدي والعياذ بالله عند الفتنة بها
سادساً: أنها قد تعرض نفسها للعين والحسد سواء من عيون الإنس أو حتى من عيون الجن.. وعندها تطوف الأرض بحثاً عن العلاج من غير فائدة.. إلا أن تعود فتتوب.
سابعاً: أنها قد تعرض نفسها لدعاء بعض الصالحين فيدعون عليها غيرة لدين الله - تعالى -...
ثامناً: أن في ذلك تعويد للأمة على استمراء المنكرات شيئاً فشيئاً.. فاليوم كشف للوجه.. وغداً للرأس والشعر وبعد غد للذراع. وبعد ذلك... ؟!! والعياذ بالله
تاسعاً: أن فيه نشر للمنكرات في هذه الأمة. وقد قال - تعالى -: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}(لأعراف: 56)
عاشراً: أن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل فيها حياء ولا وجل من مزاحمة الرجال والإختلاط بهم ومجاهرتهم بالكلام والرد وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عظيم. [رسالة الحجاب لسماحة الشيخ ابن باز]
الحادي عشر: أن المرأة حينما تكشف وجهها.. إنما تسعد بذلك أعداء الأمة من اليهود والنصارى فيفرحون بذلك أشد الفرح.. في حين أنها تعادي أولياء الله من دعاة الخير.
الثاني عشر: أن في ذلك تقليد لنساء الغرب وتشبه بهم فلا يكاد المسلم يفرق بين نساء المسلمين ونساء الكافرين. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (ومن تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد2/50 وأبو داود 4031.
الثالث عشر: قلت والأشد من ذلك ما قد استحوذ على قلوب كثير من نساء المسلمين وفي بلاد كثيرة من كشف العين والتلثم فتخرج المرأة مبدية نصف وجهها وتظن أنها قد تحجبت وكذبت والله ثم كذبت فهي بهذا الصورة والهيئة فتنة عظيمة للرجال.. فلو تلثمت العنز والبست البرقع لفتنت بعض الناس فما بالنا بالمرأة!!
فاتقي الله يا أمة الله ولا يكن حالك كحال تلك النسوة المتلثمات!!
من كتاب كلمات عابرة للمرأة المسلمة المعاصرة
الشيخ محمد أمين مرزا عالم
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/149)
تعارض الأنوثة التاريخي مع الولايات السياسية العامة
د. عدنان حسن باحارث
رغم ما سجَّله التاريخ الإنساني من تولي بعض النساء زمام عروش بعض الدول، وتنفُّذهن في كثير من أمور السياسة العامة: فإن هذه الأحوال التاريخية لا تتجاوز الظاهرة العرضية، والحوادث الفردية التي تحصر هذه الوقائع السياسية ضمن حد الندرة والشذوذ؛ فمازال الرجل في كل الأمم هو المسيطر على زمام الشؤون السياسية العامة منذ فجر التاريخ البشري، حتى إن البرلمان الفرنسي إلى عام (1593م) كان يُصدر قراراته بمنع تولي النساء أي وظائف للدولة، فضلاً عن الوظائف السياسية الكبرى؛ مما يدل على أن النساء كن بعيدات تاريخياً إلى حد كبير عن معترك الساحة السياسية، فحديث التاريخ عن الزعامة والقيادة والبطولة، والمشاركات في الحياة العامة، ونحوها من المهام الاجتماعية العامة يكاد ينحصر برمته في الرجل دون المرأة.
ولم تكن هذه الصورة الإنسانية لتتخلف عن أمة الإسلام التي تعتقد وتهتدي بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لن يفلح قوم تملكهم امرأة"؛ حيث لم يكن للنساء أيُّ نفوذ سياسي أو إداري زمن النبوة، وفي الصدر الأول من تاريخ الإسلام، فضلاً عن أن تُسند إليهن ولاية عامة: في إدارة شؤون الأمصار، أو القضاء، أو الشرطة، بل لم يكن بين عمال الدولة زمن الخلفاء الأربعة امرأة واحدة في أي شأن من الشؤون السياسية، أو الإشراف الاجتماعي العام، أو حتى مجالس الشورى؛ بل وحتى في الكتابة؛ فقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ثلاثين كاتباً يكتبون له الوحي، والمواثيق، والرسائل، ليس بينهم امرأة واحدة رغم وجود كاتبات من النساء في ذلك الزمن، فلا يُعلم أن خليفة من الخلفاء استخدم امرأة قط في شيء من الشؤون السياسية. ولا شك أن عمل أهل المدينة زمن الخلفاء حجة قاطعة باتفاق المسلمين، وطريقتهم: "سنة يُعمل بها ويُرجع إليها"، وفي الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ... فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضُّوا عليها بالنواجذ". وما يُنقل عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في تولية امرأة الإشراف على سوق المدينة فلا يصح من جهة السند، ولو صحَّ فإنه لا يعدو تقديم امرأة كبيرة في السن تكون له عيناً في السوق، تُجسُّ له أخبار الناس؛ فإن النساء ألطف بمثل هذه المهمات السرية، ومازال كثير من الساسة المسلمين عبر التاريخ الإسلامي يتخذون من مثل هؤلاء النسوة العجائز عيوناً لهم، ينقلن إليهم أحوال الناس الباطنة، وشيئاً من أخبار الأعداء، وكيف يسوغ لعمر - رضي الله عنه - أن يولي امرأة وعنده فضلاء الصحابة من أهل بدر والحديبية، بل إن عمر لما أدخل ابن عباس - رضي الله عنهما - مجلس الشورى أنكر عليه بعض الصحابة لصغر سنه، فكيف يُترك الإنكار على عمر - رضي الله عنه - حين يولي امرأة على سوق الناس؟ فإن الكتب العلمية المعنية بمثل هذه الأمور لم تنقل إنكاراً على عمر في هذه المسألة، مما يدل على أن الخبر لا يصح عنه، كما صرح بذلك ابن العربي والقرطبي وغيرهما، وإذا أصرَّ المخالف بثبوت الحادثة دون نكير كانت إجماعاً، وإجماع الصحابة من الحجج القاطعة، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف خفي هذا الإجماع على الأمة من بعد عهد عمر، فلم يُنقل، بل كيف يسوغ للعلماء من بعد هذا الإجماع الخلاف في مسألة تولية المرأة شيئاً من الشؤون العامة. والذي يظهر أن هذه المرأة التي يدور عنها الحديث هي الشفاء - رضي الله عنها - وهي من المهاجرات الأول، وكانت تسكن في السوق، ومن هنا جاءت شبهة توليها السوق، "وكان عمر إذا دخل السوق دخل عليها"، فهي حين تنقل شيئاً لعمر فإنما تنقله من واقع حياتها في باطن السوق، فلا يُسمى مثل هذا ولاية، وإنما هو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وهذا لا يختص بالجنس. ولو صحَّ كون عمر - رضي الله عنه - يرى جواز تولية النساء شيئاً من الشؤون السياسية لكانت السيدة عائشة - رضي الله عنها - أولى النساء بذلك، فهي في زمنه أعلمهن وأفضلهن على الإطلاق من كل وجه دون منازع، حتى قال عنها علي - رضي الله عنه -: "لو كانت امرأة تكون خليفة لكانت عائشة خليفة"، ورغم ذلك لم يكن لها في الشؤون السياسية أيُّ ولاية إدارية أو إشرافية على الناس، وليس ذلك إلا بسبب الأنوثة. فإذا صحَّ للأمة أن تستغني عن خدمات السيدة عائشة السياسية، فأيُّ امرأة بعدها يمكن أن تحتاج إليها الأمة في شؤونها السياسية؟. وأما ما يزعمه بعضهم من أنها - رضي الله عنها - كانت موضع استشارة للخلفاء في كثير من شؤون الدولة، فهذا إدعاء لا يستند إلى دليل، فهذه كتب السيرة والتاريخ ليس فيها شيء من هذه الاستشارات السياسية.
وأما ما حصل بعد ذلك في تاريخ الإسلام السياسي عند ذهاب عافية الأمة من تنفُّذ بعض النساء، وتولي بعضهن قمة الهرم السياسي، فإنه لا يتعدى حوادث فردية شاذة مُستنكرة، حصلت في زمن غفلة الأمة وخمولها، ضمن ظروف سياسية واجتماعية خاصة، هيأت لهؤلاء النسوة فرصاً للبروز السياسي عن طريق الخيانات السياسية والاحتيال، أو عن طريق أحد المحارم بحيث ترث منه الملك، أو تتسلط عبر نفوذه. وهذا شأن غالب النساء اللاتي تولين قيادات أممهم عبر تاريخ الشعوب الإنسانية المختلفة بما في ذلك أمة الإسلام: فمنهن من تولت عن طريق زوجها، ومنهن من تنفَّذت عن طريق ابنها، ومنهن من تمكَّنت عن طريق أبيها. فلم يكن كل ذلك في الغالب باختيار الشعوب ورضاها، وإنما فُرض عليهم فرضاً ضمن أنظمة وراثة الملك، أو الوصاية على العرش، أو قوة السلطان العسكري، في ظروف سياسية واجتماعية خاصة.
ومع ما سجَّله التاريخ الإنساني من أخبار تولي بعض النساء زمام القيادات الاجتماعية، والإدارات السياسية: فقد سجل إلى جوار ذلك مآسي تسلطهن السياسي، وما آلت إليه أحوال تلك الدول من الضعف والاختلال، وما أعقب ذلك من الزوال والسقوط، وضياع الأمجاد حتى غدت المعادلة قوية بين ظاهرة نفوذ النساء السياسي والاجتماعي، وبين اختلال الحياة العامة واضمحلال الدول.
ولقد أثبت التاريخ: " أن الرجال في أقوم الأزمنة التي مرت بتاريخ الشعوب كانوا يميزون تمييزاً دقيقاً بين الوظائف والواجبات العامة، وبين علاقاتهم بالنساء، وذلك بالقدر الذي يحول دون ... سيطرة النساء على الشؤون السياسية سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"، وهذا لما استقر في أذهان الشعوب عبر تراكم الخبرات الإنسانية: أن الشؤون السياسية تتعارض بصورة كاملة مع الطبيعة الأنثوية.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/150)
امرأة بألف
إسماعيل محمد ربعي
كل فرد من أفراد المجتمع يحتاج إلى متطلبات وحاجيات، فبعضها ضروري وبعضها الآخر كمالي، والزواج هو في معظم الأحوال ضروري، ولكن المجتمع المسلم اليومي، يسوده الهلع والجزع والطمع، فوالد كل بنت يتطلب لابنته من مقتنيات ومشتريات يعجز عن حملها أشداء الرجال، لذا تعسرت أمور الزواج، وأصبح الوصول إلى تكوين بيت مسلم في غاية المشقة لكثرة المشتريات الكمالية التي أعدّوها ضرورية.
يقول جامعي يروي لنا ما يدور بخلده حول موضوع زواجه، ويبين لنا أن العقبة الكبرى هي غلاء المهور:
أنا شاب أدرس في الجامعة ولم يبق على تخرجي سوى عام واحد، فأخذت أفكر بالزواج من فتاة مصونة، تحفظ علي ديني وأعف بها نفسي وأرضي ربي، لأن الزواج سنة الله في خلقه وكل شاب يتطلع إلى فتح باب للسعادة الزوجية ويبني بيتاً يعج بأصوات الصبية والزهور كزغب القطا.
ومن يطلب الحسناء لم يغلها المهر، فلقد ظفرت بمن أبحث عنها، إنها فتاة العمر، وريحانة القلب، أقحوانة في الربيع ووردة في الصيف، مثلها تطلب بأغلى الأثمان، ولكنها ليست عينية أو نقدية، الثمن هو الصدق في المحبة والعهد لها والوفاء معها.
ما الحياة الدنيا إلا سويعات منقضية، ولكن مع فتاة كهذه تطول ساعاتي أنعم بها، أتلذذ بيومي أيما التذاذ، فمثلها يؤمن علي وعلى بيتي، وعيالي ومالي بل ونفسي.
فإن ألحظها من بعيد وأرقبها لم أرها يوماً تلتق مع شاب أو تحادثه حتى وإن احتاج لذلك، في حين أرى بأم عيني فتيات أخريات يقدمن إلى الجامعة وهن متعطرات متزينات كأن الواحدة منهن تزف الليلة، سبحان الله..... انحراف خلقي، وجهل عقدي، وتمرد شيطاني، أين آبائهن بل وأمهاتهن، هل هم يربون في بيوتهم خراف أم دجاج، أم هي بيوت مفتوحة أبوابها للغادي والرائح.
سأعود معكم حيث فتاتي وأم أبنائي بإذن الله، هذه هي التي لم أرَ وجهها منذ أن قدمت إلى الجامعة، فهي مختمرة وتلبس القفازين، لكنها ملكت على لبي وفؤادي، هي لا تعلم بي ولا بحبي لها، والذي نفسي بيده إنها أفضل من أجمل الجميلات، ولما لا وهي تخضع لأمر ربها، وتسلم له في عصر الانهزام الخلقي، و التشرذم الاجتماعي فأنا لا أدري ما أسمها إلى الآن لأني لم أسألها.
بكل صدق أنا متحير معها كيف أصل إليها، قلبي يحترق شوقاً لذلك، وما يقلقني أكثر هو أن تفلت من يدي، وخطبتها من شاب آخر.
فما الحل ؟ قلت: لا بد من إرسال جدتي إليها الليلة لتخبرها الخبر، فما كان مني إلا أن وصلت البيت وقمت بالانتظار حتى عادت إلى بيت أبيها وعلى الإثر، قامت جدتي إليها وتبعتها !! فما أن وصلت جدتي حتى قوبلت بالترحاب، وكانت الأمور ميسرة، سبحان الله... وهم لا يدرون من خبري إلى الآن بشيء.
جدتي لديها خبرة في اقتناص الغزلان، فجلست في صالة بيتهم، وأخذت تتجاذب أطراف الحديث مع أمها، ودخلت عليهن البيت التي أريدها زوجة لي.
جدتي لم تبح بسرها حتى ارتوت من هذه البنت محادثة ونظراً وغيره.... فهي صاحبة تجربة ومعرفة وطيدة بالنساء عموماً والفتيات خصوصاً، فهي مشهورة في الحي لكل من أراد الزواج من بنت ولم يخبرها، يقومون بإرسال جدتي إلى من يرغبون، فتأتيهم الإجابة أن أقدموا أو أحجموا.
وعادت جدتي، وكنت أنتظرها على أحر من الجمر.
وقلت: هات البشرى، قالت: أبشر، إنك ابن أمك، تعني نفسها، وبعد أسبوع عادت الجدة ومعها والدي يكرران الزيارة للتأكد والاطمئنان، وخشي جرح مشاعرهم، وفي نفس اليوم أرسلت في خطبتها، فتمت الموافقة.
لكن المؤسف أن والدها لا يبدوا عليه مظاهر الالتزام فهو مدمن دخان، وحليق اللحية، ومسبل الثياب، وصاحب تخلف عن الجمع والجماعات، هذا ما زادني ألماً وغماً، فأنا شاب منهك مالياً، الجامعة لم تُبق درهماً ولا ديناراً، فما الحل؟ الوالد هذا سيتطلب عليَّ أموال وكماليات تثقلني..... قلت: لا بد من إيجاد هذا المال، حتى أتغلب على هذه الصعوبة.
والدي عامل يشتغل في معمل للحجارة والرخام، قلت لا بدَّ من الالتحاق بوالدي، حيث لا توجد وظائف، وإن وجدت فبعد عشرة أعوام لا أستطيع الزواج، عرضت الأمر على والدي فوافق من ساعته.
واجهت الصعوبة في العمل حيث لم يسبق لي أن عملت بهذا العمل قبل هذه المرة، وبعد مرور شهرين أصبح العمل محبوباً لدي، وأصبحت أجد أكثر من والدي ومن يعملون معه منذ عشرات السنين، قلت في نفسي لا بد لي من عمل آخر، أختصر فيه الزمن، وأحصل على المال الوافر الكافي، وبعد إيابي من العمل، فكرت في زيارتها مع والدتي، فذهبت إلى بيت أبيها، فلم نجدها وقالوا إنها في الجامعة، انتظرتها طويلاً مع الوالدة ولم تحضر، فعدنا إلى البيت والقلب مكلوم، كيف الوصول؟ لا بد من الذهاب إلى الجامعة والسؤال عنها والاطمئنان عليها، فمن غدِ توجهت إلى بوابة الجامعة أنتظر وصولها، فلم تحضر ذلك اليوم لقد كانت مريضة، ازداد الاحتقان في قلبي، ويكاد رأسي ينصدع مما ألم بي، كيف يحدث هذا كله؟
ومن فوري عدت إلى البيت، وذهبنا إليها عائدين، فاستقبلنا والدها بكل فتور ولم يبال بنا، فهو رجل من علية القوم، ونحن من السوقة في نظره، وكنت ألمح في عينه الكره لي، ولم يردعني هذا عن علاقتي بابنته حيث ملكت لبي وخرمت فؤادي، جاءت أخيراً، لكنها لم تبدِ لنا سوى الوجه، فلما رأيتها، كدت أسقط على الأرض من هذا البهاء والجمال، حقاً إنها لتستحق هذا كله، فأنا لم أرَ في حياتي كهذه سلوكاً وأخلاقاً وجمالاً.
ازدادت ضربات قلبي نحوها هياماً وحباً وشوقاً، أصبحت نحيف الجسم هزيل البنية، إنها أطارت النوم من عيني، وأُذهِبَ كل شيء من عقلي سواها، فهي شغلي الشاغل، فكيف الوصول إليها، وأنا لم أوفر إلا النزر اليسير من المال، حيث لي أخوة في الجامعة، وأتولى الإنفاق عليهم مع أبي وأخوات في المدرسة ونفقات أكثر فما إلى جمع المال من سبيل فكرت في الاقتراض من البنوك، قلت: إنها حرام، وما نبت من الحرام، فالنار أولى به، فلن أجمع إلا الحلال، ولو بقيت عشر سنين من دون زواج، فالمهور غالية في بلدتي، الناس يحبون المباهاة ويحبون الشكليات الزائفة، كيف نقضي على هذه الأمور؟ شباب في عمر الزهور يحترق، ألا يجد ما ينفقه على زواجه وفي المقابل فتيات كذلك، كان في بلدتي رجل تقي زاهد ورع، قمت بعرض هذه المسألة عليه غلاء المهور فقام بالحديث عنها بين الناس، لم تجد أذن صاغية، الناس مفتونة في حب المال والشهوة، لا يزوجون إلا للمال فهو معبودهم، والدليل على ما أقول كثرة العوانس مع كثرة العزاب والسبب غلاء المهور فإلى متى ونحن نخضع في ربقة هذه العبودية، لنصل إلى الهدف الأسمى من إنشاء بيوتات توحد الله، وترفع لواء الحق.
فأنا أبحث عن فتاة مثل هذه منذ زمن بعيد، حيث تتمتع بالأخلاق والعفة والطهارة والنقاء والتدين وغيرها من محاسن..... هذه الفتاة كانت تلقب بالخنساء، واسمها سامية، قلت: إن سامية هي سامية.. ولا بديل عنها.
فكّرت مليّاً وخرجْتُ بالتالي:
1. أن أتّصل بها وأكلمها عن هذا الأمر علّها تضغط على الوالد، فيرتدع عما جرت عليه الناس من عادات خديعة.
2. الاجتهاد في القلب والدعاء لله - عز وجل - أن يوسّع رزقي لأعف نفسي وأحصل على مطلوبي كما يُحب ويرضى
3. إن عز المعيشة لا يكون أبداً إلاّ بعد عبور جسر من التعب، فراحت الأيام وملكت المال، وتزوّجت فأنجبت لي أولاداً وبناتاً كالورود ، فأيقنْت أن المرأة الصالحة لا تعِش لها، فهم في الصباح، يصلّون الفجر جماعة في المسجد، والبنات مع بعضهن جماعة والأم تؤمّهن.
الله أكبر.. إن دولة الإسلام قائمة في بيتي، ذِكْراً ودعاءً، صلوات، صيام تطوّع، إطعام فقراء والعطف على المساكين الإحسان إلى الجارات والإهداء إليهن.
إنها علّمتني الإسلام العملي بعد ما قلت أن الأمة ماتت.
بثّت في روحي الجد والعطاء، تشجّعني على التعلّم والعمل به، فكنت أحضر الدروس الأسبوعية واليومية وأشارك في الندوات والمجلات الثقافية والدينية.
أصبحت أحمل هم أمّة، بفضل الله أولاًَ ثم بفضل هذه الزوجة وجهودها ثانياً.
كانت تقرأ الحديث وتطبّقه عملياً، فمثلاً : آداب الأكل والشرب والنوم والاستيقاظ منه وغيرها، حتى في الليل كانت تقوم قبلي وتنضح الماء الخفيف على وجهي عندما أرفض القيام أو أتوانى........ يا لها من سعادة حقيقية تغمرني، فاليوم أحب كل شيء سوى المعاصي وما يبغض الله ، اليوم أنا مع زوجة تحمل هماً كبيراً، فبقدر العزائم تكون الهمم، فالإسلام يصنع المعجزات، فهذه امرأة واحدة خير من ألف رجل من المهازيل ، ولا غرابة في ذلك فالإسلام ربّاها، فهي ابنته وهو أباها.
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(82/151)
كيف تعيش المرأة يوما من رمضان
1ـ قيام أول ليلة في رمضان
فإنه إذا ثبت أن غداً رمضان فإنه يُسن لنا أن نقوم هذه الليلة
وفي أول اللحظات من رمضان استشعري تلك الفرحة في قلوب المؤمنين التي تفوق العبارة وتفوق الخيال فما تلبث تلك الفرحة أن تشمل قلوبهم وجوارحهم حتى يدب فيهم الخوف هل يستطيعوا إن يكرموا تلك الضيف العزيز الذي يأتي كل سنة مرة ولعله لا يأتي عليهم السنة القادمة إلا وهم في القبر، فيعيشون هذه اللحظات بين الفرحة والخوف فيعظم في هذه الليلة ابتهالهم إلى الله أن يغنمهم البر في هذا الشهر وأن لا يحرمهم بذنوبهم.
لأنهم على يقين أنهم أضعف من أي شيء بأنفسهم، لكن بالله هم أقوى من أي شيء.
إننا لا نستطيع بأنفسنا أن نهتدي ولا أن نفعل أبسط الطاعات ولكن الذي يعيننا هو الله.
قال مطرف بن عبد الله الشخير.
لو أُخرج قلبي فجعل في يدي هذه اليسار وجيء بالخير في هذه اليمنى ما استطعت أن أولج في قلبي منه شيئا حتى يكون الله يضعه فيه.
2ـ السحور
فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به فقال « تسحروا فإن في السحور بركة » متفق عليه
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال « فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور » وأثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على سحور التمر فقال « نعم سحور المؤمن التمر »
وقال - صلى الله عليه وسلم - « السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين » رواه احمد وقال المنذر إسناده قوي
والسنة تأخير السحور ما لم يخشى طلوع الفجر لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -
فعن أنس - رضي الله عنه - « إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة فصلى، قيل لأنس كم كان بين فراغها من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية » رواه البخاري.
وفي ذلك فوائد منها:
1- عدم النوم عند صلاة الفجر
2- يكون أرفق للصائم
انتبهي:
ينبغي أن تنوي بتحضير السحور عدة أشياء منها
1ـ حسن التبعل للزوج
2ـ الوفاء بحق أولادك عليك
3ـ إعانتهم على إقامة السنة
وينبغي أن تنوي بالسحور
1ـ إقامة السنة
2ـ التقوّي على الطاعة (الصيام)
3ـ امتثال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
4ـ الإقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -
لا تنسي أذكار الأكل قبله وبعده
3ــ اغتنام هذا الوقت في الدعاء حتى يؤذن الفجر قال - صلى الله عليه وسلم - « أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن » صحيح الجامع 1173
4ـ إجابة المؤذن
ـ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن » البخاري ومسلم
ـ عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال « من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعته حلت له شفاعتي يوم القيامة » رواه البخاري
ـ عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « من قال حين يسمع المؤذن (وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد رسول عبه ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا) غفر الله له ذنوبه » رواه مسلم
5ـ الدعاء.
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رجلا قال يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه » أبو داود والنسائي والألباني قال حسن صحيح
عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال « الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد » قال الألباني صحيح لغيره
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « ساعتان تفتح فيها أبواب السماء وقلما ترد على داع دعوته، عند حضور النداء والصف في سبيل الله » قال الألباني صحيح لغيره
أيضا الوضوء لصلاة الفجر، ولا تنسي الدعاء بعد الوضوء
6ـ صلاة الفجر في وقتها
سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل قال « الصلاة لأول وقتها » أبو داود وقال الألباني صحيح لغيره
وانتبهي إلى أنه ينبغي إطالة القراءة في الصلاة {إن قرآن الفجر كان مشهودا}
7ـ الذكر بعد الصلاة ففي الحديث «....تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين » متفق عليه.
وبالإضافة إلى أن تقولي برفع الصوت « لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون » صحيح مسلم
بالإضافة إلى « اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » وقبل ذلك كله تستغفري ثلاثا وتقول « اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام » مسلم
8ـ أذكار الصباح
9ـ المشارطة ـ بأن تشترطي على نفسك ما تحصليه ذلك اليوم وهو على الأقل ما يلي:
1ـ قراءة ورد من القرءان على الأقل جزء ونصف
2ـ مراجعة جزء مما تحفظين من القرءان على الأقل ربع
3ـ تقرئي" قل هو الله أحد" عشر مرات ليكون لك بيت في الجنة
4ـ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - 100 مرة إلى ألف مرة
5ـ قراءة تفسير سورة صغيرة من جزء عم
6ـ حفظ حديث واحد على الأقل
7ـ إفطار صائم ولو على تمرة
8ـ الاستغفار 100 مرة إلى 1000 مرة
9- صدقة ولو قليلة
10ـ 12 ركعة من النوافل ليبني الله لك بها بيتاً في الجنة وهم ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر و ركعتان بعده و ركعتان بعد المغرب و ركعتان بعد العشاء
11ـ حفظ اللسان وكثرة الصمت مع طول الذكر
12 ـ البعد عن الغيبة والنميمة
13 ـ الصلاة في وقتها
14ـ تبلغي حديث من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد من الناس كأن تعلقي ورقة على باب العمارة مكتوب فيها حديث وذلك كل يوم
15ـ عمل طاعة جديدة: حاولي أن يكون لك كل يوم طاعة جديدة
16ـ قراءة في بعض الأحاديث كمثل كتاب رياض الصالحين
17ـ حاولي المحافظة على الوضوء ثم نبدأ العمل
10ـ قراءة القرآن حتى طلوع الشمس
11ـ ركعات الضحى: في الحديث القدسي « ابن أدم لا تعجزن أربع ركعات في أول نهارك أكفك آخره » أبو داود
12ـ توديع الزوج: وانوي به حسن التبعّل ليكون ذلك بأجر
3ـ حفظ حديث
14ـ مراجعة جزء من القرآن
15ـ من الممكن أن تنامي إلى الظهر
16ـ بعد صلاة الظهر قراءة قرآن
17ـ طبخ الطعام: ولا تنسي أن تنوي ما يلي
• حسن التبعل للزوج
• إعداد الطعام للصائمين فحين صام بعض الصحابة وشق عليهم قام على خدمتهم المفطرون فقال - صلى الله عليه وسلم - « ذهب المفطرون بالأجر »
• ولا تنسي الذكر المستمر وأنت تطبخي حتى إذا جاء زوجك قلت له كما قالت بعض الصالحات لزوجها كل، فوالله ما نضج ذلك إلا على التسبيح
18ـ صلاة العصر في أول وقتها
19ـ قراءة تفسير مع النية أن هذا استجابة لقوله - تعالى -{أفلا يتدبرون القرآن}
20ـ قراءة قرآن
21ـ أذكار المساء
22ـ الدعاء والإلحاح إلى المغرب
23ـ تعجيل الإفطار على رطب
قال - صلى الله عليه وسلم - " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الإفطار » ويقول عند الإفطار « ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله » أبو داود
ولا تنسين الدعاء بما تحبين فإن للصائم دعوة مستجابة عند فطره ولا تنسي الدعاء للمسلمين بظهر الغيب
24ـ إجابة أذان المغرب
25ـ صلاة المغرب قبل أن يأتي زوجك من المسجد
26ـ بعد الإفطار إلقاء كلمة بالتبادل مع زوجك
27ـ عمل مسابقة للأولاد وتقويمهم يوميا من صلى في جماعة من قرأ أكثر من القرآن من...... وإعداد جوائز ودرجات
28ـ النظر في جدول المحاسبة
مع لوم النفس على التقصير وحمد الله وشكره على العمل الصالح وإياك والعجب فإنه نار تأكل الأعمال وتحبط أجرها
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر " أوكما قال
وينبغي استدراك ما يمكن إدراكه من الذكر والتلاوة
29ـ صلاة العشاء
30ـ التراويح ويا حبذا لو كانت في البيت إلا أن تخشى الكسل ولو اجتمعت مجموعة من النساء في بيت أحدهن لكان أفضل
لكن لو ذهبت إلى المسجد فاعلمي هذا الحديث قال - صلى الله عليه وسلم - « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليل » قال الألباني سنده صحيح
وقال - صلى الله عليه وسلم - « من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه »
31ـ استقبال الزوج ثم قضاء له حاجته وما يريده
32ـ قيام الليل في البيت وإن صليت مع الإمام فلابد منه لأن الصلاة في المسجد لا تخلوا في غالب الأحيان من رياء وسمعة، فلابد ولو ركعتين مع محاولة الخشوع وكثرة الدعاء في السجود
33ـ النوم ولا تنسي الأذكار والنوم على طهارة وإذا نمت على الفراش اسأل نفسك هذا السؤال
هل الله راضي عني أم لا؟
وهل يا ترى ما فعلته من هذه الطاعات يليق بجلال الله؟
هل يليق بأن يرفع لملك الملوك؟
34ـ الاستيقاظ قبل الفجر بساعة: قال - صلى الله عليه وسلم - « ما من مسلم يبيت على ذكر وطهارة فيتعار من الليل فيسأل الله - تعالى -خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه » صحيح الجامع 5754
35ـ استغلال هذا الوقت في الدعاء والاستغفار والصلاة ما أمكن ذلك
وهذا كله مجرد اقتراح خذي منه ما يليق بك والله الموفق.
16 - 10 2004
http://www.islamway.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/152)
مسؤوليتك تجاه سلامة جسمك وصحته
إذا كان بإمكانك أن تتوقعي المشاكل (الجسدية والنفسية) التي يمكن أن تسبب لك ضغوطاً وتمزقاً، فبإمكانك استخدام طرق معينة لمنع بعض من هذه المشاكل أو التخفيف منها أو تأجيلها على الأقل. على سبيل المثال يمكنك أن تعتمدي طرقاً معينة للاعتناء بصحتك، مثل أن تثابري على التمارين الرياضية، وأن تستخدمي أوقات نومك وراحتك.
1. تبني طريقة حاسمة للاعتناء بصحتك وطريقة حياتك
أن تعتني بنفسك وتحافظي على كيانك ضمن إطار من العيش السهل نوعاً ما، يعني أن تديري مواضيع صحتك الخاصة بالاستفادة من المحترفين والمتخصصين في هذا المجال وأن تتعاملي مع الأشخاص من حولك بطريقة تجعلك أكثر سيطرة على أمور حياتك وتمنعك من أن تكوني ضحية لمزاج الآخرين ولهوهم وتسليتهم.
القاعدة الأساسية لطريقتك في التعامل بشكل جدي مع صحتك هو أن تعتقدي بـ "أنني أنا السبب في سلامة صحتي أو اعتلالها". ما إن نقبل هذه الحقيقة حتى نمتنع عن الاستسلام إلى الأنظمة الطبية وتوليتها مسؤولية صحتنا. عندما نتحمل مسؤولية صحتنا نقلع عن العادات السلوكية السيئة مثل الإفراط في الطعام والشراب ونمتنع عن التدخين، لأن هذه العادات في واقعها هي شكل من أشكال اضطهاد الذات. تولي مسؤولية الذات تعني تبني برامج بناء للجسم والروح معاً. في النهاية، لا أحد يعرف جسمك كما تعرفينه أنت: حاجاته، متطلباته، ما يضره، وما ينفعه....
من أساسيات الصحة الجيدة التغذية الجيدة. ولكي تحققي حاجات جسمك الغذائية:
* تناولي وجبات متوازنة ابتعدي عن الوجبات الفارغة الكثير من الخضراوات الطازجة والفواكه، الحبوب الكاملة، وبعض البروتينات ذات الجودة العالية، مع القليل من اللحم الأحمر أو عدمه.
* تجنبي الطعام المعالج أو المكرر أو الذي يحتوي على هرمونات أو المليء بالكيميائيات، أو الطعام المعدل وراثياً.
* قللي من السكر والملح والقهوة والكولا والشوكولا.
2. تمارين بانتظام
* قد تكون هذه هي أفضل الطرق للحفاظ على جسم سليم وصحيح. من الغريب فعلاً أن يشعر معظم الأفراد الذين يمارسون التمارين الرياضية بطاقة زائدة عند انتظامهم على نوع من هذه التمارين. المنصوح به ساعة على الأقل يومياً، و20 دقيقة ستكون أقل أقل ما يمكنك التعويل عليه. تتضمن هذه التمارين تمارين الانحناءات والتمدد للمرونة؛ و تمارين الرفع والدفع لقوة العضلات؛ وتعتبر تمارين الأيروبيك جيدة للشرايين القلبية (تمكنك من الشهيق والزفير الصحي دون أن تنقطع أنفاسك)، كما تزيد من الاستقلاب في جسمك وهذا يعني احتراق سريع للكالوري الحريرات. عشرون دقيقة من تمارين الأيروبيك صباحاً وعشرون مساء تبقي على مستوى الاستقلاب لديك مرتفعاً.
* قد لا تجد النساء اللواتي يعملن في مهن تستغرق جلّ وقتهن متسعاً من الوقت للتمارين. حسناً للخروج من هذا المأزق ضعيها في سلم أولوياتك: "إذا لم أفعل شيئا اليوم فسأقوم بالتمارين الرياضية"، وذكّري نفسك دائماً "إذا اعتنيت بجسمي اليوم، فسيعتني بي غداً".
* الكثير من الخبراء يقولون أنه باستطاعتك الحفاظ على صحة قلبك ومستوى معقول من الوزن إذا ثابرت على الأيروبيك بأقل معدل 20 دقيقة في اليوم لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع. تذكري أنك عندما تقومين بالتمارين تجنين عدة فوائد:
* تضمنين احتراق سريع للحريرات لمدة 12 ساعة.
* تبطّئين من ظهور علامات التقدم في السن
* تحافظين على صحة عظامك وعضلاتك
* تمنعين تراكمات الضغط.
* التمارين هي الطريق إلى الاستمرار في الحياة بصحة وافرة، ستستمتعين ببعضها، وسيكون لبعضها فوائد اجتماعية، وستلمسين من خلالها فوائد نفسية وروحية. كلما تقدمت في السن كلما كنت بحاجة أكبر إليها.
3. استخدمي نومك وأحلامك
كثيراً ما كنا نسمع مدراءنا يقولون قبل أن يتخذوا قراراً بشأن أمر هام أو مسألة شائكة: "دعوني أغفو عليها، وسأعود إليكم غداً ". وهذا أمر له سببه الحقيقي. تشير الدراسات بشكل متزايد إلى أهمية النوم وخاصة الأحلام بالنسبة لصحتنا العقلية وقدرتنا على العمل في ساعات اليقظة. إن العقل الباطن له قوة عجيبة ويمكنك أن تعولي على مصادره دون مجهود عن طريق الأحلام في حل المشكلات والنزاعات، والخروج بأفكار جديدة.
حل المشاكل وإيجاد نتائج جديدة
* أفضل الطرق لحل المشاكل أو إيجاد نتائج جديدة تكمن في رؤية النتائج والنوم عليها، إليك الخطوات:
*قبل أن تذهبي للنوم، استرخي بعمق وتصوري حلاً إيجابياً لمشكلتك أو وضعاً جديداً ترغبين بإيجاده.
* ضعي رغبتك ضمن جملة لا تتعدى السطر الواحد.
* تصوري نفسك تسيرين مع هذا الحل أو الوضع الذي رسمته. قولي لنفسك أنك ستجدينها في الصباح عندما تستيقظي.
* كرري جملتك ذات السطر الواحد واغفي عليها.
عندما تستيقظين ابقي مستلقية وفكري في جملتك ذات السطر الواحد. هل في ذهنك إجابة عليها؟ هل حلمت حلماً قد يعطيك مفتاحاً أو إشارة معينة؟ اكتبي الأفكار التي تخطر في ذهنك. قد تجدين الحل في وقت متأخر من اليوم. استرخي وافتحي ذهنك. تعلمي أن تلحظي ومضات الأفكار والصور والكلمات.
يعتقد المحلل جونيجيان أن الأحلام تزودنا بمعلومات رمزية عن ما يحدث لنا في حياتنا من خلال العقل الباطن.
http://www.ebdaa.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/153)
حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وبعد:
فإنَّ الناظر في العالم الإسلامي اليوم ليجد أنَّه يعيش في اضطراب وقلق، وضلال وانهيار، وقد نظر المصلحون في أسباب هذا الواقع المنحرف، فكان من أهم هذه الأسباب تخلي المرأة عن وظيفتها وخروجها عن طبيعتها، والذي جعل منها أداة إفساد وتضليل. وإن وعي المرأة بدينها، ومعرفته حق المعرفة، ومن ثم تطبيقه في واقعها العملي؛ هو سبب كبير في انتشار الأمة من هذا الواقع المرير.
وقد كُتب الكثير عن المرأة، ومن مختلف النواحي، إلا أنَّ القلم يجب ألا يجف حتى تعود المرأة إلى طبيعتها، وإلى ما أراده الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - منها، وهذه مساهمة منا في هذا الموضوع، وسيكون حديثنا عن (حكم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية) وذلك حسب النقاط الآتية:
1/ أدلة تحريم مصافحة المرأة الأجنبية.
2/ أقوال أهل العلم في حكم مصافحة الأجنبية.
3/ شبهات وردود.
أدلة تحريم مصافحة المرأة الأجنبية:
1/ ما رواه البخاري - رحمه الله - (8/810فتح) عن عروة بن الزبير أن عائشة - رضي الله عنها - أخبرته أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقوله - تعالى -: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله {غفور رحيم} قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد بايعتك ـ كلاماً ـ ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك".
2/ ولما رواه البخاري أيضاً (13/251فتح) عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء بالكلام بهذه الآية {لا يشركن بالله شيئاً} قالت: وما مسَّت يدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدَ امرأة إلا امرأة يملكها".
3/ ما رواه أحمد (6/401) والترمذي (4/151) عن أميمة بنت رقيقة قالت: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نساء نبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئاً ـ الآية ـ قال: فيما استطعتن وأطعتن، قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا: يا رسول الله ألا تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء إنَّما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة". قال الترمذي - رحمه الله - هذا حديث حسن صحيح اهـ. وقال ابن كثير في تفسيره (4/450) هذا إسناد صحيح اهـ.
قال الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره (6/396) "وكونه - صلى الله عليه وسلم - لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أنَّ الرجل لا يصافح المرأة ولا يمسّ شيء من بدنه شيئاً من بدنها، لأنَّ أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها - صلى الله عليه وسلم - في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دلَّ ذلك على أنَّها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته - صلى الله عليه وسلم -، لأنَّه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره" اهـ.
قال العراقي - رحمه الله - في طرح التثريب (6/1751) "وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك" اهـ.
4/ حديث معقل بن يسار ـ رضى الله عنه ـ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/66) "رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح" اهـ.
5/ ما أخرجه مسلم في صحيحه (16/157منهاج) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" قال النووي في شرحه على صحيح مسلم (16/156) "معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقياً بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر الحرام أو الاستمتاع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس بأن يمس أجنبيه بيده أو يقبلها.." اهـ مختصراً.
6/ قاعدة الشرع المطهر أنَّ الله - سبحانه وتعالى - إذا حرَّم شيئاً، حرَّم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه؛ تحقيقاً لتحريمه، ومنعاً من الوصول إليه.ولو حرَّم الله أمراً، وأبيحت الوسائل الموصلة إليه؛ فكان ذلك نقضاً للتحريم، وحاشا شريعة رب العالمين من ذلك، ولمَّا كانت فاحشة الزنا من أعظم الفواحش وأقبحها حرمت الأسباب الموصلة إليه من: السفور ووسائله، والتبرج ووسائلة. قال الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره (6/396): "إن ذلك ـ يعني مصافحة الأجنبية ـ ذريعة إلى التلذذ بالأجنبية، لقلة تقوى الله في هذا الزمان وضياع الأمانة.. فالحق الذي لا شك فيه التباعد عن جميع الفتن والريب وأسبابها ومن أكبرها لمس الرجل شيئاً من بدن الأجنبية والذريعة إلى الحرام يجب سدها" اهـ. بتصرف.
أقوال أهل العلم في حكم مصافحة الأجنبية:
* قال العلامة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع (5/184) "أما حكم مس هذين العضوين ـ الوجه والكفين ـ فلا يحل مسهما" اهـ.
* وقال الإمام الحصكفي الحنفي في الدر المختار (6/367 حاشية) "أمَّا الأجنبية فلا يحل مسّ وجهها وكفها وإن أمن الشهوة، لأنَّه أغلظ" اهـ.
* وقال الإمام أبوبكر ابن العربي المالكي في عارضة الأحوذي (7/95) "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصافح الرجال في البيعة باليد تأكيداً لشدة العقد بالقول والفعل، فسأل النساء ذلك فقال لهن: "قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة" ولم يصافحهن، لما أوعز إلينا في الشريعة من تحريم المباشرة إلا من يحل له ذلك منهن" اهـ.
* وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح (2/246): "قال ابن منصور لأبي عبدالله: تكره مصافحة النساء؟ قال أكرهه، قال اسحاق بن راهويه ـ كما قال ـ وقال محمد بن عبدالله بن مهران: إن أبا عبدالله سئل عن الرجل يصافح المرأة قال: لا، وشدَّد فيه جداً. قلت: فيصافحها بثوبه؟ قال: لا.. فهاتان روايتان في تحريم المصافحة وكراهتها للنساء، والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين، وعللَّ بأنَّ الملامسة أبلغ من النظر" اهـ. مختصراً.
* وفي غذاء الألباب للسفاريني الحنبلي (1/253) ".. وحرَّم مصافحة امرأة أجنبية شابة.. وهذا المذهب بلا ريب وهو الصواب بلا شك" اهـ.
* وقال الشيخ محمد سلطان المعصومي في عقد الجوهر الثمين (ص189): "إنَّ مصافحة النساء الأجنبيات لا تجوز ولا تحل سواء مع الشهوة أو لا، وسواء كانت شابة أو لا، وذلك مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء - رحمهم الله -" اهـ.
شبهات وردود:
من المعاصرين من ذهب إلى القول بجواز المصافحة بين الرجال والنساء من غير المحارم، وليس لهم في هذا القول سلف من أئمة الإسلام، إذ الكل متفق على التحريم كما سبق. وقد استدلوا بأدلة لا تعدو إما أن تكون صحيحة غير صريحة، أو ضعيفة مردودة أو مبنية على استنباط ضعيف، وإليك التفصيل:
الشبهة الأولى: ادعوا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصافح النساء من وراء حائل مستدلين بما أخرجه أحمد (6/504) أسماء بنت يزيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء: ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله؟ فقال لها: إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن" الحديث.
الرد من وجوه:
(1) أن حديث أسماء فيه شهر بن حوشب قال فيه الحافظ في التقريب (ص441): "صدوق كثير الإرسال والأوهام" وقد ضعفه يحيى بن سعيد وشعبة وأبوحاتم الرازي وابن عدي وجماعة. انظر التهذيب (2/182).
(2) وعلى فرض صحة حديث أسماء فالحديث ليس صريحاً في أنَّه - عليه السلام - كان يصافح من وراء حائل، بل قوله في الحديث: "إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن" أي بدون مصافحة، دليل ظاهر في رد هذه الدعوى.
وقد ورد في هذا المعنى روايات كثيرة ذكرها الحافظ في الفتح (8/811)، ولكنها مراسيل كلها لا تقوم بها الحجة، ولا سيما وقد خالفت ما هو أصح منها كالأحاديث المتقدم ذكرها.
الشبهة الثانية: استدلوا بما أخرجه البخاري في صحيحه (8/812) من حديث أم عطية وفيه: "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ علينا "أن لا يشركن بالله شيئاً" ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها فقالت: أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها.. " الحديث قالوا: في الحديث إشارة إلى أنهن كنَّ يبايعنه بأيديهن.
الرد: أجاب الحافظ في الفتح (8/811) بقوله: "المراد بقبض اليد التأخر عن القبول" اهـ. والإعراض عن الأحاديث الصحيحة الصريحة في عدم مصافحته - صلى الله عليه وسلم - للنساء، والأخذ بهذا الحديث ـ مع أنَّ المصافحة لم تذكر فيه ـ لا يستقيم أبداً.
الشبهة الثالثة: قالوا: قد روى أن عمر ـ رضى الله عنه ـ صافح النساء في البيعة نيابة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الرد: قال الحافظ العراقي في طرح التثريب (6/1751) "وذكر بعض المفسرين أنَّه - صلى الله عليه وسلم - دعى بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس فيه أيديهن وقال بعضهم: ما صافحهن إلا بحائل، وكان على يده ثوب قطري، وقيل: كان عمر يصافحهن عنه ـ ولا يصح شيء من ذلك لا سيما الأخير، وكيف يفعل عمر - رضي الله عنه - أمراً لا يفعله صاحب العصمة الواجبة؟! " اهـ.
الشبهة الرابعة: استدلوا بقوله - تعالى -: "وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً". قالوا: فقوله - تعالى -: "أو لامستم النساء، يدل على جواز مصافحة النساء.
الرد: يقال: إنَّ هذه الآية واردة في موجبات الطهارة وليس فيها دليل يتعلق بمحل النزاع، وفي معنى (لامستم) قولان:
الأول: أنّ معنى (لامستم) هو الجماع كما جاء عن علي وابن عباس.
الثاني: أنّ معنى (لامستم) قبلة الرجل امرأته وجسها بيده، كما جاء عن ابن عمر.
وعلى القولين لا يمكن الاستدلال بالآية على جواز مصافحة الأجنبية بحال.
أما على الأول: فلأن المخالف لا يقول بحل جماع الأجنبية قطعاً، وأمَّا على الثاني فغاية ما يستدل بالآية عليه أنَّ لمس الأجنبية ـ إن قدر وقوعه ـ فهو موجبات الطهارة، لكن يبقى الكلام في إثم من فعل ذلك عامداً، وهو ما ثبت في الأدلة المتقدمة، فلا تعارض أصلاً بين تحريم المصافحة وإمكان وقوع اللمس.
وختاماً: فقد وضح الحق وبه حرمت المصافحة للأجنبي والأجنبية، وعليه قامت الدلائل والبراهين، وبه قال أئمة هذا الدين. اللهم علمنا ما ينفعنا وزدنا علماً يا كريم.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/154)
النساء والمسجد
اعلمي أختي في الله أننا مقبلات على شهر هو من أفضل الأشهر الهجرية، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وفي هذا الشهر تحرص النساء على ارتياد المساجد لتأدية صلاة التراويح (القيام) فيما أذن لهن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" [صحيح الجامع: 7456]، وفي رواية "وبيوتهن خير لهن".
ولهذا الخروج ضوابط وآداب على النساء المؤمنات اتباعها:
أولاً: عدم التطيب فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات" [صحيح أبي داود: 529]. (ومعنى تفلات أي من تغيرت رائحتها ولم تستعمل الطيب)، وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة" [السلسلة الصحيحة: 3605]. وعنه أيضاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة" -مختصر- [صحيح النسائي: 4738]، وعن زينب الثقفية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيتكن خرجت إلى المسجد فلا تقربن طيباً" [صحيح النسائي: 4856].
ثانياً: اللباس والزينة: جاء في الأثر أيضاً عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس" [صحيح أبي داود: 408].
(معنى متلفعات: التلفع أن تلقي الثوب على رأسك ثم تلتف به، والمراد بالمرط كساء من الصوف، والغلس ظلمة آخر الليل).
ثالثاً: سرعة الانصراف بعد الفراغ من الصلاة فعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء حين يقضي تسلميه ثم يلبث في مكانه يسيراً قبل أن يقوم [صحيح ابن ماجه: 760].
ومن الآداب أن تلتزم المرأة جانب الطريق وتتجنب وسطه.
رابعاً: التأخر في الصف: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: "خير صفوف الرجال مقدمها وشرها مؤخرها، وخير صفوف النساء مؤخرها وشرها مقدمها" [صحيح ابن ماجه: 820].
خامساً: عدم تخطي الرقاب: عن أبي صالح الزاهرية قال: كنت جالساً مع عبد الله بن بسر يوم الجمعة فجاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: "اجلس فقد آذيت وآنيت". مسند أحمد، سنن النسائي (معنى آنيت: قصرت).
سادساً: إقامة الصفوف: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري" [صحيح النسائي: 815]. (معنى تراصوا: تلاصقوا بغير خلل).
كما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري" وفي رواية: فكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه. [صحيح الترغيب: 498].
وعن جابر بن سمرة قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة" [صحيح الجامع: 5665]، قال: ثم خرج علينا فرآنا حلقاً فقال: "ما لي أراكم عزين" [صحيح الجامع: 5666]، قال: ثم خرج علينا فقال: "ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها" فقلنا: يا رسول الله وكيف تصفّ الملائكة عند ربها، قال: "يتمّون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" [صحيح الترغيب: 496]. (معنى خيل شمس: جمع شموس وهي الدواب التي تتحرك ولا تستقر، عزين: متفرقين لا يجمعهم مجلس واحد).
وعن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليليني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" [صحيح النسائي: 782]. (يمسح مناكبنا: يسوي أكتافنا بعضها ببعض، الأحلام: الأناة والتثبت في الأمور وذلك شعار العقلاء، النهى: العقول الراجحة).
سابعاً: عدم رفع الصوت في المسجد أو الكلام أثناء خطبة الإمام فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" [صحيح النسائي: 1486]. (معنى لغوت: انشغلت عن الخطبة فذهب أجرك).
ومن الآداب أيضاً عدم البيع والشراء في المسجد.
هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ينفع به المسلمين والحمد لله رب العالمين.
http://akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/155)
الكوافيرات المقاطعة مطلوبة
عبد الرحمن بن رشيد الوهيبي
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
لا تزال الفتن تتوالى على المجتمعات الإسلامية، يرقق بعضها بعضا، ومن هذه الفتن التي انخدعت بها كثير من نسائنا الذهاب للكوافيرات اللاتي يتخذن من المشاغل النسائية (مكاناً) لهن باسم تسريح الشعر وتصفيفه وتجميل الفتاة، والمؤلم حقاً أن كثيرا من النساء يذهبن بموافقة أولياء أمورهن من أزواج وآباء وغيرهم والأعجب من ذلك ذهاب بعض الصالحات بحجة أن العاملة امرأة وأنها لا يرتكب عندها ما حرم الله وأن المبلغ يسير وإنها مرة واحدة إلى غير ذلك مما يوجهه إليها الهوى والشيطان وشهوة متابعة الموضة ومسايرة الركب دون النظر إلى مفاسد هذه الفتنة على المجتمع على المدى البعيد، ولقد كنا ننصح بالذهاب للمشاغل النسائية لخياطة الملابس لأنها أستر عن الرجال ويسهل على المرأة الحديث مع العاملة وإبداء الرغبة والمفاصلة. أما وقد تسترت باسمها الكوافيرات بما فيها من صور للكافرات وأنواع للقصات وكتلوجات للتسريحات وزكمت الأنوف ما فيها من منكرات فخير للرجل أن يأخذ ثياب نسائه إلى الخياط أو يقف معهن خلف النافذة حماية لهن ولأخلاقهن وعقائدهن فذاك أخف الضررين!
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين عن الكوافيرات كلاما قيما نقتطف منه " فعلى الرجال أن يمنعوا هؤلاء النساء من السير وراء هذه الموضات الحادثة التي أراد بها فحدثوها وجالبوها إلينا أن ننسى الله - عز وجل - وأن ننسى ما خلقنا له وألا يكون همنا إلا التشبث بهذه الأشياء والافتتان بهذه الأزياء التي لا تجر إلينا إلا البلاء والنثر والفساد وكون الإنسان لا يهمه في هذه الحياة إلا إن يشبع رغبته من شهوة فرجه وبطنه)). ومما قال فضيلته محذرا من الذهاب للكوفيرات " وإنني أؤكد النصيحة على التجمل بما لا يكون مضرا في الدين موقعا في الحرام بالتشبه بالكفار وقد ذكر فضيلته بعض محاذير الذهاب للكوافيرات وهي:
1. ما تفعله الكوافيرات (للزبونة) من تشبه بالكافرات.
2. فعل النمص الملعونة فاعلته.
3. إضاعة المال الكثير بلا فائدة بل بما فيه مضرة.
4. تنمية أفكار النساء لتقليد الكافرات حتى تميل المسلمة إلى ما هو أعظم من تحلل وفساد في الأخلاق.
5. هتك عورات النساء بلا حاجة وهذا حرام.
قلت: وهذه المحاذير كافية لمقاطعة هذه الكوافيرات، بل والمشاغل التي تضمها والتي تمارس هي الأخرى أدوارا خطيرة في تفصيل وعرض الملابس العارية وشبه العارية بزعم أنها تلبس عند النساء فقط، بل وأصبحت محلات لبيع العطورات! والإكسسوارات!! بل وعلاج المسلمات على أيدي الكافرات!
ومع كفاية ما ذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمين من محاذير إلا أن هناك محاذير أخرى تضاف إليها وهي:
6. أن معظم العاملات من الكافرات والتعامل معهن والتردد عليهن سبب للكسب المادي الذي قد يجعل بقاءها مرتبطا بالمبالغ الطائلة التي تبتزها من المسلمات المغفلات في التعامل معهن دعم لبقائهن.
7. مطالعة المجلات التي تحتوي كل صور نساء كافرات بموضات مختلفة مما ينمي عند المسلمة حب التقليد والمحاكاة وبالتالي التشبه المحزم.
8. إضاعة وقت ثمين من عمر المسلمة ستسأل عنه يوم القيامة.
9. ذهاب بعض النساء مع السائقين بلا محرم.
10. التصوير الذي يتم في بعض المشاغل وقد يكون بموافقة الفتاة!؟
11. طلب رضا الآخرين وإعجابهم بسخط الله - عز وجل -.
12. تأخير الصلاة أو إضاعتها بسبب الوقت الذي تمكثه في ((المشغل)) أو بسبب الأصباغ التي تضعها أو الملابس التي تلبسها.
13. حتى الخياطة عند المشاغل التي تضم الكوافيرات أو تروج لأزياء الكافرات تعتبر من التعاون على الإثم والعدوان.
14. ذهاب الصالحات ولو للخياطة ومع تجنب المحاذير الأخرى يعتبر دعاية لتلك المشاغل وتلميعا لها ولكوافيراتها وكافراتها إلى غير ذلك من المحاذير التي لا يحسن ذكرها مع أن الحال شاهد بها!
فيا أختي المسلمة قاطعي تلك المشاغل بكوافيراتها ولا تكوني ممن انخدعوا بسراب وزيف يدعى التقدم والحضارة و بمواكبة العصر فتصبحي مسلوبة الإرادة ضعيفة الشخصية عرضة للانسياق وراء كل ناعق وناعقة، حتى ينتهي بك الأمر إلى ما أنت في غنى عنه حفظك الله بدينه وأعزك بطاعته وجعلك سداً منيعاً في وجه كل فتنة..آمين.
• أخي صاحب المشغل: سل العلماء عن كل ما يترتب على فتح مشغل نسائي ابتداء باستقدام الكافرات وفكر بعقل رأسك لا بعقل جيبك!!
• أختي المسلمة ساهمي في تطبيق هذه النصيحة وقدمي مصلحة دينك على هوى نفسك.
10ربيع الآخر 1415هـ
15 سبتمبر 1994م
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/156)
المرأة المجاهدة أم الحياة
سلمان محمد العنزي
المرأة هي أثمن شيء في هذه الحياة بالنسبة للرجل خلا دين الله، ولئن قال أبو العتاهية: روائح الجنة في الشباب، فإنني أقول ونعيم الجنة إذا بحثت عنه في هذه الحياة فإنك لن تصيبه إلا في امرأة مؤمنة صابرة محتسبة، تبني حياتها وأنوار حياتها من يقين قلبها ومن شعور قلبها، وتهب نفسها راضية مطمئنة لزوجها أو أبنائها، وتعلم أن ما ينقص في الحياة من وجه عند بعض الناس يزيد من وجوه كثيرة عند الله، وليس ما يراه الناس من لذات وأفراح تتمشى في الدماء سوى ظل البسط على الأرض يغري السائرين بالجلوس، حتى إذا جلسوا نسخته شمس الحقيقة وبقي من جلس يتلذع بحرها.
إن أكبر ما في الحياة من متع لا يكبر في نفس المرأة المؤمنة، وليس له مكان في زوايا نفسها؛ لأنها في شغل بحقائقها وتربية حقائقها عن التلاعب بالشكوك والظنون الخادعة السافرة عن قلب محطم وعرض ذبيح.
هذه المرأة بحق هي الواحة الفريدة في صحراء الحياة، وهي الربيع الناضر في أيام الرجل الصادق، وهي البسمة العذبة على ثغر الحياة الرضية، لتكون لزوجها أثمن هدية،
هذه المرأة التي قصرت أجمل ما فيها من عواطف رقيقة مهذبة لزوجها، فلم تسفر بعاطفتها بين الناس، ولم تبدد ما يهتز في قلبها من حنان بين من لا يعرفون الحنان والعطف إلا أنهم عارفون لبقية ما يغطيه الثوب من جسمها.
هذه المرأة الطاهرة الجميلة تحب زوجها، وتنسى أن في الكون رجالاً غيره، مهما كان شكله ولونه ولسانه، ما دام أن هذا الرباط المقدس رباط الزواج قد جمع بينهما، وتعلم أن ولعها بزوجها وحبها إياه لا يكون جزاؤه إلا النعيم المقيم في الجنان، والسعادة الغامرة في الدنيا، مع ما تكسبه من عظيم هدايا قلب زوجها،
وهي المرأة المجاهدة في سبيل الله، ولكنه جهاد يختلف عما عند الرجل، كما يبينه لنا الريحاني في ريحانية فيقول:
ليست المجاهدة تلك التي تجندها الدولة للحرب مثل الرجال دفاعاً عن الوطن، ولا هي العالمة المثقفة العاملة مع الرجال في سبيل العلم والتهذيب، ولا هي العصرية المجدة في ميدان الحياة تباري الرجال في شتى الأعمال، ولا هي ملك الرحمة التي تواسي المرضى وتضمد جروح البؤس والشقاء.
إنما المجاهدة في نظري هي المرأة التي لا تكاد تعرف من العالم غير بيتها، ولا تبتغي من الحياة غير ما فرض عليها، فتحمل حملها بعيدة عن كل ما يغري من زخرف الشهرة ولألأة المجد، وتعمل على الدوام في سبيل ما تراه من الواجب الكبير واجب العائلة والبيت، واجب الحب والحياة.
هي الزوجة الصالحة، الأم الحنون، الأخت المؤاسية، ومع أن نصيبها من الحب الصافي قد يقل في الحياة، فهي تشع من ذلك حباً صافياً لكل من حولها، لأهلها، لصحبها، لجيرانها، وتعمل في شتى الأحوال لتساعد ذويها أو لتربي أولادها، ولترضى في كل حال رب بيتها.
هي المرأة الراضية القانعة الصابرة المخلصة المحبة، المجاهدة في ما تعمل ليسلم شرفها ويستقيم أمر أسرتها، تهز بيد ثابتة وبقلب غذاؤه الإيمان مهدًا هو الحياة وحياة هي الكون فهي تعطي على الدوام، يخونها زوجها، يهجرها بنوها، ينساها إخوتها، وتظل مع ذلك في ميدان الجهاد لا تنسى، ولا تهجر، ولا تخون، حياتها بذل دائم، بذل للحب وبذل للواجب.
هذه هي المرأة المجاهدة، وإن كانت لا تخرج من بيتها، إنما بيتها خندق من الخنادق في خطوط النار، وإذا كانت الجنة للمجاهدين، فينبغي أن يكون للمجاهدات نعيم أعلى وأسمى.
أي والله هذه هي المرأة المجاهدة الحقيقة برضى الله وبرضى زوجها، وهي المرأة التي تهب أنفاسها طيباً يرجع أطياب باريس منزوعة النفحة بائسة الشذى.
إنها رقيقة الحياة وصانعة المجد ومفتقة العبقرية في رأس زوجها وبنيها، الهادئة الرزينة القوية الشديدة، إنها المرأة المجاهدة أي المرأة الحية المشعة بنورها، وتشتد الحاجة إلى تلك الصفات التي ذكرناها في أيام الحروب، حيث القلق والشك والريبة والألم وهموم النفس وظنونها، هذه الأيام بحاجة إلى المرأة المجاهدة بنفسها وبعقلها وبأخلاقها وبتربيتها لأبنائها وبكفها وكنسها ما بنفس زوجها أو إخوانها من شكوك وأوهام..
إن المرأة هي الجدار الواقي من صواريخ الأعداء؛ لأنها تحمي الروح والروح، هي سر النجاح في المعارك أولم يكن من عادة العرب أنهم إذا قاتلوا أتوا بزوجاتهم من ورائهم يشجعنهم ويشرحن لهم كيف يكون الخلود في الدنيا: إما النصر وإما الموت عند خطوط الشرف الرفيع.فإن عجز الرجال عن مصاولة الأعادي برزت من وراء الخدور تحدو:
لا أريد الحياة إلا نضالاً *** لا ولا أرتضي الدنايا نصالا
لا ولن توهن الخطوب قناتي *** فلكم أرهبت قناتي الرجالا
صارمي عزمتي وصبر شراعي *** وبه أعبر الخصم اختيالا
أبدا تضحك الأماني بنفسي *** وهي تجري بها سحاباً ثقالا
ولها من حياة سلفها الطاهر شواهد وأدلة تأخذ قلبها في رحلة جهادية تزرع الطريق بصادق الوعد وحسن الظن وقوة التوكل.. وحق لي أن أسمي هذه المرأة المجاهدة: أم الحياة، فالحياة تتدفق من ينابيع قلبها، ومن شلالات نفسها ومن رحيق أفعالها، فكل ما فيها حياة، وكل ما يصدر منها حياة، وكل ما هو ذاهب إليها حياة،
فاسلَمي أيتها الحياة الطاهرة، يا من نأوي إليها عندما تهرب منا الحياة!
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/157)
العفيفة
الحمد لله القائلِ في كتابه الكريم: ((فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا و قتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم و لأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله و الله عنده حسن الثواب))
كانت تمشي في السوق مِشيةً مثيرةً متكسّرة، مزهوّةً بقوامها و عباءتِها الجميلةِ المُخَصَّرَةِ الجذّابةِ جداً، والتي أبرزت معالِمَ جِسْمِها، وأضفتْ على قَوامِها نُعومةً ورِقّة..ولا فُستان سهرة!!، فمرّت بأختٍ لها من النساء، فتحسّرت تلك الأخرى و هي ترى ما تلبّست به أختها من معالمِ الفتنةِ و الإغراءِ و جذْبِ الأنظار، فخافت عليها من عقاب الله، نعم..خافت عليها من عقابِ الله، و أشفقت عليها من سَخَطِه، فلم تستطع إلاّ أن تبادرها قائلةً لها: (يا أختي.. يا أختي تستّري ستر اللهُ عليَّ و عليك في الدنيا و الآخرة)، فسبحان من أوقع كلامَها في سويداءِ قلبِ تلك المرأة، فطأطأت رأسَها و قالت: (إلى هذه الدرجة!!؟؟ )، قالت: (إي و الله.. ألا ترين نظراتِ الرجال؟ )، فتلفّتت حولها فما هو إلاّ كما قالت، ثم التفتت إليها و قالت: (أتدرين أنكِ أوّلُ واحدة تقول لي مثلَ هذا الكلام؟.. لا أمِّي، ولا أبي، ولا أَحَدَ من أهلي، ولا حتى صديقاتي قدّموا إليَّ هذه الملاحظة!! )، (ربما استحوْا مِنْكِ؟)، (لا بالعكس.. هم ينتقدون بعض الفساتين إللّي ألبسْها، وبعضَ الألوان إللّي اختارها، لكن العباءة.. ولا مرّة..، حتّى اللِّي ما يَلْبَسون نوعيّة هاذي العباءة ولا مرّة قالوا شيْ!! )، (تتوقعين إنّ هاذي العباءة حرام؟؟)، (يا أختي أنا متأكّدة إنها حرام.. لأن هاذي العباءة صُمِّمَت أصلاً لتُعطي إللي تلبسها نعومة وجمال وإثارة، وهاذي الأمور.. يجب على المرأة أن تسترها.. ولاّ تُظهِرْها وتمشي بها بين الرجال؟؟)، (لكن.. أنا ما أقصد إظهارها للرجال)، (أنا عارفة يا أختي.. لكن الأثم أحياناً يكون على القصد السّيّء، وأحيناً يكون على العمل نفسِه ولو لم يكن القصد سيّء)، (سبحان الله.. صحيح هذا الكلام؟؟!!)، (نعم، شوفي يا أختي..، هاذي العباءة واللهِ ما فيها خير، وما تجيب إلاّ الشرّ..، وأحلفْ لِك إنّ الرِّجال، يحترمون المرأة اللي تلبس عباية الرأس العاديّة، أكثرْ من اللي تلبس العباءة المخصّرة أو المغربية أو مثلَها من أنواع العِبيّ، حتّى الفسّاق أهلُ المعاكسات ما يَجْرَئون على إزعاجها، ثم لا تنسين يا أختي.. إنّ هناك رب، وحساب، وجنّة ونار.. الله يجعلني وياكِ من أهل الجنة، ويِبْعِدْني وإياكِ عن أهل النار)، (والله كلامِك صحيح.. الله يجزيكِ خير.. الله يجزيكِ خير.. استغفر الله العظيم وأتوب إليه، استغفر الله العظيم وأتوب إليه)
(وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين)[83، 84 المائدة]
أختي الكريمة.. مشهدُ النّصيحةِ هذا.. بوِدِّي لو يتكرّر، بوِدّي لو تنصحُ كلُّ مسلمةٍ أختَها، بوِدّي لو تنصحين أنتِ كلَّ مسلمةٍ.. سواءً كنتِ امرأةً متزوجة، أو كنتِ طالبةً في المدرسةِ، أو في الكلية، تنصحين من ترين أنها تستدعي النُّصحَ من أَخَواتِكِ المؤمنات، فالمؤمنون والمؤمنات، كما قال الله - تعالى -، أولياء يتعاونون على البر والتقوى (و المؤمنون والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاةَ ويُطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيم)
أختي العفيفة.. حتّى متى نُسْرِفُ على أنفسنا؟، استمعي إلى ما قالته أمُّ سلمة - رضي الله عنها -..، قالت (استيقظَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الليل وهو يقول: لا إلهَ إلا اللّه!!، ماذا أُنْزِلَ الليلةَ منَ الفتن؟، ماذا أُنزِلَ من الخزائن؟ من يوقظُ صواحبَ الحُجُرات؟ [يقصِد زوجاتِه - صلى الله عليه وسلم -] كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة)، ولاحظي لفظة (كم من) في قوله: (كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة) فهذه اللَّفْظة تعني الكَثْرة، يعني: أن النساءَ العارياتِ يوم القيامة كثيراتٌ جدّاً (نسأل الله السِّتْرَ والسلامة)، إذن فالمسألة ليست زِيّاً تلبسينه وانتهى الأمر..، لا، ليس بهذه البساطة!!، هناك مراقبةٌ لكل فِعْل، وتسجيلٌ لكل حركة، ومحاسبة، وعقاب، وثواب، ولذلك.. انظري كيف كان إيمانُ الصحابيات وشدّةُ تأثِّرِهِنَّ بالأحاديث، يقول الزُّهري: وكانت هند بنتُ الحارث - رضي الله عنها -، وهي التي روت الحديث عن أم سلمة، كانت لها أزرارٌ في كُمَّيْها بين أصابعها، والمعنى، أنها كانت تخشى أن يبدو من جَسَدِها شيء بِسَببِ سَعةِ كُمَّيْها، فكانت تُزرِّرُ ذلك لئلا يبدوَ منه شيءٌ، خوفاً من أن تدخلَ في قولِه - صلى الله عليه وسلم - (كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة)،.
قال الحافظ ابنُ حجر في شرحه للحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - حذّر النساء من لِباس الرقيقِ من الثيابِ الواصفةِ لأجسامهن، لئلا يَعْرَيْنَ في الآخرة، واخْتلَفَ العلماءُ في المُرادِ بقوله: «كاسية وعارية»، وإن كانت المحصِّلةُ وخيمةً على أيِّ حال، اختلفوا على أوجه، أحَدُها: كاسيةٌ في الدنيا بالثياب لوجود الغِنَى، عاريةٌ في الآخرة من الثَّواب، لعدم العمل على طاعة الله وتركِ مساخطه في الدنيا، ثانيها: كاسيةٌ بالثياب نعم.. لكنها ثيابٌ شفافةٌ أو رقيقةٌ أو ضيِّقة تُبدي مفاتِنَها، فتُعاقَبُ في الآخرة بالعُري جزاءً على ذلك، ثالثها: كاسيةٌ جسدَها، لكنها تشُدُّ خمارَها من ورائها، فيبدو صدرُها، فتصير عاريةً، فتُعاقب في الآخرة، الحاصل أنّ اللفظة.. وإن وَرَدَتْ في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن العبرة بعموم اللفظ، قال العلماء: فأراد - صلى الله عليه وسلم - تحذيرَ أزواجِه من ذلك كلِّه، وكذا تحذيرَ غيرِهن مّمن بَلَغه ذلك، ولذلك تقول أم سلمة (رضي الله عنها) « لَمَّا نَزَلَتْ {يُدَنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} خَرَجَ نِسَاءُ الأنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأكْسِيَةِ». وهو ما حَمَل عائشةَ (رضي الله عنها) لأن تُثنيَ على نساء الأنصارِ بذلك وتقولُ فيما ورد: ((إن نساءَ قريشٍ لَفُضَلاء، ولكني واللهِ ما رأيتُ أفضلَ من نساء الأنصارِ أشدَّ تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل، يعني لمّا نَزَلت آياتُ الأمرِ بالحجاب، بادرْن إلى الالتزامِ بالحجابِ كلُّهُنّ بلا استثناء مباشرةً دون تردد، تقول: ما منهن امرأة.. ما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها [وهو الكساءُ من الصوف] يعني استترْن بتلك الأكسية، فأصبحن يصلين الصبح معتجِرات [أي بتلك الأكسية] كأن على رؤوسهن الغِربان».
أختي الكريمة.. أنا وأنتِ نتّفق أنّ اللهُ - تعالى -هو الأعلمُ بعبادِه كما جاء في الآية: (هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض)، فهو - سبحانه - يعلم، أنّ المرأةَ هي أضرُّ فتنةٍ على الرجال، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء)، ولذلك صحّ أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (المرأةُ عورة إذا خرجت [يعني من بيتها] استشرفها الشيطان) [أي زينها في نظر الرجال ليفتنهم بها] ولذلك قال الأمام بن المبارك: (المرأة عورة، وأقربُ ما تكونُ إلى الله في قَعْرِ بيتها، فإذا خرجت استشرفها الشيطان. )، واللهُ - تعالى -يعلم أيضاً، أنّ من طبيعةِ الفسّاقِ والمنافقين أذيّةَ النساء المفرِّطاتِ بالحجاب، لأنّ الاستهانةَ بالحجاب، أو بهيئةِ الحجاب، يدعو السِّفلةَ والفُسَّاقَ المتسكّعين في الأسواق والطرقات، إلى التّعرُّضِ و الأذى و النظر بشهوة، وهذا من الفساد!! و الله لا يحبُّ الفساد، فقال - تعالى -مُرْشداً وآمراً: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [يعني من قِبَلِ الفُسّاق] وكان الله غفوراً رحيما)، فكانت تلك الاستجابةُ العظيمةُ من نساءِ الصّحابة كما وصفت أمُّ المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها -.
أختي العفيفة.. ونحن نسير نحو حالٍ أرشد، ومستوىً إيمانيٍّ أفضل، سنقفُ أنا وأنتِ اليوم إن شاء الله - تعالى -وقَفَاتٍ مهمّة، ونحاول أن نتأمّلَ عند كلِّ وَقْفَة، ونوضِّحَ بعضَ المفاهيمَ والثّوابتَ المهمّة، ثم نُقرِّرُ سويّاً [إن شاء الله] أهمّيّةَ العنايةِ بها، وهكذا نصنعُ عند كلِّ وقفة.. حتى نَصِلَ إلى بَرِّ الأمانِ.
الوقفةُ الأولى:
(عِلَّةُ الحياة)
طالما قرأنا قوله - تعالى -: (وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون) لكننا لم نتأمّل بشكلٍ جاد في مدى مطابقة واقعنا لهذه الآية العظيمة، ربما لو سألتُكِ: ما العِلَّةُ من إيجادكِ في هذه الحياة؟ لبادرْتِ قائلةً بكل بساطة: لعبادة الله - تعالى -..، أليس كذلك؟، أقول بلى هو كذلك..، لكنْ هذه الإجابةُ السطحيّة ليست مقصودةً في هذا المقام، فلسنا في مدرسةٍ ولا في قاعةِ امتحان..، إذن ما المقصود من السؤال؟، المقصود من السؤال هو استشعار أبعادِ الإجابةِ الآنفة..، لعبادة الله - تعالى -، استشعار مقتضياتِها، استشعار معناها الحقيقي، استشعار الجانب العملي الواسع لمفهومِ العبادة..، هل يا تُرَى يَقْتَصِرُ مفهومُ العبادةِ في أذهاننا على الصلاةِ و الزكاةِ والصومِ والحج، أم إنّ للعبادةِ مفهوماً أوسع؟؟، ومَن أفصحُ وأصدقُ من القرآن ليُجِيبَ على هذا التّساؤل.. يقول الله - تعالى -: (قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، لاحظي الجمع بين الصلاة والحياة، صلاتي.. ثم قال.. ومحياي، فكلاهما للهِ رب العالمين، فلئِن تَبَادَرَ إلى الذّهن عند ذِكْرِ العبادة.. "الصلاة".. فلا تحْجِزِي دونها الحياةَ بأكْمَلِها.. فإنها أيضاً للهِ رب العالمين، الصلاةُ لله، والحياةُ لله، بل حتّى المماتُ لله!!، والحياة..
أختي الكريمة.. تشمل كلَّ نشاطٍ تقومين به في حياتِكِ، حتى إماطةُ الأذى عن الطريق، الذي بعتبِرُهُ مُعظَمُ الناس مُجرَّدَ سلوكٍ حضاريّ.. هو أيضاً لله، أي أنّه عبادة كما صح في الحديث، بل حتى المشاعرُ وخوالجُ القلب كلُّها عبادات يجب أن تُصْرف لله لا شريك له، فالحبُّ والبغض، والموالاة والمعاداة، والخوف والرجاء، والرغبةُ والرهبة، والخضوعُ والتوكل.. كل هذه المشاعرِ القلبية عباداتٌ عظيمة، وليس الصلاة والصوم فقط، ويجب أن تكون كلُّها خالصةً لله، ولا تتصوَّري أنّ هناك تعقيداً أو صعوبةً في هذا المفهوم أو في ممارسته، أبداً.. أبداً.. الأمر فقط يحتاجْ إلى حضور قلب ونيّة، فمُمارسةْ هذا المفهومِ الشّامل إذاً، هي العبادةُ بعينها، بل إنّ العبدَ [وأقصدْ بالعبد، الرّجُل والمرأة على حدٍّ سَواء] العبد، لا يكونُ عبداً حُرّاً من كلِّ قيْد، ... حُرّاً من كلِّ قيْد، من كلِّ قيد أقول..، حتى يُجَرِّدَ هذه المشاعرَ القلبيةَ للهِ وحدَه لا شريكَ له، فلا يجمع بين المتضادّات في قلبه ولا في سلوكه، فيزعُمُ إخلاصَ المحبةِ للهِ مثلاً.. يقول: (أنا أحبُّ الله وحده لا شريك له، وأنا مُخلِص في حُبِّي لربّي [وإخلاصُ المحبّةِ أعظمُ عبادة] ثم بعدَ كُلِّ هذا التعبير الجازم والتأكيد على محبّةِ الله.. يُجاهِرُ بمعصيته.. !!، كيف؟، ويباهي بها..، ويُصِرُّ عليها.. كيف؟، أين إخلاصُ المحبَّةِ للهِ إذن، أين؟؟، لأن المتعارفَ عليه.. أنّ مِن مقتضياتِ المحبّةِ الكاملةِ الخالصة.. طاعةَ المحبوب، إذا أحببتِ بإخلاص.. ما الذي تحرصين عليه.. ؟ إرضاءُ من تُحِبِّين أم إسخاطُه؟؟، طاعتُه أم معصيتُه؟؟، ثم بِناءً على محبّتِكِ لله.. من وماذا تحبين؟، فإذا كان الجواب: لأنّي أُحِبُّ الله، فإنّي أحبُّ ما يحبّه الله!!،.. نقول هذا الكلام جميل.. !! لكن إذا كان في قلبِكِ مكانٌ للفسقةِ، والعُصاةِ المجاهرين بالمعاصي، فتحبّين المطربة الفلانية، وتُعجَبين بالمطرب أو الممثّل الفلاني، فينبغي مراجعةُ كلامِكِ السابق، فالتناقض، والازدواجيّة بين ضِدّين أمْرٌ مرفوض، فإنّ المُحِبَّ الصّادق، لا يَخلِطُ في محبّتِه بين حبيبِهِ ومن يُسخِطُ حبيبَه، فالعبرة إذن ليست في محبّةِ اللهِ - عز وجل -..، فكلٌّ يدّعي محبّةَ الله، ولكنّ العبرةَ في محبَّةِ ما يُحِبُّ اللهُ - جل وعلا - من الأعمال، والهيئات[أي الأشكال]، والأقوال،... ولذلك امتحن الله الناسَ رجالاً ونساءً بهذه العبادةِ العُظمى قائلاً: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)، فالاتباع، والخضوعُ لأمر اللهِ ورسولِه، هو برهانُ المحبّة، وقال - تعالى -: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتى يأتيَ الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين)، وواللهِ يا أختي.. إنّ السعادةَ الحقيقة، لا السعادةَ الوهميةَ الآنيَّةَ الخادعة.. لا..، هذه يشترك فيها معظمُ الناس، العصاة، الفجرة، بل حتّى الكُفّار، يضحكون مِلءَ أفواههم اليوم، ويحسَبون أنّهم سُعداء.. ثم يقطِّعُهُم البكاءُ من الغد!!، لا.. لا..، أنا أتكلّم عن شيءٍ آخر، أنا أتكلّم عن السعادة الحقيقية، سعادةِ الإيمان، السعادة التي تجدينها عندما تنفرِدِين بنفسِك، ما معكِ أحدٌ إلاّ الله..، فَتَشْعُرينَ بسعادةِ مناجاتِه والأُنسِ به تبارك في عُلاه، ولا تجدين ما يُنَغِّصُ عليكِ هذا الأُنسَ والانشراح من أنواعِ المعاصي، ويتحقّقُ اتّصالٌ مُباشر بينَ قلبِكِ وبين من تُحبِّين بكُلِّ صدقٍ وإخلاص، اتّصالٌ مباشرٌ بين قلبِكِ وبين الله، هذه هي السّعادةُ التي أعنيها، السعادة الممتدّة عبر هذه الحياةِ القصيرة إلى ما بَعْدَ هذه الحياة، السعادة الأزليّة التي لا تنتهي، لا تنتهي، فهي معكِ حيثُما كُنتِ، وحيثُما تقلّبَ بِكِ الزّمان، في السّرّاءِ والضّرّاء، في الغِنى والفقر، في الصِحّة والمرَض، إنّه السّرور الذي تجدينه في الحياة، وأثناءَ الاحتضارِ عند توديعِ الحياة، وبعد الموتِ وأنتِ لِوَحدِكِ في القبر، وعند النشور في يومِ العرْضِ الأكبر، يومِ الحساب، كما قال اللهُ - تعالى -مُبشّراً: (فأمّا من أوتي كتابه بيمينِه فسوف يُحاسَب حساباً يسيراً وينقلِبُ إلى أهلِهِ مسروراً) هذا السرور وهذه السعادة..، لا تتحقق إلاّ بتجريدِ العبوديّةِ كلِّها لله - تعالى -كما ذكَرْتُ آنِفاً، فالحياةُ الطّيّبة، التي هي حياةُ الطُّمأنينة، وراحةِ البال، وراحةِ الضمير، لا يُمكِن أن تتحقق إلاّ بتجريد المشاعرِ والأفعالِ لله - تعالى -، كما قال - تعالى -: (من عمل صالحاً ممن ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، نعم.. حياةً طيبةً في الدنيا، و حياةً أطيبَ منها في الآخرة، والآن أعود وأسأل.. هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا
أجبْتِ على السؤالِ المتقدِّم، لمّا سألتُكِ فقُلْتُ: ما العِلَّةُ من إيجادِك؟ فقلتِ: عبادةَ الله، هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا أجبْتِ على السؤال؟، فإن كانت الإجابة (لا.. لم أتصوّر هذا المفهومَ الواسع) فيلْزَمُكِ استدراكُ الخلل، واستكمالُ مفهوم العبادة بشكلٍ شاملٍ وعمليّ، ومحسوس، راجعي أختي.. راجعي، راجعي مدى مطابقةِ سلوكيّاتِك لما يحتويهِ قلبُكِ من مشاعرِ العبادة، عسى اللهُ أن يُعِينَكِ ويأخُذَ بيدِكِ،.. وأمّا إن كانت الإجابة (نعم.. كنت أتصور هذا المفهوم).. فالحمد لله إذن، ولْنَنْطلِقْ في طريقنا نحو التطبيق العملي.. وهو السلوك..
الوقفة الثانية:
(السلوك)
السلوك أختي الكريمة.. هو مصداق ما في القلب مِن أعمال، ولأنّ أعمالَ القلب أصلُ مَيْدانِها.. أصلُ مكانِها القلب، فهي إذن خفيّة مستترة، القلب.. لا أحَدَ يستطيعُ أن يَشْهَدَ بما فيه من صِدْق، وإخلاص، ومحبّةٍ لله، وخضوع، ورهبة، وخشية، وتعظيم، وغيرِها من الأعمالِ القلبية، فالسبيلُ الوحيد إذن لمعرفةِ قيامِ أعمالِ القلب هذه وحقيقتِها ما هي؟.
هي عَمَلُ الأركان، عملُ الجوارح، فالقلبُ إذا أخلص العبادةَ لله، فاض ذلك الإخلاصُ على أركان الجسدِ كلِّه، فيتحرك الجسد بما يُمليهِ عليه قلبُ المخلصِ المحبِ الله، فالسلوك إذن..، ماذا تقولين، ماذا تفعلين، ماذا تلبسين، كيف تتعاملين مع نصوصِ القرآن وأوامرِ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وإرشاداتِه،.. هذا السلوك، هو انعكاسٌ حيٌّ ظاهرٌ محسوس لما استتر في القلب من إيمان، ومشاعر، وتعظيم وإجلال لله تبارك وتعالى، والآن.. هل يُمكن أن تتصوَّري وجودَ صدْقٍ وإخلاص وحبٍّ لله، ورهبةٍ وخشيةٍ منه، وتعظيمٍ له، في قلْبِ من إذا غادرت البلادَ، وهي على مَتْنِ الطائرةِ بعْدُ، لم تَمَسَّ قدمُها الأرضَ التي هي مُسافِرةٌ إليها، كان من سلوكِها أنْ خلعت العباءةَ والحجاب، ثم طوتْهُما، كأن لم تكن بينها وبينَهما مودّة، وحشرتْهما في شنطتها، كَمَنْ يُخْفي عَيْباً!!، ثم خرجت أمام أعينِ الناس مُسْفرةً عن كلِّ زينة!!، أسألُكِ بكُلِّ أمانةٍ أُختي الكريمة، هل يُمكن أن تتصوَّرِي صدْقاً وإخلاصاً للهِ في قلْبِ من تسلُكُ هذا السلوك؟؟، هل يُمكن أن تتصوَّري تعظيماً للهِ وإجلالاً لأمره ونهيه في قلبِها؟؟، هل يُمكن أن تتصوَّري حُبّاً لما يُحِبُّه الله في قلبها؟؟، هل يُمكن أن تتصوَّري ذلك..
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ ربما *** غَطَّى على عينيكِ فِكْرٌ أحمر
ولَرُبمَّا خدَعَتْكِ عَلمانيّةٌ *** ولَرُبمَّا أغراكِ ذِئبٌ أغبر
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** وخنادقُ الباغينَ حولَكِ تُحفر
أو هكذا والحربُ تَضْرِبُ دَفَّها *** يُلقَى بيانُكِ بالسفور ويُنشَرُ
أو هكذا والملحدون تجمّعوا مِن *** حولِنا والطّامعون تجمهروا
أنسيتِ فاطمةَ التي لِحِجابها *** خَضَعَتْ فرنسا والعُصاةُ توتّروا
أنسيتِها.. أنسيتِ كيف تحدّثت *** عنها الوسائلُ كيف عَزَّ المَخْبَرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني قُدْوةً *** تدعو إلى إسلامِها وتُبشِّرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني للتُّقى *** رمْزاً يَجِلُّ به العَفافُ ويفْخرُ
أوّاهُ يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** تتمرّدين لبِئسَ هذا المنظرُ
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تماسُكٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تدهْورُ
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تقدُّمٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تأخُّرُ
ماذا نقولُ لكعبةِ الله التي *** بالثَّوْبِ طُولَ زمانها تتستّر(82/158)
فَنَزْعُ الحِجاب، والتّفريطُ في الالتزامْ بهيئةِ الحجابِ الرّبّانيّةِ الشّرْعيّة، هذا السلوكُ المَشين، سلمكِ اللهُ منه، سلوكٌ عمليّ.. ولا يُمكن أن ينعَزِلَ السلوكُ عمّا يُكِنُّه القلب، إذِ القلب.. هو الذي يُفرِزُ السلوك، هذه هي الحقيقةُ الناصعة مهما كابرَ المُكابِر، وهو مصداقُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إنّ في الجسد مُضغةً إذا صَلَحت صلح الجسدُ كلُّه وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلب)، وأذكِّرُ هنا.. أننا قد اتّفقنا أنا وأنتِ من قبْلُ على مفهومِ العبادةِ الواسع والشّامل، وأنّكِ تَعينه وتفهمينه جيّداً، القضية أختي ليست صلاة وصوم فقط، لا..، القضية أكبر وأبعدُ من ذلك، إنّ العبادة تسليمٌ واستسلام، تسليمٌ بربوبيَّةِ الله.. أنّه هو الخالق، الرّزّاق، مالكُ كلِّ شيء، له وحدَه حقُّ الأمرِ و النهي كما جاء في الآية (ألا له الخلق والأمر)، هذا أوّلاً، ومن ثَمّ..، استسلامٌ لأمره (سمِعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) وهذا ثانياً، فالإستسلام، الذي يعني السّمع والطّاعة، هو نتيجةٌ حتْميّةٌ لإيماننا الكامل بربوبيّته، ولذلك.. تريْنَ اللهَ - عز وجل - يُقسِم بذاتِه العظيمةِ - جل وعلا -..، يقسِمُ بذاتِه المقدّسة على هذا الأمر، ولا يقسِمُ اللهُ بذاته إلاّ على أمرٍ عظيمٍ جدّاً، وهذا الأمرُ العظيم هو صِدْقُ استسلامي واستسلامِكِ لأحكامِه وأوامرِه - عز وجل -، قال - تعالى -: (فلا وربِكَ [ما الذي يُقسِمُ به اللهُ هُنا؟ يُقْسِمُ بذاتِه - سبحانه -] فلا وربِكَ لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما)، وتأمّلي أيّتها الفاضلة(أسْعَدَكِ اللهُ بطاعتِه) تأمّلِي في قوله - تعالى -: (ويسلموا تسليما) فلم يقل: (ويسلّموا) فقط، لا..، بل أتى بالمفعولِ المطلق الذي هو المصدرُ هنا (تسليما) والذي يفيد التّوكيدَ الجازم على فَرَضِيّةِ التسليم لأحكام الله - جل وعلا -، باطِناً وظاهِرا، فقال مؤكِّداً وجازماً: (ويسلّموا تسليما)، وإنّ من التسليم للهِ - تعالى -، أن تشعُرَ المسلمة بالحياءِ من اللهِ خالقِها، تشعُر بالحياء باطِناً وظاهِرا، فالحياءُ في أصلِهِ شعورٌ قلبيّ، لكنْ يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح، الحياء.. يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح، وهو عبادةٌ عظيمةٌ جدّاً جدّاً، بيّن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقولِه: (الحياءُ والإيمانُ قُرِنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهُما رُفِعَ الآخر)، سبحان الله!!.. إذا رُفِعَ الإيمان رُفِعَ الحياء، وإذا رُفِعَ الحياء رُفِعَ الإيمان،.. والآن.. هل من الحياء أن تخرُجَ المرأةُ المسلمةُ الموحِّدة في حفْلاتِ الزّواج، أو أيَّةِ مناسَبَة، بأزياء تكشِفُ مفاتِنَها أمام النساء.. ؟؟، هل من الحياء أن تخرُجَ بفستان قصير فوق الركبة، وآخر مشقوقِ الجنبين يُظهِرُ فخِذَيْها، وآخر يكشِفُ صدرَها.. نِصْفَه أو أكثرَ من ذلك، أو يكشِفُ كلَّ ظهرِها، أو تخرج بفستانٍ ضيّق يُحجِّمُ مفاتِنَها، أو غيرِها من الأزياءِ التي لا تليقُ بالمرأةِ العفيفة، هل من الحياء.. الذي هو دليل الإيمان.. أن تخرُجَ المرأةُ بمِثلِ هذه الأزياء.. ؟؟، أَوَ هكذا تسوقُنا الأهواءُ والشّهواتُ سَوْقَ النِّعاج.. !، نركُضُ وراء الموُضة بلا شعور!!، نركضْ وراءَها رَكْضَ العُميان!!، نركض وراء الموُضة بلا اعتبار لدين ولا أخلاق ولا حياء!!، أين تميّزُ المسلمة عن غيرِها من نساءِ الكُفْرِ والإباحيّة؟، أمّ سلمة (رضي الله عنها)، أمّ سلمة التي ينبغي أن تكونَ قُدْوةً لكِ ولكلِّ مسلمة، لمّا سمِعت رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظرِ الله إليه يوم القيامة)، جاءت إليه تسألُهُ باهتمامٍ شديد (فكيف يصنعُ النساءُ بذيولهنّ [أي بطرفِ الفستان أو الثّوب]، قال: (يرخين شِبْراً)، فقالت: (إذن تنكشفُ أقدامهنّ!!)، قال: (يُرخين ذراعاً ولا يزدن)، الله أكبر.. انظري..، انظري..، ما الذي أقلق أمَّ سلمة (رضي الله عنها)؟؟، انكشافُ القدمين!!،.. كيف تنكشفُ القدمان.. هذا هو الذي أقلقها؟!!،.. هل لكِ أن تتصوّري حياءً مثْلَ هذا الحياء أختي المسلمة؟؟، ولمّا نعود إلى أصلِ الحكم الفقهي، أقول: نعم..، نعم.. هناك من تحتجّ ببعضِ أقوالِ العلماء مِن أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ أمام المرأة من السُّرّةِ إلى الرّكبة، وهو قولٌ مَبْنِيٌّ على أن الأصل، اشتراكُ المرأةِ مع الرّجلِ في الأحكام إلاّ ما خُصّت به المرأة، فلمّا لم يأتِ بيانٌ خاصٌّ بالمرأةِ في حدودِ عورتِها بالنّسبةِ للمرأة، قاس أصحابُ هذا القولِ على الحكمِ بالنسبة للرجال، فقالوا: عورةُ المرأةِ أمام المرأة من السّرّةِ إلى الركبة أيضاً، وقيّد بعضُهم جوازَ النّظرِ بأمْنِ الفتنة، يعني إذا لم يكن هناك فتنة، فيجوزُ لها أن تنظرَ سِوى ما بينَ السّرّةِ والرّكبة، واستدرك بعضُ العلماء على هذا القول بالتّفريق بين
(حكمِ النّظر وحكمِ اللّباس)، فقالوا: هناك أحكامٌ للنّظرِ وأحكامٌ لِلّباس، فجوازُ نظرِ المرأةِ إلى صدرِ المرأةِ مثلاً، لا يستلزِمُ جوازَ تكشُّفِها وارتداءِها ملابسَ الفاسقات، فإنّ التّشبُّهَ بالفاسقاتِ بِلُبْسِ ملابِسِهِنّ الخليعةِ الفاضحةِ، حرامٌ قطْعاً، وإنّما أجزْنا النّظرَ لما تقتضيه حاجةُ المرأةِ من كشْفِ الثّديِ للرَّضاعِ حالَ اجتماعِها بالنساءِ وما شابه ذلك، وعلى أيِّ حال.. أختي الكريمة، فهناك قولٌ فقهيٌّ قويّ يذهبُ إلى أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ بالنّسبةِ للمرأةِ، هي كما هي بالنّسبةِ للمحارم، أي مواضعُ الزّينةِ مِن جسدِ المرأة، وهي كالتالي: الشعر، الذي هو موضعُ التّاج، والنحر، الذي هو موضعُ القِلادة، واليدان والذراعان حتى العَضُدَيْن، موضعُ الخاتَم و الأَسورةِ والدُّملُج، والقدمان حتّى أسفلَ السّاقين، موضِعُ الخَلْخال، أمّا ما وراءَ هذه الحدودِ، فحرامٌ كشفُهُ على الإطلاقِ، سِوى للزّوج، واستدلّوا على ذلك بالآيةِ الكريمة (وقل للمؤمناتِ يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن،، ولا يبدين زينتهنّ [أي زينتَهُنّ ذاتَها ويأتي تَبَعاً مواضعُ زينتِهِنّ] إلاّ لبعولتِهِنّ أو آبائهِنّ أو آباءِ بعولتهِنّ،، إلى قولِه: أو نسائهن)، فجَمَعَ في حدود ما يجوزُ أن تبدية المرأةُ من أجزاءِ جسدِها، جَمَعَ بين المحارمِ والنساءِ، فحُكْمُهُما واحد،.. ولذلك نرى نهْياً من الرّسولِ - صلى الله عليه وسلم - للرّجالِ أن يسمحْنَ لزوجاتِهِنّ أن يدخُلْنَ الحمّامَ الخاصّ بالنِّساء [والمقصود: هو ذلك الحمّامُ الجماعي الخاصّ، إمّا للرجالِ أو للنساء، والذي يُخَصَّصُ في بعضِ البلاد من أجل غَسْلِ الجسد، أشْبَهَ بالحمام التُّرْكي، ويُخْشَى أن يكونَ فيه كشْفٌ للعورات]، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر فلا يُدخِلُ حليلتَه الحمّام)، رواه النَّسائي والتِّرْمذيّ وحسّنه، وفي حديثِ أبي أيوبٍ (رضي الله عنه) بلفظ: (من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر من نسائكُم فلا يَدخُلِ الحمّام)، وعن أبي المُلَيْحِ الهُذَلِيّ، أنّ نساءً من أهلِ حِمْص، أو من أهلِ الشّام، دخلْنَ على عائشةَ (رضي الله عنها)، فقالت: (أنتُنّ اللاتي يَدخُلْنَ نساؤكُنّ الحمّامات؟!، سمِعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما مِنِ امرأةٍ تضعُ ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِها إلاّ هَتَكَتِ السِّتْرَ بينها وبين ربِّها) رواه التِّرمذيُّ وهو صحيح، فتلك الآية، وتلك الآثار تدُلُّ على أنّ الحياءَ لباسٌ للمسلمةِ لا تنزِعُهُ عنها، سواءً أمام الرجال، أو أمام النِّساء، فالأزياءُ الخليعة التي يلبَسُها بعضُ النساء، أو كثيرٌ من النساء في الحفَلات، ويتباهيْن بها وبخلاعَتِها وتعريتِها لأجسادهن، تناقِضُ الحياء، ولا تليق أبداً بالمرأةِ المؤمنة،..
ظاهرةٌ أخرى تتعلقُ بالسلوكِ النّابعِ من مقدار إيمانِ المسلمةِ بحديثِ الرّسولِ- صلى الله عليه وسلم -، إنّها ظاهرةُ السّفرِ بدونِ محرم، فما هو مقدارُ إيمانُكِ أختي المسلمة بحديثِ النّبيِ- صلى الله عليه وسلم - الذي يقولُ فيه: (لا تُسافرُ المرأةُ إلاّ مع ذي محرم) رواه أحمد والبيهقي بسندٍ صحيح، ولا تغترِّي أختي العفيفةُ ببعضِ الآراءِ الغريبةِ المُتساهلة، الآراءِ التي لا تستندُ إلى دليل، كالرّأيِ الذي يُجيزُ للمرأة السفرَ مع مجموعةٍ مأمونةٍ من النّساء، فالحكمُ الشّرعي لا يؤخذُ من الآراءِ العقلانيّة التي تَأَثَّرَ أصحابُها بضغطِ الواقع وكثرةِ الأهواء فحرِصَوا على أن يُنشِئوا فِقْهاً يُناسبُ أمزجةَ النّاسِ ولو خالَفَ الدّليل، فالحكمُ الشرعيّ لا يُؤخَذُ من تلك الآراء، أُختي في الله.. إنّ الأمرَ دين، والدِّين.. هو أعظمُ وأغلى شيءٍ يملِكُهُ الإنسان، فلا يُؤخذُ مِن أصحابِ المناهجِ التي ترى أنّ التّيسيرَ، في قولِه- صلى الله عليه وسلم -: (يسِّروا ولا تُعسِّروا) هو في اتّباعِ الأقوالِ الضّعيفةِ والآراءِ الشّاذّة، هؤلاءِ لن يرفعوا عنكِ الإثمَ باتّباعِكِ لأقوالِهِم، وإنّما يَعتصِمُ المسلمُ بالكتابِ والسنّةِ في مثلِ هذه الأمور ولو خالَفَ رغبةَ النّفس، ومِن ثَمّ يطلُبُ البراءةَ لدينِه، ولقد أعْفَىَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الجهادِ في سبيل الله من أجلِ أن يُسافرَ مع زوجتِه إلى الحج، ولو كان سفرُ المرأةِ لوحدِها مع النساءِ مُباحاً لرخّص لها النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فعن ابن عباس: « أَنَّه سَمِعَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَخْطُبُ يَقُولُ: لاَ يَخْلُونَّ رَجَلٌ بِامْرَأةِ إلاَّ وَمَعَها ذو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرُ الْمَرْأةُ إِلاَّ مع ذِي مَحْرَمِ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وإِنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وكذا، قَالَ: « فَانْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». متفقٌ على صحّته، فإذا كان الرّجلُ يُعفَى من الجهاد من أجْلِ السّفرِ مع زوجته، فكيف تُبيحُ المُسلِمةُ لِنَفْسِها السّفر بلا محرم بلا سبب أو لأدنى سبب؟، وإذا كان الشّارعُ قد نهى المسلمةَ عن سفرِ الطّاعةِ، كالحج مثلاً، بدونِ محرم.. فكيف بغيرِهِ من الأسفار العادية للنُّزهة أو للزيارة.. ؟، جاءَ عند الداّرَقطني من حديث بنِ عبّاس أنه- صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجٌ» صححه أبو عوانة.
الحاصل أختي الكريمة، أن السلوك مهما كان.. هو مِصداقُ ما في القلب مِن أعمال، ولا يُمكن لأحدٍ أن يفرِّقَ بين السلوك وبين ما يُكِنُّه القلب، ولذلك جمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين الأمرين في ميزانِ الله - تعالى -فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالِكم) رواه أحمد ومسلم وبن ماجة، (ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم).. إذن لا انفصال بين عمل القلب وعمل الجارحةِ في ميزانِ الله تبارك وتعالى.
ألا تتّفقين معي إذن أختي الكريمة، في أنّ السّلوكَ.. هو مصداقُ ما في القلب مِن أعمال؟؟، وأنّ كُلَّ عمَلٍ صغيرٍ وكبيرٍ تقومين به، وكُلَّ مَظْهرٍ تَخرُجين به، بِحَسَبِ قُرْبِه أو بُعْدِهِ مِن دينِ الله.. إنّما هو انعكاسٌ (حيٌّ، ظاهرٌ، محسوس) لما استتر في قَلْبِكِ من إيمان ومشاعرَ حُبٍّ وتعظيمٍ وإجلالٍ لله تبارك وتعالى؟؟، إذا قُلْتِ كلاّ لا أتّفِقُ معَك!!، قُلْتُ استعيني باللهِ، واسأليهِ الهدايةَ والرّشاد، وراجعي كتابَ الله، راجعيه.. فإنّه مليءٌ بالأدِلّةِ، مليءٌ بالأدِلّةِ على هذه الحقيقة، أمّا إنْ كانت إجابَتُكِ: بلى أتّفِقُ معكَ.. [وهو ما أتوقّعُه إن شاءَ الله] قُلْتُ: الحمدُ للهِ.. عسى اللهُ أن يُثَبِّتَ قلبي وقلبَكِ على الحقَّ، فإنّ الثّباتَ على الحقِّ والاستقامةَ عليهِ نعمةٌ عظيمة، والثّباتُ على الحقّ، يقودُنا للوقفةِ الثّالثةِ التي تُعْنَى بِرعايةِ الحقّ وحِفْظِه، ووِقايَةِ القلب مِن أسبابِ الزّيغِ والانحراف..،
الوقفةُ الثالثة:
(قُطّاعُ الطّريق.. !!)
ربما سمِعتِ، أو قَرَأتِ يوماً ما تحذيرَ البعضِ للمرأةِ المسلمة بأنّها مستهدَفة..، فهل أنتِ فِعلاً مُستَهدفة؟، وما معنى مُستهدفة؟، وما الدّليلُ على هذا الاستهداف؟، أم أنّ موضوعَ الاستهداف، كما يقول بعضُ كُتّابِ الصُّحف وبعضُ المثقّفين، موضوعاً وهمِيّاً لا حقيقةَ له؟؟، ويُلحِقونَه بما يُسمُّونه نظريّةَ المُؤامَرة!!،.. فدعينا نتناولُ هذه التّساؤلات:
هل أنتِ فِعْلاً مُسْتهدَفة.. وما الدّليل على ذلك؟
والجواب: بدونِ فلسفةٍ طويلة، ولا كلامٍ عَقْلانيٍّ فارغ، هناكَ اسْتِهْدافٌ عام، وهناكَ اسْتِهْدافٌ خاص، أمّا الدّليل على الاستِهداف العام، فهو ما نطَقَ به القُرآنُ الكريم وحذّر منه في أكثرَ مِن آية، قال - تعالى -: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. إنما يدعو حزبه، يعني شيعتَه، ومن تابعَهُ إلى طاعته والقَبولِ منه، والكفرِ بالله، لِيَكُونُوا منْ أصحَابِ السَّعِيرِ، وقال - تعالى -: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}، فنحن جميعاً مُستهدفون مِن قِبَلِ الشّيطانِ وأعوانِه، بل إنّ القرآنَ بَيّنَ هذا الاستهدافَ الشّيطاني على لسانِ عدوِّنا اللّدودِ ذاتِه لمّا قال: {قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}، وهناك آياتٌ أُخرى كثيرةٌ مُشابهة لا يتّسِعُ المَقامُ لذِكرِها،.. ثم إنّ للشيطان أعواناً، ولذلك حذّر النّبيُّ- صلى الله عليه وسلم - في أكثرَ مِن حديث، مِن أن يكونَ المسلمُ عوناً للشيطانِ على أخيه، فيقول أحياناً- صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا أعوانَ الشيطان))، ويقولُ أحياناً أُخرى: ((لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم))، فإن كان المُستَهْدِفُ في هذه الآياتِ هو الشّيطان.. فإنّ له[كما تقدّم] أعواناً مِن الإنسِ هيّأهُم، ثُمّ استخدمهُم لإعانتِه في تحقيقِ هدفِه، سواءً علِموا بذلك أم لم يعلموا، والحقيقةُ أنّهم لا يعلمون.. إذْ أنّ ضلالَهم قد اسْتفْحل فيهِم حتّى أعماهُم عن الحقّ فاجتنَبُوه واتّخذوا الباطل سبيلاً لهم، بل إنّهم أصبحوا دُعاةً للباطل، فكانوا بذلك أعواناً للشّيطان بالضّرورة، وهؤلاء هم أهلُ الأهواءِ والشهوات من الإنس، قال - تعالى -: ((إنّ الذين يحِبّون أن تشِيعَ الفاحِشةُ في الّذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدّنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون))، وقال - تعالى -: ((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً))، تلك المحبّة، وهذه الإرادةُ هما أصْلُ الاستهداف!!، إنّهم يُحِبُّون أن تشيعَ الفاحشةُ في أهْلِ الخير، وإنّهم يُريدونَ أهلَ الخيرِ والطّاعةِ أن يميلوا عن طريقِ الهُدى ميلاً عظيما، إنّهم واللهِ.. يُرِيدُونَكِ أنتِ أن تَميلي مَيْلاً عظيما!!، وإنّهم كما ذكر - صلى الله عليه وسلم - مِن جِلدتِنا، ويتكلّمون بألسِنَتِنا، وقد يُصَلُّون معنا، لكنهم كما قال(- عليه الصلاة والسلام -): ((دُعاةٌ على أبوابِ جهنّم، من أجابهُم إليها قذفوه فيها!!))، هذا حَوْلَ الاستهدافِ العام، أمّا الاستهداف الخاصُّ بكِ، حفِظَكِ اللهُ من الشيطانِ وأعوانِه، فدليلُهُ قولُهُ- صلى الله عليه وسلم -: ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَان)) رواه التّرمذيّ وبنُ ماجة وبنُ حِبّان، وهو حديثٌ صحيح، قال العلماءُ في شرْحِهِم لقولِه ((استشرفها))، أي: أي زيّنها في نَظَرِ الرِّجال، وقيل أي نَظَر إليها ليُغْوِيَها ويُغْوِيَ بها، فأنتِ أيّتُها الأختُ الكريمةُ مُستَهْدفةٌ مِن قِبَلِ إبليسَ وأعوانِه، وإبليس يحاولُ أن يُفْسِدَ دينَكِ، ويُفسِدَ دينَ الرِّجالِ بكِ بِحُكْمِ الميْلِ الذي فُطِرَ عليهِ الرِّجالُ نحوَكِ، ذلك الميْلُ الذي قال اللهُ - تعالى -فيه: ((زُيِّنَ للنّاسِ حُبُّ الشَّهواتِ مِنَ النّساء.. الآية))، فجاءت النِّساءُ في المُقدِّمة، وذلك الميْلُ الذي حذّر مِنه النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في صورتِهِ المُحرّمةِ قائلاً: «ما تركتُ في الناسِ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجالِ من النساء» رواه البخاري ومسلم، ومن هنا نُفسِّرُ استِخدامَ الشّرقِ والغرْبِ للنِّساءِ، بل وكثيرٍ من المسلمينَ مع الأسف، استخدامَهُم للنساء [للغرضِ المادّي]، في الدِّعاياتِ لتسويقِ مختَلَفِ السِّلَع والمُنتجاتِ الصِّناعيّة، سواءً كان لها علاقةٌ بالمرأةِ أم لم يكُنْ لها عَلاقةٌ البتّة، واستِخدامَهِم للنّساءِ كذلك في أماكنِ الاستِقبال في المُستشفياتِ والفنادِقِ، وفي المطاعِم، وفي المرافقِ السّياحيّة، ومُظِيفات في الطّائرات، وما شابه هذه الأماكِن والأعمال، يَقْصِدُون من وراءِ هذا التّوظيفِ جذْبَ الرِّجال استِغْلالاً لذلك الميْلِ الفِطْريّ، وكذلك نُفسِّرُ استِخدامَهُم لِصُوَرِ(82/159)
النّساءِ لتسويقِ المجلاّت، مع التّأكيد على اختيارِ الفاتِنةِ مِنهُنَّ على صَفْحَةِ الغِلاف، إلى آخِرِهِ مِن هذه الأغراضِ،.. فالشيطانُ يستَفِزُّ أعوانَهُ مِن الإنس لاستغلالِ هذا الميْل في تحقيقِ أغراضِهِم المادّية التّجاريّة، وبالتّالي يَفسُدُ المجتمعُ دينيّاً وأخلاقيّاً، فأنتِ بلا أدنى شكّ مُستهدفة فخذي الحذَر!!، نعم..، لقد أردتُ أُختي العفيفة.. أن أستدِلَّ بكتابِ اللهِ وسُنّةِ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - على حقيقةِ هذا الاستهداف، أوّلاً، لأنّني أعلَمُ أنّهُما في نظري ونظَرِكِ.. أعزُّ وأوثَقُ ما يُستَدَلُّ به، وثانياً، حتّى لا أدَعَ مَجالاً لأهْلِ القِيَمِ والمَبادئ المادِّيّةِ، المعارضين لحقيقةِ هذا الاستهداف، كي يتفلسفوا، ويُنَمِّقوا كلاماً عقْلانيّاً لا أصْلَ له مِن شرْعٍ ولا خُلُق، نعم.. قد يكون أحدُهُم دكتوراً جامِعِيّاً، أو كاتِباً مشهوراً تتنازَعُ عليه الصُّحُف، وقد يكون الآخرُ مُحَلِّلاً اجتماعيّاً له في كُلِّ صحيفةٍ بَصْمة، ولكنّ مبادِئَهُم وقِيَمَهُم، وإنْ كانت جميلةَ الإخراج، وقريبةً مِن المَنطقِ المادّيِّ المُجرّد، إلاّ أنّها غريبةٌ على مبادئِ دين الإسلام، وبعيدةٌ عن مقاصِدِ الشّريعةِ، وإن كانوا يتمسّحون بالدِّين في ثنايا كلامهِم، بل إنّ قيمَهُم في كثيرٍ مِن الأحيان ولا أُبالِغُ إذا قلت قيَمٌ مُنحرِفة، هؤلاء.. هم الذين يُدمنون الدّعوةَ إلى خروجِ المرأةِ للعمل خارجَ بيتِها أجيرةً عند الغير، وليس لأعمالٍ مُعيّنةٍ خاصّةٍ بها.. لا، بل حتّى للأعمال الّتي لا تتناسبُ مع تكوينِ المرأةِ الجسَدِيّ، والنّفسيّ، والدّينيّ، بدعوى المساواةِ بالرَّجل وعدَمِ تعطيلِ نِصْفِ المُجتمع، هؤلاء.. هم الّذين ينتَهِجون أساليب الغرْب في المُطالبةِ بِحقوقِ المرأةِ المَهضومةِ هُناك، المرأةِ الغربيّةِ المُستَهْلَكة، الكادِحةِ كدْحَ البهائم، المرأةِ الغربيّةِ المُستَغلّة.. التي لا وليَّ لها ولا ناصر، إنّهم ينتهِجون أساليبَهُم، فيطالبون أن يُتاحَ للمرأةِ المسلمةِ الكريمةِ العزيزة هُنا، ما أُتيحَ للمرأةِ الغربيّة هناك من حُرّيّةٍ بهيميّةٍ عمياء، بلا تقديرٍ ولا أدْنى اعتبار لما تترتّبُ عليه تلك المُطالباتُ من مفاسدَ شّرعيّةٍ قرّرها عُلماءُ أُصولِ الشّريعة، لكنّهم [لمعرِفتِهِم بِفِطْرةِ الناسِ الدّينيّة هنا في هذا المجتمعِ الكريم] يتمسّحون بالدّين في ثنايا كلامِهم، كي يكونَ كلامُهُم أدْعى للقَبُول، كترديدِهم لعبارةِ " وَفْقاً لتعاليم دينِنا الحنيف وشريعتِنا السّمحةِ "، ذرّاً للرّمادِ على عيون المغفّلين، فهم يردّدون هذه العبارة.. ثمّ يُطالبون بما يُناقِضُها.. !!، كمطالبتِهم بالسّماحِ للمسلمةِ بالسّفرِ بِمُفْردِها، أو المُطالبة بإقْحامِها في الرّياضة، أو في السّياسة، أو إلحاحِهِم المستميت في مطالبتهِم بقيادَتِها للسيّارة، أو ما شابه ذلك مِن المُطالباتِ والآراءِ المُنحرِفة، هؤلاء.. هم الّذين يحتقرون دورَ المرأةِ العظيمِ في رِعايةِ بيتِها وتَهْيِئتِه ليكونَ سَكَناً سعيداً لها ولزوْجِها، أو لأهلِ بيتِها أيّاً كانوا، هم الذين يهزئون برَبّةِ البيتِ الّتي سخّرت وقْتَها كاملاً للقيام بتلكَ المَهَمّةِ الفِطْرِيّةِ النّبيلة، مَهَمّةِ تَرْبِيةِ الأطفال، وإنشاءِ الأجيالِ الصّالحة، مَهَمّةِ رَبَّةِ البيتِ، التي استيقظ الغربُ وتنبّه إلى أهميّتِها بعد فواتِ الأوان، وأصبح ينادي العقلاءُ في أمريكا وأوروبا إلى عودةِ المرأةِ إلى هذه المَهَمَّةِ العظيمة إنقاذاً للمُجتمع، هؤلاء.. هم الذين يُقَلِّلونَ مِن شأنِ هذه المَهَمَّة، بل ويعتَبِرون منْ قامت بها رقْماً زائداً في قائمةِ بَطالةِ النّساء، فالمرأةُ العامِلةُ في نظَرِهِم، هي الّتي دخلت سوقَ العمل فحسْب، هي فقط المرأةُ الأجيرة.. تلك التي تتقاضى راتِباً في مِهنةٍ ما، وأقول أجيرة، ليس تحقيراً لمفهوم المِهنة بالنّسْبةِ للمرأة، أبداً لا أقصِدُ هذا..، وإنّما أُحاوِل أنْ أُعِيدَ المُصطَلَحاتِ الّتي ألِفْنا استِخْدامَها إلى أُصولِها الصّحيحة، لأنّ أجير، أو أجيرة، هو[غالِباً] المُصطَلَحُ المُستَخْدَمُ في الشّرْع للأعمال المتبوعةِ بالأجْر، وليس مُصطلَح [عامل]، قال - تعالى -: (قالت إحداهُما يا أبتِ استأجِرْه إنّ خير من استأجرْت القوِيُّ الأمين)(قال إنّي أُريد أن أُنكِحَك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجُرَني ثماني حجج)، حتّى كتبُ الفِقه تُطلِقُ على هذا النّشاطِ من نشاطاتِ الحياةِ لفْظَ الإجارة، تجدين في أبوابِ الفِقه، بابْ الإجارة، أو كتاب الإجارات، أمّا لفظُ العمل فقد جاء في القرآن بمعنى الطّاعاتِ، أو السّيئات عُموماً، كما قدّمنا أوّلَ الكلام، في قولِهِ - تعالى -: ((فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أُنثى بعضُكم من بعض))، ((اعملوا آل داود شكرا))، ((فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ
شرّاً يره))، فلفْظُ العملِ لأعمالِ الإجارةِ، هو في الحقيقةِ مُعرّبٌ من اللّفظِ الغرْبيّ، لأنّ مُصطلح القُوى العامِلةِ المُنتِجةِ في مُفهومِ الغرْب، لا يدخُلُ فيه إلاّ الأفرادُ الّذين يتقاضون عن أعمالِهِم أجوراً مادّيّةً، وبالتّالي فإنّ المرأةَ الأجيرةَ، التي تتقاضى أجْراً مادّياُ، المرأة الأجيرة في مفهومِ هؤلاءِ الّذين تربَّوا على أفكارِ وقِيَمِ الغرْب، هي المرأةُ المُنتِجةُ عِندَهُم نظيرَ مُقابلٍ مادّي، هي المرأةُ التي تنفَعُ وطَنَها فحسْب، أمّا الأمّ العاملةُ في مجالاتٍ عظيمةٍ بدون انتظارِ أجْرٍ مادّي، كتلك المُنْهَمِكةِ في تربيةِ أولادِها ورِعايةِ بيتِها.. فإنّها لا تُعْتَبَرُ امرأةً عاملةً مُنتِجةً نافِعةً للوطن!!، بل هي في نظَرِهم.. عُنصُراً مُعطّلاً!!،.. سبحان الله!!، أيُّ مَسْخٍ فِكْريٍّ يمارِسُهُ هؤلاء!!، أيُّ إفسادٍ للعقولِ وللأخلاقِ وللقِيَمِ يقترِفونه، لقد بات كثيرٌ من النّساء من جرّاءِ هذا الطّرْحِ المتكَرِّر والمُجْحِف، لا يَريْنَ شيئاً يُحقِّقُ كيانَهُنّ ووُجودَهُنَّ سِوى الوظيفة، أو بِعبارةٍ أخرى أجيرة، حتّى لو كان مستواهُنَّ المعيشِيُّ بِدُونِ الوظيفةِ مُسْتَوىً طيّباً، لقد تكوّنت لدى المجتمِعِ نظْرةٌ مادّيّةٌ مُخيفةٌ، فإذا تخرّجتِ الفتاةُ ولم تتوظّف أجيرةً لدى الغير، فيا للمُصيبة..، ويا لَخسارةِ التّعَب، وأصْبَحَتْ وظيفةُ الفتاةِ شُغْلاً شاغِلاً، ففي سبيلِ وظيفةِ البِنت.. يهونُ كلُّ شيء، كلُّ شيء..، فمِنْ أجْلِ الوظيفةِ رُدَّ كثيرٌ مِن الشَبابِ المُتَقدِّمِ للزَّواج إذا تعارض الزّواج مع وظيفتِها، ومِن أجْلِ الوظيفةِ زادت نِسْبةُ الطّلاق، ومِن أجْلِ الوظيفةِ، ومُباشَرَةِ العملِ فيها ولو كانت بعيدةَ المسافةِ، مِئاتِ الأميالِ خارجَ المدينة، أُزْهِقَتْ كثيرٌ مِن أرواحِ النِّساءِ في حوادثِ السّياراتِ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ ضاعَ كثيرٌ من البيوت، وانحرَفَ كثيرٌ مِن الأولادِ تحت إشرافِ الخادِمات، هذا هو نتاجُ النّفْخِ في هذا الموضوع الّذي ينفُخُ فيه هؤلاءِ المادِّيون،..
أختي الكريمة..، لا تفهمي خطَأً بأنّي ضِدَّ عملِ المرأةِ أجيرةً في مجالاتِ العملِ اللاّئقةِ بها كامرأةٍ مسلمة، لا.. أبداً، بل إنّ عمَل المرأةِ خارِجَ بيتِها في بعضِ الحالاتِ يُعتَبَرُ مُهِمّاً وضروريّاً إذا لم تجِدْ من يعولُها، أو كانت هي بِذاتِها تعولُ والدَيْها أو بيْتَها، لا سِيِّما وأوضاعُ الأمّةِ الإسلاميِّةِ اليوم لا تَمنَحُ المرأةَ ما يجِبُ على الأمَّةِ أن تمنَحهُ لها في ظِلِّ الحكم الإسلاميّ المُتكامل مِن توفيرِ المعيشةِ الكريمة لها، وسَتْرِها، والمحافظةِ عليها مِن التّبذُّلِ خارجَ بيتِها إن لم يكن لها وليٌّ مقتدِر، فالمقصود أن ننظرَ إلى الموضوعِ بتعَقُّل، وبِنظرةٍ إسلاميّةٍ شرعيّةٍ متجرّدة، لا بنظْرةٍ مادّيةٍ لا روحَ فيها ولا مِزْعَةً مِن دين، فأنا لا أقصِدُ بهذا الكلامِ إلْغاءَ توظيفِ النّساء.. أبداً، ولكنْ أقصِدُ كما قُلْت، أنّه ينبغي أن ننظُرَ إلى هذا الموضوع بنظرةٍ مُتَّزِنَةٍ، نُقدِّمُ فيها المصالحَ الشّرْعِيّةَ في المَقامِ الأوّل، على المصالِحِ المادِّيّةِ، الغرْبيّةِ القِيَم، والتي سيطرت على عقولِ هؤلاء القوم، وهؤلاء أيضاً.. هم الذين يُحاولون التّأثيرَ على المسلمةِ العفيفة، بإبرازِ نماذِجَ شاذّةٍ لشخصيّاتٍ نِسائيّةٍ مسلمةٍ في العموم، لكنّ نظْرتَهُنَّ للحياة، نظْرةٌ عَلْمانيّةٌ لا تُقِيمُ للدّين ولا للشّرعِ وزْناً عند تحديدِ معالمِ المَنْهَجِ السّلوكيّ والأخْلاقيّ للمرأةِ، كالمُمَثِّلات، والمُغنِّيات، والمُذيعات، أو مَنْ تقلّدْنَ أيّةَ مناصِبَ تستلْزِمُ مُخالطةَ الرِّجال، و قتْلَ الحَياءِ في المرأةِ المؤمنة، مناصبْ.. تستلْزِمُ هدْمَ الحجابِ الّذي أمَرَ القُرآنُ بإقامتِه بين الرَّجُلِ والمرأة ((وإذا سألتموهُنّ متاعاً فسألوهُنّ من وراءِ حجاب.. ذلكم أطهرُ لقلوبِكم وقلوبِهِنّ))، هؤلاء أختي.. هم الّذين ما يَفْتئَون يزْعُمون أنّ المرأةَ في هذه البلادِ مظلومة، مُهانة، فما هو وجهُ الظُّلْمِ في نظَرِهِم يا تُرى؟؟، هل هي العاداتُ الّتي لا تَمُتُّ للإسلامِ بِصِلة، العاداتُ التي تحتقِرُ المرأة، وتعتبِرُها أمراً مَعِيباً يخجلُ الإنسانُ حتّى مِن ذِكْرِه، كما هو الحاصِلُ في عاداتِ بعْضِ النّاس؟؟، لا.. !!، طيب هل هي العاداتُ التي تحرِمُها مِن الميراث، ويردِّدُ أصحابُها المقولةَ المشهورة " الحلالْ ما يروحْ لِلنِّسيب " كما هو المعمولُ بهِ إلى الآن في بعضِ المناطق ظُلْماً وعُدوانا؟؟، لا.. !!، ليس هذا وجهَ الظُّلْمِ عندَهُم.. ولا أمثالَ هذا، فإنّهم يعلمون أنّ الإسلامَ هو أوّلُ المعارضين لهذه العاداتِ الجاهليّة، إذن.. فما هو وجهُ الظُّلمِ عندَهُم، وما هي أمثِلَتُه؟؟، إنّ وجْهَ الظُّلْمِ عندَهُم، هو في مَنْعِ المرأةِ مِن السّفرِ لوحْدِها بلا محرَم، فهل يقصِدون أنّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ظلَمَ المرأةَ أم ماذا.. ؟!!، لأنّه هو الآمرُ بهذا!!، فقد صحّ عند الإمامِ أحمدَ وغيرِه قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسافر المرأة إلا مع زوجها أو ذي محرم منها))، وفي لفْظٍ آخَر، ((لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً إلا مع ذي رحم))،.. وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم أيضاً، هو في منْعِها مِن دخولِ عالمِ الفنّ، كالتمثيل، والغِناء، والموسيقى، كما صوّر لنا الإعلامُ تلك المغنّيةَ، التي حاول أخوها أن يمنعها من الغناء..، صوّرَها الإعلام بصورةِ المرأةِ الجريئة التي تتحدّى الجميع، الجميع.. حتّى أقاربَها!!، وتكسِرُ جميعَ الحواجزِ في سبيلِ الفنّ، فهل رضِيَ اللهُ عن الرّجلِ الذي دخَلَ عالَمَ الفنِّ المُعاصِر فضْلاً عن أن يرضى عن المرأةِ المسلمةِ أن تخوضَ في هذا العالمِ العفِن!!؟، وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم، هو في منْعِها مِن قيادةِ السّيارة، حتّى في ظِلِّ انهيارِ النِّظامِ الأخلاقي الذي يعيشُهُ كثيرٌ مِن شبابِ الشّوارعِ اليوم، أولئك الذين لا يأمَنُ الإنسانُ من شرِّهِم على أهلِهِ وهو معهم في السّيارة، فكيف والمرأةُ تقودُها لوحْدِها أو معها بناتُها الشّابّات (نسألُ اللهَ أن يحفظَنا جميعاً)، إنّ العاقلَ، الذي ينظُرُ إلى واقعِ الشّبابِ اليوم، بنَظْرةٍ عقلانيّةٍ مادّية، دعْكِ مِن الدّينيّة، ليأنَفُ مِن هذا التّوجُّهِ خوفاً على عِرْضِه، فكيف إذا جمَعَ إلى ذلك نظْرةً دينيّةً واعية، وليست قيادةُ السيّارةِ عندَهُم مقصودةً بذاتِها بِقدْرِ ما هي نقطةُ البدايةِ التي لو تحقّقت، لطالبوا بعدَها بما هو أكبرُ وأعظم،.. هذه المطالبٌ وأمثالُها، هي الحقوقُ التي ينادون بها للمرأة..، وإنّني أتعجّبُ أيتُها الأُخت، أتعجّب مِن هؤلاءِ الذين يُطْلَقُ عليهِم مُثقّفين، أتعجّبُ مِن إصْرارِهِم على هذا النّوعِ المحدودِ، والمعروف، والمُتكرِّر من المطالِب، ومحاولاتِهِم المُستميتَةِ، والمُتَكَرِّرةِ بِصورةٍ مُمِلّة، ولسنواتٍ عديدة، لِجَعْلِ تلك المطالب واقِعاً
مَرْئِيّاً،.. أتعجّبُ مِن إصرارِهم على تلك المطالبِ المُحَدَّدة، وإغفالِهِم التّام، وإهمالِهِم الواضح، للمطالِبِ الحقيقيّةِ الشّرعيّةِ والمُلِحّةِ للمرأة..، إنّهم لم ينادوا بحقِّها، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ أنتِ أختي العفيفة، في توفيرِ بيئةٍ أكْثَرَ أمْناً لكِ مِن اعتداءاتِ قُطعانِ الفَسَقةِ، مِن سِفْلَةِ الشّباب المُتسكّعين في الأسواقِ، وعند مدارسِ البنات، وفي الطُّرُقِ العّامّة، وفي المُنتزهات، وخاصّةً في المُناسباتِ العاّمة، واحتفالاتِ الأعياد، تلك الاعتداءاتُ التي هي آخذةٌ في الازديادِ بشكْلٍ مخيفٍ في الآونةِ الأخيرة، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في توفيرِ البيئة الآمنة لصَوْنِكِ وحِمايتِكِ مِن تلك القُطعانِ الهائجة، لأنّ تلك الاعتداءاتِ ليست مشكلِةً كبيرةً عِندَهُم، ولكنّ المشكلة هي في منعِ المرأةِ مِن القيادة، هذه هي المشكلة.. هذا هو الهَمُّ الأكبر!!، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مُنتَزَهاتٍ خاصّةٍ للنِّساء فيها الألعاب والتّسالي للأطفال، تستطيع المسلمةُ فيها أن تخلعَ حجابَها بلا خوْفٍ مِن نظَرِ الرِّجالِ، وتُعْطَى بذلك الحُريّةَ الكاملةَ في التّنزُّه وتفريحِ أطفالِها، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك.. بل إنّهم يُعارِضون هذا النّوعَ مِن المُنتَزَهاتِ، ويُؤكِّدون على أهمِيّةِ الإبقاءِ على المُنتَزَهَاتِ مُختَلَطَة!!، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مكتبات عامّةٍ خاصّة بالنّساء والأطفال، كي تصحَبَ الأمُّ أطفالَها الصّغارَ معها إلى تلك المكتبات، فتستفيد ويستفيدون، مع التّأكيد على المادةِ النّافعةِ في تلك المكتبات، والحِرْص على تكثيفِ التّرغيب في زيارتِها من خلال الصّحُفِ ووسائلِ الإعلامِ الأخرى، كي تكتسِبَ المرأةُ العِلْمَ النّافع، والثقافةَ الإسلاميّةَ الرّفيعة، وتتربّى على حُبِّ القراءةِ والاهتمامِ بالعلم، وكذا يتربّى أطفالُها أيضاً، لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك، لأنّ ذلك غيرُ مهمّ.. الذي يهُمّ عندَهُم هو السّماحُ للمرأةِ بالسّفَرِ لِوَحْدِها، هذا هو شُغْلُهُم الشّاغل، لتتمرّدَ على دينِها وأوامرِ نبيِّها، إنّهم لم ينادوا بإيجاد حلّ جذري لموضوع العنوسة الذي يتزايد عاماً وراء عام، والذي هو ناتجٌ عن أسبابٍ عديدة، منها المغالاةُ في المهور، وجشعُ كثيرٍ من الآباء، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ في معامَلَةٍ حسنةٍ مِن زوجِها، أو من أبيها، معامَلةٍ خاليةٍ مِن الظُّلْمِ [كالاستيلاءِ على راتبِ الزّوجةِ، أو الإبنة مثلاً] وغيرِ ذلك مِن أنواعِ الظُّلم، لم ينادوا بِمَنْعِ ذلك الظُّلْمِ، ولم ينادوا بِمَنْعِ الإهاناتِ المُتَنَوِّعةِ التي يتلقّاها كثيرٌ من النّساءِ من أزواجِهِنّ، كما يجري ذلك في كثيرٍ كثيرٍ مِن البيوت، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في رَفْعِ ذلك الظُّلْم، لأنّ هناك في نظَرِهِم ما هو أهمُّ مِن هذه الأمور، سخّروا له أقلامَهُم، واسْتَجْمَعوا له فلسفتَهُم..، ما هو يا تري؟؟، إنّه إعادةُ النّظر في حُكْمِ غِطاءِ الوَجه للمرأة، ودندنة طويلة..، وأُطروحات مُتَكَلَّفة..، ونقاشات متنوِّعة..، وجهود..، واستحضار لخِلافات فقهية..، ومُحصِّلةُ هذا كُلِّه ما هو؟؟، ماذا يريدون في النِّهاية؟؟، يريدون أن ترفَعَ المرأةُ الغطاءَ عن وجهِها،.. يريدون سفورَ النّساءِ بوجوهِهِنّ في هذا البلدِ الكريم، آخرِ مَعْقَلٍ للحجابِ الكامل!!، هذا هو الهدفُ الذي يلهثون في سبيلِ الوصولِ إليه، ويبذُلون في سبيلِ تحقيقِهِ هذه الجهودَ المُضنِية، ولن تنشرَِحَ صدورُهُم حتى ترفعَ المرأةُ المسلمةُ الغطاءَ عن وجهِها،.. حتّى المصالحُ العامّة، والمهمّة، التي تنفعُ المرأةَ، لم يلتفِتوا إليها لشِدَّةِ تركيزِهم على هذا الموضوع، إنّهم لم ينادوا بِجِدّيةِ بحقِّ المرأةِ العاملة، وبالذّات المُعلِّمة، في إيجادِ فُرَصِ عملٍ قريبةٍ مِن مدينتِها، لا في مُدُنٍ أُخرى بعيدة، حتّى لا تتغرّب وتتعرّضَ للضّرر، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في هذا المَطْلبِ المُلِحّ،.. لا.. لأنّهم يصرُخُون هناك، في وادٍ آخرَ بعيدٍ، إنّهم مشغولون في طَرْحِ موضوعِ دخولِ المرأةِ عالمَ الرِّياضة،.. هذا هو المهم!!، هذا هو حقُّ المرأةِ الضّائعُ في نظَرِهِم!!، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ العامِلةِ خارجَ بيتِها بإجازةِ أُمومةٍ مُناسِبةٍ، براتِبٍ رمْزيّ، أو بدونِ راتِب، إجازة.. ليسَ لِمُدّةٍ شهرين أو أربعة، وإنّما كما نصّ القرآنُ في قولِهِ - تعالى -: (وفِصالُهُ في عامين) على مُدّةِ العامين لِفصالِ الطِّفْلِ الرّضيع، كي تتفرّغَ المُسلمةُ لأهمِّ عملٍ رفعَ الإسلامُ بهِ شأنَ المرأة، وجعَلَ الجنّةَ لأجْلهِ عندَ قدَمَيْها، لتربيةِ طِفلِها والعنايةِ به حقَّ العناية، لم يُناقِشوا هذا الموضوع، لم يناقشوا حقّها في زمنِ تقاعدٍ مُبكِّرٍ يُناسِبُ طبيعتَها الأُنثويّة، لحاجَتِها للالتفاتِ لأولادِها [بنين وبنات] ومتابعتِهِم على أقلِّ حال في سِنِّ
المُراهقة، لم يُطالِبوا بالتّفريقِ بينَها وبين الرّجلِ في المُدّة، لم يطالبوا بذلك لأنّه موضوعٌ هامشيّ..، إنّهم مشغولون في طرْحِ الموضوعِ الأهم، موضوع ضرورةِ البِطاقةِ للمرأة، وكأنّه موضوع حياة أو موت، إنّهم مشغولون في حثّ المرأة على العمل كمذيعة في التلفزيون، تخرج بوجهِها على ملايين الرّجال، ثم يمدحون الحالاتِ النّادرةَ مِن النّساءِ، الحالاتِ التي بِحمدِ الله، تُعَدُّ بأصابِعِ اليدِ الواحدة، مِمّن دخلْنَ مجالَ التّقديم التلفزيوني، ويُجْرُون معهنّ المقابلات، وكأنّ ما هم فيهِ إنجازٌ فريد، وشجاعة، واختراق لحواجزِ العادات والتقاليد.. !!،.. سبحان الله..، آللهُ أمَرَ بهذا؟؟، كان الأجدرُ بهم أن يناقِشوا حقَّها في ألاّ تعيشَ التّناقُض بين الإسلام والواقِعِ الإعلامي المؤلم، لكنّهم..، حفِظَكِ اللهُ مِن شرِّهِم، على العكْسِ مِن ذلك، يستغِلُّون بعضَ التّصريحاتِ الرّسميّةِ العامّة، كتلك التي عقّبت على اتفاقيّاتِ الأمم المُتّحِدة للقضاء على جميعِ أشكالِ التّمييز ضِدّ المرأة، ليجُسُّوا النّبْضَ لموضوعِ ضرورةِ استِحداثِ "فِقْهٍ مُعاصِر وجديد لقضايا المرأة" ينسجِمُ مع مُعطَياتِ العصْرِ الحديث، والعولمة، وتغَيُّرِ الزّمان،.. هذا ما يحومونَ حولَه بلا مللٍ ولا كلل، إنّ أقلَّ النّاسِ ذكاءً يُمكِنُهُ أن يلْحظَ فيهِم ذلك النّفَسَ العَلْماني الذي لا يرى للشّرْعِ مُطلقَ الحقِّ في اتّخاذِ القرار في شئونِ المرأة، سبحان الله.. ما أهونَ الشّرعَ في نفوسِهِم، وما أشدَّ حِرْصِهِم على تزْهيدِ النّاسِ في الشّرْع، وما أجْرؤهُم على الخوْضِ في مسائلِهِ وأحكامِهِ التي لا تُعجِبُهُم، وادِّعائهِم زوراً وبُهتاناً أنّها ليست من الشّرْعِ وإنّما هي عاداتٌ وتقاليد يُمْكِنُ الاستغناءُ عنها بكُلِّ سهولةٍ، (حفِظَ اللهُ المسلمين من شرورِهِم).
ذكرت إحدى التّائبات في رسالةٍ لها (وقد تصرّفْتُ بالرّسالةِ قليلاً لطولِها) قالت:
أختي الكريمةُ.. يا رعاكِ الله، إنّ قُطّاعَ الطّريقِ مِن شياطينِ الإنسِ والجِنِّ كثيرون، كلٌّ منهم مُتَربِّصٌ بك، يُحاوِلُ أن ينتزِعَ قِطعةً مِن إيمانِكِ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن يُضْعِفَ الصِّلةَ بينكِ وبينَ ربِّك، كلٌّ منهم يُحاوِلُ إن يُخرجَكِ مِن بيتِكِ، كلٌّ منهم يحاولُ أن يَنزِعَ حِجابَكِ، أو على الأقلّ.. أنْ يُفْقِدَهُ وظيفَتَهُ التي شُرِعَ مِن أجلِها، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ زِيَّ إغراءٍ وفِتنة، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ نِقْمَةً عليكِ ووبالاً يومَ القيامة، بدَلَ أن يكونَ رِفْعةً لكِ عندَ اللهِ وقُرْبةً إليه، كلٌّ منهم يقومُ بهذه المُحاولاتِ، بِشتّى الطُّرُقِ المغرية، وبكُلِّ مَكْرٍ ودَهاء، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن يقْطعَ عليكِ الطّريقَ، طريقَ الهِداية، طريقَ الفوْز، طريقَ النّجاة،.. فهناكَ مَن ذَكَرْتُ آنِفاً، وهناك التليفزيون، مغسَلَةُ الأدمِغةِ والأخلاق، ببرامِجه، ومُسلْسلاتِه، وأفْلامِه،.. فيه نفْعٌ ضئيلٌ يسير، ومُعظَمُهُ شرٌّ مُستطير، والبدائلُ مُمْكِنة، ولكنّها ضعيفة، وغيرُ مُقنِعة، ولذلك فإنّها تستدْعي صبْرَكِ، وتستدْعي عامِلاً مُهِمّاً آخر.. بل هو الأهمّ، تستدعي حُبَّكِ لِرَبِّكِ، وقُرْبَكِ مِنه، وتقديمَ محابِّهِ ومرْضاتِهِ على أهوائكِ وشهواتِك،.. إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون، فهُناكَ الرّفيقاتُ غيرُ الصّالِحات، الرّفيقاتُ.. اللاّتي لا يزِدْنَكِ مِن اللهِ إلاّ بُعْداً، الرّفيقاتُ اللاّتي يفْتَحْنَ لكِ أبوابَ المَعصِية ويُغْرِينَكِ بالدُّخُولِ فيها، ويُزَيِّنَّ لكِ ما يُسْخِطُ اللهَ عليكِ مِنَ الأزياء، وأنماطِ السّلوك، ويُنْسِينَكَ الحسابَ والعِقاب، فاحْذريهِنّ أشدَّ الحذر، أشدَّ الحذرِ أقول.. واستبْدليهِنّ بالرّفيقاتِ الصّالحات الصّادِقات، حفِظَني اللهُ وإيّاكِ مِن سوءِ العاقِبة.
((ويوم يعضّ الظالمُ على يديه، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطانَ للإنسانِ خذولا))(82/160)
إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون أختي العفيفة، فهناك البيئةُ حولَك، البيئةُ.. من الأهْلِ والمعارف، وصعوبةِ الهدايةِ الرّاشِدةِ في أكنافِهم أحياناً، دون التّعرُّضِ للسُّخريةِ والغمْزِ والّلمْز، فاصبري على ما أصابَكِ مِن ذلك،.. وهناك البيئةُ حولَكِ من اللّقاءاتِ غيرِ الهادِفة، التي تَكْثُرُ فيها الغِيبة، ويكثُرُ فيها الحديثُ عن الدُّنيا، وبُيوتاتِ الأزياءِ والموضات، والقيلُ والقال، ولا يُذكَرُ اللهُ فيها إلاّ قليلا، البيئةُ المليئةُ بأنواعِ الحَفَلاتِ، والسّهَراتِ، والسّفْرات، ومُسْتَلْزماتِها مِنَ الزِّينة، والفْخْرِ والخُيلاء، وغِشيانِ الأسواقِ بصورةٍ مُستَمِرّة، والاهتمامِ الشّديدِ بالدُّنيا وزينتِها وزُخْرُفِها، وصرْفِ الأموالِ الكثيرةِ الكثيرةِ في هذه السّبيل، البيئةُ التي تغرِقُكِ في الغفلةِ ونسيانِ الآخرةِ، ونُدْرةِ التّفكير في الموْت القريب، والتّفكيرِ في القبرِ ونعيمِه وعذابِه، ونُدْرةِ التفكيرِ في الحسابِ والعقاب، والنّارِ والعذاب، والجنّةِ والثّواب، البيئةُ.. التي لا تزيدُ قلبَكِ إلاّ قسْوةً فوقَ قسْوة، هذه البيئة.. تقطعُ عليكِ الطّريقَ إلى الله، وتُنسيكِ الغايةَ مِن وجودِكِ في هذه الحياة والتي تحدّثنا عنها في الوقفةِ الأولى،.. هذه البيئةُ أختي العفيفة.. هذّبيها، واعتدِلِي في التّعامُلِ معها، ولا تجعليها تَطْغى على حياتِكِ على حِسابِ الآخرة، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله..، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله..
وأخيراً أختي العفيفة.. احذري مِن قُطّاعِ الطّريق، احذري منهم على دينِك، وعلى عقلِكِ، وعلى أخلاقِكِ، وعلى مبادئكِ العقَديّة، واحذري مِن أن تكوني مُشارِكةً، أو موافِقةً لهم في أيِّ مُنكرٍ قوليٍّ أو عمليّ، وقدّمي رِضا اللهِ على رِضا النّاس، واحرِصي أن تجعلي من حُبِّكِ للهِ، وحُبِّكِ لما يُحِبُّهُ ويرضاه، دافِعاً، ووسيلةً لتغييرِ هذا الواقعِ لِيتَوَافَقَ مع هذه المحبّة، فتسْعدِي حينئذٍ، ويَسْعَدَ مُجْتَمَعُكِ سعادةً حقيقيّةً في الدّنيا والآخِرة، إنّهم، يا رعاكِ الله، يريدون أن يجعلوا مِنكِ مِعْوَلَ هدْم، فكوني يَدَ بِناء، وأبشري بعد ذلك بالفلاح..
هذه الوَقَفاتُ الثّلاثُ التي وقفنا عليها، مهمّةٌ في حياتِك وحياةِ كُلِّ مسلمة،.. قفي عندها مرّةً.. ومرّتين.. وثلاثَ مَرّات، وتأمّلي طويلاً في واقِعِ حياتِكِ مِن خِلالِها، فإنّ العُمُرَ يمضي بسُرْعة.. فلا تدَعِيهِ يمضي وأنتِ مِنه في غفْلة، والموتُ يأتي بغْتة، فاستعِدّي له مِن هذه اللحظة..، أسأل اللهَ - تعالى -أن يهدِيَنا جميعاً سبُلَ السّلام، وأن يُخرجَنا مِن الظُّلُماتِ إلى النّور، وأن يقِيَنا شرَّ كِلِّ ذي شرٍّ، وأن يُثبِّتَنا وإيّاكِ على الهدى حتّى نلقاه، إنّه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/161)
الطالبة واللباس
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: "كاسيات عاريات " أي نساء يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة، أو يلبسن ملابس خفيفة لا تمنع رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، أو يلبسن الملابس الضيقة التي تبدي مفاتن المرأة. فهؤلاء النسوة عليهن كسوة لكنها لا تفيد في ستر المرأة، وما نراه اليوم من ركض الكثيرات من فتياتنا وراء الموضة والأزياء بشراهة مصداق لقوله - صلى الله عليه وسلم -.
فيا لها من مصائب حلت بالأمة الإسلامية، مصائب تدمي القلب وتستغيث منها الكرامة.
فتيات الأمة الإسلامية وحفيدات عائشة وصفية تقبلن على موضة الأزياء بشكل كبير وما علمت أن لها أخوات مسلمات في عالمنا الإسلامي لا يجدن الطعام والشراب!!
لقد أصبحت الأزياء موسمية مقسمة على جميع أوقات العام والمناسبات، فللسهرة زي، والحفلة زي، والاستقبال زي، والعمل زي، وكل ذلك تشجيع على التبرج لإفساد الأخلاق، واستنزافاً للمال. فانتبهي أختي المسلمة، فالملابس تعكس شخصيتك ومكانتك!!
الزي المدرسي والملابس المفتوحة والضيقة:
ومما يندى له الجبين ظهور أشكال من الزي المدرسي وقد جعل به فتحات أمامية وجانبية وخلفية، مما يكشف عن جزء من الساق، وحجة هؤلاء أنهن بوسط كله نساء.
وأما الملابس المفتوحة من الجانبين والخلف فحدث ولا حرج.
يقول الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -:
هذه الأكسية مما ورد من الخارج الغربي وزين لمن تحلى بها فعل هؤلاء الغربيات فأغرين بهذه الألبسة، ولا شك أنها تلفت الأنظار ومدعاة إلى بروز بعض البدن أو تبيين حجم العضو كالعجيزة، والفخذ والساق، فانصحوا من ترتدي هذه الأكسية بتركها والاقتصار على الألبسة الساترة، وهكذا الكلام أيضاً على الملابس الضيقة التي تبين الجسم وتفصله.
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
لا يجوز لبس الملابس الضيقة التي تبين الجسم، أما الضيقة التي بين الواسعة والضيقة الضيق الشديد فلا بأس بها أمام النساء.
رفع العباءة:
واحذري أختي الطالبة من رفع العباءة حتى يظهر ما تحتها من الملابس.
يقول فضيلة الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -:
رفع العباءة خطأ، وفيه إبداء للزينة الخفية، ودعاية إلى النظر الذي هو سبب للفتنة، وقد قال - تعالى -: {و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: 31]، يعني إذا كان هناك زينة في الساق كالخلاخل التي يظهر لها صوت عند الضرب بالأرجل على الأرض فلا يجوز هذا الضرب؛ حتى لا يعلم به أنها ذات خلاخل فتلتفت إليها الأبصار.
ولا شك أن من رفعت عباءتها وأخرجت الثياب الملونة التي تحت العباءة حصل الالتفات إليها، وكان في ذلك دعاية إلى النظر الذي هو سبب للفتنة.
ملابس الأعراس:
وأما في مناسبات الأفراح والزواج فإنك تجد الموديلات بأشكالها وألوانها، فالضيق، والمشقوق من الركبة إلى الأسفل، والمفتوح من الأعلى، والشفافة، وغيرها كثير وكثير.
وعن ذلك يحدثنا فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - فيقول:
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس؛ ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كاسيات عاريات " يعني أن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب، إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها، ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد فيه لين عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية (نوع من الثياب) فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مالك لم تلبس القبطية؟ "، قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مرها فلتجعل تحتها غلالة؛إني أخاف أن تصف حجم عظامها".
ومن ذلك فتح أعلى الصدر فإنه خلاف أمر الله - تعالى -حيث قال: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]، قال القرطبي في تفسيره: وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمرها على جيبها لتستر صدرها. ثم ذكر أثراً عن عائشة؛ أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - دخلت عليها بشيء يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت: إنما يضرب بالكثيف الذي يستر.
ومن ذلك ما يكون مشقوقاً من الأسفل إذا لم يكن تحته شيء ساتر، فإن كان تحته شيء ساتر فلا بأس إلا أن يكون على شكل ما يلبسه الرجال فيحرم من أجل التشبه بالرجال.
وعلى ولي المرأة أن يمنعها من كل لباس محرم، ومن الخروج متبرجة أو متطيبة، لأنه وليها فهو مسؤول عنها يوم القيامة في يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا تقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
المباهاة في اللباس:
بعض الطالبات وكذا المعلمات يلبسن ملابس إضافية كالأكوات والفنايل، وبعضها قيمتها غالية جداً تصل إلى 400 و 500 ريال من أجل المباهاة والمفاخرة.
فما حكم ذلك؟
يجيب على ذلك فضيلة الشيخ ابن جبرين - حفظه الله - فيقول:
ننهى عن المباهاة في اللباس واختيار رفيع الثمن من الأكسية بأنواعها سواء في حق الرجال أو النساء؛ وذلك لأن لا مزية لها ولا خصوصية توصلها إلى هذه الأثمان الرفيعة، فالناس لا يميزون بين من كسوته بعشرين ريالاً ومن كسوته بمائتين، واللباس الرفيع الغالي يبلى في الزمن الذي يبلى فيه اللباس الرخيص، وقد يكون الرخيص أقوى وأطول مدة في الاستعمال، زيادة على ما فيه من الإسراف، وإفساد المال الذي نهى الله عن إتلافه بقوله: {ولا تبذر تبذيرا* إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [الإسراء: 26، 27]، وقوله: {إنه لا يحب المسرفين} [الأنعام: 141]، وهكذا تحرم المباهاة والمفاخرة ويجب التواضع لله ولعباد الله، فعلى هؤلاء التوبة وعدم العودة إلى ذلك، والله أعلم.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/162)
تشويه صورتها عبر تضخيم الواقع والترويج لأجندة المؤتمرات الدولية
المرأة.. في مسلسلات رمضان
د. نهى قاطرجي
يلاحظ المتتبع للمسلسلات التلفزيونية التي تبث في شهر رمضان المبارك على الشاشات الفضائية، تزايد اهتمام هذه المسلسلات وخاصة السورية منها بموضوعين اثنين:
الأول موضوع ما يسمى بالإرهاب القديم الجديد والتي كانت المسلسلات المصرية فيما مضى تكرس له مشاهد عديدة تربط بين اللحية والحجاب والجلباب، وبين تخلف المسلمين وتقهقرهم أمام الأعداء.
أما الموضوع الثاني الجديد الذي يواكب اهتمام العالم بأسره وخاصة منظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني التي تعنى بحقوق الإنسان، فهو موضوع حقوق المرأة والذي خُصص له مسلسل خاص في هذا الشهر الفضيل وهو مسلسل "عصي الدمع" والذي أخذ على عاتقه (وعلى لسان أبطاله) تعريف المرأة بحقوقها التي أقرتها المؤتمرات الدولية، وكذلك تبيان صورة المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، وإجراء مقارنة بين النماذج المتعددة الموجودة في هذه المجتمعات.
ومن هذه النماذج التي ذكرها المسلسل:
نموذج المرأة المتعلمة الذكية التي ترفض الخضوع لسلطة الرجل والتي تسعى لتنفيذ القوانين وتدعو المرأة إلى التعرف على حقوقها والمطالبة بها، وتطالب أيضاً بتغيير القوانين التي لا تتناسب مع طموحات المرأة وقدرتها.
نموذج المرأة العانس الذي يؤدي عدم زواجها إلى اضطراب شخصيتها وإلى الإساءة لنفسها وللآخرين.. فهي تسيء إلى زوجة أخيها التي تسكن معها.. وهي أيضاً تتعلق بابن أخيها وتحاول أن تحرم أمه منه.. وهي أخيراً تسعى بكافة الطرق إلى تغيير وضعها عبر اللجوء إلى الدجالين ومراسلة الصحف طلباً للمساعدة في إيجاد الزوج.
نموذج المرأة الجاهلة التي لا يهمها في هذه الدنيا إلا بيتها ومطبخها وعائلتها، ولا تفهم شيئاً عن حقوق المرأة، حتى إنها تخلط بين المرأة الإنسان ومرقة الطعام .. وهذه المرأة التي تثير سخرية المرأة المتعلمة فتسعى إلى تعريفها بحقوقها حتى تطالب بها.
نموذج المرأة المتدينة التي تجمع النساء في بيتها لتعلمهن الدين وتخوفهن من عذاب الله ومن عذاب القبر وعذب جهنم.. وتعظم من حقوق الزوج وخاصة حقه في التعدد .. وتظهر هذه المرأة وهي منقبة أو مرتدية للجلباب الذي يبدو أنه السبب في سعي الزوج للزواج من أخرى مستغلاً النص القرآني الذي يبيح التعدد من أجل إسكات زوجته المؤمنة وإخضاعها.
نموذج المرأة المتحررة التي تعيش حياة زوجية سعيدة مع زوجها الفنان الموسيقار الرقيق والذي يعيش كل واحد منهما منفرداً في بيته ولا يلتقيان إلا وفق موعد سابق.
نموذج المرأة الحساسة الرقيقة التي تسعى للارتباط بالرجل الفنان المثقف صاحب الإحساس المرهف والذي لا يستمع إلا إلى الموسيقى الكلاسيكية.
إن هذه النماذج التي ورد ذكرها في هذا المسلسل تظهر بوضوح خطورة الإعلام في تشويه صورة المرأة عبر تضخيم الواقع وتشويهه وتوجيه الناس بشكل غير مباشر من أجل تنفيذ أجندة المؤتمرات الدولية، والتي من بين أبرز توصياتها الطلب إلى وسائل الإعلام العمل على تغيير الصورة النمطية للمرأة والتي تظهرها كربة بيت همها الطبخ والعمل المنزلي والسعي لطلب الزواج، كما تكرس أيضاً الدعوة إلى تغيير الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعدد والنفقة والحضانة، وتكرس دعوة هذه الاتفاقيات الدولية إلى حرية المرأة والمطالبة بحقوقها ومنها حقها في اختيار الزوج وفي اختيار مكان سكنها وما إلى ذلك.
إن رفضنا لإبراز هذه النماذج والتضخيم في تصويرها لا ينفي أن المرأة في المجتمعات الإسلامية والعربية تعاني من الظلم والإجحاف من قبل القوانين والعادات وتصرفات بعض الرجال الذين يسيئون معاملتها ويأخذون حقوقها، ولكن هل صحيح أن الصورة التي يحاول البعض تكريسها هي البديل الصحيح من أجل سعادة المرأة؟ وهل صحيح أن المرأة هي دوماً إنسان مقهور مظلوم؟
هذه الأسئلة تحتاج إلى وقفة صريحة مع النفس قبل الإجابة عنها، وهذا بهدف الانتباه إلى النقاط التالية:
1 - خطورة تكريس النظريات الغربية للمرأة ومحاولة فرض حلولها على مجتمعاتنا، وذلك نظراً لما يمكن أن تجر هذه النظريات من ويلات تأتي نتائجها على المرأة بالدرجة الأولى، فهي التي ستتحمل الضغط داخل المنزل وخارجه، وهي التي ستتحمل النتائج المترتبة عن هذه الحرية مثل العنوسة والعنف وضياع الأولاد وغير ذلك من المشكلات النفسية والاجتماعية التي تتحملها المرأة الغربية اليوم، والتي بدأت وللأسف تنتقل إلى مجتمعاتنا الإسلامية نتيجة التأثر بالأفكار المستوردة.. كل هذا لأن المرأة كلفت نفسها أو كُلفت بما لا يتناسب مع فطرتها السليمة، فانعكس الأمر عليها أولاً ثم على أسرتها ومجتمعها.
2 - رفض التعميم التي يحاول البعض فرضه على قضية المرأة، فما يتناسب مع امرأة لا يتناسب مع امرأة أخرى، فليس كل النساء هدفهن العلم والعمل، بل كثيراث سعادتهن في الزواج والاهتمام بأسرهن، لذا لا يصح تصوير اختيار المرأة للحياة الزوجية على أنه اختيار سيئ يقلل من شأنها ويحط من قدرها، وأن اختيارها لهذا الاتجاه قد يؤدي بها إلى الشقاء والتعاسة.
3 - محاولة تصوير المرأة على أنها دائماً مقهورة ومظلومة، وهذا الأمر غير صحيح، فالمرأة ليست دوماً بهذا الضعف الذي يحاولون تصويره.. إذ إنه كما أن هناك نساءً مظلومات هناك أيضاً رجال مظلومون؟ فكم من أزواج وأبناء يعانون من ظلم زوجاتهم وأمهاتهم؟ وكم من رجل يرعد ويزبد خارج البيت ثم يأتي إلى بيته لينفذ أوامر زوجته ويطيعها في كل ما تأمره؟ وكم من أم ظلمت أبناءها وحرمتهم عطفها وحنانها وجعلت منهم رجالاً ونساء غير أسوياء يعيشون بحثاً عن الحنان المفقود؟ ولقد ذكر القرآن الكريم نماذج عن كيد المرأة في سورة يوسف، فقال - تعالى -: إن كيدكن عظيم (28) (يوسف). وقال - تعالى -: ضرب الله مثلا للذين كفروا \مرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما"(التحريم).
أخيرا، لا يسعنا إلا أن نؤكد ضرورة التنبيه لخطورة متابعة مثل هذه المسلسلات التي تستغل مثل هذه المواسم الإسلامية من أجل هدم الإسلام وقيمه...فحسبنا الله ونعم الوكيل.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/163)
شخصية المرأة بين البناء والهدم
ما تعيشه الأمة اليوم من واقع تنبّأ به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يفرض مزيداً من البحث عن المعوقات التي تحول دون نهوض الأمة من جديد واستعادة فاعليتها الحضارية، ومن خلال قراءات متكررة لهذا الواقع ارتأيت أن أقول: إن دور المرأة فيه خطير بل إن دورها في اعتقادي قد يكون الحد الفاصل الذي يحدد طبيعته (أي طبيعة الواقع) وما يعيشه الفرد في ظله.
وإذا تأملنا حياة المرأة اليوم نجد أنها في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة صياغة شخصيتها عملياً وفكرياً وتوجيهياً وفق تربية إيمانية متكاملة، بما يلائم كينونة وجودها وطبيعة مهمتها الإنسانية في الأرض، وذلك من أجل تجاوز واقعها المليء بالإحباطات والتناقضات والإكراهات و(الإغراءات أيضا) المادية والمعنوية التي تغرقها أكثر في مستنقعات التبعية والتقليد والخرافة والاستلاب والتغريب واستعادة الشخصية الفاعلة المسترشدة بهدي الإسلام الذي أحدث انقلابا شاملا في الحياة البشرية كلها سواء على مستوى الممارسة والسلوك أو على مستوى الفكر والتصور حيث استطاع الإنسان - رجل أو امرأة - في ظله أن يتحرر من كل ما يعوقه عن الانطلاق في تحقيق خلافة اللّه في الأرض وإعمارها بالخير والنماء• وذلك من أجل ربط الصلة بمقومات رقينا التاريخي واستعادة دورنا في الحياة باستثمار طاقات وقدرات تُهدر في مجالات تافهة وسلبية وإعادة النافرين والمستلبين إلى دائرة الوجود الحضاري الفاعل•
وقبل أن نلج إلى صلب الموضوع نحتاج إلى وقفة من أجل تحديد المصطلحات الواردة في العنوان، إن الشخصية هي الصورة التي تظهر بها الذات الإنسانية من خلال تفاعل عوامل ومقومات عدة ذاتية مع العالم الخارجي حيث تتجسد سلوكا ومواقف وممارسات•
وتتكون الشخصية الإنسانية من عوامل عدة يكون لها أشد التأثير وأبلغه على تشكيلها، منها الغريزة والبيئة والوراثة والتربية(1) والشخصية الإسلامية هي تلك التي تتسم بسمة الإيمان، وتصبغ بالصبغة الربانية بالتزامها بحدوده ممارسة وفكراً وتصوراً يقول - تعالى -: " صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغة " (البقرة - 138) وعلى المرأة المسلمة أن تعي هذه العوامل والمكونات وتعمل على فرض إرادتها وتوجيهها الوجهة الإسلامية المحققة للرقي والتقدم، ولن تستطيع ذلك إلا إذا أعادت بناء شخصيتها بمقومات أساسية تكتسبها وتميزها عن غيرها وتدفعها لتحقيق النهضة والسمو الحضاري•
والبناء لغة مفرد أبنية وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء •• وبنى الرجل اصطنعة (2) كما يطلق على العلو والشرف (3) في مثل قول الحطيئة أولئك قوم إن بنوا أحسنوا، أما إذا استعملناه في المجال الإنساني فإن مفهوم البناء من المنظور الإسلامي هي تلك التراكمات الأخلاقية التي تهدف إلى عمليات التغيير في سلوك الإنسان وفكره وتصوره نحو الأفضل والأحسن التي تحقق مقاصد الشارع من قضية الاستخلاف في الأرض الشاملة لطاقات الإنسان وقدراته المادية والمعنوية• فالبناء من خلال هذا المفهوم عمليات تغييرية مستمرة في أسلوب حياة الإنسان وطريقة فكره ومستوى أداء عمله نحو التقدم والتحسين والتنمية يقول - تعالى -: {إن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (الرعد: 11) فالتغيير هنا من دلالاته بناء النفس الإنسانية بناء يحقق مهمة الاستخلاف وتعمير الأرض واستثمار الكون ومن هنا كان الربط بين العمل والتكليف ومهمة الاستخلاف في قوله - تعالى -: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} (يونس: 14)•
أما مصطلح الهدم لغة فهو نقيض البناء، ونقصد به هنا المفهوم الذي أشارت إليه الآية الكريمة في قوله - تعالى -: {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن اللّه سميع عليم} (الأنفال: 53)، حيث يخبر اللّه - تعالى -أن اللّه لا يغير النعمة إلى نقمة إلا إذا محا الإنسان في نفسه الخير ومارس عمليات الإبادة في الأرض•
ومن خلال هذا التحديد ندرك أن إعادة بناء شخصية المرأة وفق التصور الإسلامي والمنهج الرباني لن تؤتي أكلها إلا من خلال التركيز على أسس ثلاثة:
1- تحرير واسترداد إنسانية المرأة•
2- ترسيخ فعل الإيمان في النفس•
3- استشعار المسؤولية الكاملة تجاه الذات والمجتمع والأمة والإنسانية جمعاء•
أولا: تحرير واسترداد إنسانية المرأة
من المحاور الأساسية التي دارت عليها سور القرآن الكريم محور التوحيد والعبودية للّه وحده، وهذا يعني أنه كلما فهم الإنسان مدى عبوديته للّه وسما مفهوم التوحد في نفسه كلما حقق في هذه النفس مفهومها التحرري الصحيح ورغم كثرة الدعوات المستمرة لتحرير المرأة في عصرنا الحديث ومحاولات إخراجها من تخلفها ومعاناتها وما حققته من نجاح لا ننكره في مختلف المجالات فإن واقع المرأة يكشف عن وضعية ماسخة لها وعن عدم امتلاك ذاتها وانغماسها في عبوديات مختلفة• أبرز مظاهرها أن الاهتمام بها هامشي لا يرقى إلى مستوى إنسانيتها ورسالتها في الحياة ومن أبرز مظاهرها أيضا عبوديتها لجسدها بالانكباب على تزيينه وتقديمه في سوق العرض والطلب، وهدر طاقاته وإمكاناته في التركيز على الانشغال بانحناءات الجسد• ونظرة عابرة لمعظم الانتاج الفني والأدبي (المكتوب والمرئي) أو التسويقات التجارية مثلا تجد معظمها يصب في ميدان الجسد وصناعته وتزيينه وفرض حضوره بشكل مهين ومقزز للمرأة المعتزة بأنوثتها وإنسانيتها والمدركة لآفاق تحررها، ويؤسفني أن أعلن أن المرأة رغم تعليمها وتقلدها لمناصب عدة إلا أنها ما زالت ترسف في مظاهر كثيرة من مظاهر التخلف والجهل والخرافة، وتعيش في ظل مفاهيم خاطئة ومبتورة لبعض النصوص الشرعية مثل وقرن في بيوتكن وناقصات عقل ودين، والمرأة التي استطاعت أن تتحرر من تراكمات هذه المفاهيم تحولت إلى عبوديات أخرى تسربت إليها من الفكر الغربي فأصبحت ترسف في أغلال التغريب والاستلاب والاستغلال، هذا بالنسبة للمرأة المتعلمة، أما المرأة الأمية فإن واقعها أمر ولذلك يمكن أن نضيف إلى ما ذكرناه من عبوديات عبودية الأمية والفقر والتهميش وغيرها، وبصفة عامة فإن واقع المرأة ينبئ عن خلل ناتج من غياب فعل التحرر منه، ولن تستطيع ضبط هذا الواقع إلا إذا حررت عقلها، واستقام فكرها، لأن تحرر العقل من الخرافة والجمود والتقليد والتبعية يدفعها إلى التأمل والتدبُّر ونبذ أشكال العبوديات وعدم الانسياق وراءها من دون وعي أو بصيرة، كما أن استقامة الفكر واتزانه يدفعان إلى الوعي بحقوقها وواجباتها والأخذ بأحكام الشريعة وتطبيقها في حياتها باعتبارها كلا واحدا لا يتجزأ فتسترد إنسانيتها المتدحرجة بين الأقدام وتمارس الحرية بمفهومها الحقيقي التي تمدها بقوة فاعلة ومحركة لبناء شخصية متوازنة مع ذاتها الفردية والجماعية تمتلك القدرة على تغيير الواقع وتحسين أوضاعها المادية والمعنوية•
إن الوعي بقيمة التحرر ينشئ من المرأة شخصية فاعلة معتزة بأصالتها وجذورها متطلعة إلى الاستفادة من مختلف الخبرات الإنسانية لإثبات حضورها وتفعيل مشاركتها في مجالات الحياة حسب إمكاناتها وقدراتها• فتستطيع فهم رسالتها في الحياة وتأديتها على الوجه الأكمل، وفي الوقت نفسه لا تسمح لأي كان من استعبادها أو التعدي على حقوقها• نريد للمرأة أن تعيد بناء شخصيتها على أساس متحرر من كل العبوديات المختلفة لأن المرأة في معظم مجتمعاتنا قد اختزلت اهتماماتها في الشكل فقط، أي في جسدها، وفقدت الاهتمام بغير ذلك إلا ما فرض عليها فإنها تمارسه من دون إخلاص أو اقتناع• الأمر الذي أدى إلى هبوط كبير في مستوى الأداء، وأدى إلى ممارسة لاواعية للهدم وإبادة مختلف عوامل التحرر والعزة والكرامة•
ثانيا: ترسيخ فعل الإيمان في النفس
إن تنمية العلاقة بين المرأة وخالقها وترسيخ الإيمان به في نفسها له أثر بالغ على تشكيل شخصية مطمئنة لا تقع فريسة لأي صراعات نفسية وتواجه كل ما يعترضها من صعوبات وتحديات لأن الإيمان مصدر كل سلوك سوي ينبع من النفس الإنسانية وهو البوصلة التي تسترشد بها في كل تصرفاتها ومواقفها وأعمالها قال - تعالى -: {ونفس وما سواها• فألهمها فجورها وتقواها• قد أفلح من زكاها• وقد خاب من دساها}(الشمس 7-10) وللأسف فإن المرأة المسلمة اليوم فقدت أو كادت تفقد هذه البوصلة لأنها تعيش في معزل عن دينها رغم ممارستها له من خلال ما تؤديه من شعائر من دون روح إلا من رحم اللّه• الأمر الذي أوقع خللا في شخصيتها وانفصاما بين الواقع والتصور والفكر والممارسة•
وأبعدها عن تحقيق قوله - تعالى -: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}(الذاريات 56)•
من هنا كان تفعيل الإيمان في حياة المرأة قضية أساس تُخرج الدين من كونه مسألة شخصية إلى اعتباره منهجا متكاملا يتغلغل في نسيج الممارسات الإنسانية المتعددة، وفي هذا المجال تستوقفنا ضرورة تصحيح مفهوم العمل في نفسها أي عمل من أجل ترسيخ الإيمان والسمو بالنفس، لأن العمل في المفهوم الإنساني يحمل كل معاني العبادة الحقة، والمرأة يجب أن تدرك أن العمل الذي يقوم به الإنسان في الدنيا مهما كانت المادية أو المعنوية منه أو عدمها فإنه عمل تعبدي سوف تثاب عليه، وأن أصل الصلاح والفساد في الأرض ينبني على ما يقدمه الإنسان من عمل يقول - تعالى -: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} (الروم: 41)•
وهذا المفهوم ينمي درجة الإيمان في نفسها لأنها تستشعر بأنها في معية اللّه في كل أحوالها، والتيقن بهذه المعية يضفي توازنا وانضباطا على كل الأعمال التي تقوم بها شرط توافر الصدق والإخلاص والإحسان فيها كما يدفعها لتحقيق الصلاح فيها، ومن أهم الوسائل لترسيخ الإيمان في النفس تنمية الخُلُق الحسن فيها وذلك من خلال: التمكُّن من مدلولات الأخلاق وآثارها في النفس والمجتمع ومباشرة الأعمال الصالحة المساعدة في تنمية الأخلاق وتقويمها ومجاهدة النفس وتدريبها على الخُلُق الحسن والقدوة الحسنة أو المثال الذي يجب احتذاؤه، فهذه كلها وسائل مساعدة لبلوغ الإيمان أغوار النفس والوجدان وإدراك اليقين ولاستعادة إنسانية المرأة واستجابتها لعوامل الإحياء يقول - تعالى -: {استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}(الأنفال -24)•
ثالثا: استشعار المسؤولية
إن الخير في هذه الأمة لم ينقطع ولن ينقطع إلى ما شاء اللّه
فهذه الأمة تحتوي على أعداد هائلة من النساء والرجال الملتزمين بطاعة اللّه لذلك يبرز تساؤل مؤلم: إذا كان الأمر كذلك واذا كان الحل في الرجوع إلى الإسلام فلماذا كان هذا حالنا؟؟ •• إن استقراء بسيطا لواقع الأمة يجد تفلتا كبيراً من المسؤولية بين الرجال والنساء على حد سواء• وما دمنا بصدد الحديث عن المرأة فسيتم التركيز على مدى مسؤوليتها عن هذا الواقع، إن أعدادا هائلة من النساء تدخل في إطار الطاقات الخاملة والعاجزة عن العطاء المنتج، وأعدادا من النساء مقيدة بسلاسل من الجهل والتخلف والتبعية والاتكالية نخرت الغثائية والسلبية والهامشية فاعليتها فأصبحت أرقاما منسية لا تخرج عن كونها تكثيرا لسواد الصالحين وغيابا أو تغييبا لطاقات المصلحين ولذلك كان هذا حالنا، من هنا كانت الدعوة إلى إشعار المرأة بخطورة رسالتها ودورها واستشعار مسؤوليتها تجاه نفسها وتجاه مجتمعها وأمتها وتجاه الإنسانية جمعاء ودعوتها إلى الكف عن تمييع مهمتها وحصرها في اهتمامات هامشية تافهة، وأول مجال يجب الوقوف عنده والتأكيد على خطورته وأهميته في بناء شخصية الأمة بأكملها مجال الأمومة إننا نحتاج إلى تصحيح نظرتنا للأمومة ومهمتها الخطيرة في البناء والتوجيه والتربية واعتبارها على رأس المهمات التي تحتاج إليها الأمة لاستعادة فاعليتها لأن العالم كله في حاجة إلى لمسة المرأة الأم وإرجاعها إلى نطاق صياغة إنسانية الإنسان أي إلى مصدر التغذية الإنسانية الغنية بأصناف الحنان والرحمة والحب والعطاء ليتزود منها بقطرات تعينه على مجابهة الماديات الطاغية والقسوة والظلم، وما جفت منابع الخير والرحمة من العالم كله إلا بعدما ابتعدت المرأة عن إرضاعها بنيها وإقناعها بتجفيف ثدييها وحجبهما عن طفلها بدعوى المحافظة على الجمال أو بدعوى ضرورة تركه من أجل العمل أو من أجل أسباب مختلفة، متناسية أن الطفل هو عماد المستقبل وأن كل أم إذا ربت أبناءها تربية سليمة واعية مسؤولة غيرت المجتمعات وارتقت وتضاءلت مظاهر الفساد والانحلال فيها، أليس الإسلام قام وانتشر على أيدي الأطفال الذين تربوا في حضن الدعوة الأولى وكان منهم القادة والجنود الذين فتحوا العالم بالخير وغرسوا أولى بذور الحضارة الإنسانية الحقة، إننا يجب أن نولي الأم عناية فائقة وخصوصاً لأنها إما أن تكون بانية الأجيال إذا وعت دورها وخطورته ووجهته الوجهة السليمة أو هادمة لما تبقى من مقومات وعناصر الحضارة القائمة على الإنسانية الحقة•
إن حصر اهتمامات المرأة اليوم سواء كانت أما أو زوجة أو ابنة في أمور تافهة أو هامشية نتج منه تعطيل لطاقات مهمة ويرجع ذلك إلى طبيعة الثقافة التي تربت في حضنها سواء من خلال الفضائيات أو من خلال قنوات ثقافية أخرى سربّت مفاهيم وقيما لا علاقة لها بإنسانية الإنسان، والاهتمام بهذه الثقافة المشكلة لجانب كبير من شخصيتها خطوة كبيرة لتصحيح بناء هذه الشخصية، من هنا يمكن القول: إن هذا البناء لن يرتفع إلا بوضع اللبنات الأولى لذلك، ومن أولاها تنقية الفضاء الذي يسبح فيه فعل القراءة في واقع الأمة بصفة عامة، القراءة المحركة للإبداع والعطاء وليست الدافعة إلى الاستهلاك والتبعية والتقليد والتغريب• وهذا ما ينمي الإحساس بالمسؤولية عند المرأة سواء مسؤوليتها تجاه ربها أولاً ثم نفسها أو مجتمعها أو أمتها ومسؤوليتها عن ذلك كله.
ـــــــــــــــــــ(82/164)
ــ
الهوامش:
1- انظر: بوح الأنوثة• سعاد الناصر• سلسلة شراع العدد 28-1998 ص 67-77 •
2- لسان العرب، ابن منظور•• المجلد 14 دار الفكر 1990 ص 94 -95 •
3- انظر: المرجع السابق • ص89 •
http://alwaei.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/165)
المرأة بين الإسلام ودعاة تحريرها
عبد الله بن محمد زقيل
إن المتأمل في تاريخ الاستعمار الصليبي لكثير من بلاد المسلمين يجد أن من أهدافه المهمة تحرير المرأة المسلمة من حجابها، وجعلها سلعة رخيصة تباع وتشترى كما يحصل في الغرب، وبنظرة سريعة لأقوالهم ندرك حقيقة ما أرادوا. هذا القسيس زويمر يوصي في مؤتمر القاهرة التبشيري عام 1906م الحاضرين بقوله: (أن لا يقنطوا إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربين، وإلى تحرير نسائهم)، وهذا جلادستون رئيس وزراء انجلترا يقول: (لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن)، وهذا جول بول رو يقول في كتابه الإسلام في الغرب: (إن التأثير الغربي يظهر في كل المجالات، ويقلب رأساً على عقب المجتمع الإسلامي، لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو في تحرير المرأة)، والنصوص عنهم كثيرة، وبعد هذه التصريحات بدأ التخطيط لتحرير المرأة المسلمة وتغريبها، فعلم أعداء الإسلامِ أن المواجهة الحربية لا تكون في صالحهم فخرج المستعمر من بلاد المسلمين، وعملوا على تنفيذ ما خططوا له وذلك عن طريق أبناء جلدتنا الذين تربوا على أعين الغرب، يقول الحصين في (المرأة ومكانتها في الإسلام): (لكن من المؤسف أن يسير في هذا الخط المدمر أناس من أبناء المسلمين، أضلهم الشيطان على علم، وعميت أبصارهم عن الحقيقة، فكانوا خُداماً لأسيادهم وأولياء نعمتهم من الفرنج).
وفي الأزمان المتأخرة صارت حملة تحرير المرأة وتغريبها أَنْكَى وأقوى من قبل، ضغط خارجي من أعداء الإسلام، ومكرٌ داخلي من المنهزمين والمنبهرين بتلك الدعوة، فاستقلال الدول العربية والإسلامية من المستعمر لم يكن نهاية المؤمراة، بل ظهر استعمار اجتماعي جديد هو (العولمة الاجتماعية)، يقول عنها الدكتور فؤاد العبد الكريم في (المرأة بين موضات التغيير وموجات التغرير): (هذا الاستعمار الاجتماعي وهذه العولمة تتزعم قضايا المرأة وحقوقها - بالمفهوم الغربي - في الدول الإسلامية والعربية من خلال مؤتمرات وأجندة واتفاقيات عالمية، تعقدها الدول الغربية تحت لواء هيئة الأمم المتحدة ، ومرة تتم هذه المؤتمرات والاتفاقيات من طرف واحد بينها وبين الدول الإسلامية والعربية، وفي الغالب يحمل لواء مناصرة المرأة المسلمة - المزعوم - الولايات المتحدة الأمريكية). ويقول أيضاً: (وبعد أحداث 11/9/2001م...حدثت تحولات عالمية كبيرة بقيادة الولايات المتحدة حيث سعت إلى إحداث تغييرات واسعة... واستلمت زمام الترويج لما يسمى حقوق المرأة، وأخذت تبشر دول المنطقة وشعوبها بالديمقراطية الأمريكية، والتي تقوم - في جانبها الاجتماعي - على المساوة بين الجنسين، والتحرر الجنسي، والمثلية الجنسية - الشذوذ الجنسي -، وإباحة الإجهاض كما أشار إلى ذلك رونالد إنغلهارت في مقال بعنوان (الصدام بين الحضارات).
وبهذا تعلم المرأة المسلمة في بلاد المسلمين بعامة وبلادنا بخاصة أنها مستهدفة، وينبغي عليها أن تعرف ما يحاك لها ويمكر بها، ولكن الله يقول: '' وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ''] الأنفال: 30 [، فكوني أختي المسلمة فطنة عارفة بما يريدون منكِ، واحرصي على تحذير من حولكِ من المغترين بدعاوى التحرر. أسأل الله أن يحفظ المرأة المسلمة من كيد الكائدين ومكر الماكرين.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/166)
وقفة مع عمل المرأة المسلمة
عندما علمت أختي في الله أنني موظفة قالت: كيف يحصل هذا وأنت ملتزمة؟! قلت لها: ماذا تقصدين؟ قالت: سيكون هذا على حساب رعاية زوجك وبيتك..
ثم لا تنسي أن الشارع يأمر المسلمة بالقرار في بيتها، وإذا أردت الأفضل لك - عند الله وفي الشرع - فعليك بقوله - تعالى -: (وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب: 33].
قلت لها: صحيح ما تقولينه، لكن ما المانع من عمل المرأة المسلمة إذا استوفى جميع شروط الشرع ورضي الزوج به، وإذا لم يكن على حساب رعاية الزوج والبيت.
صممت أختي ولم تعقب وبدت على وجهها علامات الاستغراب وعدم الاقتناع.
كثير من الأخوات الملتزمات بشرع الله ينظرن إلى عمل المسلمة المتزوجة بمنظار ضيق، فلا يرين إلا الجانب السلبي منه، فقد ذكرت أختي في الله بأن المسلمة العاملة المتزوجة لن تتفرغ تماماً لرعاية زوجها وأطفالها، وأنه سيترتب على ذلك التقصير والإهمال للزوج والبيت والأطفال.
ولي هنا رأي في هذه المسألة، قد يكون صواباً عند البعض، وقد يكون خطأً عند آخرين.
فلو بحثنا في الجوانب الإيجابية لعمل المسلمة الملتزمة بدينها - مع الالتزام بقيود الشرع في عملها - لوجدناها تتضح في النقاط الآتية:
1- الاستفادة من الدرجة العلمية في تسخير أجرة العمل في وجوه البر والإحسان وهي كثيرة الآن ومجالاتها عديدة، والمحتاجون لهذا المال كثيرون، بهم من المسلمين المحتاجين في إفريقية وأفغانستان وأندونيسيا والفلبين وغيرها..
- قد وقعوا في شباك المنصرين الماكرين بسبب يد حانية نصرانية قدمت لهم الإحسان بجميع أشكاله ثمناً لاعتناق النصرانية.
2- الدعوة إلى الله من خلال التقيد بالسلوك الإسلامي المثالي الملتزم في بيئة العمل ومع زميلات العمل، والعمل على إبراز الفضائل الإسلامية في التعامل والسلوك، وبذلك يتم تذكير وتوعية غير الملتزمات بدينهن ودعوتهن إلى الله بطريق غير مباشر وذلك عن طريق مراقبة أخلاق وسلوك الشخصية الإسلامية القدوة من خلال تعاملها مع مَن حولها.
3- الدعوة إلى الله أيضاً عن طريق إعطاء الأشرطة والكتيبات الإسلامية التي تساهم بشكل كبير في منع ممارسة كثير من المنكرات والرجوع عن كثير من المعاصي.
4- قد يكون هناك من زميلات العمل غير المسلمات، وهنا تجد المسلمة العاملة فرصة جيدة لإبراز شعائر الإسلام وتوضيحها واستخدام أساليب الدعوة إلى الله المباشرة أو غير المباشرة معهن حسب الظروف والأحوال، وفي هذا كله الأجر الكبير لمن أعانها الله عليه.
5- لا يخفى علينا أن أعظم مجال للدعوة إلى الله ولنيل الأجر العظيم منه - سبحانه - هو عمل المسلمة في مجال التدريس إذا أخلصت النية لله ونوت بعملها هذا الدعوة إلى الله وتبليغ العلم والحق وإنكار المنكرات المتفشية بين الطالبات وزميلات العمل.
وأحب هنا أن أوجه كلمة لأخواتي في الله اللواتي كان لهن دور عظيم في الدعوة إلى الله في جميع صورها (وقد كان التزامي بفضل الله ثم بفضل كلمة ألقتها إحداهن يوماً في الجامعة يوم أن كنت طالبة فيها) واللواتي مع الأسف قد فتر حماسهن للدعوة بل توقف نهائياً بعد زواجهن.
فأقول لهن: لماذا؟ ! ! لماذا لا يطلبن العون من الله بالدعاء ثم يطلبن العون من أزواجهن للاستمرار في عملهن هذا؟ ! ! إن الفتيات والنساء التائهات البعيدات عن شرع الله في أشد الحاجة لكُنَّ وللعلم الذي تحملنه في صدوركن.
إن العلمانيين الآن يستخدمون نساءهم وقريباتهم لنشر معتقداتهم بين النساء والفتيات في الجامعات وفي كل مكان.
فلماذا لا يشجع كل مسلم ملتزم بدينه زوجته للمشاركة في محاربة كل ما يقف عقبة في طريق الدعوة إلى الله؟ ! يا أخي في الله: الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان يساعد زوجته عائشة في شؤون المنزل، وكانت تساعده في نشر الدعوة بين النساء.
لِمَ لا يدفع كل مسلم بزوجته إلى ساحة الدعوة إلى الله - وخاصة - هؤلاء اللواتي سبق لهن العمل في حقل الدعوة قبل زواجهن، فمثلاً:
* الأخت الداعية التي كانت تجيد دروس الوعظ وتستطيع جذب وإقناع الفتيات التائهات؛ لماذا لا يشجعها زوجها على الاستمرار في عملها هذا فيشاركها الأجر عليه.
* والأخت التي كان جُل وقتها تصرفه لجمع التبرعات الطائلة من النساء (من حلي ومال) لأفغانستان وفلسطين وإفريقية..
لماذا لا يشجعها زوجها على مواصلة هذا المجهود العظيم.
* والأخت الثالثة التي كانت تجود بعلمها ووقتها لتعليم القرآن - من تفسير وتجويد وتلاوة - لِمَ لا يشجعها زوجها هي الأخرى على مواصلة عملها هذا لينتفع النساء بعلمها هذا وحتى لا تنسى هي الأخرى علمها مع مرور الزمن؟.
وهكذا نستطيع - نحن المسلمات - أن ننال الأجر ويشاركنا أزواجنا أيضاً، وفي نفس الوقت تقدم كل واحدة منا ما في وسعها ولو كان جهداً بسيطاً في سبيل نشر دعوة الله، فكما تتعب هؤلاء العلمانيات في سبيل الباطل الذي يحملنه، فأولى بنا أن نتعب من أجل الحق والنور الذي نحمله نحن.
(إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ) [التوبة: 120].
(والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت: 69].
اللهم اجعل عملنا صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/167)
أيها المسؤولون .. !
سعد بن عبد الرحمن بن سعد النفيسة
سمعت بما سيقوم به مجلس الشورى من تصويت حول موضوع السماح للمرأة بقيادة السيارة.. ولذلك عاجلت المجلس بهذه الخواطر - سواء صحّ خبر التصويت أو كان إثارة ومطالبة من أحد أعضاء المجلس متمنيا لهم التوفيق لما فيه خير العباد والبلاد.
--------------------
أيها المسؤولون..
هذه أحرف ظمأى تستعذب اهتمامكم الفائق وعنايتكم الكريمة .. أحرفٌ ربما ضلت التنسيق، وحادت عن سبيل التنظيم، وارتمت في أحضان الفوضى... ! كتبتها بلا تمحيص ولا تدقيق .. غضَّة من القلب ..
جامعها حبٌّ فياض، وحرصٌ بالغ، وإحساس عارم بالمسؤولية الفردية تجاه هذا الوطن الغالي..
ولذلك كانت هكذا- من أناملي الصغيرة عجلى إلى رحابكم الواسعة.. ومنابركم الفارعة..
أيها المسؤولون..
رئيس وأعضاء مجلس الشورى.. اسمحوا لي وأنا مواطن من أبناء هذا البلد الغالي المعطاء..
قدم أجداده لأجل وحدة الوطن الكثير من التضحيات، وما زال أبناءهم على ولائهم سائرون باعتزاز..
اسمحوا لي بأن أتقدم بين أيديكم بهذه الأحرف، والتي أثق في اتساع صدوركم قبل أسماعكم لها..
أيها المسؤولون:
للمرأة حقوق مهضومة، ومطالب مسلوبة.. ولكنَّ الهوة التي بين المرأة وبين حقوقها لا تردم بجلوسها خلف مقود السيارة.. !!
أيها النبلاء..
التفتوا إلى المشاكل الحقيقية التي تعيق بالمرأة وتعطل من دورها في المجتمع، والتي لا أشك -شخصيا- في أنَّ قيادة المرأة للسيارة ليست منها فضلا عن أن تكون من أهمها وعلى رأسها.. !
أيها الأوفياء..
الوطن يعاني من مشاكل كثيرة وكبيرة سيدفع المجتمع ثمنها باهضا.. فهل انتهت هذه المشاكل ليفيق المجتمع على "تصويت" يعزز من النظرة السلبية لمجلس الشورى ومحادثته لنفسه.. !
أيها الشرفاء..
قيادة المرأة للسيارة -في وقت كهذا- ستكرس نظرة شرائح معتبرة من هذا الوطن بوجود استجابة داخلية لضغوط وتأثيرات خارجية تتمثل في الاتجاه بالمرأة نحو ( الانفتاح ) ! هكذا يقال ويُستشهد بحديث الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) في منتدى جدة الاقتصادي... ! لخلق صدق هذا المقال..
أيها العارفون..
وطننا منهك بأمراض فتاكة، وعقبات تنموية وحضارية أنتم أدرى بها وأعلم بآثارها.. ليس منها عدم قيادة المرأة للسيارة.
أيها المستشارون..
ليست هذه القضية من ثوابت الدين ولا من قطعياته، ولكن كلام أهل العلم عن مآلاتها ومفاسدها، وتقديرات أهل الدراية والنظر حول ظروفها، ومراعاة الأهم في إصلاح هذا البلد.. كل هذا وغيره يدفع بي وبغيري نحو المطالبة بالنظر فيما يصلح حال البلد حقيقيا، دون الحاجة لهذه الشكليات التي لا معنى لها في إصلاح حقيقي يرقبه الجميع، وربما أتت بثمار مرّة في مرحلة قلقة كهذه التي نعيشها..
أيها الإخوة والآباء والرجال الطيبون..
أنا على ثقة بحرصكم وولائكم لدينكم ووطنكم ومليككم..
ولذلك فإني أدعوكم إلى مراعاة الصالح العام الذي يحفظ توازن المجتمع ولا يودي بتماسكه في ظروف أحوج ما يكون فيها إلى التماسك..
وأخيرا..
شكرا لكم على ما تقدمون..شكرا لكم على ما تبذلون..شكرا لكم ملء هذا الوطن الفسيح..
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/168)
البطاقات والعبارات الدعوية (تفضلي أخية)
أختي المسلمة: السعادة الحقة في طاعة الله - عز وجل -..فأين أنت من تلك السعادة.
أختي المسلمة: لا يجوز كشف الوجه ولا إظهار الزينة للرجال الأجانب سواء الطبيب أو السائق أو البائع، واتقي الله في نفسك فإن الحساب عسير والإحصاء شديد.
إلى كل أب وأم: أبناؤكم اليوم هم خصماؤكم يوم القيامة إن ضيعتم وفرطتم في الأمانة! فاتقوا الله فيهم.
أختي المسلمة: أفتى العلماء بعدم جواز لبس البنطال للمرأة.. فلا تكن قطعة قماش كهذا طريقاً لك إلى النار، وتجنبي ما يغضب الله - عز وجل -، وعليك بالستر والحشمة!.
يا أمة الله: العباءة ليست رداء ترتدينه ولباساً تتزين به، بل هو عبادة وطاعة لأمر الله - عز وجل -، فأري الله منك خيراً بالاحتشام والستر والعفاف.
قال - تعالى -: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} [النور: 31].
فأين قول الله - عز وجل - والامتثال لأمره من صاحبة النقاب، وممن تضع العباءة على الكتف؟!.
أيتها المسلمة: لا يجوز أخذ شعر الحاجبين والتخفيف منهما، واعلمي أن جمالك الحقيقي ليس في شعرات تزينيها بل والله في صلاحك وطاعتك لله - عز وجل -!.
إن المدينة يا أخيتي تبقى محصنة أمينة ما دامت الأسوار تمنعها بأعمدة متينة فإذا هوت نفذ العدو إليها.. وحجابك هو السور الذي يسترك من لصوص النظر والفساد!.
أختي المسلمة: لو كان في كل يوم يكتب في صحيفتك ذنب واحد؟! فكم عدد الذنوب في عشر سنوات مثلاً؟ إنها أكثر من 45000 ذنب! فاتقي الله وأكثري من الاستغفار.
أختي المسلمة: تذكري حالك إذا غسلت بسدر وحنوط، وكفنت بخمسة أثواب هي كل ما تخرجين به من زينة الدنيا.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل الجنة نمام)) رواه مسلم.
أختي المسلمة: احذري أن تكوني ممن يطلق العنان للسانه فيورده المهالك.
احذري أختي المسلمة أن تتعطري ثم تمري على الرجال فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية)) رواه أحمد.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما الغيبة)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره)) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)) رواه الترمذي.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله - عز وجل - عنها ستره)) رواه الحاكم.
قال - صلى الله عليه وسلم -: يوصي النساء: ((استأخرن فإنه ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق)) رواه أبو داود.
الجنة لا تنال يا أخية بالسعي في الأسواق ولا بالجري وراء الموديلات! الجنة غالية وعالية! فسارعي إليها بالستر والاحتشام، والبعد عن مواطن الفتن.
النساء ثلاث:
1- هينة، لينة، عفيفة، مسلمة، تعين أهلها على العيش، ولا تعين العيش على أهلها.
2- وأخرى: وعاء للولد.
3- وأخرى: غل قمل، يضعه الله في عنق من يشاء ويفكه عمن يشاء.
فكوني أختي المسلمة الأولى والثانية، ونربأ بك أن يكون لك نصيب من الثالثة.
{واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: 281]. فأين التقوى من قلبك؟!.
سؤال: هل يليق بالمرأة المسلمة أن تعرف أمور الدنيا صغيرها وكبيرها، ثم لا تعرف أحكام الطهارة وهي كل شهر تمربها؟ أهان الدين إلى أن يترك تعلم العلم الضروري؟!.
أختي المسلمة: ((دع الخلق للخالق)) كلمة لا تصح وهي من تلبيس إبليس، والله - عز وجل - يقول: ? والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ? [التوبة: 71] فعليك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبشري بالأجر العظيم.
أختي المسلمة: من ينجب الرجال وأمهات الأبطال سوى المؤمنة الحيية التقية النقية! احتسبي أجر الولادة والرضاعة والتربية فأنت في جهاد.
أختي المسلمة: لا يجوز الدخول للأسواق لغير حاجة ملحة! فهل أنت مضطرة؟! أجيبي!.
قال - تعالى -: {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} [النور: 37]
قال الحسن: ((ما ظنك بيوم قاموا فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة، لا يأكلون فيها أكله، ولا يشربون فيها شربة، حتى إذا انقطعت أعماقهم عطشاً، واحترقت أجوافهم جوعاً يقصد العصاة والمجرمين إلى النار فسقوا من عين آنية، قد آن حرها واشتد لفحها)) اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.
قال الحسن: إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة، فيقول: بيني وبينك الله، فيقول: والله ما أعرفك، فيقول: أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطا من ثوبي فهذا وأمثاله قطع قلوب الخائفين.
أختي المسلمة: اتق الله وراقبي من منحك النعم العظيمة، وحافظي على حيائك وحجابك.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها، كأنه ينظر إليها.. )) رواه أحمد.
أختي المسلمة: احفظي لسانك عن الزلل فإنك محاسبة عن كل كلمة!
قال - صلى الله عليه وسلم - ((أتدرون ما الغيبة؟ )) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرك أخاك بما يكره)) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)) رواه مسلم.
أختي المسلمة: الخادمة أمانة في عنقك فاحرصي على أن تستر شعرها ووجهها عن الرجال الأجانب، وأولهم زوجك وأبناؤك.
انتبه!! يا راقد الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا لا تفرحن بليل طاب أوله فرب آخر ليل أجج النار! واستعد لهادم اللذات!.
الحجاب الشرعي عبادة وطاعة لله - عز وجل -.. فلا تتهاوني في غطاء الوجه الغطاء الكامل، وابتعدي عن وضع العباءة على الكتف أو لبس النقاب. جعلك الله هادية مهدية.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات.. )) متفق عليه.
خير الناس: ((من طال عمره وحسن عمله.. ) رواه مسلم.
لأصحاب الأمل.. وسوف ولعل.. ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له من الله في دار المقام نصيب فإن تعجب الدنيا رجالاً فإنه متاع قليل والزوال قريب.
أختي المسلمة: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)) رواه البخاري. فيا أيتها المسلمة كوني من نساء الجنة.. فالطريق طويل.
أختي المسلمة: أفتى الشيخ ابن عثيمين بعدم جواز لبس النقاب لما فيه من الفتنة! فاحذري أيتها المسلمة أن تفتني أو تفتني! والنار يا أخيه حفت بالشهوات. فاحذري خطوات الشيطان.
قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن} (الحجرات: 11).
فاحذري أيتها المسلمة السخرية والاستهزاء بالمسلمات أو بأطفالهن أو الأقارب والخدم فكل ذلك لا يجوز!.
قالت عائشة - رضي الله عنها -: أقلوا من الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله - عز وجل - بشيء أفضل من قلة الذنوب.
من أسباب الفساد: الخلوة بالأجنبي ومحادثة الرجال والنظر إليهم. فتجنبي سترك الله من النار هذه الأمور وكوني عفيفة تقية. فإن الله - عز وجل - يقول: {ولا تقربوا الزنى} [الإسراء 32]، ولم يقل ولا تزنوا لأن للزنا مقدمات احذريها حتى لا تقعي فيما يغضب الله - عز وجل -.
قال - تعالى -: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} [يونس: 26] فالحسنى: هي الجنة لأنه لا دار أحسن منها، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم.
إحدى النساء تجري في الأسواق ساعات بدون كلل أو ملل.. ثم هي في المساء تحب رياضة المشي.. وأخيراً فهي تتثاقل ركعتين قبل أن تنام! أليس الأمر عجيباً؟!.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/169)
غض الطرف وخفض الصوت
عبد الملك القاسم
غض الطرف وخفض الصوت صفة جميلة ومنقبة حميدة لكل إنسان رجلاً أو امرأة، فما بالك إذا كان مسلماً أو مسلمة وتجمل بهذه الآداب الإسلامية الحميدة يقول لقمان لابنه في وصاياه العظيمة (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) لقمان: من الآية19 ثم شبه رفع الصوت وقبح ذلك بصوت الحمار.
أما المرأة المسلمة فإنها تخفض الصوت أدباً وحياءً وحشمة، فكم من امرأة ذمها الناس لسلاطة لسانها وبذاءته، وكم من فتاة عوتبت لصراخها ورفع صوتها! ألم تعرف فتاة الإسلام أن من بجوارها لها أذنان سليمتان! والمسافة بينها وبين زميلتها أقل من متر فلم رفع الصوت؟ ويزاد الألم إذا كانت الشابة المسلمة المصلية الصائمة ترفع الصوت ليكون فتنة في أوساط الرجال إما حين الخروج من المدرسة أو في الحافلة. ولتتعبد الله - عز وجل - بخفض الصوت وإبعاده عن مسامع الرجال فإن ذلك فيه الخير كل الخير! أليس من الذي أمر - عز وجل - بالصلاة والصيام هو الذي أمر بالحجاب والعفاف وبخفض الصوت والبعد عن الرجال! إنه دين متكامل فمن شاء أخذ منه بنصيب وافر.
21/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/170)
رفقاً بكيس الشاي
فوزية الخليوي
تعددت التشبيهات من الشارع الحكيم للمرأة !! فمن وصفها كالقوارير ، من حيث رقة طبعها وانكسارها !! إلى كونها كالضلع الأعوج، لتقبلها كما هي، بسلبياتها وإيجابياتها!! داعياً السامع لفهم نفسية المرأة، وطبيعتها التي جبلها الله عليها!! أما من حيث انخراطها في أكاديمية الحياة والصبر، وراعية مع الرجل في مملكتهم الصغيرة.
فأقرب التشبيهات لها عندئذٍ مقولة: إن المرأة مثل كيس الشاي لا تعرف مذاقه إلا بعد أن تسكب عليه الماء المغلي عندها يتبين لك الطعم واللون الحقيقي.
ولا يمنع من وجود هذا الطعم الرائع، من كونه تارة يطفو، وتارة يغوص في كأس الرجل؟ فبالطفو تطفو معه المشاعر السلبية العميقة التي تختزنها المرأة في ذاكرتها ويأتي هنا دور الرجل بأن يكون أكثر اتزاناً وتعقلاً.
أليس الشاعر يقول:
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى *** ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وكروعة الشاي طعماً ولوناً ورائحة كانت روعة المرأة في الحقبة الأولى من التاريخ الإسلامي، تضحية، ومحبة، وعطاء.
من الخفرات البيض، أما حرامها **** فصعب وأما حلها فذلول
فهذه البضعة النبوية فاطمة - رضي الله عنها - وأكرم الخلق على نبيه، قد أعطت زوجها علي بن أبي طالب، حتى بذلت راحتها ووسعها فقد جرحت بالرحا يدها واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وقمت البيت حتى أغبرت وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، وأصابها من ذلك ضر.
نعم، تخلل هذه العلاقة بعض الوهن فها هو علي بن أبي طالب يخطب ابنة أبي جهل! وها هو النبي- صلى الله عليه وسلم - يغضب، كما جاء في رواية البخاري: فلا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم. ثم هو يحكي تألم فاطمة ويترجم مشاعرها فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها" وهذا الحدث بين الزوجين هو ما يسميه بعض النفسيين أزمة منتصف الزواج وسرعان ما تتخطى سفينة الزوجية هذه الصعاب حتى تخترم المنية فاطمة - رضي الله عنها - فنجده - رضي الله عنه - واقفاً على قبرها في لحظة من أصدق لحظات الإخلاص العاطفي من محب لحبيبته فيقول:
لكل اجتماع من خليلين فرقة *** وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحدا بعد واحد *** دليل على أن لا يدوم خليل
ولهذا الطعم الرائع عدة مزايا:
وفائها بلا حدود:
1-فهذه قصة الحب الرائعة بين الحسين بن علي- رضي الله عنه- وزوجته الرباب بنت أنيف أم ابنته سكينة حيث بذر البذرة الأولى من غراس المودة، فما لبثت إلا قليلاً حتى أينعت وأصبحت شامخة في وجه أعاصير الحياة، فها هو يصدح بها عالية أمام قومه
لعمرك إنني لأحب دارًا *** تحل بها سكينة والرباب
أحبهما وأبذل جل مالي *** وليس للائمي فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا *** حياتي أو يعليني التراب
فهذا الموقف القوي والصريح في إعلان مودته أثمر لديها وفاء لا محدود، بعد مقتله، حيث وجدت عليه وجدا ًشديداً، وقالت:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما *** ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وقد خطبها بعده أشراف قريش فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، و والله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقف أبداً، ولم تزل عليه كمدة حتى ماتت!.
2- تقديم محبته على جميع أهلها:
فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عندما دخل عليها والدها أبو سفيان بعد صلح الحديبية قبل فتح مكة، أراد أن يجلس على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطوته فقال: يا بنيه! أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه قالت: بل هو فراش رسول الله وأنت امرؤ نجس مشرك.
فانظر إلى عظيم ودها، على أنها قدمت من الحبشة، ولم تر والدها لمدة طويلة ولم تلهها حرارة اللقاء عن غيرتها على محبها، أو حتى المساس بخصوصياته.
3-تقدم تضحيات جبارة:
عندما يملأ الزوج عليها عقلها، ويسلب بوده مشاعرها، يترجم من قبل المرأة إلى مواقف بطولية جبارة، وما حدث في هذه القصة مصداقاً لذلك، وقد ذكرها ابن سعد في طبقاته، حينما دخل مسلم بن عقبة المدينة المنورة في موقعة الحرة، قتل يزيد بن زمعة، فتبعته أم ولد ليزيد، حزينة، وقد ملأت ناظريها بصورة المحب المغدور به! وهي تسير وراء العسكر يومين أو ثلاثة، ومات مسلم ودفن بثنية المشلل (وهو جبل يبعد عن مكة 85 ميلاً) فما كان منها إلا أن نبشته ثم صلبته على الثنية.
رفقاً بكيس الشاي
فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي ممن ساهموا في إنجاح الهجرة النبوية بمواقفها المشرفة، فمن قصة ذات النطاقين إلى تسكينها لجدها، وقد ذهب والدها بجميع ماله، فأتته ببعض الأحجار وقالت: يا أبه ضع يدك على هذا المال.
ثم يتم التزاوج بين شخصيتها، ذات المبادئ والقيم بشخصية أيضاً عظيمة ذات فكر وطموح، هي شخصية الزبير بن العوام، ثم لا يمنعها رضاها به مع مالها من شرف، أن تمارس العديد من الأعمال الشاقة، وأن تعطي بلا حدود.
فتقول: تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، فكنت أعلف فرسه، وأسقي الماء، وأخرز دلوه، وأعجن، ولم أكن أحسن أعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير وهي على ثلثي فرسخ إلى بيتي.
ولكن كان يتخلل هذا التزواج بين أصحاب المثل والمبادئ بعض المنغصات كعصبية الزبير الشديدة، حيث كان شديداً على النساء، وكان يكسر عليهن عيدان المساحب، كما جاء في المصنف، لقد كان الزبير من ذلك النوع الذي يملأ عقل المرأة قبل قلبها.
فقد كان فارساً شجاعاً جريئاً كان يحمل صفات القوة بكل معاني الكلمة، مما يحقق للزوجة الصفة التي تنشدها في بيت الزوجية، وهي الإحساس بالأمان، ولكنه لا يستطيع أن يملك نفسه عند الغضب فيضربها.
وهذا أثر طبيعي من أثر القوة الغضبية التي يحملها بين جنبيه مما أهلته لأن يكون من فرسان الإسلام المشهورين على مر التاريخ.
وهنا ينفرط كيس الشاي، وينشق ويخرج ما به من وريقات دفعة واحدة، فلا يستمتع حينئذ لا بطعمه ولا بمذاقه لأنه من توالي اللكمات، أقصد السكبات المغلية استنفذ طعمه، وعندها نفقده بالكلية.
وهذا ما حدث بين الشخصيتين العظيمتين إذ انفرط عقد الزوجية كانفراط كيس الشاي.
ولا يمنع ذلك من نتاج تربوي هائل، يتمثل في أبنائهما وعلى رأسهم عبد الله الخليفة المجاهد، وعروة العالم الورع، ومصعب القائد الشجاع.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/171)
النساء أكثر تذوقاً للنكتة
اكتشف العلماء أدلة دامغة على وجود اختلافات بين الجنسين في إدراك النكتة والمزاح. وراقب فريق من جامعة ستانفورد أنشطة المخ لمجموعة من الرجال والنساء أثناء مشاهدتهم لأفلام كارتونية كوميدية.
وخلص الباحثون إلى أن أجزاء من المخ مسؤولة عن إدراك اللغة والذاكرة وإنتاج أحاسيس ايجابية بالمكافأة يحتمل أن تنشط أكثر عند المرأة لدى مشاهدتها للمزحة.
ويأمل العلماء في أن يساعدهم البحث الجديد في فهم أكبر لحالات الاكتئاب وأسبابها..كما يمكن أن تؤدي نتائج الدراسة إلى فهم أفضل لحالات مرضية أخرى مثل الفقدان المفاجئ للتحكم في العضلات والحركة المرتبط بالصدمات العاطفية.
وقال الدكتور ألان ريس الذي قاد فريق البحث النتائج يمكن أن تساعد في توضيح أبحاث سابقة قالت إن المرأة تختلف عن الرجل في استخدام الدعابة وفي تقديرها أيضا.
ومن المعروف أن القشرة الأمامية للمخ التي تشارك في تفسير اللغة والذاكرة تلعب دورا في تقدير الدعابة وفهمها.
واظهر فريق ستانفورد أن مركز المخ المسؤول عن إنتاج الأحاسيس الايجابية المرتبطة بأحداث مثل كسب الأموال ينشط أيضا بالفكاهة.
واستخدمت الدراسة الأخيرة طرقا معقدة للمسح لمراقبة إشارات المخ لعشرة رجال وعشر نساء خلال مشاهدتهم لرسوم متحركة مرحة.
وكشف الباحثون عن تشابهات أيضا بين الجنسين في طريقة استجابة المخ للفكاهة. إلا أن بعض المناطق في المخ أثارتها النكات أكثر في النساء ومن بينها القشرة الأمامية اليسرى ومركز الإحساس بالمكافأة.
وتقترح نتائج البحث أن النساء يركزون بشكل اكبر على لغة المزحة ذاتها مطبقين منهجا اقرب للتحليلي. كما قال فريق البحث إن النساء اللائي شملهن البحث كن اقل توقعا لمدى كوميدية الرسوم المتحركة التي يشاهدنها ولذلك عندما كشفت الدعابة كان مركز الاستمتاع أكثر نشاطا لديهن من الرجال.
وكلما زادت فكاهة الرسوم المتحركة كلما زاد نشاط هذا المركز لديهن. وعلى العكس بدا أن الرجال أكثر توقعا لفكاهة الرسوم المتحركة من البداية وقبل مشاهدتها. ويقول الدكتور ريس إن اكتشاف مدى حساسية مركز الإحساس بالمكافأة لدى المرأة إذا ما أثبتته المزيد من الأبحاث قد يشرح سبب تعرضهم أكثر.
08- شوال-1426 هـ
09- نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/172)
ارفعي صوتك ضد الخلاعة..ضد الأزياء الماجنة
* (أليس شفاوزر) امرأة ألمانية تحمل راية الدفاع عن الحقوق الإنسانية للمرأة في مواجهة استغلالها في تجارة الخلاعة، واقترحت قانوناً لمكافحة الخلاعة قدم للبرلمان الألماني، فهذه واحدة من الحركات في الغرب التي يسعى النساء من خلالها لتحرير المرأة من الامتهان والاستغلال الجنسي وجعل المرأة وسيلة للمتعة.
* وكتبت عالمة اجتماع أمريكية تدعى (اندريا دوراكن) تحت عنوان [خلاعة]: "بدافع اللذة يربطوننا وكأننا قطع لحم، ويعلقوننا على الأشجار، ويصورون الاغتصاب ويعرضونه في السينما وينشرونه في المجلات ".
* وتقول الكاتبة الأمريكية (هيلين ستانبري): "إن المجتمع المسلم مجتمع كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الشاب والفتاة" ثم تقول: "ولهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط، وقيدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من الاباحية والانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا ".
* وهذا اعتراف وهتاف من عارضة أزياء مشهورة.. فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها.. فهي من عالم العطور والفراء، ودنيا (الموضات) والأزياء تقول: "إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك، مهمته العبث بالقلوب والعقول... " فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل.. لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس، فكنت جماداً يتحرك ويبتسم، ولكنه لا يشعر، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك، فكلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم القاسي البارد، أما إذا خالفت أياً من تعاليم الأزياء فتعرض نفسها لألوان العقوبات، التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسماني أيضاً"،،، ثم تضيف: "عشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة، بكل ما فيها من تبرج وغرور، ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء"، وتقول: "لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ إلا من الهواء والقسوة، بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصياً واحترامهم لما أرتديه "،،،، هذا ما قالته (فابيان) عارضة الأزياء الفرنسية الشابة البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاماً، وذلك بعد إسلامها وفرارها من ذلك الجحيم الذي لا يطاق، وتوجهها إلى الحدود الأفغانية لتعيش ما تبقى من حياتها وسط الأسر المسلمة، وهو كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق.
* وتقول الممثلة المشهورة (برجيت باردو): "كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقت رمزاً له، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية ورجموني عندما تبت، عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة فإنني أبصق على نفسي وأقفل الجهاز فوراً، كم كنت سافلة!... قمة السعادة للإنسان الزواج... إذا رأيت امرأة مع رجل ومعهما أولادهما أتساءل في سري: لماذا أنا محرومة من مثل هذه النعمة".
وبعد- أختي القارئة- هذه مقتطفات مختصرة من مئات بل من آلاف الهتافات ضد الخلاعة.. ضد الأزياء المتهتكة.. ضد تعرية الجسد وتسعير الشهوات.. هذه الآهات- في معظمها- من العلاقات أو المجريات من بنات جنسك، فهك تعتبرين؟!
أختاه... أيتها الأمل:
أنت مسلمة.. والمسلمة عليها طابع النفس الجميلة، تنثر في كل موضع جو نفسها العالية، فلو صارت الحياة غيماً ورعداً وبرقاً لكنت أنت فيها الشمس الطالعة... بإيمانك وعفافك، ولو صارت الحياة قيظاً وحروراً واختناقاً لكنت أنت فيها النسيم يتخطر... بإيمانك وحشمتك، فيا كل الشرف ما لم تنخدع... فإذا انخدعت فليس فيها إلا كل العار...
احذري تمدن أوروبا؛ أن يجعل فضيلتك ثوباً يوسع ويضيق.
احذري تلك الكلمات المعسولة، والعبارات المنمقة... أنوثة المرأة.. جمالها.. أزياؤها.. تسريحة شعرها.. إلخ، إن غاية ذلك كله إلى.... إلى الفضيحة.
احذري- وأنت النجم الذي أضاء منذ النبوة- أن تقلدي تلك الشمعة التي أضاءت منذ قليل... المرأة الغربية.
أختاه... أيتها الأمل:
إن المرأة أشد افتقاراً إلى الشرف منها إلى الحياة... وبين الشرف ومتابعة الأزياء المتبرجة كبعد ما بين المشرفين.
احذري السقوط أختي المسلمة-؛ إن سقوط المرأة لهوله وشدته ثلاث مصائب في مصيبة: سقوطها هي... وسقوط من أوجدوها.. وسقوط من توجدهم..
وإن الأزياء الماجنة أوسع بوابة نحو السقوط:
أختاه.. إن نوائب الأسرة ومصائبها كلها قد يسترها البيت إلا... إلا عار المرأة... وهل الأزياء والموضات وإن صغرت إلا دركات تؤدي نحو العار!
إن المرأة اليوم أسيرة... أسرها أرباب بيوت الأزياء، وإن تناءت بينها وبينهم الديار، أجل، لقد أسروها وكبلوها... لقد أصبحت دمية يلبسونها متى شاؤوا، ويعرونها متى أرادوا، ويلونونها كما يشاؤون.. وهي تستجيب لهم بلا قيد أو شرط.. لقد أصبحت المرأة تقاس بجمالها، فهو المؤهل الوحيد للحياة عندهم... فأصبحوا لا يرون إلا جسداً مخططاً، أو مزخرفاً، فلا قيمة تقدمها إلا جسدها، هكذا أرادوا وهكذا أجاب النساء!
أختاه.. إن المجلات النسائية في الجملة تحاربك وتجعل منك جسداً فقط، وتملأ فكرك بأخبار تافهة، ومواضيع جانبية، وتقدم لك نماذج رخيصة لتقتدي بها، وتلك النماذج لا قيمة لها في عالم القيم والأخلاق.. نماذج سافرة لا يربطها بالحياء أي رباط.
أختاه.. دعي عنك تلك الأفكار البالية، والتزمي أمر ربك وحجابك، حجاب الطهر والعفاف، التزمي الحجاب الشرعي... وافخري بذلك.. فليس الحجاب إلا كالرمز لما وراءه من الأخلاق، والمعاني السامية، وهو كالصدفة لا يحجب اللؤلؤة- وهي أنت- ولكن تربيها في الحجاب تربية لؤلؤلية، فوراء الحجاب الشرعي الصحيح معاني الهدوء والسمو والاستقرار.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/173)
أخاطب فيك حياءك أختي المسلمة فهلا إستجبت
نوال بنت عبد الله
أختاه:
إن الحياء خلق الكرام، وسمة أهل المروءة والشرف والإيمان وما أحسن ما قيل في الحياء: إنه إحساس رقيق وشعور دقيق يبدو في العين مظهره وعلى الوجه أثره ومن حرمه حرم الخير كله ومن تحلى به ظفر بالعزة والكرامة ونال الخير أجمع كيف لا وهو الذي قال عنه خير خلق الله - عليه الصلاة والسلام - "الحياء خير كله " رواه مسلم إن هذا الحياء الذي بدأ يتضاءل وينكمش، بل وأخذت الأفكار الهدامة والمخططات المدمرة الموجهة لنا من قبل أعداء الله وأعداء المرأة المسلمة تنخر في جسمه حتى أضعفته وأوهنت قواه حتى أصبح لا أثر لداعي الحياء في نفوس كثير من المسلمات إذا ما دعوتهن به.
إننا إذا نظرنا إلى الواقع المرير الذي تعيشه المرأة المسلمة وانجرافها وراء تيارات الغرب وتقليدها المستمر لهم حتى إذا دخلوا جحر ضب لدخلته معهم لهو شاهد كبير على تضاؤل الدين والحياء لهذه المرأة المسلمة. لذا سعيت جاهدة سائلة المولى العلي القدير الإعانة والإخلاص في كتابة بعض الكلمات الموجهة لأخواتي المسلمات، والتي أتمنى أن أجد أثرها وصداها في نفوسهن.
أختي الحبيبة:
كلماتي هذه أبعثها لك من قلب يدمي حزنا وفؤاد يتفطر ألما وأسى لحال كثير من المسلمات الآن فنرى المرأة المسلمة تلبس لباسا كاسيا عاريا وتنزل لتعرض فتنتها وتغري عباد الله بأقذر الأسلحة أسلحة الإغراء التي تعلمتها عن طريق وسائل الإغراء فتجد هذا الإغراء في البيت وفي الشارع وفي اللفظ وفي الحركة إغراء في الملبس والزينة إغراء في المشية والجلسة والنظرة إنه لأمر خطير يندى له الجبين ويتقطع له القلب حسرات لما تعيشه من واقع كثير من المسلمات نزع الحياء.، ونسي الدين والقرآن وتنكر للعادات والأخلاق...ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أختي العزيزة:
إن خطابي هذا خطه قلمي المتواضع المقصر وسطره فؤادي المجروح وما هو إلا صرخة نذير وتحذير لك أختي الحبيبة.. إنها كلمات آمل أن تصل إلى مسامعك ومن ثم تطرق باب قلبك وتجد فيه متسعا ومدخلا وقبولا ثم تطبيقا له.
كلمات انبعثت من قلب يكن لك الحب والود والنصيحة نصيحة أخت مشفقة على أختها التي تراها تسير متجهة لطريق الضلال تكاد تنجرف وتنحرف وتقع في الفخ والشراك الذي نصبه لها صهيوني وهي غافلة لا تدري كيف لا أمسك على يدها وأنصحها وأوجهها وأحاول أن أفتح عينها على ما يدور حولها من مكائد ومخططات؟ ! !.
أختي الفاضلة:
إن كلامي هذا ليس بالجديد.. ولكنه تذكير لك لعل الله أن ينفعك بهذه الكلمات فتنسال على فؤادك بردا وسلاما.. ويكون لها أثرها العظيم في نفسك - إن شاء الله فأخاطب فيك أختي الحبيبة دينك أخاطب فيك فطرتك السليمة التي فطرك الله عليها أخاطب فيك حياءك وخوفك من الله العلي القدير فهلا استمعت لنداء أختك المخلصة المشفقة لك؟!
أعلمي أختي العزيزة أنني أنا وأنت وكل المسلمات نقف على ثغرة من ثغور الإسلام ألا وهي الأسرة المسلمة وتربية الأطفال بتربية يحبها الله ويرضاها، ويكون عماد ذلك وأساسه طاعة الله وإتباع رسوله والبحث عن مرضاة الله لنيل سلعته الغالية التي نتمناها جميعا "وهي الجنة".
لذا أختي الحبيبة:
لما رأى أعداء الإسلام المكيدون له مكانة المرأة المسلمة وقوة تأثيرها في الوسط الذي تعيش فيه، وهي مربية الأجيال، وبسببها يكون النشأ صالحا أو فاسدا.. اتجهت الأنظار إلينا نحن النساء المسلمات لتدمير أخلاقنا ونزع ديننا وحيائنا الذي عليه جبلنا وبه أمرنا.. حتى تفسد بذلك أخلاق أبنائنا رجال المستقبل عماد الأمة.. التي تعتمد الأمة في النهوض والوقوف والعزة عليهم بعد الله، فإذا تخلخل وتدمر هذا العماد وضعف هذا الكيان القوي للأمة فكيف يكون حالها بعد ذلك؟ ! هذا ما يريده أعداء الله...
فهلا فهمت؟!
أتعلمين كيف استطاعوا الدخول علينا والتأثير فينا إنه عن طريق وسائلهم المغرية البريئة الظاهر، الخبيثة الباطن، عن طريق سم دسوه في العسل الذي قدموه لنا في إعلاناتهم وعناوينهم البراقة الأخاذة، فكما يقولون مثلا لمواكبة العصر.. والحضارة والتقدم، إنه عن طريق المجلات الهابطة والموديلات والأزياء الفاتنة والقص والروايات الماجنة.. عن طريق المسلسلات والأفلام والأغاني وغير ذلك فهل تبصرت أختي في الله؟! هلا عدت إلى ربك ورددت كيد أعدائك لك في نحورهم فرفضت كل أفكارهم وعناوينهم. وقلت بعزة المسلم لا أقبل إلا أمر الله وأمر رسوله؟!.
أختي العزيزة:
إن ما يريده منك أعداؤك عظيم وغال، أمر ليس بالهين عليك يريدون منك دينك وخلقك وعفافك وحياءك الذي تتشرفين وتعزين يريدونك حقيرة مذمومة منبوذة من المجتمع كما هو حال نسائهم.. ينادون بخلع الحجاب والتعري والسفور إنهم يقولون لك:
مزقي يا ابنة الإسلام الحجابا *** واسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث *** فقد كان حارسا كذابا
إنهم يحيكون المؤامرة تلو المؤامرة ويكيدون المكائد ويتربصون بنا الدوائر، أتوا بحركات خبيثة مسمومة كحركة التحرر، والمساواة والإغراء كل ذلك لتحطيم أخلاقي وأخلاقك وأخلاق المسلمات أداة وسلاح يستخدمونها للفتك بهذا الدين الحنيف هذا إذا استجبنا لنداء اتهم الماكرة ودعوتهم الخبيثة، فلنتصد لهم ولنقف وقفة واحدة كالطود الشامخ أمام هذا الإعصار والتيار الغربي المدمر لنقف لنصرة دين الحق والمحافظة على الدين والأخلاق والحياء لنكون يدا قوية تصفع بتمسكها وسترها وحشمتها وأخلاقها وجه كل من يمس منها طرفا أو يحاول الاقتراب منها وأذيتها، لأقول أنا وأنت وكل مسلمة لأعداء الله ما قالته (عائشة التيمورية)
بيد العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحة *** نقادة قد كملت آدابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألباب
ما عاقني عن العليا *** إلا سدل الخمار بلمتي ونقابي
أختي الحبيبة:
إنه مما يحز في نفسي ويقض مضجعي أن أرى الفتاة المسلمة المؤمنة بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا تجوب الشوارع والطرقات والأسواق ومجمعات الناس، هذه المجمعات التي فيها الغث والسمين فيها الصالح والطالح فيها القلب الطاهر والقلب المريض الذي يتتبع العورات ويلاحق الفتيات فتكون إما متبرجة أو متحجبة لكن حجاب متبرج فيكون منظرها ومظهرها ولباسها سهما تقذفه في قلب هذا المريض فيفتتن بها وينشغل قلبه بها، فبالله عليك أو يرضى الله بفعل هذه الفتاة وهو القائل لها ولغيرها من النساء ((ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) (سورة الأحزاب: 33) أو يرضاه دينها وحياؤها وخلقها الذي عليه تربت وبه نشأت؟ !
أختي العزيزة:
ألا تعلمين أن من علامات ضعف الإيمان عند المرأة المسلمة وبداية انهزاميتها وتخليها عن عفتها وكرامتها إذا تخلت أو تنازلت عن دينها وحيائها وأخلاقها فالحياء يعد من مقتضيات فطرتها فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فيقال (أحيا من العذراء في خدرها) وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها و خروج عن فطرتها فهلا استوعبت ذلك؟ إ!!.
فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
أختاه:
أين تلك الفتاة التي ترين الحياء يرتسم عليها من مظهرها بل ويكاد ينطق به شكلها الخارجي لحشمتها وتسترها التام فتتحرز أن يظهر منها إصبع واحد تخشى أن يظهر من جسمها أو لون جلدها أو مفاتنها شيء فإذا رأيتها حسبتها غرابا أسودا بحشمتها وحرصها على التحجب.
وهذه الفتاة المحتشمة صورة مغايرة ومناقضة لتلك الفتاة المتبرجة التي تخرج من منزلها أو مدرستها أو محل عملها وهي في أوج زينتها وقمة تبرجها، ألبسة مغرية جميلة.. ليس فوقها إلا عباءة قصيرة أو طويلة لكن لا تبالي: بها يفتحها الهواء تارة وتتعمد رفعها تارة أخرى.. تخرج بخمار تستر به وجهها لكنه أحيانا يكون رقيقا يصف لون جلد وجهها وأحيانا تشده على وجهها شدا قويا بحيث تبرز مقاطع وجهها كأنفها ووجنتيها تخرج لابسة من حلي الذهب ما لبست ثم تكشف عن ذراعيها أوع يدين قد جملتها بالحناء أو بما يسمى "المناقير" وتتباهى بذلك أمام الناس ولا تعلم أن الله يراقبها من فوق سبع سماوات..
شتان بين هاتين الفتاتين، شتان بين من التزمت بشرع ربها وصانت نفسها وحجابها وحياءها وبين من فرطت في أمور دينها وتتبعت منهاج أعدائها، شتان بين من ترى أن الحجاب دين وشريعة وأنه كان سببا لصيانتها من الأقذار والدنايا والأوحال، وبين من تنظر إلى أن الحجاب ما هو إلا عادة بالية.. وأنه الآن يعد من علامات التخلف والرجعية.. وأنه بالنسبة لها قيود لابد أن تتحرر منها وتنطلق بعد ذلك إلى الدمار والخزي والعار.
أختي الكريمة:
كم يتمعر الوجه ويذوب المؤمن حياء من الله عندما ينظر إلى فتياتنا اليوم أمهات المستقبل مربيات الأجيال وهن يصرفن جل اهتمامهن في أمور تافهة لا قيمة لها ولا وزن أمور تعد من السفاسف والأرذال التي يجب على المسلمة أن تترفع عنها، فالإسلام دين عزة ورفعة وعلو.
إنك أختي الحبيبة تنظرين إلى أختك المسلمة وهي منكبة على المجلات الماجنة و (البرد) التافهة والمسلسلات الخليعة والتي يترفع المسلم عن مجرد النظر إليها، دعايات هابطة سافرة يراد منها هدم الدين والأخلاق.
إنك ترين أختك المسلمة تهتم بكل صرخة أو صعقة ينادي بها أدعياء الشيطان.. أما داعي الحق إن نطق عندها أخرسته.. تجد المرأة المسلمة تعكف على حفظ نصوص الشعر والغزل والروايات السخيفة والتي لا يكتبها إلا دفائن سخفاء أما كتاب ربها فلربما لا تحفظ منه إلا بضع آيات، ولو سألتها عن معنى آية أو عن حديث ما استطاعت إجابتك.
هذا والله ما أراده أعداء الإسلام.. أرادوا أن يبعدوا شبابنا وفتياتنا عن منهج الله ويبعدوهم عن منبع النور والعزة والرفعة.. يريدون أن يشغلوها عن كتاب ربنا وسنة نبينا لأننا بدونهما لا نساوي شيئا.
يريدون أن يجعلونا نحن الذين أعزنا الله بهذا الدين أن نكون تبعا لهم وأذنابا خلفهم وهم الذين أذلهم الله وحقرهم.
نجد للأسف الشديد أغلب شبابنا ليس عنده اطلاع أو ثقافة دينية ما السبب في ذلك؟! لأنه استعاض عن هذه التعاليم بتعاليم وأفكار جاءت لنا من الغرب فوافقت هواه وشهواته فلم يلتفت إلى غيرها.
أختاه:
إن غزو هذه الأفكار على عقولنا وأفكارنا أبقى لها أثارا وعلامات على كثير من المسلمات تغيرت كثير من المفاهيم والأفكار عند كثير من النساء أصبحت الصلاة عندهن ثقيلة فإذا نادى مناد الحق أن حي على الصلاة، رأيتها تقوم متثاقلة متكاسلة وتؤديها وكأن جبال الدنيا كلها وضعت على رأسها. أما إذا كان هناك زواج أو حفلة أو جلسة شاي، وجدتها من المسارعات إليها وتجدها تتجهز وتستعد بلبس أجمل الملابس وأفضلها وتكون متشوقة لهذا اللقاء الذي قد يكون حلقة تحفها الشياطين وتتخللها الغيبة والنميمة والنهش في أعراض الناس.
أختاه:
إنك الآن تجدين أكثر فتيات الإسلام وهن يضيعن أوقاتهن فيما لا ينفع فتقف الواحدة منهن الساعات الطوال أمام المرآة للتجمل والتزين أما إذا نظرت إلى صلاتها فتنقرها نقر الغراب ولا تعلم المرأة المسلمة أن جمالها وروعتها وسعادتها لا تكمن في شكلها ومظهرها وتسريحات شعرها بل والله يكون في تقواها وصلاحها وإيمانها ومحافظتها على خلقها ودينها وحيائها.
أختي الحبيبة..
إحذري من أن تكوني إمعة مقلدة لكل ناعق أو جديد يأتي من بني صهيون، فأنت لك كرامتك وشخصيتك المستقلة المميزة بها عن غيرك إن كنت لابد مقتدية فعليك بسيرة الصحابيات الفاضلات الطاهرات... عليك بالنظر إلى الصالحات التقيات الداعيات إلى الله فإن هؤلاء هن اللواتي حري بنا أن نلتف حولهن ونحذو حذوهن، فإنهن مشعل نور لطريق الهداية، صحبتهن فيها خير الدنيا والآخرة.
لا تقتدي أختي الحبيبة بالساقطات الداعيات إلى الفساد المتبجحات بالرذيلة.. الخالعات لثوب العفة والحياء. ووالله إن مما يبكى القلب ويقطع النفس حسرة أن -نرى الأخت المسلمة.. إن رأت قريناتها يلبسن الملابس الضيقة أو الشفافة أو القصيرة لبست وقلدت وإن رأتهن تلبسن البنطلونات الضيقة الفاتنة - والفساتين الواصفة لمفاتن المرأة وربما لعورتها وأفخاذها وعجيزتها قلدت كالببغاء، لا تقف عند حكم الشرع في هذه الملابس ولا ترى ما يرضي الله فيها، بل تساير التقدم كما تظن لا تريد أن تتخلف عن موكب الحضارة والرقي وتظن أنها لو تخلفت عن هذا الموكب تعد متخلفة رجعية معقدة على الرغم أن عين التخلف والرجعية وانهزامية النفس والسذاجة يكون في فكرها وتصورها وفعلها هذا.
أختي المؤمنة:
أعجب ويشتد عجبي من الأخت المسلمة وهي تلبس الملابس الضيقة والشفافة وربما تظهر بها أمام الرجال الأجانب وهي تعلم بوعيد النبي - صلى الله عليه وسلم - صنفان من أهل النار لم أرهما.. ومنهما. ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. (رواه مسلم).
كذلك أعجب من تلك التي تشمر عن ذيل ثوبها حتى لربما يتضح ساقها، وحبيبها محمد - صلى الله عليه وسلم - يأمرها أن ترخيه ذراعا عندما سألته الصحابية الجليلة قال: "ترخيه شبرا فقالت تنكشف أقدامهن قال ترخينه ذراعا ولا يزدن " رواه الترمذي وغيره وقال حديث حسن صحيح (سنن الترمذي (1415).
أعجب من تلك التي تعلم أن صوت المرأة عورة إلا لحاجة ومع ذلك تسمع صوتها مرتفعا بدون حياء ولا دين.. تخاطب صويحباتها أو من معها وكأنها في منزلها دون اكتراث أو مبالاة لوجود رجال أجانب حولها والله - عز وجل - يقول ((ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)).
أعجب من تلك التي تعرف حكم الطيب أثناء خروجها من منزلها أو مدرستها وخاصة إذا وضعته ومرت على رجال أجانب ووجدوا ريحها بماذا تدعى في السماء والعياذ بالله... ومع ذلك نجدها تضع أقوى روائح العطر الأخاذ المفتن لمن يجد ريحه وتخرج به وتمر على رجال أجانب إما في الأسواق أو أي مكان آخر وتجعل قول المصطفى (أيما امرأة استعطرت ومرت على قوم ليجدوا ريحها دعيت في السماء بالزانية) وراءها ظهريا (رواه أحمد وغيره بإسناد حسن صحيح الجامع (2701)).
أعجب وتشتد حيرتي عندما أرى أمة الله تعرف حكم لبس الكعب العالي وأن في لباسه تدليس وخداع وإغراء بمن يراها فيظنها طويلة وهي ليست كذلك وتعلم ما في لبسه من المفاسد والأضرار الصحية والخلقية والاجتماعية ومع ذلك تصم أذنيها عن داعي الحق وتتمادى فتلبس أحذية براقة زاهية جذابة ملفتة للانتباه.. مجلبة للفتنة فتزيد بذلك الطين بلة كما يقولون.
أعجب من أخواتي هؤلاء لماذا يسمعن نداء الحق ومع ذلك يبتعدن عن اتباع الحق لأجل هواهن ومرضاة أنفسهن الأمارة بالسوء أتضمنين أختي الحبيبة عمرك ولو لحظة ما يدريك لعلك لا سمح الله تقبضين وأنت على هذه المعصية التي تعملينها فتخيلي كيف تلقين ربك؟! تذكري ذلك أختي المسلمة واعلمي أن متاع الحياة الدنيا زائل وأنه لا يبقى للإنسان إلا عمله فإن كان صالحا فنعما وخير وإن كان دون ذلك فيا ويله مما قد يلاقي.
وأخيرا:
حافظي أختي الحبيبة على حجابك الإسلامي الكامل وألقي حجاب التبرج جانبا لتقبلي على طاعة ربك وتدعي سفاسف الأمور وأراذلها جانبا فأنت أرفع وأعلى منها، لتمزقي بل أحرقي كل صفحة أو رواية أو جملة هابطة ماجنة ساقطة تدعو للتحرر من القيم والدين والحياء تدعو إلى الرذيلة والفساد والخزي والعار.
لتصمي أذنيك عن نعيق الغرب وصيحاتهم وآخر صرخاتهم وتفتحي أذنيك وقلبك لداعي الخير والإيمان وتقبلي على كتاب ربك منبع الخير لك في الدنيا والآخرة ولتتبعي سنة نبيك نبراس حياتك ومشعل النور لك.
ردي كيد أعدائك في نحورهم بتمسكك بكتاب ربك وسنة نبيك واجعليهم يختنقون غيظا وكدرا من قفلك لهم افعلي ذلك أختي الحبيبة فهذا هو فعل الفتاة المسلمة المعتزة بدينها.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/174)
الصيحة الصامتة
عبد الملك القاسم
أنعم الله على المرأة المسلمة بنعمة الإسلام وزانها بزينة العقل وتوجها بالعمل الصالح وجعلها ركيزة المجتمع المسلم تستقي من منهل عذب صاف رقراق ليس فيه للخرافة مصب ولا للشرك منبع..وعلى هذه الأرض الطيبة النقية تنشأ الأسرة المسلمة تمتد جذورها وترتفع أرومتها..والمرأة المسلمة تتفيأ هذه الظلال وتنعم بهذه المكانة، نرى أن بعض المسلمات أصغين السمع لأصوات الناعقين في بعض وسائل الإعلام التي تبث عبر أنيابها سموماً فتاكة توهن الدين وتضعف الخلق وتزلزل الفضيلة.. فمن هراء فكري إلى مناداة بالمساواة والتحرر إلى إبراز وجه الحضارة الإنسانية القبيح..
ترى كم من مسلمة تستقي أمور حياتها من تلك الحضارة؟! وكم من مسلمة نبذتها وراء ظهرها وأقبلت على كتاب ربها وسنة نبيها؟! فأخذت منهما بعد عقيدتها، أحكام اللباس والخلوة بالأجنبي وحكم التشبه وغير ذلك..
أما الوجه المخزي للحضارة المادية التي تبهرك بظاهرها وهي خواء فسأورد ما ذكره الدكتور فلاديمير سكرتير عام اللجنة الدولية لحماية الطفل قبل الولادة في الولايات المتحدة الأمريكية في تقرير مطول أوضح فيه كيف تحول الإنسان إلى وحش يقتل نفسه لغرض المتاجرة والاحتيال.. فقد بدأت ملامح تلك القضية تظهر في الأفق وتتحدث عنها الأوساط الطبية وذلك حينما تم عرض شريط سينمائي بعنوان "الصيحة الصامتة" في عام 1405هـ / 1985م وأثار ضجة كبرى من قبل مؤيدي الإجهاض حيث أشرف على أكثر من 60 ألف حالة إجهاض، وباشر خمسة آلاف حالة. ويبدأ الفلم بعرض جنين سليم تم تصويره بالأشعة فوق الصوتية لم يولد بعد، وينتهي بتقطيع أوصاله، وفصل رأسه عن جسده وهو يسبح في السائل المحيط داخل الرحم بفعل آلة الإجهاض في العصر الحديث (الجيلوتين) التي تعمل على تهشيمه تماماً. وأوضح الفلم أن الجنين طفل حي لم يولد بعد، وقد تعرض لآلام رهيبة حتى تمت عملية الإجهاض، كما أن تصرفات الطفل داخل الرحم توضح بما لا يدع مجالاً للشك أنه يشعر بالألم، حيث يتحرك بعيداً عن آلة الإجهاض التي تجلب له الموت، كما أن ضربات قلبه الصغير تزيد ويصرخ بشدة مثل صرخة الغريق تحت الماء، وأظهر الشريط أيضاً ضربات قلب الجنين زادت بقوة عندما واجه خطر الموت فقد وصلت ضربات قلبه إلى 200 نبضة في الدقيقة. وهذا رقم غير طبيعي كما تجمع عليه كافة المراجع الطبية وكان عمر الجنين في الشريط 12 أسبوعاً فقط!!
فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام وعلى نعمة المشاعر والعواطف التي ضبطها الإسلام بضوابطه الصحيحة وسيرها في مجراها الطبيعي.. إنها مواقف تدعو إلى تصحيح الكثير في هذه الحياة..
من أين يأخذ وعمن يتلقى؟! وكيف يسير.
والحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً.
18/09/2005
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/175)
م جرينتش
السرقة الحلال- كيف تسرقين قلب زوجك?? [1]
الأحد 20 ذو الحجة 1425هـ - 30 يناير 2005 م
الصفحة الرئيسة
مفكرة الإسلام : كانت صديقتي على سفر.. اتخذت كل احتياطات تأمين شقتها، مزاليق تستعصي على الفتح، نوافذ حديدية، وسافرت للمصيف مع أسرتها مطمئنة، وعندما عادت فوجئت بسرقة كل ما خف حمله وغلا ثمنه من بيتها، انهارت صديقتي، ومن وسط دموعها لم أستطع التقاط سوى عبارة واحدة كانت ترددها طوال نحيبها:
كيف دخلوا بيتي؟
كيف فتحوه رغم كل ما اتخذناه من حيطة وحذر؟
أي مفاتيح استخدمها هؤلاء الشياطين؟
واسيتها ودعوتها للاسترجاع وقلتُ لها صادقة: إن عودتها وأسرتها بسلامة الله من سفر بعيد نعمة جزيلة لا يضاهيها شيء، وتركتها داعية لها بالخلف والعوض, وفي طريقي رددت ذات السؤال المحير الذي رددته هي:
كيف فتحوا المزاليق القاسية؟ وألانوا النوافذ الحديدية؟
ووجدتني أتخيل بيت صديقتي كقلب رجل تجتهد شريكته أن تفتحه وتسكنه ملكة متوجة وسألتُ نفسي:
هل يمكن أن يكون اللصوص أمهر وأذكى من زوجة محبة متفانية معطاءة حانية؟
وهل تلك الشريكة التي تفني نفسها ليل نهار من أجل زوجها وأبنائها يمكن ألا تمتلك بجوار صبرها وتحملها واحتسابها مفاتيح قلب زوجها؟
وهل يمكن أن تذوب الزوجة كشمعة وهي تعطي, ومع ذلك يوصد دونها قلب زوجها؟
عزيزتي الزوجة المسلمة:
كثيرات من نسائنا يعيش معهن أزواجهن بحكم الإلف والعشرة لا بدافع الحب، وعدم القدرة على الاستغناء، واعتادوا عليهن , وقد لا يصعب عليهن حين تقع الفأس في الرأس أن يعتادوا على غيابهن، فالقلوب مغلقة، والمشاعر محايدة، والنبض لا يهتف باسم شريكة الحياة، والشوق لا يحفز الزوج لكي يهرول إلى عشه بعد يوم عمل طويل لينعم بصحبة شريكة كفاحه.
قد أظن ويظن معي كثيرون وكثيرات أن ولوج قلب الزوج أو الزوجة مغامرة شاقة ومهمة عسيرة, ولكن عن خبرة شخصية وسماعية، بوسعي أن أؤكد أن الأمر أيسر مما يتخيلن وتحكمه معادلة:
حب + صبر + دأب سعادة في الدنيا وأجر في الآخرة.
وكلما كان النظر بعيدًا كانت الجهود أهون والمحاولة أنجح، وأثر التحبب حبًا، والتودد ودًا، وتدفقت الكلمة الحلوة أنهارًا من عسل السعادة والاستقرار والوفاق.
عزيزتي الزوجة المسلمة: اجتنبي 'الأخطاء العشرة'
هناك عشرة أخطاء مدمرة من قبل الزوجة كثيرًا ما تكون من أسباب الطلاق أو النفور الشديد والبغض من قبل الزوج.. عليكِ أن تتعرفي عليها مخافة الوقوع فيها قبل أن نمسك بمفاتيح قلب الزوج، والأخطاء هي:
1ـ استحداث المشكلات الشديدة مع أهله عمومًا, مما يجعل الزوج في حيرة بين حب أهله وزوجته, وبالتالي يقلل ذلك من حبه واحترامه لها.
2ـ التكلم عن أمه أو والده بشيء سيئ.
3ـ إهانة الزوج وخاصة أمام الآخرين.
4ـ جرح الزوج في كرامته ورجولته ولو على سبيل المزاح.
5ـ عقد المقارنة بينها وبينه في الأمور التي تتفوق فيها عليه كالمال أو العلم أو النسب وغيرها.
6ـ إزعاجه بالتذمر والشكوى عمومًا من حالها وبشكل دائم ومستمر.
7ـ عدم الاهتمام بتوفير الراحة والهدوء في مكان ووقت نومه، وقد قيل: إن من أخطر الأمور في الحياة الزوجة أن تضايق الزوجة زوجها في وقت نومه كأن تقوم بتشغيل المكنسة أو الغسالة أو لا تهتم بتهدئة الأطفال, مما يبغض الزوج في منزله, وقديمًا قالت أم إياس لابنتها في وصيتها: احفظي له خصالاً عشرًا تكن لكِ ذخرًا منها: أما الخامسة والسادسة: فالتعاهد لوقت طعامه، والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
8ـ عدم الاهتمام بطعامه وملابسه ونظافة منزله، فالزوج قد يصبر لفترة على عدم توفير الطعام الجيد أو الملابس النظيفة المرتبة، لكنه حتمًا سيطفح به الكيل وينفر من الزوجة بشدة بعد ذلك.
9ـ الامتناع عن الزوج دون عذر.. وهذا من أهم الأسباب لبغض الزوج لها وأيضًا تبيت الملائكة تلعنها.
10ـ الظهور أمام الزوج بالمظهر الرث والمنفر، وبخاصة فيما يتعلق بالنظافة الشخصية.
أتبع مع زوجي سياسية السحر الحلال
قالت إحدى الزوجات: ' الكلمة الحلوة نوع من السحر الحلال, ومحاولة امتصاص الغضب وعدم التأثر النفسي على حساب علاقتي بزوجي، وعدم مناقشته أثناء الغضب, بل إنني أسعى دائمًا للتأكيد على أن رضا زوجي هو أهم شيء في حياتي.
وكل رجل له مفتاح لشخصيته, وعلى كل زوجة أن تعرف هذا المفتاح، فأحيانًا يسعد الرجل إذا كانت زوجته على وئام مع أهله، وأحيانًا أخرى إذا حققت الزوجة بعض الأشياء التي يحبها كأن تزينت له أو أعدت له طبقًا مفضلاً أو استقبلته بشكل معين...والأهم عندي أن كل شيء في حياتنا يخضع للتفاهم والاتفاق, وأنا أسعى دائمًا للاقتراب من زوجي وأحاول أن أحب الأشياء التي يحبها , فالتقارب الزوجي له أثر كبير في استقرار الحياة الزوجية ' اهـ.
إذا أردت عزيزتي الزوجة امتلاك مفاتيح السرقة ـ سرقة قلب الزوج ـ فتابعي معي المقال التالي على موقعنا:
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
عزيزتي الزوجة المسلمة هناك عدة أمور تدخلين بها قلب زوجك فلا يعود ينظر لغيرك وهي:
1ـ لين الحديث.
2ـ حفظ الزوج.
3ـ العبادة والذكر.
4ـ التطيب واللباس.
5ـ تحضير الطعام.
واليك عزيزتي الزوجة التفاصيل:
[1] لين الحديث:
استقبليه بابتسامة وودعيه بابتسامة، واسألي عن حاله وأحواله ولا تتدخلي بأعماله، تجاذبي معه أطراف الحديث ولا تذكِّريه منه بالجانب الخبيث، أسمعيه كلامًا طيبًا وأظهري له جانبًا لينًا، فإذا أخطأ فلا تلوميه وقولي له كلامًا يرضيه، وإذا طلبتِ منه شيئًا فلم يلبِّه فلا تعانديه بالقول الفظيع فينفر منك، ويدب بينكما النزاع والخصام, وقد يدوم ساعات وأيامًا، أطيعيه بما يرضي الله وبما يريد، ولا تكوني قاسية كالحديد، عندها سيصُبُ غضبه بالتهديد والوعيد، فلا ينفع بعدها إصلاح ذات البين في وقت شديد، وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك حيث قال: 'إذا صلت المرأة خمسها, وصامت شهرها, وحفظت فرجها, وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت'.
[2] حفظ الزوج:
كوني له مستودع الأسرار, ولا تفشي شيئًا منها خارج الدار، وكُنّي له كل احترام واقتدار، وإذا قدر ودب بينكما الغضب والشجار, فلا تذكري له شيئًا من هذه الأسرار، عندها سيندم على كل حديث بينكما دار، ولا تنسي أن تحفظي له العرض والدار، ولا تسمحي لأي غريب أن يتخطى عتبة الدار، وفي عهد عمر قالت زوجة مؤمنة غاب عنها زوجها:
مخافة ربي والحياء يصدني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه
وإذا أردت أن تخرجي فاخرجي باستئذان، عندها ستكون حياتك بأمان، حافظي على أمواله وتربية عياله، واذكري قوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}.
[3] العبادة والذكر:
لا تنسي ذكر الله, ولا تجعلي التلفاز وغيره لكِ ملهاة، فيموت قلبه نحوك فليس لك سواه، إذا نسى الصلاة فذكريه، وصلي أمامه لتسعديه، وحافظي على الصلوات الخمس, واذكري الله دائمًا بالجهر والهمس، ولا تهملي ماذا أراد زوجك اليوم وماذا طلب بالأمس، وازني بين العبادة وبين رغبات الزوج دون نقص.
[4] التطيب واللباس:
اظهري لزوجك بأجمل الثياب، وتزيني وتطيبي له بأطيب الأطياب، فإن الرجل يحب أن يرى زوجته جميلة المظهر، بهية الطلعة، ارتدي له الألوان الزاهية، ونوعي له اللباس كل يوم، أنصحك بالتبرج داخل المنزل ولزوجك، كوني كالفراشة حوله، اختاري الألوان التي يحبها، تجملي له وليني له الكلام، بذا يزيد الشوق لك والهيام.
[5] تحضير الطعام:
اطهي له أشهى الطعام، وجهزي له السرير بعدها لينام، كوني له الطاهية، ولا تجعلي الخادمة هي الآمرة الناهية، اسأليه ماذا يحب من أصناف الطعام, وأظهري له الود والاحترام، فإذا لم يعجبه ذلك اليوم طبخ الطعام، فلا تتركيه غضبان لينام، وهنا قد يتلفظ بالشتائم ويكون يومك هو اليوم الغائم، فاصبري على ذلك لتنالي الأجر الدائم.
وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: 'ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود الولود, التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك, لا أذوق غمضًا حتى ترضى'.
عزيزتي الزوجة.. إذا اتبعتِ هذه النصائح فسوف تعيشين في سعادة, وتجدين فوق ذلك زيادة, وسترفرف على أسرتكما أجنحة الرضا والسعادة.
وهذه مفاتيح السرقة الحلال!!
أدعو كل زوجة محبة أن تجرب تلك المفاتيح لتسرق قلب زوجها:
ـ مفتاح الصمت والابتسامة الودود.
ـ مفتاح التذكرة.
ـ مفتاح الإصلاح.
ـ مفتاح الثقة.
ـ مفتاح زرع الهيبة.
ـ مفتاح الاحترام.
ـ مفتاح التفاخر والتماس الأعذار.
ـ مفتاح الجاذبية.
ـ مفتاح الإنصات والاهتمام, واليك مواقف استخدام هذه المفاتيح:
• حين ينفعل زوجك ويغضب, عليك بمفتاح الصمت والابتسامة الودود, ثم الربتة الحانية حين يهدأ، والسؤال المنزعج بلسان يقطر شهدًا: ما لك يا حبيبي؟
• حين يقصر في العبادة وتشعرين بفتوره, عليك بمفتاح التذكرة غير المباشرة بجُمَل من قبيل: سلمت لي.. فلولا نصحك ما حافظت على قيام الليل، سأنتظرك حتى تعود من المسجد لنصلي النوافل، هل تذكر جلسات القرآن في أيام زواجنا الأولى كانت أوقاتًا رائعة، وكل وقت معك رائع، مسارعتك إلى الصلاة بمجرد سماع النداء تشعرني بالمسؤولية والغيرة، جمعنا الله في الجنة ورزقنا الإخلاص والملامة على الطاعة.
• إن لمستِ منه نشوزًا فلن تجدي أروع من مفتاح الإصلاح الذي ينصحك به الله تعالى, توددي واقتربي وراجعي تصرفاتك، تزيني، ورققي الصوت الذي اخشوشن من طول الانفعال على الصغار، صففي الشعر الجميل الذي طال اعتقاله في شكل واحد.
• حين تحدث له مشكلة في عمله جربي مفتاح بث الثقة, واسيه وشجعيه، قولي له: ما دمت ترضي الله، فالفرج قريب، وبالدعاء تزول الكربات.
• أمَّا وأنتما مع أولادكما فلا تنسيْ مفتاح زرع الهيبة، أشعريه بأنه محور حياتكما، إن عاد بشيء مهما كان قليلاً فأجزلي له الشكر، وقولي لأولادك بفرحة حقيقية: انظروا ماذا أحضر لنا بابا أبقاه الله وحفظه، إياك أن تسمحي لأحد الأولاد أن يخاطبه بـ'أنت' دون أن تنظري إليه بعتاب، وتحذريه من أن يكررها ويخاطب أباه بغير أدب، على مائدة الطعام احرصي على ألا يضع أحد في فمه لقمة قبل أن يجلس ويبدأ هو بالأكل، وحين يخلد إلى النوم والراحة حولي بيتك إلى واحة من الهدوء، وألزمي صغارك غرفة واحدة دون أصوات عالية أو تحركات مزعجة.
• مع أهله وأهلك اصطحبي مفتاح الاحترام، وأنتما وحدكما استخدمي مفتاح الأنوثة والجاذبية.
• وهو يتحدث افتحي مغاليق نفسه بمفتاح الإنصات والاهتمام وإظهار الإعجاب بما يقول وتأييده فيه.
• في أوقات الخلاف استعيني بمفاتيح التفاخر والتماس الأعذار، وحسن الظن، والرغبة في التصافي.
عزيزتي الزوجة المسلمة:
إن كنت تحبين زوجك وتريدين أن تمضي عمرك معه فستجدين ـ بعون الله ـ لكل باب مغلق مفتاحًا يجعله طوع يمينك، ومهما كان زوجك عمليًا غير رومانسي فإن قلبه لن يكون أكثر تحصينًا من بيت صديقتي الذي فتحه اللصوص, 'وأنت لستِ لصة بل صاحبة حق'. وليس من الحكمة أن يسرق قلب زوجك سواك.
فهلمي إلى الكسب الحلال ولنعم العمل ذاك باب للسعادة في الدنيا ونيل الجنة في الآخرة.
ـــــــــــــــــــ(82/176)
ماذا تفعلين إذا اكتشفت أن زوجك لا يحبك ؟
كدت أسمع صوت بكائها في رسالتها التي تقول فيها: منذ تزوجت لم أشعر يومًا مثل الأخريات بحبه..لكني صبرت حتى كان ذلك اليوم الذي اعترف لي فيه أنه لا يحبني..هكذا بكل سهولة قذفني بكلماته دون أدنى مراعاة لمشاعري.. 'أنا لا أحبك.. ولم أحبك منذ تزوجتك'.
وهي حائرة لا تعرف كيف تتصرف وشبح الطلاق يحوم حولها كل يوم.. فيطرده صوت طفلتها الرضيعة.
هذه المرأة لم تكن أول زوجة تكتشف هذه الحقيقة. فالكثيرات اكتشفنها لكنهن آثرن السلبية والصمت أو التغافل.. وبعضهن لم يكتشفن هذا الأمر إلا بعد مرور عشرات السنين من زواجهن حين صدمن بالحقيقة على لسان الزوج لتقتل ماضي عمر بأكمله.
المرأة الذكية هي التي تعرف جيدًا أن عدم حب زوجها لها لا يعني نهاية المشوار ولا استحالة ولادة الحب من جديد.. وهي التي تستغل الحزن والقهر الموجودين بداخلها كطاقة هائلة لزرع شجرة حب رائعة بدلاً من البقاء صامتة وسلبية ومتقوقعة على ذاتها، ومستسلمة لتلك الصدمة تاركة الحزن يأكل قلبها..
ولكن يبقى السؤال: كيف أزرع الحب في قلب زوجي الذي لا يحبني؟
وفي هذا الموضوع ينصحك الخبراء وأصحاب التجارب بالآتي:
ـ عليك أولاً أن تقنعي بنصيبك وترضي به وتحمدي الله؛ لأن الرضا والقناعة من مفاتيح السعادة في الدنيا والآخرة.. واعلمي أن الله قد اختاره ليبتليك هل تصبرين وتحمدين على قضائه وقدره أم لا؟ وتذكري أنك مأجورة بإذن الله على صبرك، وقد يكون في ابتلاء الله لك بزوج لا يحبك خير كثير لا تعلمينه {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].
ـ لا تركزي على هذا الأمر، ولا تفكري فيه بشكل سلبي، فتقارني نفسك بالأخريات معتقدة أنهن أفضل منك، فقد تكون حياتك الزوجية أسعد وأرغد بكثير من حياة غيرك برغم عدم وجود الحب. وأفضل وسيلة لطرد الوساوس والهموم هي إشغال النفس بطاعة الله، في قراءة الكتب المفيدة، وسماع الأشرطة أثناء العمل في المنزل، والانشغال بتغيير ديكور المنزل والعناية به، ووضع أهداف شهرية وأسبوعية لتحقيقها وإنجازها حتى تنشغلي بها عن التفكير فيما يزعجك وينغص عيشك.
ـ تجنبي لوم زوجك ومعاتبته المستمرة؛ لأن الزوج قد ينفر من زوجته بسبب اللوم المتواصل والنكد حتى لو كان يحبها، فما بالك لو لم يكن يحبها! وابتعدي عن كل ما يمكن أن ينفره منك كالمظهر الرث، والصراخ، واستخدام الألفاظ النابية، وغير ذلك مما لا يحبه أي زوج..
ـ ليس من المجدي في هذه المرحلة أن تحاولي التقرب منه كثيرًا؛ لأن كثرة اقترابك منه ونفسه لا تميل لك قد يجعله ينفر منك. وهذا لا يعني أن تبتعدي عنه تمامًا، لكن المقصود ألا تفرضي نفسك عليه حتى لا تتعرضي لما قد يجرح مشاعرك.
ـ إذا كان التزين والاهتمام بالمظهر مطلوبين من كل زوجة فإنه أهم وأجدى بالنسبة لك، فعليك الاهتمام دائمًا بمظهرك وجوهرك والتجديد في ذلك، مع الحرص على تزيين وجهك بالابتسامة العذبة المريحة.
ـ من أهم وسائل زرع الحب في نفس الزوج أن تحرصي على توضيح مدى احترامك وتقديرك له وفخرك به، سواء بينكما أو أمام الآخرين، وذلك بالكلام والفعل معًا، وقد تتغير مشاعره تجاهك لأنه يشعر بالراحة والفخر والاعتزاز بالنفس معك..
ـ من أهم المفاتيح للوصول إلى قلب الزوج أن تعرفي اهتماماته وميوله وتشاركيه إياها، فإذا كان يحب هواية معينة فابحثي عن الكتب والمواقع التي تتحدث عنها، واقرئي فيها لتستطيعي مناقشته فيها، فالتحدث معه في المواضيع التي يحبها ومشاركته اهتماماته وميوله من أهم الأشياء التي تجعل زوجك يميل إليك، وتنمي روابط المحبة بينكما.
ـ استعيني بالصبر والهدوء والسرية والكتمان، ولا تطلعي أحدًا على مشكلتك إلا من تثقين في حكمتها ومحبتها لك، فمن تستمع لك فستتعاطف معك وتبدي حزنها، وهذا غالبًا يزيدك همًا وحسرة على نفسك وحالك، وقد تسمعين منها بعض النصائح التي تعطي نتائج سلبية.
ـ توكلي على الله وفوضي أمرك إليه والزمي الدعاء الصادق لربك في الثلث الأخير من الليل بأن يسخر قلبه لك ورددي دائمًا {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74] مع التفاؤل واليقين بأن الله سيجيب دعاءك إنه سميع مجيب.
ـ تذكري دائمًا أنه ليس بالحب وحده تُبنى البيوت، فكم من أزواج نجحوا في العيش في سلام وراحة وسعادة في تربية أطفال ناجحين دون أن يكون هناك حب بينهما، ولكن يمكن العيش والنجاح بالقليل منه، خصوصًا إذا كان الزوجان يخافان الله ويلتزمان التقوى وحسن العشرة مع بعضهما، فهناك الكثير من الأشياء التي تستحق التضحية كالعشرة والاحترام المتبادل والعلاقة الطيبة بأهل الزوج ووجود الأطفال.. وكم من زوجة طلبت الطلاق من زوجها بسبب انعدام الحب ثم ندمت بعد الطلاق وشعرت بفراغ بعده وافتقاد له ولعشرته الطيبة.
شوال 1425هـ
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/177)
الآثار المترتبة على قيام المرأة بالدعوة
لا بد لكل مجتهد من أثر ونتيجة في الغالب وعلى مقدار حجم الجهد تأتي النتائج غالبا.
ومن هذه الآثار:
1- الأثر العلمي:
إن قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى انتشار العلم بصورة أوسع وأشمل، كما يوسع الأفق الفكري في الأوساط النسائية وعلى الخصوص ما يتعلق بخصائص الإسلام ومميزاته وهيمنته على جميع الأديان، إضافة إلى ما يجب على المرأة معرفته في أمور العقيدة والشريعة كي تعبد الله وتدعوا إليه على علم وبصيرة. كما أن العمل في الدعوة يؤدي إلى توفير كفاءات علمية في الوسط النسائي يمكن رجوع النساء عليها في كثير من المسائل العلمية.
2- الأثر التربوي:
إن عدم قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى الوهم واعتقاد عدم تكليف المرأة المسلمة بالدعوة، فإذا وجد في النساء أمثال المرأة الداعية انتفى هذا الوهم واندفعت هذه الشبهة، واقتدت المرأة بسلفها الصالح في مجال الدعوة إلى الله.
كما أن قيام المرأة بالدعوة يجعل منها رقيبة على نفسها في قولها وفعلها وحركاتها وسكناتها.
إن عمل المرأة الدعوي يؤدي إلى اختفاء كثير من الممارسات الخاطئة التي أخذت طابع الظاهرة الاجتماعية في المجتمع النسائي بالذات.
3- الأثر النفسي:
إن مشاركة المرأة في الدعوة يؤدي إلى إبراز المكانة الشخصية للمرأة في تعاليم الإسلام، وزرع الثقة في النفس من حيث الشعور بالمساواة الإنسانية في الحقوق والواجبات، وأنها آخذة معطية وليست من سقط المتاع.
4- الأثر الاجتماعي:
إن مشاركة المرأة المسلمة للرجل في الدعوة إلى الله مما يوجد التوازن في التوجيه واتحاد الهدف وتضافر الجهود لإخراج جيل مسلم مستنير بعلوم القرآن الكريم والسنة المطهرة مترتب على الأخلاق الحسنة.
ومن الآثار المهمة في هذا الجانب سد ثغرة من ثغور الإسلام لحماية عرينه وتماسكه الاجتماعي، والصمود أمام الباطل الموجه بضده عامة وشؤون المرأة المسلمة بخاصة.
5- الأثر الاقتصادي:
إذا علم بالضرورة مسؤولية المرأة المسلمة عن أهل بيت زوجها وولده فإن هذه المسؤولية العظيمة تتناول فيما تتناوله الحفاظ على مال الزوج وحسن التدبير فيه.
كما أن المرأة المسلمة الداعية توازن بين مصالح بيتها ومصالح الدعوة إلى الله..
طرق إعداد المرأة للدعوة:
ينقسم إلى قسمين:
أولا / الإعداد النظري.
ثانيا / الإعداد التطبيقي.
الفصل الأول / الإعداد النظري:
وينقسم على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الإعداد العلمي.
المبحث الثاني: الإعداد النفسي.
المبحث الثالث: الإعداد الاجتماعي.
والإعداد العلمي ينقسم إلى عدة مطالب منها:
المطلب الأول: أهمية العلم
إن العلم مهم وضروري للإنسان في هذه الحياة كي يسير على نور من الله - سبحانه وتعالى -، ينتفع به في خلافته على هذه الأرض، ويقوده إلى رضوان الله وجنته في الدار الآخرة.
والمراد بالعلم كما قال ابن حجر - رحمه الله -: " هو العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته، والعلم بالله وصفاته، وما يجب له من القيام بأمره، وتنزيهه عن النقائص ".
وقد حث القرآن الكريم على العلم وخاصة العلم بالله، قال - تعالى -(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) محمد19
ولقد نظر الإسلام للعلم وأهله نظرة متميزة عن غيرهم، فرفع درجاتهم وفضلهم على الجاهلين قال الله - عز وجل - (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) المجادلة11
أما ما ورد في السنة فمنه ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء لم يرثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ".
المطلب الثاني: الإعداد العلمي للدعوة ضرورة
لما كان معلوما تكليف المرأة المسلمة بالدعوة إلى الله عقيدة وشريعة وفق ما منحها الله من قدرات وحدود، وأن هذه الدعوة لا تقوم على ساق إلا إذا كانت مرتبطة بالعلم الشرعي تتسلح به في معركة الدعوة، فإن هذا الأمر يتطلب الإعداد العلمي المسبق كي تكون الدعوة على علم وبصيرة ونور لا على جهل وضلال.
والمتأمل في كتاب الله - عز وجل - يجد أن الله - سبحانه - أمر العباد بالعلم قبل القول والعمل لأن العلم شرط في صحتهما بلا منازع.
ويجب التنبيه إلى أن العلم والعمل متعاضدان يقوي أحدهما الآخر، وكل منهما يخدم الآخر، فالعلم يصحح العمل، والعمل الصحيح يرسخ العلم ويقويه.
ويمكننا الاستشهاد على هذين الجانين كليهما بقوله - سبحانه - (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف108
يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - عن معنى البصيرة: " والبصيرة هي العلم بما يدعو إليه وينهى عنه ". والعلم لا يأتي إلا بطلب له وبحث عنه في مصادره، وأهم ذلك كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ولعل البصيرة هنا تتناول الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
المطلب الثالث: حق المرأة في العلم
أوجب الله - سبحانه - على المرأة طلب العلم الضروري لإقامة ما كلفت به شرعا، على الوجه الصحيح.
وجعل طلب العلم من علامات الخير، حيث قرر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ذلك فيما رواه معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - أنه قال: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ".
كما كلف المجتمع المسلم، بتأمين فرص التعليم للمرأة كالرجل يقوم به ولي الأمر أو من ينوب عنه وفق الشروط المعلومة في الشرع.
المطلب الرابع: العلوم المطلوبة للإعداد الدعوي
أولا: علوم رئيسة
ثانيا: علوم مساعدة
فالعلوم الرئيسة: هي المصادر الأولى لإعداد الداعية حيث إنها تمثل المرتكزات العلمية لدعوته، وأهم هذه العلوم ما يلي:
1- القرآن الكريم:
يتعلم الداعية من كتاب الله كيفية الدعوة عن طريق سرد القصة القرآنية والمثل القرآني لإيقاظ الشعور الإيماني في النفوس، كما يجذب انتباه السامعين عن طريق عرض أسلوب الحوار والمجادلة في كتاب الله، كما يتعلم عرض الدعوة بأسلوب الاستفهام التقريري أو الإنكاري، وأسلوب الترغيب والترهيب.
2- التفسير:
إن الدعاة إلى الله هم أحوج الناس لمعرفة كتاب الله والإحاطة بمعانيه على قدر الاستطاعة، لأن حاجة الناس إليهم في ذلك ماسة حيث قيامهم بالدعوة إلى الله وإلى كتابه، وإذا كان الناس عند نزول الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة إلى تفسير كلام الله - عز وجل -، فإن الناس في عصرنا الحاضر أشد حاجة إلى ذلك لفهم القرآن والعمل به على مراد الله - سبحانه - ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا على مراد أصحاب الأهواء الضالة.
3- الحديث النبوي:
وهو المصدر الثاني للتشريع، وهو مرتبط به ارتباطا وثيقا، لأن الحديث النبوي جاء موضحا للقرآن بالإضافة إلى شموله لأحكام شرعية لم يتعرض لها القرآن الكريم.
ولذا فإن الحديث النبوي مهم للداعية، يستمد منه الزاد العلمي، ويمده بالشواهد والأدلة التي يستنبط منها الأحكام الشرعية.
كما يأخذ الداعية من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفات اللازمة التي سلكها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دعوته وحث عليها أمته.
4- علم العقيدة:
وترجع أهمية دراسة العقيدة وذلك لأن التوحيد هو المحور الأساسي للدعوة وهو الذي يرتكز عليها عبادة الله - سبحانه وتعالى -، كما أن العبادة لا تصلح إلا به.
وكذلك أنه أول مر كلف الله - سبحانه وتعالى - به رسله عليهم الصلاة والسلام.
5- الفقه:
من المعلوم أن الفقه متعلق بالعبادات البدنية والمالية، ومن هذا الجانب فإن على الداعية تعلم الفقه لحاجته الشخصية، ولحاجة المدعوين كذلك.
6- سيرة الرسول وشمائله الكريمة:
ودراسة السيرة والشمائل مهمة للمرأة المسلمة الداعية، وذلك أنها تجد بين يديها صورة للمثل الأعلى في السلوك البشري في كل شأن، وكذا أنها تجد في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يعينها على فهم كتاب الله وسنة رسوله، وكذا الاستفادة مما تعرضت له السيرة من العبر والعظات والدروس.
7- دعوة الرسل:
حتى تبين للداعية الأوليات التي دعا إليها رسل الله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وحصول الأمن النفسي والتثبيت، وغيرها كثير.
8- سير الدعاة:
وهذا شبيه بمنهج سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنها اقتبست من حياة المصطفى - عليه الصلاة والسلام -.
9- الحسبة:
والهدف من هذه المادة بيان أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للداعية.
10- التربية في الإسلام:
وهذا جانب من جوانب الدعوة إلى الله يدرس منهج القرآن والسنة في التربية مستعرضا كافة الوسائل والأساليب التربوية التي وردت في هذين المصدرين.
ثانيا / العلوم المساندة
1- اللغة العربية وآدابها:
وتأتي أهميتها للداعية، من حيث إنه المبلغ عن الله - سبحانه -، والمبلغ عن رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما أنه ناقل لكلام الله وكلام رسوله اللذين جاءا بلغة العرب.
ولأن تخلي الداعية عن اللغة الفصحى يسبب دخول اللحن في آيات القرآن، ويؤدي كذلك إلى التحريف وإلى القول على الله بغير حق كما في قوله - سبحانه - (أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) التوبة3
فلو أن كلمة (رَسُولُهُ) قرئت بكسر (لام رسول) لتغير المعنى، ولأصبح مفهوما براءة الله من المشركين ومن رسوله، ومعاذ الله أن يبرأ من رسوله، وحاشا لرسوله أن يبرأ منه الله.
2- خصائص الإسلام:
وتتمثل في تعريف الداعية بالإسلام، من حيث الكمال والعموم والشمول، وأنه الدين الذي رضيه الله - سبحانه - لعباده كما قال - تعالى -(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) المائدة3
3- علم أصول الفقه:
وهو إدراك القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
وهذا العلم مهم للداعية كي يعرف الأدلة المتفق عليها عند المسلمين في كافة مصادر التشريع وهي الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وغير ذلك من الأدلة المعتبرة.
ثم التعرف على كيفية الاستنباط من الكتاب والسنة، ومن يجوز له، ومن يجب عليه.
4- دراسة حالة العالم في الماضي والحاضر:
وحاجة الداعية من هذه الدراسة تمكنه من الاستفادة من تجارب الماضين، صالحين وطالحين، والإحاطة بمصدر كل فريق كي يطمئن قلبه من جهة حسن العاقبة للمتقين، ويحذر الانزلاق مع المكذبين من جهة أخرى.
وأما الإعداد النفسي فينقسم إلى عدة متطلبات أيضا منها:
1- الإيمان بالله ورسوله:
فهو من أهم العوامل والمقومات النفسية التي تدفع الإنسان للدعوة إلى الإسلام والتضحية في سبيله ما يستطيع من بذل النفس والمال، وبذل الجهد والوقت من أجله، واحتساب ذلك عند الله - عز وجل - من غير تردد عن ذلك أو تراجع.
والإيمان بالله - سبحانه - وبرسوله هو الذي دفع المرأة المسلمة إلى الهجرة في سبيل الله وترك الزوج والأهل والأولاد لا من أجل كره زوج أو عشيرة، قال - تعالى -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) الممتحنة 10
2- الإخلاص لله:
وعمل الداعية من أدق الأعمال وأكثرها حساسية لارتباطه بالنية وهي من أعمال القلوب، ولذلك فلا بد أن يعد الداعية نفسه من هذه الناحية إعدادا قويا، فلا يقدم على عمله الدعوي إلا بعد تمحيص النية وتخليصها من الشوائب التي تعكرها، وتكدر صفوها.
قال - تعالى -(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف110
3- التفاؤل وحسن الظن بالله:
شعور في النفس يبعث الاطمئنان والثقة والأمل في المستقبل مما يدفع الإنسان المضي قدما في تنفيذ خططه بشجاعة نفسية دون خوف أو خور أو وهن أو قنوط أو يأس.
ولأهمية التفاؤل في النفس الإنسانية فقد جاء الأمر بالنهي عن ضده في كتاب الله - عز وجل - قال - تعالى -(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آل عمران139
4- الجرأة في الحق:
الجرأة هي الإقدام على القول، أو العمل، في شجاعة نفسية مستمدة في أصلها من الإيمان بالله - سبحانه - وبرسوله والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، وهي من المسؤولية التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية.
وهي تعتمد على الثقة بالنفس بما لدينها من معلومات وثقافة وتربية.
والجرأة في الحق فضيلة نفسية عظيمة لا يؤتاها كل أحد، ولعظم فضلها عدت من أعظم الأعمال وأفضل الجهاد.
وللجرأة شروط منها:
* الإخلاص لله - تعالى -، وأن يقصد بقوله وجه الله - تعالى -.
* أن يكون عالما بحكم ما يقول.
* أن يكون متزنا في قوله أو فعله فلا يتسرع أو يتهور.
* أن يكون الغرض من الدعوة إحقاق حق وإبطال باطل.
* أن يستخدم أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة.
* أن ينزل الناس منازلهم.
* أن يختار الأسلوب الأنفع حسب اجتهاده لاستمالة قلب المدعو.
5- الاعتزاز بالإسلام:
لقد قرر الله - عز وجل - في كتابه العزيز عزة المؤمنين على أعدائهم إبراز لمكانتهم العظيمة عند الله، وتطمينا لنفوسهم وتثبيتا لهم فقال - سبحانه - (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) المنافقون8
6- الصبر:
وهي قوة نفسية إيجابية تدفع المتصف بها إلى مقاومة كل أسباب الضعف والذلة والخور والاستسلام، كما تدفعه إلى الثبات بقوة أمام المصائب والفتن والمغريات.
ولذلك نقول بأن الصبر ضروري للداعية، يتسلح به، ويتصف في محاور ثلاثة هي: الصبر على طاعة الله، والدعوة إليه، والصبر عن محارم الله، والصبر على أقدار الله المؤلمة.
وأما الإعداد الاجتماعي فيقوم على عدة متطلبات منها:
وقبل ذكر المتطلبات نذكر مفهوم الإعداد الاجتماعي للدعوة إلى الله:
هو تهيئة الجو الملائم في المجتمع للتخلف بأخلاق الإسلام الاجتماعية بعامة، وأخلاق الدعاة بخاصة، لأن عمل الدعوة عمل اتصالي بالخاص والعام من الناس على اختلاف مشاربهم وهواياتهم وصفاتهم.
ومن المتطلبات ما يلي:
1- التأسيس الاجتماعي للأسرة (الاختيار في الزواج).
2- التنشئة الاجتماعية.
3- الصفات الاجتماعية اللازمة. كالصدق والأمانة والكرم والسخاء والحلم والرأفة وغيرها.
وأما الإعداد التطبيقي فينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: فن الإلقاء.
القسم الثاني: فن الكتابة.
ومفهوم الإعداد التطبيقي هو: تهيئة الداعية بالتدريب العملي على فن الإلقاء، والكتابة لنقل كلمة الله - سبحانه - والدعوة إلى سبيله عن طريق الخطبة والدرس والمحاضرة والكتابة بأنواعها المختلفة.
ويعد الإعداد التطبيقي للداعية في غاية الأهمية.
القسم الأول: فن الإلقاء.
وهو فن مشافهة الجمهور وإقناعه واستمالته، وذا أهمية كبيرة في حياة الإنسان العملية سواء كان معطيا أو آخذا، ذلك أن الإلقاء الجيد له تأثيره القوي في النفس البشرية، وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " إن من البيان لسحرا ".
وهو يعتمد على عنصرين مهمين هما:
1- عنصر الإقناع: وإسنادها بالمنطق والحجج والوثائق، ويعتمد أيضا على الثقة بالنفس.
2- عنصر الإثارة: أي إثارة عواطف وأحاسيس المستمع بغية استمالته إلى المادة المطروحة.
القسم الثاني: فن الكتابة.
وتأتي الكتابة بعد الحديث الشفوي وسيلة مهمة للاتصال بين الناس، وتحتل جانيا كبيرا من حياتهم، وتأخذ قسطا كبيرا من نشاطهم اليومي في عصرنا الحاضر بالذات، مما يستوجب جودة الأسلوب الكتابي لإيصال المادة العلمية للجمهور.
ويعتمد أسلوب الكتابة على عاملين أساسيين هما:
1- دقة العبارة وسلامتها من النقص أو الحذف، لأن القارئ لا يستطيع في الغالب أن يجتهد في فهم العبارة الناقصة، كما لا يستطيع الاتصال بالكاتب حتى يستفهم منه ما غمض عليه.
2- قوة إقناع القارئ بالمادة المطروحة، والاستدلال عليها بالأدلة والحجج والبراهين، إضافة إلى إحالة المعلومات إلى مراجعها الأصلية وذلك بهدف توثيق المعلومات وتوكيدها خدمة للقارئ وكسب رضاه والتأثير عليه.
الظروف المحيطة والمؤثرة في الإعداد:
ومنها:
أولا: الإيجابيات.
وثانيا: المعوقات.
فالإيجابيات هي كما يلي:
1- إيجابيات ثابتة..
2- وإيجابيات متغيرة.
فالإيجابيات الثابتة منها:
1- وجود الكتاب والسنة، وهذا من أهم العوامل المساعدة على اشتغال المرأة بالدعوة.
2- ضمانات وجود المجتمع المسلم وتحقق وجوده، فعلى الرغم من مرور أربعة عشر قرنا من عمر الإسلام، وتغير الظروف السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، على رقعة الكرة الأرضية، فقد أثبت الإسلام وجوده، وبروز شخصيته، وهيمنته على القلوب.
3- حرية الفكر (العقيدة):
لقد قرر الإسلام كرامة الإنسان وعلو منزلته في إطار إيمانه بالله - سبحانه - وتسليمه له، فلا معبود بحق سواه وبذلك يخلص القلب من أدران الشرك في الظاهر والباطن كما قال - تعالى -(يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) النور55
وتحرير النفس من الرياء والسمعة كما قال - تعالى - (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) الزمر3
وبذلك تتحرر النفس من كل خوف، وتسمو على كل شرك، فيصبح الناس أحرارا متساوين فلا يتعلقون إلا بالله، ولا يعتمدون إلا عليه.
4- انتشار العلم، فهو لا يقتصر على قناة واحدة بل قنوات، ويأتي في مقدمة هذه القنوات المؤسسات التعليمية والدعوية والإعلامية، كالجامعات الإسلامية والمكتبات والمؤسسات الدعوية وحلقات المساجد وغيرها.
والإيجابيات المتغيرة منها:
1- اغتنام فترة الشباب، فهي تمثل فترة الحيوية والنشاط الحركي والقوة الجسدية والفكرية والعقلية، تزداد يوما بعد يوم نتيجة التجارب والمعلومات المتجددة، كما أنها تعتبر القاعدة الرئيسية التي تعتمد عليها فترة الكهولة والشيخوخة، فإذا خسر الإنسان شبابه، خسر بذلك دنياه وأخراه في الغالب.
وإذا مرت المرأة الداعية بالأعمال الدعوية في فترة الشباب، فإن ذلك مؤشر خير على استمرارها على هذا العمل العظيم في سن الكهولة وأوائل الشيخوخة، فتعيش حياتها كلها داعية إلى دين الله.
2- اغتنام الصحة، فإن الصحة البدنية والنفسية من نعم الله الكبرى على الإنسان، ولذلك فقد حث الإسلام على اغتنام فترة تمتع المسلم بصحته للقيام بالأعمال المقربة إلى الله - عز وجل - قبل أن يدهم الإنسان المرض فلا يستطيع القيام بمثل هذه الأعمال، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ".
فما على المرأة الداعية إلا أن تغتنم فرصة توفر الصحة للقيام بالدعوة إلى الله فهي لا تعلم متى يفجؤها المرض فتتمنى لو كانت صحيحة تستطيع أن تقدم لدينها ما يفرضه عليها إسلامها، فتندم حينئذ، ولات ساعة مندم.
3- اغتنام وفرة المال، ولقد حث الإسلام على بذل المال في وجوه البر والإحسان، ذلك دعوة إلى دين الله ودفاعا عن حياض الإسلام، وقد وعد الله - عز وجل - بمضاعفة الأجر للمنفقين في سبيل الله فقال - سبحانه - (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة261
4- اغتنام الفراغ، وهو أحد سلبيات حضارة العصر الحديث، والإسلام في مصدريه الكتاب والسنة قد تعرض لهذه المشكلة، وحث على تفاديها باغتنام وقت الفراغ فيما يعود على الفرد والجماعة بالخير، وما يقرب إلى الله - سبحانه - وتعلى فقال - سبحانه - آمرا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته له تبع (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) الشرح7
وقد قال ابن عباس عن هذه الآية: أي إذا فرغت من فرضك فانصب إلى ما رغبك - تعالى - فيه من العمل.
5- اغتنام فترة الحياة، فليس أحسن ولا أفضل من الحياة، حياة البدن والروح ولا خير في حياة بدن بلا روح، هذه هي الحياة التي كتبها الله - عز وجل - على ابن آدم امتحانا له ليرى كيف يصنع وكيف يتعامل مع نعمة الحياة، فقال - تعالى -(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك.
وأما المعوقات وكيفية معالجتها:
بداية الحكمة من وجود هذه المعوقات؟
إن الله - سبحانه وتعالى - كتب الصراع بين الحق والباطل منذ أن خلق الله أبانا آدم - عليه السلام -، حيث ابتدأ الصراع بعصيان إبليس ربه بامتناعه عن السجود لآدم - عليه السلام -، ومنذ ذلك الحين والحق والباطل في صرا دائم، والحق دائما ينتصر، وتلك سنة الله في خلقه، وطريق الدعوة لا يخلو من المعوقات لأمور كثيرة منها:
* إرشاد الدعاة إلى الله أن الهداية القلبية بيد الله - سبحانه - وله المشيئة المطلقة في ذلك.
* التمحيص والامتحان للناس.
* رفع درجات الدعاة والمجاهدين بعضهم فوق بعض نتيجة لاختلاف درجات الابتلاء.
* الدعوة إلى الله عمل قيادي، والقيادة محببة للنفس، ولا يستحقها إلا الكفء من الناس، الذين يصبرون على الشدائد.
* تحريك الإيمان وتقويته في النفوس، بحركة الدعوة، لأن الحركة فيها تجديد، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشبه بالماء في حركته وسكونه.
وأما المعوقات فهي كما يلي:
1- معوقات عامة.
2- معوقات خاصة بالمرأة.
فأما المعوقات الخاصة بالمرأة:
أولا: معوقات داخل المنزل.(82/178)
1-رب الأسرة ومن في حكمه: فترى كثير من النساء أن رب الأسرة أبا كان أو أخا أو زوجا يمثل عائقا أمام المرأة الداعية، ويدخل ضمن العوائق بعض النساء كالأم والأخوات اللاتي يكبرن الداعية سنا، ويعود هذا العائق إلى عدة أسباب منها:
* عدم الاقتناع بمسؤولية المرأة الداعية.
* عدم استقامة رب الأسرة أو من في حكمة، فإن على المرأة الداعية القيام بواجبها في الدعوة بأساليب الدعوة المعروفة، وأن تكرر الدعوة والنصيحة، وتستعين بغيرها في المناصحة الدائمة والصبر.
* سوء استخدام القوامة، فإن بعض من أولياء الأمور لا يفهم من قوله - تعالى -(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ) النساء34
إلا معنى التسلط وظلم المرأة وعدم إعطائها الحرية في مشاركته الرأي، في حين أن قوامة الرجل على المرأة إنما هي قوامة تنظيم وإدارة ورئاسة عامة للأسرة.
* تحميل النص الشرعي (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) ما لا يحتمل، حيث يفهم البعض من النص الأمر بالقرار في البيوت واعتبار خروجهن منها مخالفة شرعية بدون استثناء، مما يؤدي إلى حرمان المرأة من بعض حقها الشرعي، فهذه المسألة غير مقبولة لا شرعا ولا عقلا ولا واقعا.
وللإجابة على هذه المسألة نقول ما يلي:
إن الإسلام قد وضع قاعدة أصلية في حق المرأة حيث جعل مكانها الأصلي والأساسي هو البيت، ولذلك جاء النص في كتاب الله - سبحانه - ليبين هذه القاعدة في قوله - تعالى -(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب 33
لكن المرأة تحتاج للخروج لقضاء حاجة فهل وضع الإسلام استثناء لها أم لا؟!
وللإجابة على هذا السؤال ذكر ابن كثير في تفسيره لقوله - سبحانه - (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) حيث قال بأنها تعني الْزمْنَ بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن هذا التفسير يتبين لنا أنه طالما كان للمرأة حاجة في الخروج من المنزل فلا بأس أن تخرج مع الالتزام بالآداب الشرعية.
* وجوب الاستئذان للخروج، وإذا أذن الإسلام بخروج المرأة لحاجتها فليس لها الإذن على إطلاقه، بل يلزمها الاستئذان من ولي أمرها، لأن الاستئذان من حق الرجل على المرأة بحكم القوامة التي جعلها الله - سبحانه - للرجال على النساء، ومما يدل على وجوب الاستئذان قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها " رواه البخاري
2- شؤون المنزل:
تعتقد الأكثرية من النساء في عالمنا الإسلامي اليوم أن إدارة شؤون البيت ورعاية الزوج وتربية الأولاد لا تدخل ضمن المسؤوليات الدعوية للمرأة المسلمة، ونستطيع تحديد مسؤوليتها في بيتها وأسرتها بدقة وفق وصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في حديث المسؤولية الذي يتضمن قوله: " والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم "
ثانيا: الحياء والخجل
الحياء أصل الأخلاق الكريمة وأقوى باعث على فعل الخير وترك الشر، ومبعث لا حياة في الإنسان هو الإيمان بالله - سبحانه - ورسوله.
والحياء نوعان:
1- حياء فطري.
2- حياء مكتسب، يكتسبه العبد من معرفة الله وعظمته وقربه - سبحانه - من عباده وإطلاعه عليهم، وإذا خلت نفس الإنسان من الحياء، وخلا قلبه من الحياء الفطري لم يبق ما يمنعه من ارتكاب القبيح والدنيء من الأفعال، وإذا كان الحياء امتناع النفس عن القبائح والرذائل فإنه خلق يمدح به الإنسان، أما إذا أصبح الحياء زائدا عن حده المعقول، ووصل بصاحبه إلى الاضطراب والتحير، وانقبضت نفسه عن فعل ما لا ينبغي الاستحياء فيه فإنه خلق يذم في الإنسان لأنه حياء في غير موضعه، وإذا تعلق الحياء بأمر ديني، يمنع الحياء من السؤال فيه أو عرضه في تعليم أو دعوة، فإن مما ينبغي العمل به هو رفع الحرج، ومدافعة هذا الحياء الذي يمنع من التحصيل العلمي أو الدعوة إلى الله.
--------
مختصر من كتاب (المرأة المسلمة المعاصرة) إعدادها ومسؤوليتها في الدعوة
تأليف الدكتور أحمد بن محمد بن عبد الله أبا بطين
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/179)
فالصالحات قانتات حافظات للغيب
قالت إحداهن: أنا لا أكوي له ملابسه أليست له يد ليكوي بها؟
وإن كان لا يعرف، فليرسلها إلى إحدى محلات 'دراي كلين' المخصصة لهذا الغرض.
وقالت الأخرى: أمسح له الحذاء' هذا مستحيل!! وهل أنا خادمته أليس عندي كرامة؟
وقالت الثالثة: 'كل شيء على رأسي في هذا البيت ليتني لم أتزوج، وكنت مرتاحة من هذه الهموم ومن هذا الزوج المتعب كثير الطلبات، وهو لا يحب راحتي'.
عزيزتي الزوجة المسلمة...
أكتب إليك وأنا امرأة مثلك متزوجة وأشعر في بعض الأحيان بما تشعر به النساء من الضجر والحنق على أعمال البيت وطلبات الزوج والأولاد، ولكن تعالي معي لنفق وقفة صادقة مع هذه الآية العظيمة من آيات القرآن الكريمة الذي أنزل من لدن حكيم عليم: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} [النساء: 34].
نتلمس عزيزتي المرأة المسلمة في هذه الآية جناحي السعادة الزوجية القنوت وحفظ الغيب قد نبعا من الصالحات من النساء دون غيرهن.
{قَانِتَاتٌ} صفة يرغبها الزوج في الزوجة وهو حاضر.
{حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} صفة يطلبها الزوج وهو غائب.
وبهما تهنأ حياة الأزواج وتنعم الأسر والمجتمعات وفي هذا المقام نتحدث عن الجناح الأول للسعادة الزوجية 'القنوت' وفي مقام آخر نتحدث عن الجناح الثاني للسعادة الزوجة ' حفظ الغيب'.
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ 1
عزيزتي الزوجة المسلمة
' فالصالحات ' من النساء ' قانتات ' قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك'.
عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ' إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت'[1]. فالقَانِتَاتٌ هن المطيعات لله القائمات بحقوق الأزواج[2]{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَات} إن من طبيعة المرأة المؤمنة الصالحة ومن صفتها الملازمة لها بحكم إيمانها وصلاحها أن تكون قانتة مطيعة.
إشارة بليغة وتأمل بديع:
والقنوت: الطاعة عن إرادة وتوجه ورغبة ومحبة، لا عن قسر وإرغام وتفلت ومغالظة، ومن ثم قال: قانتات ولم يقل طائعات لأن مدلول اللفظ الأول نفسي وظلاله رضية ندية، وهذا هو الذي يليق بالسكن والمودة والستر بين شطري النفس الواحدة[3].
عزيزتي الزوجة المسلمة:
نفهم من ذلك أن أصل القنوت دوام الطاعة غير أنه طاعة خاصة يوحى بذلك ظل الكلمة وإيحاؤها المبدع وسمتها الرائق الأخاذ فالمرأة الطائعة دون قنوت.. تعير زوجها استجابة دون روح، وانقيادًا دون قناعة، فقد تطيع لغاية تبغاها أو لهدف تريد الوصول إليه، وبمجرد وصولها لهدفها فلا طاعة ولا معروف.
أما المرأة القانتة فهي تطيع حبًّا للطاعة ذاتها، وتقربًا إلى بعلها، وتوددًا إلى من يقاسمها الحياة، ورغبة في إقامة الأسرة الفاضلة وقبل هذا طاعة الله ورضاه.
القانتة تمنح زوجها حسن السمع، وصدق المشاعر، وصفاء السريرة، ولطف العشرة ولين الجانب، كما تهبه نقاء الود وعذب الكلام لا تكون عصية متبطرة، ولا تعرف النشوز والخصام... بل هي حامدة شاكرة وصابرة ومحتسبة، وهي أيضًا لا تكفر العشير ولا تنسى المعروف أو الجميل... ووقتئذٍ تكون عند زوجها ملء السمع والبصر، فالطيبون للطيبات، فيعرف قدرها وتزيد مكانتها عنده.
وإذا سألت أيتها الزوجة لماذا أكون قانتة طائعة طوال الوقت؟ هل هو أفضل مني؟ هل أنا خادمته المشتراة؟ لماذا هذا العذاب؟
أجيبك بأن أول الطريق لتصلي للإجابة الصحيحة لترضي بها نفسك وتسكن ثائرتك أن تنفضي من رأسك دواعي التحرر وأفكار المتحررات من النساء الغافلات الشقيات اللاتي لا يشعرن بنعمة الحياة الحقيقية، والعجيب أنها تحمل في قلبها كل الحقد على الرجل والبيت وكأنه هو العدو الأول في حياتها الذي حرمها من متع الدنيا ونسمة الهواء بحقوق... حقوق... حقوق... لا تنتهي.
وأنا أؤكد لك وأنا امرأة مثلك أن الإسلام أعطى المرأة حقوقًا أكثر من الأديان الأخرى وحباها من التقدير والتكريم ما تحسدها عليه المرأة الغربية وما يكون أحيانًا من تعسف من الرجل تجاه المرأة إنما مردوده إلى الجهل بتعاليم الإسلام السمحة، والجهل علاجه التعلم والسؤال.
فتعلمي عزيزتي المرأة حقوقك وأيضًا واجباتك، وعلميها لمن لا تعرف، ولزوجك أيضًا ولا عيب في ذلك ولكن بأدب واحترام وود وصفاء وإذا علمت عزيزتي أن زوجك امتداد لك وأنتما كالجسد الواحد والقلب الواحد قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[4] وأنت وزوجك لباس واحد {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[5] لكانت من صفاتك الإتقان والزيادة والإخلاص في أي عمل ولو كان شاقًا ولزاد حبك لزوجك، وزادت رعايتك لأولادك ولأسرتك.
ولقد أعجبني شعر هذه المرأة لزوجها وتأمليه معي حين قالت:
قُصَارُك مني النصحُ ما دمتُ حيَّة *** وودٌ كماءِ المزن غير مشوب
وآخر شيء أنت لي عند مرقدي *** وأول شيء أنت عند هبوبي
عزيزتي الزوجة المسلمة:
هذه أسئلة أبحث عن الإجابة عنها ولكن من القرآن الكريم وأحاديث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ولا أريد الإجابة من عقول من يزعمون بالتحرر والتقدم الواهم.
ألا تحبين أن تكوني:
1. زوجة قانتة مطيعة لزوجها بارة به؟
2. زوجة قانتة تتودد إلى زوجها وتحرص على رضاه؟
3. زوجة قانتة تبري أمه وتكرمي أهله؟
4. زوجة قانتة تعينه على طاعة الله؟
5. زوجة قانتة تملأ نفسه وتتزين له وتلقاه مرحة مؤنسة شاكرة؟
6. زوجة قانتة تحققي له الهدوء والسكن والراحة؟
اسمحي لي أن أساعدك في الإجابة عن هذه الأسئلة ولكن في الجزء الثاني من هذا المقال فتابعي معي
وإلى حين اللقاء لك مني التحية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
----------------------------------------
[1] تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج/1.
[2] رياض الصالحين ـ باب حق الزوج على المرأة.
[3] في ظلال القرآن ـ سيد قطب ج2.
[4] [الروم: 21]
[5] [البقرة:187]
غرة ربيع الأول 1426هـ -10 أبريل 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/180)
فالصالحات قانتات ( 2 )
عزيزتي الزوجة المسلمة:
هذه أسئلة أبحث عن الإجابة عنها ولكن من القرآن الكريم وأحاديث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ولا أريد الإجابة من عقول من يزعمون بالتحرر والتقدم الواهم.
ألا تحبين أن تكوني:
1. زوجة قانتة مطيعة لزوجها بارة به؟
2. زوجة قانتة تتودد إلى زوجها وتحرص على رضاه؟
3. زوجة قانتة تبري أمه وتكرمي أهله؟
4. زوجة قانتة تعينه على طاعة الله؟
5. زوجة قانتة تملأ نفسه وتتزين له وتلقاه مرحة مؤنسة شاكرة؟
6. زوجة قانتة تحققي له الهدوء والسكن والراحة؟
كانت هذه نهاية الجزء الأول من هذا المقال وقد وعدتك في خاتمتها أن أساعدك في الإجابة عليها وها هي الإجابة تأتي تباعا:
أول هذه الإجابات من كتاب ربي - عز وجل - يقول - تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} وأنت إن شاء الله من الصالحات
ويقول - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] إذن زوجك هو نفسك وعليك أن تمنحيه كل الحب والود والرحمة وما هو أكثر من ذلك لما تضيفه هذه الآيات من معانٍ وظلال وأما من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته الكريمة فالإجابات كثيرة اصطفي منها ما يلي:
1ـ الزوجة المسلمة مطيعة لزوجها بارة به:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'لو كنت آمرًا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها' [حديث حسن صحيح. رواه الترمذي]
لماذا؟ لعظم حقه عليها.
عن أم سلمة - رضي الله عنها - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة'. [رواه بن ماجه].
ألا تحبين أن تكون من أهل الجنة؟
بالطبع: نعم.
فلماذا المكابرة والعناد؟
ويحضرني هنا عزيزتي الزوجة ما رأيته في أحد برامج المرأة على إحدى الفضائيات عن كيفية تغسيل المرأة، ما حكته إحداهن عن شابة ماتت وهي تلد مولودها الثاني أنها عند تغسيلها كانت عبارة عن نور يذهل العقول، وعندما سألت من تغسلها عن حياتها قالت لها حماتها: إنها كانت امرأة صالحة بارة بزوجها وأم زوجها، فكان جزاؤها هذه البشارة من الله بحسن الخاتمة ومن بعدها الجنة في الآخرة.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: 'إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح'. [فتح الباري 9/294 كتاب النكاح].
فتلبية نداء الزوج من أحق حقوقه وهو من طرق إرضائه فلا تتهاوني في حقوق الفراش وفي سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يبهج النفس عن السيدة عائشة وكيف كانت تتودد وتحب زوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا حديثها تقول فيه: 'يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن، لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها' [رواه بن حبان في صحيحه]
2ـ الزوجة المسلمة تبر أمه وتكرم أهله:
ومن بر الزوج بر أمه وإكرام أهله، وفي هذا يقول رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم: 'البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت افعل ما شئت فكما تدين تدان' فاجعلي عزيزتي الزوجة برك لأم زوجك وأقاربه طريقًا لسعادتك في تلك الدنيا والآخرة، وليس العكس.
3ـ تتودد لزوجها وتحرص على رضاه:
ولا تنسي عزيزتي الزوجة قصة أم سليم بنت ملحان زوجة أبي طلحة الأنصاري عندما فجعت بابنها وكان زوجها مسافرًا، وموقفها الفريد لولا ثبوته في صحيح مسلم لعددناه من الأساطير عندما تهيأت له أجمل ما تكون وقربت إليه العشاء وقضوا ليلتهما
هذا وحسن التبعل والتودد للزوج مع الاحتساب والصبر وابتغاء مرضاة الله - تعالى -ثم رضاء الزوج، أتمنى أن أكون أنا وأنت مثل أم سليم.
4ـ الزوجة المسلمة تعينه على طاعة الله:
وانظري إلى هذه الصورة الجميلة التي رسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزوجين المتعاونين على الطاعة، الداخلين في رحمة الله، وذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهه الماء ورحم الله امرأة قامت فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء'. [أخرجه أبو داود 2/ 45 في كتاب الصلاة]
إلى دعاة التحرر، إلى من يدعون أن المرأة المسلمة لا قيمة لها ولا رأي ولا مشاركة في بيتها، أسوق هذا الحديث وليفهم كل ذي لب وعقل كيف منح الإسلام المرأة أدوارًا وأدوارًا في بيتها وفي حياة زوجها.
5ـ الزوجة المسلمة تملأ نفسه وتتزين له وتلقاه مرحة مؤنسة شاكرة:
يقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: 'الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة' [صحيح مسلم 10/ 56 كتاب الرضاع] ويقول - عليه الصلاة والسلام -: 'من سعادة بن آدم ثلاثة، ومن شقوه ابن آدم ثلاثة: من سعادة ابن آدم، المرآة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء'[رواه أحمد1/168]
فكوني عزيزتي بابًا من أبواب السعادة لنفسك ولزوجك.
وفي أحكام النساء لابن الجوزي: دخلت بكرة بنت عقبة على أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها - فسألتها عن الحناء فقالت: شجرة طيبة وماء طهور وسألتها عن الجفاف [أي إزالة الشعر] فقالت لها: إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتضعيها أحسن مما هما فافعلي'.
عزيزتي الزوجة المسلمة:
ونرى الآن عجبًا حيث تتزين المرأة لمن هم خارج البيت والضيوف والأغراب، وتهمل ذلك في بيتها ولزوجها وهو الذي يستحق هذا التزين والتعطر.
وتلقى الأغراب بكل فرح وبشر وسرور في حين تلقى زوجها عابسة ساخطة مهمومة، وهو الأحرى أن تقابله بالفرح والبهجة والظرف والابتسامة المشرقة والكلمة الطيبة شاكرة لله ولزوجها.
وعجبًا لمن لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه، يقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: 'لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه'. [أخرجه الحاكم في مستدركه 2/190 كتاب النكاح]
عزيزتي الزوجة...انتبهي!!
الزوجة تطيع زوجها في غير معصية، وإن أمرها زوجها بمعصية فمن تمام إيمانها عدم طاعتها له لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أيضًا لا يعني قنوت الزوجة طاعتها لزوجها أنها ضعيفة ومسكينة ومغلوبة على أمرها ولا يعبر عن غبائها أو رداءة فكرها، بل يعبر عن رجاحة عقلها وقوة بصيرتها، فالمرأة الطائعة قوية الشخصية حكيمة وهي من أنجح الزوجات، لأنها بطاعتها تعلي من مكانتها لدى زوجها وتسهم في بناء الأسرة الناجحة الآمنة وتنال الاحترام والتبجيل من قبل زوجها وأولادها، فيحرصون على رضاها ويغمرونها بكل الحب والعطاء.
وفي السيرة موقفان اذكرنهما دليل على قنوت المرأة مع قوة شخصيتها:
السيدة خديجة بنت خويلد
لقد ضربت السيدة خديجة - رضي الله عنها - أروع المثل للزوجة القانتة الودودة لزوجها، المؤثرة في حياة زوجها وهذا لم يمنعها أن تكون قوية الشخصية أيضًا ودليل ذلك أنها عند نزول الوحي على زوجها أخذته على ابن عمها ورقة بن نوفل، ليطمئن بما حدث له من أمر الوحي، وثبتته وقالت له قولتها المشهورة البليغة: أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا، والله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل، تكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق'.
حتى أن الوحي جاء الرسول وقال: فإذا هي أتتك أي خديجة فاقرأ - عليها السلام - من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب' [متفق عليه].
وهذه صفعة أخرى على وجه من ادعى أن الإسلام قد أهان المرأة وأذلها بخدمة الرجل.
السيدة عائشة:
فيما ترويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 'إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عني غضبى، قالت: ومن أين تعرف ذلك؟
قال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد.
وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم قالت أجل: والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك'.
وأنت أيضا عزيزتي إذا أردت التعبير عن رأيك فلا بأس ولكن في أدب وذوق واحترام وتوقير.
وفي حادثة الإفك وقد نالت براءتها من السماء فقال لها أبواها: قومي إلى رسول الله. فقالت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله'.
عزيزتي الزوجة
الآن أستطيع أن أقول: القانتة: عندما تقوم الزوجة بواجباتها تجاه زوجها تكون من أنجح الزوجات، ولا تنسي الحديث الجميل 'إن الله قد كتب الإحسان على كل شيء... ' [صحيح مسلم. ج13 باب الأمر بالإحسان الذبح والقتل]
فأحسني إلى زوجك تلقيه إحسانًا {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ}، وحتى في وجود الخادمة أشعري زوجك بالرعاية الخاصة واتخذي رضاه طريقًا إلى الجنة وأسعدي نفسك وأسعديه... فالحياة قصيرة ويكفي ما فيها من كبد وعناء فهل تقضيها في مزيد من النكد والعناء والمشاكل أم نستمتع بما أحله الله لنا من الحب والود والصفاء والمشاعر الجميلة بيننا وبين أزوجنا؟!
وأحب أن أختم بهذا الحديث العجيب:
جاءت أسماء بنت يزيد الأنصارية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: يا رسول الله أنتم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات والجنائز وفوق ذلك الجهاد في سبيل الله، وإذا خرج الواحد منكم حاجًّا أو معتمرًا قعدنا في بيوتكم فربينا لكم أولادكم وغزلنا لكم أثوابكم فهل بقي لنا من الأجر شيء يا رسول الله؟ [لم تقل أين حقوق المرأة يا رسول الله؟ ] فسُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولها والتفت إلى الصحابة وقال: هل سمعتم مقالة أفضل من هذه؟ قالوا: ما ظننا أن امرأة تفطن إلى مثل ذلك يا رسول الله.
فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ارجعي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن طاعة الواحدة منكن لزوجها تعدل كل ذلك وقليل منكن تفعله'. [صحيح مسلم]
وأترك التعليق على الحديث لك عزيزتي الزوجة ولكن أود تذكيرك بأن أكثر أهل النار من النساء بنص حديث رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: 'تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار'.
تصدقي بالكلمة الطيبة بالابتسامة المشرقة بالطاعة الصافية من النفس، تصدقي بالدعابة الحلوة والزينة المبهجة والهيئة الأنيقة والبيت النظيف المرتب والحرص على توفير الهدوء والراحة والسكينة والاستقرار كل ذلك لمن؟ وبكَم؟
لزوجك أي لنفسك وبالتالي أيضًا لأولادك، وكل هذا يعود بالسعادة عليك وعليهم، وكل هذا لا يكلفك مالاً كثيرا أو عناءً شاقًا، واعلمي أن نقطة من العسل تصيد من الذباب أكثر مما يصيد برميل من العلقم.
فالعنف يولد العنف والغضب يولد الغضب، أما الهدوء والاحترام والأدب فإنه يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى.
14 شعبان 1426هـ
18 سبتمبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/181)
معالم شخصية المرأة المسلمة وتميزها
د. إسماعيل محمد حنفي*
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد خلق الله - سبحانه - الذَّكر والأنثى لحكمٍ جليلة: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (الحجرات: 13)، التكريم عند الله بسبب التقوى وليس بسبب الجنس ذكراً كان أو أنثى أو لشعب دون شعب.
وعلى ذلك فالجميع سيحصل على الثواب الجزيل على تقواه وطاعته لله ((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً)) (النساء: 124).
ولكن الإسلام يريد من المسلمين والمسلمات التميُّزٌ بالطاعات لينالوا الدرجات العُلا فيتميُّزٌون على غيرهم: ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) (الأحزاب: 35).
ونحن في هذا البحث نريد التركيز على المرأة المسلمة في شخصيتها المتميُّزٌة التي تجعلها مختلفةً عن بقية النساء اختلافاً يرقى بها ويسمو لتكون مثالاً يحتذى وأنموذجاً يُقتدى به..
ولعل أهمية بيان معالم شخصية المرأة المسلمة وتميُّزٌها يظهر من خلال الآتي:
• أنَّ المرأة لها تأثير كبير، ولا ينكر ذلك أحد.
• أنَّ المرأة كرّمها الله - سبحانه -، ورفع الإسلام من شأنها بعد أن كانت مُهانةً في الجاهلية وفي بعض المجتمعات البشرية، وهذا التكريم الإسلامي للمرأة لا بد من ظهوره على شخصيتها ومن ثم على سلوكها لتكون قدوةً لغيرها.
• أراد دعاة الضلال والانحلال أن يتخذوا من المرأة مطية لشهواتهم، والمرأة المسلمة لها نصيبٌ من ذلك، سعياً وراء إذابتها ومن ثم تفكيك المجتمع المسلم عن طريق تفكيك الروابط الأسرية.
وكان لا بد من بيان مقومات ومعالم شخصية المرأة المسلمة التي تحفظ بها نفسها وبنات جنسها وأسرتها.
• إنها محاولة لتنبيه المسلمة إلى ما أودعه الله فيها من قُوى وإمكانات هائلة تحفظ بها وتكون فعَّالةً في مجتمعها وتتصدى بها لسيول الضلال الجارفة.
• إنّها دعوة لغير المسلمات، والمسلمات اسماً وليس منهجا وسلوكا.. أن يتأملن في فضل المرأة المسلمة المستقيمة على سائر النساء، وفي ما تجنيه من ثمرات في الدنيا والآخرة نتيجة هذا التميُّزٌ.
وأتناول هذا الموضوع في مبحثين وخاتمة:
• المبحث الأول: حول مفهومَي (معالم الشخصية) و(التميُّزٌ)، أوضح ما المراد بهذين المصطلحين الذين وردا في عنوان البحث.
• المبحث الثاني: أتناول فيه أهم أو أبرز معالم شخصية المرأة المسلمة التي تميُّزٌها عن غيرها من النساء.
• ثم أختم بخاتمةٍ أضمِّن فيها أهم نتائج البحث وأهم التوصيات التي أراها نافعة.
وأسعد أن أقدم هذا البحث للمتمر العلمي عن:
(المرأة المسلمة والعولمة) الذي تقيمه منظمة المشكاة الخيرية بالسودان[1]، برعاية السيدة الفاضلة (فاطمة الأمين)، حرم سعادة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ/ على عثمان محمد طه.
والذي يقام بقاعة الصداقة في الخرطوم بمشيئة الله - تعالى -..
سائلا ربي - سبحانه - أن يوفقني لما فيه الخير وأن ينفع به.
المبحث الأول : حول مفهومي (معالم الشخصية)، و(التميُّزٌ)
أولا: معالم الشخصية: هي مقوماتها وأبرز مفرداتها التي تتحكم في تشكيلها، ومنها المتكرر في جميع الهُويّات، ومنها غير المتكرِّر، ولعل القدر المشترك يتمثل في:
• العقيدة التي ينطلق منها الفرد، بغض النظر عن صحتها، ويقابلها في النظريات الوضعية (الفكر الفلسفي).
• القيم العالية المطلقة التي يؤمن بها المجتمع، التي تتمثل في أخلاق الإنسان في الحياة ونظرته للوجود، والأخلاقيات والسلوكيات.
وعلى ضوء ذلك نرى تميُّزٌ الشخصية الإسلامية في مقوماتها من حيث الشكل والمضمون. لأن الإسلام وحده هو عصب حركة هذه الشخصية ومحور نشاطها، وهو القوة الدافعة التي تفجر طاقاتها وتقويها في مواجهة التحديات، ويوم أن كان الإسلام هو هوية هذه الأمة كان المسلمون هم سادة الأرض بحق وصدق وعدل، وبغيره ستظل الأمة تلهث وراء المظاهر الحضارية تحسبها التقدم، وهي القشور والخداع..
واليوم يبقى الإسلام وحده هو المنهج الذي يمثل خصائص الأمة ومنطلقاتها الإعتقادية وأهدافها الحضارية[2]..
ثانيا:
التميُّزٌ: هو المحافظة على الميزة التي يعتز الإنسان بها والهوية التي ينتمي إليها، والهوية تلك هي حقيقة الشيء أو الشخص التي تميُّزٌه عن غيره، فهي ماهيته، أو ما يوصف به ويعرف به من صفات عقلية وجسمية وخلقية ونفسية، إنها المفهوم الذي يكونه الفرد عن فكره وسلوكه الذين يصدران عنه من حيث مرجعهما الاعتقادي والاجتماعي، وبهذه الهوية يتميّز الفرد ويكون له طابعه الخاص، فهي تعريف الإنسان نفسه فكرا وثقافة وأسلوب حياة[3].
"إن التميُّزٌ الحق هو المنبثق من أقاصي الذّات ومِن بُنيَّاتِ أفكارها، إنَّ تميُّزٌها في مبادئها الأصيلة التي لا تَبلى ولا تتحلَّل مع مرور الزّمن، فتتأصّل فيها وتترسّخ، حتى تسري مسرى الدم في العروق، فيعُمّ الجسدَ كُلَّه، وتعمل به الجوارح في ثباتٍ ورسوخ، حينها لن يجرفه أيُّ تيارٍ مهما عظُمَ بعد تثبيت الله - تعالى -له"[4].
"إنّ مسلماً نُودِيَ بالسير مع الهِمم العالية، فانتفضَ وأفلتَ مِن قيودِ الأرض، وحلَّقَ بجناح العِزّة هو مسلمٌ حريٌّ به أن تتم انتفاضتُه بخطوةٍ تميُّزٌ واضحة".
-والإسلام يطلب من أتباعه التميُّزٌ، لأنّه تميُّزٌ مرتبط برب العالمين وما كلَّف به عباده من شرع قويم لا يتطرق إليه الخلل أو القصور..
-أنّه تميُّزٌ متفرِّد لأنه يقوم على أصول وثوابت معصومة، فلن يكون هناك أفضل منه ((صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ)) (البقرة: 138)).
-هذا التميُّزٌ لا يكون إلا بالتمسُّك بالقرآن وهديه لأنّه الصراط القويم الذي لا يزيغ من سار عليه، ولأن ما احتوى عليه من عقائد وقيم متميُّزٌ ((فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) (الزخرف: 43))، ولذا فإن المستمسكين بهذا القرآن سيتميُّزٌون على غيرهم بأن يرتفع ذِكرُهم ((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)) (الزخرف: 44).
-وهو تميُّزٌ بهذه الشريعة لمن اتّبعها، وخالف أهواء النفوس.. ((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)) (الجاثية: 18-19).
-تميُّزٌ في مفارقة لسبيل الآخرين ومنهجهم وسلوكهم ((وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)) (الأعراف: 142).
-تميُّز المسلم يجعله حريصاً على عدم التشبُّه بغير المسلم شكلاً ومضموناً، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ليس مِنّا مَنْ تشَبَّه بغيرِنا)[5]، وقال: (مَنْ تشَبَّه بقومٍ فهو منهم)[6] وذلك لأنّ التشبُّه بالآخرين في الظاهر يورث مشابهةً لهم في الأمور الباطنَة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، كما أنّ المشاركة في الهدْي الظاهر تُوجِبُ مناسبةً وائتلافاً وإنْ بعُدَ المكان والزمان، وهذا أمرٌ محسوس، بل إنّها تُورثُ نوعَ محبّةٍ ومودة وموالاة في الباطن، كما أنّ المحبة في الباطن تُورث المشابهة في الظاهر[7]..
-إن هذا التميُّز عقيدةٌ يؤمن بها المسلم، وبتمسُّكه بها يبين عن غير المسلمين ويستقل عنهم حتى لو كانوا أقرب الناس إليه((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (التوبة: 23).
-والمسلمة يريد منها الإسلام أن تكون لها شخصيتها المتميِّزة التي تُعرَف بها بين الناس فتكسب الحماية من الأذى، وتكون محط التقدير والاحترام.. ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)) (الأحزاب: 59-62)، يقول الإمام ابن كثير في تفسيرها: " يقول الله - تعالى -آمراً رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته لشرفهنّ-بأن يدنينَ عليهنّ من جلابيبهنّ ليتميَّزن عن سِماتِ نساء الجاهلية وسِماتِ الإماء"[8]، وذكر - رحمه الله - قول السدّي ومجاهد: " كان ناسٌ من فُسَّاق أهلِ المدينة يخرجون بالليل حيث يختلط الظلام إلى طرق المدينة فيعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها"، وقال مجاهد: " يتجلببن فيعرف أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة"[9].
ولا يخفى أن إيراد المنافقين والذين في قلوبهم مرض يعد ذا صلة بما ورد من توجيهات في الآية، إذ أن هؤلاء هم أعداء هذا التميُّزٌ لأنهم دعاة الانحلال ولذا فإنهم((يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا)) (النور: 19).. ويتعاونون جميعا في ذلك، ويسعون لإشاعته والإرجاف به تشويها لتميُّزٌ المؤمنات لتهتز صورة النقاء والعفاف وتفقد الثقة وينهدم البناء..
المبحث الثاني :من معالم شخصية المسلمة التي تميِّزها
أولا: شخصية ربَّانية: ((وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ)) (آل عمران: 79)
لأنَّ صياغة هذه الشخصية وتكوينها تمت بهذه العقيدة الرَّبانية، وصُبِغت بتلك الشريعة الإيمانية التي مصدرها الربُّ - سبحانه - بجلاله وعظمته وكماله، صاحب الخلق والأمر في هذا الكون، وربّ كل من فيه وما فيه، الذي خلق الناس ذكرهم وأنثاهم، وهو أعلم بهم وبما ينفعهم ويرفعهم، وما يَصْلُح لهم ويُصْلِحهم ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) (الملك: 14).
وإنها شخصية متميُّزٌة بالعقيدة الإسلامية التي تؤمن بها، وتخالط شغاف قلبها، وتمتزج بأحاسيسها، فتعيش من أجلها، وتجعل حياتها وقفاً عليها، إذْ لا حياة ذات قيمة بلا عقيدة سليمة.
هذه العقيدة تكون المسلمة بها ربَّانية لأنَّها تؤمن فيها بالله الموجود وجوداً مطلقاً ليس كوجود مخلوقاته، وأنَّه الربَّ الخالق المدِّبر المسير للكون، وبيده بقاء هذا الكون وزواله، المحيي، المميت، الرازق.. لا يشركه في ذلك أحد من خلقه..
وهو المألوه الذي يستحق العبادة وحده دون سواه، وهنا الارتباط بين الربوبية والألوهية، فمن كان رّباً خالقاً رازقاً محيياً مميتاً.. هو وحده الذي له الحق أن يأمر فيُطاع، يأمر الكون كله فيستجيب، ويأمر كائناته فلا تملك إلا أن تأتيه طوعاً أو كرهاً.
وينبغي أن يجيب البشر عندما يأمرهم مشرِّعاً لهم ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة ((أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) (الأعراف: 54).
إنَّ المسلمة تؤمن بملائكة الله الذين خلقهم - سبحانه - على هيئة خاصة تتجلى فيها عظمته وقدرته، وكلَّفهم بمهام تظهر من خلالها عناية الله بخلقه ورقابته عليهم، وتؤمن بكتب الله التي أنزلها على رسله فتدرك أنَّ الله لم يخلق عباده ويتركهم هملاً بل أرسل الرسل وأنزل الكتب إعانةً لهم على سلوك سبيل الهداية والثبات عليه على نور من الله، وتؤمن باليوم الآخر الذي يكون فيه بعث الخلائق من موتهم ومحاسبتهم ومجازاتهم إنْ خيراً فخير، وإنْ شرَّاً فشر، حيث يحق الحق ويبطل الباطل، ويُنصف المظلوم ويُحاسب الظالم ويُكافأ المحسن ويُعاقب المسيء، ويُعوِّض المتضِّرر... ويكون الملك كله لله..
كما تؤمن المسلمة بقضاء الله وقدره، وأنَّ كل شيء لا يخرج عن سلطان الله وملكوته، فتقبل بقضائه - سبحانه -، وترضى بما قدر فلا تجزع ولا تيأس ولا تحتج على ربها...
ويترتب على هذا الإيمان أن تكون المسلمة ذات شخصية ربَّانية، أي متعلّقة بربها - سبحانه -، تنظر إلى الأمور كلها من خلال إيمانها بالله - تعالى -، لا تجعل إيمانها مجرَّداً بارداً تحفظ أركانه وتستظهر أدلته، لكنها لا تصبغ به حياتها، ولا تتذوَّق به طعم العبودية لله، وهي تسير في مُلكه - عز وجل -، وتتعامل مع عباده، وينزل عليها قدرُه...
ويترتب علي هذه الشخصية الربانية أن:
• تشعر المسلمة بقدسية ما تؤمن به وتعتقده وتعمل به من أحكام.
• توقن بسلامة المنهج الذي تسير عليه، وعدم تطًرق القصور أو النقص إليه.
• تجزم بوجوب الثبات علي المبادئ والقيم، لأنّها ربّانية ثابتة.
• تطمئن إلى أحكام الله الكونية والشرعية، لأنّها تجد في نفسها الاحترام والقبول والطاعة والانقياد التام لتلك الأحكام لأنّها ربّانية معصومة.
• تعتقد أنّ أحكام الله هي الأعدل والأكمل والأوفى بتحقيق كُلِّ خيرِ، ودرء كُلِّ شر، وإقامة الحق وإبطال الباطل وقطع دابر الفساد.
لذا: • تعمل بتلك الأحكام باقتناعٍ تام لا يتطرق إليه تشكيك المغرضين.
• تشعر برقابة الله عليها واطّلاعه عليها في العمل بما أوجبه عليها واجتناب ما نهاه عنها، فيكون لديها الوازع النفسي الذاتي فتخلص لله في عملها وعباداتها.
• تسارع في الخيرات، وتتراجع عن المحرمات، وتحاسب نفسها وتسعى للتخلص من تبعات التقصير أو المعصية..
• تستقي أحكامها على الأمور كلها من هدي الإسلام وشريعته، وتأخذ نفسها بعد هذا بما تدين به لله في أعمالها وشؤون حياتها.
ثانياً: شخصية قرآنيّة في أخلاقها وسلوكها:
"كان خلقه القرآن"[10] المراد أن شخصيّة المرأة المسلمة التي تميِّزها عن غيرها شخصية تأخذ أخلاقها من القرآن، تكون المُثُل التي تحتذيها مُثُلاً إسلامية، والفضائل التي تتحلّى بها أخلاقاً قرآنيّة.
وقد عرّف الإمام الغزالي الخُلُق- الذي يُجمع على (أخلاق)- بأنّه: "عبارة عن هيئةٍ في النفس راسخة، عنها تصدُرُ الأفعالُ بسهولةٍ ويُسرٍ من غير حاجة إلى فكر وروِيّة"[11].
فأفعال الإنسان إذن موصولة دائماً بما في نفسه من معانٍ وصفاتٍ، صلة فروع الشجرة بأصولها المغيّبة في التراب، ومعنى ذلك أنّ صلاحَ أفعالِ الإنسان بصلاحِ أخلاقه، لأنّ الفرع بأصله، إذا صلح الأصل صلح الفرع، وإذا فسد الأصل فسد الفرع((وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً)) (الأعراف: 58).
إنّ المرأة المسلمة تتميُّزٌ بأخلاق تنبع من القرآن، كل محاسن الأخلاق التي دعا إليها القرآن هي معنيّةٌ بها، ومن ذلك مثلاً: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)) (الحجرات: 11- 12).
• ((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) (آل عمران: 133- 134)
• ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)) (التوبة: 119)
• ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ... )) (النور: 27- 28)
• ((وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)) (النور: 31)
• ((وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)) (الإسراء: 34)
• ((وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)) (الإسراء: 26- 27)
• ((وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) (المائدة: 8)
وفي الواقع إنّ القرآن قد تحدث عن كثير من الأخلاق التي يجب الأخذ بها، والعديد من الفضائل التي ينبغي على المسلم والمسلمة التحلي بها، ممّا لا مجال لحصره هنا، ذلكم أنّ "دائرة الأخلاق الإسلامية واسعةٌ جداً، فهي تشمل جميع أفعال الإنسان الخاصة بنفسه أو المتعلقه بغيره، سواءٌ أكان الغيرُ فرداً أو جماعةً أو دولة، فلا يخرُج شئٌ عن دائرة الأخلاق، ولزوم مراعاة الأخلاق ممّا لا نجد له نظير في أيّ شريعةٍ سماويةٍ سابقةٍ ولا في أيّ شريعةٍ وضعيّة"[12].
ويتضح جليّاً من خلال النصوص أنّ الأخلاق لها مكانتها العظيمة في الدين، حيث يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّما بُعِثْتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق)[13].
ويقول: (إنّ أحبّكم إليَّ وأقربكم منِّي مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)[14] وفي حديث آخر نفى الإيمان عمّن تجرّد من الأخلاق: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)[15].
وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمنُ جارُه بوائقه)[16] أي لا يجتمع خُلقٌ رديء من الإيمان.
إنّ المرأة المسلمة التي تحدثنا عن ربّانيّة شخصيتها لا يمكن أن تنفصل أخلاقها عن إيمانها، بل إنّ أخلاقها رشحٌ لذلك الإيمان وعطرٌ يفوح لينبئ عنه، إنّها تتميُّزٌ على غيرها لهذه الشخصيّة التي تحمل في طياتها وبين جوانحها كل خُلقٍ طيّب وكل فضيلة محمودة.
فلا تفعل إلّا خيراً لنفسها وللآخرين، وأينما وُضعت ظهرت آثارها وثمارها الطيبة إصلاحاً بين الناس وبذلاً للمروءة لهم، مَنْ تعرفهم ومن لا تعرفهم، سماحة وكرم وإحسان ونبل وشهامة ورحمة ومودة ومؤازرة...
ثم صبر وجلَد ونحمُّل وأناة ورفق وإقدام وثبات وتواصل... وعطاء بلا انقطاع...
قولٌ طيّب، ولسان ذاكر، وكلمةٌ لا تحمل إلا الخير، كالبلسم على الجراح وكالماء على النار...
ما دامت هذه المسلمة مرتبطة بالقرآن وبأخلاق القرآن فإنك تستطيع أن تميُّزٌ شخصيتها من بين الكثيرات إذا رأيت فِعالها أو سمعت أقوالها فتعلم أنّها لا يمكن إلا أن تكون مسلمة لأنّ أخلاقها قرآنيّة.
ثالثاً: شخصيّة فعّالة مؤثرة: إنّ شخصيّة المرأة المسلمة شخصيّةٌ تؤثّر في غيرها بما فيها من خير وبما لديها من قدرات إيمانيّة وحكم قرآنيّة...
إنّها إيجابيّة، كحامل المسك الذي لا بد وأنْ يستفيد منه من اقترب منه أو جالسه، فهو إمّا أن يعطيك شيئاً من طيبٍ وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، وكذلك المسلمة في شخصيتها مؤثرة فعَّالة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتعاون على البر والتقوى...
وهي في ذات الوقت لا تتأثر لغيرها إلّا بما فيه خير لأنَّ الحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى الناس بها...
إنّها ذات شخصيّةٍ لا تتأثر بالعادات والتقاليد الفاسدة التي تفرِض وجودها بالانتشار في بعض المجتمعات فتجاري أحوال الناس في فسادهم، ولا تعيش في مجتمعات غير إسلاميّة لمقاصد سليمة ثم لا تلبث طويلاً حتى تنخرط في سلكها وتتقبّل أوضاع حياتها التي تتنافَى مع عقيدتها أو دينها...، لأنّها حينئذٍ تكون قد تهاونت في مقومّات شخصيتها المسلمة وأهدرت مُثلها.
كل ذلك لأنّها صاحبة رِسالة في هذه الحياة، وهي رسالة عظيمة لا يمكن للمسلمة أن تّطلع بنشرها إلّا إنْ كانت نشطة راغبةً في العطاء، غير خاضعة للضغوط الاجتماعية التي تجعلها متهاونةً في شئٍ من قيمها[17].
إنها شخصيّة تعتز بمقوِّماتها مِن غير تكبُّر، وتشعر بقوة الحق الذي تدين به من غير استعلاء على الآخرين وازدراء لهم وتسفيه للقيم، لا تلين ولا تضعف ولا تذوب في أيِّ بيئةٍ تعيش فيها أو مجتمعٍ يضمّها، بل تجد من إيمانها القويّ ما بحملها على مقاومة التيارات الفكرية والانحلال الخُلُقي والفساد الاجتماعي[18].
رابعاً: شخصيّةٌ واقعيّةٌ معتدلة: إن المثل العليا التي تؤمن بها المرأة المسلمة وتسعى لتتمثلّها وافعاً في حياتها اعتقاداً وعبادةً وسلوكاً ومعاملة لا تمنع من أن تكون شخصيّتها تلاحظ وتراعي الواقع الذي تعيش فيه...
إنها شخصيّة لا تسبح في بحار الخيال أو نحلّق في أجواء المثاليّة المجنّحة فتتصور شكلاً لشخصية لا وجود لها...(82/182)
ذلكم أنّ شريعة الله شُرعت للإنسان كما هو، كما خلقه الله، بجسمِهِ الأرضي وروحه السماوي، بأشواقه الصّاعدة، وغرائزه الهابطة، بدوافعه الفرديّة ونزعته الغيرية: بعوامل الفجور، وبواعث التقوى تصطرع في نفسه[19] (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (الشمس: 7- 10))
لذلك فإنّ شخصيّة المرأة المسلمة توائم بين مطالب الشرع ومطالب الحياة الدنيا، وبين مطالب الروح والمادة، والفرد والجماعة...
لا تُفرط في التفاؤل، ولا تبالغ في الأماني والتطلعات، بل تكون معتدلة، لا يثبطها عن السعي في طلب المعاني إخفاقٌ عارض أو حادثٌ غير متوقع...
إنها لا تتوقع أو تطلب من الآخرين ما لا تقدر عليه هي نفسها، ولا تنظر إلى شخصيات أخواتها على أنهنّ نسخة منها، بل القدرات متفاوته، والإيمان يزيد وينقص، وأهله ليسوا على منزلة واحدة..
خاتمة
وفي ختام هذا البحث نقول: إنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا تحصره ولا تغطيه مثل هذه البحوث لكن يكفي أن نتناول جانباً من الجوانب ذات الأهميّة عن هذه المرأة المسلمة التي رفع الإسلام شأنها وأعلى منزلتها...
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة:
أولاً: معالم شخصيّة المرأة المسلمة هي مقوماتها وأبرز مفرداتها التي صاغها الإسلام، وتتحكم في تشكيل سلوك المرأة المسلمة، وهي تتمثل في العقيدة والقيم والأخلاق التي يدعو إليها الإسلام.
ثانياً: يدعو الإسلام المرأة المسلمة لتكون ذات شخصية ربانية قرآنيّة متميُّزٌة تميُّزٌاً يدعو الأخريات للإقتداء بها، ويجعلها ثابتة على مبادئها معتزة بها.
ثالثاً: شخصية المسلمة المتميُّزٌة تكون بالإيمان بالله، وطاعته فيما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر، والسير على طريق الصالحات من النساء المؤمنات.
رابعاً: الأخلاق والسلوك مكوِّنان من مكونات هذه الشخصية المتميُّزٌة للمسلمة، وهما في نفس الوقت ثمرة ذلك الإيمان بالله وطاعته.
خامساً: المسلمة تتميُّزٌ بكونها صالحةً في نفسها مُصلحةً لغيرها، إيجابية وليست سلبية لأنها تحب للآخرين ما تحب لنفسها، وتتعاون على البر والتقوى، فهي فعّالة مؤثرة.
سادساً: المسلمة كذلك واقعية، ليست حالمة، لأنها تدين بهذه الشريعة التي تخاطب الإنسان وتعترف بقصوره وتلتمس له العذر، وتراعي ظروفه الاضطرارية وأحواله الاستثنائية فتشرع لها أحكام تناسبها.
سابعاً: إنّ شخصية المسلمة من معالمها الواضحة تجعلنا نطمئن إلى ثباتها على منهجها التي تسير عليه وقناعتها به، وعدم انخداعها بالمؤثرات السالبة، وانجرافها وراء الدعوات المشبوهة، بل هي داعيّة إلى ما ذاقت حلاوته من إيمان، وطريقٍ قويمٍ سارت عليه وشعرت فيه بالأمان.
أهم التوصيات
أولاً: على المؤسسات التعليمة والتربوية والدعوية في بلاد المسلمين العناية بتوضيح معالم شخصيّة المرأة المسلمة وتميُّزٌها، وأنّ تسعى لتحقيق تلك الشخصية بالبناء وتتعاهدها بالبناء والرعاية.
ثانياً: نوصي الجهات ذات الصلة بالمرأة بإعداد البرامج المحكمة المتقنة التي تحقق العناية والرعاية المتكاملة للمرأة في مراحلها المحتلفة، بعيداً عن الأنشطة المشبوهه للجمعيات التي تعمل على هدم كيان المرأة وقيمها تحت ستار العناية بها والدفاع عن حقوقها.
ثالثاً: على المؤسسات الحكوميّة المعنيّة بالتربيّة والدعوة والإرشاد تبنّي مؤتمرات دوريّة للمرأة المسلة بما يحافظ على مكونات شخصيتها وبراعي خصوصياتها ويؤهلها لمواكبة المستجدات التي تهمها.
رابعاً: على المنظمات المهتمة بالدعوة تنظيم بالدعوة أن تجعل من أولوياتها تنفيذ برامج دعوية تربوية معدة بواسطة خبراء من أهل العلم والاختصاص توجّه للفتاة المسلمة منذ مراحلها الأولى، بحيث تكون متواصلة متتابعة غير منقطعة، لتحقق في النهاية الصياغة المتكاملة لشخصية المرأة المسلمة المقوية.
خامساً: أهمية العناية برصد وجمع وتصنيف نتائج وتوصيات البحوث والمؤتمرات والندوات التي تُعقد بشأن المرأة، بجانبيها الإيجابي والسّلبي، للاستفادة من الإيجابي منها ومحاولة تطبيقه، والسّلبي بالانتباه لمكايد العدو وتجنُّب الوقوع في حبائله.
هذا ما وفقني الله إليه، وأسأله - سبحانه - القبول وأسأله أن يجزي إخواننا في منظمة المشكاة خيراً على هذا الجهد..
وأشكر لمن قرأ هذا البحث الذي كُتب على عجلٍ، وأرجو أن لا يبخل عليّ بتوجيهاته وملاحظاته.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
----------------------------------------
[1] في الفترة من 6/9/2005م إلى 8/9/2005م
بمشاركة الأستاذة/ كاميليا حلمي رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل مصر، والدكتور فؤاد آل عبد الكريم الأستاذ المساعد في كلية الملك فيصل السعودية.
[2] محمد محمد بدري هوية الأمة الإسلامية. (مقال) مجلة البيان عدد 54 ص 58 صفر 1413هـ أغسطس 1992م.
[3] أنظر: وائل عبد الغني هويتنا الإسلامية بين التحديات والإنطلاق، الحلقة الأولى. (مقال) بمجلة البيان عدد 128 ص 54 ربيع آخر 1419هـ - أغسطس 1998م.
[4] نُهى بنت عبد الله العريني المسلم والتميُّز. (مقال) بمجلة البيان عدد 165 ص 140 جمادى الأولى 1422هـ - أغسطس 2001م.
[5] سنن الترمذي 7/335 رقم 2696. وقال: إسناده ضعيف. ولكن الألباني حسنه، أنظر صحيح الجامع 5/101 رقم 5310.
[6] سنن أبي داوود: كتاب اللباس 4/314 رقم 4031. ومسند أحمد 7/142 رقم 5114. وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وقال الألباني: صحيح، أنظر: صحيح الجامع 5/270 رقم 6025.
[7] أنظر: ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم ص 220 ط: 2 سنة 1369هـ - مطبعة أنصار السنة بالقاهرة.
محمد بن سعيد القحطاني: الولاء والبراء في الإسلام ص 223 - دار طيبة الرياض السعودية. ط1 و ط 2 - 1402هـ و 1404هـ
[8] أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي تفسير القرآن العظيم 3/519 طبعة دار الفكر سنة 1981م. نشر مكتبة الرياض الحديثة الرياض.
[9] ابن كثير المرجع نفسه 3/519 520.
[10] هذا ما وصفت عائشة - رضي الله عنها - به خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنظر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري جامع البيان في تأويل آي القرآن، المشهور بتفسير الطبري 29/18. دار الفكر بيروت سنة 1405هـ. وانظر كذلك: اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي تفسير القرآن العظيم 4/403. دار الفكر بيروت سنة 1401هـ.
[11] أبوحامد الغزالي إحياء علوم الدين 3/46.
[12] عبد الكريم زيدان أصول الدعوة (مرجع سابق) ص 89-90.
[13] أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبوبكر البيهقي السنن الكبرى 10/191. مكتبة دار الباز مكة سنة 1994م تحقيق: محمد عبد القادر عطا وانظر: محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري: تُحفة الأحوذي 5/470 دار الكتب العلمية بيروت.
[14] محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي السنن 4/370، رقم 2018 دار إحياء التراث العربي بيروت تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرون. والبيهقي السنن الكبرى (مرجع سابق) 10/193.
[15] محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي صحيح ابن حبان 1/422 رقم 194. مؤسسة الرسالة بيروت سنة 1414هـ - 1993م ط: 2. تحقيق: شعب الأرناؤوط، و: أبوبكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي. المصنف 6/159 رقم 30320. مكتبة الرشد الرياض سنة 1409هـ - ط: 1. تحقيق: كمال يوسف الحوت.
[16] محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجامع الصحيح 5/2240 رقم 5670. دار ابن كثير، اليمامة بيروت سنة 1407هـ - 1987م ط: 3، تحقيق: مصطفى ديب البغا. و: مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري صحيح مسلم 1/68 رقم 46. دار إحياء التراث العربي بيروت تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.
[17] أنظر: مناع خليل القطان الشخصية المتميزة للمسلم ص 175-177 - ط: 4 سنة 1981م دار الأصفهاني جدة.
[18] مناع القطان -المرجع نفسه ص 175-177.
[19] القرضاوي: مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية ص 119 - مكتبة وهبة القاهرة ط: 3 سنة 1997م.
* عميد كلية الشريعة بجامعة أفريقيا العالمية
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/183)
إضاءة سريعة
د. حياة باأخضر
إن الدعوة لعمل النساء في المحلات الخاصة بالمستلزمات النسائية هو خطوة جادة تحمد عليها الجهات المسؤولة التي ترمي من وراء ذلك إلى حفظ حياة الأفراد الإيمانية والعقلية فعرض الملابس النسائية وبيع الرجال لها مما يندى له جبين كل حر فضلاً عن المسلم وهو مما يحرك الشهوات ويشغل العقول فيما لا ينبغي. وهذه الخطوة تتطلب منا طرح الأسئلة التالية: هل الهدف فقط مراعاة الحياء الأنثوي بجعل النساء يبتعن ملابسهن الخاصة في جو يحفظ لهن هذه الخاصية المسلمة؟ أم الهدف إخراج المرأة للعمل تحت هذه الدعوى الظاهرية؟ أم أن الهدف يشمل ما سبق معاً؟ أيضاً هل إقامة هذا المشروع يعني توسعته في مراكز عدة بالمدينة الواحدة ليسهل على الجميع الوصول وبالتالي تحقيق الهدف المنشود وهو المحافظة على حياء المسلمة أم ستظل المحلات التي تدار من قبل الرجال؟ كيف نضمن بقاء هذه المحلات دائماً على خصوصيتها التي أنشئت من أجلها؟ هل ستكون هذه المحلات هي الخطوة الأولى لفتح أبواب أخرى لعمل المرأة في المراكز التجارية؟ هل ستتغلب الأصوات التي تنادي بجعل هذه المحلات للعائلات فتفرض أمراً واقعاً لا مجال لرده؟ هل ستتطور هذه المحلات لتصبح مقاهي نسائية تتجمع فيها النساء لشرب المشروبات وتبادل الأحاديث لأوقات متأخرة مساءً، وبالتالي تكون مرتعاً خصباً لتجمعات غير مرغوب فيها؟
وأخيراً لماذا الإصرار المتواصل لإخراج المرأة لحلبات الصراع المادي بدلاً من توفير هذه الفرص للشباب فهم المكلفون أصلاً وفطرة بالإنفاق والسعي؟ وأين إحياء سنة الترابط الأسري والاجتماعي بين أبناء الحي الواحد؟ إنها حقائق يجب ألا تغيب عن ذهن كل مسلم ذي بصيرة ينظر للمدى البعيد بل البعيد جداً، والذي نطمح إليه جميعاً هو أن تلتقي نياتنا على الرغبة الصادقة للوصول للحق الذي شرعه الله - تعالى -والعمل الجاد لتثبيته على الدوام.
15-شوال-1426 هـ:: 16-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/184)
طائعة متميزة في رمضان برؤية جديدة
هل سألتِ نفسك يوما من الأيام ما هي رسالتك في الحياة؟
زهرتي الطائعة:
إن رسالتك المتفردة التي تمنحها لك شريعة الإسلام تبنى كلها على إجابة لأخطر سؤال ظهر على وجه الأرض منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة وهذا السؤال هو:
لماذا خلقنا على ظهر الأرض؟
ما مهمة الإنسان الحقيقية التي وجد للقيام بها؟
هذا السؤال الذي حير الفلاسفة والمفكرين الذين حرموا من نور الوحي فضلوا وأضلوا أما عقيدتنا الخالدة فهي فقط وحدها التي تملك الإجابة الصحيحة الوحيدة ممثلة في قوله - تعالى -:
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات 56
نعم زهرتي الطائعة فهذا هدفك الأعظم في الحياة أن تمضيها كلها في تحقيق مرضاة الله - عز وجل - فيكون جزاؤك السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.
ولكن هل يعني هذا أنك مطالبة بالعكوف على سجادة الصلاة في بيتك أو في المسجد، وترك الدنيا من أجل التفرغ للعبادة؟! كلا بالطبع إن هذا المفهوم المغلوط الناقص لكلمة العبادة هو الذي أوجد ذلك الفصام النكر بين الدين والدنيا وبين الدنيا والآخرة في حس كثير من المسلمين.
فالعبادة في مفهومها الصحيح كما يعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هي: 'كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة'.
فكل فعل لك في هذه الحياة سواء كان طاعة مشروعة أو عملا مباحا إذا ابتغيت به مرضاة الله - عز وجل - فإنه عبادة تثابين عليها من الله - عز وجل -.
وانظري إلى حديث رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم أن المسلم عندنا يأبي شهوته المباحة يؤجر عليها وتكون له صدقة فيقول - صلى الله عليه وسلم -: '......... وفي بضع أحدكم صدقة'
فتعجب الصحابة من ذلك قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: ' أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر'.
وانظري معي إلى قول الأستاذ محمد قطب في شأن العبادة:
'والعبادة تشمل كل نشاط الإنسان في الأرض ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [162] سورة الأنعام
*وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين لنا هذا المفهوم العظيم ويعقد الصلة بين الدنيا والآخرة فيقول - صلى الله عليه وسلم -: 'إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها'.
تأملي معي هذا الحديث المعجز، لقد كان من المتوقع والقيامة قد أوشكت أن تقوم أن يأمرنا - صلى الله عليه وسلم - بالتوبة والإستغفار ونسيان الدنيا والإقبال على الآخرة، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بغرس الفسيلة، فسيلة النخل التي لا تثمر إلا بعد سنين طويلة.
وما ذاك إلا ليعلمنا هذا الدرس العظيم:
'وهو أن طريق الآخرة هو طريق الدنيا بلا اختلاف ولا افتراق، إنهما ليسا طريقين منفصلين أحدهما للدنيا والآخر للآخرة وإنما هو طريق واحد يشمل هذه وتلك، ليس هناك طريق للآخرة اسمه العبادة وطريق للدنيا اسمه العمل إنما هو طريق واحد أوله في الدنيا وآخره في الآخرة، وهو طريق لا يفترق فيه العمل عن العبادة، ولا العبادة عن العمل كلاهما شيء واحد في نظر الإسلام، أما هذا الفصل المتعسف بين الدنيا والآخرة أو بين العمل والعبادة فليس من الإسلام في شيء، الإسلام أن يأكل المسلمون باسم الله، ويتزوجوا باسم الله، ويتعلموا باسم الله وفي سبيل الله، ويعملوا وينتجوا ويتفوقوا باسم الله، لا تشغلهم الدنيا عن الآخرة ولا الآخرة عن الدنيا لأنهما طريق واحد لا يفترقان.
فأنت عزيزتي المرأة المسلمة مطالبة بعمارة الأرض وصناعة الحياة تماما كما أنك مطالبة بالصيام والصلاة.
والخلاصة:
أننا الآن نستطيع أن نضع رسالة عامة لابد وأن يحملها كل مؤمن ومؤمنة في الحياة وهي إرضاء الله - تعالى -من خلال:
الالتزام بمنهج الإسلام في نفسه وماله وأهله.
صناعة الحياة من خلال التفوق في التخصص المهني سواء في الوظيفة أو الدراسة أو غير ذلك.........
والمسلم مخير في صورة هذه الرسالة بمعنى أنه يختار التخصص الذي يناسبه في الحياة ليتفوق فيه ويساهم من خلاله في خلافة الله - عز وجل - في الأرض؟
اتفقنا عزيزتي المرأة المسلمة أن الهدف العام ورسالتك في الحياة هي: ' إرضاء الله - تعالى -من خلال النجاح في تخصصك '
وهذه الرسالة العامة لا يمكن أن تتحول إلى واقع عملي إلا إذا تم تحويلها إلى رؤية واضحة تمتد لتشمل جميع جوانب حياتك وهذه الجوانب هي:
الجانب الإيماني ـ الجانب الأسري ـ الجانب المهني ـ الجانب الصحي ـ الجانب المالي ـ الجانب الاجتماعي ـ الجانب الثقافي العلمي ـ الجانب الترفيهي ـ الجانب التطوعي ـ الجانب التطويري.
وإذا تساءلت عزيزتي المرأة المسلمة ما علاقة هذا الكلام بالحديث عن رمضان في رؤية جديدة؟
أقول إن الجانب الإيماني هو من أهم الجوانب على الإطلاق الذي يتوقف عليه نجاح المؤمنة في بقية الجوانب العشرة.
حيث أنه فوق كونه أساس العلاقة مع الله، ولا ينجوا الإنسان يوم القيامة من النار ولا يفوز برضوان الله وجنته إلا بالنجاح فيه، إلا أنه أيضا يحقق الاستقرار والتوازن النفسي ويمنح الإنسان شعورا بالطمأنينة والسكينة والسعادة والصحة النفسية مما يولد لديه دافعية كبيرة للتقدم والنجاح.
يقول الله - عز وجل – ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل 97.
ويقول أيضا: ( أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد 28.
وفي علم النفس أن وراء كل سلوك دافع، والمؤمن دافعه أخروي إيماني موصول بربه والدوافع الأخروية أقوى أنواع الدوافع وأعظمها قدرا ومكانة وأكثرها ملازمة للإنسان، لأنها تدفع الإنسان في السر والعلن وفي كل الأوقات والأحوال وأينما كان، ولأنها دوافع تؤدي به إلى السمو والاستعلاء والعزة والشرف، فالدافع الديني هو ميزة الإنسان وخصوصية، والدافع العبادي هو مناط رفعة وكرامة.
عزيزتي المرأة المسلمة..
من هذا المنطق تبدأ معا هذه السلسلة من المقالات 'طائعة متميزة في رمضان'
بفكر جديد ورؤية جديدة وعبادة وعمل جديدين وفقنا الله إلى صالح الأعمال في رمضان وفي غيره..
اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على صيامه وقيامه، واجعلنا من عتقائه يارب العالمين.
6 رمضان 1426هـ 9 أكتوبر 2005م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/185)
لا تظلموا المرأة المسلمة
الشيخ / صالح بن عبد الرحمن الخضيري
دين الإسلام حياء وخلق، وعفة وفطرة، وطهارة وفضيلة، إنه الدين الحق الذي أصلح ما فسد من أحوال العرب، بهذا الدين، و بتعاليمه الحكيمة وآدابه السامية، أخرج الله من شاء من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن شقاء الكفر إلى سعادة الإسلام، ومن نكد الجاهلية إلى حياة الملة الحنيفية جاء الإسلام بعدما عبدت الأصنام، واستقسم بالأزلام، وسفك الدم الحرام، بعدما أكلت الميتات، ووأدت البنات، فأبطل هذه المحرمات، وغيرها من الخرافات، وأعطى كل ذي حق حقه.
ومن هؤلاء الذين رفع الإسلام مكانتهم، المرأة: ففي ظل الإسلام استعادت حقوقها، وعرفت مكانتها، ورسمت وظيفتها، فهي الأم المُشفقة، والزوجة المكرمة، والبنت المصونة، والأخت المعززة، جعل الله لها من الأجر والثواب كما جعل للرجل ((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة)) (النحل: من الآية97).
((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)) (آل عمران: من الآية195).
((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) (الأحزاب: 35).
إلا أن الله - سبحانه - وهو العليم بطبيعة المرأة، ورقتها وضعفها، وسرعة تأثرها بالقرار في بيتها لرعاية أطفالها، والقيام بأمر زوجها، إعداد أجيال المستقبل ورجالات الأمة، أمر الرجل بالسعي عليها والإنفاق عليها، وأوصى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالنساء خيرا)).
لقد أعطى الإسلام المرأة كامل حريتها، فمالها مصون، وحين ترغب في الزواج فلا تكره على شخص لا تريده.
إن الرجل له القوامة على المرأة بالعدل، وبين - سبحانه - سبب هذه القوامة فقال: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)) (النساء: 34)، فللرجال من الخصائص ما ليس للنساء قال - تعالى -: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)) (آل عمران: من الآية36).
فالرجل يكون منهم: الأنبياء والخلفاء والسلاطين والقضاة والغزاة، ويجب عليهم شهود الجمع والجماعات في المساجد، وللرجل أن يتزوج أربع نسوة، و لا يجوز للمرأة غير زوج واحد، والرجل بيده الطلاق والنكاح والرجعة وينسب الولد إليه، إلى غير من أحكام ترجع إلى طبيعة خلقه كل منهما والخصائص التي يتميز بها أحدهما عن الآخر.
احذروا أفكار الأشرار الذين هم أعداء للمرأة، يحاربون الفضيلة، ويدعون إلى الاختلاط، وأن تكون المرأة مع الرجل، يأبون ذلك فهم يتكلمون عبر الصحف والمجلات، بكلام يثير المواجع، ويقض المضاجع، يعترضون على شرع الله وكلامه - سبحانه - في أمره للمرأة في القرار في البيت.
بل كاتب في جريدة سمحت بنشر الأفكار المنحرفة، يدعو الكاتب المرأة إلى التحرر من قيود الرجل، وأن عليها أن تطالب بالاستقلالية والمشاركة في الأعمال، وختم مقاله السيء بقوله: (ولن تتقدم أمة نصفها مصاب بالشلل) عياذا بالله.
وآخر يقول: (إن قضية الحجاب قضية هامشية، وإذا أردنا مجتمعا دون اختلاط، فإننا سنخلق مجتمعا مقسما وشاذا).
إن هؤلاء وأمثالهم يظلمون أنفسهم، فيعرضونها للوعيد في قوله - تعالى -: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)) (النور: من الآية19).
ويظلمون الشرع المطهر، حيث يتكلمون في أحكامه، ويتخبطون بلا بصيرة ولا علم، ويظلمون المرأة حيث يقحمونها في مجالات ليست لها، لتكون النتيجة: ضياع حيائها وحجابها وعفتها، وضياع أسرتها وأولادها لتتلقفهم أيدي الخدم.
ثم هم يظلمون النشء والأطفال الأبرياء الذين سيحرمون من حنان الأمومة والعاطفة، نظرا لتحولها إلى خراجة ولاجة في عمل دؤوب، فترجع إلى البيت في حالة يرثى لها، فكيف تتفرغ لأطفالها ومملكتها الصغيرة.
إن المرأة في الإسلام، ليست كما يزعمون كما مهملا، وطاقة مهدرة، ورئة معطلة، أسيرة جدران أربعة، فلو عاش هؤلاء الإسلام حقيقة، وقرؤوا التاريخ بروية وتعقل، لأجابهم بأجلى بيان، وتحدث بأوضح أسلوب عن الأثر العظيم الذي تركته المرأة في عصور الإسلام الزاهية؛ حينما كانت تهز المهد بيمناها وتهز العالم بشمالها، عندما تربي قادة ومصلحين، وعلماء عاملين، هم مفخرة الأمة [1]
إن ما أثاره أصحاب الأفكار السيئة هذه الأيام في عدد من الصحف، وحرفوا من تصريحات ولاة الأمر وفقهم الله
إنما هو سوء أدب، وسوء ظن بمن يصرحون دائما بأن للمرأة مجالها الذي تعمل به، كما أن للرجل مجاله وعمله، وأن الاختلاط بين الجنسين من أسباب الفساد.
وإن من نعمة الله على بلادنا حماها الله من كل سوء أن منعت الاختلاط في مراحل التعليم في الذي يعاني العالم بأسره من هذه التجربة المرة.
وجعلت للمرأة عملا يناسب طبيعتها وأنوثتها وشريعة ربها، فأثبتت المرأة نجاحا كبيرا مع احتفاظها بالحشمة والحجاب والعفاف.
احذروا الدعايات المضللة، والكتابات المشبوهة ضد المرأة المسلمة، فهؤلاء الذين يدعون أنهم يطالبون بحقوق المرأة، هم أعداء المرأة وأعداء مجتمعنا المحافظ.
فحصنوا بيوتكم من هذه الأفكار الوافدة، وساعدوا من تحت أيديكم من الفتيات والنساء على الحذر من مخططات الأعداء، وذلك بالتربية الصالحة الإسلامية للبنات والأبناء، وبتزويج من بلغ سن الزواج من الأخيار الأكفاء، شجعوا الفتيات على الالتحاق بمعاهد وحلق تحفيظ القرآن، وفروا لهن الشريط الإسلامي والمجلة الإسلامية والكتيب المفيد.
اكفوا نساءكم مشقة الخروج إلى الأسواق ما استطعتم إلى ذلك سبيلا، فإن لم تفعلوا فلا أقل من أن تكونوا بصحبتهن، حذروهن من المعاكسات الهاتفية، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
امنعوا عنهن ما يفسد الأخلاق، ويجرئ على الرذيلة، كونوا دائما أيها الآباء مراقبين لأحوالهن، فإن المرأة سريعة التأثر، قوية العاطفة، فواجب على الولي أن يأخذ بيدها إلى بر الأمان وسبل النجاة، وأن يحذرها من كيد الأعداء، والتقليد الأعمى والانسياق وراء الموضات والأزياء التي تصدر إلينا من الأعداء.
وتذكروا أيها المسلمون ما أوجب الله - عز وجل - عليكم من المسؤولية، وما حملكم من الأمانة والقوامة على المرأة، قال - سبحانه -: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)) (النساء: من الآية34).
فاتقوا الله في هذه الأمانة وأدوها على الوجه الأكمل.
----------------------------------------
1 - نفحات من منبر رسول الله للثبيتي (ص 287).
التاريخ: 6/9/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/186)
قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ...
رسالة علمية تستحق الشكر
عبد اللّه بن محمد زقيل
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
كتبتُ في ملحقِ " الرسالةِ " من جريدةِ المدينةِ مقالاً عن رسالةِ الدكتوراه " قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية.دراسة نقدية في ضوء الإسلام " والتي أعدها الدكتور فؤاد بن عبدالكريم بن عبدالعزيز العبد الكريم الأستاذ المساعد في كلية الملك فيصل الجوية.
أسألُ اللهَ أن ينفعَ بهِ، وأن يجزي الدكتور فؤاد العبد الكريم على رسالته القيمةِ.
قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية... رسالة علمية تستحق الشكر
(إن للمرأة في الإسلام مكانة عظيمة ومرتبة جليلة، فقد رفع الإسلام منزلتها بعد أن كانت مهانة عند العرب قبل الإسلام وعند الأمم الأخرى، فجعلها في منزلة واحدة مع الرجل من حيث قبول الأعمال الصالحة).
هذه الكلمات هي مقدمة لرسالة علمية عنوانها: (قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية. دراسة نقدية في ضوء الإسلام)، أعدها الدكتور فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم جزاه الله خيرا -، وقد استقصى فيها الباحث المؤتمرات التي عقدت وأثير فيها قضايا المرأة من منطلق مناقض للإسلام، والرسالة نفيسة في موضوعها مليئة بالحقائق والأرقام والأقوال التي تشير إلى ما يخطط له الغرب لإخراج المرأة المسلمة من بيتها وجعلها سلعة مبتذلة كما في الغرب، ولا شك أن المرأة المسلمة في بلادنا على رأس أهداف تلك المؤتمرات.
والدراسة التي قام بها الباحث الدكتور فؤاد لم يسبق أن نوقشت مناقشة ناقدة لتلك المؤتمرات بمنظور إسلامي، وقد أبان أيضا عن منهجه في الرسالة بقوله: " وقد سلكت في هذا البحث منهجاً وصفياً في عرض القضايا الأساسية للمرأة، ومنطلقاتها من خلال وثائق المؤتمرات، كما استخدمت المنهج التاريخي في تتبع بعض قضايا المرأة في هذه المؤتمرات، كقضية تقديم الثقافة الجنسية للجنسين في المدارس الغربية، وقضية خروج المرأة للعمل، وكذلك قضية الحقوق السياسية للمرأة الأوربية، وغيرها من القضايا، واستخدمت المنهج التحليلي النقدي في تحليل وثائق المؤتمرات المتعلقة بالمرأة، ونقدها في ضوء المصادر الإسلامية، مبرزاً الموقف الإسلامي من هذه القضايا ".
وانطلاقا من مقولة حذيفة - رضي الله عنه - في الصحيح: " وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني " كان الإشارة في هذا الوقت إلى هذه الرسالة العلمية الرائعة التي تكشف كثيرا من مخططاتٍ تحاك ضد المرأة في بلادنا، إلى جانب أن لا تنخدع المرأة في بلادنا بالدعوات البراقة التي ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب والخسران نسأل الله أن يحفظ بلادنا منها.
وقد كان موقع " الدرر السنية " بإشراف الشيخ علوي السقاف على الشبكة العنكبويتة من أوائل المواقع نشرا للرسالة العلمية المشار إليها، والرسالة تعتبر مرجعا مهما وإضافة جديدة للمكتبة الإسلامية يستفيد منها طلاب العلم والمثقفين وأصحاب البحوث المتعلقة بالمرأة المسلمة وما يخطط ضدها، فأنصح بزيارة الموقع وتنزيل الكتاب كاملا.
وقد قام الدكتور فؤاد باختصار الرسالة في مُؤَلَّف من إصدار مجلة البيان بعنوان: (العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) فجاء في مقدمة الكتاب: " وقد استقر الرأي على اختصارها وتهذيبها لتناسب القراء عامة، ومن أراد المزيد من التفصيل فليرجع إلى أصل الرسالة التي تزيد صفحتها عن 1300 صفحة ". ا. هـ.
جزى الله خيرا الدكتور فؤاد العبد الكريم على رسالته الرائعة
أضغط هنا لتحميل.. كتاب قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية دراسة نقدية في ضوء الإسلام
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/187)
المساواة والتفاوت بين الجنسين في الإسلام
د. فريدة صادق زوزو
مقدمة:
إن الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام حديث عن أول وثيقة شرعت لهذه الحقوق؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ألقى خطبته الجامعة لمقاصد الإسلام ومبادئه العامة، ووضع في تلك الخطبة دستور العلاقات بين الناس بما فيها العلاقة بين الجنسين الذكر والأنثى؛ المرأة والرجل. وقد أثيرت أسئلة كثيرة عن تساوي الجنسين أو تفاوتهما في الحقوق في الإسلام، ولذلك فإن هذه الورقة تحاول أن تستجلي الحقيقة وتبين موقع كل من الرجل والمرأة فيما يتعلق بحقوقهما.
1. مبادئ أساسية حول الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية:
1- وحدة النفس الإنسانية:
المستقرئ للآيات القرآنية الكريمة، ومثيلاتها في أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لموضوع خلق الإنسان، وطبيعة التكوين الجسماني له، يجد التركيز الدائم والإقرار بوحدة الخلق الإلهي للإنسان؛ في خلق الرجل والمرأة من مادة واحدة، وتماثلهما التام في الهيئة التكوينية، هو ما تقرره الآيات الكريمة الآتية:
وقال: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام. إن الله كان عليكم رقيبا" (النساء: 6). فهذه الآية تبين أن الزوجين خلقا من نفس واحدة، وتأتي بعدها الآيات الأخرى توضح طبيعة الخلق، كما في قوله - تعالى -: "وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى" (النجم 45).
وقال- تبارك وتعالى -: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" (المؤمنون: 12-14).
وكما في قوله- تبارك وتعالى -: "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة، لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى" (الحج: 5).
وهو نفسه ما ورد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا يؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح".
فهذا الحديث وغيره من النصوص تشير إلى أن خلق الله- تبارك وتعالى -لعباده أجمعين كان موحدا، فلم يفرق بين رجل وامرأة، أو بين مؤمن وكافر، أو بين غني وفقير؛ بل إن وحدة الخلق لجميع المخلوقات هي المشار إليها، وهي المبينة للوحدة والاشتراك في طبيعة الخلق.
وهو أيضا ما يتمثل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما النساء شقائق الرجال"، ومعنى هذا أنه لم يأت نص موحى به يقول أن الرجل خير من المرأة في أشياء، وأفضل منها في أشياء.
2- تكريم الله للإنسان دون تمييز:
واختص المولى- تبارك وتعالى -الإنسان من بين جميع مخلوقاته بالتكريم الرباني، فقال - عز وجل -: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء: 70). واسكن آدم وزوجه الجنة، قال- تبارك وتعالى -: "وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك ألجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه ألشجرة فتكونا من الظالمين" (البقرة: 35). فهذه من الأدلة على إكرام بني آدم رجالا ونساءً.
ومشيئة الله - تعالى -في إكرام الإنسان، أمر قدري من الله تبارك وتعالى، وهذا أمر يجري على جميع الناس عند ولادتهم ... . أي على الفطرة الأصلية، والفطرة مطابقة للدين. كما أن الله - تعالى -أحسن صور بني آدم نساء ورجالا، قال - تعالى -: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"(التين: 5)، وقال أيضا: "وصوركم فأحسن صوركم" (غافر: 64). وسخر له ما في الأرض جميعاً، وزوّده بالعقل المفكر، فقال - تعالى -: "ولقد كرمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الإسراء: 70). وقال أيضا: "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا" (البقرة: 29).
ثم لم يتركه هائما في هذه الدنيا بل بعث إليه الرسل والأنبياء على فترة لهدايته، ثم بعث له بالرسالة الخالدة رسالة الإسلام، قال - تعالى -: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (الأحزاب: 40).
ولم تفرق الآيات الكريمة بين الرجل والمرأة في ماهية التكريم، ولم تختص أو تميز الرجل بالتكريم دون المرأة. فالجميع عباد الله، ولكليهما أرسل وبعث الرسل والأنبياء؛ فلم تفرق أي رسالة من رسالات الأنبياء بين الذكر والأنثى، بل إن القرآن الكريم خص بالذكر الكثير من النساء العظيمات، فوردت فيهن قصص قرآنية تحمل الكثير من العبر والعظات، فهذه امرأة فرعون، وهذه أم موسى، وهذه مريم البتول، وغيرهن.
2. المساواة في الحقوق والواجبات (التكاليف الشرعية):
إن نصوص القرآن والسنة تؤكدان على التكامل الفطري بين الرجل والمرأة من أجل القيام بوظيفتهما الوجودية في الاستخلاف، قال - تعالى -: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة: 71)، هذا التكامل الذي يستوجب في الوقت نفسه وجود بعض نقاط التغاير والاختلاف كما سيأتي تبعا. من حيث أنهما يشتركان ويتكاملان في القيام بالمسؤوليات والواجبات التي فرضها الله عليهما في هذه الدنيا. وليس هناك فرق بين المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والعلمية والفكرية وغيرها إلا استثناءات حدّدها الشرع بدقة.
ولهذا أيضا كان في شرع الله أحكام مشتركة بينهما تتعلق بالواجبات التي يؤديانها ويشتركان فيها، كما أن في الشرع أحكام خاصة بكل واحد منهما مما ينسجم مع فطرته ويحافظ عليها.
فمما يشتركان فيه إضافة إلى ما سبق حقوقهما المتساوية في: الأهلية والذمة المالية مثلا وهي ما يسمى اليوم بالحقوق المدنية، فكلاهما مكلف وله أهليته المساوية تماما للجنس الآخر، ولكليهما ذمته المالية المستقلة له وحده، والمختصة به، فللمرأة مثل الرجل حقها الخالص في مالها أو مرتبها الشهري من عملها أو مالها من الميراث في أن تهبه أو تتصدق به أو تتصرف فيه كما تشاء وقتما تشاء، متزوجة كانت أو عزباء؛ لأنه عموما "إن كانت المرأة بالغة يحق لها أن تتعاقد، وتتحمل الالتزامات، وتملك العقار والمنقول، ولا يحق لوليّها أن يتصرف أي تصرف قانوني في شيء من أموالها إلا إذا أذنت له بذلك، أو وكلته في إجراء عقد بالنيابة عنها". وغيرها من الأمثلة في الزواج وحقها في الاحتفاظ باسمها بعد الزواج عكس الدول الغربية إذ إن المرأة بزواجها يلغى التعامل باسم والدها وتحمل لقب الزوج!
وأخيرا فالرجل والمرأة متساويان في الجزاء الأخروي يقول - تعالى -: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} (آل عمران: 195). وقوله: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل: 97)..أي أن الثواب والعقاب يتساوى فيه كليهما دون نظر إلى جنسهما.
3. مبدأ التغاير بين الجنسين في الإسلام لا التفاضل:
إن المساواة التامة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية والتكريم الرباني لكليهما، والتكامل والاشتراك في أداء الواجبات التي فرضها الشرع عليهما لم تجعل الشرع يهمل الفصل بين الاثنين فيما يتعلق بوظائفهما الفطرية والكونية، باعتبار ما ركب الله - تعالى -في كل منهما من فطرة تتضمن إمكانات واستعدادات بدنية وعقلية ونفسية تميز أحدهما على الآخر.
وتبين الآية في قوله - تعالى -: "وليس الذكر كالأنثى" (آل عمران: 35)، أن المبدأ الذي تقرره الشريعة الإسلامية في الاختلاف بين الرجل والمرأة أو التمييز بينها لا يعدو أن يكون إلا بيانا لأوجه التغاير ومميزات التفريق بين الجنسين، إضافة إلى تحديد أهم الفوارق الطبيعية أو الجبلية بينهما في ظل التكريم الرباني لكليهما، مع الأخذ بعين الاعتبار علة وجود هذا التفاضل؛ ولا يمكن توظيف الآية الكريمة توظيفا وفهماً سيئاً؛ " فإن الذي يتأمل القرآن الكريم يحس المساواة العامة بين الذكور والإناث، وأنه إذا أعطى الرجل حقاً أكثر فلقاء واجب أثقل، لا لتفضيل طائش". وهو ما سنراه في النقاط التالية، وكما تحدد في المبدأ القرآني {الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء: 34).
4. مظاهر التفاوت بين الجنسين:
يمكن استنتاج مظاهر التفاوت بين الجنسين من خلال استقراء الآيات الكريمة في الموضوع، فقد قرر المولى - عز وجل -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} (البقرة: 228).
1- القوامة:
تعتبر القوامة هي المسؤولية الأولى للرجل، في قيامه على شؤون أسرته ومتطلباتها المعنوية والمادية، الداخلية منها والخارجية، وإن الزوجة والأم وإن كانت مطالبة بأداء دورها في شؤون البيت والأولاد وهو القوامة الداخلية البيتية، فإن الزوج مطالب بكليهما.
ويقول محمد عبده في تفسير {وللرجال عليهن درجة}: "إن الله يوجب على المولى شيئا وعلى الرجال أشياء. ذلك أن هذه الدرجة هي درجة الرياسة والقيام على المصالح المفسرة بقوله - تعالى -: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، فالحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولابد لكل اجتماع من رئيس؛ لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم في بعض الأمور، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم رئيس يرجع إلى رأيه في الخلاف... والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة، وأقدر على التنفيذ بقوته وماله". وهذه هي القاعدة العامة من دون الاستغناء عن شواهد التشاور بين الزوجين في أمور حياتهما، وتعاونها من أجل المقدرة على الإنفاق على أسرتهما، "وليس معنى القوامة على الأسرة أنه يجعل المرأة كما مهملا لا تستشار في أمر"،
فنيابة المرأة زوجها في شؤون البيت حال غيابه، وغيرها من المسائل التي لا تخالف القاعدة العامة للقوامة.
2- الميراث:
جاء الإسلام وكرم المرأة تكريما لم تأت به شرائع سابقة في إعطائها حقها من ميراث الزوج أو الأب أو الأم، قال - تعالى -: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا} (النساء: 7).
وإن كانت القاعدة العامة في الميراث أن المرأة على النصف من الرجل، جاء قوله - تعالى -: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} (النساء: 11)، وقال أيضا: {وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} (النساء: 176)؛ لأن المبدأ الشرعي قائم على أساس أن المرأة مكفولة لا كافلة، فمالها لها وحدها، ومال الرجل له ولها ولأقربائه أجمعين. "فالشريعة الإسلامية بمنح الذكر بعض الامتيازات، قد فرضت عليه مسؤوليات كثيرة، وكلفته بالنفقة على الزوجة والأطفال ورعاية الوالدين والأقربين، لقد حُمل أعباء كثيرة لا خيار له في ذلك، ومجازاته بذلك النصيب هو من أجل تعويضه عن التكلفة، بينما لم تكلف المرأة حتى بالنفقة على نفسها، ونصيبها يمكن ادخاره والاحتفاظ به".
3- الشهادة:
هل لأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل تعني أن المرأة مطعون في أهليتها وقد عرفنا أن لها الأهلية الكاملة، أو هو طعن في إنسانيتها وكرامتها وقد عرفنا أن كرامتها مثل كرامة الرجل، وأنها والرجل متساويان في الإنسانية ووحدة الخلق.
إن علة ومقصد عدّ شهادتها بنصف شهادة الرجل لما تتصف به من صفات فطرية، فالضعف الذي تتصف به لا ينتقص منها، وإنما هذا الضعف هو قوتها وزخم عاطفتها، ولأن هذه العاطفة هي الصفة الغالبة في المرأة، فكانت علة للتخفيف عنها في بعض مسؤوليات الأمور الخطيرة.
4- الولاية في الزواج وحرمة تزوج المسلمة بغير المسلم:
1. الحكمة من الولاية:
عندما جعلت الشريعة الإسلامية الولاية على المرأة في أمر الزواج، ليس ذلك بسبب نقص فيها، ولكن لاعتبارات مهمة جدا، نلاحظها في آراء الفقهاء التالية:
يرجع التعليل العقلي لمقصد الولاية في النكاح عند الشافعية إلى اعتبارات عرفية، قال الشربيني: "لا تملك المرأة مباشرة ذلك بحال لا بإذن ولا بغيره، سواء الإيجاب والقبول، إذ لا يليق بمحاسن العادات دخولها فيه". ولا فرق عند الشافعية بين تزويج المرأة نفسها بالكفء أو غير الكفء، "فالكفاءة المعتبرة في النكاح دفعا للعار، وليست شرطا في صحة النكاح، بل هي حق للمرأة والولي فلهما إسقاطها".
- في حين أن الحنابلة ردوا الأمر إلى ما يرجع إلى صيانة كرامة المرأة ومروءتها. إذ يقول صاحب المغني: "والعلة في منعها صيانتها عن مباشرة ما يشعر بوقاحتها ورعونتها وميلها إلى الرجال وذلك ينافي حال أهل الصيانة والمروءة والله أعلم".
- وأما تعليل المالكية فنلحظ من رأي الإمام ابن العربي أنه تعليل مقصدي، حيث قال: "النكاح أصوله عند علمائنا خمسة: المتعاقدان المتأهلان لذلك، والصداق الذي يصلح أن يكون صداقا، والولي للزوجة الذي يتولى العقد، والإعلان المفرق بينه وبين السفاح". ويعلل ابن العربي ما ذهب إليه المالكية بقوله: "فلم يجعل الله - تعالى -العقد إلى المرأة أولا مخافة أن تغلب شهوتها عقلها فتضع نفسها في غير موضعها ... ولما كانت فائدة الولي في النكاح حفظ المرأة من الوقوع في غير الكفء فتلوث نفسها وتلحق العار بحسبها".
2. رأي الحنفية:
إن الحنفية وخلافا للجمهور لا يرون بأسا في أن تولي المرأة نفسها في الزواج؛ لأن الولي ليس من شروط صحة عقد نكاح البالغة العاقلة، استنادا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {الأيم أحق بنفسها من وليها}، فالحديث جعل المرأة أحق من وليّها، "وليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت، ويترجح هذا بقوة سند الحديث والاتفاق على صحته"، ثم هذا العقد كغيره من العقود لها الحق الخالص فيه. يقول المرغيناني: "ووجه الجواز أنها تصرفت في خالص حقها، وهي من أهله لكونها عاقلة مميزة، ولهذا كان لها التصرف في المال، ولها اختيار الأزواج". ويرى السرخسي أن "المرأة إذا زوجت نفسها أو أمرت غير الولي أن يزوجها فزوجها جاز النكاح، وبه أخذ أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -سواء كانت بكرا أو ثيبا. إذا زوجت نفسها جاز في ظاهر الرواية سواء كان الزوج كفئا لها أو غير كفء، فالنكاح صحيح إلا أنه إذا لم يكن كفئا لها فللأولياء حق الاعتراض".
دلت آراء الفقهاء المشترطين للولي في عقد النكاح على استظهار مقاصد الشارع من اشتراط الولاية؛ بأن يتميز عقد الزواج عن غيره من العقود التي تشابهه معنى لا شرعا؛ فالاتصال الجنسي الشرعي الذي تعتبره أحكام الشريعة هو الذي يظهر فيه قبول ولي المرأة خصوصا؛ وإلا لما اشترط لصحة النكاح شرط الكفاءة في الحسب والنسب، "ولأن ذلك أول الفروق بين النكاح والزنا، والمخادنة، والبغاء، والاستبضاع، فإنها لا يرضى بها الأولياء في عرف الناس الغالب عليهم".
ويفصل الإمام الغزالي في مقصد الولاية بتوضيح رتبتها من أقسام المقاصد فيقول: "وتقييد النكاح بالولي لو أمكن تعليله بفتور رأيها في انتقاء الأزواج وسرعة الاغترار بالظواهر لكان واقعا في الرتبة الثانية (أي الحاجيات)، ولكن لا يصح ذلك في سلب عبارتها في نكاح الكفء فهو في الرتبة الثالثة (أي التحسينيات)؛ لأن الأليق بمحاسن العادات استحياء النساء عن مباشرة العقد لأن ذلك يشعر بتوقان نفسها إلى الرجال، ولا يليق ذلك بالمروءة، ففوّض الشرع ذلك إلى الولي حملاً للخلق على أحسن الحاجات".
3. وأما عن حرمة زواج المسلمة بغير المسلم فإن:
" المرأة المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج بيهودي أو نصراني.. والرجل المسلم له أن يتزوج بيهودية أو نصرانية.. ذلك أن للرجل حق القوامة على المرأة.. ولا يتأتى من الرجل المسلم أن يجرح مشاعر امرأته غير المسلمة إذ هو مطالب في الإسلام أن يحترم كل الرسالات السابقة وأن يؤمن بكل الأديان والأنبياء الذين بعثوا قبل الإسلام.. أما اليهودي والمسيحي فإنهما لا يؤمنان بالإسلام ولا بنبي الإسلام، وهما بهذا قد يطعنان ويجرحان دين زوجتهما المسلمة مما يؤدي إلى شقاق دائم وخلاف مستمر".
5. الطلاق:
لما أباح العلي القدير الطلاق جعله مشروعا للرجل، فالطلاق حق للزوج، فهو الذي يوقع الطلاق إذا كانت الظروف تحتم وتلزم إيقاعه، وفي المقابل شرع الخلع حقا للمرأة المتضررة؛ فالرجل يدفع متعة المطلقة والمرأة تدفع بدل الخلع، كما شرع الفسخ وغيره من أنواع التفريق القضائي للمرأة المتضررة لأي سبب من الأسباب.
وإن آيات الطلاق أكثرها جاء الخطاب فيها موجها للزوج.
قال - تعالى -: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} الطلاق: 1.
وقال- تبارك وتعالى -: {ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} البقرة: 226. قال ابن عاشور" فالتخلص قد يكون مرغوبا لكلا الزوجين، وهذا لا إشكال فيه، وقد يكون مرغوبا لأحدهما ويمتنع منه الآخر، فلزم ترجيح أحد الجانبين: وهو جانب الزوج لأن رغبته في المرأة أشد، كيف وهو الذي سعى إليها، ورغب في الاقتران بها؛ ولأن العقل في نوعه أشد، والنظر منه في العواقب أسد، ولا أشد احتمالا لأذى، وصبرا على سوء الخلق من المرأة، فجعل الشرع التخلص من هذه الورطة بيد الزوج".
وقوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات وآتيتم إحداهن قنطارا} النساء: 20
وأما أسباب جعله بيد الرجل فهي:
1) قوامة الرجل: "ومن لوازم هذه القوامة أن يكون الطلاق بيد الرجل أيضا"، قال - تعالى -: {الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} النساء: 34.
وقال أيضا: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}، "وهي درجة تجعل له حقوقا، وتجعل عليه واجبات أكثر... فإن كان للرجل فضل درجة، فعليه فضل واجب".
2) تحمل الرجل وصبره: تختلف الخصائص الفطرية للإنسان من الرجال للنساء؛ فإن الرجال يتصفون بقوة التحمل، والصبر عند الشدائد، والتأني وكظم الغيظ، والتريث عند الغضب. أما النساء ولأن لديهن غريزة الأمومة فإنهن اتصفن طبيعةً بالحنان والرأفة، ورهافة الحس، ورقة الشعور، والاندفاع وراء العواطف، وسرعة التأثر، وغيرها من الصفات الرقيقة.
فلهذه الخصائص والطبائع جعل الطلاق بيد الرجل لأنه سيفكر مليا وبروية في التطليق، أما المرأة فإنها وبدافع الأحاسيس الفياضة فإنها لن تتوانى عن التطليق لأتفه الأسباب وأبسطها إن لم يكن أسذجها.
3) تحمل الرجل للتبعات المالية للطلاق: يعتبر جعل الطلاق بيد الرجل شيئا منطقيا لأن الزوج ومنذ الأيام الأولى للخطبة وحتى الطلاق هو المسؤول عن التبعات المالية للزواج ومن بعده الطلاق، فهو الذي يدفع المهر، وهو الذي تجب عليه النفقة على الزوجة والأولاد، وهو الذي بعد الطلاق يدفع متعة المطلقة إضافة للنفقة، والتنازل عن بيت الزوجية لمطلقته طلاقا رجعيا، أو المبتوتة الحامل. فكان له حق الطلاق نظير ما سبق من التزامات مالية؛ لأن المرأة ليس لها أي التزام مادي أمام الزواج فإنها لن تتوانى عن الطلاق متى شاءت، ولأي سبب كان، " وليس هناك ما يحملها على التروي والأناة حيث لا تغرم شيئا". أما الزوج ولأنه المسؤول ماديا فإنه يفكر مليا قبل إيقاع الطلاق.
وإذا كان الطلاق شرع أصالة بيد الرجل للحكم السابقة الذكر؛ فإنه عند الإضرار بالمرأة ورفض الزوج الطلاق، يمكنها اللجوء إلى الخلع كحل مقابل دفعها مقدارا معينا من المال لزوجها.
وأما الحل الثالث للتفريق بين الزوجين فهو الحكم القضائي، وهو في أكثره يعتمد على الفسخ بسبب عيب من العيوب، وغيرها من الأسباب، فيكون للقاضي حق التفريق بين الزوجين، أو تطليقهما، وفي هذا دلالة على أن الإسلام لما جعل الطلاق بيد الرجل لم يبخس بحق المرأة وإنما نظر في مصلحة الزوجين وأسرتهما؛ وإن تعسف الزوج في استعمال حقه فإن أمام الزوجة خيارين اثنين؛ إما أن تخالع نفسها، أو تلجأ للقضاء.
5. خاتمة:
في ختام هذه الورقة يتأكد لنا أن "النساء شقائق الرجال" ويستويان في الحقوق الإنسانية المتعلقة بالإنسان من حيث هو إنسان بغض النظر عن كونه ذكرا أو أنثى، غير أنه "ليس الذكر كالأنثى" فبينهما اختلافات فسيولوجية، واختلافات نفسية، واختلافات في شخصيتهما ودورهما الاجتماعي، وبالتالي فإن التسوية في بعض الأمور فيها ظلم وإجحاف، ولهذا فالمطلوب هو العدل وليس التسوية المطلقة، فبينهما تفاوت؛ حيث تختص المرأة بحقوق ويختص الرجل بحقوق أخرى، وليس بينهما تعارض، بقدر ما بينهما تكامل، من أجل تحقيق فطرة الإنسان وبناء المجتمع الفاضل القائم على التعاون والتكامل بين الجنسين.
03-رمضان-1426 هـ:: 05-اكتوبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/188)
هل تحبين قيام الليل ؟
إن في قيام الليل شريعة ربانية، وسنة محكمة نبوية، وخصلة حميدة سلفية، ومدرسة تربوية إيمانية، وخلوة برب البرية، وروضة هنية ندية، وسعادة نفسية روحية، ونشاط وقوة جسمانية، وشوق وتعلق بالجنان العلية، ودموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية.
وهناك عدة طرق للتحمس لقيام الليل:
1- الإخلاص لله في القيام:
(يا نفس اخلصي تتخلصي) شعار أطلقه السلف الأبرار لأنفسهم، ولاعجب في ذلك، فإن الإخلاص لله - تعالى -هو روح الطاعات، ولب القربات، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات، وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات، وعلى قدر النية والإخلاص والصدق مع الله، في العزم وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن.
وقد أمرنا الله جل جلاله بإخلاص العمل له وحده دون سواه، قال تعالى(وما أٌمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) سورة البينة (5).
وقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالعقوبة الفظيعة التي تنتظر من عمل الطاعات طلبا للدنيا أو للرياء والسمعة:
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة (أي رائحتها) يوم القيامة)
فلنصلح النية لرب العباد ونقصد بأفعالنا وأقوالنا ثواب مولانا.
سهر العيون لغير وجهك باطل *** وبكاؤهن لغير فقدك ضائع
2- استشعار أن ربك الجليل يدعوك للقيام:
وخصلة أخرى تدعوك إلى التحمس للقيام ومناجاة الرحمن في ظلم الليالي، ألا وهي أن تستشعر بقلبك وفكرك أن ربك ومولاك وسيدك الجليل العظيم يدعوك ويناديك-وهو الغني عن طاعتك - سبحانه - إلى القيام بين يديه، واللجوء إليه والتلذذ بمناجاته في ظلام الليل، فهلا أجبت نداء السماء؟ وناجيت ربك في الظلمات؟ لتكون في الدنيا والآخرة من السعداء.
* قال الله - تعالى -آمرا نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأمته بقيام الليل: (يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا)سورة المزمل (1-4).
قال سعد بن هشام بن عامر، لعائشة - رضي الله عنها -: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: ألست تقرأ (يا أيها المزمل) قلت: بلى. فقالت: إن الله - عز وجل - افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي- صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التحفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد الفريضة رواه مسلم في صحيحه.
ومما يزيدك تحمساً لقيام الليل، وحرصا على مناجاة الله - تعالى -والوقوف بين يديه في ذلك الوقت، أن تعلم أن رسولك العظيم محمد - عليه الصلاة والسلام - يحثك على القيام، ويرغبك ويوصيك بمناجاة الملك العلام في الليل والناس نيام، لتفوز بمجاورته في دار السلام، مع النبيين والصالحين والأئمة الأعلام.
بل لقد كان الرسول- صلى الله عليه وسلم - يرشد من سأله عن أحب أعمال الخير إلى الله، يرشده إلى أعمال منها قيام الليل:
عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ فقال: لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله، تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع...) الآية.
تجول في وادي المتهجدين، وتنقل بين أنات المذنبين وتسبيح المتهجدين وتضرع السائلين وأبصرهم: فهذا يعاتب نفسه على التقصير، وهذا يتفكر في هول المصير، وهذا يخاف حساب الناقد البصير، وذاك يتعوذ بالله من عذاب يوم عسير.
3- معرفة مدى تلذذ السلف بقيام الليل:
لا يستطيع المرء أن يتذوق حلاوة الصلاة ولذة المناجاة، وأنس الخلوة بالله، وينهمك فيها، ما لم تحتل الصلاة محل الدواء من قلبه، ويصل إلى درجة تصبح الصلاة فيها قرة لعينه ومسرة لروحه وانشراحا لصدره وشفاء لسقمه وزوالا لهمه وكشفا لكربه وأنيسا لنفسه، ومن ذاق عرف، وكذا كان حال سلفنا الكرام مع الصلاة، فقد كانوا يتلذذون بقيام الليل أعظم التلذذ، ويفرحون به أشد الفرح، فاسمع أخبارهم يا بطال، يا من همته في القيل والقال، والأكل والشرب والنعال.
قال عبدالله بن وهب - رحمه الله -: كل ملذوذ (أي من لذات الدنيا) إنما له لذة واحدة، إلا العبادة، فإن لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها، وإذا تذكرتها، وإذا أعطيت ثوابها. (أي في الآخرة).
قال محمد بن المنكدر - رحمه الله -: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الأخوان، والصلاة في جماعة.
قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله، فأفتتح القرآن فأصبح وما قضيت نهمتي.
5- النوم على الجانب الأيمن:
ومما يعين على التحمس لقيام الليل أن ينام المرء على شقه الأيمن، اقتداء بفعل الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وتيمنا بالنوم على الشق الأيمن، وذلك لأنه أعون على سرعة الاستيقاظ، وأبعد عن الاستغراق في النوم.
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن، عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: (إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن... )
وعن حفصة - رضي الله عنها - قالت: (كان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن)
واستمع إلى ابن القيم وهو يوضح لنا الحكمة من استحباب الشارع النوم على الجانب اليمن، فيقول: وفي اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم- على شقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلق في الجانب الأيسر، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوما، لأنه (أي القلب) يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق القلب وطلبه مستقره (أي في الجهة اليسرى) وميله إليه، ولهذا استحب الأطباء النوم على الجانب الأيسر لكمال الراحة وطيب المنام، وصاحب الشرع يستحب النوم على الجانب الأيمن لئلا يثقل نومه، فينام عن قيام الليل، فالنوم على الجانب الأيمن أنفع للقلب، وعلى الجانب الأيسر أنفع للبدن، والله أعلم.
اغتنموا هذه الساعات (أي أوقات القيام بالليل) التي يفتح فيها الباب، ويقرب فيها الأحباب، ويسمع الخطاب ويرد الجواب ويعطى للعاملين أجزل الثواب.
6- إدراك أن القيام سبب لطرد الغفلة عن القلب:
الغفلة داء خطير ومرض عضال، يصاب به القلب إذا توسع في المباحات، وتكاسل عن الطاعات وانغمس في الملذات، وقصر في مناجاة فاطر الأرض والسماوات، وحينئذ يكون الدواء الناجع بإذن الله هو قيام الليل.
وقد قرر لنا رسولنا - عليه الصلاة والسلام - أن قيام الليل يطرد الغفلة عن القلب، عن عبدالله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة أية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين).
7- استشعار أن الله يرى ويسمع صلاتك له بالليل:
إن مما يسهل عليك القيام لصلاة الليل، أن تستشعر وتستحضر بقلبك حين تقوم للصلاة، أن ربك ومولاك الجليل المتعال ينظر إليك في ذلك الوقت، ويرى ويسمع صلاتك وقيامك ومناجاتك، فإن العبد الذليل الفقير إذا أحس بأن سيده ومولاه يبصر تعبه واجتهاده في طاعته ويراه، هان عليه العسير، وبادر إلي تدارك التفريط والتقصير، طلبا لرضا مولاه اللطيف الكبير.
فقم في ظلام ليلك، واستغفر ربك من تقصيرك وكثرة نومك، واسكب دموع الانكسار.
8- معرفة مدى اجتهاد الرسول- صلى الله عليه وسلم - في القيام:
لقد أدرك الحبيب - عليه الصلاة والسلام - أهمية قيام الليل، وثوابه العظيم عند الله، فكان يجتهد في القيام اجتهادا شديدا، بل كان يحرص ويواظب عليه، وكأنه بذلك يدعو أمته إلى المحافظة على القيام والمواظبة عليه، وعدم التكاسل عنه.
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه (أي تتشقق) قالت عائشة: يا رسول الله: أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من د نبك وما تأخر؟!! فقال: يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً)
يا ثقيل النوم!! أما تنبهك المزعجات؟!! الجنة فوقك تزخرف، والنار تحتك توقد، والقبر إلى جنبك يحفر!! وربما يكون الكفن قد غزل!! فإلى متى الغفلة؟!!
9- التأمل في وصف المتهجدين بالليل:
وخصلة أخرى تزيدك تحمساً لقيام الليل وتشوقاً لمناجاة الرحمن، ألا وهي التأمل في وصف المتهجدين بالليل، والتفكر في حالهم حين يقومون لمناجاة ربهم، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومن ذاق عرف. قال - تعالى -واصفاً عباده الأبرار: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً)
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يصف أهل قيام الليل: (ألا إن لله عباداً كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وأهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياماً قليلة، لعقبى راحة طويلة، أما الليل فصافون أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يجارون الله في فكاك رقابهم، وأما النهار فعلماء حلماء بررة أتقياء، كأنهم القداح، ينظر إليهم الناظر ويقول: مرضى! وما بالقوم من مرض، أو خولطوا ولقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم).
10- دعاء الله أن ييسر لك القيام:
التوفيق لقيام الليل، هبة ربانية، وعطية رحمانية، يمن الله بها على من كان مستحقاً لها من عباده، ومؤهلاً للخلوة به - سبحانه - ومناجاته، فالجأ إلى ربك ومولاك، وانطرح بين يديه، وتوجه بقلبك وقالبك إليه، واعتمد وتوكل عليه، واسأله وهو العزيز القهار المهيمن الجبار، بلسان الذل والافتقار، أن يوفقك لقيام الأسحار، وأن يمن عليك فيها بالدموع والخشوع والانكسار، وأن يحشرك مع الأبرار.
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء.
11-النوم على طهارة:
وخصلة أخرى تزيدك تحمساً لقيام الليل وحرصا عليه، ألا وهي أن تنام على طهارة قلبية وبنية، فأما القلبية فإنها تطهر قلبك من الغل والحقد والغش للمسلمين، وأما البدنية فإنها تطهر جسدك بالوضوء.
وقد حثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على النوم على طهارة ويبين لنا الأجر العظيم، والثواب الجزيل المترتب على ذلك: عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال (طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبداً يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره (والشعار هو الثوب الذي يلي البدن مباشرة) ملك، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال (أي الملك): اللهم اغفر لعبدك، فإنه بات طاهراً)
قال المناوي - رحمه الله - تعقيباً على هذا الحديث: والطهارة عند النوم قسمان: طهارة الظاهر وهي المعروفة (أي الوضوء) وطهارة الباطن وهي بالتوبة، وهي آكد من الظاهر فربما مات في نومه وهو متلوث بأوساخ الذنوب، فيتعين عليه التوبة وأن يزيل من قلبه كل غش وحقد ومكروه لكل مسلم).
12- معرفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يترك القيام حتى وهو مريض:
إن ومما يزيدك حرصا على قيام الليل، أن تعلم الحبيب - عليه الصلاة والسلام - كان يواظب على قيام الليل حتى وهو مريض!! وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وما ذلك إلا لأهمية القيام ولثوابه العظيم عند اللطيف الرحيم، فما بالنا ونحن أصحاء أقوياء نفرط في القيام ونتكاسل عنه، مع أن عندنا أمثال الجبال من الآثام؟!!
عن عبد الله بن أبي فبيس قال: قالت لي عائشة -رضي الله عنها: لا تدع قيام الليل!! فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً).
13- معرفة مدى اجتهاد الصحابة في قيام الليل:
لقد أدرك الصحابة الأبرار، فضل القيام بالأسحار، لمناجاة القهار، والتذلل له والافتقار والانكسار، وذرف الدموع وكثرة الاستغفار، فكانوا يحرصون على القيام ويواظبون عليه باستمرار، فاسمع شيء من أخبارهم وأحوالهم يا كسلان!! عسى أن تتيقظ همتك للحاق بهم ومجاورتهم عند الرحيم الرحمن!!
وهذا الصحابي الجليل -أبو هريرة- رضي الله عنه -، كان يقوم ثلث الليل، وتقوم امرأته ثلث الليل، ويقوم ابنه ثلث الليل، إذا نام هذا قام هذا!!
أما عبدالله بن عباس - رضي الله عنها- ترجمان القرآن، فقد بدأ قيام الليل وعمره عشر سنين، وما زال محافظاً عليه حتى لقي ربه - تعالى -، فطوبى له بهذه الكرامة!!
فرضي الله عن الصحابة أجمعين، وجمعنا بهم مع نبينا الأمين في جنات الخلود والنعيم.
http://akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/189)
لباس المرأة 1 - 9
الدكتور يوسف بن عبد الله الأحمد
أراد الشيخ أن يبدأ مجموعة مقالاته الرائعة والتي كانت في الأصل محاضرة بمقدمة تلخص أهم وأبرز النقاط ويوضح فيها منهجه أيضاً، وكما قيل المقدمة أخر ما يكتب وأول ما يقرأ.
أولاً: أعلم أن ما سأطرحه في هذه المقالات عن لباس المرأة قد يكون ثقيلاً على شريحة كبرى من النساء اللواتي نشأن على شيء من التساهل في اللباس والحجاب؛ ولذلك فإني آمل من الجميع أن تتهيء نفوسهم لقبول الحق بدليله، وآمل أيضاً أن تتهبأ النفوس لتطبيق الحق والعمل به، وإن كان مخالفاً لما اعتادته المرأة ونشأت عليه.
وربما كان سماع جزء من المحاضرة مخل بفهم الموضوع، فأدعو كل من بدأ بسماعها أن يكمل سماعها حرصاً على سلامة الفهم.
ثانياً: انتشر في السنوات الأخيرة في أوساط النساء مظاهر خلل كبير في اللباس، وبدأت الأسواق تلفظ ألواناً من الألبسة السيئة، والعباءات المتبرجة.
وكل ملاحظ لواقع النساء يرى سرعة التغير، ثم تزايدت هذه المخالفات الشرعية، وألفها كثير من النساء بسبب الجهل، أو كثرة المساس، وكثرة المساس تميت الإحساس كما يقال.
وأصبح نقص الوعي في أحكام لباس المرأة سمة عامة بين النساء حتى بين كثير من الصالحات.
فأردت بهذه المقالات: إبراء الذمة، والإعذار إلى الله، و محاولة الإصلاح مما حل بواقع النساء.
ثالثاً: أن هذا الموضوع وإن كان خاصاً بالنساء، إلا أن فهم الرجال له لا يقل أهمية، فقد تبين لي أن من أهم أسباب الانحراف في اللباس بين النساء هو الرجل؛ إما لجهله أو إهماله.
رابعاً: أن الله - تعالى - جبل المرأة على حب الزينة، والعناية بالمظهر؛ ولذلك أباح الشرع لها الذهب والحرير وغيرهما دون الرجال إشباعاً لهذه السمة التي فطرها الله عليها.
إلا أن شدة العاطفة، والرغبة في التقليد قد تزيد المرأة عن حد المباح فتقع في المحرم استجابة لهوى النفس، وداعي الشيطان. فكان هذا الموضوع تذكيراً وتحذيراً.
خامساً: أن الأصل في الألبسة هو الحل والإباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه. والدليل على هذا الأصل قوله - تعالى -: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً. وقوله - تعالى -: ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)) (الأعراف: 32).
وما سأذكره في هذه المقالات هو ما دل الدليل على منعه والحذر منه، أما ما عداه فباق على أصل الحل و الإباحة.
13/8/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/190)
لباس المرأة 2 - 9
الدكتور يوسف بن عبد الله الأحمد
ذكر الشيخ في الحلقة الأولى مقدمته حول اللباس وهو الآن يتناول أقسام اللباس أمام النساء والمحارم ولطوله فقد رأينا تقسيمه على حلقتين نرجو حصول الفائدة.
ولباس المرأة ينقسم إلى قسمين:
لباس المرأة أمام النساء والمحارم.
ولباسها أمام الرجال الأجانب.
أما محاذير لباسها أمام النساء والمحارم، فسأتناول ثلاثة أنواع من الألبسة:
النوع الأول: الألبسة غير الساترة، والتي يلبسها كثير من النساء اليوم في الأعراس، ومجامع النساء.
فهي غير ساترة؛ لأنها لاصقة، أو شفافة، أو قصيرة، أو تكشف العضد أو المنكب.
والصواب أن هذه الألبسة لا يجوز لبسها لخمسة أسباب:
الأول: أن القول بأن عورة المرأة أمام المرأة ما بين السرة والركبة، لم يثبت بدليل صحيح، والأرجح أن المرأة لا تكشف إلا ما جرت العادة السوية بكشفه بين النساء، كالرأس، والعنق، والذراعين، والقدمين.
ولو سلمنا جدلاً بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فإن هذه الألبسة لا تستر مابين السرة والركبة حقيقةً لكونها لاصقة، أو شفافة، أو مفتحة.
السبب الثاني: أن هذه الألبسة غير الساترة هي محض تشبه وتقليد بالكافرات و الماجنات، وسقط المتاع من المغنيات والممثلات، وفدت إلينا من القنوات الفضائية، ومجلات الأزياء. وقد ثبت عن النبي e أنه قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)).
السبب الثالث: أن التي تلبس هذه الألبسة يصدق فيها حديث أبي هريرة t أن النبي e قال: ((صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) أخرجه مسلم.
السبب الرابع: أن هذه الألبسة الفاضحة عرضةٌ لأن تلبسها المرأة أمام محارمها كالأب والابن، والأخ، والعم، والخال، و ابن الأخ، وابن الأخت، ووالد الزوج، وابن الزوج من غيرها.
وقد حصل بسبب هذا التساهل شر عظيم.
السبب الخامس: أن في هذه الألبسة ذريعة لمفاسد كثيرة إذا لم تمنع: منها أن التساهل والتكشف يزداد يوماً بعد يوم، وهذا أمر يلحظه النساء.
ومنها القدوة السيئة للأخريات، فإن المرأة سريعة التأثر بالقرينات، والقريبات. و المرأة ستكون أماً وجدة، فإذا كان هذا حال من رضيت بهذا اللباس، فماذا سيكون حال بناتها وبنات بناتها؟!.
النوع الثاني من الألبسة المحرمة أمام النساء والمحارم: لبس المرأة للبنطال.
وقبل عشر سنوات أو أكثر بقليل لم يكن معروفاً بين النساء في هذه البلاد، وكان هناك حاجز من الدين والحياء دون هذا اللباس، ثم نجح دعاة السوء من نشره بين النساء فنزل في الأسواق على هيئة واسعة فضفاضة يشبه الثوب إلا أنه يفصل ما بين القدمين، فقبله كثير من الناس على هذه الحال فكسر الحاجز بينهم وبين هذا اللباس، ولم نلبث إلا أشهراً وسنيات حتى صار لبس البنطال بأنواعه وأشكاله معتاداً ومرغوباً مع الأسف الشديد.
والصحيح أنه لا يجوز للمرأة لبس البنطال أمام نسائها و محارمها- من غير الزوج - لأمرين:
الأول: التشبه؛ فبعضه فيه تشبه بالرجال، وبعضه الآخر فيه تشبه بالكافرات والفاسقات؛ فإن كثيراً من النساء يلبسنه متابعةً للموضة.
الأمر الثاني: أن في لبس البنطال للمرأة ذريعة إلى مفاسد كثيرة، وسد الذريعة إلى المفسدة واجب. ومفاسده قد ظهرت وانتشرت؛ فبعض النساء تذهب إلى السوق، وتمشي في الطريق، وقد ظهر أو أظهرت البنطال من أسفل العباءة؛ وهذا من أسوء أنواع التبرج ولفت الأنظار.
وإذا لبسته المرأة أصبحت قدوة لغيرها شاءت أم أبت.
14/8/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/191)
لباس المرأة ( لبس ما فيه تشبه ) 3 - 9
الدكتور يوسف بن عبد الله الأحمد
النوع الثالث من الألبسة المذمومة أمام النساء والمحارم: لبس ما فيه تشبه محرم. والتشبه المحرم هو التشبه بالكافرات، أو الفاسقات، أو الرجال.
والتشبه المحرم بالكفار يكون في أمرين:
الأول: ما كان من دينهم و معتقداتهم.
الثاني: ما اختصوا به من عوائدهم؛ كالألبسة.
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن التشبه بالكفار، ويأمر بمخالفتهم. و تأمل في النهي عن التشبه حديث ابن عمر - صلى الله عليه وسلم - الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)). أخرجه أحمد وأبو داود.
ومن الأحاديث التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر فيها بمخالفة الكفار حديث عبد الله بن عمر - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عليه ثوبين معصفرين فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)). أخرجه مسلم.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خالفوا المشركين؛ احفوا الشوارب، ووفروا اللحى)). متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -.
حتى استقر النهي عن التشبه بالكفار، والأمر بماخالفتم عند الصحابة - رضوان الله عليه - فلما كان العام التاسع من الهجرة وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيام يوم عاشوراء قال الصحابة كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: ((يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الإيراد فقال - صلى الله عليه وسلم - : فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) أخرجه أبو داود. ولفظ مسلم: ((لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)).
فكان من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الظاهر الذي تربى عليه الصحابة ونشأوا عليه مخالفة الكفار حتى قال اليهود بالمدينة: " ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه ". أخرجه مسلم.
فمشابهة الكفار ولاء لهم، ودليل محبتهم.
وقد ألف ابن تيمية - رحمه الله - كتابياً عظيماً في هذا الموضوع أسماه (اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم) وذكر أن المشاكلة في الظاهر تورث مشاكلة في الباطن.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يحشر المرء يوم القيامة مع من أحب)).
فهل تريد المرأة أن تحشر مع الكافرات، ومع هذه المذيعة وتلك المغنية؟!. إذاً فعليها الحذر من محبتهم والتشبه بهم، بل وعليها أن تتحرى مخالفتهم كما كان عليه هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
ومن الأمثلة على التشبه المحرم:
المثال الأول: لبس الدبلة في الخطبة. وهذه من عوائد النصارى ومعتقداتهم؛ فإنهم يعتقدون أن في لبسها في البنصر تعظيم للمسيح - عليه الصلاة والسلام -، ويعتقدون أيضاً أن هذه الدبلة إذا لبست تكون متصلة بعرق متصل بالقلب يورث المودة بين الزوجين..إلى آخرافاتهم.
المثال الثاني: لبس الطرحة البيضاء في ليلة الزفاف. وهذا من عمل نساء النصارى عند الزواج. وهم يعتقدون بأن هذه الطرحة إذا لبست ليلة الزفاف تطرد الأرواح الشريرة، وتجعل الزواج موفقاً، ثم تتابع الكفار بعد ذلك في تقليدهم، ثم انتقل إلى كثير من المسلمين من خلال وسائل الإعلام. و الواجب مخالفتهم.
المثال الثالث: الألبسة غير الساترة وقد سبق ذكرها، ومنها القميص القصير الذي يبدوا منه وسْط البدن.
المثال الرابع: وضع نقطة سوداء بين الحاجبين أو حبة كرستال؛ تشبها ببعض الكافرات والماجنات.
المثال الخامس: لبس القميص وعليه صورة ممثل أو مغني، فهذا بالإضافة إلى حرمة الصورة، وتعظيم صاحبها، فيها تشبه أعمى بالكافرات، والفاسقات.
أيها الأخوات الفضليات إن التشبه بهؤلاء: دليلُ الانهزامية النفسية، ودليلُ الذل و الصغار لهم. ودليلٌ على أن هذه المقلدة قد أكبرت الكفار وأعظمتهم؛ فالتشبه بهم فيه إشباع للنقص الذي تعاني منه المتشبهة.
فأي عزة للمؤمنة وهي إمعة مع الكافرات و الماجنات. لقد بلغني أن نساءً أشرب في قلوبهن حب التقليد بالمذيعات والمغنيات والممثلات في اللباس وقصات الشعر، بل حتى في الحركات وطريقة الكلام، بل وفي أمور هي أدق من ذلك مما يستحيى من ذكره.
الله أكبر إنه مصداق ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وحذر منه: ((لتتبعن سَنَنَ مَن كان قبلكم، شبراً بشر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟!)) متفق عليه.
17/8/1426 هـ
2005-09-21
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/192)
قد أقبل رمضان فأروا الله من أنفسكم خيرا
أخواتي في الله....
ها هو شهر رمضان قد أقبل.. فاللهم لك الحمد والشكر أن بلغتنا هذا الشهر الكريم وما فيه من عظيم جودك ونعمك من فتح أبواب الجنان وتصفيد الشياطين ومغفرة الذنوب وغيرها من النعم والمنن التي لا تحصى فلك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
أختي الحبيبة.. هل أعددتِ فرحة غامرة بقدوم هذا الحبيب الغائب " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "
كم اشتقنا لك يا رمضان
يا شهر الرحمة والغفران
يا شهر العتق من النيران
أختي الحبيبة.. أنعم الله عليكِ بهذا الشهر الكريم فماذا أنتِ فاعلة فيه.... لا تقابلي نعمة الله عليكِ بالجحود والتكاسل بل أري الله من نفسكِ خيراً واحمديه بصدق على أن بلغك هذا الشهر ولا يكون شكرك قول بلا فعل بل الشكر الحق يكون بالعمل
فاشكري ربك الكريم الذي يسر لكِ كل سبل الخير في هذا الشهر بكثرة العبادة واجعلي لكِ هماً واحداً في هذا الشهر وهو البحث عن كل ما يرضي الله والقيام به على أكمل وجه.. اجعلي شغلك الشاغل هو إرضاء الله والفوز بمحبته ورضاه
اجعلي لسان حالك ومقالك
ماذا تريد مني يا رب لترضى عني
حبيبتي في الله... قدمي في بداية هذا الشهر توبة نصوحا غير كاذبة مع عزم أكيد على عدم العودة للذنوب والمعاصي مع الاستعانة بالله - عز وجل - ، وسارعي بالحسنات الماحية التي تبدل السيئات حسنات.
سبحان الله.. كم يسر لنا الله التوبة ولكننا نغفل عن ذلك ونصر على المعاصي والذنوب.. ما أحلمك عنا يا الله.... يا رب وفقنا لتوبة صادقة من جميع ذنوبنا وتقبل منا يا رحمن يا رحيم واجعلنا نخرج من هذا الشهر وقد غفرت لنا ذنوبنا ما نعلم منها وما لا نعلم.
ففي هذا الزمن وقد استحكمت الغربة يجب علينا أن نراجع ديننا ونؤدي فيها حق ربنا وتهتف فيها كل واحدة منا " وعجلت إليك ربِ لترضى" هيا بنا نخرج الدنيا من قلوبنا ونسعى لرضى ربنا في هذا الشهر الكريم.
أختي في الله.. اعقدي نيتك من الآن على الصوم..... صوم الجوارح عن المعاصي.. صوم القلب عن كل شيء يغضب الله - عز وجل - طهري قلبك من كل عجب وغش ورياء
اكتسبي حسن الخلق... جاهدي لسانك حتى لا يُحبط عملك....
حبيبتي في الله... اجعلي نيتك ذات همة عالية..... وجاهدي نفسك لتحقيقها فإذا لم تدركي ما تمنيتِ فلكِ أجر ما نويتِ ولكن كوني صادقة مع الله
اعتبري رمضان فرصة لإصلاح نفسك والإصلاح من حال صلاتك وتربية نفسك على الخشوع والتدبر في الصلاة والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها وقد ذكر الله - عز وجل - الخاشعين والخاشعات في صفات عباده الأخيار. وأنه أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً.
أخيتي... وقتك.. وقتك.. لا تفرطي فيه في ما لا ينفعك فكل دقيقة تضيعينها سوف تندمين عليها فيما بعد... تخلصي من عاداتكِ التي اعتدتِ عليها وفيها إضاعة للوقت فمن حق يومك عليك أختي الحبيبة أن تعمريه بالنافع من العلم والصالح من العمل ولا تسوفي إلى الغد حتى يفلت منك رمضان وتقولي يا ليتني ما ضيعته.
أسأل الله - عز وجل - أن يجعل هذا الشهر الكريم طريقاً لنا للوصول لمرضاته وأن يجعلنا من عتقائه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم وفقنا لما يرضيك عنا وبارك لنا في أوقاتنا وفي عبادتنا واجعلها لوجهك خالصة يا رب العالمين.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/193)
فتاتي ... والحياء [ 2 ]
الجزء الثاني {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}
كيف نغرس الحياء في نفس الفتاة؟
سؤال أحتاج إلى كثير من البحث للإجابة عنه، فلم أجد جوابًا شافيًا إلا في النصوص النبوية التي تشير بومضات إلى كيفية بناء الحياء في النفوس والوسائل المستخدمة لذلك.
[1] الوقفة الأولى مع الحديث الشريف:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [[الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان]].
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي حتى كأنه يقول قد أضر بك [أي الحياء]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [[دعه فإن الحياء من الإيمان]].
انظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح، ونجد هنا الارتباط الوثيق بين الحياء والإيمان.
ولما كان الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن الحياء يزيد وينقص، يزيد بالطاعات المؤكدة على معنى الحياء، وينقص بالمعاصي التي تخدش الحياء.
ويؤكد هذا المعنى ما رواه الحاكم في مستدركه [[الحياء والإيمان قرناء جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر]].
إذن فنفهم من الحديث أن من وسائل بناء الحياء في النفوس زيادة الإيمان، وبالتالي عليك أيتها الفتاة العناية الشديد بوسائل الثبات عل دين الله.
[2] الوقفة الثانية:
ما ورد في صحيح البخاري في كتاب الأدب عن بشير بن كعب في قوله: 'مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقارًا وإن من الحياء سكينة'.
قال القرطبي: معنى كلام بشير: أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه، ومنه ما يحمله على أن يسكن عن كثير مما يتحرك الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة'.
ـ وبذا نصل إلى وسيلة أخرى من وسائل غرس الحياء وهي الوقار والسكينة.
بمعنى أن توقري غيرك أيتها الفتاة وتوقري نفسك باحترامها، ولا تكوني كمن لا تراعى قيمًا ولا تقاليد ولا أعرافًا فتصوني نفسك عن كل ما يهين نفسك.
وأيضًا يعني أن تسكن عن كثير من الأفعال التي يعاب على صاحبتها، ونراها الآن كثيرة منها: لبس الضيق والشفاف والمعاكسات في التليفون، والصداقات التي يزعمن أنها بريئة مع الشباب، والروائح في الطرقات، وغير ذلك كثير ومشاهد.
والفتاة المسلمة لها شخصيتها وسمتها، ولا تكون إمعة تجري وراء كل ناعق أو تقليد كل سفيهة وتقول: كل البنات هكذا. إن أحسن أحسنت وإن أسأن أسأت، ولكن عودي نفسك إن أحسن الناس أن تحسن وإن أساءوا أن تتجنبي إساءتهم.
[3] الوقفة الثالثة:
عن أبي القاسم الجنيد - رضي الله عنه - قال: [[الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء]].
عزيزتي الفتاة:
[[إن النفس مجبولة على الحياء ممن أسدى إليها معروفًا ومجبولة أيضًا على رد النعمة بمثلها، فمن الأمور التي تعظم الحياء في نفسك استشعار عظم نعم الله عليك بغير أداء لحقها ورد بمثلها.
فهل تقابلي هذه النعم بالجرأة على الله - سبحانه - وعدم الأدب معه - سبحانه - فهذا الشعور يولد الحياء.
[4] الوقفة الرابعة:
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [[استحيوا من الله حق الحياء]].
قلنا: يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله.
قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء' [صحيح سنن الترمذي].
'استحيوا' الألف والسين والتاء في اللغة للطلب أي اسعوا وابذلوا الجهد في طلب تحصيل منزلة حق الحياء، والمراد هنا هو الحياء المكتسب الذي أمرنا بتحصيله وبذل الجهد لتحصيل أعلى مراتبه.
وينبهنا هنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الحياء وهو خلق قلبي لا بد وأن يبدو أثره على الجوارح.
الرأس وما وعى: أي الأنف والأذن واللسان والعين ويشمل أيضًا الفكر.
فعليك أيتها الفتاة أن تحفظي هذه الجوارح عن المعصية {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}، واتخذي هذه الجوارح وسيلة لإرضاء الله، لا وسيلة للجرأة على محارم الله وسببًا لغضب الله عليكِ.
البطن وما حوى: أي الحياء في طيب المطعم وطهارة اليد.
ذكر الموت والبلى: وهو الشعور بأن الآخرة حاضرة عيان ليست غيبًا بعيدًا.
ومن وسائل تحقيق الحياء تذكرك بملاقاة الله والملائكة، وإذا تذكرت أن الله سيقبضك على خاتمتك التي كنت تعملين وما كنت تفكرين فيه في الدنيا فيزيد الشعور بالحياء في قلبك.
ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى: فالحيية تشعر بالقيمة الحقيقية للدنيا وتؤثر الآخرة عليها، وتحاسب على أفعالها وتستحي من الله أن تُرى في غير ما يحب الله، ومن الملائكة التي تسجل أعمالها.
قال بعض الصحابة - رضي الله عنهم -: [[إن معكم من لا يفارقكم فاستحيوا منهم وأكرموهم]].
وقد نبه - سبحانه وتعالى - على هذا المعنى بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ [10] كِرَاماً كَاتِبِينَ [11] يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10ـ12].
'أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام وأكرموهم وأجلوهم أن يروا منكم ما تستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم، والملائكة تتأذى منه بنو آم، فإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه، وإن كان يعمل مثل عمله فما الظن بأذى الملائكة؟ '
وبذلك تصل إلى درجة الإحسان وهي أعلى المراتب في الإيمان كما جاء في الحديث الشريف: 'الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك'.
عزيزتي الفتاة المسلمة...
إن الله - عز وجل - حليم حيي ستير يحب الحياء والستر كما ورد في صحيح سنن النسائي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا إشارة إلى أنه حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح.
واعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وزوال النعمة تكون في معصيته.
فأي جهل وحمق وظلم للنفس إذا تخليت عن حيائك وطاعتك لربك.
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
ولك في رسول الله أسوة حسنة حيث وصف لنا أبو سيعد الخدري الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: [[كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذارء في خدرها]] متفق عليه
أليس حريًا بك أن تكوني في حياء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل وأنت امرأة؟
ألا تتشبهين بإحدى ابنتي شعيب التي كرمها الله بذكرها في القرآن ووصفها بهذا الخلق الكريم خلق الحياء عندما قال - تعالى -: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25].
فتاتي.. ابذلي الجهد واعزمي وجاهدي نفسك لتصلي إلى مرتبة الحياء الحق.
قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
السبت 25 ربيع الأول 1425هـ - 15مايو2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــــــــ(82/194)