الطلاق بلفظ الثلاث يلزم به ثلاث طلقات
تاريخ 23 ذو الحجة 1423 / 25-02-2003
السؤال
السلام عليكم
قمت بتطليق زوجتي بلفظ ثلاث تطليقات وبقيت عندي 24 ساعة وفي لحظه غضب قلت لها أنت حرام علي وقلت كلاماً كثيراً ، لجأنا إلى جماعة للصلح وقالو لي بأن حكمي هو طلقتان وشككت في ذلك أرجوكم أفيدوني وجزاكم الله خيراً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة على أن الطلاق بلفظ الثلاث يلزم به ثلاث طلقات لا تحل الزوجة بعده حتى تنكح زوجاً آخر، ويدخل بها دخولاً حقيقيًّا ثم يطلقها.
وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
5584.
وبخصوص قول الرجل لزوجته أنت عليَّ حرام، فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه يرجع في ذلك إلى نية القائل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم:
2182.
وإننا نرى أن الأولى في مثل هذه المسائل الرجوع إلى المحاكم الشرعية لتدرس المسألة من جميع جوانبها، ولأن حكم القاضي يرفع خلاف المجتهدين في المسألة المعينة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/103)
بانت منك بينونة كبرى
تاريخ 11 شوال 1423 / 16-12-2002
السؤال
قلت لزوجتي وأنا غاضب ـ وأنا في كامل الوعي ـ إذا ذهبت إلى دار أبيك فأنت حرامٌ علي، وطالق بالثلاث، علما بأني لم أحدد مدّة، ولم يخطر ببالي إلى متى لا تذهب إلى دار والديها؟
وقد منعتها من الذهاب لئلا يقع ما توعدتها به؟ فما الحكم فيما صدر مني أو ما المخرج مما أنا فيه؟ أفتونا وجزاكم الله خيراً ونفعنا بعلومكم وسائر المسلمين ... اللهم آمين .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد علقت طلاق زوجتك على ذهابها إلى دار والدها فمتى ذهبت طلقت ثلاثاً وبانت منك بينونة كبرى لا تحل لك حتى تنكح زوجاً آخر، وهذا مذهب جمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة، وقد جنيت على نفسك وتعديت حدود الله فلا نجد لك مخرجاً، وانظر الفتوى رقم:
12600 - والفتوى رقم: 14765.
ولدوام الصلة بين زوجتك وأهلها يمكنهم زيارتها في بيتك أو بيت أحد أقاربها.
وذهب جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى أن هذا الطلاق المعلق يرجع فيه إلى نية القائل، فإن أراد التهديد والمنع ولم يرد إيقاع الطلاق فلا يلزمه غير كفارة اليمين، كما ذهبوا إلى أن الطلاق الثلاث يقع طلقة واحدة، ولعلك تراجع أقرب محكمة شرعية لديك، فإن حكم المحاكم يرفع الخلاف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/104)
حكم القاضي يرفع الخلاف في ما ليس فيه نص قطعي الثبوت والدلالة
تاريخ 29 رمضان 1423 / 04-12-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أريد أن أسال عن طلاق زوجي لي لقد قال لي في الها تف أنت طالق ثلاث مرات بعد مشادة وأقفل الهاتف فطلبت منه أن نذهب إلى المحكمة لتثبيت الطلاق فأعطوني من المحكمة ورقة تثبت أني طالق من زوجي طلاقا نهائيا بدون رجعة وزوجي لم يقل لي طالق إلا مرة واحدةهل صحيح أني لا
أرجع له إلا بزواجي من رجل ثانٍ مع العلم أن القاضي كان مشغولاً مع ناس آخرين ولم يستفسر عن ظروف الطلاق قال لي طالق مرة واحدة ثلاث مرات
الفتوى
فإن ما حدث من هذا الزوج يسمى طلاقاً بدعياً، والطلاق البدعي: أن يطلق الزوج امرأته ثلاثاً بلفظ واحد أو في أثناء الحيض أو في طهر مسها فيه، ومن فعل ذلك فقد عصى الله تعالى ورسوله باتفاق أهل العلم.
أما وقوع الطلاق ثلاثاً فإنه يقع على قول جمهور أهل العلم من أصحاب المذاهب الأربعة ومن وافقهم.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوعه، وأن الثلاثة بلفظ واحد هي طلقة واحدة، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وهو المعمول به كثيراً في المحاكم الشرعية في البلاد الإسلامية اليوم، ولكلا الفريقين أدلته.
وبما أن السائلة قد ذهبت إلى القاضي وأعطاها ورقة بالطلاق وحكم بوقوع الطلاق ثلاثاً فإن هذا الطلاق يقع لأن حكم القاضي يرفع الخلاف في القضايا التي ليس فيها نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم 5584
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/105)
حكم من رجعت لزوجها بعقد صحيح بعد طلاق من نكاح فاسد ثم طلقها مرتين
تاريخ 20 رمضان 1423 / 25-11-2002
السؤال
فتاة تزوجت بدون معرفة أهلها وهي بالغة ورشيدة بعقد رسمي وشرعي وعندما علم أهلها تم الطلاق وتم عقد القران مرة أخرى من نفس الزوج وبعد الدخول بها تم طلاقها مرتين والآن الزوج يرغب في العودة إليها فهل يجوز ذلك شرعاً ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لهذا الزوج الرجوع إلى زوجته حتى تنكح زوجاً غيره لأنه طلقها ثلاث مرات، قال الله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].
ثم قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]. -أي الثالثة-
والطلاق الأول؛ وإن كان من نكاح فاسد يجب فسخه لكنه يفسخ بطلاق بائن سواء تلفظ الزوج بذلك، أو القاضي، أو لم يتلفظ به أصلاً فهو طلاق بائن.
وننبه السائل الكريم إلى أن الفتاة لا يصح زواجها بدون أوليائها -كما أشرنا- فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه الترمذي عن أبي موسى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاث مرات. رواه أحمد وأصحاب السنن عن عائشة رضي الله عنها.
والحاصل أنه لا يجوز لهذا الزوج الرجوع إلى زوجته حتى تتزوج زوجاً غيره زواجاً شرعياً، ويدخل بها ثم يطلقها، فإذا انقضت عدتها جاز له الزواج منها بعقد جديد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/106)
كيف ترجع البائنة إلى زوجها
تاريخ 21 شعبان 1423 / 28-10-2002
السؤال
قمت بطلاق زوجتي بعد مشادة كلامية مع والدتها في غرفة نومي بقولي لها أنت طالق ثم استرجعتها في العدة ولكنها لم ترجع لبيتي لرفض إخوتها وبعد4 أشهر قمت بطلاقها بقولي أنت طالق ثم طالق حسب معرفتي أنها تكون ثلاث مع الأولى وتم استخراج صك طلاق وبعد مضي 3 سنوات . أسأل هل من حقي استرجاعها بعقد جديد أم لا ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحيث قد صدر صك قضائي بطلاق زوجتك منك ثلاثاً، فإنه لا يجوز إرجاعها إلا أن تنكح زوجاً غيرك، ولأنه صدر منك ثلاث طلقات، وهذا طلاق بائن بينونة كبرى باتفاق المذاهب الإسلامية الأربعة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/107)
كيف يستعيد الرجل امرأته إذا طلقها ثلاثاً
تاريخ 07 شعبان 1423 / 14-10-2002
السؤال
لقد حدث بيني وبين زوجتي خلاف وطلقتها ثلاث طلقات متتالية علما أنني قد طلقتها قبل هذه المرة
طلقتين ورجعنا إلى بعضنا بعد فتوى أحد المشائخ
وأنا نادم على ذلك وأريد استرجاعها, فماهوالحل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه بطلاقك زوجتك للمرة الثالثة تبين منك بينونة كبرى لا تحل لك حتى تتزوج غيرك زواجاً صحيحاً يحصل به النكاح، ثم إذا طلقها بعد ذلك جاز لك الزواج منها بعقد جديد ومهر جديد، لقول الله تعالى ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) (البقرة: من الآية229) ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (البقرة:230) .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/108)
جنس المولود لا أثر له على وقوع الطلاق من عدمه
تاريخ 02 شعبان 1423 / 09-10-2002
السؤال
طلق أحد الأشخاص زوجته طلقة ثالثة وهي حامل بطفل وقد أفتاهم أحد الشيوخ أنه إذا جاء هذا المولود ذكراً لا تقع الطلقة والعكس بالعكس، وقد مر على ذلك حوالي 34 سنة وهم الآن لديهم خمسة أولاد أكبرهم هذا الولد.
ما رأيكم في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من طلق زوجته ثلاث مرات فقد بانت منه بينونة كبرى ( حرمت عليه )، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها، ويطأها في نكاح صحيح، قال تعالى عن المطلقة عند المرة الثالثة ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (البقرة: من الآية230)
وما أفتى به ذلك المفتي باطل لمخالفته لكتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة سلفاً وخلفاً.
وأما الأولاد فإنهم يلحقون بأبيهم مادام قد وطئ أمهم وطأ يعتقده مباحاً، وإن كان على خلاف ذلك .
وعلى هذا الزوج أن يفارق زوجته التي عاد إليها بفتوى مخالفة للشرع، فإذا فعل ذلك، فنرجو ألا يكون عليه إثم.
وراجع الفتوى رقم 21466
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/109)
حكم طلاق الجاهل
تاريخ 23 رجب 1423 / 30-09-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود الاستفسار منكم في موضوع لا أعرف ما الحل به وهو:
أن زوجي صغير بالسن فهو في الثامنة عشرة عندما تزوج بي ووالداه توفيا وهو في الثالثة عشرة من عمره وخرج من المدرسة ولم يكمل تعليمه خرج من الصف الرابع وهو لا يعرف أشياء كثيرة عن هذه الحياة فبعد زواجنا كانت تحدث مشاكل ولأتفه الأسباب وكان يرمي علي كلمة الطلاق وذلك حدث أكثر من مرة فعندما كنت أحذره بأن لا يعيدها كان لا يكترث بي لاعتقاده بأنه إذا قال لي هذه الكلمة بمجرد
معاشرتي أعود لذمته فلذلك كان دائما يقولها لي وعندما أخبرته بأن هذا لا يجوز وفهمته معنى الطلاق وأنه لا يقولها في أي وقت ولأتفه سبب وبعد ثلاث مرات أطلق منه بلا رجعة فبدأ يستغفر ولا يعيدها فهل يقع الطلاق أم لا؟
أرجوا إفادتي في أقرب وقت.
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان زوجك قد طلقك ثلاث تطليقات، وهو في حالة وعي وإدراك، فإنك بذلك تكونين قد بنت منه بينونة كبرى لا تحلين له بعدها إلا بالزواج من رجل آخر، لقول الله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة:230]. وعلى العموم، فإن نصيحتنا لك هي أن تذهبي إلى المحكمة الشرعية في بلدك، وتشرحي لهم ما جرى بالتفصيل، وتحدثيهم عن الألفاظ التي كان يستخدمها زوجك في تعبيره عن الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/110)
الطلاق له آثار مدمرة على المجتمع والأسرة
تاريخ 19 جمادي الثانية 1423 / 28-08-2002
السؤال
الإخوة الأفاضل
أريد أن أسألكم عن حكم الحضانة للأطفال حيث أني أريد تطليق زوجتي والأطفال هم أربعة طفلة8سنوات وطفلةأخرى6سنوات وطفل4سنوات وطفل سنتان ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم الحضانة، ومن هو الأولى بها في الفتوى رقم:
6256 فراجعها.
إلا أننا ننبه السائل الكريم إلى أنه ينبغي له الاحتفاظ بزوجته ولا يطلقها، لما روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق.
كما أن للطلاق تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة على الأولاد.
وعليه فنصيحتنا لك أن تصلح الأمر بينك وبين زوجتك خاصة وأنها عاشت معك هذه الفترة الطويلة، ورزقك الله منها ما ذكرت من الأولاد فمن الأخلاق الحميدة أن تصبر عليها، ولا تتركها فلعلك إن كرهت منها خلقاً رضيت منها آخر، هذا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/111)
لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلِّقها حتى تنكح زوجاً غيره
تاريخ 18 جمادي الثانية 1423 / 27-08-2002
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا الفاضل ، أنا شاب متزوج ولي بنت ، ولقد مرت حياتنا الزوجية بظروف صعبة و قاسية فطلقتها مرتين ، ولكن في المرة الثالثة وبعد أن زاد الخلاف و ضغط أهلي وأهلها علي مع العلم أن أهلي لم يقبلوا بزوجتي أن تبقى معهم في نفس المسكن وأنا أنا لم يكن لي سكن فذهبت بها إلى اهلها ريثما أرتب أموري .وبعد أشهر طلبت منها الرجوع فرفضت وأبت فقلت لها وأنا غاضب أنت طالق وحارمة علي.
هل يجوز لي أن أرجعها؟ مع أني نادم على أن طلقتها وأنا غاضب جدا وبلا ذنب ولي أيضا معها طفلة بريئة .
والسلام عليكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق غالباً لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، وهناك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، ولا يمضي شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئاً ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياساً على المكره والمجنون.
ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". وحيث إن هذه هي الطلقة الثالثة كما ذكرت، فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى توجب عليك فراقها، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، ويدخل بها في نكاح صحيح ليس الغرض منه تحليلها عليك، فإن طلقها بعد ذلك فلك أن تتزوجها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ(60/112)
حكم من طلق زوجته ثلاث مرات متفرقات
تاريخ 21 جمادي الأولى 1423 / 31-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ما هو الحكم الشرعي في من طلق زوجته ثلاث تطليقات متفرقات بسبب الغضب تارة وطلب الزوجة تطليقها تارة أخرى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الزوجين كليهما بتقوى الله تعالى وأن يؤدي كل منهما لصاحبه ما أوجب الله عليه من الحقوق، وأن يتغاضى ويتسامح مع صاحبه في التقصير الذي يحصل منه.
وأن يتحمل الزوج النصيب الأكبر من ذلك لأن الله تعالى جعل بيده القوامة.
وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً. وفي رواية : وكسرها طلاقها.
وعنه -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي وابن حبان.
وعليها هي أن تطيع زوجها وتعلم أن في ذلك استقرار حياتها الزوجية والأهم من ذلك وهو رضى الله عز وجل، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة. رواه الترمذي والحاكم وصححه.
وبالنسبة لما يخص من طلق زوجته ثلاث مرات متفرقات على نحو ما في السؤال فالجواب عنه أنها بانت منه بينونة كبرى لا تحل له بعدها إلا أن ينكحها زوج آخر نكاح رغبة ويدخل بها. هذا إذا لم يصل بالمطلق الغضب إلى حالة يفقد فيها وعيه ويغيب عنه عقله، وعلى كل حال فإنا ننصح السائلة بالتوجه إلى المحكمة الشرعية، وتشرح لها ملابسات الطلاق مباشرة، وسوف تجد عندها الحل الشرعي الشافي إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/113)
حكم طلاق الزوجة ثلاث تطليقات جميعا
تاريخ 11 جمادي الأولى 1423 / 21-07-2002
السؤال
لقد تزوج زوجي وعمره 41 سنة وأنا عمري 30 سنة علي بعد14 سنة من الزواج ولي منه3 أولاد ولقد تزوج من بنت عمرها 15 سنة لأن والدته وإخوته أقنعوه بأن بالزواج سأصبح مثل الخادمة المطيعة مع أنني كنت مثل الخادمة المطيعة للأسرة بأكملها أنا ووالدي نرفض رجوعي له حتى يطلقها 3 طلقات وهو يريد ذلك لأنه ندم على استعجاله فهل يجوز أن يطلقها 3 طلقات في نفس الوقت يعني بينونة كبرى مع العلم أنه تزوجها لمدة 3 أسابيع ولم يجامعها سوى مرتين وهل يجوز بعد أن يطلقها أن تبقى في بيت والده حتى يعيدها إلى أهلها بالشام وحتى لا تعود إلا بعد فترة أطول حفاظاً على كرامتها أمام أهلها والاعتذار والتسامح منهم وإعطائها عوضاً غير المؤخر الذي لها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام زوجك قد تزوج عليك امرأة أخرى فلا يحل ولا يحق لك ولا لوالدك ولا لغيركما إلزامه بطلاقها إذا كان قائماً بما أوجب الله عليه من العدل بينكما في النفقة
والمسكن والمبيت ونحو ذلك، لأن الله تعالى أباح للرجل أن يجمع بين أربع نسوة دون أن يلزمه باستئذان أحد، قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء:3] أي: تجوروا.
إلا أنه ينبغي للرجل أن يتفق مع من معه من الزوجات إذا أراد الزواج بامرأة جديدة دفعاً للمشاكل وتطييباً للخاطر ومراعاة للعاقبة، وإذا ثبت أن أم زوجك وإخوته أقنعوه بالزواج بأخرى لأجل إغاظتك أو إلزامك بالخدمة ونحو ذلك، فكل هذا لا يضيرك شيئاً، بل عليك طاعة زوجك في المعروف، وفي حدود قدرتك، وفيما لا يضر بك، ولا يحق له أن يأمرك بمعصية، أو بما فيه ضرر عليك، أو إلزامك بخدمة زوجته الجديدة، وجعلك كالخادمة عندها ونحو ذلك، فلا طاعة له في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" رواه أحمد، وصححه السيوطي.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه السيوطي وغيره.
وعليه، فلا يجوز طلب طلاقها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما كتب الله لها" متفق عليه.
وإذا رغب زوجك بطلاقها، فلا يجوز له أن يطلقها ثلاثاً مرة واحدة أو في حيض أو في طهر جامعها فيه، ولكن يطلقها واحدة في طهر لم يجامعها فيه، هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد طلق عبد الله بن عمر زوجته وهي حائض، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وبين له الطريقة الصحيحة للطلاق، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء" أي: طاهراً لم تجامع في هذا الطهر أو حاملاً، كما في رواية مسلم: "ثم ليطقها طاهراً أو حاملاً".
وأما دليل تحريم جمع الطلقات الثلاث، فلما رواه النسائي عن محمود بن لبيد قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام غضبان، ثم قال: "أيلعب بكتاب الله، وأنا بين أظهركم" حتى قام رجل وقال: يا رسول الله، ألا أقتله؟.
وإذا قدر أنه قد طلقها ثلاثاً، فإنه يكون قد ارتكب إثماً، وبانت منه زوجته بينونة كبرى، لما رواه أبو داود، وصححه ابن حجر عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاء رجل، فقال: إنه طلق امرأته ثلاثاً، فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه، فقال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة، ثم يقول يا ابن عباس، يا ابن عباس إن الله قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق:2]. وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجاً. عصيت ربك وبانت منك امرأتك. وإذا طلقها واحدة، فإن عليه العدة ثلاث حيضات، أو وضع الحمل إن كانت حاملاً، ولا يجوز له أن يخرجها من بيتها، لقوله تعالى:
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة)ٍ [الطلاق:1]. وتجب لها النفقة والسكنى، وله أن يراجعها ما دامت في العدة، وأما إذا كان قد طلقها ثلاثاً فلا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملاً، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق:6]. ولا رجعة له عليها، لأنها بانت منه بينونة كبرى، وإذا طلقها طلاقاً رجعياً وانقضت عدتها أو طلقها طلاقاً بائناً فلا يجوز لها أن تبقى معه، ولا يحل له أن ينظر إليها، ولا أن يسافر بها لأنها أصبحت أجنبية عنه، ولكن يجوز أن تبقى عند والده فترة زمنية للحاجة، ثم يسافر بها إلى أهلها هو وأبوه لأجل أن يعتذر منهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/114)
وجود الحمل أو سقوطه لا أثر له في شأن الطلاق
تاريخ 05 جمادي الأولى 1423 / 15-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طلقت زوجتي منذ فترة طلقتين متباعدتين وقبل 3 أشهر طلقتها وهي حامل وبعد ذلك حصل الجماع مع العلم أنه لم يتم الحمل وأسقطت أفتوني جزاكم الله خيراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الطلقات الثلاث تكون نافذة إذا كانت قد تمت في حالة وعي منك وبمحض اختيارك، وبذلك تكون زوجتك محرمة عليك، ولا يجوز لك نكاحها حتى تنكح زوجاً غيرك نكاحاً صحيحاً يدخل بها فيه، لقوله تعالى:فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [البقرة:230].
أما جماعك لها بعد هذه الطلقة الثالثة فهو أمر محرم يجب عليك التوبة منه، وكان الواجب عليك السؤال قبل جماع زوجتك ما دمت قد أوقعت الطلقة الثالثة، وسقوط الحمل لا تأثير له في مسألة وقوع الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/115)
تترتب أحكام تحريم الزوجة حسب النية
تاريخ 27 ربيع الثاني 1423 / 08-07-2002
السؤال
ماهي الطريقة الأحسن التي يعيد بها زوجته بعدما حرمها بالثلاث في حالة غضب؟ وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق مطلقاً كما يظن بعض الناس، وإنما يمنعه في حالة الإغلاق كما هو مبين في الفتوى رقم:
12979. وإن كنت طلقت زوجتك ثلاثاً، فانظر الفتوى رقم:
5584 ، وإن كنت قلت لزوجتك: أنت محرمة علي... فبحسب نيتك فقد يكون طلاقاً وقد يكون ظهاراً وقد يكون إيلاءً وقد يكون يميناً بحسب نيتك، كما هو مبين في الفتوى رقم:
2182 والفتوى رقم:
8422.
وننصحك بالرجوع إلى المحكمة الشرعية أو إلى أهل العلم الثقات في بلدك للنظر في حالتك وما كنت تقصد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/116)
كيف تعود زوجة من اعتاد لسانه الطلاق
تاريخ 20 ربيع الأول 1423 / 01-06-2002
السؤال
طلق زوجته طلقتان من قبل ثم حدث شجار بينهما فقال لزوجته وهو منفعل أنت طالق أخرجي من البيت وطردها وقال أنت علي حرام وفعلا خرجت وباتت خارج البيت وهي خارج البيت حتى الآن ولفظ الطلاق في فمه معتاد جداً فهل تقع هذه كطلقة أخيرة؟ رغم أنه يقول إنها كانت غصب عنه وكان منفعلاً ولا يدري ما يقول له ثلاثة أطفال ولا يرغب في الطلاق.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طلق زوجته الطلقة الثالثة، فإنها تبين منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
والغضب لا يمنع من وقوع الطلاق؛ إلا إن يكون المطلق قد وصل به الغضب إلى حالة تجعله لا يعي شيئا مما يقول، ولا يستطيع أن يتحكم في تصرفاته، فعندها يقع طلاقه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 12287.
وما دام هذا الزوج قد طلق زوجته الطلاق الثالث، وقد ذكرت أن الطلاق يرد كثيراً على لسانه فلا يجوز لها الرجوع إليه إلا بحكم قاض شرعي يثبت عدم صحة طلاقه، وينظر في قوله (أنت علي حرام) وما يقصد بها هل الطلاق أم التحريم؟ وإذا كانت طلاقاً فهل هي تأكيد للأولى أو تأسيس لطلقة أخرى؟
وننصح هذه المرأة بالرجوع إلى المحكمة الشرعية للبت في الأمر، فإن لم توجد المحاكم الشرعية فلا يجوز لها أن تمكنه من نفسها ما دامت تعلم أنه قد طلقها ثلاث مرات، لأن الله جل وعلا يقول: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة:230] فإن طلقها الطلاق الثالث فلا تحل له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/117)
حكم من طلق قبل البناء وتصالحا وأنجبا وألقى عليها الطلاق مرتين
تاريخ 01 ذو الحجة 1424 / 24-01-2004
السؤال
عقد رجل قرانه ولم يبن بها ثم ألقى عليها الطلاق وبعد ستة أشهر تم الصلح وتم البناء بها وأنجب منها طفلين وأثناء تلك المدة ألقى عليها الطلاق مرتين ويريد معاشرتها وهي ترفض وتقول أنت محرم علي فما حكم الدين وهل معاشرتها حرام وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن طلق زوجته قبل الدخول بها فلا عدة عليها ولا رجعة لزوجها عليها، لقوله سبحانه(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) [الأحزاب:49].
قال ابن العربي "هذه الآية نص في أنه لا عدة على مطلقة قبل الدخول وهو إجماع الأمة، لهذه الآية" انتهى.
وعليه، فإن كنت رجعت إلى زوجتك بمهر وعقد جديد وولي وشاهدين فإنها تكون زوجة لك على طلقتين، فإذا أوقعتهما عليها فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك فيطلقها فتنكحها بعده.
وإن كنت أرجعتها إليك صلحاً مع أهلها بدون عقد ولا مهر فلا تعتبر زوجة لك، وتعتبر معاشرتك لها حراماً ويلزمك مفارقتها، ثم بعد مضي عدتها من هذا الوطء الفاسد تتزوجها بعقد ومهر وولي وشاهدين، وحينئذ لا تعتد بالطلقتين السابقتين لأنها وقعتا في غير محل، وينسب الأولاد إليكما لكون الوطء بشبهة. وننصحكما بسرعة الرجوع في ذلك إلى أقرب قاضٍ أو محكمة شرعية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/118)
مستند بعض العلماء في إرجاع المطلقة ثلاثاً
تاريخ 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
على ماذا يستند بعض القضاة وأهل الفتوى بإرجاع المطلقة بعد الطلقة الثالثة، مع العلم أن النص في القرآن صريح؟ قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فإذا ثبت عند القاضي أو المفتي أن الرجل طلق زوجته ثلاث طلقات معتبرات عند ذلك القاضي أو المفتي فلن يتردد واحد منهما في عدم جواز إرجاع تلك الزوجة إلى ذلك
الزوج حتى تنكح زوجاً غيره، لصراحة النص القرآني في ذلك. ولكن الذي يحصل غالباً هو أن تكون إحدى تلك الطلقات غير ثابتة عند القاضي أو المفتي، أو غير معتبرة عنده، كأن تكون واقعة في حيض أو حالة غضب شديد لا يفقه صاحبه ما يقول، وذلك القاضي أو المفتي لا يرى وقوع الطلاق في مثل تلك الحالة، فيرجع الزوجة إلى الزوج لعدم اعتباره لتلك الطلقة. ومن ذلك أن تكون الطلقات حصلت من الزوج دفعة واحدة، والقاضي لا يرى ذلك. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(60/119)
نطق الطلاق بالثلاث فكتبها القاضي طلقة واحدة وانتهت العدة ويرغب بإرجاعها
سؤال:
طلقت زوجتي قبل حوالي ثمان سنوات ، وعند طلب القاضي الشرعي بتسجيل الطلاق قلت : أطلق زوجتي فلانة بنت فلان بالثلاث ، وأنا بذلك مدرك لما كتبت ورجل متعلم ، لكن عند كتابة الصك قام الكاتب بكتابة الطلقة الأولى ، وبذلك جعل عند زوجتي الأمل في إرجاعها فلم تتزوج حتى الآن . وأنا الآن أرغب في مراجعتها وكذلك أهلها يرغبون في ذلك . فهل أخالف ذمتي وأمشي على ما كتب في الصك أم أمتنع عن ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم مَنْ طلّق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد ، كما قال : ( هي طالق بالثلاث ) فذهب أكثر العلماء إلى أنه يقع ثلاثاً ، وذهب آخرون إلى أنه يقع واحدة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
رجل طلق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة ، فما الحكم ؟ .
فأجاب :
إذا طلق الرجل امرأته بالثلاث بكلمة واحدة كأن يقول لها " أنت طالق بالثلاث " ، أو " مطلقة بالثلاث " فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تقع بها الثلاث على المرأة ، وتحرم على زوجها بذلك حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ويطأها ثم يفارقها بموت أو طلاق .
واحتجوا على ذلك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمضاها على الناس .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنها تعتبر طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة فإن خرجت من العدة حلت له بنكاح جديد ، واحتجوا على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " ، وفي رواية أخرى لمسلم " أن أبا الصهباء قال لابن عباس رضي الله عنهما : ألم تكن الثلاث تجعل واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وثلاث سنين من عهد عمر رضي الله عنه ؟ قال : بلى " ، واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد في المسند
بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا ركانة طلَّق امرأته ثلاثاً فحزن عليها فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنها واحدة " ، وحملوا هذا الحديث والذي قبله على الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة جمعاً بين هذين الحديثين وبين قوله تعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ) البقرة/229 ، وقوله عز وجل : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) البقرة/230 الآية .
وذهب إلى هذا القول : ابن عباس رضي الله عنهما في رواية صحيحة عنه ، وذهب إلى قول الأكثرين في الرواية الأخرى عنه ، ويروى القول بجعلها واحدة عن علي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعا .
وبه قال جماعة من التابعين ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة وجمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما ، وهو الذي أفتي به ؛ لما في ذلك من العمل بالنصوص كلها ؛ ولما في ذلك أيضاً من رحمة المسلمين والرفق بهم .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 271 ، 272 ) .
والذي يظهر أن القاضي الشرعي ذهب إلى هذا القول ، وهو أن طلاق الثلاث يقع واحدة ، وعلى هذا فلا حرج من إرجاعها .
ولكن بعد انتهاء العدة لا رجعة لك عليها ، وإنما تعقد عليها عقداً جديداً .
قال الشيخ ابن عثيمين :
... وأما إذا كانت المراجعة بعد تمام العدة - أي : بعد أن حاضت ثلاث مرات - : فإن هذه المراجعة ليست بصحيحة ؛ لأن المرأة إذا تمت عدتها صارت أجنبية عن زوجها ، ولا تحل له إلا بعقد جديد .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 293 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(60/120)
الطلاق مرة بعد مرة ... العنوان
ما تفسير قوله ـ تعالى ـ: (الطلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ).؟ ... السؤال
15/03/2007 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
شرع الإسلام الطلاق حينما تشتدُّ الخُصومة بين الزوجينِ وتسوء بينهما العِشْرة إلى حدٍّ لا تُجدي فيه مُحاولة الإصلاح، وبه تسير الحياة الزوجية نارًا تلتهم مزايَا الزواج
الاجتماعية من السكن والمَودَّة والرحمة والتعاون، على تكوين أُسرة يُصان فيها الحقوق، وتترعرع في أحضانها الأطفال الذينَ يكونون بعد رجالًا عاملينَ في الحياة.
ولهذا شرع الإسلام الطلاق، وقد عرف الناسُ الطلاقَ من قديم، غير أنهم كانوا ـ بأهوائهم وبِطُغيانهم على المرأة وإذلالها ـ كثيرًا ما يقصدون به إيذاءها وإضرارها، فكان الرجل يُطلق زوجته ثم يُراجعها قبل انقضاء العدة، ثم يُطْلقها إلى غير حدٍّ: تطليق فمراجعة، ثم تطليق فمُراجعة وهكذا لا يتركها لتتزوَّج غيره فتستريح، ولا يثوب إلى رُشده فيُحسن عشْرتها فتستريح، وإنما يتَّخذها أُلعوبة بيده يُطلقها متى شاء على حسب ما يهوَى ويشتهي، فأنزل الله إنقاذًا للمرأة من هذا السوء قوله ـ تعالى ـ: (الطلاقُ مَرَّتَانِ فإِمْسَاكٌ بمَعْرُوفٍ أوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ).
والمعنى أن الطلاق المشروع عند تَحقُّق ما يُبيح الطلاق أن يكون على مرتين، مرة بعد مرة، أي دفعة بعد دفعة، فإذا ما طلَّق الرجل المرة الأولى أو الثانية كان عليه إما ردُّها إلى عِصْمَتِه ـ مع إحسان عشرتها فتستمر الحياة بينهما طيِّبة سعيدة ـ وذلك هو الإمساك بالمعروف، وإما ترْكُها حتى تنقضي عدَّتُها وتنقطع علاقتها به، ويزول سُلطانه عليها فتتزوَّج غيره إن شاءت وذلك هو التسريح بالإحسان.
فإن عاد الزوج بعد أن راجعها من الطلاق الثاني وطلَّقها ثالثة حرمتْ عليه، ولا يملك مراجعتها إلا إذا تزوَّجتْ بغيره زواجًا صَحيحًا مقصودًا به ما يقصد بالزواج، وهو العِشْرة الدائمة بالسكن والمودَّة، لا يُجْدي في ذلك ما اخترعه بعض الناس من الزواج بغيره على قصد التحليل؛ فإن هذا مُنكَرٌ واحتيالٌ، لا تَحِلُّ به للأول، وقد لعَن الرسول فاعلَه وسمَّاه: "التَّيْسُ المُسْتَعَارُ".
وقد تضمَّن ذلك قوله ـ تعالى ـ بعد هذه الآية: (فإنْ طلَّقَهَا فلا تَحِلُّ لهُ مِن بَعْدُ حتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ). ومن هذا يتبيَّن أن الطلاق الثلاث مرةً واحدة ليس مشروعًا، وأنَّ الطلاق المشروع إنما هو الطلقة بعد الطلقة.
ويتبيَّن أن الطلاق الذي يملك الرجل فيه مُراجعة زوجه إنما هو الطلقة الأولى والثانية، أما الطلقة الثالثة فإنه لا يَملك مراجعتها، ولا تحلُّ له إلا إذا تزوجت غيره زواجًا غير مقصود منه التحليل، ثم يُطلقها ذلك الغير أو يموت عنها، وتمضي عدَّتُها منه، وعندئذ فقط تحلُّ لزوجها الأول بعَقْدٍ جديد ومهْر جديد، وهذا هو معنى الآية وما بعدها.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ(60/121)
الحيلة في إبطال الطلاق الثلاث ... العنوان
في بلادنا شيخ اعتاد أن يُرجع المطلقة ثلاثًا إلى زوجها، يقول للذي طلق: من الذي وكَّل لزوجتك عند العقد عليها؟ وليها أم غيره؟ فإن كان غيره حكم بفسخ العقد وعقد له عليها ثانية, ولو كان رزق منها بأولاد..هذه الفتوى هل هي موافقة للكتاب والسنة؟ وما قولكم في النظام الواقع بعد العقد الجديد؟ وما أعقبه من الأولاد؟ ... السؤال
21/11/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فهذه الكيفية لإرجاع المطلقة ثلاثًا لم يعرف عن أحد من السلف الصالح, ولا يدل عليه كتاب, ولم تمض به سنة, أما ما كان عليه السلف في مسألة الطلاق الثلاث فالإجماع على أن من طلق امرأته ثلاث مرات فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر نكاحًا صحيحًا مقصودًا, وهذا ظاهر نص القرآن, وجرت به السنة, وعليه العمل.
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
إن ما ذكر في السؤال من كيفية إرجاع المطلقة ثلاثًا إلى المطلق لم يعرف عن أحد من السلف الصالح, ولا يدل عليه كتاب, ولم تمض به سنة, وإنما هو من احتيال المتفقهة المبني على اختلاف المذاهب, وهو من مفاسد التقليد للعبارات من غير مراعاة نصوص الشرع وحِكَمه, والكتاب والسنة لا اختلاف فيهما [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً](النساء:82) فمن عمل بهما لا يمكن أن يفتي في المسألة الواحدة (كالطلاق الثلاث) بفتاوى مختلفة, وما أظن الرجل يدعي ذلك فيبين خطؤه بذكر الآيات والأحاديث, وإنما يدعي أنه يفتي بمذاهب الأئمة عليهم الرضوان.
فنقول في بيان خطئه: إنه لم يقل أحد منهم بجواز إقامة الرجل مع المرأة زمنًا بعقد على مذهب ثم اعتباره فاسدًا وتجديد عقد آخر على مذهب آخر, واعتبار الأولاد الذين ولدوا لهما في زمن كل من العقدين أولادًا شرعيين، وقد صرحوا بأنه (إذا عمل العامي بقول المجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع منه إلى غيره اتفاقًا, وأما في حكم مسألة أخرى فيجوز له أن يقلد غيره، على المختار) وذلك أن التزام أحد أقوال المجتهدين بالعمل به يرفع الاختلاف بالنسبة إلى العامل كحكم الحاكم.
ربما يقول هذا الملفق: إن عمله من التلفيق الذي أجازه بعض العلماء، ونحن نعترف بأن بعض العلماء أجاز التلفيق خلافًا لما جاء في كتاب الدر المختار من كتب الحنفية من حكاية الإجماع على بطلان الحكم الملفق, ولكن الذي يجيزه يشترط أن يكون في مسألة واحدة بحيث يأتي بحكم لم يقل به أحد من المسلمين, وأن لا يكون فيه رجوع عما عمل به أو عن لازمه إجماعًا كما هنا، ذكر هذا ابن نجيم في رسالته في بيع الوقف بغبن فاحش وقال: إنه مأخوذ من إطلاقهم جواز تقليد من قلده في غير ما عمل به.
وإذا كان العاميّ الغافل عرضة للمتجرين بالدين يصدق كل ما يقولون، فكيف يتجرأ العالم المدرس على الفتوى بأقوال متناقضة كالقول بأن الولي شرط في صحة النكاح والقول بأنه غير شرط مع علمه بأن الحق واحد واجتماع النقيضين محال.
أيعمل بقول من قال: نحن مع الدراهم قلة وكثرة؟ وهل يستحل أولئك الذين أجازوا لأنفسهم الفتوى بالقولين المتضادين لكثرة الدراهم أن يفتوا بهما الرجل الواحد في الموضوع الواحد؟ أم يخففون وطأة جميع الأحكام الدينية فيفتون كل مستفتٍ بقول ليكون هذا مقلدًا لفلان والآخر مقلدًا لعلان؟ إذ لا معنى لتقليد شخص واحد لعالمين مختلفين في مسألة واحدة لها لوازم مختلفة كواقعة السؤال.
أما ما كان عليه السلف في مسألة الطلاق الثلاث فالإجماع على أن من طلق امرأته ثلاث مرات فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر نكاحًا صحيحًا مقصودًا, وهذا ظاهر نص القرآن, وجرت به السنة, وعليه العمل.
واختلفت الروايات والأحاديث في الطلاق مرة واحدة بلفظ الثلاث، فالمذاهب الأربعة على اعتبارها ثلاثًا إلا بعض الحنابلة كابن تيمية وابن القيم ولهم سلف وحديث صحيح يحتجون به, وإنما نقول: إن عمل العالم المذكور في السؤال ليس عليه إلا أن يكون بعد العدة, وعليه إذا طلق الزوج مرة أخرى كانت ثالثة لها حكم الثلاث.
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ(60/122)
تطليق المرأة بلفظ الثلاث ... العنوان
ما المقصود بلفظ الطَّلاق الثلاث؟ ومتى يقع الطلاق ثلاثًا على الزوجة؟ وهل يوجد خلاف بين المذاهب في هذه المسألة؟ ... السؤال
23/01/2006 ... التاريخ
الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
تطليق المرأة بلفظ الثلاث : كأن يقول الرجل لامرأته : طلقتك ثلاثا ، فبعض الفقهاء يقولون بوقوعه ثلاث طلقات ، والبعض يقول بوقوعه طلقة واحدة ، ولا تأثير للفظ الثلاث في ذلك ، وهو ما عليه الفتوى الآن .
يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق-رحمه الله-إجابة عن مثل هذا السؤال :
المقصود بلفظ الطلاق الثلاث أن يَلفِظ الزوج بلفظ الطلاق مقرونًا بكلمة الثلاث كأن يقول لزوجته: أنت طالق ثلاثًا. ولم يكن قد سبق له طلاقُها قبل هذا القول. وفي مثل هذا القول يرى جمهور الفقهاء أن الطَّلاق بلفظ الثلاث تطلَّق به الزوجة ثلاثًا بعد طلقتين سابقتين، ولهم أدلّة يسوقونها على هذا القول. وحكمه حُكم ما لو طلَّقها الطلقة الثالثة،
وذهب أهل الظاهر وجماعة معهم من فقهاء الحنابلة وغيرهم أن حكم تلك العبارة حكم الطَّلقة الواحدة لا تأثير للفظ الثلاث في ذلك مستدلِّين بسياق الآيات في قوله تعالى: (الطَّلاَقُ مَرَّتانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ... فَإِنْ طَلَّقَها فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَه) "229، 230من سورة البقرة" إذ مقتضى هذا أن الطلاق مرة ومرة وثالثة.
فالزَّوج ـ على هذا الرأي ـ إذا طلَّق زوجته بلفظ الثلاث فقد طلَّق مرة واحدة لا ثلاث مرات. واحتجُّوا أيضًا بما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عبّاس
قال: كان الطلاق على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثَّلاث واحد فأمضاه عليهم عمرُ. أي أمضاه ثلاثًا.
وهذا، والعمل جارٍ اليوم في قانون الأحوال الشخصيّة بمصر على أن طلاق الثلاث في اللَّفظ الواحد أو مكررًا في المجلس الواحد في نفَس واحد دون فواصل يقع طلْقة واحدة.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(60/123)
النظر في صحة عقد الزواج بعد الطلاق ثلاثاً ... العنوان
رجل تزوج امرأة منذ سنين ثم طلقها ثلاثاً، وكان ولى نكاحها فاسقا، فهل يصح عقد الفاسق بحيث إذا طلق ثلاثا لا تحل له إلا بعد نكاح غيره أو لا يصح عنده فله أن يتزوجها بعقد جديد وولى مرشد من غير أن ينكحها غيره؟ ... السؤال
16/02/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الأستاذ محمد سعدي الباحث الشرعي بالموقع:
ليس لأحد بعد الطلاق ثلاثا أن ينظر في أمر الولي في عقد الزواج، وهل كان عدلا أو فاسقا ليجعل من فسقه ذريعة إلى عدم إيقاع الطلاق الثالث، وكذلك لا يجوز له أن يبحث عما يفسد به الزواج الأول ليجعل هذا ذريعة لعدم إيقاع الطلاق على المرأة.
وقد أفتى بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله فقال في الفتاوى الكبرى:
إن كان قد طلقها ثلاثا فقد وقع به الطلاق، وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقاً ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح بل وفى غيره من الأنكحة الفاسدة .
وإذا فرَّع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه ، فإنّه لا يجوز أن يستحل الحرام من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما .
وهذا الزوج كان يستحلُّ وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها فهو عامل على صحة النكاح فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده.
وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين .
وهؤلاء المطلِّقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفى وقت يقلدون من يصححه بحسب الغرض والهوى ، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة . أهـ
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ(60/124)
الطلاق الثلاث بلفظ واحد ... العنوان
ما الحكم فيمن طلق زوجته في لحظة غضب شديد؟؟ قائلا (طالق طالق طالق) ؟؟وكيف يردها إلى عصمته ثانية؟؟
... السؤال
03/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جيمعًا. فقام غضبان". فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه. والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإ ن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى:
(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة.
أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على
عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وقال الشوكاني: وقد حكى ذلك صاحب البحر عن أبي موسى، ورواية عن علي عليه السلام، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، وجابر، وابن زيد، والهادي، والقاسم، والباقر، وأحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى بن عبد الله، ورواية عن زيد بن علي.
وإليه ذهب جماعة من المتأخرين. منهم: ابن تيمية، وابن القيم، وجماعة من المحققين، وقد نقله ابن مغيث في كتاب الوثائق عن محمد بن وضاح، ونقل الفتوى بذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي ومحمد بن عبد السلام وغيرهما. نقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عيسى، كعطاء، وطاووس، وعمر، وابن دينار، وحكاه ابن مغيث أيضًا في ذلك الكتاب عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة". أما حجة القائلين بعدم وقوع الطلاق مطلقًا. أنه طلاق بدعي، والطلاق البدعي لا يقع عند هؤلاء، ويعتبر لغوًا.
وهذا المذهب يحكي عن بعض التابعين. وهو مروي عن ابن علية، وهشام بن الحكم، وبه قال أبو عبيدة، وبعض أهل الظاهر، وهو مذهب الباقر، والصادق، والناصر، وسائر من يقول بأن الطلاق البدعي لا يقع. لأن الثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة من جملته. أما الذين فرقوا بين المطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، فهم جماعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهوية.
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أماكيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(60/125)
الطلاق ثلاثا بالهاتف
قال لي زوجي في الهاتف أنت طالق ثلاثًا، والآن في العدة يريد أن أرجع له. أنا لا أريد فماذا أفعل؟ أسألكم الدعاء.
... السؤال
الشيخ موافي محمد عزب الموافي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... هذا الموضوع يحتاج إلى تفصيل، فالحالة الأولى أن يكون الزوج قد طلق امرأته ثلاثًا في اتصال هاتفي واحد، وفي هذه الحالة نُفْتيه باعتبار هذه الطلقات الثلاث بمثابة طلقة واحدة، وعليه فعليهما أن ينظر هل سبق وقوع طلاق بينهم قبل ذلك أم لا، فإذا كانت هذه هي المرة الأولى مثلاً أو الثانية فالمرأة ما زالت في عصمت زوجها، له أن يراجعها في أي وقت ما دمت العدة لم تنته، ولا تحتاج إلى عقد أو مهر جديدين، بما أن المدة التي مرت على وقوع الطلاق في حدود الأربعين يومًا كما ذكرت الأخت السائلة، فلزوجها أن يراجعها، وعليها أن تجيبه إلى ذلك ما دامت ليس لديها مانع من استمرار الحياة الزوجية، ولا يحتاجان إلى أي شيء آخر.
الحالة الثانية أن يكون الزوج قد أوقع الطلاق في اتصالات متكررة، ففي هذه الحالة يكون الطلاق قد وقع بعدد الاتصالات ما داما بينهما فاصل زمني، فإذا كان قد أوقع الطلاق أو تلفظ به في ثلاث اتصالات مثلاً، فالمرأة تعتبر طالقة طلاقًا بائنًا، أي لا رجعة فيه حتى تنكح زوجًا آخر، وهكذا...، هذا وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــ(60/126)
زوجها عصبي جدا طلقها ثلاثاً
سؤال:
أنا متزوجة من 9 سنين تقريباً . وزوجي إنسان عصبي جداً جداً جداً لأبعد ما تتصور وعندما يغضب يفقد عقله ويفعل تصرفات لا يقصدها " أنا لا أعطي مبررات ولكن هذه هي الحقيقة والله يشهد على ذلك" المهم مشكلتي أنه كذا مرة لفظ بكلمة الطلاق وأريد أعرف هل وقع الطلاق أما لا ؟
الحالة الأولى : كنا مسافرين للخارج وحدثت مشكلة كبيرة جداً وقال لي : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " هو يقول إنها نوع من التخويف والتهديد ، المهم رجعنا البلاد ونسي الموضوع ولكن أنا لم أنساه وسألت شيخاً فقال لي : إن الطلاق لم يقع وفسر لي ذلك .
الحالة الثانية : على إثر مشكلة كبيرة ضربني وخرج من البيت وأنا تصرفت بحماقة وأرسلت له قرابة 9 مسجات بالتلفون المحمول كلها سب وتحقير فأرسل لي مسج " أنتِ طالق " كان هذا بالعصر ورجع بالليل وكأن شيئا لم يحدث وتصالحنا وأيضا سألت في هذه الحالة شيخاً وقال لي إن طلاق المسجات غير محسوب أي لم يقع .
الحالة الثالثة : أيضا مشكلة كبيرة وغضب غضباً شديداً لدرجة أنه لم يكن يدري ماذا يفعل وطلقني فذهبت بيت أهلي ، ولكنه ذهب للمحكمة وحكم له القاضي أن الطلاق لم يقع فأرجعني بعد تدخل الأهل فرجعت له .
كل الحالات لم يكن يقصد فيها الطلاق الفعلي ، للعلم آخر هذه الحالات كانت من سنتين تقريباً ولم يعد ينطق بهذه الكلمة وهدأت عصبيته بشكل عام المشكلة أنني دائماً أفكر هل أنا عايشه معه بالحرام ؟ هل الطلاق محسوب ؟ لا أدري إذا كان الشيطان هو الذي يوسوس لي أم ماذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا : نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويلهمك يرشدك وأن يصلح حالك وحال زوجك .
ثانيا :
ما سألت عنه بخصوص الحالات الثلاث ، جوابه كما يلي :
الحالة الأولى :
وفيها قال الزوج لك : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " : فهذه يقع فيها الطلاق عند رجوعكما للبلاد ؛ لأن هذا تعليق محض ، أي لا يقصد به الحث أو المنع ، أو التصديق أو التكذيب .
ولو فرض أنه قال : أردت أني " سأطلقها " بعد الرجوع ، فهذا لا يقبل منه أيضا ؛ لأن قوله : أنت طالق ، من ألفاظ الطلاق الصريحة ، فلا يقبل منه أن مراده ونيته الوعد بالطلاق .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحلف بالطلاق هو التعليق الذي يراد به حث الحالف على شيء ، أو منعه من شيء ، أو حث المستمعين المخاطَبين على تصديقه أو تكذيبه ، هذا هو اليمين بالطلاق ، فهو تعليق ، ومقصوده حث أو منع ، أو تصديق أو تكذيب ، فهذا يسمى يمينا بالطلاق . بخلاف التعليق المحض ، فهذا لا يسمى يمينا ، كما لو قال : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، أو قال : إذا دخل رمضان فزوجته طالق ، فهذا لا يسمى يمينا ، بل تعليق محض وشرط محض ، متى وجد الشرط وقع الطلاق " . انتهى من "فتاوى الطلاق" ص (129- 131) .
وقد سبق الجواب عن مثل هذا في السؤال : (43481) .
الحالة الثانية :
وفيها أرسل لك رسالة بالهاتف وفيها : (أنتِ طالق) : فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة ، فإن كان عازما على الطلاق ، وقع الطلاق ، وإن كتب ذلك وأراد شيئاً آخر غير الطلاق كغمّ أهله وتخويفهم لم يقع الطلاق لأنه لم ينوه .
وانظري جواب السؤال (72291) .
الحالة الثالثة :
وفيها غضب غضباً شديداً لدرجة أنه لم يكن يدري ماذا يفعل ، وطلقك ، ثم ذهب للمحكمة وحكم له القاضي أن الطلاق لم يقع , فالعبرة في هذا بما حكم به القاضي , وذلك لأن هناك بعض الحالات في الغضب لا يقع فيها الطلاق , فيكون القاضي علم مما حكاه له زوجك أن غضبه كان شديداً بحيث يمنع وقوع الطلاق , وقد سبق في جواب السؤال (45174) بيان حكم طلاق الغضبان .
والنصيحة لهذا الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن يمسك لسانه عن ألفاظ الطلاق ، حتى لا يتسبب في تفريق أسرته وتشتيت شملها .
نسأل الله ولنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(60/127)
حلف بالطلاق ثلاثا في حال الغضب
سؤال:
زوجتي تدرس وحصل بيننا خلاف وحلفت عليها بالطلاق ثلاثاً إن هي ذهبت للمدرسة وكنت جاداً في هذا الحلف وأنوي ذلك فعلاً حيث إنني كنت في حالة غضب شديدة وبعد أيام تراجعت عن حلفي ولم تذهب إلى المدرسة حتى الآن أرجو إفادتي إن كان في حال ذهابها إلى المدرسة يقع الطلاق أم لا ؟ وإذا هناك كفارة لهذا الحلف أم لا ؟ وأنا الآن أريدها أن تذهب لتكمل تعليمها .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
تساهل الرجل في التلفظ بالطلاق خطأ عظيم ، قد يؤدي إلى تفكك أسرته من حيث لا يريد ، والله تعالى لم يشرع الطلاق ليكون مادة للعبث والاستهتار ، أو التلاعب بمشاعر المرأة ، وإنما شرع ليستعمله الرجل في الوقت الذي يريد فيه إنهاء النكاح إذا وجد ما يدعو لذلك .
فالواجب على الرجل أن يحفظ لسانه ، وينأى بنفسه عن التلفظ بالطلاق فيما لا يستحق الطلاق ، حتى لا يندم وقت لا ينفع الندم .
ثانيا :
الطلاق في حال الغضب ، منه ما لا يقع ، ومنه ما يقع ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (45174) .
وحاصله أن الغضب الذي يخرج الإنسان عن شعوره وإدراكه ، لا يقع معه الطلاق ، وكذلك الغضب الشديد الذي لا يملك الرجل فيه نفسه ، لطول النزاع أو المضاربة أو المشاتمة .
والرجل هو الذي يستطيع تحديد درجة الغضب التي وصل إليها ، وبالتالي يحكم بوقوع طلاقه أم لا .
ثالثا :
طلاق الثلاث بكلمة واحدة ، كقول الرجل : أنت طالق ثلاثا ، أو علي الطلاق ثلاثا ، يقع به طلقة واحدة ، في القول المختار عند جمع من أهل العلم .
فإذا كان الغضب لم يبلغ منك مبلغا يسقط عنك الطلاق ، فإنه تقع عليك واحدة في هذه المسألة – في حال ذهاب الزوجة للمدرسة – ولك مراجعتها ما دامت في العدة .
وينظر جواب السؤال رقم (36580) لمزيد الفائدة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(60/128)
الطلاق ثلاثا خارج الجمهورية العربية المتحدة
المفتي
أحمد هريدى .
20 مارس 1965 م
المبادئ
1- الطلاق المقترن بالعدد يقع به العدد الوارد به لمن أوقع طلاقه خارج الجمهورية العربية المتحدة ولم يكن من رعاياها .
2- القانون الواجب التطبيق فى هذه الحالة هو القانون العام وهو هنا الفقه الإسلامى، وليس القانون رقم 25 لسنة 1929 لأنه خاص بالجمهورية العربية المتحدة
السؤال
بالطلب المتضمن أن رجلا طلق زوجته خارج المحكمة ثم أذن للقاضى فى إصدار ورقة بطلاق ثلاث للزوجة ولما كان له منها أولاد صغار فقد ندم على طلاقها، ويرغب فى إعادتها إلى عصمته .
وطلب بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع
الجواب
ظاهر من السؤال أن السائل طلق زوجته خارج المحكمة، وأنه أقر أمام القاضى بأنه طلق زوجته ثلاثا، وطلب منه إصدار ورقة رسمية بهذا الطلاق الثلاث .
وقد ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم إلى أن من طلق زوجته ثلاثا بكلمة واحدة كأن يقول لها أنت طالق ثلاثا، أو بتكرار لفظ الطلاق كأن يقول لها أنت طالق أنت طالق أنت طالق .
تطلق زوجته ثلاثا وتحرم عليه وتبين منه بينونة كبرى، ولا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ويدخل بها هذا الزوج دخولا حقيقيا ثم يطلقها ذلك الزوج أو يتوفى عنها وتنقضى منه عدتها شرعا .
وما جاء فى حادثة السؤال يعتبر من هذا القبيل وينطبق عليه هذا الحكم .
وإن كان السائل لم يذكر العبارة التى صدرت منه إلا أنه وصف الطلاق الذى صدر منه بأنه طلاق ثلاث، وأن القاضى أصدر ورقة بذلك بناء على إخباره وطلبه هذا .
وما نص عليه القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية فى المادة الثالثة منه - من أن الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا طلقة واحدة أخذا من آراء بعض الفقهاء لا يفيدنا فى هذه الحالة .
لأنه قانون خاص بالجمهورية العربية المتحدة .
والسائل ليس من رعايا الجمهورية العربية المتحدة، ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(60/129)
لحوق الطلاق الثلاث بالمختلى بها
المفتي
أحمد هريدى .
11 أغسطس سنة 1965م
المبادئ
1 - يترتب على الخلوة الصحيحة ما يترتب على الدخول من وجوب العدة والنفقة وكمال المهر ولحوق الطلاق الثلاث .
2 - الرجعة الصحيحة شرعا لا تكون إلا فى عدة طلاق رجعى
السؤال
من أ ع م بطلبه المتضمن أن السائل عقد قرانه على فتاة بكر ولم يدخل عليها ولكنه اختلى بها وقال ( أنى استمتعت بها وأعطتنى من جسمها كل متعة ممكنة بدون ايلاج كامل ) ثم حدث نزاع بينهما قال لها على أثره ( روحى طالقة يا س .
روحى طالقة يا س. روحى طالقة يا س .
) فى غيبتها وقد أخبرها بهذا الطلاق عن طريق أحد أصدقائه وقال لقد حضرت بعد طلاقها لمصالحتى وقالت ان هذه الايمان تقع طلقة واحدة وعلى ذلك راجعتها بقولى ( رددت زوجتى الى عصمتى ) وطلب بيان ما اذا كانت زوجته المذكورة تحل له بعد هذه الطلقات الثلاث أو لا .
وهل الرجعة المذكورة تكفى لو كانت تحل له أو يعقد عليها عقدا جديدا
الجواب
المنصوص عليه شرعا أن اختلاء السائل بزوجته واستمتاعه بها كما جاء بالسؤال يعتبر خلوة صحيحة كاملة أن لم يكن دخولا حقيقيا ويترتب عليها من الأحكام ما يترتب على الدخول من وجوب العدة والنفقة وكمال المهر ولحوق الطلاق الثلاث .
وقد جرت دار الافتاء فى هذا العهد على أنه يقع بكل لفظ من ألفاظ الطلاق فى قوله لزوجته ( روحى طالقة يا س .
روحى طالقة يا س. روحى طالقة يا س .
) طلاق وبالثالث منها تبين منه زوجته بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها دخولا حقيقيا ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضى عدتها منه ثم يتزوجها الأول بعقد ومهر جديدين باذنها ورضاها .
ومراجعته لها بقوله ( رددت زوجتى إلى عصمتى ) لا يكون رجعة لأنها لا تكون الا فى عدة طلاق رجعى ولا يصلح هذا القول فى عدة البائن الذى تصير به الزوجة أجنبية عنه لعدم قيام الزوجية وزوال الملك بالطلاق البائن وفى غير هذا العهد كان يفتى فى مثل هذه الصيغة بوقوع طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين باذنها ورضاها لعدم تحقق الدخول، والخلوة الصحيحة لا تغير وصف الطلاق بالبائن وان كانت تترتب عليها بعض أحكام الدخول ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال
ـــــــــــــــــــ(60/130)
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 8 / ص 259)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ يَقُولُ : إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ تُبَاحُ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ لِلَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ وَمَنْ اسْتَحَلَّهَا بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ وَمَا صِفَةُ النِّكَاحِ الثَّانِي الَّذِي يُبِيحُهَا لِلْأَوَّلِ ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ مُثَابِينَ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . إذَا وَقَعَ بِالْمَرْأَةِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِدُونِ زَوْجٍ ثَانٍ وَمَنْ نَقَلَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَدْ كَذَبَ . وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ اسْتَحَلَّ وَطْأَهَا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحِ زَوْجٍ ثَانٍ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ - مِثْلَ أَنْ يَكُونَ نَشَأَ بِمَكَانِ قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَ فِيهِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ أَوْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ دِينَ الْإِسْلَامِ ؛ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ أَوْ عَلَى اسْتِحْلَالِ هَذَا الْفِعْلِ : فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ وُجُوبَ الْوَاجِبَاتِ وَتَحْرِيمَ الْمُحَرَّمَاتِ وَحِلَّ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِنَقْلِ الْأُمَّةِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ نَبِيِّهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَظَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ كَمَنْ يَجْحَدُ وُجُوبَ " مَبَانِي الْإِسْلَامِ " مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحِجِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جَحَدَ " تَحْرِيمَ الظُّلْمِ وَأَنْوَاعِهِ " كَالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ أَوْ تَحْرِيمَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيمِ " نِكَاحِ الْأَقَارِبِ " سِوَى بَنَاتِ الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ وَتَحْرِيمَ " الْمُحَرَّمَاتِ بِالْمُصَاهَرَةِ " وَهُنَّ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَبَنَاتُهُنَّ وَحَلَائِلُ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَوْ حِلَّ الْخُبْزِ . وَاللَّحْمِ وَالنِّكَاحِ وَاللِّبَاسِ ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عُلِمَتْ إبَاحَتُهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ : فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِمَّا لَمْ يَتَنَازَعْ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ لَا سُنِّيُّهُمْ وَلَا بِدْعِيُّهُمْ . وَلَكِنْ تَنَازَعُوا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ " مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ : كَتَنَازُعِ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ فِي " الْحَرَامِ " هَلْ هُوَ طَلَاقٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ ؟ وَكَتَنَازُعِهِمْ فِي " الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ " كَالْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَالْبَتَّةِ : هَلْ يَقَعُ بِهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ ثَلَاثٌ ؟ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حَالٍ وَحَالٍ ؟ وَكَتَنَازُعِهِمْ فِي " الْمُولِي " : هَلْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يَفِ فِيهَا ؟ أَمْ يُوقَفُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا حَتَّى يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ ؟ وَكَتَنَازُعِ الْعُلَمَاءِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ . وَالْمُكْرَهُ وَفِي الطَّلَاقِ بِالْخَطِّ وَطَلَاقِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَطَلَاقِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَطَلَاقِ الْحَكَمِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ بِدُونِ تَوْكِيلِهِ . كَمَا تَنَازَعُوا فِي بَذْلِ أَجْرِ الْعِوَضِ بِدُونِ تَوْكِيلِهَا . وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْعُلَمَاءُ . وَتَنَازَعُوا أَيْضًا فِي مَسَائِلِ " تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ " وَمَسَائِلِ " الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْحَرَامِ وَالنَّذْرِ " كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ الصَّدَقَةُ بِأَلْفِ . وَتَنَازَعُوا أَيْضًا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ " الْأَيْمَانِ " مُطْلَقًا فِي مُوجَبِ الْيَمِينِ وَهَذَا كَتَنَازُعِهِمْ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ : هَلْ يَقَعُ أَوْ لَا يَقَعُ ؟ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ ؟ أَوْ بَيْنَ مَا يَكُونُ فِيهِ مَقْصُودٌ شَرْعِيٌّ وَبَيْنَ أَنْ يَقَعَ فِي نَوْعِ مِلْكٍ أَوْ
غَيْرِ مِلْكٍ ؟ وَتَنَازَعُوا فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ بَعْدَ النِّكَاحِ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . فَقِيلَ : يَقَعُ مُطْلَقًا . وَقِيلَ : لَا يَقَعُ . وَقِيلَ : يُفَرَّقُ بَيْنَ الشَّرْطِ الَّذِي يُقْصَدُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عِنْدَ كَوْنِهِ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الَّذِي يُقْصَدُ عَدَمُهُ .
وَعَدَمُ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ . " فَالْأَوَّلُ " كَقَوْلِهِ : إنْ أعطيتيني أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ . " وَالثَّانِي " كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ وَنِسَائِي طَوَالِقُ وَعَلَيَّ الْحَجُّ . وَأَمَّا النَّذْرُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ : إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلَّمَ مَالِي الْغَائِبَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ الصَّدَقَةُ بِمِائَةِ : أَنَّهُ يَلْزَمُهُ . وَتَنَازَعُوا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ وُجُودَ الشَّرْطِ ؛ بَلْ مَقْصُودُهُ عَدَمُ الشَّرْطِ وَهُوَ حَالِفٌ بِالنَّذْرِ كَمَا إذَا قَالَ : لَا أُسَافِرُ وَإِنْ سَافَرْت فَعَلَيَّ الصَّوْمُ أَوْ الْحَجُّ أَوْ الصَّدَقَةُ أَوْ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ ؛ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : فَالصَّحَابَةُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهُوَ آخِرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ : كَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ أَبِي الْعُمَرِ وَغَيْرِهِمَا . وَهَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ أَمْ يَجْزِيهِ الْوَفَاءُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَقِيلَ : عَلَيْهِ الْوَفَاءُ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ ؛ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي كَلَامِهِ . وَقِيلَ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِحَالِ كَقَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ داود وَابْنِ حَزْمٍ . وَهَكَذَا تَنَازَعُوا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالْعِتَاقِ أَوْ الطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا كَقَوْلِهِ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ . هَلْ يَقَعُ ذَلِكَ إذَا حَنِثَ أَوْ يَجْزِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ . وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ : إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ ؛ بَلْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً ؛ وَلَكِنْ هَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . " أَحَدُهُمَا " يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْخِطَابَيْ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الَّذِي وَصَلَ إلَيْنَا فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ . وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ و " الثَّانِي " لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .
ـــــــــــــــــــ(60/131)
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ؛ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا . فَصْلٌ فِي " الْفُرْقَةِ " الَّتِي تَكُونُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَاَلَّتِي لَا تَكُونُ مِنْ الثَّلَاثِ ؛ فَإِنَّ انْقِسَامَ الْفُرْقَةِ إلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ - فِيمَا أَظُنُّ - فَإِنَّهُ لَوْ حَدَث بَيْنَهُمَا مَا أَوْجَبَ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ بِدُونِ اخْتِيَارِهِمَا كَالْمُصَاهَرَةِ - كَانَتْ فُرْقَةً تُعْتَبَرُ طَلَاقًا ؛ لَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنْ " الْمُفَارَقَاتِ " مِثْلَ : " الْخُلْعِ " وَمِثْلَ " الْفُرْقَةِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ " و " الْفُرْقَةِ لِعَيْبِ فِي الرَّجُلِ " مِثْلَ جَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ : هَلْ هُوَ طَلَاقٌ مِنْ الثَّلَاثِ ؟ أَمْ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ ؟ وَسَبَبُ ذَلِكَ " تَنْقِيحُ " " مَنَاطِ الْفَرْقِ " بَيْنَ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ . وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي هَذَا الْبَابِ أَوْسَعُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُمَا فِي الْخُلْعِ : هَلْ هُوَ طَلَاقٌ ؟ أَمْ لَيْسَ بِطَلَاقِ ؟ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ لَيْسَ
بِطَلَاقِ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وطاوس وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ؛ لَكِنْ فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ . فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِهِ : فَهُوَ طَلَاقٌ مُنَقِّصٌ . وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ آخَرَ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ أَيْضًا . وَإِنْ خَلَا عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ : فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ . وَهَذَا مَوْضِعٌ يَحْتَاجُ إلَى تَحْقِيقٍ كَمَا يَحْتَاجُ مَنَاطُ الْفَرْقِ إلَى تَحْرِيرٍ فَإِنَّ هَذَا يُبْنَى عَلَى أَصْلَيْنِ " أَحَدُهُمَا " أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ . " الثَّانِي " تَحْرِيرُ مَعْنَى الْخُلْعِ الْمُخَالِفِ لِمَعْنَى الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ وَإِلَّا فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ الْمَعْدُودَ . وَيَحْتَمِلُ مَعْنًى آخَرُ وَنَوَى ذَلِكَ الْمَعْنَى : لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ الْمَعْدُودُ . وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ : إنَّهُ إذَا قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِي : لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ . وَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد . فَعُلِمَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُضَافَ إلَى الْمَرْأَةِ يَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ الْمَعْدُودَ وَيَعْنِي بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ . وَقَدْ يُضَافُ الطَّلَاقُ إلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ كَمَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَا دُنْيَا قَدْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ لِي فِيك . وَمِثْلُ الشِّعْرِ الْمَأْثُورِ عَنْ الشَّافِعِيِّ : اذْهَبْ فَوُدُّك مِنْ وِدَادِي طَالِقٌ . وَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ الْمُضَافِ إلَى الْمَرْأَةِ يُرَادُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَلَا يَكُونُ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ : كَمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَهْلُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ : أَبُو داود والنسائي وَابْنُ ماجه مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي وَهْبٍ الجيشاني { عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْلَمْت وَتَحْتِي أُخْتَانِ ؟ قَالَ : طَلِّقْ أَيَّتهمَا شِئْت } هَذَا لَفْظُ أَبِي داود قَالَ . حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ . وَرَوَى أَبُو داود مِنْ حَدِيثِ هشيم وَعِيسَى بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ خَمِيصَةَ بْنِ الشمردل { عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ قَالَ : أَسْلَمْت وَعِنْدِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ : اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا } وَرَوَاهُ ابْنُ ماجه أَيْضًا . وَقَدْ رَوَى أَحْمَد والترمذي وَابْنُ ماجه وَاللَّفْظُ لَهُ : { أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ : أَسْلَمَ غَيْلَانُ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا } قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَمِعْت مُحَمَّدًا يَقُولُ : هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى شُعَيْبٌ وَغَيْرُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حُدِّثْت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سويد أَنَّ غَيْلَانَ . . . فَذَكَرَهُ . وَفِي لَفْظِ الْإِمَامِ أَحْمَد . فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ وَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ بَنِيهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَقَالَ : إنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ سَمِعَ بِمَوْتِك فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِك وَلَعَلَّك لَا تَمْلِكُ إلَّا قَلِيلًا وَاَيْمُ اللَّهِ لَتُرَاجِعَنَّ نِسَاءَك وَلَتُرْجِعَنَّ مَالَك أَوْ لَأُورِثَهُنَّ مِنْك ؛ وَلَآمُرَنَّ بِقَبْرِك فَيُرْجَمُ كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي رغال . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي مُسْنَدَيْهِمَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ مَعْمَرٍ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا ؛ لَكِنْ بَيَّنَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ : أَنَّ هَذَا مِمَّا غَلِطَ فِيهِ مَعْمَرٌ لَمَّا عَدِمَ الْبَصَرَ فَإِنَّهُ حَدَّثَهُمْ بِهِ مَنْ حَفِظَهُ وَكَانَ مَعْمَرٌ يَغْلَطُ إذَا حَدَّثَ مِنْ حَفِظَهُ فَرَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ عَنْهُ كَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ - غُنْدُرٍ - وَغَيْرِهِ عَلَى الْغَلَطِ وَأَمَّا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ سَمِعُوا مَنْ كَتَبَهُ كَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ فَرَوَوْهُ عَلَى الصَّوَابِ . فَفِي حَدِيثِ فَيْرُوزَ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : طَلِّقْ أَيَّتَهمَا شِئْت } لَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الطَّلَاقُ الْمَعْدُودُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا ؛ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ فِرَاقًا لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِنَصِّ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ ؛ بَلْ يُفَارِقُهَا عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَأَمَّا لَفْظُ الطَّلَاقِ فَلَهُمْ فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ . وَهَكَذَا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ غَيْلَانَ : { أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقِ سَائِرَهُنَّ } وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا فُرْقَةً تُحْسَبُ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ . وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا بِنَصِّ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ بَلْ أَرَادَ الْمُفَارَقَةَ : وُجُوهٌ . " أَحَدُهَا " أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : { خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا } فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَفَى ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ طَلَاقٍ فِي الْبَوَاقِي فَلَوْ كَانَ فِرَاقُهُنَّ مِنْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ لَاحْتَاجَ إلَى إنْشَاءِ سَبَبِهِ كَمَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَن إحْدَى امْرَأَتَيَّ . فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُحْدِثَ لَهَا طَلَاقًا ؛ فَلَوْ قَالَ أَخَذْت هَذِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا وَحْدَهُ طَلَاقًا لِلْأُخْرَى . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ : هَذَا مِمَّا قَدْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى مَعَ النِّيَّةِ . " الثَّانِي " أَنْ يُقَالَ : مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِالشَّرْعِ وَمَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِالشَّرْعِ لَمْ تَحْتَجْ إلَى طَلَاقٍ ؛ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَانَتْ لَهُ وِلَايَةُ التَّعْيِينِ . " الثَّالِثُ " أَنْ يُقَالَ إنَّ : اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ خَصَائِصَ الطَّلَاقِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مِنْ هَذِهِ الْفُرْقَةِ فَقَالَ تَعَالَى : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } إلَى قَوْلِهِ : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } فَجَعَلَ الْمُطَلَّقَةَ زَوْجُهَا أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا فِي الْعِدَّةِ ؛ وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : لَهُ فِي الْعِدَّةِ أَنْ يَرْتَجِعَ وَاحِدَةً مِنْ الْمُفَارِقَاتِ وَيُطَلِّقَ غَيْرَهَا : وَهَذَا لَا أَعْلَمُهُ قَوْلًا . "
الرَّابِعُ " أَنَّ اللَّهَ قَالَ : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } فَجَعَلَ لَهُ بَعْدَ الطَّلْقَتَيْنِ أَنْ يُمْسِكَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ يُسَرِّحَ بِإِحْسَانِ وَهَذَا لَيْسَ لَهُ فِي مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ إذَا فَارَقَهُنَّ ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ : لَهُ الرَّجْعَةُ بِشَرْطِ الْبَدَلِ . " الْخَامِسُ " أَنَّ اللَّهَ قَالَ : { إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وَهَذَا الْفِرَاقُ لَا يَقْضِي عَلَى الْعِدَّةِ ؛ بَلْ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يُفَارِقَ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ . وَهَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ . " السَّادِسُ " أَنَّهُ قَالَ : { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } وَهَذِهِ الْمُفَارَقَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ . " السَّابِعُ " أَنَّهُ قَالَ : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ } وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ . " الثَّامِنُ " أَنَّ فِرَاقَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ عَيْنًا . وَاَللَّهُ لَمْ يُوجِبْ الطَّلَاقَ عَيْنًا قَطُّ ؛ بَلْ أَوْجَبَ إمَّا الْإِمْسَاكَ بِالْمَعْرُوفِ وَإِمَّا التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانِ . " التَّاسِعُ " : أَنَّ الطَّلَاقَ مَكْرُوهٌ فِي الْأَصْلِ . وَلِهَذَا لَمْ يُرَخِّصْ اللَّهُ فِيهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ وَحَرَّمَ الزَّوْجَةَ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ : عُقُوبَةً لِلرَّجُلِ لِئَلَّا يُطَلِّقَ وَهُنَا الْفُرْقَةُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَرَسُولُهُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ دَاخِلًا فِي الْجِنْسِ الَّذِي يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَارَ هَذَا كَمَا أَنَّ هِجْرَةَ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ مَحْظُورَةً فِي الْأَصْلِ رَخَّصَ الشَّارِعُ مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ . فَأَمَّا الْهِجْرَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا : كَهِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لِلثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا خَمْسِينَ لَيْلَةً فَإِنَّهَا كَانَتْ هِجْرَةً يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَا تَكُونُ مِنْ جِنْسِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ أُبِيحَ مِنْهُ الثَّلَاثُ لِلْحَاجَةِ وَكَذَلِكَ إحْدَادُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَمَّا كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْأَصْلِ أُبِيحَ مِنْهُ الثَّلَاثُ لِلْحَاجَةِ . فَأَمَّا إحْدَادُ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَلَمَّا كَانَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَرَخَّصَ
مِنْهُ فِي ثَلَاثٍ لِلْحَاجَةِ فَكَذَلِكَ الْفُرْقَةُ الَّتِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهَا وَرَسُولُهُ لَا تَكُونُ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ الَّذِي يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَرَخَّصَ مِنْهُ فِي ثَلَاثٍ لِلْحَاجَةِ . وَالْخُلْعُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ مِنْ خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } فَهَذَا فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ . وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِمَا : أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَجْعَلُونَ الْخُلْعَ مِنْ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ ؛ وَلَيْسَ بِطَلَاقِ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد : رَأَيْت أَبِي يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَهُوَ قَوْلُ إسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ ؛ وداود وَأَصْحَابِهِ ؛ غَيْرَ ابْنِ حَزْمٍ . وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عيينة عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُوسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ؛ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ
مِنْهُ : أَيَنْكِحُهَا ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : نَعَمْ . ذَكَرَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ وَفِي آخِرِهَا وَالْخُلْعُ بَيْنَ ذَلِكَ . وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جريج عَنْ ابْنِ طَاوُوسٍ قَالَ : كَانَ أَبِي لَا يَرَى الْفِدَاءَ طَلَاقًا ؛ وَيُخَيِّرُ لَهُ بَيْنَهُمَا . وَقَالَ ابْنُ جريج : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ ؛ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : مَا أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقِ . فَهَذَا عِكْرِمَةُ يَقُولُ : إنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ وَقَعَتْ بِمَالِ فَلَيْسَتْ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى الْفِدْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ " الْفِدْيَةُ " لَيْسَتْ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ؛ مَعَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ هُمَا اللَّذَانِ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِمَا حَدِيثَ امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ : وَحَدِيثُهُمْ يَرْوِيهِ عِكْرِمَةُ مُرْسَلًا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ : هُوَ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ . فَيُقَالُ . هَذَا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَسَائِرُ طُرُقِهِ لَيْسَ فِيهَا إرْسَالٌ . ثُمَّ هَذِهِ الطَّرِيقُ قَدْ رَوَاهَا مُسْنَدَةً مَنْ هُوَ مِثْلُ مَنْ أَرْسَلَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَجَلَّ مِنْهُ . وَفِي مِثْلِ هَذَا يَقْضِي الْمُسْنَدُ عَلَى الْمُرْسَلِ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ الْمُسَمَّى " بِالْمُسْتَدْرَكِ " وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ أَرْسَلَهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَخَرَّجَهُ القشيري فِي أَحْكَامِهِ الَّتِي شَرَطَ فِيهَا أَنْ لَا يَرْوِيَ إلَّا حَدِيثَ مَنْ وَثَّقَهُ إمَامٌ مِنْ مُزَكِّي رُوَاةِ الْأَخْبَارِ وَكَانَ صَحِيحًا عَلَى طَرِيقَةِ بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْحُفَّاظِ وَأَئِمَّةِ الْفِقْهِ النُّظَّارِ . قَالَ : وَقَوْلُ عُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ خَالَفَهُ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فَإِنَّهُمَا قَالَا : عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ . وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ قَالَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ؛ وَهُوَ أَصَحُّ عَنْهُ فَيُقَالُ : أَمَّا الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ النِّزَاعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالسُّنَّةُ قَدْ بَيَّنَتْ أَنَّ الْوَاجِبَ حَيْضَةٌ وَمِمَّا بَيَّنَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَنْ تَحِيضَ وَتَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً ؛ وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا . فَلَوْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا إحْدَى الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ لَلَزِمَتْهَا عِدَّةُ مُطَلَّقَةٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاتِّفَاق الْمُسْلِمِينَ ؛ بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ
عِدَّةٌ ؛ وَإِنَّمَا فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ بِحَيْضِ . وَالنِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْرُوفٌ . أَمَّا الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ فَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ فَقَالَ النسائي : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى المروزي حَدَّثَنِي شاذان بْنُ عُثْمَانَ أَخُو عبدان حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ . أَنَّ الربيع بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ أَخْبَرَتْهُ . وَرَوَاهُ النسائي عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَمِّي ؛ حَدَّثَنَا أَبِي ؛ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مهران عَنْ الربيع بِنْتِ مُعَوِّذٍ . وَرَوَاهُ ابْنُ ماجه عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيِّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ؛ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ ؛ حَدَّثَنَا عبادة بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عبادة بْنِ الصَّامِتِ وَكِلَاهُمَا يَزْعُمُ { أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَكَسَرَ يَدَهَا فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الصُّبْحِ - وَهِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي - فَأَتَى أَخُوهَا يَشْتَكِيهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ ؛ فَقَالَ لَهُ : خُذْ الَّذِي لَهَا عَلَيْك وَخَلِّ سَبِيلَهَا قَالَ : نَعَمْ . فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً(60/132)
وَاحِدَةً ؛ وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا } . أَيْ بَعْدَ حَيْضَةٍ . وَرَوَاهُ أَبُو داود فِي سُنَنِهِ والترمذي فِي جَامِعِهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي " كِتَابِ الطَّلَاقِ " لَهُ : ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيِّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى الْقَطَّانِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً } وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنُ غَرِيبٌ . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ . وَقَالَ أَبُو داود : هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا { عَنْ الربيع بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ : أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أُمِرَتْ - أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ } وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ الربيع الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ وَرَوَى النسائي وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَابْنُ ماجه عَنْ الربيع بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ . اختلعت مِنْ زَوْجِي . ثُمَّ جِئْت عُثْمَانَ فَسَأَلْت مَاذَا عَلَيَّ مِنْ الْعِدَّةِ ؟ فَقَالَ : لَا عِدَّةَ عَلَيْك إلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِك فَتَمْكُثِينَ حَتَّى تَحِيضِي حَيْضَةً . وَلَفْظُ ابْنِ ماجه : تَمْكُثِينَ عِنْدَهُ حَتَّى تَحِيضِي حَيْضَةً . وَأَمَّا النسائي وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ : فَلَمْ يَقُولَا " عِنْدَهُ " قَالَتْ : وَإِنَّمَا تَبِعَ فِي ذَلِكَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُعَالِيَةِ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ . فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ لِحَدِيثِ امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الَّتِي خَالَعَهَا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ } وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي " كِتَابِ الطَّلَاقِ " مِنْ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ طُرُقٍ . فَيَكُونُ لِلْحَدِيثِ خَمْسَةُ طُرُقٍ أَوْ سِتَّةٌ : ذَكَرَ حَدِيثَ الربيع الَّذِي فِيهِ ذَكَرَ مَرْيَمَ الْمُعَالِيَةِ ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الربيع الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي فِيهِ ضَرْبُ ثَابِتٍ لِامْرَأَتِهِ جَمِيلَةَ . وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ ؛ ذَكَرَ : قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ ؛ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثوبان عَنْ الربيع : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْمُخْتَلِعَةَ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ } . وَقَالَ أَيْضًا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ؛ حَدَّثَنَا أَبُو الْأُسُودِ ؛ عَنْ يَحْيَى بْنِ النَّظْرِ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
قسيط عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثوبان ؛ { عَنْ الربيع بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ : أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ عَنْ امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ : أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بَعْضُ الشَّيْءِ وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ حِدَّةٌ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ ؛ فَأَرْسَلَ إلَى ثَابِتٍ ؛ ثُمَّ إنَّهُ قَبِلَ مِنْهَا الْفِدْيَةَ فَافْتَدَتْ مِنْهُ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ حَيْضَةً } قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ : مِمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ ؛ لَا طَلَاقٌ : مَا ثَبَتَ بِهِ الْإِسْنَادُ ؛ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى حَدَّثَنَا سويد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ - عَنْ عَمْرَةَ { عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ ؛ قَالَتْ : امْرَأَةٌ كَانَ هَمَّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَتَزَوَّجَهَا وَكَانَ فِي خُلُقِ ثَابِتٍ شِدَّةٌ
فَضَرَبَهَا . فَأَصْبَحَتْ بِالْغَلَسِ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ فَقَالَتْ حَبِيبَةُ : أَنَا يَا رَسُولُ اللَّهِ لَا أَنَا وَلَا ثَابِتٌ . قَالَ : فَلَمْ يَكُنْ أَنْ جَاءَ ثَابِتٌ ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبْتهَا ؟ قَالَ نَعَمْ . ضَرَبْتهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ مِنْهَا فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّ عِنْدِي كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ . فَقَالَ . فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا } . قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ : وَلَمْ يَذْكُرْ : " طَلَاقًا " . قَالَ : وَفِي " حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ ؛ وَكَذَلِكَ فِي عِدَّتِهَا فِي بَيْتِهَا وَلَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً لَكَانَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ . قُلْت : هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الْخُلْعَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً إذَا كَانَ طَلَاقًا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وداود . وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ يُوَافِقُهُمْ عَلَى ذَلِكَ : مَذْهَبُهُ أَنَّ الْمَبْتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى ؛ عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ : وَمِمَّنْ قَالَ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ : عُثْمَانُ بْنُ عفان وَابْنُ عُمَرَ وَمِمَّنْ قَالَ : فَسْخٌ ؛ وَلَيْسَ بِطَلَاقِ : ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ . قُلْت : وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ . أَنَّهُ ضَعَّفَ كُلَّ مَا يُرْوَى عَنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي " مُغْنِيهِ " هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي " الشَّافِي " عَنْ أَحْمَد مِنْهُ نَقَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ ؛ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ فَقَالَ : وَأَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ يَقُولُونَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلَعَة عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ . مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ . وَمِنْهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ . قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عفان وَابْنِ عُمَرَ ؛ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُنْذِرِ : أَنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ . وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَد كَمَا { رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً } رَوَاهُ النسائي وَعَنْ الربيع بِنْتِ مُعَوِّذٍ مَثَل ذَلِكَ رَوَاهُ النسائي وَابْنُ ماجه . قَالَ : وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْحَيَاةِ فَكَانَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَالْخُلْعِ . فَقَالَ : أَمَّا الْآيَةُ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُخْتَلَعَةَ مُطَلَّقَةٌ وَهَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ وَلَوْ قُدِّرَ شُمُولُ نَصِّ لَهَا فَالْخَاصُّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ وَالْآيَةُ قَدْ اسْتَثْنَى مِنْهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ : كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْحَامِلِ وَالْأَمَةِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَإِنَّمَا تَشْمَلُ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ . وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ . فَيُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْأَصْلِ مُجَرَّدُ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَا نُسَلِّمُ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ النَّاسِ ؛ ثُمَّ هُوَ مَنْقُوضٌ بِالْمُفَارَقَةِ لِزَوْجِهَا وَقَدْ دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ
فِيهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ . وَأَمَّا الرِّوَايَةُ : هَلْ هِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ أبي ؟ أَوْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ ؟ أَوْ أُخْرَى ؟ فَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا قِصَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ؛ وَإِمَّا أَنَّ أَحَدَ الرَّاوِيَيْنِ غَلَطٌ فِي اسْمِهَا وَهَذَا لَا يَضُرُّ مَعَ ثُبُوتِ الْقِصَّةِ ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِاسْمِ امْرَأَتِهِ . وَقِصَّةُ خُلْعِهِ لِامْرَأَتِهِ مِمَّا تَوَاتَرَتْ بِهِ النُّقُولُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ . وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَأَبُو داود والنسائي { عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ : أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ
قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَتْ أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : مَا شَأْنُك ؟ قَالَتْ : لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ . لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ فَقَالَتْ حَبِيبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ : خُذْ مِنْهَا فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا } . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثُ الِاعْتِدَادِ بِحَيْضَةِ فِي حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَقَالَ : قَالُوا : فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ طَلَاقًا ؛ لَكِنَّهُ فَسْخٌ ؛ وَلَمْ يُذْكَرْ حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَّا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْمُرْسَلِ ؛ وَقَالَ : أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَسَاقِطٌ ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ ؛ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ بِشَيْءِ ؛ وَأَمَّا خَبَرُ الربيع وَحَبِيبَةَ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمَا لَكَانَا حُجَّةً قَاطِعَةً ؛ لَكِنْ رُوِيَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ . وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } قَالَ : فَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا وَإِذْ هُوَ طَلَاقٌ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ فَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ الربيع وَالزِّيَادَةُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا . فَيُقَالُ لَهُ : أَمَّا قَوْلُك عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : إنَّهُ مُرْسَلٌ . فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو داود والترمذي : مِنْ حَدِيثِ هَمَّامِ بْنِ يُوسُفَ مُسْنَدًا كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ أَصْلِك : أَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ مِنْ الثِّقَةِ فَتَكُونُ مَقْبُولَةً وَالْحَدِيثُ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ . وَأَمَّا قَوْلُك عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ . فَيُقَالُ : قَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالْبُخَارِيُّ فِي " كِتَاب أَفْعَالِ الْعِبَادِ " وَأَبُو داود والترمذي والنسائي وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُسْنِدِ : لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو أَحْمَد بْنُ عَدِيّ : وَلَيْسَ لَهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا . وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي اعْتَرَفْت بِصِحَّتِهِ وَجَعَلْته حُجَّةً قَاطِعَةً لَوْلَا الْمَعَارِضُ : فَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا } . وَأَمَّا مَا ذَكَرَتْ : أَنَّ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى فِيهِ زِيَادَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَالْمُطَلَّقَةُ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ : فَلَيْسَ هَذَا زِيَادَةً ؛ بَلْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِالطَّلْقَةِ هُنَا الْفَسْخَ : كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُعَارِضَةً لِتِلْكَ ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ فِيهَا نَصٌّ بِأَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا مَعَ الْحَيْضَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا قَوْلُهُ : { أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ } لَكَانَ هَذَا بَيِّنًا فِي أَنَّهُ أَمَرَهَا بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ لَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا ؛ إذْ لَوْ أَمَرَهَا بِثَلَاثِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ : " أَمَرَهَا بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ " فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ : " وَتَلْحَقُ بِأَهْلِهَا " وَأَيْضًا فَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ مِنْ الطُّرُقِ يُعَاضِدُ هَذَا أَوْ يُوَافِقُ وَقَدْ عَضَّدَهَا عَمَلُ عُثْمَانَ بْنِ عفان وَهُوَ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ طُرُقِ حَدِيثِهِ وَأَنَّهُ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ السُّنَّةَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ . وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّاوِيَةِ
الْأُخْرَى : " أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ " لَكَانَ هَذَا تَعَارُضًا فِي الرِّوَايَةِ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ . فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلُهُ : " وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " وَالرَّاوِي لِذَلِكَ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَاحِبُهُ
وَهُمَا يَرْوِيَانِ أَيْضًا " أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ " وَهُمَا أَيْضًا يَقُولَانِ : الْخُلْعُ فِدْيَةٌ لَا تُحْسَبُ مِنْ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ . وَقَوْلُهُ : " وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " إنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يُقَالَ : الطَّلَاقُ بِعِوَضِ لَا تُحْسَبُ فِيهِ الْعِدَّةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ؛ وَيَكُونُ هَذَا مَخْصُوصًا مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ . وَإِذَا قِيلَ : هَذَا فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضِ : فَهُوَ فِي الْخُلْعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ : مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " هُوَ الْخُلْعُ ؛ وَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَ الشَّارِعِ بَيْنَ لَفْظِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِعِوَضِ ؛ فَإِنَّ هَذَا فِدْيَةٌ ؛ وَلَيْسَ هُوَ الطَّلَاقَ الْمُطْلَقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؛ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِنْ السَّلَفِ ؛ وَهَذَا يَعُودُ إلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ . وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ عِدَّةً عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ صَرِيحٌ بِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَفِيهِ الْعِدَّةُ . وَأَيْضًا : فَهَذَا إجْمَاعٌ فِيمَا نَعْلَمُهُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا نَازَعَ فِي هَذَا وَقَالَ : إنَّ الْخُلْعَ طَلْقَةٌ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا عِدَّةَ فِيهِ . وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْمَنْقُولِ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ . وَرَوَى يَحْيَى بْنُ بكير حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ سَمِعَ الربيع بِنْتَ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ وَهِيَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ فَجَاءَ عَمُّهَا إلَى عُثْمَانَ فَقَالَ : إنَّ ابْنَةَ معيذ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الْيَوْمَ أَفَتَنْتَقِلُ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : لِتَنْتَقِلْ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ؛ إلَّا أَنَّهَا لَا تَنْكِحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَبَلٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : وَلَعُثْمَانُ خَيَّرَنَا وَأَعْلَمَنَا . قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : فَهَذَا عُثْمَانُ والربيع وَلَهَا صُحْبَةٌ وَعَمُّهَا وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَابْنُ عُمَرَ : كُلُّهُمْ لَا يَرَى فِي الْفَسْخِ عِدَّةً . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ نُقِلَ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ طَلَاقٌ كَمَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جمهان : أَنَّ أُمَّ بَكْرَةَ الأسلمية كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدً فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ فَنَدِمَا فَارْتَفَعَا إلَى عُثْمَانَ بْنِ عفان فَأَجَازَ ذَلِكَ وَقَالَ : هِيَ وَاحِدَةٌ ؛ إلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْت شَيْئًا فَهُوَ عَلَى مَا سَمَّيْت . وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلَعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ . وَقَدْ رَوَى أَبُو داود قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عفان حَدَّثَنَا هَمَّامُ عَنْ قتادة عَنْ عِكْرِمَةَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ } وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ : حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قتادة عَنْ عِكْرِمَةَ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَرِيرَةَ بِأَرْبَعِ قَضَايَا : أَمَرَهَا أَنْ تَخْتَارَ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ } . وَقَالَ : حَدَّثَنَا الحلواني حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قتادة عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَحْسَبُهُ قَالَ فِيهِ : " تَعْتَدِّي عِدَّةَ الْخُلْعِ " فَهَذَا فَسْخٌ أَوْجَبَ فِيهِ الْعِدَّةَ ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : إنَّهُ لَا عِدَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الفسوخ ؛ إلَّا فِي هَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِالْقِيَاسِ ؛ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ إيجَابُ الْعِدَّةِ فِي فَسْخٍ . لَكِنَّ لَفْظَ " الِاعْتِدَادِ " يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ فِي الِاعْتِدَادِ بِحَيْضَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْمُخْتَلَعَةِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ " أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ(60/133)
بِحَيْضَةِ " وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي قَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ وَالْمُرَادُ بِهَا : " الِاسْتِبْرَاءُ " ؛ فَإِنَّ الْمَسْبِيَّةَ لَا يَجِبُ فِي حَقِّهَا إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةِ كَمَا { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَايَا أوطاس : لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ ؛ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةِ } وَقَالَ فِيهِ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } وَهَكَذَا فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري فِي سَبَايَا أوطاس مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْخَلِيلِ { حَلَالٌ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ } وَفِي هَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ } وَأَبُو سَعِيدٍ رَوَى هَذَا وَهَذَا . وَعَلَى الْحَدِيثَيْنِ : أُمُّ الْوَلَدِ تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ : وَأَحْسَبُهُ قَالَ : تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ . شَكٌّ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ . وَعَنْ أَحْمَد فِي عِدَّةِ الْمُخْتَلَعَةِ رِوَايَتَانِ : ذَكَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فِي " كِتَاب الشَّافِي " قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي : " بَابٌ عِدَّةُ الْمُخْتَلَعَةِ وَالْمُلَاعَنَةِ وَامْرَأَة عصبى " وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ : أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عِدَّةُ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثُ حِيَضٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ إلَّا الْأَمَةَ . قِيلَ لَهُ : الْمُخْتَلَعَةُ وَالْمُلَاعَنَةُ وَامْرَأَةُ الْمُرْتَدِّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . كُلُّ فُرْقَةٍ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ . وَعَنْ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِي الْمُخْتَلَعَةِ تَعْتَدُّ مِثْلَ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ . وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَد بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ . قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ : وَالْعَمَلُ عَلَى رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ والعبادي : أَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ مِنْ الْحَرَائِرِ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَحَدِيثُ الْمُخْتَلِعَةِ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا قُلْت أَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عفان . قُلْت ابْنُ الْقَاسِمِ كَثِيرًا مَا يَرْوِي عَنْ أَحْمَد الْأَقْوَالَ الْمُتَأَخِّرَةَ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا كَمَا رَوَى عَنْهُ أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ مُحَرَّمٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ : إنَّهُ مُبَاحٌ وَأَنَّهُ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ الطَّلَاقَ إلَّا رَجْعِيًّا . وَهَكَذَا قَدْ يَكُونُ أَحْمَد ثَبَتَتْ عِنْدَهُ فِي الْمُخْتَلَعَةِ فَرَجَعَ إلَيْهَا فَقَوْلُهُ : عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ . لَا يَكُونُ إلَّا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ ؛ وَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ . وَلِأَصْحَابِ أَحْمَد فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَانِ - وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا : إنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عفان أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةِ رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ . وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عُثْمَانَ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ وَالْمَشْهُورُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَآخِرُ الْقَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ صَحَابِيٍّ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ رُوِيَ خِلَافُهُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ بِإِسْنَادِ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعِكْرِمَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ . وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ " الْمُشْرِكُونَ " عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ : كَانُوا مُشْرِكِينَ أَهْلَ حَرْبٍ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ وَمُشْرِكِينَ أَهْلَ عَهْدٍ لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ فَكَانَ إذَا هَاجَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إلَيْهِ وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ . وَلَهُمَا لِلْمُهَاجِرِينَ ؛ ثُمَّ ذُكِرَ فِي " أَهْلِ الْعَهْدِ " مِثْلَ
حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلَ الْعَهْدِ لَمْ يردوا وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُهَاجِرَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ : حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ فَلَمْ يَكُنْ يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةِ ؛ لَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ؛ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَطْءِ
زَوْجٍ ؛ لَكِنْ زَالَ نِكَاحُهُ عَنْهَا بِإِسْلَامِهَا . فَفِي هَذَا أَنَّ الْفُرْقَةَ الْحَاصِلَةَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ - كَإِسْلَامِ امْرَأَةِ الْكَافِرِ - إنَّمَا يُوجِبُ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةِ : وَهِيَ فَسْخٌ مِنْ الفسوخ ؛ لَيْسَتْ طَلَاقًا . وَفِي هَذَا نَقْصٌ لِعُمُومِ مَنْ يَقُولُ : كُلُّ فُرْقَةٍ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ الدُّخُولِ تُوجِبُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ . وَهَذِهِ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ ؛ لَكِنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَطْءِ كَافِرٍ .
ـــــــــــــــــــ(60/134)
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقَدْ انْتَقَلَ وَأَخْلَاهُ : فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعُودَ ؟ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ السَّبَبُ الَّذِي حَلَفَ لِأَجْلِهِ قَدْ زَالَ فَلَهُ أَنْ يَعُودَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/135)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَحَصَلَ مِنْهُ حَرَجٌ أَوْجَبَ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ مِنْ الضَّرْبِ وَالتَّرْسِيمِ إلَى حَيْثُ يُحْضِرُ إلَيْهِ حِسَابَهُ أَوْ يُعِيدُ إلَيْهِ مَا الْتَمَسَهُ مِنْ الجامكية : فَهَلْ يَجُوزُ خَلَاصُهُ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ ؟ أَفْتُونَا .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ كَانَ إحْضَارُ الْحِسَابِ الْمَطْلُوبِ قَدْ عَجَزَ عَنْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَعَنْ إعَادَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الجامكية : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَالَبَ بِوَاحِدِ مِنْهُمَا ؛ بَلْ يُلْزَمُ وَلِيُّ الْأَمْرِ الْحَالِفِ بِفِرَاقِهِ وَإِذَا أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ ؛ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ سَوَاءٌ أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ وَالِي حَرْبِ السُّلْطَانِ وَنَحْوُهُ أَوْ وَالِي حُكْمٍ أَوْ كَاتِبٍ فَوْقَهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِيهِ بِالْعَدْلِ وَهَكَذَا إنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إحْضَارُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي الشَّرْعِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ إلْزَامُهُ بِفِرَاقِهِ وَإِذَا فَارَقَهُ وَالْحَالُ هَذِهِ لَمْ يَحْنَثْ . كَذَلِكَ إنْ اعْتَقَدَ الْحَالِفُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى صِفَةٍ فَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ : مِثْلَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ فِي الْحِسَابِ كَشْفَ أُمُورٍ يَجِبُ كَشْفُهَا فَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إذَا فَارَقَهُ وَكَذَلِكَ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ إعَادَةَ الجامكية وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ ؛ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ : فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ قَادِرٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَاجِزٌ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ . وَهُوَ أَحْسَنُ الْقَوْلَيْنِ وَأَقْوَاهُمَا فِي الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ خَانَ أَوْ سَرَقَ مَالًا : فَحَلَفَ عَلَى إعَادَتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَخُنْ وَلَمْ يَسْرِقْ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/136)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَهُوَ غَضْبَانُ : أَنَّهَا مَا تَدْخُلُ بَيْتَ عَمَّتِهَا وَرُزِقَتْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا ؛ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا بَيْتَ عَمَّتِهَا وَكَانَ قَدْ قَالَ لِلْحَالِفِ نَاسٌ : إنَّهُ إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَدَخَلَتْ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ ؟ أَفْتُونَا .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إذَا كَانَ الْحَالِفُ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وُلِدَ لَهَا وَلَدٌ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَدَخَلَتْ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ : فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ ؛ لَكِنَّ يَمِينَهُ بَاقِيَةٌ فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَالِمًا عَامِدًا حَنِثَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/137)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَوْجَتَانِ فَعُدِمَ مِنْ بَيْتِهِ مَبْلَغٌ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ الْجَدِيدَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ لِهَذَا الْمَبْلَغِ الَّذِي عُدِمَ مِنْ بَيْتِهِ مَا يُخَلِّي الْعَتِيقَةَ فِي بَيْتِهِ وَكَانَ فِي عَقِيدَتِهِ أَنَّ الْعَتِيقَةَ هِيَ الَّتِي خَانَتْ فِي الْمَبْلَغِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : - أَيَّدَهُ اللَّهُ - إذَا كَانَ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْعَتِيقَةَ قَدْ خَانَتْهُ فَحَلَفَ إنْ لَمْ تَأْتِ بِذَلِكَ لَأَخْرَجَهَا ؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَخُنْهُ : لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/138)
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ مَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ لِرَجُلِ مُعَيَّنٍ ثُمَّ إنَّهُ زَوَّجَهَا بِغَيْرِهِ ثُمَّ بَانَتْ مِنْ الثَّانِي بِالثَّلَاثِ : فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِلرَّجُلِ الَّذِي كَانَ قَدْ حَلَفَ عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ نِيَّةُ الْحَالِفِ أَوْ سَبَبُ الْيَمِينِ يَقْتَضِي الْحَلِفَ عَلَى ذَلِكَ التَّزْوِيجِ خَاصَّةً : جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ : مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ امْتَنَعَ لِتَزْوِيجِهِ ؛ لِكَوْنِهِ طَلَبَ مِنْهُ جِهَازًا كَثِيرًا ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ قَنِعَ بِهَا بِلَا جِهَازٍ . وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّبَبُ بَاقِيًا : حَنِثَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/139)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ حَجَّ لَهُ زَوْجَتَانِ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُطْعِمُهُمْ شَيْئًا .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنَّ سَبَبَ الْيَمِينِ يَقْتَضِي أَنَّهُ امْتَنَعَ لِسَبَبِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/140)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَنْزِلُ مَنْ بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ ثُمَّ إنَّهَا قَالَتْ : أَنَا الْيَوْمَ أَتَغَدَّى أَنَا وَأُمُّك فَاعْتَقَدَ أَنَّ أُمَّهُ تَجِيءُ إلَى عِنْدِهَا وَاعْتَقَدَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا : فَذَهَبَتْ إلَى عِنْدِ أُمِّهِ .
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَقَعُ بِهِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا هُوَ إحْدَى قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد ؛ فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي وَالنِّزَاعُ فِيهَا مَشْهُورٌ هَلْ يَحْنَثُ ؟ أَمْ لَا يَحْنَثُ ؟ أَمْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْيَمِينِ الْمُكَفِّرَةِ وَغَيْرِهَا ؟ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا ؟ لِأَنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ فِي الْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي الْأَمْرِ ؛ إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ جُمْلَةً طَلَبِيَّةً . فَإِنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ : إمَّا " جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ " فَيَكُونُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ . وَإِمَّا " جُمْلَةٌ طَلَبِيَّةٌ " فَيَكُونُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ الْحَيْضَ وَالْمَنْعَ فَهُوَ يَحُضُّ نَفْسَهُ أَوْ مَنْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ نَفْسَهُ أَوْ مَنْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ مُؤَكَّدٌ بِالْقَسَمِ . فَالْحِنْثُ فِي ذَلِكَ كَالْمَعْصِيَةِ فِي الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي الشَّرِيعَةِ : أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ نَاسِيًا أَوْ
مُخْطِئًا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَنْهِيَّ - كَأَهْلِ التَّأْوِيلِ السَّائِغِ - فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا الْفَاعِلُ آثِمًا وَلَا عَاصِيًا كَمَا قَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } فَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ الْيَمِينَ ؛ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ لَيْسَ هُوَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ؛ لِتَأْوِيلِ ؛ أَوْ غَلَطٍ : كَسَمْعِ وَنَحْوِهِ : لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا الْيَمِينَ فَلَا يَكُونُ حَالِفًا . فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِسَائِرِ الْأَيْمَانِ ؛ إذْ الْأَيْمَانُ يَفْتَرِقُ حُكْمُهَا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ . أَمَّا فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ؛ لَا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مَحْضًا : كَالتَّعْلِيقِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا مَقْصُودُهُ وُقُوعَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ : كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ وَكَالتَّعْلِيقِ عَلَى الْعِوَضِ فِي مِثْلِ الْخُلْعِ ؛ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ حَضَّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعَ مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ وَمَنْعَ نَفْسِهِ أَوْ مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ ؛ كَمَا يَقْصِدُ ذَلِكَ النَّاذِرُ : نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ؛ وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَسْمِيَةِ ذَلِكَ يَمِينًا وَكَانَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ جَوَازَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي ذَلِكَ ؛ بِخِلَافِ الْمَحْضِ فَإِنَّهُ إيقَاعٌ مُؤَقَّتٌ فَلَيْسَ هُوَ يَمِينٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ عِنْدَ مَنْ لَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيقَاعِ : كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/141)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ عَلَيْهِ مَبْلَغٌ لِشَخْصَيْنِ قَالَ : الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَنَّ الشَّهْرَ مَا يَنْفَصِلُ حَتَّى يُعْطِيَهُمَا الْمَبْلَغَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَبَسَهُ . وَالْآنَ مَا حَصَلَ وَالشَّهْرُ بَقِيَ فِيهِ الْيَوْمُ ؛ وَهُوَ خَائِفٌ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ : فَإِذَا خَالَعَ الزَّوْجَةَ بِطَلْقَةِ وَاحِدَةٍ يُفِيدُهُ هَذَا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ ؛ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْيَمِينِ بِغَيْرِ حَقٍّ ؛ بِأَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَأُكْرِهَ عَلَى الْيَمِينِ وَإِلَّا حُبِسَ وَضُرِبَ : لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ فِيهَا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/142)
سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا عَمَّنْ يَقُولُ : إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ تُبَاحُ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ لِلَّذِي طَلَّقَهَا ثَلَاثًا : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ وَمَنْ اسْتَحَلَّهَا بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ وَمَا صِفَةُ النِّكَاحِ الثَّانِي الَّذِي يُبِيحُهَا لِلْأَوَّلِ ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ مُثَابِينَ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ .
فَأَجَابَ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
إذَا وَقَعَ بِالْمَرْأَةِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ : إنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِدُونِ زَوْجٍ ثَانٍ ، وَمَنْ نَقَلَ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَدْ كَذَبَ .
وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ اسْتَحَلَّ وَطْأَهَا بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحِ زَوْجٍ ثَانٍ ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ - مِثْلُ أَنْ يَكُونَ نَشَأَ بِمَكَانِ قَوْمٍ لَا يَعْرِفُونَ فِيهِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ ، أَوْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ دِينَ الْإِسْلَامِ ؛ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُبَاحُ بَعْدَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِدُونِ نِكَاحٍ ثَانٍ أَوْ عَلَى اسْتِحْلَالِ هَذَا الْفِعْلِ : فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، كَأَمْثَالِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ وُجُوبَ
الْوَاجِبَاتِ ، وَتَحْرِيمَ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَحِلَّ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي عُلِمَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِنَقْلِ الْأُمَّةِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ نَبِيِّهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ .
وَظَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ ، كَمَنْ يَجْحَدُ وُجُوبَ " مَبَانِي الْإِسْلَامِ " مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، أَوْ جَحَدَ "
ـــــــــــــــــــ(60/143)
539 - 539 - 2 مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى امْرَأَتِهِ إنَّ مَا فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ يُحِبُّكِ ، فَهَلْ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ طُولَ لِسَانِك ، أَوْ مَنْ يُحِبُّكِ مَعَ طُولِ لِسَانِكِ ، وَلَا يَعْرِفُ أَحَدًا يُحِبُّهَا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُحِبُّهَا حُبًّا مُطْلَقًا بَلْ كَانَ وَاحِدٌ يُبْغِضُهَا مِنْ وَجْهٍ لِأَجْلِ شَرِّهَا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/144)
557 - 557 - 20 - مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، وَهِيَ بِكْرٌ ، فَهَلْ لَهُ سَبِيلٌ فِي مُرَاجَعَتِهَا ؟
الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ .
ـــــــــــــــــــ(60/145)
588 - 588 - 51 مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ بَانَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ وَبَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي ، ثُمَّ أَرَادَتْ صُلْحَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ، لِأَنَّ لَهَا مِنْهُ أَوْلَادًا ، فَقَالَ لَهَا : إنَّنِي لَسْت قَادِرًا عَلَى النَّفَقَةِ وَعَاجِزٌ عَنْ الْكِسْوَةِ فَأَبَتْ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهَا : كُلَّمَا حَلَلْت لِي حَرُمْت عَلَيَّ ، فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ ؟ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، لَكِنْ فِيهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَالثَّانِي : عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ، إمَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ فِي قَوْلٍ وَإِمَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي قَوْلٍ آخَرَ ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا ، إنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ ، لَكِنْ فِي التَّكْفِيرِ نِزَاعٌ ، وَإِنَّمَا يَقُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمِثْلِ هَذِهِ مَنْ يُجَوِّزُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى النِّكَاحِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ ، بِشَرْطِ أَنْ يَرَى الْحَرَامَ طَلَاقًا .
كَقَوْلِ مَالِكٍ ، وَإِذَا نَوَاهُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فَعِنْدَهُمَا لَوْ قَالَ : كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ ، فَكَيْفَ فِي الْحَرَامِ ؟ لَكِنَّ أَحْمَدَ يُجَوِّزُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ تَصْحِيحَ الظِّهَارِ قَبْلَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ(60/146)
الطلاق الثلاث بلفظ واحد
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 17/11/1426هـ
السؤال
منذ حوالي سنة طلّق رجل زوجته، وقبل شهر منَّ الله عليهم وعادت المياه إلى مجاريها، ولكن الزوج لم يتذكر هل طلقها طلقة واحدة أو ثلاثًا؟ مع أنه في نيته كان يقصد ثلاث تطليقات، وفي الوقت الحالي هم يعيشون معا بعد قراءة الفاتحة حسب الشرع. نرجو الإفادة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالجواب عن هذه المسألة من وجهين:
الأول: هل يقع ما زاد على واحدة حال الشك؟ فقد ذهب جمهور العلماء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى أنه عند الشك هل طلق واحدة أو ثلاثاً، أنه يبني على الأقل؛ لأحاديث كثيرة واردة في البناء على الأقل في جملة من العبادات، منها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" رواه مسلم (571)، ولأن الأصل عدم وقوع ما زاد على الواحدة واليقين لا يزال إلا بيقين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والجمهور يقولون: النكاح متيقن والقاطع له المزيل لحل الفرج مشكوك فيه، فإنه يحتمل أن يكون المأتي به رجعياً فلا يزيل النكاح، ويحتمل أن يكون بائناً فيزيله فقد تيقنا يقين النكاح وشككنا فيما يزيله، فالأصل بقاء النكاح حتى يتيقن بما يرفعه" ا.هـ إغاثة اللهفان (1/164).
وقال رحمه الله تعالى: "وقول الجمهور في هذه المسألة أصح فإن النكاح متيقن فلا يزول بالشك، ولم يعارض يقين النكاح إلا شك محض فلا يزول به" ا.هـ إعلام الموقعين (1/340)، وانظر بدائع الصنائع (3/126)، والمغني (7/379)، والإنصاف (9/139)، وكشاف القناع (5/332).
الثاني: لو طلق ثلاثاً في مجلس واحد هل يقع ثلاثاً أو واحدةً؟
للعلماء في ذلك قولان معروفان، وجمهور العلماء على وقوعه ثلاثاً، وذهب بعض العلماء -كابن عباس وعكرمة وطاووس-ونصره ابن تيمية وابن القيم وشيخنا العلامة ابن عثيمين وغيرهم- إلى أنه لا يقع إلا واحدة؛ لما رواه مسلم في صحيحه (1472) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
ولغيره من الأدلة التي بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله تعالى- في مواضع كثيرة من كتبهم. (انظر: زاد المعاد 5/241-271).
وقد ذكرت السائلة أن الرجل راجع مطلقته بعد مضي حوالي أحد عشر شهراً، فإن كانت قد خرجت من العدة فلابد من عقد جديد كالعقد الأول مستوفي الشروط والأركان، ولا يكتفي بقراءة الفاتحة فقط، بل لا أعلم أصلاً لقراءة الفاتحة عند عقد
النكاح أو الرجعة، وقراءتها هنا من البدع التي ينبغي تركها؛ لعدم ورود ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد أصحابه -رضي الله عنهم-.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ(60/147)
حكم إيقاع الطلاق الثلاث بألفاظ متعددة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم م . ح . ص زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 1 1 1395هـ وصلكم الله بهداه وسرني منه علم صحتكم الحمد لله على ذلك .
أما رغبتكم في الإفادة عما نرى حول خطة الدعوة فليس هناك أحسن مما وجه الله به الدعاه في قوله - سبحانه " ومن أحسن قولاً ممن دعاً إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " . وفي قوله - سبحانه " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " . الآية . وقوله - عز وجل " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " . فنوصيكم بالسير على ضوء هذه الآيات مع الصبر والتحمل والحذر من العنف والشدة ، لأن ذلك ينفر عن قبول الحق كما لا يخفي ، ونسأل الله أن يعينكم ويبارك في جهودكم ويجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وانصار الحق إنه خير مسؤول .
أما حكم إيقاع الطلاق الثلاث بالفاظ متعددة ففيه تفصيل حسب ما اتضح لي من الأدلة ، وقد أوضح ذلك أهل العلم في باب ما يختلف به عدد الطلاق ، وجمهور أهل العلم على أن الطلقات الثلاث تقع على الزوجة إذا كانت في العدة سواء أوقعها الزوج بكلمة أو كلمات إلا إذا ألقاها بكلمات تحتمل أنه أراد الكلمة الثانية وما بعدها ذلك التأكيد مثل قوله " أنت طالق طالق طالق " أو " أنت مطلقة مطلقة مطلقة " وما أشبه ذلك فإنه والحال ما ذكر لا يقع على زوجته بذلك إلا طلقة واحدة ويعتبر اللفظ الثاني وما بعده تأكيداً للفظ الأول إذا كان الزوج لم يرد بذلك إيقاع بل أراد التأكيد أو إفهام المرأة ، أو لم يرد شيئاً بل كرر ذلك من أجل الغضب أو قصد آخر غير إيقاع الثلاث .
أما إن كان لفظه لا يحتمل التأكيد مثل أن يقول " طالق ثم طالق ثم طالق " أو " أنت طالق وطالق وطالق " وما أشبه ذلك فهذا يقع به الثلاث عند الجمهور وهكذا قوله " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " فإنه يقع بها الثلاث عند الأكثار كالتي قبلها إلا إذا أراد التأكيد أو الإفهام في قوله " أن طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " . واختار شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمة الله - أنه لا يقع بهذه الألفاظ كلها إلا طلقة واحدة كما لو طلقها بالثلاث بكلمة واحدة واحتج على ذلك بحديث بن عباس - رضي الله عنهما - المخرج في صحيح مسلم ولفظه كان الطلاق على عهد رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر - رضي الله عنه - إن الناس قد استعجلوا
في أمر كانت لهم فيه أناة فول أمضيناه عليهم ، فأمضاء عليهم ، وله ألفاظ أخر عن مسلم وغيره ، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حكم هذه المسألة في مؤلفاته ومن أجمع ذلك ما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوى ويرى - رحمه الله - أن الثانية لا تقع على المرأة إلا إذا كان إيقاعها بعد نكاح أو رجعة وهكذا الثالثة ولا أعلم له في ذلك دليلاً واضحاً يعتمد عليه إلا إطلاق حديث ابن عباس المذكور وحديثه الآخر في قصة أبي ركانة وليسا صريحين في الموضوع والذي أفتي به من نحو ثلاثين عاماً أو اكثر أن الثلاث لا يقع بها إلا واحدة إذا أوقعها الزوج بكلمة واحدة ، لأن ذلك أضيق ما يحمل عليه حديثاً ابن عباس المذكوران آنفاً وهكذا الكنايات كلها لا يقع بها إلا واحدة في أصح الأقوال إذا أراد بها الزوج الطلاق لأنها أضعف من إيقاع الطلقات الثلاثة بلفظ واحد فإذا جاز اعتبار ذلك طلقة واحدة وجب أن تكون الكناية معتبرة طلقة واحدة من باب أولى ما لم يكررها .
وقد بسط الكلام في هذه المسألة أيضاً العلامة ابن القيم - رحمة الله - في إعلام الموقعين وزاد المعاد وإغاثة اللهفان ، وهذا كله إذا كان الزوج حين إيقاع الطلاق عاقلاً مختاراً أما المكره وزائل العقل وشديد الغضب الذي قد غير الغضب شعوره فإن طلاقهم لا يقع كما هو معلوم .
أما إذا كان الغضب شديداً ولكنه لم يختل معه عقله ففي وقوع الطلاق منه والحال ما ذكر خلاف مشهور بين أهل العلم .
ـــــــــــــــــــ(60/148)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 271)
كتاب الطلاق
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 272)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 273)
125 - بيان الطلاق الموافق للسنة وحكم الطلاق الثلاث وطلاق الغضبان في مجلس واحد
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م . ح . وفقه الله ، آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بعده أسئلة أجاب عنها سماحته برقم ( 121 ) في 30/ 1/ 1400هـ :
أخبركم بأني قد اطلعت على الورقة الواردة منكم المتضمنة بعض الأسئلة وهذا نصها وجوابها :
أولا : ما هي الطريقة المشروعة للطلاق في ضوء القرآن والسنة ؟
الجواب : الطريقة المشروعة لذلك هي : أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة حال كونها حاملا أو في طهر لم يجامعها فيه ؛ لقول الله عز وجل : سورة الطلاق الآية 1 يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ الآية . وفي الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم - فتغيظ من ذلك ، وقال : صحيح البخاري
الطلاق (4954),صحيح مسلم الطلاق (1471),سنن الترمذي الطلاق (1175),سنن النسائي الطلاق (3390),سنن أبو داود الطلاق (2179),سنن ابن ماجه الطلاق (2019),مسند أحمد بن حنبل (2/64),موطأ مالك الطلاق (1220),سنن الدارمي الطلاق (2262). مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء . وفي رواية لمسلم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : صحيح البخاري تفسير القرآن (4625),صحيح مسلم الطلاق (1471),سنن الترمذي الطلاق (1176),سنن النسائي الطلاق (3392),سنن أبو داود الطلاق (2185),سنن ابن ماجه الطلاق (2019),مسند أحمد بن حنبل (2/130),موطأ مالك الطلاق (1220),سنن الدارمي الطلاق (2262). ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا .
ثانيا : الطلاق الثلاث في مجلس واحد يعتبر طلاقا واحدا أم ثلاثا ؟
الجواب : الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة في أصح قولي العلماء ؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ( كان الطلاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة ) فقال عمر - رضي الله عنه - : ( إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ) فأمضاه عليهم ، فيتضح من هذا أن إمضاءها كان باجتهاد عمر - رضي الله عنه - والأخذ بالسنة الصحيحة أولى من الاجتهاد من عمر وغيره وأرفق بالأمة وأنفع لها ، ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بسند جيد عن ابن عباس أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثا فحزن عليها فردها عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : إنها واحدة .
ثالثا : رجل في حالة الغضب الشديد قال لزوجته : طلقتك ثلاثا ، وهو الآن متأسف على هذا ، ويريد إرجاعها ما هو الحكم الشرعي في هذا ؟
الجواب : الطلاق في حال الغضب الشديد لا يقع سواء كان ثلاثا أم واحدة في أصح قولي العلماء إذا ثبت ما يدل على صحة الدعوى من ظاهر الحال التي نشأ عنها الطلاق ، أما إن كان الغضب أفقده شعوره حتى لم يعرف ما وقع منه ، فإنه لا يقع الطلاق منه إجماعا كالمجنون والسكران غير الآثم ، أما السكران الآثم فالأصح عدم وقوع الطلاق منه في حال سكره وتغير عقله كما أفتى بذلك عثمان - رضي الله عنه - وذهب إليه جمع من أهل العلم ، وهو مقتضى الأدلة الشرعية .
وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه ، والثبات عليه ، إنه خير مسئول . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
ـــــــــــــــــــ(60/149)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 391)
بيان الدليل في حكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت من مكتب سماحته برقم( 1394) في 5/ 9/ 1388هـ. :
يا محب كتابكم الكريم. وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤال عن الدليل المستند عليه في إفتائنا باعتبار الطلقات الثلاث واحدة إذا وقعت عن غضبان إلى آخر ما ذكرتم في كتابكم، كان معلوما .
والجواب: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن الطلاق الثلاث كان يجعل واحدة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنهما، ولكن عمر رضي الله عنه لما رأى تساهل الناس بالطلاق رأى أن يضع حدا لذلك، فاعتبر الطلاق بالثلاث بلفظ واحد بينونة كبرى، ونحن نفتي باعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة ، استنادا إلى هذا الحديث الصحيح، ولو لم يكن ذلك في حال الغضب، وما كان لنا أن ندع قول الرسول صلى الله عليه وسلم لقول أحد.
أما طلاق الغضبان فهذا له حالتان: الحالة الأولى: إذا كان يعقل ما يتلفظ به من الطلاق فطلاقه يقع.
أما إن كان في حال غضب شديد أفقده شعوره حتى لا يعي ما يقول من الطلاق، فطلاقه لا يقع.
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــ(60/150)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 393)
186 - الحجة في أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يعتبر طلقة واحدة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ص. أ. م. " وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت برقم ( 387) في 26/ 2/ 1389. :
فقد عرض علي فضيلة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي الخطاب الموجه- له منكم بتاريخ16/ 1/ 1389هـ وطلب مني الإجابة على السؤال المرفق، وقد لبيت طلبه تعاونا على البر والتقوى، وخشية من تبعة كتمان العلم وهذا نص السؤال:
رجل طلق امرأته في حالة الغيظ والغضب ثلاث طلقات بلفظ واحد في مجلس واحد فما الحكم في ذلك هل هو طلاق رجعي أم لا؟
والجواب : ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن مثل هذا الطلاق يعتبر طلقة واحدة، وكانت الفتوى على هذا مدة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه. ولكن لما رأى عمر رضي الله عنه تهاون الناس بانطلاق أمضاها عليهم اجتهادا منه رضي الله عنه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى الإفتاء بأن الثلاث إذا وقعت بلفظ واحد تعتبر طلقة واحدة عملا بهذا الحديث
المذكور، وقد صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في إحدى الروايتين عنه وعن جماعة من السلف، ونحن نفتي بهذا القول عملا بما كان عليه الحال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وأول خلافة عمر ؛ لأن الحجة تؤيده، ولأنه أرفق بالمسلمين لا سيما مع غلبة الجهل وضعف الإيمان بالنسبة إلى أكثر المطلقين، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لإصابة الحق في القول والعمل إنه خير مسئول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــ(60/151)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 445)
210 - مسألة في الطلاق الثلاث بلفظ واحد
حضر عندي الزوج إ. أ. م. وحضر معه أخو زوجته واعترف الزوج المذكور بأنه طلق زوجته بالثلاث بلفظ واحد، وسبق أن خالعها، في عام 1390 هـ حسب الصك الصادر من محكمة المدينة ، ثم تزوجها بعد الخلع المذكور، ودخل بها، وأنجبت منه بنتا، ثم طلقها الطلاق المذكور في 10/ 1/ 1393 هـ، ولم يطلقها سوى ذلك، ولم يكن الطلاق المذكور على عوض، وبسؤال أخيها المذكور حال وكالته الثابتة عن أبيه من كاتب عدل المدينة المنورة برقم (345) وتاريخ 17/ 2/ 1393 هـ عما ذكره الزوج المذكور؟ أجاب بأن ما ذكره هو الواقع، كما أجاب بأن أخته المذكورة لا تعلم أنه وقع من الزوج المذكور سوى ما ذكر، وأنها ترغب في العود إليه إذا أباح الشرع ذلك ثم سألنا الزوجة عما ذكره زوجها فأجابت بأن ما ذكره هو الواقع واعترفت أنها لم تزل في العدة وأنه لا مانع لديها من الرجوع إليه إذا جاز ذلك شرعا أجاب عنه سماحته برقم (309/ خ) في 20/ 2/ 1393هـ. .
وبناء على ذلك أفتيتهما بأنه قد وقع على الزوجة المذكورة بالطلاق المذكور طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة ؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الطلاق المذكور يعتبر طلقة واحدة وقد راجعها عندي بحضرة أخيها وجماعة من المسلمين وبذلك استقرت في عصمته وقد أفهمناه أن التطليق بالثلاث لا يجوز وأن عليه التوبة من ذلك.
قاله الفقير إلى عفو ربه عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سامحه الله وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
ـــــــــــــــــــ(60/152)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 454)
215 - مسألة في الطلاق الثلاث
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة رئيس محكمة بيشة ، وفقه الله لكل خير آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت من سماحته برقم (2415) في 18/ 12/ 1392 هـ :
يا محب كتابكم الكريم رقم (2115) وتاريخ 29/ 10/ 1390 هـ. وصل، وصلكم الله بهداه واطلعت على صورة الضبط المرفقة به المتضمنة إثبات فضيلتكم لصفة
الطلاق الواقع من الزوج على زوجته وفيها أنه اعترف لديكم بأنه في عام 1389هـ، حصل بينه وبين زوجته المذكورة نزاع فطلقها بالثلاث بلفظة واحدة، ثم استرجعها بموجب فتوى من فضيلتكم، ثم في شهر صفر من هذا العام 1390 هـ. حصل بينه وبينها نزاع فطلقها بالثلاث بلفظة واحدة ولم يزد على ذلك شيء ولم يلحقه شيء، ثم استرجع في الشهر الثالث من تاريخ الطلاق الأخير وأشهد على ذلك شاهدين وأنه أحضرهما لدى فضيلتكم فشهدا باسترجاعه من طلاقه لزوجته وأن استرجاعه بعد مضي شهرين ونصف من تاريخ الطلاق الذي وقع منه في شهر صفر عام 1390 هـ. وأن والد المرأة حضر لديكم وصدق صهره فيما قال، وقدم لفضيلتكم ورقة تتضمن الطلاق الأخير مؤرخة في 2/ 2/ 1390 هـ. ومضمونها أن الزوج المذكور طلق زوجته المذكورة بالثلاث تحرم عليه وتحل لمن بغاها.
وبناء على ذلك أفتيت الزوج المذكور بأنه قد وقع على زوجته المذكورة بطلاقه الأخير طلقة واحدة تضاف إلى الطلقة السابقة ويبقى له طلقة، ومراجعته لها صحيحة إذا كانت وقعت قبل خروجها من العدة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك كما لا يخفى، فأرجو إكمال اللازم وإشعار الجميع بالفتوى المذكورة وأمر الزوج بالتوبة من طلاقه ؛ لكونه طلاقا منكرا كما يعلم ذلك فضيلتكم أثابكم الله وشكر سعيكم وجزاكم عن الجميع خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــ(60/153)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 461)
220 - مسألة في الطلاق الثلاث بلفظ واحد
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة قاضي حجاز بلقرن وفقه الله لكل خير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت برقم ( 417) في 13/ 3/ 1393هـ. :
يا محب كتابكم الكريم رقم (85) وتاريخ 14/ 1/ 1393 هـ وصل، وصلكم الله بهداه وهذا نصه: وبعد فنعيد إليكم خطابكم رقم (1960) وتاريخ 1/ 11/ 1392 هـ بشأن الزوج وزوجته، وأفيدكم بأنه قد حضر الزوج وحضر معه ولي الزوجة كما حضرت الزوجة وبعد حضورهم جرى سؤال المطلق عن الطلاق الصادر منه وهل سبقه طلاق منه على زوجته أو لحقه شيء غير الذي صدر منه، فأجاب بقوله: إنني سبق أن طلقت زوجتي طلقة واحدة فقط، ثم بقيت في مجلسي خمس دقائق، وزدت على ذلك بطلقة واحدة بالثلاث بكلمة واحدة ولفظ واحد، ولم يسبق أن جرى مني عليها شيء من الطلاق غير ما ذكرت بعاليه لا قبله ولا بعده، وكما قرر ولي الزوجة أنه لم يحضر الطلاق ولم يسمع شيئا، سوى أن لديه بينة على الطلاق وهما شاهدان وناس حاضرون معهما، كما حضرت الزوجة وسئلت عن الطلاق من زوجها عليها، فأجابت بقولها: إنني لم أسمع من زوجي أي طلاق بل إنه جاءني صباح ذات يوم من مدة ثلاث سنوات، وقال: روحي لأهلك، ورحت لأهلي وأنا أرغب العودة مع زوجي وأولادي إذا كان ليس فيه مانع، وقد وردتنا الإجابة من
النائب بالخير مار الذكر تحت توقيعه وختمه طبق ما قاله الزوج وأدلى به حسبما يتضح لكم من مرفقاته ؛ لذا جرى إعادة المعاملة لسماحتكم. انتهى.
وبناء على ذلك أفتيت الزوج بأنه قد وقع على زوجته بالطلاق المذكور طلقتان إحداهما بالطلقة الواحدة والثانية بالطلاق الثلاث، وله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل له إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة شرعا إذا صدقه الشاهد الثاني على ذلك، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التطليق الثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة كما لا يخفى، فأرجو من فضيلتكم إكمال اللازم وإشعار الجميع بالفتوى المذكورة وأمر الزوج بالتوبة من طلاقه بالثلاث ، لكونه طلاقا منكرا كما يعلم ذلك فضيلتكم. أثابكم الله وشكر سعيكم. وإن خالفه الشاهد المذكور في ذلك فأوقفوا هذه الفتوى، وأفيدونا بما يثبت لديكم جزيتم خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــ(60/154)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 469)
224 - اعتبار الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة مبني على أدلة شرعية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ م. ع. ص. وفقه الله آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد صدرت برقم ( 896) في 5/ 5/ 1393هـ. :
فقد وصلني كتابكم الكريم رقم (337/ 1) وتاريخ 2/ 5/ 1393 هـ المتعلق بطلاق الزوج زوجته وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الإفادة عن إفتائكم إياه سابقا بوقوع طلاق الثلاث على زوجته كان معلوما.
وأفيد فضيلتكم أن الزوج حضر عندي غير مقتنع بالفتوى المذكورة وملتمسا فرجا من الشرع فيما وقع منه من الطلاق ولا يخفى على فضيلتكم أن المستفتي لا تلزمه الفتوى إذا لم يقتنع بها ويلتزم بها؛ ولهذا أفتيته بما أوضحته لفضيلتكم في كتابي المرفق بهذا رقم (802) وتاريخ 24/ 9/ 1393 هـ بناء على أدلة شرعية قد اقتنعت بها واقتنع بها جم غفير من السلف الصالح، واختار الفتوى بمقتضاها أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما وجماعة آخرون، كما لا يخفى، ومعلوم ما في ذلك من التسهيل وتفريج كرب كثيرة وليس هناك نص من كتاب أو سنة يخالف مقتضى الأدلة المشار إليها.
فإذا رأى فضيلتكم إنفاذ هذه الفتوى وتكميل ما يلزم لإنفاذها، فأرجو أن تكونوا شركاء في الأجر، وإن رأيتم خلاف ذلك فأفيدونا وأعيدوا جميع الأوراق حتى نحولها إلى من نرى من القضاة في المنطقة، وفق الله الجميع لما فيه رضاه وجعلنا وإياكم ممن يعين على نوائب الحق إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
انتهى الجزء الحادي والعشرون ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني والعشرون وأوله القسم الثاني من كتاب الطلاق
ـــــــــــــــــــ(60/155)
(الجزء رقم : 21، الصفحة رقم: 429)
201 - مسألة في الطلاق بالثلاث
حضر عندي الزوج ع. ح. وزوجته وأخوها، واعترف الزوج أنه من نحو ثلاثة أعوام حصل بينه وبين زوجته نزاع، ومشاجرة في السفر، فحرم أن لا يسافر بعد ذلك مع العائلة؛ لما وجده من التعب، ثم بعد ذلك طلقها طلقة واحدة وهي حامل وراجعها قبل أن تضع، بشهادة رئيسه في العمل، وإمام المسجد المجاور لهم، ثم طلقها من نحو أسبوع بالثلاث، وقد صدقته زوجته بحضرة أخيها على ذلك كله.
وبناء على ذلك أفتيت الزوج المذكور بأن عليه كفارة يمين عن تحريمه الأول، ويقع على زوجته المذكورة طلقتان، إحداهما تطليقه لها طلقة واحدة، والثانية تطليقه لها بالثلاث، ويبقى لها طلقة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، وقد راجعها عندي بحضرتها، وجماعة من المسلمين؛ وبذلك استقرت في عصمته. قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، سامحه الله صدرت من سماحته برقم (445/ خ) في 27/ 4/ 1404 هـ.
ـــــــــــــــــــ(60/156)
76 - حكم الطلاق بالثلاث المرتب بثم
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد حضر لدي الزوج س . غ . وزوجته كما حضر والدها وبسؤال الزوج عن أسباب الطلاق وصيغته وحالته وقت الطلاق وحال زوجته أفاد بما يلي :
بتاريخ 25 / 3 / 1414هـ حصل خلاف بيني وبين زوجتي ضربتها بسببه ، ولما خرجت من بيتي خرجت هي إلى بيت أختها حيث لم تستطع البقاء بعد هذا الضرب ؛ لأنها تسكن في مكان بعيد عن أهلها ، وعندما عدت إلى منزلي لم أجدها فيه ولا أولادها ، ذهبت إلى بيت أختها ، ووجدت أخاها الصغير عند الباب أبلغتها بالعودة إلى الدار فتعللت بأنها مضروبة ولا تستطيع العودة ، أخذتني العزة بالإثم وأنا في حال غضب شديد فقلت لها : أنت طالق ، ثم طالق ، ثم طالق ، غير عالم بمدلول صيغة الطلاق ،أخذت أطفالي منها وعدت إلى بيتي حتى تم الصلح ، صادفها الطلاق في حالة طهر لم أجامعها فيه ولم يسبق أن طلقتها من قبل ولا أن هذا الطلاق في المحكمة .
وبسؤال الزوجة عن صحة ما ذكره زوجها من حيث الأسباب الموجبة للطلاق وصيغته وأنها في طهر لم يجامعها فيه وقت الطلاق ، أفادت بأن ذلك كله صحيح وقالت : بأنها لم تشاهده وقت النطق بالطلاق هل كان غضبان غضبا شديدا أم لا؛ لأنها كانت تسمع من داخل باب الدار ولكن يظهر من صوته وتهديده أنه غضبان وقالت : إن زوجها لم يسبق أن طلقها من قبل وأبدت استعدادها بالعودة إلى زوجها بشرط أن لا يضربها مرة ثانية ويحسن عشرتها كما وافق وليها إذا أباح الشرع ذلك وقالت : إنها لا تستطيع البعد عن أطفالها الصغار هذا ما تم استجوابه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده صدرت من مكتب سماحته برقم (508 / 1 / ف) في 2 / 5 / 1414هـ .
بناء على ما ذكره الزوج المذكور في كتابه المرفق وعلى ما أثبته فضيلتكم بكتابكم هذا فقد أفتيته بأن زوجته المذكورة قد بانت منه بطلاقه المذكور بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ويطأها ثم يفارقها بموت أو طلاق وتخرج من العدة ؛ لكونه استوفى الطلقات الثلاث حال كونها في طهر لم يجامعها ، فأرجو إشعار الجميع بالفتوى المذكورة شكر الله سعيكم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محبكم عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ(60/157)
أضواء البيان - (ج 1 / ص 135)
قوله تعالى : { الطلاق مَرَّتَانِ } .
ظاهر هذه الآية الكريمة أن الطلاق كله منحصر في المرتين ، ولكنه تعالى بين أن المنحصر في المرتين هو الطلاق الذي تملك بعده الرجعة لا مطلقاً ، وذلك بذكره الطلقة الثالثة التي لا تحل بعدها المراجعة إلا بعد زوج . وهي المذكورة في قوله { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ } [ البقرة : 230 ] الآية وعلى هذا القول فقوله { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] يعني به عدم الرجعة .
وقال بعض العلماء الطلقة الثالثة هي المذكورة في قوله تعالى { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] وروي هذا مرفوعاً إليه صلى الله عليه وسلم .
تنبيه
ذكر بعض العلماء أن هذه الآية الكريمة التي هي قوله تعالى { الطلاق مَرَّتَانِ } [ البقرة : 229 ] الآية .
ويؤخذ منها وقوع الطلاق الثلاث في لفظ واحد وأشار البخاري بقوله « باب من جوز الطلاق الثلاث . لقول الله تعالى { الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] .
والظاهر أن وجه الدلالة المراد عند البخاري ، هو ما قاله الكرماني : من أنه تعالى لما قال { الطلاق مَرَّتَانِ } [ البقرة : 229 ] علمنا أن إحدى المرتين جمع فيها بين تطليقتين ، وإذا جاز جمع التطليقتين دفعة ، جاز جمع الثلاث ، ورد ابن حجر هذا بأنه قياس مع وجود الفارق وجعل الآية دليلاً لنقيض ذلك ، قال مقيده - عفا الله عنه - الظاهر أن الاستدلال بالآية غير ناهض . لأنه ليس المراد حصر الطلاق كله في المرتين حتى يلزم الجمع بين اثنتين في إحدى التطليقتين كما ذكر ، بل المراد بالطلاق المحصور : هو خصوص الطلاق الذي تملك بعده الرجعة كما ذكرنا ، وكما فسر به الآية جماهير علماء التفسير . وقال بعض العلماء وجه الدليل في الآية أن قوله تعالى : { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة واحدة ، ولا يخفى عدم ظهوره . ولكن كون الآية لا دليل فيها على وقوع الثلاث بلفظ واحد ، لا ينافي أن تقوم على ذلك أدلة أخر وسنذكر أدلة ذلك ، وأدلة
من خالف فيه ، والراجح عندنا في ذلك إن شاء الله تعالى ، مع إيضاح خلاصة البحث كله في آخر الكلام إيضاحاً تاماً .
فنقول وبالله نستعين : اعلم أن من أدلة القائلين بلزوم الثلاث مجتمعة ، حديث سهل بن سعد الساعدي ، الثابت في الصحيح في قصة لعان عويمر العجلاني وزوجه . فإن فيه » فلما فرغا قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ابن شهاب فكانت سنة المتلاعنين « .
أخرج البخاري هذا الحديث تحت الترجمة المتقدمة عنه ووجه الدليل منه : أنه أوقع الثلاث في كلمة واحدة ، ولم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورد المخالف الاستدلال بهذا الحديث . بأن المفارقة وقعت بنفس اللعان فلم يصادف تطليقه الثلاث محلاً ، ورد هذا الاعتراض . بأن الاحتجاج بالحديث من حيث إن النَّبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه إيقاع الثلاث مجموعة ، فلو كان ممنوعاً لأنكره ، ولو كانت الفرقة بنفس اللعان . وبان الفرقة لم يدل على أنها بنفس اللعان كتاب ، ولا سنة صريحة ، ولا إجماع . والعلماء مختلفون في ذلك .
فذهب مالك وأصحابه إلى أن الفرقة بنفس اللعان ، وإنما تتحقق بلعان الزوجين معاً ، وهو رواية عن أحمد . وذهب الشافعي وأصحابه إلى أن الفرقة بنفس اللعان ، وتقع عند فراغ الزوج من أيمانه قبل لعان المرأة ، وهو قول سحنون من أصحاب مالك .
وذهب الثوري وأبو حنيفة وأتباعهما إلى أنها لا تقع حتى يوقعها الحاكم . واحتجوا بظاهر ما وقع في أحاديث اللعان ، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرق بين رجل وامرأته قذفها ، وأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم » . وأخرج أيضاً في صحيحه عن ابن عمر من وجه آخر أنه قال : « لاعن رسول الله بين رجل وامرأةٍ من الأنصار ، وفرق بينهما » . ورواه باقي الجماعة عن ابن عمر ، وبه تعلم أن قول يحيى بن معين : إن الرواية بلفظ فرق بين المتلاعنين خطأ : يعني في خصوص حديث سهل بن سعد المتقدم ، لا مطلقاص ، بدليل ثبوتها في الصحيح من حديث ابن عمر كما ترى : قال ابن عبد البر : إن أراد من حديث سهل فسهل ، وإلا فمردود . وقال ابن حجر في فتح الباري ما نصه : « ويؤخذ منه أن إطلاق يحيى بن معين وغيره تخطئة الرواية بلفظ فرق بين المتلاعنين ، إنما المراد به في حديث سهل بخصوصه ، فقد أخرجه أبو داود من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عنه بهذا اللفظ ، وقال بعده لم يتابع ابن عيينة على ذلك أحد ثم أخرج من طريق ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، » فرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان « اه محل الغرض منه بلفظه ، وقد قدمنا في حديث سهل » فكانت سنة المتلاعنين « .
واختلف في هذا اللفظ هل هو مدرج من كلام الزهري فيكون مرسلاً وبه قال جماعة من العلماء؟ أو هو من كلام سهل فهو مرفوع متصل؟ ويؤيد كونه من كلام سهل ما وقع في حديث أبي داود من طريق عياض بن عبد الله الفهري عن ابن
شهاب عن سهل . قال : فطلقها ثلاث تطليقت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ما صنع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة .
قال سهل : حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين ، أن يفرق بينهما ، ثم لا يجتمعان أبداً .
هذا الحديث سكت عليه أبو داود ، والمنذري .
قال الشوكاني في نيل الأوطار : ورجاله رجال الصحيح .
فال مقيده - عفا الله عنه - ومعلوم أن ما سكت عليه أبو داود فأقل درجاته عنده الحسن ، وهذه الرواية ظاهرة في محل النزاع ، وبها تعلم : أن احتجاج البخاري لوقوع الثلاث دفعة بحديث سهل المذكور واقع موقعه . لأن المطلع على غوامض إشارات البخاري - رحمه الله - يفهم أن هذا اللفظ الثابت في سنن أبي داود ، مطابق لترجمة البخاري ، وأنه أشار بالترجمة إلى هذه الرواية ولم يخرجها . لأنها ليست على شرطه ، فتصريح هذا الصحابي الجليل في هذه الرواية الثابتة بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنفذ طلاق الثلاث دفعة يبطل بإيضاح أنه لا عبرة بسكوته صلى الله عليه وسلم وتقريره له . بناء على أن الفرقة بنفس اللعان كما ترىز
وذهب عثمان البتي وأبو الشعثاء جابر بن زيد البصري ، أحد أصحاب ابن عباس من فقهاء التابعين : إلى أن الفرقة لا تقع حتى يوقعها الزوج ، وذهب ابو عبيد إلى أنها تقع بنفس القذف وبهذا تعلم أن كون الفرقة بنفس اللعان ليس أمراً قطعياً ، حتى ترد به دلالة تقرير النَّبي صلى الله لعيه وسلم عويمر العجلاني ، على غيقاع الثلاث دفعة ، الثابت في الصحيح ، لا سيما وقد عرفت أن بعض الروايات فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم أنفذ ذلك ، فإن قيل قد وقع في حديث لأبي داود عن ابن عباس وقضى أن ليس عليه قوت ولا سكنى ، من أجل أنهما يفترقان بغير طلاق ولا متوفى عنها .
فالجواب أن هذا التعليل لعدم إيجاب النفقة والسكنى . للملاعنة بعدم طلاق أو وفاة يحتمل كونه من ابن عباس ، وليس مرفوعاً إليه صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو الظاهر أن ابن عباس ذكر العلة لما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدم النفقة والسكنى ، وأراه اجتهاده أن علة ذلك عدم الطلاق والوفاة .
والظاهر أن العلة الصحيحة لعدم النفقة والسكنى هي البينونة بمعناها الذي هو أعم من وقوعها بالطلاق أو بالفسخ ، بدليل أن البائن بالطلاق لا تجب لها النفقة والسكنى على أصح الأقوال دليلاً .
فعلم أن عدم النفقة والسكنى لا يتوقف على عدم الطلاق .
وأوضح دليل في ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها : « أنها طلَّقها زوجها آخر ثلاث تطليقات فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى » أخرجه مسلم في صحيحه ، والإمام أحمد وأصحاب السنن ، وهو نص صريح صحيح في أن البائن بالطلاق لا نفقة لها ولا سكنى ، وهذا الحديث أصح من حديث ابن عباس المتقدم .
وصرح الأئمة بأنه لم يثبت من السنة ما يخالف حديث فاطمة هذا . وما وقع في بعض الروايات عن عمر : أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لها السكنى والنفقة » فقد قال الإمام أحمد : لا يصح ذلك عن عمر .
وقال الدارقطني : السنة بيد فاطمة قطعاً ، وأيضاص تلك الرواية عن عمر من طريق إبراهيم النخعي ومولده بعد موت عمر بسنتين .
قال العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - ونحن نشهد بالله شهادة نسأل عنها إذا لقيناه ، أنها كذب على عمر وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حققت أن السنة معها وأنها صاحبة القصة ، فاعلم أنها لما سمعت قول عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة ، لا ندري لعلها حفظت أو نسيت ، قالت : بيني وبينكم كتاب الله . قال الله : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [ الطلاق : 1 ] حتى قال : { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [ الطلاق : 1 ] فأي أمر يحدث بعد الثلاث ، رواه أبو داود ، والنسائي ، وأحمد ، ومسلم ، بمعناه . فتحصل أن السنة بيدها ، وكتاب الله معها .
وهذا المذهب بحسب الدليل هو أوضح المذاهب وأصوبها . وللعلماء في نفقة البائن وسكناها أقوال غير هذا . فمنهم من أوجبهما معاً ، ومنهم من أوجب السكنى دون النفقة ، ومنهم من عكس .
فالحاصل أن حديث فاطمة هذا يرد تعليل ابن عباس المذكور ، وأنه أصح من حديثه ، وفيه التصريح بأن سقوط النفقة والسكنى لا يتوقف على عدم الطلاق ، بل يكون مع الطلاق البائن . وأيضاً فالتصريح بأنه صلى الله عليه وسلم أنفذ الثلاث دفعة . في الرواية المذكورة أولى بالاعتبار من كلام ابن عباس المذكور . لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ . وهذا الصحابي حفظ إنفاذ الثلاث ، والمثبت مقدم على النافي .
فإن قيل : إنفاذه صلى الله عليه وسلم الثلاث دفعة من الملاعن على الرواية المذكورة لا يكون حجة في غير اللعان . لأن اللعان تجب فيه الفرقة الأبدية . فإنفاذ الثلاث مؤكد لذلك الأمر الواجب بخلاف الواقع في غير اللعان .
ويدل لهذا أن النَّبي صلى الله عليه وسلم غضب من إيقاع الثلاث دفعة في غير اللعان ، وقال : « أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ » كما أخرجه النسائي من حديث محمود بن لبيد فالجواب من أربعة أوجه :
الأول : الكلام في حديث محمود بن لبيد ، فإنه تكلم فيه من جهتين :
الأولى : أنه مرسل . لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كانت ولادته في عهده صلى الله عليه وسلم ، وذكره في الصحابة من أجل الرؤية ، وقد ترجم له أحمد في مسنده ، وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صرح فيه بالسماع .
الثانية : أن النسائي قال بعد تخريجه لهذا الحديث لا أعلم أحداً رواه غير مخرمة بن بكير . يعني ابن الأشج عن أبيه ، ورواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه ، قاله أحمد وابن معين وغيرهما .
وقال ابن المديني : سمع من أبيه قليلاً . قال ابن حجر في التقريب : روايته عن أبيه وجادة من كتابه ، قاله أحمد وابن معين وغيرهما ، وقال ابن المديني سمع من أبيه قليلاً . قال مقيده - عفا الله عنه - أما الإعلال الأول بأنه مرسل ، فهو مردود بأنه مرسل صحابي ومراسيل الصحابة لها حكم الوصل . ومحمود بن لبيد المذكور جل روايته عن الصحابة . كما قاله ابن حجر في التقريب وغيره .
والإعلال الثاني بأن رواية مخرمة عن أبيه وجادة من كتابه فيه : أن مسلماً أخرج في صحيحه عدة أحاديث من رواية مخرمة عن أبيه ، والمسلمون مجمعون على قبول أحاديث مسلم إلا بموجب صريح يقتضي الرد ، فالحق أن الحديث ثابت إلا أن الاستدلال به يرده .
الوجه الثاني : وهو أن حديث محمود ليس فيه التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم أنفذ الثلاث ، ولا أنه لم ينفذها ، وحديث سهل على الرواية المذكورة فيه التصريح بأنه أنفذها ، والمبين مقدم على المجمل ، كما تقرر في الأصول بل بعض العلماء احتج لإيقاع الثلاث دفعة ، بحديث محمود هذا .
ووجه استدلاله به أنه طلق ثلاثاً يظن لزومها ، فلو كانت غير لازمة لبين النَّبي صلى الله عليه سولم أنها غير لازمة . لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة .
الوجه الثالث : أن إمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أخرج حديث سهل تحت الترجمة التي هي قوله : « باب من جوز الطلاق الثلاث » وهو دليل على أنه يرى عدم الفرق بين اللعان وغيره ، في الاحتجاج بإنفاذ الثلاث دفعة .
الوجه الرابع : هو ما سيأتي من الأحاديث الدالة على وقوع الثلاث دفعة ، كحديث ابن عمر ، وحديث الحسن بن علي ، وإن كان الكل لا يخلو من كلام . وممن قال بأن اللعان طلاق لا فسخ أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، وحماد ، وصح عن سعيد بن المسيب ، كما نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ، وعن الضحاك والشعبي : إذا أكذب نفسه ردت إليه امرأته .
وبهذا كله تعلم أن رد الاحتجاج بتقريره صلى الله عليه وسلم عويمر العجلاني ، على إيقاع الثلاث دفعة ، بأن الفرقة بنفس اللعان لا يخلو من نظر ، ولو سلمنا أن الفرقة بنفس اللعان فإنا لا نسلم أن سكوته صلى الله عليه وسلم لا دليل فيه ، بل نقول لو كانت لا تقع دفعة لبين أنها لا تقع دفعة ، ولو كانت الفرقة بنفس اللعان كما تقدم .
ومن أدلتهم حديث عائشة الثابت في الصحيح في قصة رفاعة القرظي وامرأته ، فإن فيه « فقالت يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي » الحديث : وقد أخرجه البخاري تحت الترجمة المتقدمة ، فإن قولها فبت طلاقي ظاه رفي أنه قال لها أنت طالق ألبتة ، قال مقيده - عفا الله عنه - الاستدلال بهذا الحديث غير ناهض فيما يظهر . لأن مرادها بقولها : فبت طلاقي أي : بحصول الطلقة الثالثة .
ويبينه أن البخاري ذكر في كتاب الأدب من وجه آخر أنها قالت : طلقني آخر ثلاث تطليقات ، وهذه الرواية تبين المراد من قولها فبت طلاقي ، وأنه لم يكن دفعة واحدة ، ومن أدلتهم حديث عائشة الثابت في الصحيح . وقد أخرجه البخاري تحت الترجمة
المذكورة أيضاً « أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً ، فتزوجت فطلق ، فسئل النَّبي صلى الله عليه وسلم اتحلَّ للأول؟ قال » لا ، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول « فإن قوله ثلاثاً ظاهر في كونها مجموعة ، واعترض الاستدلال بهذا الحديث بأنه مختصر من قصة رفاعة ، وقد قدمنا قريباً أن بعض الروايات الصحيحة دل على أنها ثلاث مفرقة لا مجموعة ، ورد هذا الاعتراض بأن غير رفاعة قد وقع له مع امرأته نظير ما وقع لرفاعة ، فلا مانع من التعدد ، وكون الحديث الأخير في قصة أخرى كما ذكره الحافظ ابن حجر في الكلام على قصة رفاعة . فإنه قال فيها ما نصه : وهذا الحديث إن كان محفوظاً فالواضح من سياقه أنها قصة أخرى ، وأن كلاً من رفاعة القرظي ورفاعة النضري وقع له مع زوجة له طلاق . فتزوج كلاً منهما عبد الرحمن بن الزبير فطلقها قبل أن يمسها ، فالحكم في قصتهما متحد مع تغاير الأشخاص . وبهذا يتبين خطأ من وجد بينهما ظناً منه أن رفاة بن سموءل هو رفاعة بن وهب اه محل الحاجة منه بلفظه .
ومن أدلتهم ما أخرجه النسائي عن محمود بن لبيد قال : » أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام مغضبا ، فقال : « أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ » وقد قدمنا أن وجه الاستدلال منه : أنّ المطلق يظن الثلاث المجموعة واقعة ، فلو كانت لا تقع لبين النَّبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تقع . لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه .
وقد قال ابن كثير في حديث محمود هذا : إن إسناده جيد ، وقال الحافظ في بلوغ المرام : رواته موثقون وقال في الفتح رجاله ثقات ، فإن قيل غضب النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وتصريحه بأن ذلك الجمع للطلقات لعب بكتاب الله يدل على أنها لا تقع . لقوله صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »
وفي رواية « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد » فالجواب أن كونه ممنوعاً ابتداء لا ينافي وقوعه بعد الإيقاع ، ويدل له ما سيأتي قريباص عن ابن عمر من قوله لمن سأله : وإن كنت طلقتها ثلاثاً فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك ، وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك ، ولا سيما على قوم الحاكم : إنه مرفوع ، وهذا ثابت عن ابن عمر في الصحيح ويؤيده ما سيأتي إن شاء الله قريباً من حديثه المرفوع عند الدارقطني أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال له : « كانت تبين منك وتكون معصية » ، ويؤيده أيضاً ما سيأتي إن شاء الله عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه قال لمن سأله عن ثلاث أوقعها دفعة : إنك لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً ، عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك .
وبالجملة فالمناسب لمرتكب المعصية التشديد لا التخفيف بعدم الإلزام ، ومن أدلتهم ما أخرجه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه قال : « فقلت : يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثاً أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال : » لا ، كانت تبين منك وتكون معصية « ، وفي إسناده عطاء الخراساني وهو مختلف فيه ، وقد وثقه الترمذي ، وقال النسائي وأبو حاتم : لا بأس به ، وكذبه سعيد بن المسيب ، وضعفه غير واحد ، وقال البخاري ليس فيمن روى عنه مالك من يستحق الترك غيره ، وقال شعبة كان نسياً ، وقال ابن حبان كان من خيار عباد الله ، غير أنه كثير الوهم
سيء الحفظ ، يخطئ ولا يدري : فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به : وأيضاً الزيادة التي هي محل الحجة من الحديث أعني قوله » أرأيت لو طلقتها « إلخ مما تفرد به عطاء المذكور . وقد شاركه الحفاظ في أصل الحديث ، ولم يذكروا الزيادة المذكورة . وفي إسنادها شعيب بن زريق الشامي وهو ضعيف ، وأعل عبد الحق في أحكامه ، هذا الحديث بأن في إسناده معلى بن منصورن وقال : رماه بالكذب ، أخرج له الشيخان وباقي الجماعة . وأما شعيب بن زريق أبو شيبة الشامي فقد قال فيه ابن حجر في التقريب صدوق يخطئ ومن كان كذلك فليس مردود الحديث ، لا سيما وقد اعتضدت روايته بما تقدم في حديث سهل ، وبما رواه البيهقي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فإنه قال في السن الكبرى ما نصه : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ، أنا إبراهيم بن محمد الواسطي ، أنا محمد بن حميد الرازي ، أنا سلمة بن الفضل ، عن عمرو ابن أبي قيس ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، قال : كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فلما قتل علي رضي الله عنه قالت لتهنك الخلافة ، قال بقتل علي تظهرين الشماتة ، اذهبي فأنت طالق ، يعني ثلاثاً قال : فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها ، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها فأنت طالق ، يعني ثلاثاً قال : فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها ، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة ، فلما جاءها الرسول قالت متاع قليل من حبيب مفارق ، فلما بلغه قولها بكى ثم قال : لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي أنه سمع جدي يقول » أيما رجل طلق امرأته ثلاثاً عند الأقراء ، أو ثلاثاً مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره « لراجعتها .
وكذلك روي عن عمرو بن شمر ، عن عمران بن مسلم ، وإبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة اه منه بلفظه . وضعف هذا الإسناد بأن فيه محمد بن حميد بن حيان الرازي ، قال فيه ابن حجر في التقريب حافظ ضعيف ، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ، وأن فيه أيضاً سلمة بن الفضل الأبرش ، مولى الأنصار قاضي الري قال فيه في التقريب : صدوق كثير الخطأ وروى من غير هذا الوجه وروى نحوه الطبراني من حديث سويد بن غفلة ، وضعف الحديث إسحاق بن راهويه ، ويؤيد حديث ابن عمر المذكور أيضاً ما ثبت في الصحيح عن ابن عمر من أنه قال : « وإن كنت طلقتها ثلاثاً فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك ، وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك » . ولا سيما على قول الحاكم : إنه مرفوع ، وعلى ثبوت حديث ابن عمر المذكور ، فهو ظاهر في محل النزاع .
فما ذكره بعض أهل العلم من أنه لو صح لم يكن فيه حجة . بناء على حمله على كون الثلاث مفرقة لا مجتمعة ، فهو بعيد . والحديث ظاهر في كونها مجتمعة : لأن ابن عمر لا يسأل عن الثلاث المتفرقة إذ لا يخفى عليه أنها محرمة ، وليس محل نزاع . ومن أدلتهم ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، عن عبادة بن الصامت . « قال : طلق جدي امرأة له ألف تطليقة ، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : » ما اتقى الله جدك ، أما ثلاث فله . وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم ، إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له «
وفي رواية : » إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجاً ، بانت منه بثلاث على غير السنة ، وتسعمائة وسبع وتسعون إثم في عنقه « وفي إسناده يحيى بن العلاء ، وعبيد الله بن الوليد ، وإبراهيم بن عبيد الله ، ولا يحتج بواحد منهم .
وقد رواه بعضهم عن صدقة بن أبي عمران ، عن إبراهيم بن عبيد الله بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده .
ومن أدلتهم ما رواه ابن ماجه عن الشعبي قال : قلت لفاطمة بنت قيس حدِّثيني عن طلاقِك ، قالت طلقني زوجي ثلاثاً وهو خارج إلى اليمن . فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي رواية أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن فاطمة بنت قيس قالت : « يا رسول الله إن زوجي طلَّقني ثلاثاً ، فأخاف أن يقتحم علي فأمرها فتحولت » .
وفي مسلم من رواية أبي سلمة ، أن فاطمة بنت قيس أخبرته أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثاً ثم انطلق إلى اليمن إلخ . . وفيه عن أبي سلمة ايضاً أنها قالت : « فطلَّقني البتَّة » .
قالوا : فهذه الروايات ظاهرة ، في أن الطلاق كان بالثلاث المجتمعة ، ولا سيما حديث الشعبي . لقولها فيه فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ لا يحتاج إلى الإخبار بإجازته إلا الثلاث المجتمعة ، ورد الاستدلال بهذا الحديث بما ثبت في بعض الروايات الصحيحة . كما أخرجه مسلم من رواية أبي سلمة أيضاً : أن فاطمة أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلَّقها آخر ثلاث تطليقات .(60/158)
فهذه الرواية تفسر الروايات المتقدمة ، وتظهر أن المقصود منها أن ذلك وقع مفرقاً لا دفعة ، ورد بعضهم هذا الاعتراض بأن الروايات المذكورة تدل على عدم تفريق الصحابة والتابعين بين صيغ البينونة الثلاث ، يعنون لفظ ألبتة والثلاث المجتمعة ، والثلاث المتفرقة . لتعبيرها في بعض الروايات بلفظ طلقني ثلاثاً ، وفي بعضها بلفظ طلقني ألبتة ، وفي بعضها بلفظ فطلقني آخر ثلاث تطليقات . فلم تخص لفظاً منها عن لفظ . لعلمها بتساوي الصيغ .
ولو علمت أن بعضها لا يحرم لاحترزت منه .
قالوا : والشعبي قال لها حدثيني عن طلاقك أي : عن كيفيته وحاله ، فكيف يسأل عن الكيفية ويقبل الجواب بما فيه عنده إجمال من غير أن يستفسر عنه ، وأبو سلمة روى عنها الصيغ الثلاث ، فلو كان بينها عنده تفاوت لاعترض عليها باختلاف ألفاظها . وتثبت حتى يعلم منها بأي الصيغ وقعت بينونتها ، فتركه لذلك دليل على تساوي الصيغ المذكورة عنده هكذا ذكره بعض الأجلاء .
والظاهر أن هذا الحديث لا دليل فيه . لأن الروايات التي فيها إجمال بينتها الرواية الصحيحة الأخرى كما هو ظاهر ، والعلم عند الله تعالى .
ومن أدلتهم ما رواه أبو داود والدارقطني وقال : قال أبو داود : هذا حديث حسن صحيح ، والشافعي ، والترمذي ، وابن ماجه ، وصححه ابن حبان والحاكم عن ركانة بن عبد الله أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة ، فأخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم بذلك . فقال والله ما أردت إلاَّ واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما
أردت إلاَّ واحدة؟ فقال ركانة : والله ما أردت إلاَّ واحدة ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب ، والثالثة في زمن عثمان ، فهذا الحديث صححه أبو داود ، وابن حبان ، و الحاكم .
وقال فيه ابن ماجه : سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطنافسي يقول : ما أشرف هذا الحديث .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار : قال ابن كثير قد رواه أبو داود من وجه آخر ، وله طرق أخر ، فهو حسن إن شاء الله . وهو نص في محل النزاع . لأن تحليفه صلى الله عليه وسلم لركانة ما أراد بلفظ ألبتة إلا واحدة دليل على أنه لو أراد بها أكثر من الواحدة لوقع ، والثلاث أصرح في ذلك من لفظ ألبتة . لأن ألبتة كناية والثلاث صريح ، ولو كان لا يقع أكثر من واحدة ، لما كان لتحليفه معنى مع اعتضاد هذا الحديث بما قدمنا من الأحاديث . وبما سنذكره بعده إن شاء الله تعالى ، وإن كان الكل لا يخلو من كلام ، مع أن هذا الحديث تكلم فيه : بأن في غسناده الزبير بن سعيد بن سليمان بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي .
قال فيه ابن حجر في التقريب : لين الحديث ، وقد ضعفه غير واحد . وقيل : إنه متروك ، والحق ما قاله فيه ابن حجر من أنه لين الحديث .
وذكر الترمذي عن البخاري أنه مضطرب فيه . يقال ثلاثاً ، وتارة قيل واحدة . وأصحها أنه طلقها ألبتة ، وأن الثلاث ذكرت فيه على المعنى .
وقال ابن عبد البر في التمهيد : تكلموا في هذا الحديث ، وقد قدمنا آنفاً تصحيح أبي داود ، وابن حبان ، والحاكم له ، وأن ابن كثير قال : إنه حسن وإنه معتضد بالأحاديث المذكورة قبله ، كحديث ابن عمر عند الدارقطني ، وحديث الحسن عند البيهقي ، وحديث سهل بن سعد الساعدي في لعان عويمر وزوجه ، ولا سيما على رواية فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الثلاث بلفظ واحد كما تقدم .
ويعتضد أيضاً بما رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، عن حماد بن زيد . قال : قلت لأيوب هل علمت أحداً قال في أمرك بيدك أنها ثلاث غير الحسن؟ قال : لا ثم قال : اللهم غفراً إلاَّ ما حدثني قتادة عن كثير ، مولى ابن سمرة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث فلقيت كثيراً فسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال : نسي .
وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، وتكلم في هذا الحديث من ثلاث جهات :
الأولى : أن البخاري لم يعرفه مرفوعاً ، وقال إنه موقوف على أبي هريرة ويجاب عن هذا : بأن الرفع زيادة ، وزيادة العدل مقبولة ، وقد رواه سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد مرفوعاً وجلالتهما معروفة .
قال في مراقي السعود :
والرفع والوصل وزيد اللفظ مقبولة عند إمام الحفظ .
الخ . .
الثانية : أن كثيراً نسيه ، ويجاب عن هذا بأن نسيان الشيخ لا يبطل رواية من روى عنه . لأنه يقل راو يحفظ طول الزمان ما يرويه ، وهذا قول الجمهور .
وقد روى سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم ، قضى بالشاهد واليمين ونسيه ، فكان يقول : حدثني ربيعة عني ولم ينكر عليه أحد ، وأشار إليه العراقي في ألفيته بقوله :
وإن يرده بلا أذكر أو ... ما يقتضي نسيانه فقد رأوا
الحكم للذاكر عند المعظم ... وحكى الإسقاط عن بعضهم
كقصة الشاهد واليمين إذ ... نسيه سهيل الذي أخذ
عنه ، فكان بعد عن ربيعة ... عن نفسه يرويه لن يضيعه
الثالثة : تضعيفة بكثير مولى ابن سمرة ، كما قال ابن حزم إنه مجهول ، ويجاب عنه بأن ابن حجر قال في التقريب : إنه مقبول ، ومن أدلتهم ما رواه الدارقطني من حديث زاذان عن علي رضي الله عنه قال : سمع النَّبي صلى الله عليه وسلم رجلاً طلق ألبتة فغضب ، وقال : « أتتخذون آيات الله هزواً؟ أو دين الله هزواً . أو لعباً؟ من طلق ألبتة ألزمناه ثلاثاً لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره » ، وفيه إسماعيل بن أمية ، قال فيه الدارقطني : كوفي ضعيف .
ومن أدلتهم ما رواه الدارقطني من حديث حماد بن زيد ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن انس قال : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت معاذ بن جبل يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يا معاذ من طلق للبدعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ألزمناه بدعته » وفي إسناده إسماعيل بن أمية الذارع وهو ضعيف أيضاً . فهذه الأحاديث وإن كانت لا يخلو شيء منها من مقال فإن كثرتها واختلاف طرقها وتباين مخارجها يدل على أن لها أصلاً ، والضعاف المعتبر بها إذا تباينت مخارجها شد بعضها بعضاً فصلح مجموعها للاحتجاج ، ولا سيما أن منها ما صححه بعض العلماء كحديث طلاق ركانة ألبتة ، وحسنه ابن كثير ومنها ما هو صحيح ، وهو رواية إنفاذه صلى الله عليه وسلم طلاق عويمر ثلاثاً مجموعة ، عند أبي داود .
وقد علمت معارضة تضعيف حديث ابن عمر عند الدارقطني من جهة عطاء الخراساني ، ومعلى بن منصور ، وشعيب بن زريق ، إلى آخر ما تقدم .
لا تخاصم بواحد أهل بيت ... فضعيفان يغلبان قوياً
وقال النووي في شرح مسلم ما نصه : واحتج الجمهور بقوله تعالى : { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [ الطلاق : 1 ] .
قالوا معناه : أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تداركه . لوقوع البينونة ، فلو كانت الثلاث لا تقع لم يقع طلاقه هذا إلا رجعياً ، فلا يندم اه محل الغرض منه بلفظه .
قال مقيده - عفا الله عنه - ومما يؤيد هذا الاستدلال القرآني ما أخرجه أبو داود بسند صحيح من طريق مجاهد قال : كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال : إنه طلق امرأته ثلاثاً ، فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه ، فقال ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة . ثم يقول يا ابن عباس ، إن الله قال : { وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } [ الطلاق : 2 ] وإنك ، لم تتق الله . فلا أجد لك مخرجاً ، عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك . وأخرج له ابو داود متابعات عن ابن عباس بنحوه ، وهذا تفسير من ابن
عباس للآية بأنها يدخل في معناها ومن يتق الله ، ولم يجمع الطلاق في لفظة واحدة يجعل له مخرجاً بالرجعة ، ومن لم يتقه في ذلك بأن جمع الطلقات في لفظ واحد لم يجعل له مخرجاً بالرجعة . لوقوع البينونة بها مجتمعة ، هذا هو معنى كلامه ، الذي لا يحتمل غيره . وهو قوي جداً في محل النزاع . لأنه مفسر به قرآناً ، وهو ترجمان القرآن وقد قال صلى الله عليه وسلم : « اللهم علمه التأويل » وعلى هذا القول جل الصحابة ، وأكثر العلماء ، منهم الأئمة الأربعة . وحكى غير واحد عليه الإجماع ، واحتج المخالفون بأربعة أحاديث : الأول : حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عند أحمد وأبي يعلى ، وصححه بعضهم قال : طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثاً في مجلس واحد ، فحزن عليها حزناً شديداً فسأله النَّبي صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها؟ قال ثلاثاً في مجلس واحد ، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : « إنما تلك واحدة ، فارتجعها إن شئت فارتجعها » قال مقيده - عفا الله عنه - الاستدلال بهذا الحديث مردود من ثلاثة أوجه .
الأول : أنه لا دليل فيه ألبتة على محل النزاع على فرض صحته ، لا بدلالة المطابقة ، ولا بدلالة التضمن ، ولا بدلالة الالتزام . لأن لفظ المتن أن : الطلقات الثلاث واقعة في مجلس واحد ، ولا شك أن كونها في مجلس واحد لا يلزم منه كونها بلفظ واحد ، فادعاء أنها لما كانت في مجلس واحد ، لا بد أن تكون بلفظ واحد في غاية البطلان كما ترى . إذ لم يدل كونها في مجلس واحد ، على كونها بلفظ واحد . بنقل ، ولا عقل ، ولا لغة كما لا يخفى على أحد . بل الحديث أظهر في كونها ليست بلفظ واحد ، إذ لو كانت بلفظ واحد ، لقال بلفظ واحد وترك ذكر المجلس . إذ لا داعي لترك الأخص والتعبير بالأعم بلا موجب كما ترى .
وبالجملة فهذا الدليل يقدح فيه بالقادح المعروف عند أهل الأصول : بالقول بالموجب ، فيقال : سلمنا أنها في مجلس واحد ، ولكن من أين لك أنها بلفظ واحد فافهم . وسترى تمام هذا المبحث إن شاء الله ، في الكلام على حديث طاوس عند مسلم .
الثاني : أن داود بن الحصين الذي هو راوي هذا الحديث عن عكرمة ليس بثقة في عكرمة .
قال ابن حجر في التقريب : داود بن الحصين الموي مولاهم أبو سليمان المدني ثقة إلا في عكرمة ، ورمى برأي الخوارج اه . وإذا كان غير ثقة في عكرمة كان الحديث المذكور من رواية غير ثقة . مع أنا قدمنا أنه لو كان صحيحاً لما كانت فيه حجة .
الثالث : ما ذكره ابن حجر في فتح الباري ، فإنه قال فيه ما نصه : الثالث : أن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته ألبتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة ، وهو تعليل قوي . لجواز أن يكون بعض رواته حمل ألبتة على الثلاث ، فقال طلقها ثلاثاً ، فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس اه منه بلفظه .
يعني حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين المذكور عن عكرمة عن ابن عباس ، مع أنا قدمنا أن الحديث لا دليل فيه أصلاً على محل النزاع . وبما ذكرنا يظهر سقوط الاستدلال بحديث ابن إسحاق المذكور .
الحديث الثاني من الأحاديث الأربعة التي استدل بها من جعل الثلاث واحدة : هو ما جاء في بعض روايات حديث ابن عمر : من أنه طلق امرأته في الحيض ثلاثاً فاحتسب بواحدة ، ولا يخفى سقوط هذا الاستدلال ، وأن الصحيح أنه إنما طلقها واحدة ، كما جاء في الروايات الصحيحة عند مسلم وغيره .
وقال النووي في شرح مسلم ما نصه : وأما حديث ابن عمر فالروايات الصحيحة التي ذكرها مسلم وغيره أنه طلقها واحدة .
وقال القرطبي في تفسيره ما نصه : والمحفوظ أن ابن عمر طلق امرأته واحدة في الحيض .
قال عبد الله : وكان تطليقه إياها في الحيض واحدة . غير أنه خالف السنة . وكذلك قال صالح بن كيسان ، وموسى بن عقبة ، وإسماعيل بن أمية ، وليث بن سعد ، و ابن أبي ذئب ، وابن جريج ، وجابر ، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن نافع ، أن ابن عمر طلق تطليقة واحدة .
وكذا قال الزهري عن سالم عن أبيه ، ويونس بن جبير والشعبي والحسن اه منه بلفظه . فسقوط الاستدلال بحديث ابن عمر في غاية الظهور .
الحديث الثالث من أدلتهم : هو ما رواه أبو داود في سننه ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني بعض بني أبي رافع ، مولى النَّبي صلى الله عليه وسلم . عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : طلق عبد يزيد - أبو ركانة وإخوته - أم ركانة ، ونكح امرأة من مزينة ، فجاءت إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم « فقالت ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة ، لشعرة أخذتها من رأسها . ففرِّق بيني وبينه . فأخذت النَّبي صلى الله عليه وسلم حمية ، فدعا بركانة وإخوته ، ثم قال لجلسائه أترون فلاناً يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد؟ وفلاناً يشبه منه كذا وكذا؟ قالوا نعم .
فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : « طلقها » ففعل ، فقال : « راجع امرأتك أُم ركانة » ، فقال إني طلقتها ثلاثاً يا رسول الله ، قال « قد علمت ، راجعها ، وتلا { ياأيها النبي إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ العدة } [ الطلاق : 1 ] » .
قال مقيده - عفا الله عنه - والاستدلال بهذا الحديث ظاهر السقوط . لأن ابن جريج قال : أخبرني بعض بني أبي رافع : وهي رواية عن مجهول لا يدري من هو؟ فسقوطها كما ترى . ولا شك أن حديث أبي داود المتقدم أولى بالقبول من هذا الذي لا خلاف في ضعفه .
وقد تقدم أن ذلك فيه أنه طلقها ألبتة ، وأن النَّبي صلى الله عليه وسلم أحلفه ما أراد إلا واحدة ، وهو دليل واضح على نفوذ الطلقات المجتمعة كما تقدم .
الحديث الرابع هو ما أخرجه مسلم في صحيحه : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع واللفظ لابن رافع .
قال إسحق : أخبرنا وقال ابن رافع : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كان الطَّلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم
فأمضاه عليهم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا روح بن عبادة ، أخبرنا ابن جريج . وحدثنا ابن رافع واللفظ له ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني ابن طاوس عن أبيه ، أن أبا الصَّهباء قال لابن عباس : أتعلم أنما كانت الثَّلاث تجعل واحدة على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس نعم .
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن إبراهيم بن ميسرة . عن طاوُس ، أن أبا الصَّهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ، ألم يكن الطَّلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحِدة؟ فقال قد كان ذلك ، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطَّلاق فأجازه عليهم ، هذا لفظ مسلم في صحيحه .
وهذه الطريق الأخيرة أخرجها أبو داود ولكن لم يسم إبراهيم بن ميسرة .
وقال بدله عن غير واحد ، ولفظ المتن أما علمت أن الرجل كان إذا طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر؟
قال ابن عباس : بلى ، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر ، فلما رأى الناس يعني : عُمر قد تتابعوا فيها ، قال : أجيزوهنَّ عليهم .
وللجمهور عن حديث ابن عباس هذا عدة أجوبة .
الأول : أن الثلاث المذكورة فيه التي كانت تجعل واحدة ، ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها واقعة بلفظ واحد ، ولفظ طلاق الثلاث لا يلزم منه لغة ولا عقلاً ولا شرعاً أن تكون بلفظ واد ، فمن قال لزوجته : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، ثلاث مرات ، في وقت واحد . فطلاقه هذا طلاق الثلاث . لأنه صرح بالطلاق فيه ثلاث مرات ، وإذا قيل لمن جزم بأن المراد في الحديث إيقاع الثلاث بكلمة واحدة ، من أين أخذت كونها بكلمة واحدة؟ فهل في لفظ من ألفاظ الحديث أنها بكلمة واحدة؟ وهل يمنع إطلاق الطلاق الثلاث على الطلاق . بكلمات متعددة؟ فإن قال : لا يقال له طلاق الثلاث غلا إذا كان بكلمة واحدة ، فلا شك في أن دعواه هذه غير صحيحة ، وإن اعترف بالحق وقال : يجوز إطلاقه على ما أوقع بكلمة واحدة . وعلى ما أوقع بكلمات متعددة ، وهو أسعد بظاهر اللفظ ، قيل له : وإذن فجزمك بكونه بكلمة واحدة لا وجه له ، وإذا لم يتعين في الحديث كون الثلاث بلفظ واحد سقط الاستدلال به من أصله في محل النزاع . ومما يدل على أنه لا يلزم من لفظ طلاق الثلاث في هذا الحديث كونها بكلمة واحدة ، أن الإمام أبا عبد الرحمن النسائي مع جلالته وعلمه وشدة فهمه ، ما فهم من هذا الحديث إلا أن المراد بطلاق الثلاث فيه ، أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . بتفريق الطلقات . لأن لفظ الثلاث أظهر في إيقاع الطلاق ثلاث مرات . ولذا ترجم في سننه لرواية أبي داود المذكورة في هذا الحديث . فقال : « باب طلاق الثلاث المتفرقة قبل الدخول بالزوجة » ثم قال أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف قال : حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه : أن أبا الصهباء جاء إلى ابن عباس رضي الله
عنهما فقال يا ابن عباس : ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر ترد إِلى الواحدة؟ قال نعم ، فترى هذا الإمام الجليل صرح بأن طلاق الثلاث في هذا الحديث ليس بلفظ واحد بل بألفاظ متفرقة ، ويدل على صحة ما فهمه النسائي رحمه الله من الحديث ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في الرد على من استدل لوقوع الثلاث دفعة ، بحديث عائشة : أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً فتزوجت . الحديث : فإنه قال فيه ما نصه : ولكن أين في الحديث أنه طلق الثلاث بفم واحد؟ بل الحديث حجة لنا فإنه لا يقال فعل ذلك ثلاثاً وقال ثلاثاً ، إلا من فعل وقال مرة بعد مرة ، وهذا هو المعقول في لغات الأمم عربهم وعجمهم .
كما يقال قذفه ثلاثاً وشتمه ثلاثاً وسلم عليه ثلاثاً ، اه منه بلفظه .
وهو دليل واضح لصحة ما فهمه أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله . من الحديث . لأن لفظ الثلاث في جميع رواياته أظهر في أنها طلقات ثلاث واقعة مرة بعد مرة ، كما أوضحه ابن القيم رحمه الله في حديث عائشة المذكور آنفاً .
وممن قال بأن المراد بالثلاث في حديث طاوس المذكور : الثلاث المفرقة بألفاظ نحو أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . ابن سريج فإنه قال : يشبه أن يكون ورد في تكرير اللفظ ، كأن يقول أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . وكانوا أولاً على سلامة صدورهم ، يقبل منهم أنهم أرادوا التأكيد ، فلما كثر الناس في زمن عمر وكثر فيهم الخداع ونحوه . مما يمنع قبول من ادعى التأكيد ، حمل عمر اللفظ على ظاهر التكرار ، فأمضاه عليهم . قاله ابن حجر في الفتح . وقال : إن هذا الجواب ارتضاه القرطبي ، وقواه بقول عمر : إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة .
وقال النووي في شرح مسلم ما نصه : وأما حديث ابن عباس فاختلف الناس في جوابه وتأويله ، فالأصح أن معناه أنه كان في أول الأمر إذا قال لها : أنت طالق . أنت طالق ، أنت طالق . ولم ينو تأكيداً ، ولا استئنافاً ، يحكم بوقوع طلقة . لقلة إرادتهم الاستئناف بذلك ، فحمل على الغالب الذي هو إرادة التأكيد . فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه وكثر استعمال الناس لهذه الصيغة ، وغلب منهم إرادة الاستئناف بها ، حملت عند الإطلاق على الثلاث . عملاً بالغالب السابق إلى الفهم في ذلك العصر .
قال مقيده - عفا الله عنه - وهذا الوجه لا إشكال فيه . لجواز تغير الحال عند تغير القصد . لأن الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى ، وظاهر اللفظ يدل لهذا كما قدمنا .
وعلى كل حال فادعاء الجزم بأن معنى حديث طاوس المذكور أن الثلاث بلفظ واحد ادعاء خال من دليل كما رأيت ، فليتق الله من تجرأ على عزو ذلك إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم ، مع أنه ليس في شيء من روايات حديث طاوس كون الثلاث المذكورة بلفظ واحد ، ولم يتعين ذلك من اللغة ، ولا من الشرع ، ولا من العقل كما ترى .
قال مقيده - عفا الله عنه - ويدل لكون الثلاث المذكورة ليست بلفظ واحد ما تقدم في حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أحمد ، وأبي يعلى ، من قوله : طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد وقوله صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها؟ قال ثلاثاً في مجلس واحد . لأن التعبير بلفظ المجلس يفهم منه أنها ليست بلفظ واحد ، إذ لو كان اللفظ واحداً لقال بلفظ واحد ولم يحتج إلى ذكر المجلس ، إذ لا داعي لذكر الوصف الأعم وترك الأخص بلا موجب ، كما هو ظاهر الجواب الثاني ، عن حديث ابن عباس هو : أن معنى الحديث أن الطلاق الواقع في زمن عمر ثلاثاً كان يقع قبل ذلك واحدة .
لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلاً ، أو يستعملونها نادراً . وأما في عهد عمر فكثر استعمالهم لها .
ومعنى قوله فأمضاه عليهم على هذا القول أنه صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله ، ورجح هذا التأويل ابن العربي ونسبه إلى أبي زرعة الرازي . وكذا أورده البيهقي بإسناده الصحيح إلى أبي زرعة أنه قال : معنى هذا الحديث عندي أنما تطلقون أنتم ثلاثاً . كانوا يطلقون واحدة . قال النووي وعلى هذا فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصة ، لا عن تغيير الحكم في المسألة الواحدة ، وهذا الجواب نقله القرطبي في تفسير قوله تعالى : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ الطلاق : 229 ] عن المحقق القاضي أبي الوليد الباجي ، والقاضي عبد الوهاب ، والكيا الطبري ، قال مقيده - عفا الله عنه - ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف ، وإن قال به بعض أجلاء العلماء .(60/159)
الجواب الثالث : عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، هو القول بأنه منسوخ ، وأن بعض الصحابة لم يطلع على النسخ إلا في عهد عمر ، فقد نقل البيهقي في السنن الكبرى في باب من جعل الثلاث واحدة ، عن الإمام الشافعي ما نصه : قال الشافعي : فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة ، يعني أنه بأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فالذي يشبه والله أعلم أن يكون ابن عباس علم ان كان شيئاً فنسخ ، فإن قيل فما دل على ما وصفت؟ قيل لا يشبه أن يكون ابن عباس يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ثم يخالفه بشيء لم يعلمه ، كان من النَّبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف . قال الشيخ : ورواية عكرمة عن ابن عباس : قد مضت في النسخ وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل . قال الشافعي : فإن قيل : فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر رضي الله عنه ، قيل قد علمنا أن ابن عباس رضي الله عنهما يخالف عمر رضي الله عنه في نكاح المتعة ، وفي بيع الدينار بالدينارين ، وفي بيع أمهات الأولاد وغريه ، فكيف يوافقه في شيء يروى عن النَّبي صلى الله عليه وسلم فيه خلافه؟ اه محل الحاجة من البيهقي بلفظه ، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه : الجواب الثالث دعوى النسخ ، فنقل البيهقي عن الشافعي أنه قال : يشبه أن يكون ابن عباس علم شيئاً نسخ ذلك ، قال البيهقي ويقويه ما أخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها ، وإن طلقها ثلاثاً .
فنسخ ذلك . والترجمة التي ذكر تحتها أبو داود الحديث المذكور هي قوله : « باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث » . وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ الطلاق : 229 ] الآية . بعد أن ساق حديث أبي داود المذكور آنفاً ما نصه : ورواه النسائي عن زكريا بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم ، عن علي بن الحسين به ، وقال ابن أبي حاتم : حدثنا هارون بن إسحاق ، حدثنا عبدة يعني : ابن سليمان عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن رجلاً قال لامرأته لا أطلقك أبداً ، ولا آويك أبداً ، قالت وكيف ذلك؟ قال أطلق حتى إذا دنا أجلك راجعتك ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له ذلك ، فأنزل الله عز وجل : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ الطلاق : 229 ] قال فاستقبل الناس الطلاق من كان طلق ومن لم يكن طلق ، وقد رواه أبو بكر بن مردويه من طريق محمد بن سليمان ، عن يعلى بن شبيب ، مولى الزبير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : فذكره بنحو ما تقدم ، ورواه الترمذي عن قتيبة عن يعلى بن شبيب به ، ثم رواه عن أبي كريب ، عن ابن إدريس ، عن هشام ، عن أبيه مرسلاً وقال : هذا أصح ، ورواه الحاكم في مشتدركه من طريق يعقوب بن حميد بن كليب ، عن يعلى بن شبيب به ، وقال صحيح الإسناد . ثم قال ابن مردويه . حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لم يكن للطلاق وقت : يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ، ما لم تنقض العدة ، وكان بين رجل من النصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس ، فقال والله لأتركنك لا أيما ، ولا ذات زوج ، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها ، ففعل ذلك مراراً ، فأنزل الله عز وجل : { الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] فوقت الطلاق ثلاثاً لا رجعة فيه بعد الثالثة ، حتى تنكح زوجاً غيره . وهكذا روي عن قتادة مرسلاً ، ذكره السدي وابن زيد ، وابن جرير كذلك . واختار أن هذا تفسير هذه الآية اه من ابن كثير بلفظه .
وفي هذه الروايات دلالة واضحة لنسخ المراجعة بعد الثلاث ، وإنكار المازري - رحمه الله - ادعاء النسخ مردود بما رده به الحافظ ابن حجر في فتح الباري . فإنه لما نقل عن المازري إنكاره للنسخ من أوجه متعدة ، قال بعده ما نصه : قلت نقل النووي هذا الفصل في شرح مسلم وأقره ، وهو متعقب في مواضع .
أحدها : أن الذي ادعى نسخ الحكم لم يقل : إن عمر هو الذي نسخ حتى يلزم منه ما ذكر ، وإنما قال ما تقدم : يشبه أن يكون علم شيئاً من ذلك نسخ ، أي اطلع على ناسخ للحكم الذي رواه مرفوعاً . ولذلك أفتى بخلافه ، وقد سلم المازري في أثناء كلامه أن إجماعهم يدل على ناسخ ، وهذا هو مراد من ادعى النسخ .
الثاني : إنكاره الخروج عن الظاهر عجيب . فإن الذي يحاول الجمع بالتأويل يرتكب خلاف الظاهر حتماً .
الثالث : أن تغليظه من قال المراد ظهور النسخ عجيب أيضاً . لأن المراد بظهوره انتشاره ، وكلام ابن عباس أنه كان يفعل في زمن أبي بكر ، محمول على أن الذي كان يفعله من لم يبلغه النسخ ، فلا يلزم ما ذكر من إجماعهم على الخطأ اه محل
الحاجة من فتح الباري بلفظه ، ولا إشكال فيه . لأن كثيراً من الصحابة اطلع على كثير من الأحكام لم يكن يعلمه ، وقد وقع ذلك في خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فأبو بكر لم يكن عالماً بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ميراث الجدة حتى أخبره المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة ، وعمر لم يكن عنده علم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الجنين حتى أخبره المذكوران قبل ، ولم يكن عنده علم من أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف . ولا من الاستئذان ثلاثاً ، حتى أخبره أبو موسى الأشعري ، وأبو سعيد الخدري ، وعثمان لم يكن عنده علم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب السكنى المتوفى عنها زمن العدة ، حتى أخبرته فريعة بنت مالك .
والعباس بن عبد المطلب ، وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما ، لم يكن عندهما علم بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : « إنا معاشر الأنبياء لا نورث » الحديث حتى طلبا ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمثال هذا كثيرة جداً ، وأوضح دليل يزيل الإشكال عن القول بالنسخ المذكور وقوع مثله ، واعتراف المخالف به في نكاح المتعة ، فإن مسلماً روى عن جابر رضي الله عنه ، أن متعة النساء كانت تفعل في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، قال : ثم نهانا عمر عنها فانتهينا وهذا مثل ما وقع في طلاق الثلاث طبقاً « ما أشبه الليلة بالبارحة » .
فإلا يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها
فمن الغريب أن يسلم منصف إمكان النسخ في إحداهما ، ويدعي استحالته في الأخرى ، مع أن كلاً منهما روى مسلم فيها عن صحابي جليل : أن ذلك الأمر كان يفعل في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، في مسالة تتعلق بالفروج ثم غيره عمر .
ومن أجاز نسخ نكاح المتعة ، وأحال نسخ جعل الثلاث واحدة ، يقال له ما لبائك تجر وبائي لا تجر؟ فإن قيل نكاح المتعة صح النص بنسخه . قلنا : قد رأيت الروايات المتقدمة بنسخ المراجعة بعد الثلاث . وممن جزم بنسخ جعل الثلاث واحدة ، الإمام أبو داود - رحمه الله تعالى - ورأى أن جعلها واحدة إنما هو في الزمن الذي كان يرتجع فيه بعد ثلاث تطليقات وأكثر ، قال في سننه « باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث » ثم ساق بسنده حديث ابن عباس قال : { والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ } [ البقرة : 228 ] الآية . وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً فنسخ ذلك ، وقال : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ البقرة : 229 ] الآية . وأخرج نحوه النسائي وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد ، قال فيه ابن حجر في التقريب : صدوق يهم ، وروى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : كان الرجل إذا طلق امرأَته ثم ارتجعها قبل أَن تنقضي عدتها كان ذلك له ، وإن طلقها أَلف مرَّة فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا أشرفت على انقضاء عدتها راجعها ، ثم قال لا آويك ولا أطلقك ، فأنزل الله { الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } [ البقرة : 229 ] فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ ، من كان طلّق منهم أو لم يطلق .
ويؤيد هذا أن عمر لم ينكر عليه أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إيقاع الثلاث دفعة مع كثرتهم ، وعلمهم ، وورعهم ، ويؤيده : أن كثيراً جدًّا من الصحابة الأجلاء العلماء صح عنهم القول بذلك ، كابن عباس ، وعمر ، وابن عمر ، وخلق لا يحصى . والناسخ الذي نسخ المراجعة بعد الثلاث ، قال بعض العلماء : إنه قوله تعالى : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ البقرة : 229 ] كما جاء مبيناً في الروايات المتقدمة ، ولا مانع عقلاً ولا عادة من أن يجهل مثل هذا الناسخ كثير من الناس إلى خلافة عمر كما جهل كثير من الناس نسخ نكاح المتعة إلى خلافة عمر ، مع أنه صلى الله عليه وسلم صرح بنسخها وتحريمها إلى يوم القيامة ، في غزوة الفتح ، وفي حجة الوداع أيضاً ، كما جاء في رواية عند مسلم . ومع أن القرآن دل على تحريم غير الزوجة والسرية ، بقوله : { والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [ المؤمنون : 5-6 ] ومعلوم أن المرأة المتمتع بها ليست بزوجة ولا سرية كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في سورة النساء ، في الكلام على قوله تعالى : { فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ }
[ النساء : 24 ] الآية . والذين قالوا بالنسخ ، قالوا في معنى قول عمر : « إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة » ، أن المراد بالأناة ، أنهم كانوا يتأنون في الطلاق فلا يوقعون الثلاث في وقت واحد . ومعنى استعجالهم أنهم صاروا يوقعونها بلفظ واحد ، على القول بأن ذلك هو معنى الحديث . وقد قدمنا أنه لا يتعين كونه هو معناه ، وإمضاؤه له عليهم إذن هو اللازم ، ولا ينافيه قوله فلو أمضيناه عليهم . يعني ألزمناهم بمقتضى ما قالوا ، ونظيره : قول جابر عند مسلم في نكاح المتعة « فنهانا عنها » عمر . فظاهر كل منهما أنه اجتهاد من عمر ، والنسخ ثابت فيهما معاً كما رأيت ، وليست الأناة في المنسوخ ، وإنما هي في عدم الاستعجال بإيقاع الثلاث دفعة . وعلى القول الأول : إن المراد بالثلاث التي كانت تجعل واحدة ، أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . فالظاهر في امضائه لها عليهم أنه من حيث تغير قصدهم من التأكيد إلى التأسيس كما تقدم . ولا إشكال في ذلك .
أما كون عمر كان يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يجعل الثلاث بلفظ واحد واحدة ، فتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها ثلاثاً ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، فلا يخفى بعده ، والعلم عند الله تعالى .
الجواب الرابع : عن حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، أن رواية طاوس عن ابن عباس مخالفة لما رواه عنه الحفاظ من أصحابه ، فقد روى عنه لزوم الثلاث دفعة سعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعمرو بن دينار ، ومالك بن الحارث ، ومحمد بن إياس بن البكير ، ومعاوية بن أبي عيَّاش الأنصاري ، كما نقله البيهقي في السنن الكبرى . والقرطبي وغيرهما .
وقال البيهقي في السنن الكبرى : إن البخاري لم يخرج هذا الحديث . لمخالفة هؤلاء لرواية طاوس عن ابن عباس .
وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس : كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما ، طلاق الثلاث واحدة ، بأي شيء تدفعه؟ قال برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه ، وكذلك نقل عنه ابن منصور قاله العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى .
قال مقيده - عفا الله عنه - فهذا إمام المحدثين وسيد المسلمين في عصره الذي تدارك الله به الإسلام بعد ما كادت تزلزل قواعده ، وتغير عقائده ، أبو عبد الله أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - قال للأثرم وابن منصور : إنه رفض حديث ابن عباس قصداً . لأنه يرى عدم الاحتجاج به في لزوم الثلاث بلفظ واحد . لرواية الحفاظ عن ابن عباس ما يخالف ذلك ، وهذا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري - وهو هو - ذكر عنه الحافظ البيهقي أنه ترك هذا الحديث عمداً .
لذلك الموجب الذي تركه من أجله الإمام أحمد . ولا شك أنهما ما تركاه إلا لموجب يقتضي ذلك ، فإن قيل : رواية طاوس في حكم المرفوع ، ورواية الجماعة المذكورين موقوفة على ابن عباس ، و المرفوع لا يعارض بالموقوف .
فالجواب أن الصحابي إذا خالف ما روى ففيه للعلماء قولان : وهما روايتان عن أحمد - رحمه الله - .
الأولى : أنه لا يحتج بالحديث . لأن أعلم الناس به راويه وقد ترك العمل به ، وهو عدل ، عارف ، وعلى هذه الرواية فلا إشكال .
وعلى الرواية الأخرى التي هي المشهورة عند العلماء أن العبرة بروايته لا بقوله . فإنه لا تقدم روايته إلا إذا كانت صريحة المعنى ، أو ظاهرة فيه ظهوراً يضعف معه احتمال مقابله ، أما إذا كانت محتملة لغير ذلك المعنى احتمالاً قوياً فإن مخالفة الراوي لما روى تدل على أن ذلك المحتمل احتمالاً قوياً لأن تكون الطلقات مفرقة ، كما جزم به النسائي وصححه النووي ، والقرطبي ، وابن سريج فالحاصل أن ترك ابن عباس لجعل الثلاث بفم واحد واحدة يدل على أن معنى الحديث الذي روي ليس كونها بلفظ واحد كما سترى بيانه في كلام القرطبي في المفهم في الجواب الذي بعد هذا .
واعلم أن ابن عباس لم يثبت عنه أنه أفتى في الثلاث بفم واحد أنها واحدة ، وما روى عنه أبو داود من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، أن ابن عباس قال : إذا قال أنت طالق ثلاثاً بفم واحد فهي واحدة فهو معارض بما رواه أبو داود نفسه من طريق إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن عكرمة ، أن ذلك من قول عكرمة لا من قول ابن عباس ، وترجح رواية إسماعيل بن إبراهيم على رواية حماد بموافقة الحفاظ لإسماعيل ، في أن ابن عباس يجعلها ثلاثاً لا واحدة .
الجواب الخامس : هو ادعاء ضعفه وممن حاول تضعيفه ابن العربي المالكي ، وابن عبد البر ، والقرطبي
قال ابن العربي المالكي : زل قوم في آخر الزمان فقالوا : إن الطلاق الثلاث في كلمة لا يلزم ، وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول فحكوه عن علي ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وابن مسعود ، و ابن عباس ، وعزوه إلى الحجاج بن أرطاة الضعيف المنزلة ، المغمور المرتبة ، ورووا في ذلك حديثاً ليس له أصل ،
وغوى قوم من أهل المسائل فتتبعوا الأهواء المبتدعة فيه وقالوا إن قوله : أنت طالق ثلاثاً كذب . لأنه لم يطلق ثلاثاً ، كما لو قال : طلقت ثلاثاً ولم يطلق إلا واحدة ، وكما لو قال : أحلف ثلاثاً كانت يميناً واحدة .
ولقد طوفت في الآفاق ، ولقيت من علماء الإسلام ، وأرباب المذاهب كل صادق ، فما سمعت لهذه المسألة بخبر ، ولا أحسست لها بأثر ، إلا الشيعة الذين يرون نكاح المتعة جائزاً ، ولا يرون الطلاق واقعاً ، ولذلك قال فيهم ابن سكرة الهاشمي :
يا من يرى المتعة في دينه ... حلاً وإن كانت بلا مهر
ولا يرى تسعين تطليقة ... تبين منه ربة الخدر
من ههنا طابت مواليدكم ... فاغتنموها يا بني الفطر
وقد اتفق علماء الإسلام ، وأرباب الحل والعقد في الأحكام ، على أن الطلاق الثلاث في كلمة ، وإن كان حراماً في قول بعضهم ، وبدعة في قول الآخرين ، لازم . وأين هؤلاء البؤساء من عالم الدين ، وعلم الإسلام ، محمد بن إسماعيل البخاري ، وقد قال في صحيحه : « باب جواز الطلاق الثلاث » لقوله تعالى : { الطلاق مَرَّتَانِ } [ البقرة : 229 ]
وذكر حديث اللعان : فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يغير عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يقر على الباطل . ولأنه جمع ما فسح له في تفريقه ، فألزمته الشريعة حكمه وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت ، لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد .
وقد أدخل مالك في موطئه عن علي أن الحرام ثلاث لازمة في كلمة ، فهذا في معناها ، فكيف إذا صرح بها . وأما حديث الحجاج بن أرطاة فغير مقبول في الملة ، ولا عند أحد من الأئمة . فإن قيل ففي صحيح مسلم عن ابن عباس وذكر حديث أبي الصهباء المذكور . قلنا : هذا لا متعلق فيه من خمسة أوجه :
الأول : أنه حديث مختلف في صحته فكيف يقدم على إجماع الأمة؟ ولم يعرف لها في هذه المسألة خلاف إلا عن قوم انحطوا عن رتبة التابعين . وقد سبق العصران الكريمان والاتفاق على لزوم الثلاث ، فإن رووا ذلك عن أحد منهم فلا تقبلوا منهم ألا ما يقبلون منكم : نقل العدل عن العدل . ولا تجد هذه المسالة منسوبة إلى أحد من السلف أبداً .
الثاني : أن هذا الحديث لم يرو إلا عن ابن عباس ولم يرو عنه إلا من طريق طاوس ، فكيف يقبل ما لم يروه من الصحابة إلا واحد وما لم يروه عن ذلك الصحابي غلا واحد؟ وكيف خفي على جميع الصحابة وسكتوا عنه إلا ابن عباس؟ وكيف خفي على أصحاب ابن عباس إلا طاوس؟ اه محل الغرض من كلام ابن العربي ، وقال ابن عبد البر : ورواية طاوس وهم وغلط لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز ، والشام ، والعراق والمشرق والمغرب . وقد قيل إن أبا الصهباء لا يعرف في موالي ابن عباس .
قال مقيده - عفا الله عنه - إن مثل هذا لا يثبت به تضعيف هذا الحديث . لأن الأئمة كمعمر وابن جريج وغيرهما رووه عن ابن طاوس وهو إمام ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، ورواه عن طاوس أيضاً إبراهيم بن ميسرة ، وهو ثقة حافظ . وانفراد
الصحابي لا يضر ولو لم يرو عنه أصلاً إلا واحد ، كما أشار إليه العراقي في ألفيته بقوله :
ففي الصحيح أخرجا المسيبا ... وأخرج الجعفي لابن تغلبا
يعني : أن الشيخين أخرجا حديث المسيب بن حزن ، ولم يرو عنه أحد غير ابنه سعيد .
وأخرج البخاري حديث عمرو بن تغلب النمري ، ويقال العبدي ولم يرو عنه غير الحسن البصري هذا مراده . وقد ذكر ابن أبي حاتم أن عمرو بن تغلب روى عنه أيضاً الحكم بن الأعرج ، قاله ابن حجر ، وابن عبد البر وغيرهما .
والحاصل أن حديث طاوس ثابت في صحيح مسلم بسند صحيح ، وما كان كذلك لا يمكن تضعيفه إلا بأمر واضح ، نعم لقائل أن يقول : إن خبر الآحاد إذا كانت الدواعي متوفرة إلى نقله ولم ينقله إلا واحد ونحوه ، أن ذلك يدل على عدم صحته . ووجهه أن توافر الدواعي يلزم منه النقل تواتراً والاشتهار ، فإن لم يشتهر دل على أنه لم يقع . لأن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم ، وهذه قاعدة مقررة في الأصول ، أشار إليها في مراقي السعود بقوله عاطفاً على ما يحكم فيه بعدم صحة الخبر :
وخبر الآحاد في السني ... حيث دواعي نقله تواترا ... نرى لها لو قاله تقررا
وجزم بها غير واحد من الأصوليين ، وقال صاحب جمع الجوامع عاطفاً على ما يجزم فيه بعدم صحة الخبر . والمنقول آحاداً فيما تتوافر الدواعي إلى نقله خلافاً للرافضة اه منه بلفظه .
ومراده أن مما يجزم بعدم صحته ، الخبر المنقول آحاداً مع توافر الدواعي إلى نقله . وقال ابن الحاجب في مختصره الأصولي مسألة : إذا انفرد واحد فيما تتوافر الدواعي إلى نقله ، وقد شاركه خلق كثير . كما لو انفرد واحد بقتل خطيب على المنبر في مدينة فهو كاذب قطعاً خلافاً للشيعة اه محل الغرض منه بلفظه . وفي المسألة مناقشات وأجوبة عنها معروفة في الأصول .
قال مقيده - عفا الله عنه - ولا شك أنه على القول بأن معنى حديث طاوس المذكور أن الثلاث بلفظ واحد كانت تجعل واحدة على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، ثم غن عمر غير ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في زمن أبي بكر ، وعامة الصحابة أو جلهم يعلمون ذلك . فالدواعي إلى نقل ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده ، متوافرة توافراً لا يمكن إنكاره ، لأن يرد بذلك التغيير الذي أحدثه عمر فسكوت جميع الصحابة عنه وكون ذلك لم ينقل منه حرف عن غير ابن عباس ، يدل دلالة واضحة على أحد أمرين : أحدهما أن حديث طاوس الذي رواه عن ابن عباس ليس معناه أنها بلفظ واحد ، بل بثلاثة ألفاظ في وقت واحد كما قدمنا ، وكما جزم به النسائي وصححه النووي والقرطبي وابن سريج .
وعليه فلا إشكال لأن تغيير عمر للحكم مبني على تغيير قصدهم والنَّبي صلى الله عليه وسلم قال : « إنما الأعمال بالنِّيات وإنما لكلِّ امرئ ما نوى » فمن قال أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . ونوى التأكيد فواحدة ، وإن نوى الاستئناف بكل
واحدة فثلاث . واختلاف محامل اللفظ الواحد لاختلاف نيات اللافظين به لا إشكال فيه . لقوله صلى الله عليه وسلم : « وإنما لكل امرئ ما نوى » .
والثاني : أن يكون الحديث غير محكوم بصحته لنقله آحاداً مع توافر الدواعي إلى نقله ، والأول أولى وأخف من الثاني ، وقال القرطبي في المفهم في الكلام على حديث طاوس المذكور : وظاهر سياقه يقتضي عن جميعهم أن معظمهم كانوا يرون ذلك ، والعادة في مثل هذا أن يفشو الحكم وينتشر فكيف ينفرد به واحد عن واحد؟ قال : فهذا الوجه يقتضي التوقف عن العمل بظاهره ، إن لم يقتض القطع ببطلانه اه منه بواسطة نقل ابن حجر في فتح الباري عنه ، وهو قوي جداً بحسب المقرر في الأصول كما ترى .(60/160)
الجواب السادس : عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما هو حمل لفظ الثلاث في الحديث على أن المراد بها ألبتة كما قدمنا في حديث ركانة ، وهو من رواية ابن عباس أيضاً ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد أن ذكر هذا الجواب ما نصه : وهو قوي ويؤيده إدخال البخاري في هذا الباب ، الآثار التي فيها ألبتة ، والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث ، كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما ، وأن ألبتة إذا أطلقت حمل على الثلاث إلا إن أراد المطلق واحدة فيقبل ، فكأن بعض رواته حمل لفظ ألبتة على الثلاث : لاشتهار التسوية بينهما ، فرواها بلفظ الثلاث . وإنما المراد لفظ ألبتة ، وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال أردت بالبتة واحدة ، فلما كان عهد عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم اه من فتح الباري بلفظه . وله وجه من النظر كما لا يخفى ، وما يذكره كل ممن قال بلزوم الثلاث دفعة ، ومن قال بعدم لزومها من الأمور النظرية ليصحح به كل مذهبه ، لم نطل به الكلام . لأن الظاهر سقوط ذلك كله ، وأن هذه المسألة إن لم يمكن تحقيقها من جهة النقل فإنه لا يمكن من جهة العقل ، وقياس أنت طالق ثلاثاً على أيمان اللعان في أنه لو حلفها بلفظ واحد لم تجز ، قياس مع وجود الفارق . لأن من اقتصر على واحدة من الشهادات الأربع المذكورة في آية اللعان أجمع العلماء على أن ذلك كما لو لم يأت بشيء منها أصلاً ، بخلاف الطلقات الثلاث فمن اقتصر على واحدة منها اعتبرت إجماعاً وحصلت بها البينونة بانقضاء العدة إجماعاً .
الجواب السابع : هو ما ذكره بعضهم من أن حديث طاوس المذكور ليس فيه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك فأقره ، والدليل إنما هو فيما علم به واقره ، لا فيما لم يعلم به ، قال مقيده - عفا الله عنه - ولا يخفى ضعف هذا الجواب .
لأن جماهير المحدثين والأصوليين على أن ما أسنده الصحابي إلى عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم له حكم المرفوع ، وإن لم يصرح بأنه بلغه صلى الله عليه وسلم وأقره .
الجواب الثامن : أن حديث ابن عباس المذكور في غير المدخول بها خاصة . لأنه إن قال لها أنت طالق بانت بمجرد اللفظ ، فلو قال ثلاثاً لم يصادف لفظ الثلاث محلاً . لوقوع البينونة قبلها . وحجة هذا القول أن بعض الروايات كرواية أبي داود جاء فيها التقييد بغير المدخول بها ، والمقرر في الأصول هو حمل المطلق على المقيد ، ولا سيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا قال في مراقي السعود :
وحمل مطلق على ذاك وجب ... إن فيهما اتحد حكم والسبب
وما ذكره الأبي - رحمه الله - من أن الإطلاق والتقييد إنما هو في حديثين ، أما في حديث واحد من طريقين فمن زيادة العدل فمردود . بأنه لا دليل عليه . وأنه مخالف لظاهر كلام عامة العلماء ، ولا وجه للفرق بينهما . وما ذكره الشوكاني - رحمه الله - في نيل الأوطار من أن رواية أبي داود التي فيها التقييد بعدم الدخول فرد من أفراد الروايات العامة ، وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه ، لا يظهر . لأن هذه المسالة من مسائل المطلق والمقيد ، لا من مسائل ذكر بعض أفراد العام ، فالروايات التي أخرجها مسلم مطلقة عن قيد عدم الدخول ، والرواية التي أخرجها أبو داود مقيدة بعدم الدخول كما ترى ، والمقرر في الأصول حمل المطلق على المقيد ، ولا سيما إن اتحد الحكم والسبب كما هنا . نعم لقائل أن يقول إن كلام ابن عباس في رواية أبي داود المذكورة وارد على سؤال أبي الصهباء ، وأبو الصهباء لم يسأل إلا عن غير المدخول بها ، فجواب ابن عباس لا مفهوم مخالفة له . لأنه إنما خص غير المدخول بها لمطابقة الجواب للسؤال .
وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار دليل الخطاب أعني مفهوم المخالفة ، كون الكلام وارداً جواباً لسءال . لأن تخصيص المنطوق بالذكر لمطابقة السؤال فلا يتعين كونه لإخراج حكم المفهوم عن المنطوق . وأشار إليه في مراقي السعود في ذكر موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله :
أو جهل الحكم أو النطق انجلب ... للسؤل أو جرى على الذي غلب
ومحل الشاهد منه قوله . أو النطق انجلب للسؤل .
وقد قدمنا أن رواية أبي داود المذكورة عن أيوب السختياني عن غير واحد عن طاوس وهو صريح في أن من روى عنهم أيوب مجهولون ، ومن لم يعرف من هو ، لا يصح الحكم بروايته ولذا قال النووي في شرح مسلم ما نصه : وأما هذه الرواية التي لأبي داود فضعيفة ، رواها أيوب عن قوم مجهولين ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، فلا يحتج بها والله أعلم ، انتهى منه بلفظه .
وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود بعد أن ساق الحديث المذكور ما نصه : الرواة عن طاوس مجاهيل انتهى منه بلفظه . وضعف رواية أبي داود هذه ظاهر كما ترى للجهل بمن روى عن طاوس فيها ، وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد بعد أن ساق لفظ هذه البواية ما نصه : وهذا لفظ الحديث وهو بأصح إسناد انتهى محل الغرض منه بلفظه فانظره مع ما تقدم . هذا ملخص كلام العلماء في هذه المسالة مع ما فياه من النصوص الشرعية .
قال مقيده - عفا الله عنه - الذي يظهر لنا صوابه في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، وهو أن الحق فيها دائر بين أمرين : أحدهما أن يكون المراد بحديث طاوس المذكور كون الثلاث المذكورة ليست بلفظ واحد : والثاني أنه إن كان معناه أنها بلفظ واحد فإن ذلك منسوخ ولم يشتهر العلم بنسخه بين الصحابة إلا في زمان عمر ، كما وقع نظيره في نكاح المتعة . أما الشافعي فقد نقل عنه البيهقي في السنن الكبرى ما نصه : فإن كان معنى قول ابن عباس إن الثلاث كانت تحسب على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم واحدة ، يعني أنه بأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فالذي يشبه - والله أعلم - أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شيء فنسخ ، فإن قيل فما دل على ما وصفت؟ قيل لا يشبه أن يكون ابن عباس يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ثم يخالفه بشيء لم يعلمه ، كان من النَّبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف . قال الشيخ رواية عكرمة عن ابن عباس قد مضت في النسخ وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل ، قال الشافعي فإن قيل فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر رضي الله عنهم قيل قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمر رضي الله عنه في نكاح المتعة ، وفي بيع الدينار بالدينارين ، وفي بيع أمهات الأولاد وغيره ، فكيف يوافقه في شيء يروى عن النَّبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف ما قال؟ اه محل الغرض منه بلفظه .
ومعناه واضح في أن الحق دائر بين الأمرين المذكورين . لأن قوله فإن كان معنى قول ابن عباس إلخ يدل على أن غير ذلك محتمل ، وعلى أن المعنى أنها ثلاث بفم واد ، وقد أقر النَّبي صلى الله عليه وسلم جعلها واحدة ، فالذي يشبه عنده أن يكون منسوخاً ، ونحن نقول إن الظاهر لنا دوران الحق بين الأمرين كما قال الشافعي رحمه الله تعالى : إما أن يكون معنى حديث طاوس المذكور أن الثلاث ليست بلفظ واحد ، بل بألفاظ متفرقة بنسق واحد كأنت طالق أنت طالق ، أنت طالق .
وهذه الصورة تدخل لغة في معنى طلاق الثلاث دخولاً لا يمكن نفيه ، ولا سيما على الرواية التي أخرجها أبو داود التي جزم العلامة ابن القيم رحمه الله بأن إسنادها أصح إسناد ، فإن لفظها أن أبا الصهباء قال لابن عباس : أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر؟ قال ابن عباس بلى! كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر ، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال أجيزوهن عليهم ، فإن هذه الرواية بلفظ طلقها ثلاثاً وهو أظهر في كونها متفرقة بثلاثة ألفاظ ، كما جزم به العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - في رده الاستدلال بحديث عائشة الثابت في الصحيح . فقد قال في زاد المعاد ما نصه : وأما استدلالكم بحديث عائشة « أن رجلاً طلق ثلاثاً فتزوجت ، فسئل النَّبي صلى الله عليه وسلم هل تحل للأول؟ قال : » لا حتى تذوق العسيلة « فهذا مما لا ننازعكم فيه ، نعم هو حجة على من اكتفى بمجرد عقد الثاني . ولكن اين في الحديث أنه طلق الثلاث بفم واحد؟ بل الحديث حجة لنا ، فإنه لا يقال فعل ذلك ثلاثاً ، وقال ثلاثاً ، غلا من فعل وقال مرة بعد مرة ، وهذا هو المعقول في لغات الأمم عربهم وعجمهم . كما يقال قذفه ثلاثاً ، وشتمه ثلاثاً وسلم عليه ثلاثاً انتهى منه بلفظه . وقد عرفت أن لفظ رواية أبي داود موافق للفظ عائشة الثابت في الصحيح الذي جزم فيه العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - بأنه لا يدل على أن الثلاث بفم واحد ، بل دلالته على أنها بألفاظ متفرقة متعينة في جميع لغات الأمم ، ويؤيده أن البيهقي في السنن الكبرى قال ما نصه : وذهب أبو يحيى الساجي إلى أن معناه إذا قال للبكر : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . كانت واحدة فغلظ عليهم عمر رضي الله عنه فجعلها ثلاثاً ، قال الشيخ ورواية أيوب السختياني تدل على صحة هذا التأويل اه منه
بلفظه ورواية أيوب المذكورة هي التي أخرجها أبو داود وهي المطابق لفظها حديث عائشة الذي جزم فيه ابن القيم - رحمه الله - بأنه لا يدل إلا على أن الطلقات المذكورة ليست بفم واحد ، بل واقعة مرة بعد مرة وهي واضحة جداً فيما ذكرنا ، ويؤيده أيضاً أن البيهقي نقل عن ابن عباس ما يدل على أنها إن كانت بألفاظ متتابعة فهي واحدة ، وإن كانت بلفظ واحد فهي ثلاث ، وهو صريح في محل النزاع ، مبين أن الثلاث التي تكون واحدة هي المسرودة بألفاظ متعددة لأنها تأكيد للصيغة الأولى ، ففي السنن الكبرى للبيهقي ما نصه : قال الشيخ ويشبه أن يكون أراد إذا طلقها ثلاثاً تترى ، روى جابر بن يزيد عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما في رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها ، قال عقدة كانت بيده أرسلها جميعاً .
وإذا كانت تترى فليس بشيء . قال سفيان الثوري تترى يعني أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق . فإنها تبين بالأولى ، والثنتان ليستا بشيء ، وروي عن عكرمة عن ابن عباس ما دل على ذلك انتهى منه بلفظه . فهذه أدلة واضحة على أن الثلاث في حديث طاوس ليست بلفظ واحد ، بل مسرودة بألفاظ متفرقة كما جزم به الإمام النسائي - رحمه الله - وصححه النووي والقرطبي وابن سريج وأبو يحيى الساجي ، وذكره البيهقي عن الشعبي عن ابن عباس ، وعن عكرمة عن ابن عباس ، وتؤيده روية أيوب التي صححها ابن القيم كما ذكره البيهقي وأوضحناه آنفاً مع أنه لا يوجد دليل يعين كون الثلاثالمذكورة في حديث طاوس المذكور بلفظ واحد ، لا من وضع اللغة ، ولا من العرف ، ولا من الشرع ، ولا من العقل . لأن روايات حديث طاوس ليس في شيء منها التصريح بأن الثلاث المذكورة واقعة بلفظ واحد ، ومجرد لفظ الثلاث ، أو طلاق الثلاث ، أو الطلاق الثلاث ، لا يدل على أنها بلفظ واحد لصدق كل تلك العبارات على الثلاث الواقعة بألفاظ متفرقة كما رأيت ، ونحن لا نفرق في هذا بين البر والفاجر ، ولا بين زمن وزمن ، وإنما نفرق بين من نوى التأكيد ، ومن نوى التأسيس ، والفرق بينهما لا يمكن إنكاره ، ونقول الذي يظهر أن ما فعله عمر إنما هو لما علم من كثرة قصد التاسيس في زمنه ، بعد أن كان في الزمن الذي قبله قصد التأكيد هو الأغلب كما قدمنا ، وتغيير معنى اللفظ لتغير قصد اللافظين به لا إشكال فيه ، فقوة هذا الوجه واتجاهه وجريانه على اللغة ، مع عدم إشكال فيه كما ترى . وبالجملة بلفظ رواية أيوب التي أخرجها أبو داود .
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - إنها بأصح إسناد مطابق للفظ حديث عائشة الثابت في الصحيحين ، الذي فيه التصريح من النَّبي صلى الله عليه وسلم : بأنها لا تحل للأول حتى يذوق عسيلتها الثاني كما ذاقها الأول . وبه تعرف أن جعل الثلاث في حديث عائشة متفرقة في أوقات متباينة ، وجعلها في حديث طاوس بلفظ واحد تفريق لا وجه له مع اتحاد لفظ المتن في رواية أبي داود ، ومع أن القائلين برد الثلاث المجتمعة إلى واحدة لا يجدون فرقاً في المعنى بين رواية أيوب وغيرها من روايات حديث طاوس .
ونحن نقول للقائلين برد الثلاث إلى واحدة إما أن يكون معنى الثلاث في حديث عائشة وحديث طاوس أنها مجتمعة أو مفرقة ، فإن كانت مجتمعة فحديث عائشة متفق عليه فهو أولى بالتقديم ، وفيه التصريح بأن تلك الثلاث تحرمها ولا تحل إلا
بعد زوج ، وإن كانت متفرقة فلا حجة لكم أصلاً في حديث طاوس على محل النزاع . لأن النزاع في خصوص الثلاث بلفظ واحد . أما جعلكم الثلاث في حديث عائشة مفرقة . وفي حديث طاوس مجتمعة فلا وجه له ولا دليل عليه ، ولا سيما أن بعض رواياته مطابق لفظه للفظ حديث عائشة ، وأنتم لا ترون فرقاً بين معاني ألفاظ رواياته من جهة كون الثلاث مجتمعة لا متفرقة .
وأما على كون معنى حديث طاوس أن الثلاث التي كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، هي المجموعة بلفظ واحد فإنه على هذا يتعين النسخ كما جزم به أبو داود رحمه الله ، وجزم به ابن حجر في فتح الباري ، وهو قول الشافعي كما قدمنا عنه ، وقال به غير واحد من العلماء .
وقد رأيت النصوص الدالة على النسخ التي تفيد أن المراد بجعل الثلاث واحدة . أنه في الزمن الذي كان لا فرق فيه بين واحدة وثلاث ، ولو متفرقة : لجواز الرجعة ولو بعد مائة تطليقة . متفرقة كانت أو لا . وأن المراد بمن كان يفعله في زمن أبي بكر هو من لم يبلغه النسخ ، وفي زمن عمر اشتهر النسخ بين الجميع . وإدعاء أن مثل هذا لا يصح يرده بإيضاح وقوع مثله في نكاح المتعة ، فإنا قد قدمنا أن مسلماً روى عن جابر أنها كانت تفعل على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وفي بعض من زمن عمر قال : فنهانا عنها عمر . وهذه الصورة هي التي وقعت في جعل الثلاث واحدة ، والنسخ ثابت في كل واحدة منهما ، فادعاء إمكان إحداهما واستحالة الأخرى في غاية السقوط كما ترى . لأن كل واحدة منهما ، روى فيها مسلم في صحيحه عن صحابي جليل ، أن مسألة تتعلق بالفروج كانت تفعل في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر ، ثم غير حكمها عمر ، والنسخ ثابت في كل واحدة منهما . وأما غير هذين الأمرين فلا ينبغي أن يقال . لأن نسبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وخلق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غلى أنهم تركوا ما جاء به النَّبي صلى الله عليه وسلم وجاءوا بما يخالفه من تلقاء أنفسهم عمداً غير لائق ، ومعلوم أنه ابطل بلا شك .
وقد حكى غير واحد من العلماء أن الصحابة أجمعوا في زمن عمر على نفوذ الطلاق الثلاث دفعة واحدة .
والظاهر أن مراد المدعي لهذا الإجماع هو الإجماع السكوتي ، مع أن بعض العلماء ذكر الخلاف في ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين . وقد قدمنا كلام أبي بكر بن العربي القائل : بأن نسبة ذلك إلى بعض الصحابة كذب بحت ، وأنه لم يثبت عن أحد منهم جعل الثلاث بلفظ واحد واحدة ، وما ذكره بعض أجلاء العلماء من أن عمر إنما أوقع عليهم الثلاث مجتمعة عقوبة لهم ، مع أنه يعلم أن ذلك خلاف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في زمن أبي بكر - رضي الله عنه - فالظهر عدم نهوضه . لأن عمر لا يسوغ له أن يحرم فرجاً أحله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يصح منه أن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيح ذلك الفرج بجواز الرجعة ويتجرأ هو على منعه بالبينونة الكبرى ، والله تعالى يقول : { وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ } [ الحشر : 7 ] الآية ، ويقول : { ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى
الله تَفْتَرُونَ } [ يونس : 59 ] ويقول : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ الله } [ الشورى : 21 ] ؟
والمروي عن عمر في عقوبة من فعل ما لا يجوز من الطلاق هو التعزير الشرعي المعروف ، كالضرب . أما تحريم المباح من الفروج فليس من أنواع التعزيرات . لأنه يفضي إلى حرمته على من أحله الله له وإباحته لمن حرمه عليه . لأنه إن أكره على إبانتها وهي غير بائن في نفس الأمر لا تحل لغيره . لأن زوجها لم يبنها عن طيب نفس وحكم الحاكم وفتواه لا يحل الحرام في نفس الأمر ، ويدل له حديث أم سلمة المتفق عليه فإن فيه : « فمن قضيت له فلا يأخذ من حق أخيه شيئاً ، فكأنما أقطع له قطعة من نار » ويشير له قوله تعالى : { فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } [ الأحزاب : 37 ] لأنه يفهم منه أنه لو لم يتركها اختياراً لقضائه وطره منها ما حلت لغيره .
وقد قال الحافظ بن حجر في فتح الباري ما نصه : وفي الجملة فالذي وقع في هذه المسألة نظير ما وقع في مسألة المتعة سواء - أعني قول جابر : إنها كانت تفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراص من خلافة عُمر ، قال ثم نهانا عُمر عنها فانتهينا ، فالراجح في الموضعين تحريم المتعة وإيقاع الثلاث للإجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك .
ولا يحفظ أن أحداً في عهد عمر خالفه في واحدة منهما ، وقد دل إجماعهم على وجود ناسخ وإن كان خفي عن بعضهم قبل ذلك حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر ، فالمخالف بعد هذا الإجماع منا بذله ، والجمهور على عدم اعتبار من أحدث الاختلاف بعد الاتفاق والله أعلم اه منه بلفظه .
وحاصل خلاصة هذه المسالة أن البحث فيها من ثلاث جهات :
الأولى : من جهة دلالة النص القولي أو الفعلي الصريح .
الثانية : من جهة صناعة علم الحديث والأصول .
الثالثة : من جهة أقوال أهل العلم فيها أما أقوال أهل العلم فيها فلا يخفى أن الأئمة الأربعة وأتباعهم وجل الصحابة وأكثر العلماء على نفوذ الثلاث دفعة بلفظ واحد ، وادعى غير واحد على ذلك إجماع الصحابة وغيرهم .
وأما من جهة نص صريح من قول النَّبي صلى الله عليه وسلم أو فعله فلم يثبت من لفظ النَّبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعله ما يدل على جعل الثلاث واحدة ، وقد مر لك أن أثبت ما روي في قصة طلاق ركانة أنه بلفظ ألبتة ، وأن النَّبي حلفه ما أراد إلا واحدة ، ولو ك ان لا يلزم أكثر من واحدة بلفظ واحد لما كان لتحليفه معنى . وقد جاء في حديث ابن عمر عند الدارقطني أنه قال : يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثاً أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال : لا ، كانت تبين منك ، وتكون معصية .
وقد قدمنا أن في إسناده عطاء الخراساني ، وشعيب بن زريق الشامي ، وقد قدمنا أن عطاء المذكور من رجال مسلم ، وأن شعيباً المذكور قال فيه ابن حجر في التقريب صدوق يخطئ ، وأن حديث ابن عمر هذا يعتضد بما ثبت عن ابن عمر في
الصحيح من أنه قال : وإن كنت طلقتها ثلاثاً فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجاً غيرك ، وعصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك .
ولا سيما على قول الحاكم : إنه مرفوع ويعتضد بالحديث المذكور قبله . لتحليفه ركانة وبحديث الحسن بن علي المتقدم عند البيهقي والطبراني ، وبحديث سهل بن سعد الساعدي الثابت في الصحيح ، في لعان عويمر وزوجه ، ولا سيما رواية فأنفذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني الثلاث المجتمعة وببقية الأحاديث المتقدمة .
وقد قدمنا أن كثرة طرقها واختلاف منازعها يدل على أن لها أصلاً وأن بعضها يشد بعضاً فيصلح المجموع للاحتجاج . ولا سيما أن بعضها صححه بعض العلماء وحسنه بعضهم ، كحديث ركانة المتقدم . وقد عرفت أن حديث داود بن الحصين لا دليل فيه على تقدير ثبوته ، فإذا حققت أن المروي باللفظ الصريح عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ليس يدل إلا على وقوع الثلاث مجتمعة ، فاعلم أن كتاب الله ليس فيه شيء يدل على عدم وقوع الثلاث دفعة واحدة . لأنه ليس فيه آية فيها ذكر الثلاث المجتمعة ، وأحرى آية تصرح بعدم لزومها .
وقد قدمنا عن النووي وغيره أن العلماء استدلوا على وقوع الثلاث دفعة بقوله تعالى :
{ وَتِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } [ الطلاق : 1 ] قالوا معناه : أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تداركه . لوقوع البينونة فلو كانت الثلاث لا تقع ، لم يقع طلاقه إلا رجعياً ، فلا يندم .
وقد قدمنا ما ثبت عن ابن عباس من أنها تلزم مجتمعة ، وأن ذلك داخل في معنى الآية وهو واضح جداً . فاتضح أنه ليس في كتاب الله ولا في صريح قول النَّبي صلى الله عليه وسلم أو فعله ما يدل على عدم وقوع الثلاث .
أما من جهة صناعة علم الحديث ، والأصول ، فما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس المتقدم له حكم الرفع . لأن قول الصحابي كان يفعل كذا على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم ، له حكم الرفع عند جمهور المحدثين والأصوليين .
وقد علمت أوجه الجواب عنه بإيضاح ، ورأيت الروايات المصرحة بنسخ المراجعة بعد الثلاث ، وقد قدمنا أن جميع روايات حديث طاوس عن ابن عباس المذكور عند مسلم ليس في شيء منها التصريح بأن الطلقات الثلاث بلفظ واحد ، وقد قدمنا أيضاً أن بعض رواياته موافقة للفظ حديث عائشة الثابت في الصحيح . وأنه لا وجه للفرق بينهما ، فإن حمل على أن الثلاث مجموعة فحديث عائشة أصح ، وفيه التصريح بأن تلك المطلقة لا تحل إلا بعد زوج . وإن حمل على أنها بألفاظ متفرقة ، فلا دليل إذن في حديث طاوس عن ابن عباس على محل النزاع ، فإن قيل أنتم تارة تقولون : إن حديث ابن عباس منسوخ ، وتارة تقولون : ليس معناه أنها بلفظ واحد ، بل بألفاظ متفرقة ، فالجواب أن معنى كلامنا : أن الطلقات في حديث طاوس لا يتعين كونها بلفظ واحد ، ولو فرضنا أنها بلفظ واحد ، فجعلها واحدة منسوخ هذا هو ما ظهر لنا في هذه المسالة . والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أسلم .
ـــــــــــــــــــ(60/161)
المحلى لابن حزم - (ج 6 / ص 107)
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ الثَّلاَثَ تُجْعَلُ وَاحِدَةً , فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ الطَّلاَقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ : طَلاَقُ الثَّلاَثِ وَاحِدَةً , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ , فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الدَّبَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لأَبْنِ عَبَّاسٍ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا كَانَتْ الثَّلاَثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إمَارَةِ عُمَرَ قَالَ : نَعَمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ الْحَرَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ النَّبِيلُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لأَبْنِ عَبَّاسٍ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الثَّلاَثَ كَانَتْ تُجْعَلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ تُرَدُّ إلَى الْوَاحِدَةِ قَالَ : نَعَمْ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ طَاوُوس ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي بَعْضُ بَنِي أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : طَلَّقَ عَبْدُ يَزِيدَ أَبُو رُكَانَةَ وَإِخْوَتُهُ أُمَّ رُكَانَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ : رَاجِعْ امْرَأَتَكَ أُمَّ رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ فَقَالَ : إنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلاَثًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَرْجِعْهَا وَتَلاَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ .
قال أبو محمد رحمه الله : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا احْتَجُّوا بِهِ غَيْرَ هَذَا , وَهَذَا لاَ يَصِحُّ , لأََنَّهُ ، عَنْ غَيْرِ مُسَمًّى مِنْ بَنِي أَبِي رَافِعٍ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مَجْهُولٍ , وَمَا نَعْلَمُ فِي بَنِي أَبِي رَافِعٍ مِنْ يُحْتَجُّ بِهِ إِلاَّ عُبَيْدُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَسَائِرُهُمْ مَجْهُولُونَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ طَاوُوس ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الثَّلاَثَ كَانَتْ وَاحِدَةً وَتُرَدُّ إلَى الْوَاحِدَةِ وَتُجْعَلُ وَاحِدَةً فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام هُوَ الَّذِي جَعَلَهَا وَاحِدَةً , أَوْ رَدَّهَا إلَى الْوَاحِدَةِ , وَلاَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَلِمَ بِذَلِكَ فَأَقَرَّهُ , وَلاَ حُجَّةَ إِلاَّ فِيمَا صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَهُ أَوْ فَعَلَهُ أَوْ عَلِمَهُ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ هَذَا الْخَبَرُ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : كُنَّا نُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ كَذَا ,
وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ـــــــــــــــــــ(60/162)
زاد المعاد - (ج 5 / ص 229)
[حُجَجُ مَنْ أَوْقَعَهَا ثَلَاثًا ]
قَالَ الْمُوقِعُونَ لِلثّلَاثِ الْكَلَامُ مَعَكُمْ فِي مَقَامَيْنِ أَحَدُهُمَا : تَحْرِيمُ جَمْعِ الثّلَاثِ .
وَالثّانِي : وُقُوعُهَا جُمْلَةً وَلَوْ كَانَتْ مُحَرّمَةً . وَنَحْنُ نَتَكَلّمُ مَعَكُمْ فِي الْمَقَامَيْنِ فَأَمّا الْأَوّلُ فَقَدْ قَالَ الشّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي إحْدَى الرّوَايَاتِ عَنْهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الظّاهِرِ إنّ جَمْعَ الثّلَاثِ سُنّةٌ وَاحْتَجّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ طَلّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } [ الْبَقَرَةُ 236 ] وَلَمْ يُفَرّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الثّلَاثُ مَجْمُوعَةً أَوْ مُفَرّقَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ نُفَرّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللّهُ بَيْنَهُ كَمَا لَا نَجْمَعُ بَيْنَ مَا فَرّقَ اللّهُ بَيْنَهُ . وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ طَلّقْتُمُوهُنّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسّوهُنّ } [ الْبَقَرَةُ 227 ] وَلَمْ يُفَرّقْ وَقَالَ { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلّقْتُمُ النّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسّوهُنّ } الْآيَةُ وَلَمْ يُفَرّقْ وَقَالَ [ ص 231 ] { وَلِلْمُطَلّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } [ الْبَقَرَةُ 241 ] وَقَالَ { يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمّ طَلّقْتُمُوهُنّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسّوهُنّ } [ الْأَحْزَابُ 49 ] وَلَمْ يُفَرّقْ . قَالُوا : وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " أَنّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيّ طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِطَلَاقِهَا قَالُوا : فَلَوْ كَانَ جَمْعُ الثّلَاثِ مَعْصِيَةً لَمَا أَقَرّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا يَخْلُو طَلَاقُهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ أَوْ حِينَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِاللّعَانِ . فَإِنْ كَانَ الْأَوّلَ فَالْحُجّةُ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ الثّانِيَ فَلَا شَكّ أَنّهُ طَلّقَهَا وَهُوَ يَظُنّهَا امْرَأَتَهُ فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَبَيّنَهَا لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ . قَالُوا : وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيّ " مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ أَنّ رَجُلًا طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوّجَتْ فَطَلُقَتْ فَسُئِلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَتَحِلّ لِلْأَوّلِ ؟ قَالَ " لَا حَتّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الْأَوّلُ فَلَمْ يُنْكِرْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَلِكَ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى إبَاحَةِ جَمْعِ الثّلَاثِ وَعَلَى وُقُوعِهَا إذْ لَوْ لَمْ تَقَعْ لَمْ يُوَقّفْ رُجُوعَهَا إلَى الْأَوّلِ عَلَى ذَوْقِ الثّانِي عُسَيْلَتَهَا . قَالُوا : وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ أَنّ زَوْجَهَا أَبَا حَفْصٍ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيّ طَلّقَهَا ثَلَاثًا ثُمّ انْطَلَقَ إلَى الْيَمَنِ فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا : إنّ أَبَا حَفْصٍ طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَعَلَيْهَا الْعِدّةُ [ ص 232 ] صَحِيحِ مُسْلِمٍ " فِي هَذِهِ الْقِصّةِ قَالَتْ فَاطِمَةُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ " كَمْ طَلّقَكِ " ؟ قُلْت : ثَلَاثًا فَقَالَ " صَدَقَ لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَفِي لَفْظٍ لَهُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ زَوْجِي طَلّقَنِي ثَلَاثًا وَإِنّي أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيّ وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فِي الْمُطَلّقَةِ ثَلَاثًا : " لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ قَالُوا : وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرّزّاقِ فِي " مُصَنّفِهِ " عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصّافِي عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ قَالَ طَلّقَ جَدّي امْرَأَةً لَهُ أَلْفَ تَطْلِيقَةٍ فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " مَا اتّقَى اللّهَ جَدّك أَمّا ثَلَاثٌ فَلَهُ وَأَمّا تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَعُدْوَانٌ وَظُلْمٌ إنْ شَاءَ اللّهُ عَذّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قَالَ طَلّقَ بَعْضُ آبَائِي امْرَأَتَهُ فَانْطَلَقَ بَنُوهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَبَانَا طَلّقَ أُمّنَا أَلْفًا فَهَلْ لَهُ مِنْ مَخْرَجٍ ؟ فَقَالَ إنّ أَبَاكُمْ لَمْ يَتّقِ اللّهَ فَيَجْعَلَ لَهُ مَخْرَجًا بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ عَلَى غَيْرِ السّنّةِ
وَتِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ إثْمٌ فِي عُنُقِهِ [ ص 233 ] قَالُوا : وَرَوَى مُحَمّدُ بْنُ شَاذَانَ عَنْ مُعَلّى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ زُرَيْقٍ أَنّ عَطَاءَ الْخُرَاسَانِيّ حَدّثَهُمْ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّهُ طَلّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمّ أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِطَلْقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عِنْدَ الْقُرْأَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ " يَا ابْنَ عُمَرَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللّهُ أَخْطَأْت السّنّةَ . .. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ كُنْت طَلّقْتهَا ثَلَاثًا أَكَانَ لِي أَنْ أَجْمَعَهَا قَالَ " لَا كَانَتْ تَبِينُ وَتَكُونُ مَعْصِيَةً قَالُوا : وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " : عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ الْبَتّةَ فَأُخْبِرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاَللّهِ مَا أَرَدْتَ إلّا وَاحِدَةً " ؟ فَقَالَ رُكَانَةُ وَاَللّهِ مَا أَرَدْتُ إلّا وَاحِدَةً فَرَدّهَا إلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَطَلّقَهَا الثّانِيَةَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَالثّالِثَةَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَفِي " جَامِعِ التّرْمِذِيّ " : عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَلِيّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّهُ طَلّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ " أَرَدْتَ بِهَا ؟ قَالَ وَاحِدَةً قَالَ " آللّهِ " قَالَ آللّهِ قَالَ " هُوَ عَلَى مَا أَرَدْتَ قَالَ التّرْمِذِيّ لَا نَعْرِفُهُ إلّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَسَأَلْتُ مُحَمّدًا - يَعْنِي الْبُخَارِيّ - عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ؟ فَقَالَ فِيهِ اضْطِرَابٌ . وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحْلَفَهُ أَنّهُ أَرَادَ بِالْبَتّةِ وَاحِدَةً فَدَلّ عَلَى أَنّهُ لَوْ أَرَادَ بِهَا أَكْثَرَ لَوَقَعَ مَا أَرَادَهُ وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ لَمْ يُحَلّفْهُ . [ ص 234 ] قَالُوا : وَهَذَا أَصَحّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي رَافِعٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ طَلّقَهَا ثَلَاثًا . قَالَ أَبُو دَاوُدَ : لِأَنّهُمْ وَلَدُ الرّجُلِ وَأَهْلُهُ أَعْلَمُ بِهِ أَنّ رُكَانَةَ إنّمَا طَلّقَهَا الْبَتّةَ . قَالُوا : وَابْنُ جُرَيْجٍ إنّمَا رَوَاهُ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي رَافِعٍ . فَإِنْ كَانَ عُبَيْدَ اللّهِ فَهُوَ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ مِنْ إخْوَتِهِ فَمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ لَا تَقُومُ بِهِ حُجّةٌ . قَالُوا : وَأَمّا طَرِيقُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَفِيهَا ابْنُ إسْحَاقَ وَالْكَلَامُ فِيهِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ حَكَى الْخَطّابِيّ أَنّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ كَانَ يُضَعّفُ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ كُلّهَا . قَالُوا : وَأَصَحّ مَا مَعَكُمْ حَدِيثُ أَبِي الصّهْبَاءِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيّ : هَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِمُ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَتَرَكَهُ الْبُخَارِيّ وَأَظُنّهُ تَرَكَهُ لِمُخَالَفَتِهِ سَائِرَ الرّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ثُمّ سَاقَ الرّوَايَاتِ عَنْهُ بِوُقُوعِ الثّلَاثِ ثُمّ قَالَ فَهَذِهِ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ وَمُحَمّدِ بْنِ إيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ قَالَ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيّاشٍ الْأَنْصَارِيّ كُلّهُمْ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ أَجَازَ الثّلَاثَ وَأَمْضَاهُنّ . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُظَنّ بِابْنِ عَبّاسٍ أَنّهُ يَحْفَظُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شَيْئًا ثُمّ يُفْتِي بِخِلَافِهِ . وَقَالَ الشّافِعِيّ : فَإِنْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ : إنّ الثّلَاثَ كَانَتْ تُحْسَبُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاحِدَةً يَعْنِي أَنّهُ بِأَمْرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاَلّذِي يُشْبِهُ - وَاَللّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبّاسٍ قَدْ عَلِمَ أَنّهُ كَانَ شَيْئًا فَنُسِخَ . قَالَ الْبَيْهَقِيّ : وَرِوَايَةُ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ فِيهَا تَأْكِيدٌ لِصِحّةِ هَذَا التّأْوِيلِ - يُرِيدُ الْبَيْهَقِيّ - مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالْمُطَلّقَاتُ يَتَرَبّصْنَ بِأَنْفُسِهِنّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } الْآيَةُ . .. [ ص 235 ] وَذَلِكَ أَنّ الرّجُلَ كَانَ إذَا طَلّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقّ بِرَجْعَتِهَا وَإِنْ طَلّقَهَا ثَلَاثًا فَنُسِخَ ذَلِكَ فَقَالَ الطّلَاقُ مَرّتَانِ قَالُوا : فَيُحْتَمَلُ أَنّ الثّلَاثَ كَانَتْ تُجْعَلُ وَاحِدَةً مِنْ هَذَا
الْوَقْتِ بِمَعْنَى أَنّ الزّوْجَ كَانَ يَتَمَكّنُ مِنْ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَهَا كَمَا يَتَمَكّنُ مِنْ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ ثُمّ نُسِخَ ذَلِكَ . وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إنّمَا جَاءَ فِي نَوْعٍ خَاصّ مِنْ الطّلَاقِ الثّلَاثِ وَهُوَ أَنْ يُفَرّقَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ النّاسُ عَلَى صِدْقِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الْخِبّ وَالْخِدَاعُ فَكَانُوا يُصَدّقُونَ أَنّهُمْ أَرَادُوا بِهِ التّأْكِيدَ وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ الثّلَاثَ فَلَمّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي زَمَانِهِ أُمُورًا ظَهَرَتْ وَأَحْوَالًا تَغَيّرَتْ مَنَعَ مَنْ حَمَلَ اللّفْظَ عَلَى التّكْرَارِ وَأَلْزَمَهُمْ الثّلَاثَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنّ النّاسَ كَانَتْ عَادَتُهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إيقَاعَ الْوَاحِدَةِ ثُمّ يَدَعُهَا حَتّى تَنْقَضِيَ عِدّتُهَا ثُمّ اعْتَادُوا الطّلَاقَ الثّلَاثَ جُمْلَةً وَتَتَايَعُوا فِيهِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا : كَانَ الطّلَاقُ الّذِي يُوقِعُهُ الْمُطَلّقُ الْآنَ ثَلَاثًا يُوقِعُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ الْوَاقِعِ لَا عَنْ الْمَشْرُوعِ . [ ص 236 ] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هُوَ الّذِي كَانَ يَجْعَلُ الثّلَاثَ وَاحِدَةً وَلَا أَنّهُ أُعْلِمَ بِذَلِكَ فَأَقَرّ عَلَيْهِ وَلَا حُجّةَ إلّا فِيمَا قَالَهُ أَوْ فَعَلَهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ فَأَقَرّ عَلَيْهِ وَلَا يُعْلَمُ صِحّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي الصّهْبَاءِ . قَالُوا : وَإِذَا اخْتَلَفَتْ عَلَيْنَا الْأَحَادِيثُ نَظَرْنَا إلَى مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّهُمْ أَعْلَمُ بِسُنّتِهِ فَنَظَرْنَا فَإِذَا الثّابِتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ الّذِي لَا يَثْبُتُ عَنْهُ غَيْرُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ أَنّهُ رَوَاهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَجُلٌ طَلّقَ امْرَأَتَهُ أَلْفًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَطَلّقْتَ امْرَأَتَك ؟ فَقَالَ إنّمَا كُنْتُ أَلْعَبُ فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدّرّةِ وَقَالَ إنّمَا يَكْفِيك مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثٌ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ إنّي طَلّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا فَقَالَ لَهُ عَلِيّ بَانَتْ مِنْك بِثَلَاثٍ وَاقْسِمْ سَائِرَهُنّ بَيْنَ نِسَائِك وَرَوَى وَكِيعٌ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي يَحْيَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ فَقَالَ طَلّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا فَقَالَ بَانَتْ مِنْك بِثَلَاثٍ وَرَوَى عَبْدُ الرّزّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثّوْرِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبّاسٍ طَلّقْتُ امْرَأَتِي أَلْفًا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبّاسٍ : ثَلَاثٌ تُحَرّمُهَا عَلَيْك وَبَقِيّتُهَا عَلَيْك وِزْرٌ اتّخَذْت آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا [ ص 237 ] عَبْدُ الرّزّاقِ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ إنّي طَلّقْتُ امْرَأَتِي تِسْعًا وَتِسْعِينَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ : ثَلَاثٌ تَبِينُهَا مِنْك وَسَائِرُهُنّ عُدْوَان وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي " سُنَنِهِ " عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إيَاسٍ أَنّ ابْنَ عَبّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سُئِلُوا عَنْ الْبِكْرِ يُطَلّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا فَكُلّهُمْ قَالَ لَا تَحِلّ لَهُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجَا غَيْرَهُ قَالُوا : فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمَا تَسْمَعُونَ قَدْ أَوْقَعُوا الثّلَاثَ جُمْلَةً وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ إلّا عُمَرُ الْمُحَدّثُ الْمُلْهَمُ وَحْدَهُ لَكَفَى فَإِنّهُ لَا يُظَنّ بِهِ تَغْيِيرُ مَا شَرَعَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الطّلَاقِ الرّجْعِيّ فَيَجْعَلُهُ مُحَرّمًا وَذَلِكَ يَتَضَمّنُ تَحْرِيمَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَلَى مَنْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَإِبَاحَتُهُ لِمَنْ لَا تَحِلّ لَهُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ لَمَا أَقَرّهُ عَلَيْهِ الصّحَابَةُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوَافِقُوهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عَبّاسٍ حُجّةٌ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ الثّلَاثَ وَاحِدَةٌ لَمْ يُخَالِفْهَا . وَيُفْتِي بِغَيْرِهَا مُوَافَقَةً لِعُمَرَ وَقَدْ عُلِمَ مُخَالَفَتُهُ لَهُ فِي الْعَوْلِ وَحَجْبِ الْأُمّ
بِالِاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ . قَالُوا : وَنَحْنُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَعٌ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَهُمْ أَعْلَمُ بِسُنّتِهِ وَشَرْعِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِرّا مِنْ شَرِيعَتِهِ أَنّ الثّلَاثَ وَاحِدَةٌ وَتُوُفّيَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمْ وَيَعْلَمُهُ مَنْ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يُحَرّمُوا الصّوَابَ فِيهِ وَيُوَفّقُ لَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ وَيَرْوِي حَبْرُ الْأُمّةِ وَفَقِيهُهَا خَبَرَ كَوْنِ الثّلَاثِ وَاحِدَةً وَيُخَالِفُهُ
[حُجَجُ الْمَانِعِينَ مِنْ وُقُوعِ الثّلَاثِ ]
قَالَ الْمَانِعُونَ مِنْ وُقُوعِ الثّلَاثِ التّحَاكُمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا إلَى مَنْ أَقْسَمَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَصْدَقَ قَسَمٍ وَأَبَرّهُ أَنّا لَا نُؤْمِنُ حَتّى نُحَكّمَهُ [ ص 238 ] شَجَرَ بَيْنَنَا ثُمّ نَرْضَى بِحُكْمِهِ وَلَا يَلْحَقُنَا فِيهِ حَرَجٌ وَنُسَلّمُ لَهُ تَسْلِيمًا لَا إلَى غَيْرِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ اللّهُمّ إلّا أَنْ تُجْمِعَ أُمّتُهُ إجْمَاعًا مُتَيَقّنًا لَا نَشُكّ فِيهِ عَلَى حُكْمٍ فَهُوَ الْحَقّ الّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ وَيَأْبَى اللّهُ أَنْ تَجْتَمِعَ الْأُمّةُ عَلَى خِلَافِ سُنّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْهُ أَبَدًا وَنَحْنُ قَدْ أَوَجَدْنَاكُمْ مِنْ الْأَدِلّةِ مَا تَثْبُتُ الْمَسْأَلَةُ بِهِ بَلْ وَبِدُونِهِ وَنَحْنُ نُنَاظِرُكُمْ فِيمَا طَعَنْتُمْ بِهِ فِي تِلْكَ الْأَدِلّةِ وَفِيمَا عَارَضْتُمُونَا بِهِ عَلَى أَنّا لَا نَحْكُمُ عَلَى أَنْفُسِنَا إلّا نَصّا عَنْ اللّهِ أَوْ نَصّا ثَابِتًا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْ إجْمَاعًا مُتَيَقّنًا لَا شَكّ فِيهِ وَمَا عَدَا هَذَا فَعُرْضَةٌ لِنِزَاعٍ وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ سَائِغَ الِاتّبَاعِ لَا لَازِمَهُ فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْمُقَدّمَةُ سَلَفًا لَنَا عِنْدَكُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرّسُولِ } [ النّسَاءُ 59 ] فَقَدْ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا سَبِيلَ إلَى رَدّهَا إلَى غَيْرِ اللّهِ وَرَسُولِهِ الْبَتّةَ وَسَيَأْتِي أَنّنَا أَحَقّ بِالصّحَابَةِ وَأَسْعَدُ بِهِمْ فِيهَا فَنَقُولُ أَمّا مَنْعُكُمْ لِتَحْرِيمِ جَمْعِ الثّلَاثِ فَلَا رَيْبَ أَنّهَا مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ وَلَكِنّ الْأَدِلّةَ الدّالّةَ عَلَى التّحْرِيمِ حُجّةٌ عَلَيْكُمْ . أَمّا قَوْلُكُمْ إنّ الْقُرْآنَ دَلّ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فَدَعْوَى غَيْرُ مَقْبُولَةٍ بَلْ بَاطِلَةٌ وَغَايَةُ مَا تَمَسّكْتُمْ بِهِ إطْلَاقُ الْقُرْآنِ لِلَفْظِ الطّلَاقِ وَذَلِكَ لَا يَعُمّ جَائِزَهُ وَمُحَرّمَهُ كَمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ طَلَاقُ الْحَائِضِ وَطَلَاقُ الْمَوْطُوءَةِ فِي طُهْرِهَا وَمَا مَثَلُكُمْ فِي ذَلِكَ إلّا كَمَثَلِ مَنْ عَارَضَ السّنّةَ الصّحِيحَةَ فِي تَحْرِيمِ الطّلَاقِ الْمُحَرّمِ بِهَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ سَوَاءٌ وَمَعْلُومٌ أَنّ الْقُرْآنَ لَمْ يَدُلّ عَلَى جَوَازِ كُلّ طَلَاقٍ حَتّى تُحَمّلُوهُ مَا لَا يُطِيقُهُ وَإِنّمَا دَلّ عَلَى أَحْكَامِ الطّلَاقِ وَالْمُبَيّنُ عَنْ اللّهِ عَزّ وَجَلّ بَيّنَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَلَا رَيْبَ أَنّا أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ كَمَا بَيّنّا فِي صَدْرِ الِاسْتِدْلَالِ وَأَنّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَشْرَعْ قَطّ طَلَاقًا بَائِنًا بِغَيْرِ عِوَضٍ لِمَدْخُولٍ بِهَا إلّا أَنْ يَكُونَ آخِرَ الْعِدَدِ وَهَذَا كِتَابُ اللّهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَغَايَةُ مَا تَمَسّكْتُمْ بِهِ أَلْفَاظٌ مُطْلَقَةٌ قَيّدَتْهَا السّنّةُ وَبَيّنَتْ شُرُوطَهَا وَأَحْكَامَهَا . [ ص 239 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَمَا أَصَحّهُ مِنْ حَدِيثٍ وَمَا أَبْعَدَهُ مِنْ اسْتِدْلَالِكُمْ عَلَى جَوَازِ الطّلَاقِ الثّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي نِكَاحٍ يُقْصَدُ بَقَاؤُهُ وَدَوَامُهُ ثُمّ الْمُسْتَدِلّ بِهَذَا إنْ كَانَ مِمّنْ يَقُولُ إنّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ عَقِيبَ لِعَانِ الزّوْجِ وَحْدَهُ كَمَا يَقُولُهُ الشّافِعِيّ أَوْ عَقِيبَ لِعَانِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُفَرّقْ الْحَاكِمُ كَمَا يَقُولُهُ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرّوَايَاتِ عَنْهُ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ بَاطِلٌ لِأَنّ الطّلَاقَ الثّلَاثَ حِينَئِذٍ لَغْوٌ لَمْ يَفِدْ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِمّنْ يُوَقّفُ الْفُرْقَةَ عَلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ لَمْ يَصِحّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَيْضًا لِأَنّ هَذَا النّكَاحَ لَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى بَقَائِهِ وَدَوَامِهِ بَلْ هُوَ وَاجِبُ الْإِزَالَةِ وَمُؤَبّدُ التّحْرِيمِ فَالطّلَاقُ الثّلَاثُ مُؤَكّدٌ لِمَقْصُودِ اللّعَانِ وَمُقَرّرٌ لَهُ فَإِنّ غَايَتَهُ أَنْ يُحَرّمَهَا عَلَيْهِ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَفِرْقَةُ اللّعَانِ تُحَرّمُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْأَبَدِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نُفُوذِ الطّلَاقِ فِي نِكَاحٍ قَدْ صَارَ مُسْتَحِقّ التّحْرِيمِ عَلَى التّأْبِيدِ نُفُوذُهُ فِي نِكَاحٍ قَائِمٍ مَطْلُوبِ الْبَقَاءِ وَالدّوَامِ وَلِهَذَا لَوْ(60/163)
طَلّقَهَا فِي هَذَا الْحَالِ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا لِأَنّ هَذَا النّكَاحَ مَطْلُوبُ الْإِزَالَةِ مُؤَبّدُ التّحْرِيمِ وَمِنْ الْعَجَبِ أَنّكُمْ مُتَمَسّكُونَ بِتَقْرِيرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى هَذَا الطّلَاقِ الْمَذْكُورِ وَلَا تَتَمَسّكُونَ بِإِنْكَارِهِ وَغَضَبِهِ لِلطّلَاقِ الثّلَاثِ مِنْ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ وَتَسْمِيَتُهُ لَعِبًا بِكِتَابِ اللّهِ كَمَا تَقَدّمَ فَكَمْ بَيْنَ هَذَا الْإِقْرَارِ وَهَذَا الْإِنْكَارِ ؟ وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللّهِ قَائِلُونَ بِالْأَمْرَيْنِ مُقِرّونَ لِمَا أَقَرّهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُنْكِرُونَ لِمَا أَنْكَرَهُ . وَأَمّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ رَجُلًا طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوّجَتْ فَسُئِلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَلْ تَحِلّ لِلْأَوّلِ ؟ قَالَ " لَا حَتّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ فَهَذَا لَا نُنَازِعُكُمْ فِيهِ نَعَمْ هُوَ حُجّةٌ عَلَى مَنْ اكْتَفَى بِمُجَرّدِ عَقْدِ الثّانِي وَلَكِنْ أَيْنَ فِي الْحَدِيثِ أَنّهُ طَلّقَ الثّلَاثَ بِفَمٍ وَاحِدٍ بَلْ الْحَدِيثُ حُجّةٌ لَنَا فَإِنّهُ لَا يُقَالُ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَقَالَ ثَلَاثًا إلّا مَنْ فَعَلَ وَقَالَ مَرّةً بَعْدَ [ ص 240 ] يُقَالُ قَذَفَهُ ثَلَاثًا وَشَتَمَهُ ثَلَاثًا وَسَلّمَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا . قَالُوا : وَأَمّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَمِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ فَإِنّكُمْ خَالَفْتُمُوهُ فِيمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا صَحِيحًا وَهُوَ سُقُوطُ النّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِلْبَائِنِ مَعَ صِحّتِهِ وَصَرَاحَتِهِ وَعَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ مُقَاوِمًا لَهُ وَتَمَسّكْتُمْ بِهِ فِيمَا هُوَ مُجْمَلٌ بَلْ بَيَانُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِمّا يُبْطِلُ تَعَلّقَكُمْ بِهِ فَإِنّ قَوْلَهُ طَلّقَهَا ثَلَاثًا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي جَمْعِهَا بَلْ كَمَا تَقَدّمَ كَيْفَ وَفِي " الصّحِيحِ " فِي خَبَرِهَا نَفْسِهِ مِنْ رِوَايَةِ الزّهْرِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنّ زَوْجَهَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا مِنْ طَلَاقِهَا . وَفِي لَفْظٍ فِي " الصّحِيحِ " : أَنّهُ طَلّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَهُوَ سَنَدٌ صَحِيحٌ مُتّصِلٌ مِثْلُ الشّمْسِ فَكَيْفَ سَاغَ لَكُمْ تَرْكُهُ إلَى التّمَسّكِ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ وَهُوَ أَيْضًا حُجّةٌ عَلَيْكُمْ كَمَا تَقَدّمَ ؟ . قَالُوا : وَأَمّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ الّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الرّزّاقِ فَخَبَرٌ فِي غَايَةِ السّقُوطِ لِأَنّ فِي طَرِيقِهِ يَحْيَى بْنَ الْعَلَاءِ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَضَافِيّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ - ضَعِيفٌ عَنْ هَالِكٍ عَنْ مَجْهُولٍ ثُمّ الّذِي يَدُلّ عَلَى كَذِبِهِ وَبُطْلَانِهِ أَنّهُ لَمْ يُعْرَفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ صَحِيحِهَا وَلَا سَقِيمِهَا وَلَا مُتّصَلِهَا وَلَا مُنْقَطِعِهَا أَنّ وَالِدَ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ فَكَيْفَ بِجَدّهِ فَهَذَا مُحَالٌ بِلَا شَكّ وَأَمّا حَدِيثُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَصْلُهُ صَحِيحٌ بِلَا شَكّ لَكِنّ هَذِهِ الزّيَادَةَ وَالْوَصْلَةَ الّتِي فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ طَلّقْتُهَا ثَلَاثًا أَكَانَتْ تَحِلّ لِي ؟ إنّمَا جَاءَتْ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ زُرَيْقٍ وَهُوَ الشّامِيّ وَبَعْضُهُمْ يَقْلِبُهُ فَيَقُولُ زُرَيْقُ بْنُ شُعَيْبٍ [ ص 241 ] كَانَ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجّةٌ لِأَنّ قَوْلَهُ لَوْ طَلّقْتهَا ثَلَاثًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَوْ سَلّمْت ثَلَاثًا أَوْ أَقْرَرْت ثَلَاثًا أَوْ نَحْوَهُ مِمّا لَا يُعْقَلُ جَمْعُهُ . وَأَمّا حَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ الّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَنّ رُكَانَةَ طَلّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ فَأَحْلَفَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا أَرَادَ إلّا وَاحِدَةً فَمِنْ الْعَجَبِ تَقْدِيمُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ الْمَجْهُولِ الّذِي لَا يُعْرَفُ حَالُهُ الْبَتّةَ وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ وَلَا مَا هُوَ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٍ وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ طَاوُوسٍ فِي قِصّةِ أَبِي الصّهْبَاءِ وَقَدْ شَهِدَ إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُحَمّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيّ بِأَنّ فِيهِ اضْطِرَابًا هَكَذَا قَالَ التّرْمِذِيّ فِي " الْجَامِعِ " وَذَكَرَ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنّهُ مُضْطَرِبٌ . فَتَارَةً يَقُولُ طَلّقَهَا ثَلَاثًا وَتَارَةً يَقُولُ وَاحِدَةً وَتَارَةً يَقُولُ الْبَتّةَ . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطُرُقُهُ كُلّهَا ضَعِيفَةٌ وَضَعّفَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيّ حَكَاهُ الْمُنْذِرِيّ عَنْهُ . ثُمّ كَيْفَ يُقَدّمُ هَذَا الْحَدِيثُ الْمُضْطَرِبُ الْمَجْهُولُ رِوَايَةً عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرّزّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ لِجَهَالَةِ بَعْضِ بَنِي أَبِي رَافِعٍ هَذَا
وَأَوْلَادُهُ تَابِعِيّونَ وَإِنْ كَانَ عُبَيْدُ اللّهِ أَشْهَرَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُتّهَمٌ بِالْكَذِبِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَنْ يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ أَوْ يَقُولُ رِوَايَةُ الْعَدْلِ عَنْهُ تَعْدِيلٌ لَهُ فَهَذَا حُجّةٌ عِنْدَهُ فَأَمّا أَنْ يُضَعّفَهُ وَيُقَدّمَ عَلَيْهِ رِوَايَةَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْجَهَالَةِ أَوْ أَشَدّ فَكَلّا فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ تَتَسَاقَطَ رِوَايَتَا هَذَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ وَيُعْدَلُ إلَى غَيْرِهِمَا وَإِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحَ الْإِسْنَادِ وَقَدْ زَالَتْ عِلّةُ تَدْلِيسِ مُحَمّدِ بْنِ إسْحَاقَ بِقَوْلِهِ حَدّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَقَدْ احْتَجّ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ صَحّحَ هُوَ وَغَيْرُهُ بِهَذَا [ ص 242 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَدّ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ بِالنّكَاحِ الْأَوّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا . وَأَمّا دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ فَلَمْ تَزَلْ الْأَئِمّةُ تَحْتَجّ بِهِ وَقَدْ احْتَجّوا بِهِ فِي حَدِيثِ الْعَرَايَا فِيمَا شَكّ فِيهِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِهِ مِنْ تَقْدِيرِهَا بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَهَا مَعَ كَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَحَادِيثِ الّتِي نَهَى فِيهَا عَنْ بَيْعِ الرّطَبِ بِالتّمْرِ فَمَا ذَنْبُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سِوَى رِوَايَةِ مَا لَا يَقُولُونَ بِهِ وَإِنْ قَدَحْتُمْ فِي عِكْرِمَةَ - وَلَعَلّكُمْ فَاعِلُونَ - جَاءَكُمْ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ مِنْ التّنَاقُضِ فِيمَا احْتَجَجْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ وَأَئِمّةُ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَتِهِ وَارْتِضَاءِ الْبُخَارِيّ لِإِدْخَالِ حَدِيثِهِ فِي " صَحِيحِهِ " .
فَصْلٌ
وَأَمّا تِلْكَ الْمَسَالِكُ الْوَعِرَةُ الّتِي سَلَكْتُمُوهَا فِي حَدِيثِ أَبِي الصّهْبَاءِ فَلَا يَصِحّ شَيْءٌ مِنْهَا
أَمّا الْمَسْلَكُ الْأَوّلُ وَهُوَ انْفِرَادُ مُسْلِمٍ بِرِوَايَتِهِ وَإِعْرَاضُ الْبُخَارِيّ عَنْهُ فَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْك عَارُهَا وَمَا ضَرّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ انْفِرَادُ مُسْلِمٍ بِهِ شَيْئًا ثُمّ هَلْ تَقْبَلُونَ أَنْتُمْ أَوْ أَحَدٌ مِثْلَ هَذَا فِي كُلّ حَدِيثٍ يَنْفَرِدُ بِهِ مُسْلِمٌ عَنْ الْبُخَارِيّ وَهَلْ قَالَ الْبُخَارِيّ قَطّ إنّ كُلّ حَدِيثٍ لَمْ أُدْخِلْهُ فِي كِتَابِيّ فَهُوَ بَاطِلٌ أَوْ لَيْسَ بِحُجّةٍ أَوْ ضَعِيفٌ وَكَمْ قَدْ احْتَجّ الْبُخَارِيّ بِأَحَادِيثَ خَارِجَ الصّحِيحِ لَيْسَ لَهَا ذِكْرٌ فِي " صَحِيحِهِ " وَكَمْ صَحّحَ مِنْ حَدِيثٍ خَارِجٍ عَنْ صَحِيحِهِ فَأَمّا مُخَالَفَةُ سَائِرِ الرّوَايَاتِ لَهُ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ فَلَا رَيْبَ أَنّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رِوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ بِلَا شَكّ إحْدَاهُمَا : تُوَافِقُ هَذَا الْحَدِيثَ وَالْأُخْرَى : تُخَالِفُهُ فَإِنْ أَسْقَطْنَا رِوَايَةً [ ص 243 ] سَلِمَ الْحَدِيثُ عَلَى أَنّهُ بِحَمْدِ اللّهِ سَالِمٌ . وَلَوْ اتّفَقَتْ الرّوَايَاتُ عَنْهُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ فَلَهُ أُسْوَةُ أَمْثَالِهِ وَلَيْسَ بِأَوّلِ حَدِيثٍ خَالَفَهُ رَاوِيهِ فَنَسْأَلُكُمْ هَلْ الْأَخْذُ بِمَا رَوَاهُ الصّحَابِيّ عِنْدَكُمْ أَوْ بِمَا رَآهُ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ الْأَخْذُ بِرِوَايَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِكُمْ بَلْ جُمْهُورُ الْأُمّةِ عَلَى هَذَا كَفَيْتُمُونَا مَئُونَةَ الْجَوَابِ . وَإِنْ قُلْتُمْ الْأَخْذُ بِرَأْيِهِ أَرَيْنَاكُمْ مِنْ تُنَاقِضُكُمْ مَا لَا حِيلَةَ لَكُمْ فِي دَفْعِهِ وَلَا سِيّمَا عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ نَفْسِهِ فَإِنّهُ رَوَى حَدِيثَ بَرِيرَةَ وَتَخْيِيرَهَا وَلَمْ يَكُنْ بَيْعُهَا طَلَاقًا وَرَأَى خِلَافَهُ وَأَنّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا فَأَخَذْتُمْ - وَأَصَبْتُمْ - بِرِوَايَتِهِ وَتَرَكْتُمْ رَأْيَهُ فَهَلّا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقُلْتُمْ الرّوَايَةُ مَعْصُومَةٌ وَقَوْلُ الصّحَابِيّ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَمُخَالَفَتُهُ لِمَا رَوَاهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ عَدِيدَةً مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ تَأْوِيلٍ أَوْ اعْتِقَادٍ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ فِي ظَنّهِ أَوْ اعْتِقَادٍ أَنّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَخْصُوصٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَكَيْفَ يَسُوغُ تَرْكُ رِوَايَتِهِ مَعَ قِيَامِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ ؟ وَهَلْ هَذَا إلّا تَرْكُ مَعْلُومٍ لِمَظْنُونٍ بَلْ مَجْهُولٍ ؟ قَالُوا : وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ حَدِيثَ التّسْبِيعِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَأَفْتَى بِخِلَافِهِ فَأَخَذْتُمْ بِرِوَايَتِهِ وَتَرَكْتُمْ فَتْوَاهُ . وَلَوْ تَتَبّعْنَا مَا أَخَذْتُمْ فِيهِ بِرِوَايَةِ الصّحَابِيّ دُونَ فَتْوَاهُ لَطَالَ . قَالُوا : وَأَمّا دَعْوَاكُمْ نَسْخَ الْحَدِيثِ فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى ثُبُوتِ مُعَارِضٍ مُقَاوِمٍ مُتَرَاخٍ فَأَيْنَ هَذَا ؟
وَأَمّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ فِي نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ الطّلَاقِ الثّلَاثِ فَلَوْ صَحّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجّةٌ فَإِنّهُ إنّمَا فِيهِ أَنّ الرّجُلَ كَانَ يُطَلّقُ امْرَأَتَهُ وَيُرَاجِعُهَا بِغَيْرِ عَدَدٍ فَنُسِخَ ذَلِكَ وَقُصِرَ عَلَى ثَلَاثٍ فِيهَا تَنْقَطِعُ الرّجْعَةُ فَأَيْنَ فِي ذَلِكَ الْإِلْزَامُ بِالثّلَاثِ بِفَمٍ وَاحِدٍ ثُمّ كَيْفَ يَسْتَمِرّ الْمَنْسُوخُ [ ص 244 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ لَا تَعْلَمُ بِهِ الْأَمَةُ وَهُوَ مِنْ أَهَمّ الْأُمُورِ الْمُتَعَلّقَةِ بِحِلّ الْفُرُوجِ ثُمّ كَيْفَ يَقُولُ عُمَرُ إنّ النّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي شَيْءٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ وَهَلْ لِلْأَمَةِ أَنَاةٌ فِي الْمَنْسُوخِ بِوَجْهٍ مَا ؟ ثُمّ كَيْفَ يُعَارَضُ الْحَدِيثُ الصّحِيحُ بِهَذَا الّذِي فِيهِ عَلِيّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ وَاقِدٍ وَضَعْفُهُ مَعْلُومٌ ؟ . وَأَمّا حَمْلُكُمْ الْحَدِيثَ عَلَى قَوْلِ الْمُطَلّقِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَمَقْصُودُهُ التّأْكِيدُ بِمَا بَعْدَ الْأَوّلِ فَسِيَاقُ الْحَدِيثِ مِنْ أَوّلِهِ إلَى آخِرِهِ يَرُدّهُ فَإِنّ هَذَا الّذِي أَوّلْتُمْ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ لَا يَتَغَيّرُ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَى عَهْدِهِ وَعَهْدِ خُلَفَائِهِ وَهَلُمّ جَرّا إلَى آخِرِ الدّهْرِ وَمَنْ يَنْوِيهِ فِي قَصْدِ التّأْكِيدِ لَا يُفَرّقُ بَيْنَ بَرّ وَفَاجِرٍ وَصَادِقٍ وَكَاذِبٍ بَلْ يَرُدّهُ إلَى نِيّتِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ فِي الْحُكْمِ لَا يَقْبَلُهُ مُطْلَقًا بَرّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا . وَأَيْضًا فَإِنّ قَوْلَهُ إنّ النّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا وَتَتَايَعُوا فِي شَيْءٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَنّا أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِم إخْبَارٌ مِنْ عُمَرَ بِأَنّ النّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا مَا جَعَلَهُمْ اللّهُ فِي فُسْحَةٍ مِنْهُ وَشَرَعَهُ مُتَرَاخِيًا بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ رَحْمَةً بِهِمْ وَرِفْقًا وَأَنَاةً لَهُمْ لِئَلّا يَنْدَمَ مُطَلّقٌ فَيَذْهَبَ حَبِيبُهُ مِنْ يَدَيْهِ مِنْ أَوّلِ وَهْلَةٍ فَيَعِزّ عَلَيْهِ تَدَارُكُهُ فَجُعِلَ لَهُ أَنَاةً وَمُهْلَةً يَسْتَعْتِبُهُ فِيهَا وَيُرْضِيهِ وَيَزُولُ مَا أَحْدَثَهُ الْعَتَبُ الدّاعِي إلَى الْفِرَاقِ وَيُرَاجِعُ كُلّ مِنْهُمَا الّذِي عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ فَاسْتَعْجَلُوا فِيمَا جُعِلَ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ وَمُهْلَةٌ وَأَوْقَعُوهُ بِفَمٍ وَاحِدٍ فَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ يَلْزَمُهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ عُقُوبَةً لَهُمْ فَإِذَا عَلِمَ الْمُطَلّقُ أَنّ زَوْجَتَهُ وَسَكَنَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ أَوّلِ مَرّةٍ بِجَمْعِهِ الثّلَاثَ كَفّ عَنْهَا وَرَجَعَ إلَى الطّلَاقِ الْمَشْرُوعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَكَانَ هَذَا مِنْ تَأْدِيبِ عُمَرَ لِرَعِيّتِهِ لَمّا أَكْثَرُوا مِنْ الطّلَاقِ الثّلَاثِ كَمَا سَيَأْتِي مَزِيدُ تَقْرِيرِهِ عِنْدَ الِاعْتِذَارِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي إلْزَامِهِ بِالثّلَاثِ [ ص 245 ] وَأَمّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنّ مَعْنَاهُ كَانَ وُقُوعَ الطّلَاقِ الثّلَاثِ الْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاحِدَةً فَإِنّ حَقِيقَةَ هَذَا التّأْوِيلِ كَانَ النّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُطَلّقُونَ وَاحِدَةً وَعَلَى عَهْدِ عُمَرَ صَارُوا يُطَلّقُونَ ثَلَاثًا وَالتّأْوِيلُ إذَا وَصَلَ إلَى هَذَا الْحَدّ كَانَ مِنْ بَابِ الْإِلْغَازِ وَالتّحْرِيفِ لَا مِنْ بَابِ بَيَانِ الْمُرَادِ وَلَا يَصِحّ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مَا فَإِنّ النّاسَ مَا زَالُوا يُطَلّقُونَ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا وَقَدْ طَلّقَ رِجَالٌ نِسَاءَهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثًا فَمِنْهُمْ مَنْ رَدّهَا إلَى وَاحِدَةٍ كَمَا فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَغَضِبَ وَجَعَلَهُ مُتَلَاعِبًا بِكِتَابِ اللّهِ وَلَمْ يُعْرَفْ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ مَنْ أَقَرّهُ لِتَأْكِيدِ التّحْرِيمِ الّذِي أَوْجَبَهُ اللّعَانُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْزَمَهُ بِالثّلَاثِ لِكَوْنِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الطّلَاقِ آخِرَ الثّلَاثِ فَلَا يَصِحّ أَنْ يُقَالَ إنّ النّاسَ مَا زَالُوا يُطَلّقُونَ وَاحِدَةً إلَى أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُمَرَ فَطَلّقُوا ثَلَاثًا وَلَا يَصِحّ أَنْ يُقَالَ إنّهُمْ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي شَيْءٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَنُمْضِيهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُلَائِمُ هَذَا الْكَلَامُ الْفَرْقَ بَيْنَ عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبَيْنَ عَهْدِهِ بِوَجْهٍ مَا فَإِنّهُ مَاضٍ مِنْكُمْ عَلَى عَهْدِهِ وَبَعْدَ عَهْدِهِ . ثُمّ إنّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الصّحِيحَةِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّهُ مَنْ طَلّقَ ثَلَاثًا جُعِلَتْ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَفِي لَفْظٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنّ الرّجُلَ كَانَ إذَا طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ
أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : بَلَى كَانَ الرّجُلُ إذَا طَلّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إمَارَةِ عُمَرَ فَلَمّا رَأَى النّاسَ - يَعْنِي عُمَرَ - قَدْ تَتَايَعُوا فِيهَا قَالَ أَجِيزُوهُنّ عَلَيْهِم [ ص 246 ] جَعَلَ الْأَدِلّةَ تَبَعًا لِلْمَذْهَبِ فَاعْتَقَدَ ثُمّ اسْتَدَلّ . وَأَمّا مَنْ جَعَلَ الْمَذْهَبَ تَبَعًا لِلدّلِيلِ وَاسْتَدَلّ ثُمّ اعْتَقَدَ لَمْ يُمْكِنْهُ هَذَا الْعَمَلُ . وَأَمّا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ هُوَ الّذِي يَجْعَلُ ذَلِكَ وَلَا أَنّهُ عَلِمَ بِهِ وَأَقَرّهُ عَلَيْهِ فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ أَنْ يَسْتَمِرّ هَذَا الْجَعْلُ الْحَرَامُ الْمُتَضَمّنُ لِتَغْيِيرِ شَرْعِ اللّهِ وَدِينِهِ وَإِبَاحَةُ الْفَرْجِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَتَحْرِيمُهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَلَالٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابِهِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَهُمْ يَفْعَلُونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَهُ وَلَا يَعْلَمُهُ هُوَ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ وَهُوَ يُقِرّهُمْ عَلَيْهِ فَهَبْ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ وَكَانَ الصّحَابَةُ يَعْلَمُونَهُ وَيُبَدّلُونَ دِينَهُ وَشَرْعَهُ وَاَللّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَا يُوحِيهِ إلَى رَسُولِهِ وَلَا يُعْلِمُهُ بِهِ ثُمّ يَتَوَفّى اللّهُ رَسُولَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فَيَسْتَمِرّ هَذَا الضّلَالُ الْعَظِيمُ وَالْخَطَأُ الْمُبِينُ عِنْدَكُمْ مُدّةَ خِلَافَةِ الصّدّيقِ كُلّهَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُغَيّرُ إلَى أَنْ فَارَقَ الصّدّيقُ الدّنْيَا وَاسْتَمَرّ الْخَطَأُ وَالضّلَالُ الْمُرَكّبُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ حَتّى رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ أَنْ يُلْزِمَ النّاسَ بِالصّوَابِ فَهَلْ فِي الْجَهْلِ بِالصّحَابَةِ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي عَهْدِ نَبِيّهِمْ وَخُلَفَائِهِ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا وَتَاللّهِ لَوْ كَانَ جَعْلُ الثّلَاثِ وَاحِدَةً خَطَأً مَحْضًا لَكَانَ أَسْهَلَ مِنْ هَذَا الْخَطَأِ الّذِي ارْتَكَبْتُمُوهُ وَالتّأْوِيلِ الّذِي تَأَوّلْتُمُوهُ وَلَوْ تَرَكْتُمْ الْمَسْأَلَةَ بِهَيْئَتِهَا لَكَانَ أَقْوَى لِشَأْنِهَا مِنْ هَذِهِ الْأَدِلّةِ وَالْأَجْوِبَةِ . قَالُوا : وَلَيْسَ التّحَاكُمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى مُقَلّدٍ مُتَعَصّبٍ وَلَا هَيّابٍ لِلْجُمْهُورِ وَلَا مُسْتَوْحِشٍ مِنْ التّفَرّدِ إذَا كَانَ الصّوَابُ فِي جَانِبِهِ وَإِنّمَا [ ص 247 ] بِنَيْلِهِ ذِرَاعُهُ وَفَرّقَ بَيْنَ الشّبْهَةِ وَالدّلِيلِ وَتَلَقّى الْأَحْكَامَ مِنْ نَفْسِ مِشْكَاةِ الرّسُولِ وَعَرَفَ الْمَرَاتِبَ وَقَامَ فِيهَا بِالْوَاجِبِ وَبَاشَرَ قَلْبُهُ أَسْرَارَ الشّرِيعَةِ وَحِكَمَهَا الْبَاهِرَةَ وَمَا تَضَمّنَتْهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْبَاطِنَةِ وَالظّاهِرَةِ وَخَاضَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَضَايِقِ لُجَجَهَا وَاسْتَوْفَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ حُجَجَهَا وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التّكْلَانُ . قَالُوا : وَأَمّا قَوْلُكُمْ إذَا اخْتَلَفَتْ عَلَيْنَا الْأَحَادِيثُ نَظَرْنَا فِيمَا عَلَيْهِ الصّحَابَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ فَنَعَمْ وَاَللّهِ وَحَيّهَلَا بِيَرَكِ الْإِسْلَامِ وَعِصَابَةِ الْإِيمَانِ .
فَلَا تَطَلّبْ لِي الْأَعْوَاضَ بَعْدَهُم
فَإِنّ قَلْبِي لَا يَرْضَى بِغَيْرِهِمْ
وَلَكِنْ لَا يَلِيقُ بِكُمْ أَنْ تَدْعُونَا إلَى شَيْءٍ وَتَكُونُوا أَوّلَ نَافِرٍ عَنْهُ وَمُخَالِفٍ لَهُ فَقَدْ تُوُفّيَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ أَكْثَرِ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ عَيْنٍ كُلّهُمْ قَدْ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ فَهَلْ صَحّ لَكُمْ عَنْ هَؤُلَاءِ كُلّهِمْ أَوْ عُشْرِهِمْ أَوْ عُشْرِ عُشْرِهِمْ أَوْ عُشْرِ عُشْرِ عُشْرِهِمْ الْقَوْلُ بِلُزُومِ الثّلَاثِ بِفَمٍ وَاحِدٍ ؟ هَذَا وَلَوْ جَهَدْتُمْ كُلّ الْجَهْدِ لَمْ تُطِيقُوا نَقْلَهُ عَنْ عِشْرِينَ نَفْسًا مِنْهُمْ أَبَدًا مَعَ اخْتِلَافٍ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَدَ صَحّ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ الْقَوْلَانِ وَصَحّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الْقَوْلُ بِاللّزُومِ وَصَحّ عَنْهُ التّوَقّفُ وَلَوْ كَاثَرْنَاكُمْ بِالصّحَابَةِ الّذِينَ كَانَ الثّلَاثُ عَلَى عَهْدِهِمْ وَاحِدَةً لَكَانُوا أَضْعَافَ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَنَحْنُ نُكَاثِرُكُمْ بِكُلّ صَحَابِيّ مَاتَ إلَى صَدْرٍ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَيَكْفِينَا مُقَدّمُهُمْ وَخَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ وَمَنْ كَانَ(60/164)
مَعَهُ مِنْ الصّحَابَةِ عَلَى عَهْدِهِ بَلْ لَوْ شِئْنَا لَقُلْنَا وَلَصَدَقْنَا : إنّ هَذَا كَانَ إجْمَاعًا قَدِيمًا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ عَلَى عَهْدِ الصّدّيقِ اثْنَانِ وَلَكِنْ لَا يَنْقَرِضُ عَصْرُ الْمُجْمِعِينَ حَتّى حَدَثَ الِاخْتِلَافُ فَلَمْ يَسْتَقِرّ الْإِجْمَاعُ الْأَوّلُ حَتّى صَارَ الصّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَاسْتَمَرّ الْخِلَافُ بَيْنَ الْأُمّةِ فِي ذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ ثُمّ نَقُولُ لَمْ يُخَالِفْ عُمَرُ إجْمَاعَ مَنْ تَقَدّمَهُ بَلْ رَأَى إلْزَامَهُمْ [ ص 248 ] وَتَتَايَعُوا فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنّ هَذَا سَائِغٌ لِلْأَئِمّةِ أَنْ يُلْزِمُوا النّاسَ بِمَا ضَيّقُوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَقْبَلُوا فِيهِ رُخْصَةَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَتَسْهِيلَهُ بَلْ اخْتَارُوا الشّدّةَ وَالْعُسْرَ فَكَيْفَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَكَمَالِ نَظَرِهِ لِلْأُمّةِ وَتَأْدِيبِهِ لَهُمْ وَلَكِنّ الْعُقُوبَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَشْخَاصِ وَالتّمَكّنِ مِنْ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِ الْفِعْلِ الْمُعَاقَبِ عَلَيْهِ وَخَفَائِهِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ إنّ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّمَا هُوَ رَأْيٌ رَآهُ مَصْلَحَةً لِلْأُمّةِ يَكُفّهُمْ بَهْ عَنْ التّسَارُعِ إلَى إيقَاعِ الثّلَاثِ وَلِهَذَا قَالَ فَلَوْ أَنّا أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ " فَأَجِيزُوهُنّ عَلَيْهِمْ أَفَلَا يُرَى أَنّ هَذَا رَأْيٌ مِنْهُ رَآهُ لِلْمَصْلَحَةِ لَا إخْبَارٌ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَلَمّا عَلِمَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ تِلْكَ الْأَنَاةَ وَالرّخْصَةَ نِعْمَةٌ مِنْ اللّهِ عَلَى الْمُطَلّقِ وَرَحْمَةٌ بِهِ وَإِحْسَانٌ إلَيْهِ وَأَنّهُ قَابَلَهَا بِضِدّهَا وَلَمْ يَقْبَلْ رُخْصَةَ اللّهِ وَمَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْأَنَاةِ عَاقَبَهُ بِأَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَلْزَمَهُ مَا أَلْزَمَهُ مِنْ الشّدّةِ وَالِاسْتِعْجَالِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الشّرِيعَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِحِكْمَةِ اللّهِ فِي خَلْقِهِ قَدَرًا وَشَرْعًا فَإِنّ النّاسَ إذَا تَعَدّوْا حُدُودَهُ وَلَمْ يَقِفُوا عِنْدَهَا ضَيّقَ عَلَيْهِمْ مَا جَعَلَهُ لِمَنْ اتّقَاهُ مِنْ الْمَخْرَجِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَنْ قَالَ مِنْ الصّحَابَةِ لِلْمُطَلّقِ ثَلَاثًا : إنّك لَوْ اتّقَيْتَ اللّهَ لَجَعَلَ لَك مَخْرَجًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبّاسٍ . فَهَذَا نَظَرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصّحَابَةِ لَا أَنّهُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ غَيّرَ أَحْكَامَ اللّهِ وَجَعَلَ حَلَالَهَا حَرَامًا فَهَذَا غَايَةُ التّوْفِيقِ بَيْنَ النّصُوصِ وَفِعْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ مَعَهُ وَأَنْتُمْ لَمْ يُمْكِنْكُمْ ذَلِكَ إلّا بِإِلْغَاءِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَهَذَا نِهَايَةُ أَقْدَامِ الْفَرِيقَيْنِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الضّنْكِ وَالْمُعْتَرَكِ الصّعْبِ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ .
ـــــــــــــــــــ(60/165)
الطلاق الثلاث بلفظ واحد ... العنوان
ما الحكم فيمن طلق زوجته في لحظة غضب شديد؟؟ قائلا (طالق طالق طالق) ؟؟وكيف يردها إلى عصمته ثانية؟؟
... السؤال
03/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جيمعًا. فقام غضبان". فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه. والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإ ن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى:
(وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة. أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وقال الشوكاني: وقد حكى ذلك صاحب البحر عن أبي موسى، ورواية عن علي عليه السلام، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، وجابر، وابن زيد، والهادي، والقاسم، والباقر، وأحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى بن عبد الله، ورواية عن زيد بن علي.
وإليه ذهب جماعة من المتأخرين. منهم: ابن تيمية، وابن القيم، وجماعة من المحققين، وقد نقله ابن مغيث في كتاب الوثائق عن محمد بن وضاح، ونقل الفتوى بذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي ومحمد بن عبد السلام وغيرهما. نقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عيسى، كعطاء، وطاووس، وعمر، وابن دينار، وحكاه ابن مغيث أيضًا في ذلك الكتاب عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة". أما حجة القائلين بعدم وقوع الطلاق مطلقًا. أنه طلاق بدعي، والطلاق البدعي لا يقع عند هؤلاء، ويعتبر لغوًا.
وهذا المذهب يحكي عن بعض التابعين. وهو مروي عن ابن علية، وهشام بن الحكم، وبه قال أبو عبيدة، وبعض أهل الظاهر، وهو مذهب الباقر، والصادق، والناصر، وسائر من يقول بأن الطلاق البدعي لا يقع. لأن الثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة من جملته. أما الذين فرقوا بين المطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، فهم جماعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهوية.
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أماكيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(60/166)
حكم الطلاق ثلاثا ...
عنوان الفتوى
... سيد سابق ...
اسم المفتى
... 21194 ...
رقم الفتوى
... 11/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم من طلق زوجته ثلاث طلقات مرة واحدة؟ هل تحسب طلقة واحدة أم ثلاثة؟
نص الفتوى
أخي الفاضل جمعت لك أقوال عدد من العلماء لعلها تكون نافعة لك إن شاء الله تعالى فنقول ومن اله نستمد العون "إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا. فقام غضبانا". وقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه.
والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة. أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة".
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أما كيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(60/167)
طلاق الثلاث بلفظ واحد ...
عنوان الفتوى
... سيد سابق ...
اسم المفتى
... 21196 ...
رقم الفتوى
... 11/10/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما حكم طلاق الرجل لزوجته بقوله لها أنت طالق طالق طالق في مرة واحدة؟!
نص الفتوى
أخي السائل سلام الله عليك ورحمته وبركاته
وبعد فإجابة على سؤالك نقول وبالله التوفيق
"إذا دخل الزوج بزوجته ملك عليها ثلاث طلقات، واتفق العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يطلقها ثلاثًا بلفظ واحد. أو بألفاظ متتابعة في طهر واحد. وعللوا ذلك بأنه إذا أوقع الطلقات الثلاث، فقد سد باب التلاقي والتدارك عند الندم، وعارض الشارع، لأنه جعل الطلاق متعددًا لمعنى التدارك عند الندم، وفضلاً عن ذلك، فإن المطلق ثلاثًا قد أضر بالمرأة من حيث أبطل محليتها بطلاقه هذا.
وقد روي النسائي من حديث محمود بن لبيد قال: "أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جيمعًا. فقام غضبان". فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم، حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، أفلا أقتله".
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: "فجعله لاعبًا بكتاب الله" لكونه خالف وجه الطلاق وأراد به غير ما أراد الله به، فإنه تعالى أراد أن يطلق طلاقًا يملك فيه رد المرأة إذا شاء، فطلق طلاقًا يريد به ألا يملك فيه ردها.
وأيضًا فإن إيقاع الثلاث دفعة مخالف لقول الله تعالى: (الطلاق مرتان).
والمرتان والمرات في لغة القرآن والسنة، بل ولغة العرب، بل ولغة سائر الأمم، لما كان مرة بعد مرة، فإذا جمع المرتين والمرات في مرة واحدة فقد تعدى حدود الله تعالى، وما دل عليه كتابه. فكيف إذا أراد باللفظ الذي رتب عليه الشارع حكمًا ضد ما قصده الشارع؟! أ. هـ.
وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثًا بلفظ واحد. هل يقع أم لا؟ فإذا كان يقع فهل واحدة أم ثلاثًا؟ فذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع. ويرى بعضهم عدم وقوعه. والذين رأوا وقوعه، اختلفوا. فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثًا. وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.
وفرق بعضهم فقال: إن كانت المطلقة مدخولاً بها تقع الثلاث،
وإ ن لم تكن مدخولاً بها فواحدة استدل القائلون بأنه يقع ثلاثًا بالأدلة الآتية:
1 - قول الله تعالى: (فإن طلقها، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره).
2 - قول الله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة) الآية.
3 - وقول الله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء).
فظواهر هذه الآيات تبين صحة إيقاع الواحدة والثنتين والثلاث. لأنها لم تفرق بين إيقاعه واحدة أو اثنتين. أو ثلاثًا.
4 - وقول الله تعالى: (الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فظاهر هذه الآية جواز إطلاق الثلاث، أو الثنتين، دفعة أو مفرقة، ووقوعه.
5 - حديث سهل بن سعد، قال: "لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها: هي الطلاق، هي الطلاق، هي الطلاق". رواه أحمد.
6 - وعن الحسن قال: "حدثنا عبد الله بن عمر، أنه طلق امرأته تطليقة، وهي حائض، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرأين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا ابن عمر: ما هكذا أمرك الله تعالى! إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. وقال: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراجعتها. ثم قال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت يا رسول الله: أرأيت لو طلقتها ثلاثًا، أكان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا.. كانت تبين منك وتكون معصية". رواه الدارقطني.
7 - وأخرج عبد الرازق في مصنفه عن عبادة بن الصامت، قال: "طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي: ما اتقي الله جدك، أما ثلاث فله، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم. إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له".
وفي رواية: إن أباك لم يتق الله فيجعل له مخرجًا. بانت منه بثلاث على غير السنة وتسعمائة وسبع وتسعون، إثم في عنقه.
8 - وفي حديث ركانة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه أراد إلا واحدة، وذلك يدل على أنه لو أراد الثلاث لوقع. هذا مذهب جمهور التابعين وكثير من الصحابة، وأئمة المذاهب الأربعة. أما الذين قالوا بأنه يقع واحدة. فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
أولاً: ما رواه مسلم.
أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر؟ قال نعم".
وروي عنه أيضًا قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب. إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. أي أنهم كانوا يوقعون طلقة بدل إيقاع الناس الآن ثلاث تطليقات.
ثانيًا: عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد. فحزن عليها حزنًا شديدًا.. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا. فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت. فراجعها". رواه أحمد وأبو داود.
وقال ابن تيمية ج 3 ص 22 فتاوى: وليس في الأدلة الشرعية "الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس" ما يوجب لزوم الثلاثة له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله ونكاح التحليل لم يكن ظاهرًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل. بل لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له –إلى أن قال: وبالجملة فما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرعًا لازمًا، لا يمكن تغييره، فإنه لا يمكن نسخ بعد رسول الله.
قال تلميذه ابن القيم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الثلاث كانت واحدة في عهده، وعهد أبي بكر، رضي الله عنه، وصدرًا من خلافة عمر، رضي الله عنه، وغاية ما يقدر مع بعده أن الصحابة كانوا على ذلك، ولم يبلغه، وهذا وإن كان كالمستحيل، فإنه يدل على أنهم كانوا يفتون في حياته وحياة الصديق بذلك، وقد أفتى هو صلى الله عليه وسلم. فهذه فتواه، وعمل أصحابه كأنه أخذ باليد، ولا معارض لذلك.
ورأى عمر رضي الله تعالى عنه، أن يحمل الناس على إنفاذ الثلاث عقوبة وزجرًا لهم –لئلا يرسلوها جملة- وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه. غايته أن يكون سائغًا لمصلحة رآها. ولا يجوز ترك ما أفتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه أصحابه في عهده وعهد خليفته فإذا ظهرت الحقائق. فليقل امرؤ ما شاء. وبالله التوفيق. وقال الشوكاني: وقد حكى ذلك صاحب البحر عن أبي موسى، ورواية عن علي عليه السلام، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، وجابر، وابن زيد، والهادي، والقاسم، والباقر، وأحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى بن عبد الله، ورواية عن زيد بن علي.
وإليه ذهب جماعة من المتأخرين. منهم: ابن تيمية، وابن القيم، وجماعة من المحققين، وقد نقله ابن مغيث في كتاب الوثائق عن محمد بن وضاح، ونقل الفتوى بذلك عن جماعة من مشايخ قرطبة كمحمد بن بقي ومحمد بن عبد السلام وغيرهما. نقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عيسى، كعطاء، وطاووس، وعمر، وابن دينار، وحكاه ابن مغيث أيضًا في ذلك الكتاب عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير وهذا هو المذهب الذي جرى عليه العمل أخيرًا في المحاكم.
فقد جاء في المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ما يلي: "الطلاق المقترن بعدد –لفظًا، أو إشارة- يقع واحدة". أما حجة القائلين بعدم وقوع الطلاق مطلقًا. أنه طلاق بدعي، والطلاق البدعي لا يقع عند هؤلاء، ويعتبر لغوًا.
وهذا المذهب يحكي عن بعض التابعين. وهو مروي عن ابن علية، وهشام بن الحكم، وبه قال أبو عبيدة، وبعض أهل الظاهر، وهو مذهب الباقر، والصادق، والناصر، وسائر من يقول بأن الطلاق البدعي لا يقع. لأن الثلاث بلفظ واحد أو ألفاظ متتابعة من جملته. أما الذين فرقوا بين المطلقة المدخول بها وغير المدخول بها، فهم جماعة من أصحاب ابن عباس وإسحاق بن راهوية.
هذا هو الرأى الراجح فى مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو فى وقت واحد وخلاصته أنه يقع طلقة واحدة أماكيفية المراجعة فيستطيع أن يعيدها مرة أخرى دون مهر أو عقد جديد مادام هو يريد ذلك وتحسب عليه طلقة واحدة والله أعلم
ـــــــــــــــــــ(60/168)
حلف بالطلاق ثلاثا لا يشرب الدخان ...
عنوان الفتوى
... فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ...
اسم المفتى
... 11218 ...
رقم الفتوى
... 03/06/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
أعلنت أن أتوب من شرب الدخان وحلفت بالله قائلاً: (طلاق بالثلاث من ظهر زوجتي) وكررت هذه الجملة ثلاث مرات، ثم قلت في نفس الوقت (تحرم عليَّ زوجتي) وكررت هذه الجملة تقريباً مرتين أو ثلاث مرات -علماً أن زوجتي حامل- بأنني لم أعد أشرب الدخان طيلة حياتي كرهاً له وطاعة لله غير قاصداً طلاق زوجتي، ووثقت من نفسي تماماً بأنني لم أعد أشرب الدخان، ثم قمت في الحال ورميت الدخان في الزبالة، ثم قلت مرة ثانية بعد رمي الدخان في الزبالة: (يحرم عليَّ شرب الدخان) وكررت هذه الجملة مرتين أو أربع مرات، لكني وللأسف الشديد بعدة فترة ستة أشهر تقريباً غلبت نفسي والشيطان اللعين ورجعت لشرب الدخان وأنا كاره، وأخذت عليه فترة لمدة شهر واحد ثم تركته وتبت منه والحمد لله، وأنا قلق وخائف مما بدر مني من أيمان وطلاق، وهل زوجتي حلال أم تعتبر طالقاً؟
فما الحكم والحل؟ وماذا أعمل جزاكم الله خيراً؟
نص الفتوى
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هذا الطلاق غير مقصود ولا يريد فراق زوجته، وإنما يريد منع نفسه من شرب الدخان، وعلى هذا يعتبر الطلاق يميناً يكفرها بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، ولو كرر الطلاق، فأما التحريم فالراجح أنه يعتبر ظاهراً يكفره بتحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وعليه صدق التوبة والبعد عن المدخنين.(60/169)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
العنوسة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
العُنُوسُ
التَّعْرِيفُ :
1 - الْعُنُوسُ فِي اللُّغَةِ : مِنْ عَنَسَتِ الْمَرْأَةُ تَعْنُسُ عُنُوسًا إِذَا طَال مُكْثُهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا بَعْدَ إِدْرَاكِهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ عِدَادِ الأَْبْكَارِ . فَإِنْ تَزَوَّجَتْ مَرَّةً فَلاَ يُقَال عَنَسَتْ .
وَالاِسْمُ : الْعِنَاسُ ، وَالتَّعْنِيسُ : مَصْدَرُ عَنَسَتِ الْجَارِيَةُ إِذَا صَارَتْ عَانِسًا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ ، وَالْجَمْعُ : عُنَّسٌ وَعَوَانِسُ .
وَيُقَال : عَنَسَ الرَّجُل إِذَا أَسَنَّ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ فَهُوَ عَانِسٌ . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَل لِلنِّسَاءِ فَيُقَال : عَنَّسَهَا أَهْلُهَا أَيْ أَمْسَكُوهَا عَنِ التَّزْوِيجِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
__________
(1) لسان العرب ، والمصباح المنير ، والمغرب في ترتيب المعرب ، وجواهر الإكليل 1 / 278 .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
الْعَضْل :
2 - الْعَضْل : مَنْعُ الرَّجُل حَرِيمَتَهُ مِنَ التَّزْوِيجِ (1) .
وَالْعَضْل قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْعُنُوسِ .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُنُوسِ مِنْ أَحْكَامٍ :
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي نِكَاحِ الْعَانِسِ هَل تُعَامَل كَالأَْبْكَارِ فِي الإِْجْبَارِ ، وَفِي الاِكْتِفَاءِ بِسُكُوتِهَا أَمْ كَالثَّيِّبِ ؟
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْعَانِسَ تُعَامَل كَالْبِكْرِ فِي دَوَامِ الْجَبْرِ عَلَيْهَا وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِطُول التَّعْنِيسِ لِبَقَائِهَا عَلَى حَيَائِهَا ؛ لأَِنَّهَا لَمْ تُمَارِسِ الرِّجَال بِالْوَطْءِ فِي مَحَل الْبَكَارَةِ فَهِيَ عَلَى حَيَائِهَا .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَنَّهَا تُعَامَل مُعَامَلَةَ الثَّيِّبِ إِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِالتَّعْنِيسِ لِزَوَال الْعُذْرَةِ ، فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ أَنْ يُزَوِّجَهَا إِلاَّ بِإِذْنِهَا الصَّرِيحِ (2) .
4 - وَفِي السِّنِّ الَّتِي تُعْتَبَرُ الْمَرْأَةُ فِيهَا عَانِسًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَقْوَالٌ هِيَ : ثَلاَثُونَ
__________
(1) لسان العرب ، والمصباح المنير .
(2) جواهر الإكليل 1 / 278 ، والقوانين الفقهية ص203 ، ومغني المحتاج 3 / 150 ، وروضة الطالبين 7 / 54 ، والمغني لابن قدامة 6 / 495 ، وتحفة المحتاج 7 / 246 .
سَنَةً ، أَوْ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ ، أَوْ خَمْسٌ وَثَلاَثُونَ . أَوْ أَرْبَعُونَ . أَوْ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ . أَوْ مِنْهَا إِلَى السِّتِّينَ .
وَقَال بَعْضُهُمْ : سِنُّ الْعُنُوسَةِ يَعُودُ إِلَى الْعُرْفِ ، فَالْعَانِسُ عِنْدَ هَؤُلاَءِ هِيَ الْبِنْتُ الْمُقِيمَةُ عِنْدَ أَهْلِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا سِنَّ الزَّوَاجِ مُدَّةً طَوِيلَةً عَرَفَتْ فِيهَا مَصَالِحَ نَفْسِهَا وَبُرُوزَ وَجْهِهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ (1) .
نَفَقَةُ الْعَانِسِ :
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْبِنْتَ الْفَقِيرَةَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَإِنْ وَصَلَتْ حَدَّ التَّعْنِيسِ أَوْ جَاوَزَتْهَا (2) .
__________
(1) جواهر الإكليل 1 / 278 .
(2) فتح القدير 3 / 343 ، والفواكه الدواني 2 / 106 ، والمحلي على المنهاج 4 / 84 ، وكشاف القناع 5 / 481 .الموسوعة الفقهية الكويتية - (31 / 30)
ـــــــــــــــ(61/1)
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 17 / ص 362)
أريد زوجاً
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
أنا فتاة مسلمة، متدينة، عمري 34سنة لم أتزوج بعد، فهل الزواج نصيب؟ وهل الإنسان مسير فيه أم مخير؟ مع العلم أنه ليس لدي أي شروط، أريد فقط زوجا مسلماً ومتديناً، ولكم جزيل الشكر والعرفان.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
لا ريب أن كل ما يحصل للمسلم في هذه الحياة فهو بقدر، والزواج أو عدمه من قدر الله، ولكن لا يعني هذا أن المسلمة لا تبحث عن الأسباب والعلاج، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم(2664) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
فإذا كان في بلدكم أسباب معينة تدفع الرجل للزواج من المرأة، كأن يكون لها عمل فلتبحثي عن عمل مناسب ليس فيه محرم، ويمكنك التعرف على بعض الصالحات من النساء كصديقات، وطرح مشكلتك عليهن، فربما يكون لإحداهن أخ أو قريب يبحث عن زوجة صالحة، وكذلك يمكنك طرح معاناتك على بعض الخيرين الذين يسعون في هذه الأمور، ومراسلة بعض مواقع الزواج الموثوقة، علماً من يأتي عن طريق هؤلاء يحتاج إلى بحث وتحر من قبلك كبير، ولا ينصح بالتعجل في القبول من أول خاطب، ومع بذل الأسباب المعتادة سييسر الله أمرك، مع الدعاء والإلحاح على الله (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين).
وإذا لم يقدر لك الزواج فاعلمي أن غيرك كثير من النساء لم يحصل لهن الزواج، ولست وحدك، ومشكلة العنوسة من أكثر المشكلات الاجتماعية في العالم انتشاراً.
واعلمي أختي الكريمة أن السعادة يمكن أن تتحقق مع عدم الزواج، وذلك بالانشغال بالأعمال النافعة، من عبادة ودعوة وذكر لله، وتعليم ومشاركة في النشاطات الاجتماعية المفيدة.
وتأكدي أنه ليس كل زواج ناجح وسعيد، بل ما أكثر حالات الزواج التي تكون فيها المرأة شقية ومظلومة من قبل الرجل، تتمنى أنها لم تتزوج أبداً.
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 17 / ص 438)
عرضتُ نفسي عليه، فهل أنا مخطئة؟!
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
التمست في شاب متدين كل الصفات التي أريدها، ولرغبتي في الحفاظ على نفسي طلبت الزواج منه، فرفض؛ لعدم قدرته على الزواج؛ ولانشغاله بالدعوة، ولكني أمهلته شهرين للرد علي مرة أخرى! أنا حائرة، لا أدري ما أفعل، فأنا أحس بأني لا أريد أحداً غيره، فهل انتظر رده أم أبادر بالسؤال؟ طبعاً كل ذلك بالرسائل، فأنا لم أكلمه قط. -وجزاك الله خيراً-.
الجواب
جميل جداً أن تحرصي على الارتباط بشاب تتوسمين فيه الخير، والتدين، والاستقامة، وهذا الحرص يدلني على صفتين فيك:
الأولى: أنك فتاة مستقيمة، تطمحين لبناء حياتك، كما أمر الله - سبحانه وتعالى-.
الثانية: أنك تملكين عقلاً راجحاً بالرغم من صغر سنك.
وهاتان الصفتان يقل وجودهما في فتيات هذا الجيل، -مع الأسف الشديد- ولكن، بمجرد قراءتي لسؤالك، قفز إلى ذهني تساؤل: كيف عرفت أنه شاب متدين، وفيه كل الصفات التي تريدينها، بالرغم من أنك لم تكلميه، ومن باب أولى لم تريه؟! (وليس بينكما إلا الرسائل فقط؟!). بما أن سؤالك لا يوحي بإجابة عن هذا التساؤل فسأضع عدة افتراضات:
أولها: أنك تعرفت على صفاته من خلال برامج الحوار، أو منتدياتها على شبكة الإنترنت، فاستمعت إلى حديث، أو قرأت كلماته، وبالتالي أعجبت به، ولكن هذا لا يعني أبداً أنه يحمل الصفات التي تتخيلينها فيه؛ إذ إن الفتاة إذا أحبت فإنها تتخيل في محبوبها الصفات التي تتمناها هي، لا الصفات التي هو متصف بها بالفعل، وهذه المشاعر هي التي تسببت في انزلاق كثير من الفتيات نحو الخطأ، وسهلت كثيراً لذئاب البشر اقتناصهن، وهنا يلح سؤال لا بد أن يجد منك إجابة منطقية، تستخدمين للبحث عنها عقلك لا عواطفك: هل هو فعلاً كما تخيلته أنا؟ أو كما أوحى به إلي؟! مجرد معرفتك به بهذه الصورة تجيب عن هذا السؤال إجابة صحيحة، فالإنترنت عالم (أشباح) يستطيع كل داخل أن يتشكل فيه كما يريد، ويتصف بالصفات التي يريد، وإذا تحققت من الواقع قد تصدمين بشكله، وجنسه، وصفاته، كما صدم غيرك كثيراً! وتذهب أحلامك أدراج الرياح.
ثانيهما: أن تكوني عرفتيه حقيقة بأي طريقة من الطرق، وتأكتدي من صفاته، وكونه الإنسان المناسب لك، وهنا لا بد أن تعي عدة أمور:
1- عرض المرأة نفسها على الرجل بهذه الصورة أخشى أن يؤدي إلى ابتذالها، فهو وإن كان جائزاً في الأصل، لكننا في زمن لم يعتد الناس فيه على هذا الأسلوب، وقد يؤثر هذا الفكر العام على مكانتك وكبريائك، ولذلك دائماً أنصح الأخوات أن يعرضن أنفسهن إذا اضطررن لذلك، بطريق غير مباشر عن طريق قريب، أو صديقة، أو غيرها، ولذلك أنصحك بالتوقف عن مراسلته، وسؤاله عن قراره؛ حفاظاً على كرامتك.
2- من أهم مقومات الزواج الناجح قناعة كل من الطرفين بالآخر، والقناعة ليس بالضرورة أن تكون بالشكل فقط، بل أهم منها القناعة بالإقدام على الزواج أصلاً، ولذلك غالباً ما يفشل الزواج الذي يتم بالإكراه، أو الإجبار، أو الإحراج، أو غير ذلك. وما دام الرجل أبدى لك عذره، وعدم قدرته فلا تلحي عليه؛ لأني أخشى - إن هو تزوجك- أن يفشل زواجكما، ثم تعيشين معاناة جديدة ما أنت فيه الآن أهون منها بكثير.
3- هنا افتراض لا بد أن تضعيه في ذهنك، وهو أنه قد يكون لديه عذر آخر، لا يستطيع البوح لك به، فالدعوة قد لا تشغل الإنسان عن الزواج، وعامة من عرفنا من الإخوة الدعاة المؤثرين متزوجون، وبعضهم معدد، ولم يمنعهم من الدعوة، ربما كان الزواج معيناً عليها إذا وفق الرجل إلى امرأة تهتم بأمر أمتها، ولذلك قد تضعينه أنت بهذا الإلحاح في موقف محرج بين أن يحافظ على مشاعرك، وأن يراعي ظروفك.
بقي أمر مهم: تقولين: (أحس بأني لا أريد أحداً غيره) هل تعلمين أنك بهذه الكلمة تحكمين على نفسك بالإعدام وحياتك بالنهاية؟!.
أستغرب كيف تصدر مثل هذه الكلمة من فتاة عاقلة مثلك، وأنت تعلمين أن في الحياة من هم خير منه بمراحل؟!.
وهل كل فتاة حولك تزوجت من الرجل الذي كانت تتمناه؟ وهل أصبحت حياتها جحيماً بسبب ذلك؟! بالطبع لا.
اسألي من تعرفين من النساء هل تزوجن من كان يداعب خيالها في سني المراهقة؟ من النادر أن تجدي من تقول لك: نعم، ومع ذلك سارت حياتهن مستقرة سعيدة، وأنجبن الأولاد وعمرن البيت.
إنك بهذا الإحساس تدفعين نفسك دفعاً على الشقاء والتعاسة، وتحجبين عنها أفقاً رحباً من التفاؤل بالمستقبل، والعطاء، والإيجابية.
لا يا أختي: في الحياة أشياء أجمل وفي الرجال من هم أكمل، ولا أدعى للراحة من التسليم لله الذي يقول: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون" [البقرة:216]. وإياك أن يدفعك خوفك من شبح العنوسة لمثل هذا الشعور، فإن الله كما قدر لك رزقك، وأكلك، وشربك، وعمرك، قدر أيضاً زواجك، ولا راد لقدر الله إذا جاء، ولا مقدم له، ولا مؤخر.
أسأل الله أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك، ويرزقك الله به النية الصالحة.
ـــــــــــــــ(61/2)
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 17 / ص 472)
هل أقبل به أم لا ....؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 2-7-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة كتب كتابي على رجل لا أحبه ، وفي نفس الوقت كنت أحب رجلاً وهو متدين وكنت أتمنى أن أتزوجه ، وبعد فترة من كتب الكتاب علم ذلك الشاب بالخبر ، فجاء إلي وبين لي مشاعره تجاهي وقال أنه لا يريد أن يكون سبباً في تحطيم أسرة ، ولم أره بعد ذلك وكنت قبل ذلك أدع الله وألح عليه أن يكون هذا الشاب من نصيبي ، واستخرت الله كثيرا بعد هذا الأمر في أمرهما وأن يكون أفضلهما وخيرهما من نصيبي ، وبعد ذلك ساءت علاقتي مع خطيبي - وهو غير متدين - كثيرا وأشعر بنفرة تجاهه وكره فهو يسيء التعامل معي ، مع العلم أن خطيبي يعلم بمشاعري تجاه الشاب الآخر و أهلي يقولون لي بأنه إذا طار هذا الشاب من يدك فلن تتزوجي بعد ذلك وأن الفتيات كلهن تزوجن وأنت ستبقين في البيت من غير زوج ... شيخنا الفاضل ما ذا أفعل هل أبقي معه أم أنفصل عنه مع أني لا أطيقه ؟ أنا في حالة ضيقة لا يعلمها إلا الله . أرشدوني ما العمل ؟
الجواب
الأخت الكريمة ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
الأمر الذي أشير فيه عليك أن لا تستمري ولا تواصلي أمر الخطوبة والزواج من هذا الرجل لعدد من الأسباب :
أولا : إنه غير متدين مما يعني هذا أن الكفاءة في الدين غير موجود لديه وغير متوفرة فيه" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .." الحديث ، وهذا الرجل لم يكن بالشكل المرضي من الناحية الدينية .
ثانياً : أنك كما تقولين قد أحسست بنفور منه وعدم رغبة فيه وهذا بحد ذاته سبب وجيه لتركه وعدم إتمام الزواج منه.
ثالثاً : أنه على علم مسبق بمشاعرك تجاه الشاب الآخر وهذه سوف تكون الشرارة التي تنطلق منها نيران العذاب ولهيب الشك والريبة الذي سوف يخيّم على زواجك من أول يوم ويقيني أنه سينتهي بالانفصال كنتيجة طبيعية لمثل هذه الأمور .
رابعاً : قول أهلك أنك لن تتزوجي أبداً لو ذهب هذا الرجل غير صحيح فالله سبحانه المقسم للأرزاق وهو الذي كتب لك الرجل الذي سوف تتزوجينه فلا تتعجلي فتقعي في الاختيار الغير مناسب ثم ما تلبثين أن تجنين مرارة هذه العجلة في أمر الزواج.
وأخيراً : قد يرجع ويعود الرجل الذي أحببتِه أو قد لا يعود لكن المهم أن لا ترتبطي بإنسان لا ترغبين فيه وعليه ملاحظات كثيرة بحجة خوفك من العنوسة.
أيضاً لا تكوني كالذي يتعلق بالسراب فإن لم يعد ذلك الرجل ويرجع فحاولي نسيانه كي لا تربطي حياتك في رقبته فتعيشين تعيسة طول حياتك .
تذكري الله دائماً واستمري بالدعاء الخالص له أن يعينك ويرزقك الصالح من خلقه.
وفقك الله وأسعدك،،،.
ـــــــــــــــ(61/3)
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 18 / ص 404)
هل من حقي هجران أختي؟!
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 11/2/1427هـ
السؤال
حصلت بيني وبين أختي مشكلة بسبب تقدم الخطَّاب لي، علماً أنها غير متزوجة، وأزعجها هذا الأمر كثيراً؛ فهي لا تريدني أن أتزوج قبلها، وأنا لست صغيرة في العمر، لقد آذتني كثيراً، وفضحتني أمام أقاربي، وخلقت لنا مشكلات كثيرة، وجرحتني بتصرفاتها وكلامها السيئ، وقد سبَّب لي هذا الأمر أزمة نفسية كبيرة.
مشكلتي أنني غير قادرة على مسامحتها أو على الكلام معها، فهي لم تندم على ما فعلت كما أشعر، وأخاف أن يعاقبني الله على قطيعتي للرحم. أرشدوني ماذا أفعل.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأختكِ تعاني من العنوسة، وتأخرها عن الزواج، فوقع منها شيء من الحسد والبغض لكِ، وقد تكونين سبباَ في ذلك؛ حيث تجاهلتِ مشاعرها ونسيتها في غمرة الفرح. لذا عليكِ بمسامحتها، وأعلنيها صريحة لها؛ وفي هذه الحالة لن تملك نفسها من الندم والبكاء، وتواضعي لها، فإنه سوف تطلب منكِ مسامحتها.
اذكري لها حبكِ لها، وحزنكِ على مفارقتها، وأن باب الأمل مفتوح، وأنها ستتزوج بأفضل من زوجكِ، بزوج يملأ عليها الدنيا حباً وحناناً.
أختي الكريمة: الدنيا أهون وأحقر من أن تجعلنا نحمل في قلوبنا غلاً وبغضاً لمن نحبه من إخواننا وأخواتنا! وإياكِ وقطيعة الرحم؛ فقد جاء التحذير منها:
1-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ"[سورة محمد:22-23]
وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب .. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم...) [رواه البخاري: 4455].
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) [رواه مسلم: 4634].
2- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم) [رواه مسلم: 4636].
3-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) [رواه أبو داود:4269].
4- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا) [مسلم: 4956].
وعن ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [رواه البخاري:5611].
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) [رواه البخاري:5613] والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع. وفقكِ الله لكل خير، ولا حرمكِ الأجر.
ـــــــــــــــ(61/4)
موسوعة الأسرة المسلمة الشاملة - (ج 1 / ص 61)
المهر
المهر (أو الصداق): حق مالي للمرأة على الرجل الذي يتزوجها بعقد زواج صحيح، ليس لأبيها ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئًا من مهرها إلا بإذنها ورضاها، قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [النساء: 4]. (أي: آتوا النساء مهورهن عطاءً مفروضًا). وقال تعالى: {فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف} [النساء: 25] والمهر يُطيِّب نفس المرأة،، وهو دليل على الحب والصدق، والرغبة في التعاون والمشاركة في الحياة الزوجية.
ولم يضع الشرع حدًّا لأقل المهر وأكثره. والمعيار في ذلك قدرة كل رجل واستطاعته، فيجوز للرجل أن يجعل مهر زوجته قنطارًا من ذهب، ولعل هذا ما أشارت إليه الآية الكريمة على وجه الإباحة. قال تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا} [النساء: 20].
وذات يوم قام الخليفة عمر -رضي الله عنه- في الناس خطيبًا، فقال: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية من فضة، فمن زاد أوقية جعلت الزيادة في بيت المال. فقالت امرأة: ما ذاك لك. قال: ولِمَ؟ فقالت: لأن الله تعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطارًا} [النساء: 20] فقال عمر: اللهم عفوًا، كل الناس أفقه من عمر. [أبو يعلي].
لكن الإسلام رغب في تيسير المهور، واعتبر أكثر النساء يمنًا وبركة، أقلهن مهرًا. فلا يحسن بالمرأة أو وليها أن يفرض على الراغب في الزواج مهرًا كبيرًا يعجز عن أدائه، وقد أرشد الشرع الحنيف إلى التيسير في المهور، ليرغب الشباب في الزواج، فيحصنوا أنفسهم، وتعف نساء المسلمين، ولتكوين البيت الذي هو أساس المجتمع. والمغالاة في المهور عواقبها وخيمة؛ فهي تؤدِّي لانتشار العنوسة بين النساء، وحرمانهن من الزواج، كما تؤدي إلى تعطيل زواج الشباب، وهذا وذاك يؤدي إلى انحلال الأخلاق، وانتشار الفساد في المجتمع.
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يرغب دائمًا في تخفيف المهور على الراغبين في الزواج، فقال: لا تغالوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلى الله عليه وسلم. ما أصْدَقَ امرأة من نسائه، ولا أُصْدِقَتْ امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية (والأوقية: عشرون درهمًا). [ابن ماجه].
ولحرص النبي صلى الله عليه وسلم على تخفيف المهور، زوج رجلاً بما يحفظه من القرآن. فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله. إني وهبتُ نفسي لك. فقامتْ قيامًا طويلا، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، زوجني بها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال صلى الله عليه وسلم: (هل عندك من شيء تُصْدقُهَا إياه؟). فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئًا). فقال: ما أجد شيئًا، فقال: (التمس ولو خاتمًا من حديد)، فالتمس فلم يجد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (هل معك من القرآن شيء؟) قال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسور يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(قد زوجتكما بما معك من القرآن) [متفق عليه].
ومن النساء من رضيتْ بإسلام زوجها مهرًا لها، فعن أنس -رضي الله عنه- أن أبا طلحة خطب أُمَّ سُلَيْم -رضي الله عنها- فقالت: والله ما مثلك يُرَدّ، ولكنك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجَك، فإن تُسْلِم فذلك مَهْرِي، ولا أسألك غيره، فأسلم. فكان ذلك مهرها.
وللمهر أحكام تختلف حسب توقيت البناء بالزوجة، وتسمية المهر، وذلك على النحو التالي:
1- يجب المهر المسمى على الرجل إذا دخل بزوجته دخولا شرعيًّا قال تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا. وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا} [النساء: 20-21].
فإذا مات الزوج قبل البناء، وكانا قد اتفقا على مقدار المهر، فيجب المهر المسمى -أيضًا- فإذا بنى الرجل بامرأة، ثم تبين له فساد عقد الزواج لسبب أو لآخر، فقد وجب عليه المهر كله. فقد تزوج (بصرة بن أكثم) بكْرًا فوجدها حبلى، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (لها الصداق بما استحلْلت من فرجها)، وفرَّق بينهما. [أبوداود].
2- وإذا عقد الرجل على امرأة، وقد سمَّى لها المهر، ثم طلقها قبل الدخول بها، فلها نصف المهر، ويستحب لكل من الرجل والمرأة أن يعفو عن حقه أو جزء منه؛ ذكرًا للفضل الذي كان بينهما. قال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وإن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير} [البقرة: 237] (أن يعفون: أي النساء، والذي بيده عقدة النكاح: هو الزوج).
3- أما إذا عقد رجل على امرأة، ثم طلقها قبل الدخول بها، ولم يفرض لها مهرًا، فقد وجب عليه أن يمتِّعها؛ تعويضًا لها عما فاتها، وتطييبًا لنفسها عن ألم الفراق. قال تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين} [البقرة: 236]. والمتعة: ليس لها حدٌّ معين، فهي تختلف باختلاف غنى الرجل أو فقره.
4- وإذا بنى الرجل بزوجته، ولم يحدِّدْ لها مقدار المهر، فللزوجة مهر المثل وهو مهر من يماثلها من النساء.
وإذا عقد الرجل على امرأة، ولم يدخل بها، ولم يتفقا على مقدار المهر، ثم مات عنها، فلها مهر المثل والميراث، ويقدر مهر المثل عند الأحناف والشافعية تبعًا لما يُدفع لنساء أسرة الأب؛ كالأخت والعمة، مع مراعاة التماثل في الجمال والبكارة، والثقافة، والخلق والدين، وما يراعى من صفات تقدير المرأة بوجه عام. وعند مالك: يكفي التماثل في الصفات ولو من غير القرابة. وعند
ابن حنبل روايتان: الأولى أنه اعتبار قرابتها للأب، والأخرى اعتبار قرابتها للأم.
5- وإذا اشترط في العقد ألا يكون هناك مهر، فينعقد العقد، ويبطل الشرط، وللمرأة حق في مهر مثيلاتها، وذلك عند جمهور الفقهاء أيضًا.
6- ويسقط المهر عن الرجل إذا وهبته له المرأة، أو كانت المرأة سببًا في حدوث الفرقة؛ كأن وجد بها عيبًا يمنعه من تمام الاستمتاع بها.
7- وللزوجة أن تأخذ مهرها معجلا -في وقت العقد- أو مؤجلا فيما بعد، أو تأخذ بعضه وتؤخر بعضه. وعلى الزوج أن يعلم أن مهر زوجته دَيْن عليه، يحسن أن يؤديه إليها متى استطاع، ويجب أداؤه عند حلول أحد الأجلين الموت أو الطلاق.
الشبكة
جرتْ الأعراف على أن يقدِّم الرجل (الشبكة) لمن يرغب في خطبتها، تقديرًا لها، وتعبيرًا عن مشاعره الطيبة نحوها، وقد يقَدمها في صورة ذَهَب أو غيره مما غلا ثمنه، وتعتبر الشبكة هدية أو جزءًا من المهر تبعًا لاتِّفاق الزوجين، فإذا قدمها، وقال: هذه هدية مني إليك عرفانًا بالحب والتقدير، فهي هبة وليست مهرًا. أما إذا قدمها، وقال: هذه جزء من المهر فله ذلك، والأفضل إشهاد رجلين على تقديم الشبكة؛ حتى لا ينكر أحد الطرفين ما اتفقا عليه، وتجري على الشبكة أحكام المهر إذا كانت جزءًا منه، فإذا لم يتفقا على ذلك جرتْ عليها أحكام الهدية.
ومن كرم المرأة وأهلها ألا تشترط على الخاطب أن يقدم الشبكة بمقدار معيَّن. ولا مانع أن يقدِّم الرجل الشبكة لمن يريد الزواج بها في حضور أهله وأهلها، في حفل صغير، يتعارف فيه أهل الزوجين ويتقاربان، وتتوطِّد العلاقات بينهما على أن يلتزم الجميع في هذا اللقاء بالآداب الشرعية الخاصَّة بالاختلاط والزِّي.
وكثيرًا ما نرى الخاطب يقوم بإلباس الشبكة لمخطوبته في حضور الأهل والأقارب، وفي هذا مخالفة شرعية؛ حيث إنه لا يجوز للخاطب أن يلمس جسم مخطوبته، ويمكن أن تقوم بذلك أمُّه أو أخته، أو يكتفي بتقديمها، ثم يُلبسها مخطوبته بعد ذلك. وفي بعض الأحيان تُقدَّم الشبكة بعد العقد، ولا مانع حينئذ من أن يلبس الرجل المرأة الشبكة. والمرأة لا تشترط على الرجل أن يلبس خاتمًا (أو ما يسمى دْبِلَةَ الخُطُوبة) ذهبيًّا، ولو اشترطت فشرطها باطل، ولا اعتبار له، فهذا مخالف للشريعة قال صلى الله عليه وسلم: (الذهب والحرير حلٌّ لإناث أمتي، وحرام على ذكورها) [الطبراني].
تأثيث البيت:
الرجل هو المسئول عن إعداد بيت الزوجية، وتجهيزه بالأثاث المناسب، ولأهل المرأة أن يتعاونوا مع الرجل في تحمل بعض النفقات، وليس ذلك واجبًا مفروضًا عليهم، وإنما هو إعلانٌ عن حبهم له، وكسبٌ لمودته، فعن علي -رضي اللَّه عنه- قال : (جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل (ثوب له وبر؛ كالقطيفة)، وقِرْبَة، ووسادة حَشْوُها إذْخَر (نبات طيِّب الرائحة)._[النسائي].
وفي بعض الحالات يدفع الزوج المهر لأهل العروس؛ ليقوموا بتجهيز منزل الزوجية من هذا المهر، مع ما يضيفونه إليه من مالهم الخاص، وبهذا يكون الجهاز مِلْكًا للزوجة وحدها، وإنما يستعمله الزوج بإذنها. فإذا دفع الزوج المهر للعروس، ثم قام بإعداد منزل الزوجية وتأثيثه، فإن الجهاز يكون ملْكًا له. فإن اشترك كل من الزوجين في إعداده، كانا شريكين في ملكيته على قدر مشاركة كل منهما.
وفي بعض المجتمعات، يتفق الرجل مع ولي المرأة على تأثيث بيت الزوجية بشرط أن لا يدفع لها مهرًا مقابل تجهيزه لبيتها، وكأنه قدم لها المهر في صورة أثاث وأجهزة للبيت، وفي هذه الحالة يكون أثاث البيت مِلْكًا للمرأة؛ عِوَضًا عن المهر، وفي بعض الحالات تقسم المسؤوليات عند الزواج بتوزيع النفقات على الطرفين، وهذا ليس واجبًا على المرأة، أما إن تم بالتراضي فلا بأس.
ـــــــــــــــ(61/5)
ـــــــــــــــ
موسوعة الأسرة المسلمة الشاملة - (ج 1 / ص 463)
مشكلة العنوسة
الأسرة أساس المجتمع، فمنها يبدأ، وعليها يعتمد، وبقدر ما تكون الأسرة مترابطة بقدرما يكون المجتمع قويًّا مترابطًا.
والزواج هو الوسيلة المثلى لبناء مجتمع هادئ قوي مستقر، والأسرة تتكون عن طريق الزواج، الذي يشبع الحاجات النفسية والجسدية للأفراد، ويقمع الانحراف والشذوذ، ويحقق الحياة الوادعة، ويوفر الهدوء والاستقرار، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
ومن يُعْرض عن منهج الله وشريعته يكون عقابه المزيد من الآلام، فتزداد بالتالي المشكلات التي تصيب المجتمع، ومنها مشكلة العنوسة. تلك المشكلة التي تشغل بال بعض الأسر، وتحزن الآباء والأمهات قبل البنات. وجوهر المشكلة يكمن في تأخر سن زواج بعض الفتيات عن السن الطبيعية، مما يترتب عليه كثير من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة.
أسباب العنوسة:
والتغلب على هذه المشكلة الخطيرة يتطلب معرفة أسبابها، التي تتفاوت ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية، ومن ذلك:
- عدم إقبال كثير من الشباب على الزواج؛ لعجزهم المادي أمام ارتفاع المهور، بدرجة كادت أن تصبح عرفًا سائدًا وعادة محكمة، ويصل الأمر بالفقير إلى العجز عن التقدم لأية امرأة، فإذا حاول كان مثارًا للسخرية والاستهزاء به.
- امتناع الحكومات في كثير من الدول الإسلامية عن معاونة الشباب الراغب في الزواج، من خلال تهيئة الظروف المساعدة على الحياة الكريمة في مختلف المجالات.
- انخفاض مستوي المعيشة في العديد من الدول الإسلامية، مع الارتفاع المطرد للأسعار.
- العصبيات التقليدية؛ كأن نجد عائلة لا تتزوج إلا من عائلة معينة، أو لا تزوِّج بناتها للغرباء عنها؛ حفاظًا على شرف العائلة أو ميراثها أو حسبها.
- تعنت بعض الفتيات، ورفضهن الزواج من الأشخاص الذين لا يقيمون معهن في منطقة قريبة من بيت الأسرة.
- الحروب التي يذهب ضحيتَها الآلافُ من الشباب، فتزيد نسبة الإناث إلى الذكور.
- انسياق بعض الفتيات وراء التيارات الفكرية المنادية بتحرير المرأة، والمساواة مع الرجل، وتحقيق الذات، وهنا ترفض بعض الفتيات الزواج حتى ينتهين من التعليم، ويحصلن على وظيفة مناسبة، فتزيد أعمارهن، وتقل فرصهن في الزواج.
- كثرة المشاكل العائلية بين الأبوين، فتنشأ الفتاة ولديها فكرة سيئة عن الزواج، فترفض الإقدام عليه خوفًا من الوقوع في نفس المشاكل.
- الاختلاط الفاسد والانحلال وفساد المجتمع، فيجد الشباب الطريق ميسورًا لإشباع شهواته وقضاء حاجاته دون التزام أو قيد، إضافة إلى أن هذا الاختلاط يدفع العديد من الشباب إلى عدم الثقة في النساء بوجه عام، فيحجم عن الزواج.
- معارضة بعض الآباء في تزويج بناتهم الموظفات طمعًا في أموالهن، مع تبرير موقفهم بحجج واهية، ومن ذلك القول: (إنه لم يحدث نصيب)، أو (لا يوجد أحد في مستواها)... إلخ.
آثار العنوسة:
وأمام هذا التعدد والتنوع في الأسباب التي أفضت إلى هذه المشكلة الخطيرة، فقد أفرزت هذه المشكلة العديد من الآثار التي تهدد المجتمع الإسلامي، وتؤثر في تماسكه، وتظهر خطورة العنوسة على عدة مستويات:
خطورتها بالنسبة للفتاة:
بحيث تصاب الفتاة (العانس) بالعديد من الآلام النفسية، فتشعر بالحزن والاكتئاب، والنفور من الناس خشية السخرية والتلميح الجارح، وهذا قد يترتب عليه العديد من الآلام العضوية. والأخطر أن الفتاة قد تنحرف عن الطريق السوي التماسًا للسكن والعاطفة.
خطورة العنوسة بالنسبة للأسرة:
تُحْدِثُ العنوسة آثارًا نفسية سيئة على كل أسرة فيها عانس، حيث يشعر أفرادها بالهم والغم، بل الخزي والعار في بعض المجتمعات، حيث الخوف من نظرات الناس وتفسيرها بغير معناها واعتبارها نوعًا من الاتهام لهم ولبناتهم، مما يؤثر بصورة سلبية على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
خطورة العنوسة بالنسبة للمجتمع:
حيث يؤدي انتشار ظاهرة العنوسة لأخطار شديدة على المجتمعات، إذ يحدث التفكك والتحلل في المجتمع، وتنتشر الأحقاد والضغائن بين أفراده، كما ينتشر الفساد والرذائل والانحرافات، التي تندفع إليها بعض الفتيات في ظل الدوافع النفسية التي يعانين منها.
كما تنبت وتترعرع في ظل مشكلة العنوسة بعض العادات الجاهلية؛ كالسحر والدجل والشعوذة، ظنًّا من البعض أن هذا سيؤدي إلى زواج بناتهم.
وأمام كل هذا الخطر... ما الحل؟
إن الإسلام لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الظاهرة، بل وضع العديد من الأسس والمبادئ التي تقضي عليها، وتجنب المسلمين أخطارها، ومن ذلك:
- الحث على الاعتدال والوسطية في كل شيء، ومن ذلك المهور؛ فلا تكون فوق الطاقة، ويراعي الحرص على الخلق والدين قبل المال عند اختيار الزوج المناسب، فإذا توفر الخلق النبيل والحرص على الدين، فهذا هو الفوز والمغنم، قال صلى الله عليه وسلم : (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
- تأكيد مسؤولية الحاكم في توفير فرص الحياة الطيبة لرعيته، والنهوض بأعبائهم، والسهر على حل مشكلاتهم.
وقد أفتى العلماء بجواز تزويج المعسر من مال الزكاة، وقد أمر عمر بن عبد العزيز بالمال -من بيت المال- لتزويج الشباب.
- العمل على تحقيق التنمية في الدول الإسلامية، بما يرفع من أحوال المعيشة، لتسهيل فرص المعيشة الكريمة وبناء أسر جديدة بالزواج.
4- إزالة الفجوات وتقريب المسافات بين مختلف أفراد المجتمع، حتى لا يكون الاختلاف الطبقي مبررًا لعدم الزواج من صاحب الخلق والدين.
- الأخذ بمبدأ (تعدد الزوجات)؛ الذي يُعَدُّ متنفسا شرعيًّا عظيم الفائدة، في الحالات التي يزيد فيها عدد الإناث عن الذكور، وخاصة في زمن الحرب وما يعقبها. نهى الإسلام الآباء عن منع بناتهن من الزواج، لهوى في نفوسهم أو لمآرب يسعون إليها.
إن العودة إلى شريعة الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم هي الشفاء من كل ما يصيب المجتمع من مشكلات، وهي الواقي للمجتمع من التدهور والانهيار تحت معاول الاختلاط والانحلال والغرائز والشهوات، قال صلى الله عليه وسلم : (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي) [مالك].
كلمة أخيرة:
يجب على المرأة -وهي مشغولة بعملها أو بتحصيل العلم- أن تتذكر أن المصير الطبيعي لها هو الزواج؛ لتسكن إلى زوجها، لإنشاء بيت جديد وعش هادئ، ولذا وجب عليها ألا تنغمس في مثل هذه المشاغل حتى يكبر سنها، فلا تجد الأنيس الذي يؤنس وحشتها، والأليف الذي يملأ فراغها، وإلا فالندم هو المصير، وعليها التيقن من عدم التعارض بين دائرة العلم والعمل، ودائرة الزواج والأسرة، فإذا اضطرت أن تختار إحدى هذه الدوائر فعليها أن تعرف أولى هذه الأمور فتختاره.
ـــــــــــــــ(61/6)
ـــــــــــــــ
0 - 1 - (ج 1 / ص 331)
رقم الفتوى 763 لا حرج في اتفاق الأطراف المعنية ورضاهم بالزواج الثاني بل هو أفضل
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
ما هو حكم الاتفاق على الزواج الثاني برضا الأطراف المعنية و كذلك رضا الزوجة الثانية بالتكفل بكل المصاريف بعد أن تعرض الزوج المتقدم لها لضائقة مالية شديدة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأطراف التي يجب أن تحصل منها موافقة مسبقة على الزواج الثاني ثلاثة: الزوج والزوجة الثانية ووليها.
فإذا حصل اتفاق من هؤلاء الثلاثة على الزواج، مع توفر شروط صحته الأخرى وانتفاء موانعه، كان الزواج صحيحاً، أما الزوجة الأولى فلا يجب أن تستشار في ذلك، ولا تتوقف صحة الزواج على موافقتها، إلا أن الزوج إذا استطاع أن يقنعها بالزواج الثاني بتبيين مزاياه الدينية والدنيوية، وتبيين أن حقوقها مصونة لها على كل حال، فإن ذلك أحسن وأولى أن يقلل من رد فعلها السلبي تجاه ذلك.
أما تكفل الزوجة الثانية بكل المصاريف من نفقة وسكن ونحو ذلك فهو جائز، لأن ذلك حق لها فلها إسقاطه، إلا المهر فليس لها إسقاطه بالكلية، ولكن لها أن تخففه إلى أقل ما يسمى مالاً يتمول، وقد حدد بعض أهل العلم ذلك بربع دينار أو قيمته. بل إن تخفيف المهر مطلوب شرعاً لأنه يحقق مصالح كثيرة، كما أن المغالاة في المهر تسبب مفاسد كثيرة منها انتشار العنوسة بين الرجال والنساء، ومنها إثقال كاهل كثير من المتزوجين بالديون التي تحملوها في مهور نسائهم إلى غير ذلك من المفاسد. لذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على تخفيفه، وبارك للذين حصل منهم تخفيف له. ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال: " ما هذا؟" قال :إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال:" بارك الله لك، أولم بشاة".
وفي المسند عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة "
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/7)
رقم الفتوى 3074 غلاء المهور ظاهرة تخالف الشريعة
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
رجل محدود الدخل تقدم لخطبة فتاة طلب والدها مهرا فوق المتوسط المتعارف عليه و بحجة أن أخت المتقدم كان مهرها فوق المتوسط قبل عام وذلك من باب المعاملة بالمثل و كذلك حسب قوله إنه ليس أقل من الناس . و حيث إن المهر يستخدم حسب العرف في شراء الكثير من الملابس والذهب . السؤال هل يجوز لي الاعتراض علي هذا المهر؟ من باب اقلكن مهرا اكثركن بركة وكذلك لانني اعتقد أن المهر يستخدم في التبذير الذي لا لزوم منه مع العلم أنني كنت قد اعترضت على مهر أختي، حتى لو كان اعتراضي سيسبب فشل إتمام الزواج؟. و هل يجوز لي الاعتراض على تدخل والدي؟ الذي على استعداد لدفع المهر حيث إن قدراته تسمح بذلك، مع العلم أنني لا أريد تدخله لأنه سيساعد في مصروفات أساسية أخرى.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يخفى على عاقل ما في غلاء المهور من المفاسد والمضار التي منها انتشار العنوسة بين الجنسين ، وإثقال كاهل المتزوجين بديون يرزحون تحت وطئتها لسنوات عديدة. وقد يتسبب ذلك في أن الزوج إذا لم توافقه الزوجة ولم يمكنه إمساكها فمن الصعب عليه أن يطلقها ويسرحها سراحاً بالمعروف لأنه يرى أنه قد خسر في زواجه منها خسارة كبيرة -فيلجأ إذا لم يتق الله تعالى- إلى مضارتها وتضيع بعض حقوقها ليلجئها إلى الافتداء منه بما يخفف عليه تلك الخسارة، لذلك كله كان من هدي الإسلام تخفيف مؤونة النكاح. ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه. وهدي صحابته - رضي الله عنهم - في ذلك فعليك أن تتدخل لدى المعنيين بهذا الأمر جميعاً من باب النصح والدعوة إلى الالتزام بشرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كل ذلك يكون بالحكمة والحوار والإقناع. ولا تغفل الموازنة بين المصالح والمفاسد. ولا تغفل أن ما يتسبب من ذلك في فشل الزواج ينبغي تجنبه ، وحاول أن تقنع والدك فإن المشكلة ليست فيمن يدفع. وإنما المشكلة فيما يترتب على ذلك من مفاسد. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/8)
رقم الفتوى 3648 زواج المسلم من الكتابية جائز ولا يخلو من مفاسد
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
هل يجوز زواج المسلم من الكتابية فى بلاد الغرب علما بما يلي:
1- عند حدوث طلا ق بين الزوجين فإن القانون يعطي الأولاد للزوجة مما يترتب عليه اعتناق الأولاد لغير الدين الإسلامي .
2-التاثير القوى للمجتمع على عقيدة الابناء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
1ـ أباح الله جل وعلا للمسلم أن يتزوج بالكتابية ـ المسيحية أو اليهودية ـ شريطة أن تكون محصنة غير زانية. والزواج من المسلمة أولى صيانة للمؤمنات، وتجنباً لكثرة العنوسة بين المؤمنات.
2ـ وإذا خاف المسلم على الذرية من الوقوع في شباك الكفار عند الفراق يمكنه أن يكتفي بالعشرة المجردة دون طلب الذرية، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يعزلون خوفا على الولد من الغيلة.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/9)
رقم الفتوى 4073 لاحد لأكثر المهر ولا لأقله
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في تحديد المهر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
ليس في نصوص الشرع تحديد لأقل المهر ولا لأكثره، فلذلك قال العلماء:إنه لا حد لأكثره ولا لأقله، ولكي ينبغي التوسط ومراعاة الحال والتيسير.
وقد وردت نصوص في الحث على تخفيف مؤن النكاح تيسيراً لأمره وللحدّ من تفشي العنوسة التي تنشأ عنها مفاسد كثيرة، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة"رواه أحمد.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/10)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 4533 لاحرج في تكفل الزوجة الثانية مصاريف النفقة والسكن
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
ما هو حكم الاتفاق على الزواج الثاني برضا الأطراف المعنية و كذلك رضا الزوجة الثانية بالتكفل بكل المصاريف بعد أن تعرض الزوج المتقدم لها لضائقة مالية شديدة و هل يدخل هذا في زكاتها و هل يصح لها أن تدفع الزكاة لعائلته من مالها ان كانت مقتدرة و ترغب في هذا..ونشكركم و لكم الأجر إن شاء الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأطراف التي يجب أن تحصل منها موافقة مسبقة على الزواج الثاني ثلاثة: الزوج والزوجة الثانية ووليها.
فإذا حصل اتفاق من هؤلاء الثلاثة على الزواج، مع توفر شروط صحته الأخرى وانتفاء موانعه، كان الزواج صحيحاً، أما الزوجة الأولى فلا يجب أن تستشار في ذلك، ولا تتوقف صحة الزواج على موافقتها، إلا أن الزوج إذا استطاع أن يقنعها بالزواج الثاني بتبيين مزاياه الدينية والدنيوية، وتبيين أن حقوقها مصونة لها على كل حال، فإن ذلك أحسن وأولى أن يقلل من رد فعلها السلبي تجاه ذلك.
أما تكفل الزوجة الثانية بكل المصاريف من نفقة وسكن ونحو ذلك فهو جائز، لأن ذلك حق لها فلها إسقاطه، إلا المهر فليس لها إسقاطه بالكلية، ولكن لها أن تخففه إلى أقل ما يسمى مالاً يتمول، وقد حدد بعض أهل العلم ذلك بربع دينار أو قيمته. بل إن تخفيف المهر مطلوب شرعاً لأنه يحقق مصالح كثيرة، كما أن المغالاة في المهر تسبب مفاسد كثيرة منها انتشار العنوسة بين الرجال والنساء، ومنها إثقال كاهل كثير من المتزوجين بالديون التي تحملوها في مهور نسائهم إلى غير ذلك من المفاسد. لذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على تخفيفه، وبارك للذين حصل منهم تخفيف له. ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال: " ما هذا؟" قال :إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال:" بارك الله لك، أولم بشاة".
وفي المسند عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة "
أما صرف هذه المرأة زكاتها فيما كان لها على الزوج من نفقة وسكنى فإنه لا يجزئ، لأن الزكاة ستكون في هذه الحالة وقاية لمالها وذلك غير جائز.
أما دفع زكاتها للزوج أو لعياله من غيرها فهو جائز إذا كانوا فقراء مستحقين للزكاة.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/11)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 7682 الأدلة المبيحة لعرض البنت للزواج
تاريخ الفتوى : 25 محرم 1422
السؤال
السلام عليكم أبلغ من العمر 27 سنة ولم أتزوج إلى الآن كل من هم في سني عندهم أولاد أنا بحاجة للزواج فأنا علي خلق وأصلي ولدي شهادة لكن لا أحد يتقدم لي لا أعلم لماذا مع العلم أن أبي لا يطلب المهر الغالي فقط يريد الرجل الذي يصلي ويعرف ربه أنا أخاف من العنوسة وأمي ترفض الذهاب بي إلي الخاطبات بحجة أن أبي لا يرضى فماذا أفعل قطار العمر يجري وهل أذهب إلى الخاطبة من غير علم أمي وأبي أم أصبر ماذا أفعل أرشدوني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه، أو فضله، أو علمه، أو غير ذلك من خصال الدين جائز شرعا، ولا غضاضة فيه. بل هو مما يدل على شرفها، فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟، فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها واسوأتاه واسوأتاه! قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها. وقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه حين تأيمت من خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه. وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله تعالى: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) [القصص: 27]، وبما أن خطبة المرأة تكون إلى وليها لما روي عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عائشة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كما أخرجه البخاري، فيجوز أيضا أن تخطب المرأة الرشيدة إلى نفسها.
وانطلاقاً من عموم استحباب العرض على الولي والمرأة معاً، وأن كلا منهما محل للخطب، فينبغي لأبوي هذه المرأة عرضها على من يجوز العرض عليه شرعاً، إذا توفرت الوسائل المشروعة لذلك، وانتفت الموانع خشية أن يكون في عدم مساعدتها على ذلك نوع عضل. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/12)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 7905 نشر إعلانات الزواج عن طريق الانترنت جائز بشروط
تاريخ الفتوى : 12 صفر 1422
السؤال
تقوم بعض النساء عبر الانترنت بإرسال بعض الكلام إذا أردت زوجاً كأن تقوم بوصف نفسها مثلاً تصف شعرها وبدنها وبياضها أو أي شيء منها فهل هذا جائز أم أن هذا غير جائز؟ وما معنى الحديث: " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها وأريد شرح الحديث وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحقيقة أن مواقع الزواج على الانترنت كثيرة، وهي بين مواقع متخصصة، وخدمات تقدمها بعض المواقع رغبة في تكثير عدد متصفحيها.
وانتشار هذه الظاهرة يدل على حجم وعمق المعاناة التي تعيشها المرأة المسلمة في مجتمعاتنا، التي جعلت الزواج صعباً، فصار الحرام أسهل من الحلال، حتى طلَّ علينا شبح العنوسة، وصار يهدد أمل الشباب في إقامة أسر سعيدة، ويقضي عليهم باليأس والقنوط، كل ذلك بسبب حيدة المجتمع عن الأخذ بأحكام الإسلام في تيسيره أمر الزواج، في هذا الوضع المزري الذي لولاه لما باحت العذراء ذات الخدر بسرها- والذي وجدت في الإنترنت سبيلاً للبوح به - مما يدل على عمق المأساة وحجم المشكلة.
هذا ما نظنه سبب المشكلة. أما الحكم عليها فيختلف باختلاف المواقع: فمنها الجاد الذي هدفه التوفيق بين الجنسين ويتخذ احتياطات جيدة في ذلك، فيقوم باستقبال الطلبات من الطرفين، ثم يقوم بالمطابقة بينها، ثم يُعْلِم الطرفين بذلك دون أن ينشر شيئاً من بياناتهما، وهذه الطريقة لا حرج فيها، بل هي من التعاون على البر والتقوى، مع التنبيه إلى أن الأمر بعد موافقة الطرفين يعتبر مجرد خطبة له أحكام الخطبة، أما الزواج فله شروطه التي يجب توافرها للحكم بصحته.
ومن المواقع ما هو هازل، أو ما يتخذ مسرحاً للفارغين، وذلك بأن ينشر الطرفان بياناتهما وعنوانهما، وهذا ما يجعل القضية محفوفة بالمخاطر، وسبيلاً للعب بعواطف البنات، والتغرير بهن. فينبغي اجتناب هذه الطريقة سداً للذريعة المفضية إلى ما لا تحمد عقباه.
أما الحديث المذكور قصته: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، فقد رواه البخاري وغيره. وحكمة النهي فيه - كما يقول العلماء- هي خوف أن يعجب الزوج الوصف فيفضي إلى تطليق الواصفة لأنها دون من وصفت، أو الافتتان بالموصوفة. وهذا في غير طالب الزواج، أما طالب الزواج فيجوز له رؤية من يريد نكاحها في غير خلوة، فمن باب أولى أن توصف له.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/13)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 7906 نشر إعلانات الزواج عن طريق الانترنت جائز بشروط
تاريخ الفتوى : 12 صفر 1422
السؤال
تقوم بعض النساء عبر الانترنت بإرسال بعض الكلام إذا أردت زوجاً كأن تقوم بوصف نفسها مثلاً تصف شعرها وبدنها وبياضها أو أي شيء منها فهل هذا جائز أم أن هذا غير جائز؟ وما معنى الحديث: " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها وأريد شرح الحديث وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحقيقة أن مواقع الزواج على الانترنت كثيرة، وهي بين مواقع متخصصة، وخدمات تقدمها بعض المواقع رغبة في تكثير عدد متصفحيها.
وانتشار هذه الظاهرة يدل على حجم وعمق المعاناة التي تعيشها المرأة المسلمة في مجتمعاتنا، التي جعلت الزواج صعباً، فصار الحرام أسهل من الحلال، حتى طلَّ علينا شبح العنوسة، وصار يهدد أمل الشباب في إقامة أسر سعيدة، ويقضي عليهم باليأس والقنوط، كل ذلك بسبب حيدة المجتمع عن الأخذ بأحكام الإسلام في تيسيره أمر الزواج، في هذا الوضع المزري الذي لولاه لما باحت العذراء ذات الخدر بسرها- والذي وجدت في الإنترنت سبيلاً للبوح به - مما يدل على عمق المأساة وحجم المشكلة.
هذا ما نظنه سبب المشكلة. أما الحكم عليها فيختلف باختلاف المواقع: فمنها الجاد الذي هدفه التوفيق بين الجنسين ويتخذ احتياطات جيدة في ذلك، فيقوم باستقبال الطلبات من الطرفين، ثم يقوم بالمطابقة بينها، ثم يُعْلِم الطرفين بذلك دون أن ينشر شيئاً من بياناتهما، وهذه الطريقة لا حرج فيها، بل هي من التعاون على البر والتقوى، مع التنبيه إلى أن الأمر بعد موافقة الطرفين يعتبر مجرد خطبة له أحكام الخطبة، أما الزواج فله شروطه التي يجب توافرها للحكم بصحته.
ومن المواقع ما هو هازل، أو ما يتخذ مسرحاً للفارغين، وذلك بأن ينشر الطرفان بياناتهما وعنوانهما، وهذا ما يجعل القضية محفوفة بالمخاطر، وسبيلاً للعب بعواطف البنات، والتغرير بهن. فينبغي اجتناب هذه الطريقة سداً للذريعة المفضية إلى ما لا تحمد عقباه.
أما الحديث المذكور قصته: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، فقد رواه البخاري وغيره. وحكمة النهي فيه - كما يقول العلماء- هي خوف أن يعجب الزوج الوصف فيفضي إلى تطليق الواصفة لأنها دون من وصفت، أو الافتتان بالموصوفة. وهذا في غير طالب الزواج، أما طالب الزواج فيجوز له رؤية من يريد نكاحها في غير خلوة، فمن باب أولى أن توصف له.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/14)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 18444 لا يشترط موافقة الزوجة الأولى لمن أراد التعدد
تاريخ الفتوى : 21 ربيع الثاني 1423
السؤال
أنا متزوج وعمري 37 سنة ورزقني الله بطفلين وزوجتي طيبة وعلى خلق وتعرف ربها ومناسك دينها والحمد لله ولكني في الفترة الأخيرة جاءتني رغبة في الزواج مرة أخرى وصارحتها بذلك فرفضت ذلك بهدوء شديد وخيرتني بينها وبين الزواج بأخرى مع العلم أني أحب زوجتي ولم أر منها ما يسوؤني وهي لم تقصر معي في أي من واجباتها الزوجية ولكني أريدها وأريد الزواج مرة أخرى دون التفريط فيها مع العلم أن الله يسر لي الرزق الحلال وأنه باستطاعتي الإنفاق على بيتين أرجو النصيحة؟
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى أباح للمسلم أن يتزوج الثانية والثالثة والرابعة، ولكنه ضبط ذلك بضوابط، وشرط له شروطاً إذا اختلت فلا يجوز التعدد، قال الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) [النساء:3].
وعلى هذا، فالعدل شرط في جواز التعدد، فإذا كان الشخص لا يعدل بين نسائه فلا يجوز له أن يعدد، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كانت له زوجتان، فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل".
وفي رواية: "... وشقه ساقط".
ومن شروط جواز التعدد كذلك: القيام بالأعباء الزوجية من السكنى والنفقة...، وإذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، فإن الإسلام يعتبر التعدد حلاً لكثير من مشاكل المجتمع، وخاصة العنوسة، ووسيلة للكثرة التي يشجعها، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: "لا، ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة". رواه أبو داود والنسائي.
وعلى السائل الكريم أن يحاول إقناع زوجته بهذا الموضوع، ومع الوقت يمكن أن توافق، وخاصة إذا كانت متعلمة، وذات دين وخلق.
ولا ينبغي بحال من الأحوال أن يكون هذا سبباً لفراقها، ثم إن موافقتها على هذا الأمر ليست شرطاً، فله أن يتزوج الثانية ولو لم توافق الأولى.
والخلاصة: أن الشرع أباح للمسلم أن يتزوج من النساء أربعاً، لكن ذلك مضبوط بضوابط شرعية يجب الوفاء بها.
وأنه ينبغي للسائل الكريم أن يعالج الأمر مع زوجته بحكمة، حتى يكسب ودها وتوافق إذا كان يعلم من نفسه القيام بالأعباء الزوجية.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/15)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 19045 مدار قبول الزوج ورفضه ينبني على الدين والخلق
تاريخ الفتوى : 27 ربيع الثاني 1423
السؤال
السلام عليكم ..
سؤالي هو هل الإنسان مسير أو مخير في الزواج واختيار الزوج الصالح.
مثلا إن تقدم لي شخص غير كامل المواصفات للزوج الصالح كالمحافظة على الصلاة والتمسك بالمبادىء الإسلامية والمعاملة الحسنة . فهل أوافق عليه خوفا من تأخر الزواج ,على أمل أن يتحسن في يوم ما أو كما يقولون "عسى الله أن يهديه " . فهل أبني حياتي على احتمالات أو مغامرة مع هذا الشخص , أو أني أعارض بذلك ما كتبه الله لي. فهل من حقي شرعا كما ينص القرآن أن أصبر وأنتظر الزوج الصالح بعقلي وقلبي معا أو أن أتزوج من يرضونه أهلي خوفا من أن أبقي عانسة
وكما تعلمون فإن الزواج حصن المراة المسلمة و سترها. ولكم جزيل الشكر
أرجو الاهتمام و الرد سريعا فأنا في حيرة تامة....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإنسان مسير ومخير معاً فهو مسير لأنه لا يخرج بشيء من أعماله عن قدرة الله تعالى وإرادته كما قال الله : وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29].
وهو مخير لأن الله أعطاه قدرة وإرادة وأدوات يعرف بها الخير من الشر، والضار من النافع، وما يلائمه وما لا يلائمه، كما قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:7-10].
وعلى هذا نقول للأخت السائلة ادفعي القدر الضار بالقدر النافع، وادفعي العنوسة بالزواج، لكن لا يحملنك ذلك على الزواج من رجل ضعيف الدين فاسد الخلق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فمدار قبول الزوج ورفضه ينبني على الدين والخلق في المقام الأول، ثم يأتي بعد ذلك بقية العوامل الأخرى كالنسب والمال والجمال.
وننبه الأخت إلى أن من أكبر أسباب مشكلات الزواج التسرع من الزوج أو الزوجة دون بحث وترو، فالحذر الحذر من الاختيار السريع فإنه يؤدي إلى أسوأ العواقب إلا إن يشاء الله، وإذا علم الله صدق هذه الفتاة في الاقتران بالرجل المؤمن الصالح يسر ذلك لها وقدره، وهو على كل شيء قدير.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/16)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 19517 العنوسة...أسبابها...وطرق القضاء عليها
تاريخ الفتوى : 07 جمادي الأولى 1423
السؤال
هل العنوسة ابتلاء؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فظاهرة تأخر زواج البنات عند المسلمين اليوم ظاهرة غير محمودة، لها عواقبها السيئة على المرأة المسلمة، والمجتمع بأسره.
وسببها يرجع إلى تعقيد سبل النكاح، ووضع العوائق في طريقه، ومن ذلك عضل الأولياء، وغلاء المهور، وتكلفة الزواج، وشروط الأمهات، وتعنت الفتيات. وغيرها من الأسباب التي حالت دون زواج كثير من فتيات وشباب المسلمين.
وعلى المسلمين جميعاً العمل على تيسير أمور الزواج، وتذليل العوائق التي تحول دونه، ومن ابتليت بالعنوسة فلها أن تعرض نفسها أو يعرضها وليها على أهل الخير والصلاح للزواج، فهكذا كان السلف يفعلون، كما هو مبين في الفتوى رقم: 7682 .
هذا مع الإلحاح في الدعاء أن ييسر الله لها زوجاً صالحاً، فإن من لجأ إلى الله كفاه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/17)
رقم الفتوى 20033 كلمة هادية للحد من العنوسة المتزايدة
تاريخ الفتوى : 15 جمادي الأولى 1423
السؤال
أرجو أن تقوموا بنصح المتزوجات بقبول الزواج الثاني والقائم أساسا على ستر البنات ومنع أسباب الرذيلة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأولى للرجل إذا رغب في نكاح امرأة أخرى أن يُعْلم زوجته الأولى بذلك ويحاول إقناعها بالموافقة على زواجه بالثانية دفعاً لما قد يحدث من المشاكل، والنفرة بينهما، ونحو ذلك لأن طبيعة النساء أنهن لا يقبلن بوجود ضرات لهن.
فهذه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كانت تغار من النساء اللاتي يهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما أنزل الله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاح عليكَ [الأحزاب:51].
قالت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. متفق عليه.
وفي صحيح البخاري أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم: كن حزبين. وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام، فضربت التي هو في بيتها بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام، وقال كلوا وحبس المكسورة.
ومع هذا فقد عدد النبي صلى الله عليه وسلم وجمع بين تسع نسوة ولم تمنعه هذه المشاكل من التعدد.
إلا أن هذه المشاكل تزيد إذا تزوج الرجل وامرأته غير راضية، وتقل إذا كانت راضية، ولكن إذا استرضاها فلم ترض فإنه يحق له الزواج، ولو لم ترض لأنه لا يحق لها، ولا لوليها، ولا لأحد منع الزوج من الزواج بأخرى لأن الله تعالى أباح له أن يجمع بين أربع نسوة إذا علم من نفسه العدل بينهن، والقيام بما أوجب الله عليه لهن من النفقة والسكنى والمبيت ونحو ذلك. قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء:3].
وحث الشرع الكريم على تكثير النسل فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. روه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه العراقي.
والزواج بأكثر من واحدة يزيد في تحقيق هذا الغرض، ويقلل من نسبة النساء العوانس، ويحفظ المجتمع من انتشار الفساد والرذيلة ونحو ذلك.
وعليه، فلا ينبغي للمرأة أن تعارض زوجها إذا رغب في نكاح امرأة أخرى، فربما سبب لها ذلك طلاقاً أو بغضاً في قلب الزوج ونحو ذلك، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
2286 ، ففيها بيان فوائد التعدد.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/18)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 21353 ظاهرة العنوسة...الأسباب.. المخاطر..والحلول
تاريخ الفتوى : 12 جمادي الثانية 1423
السؤال
ماهو الحل برأي فضيله الشيخ في مشكله تأخر الزواج, أنا فتاه أبلغ من العمر 26عاماً ولم أوفق حتى الآن في ملاقاة شريك الحياة وأخاف من خطرالعنوسة الذي بدأ يتهددني ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن ظاهرة العنوسة بين النساء المسلمات أصبحت ظاهرة خطيرة مما يستدعي من ولاة الأمر السعي الجاد في وجود حل لهذه المشكلة الاجتماعية التي تهدد المجتمع، إذا لم يبادر إلى إزالة أسبابها. وأنجع علاج لها أمران:
الأول: إلغاء الصعوبات والعوائق عن طريق الراغبين في الزواج، وذلك بتيسير المهور، وتخفيف تكاليف الزواج، وإلا فإن الأمر سيظل في تفاقم مطرد، وهذا مع الأسف ما هو حاصل في كثير من المجتمعات الإسلامية.
الأمر الثاني: إشاعة فقه تعدد الزوجات، والدعوة إليه عبر وسائل الإعلام ومنابر المساجد، ومدرجات الجامعات وغيرها.
ونصيحتنا للأخت لحل مشكلتها هي أن تلجأ إلى الله بالدعاء بتيسير أمر زواجها، ثم بعرض نفسها بواسطة من تثق إليه من محارمها على من ترى فيه صفات الصلاح والفضل وغيرهما من الصفات الحميدة ولو كان متزوجاً بامرأة أخرى، وقد روى البخاري أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها.
وانظري الفتوى رقم:
7682 فستجدين فيها جملة من النصائح.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/19)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 21759 عقبات كؤودة في طريق الزواج
تاريخ الفتوى : 23 جمادي الثانية 1423
السؤال
كيف نقضي على مشكلة الشباب في ارتفاع معدل أعمار الزواج وما ينجر عنها من مشاكل وأمراض اجتماعية خاصة أن المشكلة عامة وتمس أغلب شبابنا وأبنائنا ونرى أنهم يضيعون منا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه المشكلة من أكبر مشاكل العصر التي تسببت في انحراف كثير من الشباب والشابات -عافانا الله وإياكم- لأن ميل كل من الجنسين إلى الآخر فطرة فطره الله تعالى عليها، وقد جعل الله لها سبيلاً متيسراً في كل زمان وفي كل مكان، وهو الزواج الصحيح الذي تحفظ به الأنساب، وتحمى به الأعراض، وتمنع به النفس من الأفكار السيئة، ويحصن به الفرج من الوقوع في الفاحشة، ويمكن القضاء على هذه المشكلة بالتخلص من أسبابها، ومن أهم هذه الأسباب:
1- غلاء المهور.
2- الحرص على الزواج من جنسية معينة.
3- تأجيل الزواج بحجة إكمال التعليم أو عدم الحصول على وظيفة.
4- الجهل بالنصوص الشرعية التي تحض على الزواج وترغب فيه.
5- العلاقات المحرمة التي نشأت بكثرة بين الرجال والنساء.
6- وسائل الإعلام التي تروج للعلاقات المحرمة.
7- عدم رضى المجتمع بتعدد الزوجات الذي يمكن أن يحل جزءاً كبيراً من المشكلة.
ولمعرفة المزيد عن ظاهرة العنوسة راجع الجواب رقم:
19517 وللاطلاع على مخاطر غلاء المهور، راجع الجواب رقم: 3074
ونسأل الله أن يرفع عنا البلاء، وأن يهيء لأمتنا من أمرها رشداً.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/20)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 25017 الدين والاستقامة دعامة الحياة الزوجية
تاريخ الفتوى : 05 محرم 1424
السؤال
لقد تقدم لي شاب ذو دين ..وعندما علمت بذلك لم أرتح له ولكن بعد إقناع من أهلي طلبت أن أراه لأن من حقي رؤية من سأتزوجه كنت سأوافق لكن عندما رأيته انتابني الخوف والفزع ولم أرتح له ولأهله....فلم يتم أي شيء في اليوم التالي أتى شاب آخر عرفت أنه يحبني ويريدني منذ مدة ولكنه عندما عرف أني رفضت أتى ليخطبني عن طريق أمه ....فلم يقبل أهلي بحجة أن أمه غير عربية الأصل وأنهم ليسوا عرباً أصليين لقد حاولو خطبتي أربع مرات وفي كل مرة يرفضونه....لقد صليت صلاة الاستخارة ولقد ارتحت للشاب الثاني أما الأول فلم أرتح له مطلقا...حاولت أن أقنع أهلي بأني راضية به وذكرتهم بقول الرسول صلي الله عليه وسلم ولكن من دون فائدة ...أجاب علي والدي إذا فتحت له الموضوع مرة أخرى سوف يضربني ويمنعني من الحياة ...من مثل الدراسة
علما أني أبلغ من العمر 23 سنة وأخاف من العنوسة....أنا أريد رضا أهلي علي ولكن لا أريد أن أخسر الشاب الذي يحبني ويريدني من قلبه ...أشعر أن هذا الإنسان سيسعدني فأرجو أن تدلوني على الطريق أو الحل لمشكلتي.... علما بأني أعرف أخباره عن طريق صديقة أخت الشاب وأعرف أنه سيعاود خطبتي مرة أخرى...وأنا خائفة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنوصيك بالصبر ومواصلة إقناع أهلك بالزواج من هذا الشاب إن ثبت لك صلاحه واستقامته.
وإن أصر أهلك على موقفهم لم يكن أمامك إلا الاحتساب، وسؤال الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ولا تقدمي على شيء من أمر الزواج إلا بعد صلاة الاستخارة، والخير لك الآن هو عدم الانشغال بأمر هذا الشاب وأمر أخباره، فإن تقدم للخطبة وقُُبِل فالحمد لله، وإلا فاصرفي ذهنك عن التفكير في شأنه، وتذكري قول الله تعالى: (وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)
وأهم ما يبحث عنه في أمر الزوج دينه واستقامته، فهذا هو ركيزة السعادة الزوجية، وبدون ذلك يحصل الشقاء والتعب غالباً.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/21)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 36556 ليس في هذا الزواج تعدٍّ على مكانة المرأة
تاريخ الفتوى : 26 جمادي الثانية 1424
السؤال
ما رأيكم في زواج الرجل على زوجته بابنة عمّها وهي لا زالت في شهرها الأول من الزواج لمجرد أن أصحاب هذا الرجل تحدّوه أن يتزوج فتزوج ليثبت لهم أنه رجلا فقط أليس في ذلك إهانة للمرأة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من سماحة الإسلام أنه أباح للرجل أن يتزوج بأربع نسوة مادام قادرًا على ذلك بدنيًّا وماديًّا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7844 . وعليه، فإن ما قام به هذا الرجل المذكور من الإقدام على الزواج من زوجة ثانية بعد فترة وجيزة من زواجه الأول لا حرج فيه، إذا كان زواجه قد تم بصورة شرعية، ولا يضره كونه جاء نتيجة لتحدي الغير على القدرة على إتمامه في هذه الفترة القصيرة. وجمعه بين امرأتين تربطهما قرابة لا تمنع من الجمع بينهما شرعًا، وليس في هذا تعدٍّ على مكانة المرأة وقدرها مادام التعدد مباحًا، لما فيه من المصالح الظاهرة الكثيرة، من حفظ العرض والدين وغيرهما. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 2286 . وننبه هنا إلى مسألة مهمة، وهي أن النكاح من المقاصد العظيمة التي ينبغي أن يقدم عليها الإنسان لتحقيق هدف شرعي، وهو إعفاف المرء نفسه وزوجته، وطلب الذرية الصالحة والمساهمة في التقليل من ظاهرة العنوسة، إلى غير ذلك من الأهداف النبيلة. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/22)
رقم الفتوى 38083 الزواج والعنوسة كلٌّ مقدر بأسبابه
تاريخ الفتوى : 04 شعبان 1424
السؤال
هل الفتاة التي يتقدم لها الكثير من العرسان وترفضهم بدون تفكير هل من الممكن أن يكون فيهم الشخص الذي هو نصيبها المكتوب لها عند الله، وبسبب رفضها ضاع منها نصيبها الذي حدده لها الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فكل ما قدره الله وكتبه للعبد لا بد أن يقع، فلا راد لقضائه سبحانه، ولا معقب لحكمه، فإذا كان سبحانه قدر لك الزواج من شخص، فسيقع ما قدره سبحانه حتما، ولا يستطيع أحد رده. ولكن لا بد من التنبه إلى أن الله سبحانه قدر الأشياء بأسبابها التي توصل إليها، فإذا قدر على سبيل المثال إنبات الأرض قدر أسباب ذلك من بذر الحب وحرث الأرض ونزول المطر ونحوه مما يتوقف إنبات الأرض عليه، ولا تنبت بدونه. وإذا قدر سبحانه أن تحمل الزوجة بولد، قدر أسباب ذلك، من زواج وجماع.. الخ، وإذا قدر لك الزواج قدر أسباب ذلك، من اهتمام بالخاطبين، وتفكير جدي في الزواج، ونحو ذلك. وبالجملة، فكل ما قدره الله من أحوال العباد وعواقبهم، فإنما قدره بأسباب يسوق بها المقادير، والله خالق الأسباب والمسببات، وإذا عرفت هذا، عرفت أن الزواج مقدر بأسبابه، وليس مقدرا بلا سبب، وكذلك العنوسة وعدم الزواج قدره بأسبابه التي منها رفض الخاطبين بدون تفكير، وكل ذلك بقدر الله -السبب والمسبب- ونحن مأمورون من الله تعالى بالأخذ بالأسباب لتحصيل ما ينفعنا ونفع ما يضرنا، فمتى رجوتِ أن تتزوجي دون الأخذ بأسباب ذلك، كنت واهمة، ونسأل الله أن يوفقك ويشرح صدرك ويقيك نزغات الشيطان. وراجعي لزاما الفتوى رقم: 20441 ، والفتوى رقم: 19045 ، والفتوى رقم: 20304 . والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/23)
رقم الفتوى 44761 لا يقع النكاح إلا بقدر الله جل جلاله
تاريخ الفتوى : 09 محرم 1425
السؤال
يا سعادة الشيخ الكريم بالله عليك أفدني فإني أتعذب ومدمرة نفسيا، هل الزواج من قضاء الله وقدره التام؟ ويدخل في الأمور القدرية البحتة مثل الموت والرزق؟ وما هي الأشياء القدرية البحتة التي ليس للإنسان التدخل فيها؟
لأني باختصار أحببت رجلاً وفي الدولة التي هو منها يصعب الزواج من الخارج مع أنها دولة عربية إسلامية من الدرجة الأولى بحجة أن نسبة العنوسة لبنات الدولة كبيرة !!!!!! وتضع بصراحة صعوبات ما لها حدود،
هل لو الطلب الخاص بنا بخصوص الزواج لم يحصل على الموافقة يبقى هكذا الواحد يسلم ويقول هذا قضاء الله سبحانه وتعالى، ولا يلجأ للزواج الشرعي فقط على سنة الله ورسوله مع عدم توثيقه، مع العلم بأنه لو تم ذلك وأتينا بأولاد لا يستطيع الزوج إضافتهم وتسجيلهم عنده ويدخل في مشاكل ما لها حدود مع بلده لأنه عاص للأومر ويعتبر هذا جريمة مع أنه أبسط حقوق للإنسان وهو الزواج على سنة الله ورسوله
وهل هذه الصعوبات التي تضعها معظم الدول العربية لبعضها تعتبر ظالمة وتجبر الإنسان على الزواج الشرعي الذي يسمى في هذا الزمان الزواج العرفي يعتبر جريمة
نحن نريد أبسط الحقوق التي وضعها الله لنا وهو الزواج والحلال يا سيادة الشيخ أفدني بالله عليك
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل شيء في الكون لا يكون إلا بقضاء الله وقدره، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (القمر:49)، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً(الفرقان: من الآية2) ، ومن ذلك النكاح فلا يقع نكاح بين رجل وامرأة إلا بقدر الله جل جلاله، إلا أن الله تعالى جعل للإنسان مشيئة واختياراً تحت مشيئة الله واختياره، كما قال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ(التكوير: من الآية29) ، والشخص الذي يعيش في بلدة تمنع أنظمتها من الزواج بفتاة من خارجها عليه الالتزام بنظام ذلك البلد، ولا يعرض نفسه وأولاده للأضرار والمخاطر، وفي بلده من النساء الصالحات لزواجه منهن خَلْقاً وخُلُقاً العدد الكثير ولله الحمد.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/24)
رقم الفتوى 45551 معنى العنوسة
تاريخ الفتوى : 22 محرم 1425
السؤال
ما مفهوم العنوسة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ورد في لسان العرب لابن منظور في باب الفعل عنس: عنست المرأة تعنُس بالضم، عُنُوسا وعِناسا. وعنّسها أهلها، حبسوها عن الأزواج حتى جازت فتاء السن ولما تعجُز، قال الأصمعي : لا يقال عنست، ولا عنّست، ولكن يقال: عُنِّست على ما لم يسم فاعله.
ولمزيد من الفائدة حول أمر العنوسة، تراجع الفتويان: 19517 ، 21353 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/25)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 46892 العدل بين الزوجات شرط إلا إن تنازلت إحداهما
تاريخ الفتوى : 17 صفر 1425
السؤال
أنا متزوج ولكنني أعيش في بلد وزوجتي في بلد آخر بحكم عملي فأنا مغترب عن بلدي أغيب عن زوجتي عاما أو عاما ونصف أوعامين في بعض الأحيان بحسب حاجتي للمال وأنا شاب في أوائل العقدالرابع من العمر وتعلمون سياتكم أن الإنسان به غرائز وضعها الله فيه وأقواها هي غريزة حبه للمرأة ووجودها بجواره دائما لعل وعسى أكون قدأوصلت لكم ما أريد أن أعبر به من كلمات كي لا أطيل عليكم وموضوعي هوأنني أخاف الله ولا أريد أن أغضبه سبحانه وأريد الزواج على سنة الله ورسوله ولكن أولا معاشي قليل إلى حد ما فأريد واحدة تعين معي على الحياة وأعلم تمام العلم أن الله يقول الرجال قوامون على النساء فهل إن وجدت هذه المرأة التي توافقني أتزوجها وهل يكون في هذا عدل بالنسبة للزوجتين علما بأن واحدة وهي الأولى سأمكث معها شهرين أو ثلاث والأخرى باقي السنة هذه واحدة الثانية أنا لا أريد إنجاب أطفال لأن لدي خمسة أطفال فبصريح العبارة أريد أن أتحصن بزوجة وبالتالي قد تكون هذه المرأة هي الأخرى لها نفس المطلب وأكون قد ساهمت في حل لمشكلة بنات المسلمين من العنوسة ونسب الطلاق العالية في زمننا هذا أو أرملة أرجو إرسال الرد ولسيادتكم جزيل الشكر وجعلكم الله ذخرا لأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله قد أذن للرجل بأن يتزوج ما طاب له من النساء بشرط ألا يتجاوز أربعاً، وبشرط العدل، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (النساء:3) ، ولتعدد الزوجات فوائد كثيرة للفرد والمجتمع، ومنها ما ذكره السائل من إعفاف الرجل لنفسه وإعفافه لمن يتزوج بهن.
وعليه؛ فلا بأس عليك أخي السائل في أن تتزوج امرأة أخرى في الكويت، لكن بشرط أن تعدل بينها وبين الأخرى في المبيت والنفقة، إلا أن ترضى زوجتك الأخرى بعدم العدل، فإن لم ترض فلا بد من العدل، وعدم الزواج بالثانية أو فراق الأولى، كما قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً(النساء: من الآية3)، وراجع الفتوى رقم: 2286 ، والفتوى رقم: 4955 .
أما منع الحمل نهائياً فإن ذلك لا يجوز، ولكنه يجوز مؤقتاً بحسب ما يراه الزوجان مناسباً، وراجع الفتوى رقم: 16524 ، والفتوى رقم: 18375 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/26)
رقم الفتوى 48459 من أسباب العنوسة
تاريخ الفتوى : 20 ربيع الأول 1425
السؤال
هناك من النساء من تتزوج بأكثر من زوج .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود العنوسة عند الرجال والنساء، أمر لا يكون إلا بقدر الله تعالى، وله أسباب ذكرنا جملة منها في الفتوى رقم: 19517 ، والفتوى رقم: 21353 ، والفتوى رقم: 21759 ، والفتوى رقم: 29685 .
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/27)
رقم الفتوى 49115 تعدد الزوجات ليس واجبا
تاريخ الفتوى : 07 ربيع الثاني 1425
السؤال
أرجو من سيادتكم العمل على الإجابة على هذا السؤال: في مسألة تعدد الزوجات كلنا يعرف أن الإسلام أباح تعدد الزوجات ولا خلاف في ذلك، ولكن هناك أحد الزملاء يقول: ما دمت أنا سعيد في حياتي مع زوجتي وأولادي ورغم أني مستور الحال فلماذا أتزوج بأخرى ومن الممكن أن يعكر صفو الحياة التي أعيشها، بالرغم من أن أحد الإخوة الملتزمين يقول له إنك بما أنك مقتدر فلا بد أن تتزوج حفاظاً على سنة الرسول وحفاظاً على الأخوات المسلمات من العنوسة نظراً لكثرة عدد النساء على الرجال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الله للرجل -كما ذكرت- أن يعدد زوجاته، إذا كانت له القدرة المادية والبدنية على ذلك، ولم يخش أن لا يعدل بينهن، قال الله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء:3].
ولكن الإباحة ليست تكليفاً، كما هو معروف في علم الأصول، بل الإنسان فيها مخير بين الفعل والترك، إلا أن يعرف المرء أن الزوجة الواحدة لا تعفه عن الزنا ولا تكفه عن الحرام لشدة شبقة مثلاً، فإنه حينئذ يجب عليه أن يأخذ من الزوجات ما يأمن به من الوقوع في الحرام.
وما ذكرته من الحفاظ على الأخوات المسلمات من العنوسة نظرا إلى زيادة عدد النساء على الرجال فإنه يعتبر إحدى الحكم في إباحة تعدد الزوجات، ولكنه مع ذلك لا يوجبه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/28)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 49497 هل تقبل الزواج بشاب يصلي ولكن تعليمه ليس بالقدر الكافي
تاريخ الفتوى : 14 ربيع الثاني 1425
السؤال
أرجو منكم إعطائي المشورة لحل ما أنا فيه من مشكلة
أنا فتاة أبلغ من العمر 30 عاما ومتعلمة وحاصلة على شهادة عليا ودائما مطلعة على كل ما هو جديد في عالم العلوم وأهتم كثيرا بالسنة والعقيدة وأحاول أن اكون متفقهة فيه دائما وإذا واجهني أي سؤال يحيرني فإني لا أستريح إلا بعد أن أحصل على الجواب الشافي والحمد لله أنا متدينة ومتمسكة بتديني
المشكلة أنه منذ فترة من الزمن لم يتقدم لي أحد لخطبتي والآن وبعد كل هذه الفترة تقدم لي شاب هو طيب وسمعته طيبة ولكن كما أعرف أنه يصلي فقط ولكنه ليس متدينا أبدا وليس متعلما بالقدر الكافي الذي يجعلني أتحمس لأن تكون لديه الرغبة في أن يتعلم وبأن أساعده
أنا الآن في حيرة من أمري هل أرفضه لأنه ليس كما كنت أريد أقصد متدينا ومتعلما
وفي نفس الوقت أخاف أن أرفضه فأضطر أن أنتظر غيره ولكن الله أعلم إلى متى سيطول هذا الانتظار
أعينوني في تفكيري جزاكم الله خيرا وأرجو أن يردني الجواب سريعا لأني فعلا محتاجة إليه بعد أن أهلي أخلوا سبيلهم من المسألة لأنه يقولون إن الأمر بيدك أنت فقط وهذا زاد حيرتي أكثر وأكثر
وأرجو منكم أن لا تحيلوني ألى جواب فتوى مسبقة بل أن تردوا علي في سؤالي هذا وسأكون شاكرة لكم
أختكم في الله
وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن هداك إلى الالتزام بالدين وحبب إليك طلب العلم، ونسأل الله أن يرزقك العمل بما تعلمين.
ولا يخفى عليك أن الزواج من قدر الله عز وجل، فإن جاءك من ترضين دينه وخلقه وعلمت عنه الاستقامة وحسن المعاملة فعليك به، وإن كان أقل منك في المستوى العلمي وليست له رغبة في البحث مثلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . رواه الترمذي .
ولا شك أن التقي المتعلم أفضل من غيره، ولو وجد فلا ينبغي التردد في قبوله، للحديث السابق.
لكن إذا لم يوجد وهو طبعا قليل في هذا الزمن فنرى أنه لا ينبغي كذلك أن يرفض من كان مصليا ولم يصر على كبيرة ولا على ترك واجب وخصوصا إذا كانت المرأة تخشى على نفسها من طول العنوسة والحرمان من الزواج وفوائده.
ولذا، فإنا نرى أن تستخيري الله تعالى في شأنك، فإذا رأيت انشراح صدر وطمأنينة للزواج بهذا الرجل فاقبليه واسألي الله عز وجل أن يهديه لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/29)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 51127 بدع الأعراس
تاريخ الفتوى : 30 جمادي الأولى 1425
السؤال
فضيلة الشيخ: ظهرت علينا منذ فترة ابتداعات في صالات الأفراح لم تكن موجوده منذ عدة سنوات قريبة، أريد من فضيلتكم حكم الشرع فيها كي يطلع عليها الناس ويعرفوا الحكم الشرعي في عملها:
1- ما حكم عمل ما تسمى الكوشه التي توضع على المسرح خلف مقعدي العروس والتي تجلس أمامها العروس لمدة ساعة أو أقل والتي تكلف مبالغ كبيرة قد تصل إلى أكثر من عشرة آلاف ريال؟
2- ما حكم وضع طاولات مستديرة يوضع عليها القهوة والشاي والمكسرات والحلويات وعليها شمعة تضاء يتحلقن حولها النسوة أثناء حضورهن الزواج كما هو معمول به في المراقص؟
3- ما حكم وضع واستعمال ممر في وسط صالة النساء مرتفع يوازي ارتفاع المسرح ممتد من آخر صالة النساء إلى المسرح تمشي عليه العروس أثناء دخولها إلى الصالة أمام النساء وفي أثناء ذلك تطفأ الأنوار ويضاء هذا الممر يضيء على العروس كما هو مشاهد في عروض الأزياء العالمية، أرجو التفضل بإفادتي بالحكم الشرعي في عمل مثل هذه الأشياء كي نبينها للناس؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأمور تدخل في الأعراف والعادات، وهي تنقسم إلى قسمين: صحيح وفاسد، فالصحيح هو ما تعارفه الناس واعتادوه وليس فيه مخالفة للشرع، ولا تفويت لمصلحة ولا جلب لمفسدة.
وأما العرف الفاسد فهو ما كانت فيه مخالفة لنصوص الشرع أو بعض قواعده أو فوت مصلحة معتبرة أو جلب مفسدة.
ولا شك أن المتأمل في هذه المسائل المذكورة يجد فيها مخالفات كثيرة للشرع منها: (1)أن صرف المال بهذه الطريقة فيه تبذير وإسراف واضحين، وقد قال الله تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31]، وإذا كان الله تعالى قد نهى عن الإسراف في الأكل والشرب اللذين بهما قوام حياة الإنسان فمن باب أولى أن ينهى عن الإسراف والتبذير فيما لا فائدة فيه معتبرة، وقد ذم الله تعالى المبذرين أشد الذم فقال: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:27]، قال القرطبي في تفسيره: قال الشافعي التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل خير، وهذا قول الجمهور، وقال أشهب عن مالك: التبذير هو أخذ المال في حقه ووضعه في غير حقه وهو الإسراف، وهو حرام. انتهى.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال. وأخرجه ابن حبان في صحيحه وقال في آخره: قال ابن علية: إضاعة المال إنفاقه في غير حقه.
وإذا كان أهل العلم نصوا على حرمة الإسراف في استعمال الماء للطهارة فهو في المال من باب أولى.
إن إقامة الأعراس بهذه الصورة تدعو إلى عزوف كثير من الناس عن الإقدام إلى الزواج بحجة أنهم لا يستطيعون فعل عرس على هذا النحو، وبالتالي تنتشر العنوسة بين شباب المسلمين، ولا يخفى ما في هذا من الفساد المؤدي إلى ارتكاب المحرمات.
إن الغالب على أهل هذه الأعراس التباهي والتفاخر بما يفعلون، وعلى العموم فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله تعالى ويبعدوا عن الإقدام على هذه الأمور أو نحوها؛ بل يجعلوا الزواج ميسوراً وسهلاً ليتسنى لكل من أراد العفاف بالزواج أن يتزوج، وليعلم أولياء الأمور وغيرهم أنه كلما كان الزواج أقل مؤونة كان أعظم بركة وأدعى لدوامه واستمراريته وسعادة طرفيه.
ومما ينبغي أن ينبه له عدم جواز كشف العروس عن شيء من عورتها أمام النساء كما يحصل في كثير من الأعراس حيث تلبس العروس في بعض الأحيان الملابس الشفافة أو الكاشفة تماماً عن العورة، ولمعرفة عورة المرأة بالنسبة للمرأة راجع الفتوى رقم: 284 ، والفتوى رقم: 1265 .
هذا فضلاً عما تشتمل عليه الأعراس من موسيقى وغناء محرمين، زيادة على التشبه بالكفار في كثير من عاداتهم التي لا صلة لها بالإسلام.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/30)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 53496 لا يجب إنفاذ الوصية بعدم زواج البنات من شخص معين
تاريخ الفتوى : 01 شعبان 1425
السؤال
مات خال من أخوالي وله ثلاث بنات تقدم إلى إحدى بناته ابن عمتها فقالت له زوجة خاله إن خالك قد وصى قبل مماته بعدم زواج بناته من أقربائه يقصد أقارب الأم وأقارب الأب فهل يجوز مخالفة تلك الوصية و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من البر بالأب بعد موته إنفاذ وصيته، فقد أخرج الإمام أحمد وغيره، أن رجلا قال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به، قال: نعم. خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي يبقى عليك من بعد موتهما . وهذه الأنواع من البر مستحبة وليست بواجبة. وكنا بينا من قبل أن إنفاذ وصيتهما بعدم الزواج من شخص معين ليس واجبا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52317 . وعليه فلا مانع من مخالفة تلك الوصية، وتزويج البنات ممن له الكفاءة وخاصة إذا كان ذا دين وخلق أو خشي عليهن الفساد أو العنوسة إن لم يتزوجهن من الأقارب. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/31)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 53816 لا عبرة بعدم موافقة أهل الزوجة الأولى على الزواج من ثانية
تاريخ الفتوى : 11 شعبان 1425
السؤال
شخص أريده ويريدني ونريد الزواج وأهلي موافقون ولكنه متزوج وأهل زوجته يهددون بأعمال إجرامية أدى ذلك إلى تخوف أسرته ووالده الآن لا يوافق، هل عدم موافقة والده تلزمه بعدم إتمام الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الإسلام الزواج بأكثر من امرأة إلى أربع نسوة لما فيه من الحكم والمصالح التي لا تحصى، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18444 .
وما يفعل كثير من الناس من وضع العوائق من العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، أمر لا يجوز، ويترتب عليه انتشار العنوسة والفواحش والعلاقات غير الشرعية، وإنما أتي المسلمون في ذلك من خلال الغزو الفكري الموجه إليهم في وسائل الإعلام وغيرها، ومن خلال المسلسلات وغيرها، فالواجب الحذر، وهذا من جهة العموم.
وبخصوص زواج هذا الرجل منك فإن استطاع أن يقنع والده بزواجه منك فالحمد لله، ولا عبرة بعدم موافقة أهل زوجته، ولكن إن أصر والده على عدم زواجه منك فالواجب عليه طاعته، وراجعي الفتوى رقم: 6563 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/32)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 56444 المعاصي والعنوسة
تاريخ الفتوى : 22 شوال 1425
السؤال
كنت أريد الاستفسار بالنسبة لعدم زواج البنات الراغبات في الزواج، ولكن لم يأت نصيبهن، فهل هو عقاب وغضب من الله عز وجل أم لا علاقة للموضوع بالغضب وعدم الرضا من الله، وما الحل لهذه المشكلة في الدولة الإسلامية وخاصة أن ظاهرة العنوسة تزداد بشكل واضح؟ وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}، وقال صلى الله عليه وسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. رواه البخاري ، فكل شيء بقدر ومن ذلك الزواج.
ولكن الله سبحانه قدر الأشياء وجعل لها أسبابا وطالب العبد بالقيام بها فلتسع الفتاة بقدر استطاعتها لتحصيل اسباب الزواج، وإن من أهم الأسباب الاستقامة على دين الله وترك معصيته، قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح: 10-11-12}، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}، وقال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}, وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
ومما لا شك فيه أن للذنوب أثراً وشؤما على العبد حتى في أمور دنياه وفي تعسير أموره، قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30}، بل إن العبد يحرم الرزق بسبب معاصيه، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد .
وبالعكس فإن الطاعة جالبة للرزق والخير للعبد كما تقدم في الآيات السابقة، وهذا في الغالب وإلا فقد يحدث أن ينعم الظالم والعاصي وتسهل أموره ويقتر على التقي الطائع ويضيق عليه امتحاناً وابتلاء وليس لإكرام هذا ولا إهانة ذاك، كما قال الله تعالى: فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ {الفجر:15-16}، وأما عن العنوسة وعلاجها فقد تقدم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21353 ، 19517 ، 38083 ، 20044 فنحيلك عليها، ونسأل الله سبحانه أن ييسر أمر زواج ونكاح شباب وبنات المسلمين وأن يجنبهم الفتن.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/33)
رقم الفتوى 59899 هل توافق على محادثة زوج صديقتها
تاريخ الفتوى : 03 صفر 1426
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 35 عاما طلبت مني صديقتي وهي في بلاد الغرب معلومات عني وصورتي للزواج من أحد الشباب العربي هناك وقمت بإرسال هذه المعلومات عبر الانترنت من خلال إيميل زوجها ولكن لم يتم الزواج لأنه ليس حاصلا على الجنسية بعد سنة من هذا الموضوع طلب مني زوج صديقتي خدمة تتعلق بالكمبيوتر وأرسلتها عبر البريد العادي إلى المكان المقيم فيه وتفاجأت بعد ذلك أنه يتودد لي بالكلام وطلب مني رقم هاتفي حتى يتحدث لي بموضوع خاص يهمني وامتنع عن الحديث عن هذا الموضوع إلا من خلال الهاتف أنا لم أستجب لخوفي من الله عز وجل و اعتبر حديثي مع هذا الإنسان لمعرفة ماذا يريد مني خيانة لصديقتي علماً بأن صديقتي تكبر زوجها سناً ولم تنجب منه بعد نسأل الله لها الذرية الصالحة ولكني سيدي من خلال حديثه معي شعرت أنه يريد الزواج والله أعلم فأنا يا سيدي في حيرة من أمري هل أتحدث معه وإذا طلب مني الزواج هل أوافق أم لا أم تعتبر خيانة لصديقتي رغم أني أصدقك القول أني كما قلت لك سابقاً بلغت من العمر سن العنوسة والفرص أمامي قليلة بالنسبة للزواج ولا حول ولا قوة إلا بالله . أم أنسى الموضوع ومن ترك شيئاً لله عوضه بأحسن منه . أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً عبر إيميلي بأسرع ما يمكن yosra_jaber@yahoo.com
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الرجل يريد الزواج وهو صادق في ذلك فلا مانع على أن يتم ذلك وفق الشريعة بأركان عقد النكاح المعروفة من ولي وشهود ونحو ذلك مما هو مذكور في الفتوى رقم: 7704 ، وليس ذلك من الخيانة لصديقتك، وتكون المحادثة بينك وبينه بقدر ما يتضح لك مراده من الاتصال، واتقي الله تعالى واحذري أن يجرك الشيطان إلى ما لا يرضي الله تعالى، وفقك الله وأخذ بناصيتك إلى البر والتقوى، ودلك على رضاه وجنبك سخطه، ونسأل الله أن ييسر لك الزوج الصالح.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/34)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 61385 الحث على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر
تاريخ الفتوى : 12 ربيع الأول 1426
السؤال
ما رأي الدين في مغالاة أهل العروس في الطلبات مثل الجهاز والمهر والمؤخر وقت زواج ابنتهم وهم يعلمون حالة العريس أنها لا تسمح، وقد قال لهم ذلك حين طلب بنتهم للزواج والعروسان الآن مكتوب كتابهم ويجهزون للدخول هل يطلقها أو يتركها هكذا أو ماذا يفعل وماذا يقول الدين لأهل العروس؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح من مقاصد الدين وأهدافه العظيمة لما فيه من إحصان الفرج، وتكثير النسل، وبناء الأسرة التي هي اللبنة الأولى في المجتمع، ولذا ورد الأمر بالنكاح والزواج في كثير من الأحاديث ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة. رواه أحمد وابن حبان وحسنه الهيثمي .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد. وفي النسائي عن ابن عباس أن عليا رضي الله عنه قال : تزوجت فاطمة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله ابن بي، قال: أعطها شيئاً، قلت: ما عندي من شيء! قال: فأين درعك الحطمية؟ قلت: هي عندي، قال: فأعطها إياه.
ولا شك أن في المغالاة في المهور مفاسد ومضار عظيمة، تقدم بعضها في الفتوى رقم: 3074 .
منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، ولا يخفى ما في ذلك من نذير شؤم وفساد على المجتمع، حيث يتجه الشباب من الجنسين لقضاء شهواتهم بطرق غير مشروعة مضرة بهم وبمجتمعهم وأمتهم.
فنقول لأهل الفتاة: ينبغي لهم أن يقدموا مصلحة ابنتهم وأن يزنوا الأمور بميزان الشرع لا بموازين العرف والعادات المخالفة لهدي الإسلام، وليكن نظرهم كون هذا الشاب متصفا بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم ابنتهم وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وأن لا يجعلوا الأمور المادية حائلا دون إتمام هذا الزواج.
أما الأخ السائل فنوصيه بالاستعانة بالله والحرص على إحصان فرجه، وإذا كانت هذه الفتاة ذات دين فليحرص على الظفر بها، فإن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا، وخير ما يكسبه الإنسان.
وليعلم أن الله عز وجل وعد من يسعى في إحصان فرجه بأن يعينه وأن يغنيه من فضله، قال الله تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاثة حق على الله إعانتهم.. . وذكر منهم الناكح يريد العفاف . رواه الترمذي والنسائي .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/35)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 64068 مسائل في تعدد الزوجات
تاريخ الفتوى : 23 جمادي الأولى 1426
السؤال
أنا امرأة مطلقة منذ 12 سنة ولدي ابن عنده 16 سنة وأنا أعمل والحمد لله ويتطلب عملي تنقلات كثيرة وأسفارا كثيرة داخل مصر وخارجها وأنا والحمد لله إنسانه ملتزمة ومتدينة وأحاول أن أتقي الله قدر استطاعتي ولا أزكي نفسي على الله ... وفي خلال هذه الفترة تقدم إلي كثيرون ولكن لم يحدث نصيب أو بمعنى أصح ربما لم أجد من أقتنع به,,
بصراحة في الآونة الأخيرة أصبحت أخاف على نفسي من الفتنة وخصوصا أنني بدأت أشعر بالوحدة بسبب أن ابني بدأت تصبح له حياته الخاصة وصداقاته بحكم سنه طبعا تعرفت إلى زميل لي في العمل هو متزوج ومتدين وملتزم ويصلي الخمس صلوات في المسجد (قصدت أن أقول هذا حتى أستدل على مدى إيمانه ومدى قربه من الله) و كنا نشترك معا في أعمال كثيرة في حب الله ... شعرت أننا نتكلم نفس اللغة ولنا نفس لأهداف ... وفي يوم فوجئت به يعرض علي الزواج فقلت له ولكنك رجل متزوج ولديك أولاد، فأجابني بأن هذا لا يمنع وهو جائز له شرعا، وأوضح لي أنه يحب زوجته جدا ولن يتركها ولكنه أيضا يحبني ويجد في صفات وفي زوجته صفات أخري ولا يستطيع أن يستغني عن أي واحدة فينا ولا يجد حلا إلا الزواج ووعدني أنه سيراعي حق الله في العدل بيننا، ولما سألته عن إذا كان هناك أسباب معينة دفعته إلى التفكير في هذا قال لي إنه يريد أن يحتفظ بهذه الأسباب لنفسه ولا يريد أن يصرح بها لأنها أسرار خاصة بزوجته كذلك صرح لي أنه يعرف أن هذا أمر غريب وصعب ولكنه استخار الله وكانت الإستخاره إيجابية وأنه لن يتمم هذا الأمر إلا إذا جلست كل الأطراف سويا واتفقنا على كل شيء المهم طبعا طلبه هذا قوبل مني بالرفض في الأول خوفا من عدة أشياء منها:
1- أن يكون هذا ظلما لزوجته أو أن أكون سببا في جرح لمشاعرها وأحاسيسها.
2- أن يكون هذا سببا في خراب البيت إذا أصرت على الطلاق.
3- أن يقول الناس علي أشياء سيئة مثل (خطفت الرجل من زوجته و......)
4- أن أفشل وأطلق للمرة الثانية.
و لكني لا أدري لماذا طلبت له أن يمهلني كي أصلي الاستخارة وبدأت الإستخارة وكانت نتيجة الاستخارة مفاجأة بالنسبة لي فلم أكن أتوقع هذه النتيجة أبدا وقد بدأتها منذ تقريبا ثلاثة أشهر وفي كل مرة أصليها أشعر بارتياح شديد وخصوصا عندما أصحو من النوم وإحساس آخر شعرت به و هو اليقين بأن هذا الأمر سيتم وأنه حق هذا بالإضافة إلى الرؤى التي رأيتها وقد فسرتها بواسطة علماء متخصصين والتفسير كان دائما لصالح هذا الموضوع ومن ضمن العلامات أيضا أنني شعرت بقرب شديد من هذا الرجل يزيد يوما بعد يوم هذا بالإضافة إلى أنني استشرت رجال دين وصرحوا لي أن هذا ليس فيه شيء ولا يعد ظلما لأحد وأن الزوجة الأولى لو رفضت الوضع فستكون آثمة لأنها تعترض على شرع الله وأن العبء كله يقع على الرجل في العدل بين الزوجتين وأنه لا شروط لتعدد الزوجات إلا العدل .
المهم لا أريد أن أطيل عليكم بدأت أنا أعرض الموضوع على أهلي فقوبلت بالرفض الشديد وكأني سأفعل شيئا حراما وفوجئت بهم يقولون إن الشرع شيء والحياة شيء آخر وأنني إذا قبلت وضعا كهذا سيكون إهانة لي وظلما لزوجته وأن هذا حرام ولا يرضي ربنا على حد قولهم فوضحت لهم نتيجة الإستخارة فكان ردهم أن هذا ليس شرطا وأن الشيطان أحيانا يتدخل لكي يضل الإنسان، قل لي بالله عليك كيف أستعين بالله ويضلني؟ وحاولت أشرح لهم ولكني فشلت في إقناعهم ولا أدري ماذا أفعل الآن؟
لدي بعض الأسئلة :
1- هل أنا أعتبر آثمة أو ظالمة ، هل زواجي من هذا الرجل غير مستحب أو مكروه لأنني تسببت في جرح شعور زوجته؟ وهل هذا ينطبق عليه حديث (لا ضرر و لا ضرار) حتى إذا كنت مقتنعة أن هذا رجل تقي وسيعدل فعلا بيننا
2- هل من الممكن أن أستخير في أمر ما وتكون النتيجة خاطئة مثلا أو مضلة؟
3- ما وضع العرف في وضع كهذا هل لا بد أن يحترم حتى لو كان مخالفا للشرع والسنة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أباح الله سبحانه وتعالى للرجل عند القدرة أن ينكح اثنتين وثلاثاً وأربعاً، بشرط العدل، وليس على المرأة أي إثم من الزواج برجل متزوج وليس في ذلك كراهة، ولا يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
فإن الزوج إذا التزم بشرع الله في تعامله مع زوجاته فعدل بينهن، فلن يكون هناك ضرر بأي منهن، وعلى فرض كون الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً بالأولى، ولذا تسمى الزواجات ضرائر والواحدة ضرة لما يدخل بسببها من ضرر على الأخرى، فإن هذا الضرر خاص وقد شرع لدفع ضرر عام، والضرر العام هو ما علم من كثرة النساء وقلة الرجال، وأسباب ذلك ليس هذا محل ذكرها.
وما يسببه ذلك من العنوسة لكثير من النساء وانتشار العلاقات المحرمة، وغيرها من المفاسد والأضرار التي شرع التعدد لدفعها، والقاعدة الفقهية المستنبطة من قوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار تقول: يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.
أما مسألة أن تكون نتيجة الاستخارة خاطئة ومضللة، فإن الاستخارة معناها طلب الخيرة من الله تعالى أي طلب أن يختار الله للعبد خير الأمرين، ولن يكون اختيار الله سبحانه للعبد إلا بالأصلح له في دينه ودنياه، وربما كان اختيار الله غير ما يهواه العبد وما يميل إليه وما يراه في منامه، ولا نجزم بأن الله اختار هذا الأمر أو ذاك لمجرد رؤيا أو انشراح الصدر، وإنما هذه علامات فقط يستأنس بها.
أما مسألة العرف الذي يرى عدم مشروعية التعدد، فهذا عرف فاسد لأنه يصادم الشرع، والعرف المخالف للشرع لا اعتبار به.
هذا جواب على ما طرحت من أسئلة نرجو أن يكون فيه الكفاية، ونرى أن لا تعوقك هذه الأمور عن الإقدام على الزواج وإحصان نفسك، وتحصيل فضيلة النكاح وما فيه من مصالح دينية وأخروية، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 16681 .
مع التنبيه على أن الولي شرط في صحة النكاح، فعليك إقناعه بهذا الزواج، فإن لم يقتنع تعسفاً وعضلاً لك عن النكح فيمكنك رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليجبره على تزويجك، أو يقوم القاضي مقامه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/36)
رقم الفتوى 64854 حكم نكاح الفاسق
تاريخ الفتوى : 09 جمادي الثانية 1426
السؤال
أنا عمري 34 سنة لم يسبق لي الزواج وهناك رجل يريد أن يتقدم لي متزوج وله 4 أطفال هو يصلي ولكنه يدخن وأنا أكره التدخين ورائحته، أخاف أن أظلم الزوجة الأولى والأبناء رغم أنهم موافقون على الزواج فأنا مترددة وهو يقول إنه محتاج إلى زوجة تعينه على تطبيق دينه بحكم أني حاصلة على الإجازة في الدراسات الإسلامية مترددة بين الزواج منه وبين الرفض
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرجل المرضي في دينه وخلقه هو المطلب والمقصد للفتاة المسلمة، والناس مراتب في هذه الصفة ينبغي طلب الأكمل فالذي يليه، حتى تصل إلى مستور الحال، وهو الذي لا يعرف بفسق ظاهر، ويجوز الزواج من الفاسق وهو من يرتكب الكبائر أو يصر على الصغائر، لكن ينبغي أن لا يقبل عند وجود من هو الأمثل منه، ولعل قبوله خير من العنوسة، لاسيما وهي في هذه السن المتأخرة نسبيا، ولتحاول إصلاحه، فربما أصلحه الله على يدها.
والله أعلم
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/37)
رقم الفتوى 67347 هل تتزوج شخصا يريد السفر بها لديار الكفر
تاريخ الفتوى : 18 شعبان 1426
السؤال
إني أعيش في بلاد تمنع ارتداء الحجاب ومن فضل ربي فإني أرتديه، ولكن نحن المتحجبات نتعرض للكثير من المشاكل من مشاكسات أو سب أو شتم ومرات تصل إلى الضرب والتهديد، وأنا أدرس بالجامعة في السنة الثانية من شعبتي ولي أم وأخ، وأبي قد توفي، وقد جاء لخطبتي رجل صالح أعجبت به ويريدني أن أبقى بالحجاب وأمي راضية عنه وأخي فهل يا شيخ حرام علي أن أتزوجه ولا أهاجر من بلادي، أبلغ من العمر 20 ولا أريد العيش في بلاد الكافرين بالزواج برجل عربي يقطن مثلا في فرنسا وأمي غير راضية أن أسافر إلى فرنسا وأتركها وحدها في البلاد علما أنها هي أيضا محجبة وأنا أريد الزواج بهذا الشخص وإن تم كل شيء بإذن الله فإني سأتزوج صيف 2006 فماذا أفعل هل أبقى مع أمي وأجاهد على حجابي ويكتب لي حق الجهاد أم لا؟
وجزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشخص المتقدم لك صاحب دين وخلق، وكنت تأمنين على دينك وعرضك في بلاد الكفار فاقبليه زوجا، ولكن اجتهدي في إقناعه بأن تبقي مع أمك وأن لا تسافري عنها، فإن أصر على السفر، فاجتهدي في إقناع أمك، وبيني لها خطر العنوسة على دينك ودنياك، وقلة الشباب الدين الخلوق، واستخيري الله تعالى قبل كل عمل، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2852 ، 3145 ، 51334 ، 971 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/38)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 71992 حكمة الإسلام في إباحة تعدد الزوجات
تاريخ الفتوى : 27 محرم 1427
السؤال
لي صديقة إنجليزية الأصل تزوجت من رجل مسلم وأسلمت على يده ، وهي ما شاء الله متفقهة في الدين ومتعلمة وقارئة بشكل كبير ، وقد مضى على زواجهما الآن 25 عاما لم يشكوا خلالها من أي مشاكل حيث إن لهم من الأبناء أربعة ( ولدان وبنتان ) ولكن بعد ولادتها الأولى أصيب طفلها بمرض السحايا وقد أثر ذلك المرض على عقلية الطفلة فترك فيها إعاقة دائمة ، أما الطفل الثاني فقد أصيب وهو في عمر الخمس سنوات بمرض السكري الذي أصبح ملازما له طيلة حياته، وبعد آخر ولادة لها أصيبت الأم بمرض الضغط مما أدى إلى منعها من الحمل مرة أخرى ، وقبل سنة تقريبا جاء زوجها إلى المنزل بعد سفر إلى الخارج ليفاجئها برغبته في الزواج من أخرى علما بأن الزوجة التي اختارها مطلقة ولديها خمسة أبناء ، مما أدى إلى إصابة زوجته الأولى بانهيار عصبي تسبب في بقائها في المستشفى لمدة عشرة أيام تقريبا . سؤالي حول تعدد الزوجات ، فأنا في ظل تأكدي بأن ديننا الاسلامي بتعاليمه السمحة وفي ظل قراءتي لحقوق الزوجة على زوجها أعلم بأن على زوجها أن يحميها من كل ما قد يتسبب لها بأي نوع من أنواع الأذى حتى النفسي ، فهل تعدد الزوجات بدون سبب واضح وصريح محلل أم محرم شرعا ؟ مع الأخذ بعين الاعتبار ما قد يسببه هذا التعدد من دمار في البيت الأول ، حيث إن صديقتي أكدت لي على أن الأبناء فقدوا احترام والدهم ، مع العلم بأنها تسعى جاهدة لتحافظ على هذا الاحترام وتعلم أبناءها أن هذا هو والدهم وسيبقى كذلك طوال حياتهم وحياته. ولكن للأسف فإن الرجل في هذا الزمن أصبح يتخذ من قضية التعدد هذه حجة للزواج بأخرى دون سبب ، فبعضهم يبرر زواجه بأكثر من واحدة خوفا من الوقوع في الحرام ، فيقولون : خفنا أن نغلط فتزوجنا . فكيف لي أن أصدق أن هذا الدين السمح الذي احترم المرأة ورفع من قدرها واهتم بمشاعرها سيسمح بما قد يدمر حياتها ويسبب لها جرحا عميقا في نفسها ، أفيدوني أفادكم الله، فهذه القضية
تؤرقني وتسبب لي الكثير من الجدل والعراك داخل نفسي كوني متأكدة من سماحة وعدل ديننا ؟
وجزاكم الله عني كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرط إباحة التعدد هو القدرة عليه بدنيا وماليا ، وأن لا يخاف على نفسه من الميل وعدم العدل ، قال تعالى : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3 } ، فإذا آنس الرجل من نفسه القدرة البدنية والمالية والقدرة على العدل أبيح له الزواج والتعدد ، وأما ما يسببه الزواج بأخرى من إيذاء نفسي ، وتوتر عصبي وغير ذلك بالنسبة للزوجة الأولى ، فالزوج مطالب - على جهة الاستحباب - بأن يتلطف بزوجته ، ويقنعها بالأمر ، وأن يبذل لها ما يجبر خاطرها ، لأن هذا من العشرة بالمعروف ، وإن ترك التعدد حفاظا على مشاعرها ، فيؤجر على ذلك ، وسبق بيانه في الفتوى رقم 69324 ، كما أن الزوج ينبغي له أن يوازن بين المصالح والمفاسد من هذا الزواج فيفعل الأصلح ، وهذا يختلف باختلاف الناس، لكن لا نقول بأن التعدد مفاسده أعظم من مصالحه بدعوى أنه يدمر البيوت ويشتت الأبناء وغير ذلك لأن الذي شرع التعدد أدرى بالمصالح وأعلم بالعواقب ، نعم يقع هذا أحيانا ، لكن نادرا ما يقع ، وأما مجرد الغيرة الطبيعية لدى النساء وما يحصل بها من إيذاء نفسي ومشقة على المرأة فليست مفسدة تعادل مصالح التعدد الكثيرة وسيأتي بيان بعض هذه المصالح ، ألا ترى الأخت أن التكاليف الشرعية من صلاة وصيام وحج وجهاد ، فيها مشقة وكلفة ، ولذا سميت تكاليف ، ومثل ذلك ترك المحرمات وكف النفس عنها مع داعية النفس اليها فيه مشقة وكلفة ، ومع ذلك كلف بها العباد أمرا ونهيا لما فيه من صلاحهم، قال تعالى : أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك: 14 } ثم إن الغيرة والمشقة الناتجة عن التعدد تختلف من امرأة إلى أخرى، فمن النساء من لا تمانع من التعدد وهذا معروف ومشاهد ،
ورأينا من النساء من تحث زوجها على الزواج ، بل وتبحث له عن زوجة ، ومنهن من تجد فيه مصلحة لها ، كمساعدة لها في أعباء البيت وحقوق الزوج ، أو مخرجا لها من عدم طلاقها إذا رأت من الزوج عزمه على ذلك ، أو رأت من نفسها ضعفا عن أداء حقوقه ، فيكون زواجه بأخرى خيرا من طلاقها
وإليك بعض حكم التعدد (مختصر عن موضوع للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد (المشرف العام على موقع دعوة الإسلام)
1- أن الإسلام حرم الزنا، وشدَّد في تحريمه؛ لما فيه من المفاسد العظيمة التي تفوق الحصر والعد، والإسلام حين حرَّم الزنا وشدَّد في تحريمه فتح باباً مشروعاً يجد فيه الإنسان الراحة، والسكن، والطمأنينة ألا وهو الزواج، حيث شرع الزواج، وأباح التعدد فيه كما مضى . ولا ريب أن منع التعدد ظلم للرجل وللمرأة؛ فمنعه قد يدفع إلى الزنا؛ لأن عدد النساء يفوق عدد الرجال في كل زمان ومكان، ويتجلى ذلك في أيام الحروب؛ فَقَصْر الزواج على واحدة يؤدي إلى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج، وذلك يسبب لهن الحرج، والضيق، والتشتت، وربما أدى بهن إلى بيع العرض، وانتشار الزنا، وضياع النسل.
2- أن الزواج ليس متعة جسدية فحسب: بل فيه الراحة، والسكن، وفيه-أيضاً-نعمة الولد، والولد في الإسلام ليس كغيره في النظم الأرضية؛ إذ لوالديه أعظم الحق عليه؛ فإذا رزقت المرأة أولاداً، وقامت على تربيتهم كانوا قرة عين لها؛ فأيهما أحسن للمرأة: أن تنعم في ظل رجل يحميها، ويحوطها، ويرعاها، وترزق بسببه الأولاد الذين إذا أحسنت تربيتهم وصلحوا كانوا قرة عين لها؟ أو أن تعيش وحيدة طريدة ترتمي هنا وهناك؟ !.
3- أن نظرة الإسلام عادلة متوازنة: فالإسلام ينظر إلى النساء جميعهن بعدل، والنظرة العادلة تقول بأنه لا بد من النظر إلى جميع النساء بعين العدل.
إذا كان الأمر كذلك؛ فما ذنب العوانس اللاتي لا أزواج لهن؟ ولماذا لا يُنظر بعين العطف والشفقة إلى من مات زوجها وهي في مقتبل عمرها؟ ولماذا لا ينظر إلى النساء الكثيرات اللواتي قعدن بدون زواج؟.
أيهما أفضل للمرأة: أن تنعم في ظل زوج معه زوجة أخرى، فتطمئن نفسها، ويهدأ بالها، وتجد من يرعاها، وترزق بسببه الأولاد، أو أن تقعد بلا زواج البتة؟.
وأيهما أفضل للمجتمعات: أن يعدد بعض الرجال فيسلم المجتمع من تبعات العنوسة؟ أو ألا يعدد أحد، فتصطلي المجتمعات بنيران الفساد؟.
وأيهما أفضل: أن يكون للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع؟ أو أن يكون له زوجة واحدة وعشر عشيقات، أو أكثر أو أقل؟.
4- أن التعدد ليس واجباً: فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون؛ فطالما أن المرأة تكفيه، أو أنه غير قادر على العدل فلا حاجة له في التعدد.
5- أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل: وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة؛ فهي غير مستعدة للمعاشرة في كل وقت، ففي الدورة الشهرية مانع قد يصل إلى عشرة أيام، أو أسبوعين كل شهر.وفي النفاس مانع-أيضاً-والغالب فيه أنه أربعون يوماً، والمعاشرة في هاتين الفترتين محظورة شرعاً، لما فيها من الأضرار التي لا تخفى. وفي حال الحمل قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج، وهكذا. أما الرجل فاستعداده واحد طيلة الشهر، والعام؛ فبعض الرجال إذا منع من التعدد قد يؤول به الأمر إلى سلوك غير مشروع.
6- قد تكون الزوجة عقيماً لا تلد: فيُحْرَمُ الزوج من نعمة الولد، فبدلاً من تطليقها يبقي عليها ويتزوج بأخرى ولود.
7 - قد تمرض الزوجة مرضاً مزمناً: كالشلل وغيره، فلا تستطيع القيام على خدمة الزوج؛ فبدلاً من تطليقها يبقي عليها، ويتزوج بأخرى.
8- قد يكون سلوك الزوجة سيئاً: فقد تكون شرسة، سيئة الخلق لا ترعى حق زوجها؛ فبدلاً من تطليقها يبقي الزوج عليها، ويتزوج بأخرى؛ وفاء للزوجة، وحفظاً لحق أهلها، وحرصاً على مصلحة الأولاد من الضياع إن كان له أولاد منها.
9- أن قدرة الرجل على الإنجاب أوسع بكثير من قدرة المرأة: فالرجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد الستين، بل ربما تعدى المائة وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
أما المرأة فالغالب أنها تقف عن الإنجاب في حدود الأربعين، أو تزيد عليها قليلاً؛ فمنع التعدد حرمان للأمة من النسل.
10- أن في الزواج من ثانية راحة للأولى: فالزوجة الأولى ترتاح قليلاً أو كثيراً من أعباء الزوجية؛ إذ يوجد من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزوج.
ولهذا، فإن بعض العاقلات إذا كبرت في السن وعجزت عن القيام بحق الزوج أشارت عليه بالتعدد.
11- التماس الأجر: فقد يتزوج الإنسان بامرأة مسكينة لا عائل لها، ولا راع، فيتزوجها بنيَّة إعفافها، ورعايتها، فينال الأجر من الله بذلك.
12- أن الذي أباح التعدد هو الله-عز وجل-: فهو أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم.
وهكذا يتبين حكمة الإسلام، وشمول نظرته في إباحة التعدد،
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا التسليم والرضا باوامر الله ، وقول سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير .
والله أعلم .
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/39)
ـــــــــــــــ
رقم الفتوى 73544 حكم رد الخاطب لكون لا يحفظ كثيرا من كتاب الله
تاريخ الفتوى : 17 ربيع الأول 1427
السؤال
سؤالي هو : هل يجوز لولي المرأة رفض من جاء لخطبتها لأنه لا يحفظ الكثير من كتاب الله أو من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم رغم تدينه وحسن خلقه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على المرأة ولا وليها القبول برجل معين ، فيجوز لهم أن يرفضوا من تقدم ولو كان من أكثر الناس علما وتقوى ، وعدم حفظ كتاب الله تعالى ليس سببا يوجب رد الخاطب ، ولكن ينبغي لولي المرأة أن لا يرد الخاطب إذا كان كفؤا لموليته ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . ولأنه قد لا يتقدم لهذه المرأة أحد ، وقد يتقدم لها من لا يُرضى فتبلغ سن العنوسة ، والسبب في ذلك هو تعنت الولي أو تعنت المرأة نفسها ، ولذا فعلى المسلمين أن ييسروا أمر الزواج ، وانظر الفتوى رقم : 72569 .
والله أعلم .
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/40)
رقم الفتوى 75456 الزواج من أسباب الرزق
تاريخ الفتوى : 22 جمادي الأولى 1427
السؤال
أنا فتاة عملت بعض المعاصي وتبت منها وأرجو الله أن يتقبل مني..تقدم لخطبتي شاب عمره 35 على دين ومن أسرة مشهود لها بالدين والأخلاق..المشكلة يا شيخ أنه لا يعمل ويسكن مع والديه وهم الذين أرادو أن يزوجوه خوفا عليه من المعاصي..أنا حائرة في أمري يا شيخ..لا أنكر أني أرغب في الزواج لتحصين نفسي من المعاصي وكذلك لم يسبق أن خطبني أي شخص وأنا أخشى العنوسة..وقد ارتحت لهذه العائلة من كثرة ما سمعت عنهم..ولكن أنا حائرة في أمري هل أتوكل على الله وأوافق لأنه ذو دين وخلق والله سبحانه قادر على أن يرزقنا من حيت لا نحتسب..أم أرفض لأنه لا يعمل...أرجوكم ساعدوني وأجيبوني في أقرب وقت وجزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بقبول هذا الشاب، ما دام ذا خلق ودين، وأما كونه ليس لديه عمل ، فالرزق بيد الله عز وجل ، وسيرزقكم سبحانه إذا أخذتم بأسبابه، وإن الزواج من أسباب الرزق، قال تعالى : وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} فتوكلي على الله واقبلي بهذا الشاب، بعد استخارته سبحانه، واستشارة من تثقين برأيه .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــ(61/41)
المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان - (ج 2 / ص 237)
350 ـ هل يرى فضيلتكم أن تعدد الزوجات هو الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة العنوسة التي تفشت في مجتمعنا ؟
نعم؛ إن من أسباب القضاء على العنوسة تعدد الزوجات؛ فكون المرأة تتزوج من رجل يقوم بكفالتها ويصونها وتأتيها منه ذرية صالحة، ولو كانت رابعة أربع، أحسن من كونها تبقى أيمًا محرومة من مصالح الزواج ومعرضة للفتنة، وهذا من أعظم الحكم في مشروعية تعدد الزوجات، وهو في صالح المرأة أكثر منه في صالح الرجل، وكون المرأة قد تجد مشقة في معايشة الضرة، يقابله ما تحصل عليه من المصالح الراجحة في الزواج، والعاقل يقارن بين المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، ويعتبر الراجح منها، ومصالح الزواج أرجح من المضار المترتبة على التعدد إن وجدت . والله أعلم .
ـــــــــــــــ(61/42)
الدعوة إلى تحرير المرأة
...
...
996
...
الأسرة والمجتمع
...
...
المرأة
...
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
...
...
مكة المكرمة
...
...
...
جامع الفرقان
محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
ملخص الخطبة
دور العلمانيين والمنافقين في إفساد العقيدة وترويج الفساد , والانحلال – أسلوبهم في إضلال الأمة وإفساد النساء وتدرجهم – مخططات إفساد المرأة السعودية – تاريخ الدعوة لتحرير المرأة بزعمهم – خروج المرأة للعمل , ضوابطه ومخاطره وآثاره على الأسرة والمجتمع
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا عباد الله: لا يزال المنافقون من أهل العلمنة والتغريب ومن اغتر بدعواهم يطالعوننا المرة بعد المرة بأقوال وآراء عبر صحفنا اليومية تخالف ثوابتنا الشرعية ومسلماتنا الإعتقادية يلبسون لبوس الغيرة على الدين أحيانا ولبوس النهضة بالاقتصاد أحيانا أخرى ويطرحون أفكارا خاوية لا تتفق وواقعنا المحافظ على دينه وما هم إلا حفنة قليلة من المتأثرين بالغرب اللاهثين خلف ما يفد منه ولو كان فيه حتفنا ولو كان الغرب قد ذاق مرارته ونادى بالويلات والثبور من جرائه فيصدق عليهم بذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) إن هؤلاء المسعورين من العلمانيين والمستغربين ومن سار في فلكهم ممن يتباكون على وضع المرأة في بلادنا هم أعداء المرأة حقا ولعلمهم بواقع مجتمعنا واختلافه عن سائر المجتمعات التي عانت من الاستعمار دهورا فإنهم يتسللون بأفكارهم التحررية ودعوتهم للانحلال من خلال قضايا شرعية يحاولون أن يجعلوها مجال نقاش وأخذ ورد فحين يطالب أحدهم مثلا بالبخنق الذي تلبسه نساء ماليزيا أترونه صادقا في مطالبته هل سيرضى بالوقوف عند هذا الحد أم أنها خطوات الطريق الطويل اللاحب الذي يراد جر المرأة إليه في بلادنا وهل قدوته ماليزيا حقا أم إن قدوته هناك حيث العري والاختلاط والعار والشنار وهل واقعه الآن يشهد بحسن سيرته وطيب طويته وسلامه مشربه أم هو بحاجة إلى إصلاح حاله ثم من نصبه وكيلاً لبنات آدم يطالب لهن بحقوقهن بزعمه ثم ينسف في طريقه مسلمات شرعية وثوابت عقدية بصريح العبارة أو بتلويحها ولحنها: أم حسب الذين في صدورهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم لقد طار العلمانيون والمستغربون ومن انخدع بهم بكلمة قالها ولي العهد وعلق عليها مصدر لم يصرح باسمه نشر تعليقه في جريدة الشرق الأوسط وجريدة الحياة ومما جاء في تعليقه: إن الكلمة المشار إليها تعد الطلقة الأولى للحوار حول المرأة السعودية وتحريك دورها وتابع يقول: إن البعض يتناول قضايا هامشية وقشور مثل قيادة المرأة للسيارات وغطاء الوجه فالموضوع الأول تمت مناقشته في مجلس الشورى وهي قضية تقنية بحاجة مثلا لشرطة نسائية تتولى تنظيمها وأما الثاني فهي قضية خلافية هكذا يقول هذا المصدر الذي لم يصرح باسمه وتابع قائلا: وإذا أردنا مجتمعا دون اختلاط فإننا سنخلق مجتمعاً منقسماً وشاذاً وزاد: حان الوقت لمساهمة المرأة السعودية في المسيرة التنموية وحرص هذا المصدر على تأكيد أن الدين الإسلامي دين يخاطب الجميع وقال: لا وجود لكهنوتية في السعودية هكذا قال هذا المصدر المجهول ولنا مع تصريحه الذي قد جاء بيان يرد عليه بيان توضيحي لكلمة ولي العهد يتبرأ من كل التعليقات التي نسبت إليها والتي تعد نفسها شرحا لها لنا مع هذا التصريح عدة وقفات أولها يلمس أن هناك توجها لبحث قضايا محسومة في هذا البلد من قبل هيئة كبار العلماء تتعلق بالمرأة وطرحها للمفاوضة والنقاش والاعتراض ثانيا وصف القضايا الشرعية كالحجاب ونحوها بأنها قشور وأمور هامشية مما يدعو إلى التوجس والخوف من تلك الدعاوى وإن ألبست بلباس الدين. ثالثاً: الزعم بأن موضوع قيادة المرأة للسيارة تمت مناقشته في لجنة الشورى رغم أنه صدرت فيه فتوى شرعية رسمية وهذا الزعم باطل فقد صرح وزير الداخلية لجريدة اقتصادية بأنه لا توجد أي رغبة أو توجه لدى الدولة بشأن السماح للمرأة بالقيادة في السعودية وبأنه ليس هناك دراسة بهذا الخصوص وأن كل مجتمع له خصوصياته وكأي أمور أخرى تخضع لهذه الاعتبارات لكن أعود وأؤكد أنه لا توجد أي دراسة حول هذا الموضوع انتهى كلامه رابعا أن عمل المرأة الذي يدعى له ويراد فتح أبوابه هو عمل في محيط الرجال وميادينهم كما جاء في التصريح إننا إذا أردنا مجتمعا دون اختلاط فسنخلق مجتمعاً منقسماً شاذاً هكذا قال المصدر المجهول خامسا إلغاء دور المرجعية الدينية والرجوع في كل أمر إلى كتاب الله وسنة رسوله بقوله: لا كهنوتية في السعودية وفي ذلك نسف للثوابت الشرعية وقد تتابعت المقالات الصحفية من جملة من المستغربين من أبناء وبنات هذا المجتمع رغم صدور بيان يرد ويوضح كلمة ولي العهد ويتنصل من كل المقالات التي تعلقت بها رغم ذلك كله فقد تتابعت المقالات من المستغربين في الصحف ومما تضمنته هذه المقالات استغلال كلمة ولي العهد وتوجيهها حسب توجههم المنحرف وجعلها توطئة لعرض ما يريدونه ومن ذلك أن المقالات تضمنت الدعوة الصريحة لتحرير المرأة وتغريبها ورفع الظلم والضيم الذي تعانيه من مجتمعها حسب زعمهم حتى قال بعضهم: المرأة لا تملك الصلاحيات في اتخاذ أبسط القرارات وقال آخر من هؤلاء المستغربين: عمل المرأة كمعلمة بطالة مقنعة وهدر للأموال وقال ثالث : لن تتقدم أمة نصفها مصاب بالشلل شل الله يمينه ويلحظ تبرم واستياء تلك الفئة المنحرفة من حال مجتمعنا المحافظ والدعوة إلى تغيير أوضاعه حتى قال بعضهم: حال المرأة يدعو إلى الرثاء وضع النساء في مجتمعنا لا يطابق المعايير التي يتفق عليها العقلاء النساء في مجتمعنا لا يحصلن على حقوقهن المرأة لا مكان لها في مجتمعنا نساؤنا في العالم العربي لا يتحدثن عن حقوقهن كي تعود المرأة إلى الإنتاج فإننا في حاجة إلى الكثير من الكلام الصريح اللهم أكفنا شر الأشرار وشر الفجار اللهم من أرادنا والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى غفرانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد فيا عباد الله لقد بدأت حركة ما يسمى بتحرير المرأة قبل مائة عام أي في عام ألف وثمانمائة وتسع وتسعين للميلاد حيث خرج كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين الذي دعا فيه المرأة إلى السفور ونبذ الحجاب واختلاطها بالرجال ولم يكن في ذلك الوقت في مصر امرأة تختلط بالرجال سوى امرأة واحدة هي ناظلي فاضل حفيدة محمد على باشا وفي تركيا دعا أحمد رضا عام ألف وتسعمائة وثمانية للميلاد أي قبل تسعين سنة إلى إفساد المرأة حيث قال ما نصه: ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة على جسر غلطة وهو جسر في تركيا وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية فهكذا دعا هذا الأثيم إلى سفور المرأة قبل تسعين عاماً تقريباً ولكن انظروا ما يحدث الآن حيث وصل الحال إلى إنشاء المراقص وبيوت البغاء وكل أنواع الشرور كما هو مشاهد ومعلوم في بعض البلاد نسأل الله أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وإن كثيرا من الكتابات التي نطالعها على صفحات جرائدنا إنما هي نسخة مستلة من دعوة قاسم أمين وهي طبق الأصل من كتاباته وأفكاره هو وأضرابه دعاة السفور والاختلاط وإن عمل المرأة بالصورة التي ينادون بها له من المفاسد الشيء الكثير فمما نذكره باختصار إهمال الأسرة وتمزيق أركانها وتضييع النشء وإفساد الأولاد وكثرة حالات الطلاق وكثرة حالات العنوسة في المجتمع وتحديد النسل إذ أن المرأة العاملة تضطر لإيقاف الإنجاب مراعاة للوظيفة والتضييق على الرجل في الحصول على الوظيفة وهذا مشاهد ملموس بل الواقع يشير إلى بداية ظهور البطالة في المجتمع في أوساط الرجال والرجل مطالب بالعمل لكونه مطالب بالنفقة على المرأة ومن ذلك كثرة السائقين والخادمات والمربيات ومن ذلك ما تحدثه من أثر نفسي على الأطفال نتيجة تنشأتهم في دور الحضانة ومنها أنه لا عائد مادي من عمل المرأة إذ أنه سيصرف في تبعات ذلك خادمة أو مربية أو سائق وسيارة وغيرها من المصاريف ومنها تسهيل اللجان بالفساد والانحراف الأخلاقي وما يتبع ذلك من هتك الأعراض وضياع الحرمات أما بالصورة المحافظة فإن الآثار تكاد تنعدم وبالجملة فمن أراد أن يعرف آثار عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها العلمانيون فلينظر إلى المجتمعات التي سبقت إلى مثل هذا العمل وما حل بها من فساد وانحراف يوجب على العقلاء من أبناء هذا المجتمع السعي لكف هذا الشر عن المسلمين ويتعين على الجميع بذل الجهود لحفظ المجتمع وصيانة الأمة من خلال السعي على الحفاظ على خصوصية تعليم المرأة وعملها في هذه البلاد بمنع الاختلاط في التعليم والعمل والسعي الجاد إلى إقرار التقاعد المبكر للمرأة والعمل بنظام الساعة والعمل بهذين الأمرين سيغلق الباب أمام تلك المطالبات والخطوات إذ أن قلة الوظائف المطروحة للمرأة هي حجة أولئك في مطالباتهم ومن ذلك إعادة النظر في سنوات تعليم المرأة وعملها بما يتوافق مع طبيعتها ويتلاءم مع وظيفتها الأساسية كأم وزوجة ومن ذلك إنشاء مستشفيات نسائية خاصة تراعي حرمات المرأة ومن ذلك تعديل مناهج التعليم في المراحل كلها من الإبتدائية إلى الجامعية بما يوائم طبيعة المرأة ويخالف الرجال وفي الختام نسأل الله العلي العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار
ـــــــــــــــ(61/43)
سلسلة إصلاح الأسرة (4)
مفاهيم وقيم خير الأمم !!!
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
هذا هو اللقاء الرابع ، في سلسلة إصلاح الأسرة ، والتي نتحدث فيها عن الأسرة المسلمة ، وطرق إصلاحها وإعادتها إلى الطريق الذي خطه لها ديننا الحنيف ! .
وفي هذه المقالة أتحدث عن بعض المفاهيم ، التي ينبغي على كل من مسلم ومسلمة التنبه لها ، فأعيروني القلوب والعيون والأسماع ، وإن أخذت القليل من أوقاتكم ، جزاكم الله خيراً . وفيها ستة مطالب هي :
أولاً ــ القوانين الإلهية في خلق الخلق :
من القوانين الإلهية في هذا الكون أنه سبحانه خلق كل شيء فيه مبنياً مكوناً من زوجين اثنين ، فقال تعالى : (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )) [الذاريات:49].
ويتم نظام الكون بالتوافق والتكامل بين هذه الزوجية ؛ في المكان، وفي الزمان، وفي الحيوان، وفي الإنسان؛ في كل من هؤلاء خلق الله سبحانه وتعالى زوجين اثنين؛ فيتم نظامه ويقوم كيانه على التوافق والتكامل بين هذين الزوجين .
1 ــ المكان : في المكان أعلى يقابله أسفل، وداخل يقابله خارج وشرق يقابله غرب، وشمال يقابله جنوب .
2 ــ الزمان : في الزمان ، ليل يقابله نهار، وظلمة يقابلها إسفار.
3 ــ الحيوان : وفي الحيوان، ذكر وأنثى؛ قال تعالى: (( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى )) [النجم:45].
ولما أراد سبحانه بعدله أن يغرق أهل الأرض جميعاً، أمر نبيه نوحاً عليه السلام أن يحمل في سفينته من كل شيء زوجين اثنين. (( قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين )) [هود:4].
4ــ الإنسان : والإنسان رجل تقابله امرأة، قال تعالى: (( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجاً )) [فاطر:11].
(الزوجية لها أهداف حيوية ) :
فكل من الزوجين في كل هذه الأشياء يقابل الآخر، وله مهمة غير مهمة الآخر، وبالتوافق والتكامل بين هذه الأزواج يقوم نظام الكون، ولو اختلطت مهماتها لفسد نظامها واختل كيانها؛ لفسد نظام هذه الأزواج واختل كيانها، فسبحانه ما أعظم قدرته وأعظم حكمته!
هذه الحقيقة الكونية ليس هناك عاقل يجهلها؛ فالنهار له طبيعة غير طبيعة الليل، والرجل له مهمة غير مهمة المرأة.
النهار للسعي والحركة، وطلب الرزق ابتغاء فضل الله تعالى، والليل للسكون والراحة والنوم؛ فإن الإنسان بين يوم حافل بالسعي والحركة والعناء والمشقة بحاجة إلى فترة من الراحة يلتقط فيها أنفاسه ويجدد قوته وهمته.
الرجل للسعي والحركة وطلب الرزق والضرب في مناكب الأرض ابتغاء فضل الله، وإدارة الصراع بين قوى الخير والشر.
والمرأة للبيت تبنيه وتعمره ليكون سكناً يأوي إليه الرجل بعد يوم حافل بالمشقة والعناء قال تعالى: (( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى (( [الليل:1-4].
فهذه الأشياء المتقابلة؛ الليل يغشى الكون بسكونه وظلمته، والنهار يُسفر بنهاره وصبحه، والذكر يسعى في مناكب الأرض طلباً للرزق وعمارة لها، والمرأة للبيت ترتبه وتهيئه للسكينة والسكن ، وللأبناء .
فلو اختلطت هذه المهمات من هذه المتقابلات كيف يتم نظام الحياة ؟!.
يختل نظام الحياة، لا يتصور عاقل أبداً أنه يمكن أن تختلط المهمات بين هذه المتقابلات ويبقى نظام الحياة دون أن يختل أو يفسد، فهذه الأشياء المتقابلة لكل واحد منها مهمة خلقه الله سبحانه وتعالى لها؛ فعلى كل من الرجل والمرأة ، أن يقف عند حدود المهمة التي خلقه الله تعالى لها.
فالمرأة سكن والرجل للسعي والحركة، والليل سكن والنهار للسعي والحركة، فمهمة الرجل ألصق ما تكون بالنهار، كما أن مهمة المرأة أشبه ما تكون بالليل؛ ولذلك وصف الخالق سبحانه وتعالى؛ كل من الليل والمرأة وصفهما بأنهما سكن؛ قال سبحانه وتعالى: ))هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً (( [يونس:67]. وقال سبحانه: (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )) [الروم:2].
فعلى كل من الرجل والمرأة أن يقف عند حدود المهمة التي خلقه الله عز وجل من أجلها، لا يحاول التمرد على القانون الإلهي والنظام الرباني، بل يتفانى في السعي والحركة ضمن هذا الإطار الرباني والقانون الإلهي ويعطي مهمته التي خلق الله لها كل من عنده من قدرات وإمكانات، لا يبخل عليها بإمكاناته، ذلك إن كان مؤمنا مصدقا بحكمة الخالق العظيم سبحانه وتعالى.
ثانياً ــ تكريم الإسلام للمرأة :
إن الإسلام كرم المرأة أماً وزوجة وبنتاً، و أعطاها حقوقها كاملة، مما لم تظفر به امرأة في غير الإسلام، وقد قيل: وبضدها تتميز الأشياء.
وإذا نظرنا إلى حال المرأة قبل الإسلام؛ علمنا تكريم الإسلام للمرأة؛ فالمرأة قبل الإسلام كانت محتقرة مهانة، حتى سموها رجساً من عمل الشيطان، وكانت عندهم كسقط المتاع، تباع وتشترى في الأسواق؛ مسلوبة الحقوق، محرومة من حق الميراث وحق التصرف في المال إلى غير ذلك من الذل والمهانة.
لما أشرق نور الإسلام، رفع عن المرأة ما أحيطت به من الآصار والأغلال، بل رفع مكانها وأعلى منزلتها فجعلها قسيمة الرجل، لها ما له من الحقوق وعليها من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها وعلى الرجل بما اختص به من الرجولة والقوة والجلد وبسطة اليد، أن يقوم برعايتها:
قال تعالى: (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة )) [البقرة:228]. وتلك هي الرعاية والحياطة، لا يتجاوزها إلى قهر النفس وجحود الحق .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((إنما النساء شقائق الرجال))[ أحمد وأبو داود والترمذي].
ولقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في جزاء الآخرة:
قال تعالى: (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) [النحل:97].
ولقد أتت أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنى يا رسول الله رسول من ورائي من النساء، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء؛ فآمنا بك، واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدورات قواعد في البيوت، وإن الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد؛ حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم؛ أنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال: ((هل رأيتم امرأة أعظم سؤالاً منها))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: ((انصرفي يا أسماء! وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته؛ يعدل كل ما ذكرت للرجال)) فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم [انظر كنز العمال برقم(45157)].
ثالثاً ــ دور العلمانيين والمنافقين في ترويج الفساد ، وأسلوبهم في الإضلال :
لا يزال المنافقون من أهل العلمنة والتغريب ومن اغتر بدعواهم يطالعوننا المرة بعد المرة بأقوال وآراء عبر صحفنا اليومية تخالف ثوابتنا الشرعية ومسلماتنا الاعتقادية يلبسون لبوس الغيرة على الدين أحيانا ولبوس النهضة بالاقتصاد أحيانا أخرى ويطرحون أفكارا خاوية لا تتفق وواقعنا المحافظ على دينه وما هم إلا حفنة قليلة من المتأثرين بالغرب اللاهثين خلف ما يفد منه ، ولو كان فيه حتفنا ولو كان الغرب قد ذاق مرارته ونادى بالويل والثبور من جرائه فيصدق عليهم بذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)) [متفق عليه]
وإننا في زمن قد ادلهمّ ليله، وأظلم نهاره، وفقد بعض الناس شخصيته المميزة؛ فبات بعض الناس كل ما يستطيعونه هو تقليد الغرب مزرعة الرذائل، وأقبلوا يعدون وراءه دون وعي، وتلقوا كل أخطائه الاجتماعية بالقبول والتطبيق، واستحسنوها بعد أن طبقوها، ثم عملوا على نشرها في بلاد المسلمين، فاغرقوا دنيا المرأة بكل ما لاكه الغرب؛ بدءً بفتح محلات الخياطة غير المحتشمة، ومروراً بمحلات التجميل للنساء، وانتهاء بالمجلات التي تعنى بالمرأة، حتى نقضوا عرى الأخلاق عند بعض النساء عروة عروة، ونزعوا الحياء.
ثم بعد ذلك بدأ الزحف لنقض عرى الأخلاق عند الشباب، وتمييع أخلاقهم، ونزع الحياء، فنقلوا ما في بلاد الغرب من انحلال إلى بلاد المسلمين، وفاخروا بذلك؛ لزعمهم أنهم حازوا قصب السبق .
ولقد درس أعداء الإسلام أحوال المسلمين، وتعرفوا على أماكن القوة ومواطن الضعف في شخصية المسلمين، ثم اجتهدوا في توهين نواحي القوة وتحطيمها بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وخبث؛ فعلموا أن المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، وعلموا أنها سلاح ذو حدين، وأنها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير، ومن هنا كان لها النصيب الأكبر من حجم المؤامرات الكثيرة التي تُرى بوادرها في مجتمعات المسلمين يوماً بعد آخر .
وإن هؤلاء المسعورين من العلمانيين والمستغربين ومن سار في فلكهم ممن يتباكون على وضع المرأة في بلادنا هم أعداء المرأة حقاً ولعلمهم بواقع مجتمعنا واختلافه عن سائر المجتمعات التي عانت من الاستعمار دهوراً فإنهم يتسللون بأفكارهم التحررية ( بزعمهم ) ودعوتهم للانحلال من خلال قضايا شرعية يحاولون أن يجعلوها مجال نقاش وأخذ ورد ، ولقد قال الله تعالى : (( أم حسب الذين في صدورهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم )) [محمد 29 – 30 ] .
إن الناظر في واقع المجتمع المسلم اليوم يرى أنه تكالبت عليه الأعداء بغية إفساده، ويعجب من وقوف المسلمين حائرين أمام تلك الأسلحة؛ ينتظرون أن تفتك بهم .
رابعاً ـ تاريخ الدعوة لتحرير المرأة ( بزعمهم ) :
لقد بدأت حركة ما يسمى بتحرير المرأة قبل مائة عام تقريباً ، أي في عام 1899 م ، حيث خرج كتاب تحرير المرأة لقاسم أمين الذي دعا فيه المرأة إلى السفور ونبذ الحجاب واختلاطها بالرجال ولم يكن في ذلك الوقت في مصر امرأة تختلط بالرجال سوى امرأة واحدة هي ناظلي فاضل حفيدة محمد على باشا وفي تركيا دعا أحمد رضا عام 1908 م ، إلى إفساد المرأة حيث قال ما نصه: (( ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة على جسر غلطة ــ وهو جسر في تركيا ــ وهي سافرة الوجه فلا أعد في تركيا دستوراً ولا حرية )) ، فهكذا دعا هذا الأثيم إلى سفور المرأة قبل تسعين عاماً تقريباً ولكن انظروا ما يحدث الآن حيث وصل الحال إلى إنشاء المراقص وبيوت البغاء وكل أنواع الشرور كما هو مشاهد ومعلوم في بعض البلاد نسأل الله أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وإن كثيراً من الكتابات التي نطالعها على صفحات جرائدنا إنما هي نسخة مستلة من دعوة قاسم أمين وهي طبق الأصل من كتاباته وأفكاره هو وأضرابه دعاة السفور والاختلاط .
خامساً ــ فتنة المرأة وخروجها للعمل , وآثاره على الأسرة والمجتمع :
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء وخروجهن : فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))[ رواه مسلم].
وعن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: ((ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر عل الرجال من النساء))[رواه البخاري].
وقد كان للمرأة المسلمة دور رائع في بناء الصرح الإسلامي.
وقد انتفعت الأمة بهذا الحد النافع من سلاح المرأة في قرونها الأخيرة، ثم لم تلبث الحال أن تدهورت شيئاً فشيئاً، وجرحت الأمة بالحد المهلك من سلاح المرأة.
إن مشكلة النساء ليست بالمشكلة الهينة، وليست بالمشكلة الجديدة؛ لأن الفاسقة منهن شرك الشياطين وحبائل الشر، يصطاد بهن كل خفيف الدين مسلوب المروءة.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان))[ رواه مسلم].
وإن عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها الغرب ، له من المفاسد الشيء الكثير فمما نذكره باختصار :
1 ــ إهمال الأسرة وتمزيق أركانها .
2 ــ تضييع الجيل وإفساد الأولاد .
3 ــ كثرة حالات الطلاق .
4 ــ كثرة حالات العنوسة في المجتمع .
5 ــ تحديد النسل إذ أن المرأة العاملة تضطر لإيقاف الإنجاب مراعاة للوظيفة .
6 ــ التضييق على الرجل في الحصول على الوظيفة وهذا مشاهد ملموس بل الواقع يشير إلى بداية ظهور البطالة في المجتمع في أوساط الرجال ، والرجل مطالب بالعمل لكونه مطالب بالنفقة على المرأة .
7 ــ كثرة السائقين والخادمات والمربيات وذلك لعدم تفرغ الأم لرعاية أبنائها .
8 ــ كثرة دور الحضانة ، وما تحدثه من أثر نفسي على الأطفال نتيجة تنشأتهم في دور الحضانة لعدم قيام الأم بالرعاية الواجبة .
9 ــ لا عائد مادي من عمل المرأة إذ أنه سيصرف في تبعات ذلك خادمة أو مربية أو سائق وسيارة وغيرها من المصاريف .
10 ــ تسهيل الفساد والانحراف الأخلاقي وما يتبع ذلك من هتك الأعراض وضياع الحرمات الناتج عن اختلاط المرأة بالرجال أثناء عملها .
وبالجملة فمن أراد أن يعرف آثار عمل المرأة بالصورة التي ينادي بها العلمانيون فلينظر إلى المجتمعات التي سبقت إلى مثل هذا العمل وما حل بها من فساد وانحراف يوجب على العقلاء من أبناء هذا المجتمع السعي لكف هذا الشر عن المسلمين ويتعين على الجميع بذل الجهود لحفظ المجتمع وصيانة الأمة من خلال السعي على الحفاظ على خصوصية تعليم المرأة وعملها في هذه البلاد بمنع الاختلاط في التعليم والعمل ،ومن ذلك إعادة النظر في سنوات تعليم المرأة وعملها بما يتوافق مع طبيعتها ويتلاءم مع وظيفتها الأساسية كأم وزوجة ومن ذلك إنشاء مستشفيات نسائية خاصة تراعي حرمات المرأة وخصوصياتها وكرامتها ..... !
سادساً ــ انسياق بعض النساء المسلمات وراء المرأة الغربية :
ذكرت في هذه المقالة نموذج من تكريم الإسلام للمرأة، والنماذج كثيرة.
ولكن؛ لنتساءل عن واقع المرأة المسلمة اليوم هل هي متمسكة بدين الإسلام أم أنها صريعة الجاهلية؟!
والحق يقال : إن بعض النساء قد رفضت تكريم الإسلام لها، وأصبحت صريعة لجاهلية هذا القرن ؛ فاندفعت اندفاعاً محموماً وراء كل سراب، وعاشت واقعاً مريراً.
والمؤلم في هذا الواقع المرير أن المرأة قد رضيت أن تؤلف نقطة الضعف ؛ فهي ملقية بنفسها وبرضى منها إلى التيار، يقذف بها حيث اتجه وسار دون أن تفكر في المقاومة، وساعد في إمداد التيار الهشيم تخلي بعض الرجال عن مراقبتهم على النساء، وترك الحبل على الغارب لهن، والمقروء والمسموع.
ولم تفكر من انساقت من النساء خلف تلك التيارات في حال المرأة الغربية، و ما تعيش من شقاوة وتعاسة؛ حيث كانت المرأة في الغرب فريسة للذئاب من البشر؛ عبثوا بكرامتها، وتاجروا بها، وأصبحت صورة المرأة شيئاً قد ألفوه لرواج الكاسد من البضائع والمجلات .
ولكن بعض نساء المسلمين أعجبن بحال نساء الغرب، فحدث ما لا تحمد عقباه ؛ حدث في مجتمعات المسلمين وفي نساء المسلمين تبرج النساء، وهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال، فظهر بين نساء المسلمين من تكشف وجهها وأكثر من ذلك أمام الرجال ؛ ليروا مفاتنها، فتستيقظ الفتنة النائمة، ووجد في نساء المسلمين من جعلت ثيابها تلفت النظر إليها؛ لكثرة زخرفتها، أو لضيقها، أو لشفافيتها، حتى وجد من بين النساء من تجعل الثوب ضيقاً، وأكمامه شفافة جداً، ونحرها مكشوفاً، ووجد بين نساء المسلمين من تجعل الثوب قصيراً لا يستر قدميها أو تجعل فتحات على ساقيها، وما خفي كان أعظم ، وكل ذلك جرياً وراء أحدث ما ظهر من لباس المرأة الغربية ، الذي تحمله إلينا المجلات الوافدة المسماة بمجلات الأزياء!!
ألا فلتعلم المرأة المسلمة أن هذه الأعمال لا تجوز، وأنها تجر إلى الهاوية.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بمصير من تعمل ذلك من النساء:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر؛ يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) [رواه مسلم] .
قال بعض العلماء: معنى (كاسيات عاريات): التي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها، وقيل: معناه تلبس ثوباً رقيقا يصف لون بدنها.
وهان على كثير من نساء المسلمين الخروج إلى الأسواق دونما ضرورة، والخلوة بالرجال الأجانب في المحلات والسيارات، وشجع على هذا بعض الآباء بفعله وبذل ماله من أجله، والمرأة تتقلب من تبرج إلى خلوة، وحدث ولا حرج من سقوط الآداب ، وقد يحدث مالا تحمد عقباه، ثم يندم من فعل ذلك، ، ولات حين مناص ، و ولات ساعة مندم، ثم يقول بعد فوات الأوان: لا بارك الله بعد العِرض بالمال .
لقد أصبحت المرأة في هذا الزمن كالكرة، تتناولها أيدي اللاعبين، وتتهاوى في كل اتجاه ، ولقد بات وضع المرأة المسلمة في مهب الأعاصير، فليس من الحكمة أن يترك زمامه للأمواج تقذف به حيث يشاء أولو الأهواء، ولا ريب أن الواجب يضع على كل عاتق نصيبه من المسؤولية، لا يستثنى من ذلك صغير ولا كبير كل على حسب استطاعته.
إنى أخاطب أولياء الأمور، وأقول لهم: تذكروا قول الله تعالى: (( الرجال قوامون على النساء )) [النساء:34]. وتذكروا أنهن رعيتكم، وستسألون عنهن يوم القيامة، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان))[ الحديث أخرجه الترمذي في (الرضاع) وفى (الفتن 7/2165) من حديث عمر وهو جزء من حديث طويل: ((لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان)) وقال الترمذي :"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه" ورواه احمد في "المسند" (رقم 114-177) والحاكم في الإيمان من طرق صحيحة فالحديث صحيح. ] ، وقولوا: سمعنا وأطعنا. وتذكروا أن التوبة تجب ما قبلها، وأنه إن استمرت الحال على ما نرى، فسنحصد النتيجة مرة، وعندها لا ينفع الندم.
عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((ضرب الله مثلا صراطاً مستقيماً، وعن جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعند رأس الصراط داع يقول: استقيموا على الصراط ولا تعوجوا، و فوق ذلك داع يدعو، كلما هم عبد أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب؛ قال: ويحك! لا تفتحته؛ فإنك إن تفتحه..)) ثم فسره فأخبر: ((أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله، وأن الستور المرخاة حدود الله، والداعي على رأس الصراط هو القرآن، وأن الداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن))( رواه الإمام احمد في " المسند" (4142، 4437) ، والحاكم (2/368)، من حديث النواس بن سمعان ).
خاتمة و ( رجاء ) :
1 ــ يا من جعلتم لمجتمعنا وسائل فساد الأخلاق ! اتقوا الله فينا، اتقوا الله في شبابنا، اتقوا الله في نسائنا، واخشوا أن يحل بنا العقوبة !!
ألم نتعظ بما وقع من الزلازل والخسف والفيضانات والرياح العاتية حول العالم كله ؟!
أننتظر حجارة من السماء؟!
روى البخاري في صحيحه برقم 893 : عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .
2 ــ وأنتم يا أولياء أمور النساء والشباب مسؤولون بالدرجة الأولى عما ضيعتم من فتيات في ريعان الشباب في الأسواق يحادثن الفساق، يتسكعن هنا وهناك ، وشباب يتكسرون ويعيشون الضياع.
وروى الترمذي برقم 1912 : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لَا يَكُونُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) .
وروى الترمذي أيضاً برقم 1916 : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوْ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ )) ،قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
واللهَ أرجو أن يحفظ شباب المسلمين من المزالق ، ويحفظ نساء المسلمين من الشرور والفتن ، ويحفظنا معهم من كل سوء ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
حسام الدين سليم الكيلاني
أبو محمد
hosamkilany@gawab.com
ـــــــــــــــ(61/44)
مقالات عن المرأة - (ج 55 / ص 27)
العمل:
الشبهة الأولى: دعوى وجوب عمل المرأة لأنها نصف المجتمع:
يقول المنادون بتحرير المرأة: يجب أن تشتغل المرأة لأنها نصف المجتمع، وحتى يكمل النصف الآخر، فتزداد الثروة الوطنية، وحبسها بين أربعة جدران فيه هدر لكرامتها وشلّ لحركتها وتعطيل لطاقاتها ولنتاجها العلمي والعملي والفكري[1].
الجواب:
1- لا ينازع أحد يفقه أحكام الإسلام في أن عقود المرأة وتصرفاتها التجارية صحيحة منعقدة لا تتوقف على إجازة أحد من ولي أو زوج. ولا ينازع أحد في أن المرأة إذا لم تجد من يعولها من زوج أو أقرباء ولم يقم بيت المال بواجبه نحوها أنه يجوز لها أن تعمل لتكسب قوتها[2].
2- إن المرأة ـ بوجه عام ـ في الإسلام لا يصح أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل على ولي أمرها من أب أو زوج أو أخ أو غيرهم أن يقوم بالإنفاق عليها لتتفرّغ لحياة الزوجية والأمومة، وآثار ذلك واضحة في انتظام شؤون البيت والإشراف على تربية الأولاد وصيانة المرأة من عبث الرجال وإغرائهم وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع[3].
3- راعى الإسلام طبيعة المرأة وما فطرت عليه من استعدادات، وقد أثبتت الدراسات الطبية المتعددة أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل. وقد أثبت العلم أن الخلاف شديد بين الرجل والمرأة ابتداء من الخليّة، وانتهاء بالأنسجة والأعضاء؛ إذ ترى الخلاف في الدم والعظام وفي الجهاز التناسلي والجهاز العضلي وفي اختلاف الهرمونات وفي الاختلاف النفسي كذلك، فنرى إقدام الرجل وصلابته مقابل خفر المرأة وحيائها، وجاءت الأبحاث الحديثة لتفضح دعوى التماثل الفكري بين الجنسين، ذلك أن الصبيان يفكرون بطريقة مغايرة لتكفير البنات، وتخزين القدرات والمعلومات في الدماغ يختلف في الولد عنه في البنت، ودماغ الرجل أكبر وأثقل وأكثر تلافيف من دماغ المرأة، وباستطلاع التاريخ نجد أن النابغين في كل فن لا يكاد يحصيهم محصٍ، بينما نجد أن النابغات من النساء معدودات في أي مجال من هذه المجالات[4].
4- إن وظائف المرأة الفسيولوجية تعيقها عن العمل خارج المنزل، ويكفي أن ننظر إلى ما يعتري المرأة في الحيض والحمل والولادة لنعرف أن خروجها إلى العمل خارج بيتها يعتبر تعطيلاً لعملها الأصلي ذاته، ويصادم فطرتها وتكوينها البيولوجي.
فخلال الحيض مثلاً تتعرض المرأة لآلام شديدة:
أ- فتصاب أكثر النساء بآلام وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن.
ب- ويصاب أكثرهن بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض، وتكون المرأة عادة متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها.
ح- وتصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية الحيض، فتكون الآلام مبرحة، تصحبها زغللة في الرؤية.
د- ويميل كثير من النساء في فترة الحيض إلى العزلة والسكينة، لأن هذه الفترة فترة نزيف دموي من قعر الرحم، كما أن المرأة تصاب بفقر الدم الذي ينتج عن هذا النزيف.
هـ- وتصاب الغدد الصماء بالتغير، فتقل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم، وينخفض ضغط الدم ويبطؤ النبض، وتصاب كثير من النساء بالدوخة والكسل والفتور أثناء فترة الحيض.
وأما خلال فترة الحمل والنفاس والرضاع فتحتاج المرأة على رعاية خاصة، حيث ينقلب كيانها خلال فترة الحمل فيبدأ الغثيان والقيء، وتعطي الأم جنينها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهضومة جاهزة، ويسحب كل ما يحتاج إليه من مواد لبناء جسمه ونموه حتى ولو ترك الأم شبحا هزيلاً يعاني من لين العظام ونقص الفيتامينات وفقر الدم.
وتضطرب نفسية الأم عادة، وتصاب في كثير من الأحيان بالقلق والكآبة لذلك يجب أن تحاط بجو من الحنان والبعد عن الأسباب التي تؤدي إلى تأثرها وانفعالها، وتنصح بعدم الإجهاد، ويحث الأطباء الأمهات على أن يرضعن أولادهن أطول مدة ممكنة، وفي أغلب الأحوال لا تزيد هذه المدة عن ستة أشهر نتيجة للحياة النكدة التي يعيشها الإنسان في القرن العشرين[5].
5- للمرأة في بيتها من الأعمال ما يستغرق جهدها وطاقتها إذا أحسنت القيام بذلك خير قيام:
أ- فهي مطالبة بتوفير جو الزوجية الندي بالمودة والرحمة، العبق بحسن العشرة ودوام الألفة، {هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:189].
فليست المرأة متعة جسدية يقصد من ورائها الصلة الجنسية فحسب، بل هي قبل ذلك وبعده روح لطيفة ونفس شريفة، يصل إليها زوجها ينوء كاهله بالأعمال، وتتكدر نفسه بما يلاقيه في عمله، فما يلبث عندها إلا يسيرًا وإذا بكاهله يخف وبنفسه ترفّ، فتعود إلى سابق عهدها من الأنس واللطف، والمرأة العاملة إن لم ينعدم منها هذا السكن فلا أقلّ من أنه يضعف كثيرًا.
ب- وهي مطالبة بالقيام بحق الطفل وحاجاته المتنوعة. فهناك حاجات عضوية من الجوع والعطش والنظافة، وحاجة إلى الأمن النفسي الناتج من الاعتدال في النقد، والمحافظة على الطفل من عواقب الإهمال، وحاجات إلى التقدير الاجتماعي بعدم الاستهجان أو الكراهية وعدم التكليف بما لا يطيق. وهناك الحاجة إلى اللعب، والحاجة إلى الحرية والاستقلال.
ج- وهي مطالبة بالقيام بشؤون البيت العادية، وهي تستغرق جهدًا كبيرًا.
ومن العجيب أن عمل المرأة في البيت يصنف في ضمن الأعمال الشاقة، فهو يتطلب مجهودًا كبيرًا علاوة على ساعات طويلة تتراوح بين 10 و12 ساعة يوميًا.
فهذه جوانب كبيرة لعمل المرأة في المنزل، لا تستطيع الوفاء بها على وجه التمام مع انشغالها الكبير بالعمل[6].
6- من الآثار السلبية على عمل المرأة وخروجها من بيتها:
أ- آثار على الطفل: إن المرأة العاملة تعود من عملها مرهقة متعبة، فلا تستطيع أن تتحمل أبناءها، وقد يدفعها ذلك إلى ضربهم ضربًا مبرحًا، حتى انتشرت في الغرب ظاهرة الطفل المضروب، وظهر من إحدى البحوث التي أجريت على نساء عاملات أن هناك 22 أثرًا تتعلق بصحة الطفل، منها: الاضطرار إلى ترك الطفل مع من لا يرعاه، والامتناع عن إرضاع الطفل إرضاعًا طبيعيًا، ورفض طلبات الأطفال في المساعدة على استذكار الدروس، وترك الطفل المريض في البيت أحيانًا.
إن من أعظم وأخطر أضرار عمل المرأة على طفلها الإهمال في تربيته، ومن ثم تهيئة الجو للانحراف والفساد، ولقد شاع في الغرب عصابات الإجرام من مدخني الحشيش والأفيون وأرباب القتل والاغتصاب الجنسي، وأكثرهم نتاج للتربية السيئة أو لإهمال الأبوين.
ب- آثار سلبية على الزوج، ومنها: مضايقة الزوج بغيابها عن البيت عندما يكون متواجدًا فيه، وإثارة أعصابه بالكلام حول مشكلات عملها مع رؤسائها وزملائها، وتألم الزوج بترك امرأته له وحيدًا في حالات مرضه الشديد، وقلق الزوج من تأجيل فكرة إنجاب طفل آخر وغير ذلك.
ج- آثار سلبية على المجتمع، منها:
- عمل المرأة بدون قيود يساهم مساهمة فعالة في زيادة عدد البطالة، فهي بعملها تكسب مالاً قد يضيع فيما لا فائدة فيه، ويحرم من ذلك المال رجل يقوم على نفقة أسرة كاملة.
- ساهم عمل المرأة مساهمة فعالة في قضية العنوسة، فالمرأة التي ترغب العمل لا توافق على زواج قد يقطعها عن الدراسة التي هي بريد العمل، وإذا عزفت عن الزواج في السن المبكر فربما لا تجد من يتقدم لها بعد ذلك.
- الحد من عدد الأولاد، وذلك أمر طبيعي عند المرأة التي تريد العمل وتحتاج إلى الراحة، وقد وجد من دراسة أجريت على 260 أسرة عاملة أن 67.31% أطفالهن من 1-3، و8.46% أطفالهن من 4-6، و1.92% أطفالهن من سبعة فما فوق[7].
7- أقوال الغربيين في عمل المرأة ونتائجه:
يقول الإنجليزي سامويل سمايلس[8]: "إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان الأسرة، ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتبرية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات البيتية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير منازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال، وطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة القرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو ـ غالبًا ـ التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة"[9].
وتقول الكاتبة الشهيرة أنارورد: "لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد. ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء الخادمة والرقيق، يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما يعامل أولاد البيت، ولا تمس الأعراض بسوء. نعم، إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها؟!"[10].
ويقول الفيلسوف براتراندرسل: "إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة، وأظهر الاختبار أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوفة، وتأبى أن تظل أمينة لرجل واحد إذا تحررت اقتصاديًا"[11].
ـــــــــــــــ(61/45)
يا ليته لم يقل آمين
مشتاقة للجنان
05-22-2006, 10:20 PM
[]كان ممن تأثرت أخلاقهم وأفكارهم بالطفرة المادية ... فأصبح المال محبوبه الأول.. وأعمت المادة بصيرته فلم يعد يبصر إلا من خلال ثقوبها الضيقة.. وأصبح المال ميزانه الذي يزن به الأمور.. وكانت له ابنة بلغت مبلغ الزواج .. وأخذ الخطاب على اختلاف مراتبهم يدقون أبوابه راغبين في الزواج من ابنته.
ولكنه كان يردهم بحجج واهية ظاهرها المصلحة وباطنها المادة.. مع أن من هؤلاء الخطاب أصحاب دين وخلق .. ممن أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بهم ... ولكن كان لسان حاله يقول: أين الذي يدفع أكثر .. والمنافع والمصالح من ورائه أكبر؟
ومرت الأيام .. وظل على أحلامه المادية .. ومرت الأعوام .. وترك قطار الزمن ابنته في محطة العنوسة .. وغادر الخطاب بابه واتجهوا لغيره ممن لديهم بقية دين وخلق ..... ممن يرفضون بيع بناتهم كالنعاج في الحراج.
وذبل شباب ابنته .. وانطفأت نضارتها.. وذوى عودها .. ومع الأيام دب السقم في جوانحها .. وأصيبت بداء عضال أضنى الأطباء شفاؤه .. ونقلت إلى المستشفى ... وحانت لحظاتها الأخيرة .. وأخبر والدها بالأمر .. فأفاق من عالمه المادي وأتى مسرعاً .. ليرى ابنته في ثوب المرض .. بعد أن حرمها منذ زمن من ثوب الزفاف .. نظر إليها مشفقاً عليها .. نظرت إليه بعينين قد اغرورقت بالدمع .. وأخذت تتمتم وتحرك شفتيها ... دنا منها ليسمع ما تريد البوح به في لحظتها الأخيرة .. فوجدها تطلب منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم تمتمت مرة أخرى، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقال: آمين .. ثم فعلت ذلك مرة ثالثة، وطلبت منه أن يقول آمين .. فقالها.
وبعد فترة من الصمت المشحون بالأسى .. سألها برفق عن الدعاء الذي طلبت منه أن يؤمن عليه .. فانحدرت دموعها الأخيرة .. وأجابت بعد صمت بصوت واهن مليئ بالأسى .. لقد دعوت الله أن يحرمك الجنة كما حرمتني من الزواج.
وطوى القبر في باطنه مأساة دامية .. وبقي المجرم الذي أعمى الجشع بصيرته .. بقي يندب نفسه وابنته .. ويعض أصابع الندم .. ولات ساعة مندم .. هذه ماساة سمعنا بها وعرفناها فيا ترى كم من المآسي من هذا النوع تمت في صمت ولم نسمع بها .. ما دام الناس في إعراض عن الحياة وفق الشريعة وآدابها .. فلا شك أن هناك الكثير من هذا النوع .. وما خفي كان أعظم.
قلت:
1- دعاء البنت على أبيها فيه سوء أدب مع الوالدين، ينبغي أن تترفع عنه الفتاة المسلمة، وإن ظلمها أبوها .. وإنما ذكرت هذا الموقف .. على ما فيه تحذيراً للآباء والأمهات من إعضال بناتهم.
2- إن العنوسة ابتلاء من الله، ينبغي للمرأة أن تصبر وتحتسب له، وأن ترضى بما كتب الله لها: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه.
3- وفي القصة درس مهم وهو لزوم التنبيه والتحذير من السلبية الاجتماعية، والتهاون في المناصحة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شك أن هذا الأب له أقرباء وأصدقاء وجيران فلم ينصحوه؟ وإذا نصحوه فلم ينتصح لِمَ لَم يقاطعوه؟ وإذا قاطعوه فلم يرتدع لم لم يعاقبوه؟ غالب الظن في كثير من هذه الحالات أن هؤلاء يغتابونه وينهشون عرضه بذكر مثالبه في المجالس، دون أن يواجهوه ليصلحوه، لو أن كل مخطئ وجد من ينصحه، ووجد مجتمعاً يلومه ويحاصره لما ركب راسه، وحكم هواه كما فعل هذا الأب الجاني.
ـــــــــــــــ(61/46)
مجلة البيان ـ الأعداد 1 - 100 - (ج 57 / ص 37)
6- في المجال الأسري تعاني الدول العلمانية المعاصرة من مشاكل الطلاق ، العنوسة (العزوبية) والهجران الزوجي والأمراض الجنسية وآخرها الإيدز ، والبغاء والشذوذ الجنسي والاجهاض ، والاغتصاب والخيانة الزوجية والأطفال غير الشرعيين والعنف الأسري والتحرشات بالمرأة العاملة في سوق العمل وهتك العرض وما شابه ذلك.
وفي الميدان الاجتماعي تعاني دول العالم المعاصر من مشاكل الإجرام سواء كان ضد الملكية
أو النفس ، والتشرد وحوادث الطرق وانحراف الأحداث والعنف وانخفاض معدلات نمو
السكان (في الدول الغربية) وظاهرة »المجتمع الشائخ« ، والانحراف السلوكي والانتحار ،
والإدمان على الكحول والتبغ والمهدئات والمنومات والمنشطات والمخدرات والمسكنات ،
ومشاكل التمييز العنصري والأمراض والاضطرابات النفسية والعقلية والعصابية ، والفساد
الإداري والجرائم الاقتصادية والمشاكل العاطفية بين المرأة والرجل والرشوة...
وفي الميدان الاقتصادي تشكو المجتمعات العلمانية المعاصرة من التضخم (ارتفاع الأسعار)
والبطالة والدورات الاقتصادية والفقر وسوء توزيع الدخل والثروة وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي ، والعجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات ، والديون الخارجية (لدى دول
العالم الثالث) ، وسوء تخصيص الموارد واستنفاد الموارد الطبيعية.
وفي المجال البيئي هناك مشاكل تلوث البيئة (الهواء والماء والبحار والمحيطات) والضجيج
وتضرر طبقة الأوزون، والتصحر والتعرية وانقراض بعض الأنواع بفعل الصيد الجائر والارتفاع العالمي في درجات الحرارة وغيرها.
ـــــــــــــــ(61/47)
ـــــــــــــــ
مجلة البيان ـ الأعداد 1 - 100 - (ج 60 / ص 35)
بروز ظواهر اجتماعية مثل :
- انتشار ظاهرة العنوسة بين الفتيات وبقاء أغلب الأرامل والمطلقات بدون زواج.
ولا يخفى على البصير عواقب هذا الأمر، الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بقضايا فطرية إنسانية، قد لا تقوى على تهذيبها، إلا من رحم الله بالإيمان ، فإشباع الحاجات الفطرية وتحقيق الاستقرار النفسي والسكن ، لا بد له من شريكين ، الرجل والمرأة، قال تعالى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))[الروم 21]. فهذا الذي فطر الله الناس عليه ، والمجتمع الإسلامي ينبغي له أن يكون متكافلاً متعاوناً على البر، ومن البر تحقيق الصون والعفاف لأفراده ، وإعانتهم على تيسير الزواج ، وعدم ترك المطلقة، والأرملة دون زوج ، فهذا من شأنه أن يثير الفتنة في المجتمع ويشجع على ارتكاب المحرمات ، خاصة وأننا في مجتمعات تكالبت الوسائل فيها على بث الإباحية والمجون والفساد، وبالتالي كان لزاماً سد أبواب الفتنة والانحراف ، بالوسائل الشرعية الفاعلة.. فأي عفاف وصون أعظم للمرأة من الزواج والستر؟!..
ـــــــــــــــ(61/48)
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - (ج 45 / ص 400)
وما يفعله بعض الناس في زماننا من التغالي في المهور هو أبعد ما يكون عن هدي رسول الله -صلى الله عليه- و هو أمر خطير له أضراره على الفرد وعلى المجتمع والدين الإسلامي دين اليسر والسهولة وفي أمر الزواج لا يقتصر اليسر على الصداق بل يمتد إلى الوليمة التي يُشهر بها الزواج وهي أمر دعى إليه الإسلام وحثَّ عليه فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يولم في زواجه باليسير من النفقة، فعن صفية بنت شيبة قالت: "أولم النبي -صلى الله عليه وسلم- على بعض نسائه بمدين من شعير" [60] .
وكذلك في زواج أصحابه رضي الله عنهم فعن أنس -رضي الله عنه -:
"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة، قال: "ما هذا؟" قال: "إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب"، قال: "بارك الله لك، أولم ولو بشاة" [61] .
وفي زواج بناته رضي الله عنهن كذلك مظهر من مظاهر اليسر في الوليمة ففي ليلة زواج فاطمة رضي الله عنها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا علي لا بد للعروس من وليمة". فقال سعد بن معاذ -رضي الله عنه-: "عندي كبش". وجمع رهط من الأنصار أصواعاً من ذرة وأولم الرسول -صلى الله عليه وسلم- [62] .
ونشهد من بعض الناس إسرافاً واضحاً في ولائم الزواج وتباهياً وتفاخراً غير محمود وهذا أيضاً مخالف لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته، ويعود هذا الإسراف وغلاء المهور على الأفراد والمجتمعات بمشاكل وسلبيات كثيرة، أهمها: كثرة العوانس في البيوت، وتأخر سن الزواج بين الشباب، فقد أثبت عبد الرب نواب الدين في دراسة له: أن 92% من البنين و 69% من البنات يرون أن غلاء المهور سبب قوي ومباشر من أسباب العنوسة وتأخر سن الزواج، واستنتج أن هذه النسبة العالية تدل على أن غلاء المهور مشكلة قائمة في المجتمع، وهي مشكلة مستفحلة يعاني منها قطاع كبير جداً من الشباب، وأنها السبب الأول والمباشر لظاهرة العنوسة أو تأخر سن الزواج، أو العزوف عن الزواج من ذوي المهور الغالية والتكاليف العالية! واللجوء من ثمّ إلى الخارج للزواج من ذوات المهور اليسيرة والمؤونة السهلة [63] .
ـــــــــــــــ(61/49)
ـــــــــــــــ
موسوعة الخطب والدروس - (ج / ص 9)
المبحث الثاني: جريمة الزنا وأخطارها.
جريمة الزنا من أخبث الجرائم وأرذلها، وأضرارها عظيمة جداً، وخطرها في الشرع عظيم، فمن ذلك:
1- أنها من الكبائر:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ الها ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ} [الفرقان:68].
قال القرطبي: "ودلت الآية على أنه ليس بعد الكفر أعظم من قتلٍ بغير حق ثم الزنا".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيّ الذنب أعظم؟ قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك))، قلت: ثم أيّ؟ قال: ((أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك))، قلت: ثم أيّ؟ قال: ((أن تزاني حليلة جارك)).
قال ابن قدامة: "الزنا حرام، وهو من الكبائر العظام".
2- التوعد عليه بالعذاب الشديد:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ الها ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ أَثَاماً % يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان:68-69].
قال ابن جرير: "أي" يلقَ من عقاب الله عقوبة ونكالاً".
3- الإصابة بالأمراض الخطيرة:
قال سيد سابق: "إنه سبب مباشر في انتشار الأمراض الخطيرة التي تفتك بالأبدان وتنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء وأبناء الأبناء كالزهري والسيلان والقرحة".
4- أنه يتسبب في جريمة القتل:
قال سيد سابق: "وهو أحد أسباب جريمة القتل إذ إن الغيرة من طبيعة الإنسان، وقلما يرضى الرجل الكريم أو المرأة العفيفة بالانحراف الجنسي".
5- التفكك الأسري:
قال سيد سابق: "والزنا يفسد نظام البيت، ويهزُّ كيان الأسرة، ويقطع العلاقة الزوجية، ويعرِّض الأولاد لسوء التربية، مما يتسبب عنه التشرد والانحراف والجريمة".
6- ضياع الأنساب وخراب الدنيا:
قال ابن القيم: "وأما زنا الرجل فإنه يوجب اختلاط الأنساب أيضاً، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضها للتلف والمفاسد، وفي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين".
7- يورث الأمراض النفسية والقلبية:
قال ابن القيم: "ومن خاصيته أيضاً أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يمِته، ويجلب الهمَّ والحزن والخوف، ويباعد صاحبَه من الملك، ويقربه من الشيطان".
8- يورث نفرة العباد من الزناة وسقوطهم من أعينهم:
قال ابن القيم في ذكر مضار الزنا: "ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقط من عين ربه ومن أعين عباده، ومنها: قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم، وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم، بخلاف العفيف فإنه يرزق المهابة والحلاوة".
المبحث الثالث: عقوبة الزنا.
الزاني إما أن يكون محصنا أو غير محصن.
1- عقوبة الزاني المحصن: وهي الرجم:
قال ابن قدامة: "مسألة في وجوب الرجم على الزاني المحصن رجلاً كان أو امرأة، وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار، ولا نعلم فيه مخالفاً".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: (لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حقٌّ على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف).
2- عقوبة الزاني غير المحصن: وهي الجلد والتغريب:
قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2].
قال ابن قدامة: "ولا خلاف في وجوب الجلد على الزاني إذا لم يكن محصناً".
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً؛ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)).
قال ابن قدامة: "ويجب مع الجلد تغريبه عاماً في قول جمهور العلماء".
المبحث الرابع: جريمة اللواط وأخطارها.
أضرار اللواط كثيرة وعظيمة جدا، منها:
1- أنها معصية عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب، وقد ذكرها غير واحد في الكبائر.
2- إنها تفسد القلب، قال ابن القيم: "ولكن نجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات من جهة أنها تفسد القلب وتضعف توحيده جداً".
3- أنها تقتل مروءة وشهامة مرتكبيها.
4- أن فيها انتكاساً للفطرة والطباع السليمة.
5- أنها تسبب عزوف الرجال عن الزواج، فاللواط سبب لاكتفاء الرجال بالرجال والرغبة عن الزواج، وبالتالي يقل الزواج وتكثر العنوسة، وذلك مدعاة لشيوع منكر آخر وهو الزنا.
6- أنها سبب لكثير من الحالات النفسية كالخوف الشديد والوحشة والاضطراب والحزن والقلق اللازم، وضعف الشخصية وانعدام الثقة بالنفس.
7- أنها تسبب اختلالاً في توازن عقل المرء وارتباكاً في تفكيره وركوداً في تصوراته وبلاهة واضحة في عقله وضعفاً شديداً في إدراكه.
8- أنها تؤثر على أعضاء التناسل وتضعف مراكز الإنزال الرئيسة في الجسم، وتقضي على الحيوية المنوية، وقد ينتهي الأمر فيها بعد زمن إلى عدم القدرة على إيجاد النسل وإلى الإصابة بالعقم.
9- أنها تسبب كثيراً من الأمراض، ومنها الزهري والتيفوئيد والدوسنتاريا والقرحة الرخوة وثآليل التناسل والتهاب الكبد الفيروسي والسيلان والهربس والإيدز.
المبحث الخامس: عقوبة اللواط:
قال شيخ الإسلام: "وأما اللواط فمن العلماء من يقول: حده كحد الزنا، وقد قيل: دون ذلك، والصحيح الذي اتفق عليه الصحابة أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل، سواء كانا محصنين أو غير محصنين، فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به))، وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما في البكر يوجد على اللوطية قال: (يرجم)، ولم تختلف الصحابة في قتله ولكن تنوعه فيه، فرُوي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه، وعن غيره قتله، وعن بعضهم أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا، وعن بعضهم أنه يرفع على أعلى جدار في القرية ويرمى منه ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط، وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم، وعلى هذا أكثر السلف، قالوا: لأن الله رجم قوم لوط، وشرع رجم الزاني تشبيهاً بقوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حرين أو مملوكين، أو كانا أحدهما مملوكاً والآخر حراً إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ".
المبحث السادس: آثار تطبيق عقوبة الزنا واللواط.:
في تطبيق عقوبتي الزنا واللواط آثار حميد، فمن ذلك:
1- صيانة أعراض الأسر والعشائر والمحافظة عليها من كل ما يؤدِّي إلى الإساءة إليها أو النيل منها، لأن ارتكاب فرد من عشيرة معينة لجريمة الزنا يؤدي إلى إلحاق العار بجميع أفراد تلك العشيرة.
2- تقوية العلاقة الزوجية والمحافظة على كيان الأسرة وحماية المجتمع من التفكك والانهيار.
3- المحافظة على بقاء النوع الإنساني من الانقراض؛ لأن شيوع الزنا يؤدي إلى ظهور جيل من اللقطاء الذين لا يُعرف آباؤهم، وهؤلاء أكثر تعرضاً للهلاك من سواهم، لعدم وجود من يتولى رعايتهم على الوجه الأكمل.
4- مكافحة كثير من الأمراض التي يسببها الزنا أو اللواط وحماية المجتمع منها ومن أخطارها.
5- حفظ المجتمع من عذاب الله تعالى وسخطه المترتب على انتشار الفواحش بين الناس.
ـــــــــــــــ(61/50)
موسوعة الخطب والدروس - (ج / ص 1)
... ... ...
العنوسة ... ... ... ... ...
صالح الونيان ... ... ... ... ...
... ... ...
... ... ...
ملخص الخطبة ... ... ...
1 - الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد 2 - الزواج فطرة قبل أن يكون شرعة 3 - الشريعة جاءت موافقة للفطرة ومهذبة لها 4 - فوائد النكاح - اسباب ظهور العنوسة 5 - التحذير من عضل النساء - اسباب عضل البنات ومنعهن من الزواج ... ... ...
... ... ...
الخطبة الأولى ... ... ...
... ... ...
أما بعد:
أيها المسلمون!
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله!
مما لا شك فيه أن دين الإسلام الحنيف جاء بكل ما فيه مصلحة للفرد والمجتمع، وأمر به، وحث عليه، وحذر من كل ما فيه مضرة ومن الأمور التي حث عليها الإسلام ورغب فيها لما فيها من المصالح الزواج؛ فقد ورد الأمر بذلك في العديد من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية:
قال تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع [النساء:3].
وقال تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم [النور:32].
عباد الله!
ومما ينبغي أن يعلم أن الزواج فطرة قبل أن يكون شرعة؛ فهو فطرة أودعها الله الخلق يوم خلقه:
قال تعالى: سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون [يس:36].
وقال تعالى: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون [الذاريات:49].
والإنسان أشرف من خلق الله، اشتمل على نفس التكوين ذكر وأنثى، وفطر كل شطر بالميل إلى الشطر الآخر، وقد ذكرنا الله تعالى بأصلنا ليزداد إيماننا وشكرنا.
قال تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفاً فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكون من الشاكرين % فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون [الأعراف:189-190].
عباد الله!
وحري بدين الإسلام الذي راعى مصلحة الفرد والمجتمع أن لا يصادم هذه الفطرة، وهذا هو ما حصل؛ فالإسلام هذب هذه الفطرة ولم يصادمها، فشرع التقاء الرجل بالمرأة التقاء شرعياً عن طريق عقد النكاح، وبه يحصل غض البصر وحفظ الفرج والعون على الطاعة والتسابق في الخيرات، وبه تقام الأسرة التي جعلها الإسلام لبنة المجتمع، ومنه النسل المبارك الذي به تباهي أمة محمد ، ويباهي به رسول الله الأمم يوم القيامة:
قال : ((يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج))1.
وعن أنس بن مالك؛ قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي ، فلما أخبروا، كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من رسول الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا؛ فأصلي الليل أبداً. وقال آخر: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: وأما أنا فأعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله ، فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي؛ فليس مني))2.
وفي الزواج عدة فوائد: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة العشيرة، ومجاهدة النفس بالقيام بهن، وهو مصدر سعادة الطرفين؛ لأن فيه سكناً، وفي السكن طمأنينة وراحة، وفي السكن سكون للنفس.
عباد الله!
وإذا كان الإسلام قد رغب في الزواج وحث عليه؛ فإنه قد نهى عن الامتناع منه، وحذر الأولياء من ظلم مولياتهم ومنعهن من التزوج أو الحجر عليهن، فقال تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة:232]. وذلك لما يترتب على منع المرأة من الزواج من المفاسد والمضار التي تعود عليها وعلى المجتمع المسلم.
عباد الله!
هناك ظاهرة خطيرة، بدت بوادرها في مجتمعنا، وهي ناشئة من تصرف خاطئ لبعض الأولياء، وهذه الظاهرة هي ما يسمى بـ (العنوسة)، وهي أن تبلغ البنت من الكبر عتياً، وتذهب نضارتها، وتذبل زهرة شبابها، وهي لم تتزوج، حتى وجد بعض الفتيات اللاتي أعمارهن من الثلاثين إلى الأربعين ولم يتزوجن ليسمعن من يناديهن: يا أماه! ومن هذه حالها؛ لو لم يأت لها الخطاب؛ لقلنا: على وليها أن يبحث لها عن كفء يحفظ له هذه العورة.
عباد الله!
وهذه الظاهرة ترجع إلى أمرين:
أحدهما: من تصرف البنت نفسها؛ حيث إنها خدعت أولاً، فقالت: لا أريد أن أتزوج حتى أكمل دراستي!! وهذا في نظري غزو فكري عن طريق المجلات الوافدة والقصص والأفلام التي تحذر من الزواج المبكر، حتى إذا تقدمت بالفتاة السن؛ عزف عنها من تريد، وعزفت عمن يريدها، حتى تقدم بها سنها زيادة، فأوشكت أن تبلغ سن الإياس، والسعيد من وعظ بغيره.
وما تلك الصيحة التي أطلقتها إحدى الطبيبات عبر (مجلة اليمامة)، والتي قالت فيها: خذوا شهادتي وأسمعوني كلمة ماما!! إلا جرس إنذار لمن عقل.
فكم من فتاة ظنت أن الزواج يتعارض مع الدراسة، وهذا وهم رفضت على أساسه الزواج أيام دراستها، وظنت أنها متى طلبت الزواج؛ كان ذلك سهلاً مهما بلغت من العمر، فخانها تقديرها، وتقدم بها عمرها، فأصبحت حبيسة بيت أهلها، وعضت أصابع الندم، ويزداد ندمها وحسرتها حينما ترى من هن في سنها قد أصبحن أمهات لأولاد، ولم يتأخرن في الدراسة.
عباد الله!
الأمر الثاني في تأخر بعض الفتيات عن الزواج حتى يتقدم بهن العمر: يرجع إلى تصرف وليها الخاطئ؛ فأحياناً يسند الولي الأمر في الاختيار إلى النساء، ويكون دوره تنفيذياً، وغالبا ما تكون نظرة بعض النساء قاصرة، فيرد كفء البنت، وهو صاحب الدين؛ بناء على مقاييس تحددها بعض النساء؛ كالجاه، والمال، والقرابة، والوظيفة؛ بغض النظر عن الدين، وقد لا يأتى أحد هؤلاء، فيطلبوا انتظاره، والزمن يمر سريعاً، وقد يأتي من فيه إحدى الصفات التي حددوها، ومن ثم يوافق عليه، فيتزوج، ثم لا تستقيم الأحوال، فترجع إلى بيت أهلها مطلقة.
ثم تتعنت بعض النساء وتطلب مستحيلاً، والضحية هي تلك البنت التي لا زوج لها، ومن كان زمامها بيده من النساء مع زوجها آمنة مستقرة هادئة البال مرتاحة الضمير، ولو قيل لها، وطلب منها الإسراع في تزويج هذه البنت؛ لقالت: العجلة مذمومة، ليس هناك داع للعجلة، والضحية هي تلك الزهرة التي قد تصبح هشيماً، قبل أن يأتي من يقطفها.
فالمرأة ضعيفة، وهي محتاجة إلى قوامة الرجل وبعد نظره؛ قال تعالى: الرجال قوامون على النساء ... .. [النساء:34].
1 رواه البخارى .
2 رواه البخارى . ... ... ...
... ... ...
الخطبة الثانية ... ... ...
الحمد لله الذي بدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها المسلمون!
اتقوا الله تعالى، وأحسنوا؛ إن الله يحب المحسنين.
عباد الله!
ومن التصرفات الخاطئة لبعض الأولياء، والتي هي سبب في تأخر بعض الفتيات عن الزواج إلى أن يتقدم بهن العمر: تعنت بعض الأولياء الظلمة، ورد الأكفاء، وهذا يرجع في نظري إلى أمرين:
الأول: طمع هذا الولي في مال ابنته أو أخته إن كانت ذات مال؛ كأن تكون موظفة مثلا، فيعلم أنها إذا تزوجت؛ فقد ذلك المال؛ لذلك نسمع أحياناً من يزوج ابنته ويشترط جزء من مرتبها.
فيا سبحان الله! كيف يجرؤ إنسان مؤمن يعلم فطرة المرأة وغريزتها ومع ذلك يمنعها من الزواج ليستفيد من مالها، هي تكدح وهو يأخذ ويتفكه وقد حكم عليها بالسجن المؤبد إلى أن يأذن الله بالفرج؟!
الأمر الثاني: هو طلب وليها مهراً خيالياً، وهذه عقبة كؤد، جعلت كثيراً من الفتيات مخدرات في البيوت، وكثير من الشباب عزفوا عن الزواج بسبب ذلك العنت؛ فخير الأزواج عند ذلك الولي هو من يدفع أكثر، مهما كان التزامه، ومهما كانت أخلاقه، حتى صار الزواج عند بعض الشباب من الأمور المستحيلة أو الشاقة؛ إلا بديون تثقل كاهل الشباب، ولا يجد لها وفاءً.
فينبغي لمن يفعل هذا من الأولياء أن يفكر ملياً: هل البنت أصبحت سلعة كسائر السلع تدخل مزاداً علنياً؟! كلا؛ هي أكرم من ذلك.
ومع ذلك يتعذر البعض بأن ابن فلان بلغ من الكبر عتياً ولم يتزوج أو أنه تزوج أجنبية، ولكن لم يفكر أن فعله هذا هو الذي حدا بابن فلان أن يفعل ذلك الفعل، ولو عقلوا؛ لذهب الواحد منهم يبحث عن كفء لابنته، وليكن لهم قدوة في سلفنا الصالح:
فعمر الفاروق أمير المؤمنين لما أراد أن يزوج ابنته حفصة، عرضها على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان؛ لعلمه بصلاحهما.
أما علم أولئك الأولياء أن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة؟!
أما علموا أنهم سيسألون عن هذه الأمانة؟!
أنزعت الرحمة من قلوبهم، ولا تنزع الرحمة إلا من شقي؟!
عباد الله!
ولقد حدثني من به أثق أن فتاة بلغت الأربعين أو قاربت ولم تتزوج، وأخواتها يقاربنها في السن، كذلك حدثني أنها رأت طفلاً تحمله أمه، فذرفت الدموع من عينيها، وهي تشتكي إلى الله ما فعل بها أقرب الناس إليها؛ حيث منعها من أداء رسالتها، وحكم عليها بالسجن داخل بيته حتى أيست.
عباد الله!
قال الرسول : ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فأنكحوه، إلا تفعلوا؛ تكن فتنة في الأرض وفساد كبير))3.
لنتساءل - عباد الله! - ما هذا الفساد والفتنة؟!
إن هذا الفساد يحدث إذا منعت المرأة من كفئها؛ فكيف إذا منعت بتاتا؟!
واليوم كثرت المغريات والمثيرات؛ فصور تثير الغرائز، وأفلام وقصص وأغاني تفجر بركان الجنس، وخلوات وخدم وسائقين ومغريات أخر؛ فرحمة بالفتيات والشباب يا أولياء أمور النساء! خذوا على أيديهم واقتادوهم إلى حيث الصلاح.
عباد الله!
والله؛ إن المسلم إذا رأى هذه المغريات، ورأى هذه التصرفات الفتاكة بمجتمعنا، يعتصر قلبه، وما تكلمت عن هذا الموضوع إلا نتيجة شكاوى متعددة وطلب مساعدات مالية من كثير من الشباب ممن حافظوا على أنفسهم.
فكل مسلم مطالب بإيجاد حل لهذه المشكلة العصيبة؛ فوالد الفتيات عليه أن يبحث عن الكفاءة ويخفف المهور، وصاحب الأقمشة وبائع الكماليات مطالبون بالمساعدة بالمال أو بالتخفيض من أسعار السلع لحديثي الزواج، وصاحب السكن مطالب بتخفيض الأجرة، حتى يكون مجتمعنا كما قال الرسول : ((كالبنيان يشد بعضه بعضاً))4.
اللهم! هل بلغت؟ اللهم! فاشهد.
اللهم! اهدنا، ويسر الهدى لنا، وأصلح ذرياتنا وبناتنا.
اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
اللهم! اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم! أغثنا.
ربنا! لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً؛ يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر؛ إنك سميع الدعاء.
عباد الله!
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [النحل:90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
3الحديث: ((اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد)) قالوا: يا رسول الله وان كان فيه قال: ((اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه)) ثلاث مرات.
4 اخرجه الترمذى في (النكاح، حديث رقم 1085) من حديث أبى حاتم المزنى رضى الله عنه وهو حديث حسن. ... ... ...
ـــــــــــــــ(61/51)
موسوعة الخطب والدروس - (ج / ص 1)
دفاع عن المرأة
المرأة اليوم مهضومة من المسلمين لا من الإسلام؟
نعم، لأن المسلمين لم يطبقوا أحكام الإسلام، فلم يراعوا حقوقها، بل ربما عاملوها بعكس ما هو لها، كما هو الحال في مسألة الميراث، والناظر في حال سلف الأمة يرى أن الإسلام هو الذي أعطاها حقها، ورفع مكانتها، والمرأة هي التي أنجبت خالداً وعلياً وعمر وغيرهم من الرجال الأبطال.
والواجب على كل مسلم أن يعي ويعرف حقوق المرأة، سواء كانت بنتاً أوأماً أو أختاً.
أسباب الحديث عن المرأة ...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بَعْد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عنوان هذا الدرس: (دفاع عن المرأة) وعندي ثلاث قضايا قبل أن أبدأ في الموضوع:
الأولى: أعلن لكم هذه الليلة كالليالي التي خلت حبي لكم في الله، فأشهد الله وحملة عرشه وملائكته ثم المؤمنين أني أحبكم في الله حباً صادقاً، أسأل الله أن ينفعني وإياكم بهذا الحب، وأن يجمعنا وإياكم في دار الكرامة، وفي مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر.
الثانية: أرحب بأصحاب الفضيلة المشايخ الذين شرفونا بالحضور في هذه الليلة، وكنا ننتظرهم وننتظر غيرهم كثيراً، وإني أرى أن من المسائل التي تنقص المنطقة: عدم مشاركة العلماء والمشايخ والقضاة الندوات والدروس والمحاضرات، وقد رأيت عالم البلاد بل عالم الأمة الإسلامية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وهو يحضر الندوات مع علماء الرياض
، ويشيد بطلبة العلم ولو كانوا مبتدئين ويشد من أزرهم؛ لأن هذا جهاد، ومرابطة المجاهدين على الصبر مطلبٌ شرعي، ورأيت كذلك علماء القصيم ، فإذا هم يحضرون الندوات والمحاضرات لا يغادرون منها شيئاً، فما حقنا إلا أن نحضر وأن نبارك جهد المقل والمقصر، وفي هذا إغاظة للمرتدين والمنافقين، وفي هذا إظهار لعظمة الإسلام والمسلمين، وإظهار للتكاتف والتعاون على البر والتقوى.
أما عنوان هذا الدرس (دفاع عن المرأة) فله سبب.
الثالثة: وقبل أن أبدأ اسمحوا لي أن أقرأ رسالة عاجلة، وإن شئتم سموها برقية مستعجلة.
إلى أخواتي وبناتي في المدرسة التاسعة عشرة الابتدائية (بأبها ) السلام عليكن ورحمة الله وبركاته، وحماكن الله وستركن، وحفظكن في الدنيا والآخرة.
وبعد:
ربما أسيء فهم ما قلته في درس (بريد المستمعين) عن المدرسة التاسعة عشرة، وربما كان من تدبير المولى جلت قدرته، أن ينشر فضائل الفضلاء والفاضلات عن طريق النقد، قال أبو تمام :
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسودِ
لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العودِ
وإني أعلم أن هذه المدرسة بالذات فيها ما يقارب عشرين مدرسة كافلات أيتام، وداعيات متحجبات، وكريمات حشيمات:
حور حرائر ما هممن بريبة كظباء مكة صيدهن حرام
وإني أعد تكلم النساء عن قضاياهن من الواجب الشرعي، وإني أدافع أنا وأمثالي عنهن بدمائنا وجماجمنا وأرواحنا، وقد حملني ما وقع في درس (بريد المستمعين) إلى أن ألقي هذا الدرس بعنوان (دفاع عن المرأة) وإنني أهدي من هذا الدرس خمسمائة شريط للابتدائية التاسعة عشرة مع السلام والتحية، فليست مشكلة المسجد عندهن فحسب، بل عند كثير من المدارس، ومن نعمة الله عز وجل أن رزقني بأربع بنات وأنا بهن سعيد، أسأل الله لهن ولجميع بنات المسلمين الصلاح والسداد والحفظ والرعاية.
أما الجمعية الخيرية النسائية بأبها فلا أزال على تخوفي وتحفظي أنا وطلبة العلم والدعاة والمشايخ، وأخذاً بالحديث: {فر من المجذوم فرارك من الأسد }.
وأشارك الشاعر -في إصراره لا في أفكاره- فأصر على ما قلت في السبت الماضي نحو الجمعية النسائية الخيرية كإصرار الشاعر لا كفكره يوم يقول:
أتوب إليك يا رحمان مما جنت نفسي فقد كثرت ذنوب
وأما عن هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوبُ
أما أسباب هذا الدرس فثلاثة أسباب:
الأول: لأن المرأة أصبحت طريقاً للغزو ونافذة للتأثير الحضاري، وأصبحت لعبة بيد المهرجين والمروجين ينفذون منها إلى قعر دار الإسلام.
الثاني: اتهام الإسلام من قبل أعدائه بأنه حجر على المرأة حقوق المشاركة، وحجمها، وقلص دورها في الحياة الدنيا، وأنه سبب تعاستها! أتعسهم الله!
الثالث: تقصير كثير من الناس في حقوق المرأة، والتهاون بشأنها الخطير، ومكانتها السامقة التي أنزلها بها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.......
المرأة في الكتاب والسنة ...
يقول المولى جلت قدرته وهو يذكر الناس بتقواه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].
وقال جلت قدرته: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13].
وقال جل وعلا: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189].
قال بعض أهل التفسير: وخلق منها زوجها: حواء خُلقت من ضلع آدم، وقال غيره: بل كل زوجٍ من أصل الزوج الآخر ليسكن بعضهم إلى بعض، وسمى الله الأزواج سكناً ولباساً؛ لأنهن سترٌ في الدنيا والآخرة.......
معاملة الرسول للنساء ...
حثَّ عليه الصلاة السلام على الرحمة بالمرأة ودافع عنها، وهو الذي أعلن حقوقها حتى يوم عرفة ، يوم وقف أمامه مائة وأربعة عشر ألفاً، فأوصى بهن عليه الصلاة والسلام، وقد رزقه الله أربع بنات، وأحيا الله بناته حتى رآهن، وزوجهن ودفن بعضهن، وكان يبدأ بهن قبل أن يسافر، ويبدأ بهن إذا وصل من السفر، من حبه لهن عليه الصلاة والسلام.
وكان يقول كما في الحديث الصحيح: {إن المرأة خلقت من ضلع } وقال ابن عباس : [[من ضلع آدم ]] وقد روى أحمد والترمذي عن عائشة رضي الله عنها، ورواه البزار وأبو عوانة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنما النساء شقائق الرجال } حديث حسن، والمعنى: أن المرأة شقيقة الرجل، وأنها نصف المجتمع، وأنها المؤدية للرسالة في بنات جنسها، والمرأة عندنا أم، وزوجة، وبنتٌ، وأختٌ، ومعلمةٌ، ومربيةٌ، وداعيةٌ، قال سبحانه وهو يتفضل على عباده بالعمل الصالح: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب:35].
فذكر الله أفعال الخير حتى ختم الآية، ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة آل عمران حين ذكر الدعاة والمجاهدين والعاملين والمهاجرين: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71].
فهناك حزب المؤمنين والمؤمنات، وهناك حزب المنافقين والمنافقات، وهناك لواء المسلمين والمسلمات، وهناك لواء المشركين والمشركات، وقال عليه الصلاة والسلام وهو يوصي الأمة بالرحمة بهذه المرأة الضعيفة: {إنهن عوان عندكم } وفي لفظ: {الله الله في النساء؛ فإنهن عوان عندكم } قال أهل غريب اللغة: عوان: أسيرات، فالمرأة أسيرة ووجب على المسلم أن يرحمها ويقدرها ويحترمها، وصح عنه عليه الصلاة والسلام عند أبي داود وغيره أنه قال: {خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي } فخير الناس لأهله محمد عليه الصلاة والسلام، قالوا لعائشة : {كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليكن؟ قالت: كان يدخل ضحاكاً بساماً } فكان يضحك صلى الله عليه وسلم مع أن المشاكل التي تطوف بأمته والحوادث التي تستقر على رأسه لو وضعت على كثيرٍ من البشرية لما استطاعوا حملها.
في صحيح البخاري في كتاب الأدب قال زيد بن ثابت :[[من السنة المزاح مع الأهل، والوقار خارج البيت ]] فبعض الناس عكس الآية، مزاحاً ضحاكاً مع زملائه وأصدقائه، وقطوباً عبوساً مع أهله في بيته.
المرأة عند أهل الشعر والحكمة ...
قال بعض الشعراء المسلمين عن المرأة:
سلامٌ أيها الأم الحنون ويا أم الرجال لك الشجون
فأنت ولودة الأبطال يُحمى عفافك بالجماجم لا يهون
معنى البيت: أننا نقدم الجماجم عن أعراضنا وعن بناتنا، وما أظن أحداً سوف يتأخر إذا رأى أن بناته وأخواته سواء في المدارس أو الجامعات، أو المستشفيات يُمس أعراضهن، ولا حيَّا الله الحياة، ولا أسعد الله الدنيا إذا لم تجر في عروقنا حمية المحافظة على البنات والأخوات، كما يقول شاعرنا:
نحن وجه الشمس إسلامٌ وقوه نسبٌ حرٌ ومجدٌ وفتوه
كربٌ عمي وقحطان أبي وهبوا لي المجد من تلك الأبوه
نحن أسد الله في وجه الردى قد وضعنا الكفر في سبعين هوه
والسيوف البيض في وجه الردى يوم ضرب الهام من دون النبوه
وقال أديبٌ عصري يدافع عن المرأة أمام الحضارة الزائفة المزعومة:
أخرجوها من العفاف إلى السو ق وشقوا جلبابها بالمحاجر
جعلوها على المجلات رمزاً للهراء المفضوح في كف فاجر
وادعوا أنهم بها حرروا الجيل وقد مزقوا الحيا بالخناجر
وقد سلف أن كاتباً يسمى الغريافي قبل عشر سنوات كتب قصيدة (مزقيه): ورددت عليه بقصيدة منها:
حين نادى يا بنة الإسلام خدرك مزقيه
دخل أحد الحكماء على ملكٍ من الملوك، فوجد طفلة الملك جالسة عند الملك، فقال الملك: سمعت أن الناس يقولون: إن البنات يقربن البعيد ويبعدن القريب ويقطعن الأرحام، فقال الحكيم: كلا أيها الملك! والله إنهن رياحين القلوب، أتين بالرجال.
أي: إن الرجال من النساء، من أين أتى خالد بن الوليد وعمر وصلاح الدين ونور الدين وعمر بن عبد العزيز ؟ من النساء، فهن قد أتين بالرجال، وحملن بالأبطال، دررٌ مكنونة، ومطارف مصونة، يقمن على المريض، ويذكرن الميت، رحيمات بالأولاد، خدومات للأجداد، حجابٌ عن النار وكنزٌ في الدار.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من عال جاريتين فرباهن وأحسن إليهن وزوجهن كن له حجاباً من النار }.
فالحجاب من النار تربية البنات في البيت على تعاليم الكتاب والسنة، ولذلك قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9].
وكان أبو بكر الصديق يقرأ في قراءته وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9].
وأول من رفع وأد البنات: محمد عليه الصلاة والسلام، وسوف يسأل الله عز وجل من وأدهن في الجاهلية.
وعندنا وأدٌ من نوعٍ آخر، فإن الجاهلين كانوا يذبحون الفتاة الطفلة ذبحاً، وينكسونها على وجهها، ونحن في مجتمعات العالم الآن الذي لا يتحاكم إلى الكتاب والسنة، يذبحون عفافها ودينها وحجابها ومكانتها وطهرها، يريدونها عارضة أزياء، ومروجة أحذية، وورقة دعاية في المؤسسات والشركات والمحلات، فحسبنا الله ونعم الوكيل! أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].
قال أبو الطيب المتنبي وهو يرثي أم سيف الدولة :
فلو كان النساء كمن عرفنا لفضلت النساء على الرجالِ
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخرٌ للهلالِ
يقول: لو كانت النساء مثل أمك يا سيف الدولة ! لفضلت النساء على الرجال، فليس بعيبٍ أن تسمى فاطمة أو عائشة أو زينب أو أسماء أو خديجة فإن الشمس مؤنث وهي أحسن من الهلال، والهلال مذكر، وفي الرجال من لا يساوي قلامة ظفرٍ من امرأة، وفي النساء من تساوي ألف رجل، والواقع والتاريخ يشهد لذلك، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطلاق:3].
وضع المرأة في المجتمعات المعاصرة ...
لماذا نهتم بالمرأة؟
لماذا ندافع عن المرأة؟
لأنها مظلومة، ظلمت من المجتمع الجاهلي الوثني الشركي في الجزيرة العربية
، فحرموها الميراث والرأي، وجعلوها عقيماً عن حمل المبادئ، واستخفوا بها حتى عاملوها كما عاملتها الحضارة الغربية والثقافة المادية تماماً -ذكر ذلك أبو الحسن الندوي في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين - فأي مصيبة دهماء لا يعلمها إلا الله حلّت بالمرأة في جاهليتها المعاصرة؟!
وهي مظلومة من الوضع الكافر الذي نعيشه الآن، يوم أخرج المرأة بعد الحرب العالمية الثانية لتقود الدبابة، وتكون طيارة، وتأخذ السلاح، وتحمل الكلاشنكوف تصارع الأبطال والكتائب، وتقاتل في ساحة المعركة، وتكون جندية مرور، إنها والله أمور تدل على أنهم ما قدَّروا المرأة حق قدرها، وأنهم خذلوها في أعظم شيء تملكه، وهو العفاف والطهر والحياء.
والمرأة مظلومة من بعض الآباء، فإن كثيراً من الآباء لا يعرفون قدر المرأة فلا يستشيرونها، ولا يعتبرون رأيها، ومنهم من كان حجر عثرة في زواج ابنته، فإذا تقدم الكفء رفضه برأيه هو لا برأيها، حتى تعيش العنوسة والأسى.
وهي مظلومة أيضاً من بعض الأزواج فهو يتعامل معها كأنها دابة في البيت، لا احترام لها، ولا رحمة، ولا سماع رأي، ولا مناقشة بالتي هي أحسن، ولا إعطاء حقوق، وإنما يراها أنها من صنفٍ آخر، ويتعامل معها بفظاظة وغلظة، وسوف يأتي شيء من ذلك.
الله عز وجل يدافع عن المرأة، لأن المرأة من المسلمين المؤمنين، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38].
فالذي يدافع عن المرأة أولاً؛ هو رب العزة والجلال.. الله رب العالمين!
والرسول عليه الصلاة والسلام يدافع عن المرأة، فقد أعطاها حقوقها، وسن لها صلى الله عليه وسلم ما لها من حق في كثيرٍ من المناسبات.......
جواز التكني بأسماء البنات ...
عندما جهل المجتمع الفقه في الدين -اسمع ماذا حدث حتى في مجتمعاتنا المبسطةوالتي هي قريبة من الفطرة ومن الكتاب والسنة- يقولون في المجالس إذا ذكروا المرأة: المرأة أكرمكم الله!
المرأة كرامة بذاتها وهبة من الله وعطية منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للإنسانية، لكن هذا الجاهل وهذا الأحمق يظن أنه إذا ذكر المرأة فإنه قد دنس الأسماع أو المجلس، فيقول: المرأة أكرمكم الله!!وهذه كلمة خاطئة حرامٌ أن تنطق وأن تقال، وعلى من حضر المجلس وسمع هذا أن ينكر بأشد الإنكار ويقول: لا تذكروا المرأة بهذا التعريض المشين فإنها كريمة محترمة، ولا بأس أن يذكر اسمها (كما سوف يأتي).
ـــــــــــــــ(61/52)
ـــــــــــــــ
موسوعة الخطب والدروس - (ج / ص 1)
مبارك للعروسين
الكاتب: فايز بن سالم السهلي الحربي
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد أيها الأخ المبارك هذه وصايا أزفها إليك ، قطفتها من معين الكتاب والسنة ومن هدي سلف الأمة. وصايا لمن أراد الزواج ، جمعت فيها من الآيات ، ومن الأحاديث أصحها ، ومن الأبيات أعذبها ، ومن المواعظ أرقها ، أردت بها نصح أمتي ، هذه الأمة المباركة ، ليتبصر بها من أراد الزواج ، ويستنير بها من أراد النصح والإرشاد.
فهي وصايا موجزة ، ولمحات خاطفة ، وهدايا متواضعة ، لك أيها القارئ صفاؤها ، وعليَّ كدرها ، ولك غنمها وعليَّ غرمها.
وأخيراً ، فما كان صواباً فمن الله ، وما كان من خطأ أو زلل فمن نفسي والشيطان ، واستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والمعصوم من عصمه الله.
فاللهم اكتب لي بها أجراً وضع عني بها وزراً ولا تحرمني أجرها.
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أخوك الناصح لك
فايز بن سالم السهلي الحربي
28/ 8/ 18 4 1 هـ
ص ب: 7201 جدة 21462
نعم للزواج الشرعي ....... لا لحياة العزوبية
أخي المبارك..
اسمح لي بأن أهمس في أذنك بحديث يخصك ، نعم هو من شؤون حياتك وعلاقاتك الخاصة ، لكن لمَّا كان المسلم أخو المسلم لا يقف عن نصحه وإرشاده ، ولا يتردد في إنقاذه ما استطاع ، أريد أن أقول لك: لماذا تتأخر عن الزواج؟؟؟
لماذا تحرم نفسك الاستقرار؟؟؟
نعم أخي لقد حرمت نفسك من خير متاع الدنيا ، وكيف لا يكون الزواج من خير متاع الدنيا ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) يقول: « حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة » [صحيح الجامع: 3124]
وليت شعري أرضيت لنفسك العنوسة عن الزواج ، وأنت تعلم وتسمع قول الودود الرحيم سبحانه:-
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21].
نعم آيات لقوم يتفكرون في هذا الزواج الذي جعله الله سكناً ومودة ومحبة ورحمة ، فيا الله كم من المودة والمحبة والألفة والرحمة التي تكون في قلب كلا الزوجين ، ألم تر إلى الفتاة تكون في بيت أبيها لا تريد الخروج منه ، ثم ما أن تدخل بيت زوجها وتبدأ بينهما المودة والرحمة حتى يكون هذا العش الجديد السعيد أحب إليها من بيت أبيها.
ثم أخي ألم تسمع إلى قدوتنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) حين نادى الشباب إلى الزواج وحثهم عليه فقال: « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء » [صحيح ابن ماجه: 1495] وكيف أيها المحب لو علمت أن المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عاتب من عزف عن الزواج من أجل التعبد فضلاً عن ما يدّعيه بعض الشباب والفتيات من إكمال الدراسة ونيل الشهادات العليا ، فعن أنس -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال بعضهم لا أتزوج ، وقال بعضهم أصلي ولا أنام ، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر. فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: « ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ، لكني أصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني » [صحيح النسائي: 3016]
وقد يزداد الأمر سوء حينما يكون هذا العزوف من فتاة شابة وما ذلك إلا لإكمال الدراسات العليا وأخذ الوظيفة المثلى أو الحصول على فتى الأحلام الذي رسمته لنفسها ، إمَّا عن طريق أضغاث أحلام أو صور أفلام الغرام.
و ما تكون اليقظة منها إلا عندما يفوتها القطار أو بذهاب ريعان الشباب ، فكم نقرأ بين الحين والآخر في الصحف اليومية أو المجلات الدورية صرخات امرأة تقول:-
** خذوا شهاداتي ومعطفي وكل مراجعي ، وأسمعوني كلمة ماما
قالت إحداهن والبكاء يقطع أحشاءها:
لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة فقد قيل ، فما نالني من مقالها ..
فقل للتي كانت ترى فيَّ قدوة هي اليوم بين الناس يرثى لحالها ....
وكل مناها بعض طفل تضمه فهل ممكن أن تشتريه بمالها ....
أختاه ولو أن المرء منا يدرك ما يتمنى لقلت لك امض على ما تودين أن يكون لك ، لكن كما قال الشاعر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فإن الصغير يكبر ، والجديد يقدم ويبلى ، والعمر يمضي ، والشيخوخة تقبل.
فاحذري أختي المسلمة حتى لا تقعي في شباك العنوسة ، وتندمي حين لا ينفع الندم.
وأخيراً أدعوك أخي الشاب وأختي الشابة أن نقول معاً بقلب قانع وصدر منشرح ، وعقل متزن:
نعم للزواج الشرعي..... لا لحياة العزوبية
من فوائد الزواج :
كم في الزواج من فوائد غفل عنها كثير من المسلمين ومنها:-
1- البعد عن الوقوع في الفواحش والمنكرات التي حرمها الله عز وجل ، فإن الشاب تتهيج غريزته مع فوران شبابه وطيشه فيكون عندها على خطر مقحم بل على استعدادٍ أن يقع في شباك الرذيلة والدعارة -إلا من رحم الله- فإذا تزوج أمن بإذن الله من ذلك ونجا بنفسه. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي » [صحيح الجامع: 6148]
2- الزواج مجلبةٌ للمال والرزق الحلال:
قد تقول وكيف يكون ذلك ومع الزواج تزداد المصاريف والنفقات ، مأكل ومشرب وإيجار منزل وغير ذلك مما يقصم الظهر ولا أستطيع حمله فكيف يكون الزواج مجلبة للمال.
أقول لك رويداً أيها المؤمن بقضاء الله وقدره ، واسمع إلى ما يقوِّي إيمانك ويهدئ من روعك.
قال الله عز وجل: { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32]
قال ابن عباس (رضي الله عنهما): " رغبهم في التزويج وأمرهم به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله" .
ولعلّي أن أهديك هذا الحديث المطمئن لقلبك والشادِّ لأسرك وهو قوله (عليه الصلاة والسلام): « ثلاثة حق على الله تعالى عونهم: المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف » [صحيح الجامع: 3050]
3- تكثير أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فبالكثرة تقوى الأمة وتهاب بين الأمم وتكتفي بذاتها عن غيرها إذا استعملت طاقتها فيما وجهها إليه الشرع المطهر. إضافة إلى تحقيق مباهاة النبي (صلى الله عليه وسلم) القائل: « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم » [صحيح الترغيب: 1921]
وهناك الكثير الكثير من فوائد الزواج غير أني لم أذكرها مخافة الإطالة والسآمة عليك
راض بالقليل من غير عدلٍ علَّ القليل يرضي ويقنع
قبل الدخول في عش الزوجية..
هذه وصايا ونصائح إليك أخي قبل دخولك في عش السعادة والمودة ، عش الزوجية.......
أولاً: من هي زوجتك.....؟!
من هي الزوجة التي ستكون لك أنساً ومودةً ورحمة..؟!
من الزوجة التي ستكون حاملةً لهمومك وغمومك..؟!
من الزوجة التي ستكون أمينة سرك وحافظة عهدك..؟!
من الزوجة التي ستكون أمَّا وراعية لفلذات كبدك..؟!
من الزوجة التي ستكون معك فيما بقي من حياتك أو حياتها.؟ نعم إنها أسئلة تدور في أذن كل شاب يريد أن يبني بيته وعشه الذي يتمنى أن يكون عشاً عامراً بالسعادة والمحبة ولذيذ العيش.
حقاً لك أن تسأل هذه الأسئلة...
إليك هذا الدواء الشافي الكافي في باقةٍ عبقة قالها المصطفى (صلى الله عليه وسلم):
روى البخاري ومسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:« تنكح المرأة لأربع لمالها , ولحسبها ولجمالها , ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك » [صحيح الجامع: 3003]
فهل علمت من هي زوجتك التي تختار..!!
كلاَّ إنها ليست الغنية كثيرة المال ، وليست الجميلة الحسناء ، وليست صاحبة النسب العالي.
كلاَّ أخي كلاَّ..
فالغنى بلا دين ضياعٌ ومذلة
والجمال بلا دين تكبرٌ وفساد
والنسب بلا دين سرابٌ وزوال
وكم من الذين تعرفهم ونعرفهم بحثوا عن الغنى والجمال والحسب والنسب ولكنهم بعد فترة من الزمن انقلبوا خاسرين لحياتهم الزوجية.
وكم من الذين تزوجوا من ذات الدين فجمعوا السعادة تحت أطناب بيوتهم
من خير ما يتخذ الإنسان في دنياه كيما يستقيم دينه
قلبٌ شكورٌ ولسانٌ ذاكرٌ وزوجةٌ صالحةٌ تعينه
فهل علمت من هي الزوجة التي تختار؟؟
أخي وكما أن الزوج يبحث عن الزوجة الصالحة ومطالب بها ، فإنه يجب على وليِّ أمر المرأة أن يحسن اختيار الرجل المناسب لموليته.
وإنه لمن المؤسف أن يستحوذ السؤال عن المنصب والمكانة والوظيفة على ذهن الوليِّ ويتناسى الدين الذي لا يجوز التنازل عنه البتة. وليس اهتمامه بالأمور الأخرى مضر إلا إذا اقتصر عليها وتنازل عن رأس الأمر كله وهو الدين ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاَّ تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير » [غاية المرام: 219]
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله..
عن أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها فأجاب:.
(أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلق ، لأنَّ صاحب الدين والخلق لا تفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان ثمَّ إنَّ صاحب الدين والخلق يكون مبارك عليها وعلى ذريتها تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة أو من عرف بشرب الخمر والعياذ بالله ، أمَّا الذين لا يصلون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ولاهم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين. أما النسب فإن حصل فهذا أولى لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه » [إرواء الغليل: 1868], ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل).
وسأل رجلٌ ((الحسن البصري)) فقال: يا إمام عندي ابنة فلمن أزوجها ، فقال له: (زوجها التقي فإنَّه إن أمسكها برَّها وإن طلَّقها لم يضرَّها).
ثانيا: رؤيتك للمخطوبة...
.... « فإنَّه أحرى أن يؤدم بينهما »..
سئل سماحة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- عن عدم رؤية الزوج للمرأة قبل الدخول عليها ، وما هو تعليقه حول هذا الموضوع؟
فأجاب:-
(( لاشك أنَّ عدم رؤية الزوج للمرأة قبل النكاح ، قد يكون من أسباب الطلاق ، إذا وجدها خلاف ما وصفت له ، ولهذا شرع الله- سبحانه- للزوج أن يرى المرأة قبل الزواج ، حيث أمكن ذلك ، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): « إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، فإنَّ ذلك أحرى إلى أن يؤدم بينهما » ..
وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه خطب امرأة ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): « انظر إليها فإنَّه أحرى أن يؤدم بينكما » [صحيح الترمذي: 868]
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً ذكر لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنَّه خطب امرأة ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « أنظرت إليها؟ » [غاية المرام: 211]
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على شرعية النظر للمخطوبة قبل النكاح ، لأن ذلك أقرب إلى التوفيق وحسن العاقبة.
وهذا من محاسن الشريعة ، التي جاءت بكلِّ ما فيه صلاحٌ للعباد ، وسعادةٌ للمجتمع في العاجل والآجل ، فسبحان الذي شرعها وأحكمها! وجعلها كسفينة نوح ، من ثبت عليها نجا ومن خرج عنها هلك )).
أعلمت أخي فوائد النظر إلى المخطوبة قبل النكاح وكيف يجمع المودة بين الزوجين بعد الزواج ، ويكفيك أيها المسلم أن تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حثَّ على ذلك ورغَّب فيه ولكن يجب أن تعلم أنَّ النظر إلى المخطوبة لا يعني الخلوِّ بها والاجتماع بها عند غير أهلها أو المقابلة في الحدائق والمنتزهات أو الحديث عبر سماعة الهاتف ساعات تلو الساعات كلاَّ ثم كلاَّ لأنَّ مثل هذا دعوة للرذيلة والفاحشة وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لا يخلونَّ رجلٌ بامرأة فإنَّ الشيطان ثالثهما » [مشكاة المصابيح: 3054]
ولك أن تتخيل حال رجل وامرأة التقيا على غير طريقة شرعية وكان الشيطان ثالثهما يأزهما إلى الحرام أزاً.
وبهذا نعلم خطأ الذين يجعلون من أيام الخطبة أيام للخلوِّ والنزهة ولربما للسفر والمتعة.
يقول ابن قدامة في كتابه المغني (ولا يجوز للخاطب الخلوة بالمخطوبة لأنَّها محرَّمة ، ولم يرد الشرع بغير النظر ، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور)
يزعم الذين انحرف بهم المسار عن دين الله وشرعه أنَّ مصاحبة الخاطب للمخطوبة ، والخلوة بها ، والسفر معها ، أمرٌ لابد منه لأنَّه يؤدي إلى تعرّف كلاً من الخاطبين إلى صاحبه.
من نظر في مسيرة الغرب في هذه المسألة وجد أنَّ سبيلهم لم يؤد التعارف والتآلف بين الخاطبين ، فكثيراً ما يهجر الخاطب خطيبته ، بعد أن يفقدها شرفها ، وقد يتركها ، ويترك في رحمها جنيناً تشقى به وحدها ، وقد ترميه من رحمها من غير رحمةٍ حتى الذين توصلهم الخطبة إلى الزواج كثيراً ما يكتشف كلٌ من الزوجين أنَّ تلك الخطبة الطويلة لم تكشف له الطرف الآخر. ذلك أنَّ كل واحد منهما كان يتكلف غير طباعه أثناء تلك الفترة حتى إذا استقر بهما المقام بالزواج عاد كل واحد منهما طباعه الحقيقية ، ولذلك يصاب كثير من الأزواج بصدمة بعد الزواج يشعر أنَّ الطرف الآخر قد مكر به.
والكشف عن أخلاق الطرف الآخر وطباعه يمكن التعرف عليها ممن جاوروا الفتاة وأهلها ، أومن عرفهم عن طريق الصداقة والقرابة.
فهل عرفت أخي المبارك كيف يكون النظر للمخطوبة على سنَّة خير الأنام (صلى الله عليه وسلم)؟.. إذا عرفت فالزم.
وأسأل الله أن يقرَّ عينك وييسر لك أمرك.
ثالثا:- لا تخطب على خطبة أخيك المسلم...
اعلم بارك الله فيك أنه لا يجوز لك أن تخطب على خطبة أخيك المسلم فقد نهاك المصطفى (صلى الله عليه وسلم) عن هذا فقال: « لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك » [إرواء الغليل: 1816]
فاحذر أيها الخاطب أن تخطب أو تهمس إلى امرأة قد خطبها رجلٌ قبلك حتى ينكح ، فتبارك له ، ويعوضك الله خيراً منها إن شاء الله ، وإن تركها فعند ذلك إن أردت خطبتها فتقدم لها واسأل الله التوفيق والصلاح.
رابعاً:- إياك ثم إياك...
إنَّ من الخطأ الجلل الذهاب إلى الكهَّان والعرَّافين والمنجَّمين وضاربي الودع والرمل من قبل الخاطب أو المخطوبة ، لمعرفة نجم الخاطب أو المخطوبة ، ولكشف سر هذا الزواج وما يحدث بعده ، فإن ذكر له أن فيه خير قدم على الزواج وإن كان العكس أحجم عنه. ونسي هؤلاء الجهلة دعاء الاستخارة الشرعية التي علمنا إيَّاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلِّم أصحابه دعاء الاستخارة كما يعلِّمهم السورة من القرآن. [صحيح أبي داود: 1361]
وفات أولئك الجهلة أنَّه لا يجوز الذهاب إلى السحرة والكهَّان والعرَّافين ، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « من أتى كاهناً أو عرَّافاً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد » [شرح الطحاوية: 768], وقال أيضا: « من أتى كاهنا فسأله عن شيءٍ لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة »
فاحذر أيها الأخ المبارك أن تتبع أهواء المضلِّين عن سبيل الله.
خامسا:- عادةٌ سيئةٌ منتشرة...
لا شك أيها الخاطب أنَّ العادات والتقاليد منها ما هو حسن ، وطيب, وموافق لهدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فهذا لا بأس به إن شاء الله. ومنها ما هو مخالفٌ لهدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فهذا معلوم حرمته عند من أراد النجاة يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون.
ومن هذه العادات المنتشرة بين بني الإسلام وللأسف هي:-
خاتم الخطبة (الدبلة):
وهي عادة من عادات النصارى القديمة ، حيث كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروسة اليسرى ، ويقول: باسم الأب ، فعلى رأس السبابة ويقول: باسم الابن ، فعلى رأس الوسطى ، فيقول: باسم روح القدس ، وأخيراً يضعه في البنصر -حيث يستقر- ويقول: آمين.
والعجيب أنَّ هناك من المسلمين من أصبح يقلِّدهم في لبس هذه الدبلة.
بل إنَّ بعض الناس يعتقد أنَّ أمر العقد مرتبط بهذه الدبلة ، فإن أبقاها بقيت زوجته ، وإن نزعها نزع زوجته من عصمته. ومنهم من إذا سألته: (هل أنت متزوج..؟) قال لك: (انظر إلى الدبلة إنَّها في اليسرى). والآخر يقول لك: (انظر إلى الدبلة إنَّها في اليمنى فأنا خاطب).
فقل لي من أين أتوا بهذه الدبلة والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: « من تشبَّه بقوم فهو منهم » [صحيح الجامع: 6149] ونهى أن نحدث في دين الله ما لم يشرع فقال: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » [صحيح ابن ماجه: 14]
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-:- ما حكم لبس ما يسمى بالدبلة في اليد اليمنى للخاطب واليسرى للمتزوج ، علماً أنَّ هذه الدبلة من غير الذهب؟
فأجاب: ( لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع ، والأولى ترك ذلك سواء كانت من الفضة أو غيرها لكن إذا كانت من الذهب فهي حرام على الرجل لأنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) نهى عن التختم بالذهب ) [صحيح الجامع:6869]
خير الصداق أيسره
سئلت عائشة كم كان صداق نساء النبي (صلى الله عليه وسلم), قالت: "صداقه في أزواجه اثنتي عشرة أوقيه ونشا , هل تدري ما النش؟ هو نصف أوقية وذلك خمس مائة درهم" [صحيح ابن ماجه:1531]
وعن أبي العجفاء ، واسمه هرم بن نسيب ، قال: سمعت عمر يقول: ((لا تغلوا صداق النساء فإنَّها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ما أصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته ، أكثر من اثنتي عشرة أوقية)).
وكما هو معروف ، الأوقية أربعون درهم ، والدرهم الإسلامي مقداره ربع ريال سعودي ، فخمسمائة درهم مجموعها مائة ريال سعودي فضة وخمسة وعشرون ريالاً. هذا هو مقدار صداق الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأزواجه وبناته.
والله سبحانه يقول:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [الأحزاب: 21]
فالمغالاة في الصداق ليست مكرمة في الدنيا ، ولا تقوى في الآخرة ، بل إسراف والله لا يحب المسرفين.
وعن أنس -رضي الله عنه- أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم ) رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال ما هذا أو مه فقال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب, فقال: « بارك الله لك أولم ولو بشاة » [صحيح ابن ماجه: 1548]
هذا صداق عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- ، مع العلم أنَّه من أغنياء الصحابة ، والمراد بالنواة ، هي نواة التمر ، وقدَّرها بعض العلماء بربع دينار ، والدينار أربع أسباع جنيه سعودي ، وربع الدينار قيمته خمسة دراهم ، والدراهم الخمسة ، هي ريال وربع ريال سعودي من الفضة ، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.
وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خير الصداق أيسره» [صحيح الجامع: 3279].
فيا سبحان الله العظيم أين هذه الأمثلة العالية الرفيعة مما يسمع في هذا الزمن من التنافس في غلاء المهور ، وكسر ظهور الشباب الذين يريدون الزواج من أجل العفاف؟
رجلٌ يطلب لابنته مهراً بمئات الآلاف ، وآخر يشترط لنفسه سيارة أو منزلاً ، وغيرها من الشروط التي تنفِّر الشاب من الزواج ، حتى إذا تزوج تحمَّل بالديون الثقال إلى سنين طوال بل إن بعضهم يبلغ ولده إلى سن الحلم وهو حتى الآن لم ينته من تلك الديون. والله المستعان.
وهذا سؤال أوجِّهه إلى كل وليِّ أمر ولاَّه الله رعاية أمة من إمائه فأقول:
هل تريد أن تكون حياة ابنتك بعد الزواج مع زوجها ، حياةً سعيدة ، بعيدةً عن هم الديون والفقر؟.
أم تريد أن تكون حياتها بعد الزواج مع زوجها ، حياةً ممتلئةً بالأحزان والهموم ، والمطالبة بالديون ، بل ربما حاول زوجها الانفصال عنها حتى يسدد الديون التي كانت من وراء زواجه منها؟
لاشك ولا ريب أنَّ الأب الحنون المؤمن بالله والسائر على سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يريد إلاَّ الحياة السعيدة المطمئنة ، لابنته ولزوجها.
فإذا كان هذا فاتبع هدي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) في صداق ابنتك وكن كما قال (صلى الله عليه وسلم): « يسِّروا ولا تعسِّروا » [صحيح الترغيب: 2674]
وإليك هذه القصة التي سجلها التاريخ ، وتحدث الناس بها ، إنها قصة ذلك العالم الجليل ، النقيِّ التقيِّ ، سيد التابعين ، وفقيه المدينة النبوية ، إنه سعيد بن المسيب (رحمه الله).
( قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته ، على درهمين لكثير بن أبي وداعة ، وكانت من أحسن النساء ، وأكثرهم أدباً ، وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ، وأعرفهم بحق الزوج ، وكان زوجها فقيراً فأرسل إليه خمسة آلاف ، وقيل بعشرين ألفاً وقال: استنفق هذه ، وقد كان عبد الملك خطبها لابنه الوليد فأبى سعيدٌ أن يزوجه بها ).
فرحم الله سعيد بن المسيب فإنَّه لم يزوِّج ابنته من أجل المال والرياء والسمعة ، وإنما زوجها من أجل الدين والستر والأخلاق الفاضلة والاستقامة ، وهكذا ينبغي أن يزوج الأولياء مولياتهم إن كانوا رجالاً مؤمنين ناصحين.
وقد سئل فضيلة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- ، فيمن يغالون في المهور ويطلبون عند تزويج بناتهم مبالغ كبيرة إضافةً إلى المشترطات الأخرى... فهل هذه الأموال حلال أم حرام؟(61/53)
فأجاب:- ( المشروع تخفيف المهر وتقليله وعدم المنافسة في ذلك عملاً بالأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك ، وتسهيلاً للزواج ، وحرصاً على عفة الشباب والفتيات ، ولا يجوز للأولياء اشتراط أموال لأنفسهم لأنه لاحق لهم في ذلك ، بل الحق للمرأة وحدها إلاَّ الأب خاصة فله أن يشترط مالا يضرّ بالبنت ولا يعيق تزويجها ، وإن ترك ذلك فهو خيرٌ له وأفضل ، وقد قال تعالى: { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32]
وقال (صلى الله عليه وسلم) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- : « خير الصداق أيسره » [صحيح الجامع: 3279].
وقال (صلى الله عليه وسلم) لمَّا أراد أن يزوج أحد أصحابه ، امرأةً وهبت نفسها له (صلى الله عليه وسلم): « التمس ولو خاتماً من حديد » فلمَّا لم يجد زوَّجه إيَّاها على أن يعلَّمها من القرآن سوراً عدّدها الخاطب. [صحيح أبي داود: 1856]
وكانت مهور نسائه (صلى الله عليه وسلم) خمسمائة درهم تعادل اليوم مائة وثلاثين ريالاً تقريباً. ومهور بناته أربعمائة درهم تعدل اليوم مائة ريال سعودي تقريباً ، وقد قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب من الآية: 21] وكلما كانت التكاليف أقل وأيسر سهل إعفاف الرجال والنساء وقلَّت الفواحش والمنكرات وكثرت الأمة.
وكلَّما عظمت التكاليف وتنافس الناس في المهور قلَّ الزواج وكثر السفاح وتعطل الشباب والفتيات إلاَّ من شاء الله.
فنصيحتي لجميع المسلمين في كلِّ مكان تيسير النكاح وتسهيله والتعاون في ذلك والحذر كل الحذر من المطالبة بالمهور الكثيرة والحذر أيضاً من التكاليف في الولائم والاكتفاء بالوليمة الشرعية التي لا تكلِّف الزوجين كثيراً أصلح الله حال المسلمين جميعاً ووفقهم للتمسك بالسنة في كلِّ شيء.
في صالة الأفراح
لا شك أن للزواج فرحته وبهجته ، وللزواج قيمته ونعمته ، وقد جاءت الشريعة الغرَّاء المطهرة لتقرير هذه الحقيقة ولتجعل من ليلة الزفاف ليلة سعادةٍ وأنسٍ ومحبة ، في حدود ما سنَّه لنا خير المرسلين صلى الله عليه وسلم.
فليس الإسلام الذي يمنعك من التمتع في ليلة عرسك وفرحتك. وليس الإسلام الذي يجعل من ليلة عرسك ، ليلةً جامعةً للأحزان.
وأيضاً...
ليس الإسلام الذي يبيح لك أن تقترف ما تشاء من المعاصي والآثام ، بحجة أن هذه هي ليلة الأفراح.
أخي إنَّ هذا الزواج قائم على أمر شرعي منذ التقدم للخطبة إلى أن يشهر الزواج بل وحتى بعد الزواج. فإذا علمت هذا بارك الله فيك فاعلم أيضاً أنَّ الوليمة التي تقام لهذا الزواج يجب أن تكون على ما يحبه الله ويرضاه ، حتى يبارك للعروسين في زواجهما وفي ذريتهما.
فإليك هذه الوصايا والنصائح من هدي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم- في وليمة العرس ، مع ذكر بعض المنكرات الواردة في هذا العصر داخل صالات الأفراح على سبيل الإيجاز لا الحصر والله المستعان:
أولاً: الدعوة إلى الوليمة...
من تدعو إلى حفل عرسك...؟
هل ستدعو الأغنياء والوجهاء.. وتنسى الفقراء والمساكين.. ولربما تقول لماذا أدعو الفقراء والمساكين ، وما الذي أستفيد وأرجو من ورائهم?
أقول لك تذكر قول حبيبك (صلى الله عليه وسلم) حينما قال: « شرّ الطعام طعام الوليمة , يدعى إليها الأغنياء ويترك المساكين , ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله » [صحيح الترغيب:2152]
فهل تريد أن يكون حفل عرسك من شرِّ الطعام.....
ولا تنس دعوة الصالحين من عباد الله أغنياءً كانوا أو فقراء فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « لا تصاحب إلاَّ مؤمناً ولا يأكل طعامك إلاَّ تقيِّ » [صحيح أبي داود: 4045]
و احذر أيها الأخ الكريم من التكلِّف والمباهاة في كروت الدعوة حتى أنَّ هناك من الناس من يطبع كرت عرسه وفرحه بمئات الريالات ، ونسي أنَّ هذا الفعل من الإسراف والتبذير.
إذاً أخي بارك الله فيك ادعُ من شئت من أحبابك وخلاَّنك وأقربائك وجيرانك. ولكن احذر التبذير وطرد المساكين.
وينبغي عليك البعد عن استئجار قصور الأفراح الغالية التي ترهقك بكثرة أسعارها ، والاقتصار على مكانٍ آخر لا يكلِّف كثيراً ، و احذر بارك الله فيك من الرياء والسمعة في كلِّ ذلك فقد قال (صلى الله عليه وسلم): « من سمَّع سمَّع الله به ، ومن يرَاء يراء الله به » [صحيح الترغيب: 26]
ثانياً: لا تسرف في طعام الوليمة...
إنَّ مما يحزن ما نراه في كثير من الحفلات من الإسراف والتبذير في المأكولات والمشروبات. وليت شعري هل هذا الإسراف فيه شهامةٌ وكرامةٌ أو نخوةٌ وأصالة ، كلاَّ وربي ، بل فيه سخطٌ وندامةٌ ، ومحاسبةٌ وإهانة.
عجيبٌ حال أمتنا بعد أن كنَّا جياعاً لا نجد ما نأكل ، منَّ الله علينا فأغدق علينا نعمه ظاهرةً وباطنة ، فيا ليتنا صنَّا هذه النعمة وحفظناها ، ولكن أصبح الكثير منَّا يتفاخر بالإسراف فيها فالله المستعان.
فاحذر أخي من الإسراف في حفل عرسك ، واصنع من الطعام قدر الكفاية لمن دعوت ، واحذر أخي من سخط الله وعقابه ، ولا أظنه يخفاك قول الباري عز وجل: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } [الأعراف من الآية: 31], وقوله: { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } [الإسراء: 27]
ثمَّ إن كان هناك فائضٌ من الطعام بغير قصدٍ منك ، فاصرفه على المساكين والفقراء ، أو إلى الجمعيات الخيرية لجمع الفائض من الطعام.
ثالثاً: كيف تحيي ليلة العرس..
لا بأس من إظهار الفرح والسرور في ليلة العرس , وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « فصل ما بين الحلال والحرام الدفّ والصوت في النكاح » [صحيح ابن ماجه: 1538], وعن عائشة أنَّها زفت امرأة إلى رجلٍ من الأنصار فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): « يا عائشة ما كان معهم من لهو؟ فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو » [غاية المرام: 397]
وإلى مزيدٍ من الإيضاح ، استمع إلى كلام مفتي عام المملكة العربية السعودية ، سماحة الشيخ العلاَّمة: عبد العزيز بن باز -يرحمه الله- ، حيث قال في هذه القضية:-
( أمَّا الزواج فيشرع فيه ضرب الدفِّ مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوةٌ إلى محرَّمٍ ولا مدح لمحرَّم في وقتٍ من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحَّت بذلك السنة من النبي صلى الله عليه وسلم.
أمَّا الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدفِّ خاصة. ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح ويقال فيه من الأغاني المعتادة لما في ذلك من الفتنة العظيمة والعواقب الوخيمة وإيذاء المسلمين.
ولا يجوز أيضاً إطالة الوقت في ذلك بل يكتفى بالوقت القليل الذي يحصل به إعلان النكاح لأنَّ إطالة الوقت تفضي إلى إضاعة صلاة الفجر والنوم عن أدائها في وقتها وذلك من أكبر المحرَّمات ومن أعمال المنافقين) أ. هـ.
والملاحظ هنا أنَّ إحياء الزواج إنَّما يكون بالدفِّ وأنَّه خاصٌ بالنساء ، خالي من كلام الفحش , والرذيلة ، نقيٌّ من الغيبة والنميمة ، ولا يكون في أوقاتٍ طويلةٍ وساعاتٍ متأخرةٍ من الليل.
ولكن الذي نراه هذه الأيام في كثيرٍ من الأفراح شيئاً عجيباً.. توضع مكبرات الصوت ، ويؤتى بالمطربات ومعهنَّ الطبول والمزامير والعود ، وإذا تعبت المطربة وتعب صوتها فإنَّ إلى جانبها آلة التسجيل تفتحها وتضع الموسيقى والغناء ، ناهيك عن رقص النساء الكاسيات العاريات ، وقد حرَّم الله سبحانه وتعالى المزامير وحرَّم آلات الطرب فقال عز وجل: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ*وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [لقمان: 6, 7], يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حينما سئل عن هذه الآية : (الغناء ، والذي لا إله إلاَّ هو ، يرددها ثلاث مرات). وقال قتادة عن هذه الآية: (والله لعله لا ينفق فيه مالاً ، ولكن شراؤه استحبابه ، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وما يضرّه على ما ينفعه).
فأين من يقول إذا نصح عن جلب الغناء والمزامير في ليلة عرسه قال بقلبٍ قاسي:
(أتريد أن يكون فرحنا عزاءً)
فيا سبحان الله أ أصبح من يتمسك بما أمر الله به ويتجنب سخط الله أصبح فرحه عزاءً؟!
إذاً فماذا نقول في عرس صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، بل قبلهم عرس رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
أخي والله إنَّ العزاء والتعاسة فيمن لوَّث ليلة عرسه بهذه المنكرات ، ولا تكون هذه المقولة إلاَّ ممن انتكست فطرته وقلَّت مخافة الله في قلبه.
فاحذر أيها المؤمن بأحكام الله من أن تلوث ليلة عرسك بهذه المنكرات ومزامير الشيطان ، سواءً عند الرجال أو عند النساء.
وأسأل الله العليَّ العظيم أن يهدي قلوبنا وينوِّر صدورنا.
رابعاً: منكرٌ عظيمٌ وقبيح...
و احذر من أن تتبع أقوال الوشاة والمقلِّدين الذين يجرون وراء كلَّ ناهقةٍ وناعقة ويطالبون بأشياءٍ وتقاليدٍ تخالف عاداتنا وتقاليدنا وما مضى عليه آباؤنا من الحياء والغيرة فضلاً عمَّا يأمرنا به ديننا الحنيف من التعفف والحياء ، ولعلَّ من هذه المنكرات ، منكرٌ عظيمٌ وقبيح تتقذر منه النفوس المؤمنة لله وترفضه النفوس التي تربَّت على الشهامة والحياء والشجاعة والغيرة على المحارم. وهي ما تسمى (بالمنصة أو الزفة) حيث يخرج الرجل مع عروسه ليلة عرسه أو يجلس بجوارها مع رجالٍ ونساء أو نساءٍ فقط من غير محارمهم. لينظر الرجال إلى العروس وجمالها ، وينظر النساء إلى العريس وابتساماته. مما يزيد الطينة بلة أن يقف الرجل مع عروسه بين النساء وهنَّ من غير محارمه فينظر إليهنَّ وهنَّ يرقصن ويتمايلن ويغنين ولربما كنَّ كاشفات عن عوراتهنَّ بلباس الخنا والفجور لباسٌ خالي من المروءة والشيم. أضف إلى ذلك التصوير الذي يكشف عورات نساء المسلمين.
فقل لي بربك أيها المؤمن الغيور:
أين الحياء عند مثل هذه الحال...
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- :
(( ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمن وضع منصةٍ للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات وربما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال ، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير وتمكِّن الرجال الأجانب من مشاهدة الفتيات المتبرجات وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسماً لأسباب الفتنة وصيانةً للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر )) أ. هـ .
أخي المقبل على الزواج والله ما أظنك إلا رجلاً غيوراً على عرضك وأعراض المسلمين محباً للحياء كارهاً لأعمال أهل السفور...
إذاً فلا تتبع مثل هذه المنكرات وحارب أهلها. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
في مخدع العروس...
وهنا ندخل معك أخي الكريم إلى قفصك الذهبي كما يقال. ولهذا أهدي إليك هذه الوصايا عسى أن تتذكرها عند دخولك على عروسك وهي نابعةٌ من منهل الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة رحمهم الله.
أولاً: ملاطفة الزوجة والأنس معها:
وذلك لما فيه من تآلف القلوب وانشراح الصدور وذهاب القلق والروع ويكفي في ذلك أن يكون لنا أسوة حسنة في قدوتنا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث تقول أسماء بنت يزيد بن السكن: (إنِّي قيَّنت ((أي: زيَّنت )) عائشة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم جئته فدعوته لجلوتها ((أي: للنظر إليها مجلّوة مكشوفة)) فجاء ، فجلس إلى جانبها ، فأتى بعس لبن ، فشرب ، ثم ناولها النبي (صلى الله عليه وسلم) فخفضت رأسها واستحيت ، قالت أسماء: فانتهرتها ، وقلت لها: خذي من يد النبي (صلى الله عليه وسلم) قالت: فأخذت ، فشربت شيئاً ، ثم قال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): « أعطي تربك » ((أي: صديقتك )) قالت أسماء فقلت بل خذه فاشرب منه ثم ناولنيه من يدك ، فأخذه فشرب منه ثم ناولنيه ، قالت: فجلست ، ثم وضعته على ركبتي ، ثم طفقت أديره واتبعه بشقي لأصيب منه شرب النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال لنسوةٍ عندي: ناوليهن ، فقلن: لا نشتهيه! فقال (صلى الله عليه وسلم): « لا تجمعن جوعا وكذبا ».
أخي .. تكون الملاطفة أيضاً بالحديث والمناقشة والضحكة والابتسامة لطرد الوحشة وإدخال الألفة.
ثانياً: لا تنسى الدعاء بمثل هذا...
وهو أن يدعو الله عز وجل بالبركة ، وذلك بأن يضع يده على مقدمة رأسها ، ويسمي الله تبارك وتعالى ، ويقول ما جاء في قوله (صلى الله عليه وسلم): « إذا أفاد أحدكم امرأةً أو خادماً أو دابة ، فليأخذ بناصيتها ، وليدع بالبركة. وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها ، وخير ما جبلت عليه ، وأعوذ بك من شرِّها ، وشرِّ ما جبلت عليه » [صحيح الجامع: 360]
ثالثاً: ابدأ حياتك الزوجية بالصلاة:
لا بأس أن تصلي مع زوجتك ركعتين ، وهذا منقول عن بعض السلف رحمهم الله. وذلك لما فيه من الألفة وجمع الشمل. فعن شفيق قال: جاء رجلٌ يقال له: أبو حريز ، فقال إنِّي تزوجت جاريةً شابةً بكر إنِّي أخاف أن تفركني ، فقال عبد الله بن مسعود: (إن الإلف من الله ، والفرك من الشيطان ، يريد أن يكرِّه إليكم ما أحلَّ الله لكم ، فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين)
وروي أن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- تزوج امرأة ، فلما دخل عليها وقف على بابها ، فإذا هو بالبيت مستور فقال: ما أدري أمحمومٌ بيتكم أم تحوَّلت الكعبة إلى كندة؟ والله لا أدخل حتى تهتك أستاره!
فلما هتكوها... دخل... ثم عمد إلى أهله فوضع يده على رأسها... فقال: هل أنت مطيعتي رحمك الله؟ قالت قد جلست مجلس من يطاع ، قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لي: « إن تزوجت امرأة فليكن أول ما تلتقيان على طاعة الله » فقومي فلنصل ركعتين ، فما سمعتني أدعو فأمِّني ، فصليا ركعتين وأمَّنت ، فبات عندها ، فلما أصبح ، جاءه أصحابه ، فانتحاه رجلٌ من القوم ، فقال: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنه ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، فلمَّا رأى ذلك صرف وجهه إلى القوم وقال: رحمكم الله ، فيما المسألة عما غيبت الجدران والحجب والأستار؟! بحسب امرئ أن يسأل عمَّا ظهر ، إن أخبر أو لم يخبر.
رابعاً: ما يقال حين الجماع:
هذه الكلمات إن قلتها قبل جماعك أهلك ، وكتب الله بينكما ولداً لم يضرَّه الشيطان أبداً. وهي:
« بسم الله, اللهمَّ جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا »
قال (صلى الله عليه وسلم): « فإنَّه إن قضي بينهما ولد من ذلك لم يضرَّه الشيطان أبداً » [صحيح الجامع: 5241]
وصية أمٍ لابنتها في ليلة زفافها...
قالت أمٌ لابنتها وهي في ليلة دخلتها:
أي بنية: إنَّ الوصية لو تركت لفضل أدبٍ لتركت ذلك لك ، ولكنَّها تذكرةٌ للغافل ومعونةٌ للعاقل ، ولو أنَّ امرأةً استغنت عن الزوج لغنى أبويها ، وشدة حاجتهما إليها ، كنت أغنى الناس عنه ، ولكنَّ النساء للرجال خلقن ولهنَّ خلق الرجال.
أي بنية: إنَّك فارقت الجوَّ الذي منه خرجت ، وخلفت العش الذي فيه درجت ، إلى وكرٍ لم تعرفيه ، وقرينٍ لم تألفيه ، فأصبح عليك رقيباً ومليكاً ، فكوني له أمةً يكن لك عبداً وشيكاً ، واحفظي له خصالاً عشراً ، يكن لك ذخراً...
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشمَّ منك إلاَّ أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه ، فإنَّ تواتر الجوع ملهبةً ، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله ، والارعاء على حشمه وعياله ، وملاك الأمر في المال حسن التقدير ، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً ولا تفشي له سراً ، فإنَّك إن خالفت أمره أوغرت صدره ، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره..
ثمَّ إيَّاك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً ، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
مسك الختام
وفي نهاية المطاف وقبل الوداع ، أقول لك إن كنت تريد الحياة الزوجية السعيدة ، تريد الاستقرار وراحة البال ، تريد ذريةً صالحةً تحمل بعد الممات الدعوة الصالحة.
تريد أن تجمع السعادة تحت أطناب بيتك فعليك بتقوى الله عز وجل ومراقبته في كل صغيرةٍ وكبيرة ومعرفة ما لك وما عليك من حقوقٍ وواجبات.
فمن اتقى الله وقاه وكفاه وزاده عزاً في الدنيا والآخرة.
أما إذا أردت أن تعشش التعاسة في بيتك ، وتفرخ ، فاعص الله!!!
أخي إنَّ المعاصي تهلك دولاً وشعوباً , وتزلزل محيطاتٍ وقارات ، فلا تجعلها تدمر بيتك وتحرق سعادتك.
وقد كان أحد السلف الصالح يقول: (والله إنِّي لأرى أثر المعاصي على دابتي وزوجتي).
فاتق الله في أهلك وكن عونا لهم على طاعة الله وكن عند قول الله تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }. [التحريم: 6]
قال ابن كثير : أي تأمر نفسك وأهلك من زوجةٍ وولدٍ وإخوانٍ وقرابةٍ وإماءٍ وعبيد بطاعة الله. وتنهى نفسك وجميع من تعول ، عن معصية الله تعالى. وتعلِّمهم وتؤدِّبهم ، وأن تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به وتساعدهم عليه. فإذا رأيت لله معصيةً ، قذعتهم وزجرتهم عنها. وهذا حقٌ على كلِّ مسلمٍ أن يعلِّم من هم تحت إمرته ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
فأوصيك أخي أن تتقي الله وتحافظ على أوامره وتجتنب نواهيه.
وأسأل الله العلي القدير أن يجمع لك شملك ويجعل التوفيق والرشاد حليفك
وبارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسول الله.
... هذه المقالة من موقع :إذاعة طريق الإسلام
http://www.islamway.com
عنوان هذه المقالة :
http://www.islamway.com/ara/articles.php?article_id243 ...
ـــــــــــــــ(61/54)
ـــــــــــــــ
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
الزواج المبكر .. بين دعاة الإسلام و دعاة العلمانية د. ست البنات خالد*
تتناقض مؤتمرات السكان التي تدّعي أنها تدافع عن حقوق المرأة ضد (الإضطهاد الذكوري) تناقضا أخلاقيا واضحا ، ويظهر ذلك من خلال التنفير بشدة - في أكثر من مؤتمر- من العلاقات الجنسية في إطار الزوجية - بحجة أن هذا الزواج يعتبر مبكراً وسابقاً لأوانه - والصمت المطبق عن الحديث عن العلاقات الجنسية إذا كانت خارج إطار الزوجية، وفي سن مبكرة، فما أعظم هذا التناقض؟
ثم إنهم يتحدثون عما يعتبرونها أضرارا تصيب المرأة جراء هذا الزواج المبكر . أما بخصوص (الأضرار الصحية) بسبب الحمل المبكر، فإن الفتاة يمكنها أن تحمل منذ بلوغها سن الثانية عشرة - أي منذ بدء الحيض لديها -، وأحياناً يتأخر ذلك حتى بلوغها الرابعة عشرة. والحيض دلالة على استعداد المرأة للحمل، وهناك حالات يحدث الحمل فيها قبيل الحيض.
بل إن الزواج المبكر يقي من الأمراض -كما يقول ذلك أحد الأطباء -: (( إن على المرأة - من الناحية البيولوجية - أن تبدأ الحمل خلال سنوات قليلة بعد سن البلوغ، فقد تبين أن إنجاب المرأة لأول طفل من أطفالها في سن مبكرة تحت العشرين هو أحد أهم وسائل الوقاية من سرطان الثدي )) .
ومما يؤكد هذه الحقيقة ما قام به أخصائي في أمراض النساء والولادة حيث أجرى بحثاً قارن فيه حالات حمل وولادة في سن 12سنة إلى سن 17سنة - وهو يعتبر زواجاً مبكراً جداً، وحالات حمل وولادة في سن 20سنة إلى سن 25سنة - وهو يعتبر زواجاً مبكراً عادياً -، فوجد أن حالات الحمل المبكر جداً كانت مشاكلها أقل من حالات الحمل المبكر العادي.
واكتشف العلماء أن كل طفل ينجب يقوم بدور هام لاحقاً في تقليل احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، ولكن يبدو أن إنجاب مزيد من الأطفال قبل أن تبلغ المرأة سن الثلاثين يوفر أكبر قدر من الحماية ضد خطر الإصابة. ومما أثار دهشة الباحثين أن الإنجاب بعد سن الثلاثين لم يكن له تأثير يذكر في تقليل احتمالات الإصابة خلال السنوات اللاحقة.
والأبحاث الطبية تثبت أن تأخير الزواج يسبب أمراضاً للأم، فمقارنة حالات الحمل والولادة من زواج متأخر - أي سن الثلاثين وما بعدها -، أثبتت أنه يؤدي إلى زيادة مضاعفات الحمل والولادة، حيث تتضاعف هذه المشاكل للمرأة التي تحمل لأول مرة في سن الثلاثين - وما بعدها -، كمرض تسمم الحمل الذي يؤدي إلى ارتفاع شديد في ضغط الدم يؤثر على الكلى، مما قد يعرض حياة الأم والطفل للخطر، أو التعرض للعملية القيصرية؛ لإخراج الجنين من بطن الأم. وهذه الأبحاث توضح - بجلاء - مدى الفارق الشاسع بين الزواج المبكر، والزواج المتأخر.
وإن تأخير سن الزواج لا يقتصر ضرره على الأم وحدها، بل يتعدى ذلك إلى أولادها، فالأمهات كبيرات السن قد يتعرض أولادهن للإصابة بأحد مرضين هما: تشوه العمود الفقري، ونقص تكون المخ وعظام الرأس، كذلك فإن الإصابة ب (مرض داون ) تزيد في حالات الأمهات المتقدمات في السن، ففي الأمهات فوق سن الأربعين يصل الاحتمال في الإصابة (1/25)، وينقص إلى النصف في الأمهات بين 35-40 سنة .
موقف الإسلام من الزواج المبكر
لقد نص القرآن الكريم والسنة النبوية على قيام الزواج المبكر في المجتمع الإسلامي ووجوده، فقد قال الله تعالى في عدة الصغيرة:{ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } .
قال الإمام الطبري في قوله تعالى: {فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}: (( وكذلك عدة اللائي لم يحضن من الجواري لصغر إذا طلقهن أزواجهن بعد الدخول)) .
وقال الشوكاني في تفسيره: (( لصغرهن وعدم بلوغهن سن المحيض، أي فعدتهن ثلاثة أشهر )). وفي هذا دلالة واضحة على أن الصغيرة تزوج.
وقال الإمام ابن جرير الطبري عند قول الله تعالى: { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } . ((قال: (بلغوا النكاح) أي عند الحلم )) , والحلم يكون بإنبات الشعر، وتغير الصوت، وغيرها من العلامات المعروفة.
فالكتاب والسنة قد وجها إلى الزواج المبكر للفتى والفتاة، وقد استنتج الإمام البخاري - رحمه الله - ذلك في تبويبه لكتاب النكاح، فجعل فيه باباً بعنوان (إنكاح الرجل ولده الصغار لقوله تعالى { وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ ).
وقد تزوجت عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت تسع سنين، كما جاء في صحيح مسلم: { عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ } .
كما أن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوجت وسنها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر - وقيل أقل من ذلك -، وكان سن زوجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إحدى وعشرين سنة .
أهمية الزواج المبكر
إن حاجة الشاب إلى الزواج حاجة ملحة، وإشباع الغريزة الجنسية، مثل إشباع دافع الجوع والعطش. والزواج المبكر خير علاج لمشكلات المراهقين الجنسية إذا استطاعوا الباءة. وخير معين على استجابتهم لمتطلبات التربية الجادة، والبعد عن نزغات الشياطين هو الزواج.
فالزواج فيه سكن نفسي، وإشباع غريزي، وإحساس بالنوع، وشعور بالتكامل والنضج.
فالشاب المراهق يكون عادة مشغول التفكير، مضطرب المشاعر حول موضوع الزواج.
ويظهر هذا الاضطراب - عادة - على نفسية المراهق، ويتعدى ذلك إلى الجوانب العملية في اتخاذ الهوايات وبرامج قضاء أوقات الفراغ.
والسكن والمودة والرحمة من مواصفات الزواج الناجح، كما قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .
وقد دلت الدراسات النفسية على نزوع المتزوجين إلى الاستقرار، ومن ثم الاتجاه إلى النشاطات الثقافية، بينما دلت على نزوع غير المتزوجين إلى المسالك الانفعالية والعاطفية، وإلى الجنوح أحياناً .
ولذلك حث الإسلام على الزواج المبكر، فقد ثبت عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: { كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ } رواه البخاري ومسلم .
فالزواج يعين على الاستقامة، ويكسر حدة الشهوة عند هؤلاء المراهقين الذين يفيضون حيوية ونشاطاً، كما أنه يساعد على الاستقرار النفسي، والاتزان العاطفي، والإعفاف في الإطار المشروع .
وإن لم يحصل هذا الزواج، فقد وجه الإسلام إلى إعلاء الغريزة وتوجيهها إلى ميدان مرغوب فيه وهو الصوم، فبه ينضبط السلوك بإذن الله تعالى.
مضار تأخير الزواج
إن تأخير الزواج مخالف للشرع مصادم للسنة الكونية والفطرة الإنسانية، ولا يتناسب مع الوضع الطبعي الأصلي للمجتمع الإنساني؛ ولأجل ذلك ترتبت عليه آثار سيئة، ومدمرة للنفس والمجتمع، منها:
1 - إهدار الطاقة بإضاعة ماء الحياة في العادة السرية، أو المداعبات المحظورة، أو الوقوع في الزنى والشذوذ. وقد أمر الإسلام بحفظ الفرج، وعدم التعدي فيه. قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(7) } .
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالزواج من الودود الولود، حيث يوجه الشباب المسلم طاقته للإكثار من الذرية المسلمة، {عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لَا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ } رواه الإمام أحمد وأبو داود واللفظ له والنسائي، وصححه الألباني.
إن هناك اتجاهاً - في بعض الدول التي فيها الحرية الجنسية متاحة - إلى الاعتقاد بأن على الشباب أن يتجاهلوا نوازعهم الجنسية، وأن يعزفوا عن نشاطهم الجنسي إلى أن يتزوجوا، وهذا يشمل الشبان والفتيات .
إن القانون والعرف لا يملكان أن يغيرا سن البلوغ، ولا نمو الطاقة لدى أبناء العقد الثاني من العمر. وهما العاملان اللذان يؤديان إلى استثارة الشباب باستمرار، وإلى استجابتهم للنوازع الجنسية. ويقول العالم ( الفريد إلكنسي ): (( ولسنا نجد قرينة واحدة تؤكد أن من الممكن لأي ذكر بالغ غير مصاب بعجز بدني، أن يمضي في الحياة بغير تفريج منتظم لطاقته الجنسية إلى أن يوهنه كبر السن من استجابته وقدرته على أداء الوظيفة الجنسية. وإذا كانت كثيرات من الإناث يستطعن ذلك قبل بلوغهن العشرين من العمر، فإن البيانات الدقيقة تدل على أن هذا المسلك يوهن قدرتهن على التكيف، أو التوافق الجنسي بعد الزواج)) .
2 - إهدار الطاقة النفسية والمعنوية؛ بإضاعة الحيوية، والفتوة، والغزارة العاطفية، والتفكر والخيال، والشعور الجماعي، والشجاعة النفسية، والإقدام، والمبادرة، والحركية، وغيرها من الصفات النفسية - التي يتميز بها أغلب المراهقين -، إضاعتها وإهدارها بالمغامرات، والمغازلات، والمكاتبات والأدبيات المنحرفة، والانحرافات الخلقية. وأكثر هذه الأنشطة تعبر عن متابعة وملاحقة للجنس الآخر - الفتيان للفتيات، والفتيات للفتيان -. وهكذا تضيع سنوات عديدة من عمر الشباب، هي جزء من عمر الأمة المحتاجة إلى طاقة شبابها .
3 - تعريض الشباب للفتنة. ففي البيئات المعاصرة يتعرض الجنسان لشتى المغريات: المقروءة، والمسموعة، والمرئية، والمعيشة - على مستويات متعددة -، ثم ذلك الإغراء المتمثل في تبرج النساء، وزيهن، ومشيهن، وصوتهن، في الميادين المختلفة. وفي أشكال الرجال، وزيهم، وطريقة حديثهم؛ حتى يصير كل منهما متيماً بالآخر، أسيراً للشيطان وحبائله.
والزواج المبكر هو الذي يحصّن الشباب، ويدرأ عنهم - بإذن الله - كثيراً من هذه الشرور والفتن .
4 - العنوسة، وهي مشكلة الفتاة المسلمة في هذا العصر، التي تقدم الدراسة، أو الوظيفة، أو الثقافة، أو النضج - بزعمها - على الزواج، فتسعى للكماليات قبل الأوليات، وتؤثر السطحيات على الأساسيات، حتى إذا ما حصلت على ما تريد من وظيفة، أو شهادة، عادت أدراجها تفكر في الزواج، وتسعى إليه بعد أن تجاوزها الزمن، وعزف عنها الرجال؛ إذ وهبت فتوتها، وحيويتها، ونضارتها، وأنوثتها الشابة - للزوج الآخر -، للدراسة، أو الثقافة، أو الوظيفة.
وهكذا تكون عاقبة مخالفة الفطرة، ومعاكسة السنة الشرعية والحياتية، أعداداً هائلة من النساء اللواتي فاتهن سن الزواج المرغوب والمقبول.
5 - ومن المضار المحتملة لتأخير الزواج: وقوع جرائم الاغتصاب، وسبب ذلك ما حصل في كثير من المجتمعات من رفع لسن الزواج - سواء بموجب القوانين التي لا تبيح الزواج لمن لم يبلغوا سناً معينة، أو نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة في بعض الدول -، وظهور بعض العادات والأفكار التي تتعارض مع زواج الشباب الصغار، مثل التعليم وغيره.
ومن العلماء الذين وجهوا الأنظار إلى هذا الأمر ( الفريد إلكنسي )، وذلك في بحثه عن السلوك الجنسي، الذي ألقى فيه بالتبعة على العرف السياسي، والقانون الوضعي، والأوضاع الاجتماعية التي تحول دون وجود مزيد من الإدراك العام للسلوك الجنسي للإنسان، فالذكر والأنثى يصلان مرحلة البلوغ - من الوجهة البيولوجية - في سن تسبق بسنوات تلك التي يعترف فيها القانون الوضعي والعرف السياسي ببلوغهما، وبالتالي يفرض عليهما قيوداً، ويضع أمامهما عراقيل تحول دون استجابتهما لدوافعهما الجنسية، فيضطران - وبخاصة الذكر - إلى اللجوء إلى أساليب غير مشروعة لتحقيق الإشباع الجنسي، مثل الاغتصاب.
وهذا أحد الباحثين (كينيث ووكر) يبين أثر رفع سن الزواج في المجتمعات الغربية فيقول: ((ومع تأخر سن الزواج - وهو ما يمكن أن نعتبره إغلاقاً لإحدى القنوات الهامة للتفريج الجنسي -، فإن المدنية الغربية تثير وتحفز الشهوة الجنسية، مما ينشأ عنه خلق حالة من التهيج والإثارة المتتابعة التي تجد كل سبل التفريج المشروع مغلقة أمامها. وهذا من شأنه أن يتسبب في كثير من أشكال الانحرافات الجنسية - كالاغتصاب -، التي ترجع - أساساً - إلى نوع الثقافة الجنسية التي صنعناها بأيدينا، فالانحرافات الجنسية جزء من ثقافتنا، كما أن البطالة جزء من نظامنا الصناعي. ويجب ألا يدهشنا هذا الوضع، ما دمنا قد أبدعنا شكلاً من المدنية، يضع الشباب، وأغلب الأنشطة، والقوى الجنسية في حالة من الإثارة المستمرة، فنحن الذين صنعنا هذه الأوضاع، ونحن - أيضاً - الذين ندفع الثمن. فيجب ألا نشكو من فداحة الثمن طالما أنه لا يزيد كثيراً عما حصلنا عليه مقابله.
ـــــــــــــــ(61/55)
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
الزواج الميسر " زواج فريند"
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: -
فقد تناقلت وسائل الاتصال فتوى للشيخ عبد المجيد الزنداني تجيز زواجا سماه البعض زوج فريند، ودار حوله خلاف كبير وفي هذا البحث سأسلط الضوء على هذا النكاح مبينا ماهيته وحكمه الشرعي.
أولا: نظرة لواقع الزواج:
اشتهر في الغرب ما يسمى بالعشيق والعشيقة، وهو الصديق المعاشر معاشرة الأزواج وعم هذا وطم حتى أصبح أمرا عاديا بل أصبح الفتى أو الفتاة الذين ليس لهم عشيق أو عشيقة يعد مريضا نفسيا يطاف به في العيادات والمستشفيات.
و من الأسباب التي تسببت في انتشار وباء الزنا ، الجو الجنسي السائد من إعلام بكافة صورة وبيئة تمتلئ بمشاهد الإثارة الجنسية، وتعليم جنسي تحت مسمى الثقافة الجنسية مما أحال الحياة الغربية إلى حياة جنسية تظهر آثارها المدمرة في كل زاوية من زواياها.
ومن المعلوم أن كثيرا من الجاليات الإسلامية تعيش في بلدان غربية وهي بلا شك قد تتأثر ببعض قيم وأخلاقيات هذه المجتمعات الموبوءة أخلاقيا، وخاصة الجيل الناشئ في تلك الديار، فإنه سيرى المغريات والمشاهد الجنسية تحيط به من كل اتجاه مما قد يضعفه وتخور قواه إذا ما استمر في كبت هذه الغريزة ونفس الكلام يقال في الفتاة.
وإن كان الزواج في مثل هذه الحالات واجبا لمن قدر عليه إلا أن هؤلاء القادرين حين تبحث عنهم تجدهم قلة قليلة جدا، ذلك أن القدرة تعني: المهر وتكاليف العرس، والسكن وما يحمله من كماليات نزلها بعضهم منزلة الضروريات ونفقة وغيرها مما يعجز عنها الكثير من شباب اليوم، زد على ذلك جشع بعض الآباء الذي جعل من ابنته مغنما وسلعة يساوم ويزايد عليها ويدفعها لمن يدفع أكثر مما جعل الزواج أمرا بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا وهذه يفضي إلى مفاسد خطيرة جدا تؤدي إلى خراب المجتمع ولعل من أبرزها وأهمها انتشار الفاحشة بكل أشكالها، فعندما يحاط الفتى أو الفتاة بالجو الجنسي المشحون ويأخذه اليأس ولا يستطيع على زواج يستر به نفسه ويجتنب هذا الوباء ولضعف في الوازع الديني فإنه غالبا ما يقع فيما حرم الله.
ثانيا: تصوير زواج فريند:
خروجا من مفاسد العشق وأن يفاجأ الأب بصديق ابنته في غرفتها ومواجهته بالحرية الشخصية، ومن أن يفاجأ بابنته تدخل عليه مثقلة البطن أو اليدين بطفل لا يدري مصدره.
وتعاملا مع الواقع المتأزم الذي يصعب فيه تكوين أسرة مستقرة في بيت يتولى الزوجان فيه مباشرة أعمالهما المنوطة بهما، وبذل كامل الحقوق التي عليه للطرف الآخر.
جاءت فكرة الزواج بين الفتى والفتاة ولكن بدون أن يلتزم الزوج بتبعات الزواج المالية كالنفقة والسكنى، إذ يعقد بين الزوجين ثم إذا ما أرادا المعاشرة فلهما أن يذهبا إلى أي مكان يطمئنان فيه إما منزل الأبوين أو الأقارب أو صديق أو أي مكان آخر.
ثالثا: تعريف الزواج وأركانه:
قبل أن ندلف لبيان حكم هذا الزواج لا بد أولا من معرفة ماهية عقد الزواج وأركانه التي لا يصح نكاح إلا بها وأنه إذا انخرم ركن منها فإن النكاح يكون باطلا ولا يجوز إنفاذه، كي يتسنى لنا معرفة حكم هذا الزواج معرفة جلية.
يعرف العلماء عقد الزواج بعدة تعاريف منها:
• عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمة(1).
• عرف بعضهم النكاح بأنه عقد يفيد ملك المتعة قصدا ومعنى ملك المتعة اختصاص الرجل ببضع المرأة . وسائر بدنها من حيث التلذذ
• عقد بلفظ إنكاح أو تزويج على منفعة الاستمتاع(2)
و وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء كما جاء به في القرآن(3).
أما أركان النكاح فهي: الإيجاب والقبول، والولي -عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة-، وشاهدان، ورضا الزوجة، والصداق.
فهذا هو تعريف النكاح وبيان أركانه، فإذا ما اكتملت الأركان صح النكاح وحل الاستمتاع بإجماع أهل العلم.
ونلاحظ هنا أن وجود السكن وتوابعه ليس من أركان العقد بتاتا، ذلك لأن السكن من نتائج وثمرات عقد النكاح إذ إنه لا يتوجب تجهيز السكن حتى يصح النكاح وهذا أمر معلوم بداهة.
رابعا: تنازل الزوجة عن الحقوق:
هنا نطرح سؤالا مهما تعرض له الفقهاء قديما وحديثا وهو هل يجوز للزوجة أن تتنازل عن حقوقها الزوجية؟وأجيب على هذا السؤال في النقاط التالية:
1- يجوز للمرأة أن تتنازل عن المهر كله أو بعضه لزوجها بإجماع لقوله تعالى: ?وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ? [النساء:4] ، أي فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصِداق فوهبنه لكم فكلوه طيباً محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة ، وقد نزلت رداً على من كرَّه ذلك(4)، (5)ولكن هذا التنازل لا يكون قبل العقد لأن فيه حقا لله غالب، وإنما يجوز لها التنازل بعد العقد، وليس لها الرجوع بعد ذلك.
2- للزوجة التنازل عن النفقة والذي منها السكن، ولكن لا يصح هذا التنازل إلا بعد العقد لا قبله، لعدم وجود سببه حينئذ فتسقط نفقتها المستقبلية عند المالكية(6)، وخالفهم الجمهور وذهبوا إلى عدم صحة الإبراء، ولكن ليس معنى كلامهم وجوب مطالبة الزوجة لزوجها بالنفقة بل الأمر عائد إليها إن شاء طالبت وإن لم تشأ فلا شيء عليها، كما ذهب الجمهور إلى صحة التنازل عن النفقة الماضية(7)، بل نقل عن الإمام أحمد في الرجل يتزوج المرأة على أن تنفق عليه في كل شهر خمسة دراهم أو عشرة دراهم أن النكاح جائز ولها أن ترجع في هذا الشرط(8).
3- اتفق الفقهاء على صحة إسقاط الزوجة حقها في القسم في المبيت إذا رضي الزوج بذلك لأن الحق لها فلها أن تستوفي ولها أن تترك(9).
خامسا: حكم زواج فريند أو الزواج الميسر:
بعد أن تناقلت وسائل النشر الالكتروني وغيرها فتوى الشيخ عبد المجيد الزنداني بجواز هذا الزواج اختلف علماء العصر اختلافا شديدا حول هذه الفتوى، وعارضه بعضهم بشدة لدرجة التهكم والتجهيل وغيرها مما دعا شيخي الشيخ عبد المجيد الزنداني إلى أن يصدر بيانا يبين فيه وجهة نظره وفي هذه النقطة استعرض للقولين ووجهات نظرهم.
القول الأول صحة هذا النكاح، ودلل بما يلي:
1- توافر كل أركان وشروط عقد النكاح والذي يعني صحة هذا العقد بإجماع أهل العلم.
2- من حق المرأة أن تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة، والمأوى كما سبق بيانه.
3- فيها علاج مشكلة كبيرة وهي: تجاوز تكاليف الزواج قدرة الشباب والفتيات، والذي أدى في نهاية المطاف إلى بروز ظاهرة العنوسة مع ما تحمله من مفاسد جمة، يقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف السابق: إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني هي الحل الأمثل لاختفاء الرقم الأخير من الملايين التسعة الذين بلغوا سن الثلاثين، ولم يتزوجوا بعد في مصر وحدها ، فضلا عن قوائم شبيهة من الشباب والفتيات الذين فاتهم القطار في جميع الدول العربية والإسلامية بسبب البطالة وارتفاع تكاليف الزواج وفشل الشباب في توفير بيت الزوجية(10) .
4- أنه يحقق مقصد من مقاصد النكاح وهو (العفة).
القول الثاني: فقد شن حملة شعواء على القول الأول ورفض الفتوى جملة وتفصيلا واستند إلى ما يلي:
1- ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين ، فإذا لم تتحقق هذه المقاصد فقد الزواج قيمته الأساسية ، وأصبح مجرد شهوة يتساوى فيها الإنسان والحيوان .
2- ويؤدي إلى الإفساد وخلط الأنساب . ومخالفة الشرع وارتكاب الفواحش وكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية .
3- تشبهه بنكاح المتعة الذي نهى عنه الرسول نهيا قطعيا ، حيث المقصود الأصلي منها هو مجرد قضاء الوطر دون الاستمرار في السكنى والمودة والرحمة.
وعقد الزواج الأصل فيه الاستمرارية والاستقرار، ولذلك،فإن كل عقد مقيد بمدة معينة، هو عقد باطل، والعقد الصحيح مطلوب فيه تحقيق الآثار الشرعية المترتبة عليه في الحال، فلا يوجد في الإسلام زواج موقوف،ولكن زواج نافذ وجائز مستمر(11).
المناقشة والترجيح:
من خلال العرض السابق للقولين أود أن أسجل هنا جملة ملاحظات على القول الثاني وهي:
1- يلاحظ على المانعين استخدام العبارات الثقافية والوعظية المطاطة التي لا تدل على مراد معين بل قرأت لبعضهم مقالات حول هذا الموضوع لا يخرج بمجمله عن هذا الإطار، والمسألة ليست وعظية صحفية إنما هي قضية فقهية تستدعي النظر في تكييفها والحكم الشرعي عليها.
2- نتيجة لما سبق لم يتضح لي مراد المانعين من هذا المنع فهل يقصدون حرمة وبطلان العقد كما يظهر من تشبيه بعضهم له بنكاح المتعة، أم يريدون صحة العقد مع الإثم إذ إن هناك فرقا كبير بين المسألتين.
3- إذا كان المراد بطلان العقد فهذا مما لا يقوله عالم بل من له أدنى معرفة بالعلم الشرعي، ذلك أن العقد إذا توفرت أركانه فهو صحيح بالإجماع، ولا يملك أحد أيا كان أن يحكم ببطلانه بل لو حكم به لظهرت قلة معرفته، ثم ما ذا نفعل من وجهة نظره بهذا العقد المكتمل والموثق وما مصير آثار هذا العقد، ثم أين يذهب بإجماع أئمة الإسلام!!!
4- وإن كان المراد صحة العقد مع الإثم فهذا يمكن أن يقال لو كان مجال لهذا الإثم ، والذي يظهر هنا أن هذا العقد ليس فيه تغرير ولا تزوير ولا نية طلاق لو قلنا بصحة العقد فيه وهو كذلك، ولا نقصان بعض الشروط أو زيادتها على العقد والتي لا تبطله، كما أن الزوجين لا يأثمان بإسقاط بعض حقوقهما.
5- إذا تنازل الزوجان عن بعض حقوقهما الخاصة بهما فما دخل الآخرين في ذلك إنه في حقيقته فضول ليس إلا.
6- تسرع بعض المانعين في المنع دون أن يتصورها، كما أن بعضهم لم يتأن لمراجعة كلام العلماء فبعضهم ظنه نكاح المتعة وليس الأمر كذلك بتاتا كما سبق بيانه، ومن هذا أيضا القول بأنه ليس في الإسلام نكاح مقيد بصفة أو اسم ومع أن هذا ليس على إطلاقه، إلا أننا نقول هنا بأن تسميته جاءت من بالبديهة فعندما سئل الشيخ عبد المجيد الزنداني عن علاقة جيرل فرند قال لماذا لا تكون زوج فريند فأخذه السائل في موقع الكتروني تحت هذا الاسم ثم سماه الشيخ بعد ذلك بالزواج الميسر وسواء سمي بهذا الاسم أو ذاك فالتسمية كما هو معروف لا تؤثر في الحكم وإنما العبرة بالمضمون والماهية، ولهذا كان الأصل لمن يردون ويشنعون في مجالس فتوى تحيطها بعض الهالة الإعلامية أو غيرها أن يترووا قليلا وكان الأحرى بهم أن يؤخروا الإجابة حتى تتضح الصورة ثم ليقولوا بعد ذلك ما شاءوا ومن شيم العالم قول لا أدري.
7- من يسمع بعض كلام المانعين عن هذا النكاح المجمع على صحته من أنه يؤدي إلى الإفساد وخلط الأنساب ، ومخالفة الشرع وارتكاب الفواحش وكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية ، يظن أنه يتكلم عن الزنا والسفاح والعياذ بالله، فهل النكاح المتوفرة شروطه والمترتبة آثاره عليه والمجمع على صحته كالزنا سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
8- يظن البعض أن الفقه هو القول بأن مقاصد الشريعة تحرم كذا أو تبيحه، ومن المعلوم أن الرجوع إلى مقاصد الشريعة إنما يكون في غير ما دلت الأدلة على صحته وجوازه ،فما حرمه الله فهو حرام فهو حرام وما أباحه فهو مباح قال تعالى:?وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ? (12)[النحل:116]
9- من المعلوم أصوليا أن الحكم لا يربط بحكمته وإنما بعلته وهي الوصف الظاهر المنضبط...الخ على ما هو مبين في كتب الأصول والعلة هنا وجود الإيجاب والقبول(13)وبمجرد وجود الإيجاب والقبول صح العقد وترتبت عليه آثاره.
10- لا شك أن للنكاح مقاصد متنوعة، ولا شك أن منها الإعفاف إن لم يكن المقصد الأعظم على الصعيد الفردي، ذلك لما تجره العزوبة والعطش الجنسي من معاناة قد تفضي إلى العنت أو غيره وها نحن نرى بوادر أزمة صعوبة الزواج على الصعيد الدولي والمحلي، من فاحشة وشذوذ وسرقة أحداث ومعاكسات وجرائم ما كان لأحد أن يصدق وقوعها أو أن بشرا يفعلها، وزادت التكنلوجيا على يد بعض الفارغين والمغرضين الطين بلة.
11- وبسبب هذه المفاسد التي تجرها العزوبة والعطش الجنسي أجاز الشرع للحر نكاح الأمة عند العجز عن نكاح الحرة رغم أن الأمة فيه تبقى طوال الوقت في خدمة سيدها ولا تلقى زوجها إلا لماما في أوقات محددة أو غير محددة، إلا أن الشارع أجازها لما في معاناة الغريزة من متاعب ومشاق عظمت اليوم على الشباب أكثر من ذي قبل رغم أنها جائزة بإجماع لقوله تعالى: ? وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? [1لنساء: 25] فإيهما فيه ضياع للأسرة والأولاد وانعدام المودة كما يقولون في ردهم لهذا الزواج أهو نكاح الأمة أم ما نحن فيه والذي ليس فيه رق للأطفال وليس فيه قيود على حريق التقاء الزوجين فيمكنهما قضاء ما شاءا من الوقت معا نقول هذا تنزلا وإلا فهذا العقد لا غبار عليه أصلا.
12- ليس شرطا في العقد أن يحقق كل حكمه ومقاصده بل يكفي فيه تحقيق بعضها إذ إن العاقد قد لا يريدها جميعا، والإعفاف من مقاصد النكاح فيكفي النكاح أن يحقق هذا المقصد.
13- بسبب كبر سن المانعين واستقرارهم الغريزي إما لضعفه أو لاكتفائه ينسون مقدار المعاناة التي يعاني منها الشباب والتي هي على كثيرين منهم أشد من وقع النبل، فإذا ما جاز له أن يطفئ هذه الغريزة الملتهبة بعقد حلال جاء هؤلاء وقالوا لا تفعل يجب عليك أن توفر الشقة والأثاث والمهر المرتفع...الخ فإلى متى؟
من هنا يظهر صحة القول الأول وأنه قول علماء الأمة وإئمتها وأن مخالفة بعض الدكاترة بفعل العاطفة أو غيرها لا يغير من المسألة شيئا.
فهد عبد الله
(1) مغني المحتاج3/123
(2) انظر هذه التعاريف وغيرها في الفقه على المذاهب الأربعة 4/6
(3) مغني المحتاج3/123
(4) انظر تفسير الجلالين 98
(5) انظر حاشية ابن عابدين 5/635، وحاشية الجمل 3/381
(6) انظر أحكام الإلتزام للحطاب 1/322
(7) انظر رد المحتار 2/653، وحاشية قليوبي 3/282، والفروع 4/195
(8) المغني 7449
(9) انظر البدائع 2/333، وحاشية الدسوقي 2/341، والمغني 10/250.
(10) زواج فريند، موقع إسلام أن لاين
(11) المرجع السابق.
(12) يكثر الكلام اليوم حول المقاصد مما جعل البعض يستغني عن معرفة النصوص بل قد يردها وقد يقول على الله بغير علم ويكفي بالاستدلال بالمقاصد،ومن المهازل أن يلج هذه المعمة كل من عرف رصف الكلام وتنميقه من الصحفيين والمثقفين وغيره، مع أن الرجوع إلى المقاصد والعمل بموجبها يتطلب إمكانات معرفية واستنباطية كما أن له قواعده وضوابطه التي يجب معرفتها ومراعاتها.
(13) هذه قاعدة جملية أغلبية وإن ذهب البعض إلى جواز ربط الحكم بالحكمة إلا أنه لا يقول به ولا يصح في مسألتنا هذه.
ـــــــــــــــ(61/56)
ـــــــــــــــ
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
انعكاسات لأِزمة الفهم
غادة أحمد 17/1/1427
16/02/2006
سوء الفهم على مستوى الفرد يُشكّل أزمة له و لمن يتعامل معه، و يزداد تفاقم هذه الأزمة كلما اتسعت الدائرة، و أسوأ ما تكون عندما تتسع لتشمل المجتمع ككل في رؤيته لقضايا عدة، فينعكس ذلك على محاولات التقييم و الطرح و العلاج و الذي أحوج ما يكون للإنصاف و الموضوعية و الشمولية.
سوء الفهم للواقع الذي نحياه و عدم بذل الجهد لسبر أغواره و المتغيرات التي تحف به، و مع العجز عن المواجهة، يؤدي بنا في كثير من الأحيان لممارسة لون من ألوان الهروب الخفي فنتلفع بعباءة التاريخ - و الذي نتوهم أنه يستر الكثير من السوءات، و التي بات سترها أكبر همنا! - في محاولة للتنصل من أعباء المواجهة، و هذا بدوره يوفر لنا فرصاً كثيرة لتسويغ ما نحن عليه من سوء الحال و المآل، فلو كان عندنا صلاح الدين أو قطز أو ابن تيمية ... الخ، لكانت مشاكل البشر جميعاً فضلاً عن أزماتنا كالصدقة في زمن الغنى و فيض الأموال.
و ليتسع الرتق في سوء الفهم، فهو ليس لهذا الواقع فحسب، بل و لكثير من آيات الله تعالى، و إلا فأين نحن من قوله تعالى: (...اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ...) [الأنعام: من الآية124]، (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ...)[البقرة: من الآية134].
هؤلاء الذين صنعوا الحياة في زمانهم، أتراهم لو عادوا لزماننا هذا أكانوا يملكون من الأمر شيئاً، و هذا الهروب الساذج الذي نمارسه يعطل العقل عن التوقف و التدبر، فتنقلب المعايير لعدم وضوح الرؤية، ولا يقتصر الإعذار على افتقاد مثل هذه النماذج، بل لعلنا نضيف أنه لولا تقصير الأولين و سوء فعلهم ما كان إرثنا لهذه التركة من التخلف، و نقعد نندب سوء حظنا وننوح على أحوالنا، و المولى سبحانه و تعالى يخاطبنا بقوله: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ...)[لأعراف: من الآية173].
فنحن في الحالين بُرَآء من الذنب براءة الذئب.
و يمتد بنا سوء الفهم، و يسافر معنا عبر مراحل الزمان، فنبحث عن أمة، بل أمم في زماننا هذا تحمل عنا عبء البطالة و العنوسة و الفقر و تشويه اللغة ...الخ، فلولا العمالة الوافدة من شتى بقاع الأرض، و لولا الزواج من المسلمات الأجنبيات! و ننسى أنها أزمات تعاني منها منطقتنا العربية كلها، بل العالم بأسره، و ننسى (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [المؤمنون:52]. إن أنّ مشرقها بآهٍ، ردد مغربها صداه.
و هذا بدوره يقودنا لتلمس أزمة الفهم التي نعاني منها في تعاملنا مع القرآن، ففي الأمة نهضة لحفظ كتاب اللهK و لا شك أن ذلك خيرٌ كبير، فهناك من يمتلكون موهبة الحفظ المتقن، و لكن هذا لا يسوّغ أن يصل بنا الأمر لممارسة عقوبة الضرب مثلاً و الحرمان مما يحبه الأطفال ليستظهروا الآيات، و لكم ننتقد سياسة الحفظ كآلية معتمدة في مسيرة التعليم، و لكن لا بأس من اعتمادها عند التعامل مع القرآن! و لننظر إلى ما يؤول إليه الحال، و لنتدبر! انعكاس مهارات الحفظ على أخلاقنا و تعاملاتنا و اقتصادنا و سياستنا ....و عالميتنا! في زمان العولمة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107].
نعيش أزمة فهم لماهية التربية من حيث أنها ثقافة تؤثر في السلوك، و تقويم في الاتجاه الذي يحبه الله و يرضاه، مما يستلزم منا استمرارية ضخ الكثير من القيم و المعاني في عقول الناشئة و وجدانهم فتتراكم و تترسخ، و لا تكون يوماً عرضة للمساومة .
فليس من المفترض أن ننتظر حتى يكذب أولادنا لنبدأ في تعليمهم قيمة الصدق، أو أخذهم ما لا يحل لهم لنشرع في تبيان الحلال و الحرام، وقد نفعل ذلك من دون استصحاب أنهم مخلوقون لزمان غير زماننا، فلا نعتمد التجديد و الإضافة لقيم و مفاهيم لنتناسق و نتناغم مع سنن التغيير و التطوير في هذا الكون، فالشرع حاكم على العرف و المسلم منتج قبل أن يكون مستهلكاً، و ما هو الإنتاج؟ و ما معنى التنمية؟ و كيف يكون التدريب و الذي وصل نصيب الفرد الياباني منه في السنة ما يوازي (320) دولاراً و الأمريكي (200) دولار و العربي 1.5 دولار؟* ، و عندها فلن نعثر على طفل في العاشرة يرى أن امتلاك هاتف نقال حق أصيل له، لماذا؟ ما الهدف؟ سوى أن زملاءه على هذا الحال، فيحكمه العرف دون الشرع الذي يربيه كي يساهم في تحويل أمته من أمة مستهلكة إلى أمة منتجة، و أننا نتميز لا بما نملكه و إنما بما نكونه.
و الرجولة وفق التحديث اللازم و لكي تستعصي على المساومة، هي الاستعفاف و التزام وسطية الشرع عند استشراف الجمال فلا تخضع لعرف الفضائيات، و من ثم فلن نعثر على شاب يساهم في رفع أسهم أمته في بورصة الاستهلاك عندما تنفق المرأة في منطقة الخليج و في عام واحد فقط أربعة مليارات ريال على أدوات الزينة و التجميل**، غير ما يُنفق من الجهد و الطاقة .
نعيش في أزمة فهم متبادلة بيننا و بين الغرب، و نطالبهم بما يتوجب علينا أن نكون من أربابه، لا من أجلهم، و إنما من أجل أن العدل و الإنصاف من ثوابتنا
ما أشد تعرض الاجتهاد وفق الكتاب و السنة و من علماء أفاضل لتهمة التعمد للمساس بالثوابت!!
و ما أهون التخلي عن هذه الثوابت عند تقييم الآخر المخالف لنا في العقيدة!! (...وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا...)[المائدة: من الآية8]، و كأننا نخشى إنصافه، و الذي قد يكشف سوءات تقصيرنا في الأخذ بزمام العلم و التقدم والذي برع فيه و حاز السبق.
و لِمَ لا نفعل؟ ألم نعش أزمة فهم عقوداً طويلة كان شعارها "...و من نافسك في الدنيا فألقها في نحره "!
و ها نحن قد ألقيناها بكل ما فيها دون تحقيق لسندٍ أو متن أو فتوى تتغير زماناً و مكاناً، فما بال الأقوال المأثورة؟
لا نفرق بين إرادات الشعوب و الحكومات، فهم و بكل إصرار عندنا سواسية و على نفس القدر من الفهم و الاستيعاب، ما أرادوا بنا إلا شراً، و ما أضمروا حيالنا إلا السوء، و ما يكتب منهم و لو مفكر واحد أو عالِم ما فيه إنصاف للمسلمين، و ما يعكس رغبة الكثير منهم لمعرفة الإسلام، و الذي قد تجد صوراً لتطبيقه مما ينبئ عن رغبة هذه البشرية في العيش في أمن و أمان و سعادة و سلام، فحين تُنذر أُم مسلمة في كندا بأخذ أولادها لتشرف على رعايتهم الجهات المتخصصة؛ لأِنها أهملت بتركهم بمفردهم، و هما في الثالثة و الخامسة من أجل الذهاب لعملها، مما استلزم اتصال المدرسة الملحق بها الثاني للاستفسار عن سبب تَغيبه، و الذي كان بسبب مرض الأول، و عدم تمكن الأم من المكوث بجانبه، فتذهب إحدى المسؤولات و تحصل على مفتاح السكن، و الذي يتوجب ترك نسخة منه مع الحارس، و تقوم بإعداد طعام الإفطار، و رعاية الأولاد لحين عودة الأم، و التي اعتذرت بعدم معرفتها بقوانين البلاد، أوَ لم تكن على علم بالشرع؟
أوَ ليس هذا من النظام الجميل و الانضباط الذي يحبه الإسلام و يرضاه لصلاح البشر جميعاً؟
و حين يقر مجلس اللوردات البريطاني قانوناً برفض الأدلة التي تُؤخذ تحت التعذيب، ألا يقرب هذا المسافات بيننا و بين تلك الشعوب، و تلك العقول المنصفة؟! وكثير؛ فلا يخلو مجتمع من خير و قيم و مثل، و لا ينفرد آخر بالشر و الأذى و العدوان.
ليست دعوة للتعاطف المطلق مع الغرب و تجاهل ما ترتكبه حكوماته في بلاد المسلمين، و إنما محاولة لرؤية أكثر وضوحاً حتى - و مهما كانت الضغوط - لا تُخدش ثوابتنا .
و في سياق ذي صلة يمتد سوء الفهم فيتهيأ لبعضنا أن التحقير و التصغير لمن اعتمدوا أفكاراً تُنسب إلى الحداثة و العلمانية و العصرانية ...الخ هو الأسلوب الأمثل لمخاطبتهم، و لعل منهم الجاهل أو المتأول، و حتى لو كان متعمداً، أوَ ليس من بين جوانحه نفسٌ تتألم، و إذا كان التوجيه الإلهي بعدم المبالغة في إلحاق الأذى بالكافر المحارب (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ...)[النساء: من الآية104]، بل إن أراد سماع الحق فلا تحقير و لا تصغير، و إنما (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ...)[التوبة: من الآية6]، فما بال من لا يزال ينطق بالشهادتين، و إذا لم يأت فلماذا لا نذهب نحن، و نحن الأكثر قوة و ثقة بالحق الذي نملكه (...ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ...)[المائدة: من الآية23]، و ما كان أرفق و أجمل رد أحد علمائنا الكرام في مؤتمر الحوار الوطني بأبها حين طالب أحدهم بفك الارتباط يبن النشاطات الخيرية و أعمال الإغاثة فلا تُحاصر بالإسلام، فهذه أعمال إنسانية لا وطن لها و لا دين، فتأتي الحجة الهادئة تقرع مثيلتها و تفندها، - ما صاحبها غمز و لا لمز و لا تحقير، وهكذا كل من كان له نصيب من علمٍ أو حكمة - و لماذا إذن لا تتكرر نفس الدعوة من صاحبها بفك الارتباط المزمن بين النشاطات التبشيرية و أعمال الإغاثة؟
أزمة الفهم التي نحياها تعكس سؤالاً ملحاً ... لماذا هذه العلاقة الحميمة بيننا و بين سرعة الاصطدام بالآخر؟
أم هو اصطدام مع النفس؟!
فتكون أزمة الفهم التي يعاني منها المسلمون - و ما سبق كان على سيبل المثال لا الحصر - هي فرع عن أزمة فهم مع النفس؟
ـــــــــــــــ(61/57)
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
حقوق المرأة للمرة قبل الأخيرة د. أبوبكر محمد عثمان*
لا زال الباحثون يطاردون المفكرين المسلمين؛ مستفسرين عن موقف الإسلام من حقوق المرأة، ومع أن هذا الموضوع قد قُتل بحثا إلا أنه ما دام أن السؤال لا زال متجددا فلا بأس من تلخيصها فيما يلي من المواضيع المثارة وهي: الميراث، والقوامة، والطلاق، وتعدد الزوجات، والعمل، والتعليم، والحقوق السياسية.
- أما حصولها على نصف الميراث فهذا مقابل إعفائها من الإنفاق على نفسها، فضلا عن النفقة على غيرها؛ بل هي مكفولة أما وأختا وزوجة، وابنة؛ فأين الحيف؟! ومن الرابح؟!.
- أما القوامة فمعناها الحماية، والرعاية، والنفقة؛ أي إن الرجل مسؤول عن القيام على مصالحها دون أدنى مسؤولية من جهتها؛ لذلك أُعطي السلطة داخل مؤسسة الزوجية؛ فما من غنم إلا يقابله مغرم؛ فما ظن المرأة التي تطالب بتبادل المواقع؟!؛ هل يمكنها حمايته، ورعايته، والإنفاق عليه مقابل حصولها على السلطة، والقوامة؟!.. هذا هو دين الفطرة؛ فمن ناطحها نطحته!!..
- أما حق الطلاق فمكفول للمرأة، ويمكنها النص عليه في وثيقة الزواج - على قول لبعض أهل العلم - بحيث وقتما رأت أن الانفصال يحقق مصلحتها لم تحتج إلى موافقة الزوج.. ولكن لم نر إلا قلة قليلة من النساء طلبن أن تكون العصمة بأيديهن؛ لعلمهن أن الرجال أصبر على تحمل المشاكل، وعلى السعي لحلّها برويّة دون اندفاع، والأهم أنها لا يمكنها استعمال هذا الحق غير مرة واحدة؛ بخلاف الرجل الذي يملك ثلاث فرص قبل أن تُحَرَّم عليه زوجته، وحينئذ يمكنه الاقتران بها إذا تزوجت من آخر؛ فمات عنها، أو طلّقها وانتهت عدّتها.. فلو تبيّن أنها تسرّعت في استعمال حقها لم يكن سبيل لرأب الصدع، ن أ مأن تحرم منننتنوجبر الكسر؛ فلا يتصور أن تعود فتخطب زوجها الذي طلّقت نفسها منه.
- أما تعدد الزوجات فالمرأة هي المسؤولة عنه؛ وليس الرجل؛ فهي تقبل استمرار الزوجية إذا تزوج زوجها بأخرى، وتفضل أن تحتفظ بنصف أو ثلث أو ربع رجل بدلا من أن تفقده كله، والمرأة تقبل أن يتزوجها رجل متزوج؛ وتفضل ذلك على الانتظار الذي قد يؤدي إلى العنوسة؛ فعلى المتحمّسات ضد التعدد منع النساء من قبول الزواج من رجل متزوج، وتحريضهن على طلب الطلاق إذا تزوج رجالهن؛ وذلك بدلا من التوسل إلى الرجال بالتوقف عن خطبة النساء؛ فلا أظنهن سيكففن عن ذلك.
- أما العمل السياسي فأنا أتساءل: أليس الحمل تسعة أشهر عملا؟!، وأليس تحمل الآم الوضع لثماني عشرة ساعة عملاً؟!، وأليس الإرضاع لسنتين عملاً؟، وأليست الرعاية لخمس سنين بعد ذلك عملاً؟!.. فإذا انفردت النساء بهذه الأعمال دون الرجال فما وجه العدالة أن تشارك الرجل في العمل خارج المنزل دون ضرورة؟!؛ أليس هذا كقول قوم سبأ (ربنا باعد بين أسفارنا).. أما إن كانت مطلقة، أو أرملة، أو تريد أن تساعد زوجها الفقير، أو كانت ... وكانت خبرة نادرة فلا أحد يمنعها من العمل؛ على ألاَّ يشتمل على تبرج، أو اختلاط، أو خلوة.
- أما التعليم فلعلّ البعض منعه عندما تفشى الفسق بين الرجال والنساء؛ حفاظا على شرف بناتهم، لكن منعهن من التعليم والتعلّم لا دليل عليه من الكتاب أو السنة ما دام أنه يخلو من المحاذير الشرعية؛ ولا يفضي إلى مفاسد؛ بل إن الإسلام يحث الإنسان على الاستزادة من العلم (وقل رب زدني علما)، ومعظم الذين يطالبون بتعليم المرأة لا نظن إلا أنهم لا يرضونه لنسائهم إلا بالشروط الشرعية.
- أما طلب دخول البرلمان، والوزارات فلعله لحرصهن أن يكن في موضع اتخاذ القرار؛ للحفاظ، أو لاسترداد حقوقهن التي اغتصبها الرجال بزعمهن، وهنا تفصيل:
- أ/ من الذين ربى هؤلاء الرجال المغتصبين؟!؛ ألم ينشأوا في حجور النساء، وكانوا كالعجينة يشكلنها كيف شئن؟!.. فلماذا لم يعلمنهم احترام المرأة، وتوقيرها، والعطف عليها؛ وليس فقط الحرص على إعطائها حقوقها بدون مطالبات من جهتها؟!.
- ب/ أليست الأغلبية في البرلمانات والوزارات من الرجال؟!؛ فهل حصل كل الرجال على حقوقهم، أم فقدها الكثير منهم بأساليب التكتيك، والغش، والتكتلات، والتزوير؟!.. وهل ضمن هؤلاء النسوة أنهن سيحصلن على حقوقهن لمجرد وجودهن تحت قبة البرلمان؟!.
- ج/ هل يحتاج منع العنف ضد المرأة لاستغلالها في الترويج للبضائع؛ حتى زيوت الشاحنات.. واشتراط الجمال للحصول على وظيفة؛ خصوصا للسكرتيرات، والمضيفات، وبائعات التذاكر.. وكذلك مسابقات الجمال.. والعمل في الملاهي والمراقص لتقديم الأطعمة والخمور والرقص أمام الرجال.. وكذلك اعتماد معاشرة الرجال لبعضهم واستخراج عقود زواج بينهم؟!؛ (فهذا يحصر أهداف الممارسة في تحقيق اللذة؛ ويتجاهل الهدف الأسمى؛ وهو الإنجاب)!!؛ ثم إذا تمتع الرجال بعضهم ببعض فأين نصيب المرأة؟! (هذا غير الحكم الشرعي، وما في ذلك من مفاسد وأضرار).. وكذلك فقدها لاسم أبيها لصالح اسم زوجها.. واعتماد رضى المرأة بالزنى مانعا من تجريمه؛ بحجة أنها حرة في جسدها؛ تفعل به ما تشاء.. فهل يسمح لها القانون أن تفقأ عينها، أو تزهق روحها أو أن تنتحر؟!؛ فلماذا تكون حرة في التصرف في ذلك الجزء من جسدها دون غيره من الأجزاء؟!.. فإن قيل: (إنما خلق الله ذلك الجزء لتلك الممارسة)؛ قلنا: (لكنكم جعلتم ضوابط حتى لقضاء الحاجة؛ فخصصتم أماكن للرجال وأخرى للنساء؛ فكيف لا يكون لأشرف علاقة بين الرجل والمرأة ضوابط؟!.
هل يحتاج منع كل هذا إلى دخول البرلمان، والوزارة؟!.
- أما رئاسة الدولة، والقضاء، والخلافة العظمى فهل تطلعت النساء لمثل هذه المواقع؟!، وكم وزيرة، ورئيسة دولة؟، وكم قاضية في أكثر الدول علمانية (فرنسا وألمانيا وإنجلترا)؟!.. لقد رفض الشعب الياباني تنصيب امرأة من الأسرة المالكة ملكة عليهم!!.. أربعمائة ألف امرأة امتنعت ألمانيا عن إعطائهن فرص عمل؛ وبدلاً من ذلك أعطتهم تراخيص لمزاولة الدعارة!!..( أها.. قلتو شنو؟!..)
ـــــــــــــــ(61/58)
ـــــــــــــــ
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
زوجة أخرى .. وحب يتيم
إعداد: عبد الفتاح الشهاري 20/2/1426
30/03/2005
شارك في التحقيق:
من السعودية ... منال الدغيم
من العراق ... ضحى الحداد
من فلسطين ... براهيم الزعيم
من الجزائر ... سامية مرزوقي
الزواج سنة من سنن الله في خلقه أوجبه الله -تعالى- للمحافظة على النسل والنفس
وتكوين الأسر والمجتمعات، وهو أيضاً من أهم عوامل الاستقرار النفسي والاجتماعي
والبناء الحضاري؛ فكانت الزوجة الأولى والثانية وحتى الرابعة في الدين الإسلامي
الحنيف لحل الكثير من المشاكل الاجتماعية، وإذا كان أسلافنا قد تجاوزوا هذا
الإشكال، وأخذوه بكل معانيه السامية فإنه -في وقتنا الحالي- لا يزال حبر الكثير
من المنظرين يسيل بين القبول و الرفض متجاهلين
بذلك الواقع المعيش، فمتى ولماذا يضطر الزوج للزواج بأخرى؟ وهل دائماً تكون الزوجة هي المظلومة في هذا الموقف؟ ألا يمكن أن تتحقق السعادة في ظل وجود الزوجة الأخرى؟ وهل يحقّ للزوج التلويح بالزواج بأخرى تهديداً لزوجته فيما يخالف هواه؟ ثم أخيراً ما هو الموقف الشرعي والنفسي من هذا الزواج؟ وما مدى قبول هذه القضية في المجتمع؟ للاطّلاع على مختلف الآراء كان لنا هذا التحقيق.
عدم الإنجاب هو السبب
السيدة فضيلة (من الجزائر) تقول: إن السبب الذي من أجله تزوّج زوجها بأخرى هو عدم قدرتها على الإنجاب، وقد قامت هي بإقناع زوجها بذلك خاصة بعد كبرها في السن، بل وتوضح لنا السيدة فضيلة أنها هي التي قامت بنفسها بخطبة المرأة الثانية؛ قائلة: أنه لا يمكن لها أن تحرم زوجها من الأولاد خاصة وأنه كان طيباً معها، ويعاملها معاملة حسنة.
الزوج الطائش
السيدة لبنى، تقول كان زوجي طائشاً وغير مبالٍ؛ فقد ارتمى في حب فتاة بعمر ابنته بعد أن جرى المال في يده، فأهمل بيته وأولاده، وبدأ بضربي وإهانتي، وكان يريد تطليقي لولا أن أهله وقفوا إلى جانبي وأجبروه أن يتكفل بفتح منزلٍ خاصٍ لي ولأولادي؛ إلا أني لم أسلم مع هذا أيضاً من إزعاج زوجته الثانية لي عن طريق الهاتف لكي أترك لها زوجي.
الزواج الثاني.. تهديد × تهديد
يجد بعض الرجال التهديد بالزوجة الأخرى سلاحاً يشهره في وجه زوجته عند كل اختلاف، لكن هل هذا التهديد سيعالج حقاً المشكلة؟
الأخت ليلى الزايد (جامعية)، توافق على أن الغضب ورؤية التقصير يثيران تهديد الزوج بالأخرى، لكنها لم تبدِ رأيها حول حقّه في ذلك، وإن لمّحت بأنه يؤثر على الزوجة ضيقاً وحنقاً، وقد يؤدي بها إلى التحسّن!
وترى السيدة سلافة أنه يحق للزوج أن يهدّد زوجته بأخرى كوسيلة ضغط، إذا رأى أن الزوجة قد أخلّت بحقوقه الزوجية إخلالاً كبيراً، ولم تُجْدِ معها النصيحة تلو الأخرى.
الزوجة الأخرى.. للقبول أسباب
من الأسباب التي تدعو المرأة لأن تكون ضرّة لغيرها هو (العنوسة)، فالسيدة كريمة (من الجزائر) تقول: أنا ضرّة وقد رضيت بذلك لأن قطار الزواج قد فاتني، وأنا أفضّل أن أكون زوجة ثانية بدلاً من أن أكون عانسًا، وتضيف: إنني أبحث بالدرجة الأولى عن الاستقرار النفسي، وتؤيدها في هذا السيدة (نصيرة) التي تقول: لقد عانيت كثيراً من العنوسة ونظرة المجتمع لي، وقد أجبرني أهلي على أن أكون ضرّة، فالمهم أنني تزوجت.
الزوج أيضاً ضحيّة
موضوع تعدد الزوجات لا يستلزم فقط معرفة رأي الزوجات بل الأزواج أيضا؛ فالسيد علي (من الجزائر) يقول: اضطررت للزواج مرة أخرى لسوء أخلاق زوجتي فهي صعبة المزاج وطلباتها لا تنتهي، ولا شيء يرضيها، فهي لا ترى في شخصي سوى راتبي لتصرفه في أمور الزينة وعلى صديقاتها وقريباتها. ويضيف السيد علي: حاولت أن أغير طباعها، ولكني لم أستطع فاضطررت للزواج من أخرى لأجد عندها الاستقرار العائلي.
ويؤيده في الرأي الأستاذ أبو محمد من السعودية؛ إذ يقول إن زواجي المبكّر من الثانية جاء لرفض زوجتي الأولى كثيراً من حقوقي الزوجية، فحاولت أن أتجاوز المشكلة بزواجي من الثانية.
ويرى الأستاذ أبو فيصل من السعودية أن هناك عدة أسباب تدفع الرجال للتعدّد، فهناك الرغبة في كثرة الأولاد، كما أن بعضهم يودّ إعفافاً أكثر من امرأة، وبعضم يتزوج بأخرى لعدم كفاية زوجته من الناحية الجسديّة.
الرغبة في التعدد
الدكتور مازن هنية رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية بغزة (والمتزوج بأكثر من واحدة) سألناه عن رأيه في الدوافع الشخصية لتعدّد الزوجات، فقال: عندما نسأل عن الدوافع الشخصية لتعدد الزوجات فهذا سؤال ساذج في ظني؛ لأن الشخص قد تكون له دوافع كثيرة، لكن إن لم تكن الرغبة موجودة لما وُجد التعدّد بغض النظر عن كافة الدوافع الجانبية، لأن الزواج نفسه في حد ذاته مسؤولية بدون تعدّد، ولو لم يوجد الدافع من ذات الإنسان والرغبة للزواج لتقاعس الكثيرون عن الزواج، وهذا يشهد له المجتمع الغربي، فحيث إن الناس يستطيعون تحقيق رغباتهم بغير الزواج فقد اكتفوا بتحقيق هذه الرغبة، وعزفوا عن الزواج لئلا يتحملوا المسؤولية والآثار المترتبة على ذلك الزواج، فتعدّد الزوجات قد تكون له دوافع كثيرة ومتعددة ومختلفة من شخص إلى شخص، لكن أساسها هي الرغبة في التعدّد هذا إذا تحدثنا عن القضية بشكل كلي لا جزئي.
وأضاف هنية: إن تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية أمر أباحه الله سبحانه وتعالى، ويمكن لأي شخص استناداً لرغبته في التعدّد أن يعدّد لأن الإنسان أسير فكره. وأوضح أن التعدّد مشروع، وما دام كذلك فإنه يجوز لأيّ شخص القيام به، ولا غضاضة ولا حرج في ذلك حيث قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) وهذا نص صريح وواضح في إباحة التعدد، فمحاسنه الإيجابية بقدر آثاره على الأزواج ومساوئه أيضا بقدر آثاره السلبية على الأزواج.
التعدّد عندما يكون إيجابياً
يوضح د. مازن هنية رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية بغزة بأنه لو تم تقييم الموضوع من ناحية المجتمع، فتعدد الزوجات مما لا شك فيه أمر ايجابي على المجتمع؛ لأننا عندما نرى أن الفتيات قد حصل لهن الإحصان فان هذا يؤدي إلى أمان المجتمع، ٍأما إذا وجدنا الكثير من الفتيات لم يحدث لهن هذا الإحصان في الزواج فهذه تُعدّ مشكلة.
اختراق وتفكيك للأسرة
في الجانب الآخر تقول أ.د فوزية العطية (أستاذة علم الاجتماع - كلية الآداب - جامعة بغداد): الزواج بأخرى - من وجهة نظر علم الاجتماع- دون سبب قويّ هو تفكيك للأسرة، وذلك لاختلال وزن الأسرة من خلال توزيع الحب والعاطفة والمال والوقت بين عائلتين أو أكثر, والضحية الكبرى دائما الأطفال الذين سمعنا وشاهدنا منهم الكثير ممن سلكوا مسلكاً غير صحيح لانعدام التربية أو الرقابة عليهم بسبب اهتمام الوالدين بأنفسهم فقط، تاركين أولادهم في مهب الريح، والزواج بأخرى هو حلال شرعاً، ولا يتم إلا بأسباب مثلاً إذا كانت الزوجة الأولى عاقراً، أو إذا كان مكتفياً مادياً أراد أن يتزوجها للإحسان أو لأسباب أخرى تستدعي لذلك، وبالطبع فكما يقول عز وجل: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) فالإنسان عبارة عن كتلة من المشاعر والأحاسيس التي لا يستطيع السيطرة عليها، فالرجل لا يقدر أن يوازن في حبه لزوجاته؛ فهو بالتأكيد سيفضل واحدة على أخرى, من هنا يبدأ الصراع وتعيش العائلتان في دوامة كبيرة, وما يهمّنا هنا الأسرة، فهي مؤسسة اجتماعية مهمتها تنشئة الأطفال في بيئة هادئة وسعيدة بعيدة عن النزاعات، ومع وجود هذه المشاكل تتفكك العائلة بسهولة ويسهل على أي غريب التسلل وتجزئتها؛ ففي سجون الأحداث مثلا تمتلئ بالأولاد الذين دخلوا بسبب تزوج الأب من أخرى، وتفكك العائلة مما يؤدي إلى ضياع هذا الولد, وفي سجن النساء أيضا هنالك نساء دخلن السجن بسبب قتلها لزوجها الذي فضّل أخرى عليها، ومن وجهة نظري فسبب ميل الرجل الزواج بأخرى حالياً هو زيادة الإنجاب وخصوصاً من ذكور إذا كانت زوجته تنجب البنات, والسبب الآخر هو أنه يحس بأن الزواج بأخرى له مكانة وهيبة اجتماعية، وإذا كان مثلاً غنياً يحب أن يتزوج، وهنالك أسباب أخرى مثل عامل الجنس وغيرها.
قضية مقبولة
من جهته يقول د جميل الطهرواي أستاذ الخدمة الاجتماعية: إن علم الاجتماع والعلوم الإنسانية علوم متغيرة في كل مجتمع يكون لها نظرة خاصة؛ فهي ليست كالعلوم الأخرى التي وصلت إلى حد كبير من الموضوعية مثل علوم الفيزياء والكيمياء؛ فبالنسبة إلى نظرة الاجتماعيين ستكون نظرة الاجتماعيين نابعة من تقييمها لثقافة المجتمع وما يهم هذا المجتمع، أما بالنسبة لمجتمعنا الفلسطيني الذي يتميز بانتمائه إلى الدين الإسلامي فيعتبر تعدّد الزوجات قضية مقبولة بدون طرح المبررات العقلية كارتفاع عدد نسبة الإناث، كذلك إصابات العمل في كل العالم في الذكور أكثر، فنحن المسلمين نقبل بدون مناقشة؛ لأنه إما أن نؤمن أو لا نؤمن، لأن الله تعالى أباح تعدّد الزوجات .
وللشرع رأيه
حول هذه الظاهرة وآثارها، يقول الشيخ أ.د. فالح بن محمد الصغير، أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
إن الزواج الناجح يقوم على المودة والرحمة، وغض النظر عما في الطرف الآخر من تقصير، ولن ينجح الزواج القائم على البغض والكراهية والتعنيف والإيذاء، ومما يؤذي الزوجة ويحرمها الراحة النفسية ويسبّب لها الهمّ والغم، ويوقعها في حرج من أمرها، هو تهديدها من الزوج بالتزوّج بأخرى لما خلق الله الغيرة في النساء.
وظن الرجل أن معنى قِوامته هو أن يتسلط عليها بالسبّ والشتم وإثارة الغيرة فيها حتى تفقد عقلها ظن في غير محلّه، بل يصل الأمر إلى ضرب الزوجة ضرباً مبرحاً كأول علاج للتقصير من الزوجة سواء أكان هذا التقصير بقصد أو بدون قصد!
أما شرعنا الحنيف، فإنه يعلمنا أن معنى القِوامة ليس في التشديد والتعنيف والتوبيخ والتهديد، إنما هو توجيه برفق ولطف وإرشاد بالحكمة والإحسان، ولا يكون ذلك إلا بالاقتداء بقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، الذي لم يكن يواجه الناس بالعتاب فضلاً عمن هن أقرب الناس إليه من الزوجات والبنات.
ـــــــــــــــ(61/59)
ـــــــــــــــ
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
ظلم المرأة في ظل الحضارة الغربية
موقع إسلاميات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد / فتعاني المرأة الغربية من الويلات في ظل الحضارة الغربية المعاصرة ومن تلك الويلات التي فتكت بالمرأة الغربية ظواهر وعلامات نحاول أن نبينها في هذه المقالة:
أولاً : استخدام المرأة في الدعاية والإعلان
لا يخفى على المتأمل في واقع المرأة الغربية أنها استغلت استغلالا سيئاً من خلال الإغراء بها في وسائل الدعاية والإعلان لمنتجات مختلفة، بعضها متعلق بالمرأة والآخر لا علاقة لها بالمرأة ..ففي مجال الأفلام تستخدم المرأة استغلالا تجاوز كل الحدود الشرعية والإنسانية في عرض المرأة عرضا فاتنا صارخاً ، والمجلات الهابطة لا يمشي سوقها إلا إذا ملئت المجلة بصور النساء الجميلات ..ففتاة الغلاف تختار بعناية لجذب الزبائن ..وهناك في الغرب ..فئات كثيرة من التجار يضعون في محلاتهم التجارية نساء جميلات تقف عند أبواب متجارهم لجذب الزبائن والتأثير عليهم، والتلطف معهم حتى يدخل المحل .
وهكذا فالمرأة تبتز بشكل بشع في المجتمعات الغربية .(وحسب بحث الماجستير للباحثة جيهان البيطار(حول أخلاقيات الإعلان) فقد جاء فيها :
* 93% تستخدم السيدات .
* 73% منها يتم تقديمها من خلال حركة المرأة .
* أكثر من النصف يحتوي إثارة في المضمون [1]
ثانياً : فتح مجالات عمل لا تتناسب مع طبيعة المرأة .
فبناء على نظرية المساواة المزعومة في العالم الغربي طالبوا بأن تعمل المرأة كما يعمل الرجل، فهي تعمل في المناجم وصناعة المواد الثقيلة وتنظيف الشوارع وقيادة الشاحنات وحمل السلاح وحراسة الأمن وغيرها من الأعمال التي لا تليق إلا بالرجال، وهذا من ظلم المرأة، والتي سببت لها آثاراً عظيمة على أنوثتها وعفافها وصحتها الجسدية والنفسية.
ثالثاً: العنف والاعتداء على المرأة .
وصور الاعتداء على المرأة إما أن يكون بالضرب أو التحرشات الجنسية أو الاغتصاب وأخيرا القتل .
الاعتداء عليها بالتحرشات الجنسية :
لقد كشف مسح استطلاعي أعدته وزارة الداخلية البريطانية أن 80% ( نعم.. ثمانون في المائة) من ضابطات الشرطة ، أي بنسبة أربعة إلى خمسة ، يتعرضن للمضايقات الجنسية خلال نوبات العمل الرسمية .
شارك في الاستطلاع 1800 ضابطة في عشر مديريات أمن في إنكلترا وويلز ، وأشرفت عليه الدكتورة (جنيفر بروان) وهي باحثة اجتماعية في الوحدة الملحقة في مديرية أمن (نيوهامبشاير) أليست نسبة مفزعة ؟ أربعة أخماس الشرطيات ـ عفوا ضابطات الشرطة ـ يتعرضن للمضايقات الجنسية ، ومتى ؟ خلال نوبات العمل الرسمية !! خلال العمل على حفظ الأمن !! [2]
هذا في حق حامية الأمن، أما في حق الساهرات على مصلحة المرضى فهناك أفعال يندى لها الجبين .
أشارت دراسة صدرت عن جمعية علم النفس البريطانية إلى أن 60 % من الممرضات اللاتي تم استطلاع آرائهن قد عانين من التحرش الجنسي من مرضاهن الرجال .
وأوضحت الدراسة أن أشكال التحرش الجنسي تمثلت في ممازحات صفيقة ، واقتراحات تتضمن الدعوة إلى ممارسة الجنس، بالإضافة إلى الملامسة الجسدية مباشرة، واتضح أن معظم الممرضات يعانين في صمت، ويفضلن عدم الإبلاغ عن تلك الحوادث بنسبة 76% .
وقد دعت الباحثة النفسية البريطانية سارة فينيز خلال مؤتمر لجمعية علم النفس البريطانية عقد في لندن ، إلى ضرورة صياغة توجيهات ولوائح داخلية تلزم الممرضة بالإبلاغ عن جميع حالات التحرش الجنسي التي تعاني منها خلال العمل ، على أمل أن يؤدي ذلك إلى الحد من تلك الظاهرة المسيئة لمهنة التمريض ومؤامرة الصمت التي تحيط بها .
وقد أشارت الدراسة إلى أن الرجال (المرضى) لا يتورعون عن الإتيان بأفعال يندى لها الجبين خلال قيام الممرضات بمساعدتهم [3].
هل رأيتم وتأملتم لا آلام المرضى ،ولا اقتراب الموت ، ولا أجواء المستشفى ؛ جميعها لم يمنع هؤلاء المرضى من القيام بتلك الأفعال التي وصفتها الدراسة بـ ( يندى لها الجبين) .
علماً أن الدراسة لم تتحدث عن الأطباء والممرضين ، واكتفت بالمرضى ، ولا ندري كم تبلغ النسبة حين تضاف إليها اعتداءات أولئك ؟!!
الاعتداء عليها بالاغتصاب :
أعلن مركز الضحايا الوطني الذي يناصر حقوق ضحايا جرائم العنف : أن معدل الاغتصاب في الولايات المتحدة أصبح يبلغ 1.3 امرأة بالغة في الدقيقة الواحدة ؛ أي 68000 امرأة في العام .
وأضاف المركز أن واحدة من كل ثماني بالغات في الولايات المتحدة تعرضت للاغتصاب ليكون إجمالي من اغتصبن اثني عشر مليونا ومائة ألف امرأة على الأقل .
ويشير المسح إلى أن 61 % من حالات الاغتصاب تمت لفتيات تقل أعمارهن عن 18 عاماً ، وأن 29 % من كل حالات الاغتصاب تمت ضد أطفال تقل أعمارهم عن 11 عاما.
وأظهرت الأرقام زيادة معدل الاغتصاب عن العام الذي سبقه بنسبة 59 % !! [4]
وتقول دراسة أمريكية : إن جرائم الاغتصاب شأن هجمات واعتداءات الغرباء ، تنخفض خلال الشتاء ؛ لأن الناس لا يخرجون كثيراً ... وبالتالي فإن فرص الالتقاء تكون أقل [5].
ولو أردنا أن نترجم هذا الكلام إلى نتيجة علمية فإننا نقول : عندما يقل الاختلاط .. يقل الاغتصاب .
أي أن الإسلام العظيم حين يحد من الاختلاط، ويضيق من فرصه ومجالاته فإنه يحد من جرائم الاغتصاب ، ويحد من فرصها ومجالاتها .. وهذه مجتمعاتنا المسلمة ، رغم عدم التزامها التام بالإسلام تنخفض فيها نسب جرائم الاغتصاب ..وإذا كانت بعض مجتمعات المسلمين بدأت تعاني من تزايد جرائم الاغتصاب فيها ، فإنما هذا بقدر بعدها عن الإسلام والتزامها بأوامره [6].
رابعاً: استغلال المرأة في التجارة الجسدية .
لقد استغلت المرأة هناك جسدياً حتى ظهرت ظاهرة تسمى بتجارة الرقيق الأبيض بلغت أرباحها بالملايين وإليك بعض الأرقام :
ألقت الشرطة التشيكية القبض على أربعة رجال وامرأة كانوا يشكلون عصابة لاستدراج الفتيات التشيكيات إلى الغرب عن طريق وعدهن بالعمل في الغناء والرقص في النوادي الليلية مقابل رواتب مغرية فيما كان الهدف من ذلك إجبارهن على ممارسة الدعارة أو المشاركة في تمثيل أفلام جنسية.
وذكرت بلانكا كوسينوفا المتحدثة الصحافية باسم رئاسة الشرطة التشيكية أن العصابة استدرجت 25 فتاة تشيكية، وأن أحد أفرادها أجنبي من دولة من جنوب شرق أوروبا غير أنه انتحر قبل إلقاء الشرطة القبض عليه، أما زعيم العصابة فألقت الإنتربول القبض عليه في برشلونه وسيسلم إلى القضاء التشيكي لاحقا. ورغم هذا النجاح للشرطة التشيكية إلا أن ظاهرة استدراج أو "تصدير" الفتيات من تشيكيا ومن دول أوروبا الشرقية الاخرى بمختلف الأساليب لا تزال تعتبر من الظواهر المقلقة التي تعيشها هذه الدول منذ سقوط الأنظمة الشيوعية فيها، وما أعقب ذلك من تراجع مستويات المعيشة وسهولة الانتقال عبر الحدود واللهث وراء المال بأي ثمن كان.
ويؤكد تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية أنه يجري سنويا بيع نصف مليون امرأة إلى شبكات الدعارة في العالم، وأن النساء من دول أوروبا الشرقية يشكلن ثلثي هذا العدد، أما أعمارهن فتتراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين
وتعترف منظمة الشرطة الأوروبية "أوروبول" بأن تجارة الرقيق الأبيض منظمة بشكل جيد أما المنظمات غير الحكومية المهتمة بهذه المسألة وبعض الأجهزة الأمنية في أوروبا الشرقية فتؤكد أن الكثير من النساء يقعن في فخ الاستدراج الذي يجري عادة عن طريق نشر إعلانات مكثفة في مختلف الصحف في دول أوروبا الشرقية عن الحاجة إلى مربيات أو نادلات في المطاعم أو مغنيات أو راقصات أو عارضات أزياء للعمل في الغرب أو في بعض الدول البلقانية بعروض مغرية. وبعد وصول الفتيات إلى (أماكن العمل) تصادر جوازات سفرهن ويحتجزن لعدة أسابيع يتعرضن خلالها للإهانات والتعذيب ثم يجبرن على ممارسة الجنس مع كثير من الرجال إلى أن يروضن تماماً ثم يبيعهن القوادون إلى عصابات مختلفة الأمر الذي يجعل عودتهن إلى بلدانهن أو الوصول إلى الشرطة صعبا.
وتؤكد العديد من المصادر المتابعة لتجارة الرقيق الأبيض في أوروبا أن العديد من الدول والمناطق في البلقان غدت مفترق طرق بالنسبة للكثير من النساء ولاسيما اللواتي يستدرجن من جمهوريات رابطة الدول المستقلة كأوكرانيا أوملدوفيا وروسيا البيضاء، فالنساء الأكثر جمالاً يرسلن إلى أوروبا الغربية ولاسيما إلى المانيا وفرنسا وإيطاليا ، في حين أن الأقل جمالا وجاذبية يرسلن إلى تركيا واليونان والشرق الأوسط.
ويؤكد الكسندر لوناس الجنرال في الشرطة الرومانية الذي يترأس المركز الإقليمي لمكافحة الجريمة المنظمة أن مدينة برتشكو الواقعة في البوسنه والهرسك واقليم كوسوفو أصبحا من المعاقل الرئيسية لتجارة الرقيق الابيض، وأن أغلب الفتيات اللواتي يجري الاتجار بأجسادهن تتراوح أعمارهن بين 18-24 عاماً.
وكمثال حي على الطريقة التي تتبع للاستدراج يورد الجنرال قصة بطلة ملدوفيا السابقة في القفز سفيتلانا البالغة من العمر 28 عاما التي استجابت لإعلان نشر في إحدى صحف بلادها طلب فتيات للعمل في يوغوسلافيا السابقة في جني الخضار وبدلا من أن تمارس بهذا العمل انتهى مطاف هذه الفتاة الشقراء القادمة من كوسوفو في مكان قريب من الحدود مع ألبانيا وهناك باعها واشتراها ستة من أصحاب بيوت الدعارة وعندما تمردت على ذلك دفعت ثمنا كان سبعة كسور في أضلاعها ثم نقلت بعد ذلك ومن المستشفى مباشرة إلى منزل معاون النائب العام السابق في جمهورية الجبل الأسود زوران، غير أن الأخير لم يساعدها لأنه هو نفسه كان ينظم حفلات الجنس الصاخبة لمسؤولين كبار في هذه الجمهورية البلقانية الصغيرة ولم تتمكن من الهرب إلا بعد إلقاء القبض عليه وسجنه.
وفي دليل على الحجم الخطير الذي وصلت إليه هذه التجارة يقول تقرير حديث للمجلس الأوروبي إن أرباح القوادين ومجموعات المافيا التي تعمل في هذا المجال في دول الاتحاد الأوروبي ارتفعت في الأعوام العشرة الماضية بنسبة 400% وإن شبكات الدعارة هذه تعرض الآن نصف مليون امرأة للبيع يبلغ الدخل الذي تحققه النساء فيها للقوادين ومزوري الوثائق ومهربي البشر وغيرهم 13 مليار يورو سنويا.
وتعيد الدراسات الاجتماعية هنا سبب تفشي ظاهرة تجارة الرقيق الأبيض في دول أوروبا الشرقية باحجام كبيرة إلى تفشي الفقر وانتشار الفساد على نطاق واسع لدى أجهزة الأمن والقضاء وسهولة الانتقال عبر الحدود ووجود طلب كبير في الغرب على الفتيات الأوروبيات الشرقيات ورخص أسعارهن إضافة الى تعاون المافيات المحلية مع المافيات الغربية في ظل ضعف أداء أجهزة الأمن. ويسود اعتقاد لدى المنظمات غير الحكومية المتابعة لهذه المسألة بأن العديد من دول أوروبا الشرقية ستظل ولسنوات طويلة أخرى مراكز رئيسية في أوروبا لتجارة الرقيق الأبيض.)
وصدر عن منظمة الهجرة العالمية عام 1997 أن نحو 175 ألف امرأة تم الاتجار بهن عبر البلقان استقدمن من آسيا الوسطى إلى دول الاتحاد الأوروبي. 1000 ألف امرأة ألبانية وقعن فريسة لهذه التجارة.
(و أكد خبراء في الأمم المتحدة، أن تجارة الرقيق الأبيض، أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً، بين النشاطات غير المشروعة.
وجاء في ندوة عقدها مسؤولون من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات في البرازيل، وشارك فيها خبراء دوليون، ومسؤولون من الإنتربول، وشرطة اسكوتلانديارد، أن هذه التجارة تحقق عوائد بلغت أكثر من سبعة مليارات من الدولارات في العام الواحد، ويبلغ عدد ضحاياها أكثر من أربعة ملايين شخص، يهاجرون من بلادهم بصورة غير مشروعة سنوياً، الأمر الذي دفع وزير العدل البرازيلي إلى وصف الدعارة بأنها "مرض العصر )
خامساً : حرمانها من الحياة الزوجية السعيدة
في « مانهاتن» المدينة الأميريكية التي اخترعت بدعة العزاب المتمايليين تعيش النساء أزمة حادة .
فقد تبين من آخر إحصاء؛ أن هنالك امرأتين تعيشان دون زواج ؛ مقابل كل رجل أعزب ،وهذا يعني أن جيلا من النساء يتعرضن لخطر العنوسة
وتذكر الإحصائيات العلمية أن المرأة التي يتراوح عمرها ما بين 35ـ 39 عاماً لا تتوفر لها فرص الزواج إلا بنسبة 38% فقط .
ففي نيويورك - مقصد الشاذين والمتسكعين - أصبح العجز في عدد الرجال الذين يمكن الزواج منهم حادا جداً ..إلى درجة أن آلاف النساء الجميلات والذكيات والناجحات أصبحن يائسات من نجاح محاولاتهن الظفر بأزواج لهن !
ولقد جعل هذا الوضع النساء الأخريات - الأقل جمالا ونجاحا - يقتنصن كل فرصة سانحة للقاء رجال ، وإقامة علاقات معهم ، حتى دون زواج ، إلى حد قيام بعضهن بدفع تحويشة العمر للحصول على حصة بيت على الشاطئ تمضي فيه الصيف مع رجل ! كما أن بعضهن يلجأن إلى الإعلان في الصحف والمجلات عن حاجتهن إلى رجال) [7]
العجيب أن المرأة هناك هي التي تبحث عن الزوج وتحاول جاهدة أن تكرم صديقها وخليلها حتى يقبلها زوجة له ، بل وصل الأمر إلى أنها تخشى أن تفاتحه بالزواج فيتركها ويبحث عن أخرى .
يقول الدكتور عبد الله الخاطر- رحمه الله - : ( كنت أستغرب عند بداية إقامتي في بريطانيا أن المرأة هي التي تنفق على الرجل ، وكنت أشاهد هذه الظاهرة عندما أركب القطار ، أو أدخل المطعم ، إذ ليس في قاموس الغربيين شيء اسمه (كرم) وبعد حين زال هذا الاستغراب ، وأخبرني المرضى عن أسباب هذه الظاهرة ، وفهمت منهم بأن الرجل لا يحب الارتباط بعقد زواج، ويفضل ماأسموه (صديقة) والمرأة تسميه (صديقاً) وليس هو أو هي من الصدق في شيء ، وكم أساءوا لهذه الكلمة النبيلة ، فالصديق يعني: الصدق والمحبة والمروءة والنخوة والكرم والوفاء ، وما إلى ذلك من معان طيبة كريمة .
والصديق عندهم يعيش مع امرأة شهوراً أو سنيناً ، ولا ينفق عليها ، بل هي تنفق عليه في معظم الحالات ، وقد يغادر البيت متى شاء ، أو قد يطلب منها مغادرة بيته ، إن كانت تعيش معه في البيت ، ولهذا فالمرأة عندهم تعيش في قلق وخوف شديدين ، وتخشى أن يرتبط صديقها(!!) بامرأة ثانية ويطردها ، ثم لا تجد صديقاً آخر .!!
وكما يقولون (بالمثال يتضح المقال) فسوف أختار مثالا واحدا من أمثلة كثيرة تبين وضع المرأة عندهم :
رأيت في عيادة الأمراض النفسية امرأة في العشرينات من عمرها وكانت حالتها منهارة ، وبعد حين من الزمن شعرت بشيء من التحسن ، وأصبحت تتحدث عن وعي ، فسألتها عن حياتها فأجابت ؛ والدموع تنهمر من عينيها ، قالت : مشكلتي الوحيدة أنني أعيش بقلق واضطراب ، ولا أدري متى سينفصل عني صديقي، ولا أستطيع مطالبته بالزواج مني، لأنني أخشى من موقف يتخذه ، ونُصحتُ بالعمل على إنجاب طفل منه ، لعل هذا الطفل يرغبه في الزواج ، وبعدها أنت ترى الطفل ، كما أنك تراني لا ينقصني جمال ، ومع هذا وذاك فأبذل كل السبل ؛ من تقديم خدمات ! وإنفاق مال ! ، ولم أنجح في إقناعه بالزواج ، وهذا سر مرضي ، وسبب قهري ، إني أشعر بأنني وحدي في هذا المجتمع ، فليس لي زوج يساعدني على أعباء الحياة ، ولي أهل ولكن وجودهم وعدمهم سواء ، وليتني بقيت بدون طفل لأنني لا أريد أن يتعذب ويشقى في هذه الحياة كما تعذبت وشقيت ..
وهذه المريضة ليست من شواذ المجتمع الغربي ، بل الشواذ هم الذين يعيشون حياة هادئه ) [8]
سادساً : الضياع النفسي والروحي
المرأة الغربية محرومة من الاستقرار والراحة فهي دائماً في قلق واضطراب وخوف رهيب من المستقبل المجهول ، ( ففي فرنسا وحدها عشرة ملايين أرملة يستشرن منجمات - عرّافات - كل عام ؛ بسبب خوفهن من المستقبل ، تحت وطأة الضياع النفسي والروحي ) هذا ما أكدته مَنْ وُصفت بأنها «المنجمة الفرنسية المعروفة ليليان جرتييه» .
فكم مليوناً من النساء في سائر أوروبا ، وفي أمريكا ، وفي باقي دول العالم ؟ ألسن عشرات من الملايين الأخرى ؟! وحتى لا يقول أحد : إنما تذهب هؤلاء الفرنسيات إلى المنجمات والمنجمين تسلية وليس اعتقادا ؛ فإننا ننقل ما قالته المنجمة الشهيرة نفسها عن النساء اللاتي يقصدنها: «إنهن يعتقدن أنني أمثل المفتاح السحري الذي يحل مشكلاتهن من مرة واحدة وفي زمن قياسي» !! ولهذا فهن « يفرغن جيوبهن من أجل الهدف نفسه » أي إنهن يدفعن بسخاء [9]
سابعاً: تعريضها للأمراض المختلفة
تتعرض المرأة الغربية لأمراض مختلفة ومتنوعة ما بين الأمراض الجنسية إلى أمراض السرطان إلى غيرها من الأمراض كل ذلك بسبب تلك الحضارة الغربية التي أوصلتها إلى هذه المأساة العظيمة .
فمن تلك الأمراض :
* سرطان الجلد
(أكدت أبحاث أجريت مؤخراً ؛ أن النساء اللواتي يأخذن حمامات الشمس بالمايوه البيكيني ؛ يتعرضن للإصابة بسرطان الجلد 13 ضعاف عن النساء اللواتي يرتدين المايوه من قطعة واحدة تغطي الظهر ،أفلا يعني هذا أن المرأة المحجبة ..أقل نساء الأرض عرضة للإصابة بسرطان الجلد ..لأنها تستر جسدها كله عن أشعة الشمس ؟!
يقول أحد الأطباء إنه يوجد كل إنسان أوروبي حوالي ثلاثين ندبة ، ويعود سبب وجود الندبات المرضية منها إلى أشعة الشمس ،ويتحول بعضها تلقائيا إلى النوع الخبيث ) [10].
ومن تلك الأمراض وعدد المصابين بها[11]:
* مرض السفلس
(أعلن الدكتور (برك جونز) عام 1974م أن خمسين مليون شخص يصابون بمرض السفلس كل عام ) [12]
_ ( بلغ عدد المصابين المسجلين رسمياً لعام (1418هـ -1998م) - حسب تقرير منظمة الصحة العالمية - فيبلغ حوالي خمسة ملايين شخص. ويبلغ عدد الوفيات - حسب ذات التقرير - ( 159,000 ) تسعة وخمسون ومائة ألف شخص)
* مرض السيلان
(يعتبر هذا المرض من أكثر الأمراض المعدية انتشاراً في الوقت الحاضر، وقد يصاب به 200-500 مليون شخص في كل عام، معظمهم في سن الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15و28 سنة. وغالبيتهم من طلاب المدارس والجامعات.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية - مثلاً - يتراوح عدد الإصابات المسجلة رسمياً بالسيلان ما بين 4و5ملايين إصابة.
أما في البرازيل فتسجل يومياً حوالي عشرين ألف إصابة جديدة في العيادات والمستشفيات.
وفي فرنسا يقدر عدد المصابين بالسيلان سنوياً بـ 500 ألف رجل وامرأة وطفل.
وقد بلغ عدد المصابين بالسيلان لعام (1418هـ -1998م) حسب تقرير منظمة الصحة العالمية حوالي خمسة ملايين شخص.
أما الوفيات فيبلغ عددهم حسب ذات التقرير ثمانية آلاف شخص .
* مرض الهربس الزهري
يحتل الهربس الزهري - أو القوباء التناسلية - المرتبة الخامسة من حيث الانتشار في سلسلة الأمراض الجنسية.
وقد تضاعف عدد المصابين في العالم بهذا المرض منذ عام (1390هـ -1970م).
ففي الولايات المتحدة الأمريكية تسجل سنوياً مليون إصابة جديدة، ويقدر عدد المصابين فيها بحوالي 25 مليون شخص.
وتشكل هذه الإصابات 15% من مجموعة الأمراض الجنسية.
وفي اليابان يفوق عدد الإصابات الجديدة بالقوباء عدة مرات عدد الإصابات بالسيلان والسفلس.
وفي أوربا الغربية يشكل الهربس التناسلي 20% من مجموع الأمراض المتناقلة عبر الجنس، فقد تم رصد أكثر من عشرة آلاف حالة في بريطانيا وحدها عام (1400هـ -1980م).
وقد ذكر الدكتور (مورس) [13]اختصاصي أمراض الهربس أن نتيجة الدراسة التي قام بها في بريطانيا تشير إلى أن انتشار هذا المرض يزداد يوماً بعد يوم، وأن أكثر الإصابات به تقع بين الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 15-30 سنة. وأن هذا المرض يتناسب طردياً مع الجنس وطرق ممارسته وازدياده في المجتمع بطرق غير صحيحة، فيما يقل بالمقابل عند الذين يحبون العفاف ويسعون إليه.
وقد انتقل المرض إلى عواصم عالمية أخرى مثل: بروكسل وأمستردام وكوبنهاجن وستوكهولم وبرلين وباريس وجنوب إفريقية) .
* مرض الإيدز
( إن عدد الإصابات بوباء الإيدز منذ اكتشافه في أوائل الثمانينات حتى يومنا هذا في تصاعد مستمر ومخيف.
فحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية التي كشف النقاب عنها في المؤتمر العالمي الخامس ضد مرض الإيدز المنعقد في مونتريال بكندا عام (1409هـ -1989م)، فإن عدد الإصابات بمرض الإيدز حتى عام (1405هـ -1985م) لم يتجاوز 70,000 إصابة.
ثم ارتفع هذا العدد ما بين عامي (1406و1408هـ -1986و1988م)، ليصبح حوالي 300,000 إصابة.
ويقدر عدد الإصابات ما بين عامي (1409و1410هـ- - 1989و1990م) بأنه يتراوح ما بين 700,000 إصابة ومليون ونصف المليون إصابة.
وقد بينت منظمة الصحة العالمية بأنه إذا لم يستطع الأطباء إيجاد وسيلة فعالة للقضاء على هذا الوباء في السنوات المقبلة، فإن عدد الإصابات سيبلغ في أواخر هذا القرن خمسة ملايين إصابة.
ولكن يبدو أن توقعات منظمة الصحة العالمية عن عدد المصابين بهذا المرض كانت متواضعة جداً. فقد بلغ عدد المصابين بالإيدز بنهاية عام (1418هـ -1998م) 70,930,000 إصابة (35 مليون مصاب من الذكور، و34 مليون مصاب من الإناث تقريباً ).
وبلغ عدد الوفيات 2,285,000 شخص .
وذلك حسب الإحصاءات الصادرة عن المنظمة نفسها عام (1419هـ -1999م).
فهذه لمحة خاطفة عن حال المرأة في عصر الحضارة المسماة ( حضارة القرن العشرين) .
وما هي بحضارة ، وإنما هي قذارة وفجارة
إيهِ عصرَ العشرين ظنوك عصراً نيِّرَ الوجه مُسْعِدَ الإنسانِ
لست (نوراً) بل أنت (نارٌ) وظلمٌ مذ جعلت الإنسان كالحيوانِ [14]
وصدق الله تعالى إذ يقول: ? وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ?[طه: 124]
_________________________________
[1] مجلة البيان عدد ربيع الآخر 1420هـ
[2] جريدة الشرق الأوسط في عددها (5170 ) . نقلا من ( إنهم يتفرجون على اغتصابها ) محمد العويد . ص 23
[3] الوطن الكويتية العدد (5711) . نقلا من ( إنهم يتفرجون على اغتصابها ) محمد العويد . ص 27 .
[4] جريدة صوت الكويت العدد 542 . نقلا من : إنهم يتفرجون على اغتصابها ص 40.
[5] جريدة الشرق الأوسط العدد (5130) .
[6] انظر : ( إنهم يتفرجون على اغتصابها ) محمد العويد . ص 13 .
[7] انظر : وبضدها تتبين المسلمات ، محمد العويد ص 11 .
[8] انظر : مشاهداتي في بريطانيا ص 10 د . عبد الله الخاطر رحمه الله .
[9] انظر : وبضدها تتبين المسلمات ص 7-8 بتصرف . محمد العويد .
[10] انظر : من أجل تحرير حقيقي للمرأة ص 153 بتصرف .
[11] انظر : قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ص . د . فؤاد آل عبدالكريم ص 673 وما بعدها .
[12] انظر : غضب الله تعالى يلاحق المتمردين ( الأيدز ) لفؤاد بن سيد الرفاعي ص 40 وما بعده .
[(61/60)
13] الدكتور مورس لونقستن، أستاذ الفيروسات الطبية في كلية طب جامعة مانشستر - بريطانيا. انظر: الأمراض الجنسية عقوبة إلهية/عبدالحميد القضاة ص90.
[14] عودة الحجاب (2/56) .
ـــــــــــــــ(61/61)
ـــــــــــــــ
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
لماذا تزوج زوجي؟
قالت إحدى الزوجات:
'هذا زوجي ... وقفتُ بجانبه منذ زواجنا وعشنا على الحلوة والمرة ... والسراء والضراء' حتى إذا صار غنيًا فاجأني بهذه المفاجأة .. زواجه الثاني ..فهل هذا جزاء صبري معه, وصدق الشاعر حين قال:
وعلمته رمي السهام فلما اشتد ساعده رماني
انتهى كلامها
عزيزتي الزوجة الشاكية:
هلا حكّمنا العقل والشرع في مسألة التعدد بعيدًا عن العواطف والدموع, إن الإسلام حين يشرع وحين يبيح أمرًا ينظر إلى مصلحة العموم يقدمها على مصلحة الذات، جلبًا للمصالح العامة, ودرءًا للمفاسد الهالكة ... وهو في هذه الحالة يتفق والمنطق السليم والعقل الحكيم.
اللهم لا اعتراض
عزيزتي القارئة:
لا يحق لأي مسلم أو مسلمة الاعتراض على مشروعية التعدد فذلك اعتراض على المشرع الخالق الواحد الأحد سبحانه وتعالى الذي قال: 'لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ' [الأنبياء:23].
فكما أن المريض لا يحق له الاعتراض على الصحيح، وكذلك الفقير لا يحق له الاعتراض على الغني والعقيم لا يحق له الاعتراض على من يُرزق بالولد .. وهكذا مما لا يعلم حكمته إلا الله فكذلك التعدد لا يعترض عليه ولا تشوه صورته أمام الناس لأن فيه حكمًا وفوائد منها ما نعلمه ومنها ما نجهله.
فالتعدد تقتضيه الحياة خاصة لفئة من الناس أعطاهم الله تعالى من المقومات في الدين والعقل والصحة والمال ما يمكنهم من القيام بهذا الواجب الشرعي بكماله وأداء حقوقه كاملة والرجال لهم النصيب الأوفر من هذه المقومات, ولذا جعل التعدد من نصيبهم دون النساء.
فلو تفهمنا تركيب الرجل النفسي والجسمي والعضوي وما كلفه الله به من العمل لأدركنا أن الرجل مُهيأ للتعدد دون المرأة, فلو جمع الرجل أكثر من امرأة بعقد شرعي لما حصل اختلاط في الأنساب بخلاف العكس.
والتركيب الجسمي للرجل أصح من المرأة في الغالب بحكم طبيعة عمله وخلوه من الحيض والنفاس والحمل والإرضاع عكس المرأة, والرجل في الغالب يتحكم بعقله وبالتالي يستطيع الجمع بين امرأتين وثلاث وأربع هذا بخلاف المرأة التي تتحكم فيها العاطفة لتحنو على الصغار وتصبر عليهم.
وما الحكمة من تعدد الزوجات؟
إن الحكمة من تعدد الزوجات ظاهرة جلية بالنسبة للرجل والمرأة والمجتمع, والإسلام دين شامل كامل يصلح لكل العصور والأمكنة فالذي قال: 'أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ' [الملك:14].
قال أيضًا سبحانه وتعالى: 'فانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا' [النساء: 3].
وهناك حالات تستدعي التعدد لا محالة مثل حالات المطلقة والأرملة والعانس والعقيم أضف إليها حالات خاصة بطبيعة الرجل الجسمية والجنسية, وظروف الحرب.
فقد تكون الزوجة عقيمًا وحب الأولاد غريزة في النفس الإنسانية, وفي هذه الحالة الزوج أمام أمرين: إما أن يطلق زوجته العقيم أو أن يتزوج عليها أخرى, ولا شك أن الزواج عليها أكرم بأخلاق الرجال ومروءتهم من تطليقها, وهذا الحل من مصلحة الزوجة وليس لإضرارها.
ومن المبررات الإنسانية التي عالجها نظام تعدد الزوجات كامرأة يتوفى عنها زوجها وما زالت شابة وعندها أطفال، فلو تزوج منها رجل متزوج لكان في ذلك إعفاف للمرأة وصون لكرامتها وكفالة هؤلاء اليتامى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: 'أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا' وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما شيئًا.
وفي حالة العنوسة يُعد نظام التعدد وحلاً واقعيًا وحكيمًا ووحيدًا كذلك لارتفاع نسبة العنوسة وعدد الفتيات المستعدات للزواج ولكنها لا تتزوج.
وقد تصل المرأة إلى سن اليأس ويظل الرجل قويًا تغلبه شهوته، وقد تكون طبيعة الرجل أنه يتمتع بقوة جنسية مما لا تكفي معه زوجه واحدة إما لكبرها أو لكثرة الأيام التي لا تصلح فيها للحياة الزوجية وهي أيام الحيض والنفاس والمرض وما أشبهها, وقد يصبر بعض الرجال على ذلك لكن ماذا لو لم يفعل؟
أضف إلى ذلك كثرة عدد النساء وقلة عدد الرجال لأنهم أكثر تعرضًا لأسباب الموت من الإناث بسب الحروب أو الحوادث وغير ذلك, وهو من علامات الساعة فلو اقتصر الرجل على واحدة لبقى عدد من النساء محرومًا من الزواج فيضطرون إلى ركوب الفاحشة.
والحل في هذه الحالة هو تعدد الزوجات وبدون ذلك تبقى المرأة عانسًا أو عرضة لضياعها وسقوطها, وبالتالي ضياع الفضيلة وتفشى الرذيلة والانحطاط الخلقي وضياع القيم الإنسانية.
وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان: 'والذي يبيحه الإسلام هو تعدد الزوجات لا تعدد العشيقات'.
إن إباحة تعدد الزوجات ينطوي على الخير وتحقيق المصالح ودفع المضار والمفاسد حتى وإن لم تعلم الحكمة تفصيلاً منه, وما أعظم الإسلام حين يضع لكل حالة دوائها, ويبصر عند التشريع كل الزوايا والدروب.
عزيزي القارئ:
لا تندفع وراء الناعقين, ولا تردد شعارات الآخرين, واقبل الشرع المنزل من لدن حكيم عليم .. فنحن نريد أصحاب العقول الواعية .. فكم من مطلقة أو عانس أو عقيم تلعن تلك الشعارات الزائفة التي حرمتها من العيش في كنف رجل متزوج بدلاً من معاناة الكبت أو الضياع
ـــــــــــــــ(61/62)
نصيحة في موضوع العنوسة
السؤال:
يهولني كثرة النساء في المجتمع بغير زواج وأتساءل ما هو الحل ؟.
الجواب:
الحمد لله
ظاهرة العنوسة تعود إلى أسباب منها :
1- غلاء المهور ، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج .
2- اعتذار الفتاة عن الزواج المبكر بحجة إكمال التعليم .
3- رفض الفتاة الزواج من رجل متزوج بأخرى .
4- وضع الشروط التعجيزية من جهة أهل الزوجة أو العكس .
أما طرق حلول هذه المشكلة فهي كالتالي :
1- ينبغي على أهل الفتاة البحث عن الرجل المناسب الذي يستطيع أن يسعد ابنتهم ، وعدم النظر إلى غلاء المهر ، وإنما البحث عن رجل دين وأخلاق طيبة ، يحفظ على ابنتهم دينها ويصونها ويسعدها .
2- على الفتاة ألا تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم ، فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة ، فلا تجد من يتزوجها ، ولكن يمكن أن تنفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة ، وذلك ميسر والحمد لله
3- ألا تنظر الفتاة إلى الرجل الذي تقدم لخطبتها وهو متزوج بأخرى أنه غير مناسب لها أو غير قادر على إسعادها ، فكثير من الفتيات لا يقبلن بالرجل المتزوج ، ثم يضيع العمر ولا يأتي من يتزوجها ، فالدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية أجاز للرجل المسلم التعدد في الزواج إلى أربع من النساء في ذمة الرجل بشرط أن يكون الرجل عادلاً بين زوجاته .
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/63)
ـــــــــــــــ
حُكم التعدد الزوجات والحِكَمة منه
السؤال:
كانت عندي رغبة حقيقية في الإسلام . وقد زرت هذا الموقع لأتعرف على كيفية الدخول في هذا الدين . وبينا أنا أتصفح الموقع ، تعرفت على أمور كثيرة متعلقة بهذا الدين لم أكن أعرفها من قبل . وهذه الأمور شوشت علي ، وربما أوصلتني إلى مرحلة العدول عن الدخول في الإسلام . أنا آسف لأني أشعر بذلك ، لكنها الحقيقة . وأحد الأمور التي أزعجتني هو تعدد الزوجات ، فأنا أريد أن أعرف أين ورد ذلك في القرآن ، أرجو أن تقدم لي إرشادات تمكنني من العيش وفق تلك الصورة دون أن أفقد صوابي .
الجواب:
الحمد لله
فإن الله قد ختم الرسالة بدين الإسلام الذي أخبر سبحانه بأنه لا يقبل ديناً غيره فقال : ( إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يٌبقل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران/85.
وتراجعك عن دين الإسلام يعتبر خسارة لك وفقدٌ للسعادة التي كانت تنتظرك لو أنك دخلت في الإسلام .
فعليك بالمبادرة بالدخول في الإسلام ، وإياك والتأخير فقد يؤدي بك التأخير إلى ما لا تُحمد عقباه ...
وأما ما ذكرت من أن السبب في تراجعك عن الإسلام هو تعدد الزوجات ، فإليك أولاً حكم التعدد في الإسلام ثم الحِكَم والغايات المحمودة من التعدد ...
أولاً : حُكم التعدد في الإسلام :
- النص الشرعي في إباحة التعدد :
قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ) النساء/3 .
فهذا نص في إباحة التعدد فقد أفادت الآية الكريمة إباحته ، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، بأن يكون له في وقت واحد هذا العدد من الزوجات ، ولا يجوز له الزيادة على الأربع ، وبهذا قال المفسرون والفقهاء ، وأجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيه .
وليُعلم بأن التعدد له شروط :
أولاً : العدل
لقوله تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء/3 ، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد ، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة ، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة . والمقصود بالعدل المطلوب من الرجل لإباحة التعدد له ، هو التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته .
وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها ، ولا مطالب بها لأنه لا يستطيعها ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء/129
ثانياً : القدرة على الإنفاق على الزوجات :
والدليل على هذا الشرط قوله تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33. فقد أمر الله في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف ، ومن وجوه تعذر النكاح : من لا يجد ما ينكح به من مهر ، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته ". المفصل في أحكام المرأة ج6 ص286
ثانياً : الحكمة من إباحة التعدد :
1- التعدد سبب لتكثير الأمة ، ومعلوم أنه لا تحصل الكثرة إلا بالزواج . وما يحصل من كثرة النسل من جراء تعدد الزوجات أكثر مما يحصل بزوجة واحدة .
ومعلوم لدى العقلاء أن زيادة عدد السكان سبب في تقوية الأمة ، وزيادة الأيدي العاملة فيها مما يسبب ارتفاع الاقتصاد – لو أحسن القادة تدبير أمور الدولة والانتفاع من مواردها كما ينبغي – ودع عنك أقاويل الذين يزعمون أن تكثير البشرية خطر على موارد الأرض وأنها لا تكفيهم فإن الله الحكيم الذي شرع التعدد قد تكفّل برزق العباد وجعل في الأرض ما يغنيهم وزيادة وما يحصل من النقص فهو من ظلم الإدارات والحكومات والأفراد وسوء التدبير ، وانظر إلى الصين مثلاً أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان ، وتعتبر من أقوى دول العالم بل ويُحسب لها ألف حساب ، كما أنها من الدول الصناعية الكبرى . فمن ذا الذي يفكر بغزو الصين ويجرؤ على ذلك يا ترى ؟ ولماذا ؟
2- تبين من خلال الإحصائيات أن عدد النساء أكثر من الرجال ، فلو أن كل رجل تزوج امرأةً واحدة فهذا يعني أن من النساء من ستبقى بلا زوج ، مما يعود بالضرر عليها وعلى المجتمع :
أما الضرر الذي سيلحقها فهو أنها لن تجد لها زوجاً يقوم على مصالحها ، ويوفر لها المسكن والمعاش ، ويحصنها من الشهوات المحرمة ، وترزق منه بأولاد تقرُّ بهم عينها ، مما قد يؤدي بها إلى الانحراف والضياع إلا من رحم ربك .
وأما الضرر العائد على المجتمع فمعلوم أن هذه المرأة التي ستجلس بلا زوج ، قد تنحرف عن الجادة وتسلك طرق الغواية والرذيلة ، فتقع في مستنقع الزنا والدعارة - نسأل الله السلامة – مما يؤدي إلى انتشار الفاحشة فتظهر الأمراض الفتاكة من الإيدز وغيره من الأمراض المستعصية المعدية التي لا يوجد لها علاج ، وتتفكك الأسر ، ويولد أولاد مجهولي الهوية ، لا يَعرفون من أبوهم ؟
فلا يجدون يداً حانية تعطف عليهم ، ولا عقلاً سديداً يُحسن تربيتهم ، فإذا خرجوا إلى الحياة وعرفوا حقيقتهم وأنهم أولاد زنا فينعكس ذلك على سلوكهم ، ويكونون عرضة للانحراف والضياع ، بل وسينقمون على مجتمعاتهم ، ومن يدري فربما يكونون معاول الهدم لبلادهم ، وقادة للعصابات المنحرفة ، كما هو الحال في كثير من دول العالم .
3- الرجال عرضة للحوادث التي قد تودي بحياتهم ، لأنهم يعملون في المهن الشاقة ، وهم جنود المعارك ، فاحتمال الوفاة في صفوفهم أكثر منه في صفوف النساء ، وهذا من أسباب ارتفاع معدل العنوسة في صفوف النساء ، والحل الوحيد للقضاء على هذه المشكلة هو التعدد .
4- من الرجال من يكون قوي الشهوة ، ولا تكفيه امرأة واحدة ، ولو سُدَّ الباب عليه وقيل له لا يُسمح لك إلا بامرأة واحدة لوقع في المشقة الشديدة ، وربما صرف شهوته بطريقة محرمة .
أضف إلى ذلك أن المرأة تحيض كل شهر وإذا ولدت قعدت أربعين يوماً في دم النفاس فلا يستطيع الرجل جماع زوجته ، لأن الجماع في الحيض أو النفاس محرم ، وقد ثبت ضرره طبياً . فأُبيح التعدد عند القدرة على العدل .
5- التعدد ليس في دين الإسلام فقط بل كان معروفاً عند الأمم السابقة ، وكان بعض الأنبياء متزوجاً بأكثر من امرأة ، فهذا نبي الله سليمان كان له تسعون امرأة ، وقد أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم رجال بعضهم كان متزوجاً بثمان نساء ، وبعضهم بخمس فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإبقاء أربع نساء وطلاق البقية .
6- " قد تكون الزوجة عقيمة أو لا تفي بحاجة الزوج أو لا يمكن معاشرتها لمرضها ، والزوج يتطلع إلى الذرية وهو تطلع مشروع ، ويريد ممارسة الحياة الزوجية الجنسية وهو شيء مباح ، ولا سبيل إلا بالزواج بأخرى ، فمن العدل والإنصاف والخير للزوجة نفسها أن ترضى بالبقاء زوجة ، وأن يسمح للرجل بالزواج بأخرى .
7- وقد تكون المرأة من أقارب الرجل ولا معيل لها ، وهي غير متزوجة ، أو أرملة مات زوجها ، ويرى هذا الرجل أن من أحسن الإحسان لها أن يضمها إلى بيته زوجة مع زوجته الأولى ، فيجمع لها بين الإعفاف والإنفاق عليها ، وهذا خير لها من تركها وحيدة ويكتفي بالإنفاق عليها .
8- هناك مصالح مشروعة تدعو إلى الأخذ بالتعدد : كالحاجة إلى توثيق روابط بين عائلتين ، أو توثيق الروابط بين رئيس وبعض أفراد رعيته أو جماعته ، ويرى أن مما يحقق هذا الغرض هو المصاهرة – أي الزواج – وإن ترتب عليه تعدد الزوجات .
اعتراض :
قد يعترض البعض ويقول : إن في تعدد الزوجات وجود الضرائر في البيت الواحد ، وما ينشأ عن ذلك من منافسات وعداوات بين الضرائر تنعكس على من في البيت من زوج وأولاد وغيرهم ، و هذا ضرر ، والضرر يزال ، ولا سبيل إلى منعه إلا بمنع تعدد الزوجات .
دفع الاعتراض :
والجواب : أن النزاع في العائلة قد يقع بوجود زوجة واحدة ، وقد لا يقع مع وجود أكثر من زوجة واحدة كما هو المشاهد ، وحتى لو سلمنا باحتمال النزاع والخصام على نحو أكثر مما قد يحصل مع الزوجة الواحدة فهذا النزاع حتى لو اعتبرناه ضرراً وشراً إلا أنه ضرر مغمور في خير كثير وليس في الحياة شر محض ولا خير محض ، والمطلوب دائماً تغليب ما كثر خيره وترجيحه على ما كثر شره ، وهذا القانون هو المأخوذ والملاحظ في إباحة تعدد الزوجات .
ثم إن لكل زوجة الحق في مسكن شرعي مستقل ، ولا يجوز للزوج إجبار زوجاته على العيش في بيت واحد مشترك .
اعتراض آخر :
إذا كنتم تبيحون التعدد للرجل ، فلماذا لا تبيحون التعدد للمرأة ، بمعنى أن المرأة لها الحق في أن تتزوج أكثر من رجل ؟
الجواب على هذا الاعتراض :
المرأة لا يفيدها أن تُعطى حق تعدد الأزواج ، بل يحطّ من قدرها وكرامتها ، ويُضيع عليها نسب ولدها ؛ لأنها مستودع تكوين النسل ، وتكوينه لا يجوز أن يكون من مياه عدد من الرجال وإلا ضاع نسب الولد ، وضاعت مسؤولية تربيته ، وتفككت الأسرة ، وانحلت روابط الأبوة مع الأولاد ، وليس هذا بجائز في الإسلام ، كما أنه ليس في مصلحة المرأة ، ولا الولد ولا المجتمع " . المفصل في أحكام المرأة ج6 ص 290.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/64)
ـــــــــــــــ
هل تطلب الطلاق من زوجها الذي لا يحافظ على الصلاة ويقصر في حقوقها ؟
السؤال:
لقد تقدم لخطبتي شاب أقل مني في المستوى التعليمي فلم يحصل إلا على الثانوية ، وأنا جامعية فرفضت ، فادعت أمه أنه معه دبلوم في اللغة الإنجليزية ثم تبين لي بعد ذلك أنه لا يعرف شيئا عن اللغة الإنجليزية ، وقالت إنه موظف وراتبه 4000 ريال وهذا الراتب يكفي لأن جده سيعطيه شقة له على سبيل الهدية ، وتم الزواج فعلا ولكن ظهر لي بعد ذلك أن عليه ديونا للبنوك تخصم من راتبه ، ولا يعطيني في الشهر إلا 100 ريال فقط ، ومنذ ثلاثة أشهر ترك العمل ولم يجد غيره ، ولم ننتقل إلى الشقة التي أعطاها له جده مع أنه مضى من الوقت الآن سنة وأربعة أشهر على زواجنا . لأنه لا يستطيع أن ينفق علي ، بل نقيم مع أهله . وهو مع ذلك متهاون في الصلاة ، لا يصلي إلا إذا طلبت منه ذلك ، وهو أيضا بدين جدا مما يمنعني من الحصول على اللذة معه ، ولا يهتم بنظافته الشخصية ، حتى بدأت أنفر منه .
الجواب:
الحمد لله
الزواج آية من آيات الله ، ونعمة من نعمه ، يجد فيها الزوجان السكن والأنس ، والمودة والرحمة ، مع العفة والإحصان ، وإنجاب الذرية الصالحة التي تعمر الأرض وفق منهج الله . كما قال سبحانه : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/21 .
وهذه مقاصد الزواج التي شرع من أجلها ، فإذا لم تتحقق هذه المقاصد ، كان الطلاق سبيلا مشروعا ، يمهّد للانتقال لحياة زوجية أخرى ، تتحقق فيها أهداف النكاح ومقاصده .
وما ذكرتِه من الأسباب ، يبيح لك سؤال الطلاق ؛ وقد روى الترمذي (1187) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
فقوله : "من غير بأس" أي : من غير شدة تلجئها إلى سؤال المفارقة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " فالواجب على المرأة أن تعاشر بالمعروف ، وأن تسمع وتطيع لزوجها بالمعروف ، وألا تطلب الطلاق إلا من علة ، فإذا كان هناك علة ، فلا بأس ، مثل أن يكون بخيلا لا يؤدي حقها ، أو كان كثير المعاصي ، كالسُّكر ونحو ذلك ، أو كان يسهر كثيرا ويعضلها ، أو ما أشبه ذلك من الأسباب فهذا عذر معتبر " انتهى ، نقلا عن "فتاوى الطلاق" ص 264 .
وهذه الأسباب التي ذكرت وإن كانت تبيح لك سؤال الطلاق ، إلا أنه ينبغي أن تفكري في هذا الأمر تفكيرا كثيرا قبل الإقدام عليه ، مراعية عدة أمور :
الأول : الأمل في صلاح حاله ، لاسيما إذا انتقلتما إلى شقة خاصة ، ولعله بتشجيعك يلتزم بصلاته ، ويفتح الله عليه برزق حسن ، ويسعى لإرضائك والتخلص مما يؤذيك ، ويكون لك أجر الصبر والإحسان إليه ، وإعانته على تغيير حاله . فراجعي نفسك ، وتدبري في حال زوجك ، فإن رجوت منه صلاحا وتغيرا ، فاصبري واحتسبي ، واعلمي أن الصبر عاقبته الفرج والظفر ، وكم من امرأة صبرت على زوجها وسوء خلقه ، ثم غير الله حاله ، وصار من أحسن الأزواج ، لا ينسى صبرها ومعروفها وإحسانها ، وقد قال الله تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت/34، 35 .
والمرأة لها دور عظيم يمكن أن تقوم به في مجال إصلاح زوجها ، ودعوته إلى الخير والفلاح ، إذا أوتيت الحكمة والرفق والأسلوب الحسن . وينبغي أن يتجه الإصلاح أولا إلى الدين ، قبل الجسم والمادة ، فإنه إن صلح دينه جاءه التوفيق والتسديد في أموره كلها بإذن الله وفضله .
الثاني : أن تنظري في أمرك فيما لو وقع الطلاق ، وكيف سيكون حالك ، وهذا أمر لا يُحكم عليه في وجود الغضب أو النفور من الزوج ، بل يحتاج إلى روية ونظر وتأمل ، والعاقلة قد ترضى بالحياة المنغّصة مع زوج فيه خير وشر ، وصلاح وفساد ، وتفضل ذلك على أن تكون مطلقة ، تعاني من الوحدة والقلق والبحث عن الزوج ، في زمان انتشرت فيه العنوسة ، وصعب فيه أمر الزواج من الأبكار ، فضلا عن المطلقات .
وهذا يختلف من امرأة لأخرى ، فربما كانت المطلقة مرغوبة لدينها أو لجمالها أو مالها أو نسبها .
الثالث : ينبغي أن تكثري من اللجوء إلى الله تعالى ، وسؤاله أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك ، وألا تتخذي قرارا إلا بعد أن تستخيري ربك جل وعلا .
ولمعرفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم (11981) ، (2217)
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير والهدى والفلاح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/65)
ـــــــــــــــ
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط !!
السؤال:
أنا آنسة أسكن وحدي ، أعمل في نزل في الاستقبال ، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
ثانيا :
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب ، خوفا من أن تطردي من عملك ، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا ، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم ، وهو شعار المؤمنة ، ورمز حيائها وعفتها ، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد ، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته ، قال تعالى : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى ، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب ، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
فالبسي حجابك ، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال ، ويعوضك الله خيرا ، فإن الأمر كله بيده ، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس .
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم ، مهما كانت الأسباب ، ولو كان ذلك على الورق كما قلت ، فإن النكاح جده جد ، وهزله جد ، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض ، بل هناك نكاح لازم ، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح ، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه .
قال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221.
وقال : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) ).
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق : طاعة الله تعالى ، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله ، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب ، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له ، نسأل الله العافية .
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم ، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة ، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك ، ونحن لا نعلم أين يكون الخير ، ففوضي أمرك إلى الله تعالى ، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ، فإن الموعد غدا ، يوم يفوز الفائزون ، ويخسر الخاسرون ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة ، متعها الله بالذرية والمال ، تساق غدا إلى النار !
وكم من امرأة لم تنل مالا ، ولم تسعد بزوج ، هي في أعلا جنان الخلد !
فالله الله في الإيمان ، والطاعة ، والعفة ، فإن الدنيا عرض زائل ، ومتعة فانية ، ولذة منقضية ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/66)
ـــــــــــــــ
تعرفت على شخص عن طريق الهاتف ووعدها بالزواج
السؤال:
أريد معرفة الذي أفعله حلال أم حرام ؟ وهو أنني أعرف شخصا عن طريق الهاتف ووعدني بالزواج ولكن الظروف حكمت بتأجيل هذا الوعد ولكن مازلنا على اتصال ويقول هو إنه يعرفني تماما وشافني ولكن أنا لم أره أبدا. وأريد أوضح أيضا أن هذا الشخص أصغر مني بالعمر بسنتين . السؤال هل حلال أبقى على اتصال معه أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نشكر لك سؤالك وحرصك على معرفة الحلال من الحرام في هذه الأمور التي تساهل فيها كثير من الناس ، ونحمد الله أن جعل في قلبك يقظة إيمانية هي السر في خوفك من هذه العلاقة الهاتفية ، فإن القلوب الحية هي التي تشعر بخطر المعصية ، وتؤثِّر فيها الجراحة ، وأما القلوب الميتة ، فإنها غافلة لا تحس ولا تتألم ، كما قيل : فما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( الإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) رواه مسلم (2553).
ثانيا :
كلام المرأة مع الرجل عن طريق الهاتف أو غيره ، إذا كان يدعو للفتنة لها أو بها ، فهو محرم ، ومن ذلك الكلام في الأمور العاطفية من الحب والغرام والتعلق ، والوصف ، والوعد باللقاء ونحو ذلك ، فإن هذا مقدمة الفاحشة ، وهو من خطوات الشيطان لاصطياد العفيفات الغافلات ، فلا يزال الذئب يلين الكلام ، وينسج الخيال ، ويكثر الوعود ، ويحلف الأيمان ، حتى تقع المرأة فريسة بين يديه ، فيا لله كم من أعراض انتهكت ، وكم من محارم اقترفت ، وكم من مصائب وآهات وآلام ، والخطوة الأولى كانت اتصالا عن طريق الهاتف .
وأكثر هؤلاء الذئاب كذابون مخادعون ، لا يعرفون معنى للحب الحقيقي ، ولا يطمعون في زواج شريف ، ولكنهم يسعون للرذيلة ، ويسارعون في إرضاء الشيطان ، وقد صرح بعضهم أنه يفعل ذلك تارة للعبث ، وتارة لحب السيطرة والإغواء ، وتارة للفخر بأنه أوقع فلانة وفلانة ، والله المستعان .
فيا أيتها الأخت المسلمة الحذر الحذر ، والنجاة النجاة ، فإن من أعز ما تملك المرأة شرفها وحياءها وعفتها ، وهذا الذئب اللئيم لا يتورع عن ذكر فريسته بين المجالس وأنه قال لها كذا ، وفعل بها كذا ، حتى يغدو ذكرها على لسان الفسقة مستباحا ، وربما استدرجها للقاء ، أو سجل صوتها ، أو أخذ صورتها ، فجعل ذلك مادة للابتزاز والتخويف والتوصل إلى ما هو أعظم ، عافاك الله وصانك من كل سوء .
وهذا الذي نذكره ليس كلاما يراد منه تخويفك ، ولكنه إشارة إلى عشرات القصص الواقعية التي وقعت في هذا الزمان ، مع انتشار الهواتف ومواقع الشات ، وهي قصص محزنة مخجلة ، تدل على مدى قسوة هؤلاء العابثين ، ومدى ضعف المرأة أمام استدراجهم ومكرهم ، وتدل أبين دلالة على عظمة قول ربنا سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، فإن الكلمة في الهاتف قد تكون خطوة من خطوات الشيطان ، وهكذا النظرة ، والابتسامة ، ولين الكلام ، يتلقفها من في قلبه مرض ، ويبني عليها جبالا من الأوهام والظنون والخيالات ، تُنتج طمعاً وسعياً ومكراً وتدبيراً في الباطل ، قال الله تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32
ونحن نسأل أختنا– صانها الله وحفظها – هل تخلو مكالمة هاتفية بين شاب وشابة من الخضوع بالقول ، والضحك وترقيق الكلام وتزيينه ؟! كيف وهما يتحدثان عن الزواج والرغبة في الوصال ؟ فكيف لا تكون الفتنة ، وكيف لا يكون التعلق ، وكيف لا يطمع القلب المريض ؟!
إن زعم هؤلاء الماكرين أنهم يريدون الزواج زعم كاذب ، فإن طريق الزواج معروف ، وبابه مفتوح ، وهم لا يجهلونه ، ولكنهم يفرون منه ، ويبتعدون عنه ، ويلجئون إلى حيل الشيطان وخدعه . ثم إن رغبة شخصٍ ما في امرأةٍ ما لا يعني أنه يصلح لها زوجا ، فربما كان دونها في كل شيء ، في السن والعلم والمنزلة والمال ، مما يعني رفضه وعدم قبوله في غالب الأحوال ، فكيف تصبح مجرد الرغبة من شخصٍ مجهول مسوغاً للتعرف على الفتاة والاسترسال معها والحديث إليها ومواعدتها بالزواج ؟! وكيف ترضى العاقلة أن تتعلق بمجهول الهوية والحال ، يمنّيها بالزواج ، وتنتظر منه القدوم ، وربما كان لا يصلح ، بل ربما لو رأته لآثرت العنوسة على الزواج منه .
فبادري إلى قطع هذه العلاقة ، والندم عليها ، وسؤال الله المغفرة والصفح ، واشتغلي بما ينفعك في أمور دينك ودنياك ، واعلمي أن الزوج الصالح رزق يسوقه الله تعالى إلى المرأة الصالحة ، وقد وعد سبحانه أهل طاعته بالمزيد من فضله فقال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97
فأكثري من الطاعة والإنابة ، وسدي كل باب للفتنة ، وكوني شامة نقية لا يطمع فيها طامع ، ولا يرتع حول حماها راتع .
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/67)
ـــــــــــــــ
مقدمة على الزواج وقد زالت بكارتها من غير فاحشة
السؤال:
أنا الحمد لله من أسرة ملتزمة وأنا أيضا أتمتع بذلك ، ولكن أعيش حالة بشعة من الرعب بسبب اقتراب موعد زواجي بشاب محترم أيضا وذلك لأني أشك في فقدان غشاء البكارة - من غير فاحشة والعياذ بالله - فهل أصارحه بذلك ( مع أن ذلك صعب على) أم أتركه إلى يوم الزفاف و لا أقول له ؟؟ لا أعرف كيف أتصرف أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
ما دمت عفيفة لم تقترفي فاحشة والحمد لله ، فلا يلزمك إخباره ، ولا ينبغي أن تقلقي من ذلك ؛ فإن البكارة قد تذهب بالوثبة وإدخال الإصبع والحيضة الشديدة وطول العنوسة ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء .
ينظر : المبسوط (5/8) ، كشاف القناع (5/47) ، الفتاوى الكبرى (3/88).
وعلى الزوج أن يحسن الظن بزوجته إن اكتشف عدم بكارتها ، وأن يقدر ما ذكرنا من أن البكارة قد تزول بأسباب غير الفاحشة ، ولو فرض أنه سألك فإنك تجيبنه بما يدفع الريبة عن قلبه ، وكوني على ثقة من أن الله تعالى يوفق عبده الصالح ويؤيده ويسدده ، وراجعي السؤال رقم (40278)
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : " مسلمة تعرضت لحادثة في الصغر فقد منها غشاء البكارة ، وقد تم عقد زواجها ولم يتم البناء بعد ، وحالة أخرى تعرضت لنفس الحادث ، والآن يتقدم لها إخوة ملتزمون للخطبة والزواج ، وهما في حيرة من أمرهما أيهما أفضل : المتزوجة تخبر زوجها قبل البناء أو تكتم هذا الخبر ؟ والتي لم تتزوج بعد هل تسير في هذا الأمر خشية أن ينتشر عنها ويظن بها سوء ، وهذا كان في الصغر وكانت غير مكلفة أم هذا يعتبر من الغش والخيانة ، هل تخبر من تقدم إليها أم لا لأجل العقد ؟
فأجابت : " لا مانع شرعا من الكتمان ، ثم إذا سألها بعد الدخول أخبرته بالحقيقة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/5).
ونسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/68)
ـــــــــــــــ
تريد الزواج من طالب مثلها وأهلها يرفضون
السؤال:
طلب رجل أعتقد أنه صالح الزواج مني ولقد وافقت ولكن والدىّ يعترضان لما يلي : يقولون إنني صغيرة جداً - يعتقدون أننا إذا تزوجنا لن نستطيع الإنفاق لأننا طلاب - يريدون أن أنتهي أولاً من الدراسة ، فأنا طالبة في السنة النهائية في المدرسة الثانوية أو حتى أنهي الجامعة قبل الزواج لأنهم يعتقدون أنني لو تزوجت لن أكمل دراستي أرجو النصيحة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن مثل هذا السؤال فقال :
حكْمُ ذلك أنّه خِلاف أمْرِ النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عيه وسلم قال : ( إذا أتاكم من ترضَوْنَ دينه وخلُقه فأَنْكِحُوهُ ) ولا شك أن منع والدك من تزويجك لمن هو كفء أمر محَّرمٌ والزواج أهمّ من الدِّراسة وهو لا ينافي الدراسة لأنه ممكن الجمع ، فالذي أنصح إخواني به من أولياء أمور النساء تكميل الدراسة والتدريس وبإمكان المرأة أن تشترط على الزوج ، وأن تبقى في الدراسة حتى تنتهي دراستها .
فتاوى المرأة المسلمة (2/704-705) .
ثانياً :
بالنسبة لما ذكرت من حال المتقدم وأنه لا يزال طالباً فإن الدراسة لا تعتبر عائقاً له عن الزواج إن كان واجداً لما يتزوج به ويستطيع النفقة منه بالمعروف .
أما إن كانت دراسته تمنعه من أن يكون عنده قدرة واستطاعة مالية على الزواج ونفقاته – من غير التكاليف الباهظة التي قد تشترطها بعض الأسر – فهذا يخاطب بقوله تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور / 33
قال القرطبي رحمه الله ( فأمر الله تعالى بهذه الآية كل من تعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف ثم لما كان أغلب الموانع على النكاح عدم المال وعد بالإغناء من فضله فيرزقه ما يتزوج به أو يجد امرأة ترضى باليسير من الصداق أو تزول عنه شهوة النساء) تفسير القرطبي 12/242
وينبغي أن يُعلم أن المهر والنفقة حق للمرأة وليس لأوليائها ، فلها أن ترضى من ذلك بالقليل وتتزوج بمن تعلم أنه فقير ، ولكن لابد أن يُنبه إلى أن كثيراً من النساء قد ترضى بحال زوجها وفقره إذا تقدم لها ، ثم إذا جلست معه فترة تسخطت عليه ، فيؤدي هذا إلى النزاعات والطلاق ، فينبغي أن يوضع هذا في الاعتبار .
ثالثاً :
ننصح الأسر وأولياء النساء ألا يكونوا حجر عثرة أمام إعفاف بناتهم ومولياتهم بسبب ما يشترطونه من تعقيدات ونفقات باهظة ، بحجة الاطمئنان على مستقبل بناتهم فيسبب هذ1 انصراف الراغبين عنهن مما يؤدي إلى العنوسة وما تجر إليه من شرور لاسيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه الفتن فيسيئون إلى بناتهم وإلى أنفسهم من حيث أرادوا الإحسان .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــ(61/69)
ـــــــــــــــ
الانحلال هل هو وراء أزمة العنوسة؟!
فاطمة عبد الرءوف
15 ذو القعدة 1427هـ الموافق له 5- 12- 2006م
لم تكن صاحبات الرايات الحمر يحلمن أن يأتي يوم ما يصبحن فيه في موقع الصدارة في المجتمع, حيث يتهافت الناس على سماع آخر أخبارهن - عفواً نزواتهن -، ولعلهن لم يكن يجرؤن أن يرقصن ويعلن الفواحش على الملأ كما يحدث هذه الأيام مع صاحبات الرايات الحمراء الجدد راقصات الفيديو كليب, اللاتي تخلين عن ملابس الراقصات التقليدية، واستبدلنها بملابس بدت منتمية للواقع بكل تشوهاته وخطاياه, وانطلقن بهذا النمط من الملبس خطوات واسعة في اتجاه المزيد من الخلاعة والمجون.
والقضية تتجاوز التبرج المزري للملابس, والذي يراد ترويجه كهدف قريب - بحيث يتم التأصيل لنمط من السلوكيات المنحرفة المرتبطة بهذا الشكل من الملبس، وهذا النوع من الغناء الراقص الفاحش -.
وفي هذا السياق تبدو كثافة هذا الشكل من الغناء والإلحاح عليه، وتكريس عدد مهول من القنوات الفضائية، والترويج له [في إحدى الباقات المشفرة البالغة 50 قناة احتلت القنوات المخصصة لهذا الفيديو كليب نصفها أي 25 قناة] بأن الأمر قد تجاوز حدود المصادفة بكثير, بحيث أصبح الفيديو كليب سلاحاً من أهم الأسلحة التي تبقي المجتمع المسلم بشبابه وفتياته في وضع أقرب إلى التخدير، وأبعد ما يكون عن الحمية لقضايا الأمة, بل حتى الإحساس بها, وإن كانوا قديماً يقولون: كأس وغانية تفعل في أمة محمد أكثر مما يفعله ألف مدفع, فأغرقوهم في الشهوات، فإن اليوم يشهد تطويراً مدهشاً في الكأس والغانية, حيث يقع الشباب المسلم بين المطرقة والسندان, الكأس الجديدة شاملة شتى أنواع المخدرات التي تباع في بعض الأماكن كما تباع "سجائر التبغ", والغانية الجديدة فتاة الفيديو كليب التي أصبحت هدفاً مزدوجاً للشباب والفتيات, فالشباب يحلم بها، والفتاة تتمنى تقليدها.
الانحلال وأزمة العنوسة:
ثمة علاقة جدلية بين شيوع العنوسة - تأخر سن الزواج - في مجتمع وبين شيوع الانحلال والانحراف فيه, بحيث يؤدي تزايد أي منهما إلى تزايد الآخر, وهي قسمة منطقية, فتزايد العري يسهل أبواب الفجور, وهو ما يؤدي إلى تناقص حالات الزواج؛ خاصة مع تفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعانيها بلادنا.
وفي دراسة رسمية أعدها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء؛ أشارت إلى ارتفاع نسبة غير المتزوجين بين الشباب المصري إلى 37%, وأن عدد الشباب والشابات العوانس - الذين تجاوزوا 35 سنة من دون زواج - أكثر من 9 ملايين نسمة منهم 3 ملايين فتاة و6 ملايين شاب.
ولعل هذا يفسر انتشار موضة الزواج العرفي - الوجه الآخر للزنا حيث السرية وعدم توفر الولي وغير ذلك - حيث أعلنت وزارة الشئون الاجتماعية في مصر أن 255 ألف طالب وطالبة يمثلون نسبة 17% من طلبة الجامعات قد تزوجوا "عرفياً"، ولا تتوقف أزمة العري التي يروجها الفيديو كليب إلى تناقص معدلات الزواج فحسب؛ بل إلى انهيار الرابطة الزوجية من الأساس, ووفقاً لأحدث دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فقد وصل عدد حالات الطلاق في مصر إلى 70 ألف حالة, حيث كانت القنوات الفضائية هي السبب الأول للطلاق, دل على ذلك بحث الدكتورة عزة كريم رئيس شعبة بحث الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية, التي أكدت أن عدداً لا بأس به من الأزواج أدمن مشاهدة القنوات التي تعرض هذا الفيديو كليب, حيث الراقصات العاريات المائلات المميلات اللاتي لا هم لهن في الحياة إلا التفنن في أشكال الإغراء, ثم يقوم هؤلاء الرجال بمقارنة زوجاتهن المتعبات من الأمور المنزلية والأطفال فتكون النتيجة لغير صالح الزوجات بالطبع, فتبدأ المشكلات بالمقارنة والاستهزاء, وقد تنتهي إلى الطلاق, وفي حالات أخرى الانفصال النفسي والجسدي.
تأصيل للفساد:
لا تكتفي هذه الفئة من الفاسدات بما هن فيه من أوحال الرذيلة والمعصية, بل العجب العجاب أن تجد إحداهن تتبجح بتأصيل هذا الفساد، وتعتبره لوناً من ألوان الاعتزاز بالأنوثة، وشكلاً من أشكال الثقة في النفس, وأصبحت النغمة المكررة عند من يطلق عليهن ممثلات الإغراء قولهن: "لا أمانع من أدوار الإغراء إذا كانت موظفة في السياق الدرامي"، ولكن الأسوأ من ذلك كله وأسوء من أقوال هؤلاء التافهات أن ثمة مخططاً مدروساً بعناية لتحطيم المجتمع العربي مثلما تفعل المخرجة السينمائية "إيناس الدغيدي", فأفلامها لا تقوم على مشاهد العري والزنا فحسب - ككثير من الأفلام التي يعتقد مخرجوها أنهم بهذا يضمنون لها النجاح -، وإنما غالباً ما تتضمن فكرة منحلة تريد تأصيلها كتصوير المجتمع العربي أن لا هم له إلا الجنس يبحث عنه بأية وسيلة "آخر أفلامها اسمه شلالات فياجرا".
أو تصوير الفتاة العربية أنها غارقة حتى أذنيها في العلاقات غير المشروعة, ففيلمها "مذكرات مراهقة" لم يقدم نموذجاً لفتاة شريفة واحدة, وعندما تواجهها وسائل الإعلام بهذا الانحلال المنظم الذي تقدمه في أفلامها لا تفكر في الاعتذار، أو حتى التبرير, بل تتهم المجتمع العربي كله بأنه لا يفهم مضمون أفلامها، لأنه لا يفكر إلا بنصفه الأسفل, فهل وراء ذلك استهانة بمشاعرنا وكرامتنا كأمة, ونحن نسمح لمثلها باتهامنا جميعاً بدلاً عن وضعها وصواحبها في قفص الاتهام.
ثقافة الاحتقار:
يقرر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المرأة التي تتعطر ثم تسير في الطرقات قاصدة الفتنة تعد كالمرأة الزانية, فلقد روى ابن حبان والحاكم والنسائي والبيهقي في باب ما يكره للنساء من الطيب, وأبو داود عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
وحالة هذه المرأة التي عناها الحديث حالة فردية فهل تنطبق هذه الحالة على فتيات الكليب، والإعلان وممثلات الإغراء، أم تنطبق عليهن أحكام الحرابة؟!! ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ))(المائدة:33).
فهل هناك سعي في الفساد أكثر مما يفعله هؤلاء بكل تشكيلاتهم؟!! "منتج - مخرج - راقصة".
يقول سيد قطب في معرض حديثه عن كيفية المحاربة لله وللرسول: "فهم قطعاً لا يحاربون الله - سبحانه وتعالى – بالسيف، وقد لا يحاربون شخص رسول الله - بعد اختياره بالرفيق الأعلى -، ولكن الحرب لله ولرسوله متحققة بالحرب لشريعة الله ورسوله, وللجماعة التي ارتضت شريعة الله ورسوله, وللدار التي تنفذ فيها شريعة الله ورسوله"، وإذا كان لا يمكن تطبيق حد الحرابة, وإذا كان لا يمكن منع هؤلاء في عصر السماوات المفتوحة الذي نعيشه؛ فلا بديل عن تفعيل ثقافة الاحتقار, فامتناع الجمهور عن مشاهدة هذه الأفلام الهابطة صفعة حارقة على وجه الفساد" انظر سيد قطب في ظلال القرآن الجزء 2 ص879.
إن ثقافة الاحتقار تعني أكثر من النبذ والنفي النفسي, فإنها تعني البغض في الله، وفي الحديث عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان) رواه أبو داود.
إننا نريد أن يتم التعامل مع فتيات الفيديو كليب كما كانوا قديماً يتعاملون مع الراقصة "الغزية", بحيث يعمل مصطلح فتاة فيديو كليب نفس الإيحاء المتضمن للمعاني السالبة والمقيتة لمخلوق ناقص وحقير يريد أن يدمر حياتنا، ويقوّض أمننا, وما حدث من وقائع مروعة في أهم شوارع القاهرة مؤخراً يشهد بذلك؛ فلأول مرة في تاريخنا تحدث حالة هياج جنسي جماعي نتيجة للتعذيب الواقع على الشباب من هؤلاء العاريات شبه آدميات, حتى أن مخلوقاً اسمه الراقصة "دينا" لم تتورع عن الرقص في الطريق العام أمام السينما التي تعرض فيلمها المتخلف, فكانت الفتنة التي قصمت ظهر البعير, فانفجر الشباب في ثورة جنسية وقعت في شباكها من تسير في الطريق دون "بودي جارد", وإذا كان الشباب الذي لم يحاول غض بصره، أو جهاد نفسه مخطئاً، وإذا كانت الفتاة التي لا ترتدي الزي الشرعي، وتظن أنها بذلك نموذج لن تقع في شباك العنوسة مخطئة؛ فإن هؤلاء الشياطين الذين يشعلون الغرائز هم الخطيئة بعينها.
ولنتذكر هنا قول رجل غير مسلم وهو "جيمس رستون" عندما كتب في النيويورك تايمز: إن خطر الطاقة الجنسية قد يكون في نهاية المطاف أكبر من خطر الطاقة الذرية. انظر محمد الغزالي قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ص45.
http://www.islammemo.cc:المصدر
ـــــــــــــــ(61/70)
ـــــــــــــــ
ما هي آثار العنوسة (( السلبية )) على الفتاة والمجتمع ؟
آثار العنوسة السلبية على الفتاة والمجتمع
إذا لم تحسن الفتاة التعامل مع وضع العنوسة فإن الانتظار الطويل قد يعرض بعضهن إلي مجموعة من الآثار السلبية تختلف في حدتها من فتاة إلي أخرى.
آثار العنوسة السلبية على الفتاة
آثار نفسية:
• الشعور بالإحباط والحرمان: جعل الله - تعالى -فطرة المرآة تميل إلي الالتقاء والأنس بشريك حياتها أسوة ببنات جنسها، وعدم ممارسة هذا الحق وحرمانها منه يؤدي إلي إصابتها بالإحباط وخيبة الأمل.
• العدوانية: تُلقي العانس باللائمة على رجال المجتمع الذين أعرضوا عنها، وتشعر بالغيرة من بنات جنسها المتزوجات، ولهذا تنظر للمجتمع نظرة حسد وحقد وكراهية تعبر عنها في سلوك عصبي وعدواني تجاه أفراده.
• العزلة والانطوائية: ملاحقة الأنظار للفتاة العانس، ومجاملتها بتمني زواجها وكثرة ترديد ذلك على مسامعها (دون أمل)، تدفعها إلي الهرب من مواجهة الناس، وتفضيل العزلة أو مصاحبة من هم في مثل وضعها على المشاركة العامة في المجتمع.
• حرمان الإشباع الفطري: أي العجز عن تلبية حاجات ونداء الفطرة، فمشاعر الأمومة والحب الزوجي والجنس من صميم فطرة كل فتاة، فيها الرحمة والسكن والمودة والمتعة والسعادة، وعدم الزواج يحرم العانس من جميع الآثار الصحية للحياة الجنسية الشرعية والمتعة المباحة.
• فقدان التوازن النفسي: حيث تصاب الفتاة بنوع من عدم التوازن في شخصيتها ويظهر ذلك في سلوكها المتناقض في تعاملها مع الآخرين، وحتى لو تزوجت في وقت متأخر فإنها تستمر في مشاعر الضيق والتبرم من المجتمع، بما في ذلك الزوج والذي يجب، حسب اعتقادها، أن لا يشعر أو يُشعرها أبداً بالفضل والمنة عليها لأنه تزوجها.
آثار اجتماعية:
• التسرع في الزواج: وذلك للخلاص من شبح العنوسة بغض النظر عن التكافؤ أو مناسبة الزوج، بل قد تقبل بعض العوانس بعرض الزواج العرفي أو الزواج منقوص الحقوق مثل (زواج المسيار).
آثار أخلاقية:
• الانحراف الأخلاقي: قد تندفع العانس في حالة غياب الوازع الديني إلي تلبية حاجتها الغريزية وإشباع رغباتها الجنسية بإقامة علاقات منحرفة مع الرجال، دون تفريق بين عازب أو متزوج.
• التآمر والكيد: مشاعر الحقد والحسد قد تدفع الفتاة العانس إلي تدبير المقالب والمؤامرات للتنكيد على من هم سعداء ومستقرون في حياتهم الزوجية.
• السفور والتبرج: وذلك في محاولة البعض منهن محاولة ساذجة لجذب أنظار الرجال إليها عسى أن يلمح أحدهم جمالها ومواقع الفتنة فيها فيقدم على الزواج منها.
• اصطياد الشباب: بشتى الوسائل الممكنة وذلك بغرض إيقاعهم في حبائل التعلق بالفتاة باعتبار أن هذا السلوك قد يجلب زوجاً في نهاية المطاف.
• السلوك الإجرامي: وذلك بتقبل الصور المنحرفة والمشوهة للعلاقات الإنسانية للتعويض عن المفقود، ومنها اللجوء إلي الشذوذ وتناول المسكرات والمخدرات، وقد يقود ذلك إلي التفكير بالانتحار.
آثار صحية:
• التوتر العصبي الدائم: وما يتولد عنه من أمراض ضغط الدم والقولون وقرحة وحموضة المعدة والمزاج العصبي الثائر.
• الأمراض الجنسية: والتي غالباً ما تنتج عن الكبت والممارسات والعادات الجنسية غير السليمة.
• اختلال وظائف الغدد: فالتوتر والاكتئاب الدائم يؤديان إلي إضعاف النشاط الحيوي والذهني للجسم وبالتالي إضعاف المستوى الصحي بشكل عام.
• أخرى: ومنها إدمان المنبهات أو المسكنات، أو الإصابة بمصاعب الزفاف أو مشاكل المعاشرة بعد الزواج.
مشكلة العنوسة وما يصاحبها من تغيرات وسلوكيات تطرأ على بعض العوانس تحولت إلي ظاهرة تزداد مع مرور الوقت مسببة مجموعة من الآثار السلبية على المجتمع ككل.
آثار العنوسة السلبية على المجتمع
آثار اجتماعية:
• قلة النسل: الإنجاب مطلب شرعي ومقصد أساسي من مقاصد الزواج، والعنوسة تنفي هذا المطلب من أساسه.
• التفكك الأسري: بسبب المشاكل الناتجة عن تحميل كل طرف مسؤولية هذا الوضع، واتهام الفتاة والدها أو أخوتها بالذنب، أو بسبب أنانية الأهل وتخيلهم عن رعاية الفتاة العانس لانشغال كل فرد بمسؤولياته وحياته الخاصة.
• ضعف الروابط الاجتماعية: عدم الزواج يحرم المجتمع من العديد من الروابط الاجتماعية التي تربط الناس برباط المصاهرة والنسب، ناهيك عن غضب بعض الأسر من أقاربهم نتيجة عزوف شبابهم عن الزواج من بناتهم.
• انتشار الزواج العرفي: بسبب فقدان الأمل بالزواج الشرعي المعلن، حيث تنعكس ثمار هذا الزواج على المجتمع ككل في نزاعات بين أطرافه.
• الطلاق: اندفاع الفتاة العانس إلي الزواج غير المتكافئ للخلاص من واقعها، وقد يحدث ذلك من جنسيات وأديان أخرى، وغالباً ما يؤدي ذلك إلي الطلاق.
آثار أخلاقية:
• انتشار السفور: حيث إن مجاهرة بعض العوانس بسفورهن وتبرجهن قد تدفع العديد من النساء وخاصة الفتيات الصغيرات إلي تقليدهن وإظهار مفاتنهن وإن اختلفت الغايات، وهذا يقود إلى مجتمع متسبب في مظهره العام.
• انتشار الفساد: والظواهر الأخلاقية المنحرفة نتيجة سقوط بعض العانسات في دوامة الانحلال، ووجود فئة من الرجال تشجع هذا الانحلال.
آثار اقتصادية:
• انخفاض الإنتاج: بسبب عدم كفاءة العانس أحياناً، أو بسبب المعاناة النفسية التي تحول بينها وبين الإنتاج والعمل المتميز والسليم، وبسبب نقص اليد العاملة نتيجة قلة المواليد.
• البطالة: الفتاة العانس قد تضطر للعمل لتأمين مستقبلها وغالباً ما تستمر فيه لفترات طويلة جداً، وتقبل بأي عرض وظيفي يقدم لها، وهو ما يكون على حساب فرص الشباب في العمل.
• زيادة التكاليف: لمداواة الأمراض والانحرافات التي تصيب أفراد المجتمع، وتحمل مؤسسات الدولة مصاريف إضافية لدعم المؤسسات الصحية والإصلاحية والقضائية والعقابية والتي تنشغل بإفرازات هذه الظاهرة الاجتماعية.
http://66n.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/71)
ـــــــــــــــ
ظاهرة العنوسة تجتاح قطاعات الشباب
موضة الإضراب عن الزواج لدى الشباب ما يزال يلفها الكثير من الغموض فالعديد من الشباب وخصوصاً الذكور يخشون الإفصاح عن قناعاتهم بعدم الزواج أو حتى التفكير الجاد به تحسباً من أن يتهموا بالانحلال أو الانحراف عن العلاقة الطبيعية التي ينبغي أن تسود بالزواج بين الرجل والمرأة.
في مصر صدرت إحصائية حديثة أنجزها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء جاء فيها: (إن أكثر من (9) ملايين شاب وفتاة دخلوا مرحلة العنوسة بمصر) والمشكلة في بلدان أخرى في العالم العربي بدأت تبرز منذ عدة سنوات و(قطار الزواج) الذي كان يحذر منه أن لا يفوت الشباب قد أصبح من مقولات الماضي. ففي دراسة اجتماعية بهذا الصدد تم التوضيح: (إن 26%) من حالات العنوسة ترجع تماماً إلى انعدام رغبة الشاب نفسه في الزواج..وأن عدداً من الشباب والفتيات لم يعد يقلقهم الاستمرار في حياة العزوبية ولا سيما في ظل ظروف تردي الأوضاع الاقتصادية أو استحالة توفير الإمكانات المادية التي تتيح التهيئة لمشروع الزواج).
والرأي العام وهو أمر مهم في كل مجتمع أصبح يتقبل دوافع تأخر الزواج عند بعض الشباب فإذا كان موضوع الإضراب عن الزواج يمكن وصفه بأنه (أزمة هذا الجيل) إلا أن مشاهدة إتمام زيجات الآخرين تشكل اليوم كما كانت دوماً حافزاً كي لا يضع الشباب في أذهانهم محو موضوع الزواج عن مشاريعهم الحياتية وبعض الشباب لهم أفكارهم الخاصة التي تبدو مبهمة أحياناً فهناك العديدون من الشباب الذكور الذين تجاوزت أعمارهم الثلاثين ولكنهم لم يتزوجوا ولم يخطبوا ود فتاة ولا يتجرأون في كثير من الأحيان على طرق باب عائلة فتاة.وبعض الرجال يقضون الكثير من أوقات المساء في المقاهي الشعبية ومع مضي الأيام والأشهر والسنين يرون أنفسهم فجأة وقد أضحوا في أعمار كبيرة دون زواج وهذه هي من أكثر الظواهر لدى العانسين الذكور.
وحيث أن أمر العنوسة لا يقتصر على موضوع الرغبة بالزواج أو رفضه بشكل نهائي فإن أي تحول نحو الزواج من قبل العانسين والعانسات أمر متوقع، إذا ما توفر ولو شرطه الأولي في إمكانية إنجاز المقدمات الأولى للزواج إذا ما وجد الطرف الآخر المناسب رغم أن البعض يدعي بإصرار خافت بأن البقاء بلا زواج أفضل من الزواج في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية التي تواجه المجتمع. أي إن التمرد على الزواج حقيقة ليس وارداً عند غالبية العانسين.
ومما لا يمكن إغفاله أن العديد من الفتيات اللائي تجاوزت أعمارهن الثلاثين سنة يشعرن بالأسى لعدم الزواج خصوصاً من لم تتح لهن الفرص للزواج. أما التي تشعر أنها لا تشكل ثقلاً على كاهل أسرتها ولديها وظيفة تدر منها راتباً شهرياً محترماً فتنظر إلى الزواج على كونه حالة ليس من الضروري أن تكون الأمل الأخير لها وبعض أولئك الموظفات سيرحبن بالعريس المناسب إذا ما تقدم لطلب يدها، وإذا لم يأت بحسب قول أخريات (فليذهب إلى الجحيم)! وأخيراً ففي الحياة دروس وعبر وقناعات لا يدركها الجميع بدرجة واحدة.
4/ صفر/1424
6/4/2003
http://annabaa.org المصدر:
ـــــــــــــــ(61/72)
ـــــــــــــــ
العنوسة .. قدر تختاره بعض المجتمعات
هل يمكن أن تكون (العنوسة) قدر المجتمع العربي الإسلامي أو العربي المسيحي؟ وهل أن العنوسة كانت ظاهرة اجتماعية في المنطقة العربية الإسلامية كما هي اليوم؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها يقف الذهن عاجزاً أن يقول شيئاً يمكن أن يكون حافزاً للتفكير بكيفية التصدي للعنوسة القاتلة لمعنويات المرأة والرجل.
تسير العنوسة وارتفاع نسبة الفراق بين الزوجين على سكتين متوازيتين ورغم رصد هاتين الظاهرتين وتأثيرهما السلبي على استقرار الأسرة العربية فإن تفاوتاً نسبياً متواضعاً هو الذي يفرق بين حجم العنوسة هنا وهناك ففي مصر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء مؤخراً عن ارتفاع نسبة العنوسة إذ وصلت إلى (9) ملايين شاب وفتاة ممن تجاوزا سن الخامسة والثلاثين من دون زواج من أصل مجموع النفوس البالغ زهاء (70) مليون نسمة.
وما يزيد التقديرات حيرة أن عدد وثائق الطلاق الرسمية المسجلة خلال السنة الماضية 2002م وصل إلى (75) ألف وثيقة طلاق وتقول إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في القاهرة: (إن ألف حالة زواج عرفي قائمة الآن بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم وأن (5) آلاف مصري متزوج من (4) نساء ومن بين هؤلاء من يحمل درجة الدكتوراة أو درجات علمية مرتفعة وليس أصحاب المهن أو الكبار وحدهم في حين زاد من يجمعون بين (2) زوجتين فقط إلى قرابة مليون مصري.
كما أظهرت دراسة حديثة عن وجود نوع جديد من الطلاق أصبح متعارف عليه بـ(الطلاق العاطفي) وهذا النوع غير مسجل حيث يطلق على وضع زوجي يقوم به الرجل بأخذ زوجة ثانية ويختار إحداهن فقط على حساب العلاقة الزوجية مع الأخرى أو أن يتركهما معاً ويمارس البغاء مع الساقطات ممن هن خارج جدار المنزل. وهذا ما جعل إمكانية القول أن العنوسة أحياناً تطال حتى المتزوجات من حيث غياب العلاقات العاطفية أو الالتقاء العاطفي مع أزواجهن.
إن ظاهرة العزوف عن الزواج موجودة في كل المجتمعات وقد أمتدت من زمن لآخر ووصلت إلى عصرنا الراهن وظاهرة العنوسة في العالم الغربي هي إخفاق من النساء والرجال مما هو عليه الحال في البلاد العربية بسبب النظرة المتسامحة في المجتمعات الغربية للعلاقات الجنسية الأباحية التي من نتائجها ولادة الأطفال غير الشرعيين الذين ترعاهم الدول الغربية مقابل اعتبار ذلك من الممنوعات الضميرية والدينية الإسلامية والمسيحية في العالم العربي الذي ينظر إلى علاقات المرأة والرجل خارج حدود الزوجية هي مسائل لا أخلاقية والمرأة العربية المسلمة والمسيحية في البلاد العربية والإسلامية ترفض مثل هذا التوجه.
طبيعي أن هناك جهوداً تبذل على الصعيد الاجتماعي لدى بعض المهتمين الرسميين وغيرهم لخلق رابطة مودة تجمع رأسين بالحلال ضمن أسرة جديدة ففي الأمارات العربية لوحدها توجد حالياً (170) ألف فتاة عانس وفي السعودية زهاء (529) ألف فتاة أي ما يعادل ثلث نساء السعودية لذلك تنشط هذه الأيام محاولة إيجاد شريك أو شريكة حياة عبر الانترنيت وإعلانات المجلات إلا أن هذا المجال غير مشجع لإقامة زيجات ناجحة.
ويوجد إقرار بأن سهم العزوبية على مستوى العالم هو في حالة صعود وهو مؤشر خطر على تفشي سلوكيات ممكن أن تجعل من الرغبة بعدم الزواج مبدأً ربما يأخذ حالة التأييد لدى مجتمع ما ففي فرنسا مثلاً يوجد (14) مليون عازب ويذهب البعض لتسمية عدم الراغبين بالزواج بأن في توجههم نوع من الانتحار البطيء للأجيال.
أما عن عدم القدرة المالية على الزواج فهي مسألة مقرة على المستوى العربي الرسمي والاجتماعي وهذا ما يعتبر خطراً على مسيرة التحولات النفسية والمجتمعية في معظم البلاد العربية. لهذا انتهجت (جمعية العفاف الخيرية) في الأردن إلى ضرورة العمل للمساهمة الإيجابية في حل جزء مما يعانيه المتطلعون والمتطلعات إلى الزواج في المجتمع الأردني إذ نظمت حفل الزفاف الجماعي الذي جمع (474) عريساً وعروساً وهذه السنِّة الخيِّرة قد بدأت منذ بداية سنة 1995م.
وكحل يمكن أن يكون أكثر تناسباً لحل بعض مشاكل النساء العانسات فإن الرجال في موريتانيا قد جعلوا من تعدد الزوجات في بيوتهم الزوجية ظاهرة منتشرة رغم أن الزواج لدى المواطنين الموريتانين العرب يأخذ طابع الزواج السري هناك الذي يكون في بعض الأحيان مجرد زواج لقضاء الرغبة أي الزواج الخالي من مرتكزاته الإنسانية الشاملة في تأسيس أسرة سوية تتساوى فيها النساء المتزوجات من رجل واحد بنفس الحقوق العادلة بين واحدة وأخرى بحسب شريعة الإسلام.
11/6/2003
10/ ربيع الثاني/1424
http://annabaa.org المصدر:
ـــــــــــــــ(61/73)
ـــــــــــــــ
أضرار العنوسة
الدكتور عصام بن هاشم الجفري
الخطبة الأولى:
اللهم لك الحمد أنت أحق من عبد، و أفضل من ذكر، وأرأف من ملك، وأرحم من رحم، وأكرم من سئل، وأوسع من أعطى، وأقوى من استنصر، وأعز من نصر، القلوب إليك مفضية والسر عندك علانية الحلال ما أحللت والحرام ما حرمت والدين ما شرعت لا تطاع إلا بإذنك ولا تعصى إلا بعلمك تطاع فتشكر وتعصى فتغفر، لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالقرآن ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة كبت عدونا وأظهرت أمننا ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على حمدنا إياك. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
فأوصيكم أحبتي بسبب صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب ألا وهو تقوى الله يقول ربنا - سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً}([1]).
أيها الأحبة في الله تحدثت في الخطبة الماضية عن داء العنوسة المتفشي مع الأسف في مجتمعنا وأسبابه واليوم أتحدث إليكم عن أبرز المضار المترتبة على ذلك الداء الاجتماعي الخطير ويمكن إيجازها في التالي:
أولاً أثرها على الفتاة العانس نفسها من عدة جوانب منها الجانب النفسي لها؛ فالفتاة العانس تعيش في هم وقلق في النهار وحُزن وأرق بالليل، تنظر إلى أخواتها وزميلاتها والنساء من حولها ينعمن بعيشة زوجية دافئة هانئة، وهي وحيدة منفردة منعزلة وإن كانت تعيش في وسط أسرة لأنها بلا زوج، تقول أحد المتخصصات في مجال علم النفس(2): (إن العانس إنسانة قلقة نفسياً وعاطفياً خاصة إذا عوملت ممن حولها معاملةً فيها نوع من الإحساس بالنقص أو الشفقة، وأحست بأن وضعها معيب اجتماعياً، والمؤكد أن الزواج وما يتبعه من الأنس والعاطفة وإشباع الحاجات الغريزية والنفسية من أهم أسباب السلامة النفسية والعصبية، فنحن النساء صعبٌ علينا أن نعيش بلا رجال)، ومن تلك الأضرار على الفتاة أنها قد لا تجد من يعولها أو يخدمها في الفترة الحرجة من عمرها، فالوالدين في الغالب يكونا قد انتقلا إلى جوار ربهما، أو إن بقيا أو بقي أحدهما فهو في حاجة ماسة إلى من يخدمه فضلاً عن أن يخدم غيره، يقول أحد كبار السن ممن يعملون في مجال تأجير البيوت: (دخلنا بيوتاً فيها نساء أبكاراً في الستين والسبعين، يشتمن المجتمع والأقارب ويلعن من كان السبب في بقائهن عوانس، لا يجدن من يخدمهن ومن يقدم لهن الطعام والشراب والدواء، ولا يستطعن قضاء حوائجهن بسهولة ويسر، لأن الأباء والأمهات غير موجودين وإن وجدوا فهم كبار يحتاجون العون والمساعدة، والإخوة مشغولون بأنفسهم وأبنائهم وزوجاتهم)(3) وكم من عانس ضغط عليها الواقع واشتعلت في صدرها عاطفة الأمومة الجياشة فأخذت تصرِّح وتقول أعطوني زوجاً أنجب منه ولداً أكرس له كل حياتي وليطلقني بعد ذلك.
ثانياً: أثره على المجتمع ومن أخطر تلك الآثار وقوع الفتاة العانس في براثن الغواية والشيطان تحت وطأة الشعور باليأس من الزواج أو تزيين الشيطان لها بأن ذلك يمثل انتقاماً من الولي الذي عضلها عن الزواج، أو أنه يمثل استجابة لنداء الشهوة الصارخ فيها في ظل رقة في الدين وغفلة عن الله، أو وقوعها فريسة لأحد الذئاب البشرية التي تحوم في المجتمع بحث عن فريسة فيجد تلك العانس المسكينة فيتلاعب بعواطفها ويعدها بالزواج، فتقع في الزنا أو السحاق أو غيرها. تنحرف الفتاة لأننا لم نوفر لها سبل الحلال في زمن كثرت فيه الفتن والمغريات والمهلكات، والفارق كبير بين فضيحة الرجل وفضيحة المرأة، فالرجل يلحق به العار فترة بسيطة من الزمن إن قدر له أن يكتشف ومع الأسف مع تبدل المعايير والموازين قد لا ينظر إلى الرجل نظرة ازدراء على ما فعل! لكن المرأة يلحقها العار طوال حياتها خاصة إذا حملت وأنجبت منه بالحرام، ولا يعني قولي بالضرورة بأن كل عانس منحرفة لا. فإن في مجتمعنا الكثير من العوانس الصابرات القانتات العابدات الطيبات اللواتي تحملن الكثير ونسأل الله أن يعينهن ويثبتهن على الطريق المستقيم، وكم من أب عضل موليته عن الزواج فوقعت في الحرام والعياذ بالله فدفع ثمناً غالياً! ومن أضرار العنوسة على المجتمع تواجد طبقة من الرجال أصبح همها اقتناص العانس ذات المال واللعب بعواطفها من أجل الاستيلاء على أموالها أو على الأقل التنعم بثروتها في مقابل الزواج بها. أيها الأحبة في الله إذا كانت تلك العنوسة، وتلك أبرز مضارها فما هو الحل؟ الحل يتمثل في العودة إلى معين الشرع الصافي، فنقول لمن فرق بين الناس على أساس النسب ولم يعرف المعنى الحقيقي للكفاءة في النسب هذا خير البرية صلوات ربي وسلامه عليه زوج ابنة عمه الهاشمية القرشية من مولاه زيد بن حارثة! وقد اقتدى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أصحابه فهذا أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة تبنى سالماً وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة، وهذا عبد الرحمن بن عوف زوج أخته من بلال الحبشي - رضي الله عنهما -، فنقول له أما لك في هذه الثلة الطيبة أسوة وقدوة. أما بالنسبة لمن يغالون في المهور فنقول لهم لقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا))(4)، ولما تزوج علي فاطمة - رضي الله عنهما - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((أعطها شيئاً)) قال ما عندي شيء، قال: ((أين درعك الحُطَمِيَّة (5) ))(6)، فقولوا لمن قلب هذا المرأة سلعة تباع وتشترى هذا مهر بنت خير البرية أجمعين وهي من خير نساء العالمين فأين بناتكم منها؟.إلى كل أم تظن أن سعادة ابنتها فيما يحويه بيتها من أثاث ورياش أو في الحفلات أو غيرها نقول لها اتق الله فإن هذه الأمور زائلة وقتية لا تدوم سعادتها ومهما اجتهدت وفعلت فلن تسلمي من انتقادات النساء وألسنتهن الحادة فلابد من الانتقاد فاشتري سعادة ابنتك الدائمة بأن تعيش في كنف زوج وحولها أولادها كما عشت أنت من قبل ولا تجني عليها فتحرميها تلك السعادة التي تتطلع إليها بكل شوق بفطرتها، أما لمن ينظرون أن التعليم عائق في وجه الزواج فنقول لهم إن واقع المجتمع يشهد بأن هناك العديد من الفتيات اللواتي تزوجن وأكملن تعليمهن ووصلت بعضهن إلى درجات عالية من التعليم من خلال التفاهم والحوار والإقناع بينها وبين زوجها بعيداً عن التشنج والتدخل العائلي المقيت الذي قد يهدم البيوت.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {.. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }(7).
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى أحمده - سبحانه - وأشكره على ما تفضل به وأعطى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واقدروا لهذه القضية الاجتماعية المتفاقمة قدرها، وأخاطب من هذا المكان تلك الفتاة التي تمردت على عادات مجتمعها وانسلخت من دينها وأخذت تنظر إلى ذوات الفساد بأن هن قدواتها فأقول لها رويدك فإنك لن تستغني عن الزواج الذي شرعه الله لك فأنت وإن ظننت أنك قد تمتعت السنين فستعقبها سنين حسرة وندامة في الدنيا وعذاب وخزي في الآخرة إن لم يتداركِ الكربم برحمته ولك في ثلة من اللواتي كن يسمين بالفنانات والنجمات عبرة فكم واحدة منهن صرحت بتعاستها عند الكبر بل وماتت منتحرة مع أنها قد بلغت من الشهرة مبلغها وكم متن بحسرتهن في صدروهن وغداً في يوم المحشر سترين تلك الحقيقة واضحة للعيان، أخيتي إن مجتمعنا بفضل الله لا زال للفضيلة فيه مكانها وللأدب والحشمة احترامها وبقدر ما تبتعدي عنهما بقدري ما تفقدي من احترام المجتمع ومحبتهم لك، أخيتي إني أهمس في أذنك بأنك إن أردت الزواج وحل مشكلتك فعليك بالدين فإن صاحبة الدين مرغوبة لدينها مهما قل جمالها أو نقص مالها فالزوج يريد المرأة التي يطمئن معها على عرضه وولده وماله، وفي مجتمعنا قناعة كبرى بفضل الله أنه لا يجد ذلك إلا عند ذات الدين، وإلى كل أب تهمه مصلحة ابنته أقول له رب ابنتك على الدين والصلاح فإن ذلك من أكثر ما يُرغب أهل الصلاح فيها، أقول له إذا وجدت من تثق في دينه وخلقه وعرفت أنه بحاجة إلى الزواج فلا تتردد في عرض ابنتك أو أختك عليه وهذا ليس فيه انتقاص من كرامتها أو مكانتها بل هو دأب الصالحين من الصحابة والسلف الصالح فهذا عمر يعرض ابنته حفصة على أبو بكر وعلى عثمان ولما علم الله منه اهتمامه بأمر عفة ابنته جعل زوجها خير البرية صلوات ربي وسلامه عليه، وهذا سعيد بن المسيب يعرض ابنته و يزوجها من أحد طلابه الفقراء طلباً لعفتها، ومن حلول هذه المعضلة أن تكون في كل حي لجنة من أهل الخير والصلاح تجعل مهمتها حصر البنات الموجودات في الحي و الشباب ومحاولة التوفيق بينهم. والأمر أكبر من أن يناقش في هذه العجالة فاسأل الله أن يهيئ لمجتمعنا ولفتيات المسلمين كل خير إنه سميع عليم.
------------
([1]) الأحزاب 70، 71.
(2)هي الدكتورة منال زكريا: انظر: عبد الودود حنيف، العنوسة داء يتفشى، ص45، 46.
(3)المرجع السابق، ص55.
(4)مسند الإمام أحمد، حديث(23338).
(5) أي التي تحطم السيوف.
(6) أخرجه أبوداود والنسائي في كتاب النكاح.
(7)الطلاق: 2، 3.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــ(61/74)
ـــــــــــــــ
العنوسة تضطر معلمات فيفاء إلى الزواج من عاطلين
يزيد الفيفي
في بادرة غير مسبوقة قوبلت بالتقدير من المجتمع أقدم عدد من المعلمات على الزواج من عاطلين عن العمل، وذلك طلباً منهن للعفة واقتناعاً منهن بدور الرجل في أساسية حياة المرأة.
وقد تجاوزت مبادرة هذه المعلمات الزواج بالعاطلين عن العمل، إلى مساعدتهم ماديا من خلال إمكانية المشاركة في شراء الأسهم أو فتح محلات تجارية أو شراء سيارة يقوم بالعمل عليها لتوفير دخل إضافي يساعد في توفير احتياجات الأسرة.
والملفت في الأمر أن أولياء الأمور الذين كانوا في السابق يرفضون تزويج بناتهم وبشكل خاص المعلمات من العاطلين عن العمل، باتوا اليوم الأكثر حرصا على تزويج بناتهم، حتى ولو من عاطلين عن العمل، وذلك في ظل تزايد ارتفاع نسبة العنوسة، التي لم تعد عائقا على ما يبدو أمام المعلمات في فيفاء للاقتران بالشباب من أجل الزواج، ودون تردد.
والملاحظ أيضا أن هذه الفئة من الشباب قد تخلوا هم أيضا عن رفضهم الاقتران بالفتاة العاملة بينما هم ما زالوا عاطلين عن العمل، حيث كان غالبية الشباب في الفترة الماضية يخشون من الارتباط بفتاة متعلمة وموظفة خشية أن تفرض عليهم نوعا من السيطرة أو التحكم في قرارات المنزل بسبب قدرتها المادية واستقلاليتها في أمور الشراء والدخل. والدافع وراء هذا الأمر في رأي الشباب هو أن الظروف المادية وكثرة البطالة وتكاليف المعيشة الباهظة، تجعل من المستحيل على طرف واحد سواء الرجل أو المرأة الوفاء بمتطلبات الأسرة، وأنه لا بدّ وأن يتعاون الطرفان لتطوير المستوى المعيشي للأسرة.
وقد تم تقنين المهور بحيث لا يتجاوز مهر الفتاة 20 ألف ريال يشمل جميع متطلبات الزواج من زفاف متواضع وحلي العروس.
http://www.alwatan.com المصدر:
-ـــــــــــــــ(61/75)
ـــــــــــــــ
العنوسة و أسبابها
أحمد بوجمعة
تختلف الأسباب، وتتعدد العوامل التي تؤدى وتساعد على انتشار ظاهرة العنوسة، وتصب كلها في بوتقة البعد عن ديننا الحنيف، أو جهلنا ببعض أحكامه، أو سوء فهمنا للحكم- الساهية وراء الأوامر والنواهي التي يأمرنا بها الله- عز وجل - وتوضحها لنا السنة الكريمة، فكلما زاد اقترابنا وتمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف إيمانا قولا وفعلا كان في ذلك النجاة من الوقوع في أزمات ومشكلات. الحياة المعاصرة بتطوراتها السريعة المتلاحقة: ومن الأسباب التي تقف وراء ظاهرة العنوسة عضل النساء. أي منع المرأة من الزواج بكفئها فإذا تقدم لها خاطب كفء منعت منه إما من قبل وليها أو لتدخل قصار النظر من النساء والسفهاء بحجج فاسدة كالقول بأن الخاطب كبير السن أو فقير أو متدين متشدد.
ومن معوقات الزواج وسبب تأخيره رفع المهور وجعلها محلا للمفاخرة والمتاجرة لا لشيء إلا لملء المجالس بالتحدث عن ضخامة هذا المهر دون تفكير في عواقب ذلك، ولا يعلمون أنهم قد سنوا في الإسلام سنة سيئة عليهم وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا، وأنهم حملوا الناس عنتا ومشقة يوجبان سخطهم عليهم وسخريتهم منهم، وإن ضخامة المهر تسبب كراهة الزوج لزوجته، وتبرمه منها عند أدنى سبب وإن سهولة المهر تسبب الوفاق والمحبة بين الزوجين هما يوجد. البركة في الزواج.
ومن الأمور التي نفرت من الزواج تلك المعوقات التي ابتدعها الناس وتمادوا فيها حتى أثقلت كاهل الزوج من تكاليف باهظة لشراء مصاغات وأقمشة، والمبالغة في تأثيث المنزل، والإسراف في إقامة الولائم، وضياع الأموال هدرا، ومنها أيضا إقامة الحفلات في الفنادق وقصور الأفراح وما يتبع ذلك من ارتكاب المحرمات من الغناء والرقص والتصوير، بل وشرب المحرمات وتصبح هذه الحفلات مجالا خصبا لارتكاب المعاصي، وما يتبع ذلك من قضاء ما يسمونها شهر العسل في بلاد خليعة.
وتعد هذه المعوقات التي تقف حائلا أمام الزواج من سباب عزوف الشباب عن الزواج، وتأخير سن الزواج، وتأيم كثير من الفتيات، وتفشي ظاهرة العنوسة وما يتبعها.من آثار سلبية على الأسرة والمجتمع ككل.
http://www.hetta.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/76)
ـــــــــــــــ
العنوسة في الدول العربية
أجرى احد المواقع الالكترونية تصويت على ظاهرة العنوسة في الدول العربية فكان إجمالي الأصوات على الشكل التالي:
طبعا كان المشكلة الرئيسي هو غلاء المهور.
السبب الثالث البطالة
ظاهرة العنوسة انتشرت بشكل كبير و خطير في الدول العربية حتى و صلة إلى نسب عالية جدا مما يستدعي تدخل الدول والحكومات العربية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد مستقبل كل دولة عربية لكن ما هو السبب وراء انتشار ظاهرة العنوسة في البلدان العربية هناك عدة أسباب تمنع الشباب من الزواج السبب الأول والرئيسي هو غلاء المهر عندما يتقدم الشاب إلى خطبة الفتاة أول ما يشترط عليه هو المهر طبعا.
من هذا المنطلق تفشت ظاهرة العنوسة لأن الشاب العربي ليس بمقدوره إحضار المهر المطلوب منه لأن نسبة الدخل الفردي في الدول العربية ضعيف جدا اليوم الشاب العربي يخاف من الزواج و السبب دائما غلاء المهور و ارتفاع طلبات أهل العروس و غلاء المنازل إلى غير ذلك من العوائق التي تعيق الزواج في الدول العربية تأتي ظاهرة البطالة في المرتبة الثانية البطالة تشكل نسبة مرتفعة جدا في الدول العربية لأن كل عائلة عربية يوجد فيها 5 أشخاص أو أقل بدون عمل هل بإمكان الشاب العربي الذي لا عمل له الزواج لا طبعا لكن هل الدول العربية تحارب ظاهرة المهور المرتفعة.
في السعودية، أصدرت هيئة علماء الدين عدة قرارات تؤكد ضرورة "منع ما يصاحب الزواج من مظاهر البذخ والتباهي وحفلات الغناء، وحثت الناس على تقليل المهور وإعطاء القدوة الحسنة في ذلك من الأمراء والعلماء والتجار ووجهاء الناس". ودعت إلى "معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس" في المملكة حيث أفادت دراسة أجراها 400 باحث من جامعة الملك سعود في مختلف مناطق المملكة أن المهر يشكل 16%من نفقات زواج تبلغ تسعين ألف ريال سعودي (حوالي 25 ألف دولار). وفي قرار ثان، أكدت ضرورة "منع إقامة حفلات الزواج في الفنادق، والموافقة على ما تتراضى عليه كل قبيلة في تحديد المهور، على أن يكون مناسبا لحال تلك القبائل، ومن زاد عليه سيحال إلى القضاء".
ووضعت الهيئة حدا أقصى للمهر يبلغ أربعين ألف ريال (حوالي عشرة آلاف دولار). لكن نساء سعوديات، شاركن في بداية الشهر الجاري في جلسة لمجلس الشورى، رأين أن الأهم من اتخاذ إجراءات للحد من غلاء المهور هو "التوعية بالمفاهيم التي تساعد على الحد من العنوسة وكذلك من الطلاق (...) مثل المشاركة والتعاون والبساطة".
وأكدن أيضا "الحاجة إلى تحسين أوضاع الشباب المادية، وتوفير مساكن بأجر رمزي، ومعالجة مشكلة البطالة بطرح فرص وظيفية مناسبة للجنسين تمكنهما من مواجهة غلاء المعيشة (... ) بما يضمن استمرارية الزواج ويحد من الطلاق"، الذي يسجل أيضا معدلات عالية نسبيا في المجتمعات الخليجية.
هل ظاهرة العنوسة تشكل خطر كبير
هل العنوسة تشكل حرج للفتاة العربية
ما هو السبب في ذهاب بعض الأسر إلى الدجالين و العرافين
يطرح الدكتور محمد حسن غانم - أستاذ علم النفس بجامعة حلوان - رؤيته حول العنوسة مؤكدا أنها تمثل ظاهرة خطيرة في المجتمعات النامية والعربية تحديدا، حيث يعد الزواج سترة للبنت، وحفظا لكرامة أسرتها، لأن تقدم الفتاة في السن وعدم زواجها قد يثير العديد من الأقاويل التي تمس سمعة الفتاة وسمعة الأسرة، من قبيل أن البنت (بارت) أو غير صالحة للزواج، وبعض الأسر - خاصة في المناطق الشعبية - تلجأ للعرافين والدجالين ظنا بأن ابنتهم (معمول لها عمل) يحول دون زواجها ويوقف حالها.
ويؤكد أنه ليس في الأمر بعد خفي؛ فالواقع يشير إلى وجود العديد من التغيرات التي أدت إلى تفشى ظاهرة العنوسة.
ويرصد هذه التغيرات في:
أولا - عامل خاص بالفتاة من قبيل عدم التزامها مما ينفر الكثير من الشباب من الاقتران بها.
ثانيا - أسرة الفتاة ومدى التزامها بالأخلاقيات وتفهمها لظروف من يتقدم لابنتها.
ثالثا - ظروف الشاب الذي يريد الزواج ولا يملك النفقات خاصة أن فئة من الناس تنزع إلى المظهرية والمبالغة في نفقات الزواج وإقامة حفلات الزفاف؛ مما يصيب من يريد المحاكاة والتقليد باللجوء لأساليب منحرفة إما للحصول على المال أو إقامة علاقة دون ارتباط شرعي وديني.
http://www.nesasy.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/77)
تحرر المرأة في تونس يسفر عن تزايد ظاهرة العنوسة
آخر الإحصائيات الرسمية للتعداد العام للسكان في تونس يظهر أن نسبة العنوسة في تونس بلغت 38 بالمئة عام 2004...
رويترز
لم يعد غريبا أن تجد في تونس أحد أكثر المجتمعات العربية انفتاحا على الغرب، نساء تجاوزن العقد الرابع ومازلن عانسات، في وقت أصبح فيه العمل والدراسة من أولويات المرأة في تونس.
وكشفت آخر الإحصائيات الرسمية التي وردت في التعداد العام للسكان الذي أجرته الحكومة في أواخر عام 2004، أن نسبة العنوسة في تونس بلغت 38 بالمئة عام 2004 ليرتفع عدد العازبات إلى أكثر من مليون و300 ألف امرأة من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة مع نحو 990 ألف عازبة عام 1994.
وتأتي المرأة التونسية على رأس النساء العربيات من حيث التحرر والمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث تشغل نحو 20 بالمئة من المقاعد في البرلمان التونسي الذي يهيمن عليه أنصار الحكومة، إضافة إلى أنها ستحظى بداية من الانتخابات البلدية القادمة في مايو / أيار المقبل بنسبة 25 بالمئة من المقاعد، هذا إلى جانب أن حقيبتين وزاريتين في الحكومة من نصيب النساء.
وفسر باحثون في علم الاجتماع تفاقم ظاهرة العنوسة بتفتح المرأة التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية، وميلها إلى تحقيق استقلالها المادي والمعنويين إضافة إلى سعيها للتحرر الاجتماعي، هذا إلى جانب تفضيل فئة منهن العيش خارج الروابط الزوجية التقليدية.
وقال المهدي بن مبروك، وهو باحث اجتماعي تونسي، لرويترز: "هناك تحولات قيمية في المجتمع حيث برزت إشكال جديدة للإشباع العاطفي وتراجعت قيمة الأسرة والزواج مقارنة بالأنماط الأخرى من العيش".
وأضاف: "إن نسب الطلاق المرتفعة جعلت هناك حذرا وعزوفا متزايدا لدى الفتيات والفتيان على حد سواء هذا إلى جانب التفتح الكبير على حضارات غربية مما جعل الزواج يتراجع في أولويات الفتاة في تونس لحساب الدراسة والتحرر المادي والمعنوي".
وأشارت دراسة حكومية نشرتها وزارة العدل إلى أن عام 2004 سجل نحو 16 ألف قضية طلاق في تونس، من بينها عشرة آلاف قضية صدرت بشأنها أحكام. في المقابل تؤكد أطراف أخرى أن خروج المرأة للعمل وتحملها مسؤوليات مهمة جعل سن الزواج يتأخر اضطرارا أو اختيارا أو يفوتهن نهائيا. وقدر التعداد العام للسكان في أواخر 2004 عدد النساء العاملات بنحو 733 ألف امرأة مقارنة بنحو 500 ألف امرأة عاملة سنة 1994.
وتقول سلوى التي تجاوزت 39 من العمر ولم تتزوج بعد، وهي موظفة في بنك: "إن تأخر سن الزواج متفش خصوصا في المدن الكبرى، حيث تفضل اغلب الفتيات هنا بناء مستقبلهن قبل أي ارتباط خوفا مما قد يخفيه الزمن من مفاجآت". وتضيف سلوى بحسرة غير خافية: "أنا غير محظوظة.. لو يعد بي الزمن لن اختار نفس الطريق سأفضل الرجل على العمل.. في هذه السن المتأخرة نكتشف نحن الفتيات أهمية وجود الرجل في حياتنا وينتفي أي شيء مقابل الإحساس بالدفء الأسري".
وفسرت دراسة أعدها الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري الحكومي، التحولات التي طرأت على أنماط الزواج في تونس بأنها تعكس في حد ذاتها العديد من التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي طرأت على حياة السكان في تونس. وأضافت أن ارتفاع نسب غير المتزوجات في الفئات المتقدمة نتج عن تغير وضع المرأة تبعا لتحسن وضعها القانوني باكتسابها حقوقا إضافية.
غير أن تكاليف الزواج المرتفعة وشروط العائلات المجحفة وتفضيل عديد من الفتيات مواصلة دراستهن الجامعية، أسباب لا يمكن تجاهلها في تراجع إقبال الذكور على الزواج وتفضيلهم حياة العزاب في مواجهة تحديات المستقبل. وتدفع فتيات أخريات بأن اختيار نمط عيش يتسم بالتحرر والسعي للزواج بعد قصص حب هي أحد أهم أسباب تفشي العنوسة والزواج المتأخر لدى عدد كبير من التونسيات.
وتقول نادية، وهي عاملة بإحدى الإدارات في العاصمة وعمرها 34 سنة: "اخترت أن أتزوج عن حب ورفضت العديد ممن تقدموا لي غير أن الرجل الذي امتدت علاقتي به نحو سبع سنوات اختار أن يتزوج قريبته في الأخير، وان يرضي عائلته وتركني أتخبط في وحدتي وعنوستي". وأضافت: "لقد ندمت لأني اخترت هذه النمط من العيش وأضعت سنوات غالية من عمري".
ويحذر علماء اجتماع ورجال دين من انعكاسات هذه الظاهرة التي قد تنتج تهرما في المجتمع وتجعل تجدد الأجيال غير مضمون، إضافة إلى ما قد ينجم عنها من انحرافات في سلوك الشبان.
http://www.arabynet.com المصدر:
-ـــــــــــــــ(61/78)
ـــــــــــــــ
العنوسة .. والعزوف عن الزواج ..
القضية التي تؤرق البيوت الآمنة
تحقيق منار الحمدان
فتاة: أهلي رفضوا كل الخطاب والآن فاتني القطار
مواطن: زوجت بناتي عن طريق الإهداء
ظلت قضية عزوف الشباب عن الزواج من القضايا الملحة التي باتت تقلق المجتمع وترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية أخرى لا تقل عنها أهمية إلا وهي قضية تنامي معدلات العنوسة في المجتمع السعودي بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الجمعيات الخيرية ومشاريع إعانة الشباب على الزواج .. فما هي أبعاد القضية وما آثارها الاجتماعية وما الأثر الاقتصادي والثقافي في تفاقم هذه المشكلة حتى وصلت إلى معدلات غير مسبوقة؟ وما رأي الدين وعلم النفس وعلم الاجتماع ورأي الشباب والشابات في هذه القضية التي لامست ركائز مجتمع يعد أكثر المجتمعات تماسكاً ومحافظة وحرصاً على تعاليم الدين والعادات والتقاليد المستمدة من الإرث الثقافي الحضاري الإسلامي.
شروط الفتيات
الشباب يلقون باللائمة على الفتيات اللاتي يطالبن بما يفوق قدرات المتقدمين للزواج وإمكانياتهم المادية خصوصاً وأغلب الشباب هم من حديثي التخرج الباحثين عن العمل أو الذين يعملون برواتب ضعيفة ويبحثون عن تحصين أنفسهم وإكمال دينهم بما يرضي الله.
فماذا تقول الفتاة المتهمة بالغلو والمغالاة؟
الأخت كوثر راشد ترى أن مطالبة الفتاة بمنزل مستقل للزوجية حق من حقوقها لكنها تقول في بعض الحالات يكون الشاب هو الوحيد لدى والدته.. وليس لديه أخوة ووالده متوفى فلا بد أن يظل مع أمه في ذات المنزل الذي ترعرع فيه.. وعلى الفتاة أن تتفهم ذلك وكوني امرأة ليس لي من بعد الله غير ابني الوحيد فسأواجه هذه المشكلة مثلما واجهتها من قبلي بعض الأمهات.
توافقها الرأي أم عبد الرحيم فتقول: منذ فترة طويلة وأنا أبحث عن عروس لابني وحينما أذهب لرؤيتها وفي بعض الأحيان قبل أن أراها تشترط وجود منزل خاص .. مع العلم بأن ابني هو ولي أمري وليس لدي سواه وزوجي متوفى.
غلو.. وتعجيز
بعض الفتيات يضعن شروطاً تعجيزية للعريس وأحياناً تشارك أسرة الفتاة في وضع تلك العقبات والمتاريس التي تمنع إتمام الزواج فيظل الشاب عازفاً عن الزواج وتظل الفتاة عانساً.. وحول هذه الشروط تقول فوزية حسن: كلفني أحد أقاربي بالبحث له عن عروس، وعند قيامي بتلك المهمة عايشت نماذج وأنماطاً لطلبات وشروط تعجيزية سواء من الفتيات أو من أهلهن.. فكان أول سؤال طرحته أحداهن .. هل هو جامعي ولديه منزل خاص به فإن لم يكن جامعياً فلست موافقة على الارتباط به.. كما لاحظت أن غالبية الفتيات يركزن على الوضع المالي للعريس .. ويكون الثراء من أهم شروط القبول فتكون الشروط من جهة الفتاة تارة ومن جهة الأهل تارة أخرى، وأحياناً يكون ذلك هو رأي الجانبين معاً.
ماذا يريد الشباب؟!
هنا تلقي الفتيات بالكرة في ملعب الشباب ويتهمنهم بوضع الشروط المبالغ فيها .. وتقول الأخت أم سعيد : تقدم لابنتي أكثر من خاطب، فكان بعضهم يضع شروطاً لا يقبلها العقل والمنطق ، وليست من الدين في شيء .. ومن ضمن الحالات التي تؤكد مبالغة بعض الشباب في الشروط.. حينما هاتفتني الخاطبة "الوسيطة" تسألني عن مواصفات المخطوبة .. قالت لي هذا الرجل متزوج من امرأة على درجة عالية جداً من الجمال ويريد ألا تقل الزوجة الثانية عن الأولى في الجمال وقد تقدم لأكثر من فتاة ذات جمال لافت للنظر.. لكنه كان يبحث عن الأجمل، وقد رأى عشر فتيات يتمتعن بجمال مميز لكنه لم يقتنع بإحداهن فظل يبحث عن الأكثر جمالاً.. ويبالغ أكثر في شروطه بطلب مهاتفة المخطوبة قبل عقد القران.. وقالت لقد رفضنا ذلك لأنه لا يحل لهما التحادث قبل عقد القران..
وفي ذات الإطار قالت موضي نهار: ظللنا نبحث فترة طويلة فنجد بعض مواصفات المخطوبة ولا نجد البعض الآخر، فشروط ابني أن تكون بيضاء جميلة وذات شعر ناعم وغير قصيرة ومازلنا نبحث عن شروط لم نجدها مجتمعة في شخصية واحدة.
رؤية مخطوبته
للشباب آراؤهم ومواصفاتهم الخاصة فهم يعتقدون أن هذه شراكة عمر فلابد أن يكون اختياره موفقا ودقيقاً فلا يقتنع بعضهم برؤية "الخاطبة" ويريدون أن يروا بأنفسهم حتى يكون حكمهم نهائياً وقبولهم حجة عليهم وعن قناعة تامة.
فالشاب أحمد يقول إن بعض الأسر ترفض أن يرى الخاطب مخطوبته.. وأنا لا أقتنع برؤية الخاطبة، ولا حتى رؤية أخواتي، أو أمي أريد أن أراها بنفسي حتى أحدد بعد ذلك رأيي عن قناعة وكذلك من حقها أن تراني.. وتبني قبولها أو رفضها عن حكم ذاتي "وليس من رأى كمن سمع".
عريس مرفوض
مثلما للشباب شروطهم فإن للفتيات شروطهن ومواصفاتهن الخاصة.. وفيما يتعلق بالسن على وجه الخصوص .. وعادة ترفض الفتيات الشاب الذي تعدى الثلاثين من العمر .. وفي هذا الصدد يقول الأخ ش . ع:
وصلت سن الخمسين ولم أتزوج بعد وكلما تقدمت لفتاة لم يسبق لها الزواج ترفض ذلك .
و لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بعضهن يعتقد أن سبب تأخري عن الزواج إما يعود لعدم استقامتي أو أنني أتعاطى المخدرات .. مع العلم بأنني على استقامة من أمري .. وأعمل ولله الحمد وأموري كلها سوية.
ويوافقه الرأي الأخ عامر ويقول : حينما بلغت الثلاثين، قررت الزواج، والمشكلة التي واجهتني هي رفض الفتيات وبعد فترة طويلة من البحث والرفض وجدت الفتاة التي قبلت بي وكان الرفض دائماً يأتي من جهة الفتيات الصغيرات اللاتي يعتقدن بأنني كبير في السن ولكني كنت أتقدم لفتيات يصغرنني بأربع أو خمس سنوات فقط..
ماذا تقول الخاطبات؟!
قضية عزوف الشباب وعنوسة الفتيات مازالت على بساط البحث، وعند الخاطبات الخبر اليقين طالما هن قد خبرن مداخل الزيجات وتحدثن إلى كلا الطرفين.. فهن أكثر من يملك أسرار هذه القضية.. فماذا تقول الخاطبات في هذا الصدد؟
أم حسن إحدى الساعيات لتزويج الشباب من الجنسين فهي متطوعة للبحث عن زوج لكل فتاة تعرفها والبحث عن زوجة صالحة لكل شاب يهمها أمره.. دون مقابل مادي.
وتقول انها ترجو الثواب من عند الله وترى ان تفاقم مشكلة العزوف عن الزواج ومشكلة العنوسة سببها الشروط والمواصفات المبالغ فيها من كلا الطرفين وكثيراً ما تؤثر الأطراف المحيطة بالعروسين في مجريات الأحداث ويكون تأثيراً سلبياً على سير خطوات الزواج ويجد الشباب والفتيات أنفسهم تحت تأثير تلك الأطراف التي لا تقدر حجم المسؤولية. ومن واقع تعاملها مع هذه القضية تقول أم حسن:
في إحدى المرات وجدت لإحدى الفتيات شاباً مناسباً وهو سوي وخلوق، وتم الاتفاق بين أهلها وأهله وبعد الموافقة على الزواج تم رفضه من قبل اخوتها بحجة انه يسكن في منزل بالإيجار.
أما الحالة الثانية فقد اشترطت الفتاة على من يريد الزواج منها ان يكون لديه سيارة وفيلا وسائق خاص أي تريد زوجاً ثرياً.. وبعض الفتيات تشترط ألا يكبرها الخاطب بأكثر من عامين أو ثلاثة.. وهناك بعض الشباب الذين يضعون شروطاً عجيبة، وقد شعرت بالحرج الشديد عندما كنت مضطرة ان أسأل إحداهن كم طولها بالسنتيمترات.. وهناك من يطالب ان تكون الفتاة شبيهة لممثلة أو فنانة معينة وحينما طرحت هذا السؤال لإحدى أمهات المخطوبات واجهت انتقاداً شديداً فكنت في موقع من يدافع ويبرر السؤال بأنه ليس مني.. بل من مواصفات الخاطب.
شروط موضوعية
هناك من المواصفات والشروط مايكون مناسباً ولايحمل أي طابع مبالغة أو تعجيز فبعض الشباب يشترط ان تكون الفتاة محافظة على صلاتها ومن أسرة متدينة وعلى قدر من الجمال.
وتضيف أم حسن: من العقبات التي تقف حائلاً دون إتمام الخطوبة مواصفات "السن" فأحياناً أجد كل المواصفات التي طلبها الخاطب إلا ان عمر الفتاة يكون أكبر من السن المطلوبة.. فعادة تطلب مني فتيات ان أبحث لهن عن خاطب يكون عمره بين العشرين والثلاثين.. وحينما يطلب مني خاطب ان أبحث له عن فتاة معينة.. ويكون عمره مناسباً "أي فوق العشرين ودون الثلاثين تكون مواصفاته متوافرة لدى فتيات يكبرنه في السن.. ويكون بعض الشباب متزوجين ويشترطون فتيات صغيرات.. فهذه المفارقات تقف دائماً دون تحقيق الزواج.
مجرد زواج
حينما يطالب ابن العشرين بفتاة تصغره سناً هذا يعني أنه يرغب في ذات الثماني عشرة أو ما دون ذلك.. فماذا يكون مصير ذات الأربع والعشرين والأكبر منها.. قطعاً سيكون منطقها.. لقد فاتني قطار الزواج فأتمنى الا تفوتني فرصة الإنجاب.. فيكون قبولها بالزواج في هذه الحالة لمجرد أنها تزوجت وحسب، وتنتفي هنا عناصر الاختيار والقناعة والتوافق والميول وما إلى ذلك.. حول هذه النقطة يقول سامي سلوم.. موظف حكومي يبلغ الثامنة والثلاثين من العمر.. ان عدم التفاهم يؤدي إلى عدم الانسجام.. وان الحياة الزوجية تبنى في الأساس على التفاهم.. أما إذا تم الزواج من غير ذلك فهو ناقص في نظري.. وأضاف قائلاً: حينما أتقدم لخطبة الفتاة وفي حال سماح الأهل برؤيتها بوجود محارم فهل تستطيع هي ان ترفض بأي حجة كانت أم انها ستوافق حتى لو لم يكن هناك ميول هذا ما يقلقني.. ومن الصعب أن أتزوج من فتاة لا ترغب في أو أنها توافق على الزواج مني لمجرد أنها تزوجت في نظر الآخرين وهذا سبب عزوفي عن الزواج.
أسباب وراء مشكلات الزواج
ما رأي علم النفس في هذا الخلل الاجتماعي المتمثل في عزوف الشباب عن الزواج، وعنوسة الفتيات.. يرى الدكتور عبدالحميد الهاشمي استاذ علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز في كتابه "علم النفس التكويني اسسه وتطبيقه.. من الولادة إلى الشيخوخة".
الزواج أمر طبيعي ونتيجة عادية للرجل الطبيعي خلال عقده الثاني أو الثالث من عمره الزمني، وهناك من يصل إلى الأربعينيات، وحتى إلى مابعد الخمسينات وهم عازبون.. لقد قدمت بحوث عديدة في مجال مشكلات ا لأسرة والزواج بدراسة احصائية أكدت انه في كثير من الدول توجد أزمة زواج نتاجها تفاقم ظاهرتي العنوسة والعزوف عن الزواج وكانت عينة الدراسة مكونة من مائة رجل أعمارهم مابين 2550 عاماً ينتمون إلى عشرين دولة من آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وكانوا جميعاً بصحة جيدة ولهم وظائف أو مهن توفر لهم مايكفيهم للانفاق على أسرة.
فما هي الأسباب إذاً؟!
قال فريق منهم ان أزمة السكن المستقل هي العائق الوحيد دون تحقيق الزواج.
وقال آخرون: وهم يعملون في وظائف "محترمة": إن الزواج مسؤولية مالية لم نستعد لسداد نفقاتها الباهظة.. "كون هذه الفئة بدأت الحياة العملية مؤخراً ولم يعد بمقدورها تحمل متطلبات الحياة الزوجية".
وفيما يرى استاذ جامعي وطبيب ان الطلاب والمرضى يشكلون أسرة بالنسبة لهما ولا حاجة لتكوين أسرة في ظل العمل المتواصل الدؤوب.. يقول آخرون: إن الزواج مغامرة غير مأمونة العواقب لذلك هم يترددون في اقتحام عالمها.
هناك فئة أخرى تقع عليها أعباء اجتماعية مثل من يعول أماً وأباً أو إخوة صغاراً ويرون ان الزوجة المثالية التي ستشاركهم تلك الرعاية غير موجودة.
ويعزي آخرون الأسباب في تأخر الزواج إلى الحياة المدنية والمادية العصرية التي أدت إلى انحدار بعض الشباب من الجنسين في وحل مايسمى بالحب.. وبعد فوات الأوان يستيقظ كل منهم على واقع يكون بعيداً عن عتبات الزواج المستقر.. وظلت فئة من الشباب تبحث عن الزوجة بمواصفات خاصة حتى وصلوا سن الخمسين دون تحقيق الهدف.
انتظار السراب
كما لاحظنا قد يرفض أحد الطرفين الآخر لعدم توافر شرط معين قد لايكون مبدئياً.. ثم تفوت الفرصة ولا يتم الزواج لا منه ولا من غيره.. لذلك يجب الا يكون التشدد والتطرف في المواصفات هو سيد الموقف.. بل المرونة، والاعتدال والواقعية والوسطية.
فعلى الطرفين عدم انتظار المثالية التي قد لا تتوافر في أي شخص على الاطلاق.
وقد تحمل الفتاة أو الشاب الخاطب صفات طيبة ومزايا حميدة.. وتوجد لديه صفة بسيطة قد لايرغبها الطرف الآخر.. فإذا تنازل أحدهما عن ذلك وتم الزواج ربما يستطيعان معالجتها بهدوء.. وفي حالة عدم التنازل ربما يفوت قطار الزواج فتبقى الفتاة في منزل أبيها بقية حياتها وقد يبقى الزوج بلا زوجة أيضاً.. وللأسف نجد بعض الأهل يتسببون في ذلك ويحرمون الطرفين من نعمة الزواج والاستقرار ومضاعفة معدلات العنوسة والعزوف عن الزواج.
فعلى الشباب والشابات إبداء المزيد من المرونة وعدم تفويت الفرص المواتية. وهنا تقول المرشدة الطلابية نهى فارس: يجب على كل شاب أو شابة مقبلين على الزواج التنازل عن بعض المواصفات فليس كل ماترسمه مخيلة الفرد هو بالضرورة موجود على الطبيعة أو في متناول اليد تحديداً.. فالمثالية التي تتوخاها في زوج أو زوجة المستقبل قد لانجد لها واقعاً على الأرض اطلاقاً، وكم من فتاة قابعة اليوم في منزل أهلها تعض أصابع الندم وقد أضاعت الفرص بسبب تمسكها بشروط محددة أو تمسك أهلها واصرارهم عليها.. وكم من فتاة تعاني حالة نفسية سيئة بسبب رفض الأهل لخاطب قد تكون راغبة فيه.. ولكن شروط الأهل (بعض الأهل) غير المنطقية حرمتها من الحياة الزوجية.
حيث لا ينفع الندم
حول البواعث التي تقود إلى العزوف عن الزواج، وارتفاع راية العنوسة تحدثت ز. ع لم تتزوج بعد، عمرها حوالي الثلاثين عاماً تقول.. كان كلما يتقدم لي شاب يرفضه والدي بأسباب أو من دون أسباب.. وكنت وقتها صغيرة وكبرت على هذه الوتيرة حتى بلغت هذه السن ولما توقف سيل الخاطبين وتعارف الناس على رفضنا ندم والدي في الفترة الأخيرة ندما شديداً في وقت لاينفع فيه الندم ودفعت أنا الثمن غالياً.
كما تحدث الشاب سليم قائلاً: من العقبات التي أراها تتسبب في عزوف الشباب عن الزواج جشع بعض الخاطبات ومطالبتهن بمبالغ كبيرة نظير البحث عن عروس فبعضهن يطالب بما يزيد على الأربعة آلاف أو خمسة وكأنها عروس أخرى.. فإذا كانت الخاطبة تطالب بهذا المبلغ فكم تكون الشبكة.. مما يوقع بعض الشباب في الاحراج فيكلف بعضهم والدته أو إحدى اخواته بهذه المهمة على الرغم من انها من اختصاص الخاطبة.
وللعلماء كلمة
الدكتور عمر سعود فهد العيد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم العقيدة والمناهج المعاصرة تناول تعريف العنوسة وقال: هي تجاوز الفتاة زهرة الشباب وحدد سن العنوسة بـ 3035 سنة والأمر متروك للعرف ويرى د. العيد ان غلاء المهور من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تأخير زواج الشباب إضافة إلى مايترتب على ذلك من ديون يظل الشاب يعانيها فترة طويلة وذكر ان شاباً تزوج ورزق بستة أبناء ولم يستطع سداد مهره بسبب غلاء المهور.. ولهذا يؤمر أولياء أمور النساء بخفض المهر، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
وقد زوج "- صلى الله عليه وسلم -" شاباً بأن يُعلِّمَ زوجته سوراً من القرآن الكريم. وقال للشاب التمس ولو خاتماً من حديد.
ومن الأسباب التي أدت إلى تأخير الزواج احتجاج البعض بإكمال الدراسة مع العلم بأنه يمكن اتمام الزواج وإكمال الدراسة معاً خصوصاً ان لدينا شواهد عظيمة للعلماء والمفكرين وأساتذة الجامعات الذين واصلوا تعليمهم بعد الزواج ويوجد اليوم عدد من الطلاب المتزوجين والمتفوقين في ذات الوقت وقد أتاحت بعض الكليات قبول الطلاب المتزوجين الذي أثبتوا تفوقهم العلمي والأخلاقي وفي المعاملة كما أنشأت هذه الكليات صندوقاً لمساعدة راغبي الزواج وهذا يؤكد ان التعليم لم يكن في يوم من الأيام حائلاً دون الزواج بل هذه حجة واهية وعلى الشباب وأهل الفتيات تجاوزها.
ومن الأسباب والحجج الضعيفة أيضاً ما يطلق عليه البعض تأمين المستقبل.. فكثير من الشباب بصرف النظر عن الزواج لعدم وجود السكن والوظيفة.. ما لم يكن والده مقتدراً وذا مال فلا مانع في هذه الحالة.
وقد قال الله - عز وجل - {وّأّنكحواٌ الأّيّامّى" مٌنكٍمً وّالصَّالٌحٌينّ مٌنً عٌبّادٌكٍمً وّإمّائٌكٍمً إن يّكٍونٍوا فٍقّرّاءّ يٍغًنٌهٌمٍ اللَّهٍ مٌن فّضًلٌهٌ وّاللَّهٍ وّاسٌعِ عّلٌيمِ}.
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "ثلاثة حق على الله عونهم ثم ذكر منهم الناكح يريد العفاف".
ويضيف د. العيد.. ومن الأسباب أيضاً وجود بعض العادات والتقاليد التي تلزم الابن ألا يتزوج إلا من ابنة عمه وقد لايوجد التناسب الفكري والعقلي.. وقد لا تكون على جمال.. وبسبب ذلك يؤخر الزواج.
ولعل من الأسباب أيضاً ما ذكره بعض الكتاب من تأثير وسائل الإعلام حيث تجد ان بعض الفنانين أو النجوم لايتزوجون إلابعد سن الأربعين باعتبار الزواج سجناً لهم.. وأعرف شخصاً تزوج وهو فوق سن الأربعين ويقول كنت أعيش حراً طليقاً والآن صرت أسيراً ولكن هذا تفكير خاطئ ونوع من الجهل يجب ألا نتأثر به بل يجب الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهو يقول "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج".
وحث بالمسارعة إلى الزواج وأعرف أحد الأحبة تزوج وهو في الصف الأول الثانوي وأكمل تعليمه وهو متزوج وهو الآن دكتور وأبناؤه دعاة إلى الله ولم يبلغ الأربعين إلا وأبناؤه كبار شباب فرح بهم وهو في ريعان شبابه ونفعوه.
وإذا طلب الابن الزواج فعلى الوالد ألا يمانع حتى لو كان ابنه طالباً.. ويرى شيخنا عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ان الأب يجب ان يزوج أبناءه من نفقته حفاظاً على دينهم وصلاحهم.
وسائل الخطبة
ويواصل الدكتور عمر سعود العيد حديثه قائلاً: لو أخذ الناس بالهدي النبوي لما احتاجوا إلى خاطبة أبداً.. فقد جاءت امرأة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعرضت عليه نفسها.. وتوجد لدينا بالمملكة ولله الحمد مكاتب لتنسيق أمور الزواج فهناك مكاتب متخصصة في كل من جدة والقصيم وعن طريقها يمكن التقريب والتوفيق بين الطرفين وليس في ذلك حرج ولاعيب كما ان الجمعيات الخيرية تؤدي دوراً مهماً في هذا الجانب وكذلك مأذونو الأنكحة والقضاة ومكاتب الدعاة.
فعمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق ورفض ثم عرضها على عثمان.. وليس في ذلك مخالفة للأعراف أو التقاليد، فعمر - رضي الله عنه - من أعرف الناس بتقاليد العرب ومن أشرف الأنساب.. وبعد ذلك خطبها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وعلى الخاطبة ألا تخدع أحد الطرفين بمعسول الكلام وان تتقي الله ولا تنظر كم يدخل جيبها.. فإن صدقت نيتها فقد يثمر جهدها بيتاً مسلماً يؤسس على التقوى وذرية تنشأ على الصلاح والتعاون على البر والتقوى.. أما بالنسبة للمخطوبة التي ترضى بالسكن مع أم زوجها فإنها تؤجر على ذلك ثم ان حبها لزوجها سيجعلها تحب من يحبه زوجها ألا وهي أمه وثالثاً انها ستعين زوجها على أعظم الأعمال وهي بر الوالدين.. وان رفضت ذلك فربما تعاقب بمثله عندما تصبح أماً وربما تطرد..
وقد تكون أم زوجها امرأة خلوقة وذات دين تدعو لها بدعوات صالحة يتقبلها الله. وفي الماضي كان الأب والأم يسكنان مع أبنائهما وزوجاتهم بقلوب متآلفة ومحبة ويعيشون حياة سعيدة.
تكاليف الزواج
وعن ضيق ذات اليد.. وارتفاع تكاليف الزواج ودخول الشباب في مديونيات لا طاقة لهم بها يقول الدكتور العيد: الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خيرهن أيسرهن مؤونة" وحتى في حالة اثقال كاهل الزوج بالديون فالأمر يعود على الزوجة بمردود سيئ.. وإذا أصبح الزوج عاجزاً عن سداد ديونه عدة سنوات فإنه سيبغض هذا الزواج وهذه الزوجة، وعادة الزواج الذي يبدأ بمعصية وإسراف وخيلاء وكبر يفشل.
وأنا أعرف زواجاً كلف 150 ألف ريال فقط لقصر الأفراح وبعد اسبوعين رجعت العروس إلى منزل أهلها.. وعندما يخالف الناس هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقعون في المحاذير ومن أهمها تزويج من لا يصلي وتزويج أهل المعاصي والفسق من باب الحرص على المال دون النظر إلى الدين الذي أمر به الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - على كل من الزوج والزوجة.
زوجت بناتي بالإهداء
هذا نموذج فريد، يريد الخير لابنته ويخشى مخالفة الشرع، ويتأسى بالسنة النبوية الشريفة ولا تغريه مفاتن الدنيا.. يقول ع. س: لا أرى عيباً في البحث عن زوج صالح لبنتي.. والحمدلله قد زوجت اثنتين من بناتي عن طريق الإهداء.. فقد أسررت إلى أحد أصدقائي الذي أثق في صدقه وأمانته ان إذا رأى شاباً سوياً مستقيماً يريد الزواج ان يتحرى منه ويخبرني به وبالفعل بعد ان تحرى صلاح ذلك الشاب وأخبرني به.. ذهبت إليه وتعرفت عليه وعرضت عليه ابنتي وأخبرته بمواصفاتها فتم الزواج وكذلك أختها بالطريقة نفسها والآن هما موفقتان في زواجهما وكان زواجاً بسيطاً ليس فيه تكلفة إلا ما استطاعها الشابان بيسر والحمدلله وذلك عين الصواب وفي ذلك الزواج وفي أمثاله بركة وتوفيق لا يدركهما إلا من قام بذلك عن إيمان ويقين.
بعيداً عن البذخ والخيلاء
وفي أحد نماذج الزيجات التي تعمل على إرساء عادات إسلامية نابعة من صميم الدين الحنيف وبعيداً عن تقاليد العصر وعن التكاليف المكبلة والمسببة الإحراج لأهل العروسين تحدثت هيام حمود، وهي حديثة عهد بالزواج: لقد تزوجت زواجاً متواضعاً مبسطاً برضى الطرفين وقد طلبت ممن تقدم للزواج مني ان يكون غير مكلف.. وكانت كل مراسم الفرح تتمثل في حضور العريس واستقبله أفراد أسرتي وكنت مستعدة في المنزل وتم الزواج بهذه الصورة المختصرة المبسطة والحمدلله حالفنا التوفيق.. مع العلم بأن والدي ثري بإمكانه عمل كل مظاهر البذخ والخيلاء ولكن أردنا التوفيق الذي يكون من عند الله وليس بأوجه الصرف البذخي والتبذير الذي نهى عنه الله - تعالى -. وحسب التجربة اعتقد ان الزواج كلما كان مبسطاً تحققت فيه السعادة بشكل أكبر لأن السعادة شيء نفسي ووجداني لايمكن للمال أو المظاهر إيجادها مهما بلغ مبلغها.
وهذه أم رشيد تتحدث عن جانب آخر في تيسير لأمور الزواج وكسر لأحد الحواجز التي كانت تعوق إكمال الزواج وتؤدي إلى تأخيره أو ربما تفويت الفرصة على الفتاة حتى تصير عانساً.
إذ تقول في السابق كان الأهل يرفضون رؤية الخاطب للفتاة قبل الزواج مهما كان الأمر ولكن حالياً تغيرت المفاهيم وتنامى الوعي لدى المجتمع فصار الكثير من الناس يتفهمون ضرورة ذلك فقد تم تزويج حفيدتي وسبق زواجهما رؤيتهما من قبل الخاطبين .. وأهمية هذه الرؤية أنها تبعث بالاطمئنان وترسخ القناعة لدى الطرفين حتى إن كان هناك رأي أو تحفظ فليحدث قبل عقد القران وهما الآن في غاية السعادة في زواجهما وما أود قوله ألا يمانع الأهل في الرؤية الشرعية بحضور المحارم.
أضاعوني.. أضاعوني(61/79)
كثيراً ما يجني الأهل على ابنتهم من حيث يدرون أو لا يدرون.. في هذا الشأن تقول س. ر موظفة بأحد المراكز الصحية: لم أكن أبالي بأي خطبة تقدم إلي في الماضي.. وكان أهلي كلما تقدم إلي خاطب يرفضون بحجج واهية.. حتى بلغت الثانية والثلاثين من العمر وتوقفت طلبات الزواج ولم يعد يتقدم إليَّ أحد إلا من كان متزوجاً ولديه أطفال أو من كان أرملاً كبيراً في السن.. وحتى الخطاب من هم فوق الأربعين يرفضون من هي في مثل سني فقبل أسابيع تقدم لي رجل في الأربعين ولديه أربعة أبناء وحينما علم بسني رفض واشترط أن تكون المخطوبة في حدود الثانية والعشرين من العمر ... فالسن صارت عائقاً أمام الزواج .. وهذه العقبة كثيراً ما يصنعها الأهل في بدايات طلبات الزواج على ابنتهم الشابة ومع مرور السنوات تكبر البنت ويقل الخطاب.
وتساءلت س. ر إذا لم يرغب فيّ من هو فوق الأربعين ولديه أطفال فمن يقبل بالزواج مني وهل أتزوج من هو في سن أبي؟ وما سر عزوف الرجال عن الزواج عمن في سني حتى الذين تجاوزوا الأربعين.
المفاخر الهدامة
الأخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني من المستشفى الوطني ترى أن التفاخر بفخامة مناسبات الزواج من أهم الأسباب التي أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج وتقول : في الوقت الذي تراجعت فيه المهور كثيراً عما كانت عليه في السابق نجد الأغلبية من الناس تنظر لمناسبة الزواج بعين التفاخر والتباهي .. فصار حديث المجتمع عن الزواج أين كان قصر الأفراح وبكم تم استئجاره ومَنْ مِنْ الفنانات أحيت العرس .. لكنهم لا يسألون كم من الديون تراكمت على هذا العريس ومتى يقوم بسدادها وهل إمكاناته المحدودة تسمح بذلك.
نعم قلت المهور نسبياً ولكن ارتفعت تكاليف الحفل وارتفعت الديون .. فالكثير من الشباب صار يتردد في الزواج عندما يرى المجتمع يهتم بهذه البنود البذخية الاستفزازية فكلما سألت شاباً لِمَ تأخرت عن الزواج يقول : تكاليف الزواج والجوال والانترنت والمهر والحفل.. و.. والخاطبة هذا إذا لم يكن الخاطب متزوجاً ولا يريد أن تعلم زوجته بذلك فهنا ترتفع تكاليف الخاطبة.
فارق السن
وترى الأخصائية الاجتماعية عائشة القحطاني أن الفارق البسيط في السن بين الزوجين مهم إن لم يكن ضرورياً ويفضل أن يكون الزوج أكبر من الزوجة بخمس أو سبع سنوات من أن يكون في مثل سنها خاصة الذين يتزوجون وهم في سن المراهقة فيكون تفكير الزوجين بمستوى واحد أي يكون تفكيراً شبابياً ليس فيه شيء من النضج والحكمة والتعقل.. وأما الفارق الكبير في السن فهو ليس جيداً أما حينما يكون الزوج عاقلاً وحكيماً وصاحب تجربة في الحياة ويكبر زوجته في حدود خمس أو سبع سنوات فهو خير لها من زوج في سنها خاصة إذا كانت هي في بداية العشرينات أو أقل من ذلك.
وفي ختام كلمتها شددت الأخصائية الاجتماعية على ضرورة أن يضع كل شاب وكل فتاة نصب عينيه كيف يبني حياة زوجية مستقرة قوامها الأمان والثقة وتثبيت أركان الأسرة .. ولا يقوم ذلك إلا بالتفاهم والنظرة الواقعية للحياة وألا يكلف أحدهما شريكه فوق طاقته.. فالله لا يكلف البشر إلا ما بوسعهم فكيف بنا نحن بني البشر، وعدم اتباع المظاهر الخادعة والمفاخر والتباهي الذي يهدم الأسر ويقوض بناء المجتمع وان تحترم الزوجة أم زوجها باعتبارها أماً لها وذلك دليل على تقدير الزوجة لزوجها ومحبتها الصادقة له وألا يكلف الآباء من يتقدمون لخطبة بناتهم فوق ما يطيقون بل يساهموا في تيسير أمور الزواج فإن في ذلك تسهيل لبناتهم وستراً لهن أو تحقيقاً لسعادتهن.
وألا يبالغ الشباب في المواصفات التي يستقيها البعض من وسائل الإعلام أو من عروض الجمال والمناظر المزيفة التي تعكسها بعض القنوات الفضائية فالأهم الجمال المناسب وقبل ذلك
الظفر بذات الدين.
http://www.al-jazirah.com.sa المصدر:
ـــــــــــــــ(61/80)
ـــــــــــــــ
الزواج من المتزوج أفضل من العنوسة
علي بن عبد الله الحسين
إن الزواج مسؤولية وارتباط أُسري واللبنة الأولى لتكوين الأُسرة، فالاختيار الجيد المبني على أسس دينية واجتماعية تتكوّن من خلاله الأُسرة المبنية على أساس قوي يسودها الحب والترابط لمواصلة المشوار في الحياة البشرية.
العنوسة شبح مخيف أمام الفتاة، فإذا تجاوز عمرها خمساً وعشرين سنة تكون قد وصلت إلى مرحلة قد تفقد فيها زواجها من شاب، وعندما يزيد عمرها وتصل الثلاثين سنة..عندئذ ماذا تعمل؟ وبماذا تفكر؟ وماذا تتخذ من قرارات؟
الزواج قسمة ونصيب!! والغيبيات لا يعلمها إلا الله..لذا يجب على الفتاة أن تعرف أولاً أهداف الزواج فلا يمكن أن تغالط على حساب حياتها ومصلحتها!! ولا يجب أن تكون إمعة تسير وراء تلك التيارات التي تنادي بعدم الزواج من المتزوج!!
وهل الزوجة ضامنة عدم زواج زوجها مستقبلاً بزوجة ثانية؟ فقد تتزوج بزوج متعلّق قلبه بحب النساء والتّعدد، ففي بداية الحياة تكون الزوجة هي الأولى وفي الأخير تكون هي الزوجة الرابعة!!
فالشراكة في الحياة الزوجية ليست مضمونة فالنساء لهن كيد عظيم والرجال لهم مكر شديد!
إن نصيحتي هي في وجهة نظري أنه إذا تقدَّم للفتاة زوج متزوج وعلى خُلق ودين وسمعة طيبة ومكانة اجتماعية ولديه القدرة البدنية والمالية ويستطيع توفير كافة الخدمات وتهيئة الجو المناسب فعليها أن تقبل به زوجاً، فالزواج من المتزوج أفضل من أن تعيش الفتاة عانساً؟ وإن ماتت على هذه الحياة انتهى ذِكرها ! لأن الأولاد هم الذين يحملون ذكرى الإنسان حياً وميتاً !
المرأة إذا تزوجت من المتزوج؟ ماذا تخسر بذلك؟ وهل يوم وليلة يؤثران على حياتها؟.. أم أنها تعاند وتكابر فتعيش أيامها ولياليها لوحدها!! الفتاة لا يمكن أن تكون سعيدة في هذه الحياة إلا بزوج تعيش معه ويعولها.
إن لدى المرأة أجهزة جسمية وغرائز خلقها الله - سبحانه وتعالى - تريد منها أن تعايش الزوج حتى تقوم هذه الأجهزة بدورها كاملاً!! أما كبتها فهذا بلا شك سيكون له تأثيرات صحية ونفسية!
كما يجب على الفتاة إذا تقدَّم أحد لطلب يدها أن تستخير والخيرة فيما اختاره اله.. لأن ما كتبه الله في اللوح سوف يظهر وهذه سنَّة الحياة!! والحياة الزوجية ليست تملُّكاً.. إنما هي شراكة تنتهي في وقت محدد!!
كما أختم مقالي بنصيحتي للزوجة المتزوِّج عليها زوجها بأن تستقبل هذا الزوج بصدر رحب ونفس طيبة، وأن تستقبل الضيفة الجديدة بعقلية متزنة فتكسب رضا زوجها وأن تعيش في ظله.. أفضل من أن تهدم بيتها وتفرِّق أولادها، وتعيش بحسرة وندامة، وينتهي الأمر بعد تولد المشاكل واستفحالها إلى أبغض الحلال إلى الله، ثم تدور الدائرة وفي آخر الأمر تنتهي المقاومة وتعود بعد رضاها إلى حياة زوجية مماثلة!
رجال يخافون التّعدد
فئة من الرجال لا يرغبون ولا يؤيدون التّعدد وهم فئات مختلفة!! وفيهم من هو على حق لأن التعدد له أسبابه ومسبباته، فالتعدد أحياناً يهدم بيت الأسرة كاملاً!!
لكن ما يؤثر في نفسي رجال يخافون التّعدد إذا تحدثت معه يلتفت يميناً ويساراً ويقول لك بصوت خافت (اسكت لا تسمعك أم العيال) نهايتي أقول:(خوش رجل).
http://www.al-jazirah.com.sa المصدر:
ـــــــــــــــ(61/81)
ـــــــــــــــ
حول ظاهرة العنوسة في العالم العربي
ياسر الزعاترة
آخر الإحصاءات التي تابعناها خلال الأسابيع الأخيرة حول ظاهرة العنوسة كانت من تونس والأردن بعد إحصاءات مذهلة من مصر، ففي الأولى ارتفع عدد النساء العازبات من 990 ألفاً في العام 1994 إلى أكثر من مليون وثلاثمائة في العام 2004، والنتيجة هي أن 38% من النساء قد أصبحن في عداد العوانس.
في الأردن، وبحسب دراسة جديدة لجمعية العفاف، فقد انخفض المعدل العام للإقبال على الزواج بشكل تدريجي خلال العقدين الماضيين، وقد بلغت نسبة النساء العازبات في العام 2004 (40%) من النساء، أما نسبة النساء اللواتي لم يسبق لهن الزواج في الأعمار (15-49) فكانت 35% في العام 1979، فيما هي في العام 2004 (71، 8%).
لا شك أننا إزاء ظاهرة خطيرة، وفيما يرى الحداثيون أن الحل هو "تمكين المرأة"، بحسب مصطلح تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول، والذي سيخصص الجزء القادم (الرابع) منه لذات العنوان، فإن ما يلفت الانتباه في الحالة التونسية على سبيل المثال هو تزامن ارتفاع نسبة العنوسة مع ازدياد عدد العاملات من النساء، فعندما كانت العازبات في العام 1994، 990 ألفاً كانت النساء العاملات نصف مليون، وعندما ارتفعت العازبات إلى مليون و300 ألف كانت العاملات 733 ألف امرأة، ما يشير إلى تناسب طردي بين المسألتين.
من المؤكد أن عنوسة المرأة العاملة هي أقل وطأة عليها وعلى أسرتها من عنوسة امرأة تجلس في البيت وتتعرض تبعاً لذلك لمشاكل نفسية، وربما اجتماعية واقتصادية، لاسيما بعد وفاة الوالدين، لكن العلاقة بين القضيتين تبقى مهمة في مجتمعات كثيراً ما تأخذ فيها المرأة مكان الرجل في العمل، وبخاصة الأعمال المكتبية في البنوك والدوائر الرسمية، الأمر الذي يحرمه من القدرة على الزواج، في حين يعجز عمل المرأة من دون الزواج عن تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي لها، كما يعجز في كثير من الأحيان عن تحسين الوضع الاقتصادي للعائلة بسبب الكلفة الكبيرة لخروجها اليومي من البيت، فضلاً عن مساهمته المحدودة في تحسين الوضع الاقتصادي العام قياساً بما يحدث في الغرب الذي يحتاج الأيدي العاملة لمصانعه ومؤسساته، وله القدرة المعقولة على التشغيل قياساً بالدول الفقيرة والنامية. ولا تسأل بعد ذلك عن تأثيرات خروج المرأة من البيت على الزوج والأبناء في مجتمعنا في ظل أسر لا يقل عدد أبنائها عن ثلاثة إلى أربعة في معظم الأحيان.
يعيدنا ذلك كله إلى البعد الاقتصادي لمسألة العنوسة كما ذهبت دراسة جمعية العفاف، وهو بعد يتداخل بالضرورة مع البعد الاجتماعي الذي لا يقل أهمية ، ذلك أن الإحصاءات لا زالت تشير إلى تساوي عدد الذكور مع الإناث في بلادنا، ومقابل كل أنثى لا تجد زوجاً ثمة بالضرورة شاب عازب أو آخر ترك البلاد وتزوج من أجنبية.
ولو بحثنا عن السبب الحقيقي خلف عزوف ذلك الشاب عن الزواج فلن نجد سوى السبب الاقتصادي، ومن ورائه السبب الاجتماعي، ذلك أن من غير الضروري أن يكون الشاب العازف عن الزواج عاطلاً عن العمل حتى يعزف عن الزواج، إذ يكفي أن يكون ما يجنيه من دخل أقل من المعدل اللازم لإتمام عملية الزواج، والأهم لمتابعة كلفة المعيشة بعد الزواج.
هنا تأتي المسألة الاجتماعية، ليس فقط من باب العقد المبالغ فيها إزاء الزواج الثاني بالنسبة للقادرين، بل أيضاً، وهذا هو الأهم، من باب الطقوس الاجتماعية الأخرى، إذ وصلت كلفة الزواج إلى رقم كبير يحتاج الشاب إلى زمن طويل كي يؤمنه، والسبب بالطبع هو العادات الاجتماعية التي أخذت تضع سقفاً عالياً لشروط الزواج ومتعلقاته من الأثاث إلى البيت وكلفته ومساحته.
من المؤكد أن ثمة حاجة لتحسين الوضع الاقتصادي، لكن أمراًَ كهذا لن يتم بين يوم وليلة، كما لن يتأثر بمناشداتنا، وإذا شئنا الدقة فإن ما نطمح إليه في معظم الدول العربية هو بقاء الحال على ما هو عليه وعدم التراجع، الأمر الذي يدفع إلى التركيز على البعد الاجتماعي المتعلق بشروط الزواج وكلفته، ومن بعده شروط الحياة المقبولة بالنسبة للشاب والفتاة حتى يتم الزواج ويستمر.
من المؤكد أن لعبة المظاهر وحياة الاستهلاك قد أتت على الكثير من قيم الرضا والقناعة في حياتنا، وهو ما جعل استمرار الحياة أمراً في غاية الصعوبة، وإذا لم يحدث تغيير يعيد الإنسان إلى نهج الرضا بالقليل فإن الأمور ستسير من سيء إلى أسوأ، وستزداد ظاهرة العنوسة من عام إلى آخر، الأمر الذي سيترك آثاره على حياتنا الاجتماعية برمتها. نسأل الله اللطف والستر.
http://www.attajdid.ma المصدر:
ـــــــــــــــ(61/82)
ـــــــــــــــ
العنوسة.. أسباب المشكلة ( 1 )
عندما أردت أن أكتب في هذا الموضوع كنت أعتقد أني سأتحدث عن مشكلة من المشكلات، ولم أكن أعتقد أني سأتحدث عن ظاهرة عمت كثيرا من البلاد والمجتمعات.
لقد شعرت وأنا أحضر في هذا الموضوع وأقرأ فيه ـ بل تيقنت ـ أننا مخترقون إلى العمق وأن حصوننا بالفعل مهددة من داخلها، وأن أعداءنا قد فعلوا بنا ما أرادوا ووفق ما خططوا، وأن الخنجر المسموم قد اخترق صدورنا حتى النصل .
إننا حين نتحدث عن العنوسة فإننا نتحدث عن وعلى لسان أخوات لنا مسلمات، قابعات في دور آبائهن، محصورات في بيوت أوليائهنَّ، محرومات من أعظم حقوقهن.. لسان حالهنَّ ومقالهنَّ:
فهم منعونا ما نحب وأوقدوا .. .. ..علينا وشبوا نار ضرم تأجج.
الباعث على الحديث:
لقد كثرت البواعث للحديث عن هذا الأمر .. ومنها :
أولاً: الإحساس بأن العنوسة لم تعد مجرد مشكلة، وإنما أضحت ظاهرة في مجتمعات المسلمين تدل عليها الأرقام والإحصاءات التي ستسمعون نذرًا يسيرًا منها بعد قليل.
ثانيًا: المعاناة الشديدة التي يعانيها أبناؤنا وإخواننا العزاب جراء هذه المصيبة، والذي يوجب حق الأخوة الإيمانية بيننا وبينهم أن نشاركهم مصابهم، ونحاول إيجاد الحلول المناسبة لمشكلاتهم.
ثالثًا: التعبير عن أحوال الأخوات العفيفات الشريفات القابعات من وراء الأبواب وخلف الستور، والتكلم على لسانهنَّ، وإيصال أصوات أناتهن إلى السامعين لأن الحياء يمنعهن أن يتحدثن عن آلامهنَّ وآمالهن في هذه المسألة.
رابعًا: بيان أسباب تلك الظاهرة ومحاولة إيجاد الحلول لها.
خامسًا: بيان جمال الإسلام وعظمته وقبح ما تأتي به العصبيات القبلية والنظريات الغربية وعاقبة اتباع الكافرين.
سادسًا: تسليط الضوء على العواقب الوخيمة لهذه الظاهرة على أصحابها وعلى المجتمع ككل.
سابعًا: كيف عالج الإسلام مثل هذا البلاء.
أولا: معنى العنوسة:
بادئ ذي بدء دعونا نتعرف على معنى العنوسة. قال الفيروزابادي في القاموس المحيط ما معناه: العانس هي البنت البالغة التي لم تتزوج، والرجل الذي لم يتزوج، جمعها عوانس وعُنْس وعُنَّس.
ويقال: عنست الجارية، أي طال مكثها عند أهلها بعد بلوغها حتى خرجت من عداد الأبكار ولم تتزوج.
فالعانس إذن هي البنت التي أتى عليها سن الزواج ولم تتزوج، وكذلك الرجل، ولكنها تستعمل في البنت أكثر، لأن معاناتها معه أكبر ومشكلتها معها أعظم وأخطر.
ثانيًا: ظاهرة أم مشكلة:
لن أجيب أنا على هذا التساؤل، ولكن سأترك الإحصائيات تخبر عن الحقيقة.
من مصر: أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن عدد المصريين الذين بلغوا سن الخامسة والثلاثين ولم يتزوجوا بعد، قد بلغ 8 ملايين و962 ألف، منهم نحو 4 ملايين امرأة. وأما عدد الذين بلغوا سن الزواج ولم يتزوجوا فقد تخطى الـ13 مليونًا.
في الكويت: قد تندهش عندما تعلم أن نسبة العنوسة هناك تقترب من 30% حسب بعض الإحصاءات الرسمية، وأن الشباب الكويتي بدأ يتأخر في الإقدام على الزواج، نظرًا للأعباء الاقتصادية الباهظة التي تترتب عليه.
وفي السعودية: أكدت إحصائيات صادرة عن وزارة التخطيط هناك، أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات اللاتي في سن الزواج. وأن عدد اللاتي تجاوزن سن سنة30 قد بلغ في أواخر 1999 مليون و 529 ألف فتاة تقريبًا.
وقد ناقش مجلس الشورى في جلسته بتاريخ الأحد 12/10/2003م سبل حل مشكلة العنوسة وعزوف الشباب عنها.
وقد قال بعض من شاركوا في عملية التعداد السكاني: "وجدنا في بعض البيوت أشياء غريبة، امرأة في الثلاثين وأخرى في الأربعين وثالثة في الستين، كلهنَّ من غير زواج".
وقال آخر: "ذهبنا إلى بيت فوجدنا فيه خمس عوانس أعمارهنَّ بين الثلاثين والخامسة والأربعين".
وأما في الإمارات: فقد ذكرت جريدة المدينة المنورة، أن نسبة العنوسة في الإمارات قد بلغت نسبتهم 30% ... وتقول الإحصاءات أن النسبة في قطر مثل ذلك أو تزيد عليها .
وفي أكثر بلاد المغرب وسوريا والشام ارتفع متوسط عمر الزواج عند الرجال إلى 33 سنة، وعند النساء إلى 29 أو ثلاثين سنة، نتيجة لكثرة تكاليف الزواج وقلة ذات اليد، هذا إذا وجدت المرأة من يتقدم لها، وإلا ركنت على رف الخارجات عن الخدمة، وانضمت إلى صفوف العنس لتزيد الأرقام رقمًا.
ثالثا: أسباب الظاهرة المرعبة:
لقد تحولت القضية إلى ظاهرة مرعبة تجتاح الوطن العربي وبلاد الإسلام، وبعد أن كانت صفرًا لا وجود لها صارت مرضًا مستوطنًا مستعصيًّا.
ولقد كان لهذا المرض أسباب بعضها يتعلق بأولياء الأمور، من الأباء والأمهات، وبعضها بسبب الأبناء أنفسهم، وبعضها خارج عن الاثنين، ونعرض لبعض هذه الأسباب والتي أخطرها وأكبرها بلا شك:
1. غلاء المهور، والمبالغة في الصداق : حتى صار الزواج عند البعض حدًّا لا يطاق إلا بجبال من الديون التي تثقل كاهل الزوج.
لقد وصل الجشع ببعض الأولياء أن يطلب مهرًا لو جلس الإنسان المتوسط الحال شطر حياته في جمعه لما استطاع، وكأن المرأة العفيفة الطاهرة الشريفة سلعة تشترى، وبضاعة للمزايدة والمكاثرة ومن دفع أكثر فليحمل. حتى غدت الكثيرات مخدرات في البيوت، حبيسات في المنازل بسبب هذا التعنت.
إن المهر في الزواج - رعاكم الله - وسيلة لا غاية، وكرامة من الله للمرأة، وإعزاز لها، وتعظيم لحقها، ورفعة لشأنها وقدرها. فلماذا جعلتم التقدير قيدًا؟ والتكريم حاجزًا منيعًا وسدًّا؟
كم من صالح نصوح طرق بابك يلتمس الحلال، فلما أثقلته الطلبات وأعجزته الرغبات فرَّ إلى غير رجعة. وبقيت البنت معك بحسرتها، تأكل نفسها، ويأكلها جسدها، فماذا يصنع المال والغنى.. والتباهي والفخر أمام الناس.
قال عمر بن الخطاب لا تغالوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلى الله عليه وسلم ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن الرجل ليثقل صداق امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه ويقول قد كلفت إليك علق القربة أو عرق.(صحيح ابن ماجه)
وعن أبي سلمة قَالَ: سألت ?عائشة - رضي الله عنها - "كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت: أتدري ما النش ؟ قال: قلت: نصف أوقية. قتلك خمسمائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه. رواه مسلم
يا أيها الأب الحبيب: لقد زوج النبي رجلاً بما معه من قرآن، وقال لرجل: التمس ولو خاتمًا من حديد. وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواة من ذهب
2. إتمام التعليم: وهو سبب مشترك، فقد يكون مطلبًا للوالد من غير رغبة البنت، وأحيانًا يكون مطلبًا للبنت رغبة منها في تأمين مستقبلها كما يزعمون، أو حبًّا في الوظيفة والمكانة الاجتماعية، ويوافقها الأبوان على ذلك، والنتيجة في الحالتين واحدة، وهي انقضاء الأعمار، وانقطاع الخطاب والزوار، والقبوع عانسًا بين جدران الدار.
إن الإسلام حث المرأة على العلم والتعليم، كما أمر الرجل بذلك، فالعلم نور تنجلي به دياجير الظلم، وتنقشع به جهالات الأمم. وقد قالت نساء الصحابة للنبي r: "غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا من نفسك يومًا. فوعدهنَّ يومًا فلقبهنَّ وعظهنَّ وأمرهنَّ".
على أن العلم الذي يأمر به الإسلام هو الذي ينفعها في بيتها ودينها، ولا يتعارض مع مصلحتها ومطالب شرعها. إن الإسلام إنما يقف أمام تلك المظاهر الكاذبة والطريقة المتخلفة في التحصيل، فما معنى أن تبقى المرأة في التعليم إلى قرابة الثلاثين لتتخرج بعد ذلك مدرسة تربية رياضية، أو فلسفة، أو موسيقى، أو حتى مهندسة ميكانيكية. بل ولو حتى طبيبة وهي من أشرف أعمال المرأة..
إننا نقولها بصراحة..!!
ماذا ينفع المرأة شهاداتها العليا ووظيفتها وأموالها إذا بقيت عانسًا قد فاتها ركب الزواج، ولم تسعد في حياتها بزوج ولا أولاد. بل كم من امرأة فاتها القطار، حتى ذبلت زهرتها، وذهبت نضارتها، وتمنت بعد ذلك تمزيق شهاداتها من أجل سماع كلمة أمي.
هذه طبيبة تحكي لك قصتها تقول: منذ كنت في الخامسة عشرة من عمري والخطاب يتقاطرون على بيتي، وكنت أرفضهم؛ لأنني كنت أريد أن أصبح طبيبة، وفعلاً أنهيت دراستي، وتخرجت طبيبة ، ولكن كنت قد بلغت الثلاثين، ولم يعد يتقدم إليَّ إلا المتزوجون وأنا أرفض، وأقول: بعد السهر والتعب والمركز المرموق والمال أتزوج بمتزوج، وكنت أرفض وليتني لم أفعل، فالشباب لا يرغبون إلا في الصغيرات، وأنا في 45 الآن أصرخ بأعلى صوتي: خذوا شهاداتي وأعطوني ولو نصف زوج.
وفي مجلة "اليمامة" كتبت إحداهنَّ: لقد صار معطفي الأبيض في عيني لباس حداد عليَّ، وأصبحت سماعتي كأنها حبل مشنقة يلتف حول عنقي، كاد العقد الثالث من عمري يكتمل، والتشاؤم ينتابني على المستقبل. ثم تصرخ وتقول: خذوا شهاداتي ومعاطفي ومراجعي وكل مالي، وأسمعوني كلمة ماما.. ثم كتبت هذه الأبيات:
لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة.. ... ..فقد قيل فما نالني من مقالها
فقل للتي كانت ترى في قدوة.. ... ..هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
وكل مناها بعض طفل تضمه.. ... ..فهل ممكن أن تشتريه بمالها
إننا لا نمنع المرأة أن تتعلم أو أن تتم تعليمها، ولكن نحذرها أن يحملها حب إتمام الدراسة على ترك الزواج، فلا مانع أبدا أن تتزوج وتتعلم وهي متزوجة، فما كان الزواج يومًا عائقًا عن تحصيل العلم لمن أراد. ولكن متى تعارض الزواج مع الدراسة، فالزواج أولى، والسعيد من اتعظ بغيره.
3. الطمع في راتب البنت:
بعض الآباء أو الأولياء يعضل بناته ويمنعهنَّ الزواج لكونهن موظفات (ممرضة أو مدرسة أو حتى طبيبة) لها راتب شهري لا يريد أن يفقده، فالمرأة غدت في نظره ككنز يخاف فقده، ومنبع ثراء يخشى نضوبه وبعده، أو قل إن شئت كبقرة حلوب يستدر ما فيها، حتى إذا مضى عمرها ورق جسمها ودق عظمها ذبحت بغير سكين، ودخلت في زمرة العنس المساكين، بعد أن قطف غيرها ثمرة حياتها.
وقد يُهلِك الإنسانَ كثرةُ ماله.. ... ..كما يذبح الطاووس من أجل ريشه
إن هذا الأب - ومثله كثير - نموذج سيئ وقميئ وصورة وقحة قبيحة للآباء الذين يمارسون سلطاتهم بمنتهى الظلم والاعتساف، والقسوة والإجحاف ضاربين بكل القيم والمبادئ عرض الحائط من أجل إشباع أطماعهم المادية، ونوازعهم العدوانية، متناسين أن هذه أمانة في أعناقهم والله سائلهم عنها يوم الدين.
لقد ضجت النساء بالشكوى بعدما طفح بهنَّ الكيل، حالهنَّ كما قال القائل:
شكوت وما الشكوى لمثلي عادة.. ... ..ولكن تفيض النفس عند امتلائها
اسمع إلى هذه القصة التي تشيب لها النواصي، وترتعد من حولها الفرائص، وينفطر لها الجنان، وتقشعر من عظمها الجلود والأبدان، نشرتها جريدة المدينة المنورة، الثلاثاء 22/11/1414هـ على لسان صاحبتها تقول:
"أنا فتاة في الـ35 من عمري، ولي أربع شقيقات لم تتزوج فينا واحدة، حتى الآن؛ لأن والدي - سامحه الله - كان يرفض كل من يتقدم إلينا من أجل الاستحواذ على مرتباتنا.
قبل فترة وجيرة توفيت إحدى شقيقاتي، وفي أثناء خروج الروح نظرت إلى أبي نظرة مازالت محفورة في ذاكرتي وقالت: يا أبي قل أمين. فقال: آمين. فقالت: حرمك الله من رائحة الجنة في الآخرة، كما حرمتني من الزواج في الدنيا.
فأيكم يحب أن يكون هذا الأب، وأن يكون هذا دعاء أبنائه له في حياته أو بعد وفاته.
4. المواصفات الخيالية عند الشباب، والأحلام الوردية عند البنات:
وهذا مما وسعته علينا وسائل الإعلام، والشبكات العنكبوتية، حتى اتسع الخرق على الراقع، فأصبح الشباب على خبرة كبيرة بأنواع النساء ومواصفاتهن والمفاضلة بينهن في أدق التفاصيل، خصوصًا هؤلاء الذين في المواقع والمجلات الإباحية.
فإذا بالشاب يضع لزوجته المنتظرة مواصفات ومقاييس تشابه المقاييس التي تضعها لجنة اختيار ملكات الجمال.. فهو يريدها شقراء، هيفاء خصراء ، زرقاء العينين، مزججة الأنف، صغيرة الفم ، مليحة الوجه، ، أسيلة الخد، رشيقة القد، ممتلئة القوام.. وربما حدد لك بعض مقاييس الجسد، تدقيق عجيب وغريب.. وهؤلاء في الغالب لا يتزوجون، وإذا تزوجوا لا يوفقون إلا من رحم الله.
كان لي صديق ونحن صغار، يذكر لي مثل هذه الشروط في من يتزوجها.بلغ اليوم الأربعين وربما تخطاها ولم يتزوج للآن.
صديق آخر يقول لي دخلت 36 بيتًا، للآن ولم أتزوج، لماذا؟ لأن مواصفات الصدر لم تكن كما يريد ؟!! تكسر قلب 36 امرأة؛ لأن صدورهنَّ لسن على مقاسك.
إن المواصفات الغريبة التي تطلبها، والمقاييس العجيبة التي ترغبها، لا يوجد مثلها إلا في الجنة أما الدنيا، فلا يبحث فيها عمن لا عيب فيها، ولا نقص يعتريها، ولا شائبة تشوبها، ولا سوءة تعيبها.
وكذلك المرأة تعيش أحيانًا أحلامًا وردية، من كثرة ما ترى في الأفلام وغيرها، فتتخيل فارس الأحلام، بماله وجماله، وحسبه ونسبه، ومنصبه وعمله، وسنه ورسمه، فالمهر أنت التي تعدده، ومكان العرس هي التي تحدده، ومكان المعيشة أنت التي تختاره وترتبه... فمتى أتى من لا يحقق لها ذلك رفضت وأبت.
فمتى يأتيك مثل هذا.. لا أظن أن يأتي حتى نعلن وفاتك، وتأكل الأرض عظامك ورفاتك.
5. التقاليد، وهي تزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، حفاظًا على شعور الكبرى، ومنعًا لألسنة الناس عنها أحيانًا، وهذا في حد ذاته شعور طيب، لكن ما هو ذنب الصغيرات إذا لم توفق الكبرى، وماذا لو كانت لا تريد الزواج الآن أو أبدًا أو فيها ما يمنع الناس عنها؟ ستمر الأيام وبدلاً من أن يكون في بيتك عانس واحدة، سيكونون أربعة أو خمسة.
الزواج رزق يسوقه الله لصاحبه، فإذا جاء من يطلب ابنتك وهو كفء لها فلا ترده (إلا تفعلوه تكن فتنه في الأرض وفساد عريض.
6. الدعوات الهدامة :
ذات الأفكار النشاز الدخيلة على أمة الإسلام والتي كان من أهم مانشرته بين أبناء الأمة:
- التنفير من الزواج
- تشويه صورة الزوجة ربة البيت .
- الدعوة لتحرير المرأة من كل قيد حتى الأسرة .
- محاربة التعدد والهجوم على الدين بكل الصور
7 - الخدمة
بعض الأباء إنما يعضل ابنته ويماطل في تزويجها لتخدمه، وربما أحيانا يكون ذلك بإيعاز من زوجة الأب ، فيرد الخطاب لأتفه الأسباب ، وتوضع العراقيل لتبقى البنت في البيت حتى لا يفتقدون الخادم .
فيا أيها الأب الكريم!! هل جزاء الإحسان إلا الإحسان. هل حملك عنايتها بك ورعايتها لك وسهرها الليالي في خدمتك والقيام على حاجتك طيلة عمرها أن تمنعها أعظم حقوقها، ولذات وجدانها بزوج صالح. إنها ترغب فيما كنت ترغب فيه أنت وأنت في شبابك وتشتاق إلى ما كنت تشتاق أنت إليه فاتق الله في نفسك وارض لابنتك الآن ما كنت قديما تطلبه لنفسك:
ارض للناس جميعًا.. ... ..مثل ما ترضى لنفسك
إنما الناس جميعًا.. ... ..كلهم أبناء جنسك
ولهم نفس كنفسك.. ... ..ولهم حسٌ كحسك
العنوسة.. أسباب و آثار ( 2 )
إن ظاهرة العنوسة في المجتمع وعزوف كثير من الشباب والفتيات عن الزواج له مضاره الخطيرة وعواقبه الوخيمة على الأمة بأسرها، سواء أكانت هذه الأخطار والآثار نفسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم أخلاقية وسلوكية، لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه أسباب الفتن، وتوفرت فيه السبل المنحرفة لقضاء الشهوة، فلا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والردى، والفساد الأخلاقي إلا بالتحصُّن بالزواج الشرعي، فالقضية أيها الغيورون قضية أعراض وقضية فضيلة ورذيلة.
لقد جمعت هذه البلية - أعني تعسير الزواج وتضييق سبله ووضع العراقيل أمام طالبيه ـ أضرارًا ومخالفاتٍ دينيةً ودنيوية:
آثارها الدينية
(1) تعطيل مقصود الله في الخليقة: وهو استخلاف الناس في الأرض كما قال تعالى : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " ، وقال : " هو الذي جعلكم خلائف في الأرض " أي يخلف بعضكم بعضا جيلا من بعد جيل.. وهذا الاستخلاف وتلك الوراثة لا تكون إلا بوجود النسل والذرية والتي بابها الحلال هو الزواج .. فتعطيل الزواج مخالفة لمقصود الله ولمراده.
(2) مخالفة أمر الشارع الحكيم: الذي أمر بتزويج الأبكار، وحث الشباب على المسارعة في الاعتصام بهذا الأمر المحبب إلى الشارع.
فالوصول بالمرأة أو الرجل إلى هذا الحال فيه مخالفة لصريح القرآن وصحيح سنة المصطفى العدنان صَلى عليه وسلم، حيث قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21]، وقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[النحل:72]، وقال (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور:32]. والأيم من الرجال: من لا زوجة له، و من النساء من لا زوج لها.
وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود t قال: قال r: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ".
يقول ابن مسعود: "لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يوما ، ولي طول على النكاح لتزوجت مخافة الفتنة".
ويقول الإمام أحمد: "ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام". ولذلك قال عمر لرجل لم يتزوج: "ما يمنع الرجل عن الزواج إلا عجز أو فجور".
(3) تقليل عدد المسلمين، ومخالفة أمر الرسول الأمين: فقد قال عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم". [رواه أبو داود وغيره] (جامع الأصول 11/428).
( 4 ) غلق أبواب الخير والأجر على العبد: أعني الرجل والمرأة التي لم تتزوج
- فيحرمان أجر التربية الحسنة للأولاد.
- ويحرمان أجر حسن المعاشرة (من الرجل والمرأة) وحسن التبعل من المرأة لزوجها.
- ويحرمان الولد الصالح الذي يبرهما في حياتهما، ويدعو لهما بعد موتهما، : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
- إغلاق أبواب الرزق: "ثلاثة حق على الله أن يعينهم: المجاهد في سبيل الله، والناكح يريد أن يستعف، والمكاتب يريد الأداء".
الأثار على المرأة
- أما أثرها على المرأة فهو أثر خطير.. لأن العنوسة تجعل المرأة تعيش بين خيارات أحلاها مر:
* فبين امرأة تعاني الوحدة والاكتئاب وتهاجمها الأمراض والهواجس النفسية فالنهار في هم وقلق، والليل في حزن وأرق، وحياتها كلها انتظار لمن ينتشلها من هذا العذاب.
تقول إحدى طبيبات علم النفس (أستاذة منال زكريا/جامعة القاهرة):"إن العانسَ إنسانة قلقة نفسيا وعاطفيا خاصة إذا عوملت ممن حولها معاملة فيها نوع من الإحساس بالنقص أو الشفقة، وأحست أن وضعها معيب في المجتمع، والمؤكد أن الزواج وما يتبعه من الأنس والعاطفة وإشباع الحاجات الغريزية والنفسية من أهم أسباب السلامة النفسية والعصبية، فنحن النساء صعب علينا أن نعيش بلا رجال".
وصدق الله العظيم، إذ يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21]،
* وبين امرأة تعاني من الحقد على الناس والمسؤولين وكل المجتمع:
تقول إحداهنَّ: كلما دعيت إلى عرس إحدى رفيقاتي أو زواج إحدى صديقاتي، تجرعت غصص الحسرة وحرقة العبرة، وأوقد في القلب لهيب جراحي. تزف الواحدة منهم تلو الأخرى إلى جنتها المنتظرة، وحياتها المستقرة مع أن فيهن من هي أصغر مني سنا وأقل مني جمالاً، وأدنى كمالا وأسوأ حالاً.. وأعود بعد ذلك لسجني الكبير حسيرة البال، كسيرة الخاطر، أدعو ربي من كل قلبي "ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيًا".
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا.. ... .. وحسب المنايا أن يكن أمانيا
وتقول أخرى: "لقد سببت كل المسؤولين، وتمنيت ألو نشبت فيهم أظفاري وأنيابي، ولو كان الأمر بيدي لسننت القوانين التي تجبر الرجال على الزواج من العوانس، وتمنع أن تمكث المرأة بدون زواج".
مشكلة العنوسة ( العلاج )( 3- 3 )
تحدثنا معكم فيما سبق حول موضوع العنوسة ، أسبابها ثم عن آثارها وأضرارها، فكان لابد وأن نتعرض للعلاج، وكيفية البحث عن المخرج العملي من هذه الظاهرة التي فشت في كثير من مجتمعات المسلمين.
وبداية أقول: إن هذه الظاهرة وتلك المشكلة لم تأتِ بين عشية وضحاها، ولا وجدت صدفة في البيوت، بل نحن الذين أوجدناها ونفخنا كير نارها بتقاليدنا وعاداتنا وتحكماتنا المخالفة للدين.
ولئن كانت المشكلة قد تطورت وتعقدت بتعدد أسبابها القديمة والحديثة، إلا إن الحلول مازالت بأيدينا إذا صدقنا مع أنفسنا في الخروج من هذا البلاء، ولست أعني أيضًا أن العلاج أمر هين، ولكنه طريق شاق وطويل يحتاج إلى تضافر الجهود، وتشابك الأيدي، ومشاركة الجميع من آباء وأمهات، ودعاة وقضاة، ومدرسين وأئمة، ووسائل إعلام، بل ومسؤولين أيضًا.
ولابد عند وضع الحلول وعلاج الداء من معرفة أسبابه لتخير الدواء النافع والعلاج الناجع؛ "فما أنزل الله من داء، إلا أنزل له دواء؛ فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله".
وقد استعرضنا أسباب هذا الداء، منها ما ذكرناه ، ومنها ما لم يذكر لضيق المقام ، فوجدنا لها جميعها علاجًا واحدًا يذهبها كلها، ألا وهو "العودة إلى الدين"، "العودة إلى الإسلام"، "الرجوع إلى الشريعة الغراء والشرع المطهر". ليس فقط لنحل المشكلة ثم ننساه، لا، بل العودة إليه بصدق والتزام به على الدوام.
وهذا كلام عام، وسأفصله، ولكن قبل ذلك أقول:(61/83)
إن الله تعالى أنزل هذا الدين وهذه الشريعة ليطهر بها قلوب العباد، ويزكي بها نفوسهم، ويسعد بها حياتهم، وييسر بها أمور معاشهم ومعادهم، ويهبهم بها السعادة الروحية والبدنية، فمن التزم بها وتمسك بها سعد سعادة الأبد في دنياه وأخراه، ومن طرحها ظهريًّا واستبدلها بغيرها - أيًّا كان هذا الغير - أفسد الله عليه دنياه، وأعماه، وأضله عن أخراه: ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى* وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)[طه:123 - 127].
لقد عاشت الأمة زمانًا التزمت فيه الشريعة، فلم يكن يسمع فيها عن مثل هذه الآفات والمشكلات والأوبئة "إلا في حالات شاذة والشاذ لا حكم له". فلما تركت الأمة دينها، وغزيت في أفكارها، ظهرت فيها الطواعين والأمراض، والبلايا والزرايا؛ فإذا عدنا إلى الله عاد الله إلينا، (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا)[الإسراء:8]، (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد:11].
إن علاج هذه المشكلة في أمور:
أولها: إعادة البناء الديني العقدي للأمة: فإن الأمة قد ابتليت في عقيدتها، فتشوش على الكثير إيمانه وتصديقه لربه ولرسول ربه، فضعف اليقين عند الكثيرين في أن الله يعين المتزوج للعفاف ويوسع عليه ويرزقه من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، ولم يعد الزواج عبادة عند البعض وإنما مجرد شهوة وليس قربة يبتغى بها وجه الله تعالى أولا ثم متعة النفس وعفتها ثانيا، وشكك الناس في بعض التشريعات كالتعدد مثلا وبدلا من أن يكون حلا جعلوه بابا يهاجمون به الدين وأهله ، ناهيك عن انصراف القلوب عن اليقين بأن حلول المشاكل في الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: إعادة البناء الأخلاقي: وذلك بإعادة غرس المفاهيم الصحيحة في قلوب العباد، وخاصة الناشئة والطلائع، فنغرس فيهم محبة الطهر والعفاف، ونعظم في قلوبهم معاني الشرف والمروءة، وحفظ الأعراض، والنخوة والرجولة والفحولة، والحياء والستر، وغض البصر؛ خصوصًا بعد الغزو الفضائي والإعلامي الهادف لهدم كل معاني القيم ، والداعي لكل رذيلة وتحلل، فكل ما يعرض على أبنائنا - إلا ما رحم الله - هو دعوة للتحرر أو التحلل، ونداء يصم الآذان لإظهار المفاتن وإبراز العورات، وهدم كل حصن للفضيلة.
فمجلات النساء : لا تعرض إلا الزينة والعري، وآخر الموديلات، وقصص حب الممثلات.
ومجلات الرجال: بين الرياضة، والحب، والجنس.
والأفلام : حالها ما تعلمون ماخور في بيوت المسلمين.
ومجلات الحوادث: لا تعرض إلا للخيانات الزوجية، والمخدرات، حتى يعتقد الإنسان أن الدنيا كلها هكذا.
وليس لتكوين الأسر عندهم مقام، ولا للزواج وفضائله مكان، بل شهوات تسفح في أي بالوعة. فلا عاصم للشباب بعد ذلك إلا في سرعة الزواج؛ فإن الزواج عصمة من كل ذلك؛ لمن قدر، أو التمسك بمكارم الأخلاق قدر الطاقة، ولذلك قال النبي r: "يَا مَعْشَرَ الشّبَابِ من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فَإنّهُ أَغَضّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصّوْمِ فَإنّهُ لَهُ وِجَاءٌ".
علاج غلاء المهور: إذ كان واحدًا من أكبر عقبات الزواج، وقد عالج الشرع هذا الأمر علاجًا عمليًّا في كتاب الله وفي سنة رسوله القولية والعملية.
فأما القرآن؛ فقد قال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور:32]، وأما السنة القولية فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها" [رواه أحمد].
وأما السنة العملية، فما أصدق رسول الله أحدًا من نسائه ولا زوج بنتًا من بناته على أكثر من 500 درهم؛ ففي مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة رضي الله عنها: "كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشَّاً، قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النِّشُّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ. قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لأَزْوَاجِهِ".
وعن ?ابن عباس -رضي الله عنهما- "لما تزوج علي فاطمة رَضي الله عنهما - قال صَلى الله عليه وسلم لعليٍّ: أعطها شيئًا. فقال: ما عندي شيء. قال: أين درعك الحطمية؟ فأعطاها إياها".
وجاءت امرأة إلى النبي صَلى الله عليه وسلم فقالت: يَا رَسُولَ اللّهِ جِئْتُ لأَهِبَ نَفْسِي لَكَ فَنَظَرَ إلَيْهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعّدَ النّظَرَ إلَيْهَا وَصَوّبَهُ ثُمّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوّجْنِيهَا قَالَ: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟" فَقَالَ: لاَ وَاللّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئا فَقَالَ: "انْظُرْ وَلَوْ خَاتَما مِنْ حَدِيدٍ" فَذَهَبَ ثُمّ رَجَعَ فَقَالَ: لاَ وَاللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ ولاَ خَاتَما مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إزَارِي قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَصْنَعُ بِإزَارِكَ إنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ" فَجَلَسَ الرّجُلُ حَتّى طَالَ مَجْلَسُهُ ثُمّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلّيا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمّا جَاءَ قَالَ: "مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟"
وقال عمر: "ألا لا تغالوا في مهور النساء".
إن الشرع جعل الصداق مكرمة للمرأة، فلا ينبغي أن تحول به المرأة إلى سلعة تباع وتشترى، فليس هناك أعظم من فاطمة ولا أشرف ولا أطهر، ومع ذلك زوجها النبي صَلى الله عليه وسلم على درع. ونحن لا نقول بتحريم المغالاة لكن القصد القصد.
محاربة المغالاة في تكاليف العرس:
وأنا لن أكثر عليك في هذا الباب، ولكن سأذكر لك حادثتين:
الأولى: زواج أفضل رجل في الدنيا:
لما تزوج الرسول من صفية َكَانَتْ وليمة الزواج: السَّمْنَ، وَالأَقِطَ، وَالتَّمْرَ .
والثاني: زواج سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء:
قال عليِّ رَضي الله عنه قال: "جَهّزَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةٍ حَشْوُهَا إذْخِرٌ".
قال جابر: حضرنا عرس فاطمة فما رأينا عرساً كان أحسن منه. حشونا الفراش ليفًا، أتينا بتمر وزبيب فأكلنا. وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش. (جلد كبش)".
ولما تزوج عبد الرحمن بن عوف قال له النبي صَلى الله عليه وسلم: "أَوْلِم ولو بشاةٍ".
عرض الرجل موليته على الصالحين:
فإذا وجد ولي المرأة رجلا صالحا دينا ذا كفاءة فلا مانع أن يعرض عله موليته بنتا أو قريبة وهذا لا غضاضة فيه بل هو فعل أهل العقل كما فعل عمر رضي الله عنه ففي صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب، حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا، توفي بالمدينة، قال عمر : فلقيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة، فقلت : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال : سأنظر في أمري، فلبث ليالي، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. قال عمر : فلقيت أبا بكر، فقلت : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت : نعم، قال : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت، إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لقبلتها... فهذا فهم عمر ومن منا أفضل من عمر.
نسأل الله أن يوفق الأمة لما فيه خيرها ، والحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــ(61/84)
ـــــــــــــــ
شبح العنوسة يطارد الفتاة العربية
تعد مشكلة العنوسة أو تأخر زواج الفتاة من المشاكل الإجتماعية التي أصبحت تعاني منها البلاد العربية بشكل كبير... وقد يختلف البعض على تحديد سن(العنوسة)وهذا يكون بناءًا على المفاهيم المتعارف عليها لسن الزواج بالنسبة لكل شريحة في المجتمع.... فنجد أن المجتمعات الريفية وأهالي القرى تعتبر أن تجاوز الفتاة لسن العشرين من عمرها يعتبر(عنوسة)... أما المجتمعات المتمدنة فتحدد الثلاثين وما بعدها نظراً إلى أن الفتاة يجب أن تتم تعليمها قبل الإرتباط والإنجاب....
في تحقيقنا اليوم حاولنا أن نجمع أكبر قدر من الآراء حول هذه المشكلة وحلولها من وجهات نظر مختلفة بالإضافة للإحصائيات الصادرة عن الجهات المختصة في بعض الدول العربية....
صرخة قاريء: الكبار يدمرون أحلامنا:
عندما أعلنا في عربيات عن موضوع التحقيق الصحفي وصلتنا رسالة من شاب عربي هو(مصطفى محمد) يقول فيها: "إذا أردتم البحث عن أسباب العنوسة وتأخر زواج الشباب وما يترتب عليه من مفاسد تقع على المجتمع فابحثوا عن الكبار(الآباء)الذين يقفون في طريقنا ويضعون مئات العقبات والمطالب التي في الغالب لا يحتاجها الشاب ولا الفتاة إلا لإرضاء المجتمع.... وابحثوا عن الكبار الذين يحاربوننا ويندفعون للزواج من الشابات ويغررونهن بالحياة الكريمة والمستقبل المضمون والاستقرار... لقد أصبحت على قناعة بأن الكبار يفعلون كل ذلك عن عمد ويفعلون ما بوسعهم لإثبات أن الشاب اليوم غير مؤهل لتحمل مسؤولية الزواج ولا يملك مقومات إعالة أسرة ثم يزوجون الفتاة برجل من عمر والدها أصابته مراهقة متأخرة وفي الغالب متزوج من غيرها بحجة ستر الفتاة وتوفير حياة كريمة لها... وهم بهذا يدمرون حياة الفتاة ويدفعون الشاب لليأس والانحراف.. هذه معاناتي وقصتي التي أراها تتكرر أمامي وتسبب خلل كبير في المجتمع)
آراء من رواد الإنترنت بمنتدى عربيات
المشاركة"يلدز"تقول: (العنوسة لم تكن مشكلة اجتماعية الا بعد ما ازدادت وانتشرت ومن أسباب هذه المشكلة هي رغبة الزوج أو الخطيب بالظهور بمظهر لائق حتى ولو لم يكن قادرا على تكاليف هذه المظاهر، وان بعض أولياء الأمور ينظرون إلى الزواج نظره مادية ويصبح غرضهم من زواج ابنتهم هو الحصول على مهرها الذي هو في الواقع يجب أن يكون ملك لها... أما المشكلة الأخرى فهي تكاليف حفل الزفاف والمفاخرة بما يقدم.... و نتائج المشكلة واضحة كالشمس أصبح الشاب يفضل البقاء عازبا والشابة تعاني من العنوسة والفساد الأخلاقي وتكثر الأمراض النفسية وينتشر الزواج بغير بنات البلد)
ويقول المشترك"طير حوران"من السعودية(في اعتقادي أن أحد أهم أسباب العنوسة هي رفض المتقدم للزواج أما أن يكون ليس(قد المقام)أو أن أصله وفصله لا يتناسب مع أصل الفتاة، بحيث أن أغلب القبائل هنا في نجد ترفض زواج بناتها من شاب ليس له قبيلة ينتسب لها فيعني هذا أن أغلب ارتباطات الزواج التي تتم تكون بين الأقارب بمعنى(البنت مالها إلا ولد عمها)بالرغم أن الفتاة راضية ولكن الأهل هم السبب)
أما المشتركة التي ترمز لاسمها بـ"قلب"فتقول: (من الأسباب التي تقف عائقا هو أن جميع الكماليات التي كانت موجودة سابقا أصبحت أساسيات وضرورة من ضروريات الزواج وبالتالي ليس كل فرد قادر على توفيرها والأهل لا يتنازلون)
موج(هناك خلل ومتهمون وعناصره تتعدى نطاق الشاب والشابة، إنه ذلك الأب الذي وجد ابنته سلعه يطالب فيها أغلى الأسعار، الأب الذي يرى أن ابنته لابن عمها، الأب الذي لا يزوجها أحدا من خارج القبيلة أو العائلة، الأب الذي لا يزوج الصغيرة قبل الكبيرة وأيضا الأم التي ترى أن ابنتها مازلت صغيره على الزواج وهى في المرحلة الثانوية الأم التي تجعل العريس يهرب من كثرة طلباتها الأم التي تغرس في بنتها أن تكملة التعليم أولا الأم التي لا تصطحب ابنتها معها في المناسبات الاجتماعية، وأيضا الشاب الذي وجد في الأسفار طريقا لإشباع غرائزه، الشاب الذي جعل فتيات الإعلان مواصفات عروسه، وأيضا أولياء أمور بعض اليتامى اللذين لا يريدون أن ينقطع ذلك الدخل الشهري من أوصيائهم ومن يستخدمونه كخدم لهم وليس أخيرا وسائل الإعلام التي لا تستعرض مثل هذه الظواهر التي يتطلب إلقاء الضوء عليها وبحثها ومناقشتها يوميا... و في الحقيقة لا أهمش دور بعض الجمعيات الخيرية التي تساهم في الزواج وان كان هناك بعض التحفظات على شروطها لكن كم أتمنى لو كان هناك قصور أفراح مجانية تقدمها الدولة أو التجار المقتدرين، وكم أتمنى أن يكون هناك سوق خيري يجد فيها الراغب بالزواج جميع متطلبات بيت الزوجية)
أحمد الغانمي (الحقيقة الأرقام مبالغ فيها ولكن لا ننفى وجود المشكلة لاعتبارات عديدة منها القبلية والتحزب والمغالاة في المهور، كذلك الظروف الاقتصادية ساعدت في اضطراد الأرقام لكن الحل ليس أن تزوج ابنتك(لكل من هب ودب)فأنت بذلك تضح حل لمشكلة وتفتح الباب لمشاكل أخطر من العنوسة منها الطلاق.... أما التعدد والذي يعتبر من الحلول للقضاء على العنوسة فهو حق أعطاه الله للرجل ويجب أن يكون هذا الرجل مقتدر مادياً وعادل حتى لا يضيع حق الزوجات ويضيع أبناؤه).
عوائق وحلول بقلم/الشايب
عوائق:
- دراسة المرأة.
- مغالاة أولياء أمور البنت في المهر والتكاليف المصاحبة التي تجلب التعاسة إلى بيت ابنتهم إن حصل زواج.
- القنوات التلفزيونية والمجلات، أفسدت الشباب فجعلتهم لا يصلحون لإقامة البيت، وأخبرتهم أن هناك شيء يسمى الجمال ولا يوجد إلا في أصحاب الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان.
- عدم إحساس الناس بالمشكلة، الأب عنده زوجته ما شاء الله عليه، والأم عندها زوجها، والتنظير أحياناً إن لم يكن كثيراً يبتعد عن الواقع، والواقع لا نحكمه من داخل عقولنا بل بمعرفته والعمل فيه. والولد هيمان يريد زوجة وكذلك البنت. ولا أحد يدري.
------------------------------
حلول:
"لا يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها".
والكلام لا يغني عن الفعل. فالكلام هواء والفعل نشعر به ونحس. وإذا لم نسعى للحل فعلياُ فلا تتوقع إلا مزيداُ من المشاكل، وانحرافاً عن الطريق.
- يجب أن تترك البنت تشددها إذا حصل تعارض بين الزواج ودراستها. لابد أن تعي البنت أن أوجب واجباتها هو منزلها، يعني الاهتمام بزوجها وأولادها حتى تكسب تقدير زوجها ومحبته. الزوج يتكفل رغماً عن أنفه بمصاريفها - طبعاً بالمعروف، ليس الأمر عداوة -. يعني أن قعود المرأة في بيتها هو الأصل "وقرن في بيوتكن"، وخروجها هو الفرع، ولا يلجأ للفرع إلا في حال الضرورة أو دراسة هذا الأمر دراسة وافية، وأحوال الناس ليست واحدة، فلتترك البنات السعي لإثبات ذاتها عن طريق المقارنة من الزميلات.
- مغالاة المهور.... هذه لوحدها تشيب الرأس - حتى لو كان رأس واحد شايب... فما بالك بالشباب - لو كنت ولي أمر فتاة، وكنت حينها بكامل قواي العقلية - لست ماذا يحصل لولي أمر البنت عندما يطلبها شخص آخر منه. أقول لو كنت لسألته على انفراد إن كان ليس من ميسوري الحال، عما يستطيع دفعه، أو بأي طريقه بحيث لا أرهقه. في رأسي فكرة أن يكون المهر بحسب مرتب الزوج أو يقدر تقديراً إن كان له تجارة، لكن أخشى أن يؤدي إلى منع الزواج من ذوي الظروف الصعبة نهائيا. وأزيد هنا أني أعتقد أم البنت هنا لها دور محوري وكبير يتضاءل معه دور أبو البنت في كثير من الأحيان في مسألة المهر. "هذي بنتي! "
- المسلسلات والأفلام والمجلات وما تفعله بالعقول، لا حول ولا قوة إلا بالله، هذي أتوقف ما أدري ماذا أقول إن قلت منعها فلا شك أنني حينها أكلم الشاشة فقط أو قلت عدم تفرجها فمن يسمع، لكن أقول أعلموا أخطاءهم والهراء الذين يقولون، وكيف يتأتى هذا والمناهج تضعف يوماً إثر يوم حتى لقد أوشكت أن تربط على بطنها حجراً من الجوع المعرفي، وأحس أننا نحيد مناهجنا الإسلامية.. فقط إحساس شخصي.. الغناء محرم.. لكن ماذا نفعل؟!! والمعصية تجر أختها. ولا تسل ماذا تفعل الغفلة.
- بالنسبة للوالدين: فقط أقول: اختلاف النهار والليل ينسي *** اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
أما المشترك"توفيق البكري" فيجيب على أسئلتنا قائلاً (أعتقد أن من أهم أسباب ظاهرة(العنوسة)تتلخص فيما يلي:
* منع أولياء الأمور بناتهن من الزواج ظلما
* الأنساب.. فلا تتزوج القبلية من الحضري ولا الشريفة من غير الأشراف ولا تتزوج الغنية إلا من غني.. وأيضا لا تتزوج العربية من الأجنبي..
* نظرة المجتمع إلى المطلقة أو الأرملة نظرة خاطئة رجعية لا يحق لها الزواج مرة أخرى بداعي الكرامة.. وكأنها ليست إنسانا من لحم ودم.
* بعض أولياء الأمور يمنعون بناتهن من الزواج في سبيل المكاسب المادية من وظيفتها.. أو طمعا في مهور خيالية..
* من أهم العادات التي تتسبب في العنوسة هي حجر البنت إلى ابن عمها أو ابن خالها بحجة انه أولى بها من الغريب (كما يحصل في صعيد مصر أو دول الخليج العربي وبعض من الدول العربية).. حتى وإن لم يكن يحمل المؤهلات التي تجعله كفء بالفتاة.. فأي ظلم اكبر من منعها حق اختيار شريك الحياة!!.. أما سن العنوسة فأعتقد أنها 36 سنة)...
- الأسباب المباشرة التي دفعت لوجود هذي الظاهرة
* الحمل الذي يثقل الشاب حين يفكر بالزواج مما يجعله يتريث قليلا ثم قليلا..
* الشروط التعجيزية على الشاب حين تقدمه للخطبة.. تجعله يتزوج من الخارج.
* البحث دائما عن الجمال كمعيار أساسي.. فالشباب يبحثون عن الشقراوات وفي المقابل الفتيات ترفضن الشاب الأسمر.
* الأنانية التي ولدت من قبل تسلط النساء على رجالهن.. أو بعض الأعراف الدخيلة من القوانين الوضعية.. والتي تقول كل رجل يتزوج مرة واحدة فقط..
** جميع العادات المذكورة سابقا تعد أسباب مباشرة لتفاقم ظاهرة العنوسة..
- فكرة الوسيط في الزواج هل ترى أنها فكرة جيدة للمساهمة في القضاء على العنوسة
لا أظنها ستقضي على العنوسة ولكنها تحد من توسعها.. هذا إن كان للوسيط تواجد كبير(الخطابة)..
- الحلول التي تراها مناسبة للقضاء أو الحد من هذه الظاهرة
* عدم تشدد أولياء الأمور من ناحية الشروط التعجيزية
* وأهم الحلول تنبع من إيجاد طرق إيجابية شاملة لتوعية المجتمع من الناحية الثقافية.. من ندوات ومحاضرات.. أو جمعيات تساند الشباب والشابات.. ومحاربة جميع العادات الرجعية..
* التعدد.. إذا وجد الرجل في نفسه القدرة على العدل والتوفيق بين زوجاته.
- عمل المرأة هل ترى انه عائق عن الزواج المبكر للفتاة.
العمل كعمل لا يقف عائق عن الزواج المبكر.. لكن الفتاة تتأخر عن الزواج بحجة أنها تريد متابعة دراستها الثانوية ثم تريد أن تدرس الماجستير... ثم.. ثم.. ثم تفاجأ بأنها عانس.. والشاب كذلك يجب عليه أن يتخرج ثم يتوظف ثم يعمل ثم يؤسس عش الزوجية ليجد نفسه وصل إلى سن 30.. أذكر أن أحد أقاربي يحكي لي حكاية زواجه فقد أعجب بابنة عمه وتقدم لخطبتها وهو في سن 18 وهي في سن 16.. وتزوجها بعد مرور سنة فأكملت دراستها الثانوية و الجامعية وتوظفت ووصلت لأعلى المراتب في المجتمع والآن تكمل دراسة الماجستير.. ولو نصب طوله الآن بجانب ابنه البالغ من العمر 20 سنة قد لا يخطر ببال من يشاهدهما إلا أنهما أصدقاء (ما شاء الله.. عيني عليهم باردة)..
- نظرة المجتمع للفتاة العانس.
بالإضافة إلى نظرة المجتمع إلى الشخص العازب.. فمن وجهة نظري هي نفس نظرة المجتمع عن المرأة المطلقة أو الأرملة والتي ذكرتها سابقا..
- دور المؤسسات الاجتماعية الحكومية والخاصة في معالجة العنوسة
لهذه المؤسسات دور.. لا أصفه بالفعال ولكنه الخيط التي تتعلق به مجتمعاتنا في ظل انتشار العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج وانطلاق أفكار غربية وشعارات هدامة تدعوا بشكل خفي إلى تفكيك الأسرة.. فهذه الجمعيات والمؤسسات سواء الحكومية منها أو الخيرية تقوم بتوعية الأسرة والمجتمع.. أيضا تقدم مساعدات مالية أو حتى لو تجهيز مبدئي وبسيط للمتزوجين لبناء عش الزوجية..
- نظرة الشاب للفتاة العانس.
مثل الزهرة التي لم تمر بالربيع.. وذبلت قبل أن تروى..
- هل الأرقام الإحصائية التي تشاهدها عن العنوسة تسبب قلق لك؟
لا اعلم.. إلى الآن شاهدت ثلاثة أرقام إحصائية سببت لي نوع من الحزن والقلق لدرجة احتفاظي بنسخة منها جميعا.. والآن وبعد مضي عام كامل فإنه لمن الطريف أن أرى نفس الإحصائيات الثلاثة.. دون زيادة أو نقصان ولو بمقدار عدد واحد (عانس).. الأمر الذي يشكك في صحة هذه النسب.. وأتمنى أن تزول هذه النسبة في القريب العاجل..
رأي علم النفس:
التقينا الدكتور(حسن عبد اللطيف)الذي يقول: "مشكلة العنوسة لها خلفيات عديدة قد تكون أهمها التغييرات التي طرأت على مجتمعاتنا واحتلال النظرة المادية لتفكيرنا ونظام الحياة بشكل عام حتى أصبحت تحكم اختيارات الزواج)... ويضيف قائلاً(اليوم الفتاة لم تعد تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض ولم تعد تهتم بقوة الرجل أو الشكل بل الأقوى هو القادر على توفير حياة مرفهة... من جهة أخرى أصبح من الضروري أن تتم الفتاة تعليمها ومن الواضح أنه كلما كبرت ونضجت الفتاة تدقق بشكل أكبر في اختيارها وقد لا ترضى إلا بالصورة الكاملة بعكس نظرة طالبة المدرسة الصغيرة التي لا يهمها سوى ارتداء الطرحة البيضاء والفرحة بليلة العمر... إضافة إلى وجود تضارب كبير في المفاهيم فنجد أن المجتمع أصبح متخبطاً بين عاداته وتقاليده وبين مفاهيم الحضارة وهذا ينعكس بشكل أو بآخر على الزواج وتأسيس الأسرة)... وعن الحل لهذه المشكلة يقول الدكتور حسن(لابد أن يساهم المجتمع بأكمله لحل هذه المشكلة والتوعية بأهداف الزواج الحقيقية بعيداً عن الأحلام والماديات التي قد تضر مستقبل الشباب وتضع أمامهم عوائق كبيرة... إلى جانب تنبيه الفتاة كي لا يتسبب تركيزها على مستقبلها العلمي أو الوظيفي وحاجة المجتمع إلى عملها سبباً مباشرة بحرمانها من التفكير في الجانب الأهم من حياتها.... لابد أن يكون هناك نوع من الموازنة كي لا يطغى جانب على الآخر وتقع الفتاة فريسة للندم على قطار العمر الذي يفوتها).
http://www.arabiyat.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/85)
ـــــــــــــــ
سوريا .. العنوسة وراء كل باب
الزواج الجماعي أحد حلول مشكلة العنوسة:
يحسد الكثيرون شباب الشام على جمال خلقتهم وأرضهم، لكن شبح العنوسة يهدد الكثير منهم، فتكاليف الزواج في سوريا بالإضافة للعادات الاجتماعية تقف أمام فرحة العديد من الشباب والشابات السوريات بالارتباط والقران، الأمر الذي حذر منه عدد من المتخصصين.
وتشير الإحصائيات في سوريا إلى أن نصف الشباب في سن الزواج عازفون عنه أو تأخروا، الأمر الذي دعا الحكومة السورية للبحث عن حلول لهذه الظاهرة، من بينها تشجيع الأعراس الجماعية برعاية وزارة الثقافة.
أزمة السكن:
استطلعت شبكة "إسلام أون لاين. نت" آراء الشباب السوري في أسباب هذه الظاهرة. فقال الشاب "آشور عقل" الأربعاء 21-8-2002: "لم أتزوج بسبب أزمة السكن، فأنا أقيم في بيت مع والدي وثلاث أخوات لم يتزوجن؛ اثنتان تجاوزتا سن الزواج والثالثة تكاد تلحق بهما، وأبي رجل تجاوز الستين ولم يعد بإمكانه الاستمرار في العمل كسائق، وأنا مكلف بهن، طبعاً أحلم ببيت وزوجة وأطفال صغار، ولكن من تلك التي ترضى بأن تبدأ حياتها مع شاب في الأربعين من العمر".
أما معتز عرسان فيقول: "تكاليف الزواج تفوق ما يمكن أن يكسبه الأب في عشر سنوات، وبالتالي فإن الهروب من الزواج أصبح هو الحل، ومجمل الضغوط أثرت تأثيرًا عميقًا في نظرة الشاب إلى الزواج، حيث بدأ الكثير من الشباب يعتبرونه قيدا يعوق انطلاقهم، فأصبح القادرون على توفير نفقات الزواج في فترة قصيرة يصرفون اهتمامهم إلى اقتناء السيارة الفاخرة، أو تغيير الهاتف النقال أو السفر والسياحة".
ويضيف عرسان قائلا: "الأعراف الاجتماعية هي من صنع الشباب ذاته، وقد وضعها لمصلحته، أما المهلة الممنوحة له للاختيار فتمتد غالبا لتسحب الجزء الأعظم من حياته؛ لأنه في نظر المجتمع في شباب دائم، وما السنوات المضافة إلى سنوات شبابه سوى نضج واتزان يزيدان شبابه تألقاً".
على الجانب الآخر يعتبر الكثير من الشابات الزواج تبعية وقتل لقدراتهنَّ وإبداعاتهنَّ، وأنهنَّ لن يستطعن أن ينجزن شيئًا من طموحاتهنَّ في ظل مؤسسة الزواج، فتتمنع الفتاة حتى تلحق بركب العنوسة.
تقول مها- 35 عاما -: "أعمل بشركة اتصالات خاصة وفي هذه السن ليس لدي شروط للزواج، أريد فقط شخصاً محترماً فيه الحد الأدنى من القيم الأخلاقية لضمان حسن المعاشرة، لا أريده غنياً بل موظفاً في أي مكان محترم، وسأتكفل أنا بكل مصروفات الزواج".
وتضيف مها: " لدي شقة مؤثثة بالأثاث الفاخر، حصيلة عشر سنوات من العمل في الشركة، لقد أضعت فرصاً عديدة للزواج في سبيل إثبات وجودي في العمل، وتكوين شقتي، والآن اكتشفت أنني دخلت مرحلة العنوسة". وتؤكد أن أشد ما يؤلمها أن تصل إلى مرحلة الشيخوخة وحيدة دون رفيق تعتمد عليه.
الباحث في حقائب "الخاطبات" اللاتي انتشرن بكثرة في سوريا، يكتشف حجم النساء اللائي لم يدخلن عش الزوجية، فتجد هذه الحقائب ملأى بأرقام الهواتف والصور الشخصية حسبما تقتضي متطلبات المهمة، حيث انتشرت هذه الوسيلة لإيجاد العريس في العديد من الأوساط المحافظة.
التعليم والعمل:
ويرى الدكتور كامل عمران أستاذ علم الاجتماع أن تأخر سن الزواج عند الشباب ظاهرة جديدة دخلت المجتمعات المعاصرة، معتبرا إياها ظاهرة نسبية تختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً للتقاليد والعادات الاجتماعية.
وأرجع د. عمران أسباب ذلك إلى مجمل عوامل أهمها: أن المجتمع العربي يشهد إقبالاً كبيراً على التعليم، الأمر الذي رفع سن الزواج بشكل واضح حتى انتهاء الدراسة الجامعية، بالإضافة للعمل؛ إذ لا يمكن للشباب أن يتزوج دون
أن يجد فرصة عمل مناسبة يستطيع أن يؤمن بها متطلبات حياته، وهذا يعد في المجال المنظور أمراً لا يتحقق لجميع الشباب-على حد قوله-.
وقال: "هناك سبب آخر بدأ يؤثر حديثاً ناتج عن الاتصال بثقافات أخرى لا ترى في الزواج ضرورة حياتية أو إنسانية، فيعيش الشباب دون ارتباط رسمي، ويشجع على ذلك آلية تطور المجتمع التي تحقق الكثير من حاجات الشباب ورغباتهم المختلفة".
كما حذر عمران من تداعيات هذه الظاهرة ومن بينها تراجع الأسرة عن الأولويات التي يعمل المجتمع على تحقيقها، وفقدها الكثير من أدوارها المجتمعية لتحل محلها مؤسسات اجتماعية أخرى تنهض بدورها، الأمر الذي يفقد الأسرة الكثير من أهميتها والكثير من أدوارها في عملية التنشئة الاجتماعية
21-8-2002
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــــ(61/86)
ـــــــــــــــ
العنوسة والزواج
رياض المحيسن
الحمد لله خالق الخلق، ومدبر الأمر، في كتابه العزيز وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى(45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم: 46، 45].
فَلْيَنْظُرِ الْإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق: 5-7].
نحمده - عز وجل - ونشكره على إنعامه علينا بهذا الدين الحنيف، وشريعة رسوله الأكرم محمد، الشاملة الجامعة المانعة.
والصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشفاعة العظمى يوم الدين، نبينا محمد، معلم الناس الخير بأقواله وأفعاله وأحواله، الذي هو مثلنا الأعلى وأسوتنا الحسنه في كل شأن وأمر، وعلى آل بيته وأصحابه الأبرار الأخيار أجمعين أما بعد:
فإن الزواج آية من آيات الله - تعالى - ونعمة من نعمه، كما قال - سبحانه -: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21]. والزواج هو السبيل القويم لتكاثر النوع البشري وبقائه حتى نفخة الصور الأولى ليوم القيامة، إذ به يجعل التوالد والإنجاب، وتتألف الأسر، وتتقارب العائلات والقبائل.
قال - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "[الحجرات: 13].
سوف نتطرق في هذا الموضوع إن شاء الله إلى انتشار ظاهرة العنوسة في مجتمعنا وأسباب ذلك وتوضيحها ووضع الحلول المناسبة.
سائلين الله - جل وعلا - العون والتوفيق،،،
الزواج:
إذا نظرنا إلى مجتمعنا أو المجتمعات الأخرى لرأينا كثرة العنوسة والمطلقات. هذا من الله - سبحانه -، ثم من أنفسنا. الأمر فيما يبدو - أيها الفضلاء - أكبر من ذلك وأوسع، إن الناظر في أحوال المجتمعات والمراقب لتغيراتها في هذا العصر، يحس بأشياء كثيرة وكبيرة، ويدرك أموراً مخيفة ومهولة. إن هذه المشكلات وهذه العوائق راجعة إلى خلل في التصور. وزعزعة في الفكر، ولا مبالغة إذا قيل: إنها راجعة إلى ضعف في العقيدة، وخلل في تطبيق الشريعة، إنه التفكير المشوش حول المستقبل، والخوف الذي لا مسوغ له، ثم ما يرتبط بهذا التخوف من الاعتمادات على الشهادات والتعلق بالوظائف وتأمين فرص العمل، والانشغال في سلم التعليم حتى يفوت الجميع قطار الزواج، ومشاركة الوالدين في هذا التخوف. وقبول المجتمع له والرضا عن هذا المسلك يؤكد هذا الخلل في التفكير، والانقلاب في الموازين، وتزعزع الثقة بالله، وضعف النظر المتعقل:" إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه" [النور: 32]، "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً "[الطلاق: 7].
اضطربت المقاييس، وطاشت الموازين، فالمستقبل مادة، والتخطيط مادة، وشريعة الحياة وزواج المستقبل يقومان بالمادة، وشبه المادة الوظيفية والشهادة والمرتب والوجاهة هي السوق الرائجة، يستوي في ذلك الشاب وأهله، والشابة وأهلها، إلا ما رحم ربي، وما يثقفه الناس والشباب من معلومات وأخلاقيات في المقالات والمسلسلات والصحف والإذاعات، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة لها الأثر البين في اختلال النظرة إلى الحياة. هذا الزخم من الثقافات، وهذا الطرح من التصورات، قلب المفاهيم، وأفسد الأمزجة، وجعل علاقات الناس وروابطها منافع ذاتية ومادية بحتة، إذا انحدر الناس في هذه المقاييس وحكموها في علاقاتهم.
فقد فسد الزمان، وبطل دليل العقل، و تعطل أمر الشرع يعيرون بالفقر " لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا "[الطلاق: 7].
الزواج من الفضلاء والصالحين. حتى لا يبتلى بأصهار وأنساب يتجاوزون في مطالبهم حدود المعروف فيكلفونه في حياته عسرا، ويزيدونه من أمره رهقا، لماذا كل هذا أيها الناس؟!
إن جميل الخلق أبقى من جمال الخلق، وغنى النفس مقدم على غنى المال، والعبرة كل العبرة في كريم الخصال، لا في زين الأجسام، وكثرة الأموال.
سئل سعيد بن المسيب - رحمه الله - عن حديث {خير النساء أيسرهن مهراً} كيف تكون حسناء ورخيصة المهر؟ فقال سعيد: (يا هذا انظر كيف قلت أهم يساومون في بهيمة لا تعقل؟ أتراها بضاعة طمع صاحبها يغلب على مطامع الناس). رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء: 1].
إنه إنسان مع إنسانة، وليس متاعاً يطلب متاعاً.
أما الحمقاء، وأهل الحمقاء فيتمسكون بالجمال والمنصب، والمال والمركز، ليزايدوا في الثمن. ترى هؤلاء من الأخيار أم من الأشرار؟!
إن المرأة للرجل نفس لنفس، وليست بضاعة لتاجر، إن ميزان الرجال لا يوزن بمال، ولكن المهر يوزن بالمعاملة. إن صاحب الجمال والجاه قليل الدين والخلق من الرجال والنساء لا يغني عنه كثرة المال شيئاً. أرأيت لو كان مع الجبان مائة سيف أكان ذلك يغني عن ضعفه وجبنه وخوره؟!
فاستكثار المال وموازين المادة، لا تستر خيبة الزوجين وصفاتهما وسوء خلقهما، ولو كان ذلك قناطير الذهبوالفضة.
إن نسب الطلاق والفراق وأسباب الانفصال في هذا العصر عالية جداً.
جاء في وصية ابن جني لبنيه:
(يا بني لا يحملنكم جمال النساء على صراحة البنت وكرم العنصر، فإن الناكح الكريمة مدرجة الشرف، إن الجمال ونضارة الشباب تزيلها السنون، وإن المال غاد ورائح، ولا يبقى إلا الدين، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
قالت الحكماء: العجلة في خمسة أشياء محمودة هي: الكريمة إذا خطبها الكفء، وفي الميت حتى يدفن، وفي عيادة المريض، وفي الصلاة إذا دخلت حتى تؤدى، وفي الضيف إذا نزل حتى يعد له الطعام.
إن تأخر زواج الفتاة يعد مدعاة لكثير من التساؤلات والاستفسارات، بل يعتبر عيباً، ومع ذلك فقد برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة ارتفاع سن الزواج لدى الرجل والمرأة عنه في السنوات السابقة، وربما يرجع هذا التأخير النسبي في سن الزواج بالنسبة للمرأة إلى انتشار التعليم العالي للبنات انتشاراً كبيراً في المجتمع العربي، والملاحظ بصفة عامه أن الرجل يستطيع الزواج من المرأة مهما كان عمره، وتزداد فرصته في اختيار ما يناسبه كلما ارتفع مستواه الثقافي والاقتصادي وارتفعت مكانته الاجتماعية، وكان يتمتع بسمعة حسنة وبيئة اجتماعية ذات سمعة طيبة.
قال - تعالى -: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً " [الروم: 21]. أما المرأة فعلى العكس من ذلك، فكلما ارتفع مستواها التعليمي والثقافي كلما قلت فرصتها في الزواج، إلا إذا كانت قد تزوجت قبل إتمام التعليم والحصول على الشهادة.
أما إذا بقيت دون زواج حتى حصولها على الشهادة الجامعية، أو ما يعادلها، أو ما بعدها، فإن فرصتها في الزواجتقل الفتاة التي لم تنل هذا الحظ الكبير من التعليم.
قال رسول الله: {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء}.
إن نداء الحديث للشباب يفهم منه استحباب التبكير بالزواج وهو كما يكون للذكر يكون للأنثى، وهناك سمتان بارزتان للزواج في المجتمع المعاصر يمكن ملاحظتهما بصفة عامة وهامة: الزواج المبكر، وتفضيل الزواج من الأقرباء. اعتقادنا أن السمة الأولى ترجع إلى دافع ديني وخلقي بحكم التنشئة الدينية التي ينشأ عليها الشباب والفتيان في الأسرة والثقافة الإسلامية.
والدين الإسلامي الحنيف أعلى من قيمة الزواج وحث عليه طالما هناك إمكانية لذلك، والزواج لابد منه لأنه عصمة وحماية للشباب المسلم، خاصة في ظل ما يتعرض له الشباب حالياً من مغريات، كما أن الزواج سكن وسكينة، كما يقول الله - عز وجل - في كتابه الكريم: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً "[الروم: 21]. والأسرة هي الخلية الأولى في بناء المجتمع الصالح المؤمن، إن قامت على أسس سليمة، وقواعد صحيحة، من الإيمان والسلوك، والتربية الفاضلة، والتفاهم بين الزوجين. روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة - عن النبي قال: {تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، و لدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك}. ومعنى تربت يداك: أي التصقت بالتراب من الفقر والمعنى: إن تركت ذات الدين إلى غيرها خسرت، وذات الدين هي المرأة المتدينة الصالحة ذات الخلق الحسن. فينبغي أن يكون هدف الخاطب هو الظفر بامرأة ذات دين. لا خير في صاحبة مال أو جمال بغير دين. فالمرأة ذاتالجمال من دون الدين مغرورة، وذات المال من دون الدين طاغية، وذات الجاه من دون الدين متكبرة، أما ذات الدين فهي خلوقة متواضعة، مطيعة وإن كانت بارعة الجمال وفيرة المال رفيعة الحسب والنسب، وليست هذه الأحوال والصفات مخصوصة بالمرأة ومن جانبها فحسب، بل هي أيضاً تعني الرجل وتخصه، فإن على المخطوبة ألا تنخدع بجمال الشخصية، ولا بثروة العريس، ولا بنسبة وحسبه، بل عليها أن تبحث أولاً عن دينه، فإن كان متديناً صالحاً فقد استجمع أهم الشروط، وتكون الصفات الأخرى بعد شرط الدين في المرتبة الأدنى. إن الرجل المتدين يصون المرأة ويحفظها ويعاشرها بالمعروف ويصبر عليها - وهذا هو الأهم - فهو إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وإن هي كرهت العيش معه وفضلت مفارقته فإنه لا يمسكها ضراراً، بل يسرحها سراحاً جميلاً.
إن الحياة الزوجية مليئة بالمتاعب والمسئولية، وعرضة لتقلب الأحوال، فإن كانت قائمة على الرغبة في المال ثم ذهب المال فماذا يحدث؟!
وإن كانت قائمة على الجمال، أو الجاه وتغير الحال، فماذا يحدث؟! لاشك في أنه سيحدث انقلاباً في الحياة الزوجية ويحتدم الخلاف، لأن الزوجية لم تكن قائمة على أساس ثابت، بل على شهوة شخصية غير ثابتة الجذور والأسس.
أما إذا كان الزواج مبنيا على مراعاة جانب الدين، فإن الدين عقيدة ثابتة راسخة في قلب المسلم (المتدين) يبني عليها أفعاله وأقواله، ومنها ينطلق في تعامله مع الآخرين، ومعلوم أن المسلم المتدين - رجلاً كان أو امرأة - يشكر الله في الرخاء، ويصبر في الشدة، ويتعامل مع الواقع بإيمان وصبر، ويتعاون مع زوجه وشريك حياته بكل وفاء وتضحية.
يتبين مما سبق أسباب انتشار، ظاهرة العنوسة في مجتمعنا - في النقاط التالية:
1- غلاء المهور، وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج.
2- اعتذار الفتاة عن الزواج المبكر بحجة إكمال التعليم.
3- رفض الفتاة الزواج من رجل متزوج بأخرى.
4- وضع الشروط التعجيزية من جهة أهل الزوجة أو العكس.
أما طرق حلول هذه المشكلة فهي كالتالي:
1- ينبغي على أهل الفتاة البحث عن الرجل المناسب الذي يستطيع أن يسعد ابنتهم، وعدم النظر إلى غلاء المهر، وإنما البحث عن رجل دين وأخلاق طيبة؛ يحفظ على ابنتهم دينها ويصونها ويسعدها.
2- على الفتاة ألا تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم، فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة، فلا تجد من يتزوجها. ولكن يمكن أن تتفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة، وذلك ميسر والحمد لله.
3- ألا تنظر الفتاة إلى الرجل الذي تقدم لخطبتها وهو متزوج بأخرى أنه غير مناسب لها أو غير قادر على إسعادها. فكثير من الفتيات لا يقبلن بالرجل المتزوج، ثم يضيع العمر ولا يأتي من يتزوجها. فالدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية أجازا للرجل المسلم التعدد في الزواج إلى أربع من النساء في ذمة الرجل، وبشرط أن يكون الرجل عادلاً بين زوجاته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــ(61/87)
العنوسة
ليلى سلامة
العنوسة كلمة تكرهها النساء وتحيطها هالة من التساؤلات وأمور ذات ارتباط بها.
العنوسة ماذا تعني في معجم اللغة؟
مبدأ الزواج حصن وتحصين للرجل وللمرأة، فلماذا يقال دوما الزواج سترة للبنت في حين أن الإسلام جعله حصنا لكليهما فمن استطاع منكم الباءة فليتزوج... ومن لم يستطع فعليه بالصيام لأنه يحصن الإنسان ويكسر الشهوات.
ماذا يعني مصطلح السترة في الزواج للمرأة.
ظلم أن تسمى المرأة عانساً وظلم أن تسمى كل فتاة لا ترغب في الزواج عانساً في الوقت الذي يتهافت على بابها الكثير من الخاطبين... فكما الرجل يملك حق العزوف عن الزواج فلا يسمى عانساً فمن المعقول أيضاً أن تمتلك المرأة هذا الحق.
أسباب العزوف عن الزواج لكلا الجنسين؟
المرأة لا تعزف عن الزواج بل تتأخر لأسباب الدراسة، لأنها لم تجد شريك الحياة المناسب.. أو.. أو
الرجل، يعزف عن الزواج لأنه يريد الاستمتاع بشبابه وحريته ويقول انه رجل يستطيع أن يعرف إي امرأة وهو غير مقيد فقد يرتكب الممنوع ويعمل السبعة وذمتها متى شاء.. أسباب الدراسة عدم تكوين النفس وعدم اكتمال الرجولة بحيث لا يستطيع تحمل المسؤولية في الوقت الحالي وهذا الأمر يؤخر من فرص ارتباط الفتيات.. هجرة الشباب إلى الخارج ومن ثم الارتباط مع أجنبيات
الخوف من الطلاق أمر ذو ارتباط وثيق بالعنوسة.
من يعزف عن الزواج إذن يكون لأسباب وليس ضد فكرة الزواج، فالعزوف عن الزواج مصطلح يختلف عن مصطلح العنوسة.
الزواج شيء موجود وهو تحصيل حاصل سواء تقدم أو تأخر لوجود أهداف للشباب لذلك تم التنحي عن فكرة الزواج حالياً.
سبب الزواج المبكر أو ما يسمى بزواج الأطفال فالفتاة التي تتزوج وهي لم تبلغ الثامنة عشرة فان زواجها يعد زواج أطفال.. خاصة في وقتنا الحالي سواء رجل أو أنثى يبقى كل منهما طفلاً حتى وهو في العشرين... الزواج المبكر حتى لا تعنس الفتاة!
آراء كثيرة من أوساط العمل لآنسات بلغن الأربعين يعملن في وزارات وفي مواقع مختلفة ولم يتزوجن هل العنوسة أمر يؤثر على حياتهن الاجتماعية مع الأخذ بعين الاعتبار أنهن لا يرفضن الزواج.
مشاكل وقضايا المجتمعات مختلفة من مكان إلى آخر سوريا تختلف عن السعودية فلا يمكن أن نأخذ الإحصائيات المعلن عنها في السعودية ونقول أن كلا البلدين عربي إذن نسبة العنوسة هي ذاتها وحتى في البلد الواحد المتعدد الاتجاهات والبيئات فالجنوب يختلف عن المجتمع الموجود في الوسط.
مجتمع المدينة يختلف عن مجتمع القرى ونسبة العنوسة في كل مما ذكر أيضا مختلفة.
ليس فقط الآراء بل الإحصائيات والوسط المحيط بنا ولنضيق الدائرة قليلاً ليصبح موضوع العنوسة في العائلة الواحدة.
الإشارة إلى بعض حملة الشعارات فمن يرعى الحياة الفكرية والثقافية للأسف هو أول من يتمسك بالعادات والتقاليد التي لا تتوافق مع شريعتنا أي بمفهومها السلبي والتي هي أصلاً من وضعنا أي أنها وضعية.
لقد أثارني موقف احد رعاة الحياة الفكرية والأدبية هنا في الأردن عندما اتصلت به إحدى ربات البيوت التي لم تكمل الثانوية العامة وليس لها أدنى فكر أو منطلق فكري لتشكو له زوجها بارد المشاعر لا يتفوه بالكلمات التي تملأ الحياة أملاً وتبعث الحب بل تجده يأتي من عمله إلى البيت يطلب الأكل وتجهيز الحمام ويقول لها " هه جبتلك كل شئ " بدلاً من أن يقول لها يا حبيبتي اشتريت لك هذا الشيء مثلاً وأحببت أن احضره وانه شيء ضروري ليكون في بيتنا.. امرأة تعاني فقط بعد عشر سنوات هل يدخل الملل بهذه السرعة إلى الحياة الزوجية... فماذا لو قلنا الحياة يجب أن تكون كالعسل ليس بأقل من خمسين عاماً ومن ثم لا مشكلة إذا دخل الروتين إلى حياتنا ولست أريد أن أقول الملل. وأكثر من ذلك فان هذه الحالة تقول لي أيضاً إلا يحس إلا يتحرك فيه ساكنا انه كالحجر.
إن ما أردت قوله هنا أن المرأة يجب أن تحترم لذاتها لا لمالها أو نسبها أو وظيفتها المضمونة والتامين الصحي الذي تتمتع به.
أعود إلى الاتصال الذي جرى بين الحالة وهذا المدعي الذي يحمل شعار الأدب والمرأة نصف المجتمع والمرأة تهز السرير بيمينها وتهز العالم بشمالها وأنها تتقاسم الحياة مع الرجل والجنة تحت أقدام الأمهات ومن ثم يحضرون المؤتمرات واحتفالات يوم المرأة العالمي:
اتصلت به وكلها شوق للحديث إلى كاتب وأديب يرعى شؤون المرأة في أدواره وكتاباته قالت له: أحب أن أشاهد مسلسلاتك سواء تلك التي تكون أنت بطلها أو التي تكون أنت كاتبها. شكرها... وأحب ما تقدمه أنت من مسلسلات تبرز أهمية دور المرأة وحقوقها.... الخ شكرها... ثم سألها... هل هناك أمر يمكن أن يساعدها به؟ فقالت له نعم لدي سؤال؟ اسألي... سألته: ما رأيك بالعنوسة؟؟؟؟ ثم سألها من أنت... هل أنت باحثة اجتماعية أم صحفية؟؟؟
لكنها خيبت ظنه عندما أجابته وقالت له:
أنا امرأة من هذا المجتمع البسيط ولست سوى ربة بيت اقضي معظم أوقاتي أمام شاشة التلفاز، هل ترى إن من حق المرأة أن تتأخر في الزواج وترجيء هذا الأمر إلى أن تحقق ذاتها؟؟؟ أجابها.... وهي تنتظر منه إجابة الأديب راعي شؤون المرأة قائلا لها:
شو بدكن في ها الحكي المرة أحسن الها تتجوز وتنستر وتقعد في الدار يصرف عليها الزلمة.
جفلت من أجابته الأمر الذي رفع درجة حرارتها لأنها رأت مدعيا أمامها يرى الأمور من أضيق الزوايا ولقد استقزم السؤال واستصغره واستقزم ربة المنزل فهي ليست صحفية أو باحثة اجتماعية وهو لا يملك الوقت لمحاورة امرأة تدور حياتها بين المطبخ والفراش ومشاهدة التلفاز.
الخميس 1 أيار 2003
http://www.diwanalarab.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/88)
الحرب الأميركية على العراق تغذي العنوسة في مصر
شبح العنوسة يهدد 12 مليون شاب وفتاة في مصر بعد أن دفعتهم الحرب إلى العزوف عن الزواج هربا من نفقات الزواج العالية.
تأثرت الحياة الاجتماعية في الشارع المصري منذ نشوب الحرب الأميركية البريطانية ضد العراق بعد أن ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والسياسية إذ أثرت الحرب تأثير مباشر في ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع المصري وأصبحت تغذي ظاهرة العنوسة وتدفعها إلى مستويات خطيرة من شأنها أن تهدد المجتمع بأسره.
وطبقا لأخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد تخطا حوالي ثلاثة ملايين وسبعمائة فتاة سن الزواج وبلغن من العمر خمسة وثلاثين عاما بدون زواج واكثر من خمسة ملايين شاب في نفس المرحلة العمرية ولم يتزوجوا.
وقد توقع خبراء الاجتماع ارتفاع نسبة العنوسة بسبب الحرب الأميركية البريطانية على العراق إذ يتوقعوا أن يصل عدد الشباب الذين لم يتزوجوا إلى 12 مليون شاب وفتاة العام القادم " 2004م ".
وأرجع الخبراء سبب ارتفاع العنوسة في مصر إلى تدني الاستثمارات الخارجية والركود الاقتصادي الذي أصاب معظم شركات القطاع الخاص مع عودة غالبية العمالة العاملة في الدول العربية خاصة في العراق والكويت ودول الخليج العربي والذي سيساهم بصورة كبيرة في ارتفاع معدلات البطالة وبالتالي تؤثر سلبا على معدلات الزواج في مصر.
وقد ظهرت بوادر كارثة ضرب العراق على الشارع المصري بداية من ارتفاع أسعار كافة المنتجات الاستهلاكية والكساد التسويقي لبعض الشركات الصناعية الأمر الذي دفع غالبية الشركات إلى تخفيض حجم العمالة لمواجهة الكساد والحد من خسائرها كما أدت الحرب إلى انخفاض قيمة الجنية في مقابل العملات الأجنبية وارتفاع أسعار الذهب مما أدى إلى فشل العديد من الشباب في الوفاء بالتزاماته نحو تكوين أسرة صغيرة والخروج من شبح العنوسة.
وقد التقت " عربيات " ببعض الفتيات والشباب الذين اضطروا لفسخ خطبتهم والعدول عن فكرة بناء أسرة صغيرة بسبب تداعيات الحرب الأميركية البريطانية على العراق وتأثيرها السلبي على أسعار الذهب والمنتجات الاستهلاكية خاصة المعمرة وكافة التجهيزات الخاصة ببناء مسكن صغير.
آراء:
حيث تقول " سامية محمد ": ((تمت قراءة الفاتحة منذ عام وتم الاتفاق بين أهلي وأهل خطيبي على الخطوبة والزواج خلال النصف الثاني من شهر مارس على أن يقوم الزوج بإهدائي شبكة متواضعة في حدود ظروفه الاقتصادية بما قيمته " 2500 " جنية " وهي قيمة ثلاث أساور ذهب ودبله وخاتم وعندما اقترب ميعاد الخطبة فشل خطيبي في الوفاء بما اتفق به مع أسرتي بسبب ارتفاع أسعار الذهب.... وقد حاول أهل خطيب اقناع أسرتي بشراء الشبكة في حدود الثمن المحدد لها دون إلزامهم بعدد القطع الذهبية إذ سيوافق الشراء في ظل الأسعار الجديدة اثنين من الأساور بدلا من ثلاثة والتنازل عن الخاتم وهنا غضب والدي ورفض ذلك وحدثت مشادات كلامية انتهت بفشل الخطوبة)).
بينما تقول " أمل فاروق " طالبة بكلية الآداب: ((تقدم أحد الأقارب لخطبتي وتم الاتفاق على كل شيء و أعلنا الخطبة وكانت الأمور تسير وفق ما تم الاتفاق عليه وكان من المقرر أن يتم الزواج في الصيف القادم إلا أن الحرب أطاحت بأحلامنا))... وتضيف أمل: (( لقد كان خطيبي يعمل محاسب في أحد مصانع الملابس الجاهزة في مصر وقد تم تعليق كافة الاتفاقيات الخاصة بالتصدير منذ بداية الحرب الأمر الذي دفع صاحب المصنع إلى تجميد خطوط الإنتاج وتسريح العمال خوفا من الخسائر ومن وقتها وخطيبي فقد عمله وأصبح عاطلا يخرج من الصباح حتى المساء باحثا عن عمل للوفاء بالأقساط الشهرية التي التزم بها لتجهيز منزل الزوجية بالأثاث أو يستطيع إتمام الزواج)).
أما " ليلى عبد الباقي " 28 عاما فتقول: ((لقد انتظرت قطار الزواج طويلا وكنت أظن أن قطار الزواج قد فاتني حتى دق بابنا أحد الشباب طالبا الزواج مني وكان هذا في منتصف الشهر الماضي وقبل الاتفاق على أي شيء فاجئنا بأنه أحضر الشبكة ويريد الاتفاق على ميعاد الزفاف وقد وافقت أسرتي على شبكته تيسيرا منهم عليه وعدم إظهار تحكماتهم في شراء شبكة بعينها أو إصرارهم على اختياري للشبكة بنفسي وقد أعلنا الخطوبة واتفقنا على إتمام الزفاف في شعر يوليو القادم حتى استعد للزفاف وتجهيز ما أحتاجه))..... وتضيف ليلى: ((زارتني إحدى صديقاتي ويعمل زوجها في محل جواهرجي وعندما رأت الشبكة تعجبت من لونها وأصرت على مجاملتي وتلميع الشبكة بمداعبة لطيفة منها بأن الشبكة قد ورثها خطيبي عن جدته واتفقت صديقتي معي على يوم اذهب معها للمحل الذي يعمل فيه زوجها لتلميع الشبكة وقد ذهبت بالفعل لتكون المفاجأة لقد كانت الشبكة مزيفة إذ مصنوعة من النحاس الخفيف ومطلية بماء الذهب وعندما واجهته اعترف بشراء لشبكة المزيفة من أحد التجار هربا من الارتفاع الجنوني للذهب والذي يستحيل معه شراء شبكة تناسبها وقد فضلت الانفصال عنه لأنه كاذب وخائن ولا يؤتمن على حياتي ومستقبلي معه فالعنوسة أفضل من زواج فاشل)).
بينما تقول " حياة عبد الغني" موظفة: ((تقدم لخطبتي أحد زملائي في العمل وقد طالت خطبتنا لمدة عامين بسبب عدم وجود شقة وقد وجدت نفسي إما أقبل الزواج في شقة أسرته أو الانفصال بسبب عجزه عن شراء شقة في ظل الأسعار الجنونية التي لا تناسب إمكانياته مطلقا.
وقد اقترح أحد الزملاء على خطيبي بناء شقه في منزلنا هربا من أسعار الشقق المرتفعة وقد وافقت أسرتي على الفكرة وبدأ خطيبي الشروع في بناء الشقة ولكن توقف عن البناء تماما بسبب أسعار الأسمنت والحديد التي قفزت إلى الضعف تقريبا بعد اندلاع الحرب مباشرة وقد أصبحنا في منتصف الطريق ولا نعرف متى تنتهي خطبتنا ونتم الزفاف في ظل الأسعار الجنونية)).
وفي لقائنا مع الشباب قال " علي السيد " 32 عاما: ((الحرب زادت من الأزمة الاقتصادية والكساد وأدت إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي باعدت بين الشباب وأحلامهم في الزواج و تكوين أسرة صغيرة وبالنسبة لي فقد قمت بخطبة بنت الجيران وقدمت لها شبكة متواضعة ومن المنتظر إتمام الزفاف في الصيف القادم إنشاء الله بعد رحلة كفاح استمرت ثلاث سنوات بحثا عن شقة متواضعة وتجهيزها وذلك بسبب مرتبي المتواضع حيث أعمل موظف أرشيف في أحد الشركات التجارية)).
أزمة اقتصادية:
ويرى د. أحمد المجدوب الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هناك الكثير من الظروف التي لعبت دور رئيسي في زيادة معدلات العنوسة في مصر منها ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية كما زاد من ذلك الحرب الدائرة حاليا في العراق والتي خيمت بظلالها على الشارع المصري وأسفرت عن أزمة اقتصادية حادة وارتفاع جنوني في الأسعار.
ويضيف " د. المجدوب " أن من أسباب العنوسة المتزايدة في مصر على سبيل المثال لا الحصر إقبال الإناث على التعليم الجامعي والذي تنتهي مراحله عندما تبلغ الفتاة من العمر 21 عاما وانتظار الفتاة لفرصة عمل طويلا في ظل الظروف الاقتصادية الحالية مما يجعلها تعاني من شبح العنوسة.
كما أن الظروف الاقتصادية للأسر المصرية واضطرارها للإنفاق على أبنائهم في المراحل التعليمية المختلفة جعلتهم عاجزين عن مساعدتهم في إتمام الزواج كما كان يحدث في الماضي فقد تراجعت مدخرات معظم الأسر المصرية بسبب ارتفاع تكاليف الحياة مع انخفاض الأجور وارتفاع معدلات البطالة وفي بعض الأحيان أصبحت البنت مسئولة في كثير من الأحوال عن تجهيز نفسها للزواج.
كما أثرت الحرب تأثير سلبي على الشارع المصري إذ أغلقت بعض المصانع أبوابها بسبب الكساد ووقف التصدير كما ارتفعت نسبة البطالة فمازال الشباب مطالبين بشراء شقة الزوجية وتجهيزها وشراء شبكة ودفع المهور وتحمل تكاليف الزفاف كل هذا جعلهم عاجزون عن الوفاء بالتزامات الزواج وباعد بينهم وبين الارتباط والاستقرار.
الإعلام العربي وصورة فتى الأحلام:
وألمح " د. المجدوب " إلى التأثير السلبي للإعلام الذي يصر على تقديم الخطيب في صورة مغايرة للواقع فنجده في العديد من الأعمال الدرامية رجل أعمال ومتيسر وأنيق ووسيم وكل ذلك انعكس على الفتيات اللاتي يرسمن صورة خاصة بفارس الأحلام لا تتوافر في كثير من شباب اليوم فقد دفعهن الإعلام بطريقة غير مباشرة إلى الدلال والامتناع وحتمية فرض شروط خاصة في زوج المستقبل دون أن تدرك أن العمر يمضي عليها حتى تستيقظ وهي بداخل قطار العنوسة.
كما تتبارى الأعمال التليفزيونية في تقديم نماذج من الزواج الفاشل بسبب إصرار الزوجة على أنها صاحبة الكلمة في المنزل و لها حياتها الخاصة وخصوصيتها بصورة مستفزة مما يساعد على عزوف الشباب عن الزواج.
العنوسة والحرب:
أما عن تأثير الحرب الأميركية البريطانية التي تدور رحاها حاليا في العراق على ظاهرة العنوسة فيقول " د. المجدوب " أن الحرب ستؤثر سلبا على الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه وزيادة معدلات البطالة خاصة وأن معظم الشباب يعملون بالقطاع الخاص أكثر القطاعات تأثرا بالحرب وتداعياتها.
البطالة:
بينما يرى " د. محمد النجار " أستاذ لاقتصاد بكلية التجارة جامعة القاهرة أنه منذ أن تخلت الدولة عن التزاماتها بتعيين الخريجين وتوفير فرص العمل للشباب وقد انضم خريجي الجامعة إلى طابور طويل من الشباب الباحث عن العمل وزادت معاناتهم من البطالة الأمر الذي دفع بعضهم إلى السفر خارج الوطن بحثا عن فرصة لتحقيق ذاته وقد أصبح حلم الاغتراب وتحقيق الذات صعب المنال في ظل اتجاه البلدان البترولية إلى تقليل فرص عمل الأجانب مما دفع غالبيتهم إلى العمل في القطاع الخاص الذي غالبا ما يعد بتوفير فرص عمل للشباب دون أن ينفذ ذلك ويكتفي بالتصريحات الوردية.
كما أن العديد من العمالة المدربة قد أصبحت تعاني من البطالة بسبب غلق المصانع بعد أن هرب أصحابها بالمليارات خارج البلاد بالإضافة إلى عودة المصريين منذ نشوب الحرب مما ضاعف من أعداد البطالة كل ذلك زاد من نسب البطالة في مصر وباعد بين الشباب والزواج.
وناشد د. النجار بضرورة التعاون بين كافة القطاعات الحكومية والأهلية من أجل حل مشكلة العنوسة التي ستتضاعف في ظل الظروف الراهنة وستزيد من الخطر على المجتمع المصري بأسره خاصة بعد أن انقسم المجتمع المصري إلى طبقتين إحداهما قادرة على الزواج " طبقة الأغنياء " والأخرى مطحونة " الطبقة الفقيرة " والتي عجزت عن الزواج والوفاء بالتزاماته وهي الأكثر في المجتمع وأن عدم مراعاتها ومساعدتها ينذر بكارثة أخلاقية في الشارع المصري.
العودة بخفي حنين:
بينما ترى " د. سوسن عثمان " أستاذة الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس أن ظاهرة العنوسة ظاهرة خطيرة تهدد كيان المجتمع المصري بالكامل حيث هناك العديد من الظروف التي ساعدت على تفاقم الظاهرة منها ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية كما أن الحرب الأميركية البريطانية ضد العراق سوف تزيد من تلك المشكلة خاصة وأن هناك الكثير من الشباب يبني طموحاته على السفر إلى دول الخليج وعودته فاشلا سوف يؤثر سلبا على استقرار المجتمع ويزيد من العنوسة سواء بين الشباب أو الفتيات.
انتشار الزواج العرفي:
وأضافت " د. سوسن " أن ارتفاع نسبة الزواج العرفي في مصر وخاصة بين الشباب في الجامعات أكبر دليل على بداية الخطورة حيث يهرب الشباب والفتيات من ارتفاع نفقات الزواج وقد زادت خطورة الزواج العرفي في الإنجاب حيث ينظر القضاء المصري في 12 ألف قضية نسب منها 85% بسبب الزواج العرفي وهي الكارثة التي تتفاقم في غيبة من المجتمع.
وناشدت " د. سوسن " الحكمة والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية بمساعدة الشباب على الزواج من خلال توفير المساكن الاقتصادية وتوفير فرص العمل قريب من المسكن لتخفيف أعباء المواصلات داخل العاصمة وبما يعود بالنفع على القوة العاملة مع ضرورة التدخل السريع لحل الظاهرة واحتوائها خوفا من تأثيراتها الخطيرة على المجتمع في المستقبل.
رأي الدين:
بينما يرى " د. عبد العظيم المطعني " أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر الشريف أن الدين الإسلامي حرص على قوام المجتمع وهذا القوام يعتمد على أساس الأسرة من الزواج الشرعي حيث أن المجتمع أساسه أسر وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تناسلوا تناكحوا فإني مباهى بكم الأمم يوم القيامة " إلا أن هناك بعض الأسباب التي ساعدت على تفاقم مشكلة العنوسة في المجتمع المصري وهي أسباب اجتماعية بحتة منها العادات والتقاليد السيئة في الزواج حيث هناك مغالاة في نفقات الزواج من حيث تأسيس شقة الزوجية والشبكة والمهور وقد تقف العادات الاجتماعية عائقا أمام إتمام الزواج بسبب الغيرة والتقليد الأعمى إذ تطالب الفتاة بشبكة مثل زميلتها أو صديقتها أو قريبتها أو أختها وهكذا في الشقة سواء من حيث موقعها أو مساحتها وطريقة تشطيبها دون أن تهتم بالاختلاف بين الخطيبين من حيث المستوى الاقتصادي وقد أدى ذلك إلى عزوف العديد من الشباب عن الزواج.
ويضيف " د. المطعني " أنه مع الأسف الشديد قد اتجه بعض الفتيات إلى تقليد الغربيات فأصبحت الفتاة لا تفكر في الزواج بقدر ما يشغلها من المساواة بينها وبين الرجل والتدرج في المناصب العليا أو إقامة المشاريع الخاصة وأصبح الزواج أخر ما يشغلها بالإضافة إلى المناخ الاقتصادي السيئ الذي ضاعف من خطورة الظاهرة وساعد على تفاقمها.
وناشد " د. المطعني " الحكومة والقطاعات الأهلية بتقديم الدعم للشباب لبناء أسرة ومساندتهم في التغلب على كافة المشاكل لدفعهم نحو الاستقرار.
http://www.arabiyat.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/89)
ـــــــــــــــ
العنوسة تؤرق المجتمع وتهدد استمراره
أحمد الشاهد
إن الزواج في نظر الإسلام شريعة وسنة، وربما وصل إلى الفريضة في بعض الأحيان، وقد شرع الزواج من أجل العفة وحفظ النسل واستقرار المجتمع، فإعفاف النفس وصونها أفضل ما تقرب به المتقربون إلى الله - تعالى -.
كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار النفسية السيئة على كل من الرجل والمرأة.
ويهيئ الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا، وهذه المتعة تنقسم إلى قسمين: سكن وراحة نفسية، وإمتاع ولذة جسدية، قال - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/21).
والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفس وسكن الجسم، كما أن المودة والرحمة من أجمل المشاعر. فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس الإنسان وفكره وقواه النفسية والبدنية فيشعر بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية، حيث تتصرف طاقته وغريزته بأنظف الطرق وأطهرها، أما تصريف الشهوة خلال قناة غير شرعية فتكون متعته محدودة توجد بوجود اللذائذ الحسية، وتنتهي بانتهائها، ويأتي بعد ذلك شعور بالاحتقار والازدراء والامتهان، وتلك المشاعر غالبًا ما تولد العقد النفسية والانحلال الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس، أما مشاعر الأزواج فإنها تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب، وإحساس الزوج بالمسؤولية تجاه الأسرة ينمي قدرته على القيام بالواجب، ويجعل له هدفًا ساميًا، وهو إسعاد أسرته وحمايتها، والسعي من أجل متطلباتها، فيبذل جهده ويزيد من إنتاجه، مما يعود على المجتمع بالنفع.
ومن حكم الزواج وفوائده، بلوغ الكمال الإنساني، فالرجل لا يبلغ كماله الإنساني إلا في ظل الزواج الشرعي الذي تتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعًا ربانيًا قائمًا على العدل والإحسان والرحمة لا توزيعًا عشوائيًا قائمًا على الأثرة وحب الذات.
ناقوس الخطر يدق:
بالرغم مما عددناه من فوائد دينية واجتماعية ونفسية للزواج إلا أن مجتمعنا اليوم يشهد عزوفًا ملحوظًا عن الزواج مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنوسة التي أصبحت تهدد استقرار المجتمع، ولكن هناك عدة عوامل أدت إلى نشوء العنوسة، يأتي في مقدمتها الجانب الاقتصادي، فبتزايد أعداد السكان في جميع البلدان مع تراجع فرص الحصول على عمل مناسب وانتشار البطالة، أصبح الشاب عاجزًا عن توفير متطلبات الزواج، إضافة إلى المبالغة في المهور وتكاليف الزواج.
فالوعي الاجتماعي غير السليم يجعل للزواج احتياجات مادية مرهقة تدفع الشاب إلى الفرار وتكون النتيجة ضررًا يلحق بالطرفين؛ فالشعور بالقناعة أحيانًا يكون معدومًا لدى الفتيات برغم تقدم أعمارهنَّ، فالزواج لا يتم عادة إلا بمصاريف باهظة بدءًا من حفل الزواج إلى الأثاث الفاخر الذي يكون مصدرًا لتباهي الزوجات بجودته وماركته المعروفة.
كل هذا يجعل تكاليف الزواج تفوق ما يمكن أن يكسبه الشاب في عشر سنوات، وبالتالي فإن الهروب من الزواج أصبح هو الحل!
الجدير بالذكر أنه انتشرت أيضًا في الآونة الأخيرة دعوات تندد بالزواج المبكر وأضراره النفسية والاجتماعية، وعقدت الندوات والمؤتمرات الدولية، وسنت التشريعات من خلال منظمات حقوق الإنسان، وقد غالى بعضها إلى حد تجريم الزواج المبكر، وقد لاقت تلك الدعوات قبولاً في مجتمعنا.
أيضًا وسائل الإعلام وعلى رأسها التليفزيون والسينما أثرت تأثيرًا عميقًا في نظرة الشباب إلى الزواج، حيث كثيرًا ما تصوره على أنه قيد يعوق انطلاق الشباب وتقدمهم، فأصبح القادرون على توفير نفقات الزواج في فترة قصيرة يصرفون اهتمامهم إلى اقتناء السيارة الفاخرة، أو تغيير الهاتف النقال أو السفر والسياحة والتنزه، وأصبح الشاب يعتبر الزواج عائقًا عن تحقيق هذه الأمور، فيدفع عن ذهنه أي تفكير في الارتباط.
كذلك الفتيات تصور لهن وسائل الإعلام أحيانًا الزواج على أنه تبعية وقتل لقدراتهنَّ وإبداعاتهنَّ وأنهنَّ لن يستطعن أن ينجزن شيئًا من طموحاتهنَّ في ظل مؤسسة الزواج، فتتمنع الفتاة حتى تلحق بركب العنوسة.
وكذلك تفضيل الفتاة لوثيقة الدراسة على وثيقة الزواج جعلها تنصرف إلى استكمال الدراسة والحصول على الماجستير والدكتوراه وترفض الارتباط إلا بعد الحصول على مركز علمي معين أو منصب يُناسب مؤهلاتها، مما يجعل سنوات عمرها تضيع، وما أن تفيق حتى تجد نفسها وقد أصبحت عانسًا.
العنوسة في الإحصائيات:
بلغت نسبة العنوسة في مختلف البلدان العربية معدلات خيالية باتت مقلقة للشعوب والحكومات على حد سواء.
ففي منطقة الخليج أكدت إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط السعودية أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات اللائي في سن الزواج، وأن عدد الفتيات اللائي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيًا - وهو (30) عامًا - قد بلغ حتى نهاية 1999م حوالي مليون و(529) ألفًا، و(418) فتاة، وذلك بسبب غلاء المهور والتكاليف الباهظة.
جدير بالذكر أن حالات الطلاق قد ارتفعت في الخليج بنسبة كبيرة حسبما أكد تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط، حيث بلغت نسبة الطلاق في البحرين (34 في المئة)، وفي الكويت (29 في المئة)، وفي قطر (38 في المئة)، وفي الإمارات (37 في المئة).
وتشير الإحصائيات الرسمية في مصر إلى أن عدد الفتيات العانسات يصل إلى أربعة ملايين فتاة، بالإضافة إلى مليون فتاة فاتهنَّ قطار الزواج!
وأكد تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وجود نحو تسعة ملايين شاب وفتاة في عداد العوانس والعانسات، وترجع أسباب العنوسة في مصر إلى عجز معظم الشباب عن تأثيث مسكن الزوجية، وكذلك إلى انصراف الشباب إلى الزواج من أجنبيات للحصول على جنسية بلد أجنبي أو لرخص تكاليفه.
وننتقل من مصر إلى العراق، حيث أفادت إحصائية نشرت في العراق أن مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين (35) و (43) عامًا غير مرتبطات في مجتمع يعاني من ظروف اقتصادية صعبة، فبسبب الحظر المفروض على الشعب العراقي منذ أكثر من عشر سنوات، تشكل نفقات الزواج عبئًا كبيرًا على الشباب العراقيين، خصوصًا مع ارتفاع أجور السكن وغلاء المهور.
وفي سوريا تشير الإحصائيات إلى أن نصف الشباب السوريين في سن الزواج عازفون عنه أو تأخروا بسبب ضعف قدراتهم المادية وعدم توافر المساكن وغير ذلك، وأصبح موضوع الزواج في سوريا صعبًا للغاية بسبب ارتفاع أسعار الشقق السكنية مقارنًا بدخل الفرد الذي يبلغ متوسطه (42) دولارًا شهريًا، في حين وصل أعلى راتب شهري في الدولة إلى ما يوازي (210) دولارات شهريًا.
وفي لبنان نجد أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات تسببت في هجرة ثلث الشباب اللبناني أو أكثر، ومن تبقى منهم يعاني أزمات السكن والعمل والبطالة، وهذا كله يؤدي إلى ازدياد أعداد الشباب غير المتزوجين.
وفي ليبيا يمر الزواج في المجتمع الليبي بمراحل مختلفة وفق عادات وتقاليد تتطلب صرف أموال طائلة لإتمامها، يعجز الكثير من الشباب عن القيام بتلبيتها، علاوة على الغلاء في المهور الذي يصل إلى (15 ألف دولار)، بالإضافة إلى تحمل كافة تكاليف إعداد المسكن وتجهيزه مما يثقل كاهل الشاب بمسؤولية تجعله يحجم عن الزواج، مما يؤدي إلى تفشي العنوسة.
وفي المغرب تجاوز الشباب والفتيات سن الزواج، ويعزى الكثير من السلبيات والانحرافات هناك إلى العنوسة.
وقفة للمراجعة والحسابات:
لا يخفى على أحد ما تؤدي إليه العنوسة من أخطار جسيمة تحيط بالمجتمع، مما يستدعي بالمقابل تضافر الجهود والتعاون بين الأطراف لتقليص نسبة العنوسة المرتفعة.
فأولاً تكون المبادرة على مستوى الأفراد بحيث تكون لديهم قناعة بأهمية التيسير في الزواج وعدم التمسك بالعادات والتقاليد، فالآباء والأمهات في الوقت الذي يشكون فيه من تقدم أعمار بناتهن، عندما يأتيهم خاطب يفرضون عليه شروطًا تكاد تكون تعجيزية بالنسبة له، مما يدفعه إلى الفرار، ولكن إذا تفهمت الأسر الوضع الحقيقي للشباب وغلاء المعيشة وصعوبة الحصول على سكن فسيسود نوع من التعاون بين الطرفين ويستطيع الشاب تأسيس أسرة.
وقد أدركت الدول والمؤسسات مدى خطورة هذه الظاهرة، وبدأت في إيجاد الحلول لتقليص العنوسة.
ففي الكويت قامت مجموعة من رجال الأعمال ومسؤولي الجمعيات الخيرية والأهلية بالإعلان عن تأسيس صندوق للزواج يستهدف التوفيق بين الراغبين من الجنسين في الزواج، وتقديم القروض المالية اللازمة على أن تكون بدون فوائد، وعلى أقساط قليلة ومريحة.
وفي الإمارات تم إنشاء مشروع برعاية الدولة يُمنح من خلاله الشاب الإماراتي (70) ألف درهم عند زواجه من مواطنة إماراتية تحفيزًا للشباب، وقد تمت آلاف الزيجات من خلال هذا المشروع.
ونظم الاتحاد العام لشباب العراق في منتصف شهر أكتوبر الماضي حفل زواج جماعيًا شمل (974) من الشباب والشابات.
وفي سوريا شارك (24) شابًا وشابة في عرس جماعي أقيم برعاية وزارة الثقافة في أول بادرة من نوعها لتشجيع الشباب على الزواج.
وفي مصر أشار الدكتور " أحمد محمود " الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر إلى ضرورة إعمال آليات التكافل الاجتماعي في الإسلام عن طريق الأثرياء ورجال الأعمال.
ويشدد الشيخ "منصور الرفاعي " وكيل الأوقاف السابق على ضرورة إنشاء صندوق للزواج في مصر أسوة بصندوق التكافل الاجتماعي؛ ومن المتصور أن يسير عمل الصندوق في ثلاثة محاور:
المحور الأول: محور التوعية في المساجد ونوادي الشباب ووسائل الإعلام، وفي المصانع والاتحادات العمالية.
أما المحور الثاني: فيتمثل في البحث الاجتماعي ودراسة الأسباب الاجتماعية للمشكلة، واقتراح الأساليب الملائمة للعلاج.
ومن خلال المحور الثالث يتم إنشاء المساكن وتشكيل لجنة لوضع تخطيط وتصميم لمساكن المتزوجين حديثًا بأقل تكلفة.
فبجهود الحكومات والمؤسسات والأفراد أيضًا يمكن تقليص العنوسة وتفادي آثارها الخطيرة على المجتمع.
فالعوانس في الغالب يسيطر عليهنَّ شعور بالتمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم؛ لأنهنَّ حرمن من نعمة الزواج والأولاد، ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر بتزويج العوانس والأرامل، حيث قال الله - تعالى -: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور/32).
والأيم هي التي مات عنها زوجها، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة، فحرمان المرأة من نعمة الزوج ربما يخلق منها امرأة ناقصة عقليًا وخلقيًا وفكريًا، ويكون هذا بظلم من المجتمع والمجتمع هو الذي يجني ثمار هذا ا
http://www.islamweb.net المصدر :
ـــــــــــــــ(61/90)
الحل العلمي لمشكلة العنوسة
العنوسة آفة خطيرة أصابت كل المجتمعات، وإن اختلفت درجة ظهورها وحدتها وخطورتها من مجتمع لآخر تبعا لظروفه الاقتصادية والاجتماعية وتركيبته السكانية وعاداته وتقاليده.
ونلقي الضوء على نسبة العنوسة في بعض المجتمعات من خلال ما نشرته جريدة عكاظ لندرك حجم الخطر الذي يمثله هذا المرض الاجتماعي كما يلي:
في فرنسا: أكد تقرير المعهد الفرنسي للإحصاء تراجع نسب الزواج بين الفرنسيين للعام الثاني على التوالي وكانت النسبة قد سجلت انخفاضا عام 1992 م- حيث تدنت بمقدار 3%، وارتفعت نسب رفض الزواج في الثلث الأول من عام 1993م حيث بلغ الانخفاض 7% عن الفترة نفسها من عام 1992م كما أن نسبة 50% من الزيجات التي تمت عام 1993 م كانت غير فرنسية خالصة، وإنما زيجات مختلطة، أغلبها لرجال من شمال أفريقيا "تونس، المغرب، الجزائر" وسيدات فرنسيات.
ولم تمثل نسب زواج الفرنسيين من أوربيين أكثر من 25% من مجموع الزيجات. كما أن ثلث النساء اللائي بلغن الخامسة والعشرين عازبات في مقابل امرأة واحدة من كل بلغن الخامسة والثلاثين لم تتزوج، بعد وتبذل الحكومة الفرنسية جهودا كبيرة لتشجيع الشبان والشابات على الزواج، حيث تخصص لهم إعانات للطفلين الأول والثاني بشكل تصاعدي ولكن لم تفلح هذه المجهودات في إقناع الفرنسيين بالإقبال على الزواج.
في الإمارات العربية المتحدة: أظهرت دراسة حديثة عن أسباب تأخر سن الزواج في دولة الإمارات نشرت في إحدى المحلية أن نحو 50% من الشباب يرون أن الشروط التعجيزية التي يضعها الأهل تقف حجر عثرة في طريق إتمام زواجهم المبكر، وهي السبب في عزوفهم عن الزواج.
وأوضحت الدراسة التي أعدتها إحدى الجمعيات النسائية بالإمارات أن مطالبة أهل الفتاة بمهر كبير، ومكان متسع، وسيارة حديثة تعطل الشباب عن التقدم للزواج في سن صغيرة حتى يتمكن من جمع مبلغ ضخم يغطي هذه المطالبة.
كما أن 40% من الفتيات يرين أن الشباب حريصون على الزواج من مواطنات مهما كانت الظروف الاقتصادية.
و65% من الشباب يقولون: إن الفتاة تؤجل الموافقة على الزواج انتظارا لتقدم الأفضل.
وجاء في الدراسة أن الحل العملي لهذه المشكلة هو في سن قوانين تحدد المهور وتكاليف الزواج، وقد أيد هذا الحل 55% من الشباب و 50% من الفتيات.
ومن الحلول العملية لمشكلة العنوسة في الإمارات إنشاء صندوق للزواج برأسمال مائة مليون درهم من تبرعات التجار ورجال الأعمال والأثرياء لتقديم المساعدات للشباب الراغب في الزواج من مواطنات، كما أجمعت القبائل بدولة الإمارات على ضرورة تخفيض المهور وتكاليف الزواج واتخذت قرارات إلزامية للمنع الإسراف في الحفلات، والعودة للتقاليد الإسلامية والعربية الأصيلة، وفي هذا الصدد أكد الشيخ محمد عبد الله الخطيب كبير الوعاظ والرئيس السابق للجنة الفتوى بوزارة الأوقاف بدولة الإمارات العربية أن ارتفاع سن الزواج مشكلة يعاني منها العالم الإسلامي كله نتيجة ارتفاع المهور، وعدم إدراك الآباء لخطورة هذا الأمر، رغم أن الأصل في الإسلام هو التيسير في كل شيء، فعلى كل أب سواء للشاب أو الفتاة أن يساعد وييسر حتى تقترب وجهات النظر، والتخلي عن توافه الأمور، وعدم التقيد ببعض التقاليد التي لا أساس لها، وترك ما من شأنه أن يؤثر أثرا سيئا في حياة الزوج حتى لو تم الزواج كالاستدانة وغيرها من الضغوط التي تصيب العلاقات الاجتماعية والأسرية بالفتور والضعف فيما بعد.
وعن حكم الدين في الفتاة التي تبحث لنفسها عن زوج يرى الشيخ محمد الخطيب في جريدة المسلمون أنه لا يوجد مانع، لكن هذه الظاهرة غير معهودة، وفي المملكة العربية السعودية أظهرت دراسة ميدانية- تتعلق بالشباب ومشكلاتهم ووضعهم وما يعانون ويحسون به وما يريدونه من المجتمع الذي يعيشون فيه قام بها الدكتور حمود ضاوي القثامي كما ذكرت جريدة اليوم 13/12/1993م أن للزواج أثرا على نفسية الفتاة خصوصا هذه الأيام، وأن الزواج أصبح همها الأول، كما أن الفتاة السعودية تعاني من عزوف الشباب عن الزواج منها، وترفض بشدة غلاء المهور وما يطلبه أولياء الأمور من شروط.
وتعتقد الفتاة السعودية أن حظها في الزواج قد تعثر، ففي حين كانت جدتها وأمها تتزوج في سن مبكرة، وكانت لديها الفرص المتاحة للاختيار تجد نفسها في وضع مختلف اختلافا كليا، ولا داعي لكثرة الشروط التي تنفر من الزواج.
وتطالب الفتاة وسائل الإعلام بتوعية أولياء الأمور، وحثهم على التساهل، وتزويج من يتقدم لهم طالبا يد الفتاة التي لا تمانع اليوم في قبول من يرغب فيها زوجة، كما أن الفتاة السعودية لا تمانع أيضا في تعدد الزوجات الذي يحل مشكلة العنوسة إلى حد ما، ولديها اعتقاد بأن انتظار الفتاة الطويل قد يتحول إلى كابوس، ورد فعل يسبب لها الكثير من المشكلات.
وعلى الرغم من شكوى الشباب من غلاء المهور إلا أن اهتمام الشباب بالزواج كان أقل بكثير من اهتمام الفتاة التي جعلته مشكلتها الأولى، والمحور الأساسي في حياتها، وأن شكوكها في فوات القطار أصبحت تزداد حتى أن الشك يراودها ويجعلها تفكر بجدية حول مرور هذا القطار من أمامها دون اللحاق به، وتظل حبيسة شبح العنوسة.
في المغرب: كشفت الإحصاءات التي أجرتها اللجنة الخيرية للزواج بجدة على الرسائل والمكالمات الهاتفية الواردة من المغرب أن أكثر من 99% من طلبات الزواج التي تأتي من المغرب لنساء، وأكثر من نصف هذه الطلبات تريد صاحباتها عرسانا يعيشون خارج المغرب، ولا يشترطن شروطا معينة مثل الجنسية، أو كون الشاب لم يسبق له الزواج، أو صغر السن.
وأغلب صاحبات الطلبات موظفات، ومنهن من تخرجت في التعليم ورفضت العمل لأن المؤسسة التي تقدمت لها تشترط عليها أن تخلع حجابها، وأن تبدي زينتها كما ذكرت جريدة المسلمون في 8 ربيع الآخر 1414 هـ.
وتدل هذه الرسائل على أن صاحباتها على درجة طيبة من التعليم بالإضافة إلى ثقافة عالية وخلق طيب، ومن عائلات كريمة بعضها ذو مستوى مادي لا بأس به، فتيات في سن الزواج وآنسات فوق الأربعين، ومنهن المطلقات والأرامل والجميع يعرضن أنفسهن للزواج بدون شروط مجحفة أو مبالغ فيها.
في الكويت: ارتفع إجمالي عدد العوانس والمطلقات والأرامل إلى نحو 40 ألف امرأة كما جاء في الإحصائية الرسمية التي نشرتها اللجنة الاجتماعية لمشروع الزواج بالكويت في جريدة الأمة الإسلامية.
وتصرف الدولة رواتب شهرية للمطلقات والعوانس والأرامل إلا أنهن مهضومات الحقوق، ولا تقدم لهن خدمات اجتماعية ونفسية لتخفيف الضغط النفسي عليهن.
وتشكل نسبة العوانس والمطلقات والأرامل نحو 40% من إجمالي عدد النساء في سن الزواج "فوق العشرين عاما". وأكدت الإحصائية الرسمية على ضرورة الاهتمام بهذه الظاهرة، وبحثها ودراستها، ووضع الحلول العملية والعلمية لها، لما تشكله من أخطار اجتماعية ونفسية، وما تمثله من عبء على ميزانية الدولة، كما أكدت على الهدف الأساسي للجنة الاجتماعية لمشروع الزواج، وهو تكوين أسر قوية متماسكة، تنهل من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة.
في الأردن: زادت نسبة العنوسة نتيجة العديد من العقبات التي تقف في طريق الزواج كما ذكر عدد من أعضاء مجلس النواب الأردني في جريدة ((المسلمون)) وأثار النواب الأردنيون موضوع الإسكان كعقبة يشكو منها الراغبون في الزواج الذين يصطدمون بعدم القدرة على شراء أو استئجار بيوت أو شقق للسكن بسبب ارتفاع أسعار الأجور.
وطالب أعضاء البرلمان بتسهيلات عامة لتمكين الشباب المقبلين على الزواج من دفع الأثمان أو الأجور بأقساط مريحة، حيث إن معدل الراتب مابين 120 و 150 دينارا، فكيف يستطيع الشاب تأمين منزل الزوجية؟ فقد لا يكفي الراتب لدفع الأقساط والإيجارات، ويؤخر عدم الحصول على المساكن الزواج، حتى أصبح معدل العمر للرجل الأعزب يزيد على خمسة وعشرين عاما.
وتشكل قضية السكن مشكلة اجتماعية لمن لا يرغبون في السكن في بيت العائلة، كما تعد المغالاة في المهور مشكلة كبيرة وتجهيز الزوجة والسكن وأيضا المغالاة في نفقات الأعراس والحفلات التي تقام بمناسبة الزواج.
وحث الأعضاء في مجلس النواب الموسرين على أن يكونوا القدوة في اختصار النفقات، وعدم البذخ فيها، لأن المشاكل الزوجية التي تشهدها المحاكم الشرعية سببها عدم القدرة على الوفاء بالديون الناشئة عن الحفلات في أول الحياة الزوجية.
في مصر: توصلت دراسة مهمة أجرتها الباحثة نوال أبو الفضل الخبيرة الاجتماعية إلى أن سن الخامسة والعشرين بالنسبة للرجل، وسن الثانية والعشرين بالنسبة للفتاة هي بداية مرحلة الشعور بالخوف من الحرمان من الزواج، وهي بداية هم العنوسة عند الفتاة المتعلمة، وأن هذه السن تقل بنسبة سبع سنوات عند غير المتعلمات والمتعلمين، كما أن تفاعل الظروف الاجتماعية والاقتصادية مع معيار تأخر سن الزواج يؤدي بالضرورة إلى القلق النفسي وعدم النضج الاجتماعي كما ذكرت "جريدة المسلمون".
وانتهت الدراسة إلى عدة نتائج علمية ذات دلالة هامة منها:
1- أن الزواج المبكر يدفع الزوج إلى العمل والكد وتكون الفرصة في النجاح أكبر.
2- الزواج المبكر يجعل الزوجين أكثر ارتباطا ببعضهما البعض ويجعل كل طرف أدنى إلى مسايرة الطرف الآخر، بعكس الزواج بعد الثلاثين حيث يتمسك كل واحد برأيه أكثر.
3- أن 80% من مجموعة الأسر التي تم زواجها بعد العشرين أبدت سعادتها من القرار، ورغبتها في أن يتكرر ذلك مع الأبناء و 60% من الأسر التي تزوجت في حدود الثلاثين أبدت رغبتها في الزواج المبكر.
4- أن المرأة أكثر سعادة بالزواج المبكر من الرجل، حيث كانت النسبة 5: 3 لمن في سن العشرين، و 4: 3 لمن في سن الثلاثين، وأن المسئولية المادية على الزوج هي السبب الأول وراء ذلك، و 80% ممن أجري عليهم البحث اعترفوا بذلك وشملت العينة 40 أسرة، 20 منها تزوجت في سن 25 عاما والـ 20 الأخرى تزوجت في سن الثلاثين.
كما تظهر النسب والأرقام من خلال الملفات والاستمارات التي توزعها جمعية أنصار السنة المحمدية للواقعين تحت وطأة العنوسة التي تزداد يوما بعد يوم بسبب الظروف الاقتصادية التي يمر بها الشباب، والتباعد وضعف العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والجيران، واللهث الدائم وراء متطلبات الحياة المتزايدة تظهر هذه الملفات والاستمارات وما تحتويه من الأمور السرية للغاية بعض الحقائق كما ذكرت جريدة "المسلمون " منها:
- 95% من الراغبات يؤكدن على شرط الالتزام والتدين في الاختيار.
- يمثل المتقدمون كل فئات المجتمع من الناحية الثقافية والاجتماعية، ويمثل المثقفون إلى المهنيين نسبة أربعة إلى واحد.
- 35% يشيرون إلى شرط الجمال عند الاختيار، وتشير النسبة الغالبة إلى أن يكون الجمال متوسطا.
- نحو 56% من المتقدمين فوق سن الثلاثين و 47% من المتقدمات فوق الثلاثين.
- 76% من الشباب طلبوا أن تكون الفتاة مرتدية الخمار، و44% طلبوا أن تكون منقبة ونحو 17% لم يحددوا.
-63% من الفتيات لا يطلبن التعجيل بالزواج فيما يطلب 72% من الشباب التعجيل.
في باكستان: تزداد نسبة العنوسة يوما بعد يوم بسبب التقاليد البالية التي تفرض على المرأة تجهيز بيت الزوجية، وهي عادة قديمة منذ أن كانت باكستان والهند وبنجلاديش بلدا واحدا، ورغم حصول الاستقلال لباكستان عام 1947م إلا أن رواسب التقاليد الهندية مسيطرة على أغلب شعب باكستان المسلم، ولا يستطيع أحد الفكاك منها، فهي تقاليد اجتماعية موروثة، وبذلك تتحمل الفتاة كل شيء في تأثيث المنزل من الوسادة إلى السيارة، ودون أن يدفع العريس روبية واحدة، ونظرا لصعوبة الحياة المختلفة، والازدياد المستمر في أثاث المنزل بحيث تحولت الكماليات في الماضي إلى شيء أساسي في الوقت الحاضر لابد منه، زادت الضغوط والأعباء على كاهل الفتاة وأهلها من أجل توفير كل شيء حتى يتم الزواج، وهذا يجعل سن الزواج متأخرا، بل أن هذه الظاهرة إلى حدوث العديد من الحوادث والقصص المثيرة كما ذكرت جريدة المسلمون في "29 رمضان 1414 هـ " نعرض منها:
- قتل زوج زوجته بإيعاز من أمه بعد أشهر من الزواج بسبب عدم إيفائها بمتطلبات المنزل.
- رفض طبيب باكستاني إتمام الزفاف حتى توفر زوجته سيارة تليق بمقامه، وعندما عجزت الفتاة اضطر شقيقها لإعطاء العريس سيارته، ورفضت العروس وزوجها والدها رغما عنها وبعد أيام وقع الطلاق.
وقد أظهرت الإحصائيات التي قامت بها إحدى الصحف الباكستانية ارتفاع نسبة الانتحار بين النساء الباكستانيات، والسبب هو عدم قدرة المرأة على تجهيز منزل الزوجية، وإحساسها بالفشل في طريق الزواج، وشعورها بالإثقال على أهلها.
ويرى موظف باكستاني أن تجهيز المرأة لبيت الزوجية هو احترام للزوج، ودليل على أن الزوجة تقدم كل ما عندها إرضاء لزوجها.
وجهة نظر المرأة الباكستانية ترى أن هذه الظاهرة ضررها أكبر من نفعها، ومن أضرارها لجوء الأب أو الأخ إلى طرق محرمة أو شاقة لكسب المال، ولجوء المرأة للعمل ساعات طويلة يوميا لعدة سنوات حتى توفر ثمن الجهاز، وقد يفوتها قطار الزواج لهذا السبب ومن الأضرار أيضا سوء العلاقة بين الزوجة وأهلها بسبب إثقالها عليهم، وسوء العلاقة بين الزوجين لشعور الزوجة أنها صاحبة كل شيء في المنزل، وأنها تستطيع أن تجعل زوجها يعيش على الحصير فإما أن يرضى الزوج بنصيبه، وإما أن يقع أبغض الحلال.
فالأصل في الزواج هو السكن والطمأنينة، وأن شروط الاختيار هي الدين والجمال والمال والنسب، فلماذا تترك هذه الشروط ويكتفى بالمال والجهاز.
في هذا الصدد يرى د. محمد عبد التواب عميد كلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بإسلام أباد أن الشرع لا يمنع أن تشارك الزوجة في تجهيز بيت الزوجية، ولكن أن يصل الأمر إلى حد النزاع والخلاف والقتل والطلاق فهذا أمر يرفضه الشرع، ولابد من إيقاف هذه العادة، لأن ضررها كبير وبالغ، ويلزم التمسك بتعاليم ديننا السمحة.
http://www.balagh.com المصدر:
ـــــــــــــــ(61/91)
ـــــــــــــــد
العنوسة والعزوبة
مصطفى حجو
- الأسباب والنتائج:
اتسعت دوائر العنوسة والعزوبة لأسباب متعددة حتى أصبحت هماً مشتركاً بين الجنسين. فما هي أسباب هذه الظاهرة الاجتماعية؟ وما نتائجها على الأمدين القريب والبعيد؟ وهل من سبيل إلى تيسير حياة أولادنا؟ لقد تأخر معدل سن الزواج، عما كان عليه قبل عقود معدودة، إذ تجاوز 27 سنة بالنسبة للأنثى التي كانت تتزوج قبل الخامسة عشرة من عمرها في كثير من الحالات، وتجاوز ثلاثين سنة بالنسبة للذكور الذين كان آباؤهم يزوجونهم منذ السادسة عشرة. كذلك فإنّ نسبة غير المتزوجين ممن تجاوزت أعمارهم الخامسة عشره تزيد على 50% من مجموع البالغين.
فيما يلي أهم أسباب العنوسة والعزوبة المعاصرة:
1- تدنى مستوى دخل نسبة كبيرة من السكان، وارتفاع نسبة تكاليف الزواج، وتكاليف إنشاء بيت الزوجية، وتكاليف إدامته، وتعاظم أجور السكن، وصعوبة امتلاك مسكن بالنسبة للفقراء وذوي الدخل المحدود خاصة في ظل فوائد ومرابحة البنوك المرتفعة.
2- طول فترة الدراسة والتأهيل العلمي والمهني مما يحول دون الإقدام على الزواج وإنشاء أسرة وإنجاب أطفال قبل إكمال الدراسة، والالتحاق بعمل مناسب.
3- إعراض الفتيات وذويهنّ عن الخطّاب محدودي الإمكانيات آنيّاً على أمل تحسين الوضعية الاجتماعية من خلال إتمام الدراسة والالتحاق بالعمل. وقد لا يطرق بابهن طارق بعد ذلك. إنهم بهذا التصرف يغفلون عن وعد الله - تعالى - في كتابه أن يكون الزواج فاتحة خير للرزق، قال – تعالى -: " إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ".
4- الاستقلالية التي اكتسبتها الفتاة الموظفة وتنامي قدرتها المادية مما حد من حاجتها الاقتصادية للزواج بدلاً من أن يشجعها ذلك على السعي لإيجاد الزوج المناسب، والتعاون معه في تحمل نفقات الزواج وإنشاء بيت الزوجية.
5- تدني مستوى الثقة بين الجنسين، وتوسع هامش استقلالية الذكر والأنثى سواء فيما بينهما، أو في علاقة كل منهما مع أسرته، وتدنى مستوى الاستعداد للتضحية في سبيل إنشاء الأسر ورعاية الأولاد.
5- انتشار الزواج السري الذي ينعقد بين اثنين لا ثالث لهما خاصة بين طلبة الجامعات والكليات وبين زملاء العمل.
6- ضعف الوازع الديني والتحولات الاجتماعية الناجمة عن التأثير الغربي الذي يجعل علاقة الجنسين ممكنة خارج مؤسسة الزواج ودون التزامات ولا مسؤولية.
النتائج لظاهرة العنوسة والعزوبة المتعاظمة:
حين انتشرت هذه الظاهرة في الدول الغربية بادرت حكوماتها وهيئاتها الاجتماعية لتشجيع وتسهيل الممارسات الجنسية خارج مؤسسة الزواج بين كل من مختلفي ومثلي الجنس، مما أدى لإشاعة العديد من السلوكيات المنحرفة الناتجة عن ذلك، ولانتشار الأمراض الجنسية الفتاكة، وازدياد عدد الأمهات العازبات وأعداد اللقطاء والأطفال مجهولي النسب، وتعاظم نسبة الإعراض عن إنجاب الأولاد نتيجة انعدام الثقة بين الجنسين، وأصبحت تلك الأمم تقاسي من تناقص عدد السكان، وازدياد نسبة الشيخوخة. هذا وإنّ مستقبل المجتمعات العربية والإسلامية لن يكون خيراً من المجتمعات الغربية إذا استمرت السلبية السائدة حالياً تجاه ظاهرة العنوسة والعزوبة خاصة في ظل العولمة الطاغية، وثورة المواصلات والاتصالات التي سهلت انتقال الثقافات والتقاليد، وميل الكثير من الشباب الذين يقاسون العنوسة والعزوبة للانفلات الجنسي الغربي. إنّ الفرصة مهيأة لدى المجتمعات العربية الإسلامية لتقديم البدائل الأفضل لمواجهة هذه الظاهرة قبل فوات الأوان، وقبل فقدان هذه الفرصة التاريخية إلى الأبد، بدائل شرعية تنهي معاناة الشباب، ذكوراً وإناثاً، وتمنحهم الاستقرار النفسي وتدرأ عنهم القلق والاضطراب، وتهيئ لهم أسباب الحصول على مباهج الجنس والمودة والرحمة التي أودعها الله في أجسادهم وأنفسهم قال – سبحانه -: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ". لتحقيق ذلك ولحماية المجتمع من كافة النتائج الضارة المرافقة للانفلات الجنسي، يؤمل من كافة الهيئات الدينية والاجتماعية أن تبادر لتنمية العادات والتقاليد التي تسهل أمور الزواج لكل إنسان حسب ظروفه وإمكانياته، والكف عن وضع العقبات والعراقيل أمام تحقيق الزواج المباح بالإصرار على أسلوب واحد من الزواج مهما اختلفت الظروف والإمكانيات. وذلك تمشياً مع هدي الرسول الكريم - صلى الله عليه و سلم -: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ". وقوله - صلى الله عليه و سلم -: " ثلاثة حق على الله عونهم... وذكر منهم: الناكح يريد العفاف ".
فيما يلي أمثلة من البدائل الشرعية المقترح ترويجها والحث عليها؛ لتفادي تجذر الانفلات الجنسي وذلك لحل إشكال ذوي الضرورات:
1- ضرورة استحضار البعد الديني الذي يصرف العلاقة بين الجنسين داخل مؤسسة الزواج والحض على الإحصان والعفاف، في وقت مبكر، وعلى التكافل بين الأسر لإنقاذ أولادها من ظاهرة محفوفة بالمخاطر.
2- تنمية التوجه الاجتماعي الجاد لتخفيف أعباء الزواج وتسهيل أموره شاملاً ما يلي:
أ - الزواج المبكر مع بقاء كل من الزوجين في كنف أبويه، أو بالعيش في بيت الأبوين الذي تتسنى فيه السعة لإيوائهما، إلى أن يصبح أحدهما أو كلاهما قادرين على الكسب وإنشاء بيت الزوجية المستقل.
ب - تزويج الطالب والطالبة المتوجهان للدراسة خارج بلديهما واشتراك أبويهما في تحمل مصاريف دراستهما وسكنهما.
ت - حض مثل هؤلاء الأزواج على إتباع الوسائل الصحية المتاحة والمضمونة لتأجيل إنجاب الأولاد لحين إنشاء بيت الزوجية، وتوفر الاستعداد لرعاية الأولاد.
ث - تشجيع الإناث ذوات الإمكانيات الاقتصادية، سواء كان من إرث أو وظيفة أو عمل خاص، بالسعي لإيجاد الزوج المناسب لها خلقاً وديناً، حتى لو كان مازال يتابع دراسته أو أنه لم يتيسر له عمل مناسب، وتحمل تكاليف الإنفاق على بيت الزوجية لحين يصبح زوجها قادراً على الاتفاق.
ج - تأمين حصول حديثي الزواج متدني الدخل على مساكن متدنية الثمن وبالتقسيط المريح وذلك من خلال تعاون جاد بين الحكومة ومؤسسة الإسكان والتطوير الحضري والبنوك وأهل الخير.
http://www.islamselect.com بتصرف من :
ـــــــــــــــ(61/92)
...(61/93)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
المحرمات أبداً
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(62/1)
مُحَرَّمَاتُ النِّكَاحِ
الموسوعة الفقهية
التَّعْرِيفُ :
1 - الْمُحَرَّمَاتُ فِي اللُّغَةِ : جَمْعُ مُحَرَّمٍ ، وَالْمُحَرَّمُ وَالْمُحَرَّمَةُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ حَرَّمَ ، يُقَال : حَرَّمَ الشَّيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ : جَعَلَهُ حَرَامًا ، وَالْمُحَرَّمُ : ذُو الْحُرْمَةِ ، وَالْمَحْرَمُ كَذَلِكَ : ذُو الْحُرْمَةِ ، وَمِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَال : الَّذِي يَحْرُمُ التَّزَوُّجُ بِهِ لِرَحِمِهِ وَقَرَابَتِهِ (1) .
وَالنِّكَاحُ : مَصْدَرُ نَكَحَ ، يُقَال : نَكَحَتِ الْمَرْأَةُ تَنْكِحُ نِكَاحًا : تَزَوَّجَتْ (2) .
قَال الأَْزْهَرِيُّ : أَصْل النِّكَاحِ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ الْوَطْءُ ، وَقِيل لِلتَّزَوُّجِ نِكَاحٌ ، لأَِنَّهُ سَبَبُ الْوَطْءِ الْمُبَاحِ .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِمُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .
أَنْوَاعُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ :
2 - الْمُحَرَّمَاتُ مِنَ النِّسَاءِ نَوْعَانِ
أ - مُحَرَّمَاتٌ عَلَى التَّأْبِيدِ ، وَهُنَّ اللاَّئِي تَكُونُ
----------
(1) المصباح المنير ، والمعجم الوسيط .
(2) لسان العرب لابن منظور .
(3) مغني المحتاج 3 / 174 .
حُرْمَةُ نِكَاحِهِنَّ مُؤَبَّدَةً ، لأَِنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ ثَابِتٌ لاَ يَزُول ، كَالأُْمُومَةِ ، وَالْبُنُوَّةِ ، وَالأُْخُوَّةِ .
ب - مُحَرَّمَاتٌ عَلَى التَّأْقِيتِ ، وَهُنَّ مَنْ تَكُونُ حُرْمَةُ نِكَاحِهِنَّ مُؤَقَّتَةً ؛ لأَِنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ غَيْرُ دَائِمٍ ، وَيُحْتَمَل الزَّوَال كَزَوْجَةِ الْغَيْرِ ، وَمُعْتَدَّتِهِ ، وَالْمُشْرِكَةِ بِاللَّهِ .
أَوَّلاً : الْمُحَرَّمَاتُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا
3 - أَسْبَابُ تَأْبِيدِ حُرْمَةِ التَّزَوُّجِ بِالنِّسَاءِ ثَلاَثَةٌ ، هِيَ :
أ - الْقَرَابَةُ .
ب - الْمُصَاهَرَةُ .
ج - الرَّضَاعُ .
أ - الْمُحَرَّمَاتُ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ :
يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ
4 - الأَْصْل مِنَ النِّسَاءِ وَإِنْ عَلاَ ، وَالْمُرَادُ بِهِ : الأُْمُّ ، وَأُمُّ الأُْمِّ ، وَإِنْ عَلَتْ ، وَأُمُّ الأَْبِ ، وَأُمُّ الْجَدِّ ، وَإِنْ عَلَتْ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } (1) .
وَتَحْرِيمُ الأُْمِّ بِهَذِهِ الآْيَةِ وَاضِحٌ ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْجَدَّاتِ فَوَاضِحٌ أَيْضًا إِذَا قُلْنَا : إِنَّ لَفْظَ الأُْمِّ يُطْلَقُ عَلَى الأَْصْل ، فَيَشْمَل الْجَدَّاتِ ، فَيَكُونُ تَحْرِيمُهُنَّ ثَابِتًا بِالآْيَةِ كَتَحْرِيمِ
----------(62/2)
(1) سورة النساء / 23 .
الأُْمَّهَاتِ ، أَوْ تَكُونُ حُرْمَةُ الْجَدَّاتِ بِدَلاَلَةِ النَّصِّ ؛ لأَِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالاَتِ ، وَهُنَّ أَوْلاَدُ الْجَدَّاتِ ، فَتَكُونُ حُرْمَةُ الْجَدَّاتِ مِنْ بَابِ أَوْلَى .
5 - الْفَرْعُ مِنَ النِّسَاءِ وَإِنْ نَزَل ، وَالْمُرَادُ بِهِ : الْبِنْتُ وَمَا تَنَاسَل مِنْهَا ، وَبِنْتُ الاِبْنِ وَإِنْ نَزَل ، وَمَا تَنَاسَل مِنْهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ } .
وَتَحْرِيمِ الْبَنَاتِ الصُّلْبِيَّاتِ بِنَصِّ الآْيَةِ ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ بَنَاتِ أَوْلاَدِهِنَّ فَثَابِتٌ بِالإِْجْمَاعِ ، أَوْ بِدَلاَلَةِ النَّصِّ ، لأَِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَنَاتِ الأَْخِ ، وَبَنَاتِ الأُْخْتِ ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ بَنَاتِ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتِ الأَْوْلاَدِ وَإِنْ نَزَلْنَ أَقْوَى قَرَابَةً مِنْ بَنَاتِ الأَْخِ .
وَيَحْرُمُ عَلَى الإِْنْسَانِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهُ مِنَ الزِّنَا بِصَرِيحِ الآْيَةِ : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ } لأَِنَّهَا بِنْتُهُ حَقِيقَةً ، وَلُغَةً ، وَمَخْلُوقَةٌ مِنْ مَائِهِ ، وَلِهَذَا حُرِّمَ ابْنُ الزِّنَا عَلَى أُمِّهِ ، وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَالْحَنَابِلَةِ ، لَمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً قَال : يَا رَسُول اللَّهِ : إِنِّي زَنَيْتُ بِامْرَأَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَأَنْكِحُ ابْنَتَهَا قَال : لاَ أَرَى ذَلِكَ ، وَلاَ يَصْلُحُ أَنَّ تَنْكِحَ امْرَأَةً تَطْلُعُ مِنِ ابْنَتِهَا عَلَى مَا تَطْلُعُ عَلَيْهِ مِنْهَا (1) فَالْبِنْتُ مِنَ الزِّنَا جُزْءٌ مِنَ الزَّانِي ،
----------
(1) حديث : " إني زنيت بامرأة . . . " . قال في فتح القدير : هو مرسل ومنقطع وفيه أبو بكر بن عبد الرحمن بن أم حكيم ( فتح القدير 3 / 129 نشر دار إحياء التراث ) .
فَهِيَ بِنْتُهُ وَإِنْ لَمْ تَرِثْهُ ، وَلَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ ؛ لأَِنَّ الْبُنُوَّةَ الَّتِي تُبْنَى عَلَيْهَا الأَْحْكَامُ هِيَ الْبُنُوَّةُ الشَّرْعِيَّةُ ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْوَلَدُ لِلْفَرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ (1) . وَبِهِ قَال اللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (2) .
وَالْمُزَنِيِّ بِهَا لَيْسَتْ بِفِرَاشٍ ، وَلِذَلِكَ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَخْتَلِيَ بِهَا وَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَيْهَا ، وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلاَ تَوَارُثَ .
وَعَلَى هَذَا الْخِلاَفِ أُخْتُهُ مِنَ الزِّنَا وَبِنْتُ أَخِيهِ وَبِنْتُ أُخْتِهِ وَبِنْتُ ابْنِهِ مِنَ الزِّنَا ، بِأَنْ زَنَى أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوِ ابْنُهُ فَأُولِدُوا بِنْتًا ، فَإِنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَى الأَْخِ وَالْعَمِّ وَالْخَال وَالْجَدِّ (3) .
----------
(1) حديث : " الولد للفراش ، وللعاهر الحجر " . أخرجه البخاري ( فتح الباري 4 / 292 ) ومسلم ( 2 / 1080 ) من حديث عائشة .
(2) بدائع الصنائع 2 / 257 ، ومغني المحتاج3 / 175 ، وحاشية الدسوقي 2 / 250 ، وشرح الزرقاني 3 / 204 ، والمغني 6 / 578 .
(3) فتح القدير 3 / 126 ، وبدائع الصنائع 2 / 257 ، ومغني المحتاج 3 / 175 ، والدسوقي 2 / 250 ، والزرقاني 3 / 204 ، والمغني 6 / 578 .
وَالْمَنْفِيَّةُ بِلِعَانِ لَهَا حُكْمُ الْبِنْتِ ، فَلَوْ لاَعَنَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ ، فَنَفَى الْقَاضِي نَسَبَ ابْنَتِهَا مِنَ الرَّجُل ، وَأَلْحَقَهَا بِالأُْمِّ فَتَحْرُمُ عَلَى نَافِيهَا وَلَوْ لَمْ يَدْخُل بِأُمِّهَا ؛ لأَِنَّهَا لَمْ تَنْتِفِ عَنْهُ(62/3)
قَطْعًا بِدَلِيل لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ، وَلأَِنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُول بِهَا ، وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إِلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ (1) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ ( لِعَانٌ ) .
6 - فُرُوعُ الأَْبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَإِنْ نَزَلْنَ ، وَهُنَّ الأَْخَوَاتُ ، سَوَاءٌ أَكُنَّ شَقِيقَاتٍ ، أَمْ لأَِبٍ ، أَمْ لأُِمٍّ ، وَفُرُوعُ الإِْخْوَةِ وَالأَْخَوَاتِ ، فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل أَخَوَاتُهُ جَمِيعًا وَأَوْلاَدُ أَخَوَاتِهِ وَإِخْوَانِهِ وَفُرُوعُهُمْ ، مَهْمَا تَكُنِ الدَّرَجَةُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَْخِ وَبَنَاتُ الأُْخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِل أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ } (2) .
----------
(1) فتح القدير 3 / 119 ، ومغني المحتاج 3 / 175 ، وكشاف القناع 5 / 69 .
(2) سورة النساء / 23 ، 24 .
وَتَحْرِيمُ فُرُوعِ بَنَاتِ الأَْخِ وَبَنَاتِ الأُْخْتِ ثَابِتٌ بِنَصِّ الآْيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ بَنَاتِ الأَْخِ وَبَنَاتِ الأُْخْتِ يَشْمَلُهُنَّ ، أَوْ يَكُونُ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا بِالإِْجْمَاعِ إِذَا كَانَ لَفْظُ بَنَاتِ الأَْخِ وَبَنَاتِ الأُْخْتِ مَقْصُورًا عَلَيْهِمَا (1) .
7 - فُرُوعُ الأَْجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ إِذَا انْفَصَلْنَ بِدَرَجَةِ وَاحِدَةٍ ، وَهُنَّ الْعَمَّاتُ ، وَالْخَالاَتُ ، سَوَاءٌ أَكُنَّ شَقِيقَاتٍ أَمْ لأَِبٍ ، أَمْ لأُِمٍّ ، وَكَذَلِكَ عَمَّاتُ الأَْصْل ، وَإِنْ عَلاَ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الْمُحَرَّمَاتِ : { وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ } وَتَحْرِيمُ الْعَمَّاتِ وَالْخَالاَتِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ ، وَأَمَّا أُخْتُ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَتْ فَتَحْرِيمُهَا ثَابِتٌ إِمَّا بِالنَّصِّ ، لأَِنَّ لَفْظَ الْعَمَّةِ يَشْمَل أُخْتَ الأَْبِ ، وَأُخْتَ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَتْ ، وَإِمَّا بِالإِْجْمَاعِ إِذَا كَانَ لَفْظُ الْعَمَّةِ مَقْصُورًا عَلَى أُخْتِ الأَْبِ ، وَكَذَا تَحْرِيمُ الْخَالَةِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ ، وَمِثْل أُخْتِ الأُْمِّ أُخْتُ الْجَدَّةِ وَإِنْ عَلَتْ ، وَتَحْرِيمُهَا ثَابِتٌ إِمَّا بِالنَّصِّ لأَِنَّ لَفْظَ الْخَالَةِ يَشْمَل أُخْتَ الأُْمِّ وَأُخْتَ الْجَدَّةِ وَإِنْ عَلَتْ ، وَإِمَّا بِالإِْجْمَاعِ إِذَا كَانَ لَفْظُ الْخَالَةِ مَقْصُورًا عَلَى أُخْتِ الأُْمِّ .
أَمَّا بَنَاتُ الأَْعْمَامِ وَالأَْخْوَال ، وَبَنَاتُ الْعَمَّاتِ وَالْخَالاَتِ ، وَفُرُوعُهُنَّ ، فَيَجُوزُ التَّزَوُّجُ
----------
(1) بدائع الصنائع 2 / 256 ، 257 ، والفواكه الدواني 2 / 36 ، 37 ، ومغني المحتاج 3 / 174 ، 175 ، وكشاف القناع 5 / 69 .
بِهِنَّ ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِنَّ فِي الْمُحَرَّمَاتِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } (1) . وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } (2) .
وَمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لِلرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحِل لأُِمَّتِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِل خَاصٌّ بِالرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِ ، فَشَمِل الْحُكْمُ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا (3) .(62/4)
حِكْمَةُ التَّحْرِيمِ
8 - أَمَرَ الإِْسْلاَمُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْحِرْصِ عَلَى الرَّوَابِطِ الَّتِي تَرْبِطُ الأَْفْرَادَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ وَحِمَايَتِهَا مِنَ الْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ ، وَقَدْ قَال الْكَاسَانِيُّ : إِنَّ نِكَاحَ هَؤُلاَءِ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ لأَِنَّ النِّكَاحَ لاَ يَخْلُو مِنْ مُبَاسَطَاتٍ تَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَادَةً ، وَبِسَبَبِهَا تَجْرِي الْخُشُونَةُ بَيْنَهُمَا ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ ، فَكَانَ النِّكَاحُ سَبَبًا لِقَطْعِ الرَّحِمِ ، مُفْضِيًا إِلَيْهِ ، وَقَطْعُ الرَّحِمِ حَرَامٌ ، وَالْمُفْضِي إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ ، وَقَال : تَخْتَصُّ الأُْمَّهَاتُ بِمَعْنَى
----------
(1) سورة النساء / 24 .
(2) سورة الأحزاب / 50 .
(3) بدائع الصنائع 2 / 257 .
آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ احْتِرَامَ الأُْمِّ ، وَتَعْظِيمَهَا وَاجِبٌ ، وَلِهَذَا أَمَرَ الْوَلَدَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَخَفْضِ الْجَنَاحِ لَهُمَا ، وَالْقَوْل الْكَرِيمِ ، وَنَهَى عَنِ التَّأْفِيفِ لَهُمَا ، فَلَوْ جَازَ النِّكَاحُ ، وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ تَحْتَ أَمْرِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ ، وَخِدْمَتِهِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَيْهَا لَلَزِمَهَا ذَلِكَ ، وَإِنَّهُ يُنَافِي الاِحْتِرَامَ ، فَيُؤَدِّي إِلَى التَّنَاقُضِ (1) .
ب - الْمُحَرَّمَاتُ بِسَبَبِ الْمُصَاهَرَةِ :
يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ
9 - زَوْجَةُ الأَْصْل وَهُوَ الأَْبُ ، وَإِنْ عَلاَ ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الْعَصَبَاتِ كَأَبِي الأَْبِ ، أَمْ مِنْ ذَوِي الأَْرْحَامِ كَأَبِي الأُْمِّ ، وَبِمُجَرَّدِ عَقْدِ الأَْبِ عَلَيْهَا عَقْدًا صَحِيحًا تُصْبِحُ مُحَرَّمَةً عَلَى فَرْعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُل بِهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } (2) .
وَلاَ يَدْخُل فِي التَّحْرِيمِ أُصُول هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، وَلاَ فُرُوعُهَا .
وَكَمَا تَدُل الآْيَةُ عَلَى حُرْمَةِ زَوْجَةِ الأَْبِ ، تَدُل عَلَى حُرْمَةِ زَوْجَةِ الْجَدِّ وَإِنْ عَلاَ ، لأَِنَّ لَفْظَ الأَْبِ يُطْلَقُ عَلَى الْجَدِّ وَإِنْ عَلاَ ، وَلأَِنَّ زَوَاجَ مَنْ تَزَوَّجَ بِهِنَّ الآْبَاءُ يَتَنَافَى مَعَ الْمُرُوءَةِ ، وَتَرْفُضُهُ
----------
(1) انظر المراجع السابقة .
(2) سورة النساء / 22 .
مَكَارِمُ الأَْخْلاَقِ وَتَأْبَاهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ .
10 - أَصْل الزَّوْجَةِ وَهِيَ أُمُّهَا وَأُمُّ أُمِّهَا ، وَأُمُّ أَبِيهَا وَإِنْ عَلَتْ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } (1) .
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أُصُول الزَّوْجَةِ تُحَرَّمُ مَتَى دَخَل الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا عَقَدَ الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَدْخُل بِهَا ، بِأَنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْل الدُّخُول بِهَا .(62/5)
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءُ ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الزَّوْجَةِ كَافٍ فِي تَحْرِيمِ أُصُولِهَا ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا ، أَوْ مَاتَتْ عِنْدَهُ ، فَلاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا (2) وَهَذَا مَعْنَى قَوْل الْفُقَهَاءِ : الْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الأُْمَّهَاتِ .
وَقَال الْفُقَهَاءُ : إِنَّ النَّصَّ الدَّال عَلَى التَّحْرِيمِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ }
----------
(1) سورة النساء / 23 .
(2) حديث : " أيما رجل تزوج امرأة . . . " . أخرجه البيهقي ( السنن الكبرى 7 / 10 ) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بهذا المعنى ، وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف ( التلخيص الحبير 3 / 166 ) .
مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَرْطِ الدُّخُول لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَرْطٌ وَلاَ اسْتِثْنَاءٌ ، وَأَنَّ الدُّخُول فِي قَوْله تَعَالَى : { مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } رَاجِعٌ إِلَى : { وِرِبِائِبُكُمُ } لاَ إِلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } فَيَبْقَى النَّصُّ عَلَى حُرْمَةِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ ، سَوَاءٌ دَخَل بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل ، وَمَا دَامَ النَّصُّ جَاءَ مُطْلَقًا فَيَجِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى إِطْلاَقِهِ مَا لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يُقَيِّدُهُ ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَال فِي قَوْله تَعَالَى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } : أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَهُ اللَّهُ ، أَيْ أَطْلِقُوا مَا أَطْلَقَ اللَّهُ ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال : الآْيَةُ مُبْهَمَةٌ ، لاَ تُفَرِّقُ بَيْنَ الدُّخُول وَعَدِمِهِ .
وَذَهَبَ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ أُصُول الزَّوْجَةِ لاَ تُحَرَّمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا تُحَرَّمُ بِالدُّخُول بِهَا مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ ، ثُمَّ عَطَفَ الرَّبَائِبَ عَلَيْهِنَّ ، ثُمَّ أَتَى بِشَرْطِ الدُّخُول ، وَلِذَا يَنْصَرِفُ شَرْطُ الدُّخُول إِلَى أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ ، وَإِلَى الرَّبَائِبِ ، فَلاَ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إِلاَّ بِالدُّخُول (1) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَوْ لَمَسَهَا ،
----------
(1) بدائع الصنائع 2 / 258 ، والمغني لابن قدامة 6 / 569 - ط : عاطف والناشر مكتبة الجمهورية العربية بمصر ، وفتح القدير3 / 118 ، 119 ، والأم 5 / 24 ، والفواكه الدواني 2 / 38 .
أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا ، وَفُرُوعُهَا ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ لَمْ تَحِل لَهُ أُمُّهَا وَلاَ بِنْتُهَا (1) وَتُحَرَّمُ الْمَرْأَةُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ ؛ لأَِنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ عِنْدَهُمْ بِالزِّنَا وَمُقَدِّمَاتِهِ ، وَلاَ تُحَرَّمُ أُصُولُهَا وَلاَ فُرُوعُهَا عَلَى ابْنِ الزَّانِي وَأَبِيهِ .
وَتُعْتَبَرُ الشَّهْوَةُ عِنْدَهُمْ عِنْدَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ ، حَتَّى لَوْ وُجِدَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى بَعْدَ التَّرْكِ لاَ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ .
وَحَدُّ الشَّهْوَةِ فِي الرَّجُل أَنْ تَنْتَشِرَ آلَتُهُ أَوْ تَزْدَادَ انْتِشَارًا إِنْ كَانَتْ مُنْتَشِرَةً .(62/6)
وَجَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ نَقْلاً عَنِ التَّبْيِينِ : وُجُودُ الشَّهْوَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا يَكْفِي عِنْدَ الْمَسِّ أَوِ النَّظَرِ ، وَشَرْطُهُ أَنْ لاَ يَنْزِل ، حَتَّى لَوْ أَنْزَل عِنْدَ الْمَسِّ أَوِ النَّظَرِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ ، قَال الصَّدْرُ الشَّهِيدُ : وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (2) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَكُونُ التَّحْرِيمُ بِالزِّنَا دُونَ الْمُقَدِّمَاتِ .
وَمَنَاطُ التَّحْرِيمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْوَطْءُ ، حَلاَلاً كَانَ أَوْ حَرَامًا ، فَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ حُرْمَةً
----------
(1) حديث : " من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له . . . " . أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ( 4 / 165 ) من حديث أم هانئ ، وقال ابن حجر في فتح الباري ( 9 / 156 ) : حديث ضعيف .
(2) الفتاوى الهندية 1 / 274 - 275 .
مُؤَبَّدَةً ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْتَرِقَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسَيْهِمَا ، وَإِلاَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا .
قَال الْحَنَفِيَّةُ : لَوْ أَيْقَظَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا ، فَوَصَلَتْ يَدُهُ إِلَى ابْنَةٍ مِنْهَا ، فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ ، وَهِيَ مِمَّنْ تُشْتَهَى يَظُنُّ أَنَّهَا أُمُّهَا ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ الأُْمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً (1) .
وَلَمْ يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بَيْنَ حُصُول الزِّنَا قَبْل الزَّوَاجِ أَوْ بَعْدَهُ فِي ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ ، وَذَهَبَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ الرَّاجِحِ ، وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الزِّنَا لاَ تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ ، فَلاَ تُحَرَّمُ بِالزِّنَا عِنْدَهُمَا أُصُول الْمَزْنِيِّ بِهَا ، وَلاَ فُرُوعُهَا عَلَى مَنْ زَنَى بِهَا ، كَمَا لاَ تُحَرَّمُ الْمَزْنِيُّ بِهَا عَلَى أُصُول الزَّانِي ، وَلاَ عَلَى فُرُوعِهِ ، فَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوِ ابْنَتِهَا لاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عَنِ الرَّجُل يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ حَرَامًا ثُمَّ يَنْكِحُ ابْنَتَهَا ، أَوِ الْبِنْتَ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا ، فَقَال : لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَل ، إِنَّمَا يَحْرُمُ مَا كَانَ بِنِكَاحٍ حَلاَلٍ (2) وَأَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ نِعْمَةٌ ، لأَِنَّهَا تُلْحِقُ الأَْجَانِبَ بِالأَْقَارِبِ ، وَالزِّنَا مَحْظُورٌ ، فَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلنِّعْمَةِ ، لِعَدَمِ الْمُلاَءَمَةِ بَيْنَهُمَا ، وَلِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَتِهِ لِمُحَمِّدِ بْنِ الْحَسَنِ :
----------
(1) ملتقى الأبحر 1 / 324 ، والمغني 6 / 576 - 577 ، وكشاف القناع 5 / 72 .
(2) حديث : " أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يتبع المرأة . . . " . أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( 4 / 268 ) وقال : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري وهو متروك .
وَطْءٌ حُمِدْتَ بِهِ وَأَحْصَنْتَ ، وَوَطْءٌ رُجِمْتَ بِهِ ، أَحَدُهُمَا نِعْمَةٌ ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ، وَأَوْجَبَ بِهِ حُقُوقًا ، وَالآْخِرُ نِقْمَةٌ ، فَكَيْفَ يَشْتَبِهَانِ (1) ؟ .
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِثْل قَوْل الْحَنَفِيَّةِ : إِنَّهُ يُحَرِّمُ ، وَقَال سَحْنُونٌ : أَصْحَابُ مَالِكٍ يُخَالِفُونَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِيمَا رَوَاهُ ، وَيَذْهَبُونَ إِلَى مَا فِي ( الْمُوَطَّأِ ) مِنْ أَنَّ الزِّنَا لاَ تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ (2) .(62/7)
11 - فُرُوعُ الزَّوْجَةِ ، وَهُنَّ بَنَاتُهَا ، وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا ، وَبَنَاتُ أَبْنَائِهَا وَإِنْ نَزَلْنَ ، لأَِنَّهُنَّ مِنْ بَنَاتِهَا بِشَرْطِ الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُل فَلاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ فُرُوعُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ، فَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ عَنْهُ قَبْل الدُّخُول بِهَا ، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْل الْفُقَهَاءِ : الدُّخُول بِالأُْمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الْمُحَرَّمَاتِ : { وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } وَذَلِكَ عُطِفَ عَلَى قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } فَيَكُونُ الْمَعْنَى تَحْرِيمَ التَّزَوُّجِ بِالرَّبَائِبِ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ
----------
(1) الفواكه الدواني 2 / 42 ، وإعلام الموقعين لابن قيم الجوزية 3 / 256 ، ومغني المحتاج 3 / 178 .
(2) بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2 / 29 - ط : الخانجي ، والفواكه الدواني 2 / 42 .
نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ .
وَالرَّبَائِبُ جَمْعُ رَبِيبَةٍ ، وَرَبِيبُ الرَّجُل ، وَلَدُ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، سُمِّيَ رَبِيبًا لَهُ ؛ لأَِنَّهُ يَرُبُّهُ أَيْ يَسُوسُهُ ، وَالرَّبِيبَةُ ابْنَةُ الزَّوْجَةِ ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى زَوْجِ أُمِّهَا بِنَصِّ الآْيَةِ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْحِجْرِ أَمْ لَمْ تَكُنْ ، وَهِيَ تَحْظَى بِمَا تَحْظَى بِهِ الْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ مِنْ عَطْفٍ وَرِعَايَةٍ ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ بَنَاتِ الرَّبِيبَةِ وَبَنَاتِ الرَّبِيبِ فَثَابِتٌ بِالإِْجْمَاعِ . وَوَصْفُ الرَّبِيبَةِ بِأَنَّهَا فِي الْحِجْرِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ ، بَل خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِبَيَانِ قُبْحِ التَّزَوُّجِ بِهَا ، لأَِنَّهَا غَالِبًا تَتَرَبَّى فِي حِجْرِهِ كَابْنِهِ وَابْنَتِهِ ، فَلَهَا مَا لِبِنْتِهِ مِنْ تَحْرِيمٍ .
12 - زَوْجَةُ الْفَرْعِ أَيْ زَوْجَةُ ابْنِهِ ، أَوِ ابْنِ ابْنِهِ ، أَوِ ابْنِ بِنْتِهِ ، مَهْمَا بَعُدَتِ الدَّرَجَةُ ، سَوَاءٌ دَخَل الْفَرْعُ بِزَوْجَتِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الْمُحَرَّمَاتِ : { وَحَلاَئِل أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } وَالْحَلاَئِل جَمْعُ حَلِيلَةٍ وَهِيَ الزَّوْجَةُ ، سُمِّيَتْ حَلِيلَةً ؛ لأَِنَّهَا تَحِل مَعَ الزَّوْجِ حَيْثُ تَحِل ، وَقِيل : حَلِيلَةٌ بِمَعْنَى مُحَلَّلَةً ، وَلأَِنَّهَا تَحِل لِلاِبْنِ ، وَقَيَّدَتِ الآْيَةُ أَنْ يَكُونَ الأَْبْنَاءُ مِنَ الأَْصْلاَبِ ، لإِِخْرَاجِ الأَْبْنَاءِ بِالتَّبَنِّي ، فَلاَ تُحَرَّمُ زَوْجَاتُهُمْ لأَِنَّهُمْ لَيْسُوا أَبْنَاءَهُ مِنَ الصُّلْبِ ، وَعَلَى هَذَا قَصَرَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ فَهْمَهُمْ لِلآْيَةِ ، وَلَمْ يُخْرِجُوا بِهَا زَوْجَةَ الاِبْنِ الرَّضَاعِيِّ ، بَل هِيَ مُحَرَّمَةٌ كَزَوْجَةِ الاِبْنِ
الصُّلْبِيِّ (1) ، مُسْتَنِدِينَ إِلَى قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَحْرُمُ مِنَ الرَّضْعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ (2) .
أَمَّا أُصُول زَوْجَةِ الْفَرْعِ ، وَفُرُوعُهَا ، فَغَيْرُ مُحَرَّمَاتٍ عَلَى الأَْصْل ، فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ زَوْجَةِ فَرْعِهِ أَوْ بِابْنَتِهَا .
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا تَثْبُتُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ فِي زَوْجَةِ الأَْصْل ، وَأَصْل الزَّوْجَةِ ، وَزَوْجَةِ الْفَرْعِ ، وَفَرْعِ الزَّوْجَةِ بِشَرْطِ الدُّخُول بِأُمِّهَا تَثْبُتُ كَذَلِكَ بِالدُّخُول فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ الْفَاسِدِ ، وَبِالدُّخُول بِشُبْهَةٍ ، كَمَا إِذَا عَقَدَ رَجُلٌ زَوَاجَهُ بِامْرَأَةٍ ، ثُمَّ زُفَّتْ إِلَيْهِ غَيْرُهَا فَدَخَل بِهَا ، كَانَ هَذَا الدُّخُول بِشُبْهَةٍ ، وَبِالدُّخُول بِمِلْكِ(62/8)
الْيَمِينِ ، كَمَا إِذَا وَاقَعَ السَّيِّدُ جَارِيَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا ، وَتَحْرُمُ هِيَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (3) .
ج - الْمُحَرَّمَاتُ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ
13 - يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ :
أ - أُصُول الشَّخْصِ مِنَ الرَّضَاعِ ، أَيْ أُمُّهُ
----------
(1) المهدية وشروحها فتح القدير والعناية 3 / 120 ، 121 ، والفواكه الدواني 2 / 38 ، وكشاف القناع 5 / 71 ، ومغني المحتاج 3 / 177 .
(2) حديث : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب . . " . أخرجه البخاري ( الفتح 5 / 253 ) ومسلم ( 2 / 1072 ) من حديث عبد الله بن عباس .
(3) بدائع الصنائع 2 / 260 ، وملتقى الأبحر 1 / 324 ، وفتح القدير 3 / 121 ، ومغني المحتاج 3 / 177 ، وكشاف القناع 5 / 72 ، وحاشية الدسوقي 2 / 251 .
رَضَاعًا وَأُمُّهَا ، وَإِنْ عَلَتْ ، وَأُمُّ أَبِيهِ رَضَاعًا وَأُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ ، فَإِذَا رَضَعَ طِفْلٌ مِنِ امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ ، وَصَارَ زَوْجُهَا الَّذِي كَانَ السَّبَبُ فِي دَرِّ لَبَنِهَا أَبًا مِنَ الرَّضَاعِ .
ب - فُرُوعُهُ مِنَ الرَّضَاعِ ، أَيْ بِنْتُهُ رَضَاعًا ، وَبِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ، وَبِنْتُ ابْنِهَا رَضَاعًا وَبِنْتُهَا ، وَإِنْ نَزَلَتْ ، فَإِذَا رَضَعَتْ بِنْتٌ مِنِ امْرَأَةٍ صَارَتِ ابْنَةً رَضَاعًا مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ، وَلِزَوْجِهَا الَّذِي كَانَ السَّبَبَ فِي دَرِّ لَبَنِهَا .
ج - فُرُوعُ أَبَوَيْهِ مِنَ الرَّضَاعِ أَيْ أَخَوَاتُهُ رَضَاعًا ، وَبَنَاتُهُنَّ ، وَبَنَاتُ إِخْوَتِهِ رَضَاعًا ، وَبَنَاتُهُنَّ ، وَإِنْ نَزَلْنَ ، فَإِذَا رَضَعَ طِفْلٌ مِنِ امْرَأَةٍ صَارَتْ بَنَاتُهَا أَخَوَاتٍ لَهُ ، وَحَرُمْنَ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ الْبِنْتُ الَّتِي رَضَعَتْ مَعَهُ ، أَوِ الْبِنْتُ الَّتِي رَضَعَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ .
د - فُرُوعُ جَدَّيْهِ إِذَا انْفَصَلْنَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَيْ عَمَّاتُهُ ، وَخَالاَتُهُ رَضَاعًا ، وَهَؤُلاَءِ يُحَرَّمْنَ نَسَبًا ، فَكَذَلِكَ يُحَرَّمْنَ رَضَاعًا .
وَأَمَّا بَنَاتُ عَمَّاتِهِ وَأَعْمَامِهِ رَضَاعًا ، وَبَنَاتُ خَالاَتِهِ وَأَخْوَالِهِ رَضَاعًا ، فَلاَ يُحَرَّمْنَ عَلَيْهِ (1) .
14 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْمُصَاهَرَةِ ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ
----------
(1) بدائع الصنائع 4 / 4 ، وفتح القدير 3 / 121 ، وحاشية الدسوقي 2 / 503 ، 504 ، والفواكه الدواني 2 / 38 ، 89 ، ومغني المحتاج 3 / 176 ، 177 ، 418 ، وكشاف القناع 5 / 70 ، 71 ، والمغني 6 / 571 .
الرَّضَاعَ يُنْشِئُ صِلَةَ أُمُومَةٍ وَبُنُوَّةٍ بَيْنَ الْمُرْضِعِ وَالرَّضِيعِ ، فَتَكُونُ الَّتِي أَرْضَعَتْ كَالَّتِي وَلَدَتْ ، كُلٌّ مِنْهُمَا أُمٌّ ، فَأُمُّ الزَّوْجَةِ رَضَاعًا كَأُمِّهَا نَسَبًا ، وَبِنْتُهَا رَضَاعًا كَبِنْتِهَا نَسَبًا ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ زَوْجُ الْمُرْضِعِ أَبًا لِلرَّضِيعِ ، وَالرَّضِيعُ فَرْعٌ لَهُ ، فَزَوْجَةُ الأَْبِ الرَّضَاعِيِّ كَزَوْجَةِ الأَْبِ النَّسَبِيِّ ، وَزَوْجَةُ الاِبْنِ الرَّضَاعِيِّ كَزَوْجَةِ الاِبْنِ النَّسَبِيِّ ،(62/9)
وَلِهَذَا يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ ، وَهُنَّ : أ - الأُْمُّ الرَّضَاعِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ ، وَأُمُّهَا ، وَإِنْ عَلَتْ ، سَوَاءٌ دَخَل بِالزَّوْجَةِ أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا ب - الْبِنْتُ الرَّضَاعِيَّةُ لِلزَّوْجَةِ ، وَبِنْتُهَا ، وَإِنْ نَزَلَتْ ، وَبِنْتُ ابْنِهَا الرَّضَاعِيِّ وَبِنْتُهَا ، وَإِنْ نَزَلَتْ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَل بِالزَّوْجَةِ . ج - زَوْجَاتُ الأَْبِ الرَّضَاعِيِّ ، وَأَبِي الأَْبِ وَإِنْ عَلاَ ، بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ . د - زَوْجَاتُ الاِبْنِ الرَّضَاعِيِّ ، وَابْنِ ابْنِهِ ، وَإِنْ نَزَل بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ . وَتَحْرِيمُ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي ( رَضَاعٍ ف 19 وَمَا بَعْدَهَا ) .
كَيْفِيَّةُ مُعْرِفَةِ قَرَابَةِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمَةِ
15 - تُعْرَفُ قَرَابَاتُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمَةِ كُلِّهَا ،
----------
(1) المراجع السابقة ، والمغني 6 / 569 ، 570 .
بِأَنْ يُفْرَضَ انْتِزَاعُ الرَّضِيعُ مِنْ أُسْرَتِهِ النَّسَبِيَّةِ ، وَوَضْعُهُ ، وَفُرُوعُهُ فَقَطْ فِي أُسْرَتِهِ الرَّضَاعِيَّةِ ، بِوَصْفِهِ ابْنًا رَضَاعِيًّا لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ ، وَلِزَوْجِهَا الَّذِي دَرَّ لَبَنَهَا بِسَبَبِهِ ، فَكُل صِلَةٍ تَتَقَرَّرُ لَهُ أَوْ لِفُرُوعِهِ بِهَذَا الْوَضَعِ الْجَدِيدِ فَهِيَ الَّتِي تُجْعَل أَسَاسًا لِلتَّحْرِيمِ أَوِ التَّحْلِيل بِالرَّضَاعِ .
أَمَّا صِلَةُ الأُْسْرَةِ الرَّضَاعِيَّةِ بِأُسْرَةِ الرَّضِيعِ النَّسَبِيَّةِ بِسَبَبِ رَضَاعِهِ فَلاَ أَثَرَ لَهَا فِي تَحْرِيمٍ أَوْ تَحْلِيلٍ ، وَلِهَذَا لاَ يَثْبُتُ لأَِقَارِبِهِ النَّسَبِيِّينَ غَيْرُ فُرُوعِهِ مِثْل مَا يَثْبُتُ لَهُ هُوَ بِهَذَا الرَّضَاعِ .
هَذَا ، وَتُوجَدُ صُوَرٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرِّمَةً مِنَ النَّسَبِ مِنْهَا
أ - أُمُّ الأَْخِ أَوِ الأُْخْتِ مِنَ الرَّضَاعِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الزَّوَاجُ بِهَا لأَِنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ ، وَلاَ يَجُوزُ الزَّوَاجُ بِأُمِّ الأَْخِ أَوِ الأُْخْتِ مِنَ النَّسَبِ ؛ لأَِنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ ، أَوْ تَكُونَ زَوْجَةُ أَبِيهِ فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الصِّلَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي صُورَةِ أُمِّ الأَْخِ أَوِ الأُْخْتِ رَضَاعًا .
ب - أُخْتُ الاِبْنِ رَضَاعًا ، فَإِنَّهَا لاَ تُحَرَّمُ عَلَى الأَْبِ الرَّضَاعِيِّ ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أُخْتَ هَذَا الاِبْنِ أَوِ الْبِنْتِ الرَّضَاعِيَّةِ أُخْتًا لَهُ مِنَ النَّسَبِ أَمْ أُخْتًا لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مِنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى ، لأَِنَّهَا سَتَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ .
فَإِذَا رَضَعَ طِفْلٌ مِنِ امْرَأَةٍ فَلأَِبِي هَذَا الطِّفْل أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ هَذِهِ الْمُرْضِعَةِ ، وَهِيَ
أُخْتُ ابْنِهِ مِنَ الرَّضَاعِ ، أَمَّا أُخْتُ الاِبْنِ أَوِ الْبِنْتِ نَسَبًا ، فَلاَ يَجُوزُ لأَِنَّهَا سَتَكُونُ بِنْتُهُ أَوْ بِنْتُ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُول بِهَا .
ج - جَدَّةُ ابْنِهِ أَوْ بِنْتِهِ رَضَاعًا ، فَيَجُوزُ لِلأَْبِ الرَّضَاعِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِعَدَمِ وُجُودِ عِلاَقَةٍ تَرْبِطُهَا بِهِ فِي حِينِ أَنَّ جَدَّةَ الاِبْنِ أَوِ الْبِنْتِ نَسَبًا ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ أُمَّهُ هُوَ فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَيْضًا (1) .
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ : الْحُرْمَةُ تَسْرِي مِنَ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْل إِلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا وَمِنَ الرَّضِيعِ إِلَى فُرُوعِهِ فَقَطْ (2) .(62/10)
وَمَتَى ثَبَتَ الرَّضَاعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْتَرِقَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسَيْهِمَا ، وَإِلاَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ، حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ عَقْدَ الزَّوَاجِ فَاسِدٌ .
وَالتَّفْصِيل فِي ( رَضَاع ف 27 - 34 ) .
ثَانِيًا : الْمُحَرَّمَاتُ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا
التَّحْرِيمُ عَلَى التَّأْقِيتِ يَكُونُ فِي الأَْحْوَال الآْتِيَةِ :
الأَْوَّل : زَوْجَةُ الْغَيْرِ وَمُعْتَدَّتُهُ
16 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ تَعَلَّقَ
----------
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 405 - 407 ، وفتح القدير 3 / 311 ، 314 ، ومغني المحتاج 3 / 176 ، وكشاف القناع 5 / 443 ، 444 ، والفواكه الدواني 2 / 40 ، 89 ، 90 ، وحاشية الدسوقي 2 / 504 .
(2) مغني المحتاج 3 / 418 .
حَقُّ غَيْرِهِ بِهَا بِزَوَاجٍ أَوْ عِدَّةٍ مِنْ طَلاَقٍ أَوْ وَفَاةٍ ، أَوْ دُخُولٍ فِي زَوَاجٍ فَاسِدٍ ، أَوْ دُخُولٍ بِشُبْهَةٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } (1) عَطْفًا عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } (2) وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ مِنَ النِّسَاءِ الْمُتَزَوِّجَاتُ مِنْهُنَّ ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا أَمْ غَيْرَ مُسْلِمٍ ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُعْتَدَّةَ غَيْرِهِ مِنْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ أَوْ وَفَاةٍ .
وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا مَنْعُ الإِْنْسَانِ مِنَ الاِعْتِدَاءِ عَلَى غَيْرِهِ بِالتَّزَوُّجِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ مُعْتَدَّتِهِ ، وَحِفْظُ الأَْنْسَابِ مِنَ الاِخْتِلاَطِ وَالضَّيَاعِ .
وَقَدْ أَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِعِدَّةِ الطَّلاَقِ عِدَّةَ الدُّخُول فِي زَوَاجٍ فَاسِدٍ ، وَعِدَّةَ الدُّخُول بِشُبْهَةٍ ؛ لأَِنَّ النَّسْل مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَابِتُ النَّسَبِ (3) .
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنَ الْغَيْرِ آثَارٌ مِنْهَا :
أ - التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا :
17 - نِكَاحُ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ مِنَ الأَْنْكِحَةِ
----------
(1) سورة النساء / 24 .
(2) سورة النساء / 23 .
(3) بدائع الصنائع 4 / 268 ، 269 ، وحاشية الدسوقي 2 / 251 ، 252 ، والفواكه الدواني 2 / 34 ، 35 ، والمهذب 2 / 46 ، وكشاف القناع 5 / 82 .
الْفَاسِدَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهَا وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (1) ، وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ طُلَيْحَةَ كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِيِّ فَطَلَّقَهَا فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَضَرَبَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِمِخْفَقَةٍ ضَرْبَاتٍ ثُمَّ قَال : أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُل بِهَا فُرِّقَ(62/11)
بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَْوَّل ، وَكَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ ، وَإِنْ كَانَ دَخَل بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَْوَّل ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآْخَرِ وَلَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا .
ب - وُجُوبُ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ :
18 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا إِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْل الدُّخُول
وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي هَذَا النِّكَاحِ بِالدُّخُول ( أَيْ بِالْوَطْءِ ) وَعَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ كَذَلِكَ ، لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَال : بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فِي عِدَّتِهَا ، فَأَرْسَل إِلَيْهِمَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَعَاقَبَهُمَا ،
----------
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 350 ، 351 ، والفواكه الدواني 2 / 35 ، وكشاف القناع 5 / 425 ، والمهذب 2 / 152 .
وَقَال : لاَ تَنْكِحْهَا أَبَدًا وَجَعَل صَدَاقَهَا فِي بَيْتِ الْمَال ، وَفَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ فَبَلَغَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَال : يَرْحَمُ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! مَا بَال الصَّدَاقِ وَبَيْتِ الْمَال ! إِنَّمَا جَهِلاَ فَيَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا إِلَى السُّنَّةِ . قِيل : فَمَا تَقُول أَنْتَ فِيهِمَا ؟ فَقَال : لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَل مِنْ فَرْجِهَا ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلاَ جَلْدَ عَلَيْهِمَا ، وَتُكْمِل عِدَّتَهَا مِنَ الأَْوَّل ، ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنَ الثَّانِي عِدَّةً كَامِلَةً ثَلاَثَةَ أَقْرَاءٍ ثُمَّ يَخْطُبُهَا إِنْ شَاءَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَال : أَيُّهَا النَّاسُ ، رُدُّوا الْجَهَالاَتِ إِلَى السُّنَّةِ ، قَال الْكِيَا الطَّبَرِيِّ : وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحَهَا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ ، وَفِي اتِّفَاقِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى نَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُمَا مَا يَدُل عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لاَ يُوجِبُ الْحَدَّ ، إِلاَّ أَنَّهُ مَعَ الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَمَعَ الْعِلْمِ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (1) .
الثَّانِي : التَّزَوُّجُ بِالزَّانِيَةِ :
19 - التَّزَوُّجُ بِالزَّانِيَةِ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ عَلَيْهَا هُوَ الزَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ ، وَجَازَ الدُّخُول عَلَيْهَا فِي الْحَال سَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلاً أَمْ غَيْرَ حَامِلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، إِذْ لاَ حُرْمَةَ لِلْحَمْل مِنَ الزِّنَا .
----------
(1) تفسير القرطبي 3 / 194 ، 195 .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ ، حِفَاظًا عَلَى حُرْمَةِ النِّكَاحِ مِنِ اخْتِلاَطِ الْمَاءِ الْحَلاَل بِالْحَرَامِ .
وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ عَلَيْهَا غَيْرَ الزَّانِي ، وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ ، جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَالدُّخُول بِهَا فِي الْحَال عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيَّةِ .
وَيَرَى مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا ، وَيُكْرَهُ الدُّخُول بِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ ؛ لاِحْتِمَال أَنْ تَكُونَ قَدْ حَمَلَتْ مِنَ الزَّانِي (1) .(62/12)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عَقْدُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ ؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، وَلأَِنَّهَا قَبْل الْعِدَّةِ يُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ حَامِلاً فَيَكُونَ نِكَاحُهَا بَاطِلاً ، كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ .
وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً صَحَّ الْعَقْدُ ، وَحَرُمَ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ، وَهَذَا رَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يَسْقِي مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ (2) .
----------
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 291 ، 292 ، ومغني المحتاج 3 / 388 ، والمهذب 2 / 146 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12 / 169 ، 170 .
(2) حديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر . . " . أخرجه الترمذي ( 3 / 428 ) من حديث رويفع بن ثابت وقال : حديث حسن .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَوَطْؤُهَا إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ عَلَيْهَا غَيْرَ زَانٍ كَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ لِلزَّانِي إِذْ لاَ حُرْمَةَ لِلْحَمْل مِنَ الزِّنَا .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو يُوسُفَ : أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الزَّانِيَةِ الْحَامِل ، احْتِرَامًا لِلْحَمْل (1) إِذْ لاَ جِنَايَةَ مِنْهُ ، وَلاَ يَحِل الدُّخُول بِهَا حَتَّى تَضَعَ ، فَإِذَا مُنِعَ الدُّخُول مُنِعَ الْعَقْدُ ، وَلاَ يَحِل الزَّوَاجِ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْل .
وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لِلزَّوَاجِ مِنَ الزَّانِيَةِ غَيْرَ الْعِدَّةِ أَنْ تَتُوبَ مِنَ الزِّنَا .
وَإِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلاً وَقْتَ الْعَقْدِ ، بِأَنْ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ فَاسِدًا ، لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ الْحَمْل مِنْ غَيْرِ زِنًا ، إِذْ يُحْمَل حَال الْمُؤْمِنِ عَلَى الصَّلاَحِ (2) .
الثَّالِثُ : الْمُطَلَّقَةُ ثَلاَثًا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ طَلَّقَهَا
20 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلَّقَهَا ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ ، لأَِنَّهُ اسْتَنْفَدَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَدَدِ طُلَقَاتِهَا ، وَبَانَتْ مِنْهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى ، وَصَارَتْ لاَ تَحِل لَهُ إِلاَّ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ،
----------
(1) المغني لابن قدامة 6 / 601 - 603 ، وحاشية ابن عابدين 2 / 291 ، 292 ، والفواكه الدواني 2 / 34 ، 97 ، وحاشية الدسوقي 2 / 471 ، ومغني المحتاج 3 / 388 ، والمهذب 2 / 146 ، وكشاف القناع 5 / 83 .
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 291 ، 292 .
مِنْهُ ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا زَوْجٌ آخَرُ زَوَاجًا صَحِيحًا ، وَدَخَل بِهَا حَقِيقَةً ، ثُمَّ فَارَقَهَا هَذَا الآْخَرُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } (1) ثُمَّ قَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } (2) .
وَبَيَّنَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ أَنَّ الزَّوَاجَ الثَّانِي لاَ يُحِلُّهَا لِلأَْوَّل إِلاَّ إِذَا دَخَل بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي دُخُولاً حَقِيقِيًّا ، وَكَانَ الزَّوَاجُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ ، وَانْتَهَتِ الْعِدَّةُ بَعْدَ الدُّخُول (3) ، فَقَدْ جَاءَ(62/13)
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ رَفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي ، فَبَتَّ طَلاَقِي ، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْل هُدْبَةِ الثَّوْبِ ، فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَقَال : أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ؟ لاَ ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ (4) .
----------
(1) سورة البقرة / 229 .
(2) سورة البقرة / 230 .
(3) مغني المحتاج 3 / 182 ، والفواكه الدواني 2 / 61 ، وكشاف القناع 5 / 84 ، وبدائع الصنائع 2 / 264 ، وزاد المعاد لابن القيم 4 / 66 .
(4) حديث عائشة : " جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " . أخرجه البخاري ( فتح الباري 5 / 249 ) ومسلم ( 2 / 1055 - 1056 ) واللفظ لمسلم .
الرَّابِعُ : الْمَرْأَةُ الَّتِي لاَ تَدِينُ بِدِينٍ سَمَاوِيٍّ
21 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لاَ تَدِينُ بِدِينٍ سَمَاوِيٍّ ، وَلاَ تُؤْمِنُ بِرَسُولٍ ، وَلاَ كِتَابٍ إِلَهِيٍّ ، بِأَنْ تَكُونَ مُشْرِكَةً تَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ كَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأََمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } (1) .
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجُوسِ : سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلاَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ (2) .
وَالْمُشْرِكَةُ مَنْ لاَ تُؤْمِنُ بِكِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَلاَ بِرَسُولٍ مِنَ الرُّسُل الَّذِينَ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ لِهِدَايَةِ عِبَادِهِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ (3) .
الْخَامِسُ : التَّزَوُّجُ بِالْمُرْتَدَّةِ
22 - الْمُرْتَدَّةُ : مَنْ رَجَعَتْ عَنْ دِينِ الإِْسْلاَمِ
----------
(1) سورة البقرة / 221 .
(2) حديث : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب . . . " . أورده ابن حجر في التلخيص ( 3 / 172 ) وعزاه إلى عبد الرزاق وقال : هو مرسل وفي إسناده قيس بن الربيع وهو ضعيف ، وأخرجه البيهقي من حديث الحسن بن حمد بن علي بلفظ " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام فمن أسلم قبل منه ، ومن أبى ضربت عليه الجزية على أن لا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة " قال البيهقي : هذا مرسل وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده ( السنن الكبرى 9 / 192 ) .
(3) المغني 6 / 589 ، 591 ، 592 ، والبدائع 2 / 270 ، والفواكه الدواني 2 / 42 ، والمهذب 2 / 45 .(62/14)
اخْتِيَارًا دُونَ إِكْرَاهٍ عَلَى تَرْكِهِ ، وَلاَ تَقِرُّ عَلَى الدِّينِ الَّذِي اعْتَنَقَتْهُ ، وَلَوْ كَانَ دِينًا سَمَاوِيًّا ، وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُرْتَدَّةِ لاَ بِمُسْلِمٍ وَلاَ بِكَافِرٍ غَيْرِ مُرْتَدٍّ وَمُرْتَدٍّ مِثْلِهِ ؛ لأَِنَّ الْمُرْتَدَّةَ تَرَكَتِ الإِْسْلاَمَ ، وَتُضْرَبُ وَتُحْبَسُ حَتَّى تَعُودَ إِلَى الإِْسْلاَمِ أَوْ تَمُوتَ ، فَكَانَتِ الرِّدَّةُ فِي مَعْنَى الْمَوْتِ ، وَالْمَيِّتُ لاَ يَكُونُ مَحِلًّا لِلنِّكَاحِ (1) وَلأَِنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ مِلْكٌ مَعْصُومٌ ، وَلاَ عِصْمَةَ لِلْمُرْتَدَّةِ .
وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُمْهَل لِيَتُوبَ ، وَتُزَال شُبْهَتُهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ شُبْهَةٌ فَيَرْجِعُ إِلَى الإِْسْلاَمِ ، فَإِنَّ أَبَى قُتِل بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الإِْمْهَال .
وَالْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ مَأْمُورَةٌ بِالْعَوْدَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ ، وَبِرِدَّتِهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً ، وَالنِّكَاحُ مُخْتَصٌّ بِمَحَل الْحِل ابْتِدَاءً ، فَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا لأَِحَدٍ .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ جِوَازِ نِكَاحِ الْمُرْتَدَّةِ ، كَمَا قَالُوا بِفَسْخِ النِّكَاحِ إِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَيَكُونُ الْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَإِنْ رَجَعَتِ الْمُرْتَدَّةُ إِلَى الإِْسْلاَمِ (2) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا : إِنَّ الْمُرْتَدَّةَ لاَ تَحِل لأَِحَدٍ ، لاَ لِمُسْلِمِ ؛ لأَِنَّهَا كَافِرَةٌ لاَ تَقِرُّ ، وَلاَ لِكَافِرٍ أَصْلِيٍّ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الإِْسْلاَمِ ، وَلاَ لِمُرْتَدٍّ لأَِنَّ
----------
(1) بدائع الصنائع 2 / 270 .
(2) مواهب الجليل للحطاب 3 / 479 ، 480 .
الْقَصْدَ مِنَ النِّكَاحِ الدَّوَامُ (1) وَالْمُرْتَدُّ لاَ دَوَامَ لَهُ .
ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لاَ يَحِل نِكَاحُهَا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الإِْسْلاَمِ ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِالرِّدَّةِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِمْرَارُهُ ، فَأَوْلَى أَنْ يَمْتَنِعَ ابْتِدَاءً (2) .
أَمَّا أَهْل الْكِتَابِ - وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى - فَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَائِهِمْ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { الْيَوْمَ أُحِل لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ } (3) .
السَّادِسُ : الْجَمْعُ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمَا
23 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مُحَرِّمَةٌ ، بِحَيْثُ لَوْ فَرَضْتَ أَيَّتَهُمَا ذَكَرًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الأُْخْرَى ، وَذَلِكَ كَالأُْخْتَيْنِ ، فَإِنَّنَا لَوْ فَرَضْنَا إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لاَ تَحِل لِلأُْخْرَى ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ، أَوْ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } إِلَى قَوْلِهِ : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ
----------
(1) مغني المحتاج 3 / 189 ، 190 .
(2) المغني 6 / 592 مكتبة الجمهورية العربية - مصر .
(3) سورة المائدة / 5 .
الأُْخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } (1) وَلِحَدِيثِ أَبِي هَرِيرَةَ : أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا ، أَوِ الْعَمَّةُ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا ، أَوِ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا ، أَوِ الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا (2) وَعَلَيْهِ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ .(62/15)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ كَمَا لاَ يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ أُخْتَ زَوْجَتِهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ ، كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلاَقًا رَجْعِيًّا ، أَوْ طَلاَقًا بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى ، أَوْ كُبْرَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ، لأَِنَّهَا زَوْجَةٌ حُكْمًا (3) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَنْ ذُكِرْنَ إِنَّمَا يَكُونُ حَال قِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ حَقِيقَةً ، أَوْ فِي عِدَّةِ الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ ، أَمَّا لَوْ كَانَ الطَّلاَقُ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى أَوْ كُبْرَى فَقَدِ انْقَطَعَتِ الزَّوْجِيَّةُ ، فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ مُطَلَّقَتِهِ طَلاَقًا بَائِنًا فِي عِدَّتِهَا ، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ مَحْرَمَيْنِ (4) .
وَإِذَا جَمَعَ الرَّجُل بَيْنَ أُخْتَيْنِ مَثَلاً ، فَإِنْ
----------
(1) سورة النساء / 23 .
(2) حديث أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح المرأة على عمتها . . " . أخرجه الترمذي ( 3 / 424 ) وقال : حسن صحيح .
(3) بدائع الصنائع 2 / 262 - 264 ، وكشاف القناع 5 / 75 ، وفتح القدير 3 / 124 ، 132 - ط : دار إحياء التراث .
(4) حاشية الدسوقي 2 / 255 ، والأم للشافعي 5 / 403 ، والمهذب 2 / 44
تَزَوَّجَهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ ، وَلَيْسَ يَأْتِيهِمَا مَانِعٌ ، كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلاً إِذْ لاَ أَوْلَوِيَّةَ لإِِحْدَاهُمَا عَنِ الأُْخْرَى (1) .
أَمَّا إِذَا كَانَ بِإِحْدَاهُمَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ ، بِأَنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِلْغَيْرِ مَثَلاً ، وَالأُْخْرَى لَيْسَ بِهَا مَانِعٌ ، فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَالِيَةِ مِنَ الْمَوَانِعِ ، وَبَاطِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلأُْخْرَى .
وَأَمَّا إِذَا تَزَوَّجَهُمَا بِعَقْدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ ، مُسْتَكْمِلَيْنِ أَرْكَانَ الزَّوَاجِ وَشُرُوطِهِ ، وَعُلِمَ أَسْبَقُهُمَا ، فَهُوَ الصَّحِيحُ وَالآْخَرُ بَاطِلٌ لأَِنَّ الْجَمْعَ حَصَل بِهِ .
وَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا فَقَطِ الأَْرْكَانَ وَالشُّرُوطَ فَهُوَ الصَّحِيحُ ، سَوَاءٌ أَكَانَ الأَْوَّل أَمِ الثَّانِي .
كَمَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ عِنْدَ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ مِثْل عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَل : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ } (2) وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ جَمْعٌ ، فَيَكُونُ حَرَامًا ، وَبِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يُجْمِعْنَ مَاءَهُ فِي
----------
(1) فتح القدير 3 / 123 ، وحاشية الدسوقي 2 / 254 ، ومغني المحتاج 3 / 180 .
(2) سورة النساء / 23 .
رَحِمِ أُخْتَيْنِ (1) . وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال : ( كُل شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحَرَائِرِ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الإِْمَاءِ إِلاَّ الْجَمْعُ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ) وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلاً سَأَل عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَال : ( مَا أُحِبُّ أَنْ أُحِلَّهُ ، وَلَكِنْ أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ ، وَأَمَّا أَنَا فَلاَ أَفْعَلُهُ ) .(62/16)
قَال الْكَاسَانِيُّ : وَقَوْل عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ ) عَنَى بِآيَةِ التَّحْلِيل قَوْلَهُ عَزَّ وَجَل : { إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } (2) وَبِآيَةِ التَّحْرِيمِ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَل : { وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } وَذَلِكَ مِنْهُ إِشَارَةٌ إِلَى تَعَارُضِ دَلِيلَيِ الْحِل وَالْحُرْمَةِ فَلاَ يَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مَعَ التَّعَارُضِ .
وَقَال : وَأَمَّا قَوْل عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ ، فَالأَْخْذُ بِالْمُحَرَّمِ أَوْلَى عِنْدَ التَّعَارُضِ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ ، لأَِنَّهُ يَلْحَقُهُ الْمَأْثَمُ بِارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ وَلاَ مَأْثَمَ فِي تَرْكِ الْمُبَاحِ ،
----------
(1) حديث : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن ماءه في رحم أختين " . ذكره ابن حجر في التلخيص الحبير ( 3 / 166 ) وقال : لا أصل له . وقال : وفي الباب حديث أم حبيبة في الصحيحين أنها قالت يا رسول الله : انكح أختي قال : " لا تحل لي " . انظر ( فتح الباري 9 / 158 . ط . السلفية ومسلم 2 / 1072 ) .
(2) سورة المؤمنون / 6 .
وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الإِْبْضَاعِ الْحُرْمَةُ ، وَالإِْبَاحَةُ بِدَلِيلٍ ، فَإِذَا تَعَارَضَ دَلِيل الْحِل وَالْحُرْمَةِ تَدَافُعًا فَيَجِبُ الْعَمَل بِالأَْصْل .
وَكَمَا لاَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ لاَ يَجُوزُ فِي الدَّوَاعِي مِنَ اللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ عَنْ شَهْوَةٍ ، لأَِنَّ الدَّوَاعِيَ إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ (1) .
السَّابِعُ : الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ
24 - يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ فِي عِصْمَتِهِ ، فَلاَ يَتَزَوَّجُ بِخَامِسَةٍ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَرْبَعٌ سِوَاهَا ، إِمَّا حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُطَلِّقْ إِحْدَاهُنَّ ، وَإِمَّا حُكْمًا ، كَمَا إِذَا طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ وَلاَ تَزَال فِي عِدَّتِهِ ، وَلَوْ كَانَ الطَّلاَقُ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى أَوْ كُبْرَى ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ ، فَقَدْ أَجَازُوا التَّزَوُّجَ بِخَامِسَةٍ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ الأَْرْبَعِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ الْبَائِنَ يَقْطَعُ الزَّوْجِيَّةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، فَلاَ يَكُونُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ فِي عِصْمَتِهِ (3) .
وَدَلِيل عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ
----------
(1) بدائع الصنائع 2 / 264 .
(2) بدائع الصنائع 2 / 263 .
(3) حاشية الدسوقي 2 / 255 ، ومغني المحتاج 2 / 182 .
زَوْجَاتٍ قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } (1) .
وَقَدْ أَيَّدَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ ذَلِكَ ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ غَيْلاَنَ الثَّقَفِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ عِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ، فَأَمَرَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا (2) .(62/17)
الثَّامِنُ : الزَّوْجَةُ الْمُلاَعَنَةُ
25 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَتَهُ الَّتِي لاَعَنَهَا ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ، مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى اتِّهَامِهِ لَهَا .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ ( لِعَانٌ ) .
التَّاسِعُ : تَزَوُّجُ الأَْمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ
26 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالأَْمَةِ بِشُرُوطٍ ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ ( نِكَاحٌ ) .
----------
(1) سورة النساء / 3 .
(2) حديث : " أن غيلان الثقفي كان عنده عشر نسوة . . " . أخرجه البيهقي ( 7 / 183 ) وقال عنه ابن حجر في التلخيص ( 3 / 293 ) : رجال إسناده ثقات .
ــــــــــــــ(62/18)
حكم الجمع بين المرأة وبين ابنة ابنة أخيها
تاريخ الفتوى : ... 24 محرم 1428 / 12-02-2007
السؤال
مسلم يسأل: متزوج منذ سنوات زوجتي عاقر، الحمد لله على كل حال، اسأل عن الحكم الشرعي إذا جمعت بين زوجتي هذه وابنة ابنة أخيها، (أي هذه البنت تقول لزوجتي "خالة أمي"... أفتوني؟ يرحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الجمع بين المرأة وبين ابنة ابنة أخيها، لأن ابنة ابنة الأخ هي في منزلة بنت الأخ، وقد صرح أهل العلم بحرمة الجميع بينها وبين عمتها، قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به، وليس فيه بحمد الله اختلاف، والحجة في هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: والجمع بين المرأة وخالة أبيها وخالة أمها، أو عمة أبيها أو عمة أمها، كالجمع بين المرأة وعمتها وخالتها عند أئمة المسلمين، وذلك حرام باتفاقهم، وإذا تزوج إحداهما بعد الأخرى كان نكاح الثانية باطلاً لا يحتاج إلى طلاق. انتهى، وهذه نصوص صريحة في المسألة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موقف البنت من محارمها إذا خشيت على نفسها منهم
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1427 / 20-11-2006
السؤال
إذا اغتصب الجد ابنة ابنه القاصر أو تحرش بها جنسيا وعرف ابنه بالقصة. فهل لهذا الجد (الوحش البشري في تصرفه) من حقوق على ابنه؟ وإذا قاطعه الابن، فهل يكون عاقا لوالده؟
وجزاكم الله كل الخير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالد في البر والإحسان لا يسقطه ما قد يصدر عنه من إساءة في حق ولده أو في حق غيره، فيبقى هذا الحق ثابتا له على كل حال، فالتفريط في شيء من ذلك من العقوق. وتراجع الفتوى رقم : 3459 .
وإن من أعظم الإحسان إلى الوالد إذا ثبت عنه أنه أتى منكرا أن ينصحه ولده أو غيره لطفا به وشفقة عليه، ولا يعد مثل هذا عقوقا. وتراجع الفتوى رقم : 9647 ، وننبه إلى أمرين :(62/19)
الأول : إذا غلب على الظن أن هذا الجد لم يتب، وأنه ربما عاد لهذا الفعل فلا يجوز أن يمكن من الخلوة بهذه البنت، وعليها أن تعامله معاملة الأجانب إذا بلغت فتحتجب منه حتى يعود إلى صوابه. وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 57108 .
الثاني : أن الواجب التثبت فلا يتهم المسلم بفعل المنكر من غير بينة إذ الأصل في المسلم السلامة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الجمع بين الأختين لأب
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1427 / 02-11-2006
السؤال
هل يجوز زواج بنتين من حفيد واحد الرجل له زوجتان كل منهما أنجبت بنتا هل يجوز زواج هاتين البنتين لرجل واحد؟
جزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنتان أختين كما هو مصرح به فلا يجوز الجمع بينهما سواء كن شقيقتين أم أختين لأب أو لأم قال تعالى : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 23 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تواصل احتجابها عمن ثبت أنهم محارمها من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 26 شعبان 1427 / 20-09-2006
السؤال
عندي سؤال هو: أن زوجتي تبلغ من العمر 32 سنة وفي هذه السنة أخبرتنا جدتها لأبيها أنها أرضعتها خلال الحولين مدة تثبت بها الرضاعة وسؤالي هو : هل من الأصلح والأسلم لها أن تظل محتجبة عن أبناء أعمامها وعماتها الذين كانت محتجبة عنهم هذه السنين كلها ويقتصر كشفها على الذين تعودوا أن يرونها وهم صغار حيث أخبرتها أنها بالرضاعة تصبح محرما لهم حيث إنها أصبحت إما عمة أو خالة من الرضاعة لكن قلت لها إنه قد يكون من الأصلح أن تبقى محتجبة عن الذين تعودت الحجاب عنهم وهم كبار لفساد الزمان ولكن أحببت أن أستفتيكم لأنني لا أريد أن أحرم ما أحل الله وفقني الله وإياكم للصواب ؟
الفتوى(62/20)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا عدد الرضاع المحرم ونوعه في فتاوى كثيرة فراجعها في الفتوى رقم : 19499 ، وبناء على ما ذكرناه راجحا من كون عدد الرضاع المحرم هو خمس رضعات معلومات، فإن ثبت لديك رضاع زوجتك مع أبناء عمومتها فلا حرج عليها أن تكشف لهم كما تكشف لأخوتها ومحارمها ولا تحتجب عنهم إلا عمن بدا منه ما يريب، ولا اعتبار لكونها كانت تحتجب عنهم سابقا فقد احتجبت عائشة رضي الله عنها من أفلح عمها من الرضاعة، ولما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم قال : وما منعك أن تأذني عمك قلت: يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فقال: ائذني له، فإنه عمك، تربت يمينك . الحديث متفق عليه. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية : 6230 ، 69407 ، 65671 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تحرم على زوجها إذا زنت مع أبيه
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1427 / 18-09-2006
السؤال
إني أستغيث بالله ثم بكم والد زوجي استغل ظروف مشاكلي مع ابنه في تقصيره في حقوقي الزوجية وأغواني ورفضت كثيرا أكثر من سنة وابنه أقام أباه عندي واستغل ضعفي غصبا عني وحاول لحد ما أوقع بي وعمل الفاحشة وأنا أريد حياتي الحلال قررت أن أطلق من ابنه وأرجع له تاني هل ممكن وأعمل ماذا أنا أحب ابنه وهو يحبني كثيرا لدرجة الجنون ولما طلبت الطلاق ظللنا أنا وهو نبكي كثيرا ولم يرض ولو عرف السبب ممكن يقتل أباه أو يقتل نفسه أنقذوني وأفيدوني وإن الله غفور رحيم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤال السائلة على نقاط عدة :
أولها : تقصير زوجها في حقوقها .
ثانيها : استغلال والد زوجها لذلك وتحرشه بها بل وعمله الفاحشة معها .
ثالثها : طلب الطلاق من زوجها والسبب كما يظهر هو زنى والده بها .
والجواب والله تعالى أعلم عن النقطة الثانية والأهم هو أنه ما كان يجوز لها أن تمكن والد زوجها منها تحت أي ظرف، وأنها إن كانت مكنته غير مجبرة فقد ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب ويجب عليها التوبة منها، ولا يجوز لها أن تختلي مع والد زوجها، بل يجب عليها أن تتخذ من الإجراءات اللازمة للحيلولة بينه وبينها ما يمكنها ، وقد اختلف أهل العلم في تحريم الزوجة على زوجها إذا زنى بها والده أو ابنه فمنهم من يرى تحريمها به ومنهم من لا يراه ، وتراجع الفتوى رقم :(62/21)
67298 ، وعلى القول المرجح في هذه الفتاوى فالنكاح لا يزال صحيحا، ولكن يجب أن تستقلي بسكن عن هذا الرجل وأمثاله.
وأما طلب الطلاق وهو النقطة الثالثة فالأصل أنه منهي عنه لكن إن كان من أجل رفع ضرر لا يزول إلا به كأذي الزوج لزوجته أو منعه إياها من حق واجب لها عليه فلا حرج فيه حينئذ ، كما لا حرج فيه إذا كان لغرض الابتعاد عن بيئة لا يمكن للمرأة فيها أن تحافظ على عرضها، بل إنه في هذه الحالة قد يكون واجبا إذا تعين كطريق للحيلولة دون المعصية ، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية : 27221 ، 57443 ، 3970 ، 34218 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الحرام لا يحرم الحلال
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الثانية 1427 / 02-07-2006
السؤال
شخص مارس مقدمات الزنا وليس الزنا مع أم خطيبته في فترة الخطوبة ولكنه تاب إلى الله وندم على ما فعل وعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى، وهو شخص يصلي ويعرف ربه جيدا وملتزم أخلاقيا ودينيا، فما هو الحكم الشرعي في هذه الحالة، هل تحرم عليه هذه البنت التي مارس مع أمها مقدمات الزنا في فترة الخطوبة ويكون زواجه منها زنا ويكون يعيش معها في الحرام أم يكون الزواج حلالا ؟
وجزاكم الله خيرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقوع الرجل في الزنا أو مقدماته والعياذ بالله مع أم خطيبته لا يحرم عليه أن يتزوج بابنتها على الراجح كما في الفتوى رقم : 69733 ، بل له أن يتزوج بها لأن الحرام لا يحرم الحلال ، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى مما وقع فيه ، وانظر الفتوى رقم : 20064 ، والفتوى رقم : 45137 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أولاد المرأة من زوجين هل هم محارم
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الأولى 1427 / 22-06-2006
السؤال
عمتي طُلقت وكان لها ثلاثة أولاد تربوا مع والدهم وزوجته، ثم تزوجت عمتي من رجل آخر وأنجبت بنتين وولدين، فهل صحيح أن أولادها من الزوج الأول لا يعتبرون محارم لبناتها من الزوج الثاني، وأنه يجوز الزواج بينهم، وهل صحيح أنه(62/22)
لا يجوز لأولاد الأب أن يقولوا أمي لزوجة الأب، وأن كلمة أمي لا تقال إلا للأم التي أنجبتهم فقط، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أولاد المرأة من زوجين أو أكثر هم إخوة من أم، دليل ذلك قوله جل جلاله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ {النساء:23}، فقوله سبحانه (وأخواتكم) يشمل الأخوات الشقيقات والأخوات من أب والأخوات من أم، وهذا بإجماع المسلمين، وهم محارم لا يحل أن يكون بينهم زواج.
وأما قول الأولاد لزوجة أبيهم (يا أمي) فلا مانع منه، لأنه من باب الأدب والاحترام، وليس المقصود حقيقة الأمومة، ولمعرفة حق زوجة الأب انظر في الفتوى رقم: 47316.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
موانع الزواج المؤقتة والمؤبدة
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1427 / 13-06-2006
السؤال
ما هي موانع الزواج الشرعية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
موانع الزواج كثيرة منها المؤبد ومنها المؤقت ، ونذكر بعضا منها فيما يلي :
1ـ أن يكون بالزوجين أو بأحدهما ما يمنع من التزويج من محرمية بسبب نسب أو رضاع أومصاهرة، ودليله الآية (23) من سورة النساء في بيان المحرمات من النساء .
2ـ كون المرأة غير خليه عن زوج، أي متزوجة ، لقوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ {النساء: 24 }
3ـ اختلاف الدين بين الزوجين بأن يكون مسلماً وهي وثنية، أو كونها مسلمة وهو غير مسلم ، ويستثنى من الاختلاف في الدين جواز زواج المسلم بالكتابية بشرط أن تكون عفيفة .
4ـ كون المرأة في عدة من نكاح .
5ـ كون أحدهما محرماً بحج أو عمرة .
6ـ البائن بينونة كبرى لا تحل للزوج قبل أن تنكح زوجا غيره .
7ـ نكاح خامسة لمن في عصمته أربع نسوة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... العمة من النسب والرضاعة من محارم الرجل(62/23)
تاريخ الفتوى : ... 09 ربيع الثاني 1427 / 08-05-2006
السؤال
هل يجوز لبس الخمار إذا كان يجوز فلا بد من دليل وهل هو من السنة لأنني لدي عمتي زوجها يأمرها بأن تلبس الخمار تجاهي لكنني حاورته في هذه المسألة وقال لي هذا اجتهاد عقلي وكل ما أذكر له حديثا يقول لي ضعيف أو غير مسند لكنني عندما أروي له الحديث أكون متأكدا منه لذا إن كان كلامه صحيحا أريد دليلا قويا وإن كان غير صحيح أيضا أريد دليلا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الحجاب وذكرنا أدلته من الكتاب والسنة وكلام أهل العلم فيه وذلك في الفتويين رقم : 27921 ، 5224 . ولكن إن كانت المرأة عمتك في النسب أي أنها أخت والدك فأنت من محارمها وليس عليها أن تحتجب منك ، وكذا لو كانت عمتك من الرضاع أي أنها أخت والدك من الرضاع فهي محرم لك أيضا ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن عليَّ أفلح أخو أبي القعيس بعد ما أنزل الحجاب فقلت لا آذن له حتى أستأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما منعك أن تأذني عمك قلت: يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فقال: ائذني له فإنه عمك تربت يمينك . قال عروة فلذلك كانت عائشة تقول : حرموا من الرضاعة ما تحرمون من النسب . متفق عليه واللفظ للبخاري .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التحريم للخالة دون فروعها
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1427 / 26-04-2006
السؤال
هل زواج الرجل من بنت ابن خالته حلال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بنت الخالة ليست من المحارم، فالتحريم إنما هو للخالة دون فروعها، وعليه، فيجوز زواج الرجل من بنت خالته المباشرة ومن بنت ابن خالته إلا أن يكون بينه وبينها رضاع فتحرم بالرضاع لا بالنسب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوج الأم هل هو محرم لزوجة الابن(62/24)
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الأول 1427 / 23-04-2006
السؤال
هل زوج أمي يكون من المحارم علينا وعلى زوجة أخي، فهل يجب على زوجة أخي أن تتحجب أمامه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوج أمك من المحارم لك ولأخواتك، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:23}، فإذا دخل الرجل بالأم حرم عليه جميع بناتها، وليس زوج أمك محرماً لزوجة أخيك لأنه لا سبب للمحرمية لا من نسب ولا رضاع ولا مصاهرة، فيجب عليها أن تتحجب منه، ويحرم عليه أن يخلو بها أو ينظر إليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خلوة المرأة بزوج ابنتها بعد تطليقه لها
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1427 / 11-04-2006
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تدخل على زوج ابنتها بعد أن تطلق البنت منه والعكس أن يدخل الرجل على طليقة والده وأن يعتبر محرما لها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم : 17362 ، والفتوى رقم : 18532 ، والفتوى رقم : 26819 ، أن مجرد العقد على البنات يحرم الأمهات ، وعليه فيجوز لأم الزوجة أن تدخل على من كان زوجا لبنتها ولو طلقها بعد ذلك لأن حرمتها أبدية ، إلا أن تخشى الفتنة فيحرم خلوته بها حينئذ ولو كان لا يزال زوجا لابنتها .
وطليقة والده أيضا محرمة عليه أبدا كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : 22683 ، لقول الله تعالى : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ {النساء: 22 } ولتفاصيل ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم : 19391 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حرمة الجمع بين المرأة وعمتها محل إجماع العلماء
تاريخ الفتوى : ... 05 صفر 1427 / 06-03-2006
السؤال(62/25)
سماحة الشيخ أرجو الإجابة على سؤالي، هل يجوز لي زيارة خالتي التي زوجت بنتها من رجل يكون زوج عمتها، علماً بأنها علمت بأنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها، ولكن لم تعترض على هذه الزيجة، وزوجتها سراً وإلى يومنا هذا تعيش بنتها مع زوج عمتها وأنجبت منه ثلاثة أطفال، وحاولت أكثر من مرة أن أشرح لها بأن ما فعلته هي وزوجها من تزويج بنتهما من زوج عمتها تعتبر جريمة في حكم الشريعة الإسلامية، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي، ولم ينتصحوا حتى مات زوج خالتي ولا زالت ابنته تعيش مع هذا الرجل، بعد هذا التوضيح هل أكون قاطعا للرحم إذا امتنعت من مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة قد تزوجت بزوج عمتها هي أو عمة أمها، وكانت العمة على عقد نكاح هذا الرجل، فهذا النكاح باطل، والواجب عليهما أن يفترقا فوراً، وما حدث من أولاد بينهما فينسبون إلى الزوج إن كانوا يعتقدون صحة ذلك النكاح، لأنه وطء بشبهة، ودليل التحريم ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.
قال الإمام ولي الدين أبو زرعة العراقي في طرح التثريب: فيه تحريم الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها وهو مجمع على تحريمه, كما حكاه ابن المنذر وابن عبد البر والنووي وغيرهم، وقال الشافعي رضي الله عنه: هو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته. حكاه عنه البيهقي في المعرفة، وقال النووي بعد حكايته: إجماع العلماء في ذلك، وقالت طائفة من الخوارج والشيعة: يجوز، وقال أبو العباس القرطبي: أجاز الخوارج الجمع بين الأختين وبين المرأة وعمتها وخالتها ولا يعتد بخلافهم، لأنهم مرقوا من الدين وخرجوا منه ولأنهم مخالفون للسنة الثابتة في ذلك. انتهى. وذكره الأختين هنا سبق قلم، فلم يخالف في هذا أحد وهو منصوص القرآن، وحكى الشيخ تقي الدين -ابن دقيق العيد- في شرح العمدة تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها عن جمهور الأمة ولم يعين القائل بمقالته، وقال ابن حزم: على هذا جمهور الناس؛ إلا عثمان البتي فإنه أباحه. انتهى.
وأما زيارة خالتك، فإن كانت تنزجر عن هذا الحرام بهجرها وعدم زيارتها فلا بأس في الهجر حينئذ، لأنه هجر لمصلحة دينية، وأما إن كانت لا تنزجر عن ذلك بالهجر، فنرى أن مواصلتها مع نصحها وتذكيرها بالله تعالى أولى، وننبهك أخي الكريم إلى أنك إن قدرت على إنكار هذا المنكر برفعه لمن يمكنه تغييره أو نصح من وقعوا فيه، فإن عليك أن تفعل ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تبقى مع زوجها بعد ما زنى بابنتها
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1426 / 08-12-2005(62/26)
السؤال
زوجي قام بالتعدي على أولادي البنات . فهل أعتبر طالقا منه أو ماذا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصدين بالتعدي الزنا والعياذ بالله ، فإن العلماء اختلفوا في تحريم الزوجة على زوجها إذا زنى بأمها، أو بابنتها ، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الوطء الحرام يحرم الحلال، وعليه فتكون أم المزني بها محرمة على الزاني، فلا يحل له أن ينكحها ، أو يستمر معها على النكاح السابق، وذهب المالكية في أحد أقوالهم والشافعية إلى أن الوطء الحرام لا يحرم الحلال، فللزاني أن يتزوج بأم من زنى بها، أو يبقى معها على النكاح السابق.
ولعل الراجح هو هذا القول الأخير، لأن الله تعالى إنما حرم أم الزوجة لا أم المزني بها، فقال: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ {النساء:23}، والمزني بها ليست زوجة.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم:45137، والفتوى رقم:44378.
وعليه فلا تكوني طالقا من زوجك بسبب زناه بابنتك، وإن كنت تقصدين بالتعدي ما دون الزنا فالأمر واضح، وعليك إبعاد بناتك عنه وعدم السماح له بالخلوة بهن.
وأما زوجك فعليه أن يتوب إلى الله من هذه المعصية الكبيرة، فإن بناتك إن كن منه، فهن من أقرب المحارم إليه، ووطؤهن من أكبر الكبائر، وإن كن من غيره، فهن محارمه كذلك إذا كان دخل بك لقوله تعالى : وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ {النساء: 23}
وعليه البعد كل البعد عن الزنا. فقد قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً{الإسراء:32}. وأحرى إذا كان الزنا بذات محرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفرق بين المحارم المؤقتين والدائمين.. وعورة المرأة بالنسبة لهم
تاريخ الفتوى : ... 10 رمضان 1426 / 13-10-2005
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة وأريد معرفة:
-من هم المحارم المؤقتون ؟
- وما الفرق بينهم وبين المحارم الدائمين؟
- وهل يجوز أن أجلس معهم -مع مراعاة أن الجلسة معهم غالبا لا تقتصر على مناقشة الأمور الدينية - وأن أضحك معهم وأن أظهر معهم بشعري خلال فترة حرمتهم علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(62/27)
فسبق ذكر المحارم على التأبيد في الفتوى رقم: 6741 ، فيجوز الجلوس معهم والخلوة بهم والسفر معهم وكشف غير العورة أمامهم، بخلاف من حرمتهم مؤقتة فلا تجوز الخلوة بهم ولا السفر معهم ولا نظرهم إلى المرأة ولا نظرها إليهم.
والخلاصة أن المحارم على التأبيد هم من كان تحريمهم لا لعارض، فيحرم الزواج بهم أبدا، أما من كان تحريم الزواج به لعارض كالكافر فلا يجوز للمسلمة الزواج به، ولكن هذا التحريم عارض فإذا أسلم حلَّ الزواج به، وكالمطلقة ثلاثاً فيحرم على من طلقها كذلك الزواج بها حتى تنكح زوجا آخر فإذا طلقها الثاني جاز لزوجها الأول الزواج بها لأن تحريمها لأمر عارض، وكأخت الزوجة -مثلا- أو عمتها أو خالتها فالحرمة مؤقتة فلا يجمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها، فإذا طلق زوجته جاز له الزواج بأختها أو عمتها أو خالتها.
والمحرم على التأقيت مثله مثل أي أجنبي آخر، والمحرمة على التأقيت حكمها حكم أي أجنبية أخرى.
وعورة المرأة أمام محارمها على التأبيد مختلف فيها :
فذهب المالكية والحنابلة على المعتمد إلى أن عورة المرأة بالنسبة إلى رجل محرم لها هي غير الوجه والرأس واليدين والرجلين, فيحرم عليها كشف صدرها وثدييها ونحو ذلك عنده, ويحرم على محارمها كأبيها رؤية هذه الأعضاء منها وإن كان من غير شهوة وتلذذ.
وذهب الحنفية إلى أن عورتها عند محارمها هي ما بين سرتها إلى ركبتها, وكذا يحرم النظر إلى ظهرها وبطنها, فيحل لمن هو محرم النظر إلى ما عدا هذه الأعضاء منها عند أمن الفتنة وخلو نظره من الشهوة.
وذهب الشافعية إلى جواز نظر الرجل إلى ما عدا ما بين السرة والركبة من محارمه من النساء من نسب أو رضاع أو مصاهرة صحيحة, وقيل: يحل له النظر فقط إلى ما يظهر منها عادة في العمل داخل البيت, أي إلى الرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة. وهم يقررون هذين الاتجاهين أيضا بالنسبة لنظرها إلى من هو محرم لها.
والمفتى به عندنا هو ما ذكرناه في الفتوى رقم 599.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أخ الزوج من أمها هل يعتبر خالا لأبنائها وبناتها
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الثانية 1426 / 28-07-2005
السؤال
لدي جدة مطلقة وتزوجت من رجل آخر وأنجبت منه سؤالي هو: هل يحل لهذين الولدين أن يرياني بدون حجاب وأن أجلس معهما مع أنهما من شخص لا يمت لي بأي صلة إلا أنه زوج جدتي... أو أن أعتبرهما بمثابة أخوال لي ..أي إخوة لأمي ولكن من أب ثان ... فتحل لهم رؤيتي ... مع العلم أنهما أكبر مني سنا ... أهلي لا يعارضون في ذلك وأريد جوابا قاطعا هل يحلون علي أم لا؟(62/28)
وانتظر منكم الجواب الشافي.
وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القصد هو أن جدتك تزوجت رجلاً آخر غير أبي أمك وأنجبت منه أولاداُ فإنا ننبهك إلى أن أولئك الأولاد من محارمك لأنهم أخوالك إخوة أمك من أمهم، والخال من المحارم، قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ {النساء: 23}. وأنت بنت أختهم، فيجوز أن يروا منك ما يراه محارمك فيرونك بدون حجاب، ولا عبرة بمسألة السن في ذلك، فسواء كانوا أكبر منك أم أصغر فهم أخوالك، وانظري الفتوى رقم: 27296، والفتوى رقم: 9441.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عم المرأة وخالها من محارمها
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1426 / 07-06-2005
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
1- حسب معرفتي أن الحمو هو قريب الزوج ، لكن هل يشمل كذلك قريب الزوجة المحرم مثل العم أو الخال؟ وبمعنى آخر هل يجوز أن تنفرد المرأة في المنزل مع عمها (أخي الأب) أو خالها (أخي الأم) كونه جاء زائرا لها وزوجها خرج لشراء حاجيات مثلا لمدة ساعة أو أكثر؟
2- عندما عاد الزوج وجد الباب مغلقا بالمفتاح من الداخل وبقي يطرق الباب لمدة عشر دقائق ولا أحد يجيب وعندما فتح الباب وجد عم الزوجة يلبس ملابسه أي أنه كان قد خلعها فماذا يجب على الزوج أن يتصرف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عم المرأة وخالها من محارمها يدخلان عليها ويجوز لهما ما يجوز للمحارم من الخلوة والسفر ونحو ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6230.
وأما الحمو الوارد في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه. فالمقصود به هو ما بينته رواية الليث بن سعد قال: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج كابن العم ونحوه.
قال النووي: واتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم. قال: والمقصود بهم في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه.(62/29)
وأما عم المرأة وخالها فليسا من أحمائها، بل هما من محارمها الذين تجوز لهم الخلوة بها إجماعا كما قال النووي، ولكن إذا خشيت الفتنة منهما منعت الخلوة بها لذلك.
ومن حق الزوج على زوجته أن لا توطئ فراشه من يكره ولا تدخل بيته من لم يأذن في دخوله كما في صحيح مسلم من خطبته صلى الله عليه وسلم بعرفة، قال: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه... قال النووي: والمختار أن معناه أن لا يأذنَ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك، لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن منه في ذلك.
إذا فللزوج أن يمنع دخول من يكره دخوله في بيته لريبة أو غيرها، ولا يجوز للزوجة مخالفته في ذلك ولو كان أباها أو أمها، وينبغي للزوج أن لا يفعل ذلك إلا لريبة معلومة أو مظنونة.. كما ننبه هنا إلى مسألتين عظيمتين هما أن اتهام المسلم بارتكاب الفواحش أمر خطير، كما بينا في الفتوى رقم: 35488 ، وكذلك اتهام الزوجة والطعن في شرفها وعفتها، وحسبنا في ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور: 23}
فعلى الزوج أن يتقي الله سبحانه، وأن لا يسارع بالمجازفة في اتهام المسلمين سيما بهذا الأمر العظيم، وليعلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، يوسوس له ويوقع بينه وبين إخوانه بالتحريش وسوء الظن، وقد يكون ما وقع في نفس هذا الزوج من ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خال الأب من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الثاني 1426 / 30-05-2005
السؤال
أخوان من أب ذكر وأنثى الأنثى عندهما ولد متزوج الولد عنده بنت البنت تريد خال أبيها ما حكم الشرع في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخال الأب وخال الأم من المحارم، سواء كان شقيقا أو لأب أو لأم، فلا يجوز للمرأة الزواج بخال أبيها أو أمها وسبق بيانه في الفتوى رقم: 18879، 33386.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ولادة التوائم لا تحرم الزوجة على زوجها
تاريخ الفتوى : ... 26 شعبان 1425 / 11-10-2004(62/30)
السؤال
هل صحيح أنه عندما تنجب المرأة للمرة الثالثة توأم (2+2+2) تحرم على زوجها ما صحة ذلك في الشرع والسنة، وما تبريره إن كان صحيحاً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مقاصد الزواج النبيلة وأهدافه المنشودة تكثير الأمة، فقد ورد في الحديث الذي أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود، وصححه الألباني عن معقل بن يسار، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة.
فدل هذا الحديث على أن المرأة إذا كانت عاقراً لا تلد كان ذلك نقصاً فيها بخلاف المرأة الولود، فإن الزواج بها فضيلة.
قال صاحب عون المعبود عند شرحه للحديث المتقدم: وقيد بهذين -يعني الودود الولود- لأن الولود إذا لم تكن ودودا لم يرغب في الزوج فيها، والودود إذا لم تكن ولوداً لم يحصل المطلوب وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد. انتهى، فبان من هذا أن المرأة التي تنجب التوائم هي داخلة في هذا المعنى بالأحرى.
وأما كون هذا سبباً في تحريمها على زوجها، فهذا ما لم يقل به أحد من أهل العلم، ولا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الخرافات التي لا مستند لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تحرم الزوجة إذا اشتهى الزوج أمها
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1425 / 28-09-2004
السؤال
هل إذا اشتهي رجل حماته فسوف يبطل زواجه بابنتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسأل عما إذا كان مجرد حصول شهوة في قلب الإنسان لأم زوجته يفسد نكاحه بابنتها فإنا لم نقف على من قال بذلك، وأما إن كنت تسأل عما إذا كان التلذذ بأم الزوجة بوطء أو بغيره يحرم الزوجة أم لا يحرمها، فإن هذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم، فمذهب الأحناف أن أي فعل فعله المرء بأم زوجته بقصد اللذة تحرم عليه به زوجته، قال في درر الحكام: من قبل أم امرأته تحرم امرأته ما لم يظهر عدم الشهوة وفي اللمس أي إذا مس أم امرأته لا تحرم ما لم تعلم الشهوة...
وتردد المالكية في هذا الموضوع، قال خليل: وإن حاول تلذذا بزوجته فتلذذ بابنتها فتردد. قال الخرشي: يعني أن من أراد أن يتلذذ بزوجته في ظلام مثلا، فوقعت يده على ابنتها فالتذ بها بوطء أو مقدمته، سواء كانت منه أو من غيره، ولم يشعر بها،(62/31)
فقد تردد الأشياخ في تحريم أمها على زوجها وفراقها وجوبا وعدم تحريمها وعدم وجوب الفراق، ولو قصد ولم يتلذذ لم ينشر على الصحيح.
قال العدوي في حاشيته: ومثل بنتها سائر فروعها وأصولها.
والمنقول عن أحمد أن الذي يحرم هو وطء الأم، قال ابن قدامة في المغني: قال الجوزجاني: سألت أحمد عن رجل نظر إلى أم امرأته في شهوة أو قبلها أو باشرها، فقال: أنا أقول: لا يحرمه شيء إلا الجماع.
وأما الشافعية فلا تحرم الزوجة عندهم بشيء من ذلك ولو جامع الزوج أم زوجته، ولعل مذهبهم أرجح لما أخرجه البخاري تعليقاً عن ابن عباس: إذا زنى بها لا تحرم عليه امرأته. قال في فتح الباري: وصله البيهقي من طريق هشام عن قتادة عن عكرمة بلفظ: في رجل غشى أم امرأته، قال: تخطى حرمتين ولا تحرم عليه امرأته، وإسناده صحيح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا حرج في بقاء الزوجة مع والد زوجها في بيت واحد
تاريخ الفتوى : ... 11 شعبان 1425 / 26-09-2004
السؤال
لي والد مسن وقد أغيب عن البيت أسبوعا وأعود في نهاية الأسبوع من العمل إلى البيت هل يحرم وجود زوجتي مع أبي في بيت واحد أثناء غيابي عن البيت لخدمة والدي ؟
شكراً لكم وجزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجة الابن محرمة حرمة أبدية على والد زوجها ولذا فلا مانع من بقائها معه في بيت واحد عند غياب زوجها، ويمكن أن يكون محرما لها في السفر وغير ذلك وانظر الفتوى رقم:
47131. وهذا في حال السلامة وإلا فينبغي لمن وجد في نفسه ميلا أن يحتاط كما أشرنا إليه في الفتوى رقم: 7769.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
كيفية التعامل مع المحرم عند حدوث ريبة
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1425 / 18-09-2004
السؤال
لي أخ من زوجة أبي لم أعش معه أبداً ولا عائلتي وقد التقي بعائلتي لمدة يومين خلال سفر، وهو قريب العمر من ابنتي وفي نفس الوقت ليس على قدر من التدين، وبعد ذلك بدأ يراسل ابنتي على الجوال برسائل فيها من التلطف بالكلام مما أوقع في(62/32)
نفسي سوء الظن به بأنه لا يعرف المحارم ويقدر قدرهم، لأن تلك الرسائل وكأنها من صياغتها من التي تكون بين ابن العم وابنة العمة أو الجار وجارته، فهل شرعاً يوجد حدود في تعامل البنت مع محارمها سواء العم أو الخال إذا كان قريب في العمر منها، كما لو جرحت أنا والدها مشاعره وأسمعته كلاماً غير طيب وعرفته بأنه غير مرغوب فيه يكون ذلك من قطيعة الرحم؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العم من محارم المرأة وقد أباح الشرع له السفر معها والخلوة بها والدخول عليها... وذلك بشرط أن تكون الفتنة مأمونة، أما إذا خشيت الفتنة أو حصلت ريبة فإنه يعامل معاملة الأجنبي درءا للمفسدة وسداً للذريعة.
وبما أن الشخص المذكور ليس على قدر كبير من العلم والدين، فإننا ننصح بنصحه من طرفكم أو من غيركم بطريقة ودية حفاظًاً على صلة الرحم... فلعله يجهل هذه الأمور أو لعله تأثر بالبيئة التي يعيش فيها... فإذا استجاب فذلك المطلوب، وإلا فإن عليك أن تصارحه بالحقيقة، كما ننبهك إلى أن ابنة العم وابنة الجار... من الأجنبيات اللاتي لا يجوز للرجل مراسلتهن أو مخاطبتهن بما لا يليق، ولتفاصيل ذلك وأدلته وعمل بعض السلف مع محارمهن نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18773، 23203، 27683.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من بنت أخت الجدة
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الثانية 1425 / 05-08-2004
السؤال
هل يجوز الزواج من بنت أخت الجدة؟ مع العلم أنها ليست من نفس العائلة التي أنا منها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من الزواج من بنت أخت الأم المباشرة فأحرى الجدة إذا لم تكن محرمة بسبب آخر، والدليل قوله الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ }(الأحزاب: 50)،
ولقوله تعالى بعد أن ذكر المحرمات: {ْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}(النساء: 24)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مس المرأة بشهوة من غير جماع لا يحرم ابنتها
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الثانية 1425 / 02-08-2004(62/33)
السؤال
سؤالي يا فضيلة الشيخ إنه كان لي علاقة صداقة مع امرأة متزوجة لم تصل إلى الفاحشه ولله الحمد وتبت إلى الله وأسأل الله المغفرة وإنني حافظت عليها وصنت شرفها وعفتها تريد أن تكافئني بتزويجى ابنتها مع علمي بأن بيتهم ملتزم ابنها إمام مسجد وابنتها معروفة بالاستقامه وللإنصاف أمها ليست لعوبة ولكنها نزوة هي أيضا تابت منها كما أني أحببت ابنتها لطيبتها وأخلاقها ولقد زرت والدها ونظرت لها النظرة الشرعية ودخلت قلبي هل أتزوجها يا فضيلة الشيخ رغم ما ذكرت لكم من قصتي مع والدتها وأشهد الله على مافي قلبي أني تبت كما أن والدتها انصلح حالها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من إتمام هذا الزواج، ومباشرة الأجنبية بشهوة من غير جماع لا تنشر التحريم، أي لا تحرم ابنتها بذلك عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، وكذلك الحنابلة في المعتمد عندهم، وذهب الحنفية إلى أن مس المرأة بشهوة يحرم ابنتها وأمها، ففي الهداية للإمام أبي الحسن المرغيناني: ومن مسته امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها.
وقال الشافعي رحمه الله: لا تحرم، وعلى هذا الخلاف مسه امرأة بشهوة ونظره إلى فرجها ونظرها إلى ذكره عن شهوة له أي للشافعي أن المس والنظر ليسا في معنى الدخول، ولهذا لا يتعلق بهما فساد الصوم والإحرام، ووجوب الاغتسال، فلا يلحقان به.
ولنا أي الحنفية أن المس والنظر سبب داع إلى الوطء، فيقام مقامه في موضع الاحتياط، ثم المس بشهوة أن تنتشر الآلة أو تزداد انتشارا هو الصحيح، والمعتبر النظر إلى الفرج الداخل، ولا يتحقق ذلك إلا عند اتكائها، ولو مس فأنزل فقد قيل إنه يوجب الحرمة، والصحيح أنه لا يوجبها لأنه بالإنزال تبين أنه غير مفض إلى الوطء، وعلى هذا إتيان المرأة في الدبر. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 50722.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من زوجة ابن الأخ
تاريخ الفتوى : ... 04 جمادي الأولى 1425 / 22-06-2004
السؤال
ما حكم من يتزوج من زوجة ابن أخيه بعد وفاته أو بعد طلاقه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في أن يتزوج الرجل زوجة ابن أخيه أو غيره من أقربائه إذا طلقها أو توفي عنها بعد انقضاء عدتها من الطلاق أو من الوفاة ولا شيء في ذلك وإنما يحرم(62/34)
عليه أن يتزوج زوجة أبيه أو جده وكذلك زوجة ولده، قال الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً [النساء:22]، وقال تعالى: وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:23]، أيضاً والمراد زوجات الأبناء، قال في المغني: وتحرم على الرجل امرأة أبيه قريباً كان أو بعيداً وارثاً كان أو غير وارث من نسب أو رضاع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ابن الزوج من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الثاني 1425 / 17-06-2004
السؤال
لو سمحت سؤال عاجل أنا متزوجة من رجل معه 3 أولاد واحد 17 سنة واتنان 15 سنه هل يجوز أن ألبس قمصان نوم بحمالات أمامهم أم أن هذا
حرام مع العلم بأن عمري 25 سنة عاجل وضروري
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن الزوج من المحارم كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 31743.
وعليه، فيجوز لك عند أمن الفتنة أن تكشفي أمامه ما يبدو عند المهنة كما هو مبين في الفتوى رقم: 31428 فإذا كانت الحمالات بالوصف المذكور في الفتوى المحال عليها فيجوز وإلا فيحرم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تحتجب المرأة عن إخوة زوجة أبيها
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الثاني 1425 / 24-05-2004
السؤال
لدي سؤال يؤرقني منذ زمن وأرجو أن توجهوني إلى الحل الذي يرضي الله عزوجل وجزاكم الله كل خير
نشأت في بيت والحمد لله محافظ, أبي طلق أمي وأنا في الثانية من عمري وتزوج امرأة تانية قامت بتربيتي ورعايتي منذ نعومة أظافري إلى الآن وها أناذا في الخامسة والثلاثين من عمري, لم أستطع فراقها ولو بعد وفاة والدي رحمه الله تعالى, مع العلم بأنهالم ترزق بأولاد قط. مشكلتي الآن وقد كبرت وهداني الله إلى الحجاب, أصبحت أتحرج أمام إخوة أمي الذين نشأت بينهم وكانوا بمتابة أخوال لي. إذن أتساءل الآن ما موقف الشرع في هذه المسألة؟ وكيف أتصرف معهم, ومع أمي التي لم تتقبل المسألة وقد سبب لها هذا الموضوع أزمة نفسية لأنها لا تتقبل حقيقة الأمر.(62/35)
وجزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أن إخوة زوجة أبيك أجانب عنك فليس بينك وبينهم محرمية ، ولذا لا يجوز أن يخلو أحدهم بك ولا أن تكشفي أمامه ما لا يحل كشفه من العورة ، إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية المعروفة ، ويجب على زوجة أبيك التى أحسنت تربيتك أن تتفهم الأمر ، وأن تعلم أننا محكومون بالشرع فلا نتعدى حكم الله قال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا
وقال تعالى : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وظننا بزوجة أبيك أنها إن علمت أن الشرع يمنعك من الظهور أمام إخوتها فلن تمانع بل ستحثك وتعينك على عدم الظهور أمامهم، ويمكنك أن تعرضي عليها هذه الفتوى، وهذا كله ما لم تكوني قد رضعت من هذه المرأة خمس رضعات مشبعات في الحولين الأولين من عمرك، فإن كنت قد رضعت منها ذلك الرضاع، فإنها أمك من الرضاعة، وإخوانها أخوالك من الرضاعة.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حول التحريم بالنسب والتحريم بالرضاع
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الأول 1425 / 16-05-2004
السؤال
رضعت زوجتي من خالتها فهل تكون هذه المرأه من محارمي باعتبار أنها أم زوجتي من الرضاعة
وهل هناك فرق بين المصاهرة والنسب أي إن الخاص بالتحريم من الرضاعة ما كان حراما بالنسب دون ما كان حراما بالمصاهرة كأم الزوجة
أفتونا مأجورين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خالة زوجتك التي أرضعتها تعتبر أماً لها من الرضاع وبالتالي فهي محرم لك؛ بدليل قوله تعالى: [وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ] (النساء: 23). وقوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. متفق عليه.
أما التحريم بالنسب والتحريم بالرضاع فلا فرق بينهما إلا في حالات قليلة، فالمحرمات من النسب سبع وهن: الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت، ويحرم مثلهن من الرضاع، بدليل الآية والحديث المتقدمين.(62/36)
أما المحرمات بالمصاهرة فهن أربع على التأبيد: ثلاث يحرمن بمجرد العقد، وهن: زوجة الأب من نسب أو رضاع، لقوله تعالى: [وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ] (النساء: 22).
وزوجة الابن من النسب أو الرضاع، لقوله تعالى: [وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ] (النساء: 23). وأم الزوجة من النسب أو الرضاع. وأما التي لا تحرم إلا بالدخول بعد العقد فهي بنت الزوجة، لقوله تعالى: [وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ] (النساء: 23). قال في المغني عند كلامه على التحريم بالمصاهرة: والمنصوص عليه أربع: أمهات النساء، فمن تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع قريبة أو بعيدة، نص عليه أحمد وهو قول أكثر أهل العلم، إلى أن قال: وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وكذلك قال في المغني: قال ابن المنذر: أجمع عامة علماء الأمصار على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أوماتت قبل الدخول حل له أن يتزوج ابنتها، كذلك قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد. انتهى كلامه.
ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 31313.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوجة الجد من المحرمات بالمصاهرة
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1425 / 17-05-2004
السؤال
علمنا أنه من المحرمات من النساء مصاهرة زوجة الأب وإن علا فهل من دخل بها جدي (والد والدتي) تعتبر من محارمي، وماذا عن بناتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوجة الجد من المحرمات من النساء بالمصاهرة، وهي داخلة في عموم قول الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء [النساء:22]، والجد أب وإن علا، ومما يدل لكونه أباً قول الله تعالى إخباراً عن يوسف أنه قال: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ [يوسف:38].
ومن المعلوم أن إبراهيم وإسحاق جدان ليوسف، وقد أخبر الله تعالى عن بني يعقوب أنهم قالوا: نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.[البقرة:133]، قال القرطبي في تفسيره الآية: إن الله سمى كل واحد من الجد والعم أبا.
وأما بنات زوجة الجد فإن لم يكن من بنات الجد فإنهن لا يعتبرن محارم لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا خرج على المرأة إذا باتت في بيت خالها أو خالتها(62/37)
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الأول 1425 / 11-05-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ أنا بنت لأب متزوج اثنتين من النساء أمي إحداهما وأسكن مع أبي وأمي في محافظة وإخواني وأمهم الأخرى المطلقة في محافظة أخرى ولي بيت خالي وخالاتي في نفس المحافظة التي يسكن فيها إخوتي وعندما أذهب إلى المحافظة الأخرى بصحبة أمي فأني لا أجلس ولا أنام في بيت إخوتي علما بأن إخوتي مع أمهم لهم بيت وهناك بيت لأخي الأكبر لوحده وأخواتي كذلك متزوجات ولهن بيوت وأنا أجلس في بيوت خالاتي وخالي مع العلم بأن مع خالي وخالاتي أولاد كبار في نفس عمري ما بين العشرين إلى الثالثة والعشرين وهم غير متزوجين فهل علي ذنب أن أبيت في غير بيت إخوتي وأنا أكشف لهم وجهي ويدي وقدمي فقط مع العلم بأن أحد إخوتي يقول لي إنه لا بد أن آتي عندهم وإلا فإني آثمة أجيبوا علي الرد وجزاكم الله خيرا
وسبب ذهابي عندهم بسبب أخاف أن ألقى مضايقة من خالتي حيث وهي مطلقة منذ سنوات .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في المبيت مع أمك في بيت خالك أو خالتك ولا إثم عليك في ذلك ما دمت ملتزمة بحجابك بعيدة عن الاختلاط بأولادهم الذين هم أجانب بالنسبة لك، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 10463، مع أن الاولى لك المبيت في بيت إخوانك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ليس للإنسان أن يجعل لنفسه محرما لم يجعله الشارع
تاريخ الفتوى : ... 21 ربيع الأول 1425 / 11-05-2004
السؤال
ربتني زوجة أبي وأنا ابنة سنتين وعشت مع أشقائها الذين أعتبرهم أخوالي، فهل يجوز لي مصافحتهم والتحلل في اللباس أمامهم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأشقاء زوجة أبيك أجانب بالنسبة لك، فلا يجوز أن تصافحي واحداً منهم ولا التحلل في اللباس أمامهم، ولا يغير من ذلك كونك عشت معهم واعتبرتهم أخوالك، فإن من لم يجعله الشارع محرماً فلا يمكن للإنسان أن يجعله محرماً، وأبناء زوجة أبيك من غير أبيك وآباؤها هم أقرب إليها من إخوتها، ومع ذلك فلا يجوز أن تصافحي أحداً منهم، فأحرى بإخوتها -إذاً- أن تحرم عليك مصافحتهم، وراجعي للفائدة الفتاوى(62/38)
ذات الأرقام التالية: 23186، 38344، 28012، وراجعي ما يجوز أن يراه المحرم من محرمه في الفتوى رقم: 20445.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزنا بالأم لا يحرم ابنتها
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الأول 1425 / 02-05-2004
السؤال
هل يجوز الزواج ببنت من زنا بها، علما بأني اطلعت على فتوى في هذا الموضوع فيها رأيان، الأول على مذهب الحنفية وهي لا تجيز مثل هذا الزواج باعتبار الرجل متى زنى بامرأة حرمت عليه أصولها وفروعها، و الرأي الآخر يجيز مثل هذا الزواج وهو رأي (الإمام مالك والشافعي)، ودليلهم على ذلك أن الزنى محرم ولا يمنع المحرم المحلل إلى آخر الفتوى (موقع إسلام أون لاين) والسؤال هنا: هل إذا أخذت برأي الشافعية أو الإمام مالك أكون آثما (على خطأ)، برجاء الرد سريعاً؟ وفقكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الزنى بالأم لا يحرم ابنتها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 34278.
وعلى هذا فلا مانع من الأخذ بذلك إلا أن من أراد الورع والاحتياط يبتعد عن ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أخت الجدة من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الأول 1425 / 25-04-2004
السؤال
هل أخت الجدة من المحارم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخت الجدة من المحارم، لأنها -أي أخت الجدة- إن كانت من جهة أمه كانت خالة لأمه وخالة الأم خالة له، وإن كانت من جهة أبيه كانت خالة لأبيه وخالة الأب خالة لابنه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... العمة لأم أختها لأبيها ليست محرمة
تاريخ الفتوى : ... 27 صفر 1425 / 18-04-2004(62/39)
السؤال
لي عمة هي أخت أبي من أمه . هل أختها من أبيها محرم لي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر على ما ذكرت فليس بينك وبين هذه المرأة محرمية، وكون أختها أختاً لأليك لأمه لا يؤثر في الأمر شيئاً، وانظر الفتوى رقم: 39591.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم سفر الرجل مع مطلقة ابنه
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1425 / 13-04-2004
السؤال
هل يجوز سفر والد رجل مع مطلقة ابنه كمحرم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بمجرد عقد الرجل النكاح على المرأة تكون قد حرمت على أبيه تحريما مؤبدا. قال تعالى:
[وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ] (النساء: 23).
والحلائل هن الزوجات، وهذه المحرمية مؤبدة، سواء بقيت زوجة للولد أم لا.
وعليه، فيجوز سفر الرجل مع مطلقة ابنه كمحرم.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 39343، والفتوى رقم: 17197.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أخت الجدة بمنزلة الخالة
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1425 / 11-04-2004
السؤال
هل أنا محرم لأخت جدتي وبناتها؟ و جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما أخت جدتك فأنت محرم لها لأنها بمنزلة خالتك وأما بناتها فلست بمحرم لهن وهن أجنبيات بالنسبة لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز التزوج بخالة الأم
تاريخ الفتوى : ... 10 صفر 1425 / 01-04-2004(62/40)
السؤال
هل يجوز التزوج من خالة أمي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك التزوج بخالة أمك لأنها من محارمك، قال القرافي في الفروق: وخالة الأم أخت جدتها والجدة أم وأختها خالة إلى أن قال، وقد تضمن هذا قوله سبحانه: وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ (النساء: من الآية23)، وانظر الفتوى رقم: 23881.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح ابنة من زنى بها
تاريخ الفتوى : ... 15 محرم 1425 / 07-03-2004
السؤال
أسأل سؤالي وأنا أتمنى من الله عز وجل أن يغفر لي ما سبق... السؤال هو أني مارست جريمة الزنا مع امرأة كانت لي معرفة سابقة معها وتبت إلى الله عسى أن يتقبل مني توبتي، وبعد ذلك تقابلت مع ابنتها فأحبتني ابنتها، وأن أيضاً أحببتها لدرجة عدم الاستغناء عنها، وعزمت أن لا أكرر ما فعلته في الماضي فأردت أن أحفظ هذا الحب وأن أتزوجها على سنة الله ورسوله، ما رأي الدين في هذه الزيجة من ابنة من زنيت بها؟ وأريد تفسير (ناكح الفرجين في النار) مع العلم بأني لا أقدر على الاستغناء عن هذه البنت ولا هي أيضاً وأنا الحمد لله محافظ على ديني وصلاتي.. ولكم مني جزيل الشكر...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن صدق التوبة أن يعزم التائب على أن لا يعود إلى المعصية التي تاب منها، وها أنت تعيد الأمر جذعاً فتلتقي بامرأة أجنبية عنك وتنشئ معها علاقة آثمة محرمة، وكأنك تعتقد أن المحرم هو الزنا، وأما ما دون ذلك من اللقاء والخلوة والنظرة فمباح، فإن كنت تعتقد ذلك فأنت مخطئ فكل ذلك حرام، وهي سلسلة من المعاصي تبلغ أوجها بالوقوع في الزنا فاتق الله وتب إليه توبة نصوحاً، فهي التي علق الله عليها عفوه عن صاحبها كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم.
وأما الزواج من هذه البنت التي زنيت بأمها، فمختلف فيه عند أهل العلم، فعند الشافعي لا تحرم، جاء في كتاب الأم: وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرّم بالحلال والحرام ضد الحلال. ا.هـ
بينما ذهب أبو حنيفة إلى أن الزنا بامرأة يحرم ابنتها على من زنى بها، جاء في نصب الراية: ومن زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها.ا.هـ(62/41)
وأما مذهب الحنابلة فقال ابن قدامة في المغني: ووطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة ... فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها... نص أحمد على هذا في رواية جماعة. ا.هـ
وذهب المالكية في المعتمد عندهم إلى أن الحرام لا يحرم الحلال، ولعل قول الشافعي ومالك هو الراجح، وراجع الفتوى رقم: 35501.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المحرمية ثابتة بين الزوجة وأباء زوجها من جهة النسب
تاريخ الفتوى : ... 09 محرم 1425 / 01-03-2004
السؤال
يا شيخ لو تزوجت امرأة من بلاد أخرى فمن يحق له من أهلي أن يصافحها وينظر إليها، حيث إنها هي مغطية كل جسدها ولا يظهر منها ظفر يدها ولله الحمد، فهل لأبي أن يراها وهل لجدي من أمي أن يراها أم فقط ابي وأمي والنساء ولا غير وشكرا أرجو التفصيل بالمسألة وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح يوجب محرمية بين الزوجة وآباء زوجها من جهة النسب أو الرضاع، لقول الله: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31)، والجد من الآباء، وانظر الفتوى رقم: 9458، والفتوى رقم: 5063.
ومن هذا يتبين أن أبا الزوج وجده من قبل الأم هما من جملة المحارم للزوجة، بحيث يجوز لها أن تصافحهما وتختلي بهما إذا أمنت الفتنة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
زوج الحفيدة محرم لجدتها
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو القعدة 1424 / 30-12-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: هل يجوز للجدة أن ترى زوج حفيدتها ( أي زوج بنت ولدها ) وهل يجوز له السلام عليها؟ شكرا"
الفتوى(62/42)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن هذه المرأة أعني الجدة قد أصبحت من محارم هذا الرجل الذي هو زوج لحفيدتها، لأنها بمنزلة الأم، فتدخل في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُم وراجعي لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 6435. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوج الأم هل هو محرم لبناتها وإن نزلن؟
تاريخ الفتوى : ... 05 ذو القعدة 1424 / 29-12-2003
السؤال
لقد تزوجت أمي رجلا" بعد وفاة والدي وقد أصبح عمي الآن ولكن هل يجوز أن يرى هذا الرجل ( زوج أمي) بناتي والآن هو يسلم عليهن ولكنني أحببت السؤال لأمنعهن إذا كان لا يجوز
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كل رجل تزوج امرأة ودخل بها حرم عليه جميع بناتها من نسب أو رضاع، وكذا بنات بنتها، أما إن لم يكن دخل بها بل طلق قبل الدخول أو ماتت المرأة، فإن بناتها وحفيداتها لا يحرمن بذلك، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (النساء: من الآية23) وعلى هذا فإن كان زوج أمك هذا عقد على أمك ودخل بها، فإنك وبناتك تصبحن جميعاً بذلك من محارم هذا الرجل، يجوز له ما يجوز لغيره من المحارم من المصافحة والخلوة وغير ذلك إذا أمنت الفتنة. وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 9185 والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الخالات محرمات وإن علون
تاريخ الفتوى : ... 22 شوال 1424 / 17-12-2003
السؤال
السلام عليكم لدي سؤلان: الأول: هل خالة أمي محرم لي ويجوز لها أن تكشف أمامي، وكذلك خال أمي هل هو محرم لأخواتي ويجوز أن يكشفن أمامه؟ السؤال الثاني: إذا توضأت ولبست في القدم لوحده جوربين اثنين (شرابات) وبعد فترة انتقض وضوئي وخلعت الشراب الأول وأرجعته، هل يجوز أن أمسح عليه مرة أخرى، علماً بأني لم أخلع الشراب الثاني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فتنبغي أولاً الإشارة إلى ما يجوز للمرأة كشفه أمام محرمها، وقد سبق تحديد ذلك في الفتوى رقم: 599 فراجعها. وخالة أمك محرمة عليك، لقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ(62/43)
أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23]. فالخالات محرمات وإن علون، وكذا خال أمك هو محرم لأخواتك الشقيقات أو لأم، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 18828. ولا فرق بين خال الأم وخال الجدة، فالخال كله محرم وإن علا. وعن سؤالك الثاني فإنك إذا خلعت أحد جوربيك فلا يصح أن ترده وتمسح عليه في الوضوء، لأن من شرط صحة المسح أن تلبسهما على طهارة كاملة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5345، والفتوى رقم: 6345. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزوجة محرمة على أبي الزوج تحريما أبديا
تاريخ الفتوى : ... 29 شعبان 1424 / 26-10-2003
السؤال
إذا بانت المطلقة بينونة كبرى فهل يحرم على والد الزوج المطلق رؤيتها من غير حجاب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإنه بمجرد عقد الرجل النكاح علىالمرأة تكون حرمت على أبيه، كما قال الله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]. والحلائل هن الزوجات، وهذه المحرمية مؤبدة سواء بقيت زوجة للولد أم لا، فيحل للرجل أن ينظرمنها إلى ما يحل له النظر إليه من محارمه، وانظر الفتوى رقم: 20747. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أم الزوجة تكون محرما للزوج بمجرد العقد
تاريخ الفتوى : ... 25 شعبان 1424 / 22-10-2003
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تجلس مع صهرها وهي لا ترتدي الحجاب، مع العلم بأن صهرها لم يدخل على بنتها، أعني فقط في فترة الخطوبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن أم الزوجة تصير محرماً للزوج بمجرد العقد على بنتها، لأن الله تعالى شرط الدخول في تحريم البنات إذا عقد على أمهاتهن ولم يشترط الدخول في تحريم الأمهات، فقال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ(62/44)
عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23]. ولكن اعلمي أن الخطبة لا تبيح شيئاً، فالمرأة وابنتها المخطوبة أجنبيات على الخاطب ما لم يتم عقد النكاح، وعليه فلا يجوز للمرأة أن تجلس مع خطيب ابنتها غير مرتدية الحجاب. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الأخت وابنتها وإن سفلت من النساء المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 03 رجب 1424 / 31-08-2003
السؤال
رجل تزوج من ابنة ابن أخته ما حكمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النكاح باطل؛ لأن الأخت وابنتها وإن سفلت من النساء المحرمات، اللاتي اشتملت عليهنَّ الآية الكريمة من سورة النساء، حيث قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ[النساء:23].
فبنات الأخت يشملن كل من لها عليها ولادة مباشرة أو بواسطة، وعليه فإن هذا النكاح باطل ويُفَرَّقُ بينهما فورًا. وإن كان هذا الزواج صدر عن الرجل خطأ أو نسيانًا فهو معذور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.
وإن كان حصل منه عمدًا فليبادر إلى التوبة الصادقة والاستغفار, والإكثار من الأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوجة الابن تحرم على الأب بمجرد العقد
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1424 / 27-08-2003
السؤال
نعلم أن الزوجة تضع الحجاب عن والد زوجها ، فهل يكون هذا بعد العقد أم لا بد من الدخول بالزوجة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة الابن تحرم على أبيه بمجرد العقد، قال ابن قدامة في المغني: فيحرم على الرجل أزواج أبنائه، وأبناء أبنائه، وأبناء بناته، من نسب أو رضاع، قريباً أو بعيداً بمجرد العقد، لقول تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ ولا نعلم في هذا خلافاً. انتهى
وهذا التحريم على التأبيد، ولمعرفة ما يجوز للرجل النظر إليه من محارمه نرجو مراجعة الفتوى رقم: 599.
والله أعلم.(62/45)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
غلو في الغيرة
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الثانية 1424 / 04-08-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته زوجتي ترتدي النقاب، وأمرتها في أثناء وجود والدي أن تغطي شعرها، مما أثار حفيظة والدي ووالدتي، وقالوا لي إنها بمثابة ابنته وإنها محرمة عليه لأبد، ولكن أنا غيور جدا على زوجتي، فهل أكون عاقا بذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فغيرة المسلم على أهله أمر ممدوح شرعًا، ولكن لا يجوز الإفراط في الغيرة حتى تصل إلى تحريم الحلال. وزوجة الابن كما هو معلوم محرمة على والد زوجها تحريمًا مؤبدًا، فهو من جملة محارمها، وله أن ينظر منها ما ينظره من المحارم، وفي تحديد ذلك خلاف بين أهل العلم.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبًا كالرقبة والرأس والكفين والقدمين، ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستر غالبًا كالصدر والظهر ونحوهما. قال الأثرم: سألت أبا عبد الله - يعني الإمام أحمد بن حنبل - عن الرجل ينظر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه؟ فقال: هذا في القرآن: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)[النور:31]. اهـ
يعني أن الله عز وجل رخص بهذا في القرآن كما في الآية.
ولا يمنع مما أبيح له من النظر إلاَّ إذا خشي عليه أو عليها من الشهوة. قال العلامة ابن الهمام الحنفي -رحمه الله - في فتح القدير: إلاَّ إذا كان يخاف عليها أو على نفسه الشهوة فحينئذ لا ينظر. اهـ
فلا يجوز لك أن تغضب والدك إذا أمنت الفتنة عليه وعلى زوجتك، وادع الله عز وجل أن يذهب عنك الغلو في الغيرة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تحرم الزوجة على زوجها إذا زنى بأمها؟
تاريخ الفتوى : ... 03 جمادي الأولى 1424 / 03-07-2003
السؤال
جزاكم الله خيراً أنا شاب متزوج وقد ارتكبت كبائرالذنوب وتخيلوا حتي مع أم زوجتي بعد زواجي من ابنتها لأن أم زوجتي امرأة ليس لديها زوج لأنه متوفى ويعلم الله أنني أريد التوبة علماً بأني مريض نفسيا وأراجع العيادة النفسية وأنني من المواظبين علي الصلاة في المسجد والحمد لله علي كل حال فهل لي من توبة وإنني لا أريد أن أقابل أم زوجتي حتي لا أفقد زوجتي لأنها إنسانة فيها خير كثير وليست كأمها أفتوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خير وأدعو لي بالمغفرة والهداية.(62/46)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو الله أن يهدينا وإياك إلى صراطه المستقيم، وأن يقبل توبتك ويفرج كربتك ويكشف ما أصابك من قلق وأمراض نفسية. وعليك بالبعد كل البعد عن سائر الكبائر وعن الزنا. فقد قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً[الإسراء:32].
وأحرى إذا كان الزنا بذات محرم، روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
ثم إن العلماء اختلفوا في تحريم الزوجة على زوجها إذا زنى بأمها، روى هشام عن قتادة عن عكرمة : ...في رجل غشي أم امرأته. قال: تخطى حرمتين، ولا تحرم عليه امرأته. وقال ابن حجر إسناده صحيح.
وأخرج الطبراني والدارقطني من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سئل عن الرجل يتبع المرأة حراماً ثم ينكح ابنتها أو البنت ثم ينكح أمها؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال. وفي إسناده ضعف. وأخرج ابن ماجه طرفاً منه بإسناد أصح.
وعن أبي نصر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: إنه أصاب أم امرأته. فقال له ابن عباس : حرمت عليك امرأتك.
ومثل ذلك عن عبد الرزاق عن الحسن البصري ، وقال قتادة : لا تحرم ولكن لا يغشى امرأته حتى تنقضي عدة التي زنى بها.
وبالحرمة قال أبو حنيفة وأصحابه و عطاء والأوزاعي وأحمد وإسحاق وهي رواية عن مالك ، وأبى ذلك الجمهور، وحجتهم أن النكاح في الشرع إنما يطلق على المعقود عليها لا على مجرد الوطء. وأيضاً فالزنا لا صداق فيه ولا عدة ولا ميراث. قال ابن عبد البر : وقد أجمع أهل الفتوى من الأمصار على أنه لا يحرم على الزاني تزوج من زنى بها. فنكاح أمها وابنتها أجوز. انظر فتح الباري (9/156 - 157) .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال والحرام ضد الحلال. (الأم 7/164).
فعليك إذاً أن تتنبه إلى خطورة الموضوع، وتبتعد كل البعد عن مثل هذه الممارسات المشينة. ثم اعلم أن باب التوبة مفتوح لك على مصراعيه، فبادر إلى التوبة ولا تيأس ولا تقلق. قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر:53]، ويقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[البقرة:222]. وأخرج الترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
وانظر شروط التوبة والخطوات التي عليك أن تسلكها في الفتوى رقم: 26714.
والله أعلم.(62/47)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوج بنت الزوج ليس محرما
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الثاني 1424 / 19-06-2003
السؤال
هل أمن الطريق وإمكان المسير يعتبران من شروط الاستطاعة في الحج؟ وهل يعتبر زوج بنت الزوج من المحارم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فزوج بنت الزوج ليس محرماً، ما لم يكن هناك سبب آخر لتحريمه كرضاع. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خال الأب من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1424 / 16-06-2003
السؤال
لقد أوقفنا العرس حيث أخبرنا أحد شيوخ القرية أن زواج الفتاة من خال أبيها حرام أقول(خال أبيها)(خال أب الفتاة) فأرجوكم أن تسألوا أحد الشيوخ أصحاب الشأن عن حكم الشرع في هذه المسألة وأجركم على الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فخال الأب خال لأبنائه وبناته، فلا يجوز أن تتزوج المرأة بخال أبيها بحال، وإن حصل العقد فهو باطل غير منعقد. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أعمام الأب وأخواله محارم لبناته
تاريخ الفتوى : ... 10 ربيع الثاني 1424 / 11-06-2003
السؤال
أنا رجل متزوج وعندي ثلاث فتيات قد بلغن، والسؤال هو: هل يجوز لهن أن يكشفن شعورهن والظهور بالملابس المنزلية أمام أعمامي وأخوالي أم لا، أرجو منكم إفادتي بكافة المعلومات المتعلقة بالموضوع بالتفصيل؟ وجزاكم الله عني وعن الإسلام كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أعمامك وأخوالك مباشرة يعتبرون من المحارم لبناتك فيجوز لهؤلاء الأعمام أو الأخوال النظر إلى أطراف محارمهن كالرأس والرقبة والكفين والقدمين ولا يجوز لهم النظر إلى الصدر أو الساق أو غيرهما.(62/48)
قال ابن قدامة في المغني: ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: يعني أن عورة المرأة مع الرجل المحرم من نسب أو رضاع أو صهر جميع بدنها إلا الوجه والأطراف وهي ما فوق المنحر، وهو شامل لشعر الرأس والقدمين والذراعين فليس له أن يرى ثديها وصدرها وساقها. انتهى.
لكن إذا كان النظر بدافع الشهوة أ وحصلت فتنة فيحرم النظر إلى هذه الأشياء السابقة، قال الباجي في المنتقى على موطأ الإمام مالك: قول مالك رحمه الله تعالى: ليس على الرجل ينظر إلى شعر امرأة ابنه أو شعر أم امرأته بأس -والله أعلم- على الوجه المباح من نظره إلى ذوات محارمه كأمه وأخته وابنته ولا خلاف في ذلك كما أنه لا خلاف في منعه على وجه الالتذاذ والاستمتاع. انتهى.
وعلى هذا فإن ظهور بناتك أمام أعمامك وأخوالك وسائر محارمهن بالملابس الضيقة أو الشفافة التي تحدد أولا تستر العورة -وهي ما عدا ما ذكر سابقاً- لا يجوز، أما إذا كانت تلك الملابس تستر العورة ستراً معتبراً شرعاً، ولكن تظهر شعور رؤوسهن وأطرافهن فلا حرج عليهن في هذا، ولكن من الأحسن أن تعود هؤلاء البنات على ارتداء الثياب الساترة دائماً ولو مع محارمهن لكثرة وسائل الإثارة في هذا الزمن وقلة الورع في الناس، فأنت مسؤول عن صيانتهن وإبعادهن عما يسخط الله تعالى فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى، ويمكنك الرجوع إلى الفتوى رقم: 5776، والفتوى رقم: 17037.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم اختلاء الابن بزوجة أبيه ولمسها
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1424 / 02-06-2003
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أريد أن أسأل هل هناك حدود للعلاقة بين الشخص وزوجة والده وهو في العشرينيات من عمره مع العلم بأنه لا يراها إلا أنها أمه إلى حد أنه لا يناديها إلا بأمي، فهل هناك دليل شرعي يمنعه من أن يقبل يدها أو أن يضع رأسه في حضنها أو غير ذلك مما فيه تعبير عن حنان الأم، علما بأنها تكبره بستة عشر عاما على الأقل أفيدوني أفادكم الله، وأرجو إيراد الدليل الشرعي إن وجد؟ وبارك الله في جهودكم.
الفتوى(62/49)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن زوجة الأب من المحرمات على التأبيد، فيجوز لابن زوجها الاختلاء معها، ونظر ولمس ما يجوز للرجل نظره ولمسه من محارمه. وقد سبق تحديد ذلك مفصلاً في الجواب رقم: 20445 فليرجع إليه. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تحريم نكاح زوجات الآباء وإن علوا
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1424 / 20-05-2003
السؤال
تزوج رجل كبير السن من امرأة صغيرة السن، وكان متزوجاً من امرأة قبلها فأنجب من هذه المرأة بنتاً ثم كبرت هذه البنت وتزوجت وأنجبت ولداً، فكبر هذا الولد وأراد أن يتزوج من امرأة جده الثانية وهي مناسبة له في السن، السؤال: 1-هل هذا الزواج حرام شرعاً؟ 2- في الآية الكريمة "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ..." الآية، من المعنيات في النهي وهل المقصود أزواج الآباء والأجداد وإن علوا سواءً من الأم أو الأب؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للابن وإن نزل أن يتزوج زوجة أبيه أو جده وإن علا، وذلك للآية المشار إليها في السؤال، فلفظة آباؤكم في الآية تعم كل من له أبوة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، وسواء كانت من جهة الأب أو من جهة الأم.
قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وحرم أصوله وفصوله.... وزوجتهما. يعني أنه يحرم على الشخص أن يتزوج امرأة تزوجها أحد من آبائه وإن علوا، أو بنيه وإن سفلوا.
والآية تفيد بعمومها تحريم نكاح زوجات الآباء وإن علوا وتسميه فاحشة ومقتاً وأنه ساء سبيلا، وقد كان زواج الأبناء بزوجات الآباء بعد موتهم فاشيا في الجاهلية فانزل الله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً [النساء:22].
فحرم الله تعالى زوجات الآباء تكريماً لهم واحتراماً ووفاء بحقهم في البر وعدم انتهاك حرمتهم، قال القرطبي: نكاح المقت أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها.
وروى الإمام أحمد والنسائي والترمذي: أنّ رَجُلاً تَزَوّجَ امرأةَ أبيهِ فأمرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِ. صححه الألباني.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم مصافحة زوجة الأب
تاريخ الفتوى : ... 23 صفر 1424 / 26-04-2003(62/50)
السؤال
هل يجوز مصافحة زوجة أبي الثانية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز مصافحة زوجة الأب إن أمنت الفتنة لأنها من المحرمات على التأبيد، وانظر الفتوى رقم: 25000، والفتوى رقم: 19391.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوج بنت الزوج ليس محرماً لغير أمها من زوجات الأب
تاريخ الفتوى : ... 06 محرم 1424 / 10-03-2003
السؤال
امرأة تزوجت رجلاً متزوجاً وعنده أولاد وبنات، السؤال: أزواج بنات زوج هذه المرأة هل هم محرَّمون عليها حرمة مؤبدة أم لا ؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأزواج بنات هذا الرجل لا يحرمون على زوجته الأخرى لا حرمة مؤبدة ولا حرمة مؤقتة لأنهن لسن من المحرمات اللائي ذكرهن الله تعالى في سورة النساء: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23].
قال القرطبي في التفسير 5/105: ذكر الله تعالى في هذه الآية ما يحل من النساء وما يحرم، كما ذكر تحريم حليلة الأب فحرم سبعاً من النسب وستاً من رضاع وصهر، وألحقت السنة المتواترة سابعة وذلك الجمع بين المرأة وعمتها، ونص عليه الإجماع، وثبتت الرواية عن ابن عباس قال: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع وتلا هذه الآية، وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار مثل ذلك، قال: والسابعة قوله تعالى (والمحصنات من النساء). انتهى.
أما إن كان لأحد أزواج هؤلاء البنات سبب من الرضاعة مع زوجة الأب فإنها تحرم عليه حرمة مؤبدة، مثل أن تكون أمه من الرضاعة أو أخته من الرضاعة فإنه: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. رواه البخاري وأحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم من تزوج ببنت ابن عمته ثم تزوج بنت عمته
تاريخ الفتوى : ... 09 ذو القعدة 1423 / 12-01-2003(62/51)
السؤال
أنا عندي عمة وعندها ولد وبنت وقد تزوجت بنت ولد عمتي وبعد فتره تزوجت بنت عمتي فهل هذا
يجوز أو لا وكيف الحل وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك إذا كنت قد تزوجت ببنت عمتك بعد طلاق بنت أخيها التي هي بنت ولد عمتك وانتهت عدتها ولم تراجعها إذا كان الطلاق رجعياً أو ماتت بنت الأخ هذه فالزواج يصح.
وأما إن كان الزواج قد تم ببنت عمتك مع بقاء بنت أخيها في عصمتك أو كنت طلقتها طلاقاً يحق لك معه أن تراجعها ولم تنته عدتها فالزواج باطل لأنها تبقى زوجة لك ما لم تنته عدتها، وذلك لما أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها " .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز للزوج الزواج بأم زوجته
تاريخ الفتوى : ... 23 شوال 1423 / 28-12-2002
السؤال
هل يجوز للزوج أن يتزوج حماته( أم الزوجة) بعد وفاة زوجته ؟ ولكم جزيل الشكر ...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للرجل الزواج من أم زوجته بعد طلاق بنتها أو وفاتها؛ لأن أم الزوجة محرمة على زوج ابنتها على التأييد، قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
والشاهد في الآية قول سبحانه: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ فبمجرد العقد على البنت تحرم الأم سواء دخل بها أم لم يدخل، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتويين التاليتين:
19428 -
4374.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الزواج من زوجة الأب محرم(62/52)
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1423 / 26-12-2002
السؤال
ما هي عقوبة الذي تزوج بزوجة أبيه
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج من زوجة الأب محرم شرعاً، ونعني بزوجة الأب: التي عقد عليها في نكاح صحيح، سواء دخل بها أو لم يدخل، لقول الله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء [النساء:22] ويدخل في هذا الأب من الرضاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. رواه البخاري.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم التزوج ببنت المنكوحة عرفياً
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1423 / 13-11-2002
السؤال
شخص تزوج امرأة زواجا عرفيا، ثم علم بأن هذا الزواج باطل شرعا فتاب إلى الله هو وهي، -يقول هو ذلك أي أن هذا الكلام على لسان هذا الشخص،- وكان يعلم ابنتها.
السؤال:- هل يجوز له الزواج من ابنة هذه المرأة التي كان قد تزوجها من قبل عرفيا أم لا ؟
نفعنا بعلمكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج العرفي يحتمل أن يكون زواجاً صحيحاً مستوفياً الشروط لكنه غير مسجل في المحاكم والأوراق الرسمية، ويحتمل أن يكون نكاحاً باطلاً، أو زنا صريحاً، على ما بيناه في الفتوى رقم:
5962>
وإذا حصل الوطء في هذا الزواج، لم يجز للزوج أن يتزوج بابنة من تزوج بها على كل تقدير.
وبيان ذلك: أنه إن كان النكاح صحيحاً، فهذه البنت لا تحل له لكونها ربيبة له، وقد قال الله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُم [النساء:23].
وإن كان النكاح باطلاً أو فاسداً لكونه تم بغير ولي أو شهود فلا تحل له كذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: والوطء على ثلاثة أضرب: مباح، وهو الوطء في نكاح صحيح أو ملك يمين، فيتعلق به تحريم المصاهرة إجماعاً، ويعتبر محرماً لمن حرمت عليه، لأنها حرمت عليه على التأبيد بسبب مباح، أشبه النسب.(62/53)
الثاني: الوطء بالشبهة، وهو الوطء في نكاح فاسد، أو شراء فاسد، أو وطء امرأة ظنها امرأته أو أمته، أو وطء الأمة المشتركة بينه وبين غيره، وأشباه هذا يتعلق به التحريم كتعلقه بالوطء المباح إجماعاً.
قال: ولا يصير به الرجل محرماً لمن حرمت عليه، ولا يباح له به النظر إليها، لأن الوطء ليس بمباح، ولأن المحرمية تتعلق بكمال حرمة الوطء....
وإن كان الزواج العرفي من قبيل الزنا، فتحرم بنت المزني بها على الزاني في مذهب الحنفية والحنابلة، وانظر الفتوى رقم: 5826 -
والفتوى رقم: 9626.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجة الجد من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 05 محرم 1424 / 09-03-2003
السؤال
هل زوجة الجد محرم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) [النساء:22] فهذه الآية دليل على تحريم زوجة الأب، سواء دخل بها الأب أو لم يدخل، ويشمل هذا الحكم امرأة الجد أبي الأب، وامرأة الجد أبي الأم، قرب الجد أو بعد، فتحرم على الرجل امرأة أبيه قريباً كان أو بعيداً، وارثاً أو غير وارث، من نسب أو رضاع، وسواء في هذا امرأة أبيه، أو امرأة جده لأبيه، وجده لأمه قرب أو بعد، وليس في هذا بين أهل العلم خلاف علمناه. انتهى مختصراً من كلام ابن قدامة في المغني: 6/270
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ابن أختك أجنبي عن زوجتك
تاريخ الفتوى : ... 08 رمضان 1423 / 13-11-2002
السؤال
ابن أختي يعيش معي منذ كان عمره ثمانية أشهر. والآن عمره ست سنوات. لم يرزقني الله أبناء. فكيف أفعل معه عندما يبلغ سن البلوغ حيث يصبح غريبا عن زوجتي.أخبركم أنني لم أتبناه ؟ وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(62/54)
فإن ابن أختك هذا أجنبي عن زوجتك يعامل معاملة الأجنبي، فعند بلوغه يحرم عليه منها ما يحرم على الأجنبي، فلا يخلو بها، ولا يكون محرمًا لا في السفر ولا تكشف أمامه شيئًا من جسدها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
عمة الأم بمنزلة العمة للأبناء
تاريخ الفتوى : ... 10 شعبان 1423 / 17-10-2002
السؤال
هل عمة الأم التي في حسبة الجدة محرم للبالغ ويجوز كشف الوجه له؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمة الأم هي بمنزلة العمة بالنسبة للأبناء، فتعتبر محرماً لهم، فيجوز لها أن تكشف عما يجوز كشفه عند المحارم وتعامل في كل شيء معاملة المحارم.
وبالمناسبة نذكر هنا قاعدة عامة في ذلك وهي: أن أقارب الأب أو الأم وإن علوا، فإنهم يقربون للأبناء -وإن نزلوا- نفس القرابة، فمثلاً عمة الأب وعمة الأم، وإن علتا هما عمتان للأبناء، وإن نزلوا، وكذا خالة الأب وخالة الأم......
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج البنت بمن كان على علاقة آثمة مع أمها
تاريخ الفتوى : ... 15 شعبان 1423 / 22-10-2002
السؤال
أنا شابة أبلغ من العمر 21 عاما وتعرفت على شاب عن طريق والدتي كان بينهما عمل مشغل نسائي ولكن الله لم يرد لهذا المشغل التمام وتعرفت عليه على هذا الأساس وبعد ذلك أخبرتني والدتي بأنه يريد الزواج مني وبعد أن رآني أكثر من مرة مع العلم أني كنت عندما أقابله أكون بحجابي لا يرى سوى وجهي فقط وبعد فترة أحببت هذا الشاب الذي يكبرني بالعمر 16 سنة فهو في 36عاما فأخبرني بأنه لا يفكر بالزواج لم أفهم السبب فكان يتعذر بسبب فارق السن بيننا والآن بعد مرور 11شهرا اكتشفت أنه كان على علاقة غير شرعية بأمي قبل معرفته بي وأن هذا هو السبب الذي منعه من الزواج بي فهو بعد معرفته بي قد أحبني وأقسم لي مراراً بأنه لم يخني أبدا حتى في أحلامه فماذا أفعل لا أستطيع الاستغناء عنه وهو كذلك أرشدوني جزاكم الله خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على هذا الشاب وعلى أمك أن يتوبا إلى الله تعالى مما وقعا فيه من علاقة غير مشروعة، وذلك بترك هذه المعصية، والندم على فعلها، والعزم على عدم(62/55)
العودة إليها أبداً، فإن التوبة الصادقة تمحو ما سبق من سيئات، يقول الله تعالى: ( إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ) [الفرقان:68] ومع هذا لا يجوز لك الزواج منه، لأن علاقته المحرمة مع أمك تحرمك عليه على الراجح من أقوال أهل العلم، إذا وصلت لحد الزنى، وراجعي في هذا فتوانا رقم:
9626 لكننا نخشى أن يكون اتهامك له بهذه العلاقة، مجرد ظن وتخمين لم يبن على يقين، فتكونين قد وقعت في الظلم والبهتان، وبالتالي لا يترتب عليه الحكم السابق.
وننبه الأخت السائلة إلى أنه لا يجوز لها الاختلاط بأي أجنبي، ولو كان خطيبها، لأن الخطيب يعتبر أجنبياً عن خطيبته حتى يعقد عليها، فليس له أن يرى منها شيئاً إلا ما يرغبه في نكاحها عند الخطبة فقط، أما بعد ذلك فلا، وعلى الأخت أن تستخير الله أولاً قبل الإقدام على هذا الأمر، وتتأكد من صدق توبة هذا الشاب، والتزامه بأوامر الله كالصلاة ونحوها، ونسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً.
ولمزيد من الفائدة راجعي فتوانا رقم:
10570
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجة الأب محرمة أبداً
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1423 / 22-09-2002
السؤال
هل اعتبر محرماً لزوجة أبي السابقة (المطلقة) وهل يجوز لي الكشف عليها علماً أني لي أختا منها.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة أبيك وإن علا محرمة عليك على التأبيد، لقول الله تعالى:وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاء..... [النساء:22].
وعلى هذا فهي من محارمك، ولتفاصيل ذلك يرجى الإطلاع على الفتوى رقم:
19391.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أبناء أبناء الأخت محارم للمرأة
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الثانية 1423 / 01-09-2002
السؤال
هل يجوز لخالة أن لا ترتدي الحجاب أما أبناء أبناء أخواتها و شكرا؟
الفتوى(62/56)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأبناء أبناء الأخت محارم للمرأة يجوز لها أن تظهر أمامهم بما يجوز لها أن تظهر به أمام غيرهم من المحارم، كالإخوة والأبناء ونحوهم، كما هو مبين في الفتوى رقم
599
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
محارم وغير محارم
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الثانية 1423 / 25-08-2002
السؤال
هل يجب الحجاب على المرأة أمام: 1- زوج ابنة الابن، 2- زوج ابنة الأخ، 3- زوج ابنة ابن الزّوج ؟
وجزاكم الله خيراً.............
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزوج ابنة الابن محرم لأصول زوجته وإن علون، لقوله تعالى:وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
لأنه يدخل في لفظ الأمهات: أمهاتهن وجداتهن من كل جهة لأنهن كلهن أمهات لمن ولد من ولدنه وإن سفل.
وزوج ابنة الأخ ليس محرماً لأخوات هذا الأخ لأنهن عمات لزوجته، والحرمة التي بينه وبينهن مؤقتة بطلاق ابنة أخيهم أو موتها، فالمحرم هو الجمع بينهما، قال صلى الله عليه وسلم: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها. رواه البخاري.
وأما زوج ابنة ابن الزوج، فليس محرماً أيضاً، لأنه غير مشمول بنصوص التحريم، فبقي على الأصل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
نكاح بنت الأخت من الرضاع حرام
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الثانية 1423 / 22-08-2002
السؤال
هل يجوز الزواج بامرأة أرضعتها أختي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تتزوج بامرأة قد أرضعتها أختك لأنك قد أصبحت خالاً لها من الرضاع، وهذا يشترط أن تكون قد رضعت خمس رضعات وأن يكون ذلك في الحولين.
والله أعلم.(62/57)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... نكاح من زنى بها الأب...رؤية فقهية
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الثانية 1423 / 20-08-2002
السؤال
رجل زنا ببنت صغيرة 16 سنة واكتشف امره وقامت العائلة بجمع مال وكتبوه للبنت ووضعوه في البنك وقام الرجل بإقناع ابنه الصغير الذي لا يتجاوز سنه 18 سنة أن يتزوج البنت وفعلاً قام الولد بالزواج منها0 ما حكم الدين فى هذا الزواج ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر التي حذر الله عباده من الاقتراب من أسبابها ودواعيها، فقال عز وجل:وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]، ويجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم.
ولمعرفة كيفية توبته منه يراجع الفتوى رقم:
1095.
واعلم أيها السائل أن البنت المذكورة ليست صغيرة كما ذكرت، فقد روى الترمذي في جامعه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. وقال الألباني : حسنٌ صحيح.
والناس للأسف في هذه الأيام يتهاونون في اختلاط بناتهم بالرجال إلى سن متأخرة، بزعم أنها مازالت صغيرة، مما يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه، والحالة المذكورة في السؤال من هذا القبيل.
وليُعلم أن زواج الابن بمن زنى بها أبوه، محل خلاف بين أهل العلم، وبما أن الزواج قد تم بالفعل بين الولد وهذه البنت فالذي نختاره هو قول المجيزين، ولذلك فإننا ننصح ببقاء هذا الزواج ومضيه، مراعاة لقول هؤلاء الفقهاء، وحفاظاً على استقرار الحياة الزوجية التي تمت بالفعل، كما أننا ننصح هذه البنت بالاحتياط والتحفظ من والد زوجها، وعدم الظهور أمامه بمظهر يؤدي إلى الفتنة، وعدم الخلوة به، خشية الوقوع في الشر، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9331
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... والدة الزوجة..ووالد الزوج من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1423 / 07-08-2002
السؤال
ما حكم ظهور والدة زوجتي وشعرها مكشوف أمامي أنا (زوج ابنتها) وبالمثل ظهور زوجتي بشعرها أمام أبي (حماها)؟
وجزاكم الله خيراً
الفتوى(62/58)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن والدة زوجتك من محارمك، لقوله تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: وأمهات نسائكم [النساء:23] وكذلك زوجتك فإنها من محارم أبيك، لقوله سبحانه في الآية السابقة:وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم والحلائل هن الزوجات.
فإذا ثبت كونهما من المحارم، فإنه يجوز لهما كشف كل منهما شعرها أمام محرمها، قال الحافظ في الفتح نقلاً عن النووي : "وأما المحارم فالصحيح أنه يباح نظر بعضهم إلى بعض لما فوق السرة وتحت الركبة" ولكن يمنع ذلك عند خوف الفتنة، ووقوع الشهوة، لذا قال النووي : "وجميع ما ذكرنا من التحريم حيث لا حاجة، ومن الجواز حيث لا شهوة" .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوج البنت من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 05 جمادي الأولى 1423 / 15-07-2002
السؤال
السلام عليكم
ما هي حدود العورة بين المرأة وزوج ابنتها؟ هل تعامله كابنها فتصافحه وتقبله من وجنتيه
وتظهر أمامه وجهها و شعرها وذراعيها ؟؟ جزاكم الله خيراً....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوج البنت من المحارم. وقد تقدم حد عورة المرأة مع محارمها، وحكم تقبيل المحارم، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4374
11977
1265
599
14168.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خال الأم محرم للأخت من الأم
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الأولى 1423 / 16-07-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
سؤالي أثابكم الله هو هل يعتبر خال أمي محرما لأختي أم لا؟ وهل هناك حالات يجوز للمرأة كشف وجهها عند غير محرم كالعنين وغير ذلك وما هي؟
وجزاكم الله عنا ألف خير.(62/59)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخال الأم يعتبر محرماً لأختك من أمك، لا نزاع في ذلك بين العلماء لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) [النساء: 23].
قال ابن تيمية: ودخل في العمات والخالات عمات الأبوين وخالات الأبوين.
أما الحالات التي يجوز فيها للمرأة كشف وجهها أو غيره من محاسنها، فمنها:
- حالة العلاج عند الطبيب، لأن ذلك من باب الضرورة.
- عند من ليس لهم حاجة في النساء كالأطفال والعنين من الرجال، ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
منكوحة الأب من نسب كان أو رضاع حرام على الرجل
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الأولى 1423 / 16-07-2002
السؤال
هل يصح زواج المرأة من ابن زوجها الأول؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً) [النساء:22].
والمقصود بمنكوحة الأب: زوجة الأب التي عقد عليها عقد النكاح الصحيح، سواء دخل بها أو لم يدخل، لأن اسم النكاح يقع على العقد وعلى الوطء، فيحرم بكل واحد منهما.
فيحرم على الرجل امرأة أبيه -قريباً كان الأب أو بعيداً، وارثاً أو غير وارث- من نسب كان أو رضاع، فلفظ الأب هنا يشمل: أبا الأم وأبا الأب قرب أو بعد، وليس في هذا اختلاف بين أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجة الابن من المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1423 / 18-07-2002
السؤال
لي أخت كتبت عقد قرانها على شاب ولكن والد هذا الشاب مطلق زوجته التي هي أم الشاب وأم هذا الشاب تزوجت من عم الشاب (أي أخ زوجها الأول) فهل يجوز لأختي أن تنكشف على والد وعم الشاب باعتبار أن العم يكون مقام زوج الأم مع العلم أن والد الشاب حي؟
جزاكم الله خيراً.(62/60)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أختك تعتبر محرماً لوالد زوجها، لأن زوجة الابن قد عدها الله تعالى من المحرمات حيث قال: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) [النساء:23].
فيجوز له أن يرى منها ما يراه الرجل من محارمه، وأما عم زوجها الذي هو الآن زوج أم زوجها، فليس محرماً لها إذ لم يذكر ذلك الله تعالى في كتابه ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته.
وعلى ذلك، فلا يجوز لهذه الأخت أن تكشف عن شيء من بدنها بحضرة عمك هذا، فهو أجنبي بالنسبة لها.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 9441.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز لأبي البنت من الزنا أن يتزوجها
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الثاني 1423 / 08-07-2002
السؤال
ما الأحكام الشرعية بشأن ولد الزنا؟ ومن هو ولي بنت الزنا إذا أرادت الزواج؟ وهل يجوز لأب بنت الزنا أن يتزوجها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فولد الزنا لا يختلف في الأحكام الشرعية عن غيره من المسلمين، وانظر الفتوى رقم: 6940، إلا أنه لا يلحق نسباً بأبيه من الزنا، كما هو مبين في الفتوى رقم: 6012، والفتوى رقم: 10152.
وليس لأبي البنت من الزنا أن يتزوجها، لأنها -وإن كانت مقطوعة عنه نسباً- مخلوقة من مائه، ووليها الذي يزوجها هو السلطان، كما هو مبين في الفتوى رقم: 9667.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خال وعم الأم من محارم البنت
تاريخ الفتوى : ... 29 ربيع الثاني 1423 / 10-07-2002
السؤال
هل يجوز للفتاة أن تخلع الحجاب أمام خال أوعم الأم أو الأب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خال أو عم الأم يعتبران محارم للبنت، فيجوز لها خلع الحجاب عندهم، وذلك لأن الله تعالى ذكر العمات والخالات في المحارم في آية سورةالنساء فقال تعالى:(62/61)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُم [النساء:23] فدل ذلك على أن الأعمام والأخوال يعتبرون محارم للبنت، ويدخل في العمات عمة الأم وعمة الأب، ويدخل في الخالات خالة الأم وخالة الأب، كما ذكر ذلك ابن تيمية في الفتاوى، فهذا دليل على أن كلاً من خال الأم وعمها وخال الأب وعمه محارم للبنت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خال الأم هو خال لك
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1423 / 04-07-2002
السؤال
هل يجوز أن أسلم (أصافح) على خال أمي
وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخال الأم خال، وهو من المحارم يجوز مصافحته.
ودليل ذلك قوله تعالى عند ذكر المحرمات: (وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) [النساء:23].
وهذا محل اتفاق بين العلماء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
جمهور العلماء أن من تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1423 / 07-07-2002
السؤال
القاعدة الشرعية تقول العقد على البنات يحرم الأمهات وهذا ما اتفق عليه جمهور العلماء ولكن في بعض كتب التفسير (ابن كثير) هناك روايات ثابتة عن علي وزيد بن ثابت وابن عباس وعبد الله بن الزبير ومجاهد وسعيد بن جبير وكلنا يعلم مكانة هؤلاء في الإسلام أنه يمكن الزواج من الأم إذا لم يتم الدخول بالبنت فهل يمكن الأخذ بهذا الرأي دون ذنب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وجماهير أهل العلم أن من تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع، سواء أكانت أماً مباشرة أو جدة أم أو جدة أب فكل هؤلاء يحرمن بمجرد العقد، ودليل هذا قول تعالى بعد ذكر المحرمات: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ).
ومن نقل عنه القول بخلاف هذا من الصحابة، فقد ثبت رجوعه عنه إلا علياً.(62/62)
قال الشافعي رحمه الله في الأم: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال: سئلَ زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت: لا الأم مبهمة ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب.
ولا يجوز الأخذ برأي من خالف الجمهور في هذه المسألة، لأنه قد انعقد الإجماع على خلافه. قال الإمام القرطبي في التفسير: فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم، وبهذا قول جميع أئمة الفتوى بالأمصار، وذكر من خالف، ثم قال: وقول الجمهور مخالف لهذا، وعليه الحكم والفتيا.
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره بعد أن ذكر تراجع ابن مسعود وابن عباس: وهذا مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة.
وقال الإمام الطبري رحمه الله بعد أن ذكر خلاف بعض الصحابة في المسألة: فكل هؤلاء واللواتي سماهن الله تعالى وبين تحريمهن في هذه الآية محرمات غير جائز نكاحهن لمن حرم الله ذلك عليه من الرجال بإجماع جميع الأمة لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا في أمهات نسائنا اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن، فإن في نكاحهن اختلافًا بين بعض المتقدمين من الصحابة إذا بانت الابنة قبل الدخول بها من زوجها هل هن من المبهمات أم هن من المشروط فيهن الدخول ببناتهن، فقال جميع أهل العلم متقدمهم ومتأخرهم: من المبهمات، وحرام على من تزوج امرأة أمها دخل بامرأته التي نكحها أو لم يدخل بها، وقالوا: شرط الدخول في الربيبة دون الأم، فأما الأم فمطلقة بالتحريم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العقد على البنات يحرم الأمهات
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1423 / 06-06-2002
السؤال
شاب عقد قرانه على فتاة وحصل بينهما خلوة ولكنه لم يدخل بها. ثم بعد ذلك حصل خلاف فانفصلا.هل يعتبر هذا الرجل محرما دائما لوالدتها؟ أفتونا جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23]، فقوله سبحانه: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ دليل على تحريم أم الزوجة بمجرد عقد الزواج على بنتها، لأن الله تعالى لم يشترط الدخول بالزوجة لتثبت المحرمية.(62/63)
فعلى هذا فإن أم هذه المرأة قد أصبحت أنت محرماً لها بمجرد عقدك على بنتها، يجوز لك الدخول عليها دون أن تحتجب منك، وغير ذلك من الأحكام. وهذا هو مذهب جمهور العلماء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الأعمام والأخوال كسائر محارم المرأة
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الأول 1423 / 03-06-2002
السؤال
السلام عليكم في الآية 31 من سورة النور لم يذكر الله تعالى الأعمام والأخوال فهل يجوز للمرأة أن تكشف أمامهم شعرها رغم أنهم محرمون عليها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعلماء مجمعون على أن حكم الأعمام والأخوال، كحكم سائر المحارم المذكورين في الآية، أما عن عدم ذكرهم في هذه الآية، فالسر فيه هو أنهم بمنزلة الآباء، فالله تعالى سمى العم أباً في قوله تعالى: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة:133] وإسماعيل كان عمَّ النبي يعقوب عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام، وفي حديث مسلم: "عم الرجل صنو أبيه".
والحاصل أن الأعمام والأخوال كسائر محارم المرأة يجوز لهم أن ينظروا إلى ما يظهر منها عادة أو غالباً في البيت، كالوجه والرأس والعنق والساق.
بشرط ألا يكون النظر بشهوة، فمن آنس من نفسه ميلا غير طبيعي، فعليه أن يلزم جانب الحيطة والحذر، وراجع الفتوى رقم: 7769، والفتوى رقم: 3685.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز للخال أن يتزوج ببنت بنت أخته
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1423 / 29-05-2002
السؤال
فتاة تقدم لها خال أمها للزواج بها هل ذلك حلال؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للخال أن يتزوج ببنت بنت أخته، لأن خال الأم خال، ودليل ذلك قوله تعالى عند ذكر المحرمات: (وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ...)[النساء:23] .
وهذا محل اتفاق من أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(62/64)
ــــــــــــــ
حكم نكاح ابنة المطلقة المدخول بها
تاريخ الفتوى : ... 16 ربيع الأول 1423 / 28-05-2002
السؤال
رجل تزوج امرأة ثم طلقها بعد الدخول ثم تزوجت فهل يجوز لمطلقها ان يتزوج ابنتها من زوجها الثاني
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تتزوج ابنة مطلقتك المدخول بها، سواء كان إنجاب هذه البنت قبل زواجها منك أو بعده، وذلك لأن البنات يحرمن بالدخول على الأمهات، كما أن الأمهات يحرمن بالعقد على البنات، لقوله تعالى في آية ذكر المحرمات:وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].
فإن قلت: إنها لم تربَّ في حجري، فالجواب: أن الآية هنا خرجت مخرج الغالب، وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، فيستوي في التحريم الربيبة التي تربت في الحجر والربيبة التي لم تترب فيه، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم ظهور زوجة الأب أمام أبناء زوجها
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو الحجة 1422 / 06-03-2002
السؤال
سلام الله عليكم لدي سؤالان
1- كشف الشعر على أبناء الزوج؟
2- عورة المرأة بالنسبة للمرأة وهل يجوز للمرأة أن تحمي (المساعد في الاستحمام) المرأة حتى لو كن زوجات لرجل واحد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أبناء الزوج محارم لزوجة أبيهم، فيجوز لها أن تظهر كاشفة الشعر أمامهم ما لم تخش الفتنة، وقد سبق وأن بينا حدود عورة المرأة أمام المحارم، وكذا عورتها أمام النساء في الفتاوى رقم: 599، ورقم: 7254، ورقم: 2951.
وأما تغسيل المرأة للمرأة، فيجوز بشرط ألاَّ تمس أو ترى عورتها المحددة في الأجوبة السابقة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المقصود بعدم الجمع بين الأختين(62/65)
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1422 / 03-03-2002
السؤال
لماذا قال الله سبحانه ( حرمت عليكم أمهاتكم.... إلى آخر الآية ثم قال.... وأن تجمعوا بين الأختين ) هل المعنى أن لا نجمع بين الأختين في بيت واحد ويجوز الزواج بهن مع تفريقهن في المسكن أو أن التحريم شامل الأختين ؟ جزاكم الله خيراً . لا مانع من نشر السؤال والإجابة عليه . تحياتي
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجمع بين الأختين في الزواج محرم بكتاب الله تعالى حيث قال وهو يعدد المحرمات(وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)[النساء:23] ومحرم بسنة رسول الله، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما قالت له أم حبيبة: يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان فقال: "أو تحبين ذلك؟" فقالت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ذلك لا يحل لي" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن".
والمقصود بعدم جمع الأختين: عدم جمعهما في عصمة رجل واحد، ولو كانت إحداهما في مشرق الأرض والأخرى في مغربها. وهذا مما أجمعت عليه الأمة.
قال الإمام القرطبي: (وأجمعت الأمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح)
فإذا طلق الرجل زوجته فيمكن له أن يتزوج بأختها بعد انتهاء عدتها إذا كان طلاقه طلاقاً رجعياً.
واختلفوا إذا طلقها طلاقاً لا يملك رجعتها فيه، كأن يكون آخر ثلاثة مثلاً، فقالت طائفة: ليس له أن ينكح أختها ولا رابعة حتى تنقضي عدة التي طلق، وروي عن علي وزيد بن ثابت وهو مذهب مجاهد وعطاء بن أبي رباح والنخعي وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: له أن ينكح أختها ورابعة سواها، وروي عن عطاء، -وهذه الرواية أثبت الروايتين عنه - وروي عن زيد بن ثابت أيضاً، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن والقاسم وعروة بن الزبير وابن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد. قال ابن المنذر: ولا أحسبه إلا قول مالك، وبه نقول.
والله أعلم. الفتوى : ... الزواج ببنت البنت معلوم التحريم بداهة
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1422 / 02-01-2002
السؤال
1- ما الحكم في
رجل تزوج من ابنة ابنته ؟
ما صحة هذا الزواج ؟ وهل هو جائز شرعاً ؟ وما هو نسب الأبناء ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(62/66)
فمن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن بنت البنت محرمة على جدها على التأبيد بالإجماع، وإذا تزوج بها فزواجه باطل، ولا ينعقد شرعاً، ويجب التفريق بينهما في الحال، سواء كانا يعلمان بالتحريم أم لا، وإذا كانا يعلمان بالتحريم وتزوجا فهما زانيان -والعياذ بالله- ويستحقان العقوبة الشرعية، وهي إقامة حد الزنا عليهما إن وجد من يقيمه. وفي هذه الحالة ينسب الأبناء إلى أمهم، ولا يجوز أن ينسبوا إلى جدهم بحال، وإن كانا فعلا ذلك عن جهل -كأن يكونا حديثي عهد بإسلام- فنكاحهما باطل أيضاً، لكنه نكاح بشبهة يسقط عنهما الوصف بالزنا وإقامة الحد عليهما، وفي هذه الحالة ينسب الأبناء إلى جدهما.
كما يجب على من يعلم بأمر هذا النكاح الباطل أن يرفع أمره إلى من يستطيع فسخ هذا النكاح والتفريق بينهما، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الرجل محرم لأم زوجته
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الثانية 1422 / 13-09-2001
السؤال
هل يصح أن أكون محرما لأم زوجتي سواء للحج أو العمرة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت محرم لأم زوجتك، لأنها محرمة عليك على التأبيد بمجرد العقد على بنتها، سواء دخلت ببنتها أم لا، لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) [النساء:23].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ولد الزنا لا يتزوج من بنات (أبيه) الزاني
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الثانية 1422 / 06-09-2001
السؤال
في فتوى لكم عن نسب ولد الزنا ، اعتبرتم أنه ينسب لأمه ، ولا يثبت نسبه لأبيه ، وهذا أيضا ما ورد في إجابة فتوى باللغة الإنجليزية في هذا الموقع .
ولكن في هذه الحالة يكون الولد من الزنا لا يعتبر من المحارم بالنسبة لبنات أبيه من امرأة أخرى ، وهذا يترتب عليه أنه يجوز له الزواج من بنات أبيه ، وهذا ما لا يحل شرعا ، وأنا أرى والله أعلم أن ما ذهبتم إليه يحتاج إلى مراجعة ، خاصة إذا كان الأب متقينا أن الولد هو ابنه وأنها ( التي زنا بها لم تعاشر غيره قبل الحمل) وأرجو منكم الاطلاع على ما ورد في هذا الأمر في كتاب نيل الاوطار للشوكاني . وجزاكم الله خيرا.(62/67)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابن الزنا لا ينسب إلى الزاني ، ولا يلزم من ذلك إباحة أن يتزوج من محارمه من جهة أبيه من الزنا، فولد الزنا عند جماهير العلماء ولد في التحريم، وإن لم يكن ولداً في الميراث والمحرمية، وغير ذلك من أحكام النسب الأخرى، لأن أحكام النسب تتبعض في العين الواحدة، فمثلاً الرضاعة يثبت لها من أحكام النسب الحرمة والمحرمية، ولا يثبت لها وارث ولا عقل ولا دية ولا نفقة، ولا غير ذلك من أحكام النسب، وكأمهات المؤمنين فهن أمهات في الحرمة لا في المحرمية وغيرها، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة رضي الله عنها بالاحتجاب عن ولد زمعة عملاً بشبهه بعتبة بن أبي وقاص، وجعله أخاً لها من الميراث عملاً بموجب الولد للفراش.
قال ابن تيمية - بعد أن ذكر حرمة التزوج من البنت من الزنا-: (وأما قول القائل: إنه لا يثبت في حقها الميراث ونحوه، فجوابه أن النسب تتبعض أحكامه، فقد يثبت بعض أحكام النسب دون بعض، كما وافق أكثر المنازعين في ولد الملاعنة على أنه يحرم على الملاعن ولا يرثه). انتهى.
وأما الشوكاني رحمه الله فلم نطلع له في نيل الأوطار على قول يخالف فيه الجمهور في هذه المسألة، سواء في كتاب الطلاق باب: أن الولد للفراش دون الزاني، أو في كتاب الفرائض باب: ميراث ابن الملاعنة والزانية منهما، وميراثهما منه، وانقطاعه من الأب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أخت الرضاعة من المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الأولى 1422 / 14-08-2001
السؤال
هل لدي الحق في الزواج بأختي من الرضاع؟
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فليس لك أن تتزوج بأختك من الرضاع ، لأن الله تعالى حرم الأخت من الرضاع، كما حرم الأخت من النسب ، فكلاهما مؤبدة التحريم بنص القرآن ، يقول تعالى في بيان حرمة أخت النسب :( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ..)
ويقول في بيان حرمة الأخت من الرضاع: ( وأخواتكم من الرضاعة )
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أقارب المزني بها اللاتي يحرمن على الزاني
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001(62/68)
السؤال
إذا زنا رجل بالغ بامرأة بالغة فمن يحرم عليه من أقاربها .
الفتوى
الحمد لله وصلى اله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فمن زنى بامرأة بالغة حرمت عليه أمها وبنتها، وحرمت هي على أبيه وابنه ، كما في الوطء الحلال.
وكذلك ليس له أن يتزوج بأختها حتى تستبرأ المزني بها بحيضة ، أو تضع حملها إن كانت قد حملت ، وكذلك لو أراد أن يتزوج عمتها أو خالتها.
وإن زنى بأخت امرأته ؛ فقال أحمد : يمسك عن وطء امرأته حتى تحيض ثلاث حيض.
وكون الوطء الحرام يحرم الحلال -على ما سبق - هذا مروي عن عمران بن حصين والحسن وعطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والنخعي والثوري ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجة الابن لا تباح لوالد الزوج بحال من الأحوال
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1422 / 05-08-2001
السؤال
هل والد الزوج من المحارم للزوجة كوالدها ؟ وهل تحل له إن طلقت من ابنه؟ أفيدوني أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا فرق بين والد زوج المرأة - عند أمن الفتنة - ووالدها من حيث المحرمية، فيجوز لها أن تبدي زينتها أمام كل منهما، لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...) [النور:31].
ولا خلاف بين العلماء في أن زوجة الابن من المحرمات أبداً، وهذا الحكم لا يتأثر بطلاق الابن لها ولا بموته، لثبوت تأبيد حرمتها بنص القرآن، قال تعالى - عاطفاً على ما يحرم من النساء حرمة مؤبدة -: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) [النساء:23].
أي: تحرم زوجات الأبناء - وإن سفلوا - على آباء الأزواج، وإن علوا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المحرمات من النساء في الكتاب والسنة
تاريخ الفتوى : ... 13 جمادي الأولى 1422 / 03-08-2001(62/69)
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أعرف من بالتحديد المحرم زواجهم
أعرف (الأم والأخت والخالة والعمات ) أود أن أعرف المزيد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من النساء من يحرمن على الرجل تحريماً مؤبداً، ومنهن من يحرمن عليه تحريماً مؤقتا لسبب إذا زال جاز له نكاحها.
والمحرمات تحريماً مؤبداً قد جمعتهن آية النساء رقم: 33، وحديث: "يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب". قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء:23].
فبين جل وعلا في هاتين الآيتين ما يحل، وما يحرم من النساء، فحرم سبعاً بالنسب، وهن الأمهات، ويدخل فيهن الجدات، وإن علون من قبل الأم أو الأب.
والبنات: ويدخل فيهن بنات البنات، وبنات الأولاد وإن سفلن.
والأخوات: سواء أكن من قبل الأب والأم، أو من قبل أحدهما.
والعمات: ويدخل فيهن جميع أخوات الأب الشقيقات وغير الشقيقات، وكذلك جميع أخوات أجدادك وإن علون.
والخالات: ويدخل فيهن جميع أخوات الأم الشقيقات وغيرهن، وكذلك جميع أخوات الجدات وإن علون، سواء أكن جدات من الأب أو من الأم.
وبنات الأخ وبنات الأخت، ويدخل فيهن بناتهن وإن سفلن.
وجملة ذلك أنه يحرم على الرجل أصوله وفروعه، وفروع أول أصوله، وأول فرع من كل أصل بعده.
والأصول هي: الأمهات والجدات، والفروع هي البنات، وبنات الأولاد، وفروع أول أصوله هي الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأخوات، وأول فرع من كل أصل بعده، وهي: العمات والخالات وإن علون.
وحرم كذلك سبعاً بالسبب: اثنين بالرضاع، وأربعا بالمصاهرة، والسابعة المحصنات، وهن ذوات الأزواج.
والمحرمات بالرضاع هي المذكورات في قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء:23].
وجملة ذلك أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتثبت حرمة الرضاع بشرطين:
الأول: أن يكون في الحولين.
الثاني: أن يوجد خمس رضعات معلومات.(62/70)
وأما المحرمات بالمصاهرة، فقوله: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) وجملة ذلك أن كل من عقد النكاح على امرأة تحرم على الناكح أمهاتها وجداتها، وإن علون، من الرضاعة والنسب بسبب العقد نفسه.
وتحرم كذلك الربيبة إن كان قد دخل بأمها، والربيبة هي بنت امرأة الرجل، وسميت ربيبة لتربيته إياها. قال تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) أي: جامعتموهن (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) أي: إن لم تكونوا دخلتم بهن - وقد عقدتم عليهن من قبل - فيحل لكم نكاح بنات من عقدتم عليهن، ولم تدخلوا بهن.
ويدخل في الربائب بنات الزوجة، وبنات أولادها، وإن سفلن من الرضاع، والنسب بالشرط السابق، وهو أن يكون قد دخل بالأم.
ومما يحرم كذلك زوجات الأبناء (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فحليلة الابن، وهي زوجته حرام على أبيه.
ومما يحرم بالمصاهرة كذلك زوجة الأب والجد، وإن علا، فتحرم على الولد، وولد الولد بنفس العقد، سواء أكان الأب من الرضاع، أو من النسب، لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) [النساء:22].
ويحرم الجمع بين الأختين، كما نصت على ذلك الآية الكريمة. وألحقت السنة المتواترة بذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، ووقع الإجماع على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" رواه الجماعة.
وحيثما حرم الجمع بين امرأتين فطلق من كانت في عصمته طلاقاً بتاً أو رجعياً، وانتهت عدتها جاز الزواج ممن حرمت عليه بسببها إذا لم يكن ثم مانع آخر، وكذا إذا ماتت. ويحرم الزواج كذلك بالمرأة الملاعنة، وهي التي رماها زوجها بالزنا، وشهد على ذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتشهد هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
فيفرق بينهما إلى الأبد، ولا يحل له نكاحها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الربيبة... وما يتعلق بها من أحكام
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1422 / 18-07-2001
السؤال
هل يعتبر زوج الجدة محرماً للابنة و للحفيدة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنات الزوجة من النسوة المنصوص على تحريمهن بالكتاب بسبب المصاهرة - وهن الربائب - أي: كل بنت للزوجة من نسب أو رضاع: قريبة كانت أو بعيدة،(62/71)
وارثة أو غير وارثة. وتثبت حرمة الربائب على زوج الأم - وإن علت - سواء كنَّ في حجره أم لا، وذلك في قول عامة أهل العلم، وقالوا: إن قيد (فِي حُجُورِكُمْ) الوارد في قوله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) [النساء:23] قيد لا مفهوم له، وخالف في ذلك داود بن علي، وإجماع أهل العلم حجة عليه.
قال ابن المنذر: أجمع عامة علماء الأمصار على خلاف هذا القول، لكن يشترط لحرمة زوج الأم على بنات الزوجة أن يكون دخل بها. قال ابن المنذر: أجمع عامة علماء الأمصار، أن الرجل إذا تزوج المرأة، ثم طلقها أو ماتت قبل الدخول بها، جاز له أن يتزوج ابنتها، لأن الله تعالى يقول: (من نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) [النساء:23].
إذاً، فحرمة بنات الزوجة المدخول بها - وإن سفلن - على أزواج أمهاتن - وإن علوا- أمر لا خلاف فيه بين جميع المسلمين، لثبوته بالنص المحكم وإجماع الأمة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الحكمة من تحريم نكاح الخالة
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1422 / 28-06-2001
السؤال
نريد أن نعرف سبب تحريم أن يتزوج المرء من خالته من الناحية النفسية والأخلاقية والاجتماعية . نعرف أن هناك نصوصا قطعية في المسألة . وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم على الرجل أن يتزوج خالته، وهذا ثابت بالقرآن والسنة والإجماع.
قال الله تعالى: ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم ) [النساء:23].
وليس بين المسلمين خلاف في هذا التحريم، بل هو أمر مجمع عليه في جميع الديانات، لم يخالف في ذلك إلا من مسخت فطرته من المجوس، حيث يبيحون نكاح الأخت وغيرها من المحارم.
والمسلم يوقن بأن الله تعالى حكيم عليم، فلا يشرع أمراً إلا وفيه حكمة بالغة، وقد يعلم الإنسان الحكمة وقد يجهلها.
قال العلامة الكاساني في بدائع الصنائع: ( ولأن نكاح هؤلاء يفضي إلى قطع الرحم، لأن النكاح لا يخلو عن مباسطات تجري بين الزوجين عادة، وبسببها تجري الخشونة بينهما، وذلك يفضي إلى قطع الرحم، فكان النكاح سبباً لقطع الرحم مفضياً إليه، وقطع الرحم حرام، والمفضي إلى الحرام حرام، وهذا المعنى يعم الفِرَق السبع - أي الأمهات ومن ذكر معهن في الآية- لأن قرابتهن محرمة القطع واجبة الوصل). نقلاً عن ( المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم 6/206) للدكتور عبد الكريم زيدان.(62/72)
وقال السيد سابق في فقه السنة ( وأما العمات والخالات فهن من طينة الأب والأم، وفي هذا الحديث " عم الرجل صنو أبيه" أي هما كالصنوان يخرجان من أصل النخلة، ولهذا المعنى -الذي كانت به صلة العمومة من صلة الأبوة، وصلة الخؤولة من صلة الأمومة - قالوا: إن تحريم الخالات مندرج في تحريم الأمهات وداخل فيه، فكان من محاسن دين الفطرة المحافظة على عاطفة العمومة والخؤولة، والتراحم والتعاون بها، وأن لا تنزو الشهوة عليها، وذلك بتحريم نكاح العمات والخالات" انتهى.
وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري " الخالة بمنزلة الأم" وإذا كانت بمنزلة الأم كان من الواجب احترمها وتقديرها، فلو جاز نكاحها لكانت تحت أمر الزوج وطاعته وخدمته وهذا ينافي الاحترام.
وكيف يفكر الإنسان مجرد التفكير أن يتزوج بأمه !! والفطرة السليمة تدرك بشاعة وشناعة الزواج من المحارم.
وأما الفطرة المنتكسة فربما فكرت في الزواج من الأخت، أو الخالة، أو بنت الأخ، أو بنت الأخت، نعوذ بالله من ذلك.
وما أقدم إنسان على ذلك ولا استباحته أمة، إلا سلط الله عليهم الأمراض والأوجاع، وحلَّ بهم الذل والعار والدمار، مع فساد الأبناء وانهيار الأسر، وقطيعة الأرحام. هذا في الدنيا، وما ينتظرهم في الآخرة من العذاب الأليم أشد وأعظم.
فنسأل الله العافية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... بنت الزوجة من المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1422 / 10-05-2001
السؤال
ما صفة تحريم الزواج ببنت الزوجة لدى انتهاء العلاقة الزوجية بأمها، وما المقصود بالحجور في الآية الكريمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابنة زوجة الرجل التي دخل بها يحرم نكاحها بسبب حصول القرابة الناشئة من الزواج، وهي المعروفة في عرف الفقهاء "بالمصاهرة"، ويدخل في ذلك بنات بناتها، وبنات أبنائها وإن نزلن، لأنهن من بناتها، والله تعالى يقول: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) [النساء: 23]، والربائب جمع ربيبة، وربيبة الرجل: بنت امرأته من غيره، سميت ربيبة له لأنه: يربها كما يرب ولده. أي: يسوسه.
وأما قوله تعالى: (اللاتي في حجوركم)، فالراجح الذي عليه عامة الفقهاء غير "الظاهرية" أنه وصف لبيان الشأن الغالب في الربيبة، وهو أن تكون في حجر زوج(62/73)
أمها، وليس قيداً بحيث يعتبر مفهومه، فتحل بسبب ذلك الربيبة التي لم تترب في حجر زوج أمها لزوج هذه الأم. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يحرم على الرجل أن يتزوج خالته من الرضاعة
تاريخ الفتوى : ... 04 محرم 1422 / 29-03-2001
السؤال
إن أختا لي من الرضاعة أرضعت مع أولادها ولدا ، كبر هذا الولد وتزوجته وأنجبت منه 6 أبناء ولم يكن لدينا علم بهذا الرضاع علما بأن هذه الأخت (من الرضاعة ) رضعت مع أخ لي غير شقيق من زوجة أبي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان إرضاع أختك من الرضاعة لهذا الرجل الذي صار زوجاً لك ثابتاً محققاً فإنه يجب عليه أن يفارقك، إذ أنك خالته من الرضاعة.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بنت حمزة رضي الله تعالى عنهما. "لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، هي بنت أخي من الرضاعة" .
وننبه السائلة إلى أمرين:
الأول : أن ارتضاع هذه المرأة من زوجة أبيها كاف في صيرورتها أختاً لها من الرضاعة لأن اللبن لبن أبيها، فقد صارت السائلة خالة لزوجها.
الثاني: أنه لا إثم ولا حدَّ عليها ولا على ذلك الرجل مادام الأمر غائباً عن علمهما، وأولادهما ملحقون بأبيهما شرعاً يرثونه ويرثهم، وتجري عليهم جميع أحكام البنوة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تزوج بامرأة وأنجب منها ثم علم أنها كانت زوجة لأبيه
تاريخ الفتوى : ... 30 رمضان 1421 / 27-12-2000
السؤال
رجل تزوج من امرأة وأنجب منها واكتشف بعد مدة من الزمن أنها كانت زوجة لأبيه
السؤال ماذا يفعل وما حكم الأبناء الذين بين الزوج والزوجة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليه أن يفارقها فور علمه بذلك ، لأنها محرمة عليه حرمة أبدية، إذ هي حليلة أبيه، قال تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) [النساء: 22].
وأما الأبناء فهم أبناء شرعيون ينسبون لأبيهم، لأن العقد حال وقوعه وقع صحيحاً، وإنما سرى عليه البطلان من زمن معرفته بكونها زوجة أبيه. والله أعلم.(62/74)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزنى بأم الزوجة يحرم الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 14 ذو القعدة 1421 / 08-02-2001
السؤال
هل ناكح الفرجين لا يدخل الجنة؟ أعني من كان له علاقة جنسية مع أم زوجته.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر توعد الله فاعله بالعقوبة الشديدة قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32]. أي كان قبيحاً متبالغاً في القبح مجاوزاً طريقه وذلك لأنه يؤدي إلى النار.
ولذلك قال تعالى في محكم آياته: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً) [الفرقان: 67، 68]، وهذا عن مجرد الزنى فما بالك إذا كان بأم الزوجة!
فقد كان من اللازم أن يحافظ الرجل على عرض أم زوجته كما يحافظ على عرض أمه وأخته وإذا كان الزنى بحليلة الجار يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكفر بالله وقتل الولد خشية الإطعام فما بالك إذا كانت الجريمة مع أم الزوجة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك" متفق عليه.
وإنما كان الزنا بزوجة الجار بهذه المرتبة لأن الجار يتوقع من جاره الذود عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويركن إليه، فالاعتداء على عرضه خيانة منكرة.
والزنا بالمحارم ليس كغيره، قال صلى الله عليه وسلم: "من وقع على ذات محرم فاقتلوه" رواه ابن ماجه.
وعن البراء بن عازب قال: لقيت خالي ومعه الراية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه الخمسة.
فهذا الرجل تزوج بامرأة أبيه وهي حرام عليه فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل، وأن يأخذ ماله غنيمة.
ومن وقع على أم زوجته وجب عليه أن يفارق امرأته لأنها صارت حراماً عليه بوطئه أمها لأن النكاح حقيقة في الوطء ولا يجوز الجمع بين فرجين لو قدر أي منهما ذكراً كان حراماً على الآخر، والزنا يحرم ما يحرم الحلال.
وأما دخوله الجنة فإن تاب في الدنيا تاب الله عليه وإلا فهو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له(62/75)
العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) [الفرقان: 67، 70]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج من الخالة حرام
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لي سؤال أرجو الإجابة عليه: أنا متزوج من ابنة زوج أختي مع ملاحظة أن أختي تلك من أب آخر غير أبي حيث إن أباها قد توفي . زوجتي تلك أنجبت منها ولدا يرغب في الزواج من بنت أختي أي بنت أختي تعتبر هنا أختا لزوجتي من الأب وليس من الأم . سؤالي هل يجوز هذا الزواج؟ ولكم جزيل الشكر
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لابنك أن يتزوج من بنت أختك لأمك، لأنها خالته، حيث إن زوجتك أخت لهذه البنت من أبيها. قال تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم) [النساء: 23] والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أم الزوجة محرمة على التأبيد
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
السلام عليكم.. هل يجوز لأم الزوجة كشف شعرها أمام زوج ابنتها وهل يجوز لها مصافحته وهل ينقض ذلك وضوءها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعلوم أن المرأة محرمة على زوج ابنتها على التأبيد بسبب المصاهرة، بدليل قول الله تعالى: ( وأمهات نسائكم ) [النساء: 23]
وبناء على ذلك فإنه يجوز لأم الزوجة كشف شعرها أمام زوج ابنتها، ويجوز لها مصافحته ولا ينقض ذلك الوضوء، ثم إن محل الجواز ما لم يأنس أحد من الطرفين ميلاً غير طبيعي إلى الطرف الآخر، فإن أنسه فيجب الابتعاد التام والحذر الشديد مما يتناغم مع ذلك الميل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زوجة الحفيد محرمة على جده أبداً.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999(62/76)
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم هل يجوز لجدي أن يتزوج من زوجتي بعد مماتي ما حكم الاسلام في ذلك والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لجدك أن يتزوج بزوجتك بعد مماتك أو طلاقك لها، لأن الله سبحانه وتعالى عد زوجة الابن من المحرمات أبداً، قال تعالى: ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم التي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً ) [النساء: 23]
والشاهد في قوله: ( وحلائل أبنائكم ) أي زوجات أبنائكم وأنت ابن لجدك قطعاً، فابن الابن ابن وإن سفل، كما أن أب الأب أب وإن علا.
أما قوله تعالى: ( من أصلابكم) فهو لبيان أن الابن بالتبني غير داخل في ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يطلقها في الحال إذا تبين أنها أخته من أمه
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
رجل تزوج من امرأة، ولديه أولاد منها واكتشف أنها أخته من أمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فعلى هذا الرجل أن يفارق هذه المرأة في الحال وبخصوص أولاده فإنهم ينسبون إليه. وكان الواجب التحري والسؤال عن النسب قبل الزواج ـ وعفا الله عن الجميع قال تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم..) الخ الآية. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... يحرم على من أرضعتهم أمك الزواج من بناتها
تاريخ الفتوى : ... 28 محرم 1422 / 22-04-2001
السؤال
أرضعت أمي أبناء عمي الذكور أكثر من خمس رضعات مشبعات وذلك على أخواتى البنات ماعدا الصغرى منهن وتأكد لي ّذلك ثم طلب أحد أبناء عمي الزواج من أختى الصغرى حيث انها لم تشترك فى الرضاعة مع أي من أبناء عمي فى الرضاعة وجدث أن زوج أبي أختي الصغرى لابن عمي الذى طلبها للزواج بناء(62/77)
على فتوى أحد العلماء دون علمي فهل هذا الزواج صحيح؟ ومنذ ذلك الوقت وأنا قاطع صلتي بأبناء عمي وكذلك أختي .هل هذا الزواج حلال مع العلم أن أختي كانت مخطوبة حينما تقدم ابن عمي لخطبتها ماحكم الشرع فى ذلك ؟ وهل أنا قاطع للرحم - وهل يجوز الخطبة على خطبة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أولاً : لا يحل لمسلم أن يخطب على خطبة أخيه المسلم حتى يأذن له الخاطب أو يذر ، قال ابن عمر رضي الله عنهما :<نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم عل بيع بعض ، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب متفق عليه . وما فعله أبوك وابن عمك من خطبة على خطبة الأول مخالف للشرع . ثانياً : حيث ذكرت أن أبناء عمك الذكور رضعوا من أمك أكثر من خمس رضعات مشبعات ، فإنهم يكونون إخوة لكم جميعاً لا يحل لأحد منهم أن يتزوج من أخواتك أبداً : قال الله تعالى :(حرمت عليكم أمهاتكم ...) إلى أن قال تعالى (وأخواتكم من الرضاعة ... )[ النساء:21]. وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله < يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب > رواه البخاري . فيجب التفريق بين ابن عمك وأختك وعليها ألا تمكنه من نفسها حتى يحدث التفريق ، فإن أبوا فننصح أن ترفع الأمر – بالبينات – للمحكمة الشرعية لديكم ، وفقك الله للخير والصلاح ، والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يجوز لابن الزنا أن يتزوج من ابنة أبيه
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز لابن الزنا بعد أن اعترف به والده شرعاً أنه ولده أن يتزوج من بنات أبيه جزاكم الله عنا الخير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لا يجوز لابن الزنا أن يتزوج من ابنة أبيه سواء أكانت بنتا شرعية أو غير شرعية لأنهما من ماء واحد ، و إن كان ابن الزنا ليس له حقوق على أبيه من الزنا كنفقة وميراث وغير ذلك والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج الخال من بنت ابن أخته
سؤال:
خالي أخ لأمي شقيق هل يجوز أن يتزوج ابنتي ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لخالك أن يتزوج ابنتك ، لأن خال الرجل هو خال لأبنائه وبناته ، وقد قال تعالى :(62/78)
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً ) النساء/23
فدل قوله وبنات الأخت على تحريم كل بنت الأخت ، وإن نزلت ، وهذا يشمل بنت بنت الأخت ، وبنت ابن الأخت ، وإن نزلوا ، قال القاسمي : " ويدخل في البنات أولادهن " تفسير القاسمي (5/86)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
إذا تزوج بامرأة حرمت على أبيه تحريماً مؤبداً
سؤال:
هل تعتبر زوجة الابن المتوفى ، والتي لم يتم الدخول بها من المحرمات تحريما مؤبدا ، أم أنها محرمة تحريماً مؤقتاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا تزوج الرجل بامرأة حرمت على أبيه بمجرد العقد تحريماً مؤبداً ، ولو لم يتم الدخول ، سواء مات عنها أم طلقها .
قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 .
وحليلة الابن هي زوجته ، سُميت كذلك لأنها تحل له .
قال ابن قدامة في "المغني" (9/524) :
إذا عقد الرجل عقد النكاح على المرأة ، حرمت على أبيه بمجرد العقد عليها ، لقول الله تعالى : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 . وهذه من حلائل أبنائه . . . وليس في هذا اختلاف بحمد لله . اهـ بتصرف يسير .
وقال ابن العربي في " أحكام القرآن" :
فَكُلُّ فَرْجٍ حَلَّ لِلابْنِ حَرُمَ عَلَى الأَبِ أَبَدًا اهـ .
وقال الإمام الشافعي في "الأم" :
" قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَهَا رَجُلٌ حُرِّمَتْ عَلَى أَبِيهِ ، دَخَلَ بِهَا الابْنُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَى جَمِيعِ آبَائِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، لأَنَّ الأُبُوَّةَ تَجْمَعُهُمْ مَعًا اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز للأب أن يتزوج مطلقة ابنه إن لم يدخل بها ؟
فأجابت :
" إذا عقد الابن على امرأة ، فإنها تحرم على أبيه وجده وإن علا إلى الأبد من نسب أو رضاعة ، ولو لم يحصل دخول ولا خلوة ، ويدل لذلك عموم قول الله تعالى عند(62/79)
ذكره من يحرم نكاحهن من النساء : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة (18/209) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (18/210) . :
ما قولكم في رجل تزوج امرأة ثم طلقها وخرجت من عدتها ، فهل تحل هذه المرأة لجد الرجل من أمه أو تحرم عليه – أي الجد – وإذا حرمت عليه فما الدليل أثابكم الله ؟
فأجابت :
" لا يحل للرجل أن يتزوج من عقد عليها ابنه أو ابن ابنه أو ابن بنته مهما نزلا ، من نسب أو رضاع ، وذلك لقوله تعالى لما ذكر المحرمات : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) فلا تحل زوجة الإنسان إذا طلقها أو مات عنها لأبيه ولا لجده من جهة الأب ولا لجده من جهة الأم ، لأن الأجداد من الآباء والأمهات سواء في هذا الحكم ، لعموم الآية الكريمة " اهـ .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل له أن يتزوج بنت زوجة أبيه ؟
سؤال:
رجل تزوج بامرأة ولها بنت عند زواجه منها، ورزق منها بأولاد فهل يحل لابن الرجل من غيرها أن يتزوج بنت هذه المرأة التي تزوجها أبوه ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا بأس بذلك ، لأنه لا علاقة بينه وبينها من ناحية القرابة فهي أجنبية منه ، وهو أجنبي منها ، فيجوز للشخص أن يتزوج بنت زوجة أبيه من رجل آخر ، لقوله تعالى لما ذكر المحرمات في النكاح ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) النساء/24
المنتقى من فتاوى الفوزان (5/258).
ــــــــــــــ
لا يصح قياس التبرع بالدم على الرضاع في ثبوت المحرمية
سؤال:
أعلم أن الرضاع يثبت به التحريم ، وأن المرأة إذا أرضعت طفلاً صارت أمه من الرضاع ، فهل يصح أن يقاس نقل الدم على الرضاع ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يصح هذا القياس ، فالتحريم الوارد إثباته بالشرع خاص بالرضاع ، وقد قرر ذلك المجمع الفقهي بالإجماع .
مجلة البحوث الإسلامية (35/343)
وسئلت اللجنة الدائمة :
رجل سحب منه دم لزوجته ، فهل يؤثر ذلك على حياته الزوجية معها ؟(62/80)
فأجابت :
لعل السائل وقع في نفسه قياس الدم على اللبن الناشر للحرمة وهو قياس غير صحيح ، لأمرين :
أحدهما : أن الدم ليس مغذياً كاللبن .
الثاني : أن الذي تنتشر به الحرمة بموجب النص هو رضاع اللبن بشرطين : أحدهما : أن يبلغ الرضاع خمس رضعات فأكثر، الثاني : أن يكون في الحولين وعليه فإنه لا أثر لهذا الدم المسحوب منك لزوجتك على حياتك الزوجية ، وبالله التوفيق .
مجلة البحوث الإسلامية (4/332) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
لأخته من الأب أختٌ من الأم ، هل يجوز له أن يتزوج منها ؟
سؤال:
لي أخت من الأب ولها أخت من الأم فهل يجوز لي أن أتزوج من أخت أختي لأمها ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز ذلك .
قال الشيخ صالح الفوزان :
إذا كان لك أخت من الأب فإنه يجوز لك أن تتزوج بأختها من الأم ، لأنه ليس بينك وبين أختها من الأم علاقة فلا مانع من ذلك ، لقوله تعالى : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) النساء/24.
"المنتقى" (5/258).
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق المسلمين على جواز النكاح في هذه الصورة فقال : " يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّهِ بِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ , وهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِلا نِزَاعٍ فِيهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ
بتصرف "الفتاوى الكبرى" (3/163) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
زواج المسلم من غير مسلمة
سؤال:
قررت امرأة غير مسلمة الزواج من شاب مسلم بعد أن أحبته ، ليس لديها مانع من أن تسلم ، هل يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة غير مسلمة من آسيا ؟
كلاهما يحب الآخر كثيراً ولا يستطيعان العيش بعيدين عن بعضهما ، ما الذي يجب فعله ؟ كيف ومتى يمكن أن تسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله(62/81)
أولاً :
نوجه عبر هذا الموقع رسالة إلى هذه المرأة – غير المسلمة – وغيرها بأن الحياة الحقيقية والسعادة القلبية والطمأنينة لا تحصل لأحد إلا إذا آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ، فالكون كله مخلوق ، وخالقه هو الله ، فهو الذي رفع السماء بلا عمد ، وبسط الأرض وجعل فيها الوتد وأجرى البحر والنهر ( آلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) الأعراف / 54 ، فإذا تبين ذلك فليُعلم بأن الله قد أرسل رسلاً إلى عباده ، ليدلوهم ويعلموهم ويهدوهم إلى طريق النجاة ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) البقرة / 150 ، وختم رسالاته بمحمد صلى الله عليه وسلم ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين ) الأحزاب / 40 ، فأرسله الله بدين الإسلام الذي لا يُقبل من أحد ديناً سواه ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) آل عمران / 85
ثانياً :
وأما متى وكيف تسلم :
فالأمر يسير جداً ، فما عليها إلا أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .
فإذا قالت ذلك صارت مسلمة ، وعليها أن تبادر بذلك فإن الموت يأتي بغتة ، والإنسان لا يدري هل يعيش إلى الغد أم لا ؟
ونرحب بها أختاً لنا في الله ، ونسأل الله أن يلهمها رشدها ويوفقها لما فيه سعادتها في الدنيا والآخرة .
ثالثاً :
الذي ورد في السؤال أن المرأة " غير مسلمة " وهذا اللفظ محتمل لأن تكون كتابية – يهودية أو نصرانية – ومحتمل لأن تكون غير ذلك – كأن تكون بوذية أو مجوسية أو شيوعية - ، فإن كانت المرأة الراغبة بزواج المسلم كتابية : فلا مانع شرعاً من هذا الزواج إذا تحققت الشروط الشرعيَّة فيها مثل أن تكون محصنة عفيفة ، وعلى الزوج المسلم أن يحرص على دخول زوجته في الإسلام لينقذها من الخلود في النار ، وليحقق لنفسه وأولاده بيتاً قائماً على الإسلام .
وأما إن كانت المرأة الراغبة في الزواج من مسلم غير كتابية : فإنه لا يحل للمسلم الزواج منها .
قال تعالى : { وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } البقرة / 221 .
قال ابن كثير :
هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عمومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد(62/82)
خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ، وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم ، وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 474 ) .
ومع القول بالجواز إلا أن الشرع المطهر رغَّب بالزواج من مسلمة ذات دين ؛ لأن حياة المسلم مع زوجته حياة كاملة وشاملة ففيها العفاف وغض البصر وحفظ البيت والأولاد ورعايتهما وهذه الأشياء ومثيلاتها لا تتحقق إلا من امرأة متدينة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 12283 ) – مهم - ، وجواب السؤال رقم ( 20227 ) ففيه زيادة بيان وتوضيح لمفاسد الزواج من غير المسلمة ، وفي جواب السؤال رقم ( 3320 ) بيان عدم جواز السماح لها بإقامة الأعياد في بيتها ولا خارجه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
هل هناك ما يسمى التحريم المؤقت
سؤال:
من المعروف أن المرأة الأجنبية لا يجوز أن يصافحها الرجل الأجنبي ، ولا أن يختلي بها ، ولكن هل يجوز للرجل أن يسلم أي يصافح أخت زوجته أو خالتها وعمتها ، بدعوى أنهن محرمات عليه تحريماً مؤقتاً ، وهل يجوز كذلك الاختلاء بهن أم لا ؟
وهل المحرمية المؤقتة بين الرجل وأخت زوجته وعمتها وخالتها هي نفس المحرمية التي تكون بين الرجل وزوجة رجل آخر بعيد عنه أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للرجل أن يصافح أخت زوجته ، ولا عمتها ، ولا خالتها ولا تجوز له الخلوة بأي واحدة منهن ، لأنهن لسن من محارمه ، وإنما حرمن عليه تحريماً مؤقتاً ، وهذا غير كاف في جعلهن كالمحارم في الخلوة والمصافحة .
ثانياً :
إذا ثبتت المحرمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة فالمحرمية مؤبدة ، وليست هناك محرمية مؤقتة أصلاً ، وإنما يوجد تحريم مؤقت ، وأخت زوجة الرجل وعمتها وخالتها لسن محارم له ، وإنما حرم عليه الزواج بأي واحدة على زوجته ، لقول تعالى : ( حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى قوله : ( وأن تجمعوا بين الأختين ) النساء / 23 ، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها ، أما(62/83)
زوجة رجل أجنبي عنه فهي محرمة على غير زوجها تحريماً مؤقتاً ما دامت في عصمة زوجها ، فإذا فارقها بموت أو طلاق أو فسخ العقد ، حل لغيره أن يتزوجها بعد انتهاء عدتها ، ولو على زوجة سابقة ما لم تكن أختاً أو عمة أو خالة لتلك الزوجة .
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/36 .
ــــــــــــــ
مصافحته لأم مخطوبته بشهوة هل تمنعه من زواجه بابنتها
سؤال:
إذا أقدمت على مجرد لمس والدة الفتاة التي سأتزوج بها بشهوة ( يداي لمست يديها أو العكس ، وأدى ذلك لانتصاب ذكري)، فهل يُحرِّم ذلك الفعل نكاحي من ابنتها ؟
أنا بحاجة لنصيحة عاجلة حول هذا الموضوع . فأنا شاب يفتقر إلى الأخلاق . حيث تراودني أفكار فاسدة ويكثر عندي الانتصاب . فبمجرد أن أنظر إلى امرأة أو إذا لمستني امرأة عن طريق الخطأ ، فإن ذكري ينتصب .
الجواب:
الحمد لله
أما ما ذكرته من نظرك إلى والدة مخطوبتك بشهوة فإنه لا يمنعك من الزواج من ابنتها ؛ لأن الذي يمنعك من الزواج بها هو زواجك بأمها ودخولك عليها ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) النساء / 23 .
لكن أخي .. أوصيك بتقوى الله عز وجل ، وعدم التساهل بالنظر فإن أمره عظيم ، وهو باب شر لا ينتهي ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وعليك الثانية ) . أخرجه الترمذي (2777) وأبو داود (2147) وأحمد (1373) عن علي رضي الله عنه .
وما ذكرته من شعورك بالشهوة كلما رأيت ، فسبب ذلك انشغال ذهنك بمسائل الجنس دائما ، ولا شك أن وسائل الإعلام الفاسدة لها أثر كبير في ذلك ، فهي تعنى بإشغال عقول الناس بهذه المسائل عن طريق إثارتهم بتلك الأفلام الفاضحة أو الصور الخليعة ، أو القصص الغرامية ، وهذا الأمر ينبغي للمسلم أن يترفع عنه .
نعم ..لا مانع من أن يشبع الإنسان غريزته بالطريق التي أحلها الله سبحانه وتعالى ، ولكن أن يعيش الإنسان ولا تفكير له إلا في شهوته ، هذا هو الذي ينبغي على كل عاقل أن يترفع عنه .
وينبغي أن تعلم أن الواحد لا يعيش في هذه الدنيا ليسكنها ، بل هي دار عمل ، وحال الإنسان فيها كحال الغريب ، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر – وكان شابا - : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .
واجعل همتك عالية لا ترضى إلا بأعالي الأمور ، وأعلى الأمور رضى الله سبحانه وتعالى والفوز بمرضاته وجنته ، فإذا علت همتك ستجد نفسك إنسانا آخر ، وسيزول ما تعاني منه .(62/84)
وأنصحك بامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) . أخرجه البخاري ( 5065) ومسلم ( 1400) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
أخيرا .. أنصحك بالدعاء واللجوء إلى الله سبحانه فما خاب داعيه ، والجد والعزم ، ومجاهدة نفسك ، واقطع عنك وسائل الإغراء ، واملأ قلبك بمحبة الله والشوق إلى لقائه .
رزقنا الله العلم النافع والعمل الصالح والقلب الخاشع والدعوة المستجابة ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
الزواج من أخت مطلقته
سؤال:
هل يجوز لشخص الزواج من أخت زوجته ، إذا انتهت عدة الأولى ، وإن كانت الزوجة الأولى على قيد الحياة ؛ لأن المنهي عنه إنما هو الجمع بينهما وزوجته السابقة لا زالت على قيد الحياة ؟
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز الزواج من أخت زوجته السابقة بشرط انتهاء عدته من الأولى ، والدليل على ذلك قول الله تعالى : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْن ) النساء / 23 ، وعن عبيدة السلماني أنه قال : ما أجمعت الصحابة على شيء كإجماعهم على أربع قبل الظهر , وأن لا تنكح امرأة في عدة أختها .
فالنهي هو عن الجمع في حال ثبوت الزوجية ، أما الآن فالزوجة الأولى قد انتهت علائقه منها بالطلاق .
والله اعلم .
انظر : المغني ( 7/68-69 ) .
الإسلام سؤال وجواب
ــــــــــــــ
يريد الزواج من بنت زوج أخته
سؤال:
السؤال :
هل يجوز أن أتزوج ابنة زوج أختي ، علماً بأنها ليست بابنة أختي ( يعني أنها ابنته من زواج سابق ) ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله(62/85)
يجوز ، لأنها ليست من المحرّمات اللواتي ذكرن في الآية الكريمة : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ .. ) الآية 23 من سورة النساء .
وإنما ورد من المحارم ( بنات الأخت ) ، وهي - في هذا السؤال - ليست بنت أخت لك ، فلا سبب للتحريم هنا لا من نسب ولا من رضاع ولا من مصاهرة . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
من هم المحارم الذين تكشف أمامهم المرأة
سؤال:
السؤال :
من هم الناس الذين يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها أمامهم ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
.يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام محارمها .
والمحرم للمرأة هو من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة ( كالأب وإن علا والابن وإن نزل والأعمام والأخوال والأخ وابن الأخ وابن الأخت ) أو رضاع ( كأخي المرأة من الرضاعة وزوج المرضعة ) أو صهرية ( كزوج الأم وأبي الزوج وإن علا وولد الزوج وإن نزل ) . وإليك أيتها السائلة تفصيلا للموضوع :
المحارم من النسب :
وهؤلاء هم المذكورون في سورة النور في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن .. ) سورة النور/31 . وقد قال المفسرون : إن محارم المرأة من الرجال بسبب النسب على ما صرحت به هذه الآية الكريمة أو دلت عليه هم من يأتي :
أولاً : الآباء ، أي آباء النساء وإن علوا من جهة الذكور والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات ، أما آباء بعولتهن فهم من المحارم بالمصاهرة كما سنبينه .
ثانياً : الأبناء : أي أبناء النساء ، فيدخل فيهم أولاد الأولاد وإن نزلوا من الذكور والإناث مثل بني البنين ، وبني البنات ، أما ( أبناء بعولتهن ) في الآية الكريمة فهم أبناء أزواجهن من غيرهن ، وهؤلاء محارم بسبب المصاهرة لا بسبب النسب كما سنبينه لاحقاً .
ثالثاً : إخوانهن سواء كانوا اخوة لأم وأب ، أو لأب فقط أو لأم فقط .
رابعاً : بنو إخوانهن وإن نزلوا من ذكران وإناث كبني بنات الأخوات .
خامساً : العم والخال وهما من المحارم من النسب ولم يذكروا في الآية الكريمة لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وهما عند الناس بمنزلة الوالدين ، والعم قد يسمى أبا قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من(62/86)
بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق .. ) البقرة /133 . وإسماعيل كان العم لبني يعقوب . تفسير الرازي 23/206 ، وتفسير القرطبي 12/232و233 ، وتفسير الآلوسي 18/143، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حين خان 6/352 .
المحارم بسبب الرضاع
ومحارم المرأة قد يكونون بسبب الرضاع ، جاء في تفسير الآلوسي : ( ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب تكون من جهة الرضاع ، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع تفسير الآلوسي 18/143 لأن المحرمية بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب تمنع النكاح على التأبيد بالنسبة لأطراف المحرمية ، وهذا ما أشار إليه الإمام الجصاص وهو يفسر هذه الآية فقال - رحمه الله - : ( لما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً ، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل أم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهم ) أحكام القرآن للجصاص 3/317 .
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب :
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، ومعنى ذلك أن المحارم للمرأة كما يكونون بسبب النسب يكونون أيضاً بسبب الرضاع ، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ( إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب ، فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له ) صحيح البخاري بشرح العسقلاني 9/150 وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم ولفظه : ( عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته ، فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها : لا تحتجبي منه ، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) صحيح مسلم بشرح النووي 10/22 .
محارم المرأة من الرضاع مثل محارمها من النسب :
وقد صرح الفقهاء متبعين ما دل عليه القرآن والسنة ، بأن محارم المرأة بسبب الرضاع مثل محارمها من النسب ، فيجوز لها أن تبدي زينتها لمحارمها من الرضاع كما تبدي زينتها لمحارمها من النسب ، ويحل لهم النظر من بدنها ما يحل لمحارمها من النسب من النظر إلى بدنها .
المحارم بسبب المصاهرة :
محارم المرأة بسبب المصاهرة هم الذين يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد ، مثل زوجة الأب ، وزوجة الابن ، وأم الزوجة شرح المنتهى 3/7 .
فالمحرم بالمصاهرة بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها ، وبالنسبة لزوجة الابن هو أبوه ، وبالنسبة لأم الزوجة هو الزوج ، وقد ذكر الله تعالى في آية سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن .. ) وآباء بعولتهن وأبناء بعولتهن من محارم المرأة بالمصاهرة ، وقد(62/87)
ذكرهم الله تعالى مع آبائهن وأبنائهن وساواهم جميعاً في حق إبداء الزينة لهم . المغني 6/555
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ــــــــــــــ
زواج زوجة الجد لأم ...
عنوان الفتوى
... دار الإفتاء المصرية ...
اسم المفتى
... 20196 ...
رقم الفتوى
... 18/08/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
بالطلب المقيد برقم 543 لسنة 1963 المطلوب به الإفادة عن الآتى هل تحل زوجة الجد لأم بعد وفاته لابن بنته أم لا .
نص الفتوى
قال صاحب الهداية فى باب المحرمات ( ولا يحل للرجل أن يتزوج امرأة أبيه وأجداده لقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } النساء 22 ، وعلق على ذلك صاحب العناية بقوله ( وتحرم امرأة أبيه وأجداده لقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } فإن دلالته على الأب ظاهرة وعلى الجد بأحد الطريقين .
إما أن يكون المراد بالأب الأصل فيتناول الآباء والأجداد كما تتناول الأم الجدات وإما بالإجماع .
وجاء فى كنز الدقائق ( وتحرم امرأة أبيه وابنه وإن بعدا ) وعلق عليه صاحب تبيين الحقائق بقوله ( أى تحرم عليه امرأة أبيه وامرأة ابنه وإن بعد الأب أو الابن بأن كان أب الأب أو أب الأم أو أب أم الأب وإن علا ) أما امرأة الأب فلقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } فيتناول منكوحة الأب وطئا وعقدا صحيحا، وكذلك لفظ الأب يتناول الآباء والأجداد الخ - وجاء فى الدر المختار - ( ويحرم على الرجل زوجة أصله وفرعه مطلقا ولو بعدا دخل بها أو لا ) وجاء فى الاختيار شرح المختار ( وحليلة الأب والجد من قبل الأب أو الأم وإن علا حرام على الابن لقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } وجاء فى الفتاوى الهندية فى عد المحرمات بالصهرية ( نساء الآباء والأجداد من جهة الأب أو الأم وإن علوا فهؤلاء محرمات على التأبيد نكاحا ووطئا ) كذا فى الحاوى المقدسى .
وجاء فى المغنى لابن قدامة الحنبلى الجزء السابق صفحة 474 وما بعدها ( الرابعة زوجات الأب فتحرم على الرجل امرأة أبيه قريبا كان أو بعيدا وارثا كان أو غير(62/88)
وارث من نسب أو رضاع لقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } إلى أن قال .
وسواء فى هذا امرأة أبيه أو امرأة جده لأبيه وجده لأمه قرب أم بعد وليس فى هذا بين أهل العلم خلاف علمناه والحمد لله ) .
وأما قول صاحب البدائع .
( فمنكوحة الأب وأجداده لأبيه ) فانه قيد لا مفهوم له دعا إليه سياق الاستدلال بالنص .
لانعقاد الإجماع على تحريم امرأة الجد من الأم وإن علا .
ومما ذكر يتضح أنه لا يحل للرجل شرعا أن يتزوج زوجة جده لأمه والله أعلم .
ــــــــــــــ
الخلوة بالزوجة بعد عقد القران وقبل الدخول بها ...
عنوان الفتوى
... عبد الله الفقيه ...
اسم المفتى
... 22750 ...
رقم الفتوى
... 27/03/2005 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ما هو المباح لمن عقد قرانه دون أن يتم إعلان الدخول، وما حكم من عقد قرانه إذا قام بمداعبة من عقد عليها مداعبة ينتج عنها استمتاع وإنزال دون حدوث إيلاج؟
نص الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل يملك بضع المرأة بمجرد العقد وتصير زوجة له يحل له أن يختلي بها، وأن يرى منها ما شاء، وأن يطأها متى شاء في الأوقات المباحة.
إلا أنه ينبغي على العاقد أن يراعي العرف الجاري في بلده وأن يوفي بالاتفاق مع ولي المرأة إن كان هنالك اتفاق على أن الدخول مرجأ إلى موعد متأخر عن العقد، أو كان هنالك عرف قائم مقام الاتفاق. ولا يخالف هذا العرف نصاً من كتاب ولا سنة ، بل إن الشرع علق أحكاماً على مجرد العقد وأخرى على الدخول ، ومما علقه على مجرد العقد، حرمة الأم بمجرد العقد على البنت وأن المرأة المعقود عليها تصير محرمة على التأبيد على أب الزوج.
ومن الأحكام التي علقها الشارع على الدخول : وجوب جميع المهر ، وإيجاب العدة عليها بالطلاق.
فعلى الرجل أن يراعي ما اتفق عليه وأن يسير على العرف الجاري لديهم ، وإن حدث جماع أو خلوة شرعية صحيحة فلا إثم عليه إن شاء الله ، لأنها زوجته حقيقة ، وتنبني على ذلك أحكام الدخول كلها ، فالولد ولده والمهر يلزمه كاملاً إلخ.(62/89)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
حدود نظر الأخ من الرضاع إلى أخته ...
عنوان الفتوى
... محمد صالح المنجد ...
اسم المفتى
... 21494 ...
رقم الفتوى
... 30/11/2004 ...
تاريخ الفتوى على الموقع
... ...
نص السؤال
ماذا يجوز للأخ من الرضاعه أن يشاهد من اخته فى الرضاعة00وهل هو في نفس درجه المحارم الأخ الشقيق وهل يجوز للأخ من الرضاعة أن يشاهد من اخته شعرها وشئ من جسمها؟؟ والسلام عليكم
نص الفتوى
الجواب :
الحمد لله
.يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام محارمها .
والمحرم للمرأة هو من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة ( كالأب وإن علا والابن وإن نزل والأعمام والأخوال والأخ وابن الأخ وابن الأخت ) أو رضاع ( كأخي المرأة من الرضاعة وزوج المرضعة ) أو صهرية ( كزوج الأم وأبي الزوج وإن علا وولد الزوج وإن نزل ) . وإليك أيتها السائلة تفصيلا للموضوع :
المحارم من النسب :
وهؤلاء هم المذكورون في سورة النور في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن .. ) سورة النور/31 . وقد قال المفسرون : إن محارم المرأة من الرجال بسبب النسب على ما صرحت به هذه الآية الكريمة أو دلت عليه هم من يأتي :
أولاً : الآباء ، أي آباء النساء وإن علوا من جهة الذكور والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات ، أما آباء بعولتهن فهم من المحارم بالمصاهرة كما سنبينه .
ثانياً : الأبناء : أي أبناء النساء ، فيدخل فيهم أولاد الأولاد وإن نزلوا من الذكور والإناث مثل بني البنين ، وبني البنات ، أما ( أبناء بعولتهن ) في الآية الكريمة فهم أبناء أزواجهن من غيرهن ، وهؤلاء محارم بسبب المصاهرة لا بسبب النسب كما سنبينه لاحقاً .
ثالثاً : إخوانهن سواء كانوا اخوة لأم وأب ، أو لأب فقط أو لأم فقط .
رابعاً : بنو إخوانهن وإن نزلوا من ذكران وإناث كبني بنات الأخوات .(62/90)
خامساً : العم والخال وهما من المحارم من النسب ولم يذكروا في الآية الكريمة لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وهما عند الناس بمنزلة الوالدين ، والعم قد يسمى أبا قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق .. ) البقرة /133 . وإسماعيل كان العم لبني يعقوب . تفسير الرازي 23/206 ، وتفسير القرطبي 12/232و233 ، وتفسير الآلوسي 18/143، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حين خان 6/352 .
المحارم بسبب الرضاع
ومحارم المرأة قد يكونون بسبب الرضاع ، جاء في تفسير الآلوسي : ( ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب تكون من جهة الرضاع ، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع تفسير الآلوسي 18/143 لأن المحرمية بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب تمنع النكاح على التأبيد بالنسبة لأطراف المحرمية ، وهذا ما أشار إليه الإمام الجصاص وهو يفسر هذه الآية فقال - رحمه الله - : ( لما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً ، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل أم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهم ) أحكام القرآن للجصاص 3/317 .
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب :
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، ومعنى ذلك أن المحارم للمرأة كما يكونون بسبب النسب يكونون أيضاً بسبب الرضاع ، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ( إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب ، فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له ) صحيح البخاري بشرح العسقلاني 9/150 وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم ولفظه : ( عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته ، فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها : لا تحتجبي منه ، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) صحيح مسلم بشرح النووي 10/22 .
محارم المرأة من الرضاع مثل محارمها من النسب :
وقد صرح الفقهاء متبعين ما دل عليه القرآن والسنة ، بأن محارم المرأة بسبب الرضاع مثل محارمها من النسب ، فيجوز لها أن تبدي زينتها لمحارمها من الرضاع كما تبدي زينتها لمحارمها من النسب ، ويحل لهم النظر من بدنها ما يحل لمحارمها من النسب من النظر إلى بدنها .
المحارم بسبب المصاهرة :
محارم المرأة بسبب المصاهرة هم الذين يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد ، مثل زوجة الأب ، وزوجة الابن ، وأم الزوجة شرح المنتهى 3/7 .(62/91)
فالمحرم بالمصاهرة بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها ، وبالنسبة لزوجة الابن هو أبوه ، وبالنسبة لأم الزوجة هو الزوج ، وقد ذكر الله تعالى في آية سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن .. ) وآباء بعولتهن وأبناء بعولتهن من محارم المرأة بالمصاهرة ، وقد ذكرهم الله تعالى مع آبائهن وأبنائهن وساواهم جميعاً في حق إبداء الزينة لهم . المغني 6/555
ــــــــــــــ
نقل الدم وأثره على عقد النكاح ... العنوان
نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، هل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟ ... السؤال
07/12/2006 ... التاريخ
المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد جعل الشارع من أسباب تحريم النكاح الرضاع، لقوله تعالى في بيان المحرمات من النساء: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة)، وهذا التحريم قاصر على الرضاع فلا يتعداه إلى غيره، وعلى هذا فنقل الدم من المرأة إلى الطفل الصغير لا يثبت به التحريم ولا يأخذ حكم الرضاع، فالواجب الوقوف عند ألفاظ الشرع، وألفاظه كلها تتحدث عن الرضاعة والإرضاع.
وقد جاء قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي – بمكة المكرمة- على النحو التالي:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م: قد نظر في الموضوع الخاص بنقل الدم، من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، هل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟
وبعد مناقشات من أعضاء المجلس، انتهى بإجماع الآراء: إلى أن نقل الدم لا يحصل به التحريم، وأن التحريم خاص بالرضاع.
أما حكم أخذ العوض عن الدم وبعبارة أخرى: بيع الدم، فقد رأى المجلس: أنه لا يجوز، لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم، مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث: (إنَّ اللهَ تعالى إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثَمَنَهُ).
كما صح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه، للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعوض، فإن(62/92)
الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة، وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ، ولا مانع من إعطاء المال، على سبيل الهبة، أو المكافأة، تشجيعًا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري، لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
زواج الأقارب بين الطب والفقه ... العنوان
ما حكم الإسلام في زواج الأقارب ، وهل هو صحيح منهي عنه ،لأنه يسبب أمراضا للأولاد؟ ... السؤال
30/10/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فزواج الأقارب لم يرد به نهي صريح في الإسلام، ولا حث عليه، فهو متروك لاختيار الناس ما هو أنسب لهم، ولعل هذا النهج يؤكد ما توصل إليه الطب الحديث في هذا الموضوع، وهو أن زواج الأقارب ليس ضارا على طول الخط، فقد يكون نافعا ، في حالة ارتفاع نسبة الذكاء والجمال والقوة في العائلة، وبالتي فالقول بأن زواج الأقارب كله ضرر ، مع كون الإسلام أباحه ، كلام تعوزه الصحة العلمية.
ولعل من المناسب إيراد رأي الأطباء في هذه المسألة ، يقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم استشاري الأمراض الباطنية، و الطبيب المصري الشهير:
إذا نظر أي عالم نظرة متأنية في أبعاد هذا الموضوع؛ لوجد أن القول " بأن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية " ليس قولا صحيحا في كل الأحوال .. قد يكون صحيحا في حالات معينة .. ولكنه ليس صحيحا في كل الحالات ، وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانونا عاما أو قاعدة عامة ..
وهناك بعض الحقائق الأساسية في هذا الموضوع : -
1- زيادة نسبة ظهور الأمراض الوراثية في الذرية الناتجة من العوامل الوراثية المتنحية من كلا الأبوين .. ليست معتمدة على زواج الأقارب في كل الأحوال ولكنها تعتمد أساسا على مدى انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي بين أفراد المجتمع ككل .
2- فإذا كان منتشرا بنسبة أكثر من 1 : 8 في المجتمع؛ فإن زواج الأباعد لا يكون ضمانا لإنجاب أصحاء وراثيا .
نفهم من ذلك أن ظهور بعض الأمراض الوراثية في الذرية في المجتمعات التي تنتشر بين أفرادها العوامل الوراثية المرضية المتنحية انتشارا نحو 1 :8 تتساوى نسبة ظهورها في الذرية في زواج الأقارب وزواج الأباعد على سواء .(62/93)
وهناك فرض آخر إذا كانت نسبة انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي في المجتمع أكثر من 12 % وكانت أسرة في هذا المجتمع نقية وراثيا في هذه الحالة فإن الزواج بين الأقارب في هذه الأسرة أفضل كثيرا وأكثر ضمانا من زواج الأباعد .
ومن أمثلة تلك الأمراض - مرض الأنيميا المنجلية :-
إذا كان العامل الوراثي المتنحي منحصرا في أفراد أسرة معينة أكثر مما هو في أفراد المجتمع من حولهم فإن زواج الأباعد يكون أفضل من زواج الأقارب .. أما إذا كان العكس هو الصحيح وكان أفراد الأسرة أنقياء وراثيا وأفراد المجتمع من حولهم ينتشر فيهم العامل الوراثي المتنحي، ففي هذه الحالة يكون زواج الأقارب أكثر ضمانا وأمنا من زواج الأباعد، فمثلا في بعض مناطق إيطاليا وصقلية يوجد العامل الوراثي المتنحي لمرض الأنيميا المنجلية منتشرا في أفراد المجتمع بنسبة تصل 10% والنسبة أعلى في مجتمعات أخرى مثل بعض مناطق كينيا حيث تصل النسبة إلى 40% في أفراد المجتمع ، فإذا افترضنا أن أسرة هاجرت إلي هناك وكان أفرادها أنقياء وراثيا من هذا العامل الوراثي .. أفلا يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد ؟ .
و لا يجوز أن ننسى أن زواج الأقارب له جوانب إيجابية :
أ - إذا كان بالأسرة عوامل وراثية مرغوبة ليست في غيرها من الأسر مثل صفات الجمال والذكاء والقوة .. أو طول العمر وغيرها ، حينئذ يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد، شريطة ألا يستمر الزواج بين الأقارب جيلا حتى لا تتحول الأسر إلى مجتمعات صغيرة مغلقة، وهو ماثبت وراثيا أنه مضر .
وهكذا تتساوى الاحتمالات فى زواج الأقارب والأباعد في هذه الحالات وسواء كان هذا أو ذاك فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتخير إذ قال " تخيروا لنطفكم " والتخير في عصرنا الحاضر أساسه الاستشارة الوراثية .
و الجانب الإيجابي الأخر فى زواج الأقارب هو عدم التضحية بجيل من أجل جيل آخر، ولشرح هذه النقطة نفترض أن في مجتمع ما صار الزواج بين أقرباء فقط فى هذه الحالة نجد أن نسبة تواجد الجينات المرضية في هذا المجتمع ستزداد في ذرية هذا الجيل نتيجة عدم التخلص من هذه الجينات المرضية ، اذ أن التقاءها في حالة مزدوجة أو نادر الحدوث .
والنتيجة أنه بمرور الأجيال سترتفع نسبة تواجد هذه الجينات المرضية في المجتمع، وهذا يؤدي إلى زيادة مطردة في ظهور الأمراض الوراثية المحكومة بهذه الجينات في الأجيال القادمة مثل مرض تليف البنكرياس.
نخرج من هذا بنتيجة هامة، وهي أن زواج الأقارب قد يضحي بالجيل الحاضر من أجل الأجيال القادمة ، و زواج الأباعد قد يضحى بالأجيال القادمة من أجل الجيل الحاضر وهكذا نجد في النهاية حتى فى الأمراض المحكومة بجينات متنحية لا تفضيل لزواج الأقارب على زواج الأباعد ولا لزواج الأباعد على زواج الأقارب .
و الاحتمال العلمي لنقل القلة من الأمراض الوراثية الناتجة من جينات متنحية عن طريق زواج الأقارب يقع في حالة واحدة ، وهى أن يكون أفراد المجتمع أنقياء(62/94)
وراثيا وأفراد الأسرة غير أنقياء وراثيا .( نقلا بتصرف عن : http://www.islamset.com/arabic/ahip/sawke.html )
يقول الدكتور محمد سعيد حوى أستاذ الشريعة بالجامعات الأردنية في سؤال سابق :
أما زواج الأقارب، فلا يوجد إطلاقا نص صحيح ينهى عن ذلك، وحديث "غربوا النكاح" لا يصح، وقد تزوج النبي -عليه الصلاة والسلام- من ابنة عمته زينب، والآية القرآن صريحة: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك..." (الأحزاب: 50)، وبينت سورة النساء الآية 23-24 المحرمات حصرا؛ فما عدا ذلك من الأقارب فهو جائز قطعا، وهذا لا يمنع أن يفضل التقليل من زواج الأقارب حفظا على اتساع العلاقات والمصاهرة، وخشية أن تترسخ بعض الصفات الوراثية السلبية؛ فيكون من باب التفضيل وليس من باب التحريم.
وأحيانا قد نجد أقارب تزوجوا من بعضهم وهم في كمال الذكاء والعقل وسلامة الجسم مع الالتزام في الدين فيراعى كل شيء بحسبه، ولا مانع أيضا من أراد أن يتزوج من قريبة أن يجري فحصا طبيا ليتأكد من عدم وجود بعض الموانع الطبية. انتهى
ويقول مسعود صبري الباحث الشرعي بكلية دار العلوم :
زواج الأقارب لم يرد النهي في الشرع عنه ، ولا الأمر به ، وإنما ترك الأمر للإباحة ، حتى تدرس كل حالة على حدتها ، فربما كان الأنسب أن يتزوج الرجل من قريبته ، فربما كانت هناك اعتبارات اجتماعية ترجح الزواج مع القرابة ، وربما كان الزواج من الأقارب يفضي إلى قطع الرحم ، أو زيادة المشاحنات بين الأقارب ، إن كان يعرف عن العائلة أن الود بينهم غير مستقر.
ومما ذكره الفقهاء أن يخشى ضعف الأولاد ، والتحقيق فيها لرأي الأطباء ، وقد ثبت أن الأمر ليس قطعيا فيها .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صفات يختار الرجل زوجته على أساسها ، ولم يذكر منها أن تكون الزوجة غريبة لا يربطها بزوجها نسب، بل طلب التخير من الصالحات الأكفاء، فعن عائشة , قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { تخيروا لنطفكم , وانكحوا الأكفاء , وأنكحوا إليهم } .
و في القرابة صفات قد لا توجد في الأباعد ، وفي الأباعد صفات قد لا توجد في الأقارب، ولذا قال العرب قديما: الغرائب أنجب , وبنات العم أصبر.
ومما يدل على جواز الزواج من الأقارب أن الله تعالى زوج رسوله صلى الله عليه وسلم ابنة عمته زينب بنت جحش، بل لم يزوج الله نبيه إحدى النساء غيرها ، وهي قريبته.
وجاء النص القرآني يبيح هذا ، فقال تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) .
فأباح له الزواج من بنات العم والعمة ، والخال والخالة ، وهي من أدنى الدرجات قربا ، فعرفت الإباحة .(62/95)
وإنما يتغير الحكم من الإباحة إلى الكراهة أو إلى ما هو أشد منها، إن كان هناك سبب يحول الإباحة إلى غيرها ، من ثبوت الضرر الصحي ، أو التفكك الأسري، أو عدم الاستقرار الاجتماعي بين أسر الأقارب والأرحام.
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك " الآية هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى فأباح بنت العم والعمة وبنت الخال والخالة وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع وإنما قال " وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك ".انتهى
وعلى كل ، فالزواج من الأقارب مباح في الأصل ، على أن تراعى الظروف الاجتماعية والصحية ، في كل حالة من الحالات دون القياس على أخرى ، مع القيام بالكشف الطبي وفحوص الزواج قبل إتمامه .
والله أعلم
ــــــــــــــ
حكم الزواج ببنت الزوجة ... العنوان
تزوج رجل امرأة لها بنت تركتها عند زوجها الأول، ولم تحضرها معها عند زوجها الثاني، ثم توفيت هذه المرأة، ويريد زوجها أن يتزوج ابنتها، فهل يحل له ذلك؟
... السؤال
26/06/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنه لا يحل لهذا الرجل أن يتزوج بنت زوجته هذه، لأنها ربيبته وقد دخل بأمها، وكونها تقيم مع أبيها ولم تنتقل مع أمها عنده لا أثر له على الحكم، لأن ذكر الحجر في الآية ليس شرطا للتحريم ، وإنما ذكر لبيان ما كان عليه الحال وما جرت به العادة في أمر الربيبة، وهذا لا خلاف فيه.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
إن المحرمات من النساء بسبب المصاهرة أي بسبب علاقة الزوجية أربع نساء وهن: زوجات الآباء لقوله تعالى: }ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا{ فيحرم على الرجل أن يتزوج المرأة التي عقد عليها أبوه أو جده لأبيه أو جده لأمه وإن علا، تحرم بمجرد العقد عليها.
الثانية من المحرمات بسبب المصاهرة زوجات الأبناء لقوله تعالى: }وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم{ فيحرم على الرجل أن يتزوج المرأة التي عقد عليها ابنه أو ابن ابنه وإن سفل، تحرم بمجرد العقد عليها.(62/96)
والصنف الثالث من المحرمات بسبب المصاهرة أمهات النساء وإن عَلَوْن لقول الله تعالى: }وأمهات نسائكم{ فيحرم على الرجل أن يتزوج أم زوجته التي عقد عليها، وكذلك جدتها لأبيها أو لأمها وإن علون يحرمن بمجرد العقد على الزوجة.
الصنف الرابع من المحرمات بسبب المصاهرة بنات الزوجات وهن الربائب ولو كن في غير حجره ـ أي في غير معيشته ـ وهو موضوع السؤال، فتحرم البنت على زوج أمها بعد الدخول بالأم ، فتحرم البنت إذا دخل بأمها، أما تحريم الأم فبمجرد العقد على البنت كما ذكرنا، وذلك لقول الله تعالى: ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) أي اللاتي يقمن مع زوج أمهن.
والوصف للربائب بأنهن في الحجور لم يخرج مخرج الشرط، ولا دخل له في التحريم والتحليل، وإنما وصفهن بذلك تعريفًا لهن بغالب أحوالهن؛ إذ كان الغالب أن يضم الرجل ابنة زوجته إليه ويربيها، وما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه.
والدليل على أن تحريم الربيبة ـ وهى بنت الزوجة ـ ليس متوقفًا على كونها في حجر زوج أمها ما جاء في بقية الآية من قوله تعالى: ( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) وذلك يدل على أن التحريم يكون إذا تحقق الدخول بالأم، وأنه إذا لم يدخل بالأم فلا إثم عليه في أن يتزوج ابنتها، ولم يرد ذكر عند نفى الإثم لكونها في حجره، أو أنها ما زالت عند أبيها.
وبذلك نقول لصاحب السؤال: إنه يحرم على هذا الرجل أن يتزوج بنت امرأته التي دخل بها سواء أكانت هذه البنت في حجره أي في معيشته، أم كانت عند أبيها، وسواء كان قد رآها وعرفها أو لم يكن رآها، فكل ذلك لا أثر له، وقد أجمع جهور الأئمة على ذلك، ولا عبرة بقول يخالف هذا الإجماع.
ويمكنكم قراءة الفتوى التالية:
الزواج ببنت الزوجة
والله أعلم.
ــــــــــــــ
حكم التبني في الإسلام ... العنوان
نسمع عن ظاهرة التبني، حيث يقوم بعض من لم يرزقه الله نعمة الإنجاب بضم طفل لقيط إليه، ويعطيه اسمه ولقبه، فما حكم الإسلام في ذلك؟
... السؤال
04/05/2003 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
جاء في فتوى لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي خلاصتها
أن التبني بمعنى أن يضم أحد الناس طفلا إلى نسبه، ويجعله كولده، ويعطيه اسمه ولقبه أمر حرمه الإسلام، وشدد في تحريمه، وأن التبني بهذا المفهوم لا يغير(62/97)
الحقيقة أبدا، ولا يلحق المتبنى بمن تبناه، وسيظل لهذا نسبه، ولذاك نسبه، أما النبني بمعنى رعاية الطفل دون إعطائه اللقب والإثم فهو جائز مشروع.
وإليك نص فتواه حيث يقول فيها :
التبني ـ كما نعلم جميعًا ـ حَرَّمه الإسلام، حرمه القرآن لأنه شئ يُخالِف الحقيقة ويُخالِف الواقع، وهذا هو نص القرآن: (... وما جَعلَ أدعياءَكمْ أبناءَكُمْ ذلِكُم قولُكم بأفواهِكمْ واللهُ يقولُ الحقَّ وهو يَهدي السبيلَ) (الأحزاب: 4).
لم يجعل الله ـ تعالى ـ (الدَّعِيَّ) ابنًا، لا شرعًا ولا قَدرًا. (ذلكم قولكم بأفواهكم): يعني هذا مجرد كلام باللسان، لا يُمكن أن تُغيِّر الواقع أو تُنشِئ حقيقة، لن تجري دمك في عروق هذا المُدَّعِي، ولن يَرث شيئًا من خصائصك وصفاتك الجسمية والعقلية والنفسية، بمجرد أن تقول: هذا ابني، فهي تزوير للحقيقة وللواقع؛ ولذلك رفضها القرآن وقال: (ادعُوهمْ لآبائهمْ هو أقسطُ عِنْدَ اللهِ فإنْ لم تَعلَمُوا آباءَهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَواليكم) (الأحزاب: 5) .
كانوا يُلحقون بأنفسهم أحيانًا مَنْ هو معروف النَّسَب، فضلاً عمن هو مجهول النسب، فزيد بن حارثة ـ مثلاً ـ كان له أهل مَعروفون، ومع هذا بَقِي (زيد بن محمد) حينما آثر المُقام مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرجوع مع أهله وعشيرته.
أَبطَل الإسلام هذا، أبطله بالقول، وأبطله بالفعل، أبطله بالقول بما مَرَّ من الآيات الكريمة من سورة الأحزاب، وبمفهوم قوله ـ تعالى ـ في المحرمات من النساء: (وحلائلُ أبنائِكمُ الذينَ مِن أصلابِكم...) (النساء: 23) فمفهومها أن الحلائل الأبناء المُدَّعَينَ أو المُتبنَّين لَسْنَ ممن حَرَّم الله زواجهن.
ثم أبطل الله ـ تعالى ـ ذلك بالفعل تأكيدًا للقول، وذلك حين كلف الله ـ سبحانه ـ رسوله ـ صلى الله عيه وسلم ـ أن يَتزوج مُطلقَة زيد: (زينب بنت جحش)، وكان هذا شديدًا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (... وتُخفي في نفسك ما اللهُ مُبْدِيهِ وتَخشَى الناسَ واللهُ أحقُّ أن تَخْشَاه) (الأحزاب: 37) .
وهذا الأمر أحدثَ ضَجَّة ضخمة في المجتمع المدني؛ حتى ليُخيَّل إلي أن سورة الأحزاب كلها نزلت من أجل هذا، فمِنْ أولها: (يا أيها النبيُّ اتَّقِ اللهَ ولا تُطعِ الكافرينَ والمنافقينَ إنَّ اللهَ كان عليمًا حكيمًا. واتَّبِعْ ما يُوحَى إليك مِنْ ربك إنَّ اللهَ كان بما تَعلمون خبيرًا. وتَوكَّلْ على اللهِ وكفى باللهِ وكيلاً) (الأحزاب:1ـ3)
الآيات تُقَوِّي قلب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتَشُدُّ أزرَه في مواجهة ضغط المجتمع،
وما بعد ذلك: (الذين يُبلِّغُونَ رسالاتِ اللهِ ويَخشونَهُ ولا يَخشونَ أحدًا إلا اللهَ وكَفَى باللهِ حسيبًا. ما كان محمدٌ أبَا أحدٍ مِنْ رجالِكم...) (الأحزاب: 39ـ40)
الأمر كان شديدًا وشاقًّا على النبي الكريم، ولكن اللهَ كَلَّف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقوم بهذا الأمر الشاق عليه؛ ليُبطِلَ موضوع التَّبَنِّي، وصرح بذلك القرآن الكريم إذْ قال: (فلما قَضى زيدٌ منها وَطَرًا زَوَّجناكَها لكي لا يَكونَ على المؤمنينَ حَرَجٌ في أزواجِ أدعيائهم إذا قَضَوا مِنهنَّ وَطرًا وكان أَمْرُ اللهِ مفعولاً) (الأحزاب: 37)(62/98)
والله أعلم .
ــــــــــــــ
زواج الابن من بنت زوجة الأب ... العنوان
لي أخت من أمي، وأخ من أبي. فهل يجوز لأخي هذا أن يتزوج من أختي تلك؟
... السؤال
04/01/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
فالزواج من أخت الأخ جائز ، وإنما المحرم الزواج من الأخت ، ولأنه ليس هناك دواع شرعية للتحريم ، فيبقى الحكم على الأصل الذي هو الإباحة.
يقول الشيخ القرضاوي حفظه الله :
يجوز للابن أن يتزوج من بنت زوجة أبيه ، والتي ولدت من أب آخر لأنها ليست أخته. وقد رأينا هذا كثيرا ما يحدث، لأنه إنما يتزوج أخت أخيه لا أخته هو. فأخت الأخ من النسب وأخت الأخ من الرضاع، تتساويان في الحكم بهذا الصدد.
وإذا أنجبت هذه الزوجة ولدا قيل عنه: عمه خاله.
أي يصبح عمه هو خاله. عمه من جهة الأم وخاله من جهة الأب أو بالعكس.
فهذا الزواج مشروع وصحيح ولا حرج فيه، إذ ليس فيه أي سبب من أسباب التحريم شرعا، لا من جهة النسب، ولا من جهة المصاهرة، ولا من جهة الرضاع. قال تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء: (وأحل لكم ما وراء ذلك) .انتهى
ولمعرفة ما يحرم على الرجل الزواج من النساء ، يرجى قراءة هذه الفتوى :
المحرمات من النساء
والله أعلم
ــــــــــــــ
حدود العلاقة بأم الزوجة ... العنوان
ما هي حدود العلاقة التي تربط بين زوج البنت وحماته ( أم زوجته ) من حيث الخلوة والنظر وإبداء الزينة ؟ ... السؤال
27/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فأم الزوجة من المحرمات على التأبيد، ومن ثم فزوج ابنتها من محارمها لها أن تسافر معه ولها أن تظهر زينتها التي تظهر أمام المحارم عادة، ولا تحرم الخلوة بينهما، وهذا كله إذا لم تظهر بوادر الشر والفساد ففي هذه الحالة يحرم جميع ما أشرنا إليه، والمرء أمير على نفسه، فمن رأى من نفسه ضعفا فعليه أن يتقي الله وليغلق أبواب الفتنة والفساد.(62/99)
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إن أم الزوجة (الحماة) من المحرمات على التأبيد بسبب المصاهرة قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة النساء الآية 23 .
فقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) يدل على تحريم أم الزوجة على زوج ابنتها حرمة مؤبدة . ويرى أكثر العلماء أن هنالك تلازماً بين المحرمية، وبين الأحكام المتعلقة بالخلوة، والنظر، وإبداء الزينة، والسفر.
فمادام زوج البنت محرماً على أم زوجته تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بذلك وقد ثبت في الحديث من قوله –صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم) رواه البخاري ومسلم.
وقد نص أهل العلم على أنه يجوز للمحرم أن ينظر إلى ما يظهر غالباً من محارمه ، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ويجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالباً كالرقبة والرأس والكفين والقدمين ونحو ذلك وليس له النظر إلى ما يستتر غالباً كالصدر والظهر ونحوهما ] المغني 7/98.
ومن العلماء من يرى أنه لا يجوز لأم الزوجة إظهار زينتها لزوج ابنتها وإن كان يحرم زواجها منه على التأبيد؛ لأن الآية الواردة في سورة النور، والتي حصرت من يجوز إظهار الزينة لهم لم تذكر زوج البنت منهم قال الله تعالى :( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) سورة النور الآية 31.
فالآية الكريمة حصرت الأشخاص الذين يجوز للمرأة أن تظهر زينتها لهم، ولم يذكر زوج البنت منهم، ونقل هذا القول عن بعض العلماء مثل سعيد بن جبير والإمام أحمد في رواية عنه كما في المغني 7/99.
ولكن مذهب جمهور أهل العلم أرجح، وأقوى حيث إن العم والخال لم يذكرا في الآية الكريمة واتفق جمهور العلماء على جواز إظهار الزينة أمامهما قال الجصاص الحنفي: [ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً دلّ ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل زوج الابنة] أحكام القرآن 5/174 .(62/100)
ومما يدل على ذلك أيضاً قصة عائشة مع أفلح أخي أبي القعيس وهو عمها من الرضاعة حيث قال لها النبي –صلى الله عليه وسلم- : (إنه عمك فليلج عليك ) رواه البخاري ومسلم .
ومع ذلك أقول إن إظهار الزينة لزوج البنت ليس أمراً واجباً وإنما هو واقع في دائرة المباح وعليه، فأرى أنه يجب الأخذ بالاحتياط في مسائل الخلوة، والنظر، وإظهار الزينة، والسفر مع زوج ابنتها، وخاصة إذ لم يكن الفارق في السن بينهما كبيراً كأن تكون أم الزوجة صغيرة في السن أو جميلة، فلا بد من سد كل الطرق التي تؤدي إلى الفساد، وقد سمعت عن حوادث كثيرة من ارتكاب الفواحش بين أم الزوجة، وزوج ابنتها ترتب عليها حصول مصائب ومآسي فظيعة ولا يغب عن أذهاننا مدى الفساد وقلة التقوى والورع الذي يعيشه الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والله أعلم
ــــــــــــــ
استثناء العم والخال من محارم سورة النور ... العنوان
السلام عليكم ، ورحمة الله ، وبركاته :-
أريد أن أعرف :- لماذا لم يذكر العم والخال ضمن المحارم في الآية رقم 31 من سورة النور ؟ ... السؤال
09/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يذكر العم والخال فيمن استثنوا من عدم إظهار الزينة أمامهم في قول الله عز وجل : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... ... إلى آخر اآية ) لأن العم والخال غالبا لا يعيشان مع المرأة ، فالستر أمامهما ليس شاقا بخلاف الباقين ، مع أن لهما أن يريا من المرأة ما يراه سائر المحارم ، كما لم يذكر المحارم من الرضاع مع أنهم مثل محارم النسب ، كما لم يذكر الله عز وجل من المحرمات من الرضاع في سورة النساء سوى الأم والأخت تنبيها على الباقي ، وقيل غير ذلك.
قال البيضاوي في تفسيره :
لم يذكر الله عز وجل الأعمام والأخوال لاحتمالين :-
الأول : أنهم في معنى الإخوان
الثاني :- لأن الأحوط للنساء التستر أمامهم مخافة أن يصفوهن لأبنائهم .
وقال القرطبي :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن العم والخال من المحارم ن وأنهما يريان من المرأة مايراه سائر المحارم ، وذهب الشعبي وعكرمة – من التابعين- إلى أنهما ليسا من المحارم ، وقال عكرمة لم يذكرا في الآية لأنهما يتبعان أبناءهما .
وقال الشوكاني في فتح القدير :-(62/101)
أجاز الله تعالى للنساء أن يبدين الزينة لهؤلاء المحارم لكثرة المخالطة وعدم خشية الفتنة لما في الطباع من النفرة عن القرائب ، وقد روى عن الحسن والحسين رضى الله عنهما أنهما كانا لا ينظران إلى أمهات المؤمنين ذهابا منهما إلى أن أبناء الأزواح لم يذكرا في الآية التي في أزواج النبي صلي الله عليه وآله وسلم وهى قوله - لا جناح عليهن في آبائهن - وذهب الجمهور إلى أن العم والخال كسائر المحارم في جواز النظر إلى ما يجوز لهم وليس في الآية ذكر الرضاع وهو كالنسب وقال الشعبي وعكرمة ليس العم والخال من المحارم .
والله أعلم
ــــــــــــــ
التحريم بالرضاع ... العنوان
رضع أخي الأصغر من عمتي مع ابنتها مدة طويلة، وأنا أريد الزواج من هذه البنت التي رضع أخي معها، فهل يحل لي ذلك؟ ... السؤال
09/09/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا مانع شرعا من زواجك أيها الأخ الكريم من ابنة عمتك هذه ، لأنك لم ترضع من أمها ولم ترضع هي من أمك ، فلم ترضعا من امرأة واحدة ، والذي يحرم هو الرضاع من امرأة واحدة ، وأخت الأخ لا تكون أختا .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
قد ذكر الله ـ تعالى ـ المحرمات من النساء في قوله تعالى: {حُرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخ وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}.
فجعل من المحرمات الأم التي أرضعت، فإنها تحرم على من أرضعته، وتصير أمًا له من الرضاعة، والأخت من الرضاعة، وهي ابنة الأم المرضعة تحرم على من رضع من أمها، فيحرم على الرضيع الذكر كل بنات الأم التي أرضعته سواء منهن من ولدت قبله أو معه أو بعده، وذلك لأنه صار ابنًا لهذه الأم، وصار كل أولادها إخوة له ذكورًا وإناثًا، وصار زوج المرضعة أبًا له من الرضاعة، وصار كل أولاد هذا الزوج إخوة للرضيع من الرضاع سواء منهم من كان من أولاد المرضعة، أو من كان من غيرها.
ويحرم على هذا الرضيع كذلك من جهة أمه وأبيه من الرضاع مثل ما يحرم من جهة أمه وأبيه من النسب، فيحرم عليه خالته وجدته لأمه، وإن علت، ويحرم عليه عمته وجدته لأبيه، وإن علت، ويحرم عليه بنات الأخ وبنات الأخت من الرضاع؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فالسبع المحرمات من النسب المذكورات في الآية الكريمة يحرم مثلهن من الرضاع.(62/102)
هذا بالنسبة للرضيع، أما إخوته من الذكور أو الإناث، فلا علاقة لهم بهذا الرضاع فهم لم يرضعوا من هذه المرأة التي رضع أخوهم منها ، ولم يرضع أحد منهم من أمهم، فلا يحرم عليهم أن يتزوجوا من أبنائها وبناتها.
وعلى هذا فإن السائل ما دام لم يرضع من عمته، فإنه يجوز له أن يتزوج أي بنت من بناتها ما دامت هي لم ترضع من أمه، ولا يضره في شيء أن أخاه قد رضع من هذه العمة، فإن التحريم قاصر عليه وحده.
والله أعلم.
وللمزيد يمكن مطالعة هذه الفتوى :
ضابط التحريم بالرضاعة
ــــــــــــــ
الرضاع الذي يثبت به التحريم ... العنوان
بعد زواجي ببنت خالي أخبرتني أمي بأنها كانت قد أرضعت أختها الكبرى عدة مرات.. فما حكم زواجي هذا؟ جزاكم الله خيرا ... السؤال
29/08/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالإسلام وسع دائرة الترابط والتراحم في المجتمع فجعل المرضعة أما وأبناؤها إخوة للرضيع، ومن ثم فلهذه الأم والإخوة من الرضاع من الحرمة ما للأم والإخوة من النسب، فعلى هذا كان من أسباب التحريم في النكاح الرضاع، ولكن الرضاع الذي يحرم يكون بين كل من اجتمعوا على ثدي واحد، وأن يكون الرضاع في الحولين وأن تكون الرضعات خمسا مشبعات، وبناء على هذا فلا يثبت التحريم بينك وبين زوجتك، وزواجك صحيح.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
يقول الله تعالى في شأن المحرمات من النساء في النكاح: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"؛ فيحرم على المسلم أن يتزوج المرأة التي أرضعته في صغره؛ لأنها صارت بإرضاعها إياه في حكم الأم؛ حيث أسهم لبنها في إنبات لحمه وتكوين عظمه، وأحدث هذا الرضاع عاطفة بنوة وأمومة بينه وبينها، وقد تختفي هذه العاطفة، ولكنها تكمن في العقل الباطن لتظهر عند المقتضى والحاجة.
وكما أن المرأة المرضعة صارت بالرضاع أما للرضيع فكذلك بناتها صرن له أخوات من الرضاعة، وكذلك أخواتها صرن له خالات من الرضاعة، وهكذا سائر أقاربها؛ لما جاء في الحديث المتفق عليه: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
ويمكن إيجاز التحريم في الرضاع بأنه يتعلق بالثدي كما هو شائع ومعروف؛ فكل طفلين اجتمعا على ثدي واحد صارا إخوة بهذا الاجتماع دون نظر إلى زمن الرضاع، ومن لم يجتمعا على الثدي فلا تحريم للنكاح بينهما بهذا السبب.(62/103)
وبناء على هذا فإني أقول لصاحب السؤال: إن ابنة خالتك الكبرى التي أرضعتها أمك صارت أمك أماً لها في الرضاع، وأصبحت أنت وجميع إخوتك أخوة لها رضاعاً، فلا يحل لها الزواج بأحد منكم. أما أختها الصغرى التي هي زوجتك فلم ترضعها أمك، وبالتالي فإن زواجك بها زواج صحيح؛ لأن أمك ليست أمها في الرضاع بل هي خالة فقط وأنت ابن خالة لها وفقط فلم يوجد بينكما سبب يحرمها عليك.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الزواج ببنت الزوجة ... العنوان
شاء قدري أن أتزوج امرأة تكبرني بعشرين عاما، ومضى على زواجنا أربع سنوات، لم تنجب لي لا ولدا ولا بنتا، ونفسي تتوق للإنجاب فالأولاد زينة الحياة الدنيا، فهل يحل لي أن أطلق زوجتي هذه، وأتزوج ابنتها التي أنجبتها من الرجل الذي تزوجها قبلي؟
... السؤال
21/05/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:..
فيقول الشيخ إبراهيم جلهوم، شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة:
إن الأم إذا دخل بها من عقد عليها، لا يحل له أن يتزوج ابنتها التي أنجبتها من زوجٍ سابق، فالله تعالى يقول في آية المحرمات من النساء: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) فهذه الآية الكريمة بينت الموقف بيانا واضحا لا لبس فيه، وبصراحة جلية دالة في حزم وحسم، على أن المرأة التي دخل بها من عقد عليها، لا تحل له ابنتها سواء أنجب من هذه الأم، أو لم ينجب منها، فبدخوله دخولا شرعيا بالأم، صارت ابنتها من غيره، بنتا له، وحرمت عليه تحريما مؤبدا.
وتأمل ـ أيها السائل ـ هذا التعبير القرآني الرفيع: (وربائبكم اللاتي في حجوركم) والربيبة هي بنت الزوجة المدخول بها، ولم يقل وبنات نسائكم لفتاً لسمع المستمع، ولعواطف زوج الأم، بأن الربيبة، صارت تحت مظلة التربية وفي دائرة العناية، وفي محيط الرعاية، وسياج الحفظ والتعهد، فزوج أمها يربيها ويرعاها، ويتعهدها كما يربي ابنته من صلبه، تماماً بتمام، وعلى نفس السلوك الأبوي الخالص، ونظامه الحق، وبهذا بان لك واتضح ـ أيها السائل ـ أن بنت زوجتك لا تحل لك لأنك قد دخلت بأمها.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
ضابط التحريم بالرضاعة ... العنوان(62/104)
شخص يريد الزواج من فتاة، وقد رضع أخوه الأكبر على أختها الكبرى رضاعة كاملة فهل يصح لهذا الأخ أن يتزوج هذه البنت بعد أن رضع أخوه الأكبر من أمها ؟ ... السؤال
19/12/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير ، وتقبل الله منا ومنكم، وبعد:
فإن الضابط والقاعدة في التحريم بالرضاعة : هو الاجتماع على ثدي واحد ، فمن رضع من امرأة كان ابنا لها في الرضاعة ، وكان أخا لكل أولادها في الرضاعة ، من رضع معه ، ومن رضع قبله ، ومن رضع بعده .
ولكن لا يكون أخ الأخ أخاً ، لأي أنه إذا رضع شخص من امرأة كان أخا لكل أولادها من الرضاعة، ولكن لا يكون أخوه من النسب أخاً لأولاد هذه المرأة ، لأنه لم يرضه من أمهم ، ولم يرضع أحدهم من أمه.
فلهذا الأخ أن يتزوج بنت المرأة التي رضع أخوه منها، ما دام لم يرضع منها ، ولم ترضع بنتها من أمه.
يقول الشيخ معوض مبروك عباس ، أمين لجنة الفتوى بالأزهر:
قد قال الله – تعالى – في المحرمات من النساء: "وأمهاتكم التي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم" .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
من هذه الآية القرآنية والحديث النبوي والذين ينصان على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ما دام الرضاع قد وقع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة في هذه الفترة التي يكون فيها الرضاع منبتا للحم ومنشرا للعظم.
وقد اختلفت آراء الفقهاء في عدد المرات التي تحرم، فقال علماء الأحناف والمالكية: قليل الرضاع وكثيره سوءا في التحريم ولو مصة واحدة، وعند الشافعية والظاهر من مذهب الإمام أحمد أنه لا يحرم إلا ما كان خمس رضعات متفرقات مشبعات فأكثر.
أما الواقعة موضع السؤال، فنفيد بأنه يجوز للأخ الأصغر الزواج من تلك البنت الكبرى ومن جميع بنات الأم التي رضع منها أخوه الأكبر سواء قبل رضاعته أو بعدها لأن جميع أولاد هذه السيدة لا يصيروا إخوة له. هذا إذا كان الحال كما ورد في السؤال.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
بنوك الحليب والتحريم بالرضاع ... العنوان
الطفل الوليد الخديج الذي ولد قبل أوانه .. قد يدعو الأمر لعزله تمامًا في حاضنة صناعية لفترة قد تطول حتى يفيض حليب أمه من ثديها.(62/105)
ثم يتقدم رويدًا لدرجة لم تزل حرجة ولكن تسمح له بتلقي الحليب، ومعروف أن أنسب الحليب وأرفقه به هو الحليب البشرى ..
وقد درجت بعض المؤسسات على أن تستوعب الوالدات المرضعات بعضًا من حليبهن .. "تسخو كل بما تشاء ويجمع ذلك ويعقم ثم يكون في خدمة هؤلاء المواليد المبتسرين في هذا الدور الحرج الذي قد تضرهم فيه أنواع الحليب الأخرى".
فالذي يحدث أنه يستعمل خليط من حليب عشرات الأمهات بل مئاتهن .. وعليه يتغذى غير مواليدهن عشرات بل مئات من المواليد الخدج ذكرانًا وإناثًا .. على غير معرفة في الحال والاستقبال.
ولكن يتم ذلك دون لقاء مباشر أي دون مص الثدي.
فهل هذه أخوة شرعية من الرضاع؟ وهل يحرم حليب البنوك رغم مساهمته في إحياء النفوس؟
فإن كان مباحًا حلالاً فما مسوغات الإباحة؟ ترى هل هي عدم مص الثدي؟ أم عدم إمكان التعرف على أخوات الرضاع وهن في مجتمع بذاته يمثلن القلة بين الكثرة؟
القلة التي تذوب ولا يمكن تتبعها أو الاستدلال عليها؟ ... السؤال
19/11/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا ريب أن الهدف الذي من أجله أنشئت "بنوك الحليب" كما عرضها السؤال هدف خير نبيل يؤيده الإسلام. الذي يدعو إلى العناية بكل ضعيف أيًا كان سبب ضعفه وخصوصًا إذا كان طفلاً خديجًا لا حول له ولا قوة.
ولا ريب أن أية امرأة مرضع تسهم بالتبرع ببعض لبنها لتغذية هذا الصنف من الأطفال، مأجورة عند الله، ومحمودة عند الناس، بل يجوز أن يشترى ذلك منها إذا لم تطب نفسها بالتبرع، كما جاز استئجارها للرضاع كما نص عليه القرآن، وعمل به المسلمون.
ولا ريب كذلك أن المؤسسة التي تقوم بتجميع هذه "الألبان" وتعقيمها وحفظها لاستخدامها في تغذية هؤلاء الأطفال في صورة ما سمى "بنك الحليب" مشكورة مأجورة أيضًا.
إذن ما المحذور الذي يخاف من وراء هذا العمل؟
المحذور يتمثل في أن هذا الرضيع سيكبر بإذن الله، ويصبح شابًا في هذا المجتمع، ويريد أن يتزوج إحدى بناته، وهنا يخشى أن تكون هذه الفتاة أخته من الرضاع وهو لا يدرى، لأنه لا يعلم من رضع معه من هذا اللبن المجموع، وأكثر من ذلك أنه لا يعلم مَن مِنْ النساء شاركت بلبنها في ذلك، مما يترتب عليه أن تكون أمه من الرضاع، وتحرم هي عليه ويحرم عليه بناتها من النسب ومن الرضاع، كما يحرم عليه أخواتها لأنهن خالاته، ويحرم عليه بنات زوجها من غيرها على رأى جمهور الفقهاء لأنهن أخواته من جهة الأب إلى غير ذلك من فروع وأحكام الرضاع.(62/106)
ولابد لنا هنا من وقفات، حتى يتبين الحكم جليًا.
1 - وقفة لبيان معنى "الرضاع" الذي رتب عليه الشرع التحريم.
2 - وقفة لبيان مقدار الرضاع المحرم.
3 - وقفة لبيان حكم الشك في الرضاع.
معنى الرضاع:
أما معنى الرضاع الذي رتب عليه الشرع التحريم. فهو عند جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي كل ما يصل إلى جوف الصبي عن طريق حلقه أو غيره، بالامتصاص أو غيره. مثل الوجور، وهو أن يصب اللبن في حلقه، بل ألحقوا به السعوط وهو أن يصب اللبن في أنفه، بل بالغ بعضهم فألحق الحقنة عن طريق الدبر بالوجور والسعوط.
وخالف في ذلك كله الإمام الليث بن سعد، معاصر الإمام مالك ونظيره. ومثله الظاهرية، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
فقد ذكر العلامة ابن قدامة عنه روايتين في الوجور والسعوط:
الأولى: وهى أشهر الروايتين عنه والموافقة للجمهور ـ: أن التحريم يثبت بهما. أما الوجور فلأنه ينبت اللحم وينشز العظم، فأشبه الارتضاع، وأما السعوط، فلأنه سبيل لفطر الصائم، فكان سبيلاً للتحريم بالرضاع كالفم.
الرواية الأخرى: أنه لا يثبت التحريم، لأنهما ليسا برضاع.
قال في المغنى: وهو اختيار أبى بكر ومذهب داود وقول عطاء الخرساني في السعوط، لأن هذا ليس برضاع، وإنما حرم الله تعالى ورسوله الرضاع، ولأنه حصل من غير ارتضاع، فأشبه ما لو دخل من جرح في بدنه.
ورجح صاحب المغنى الرواية الأولى بحديث ابن مسعود عند أبى داود: "لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم".
والحديث الذي احتج به صاحب المغنى لا حجة فيه، بل هو عند التأمل حجة عليهم، لأنه يتحدث عن الرضاع المحرم، وهو ما كان له تأثير في تكوين الطفل بإنشاز عظمه وإنبات لحمه، فهو ينفى الرضاع القليل، غير المؤثر في التكوين، مثل الإملاجة والإملاجتين، فمثل هذا لا ينشز عظمًا ولا ينبت لحمًا. فالحديث إنما يثبت التحريم لرضاع ينشز وينبت، فلابد من وجود الرضاع أولا وقبل كل شيء.
ثم قال صاحب المغنى: ولأن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع، ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع، فيجب أن يساويه في التحريم، ولأنه سبيل الفطر للصائم، فكان سبيلاً للتحريم كالرضاع بالفم.
ونقول لصاحب المغنى رحمه الله: لو كانت العلة هي إنشاز العظم وإنبات اللحم بأي شيء كان، لوجب أن نقول اليوم بأن نقل دم امرأة إلى طفل يحرمها عليه، بل التغذية بالدم في العروق أسرع وأقوى تأثيرًا من اللبن. ولكن أحكام الدين لا تفرض بالظنون، فإن الظن أكذب الحديث، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئًا.
والذي أراه أن الشارع جعل أساس التحريم هو "الأمومة المرضعة" كما في قوله تعالى في بيان المحرمات من النساء: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) (1، 2 النساء: 23) . وهذه الأمومة التي صرح بها القرآن لا تتكون من(62/107)
مجرد أخذ اللبن. بل من الامتصاص والالتصاق الذي يتجلى فيه حنان الأمومة، وتعلق البنوة، وعن هذه الأمومة تتفرع الأخوة من الرضاع، فهي الأصل، والباقي تبع لها.
فالواجب الوقوف عند ألفاظ الشارع هنا، وألفاظه كلها تتحدث عن الإرضاع والرضاعة، ومعنى هذه الألفاظ في اللغة التي نزل بها القرآن وجاءت بهما السنة واضح صريح، لأنها تعنى إلقام الثدي والتقامه، وامتصاصه، لا مجرد الاغتذاء باللبن بأي وسيلة.
ويعجبني موقف الإمام ابن حزم هنا، فقد وقف عند مدلول النصوص، ولم يتعد حدودها، فأصاب المحز، ووفق فيما أرى للصواب.
ويحسن بي أن أنقل هنا فقرات من كلامه لما فيها من قوة الإقناع ووضوح الدليل.
قال: (وأما صفة الرضاع المحرم، فإنما هو ما امتصه الراضع من ثدي المرضعة بفيه فقط، فأما من سقى لبن امرأة فشربه من إناء أو حلب في فمه فبلعه أو أطعمه بخبز أو في طعام أو صب في فمه أو في أنفه أو في أذنه، أو حقن به، فكل ذلك لا يحرم شيئًا ولو كان ذلك غذاءه دهره كله.
برهان ذلك قول الله عز وجل: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) (النساء: 23) . وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" فلم يحرم الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى نكاحًا إلا بالإرضاع، والرضاعة والرضاع فقط، ولا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع، يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا. ولا يسمى رضاعة ولا إرضاعًا إلا أخذ المرضع أو الرضيع بفيه الثدي وامتصاصه إياه. تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك مما ذكرنا فلا يسمى شيء منه إرضاعًا ولا رضاعة ولا رضاعًا، إنما هو حلب وطعام وسقاء وشرب وأكل وبلع وحقن وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا.
قال أبو محمد: وقد اختلف الناس في هذا فقال الليث بن سعد: لا يحرم السعوط بلبن المرأة، ولا يحرم أن يسقى الصبي لبن المرأة في الدواء، لأنه ليس برضاع، إنما الرضاع ما مص من الثدي، هذا نص قول الليث وهذا قولنا وهو قول أبى سليمان يعنى داود إمام أهل الظاهر وأصحابنا، يعنى الظاهرية.
ورد على الذين احتجوا بحديث: "إنما الرضاعة من المجاعة" فكان مما قاله:
أن هذا الخبر حجة لنا، لأنه عليه الصلاة والسلام إنما حرم بالرضاعة التي تقابل بها المجاعة، ولم يحرم بغيرها شيئًا، فلا يقع تحريم بما قوبلت به المجاعة من أكل، أو شرب، أو وجور، أو غير ذلك، إلا أن يكون رضاعة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). (المحلى لابن حزم 10 / 9 - 11). اهـ.
وبهذا نرى أن القول الذي يطمئن إليه القلب، هو الذي يتمشى مع ظواهر النصوص التي ناطت كل الأحكام بالإرضاع والرضاع. كما يتمشى مع الحكمة في التحريم بالرضاع، وهو وجود أمومة تشابه أمومة النسب، وعنها تتفرع البنوة والأخوة(62/108)
وسائر القرابات الأخرى. ومعلوم أن الرضاع في حالة "بنوك الحليب" غير موجود، إنما هو الوجور الذي ذكره الفقهاء.
على أننا لو سلمنا برأي الجمهور في عدم اشتراط الرضاع والامتصاص لكان هنا مانع آخر من التحريم.
وهو أننا لا نعرف من التي رضع منها الطفل؟ وما مقدار ما رضع من لبنها؟ هل أخذ من لبنها ما يساوى خمس رضعات مشبعات؟ على ما هو القول المختار الذي دل عليه الأثر، ورجحه النظر، وبه ينبت اللحم، وينشز العظم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
وهل للبن المشوب المختلط حكم اللبن المحض الخالص؟ ففي مذهب الحنفية من قول أبى يوسف أن لبن المرأة إذا اختلط بلبن أخرى، فالحكم للغالب منهما، لأن منفعة المغلوب لا تظهر في مقابلة الغالب.
والمعروف أن الشك في الرضاع لا يترتب عليه التحريم.
قال العلامة ابن قدامة في "المغنى":
(وإذا أوقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرم، هل كملا أو لا؟
لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه، فلا نزول عن اليقين بالشك، كما لو شك في وجود الطلاق وعدده) (المغنى مع الشرح الكبير 9 / 194) وفى "الاختيار" من كتب الحنفية:
(امرأة أدخلت حلمة ثديها في فم رضيع، ولا يدرى: أدخل اللبن في حلقه أم لا؟
لا يحرم النكاح.
وكذا صبية أرضعها بعض أهالي القرية، ولا يدرى من هو، فتزوجها رجل من أهل تلك القرية، يجوز، لأن إباحة النكاح أصل، فلا يزول بالشك.
قال: ويجب على النساء ألا يرضعن كل صبي من غير ضرورة، فإن فعلن فليحفظنه، أو يكتبنه احتياطًا) (الاختيار لابن مودود الحنفي 3 / 120، وانظر كذلك: شرح فتح القدير لابن الهمام على الهداية 3 / 2، 3) .اهـ.
ولا يخفى أن ما حدث في قضيتنا ليس إرضاعًا في الحقيقة، ولو سلمنا بأنه إرضاع فهو لضرورة قائمة وحفظه وكتابته غير ممكن، لأنه لغير معين، وهو مختلط بغيره.
والاتجاه المرجح عندي في أمور الرضاع هو التضييق في التحريم كالتضييق في إيقاع الطلاق، وللتوسيع في كليهما أنصار.
الخلاصة:
أننا لا نجد هنا ما يمنع من إقامة هذا النوع من "بنوك الحليب"، مادام يحقق مصلحة شرعية معتبرة، ويدفع حاجة يجب دفعها. آخذين بقول من ذكرنا من الفقهاء، مؤيدًا بما ذكرنا من أدلة وترجيحات.
وقد يقول بعض الناس: ولماذا لا نأخذ بالأحوط، ونخرج عن الخلاف، والآخذ بالأحوط هو الأورع والأبعد عن الشبهات.
وأقول:
عندما يعمل المرء في خاصة نفسه، فلا بأس أن يأخذ بالأحوط والأورع، بل قد يرتقى فيدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس.(62/109)
ولكن عندما يتعلق الأمر بالعموم، وبمصلحة اجتماعية معتبرة، فالأولى بأهل الفتوى أن ييسروا ولا يعسروا، دون تجاوز للنصوص المحكمة، أو القواعد الثابتة.
ولهذا جعل الفقهاء من موجبات التخفيف: عموم البلوى بالشيء مراعاة لحال الناس ورفقًا بهم، هذا بالإضافة إلى أن عصرنا الحاضر خاصة أحوج ما يكون إلى التيسير والرفق بأهله.
على أن مما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الاتجاه في كل أمر إلى الأخذ بالأحوط دون الأيسر أو الأرفق أو الأعدل، قد ينتهي بنا إلى جعل أحكام الدين مجموعة "أحوطيات" تجافي روح اليسر والسماحة التي قام عليها هذا الدين. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "بعثت بحنيفية سمحة"، "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".
والمنهج الذي نختاره في هذه الأمور هو التوسط والاعتدال بين المتزمتين والمتهاونين (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا). (البقرة: 143).
والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الزواج بأم الزوجة المتوفاة أو المطلقة ... العنوان
شخص ما تزوج بنتًا وطلقها بعد عدة شهور ولم يدخل عليها، فهل يجوز أن يتزوج والدتها؟ وهل يختلف الحكم إذا توفيت هذه الزوجة أيمكن للزوج أن يتزوج .
بوالدتها؟.
... السؤال
05/11/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يجوز الزواج من أم الزوجة، سواء دخل بها، أم لم يدخل بها، وسواء طلقها قبل الدخول أم توفيت قبل الدخول، لإطلاق قوله تعالى في آية المحرمات من النساء (وأمهات نسائكم) فلم يفرق بين مدخول بها وغير مدخول بها، فمجرد العقد على المرأة يحرم أمها تحريمًا مؤبدًا، بخلاف ما إذا عقد على الأم ولم يدخل بها ثم طلقها أو توفيت، فيجوز أن يتزوج ابنتها. وهذا ما صرح به القرآن في آية المحرمات حيث قال:(وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم).
وهذا حكم مجمع عليه، وقد اشتهر عند الفقهاء قولهم: العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات، يحرم البنات.
هذا وبالله التوفيق.
ــــــــــــــ(62/110)
زواج الأخ من أخت أخيه ... العنوان
لي أخت من أمي، وأخ من أبي . فهل يجوز لأخي هذا أن يتزوج من أختي تلك ؟ ... السؤال
07/10/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
نعم يجوز له أن يتزوجها . وقد رأينا هذا كثيرًا ما يحدث،
لأنه إنما يتزوج أخت أخيه لا أخته هو . فأخت الأخ من النسب وأخت الأخ من الرضاع، تتساويان في الحكم بهذا الصدد.
وإذا أنجبت هذه الزوجة ولدًا قيل عنه: عمه خاله.
أي يصبح عمه هو خاله . عمه من جهة الأم وخاله من جهة الأب أو بالعكس.
فهذا الزواج مشروع وصحيح ولا حرج فيه، إذ ليس فيه أي سبب من أسباب التحريم شرعًا، لا من جهة النسب، ولا من جهة المصاهرة، ولا من جهة الرضاع . قال تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء، (وأحل لكم ما وراء ذلك) .
والله أعلم.
ــــــــــــــ
تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل , رجاء أن تتفضل بإعطائنا الفتوى الشرعية لحكم تقبيل زوج البنت من قبل حماته (أي: تقبّل الأم زوج ابنتها)عندما تسلّم عليه )هل هذا حلال أم حرام ؟ يقول البعض :إن البنت تطلّق من زوجها إذا تم ذلك .. هل هذا صحيح ؟
... السؤال
30/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
بداية نقول : إن المرأة لا تطلق إذا قبل زوجها أمها لأن زوج البنت من الرجال الذين يحرم على المرأة الزواج بهم بمجرد عقده على البنت ، والحرمة هنا حرمة تأبيدية ، يقول فضيلة الشيخ عطية صقر :
زوجة الابن من المحرمات على الأب بمجرد عقده عليها، فهى كبنته فى الحرمة، قال تعالى فى آية التحريم فى النساء : { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } فإذا كانت قبلته لبنته رحمة وحنانا وتكريما فلا حرج فى ذلك ، والرحمة والحنان والتكريم يتنافى مع القصد الخبيث الذى يثير الشهوة ، فإذا كانت القبلة بشهوة كانت محرمة دون شك فى ذلك ، لأنها فتنة، وقد يستغل تحريم الزواج بها استغلالا سيئا ،(62/111)
وبخاصة إذا كانت جميلة ، وهو لم يزل فى سِن لا تحول بينه وبين إشباع رغبته المعروفة ، حتى لقد قال العلماء : إن تقبيل الولد لأمه إذا كان بشهوة فهو محرم .
ومن أجل الخطورة فى مثل هذه الحالة حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء فى غيبة أزواجهن ، ولما سأله واحد : أفرأيت الحمو يا رسول اللّه ؟ قال " الحمو الموت " والحمو هو قريب الزوج كأخيه ، وقريب الزوجة كابن عمها وابن خالها ، ويقال مثل ذلك فى تقبيل الرجل لأم زوجته ، فهو جائز بدون قصد الشهوة ؛ لأنها بمنزلة أمه ، فهى من المحرمات عليه بمجرد العقد على بنتها قال تعالى :{ وأمهات نسائكم } وكذلك تقبيل المرأة لزوج بنتها حلال لحرمة زواجه منها ، فهو كابنها، ولكن أحذر من أن يكون ذلك بشهوة ، وبخاصة إذا كانت المرأة غير متزوجة ، وفى سِن تحس فيه بالحاجة إلى ما تحس به كل امرأة، أو كان زوجها غائبا عنها مدة تحس فيها بألم الفراق .
وقد يخفى الألم فى نفسه من يرى أن أباه يقبِّل زوجته ، ومن يرى أن زوجته تقبل زوج بنته أو يقبلها ، وبعض الزوجات الشابات يشكون من تقبيل أزواجهن لأمهاتهن وبخاصة إذا كان فى التقبيل مبالغة أو صاحبته أحضان ، فالواجب مراعاة ذلك مع الإيمان بأن الله يعلم النيات ، ولكل امرئ ما نوى .أهـ
يعلم من هذا أن ما ذكرته السائلة من أن المرأة تطلق إذا قبل زوجها أمها قول غير صحيح ،
وأن تقبيل الرجل لأم زوجته جائز إن لم تكن فيه الشهوة ، و في آخر المقام نقول : إن اتقاء الشبهات لون من التربية الإسلامية التى جاءنا بها رسول الإسلام، حيث قرر هذا المبدأ فى قوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه الشيخان عن النعمان ابن بشير، وهذا اللفظ من رواية الترمذى : الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور متشابهات لا يدرى كثير من الناس أمن الحلال هى أم من الحرام فمن تركها استبراء لدينه وعرضه ...
فإن كان مثل هذا الأمر المباح يوقع الإنسان في الحرام فمن الأولى أن يبتعد عنه العاقل حتى ينجو بدينه ، والله أعلم .
ــــــــــــــ
نكاح حلائل الأبناء ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم
هل مجرد عقد الابن على فتاة يحرمها على أبيه أم دخوله بها هو الذي يحرمها على الوالد؟
أفيدونا مأجورين ...
... السؤال
24/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(62/112)
فالقوانين الأسرية تقوم على علاقات مقدسة ، لايجوز لنا بحال من الأحوال تجاوزها أو تغييرها فالأبوة والبنوة والأخوة والجدودة والخؤولة ، سواء كانت تلك العلاقات بالنسب أم بالرضاع، هذه العلاقات تتصف بالديمومة والثبات ، ولا يجوز بحال من الأحوال تحويلها إلىعلاقات زوجية ، فرباطها مقدّس ، وحرمتها واجبة .
كما أن تلك العلاقات لا يمكن تحويلها إلى "زوجية" ، كذلك لا يمكن تحويل "الزوجية" إلى علاقة "أمومة .
قال الله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً ، حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً . والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم) النساء:22-24 .
وزوجة الابن من النساء المحرمات تحريماً مؤبداً وهي من النساء اللاتي لا يحل الزواج بهن أبداً فقد حرمهن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم حرمة مؤبدة .
يقول القرطبي :
أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء, وما عقد عليه الأبناء على الآباء, كان مع العقد وطء أو لم يكن; لقوله تعالى: "ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء" وقوله تعالى: "وحلائل أبتائكم الذين من أصلابكم .
و قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار على أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده وولد ولده.
والابن من الرضاع يأخذ حكم الابن من الصلب في تحريم الزواج بمن عقد عليها ، يقول القرطبي : وحرمت حليلة الابن من الرضاع وإن لم يكن للصلب - بالإجماع المستند إلى قوله عليه السلام: (يحرم الرضاع ما يحرم من النسب).
فعلى هذا فزوجة الابن محرمة على الأب لقوله تعالى: "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" .
فيحرم على الاب الزواج بمن كانت زوجة لابنه متى كان عقد زواج الابن قد تم صحيحا شرعا سواء طلقها الابن أو مات عنها . والله أعلم.
ــــــــــــــ
تكريم الإنسان وتأجير الأرحام ... العنوان
مسألة استئجار الرحم من المسائل التي كثر الحديث فيها في الوقت الحالي بين المؤيدين والرافضين فنرجو الإفادة في هذه المسألة ومناقشة أدلة الفريقين مع اصطحاب الدليل، وجزاكم الله خيرا
... السؤال
31/03/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...(62/113)
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
هل استئجار الرحم هدم للأمومة؟
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: "الشريعة الإسلامية مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد وهي عدل كلها ورحمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة". ومسألة تأجير الأرحام أو الأم البديلة وهو مصطلح حديث وافد إلينا يخترق أخص خصائص الإنسان وهو تكريمه، بل أخص خصائص الأمومة وهي المهنة المميزة لدى المرأة التي احتفظت بها منذ بداية الخليقة حتى يأتي زمن العجائب العلمية فينزعه من أجل مكاسب دنيوية وتقطيع أهم صلة إنسانية أبدية لا يتصور انقطاعها وهي صلة الأم بوليدها وأحقيتها التامة لأمومتها له.
ولاشك أن هذه المسألة أثارت جدلاً واسعًا ورفضًا عامًا لأنها تتعلق بكرامة الإنسان عامة وكرامة المرأة والمحافظة عليها بصفة خاصة يقول تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"(الإسراء:70) ويقول جل شأنه: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن"(لقمان:14).
الأم البديلة وحفظ الأنساب:
وهذه المسألة ترتبط بمقصد مهم من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ النسل ولئن كانت الذرية رزقا وهبة من الله يهبها من يشاء ويمنعها عمن يشاء فكل شيء بإذنه ووفق مشيئته ولحكمة هو يعلمها، وإن كان الإسلام يكرم العلم وأهله ويحث على طلبه إلا أنه يضع له الضوابط الأخلاقية التي تحافظ على الأسرة الإنسانية في مجملها وعلى الفرد باعتباره خليفة الله على هذه الأرض، ولهذا فأننا نجد أن الإسلام كما أمرنا الله بالرضا بما قسم الله والامتثال لمشيئته فإنه قد أمرنا بالأخذ بالأسباب والتي يسرها الله لنا لتحقيق مشيئته في الشفاء فعلينا أن نأخذ بالأسباب ونشرع في العلاج راضين بقضاء الله في الحالتين فإن شاء وهبنا وإن شاء منعنا، ولكن في حدود الضوابط التي رسمتها الشريعة لتحقيق هذا الهدف.
فالنسب في الإسلام ليس هبة تمنح ولا رداء يخلع ولا يخضع لإرادة الناس ولا إلى أهوائهم أو قوانينهم؛ لهذا حرصت الشريعة الإسلامية كل الحرص على ثبوت النسب وصيانته من التدليس والتزييف والضياع وجعلته حقا خاصا للولد والوالدين قال تعالى: "وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبًا وصهرًا"(الفرقان:54) وقال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
ضوابط الإخصاب الطبي:
ولهذا نادى العلماء بضرورة وضع إطار من الضوابط والأخلاقيات في الإخصاب الطبي ولعل أهم فتوى حول هذا الموضوع هي التي صدرت في الدورة الثامنة للمجمع الفقهي بمكة المكرمة والتي جاء فيها:
- يجوز تلقيح المرأة صناعيًا داخليًا بماء زوجها حتى يتم الحمل.(62/114)
- التلقيح الذي يتم خارجيا في إناء ببذرتي الزوجة والزوج ثم يعاد إلى رحم الزوجة وهو أسلوب مقبول مبدئيا في ذاته بالنظر الشرعي، ولكنه غير سليم تماما من موجبات الشك فيما يستلزمه ويحيط به من ملابسات فلا ينبغي أن يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوي وبعد أن تتوافر الشروط التالية :
- أن يتم التلقيح من منى الزوج
- أن يتم ذلك في حياة الزوج وليس بعد مماته
- أن يكون الطبيب من المسلمين المؤتمنين
- أن يتم بموافقة الزوجين
من الأم صاحبة البويضة أم صاحبة الرحم؟
أما بالنسبة للفتوى الخاصة بالأم البديلة (الرحم المستأجر) فقد صدرت في "ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام" فتوى فحواها: يكون حرامًا إذا كان في الأمر طرف ثالث وسواء كان منيًا أم بويضة أم جنينًا أم رحمًا" وهذا معناه تحريم هذه الصورة تحريمًا قاطعًا لأنها تتضمن إدخال نطفة رجل في رحم امرأة لا تربطه بها علاقة زوجية وعلى هذا يمنع التبرع أو الاتجار بالبويضات أو الخلايا المنوية، فالمتطوعة بالحمل أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين فتدخل هذه الأساليب في معني الزنا دون أدني شك؛ حيث إنها تؤدى إلى اختلاط الأنساب قال تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه"(الإنسان:2) والأمشاج هي الخلاط، وهذا يدل على اشتراك صاحبة البويضة في تكوين الجنين، ولكن مع ذلك فاللقيحة لا تسمي جنينا فعلا إلا بعد تصويرها في المرحلة التالية في الرحم، وقد دل أن هذه اللقيحة ليست ولدا قوله تعالى: "يا أيها الناس أن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمي ثم نخرجكم طفلا" (الحج:5)
إذن اللقيحة المشتركة فيها صاحبة البويضة ليست ولدا ولم تكن هي التي حملته في رحمها في المراحل التالية والتى تنتقل فيها من حال إلى حال حتى يتخلق فيها إنسان سوي وما يستتبع ذلك من تغذيتها بدمها وتحملها لآلام الحمل والآم الوضع وغير ذلك ومع ذلك فإنه لا يمكن القطع بأن هذه المرأة هي أمه وإن كانت شبهة الجزئية فيها قائمة، أما صاحبة الرحم فأننا نراها التي حملت البويضة الملقحة في رحمها وتنقلت من طور إلى طور حتى خلق الله فيها إنسانًا سويا ثم وضعته بعد تكوينه وتصويره وتحملت بسببه آلام الحمل والوضع وكانت غذاؤه ومأواه في رحمها ومرضعته بعد انفصالها وقال تعالى: "إن أمهاتهم إلا الآئي ولدنهم"(المجادلة:2) وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن" فالقول بالتحريم أقرب إلى الاحتياط صونًا للنسب وحماية للأعراض من العبث.
إن هذه الوسيلة فضلا عن كونها ذريعة إلى اختلاط الأنساب نتيجة الازدواج في التكوين والنشاة والخلقة؛ فإنها وسيلة أيضا إلى الشر والفساد وكل ما يؤدى إلى الضرر أو الحرام فهو حرام؛ فعادة الشارع ألا يترك المفسدة حتى تقع ثم يعالجها بل يحتاط في سد المنافذ إليها، ولا يقال عن ذلك من باب الضرورات التي تبيح المحظورات لأن ضابط الضرورة: خوف الهلاك أو الضرر الشديد على إحدى(62/115)
الضروريات للنفس أو للغير يقينًا أو ظنًا إن لم يوجد ما يدفع به الهلاك أو الضرر الشديد، ومن ضوابطها: أن تكون متفقة مع مقاصد الشارع، وأن تكون مستندة إلى قواعد شرعية، وألا يترتب على إزالتها إلحاق مثلها بالغير، (الضرر لا يزال بالضرر) وأن تقدر بقدرها، والأهم ألا يخالف المضطر مبادئ الإسلام في تحريمه للزنا وحرصه على ثبوت النسب وعدم اختلاط الأنساب والأصل في الإسلام: "دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح".
بين المرضعة والأم البديلة:
ولا يقال إن مسألة تأجير الأرحام جائزة شرعًا مثل تأجير المرضعة للاختلاف بينهما في أمور عدة منها:
أن المنفعة في تأجير المرضعة منفعة مشروعة أجازتها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة في قوله تعالى: "فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف، وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى"(الطلاق:6) وقوله تعالى في بيان المحرمات: "وأمهاتكم الآتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"(النساء:23) وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب".
أما العقد على استئجار الرحم فهو عقد على منفة غير مشروعة لأن الرحم جزء من آدمية حرة لا تصلح للمعقود عليه.
وأن الولد في عقد الرضاع وليد مكتمل ثبت نسبه من أبويه بينما هنا جنين غير مكتمل تتم مراحل اكتماله داخل الرحم المستأجر.
الرضيع يمكن أن يستغني عن الغذاء باللبن إلى غيره كحالات ذكرها الفقهاء كامتناعه عن التقام الثدي أو وجود مرض معد في المرضعة بينما في حال الرحم المستأجر فالجنين لا يستطيع الاستغناء عن الغذاء من الأمشاج أو دم الأم.
من شروط صحة العقد ألا يترتب عليه نزاع أو خصام بين المتعاقدين، وهذا العقد يقينًا يؤدي إلى النزاع بين الأبوين وبين المستأجرين في أحقية كل منهما لامتلاك الجنين ونسبه إليهما.
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح:
1- جعل المرأة ممتهنة ومبتذلة بعرض رحمها للبيع أو الهبة.
2- الاعتداء على أمومتها وأحقيتها في ضم الوليد بعد أن تغذى منها وحملته وهنًا على وهن.
3- حينما تكون المستأجرة متزوجة وعندما يجامعها زوجها فيختلط ماؤه مع ماء غيره وذلك محرم قطعا لقوله صلي الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماؤه ولد غيره".
4- قد تكون المستأجرة بل يجب أن تكون في حالة تبويض كما جزم الأطباء فماذا لو تم تلقيح بويضتها من نطفة زوجها أثناء حملها ببويضة المخصبة وهل تُمنع من معاشرة زوجها الأصلي حتى تضع حملها المستأجر؟!
5- هل الطفل بعد ولادته سيكتب باسم أمه صاحبة البويضة الملقحة أم باسم صاحبة الرحم التي حملته حتى ولادته؟!
6- ماذا لو كانت الأم البديلة أمًا أو أختًا لصاحبة البويضة الملقحة؟(62/116)
7- ماذا لو تمسكت صاحبة الرحم بالرضيع باعتباره ابنها أو لو رفضت صاحبة الرحم استلامه إذا ولد مشوهًا؟!
8- ماذا لو قامت صاحبة الرحم بتأجير رحمها لأكثر من أسرة ثم حدث مستقبلا تزاوج بين أبناء هذه الأسر؟!
9- وأخيرا ماذا لو كانت الأم البديلة غير متزوجة ثم ظهر عليها الحمل أليس في ذلك تعريض لها للقذف وإشاعة الفاحشة في المجتمع: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون"(النور:19)
ومن ثم فإننا يجب أن نحافظ على شريعتنا وثوابتها ومصالحها وقواعدها حتى يعم الأمن والأمان بين أفراده.
والله أعلم
ــــــــــــــ
زوجة الأب محرمة على ابنه تأبيدًا ... العنوان
هل يجوز للابن أن يتزوج زوجة أبيه الشابة بعدما طلقها أبوه للتستر عليها؟
... السؤال
13/09/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... قال الله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلاً } النساء 22 ، وبمقتضى هذا النص القرآنى الكريم القطعى الثبوت والدلالة يحرم على الابن الزواج بمن كانت زوجة لأبيه مادام عقد هذا الأخير قد تم صحيحًا شرعًا، وسواء أدخل بها الأب أم لم يدخل بها .
لما كان ذلك فإنه يحرم فى هذه الواقعة زواج الابن من مطلقة أبيه لأن زوجة الأب من المحرمات حرمة دائمة مستمرة، حتى ولو طلقت من الأب أو مات عنها .
وهذا دون التفات لما أثاره السائل من اعتبارات .
{ تلك حدود الله فلا تعتدوها } البقرة 229 ،
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ــــــــــــــ(62/117)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
المحرمات من النساء تحريما مؤقتاً
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(63/1)
حكم زواج الرجل من ابنة عمة زوجته
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1427 / 17-08-2006
السؤال
سؤالي هو بالشكل التالي : هل يجوز أن يتزوج الرجل من ابنة عمة زوجته كزوجة ثانية له ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للرجل الزواج من ابنة عمة زوجته إن لم يوجد مانع من ذلك من رضاع أو نحوه ، فقد ذكر الله تعالى المحرمات من النساء ثم قال بعد ذلك : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ {النساء: 24 } وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 72848 ، والفتوى رقم : 9402 .
وننبه إلى أن شرط جواز التعدد بين الزوجات القدرة على تحقيق العدل بينهن. وتراجع في هذا الفتوى رقم : 1342 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أخوات زوجة جدك لأمك وبنات إخوانها لسن محارم لك
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1427 / 04-06-2006
السؤال
فضيلة الشيخ : جدي لأمي رحمه الله كان قد تزوج من امرأة أخرى غير جدتي لها إخوان وأخوات من الأب والسؤال هو : هل أكون محرما لنسائهم وهل يكون رجالهم محارم لوالدتي أرجو الإفادة ؟
وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخوات زوجة جدك لأمك لسن محارم لك ولا بنات إخوانها، بل وحتى بناتها هي لو كان لها بنات من غيره فلسن محارم لك ، كما أن أبناء هذه المرأة من غير جدك وإخوانها وأبناء إخوانها وأبناء أخواتها وكذلك كل هؤلاء ليسوا محارم لأمك ، ولكن المحرم لك هو زوجة جدك فحسب كما بينا في الفتويين : 25000 ، 48694.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا تجوز الخلوة ببنات عماتك وبناتهن
تاريخ الفتوى : ... 15 شوال 1426 / 17-11-2005
السؤال(63/2)
هل أولاد بنات عماتي من المحرمين علي أم لا خاصة أنهم أقنعوني بأني خالهم ما دام والدي خال والدتهم فأنا خالهم أيضا وهذا جعهلم عندما يروني يقبلوني ويحضنوني وأنا لا اعلم هل هذا جائز أم لا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبنات عماتك وبناتهن أجنبيات عنك يجوز لك الزواج منهن فلا يصح بحال الخلوة بهن أو أن يقمن بمصافحتك أو تقبيلك ونحو ذلك ، وما قيل لك غير صحيح ، فوالدك خال لبنات أخواته ، وأما أنت فابن خال لهن.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل تكشف المرأة لزوج أمها وأزواج بنات زوجها
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الثانية 1426 / 28-07-2005
السؤال
هل يجوز أن يكشف أبي على زوجة أخي من أمي وكذلك زوجات أخوالي؟ مع العلم أن أبي يبلغ من العمر 65 عاماً. وهل يجوز أن تكشف أمي على أزواج بنات زوجة أبي الأخرى أو حتى أزواج أخواتي؟
وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيك أن ينظر إلى زوجة أخيك لأمك لمجرد كونها زوجة أخى ابنه لأنها بهذا الوصف فقط ليست من محارمه، ولا يجوز له أيضاً أن ينظر إلى زوجات أخوالك، وكذلك أمك فلا يجوز لها أن تكشف لأزواج بنات زوجة أبيك الأخرى إن لم تكن قد أرضعتهن.
وأما أزواج أخواتك، فإن كن أخواتك من أمك فأزواجهن يكونون محارم لها، وكذلك إن كانت أرضعتهن، ودليل ذلك قوله تعالى في آية المحرمات من النساء: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ. وانظري الفتوى رقم: 16593.
وأما إن كن أخواتك لأب ولم تكن أمك أرضعتهن فلا يجوز لها أن تكشف لأزواجهن، وقد بينا في الفتوى رقم: 9441 المحرمات من النساء في الكتاب والسنة، فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها تكميلاً للفائدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تزوج بامرأة ثم تزوج بأختها وأنجب منهما أولادا.. حكم النكاح والميراث
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الثانية 1426 / 19-07-2005
السؤال(63/3)
رجل تزوج بامرأة وأنجب منها أولادا.. وبعد ذلك تزوج ببنت أختها وهي ما زالت على ذمته وأنجب منها أيضا أولادا، ما هو حكم الشرع في هذا الزواج؟ وما حكم الشرع في ميراث الأولاد الذين هم من المرأة الأولى والذين هم من المرأة الثانية، ما حكم الشرع في ميراث الأبناء من الزوجة الأولى وهي الخالة والزوجة الثانية وهي بنت أختها،أرجو الرد سريعا و توضيح مذهب الإمام مالك في ذلك؟ بارك الله فيكم وجعلكم ذخرا للمسلمين ومنهلا ينتهل به من حوض علوم المصطفى صلى الله عليه وسلم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد أن الرجل قد تزوج الثانية بعد وفاة الأولى فالنكاح صحيح يترتب عليه أثره الشرعي، لأن النهي الوارد هو عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، أما بعد وفاة الأولى أو طلاقها طلاقاً بائناً أو رجعياً وكانت قد خرجت من عدتها، فيجوز له الزواج بعمتها أو خالتها بل وحتى بأختها.
وأما إن كنت تقصد أنه جمع بينهما في عصمته فذلك لا يجوز، ففي المدونة قال ابن القاسم: وقال مالك فيمن يحل من النساء أن ينكح واحدة بعد واحدة فلا يحل له أن يجمع في ملك واحد مثل العمة وبنت الأخ، والخالة وبنت الأخت، والأختين فهو إذا تزوج واحدة بعد واحدة وهو لا يعلم ودخل بالآخرة منهما قبل أن يدخل بالأولى أو دخل بهما جميعاً، فإنه في هذا كله يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى، لأن نكاحها كان صحيحاً، فلا يفسد نكاحها ما دخل ههنا من نكاح عمتها ولا أختها، وإن كان قد دخل بالآخرة فعليه صداقها الذي سمى لها وإن لم يكن سمى لها صداقاً فعليه صداق مثلها والفرقة بينهما بغير طلاق، لأنه لا يقر معها على حال. وهذا قول مالك كله.
ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها. قال ابن شاس: الضابط أن كل امرأتين بينهما من القرابة والرضاعة ما يمنع تنكاحهما لو قدرت إحداهما ذكرا لحرم الجمع بينهما في العقد والحل أي حلية الوطء، فإن جمعهما في العقد بطل النكاحان وفسخا أبداً.. فإن علمت الأولى فسخ نكاح الثانية وثبت نكاح الأولى.
وإلى ذلك الضابط أشار العلامة خليل في مختصره فقال: وجمع خمس أو اثنتين لو قدرت أية ذكرا حرم هذا من حيث حكم هذا النكاح.
وأما حكم إرث الأولاد من الزوجتين فالجواب عنه: أن أبناء كل زوجة يرثونها ولا يرثون من الثانية على الصحيح لأنهم من ذوي الأرحام، قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته: ولا يرث من ذوي الأرحام إلا من له سهم في كتاب الله. وهم الإخوة لأم، وقد ذهب بعض متأخري المالكية إلى توريثهم كما في الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي، ولكن يشترط لإرثهم عدم وجود معصب أو صاحب فرض غير الزوجين وعدم انتظام بيت المال.(63/4)
وأما الرجل فإنهم يرثونه ويرثهم على كلا الاحتمالين، فإن كان نكح الثانية بعد وفاة الأولى أو طلاقها فلا إشكال، وإن كان نكحها والأولى في عصمته فالتوارث بينهم لشبهة الوطء في النكاح الفاسد لأنه يدرأ الحد به.
قال ابن عاصم:
وحيث درء الحد يلحق الولد**** في كل ما من النكاح قد فسد
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 64309.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ــــــــــــــ
الفتوى : ... حكم الزواج من ابنة بنت زوجة الأب
تاريخ الفتوى : ... 09 جمادي الثانية 1426 / 16-07-2005
السؤال
تزوج أبي من امرأة كانت لها ابنة في سن الرضاع، وكبرت هذه البنت وتزوجت وأنجبت بنتا هي الآن في سن الزواج، هل يجوز لي أن أتزوج من هذه الفتاة؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المسألة مبنية على حكم الزواج من بنت زوجة الأب، فلا بد من بيانها أولاً، فنقول وبالله التوفيق:
إن مجرد كون المرأة بنتا لزوجة الأب لا يجعلها محرمة، ولكن الفقهاء اختلفوا فيما إذا استمر رضاعها بعد زواج أمها، فذهب المالكية إلى أنها بذلك تكون أختا من الرضاعة لأبناء زوج أمها، قال النفراوي في الفواكه الدواني: وله أي مريد النكاح أن يتزوج بنت امرأة أبيه المخلوقة من رجل غيره حيث لم تشرب من لبن أمها بعد نكاح أبيه وإلا حرمت، لأنها صارت أخته من الرضاع، ولو طلقها أبوه بعد وطئها وتزوجها آخر وولدت منه لأن اللبن لهما حيث لم يتحقق انقطاع اللبن من الأول... فتحرم على أولاد المطلق كما تحرم على أولاد من هي في عصمته، وكذا يحل أن تتزوج المرأة ابن زوجة أبيها الكائن من رجل غيره بشرط أن يكون انقطع رضاعه قبل وطء أبيها، وأما لو تزوجها وهي ترضعه فلا، لأنه صار ولدا له وأخاها من الرضاع.
وقال الأبي الأزهري في (الثمر الداني): أما إذا تزوجها وهي ترضعها... في ذلك ثلاثة أقوال استظهر منها المنع والكراهة احتياطاً. ثم ذكر جواز أن تتزوج المرأة ابن زوجة أبيها من رجل غيره ثم قال: هذا إذا تزوجها أبوها بعد انقطاع الولد من الرضاع، أما إذا تزوجها وهي ترضعه فهوأخو الربيبة من الرضاع.
وذهب الحنفية والشافعية (في القول الأصح عندهم) إلى أن اللبن لزوجها الأول ما لم تلد من زوجها الثاني، فلا تكون أختا من الرضاعة لأبناء زوج أمها إلا إذا رضعت بعد أن تلد أمها لأبيهم.(63/5)
وأضاف الحنابلة ما إذا زاد لبنها في مدة الحمل، قال في الموسوعة الفقهية: وإن حبلت من الثاني وزاد اللبن بالحمل فاختلف فيه الفقهاء، فقال الحنفية والشافعية في القول الأصح عندهم: إنه للأول ما لم تلد، وقال الحنابلة: إن اللبن لهما، لأن زيادة اللبن عند حدوث الحمل ظاهر في أنه من الثاني، وبقاء الأول يقتضي كون أصله منه، فوجب أن يضاف إليهما.
وعلى هذا.. فإن ابنة بنت زوجة الأب لها حكم أمها في الخلاف السابق، فإذا كانت بنت زوجة الأب أختا من الرضاعة، كان الرجل خالاً لابنتها من الرضاعة، وإذا كانت أجنبية عنه كانت ابنتها أيضاً أجنبية عنه، وعلى كل حال فإذا كان رضاع ربيبة أبيك قد استمر بعد زواج أبيك من أمها، فإننا ننصحك بترك الزواج من ابنتها احتياطاً وخروجاً من الخلاف، وابحث عن غيرها فإن النساء كثر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من بنت عم الأب
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1426 / 13-07-2005
السؤال
هل يحل للإنسان أن يتزوج من بنت عم أبيه
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز الزواج من بنت العم والعمة والخال والخالة إذا لم يوجد مانع من جهة الرضاع، ويدخل في معنى بنت العم بنت عم الأب، ودليل هذا قول الله تعالى:
وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ الأحزاب: 50} قال ابن كثير في تفسيره: فهذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط، فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخته فجاءت الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى فأباحت بنت العم والعمة وبنت الخال والخالة، وتحريم ما فرط فيه اليهود في إباحة بنت الأخ والأخت، وهذا شنيع فظيع. اهـ.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... هل تكشف الزوجة وجهها أمام إخوة زوجها
تاريخ الفتوى : ... 30 ربيع الأول 1426 / 09-05-2005
السؤال
لدي سؤالان، الرجاء الإجابة عنهما
الأول: في بيت العائلة، هل يجوز للزوجة أن تكشف وجهها (ترفع النقاب عن وجهها) لإخوة الزوج؟
الفتوى(63/6)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين كشف الزوجة وجهها أمام الأحماء وبين كشفها أمام غير الأحماء من الأجانب، لما ذكرنا مفصلا في الفتوى رقم: 20209، والفتوى رقم: 8975، والفتوى رقم: 5224 فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
أحكام تتعلق فيمن نكح بنت أخت زوجته ظانا موت زوجته
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
أنا طبيب أعمل في إحدى المدن النائية في أمريكا الشمالية، الجالية المسلمة لا تكاد تتجاوز العشرين شخصا على أحسن تقدير وأقوم بالصلاة بهم في الجمعة
وقبل عدة أيام واجهتني مشكلة لا أعرف لها حلا حيث إن معلوماتي الدينية بسيطة جدا ولا أستطيع الإفتاء فأرجو منكم توجيهي جزاكم الله خيرا
والقصة التي أمامي هي أن أحد الإخوة المقربين(وهو طبيب) تزوج قبل فتره من سيدة أعمال تعرف عليها وهي خالة صديق له( وهو طبيب أيضا) حيث إنها كانت في زيارة لهم وتم النصيب وتزوجها وللأسف وجدها عصبية لدرجة الجنون في بعض الأحيان, وزوجته ليس لها أقارب سوى أختها التي تكبرها ب25عاما وهي تسكن الإمارات وكذلك أبناء أختها الذين يعيشون هنا في أمريكا وهم (علي وهو طبيب, عصام وهو محامي يسكن في ولاية أخرى, وهديل أختهم الصغيرة وهي تتدرب طبيبة هنا بنفس المدينة التي أعيش بها وتصغرها بثلاث سنوات) القصة هنا أن صديقي هذا تشاجر مع زوجته التي اتفقت معه في النهاية أن تسافر عند أختها في الإمارات لبعض الوقت حتى تهدأ النفوس , ولكنه فوجئ في اتصال هاتفي ليطمئن عليها بعد سفرها بعدة أيام بأختها تعزيه وتخبره بأن زوجته توفيت في حادث سير ودفنت ولا داعي لحضوره حيث لا أحد سيستقبله , اتصل صديقي فور سماعه الخبر بابن أختها (صديقه الذي يعمل معه في نفس المستشفى الذي أكد له الخبر وحضر مع بقية إخوته ليعزوه حيث أكدت والدتهم الخبر وأخبرتهم أنها ستحضر عندهم لتروي لهم تفاصيل الحادث المؤسف وطلبت منهم أن يقفوا مع زوج خالتهم في محنته) وبعد شهر تقدم صديقي ليطلب يد بنت أخت زوجته التي توفيت ( وهي كما أسلفت طبيبه تتدرب في نفس المستشفى الذي يعمل به) من أخيها وهو طبيب وصديقه الذي تعرف على زوجته الأولى من خلاله , وبعد أسابيع تم زفاف العروسين في حفل عائلي غابت عنه أم العروس لان أولادها أحبوا أن تكون مفاجأة لها حال حضورها لزيارتهم , الحاصل أن صديقي ذهب مع عروسه شهر العسل للمكسيك , ولما رجع كانت الفاجعة حينما وجد زوجته الأولى لم تمت كما زعمت أختها وأنها كانت لعبة دبرتها هي وأختها الكبيرة ( الله أعلم لماذا) وهنا اختلط الحابل بالنابل والعائلة كلها مصدومة مما حدث ولا أحد يصدق ما حدث وأنا شخصيا لا أعرف الحكم الشرعي في مثل هذه الحالات , أرجو(63/7)
منكم أن توضحوا لي الرأي الشرعي بالتفصيل من فضلكم , جنبنا الله وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن
جزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على حرمة الجمع بين المرأة وخالتها في نكاح واحد، لما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها، والحكمة في هذا الحفاظ من الشرع على رابطة القرابة وصونها عن التفرق والشحناء. قال صاحب "أنوار البروق في أنواع الفروق" ولا يجمع بين المرأة وابنتها لأنها أعظم القرابات حفظا لبر الأمهات والبنات، ويلي ذلك الجمع بين الأختين، ويلي ذلك الجمع بين المرأة وخالتها، لكونها من جهة الأم وبرها آكد من بر الأب، يليه المرأة وعمتها، لأنها من جهة الأب. فهذا من باب تحريم الوسائل لا من باب تحريم المقاصد. اهـ.
وعلى كل، فإذا حصل الجمع فنكاح الثانية باطل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الجمع بين المرأة وخالة أبيها وخالة أمها أو عمة أبيها وعمة أمها كالجمع بين المرأة وعمتها وخالتها عند أئمة المسلمين، وذلك حرام باتفاقهم، وإذا تزوج إحداهما بعد الأخرى كان نكاح الثانية باطلا لا يحتاج إلا طلاق، ولا يجب بعقد مهر ولا ميراث. اهـ.
وعلى هذا، فإن نكاح هذا الطبيب من بنت أخت زوجته يعد باطلا، وعليه، فيجب عليه مفارقتها فورا، لكن لا مانع من أن يتزوجها من جديد إذا رغب في ذلك بعد انتهاء العدة وبعد طلاقه لزوجته الأولى التي هي خالتها.
هذا، وننبه إلى أمرين مهمين:
1- أنه لا إثم على هذين الزوجين في الإقدام على هذا النكاح وذلك لعدم قصد الوقوع في الحرمة.
2- أنه إذا حصل حمل نتيجة لذلك، فإنه يلحق بالزوج وذلك لاعتقاد الزوجين حلية النكاح في الأصل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج الرجل من البنت التي زنى بأمها
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1425 / 03-07-2004
السؤال
سؤالي هو: أحد أصدقائي تزوج من زوجة وكان على علاقة مع أمها وأنجب من أمها ولدا وبعد ذلك تزوج البنت وحملت البنت منه وفي الشهر الثالث من حملها جاءه أحد الأصدقاء وقال له طلق الزوجة لأنها لا تجوز لك وطلقها، وهي حامل الآن أنجبت بنتاً والبنت عمرها 3 سنوات ويريد إرجاعها، فهل يجوز ذلك، أفتوني الله يخليكم؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.(63/8)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج هذا الرجل من البنت التي زنى بأمها مختلف فيه بين العلماء فذهب الشافعية إلى أنه لا يحرم عليه الزواج من ابنتها وهو أيضاً قول عند المالكية، جاء في كتاب الأم للشافعي: وإذا زنى الرجل بامرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها، ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال، والحرام ضد الحلال.
وقال المالكية في المعتمد عندهم: إن الحرام لا يحرم الحلال.
ومذهب الحنفية والحنابلة وهو القول الآخر عند المالكية أن الزنا بامرأة يُحرِّم ابنتها على من زنى بها. جاء في نصب الراية: ومن زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها.
وقال ابن قدامة في المغني: فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت على أمها وابنتها، والراجح هو مذهب المالكية والشافعية وذلك لأن الحرام لا يحرم الحلال. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45137، 44378، 35501.
وبناء على ذلك؛ فإن الزواج السابق صحيح إذا كان مكتمل الشروط والأركان ومنتفي الموانع، وكذا يجوز الآن أن يتزوجها أن أراد ذلك، كما يجب عليه أولاً وأخيراً، أن يتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً عسى الله عز وجل أن يغفر ذنوبه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج الرجل من امرأة تزوجها والد زوجته
تاريخ الفتوى : ... 12 ربيع الثاني 1425 / 01-06-2004
السؤال
رجل متزوج من امرأة والدها متزوج من زوجتين وبعد وفاة والدها أراد الزواج من زوجة أبيها هل هناك مانع شرعي حول هذا الزواج وهل يلزم التفريق بينهما إذا حصل الزواج
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يتزوج الرجل امرأة قد تزوجها والد زوجتهِ، سواء كانت أرملته أو مطلقته بعد انتهاء العدة طبعا إذا لم يكن هناك مانع شرعي آخر، وسواء جمعها مع بنته أو غيرها أو تزوجها وحدها، فقد روى البخاري أن عبد الله بن جعفر جمع بين ابنة علي رضي الله عنه وزوجته.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل وأقوال العلماء نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11922.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج ممن زنى بأمها
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الثاني 1425 / 23-05-2004
السؤال(63/9)
لي صديق ارتكب الفاحشة(الزنا) مع سيدة متزوجة ولها أولاد ثم قام بالزواج من ابنتها وظل يعاشرهذه السيدة حتى بعد الزواج لمدة عامين، وفي هذا الوقت أنجب من زوجته التي هي بنت هذه السيدة، ثم قام بتطليق زوجته بعد خلافات، وعندما أراد أن يعود إليها قام بعض الشيوخ في بلدنا بنصيحته إلا يعود إلى زوجته لأنه قام بمعاشرة البنت وأمها في وقت واحد وأولاده أصبحوا في حكم إخوته وزوجته أصبحت محرمه عليه وهو يريد أن يتوب إلى الله ويربي أولاده، أفيدونا أفادكم الله؟ وبرجاء سرعة الرد علينا، وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أتى هذا الرجل ذنباً عظيماً فالزنى من كبائر الذنوب وهو أقبح وأفحش إذا كان بالمحارم، فالواجب على هذا الرجل أن يتقي الله ويتوب إليه ويبتعد عن كل ما يسبب له الوقوع في معاشرة أم زوجته مرة أخرى، وأما ما يتعلق بإرجاعه لزوجته التي زنى بأمها، فهو محل خلاف بين أهل العلم، فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الوطء الحرام يحرم الحلال، فلا يحل لمن زنى بامرأة أن ينكح ابنتها، أو يستمر معها على النكاح السابق أو يراجعها إذا كان قد طلقها كما هو الحال في السؤال.
وذهب المالكية في أحد أقوالهم والشافعية إلى أن الوطء الحرام لا يحرم الحلال، فللزاني أن يتزوج ببنت من زنى بها، ولعل الراجح هو هذا القول الأخير، وهو جواز الزواج ممن زنى بأمها، لأن الله تعالى إنما حرم بنت الزوجة لا بنت المزني بها، فقال: وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ [النساء:23]، والمزني بها ليست زوجة، وعلى كل حال فالأولاد منسوبون إلى أبيهم، وهو المسؤول عنهم وعن تربيتهم وتأديبهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خالة الزوجة من الأجنبيات
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1425 / 13-04-2004
السؤال
تحية طيبة وبعد: إن خالة زوجتي ممن هداهن الله وتحجبن، فهل لها أن تكشف عن رأسها أمامي أم لا؟ مع الشكر الجزيل، ووفقكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخالة يحرم جمعها مع بنت أختها في عصمة زوج واحد، وتحل له أي منهما عندما تبين منه الأخرى، فحرمتها إذاً مؤقته، وكنا قد ذكرنا ذلك في فتاوى سابقة فراجع فيه ذات الرقم: 27407.
وأما بالنسبة لكشف عورتها فهي أمام زوج بنت أختها كسائر الأجنبيات، فلا يجوز أن تكشف عن رأسها أمامك إذاً، ولا أن تصافحك لأن شرط جواز أي شيء من ذلك أن يكون التحريم بينكما مؤبداً.(63/10)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أرملة زوج الأم ليست من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 29 محرم 1425 / 21-03-2004
السؤال
إذا كان هناك شخص يريد أن يتزوج من امرأة وكان زوج أمه (وليس أبوه) متزوجا من امرأة أخرى غير أمه، وتوفي زوج أمه، وأراد الشخص ابن زوجة المتوفى أن يتزوج من تلك المرأة (زوجته الأخرى) فهل يحق له ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك هو أن رجلاً يريد أن يتزوج بأرملة زوج أمه بعد وفاة زوج أمه، وليس في ذلك بأس لأن هذه المرأة ليست بينه وبينها أي حرمة، وكونها ضرة أمه ليس سبباً في التحريم، قال في روض الطالب وهو يعدد من لا تحرم من النساء: ولا زوجة الربيب أوالراب.
هذا ما لم يكن هناك سبب آخر غير ذلك من رضاع أو نسب أو مصاهرة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أم زوجتك الثانية تلزم الحجاب بحضرة أولادك
تاريخ الفتوى : ... 24 محرم 1425 / 16-03-2004
السؤال
أنني متزوج زوجة ثانية ولي أولاد من الزوجة الأولى فوق سن البلوغ، السؤال: هل يتوجب على أم زوجتي الثانية أن تتحجب من أولادي من زوجتي الأولى، مع العلم بأنها بمثابة والدتي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أم زوجتك الثانية أن تلزم الحجاب بحضرة أولادك من غير ابنتها لأنهم أجانب عنها، لأنها إنما تحرم عليك لا عليهم، كما نص على ذلك أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج رجل من بنت رباها في حجره
تاريخ الفتوى : ... 18 محرم 1425 / 10-03-2004
السؤال
ما حكم الزواج بين الرجل وربيبته ؟
أي من رباها وهي طفلة وهي ليست ابنته ولا ابنة زوجته؟(63/11)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البنت ليس بنتاً لزوجة مربيها ولا من محارمه من جهة النسب ولا الرضاع، فلا مانع شرعاً من أن يتزوجها، وأحق الناس بتزويجها هم أولياؤها، فإن عدموا جميعاً فالسلطان أو نائبه هو الذي يتولى تزويجها، على ما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 3686.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
العلاقة المحرمة مع فتاة هل تحرِّم الزواج بأختها
تاريخ الفتوى : ... 15 محرم 1425 / 07-03-2004
السؤال
أنا شاب ارتبطت بفتاة لفترة وتطورت علاقتنا إلى لقاءات خاصة كنا نتبادل فيها الحب في علاقة جنسية غير كاملة ( لم يحدث إيلاج رغم أننا في بعض المرات كنا نلتقي عراة تماما)، وقد انتهت علاقتنا العاطفية لكننا ظللنا على اتصال، حتى التقيت ذات مرة بها وكانت معها شقيقتها، وكان ذلك بعد أن تزوجت الفتاة التي سبق لي الارتباط بها.. وقد أعجبت بشقيقتها وهي كذلك، وتطور الأمر بيننا إلى رغبتي في الارتباط بها رسميا والزواج منها لكن أحد أصدقائي أخبرني بأن ذلك لا يجوز لأنني بهذه الطريقة كمن يجمع بين شقيقتين وهو حرام شرعا.. لذلك أرجو سرعة الرد علي، وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أقدمت عليه مع الفتاة المذكورة يعتبر معصية وفعلاً قبيحاً، وتجب عليك المبادرة إلى التوبة الصادقة بالعزم على عدم العودة إلى تلك المعصية، مع الندم على فعلها إضافة إلى الإكثار من الاستغفار، فإذا تحصلت شروط التوبة النصوح فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين حيث قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
وقال تعالى: إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً.
لكن ما فعلته من علاقة محرمة مع الفتاة المذكورة لا يمنعك شرعاً من الزواج بأختها، لكن ينبغي لك اختيار الزوجة طبقاً للصفات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
وراجع الجوابين التاليين: 29734/2028.
وننبهك إلى أنك إذا كنت تخشى عند مصاهرة هذه الأسرة أن تعود أنت والفتاة إلى ما كنتما تفعلانه من محرم بحكم قربك منها، فإن عليك أن تبتعد عن تلك الأجواء التي ربما جرتك أنت وهي إلى التفكير في معاودة ما كنتما تفعلانه.(63/12)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم إظهار الزوجة زينتها لزوج أم زوجها
تاريخ الفتوى : ... 17 ذو الحجة 1424 / 09-02-2004
السؤال
هل يجوز لزوجتي أن تظهر زينتها لزوج أمي؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان زوج أمك هذا أباك فيجوز له أن ينظر من زوجتك ما يراه المحرم من محرمته إن أمنت الفتنة من ذلك ؛ لقول الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].
واختلف في المراد بهذه الزينة التي تظهرها المرأة أمام محارمها على ثلاثة أقوال ذكرها ابن العربي بقوله: الأول: أنه الرأس قاله قتادة. والثاني: القرط والقلادة والسوار، فأما خلخالها وشعرها فلا. قاله ابن عباس ونحوه عن ابن مسعود. الثالث: أن يكون على رأسها خمار ومقنعة فتكشف المقنعة له. قال ابن العربي معلقا على هذه الأقوال: وهي متقاربة المعنى، إذ الزينة الباطنة يجوز للأب النظر إليها للضرورة الداعية إلى ذلك في الخلطة ولأجل المحرمية التي مهدت الشريعة.
كما يجوز لها أيضاً أن تبدي زينتها أمامه إن كان محرماً لها بنسب أو رضاع، أما إن كان هذا الرجل المذكور ليس أباك فهو أجنبي عنها يحرم عليها منه ما يحرم على الأجنبي.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الدليل على أن بنات العم والعمات والخال والخالات أجنبيات
تاريخ الفتوى : ... 03 رمضان 1424 / 29-10-2003
السؤال
كما نعلم فإن الشرع يحرم مصافحة الرجل للنساء الأجنبيات، فهل تعد النساء الآتيات أجنبيات 1- بنت العم 2- بنت العمة 3- بنت الخال 4- بنت الخالة 5- أمهاتهن 6- زوجة الأب ونرجو منكم الجواب في أقرب وقت؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى(63/13)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن بنت العم وبنت الخال وبنت العمة وبنت الخالة أجنبيات لأن الله تعالى أحل نكاحهن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ [الأحزاب:50]. وأما الخالة والعمة فهن محارم، لقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23]. وكذلك زوجة الأب لقول الله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]. وأما أم بنت العم وبنت الخال فهن أجنبيات، وقد منعت من الدخول عليهما وأمرت بالتحفظ منهما، كما في حديث الصحيحين: إياكم والدخول على
النساء، قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. قال النووي رحمه الله: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه. هذا وليعلم أن محل كون هؤلاء أجنبيات إن لم تكن هناك رضاعة أو مصاهرة، وأما إن وجد سبب للمحرمية فيعمل به. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أخت زوجة الأب ليست من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 10 شعبان 1424 / 07-10-2003
السؤال
السلام عليكم أخت زوجة الأب هل هي من المحارم؟ هل نعتبرها بمكانة الخالة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليست أخت زوجة الأب من المحارم، لدخولها في قول الله تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم [النساء: 24]. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 9441. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الجمع بين المرأة وبنت خالتها
تاريخ الفتوى : ... 04 رجب 1424 / 01-09-2003
السؤال
هل يمكن للمسلم التزوج من امرأة و في نفس الوقت التزوج من ابنة خالتها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(63/14)
فإنه لا حرج على المسلم في الجمع بين المرأة وبنت خالتها، لأن الشارع لم يحرم الجمع بينهما، وإنما حرم الجمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها، أو بينها وبين خالتها، لقوله تعالى في المحرمات: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء: 23]. ولقول جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها . رواه البخاري
وفي رواية مسلم : لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها . وقد أباح الشارع ما سوى ذلك، لقول الله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء: 24]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز للزوجة أن تكشف على زوج أم أبي زوجها
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1424 / 27-08-2003
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز لزوجتي أن لاتتحجب عن زوج أم أبي ؟ وهل يعد فعلا في مقام الجد ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوج الأم أو أم الأب يحرم عليه جميع فروع زوجته، لقوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23]. وأما زوجة الربيب فإنها أجنبية على زوج أم أبي زوجها، بل على زوج أمه المباشرة، بل وله أن يجمعها مع أم زوجها في نكاح واحد. قال الشيخ علي الأجهوري :
وجمع مرأة وأم البعلأو بنتها أو رقها ذو حل
وعليه؛ فلا يجوز لزوجتك أن تكشف على زوج أم أبيك، وليس هو في مقام الجد بالنسبة لها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
هل وطء الحرام يحرم الحلال
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الأولى 1424 / 29-07-2003
السؤال
رجل زنى مع امرأة أكبر منه، ثم تاب إلى الله، وبعد ذلك أحب ابنة هذه المرأة وتزوجها وأنجب منها أولادا، هل عقد الزواج مع الابنة صحيح؟ وما هو حكم أولادهما؟ أرجو منك إجابة شافية يا شيخ جزاك الله خيرا عنا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذه المسألة يعنيها الفقهاء بقولهم: هل وطء الحرام يحرم الحلال؟ أي هل الزنا بالمرأة يحرم الزواج من أمها وابنتها، ويحرمها هي على أبي الزاني وابنه؟ هذا مما اختلف فيه الفقهاء: فذهب الحنفية والحنابلة إلى أن وطء الحرام يحرم الحلال، فليس لهذا الرجل(63/15)
الزاني أن يتزوج بابنة من زنى بها. وذهب المالكية والشافعية إلى أن الوطء الحرام لا يُحرّم، فللزاني أن يتزوج بأم من زنى بها، أو بابنتها - كما في هذا السؤال - . ولعل الراجح هو هذا القول الأخير؛ لأن الله تعالى إنما حرم بنت الزوجة فقال: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ [النساء:23]. والمزني بها ليست زوجة. وعلى كلا القولين، فالأولاد منسوبون لأبيهم إذا كان قد تزوج معتقدًا صحة النكاح. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لتوأم الملتصقتان هل يجوز أن يتزوجهما رجل واحد
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو الحجة 1424 / 29-01-2004
السؤال
بخصوص الفتاتين الإيرانيتين، هل كان يجوز أن تتزوجا شخصا واحدا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالسائل يقصد بالفتاتين الإيرانيتين، الأختين الملتصقتين عند رأسيهما والبالغتين من العمر 29 عامًا، واللتين أجريت لهما عملية الفصل فتوفيتا. أما عن السؤال فجوابه أنه لا يجوز أن يجمع بينهنَّ شخص واحد؛ لأن الجمع بين الأختين حرام. قال تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ[النساء:23]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم النظر إلى الزوجة الثانية لوالد زوجتك
تاريخ الفتوى : ... 17 جمادي الأولى 1424 / 17-07-2003
السؤال
أنا متزوج من بنت عمي شقيق والدي عند عمي زوجتان ، فأما والدة زوجتي فحكمها من حيث التحريم واضح عندي ، لكن ماهو الحال بالنسبة لزوجه الثانية ، هل تحرم علي ، هل تنكشف أمامي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فزوجة عمك غير أم زوجتك أجنبية عنك، إلا إذا كان هناك سبب للتحريم من قرابة أو رضاع بينك وبينها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
مصافحة إخوة الزوج لا تجوز
تاريخ الفتوى : ... 14 ربيع الثاني 1424 / 15-06-2003
السؤال
هل مصافحة الزوجة لإخوة الزوج الذكور ووالديه جائزة؟
الفتوى(63/16)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن مصافحة الزوجة لآباء زوجها جائزة، لأنهم من محارمها، وهي حليلة ابنهم، وقد ورد النهي عن نكاحها في قوله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُم [النساء: 23]. وأما مصافحتها لإخوة زوجها، فلا تجوز، إذ ليسوا من محارمها. وانظر الفتوى رقم: 8216، . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوج بنت الزوج ليس محرماً لغير أمها من زوجات الأب
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
امرأة تزوجت رجلاً متزوجاً وعنده أولاد وبنات، السؤال: أزواج بنات زوج هذه المرأة هل هم محرَّمون عليها حرمة مؤبدة أم لا ؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأزواج بنات هذا الرجل لا يحرمون على زوجته الأخرى لا حرمة مؤبدة ولا حرمة مؤقتة لأنهن لسن من المحرمات اللائي ذكرهن الله تعالى في سورة النساء: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23].
قال القرطبي في التفسير 5/105: ذكر الله تعالى في هذه الآية ما يحل من النساء وما يحرم، كما ذكر تحريم حليلة الأب فحرم سبعاً من النسب وستاً من رضاع وصهر، وألحقت السنة المتواترة سابعة وذلك الجمع بين المرأة وعمتها، ونص عليه الإجماع، وثبتت الرواية عن ابن عباس قال: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع وتلا هذه الآية، وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار مثل ذلك، قال: والسابعة قوله تعالى (والمحصنات من النساء). انتهى.
أما إن كان لأحد أزواج هؤلاء البنات سبب من الرضاعة مع زوجة الأب فإنها تحرم عليه حرمة مؤبدة، مثل أن تكون أمه من الرضاعة أو أخته من الرضاعة فإنه: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. رواه البخاري وأحمد وأصحاب السنن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
حكم الزواج من ربيبة الأخ
تاريخ الفتوى : ... 21 ذو الحجة 1423 / 23-02-2003
السؤال
هل يجوز للرجل أن يزوج ابنة زوجته التي رباها لأخيه؟(63/17)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من تزويج الرجل ربيبته لأخيه ما لم يكن هنالك مانع آخر، لقوله تعالى بعد ذكره للنساء المحرمات ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم ) (النساء: من الآية24)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح الرجل ربيبة ابنه
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو الحجة 1423 / 20-02-2003
السؤال
هل يجوز للرجل أن يتزوج ربيبة ابنه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل نكاح ربيبة أبيه وابنه، لقوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24]. قال صاحب الدر المختار: وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال. وقال ابن قدامة في الكافي: وكذلك بنات من نكحهن الآباء والأبناء، فإنهنَّ محللات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح بنت بنت العمة
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
ما حكم الزواج من ابنة بنت العمة؟ ولماذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج من بنت بنت العمة صحيح إذ أن الزواج من بنت العمة جائز، فالزواج من ابنتها من باب أولى إلا إذا كان هنالك مانع آخر من رضاع أو مصاهرة. ولمعرفة المحرمات بالنسب راجع الفتوى رقم 9441 لبيان المحرمات من النساء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج الرجل من زوجة ابن أخته بعد وفاته
تاريخ الفتوى : ... 08 ذو الحجة 1423 / 10-02-2003
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في زواج الخال من زوجة ابن الأخت بعد وفاته
جزاكم الله خيرا
الفتوى(63/18)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فزواج الرجل من زوجة ابن أخته بعد وفاته أو طلاقها جائز إذا استوفى عقد النكاح الشروط والأركان وخلت المرأة من موانع النكاح كالعدة والمحرمية من الرضاعة ونحوهما، لأن الزوجة المذكورة بعد وفاة زوجها ليست من المحرمات بالنسبة للرجل المذكور، فبقي الحكم على الأصل وهو الإباحة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
خالة الزوجة من المحرمات
تاريخ الفتوى : ... 11 ذو القعدة 1423 / 14-01-2003
السؤال
ما هو حكم خالة الزوجة.هل هي من المحرمات ؟ و شكراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخالة الزوجة من المحرمات على زوجها حرمة مؤقتة، تنتهي بموت الزوجة أو طلاقها طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو كبرى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها. رواه الجماعة، وراجع الفتوى رقم: 9441 - والفتوى رقم: 9402.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تزوج الأب بأم زوجة ابنه
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1423 / 26-12-2002
السؤال
هل يجوز لوالدي أنا يتزوج بحماتي؟
وشكراً...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لأبيك أن يتزوج حماتك "أم زوجتك" بالإجماع، ما لم يمنع من ذلك مانع كأن تكون خالة لك، أي أنها أخت لأمك وكانت أمك تحت أبيك فحينها لا يجوز لأبيك أن يتزوجها لأنه جمع بين الأختين. والله تعالى يقول: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَف [النساء:23].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من بنت زوج الأخت من غيرها
تاريخ الفتوى : ... 18 شوال 1423 / 23-12-2002(63/19)
السؤال
هل يجوز لي أن أتزوج بنت زوج أختي حيث له بنت من زوجته الأولى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بنت زوج أختك من غيرها يجوز لك أن تتزوجها، لأنها أجنبية عنك، ولا صلة لك بها، وإنما يحرم عليك بناته من أختك فقط، لقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ [النساء:23].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم من أسلمت وهي تحت زوج نصراني
تاريخ الفتوى : ... 10 شوال 1423 / 15-12-2002
السؤال
أحببت فتاة نصرانية متزوجة من نصراني وأريد الزواج منها وليس لديها مانع من دخول الإسلام فهل يعتبر زواجها من هذا النصراني باطلاً في حال دخولها الإسلام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يسمى بالحب لا يجوز في الإسلام إلا ما كان منه بين زوجين، وكذلك تخبيب المرأة وإفسادها على زوجها.
والكافر غير المحارب له حرمة تمنع الاعتداء على ماله وعرضه.
أما المرأة فإن أسلمت فلا يجوز لها البقاء مع زوجها الكافر للآيات التي تمنع زواج المسلمة من الكافر كقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].
ولعموم قول الله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141].
فإن أسلم زوجها قبل انقضاء العدة فهو أحق بها، وإلا فلك أن تتزوجها كغيرك من المسلمين بعد أن تكمل عدتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج من مطلقة الأخ جائز
تاريخ الفتوى : ... 28 رمضان 1423 / 03-12-2002
السؤال
هل أستطيع الزواج من زوجة أخي بعد أن طلقها لسوء معاملته وأخلاقه الرديئة وذلك رفقا بها وبالأطفال الذين ليس لهم أي وسيله للعيش ؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(63/20)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج عليك في الزواج من زوجة أخيك بعد طلاقها منه وانقضاء عدتها، وإذا كان ذلك بقصد رعايتها ورعاية أطفالها، فهذا من العمل الصالح الذي يثاب عليه صاحبه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح أخت البائنة بينونة صغرى
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1423 / 12-12-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رجل طلق زوجته طلاقا بائنا بينونة صغرى، هل يجوز له الزواج من أختها؟
أجيبونا بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن الرجل إذا طلق زوجته طلاقاً بائناً جاز له التزوج بأختها، ولو لم تخرج التي كانت زوجة له من عدتها، وراجع أقوال الفقهاء في هذا في جواب لنا سابق برقم 10258
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج الأب من بنت زوجة ابنه
تاريخ الفتوى : ... 13 رمضان 1423 / 18-11-2002
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
أما بعد فالسؤال هو:
تزوج رجل من سيدة أرملة ولها فتاة مراهقة وعندما بلغت الفتاة سن الرشد رآها والد الرجل فأعجبته وتزوجها. فهل هذا يجوز شرعا أم لا؟ الرجاء الإفادة وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا الزواج جائز شرعاً؛ لأن هذه الفتاة ليست من ا لمحرمات لا بالنسب ولا بالرضاع ولا بالمصاهرة، وقد قال الله تعالى بعد ذكره للمحرمات من النساء: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [نساء:24].
وقد نصَّ كثير من الفقهاء على جوازها في مختلف المذاهب، ففي المذهب الحنفي: قال ابن عابدين في حاشيته: وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال، وكذا بنت ابنها.(63/21)
قال: وقال الخير الرملي: ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الابن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب. اهـ .
والشاهد قوله: ولا أم زوجة الابن ولا بنتها.
وفي المذهب الشافعي: قال النووي في روضة الطالبين: ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا بنت زوج البنت ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الابن ولا بنتها، ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب. اهـ .
والشاهد قوله: ولا أم زوجة الابن ولا بنتها.
وفي المذهب الحنبلي: قال صاحب كشاف القناع: وتباح بناتها أي بنات حلائل الآباء والأبناء وأمهاتهنَّ لدخولهنَّ في قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
أم زوجة الأب ليست من المحارم.
تاريخ الفتوى : ... 10 شعبان 1423 / 17-10-2002
السؤال
- هل تعتبر أم الزوجة محرماً لأبناء الزوج من زوجة أخرى - وهل تأثم إذا قام الأبناء بتقبيل رأسها وإمساك يدها عند السلام ؟ وجزيتم خيراً....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس بين الرجل وأمِّ زوجة أبيه حُرمة؛ لأن النص ورد في زوجة الأب خاصة، فقال تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً [النساء:22].
فالمحرمة على الولد زوجة أبيه لا أمها، ولذا جاز التزوج بأُمِّ زوجة الأب وابنة زوجة أبيه من غيره.
وعليه، فإن أم زوجة الأب تعامل معاملة الأجنبية من قبل أبنائه، فلا يحل لهم مسَّها أو الخلوة بها ونحو ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إذا ماتت الزوجة فأراد أن يتزوج أختها فهل هناك عدة ؟
تاريخ الفتوى : ... 07 شعبان 1423 / 14-10-2002
السؤال
هل علي الرجل عدة إذا تزوج بأخت زوجته المتوفاة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل ليس عليه عدة أصلاً، وإنما العدة تختص بالنساء، وإذا منع الرجل من الزواج لسبب ما، فليس ذلك من أجل العدة.(63/22)
فإذا توفيت زوجة الرجل وأراد أن يتزوج أختها فليس عليه انتظار لانقضاء عدة الوفاة أو غيرها، لانقطاع الزواج بالموت.
صحيح أنه لا يمكن الجمع بينهما، كما قال تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23].
ولا يتزوج أختها بعد طلاقها حتى تخرج من العدة إذا كان الطلاق رجعياً، ولمعرفة الحالات التي يمنع فيها الرجل من الزواج نحيلك إلى الفتوى رقم:
8096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم تزويج ابنته من ابن زوجته؟
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1423 / 13-10-2002
السؤال
رجل تزوج من امرأة أرملة ولها ابن وهو أيضا" له ولد وبنت من امرأة أخرى ثم بعد أن تزوجوا أنجبوا ثلاثة أولاد والسؤال هنا هل يجوز أن يزوج هذا الرجل ابنته التي من الزوجة السابقة إلى ابن زوجته الحالية الذي أنجبته من زوجها السابق؟؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا لم يكن بين هذا الولد وهذه البنت غير هذه العلاقة، فإنه لا بأس في زواجه بها، فمجرد كون الرجل زوجاً لأمه لا يمنعه من أن يتزوج من ابنته من امرأة أخرى ليست أما له.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من ابنة ولد العمة
تاريخ الفتوى : ... 09 رجب 1423 / 16-09-2002
السؤال
هل يجوز لي الزواج من ابنة ولد عمتي ؟ أرجو الاجابة سريعاً للأهمية وجزيتم خيراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز لك أن تتزوج ابنة ولد عمتك فهي ليست ممن يحرم عليك بسبب النسب.
ولكن إن وجد مانع بسبب الرضاع كأن يكون ولد عمتك أخاً لك من الرضاعة أو أن تكون أم البنت أختاً لك من الرضاع فإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(63/23)
نكاح أي أمرأة جائز إلا من حرَّمها الشرع
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الثانية 1423 / 03-09-2002
السؤال
هل يحل لي الزواج من أرملة هي في الأصل شقيقة لابن المقفع. أرجو أن تكون أجابتكم بالأفرنجي ,أو بالعبري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لم يتضح لنا المقصود من سؤالك، لكن الزواج من أي امرأة جائز ما لم تكن مَحْرماً أو كافرة غير كتابية أو مشهورة بالفسق والفجور أو امرأة لا زالت في عدتها، قال تعالى:وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُم [النور:32].
وقال تعالى:فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:3].
وقال:وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب [المائدة:5].
وقال صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة. رواه الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط، وراجع الفتوى رقم:
2063.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الأصل جواز نكاح زوجة الخال
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1423 / 31-08-2002
السؤال
رجل تزوج تريكة خاله هل يجوز له ذلك؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج إن شاء الله في زواج الرجل من امرأة خاله إذا طلقها أو توفي عنها، وذلك إذا لم يوجد مانع شرعي، بأن لا تكون من محارمه، ولم يترتب على الزواج منها الجمع بين المرأة وعمتها، أو المرأة وخالتها، فقد ورد النهي عنه في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها ".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... شروط جواز نكاح أرملة العم
تاريخ الفتوى : ... 20 جمادي الثانية 1423 / 29-08-2002
السؤال
هل يجوز للمرء الاقتران بأرملة عمه؟(63/24)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للرجل الزواج من أرملة عمه؛ لكن بشرط ألا يوجد مانع شرعي من نسب أو رضاع، ولم يترتب على الزواج من المرأة المذكورة جمع بينها وبين عمتها أو خالتها، لورود النهي عن ذلك في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. وراجع الفتوى رقم: 10676
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا حرج في نكاح زوجة العم بعد فراقه لها
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1423 / 19-08-2002
السؤال
حكم الزواج من زوجة العم بعد طلاقها, مع العلم بأن العم لم يتزوجها بعقد إسلامي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعقد النكاح في الشريعة الإسلامية له أركان وشروط فإذا توفرت كان العقد شرعياً، وبموجبه تصبح المرأة المعقود عليها زوجة للرجل العاقد، وقد سبق بيان أركان عقد النكاح وشروطه في فتوى سابقه برقم:
7704 فليرجع إليها.
وفي حالة عدم توفر شروط عقد النكاح فإن المرأة ليست زوجة للرجل، وجماعها والحالة هذه زنى -والعياذ بالله- أو وطء بشبهة.. بحسب ما نقص من تلك الشروط.
فإذا أراد غير الأول أن يتزوجها ولو كان ابن أخيه، فلابد من استبراء رحمها من الحمل على القول الصحيح من أقوال أهل العلم وهو مذهب الحنابلة، فعليها أن تعتد كعدة غيرها من المطلقات بوضع الحمل إن وجد، أو بثلاث حيضات.
وعلى السائل أن يعلم أنه يجوز له أن يتزوج بزوجة عمه بعد فراق العم لها بموت أو طلاق، وعليه أن يعلم أيضاً أن زوجة العم في هذا ليست مثل زوجة الأب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح ربيبة الأخ
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الثانية 1423 / 17-08-2002
السؤال
شخص له أخ من الأم تزوج الأخ من امرأة مطلقة ولها بنت هل يعتبر هو محرماً؟ وهل يجوز له الزواج منها؟
وجزاكم الله خيراً.(63/25)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه البنت تعتبر ربيبة لأخيك، وربيبة الأخ ليست من المحارم.
وعليه، فإنه لا حرج عليك في التزوج بها.
أما أخوك، فإنه محرم لهذه البنت، ولا يجوز له الزواج بها إذا كان قد دخل بأمها، قال تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ...) [النساء:23].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من أرملة العم
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الثانية 1423 / 10-08-2002
السؤال
هل يستطيع الرجل الزواج من أرملة عمه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا حرج على الرجل في أن يتزوج بأرملة عمه ما لم يكن بينه وبينها مانع غير ذلك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم التزوج بابن أخي الزوج الناكح ابنة زوجها المتوفى
تاريخ الفتوى : ... 25 جمادي الأولى 1423 / 04-08-2002
السؤال
تزوجت بعد وفاة زوجي من ابن أخيه وكان متزوجا من ابنة زوجي المتوفى فهل يصح الزواج ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التحريم بالمصاهرة ينحصر في أربعة أصناف:
الصنف الأول: أم الزوجة وجداتها من قِبَل أبيها أو أمها وإن علون، لقوله تعالى:وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
الصنف الثاني: بنت الزوجة وبناتها، وبنات بناتها، وبنات بنيها وإن سفلن، لقوله سبحانه:وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ [النساء:23].
الصنف الثالث: زوجة الابن، وابن الابن، وابن البنت وإن سفل، لقوله تعالى:وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23].
الصنف الرابع: زوجة الأب، وأجداده وإن علوا، لقوله عز وجل:وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاء [النساء:22].(63/26)
فإذا ثبت هذا، فليس بينك وبين ابن أخي زوجك، أي نوع من هذه العلاقات، فلا تحرمين عليه، وبذلك يكون الزواج صحيحاً إن شاء الله، ولو جمع الزوج بينك وبين ابنة زوجك السابق فلا حرج أيضاً ما دامت ليست ابنة لك أنت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
النهي هو للجمع بينها فقط
تاريخ الفتوى : ... 15 جمادي الأولى 1423 / 25-07-2002
السؤال
هل يصح للبنت أن تتزوج من زوج عمتها؟ بعد وفاتها؟ أرجو الإفادة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، كما رواه البخاري ومسلم.
وعليه، فلا بأس أن تتزوج المرأة من زوج عمتها إذا طلقها وبانت منه أو ماتت العمة، لأن المنهي عنه هو الجمع فقط.
وراجع الفتوى رقم:
13094
والفتوى رقم: 9402.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... ابنة ابن العم ليست من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1423 / 17-07-2002
السؤال
ابنة ابن عمي....> هل هي من محارمي أم لا؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابنة ابن العم ليست من المحارم، لأنها لم تذكر ضمن المحرمات في الآية التي بينت ذلك وهي آية سورة النساء في قوله تعالى:حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:23].
ومن هنا أجمع العلماء على جواز الزواج من ابنت ابن العم ما لم يكن هنالك مانع من رضاع مثلاً، وعلى السائل أن يتنبه إلى أمرين:(63/27)
الأول: أنه ما كان ينبغي له أن يجهل هذا النوع من أمور دينه فهو مما علم بالدين بالضرورة، فعليه أن يبادر بالتفقه في الدين.. وأن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلب العلم فريضة على كلم مسلم. رواه الطبراني عن ابن مسعود وصححه الألباني.
الثاني: أن يحذر كل الحذر من مخالطة النساء الأجنبيات، سواء كنَّ بنات عمه أم غيرهن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج الأب وابنه من أختين لا حرج فيه
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الثاني 1423 / 03-07-2002
السؤال
هل يجوز زواج الرجل وابنه من الأختين وهل لابن تيمية قول في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من تزوج الرجل وابنه من أختين ما لم يوجد سبب خارج يحرمهما من نسب أو رضاع، لقول الله تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء وأحل لكم ما وراء ذلكم... وهذا محل اتفاق بين كافة أهل العلم.
وفيما يخص شيخ الإسلام ابن تيمية فلم نعثر له على نص يخالف هذا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ابن اخت الزوج ليس من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1423 / 17-06-2002
السؤال
هل ابن أخت زوجي محرم علي بحيث أستطيع أن أكشف عن وجهي أمامه وأصافحه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمجرد كون الشخص المذكور ابن اخت الزوج لا يجعله مَحْرماً، إلا أن يكون هناك سبب آخر للحرمة كالرضاع مثلاً، وعليه فلا يجوز لك كشف وجهك أمامه ولا الخلوة به، وراجعي الفتوى رقم:
6741.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم زواج ابن الزوج من بنت زوجته الثانية(63/28)
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الثاني 1423 / 16-06-2002
السؤال
هل يجوز لابنى الزواج من ابنة زوجتي الثانية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ذلك لعدم وجود ما يمنع من نسب أو سبب يقتضي التحريم، يقول الإمام ابن قدامة : فصل: ولو كان لرجل ابن من غير زوجته ولها بنت من غيره، أو كان له بنت ولها ابن، جاز تزويج أحدهما من الآخر في قول عامة الفقهاء.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
متى تحل زوجة الأخ لأخيه
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الثاني 1423 / 16-06-2002
السؤال
السلام عليكم
أخت الزوجة محرمة على الزوج مؤقتا لحين وفاة الزوجة أو طلاقها؟ ونفس السؤال بالنسبة للأخ وزوجة أخيه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى حرم الجمع بين الأختين، وكذلك الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وابنة أخيها وابنة أختها، وذلك حرصا على صلة الأرحام وتأكيداً على دوام حسن العلاقة بين ذوي الأرحام، ومن المعلوم أن الضرات يقع بينهن غالباً ما لا ينبغي أن يقع بين ذوات الأرحام والقريبات، لذلك لا يجوز للرجل أن يتزوج أخت زوجته ولا غيرها من القريبات -ممن سبق ذكرهن- حتى تموت أو يطلقها طلاقاً بائناً لا يملك رجعتها منه، وهذا باتفاق العلماء.
أما زوجة الأخ فهي كسائر المتزوجات فلا تحل لأخيه ما دامت في عصمته، فإن توفي عنها أو طلقها طلاقاً بائناً وانتهت عدتها منه في الوفاة أو الطلاق حلت لسائر الأزواج، والأخ من ضمنهم إذا لم يقم بها مانع آخر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوجة أبي الزوجة ليست من المحارم
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الأول 1423 / 04-06-2002
السؤال
إذا كان أبو زوجتي متزوجا بامرأة أخرى هل تكون محرماً لي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(63/29)
فزوجة أبي زوجتك ليست من محارمك من هذه الجهة، فهي غير أم زوجتك ومثل هذه المرأة يجوز الزواج بها؛ بل يجوز لك أن تجمعها مع زوجتك، ما لم يكن هنالك مانع آخر كأن تكون خالتها مثلاً. وراجع الفتوى رقم:
11922.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزوجة الثانية لوالد زوجتك أجنبية عنك
تاريخ الفتوى : ... 17 ربيع الأول 1423 / 29-05-2002
السؤال
هل أب زوجتي إذا كان متزوجا من امرأة أخرى هل تكون محرماً لي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نص القرآن الكريم على تحريم جملة من النساء، وذكر من بينهن أربعاً يحرمن بالمصاهرة هن:
1- أمهات الزوجات، لقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) [النساء:23] ، فمن تزوج امرأة حرم عليه كل أم لها من نسب أو رضاع، سواء كانت هي الأم المباشرة أم كانت جدة لها، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم ابن مسعود وابن عمر والأئمة الأربعة. وروي عن علي رضي الله عنه: أنها لا تحرم إلا بالدخول، وذلك بالقياس على بنتها.
2- الربائب: وهن بنات النساء اللاتي دخلت بهن، ويدخل في بناتهن: بنات بناتهن ولو نزلن، لقوله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) [النساء:23] .
3- حلائل الأبناء من نسب أو رضاع، لقوله تعالى: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ) [النساء:23] .
4- زوجات الأب، فتحرم على الرجل امرأة أبيه، سواء أكان أبا مباشراً أم غير مباشر، وسواء كان أباه من نسب أم كان أباه من رضاع.
وبناءً على ما تقدم، يعلم أن الزوجة الثانية لأبي زوجتك غير محرم لك، ولا يجوز لك مصافحتها ولا الخلوة بها، لأنها أجنبية عنك ما لم يكن هناك سبب آخر من نسب أو رضاع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... زوجة الأب لا يجوز أن تظهر أمام زوج ابنته
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1423 / 15-05-2002
السؤال
أبي متزوج من امرأة أخرى وأنا متزوجة فهل يجوز لزوجي أن يكشف عليها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(63/30)