يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبيَّن لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه : فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه اهـ .
ومعنى الفاحشة المبينة المذكورة في قوله تعالى : ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19 ، الزنا وعدم العفة ، وسوء العشرة كالكلام الفاحش وأذيتها لزوجها . انظر : "تفسير السعدي" (ص 242) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟
سؤال:
أريد أن أسأل إلى أي درجة تصل واجبات الزوج تجاه أهل زوجته ؟ سؤالي هذا لأنني عانيت مشكلة كبيرة مع زوجي نظراً إلى تعامله السيئ جدّاً مع أمي عندما قامت بزيارتنا ( نتيجة لمشاجرة حدثت بين حماتي وأمي ) وانتهت بأن زوجي طرد أمي أو ما شابه ، وأنا نتيجة إلى هذا اضطررت أن أغادر مع أمي البيت ضد رغبة زوجي في البقاء معه ( علما بأنني كنت أقطن في بلد آخر وسافرت مع أمي إلى بلادنا ) ومعاملة زوجي لي جيدة غير أنى غضبت من معاملته لها بهذا الشكل ، مع أنه تأسف لها في اليوم التالي , لكنها لم تسامحه ، فهل تصرفي كان صحيحاً ، أم أنني لم أطع زوجي كما وصى الله سبحانه وتعالى ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للزوج أن يصل أهل زوجته ، ويحسن إليهم ، فإن هذا من حسن معاشرة زوجته ، وفعله هذا يُدخل السرور إلى قلبها ، ويجعله محل احترامها وتقديرها ، ويزيد في المحبة والمودة بينهما .
قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير :
" أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (285) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
ثانياً :
وأما طرد زوجكِ لأمكِ من بيته فقد اعتذر عن ذلك ، وينبغي لمن اعتذر له أخوه أن يقبل اعتذاره ويتجاوز عن زلته .
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ، فالرجل لا يقدِّم أحداً على أمه في البرِّ ، والزوجة لا ينبغي لها أن تقدِّم أحداً على زوجها في الطاعة(55/398)
؛ وذلك لعِظَم حقه عليها ، ومن عظم حق الرجل على المرأة أن الشرع كاد يأمرها بالسجود له لولا أنه لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد من البشر .
ولا يحق للزوج منع أهل زوجته من زيارة ابنتهم ، إلا إن كان يخشى منهم إفساداً لها أو تحريضاً على النشوز ، فله – حينئذٍ – منعهم .
ثالثاً :
وأنتِ قد أخطأتِ مرتين ووقعتِ في مخالفة الشرع فيهما ، أما الأولى فهي خروجكِ من البيت من غير إذن زوجك ، والثانية هي سفركِ من غير محرَم .
أما الخروج من البيت دون إذن الزوج فهو من المحرمات ، بل إن الله تعالى منع المرأة المطلقة رجعيّاً أن تخرج من بيتها فكيف إن لم تكن كذلك ؟! قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله , وقرأ قوله تعالى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/25 ، وقال عمر بن الخطاب : النكاح رق , فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ – أي : أسيرات- ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير , فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة " انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
قال ابن مفلح الحنبلي :
" ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة ، أو واجب شرعي " انتهى .
"الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
وأما سفر المرأة من غير محرم ، فهو حرام ، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي :
" فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً ، والله أعلم " انتهى بتصرف من "شرح مسلم" (9/103) .
والبريد : مسافة تقدر بنحو عشرين كيلو متر تقريباً .
ونرجو النظر في جواب السؤال ( 10680 ) ففيه بيان حقوق الزوج وحقوق الزوجة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(55/399)
حكم الإجهاض وطلاق الحامل والتضييق على الزوجة لتتنازل عن حقها
سؤال:
ما حكم الدين في : زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟ وهل يجوز تطليق الزوجة وهى حامل ؟ وما الحكم أيضاً في إجبار الزوجة في التنازل عن حقوقها قبل طلاقها ؟
الجواب:
الحمد لله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز سواء نفخت في الروح أم لا ، غير أنه بعد نفخ الروح فيه تحريمه أشد ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه . والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا .(55/400)
وقوله (غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبدٍ أو أمة ٍ . ويقدرها العلماء بعشر دية الأم .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
ثانياً :
وأما طلاق الحامل فهو طلاق سنة ، وقد انتشر بين كثير من العامة أنه مخالف للسنة ، وقولهم لا أصل له ولا دليل عليه .
وقد روى مسلم ( 1471 ) قصة طلاق ابن عمر لامرأته وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( مُرْه فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً ) .
قال ابن عبد البر :
وأما الحامل فلا خلاف بين العلماء أن طلاقها للسنة من أول الحمل إلى آخره لأن عدتها أن تضع حملها وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه أمره أن يطلقها طاهرا أو حاملا ولم يخص أول الحمل من آخره .
" التمهيد " ( 15 / 80 ) .
وقد ذكرنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في حكم طلاق الحامل في جواب السؤال رقم ( 12287 ) .
ثالثاً :
لا يحل للزوج أن يأخذ شيئًا من مال زوجته شيئاً إلا إذا طابت به نفسها ومنه مال مهرها إلا إن جاءت بفاحشة مبينة ؛ لقول الله عز وجل : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ) [ النساء / 4 ] ؛ ولقوله عز وجل : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] .
قال ابن قدامة :
وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قِبَلها ، وحكى ابن المنذر عن النعمان أنه قال : إذا جاء الظلم والنشوز من قِبَله وخالعتْه : فهو جائز ماض وهو آثم لا يحل له ما صنع ولا يجبر على رد ما أخذه !
قال ابن المنذر : وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله ، وخلاف الخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم .
" المغني " ( 3 / 137 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 32/283 ) :
فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيِّق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضربها لأجل ذلك ، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة : كان له أن يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبيَّن لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه : فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه . اهـ .
ومعنى الفاحشة المبينة المذكورة في قوله تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] الزنا وعدم الفقه ، وسوء العشرة ، كالكلام الفاحش وأذيتها لزوجها .(55/401)
انظر تفسير السعدي ص242ـ .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تطلب سكنا مستقلا فهل يعد ذلك تفريقا بين الزوج وأهله؟
سؤال:
تزوجت بنت خالي منذ شهر ونصف ولم أشعر بالسعادة في هذا الزواج فهي قليلة الاحترام لي كثيرة الخروج من البيت لزيارة أهلها ، ولا تطيعني في بعض الأمور وجاء يوم وقالت فيه : أريد بيتاً مستقلاً ، مع العلم أني أسكن مع أخي وزوجته وأختي والكل راضٍ باجتماعنا وبقائنا أسرة واحدة فحلفت يميناً لها بأن طلبها سينفذ ولكن اصبري بعض الوقت ، فرفضت ثم ذهبت إلى بيت أهلها . بلغ الخبر والدتي وعرفت أن زوجتي تريد أن تفرق بيني وبين أخي بالمسكن، فقالت إن سكنت مع زوجتك في بيت مستقل فلن أدخل منزلك أبداً ولا أخوك ولا جميع أفراد عائلتك . وأنا الآن في حالة سيئة 1- هل أعصي والدتي وأطيع زوجتي ، أم أخسر زوجتي و أطيع أمي ؟ علماً أنها لم تشترط علي في عقد الزواج المسكن بل شرطت فقط إكمال الدراسة . 2- عائلتي تريدني أن أطلقها وأسترد مالي لأنها ناشز . 3- عائلتي وجماعتي يعتبرون خروجي عن البيت الذي أسكن فيه مع أخي عيباً - سؤالي هو هل زوجتي ناشز حقاً ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقةَ محبة ومودة وصلةٍ وبر ، لا سيما إذا كان بينهما قرابة ، فيجتمع حق القرابة مع حق الزوجية ، وينبغي أن يسعى الطرفان إلى تحقيق هذه العلاقة .
وما يقع من سوء العشرة بين الزوجين ، قد يكون مردّه إلى الزوج أو الزوجة أو كليهما ، وعليه فينبغي أن تبحث في أسباب قلة احترامها لك ، أو عدم طاعتها لأوامرك ، وتسعى في علاج ذلك .
وبعض النساء حديثات العهد بالزواج لا يدركن أهمية طاعة الزوج ، ولا مفهوم القوامة التي يختص بها ، ولهذا يحتجن شيئا من الوقت لإدراك ذلك ، وربما احتجن إلى من ينبههن ويعلمهن ، ولعلك تستعين ببعض الأشرطة والكتب النافعة التي تتحدث عن العلاقة الزوجية وأسس نجاحها .
وفي الوقت ذاته يبالغ بعض الرجال حيث يريد من زوجته أن تسمع وتطيع له طاعة مطلقة في كل شيء ، فلو ناقشته أو اقترحت أو تأخرت قليلا في تنفيذ ما يأمر به ، اتهمها بالنشوز والعصيان ومخالفة أمر الله ، وعدم احترامه .
ولا ينبغي أبدا أن يعامل الرجل زوجته كما يعامل خادمته ، فللزوجة ما تستحق من احترام ومشورة وإبداء رأي ونقاش للوصول إلى ما هو خير وأصلح .
ثانيا :(55/402)
من حق الزوجة أن يكون لها مسكن خاص مع زوجها وأولادها ، لا يشاركها فيه أحد ، لا أب ولا أم ولا قريب .
وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، وأن لها الامتناع من السكن مع أبيه وأمه وإخوته .
قال الكاساني في بدائع الصنائع (4/24): " ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك ; عليه أن يسكنها في منزل مفرد ; لأنهن ربما يؤذينها ويضررن بها في المساكنة ، وإباؤها دليل الأذى والضرر ولأنه يحتاج إلى أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق ولا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث " انتهى.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا كان الزوج فقيراً وعاجزا عن إيجاد سكن مستقل لزوجته ، فليس لها أن تطالب بما يعجز عنه . نقله عنه في "مطالب أولي النهى" (5/122) . بل تصبر حتى يغنيه الله .
والحاصل أن السكن المستقل حق للزوجة ، ولو لم تشترطه في العقد ، ولها أن تطالب به الآن ، ولا تعد ناشزا بذلك ، وما يشيع عند بعض الناس من أن ذلك يعني التفريق بين الإخوة ، كلام لا يعوّل عليه ؛ لأن هذا حق شرعي للزوجة ، وفيه مصلحة للزوجين أيضا ، من جهة عدم الاختلاط ، وأمن النظر والاطلاعِ على ما لا يحل ، ومما يؤسف له أن كثيرا من البيوت العائلية المشتركة ، يطلع فيها الرجل على زوجة أخيه ، وربما حصلت المصافحة والخلوة ، وما يتبع ذلك من الغيرة ، والحسد ، والخلاف والشقاق ، مع ما قد ينشأ من الخلافات بسبب الأولاد ، ولا شك أن الرجل أجنبي عن زوجة أخيه ، فلا يجوز له أن يصافحها أو يخلو بها أو يتعمد النظر إليها ، إلا أن يكون محرما لها من جهة أخرى كالرضاع .
والذي ينظر إلى البيوت العائلية المشتركة يجزم أن الحكمة والمصلحة فيما قاله العلماء ، من إفراد الزوجة بسكن مستقل ، حيث يكثر في هذه البيوت المشاكل والخلافات بين الزوجين ، وبين الرجل وأخيه ، وبين الزوجة وأم زوجها . . . وهكذا ، مع فيها من منكرات ومخالفات للشرع كثيرة .
والذي ننصحك به في ختام هذا الجواب أن تسعى للتوفيق بين زوجتك ووالدتك وعائلتك ، وأن تعطي كل ذي حق حقه ، فتعطي الزوجة حقها في السكن المستقل ، ولا يضرك أن يغضب أحد منهم لانفرادك بالسكن ، لأنك لم تخطئ في ذلك ، ولكن عليك الاستمرار في صلة أقاربك وأمك وإخوانك .
وإذا كنت لا تستطيع في الوقت الحالي أن توفر سكنا مستقلا لزوجته ، فيمكنك أن تعدها وعدا حسنا ، وتوصيها بالصبر والتحمل حتى يغنيكم الله من فضله .
نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم ، ويجمع كلمتكم ، ويزيدكم ألفة ومحبة وبرا .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الأحوال التي تُسقط حق الزوجة من القسم
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الأول 1428 / 21-03-2007(55/403)
السؤال
لوجود بعض المشاكل مع زوجتي (ومن هذه المشاكل عدم احترام أبي وأمي وحتى أنهم لا يدخلون منزلي منذ فترة طويلة، وأيضا إخواني وأخواتي كذلك لا يزورونني وعندما أزور والدي ولو مرة في الأسبوع تحدث بيننا مشاكل كبيرة, كذلك لا تسمح لأبنائي بالذهاب معي إلى أهلي وإذا أخذتهم رغما عنها تحدث مشكلة كبيرة بيني وبينها, فهي تريدني أن أصبح كالخاتم في يدها وتحركني وكأني لعبة بالريموت كنترول وهذا يختلف حين التعامل مع أهلها وعلى العكس)، ولذلك قررت الزواج بزوجة أخرى بعدما فشلت جميع محاولات الإصلاح من أهل الخير بيني وبينها وبعد ثلاث سنين من إنذارها بأني سأتزوج زوجة ثانية إذا لم تغير من سلوكها كان ذلك يزيدها عناداً وإصراراً على ما هي عليه، لذلك تزوجت زوجة ثانية وعندم أبلغتها بزواجي شتمتني وشتمت أهلي واختصاراً للمشاكل معها تركت المنزل لمدة أسبوع فقامت في اليوم الثاني بتمزيق معظم ملابسي وقامت هي وثلاثة من إخوتها بتوزيع الملابس على أقاربي وجيراني وكذلك بالتهديد بقتلي إذا دخلت المنزل وقاموا أيضا بتغير أقفال الأبواب حتى لا أدخله، وأيضا قاموا بإخفاء جميع وثائقي الشخصية من جواز سفر, دفتر عائلة, كرت معالجة طبية جميع شهاداتي الدراسية أي إخفاء جميع الوثائق والأوراق الخاصة بي وبقاء أخوتها في المنزل لمدة أسبوع والتهديد بقتلي إذا دخلته وقامت زوجتي السابقة بشتم أهلي على التليفون, وأمام الناس كلما صادفت أحدا يعرفهم، لقد حاولت الإصلاح بيني وبينها عن طريق وسطاء وأشخاص مقربين من الجهتين, وبعد أسبوع عدت إلى المنزل من أجل تطبيق العدل كل زوجة ليلة ولكنها بقيت تشتمني وتشتم أهلي أمامي وأمام كل من حاول الإصلاح بيننا وعندما تغضب مني تقول لي اذهب إلى زوجتك التي هي (وتسبها بأقبح الشتائم التي لا أستطيع أن أذكرها كالزنا وغيره)، ولذلك وبعد أسبوع من المبيت عندها تركت المنزل ولم أعد احتمل المبيت في البيت وأعود للمنزل يوم بعد يوم أجلس
مع أبنائي وأدرسهم على واجباتهم المدرسية وفي الليل أعود إلى منزلي الجديد خوفا من المشاكل مع زوجتي وخوفا أيضا على أبنائي الذين أصبحت المشاكل بيني وبين أمهم تؤثر نفسيا عليهم كثيراً، لذلك أكتفي الآن بالذهاب يوم بعد يوم لهم والجلوس مع الأبناء وإعطائهم المصروف الشهري نقداً مع بعض الأمور الأخرى التي أقوم بشرائها, ويقدر مصروفهم الشهري ما يعادل ثلثي راتبي وذلك حتى لا يشعر أبنائي بأني مقصر معهم في المصروف الشهري, والثلث الآخر لا يكفي لي لأجرة المنزل الجديد والمصروف ولكن يقوم والداي وأخي بمساعدتي نقدا لأكمل ما أحتاج إليه، فهي لا تطيعني في شيء وتخرج وتعود للمنزل بدون إذني, وعند مناقشة أي موضوع معها والله تصرخ علي بأعلى صوتها فيجتمع الجيران على الصراخ وكأني أنا المعتدي عليها فأتركها وأغادر المنزل من شدة خوفي على انعكاس ذلك على الأطفال، فهي لا تحترمني ولا تطيعني في أي شيء على الإطلاق, وحتى أنه لا تسمح لأبنائي بالخروج معي إلى أي مكان وتمنع أي شخص له قرابة لي من دخول المنزل أو رؤية الأولاد، لقد سألت أصحاب الدين والشورى(55/404)
عن الحل معها فقالوا إنها امرأة ناشز، ولكن يجب أن تحافظ على أبنائك وتعطي المصروف الشهري لهم وهذا الذي أقوم به الآن حيث أخصص ثلثي راتبي لهم وأزوهم يوما بعد يوم وألبي جميع حاجاتهم الضرورية وعلاقتي مع أبنائي ممتازة وأما زوجتي فهي لا تكلمني في شيء وتخرج وتعود دون إذني وأي كلام معها تصيح وتلم كل الجيران علي وأنا الآن اطلب منكم فتوى شرعية حيث إنني لا أستطيع تحقيق المبيت في البيت من أجل العدل بين الزوجات لأسباب خارجة عن إرادتي وبسبب عدم توفر الاحترام لي أو الطاعة الزوجية وعدم حريتي في أصطحاب أبنائي لأي مكان معي، وأنا لا أريد الطلاق وذلك حرصا على مصلحة الأبناء، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً... وما خفي أعظم، والله على ما أقول شهيد.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجتك ناشز، وقد بين الله سبحانه وتعالى حكم الناشز وكيفية معاملة الزوج إياها في قوله: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 72471 وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
فلا إثم عليك في المبيت عند زوجتك الثانية في نوبة الأولى ما دامت تمنع من الاستمتاع بها، قال ابن قدامة في المغني: فإن قسم لإحداهما، ثم جاء ليقسم للثانية، فأغلقت الباب دونه أو منعته من الاستمتاع بها، أو قالت: لا تدخل علي، أو لا تبت عندي، أو ادعت الطلاق، سقط حقها من القسم.
وفي أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري: (و) لا (ناشزة) كأن خرجت من مسكنه أو أراد الدخول إليها فأغلقت الباب ومنعته فلا قسم لها كما لا نفقة.
وفي حاشيتي قليوبي وعميرة: (لا ناشزة) أي خارجة عن طاعة الزوج، كأن خرجت من مسكنه بغير إذنه، أو لم تفتح له الباب ليدخل، أو لم تمكنه منها فإنها لا تستحق القسم، وإذا عادت إلى الطاعة لا تستحق القضاء.
وبناء عليه.. فما دمت لا تستطيع القسم لها بسببها هي لنشوزها فلا إثم عليك في عدمه، وينبغي أن تستمر في وعظها وتذكيرها وتوجيه من له وجاهة عندها للصلح والعودة عما هي عليه، ولا ننصحك بالفرقة لمصلحة الأبناء، إلا إذا استحكم الشقاق بينكما، ولم يعد يرجى لكما ألفة ولا استقرار حينئذ يكون الطلاق أولى والفرقة خير. وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9226، 67315، 58597.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
عضل الزوجة الناشز حتى تفتدي وترد ما أخذت
تاريخ الفتوى : ... 09 صفر 1428 / 27-02-2007
السؤال(55/405)
أنا شاب متزوج منذ سنتين وعندي الآن طفلة عمرها سنة، وزوجتي كثيرة العصيان لي ، وتدعو علي كثيرا ودون وجه حق ودون أن أظلمها، ولأتفه الأسباب، كثيرا ما تخرج عن طاعتي وكثيرا ما تأبى
دعوتي إياها للفراش، وفي السابق طلبت مني الطلاق أكثر من مرة وفي كل مرة تذهب عند أهلها بعد نشوزها أو طلبها للطلاق ما تلبث أن تغير رأيها وتطلب مني السماح فأسامحها واقبل بعودتها شرط أن تطيعني، ولا تدعو علي دون سبب، ولكنها بعد أن ترجع لبيتي تعود إلى خلقها السيء القديم، حتى إني اكتشفت مرة أنها على علاقة عاطفية مع شاب مقيم في بلد آخر عبر الهاتف والانترنت ، واعترفت بذلك ، وسامحتها بعد أن أظهرت الندم والتوبة
مؤخرا طلبت الطلاق وأرادت الذهاب عند أهلها ، لكن أهلها رفضوا أن يستقبلوها بسبب وجود أختها عندهم والتي هي على وشك الطلاق أيضا، وقالوا لها ابقي بضع سنين بينما تحل مشاكلنا ثم إن أردت أن تطلبي الطلاق بعدها فلا بأس وهي الآن تجلس في بيتي مكرهة ، لكنها تظهر وتدعي أنها تريد طاعتي وتحاول أن تسعدني من خلال القيام بواجباتها في المنزل وعدم معصيتي، وعدم رفض دعوتي إياها للفراش، ولا أعلم الآن إن كانت فعلا نادمة أم انه تمثيل لتمضية الوقت في بيتي.إلا أنها تقوم بالتدخين أحيانا بالخفية عني ودون إرادتي علما أنها فعلتها أيضا في الماضي فغضبت منها ونبهتها أن لا تكررها لكنها أعادتها الآن فاشترت علبة دخان وتخفيها في المنزل، وأنا الآن مللت من نشوزها المتكرر وخروجها عن طاعتي ثم عودتها وادعائها بأنها انصلحت، ولا أريد أن تخدعني بان تمضي الأيام عندي منتظرة موافقة أهلها للعودة عندهم.
سؤالي هو :
• هل إقامتها علاقة مع شاب على الهاتف ، وتدخين التبغ أحيانا دون إرادتي ، يعتبر فاحشة وينطبق عليها قوله تعالى"وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ" وفي حال كان ذلك فهل يجوز لي شرعا أن ابعدها لمنزل أهلها في حال رغبتي بعدم العفو عنها، وأعضلها لتتنازل عن مؤخر الصداق ، علما أن حادثة إقامة علاقة مع الشاب مضى عليها ستة أشهر وأظهرت توبتها بعدها؟
• وان لم يكن كذلك فهل يجوز لي إن رجعت ونشزت علي بالمستقبل أن أبعدها لبيت أهلها مباشرة نظرا لنشوزها المتكرر الكثير في السابق أم علي أن انتظر و اتبع ترتيب الخطوات الشرعية ( الموعظة، الهجر، الضرب) ثم الإبعاد
• وأيضا في حال أني تأكدت من نيتها بالتمثيل علي لتمضية الوقت لحين أن يوافق أهلها على عودتها ، هل أبعدها لعند أهلها كي لا يضيع العمر سدى(دون انتظار نشوزها عني) ، أو ماذا افعل؟
نرجو منكم التوجيه والفتوى مأجورين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نقول إن عصيان الزوجة لزوجها حرام وقد ورد فيه وعيد شديد لاسيما فيما يتعلق بالفراش، فعلى الزوجة أن تتقي الله عز وجل وتتوب إليه، وتطيع زوجها في(55/406)
المعروف، ولا تمتنع عما أوجب الله عليها من الحق، وأن تحسن عشرة زوجها ولا تدعو عليه بغير حق، وأن تتقي الله في غيابه وتحفظه في نفسها، كما أن طلبها للطلاق من غير عذر معصية وسبق بيانه في الفتوى رقم: 17322.
وعلى الزوج أن يمسك زوجته بمعروف، وليس له أن يؤاخذها بما تابت منه، ولا أن يتبع زلاتها، بل يعاملها بالظاهر، ويحسن بها الظن.
ولا ينبغي للزوج أن يضمر في نفسه السوء للزوجة ويتربص بها الوقوع في الخطأ حتى يعضلها، وعليه أن يمسكها بمعروف أو يسرحها بإحسان، كما أن على الزوجة أن تفي مع زوجها ولا تمثل عليه، وتمضي الوقت معه حتى تحين لها الفرصة لطلب الطلاق، وعليها إما أن تعاشره بمعروف، أو تخالعه إذا كانت لا تطيق البقاء معه، وقد أباح الله عز وجل عضل الزوجة عند اقترافها فاحشة مبينة، وقد اختلف في الفاحشة هل هي الزنا فحسب أم تشمل كل معصية وبذاءة لسان ونحوه، وهذا ما رجحه جمع من العلماء ومنهم ابن جرير في التفسير قال ابن كثير في معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19} قال ابن مسعود وابن عباس: يعني بذلك الزنا يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها.. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله الزنا والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها وهذا جيد) انتهى
وعليه فللزوج عند ركوب الزوجة فاحشة في المستقبل - لا ما حصل منها ثم تابت منه - أن يعضلها حتى تفتدي منه وترد عليه ما أعطاها وتبرئه من مؤخر الصداق، وليس له إخراجها من البيت، فإن الإخراج من البيت عند فعل الفاحشة إنما هو للمعتدة قال تعالى: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطَّلاق:1} قال الطبري في التفسير: "عني بالفاحشة في هذا الموضع: المعصية وذلك أن الفاحشة هي كل أمر قبيح تعدى فيه حده فالزنى من ذلك والسرقة والبذاء على الأحماء وخروجها متحولة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتد فيه منه فأي ذلك فعلت وهي في عدتها فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها " انتهى.
أما وهي في عصمته فإنها تستحق عليه السكنى وليس له أن يخرجها من البيت إلا في حالة النشوز، فإذا نشزت كان له إخراجها، لأن السكنى تابعة للنفقة، ومعلوم أن الناشز لا تستحق النفقة قال ابن قدامة في المغني: فمتى امتنعت عن فراشه أو خرجت من منزله فلا نفقة لها ولا سكنى في قول عامة أهل العلم.
وله أن يخرجها قبل أن يعظها ويهجرها ويضربها، لأن هذه الثلاثة حق للزوج وله تركها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... هجر الزوجة منزل الزوجية بغير سبب شرعي(55/407)
تاريخ الفتوى : ... 26 رمضان 1427 / 19-10-2006
السؤال
أنا شاب متزوج من مصر
حديثا كنت قد سافرت إلى السعودية لأقدر على نفقات الزواج وعدت بعد السنة الأولى وبحثت عن زوجة صالحة ورشح لي أحد الأصدقاء امرأة ظننت أنها وأهلها على خير فاستخرت الله وتقدمت لها فغالوا في مطالبهم إلا أنني وافقت وحدثت مشاكل بسيطة تدل على عنادهم والكبر لديهم إلا أننى لم أنتبه إلى ذلك ثم عقدت القران ودفعت المهر وفي إحدى المحادثات وأنا في السعودية اختلفت أنا وزوجتي فجلست مدة عشرة أيام لا أكلم زوجتي وأنا في السعودية وهى في مصر فقرر أهلها تأجيل الفرح وعبثا حاولت إثناءهم وأني قد أضر ضررا شديدا لأني لا يمكن النزول من العمل إلا بعدها بسته أشهر إلا إنهم أصروا وأهانوني إهانات شديدة ثم عادت الأمور بعد ذلك وتزوجنا وأصروا على أن اكتب قائمة بالمنقولات فكتبت . ولم يطل زواجي سوى ثلاثة أسابيع كانت خلالها زوجتي شديدة العصبية لأي سبب فأسكت مرات وأرد عليها بعض الأحيان وفي النهاية في آخر يوم تطاولت علي فلم أتمالك نفسي فضربتها ضربا ولكنه ضرب غير مبرح على الإطلاق فلم ألمس الوجه ولم أقبح ولم أضرب بغل بل مجرد محاولة لإسكاتها فما كان منها إلا إن طلبت أهلها فجاءوا وأخذوها من بيتي . طلبت منها أن لا تخرج ولكنها لم تأبه وتركت ملابسها ثم إني ذهبت لهم لأكلم أباها فأهانوني أنا وعائلتي وسبت أمي فرجعنا وذهبنا إليهم ثانية فقال لي ابنتي ستكون عندي ولن تسافر معك الآن قلت له إذن متى فلم يعطني أي ميعاد بعثت له أحد الأشخاص بعدها بأسبوع وكنت قد سافرت لعملي لأني لا أستطيع التأخير فكان رده أني أريد شنطة الملابس ولم يعطه أي ميعاد لتسافر لي وبعد شهر اتصل بي أحد الأشخاص وطلب مني أن أبعث لهم الشنطة فقلت له إني لن أبعث الشنطة فلنحل هذا الموقف فإما أن نكمل أو أن يذهب كل إلى حاله أما هذا الحال فلا أرضاه .
سؤالى1- أليست زوجتي بناشز وتسقط عنها جميع حقوقها بسبب عصيانها لي وعدم سفرها لي وأنا شاب ولم أتزوج إلا لأعف نفسي ويعلم الله كم بداخلي من شهوة ولا أعلم ماذا أفعل ، 2-هل يجوز لي أن أمسك حقيبة الملابس حتى ننهي هذا الموقف وفي أي الحالات سأرجعها ولكنها كوسيلة ضغط ليرضوا بأن نتفاوض
وأخيرا أرجوا الدعاء لي بتفريج همي وكربي.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإن كان الحال كما ذكرت، فإن ما فعلته الزوجة يعتبر نشوزاً تأثم به، وهو موجب لإسقاط نفقتها، إلى أن تعود إلى بيت زوجها وطاعته. ونحن نقول بموجب ما بلغنا في هذا السؤال ، وعلى كل فإننا نقدم نصيحة لهذه الزوجة ، إن كانت كما قيل عنها ، أن تتقي الله في زوجها ، وأن تعلم أن الله أمرها بطاعة أمها وأبيها، ولكن في غير معصية الله، ومن المعصية أن تهجر بيت زوجها، وتهجره بدون سبب شرعي، فإن لزوجها عليها من الحقوق ما ليس لأحد .(55/408)
فقد أخرج الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" انتهى.
وهذا لعظيم حق الزوج على زوجته، ولكيفية التعامل مع الزوجة الناشز تراجع الفتاوى التالية أرقامها:1225، 4055، 3738.
واعلم أن الزوجة إذا خرجت من بيت زوجها لإنزاله الضرر بها كالضرب المبرح أو السب والإهانة ونحو ذلك مما يخل بكرامتها ومروءتها، ولا يفعل بمثيلاتها حسب عرف بلدها، فلا يكون خروجها نشوزا بل إزالة للضرر والضرر يزال كما في القاعدة الشرعية وانظر الفتوى رقم: 12695.
وأما شنطة الملابس فإن كانت ملكا لها خاصة بها فليس لك منعها منها ويجب عليك أن تسلمها إياها . وتضمن حقك إما بالمفاوضة وتوسيط أصحاب الوجاهة من قومك أو برفع الأمر إلى المحكمة .
نسأل الله تعالى أن يفرج كربتك، ويكشف غمتك، وييسر أمرك، ويهيئ لك منه رشدا؛ إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... نشوز الزوج ورفضه الطلاق هل يسوغ للقاضي فسخ النكاح
تاريخ الفتوى : ... 08 شعبان 1427 / 02-09-2006
السؤال
هل يجوز للقاضي فسخ النكاح بين الزوجين في حالة النشوز من قبل الزوج وهو يرفض طلاق زوجته، أرجو الإفادة بالتفصيل بأدلة من القرآن والسنة ورأي الأئمة الأربعة في ذلك؟ جزاكم الله أحسن الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت بالبينة عند القاضي أن الزوج يضار زوجته، فله أن يفرق بينهما إذا طلبت الزوجة الفراق لخبر: لا ضرر ولا ضرار. وسبق بيان كلام أهل العلم في ذلك في الفتوى رقم: 35430.
وإن لم ترد الزوجة الفراق فإن الحاكم يزجره عن ذلك ويكفه عنها ويتولى الحاكم زجره باجتهاده، كما كان يتولى الزوج زجرها حين كان الضرر منها، كما قاله ابن عبد السلام وبهذا يعلم أنه يعظه، فإن لم ينته ضربه كما مر في الزوجة، قال في الموسوعة الفقهية: وقد نص المالكية على أن الزوجة إذا أضر بها زوجها كان لها طلب الطلاق منه لذلك، سواء تكرر منه الضرر أم لا، كشتمها وضربها ضرباً مبرحاً... وهل تطلق بنفسها هنا بأمر القاضي أو يطلق القاضي عنها؟ قولان للمالكية، ولم أر من الفقهاء الآخرين من نص عليه بوضوح، وكأنهم لا يقولون به ما لم يصل الضرر إلى حد إثارة الشقاق، فإن وصل إلى ذلك، كان الحكم كما تقدم.(55/409)
انتهى. يعني: أن القاضي يبعث حكمين، يصلحان بينهما فإذا لم يصطلحا فرق الحكمان بينهما.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... ما يفعل الزوج إذا امتنعت الزوجة عن الفراش وطلبت الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1427 / 10-08-2006
السؤال
تزوجت بفتاة وبعد ليلة العرس والدخول رفضت الجماع نهائياً، وقالت لي ولأسرتها أنا لا أريد الزواج، والآن دخلت للمحاكم تريد الطلاق وتحصيل ما أمكن من المهر... والمصاغ الذهبي، مع العلم بأنني لم أعش معها إلا 23 يوما وهي عندها سلس بول دائم، وأكثر من ذلك أنها ادعت أنها ثيب وأنا أقسم بالله أنها رفضت الجماع نهائياً، فأفيدوني، فهل يحق لها المهر أو جزء منه، هي تدعي أنها ثيب وأنا تزوجتها أنها بكر، وأخيراً هي مريضة لا تملك نفسها من التبول أثناء النوم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فامتناع الزوجة عن فراش زوجها نشوز، يجعل للزوج الحق في عضلها حتى تختلع منه وترد عليه ما أعطاها من مهر ونحوه، قال الطبري رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ {النساء:19}، قال: وأما العضل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو ببعضه فحق لزوجها... إذا هي نشزت عليه لتفتدي منه حق له وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر، قال أبو جعفر: فمعنى الآية: ولا يحل لكم أيها الذين آمنوا أن تعضلوا نساءكم فتضيقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتكم (المهر) إلا أن يأتين بفاحشة من زنا أو بذاء عليكم وخلاف لكم فيما يجب عليهن لكم... فيحل لكم حينئذ عضلهن والتضييق عليهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق إن هن افتدين منكم به. انتهى بتصرف.
وعليه فيجب على زوجتك طاعتك في المعروف، ولزوم بيتك، وتمكينك من نفسها، فإن امتنعت من ذلك فهي ناشز، لك أن تضيق عليها وتمتنع من طلاقها حتى تفتدي منك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
نفقة الناشز وأولادها
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1427 / 10-08-2006
السؤال
منذ ثلاث سنوات ونصف تزوجت من إنسانة من بلدي وحيث إنني أعمل في بلد آخر فقد تطلب الأمر مني عمل معاملة استقدام والتكلف ماديا بإحضارها وقد جهزت(55/410)
منزلا للزوجية كان أكثر من رائع بالمقارنة مع إمكانياتي المادية المتواضعة وقد عاملتها معاملة طيبة للغاية رغم تصرفاتها السيئة معي من حيث النكد الدائم وعدم التزامها بالحجاب والصلاة ولطالما حاولت معها جاهدا ارتداءها الحجاب . وعند عودتي إلى بلدي في الإجازة السنوية حصل خلاف حيث إنها تطاولت بالحديث علي وعلى أبي وأمي بحضوري بشكل سافر مما أغضبني جدا، وفوق ذلك فقد أرادت مغادرة المنزل والذهاب إلى أهلها، وهذا ما حدث... وقد استطاعت أن تأخذ ما أثمر به زواجنا وهو ابني الوحيد حيث استطاعت أخذه بالقانون رغم أنه لم يحدث طلاق بيننا. وبعد فترة حاولت زيارة أخيها الأكبر والتحدث معه بشأن ابني وتطرقت من خلال الحديث معه عن تصرف أخته وتصرف أهله غير اللائق في هذه المشكلة، إلا أنني فوجئت بأنه يوجه لي اللوم على ما فعلته مع أخته وتبين أن ما فعلته حسب نظرهم شيء بمنتهى السوء وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد سألني مستهجنا كم مرة أخذت أخته أي زوجتي إلى المطاعم أو لماذا لم أشتر لها نوعا معينا من الحلوى. هذا على الرغم من أنني عشت معها حارما نفسي من أشياء عديدة في سبيل توفير كل ما بمقدوري لها. ولم يكتف أخوها بذلك بل قال لي أثناء خروجي من منزله بالحرف الواحد مثل ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف.
والآن وبعد مرور سنتين على هذا الخلاف ... هل من المنطق أن أطلق زوجتي الظالمة دون أخذ حقي الشرعي والذي أعتقد أنه هو ما دفعته من مهر وبالطبع ليس هذا مبتغاي ولكني مع هذا بشر كيف أتصرف فقد حرموني وحرموا ابني مني عليهم من الله ما يستحقون.
فإنني أرجوكم أن تفيدوني فإنني لا أرغب بالطلاق وإنما أرغب بأن تعود الزوجة ليس حبا بها ولكن لأنني لا أريد أن أخسر ابني ويعيش بعيدا عني، خصوصا وأنهم استغلوا القانون غير العادل في هذا الجانب. وهل يحق لي بالمطالبة بما دفعته من مهر وخلافه. خصوصا وأن زوجتي أثناء تواجدها معي ورغم تمردها علي إلا أنها كانت تخدعني ربما بمعسول الكلام. هل أنا ظالم بترك الأمر هكذا رغم المحاولات القليلة التي حاولتها لإصلاح الأمر محافظا قدر المستطاع على كرامتي.
وهل أنا مطالب بأن اصرف عليها وعلى ابني في هذه الحالة؟.
ولكم خالص التحية والتقدير وبارك الله بكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه كان عليك أن تبحث عن زوجة صالحة تطيع ربها ولا تعصي زوجها، وتتوفر فيها الصفات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وقال صلى الله عليه وسلم: الدنيا متاع، وخير متاعها: المرأة الصالحة. رواه مسلم. قال صلى الله عليه وسلم أيضا: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة(55/411)
صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته. وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما ذكرته عن زوجتك هذه يعتبر نشوزا، والنشوز هو عصيان المرأة لزوجها وترفعها عن طاعته في المعروف, وقد أرشد الله الأزواج في علاج ذلك إلى اتباع خطوات معينة. قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا {النساء:34}.
وإذا تحقق نشوز المرأة، وعصيانها لزوجها سقطت نفقتها إلا إذا كانت حاملا أو مرضعا، فيكون لها حينئذ نفقة الحمل والرضاع. وهذه النفقة يرجع فيها إلى الوسع والعرف، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطَّلاق:7} أما نفقة الطفل فلا تنقص بعصيان أمه.
ثم إذا أصرت المرأة على عصيانها ورفضها العودة إلى الزوج، فمن حقه أن يطالبها بما كان قد أعطاها. فقد جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق, إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فردتها عليه، وأمره ففارقها. رواه البخاري.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... أحكام امتناع الزوجة عن الانتقال مع الزوج
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1427 / 18-05-2006
السؤال
أنا مقيم في السعودية منذ 8 أشهر وزوجتي ترفض المجيء إلى السعودية بحجة العمل وأنها لا تريد الاغتراب عن أهلها، ما حكم الشرع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوج على زوجته أن يسكنها حيث شاء، وينتقل بها حيث أراد، وليس للزوجة الامتناع عن ذلك ما لم تكن اشترطت عليه في عقد النكاح، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 61292.
وإلا عد ذلك امتناعاً عن التمكين، فإن التمكين يشتمل على أمرين لا يتم إلا بهما، أحدهما: تمكينه من الاستمتاع بها.
والثاني: تمكينه من النقلة معه حيث شاء كما سبق في الفتوى المحال عليها، والامتناع عن التمكين نشوز، تأثم الزوجة به، وتحرم من النفقة، حتى ترجع إلى طاعة الزوج.(55/412)
فيجب على الزوجة طاعة الزوج في الانتقال بها إلى حيث يقيم، ولا حق لها في الامتناع بحجة العمل أو عدم الرغبة في الاغتراب عن الأهل، ولتعلم أن لزوجها حقاً عظيماً عليها، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1780، والفتوى رقم: 9218.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
مسائل في النشوز
تاريخ الفتوى : ... 29 صفر 1427 / 30-03-2006
السؤال
ما حكم الإسلام في الزوج الذى لا ينفق على زوجته بعلة أنها تعمل ولديها أجر ويطالبها بالإنفاق على البيت مع العلم أن أجره يفوق أجر زوجته بأربعة أضعاف أجرها، وأنه قادر على الإنفاق على البيت ومن فيه بكل أريحية ولا يحتاج إلى مساعدة زوجته وأنه يستثمر أمواله في البورصة.
ماحكم الإسلام فى الزوج الذى يغضب من زوجته لأنها طالبته بحقوقها وحكت عن إهماله لها ولبيتها ولعائلته التى أبت واستنكرت ثم لعائلتها التي ساندتها وطالبت الزوج بالقيام بواجباته، فقل أدبه مع والدها واتهمه بالتدخل فى شؤونه الخاصة ونوى تغيير محل الزوجية الكائن حذو مقر عمل الزوجة ومقر إقامة والديها لعقابها على صنيعها مع العلم أن عمله يستوجب السفر الدائم ويترك زوجته وحيدة لمدة تتراوح بين الشهر والشهرين. كما قام هذا الزوج ببعث عدل منفذ إلى زوجته النافس بمنزل والديها بإذنه وموافقته حيث أنه هو من قام بإيصالها من المصحة إلي منزل عائلتها لتنفس فيه يطالبها بالرجوع إلى محل الزوجية معتبرا إياها ناشزا والحال أنها نافس وليس لديها من يساعدها أويعينها على تربية الرضيع وعلى النفاس بمحل الزوجية وأن الزوج قام بذلك نكاية بها وبعائلتهالأنهم طالبوه بإنفاق غير مقدر للحالة النفسية والبدنية لزوجته النافس, كما أنه أحجم وعائلته عن السؤال عن الرضيع, فالزوج لم يحاول رؤية الرضيع منذ كان عمره 4 أيام و الآن عمره 6 أشهر ولا تزال الزوجة بمحل والديه منذ النفاس حيث إن الزوج تعمد إهانتها. كما قامت الزوجة برفع قضية في النفقة ضد زوجها. أرشدونا ما العمل ؟ هل الحل في طلاق الزوجة من هذا الزوج اللامسؤول ؟ كيف تتصرف الزوجة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على الزوج أن ينفق عليها وأن يكسوها بالمعروف، وفي حال منعه أو بخله بهذ الحق فلها أن تاخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف ولو بغير علمه ، وللزوجة أن تطالب زوجها بالنفقة عليها ولو كانت تعمل، ما لم يشترط عليها أن يكون سماحه لها بالعمل مقابل إسقاط حقها في النفقة، لما في سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما.(55/413)
وما تتقاضاه الزوجة من راتب شهري هو حق لها، تتصرف فيه في أوجه الحلال كتجارة وغيرها، ولا يجب عليها أن تنفق منه على نفسها وبيتها، ونلفت نظر السائلة إلى أنه من حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل، ولا يجوز لها أن تخرج للعمل ولا لغيره دون إذنه، إلا إذا كان معسرا أو امتنع عن النفقة عليها، فإنها حينئذ يجوز لها الخروج للعمل بدون إذنه، وانظري الفتوى رقم: 19680.
ولا يجوز للزوج أن يهمل زوجته فإنه مسؤول أمام الله عنها ، فيجب عليه أن يعطيها حقها من النفقة والكسوة ، وأن يعاشرها بالمعروف ، وأن يحترم مشاعرها ولا يهينها حتى في حال كرهه لها، قال تعالى:وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}
وأما الزوجة فنقول لها : إن طاعة الزوج في المعروف من الواجبات المحتمات على المرأة، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل طاعة الزوج أحسن بيان، وورد في ذلك من الأدلة ما لا يُحصى، وقد ذكرنا طرفاً منها في الفتوى رقم: 4180 ، ومن طاعة الزوج لزوم بيته وعدم الخروج منه إلا بإذن ، والعودة إلى بيته إذا طلب منها ذلك ، ومن حقه أيضا أن ينقلها حيث شاء؛ لقول الله تعالى : أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق: 6 } ولا يحق للزوجة أن تمتنع من الانتقال مع زوجها وإلا كانت ناشزا؛ ما لم يكن في الانتقال معه مشقة لا يمكن تحملها عادة أو تخاف منه عدوا ونحوه ، فإذا امتنعت الزوجة من الانتقال مع زوجها لمسوغ لحصول مشقة لا تحتمل أو خوف من عدو فلا تعد ناشزا .
كما أنها أيضا لا تعد ناشزا إذا امتنعت من الانتقال معه إن قصد بالانتقال بها المضارة بها والتضييق عليها؛ إذ النهي من المضارة في الآية السابقة يقتضي أن لا يكون القصد من الانتقال بالزوجة المضارة بها. هكذا قال صاحب كتاب فقه السنة .
لكن هل ما ذكرته السائلة من كونها نفساء ولا تجد من يساعدها على تربية ولدها في بيت الزوجية يعد مضارة ومشقة لا تحتمل ويكفي للامتناع من النقلة إلى بيت زوجها أم لا يعتبر كذلك ، هذا يرجع فيه إلى المحاكم الشرعية الموجودة في بلد السائلة فهي التي تستطيع معرفة الواقع والحكم بما إذا كان مسوغا حقا أم لا ، وعليه.. فإنا ننصح بمراجعتها ، ولا ننصح الزوجة بالمسارعة إلى طلب الطلاق فإن الطلاق هو آخر الحلول .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المرأة إذا أغضبت ربها وعصت وزوجها
تاريخ الفتوى : ... 12 صفر 1427 / 13-03-2006
السؤال
زوجتي كثيرة المشاكل وتثير الغضب باستمرارية ولا ترغب في العيش بهنية وليس لها نصيب الخير في الدنيا والآخرة من سماع ما يفيد بل هي أكثر شغفا ولهفا إلى الأغاني والتمثيلات والأفلام والكليبات - تمشى بملابس غير شرعية كالكاسيات(55/414)
العاريات - لى منها ولد عمره 3سنوات - تمادت في ما ذكرت خاصة بعد ما رزقنا الله بالولد - بدون علمي وأذنى ركبت مانعا للحمل لأنها لا ترغب في الإنجاب بعد على الرغم من إني أحب الإنجاب - أهلها لا ينكرون عليها فعلتها - اشتطت غضبا ونهرتها - أخذت الولد وذهبت عند أهلها - والآن أرجو إبداء النصح لي حيث أن تكلفة الطلاق وتبعاته لا يوجد معي ما يلزمه - وإلا- لقمت بطلاقها - أفيدونا أفادكم الله.
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تقوم به هذه المرأة من أعمال تستدعي غضب الله تعالى وسخطه، وكيف تجرؤ مسلمة على أن تقدم على ما فيه سخط الله تعالى، فكيف تسخط الله تعالى بسماع الغناء، وقد ورد فيه من الزواجر ما ورد مما بيَّناه في الفتوى رقم: 54439 .
وكيف تخرج المسلمة كاشفة لما أوجب الله عليها ستره، أو لابسة لما يظهر مفاتنها، وقد قال نبيها صلى الله عليه وسلم في الحديث: صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما، نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. وانظر الفتوى رقم:5571 .
وكيف تعصي المسلمة زوجها وقد أمرها الشرع بطاعة زوجها كما هو مبين في الفتوى رقم:1780، وهي بخروجها من بيتك دون إذنك تعد ناشزا لا نفقة لها، واجتهد في نصحها وتذكيرها بالله تعالى، فإن أبت ورفضت، فتزوج بأخرى، فإن صلح حالها أرجعتها وإلا فطلقها، ولك الحق إن كان لم يبدر منك مضارة لها أن تمتنع عن طلاقها حتى ترد إليك ما أعطيتها أو تعفيك من مؤخر الصداق مثلا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الآثار المدمرة المترتبة على تحريض الأب ابنته على النشوز
تاريخ الفتوى : ... 11 صفر 1427 / 12-03-2006
السؤال
أخواني الأفاضل
أنا موظف مقتدر أعمل سابقاً في مدينة الرياض، تزوجت من فتاة على سنة الله ورسوله، مضى على زواجي أكثر من ثلاث سنوات، ولدي منها ولد .
بعد مضي حوالي سنة ونصف من زواجي تم نقل عملي من الرياض إلى الدمام، مقابل مضاعفة راتبي مرتين، وقبلت بذلك بحكم تعديل راتبي وتأمين السكن والسيارة من قبل الشركة.(55/415)
ذهبت أنا وزوجتي وطفلي إلى مدينة الدمام، وسكنّا فيها لمدة شهر أو أكثر قليلاً، ثم بعد ذلك الشهر ذهبنا للرياض وزرنا أهل زوجتي، وطلبت الزوجة المكوث مع أهلها لمدة أسبوع أو ما يقاربه كزيارة فقط وللاستئناس بهم.
وبعد ذلك رجعت معي للدمام، وبعد مضي أسبوع جاء والدها وأهله ومكثوا عندي أسبوعا كزيارة في بيتي بالدمام وكضيوف.
وفي يوم من الأيام لدى استضافتي لهم رجعت من العمل للمنزل لأجده خالياً من كل أحد، وبعد اتصالي اتضح أن عمي والد زوجتي أخذ الجميع ومنهم زوجتي وطفلي واتجه للرياض من غير إذن مسبق مني.
وطلبت منهم العودة فوراً فوافق ورجعوا لمدة ليلة واحدة، وتم الاعتذار لي من قبل زوجتي فقط، ومكثوا تلك الليلة، وفي اليوم الثاني جاءتني زوجتي تبكي وتقول إن والدها خيّرها بيني أنا زوجها وبين أفراد أسرتها أمها ووالدها نفسه وأخواتها.
بحيث أنها تبقى معي بالدمام وتقطع علاقتها بأهلها، أو تذهب معهم لتسكن بالرياض وتترك السكن بالدمام معي، مع أنه لا ينقصني شيء، ومتحمل كل ما يتحمل الرجال من مسؤولية، ولي مستواي الديني والأخلاقي والدنيوي والحمد لله.
وبعد نقاش حاد قررت الزوجة الذهاب مع والدها رغم رفضي لهذا الشيء، والآن مرت سنتان وهي في بيت والدها ولم أدخل بها قط وولدي معها، وأتحمل نفقتها وأزورهم كل أسبوعين وأعطيهم نفقتهم نقدا،ً ونطلع سوياً لقضاء حوائجهم وتناول بعض الوجبات اليومية، مراعاة لشعور ابني وخوفا عليه من فقدان أحدنا وهو في هذه المرحلة من العمر ( عمره 3 أعوام تقريبا).
وفي الفترة الأخيرة رفع والدها قضية ضدي بالرياض في المحكمة، يريد مني طلاق ابنته (زوجتي) ، وعند الحضور سألها القاضي عن رغبتها فأجابت بكونها تريد الطلاق، ولكن عند طلبي بإخراج والدها ومساءلتها وهو غير حاضر الجلسة، أجابت بأن ذلك بناءً على رغبة والدها فقط، وليست رغبتها، فهدده القاضي بالسجن إن تكرر ذلك من والدها لكون الزوجة مغلوبا على أمرها، ولا زالت تحبني وتريدني ولكن والدها هو من تدخل بذلك لأسباب نجهلها.
ولا زال الحال على ماهو عليه، فقررت الزوجة الاستقلال بغرفة خاصة بها في بيت والدها، وطلبت مني زيارتها في أي وقت أشاء، وإعادة علاقتنا الزوجية والمعاشرة وهي في بيت والدها.
ولكن لدي موانع كثيرة منها:
1- أن لديها أخوات شابات بالبيت وفي سن الزواج، وهنّ اثنتان مطلقتان وأخرى، فقد يتهمني أبوها بشيء لم نحسب له حساباً بدخولي في بيته.
2- أن الزوجة هي من نشزت عني وذهبت مع والدها وبقيت هناك، وتعلم عدم قبولي بذلك، وتسامحي لأجل طفلي فقط.
3- لازلت أنفق عليها وطفلي وهم في بيت والدها ومن غير تقصير.
4- لا أرغب في حملها مرة أخرى، ونحن لازلنا في مشكلة لا حل لها .
5- تزوجت من أخرى وذلك بسبب غياب زوجتي الأولى في بيت والدها.
والسؤال هنا إخواني:(55/416)
أولا: ماحكم النفقة عليها وطفلي في هذا الحال؟
ثانياً: هل هناك حكم شرعي يحفظ لي حقي من والد زوجتي وتصرفه المشين في حقي مع أني دفعت مقدم مهرها ولديها مؤخراً بمبلغ بسيط 15000 ريال سعودي ولا أدري هل تستحقه فيما لو حصل انفصال بطلاق؟ ومن الأضرار التي لحقت بي من تصرفه هو سحب السيارة والسكن من تملكي لها بكوني لم أعد مسؤولاً عن أسرة وعائلة لما علم مسؤول الشركة أني أصبحت أعزب من جديد في ذلك الوقت وقبل أن أتزوج الثانية. وأريد تعويضاً عن ذلك. وأساء لسمعتي فالكل أصبح ينظر لي بالنقص وأني لست كفؤاً لمسؤولية وكأني السبب .
ثالثاً: ما هو الحل مع طفلي فلذة كبدي كيف أستطيع أخذه وتربيته والقيام على شؤونه وما هو حق أمه في ذلك ؟
رابعاً: الحل مع زوجتي نفسها وكيف أتعامل مع موقفي من طلبها بحيث أني لا أوافق إلا على عودتها لي وفي بيتي كرجل متحمل لمسؤوليتي .
خامساً: الملاحظة الأهم في الموضوع كلها هو أن هذه المشاكل بسبب عمي وتسلطه على ابنته ولا زالت متعلقة بي وعلاقتها بي عادية واتصالها يومياً تشكي من تصرفات والدها مما زادني حيرة في أمري.
وقد أطلت في الموضوع للتوضيح الكامل للقضية للحصول على استشارتكم بما يضمن لي حلا مجديا وقاطعا بإذن الله وأتمنى من الله ثم منكم الاجتهاد في الرد واحتساب الأجر في ذلك.
أخوكم المحتار
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمنت رسالة الأخ عددا من النقاط، عرض فيها مشكلته، وسأل عن بعض الأمور، وسنتكلم عن هذه الأمور بالترتيب التالي، ونرجو أن يكون فيه جواب لما سأل عنه:
أولا: حكم ذهاب الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه طاعة لوالدها:
والجواب: أنه لا يجوز للزوجة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه، إلا لعذر شرعي، وما فعلته الزوجة يعتبر نشوزاً تأثم به، وهو موجب لإسقاط نفقتها، إلى أن تعود إلى بيت زوجها وطاعته، وعليها أن تعلم أن الله أمرها بطاعة أبيها، ولكن في غير معصية الله، ومن المعصية أن تهجر بيت زوجها بدون سبب شرعي، فإن لزوجها عليها من الحقوق ما ليس لأحد.
ثانيا: هل للزوجة نفقة وقد خرجت من بيت الزوج بغير إذنه؟ وما حكم النفقة على الولد؟
الجواب: ليس للزوجة نفقة في حال النشوز، قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها - يعني المعجل - فلا نفقة لها لأنها ناشزة. اهـ وأما الولد فتجب نفقته على والده بالمعروف إذا لم يكن له مال.
ثالثا: هل للزوجة حق في مؤخر الصداق إن حصل الطلاق؟(55/417)
الجواب: مؤخر الصداق دين في ذمة الزوج عليه أداؤه بحلول أجله، أو بوقوع الطلاق، ولو كانت المرأة ناشزا، وتراجع الفتوى رقم: 24276
رابعا: ماذا عن حضانة الولد لو حصل الطلاق؟
الجواب: حضانة الولد للأم إذا توفرت فيها شروط الحضانة ولو كانت ناشزا، فلا أثر للنشوز على الحضانة، وشروط الحضانة سبق بيانها في الفتوى رقم: 9779
خامسا: هل على الزوج أن يجيب الزوجة لطلبها إعادة العلاقة الزوجية والمعاشرة في بيت أبيها؟
الجواب : على الزوجة طاعة زوجها في الانتقال إلى بيت الزوجية، وإلا لم تكن ممكنة له، إذ التمكين الذي يوجب لها حقوقا من النفقة والوطء يشتمل على أمرين: أحدهما: تمكينه من الاستمتاع بها، والثاني: تمكينه من النقلة معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه، وإلى غيره من البلاد إذا كانت السبيل مأمونة. قاله الماوردي الشافعي, وتراجع الفتوى رقم: 36384، ولا يجب عليه أن يعاشرها ما لم تمكنه من الانتقال بها حيث يريد.
سادسا: هل للزوج حق مطالبة والد الزوجة فيما سببه له من ضرر مادي ومعنوي؟
الجواب: ما ترتب على تصرف والد الزوجة من ضرر مادي أو معنوي في حق الزوج، للزوج مقاضاته عليه، وطلب حقه منه، ونرشده إلى العفو والصفح لا سيما إذا صلح حاله مع زوجته ورجعت إليه.
وأخيرا حكم هذا الوالد المتسلط على ابنته العاضل لها عن زوجها؟
الجواب: ما يفعله والد الزوجة منكر عظيم وهو العضل الذي ورد النهي عنه ومن التخبيب هو من أشد المعاصي، وانظر الفتوى رقم: 64320،32225، كما أن فيه ظلما لابنته، فعليه المبادرة بالتوبة من هذه المعاصي قبل أن يوافيه الأجل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... رفض الزوجة ترك العمل يعد نشوزا
تاريخ الفتوى : ... 07 شوال 1426 / 09-11-2005
السؤال
أنا متزوج وعندي بنت وامرأتي حامل بالشهر الثاني وامرأتي تعمل بالتمريض بمستشفى القوات المسلحة، ولبسها هناك بنطلون وجاكت وعدم لبس الحجاب وهذا ممنوع وكان في اتفاق عندما يرزقنا الله بمولود سيتم تقديم استقالتها وأخذ إجازة بدون مرتب والآن أقوم بطلب مني أن تقوم بتقديم استقالتها والجلوس بالبيت للتربية وعدم الاختلاط بالرجال والآن لا أعرف إن كان شغلها حراما أم حلالا، فبعد الزواج مباشرة كنا نقوم بالصرف على البيت سويا ومن فترة أكثر من سنة وأنا أقوم بفضل الله بالإنفاق على البيت والحمد لله ربنا أكرمني ومعي فلوس وأنا مهندس وباق لها على الخدمة حتى يتم قبول الاستقالة منها بعد عامين وأنا بتعذب ولا أقدر على العيش معها نظراً لقيامها الساعة 4.5 صباحا وتنزل من البيت الساعة 6 صباحا وترجع الرابعة عصراً وتترك بنتي عند حماتي وأنا أذهب للشغل الساعة(55/418)
10 صباحا وأرجع على حسب شغلي ليس لي مواعيد ثابتة ممكن أرجع 4 عصراً أو 6 أو 10 مساء، ففى يوم كانت بنتي مريضة ودرجة حرارتها 40 وثاني يوم صباحا ذهبت إلى العمل صباحا وتركت بنتي عند أمها وكانت هذا اليوم مناوبة بالمستشفى أي ستقوم بالمبيت بالمستشفى وهي تأخذ مناوبة (يوم بيات بالعمل بالمستشفى كل أسبوع أي 4 مرات فى الشهر) فقمت بالاتصال بحماتي للاطمئنان على بنتي فقالت لي إنها ساخنة وتعبانة وقالت لي أن أذهب إليها لأقوم بإرسالها إلى الدكتور وقد كنت فى العمل الخاص بى فذهبت وأخذت بنتي فقالت لي بنتي إنها تريد امها فذهبت بها إلى أمها فعندما دخلت المستشفى تركتها لها ووقفت بخارج المبنى فرأيت بنتي خرجت خارج المبنى أمها بداخلها وتركت بنتها واهتمت بشغلها فعندما خرجت قلت لها أنا ذاهب إلى الشغل ولن أذهب إلى البيت الذي يجمعنا سويا حتى تتركي عملك فثاني يوم ذهبت إلى البيت وأخذت بنتي على أساس أني نازل أشتري لها تمر هندي وأخذت السيارة الخاصة بي فنزلت هي وأختها ووقفتا أمام السيارة فقلت
لهما ابتعدا من أمام السيارة فقمت بالمشي بالسيارة فوسعت من أمام السيارة وذهبت إلى بيت والدي فقد قاموا بالاتصال به وقالوا له إني خطفت بنتي فقلت لأبي اذهب لهما وقل لهما إما أن تقعد من العمل وتجلس فى البيت أو الانفصال فذهب هو وعمي وتدخلا فقمت بإرضائهما وجلسنا نحن وأهلها وقلت لهما على رأيي فقالوا لي لو وقع البيت أو أي حاجة حصلت لا تترك عملها نظرا للسنين التي قضتها فى عمل القوات المسلحة نظرا للمعاش ومكافأة العمل بعد مرور عامين من الآن فعمي وأبي ضغطوا علي فقبلت وأنا رافض وثاني يوم أخذت بنتي ومراتي وذهبت إلى شقتي ليلا وتركت مراتي وبنتي ونزلت وحماتي ساكنة في نفس المنزل (البيت)، وأنا الآن غير قادر أن أذهب إلى البيت وغير قادر أقوم بالعيش معها، فهل إذا طلقتها علي ذنب فأنا أتردد من فترة على هذا نظرا لسوء اختيارى لها بسبب عملها، ملحوظة: هى كويسة ومحترمة ولكن أحيانا تلتزم بالصلاة وأحيانا تفرط فيها وقد قلت لها بأن تنتظم بالصلاة وأبلغت أمها وهي غير محجبة، ولكن تقوم بلبس إيشارب عادى.... فبرجاء إرشادي كيف أعمل معها وكيف أتصرف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن نحيلك على حكم من تترك الصلاة أحياناً، ومن لا تلبس الحجاب، فراجع في الأول فتوانا رقم: 17277، وفي الثاني فتوانا رقم: 16488.
ثم إن عمل الزوجة لا يجوز إلا بشروط هي: أن يرضى به الزوج، وأن يكون في أماكن غير مختلطة، وأن لا يمنعها من أداء شيء من واجباتها، وأن لا تخشى عليها منه الفتنة.
والظاهر أن هذه الشروط مفقودة كلها بالنسبة لزوجتك، مع أن دور المرأة الأول والأهم هو: حسن سياستها لبيتها، وتربيتها لأبنائها، والتبعل لزوجها.(55/419)
فإن تعارض هذا الدور مع غيره من الأعمال، فالواجب عليها تقديم عملها في بيتها على غيره، وكل هذا على افتراض موافقة الزوج، وعدم ممانعته من ممارسة الأعمال خارج البيت.
وأما إذا أمر الزوج زوجته بالبقاء في بيتها، فالواجب عليها طاعته لورود التوجيه النبوي بذلك، ففي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه. وفي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وفي النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره.
وعليه فواجب زوجتك هو أن تطيعك فيما طلبته منها من ترك العمل والبقاء في البيت، فإن أبت وأصرت على رفض ذلك فهي ناشز، وقد بينا من قبل كيفية التعامل مع الزوجة الناشز، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 1225.
ولا شك أنك إذا طلقتها لما ذكرته من الأسباب فإنك لا تكون قد ظلمتها، وإنما هي الظالمة لك ولنفسها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل يحضر زوجته إذا أبت العودة للمنزل
تاريخ الفتوى : ... 09 رمضان 1426 / 12-10-2005
السؤال
تزوجت من زوجتي منذ ستة شهور وعاملتها كما يقول الإسلام وبكل حنان ورعاية ولكنها أخذت المعاملة الحانية كأنها ضعف وفي أحد الأيام وكنا نزور أهلها طلبت مني المكوث عند أهلها يومين ولكني رفضت وقلت لها لو بقيت لن آتي وأخذك ولكن عندما تجلسين عند أهلك وعندما تريدين المجيء إلي بيت الزوجية فتعالي ولكنها حلفت علي بألا تجيء إلى بيت الزوجية إلا إذا ذهبت وأخذتها والمصيبة أن أمها معها في هذا السلوك وتقويها علي لذلك غضبت وحلفت بالله إنني لن أذهب وأحضرها وتركتها حتى الآن وأصبح لها ما يقرب عن شهر وأنا مصمم على ذلك فهل أنا قد تعديت حدود ديني الحنيف في شيء ؟ وما هو الحل في ذلك ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة مأمورة بلزوم بيت الزوج وعدم الخروج منه بغير إذنه، فإذا خرجت وجب عليها الرجوع إلى بيت الزوج متى طلب منها ذلك، فإذا أبت العودة فهي ناشز ، والناشز لا نفقة لها، وعليها العودة من مالها، إذا كانت عودتها تتطلب ذلك، ولا يلزم الزوج الذهاب لإعادتها، وليس عليه نفقة عودتها، وذلك أنها خرجت في حاجة نفسها ، وفوتت التمكين، قال ابن قدامة في المغني :(55/420)
فصل: إذا سافرت زوجته بغير إذنه, سقطت نفقتها عنه؛ لأنها ناشز وكذلك إن انتقلت من منزله بغير إذنه وإن سافرت بإذنه في حاجته فهي على نفقتها؛ لأنها سافرت في شغله ومراده, وإن كان في حاجة نفسها سقطت نفقتها ؛ لأنها فوتت التمكين لحظ نفسها وقضاء حاجتها, فأشبه ما لو استنظرته قبل الدخول مدة فأنظرها, إلا أن يكون مسافرا معها, متمكنا من استمتاعها, فلا تسقط نفقتها؛ لأنها لم تفوت التمكين , فأشبهت غير المسافرة ويحتمل أن لا تسقط نفقتها, وإن لم يكن معها؛ لأنها مسافرة بإذنه , أشبه ما لو سافرت في حاجته , وسواء كان سفرها لتجارة, أو حج تطوع, أو زيارة " انتهى
وننصح الزوج في حال ما إذا أصرت الزوجة على عدم العودة والنشوز عن طاعته أن يذهب لإعادتها ويكفر عن يمينه، وله أن يعاملها معاملة الناشز، وسبق بيانها في الفتوى رقم:17322
ونسأله تعالى أن يصلح حالهما .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... رفض المرأة دخول زوجها بها وطلبها الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 18 شعبان 1426 / 22-09-2005
السؤال
شيخنا العزيز بعد خطبة استمرت عاما تزوجت من فتاة وبعد أن تم الزفاف وقبل أن يحدث أي شيء بيننا حاولت أن تقنعني أنها في فترة الحيض واستمرت على هذا الحال فترة ثم صارحتني أنها لم تحبني وأن أهلها أجبروها على الارتباط بي دون رغبتها وأن الطلاق واقع بيننا لا محالة حيث إنها لا تريد أن تعيش معي وهذا ما أنكره أهلها تماما مع العلم أنها لم تصارحني بأي شيء من هذا من قبل ولو كان حدث لكنت تركتها على الفور فقد انتظرت بعد عقد القران والزفاف الذي تم بقبول وإيجاب أمام كل الناس، حاول أهلها إقناعي بأن هناك سحرا وأنها غير طبيعية سافرت خارج مصر في هذه الفترة وصبرت عليها لمدة ستة أشهر كاملة بعد ذلك جاءت لي في الدولة التي أعيش بها وطلبت الطلاق بعد مجيئها مباشرة يشهد الله أني لم أسئ لها لا بالقول ولا بالفعل ولكني كنت أتقي الله فيها ولا أريد أن أبدأ علاقتي معها بإجبارها على إعطائي حقوقي الزوجية فطالما لا ترغب في معاشرتي لسبب أو لآخر وهو ما لم توضحه لي أو حتى لأهلها كما أخبروني، سؤالي هو ما حكم الشرع بالنسبه لهذه الفتاة التي تمردت على حياتها معي دون سبب واضح وبدون أن أسيء معاشرتها كما شهدت هي نفسها، والسؤال الثاني هل لها حقوق مادية وهل من حقي استرداد ما صرفته طوال الفترة السابقة من شبكة وهدايا وخلافه؟
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(55/421)
فإن هذه المرأة تعد ناشزاً بما فعلت ولا تستحق نفقة ولا سكنى، ولك الحق أن تمتنع عن طلاقها حتى ترد عليك ما أعطيتها من المهر وغيره، وانظر الفتوى رقم: 48186.
وليس لها بعد الطلاق شيء من الحقوق إن استمرت على نشوزها وترك طاعتك وتسليم نفسها لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... نشوز الزوجة وعقوق الأبناء
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1426 / 08-09-2005
السؤال
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
لي مشكلة مع زوجتي وأبنائي 4 ولد وثلاث بنات وزوجتي لا تحب النصيحة ودائما في صراع معها لسبب مرافقتها لصديقات السوء وممارستها للشعوذة (السحر) وقد ضبطتها عدة مرات وهي تحرض الأبناء على عصيان الأب وتشجع البنات على التبرج والأخلاق السيئة وتسافر أين ووقت ما تشاء وبدون إذني وتخرج وتدخل وقت ما تشاء إلى البيت وتتعامل مع الرجال المشبوه فيهم بالأخلاق السيئة وفي الأخير طردتني من البيت بالقذف والشتم واتهمتني بالتشدد في الدين والتخلف طالبة الطلاق وأنها لن تطبق إلا المدونة الجديدة (مدونة الأسرة) الأبناء كلهم موظفون لا يعرفونني حتى بكلمة واحدة أو السلام ذلك ثمن 32 سنة من التعب والسهر على رعايتهم حتى وصلوا إلى مبتغاهم في هذه الحياة ثم اشتروا شقة كبيرة لأمهم من 4 غرف وأما أنا الآن وفي سن 53 من عمري أصبحت مشردا في الشارع لا أملك إلا دكانا صغيرا(مكترى) أزاول فيه حرفتي (إصلاح الراديو والتلفزة) لسد حاجاتي وقوت يومي وأنام فيه معانيا من مرضين مزمنين (مرض السكري ومرض الانهيار العصبي).
اسمحوا لي على هذا التعبير البسيط والقصير لأنني أعاني كثيرا في هذه الحياة من مشاكل الأسرة والصحة. راجيا من الله سبحانه أن يجعل لي من كل ضيق مخرجا وذلك بنصيحتكم لي في ما قال الله ورسوله وشريعتنا الإسلامية في هذا الموضوع أو السؤال.
ولكم جزيل الشكر والتحية المباركة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ذكرت عن زوجتك من ممارسة الشعوذة وتحريض أبنائها على عقوق والدهم وعصيانه وتشجيع البنات على التبرج والأخلاق السيئة والسفر وحدها بدون محرم أو بدون إذن منك وتعاملها مع الأجانب بطريقة مشبوهة، كل هذه الأمور من(55/422)
المحرمات ومن الأخلاق السيئة، أما ممارسة الشعوذة فتراجع في شأنها الفتوى رقم: 53516، والفتوى رقم: 17776.
أما تحريض الأبناء على عقوق والدهم وعصيانه فهو أمر منكر، بل كبيرة من كبائر الذنوب، وكان يجب على الوالدة أن تربي أولادها على بر والدهم وأن تنشئهم على المعروف وعلى الأخلاق الفاضلة لا على العقوق أو التبرج، وأين هذه المرأة من قول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6}.
ومن قوله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... إلى آخر الحديث.
أما سفرها بدون محرم أو خروجها من بيت زوجها بدون إذنه ولغير ضرر يحملها على الخروج بدون إذن فهذا أيضاً من المحرمات التي تجب عليها التوبة منها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم. رواه الإمام أحمد.
وفي صحيح البخاري: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم.
وعلى كل حال، فهذه المرأة ناشز وإن استطعت أن تعاملها معاملة الناشز فذلك هو حكمها، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 17322 وتراجع أيضاً الفتوى رقم: 20310 لمزيد الفائدة في هذا الموضوع.
أما الأبناء، فإذا كانوا كما ذكرت لا يسلمون عليك ولا صلة لهم بك فلا شك أنهم والعياذ بالله تعالى عاقون، ويجب عليهم التوبة من العقوق والمبادرة بإرضائك والقيام بما تحتاجه من علاج وسكن بالمعروف ونفقة إن كنت عاجزاً عن الإنفاق، وننصحهم بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3109، والفتوى رقم: 3575، والفتوى رقم: 4296.
نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الناشز لا تستحق نفقة ولا سكنى
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الأولى 1426 / 13-06-2005
السؤال
ربة بيت مسلمة مقيمة
في بلد نصراني استنكرت قولا من زوجها قاله لوالدها فاستعانت بالشرطة لطرد زوجها من بيته وذلك بحضور ومباركة أهلها ورفعت دعوى للطلاق أمام محكمة ذلك البلد بدعوى إهانتها.
رغم غياب الضرر فإن قانون البلد يمنع الزوج من الرجوع لبيته ما دامت الزوجة رافضة لذلك.
أسأل النصح وماذا يترتب لها من نفقة وسكنى وحضانة للأبناء وما حكمها وأهلها.
جزاكم الله كل خير.
الفتوى(55/423)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذه الزوجة آثمة بما أقدمت عليه من مخالفات شرعية بحق زوجها الذي له عليها حق التعظيم والتكريم، فقد أخرج ابن ماجه وغيره عن عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن أفعل ذلك لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا، فإني لو أمرت أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي امرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن حصين بن محصن الأنصاري عن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها فلما فرغت من حاجتها قال لها: أذات زوج أنت؟ قالت نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت ما آلو إلا ما عجزت عنه. قال: انظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك.
وإذا كان الزوج بهذه المنزلة فإن استدعاء الشرطة له وطرده من بيته ظلما، ومنعه حقه في الاستمتاع، وطلب الطلاق منه أمور كلها محرمة لتنافيها للعشرة المطلوبة شرعا، ولمخالفتها الخلق الحسن.
وعلى هذا، فالواجب على هذه المرأة المبادرة إلى التوبة، ومن شرطها إصلاح الأمر بينها وبين زوجها، وإعادة الأمر إلى ما كان عليه من الود والعطف.
وكون زوجها قد خالف الشرع في حق أبيها وخاطبه بكلام فيه شتم له أو نحوه لا يبرر لهذه الزوجة أن تعمل مع زوجها كل هذا العمل الشنيع.
وعلى العموم، فإن تابت هذه المرأة وسحبت دعواها التي رفعت على زوجها فلا إشكال، وإن أصرت على أن تعامل زوجها بتلك الأخلاق فهي امرأة ناشز ولا تستحق نفقة ولا سكنى. وراجع الفتوى رقم: 1103 والفتوى رقم: 17669 .
وإن كان أهلها يحرضونها على هذا العصيان فهم مشاركون لها في الإثم لأن الله تعالى يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. كما أنهم يعتبرون مخببين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أبو داود وصححه الألباني.
أما بالنسبة للحضانة في حال ما إذا وقع الطلاق فراجع حكمه في الفتوى رقم: 6256.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... إكراه الزوج امرأته على الخروج من بيت الزوجية
تاريخ الفتوى : ... 28 ربيع الثاني 1426 / 06-06-2005
السؤال
ما حكم الشرع في طلب الزوج مغادرة بيت الزوجية مكرهة؟
الفتوى(55/424)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين حكم طلب الزوج من زوجته مغادرة بيت الزوجية وإكراهها على الخروج، فقد قال الله عز وجل:
فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229} فيجب على الزوج إما أن يمسك زوجته بالمعروف ويحسن عشرتها كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} وإما أن يطلقها ويسرحها محسنا إليها غير مضار بها، بل لا يجوز له أن يخرج زوجته من بيتها حتى وهي في طلاق رجعي ما لم تأت بفاحشة مبينة كما قال تعالى في شأن المطلقات: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطلاق: 1}. وقد فسرت الفاحشة بالنشوز، فعن قتادة الفاحشة النشوز، أي إذا طلقها لأجل النشوز فلا سكنى لها كما فسرت أيضا بالبذاء على الجيران والأحماء أو على الزوج، فإذا أتت بفاحشة مبينة جاز إخراجها.
وللزوجة على كل حال مطالبته بنفقتها إذا أخرجها من بيتها فترة بقائها خارج البيت، ولها حق طلب الطلاق إن لم يرجعها إلى البيت ويحسن عشرتها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الزوجة التي لا تتحقق معها مقاصد النكاح
تاريخ الفتوى : ... 23 ربيع الثاني 1426 / 01-06-2005
السؤال
زوجتي عربية الأصل تعيش في فرنسا وتربت مثل المسيحيين منذ الصغر تزوجنا في الجزائر منذ عشرة أشهر ثم جئت إلى فرنسا للعيش معها وحتى الآن لم نرزق بأولاد، في البداية قالت لي إنها خضعت لعملية لنزع كما يسمي بالفرنسية لاترونب لا أستطيع الإنجاب قلت
هذا أمر الله . المشكلة هي أنها في السابق كانت تعيش مع شخص ولهم بنت يعني من علاقة محرمة كما يعيش كل المسحيين، بالنسبة لهم أمر عادي , وحتى الآن تكلمه في الهاتف يوميا وهذا يخدش من كرامتي، وهي تعرف أني لست راضيا إطلاقا، وعندما أكلمها تقول لي من أجل البنت مع أنها تتحدث معه في كل أمور الدنيا فقلت في نفسي سأسعى بإذن الله لإرشادها ربما تتعظ أعرف أنها لا تعرف شيئا عن أمور الدين ,أقول لها إن هذا الشخص أصبح غريبا عنها وما تفعله لا يتقبله لا الدين ولا الله سبحانه وتعالى، وكثيرا ما نتخاصم وتقول لي كل شيء لا يجوز في هذا الدين، ما أفعله شيء طبيعي، وزد على هذا تجرحني بالكلام، وأصبر وأكتم غيظي ولا أستطيع فعل أي شيء مثل الضرب حتى أحس أنني مثل الديوث والعياذ بالله, هذا الأمر يحيرني كثيرا وتقول لي سأظل أكلمه وأقابله ولا تستطيع منعي لأنه والد البنت مع أن البنت تعيش معنا حتى إنها مرة تخاصمنا قالت لي أنا أحس باختناق معك إن استمر الأمر هكذا طلقني سأرجع إلى والد البنت علما أني أحبها وتحبني وأريد إصلاحها وإرشادها وأطلب الهداية لها في صلواتي ,أفيدوني(55/425)
مشايخي الكرام جزاكم الله خير ماذا أفعل؟ علما أننا على هذا الحال منذ أشهر عندما أكلمها نتخاصم ولا تقبل الابتعاد عن هذا الشخص .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للزواج مقاصد شرعه الله من أجلها، منها طلب الولد وإحصان الفرج
وتكوين أسرة مسلمة، ولذلك يكون اختيار الزوجة على أساس تحقيق هذه المقاصد ، وهذه المرأة لا يرجى منها تحقيق هذه المقاصد، وبالتالي لا تصلح زوجة لأنهاكانت زانية والظاهر أنها لم تتب من الزنا، وقد قال الله تعالى:الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور: 3} . وتقدم حكم الزواج بالزانية في الفتوى رقم 9644
ولأنها فاسقة مصرة على الفسق من خلال علاقتها برجل أجنبي، ولأنها فيما يبدو ليس معها من الإسلام إلا اسمه إن بقي، وأنها لا تقيم للدين وزنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فاظفر بذات الدين.
لهذه الأسباب نرى أن تفارقها وتبحث عن زوجة صالحة تحقق معها مقاصد الزواج، تسرك إذا نظرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظك في نفسها.
ثم إنها لا تنجب وهذا فيه تفويت لمقصد عظيم من مقاصد الزواج وهو طلب الولد لقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
منع الوالدين البنت من الرجوع إلى بيت زوجها
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1426 / 15-05-2005
السؤال
أمرت زوجتي بعد أن وضعت طفلها في بيت والدها أن تذهب إلى بيتها فرفض أهلها ولم تذهب إلى بيتها، فماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجتك أن تطيعك في الرجوع إلى بيتها لأن طاعتك في المعروف واجبة عليها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 23844.
ولا يجوز لأبويها أن يمنعاها من ذلك لأن ذلك يعد تخبيبا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه أحمد وأبو داود، بل الأولى بأهل هذه المرأة أن يتقوا الله تعالى ويكونوا عونا لابنتهم على طاعة زوجها لدخول ذلك في البر المأمور به في قوله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
فإن أبوا إلا منع هذه المرأة عن طاعتك، فلا يجوز لها أن تطيعهم في ذلك، لأن طاعتك مقدمة على طاعة أبويها، وعلى كل فالذي نرشدك إليه السعي إلى حل هذه(55/426)
المشكلة عن طريق التفاهم مع زوجتك وأهلها ولو استدعى ذلك توسيط أهل الخير والصلاح والعقلاء من أهل زوجتك فلا بأس، فإن لم يفد ذلك كله فإن هذه المرأة تعد ناشزاً، وقد مضى حكم النشوز في الفتوى رقم: 1103.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
خروج المرأة من بيتها غير مبالية بمنع زوجها
تاريخ الفتوى : ... 20 صفر 1426 / 31-03-2005
السؤال
ما هو حكم الدين فى خروج الزوجة من بيت الزوجية دون علم زوجها وذلك أثناء تواجد الزوج فى عمله بعدما افتعلت هي مشكلة معه فى اليوم السابق من خروجها، وعندما بادر هو وتحدث مع أهلها هاتفيا 3 مرات فلمس منهم لا مبالاة وعدم اهتمام شديدين وقالوا بأن على الزوج الذهاب هو إليهم والتشاور والاتصال بأبيها ومناقشة هذا الموقف، علما بأن جميع أهلها على علم بأن الزوجة كانت مخطئة في المشكلة المفتعلة منها وكذلك خروجها من بيت الزوجية، علما بأنه قد سبق للزوج أن نبه زوجتة مرارا بعدم الخروج من البيت نهائيا مهما حدث من مشاكل بينهما، فكيف يتعامل الزوج مع هذه الزوجة التى لا تطيعه، وكيف للزوج أيضا مع أهل هذه الزوجة الذين يتعاملون بعدم موضوعية وعدم مسؤولية وكبر وتكبر شديد، علما بأن الجميع يعلم بأن هذا الزوج على علم ودين وخلق وهم يشهدون بذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ويتأكد ذلك إذا كان قد منعها من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 33969.
فعلى من يصدر منها هذا الأمر أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك، وعلى زوجها أن يجتهد في بذل النصح لها بتخليها عن هذا الخلق، وينبغي لأهلها أن يساعدوه على ذلك لأنه في الغالب أن المرأة تقبل نصيحة أهلها ،وبالتالي فإن تقصيرهم عن القيام بهذا أمر غير محمود منهم خاصة إذا طلب الزوج منهم ذلك.
وعلى العموم فإن المرأة إذا أصرت على الخروج من بيتها غير مبالية بمنع زوجها لذلك ولم يفد فيها النصح فهي تعتبر عاصية بخروجها، ويجرى عليها حكم الناشز، وقد مضى الحديث عنه في الفتوى رقم: 28784.
وننصح الزوج بالتريث والصبر على زوجته ومناصحتها برفق فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
موقف الزوجة إذا تفاقمت المشاكل مع الزوج(55/427)
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1426 / 29-03-2005
السؤال
مشكلتي أني كتبت كتابي على ولد خالتي ومع الوقت كثرت المشاكل ودائما يظلمني بأشياء لا أفعلها وأنا بعد كل مشكلة أبدأ أكرهه وكرهي له كل يوم يزيد....والمشكله أن ما أحد غصبني عليه في البداية والحين أنا صرت مغصوبة عليه لأني قلت لأمي أني ما أبغيه بس أمي رفضت طلبي
أنا محتارة وما أعرف ماذا أفعل وأرجو انكم تردون علي في اسرع وقت.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصدين بكتب الكتاب عقد النكاح فقد أصبح ابن خالتك زوجا لك، فالواجب عليك طاعته والإحسان إليه، والواجب عليه أن يرعى حقك ويحسن عشرتك، فإن غلب على ظنك أن الحال معه لن يستقيم وستتفاقم المشكلات فلك أن تطلبي منه الطلاق، فإن قبل فذلك المطلوب، وإن لم يقبل فلك أن تردي إليه ما بذل من مهر مقابل الطلاق وهو الذي يعرف عند الفقهاء بالخلع، ويشترط رضاه أيضا، وإلا فليس لأحد أن يجبره على الطلاق ما لم يصدر منه الضرر الموجب لذلك، وإن كان الامر مجرد خطوبة فلك أن تفسخي تلك الخطوبة إن خشيت التفريط في حقه وعدم رعاية حدود الله بينكما، وننصحك على كل حال إن وصلت معه إلى طريق مسدود برفع أمرك إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج بثانية لا يجيز للأولى الانخلاع عن الطاعة
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1426 / 03-03-2005
السؤال
أنا شاب متزوج منذ سنتين ولدي طفل, ولأسباب عدة قررت الزواج بثانية وتقدمت لخطبة فتاة من أهلها واتفقنا على الزواج، وحين علمت زوجتي بذلك حاولت إقناعي بالعدول عن قراري ولكن دون جدوى، واشتد الخلاف بيننا فأرسلتها إلى بيت أهلها على أن أعيدها في اليوم الثاني لأرتاح قليلا من المشاكل، وحين طلبت منها العودة رفضت وأهلها ذلك دون أن ألغي فكرة الزواج بثانية، وبعد ما يزيد من شهرين في مكوثها في بيت أهلها ورفضها العودة رغم محاولات عديدة مني إلا أنها تصر على موقفها، لذلك أريد أن أحسم الموقف وسؤالي هو:
هل أتزوج بالثانية وأترك زوجتي معلقة دون أن أطلقها إلى أن تقتنع، أم أطلقها لعدم طاعتها لي في العودة وأتزوج بالثانية، علماً بأنها لا تريد الطلاق ولكنها أيضاً لا تريد العودة ما لم أترك الثانية، آمل إفادتي في أسرع وقت ممكن لأحسم أمري؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:(55/428)
فإن كنت تعلم أن زواجك بالثانية سيكون سبب طلاق الأولى فالذي ننصح به أن تحافظ على زوجتك الأولى ما لم يكن عندك من الأسباب ما يستدعي الزواج بثانية استدعاءً بينا، فإن كان وتزوجت فمن حقك أن تبقي زوجتك على عصمتك لأن النشوز جاء منها كما هو ظاهر السؤال، وأنت لا ذنب لك غير أنك تريد الزواج فإن رجعت فالحمد لله، وإن أصرت على البقاء ببيت أهلها فلك أن تطلقها بدون أن تأخذ ما دفعت إليها وهذا هو الأفضل، ولك أن تطلب منها أن تفتدي نفسها بمال وهو الذي يعرف عند الفقهاء بالخلع.
ولا نرى أن تلجأ إلى هذا التصرف إلا في حال العجز عن التفاهم، والله نسأل أن يصلح لك زوجتك وأن يوفقك لمرضاته، ولا ننسى أن نوجه في آخر هذه الفتوى نصيحة للزوجة بأن تتقي الله تعالى وتعود إلى زوجها فإن رغبته في الزواج بثانية لا تجيز لك أن تهجري بيته وتنخلعي من طاعته وتذكري أختي المسلمة قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه، فكيف ترضى المسلمة أن تبيت لحظة وربها غاضب عليها وساخط من فعلها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... الصبر على سوء خلق الزوجة من محاسن الإخلاق
تاريخ الفتوى : ... 26 شوال 1425 / 09-12-2004
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل مشكلة كبيرة أنا واقع فيها واحترت وربي لا أدري ما أفعل في هذا الأمر الهام والمشكلة هي: زوجتي نعم هي المشكلة الكبيرة في حياتي حيث أصبحت تمثل لي كابوساً كبيراً لا أعرف كيف أتصرف فيه.
حتى لا أطيل التزمت منذ الجامعة وأنا ريفيّ من ريف مصر العامرة ملتزم بأخلاق الريف وأخلاق الإسلام فلم أكلم يوما فتاة أو أحب امرأة أو أخرج مع واحدة أو أشرب أو أشم باختصار ملتزم بعيد عن الخطأ. لما قابلت صديقاً لي من أيام الكلية وكان قد خطب فتاة سألته عن زوجة وكنت أبحث بعدما عملت وأنهيت الخدمة العسكرية فأشار علي بابنة خالة خطيبته المهم تعرفت وتقدمت وقبلت وسهَّل أهلُها الموضوعَ جدا فلم يطلبوا شبكة وكان الأمر ميسراً وكنت واضحًا معها أنني ريفيّ قروي مقيم في القاهرة ولا أنقطع عن أهلي في الريف حيث إنني أكبر إخوتي ومسؤول عنهم خاصة بعد وفاة والدي رحمه الله وقد أشار عليَّ رحمه الله أن أتزوج من الريف –ويا ليتني فعلت– ولكن قدر الله وما شاء فعل تزوجت وكانت سعيدة معي جنسياً وكلياً وبعد ولادتها أول الأولاد لم تجد اللذة التي كانت تجدها في المعاشرة الجنسية بسبب منها وليس مني فأنا كما أنا المهم غضبت وهاجت وفضحت كل شيء واتهمتني بالبخل الشديد أكثر من مرة وأصرت على الطلاق وأنا(55/429)
أحاول أن أتقي الله فيها جاهدًا لإرضاء الله فيها وإرضائها المهم بعد فترة من الزواج وجدت مجموعة من الخلافات بيني وبينها منها :
1- اختلاف وجهات النظر في الملابس وأنواعها التي تلبسها والتي ألبسها معترضة على طريقة لبسي مع أنها -والله يعلم - ملابس متوسطة فليست بالقذرة ولا آخر شياكة.
2- انشغالي بأهلي وإخوتي الصغار علمًا أنني لا أقصر في حقوقها.
3- طبيعتي العملية وحبي لعملي وكسلها الشديد في بيتها وأولادها.
4- دائما تقارن بيني وبين إخوتها الرجال وأزواج إخوتها البنات وأنهم يفعلون كذا وكذا ... مع أني يعلم الله لا أقنع بالدون.
5- أصبحت أكره الأعياد والجمع لأنني أخطب العيد والجُمَع وهي لا تريد مشاركتي في الذهاب لهذه التجمعات وتغضب من ذهابي يوم العيد إلى الريف لزيارة أهلي ، قد تقول لي أحسن من أسلوبك وطريقتك وناقِشْها وكلِّمْها وتودد إليها واعطفْ عليها ...... كل هذا فعلت .
6- بعد الزواج بسنتين أصرت على الطلاق فطلقتها بلا رسميات ولا تسجيل للطلاق وكان لنا ولد واحد ثم رددتها وحاولت أن أصلح من نفسي وأوافق بيني وبين أهلي وعملي ولها فلكل عليَّ حقوق .
7- وبعدها أصرت على الخلع وأخذت أشياءها وقمت بالموافقة على الخلع وأعطيتها نفقة الولد لمدة شهور ثم تركتها وتركت الأمر لله.
8- ثم بعد 4 شهور اتصل أهلها بي وعرضوا عليَّ أنها صغيرة وأصبر عليها وهي تريد الرجوع إليك فاستشرتُ أهلي وأصدقائي فأشاروا عليَّ بمراجعتها من أجل طفلي ومن أجل كذا ... فراجعتها وللأسف؟
9- بعد سنتين من الرجوع أصيبت بمرض مزمن في المناعة اسمه ( بنفجرس فلجارس) بالعربي ( ذو الفقاعة ) فحُجزت بالمستشفى لمدة شهرين واستمر العلاج حتى الآن ويعلم الله وبشهادتها وشهادة الجميع أنني لا ولم أقصر في حقها المادي والمعنوي حتى رزقنا الله بولد جميل أسأل الله أن يبارك فيه وفي أخيه وأن يربيهما لي فأنا عاجز عن تربيتهما.
إذن ما المشكلة ؟؟؟؟
المشكلة أنها دائما متكبرة عليَّ ترى نفسها أفضل وأنني لست الزوج المناسب مع العلم أنني جامعي وهي إعدادية ولم تكمل الدبلوم ، وأقرب مَثَل لي ولها – ووالله لا أشبه نفسي ولا أشبهها والعياذ بالله – هو سيدنا زيد بن حارثة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما. فهي دائما ترى نفسها أنظف وأحسن وكل شر يحدث حتى مرضها فأنا السبب فيه وكل خير فهو بسببها حتى كنت دائما أتمثل بآية الأعراف (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) كنت أحذف اسم سيدنا موسى وأضع اسمي .
مع العلم أنني مسالم وإذا حدثت مشكلة أحاول أن أَلُمَّ الموضوع وأهلها دائما معها في صفها دائما تتمنى الموت وتطلب الطلاق مع العلم أنه الطلاق الثالث ولي طفلان خائف جدا عليهما وأتمنى أن يُرَبَّيَا في كنف أبيهما وأمهما. مع كل مشكلة أسارع(55/430)
بترضيتها وأتحمل أحيانا بذاءتها وسوء لسانها مع العلم أنها منقبة. هي اعترفت كثيرًا بأمرين هامين:
1- أنها لم تتزوجني إلا لتهرب من بيت أهلها وهي تكره أهلها وإخوتها كلهم.
2- اعترفت أنها لن تجد أحنَّ عليها ولا ألطف معها ولا أكرم مني.
3- تعرف طيبتي وكرم أخلاقي وتعترف بها، ولكن العلم شيء والعمل شيء آخر فرقٌ كبيرٌ .
حصلت مشكلة في العيد بسبب زيارتي لأهلي في العيد بعد أن قضيت معها صباح يوم العيد ثم ذهبت لقريتي وهي ترفض الذهاب إلى هناك مع أنهم يحبونها ويكرمونها بشهادتها هي . تصر دائما على الطلاق، وتصرح بكراهيتي وتطلب الموت لتستريح وكأنني أنا الشيطان الرجيم أصبحت باردة جنسيا تكره الجماع وتعرض عنه وتترك البيت وعصبية مع الأولاد ورفع الصوت ولا تقول حاضر بل إن نفذت طلبي فبفتور ولذلك كثيرا ما أقوم بما أريد بنفسي ولا أطلب منها إلا نادراً وأشياء أخرى أدخلت أهلها فكانوا في صفها وهم دائما يصرون على أنني أنا السبب وإلا فلماذا أنا متمسك بها إلا لما لها –زعموا- من ميزات ومواهب ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
لا أعرف ماذا أفعل هل زواجي من القاهرية وأنا ريفي هو السبب؟ أم طيبتي أو بالأحرى مسالمتي معها ومع أهلها ومجيئي على نفسي دائما من أجل إرضائها؟.
حائر ، خائف على أولادي وعليها ووالله الذي لا إله إلا هو أنا أعرف أن طلاقها – فيما أظن- ليس فيه خير لها لأنها لا تتحمل أن تعيش مع أبيها الذي تكرهه أكثر من عشرة أيام ثم تبدأ المشاكل بينها وبين أبيها وبين إخوتها فتكره المكان بالإضافة إلى مرضها الجلدي الذي شوه جسدها بالسواد الفقاعات وتساقط الشعر وضعف العظام وقلة التحمل أسأل الله أن يعافيها والمسلمين أجمعين من كل مرض وسوء ماذا أفعل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على صبرك على زوجتك وإكرامك لها وأن يؤلف بينك وبينها ونوصيك بالبقاء على ما أنت عليه من الصبر، واحتسب أجرك عند الله تعالى.
أما بخصوص الجواب عما يحتاج إلى الجواب فيما ذكرت أيها الأخ فنقول: إذا كان الأمر كما ذكرت من قيامك بواجب زوجتك فليس لها طلب الطلاق منك، فقد ورد الوعيد الشديد في حق من تطلب الطلاق من زوجها لغير ضرر. روى الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
وفي هذه الحالة لا يلزم الزوج أن يطلقها، بل له أن يمسكها ويعاملها معاملة الناشز حتى ترجع إلى طاعته، وتراجع في هذا الموضوع الفتوى رقم: 5291.
فإذا لم يمكن أن تعامل الزوجة الناشز المعاملة التي ذكر القرآن الكريم والتي ذكرت في الفتوى المحال عليها، فبإمكان الزوج أن يلجأ إلى أي وسيلة شرعية أخرى(55/431)
يرضي بها زوجته ويردها إلى طاعته تفادياً لطلاقها الذي قد يترتب عليه من المفاسد ما هو أكبر من إمساكها على أية حال.
ولا يتعين أن يكون سبب اختلاف السائل مع زوجته هو كونها قاهرية وهو ريفي، بل قد يكون لأسباب أخرى وخصوصاً أنه ذكر أنها تختلف مع أهلها الآخرين وتكرههم، وعلى كل حال ومهما يكون عن سبب الخلاف فوسائل علاج الشقاق بين الزوجين والتي ذكرها القرآن الكريم نافعة بإذن الله تعالى لمن أخذ بها.
وأخير نببه الأخ إلى أن ما ذكره من أنه خالع زوجته ثم راجعها، إن كان يقصد بمراجعتها أنه تزوجها بعقد جديد وولي إلى آخره فهذا هو الواجب.
أما إن كان يقصد أنه راجعها بغير عقد ولا ولي، فذلك لا يصح لأن الخلع طلاق بائن، وتراجع الفتوى رقم: 20741.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كيفية التعامل مع الزوجة التي تمارس السحر وتدس السم لزوجها
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1425 / 18-09-2004
السؤال
أنا أخوكم ياسين من الجزائر وأريد أن اطرح عليكم مشكلتي والتي تتمثل في تطليق زوجتي التي عشت معها ثلاثة أشهر فقط, والتي كان ثمرتها عبد الرحمن الذي لم أره إلى اليوم، بدأت مشكلتي بعد أن دخلت بزوجتي التي اكتشفت بأنها وأهلها كذبوا علي فيما يخص سنها حيث أخبروني بأنه 19سنة ولكني وجدته 25 سنة ولكن هذا لم يثني من عزيمتي في الحفاظ على أسرتي خاصة وأنها أصبحت حاملا بعد عدة أيام من الزواج, وأصبحت لا أجد بعض ملابسي الشخصية ولكني لم انتبه بان هناك خيانة بسحر وإغضاب لله تعالى ثم اكتشفت أنها مريضة بمرض الربو وأنها تتناول الدواء خفية، لكني لم أفعل شيئا وأخبرتها بأننا سوف نرى أطباء أكفاء لهذا وأنبتها لما لم تخبر الطبيبة فربما هذا يؤثر على الحمل، ولكن بدأت الكارثة حينما زادت أمور السحر والشعوذة وبدأت أجد أمورا لا ترضي الله تعالى وبدأت تدس السموم في الأكل وأصبحت أتحاشى أكلها, وبدأت صحتي تتدهور إلى الأسوأ, وفي يوم أخذتها إلى بيت أبيها لتبقى أسبوعا والذي يبعد عن بيتنا بـ120 كلم اكتشفت بإن هذه العائلة تمارس الشعوذة ويدعون-الوصفان- ولما عدت إلى البيت بدأت أفتش فوجدت قارورات بها ماء نجس تنبعث منه رائحة كريهة ووجدت بعض الحشائش في وسادتي ولم أجد حزام سترة نومي, وبعد أن أحضرتها وفتحت الحقيبة وجدت الحزام معها تنبعث منه رائحة كريهة ووجدت قارورة كبيرة بها ماء نتن فأخبرتني بأنه ماء فيتميني فقلت لها سوف نرى ذلك فلما أخذته إلى المستشفى لإجراء التحاليل اثبتوا لي بأنه مملوء بالميكروبات وإنه قد يكون قاتلا، فلما واجهتها أنكرت كل شيء وقالت إنها لم تأخذ حتى الحزام, فطلبت منها أن تفكر مليا في الأمر وأن تصارحني بكل شيء من أجل الأسرة والجنين وإلا فمصيرنا الطلاق, وأمهلتها فترة 20 يوما(55/432)
بعد أن دعوت أباها الذي أخبرته بما سأفعل إن ابنته أصرت على إخفاء الحقيقة، فأصبحت أكلمها كل يوم قرابة ثلاث ساعات وأدعوها لقول الحقيقة كي
لا نحطم الأسرة, ولكنها تجيبني بنفس الإجابة, لا ادري لم أفعل، وعندما تكلمت مع أحد الأئمة أخبرني بأنها مشركة بالله وأنها تشكل خطرا علي وعلى كل العائلة وقال لي يجب إن تخرجها من بيت العائلة، كلمتها بأنني أنوي تطليقها حتى أحسسها بالأمر ولكنها تلقت الخبر ببرودة كاملة, وعندما أردت أن آخذها إلى بيت أبيها, ونحن أمام بيتنا وإذا بأختي تسقط أرضا وتتخبط منادية أعيدوها, أعيدوها لا تأخذوها، فعرفت بأنه جني يتكلم على لسان أختي من جراء السحر الذي أصابها, فأخذتها إلى بيت أبيها وقررت عدم إعادتها إلى البيت، وبدأنا مع الرقية إلى أن شفانا الله, ولم أجد بعد ذلك أحدا من أهلها أتى وعرض علي إصلاح الأمور, بالعكس عندما ولد ابني لم يتصلوا بي وعرفت ذلك من المستشفى بعد 15 يوما, وأنا لم أره إلى حد اليوم وهو يبلغ 11 شهرا خوفا من الصدمات، فيا شيوخنا الكرام أخبروني بالله عليكم هل بإخراج زوجتي من بيتها وهي حامل قد ارتكبت إثما وهل طلاقي يعتبر خطأ أم ماذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما ذكرت من قيام هذه المرأة بالسحر ودس السم لك ثانياً بإقرارها أو ببينة، وقد قمت بزجرها عن تعاطي ذلك، ولم تكف وأصرت على تلك الممارسات، فإنها تعد ناشزاً، ومن حقك أن تخرجها من بيتك إذا كان مقامها فيه يشكل خطراً عليك، والدليل قوله تعالى في شأن المطلقات: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ {الطلاق:1}، فقد فسرت الفاحشة التي تبيح إخراج المطلقات من بيوتهن بالنشوز، فعن قتادة الفاحشة النشوز أي إذا طلقها لأجل النشوز فلا سكنى، لها كما فسرت أيضاً بالبذاء على الجيران والأحماء أو على الزوج، ولا شك أن ممارسة الأعمال السحرية والإصرار عليها أشد ضرراً من أذية اللسان، لذا فإنا نرى أن إخراج مثل هذه المرأة عند ثبوت ما نسب إليها لا يأثم به زوجها وهو داخل في ارتكاب أخف الضررين، ولكن هذه المرأة تجب نفقتها ما دامت حاملاً بناء على القول بأن النفقة للحمل لا للحامل وهذا هو مذهب المالكية وهو الصحيح عند الحنابلة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
زوجته جمعت بين النشوز والجرأة على الله وتضييع الصلاة
تاريخ الفتوى : ... 10 جمادي الثانية 1425 / 28-07-2004
السؤال
أتشرّف بالكتابة إليكم , سائلاً الله تعالى أن ييسّر لي على أيديكم أسباب الحل والفرج القريب العاجل لما أعانيه من الهموم والغموم.(55/433)
عمري الآن ستون عاماً, وراتبي الشهري ألف دولار أمريكي, رزقني الله بابنة وأربعة ذكور من زواج سابق استمر نحو عشرين عاماً انتهى إلى طلاق, وأولادي هؤلاء مقيمون معي ولكن في مسكن مجاور, ثم تزوجت من امرأة مطلّقة – لا تتجاوز ثقافتها المرحلة الابتدائية - تصغرني بثمانية وعشرين عاماً – وحين تعرّفت عليها بواسطة أخت لي في الله , لم تسمح لي – الزوجة المقترحة - ولا عماتها أن ألتقي بوالدها , قائلين لي أنه أصم وأبكم ويرفض تزويجها بعد معاناتها من الزواج السابق , ولكن بعدما تم عقد القران وافقوا من تلقاء أنفسهم على لقائي به, وكان مسروراً غاية السرور لزواجي من ابنته, لكنه فعلاً أصم وأبكم منذ طفولته, وفاقد الأهلية لقيادة أسرته, ولم يخبرني أحد بأن والدتها قد طلقت من أبيها في الشهر السادس من حمل أمها بها, وقد تزوجت أمها مرتين بعد طلاقها, وأنجبت من الزواج الثاني ولدا وبنتا, ووالدها تزوج أيضاً بعد طلاقه أمها ولها أخت من والدها, وقد علمت بعد زواجي منها بأن عماتها تعاونّ على تربيتها في منزل والدها وجدّها لأبيها, وعندما أصبحت ناضجة صارت هي الآمرة الناهية في بيت أبيها الذي لا يفقه شيئاً ولا يتعدّى دوره دور أي طفل, وكانت تعمل لعدة سنوات قبل وبعد زواجها الأول, وكانت لديها مشكلة صحية من زواجها السابق تمنعها من الحمل, وقد اصطحبتها إلى أهم الأطباء الذين عالجوها حتى حملت, وقد رزقت منها بولد ذكر عمره الآن نحو سنتين، وزوجتي هذه لا يعجبها العجب, علماً أنني أعاملها أفضل معاملة (فلا أتذمّر مطلقاً من عدم صنعها الطعام في كثير من الأحيان, وإهمالها لي في أغلب الأمور الأساسية, والطفل عندها أهم من والده بمئات الأضعاف, وقد صرّحت لي أكثر من مرة أنها تزوجتني فقط لإنجاب الطفل, وتمضي لياليها بمشاهدة الأغاني والأفلام على التلفاز, ولا ترحمني بكثرة طلباتها وعدم إحساسها بمسؤولياتي تجاه جميع أولادي في تحملي نفقات تعليمهم, وتقصيري
الهائل في كسوتهم بسبب عجز راتبي الشهري عن تأمين طلباتها مثل نفقات سفرها لزيارة أهلها وتبذير المال على تبرّجها حين خروجها وفي بلد والديها, وتعاملني بتكبّر وتعجرف وإهمال قاتل , وتنهرني وترفض رأيي في أي موضوع , حتى إنها في إحدى المرات التي كنت في المطبخ أقوم بغسل الصحون وكان الوقت ليلاً أحدثت زلزالاً في صراخها عليَّ وتوجيه السباب والشتائم لي لأن صوت الصحون قد أزعجها في مشاهدة التلفاز وتذيقني من القهر والعذاب ما أصبح يهدد صحتي تهديداً هائلاً, مشتت الفكر, حتى أن أحد أولادي – عارضني في حُسن معاملتي لها وصبري الشديد على أذاها وأنه يكاد يفقد احترامه لي, وأكاد أفقد عملي نتيجة معاناتي التي انعكست تقصيراً كبيراً في قيامي بمهام عملي, وفي حال أقدمت على طلاقها فمن المؤكد أن الطفل سيكون في حضانتها لمدة خمس سنوات تالية من الآن, وأخاف على أخلاق الطفل إذا تركته ينشأ في كنف أمه, لأن طباعها لا تبشّر بخير ولا بعادات سليمة ولا تدخل الاطمئنان إلى القلب, وهذا هو الحال نفسه الآن بل وأن الطفل يقلّد أمّه في النهر والنرفزة وعدم الطاعة والصراخ, وعندما يحتاجني أحد أولادي – وهم شبان في العشرينات من أعمارهم – تقيم الدنيا ولا تقعدها على رأسي لمنعي من تلبيتي لمرافقته أو لنقله في سيارتي, وتمنعني من الالتفات إلى(55/434)
مطالعاتي وقراءاتي الضرورية لعملي, وتصرّ على احتكار وقتي بالمناكفات والمشاكل. وما زلت مثابراً على مبادلتها تصرفاتها بالكلمة الطيّبة والنصيحة الهادئة, وهي لا تثابر على صلواتها.
ومنذ نحو ستة أشهر وبسبب كثرة إهمالها لي– هجرت الفراش الزوجي وصارت تنام على الكنبة في غرفة الضيوف, وتفرش لطفلنا الرضيع على الأرض , بسبب إصرارها على تخصيص غرفة منفردة للطفل, الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بنقل جميع محتويات مكتبي الموجود في هذه الغرفة المجاورة ونقله إلى مسكن أولادي في الطابق العلوي, وهذا لا يناسب طبيعة عملي ويتعارض مع مصلحتي.كما أن ثيابها التي تختارها ليست بالحشمة التي يرضى الله ورسوله صلّى الله عليه وسلَّم عنها, وألفت انتباهها من وقت لآخر بأنني غير راضٍ عن الثياب التي ترتديها, بل وتهددني في بعض الأحيان بأن في نيّتها نزع حجابها, والخروج حيثما أرادت إلى مقاهي الأرصفة حيث حثالة الناس من فاقدي الحياء والدّين, بل إنها ذكرت لي أكثر من مرّة رغبتها في تناول الخمر. وتقول لي في بعض الأحيان بأنها تعلم تمام العلم بأن مصيرها جهنم, ولهذا فهي ترغب في السير في طريق أهل النار إلى آخر مدى!!!
ولا زالت على حالها – نكد دائم , سخط, صراخها لأتفه الأسباب, حتى حين تغضب من ولدها ينطلق لسانها بالسباب, وحين تغفل أو تخطيء في أمر تصب نار غضبها عليَّ, ولا تعترف مطلقاً بخطئها مهما كانت أضراره, وأحياناً تتلفّظ بالكفريات كمسبّة الله تعالى. ثم أنه لا يوجد في عائلتها من يمكنه إقناعها أو التأثير عليها, فليس لها إخوة أشقاء, ولا أعمام وأخوالها بعيدون عنها ولم ألتق ببعضهم سوى نادراً جداً , وعمّاتها لا يمكنهن التأثير عليها, علماً أنهن لا يُصغين إلا لكلامها .
أنا على وشك الإقدام على طلاقها , لكني فضّلت قبل قيامي بطلاقها أن أستشيركم لعلّكم تجدون لي مخرجاً من هذه المأساة التي أتت على أعصابي, وشلّت قواي الفكرية والحياتية, وأستغيث بالله تعالى ليلاً نهاراً.
أولاً :- لقد تزوّجت هذه المرأة في أوائل العام 2000م وفي فترة زمنية قصيرة جداً. أي أنني لم أختبر أخلاقها كفاية قبل الزواج - نعم أعترف بأنني تسرّعت بالإقدام على الزواج منها -, وأنا إنسان متديّن , نشأتُ في أسرة متمسّكة بطاعة الله تعالى, ومنذ ما قبل طلاقي من زوجتي السابقة, وفرت مبلغاً محترماً من المال بنية الاستعداد لنفقات زواج جديد, وأعترف بأنني أخطأت حين رحت أنفق عليها وعلى عائلتها ( المتوسطة الحال) بغير حساب, وعقب زواجنا مباشرة ظهرت شراسة أخلاقها وقسوة معاملتها فراحت تأمر وتنهي في جميع أموري وفي علاقاتي مع أولادي- واجهتها بحزم وعقلانية مع النصح الدائم, فكانت تفتعل المشاكل والصراخ والسباب والشتائم وتحطيم ما تجد أمامها, إضافة إلى إصرارها على ارتداء الملابس التي تظهر تقاسيم جسدها - خاصة البنطلونات الضيّقة- وكنت أظهر لها رفضي وامتعاضي من ارتدائها لهذه الألبسة الغير محتشمة وأحثّها على التقوى- وباختصار كانت تعاملني كأنني- والعياذ بالله - أسير لديها, وقد استغلَّت حاجتي الطبيعية(55/435)
للفراش, والعافية التي أكرمني الله بها, ( رغم أنني لست سجين شهوتي ) وقد اصطحبتها عقب زواجنا مباشرة لأداء العمرة, أذاقتني خلالها ألوان القهر والنكد والاستبداد والعنجهية والإسراف والتبذير الشديد, وعدم تقدير وحفظ نعم الله تعالى.وبعد عودتنا من سفر, راحت تفجّر المشاكل تباعاً ويومياً, وأرسلَت وراء إحدى عمّاتها مصحوبةً بزوج عمّة أخرى, وفرضت الطلاق الذي حصل بعد شهرين من نفس العام.وبعد مرور أربعة أشهر التقَيْتُ مجدّداً بالأخت التي كانت واسطة التعارف بيننا, وعاتبتها بأدب وقلت لها : ماذا فعلت بي ؟ لقد طلبت منك البحث لي عن امرأة صالحة تقيّة, فأوقعتني في جحيم تلك المرأة, فأجابتني بأن مطلّقتي هذه قد ندمت واعترفت لهذه الأخت بأخطائها التي ارتكبتها في حقي, وأضافت -هذه الأخت- أنه من الأفضل أن أتزوّج مجدداً من مطلّقتي هذه,
لأنها أصبحت تعرف طباعي وعازمة على إصلاح ما أفسدته, فسافرت مرَّتَيْن والتقيت بمطلّقتي أذكّرها بأخلاقي ومبادئي وعاداتي, وماذا كان منها وتصرّفاها, فأظهرت الندم الشديد مع البكاء, وعاهدتني على المودة والرحمة وأنها بعد طلاقها مني استفاقت على سلبياتها, وأنها ستكون نعم الزوجة الصالحة, مستفيدة من أخطاء الماضي, فعدت واجتمعت بوالدها وعقدت زواجي عليها مجدّداً, وقد ابتدأت هذه الفترة الجديدة بحسن معاملة مما جعلني أستبشر خيراً بتغييرات طيّبة في سلوكها, وأعطيتها الفرصة مع معاملتي الغاية في المودة والرحمة والصبر والنصيحة الهادفة, وحين استجدَّت عليَّ زيادات كبيرة في نفقات تعليم أولادي مع التحاق ابنتي الوحيدة بالجامعة, عادت نغماتها القديمة إلى الظهور, وراحت تطالبني بأن أنفق عليها بقدر ما أنفق على تعليم أولادي, وطبعاً هذا يفوق ويتجاوز راتبي الشهري, ولأنها كانت تهددني من وقت إلى آخر بعزمها على ترك المنزل وأخذ ولدي إلى ديار أهلها, استحصلت على حكم منع سفر للطفل, وهذا حصل منذ نحو عامين, لكنها وفي زيارة لها لأهلها للمشاركة في فرح إبنة عمّتها في سبتمبر الماضي لحقت بها مع الطفل بعد نحو أربعة أيام من سفرها, وبعد انتهائها من موضوع هذا الفرح- علماً أنني أعطيتها من المال ما يزيد عن حاجتها لشراء ما تريده من ألبسة ترتديها في هذا الفرح, حصلت مشكلة بيني وبينها أمام أفراد عائلتها حين أصرَّت على قضاء سهرة طويلة لدى أقاربها رافضةً اصطحاب طفلها معها الذي يبكي ليلا ونهاراً يريد أمّه, فغضبتُ ونهضتُ لمغادرة منزل أهلها, فهدّدتني قائلةً : إيّاك أن تظن أن بامكانك أخذ الطفل معك, فما كان مني إلاّ أن حملت الطفل وخرجت به مسرعاً وعدت إلى لبنان, وقبل مضي أربع وعشرين ساعة عدت بصحبة أحد أولادي الشباب إليها حيث كنت مضطراً إلى ذلك لأنني كنت قد تركت فيها بعض أولادي دون مال, تاركاً الطفل مع بقية إخوته, وحين التقيتها راحت تكيل لي
أصناف الشتائم والسباب, ورغم هذا بقيت صابراً على أذاها محتسباً أمري لله الواحد القهّار- رأفة بطفلنا الذي لم يتجاوز عمره - في ذلك الوقت - أربعة عشر شهرا - ودائماً دائماً تردد بأن حياتها في هذه الدار جحيم لا يطاق, فهي تتذمَّر دائما من أولادي لتناولهم الطعام ولكثرة ثيابهم التي نغسلها لهم لأن ماكينة الغسيل موجودة عندنا, لأنها لا صديقات أو أقارب لها في لبنان يمكنها قضاء أوقاتها معهن-(55/436)
في حين رفضت صداقة شقيقتايَ وبناتهما - كما رفضت عروضي الدائمة لها بأن تلتحق بأحد المراكز الإسلامية كي تتلقى مباديء وقيم وأخلاق ديننا الإسلامي الحنيف, والتي يمكنها من خلال هذا النشاط (لو وافقت) تكوين صداقات مع زميلات تختارهن من بين الدارسات في هذا المركز. وبقيت تمضي ليلها ونهارها أمام التلفاز, وهجرت غرفة نومنا, ثم اقترحت عليها أن أصطحبها للسفر معي لأداء العمرة فكانت مترددة وحين بدأتُ بإعداد أسباب السفر قالت لي: أنت تريد اصطحابي معك للسفر لأنك خائف إن تركتني هنا أن آخذ الطفل وأذهب به إلى ديار أهلي, فوقع كلامها هذا عليَّ وقع الصاعقة, وكظمت غيظي وقمت باصطحابها في زيارة لمكان بعيد مع الطفل, وغافلتها هناك وعدت مسرعاً إلى لبنان وسافرت بالطفل وأحد إخوته إلى الخارج, فجنَّ جنونها, وكنت قد أعددتُ مع أحد المحامين دعوى إسقاط حضانتها للطفل, لأنها بالفعل تركت الطفل عندي وعمره سبعة شهور وذهبت إلى بلدها, فأبلغت - حينها - المراجع المختصّة بفعلتها - ثم كرَّرت فعلتها هذه مرة أخرى, وقمت بالإبلاغ عن غيابها وتركها للمنزل وللطفل دون علمي- وأثناء غيابي مع ولدايَ خارج لبنان لنحو شهرين أقامت مع أولادي, لأنني كنت قد أبدلت أقفال منزلنا قبل سفري, فلم يعد باستطاعتها دخول المنزل, وبعد هدوء العاصفة ومن خلال اتصالاتي الهاتفية بها, أخبرتها بأن الغاية مما قمت به أن أعلّمها بأن انصرافها الكامل للاهتمام بولدها وهجرها لي واحتقارها
وأطماعها وسوء معاملتها وسخطها الدائم وصراخها وتسلّطها على غير هُدى ولا تقوى من الله جعلتني أقدم على هذا الأمر لعلّها تصحو على واجباتها - علماً أنني كنت ثابتاً في حسن معاملتي لها وكنت ولا زلت أبادل سوء أخلاقها بحسن المعاملة والكلمة الطيبة دون جدوى ؛ ثم ومع بداية هذا العام - وبناءً لإلحاحها الشديد استقدمت خادمة مقيمة معنا في المنزل كي تحمل عنها كل أعباء خدمة المنزل والأولاد, ومنذ فترة قريبة سمحت لها بالسفر مع الطفل إلى أهلها وأنفقت عليها حوالى الألف دولار, حارماً نفسي وأولادي والمنزل من ضرورات هامّة في سبيل إسعادها, ولكنها بعد عودتها عادت سيرتها الأولى- من غير كلمة شكر أو منع أذاها عني -
نعم - الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه هو فارق السن بيننا إضافة إلى فوارق التربية والنشأة, فهي تحب كثرة الخروج إلى الأماكن العامة , كما أنها أخبرتني أكثر من مرّة أنها بزواجها مني قد حرمت من ارتداء ملابس السهرة العارية التي لديها - والتي تعوّدت ارتداءها في حفلات نسائية مغلقة بعيدا عن عيون الرجال في دارات قريباتها - علماً أنها لا زالت تهددني بنزع حجابها ومنقطعة انقطاع شبه تام عن صلواتها المفروضة, ولا زالت تفتعل المشاكل لفرض نفوذها عليَّ ويعلو صراخها عليَّ وأوَّل ألفاظها مسبّة الله تعالى ( والعياذ بالله ) .
كما لا يفوتني أن أذكر لكم أنني أتحدّث معها دائماً بلغة المودّة والحب , وهي تعترف لي بحبي لها وبتضحياتي المادية والمعنوية الهائلة التي أبذلها في سبيل الحفاظ على زواجنا ومنع انهياره , وحين أخاطبها : لماذا لا تبادليني حسن معاملتي بالمثل؟, لماذا لا تبادليني حبي لك بمثيله من جانبك ؟ فتجيبني بأنها لا تكرهني ,(55/437)
لكن ليس في قلبها حب لي , وتستطرد : أنه يوجد حالات كثيرة تستمر الأسرة بدون حب .... كما أنها في أكثر الأوقات تطالبني بطلاقها , لتأخذ طفلنا لحضانتها ...
أتمنى على جنابكم التكرّم عليَّ بالإجابة السريعة على خطابي هذا وتقديم النصيحة لي والمساعدة على إيجاد الحل لمشكلتي .
الداعي لكم بكل خير
أخوكم في الله
عبد المنعم الفلاح
العنبرية - لبنان
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تطلق هذه المرأة وأن تأخذ الطفل عندك، وهي لا تستحق حضانة الولد لفسقها وكفرها إن ثبت سبها لله تعالى، ونرى أنك مفرط في التهاون أمام هذه المرأة تارك لما أوجب الله عليك من رعاية المنزل حيث مكنتها من مقاليد البيت وجعلت لها الأمر والنهي وإلا فكيف تجرؤ امرأة أن تنهر زوجها وتسبه وتشتمه وتهينه وهو القائم عليها، والمؤدب لها، وقد أعطاك الله الحق في تأديبها بالنصيحة والموعظة، فإن لم يجد فالهجر في الفراش، فإن لم ينفع ذلك فالضرب ضربا غير مبرح لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، وعموما فقد جمعت هذه المرأة الشر من أطرافه من جرأة على الله وتعد لحدوده وتفريط في الصلاة وواجبات الدين وعلاجها الطلاق إلا أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويحسن حالها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
زوجها لا يصلي ولا يؤمن على أولاده ويميل إلى النصرانية
تاريخ الفتوى : ... 23 صفر 1425 / 14-04-2004
السؤال
أنا فتاه أبلغ من العمر 27 عاما تزوجت منذ حوالي 6 سنوات ترددت كثيرا لكتابه هذه الرسالة ولكني لم أجد بدا من مراسلتكم لأني خجلت مرارا أاقص قصتي على أي شخص يعرفني أو حتى لا يعرفني وفى الأخير استقر بي الحال لمراسلتك فقد بدأت حياتي مع زوجي ذي المكانة المرموقة في المجتمع وتم الزفاف بعد حوالي شهر واحد فقط من الخطبة حتى في ذلك الشهر لم أتعامل معه إلا قليلا و قد تم الاختيار على أساس الشخص الذي اختارة لي والدي ووافقت عليه لمجرد بعض الأشياء التي لا تمت للدين بصلة حيث إني لم أكن أفكر في الدين مثل الآن وبعد الدخول اكتشفت أني أتعامل مع شخص غريب جدا لا يوجد بيني و بينه أي نوع من أنواع التفاهم لم أحس معه بالأمان للحظة واحدة فكنت دائما خائفة منه وبدأت المشاكل لا أكون مبالغة في القول من أول اليوم العاشر في زواجي وكانت مشاكل كبيرة وهو يتعامل معي بوحشية وتعبت نفسيا جدا في هذه المرحلة حتى أني تعبت في أول حمل لي ونزل الطفل قبل موعده المعتاد ومات ثم نصحني الطبيب بعدم(55/438)
الإنجاب الآن حتى تتحسن حالتي الصحية ولكنه لمعرفته في أني لا أود العيش معه قرر الحمل وحسب لي ما هي الفترة المناسبة لحملي و قد فعل ونجح في ذلك وجعلني أحمل وأنجبت أول طفلة لي والحمد لله ثم نصحني الطبيب مرة أخرى بعدم الحمل ولكنه ضرب بذلك عرض الحائط حسب أيضاً الوقت المناسب لحصول الحمل وحصل الحمل للمرة الثانية وكل هذا وحياتنا مع بعض جحيما في جحيم فقد طردني مرارا بعد منتصف الليل مع العلم بأني إنسانة يشهد لي الناس بالطيبة وعدم العنف والرضا بما قسمه الله لي ولكني قد فاض بي ولا أجد حلا وعندي الآن بنت في عمر الثالثة و ابن عنده عام ونصف ومما زاد غضبي منه أني وجدته يفعل أشياء تجعلني أشك بأنه يقوم ببعض الأشياء الشاذة مع بنته والعياذ بالله حتى أني لم آمن بعدها في أن أتركها معه لوحدها وهو لا يغار على أحد من أهله ولم أره مرة واحدة يصلي فلو وجد أمه
يفعل معها الفاحشة فلا يهتز له ساكن فهو إنسان لا يصلح لأن يكون زوجا أحتمي به وأستند إليه في ضعفي ولي الآن حوالي 6 سنين في هذه المشكلة فجميع من حولي لا يفضلون قرار الانفصال مع العلم بأننا شبه منفصلين تماما من فترة فأنا الآن أعيش في بيت أهلي وعلمت أنه تعرف على سكرتيرته في العمل النصرانية ووطد علاقته بها وأصبحت تكلمه عن دينها وهو يتجاوب و يتكلم عن النصرانيه بشكل غريب قد حاولت نصحه مرارا و تكرارا بفمي وبالكتب وبالأشرطة لكن دون جدوى فقد فشلت كل المحاولات للتفاهم منذ أكثر من 3 سنوات و لا آمن عليه ولا أنا و لا آمن عليه أولادي للعيش معه وفي المرة الأخيرة خيرني إما أن نستمر متزوجين هكذا لكن دون أي ارتباط يعني اسما فقط أو أن أنفصل عنه وآخد الأولاد معي مع شرط أني لو تزوجت سيأخذ مني أولادي وهذا ما أبكي دما عليه فأنا لا أعلم ما يخبيء لي القدر ولا أستطيع البعد عن أولادي ولا آمن عليهم معه مع العلم أنه قد صورني صورا في أوضاع زوجية وكنت بجهلي أظن أن هذا من باب إرضائه ووافقت على هذا في أول زواجنا لأنه كان طلبه ولا أدري حتى الآن كيف وافقت على هذا و قد هددني فى المرة الأخيرة عندما خيرني الاختيارات كلها وقال لي أني لو فعلت أي شيء يضايقه بعد انفصالنا سيقوم بفضحي و نشر هذه الصور و طبعا لا أحد يعلم شيئا عن هذا الموضوع ولا يعلمون أيضا موضوع ابنته ولا يعلمون أيضا موضوع انه جائز أن يكون تنصر لأنه لا يستطيع أن يعلن ذلك في بلدنا حتى لا يصيبه ضرر وأنا تائهة فقد رفض مرارا أني أتحجب ومع ذلك تحجبت ولله الحمد وأنا الآن في طريقي في الالتزام و هذا لا يعجبه طبعا فهو لا يعلم أي شيء عن ذلك مع العلم أني طرقت معه كل السبل الممكنة وغير الممكنة التي لا يتحملها أحد فهو إنسان لا يعاشر ولا أستطيع أن آمن معه ولا أن آمنه على أولادي
أرجوكم أن تنصحوني نصيحه أب لابنته فأنا تائهة فعلا وأحس بمرارة وألم شديد وأتجرع كأس الموت في اليوم مرات و مرات أريد أحدا يحس و يقر ما أنا فيه من العناء فما كتبته هذا و الله و الله يسير من عظيم لا أستطيع أن أكتبه من خجلي فأنا أرفع سماعة الهاتف في اليوم مرارا لأتصل بأحد مشايخ بلادنا و لكني لا أقدر
أرجوكم انصحوني أنقذوني من هذا العذاب(55/439)
و جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
وإذا كان الأمر كما ذكرت من أن هذا الشخص لا يصلي ولا تأمنينه على أولادك، وعنده ميول إلى النصرانية، وليس عنده غيرة... إلخ ما ذكرت، فإننا ننصحك بمفارقته بأي وسيلة، وسيخلف الله عليك من هو خير منه، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله من هو خيراً منه.
أما عن الأولاد فأنت أحق بحضانتهم ما لم تتزوجي، فإذا تزوجت فإن الحضانة تنتقل إلى أمكِ لا إلى هذا الشخص، فإذا بلغوا سن التمييز فإن الأولاد يخيرون بين أبيهم وأمهم إلا إذا كان هناك مانع من التخيير ككون الأب فاسقاً لا أمان عنده على الأولاد كما هو الحال في مسالتنا بحسب ما ذكرت.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كيفية الانفصال عن الزوج الذي أجبرت البكر على الزواج منه
تاريخ الفتوى : ... 21 صفر 1425 / 12-04-2004
السؤال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز للأب أو غيره من الأولياء إجبار البكر العاقلة البالغة على النكاح ممن تكره على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن وإذنها صماتها. رواه مسلم. ولما روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. قال صاحب سبل السلام في شرحه لهذا الحديث: وقد تقدم حديث أبي هريرة المتفق عليه وفيه
: ولا تنكح البكر حتى تستأذن. وهذا الحديث أفاد ما أفاده، فدل على تحريم إجبار الأب لابنته البكر على النكاح وغيره من الأولياء بالأولي. انتهى. وعليه، فإنه لا يحق لأحد أيا كان جبر تلك الفتاة على الزواج من رجل غير راغبة فيه، لكن لا مانع من أن يقوم وليها بنصحها وتبصيرها بأن الشرع حث على اختيار الزوج الصالح المعروف بالأخلاق والدين، لأنه في الحقيقة هو الذي سيسعدها في حياتها الزوجية، ويعينها على الالتزام بدينها. والله أعلم.
جزاكم الله على رأيكم السديد وعذرا على الإطالة ولك يا شيخي الفاضل والد البنت مصر شديد الإصرار على الرفض التام فهل يحق لها الذهاب أو التكلم مع القاضي وما الذي يلزمها حتى تفصل عما جبرت عليه أرجو التوضيح في كيفية الطلاق والطريقة الصحيحة وهل هناك قاضي يستطيع أن يساعدها وهل وجود والدها عند الطلاق ضروري وشكرا والعفو منكم على جهلي في هذا الموضوع(55/440)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم إجبار الأب ابنته البكر على الزواج ممن لا تريده:
فإن الذي عليه مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة هو أن له إجبارها على ذلك، لأنه أدرى بمصلحتها من نفسها.
وذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز له إجبارها وهذا هو المفتى به في الشبكة الإسلامية، كما تقدم في الفتوى رقم: 31583.
وعلى هذا القول، فالذي يطلقها من زوجها هو القاضي، فإذا أرادت أن تنفصل عن من زوجها منه أبوها فلتذهب إلى القاضي ليفسخ هذا النكاح، وأما عن وجود هذا القاضي في بلد هذه الفتاة، فإنه لا علم لنا بذلك، ويمكنها سؤال أهل العلم والاختصاص في بلدها عن ذلك، ونحن لا ننصحها بالفسخ، ونوصيها بالصبر، والله يقول: [فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً] (النساء: 19).
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل للناشز نفقة
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1425 / 06-04-2004
السؤال
أنا على خلاف مع زوجتي كحال أي متزوج، ولكن إحدى أخوات زوجتي قامت بتحريضها على الطلاق، والخروج من البيت دون إذني هي وأولادي، فتم لها ذلك رغم أنني حاولت ثنيها عن ذلك إلا أني فشلت، كون القوانين الوضعية التي لدينا تعطي حقوقاً للمرأة منافية للشريعة الإسلامية الغراء، فقامت بالخروج من البيت واستئجار منزل آخر، وذلك بمساعدة كبيرة من إخوانها حيث ساهمت كل واحدة منهن بشيء معين من الأثاث، وفي النهاية تم لها الأمر بخروجها من البيت، وقد قلت لهم، إنكم بهذا التصرف تكن مخببات لزوجتي، ولكن لا فائدة، والسؤال هو: هل يعتبر هؤلاء الأخوات مخببات أو آثمات لفعلهن هذا، والسؤال الآخر: حكم القاضي لزوجتي بالنفقة رغم كونها ناشزاً وخارج بيت الزوجية، فهل هذه النفقة حلال أم حرام، أفيدونا مأجورين؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على زوجتك أن تتقي الله تعالى وتعود إلى بيتها فوراً، ولا تخرج منه إلا بإذنك فإن أبت العودة فهي عاصية وناشز لا تجب لها نفقة ولا كسوة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 11797، والفتوى رقم: 26777.
أما ما يقوم به أخوات هذه المرأة من التحريض على عصيانها لك فهو تخبيب، وانظر الفتوى رقم: 38651.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(55/441)
ـــــــــــــــــــ
المطلقة الناشز لا نفقة لها
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو الحجة 1424 / 25-01-2004
السؤال
إذا كانت الزوجة غير أمينة على بيتها تسرق من بيت زوجها ومن عند الجيران، وتكذب على زوجها كثيرا جدا جدا ليس عندها اهتمام بنفسها ولا لزوجها كثيرا ما نصحها زوجها بأن تكف عن هذه الأشياء ولم تفعل فطلقها زوجها والسؤال هو هل لها النفقة كا ملة شرعا؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الخصال التي ذكرها السائل في هذه المرأة صفات ذميمة، وممنوعة شرعاً، ويجب عليها أن تتوب منها، ومن شروط التوبة رد الحقوق، وأما عن النفقة على هذه المرأة، فإذا كان المقصود نفقتها بعد الطلاق فلا نفقة لها ولا سكنى إذا كان الطلاق بائناً، وراجع الفتوى رقم: 8845، والفتوى رقم: 20270.
وأما إذا كان المقصود نفقتها قبل الطلاق، فإن كذب المرأة وسرقتها وعدم اهتمامها بنفسها لا تمنع من وجوب النفقة عليها، إلا إذا كانت ناشزاً، وقد تقدم بيان معنى النشوز ونفقة الناشز في الفتوى رقم: 1103، والفتوى رقم: 11797.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حقوق الناشز
تاريخ الفتوى : ... 22 شعبان 1424 / 19-10-2003
السؤال
سبق لي الزواج قبل سنتين ولم أوفق حيث ذهبت إلى بيت أهلها بدون سبب مدعية بأنها لا تجد الراحة عندي علما بأني لم أقصر معها بشيء حيث رزقت منها بولد ولم أطلقها حتى الآن وقد تزوجت ثانية والحمد لله الأمور على ما يرام، ولكن أن طلبت الطلاق من المحكمة ما الذي يترتب علي علما بأنها ناشز لخروجها من بيتي وهي كاذبة علي؟ والله يجزيكم خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقبل الإجابة على سؤالك ننصحك بعدم التعجل بالطلاق، وكذا ننصح زوجتك بعدم التعجل في طلب الطلاق خصوصاً أن لكما ولداً، ولتحاولا أن تصلحا الوضع، وكما قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ لكن إذا وصل الأمر إلى طريق مسدود وأردتما الفراق فقد قال الله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130]. وقد تقدم الكلام عن حقوق المطلقة في الفتوى رقم: 9746، والفتوى رقم: 12274. وإذا كانت ناشزاً(55/442)
فلا نفقة لها ولا سكنى مدة نشوزها، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 17669. وينبغي الرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
حكم طلب المرأة الطلاق للضرر
تاريخ الفتوى : ... 10 ذو القعدة 1423 / 13-01-2003
السؤال
لم أعد أحتمل أن يلمسني زوجي، قلت له ذلك وطلبت الطلاق ورفض، هل في ذلك ذنب علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طلب الطلاق من غير ضرر يلحق بالمرأة كبيرة من كبائر الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
فننصح الأخت السائلة بتقوى الله ومراقبته، فعسى أن تكره البقاء مع زوجها، ويجعل الله في ذلك خيراً كثيراً، ولتبحث عن سبب نفرتها من زوجها.. هل هو منها أو منه أو من غيرهم؟ ولتلتمس له علاجاً ولتتعاون مع زوجها في علاج ذلك.
أما إن استمر بك الحال ولم تطيقي العيش معه وقربه منك بعد بذل كل الوسائل لعلاج ما بينكما، فلك أن تطلبي منه الفراق، فإن أبى فلك أن تختلعي منه مقابل ما تتفقان عليه مثل: رد كامل الصداق إليه.
كما فعلت امرأة ثابت بن قيس إذ قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ للبخاري: ولكني لا أطيقه. وفي لفظ مسلم: وكان رجلاً دميماً، فقالت: يا رسول الله، لولا مخافة الله إذا دخل عليّ لبصقت في وجهه.
نسأل الله تعالى أن يصلح بينكما، وأن يجمع بينكما على خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... يحق مطالبة الزوجة بالطلاق إذا لم يقم الزوج بحقوق زوجته
تاريخ الفتوى : ... 26 رمضان 1423 / 01-12-2002
السؤال
ما هو حكم الزوج الذي هجر زوجته لمدة عامين كاملين هي وطفلتها الرضيعة ولا ينفق عليها طوال تلك الفترة ويشهر بها ولا ينوي تطليقها ولا الرجوع إليها مع العلم بأنها لم تقترف أي خطأ في حقه ولكن تم الزواج من جهته فقط للمصلحة الشخصية وعاد الآن كما كان لنزواته واقتراف كل ما هو محرم والسؤال هو ما حكم الدين(55/443)
على هذا الزوج الذي يستخدم سلطته في تعذيب نفس بشرية أخرى (الزوجة تبلغ من العمر 26 عاما فقط والزوج 36 عاما). ولكم جزيل الشكر من الزوجة الثائرة النفس
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن يقوم بحقوق زوجته كاملة، لقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) وقال تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) فإن أبى الزوج أن ينفق على زوجته وأن يضاجعها، فإنه يحق للزوجة أن تطلب منه طلاقها، فإن أبى فلها أن تدفعه إلى القضاء ليلزمه إما بالنفقة والمعاشرة بالمعروف، وإما بالطلاق.
وهو ملزم بالنفقة على زوجته وبنته الرضيعة طوال تلك الفترة التي هجرها فيها، وتراجع الفتوى رقم 12454
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الفتوى : ... المرأة الكارهة لزوجها... بقاء أم خلع
تاريخ الفتوى : ... 03 ذو القعدة 1422 / 17-01-2002
السؤال
1-بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أما بعد فما هو الأولى للمرأة التي تبغض زوجها و تقصر في حقوقه هل تبقى معه من أجل الأولاد رغم عدم اهتمامه بهم و عدم القيام بتربيتهم علىالإسلام مع عيشهم في بلاد الغرب أم تختلع منه نجاة بنفسها من غضب الله بسبب التقصير في حقوقه و تهاجر إلى بلد مسلم لتربية أولادها بنفسها
أرجو إفادتي في هذا الأمر فإنني في حيرة ولا أدري ما أختار خوفا من النتيجة وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه أولى للمرأة البقاء مع زوجها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، أما كراهيتها له فإن كانت ناتجة عن عدم مبالاته بشرع الله وأوامره فهذا حسن، ولكن عليها أن توجهه وتدعوه بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)[النحل:125] وتتعاون معه في هذا الصدد على استمرار الزوجية، وتربية الأبناء، لأن هذا من التعاون على البر، والله يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2] أما إن كان بغضها له ناتجاً عن الكراهية العاطفية، وعدم ميل النفس إليه، وانصرافها عنه فقط، فعليها أن تتقي الله، وتصبر، ما دامت رضيت بهذا الزوج مبدئياً وتقلدت بحقوقه، وعسى أن يجعل الله لها في ذلك خيرا،ً كما قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبو شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)[البقرة: 216] فإن انسدت(55/444)
طرق الإصلاح كلها ولم يكن هناك بد من انفصام العلاقة الزوجية بسبب عدم القدرة على القيام بحدود الله تعالى سواء تعلق ذلك بحقوق الزوج أو تربية الأبناء ونحو ذلك، فلا جناح عليها في الافتداء منه بالخلع، كما قال تعالى: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها)[البقرة: 229]
فالحاصل أن على الأخت السائلة أن تتقي الله في نفسها وزوجها، وتصبر على زوجها إن كان ذلك في استطاعتها، فإن عجزت عن القيام بحدود الله مع هذا الزوج، جاز لها أن تختلع منه وهو آخر حل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
حكم خروج المرأة من بيت الزوجية بسبب الإهانة
تاريخ الفتوى : ... 01 ذو القعدة 1422 / 15-01-2002
السؤال
ماذا تفعل المرأة إذا أوذيت من زوجها أذى شديداً كالإهانة لفظا أو ضربا مبرحا هل لها أن تغادر منزل الزوجية ولها أن تعود دون شرط ملزم بمجرد الاعتذار؟ وهل يعد خروجها نشوزا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الزوج كف الأذى عن زوجته ومعاملتها بالتي هي أحسن، لقول الله جل وعلا: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً" متفق عليه.
فإن كان الزوج يخاف نشاز زوجته، فعليه أن يعاملها برفق، وعلى الخطوات التي بينها القرآن، وهي الوعظ أولاً، ثم الهجر في المضجع، ثم الضرب غير المبرح، وحسب العرف بشرط ظن الإفادة، وإن كانت مطيعة في المعروف وملتزمة بأوامر الله، فليس له أن يفعل بها شيئاً من ذلك.
قال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34].
وإذا صدر من الزوج لزوجته بعض الأذى بسبب غضب ونحوه، ثم رجع عن ذلك، واعتذر وحصل التوثق بذلك، وأنه لن يصدر منه ضرر في المستقبل، فعلى الزوجة أن تقبل عذره، وتعفو عما بدر منه سابقاً، فالحياة الزوجية في الغالب لا تسلم من بعض الخلافات، ولكن يتم التغلب عليها بالحكمة والتغاضي عن بعض الهنات والزلات.
وأما خروجها من منزلها، فلها أن تفعله إذا كان الفعل الذي قام به نحوها يخل بكرامتها ومروءتها، ولا يفعل بمثيلاتها حسب عرف بلدها، فلها ذلك، لأن هذا ضرر، والضرر يزال، وإن لم يكن كذلك فلا يحق لها الخروج، وخروجها في حال الإضرار بها لا يعد نشوزاً.(55/445)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1422 / 06-01-2002
السؤال
السلام عليكم
أرجو ايضاحي أنا على انفصال مع زوجي منذ أربع سنوات بهجر الفراش ماهو حكم الدين في ذلك؟ هل أيضا يحق لي الطلاق؟ مع العلم نحن في بيت واحد.
وشكراً لكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزوج إذا كان يهجر زوجته في الفراش، ولا يقوم بالحقوق الزوجية تجاهها، فلها أن تطالبه بالقيام بما عليه من الحقوق، فإن امتنع واستمر على ذلك، فلها أن تطلب منه الطلاق، ولو عند المحاكم الشرعية.
ولا يلزمها الشرع بالإقامة معه على تلك الحال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر، ولا ضرار" رواه مالك في الموطأ، والنسائي في السنن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
بقاء الزوجة في عصمة زوجها لقاء تربية الأبناء والإنفاق عليها جائز
تاريخ الفتوى : ... 28 رجب 1422 / 16-10-2001
السؤال
أرجوا أن أعرف حكم الشرع في المرأة إذا طلبت من زوجها الذي تزوج من أخرى عليها أن لايقربها ( الزوجة الأولى )، ولا يأتي إليها ولن تكشف عليه بعد زواجه من الثانية ، لأنها لم تعد ترغب في الحياة معه ، ولن تجلس إلا بسبب أن ترعى أبناءها فقط وتكون بجانبهم شرط أن يصرف عليها وعليهم . هل تدخل تحت من تلعنهم الملائكة ؟ وهل يكون ذلك في حالة رضى الزوج بذلك ؟ وجزاكم الله خيرا.ً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بامتناع المرأة من تمكين زوجها من نفسها بسبب زواجه بامرأة أخرى قد تقدم في الفتوى رقم:
10382
وفي حالة نشوز الزوجة على زوجها لا نفقة لها عليه ، قال ابن المنذر: "اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعاً بالغين ، إلا الناشز منهن الممتنعة".(55/446)
وإذا وقع بين الزوج وزوجته خلاف ، ونزاع ، فتم بينهما صلح على أن تبقى في عصمته ، وتربي له أولاده ، وينفق عليها ، فلا حرج ، لقول الله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128]
فبقاؤها خير من طلاقها ، وفي هذه الحالة لا تلحق الزوجة لعنة الملائكة ، لأن لعنة الملائكة مرتبطة بغضب الزوج وسخطه ، كما في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت ، فبات ساخطاً عليها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح".
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
يحق للزوجة طلب الطلاق للضرر
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1422 / 12-08-2001
السؤال
أنا متزوجة منذ6 سنوات ولدي طفلة عمرها سنة وأشهرطلبت الطلاق من زوجي لأنني اقتنعت باستحالة العيش معه فهو لا يعتبرني من أولوياته ولا يحس بمشاعري و يهمل المنزل واحتياجاته ويهمل طفلته وملاعبتها وكذلك يهمل في العلاقة الجنسية معي حيث إنه مثلا لم يقربني منذ شهرين كما أن من طباعه التأجيل والكسل والمماطلة في كل شيء في والتأخرعلى المنزل لساعات متأخرة وعلى مواعيد عمله وبشكل متكررعلما بأنني طلبت منه التغيير كثيرا وحذرته مرة من المرات وتغير لمدة سنة ثم عاد إلى طبعه وأنا أحس باستحالة العيش معه وعندما طلبت منه الطلاق أصيب بصدمة كبيرة وطلب فرصة للتغيير والمحاولة من جديد وأنا متأكدة بأنه إذا تغير فسيكون مؤقتا ما رأي الشرع في طلبي وهل يجوز طلب الخلع لعدم قيامه بواجبه الزوجي تجاهي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالذي ننصحك به أن تعطي زوجك فرصة ثانية لعله يوفي لك بما وعد، ولعله يعرف خطأه ، وأن لأهله حقا عليه ، وما يقوم به ليس من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها في كتابه، وأن واجب الرعاية عليه لزوجته أن يكون معها بالقدر الذي يحقق لها الأنس به، والسكن إليه .
فإن استمر بعد ذلك على حاله الأول، ولم يعد في وسعك الصبر أكثر مما مضى، فلك أن تطلبي منه الطلاق للضرر الواقع عليك، وفي حال موافقته على طلاقك فلك كل الحقوق المترتبة عليه: من نفقة، ومؤخر ونحو ذلك.
وإن امتنع عن طلاقك ، وتضررت بالمقام معه فيجوز لك أن تختلعي منه على ما تتراضيان عليه من مال، كأن تدفعي له مقدم الصداق وتتنازلي عن مؤخره، وإن رفعت الأمر للمحاكم الشرعية كان ذلك خيرا أيضا .
والله أعلم.(55/447)
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
هل سوء معاملة الزوجة لزوجها يبرر عدم الإنجاب منها؟
تاريخ الفتوى : ... 18 ذو القعدة 1421 / 12-02-2001
السؤال
إذا وجدت مشاكل زوجية كبيرة بين الزوج وزوجته تصل إلى حد السباب والخناق الدائم على أتفه الأسباب ومشاكل دائمة مع والدي الرجل وهذا الرجل لديه طفلان يسمعان هذا الخناق بصورة مستمرة مع عدم احترام الزوج أمام الأطفال فهل هذا سبب كاف لعدم الإنجاب من هذه المرأة مرة أخرى وللعلم فهي تصلي وتصوم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى شرع من حقوق الزوجية ما يتم به بناء الأسرة بناءاً تاماً بحيث تقوم على أساس متين، وركن ثابت مستقيم، وقد تضافرت دلائل الشرع المطهر، واستفاضت نصوصه في تقرير هذا الأمر وبيانه، حتى غدا من المعلوم بالضرورة من دين المسلمين.
ولقد بين الله أن لكل من الزوجين حقاً على الآخر، وأوجب على كل طرف الوفاء بهذا الحق حتى في حالة الفراق، وعدم الوفاق قال تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) [البقرة: 229].
وقال: (ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير) [البقرة: 237].
ولا شك أن قيام كل واحد من الزوجين بواجب صاحبه عليه هو السبب الوحيد في بناء الحياة الزوجية على المودة والرحمة واستمرارها وسعادتها. فضلا عن كونه عبادة أمر الله عز وجل بها.
فالحياة الزوجية لا تقوم على الوجه الأكمل إلا على السكن والمودة والرحمة وحسن المعاشرة، وأداء كل من الزوجين ما عليه من حقوق، ثم إن الزوجين ـ كغيرهما ممن تجمعهم علاقة على أي مستوى كانت ـ قد تحدث بينهما مشاجرات ومشادات بحكم ضعف الإنسان البشري، وسيطرة عواطفه عليه، فالإسلام في هذه الحالة يوصي بالصبر والاحتمال، وينصح بعلاج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية، قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) [النساء: 19].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر" رواه مسلم.
لذا فإننا ننصح السائل الكريم بوعظ هذه المرأة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وبالصبر عليها، وتحمل ما يصدر إليه منها من أذى، ومعالجته بالحكمة، خصوصاً أنها امرأة ذات دين - كما ذكر. وله منها أولاد قد لا يتمكن من تربيتهم تربية صالحة، والقيام بحقوقهم إذا طلقها.
كما ننصحه هو بمراجعة نفسه فقد يكون عدم قيامه بواجبه تجاهها سبباً في ما يحدث بينهما من مشاكل، وإذا اجتنب الأسباب المهيجة للسباب والمشاكل من طرفه، فلن(55/448)
يضره صدور شيء منها، ولن يتأثر الأولاد بذلك، بل سيكبرون فيه صبره على أمهم وحسن خلقه. وأيا كان مصدر هذه المشاكل فإننا لا نرى أنها سبب كاف في الكف عن الإنجاب، إلا إذا كانت وسيلة الكف هي العزل، وكان ذلك برضى الزوجة . والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
كيف تتعامل مع زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها
سؤال:
السؤال :
المشكلة أن زوجي يحتقرني منذ سنوات ولا يعطيني حقي الجسدي ولا حتى القبلة ويشاهد أفلاماً جنسية وعندي أبناء وأعتقد أن الطلاق ليس حلاً (بسبب الأولاد) فما الحل ؟ وأنا أشعر بالحرج أن أتكلم معه في هذه الأمور .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا تحرجي - أيتها الأخت المسلمة - من التحدث مع زوجك ومناصحته في هذه الأمور ؛ فإن الحديث معه أنفع وأجدى وأجدر للحل ، عظيه وقولي له في نفسه قولا بليغا ، ذكّريه بعذاب الله وسخطه وعقابه ، خوّفيه من عذاب جهنم ، ذكّريه بالأمانة والمسئولية تجاه الأهل والأولاد : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته " .
ومن حقه عليك أن تخبريه أن ما يصنعه معك إثم ومعصية ، وأن النظر إلى هذه الأفلام الخبيثة يبعده عن الله وعن ذكره ، لعلّه أن يلين أو أن يتعظ ، وكرري ذلك معه بالحكمة وتقدير المصلحة ، فإن لم يجبكِ إلى ذلك فاستعيني بمن تظنين أن حديثه إليه ينفع ويجدي كأهل العلم والدين والصلاح أو أقاربه وأصدقائه ممن لهم سلطة عليه .
ثانياً :
حاولي إسماعه بعض الأشرطة المؤثرة من الخطب والمواعظ ودروس العلم بطريق مباشر أو غير مباشر ، وقدّمي له بعض الكتيبات الإسلامية ، لعل قلبه أن يلين إلى الحق .
ثالثاً :
فإن لم ينفعه هذا كله : فاجعلي بينك وبينه حَكَماً مِن أهله وحكماً مِن أهلك ممن تظنين أن تدخلَّهم يحسِّن العلاقة ويبعده عما هو فيه من الشر والإثم والضياع وممن يكونون من أهل الصلاح ، عملا بقوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً حكيماً ) ( النساء / 35 ) .
فإن أراد هذان الحكمان الإصلاح فنسأل الله تعالى أن يوفق بينكما على الخير والطاعة ، وأن يجمع بينكما بأحسن ما يجمع به بين زوجين .(55/449)
رابعاً :
فإن لم يحكم الحكمان لكما بالوفاق التام فاعرضي عليه - إذا كنت تُطيقين الصّبر والتحمّل - الحلّ التالي :
أن يتزوّج بأخرى وتبقي أنت معه حتى بدون حقّ في الفراش بشرط أن يترك المعاصي وتبقي أنت مع أولادك ينفق عليكم ، ولا بأس بذلك لقوله تعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير ) ( سورة النساء / 128 ) .
ومن معاني الإصلاح هنا : أن تسامحه بالمبيت عندها مقابل أن يبقيها على عصمته .
قالت عائشة : لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة " . رواه البخاري ( 4914 ) ومسلم ( 1463 ) .
وسودة رضي الله عنها : إحدى نساء الرسول صلى اله عليه وسلم .
فإن لم يتم الوفاق بينكما حتى على هذا الحلّ أو ما يشابهه ولم تستطيعي الصّبر والتحمّل ، فإنّ التفكير بالطلاق والإقدام على طلبه ينبغي أن لا يكون إلا بعد التأكّد من أنّ مساوئ البقاء معع هذا الرّجل أكثر من مساوئ الإنفصال ، وفي هذه الحالة نأتي إلى قوله تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً ) ( سورة النساء/130 ) .
وصعوبة قضيّتك تحتّم عليك اللجوء إلى الله وطلب العون منه والتوفيق إلى اتّخاذ القرار الصحيح ، ونذكّرك مرّة أخرى بأنّ بذل النّصيحة لهذا الزوج ونصحه أمر واجب في كلّ الحالات والله يحفظك ويرعاك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة
سؤال:
ما هي حقوق الزوجة على زوجها وفقا للكتاب والسنة ؟ أو بمعنى آخر، ما هي مسؤوليات الزوج تجاه زوجته وبالعكس ؟.
الجواب:
الحمد لله
أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته ، وكذا العكس ، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين .
وسنذكر - بحول الله - ما يتعلق بحقوق الزوجين بعضهما على بعض في الكتاب والسنة مستأنسين بشرح وأقوال أهل العلم .
أولاً :
حقوق الزوجة الخاصة بها :
للزوجة على زوجها حقوق مالية وهي : المهر ، والنفقة ، والسكنى .(55/450)
وحقوق غير مالية : كالعدل في القسم بين الزوجات ، والمعاشرة بالمعروف ، وعدم الإضرار بالزوجة .
1. الحقوق الماليَّة :
أ - المهر : هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز للمرأة وإكراما لها .
والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز عدم تسمية المهر في العقد .
فإن سمِّي العقد : وجب على الزوج ، وإن لم يسمَّ : وجب عليه مهر " المِثل " - أي مثيلاتها من النساء - .
ب - النفقة : وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة .
والحكمة في وجوب النفقة لها : أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له .
والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية ، لقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة/233 ، وقال عز وجل : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق/7 .
وفي السنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة - زوج أبي سفيان وقد اشتكت عدم نفقته عليها - " خذي ما يكفيكِ وولدَكِ بالمعروف " .
عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك . رواه البخاري ( 5049 ) ومسلم ( 1714 ) .
وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 ) .
ج. السكنى : وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيىء لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : ( أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم ) الطلاق/6.
2. الحقوق غير الماليَّة :(55/451)
أ. العدل بين الزوجات : من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته ، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة .
ب. حسن العشرة : ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء/19 ، وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.
وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
وهذه نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع نسائه - وهو القدوة والأسوة - :
1. عن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة قالت حضت وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب حيضتي فلبستها ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفستِ ؟ قلت : نعم ، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة .
قالت : وحدثتني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ، وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة . رواه البخاري ( 316 ) ومسلم ( 296 ) .
2. عن عروة بن الزبير قال : قالت عائشة : والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو . رواه البخاري ( 443 ) ومسلم ( 892 ) .
3. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع . رواه البخاري ( 1068 ) .
ج. عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438 ) .
ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة : عدم جواز الضرب المبرح .
عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .(55/452)
رواه مسلم ( 1218 ) .
ثانياً :
حقوق الزوج على زوجته :
وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) البقرة/228.
قال الجصاص : أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا ، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه .
وقال ابن العربي : هذا نص في أنه مفضل عليها مقدم في حقوق النكاح فوقها .
ومن هذه الحقوق :
أ - وجوب الطاعة : جعل الله الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به الرجل من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { الرجال قوامون على النساء } يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . " تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
ب - تمكين الزوج من الاستمتاع : مِن حق الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع ، فإذا تزوج امرأة وكانت أهلا للجماع وجب تسليم نفسها إليه بالعقد إذا طلب ، وذلك أن يسلمها مهرها المعجل وتمهل مدة حسب العادة لإصلاح أمرها كاليومين والثلاثة إذا طلبت ذلك لأنه من حاجتها ، ولأن ذلك يسير جرت العادة بمثله .
وإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها في الجماع وقعت في المحذور وارتكبت كبيرة ، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .
ج - عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله : ومن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، ...." . رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .
وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة(55/453)
فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن .
رواه الترمذي ( 1163 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وابن ماجه ( 1851 ) .
وعن جابر قال : قال صلى الله عليه وسلم : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 ) .
د - عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج : من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه .
وقال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .
هـ - التأديب : للزوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية ؛ لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن .
وقد ذكر الحنفية أربعة مواضع يجوز فيها للزوج تأديب زوجته بالضرب ، منها : ترك الزينة إذا أراد الزينة، ومنها : ترك الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة ، ومنها : ترك الصلاة ، ومنها : الخروج من البيت بغير إذنه .
ومن الأدلة على جواز التأديب :
قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) النساء/34 .
وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) التحريم/6 .
قال ابن كثير :
وقال قتادة : تأمرهم بطاعة الله ، وتنهاهم عن معصية الله ، وأن تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به ، وتساعدهم عليه ، فإذا رأيتَ لله معصية قذعتهم عنها ( كففتهم ) ، وزجرتهم عنها .
وهكذا قال الضحاك ومقاتل : حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 392 ) .
و- خدمة الزوجة لزوجها : والأدلة في ذلك كثيرة ، وقد سبق بعضها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .(55/454)
ز - تسليم المرأة نفسها : إذا استوفى عقد النكاح شروطه ووقع صحيحا فإنه يجب على المرأة تسليم نفسها إلى الزوج وتمكينه من الاستمتاع بها ; لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم العوض وهو الاستمتاع بها كما تستحق المرأة العوض وهو المهر .
ح- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف : وذلك لقوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .
قال القرطبي :
وعنه - أي : عن ابن عباس - أيضا أي : لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن .
وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن قاله الطبري .
وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم .
والمعنى متقارب والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية .
" تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ، 124 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
هجرها زوجها مدة طويلة برضاها فهل هي تأثم بعدم طلب الطلاق ؟
سؤال:
قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " .
سؤالي هو : ما الحكم في زوجة منفصل عنها زوجها منذ 4 سنوات لا هي مطلقة ولا هي زوجة ، ولا تريد الطلاق عنه لأنها تحبه جدّاً ، عسى الله أن يهديه وترجع له ، هل هي آثمة في حقها أو حق زوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لقد حمل الشرعُ الرجلَ مسئولية كبيرة ، وهي رعاية الأسرة والقوامة ، فدور الرجل في القيام بواجبات أسرته كبير جدّاً ، وهذا الدور يقتضي وجوده الدائم كي يطلع على كل شيء ، ويعالج الأخطاء ، ويوجه الصغار من أولاده ، فهو سند وحماية وقاعدة لهذا البيت .
وتجاهل الرجل دورَه يقع بسببه الظلم على المرأة ، وقد قال تعالى في الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " ، وهو ما قد يؤدي بحال الأسرة إلى الانهيار ، وقد يقع فساد كبير بسبب هذا الفراق على الرجل والمرأة فقد يتخذ كل واحدٍ منهما خليلا عوضا عن صاحبه ، فالشيطان يستغل نقاط الضعف ويجري من ابن آدم مجرى الدم .(55/455)
أضف إلى ذلك الظلم الذي سيقع على الأولاد ، والتقصير الذي سيلحق بهم مما يضاعف جهد المرأة ويجعلها تلعب دور الأب والأم في آن واحد ، وهذا ما لا يمكنها القيام به في معظم الأحيان ، وكلنا يعلم مكانة ودور الأب في الأسرة ، وما قد يحدث في حال انعدامه ، وكيف ستكون تربية الأولاد ، وما هي درجة العناية التي سينالونها في بُعد والدهم عنهم ، وهذا ما يجعل الأولاد يكرهون آباءهم لأنهم تخلوا عنهم ولم يعتنوا بهم ويرعوهم حق رعايتهم .
ثانياً :
قد يَكْرَه الزوجُ امرأتَه ولا يطيق الاستمرار معها ، والمشروع له حينئذٍ إمساكها بالمعروف أو تسريحها بإحسان وقد لا يستطيع أن يمسكها بالمعروف لشدة بغضه لها – مثلاً – أو لسبب آخر فلا يبقى إلا التسريح بإحسان ، فيطلقها طلاقاً بالمعروف ويعطيها كامل حقوقها .
وقد تكون المرأة راغبة في البقاء معه زوجةً ، فتطلب منه إمساكها وتسقط بعض حقوقها عليه كالقَسْم ـ وهو حقها في أن يبيت عندها ـ والنفقة ، وفي هذه الحال ينبغي للرجل أن يقبل طلبها ، لما في ذلك من تطييب خاطرها وعدم نسيان المعروف معها ، لاسيما وأنه لا ضرر عليه في ذلك .
وقد نزل في مثل ذلك قوله تعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح ، وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) النساء/128 .
وقد قالت عائشة رضي الله عنها – كما رواه البخاري ( 4910 ) ومسلم ( 3021 ) - أن الآية الكريمة نزلت في مثل هذا ، قالت : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً ) : قالت هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها يريد طلاقها ويتزوج غيرها ، تقول له : أمسكني ولا تطلقني ، ثم تزوج غيري ، فأنت في حلٍّ من النفقة عليَّ والقسمة لي ، فذلك قوله تعالى : ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير ) .
والخلاصة :
لا يحل للرجل أن يهجر امرأته طول هذه المدة فإن فعل كان الحق للمرأة فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي وتطلب الطلاق رفعاً للضرر الواقع عليها .
وإن اختارت الصبر رجاء أن يهدي الله تعالى زوجها ويرجع عن ظلمه فلا حرج عليها إن شاء الله تعالى بشرط ألا يكون في ذلك تعريض لها للفتنة بسبب بعدها عن زوجها .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ويلهمهم رشدهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
اختلفت مع زوجها وذهبت إلى بيت أهلها لمدة ثلاثة أشهر
سؤال:(55/456)
حدث خلاف مع زوجتي وخرجت من البيت وسكنت عند ابنتها ولم تتحدث معي رغم محاولاتي الكثيرة ثم حضر والداها وأخذاها معهم بدون الرجوع لي أو التفاهم معي فيما حدث أو محاولة الصلح والآن لها ثلاثة أشهر بدون اتصال أو سؤال عن أولادها فما الحكم هل هي لا تزال زوجتي أو تعتبر طالقا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
مما ينبغي أن يعلم أن من أهم الأسباب التي ينتج عنها وجود المشكلات بين الزوجين والتي قد تتطور حتى تصل إلى حال سيئة جداً ؛ عدم معرفة حقّ كل واحد من الزوجين على الآخر .
وقد جاء الإسلام بتقرير هذه الحقوق وإلزام كل من الزوجين بها وحثهما عليها كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) البقرة/228، فنصت الآية على أن كل حق لأحد الزوجين يقابله واجب للآخر يؤديه إليه ، وبهذا يحصل التوازن بينهما مما يدعم استقرار حياة الأسرة ، واستقامة أمورها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما في الآية : أي : " لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن " ، وذكر القرطبي : أن الآية تعم جميع حقوق الزوجية .
فمن تلك الحقوق : غض الطرف عن الهفوات والأخطاء : وخاصة التي لم يقصد منها السوء في الأقوال والأعمال وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
فعلى كل من الزوج والزوجة أن يحتمل صاحبه فلكل إنسان زلة ، وأحق الناس بالاحتمال من كان كثير الاحتكاك بمن يعاشر . وعلى كل طرف ألا يقابل انفعال الآخر بمثله ، فإذا رأى أحد الزوجين صاحبه منفعلاً بحدة فعليه أن يكظم غيظه ولا يرد الانفعال مباشرة ، ولذا قال أبو الدرداء رضي الله عنه لزوجته : إذا رأيتني غضبت فرضني وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب . وتزوج إمام أهل السنة الإمام أحمد رحمه الله عباسة بنت المفضّل أم ولده صالح ، فكان يقول في حقها : " أقامت أم صالح معي عشرين سنة ، فما اختلفت أنا وهي في كلمة " .
ومن أعظم الحقوق : أن ينصح كل منهما قرينه بطاعة الله عز وجل ، وقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ) قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : أُنْزِلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا أُنْزِلَ لَوْ عَلِمْنَا أَيُّ الْمَالِ خَيْرٌ فَنَتَّخِذَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفْضَلُهُ لِسَانٌ ذَاكِرٌ ، وَقَلْبٌ شَاكِرٌ ، وَزَوْجَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ) رواه أحمد (21358) والترمذي (3094) وهو في صحيح الجامع (5231) .
ثم لا ينبغي للرجل أن يبغض زوجته إذا رأى منها ما يكره ؛ لأنه إن كره منها خلقاً رضي خلقاً آخر ، فيقابل هذا بذاك ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه(55/457)
قال : ( لَا يَفْرَكْ – أي : لا يبغض - مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) رواه مسلم (1469) .
ومن أعظم ما يعين على صفاء العيش بين الزوجين حسن الخلق ، ولذا رفع الإسلام من شأنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم ) رواه الترمذي (1162) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ومن المعاشرة بالمعروف : التغاضي وعدم تعقب الأمور صغيرها وكبيرها وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء إلا في حقوق الله عز وجل .
ثانيا :
خروج زوجتك من البيت دون إذنك ، وغيابها هذه المدة ، لا يعني طلاقها ، بل لا تزال زوجة لك ، ولا تطلق إلا بتطليقك لها .
ولكن هذا الخروج يعد نشوزا ، تأثم به ، ويُسقط حقها في النفقة ، ما لم تكن معذورة في خروجها ، بسبب إيذاء أو ظلم منك وقع عليها ، لكن استمرارها في البقاء خارج البيت كل هذه المدة ، وبعدها عن زوجها وأولادها ، خطأ لا تقر عليه ، ولا ينبغي لأهلها إعانتها على ذلك ، وهذا البعد من أكبر ما يستعين به الشيطان على هدم البيوت ، وإيغار الصدور ، وإلقاء العداوة في القلوب ، ولهذا كان الرجل العاقل ، والأسرة المتبصرة بالعواقب ، لا ترضى بهذا البعد ، بل تسعى لجمع الشمل ، والجلوس للتفاهم ، وحل المشاكل في جو من الألفة والمودة وحفظ المعروف والعشرة التي بين الزوجين .
ولهذا فنصيحتنا لك أن تتصل بزوجته ، وأن تعظها وتذكِّرها بالله تعالى ، وبما أوجب عليها من حق تجاه زوجها وأولادها ، فإن لم تُجْدِ هذه النصيحة ، فاستعن في ذلك بأهل الخير والصلاح من أقاربها ومن تعرف .
ونصيحتنا للزوجة أن تتقي الله تعالى ، وأن تحذر من عصيان زوجها وإغضابه وإيثار أهلها على مصلحة بيتها وأولادها .
وينبغي أن يدرك الزوجان أن العناد والتمسك بالرأي لا يحل المشاكل التي بينهما ، بل يزيدها سوءا وتفاقما ، وأن صاحب النفس الكبيرة هو الذي يسعى للصلح ، ويقدر أهمية اجتماع الشمل ، فلتكن أيها الزوج صاحب هذه النفس ، وليحملك ذلك على طلب الصلح والتفاهم لحل المشكلة ، ولن يزيدك ذلك إلا رفعة عند الله تعالى ، وعند خلقه كذلك ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( َمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ ) رواه مسلم (2588) .
فبادر بالاتصال والسؤال وإبداء الرغبة في جمع الشمل وإصلاح البيت ، ولن يضيع أجرك عند الله .
نسأل الله لكما التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
تكره زوجها ويرفض طلاقها فلا تعطيه حقه(55/458)
سؤال:
أنا زوجة متدينة ولكني أكره زوجي لأسباب كثيرة وهو يعلم ذلك ويرفض الطلاق وأنا أمتنع عن العلاقة الزوجية معه أحيانا كثيرة فما حكم الدين في ذلك؟
الجواب:
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب ، فإن وجد سبب كتقصيره في حقها ، أو ظلمه لها ، فلا حرج عيها في طلب الطلاق .
روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وإذا كان الرجل غير مقصر في حق زوجته ولا ظالم لها غير أنه تكرهه كرهاً شديداً بحيث لا تستطيع الحياة معه ولا تؤدي إليه حقوقه ، فعليهما معاً محاولة الإصلاح ، فإن لم تثمر تلك المحاولات ووصلت الحياة بينهما إلى طريق مسدود فقد جعل الله لها مخرجا ، وهو الخلع ، فترد إليه جميع المهر الذي أعطاها ، ويؤمر الرجل حينئذ بقبوله ومفارقتها .
روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وعند ابن ماجه (2056) (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
فالذي حملها على طلب الفراق ، هو بغضها له .
وقولها : ( أكره الكفر في الإسلام ) تعني : كفر العشير ، بمعنى أنها تقصر في حقه ولا تقوم بما أوجب الله عليها من طاعة زوجها وحسن عشرته .
ثانيا :
نذكرك بأنه إذا لم يكن لك مبرر ظاهر في طلب الطلاق ، بأن الامتناع عن الفراش منكر عظيم ، جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) رواه البخاري (3237) ومسلم (1736).
ونشير عليك أن تختاري من أهل الصلاح من أهلك أو أهله من ينصح زوجك ويدعوه لمفارقتك بالمعروف .
ثالثا :
والنصيحة للزوج أن لا يمسك الزوجة وهي متضررة من البقاء معه ، فإن كان راغبا في بقائها ، ويرفض طلاقها ، فعليه أن يحسن عشرتها ، وأن يزيل الأسباب التي تدعو للنفرة ، فإن لم يمكن ذلك ، فعليه أن يطلق أو يخالع ، ولا يلجئ الزوجة لاقتراف الإثم بنشوزها وعصيانها .(55/459)
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : امرأة كرهت زوجها ، لا تعيب فيه خلقا ولا دينا ، ودفعت له كامل ما أخذته من صداق، فهل يجبر هذا الزوج على طلاق زوجته وإن كان متمسكا بها وهي كارهة جدا له؟
فأجابت : "إذا كرهت المرأة زوجها وخافت ألا تقيم حدود الله، شرع حينئذ الخلع، بأن ترد عليه ما أعطاها من الصداق ثم يفارقها؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس . . . وإذا حصل نزاع بينهما فإن مرد ذلك إلى الحاكم الشرعي ليفصل بينهما" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/411) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
وعدها زوجها بالطلاق بعد طهرها من الحيض
سؤال:
حصلت مشكلة بيني وبين زوجي وصار يضربني على كل كبير وصغير ، فذهبت إلى جارتي ورفضت الرجوع إليه فقال لي : ارجعي إلى بيتك شهراً إلى أن تأتيك حيضتك ثم بعد الطهر أطلقك . فرجعت على أنه سوف يطلقني ولكنه قال بعد ذلك أنه لا ينوي الطلاق وإنما قال الكلام السابق ليبين لي أن الطلاق السني يكون بعد الحيضة بطهر لا جماع فيه . وأنا أرفض قوله هذا لأنه قال كلمته وأنا عند جارتي على سبيل الإقناع لي بأنه سوف يطلقني بعد الحيضة فهل يقع ذلك طلاق أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
قول الرجل لزوجته : " ارجعي لبيتك وأولادك شهرا إلى أن تأتيك حيضتك ثم بعد الطهر أطلقك " : لا يقع به طلاق ، لأنه وعد بالطلاق فقط ، فلا يقع حتى يطلق الزوج فعلاً بعد الحيض.
والإنسان قد يعزم على الطلاق ثم يراجع نفسه ، وينقض عزمه ، ولعل في ذلك خيرا لك ولأولادك .
والواجب أن تكون المعاشرة بين الزوجين بالمعروف ، ولا يجوز للزوج أن يضرب زوجته إلا في حال نشوزها وعدم استجابتها للوعظ والهجر ، وليس له أن يضربها على وجهها أو يضربها ضربا مبرحا ، قال الله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34
نسأل الله أن يصلح أحوالكما.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ(55/460)
تنازل الزوجة عن حقها مخافة الطلاق ... العنوان
حدث بيني وبين زوجتي ما يدعو للطلاق ، وقد اعتزمت الزواج من أخرى ، فطلبت مني زوجتى أن أمسكها على أن تتنازل عن حقها في ليلتها ، فهل يجوز ذلك ؟ وهل لها أن ترجع عن هذا التنازل لاحقا ؟
... السؤال
06/03/2007 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا خافت المرأة من زوجها أن يرغب عنها ويطلقها لعدم حاجته فيها لكبر، أو سوء خلق، فلا مانع من أن تسترضيه بالتنازل عن بعض حقوقها مثل النفقة، والمبيت عندها، وحقها في الإمتاع مقابل إمساكها.
فإذا أرادت أن ترجع عن ذلك، فلها هذا، ويمكنها المطالبة بحقوقها وقتما تشاء .
قال الجصاص من فقهاء الحنفية في تفسير قوله تعالى :-
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء 128
أباح الله للمرأة أن تتنازل عن حقها من القسم وأن تجعله لغيرها من نسائه، وعموم الآية يقتضي جواز اصطلاحهما على ترك المهر والنفقة والقسم وسائر ما يجب لها بحق الزوجية، إلا أنه إنما يجوز لها إسقاط ما وجب من النفقة للماضي، فأما المستقبل فلا تصح البراءة منه؛ وكذلك لو أبرأت من الوطء لم يصح إبراؤها وكان لها المطالبة بحقها منه ؛ وإنما يجوز بطيب نفسها بترك المطالبة بالنفقة وبالكون عندها ، فأما أن تسقط ذلك في المستقبل بالبراءة منه فلا .
وقال ابن قدامة من أعلام الحنابلة: -
وإذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها ، لرغبة عنها ، إما لمرض بها ، أو كبر ، أو دمامة ، فلا بأس أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك ؛ لقول الله تعالى ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ).
وروى البخاري ، عن عائشة ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا والصلح خير ) قالت : هي المرأة تكون عند الرجل ، لا يستكثر منها ، فيريد طلاقها ، ويتزوج عليها ، فتقول له أمسكني ، ولا تطلقني ، ثم تزوج غيري ، فأنت في حل من النفقة علي ، والقسمة لي .
وعن عائشة ، ( أن سودة بنت زمعة ، حين أسنت ، وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، يومي لعائشة . فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها )قالت : وفي ذلك أنزل الله جل ثناؤه وفي أشباهها أراه قال : (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) رواه أبو داود .(55/461)
ومتى صالحته على ترك شيء من قسمها أو نفقتها ، أو على ذلك كله ، جاز . فإن رجعت ، فلها ذلك . قال أحمد في الرجل يغيب عن امرأته ، فيقول لها : إن رضيت على هذا ، وإلا فأنت أعلم . فتقول : قد رضيت . فهو جائز ، فإن شاءت رجعت .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: -
اتفق الفقهاء على أنه يجوز لإحدى زوجات الرجل أن تتنازل عن قسمها ، أو تهب حقها من القسم لزوجها أو لبعض ضرائرها أو لهن جميعا ، وذلك برضا الزوج ؛ لأن حقه في الاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه لأنها لا تملك إسقاط حقه في الاستمتاع بها ، فإذا رضيت هي والزوج جاز ؛ لأن الحق في ذلك لهما لا يخرج عنهما .
وللزوجة الواهبة الرجوع متى شاءت فإذا رجعت انصرف الرجوع من حينه إلى المستقبل ؛ لأنها هبة لم تقبض فلها الرجوع فيها ، وليس لها الرجوع فيما مضى لأنه بمنزلة المقبوض ، ولو رجعت في بعض الليل كان على الزوج أن ينتقل إليها ، فإن لم يعلم حتى أتم الليلة لم يقض لها شيئا لأن التفريط منها . ونص بعض الحنفية على ما يوافق الشافعية والحنابلة في المسائل السابقة .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
إقامة الزوجة مع زوجها حيث أقام ... العنوان
السلام عليكم .. أتقدم إليكم بحالتي هذه راجيا منكم الرأي والإرشاد ولمعرفة حكم الدين في هذه الحالة.
لقد أقمت فترة في بلد أجنبي غير مسلم والذي سافرت إليه لغرض الدراسة والعمل وطالت الإقامة لسنوات طويلة. وتزوجت هناك بقريبتي التي كانت تقطن هناك وأنجبت منها أربعة أطفال انتهت سنوات الدراسة و أصبحت بمهنة مرموقة ودخل جيد والحمد لله.
في السنوات الأخيرة كنت أنا وزوجتي نفكر في السفر لبلد عربي لتربية الأولاد على اللغة العربية والديانة الإسلامية بعدما رأينا بأنهم كانوا يكبرون ويدخلون مرحلة جديدة في نموهم. لم يكن هناك بلد معين ولكن أسهل الأماكن وأقربها للفكر كان مسقط رأسينا حيث الناس الذين نعرف ومسار الحياة الذي يسهل التعود عليه.
للأسف هذا المكان لم يرق لزوجتي كثيرا بعد زيارات مؤقتة صيفية خصوصا عندما يقارن هذا المكان بالرفاهية في البلد الذي نعيش فيه حاليا. ورفضت رفضا باتا الإقامة أو الزيارة إلي هذا البلد وللأبد.
هذا الموقف منها قضى على حلمي في العودة يوما ما إلى موطني. لقد أثارني هذا الموقف منها مما دفعني إلى الإشارة إلى احتمال سفري بالأولاد فقط إن لم تحب السفر معنا. وهنا كان جوابها الذي أدى إلى بداية المشاكل والصورة التي انتهينا إليها، لقد أجابت زوجتي بالتهديد بالاستعانة بالقضاء لمنع سفر الأولاد إن أنا حاولت فعل ما أشرت إليه. بمعنى آخر أنا أصبحت زوجا ورجلا وأبا لا يملك السلطة الكاملة في التقرير في اختيار مكان أقامة أبنائه حتى وإن شعر بأهمية ذلك لدينهم ومستقبلهم.(55/462)
في هذا الوضع أصبحت في حالة من قيدت يداه ورجلاه وفرضت عليه الحدود وتوجه إليه التهديد بالعواقب إن عصى أو حاد عن الطريق هذا بلغة القانون السائد هناك. عرضت على زوجتي دولة أسلامية أخرى أحسن حالا كحل وسط بيننا ولكنها ماطلت و طلبت أن ننتظر سنوات قليلة. ولكن الوقت كان يمضي بسرعة والأولاد يكبرون وفرصة نجاح اندماجهم في دولة عربية كانت تتضاءل مع الوقت والانتظار.
بعد تفكير طويل أحسست بأنه لا مناص لي من التدبير للخروج بأولادي ومن ثم دعوة زوجتي إلى مكان يمكننا فيه تربية أولادنا التربية الحسنة وحيث نحاول أن نعيد طريق زواجنا إلى ما كانت عليه من الطبيعة التي كنا عليها ومن المفترض أن نكون فيها. وسافرت بالأولاد وأعلمت زوجتي بنيتي بالبقاء ودعوتها للحاق بنا بمودة ورجاء ووعود بإسعادها هنا بكل ما استطعت.
للأسف الرياح لم تسر بما تشتهى السفن. الزوجة رفضت أن تتبع زوجها إلى حيث ارتحلنا. وبدلا من رؤية الأمر كما رآه كثير من الناس قلبت الصورة وفسرتها بأنها هروب للزوج بالأولاد وحرمان أم من أولادها!
زوجتي رفضت المتابعة بحجة وضع المرأة في البلد الذي انتقلنا إليه وخوفها من احتمال معاملتها بما يعامل به النساء حسب العادات والتقاليد هنا رغم معرفتها لي وبحسن معاملتها بعد 13سنة من الزواج!
ثم إنها غدت تتظاهر بالظلم والقسوة لأنها حرمت من أولادها ولأن زوجها قد مكر بها. ومن ثم مضت إلى إجراءات الشكوى وطلب الطلاق من المحاكم الأجنبية و تبذير المال الذي تركه زوجها لها في ذلك الإجراء والشروع في العمل والخروج المطلق من البيت دون مشاورة زوجها وقبل طلب أي عون منه. ثم رفض التحدث إلى زوجها وقفل كل أبواب الاتصال والمحاورة.
نعم لقد خرجت بدون إخبارها بنيتي وكذبت عليها ولكني أعلم مما قد أخبرت من قبل بأنها ليست فقط تعارض هذا الرأي بل أنها لن تدع ذلك يحدث وبأنها ستقف في طريقي بالاستعانة بالقانون المتبع في هذا البلد وإن لم يوافق ديننا وشريعتنا.
لقد دفعتني إلى هذا الأسلوب وما كنت أحتاج إلى هذه الطريقة لو أن الأمور كانت تسير حسب الأصول في رأيي.
أود أن أعرف رأي الدين في ذلك؟... هل أنا مخطئ فيما فعلت؟...هل زوجتي مخطئة؟... ما لي وما لها في حالة الطلاق؟
بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... السؤال
17/12/2006 ... التاريخ
السيد مبروك صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد..(55/463)
هذه مسألة فيها تنازع بين طرفين ونحن نحب أن ننبه في بداية الجواب أن هذا التنازع لا يتم حله إلا بعد الاستماع إلى الطرفين أمام أحد المحكمين أو مجموعة منهم يرتضيه الطرفان.
ولكن إذا كان الأمر كما تقول فالجواب أن زوجتك خاطئة في امتناعها عن السفر إلى حيث أنت، وحيث مصلحة الأولاد ، وإذا طلبت الطلاق فهي مختلعة ولا حق لها لأنها ناشز، ويمكنك أن تطلقها وتعطيها مؤخر الصداق والنفقة إن شئت أو اضطررت .
لأن المرأة إذا نشزت على زوجها سقط حقها في النفقة، ومن النشوز الذي يسقط حق المرأة في النفقة: الامتناع عن السفر معه إلى حيث يشاء من البلدان مع أمن الطريق، ولا يكون هذا الامتناع نشوزاًَ إلا بشرطين:
الأول: أن لا تكون قد شرطت عليه في العقد أن لا يخرجها من بلدها.
الثاني: أن يكون قد وفاها مهرها.
قال العلامة السرخسي الحنفي في المبسوط: وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها، فلا نفقة لها لأنها ناشزة . اهـ
ويقول ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المقنع: وإذا امتنعت من السفر معه أو من المبيت عنده أو سافرت بغير إذنه سقط حقها من القسم . اهـ
ويقول الرملي الشافعي في فتاويه: وقال الماوردي في حاويه: وأما التمكين فيشتمل على أمرين لا يتم إلا بهما أحدهما: تمكينه من الاستمتاع بها، والثاني: تمكينه من النقلة معه حيث شاء في البلد الذي تزوجها فيه، وإلى غيره من البلاد إذا كانت السبيل مأمونة . اهـ
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
التحكيم بين الزوجين في الشقاق ... العنوان
هل يوجد طريق شرعي من الكتاب والسنة للتفريق بين الزوجين عند طلب الزوجة له وامتناع الزوج عنه مع وقوع الشقاق بينهما؟ لأني راجعت تفسير قوله تعالى:[ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا](النساء:35) فظهر لي أنه عند وقوع الشقاق بين الزوجين ينصب القاضي حكمين عدلين يجتهدان في الإصلاح بينهما وإعادتهما إلى المعاشرة بالمعروف إن أمكن، وإن لم يمكن ذلك فإن كان النشوز من الزوج فحَكَم الزوج يفرق الزوجة نيابة عنه على سبيل التطليق، وإن كان النشوز من طرف الزوجة فحَكَم الزوجة يفرقها على سبيل(الخُلع) فكلا الأمرين - أي الجمع بالمعروف أو التفريق بالمعروف - ينبغي أن يكون مرادًا من الإصلاح المذكور في الآية ؛ وأما الإبقاء على حال الشقاق فليس هو من الإصلاح في شيء .هذا ما ظهر لي من تأمل الآية الكريمة ولا أدري أصواب أم خطأ؟ ... السؤال
26/11/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...(55/464)
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فالآية الكريمة صريحة في وجوب التحكيم بين الزوجين إن خيف شقاق بينهما؛ ويجب على كل من الزوجين قبول ما يحكم به الحكمان فمن أبى الخضوع ألزمه الحاكم المؤيَّد بجماعة المسلمين بقبول تنفيذ الشرع، وما قاله البعض من أن نفوذ حكمهما يتوقف على رضى الزوجين بالتحكيم غير وجيه؛ لأن معنى التحكيم الإلزام بالإقرار كرهًا، إن لم يرض طوعًا، لأنهما قاضيان لا وكيلان ولا شاهدان .
فيقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
إن الآية الكريمة صريحة في وجوب التحكيم بين الزوجين إن خيف شقاق بينهما؛ لأنه يجب أن يكونا شقيقين لا متشاقين ينضوي كل منهما إلى شق (جانب) غير الشق الذي فيه الآخر .
ولا يجيز الإسلام للمسلمين أن يدَعوهما يستبد أقواهما بأضعفهما، والخطاب في الآية للحكام في قول وللمؤمنين في قول، والقرآن يخاطب المؤمنين عامة في الأمور العامة؛ لأنهم المسيطرون على الحكم أو لأن الحكم شورى بينهم؛ فإذا قصَّر أميرهم في تنفيذ الشرع ألزموه به أو عزلوه، وولوا غيره فالقولان متلازمان، ويجب على كل من الزوجين قبول ما يحكم به الحكمان فمن أبى الخضوع ألزمه الحاكم المؤيَّد بجماعة المسلمين بقبول تنفيذ الشرع .
وقد أخرج الشافعي في(الأم) والبيهقي في السنن وغيرهما عن عبيدة السلماني قال: جاء رجل وامرأة إلى علي -كرم الله تعالى وجهه- ومع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم أن يبعثوا حكَمًا من أهله وحكمًا من أهلها، ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله-تعالى- بما عليّ فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي -رضي الله عنه-: كذبت والله حتى تقرَّ بمثل الذي أقرت به.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال في هذه الآية: هذا في الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما، أمر الله-تعالى- أن يبعثوا رجلاً صالحاً من أهل الرجل، ورجلاً مثله من أهل المرأة؛ فينظران أيهما المسيء؛ فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته، وقسروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قسروها على زوجها ومنعوها النفقة، فإن اجتمع أمرهما على أن يفرِّقَا أو يجمِّعَا فأمرهما جائز، فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين، وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما، فإن الذي رضي يرث الذي كره، ولا يرث الكاره الراضي، وليس في قول ابن عباس-رضي الله عنهما- شيء لا يفهم من الآية إلا مسألة الإرث بعد التفريق، ويقول الأصوليون والمحدثون في مثل ذلك: إنه شيء لا مجال للرأي فيه؛ فله حكم المرفوع إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-.
وما قاله بعض الحنفية من أن نفوذ حكمهما يتوقف على رضى الزوجين بالتحكيم-أخذًا من قول(علي) للرجل: كذبت..الخ-غير وجيه؛ لأن معناه الإلزام بالإقرار وكونه لا يصدق في الاتباع حتى يخضع له، وهذا لا ينافي إلزامه به كرهًا، إن لم يرض طوعًا، قال في(فتح البيان في مقاصد القرآن) عند تفسير[إِن يُرِيدَا(55/465)
إِصْلاحًا](النساء:35) أي على الحَكمين أن يسعيا في إصلاح ذات البين جهدهما؛ فإن قدرا على ذلك عَمِلا عليه، وإن أعياهما إصلاح حالها ورأيا التفريق بينهما جاز لهما ذلك من دون أمر من الحاكم في البلد، ولا توكيل بالفرقة من الزوجين، وبه قال مالك والأوزاعي وإسحاق، وهو مروي عن عثمان وعلي، وابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي وحكاه ابن كثير عن الجمهور قالوا: لأن الله تعالى قال:[فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا](النساء:35) وهذا نص من الله سبحانه أنهما قاضيان لا وكيلان ولا شاهدان .
وقال الكوفيون وعطاء وابن زيد والحكم وهو أحد قولي الشافعي: إن التفريق هو إلى الإمام أو الحاكم في البلد لا إليهما ما لم يوكلهما الزوجان أو يأمرهم الإمام أو الحاكم؛ لأنهما رسولان شاهدان فليس إليهما التفريق: ويرشد إلى هذا قوله[إِن يُرِيدَا](النساء:35)، أي الحكمان[إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا](النساء:35) لاقتصاره على ذكر الإصلاح دون التفريق ا.هـ
وأنت ترى أن القول الأول هو المتبادر، ويزيده قوة أنه مروي عن أعلم الصحابة، ولم يُرْوَ أن غيرهم منهم خالفهم فيه، وأما الاكتفاء في الآية بذكر الإصلاح فلأنه هو المطلوب الذي ينبغي الحرص عليه وعدم المصير إلى غيره إلا للضرورة، والتفريق يؤخذ من المفهوم ولولا ذلك لم يقل به الصحابة والتابعون .
على أن الساعي في الإصلاح لا حكم له فيسمى حكمًا، وقد كان المسلمون في الصدر الأول يعملون بهذه الآية على أحد الوجهين في تفسيرها وقد تركوها في هذه الأزمنة التي انفصمت فيها عروة الدين، ونسخ الحكام المستبدون أكثر أحكام الكتاب المبين، وأهمل الناس العناية بأمر إخوانهم المسلمين، ومن قدر على إحياء هذه السنة كان له أجر المصلحين.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة ... العنوان
زوجي يضربني دائما كلما عصيت له أمرا ويعتدي عليَّ بالضرب بأي شيء في يده ولما اعترضت علي ذلك قال: إن القرآن يبيح للرجل أن يضرب زوجته لقوله تعالي (واضربوهن) فما حكم الدين في ذلك؟ وهل يجوز للرجل أن يضرب زوجته وما حدود الضرب وشروطه؟
... السؤال
23/03/2006 ... التاريخ
الشيخ علي أبو الحسن ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فيقول فضيلة الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :(55/466)
فإن الإسلام قد أباح للرجل أن يؤدب زوجته الناشز ، وهي التي تخرج عن طاعة زوجها ، أباح له أن يستعمل معها درجات ثلاث في سبيل تقويمها وتهذيبها ، فقال تعالي : (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) المرحلة الأولي (واهجروهن في المضاجع) المرحلة الثانية (واضربوهن) المرحلة الأخيرة (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا).
فنجد أن الإسلام سلك في تأديب المرأة مسلكا إنسانيا كريما : وعظها بالكلمة بالحكمة والموعظة الحسنة ، فإذا لم ينفع هذا العلاج ، على الزوج أن يهجرها في الفراش ، فإذا لم ترجع أتى بالمرحلة الأخيرة وهي الضرب.
ولكن ما هو الضرب الذي أباحه الإسلام ؟ الضرب غير المبرح ، بألا يخدش وجها ، ولا يكسر عظما ، وإنما هو ضرب برفق ، من هذا يتبين أن الإسلام أباح للزوج أن يضرب زوجته لتأديبها ولمصلحتها ، ولكنه ضرب غير مؤلم ولا مبرح ، وأن يتجنب الوجه .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تسلط المرأة على زوجها: الحكم والعلاج ... العنوان
الإخوةالأفاضل :
تكمن مشكلتي في زوجتي التي تريد أن أبقى معها دائمافي البيت لا أخرج، بل قد تجبرني أحيانا على الجلوس في البيت حتى وصل الأمر إلى حبسي، كما أنها قد تسبني وتتهمني بعدم الأخلاق ، والأخطر من هذا أنها تمتنع عن المعاشرة الزوجية ، فماحكم هذه المرأة ،وماذا أفعل معها ؟
... السؤال
18/03/2006 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
الأخ السائل :
جعل الله تعالى قوامة البيت للرجال ، وقرر هذا في كتابه ، فقال تعالى :"الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ".
ثم ذكر بعدها صفات لنساء المسلمين :"فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "
ففي مثل هذا الجو من الصلاح تكون قوامة الرجل بعطفه وحنانه على أسرته ، فإذا خرجت المرأة عن قوامة زوجها ، تأتي تكملة الآية :"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ،فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا".(55/467)
فلا يجوز للمرأة بحال أن تحبس زوجها ، أو تمنعه من الخروج من البيت،بل لا يجوز للرجل أن يمنع امرأته من الخروج من البيت في بعض الأحايين للحاجة الملحة ،وكل ما ورد في حق الرجل في خروج زوجته أن تستأذنه ، حتى تتم قوامته عليها ، وحتى يكون الخروج برضا بين الزوجين ، لأنه القيم عليها ، الحافظ لعرضها ،الحارس لشرفها .
ولكن عندما تنقلب الموازين ، فهذا أمر يكرهه الإسلام ،وقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم المترجلة من النساء ، فالزوجة تأثم بمثل فعلها ، بل توجب غضب الله تعالى عليها بمثل هذا الفعل الذي يكاد يهدم البيت .
وقد تجنح كثير من النساء إلى أن يبقى زوجها معها في البيت ، ولا مانع من أن يمكث الرجل في بيته مع زوجته وقتا من اليوم ، فقد تكون المرأة وحدها ، وهي بحاجة إلى أنيس ، كما أن الرجل بحاجة إلى أنيس أيضا ، وإن كان الرجل يجد أنسه مع أصحابه وبعض معارفه، فأين أنس المرأة إن كانت تجلس وحدها وبمفردها في شقتها بين جدران أربع ، مع عدم وجود وسائل للتسلية المباحة ؟ ولكن لا يكون الجلوس جبرا وقسرا وقهرا .
وقد خلق الله تعالى الإنسان رجلا أو امرأة اجتماعيا بطبعه ، يحب أن يألف ويؤلف ،ويأنس ويؤنس ، ففي طلب زوجتك الجلوس معها في البيت حق لها ، ولكن لا يكون ذلك طول الوقت ، فيكون هناك نوع من الموازنة في الأمور .
وفي تقديري أن عدم وجود الألفة بين الزوجين هو الذي يسبب نفورك من البيت مع ما صنعته زوجتك ، وهي تشتكي وحشتها من الجلوس وحدها في شقتها ، فحاول أن تجد وسائل تحببك في وجودك مع زوجتك ، مع بعض الوسائل الأخرى التي تشغل زوجتك وقت خروجك، وهذه الوسطية التي قيل عنها :خير الأمور أواسطها ، وهي ميزة من ميزات هذا الدين الحنيف ، فلا إفراط ولا تفريط .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون مع أهله ، يداعبهن ويلاعبهن ،ويكون معهن في كثير من شئونهن ، وفي ذات الوقت كان يخرج مع أصحابه ويتدارس معهم شئون الدعوة إلى الله تعالى ،فوازن بين الأمور كلها .
ولكن كل هذا يكون في قوامة من الرجل ، وقيامه بواجبه تجاه بيته وأسرته .
أما عن سب وشتم الزوجة لك ،فهذا لا يجوز بحال من الأحوال، لا لك ، ولا لها ، فالمسلم عفيف اللسان ، يترفع عن فحش القول ،وقد قال الله تعالى :"وقولوا للناس حسنا "، فإن كان المسلم مطالب بالقول الحسن ،فإن المرأة يتوجب عليها القول الحسن لزوجها ،لأن هذا من أقل حقوق الرجل على زوجته ، وعفة اللسان من حسن العشرة ، وهي مطلوبة من المرأة كما هي من الرجل ،وقد جاء الخطاب للرجال بحسن العشرة في قوله تعالى :"وعاشروهن بالمعروف " ، لأن من المفترض أن المرأة تكون حريصة على إرضاء زوجها ، بما له من حق عليها ، فأعظم الناس حقا على المرأة زوجها ، فقد أخرج السيوطي بسند صحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أعظم الناس حقا على المرأة زوجها، وأعظم الناس حقا على الرجل أمه".(55/468)
ومع خطأ الزوجة في حق زوجها ، فإن عليه أن يغفر لها ، فربما قالتها في ساعة غضب، وإن كان هذا لا ينفي عنها الخطأ والإثم عليها ، ولكن الإسلام حث على الصفح عن المخطئين في حقوقنا ، كما قال تعالى :"وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم" فالله تعالى يعلمنا أن الصفح عن الغير سبب في غفران الله تعالى لنا ، فمن عفا عن أخيه ، عفا الله عنه ، ومن سامح أخاه ،سامحه الله ، فلتسامح زوجتك عن خطأها في حقك ،ولا تجمع عليها غضب الله ثم غضبك.
والرجل عادة ما يكون قادرا على تشخيص حالة زوجته ، وهو يعرف ما الذي يغضبها ، وما الذي يسعدها ، وما هي مفاتيحها التي يدخل إلى قلبها من خلالها ، فاجلس مع زوجتك في ساعة صفاء وود بينكما، واعرف منها ما الذي أوصلها إلى هذه الحالة ، وحاول أن تعالجها بشيء من الحكمة مع الاستعانة بالله تعالى.
ولكن أخطر ما في الموضوع هو امتناع المرأة عن فراش زوجها ، ونومها في حجرة أخرى ، فإن هذا من أعظم الذنوب عند الله تعالى، والتي قد توجب غضب الله تعالى ولعنته عليها، فلا يجوز للمرأة الامتناع عن زوجها إلا أن يكون لها سبب يمنعها من ذلك كحيض ونفاس ، أو مرض لا تستطيع معه القيام بحق الزوجية ،وذلك أن امتناع المرأة عن زوجها قد يدفعه إلى النظر الحرام ، ومشاهدة الحرام ، بل قد ينشئ علاقات غير شرعية ،مما قد يؤدي إلى الوقوع في الزنى ،والعياذ بالله .
ومن هنا كان تشديد الإسلام في هذا الأمر على الزوجة ، لأن الرجل يطلع على ما لاتطلع عليه المرأة ، كما أن المرأة بطبعها وفية في الحب لزوجها ، وهي لا تنظر إلى غيره ، بخلاف بعض الرجال، فكان واجبا على المرأة ألا تهدم بيتها ،وألا تخسر زوجها ، بأن تعفه عن الحرام .
ومن هنا يفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه :" إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح".
وهذه اللعنة مشروطة بألا يكون هناك مانع يمنع المرأة من إعطاء الرجل حقه في المعاشرة الزوجية .
وعلى الزوج أن ينصح زوجته وأن يذكرها بالله تعالى ، وأن يسعى في كل محاولة للإصلاح الجاد بينه وبين زوجته ،فإن رأى من امرأته إصرارا على عصيانه ، ورفضها لإعطائه حقه ، فيجوز له طلاقها ، على أن يكون التفكير في الطلاق آخر دواء للعلاج والإصلاح.
وفي خطورة امتناع المرأة عن زوجها يقول الشيخ القرضاوي :
إنَّ العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية . وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة، وإصابتها بالاضطراب والتعاسة . وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد.
وربما ظن بعض الناس أن الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها . وربما توهم آخرون أن الدين أسمى وأظهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو(55/469)
بالتشريع والتنظيم، بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس " على أنه قذارة وهبوط حيواني ".
والواقع أنَّ الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان، وحياة الأسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية، أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية.
1 - وأول ما قرره الإسلام في هذا الجانب هو الاعتراف بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وإدانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل إلى مصادرته، أو اعتباره قذرًا وتلوثًا . ولهذا منع الذين أرادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيًا بالاختصاء من أصحابه، وقال لآخرين أرادوا اعتزال النساء وترك الزواج: " أنا أعلَمُكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
2 - كما قرَّر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في العمل الجنسي إلى حد اعتباره عبادة وقربة إلى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: " وفي بضع أحدكم (أي فرجه) صدقة . قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال: نعم . أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر . كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر، أتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير ؟ " . رواه مسلم.
ولكن الإسلام راعى أن الزوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة . وأنه أشد شوقًا إليها، وأقل صبرًا عنها، على خلاف ما يشيع بعض الناس أن شهوة المرأة أقوى من الرجل، فقد أثبت الواقع خلاف ذلك .. وهو عين ما أثبته الشرع.
( أ ) ولهذا أوجب على الزوجة أن تستجيب للزوج إذا دعاها إلى فراشه، ولا تتخلف عنه كما في الحديث: " إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور ". (رواه الترمذي وحسنه).
( ب ) وحذرها أن ترفض طلبه بغير عذر، فيبيت وهو ساخط عليها، وقد يكون مفرطًا في شهوته وشبقه، فتدفعه دفعًا إلى سلوك منحرف أو التفكير فيه، أو القلق والتوتر على الأقل، " إذا دعا الرجل امرأته، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ". (متفق عليه).
وهذا كله ما لم يكن لديها عذر معتبر من مرض أو إرهاق، أو مانع شرعي، أو غير ذلك.
وعلى الزوج أن يراعي ذلك، فإن الله سبحانه - وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم - أسقط حقوقه عليهم إلى بدل أو إلى غير بدل، عند العذر، فعلى عباده أن يقتدوا به في ذلك.
(جـ) وتتمة لذلك نهاها أن تتطوع بالصيام وهو حاضر إلا بإذنه، لأن حقه أولى بالرعاية من ثواب صيام النافلة، وفي الحديث المتفق عليه: " لا تصوم المرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه " والمراد صوم التطوع بالاتفاق كما جاء في ذلك حديث آخر.(55/470)
3- والإسلام حين راعى قوة الشهوة عند الرجل، لم ينس جانب المرأة، وحقها الفطري في الإشباع بوصفها أنثى . ولهذا قال لمن كان يصوم النهار ويقوم الليل من أصحابه مثل عبد الله بن عمرو: إن لبدنك عليك حقًا، وإن لأهلك (أي امرأتك) عليك حقًا . قال الإمام الغزالي: " ينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد . نعم ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها في التحصين . فإن تحصينها واجب عليه ". (إحياء علوم الدين، جـ 2، ص 50 دار المعرفة - بيروت).انتهى
وعلى الزوج أن يبحث عن سبب امتناع المرأة عن مثل هذا الشيء ، فهو فطري ،والمرأة في حاجة إليه كما أن الرجل في حاجة إليه أيضا .
وفي تقديري:
أنَّ بحث المشكلة مع وجود الألفة والمودة والحرص على بقاء البيت ، والسعى لإرضاء النفوس من قبل الزوجين ، سبب قوي في طريق العلاج والحل لمثل هذه المشكلات ، مع الاستعانة بالله تعالى ، والإكثار من التقرب إليه بالطاعات والقربات، فهو سبحانه مفرج الكروب ، كاشف الهموم والغموم .
والله نسأل لكما التوفيق وحسن العشرة .
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
إخراج زكاة الفطر عن الزوجة الناشز ... العنوان
هل يجب على الزَّوج أن يُخرج زكاة الفِطر عن زوجتِه الناشِز ؟ ... السؤال
26/10/2005 ... التاريخ
الشيخ عطية صقر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فزكاة الفطر تابعة للنفقة، فكل من تجب له النفقة يجب إخراج زكاة الفطر عنه، والزوجة الناشز يسقط حقها في النفقة مادام النشوز قائما، وعلى هذا إذا استمر نشوز الزوجة إلى وقت وجوب زكاة الفطر، فلا يجب على الزوج أن يخرج الزكاة عن زوجته الناشز، ويجب على الزوجة الناشز أن تخرج الزكاة عن نفسها.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-:
فقد قال جمهور الفقهاء : إن الزّوج يجب عليه أن يُخرج زكاة الفطر عن نفسِه وعمّن تجِب عليه نفقتهم ، ومنهم الزوجة ما دامت الزّوجيّة قائمة حقيقة أو حكمًا كالمُطلقة، وأبو حنيفة لا يوجِب هذه الزكاة على الزّوج، فهي التي تُخرج زكاتَها، لكن لو تبرّع هو بإخراجها عنها أجزأَتْ ولو كان ذلك بغَير إذْنِها .
فإذا لم تكن الزّوجيّة قائمة بسبب الموت أو الفِراق فللنفقة أحكام مذكورة في مواضِعِها، لكن النّفقة تسقط بالنُّشُوز، الذي يتحقّق بأحد أمرين، امتناعها عن تمتُّع الزَّوج بها، وخروجها من منزل الزَّوجيّة بغير إذنه وبغير ضرورة .(55/471)
وزكاة الفطر تابعة للنفقة وفي وجوبها خلاف فقد تجِب النفقة ولا تجب الزكاة لكنْ إذا سَقطتْ سَقطَتْ زكاة الفِطر إذا كان النُّشوز في وقت وجوب الزكاة، وهو آخر ليلة من رمضان أو أوّل يوم من شوال. وعلى الزوجة أن تُخرِج زكاتها هي عن نفسِها حينئذٍ.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
كراهية المرأة زوجها ..الأسباب ، الآثار والعلاج ... العنوان
فضيلة الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشعر في كثير من الأحيان أنني أكره زوجي، فالعلاقة بيننا فاترة لحد كبير، ولا أدري ما السبب، وفي نفس الوقت لا أريد الطلاق، فمجتمعنا ينظر للمطلقة نظرة مريبة، وزوجي فيه صفات جيدة كثيرة، وفيه أيضا صفات سيئة، فهل هدا الشعور طبيعي، وكيف أتغلب عليه؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
04/05/2005 ... التاريخ
أ.د مصطفى محمد عرجاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... ، بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
للكراهية بين الزوجين أسباب كثيرة منها سوء الاختيار، وسوء المعاشرة، وعدم الإنفاق، وعدم الاعتدال في الغيرة، وانعدام المشاعر بين الزوجين، وتسبب هذه الأمور وغيرها كثيرا من الآثار الضارة على البيت والأسرة والمجتمع، ولم يترك الإسلام هذا الأمر يستشري في المجتمع بل وضع له العلاج الذي يضمن استقامة البيت، وصلاح الأسرة والمجتمع.
يقول الأستاذ الدكتور مصطفى محمد عرجاوي: أستاذ الفقه والسياسة الشرعية، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت:
الكراهية تعني البغض القلبي، والنفور الذاتي، ويمكن أن نبين أسبابها، ووضع العلاج لها، وأسباب الكراهية قد تكون ظاهرة، وقد تكون باطنة ويمكن إجمال الأسباب الظاهرة لكراهية المرأة زوجها في نقاط معينة، أهمها ما يلي:
1- عدم المعاشرة بالمعروف؛ أي بتوجيه أي نوع من الأذى إلى الزوجة بالقول أو بالفعل أو حتى مجرد التهديد بالعقاب أو بالطلاق أو بالتجسس عليها بلا دواعٍ لذلك.
2- عدم الإنفاق عليها بصورة ملموسة يؤدي إلى حرمان الزوجة ربما من الضرورات؛ بسبب بخل الزوج عليها أو على أبنائه، بالرغم من سعة يده وظهور غناه وقدرته على الإنفاق المعتدل بلا إفراط أو تفريط، وهذا البخل والتقتير يُعتبر من أهم وأبرز الأسباب الظاهرة لكراهية المرأة زوجها.
3-عدم الاعتدال في الغيرة؛ لأنها إذا اندلعت شرارتها فقد تحرق البيت، ولكن عندما تمارس باعتدال فإنها تدخل السرور إلى المنزل، لكنها تعني حفظ المرأة وصيانتها والحرص على كل ما يصون عرضها؛ تعبيرا عن الحب الصادق والغيرة المحمودة.(55/472)
4- عدم كتمان الأسرار الزوجية، وبخاصة ما يتم بينهما في علاقتهما الحميمة؛ وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها"، وقال صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الذين يفعلون ذلك ما روته أسماء بنت يزيد عنه عليه الصلاة والسلام: "...فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون"، وكفى بهذا تنفيرا، وأي تنفير!!
5- وقوع الخيانة الزوجية؛ لأنه لا شيء يجرح المرأة بل يطعنها في مقتل سوى إحساسها بتعلق زوجها بامرأة غيرها، ويتسع جرحها ويشتعل قلبها وتنسحق مشاعرها إذا تأكدت من خيانة زوجها، وقد تسارع إلى إنهاء علاقة الزوجية؛ فلا يمكنها زوجها من مرادها؛ فتزداد كراهيتها له، وربما بلغت حدا يمكن أن يتصور معه وقوع ما لا تحمد عقباه بسبب الكراهية المقيتة.
6- هجر فراش الزوجية بلا سبب مشروع؛ لأن هجر الزوج لزوجته لا يعني بالنسبة لها سوى الكراهية المجسدة والبغض الشديد، وبخاصة عندما يكون بلا حاجة أو ضرورة، ومن غير سبب ظاهر يعود إليها.
الأسباب غير الظاهرة للكراهية
أهم الأسباب غير الظاهرة لكراهية المرأة زوجها تتمثل فيما يلي:
1- غياب أو تغييب مشاعر الحب؛ لأن عدم الشعور بالحب المتبادل بين الزوجين يجعل العلاقة بينهما مجرد مساكنة أو زواج مصلحة بارد لا حياة فيه ولا دفء.
2- افتقاد الشعور بالأمن أو الطمأنينة بسبب توقعها لغدر الزوج بها؛ كونه يهددها تصريحيا أو تلميحيا بالزواج من أخرى؛ لمجرد وقوع خلاف بسيط في وجهات النظر.
3- الامتناع عن إعفاف الزوجة بسبب الإهمال لها أو العجز عن إشباعها لأمر ظاهر أو خفي، واستحياء الزوجة عن الإفصاح عن رغبتها المضطرمة، وشوقها الشديد للمعاشرة.
4- انعدام التوافق النفسي.. يقول ابن حزم في هذا الشأن: ترى الشخصين يتباغضان لا لمعنى ولا لعلة، ويستثقل بعضهما بعضا بلا سبب؛ فالنفور وعدم التوافق النفسي وانقطاع التواصل الروحاني بين الزوجين يعتبر من أدق وأخفى الأسباب، ولعل سببه يرجع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة.. فما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف"، وهذا لا يعني انتشار التباغض بينهما؛ فلربما يحب أحدهما الآخر والآخر يبغضه.. وبالعكس؛ فالحب من طرف واحد أمر واقع ومشاهد ولا ينكره إلا مكابر، وعدم التوافق النفسي هو معول هدم الأسرة إذا لم يتداركه الحرص من الزوجين على الاستمرار لاعتبارات أخرى.
5- انعدام المصارحة وتأخر المصالحة عند وقوع الشقاق أو ظهور أسبابه، وذلك قبل أن يستفحل خطره، ويهدد كيان الأسرة؛ فالكتمان للآلام المجهولة المصدر، وعدم مسارعة الزوج لاسترضاء زوجته عقب استغضابها مباشرة أو بفترة وجيزة، يغرس في نفسها بذور البغض، ويبعث في قلبها نبضات الكراهية.. لاستشعارها الإهانة من زوجها، ولتأخره في جبر ما صدعته هذه الإهانة التي قد لا تغتفر إذا(55/473)
تأخرت المصارحة أو تعثرت المصالحة بسبب التكبر أو العناد أو التقاعس غير المبرر.
آثار الكراهية على عرين الزوجية والمجتمع
إذا استشرت روح الكراهية في الأسرة، واندلعت نيرانها الخفية في جنباتها.. فإنها ستلحق الضرر بالزوجة ذاتها، فضلا عن الزوج والأبناء، ومن ثم المجتمع؛ لأن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع؛ فالكراهية لا يتولد عنها سوى المزيد من النفور؛ ولذلك يدعونا الإسلام إلى بذل المحبة حتى لمن يعادينا من إخواننا أو أخواتنا في الدين والإنسانية.. قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)؛ لأن الآثار المدمرة للكراهية قد تدفع بالزوجة إلى التخلص من زوجها غدرا أو العكس.. بل قد تدفع بأحد الزوجين إلى التخلص من ثمار هذه الزوجية بالقتل أو الاضطهاد لفلذات الأكباد من البنين والبنات بلا ذنب ارتكبوه، ولكن ربما يحدث هذا بسبب الكراهية المنغرسة في قلب الزوجة لسبب ظاهر أو خفي، والمجتمع في النهاية هو الذي يتحمل نتائج هذه الكراهية بفقده لبنة من لبناته، وهنا تحدث المعاناة من الاضمحلال والتفكك للروابط الاجتماعية بسبب تداعيات هذه الكراهية؛ لأن الأم مدرسة من يحسن إعدادها يحصد أمة طيبة الأعراق قوية متماسكة مترابطة متراحمة، وتلكم أخطر الآثار الناجمة عن كراهية المرأة زوجها.
العلاج الإسلامي لكراهية المرأة زوجها
لا داء بلا دواء، لكن قد يعرفه من يعرفه، وقد يجهله من يجهله؛ فالبحث عن الدواء لمعالجة الداء بعد الفحص والتشخيص أمر لا مناص منه، وداء الأبدان قد يكون من اليسير علاجه، لكن داء النفوس وما ينطمر فيها من كراهية عميقة أو بغضاء شديدة قد تعجز عنه أنجع الأدوية وأكثرها فاعلية في ظلال الحياة الطبيعية أو السوية؛ لأن الكراهية سرطان خبيث و"إيدز" العصر الحديث الذي قد يقاوم الدواء، ويعمل على استشراء واستفحال البلاء بانتشار الداء في النفس البشرية الضعيفة لتعاني منه ومن ويلات ربما حتى الممات، لكن خالق النفس البشرية الذي سواها -جل في علاه- يعلم ما ينضوي في نفوس مخلوقاته مصداقا لقوله تعالى {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14).. بلى يعلم علما تاما شاملا؛ لذلك شرع الدواء الناجع لتلكم الكراهية التي تهدد كيان الأسرة، وتنال من نفس وبدن الزوجة بلا ذنب أحيانا ولا جريرة، ويتمثل العلاج الإسلامي لداء كراهية المرأة زوجها فيما يلي:
1- توافر أسباب الوقاية من سرطان الكراهية قبل الزواج:
الكراهية لا تتولد في لحظة واحدة.. بل تتولد عندما تتوافر بواعثها أو أسبابها الظاهرة أو الخفية، والإسلام يحض على مراعاة مشاعر المرأة عند خطبتها؛ فيدعو إلى الأخذ برأيها، والاستجابة لرغبتها المشروعة، ولا أدل على ذلك مما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاءته صلى الله عليه وسلم فتاة، فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع به خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء، ولا بد من(55/474)
مراعاة الكفاءة –في الأصل– يقول الزيلعي: "النكاح يعتد للعمر، ويشتمل على أغراض ومقاصد كالازدواج، الصحبة، الألفة وتأسيس القرابات، ولا ينتظم ذلك عادة إلا بين الأكفاء".
ومن مزايا الخطبة أنها تمكن الخاطب من النظر إلى من يرغب في الارتباط بها، وتمكنها هي أيضا من النظر إليه؛ حتى يطمئن قلبها، ويشعر بالألفة والمحبة تجاه من يخطبها بالقدر الذي يشعر به هو أيضا؛ فلا يكفي الاعتداد بمشاعر خاطب على حساب مخطوبة، بل يعتد برغبتيهما معا؛ فقد ورد عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، أي يؤلف بين قلوبكما، ويجمع شملكما على المودة والرحمة، والأحاديث كثيرة في هذا الشأن، كلها تدعو إلى النظر إلى كل ما يدعو إلى الارتباط، وإشباع نهم الرغبة بعد الزواج؛ لأن من أهم أهداف النكاح إعفاف الزوجين، ولا يتحقق ذلك بصورة مثلى –غالبا- إلا عن قناعة وطيب نفس ومحبة، أو توافق وقبول من الطرفين، وهذه البداية هي أنجح السبل للوقاية من نيران الكراهية التي قد تحتدم بعد الزواج والوقاية خير من العلاج.
ب- توافر أسباب النجاح للعلاقة بعد الزواج:
القلب يتقلب بين الحب والبغض والمودة والنفور، والنفس يعتريها الرضا والسخط، وهي عرضة للسلوان والنسيان بمرور الزمان لأخطر ما قد يحيق أو ينزل بها من أحداث جسام غالبا.. تلكم هي الطبيعة البشرية، ومن هنا جاء العلاج والدواء الإسلامي لاجتثاث جذور الكراهية، وتحصين علاقة الزوجية من براثن داء الكراهية الذي قد يستشري لأسباب واهية من خلال المنهج الإسلامي المتمثل فيما يلي:
1- الدعوة إلى الصبر أو التصبر، وينبغي للزوجة أن تتعلم كيف تحب زوجها؛ فإن العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، والحب يتحقق ببذل المزيد من الحب لكي يحدث التجاوب بين الطرفين.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر".. فالحديث يحض على عدم التباغض بين الزوج وزوجته؛ لأن لكل واحد منهما من الصفات أو الخصال ما يشتمل على الحميد والذميم، والكمال لله وحده جل في علاه.. فلتنظر المرأة للصفات الحميدة في زوجها، ولتصبر صبرا جميلا حتى يتحقق لها الخير بفضل التمسك بتلابيب هذا الصبر الجميل.
2- علاج نشوز الزوجة بالسبل الشرعية بلا إفراط أو تفريط؛ وذلك لحسم ووأد مادة الكراهية في مهدها؛ فلا تتمكن من قلب الزوجة، ولا تجد السماحة والرضا، وهذا الحل حاسم مصداقا لقوله {إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} (النساء: 35).
3- توافر أسباب إنهاء العلاقة الزوجية بصورة سلمية عند استحكام النفور؛ فلا يمكن إجبار زوجة على الاستمرار مع زوج تبغضه، أو لا تطيق العيش معه، وذلك بعد استنفاد جميع أدوية وسبل تلاقي إنهاء الرباط المقدس الذي يجمعهما، وبخاصة ما نص عليه الشارع الحكيم جل وعلا، عندئذ لا مناص من اللجوء إلى الحلول والأدوية الإسلامية للتخلص من داء الكراهية بصورة سوية، وبغير تداعيات سلبية(55/475)
شديدة أو غليظة على الأسرة؛ فشرع الإسلام نقض عرى الزوجية المتهالكة بإحدى الوسائل التالية:
4- إعطاء الزوجة الحق في طلب الطلاق بصورة ودية من زوجها إذا ما توافرت أسبابه.
5-إعطاء الحق في طلب الخلع؛ وذلك برد ما أخذته من مهر، أو بحسب الاتفاق.
6- إعطاء الزوجة الحق في اللجوء إلى القضاء لطلب التطليق للضرر أو للكراهية إذا كانت أسبابها ظاهرة، أو تتمثل في جرم وقع على الزوجة؛ فيمكنها إثباته للتخلص من هذه الزيجة.
تلكم هي أسباب التداوي والعلاج الإسلامي لكراهية الزوج زوجها.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
منع الزوجة من الخروج للعمل ... العنوان
هل يجب على الزوجة إذا أرادت أن تعمل استئذان زوجها في ذلك ؟ وهل يجوز له منعها متى شاء ؟ وهل يجوز أن تشترط عليه قبل العقد أن تعمل ؟ وهل يعتبر هذا شرطا واجب النفاذ؟ وهل يجوز للزوج الرجوع عن موافقته بعد العقد؟
وهل يجوز للزوج أن يشترط عليها المساعدة في نفقة البيت جراء موافقته لها بالعمل؟ وهل تكون شريكته في البيت إذا ساعدته في تكوينه؟ أم أن ذلك يذهب سدى؟ وهل يحق له منعها من العمل بقصد الإضرار بها؟ وهل يجوز لها الاستمرار في العمل بقصد الإضرار به؟
... السؤال
23/04/2005 ... التاريخ
مجمع الفقه الإسلامي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
العلاقة بين الزوجين تقوم أول ما تقوم على المودة والرحمة والعشرة بالمعروف قبل أن تقوم على الحقوق والواجبات، وعلى الزوج أن يوفر لزوجته المسكن والغذاء والكسوة والدواء بحسب قدرته ويساره بالمعروف .
وعلى الزوجة – وقد توفر لها ذلك – أن تنهض لمهمتها الأساسية من حسن التبعل لزوجها، وحسن إعداد بيت الزوجية ليكون المرفأ الذي يستريح فيه الزوج -بعد كده وعنائه- مع زوجته التي اختارها ليسكن إليها، وتسكن إليه.
وللزوجة أن تشترط على زوجها مزاولة عمل لائق بالمرأة قبل العقد، فإن قبل فعليه الوفاء إلا إذا أضر عملها بمهمتها الرئيسة فله منعها ساعتئذ.
وقد ناقش مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة هذا الموضوع ، وخرج بهذا القرار:-(55/476)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 30 صفر إلى 5 ربيع الأول 1426هـ ، الموافق 9 – 14 نيسان ( أبريل ) 2005م ،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع اختلافات الزوج والزوجة الموظفة ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يأتي :
أولاً : انفصال الذمة المالية بين الزوجين :
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة ، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها ، ولها ثرواتها الخاصة ، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها ، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها .
ثانياً : النفقة الزوجية :
تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف ، وبحسب سعة الزوج وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعاً ، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز .
ثالثاً : عمل الزوجة خارج البيت :
(1) من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل ، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعاً مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية ، والآداب الشرعية ، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية .
(2) إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعاً ، وفق الضوابط الشرعية ، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المُسقط للنفقة .
رابعاً : مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة :
(1) لا يجب على الزوجة شرعاً المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء ، ولا يجوز إلزامها بذلك .
(2) تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعاً لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين .
(3) يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة .
(4) إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات .
خامساً : اشتراط العمل :
(1) يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به ، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
(2) يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد .(55/477)
(3) لا يجوز شرعاً ربط الإذن ( أو الاشتراط ) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءاً من راتبها وكسبها .
(4) ليس للزوج أن يُجبر الزوجة على العمل خارج البيت .
سادساً : اشتراك الزوجة في التملّك :
إذا أسهمت الزوجة فعلياً من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به .
سابعاً : إساءة استعمال الحق في مجال العمل :
(1) للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين ، وهي محددة شرعاً وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم ، والخروج عليها تعدٍ محرم شرعاً .
(2) لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار ، أو ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة .
ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
أسقطت حضانتها مقابل مال ... العنوان
طلق رجل زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى وله ولد منها له من العمر أربع سنوات وحضانة الولد لأمه كما تعلمون وقد اتفق مع مطلقته على أن تتنازل عن حقها في حضانة الولد مقابل مبلغ من المال يدفعه لها ويؤخذ الولد منها فما الحكم في ذلك ؟ وجزاكم الله خيرا ... السؤال
26/02/2005 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
أجاز ابن تيمية وابن رشد المالكي أن تتنازل المرأة عن الحضانة عن حقها في الحضانة مقابل مال تأخذه من مطلقها.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين :ـ
الحضانة عند الفقهاء هي القيام على شؤون الولد وحفظه وتربيته والاعتناء به في جميع مصالحه. والحضانة واجبة شرعاً.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي :(55/478)
[ كفالة الطفل وحضانته واجبة لأنه يهلك بتركه فيجب حفظه عن الهلاك كما يجب الإنفاق عليه وإنجاؤه من المهالك ] المغني 8/237 .
ووجوب الحضانة قد يكون عينياً إذا لم يوجد إلا الحاضن أو مع وجود غيره ولكن الطفل لم يقبل غيره . وقد يكون وجوبها كفائياً إذا تعدد الحاضن .
ومما يدل على مشروعية الحضانة ما ورد في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ( أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أحق به ما لم تنكحي ) رواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الشيخ الألباني حديث حسن كما في صحيح سنن أبي داود 2/430 وحسنه الألباني أيضاً في إرواء الغليل 7/244 .
وأخذاً من الحديث السابق وغيره اتفق العلماء على أن الأم أولى الناس بالحضانة ما دامت شروط الحضانة متحققة فيها قال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[ إن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل أو معتوه فأمه أولى الناس بكفالته إذا كملت الشرائط فيها ذكراً كان أو أنثى وهذا قول يحيى الأنصاري والزهري والثوري ومالك والشافعي وأبي ثور وإسحق وأصحاب الرأي ولا نعلم أحداً خالفهم ] المغني 8/238 .
وقد اختلف الفقهاء في صاحب حق الحضانة من هو ؟ فذهب بعض الفقهاء إلى أن الحضانة حق للحاضن وذهب آخرون إلى أنها حق للمحضون وترتب على هذا الاختلاف اختلافهم في مسائل منها إسقاط حق الحضانة فعند الحنفية إذا اختلعت المرأة من زوجها على أن تترك ولدها عند الزوج فالخلع عندهم صحيح والشرط باطل لأن هذا حق الولد أن يكون عند أمه ما دام محتاجاً إليها .
وقد رجَّح العلامة ابن القيم أن الحضانة حق للحاضن أنظر زاد المعاد 5/451-452 .
ومن العلماء من يرى أنه يجوز للحاضنة إسقاط حقها في الحضانة مقابل مال تتصالح عليه مع زوجها .
وقد سئل ابن رشد المالكي عن رجل طلق امرأته وله منها ولد تحضنه فواطأت زوجها أبا الصبي على أن أسقطت الحضانة بعوض أخذته هل ينفذ هذا العقد بينهما أم لا ؟
فأجاب بما يلي: تصفحت سؤالك هذا ووقفت عليه والذي رأيت فيما سألت عنه على منهاج قول مالك الذي نعتقد صحته أن ذلك جائز لأن الحضانة حق للأم إن شاءت أخذته وإن شاءت تركته واختلف هل ذلك حق لها تنفرد به دون الابن أم لا ؟ فقيل : إنها تنفرد به دونه . وقيل : إنها لا تنفرد به دونه وإن له فيها حقاً معها لأنه إنما وجبت لها من أجل أنها أرفق به من أبيه وأرأف عليه منه وهذا معنى ما يعبر به من الاختلاف في الحضانة . هل هي حق للأم أو للولد ؟
فعلى القول بأنها حق لها تنفرد به دون الابن يلزمها تركها له على عوض أو على غير عوض ولا يكون لها أن ترجع فيها . وعلى القول بأن ذلك حق للولد لا يلزمها تركها ويكون لها أن ترجع فيها إن تركتها أيضاً على عوض أو على غير عوض(55/479)
وترجع في العوض إن كانت تركتها على عوض .
ولا وجه لقول من منع ذلك واحتج بما ذكر لأن ما اتفقنا عليه إنما هو صلح صالحها بما أعطاها على أن أسلمت إليه ابنه وتركت له حقاً في حضانتها إياه . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) . وليس في ترك الحضانة له بما بذل لها ذلك تحليل حرام أو تحريم حلال فوجب أن يجوز ذلك .
وإنما جاز عند مالك وأصحابه رحمهم الله إذا خافت المرأة نشوز زوجها عليها وخشيت مفارقته إياها أن تترك له حقها الذي أوجب الله لها عليه في أن لا يؤثر عليها من سواها من أزواجه على مال يعطيها إياه بدليل قول الله عز وجل :( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ )سورة النساء الآية 128 . جاز أن تترك له حقها في حضانة ولدها منه على مال يعطيها إياه إذ لا فرق في المعنى بين الموضعين ]. ثم ذكر كلاماً في الرد على من منع ذلك انظر فتاوى ابن رشد 3/1546-1547 وانظر المعيار المعرب 4/518-520 . وقال الشيخ محمد عليش في فتح العلي المالك [ وأما إذا أسقطت الحضانة بعد وجوبها فذلك لازم لها وسواء أسقطت ذلك بعوض ، أو بغير عوض ].
وما قرره ابن رشد المالكي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال :
[ وقياس المذهب عندي جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم وغيره ] الاختيارات الفقهية ص249 . وهذا القول قول قوي وجيه انظر ضمان المنافع ص332 .
وأخيراً ينبغي التنبيه إلى أنه وحسب قانون الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الشرعية عندنا فإن الحاضنة إذا اتفقت مع مطلقها على التنازل عن حق الحضانة ثم رجعت عن ذلك ورفعت أمرها إلى القضاء فإن القاضي يحكم لها باستعادة حقها في حضانة الولد لأن الحنفية يرون أن الحضانة حق للمحضون .
وخلاصة الأمر فلا مانع شرعاً من الاتفاق على تنازل الحاضنة عن حقها في الحضانة مقابل مال تأخذه من مطلقها .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
تتهمه بالبخل ويتهمها بالإسراف
سؤال:
السؤال:
بيني وبين زوجتي خلافات شديدة على الأموال وهي تطلب مني باستمرار طلبات كثيرة ومكلفة وحالتي المادية لا تسمح بذلك لانخفاض مستوى الأجور وقد أخبرتها وأهلها بوضعي المالي قبل الزواج وأنا وإياها في شجار دائم هي تتهمني بالبخل وأنا أتهمها بالإسراف وتحميلي ما لا أحتمل فماذا أفعل في هذه المشكلة التي تكاد تبلغ حدّ الإنفصال .(55/480)
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
من أعظم حقوق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها ، ونفقته عليها من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل : الطعام والشراب والملبس والمسكن ، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة لإقامة مهجتها ، وقوام بدنها .
وبالنسبة لما ذكرت من أن زوجتك تشكو من تقصيرك في نفقتها ، فقد أخبر الله عز وجل أن الرجال هم المنفقون على النساء ، ولذلك كانت لهم القوامة والفضل عليهن بسبب الإنفاق عليهن بالمهر والنفقة ، فقال تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ، وقد دل على وجوب هذه النفقة : الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع أهل العلم .
أما أدلة الكتاب : فمنها قوله تعالى : ومنها قوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها ) ، ومنها قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) .
وأما أدلة السنة ، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله ، ومن تحت ولايته ، كما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 8/183 .
وعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : " أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ . " وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ . رواه الترمذي 1163 وابن ماجة 1851 وقال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه ، ولا تضرب " رواه أبو داود 2/244 وابن ماجه 1850 وأحمد 4/446 .
قال الإمام البغوي : قال الخطابي : في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها ، وهو على قدر وسع الزوج ، وإذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقاً لها فهو لازم حضر أو غاب ، فإن لم يجد في وقته كان دينا عليه كسائر الحقوق الواجبة ، سواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته ، أو لم يفرض . أ.هـ
وعن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم(55/481)
يقول : " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " رواه أحمد 2/160 وأبو داود 1692 .
وأصله في مسلم 245 بلفظ : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيّع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان وحسنه في صحيح الجامع 1774 .
وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيبيعه ويستغني به ، ويتصدق منه خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله ، يؤتيه أو يمنعه ، وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " رواه مسلم 3/96 . وفي رواية عند أحمد 2/524 : فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : امرأتك ممن تعول " .
وأما إجماع أهل العلم :
فقال الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/564 : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن ذكره ابن المنذر وغيره .
وما سبق من النصوص الشرعية يدل على وجوب نفقة الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ورعايتهم ، وقد ثبتت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى ، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت صدقة له " رواه البخاري 1/136 ،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/498 : النفقة على الأهل واجبة بالإجماع ، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه ، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر ، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ، ترغيباً لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع أ.هـ
وفي حديث سعد بن مالك رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر ، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 3/164 ومسلم 1628 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ـ أي في عتقها ـ ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم 2/692 .
وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان خرج يسعى على أولاده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله(55/482)
، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان " رواه الطبراني ، صحيح الجامع 2/8 .
وقد فقه السلف رحمه الله تعالى هذا الواجب حق الفهم ، وظهر في عباراتهم ، وما أعظم ما قال الإمام الرباني عبد الله بن المبارك رحمه الله حيث قال : لا يقع موقع الكسب على شيء ، ولا الجهاد في سبيل الله . السير : 8/399 .
ومن جهة أخرى فعلى زوجتك أن تعلم أن إنفاق الزوج إنما هو بحسب إمكانياته ووضعه المادي ، كما قال تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ) فلا يحق لها أن تتعنت في معاملة زوجها بكثرة طلباتها وإرهاقه في النفقة عليها ، فإن ذلك من سوء العشرة . ولعلك إذا استجبت لها في طلباتها المعقولة وذكّرتها دون منّة ولا إيذاء بما وفّيت لها من الطلبات تتمكّن من امتصاص بعض فورتها وإقناعها بالكفّ عن المزيد من المطالبات ، وكذلك المناقشة الهادئة - دون مراء - في درجة أهمية بعض ما تطلبه وأن توفير هذا المبلغ لأمر أهم كدفع إيجار البيت ونحو ذلك يُمكن أن يُؤدي إلى اقتناعها بالتنازل عن طلبها .
واعلم بأن كثيرا من النّقص المادي يُعوّض بالكلام الطيّب والوعد الحسنُ ولمّا ذكر الله تعالى في كتابه إيتاء ذوي القربى وصلتهم بالمال ذكر عزّ وجلّ تصرّف الإنسان الذي لا يجد ما يصل به أقاربه فقال سبحانه : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورًا (28) الإسراء ، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : وقوله: "وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك" الآية : " أي إذا سألك أقاربك ومن أمرناك بإعطائهم وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لفقد النفقة "فقل لهم قولا ميسورا" أي عدهم وعدا بسهولة ولين إذا جاء رزق الله فسنصلكم إن شاء الله ." واعلم بأن حسن الخُلق يُنسيها ما أنت فيه من الضائقة فعليك بالصبر والمعاملة الحسنة مع تكرار نصحها ودعوتها ، فإن عسرت المعيشة وازداد الوضع سوءاً بينكما حتى وصل إلى طريق مسدود ولم تُفلح جهودك في درء الشرّ وصارت الحياة لا تُطاق فإن الله تعالى قد شرع الطلاق في مثل هذه الحال وقد يكون فيه خير للطرفين كما قال تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته ، وكان الله واسعاً عليماً ).
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
تحريم المرأة لزوجها وأثره على الحياة الزوجية ... العنوان
تخاصمت مع زوجي فسبني مسبة قذرة جداً ... فأقسمت أن أحرم على نفسي أن أعيش معه وقصدت بالعيش معه الحياة الزوجية فهجرته وهجرني أسبوعاً ثم تصالحنا وصمت ثلاثة أيام كفارة عن فما حكم ذلك؟ ... السؤال
15/12/2004 ... التاريخ
د.حسام الدين بن موسى عفانة ... المفتي
... ... الحل ...(55/483)
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فتحريم المرأة العيش مع زوجها لا أثر له على الزواج ولا عبرة به ولكنه أمر محرم، فلا يجوز للمسلم –وكذا المسلمة- أن يحرم ما أحل الله له، ويجب على الزوجة أن تكفر كفارة يمين، وهي أن تطعم عشرة مساكين أو تكسوهم، ولا يجوز الانتقال إلى الصوم إلا عند العجز عن الإطعام والكسوة..
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
الأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة والمحبة والتفاهم قال تعالى :( وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الروم الآية 21 . قال بعض أهل التفسير : المودة المحبة والرحمة الشفقة وقال ابن عباس رضي الله عنهما :[ المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياها أن يصيبها سوء ] تفسير القرطبي 14/17 .
ولكن من المشاهد أنه لا بد أن تشوب الحياة الزوجية مشكلات ونفور بين الزوجين ومهما حصل من مشكلات فلا يجوز استعمال الألفاظ البذيئة فذلك محرم على الزوجين فقد ورد في الحديث عن ابن عمر النبي صلى الله عليه وسلم قال :(ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه. كما ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الكلام فوق ثلاثة أيام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري ومسلم.وأما الهجر في المضجع المذكور في قوله تعال {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع} سورة النساء الآية 34. فهذا الهجر سببه النشوز وأجازه جماعة من العلماء إلى شهر كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً.
إذا تقرر هذا فإن تحريم المرأة العيش مع زوجها أو تحريمه إياه على نفسها لا أثر له على الزواج ولا عبرة به ولكنه أمر محرم فلا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله له ، لأن ذلك من الاعتداء على شرع الله ويدل على ذلك قوله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) -المائدة :87 -.
وإنما يعتبر هذا التحريم يميناً على الراجح من أقوال أهل العلم.فهذه المرأة حرمت على نفسها ما أحل الله تعالى فيلزمها كفارة يمين ويدل على ذلك قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) سورة التحريم الآيتان1-2 .
فالله سبحانه وتعالى سمَّى تحريم ما أحل الله يميناً ، وفرض تحلة اليمين ، وهي كفارة اليمين ، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ ويروى نحو هذا عن ابن مسعود والحسن وجابر بن زيد وقتادة وإسحاق وأهل العراق ، وقال سعيد بن جبير ، فيمن(55/484)
قال الحلال حرام عليَّ ، يمين من الأيمان يكفرها .... وعن الضحاك ، أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا الحرام يمين .... ] المغني 9/508 .
وقد ثبت في الحديث ، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب ابنة جحش ، ويشرب عندها عسلاً ، فتواصيت أنا وحفصة ، أنَّ أيَتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل: " إني لأجد ريح مغافير ، أكلت مغافير ؟ - وهو نوع من النبات له رائحة كريهة - فدخل على إحداهما فقالت له ذلك ، فقال: لا بأس شربت عسلاً عند زينب ابنة جحش ، ولن أعود ، فنزلت الآية (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ .... إلى ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا (لعائشة وحفصة) ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا )-لقوله بل شربت عسلاً ) رواه البخاري ومسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ وسبب نزول هذه الآية إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية القبطية ، وعلى التقديرين فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية وليس يميناً بالله ، ولهذا أفتى جمهور الصحابة ، كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم ، أن تحريم الحلال يمين مكفرة ] مجموع الفتاوى 35/271 - 272.
وروى عبد الرزاق في المصنف بسنده عن الحسن البصري قال: " إن قال: كل حلالٍ عليَّ حرام ، فهو يمين ، وكان قتادة يفتي به " المصنف 6/402 .وروى ابن أبي شيبة بأسانيده عن عمر وعائشة وابن عباس أنهم قالوا: " الحرام يمين " المصنف 5/37.
وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن عمر بن ذر قال: " سألت الشعبي عن رجلٍ قال " كل حلالٍ عليَّ حرام " ، قال: لا يوجب طلاقاً ولا يحرم حلالاً ، يكفر عن يمينه " المصنف 5/75 .
وبناءً على ما تقدم فيلزم هذه المرأة أن تكفر كفارة يمين وصومها ثلاثة أيام لا يصح كفارةً ليمينها إلا إذا عجزت عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى :(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة المائدة الآية 89.
فكفارة اليمين إما إطعام عشرة مساكين أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة على التخيير أي أن الحالف يختار واحدة من هذه الخصال الثلاث فإذا كان فقيراً عاجزاً عن التكفير بإحدى هذه الخصال فإنه يصوم ثلاثة أيام وبناء على ذلك لا يجوز التكفير بصيام ثلاثة أيام إذا كان الشخص قادراً على ما سبق . ويجوز إخراج قيمة الإطعام أو الكسوة نقداً كما هو مذهب الحنفية .
وينبغي أن يعلم أنه كما اعتبرنا تحريم المرأة زوجها على نفسها لا أثر له على الزواج فكذلك لو تلفظت المرأة بطلاق زوجها أو ظاهرت منه ونحو ذلك فكله يعتبر لغواً لا أثر له على الزواج لأن العبرة أن يصدر الطلاق أو الظهار من الزوج وعلى(55/485)
ذلك دلت النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } سورة الأحزاب الآية 49 وقال تعالى { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف }سورة البقرة الاية231 . وقال تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم} –المجادلة: 3-.
وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الطلاق بيد الزوج لا بيد غيره كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه( قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها . قال فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: ( يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق ) رواه ابن ماجة والدار قطني والبيهقي وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 7/108.وقال العلامة ابن القيم [ وحديث ابن عباس المتقدم وإن كان في إسناده ما فيه فالقرآن يعضده وعليه عمل الناس] زاد المعاد في هدي خير العباد 5/ 278.
وخلاصة الأمر أن تحريم هذه المرأة العيش مع زوجها لا أثر له على الزواج ويعتبر يميناً وتلزمها كفارة اليمين المذكورة في الآية الكريمة كما بينت .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة بين الكراهة والتحريم ... العنوان
هل من حق الزوج أن يتسلط على زوجته ويعاقبها بالضرب لأول خطأ ولأتفه الأسباب؟ فهل الإذن في ضرب الزوجة إذن عام دون قيد أو شرط أم أن الأمر له ضوابط وشروط؟
... السؤال
13/12/2004 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب والتراحم، والآيات والأحاديث التي تحث على إكرام الزوجة والإحسان إليها كثيرة، ولا يجوز أن تعاقب الزوجة لمجرد أول خطأ تقع فيه بل يجب النصح والوعظ والتذكير مرة بعد مرة، وإن بدا منها الإصرار فتهجر في المضجع، وإذا لم يجد فتُضرب -إذا كان الضرب مجديا- ولكن ضربا غير مبرح مع تجنب الوجه والأماكن الحساسة في جسدها، فهو استثناء من الأصل وفي الحديث (لا يضرب خياركم). والضرب إنما أبيح حين يكون فيه صلاح المرأة واستقامتها من أجل أن تستقيم الحياة الزوجية وألا يكون مصيرها التفكك والضياع.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:(55/486)
يقول الله تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) سورة النساء /34 . قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: " قوله تعالى (واضربوهن) أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولاً ، ثم بالهجران ، فإن لم ينجعا فالضرب ، فإنه هو الذي يصلحها ويحملها على توفية حقه ، والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح .... ".
ولا شك أن ضرب الزوج لزوجته مشروع ، والضرب إحدى وسائل التأديب ، ولكن لا يجوز للزوج أن يبادر إلى ضرب زوجته ابتداءً ، ولا بد أن يعظها أولاً ، فإن نفع الوعظ فبها ونعمت ، وإن لم ينفعها الوعظ هجرها في المضجع ، فإن أخفق الهجر في ردها إلى جادة الصواب ، فإنه حينئذ يلجأ إلى الضرب ، وليس المقصود بالضرب إلحاق الأذى بالزوجة كأن يكسر أسنانها أو يشوه وجهها ، وإنما المقصود بالضرب هو إصلاح حال المرأة ، ويكون الضرب غير مبرح ، وكذلك لا يجوز الضرب على الوجه والمواضع الحساسة في الجسد.
وقد ورد في ذلك أحاديث منها : - قوله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ) رواه مسلم .
-قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع : (استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان عندكم ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبتغوا عليهن سبيلاً ، ألا إن لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه الترمذي ، وقال: حسن صحيح .
-وقال الإمام البخاري: باب ما يكره من ضرب النساء ، وقول الله تعالى (واضربوهن) أي ضرباً غير مبرح " ، ثم ساق البخاري بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر اليوم )
وقال الحافظ ابن حجر معلقاً على عنوان الباب: فيه إشارة إلى أن ضربهن لا يباح مطلقاً ، بل فيه ما يكره كراهة تنزيه أو تحريم " فتح الباري 11/214 .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما ضرب رسول الله شيئاً قط ، ولا امرأة ولا خادماً ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذا ضرب أحدكم ، فليتق الوجه) رواه مسلم.(55/487)
وعن معاوية بن حيدة قال: قلت يا رسول الله : ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال: ( أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ) رواه أبو داود ، وقال الألباني: صحيح.
وخلاصة الأمر ، أنه لا يجوز للزوج أن يضرب زوجته ابتداءً ، وإنما يكون ذلك بعد الوعظ ، وبعد الهجران ، ويجب أن يكون الضرب غير مبرح ، فإن الضرب المبرح حرام لما سبق في الأحاديث ، قال عطاء : " الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه ، وقال الحافظ ابن حجر: " إن كان لا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير " فتح الباري 11/215 . وعلى الزوج أن يتجنب ضرب الوجه والمواضع الحساسة في الجسد . أ.هـ
ويقول الدكتور مراد هوفمان -مفكر إسلامي غربي-:
إن بيان القرآن الذي يبيح للرجل ضرب الزوجة الناشز، والذي يصر كثيرون على فهمه فهماً خاطئاً في معظم الحالات، إنما يهدف إلى صيانة الحياة الزوجية، وحمايتها وتقويمها، كما تنص على ذلك الآية الرابعة والثلاثون من سورة النساء: (... واللاتي تخافون نُشوزُهنَّ فعظوهنَّ واهجروهنّ في المضاجع، واضربُوهنَّ، فإن أطعنكُم فلا تَبغُوا عليهنًّ سبيلاً، إن اللهَ كان عليّاً كبيرا).
وتتفق السنّة والآثار الموقوفة جميعاً على أن المقصود هنا الإرشاد لإنقاذ كيان الزيجة التي يتهددها الفشل، وألا يتسرع الزوج الغاضب لنشوز زوجته في تطليقها، ذلك أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، كما هو مشهور في الحديث النبوي.
كذلك، فليس المقصود بالضرب البطش باليد أو بالسوط أو بأية آلة، إلا إذا كانت تلك الآلة لا تحدث أي جرح أو تسيل دماً، فيكون رمزاً للتأنيب والتأديب، كأن يضرب الزوجُ الزوجَ الناشزة بمنشفة أو مروحة من الورق ونحو ذلك. أ.هـ
ويقول الشيخ عصام الشعار –الباحث الشرعي بالموقع-:
ضرب الزوجة الإذن فيه ليس على إطلاقه وإنما مقيد بنشوزها، وأن يكون مفيدا في إصلاحها وتقويمها، والنشوز معناه الخروج عن الطاعة الواجبة ولا يكون نشوزا إلا إذا بدا منها الإصرار على معصية الزوج ومخالفته بامتناعها عن أداء حقه وخروجها من بيته دون إذنه، ونحو ذلك مما يجب عليها، وكما قال الفقهاء على الزوج وعظ زوجته بما يلين قلبها لقبول الطاعة واجتناب المنكر فإذا لم يفد الوعظ هجرها في المضجع ، فإذا لم يفد الهجر جاز للزوج ضربها ضربا غير مُبرِّح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، وضرب الزوجة ليس على إطلاقه في هذا الحالة بل هو مقيد بأن يغلب على ظن الزوج أنه يفيد في تأديبها، فإن ظن عدم إفادته فلا يجوز له ضربها.
بل جاء في كتاب أحكام القرآن لابن العربي –الفقيه المالكي- (قال عطاء –من فقهاء التابعين-: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه , ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء , فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب هاهنا أمر إباحة , ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة : { إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه , ولعله أن يضاجعها من يومه } . وروى ابن نافع عن(55/488)
مالك عن يحيى بن سعيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استؤذن في ضرب النساء , فقال : اضربوا , ولن يضرب خياركم" . فأباح وندب إلى الترك . وإن في الهجر لغاية الأدب . والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك ; فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة ; ومن النساء , بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب , فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب , وإن ترك فهو أفضل . قال بعضهم وقد قيل له ما أسوأ أدب ولدك فقال : ما أحب استقامة ولدي في فساد ديني.
ويقال : من حسن خلق السيد سوء أدب عبده . وإذا لم يبعث الله سبحانه للرجل زوجة صالحة وعبدا مستقيما فإنه لا يستقيم أمره معهما إلا بذهاب جزء من دينه , وذلك مشاهد معلوم بالتجربة . فإن أطعنكم بعد الهجر والأدب فلا تبغوا عليهن سبيلا . )
والضرب يؤدي إلى وقوع الإنسان في الخطأ إذا تجاوز الحد المأذون فيه شرعا، وبخاصة أنه في الغالب يكون ثورة للنفس، وردا لفعل وليس بقصد التأديب.
أما الضرب المبرح، فقد نهى عنه الشارع حتى وإن كان فيه صلاح الزوجة واستقامتهاوجاء في حاشية الدسوقي لابن عرفه المالكي (ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم الزوج أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه والقصاص).
فمراحل التأديب عند نشوز الزوجة إذن هي الوعظ والتذكير بالله ويليه الهجر، ثم الضرب إذا كان يفيد في إصلاحها وتقويمها، ولا ينتقل إلى مرحلة إلا إذا لم يُجدِ ما قبلها.
وذهب عبد الله بن عباس –رضي الله عنه- إلى أن الزوجة إذا أطاعت زوجها في المضجع، فليس له ضربها.
وروى ابن جريج عن عطاء قال : " الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه " . وقال سعيد عن قتادة : "ضربا غير شائن " . وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المرأة مثل الضلع متى ترد إقامتها تكسرها , ولكن دعها تستمتع بها".
وقال الحسن: "واضربوهن" قال: " ضربا غير مبرح وغير مؤثر ".
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيها الناس , إن لكم على نسائكم حقا , ولنسائكم عليكم حقا ; لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه , وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة , فإن فعلن فإن الله تعالى قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح , فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
وفي هذا دليل على أن الناشز لا نفقة لها ولا كسوة , وأن الفاحشة هي البذاء ليس الزنا كما قال العلماء , ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الضرب , وبين أنه لا يكون مبرحا , أي لا يظهر له أثر على البدن يعني من جرح أو كسر.
وأخيرا فالحياة الزوجية هي سكن للزوجين ولا تستقيم إلا بالمودة والرحمة، ولكن الحياة بما فيها من تبعات وهموم لا تخلو من كدر فإذا ما هبت ريح الحياة بما يعكر صفو الحياة الزوجية فعلى كل من الزوجين أن يلين مع صاحبه حتى يصلا إلى شاطئ النجاة، وبالمحبة والرحمة والحوار القائم على الاحترام المتبادل من الطرفين تكون السعادة الحقيقية ولن يكون هناك ما يدعو إلى الشقاق، وما أجمل ما علمنا -(55/489)
رسول الله صلى الله عليه وسلم- (إن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف).
وفي الحديث الذي رواه الدار قطني ( إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصرهم عيوبهم فيتوبوا منها؛ وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا).
وعند الطبراني قال صلى الله عليه وسلم (ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم).
و في صحيح مسلم قال -صلى الله عليه وسلم-: (عليك بالرفق، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)
وفي الحديث أيضا (إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق.).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
الأب يهمل الأسرة ويخرج مع جماعة التبليغ
سؤال:
السؤال : ما حكم الوالد الذي يهمل في أسرته ولا ينفق على أسرته ويتلقى إعانات البطالة وهو يوفر هذه الأموال أما ما تحصل عليه أمي من رعاية الأطفال فينفق على الأساسيات مثل الطعام. فهل غضب أبي علي بسبب المال ولا يتكلم معي إثم علي وهل علي إثم إذا تكلمت مع أمي بدون أبي . أبي يقوم بالدعوة مع جماعات التبليغ ولكنه ليس لديه مسؤولية نحو الأسرة فهل كان الصحابة يفعلون ذلك يتركون أبناءهم ويخرجون للدعوة؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن سبب هذه المشكلة وما شاكلها ، الجهل بكثير من أحكام الشرع ، وعدم فقه المرء ما يلزمه تجاه من يعول ، وما أوجبه الله تعالى عليه من الحقوق والواجبات نحو أسرته .
وإن من أعظم حقوق الزوجة والأولاد النفقة عليهم ، بل إن من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل : الطعام والشراب والملبس والمسكن ، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة والأولاد لإقامة المهجة ، وقوام البدن .
وقد أخبر الله عز وجل أن الرجال هم المنفقون على النساء ، ولذلك كانت لهم القوامة والفضل عليهن بسبب الإنفاق عليهن بالمهر والنفقة ، فقال تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ، وقد دل على وجوب هذه النفقة : الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع أهل العلم والمعقول .
أما أدلة الكتاب : فمنها قوله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ) ، ومنها قوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس(55/490)
إلا وسعها ) ، ومنها قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) .
وأما أدلة السنة ، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله ، ومن تحت ولايته ، كما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 8/183 .
وعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : "( ألا إن لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً ، فأما حقكم على نسائكم ، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) " رواه الترمذي 1163 وابن ماجه 1851 .
وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه ، ولا تضرب " رواه أبو داود 2/244 وابن ماجه 1850 وأحمد 4/446 .
قال الإمام البغوي : قال الخطابي : في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها ، وهو على قدر وسع الزوج ، وإذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقاً لها فهو لازم حضر أو غاب ، فإن لم يجد في وقته كان دينا عليه كسائر الحقوق الواجبة ، سواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته ، أو لم يفرض . أ.هـ
وعن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " رواه أحمد 2/160 وأبو داود 1692 .
وأصله في مسلم 245 بلفظ : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان .
وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيبيعه ويستغني به ، ويتصدق منه خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله ، يؤتيه أو يمنعه ، وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " رواه مسلم 3/96 . وفي رواية عند أحمد 2/524 : فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : امرأتك ممن تعول " .
وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أعطى الله أحدكم خيراً فليبدأ بنفسه وأهل بيته " رواه مسلم 1454 .
وأما إجماع أهل العلم :(55/491)
فقال الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/564 : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن ذكره ابن المنذر وغيره .
وما سبق من النصوص الشرعية تدل على وجوب نفقة الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ورعايتهم ، وقد ثبت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى ، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت صدقة له " رواه البخاري 1/136 .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/498 : النفقة على الأهل واجبة بالإجماع ، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه ، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر ، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ، ترغيباً لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع أ.هـ
وفي حديث سعد بن مالك رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر ، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 3/164 ومسلم 1628 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ـ أي في عتقها ـ ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم 2/692 .
وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان خرج يسعى على أولاده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان " رواه الطبراني ، صحيح الجامع 2/8 .
وقد فقه السلف رحمه الله تعالى هذا الواجب حق الفهم ، وكان نبراساً في حياتهم العملية مع أهليهم ، وما أعظم ما قال الإمام الرباني عبد الله بن المبارك رحمه الله حيث قال : لا يقع موقع الكسب على شيء ، ولا الجهاد في سبيل الله . السير : 8/399 .
فلا يجوز لمسلم أن يضيّع أهله ولو زعم أنّه يُسافر في برّ وطاعة لأنّ تضييع الأهل وعدم الإنفاق عليهم حرام وقد تقدّمت نصيحة عبد الله بن عمرو لمن أراد أن يُقيم في بيت المقدس بأنّه يجب عليه أن يتدبّر أمر نفقة أهله أولا ، فعليك أيها السائل أن تنصح والدك بمقتضى هذا الجواب وتبيّن له الأمر بلطف ، وإذا قمت بسدّ الثغرة ومعالجة الإهمال الذي وقع فيه والدك وتعويض النّقص من مالك بحسب استطاعتك(55/492)
فلك أجر عظيم إن شاء الله ، نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة .. شبهة ورد ... العنوان
كيف يمكننا أن نجيب على من يستند إلى آية ضرب النساء ويقول بأنّ الإسلام أساء معاملة المرأة؟ ... السؤال
16/06/2004 ... التاريخ
الشيخ فيصل مولوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فالله سبحانه وتعالى حين أباح للزوج أن يضرب زوجته لم يكن ذلك على إطلاقه ولمجرد خطأ الزوجة، ولكن شرع الضرب كوسيلة من وسائل الإصلاح عند نشوز الزوجة وإصرارها على عصيان أوامر زوجها والتعالي عليه، وهذه الوسيلة استثنائية حين لا يجدي النصح والهجر، والترتيب بين هذه الوسائل واجب عند جمهور الفقهاء، والضرب ليس انتقاما بل ضربا غير مبرح إذا كان يرجى من ورائه الإصلاح، وإلا فالله سبحانه وتعالى علمنا قوله الكريم (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وإليك فتوى فضيلة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:-
قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) آية: 34 سورة النساء.
هذه الآية من سورة النساء تبيّن أولاً رعاية الزّوج لزوجته وحمايتها وكفايتها بالنفقة عليها من ماله الخاص.
ثمّ تبيّن الآية صنفين من النساء. الصنف الأوّل: (الصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله). والصنف الثاني: (واللاتي تخافون نشوزهنّ). فالأولى المرأة الصالحة والثانية المرأة الفاسدة وهي التي تمرّدت على حقوق زوجها فلم تجبه إليها.
وممّا لا شكّ فيه أنّ الحياة مع المرأة الثانية صعبة لا بدّ من إصلاحها لتعود إلى مجراها الطبيعي. وهناك طرق لمعالجة هذا السلوك المنحرف وقد وضع القرآن الكريم خطوات على طريق إصلاحها وتقويمها.
1- الخطوة الأولى: أن يعظها ويقول لها إتّقي الله فإنّ لي عليك حقاً وارجعي عمّا أنت عليه... فإن هي لم ترجع وأصرّت على نشوزها انتقل الزّوج إلى الخطوة الثانية.(55/493)
2- الخطوة الثانية: أن يهجرها فيترك جماعها أو يترك النوم في غرفتها، وإن هجرها في الكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، فإن هي لم ترجع وأصرّت فمن المعلوم أنّ هذا المكابرة ضرب بعرض الحائط لكلّ ما تقدّم من الوعظ والإرشاد والهجر. وهذا كلّه إذا كان هو صاحب حقّ فعلاً، وإذا كانت هي صاحبة تمرّد على حقوقه فعلاً، وهنا أصبحت هي أقرب إلى الطلاق والفراق. وهذا يؤدي إلى ضياع الأولاد وربما تشرّدهم وبالتالي يؤدي إلى دمار الأسرة وتخريبها فهو بين هذا وبين أن يقوم بالخطوة الثالثة.
3- الخطوة الثالثة: الضرب الخفيف غير المبرح كالضرب بالسواك ونحوه كما قال عطاء عسى أن تكون وسيلة ناجحة في إصلاحها وهذا الضرب لا شكّ هو شرّ ولكن هو الآن بين شرّين فاختار أهونهما ومع هذا كلّه قال الفقهاء: والأفضل ألاّ يضرب.
وإذا رجعنا إلى سيرة الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) نجد أنّه لم يستعمل الضرب مع نسائه مطلقاً وإنّما كان إذا بدر منهنّ ما يكرهه كان يخيّرهنّ بين الطلاق بالمعروف أو البقاء معه على تصحيح ما بدر منهنّ فكنّ يخترن النبي (صلَى الله عليه وسلَم) ويعتذرن عمّا بدر منهنّ. وتارة يحرّم شيئاً من الحلال على نفسه بسبب سؤء تصرّف تجاهه من بعض نسائه كما حرّم العسل على نفسه فنزلت الآية بسبب ذلك: (يا أيها النبيّ لم تحرّم ما أحلّ الله لك...) سورة التحريم.
ويتبيّن من خلال سيرته عليه الصلاة والسلام أنّه لمّا رفع إليه النساء أنّ أزواجهنّ يضربنهنّ قال: "لا يضرب خياركم".
كما أوصى بالصّبر على المرأة وتحمّلها على اعوجاج مسلكها إن حصل و الآيات والأحاديث كثيرة وفي حجّة الوداع وهي آخر حجّة حجّها عليه الصلاة والسلام وبعدها توفي. خطب بالناس خطبة الوداع على جبل عرفات وقال فيما قال:" أيها الناس استوصوا بالنساء خيراً فإنّهنّ عوان عندكم أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله فاستوصوا بالنساء خيراً." كما أنّني شخصيا:ً لا أفتي بضرب النساء رغم جوازه بشروطه المذكورة لأنّ هناك طرقا أخرى كثيرة تغني عنه خاصّة في المرأة المعاصرة.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
نفرت منه ولا تريد مباشرته في الفراش
سؤال:
أنا أحب زوجتي ، لكنها قالت بأنها لا تحبني . إنها لا تريد الجماع . لقد مارسنا الجنس بالفم في بداية زواجنا . وهي الآن ترى بأن تلك الممارسة نجس . ولذلك ، فقد أعرضت عن الجنس تماما . وقد اتفقنا على أنه كي أتمكن من إشباع حاجاتي، فإن علي أن أتزوج بغيرها . لكن عملي خفض من راتبي بشكل كبير . وأنا أخاف أن أغضب الله إن أنا طلقتها . فهل يجوز لي أن أتزوج بامرأة توافق على رفع بعض مسؤولياتي المالية (تجاهها) إلى أن أتمكن من الإنفاق عليهما معا ؟.
الجواب:(55/494)
الحمد لله
عليك أن تعلم أنه لا يجوز لك أن تجبر زوجتك على ممارسة شيء مستقذر أو يؤدي إلى دخول النجاسة إلى الجوف وأن تسلك في مباشرتها السبيل الطبيعي ، وعلى زوجتك أن تعلم بأنه لا يجوز أن تترك فراش زوجها إذا دعاها إلى أمر مشروع وإلى تلبية حق من حقوقه وهو الاستمتاع لها بما أباح الله ، ولا يجوز للزوجة الامتناع عن فراش زوجها بدون عذر شرعي كأن تكون حائضاً أو نفساء ، وقد جاء الوعيد الشديد للمرأة التي تمتنع عن زوجها والأحاديث في ذلك كثيرة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ) رواه البخاري (بدء الخلق/2998) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ ) رواه البخاري (النكاح/4795) .
< وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا ) رواه مسلم (النكاح/1736) .
وعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ ) رواه الترمذي ( الرضاع/ 1080) .و صححه الألباني برقم 927 في صحيح سنن الترمذي .
والمرأة إذا امتنعت من المبيت مع زوجها في فراشه فإنه يسقط حقها عليه من النفقة والقسم أيضاً لأن النفقة نظير حق الاستمتاع . وهذه المرأة تعتبر ناشزاً قال البهوتي : النُّشُوزِ بِأَنْ مَنَعَتْ زَوْجهاَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً كَأَنْ تَتَثَاقَلَ إذَا دَعَاهَا أَوْ لا تُجِيبُهُ إلا بِكُرْهٍ .
شرح منتهى الإرادات للبهوتي ج 3 ص 55
وَإِذَا نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ فَلا نَفَقَةَ لَهَا لأَنَّهَا أي النفقة فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ
والنشوز هو معصية الزوجة لزوجها فيما يجب عليها له . وقد بيّن الله عز وجل ما يجوز للزوج أن يفعله في حالة نشوز زوجته فقال تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34
قال الفقهاء : فَإِنْ أَصَرَّتْ نَاشِزَةً بَعْدَ وَعْظِهَا هَجَرَهَا فِي المَضْجَعٍ أَيْ : تَرَكَ مُضَاجَعَتَهَا مَا شَاءَ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ وَهَجَرَهَا فِي الْكَلامِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لقوله تعالى : ( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ) . فَإِنْ أَصَرَّتْ مَعَ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ , وَالْكَلامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ شَدِيدٍ .
ويجوز له في هذه الحالة أن يطلقها قال المرداوي : يباح الطلاق عند الحاجة لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها ، وكذلك التضرر منها من غير حصول الغرض . قال : فيباح الطلاق في هذه الحالة من غير خلاف .
الإنصاف ج 8 ص 430(55/495)
أما إذا نفرت منك نفوراً لم تستطع معالجته وكرهتك كرهاً مستمراً فيستحب لك عندئذ الطلاق ، لأن في بقاء النكاح مع هذه الحال ضرراً على الزوجة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا ضرر ولا ضرار ) أهـ
انظر الملخص الفقهي ج 2 ص 305
ولا تعتبر آثماً في طلاقها في هذه الحالة ، وأما بالنسبة لحلّ مشكلتك المالية فإنه يجوز لك أن تتزوج امرأة ترضى بأن تعيل نفسها أو توافق على التنازل عن بعض مسئوليتك المالية تجاها كما يجوز لك أن تصطلح مع زوجك الأولى أن تبقى معك مع التنازل عن بعض حقوقها فإنه يجوز للزوجة أن تُسامح زوجها عن حقها في القسم والنفقة ليمسكها ، وتبقى في عصمته ، لقوله تعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صلحاً والصلح خير )
قالت عائشة رضي الله عنها : هي المرأة تكون عند الرجل .. فيريد طلاقها تقول : أمسكني ولا تطلّقني ، وأنت في حِل من النفقة علي والقَسْم ...
الملخص الفقهي ج2 ص 296
ولأن النفقة حق للزوجة فمتى تصالحا على أن تتنازل عن حقها أو بعض حقها فإن ذلك راجع إليها . وعلى ذلك فإنه متى تنازلت المرأة التي يريد الزواج بها عن نفقتها فإن ذلك جائز . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ـــــــــــــــــــ
زوجها قوي الشهوة فماذا تفعل ؟
سؤال:
تزوجنا منذ 6 أشهر وعندنا مشكلة تتعلق بتنظيم عملية الجماع فهو عنده رغبة قوية جداً وحاولت أن أوفي باحتياجاته لكنني لم أستطع وأصبحت مرهقة وبدنياً غير قادرة على ذلك.
وزوجي وجد أن الموقف سيء وهو ينفصل عني في المنزل . أعلم أن واجبي هو إشباع رغباته لكن ما هي واجباتنا نحو بعضنا البعض ؟
إذا كان أحدنا لا يستطيع مجاراة الآخر رغم نية إرضاء الطرفين : هل يجوز لزوجي أن ينفصل عني بهذه الطريقة؟ وهل يحق له أن يأتي إلي من أجل هذه العلاقة رغم أننا لم نتكلم سوياً ؟
نحن ولله الحمد بالرغم من هذا سعداء مع بعضنا ونحب بعضنا ويحترم كل منا الآخر. ولكننا نريد حلاً إسلامياً لإزالة هذه المشكلة من حياتنا.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، وقد قدَّر جمهور العلماء المدة التي لا يحل للزوج أن يترك الجماع بها أربعة أشهر ، والأصح أن ذلك لا يتحدد بمدة بل الواجب عليه ان يطأها بقدر كفايتها .(55/496)
قال ابن قدامة رحمه الله :
والوطء واجب على الرجل إذا لم يكن له عذر ، وبه قال مالك .
" المغني " ( 7 / 30 ) .
وقال الجصَّاص :
إن عليه وطأها بقوله تعالى : { فتذروها كالمعلَّقة } يعني : لا فارغة فتتزوج ، ولا ذات زوج ، إذا لم يوفها حقها من الوطء .
" أحكام القرآن " ( 1 / 374 ) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ...
" الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) .
ويجب على المرأة أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش ، فإن أبت فهي عاصية .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح " .
رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436 ) .
قال شيخ الإسلام :
يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها .. .. فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة ... ، كما قال تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 145 ، 146 ) .
ولا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع ، فإذا كانت معذورة لمرض أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع .
قال ابن حزم :
وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا أو مريضة تتأذى بالجماع أو صائمة فرض فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة .
" المحلى " ( 10 / 40 ) .
وقال البهوتي :
( وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت ... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها ) فليس له الاستمتاع بها إذن لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف وحيث لم يشغلها عن ذلك ولم يضرها فله الاستمتاع .
" كشاف القناع " ( 5 / 189 ) .
وللزوجة التي يضرها زوجها بكثرة الجماع أن تصطلح مع زوجها على عدد معين تتحمله ، فإن زاد حتى ضرها ذلك فلها أن ترفع أمرها للقاضي ، فيحكم القاضي بعدد معين يلزم الزوج والزوجة به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :(55/497)
ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ، ما لم ينهك بدنه ، أو يشغله عن معيشته ، غير مقدَّر بأربعة أشهر ...
فإن تنازعا : فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة ، وكوطئه إذا زاد .
" الاختيارات الفقهية " ( ص 246 ) .
وحيث لا يوجد الآن في بلدكم قضاء شرعي فعلي الزوجة أن تحاول الاتفاق مع زوجها حول هذا الأمر ، ولتكلمه بصراحة وتذكره بالآيات والأحاديث التي تأمر الزوج بحسن المعاشرة مع زوجته ، وتبين له أنها لم تمتنع عنه إلا لما يصيبها من الضرر ، وأنها حريصة كل الحرص على طاعته وتلبية رغبته والنصيحة للأخت السائلة أن تصبر على زوجها ، وتتحمل الأمر قدر استطاعتها ، ولتعلم أنها مثابة مأجورة على ذلك من الله تعالى .
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في امرأته ، ولا يحملها ما لا طاقة لها به ، وليحسن إلى امرأته ، وليعاشرها بالمعروف ، فإذا كانت شهوته قوية بحيث لا تكفيه زوجة واحدة فلماذا لا يحاول البحث عن حل لهذه المشكلة التي قد تكون سبباً لإفساد العلاقة بينه وبين زوجته ، أو لما هو أخطر من ذلك وهو أن يتجه لإشباع شهوته بطريق محرم .
ومن هذه الحلول التي قد تساعد على حل هذه المشكلة أن يتزوج بأخرى ، فقد أباح الله تعالى للرجل أن يتزوج بأربع بشرط أن يعدل بينهن ، ومن الحلول أيضاً : أن يكثر من الصيام ، فإن الصيام يقلل من الشهوة ، ومنها أيضاً : أن يتناول أدوية تخفف من شهوته بشرط ألا يكون في ذلك ضرر عليه .
والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هجر الزوجة شروطه ومدته ... العنوان
ما المقصود بهجر الزوجة لتأديبها؟ وما مدته؟ وما شروطه؟ مع العلم بأن هناك من هجر زوجته لسنوات عدة؟ ... السؤال
09/08/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
جعل الله تعالى البيت سكنًا، تسوده المودة والرحمة، وجعل الزوج مسئولا عن هذا البيت، فإذا ما تعكر صفو البيت كان على الزوج أن يعيد صفوه، ومن وسائل ذلك الموعظة، والهجر والضرب غير المبرح.
ومدة الهجر ليس لها حد أقصى، بل تقدر بقدرها، ولا تزيد هذه المدة أكثر من اللازم، وحدها الأقصى أربعة أشهر، فهو وسيلة إصلاح لا إضرار.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:(55/498)
الهجر وسيلة من وسائل إصلاح الزوجة أو التأديب، وهو الإصلاح على مراحل ثلاث:
الأولى: الموعظة الحسنة، وذلك بالجلوس مع الزوجة ومناقشة الموضوع سوياً، بالكلمة الطيبة والتوجيه الحسن، هذا إذا كان خطأ الزوجة واضحاً ووصل إلى عصيان الزوج والخروج عن طاعته، أو التقصير في حقوقه.
والثانية: الهجر، والمراد منه ترك فراش الزوجية، في المبيت، وقد يكون الهجر في فراش الزوجية، أو في غير فراش الزوجية، لكن ليس من الهجر ترك البيت، فهذا فهم خاطئ للهجر، ولا يجوز أن يطول الهجر، وإنما يكون بالقدر الذي يصلح الحال، وليس الهجر علاجاً حتمياً، فإن من النساء من لا يصلح الهجر معها، وتصلح معها الكلمة الطيبة والنصيحة، والحوار الهادئ، فالمدة بيد الزوج يقدرها، وقد تكون إطالة المدة سبباً لزيادة المشكلة، وقد ذكر بعض الفقهاء أن أقصى مدة للهجر أربعة أشهر.
الثالثة: الضرب، وهو آخر الوسائل، ولا يصلح إلا لنوع من النساء، وليس النص عليه لوجوب فعله وإنما باعتباره وسيلة قد تصلح مع بعض النساء، ولا يكون الضرب لأمر هين، بل لكبائر الأمور، وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حين قال: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان أي أسيرات عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن، فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً".
وقد قال ابن عباس في تفسير الضرب بأنه الضرب بالسواك ونحوه، وهذا يشير إلى أن الضرب ليس مقصوداً لذاته، ولا للإيذاء، وإنما بمعناه وسيلة تأديب، فمن لا يجدي معها ذلك لا يجوز للزوج أن يفعله، وقد ورد ما يشير إلى أن خيار الرجال لا يفعلون ذلك في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومرجع وسائل التأديب قوله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (34)" (النساء). أ.هـ
ـــــــــــــــــــ
يُظهر الإسلام ولا يحضر إلى المسجد إلا قليلاً فهل نسيء الظن به ؟
سؤال:
رجل يدعي الإسلام وهو من دولة أوربية ، ويقيم في دولة إسلامية ، ولا يحضر إلى المسجد في الصلاة إلا نادراً ، وعندما أكلمه : إني لا أراك تحافظ على وقت الصلاة . يقول : إنه يصلي في البيت ، مع العلم أنه ما زال يحمل إقامة وجواز مسيحي ، ويقول إن لديه شهادة تثبت أنه مسلم ، فما هو واجبنا تجاه هذا الرجل ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب على من ينتسب للإسلام أن يُظهر شعائره ، ويقيم شرائعه ؛ بقدر استطاعته ، وإذا ادعى المسلم أنه أدى العبادات كالصلاة والزكاة فإنه يُصَدَّق في ذلك ، ويقبل قوله .(55/499)
وليس لنا إلا ما ظهر من الناس ، ولم يأمرنا ربنا أن نشق على قلوب الناس ، وليس ذلك في مقدور أحدٍ أصلاً .
والأصل أن يحكم بإسلام كل من تلفظ بالشهادتين ، ما لم يأت بناقض من نواقض الإسلام .
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ) ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا . قَالَ عُمَرُ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ . رواه البخاري (6924) ومسلم (20) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال الخطابي : في الحديث أن من أظهر الإسلام أجريت عليه أحكامه الظاهرة ولو أسر الكفر في نفس الأمر .
ومحل الخلاف إنما هو فيمن اطُّلِعَ على معتقده الفاسد فأظهر الرجوع هل يقبل منه أو لا ؟ وأما مَنْ جُهل أمرُه فلا خلاف في إجراء الأحكام الظاهرة عليه " انتهى . "فتح الباري" (12/279، 280) .
وبما أنك لم تطلع على اعتقاد فاسد عند هذا الرجل ، ولم يأتِ بناقض للإسلام فليس لأحدٍ أن يطعن في انتسابه للإسلام ، والأصل السلامة والبراءة .
واقرأ هذا الحديث وتمعن فيما جاء فيه من حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن الوليد رضي الله عنه .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : . . . فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّقِ اللَّهَ ! قَالَ : وَيْلَكَ ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ ؟! قَالَ : ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ . قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ قَالَ : لا ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي . فَقَالَ خَالِدٌ : وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ ، وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ . رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .
غائر العينين : عيناه داخلتان في موضعيهما .
مشرف الوجنتين : غليظ أعلى الخدين .
ناشز : مرتفع .
وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : ( إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَة . رواه البخاري (2641) .(55/500)
ولا شك أن الصلاة هي خير أعمال المرء ، فبما أنكم رأيتموه يصلي – ولو نادراً - وقد أظهر لكم الإسلام ، فيجب أن يؤمَّن ويُصدَّق ، فأكرموا هذا الرجل ، وأعينوه على تطبيق شعائر الدين ، وعلموه أحكام الشريعة ، وأهمية الصلاة ، وأدائها في جماعة في المسجد ، وأظهروا له حسن خلق الإسلام ، فلو كان غير صادق فلعله يتأثر ويصدق في ظاهره وباطنه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
قص شعر المرأة دون إذن الزوج ... العنوان
هل يجوز للمرأة أن تقص شعرهادون إذن من الزوج ولو كان قليلا ،أم يجب إذن الزوج؟
... السؤال
22/03/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فإن كان الأخذ من الشعر قليلا ، بحيث لا يلحظه الزوج، ولا يغير من شكلها، فلا يشترط فيه إذن الزوج ،أما إن كان ملحوظا يغير من شكلها ، فواجب على المرأة استئذان الزوج ،لأن شعرها نوع من الزينة لزوجها، فوجب استئذانه .
وإليك فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث :
هناك نوع من تقصير الشعر للمرأة لا يحس به الرجل، إذا كان شيئاً قليلاً تعتاده المرأة بين الحين والحين، حتى لا يطول شعرها جداً، ويكلفها جهداً في ترجيله وتمشيطه، وهو معتاد من عامة النساء، ولا يحتاج فيه عادةً إلى إذن من الزوج.
وهناك نوع آخر من التقصير الذي يغير شكل المرأة وصورتها أمام زوجها، وقد ألفها على صورة معينة مدة من الزمن، فإذا هي تفجؤه بصورة أخرى غير مألوفة له، فكأنما هي امرأة جديدة، فهذا اللون من التقصير الظاهر هو الذي يحتاج إلى تفاهم بين الزوجين قبل تنفيذه، حتى تستمر المودة والوئام بينهما.
والأصل في المسلمة أنها لا تكشف شعرها في الطريق، ولا أمام الرجال الأجانب عنها، غير المحارم لها، ومن ثَمَّ يكون الزوج هو أول من يحق له الاستمتاع بجمال شعر زوجته والنظر إليه على الصورة التي يحبها.
والزوجة العاقلة هي التي تحرص على كل سبب يبقي المحبة وحسن العشرة بينها وبين زوجها وينميها، فبهذا تتكون البيوت الصالحة التي هي أساس المجتمعات الصالحة.أ.هـ
ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان أستاذ الشريعة بجامعة الإيمان باليمن :
تقص بعض النساء شعورهن في الوقت الحاضر باعتبار أن هذا القص من نوع الزينة لشعورهن، أو يفعلن ذلك لوجود تجعد في شعورهن لا ينفع معه إلا تقصير(55/501)
الشعر بقص شيء من طوله، فيكون هذا القص بمثابة تزيين وتجميل للمرأة ولشعرها بالذات.
ويبدو لي أن هذا القص سواء كان بسبب التجعد في الشعر أو لغير هذا السبب، وإنما لمحض الزينة في نظر المرأة، هذا القص جائز –كما يبدو لي- لأنه لا يدخل في مفهوم حلق شعر رأس المرأة، وتقصير شعر المرأة للتحلل من الحج جائز، فإلحاق قص شعرها للزينة في حكم الجواز بقص شعر رأسها لتحلل من الحج أولى بحلق رأسها المحظور.
وللزوج حق الطاعة على زوجته و أساس هذا الحق هو ما للزوج من حق القوامية على المرأة إذ لا معنى لحق القوامية بدون حق الطاعة.
وأدلة هذا الحق:
أولاً: قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء..) وقد جاء في تفسير هذه الآية: "وأن عليها –أي على الزوجة- طاعته وقبول أمره –أي طاعة الزوج وقبول أمره- ما لم تكن معصية".
ثانيًا: قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن الله كان عليًا كبيرًا). قال الإمام الكاساني في هذه الآية: "أمر الله تعالى بتأديبهن بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن، ونهى عن ذلك إذا أطعن أزواجهن. بقوله عز وجل: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) فدل أن التأديب كان لترك الطاعة، فدل على لزوم طاعتهن للأزواج.
ثالثًا: وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، قال الرازي في تفسير هذه الآية: "إن الزوج كالأمير والراعي، والزوجة كالمأمور والرعية، فيجب على الزوج بسبب كونه أميرًا وراعيًا أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج.
والزوجة الصالحة هي التي تطيع زوجها، قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات..). قال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: (فالصالحات قانتات) ما يأتي:
"واعلم أن المرأة لا تكون صالحة إلا إذا كانت مطيعة لزوجها؛ لأن الله تعالى قال: (فالصالحات قانتات) وحرف الألف واللام في الجمع يفيد الاستغراق، فهذا يقتضي أن كل امرأة تكون صالحة فهي لا بد أن تكون قانتة مطيعة. قال الواحدي رحمه الله: لفظ القنوت يفيد الطاعة، وهو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج".أ.هـ
ويقول الشيخ ابن باز مفتي السعودية السابق – رحمه الله - :
قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئاً ، المنهي عنه الحلق ، فليس لك أن تحلقي شعر رأسك لكن أن تقصي من طوله أو من كثرته فلا نعلم فيه بأساً ، لكن ينبغي أن يكون ذلك على الطريقة الحسنة التي ترضيها أنت وزوجك ، بحيث تَتَّفِقِين معه عليها من غير أن يكون في القص تشبُّه بامرأة كافرة ، ولأن في بقائه طويلاً فيه كلفة بالغسل والمشط ، فإذا كان كثيراً وقصَّت منه المرأة بعض الشيء لطوله أو كثرته فلا يضرُّ(55/502)
ذلك أو لأن في قصِّ بعضه جمالاً ترضاه هي و يرضاه زوجها فلا نعلم فيه شيئاً أما حلقه بالكلية فلا يجوز إلا من علة ومرض . أ.هـ
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :
قد ثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ...قَالَ : ( وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ )
والوفرة هي ما يُجاوز الأذنين من الشعر
قال النووي : وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
اشترط أهل زوجته أن يصبح غنيا حتى يرجعوا إليه زوجته وبنته
سؤال:
أعاني من مشاكل كثيرة مع أهل زوجتي ، تزوجت ابنتهم ظانا بهم أنهم متشبثون بدينهم ، فتبين لي تشبثهم بالعادات والتقاليد . وكانوا يأخذون مني زوجتي بالقوة وأنا مستضعف في هذه الدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله . ولدت عندهم وهم الآن لا يريدون أن يرجعوا لي ابنتي ولا زوجتي إلا بشروط أن يكون لي غنى فاحش . مع العلم أنهم خيروا زوجتي أن تذهب معي ويسخطوا عليها . أو أن تبقى معهم إلى أن أصبح غنيا . زوجتي تعرف أنني على حق وهم على باطل ولكنها اتبعت سبيلهم . ماذا علي أن أفعل شرعا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ليس للزوجة أن تخرج من بيت زوجها دون إذنه ، وليس لأهلها أن يعينوها أو يحرضوها على ذلك ؛ لما في خروجها وعدم عودتها من عصيان زوجها ، والتمرد عليه ، مما يجعلها ناشزاً .
وأخذهم لابنتك ظلم آخر ، واشتراطهم أن يكون لك غنى فاحش ، حتى يعيدوا لك زوجتك ، ظلم فوق ظلم ، ولا حق لهم في شيء من ذلك ، فمتى ما قبلوا بالزواج وتم العقد وبذل الزوج المهر ، وجب تسليم الزوجة إلى زوجها ، فكيف وقد كانت معه وأنجبت منه !
وأنت لم تذكر شيئا عن حالتك المادية ، وهل تجد ما تنفقه على أهلك أم لا ؟ وهل أنت معسر بالنفقة ، أم لديك ما يكفيك وأهلك ؟
فإن جمهور الفقهاء على إن إعسار الزوج بنفقة زوجته ، مسوغ للفرقة بينهما إذا طلبت الزوجة ذلك ، وأما إذا رضيت به ولم تطالب بالفرقة ، فليس لأحد أن يفرق بينهما .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (5/254 ، 29/58).
ثانيا :
ينبغي لك فعل ما يلي من الخطوات في سبيل إرجاع أهلك :
1- إصلاح ما بينك وبين الله تعالى ، ليصلح ما بينك وبين الناس .(55/503)
2- سؤال الله تعالى أن يكف عنك الظلم ، وأن يكفيك شر كل ذي شر .
3- التفاهم والتناصح فيما بينك وبين أهل زوجتك ، والتعرف على حقيقة موقفهم ، فقد يكون لهم أسباب أخرى غير مسألة الغنى .
4- توسيط أهل الدين والصلاح والرأي ، لنصحهم ، وبيان خطر الظلم والتسلط الذي يمارسونه عليك .
5- رفع الأمر إلى القضاء ، ليتولى إرجاع أهلك وبنتك إليك .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ، وأن يوفقك إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
خروج المرأة لزيارة والديها وأقاربها بدون إذن الزوج
سؤال:
ما الحكم الشرعي في زوجة تركت بيت الزوجية لتعيش في بيت بالإيجار مع بعض أولادها تفاديا لضرب الزوج لها بسبب مرضه النفسي الشديد ؟ مع العلم بأن تأجير البيت كان بعلم الزوج ، وقد مضى على هذا الحال سنة وخمسة أشهر ؟!!
وما حكم خروج الزوجة للمناسبات الاجتماعية ومواصلة الأهل والأقارب ، وعادة ما يكون خروجها للمناسبات برفقة أحد بناتها أو أولادها ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان خروج الزوجة من بيتها ، وسكنها في بيت آخر بإذن زوجها ، فلا حرج في ذلك ، إذا انتقلت إلى مكان تأمن فيه على نفسها وأولادها ، وكذلك إذا كان خروجها اضطرارا ، تفاديا لضرب زوجها الناتج عن مرضه النفسي الشديد .
والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، فإن خرجت دون إذنه ، كانت عاصية ناشزا ، تسقط نفقتها ، وتأثم بذلك . لكن يستثنى حالات الاضطرار ، وقد مثّل لها الفقهاء بأمثلة ، منها إذا خرجت للطحن أو الخبز أو شراء ما لا بد منه ، أو خافت من انهدام المنزل ، ونحو ذلك . "أسنى المطالب مع حاشيته" (3/239).
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/271) : " ( ويحرم خروجها ) أي الزوجة : ( بلا إذنه ) أي : الزوج ( أو ) بلا ضرورة كإتيانٍ بنحو مأكل ; لعدم من يأتيها به " انتهى .
ومن هذا يعلم حكم خروجها للمناسبات الاجتماعية ومواصلة الأهل والأقارب ، فلا تفعل ذلك إلا بإذنه ، سواء كانت تسكن معه ، أو في بيت مستقل .
واختلف الفقهاء في زيارة الزوجة لوالديها خاصة ، هل للزوج أن يمنعها من ذلك ، وهل يلزمها طاعته .
فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس له أن يمنعها من ذلك .(55/504)
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه له أن يمنعها ، ويلزمها طاعته ، فلا تخرج إليهما إلا بإذنه ، لكن ليس له أن يمنعها من كلامهما ولا من زيارتهما لها ، إلا أن يخشى ضررا بزيارتهما ، فيمنعهما دفعا للضرر .
قال ابن نجيم (حنفي) : " ولو كان أبوها زمِنا مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده ، فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا , كذا في فتح القدير . وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم ، فعلى الصحيح المُفتى به : تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه ، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة بإذنه وبغير إذنه " انتهى من "البحر الرائق" (4/212).
وقال في "التاج والإكليل على متن خليل" (مالكي) (5/549) : " وفي العُتْبية : ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ، ويُقضى عليه بذلك ، خلافا لابن حبيب . ابن رشد : هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة , وأما المتجالّة فلا خلاف أنه يُقضى لها بزيارة أبيها وأخيها , وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج " انتهى .
والمتجالة هي العجوز الفانية التي لا أرب للرجال فيها . "الموسوعة الفقهية" (29/294).
وقال ابن حجر المكي (شافعي) : " وإذا اضطرت امرأة للخروج لزيارة والدٍ أو حمام خرجت بإذن زوجها غير متبرجة ، في ملحفة وثياب بذلة ، وتغض طرفها في مشيتها ، ولا تنظر يمينا ولا شمالا ، وإلا كانت عاصية " انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/78).
وقال في "أسنى المطالب" (شافعي) (3/239) : " وللزوج منع زوجته من عيادة أبويها ومن شهود جنازتهما وجنازة ولدها ، والأولى خلافه " انتهى .
وقال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : " طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها " انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (3/47).
وقال في الإنصاف (حنبلي) (8/362) : " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها . بل طاعة زوجها أحق ".
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" : " ما حكم خروج المرأة من بيت زوجها من غير إذنه ، والمكث في بيت أبيها من غير إذن زوجها ، وإيثار طاعة والدها على طاعة زوجها ؟
فأجابت : لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لا لوالديها ولا لغيرهم ؛ لأن ذلك من حقوقه عليها ، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/165).
ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في زيارة الأبوين : ما جاء في الصحيحين في قصة الإفك ، وقول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : " أتأذن لي أن آتي أبوي ". البخاري (4141) ومسلم (2770).
قال العراقي في "طرح التثريب" (8/58) : " وقولها : { أتأذن لي أن آتي أبوي : } فيه أن الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها بخلاف ذهابها لحاجة الإنسان فلا تحتاج فيه إلى إذنه كما وقع في هذا الحديث " انتهى.(55/505)
ومع ذلك فإن الأولى للزوج أن يسمح لزوجته بزيارة والديها ومحارمها ، وألا يمنعها من ذلك إلا عند تحقق الضرر بزيارة أحدهم ، لما في منعها من قطيعة الرحم ، وربما حملها عدم إذنه على مخالفته ، ولما في زيارة أهلها وأرحامها من تطييب خاطرها ، وإدخال السرور عليها ، وعلى أولادها ، وكل ذلك يعود بالنفع على الزوج والأسرة .
وأما ما جاء في السؤال من أن خروجها يكون برفقة أحد بناتها أو أولادها ، فننبه هنا إلى أن المكان الذي تحتاج في وجودها فيه إلى محرم ، لا يكفي فيه مجرد وجود الولد أو البنت الصغيرين ، بل لا بد من محرم تتحقق بوجوده المصلحة الشرعية .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
( ذكر أهل العلم أن من شرط المحرم أن يكون بالغا عاقلا ؛ فإذا بلغ الرجل خمسة عشر عاما ، أو نبت له شعر العانة ، أو أنزل المني باحتلام أو غيره ، فقد بلغ ، وصح أن يكون محرما إذا كان عاقلا .. ) [ فتاوى علماء البلد الحرام ص (1121) ] .
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
هل تصوم نافلة مع منع زوجها الناشز لها ؟
سؤال:
أنا أحاول التقرب من الله بكل الوسائل ، الصلاة فريضة ، ونوافل ، وقياما للثلث الأخير من الليل ، والصوم كل اثنين وخميس ، وغيرها ، إلا أنني علمت أن المرأة يجب أن لا تصوم غير رمضان إلا بإذن من الزوج ، وأنا لا أفعل ذلك لأسباب : أولها : أن زوجي تنطبق عليه كل ما ورد في جواب السؤال رقم (1859) ، كما أنه لا يعاشرني ، لا وأنا صائمة ، ولا مفطرة ، يرفض أن أشاركه الفراش ، بحجة أنني أقلق راحته عندما أستيقظ في الفجر ، مما جعلني أنام في غرفة أخرى ، حتى لا أفوت أجر الفجر وقيام الليل ، وعندما آخذ الإذن منه يرفض أن أصوم فقط من أجل الرفض ، مما جعلني أقول له غدا سأصوم فقط من باب العلم فقط ، ولا أطلب الإذن ، فهل كل صيامي باطل - مع العلم أنني أكثر من سنتين وأنا على هذا الحال ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الأصل أنه لا تصوم الزوجة تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) . رواه البخاري ( 5195 ) ومسلم ( 1026 ) .
وهذا إنما شرِع لعظم حق الزوج على زوجته ، والأفضل للزوج أن يأذن لزوجته بالصوم ؛ لما فيه من إعانتها على الطاعة ، ويكون هو بذلك مأجوراً ، وإن لم يكن للزوج حاجة بزوجته في النهار : فإنه يُكره له منعها من الصيام .(55/506)
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – حفظه الله - :
هل لي الحق في منع زوجتي من صيام أيام التطوع كأيام الست من شوال ؟ وهل يلحقني إثم في ذلك ؟ .
فأجاب :
ورد النهي للمرأة أن تصوم تطوعا ًوزوجها حاضر إلا بإذنه ؛ لحاجة الاستمتاع ، فلو صامت بدون إذنه : جاز له أن يفطرها إن احتاج إلى الجماع ، فإن لم يكن له بها حاجة : كره له منعها إذا كان الصيام لا يضرها ، ولا يعوقها عن تربية ولد ، ولا رضاع ، ونحوه ، سواء في ذلك الست من شوال ، أو غيرها من النوافل .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 167 ) .
ولو صامت المرأة بغير إذن زوجها صحَّ صومها ، مع حرمة فعلها
فقد جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 99 ) :
اتّفق الفقهاء على أنّه ليس للمرأة أن تصوم تطوّعاً إلاّ بإذن زوجها ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ( لا تصم المرأة وبعلها شاهد ، إلاّ بإذنه ) ؛ ولأنّ حقّ الزّوج فرض ، فلا يجوز تركه لنفل .
ولو صامت المرأة بغير إذن زوجها صحّ مع الحرمة عند جمهور الفقهاء ، والكراهة التّحريميّة عند الحنفيّة ، إلاّ أنّ الشّافعيّة خصّوا الحرمة بما يتكرّر صومه ، أمّا ما لا يتكرّر صومه كعرفة وعاشوراء وستّة من شوّال فلها صومها بغير إذنه ، إلاّ إن منعها .
ولا تحتاج المرأة إلى إذن الزّوج إذا كان غائباً ، لمفهوم الحديث ولزوال معنى النّهي " انتهى.
ثانياً :
وفي حال كون الزوج هاجراً لزوجته ، ومبطلاً لحقوقها في الفراش والعشرة ، ويكون منعه لصومها من أجل التسلط فقط : فليس له إذن ، وللزوجة أن تصوم ولو لم تستأذن منه ، وموافقته وعدمها سواء
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " شرح بلوغ المرام " – مخطوط - :
" لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، والحكمة ربما أنه يحتاج إلى الاستمتاع بها فيهاب أن يفسد عليها صومها ، وهذا من تمام حقه
وهل ذلك مقيد بما إذا كان الزوج ناشزاً - أي : يضيِّع حقوقها - فهل لها الصوم بلا إذنه وهو شاهد ؟ .
نعم ؛ لأن ميزان العدل أنه إذا نشز : فلها أن تنشز ؛ لقوله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) البقرة/من الآية 194 " انتهى .
وننبه الأخت السائلة إلى أن زوجها إن كان تاركاً للصلاة : فلا يحل لها البقاء معه ؛ لأنه بتركه للصلاة يصير مرتداً ، وانظري جوابي السؤالين : ( 33007 ) و ( 4131 ) .
وإن كان مقترفاً لكبائر الذنوب : فالأفضل لك – إن لم ينفع النصح ولم تستطيعي الصبر – أن تفارقيه ، وانظري جواب السؤال رقم ( 47335 ) ففيه الحكم والنصح للمتزوجة بمن يفعل المعاصي .(55/507)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــ
التحذير من ترك إقامة الحدود ... العنوان
شيخنا الجليل نسمع كلاما كثيرا هذه الأيام حول وحشية تطبيق الحدود؟ فهل يمكن الاستغناء عن تطبيق الحدود؟ وما الخطورة التي تنجم عن هذا ؟؟ ... السؤال
12/10/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق رئيس لجنة تحقيق التراث بالكويت:
لا يظنن ظان أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل شريعته وترك لنا الخيار في العمل بها أو إلغائها، أو أنه يأجرنا ويبارك لنا إذا أخذنا بها، ولا يعاقبنا إن تركناها. أعني ليس تنفيذ الشريعة من باب المستحب والمستحسن، بل من باب الفرض والواجب.
فكما أن على تطبيق الشريعة يحصل الفلاح في الدنيا والآخرة، فإن على تركها وإهمالها يتوجب الخسار والدمار في الدنيا والآخرة أيضاً، وإليك الأدلة الشرعية والعقلية على ذلك.
الأدلة الشرعية:
قال تعالى آمراً رسوله بتنفيذ حدوده {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون} (النور:1)، وهذه الآية هي مطلع سورة النور، وفيها يعلن الله سبحانه وتعالى فرضية هذه السورة التي شرع فيها حد الزنا، والقذف، وضوابط اللعان، وكذلك كثيراً من آداب الإسلام الأخرى كالحجاب والاستئذان وطاعة الرسول.
وبدأ الله سورة المائدة بقوله: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} (المائدة:1)، وهذا أمر بأن نوفي أي نكمل ونتمم كل ما عاهدنا الله عليه ثم ذكر الله في هذه السورة كثيراً من العقود والحدود، ومنها تحريم أنواع من الأطعمة، ووجوب العدل مع الأعداء، والوضوء والتيمم، والقتال، والقصاص، والسرقة، وقال في هذه السورة سبحانه بعد ذكر طائفة من هذه العقود والحدود: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق} (المائدة:48)، وقال أيضاً: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} (المائدة:49-50).
وهكذا أوجب على رسوله أن يحكم بين الناس بما أنزل الله إليه، وحذره أن يخرج عن بعض هذا المنزل، وبالطبع هذا الأمر للرسول أمر للأمة كلها، والتحذير تحذير للأمة وخاصة من بيدهم الحكم ومن ولاهم الله شئون المسلمين. وفي هذه السورة أيضاً سورة المائدة حذرنا الله من أن يحل بنا ما حل باليهود والنصارى الذين بذلوا(55/508)
وتركوا ما أنزله الله عليهم من التوراة والإنجيل، ولذلك كفرهم سبحانه وتعالى وفسقهم بذلك كما قال: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} (المائدة:44)، ومعلوم أن هذا نص عام، فكما كفر اليهود بترك كتابهم فإن هذه الأمة تكفر بترك كتابها ثم بين سبحانه وتعالى أنه كتب على اليهود القصاص وأنهم تركوا ذلك فظلموا وخرجوا من الدين حيث قال سبحانه: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (المائدة: 45).
وذكر سبحانه وتعالى نحو هذا في النصارى أيضاً وحكم عليهم وعلى أمثالهم ممن تركوا الشريعة بالفسق والمروق من الدين حيث قال سبحانه: {وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} (المائدة:47).
ولقد كان هذا الترك للشريعة المنزلة سبباً في لعن الله لليهود وغضبه عليهم، كما قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه} (المائدة: 79)، ومعلوم أن أكبر إنكار ونهي عن المنكر هو إقامة الحدود التي هي بمثابة الزواجر عن ارتكاب الفاحشة والظلم في الأرض، ولو أقاموا الحدود لكان هذا أكبر نهي عن المنكر، ولم يلعنهم الله في الآخرة فقط بمعنى أن يطردهم من رحمته، بل عاقبهم في الدنيا بألوان من الخزي والعار كما قال تعالى: {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} (آل عمران:112).
ومعلوم أيضاً أن ترك الحدود أعظم دليل على الكفر بآيات الله، وقد ذكر سبحانه وتعالى أن هذه العقوبات ستظل أبدية عليهم إلا ما استثناه الله في الآية السابقة: {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} حيث يقول: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} (الأعراف:167) ...
الأدلة العقلية:
يستطيع أي عاقل منصف ينظر إلى الشريعة الإسلامية ومنهجها في الزجر عن الفساد في الأرض واستئصال دابر الجريمة، وكيفية إقامة العدل بين الناس أن يصل إلى يقين بأن ترك هذه الشريعة يعني زرع الفساد في الأرض. وخاصة أرض العرب إذ أن هذا الجنس من البشر لا يجتمع إلا على سلطان ديني، فما اجتمع العرب في تاريخهم الطويل إلا على هذا السلطان الذي ألف بين قلوبهم ووحد صراطهم ومنهجهم في الحياة، وردع أهل الشر منهم والفساد عن شرهم وفسادهم،(55/509)
ولا يكاد يخرج هذا الدين من أوساطهم حتى يعودوا إلى مثل الجاهلية الأولى شرًّا وفساداً وفرقة.
ولا نعني بهذا أن الدين لا يصلح إلا للعرب خاصة، بل الدين فيه صلاح العالمين والعرب على وجه الخصوص واليقين. فالعالم اليوم يعج بأحط أنواع الفساد والانحلال. فالظلم والطغيان في ظل القوانين الاقتصادية الجائرة أمر شاهد لكل عين سواء في ظل النظام الرأسمالي الذي يبيح الربا وأنواعاً من الاحتكار أو في ظل النظام الشيوعي الذي ينتهك حرمة الإنسان بتجريده من أهم ما يقوم حياته وهو رأس المال ووسيلة الإنتاج. ويجعل منه عبداً لصنم يسمى (المجموع)، وحيث يذهب المال في النهاية إلى طوائف من المنتفعين ممن يبقون على رأس السلطة في المجتمعات الشيوعية والاشتراكية.
وكذلك الحال في النظام السياسي فبإقصاء الشريعة عم الظلم وناهيك بالنظم الاجتماعية والأخلاقية، حيث انهارت الأسرة وفُقد التواصل والترابط بين الأرحام وكل ذلك بانتشار الزنا وإباحة اللواط، حيث انعدم الوفاء والإخلاص والحب الحقيقي بين الزوجين وبالتالي بين الأم وأبنائها، والأب وأولاده، والإخوة بعضهم مع بعض، وأصبح المجتمع أشبه بمجتمع الحيوانات، حيث يتقاتل الذكور على الإناث وقت السفاد دون خجل أو حياء، ومثل هذا المجتمع الذي يفقد الإنسان فيه آدميته، ويلتحق بالبهائم لا شك أنه مجتمع شر وفساد.
وهل من الممكن أن تصلح هذه المجتمعات دون نظام إسلامي يردع عن الفواحش، ويضع العلاقة بين الرجل والمرأة في مكانها الصحيح، ويقيم أسس الاجتماع على التراحم بين الأقارب، ويعرف الإنسان فيه أباً حقيقيًّا وأمًّا رحيمة وإخوة يشاركونه نفس الأب. وكذلك أعماماً وأخوالاً وأحفاداً، بدلاً من أن يعيش الناس في مجتمع لا يشكلون فيه أكثر من أرقام عددية كهذه الأرقام التي نعلقها على الطيور والحيوانات في مزارع تربية الماشية والدواجن.
وإذا كان العالم اليوم يشكو من السرقة التي استفحل أمرها، ومن حوادث الاغتصاب التي باتت تهدد كل فتاة، ومن حوادث القتل التي لا تكاد تأمن منها نفس، فمن لهذا العالم يخرجه من الفساد إلا نظام الله وقانونه الذي ما إن يطبق في مجتمع ما تطبيقاً عادلاً حتى تستقر الأوضاع ويأمن الناس وينقطع دابر الشر والفساد. ومثل هذه الدعوى التي ندعيها لا تحتاج إلى برهان لأن التاريخ كله شاهد بذلك قديماً وحديثاً.
ومقارنة يسيرة إلى أي مجتمع جاهلي يطبق قوانين الإنسان الجاهلية، ومجتمع مسلم طبق قانون الله العليم سيطلع أي منصف على الفارق الشاسع بين نظام البشر حيث الجهل والظلم والانحراف وبين نظام الله حيث الرحمة والعدل والطهارة. ولذلك فكل عاقل من البشر مدعو أن يطالب بملء فمه وبغاية جهده أن يعود الناس إلى نظام الله لنأمن في الدنيا ونسعد قبل الآخرة، وأقول كل إنسان سواء كان مؤمناً أو كافراً يجب أن يسعى لهذا ما دام يملك شيئاً من الإنصاف والحق.
ثالثاً: رد الحكم الشرعي كفر:
تثير الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية خوفاً وهلعاً عند فئات شتى. فالحكام يخافون على مناصبهم، وأصحاب الأموال يخافون على ثرواتهم، وأهل الفجور(55/510)
والمعاصي يخافون على ما هم فيه من دنس وقذارة. وقد يكون في وسط هؤلاء وهؤلاء بعض من يصلون ويزعمون حب الله ورسوله والامتثال برسالة الإسلام. وحتى يكون في هذا الكتاب موعظة لكل هؤلاء فإننا نذكرهم جميعاً بما يلي:
1- رد الحكم الشرعي كفر:
لا يشك مسلم أن من لوازم الإيمان الإقرار بشرع الله سبحانه، والتسليم لأمره، وهذا معنى الإسلام أي التسليم والإذعان والانقياد لأمر الله، وقد دل على هذا المعنى آيات كثيرة كقوله تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا} وكقوله جل وعلا: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}.
2- لا يخاف العقوبة إلا المجرم:
نحن نعلم يقيناً أن كثيراً من الذين هالهم وأخافهم تنفيذ العقوبات الشرعية هم من الكفار الأصليين (الكافر الأصلي هو الذي لم يدخل الإسلام قبل كاليهودي والنصراني) وإن كانوا يتكلمون بحرص كاذب على الإسلام والمسلمين، ونعلم يقيناً كذلك أنه لا يخاف العقاب إلا المجرم، فالذين يثورون اليوم مذعورون خائفين ما أخافهم إلا أن ينالهم العقاب يوماً. ولذلك فهذه الضجة المفتعلة التي أججها من أججها بكل هذا الذعر والخوف والصراخ يعلم الجميع دوافعه ودوافنه، فهذه العقوبات لا تنال في الشريعة إلا المجرمين فقط، ولا تكون في مواقعها الشرعية إلا بتوفر شروط صارمة فالزنا لا يتوفر إثباته الشرعي إلا بشهادة أربعة عدول يشهدون الجرم نفسه، وهذا لا يتأتى إلا أن تفعل هذه الفاحشة في الهواء الطلق. وليس هناك من إثبات آخر لهذه الجريمة سوى الاعتراف، والمعترف هو يريد الطهارة لنفسه. وأما حد السرقة فبالرغم من أنه يثبت بشهادة عدلين وطرق أخرى، وبالرغم من الشدة الواضحة فيه فلا يشك منصف أن هذا موقعه تماماً ليس من حيث أن الله وحده شرع ذلك وهو العزيز الحكيم بل وأيضاً عند ذي عقل متجرد عن الغواية والهوى، فاليد التي تمتد خفية إلى أموال الآخرين وقد كفل لها الدين الأمن والسلامة والعدل والإنصاف، لا شك أنها يد آثمة تستحق القطع...
رابعاً: الحبس ليس عقوبة شرعية؛ ولذلك فلا يجوز ترقيعه من الشريعة للأسباب التالية:
أولاً: عقوبة السجن ليست عقوبة شرعية:
وهذا الحكم تقريباً من المعلوم في الدين ضرورة فلم ترد كلمة السجن والحبس في الكتاب والسنة كعقوبة محكمة (غير منسوخة) قط. والذي جاء في الكتاب والسنة مما قد يفهمه بعض الناس أنه عقوبة سجن هو:
قوله تعالى في شأن الزانيات {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً} (النساء:15). وقد أمر هنا سبحانه بإمساك الزانية في البيوت حتى الموت أو إلى أن يفصل الله في شأنهن بأمر آخر، وقد فعل الله ونسخ هذا الحكم وحكم في شأنهن بالجلد إذا كانت بكراً كما قال تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر(55/511)
وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} (النور:2)، وأما المحصن والمحصنة فقد حكم الله فيهما ورسوله بالرجم، وأخبر الرسول أن الجلد والرجم هو السبيل الذي أشار الله إليه في آية النساء الماضية: {أو يجعل الله لهن سبيلاً}، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: [خذوا عني، خذوا عني!! قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم] (رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي)، والشاهد من كل ذلك أن الحبس في البيوت منسوخ بآية (النور) والحديث الآنف. ولا شك أن الحبس في البيوت أيضاً المنسوخ ليس هو كالحبس المعروف في أيامنا هذه (وسيأتي لهذا تفصيل آخر).
وأما الدليل الآخر الذي قد يفهم منه بعض الناس أن الحبس عقوبة شرعية، فهو النفي أو التغريب، الذي جاء في قوله تعالى في شأن المفسدين في الأرض: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} (المائدة:33) الآية. وقد ذكر الله هذا (النفي) على أنه عقوبة شرعية، وكذلك جاء في حديث عبادة بن الصامت الذي ذكرناه آنفاً في شأن عقوبة الزاني البكر قوله صلى الله عليه وسلم: [والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام]، فالتغريب المذكور هنا في الحديث يعني الإبعاد عن مسرح الجريمة.. وقد فهم بعض الناس كما ذكرت آنفاً أن (النفي والتغريب) في الآية والحديث يعني السجن، أو يقوم السجن مقامه، وهذا قياس بعيد جدًّا فالمنفي يمارس حياته كاملة في منفاه، وإن كان يراقب أو (تحدد إقامته) كما هو اصطلاح العصر، وكذلك من حكم عليه بالتغريب فإنه يمارس أيضاً حياته كاملة. والسجن أيضاً عقوبة تختلف عن هذا تماماً. بل هو جريمة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وقد يستدل بعض الناس بأن السجن عقوبة شرعية لأن بعض الخلفاء قد اتخذوا السجون، وعاقبوا بهذه العقوبة. فالجواب عن ذلك أنه لم يعاقب خليفة راشد قط بالسجن كعقوبة لحد من حدود الله تعالى كسرقة وقتل وزنا ونحو ذلك من العقوبات التي جاء لها حدود في الشريعة الإسلامية، وإنما عاقب بعض الخلفاء بالسجن كعقوبة تعزيرية في الجرائم التي لم ينزل تحديد شرعي بعقوبتها. كما عاقب عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- في النشوز، والهجاء وقد كانت هذه العقوبة واحداً أو أياماً قليلة، وهذا في الحقيقة نوع من التوقيف والتعزيز، وليس هذا عقوبة شرعية؛ ولذلك نص من أباح السجن في مثل هذه التعازير أن لا يزيد عن سنة بحال حتى لا يجاوز الحد الشرعي في التغريب. وهذا على كل حال ليس دليلاً شرعيًّا لأن هذا اجتهاد لسنا ملزمين بالأخذ به وخاصة إذا كانت كل الشواهد تدل على أن السجن قد أضحى مدرسة للإجرام، وليس إصلاحاً وتهذيباً كما يزعمون.
ثانياً: السجن هو صلب العقوبات الوضعية وبينما نرى أن الشريعة المطهرة استبعدت "السجن" تماماً كعقوبة شرعية (أي منصوص عليها، وإنما السجن في الشريعة مجرد إيقاف احتياطي على ذمة التحقيق أو تعزيراً باجتهاد القاضي لا يتعدى الأيام المعدودة)، فإن القوانين الوضعية جعلت عقوبة السجن هي العقوبة الأساسية في كافة الجرائم على اختلاف صورها وأشكالها. فالسجن هو عقوبة في جرائم القتل، والعدوان على ما دون النفس، والسرقة، والنصب والتزوير وكل(55/512)
الجرائم المالية، وكذلك جعلته عقوبة للاغتصاب وما تعتبره جرائم خلقية، والأدهى من ذلك أيضاً أنها جعلته عقوبة فيما يشبه الجريمة وليس بجريمة أصلاً كقتل الخطأ الذي لا يد فيه للقاتل، وكحيازة الأسلحة، بل ومن أعجب العجب أنها جعلته عقوبة لما أسمته بجرائم الرأي، وقد بالغت القوانين الوضعية في هذه العقوبة فحكمت بالسجن المؤبد مطلقاً حتى الموت بل والسجن مائة سنة ومائة ونيف، ومن المعلوم عادة أن الإنسان لا يعمر على هذا النحو.. وكان لا بد لكل منصف أن يعلم أن الشريعة تنزيل من حكيم حميد، وأن يسأل نفسه لماذا استبعدت الشريعة عقوبة السجن على هذا النحو؟! ولماذا أقرت الشرائع الوضعية العمياء هذه العقوبة على هذا النحو أيضاً؟ ولن يخفى بالطبع عند النظر والفهم لهذه العقوبة الباطلة أنها جريمة وليست عقوبة. وإليك تفصيل هذا في الفصلين الآتيين.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
عناية الإسلام بالمطلقة ... العنوان
كيف ضيق الإسلام حدود الطلاق،وكيف اعتنى بالمطلقة؟ ... السؤال
25/05/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
:
جعل الإسلام الطلاق أبغض الحلال إلى الله ،كما جعل استخدامه في نهاية المطاف إذا ضاقت سبل الإصلاح ،وحرم على المسلم الطلاق بدون داع،ودعا الأزواج إلى الصبر على الزوجات ، وأوضح منهج الإصلاح بين الزوجين في الخلافات،وجعل للمطلقة حقوقا كدفع الرجل مؤخر الصداق،والنفقة ،وأجرة الرضاع، والمتعة .
يقول الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة وعضو المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية :
من مفاخر الإسلام أن تعاليمه مبنية على الرحمة والرأفة، وتشريعاته تقوم على المواساة، وجبر الخاطر، وتفريج الكرب، وإيناس الوحشة، وعزاء المصاب وتهوين الفاجعة، ومصداق ذلك قول الله – تبارك وتعالى – في صفة نبيه – عليه الصلاة والسلام - : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)،[الأنبياء : 107].
ولذلك قيل – بحق وصدق – إن الإسلام دين الرحمة والشفقة والرأفة، ومن الأمثلة الواضحة على تحقيق هذه المعاني في تشريعات الإسلام، وضع نظام لحل المشكلات الزوجية، وعدم الإقدام على الطلاق، ولذلك فقد شرع الإرشادات والتوجيهات التي تكفل استقرار الحياة الزوجية، وعدم إيقاع الطلاق إلا في حالة الضرورة، ومن هذه الإرشادات والتوجيهات ما يلي:
أولاً: تنفير المسلمين من الطلاق، حيث اعتبره الشارع أبغض الحلال إلى الله، فقال عليه الصلاة والسلام: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق.(55/513)
ثانياً: حث الأزواج على الصبر وتحمل ما يبدو من المرأة من قصور أو اعوجاج مادامت لا تمس الشرف والدين، فقال – تعالى -: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، [النساء : 19]. وقال – صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً سره منها آخر). النووي على مسلم، ج3، (ص: 657).
ثالثاً: رسم القرآن الكريم المنهج القويم لعلاج ما قد يطرأ بين الزوجين من خلاف، أو ينشأ من مشكلات في قوله – تعالى -: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) فإذا زال الخلاف واستقامت الأحوال بهذه الأساليب صار الطلاق – حينئذٍ – ممنوعاً. حيث جاء في ختام الآية الكريمة ما يفيد منع الطلاق عند استقامة الأحوال، قال – تعالى -: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً)، [النساء: 34]. وقال – صلى الله عليه وسلم – (إن في طلاق أم أيوب حوباً – أي إثماً-) وجاء رجل إلى الخليفة الراشد عمر – رضي الله عنه – يريد طلاق امرأة، وعلل ذلك بأنه لا يحبها، فقال الخليفة الراشد: "ويحك هل كل البيوت تبني على الحب؟ أين التجمل والوفاء أين المروءة والحياء؟ إن الإنسان ينبغي أن يكون
في هذا تقياً".
رابعاً: تولَّت الشريعة علاج ما قد ينشأ بين الزوجين من خصومة ونزاع، بطريقة تسهم فيها أسرة المرأة وأسرة الرجل، حيث قال الله – تعالى - : (فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفِّق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً)، [النساء : 35].
خامساً: رتب للمطلقة حقوقاً مالية كبيرة وكثيرة لدى الزوج، حتى تجعله يتريث ويفكر ملياً قبل إقدامه على إيقاع الطلاق، وهذه الحقوق هي:
(1) على الزوج أن يوفيها مؤخر الصداق.
(2) يلزمه نفقتها من مأكل وملبس ومسكن ودواء ما دامت في العدة.
(3) إلزام الرجل بدفع أجرة الرضاع. قال – تعالى -: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن)، [الطلاق:6].
(4) أجرة الحضانة حتى بلوغ الأطفال سن السابعة.
(5) وأيضاً فإن من الحقوق التي يرتبها الطلاق للمرأة على الرجل: المتعة.
وفي حقوق المطلقة يقول الشيخ القرضاوي:
المطلوب من المطلق أن يعطي زوجته ثلاثة أشياء:
نفقة العدة وهذا من حق كل مطلقة، والأمر الثاني: المتعة، "وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين"، والمتعة تركها القرآن للمعروف، أي ما يتعارف عليه أهل الخير والمعروف، وتختلف متعة المرأة من بلد إلى بلد، ومن زمان إلى زمان، ومن حال إلى حال، كما قال تعالى: "وَعَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُه ... "، ثم عليه أن يدفع لها مؤخر مهرها إذا كان لها مهر متأخر، يدفعه لها، وإذا كان مهرها هو حجرة النوم كما اتفقا عليه وقدمها لها، وقبلت هذا المهر في المدة الماضية، فمعناها أنها استوفت حقها وأصبحت الحجرة هذه من أملاكها، وأفضل أن يعوّضها(55/514)
الرجل عن انتفاعه بهذه الحجرة طوال هذه المدة، فعليه أن يدفع لها شيئًا مقابل هذا الانتفاع مقابل مدة الحياة الزوجية التي كانت بينهما
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
طرد الزوج لزوجته ... العنوان
هل يجوز في الدين أن يطرد الرجل زوجته من البيت إلى بيت أهلها؛ نتيجة مشكلة حصلت، ولو كانت الزوجة مخطئة في المشكلة وهي السبب؟ وما النتيجة الشرعية في هذا الأمر ؟ وشكرا لكم.
... السؤال
21/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا، وبعد:
فليس حل المشاكل الزوجية بطرد الزوج زوجته إلى بيت أهلها ، لأن ذلك نذير الخطر ، وكثيرا ما يأتي الفراق وتنهدم بيوت بسبب ذلك ، لأن هذه فرصة للشيطان الذي يحب الطلاق ويكافئ من يتسبب فيه من جنوده الملاعين ويقربه إليه ويدنيه ويقول له : أنت أنت .
وذلك لأن البعد يولد الجفاء ، والمطلوب في حالة المشاكل أن يتقارب الزوجان ويتفاهمان لحل أي مشكله ، ولأن المطلوب في العلاقة الزوجية الستر وعدم ظهور المشاكل إلا إذا تعذر حلها ولم يمكن الإصلاح بين الزوجين فيكون تدخل الصالحين من أهل الحل والعقد للإصلاح .
كل هذا والزوجة في بيت زوجها لا تغادره ، وهذا أولى من حالة وقوع الطلاق ـ لا قدر الله ـ حيث يجب على المطلقة قضاء العدة في بيت الزوجية ، وإذا كان الطلاق رجعيا يستحب لها التزين لزوجها ليكون أدعى للمراجعة.
والحل كما بين الله تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) وفي الحديث ( واضربوهن ضربا غير مبرح ) أي لا يكسر ولا يجرح ، ( ولا تضرب الوجه ولا تقبح ) أي لا تسب .
فما دامت الزوجة كذلك فعلى الزوج أن يصبر عليها وينصحها ويعظها ، ثم يهجرها في البيت إن لم تستجب للنصح، ثم يضربها ضربا رمزيا خفيفا لعلها تدرك الخطر ، وإلا فعليه أن يدخل بينهما بعض المخلصين من أهل الصلاح والتقوى ، الذين يرجى الإصلاح على أيديهم ، ليصلحوا بينهما ويرجعونها إلى صوابها ، ويعلموها أنه جنتها إن أطاعته ـ في غير معصية ولا تعنت ـ وأحسنت التبعل ، ونارها إن خالفت ونشزت وأساءت .
وعليه قبل ذلك أن يستغفر الله كثيرا ، فما من مصيبة إلا بذنب ، كما قال بعض الصالحين من السلف : إني لأجد أثر معصيتي في سوء خلق زوجي ودابتي ، وقال الله تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ، وفي(55/515)
الحديث : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) ، ونحن بهذا لا نتهم أحدا ولا نسيء الظن ـ معاذ الله ـ ولكن نرشد وننبه ابتغاء الإصلاح ، ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ) ، وهذا نبي الله يونس عليه السلام يدعوا : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجبنا له ونجيناه من الغم ، وكذلك ننج المؤمنين * وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه ، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) .
تقول الدكتورة سعاد صالح ، أستاذة ورئيس قسم الفقه بكلية الدارسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فرع البنات :
الأصل في تنظيم العلاقة بين الزوجين هو قول الله تعالى:
"وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا"، ومن مقاصد الزواج السُّكْنى والمودة والرحمة، ولتحقيق هذه المقاصد يجب على كل من الزوجين عند حدوث خلاف عارض يصدر عن الآخر أن يعفو ويتجاوز هذا الخلاف، وخاصة الرجل الذي جعله الله سبحانه وتعالى قوَّامًا على أسرته؛ لرجاحة عقله، وقوة صبره.
فإذا أخطأت المرأة خطئًا متعمدًا، أو غير متعمد، فإنه لا يحق لزوجها أبدًا أن يخرجها من بيتها، لقول الله تعالى: "لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"، فالإخراج من البيت لا يكون إلا بسبب قوي، وهو الزنا ونحوه، وإذا كانت المطلَّقة تجلس في بيتها أثناء العدة، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، أي أن يكون هناك مراجعة في حالة الطلاق، فمن باب أولى الزوجة غير المطلقة فليس لها أن تترك بيتها، أو أن يخرجها زوجها.
والزوج في هذه الحالة يكون آثمًا، ويجب عليه أن يستغفر ربه، ويُرجع زوجته إلى بيته.
(انتهى).
ويقول الدكتور القرضاوي:
إذا تزوجت المرأة أصبحت طاعة الزوج هي الأوجب، فالزوجة حينما تتزوج تصبح جزءًاً من حياة جديدة غير الحياة القديمة، فطاعة الزوج هي الواجبة والله تعالى يقول: (الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) ، لأن الله جعل الزواج وشيجة جديدة وهي المصاهرة (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً) فلابد من هذه الرعاية، فطاعة الزوج أوجب ،وإذا هبت رياح الخلاف فينبغي أن ننظر من أين هبت ريح النزاع والشقاق هل هي من قبل الزوجة أم من قبل الزوج، أم من قبل الاثنين معاً، إن كان من قبل الزوج تحاول الزوجة أن تصلحه (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير) وإذا هب الخلاف من ناحية الزوجة فالعظة ثم الهجر في المضجع، ثم الضرب وليس معنى الضرب أنه يمسك خشبة ويكسر رأسها، إنما هو ضرب مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك" وهذا لا يصلح مع كل امرأة، النبي عليه الصلاة والسلام قال(55/516)
"ولن يضرب خياركم" أي أن خيار الناس لا يضربون، والنبي عليه الصلاة والسلام ما ضرب امرأة قط ولا ضرب خادماً قط، ولا ضرب دابة قط، فهذا للضرورة القصوى، وإذا كان الشقاق من الطرفين فالله تعالى يقول: ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها أن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) أي نكوّن مجلسا عائليا بمعنى محكمة عائلية ،ومعنى الحَكَم أن الإنسان يستطيع أن يحكم أي أنه من أهل الرأي والعقل، لا نأتي بإنسان أحمق أو إنسان سريع الغضب أو إنسان سريع التفكير، لابد أن يكون إنسانا متزنا ( إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما ) والعجيب أن القرآن أشار إلى حالة التوفيق ولم يشر إلى الحالة الأخرى إذا لم يوفقا ليرغِّب في الإصلاح والتوفيق بين الطرفين ما استطاعا ذلك. (انتهى).
ويقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا )، يقول :
ذكر الحال الأول وهو إذا كان النفور والنشوز من الزوجة.
ثم ذكر الحال الثاني وهو إذا كان النفور من الزوجين فقال تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها" وقال الفقهاء إذا وقع الشقاق بين الزوجين أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة وثقة من قوم الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق واستحب الشارع التوفيق.
ولهذا قال تعالى "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الله عز وجل أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز ..(انتهى).
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
اشتراط الزوجة حق الدراسة والعمل
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
15 محرم 1402 هجرية - 12 نوفمبر 1981 م
المبادئ
1 - اشتراط الزوجة لنفسها فى عقد الزواج إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج .
من الشروط الصحيحة الجائزة، لكن لا يلزم الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
2 - هذا الشرط أقره القانون 44 لسنة 1979 أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل واعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذنه .(55/517)
ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه . كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق .
3 - لائحة المأذونين لا تبيح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج فى الوثيقة ما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها
السؤال
بالطلب المقيد برقم 369 لسنة 1981 وقد جاء به إنه قد تم عقد قران الآنسة / ص ى ع - الطالبة ببكالوريوس العلوم جامعة القاهرة، وأنه حرصا على مستقبلها، اشترطت لنفسها فى عقد الزواج الشرط الآتى نصه ( تشترط الزوجة إتمام دراستها الجامعية، والعمل بعد التخرج، وأداء الخدمة العامة ) .
وأن الزوج وافق على هذا الشرط، ودونه المأذون بخطة على القسيمة الأولى من قسائم العقد ، وحين تسلم الوثائق من المأذون، لم يوجد هذا الشرط مدونا عليها، واعتذر المأذون بأن المحكمة ألغت القسيمة الأولى، لأن هذا الشرط يمنع توثيق عقد الزواج .
والسؤال ( أ ) هل من حق الزوجة أو وكيلها أن يشترط هذا الشرط فى عقد الزواج حرصا على مستقبلها .
( ب ) هل فى هذا الشرط مخالفة للدين والشرع .
( ج ) هل يمنع هذا الشرط أو أى شرط آخر غير مخالف للدين والشرع توثيق القسائم فى المحكمة والسجل المدنى .
( د ) هل يمنع قانون الأحوال الشخصية مثل هذا الشرط
الجواب
إن عقد الزواج متى تم بإيجاب وقبول منجزا مستوفيا باقى شروطه الشرعية كان عقدا صحيحا مستتبعا آثاره من حقوق وواجبات لكل واحد من الزوجين .
والعقد المنجز هو الذى لم يضف إلى المستقبل، ولم يعلق على شرط، لكنه قد يقترن بالشرط الذى لا يخرجه عن أنه حاصل فى الحال بمجرد توافر أركانه وشروطه الموضوعية .
والشرط المقترن بعقد الزواج لتحقيق مصلحة لأحد الزوجين ثلاثة أقسام أحدها - الشرط الذى ينافى مقتضى العقد شرعا كاشتراط أحد الزوجين تأقيت الزواج، أى تحديده بمدة، أو أن يطلقها فى وقت محدد، فمثل هذا الشرط باطل، ويبطل به العقد باتفاق الفقهاء .
الثانى - الشرط الفاسد فى ذاته، مثل أن يتزوجها على ألا مهر لها أو ألا ينفق عليها، أو أن ترد إليه الصداق، أو أن تنفق عليه من مالها، فهذا وأمثاله من الشروط الباطلة فى نفسها، لأنها تتضمن إسقاط أو التزام حقوق تجب بعد تمام العقد لا قبل انعقاده ،فصح العقد وبطل الشرط فى قول جميع الفقهاء .
الثالث - الشرط الصحيح عند أكثر الفقهاء وهو ما كان يقتضيه العقد، كاشتراطه أن ينفق عليها، أو أن يحسن عشرتها، أو كان مؤكدا لآثار العقد ومقتضاه كاشتراط كفيل فى نفقتها وصداقها، أو ورد به الشرع كاشتراط الزوج أن يطلقها فى أى وقت شاء، أو اشتراطها لنفسها أن تطلق نفسها متى شاءت، أو جرى به عرف كأن(55/518)
تشترط الزوجة قبض صداقها جميعه أو نصفه، أو يشترط هو تأخير جزء منه لأجل معين حسب العرف المتبع فى البلد الذى جرى فيه العقد .
وقد يكون الشرط غير مناف لعقد الزواج، كما لا يقتضيه العقد، وإنما يكون بأمر خارج عن معنى العقد كالشروط التى يعود نفعها إلى الزوجة، مثل أن تشترط ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو ألا يسافر بها أو لا يتزوج عليها، فهذا أيضا من باب الشروط الصحيحة لكن الفقهاء اختلفوا فى وجوب الوفاء بها على طائفتين إحداها - أن هذه الشروط وأمثالها وإن كانت صحيحة فى ذاتها لكن لا يجب الوفاء بها، وهو قول الأئمة أبى حنيفة وأصحابه ومالك والشافعى والليث والثورى .
الطائفة الأخرى - إن الشرط الصحيح الذى فيه نفع وفائدة للزوجة يجب الوفاء به، فإذا لم يف به الزوج، كان للزوجة طلب الطلاق قضاء، روى هذا عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وسعد بن أبى وقاص، وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز والأوزاعى وأحمد بن حنبل، وأدلة كل من الطائفتين على ما قالا مبسوطة فى محلها من كتب الفقه .
لما كان ذلك وكانت الزوجة فى العقد المسئول عنه قد اشترطت لنفسها ( إتمام دراستها الجامعية والعمل بعد التخرج وأداء الخدمة العامة ) وكان هذا الشرط داخلا فى نطاق القسم الثالث للشروط بمعنى أنه من الشروط الصحيحة ذات النفع والفائدة للزوجة كان جائزا، لكن لا يجب الوفاء به فى قول جمهور الفقهاء ، ويلزم الوفاء به فى قول الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
ولما كان هذا الشرط باعتباره اشتراط العمل للزوجة بعد الانتهاء من دراستها، قد أقره القانون رقم 44 لسنة 1979 ببعض أحكام الأحوال الشخصية أخذا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، لكن هذا القانون قد اعتد به شرطا مانعا للحكم بنشوز الزوجة إذا خرجت بدون إذن الزوج لإتمام دراستها أو للعمل ولم يضع جزاء ملزما للزوج بتنفيذه، كما لم يعط للزوجة حق طلب الطلاق، كما يقول مذهب الإمام أحمد عند عدم الوفاء بالشرط الصحيح الذى يعود نفعه وفائدته على الزوجة .
ولما كان القضاء يجرى فى خصوص انعقاد الزواج وشروطه وفى كثير من أحكام الأحوال الشخصية على أرجح الأقوال فى فقه الإمام أبى حنيفة الذى لا يلزم الزوج بالوفاء بمثل هذا الشرط، توقف العمل به قضاء إلا فى حال النشوز فقط كما تقدم .
وما كانت لائحة المأذونين لم تبح للمأذون تدوين أى شروط للزوجين أو لأحدهما مقترنة بعقد الزواج، يكون موقف المأذون صحيحا فى حدود اللائحة التى تنظم عمله، لاسيما ووثيقة الزواج قد أعدت أصلا لإثبات العقد فقط، حماية لعقود الزواج من الجحود ، وذلك لخطورة آثارها فى ذاتها على المجتمع، على أنه يمكن كتابة هذا الشرط أو غيره مما يتفق عليه الزوجان، ويدخل فى نطاق الشروط الصحيحة شرعا فى أية ورقة أخرى غير وثيقة الزواج ، التى لا يتسع نطاقها القانونى لغير بيانات عقد الزواج ذاته .
ومما تقدم يتضح أن الشرط الوارد فى السؤال من الشروط الخارجة عن ماهية عقد الزواج المقترنة به، وفيه نفع وفائدة للزوجة .(55/519)
ويدخل بهذا ضمن الشروط الصحيحة التى يجوز اشتراطها، لكن لا يلزم الوفاء به فى رأى جمهور الفقهاء، ويجب الوفاء به فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومن وافقه .
والشرط فى ذاته لا مخالفة فيه للدين، لكن المأذون ممنوع وفقا للائحة المأذونين من تدوين أية بيانات لا تحوى الوثيقة موضعا لها، ومنها الشروط فيما عدا الكفالة وما يختص بالمهر وغيره من البيانات الواردة فيها، وقانون الأحوال الشخصية رقم 44 سنة 1979 وإن أجاز للزوجة اشتراط العمل لمصلحتها ودرءا للنشوز، لم يرتب على هذا الشرط جزاء على الزوج، سوى إجازته لها الخروج للعمل المشروط دون إذنه، ولا تعد ناشزا بهذا الخروج، وبالقيود التى وردت فيه .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
نشوز الزوجة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ذو القعدة 1398 هجرية - 21 أكتوبر 1978 م
المبادئ
1 - نفقة الزوجة على زوجها مقابل قرارها فى منزل الزوجية وتفرغها لصالح الزوج .
2 - إذا اشتغلت بعمل خارج منزل الزوجية دون إذنه ورضاه ولو كان ضروريا للمجتمع كانت مفوتة حقه فتسقط نفقتها .
3 - لا يقدح هذا فى الحق المقرر لها فى العمل المشروع، لأن المشروعية لا تنافى المنع
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل تزوج بالسيدة / س م م سنة 1975 بعقد زواج رسمى، وأنه دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، ولا تزال فى عصمته حتى الآن، وكانت وقت زواجها به لا تعمل، ثم فوجىء بأنها التحقت بعمل بالتليفزيون فى مجال الإخراج فى 1/1/1971 بدون علمه ولا إذنه، وقد أبى عليها هذا العمل حيث لا حاجة بها إليه لأنه موسر، وطلب منها أن تترك عملها وتمتثل لمنزل الزوجية فرفضت ذلك .
فأرسل لها إنذار على يد محضر بعد عملها بخمسة عشر يوما بأن تترك عملها بالتليفزيون وتمتثل لمنزل الزوجية وتحتبس فيه وإلا تعتبر ناشزا، ولا تستحق عليه نفقة ولا أى حق من الحقوق الشرعية .
وطلب السائل الإفادة عما إذا كانت هذه الزوجة والحالة هذه تعتبر ناشزا وتسقط نفقتها بإصرارها على العمل وعدم امتثالها للاحتباس فى منزل الزوجية أم لا
الجواب
إن سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها هو عقد الزواج الصحيح بشروط .(55/520)
منها احتباسها لحقه وتفريغها نفسها له، فقد جاء فى كتاب المبسوط للإمام السرخسى ج - 5 ص 180 فى افتتاح باب النفقة ما يلى (اعلم أن نفقة الغير تجب بأسباب منها الزوجية) ثم استطرد إلى أن قال فى ص 181 فى تعليل هذا (لأنها محبوسة لحق الزوج ومفرغة نفسها له، فتستوجب الكفاية عليه فى ماله، كالعامل على الصدقات لما فرغ نفسه لعلم المساكين استوجب كفايته فى مالهم، والقاضى لما فرغ نفسه لعمله للمسلمين استوجب الكفاية فى مالهم) ونفى ص 185 (أن النفقة إنما تجب شيئا فشيئا) وفى ص 186 (وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها فلا نفقة لها لأنها ناشزة ولا نفقة للناشزة، فإن الله تعالى أمر فى حق الناشزة بمنع حظها فى الصحبة بقوله تعالى { واهجروهن فى المضاجع } النساء 34 ، فذلك دليل على أن تمنع كفايتها فى النفقة بطريق الأولى - لأن الحظ فى الصحبة لهما وفى النفقة لها خاصة، ولأنها إنما تستوجب النفقة بتسليمها نفسها إلى الزوج وتفريغها نفسها لمصالحه، فإذا امتنعت من ذلك صارت ظالمة .
وقد فوتت ما كان يجب لها باعتباره فلا نفقة لها) وفى البحر الرائق شرح كنز الرقائق فى باب النفقة ج - 4 ص 195 ذكر المجتبى - (وإذا سلمت نفسها بالنهار دون الليل أو على عكسه لا تستحق النفقة لأن التسليم ناقص، وقالوا له أن يمنع امرأته من الغزل، بل له أن يمنعها من الأعمال كلها المقتضية للكسب، لأنها مستغنية عنه لوجوب كفايتها عليه) وفى حاشية منحة الخالق لابن عابدين على البحر الرائق ص 196 ج - 4 نقلا عن الشرنبلالية) أن للزوج أن يمنع زوجته من صوم النفل) وفى الدر المختار للحصكفى ج - 2 فى باب النفقة ص 999 (ولا نفقة لخارجة من بيته بغير حق وهى الناشزة حتى تعود ولو بعد سفره) ولقد تابع علماء الشريعة المحدثون هذه النصوص السابقة .
ففى كتاب الأحكام الشرعية فى الأحوال الشخصية لقدرى باشا فى المادة 169 .
أن الزوجة المحترفة التى تكون خارج البيت نهارا وعند الزوج ليلا إذا منعها من الخروج فعصته فلا نفقة لها مادامت خارجة، وحول هذا المعنى جاء شرح الأحكام الشرعية للمرحوم الشيخ محمد زيد الإبيانى ج - 1 ص 237، ونظام النفقات فى الشريعة الإسلامية للمرحوم الشيخ أحمد إبراهيم ص 11، وأحكام الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية للمرحوم الشيخ عبد الوهاب خلاف ص 109، وقد ذكر المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة فى كتابه أحكام الزواج فى الشريعة الإسلامية ص 292 - أنه إذا كانت الزوجة من المحترفات اللائى لا يقررن فى البيت فلا نفقة لها إذا طلب منها القرار فلم تجب طلبه وذلك لأن الاحتباس فى هذه الحالة ناقص فله طلبه كاملا .
فإذا امتنعت فهى ناشزة . ولم يفرق العلماء فى هذا بين حرفة وأخرى، وإنما كان الحكم شاملا لسائر الأعمال التى تخرج بسببها المرأة من منزل الزوجية وتفوت بهذا الخروج حق زوجها وتصبح ناشزة، والنشوز فى النكاح كما جاء فى بدائع الصنائع ج - 4 ص 122 (أن تمنع نفسها من الزوج بغير حق خارجة من منزله بأن خرجت بغير إذنه وغابت أو سافرت) كما جاء فى الجزء الرابع من حاشية الشيخ البجيرمى(55/521)
على شرح المنهاج فى فقه الشافعية ص 112، ص 113 ما نصه تجب المؤن على صغير لا لصغيرة بالتمكين لا بالعقد قوله بالتمكين أى التام، وخرج به ما لو مكنته ليلا فقط أو فى دار مخصوصة فلا نفقة لها كما جاء فى كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر سيدى خليل فى فقه المالكية ص 188 (من موانع النفقة النشوز، ومنع الوطء والاستمتاع نشوز، والخروج بدون إذنه نشوز) وقال الأبهرى وغيره (أجمعوا على أن الناشز لا نفقة لها) وفى كتابى المغنى والشرح الكبير لابن قدامة الحنبلى ج - 8 ص 154 ما نصه (مسألة) قال وإذا سافرت زوجته بإذنه فلا نفقة لها ولا قسم أى سافرت فى حاجتها، لأن القسم للأنس والنفقة للتمكين من الاستمتاع، وقد تعذر ذلك بسبب من جهتها فتسقط، وفى هذا تنبيه على سقوطهما إذا سافرت بغير إذنه .
فإنه إذا سقط حقها من ذلك لعدم التمكين بأمر ليس فيه نشوز ولا معصية فلأن يسقط بالنشوز والمعصية أولى ولا يقدح هذا فى الحق المقرر لمرأى فى العمل المشروع وأن لها شخصيتها وذمتها المالية متى كانت بالغة عاقلة، لأن المشروعية لا تنافى المنع - إذ من المقرر شرعا أن للزوج أن يمنع زوجته من صلاة وصوم النوافل مع أنها عبادة مشروعة - وكما قرر فقهاء المذهب الحنفى أن الزوجة المحبوسة أو المغصوبة أو المسافرة للحج ولو مع محرم بدون إذن زوجها لا نفقة لها .
مع أن الحج عبادة والحبس والغصب كرها عنها، فإذا سقطت نفقتها فى هذه الأحوال باعتبارها ناشزة وهى مكرهة فمن باب أولى تسقط نفقتها إذا كان فوات احتباسها بإرادتها بسبب خروجها للعمل أيا كان نوعه .
ومن كل ما تقدم من النصوص، يظهر جليا أن نفقة الزوجة على زوجها مقابل قرارها فى منزل الزوجية وتفرغها لصالح الزوج، وأنها إذا اشتغلت بعمل خارج منزل الزوجية دون إذنه ورضاه ولو كان ذلك من الأعمال الضرورية للمجتمع كعمل القابلة والطبيبة كانت مفوتة حقه فيفوت حقها وتسقط نفقتها، لأن الحقوق المترتبة على العقد متقابلة .
ومما تقدم يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
طاعة الزوجة ونشوزها والاضرار بها فى القانون
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
محرم 1400 هجرية - 26 نوفمبر 1979 م
المبادئ
1 - امتناع الزوجة عن طاعة زوجها دون حق يوقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع .
2 - لها حق الاعتراض على هذا بالطريق القانونى أمام المحكمة الابتدائية فى خلال عشرة أيام من تاريخ الإعلان، وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها .(55/522)
3 - النشوز ليس من أسباب سقوط المهر والشبكة، ولم يتعرض لهذا القانون 44 لسنة 1979 وبقى حكمه وفقا لأرجح الأقوال فى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة .
4 - اعتبر القانون المذكور اقتران الزوج بأخرى بغير رضا الأولى إضرارا بها يبيح لها حق طلب التطليق عليه
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل قد عقد قرانه على الآنسة / أ ح ع بتاريخ 8/2/1979 وأنه لم يدخل ولم يختل بها، وقد رفض أهلها دخوله بها لأسباب لا يعرفها ، مع أنه جهز منزلا للزوجية وأخطر زوجته هذه بالدخول فى طاعته فيه وذلك بإنذار على يد محضر طبقا لقانون الأحوال الشخصية الجديد، وحدد لها عشرة أيام وإلا تعتبر ناشزا وتسقط نفقتها تبعا لذلك، وتسلمت الزوجة هذا الإنذار فى 22/7/1979 وحتى الآن وبعد مرور أكثر من شهرين على هذا الإنذار الرسمى، لم تقم الزوجة بالدخول فى طاعته بمنزل الزوجية، أو الاعتراض على هذا الإنذار الرسمى أمام المحكمة الابتدائية كما ينص على ذلك القانون سالف الذكر .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع والإجابة عن الأسئلة الآتية : 1 - هل تعتبر زوجة السائل ناشزا بعد مرور العشرة أيام المحددة بالإنذار وهل لو أصبحت ناشزا يجوز له استرداد الشبكة والمهر وما هو السند القانونى فى ذلك وهل إذا أصرت الزوجة على عدم الدخول وأصبحت ناشزا فهل إذا تزوج السائل بزوجة غيرها يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق خلال سنة من تاريخ إخطارها بزواجه أم لا
الجواب
تنص الفقرة رقم 6 مكررا ثانيا من القانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية على ما يأتى إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة على يد محضر وعليه أن يبين فى الإعلان المسكن، وللزوجة الاعتراض على هذا أمام المحكمة الابتدائية فى خلال عشرة أيام من تاريخ هذا الإعلان وعليها أن تبين فى صحيفة الاعتراض الوجه الشرعية التى تستند إليها فى امتناعها عن طاعته وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها، ويعتد بوقف نفقتها من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض إذا لم تتقدم فى الميعاد وبناء على هذا النص فإنه عن الفقرة الأولى من السؤال الأول إذا كان الحال كما ورد بالطلب واستوفى الإنذار شروطه الموضوعية والشكلية قانونا تعتبر زوجة السائل ناشزا من اليوم التالى لانتهاء مدة الاعتراض سالف البيان .
وعن الفقرة الثانية من ذات السؤال فإن المهر وجب بالعقد، وليس من أسباب سقوطه النشوز، والشبكة كذلك، وإنما قد تستحق الزوجة المهر كاملا إذا ثبت الدخول الحقيقى أو الخلوة الصحيحة بين الزوجين فى مدة الزوجية، أو يتنصف المهر إذا لم يثبت ذلك، والقانون المرقوم لم يتعرض لهذا، وبقى حكمه وفقا لأرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفى .(55/523)
وعن السؤال الثانى فإن هذا القانون فى الفقرة الثانية من المادة 6 مكرر قد نص على أنه (يعتبر إضرارا بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها) وعلى هذا فمن حق زوجة السائل طلب التطليق عليه إذا تزوج بأخرى دون رضاها .
هذا وليعلم السائل أن الأولى به السعى للصلح مع زوجته إما على الوفاق وإما على الفراق بدلا من إضاعة المال والوقت فى المحاكم دون طائل، امتثالا لقول الله تعالى { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما } النساء 130 ، ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
سقوط زكاة الفطر على الزوجة الناشز
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجب على الزوج أن يخرج زكاة الفطر عن زوجته الناشز ؟
الجواب
قال جمهور الفقهاء : إن الزوج يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تجب عليه نفقتهم ، ومنهم الزوجة ما دامت الزوجية قائمة حقيقة أو حكما كالمطلقة، وأبو حنيفة لا يوجب هذه الزكاة على الزوج ، فهى التى تخرج زكاتها ، لكن لو تبرع هو بإخراجها عنها أجزأت ولو كان ذلك بغير إذنها .
فإذا لم تكن الزوجية قائمة بسبب الموت أو الفراق فللنفقة أحكام مذكورة فى مواضعها ، لكن النفقة تسقط بالنشوز، الذى يتحقق بأخذ أمرين ، امتناعها عن تمتع الزوج بها ، وخروجها من منزل الزوجية بغير إذنه وبغير ضرورة .
وزكاة الفطر تابعة للنفقة وفى وجوبها خلاف فقد تجب النفقة ولا تجب الزكاة (انظر زكاة الفطر عن الزوجة غير المسلمة) لكن إذا سقطت سقطت زكاة الفطر إذا كان النشوز فى وقعت وجوب الزكاة ، وهو آخر ليلة من رمضان أو أول يوم من شوال . وعلى الزوجة أن تخرج زكاتها هى عن نفسها حينئذ
ـــــــــــــــــــ
زيارة الزوجة لأهلها
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال(55/524)
هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أهلها ؟
الجواب
من المتفق عليه أن الزوجة يجب عليها أن تطيع الزوج فى أمرين أساسيين ، هما المتعة وملازمة البيت ، فلو عصته فى أحدهما كانت ناشزا، تسقط نفقتها ويتخذ معها إجراء بينة القرآن فى قوله تعالى {واللاتى تخافون نشوزهن } النساء : 34 ، وصحت الأحاديث بالنهى عن عصيانها فيما يجب عليها نحوه .
وفى ملازمة البيت روى حديث بسند ضعيف أن رجلا كان فى سفر وعهد إلى امرأته ألا تنزل من العلو إلى السفل ، أى من الطابق الأعلى إلى الطابق الذى تحته ، وكان أبوها فيه ، فمرض ، فاستأذنت الرسول فى زيارته فأمرها أن تطيع زوجها ، فمات أبوها ودفن ولم تنزل ، فأخبرها الرسول بأن اللَّه غفر لأبيها بسبب طاعتها لزوجها .
بعد هذا أقول :
كما أن للزوج على زوجته حقوقا مؤكدة يعرِّض التفريط فيها إلى عقوبات دنيوية وأخروية -كذلك لوالديها حقوق من البر والإِحسان ، منها ما هو واجب يعرِّض لعقوبة اللَّه : ومنها ما هو مندوب لا عقوبة عليه ، لكن حق الزوج مقدم على حق الوالدين ، فقد روى الحاكم وصححه والبزار بإسناد حسن أن عائشة رضى اللّه عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم : أى الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال " زوجها " قالت :
فأى الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال " أمه " .
ويمكن للزوجة أن توفق بين طاعتها لزوجها وطاعتها لوالديها دون إثارة مشكلات أو تعرَّض لعقوبات ، ومن العشرة بالمعروف التى أمر اللّه الزوج بها مع زوجته .أن يمكنها من بر والديها وصلة رحمها، لكن ليست زيارتها لهما هى الوسيلة الوحيدة للبر والصلة، فقد يتم ذلك بمكالمة تليفونية أو إرسال خطاب مثلا، أو بزيارة أهلها لها فى بيت زوجها ، وكل ذلك فى نطاق المصلحة الزوجية ، فإذا رأى الزوج أن زيارتها لأهلها تضر الحياة الزوجية كان له منعها ، ولو خرجت بدون إذنه كانت ناشزا وحكم النشوز معروف ، وليس منعه لها من زيارة أهلها معصية حتى نبيح لها أن تخالفه ، بناء على ما هو معروف من أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ، فالبر كما قلنا-يحصل بغير زيارتها لأهلها، وقد يكون المنع فى مصلحتها هي أيضا، فلا يجوز لها أن تتمسك بهذه الزيارة وتعلق حياتها مع زوجها عليها ، فذلك عناد يجر إلى عناد أكبر قد تندم على نتيجته .
وبحسن التفاهم يمكن الخروج من هذه الأزمة ، والوسائل لذلك كثيرة ، وعلى الوالدين أن يساعدا ابنتهما على استقرار حياتها الزوجية بعدم إثارة الزوابع التى تعصف بسعادة كل من تعرض لها أو تسبب فيها .
هذا، وقد نشر كلام حدث منذ أكثر من مائة سنة جاء فيه - حول هذا الموضوع - أن الأبوين إذا كانا قادرين على زيارة ابنتهما فلا تخرج هى لزيارتهما إلا بإذن الزوج ، وكلام يبيح لها أن تخرج للزيارة كل أسبوع بإذن وبغير إذن ، وقيَّد بعضهم ذلك بعدم قدرتهما على زيارتها ( الشيخ محمد عبده ذكر كل ذلك بتاريخ 27 من ربيع(55/525)
الأول سنة 1322 انتهى . واختار أن تخرج إلى أبويها فى كل جمعة ، أذنها الزوج أو لم يأذن ، ولها أن تخرج إلى المحارم كذلك كل سنة مرة بإذنه وبغير إذنه ، كما أن لها أن تخرج إلى الأهل كذلك كل سنة مرة بالإذن وبدونه ، أما خروجها زائدًا على ذلك للأهل فيسوغ لها بإذنه .
وكان اختياره لذلك بعد عرض أقوال الفقهاء الأحناف من كتبهم ، دون أن يكون لأقوالهم أو لاختياره هو أى دليل من قرآن أو سنة " الفتاوى الإِسلامية مجلد 4 ص 1355 " وكل ذلك اجتهاد نظر فيه إلى العرف الجارى فى زمانهم ، لكن الأصل الذى يجب أن يعلم هو أن الزيارة فى حد ذاتها ليست ممنوعة، فقد أذن الرسول والصحابة لنسائهم بذلك ، والمدار هو على تحقيق المصلحة وعدم المفسدة، مع مراعاة تقدم حق الزوج على الأبوين ، والواجب يقدم على المندوب ، وللتحديد بمدة يرجع فيه إلى العرف ، ومخالفته لا ترقى إلى درجة التحريم وكلامهم هو فى الأولى والأفضل . ولعل ما ذكرته يكون أقرب إلى الصواب )
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 394)
فَصْلٌ وَأَمَّا الْمَعَاصِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ كَاَلَّذِي يُقَبِّلُ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ يُبَاشِرُ بِلَا جِمَاعٍ أَوْ يَأْكُلُ مَا لَا يَحِلُّ كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ أَوْ يَقْذِفُ النَّاسَ بِغَيْرِ الزِّنَا أَوْ يَسْرِقُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا أَوْ يَخُونُ أَمَانَتَهُ كَوُلَاةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوُقُوفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا خَانُوا فِيهَا وَكَالْوُكَلَاءِ وَالشُّرَكَاءِ إذَا خَانُوا أَوْ يَغُشُّ فِي مُعَامَلَتِهِ كَاَلَّذِينَ يَغُشُّونَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يُطَفِّفُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ أَوْ يَشْهَدُ بِالزُّورِ أَوْ يُلَقِّنُ شَهَادَةَ الزُّورِ أَوْ يَرْتَشِي فِي حُكْمِهِ أَوْ يَحْكُمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَوْ يَعْتَدِي عَلَى رَعِيَّتِهِ أَوْ يَتَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ يُلَبِّي دَاعِيَ الْجَاهِلِيَّةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُحَرَّمَاتِ : فَهَؤُلَاءِ يُعَاقَبُونَ تَعْزِيرًا وَتَنْكِيلًا وَتَأْدِيبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْوَالِي عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي النَّاسِ وَقِلَّتِهِ . فَإِذَا كَانَ كَثِيرًا زَادَ فِي الْعُقُوبَةِ ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَلِيلًا . وَعَلَى حَسَبِ حَالِ الْمُذْنِبِ ؛ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُدْمِنِينَ عَلَى الْفُجُورِ زِيدَ فِي عُقُوبَتِهِ ؛ بِخِلَافِ الْمُقِلِّ مِنْ ذَلِكَ . وَعَلَى حَسَبِ كِبَرِ الذَّنْبِ وَصِغَرِهِ ؛ فَيُعَاقِبُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِنِسَاءِ النَّاسِ وَأَوْلَادِهِمْ بِمَا لَا يُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِمَرْأَةِ وَاحِدَةٍ أَوْ صَبِيٍّ وَاحِدٍ . وَلَيْسَ لِأَقَلِّ التَّعْزِيرِ حَدٌّ ؛ بَلْ هُوَ بِكُلِّ مَا
فِيهِ إيلَامِ الْإِنْسَانِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَتَرْكِ قَوْلٍ وَتَرْكِ فِعْلٍ فَقَدْ يُعَزَّرُ الرَّجُلُ بِوَعْظِهِ وَتَوْبِيخِهِ وَالْإِغْلَاظِ لَهُ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِهَجْرِهِ وَتَرْكِ السَّلَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتُوبَ إذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَصْلَحَةِ كَمَا هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ " الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا " وَقَدْ يُعَزَّرُ بِعَزْلِهِ عَنْ وِلَايَتِهِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يُعَزِّرُونَ بِذَلِكَ ؛ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِتَرْكِ اسْتِخْدَامِهِ فِي جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ كَالْجُنْدِيِّ الْمُقَاتِلِ إذَا فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ ؛ فَإِنَّ الْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَطْعَ أَجْرِهِ نَوْعُ تَعْزِيرٍ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَمِيرُ إذَا فَعَلَ مَا يُسْتَعْظَمُ فَعَزَلَهُ عَنْ إمَارَتِهِ تَعْزِيرًا لَهُ وَكَذَلِكَ قَدْ يُعَزَّرُ بِالْحَبْسِ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ وَقَدْ يُعَزَّرُ بِتَسْوِيدِ وَجْهِهِ وَإِرْكَابِهِ عَلَى دَابَّةٍ مَقْلُوبًا ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي شَاهِدِ الزُّورِ فَإِنَّ الْكَاذِبَ سَوَّدَ الْوَجْهَ فَسَوَّدَ وَجْهَهُ وَقَلَبَ الْحَدِيثَ فَقَلَبَ رُكُوبَهُ . وَأَمَّا أَعْلَاهُ ؛ فَقَدْ قِيلَ : " لَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ(55/526)
أَسْوَاطٍ " . وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ . ثُمَّ هُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ : مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : " لَا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ " : لَا يَبْلُغُ بِالْحُرِّ أَدْنَى حُدُودِ الْحُرِّ وَهِيَ الْأَرْبَعُونَ أَوْ الثَّمَانُونَ وَلَا يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ أَدْنَى حُدُودِ الْعَبْدِ وَهِيَ الْعِشْرُونَ أَوْ
الْأَرْبَعُونَ . وَقِيلَ ؛ بَلْ لَا يَبْلُغُ بِكُلِّ مِنْهُمَا حَدَّ الْعَبْدِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : لَا يَبْلُغُ بِكُلِّ ذَنْبٍ حَدَّ جِنْسِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ جِنْسٍ آخَرَ فَلَا يَبْلُغُ بِالسَّارِقِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ قَطْعَ الْيَدِ وَإِنْ ضُرِبَ أَكْثَرَ مَنْ حَدِّ الْقَاذِفِ وَلَا يَبْلُغُ بِمَنْ فَعَلَ مَا دُونَ الزِّنَا حَدَّ الزَّانِي وَإِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَاذِفِ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ وَأَخَذَ بِذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ مِائَةَ ضَرْبَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِائَةَ ضَرْبَةٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِائَة ضَرْبَةٍ . وَرُوِيَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وُجِدَا فِي لِحَافٍ : " يُضْرَبَانِ مِائَةً " . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ : إنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جُلِدَ مِائَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ : رُجِمَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ . وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ . وَأَمَّا مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فَحُكِيَ عَنْهُ : أَنَّ مِنْ الْجَرَائِمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ الْقَتْلَ . وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد فِي مِثْلِ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إذَا تَجَسَّسَ لِلْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَحْمَد تَوَقَّفَ فِي قَتْلِهِ وَجَوَّزَ مَالِكٌ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ - كَابْنِ عَقِيلٍ - قَتْلَهُ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى . وَجَوَّزَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ
وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا : قَتْلَ الدَّاعِيَةِ إلَى الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ . وَقَالُوا : إنَّمَا جَوَّزَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ قَتْلَ الْقَدَرِيَّةِ لِأَجْلِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ؛ لَا لِأَجْلِ الرِّدَّةِ ؛ وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي قَتْلِ السَّاحِرِ ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ وَقَدْ رُوِيَ { عَنْ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا : إنَّ حَدَّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ . وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَحَفْصَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَتْلُهُ . فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لِأَجْلِ الْكُفْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لِأَجْلِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ . لَكِنَّ جُمْهُورَ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ قَتْلَهُ حَدًّا . وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ يُعَزَّرُ بِالْقَتْلِ فِيمَا تَكَرَّرَ مِنْ الْجَرَائِمِ إذَا كَانَ جِنْسُهُ يُوجِبُ الْقَتْلَ كَمَا يُقْتَلُ مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ اللِّوَاطُ أَوْ اغْتِيَالُ النُّفُوسِ لِأَخْذِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْمُفْسِدَ مَتَى لَمْ يَنْقَطِعْ شَرُّهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ : بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ { عَنْ عرفجة الأشجعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ } وَفِي رِوَايَةٍ : { سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ . فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ
كَائِنًا مَنْ كَانَ } . وَكَذَلِكَ قَدْ يُقَالُ فِي أَمْرِهِ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ ؛ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ { عَنْ دَيْلَمَ الْحِمْيَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّا بِأَرْضِ نُعَالِجُ بِهَا عَمَلًا شَدِيدًا وَأَنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا . فَقَالَ : هَلْ يُسْكِرُ ؟ قُلْت نَعَمْ . قَالَ : فَاجْتَنِبُوهُ . قُلْت إنَّ النَّاسَ غَيْرُ تَارِكِيهِ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوهُ فَاقْتُلُوهُمْ } . وَهَذَا لِأَنَّ الْمُفْسِدَ كَالصَّائِلِ . فَإِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ الصَّائِلُ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ . وَجِمَاعُ(55/527)
ذَلِكَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ : ( أَحَدُهُمَا عَلَى ذَنْبٍ مَاضٍ جَزَاءٌ بِمَا كَسَبَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ كَجَلْدِ الشَّارِبِ وَالْقَاذِفِ وَقَطْعِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ . وَ ( الثَّانِي الْعُقُوبَةُ لِتَأْدِيَةِ حَقٍّ وَاجِبٍ وَتَرْكِ مُحَرَّمٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ حَتَّى يُسْلِمَ فَإِنْ تَابَ ؛ وَإِلَّا قُتِلَ . وَكَمَا يُعَاقَبُ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ حَتَّى يُؤَدُّوهَا . فَالتَّعْزِيرُ فِي هَذَا الضَّرْبِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ . وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَضْرَبَ مَرَّةً بَعْد مَرَّةٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ أَوْ يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ . عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ } قَدْ فَسَّرَهُ
طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُودِ اللَّهِ مَا حَرُمَ لِحَقِّ اللَّهِ ؛ فَإِنَّ الْحُدُودَ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُرَادُ بِهَا الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ : مِثْلَ آخِرِ الْحَلَالِ وَأَوَّلَ الْحَرَامِ . فَيُقَالُ فِي الْأَوَّلِ : { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا } . وَيُقَالُ فِي الثَّانِي : { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا } . وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْعُقُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ حَدًّا فَهُوَ عُرْفٌ حَادِثٌ . وَمُرَادُ الْحَدِيثِ : أَنَّ مَنْ ضُرِبَ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَضَرْبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي النُّشُوزِ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرِ جَلَدَاتٍ . وَالْجَلْدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ : هُوَ الْجَلْدُ الْمُعْتَدِلُ بِالسَّوْطِ ؛ فَإِنَّ خِيَارَ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ وَسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ " وَلَا يَكُونُ الْجَلْدُ بِالْعِصِيِّ وَلَا بِالْمُقَارِعِ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالدِّرَّةِ ؛ بَلْ الدِّرَّةُ تُسْتَعْمَلُ فِي التَّعْزِيرِ . أَمَّا الْحُدُودُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْجَلْدِ بِالسَّوْطِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُؤَدِّبُ بِالدِّرَّةِ ؛ فَإِذَا جَاءَتْ الْحُدُودُ دَعَا بِالسَّوْطِ وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ كُلُّهَا ؛ بَلْ يُنْزَعُ عَنْهُ مَا يَمْنَعُ أَلَمَ الضَّرْبِ مِنْ الْحَشَايَا وَالْفِرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَلَا يُرْبَطُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُضْرَبُ وَجْهُهُ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ وَلَا يَضْرِبْ مُقَاتِلَهُ } فَإِنَّ الْمَقْصُودَ تَأْدِيبُهُ لَا قَتْلُهُ وَيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ
حَظُّهُ مِنْ الضَّرْبِ كَالظَّهْرِ وَالْأَكْتَافِ وَالْفَخِذَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
ـــــــــــــــــــ
إجبار الزوج زوجته على الحجاب ... العنوان
حاولت مرارا وتكراراً إقناع زوجتي بارتداء الحجاب إلا أنها ترفض الموضوع مدعية أن هذا الموضوع لا يصح أن تأتيه نتيجة الضغط عليها ولمجرد إرضاء الزوج وإنما لا بد وأن تأتيه عن اقتناع كامل حين يأذن الله. فهل عليَّ وزر بعد تلك المحاولات المضنية؟
... السؤال
21/01/2002 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل أن الدعوة لفعل الفرائض أن تكون بالموعظة الحسنة ،وأن يسعى الإنسان من يدعوه إلى حب هذا الشيء،فإن رفض وكان له سلطة عليه، كدعوة الزوج زوجته للحجاب ،فلا يأثم شرعا على إجبارها ،لأن له ولاية عليها،ولأن الواجب(55/528)
يترك لهوى الإنسان يفعله أو لا يفعله ،والمرأة التي ترفض أمر زوجها بالحجاب تكون ناشزا ،خارجة عن طاعة زوجها .
تقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
من مسئولية الزوج على زوجته أن يقوم بتعليمها فرائض دينها وأوامره ونواهيه، فإذا امتنعت وفشلت معها كل أساليب الحكمة والموعظة الحسنة فإنها تكون ناشزًا، والناشز وضع لها الله سبحانه وتعالى علاجًا تأديبيًّا يكون موكلاً للزوج داخل الأسرة، في قول الله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًّا كبيرًا".
والتزام المرأة المسلمة بارتداء الزي الإسلامي السابغ الذي لا يشف ولا يصف، هو من باب المأمورات الشرعية التي لا تخضع لإقناع أو لهوى، لقوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا"، ويقول جل شأنه: "يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر".
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
ضرب المرأة وإهانتها أمام أولادها ... العنوان
أقسى لحظة تواجهها المرأة هي تلك اللحظة التي تشعر فيها بالإهانة والضعف تلك اللحظة التي ترتمي فيها على أي مكان تجده أمامها تصارع ألمًا جسميًا ونفسيًا.. تسيل دموعها فلا تجد منقذا أو منجدًا سوى الدعاء إلى خالقها بأن ينقذها ويحميها ويبعد عنها الإهانات والآلام. فعلاً.. هناك في مجتمعنا للأسف العديد من السيدات من يعانين أشد المعاناة من جراء إهانة أزواجهن لهن. ففي مجتمعنا كما في المجتمعات الأخرى أزواج يسيئون معاملة زوجاتهم يسبونهن ويشتمونهن.
لقد وصلتنا عدة شكاوى من سيدات يتعرضن يوميًا لإهانات الأزواج تقول إحداهن في رسالة مطولة: إنه يسبني ويشتمني أمام أطفالي.. لأتفه الأسباب وتقول ثانية: أريد حلاً لمشكلتي إن زوجي يرجع آخر الليل فيقوم بضربي وسبي وإهانتي، وينعتني بأحقر الألفاظ.. ثالثة.. ورابعة... الكل يشتكي ويتذمر.
ونحن نريد من فضيلة الشيخ أن يوضح لنا موقف الإسلام من هذه المعاملات ؟
... السؤال
03/11/2001 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا يوجد دين كرم المرأة وأنصفها مثل الإسلام. لقد كرمها باعتبارها إنسانًا، وكرمها باعتبارها ابنة، وكرمها باعتبارها زوجة، وكرمها باعتبارها أما، وكرمها باعتبارها عضوا في المجتمع.(55/529)
وأنكر على الجاهلية التي أهانتها إلى حد أن وأدتها بنتًا، وورثتها زوجة كما يورث المتاع والدواب.
بناء الحياة الزوجية على دعائم راسخة:
والمتدبر للقرآن الكريم يجد أنه أقام الحياة الزوجية على دعائم راسخة من السكون والمودة والرحمة، وهي التي دل عليها قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). (الروم: 21).
كما عبر القرآن الكريم عن نوع العلاقة بين الزوجين بقوله سبحانه:(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) (البقرة: 187).بكل ما تحمله كلمة " لباس " وتوحي به من معاني الستر والوقاية والدفء والزينة التي يوفرها كل منهما لصاحبه.
إن حاجة كل من الرجل والمرأة إلى الآخر حاجة فطرية.
فقد خلقهما الله بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر، تبعًا لسنة الله الكونية العامة القائمة على ازدواج المخلوقات كلها ابتداء من الذرة إلى المجرة: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون). (الذاريات: 49).
من أجل هذا حين خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه، وأسكنه جنته، لم يدعه وحده، بل خلق له من جنسه زوجًا تؤنس وحشته، ويستكمل بها وجوده، وتوجه إليهما الخطاب الإلهي معا: (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة..). (البقرة: 35).
وفكرة الإسلام كما يوضحها القرآن أن المرأة ليست خصمًا للرجل ولا منافسًا له، وكذلك الرجل بالنسبة للمرأة، بل كل منهما مكمل للآخر لا تتم حياته إلا به.
وهذا معنى قول القرآن: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض). (آل عمران: 195).
ومعنى: (بعضكم من بعض) أن المرأة من الرجل والرجل من المرأة، فلا خصومة ولا تناقض بينهما، بل تكامل وتناسق وتعاون.
لا يقبل الإسلام إهانة الزوجة:
ومن هنا لا يقبل الإسلام أن تقوم الحياة الزوجية على إهانة المرأة، أو الإساءة إليها بقول أو فعل، فلا يجوز بحال أن تسب أو تشتم وخصوصًا أمام أطفالها، بل إن الإسلام يمنع سب الحيوانات والجمادات، فكيف بالإنسان؟ وكيف بالزوجة التي هي ربة بيته، وشريكة حياته، وأم أولاده، وأقرب الناس إليه؟؟.
لقد شدد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- على امرأة لعنت ناقتها فأمر أن تترك الناقة ولا يستخدمها أحد، وحرمت منها صاحبتها، ردعًا لها على سبها ولعنها للناقة، فكيف بلعن الإنسان المسلم وسبه؟!.
رخصة الضرب وحدودها:
وأشد من ذلك الضرب: فلا يجوز ضرب المرأة بحال، إلا في حالة أوجبتها الضرورة وهي " حالة النشوز " والتمرد على الرجل. وعصيان أمره فيما هو من حقوق الزوجية وإشعاره بالتعالي عليه وهي ضرورة تقدر بقدرها.
وهو تأديب مؤقت رخص فيه القرآن بصفة استثنائية عندما تخفق الوسائل الأخرى من الوعظ والهجر في المضجع كما قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن(55/530)
واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرًا). (النساء 34).
وفي آخر الآية وعيد للرجال الذين يتطاولون على نسائهم المطيعات، فالله تعالى أعلى منهم وأكبر.
ورغم هذه الرخصة للضرورة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" ولن يضرب خياركم ".
فخيار الناس لا يضربون نساءهم، بل يعاملونهن باللطف والرقة وحسن الخلق. وخير مثال لذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ".
وقد عرف من سيرته الثابتة -صلى الله عليه وسلم-: أنه لم يضرب امرأة قط، بل لم يضرب خادمًا ولا دابة في حياته!.
وقد استشنع عليه الصلاة والسلام من الرجل أن يضرب امرأته، إذ كيف يضربها أول النهار ويضاجعها آخره؟!.
وإذا أفلت زمام الرجل مرة، فامتدت يده إلى امرأته في ساعة غضب، فالواجب أن يبادر إلى مصالحتها وإرضائها.. فهذا من مكارم الأخلاق التي يجب أن تسود الأسرة المسلمة.
أما ضرب الزوجة أو شتمها أمام أطفالها فهو أمر لا يليق بمسلم يعرف أوليات دينه، ويعلم أنه راع ومسئول عن رعيته، وهو خطأ ديني وخلقي وتربوي لا ينتج إلا الضرر على الفرد والأسرة والمجتمع.
لقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-:" لن يضرب خياركم " ومفهومه أن الذين يضربون نساءهم هم الأشرار والأراذل من الناس، ومن ذا يقبل أن يكون منهم؟ نسأل الله الهداية والتوفيق.
هذا والله أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــ
تزين كل من الزوجين لصاحبه ... العنوان
هل يجب على الرجل أن يتزين لزوجته ؟ وهل له أن يؤدبها إذا أهملت التزين له لتعفه عن النساء ؟ ... السؤال
01/08/2001 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم يستحب للزوج أن يتزين لزوجته حتى يعفها عن النظر لغيره ، كما يستحب لها أن تتزين له ، وإذا طلب الزوج من زوجته التزين له فإن التزين له يصبح واجبا عليها ، لأن له عليها حق الطاعة في غير معصية ، ولأنه إذا طلب منها التزين كان في حاجة إليه ، فربما رأى غيرها من المتبرجات فأراد أن يراها في زينتها ليعف(55/531)
نفسه ، فيجب عليها أن تساعده ، بل يجب عليها ذلك إذا أحست أنه ربما يميل إلى غيرها ، خاصة في عصرنا الذي كثرت فيه المتبرجات.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
يستحب لكل من الزوجين أن يتزين للآخر ; لقوله تعالى : { وعاشروهن بالمعروف } وقوله تعالى : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } فالمعاشرة بالمعروف حق لكل منهما على الآخر , ومن المعروف أن يتزين كل منهما للآخر , فكما يحب الزوج أن تتزين له زوجته , كذلك الحال بالنسبة لها تحب أن يتزين لها .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إني لأحب أن أتزين للمرأة , كما أحب أن تتزين لي , لأن الله تعالى يقول : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } , وحق الزوج عليها أعظم درجة من حقها ; لقوله تعالى : { وللرجال عليهن درجة } .
وكان محمد بن الحسن يلبس الثياب النفيسة , ويقول : إن لي نساء وجواري , فأزين نفسي كي لا ينظرن إلى غيري .
وقال أبو يوسف ـ من أئمة الحنفيةـ: يعجبني أن تتزين لي امرأتي , كما يعجبها أن أتزين لها . ومن الزينة في هذا المقام : أنه إن نبت شعر غليظ للمرأة في وجهها , كشعر الشارب واللحية , فيجب عليها نتفه لئلا تتشبه بالرجال , فقد روت امرأة بن أبي الصقر - وهي العالية بنت أيفع - رضي الله عنها , أنها كانت عند عائشة رضي الله عنها فسألتها امرأة فقالت : يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن : أتزين بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة : أميطي عنك الأذى , وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة , وإن أمرك فأطيعيه , وإن أقسم عليك فأبريه , ولا تأذني في بيته لمن يكره .
وإن نبت في غير أماكنه في وجه الرجل فله إزالته , حتى أجاز الحنفية للرجل الأخذ من الحاجبين إذا فَحُشا .
وإذا أمر الزوج زوجته بالتزين له كان التزين واجبا عليها ; لأنه حقه ; ولأن طاعة الزوج في المعروف واجبة على الزوجة .
فمن حقوق الزوج على زوجته أن تتزين له بالملبس والطيب مع النظافة, وأن تحسن هيئتها وغير ذلك , مما يرغبه فيها ويدعوه إليها , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خير النساء التي تسره إذا نظر , وتطيعه إذا أمر, ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله }
فإن أمر الزوج زوجته بالتزين فلم تتزين له كان له حق تأديبها ; لأن الزينة حقه . قال تعالى : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم , فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا } .
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
حكم الناشز وحقها في النفقة ... العنوان(55/532)
ما المقصود بنشوز الزوجة؟ وهل تجب النفقة على الرجل للزوجة الناشز ؟ وإذا كانت تسقط نفقتها ، فمتى تسقط ؟ وهل تأثم الزوجة بالنشوز؟ ... السؤال
11/07/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالنشوز هو امتناع الزوجة عن طاعة الزوج ـ في غير معصية ـ وعدم القيام بحقوقه الزوجية ، كأن تمتنع عن معاشرة زوجها مع رغبته دون عذر شرعي ، أو تخرج من بيته بدون إذنه ، أو تمتنع عن السفر معه إلى بلده التي يقيم فيها، أو إلى مسكنه الجديد المناسب .
وهذا النشوز محرم ، ويسقط حق الزوجة في النفقة ، وسقوط النفقة يبدأ من يوم النشوز الفعلي ؛ وإن ثبت بعده بمدة .
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :
ونود الإشارة إلى أن كلمة ناشِز أو نشوز وردت في قوله تعالى: (واللاتي تَخافونَ نُشوزَهُنَّ فعِظُوهُنَّ واهْجُروهُنَّ في المَضاجعِ واضْرِبوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَكُمْ فلا تَبْغُوا عَلَيهِنَّ سبيلًا إنَّ اللهَ كان عليًّا كبيرًا) (النساء: 34).
وأصل كلمة النُّشوز: الارتفاع، يُقال: مكان ناشز أي مُرتفع، فكأن الزوجة ترتفع عن طاعة الزوج وتتعالى عما أوجبه الله له عليها ولا تتواضع له؛ فلذلك سُمِّيَتْ ناشزًا.
وقد عَرَّفَ العلماء النشوز بأنه خروج المرأة عن طاعة زوجها في الحقوق والواجبات، فكل امرأة أَخَلَّتْ بحقوق الزوج وطاعته اعتُبِرَتْ ناشزًا من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، والنشوز حرام ويَستوجب اللعنة من الله ـ سبحانه وتعالى ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأةٍ باتَتْ وزوجُها غاضبٌ عليها لَعَنَتْها الملائكةُ حتى تُصْبِح".
ومن المقرر في الشريعة الإسلامية أن النفقة تُستَحق للمرأة إذا توافر سببها وهو الزواج لقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللهَ في النساء فإنكم أَخَذْتُموهنَّ بأمانة الله واسْتَحْلَلْتُمْ فُروجَهنَّ بكلمة الله، لهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف".
مع توافر شرطها أيضًا وهو الاحتباس، أو الاستعداد له وهو الطاعة، فإذا سلَّمت المرأة نفسها إلى زوجها وتمكن من الاستمتاع بها ونقلها إلى حيث يريد وكانا من أهل الاستمتاع في نكاح صحيح ـ وجبت لها النفقة.
فإذا فَوَّتَت المرأة على الرجل حقَّ الاحتباس الشرعيّ بغير حق فلا نفقة لها وتُعَدُّ ناشزًا، ومن النشوز الامتناع عن الانتقال إلى منزل الزوجية بغير سبب شرعيّ، وقد دعاها إليه وقد أَعَدَّه إعدادًا كاملًا يَليق به، وكذلك إذا خرجت من منزله بغير إذنه، واستمرت ناشزة مدة طالت أو قَصُرت فإنه لا نفقةَ لها في هذه المدة.
فقد جاء في المُغْني لابن قُدامة (9 / 295): فمتى امتنعَتْ عن فراشه، أو خرَجَت من منزله بغير إذنه، أو امتنَعَت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها أو من السفر معه، فلا نفقة لها ولا سُكْنى في قول عامة أهل العلم، منهم الشعبيّ وحماد ومالك(55/533)
والأوزاعيّ والشافعيّ وأصحاب الرأي وأبو ثور. وقال الحَكَم: لها النفقة. وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا خالف هؤلاء إلا الحكم.
فإذا رفعت المرأة للقاضي تطالب بنفقتها فلابد أن تُثْبِتَ السبب والشرط، فإن قال الزوج: إنها ناشز؛ كان عليها أن تُثْبِتَ أنها تعيش معه وأنها مُحْتبِسة عليه، أو أنها خارجة عن بيته بسبب شرعيّ ، وعليها أيضًا أن تُثْبِتَ الزوجية والطاعة، بمعنى أن عليها أن تُثْبِتَ السبب وهو الزواج، والشرط وهو الاحتباس أو الاستعداد له.
وعمل بعض القضاة الشرعيين على أنها لا تُثْبِت إلا الزواجَ إنْ أنكره، فإن دفَع بالنشوز لا يُسمَع دفعه إلا إذا كان قد حُكِمَ له بالطاعة ولم تُنَفِّذ الحكم ؛ عملهم هذا خطأ.
يقول الإمام محمد أبو زهرة في كتابه الأحوال الشخصية ص 233: وهذا المنهاج لا يتفق مع الفقه والمصلحة؛ أما عن عدم اتفاقه مع الفقه فلأن شرط الاستحقاق للنفقة هو الطاعة، فالطاعة جزء من دعواها، لابد أن تُثْبِتَ أن خروجَها من المنزل بحق شرعيّ، ويكون حينئذٍ الدفع بالنشوز واجب النظر في دعوى النفقة، وأما أن مسلك القضاء لا مصلحة فيه فلأنه أدى إلى فصل حكم النفقة عن حكم الطاعة.
وعلى ذلك : فإن تفويت المرأة على الرجل حقَّ الاحتباس أو الاستعداد له بغير حق شرعيّ يُعَدُّ نشوزًا يُسْقِطُ نفقتَها الواجبة لها شرعًا على الزوج من تاريخ تفويت حق الاحتباس الكامل لحق زوجها، وامتناعها عنه من الناحية الفعلية ، وليس من تاريخ التحقق من هذا الامتناع ، وذلك لأن النفقة في مقابل حق الاحتباس الكامل لقوله تعالى: (الرجالُ قَوَّامونَ على النساءِ بما فَضَّلَ اللهُ بعضَهم على بعضٍ وبما أنْفَقوا مِن أموالِهم فالصالحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للغيبِ بما حَفِظَ اللهُ واللاتي تَخافونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُروهُنَّ في المضاجعِ واضْرِبُوهُنَّ فإنْ أَطَعْنَكُمْ فلا تَبْغُوا عَلَيهِنَّ سبيلًا) (النساء: 34) وقوله تعالى: (أسْكِنوهُنَّ مِن حيثُ سَكَنْتُمْ مِن وُجْدِكُمْ ولا تُضَارُّوهُنَّ لتُضَيِّقوا عَلَيهِنَّ) (الطلاق: 6) وقوله تعالى: (ليُنْفِقْ ذو سَعَةٍ مِن سَعَتِه ومَن قُدِرَ عليه رزقُه فليُنْفِقْ مما آتاه الله) (الطلاق: 7).
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللهَ في النساء؛ فإنكم أخَذْتموهنَّ بأمانة الله واسْتَحْللتم فروجَهنَّ بكلمة الله، لهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف".
ولأن من المقرر شرعًا أن العقد شريعة المُتعاقدين، والحقوق متقابلة في العقد، وكل حق يقابله واجب، فإذا أخلَّ أحدُ الطرفين بما عليه من واجب سقط ما له من حق يقابله.
ولأن اعتبار النفقة من تاريخ التحقيق من هذا الامتناع قد يؤدي إلى تحايل في إطالة أمد الخصومة بما يؤدي إلى الإضرار بأحد الطرفين، والضرر يجب رَفْعُه شرعًا لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضَرَرَ ولا ضِرار".
نسأل الله أن يُلْهِمَنا الصوابَ في القول والفعل والعمل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــــــــــــــ
طرق علاج نشوزالمرأة ... العنوان(55/534)
إن امرأتي عَصبية جِدًّا تُخالفني في أمور كثيرة وتُقصر في حُقوقي الضرورية، فهل يجوز لي أن أُعاقبها بالضرب، أو الحرمان من النفَقة، أو بترك جِماعها ونحو ذلك من العقوبات الرادعة؟ وقد بذلتُ جهدي في إصلاحها، وفكرتُ طويلًا في طلاقها، ولكن يَمنعني من ذلك وُجود العيال، وهم صغار أخشَى عليهم منها لو استقلَّت بتربيتهم، وأنا لا أستطيع الصبر على فِراقهم، فأشِرْ عليَّ بما تراه صالحًا لي ولأولادي منها وَفْقَ كتاب الله ـ تبارك وتعالى ـ وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
... السؤال
08/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذبجامعة الأزهر :
ينبغي عليك أيها السائل الكريم أن تَتعرَّف أولًا على أسباب هذه العصبية الشديدة التي تَجدها في زوجتك وتشكو منها مُرَّ الشكوى، وأن تتلمس أسبابها حتى تستطيع أن تتعرف بعد ذلك على الطريقة المُثلَى في علاجها، فتَشخيص الداء مُقدَّم على وَصف الدواء.
فقد تكون امرأتك هذه مريضة بالقولون العصبيِّ، أو بتَضخُّمِ الطِّحَال، أو بالْتهاب المَرارة، أو بغير ذلك من الأمراض الجسمية التي تُسبب هذه العصبية.
وقد تكون لدَيها عُقدة نفسيَّة؛ كالكبْت والانْطواء وضعف الشخصية والوسواس القهريِّ وغير ذلك من العُقَدِ النفسية التي تجعل الأعصاب مشدودةً ومتوترةً في أكثر الأحيان.
وهذه العقدة النفسيَّة تَنشأُ غالبًا من سوء التربية وقسْوة المُعاملة من قِبَلِ الوَالدَينِ، أو مِن قبل الزوج، أو تَنشأ بسبب الفقر الشديد، أو الغِنَى الفاحش، أو الغرور الزائد عن حدِّه، ونحو ذلك مما يَضيق المقام عن ذِكْره.
وأنا واثقٌ من أنك لو عرفتَ أسباب هذه العصبية أمكنَكَ أن تُخفِّفَ منها كثيرًا بواحدة مِن طُرقٍ خمسة:
الطريقة الأولَى: أن تُعالجها طبيًّا ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا، وأن تُوفِّرَ لها الهدوء والراحة ما أمكن، ولو أدَّى ذلك إلى بُعدك عن وجهها في الأوقات التي تكون فيها مُتوترة، وأن تَصحبها إلى الأماكن التي تَكثر فيها الخضرة والمياه، فقد قالوا: ثلاثة يُذهبْنَ الحزنَ؛ الخُضرة والماء والوجه الحسَن.
هذا مع ملاطفتها وإظهار حُبِّكَ لها، وإظهار الرضا عن بعض أفعالها، وتَلمُّسِ مَواطن الخير فيها، والثناء عليها بما فيها من المزايا دون مُبالغة، والبعد عن ذِكْرِ مَساوئها، والإقلال من مُعاتبتها ما أمكن، ومُساعدتها في شؤون البيت وتربية الأولاد، وإدخال السرور عليها بالهدايَا والأخبار المُفرحة، وتَوفير ما تحتاج إليه بقَدر الطاقة، وإلْحاقها ببعض الصديقات المُخلصات الخيِّرات، فإنَّ الصديق الصالح قد يجعل مِن صديقِه إنسانًا كريمًا، ويُؤثر في سُلوكه تأثيرًا بالغًا، ويُحوِّله عن حاله(55/535)
إلى حالٍ أحسنَ منها، وربما يَجد الصديق مِن صديقه ما لا يَجده عند أمه وأبيه وزوجه.
هذه هي الطريقة المثلَى التي ينبغي أن تَبدأها أيها الأخ السائل، فإن العلاج الطبيَّ لا يُؤتي ثمارَه أبدًا إلا بما ذكرتُه لك من حُسن المعاملة وتوفير الجو المناسب بعيدًا عن التوتُّرات والتشنُّجات العصبيَّة.
وربما تكون هذه المرأة أحسنَ من غيرها بكثير في أمورٍ كثيرة أنت لا تَعرفها، فحاولْ أن تتلمَّسَها في أوصافِها وتصرُّفاتها، ولا تَقصُرْ نظرك على السلبيَّات فتَستكثرَها وتَنسَى أو تَتناسى ما لها من إيجابيات، وضَعْ نُصْبَ عَينَيْك قول الله تبارك وتعالى: (وعاشِرُوهنَّ بالمَعروفِ فإنْ كَرِهْتُمُوهنَّ فعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شيئًا ويَجعلَ اللهُ فيهِ خيرًا كَثيرًا) (النساء: 19).
وهذا وعْدٌ من الله ـ عز وجل ـ لكل زوج يَصبر على امرأته ويُحسن مُعاشرتها، ولكل زوجة أيضًا تَصبر على زوجها وتُحسن مُعاشرته، فالمُعاشرة بالمعروف ينبغي أن تكون من الطرفَينِ لا مِن طرفٍ واحد، فلو صبَر الزوج على زوجته وصبرتْ عليه ورضِيَ كلٌّ منهما بعُيوب الآخر لأعطاهما الله مِن واسع فضْله ورحمته خيرًا كثيرًا في الدنيا وثوابًا عظيمًا في الآخرة.
وخُذْ يا أخي هذه القصة واعتبرْ بها: تزوجت امرأةٌ من أجمل نساء العرب برجل صالح لكنه كان دميمًا جدًّا، يُضرب به المثل في دمامته، فنظرتْ إليه يومًا وابتسمتْ، فسألها عن سبب تبسُّمها، فقالت في بساطة وسذاجة وظَرْفٍ: ذكرتُ أنني وأنت مِن أهل الجنة إنْ شاء الله. فقال لها: ومِن أين عَرفتِ ذلك؟ قالت مداعبةً له: لأنني تزوجتُكَ فصبرتُ وتزوجتَني فشكرتَ، والجنة للصابرينَ والشاكرين.
فاصبرْ يا أخي على زوجتك وأمِّ أولادك، واحتسبْ ذلك عند ربِّك وسَلْهُ الجنة، وثِقْ بفَضل الله ـ تعالى ـ فإنه قد وَعَدَكَ بالخير الكثير جزاءَ صبْرِك وحُسن مُعاشرتك لزوجتك، فلِمَ تَجزعُ ولِمَ تَسمعُ لوساوس الشيطان حتى يصلَ بك الأمر إلى الإحباط في إصلاح زوجتك ويُؤديَ بك اليأس إلى اختيار الحلِّ الصعب، وهو الطلاق!
الطريقة الثانية: تتمثل في وَعْظِها وتذكيرها بالله، وذلك يكون بطريقٍ غير مباشر، فإنَّ عصبيَّتها لا تسمح لها في الغالب بالتروِّي وحُسن الاستماع إنْ رأتْ أنك تُوجِّه إليها النُّصح شخصيًّا، فالوَعظ المباشر قلَّ أن يَنجح في مثلها. واستعنْ في وَعْظها بآخرينَ وأخرياتٍ مِن أهل الحِكمة والتجربة والخبرة في هذا الفنِّ، فإن الوَعظ فنٌّ مِن أعظم الفنون لا يُجيده إلا الأنبياء والعلماء والحكماء والخبراء بالنفوس البشرية.
الطريقة الثالثة: أن تَهجرَها في المَضجع إنْ لم تجد منها استجابةً وطاعة، وليس الهجر أن تَنام بعيدًا عنها وإنما الهجر أن تَبِيتَ معها على سريرٍ واحد وفي لِحاف واحد ومع ذلك لا تُجامعها، فإنها عندئذٍ ستَشعر بأن سلاح فتْنتِها لم يَعُدْ مُؤثِّرًا، وأنها لم تَعُدْ ذاتَ أهمية بالنسبة لك، وعندئذٍ تُقبل عليك وتَستجيب لك إن شاء الله، فالمرأة كالدنيا إنْ أقبَلتَ عليها أدبَرَتْ عنك وإنْ أدبَرتَ عنها أقبَلَتْ عليك.
الطريقة الرابعة: أن تَضربها ضربًا وَسَطًا بالقدْر الذي لا يَكسر عظمًا ولا يُسيل دمًا، ما دامت الطرق السابقة لم تُصلح من شأنها، فالضرب أحيانًا يُقوِّمُ المُعوج ويَكبح جِماح المغرور، وإلا لمَا أمر الله به، قال تعالى: (واللاتِي تَخافونَ نُشوزَهنَّ(55/536)
فعِظوهنَّ واهْجروهُنَّ في المَضاجع واضْرِبُوهنَّ فإنْ أطَعْنَكُمْ فلا تَبْغُوا عليهنَّ سَبيلًا إنَّ اللهَ كانَ عليًّا كَبِيرًا) (النساء: 34).
الطريقة الخامسة: هي أن تُحَكِّمَا بينكما حَكَمَينِ، واحدًا من أهلكَ وواحدًا من أهلها، ليَنظرَا في أمرِكما، ويَحكمَا في قضيتكما بحُكم الله تعالى بالوفاق أو بالطلاق، قال تعالى بعد هذه الآية: (وإنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِمَا فابْعَثُوا حَكَمًا مِن أهلِه وحَكَمًا مِن أهلِهَا إنْ يُرِيدَا إصلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بينهما إنَّ اللهَ كانَ علِيمًا خَبيرًا) والخطاب في الآية لمَن يَهمُّه الأمر مِن الأهل والجيران، ويَشترط في الحكمَينِ أن يَكونَا أهلًا للتحكيم؛ بأن يكون كلٌّ منهما يعرف أحكام الشرع، وله خبرة بشؤون الحياة، ولدَيْه عقلٌ راجح ورأي سَديد، ويتميز بالصلاح والتُّقَى وحُبِّ الخير، ولهذا قال تعالى: (فابْعَثُوا حَكَمًا) ولم يقل: "فابعثوا رجُلًا".
فهذه هي الطرق الخمسة التي ينبغي أن تَسلُكَها جميعًا، فإنِ اسْتحكمَ الشقاقُ بينكما واستحال الوِفاق فأنت وشأنك في الطلاق، ولكن لا تُقْدِمْ عليه حتى تَستنفد كل هذه الحِيَل وتَتَّخِذَ كل الإجراءات التي تَحفظ حقوق أولادك في المَعيشة وحُسن التربية والتعليم وما إلى ذلك، قال تعالى: (وإنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِن سَعَتِهِ وكانَ اللهُ واسعًا حَكِيمًا) (النساء: 130).
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
سفر المرأة بغير إذن زوجها ... العنوان
هل يجوز للمرأة السفر بدون إذن زوجها ،حيث إنه يرفض سفرها؟
... السؤال
21/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
لم يبح الشرع للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها،ولم يستثن العلماء من ذلك إلا صلة الرحم ،وهو أمر خلافي بين الفقهاء،ولكن لم يبح أحد للمرأة أن تسافر بغير إذن زوجها،سواء أكان ذلك للعمل ،أم للدراسة ،أم لأي أمر آخر،لما في سفر المرأة من تفويت كثير من الحقوق على الزوج بدون رضاه،ولا يعني ذلك حبس المرأة،بل هو تنظيم للحياة الاجتماعية،فإنه لامانع من سفرها ،ولكن بعد إذن الزوج في ذلك ،والأمور تقدر بقدرها،فإن دعوى حرية المرأة أقل بكثير من تفويت حقوق الزوجية،التي على أساسها تبنى البيوت .
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر :
اهتم الإسلام بالمرأة وجعل لها من الحقوق مثل ما جعل للرجل، وراعَى الشارع في بعض الأحكام طبيعة المرأة وما جُبلَت عليه فاختصَّها ببعض الأحكام التي تتحقق بها صيانتها وحمايتها ومصلحتها. وعقد النكاح كسائر العقود الشرعية رتَّب الشارع عليه حقوقًا والتزاماتٍ متقابلةً بالنسبة لكل من الزوجين في مقابلة الآخر، ومن هذه الحقوق القَرارُ في بيت الزوجية وعدم خروج الزوجة منه إلا بإذن الزوج، وقد ورد(55/537)
في ثبوت هذا الحق للزوج أحاديثُ، منها ما رُوي عن ابن عمر قال: أتت امرأة إلى النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على زوجته؟ قال: "حقه عليها ألاّ تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعَلَت لَعَنَتها ملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع إلى بيتها أو تتوب" قيل: يا رسول الله، وإن ظَلَمَها؟ قال: "وإن ظَلَمَها".
وعدم خروج المرأة من منزل الزوجية إلا بإذن الزوج وإن كان أصلًا إلا أن الفقهاء أوردوا عليه استثناءً بمقتضاه يكون للزوجة الحقُّ في زيارة والدَيها وعيادتِهما في مرضهما، بل وتمريضهما وخدمتهما ومواساتهما في مُصابهما والخروجِ لذلك وإن لم يأذَن الزوج، وأجازوا لها الخروج لبعض ذلك مع سائر الأقارب غير الوالدَين بضوابط اعتبروها لذلك، ولا تُعَدّ ناشزًا بخروجها لذلك باعتباره من الإحسان للوالدَين وصلة الرحم المأمور بهما.
وقرار الزوجة في منزل الزوجية كحقٍّ قرَّره الشارع للزوج على زوجته لم يُقصد منه حبس الزوجة في منزل الزوجية أو تقييد حريتها في الخروج منه أو الدخول إليه، وإنما قُصد به القيام على أمر هذا المنزل ورعايته والمحافظة على ما فيه، باعتباره الواحةَ التي تَفَيَّأ الزوجُ المكدود ظلَّها بعد عناء البحث عن أسباب الحياة له ولزوجه وأولاده، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها". ومقتضى مساءلتها عن رعايتها لهذا البيت أن تَقَرَّ فيه ولا تخرجَ منه إلا لما تقتضيه مصلحته إن أَذِنَ لها في الخروج، وليس من رعايتها لبيت الزوجية أن تخرج منه مسافرةً للعلم بدون رفقة الزوج وبدون إذنه، بل هو تقويض لبنيانه وتفويتٌ لحقٍّ شرعيٍّ أوجبه الشارع للزوج على زوجته، وإخلافٌ لقول الحق سبحانه: (ومن آياته أن خلَق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها) لفوات الاستئناس والاستراحة إلى الزوجة بسفرها بدون رفقه الزوجة، ومعصيةٌ لله سبحانه الذي رتَّب هذا الحقَّ للزوج على عقد النكاح الصحيح. وإذا كان الحق سبحانه قد أوجب على كل من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف بقوله سبحانه: (ولهنَّ مثلُ الذي عليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عليهنَّ درجةٌ) وقوله تعالى: (وعاشروهنَّ بالمعروف) فإن سفر المرأة بدون إذن الزوج ليس من المعاشرة بالمعروف، وتلك معصية أخرى تضاف إلى السابقة، فضلًا عما فيه من حرمان الزوج من حق معاشرة زوجته وما يقتضيه من قضاء الوَطَر فيما أحلَّ له بعقد النكاح، وتَسَبُّبُها في حرمانه من ذلك معصيةٌ ثالثة قد تستتبع العديد من المفاسد إذا قلَّ الوازع الدينيّ لدى الزوج أو اندثَرَ، وقد تَهوِي في هذه المفاسد إذا توافر لها أسبابها.
والغالب في سفر المرأة الذي لا يأذن به الزوج السفرُ للعمل، ولا يُعَدّ هذا مبرِّرًا مشروعًا لسفر المرأة بعد أن أوجب الشارع نفقتها على زوجها بنصوص عدة، منها قول الله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذو سَعَةٍ من سَعَتِه ومن قُدِرَ عليه رزقُه فليُنْفِقْ مما آتاه اللهُ لا يُكلِّفُ اللهُ نفسًا إلا ما آتاها سيَجعل اللهُ بعد عُسرٍ يُسرًا) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء؛ فإنهنَّ عوان عندكم، أخذتموهنَّ بأمانة الله(55/538)
واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، لكم عليهنَّ ألا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكرهونه، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروف".
ولم يوجب على الزوجة في حال عسر الزوج أن تتكسب لتنفق على نفسها أو زوجها أو بنيها، ليكونَ لها تبعًا لذلك السفرُ للعمل، وإنما أوجب الشارع للزوجة هذا الحقَّ على الزوج في جميع الأحوال. ودعاوى الحاجة وزيادة النفقة وأعباء الحياة ونحو هذا، مما يُبديه البعض مبرِّرًا لتكسُّب المرأة وسفرها لأجله، لا يُلغي نصوص الشرع ولا يُخصصها، ومن ثَمَّ فإن سفر المرأة للعمل أو نحوه بدون استئذان الزوج لا يَحلّ، لما سبق ذكره، وتُعَدّ به المرأةُ ناشزًا، وَفْقًا لما قرره الفقهاء في أسباب النشوز وما يترتب عليه.
واشتراط سفر المرأة، وإن لم يأذن الزوج فيه، في صلب عقد النكاح هو من قبيل اشتراطِ ما لا يَقتضيه العقد ولا يؤكد مقتضاه، ولم يَقُمْ دليل شرعيّ على وجوب الوفاء به، ومثل هذا يكون شرطًا باطلًا فيُلغَى، عند جمهور الفقهاء، ولا يؤثر على عقد النكاح ولا يجب الوفاء به.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
نشوز المرأة ... العنوان
ما حكم المرأة الناشز ،وهل لها نفقة؟ وهل تعتبر المرأة المسجونة ناشزًا؟ ... السؤال
30/10/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
إن سبب وجوب نفقة الزوجة على زوجها هو عقد الزواج الصحيح بشروط .
منها احتباسها لحقه وتفريغها نفسها له، وقال الإمام السرخسي من الأحناف ( اعلم أن نفقة الغير تجب بأسباب منها الزوجية) ثم استطرد إلى أن قال فى تعليل هذا ( لأنها محبوسة لحق الزوج ومفرغة نفسها له، فتستوجب الكفاية عليه فى ماله، كالعامل على الصدقات لما فرغ نفسه لعلم المساكين استوجب كفايته فى مالهم، والقاضى لما فرغ نفسه لعمله للمسلمين استوجب الكفاية فى مالهم ،وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها فلا نفقة لها، لأنها ناشزة ولا نفقة للناشزة، فإن الله تعالى أمر فى حق الناشزة بمنع حظها فى الصحبة بقوله تعالى { واهجروهن فى المضاجع } النساء 34 ، فذلك دليل على أن تمنع كفايتها فى النفقة بطريق الأولى - لأن الحظ فى الصحبة لهما وفى النفقة لها خاصة، ولأنها إنما تستوجب النفقة بتسليمها نفسها إلى الزوج وتفريغها نفسها لمصالحه، فإذا امتنعت من ذلك صارت ظالمة .
وقد فوتت ما كان يجب لها باعتباره فلا نفقة لها) وقال ابن نجيم الحنفي وإذا سلمت نفسها بالنهار دون الليل أو على عكسه لا تستحق النفقة لأن التسليم ناقص، وقالوا له أن يمنع امرأته من الغزل، بل له أن يمنعها من الأعمال كلها المقتضية للكسب، لأنها مستغنية عنه لوجوب كفايتها عليه)(55/539)
ولقد تابع علماء الشريعة المحدثون هذه النصوص السابقة .
ففى كتاب الأحكام الشرعية فى الأحوال الشخصية لقدرى باشا فى المادة 169 .
أن الزوجة المحترفة التى تكون خارج البيت نهارا وعند الزوج ليلا إذا منعها من الخروج فعصته فلا نفقة لها مادامت خارجة،
وقد ذكر المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة فى كتابه أحكام الزواج فى الشريعة الإسلامية :أنه إذا كانت الزوجة من المحترفات اللائى لا يقررن فى البيت فلا نفقة لها إذا طلب منها القرار فلم تجب طلبه وذلك لأن الاحتباس فى هذه الحالة ناقص فله طلبه كاملا .
فإذا امتنعت فهى ناشزة . ولم يفرق العلماء فى هذا بين حرفة وأخرى، وإنما كان الحكم شاملا لسائر الأعمال التى تخرج بسببها المرأة من منزل الزوجية وتفوت بهذا الخروج حق زوجها وتصبح ناشزة.
ومن كل ما تقدم من النصوص، يظهر جليا أن نفقة الزوجة على زوجها مقابل قرارها فى منزل الزوجية وتفرغها لصالح الزوج، وأنها إذا اشتغلت بعمل خارج منزل الزوجية دون إذنه ورضاه ولو كان ذلك من الأعمال الضرورية للمجتمع كعمل القابلة والطبيبة كانت مفوتة حقه فيفوت حقها وتسقط نفقتها، لأن الحقوق المترتبة على العقد متقابلة .
ومما تقدم يعلم الجواب إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق
أما عن المرأة المسجونة فلا تعتبر ناشزًا،لأن سجنهاليس بيدها ،والله أعلم
المحرر
ـــــــــــــــــــ
أثر الطلاق على مستقبل الأولاد ... العنوان
ما هى الآثار المترتبة على انفصال الزوجين على الأطفال وكيفية التغلب عليها ؟ ... السؤال
22/10/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
إن الأسرة المسلمة تعد كيانًا له أصالته في بناء المجتمع، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع، وإن الله جلت قدرته جعل بين الزوجين مودة ورحمة، وجعل ثمار هذا الزواج الذرية التي تنطلق في الأرض للإصلاح والتعمير
فعندما ينفصل الزوجان عن بعضهما بالطلاق، الرجل يبحث عن امرأة أخرى يتزوجها، وكذلك المرأة، والضحية تكون الأبناء؛ لأنهم يضيعون ويشردون، لا يجدون حضنًا دافئًا يحميهم ولا راعيًا يرعاهم، فينطلقوا في الشوارع كالبهائم السائمة، الذين يطلق عليهم "المتسولون" وبعضهم يفسد في التعليم لعدم المتابعة،(55/540)
فيضل الأبناء ويعيشون عالة على المجتمع المسلم، ويتحمل مسئولية ذلك الأب والأم اللذان يعيش كل منهما في بيت آخر
ونتغلب على ذلك بأن يتعامل كل من الزوجين مع الآخر بالمنهج الإسلامي الذي ارتضاه الله للزوجين، وعلى سبيل المثال عندما تخرج المرأة عن طاعة الرجل، فإن الإسلام يرشد الرجل إلى أن يعالجها، يوجه لها نصيحة للعقل ثم يردعها بعلاج نفسي في المضجع، ثم يضربها إن لم ترتدع؛ وصدق الله إذ يقول "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"، ثم بعد ذلك يلتجئ الزوجان للحكمين للإصلاح، وهذا باب من أبواب التغلب على الفساد الأسري والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 8 / ص 360)
بَابُ النُّشُوزِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَكُلَّمَا دَعَاهَا الرَّجُلُ إلَى فِرَاشِهِ تَأْبَى عَلَيْهِ وَتُقَدِّمُ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَصِيَامَ النَّهَارِ عَلَى طَاعَةِ الزَّوْجِ : فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : لَا يَحِلُّ لَهَا ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ تُطِيعَهُ إذَا طَلَبَهَا إلَى الْفِرَاشِ وَذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَيْهَا . وَأَمَّا قِيَامُ اللَّيْلِ وَصِيَامُ النَّهَارِ فَتَطَوُّعٌ : فَكَيْفَ تُقَدِّمُ مُؤْمِنَةٌ النَّافِلَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ } وَرَوَاهُ أَبُو داود وَابْنُ ماجه وَغَيْرُهُمَا وَلَفْظُهُمْ : { لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ } فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ زَوْجُهَا شَاهِدًا إلَّا بِإِذْنِهِ فَتَمْنَعُ بِالصَّوْمِ بَعْضَ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا : فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهَا إذَا طَلَبَهَا فَامْتَنَعَتْ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا دَعَا الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ } وَفِي لَفْظٍ : { إلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى تُصْبِحَ } وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ } فَالْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ " قَانِتَةً " أَيْ مُدَاوِمَةً عَلَى طَاعَةِ زَوْجِهَا . فَمَتَى امْتَنَعَتْ عَنْ إجَابَتِهِ إلَى الْفِرَاشِ كَانَتْ عَاصِيَةً نَاشِزَةً
وَكَانَ ذَلِكَ يُبِيحُ لَهُ ضَرْبَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا } وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ ؛ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَوْ كُنْت آمِرًا لِأَحَدِ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ؛ لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا } وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لَهُ : إنَّ الرِّجَالَ يُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَفْعَلُونَ وَنَحْنُ لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ . فَقَالَ . حُسْنُ فِعْلِ إحْدَاكُنَّ يَعْدِلُ ذَلِكَ } أَيْ : أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْسَنَتْ مُعَاشَرَةَ بَعْلِهَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِرِضَا اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ لَهَا ؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْمَلَ مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .(55/541)
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَقَالَ : لَأَهْجُرَنك إنْ كُنْت مَا تُصَلِّينَ فَامْتَنَعَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُصَلِّ وَهَجَرَ الرَّجُلُ فِرَاشَهَا . فَهَلْ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةٌ أَمْ لَا ؟ وَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا تَرَكَتْ الصَّلَاةَ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ . وَهَجْرُ الرَّجُلِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ تَمْكِينِهِ إلَّا مَعَ تَرْكِ الصَّلَاةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
-ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ لَهُ زَوْجَةٌ لَا تُصَلِّي : هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالصَّلَاةِ ؟ وَإِذَا لَمْ تَفْعَلْ : هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : نَعَمْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالصَّلَاةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ . بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ كُلَّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَمْرِهِ بِهِ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } الْآيَةَ . وَقَالَ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } الْآيَةَ . وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ } . وَيَنْبَغِي مَعَ ذَلِكَ الْأَمْرِ أَنْ يَحُضَّهَا عَلَى ذَلِكَ بِالرَّغْبَةِ كَمَا يَحُضُّهَا عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَإِنْ أَصَرَّتْ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي الصَّحِيحِ . وَتَارِكُ الصَّلَاةِ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ إذَا لَمْ يُصَلِّ قُتِلَ . وَهُوَ يُقْتَلُ كَافِرًا مُرْتَدًّا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْله تَعَالَى { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } وَفِي قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا } إلَى قَوْله تَعَالَى { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } . يُبَيِّنُ لَنَا شَيْخُنَا هَذَا النُّشُوزَ مِنْ ذَاكَ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . " النُّشُوزُ " فِي قَوْله تَعَالَى { تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } هُوَ أَنْ تَنْشُزَ عَنْ زَوْجِهَا فَتَنْفِرُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا تُطِيعُهُ إذَا دَعَاهَا لِلْفِرَاشِ أَوْ تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ امْتِنَاعٌ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ طَاعَتِهِ . وَأَمَّا " النُّشُوزُ " فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا } فَهُوَ النُّهُوضُ وَالْقِيَامُ وَالِارْتِفَاعُ . وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الِارْتِفَاعُ وَالْغِلَظُ وَمِنْهُ النَّشْرُ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْغَلِيظُ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَانْظُرْ إلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا } أَيْ نَرْفَعُ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ . وَمَنْ قَرَأَ ننشزها أَرَادَ نُحْيِيهَا . فَسَمَّى الْمَرْأَةَ الْعَاصِيَةَ نَاشِزًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْغِلَظِ وَالِارْتِفَاعِ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَسُمِّيَ النُّهُوضُ نُشُوزًا لِأَنَّ الْقَاعِدَ يَرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .(55/542)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ وَهِيَ نَاشِزٌ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا : فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكُسْوَتُهَا وَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكُسْوَتُهَا إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا إذَا أَصَرَّتْ عَلَى النُّشُوزِ . وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إذَا طَالَبَهَا بِهِ ؛ بَلْ هِيَ عَاصِيَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِي الصَّحِيحِ : { إذَا طَلَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى تُصْبِحَ } .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَقَدْ نَشَزَتْ عَنْهُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا مِنْ مُدَّةِ ثَمَانِيَةِ شُهُورٍ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إذَا نَشَزَتْ عَنْهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا إذَا نَشَزَتْ ؛ أَوْ آذَتْهُ أَوْ اعْتَدَتْ عَلَيْهِ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إذَا مَنَعَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا إذَا طَلَبَهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . لَا يَحِلُّ لَهَا النُّشُوزُ عَنْهُ وَلَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْهُ ؛ بَلْ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْهُ وَأَصَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا قَسْمًا .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَدَخَلَ بِهَا وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ [ فِي ] النَّفَقَةِ وَهِيَ نَاشِزٌ . ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا أَخَذَهَا وَسَافَرَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ . فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . إذَا سَافَرَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ . وَتُعَزَّرُ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ يُمْكِنُهَا ؛ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ حِينِ سَافَرَتْ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ مُدَّةِ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَأَحْسَنَتْ الْعِشْرَةَ مَعَهُ وَفِي هَذَا الزَّمَانِ تَأْبَى الْعِشْرَةَ مَعَهُ وتناشزه : فَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْشُزَ عَلَيْهِ وَلَا تَمْنَعَ نَفْسَهَا فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إلَى فِرَاشِهِ فَتَأْبَى عَلَيْهِ إلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى تُصْبِحَ } فَإِذَا أَصَرَّتْ عَلَى النُّشُوزِ فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَقُومُ بِمَا يَجِبُ لِلرَّجُلِ عَلَيْهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيُعْطِيَهَا الصَّدَاقَ ؛ بَلْ هِيَ الَّتِي تَفْتَدِي نَفْسَهَا مِنْهُ فَتَبْذُلُ صَدَاقَهَا لِيُفَارِقَهَا كَمَا { أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَنْ يُعْطِيَ صَدَاقَهَا فَيُفَارِقَهَا } . وَإِذَا كَانَ مُعْسِرًا بِالصَّدَاقِ لَمْ تَجُزْ مُطَالَبَتُهُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ .
ـــــــــــــــــــ(55/543)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا تُطَاوِعُهُ فِي أَمْرٍ وَتَطْلُبُ مِنْهُ نَفَقَةً وَكُسْوَةً وَقَدْ ضَيَّقَتْ عَلَيْهِ أُمُورَهُ : فَهَلْ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ نَفَقَةً وَكُسْوَةً ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ خَرَجَتْ مِنْ دَارِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كُسْوَةَ وَكَذَلِكَ إذَا طَلَبَ مِنْهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ فَلَمْ تَفْعَلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كُسْوَةَ فَحَيْثُ كَانَتْ نَاشِزًا عَاصِيَةً لَهُ فِيمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا [ مِنْ ] طَاعَتِهِ : لَمْ يَجِبْ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ .
ـــــــــــــــــــ
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ بِرَجُلِ وَلَهَا أَقَارِبُ كُلَّمَا أَرَادَتْ أَنْ تَزُورَهُمْ أَخَذَتْ الْفِرَاشَ وَتَقْعُدُ عِنْدَهُمْ عَشَرَة أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ وَقَدْ قَرُبَتْ وِلَادَتُهَا وَمَتَى وَلَدَتْ عِنْدَهُمْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَجِيءَ إلَى بَيْتِهَا إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ وَيَبْقَى الزَّوْجُ بَرْدَانَ . فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُخَلُّوهَا تَلِدُ عِنْدَهُمْ ؟
الْجَوَابُ
فَأَجَابَ : لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ أَنْ يَأْخُذَهَا إلَيْهِ وَيَحْبِسَهَا عَنْ زَوْجِهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا مُرْضِعًا أَوْ لِكَوْنِهَا قَابِلَةً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّنَاعَاتِ وَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً عَاصِيَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَمُسْتَحِقَّةً لِلْعُقُوبَةِ .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الرملي - (ج 5 / ص 67)
( سُئِلَ ) مَا قَوْلُكُمْ عَمَّا فِي فَتَاوِيكُمْ وَهُوَ لَوْ نَشَزَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ أَمَرَهَا بِالنُّقْلَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا فَأَبَتْ أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرَ أَوْ نَشَزَتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَمْتَعَ بِهَا بِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَجِبُ مِنْ حِينِ اسْتِمْتَاعِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ هَلْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِرْشَادِ كَغَيْرِهِ وَتَعُودُ لِغَدٍ بِعَوْدٍ وَعَلَى الرَّاجِحِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا وَبِنُشُوزٍ اسْتَرَدَّ مَا لِلْحَالِ أَوْ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِلَوْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا بِقِسْطِ زَمَنِ الطَّاعَةِ أَوَّلًا وَقَدْ نُقِلَ عَنْ فَتْوَى النُّورِ الْمَحَلِّيِّ مَا يُخَالِفُ وَبِمَعْنَاهُ قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَعَزَاهُ لِلرَّوْضَةِ وَلِقَوْلِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فَمَا الْمُعْتَمَدُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَتَعُودُ لِغَدٍ بِعَوْدٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا نَشَزَتْ بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ عَادَتْ وَهُوَ حَاضِرٌ وَجَبَ لِغَدِهَا لَا بِيَوْمِ عَوْدِهَا وَلَا قَوْلُهُ وَبِنُشُوزٍ اسْتَرَدَّ مَا لِلْحَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا نَشَزَتْ فِي يَوْمٍ وَلَوْ سَاعَةً اسْتَرَدَّ مِنْهَا نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَفْتَيْت بِهِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ النُّقْلَةِ نُشُوزٌ وَيَزُولُ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ بِهِ مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَيْهِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ التَّمَتُّعِ بِهَا وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ إنَّهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ
النَّفَقَةُ إلَّا إذَا كَانَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ فَتَجِبُ وَيَصِيرُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ حِينَئِذٍ ا هـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرُّوهُ .
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي حَاوِيهِ وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَيَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرَيْنِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِمَا أَحَدُهُمَا تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي تَمْكِينُهُ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ وَإِلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ إذَا كَانَتْ السَّبِيلُ مَأْمُونَةً فَلَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِأَنَّ التَّمْكِينَ لَمْ يَكْمُلْ إلَّا أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِي(55/544)
زَمَنِ الِامْتِنَاعِ مِنْ النُّقْلَةِ فَيَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ وَيَصِيرَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ا هـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَقَرُّوهُ وَنَقَلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ شَيْخِهِ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيمَا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ النُّقْلَةِ وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي بَيْتِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهَا النُّقْلَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِيَتَحَقَّقَ امْتِنَاعُهَا فَإِذَا امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ نُشُوزَ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ يُسْقِطُ نَفَقَةَ كُلِّ الْيَوْمِ ا هـ وَقَالَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ الزَّوْجُ فَعَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ وَرَفَعَتْ إلَى الْحَاكِمِ لِيُخْبِرَهُ بِذَلِكَ فَإِذَا عَادَ إلَيْهَا أَوْ بَعَثَ وَكِيلَهُ فَاسْتَأْنَفَ تَسْلِيمَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ ، وَإِنْ مَضَى
زَمَنُ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَلَمْ يَعُدْ وَلَا بَعَثَ وَكِيلَهُ عَادَتْ النَّفَقَةُ أَيْضًا وَجُعِلَ كَالْمُسَلَّمِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ وَإِنَّمَا تَعُودُ إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ .
وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا مَرَّ ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ بَلْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا فَغَابَ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ وَقَالُوا إنَّهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لِحَاجَتِهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ كَوْنَهَا إذَا سَافَرَتْ مَعَهُ لَا تُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَفَرُهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِنَفَقَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مَعَهُ وَلَا تُعْطَى مُؤْنَةُ السَّفَرِ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ بِالْخُرُوجِ ا هـ وَقَدْ وَقَفْت عَلَى النُّقُولِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَلَمْ أَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يُخَالِفُ مَا قُلْته إذْ هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي مُجَرَّدِ التَّمْكِينِ أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ بِهَا وَقَدْ أَحْبَبْتُ ذِكْرَهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ طُولٌ وَهِيَ قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ أَخْلَى السَّيِّدُ فِي دَارِهِ بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ
الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْعَزِيزِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لَا أَسْكُنُ إلَّا فِي بَيْتِي أَوْ بَيْتِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِأَنَّ التَّمْكِينَ التَّامَّ لَمْ يُوجَدْ وَهَذَا كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَنْقُلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا ا هـ وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ التَّسْلِيمُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا أَنَا فِي طَاعَتِكَ فَخُذْنِي إلَى أَيِّ مَكَان شِئْتَ فَإِذَا أَظْهَرَتْ الطَّاعَةَ مِنْ نَفْسِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ جُعِلَتْ مُمَكِّنَةً سَوَاءٌ تَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَتَسَلَّمْهَا ، فَأَمَّا إذَا قَالَتْ أُسَلِّمُ نَفْسِي إلَيْك فِي مَنْزِلِي أَوْ فِي مَوْضِعِ كَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَكُنْ هَذَا تَسْلِيمًا تَامًّا كَالْبَائِعِ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ إلَيْك عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تَنْقُلَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتْرُكَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا لَمْ يَكُنْ تَسَلُّمًا لِلْمَبِيعِ حَتَّى يَجِبَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلِنَا تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ ا هـ .
وَقَالَ فِيهَا وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِلزَّوْجِ أَذِنْتُ لَك أَنْ تَدْخُلَ مَنْزِلِي مَتَى شِئْت مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَلَكِنْ لَا أُمَكِّنُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ دَارِي فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَهُ النَّفَقَةُ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ فِيهَا حَقًّا فَلَا يُكَلَّفُ إزَالَةَ يَدِهِ وَالزَّوْجُ قَدْ يُمَكَّنُ مِنْهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَشِمُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يَكْمُلُ التَّسْلِيمُ ا هـ وَلَمْ يَطَّلِعْ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَلَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَزَعَمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيٍ لَهُ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا سُلِّمَتْ لِزَوْجِهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا يَجِبُ لَهَا الْقِسْطُ(55/545)
مِنْ النَّفَقَةِ ا هـ وَإِنَّمَا أَطَلْت الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إفْتَائِي فِيهَا بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ فَلَمْ يَمْتَنِعْ السَّائِلُ وَأَعَادَ سُؤَالَهُ عَنْهَا
ـــــــــــــــــــ
( سُئِلَ ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ وَكَذَا الْمُسْلِمَةُ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَعَلَى إزَالَةِ الْوَسَخِ وَشَعْرِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الظُّفْرِ إلَى آخِرِ مَا يُجْبِرُهَا عَلَيْهِ هَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً بِامْتِنَاعِهَا مِمَّا أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ لَا أَوْ يُفَصَّلُ فِيهَا ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَتْ مِمَّا أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ صَارَتْ نَاشِرَةً فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا إذْ بَعْضُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حِلُّ الْوَطْءِ وَبَعْضُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ التَّمَتُّعِ فَلَا يَحْصُلُ التَّمْكِينُ التَّامُّ .
ـــــــــــــــــــ
الحاوي للفتاوي للسيوطي - (ج 1 / ص 326)
مسألة - في امرأة ناشزة هل تستحق شيئا من النفقة والقسم والكسوة أم لا وإذا قلتم بالمنع فهل إذا رجعت في بعض اليوم هل تعود نفقة اليوم أو بعضه، وهل تسقط كسوة الفصل كله أم بعضه، وما معنى قولهم الفصل هل هو العام أو بعضه أو أحد الشهور المقرر فيها الكسوة، وإذا ادعى الزوج النشوز وأنكرت الزوجة فهل القول قولها أم قوله وهل يلزم أحدهما يمين أم يكلف البينة، وإذا طلقها وهي ناشزة فهل لها السكنى، وإذا قلتم بالمنع فلازمت مسكن النكاح وأطاعت فهل تستحق السكنى أم لا.
الجواب - لا تستحق الناشزة شيئا مما ذكر، وإذا رجعت في بعض اليوم لم تستحق لذلك اليوم شيئا على ما رجحه في زوائد الروضة في النكاح وحكى في النفقات وجهين بلا ترجيح، ويسقط بالنشوز كسوة فصل كامل وهو نصف العام ولا تعود بعود الطاعة على قياس ما ذكر في النفقة، وإذا ادعى النشوز وأنكرته فالقول قولها بيمينها إلا أن تكون له بينة، وإذا طلقها وهي ناشزة فلا سكنى لها فإن عادت إلى الطاعة عاد حق السكنى.
مسألة - زوجة خرجت من منزل الزوج بغير إذنه إلى منزل أبيها وأقامت به مدة وطلقها الزوج طلاقا بائنا واستمرت نحو عشرة أشهر وادعت أنها مشتملة منه على حمل فهل تستحق النفقة والكسوة للمدة الماضية، وهل القول قوله أنها خرجت من منزله بغير إذنه أو يحتاج إلى بينة، وهل يثبت موت الحمل في بطن أمه بالبينة أم لا وإذا ثبت موته فهل تستحق المطلقة النفقة والكسوة أم لا، وهل إذا وضعته ميتا يكون الحكم كذلك أم لا، وهل للمطلق أن يسأل البينة عن قراءة الفاتحة أو عن شيء من شروط الصلاة وإذا سألها وكانت لا تحسن شيئا من ذلك فهل يكون قادحا في الشهادة أم لا، وهل إذا أتت بولد وادعت أنه من المطلق يلحق به أم لا.
الجواب - إذا طلقت الناشز وهي حامل ففي استحقاقها النفقة رأيان مبنيان على أن النفقة هل هي للحمل أو لها بسبب الحمل فإن قلنا للحمل استحقت أولها بسببه لم تستحق وهذا القول الثاني أظهر وهو أنها لها فلا تستحق، والمسألة الثانية أيضا مبنية على هذا الخلاف فإن قلنا للحمل لم تجب للمدة الماضية لأن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان وإن قلنا لها وجبت أعني في غير هذه الصورة التي هي صورة النشوز، وقدر الواجب أيضا مبني على هذا الخلاف فإن قلنا للحمل فالواجب الكفاية(55/546)
من غير تقدير وإن قلنا لها فالواجب مقدر وهو القدر الذي يجب حالة العصمة ويختلف باليسار والإعسار والتوسط وهذا أيضا في غير صورة النشوز لما تقدم من أن الناشز لا تستحق شيئا، والفروع المبنية على هذا الخلاف اثنان وثلاثون فرعا سقتها في تأليفي الأشباه والنظائر، وإذا ادعى أنها خرجت بغير إذنه وأنكرت فمقتضى ما ذكروه في العدد أن القول قول الزوج بيمينه لأن الأصل عدم الإذن، لكن في الروضة وأصلها في النفقات لو ادعى الزوج النشوز وأنكرت فالصحيح أن القول قولها لأن الأصل عدم النشوز وأما ثبوت موت الحمل في بطن أمه بالبينة فقد رجحوا ثبوت الحمل نفسه بالبينة لأن له مخائل وقرائن يظهر بها ومقتضى هذا أن موته في البطن أيضا يثبت بها لأن لذلك مخائل يعرفها النساء والأطباء وإذا ثبت موته أو وضع ميتا استحقت النفقة والكسوة إلى آخر يوم الوضع بناء على الأظهر أن النفقة لها لا للحمل والكلام في غير صورة النشوز، وللمدعى عليه أن يقدح في البينة بالفسق ويفسر ذلك بالتقصير في تعلم واجبات الصلاة فإذا ثبت ذلك كان قادحا في عدالته وشهادته لكن بشرط أن يكون ذلك مما يلزم تعلمه إجماعا أو في معتقده فإن كان مقلدا من لا يرى لزوم تعلم الفاتحة لم يفسق بترك تعلمها وكذا لو تعذر عليه حفظها فإنه يعذر في ذلك ويأتي بالبدل فلا يفسق، وإذا أتت المطلقة بولد لحق المطلق من غير دعوى بشرط أن يكون بين الولادة
والطلاق أربع سنين فأقل وبشرط أن لا يطرأ عليها فراش لغيره.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 10 / ص 212)
ثم زيارة ابويها أو شهود جنازتهما ينبغي أن يسعى فيما يأدم عليه الحال للآية . إذا كان منعه هذا يترتب عليه سوء الحال بينهما فينبغي له أن لا يكون قاسياً في هذه الأمور بمقدار يحتاج إليه . أما إذا كان زائداً على الزيادة فهذا شيء آخر .
ثم الخروج لأبويها للزيارة ما لم يكن عليه ضرر .
فإذا كان إتيانها بيت أهلها يسبب إساءة العشرة بينهما بأن لا تكون أمها إلا من أسباب الشر عليه مع ابنتها فهذا ينبغي له المنع إذا كانت المودة مستقيمة والمالح منتظمة ، أو كان من أسباب ذلك اجتماع نساء السوء فيتأكد أن لا يأذن لها .
( تقرير )
( فصل في القسم )
توخي العدل في الجماع ، وتوخي الجور فيه وفي غيره
الواجب أن يعدل : في المكث ، والمبيت ، والنفقة .
ثم مسألة (الجماع) هل تجب ، أم لا ؟ المشهور أنه لا يجب ، فإذا كان يتوخى العدل فيه ما أمكنه فهذا المستحب ، لكن توخيه الجور حرام .
وتعرف أن القسم غير واجب على النبي ، ومع كونه غير واجب هو صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل .
( تقرير )
الضرورة التي تبيح دخوله عليها(55/547)
إذا كنت الليلة المعينة ليلة ضرتها فيحرم عليه أن يفعل ذلك لأنه ظلم المضرة فلم يجز له إلا لضرورة . أما إن كان هناك ضرورة دعت إلى أن يأتي بينها فإن الضرورات لها أحكامها والضرورات جنسها معروف : كحدوث حريق ، أو مرض مفاجئ لها . أو لمن تبعها ، وقد تكون ضرورات دون هذا .
( تقرير )
أجرة الرجوع
س : إذا سافرت بلا إذنه فمن يلزمه أجرة الرجوع ؟
ج : على من سعى في إبعادها أن يرجعها إليه هي أو غيرها .
( تقرير )
( فصل في النشوز )
( والرجل قد ينشز )
والزوج قد ينشز ويترفع عما يجب ، والآية : { وإن خفتم شقاق بينهما } (1) تفيد أن المشروع عندما يخاف أن يسعى بالصلح . وأن يترك النشوز . ويبذل ما يتعين له عليها. فيستعمل الصلح والتئام الصدع ، وبذل الحقوق مهما أمكن .
( تقرير )
سبب النشوز لا يخلو من أحد أمرين
__________
(1) سورة النساء - آية 35 .
الثانية(1) : إذا نشزت امرأة على زوجها وكثر التردد وبذلت العوض طالبة الخلع فمنع الزوج هل يسوغ للحاكم إجباره ؟
والجواب : لا يخلو سبب النشوز عن واحد من اثنين : بغض المرأة زوجها . أو ادعاؤها التقصير منه عليها . فإن كان السبب البغض فيستحب للزوج طلاقها . حيث أن المودة والرحمة بينهما متعذر حصولهما ، وعليها أن نبذل له العوض ، فإن أبى طلاقها وأحدث نشوزها بعد بذل الجهد في نصحها وتوبيخها وتبشيرها وإنذارها ، فقد ذكر بعض الأصحاب من المقادسة أن للحاكم فسخها منه . وإن كان سبب النشوز ادعاء التقصير فيحقق في هذا الادعاء ، ويجري نحوه ما يقتضيه الوجه الشرعي حسبما نصت عليه الآية الكريمة : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها أن يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً } (2) .
(ص-ف4264 في 16-11-1387هـ)
نصح الناشز ثم زوجها
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي
رئيس مجلس الوزراء حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد جرى الإطلاع على المعاملة المعادة إلينا وفق خطاب سموكم برقم 782 وتاريخ 10-1-80هـ المتعلقة بقضية المرأة عبدة بنت ...... مع زوجها عبد الله ....... وما حصل من تمنعها وعدم انقيادها لطاعته ، وما نسب عنها من أنها تفضل القتل أو(55/548)
الحرق بالنار على أن تسلم نفسها لزوجها ، وما كان من زوجها من إصراره على إرجاعها إليه وعدم موافقته على ما أبداه فضيلة رئيس محكمة الطائف من أن أفضل طريقة له معها المخالعة .
__________
(1) تقدمت المسألة الأولى في الطرف قبل الرمي . والثالثة تقدمت في غيبة الزوج .
(2) سورة سبأ - آية 15 .
بتأمل جميع ذلك نفيد سموكم أنه ينبغي لرئيس محكمة الطائف إحضار الزوجة ونصحها وتكرار تذكيرها بمخافة الله ووجوب تقواه ، وأن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب . وأن المرء لا يعلم عاقبة الأمور ، فكم من إرغام وإكراه صارت عاقبته الخير والبركات ، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وأن الصبر مفتاح الفرج ، ويكثر ويكرر عليها التوجيه ، ويحاول التأثير عليها بأن الحياة أحقر من أن تستدعي تحمل غضب الرب ، فإن نفع هذا فيها فذاك . وإن لم يجد فيستدعي الزوج ويحسن له ترك هذه الزوجة التي لا تريده . ويحذره من عاقبة إرغامها عليه . وأن المرء يطلب الزوجة لتكون له عاملاً من عوامل السعادة . وبعيد جداً أن تحوط السعادة إرغامها بيتاً يضم نفسين متناكرتين إحداهما تهرب من الأخرى وتتمنى الموت على الاجتماع بها ، ويذكر بأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه . ويغري بمقدار أكثر مما بذله لتخالفه به . ويكرر عليه مثل هذا الكلام ونحوه . فلعل الله ينفع به ويجعل لهذه المشكلة مخرجاً منها . ونعيد إليكم كامل أوراق المعاملة . والله يحفظكم .
(ص-ف103 في 25-1-1380هـ)
تعزيرها على النشوز وإن امتنعت سن
للزوج مخالعتها ، فإن أبى جاز للحاكم إلزامه بها
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة فضيلة نائبنا في المنطقة الغربية
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فبالإشارة إلى خطابكم رقم 11005 وتاريخ 10-9-1380هـ بشأن الاستفسار عما يحسن إتباعه في قضية فاطمة بنت ..... الممتنعة عن الرجوع لبيت زوجها .... وإصرارها على ذلك رغم اعتبارها ناشزاً والحكم عليها بالسجن حتى تذعن بالرجوع إلى زوجها . وما أشارت إليه وزارة الداخلية في خطابها رقم 1030 في 4-7-1380هـ من عدم وجود أماكن محكمة ومتوفرة فيها إمكانيات المحافظة عليها بدنياً وخلقياً .
ونفيدكم أن سجن المرأة حينئذ والحال ما ذكر غير ممكن . والذي نراه أن تعاد المعاملة إلى حاكمها للبحث عن أسباب امتناعها عن الرجوع إلى بيت زوجها . وبذل الجهد في انتزاع أسباب الخلاف . ونصحها بطاعته . ومحاولة التوفيق بينهما مهما أمكن ، فإن امتنعت بدون مبرر شرعي ورأى فضيلته تعزيرها على ذلك فلا مانع ، فإن أصرت مع ذلك ونفذت الوسائل الإصلاحية كلها وأبى الزوج أن يطلق(55/549)
سراح زوجته فيشرع للمرأة أن تقدم لزوجها من مالها ما تفتدي به نفسها وهو المسمى (بالخلع) ويسن لزوجها إجابتها ، لحديث ابن عباس قال جاءت امرأة ثابت بن قيس ما أعيب عليه من دين ولا خلق ولكن أكره الكفر في الإسلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : ثابت بن قيس ما أعيب عليه من دين ولا خلق ولكن أكره الكفر في الإسلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتردين عليه حذيفته . قالت : نعم ، فأمرها بردها وأمره بفراقها) رواه البخاري . فإن امتنع فلا بأس من إلزام الزوج بالخلع كما هو قول جمع من العلماء وحكم به بعض علماء الشام المفادسة . والسلام .
رئيس القضاة
( ص-ق 71 في 25-1-1381هـ)
قهر الزوجة على تسليم نفسها لزوجها
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رئيس الديوان العالي
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فبالإشارة إلى خطابكم رقم 7-12-9553 في 5-11-1374هـ المرفق بع المعاملة الخاصة بقضية المرأة علوة بنت .... مع زوجها ..... وامتناعها عن الانقياد لزوجها ، وقد اطعلت على الحكم الصادر في القضية من قاضي الليث المتضمن صحة عقد سعيد على علوة ، وأنه يجب عليها تسلين نفسها لزوجها ، فوجدته حكماً صحيحاً واجب التنفيذ . وإذا روعي جانب المرأة في امتناعها بتاتاً فيما زعمت بقيت الأحكام الشرعية لا فائدة فيها ، فيلزم أن تقهر على التزام الحكم الشرعي ولو بحملها إلى زوجها قهراً حتى يتسلمها . وإليكم المعاملة معادة من طيه . والسلام .
(ص-ف14 في 6-2-1375هـ)
يكرر ردها إليه مراراً في بضع سنوات حتى يتحقق اليأس من الانقياد
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي
رئيس مجلس الوزراء وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فبالإشارة إلى الأوراق المنتهية بخطاب وزارة الداخلية المحالة إلينا رفق خطاب سموكم الوارد برقم 171305 في 7-10-78هـ حول الخلاف الواقع بين المدعو .... السوري الجنسية وبين زوجته .... وطلبه الحكم عليها بالانقياد لطاعته والبقاء معه في جدة حيث رغبت السفر مع والدها إلى سوريا .
نحيط سموكم علماً أنه جرى النظر في المكاتبة المشار إليها بما اشتملت عليه من قرار رئيس محكمة جدة في خطابه المشفوع بالمعاملة ، والمتضمن أنه إذا أصرت المرأة على عدم الانقياد لطاعة زوجها ... فإنها تعتبر ناشزاً ، ولا حق لها في شيء من حقوق الزوجية ، إلى آخر ما جاء في قراره المنوه عنه .
وبتأمل ودراسة ما سلف ذكره وجدنا ما قرره فضيلته غير كاف في حق المرأة ، بل لا بد من الحكم بوجوب الانقياد لطاعة زوجها ، وإلزامها بالبقاء معه لملكه لعصمتها ،÷ وله حق منعها من السفر مع والدها ، ومتى أيس من انقيادها لطاعته وبقاءها(55/550)
معه في جدة ولا يمكن هذا إلا بتكرير ردها إليه مراراً عديدة في بضع سنوات حتى يتحقق اليأس من الانقياد لطاعة زوجها ، سداً لباب تمرد النساء على بعولتهن ، وحسماً لمادة تماديهن في النشوز والسعي في الخروج من عصمة أزواجهن بغير حق . والله يحفظكم .
(ص-ف 980 في 27-10-1278هـ)
هددت بقتل نفسها وهي مجبرة
من محمد بن إبراهيم إلى جناب المكرم قاضي رفحاء
الشيخ محمد بن فايز سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد اطلعنا على السؤال الموجه منكم برقم 98 وتاريخ 22-5-1377هـ من الرجل الذي زوج ابنته البكر وهي كارهة ، ثم أن البنت نشزت وامتنعت عن طاعة الزوج ، وهددت بقتل نفسها إذا أجبرت عليه . ؟
فالجواب : الحمد لله . حيث وصلت الحالة إلى ما أشرتم إليه من سوء العشرة واختلال الحالة الزوجية واليأس من صلاحية ذات بينهما ولا سيما وهي مجبرة . فالأولى السعي في التفريق بينهما بالخلع أو غيره . ويستحب للزوج الموافقة على الخلع في مثل هذه الحالة ، وبعض العلماء ألزمه بذلك - قال في (الفروع) و (الإنصاف) : وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء ، واختلف كلام الشيخ رحمه الله في وجوب إجابته .
والحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لثابت بن قيس : ( إقبل الحديقه وطلقها تطليقة) دليل على الوجوب .
وأيضاً فهذه المرأة زوجها أبوها وهي كارهة ولا يخفى أن من شروط صحة النكاح الرضا ، ولو كانت بكراً فليس لأبيها إجبارها ، وأدلة هذا القول واضحة : منها ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن . فقالوا يا رسول الله فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ) متفق عليه ، وروى أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً زوجها أبوها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وهذا القول اختاره الشيخ تقي الدين ، وابن القيم ، وأبو بكر عبد العزيز قال في (الفائق) : وهو الأصح. قال الزركشي : وهو أشهر ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، وهو مذهب الأوزاعي والثوري ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر ، وهو القول الصحيح ، لكن لا يخفاك أن إجراء الحاكم النكاح في مسألة إجبار الأب ابنته فإنه يقر ولا يعترض له ، فإن حكم الحاكم يرقع الخلاف . هذا بالنسبة إلى مسألة الإجبار وصحة أصل النكاح وعدمها . أما مسألتكم التي سألتم عنها فالأمر يتضح مما ذكرنا . والله الموفق . والسلام عليكم .
(ص-ف193 في 29-7-1377هـ)
زوجت بشخص يكبرها بخمسين عاماً ولم يحصل انسجام بينهما ...
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي
نائب رئيس مجلس الوزراء حفظه الله(55/551)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
جواباً لخطاب سموكم المرفق رقم 12993 في 18-6-85هـ بشأن ما تقدم به محمد ... بصدد شقيقته التي يذكر أن والدها زوجها بشخص يدعى .... يكبرها بحوالي خمسين عاماً مما نتج عنه عدم انسجام بينهما أدى إلى مرافعات لدى المحكمة بأبها صدر على أثرها حكم بالنشوز ، وأنه مضى على هذا الحكم مدة تقارب ثمان سنوات ، والمرأة لا تزال على إصرارها وليس لها رغبة في العودة إلى زوجها . ورغبة سموكم معرفة رأينا في الموضوع حيث أن إبقاء الزوجة معلقة قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه .
نفيدكم أنه ما دام الحال ما ذكر وأن في استمرار النزاع بين الزوجين ضرراً ملحقاً وضياعاً لصالح الطرفين فإنه ينبغي للقاضي أولاً مناصفة الزوجة وتخويفها إثم النشوز وأنه لا يحق لها التبرم على زوجها والامتناع عن طاعته ، فإن أصرت فإنه ينبغي له أن يحاول إيقاع صلح مخالعة بينهما ، فإن لم يتيسر فينبغي أيضاً مناصحة الزوج بأن يفارقها، فإن امتنع وتعذر عودتها إليه وانسجامها معه تعين أن يبعث القاضي حكمين عدلين يعرفان الجمع والتفريق بعوض أو دونه ، لقوله تعالى : { فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما } (1) ويكون ذلك في مدة قصيرة لا تضرر الزوجة معها من تأخر بقائها ، وأن لم يحصل من يقوم بذلك فإنه ينبغي والحال ما ذكر من القاضي إلزام الزوج بالخلع ، وتسلم المرأة إلى الزوج المهر الذي أصدقها ، لأن بقاءها ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً ، وهو ينافي المودة والرحمة وفيه ضرر مجرد على الطرفين ، لما روى أبو داود في سننه من حديث عائشة (أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس أن شماس فضربها وكسر يدها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصبح فدعى النبي صلى الله عليه وسلم ثابتاً وقال : خذ بعض مالها وفارقها . قال : ويصلح ذلك يا رسول الله . قال : نعم . قال : فإني أصدقتها حديقتين وهما بيدها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم . خذهما وفارقها ففعل ) وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله : ثابت بن قيس ما أعيب عليه من خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تردين عليه حديقته. قالت : نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إقبل الحديقة وطلقها تطليقة واحدة ) وفي سنن النسائي عن الربيع بنت معوذ : أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي
__________
(1) سورة النساء - آية 35 .
جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول ، فأتي أخوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشتكيه عليه ، فأرسل إليه وقال : ( خذ الذي لها عليك وخل سبيلها . قال : نعم) وفي سنن الدارقطني في هذه القصة ( فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما الزيادة فلا ، ولكن حديقته . قالت : نعم ، فأخذ ماله وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال : قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال الدارقطني : إسناده(55/552)
صحيح . وقد ذكر عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال : قال لي عطاء : (أتت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : يا رسول الله إني أبغض زوجي وأحب فرقه . قال : ( أفتردين عليه حديقته التي أصدقك ؟ قالت : نعم وزيادة من مالي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما الزيادة من مالك فلا ، ولكن الحديقة. قالت : نعم ، فقضى بذلك على الزوج) قال في (الفروع) في أول باب الخلع ما نصه : يباح لسوء عشرة بين الزوجين ، وتستحب الإجابة إليه ، واختلف كلام شيخنا في وجوبه وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء ، كما حكى ذلك في الإنصاف أيضاً . والله يحفظكم .
رئيس القضاة
(ص-ق3136-1 في 22-7-1385هـ)
وبمجرد دخولها على زوجها تمرض
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محكمة الأرطاوي
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد جرى الاطلاع على استرشادكم رقم وتاريخ حول قضية المرأة ...... مع زوجها ..... وأنها لا تطيق الجلوس معه ، كما أن البينة المعدلة تشهد أن البنت بمجرد دخولها على زوجها تمرض ، وأن والدها لم يكن منه إلا العلم الطيب ، كما أن زوجها تمرض ، وأن والدها لم يكن منه إلا العلم الطيب ، كما أن الزواج قد مضى له عشر سنوات لم يتيسر خلالها اتفاق بينهما والزوج يمانع من مفارقتها ومن قبول الفداء ، إلى آخر ما ذكرت .
ونفيدك أنه متى استنفذت جميع المحاولات للتوفيق بينهما ولم يتم شيء من ذلك فللحاكم الشرعي أن يفسخها منه على صداقه الذي أصدقها . والسلام عليكم .
(ص-ف1752-1 في 4-9-1383هـ)
ادعت أنه لم يجز عليها فأنكر ولم يرض بالكشف وطلب الفسخ
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محكمة الحلوة
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فنعيد لك هذه الأوراق المرفوعة منك برقم 131 في 16/8/86هـ الخاصة بدعوى ...... مع زوجها .... ودعوى ..... ضد والد زوجته ..... المذكور .
ونفيدك أنه بدراسة الأوراق ظهر ما يلي :
أنك ذكرت في خطابك رقم 178 وتاريخ 14-9-84هـ أن الجميع حضروا عندك ، وأن الزوجة ادعت أن والدها قد أجبرها من الزواج منه ، وأنه يضربها ولم تثبت هذه الدعوى . أما الزوجة التي ادعت أن والدها قد أجبرها وأن زوجها لم يجز عليها ، وطلبت أن يكشف عليها فأنكر زوجها ذلك، إلا أنه لم يرض أن يكشف عليها ، وطلب تسليمها له وإمهاله مدة . فأمرتها بالرجوع إليه وألزمتها بالبقاء سنة كاملة فإن جاز عليها وإلا أعيد النظر في دعواها من جديد . وأما زوجة ابن ....(55/553)
فألزمتها بالرجوع إليه بدون تحديد مدة ، لأنها لم تدع أنه لم يجوز عليها ، بل اعترفت أنها أتت منه بذكر وانثى .اهـ.
وحيث الحال ما ذكر من أن زوجة ابن ..... مكثت في ذمته هذه المدة الطويلة وادعت أنه لم يجز عليها ، فأنكر ذلك ، ولكنه لم يرض بالكشف عليها ، ولم تجد حكمين لبعثهما من قبلك وتوجيههما بما يلزم . فإنه ينبغي والحال ما ذكر إحضار ابن .... مع زوجته والمشورة عليه بالمخالعة فإن انتهى الأمر بذلك فحسن ، وإن لم يحصل منه موافقة على ذلك بعد التأكيد عليه فيفسخ نكاحها منه بعد أن تسلم له صداقه .
أما زوجة ابن .... فنظراً لعدم ثبوت ما ادعته من الإكراه وأنها قد أتت منه بابن وبنت ، فإنه يتعين إلزامها بالرجوع إليه كما ذكرت . فإن صلحت الحال بينهما فذاك ، وإن استمر الشقاق والنزاع أجري في حقه ما يلزم بالوجه الشرعي . والسلام .
رئيس القضاة
(ص-ف4044-3-1 في 5-11-1386هـ) (1)
ضربها وخيف من حدوث فتنة إذا أعيدت إليه
هربت واتهم أبوها بأنه يعرف محلها
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة فضيلة قاضي السليل
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد اطلعت على خطابك لنا برقم 26 في 7-2-78هـ وفهمت ما تضمنه من سؤال عن المسألتين :
إحداهما : قولكم : إن علي ... ضرب زوجته ضرباً مبرحاً وشجها في رأسها ثلاث شجات وقطع ثلاثاً من قرونها لأجل عداوة بينه وبين أبيها ، وقد تكرر ضربه لها بغير سبب وبرجوعها عليه يخشى حدوث فتنة .
والجواب : أن الأولى أن يشار عليه بالخلع ، ويقوي ذلك ما يخشى من وقوع فتنة تتدى إلى غير الزوجين ، فإن أبى ودلت القرائن على توقع فتنة فيما لو أعيدت له فإنه يلزم بالفراق ، ويدفع إليه الصداق .
الثانية : قولكم : إن بنت ... قد زوجها أبوها ... ونشزت منه بغير سبب فأمرنا أبوها بردها ، ثم نشزت ولم توجد في السليل ولا في نواحيه ، ثم كلفنا أباها بالبحث عنها وأمهلناه شهرين فلم يجدها ، ولم يزل زوجها يخاصم أباها ويطلب منه إحضارها ، فهل يكلف أبوها بذلك ؟
الجواب : أنه إن كان ثم قرائن تدل على أن أباها يعرف محلها فإنه يلزم بإرجاعها ، وإلا فليزم الزوج الصبر إلى الحصول عليها أو الوقوف على خبرها . والسلام عليكم.
رئيس القضاة
(ص-ق 69 في 23-2-1378هـ)
ليس معنى النشوز أن تبقى إلى الأبد
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محكمة الزلفي الأولى(55/554)
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
__________
(1) سورة سبأ - آية 15 .
فنشفع لك بهذا المعروض المقدم من .... بخصوص قضيتها مع زوجها ... ترغب الاطلاع على ما جاء فيه والنظر في قضيتها بالوجه الشرعي ، لأنه إذا كان الحكم الذي صدر من الشيخ ابن عيدان ليس فيه إلا الحكم بنشوزها فليس كافياً في إنهاء المسألة ، لأنه ليس معناه أن تبقى ناشزاً إلى الأبد بل يتعين النظر في دعواها مع زوجها وإنهاؤها بما يظهر لك شرعاً من جمع أو تفريق . بارك الله فيك . والسلام .
رئيس القضاة
(ص-ق 31459-1 في 6-8-1384هـ)
ما ينبغي للحكمين أن يقولاه ويفعلاه
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي
رئيس مجلس الوزراء سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد جرى النظر في المعاملة الواردة إلينا رفق خطاب سموكم برقم 8015 وتاريخ 27-4-79هـ المختصة بقضية .... المحكوم عليها بالنشوز من زوجها ... وطلب السماح لها بالسفر مع أخيها إلى بلادها أفغانستان . كما جرى الاطلاع على ما أجاب به رئيس محكمة الطائف من أنه لم يجد نصاً شرعياً يسوغ للمرأة السفر إلى بلادها بدون إذن زوجها .
وبتتبع أوراق المعاملة رأينا أن مثل هذه المرأة التي ليس لها أهل تأوي إليهم فليس من الأصلح لها ولا لزوجها أن تنشز فينبغي للقاضي إعادة النظر في أصل حكم النشوز والسعي في تحصيل حكم صالح : إما باجتماع على أي صفة أو بافتراق بخلع أو نحوه ، وهذا أهم من مسألة السفر . وإن لم يتمكن القاضي من هذا فلا يفوته قوله تعالى : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا أصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً } (1) وعليه في هذه الحالة أن يبعث حكمين عدلين يعرفان الجمع والتفريق ، والأولى أن يكونا من أهلهما ، لأنهم أشفق وأعلم بالحال ، وأقرب إلى الإصلاح فيخلو كل واحد بصاحبه ويستعلم رأيه في الاجتماع والافتراق ، وما يكره من صاحبه ، وينبغي لهما أن ينويا الإصلاح ويلطفا القول ، ويرغبا ، ويخوفا ، لا يخصان بذلك أحداً ، فإذا توصلا إلى الحقيقة فيفعلان ما يريان أنه الأصلح من جمع أو تفريق(2) أو بدونه . والله يحفظكم .
(ص-ف815 في 4-7-1379هـ)
إذا تعذر التحكيم من قبل القرابة أو من أناس آخرين غير القضاة
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة فضيلة
رئيس المحكمة الكبرى بالرياض سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد(55/555)
فنعيد إليكم المعاملة المرفوعة إلينا منكم برقم 1937 وتاريخ 6-6-78هـ الخاصة بدعوى .... وكيلاً عن بنته ضد عبد الله ... وبناء على ما ذكرتموه من طول الشقاق بين الزوجين منذ سنين ، وأن التحكيم من قبل القرابة أو من قبل أناس آخرين غير القضاة قد يتعذر كما يشهد بذلك الواقع ، فإنني أرى أن تكون أنت وفضيلة المساعد حكمين في هذه المسألة ، وعليكما في ذلك تقوى الله ومراقبته ، وعمل ما تريانه المصالحة فيه من جمع أو تفريق . والسلام عليكم .
رئيس القضاة
(ص-ق247 في 11-6-1378هـ)
__________
(1) سورة النساء - آية 35 .
(2) سقط هنا كلمة : بعوض .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 2 / ص 165)
الضرب وسيلة مشروعة للتربية
يقول السائل : هل يجوز استعمال الضرب كوسيلة من وسائل التربية في المدرسة من قبل المدرسين ؟
الجواب : إن طرق وأساليب تربية الصغار كثيرة و منها الضرب والمقصود به الضرب غير المبرح ، والضرب بشكل عام عقوبة يجوز استعمالها شرعاً فقد شرع الضرب في الحدود وفي التعزير وشرع ضرب الزوج لزوجته في حال النشوز وشرع ضرب الأولاد تأديباً لهم على ترك الصلاة وغير ذلك من الحالات ولكن ضرب الأولاد يحتاج إلى تفصيل وتوضيح .
ولا يجوز للمدرس أن يضرب الولد لمجرد وقوع المخالفة منه وإنما يلجأ إلى الضرب بعد أن يستنفذ أساليب التربية الأخرى فالأصل في معاملة الأولاد والطلاب اللين والرحمة بهم والرفق بهم ثم يتدرج المربي من الأخف إلى الأشد إن لم ينفع الأخف كوسيلة للتربية فعلى المربي أن يرشد الطالب إلى الخطأ بالتوجيه كما ثبت في الحديث عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال :( كنت غلاماً في حجر الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة - تتحرك في وعاء الطعام فيأكل من عدة أماكن-فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا غلام سم الله وبكل بيمينك وكل مما يليك ) رواه البخاري ومسلم .
كما أن على المربي أن يرشد الطالب إلى الخطأ بالملاطفة أو بالإشارة ويجوز للمربي أن يوبخ الطالب المخطئ بالكلام الهادئ أولاً ويجوز أن يعنفه بشدة فإذا لم تفلح هذه الأساليب ولم تأت بالثمرة المرجوة منها فحينئذ يجوز استعمال الضرب كوسيلة من وسائل التربية وتقويم السلوك فقد ورد في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( مروا أبنائكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ) رواه أبو داود والترمذي وهو حديثٌ حسن .(55/556)
والضرب المقصود هو الضرب غير المبرح وغير المؤلم وخاصة إذا كان الطالب قد وقع في الخطأ للمرة الأولى ولا يجوز الضرب على الوجه أو الرأس والمواضع الحساسة من الجسم حتى لا يلحق الضرر بالمضروب .
وينبغي للمربي ألا يضرب وهو في حالة الغضب لئلا يفقد السيطرة على نفسه فيضرب الطالب ضرباً مبرحاً يلحق به الأذى . انظر تربية الأولاد في الإسلام 2/678 .
كما أن بعض الفقهاء منعوا الضرب أكثر من ثلاث مرات كأن يضربه ثلاثة أسواط وأجاز بعض الفقهاء الضرب عشرة أسواط .
وينبغي أن يعلم أن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الضرب في المدارس وإلغاء ذلك فعلياً قد أثر على العملية التعليمية تأثيراً سلبياً لأن كثيراً من الطلاب لا يستقيم حالهم ولا يصلح أمرهم إلا بالعقوبة أو الخوف منها وهذا أمرٌ طبيعي في الإنسان رغم كل ما يدعيه دعاة إلغاء الضرب من مبررات لإلغائه وإن حصول بعض التجاوزات من بعض المعلمين بضرب الطالب ضرباً مبرحاً قد ينتج عنه ضرر به لا يعني إلغاء الضرب نهائياً ، ومن المتفق عليه بين الفقهاء أنه لا يجوز التأديب بقصد الإتلاف ومن وقع منه ذلك فإنه يتحمل المسؤولية . وأخيراً فإني أؤكد على أهمية عقوبة الضرب في المدارس وفي التأديب بشكلٍ عام لأهميتها في إصلاح النفوس . وقد روي في الحديث :( رحم الله إمرءاً علق في بيته سوطاً يؤدب أهله ) .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى يسألونك - (ج 8 / ص 186)
الإحسان إلى الزوجة من واجبات الزوج
اشتكت مجموعة من النساء من سوء معاملة أزواجهن وقلن إن من أزواجهن من يضربهن ويشتمهن ويسب أهلهن ويسيء معاملتهن وبعضهم يقاطع زوجته الشهر والشهرين وأكثر من ذلك لأسباب تافهة وقالت إحداهن إنكم يا معشر المشايخ تتحدثون دائماً عن حق الزوج على زوجته ولا تتكلمون عن حقوق الزوجة على زوجها فلماذا؟ هلا بينتم لهؤلاء الأزواج حقوق زوجاتهم عليهم.
الجواب:إن الحياة الزوجية في الإسلام تقوم على المودة والمحبة والتفاهم بين الزوجين قال تعالى:(وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم الآية 21.
إن الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه العلاقة الزوجية هو المودة والرحمة وتعني عطف قلوبهم بعضهم على بعض وقال بعض أهل التفسير: المودة المحبة والرحمة الشفقة وقال ابن عباس رضي الله عنهما:[ المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياها أن يصيبها سوء ] تفسير القرطبي 14/17.
ويجب على كل من الزوجين أن يعرف ما له وما عليه وقد بين الإسلام واجبات الزوجين وحقوقهما بياناً شاملاً فقد وردت نصوص كثيرة في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - تبين حقوق الزوجة على زوجها. يقول الله تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } سورة البقرة الآية227. ويقول(55/557)
النبي - صلى الله عليه وسلم -:( إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً ) رواه الترمذي وصححه.
فمن حقوق الزوجة على زوجها أن يعاملها معاملة كريمة فيها اللطف والرحمة وحسن المعاملة قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } سورة النساء الآية 19. قال الإمام القرطبي:[قوله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة والخطاب للجميع إذ لكل أحد عشرة زوجاً كان أو ولياً ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج وهو مثل قوله تعالى: { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } وذلك توفية حقها من المهر والنفقة وألا يعبس في وجهها بغير ذنب وأن يكون منطلقاً في القول لا فظاً ولا غليظاً ولا مظهراً ميلاً إلى غيرها، والعشرة: المخالطة والممازجة... فأمر الله سبحانه بحسن صحبة النساء إذا عقدوا عليهن لتكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على الكمال فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش وهذا واجب على الزوج...] تفسير القرطبي 5/97.
وقد حثّ سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حسن معاملة الزوجة في أحاديث كثيرة وقد بوَّب على بعضها الإمام البخاري بتراجم مناسبة فقال:(باب الوصاة بالنساء)، وقال الإمام البخاري أيضاً:(باب المداراة مع النساء)، وقال الإمام البخاري أيضاً:(باب حسن المعاشرة مع الأهل).ومن هذه الأحاديث حديث أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً ).
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على هذا الحديث:[ وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وفي سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن وأن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه ] فتح الباري 11/163.
وجاء في الحديث عن أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:( إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة حجة الوداع:( واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) رواه الترمذي وقال حسن صحيح ورواه ابن ماجة وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/341.(55/558)
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم ) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
قال العلامة ابن علان المكي:[ ( وخياركم خياركم لنسائهم ) وفي رواية ( خيركم خيركم لأهله ) قال في النهاية هو إشارة إلى صلة الرحم والحث عليها، قيل ولعل المراد من حديث الباب أن يعامل زوجته بطلاقة الوجه وكف الأذى والإحسان إليها والصبر على أذاها قلت ويحتمل أن الإضافة فيه للعهد والمعهود هو النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد ( أنا خيركم لأهلي ) وقد كان - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس لأهله وأصبرهم على اختلاف أحوالهم] دليل الفالحين 3/106.
ومن حقوق الزوجة على زوجها وجوب الإنفاق عليها بالمعروف من طعام وشراب وكسوة وغير ذلك من لوازم الحياة وأن لا يحرمها مما تشتهيه وأن لا يكون بخيلاً في النفقة عليها ولا على أولاده وكل ذلك يكون حسب حالة الزوج المالية لقوله تعالى: { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } سورة البقرة الآية 233، ولقوله تعالى: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } سورة البقرة الآية 286.
وعلى الزوج أن يعلم أن المال الذي ينفقه على زوجته وأولاده له فيه أجر عظيم كما ورد في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -:( إذا أنفق الرجل فهي له صدقة ) رواه البخاري ومسلم.
وقد ورد أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال:( أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت ) رواه أبو داود وذكر معنى لا تقبح أي لا تقل قبحك الله. وهو حديث حسن صحيح كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/402.
ومن حقوق الزوجة على زوجها أن لا يفشي أسرارها وأن لا يذكر عيوبها لما ورد في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم -:( إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) رواه مسلم.
ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يأذن لها بزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها وكذلك إذا استأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة والجمعة بشرط أن يكون خروجها شرعياً فلا تمس طيباً ولا تخرج متزينة مع أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ولا ينبغي لزوج منع زوجته من الذهاب إلى المسجد إلا إذا خشي الفتنة عليها أو إذا خرجت متعطرة فيجوز له حينئذ منعها لقوله - صلى الله عليه وسلم -:( لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن ) رواه أحمد وأبو داود وإسناده صحيح .
وعلى المرأة إذا خرجت من بيتها قاصدة حضور الجماعة أو الجمعة أن تخرج وهي ملتزمة بأحكام الشرع من حيث اللباس والمشي وترك الزينة والطيب فقد ورد في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات) رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح كما قال الشيخ(55/559)
الألباني ومعنى تفلات: غير متطيبات. وفي حديث آخر قوله - صلى الله عليه وسلم -:( إذا شهدت إحداكن المساجد فلا تمس الطيب ) رواه مسلم.
ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يفقهها في دينها لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } سورة التحريم الآية 6. ويجب على الزوج أن يأمرها وأولاده بالمحافظة على الصلاة لقوله الله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } سورة طه الآية 132.
هذه أهم حقوق الزوجة على زوجها باختصار وينبغي أن يعلم أنه يحرم على الزوج أن يسب زوجته وأهلها أو يلعنها فعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:( ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه.
كما ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الكلام فوق ثلاثة أيام لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه البخاري ومسلم. وأما الهجر في المضجع المذكور في قوله تعالى: { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } سورة النساء الآية 34. فهذا الهجر سببه النشوز وأجازه جماعة من العلماء إلى شهر كما هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - نسائه شهراً.
-
فتاوى يسألونك - (ج 9 / ص 204)
حكم تحريم الزوجة زوجها على نفسها
يقول السائل: تخاصمت امرأة مع زوجها فسبها مسبة قذرة جداً... فأقسمت المرأة أنها تُحرم العيش معه وهي تقصد بالعيش معه الحياة الزوجية فهجرته وهجرها أسبوعاً ثم اصطلحا وقد صامت ثلاثة أيام كفارة عن قسمها فما حكم ذلك؟
الجواب: الأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على المودة والرحمة والمحبة والتفاهم قال تعالى: { وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } سورة الروم الآية 21. قال بعض أهل التفسير: المودة المحبة والرحمة الشفقة وقال ابن عباس رضي الله عنهما:[المودة حب الرجل امرأته والرحمة رحمته إياها أن يصيبها سوء] تفسير القرطبي 14/17. ولكن من المشاهد أنه لا بد أن تشوب الحياة الزوجية مشكلات ونفور بين الزوجين ومهما حصل من مشكلات فلا يجوز استعمال الألفاظ البذيئة فذلك محرم على الزوجين فقد ورد في الحديث عن ابن عمر- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه. كما ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته في الكلام فوق ثلاثة أيام لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) رواه البخاري ومسلم. وأما الهجر في المضجع المذكور في قوله تعالى: { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } سورة النساء الآية(55/560)
34. فهذا الهجر سببه النشوز وأجازه جماعة من العلماء إلى شهر كما هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - نسائه شهراً.
إذا تقرر هذا فإن تحريم المرأة العيش مع زوجها أو تحريمه على نفسها لا أثر له على الزواج ولا عبرة به ولكنه أمر محرم فلا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله له، لأن ذلك من الاعتداء على شرع الله ويدل على ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } سورة المائدة /87.
وإنما يعتبر هذا التحريم يميناً على الراجح من أقوال أهل العلم. فهذه المرأة حرمت على نفسها ما أحل الله تعالى فيلزمها كفارة يمين ويدل على ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } سورة التحريم الآيتان1-2. فالله سبحانه وتعالى سمَّى تحريم ما أحل الله يميناً، وفرض تحلة اليمين، وهي كفارة اليمين، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ويروى نحو هذا عن ابن مسعود والحسن وجابر بن زيد وقتادة وإسحاق وأهل العراق، وقال سعيد بن جبير، فيمن قال الحلال حرام عليَّ، يمين من الأيمان يكفرها... وعن الضحاك، أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا الحرام يمين...] المغني 9/508.
وقد ثبت في الحديث، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:(إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب ابنة جحش، ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة، أنَّ أيَتنا دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلتقل: إني لأجد ريح مغافير، أكلت مغافير؟ -وهو نوع من النبات له رائحة كريهة- فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا بأس شربت عسلاً عند زينب ابنة جحش، ولن أعود، فنزلت الآية { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } (لعائشة وحفصة) { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا } -لقوله بل شربت عسلاً) رواه البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[وسبب نزول هذه الآية إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية القبطية، وعلى التقديرين فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية وليس يميناً بالله، ولهذا أفتى جمهور الصحابة، كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم، أن تحريم الحلال يمين مكفرة] مجموع الفتاوى 35/271 - 272. وروى عبد الرزاق بسنده عن الحسن البصري قال:[ إن قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، فهو يمين، وكان قتادة يفتي به] المصنف 6/402 .وروى ابن أبي شيبة بأسانيده عن عمر وعائشة وابن عباس أنهم قالوا:[الحرام يمين] المصنف 5/37. وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن عمر بن ذر قال:[سألت الشعبي عن رجلٍ قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، قال: لا يوجب طلاقاً ولا يحرم حلالاً، يكفر عن يمينه] المصنف 5/75 .
وبناءً على ما تقدم فيلزم هذه المرأة أن تكفر كفارة يمين وصومها ثلاثة أيام لا يصح كفارةً ليمينها إلا إذا عجزت عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ(55/561)
أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } سورة المائدة الآية 89 . فكفارة اليمين إما إطعام عشرة مساكين أو كسوة عشرة مساكين أو عتق رقبة على التخيير أي أن الحالف يختار واحدة من هذه الخصال الثلاث فإذا كان فقيراً عاجزاً عن التكفير بإحدى هذه الخصال فإنه يصوم ثلاثة أيام وبناء على ذلك لا يجوز التكفير بصيام ثلاثة أيام إذا كان الشخص قادراً على ما سبق. ويجوز إخراج قيمة الإطعام أو الكسوة نقداً كما هو مذهب الحنفية. وينبغي أن يعلم أنه كما اعتبرنا تحريم المرأة زوجها على نفسها لا أثر له على الزواج فكذلك لو تلفظت المرأة بطلاق زوجها أو ظاهرت منه ونحو ذلك فكله يعتبر لغواً لا أثر له على الزواج لأن العبرة أن يصدر الطلاق أو الظهار من الزوج وعلى ذلك دلت النصوص من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } سورة الأحزاب الآية 49. وقال تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } سورة البقرة الآية231.
وقال تعالى: { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } سورة المجادلة الآية 3.
وقد حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الطلاق بيد الزوج لا بيد غيره كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ( قال أتى النبيَ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها. قال فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال:(يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) رواه ابن ماجة والدار قطني والبيهقي وهو حديث حسن كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 7/108. وقال العلامة ابن القيم:[وحديث ابن عباس المتقدم وإن كان في إسناده ما فيه فالقرآن يعضده وعليه عمل الناس] زاد المعاد في هدي خير العباد 5/278
وخلاصة الأمر أن تحريم هذه المرأة العيش مع زوجها لا أثر له على الزواج ويعتبر يميناً وتلزمها كفارة اليمين المذكورة في الآية الكريمة كما بينت.
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الشيخ ابن جبرين - (ج 91 / ص 1)
فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
الفتاوى النسائية
الطلاق وموقف الشرع منه وبعض فتاوى الطلاق
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وبعد:
فلا شك أن النكاح الشرعي من ضرورات هذه الحياة لما فيه من المصالح العامة والخاصة، ثم إن الله تعالى أباح الطلاق الذي هو حل لعقدة النكاح وذلك عندما تسوء العشرة ويشتد الخلاف ويحصل الضرر من هذا الاجتماع على الطرفين أو على أحدهما، ومع إباحته فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبغض الحلال إلى الله ولعل ذلك لما فيه من فك رباط الزوجية وتحريم الحلال وتفريق الأسر ووقوع(55/562)
العداوة والبغضاء بين الزوجين وأهليهما فلأجل ذلك جاء الشرع بتضييق الطريق التي تؤدي إلى الطلاق وشرع من العلاج للصلح والألفة والمحبة ما عرف به كراهيته الطلاق والمنع منه إلا في الحالات الحرجة التي لا يطاق معها التحمل والصبر، وقد أمر الله بالعلاج مع المرأة عندما يبدو منها بعض المقت أو الكراهية في قوله تعالى: (واللآّتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن)(النساء:34)، فإذا رأى الرجل من زوجته تكرهاً أو تثاقلاً عند حاجته أو عصياناً أو بذاءة لسان وخاف منها النشوز وهو الخروج عن الطاعة بدأ بوعظها وتخويفها وتحذيرها من غضب الله وسخطه وعقابه وذكرها بحق الزوج وما ورد فيه من الأدلة وعظم حقه عليها، فإن انصاعت وارتدعت اكتفى بذلك وعادت الألفة بينهما، فإن لم تتأثر وبقيت على العصيان والتمادي في النشوز هجرها في الكلام ثلاثة أيام وفي المضجع بأن يوليها دبره رجاء أن تتوب وتترك المخالفة والمعصية، ثم إن لم يؤثر ذلك فيها ضربها ولكن ضرباً غير مبرح أي غير شديد وذلك لتأديبها وزجرها عن النشوز، ثم إذا تأزمت الأمور واشتد الخلاف فإن القاضي يبعث حكمين من أهله وأهلها ليصلحا بينهما فإن لم يقبلا فلا بد من الفراق بعد أن يؤمر كل منهما أن يتنازل عن بعض حقه وأن يعتبر نفسه هو المخطئ فلعل ذلك مما تعود به الألفة بينهما ومتى عزم الزوج على الفراق فلا بد أن يتأنى ويتريث فربما صلحت الأحوال واصطلحا بينهما، وهكذا لو رأت المرأة ما يسوءها من شراسة وسوء خلق
ومضايقة أو حيف وجور فإن عليها التصبر والتحمل قبل أن تسأل الطلاق، فقد ورد في الحديث: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
وإذا نفد صبرها ولم تطق البقاء معه جاز لها طلب الطلاق واستحب له أن يطلقها حتى يخلصها مما هي فيه من الضيق والحرج، فإن لم يفعل فلها طلب الخلع بأن تبذل له مالاً أو منفعة على أن يخلي سبيلها لتعيش في راحة وطمأنينة، ثم إن الشرع لما أباح الطلاق جعله في أضيق الأحوال وأقلها وجوداً، فإن طلاق السنة هو أن يطلقها في طهر لم يطأها فيه أو بعدما يتبين حملها ويكون الطلاق واحدة فقط، وتبقى معه في منزله حتى تنقضي عدتها، وإذا تأملت ذلك وجدته يهدف إلى تقليل الطلاق والتحذير من إيقاعه حيث نهى عن الطلاق في الحيض فإن النفس قد تكرهها في تلك الحال فإذا أوقع الطلاق حال كراهتها فقد يندم ويتمنى عدم إيقاعه، ثم نهاه عن إيقاع الطلاق في طهر جامعها فيه وذلك أنه إذا صبر عنها مدة حيضها ثم طهرت فإن نفسه تندفع نحوها فإذا واقعها أمسكها حيث نهى عن الطلاق في ذلك الطهر، فإذا أمسكها حتى تحيض عرف أنه لا يجوز إيقاع الطلاق حالة الحيض فإذا طهرت لم يصبر عن مواقعتها غالباً فيبقى هكذا حتى يزول الخلف ويخف ما في النفس، وهكذا أباح طلاقها في حالة الحمل لأن إقدامه على ذلك دليل واضح على عدم رغبته في إمساكها، وهكذا إذا صبر عن مواقعتها بعد الطهر فطلقها فإن صبره دليل عزمه على الطلاق وعدم إطاقة الصبر معها، ثم أنه إنما أباح الطلاق مرة واحدة وذلك ليتمكن من المراجعة في العدة لقوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك)(البقرة:228) أي في زمن العدة، كما أنه منعه من إخراجها ونهاها عن(55/563)
الخروج من منزله بقوله تعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا) إلى قوله: (اسكنوهن من حيث سكنتم)(الطلاق:1-6)، وحيث إن المعتدة لها حكم الزوجة فإن بقاءها معه وتجملها أمامه وكلامها وعرضها نفسها عليه من الأسباب التي تدفعه إلى
المراجعة، وهكذا سعيها في الصلح واعتذارها عما صدر منها فإذا دفعته نفسه إلى مواقعتها كان ذلك رجعة عليها فتعود الحالة الزوجية إلى ما كانت عليه أو أحسن، فإذا تحمل الصبر وكفّ نفسه عنها كان دليلاً واضحاً على بغضه لها وعزمه على الطلاق والفراق، ولكن قد تصلح الأحوال فيما بعد ويعتذر أحدهما على الآخر ولو بعد زمن طويل فيتمكن من نكاحها بعقد جديد حيث إن الطلاق واحدة أو اثنتان وذلك مما يتمكن به من تجديد العقد وكل هذا يهدف إلى تقليل الطلاق والحد من إيقاعه وكم نلاقي يومياً من الوقائع بين الزوجين والتي تؤدي إلى الطلاق والفراق ثم يحصل فوراً الندم والتراجع، ولكن بعد فوات الأوان، وبالتأمل نجد أن أسباب الطلاق متنوعة وأغلبها وقوع نزاع وشقاق وخصومة ولو يسيرة تثير حفيظة الزوج فلا يتمالك أن يتلفظ بالطلاق ومتى راجع نفسه اعترف بخطئه وتمنى تلافي الأمر فنقع في حرج مع الكثير من هؤلاء، وننصح الزوج أن يتأنى ويتحمل فلا يسرع بالتلفظ بالطلاق مع علمه بأنه سوف يندم ويحب إرجاع زوجته إلى عصمته فلو تمالك نفسه لما حصل منه ما حصل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، وهكذا ننصح الزوجة أن تتغاضى عن التقصير وعن الأخطاء التي تقع من زوجها عليها أو على ولدها فتملك نفسها أو تكتم غيظها وتصبر على ما أصابها حتى لا تحفظ زوجها بأقل انتقاد أو تعقب أو عتاب، سيما إذا عرفت منه الشراسة وسوء الخلق وضعف التحمل، فربما تراجع أو اعترف بالخطأ وربما نصحه غيره وعاتبوه بالتي هي أحسن حتى يراجع رشده ويذهب غيظه ويعرف عذر زوجته وأن هذا الخطأ لا يبلغ أن يصل إلى الفراق الذي يهدم البيت ويفرق الأسرة ويعرض الأولاد إلى التفرق والضياع، وهكذا ننصح كلا الزوجين عن إيقاع خلل أو نقص في الواجب من الحقوق فإن بذلك تدوم العشرة وتصلح وبالتساهل في حق الزوجة من النفقة أو الكسوة أو السكنى أو العشرة الطيبة يقع
منها الضجر والقلق سيما إذا كان قد تعمد بخسها حقها، أو جار في القسم بين الضرتين، أو مال مع إحداهما، وقد أوجب الله العدل بين الزوجات وأمر من خاف الجور أن يقتصر على واحدة، ولا شك أن الزوج قد يجد في نفسه ميلاً إلى إحدى الزوجتين ولكن عليه تحري العدل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) يعني القلب، والجور المحرم هو المذكور في قوله تعالى: (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)(النساء:129)، فعلى كلا الزوجين مراقبة الله والعلم باطلاعه ومحاسبته على ما فعل مما يجوز أو لا يجوز، وعليهما الحرص على الوئام والملاطفة وحسن العشرة ولين الجانب والتغاضي عن الزلات والهفوات والتخلق بالفضائل والتنزه عن الأدناس ومساوئ الأخلاق وعن الكذب والبهت والظلم والشقاق والنزاع ورفع الأصوات والتشدد في(55/564)
الطلبات وما يثير الأحقاد ويوقع فيما لا تحمد عقباه حتى تدوم الألفة وتصلح الأحوال والله يتولى السرائر وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة هل يجوز؟
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 6/9/1422
السؤال
أنا رجل عندي زوجة مدللة جداً ، وسئمت من مراعاة شعورها الذي يعيقني أحياناً عن تربيتها وتربية أطفالي ، فهل لي بضربها ؟ وما حدود ذلك الضرب ؟ الرجاء التوضيح بالأمثلة لحدود الضرب المبرح .
الجواب
أخي السائل أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ييسر لك أمرك ، وأن يصلح لك أهلك وذريتك ، وأما ما ذكرت من حال زوجتك، فإني ابتداءً أسأل الله - سبحانه وتعالى - لها الهداية والسلامة في دينها ودنياها ، واعلم أن الحياة في الغالب لا تصفو بين الزوجين، فلا بد من أن يشوبها شائبة على اختلاف في الدرجات وتنوع في تلك الشوائب ، واعلم أن الرجل مأمور ومأجور على الصبر على زوجته، وكذلك الزوجة، واعلم أن الشرع المطهر جعل لعصيان المرأة لزوجها علاجاً متدرجاً ، كما في قوله - سبحانه وتعالى - :" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً " [النساء:34]، فلا بد أولاً من الموعظة بالترغيب والترهيب ، والتعريف بحق الزوج على زوجته ، وإثم معصيتها له ، ولا تكون الموعظة من قبلك وحدك، بل تكون أيضاً من قبل من يناسب من أقاربها وأقاربك ، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الهجران بالفراش بأن يوليها دبره في فراشه ، أو يجعل له فراشاً مستقلاً عنها، ويترتب على ذلك ترك مجامعتها وقت الهجران ، ثم إذا لم تُجدِ تلك الوسائل ينتقل إلى وسيلة الضرب التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يُوطئْن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح " الحديث ، أخرجه مسلم (1218)، والضرب غير المبرح هو غير الشاق أو الضار ، ومن أمثلة ذلك أن يكون الضرب على الكتف، أو اليد، أو الرجل ، أو الأماكن التي لا تكون معرضة للكسر، أو تعطل الأعضاء، أو تؤدي إلى الإهانة كالضرب على الوجه ، فإن هذه الحالات من الضرب ضررها أكثر من نفعها .
هل يضرب الرجل امرأته؟
المجيب أ.د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز(55/565)
التاريخ 29/3/1423
السؤال
ما هو النشاز؟ ومتى يضرب الرجل امرأته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الزواج في الخلق آية من آيات الله الذي نخر له ساجدين، ويقوم على أركان ثلاثة: السكن، المودة، الرحمة. قال -تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].
والعلاقة بين الزوجين تسمو على كل العلاقات "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" [البقرة:187]، فالزواج إذن ضرورة دينية وضرورة مدنية وجاء وصف عقد النكاح وصفاً متميزاً على جميع العقود "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً"[النساء:21] وللرجل حق القوامة على المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" [النساء:34]، وقال المصطفى - عليه السلام - في بيان أفضل النساء:"هي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" أبو داود (1664) وابن ماجة (1857) وأحمد (7421) واللفظ له، وقال -عليه السلام-:"إن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله" البيهقي في الشُعَب (15/248) والدر المنثور للسيوطي (2/483) ويعنى بذلك ما يقوم به الرجال من الأعمال من صلاة وجهاد في سبيل الله.
الناشز هي التي تبرز وتستعلي بالعصيان والتمرد، والمنهج في الإسلام لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة، بل لابد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز الذي لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة، ومآله بعد ذلك تصدع وانهيار ودمار وتشرد، ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز وحينئذٍ يباح أن يزاول الزوج بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة لا للانتقام ولا للإهانة ولا للتعذيب، ولكن لرأب الصدع والإصلاح في هذه المرحلة المبكرة من النشوز، وذلك بالوعظ، وبيان مزايا استمرار الزوجية، وبيان مساوئ الفرقة والاختلاف فإذا لم يجدِ هذا انتقل إلى مرحلة أخرى في التأديب والتهذيب، وهذه المرحلة تتمثل في الهجر في الكلام ثلاثة أيام، وفي المضجع ما شاء على ألا يضر بها، فإذا لم يجدِ هذا الأسلوب انتقل الزوج إلى التأديب الخفيف فلا يضرب الوجه ولا يقبح.
عن معاوية القشيري أنه قال: يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال:" أن تطعمها إذا طَِعمْت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" أبو داود (2142) وأحمد (20011).
قانون (بيت الطاعة) ومفارقته لإنصاف المرأة
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث(55/566)
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
متى يحق للزوج أن يطلب زوجته في بيت الطاعة ؟ وهل يحق لها أن ترفض؟ وإذا رفضت ماذا يترتب على هذا الرفض؟ خاصة إذا كان الزوج قد تزوج على زوجته خداعاً، ومن ثم امتنع عن دفع النفقات لزوجته ولأولاده، وإذا ذهبت الزوجة لبيت أهلها، هل تعد ناشزاً وتُطلب لبيت الطاعة؟
الجواب
الحمد لله وحده ، وبعد :
( بيت الطاعة) قانون وضعي أصدرته بعض الدول، وخلاصته أن للقاضي الحكم على الزوجة بلزوم بيت الزوجية (بيت الطاعة)، فإذا لم تقم بذلك فإن للقاضي تحديد العقوبة المناسبة واستخدام القوة ، وعلى ما تقدم فإن هذه القوانين فيها ظلم للمرأة ، فقد جعل الإسلام للمرأة مخرجاً، فإذا كانت كارهة لزوجها ونحو ذلك فيفرق بينهما بالمخالعة ، وإن كان الزوج فاسداً أو كان به عيب فرق بينهما.
أما إذا كانت الزوجة ناشزة عن طاعة زوجها ولا مبرر لديها فيحكم عليها بالانقياد لطاعة زوجها بالمعروف، فإن لم تفعل فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى وغيرها، أما نظام (بيت الطاعة) فإنه يسقط حق الحرية للمرأة ، والعجب أنه صادر من أدعياء تحرير المرأة ، فتأمل كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، الأمر الذي يدعونا إلى الاعتزاز بديننا والتحاكم إليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
هجرها وخانها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هجرني زوجي بالفراش سنتين دون سبب يذكر، وتبيّن لي أنه خلالها وربما قبلها قام بخيانتي بالحرام والله أعلم, بعدها حاول الرجوع إلي فلم أقبل؛ اعتمادًا على كلام الله في الآية الكريمة: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). وأنا لست بتلك ولا تلك، والحمد لله، ، ما زلنا على هذا الحال حوالي أربع سنوات، ونحن نعيش في بيت واحد، نتكلم مع بعض حين الضرورة في شؤون البيت، الطلاق صعب جدًّا، خاصة أن الأولاد في جيل التعليم العالي والزواج، ولتفادي الفضيحة الاجتماعية. السؤال هو: ما حكم الدين بحالنا هذا؟ وما حقه علي ونحن بهذا الوضع؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(55/567)
عقد النكاح من أعظم العقود التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وقد سماه الله: (مِيثَاقًا غَلِيظًا). وهذا العقد له آثار، منها ما هو للزوج على زوجته، وهي:
(1) الطاعة: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ؛ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ". أخرجه أحمد (1661).
(2) القرار في البيت وعدم الخروج إلا بإذن الزوج: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الأحزاب: 33 ].
(3) ألا تأذن لأحد أن يدخل منزله إلا بإذنه: "... وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ.." الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه (1218).
(4) القيام بخدمته بالمعروف، فإن هذا من مقتضيات القوامة، وهو فعل نساء الصحابة، رضي الله عنهن، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية.
(5) أن تحفظ ماله وعرضه، عما يدنسه، وأن تحفظ زينتها حتى لا تظهر عند الأجانب.
(6) أن تطيع المرأة زوجها إذا دعاها إلى فراشه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذَا بَاتَتِ المَرأةُ هَاجِرةً فِرَاشَ زَوْجِها لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". صحيح البخاري (5194) وصحيح مسلم (1436). وفي لفظ لمسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا". فلا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها لأجل حصول المعصية منه، بل إن امتناعها عن ذلك قد يكون سببًا في استمراره على ذلك الأمر، هذا في حال كون الزوج قد تاب إلى الله من هذه المعصية- أي الزنا- أما إذا كان مستمرًّا على هذه المعصية، فإنه لا يجوز للمرأة البقاء مع من هذه حاله؛ للآية: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً...)[النور: 3].
أما بقاء الزوجين متهاجرين هذه المدة الطويلة، فهذا أمر لا يجوز؛ لأن الهجر دواء يستخدم لوقت محدد.... إصلاح المهجور، ولا يجوز أن يزيد الهجر في الكلام والسلام عن ثلاثة أيام، أما الهجر بالسنوات فهذه قطيعة لا يحل فعلها، فالواجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى، وأن تصلح زوجها بالنصيحة والكلمة الطيبة، وتوسيط أهل الخير من الأقارب، وغيرهم لحل مثل هذه المشكلة، كما يجب على الزوج أن يتقي الله في زوجه، وأن يؤدي لها حقوقها المالية، كالمهر، والنفقة بالمعروف، وأن يؤدي الحقوق غير المالية، وهي المعاشرة الحسنة؛ لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 228]. وقوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...)[النساء: 19]. وقوله صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا...". وقوله: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ...". أخرجه الدارمي (2260) والترمذي (3895). وفي لفظ: "خِيَارُكُمْ خِيارُكم لِنِسائِهِمْ". أخرجه الترمذي (1162). ومن حقها على زوجها إعفافها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لعثمان بن مظعون، رضي الله عنه: "فإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه أبو داود (1369). وقال لعبد الله بن عمرو: " وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه البخاري (1974) ومسلم (1159). وعلى الجميع الزوج والزوجة أن يتذكروا أن الله سائل كل واحد منهما عن الآخر، فليعدوا للسؤال جوابًا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(55/568)
هل مبيتها خارج بيته بغير إذن من النشوز؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما النشوز؟ وهل ترك المرأة لبيت زوجها أيام الخميس والجمعة والمبيت عند أهلها وهو يوافق مكرهًا يعتبر نشوزًا؟ علمًا أن المرأة تذهب لأنها لا ترتاح كثيرًا لزوجها وعندها أولاد منه. بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
النشوز في اللغة: الارتفاع، وأما في الاصطلاح فهو: معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها، وخروج المرأة من بيتها هذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون برضى الزوج، فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الزوج هو الذي له القوامة، والله عز وجل يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)[النساء: 34]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم". أخرجه الترمذي (1163) وابن ماجه (1851). يعني النساء، يعني أسيرات، والأسير في حكم مَن أسره، وأيضًا أمهات المؤمنين لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (2045) ومسلم (1173). فدل على أنه لابد من إذن الزوج.
القسم الثاني: أن يكون خروج المرأة بغير إذن الزوج، أو هو مكره لهذا، فهذا لا يجوز ويعتبر نوعًا من النشوز، لما تقدم من إذن الزوج بالرضى، فلا يجوز لها أن تخرج حتى يأذن لها زوجها، وتتفق معه على ذلك، وألا تطيل الخروج، فهذه المدة طويلة وإنما تكون المدة مناسبة للزوج كيوم، أو نصف يوم ونحو ذلك. والله أعلم.
المدة المباحة لهجر الزوجة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 20/02/1426هـ
السؤال
ما المدة المباحة للهجر في حالة غضب الزوج على زوجته؟.
الجواب
يقول الله -عز وجل-: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن..." [النساء: 34].
فمراحل تأديب الزوجة: أولاً: الوعظ والإرشاد، فإن لم يجد هذا فالهجر، والهجر يكون في المضجع؛ لأن الله -عز وجل- قال: "واهجروهن في المضاجع"، وليس(55/569)
هجر عن المضجع أو هجر عن البيت، وإنما يضاجع زوجته ويهجرها بحيث لا يلتفت إليها ولا يكلمها ..إلخ، وهذا ليس له حد بل هو معلق بالمصلحة، فإذا كان ردعها يكون بهجر يومين أو ثلاثة أو أربعة.... فإنه كما سلف معلق بالمصلحة.
تأديب الزوجة في القرآن
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 2/3/1425هـ
السؤال
لماذا يؤمر بضرب المرأة وهجرها في المضاجع حتى الموت لمجرد الخوف من نشوزها في (سورة النساء: 34)، ولماذا تلعنها الملائكة إلى الصباح إذا أبت الجماع مع زوجها؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله - وهو الحكيم- شرع للزوج إذا رأى عصياناً من زوجته، وتأكد منه أن يسلك طرقاً ثلاثة على الترتيب، لا على التخيير كما ذكر العلماء، فيبدأ بوعظ زوجته- أي تذكيرها- بحق الزوج عليها من الطاعة،وحسن العشرة، فإن لم تستقم فينتقل إلى الهجر في الفراش؛ لأنه أقوى أثراً، فإن لم ينفع فيباح له أن يضربها ضرباً غير مبرح -أي غير شديد وشاق - مع تقوى الله في ذلك.
أما ما ذكرته السائلة من الضرب والهجر حتى الموت للزوجة الناشز فلا وجود له في الآية، ولعلها تعني حد الزنا الوارد في سورة النساء (15)، من حبس الزانية حتى الموت، وكان هذا في أول الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا.."[النور:2].
أما مسألة لعن الملائكة للمرأة التي تأبى إجابة دعوة زوجها فقد ذكر العلماء أن السبب في ذلك حاجة الرجل إلى زوجته، ولذلك قد يبيت غاضباً عليها، كما في رواية مسلم (1436) : "ما من رجل يدعو امرأته...إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها"، وفي رواية: "فبات غضبان عليها..."، فجعل الله ملائكته تلعن من أغضب عبده، منع شهوة من شهواته، وهذا يدل على فضل الزوج، وعظيم حقه على زوجته. والله أعلم.
هجر زوجته أربع سنين
المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال(55/570)
رجل متزوج وله أولاد كبار، حصل بينه وبين زوجته خلاف، فعزم في نفسه أن يطلقها، لكنه لم يطلق؛ خشية وقوع مشاكل وأن يمتد الطلاق في العائلة بحكم أن أخواته متزوجات مع إخوان زوجته، ولذا هو قرر أن يعيش مع زوجته دون أن يقربها في منزل واحد بعد أن انقطع عن البيت أكثر من أربع سنين؟ ما حكم هذا الفعل؟ وما حكم نفقتها؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة على محمد وآله وصحبه.
أخي الكريم . . .
حلمك وتقديرك للمصالح والمفاسد أمر مشكور لك، وقدرتك على التحمل طوال هذه السنين يدل على مقدرتك بإذن الله أن تتجاوز هذه العقبة بالإصلاح.
أما خروجك من البيت لأربع سنوات فهو أمر غير سائغ.
وكذلك بقاؤك في البيت دون اجتماع مع زوجتك في مضجع واحد أمر غير سائغ هو الآخر؛ إلا إذا كانت الزوجة ناشزاً وهي التي تعصي زوجها فيما يجب عليها من حقوقه ففي هذه الحالة يجوز الهجر في المضجع.
والشرع لم يجعل الهجران في المضجع إلا حالة استثنائية مؤقتة لا تستمر، يلجأ المرء إليها لمعالجة وضع راهن، أما أن يستمر عليها فهذا إخلال بالواجب على الزوج تجاه المرأة؛ ولذلك نص الفقهاء على وجوب المبيت عند الحرة ليلة من كل أربع ليال، إذا طلبت، ولم يكن عذر يمنعك من ذلك.
وهذا يتضمن وجوب شيئين :
أحدهما : الاجتماع في المنزل.
ثانيهما: الاجتماع في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع" [النساء:34] مع قوله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (19511) وأبو داود (2142) وابن ماجة (1850) وغيرهم. وغيره بسند حسن :"ولا تهجر إلا في البيت" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل.
ويلزم الزوج أن يطأ زوجته كل ثلث سنة مرة إن قدر على ذلك؛ لأن الله تعالى قدر ذلك في حق المولي فكذلك في حق غيره، قال تعالى "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227]، وهذا حق لها ومن تركه فهو مقصر فيما يجب عليه من حقوق.
ومن ترك وطء زوجته إضراراً بها ولو بلا يمين أكثر من أربعة أشهر وهو غير معذور، فهو ملحق عند العلماء بالمولي، يأمره القاضي بطلب المرأة بالوطء أو الطلاق، فإن أبى من الأمرين طلق عليه القاضي.
وأما النفقة فهي واجب على الزوج مع بقاء الزوجية بقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه-.(55/571)
ولا تسقط النفقة عن الزوجة الباقية في عصمة الزوج إلا أن تكون ناشزاً، أو محبوسة عنه ممتنعة منه في بيت أهلها مثلاً، أو مسافرة عنه لحاجتها، ففي هذه المواضع تسقط النفقة أما غيرها فلا يجوز للزوج أن يحبس النفقة عن زوجته ومن فعل ذلك فهو ممسك عما يجب عليه.
والله أسأل أن يجمع شمل أسرتكم ويوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. وصلى الله على محمد وآله.
هل في كرهي للتعدد إساءة للشرع؟!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 27/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا زوجة ثانية منذ أكثر من سنتين وقد اخترت ذلك رغبة مني؛ لأني أرى أنه لا يحق لي رفض زوج صالح لأنه متزوج، حيث إن التعدّد جائز في شرع الله، ولا يحق لي الاعتراض، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بغيرة قاتلة لأسباب أرى أنه من حقي هذا الشعور، وأصبحت أعيش في عذاب، وأدعو الله أن يفرّج همي، وبدأت أشعر بأن التعدّد لا يفرض على المرأة، وأن النساء يختلفن في تحمله. فهل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟ وهل من دعاء يخفف من غيرتي؟ وهل أستطيع تخيير الزوج إما أنا أو زوجته الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي السائلة: قد تضمن سؤالك طلب الجواب عن ثلاثة أمور:
الأمر الأول: قولك هل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟.
وسوف أجيب على هذا السؤال من خلال النقطتين التاليتين:
أولاً: لا شك أن التعدد مباح ومشروع للرجال بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: 3]، ومن المعلوم أن إباحته للرجال مشروط بالعدل بينهن بنص الآية، وعلى المسلم والمسلمة أن يسلّم بهذه المقدمة، ولا ينازع فيها، قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36].
ثانياً: لا يفهم مما تقدم أن على المرأة أن تزيل ما في قلبها من شعور بالغيرة تجاه زوجها، إذا حصل ما يوجب ذلك؛ لأن هذه فطرة وغريزة قد لا تملك المرأة السيطرة عليها، ولا يفهم أيضاً أن على المرأة أن ترضى بالتعدد على نفسها، فلا تُلام على شعورها بذلك ما دامت لم تتجاوز حدودها التي رسمها لها الشارع، بحيث(55/572)
لا يحملها فرط غيرتها على ارتكاب ما يحرم عليها من سب وشتم للآخرين أو أذية للزوج.
ولقد كانت الغيرة تندلع في قلوب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: "مالك يا عائشة؟ أغرت؟" فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقد جاءك شيطانك"؟ الحديث أخرجه مسلم (2815).
وعن عائشة - رضي الله عنها- أيضاً قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله -عز وجل- "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت" [الأحزاب: 51]، قالت: ... والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك. أخرجه البخاري (4788) ومسلم (1464).
كما تروي لنا عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أيضاً موقفاً من ضرتها صفية -رضي الله عنها- فتقول: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعاماً فبعثت به، فأخذني أَفْكَلٌ فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: "إناء مثل إناء وطعام مثل طعام". أخرجه أبو داود (3568)، والنسائي (3957)، وقال محقق جامع الأصول. إسناده حسن.
وأَفْكَلٌ: الرعدة، والمراد أنها لما رأت حسن الطعام أصابتها رعشة من شدة الغيرة.
وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً كانت تغار من خديجة-رضي الله عنها- لكثرة ما يذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه مسلم (2437).
ومما تقدم وغيره من النصوص وما تمليه الفطرة الإنسانية يظهر بأنه لا حرج من شعور المرأة أن التعدد لا يناسبها إذا كانت تؤمن بأنه شُرِعَ من الحكيم الخبير.
الأمر الثاني: قولك: هل من دعاء يخفف غيرتي؟
فالجواب أني لم أقف على دعاء خاص لهذا الشأن.
الأمر الثالث: هل أستطيع تخيير الزوج، إما أنا أو زوجته الأخرى؟
فالجواب: هذا الطلب حرام؛ لأن فيه إضرار بالغير من غير وجه حق، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإن لها ما قدر لها" أخرجه البخاري (6601).
ولكن يجوز لها أن تشترط ألا يتزوج عليها قبل أن يعقد عليها، فإن نكث فيحق لها أن تطلب الفسخ لنكثه الشرط، كما يجوز لها أن تطلب منه أن يخالعها بعد أن ترد إليه مهره إذا خشيت ببقائها معه أن تضيع حدود الله -تعالى- بعصيان زوجها ...لفرط غيرتها أو كراهيتها له بدون أن تطلب طلاق ضرتها؛ لقول الله -تعالى-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به"[البقرة: 229]. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنهما- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(55/573)
: "أتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" رواه البخاري (5273) وغيره.
ولكني أنصحها بألا تستعجل باتخاذ هذا القرار إلا بعد استخارة الله -تعالى- واستشارة العقلاء من أهلها واستنفاذ كافة السبل الممكنة لتخفيف غيرتها لعلها تعود إلى دائرة الاعتدال، وأنصحها بصدق الالتجاء إلى الله -تعالى- والإلحاح عليه أن يطمئن ما في قلبها، والله -سبحانه وتعالى- قريب مجيب، وأسأل الله -تعالى -لك التوفيق والسعادة في حياتك الأسرية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هجرها في المضجع من غير نشوز!
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 17/11/1426هـ
السؤال
هل من حقوق الزوجة أن ينام الزوج في الغرفة معها، حيث إن زوجي له غرفة خاصة به، وإذا أرادني طلب حضوري، ويقول: ليس في الإسلام وجوب النوم معك في سرير أو غرفة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وبعد:
فقد جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله- في كتاب عشرة النساء (10/220) ما نصه: قال الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19]. وقال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228]. وقال ابن زيد: يتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيهم، وقال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين للمرأة, كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"، وقال الضحاك في تفسيرها: إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن فعليه أن يحسن صحبتها, ويكف عنها أذاه وينفق عليها من سعته، وقال بعض أهل العلم: التماثل ها هنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف ولا يمطله به, ولا يظهر الكراهة بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة؛ لقول الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" وهذا من المعروف, ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه والرفق به واحتمال أذاه؛ لقول الله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذي القربى" إلى قوله "والصاحب بالجنب" [النساء:36]. قيل: هو كل واحد من الزوجين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيرا" رواه البخاري (3331)، ومسلم (1468)، وأخرجه الترمذي (1163)، وزاد: "فإنهن عوان عندكم". وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" رواه مسلم (1218). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن(55/574)
ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقا". متفق عليه [صحيح البخاري (5184) وصحيح مسلم (1468)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "خياركم خياركم لنسائهم" رواه ابن ماجه (1978).
وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه؛ لقول الله تعالى: "وللرجال عليهن درجة" [البقرة:228]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد, لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق" رواه أبو داود (2140)، وقال: صلى الله عليه وسلم: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح" متفق عليه [صحيح البخاري (5194)، وصحيح مسلم (1436)]، وقال صلى الله عليه وسلم لامرأة: "أذات زوج أنت؟" قالت: نعم. قال: "فكيف أنت له؟". قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: "فانظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك". رواه أحمد (26806). وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه, ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة من غير أمره، فإنه يؤدَّى إليه شطره". رواه البخاري (5195).
أختي السائلة: ما تذكرين في سؤالك محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن الزوج إذا كانت له زوجة واحدة يلزمه أن يبيت عندها ليلة من أربع، وينفرد إن أراد في الباقي، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا يتضمن: الاجتماع في المنزل والفراش، كما قال رحمه الله: (وقول أصحابنا: يجب على الرجل المبيت عند امرأته ليلة من أربع، وهذا المبيت يتضمن سنتين: إحداهما المجامعة في المنزل، والثانية في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع"مع قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يَهْجُر إلا في المضجع" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل، ونص الإمام أحمد في الذي يصوم النهار ويقوم الليل يدل على وجوب المبيت في المضجع، وكذا ما ذكره في النشوز إذا نشزت هجرها في المضجع دليل على أنه لا يفعله بدون ذلك.
وعلى هذا فيلزم الزوج أن يبيت مع زوجه في فراشها ليلة من أربع، وينفرد في سائر الليالي إن شاء، ويؤيد هذا أن المراد من المبيت ما يحصل من الأنس والسكن في المقام الأول، وهذا إنما يتحقق كماله بلزوم فراشها والنوم بجوارها، قال الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].
ويذهب بعض أهل العلم إلى أن من له زوجة واحدة يستحب أن يبيت عندها ويحصنها، وأن أدنى الدرجات أن لا يخلي أربع ليال عن ليلة، إلا أنه لا يلزمه ذلك ابتداء؛ لأنه حقه فله تركه، كما يرون أن الأولى أن يناما في فراش واحد إذا لم يكن لأحدهما عذر في الانفراد، سيما إذا عرف الزوج حرص زوجه على ذلك.
وإذا تقرر هذا أختي الكريمة فإن زوجك قد يحتج بأن ما يفعله جائز عند بعض أهل العلم، أو أن يستمر على عناده لك، فلا أرى أن الحل ليس في سؤالك عن الحكم حلا وحرمة، بل ينبغي لك أن تبحثي عن الداعي الذي لأجله فعل زوجك هذا، واستشعار أسبابه والعمل على التصحيح ما أمكن بروح المودة والمحبة والخضوع، وتلافي(55/575)
الخطأ والقصور. وفق الله السائلة لما يحبه ويرضاه، وأصلح لها ما بينها وبين زوجها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ضرب الزوجة ليس حقًا مطلقًا!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 03/05/1427هـ
السؤال
هل يصحّ كما يبدو أنّ هناك آيةً قرآنيّةً تُبيح للرجل ضربَ زوجته؟ وإذا كان الجواب إيجابيًّا, ألا يكون في ذلك حثّ على العنف الزوجي؟ و شكرا مقدّما.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء:34]. وهذه الآية آية محكمة غير منسوخة، ولكن كثيرا من الناس لم يفهم المراد منها، فعمل بفهمه الخاطئ، وتعدى على المرأة، وظن أن هذا من الدين، وإذا رجعنا للمنهج الإسلامي في تعامل الزوجين تبين لنا جليا أنه لا يحث على ما يظنه البعض "لعنف الزوجي"، بل يحث على الألفة، والمحبة، والعشرة بالمعروف، وذلك في آيات، وأحاديث نبوية كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19].
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: "وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه، وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه، لا بإظهار الكراهية في تأديته، فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلم" ا.هـ أحكام القرآن للشافعي (1/204)، الأم (5/89).
وقال الطبري -رحمه الله تعالى-: "يعني جل ثناؤه بقوله (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ): وخالقوا أيها الرجالُ نساءَكم وصاحبوهن (بِالمَعْرُوفِ) يعني بما أمرتم به من المصاحبة، وذلك إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهن عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهن بإحسان" ا.هـ تفسير الطبري (4/312).
وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "وقال بعض أهل العلم: التماثل هاهنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف، ولا يمطله به ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة، لقول الله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ" وهذا من المعروف ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه، والرفق به، واحتمال أذاه، لقول الله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذي(55/576)
القربى"... إلى قوله: "والصاحب بالجنب" قيل: هو كل واحد من الزوجين" ا.هـ المغني( 7/223).
وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم، بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ" [البقرة:228]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- يتودد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني، فقال: "هذه بتلك". ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب:21]". ا.هـ تفسير ابن كثير (1/467)، وانظر زاد المعاد (1/150).
وقال الذهبي -رحمه الله تعالى-: "وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه، فالزوج أيضا مأمور بالإحسان إليها، واللطف بها، والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره، وإيصالها حقها من النفقة، والكسوة، والعشرة الجميلة، لقول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ)" ا.هـ الكبائر (1/178).
ثانيا: قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الرُّوم:21]. قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين" ا.هـ تفسير ابن كثير (2/275).
ثالثا: قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة:228]. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إني لأحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تزين لي، لأن الله عز وجل يقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ) وما أحب أن أستوفي جميع حق لي عليها، لأن الله عز وجل يقول: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ). رواه ابن أبي شيبة (4/196) وابن جرير (2/453) والبيهقي (7/295) وانظر الدر المنثور (1/661).
رابعا: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لم يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا". رواه البخاري (4890) ومسلم (1468).(55/577)
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "فيه الحث على الرفق بالنساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا مطمع في استقامتهن" ا.هـ مرقاة المفاتيح (6/356).
وقال المناوي -رحمه الله تعالى-: "وفيه ندب المداراة، لاستمالة النفوس، وتألف القلوب، وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن، والصبر عليهن، وأن من رام تقويمهن فاته النفع بهن، مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها" ا.هـ فيض القدير (2/388).
خامسا : عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنه، إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ". رواه مسلم (1469).
قال الحافظ النووي -رحمه الله تعالى-: "أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكره، وجد فيها خُلقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق، لكنها دينة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك " ا.هـ شرح صحيح مسلم (10/ 58)، الديباج للسيوطي (4/80).
سادسا: قال النبي صلى الله عليه وسلم -في حجة الوداع- "اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِن فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ". رواه مسلم (1218) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
وعن عَمْرِو بن الْأَحْوَصِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ شهد حجة الوداع مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، فذكر في الحديث قِصَّةً فقال: "ألا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ، ليس تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شيئا غير ذلك، إلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِن فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، ألا إِنَّ لَكُمْ على نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ على نِسَائِكُمْ، فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ من تَكْرَهُونَ، ولا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، ألا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ". رواه ابن أبي شيبة (2/56) والنسائي في الكبرى (9169) وابن ماجه (1851) والترمذي (1163)، وقال: حسن صحيح.
سابعا: عن عبد اللَّهِ بن زَمْعَةَ -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَجْلِد أحدكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ". رواه البخاري (4908).
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وفي سياقه استبعاد وقوع الأمرين من العاقل، أن يبالغ في ضرب امرأته، ثم يجامعها من بقية يومه أو ليلته، والمجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس، والرغبة في العشرة، والمجلود غالبا ينفر ممن جلده، فوقعت الإشارة إلى ذم ذلك، وأنه إن كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير، بحيث لا يحصل منه النفور التام فلا يفرط في الضرب، ولا يفرط في التأديب... ولأن ضرب المرأة إنما أبيح من أجل عصيانها زوجها، فيما يجب من حقه عليها" ا.هـ فتح الباري (9/303) عمدة القاري (20/192).(55/578)
ثامنا: عن إياس بن أبي ذباب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضربوا إماء الله". قال فذئر -أي نشز- النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ذئر النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فاضربوا" فضرب الناس نساءهم تلك الليلة، فأتى نساء كثير يشتكين الضرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح: "لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب، وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم". رواه النسائي في الكبرى (9167)، وصححه ابن حبان (4189).
قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "فجعل لهم الضرب، وجعل لهم العفو، وأخبر أن الخيار ترك الضرب" ا.هـ الأم (5/112).
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "فيه دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديبا إذا رأى منها ما يكره، فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله" ا.هـ فتح الباري (9/304)، وانظر عون المعبود (6/128).
تاسعا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل. رواه مسلم (2328).
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "فيه أن ضرب الزوجة، والخادم، والدابة وإن كان مباحا للأدب، فتركه أفضل " ا.هـ شرح صحيح مسلم (15/84).
وقال القاري -رحمه الله تعالى-: "خصا بالذكر اهتماماً بشأنهما، ولكثرة وقوع ضرب هذين، والاحتياج إليه، وضربهما وإن جاز بشرطه، فالأولى تركه، قالوا بخلاف الولد، فإن الأولى تأديبه، ويوجه بأن ضربه لمصلحة تعود إليه، فلم يندب العفو، بخلاف ضرب هذين فإنه لحظ النفس-غالباً- فندب العفو عنهما مخالفة لهواها، وكظماً لغيظها" ا.هـ مرقاة المفاتيح (10/488)، وانظر كشاف القناع (5/209).
عاشرا: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه ابن حبان (4177). والبيهقي (7/468).
قال المناوي -رحمه الله تعالى-: "ولهذا كان على الغاية القصوى من حسن الخلق معهن، وكان يداعبهن ويباسطهن... "وأنا خيركم لأهلي" أي برا ونفعا لهم، ديناً ودنيا، أي فتابعوني، ما آمركم بشيء إلا وأنا أفعله" ا.هـ فيض القدير (3/496).
الحادي عشر: عن جَابِرٍ -رضي الله عنه- قال: نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه. رواه مسلم (2116).(55/579)
قال النَّوَوِيّ -رحمه الله تعالى-: "وأما الضرب في الوجه، فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم، من الآدمي، والحمير، والخيل، والإبل، والبغال، والغنم، وغيرها، لكنه في الآدمي أشد، لأنه مجمع المحاسن، مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب، وربما شانه وربما آذى بعض الحواس" ا.هـ شرح النووي على صحيح مسلم (14/97)، وانظر عمدة القاري (21/140)، التيسر بشرح الجامع الصغير (2/470)، نيل الأوطار (8/250)،عون المعبود (7/167).
وعن معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه- قال: كانت لي جارية ترعى غنمًا لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت : يا رسول الله أفلا أعتقها قال: "ائْتِنِي بها". فأتيته بها فقال لها: "أَيْنَ الله؟" قالت: في السماء قال: "مَنْ أَنَا؟". قالت: أنت رسول اللَّه. قال: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". رواه مسلم (537).
الثاني عشر: عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وكان بيده سواك، فدعا وصيفة له أو لها، حتى استبان الغضب في وجهه، وخرجت أم سلمة إلى الحجرات، فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة، فقالت: ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا خشية القود، لأوجعتك بهذا السواك". رواه أبو يعلى (6944) والبخاري في الأدب (184)، وقال المنذري: "رواه أبو يعلي بأسانيد أحدها جيد" ا.هـ الترغيب والترهيب (3/153)ن وضعيف الترغيب والترهيب (2/98)، رقم (1379). وقال الهيثمي: "وإسناده جيد عند أبي يعلى والطبراني" ا.هـ مجمع الزوائد (10/353).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ضرب سوطا ظلما اقتص منه يوم القيامة". رواه البزار والطبراني في الأوسط (1445) وإسنادهما حسن. مجمع الزوائد (10/353).
وبعد هذه الجولة في تلك الآيات والأحاديث المباركة، وما هي إلا فيض من غيض يتبين معنى الآية ويظهر لنا ما يلي:
أولا: وجوب معاشرة كل واحد من الزوجين الآخر بالمعروف.
ثانيا: أن القوامة بيد الرجل، ومما يدخل في القوامة تقويم سلوك الزوجة، متى أساءت أو نشزت بترفعها عليه، أو غلظتها معه، أو معصيته بما يجب عليها له، فيُقوِّمها بالنصح أولا، وذلك بتذكيرها بحرمة النشوز، ووجوب طاعتها له في غير معصية، مع ذكر الأدلة على ذلك، كحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عليها، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حتى تُصْبِحَ". رواه البخاري (3065).
فإن لم يُجْدِ ذلك هجر فراشها أو الحديث معها في البيت، ولا يتعدى ذلك خارج البيت، لحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أَن تُطْعِمَهَا إذ طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ، أو اكْتَسَبْتَ ولا تَضْرِب الْوَجْهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في الْبَيْتِ" رواه(55/580)
أحمد (20036) وأبو داود (2142) والنسائي في الكبرى (11431)، وحسنه النووي في رياض الصالحين (277).
ومدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام لحديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَن يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ". رواه البخاري (5718) ومسلم (2559).
فإن لم ينفع ذلك معها، جاز له ضربها ضربا غير مبرح بسواك، أو بمنديل ملفوف، لا بسوط، ولا بعصى، أو نحوه -والسواك كما لا يخفى دقيق، وقصير، طوله غالبا طول القلم- (كشاف القناع 5/210) عن عطاء قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: السواك، وشبهه يضربها به. رواه ابن جرير (5/68)، وانظر الدر المنثور (2/523)
ويحرم عليه ضرب الوجه والمقاتل (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء:34] قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وقوله تعالى: (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا) أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله له منها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها، وقوله (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن " ا.هـ تفسير ابن كثير (1/493).
فإن تلف من الزوجة شيء بسبب الضرب، ضمن ما وقع منه لتبين أنه إتلاف لا إصلاح. شرح زيد بن رسلان (1/259).
ثالثا: يحرم على الزوج ضرب زوجته ظلما بلا سبب، ولو كان الضرب يسيرا، فالظلم ظلمات يوم القيامة، قال ابن جرير -رحمه الله تعالى-: "إنه غير جائز لأحد ضرب أحد من الناس ولا أذاه إلا بالحق، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب:58] سواء كان المضروب امرأة وضاربها زوجها، أو كان مملوكا، أو مملوكة، وضاربه مولاه، أو كان صغيرا وضاربه والده، أو وصي والده وصاه عليه " ا.هـ تهذيب الآثار مسند عمر بن الخطاب (1/418).
وقال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة:231]، فقد نهى الزوج عن الإضرار بمطلقته فكيف بزوجته.
رابعا: أن يقصد الزوج من ذلك تأديبها، وتقويمها، لا التشفي والانتقام منها.
خامسا: أنه لا يحل له ضربها أكثر من عشر ضربات بحال من الأحوال، لحديث أبي بردة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إلا في حَدٍّ من حُدُودِ اللَّهِ" رواه البخاري (6458) ومسلم (1708).
سادسا: أن التأديب متى ما كان في الحدود المشروعة آتى أُكُله، ولا يصح تسميته "عنفا أسريا"، أما لو تجاوز الحدود الشرعية فهو محرم شرعا، وسمِّه ما شئت بعد ذلك "عنفا أسريا"، أو غير ذلك.(55/581)
سابعا: أن الترفع عن الضرب أفضل وأكمل، إبقاءً للمودة. الفروع (5/258)، المبدع (7/215)، كشاف القناع (5/210).
حتى مع وجود الداعي له، لحال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما ضرب خادما، ولا امرأة. قال شريح -رحمه الله تعالى-:
رأيت رجالا يضربون نساءهم *** فشلَّت يميني حين أضرب زينبا
وزينب شمس والنساء كواكب *** إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا
تاريخ دمشق (23/52)، سير أعلام النبلاء(4/106)، الطبقات الكبرى (6/143).
ثامنا: أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته إن استدعى الأمر ذلك أمام أطفالها، أو غيرهم، لكون ذلك زيادة في التأديب، لم يأذن بها الشارع، وتنجم عن ذلك أمور لا تحمد عقباها.
تاسعا: أرى أنه لا يحل للرجل أن يضرب زوجته في حال الغضب، ولو مع وجود ما يستدعي ضربها، لكونه والحال هذه سيتجاوز الحد المأذون به.
فإن امتثل الزوج ذلك فإنه لا يسأل عن ضربه زوجته، ويحمل عليه حديث عمر -رضي الله عنه-إن صح- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته" رواه أبو داود (2147) والنسائي في الكبرى (9168) وابن ماجه (1986)، وهو حديث ضعيف، قال ابن المديني -رحمه الله تعالى-: "فإن إسناده مجهول رواه رجل من أهل الكوفة يقال له داود بن عبد الله الأودي، لا أعلم أحدا روى عنه شيئا غير عبد الرحمن المسلي، وهو عندي أبو وبرة المسلي" ا.هـ العلل لابن المديني (1/93).
أما إذا تعسف الزوج وتجاوز حده في التأديب، فإنه يقتص منه لزوجته، بلا خلاف أعلمه.
ومع الأسف فإن العنف الأسري ليس قاصرا على الزوج بل امتد ليصدر من الزوجة ضد زوجها، وليس بالقليل، فقد سمعت المحامي الكويتي خالد العبد الجليل يقول: إن دراسة في الكويت تثبت أن عشرين في المائة من الزوجات يضربن أزواجهن ضربا مبرحا!!
وهذا غيض من فيض، وإلا فالموضوع بحاجة إلى تحرير وإيضاح، وتفصيل، ومناقشة الشبه التي يطرحها بعض المغرضين.
وأخيرا: يجب على المسلم التأدب مع كلام الله تعالى، فلا يليق بمسلم أن يعترض على حكم من الأحكام التي أذن الله تعالى بها، وهو الحكيم العليم بمثل هذه الشبه الباردة، وبمثل هذا الكلام الذي يتكلم به كثير ممن لا خلاق لهم، بل الواجب على كل مسلم ومسلمة التسليم المطلق لما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب:36] وقال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65]. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
متى تكون الزوجة ناشزاً؟!(55/582)
المجيب هاني بن عبدالله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 10/05/1427هـ
السؤال
متى تعد المرأة ناشزاً؟ وهل يمنع عنها المصروف؟ وهل تجب على الزوج نفقة أولاده منها؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فتكون المرأة ناشزا إذا عصت زوجها فيما يجب عليها أن تطيعه فيه.
مثل أن تمتنع عن مباشرته لها، أو تسافر من غير إذنه، أو ترفض السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه، أو تخرج عن بيت الزوجيّة بغير إذنه ولا تعود.
وفي حال النشوز تسقط نفقتها فلا يجب على الزوج أن ينفق عليها.
ولو أنفق عليها حال نشوزها فهذا منه تطوع.
وأما الأولاد فيلزم الأب أن ينفق عليهم سواء كانت أمهم ناشزًا أو لا، وسواء كانوا في حضانته أو في حضانة والدتهم، ما دام قادراً على الإنفاق عليهم قال تعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233].
وأحسن أحوال المسلم أن يسعى لحل الخلافات بالصلح والإقناع، أو بالمفارقة مع رعاية الأولاد، والله الموفق.
أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص655-658
قرار هيئة كبار العلماء
رقم(26) وتاريخ 21/8/1394هـ
النشوز وأحكامه
هيئة كبار العلماء 22/8/1426
26/09/2005
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فبناء على ما تقرر في الدورة الرابعة لهيئة كبار العلماء من اختيار موضوع النشوز ليكون من جملة الموضوعات التي تعد فيها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحوثاً- أعدت في ذلك بحثاً، وعرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الخامسة المنعقدة بمدينة الطائف فيما بين الخامس من شهر شعبان عام 1394هـ والثاني والعشرين منه.
وبعد اطلاع المجلس على ما أعد من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها، وبعد تداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالإجماع مايلي:
أن يبدأ القاضي بنصح الزوجة، وترغيبها في الانقياد لزوجها، وطاعته، وتخويفها من إثم النشوز وعقوبته، وأنها إن أصرت فلا نفقة لها عليه، ولا كسوة، ولا سكنى، ونحو ذلك من الأمور التي يرى أنها تكون دافعة للزوجة إلى العودة لزوجها، ورادعة لها من الاستمرار في نشوزها، فإن استمرت على نفرتها وعدم الاستجابة(55/583)
عرض عليهما الصلح، فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها، وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد، ولعل الخير في غيرها ونحو ذلك مما يدفع الزوج إلى مفارقتها، فإن أصر على إمساكها وامتنع من مفارقتها، واستمر الشقاق بينهما- بعث القاضي حكمين عدلين ممن يعرف حالة الزوجين من أهلهما حيث أمكن ذلك، فإن لم يتيسر فمن غير أهلهما ممن يصلح لهذا الشأن، فإن تيسر الصلح بين الزوجين على أيديهما فبها، وإلا أفهم القاضي الزوج أنه يجب عليه مخالعتها، على أن تسلمه الزوجة ما أصدقها، فإن أبى أن يطلق حكم القاضي بما رآه الحكمان من التفريق بعوض أو بغير عوض، فإن لم يتفق الحكمان، أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين-نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً بعوض أو بغير عوض.
والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى:
أما الكتاب:فقوله تعالى:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروف إصلاح بين الناس"(1)، ويدخل في هذا العموم الزوجان في حالة النشوز، والقاضي إذا تولى النظر في دعواهما.وقوله تعالى:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن"الآية(2)، والوعظ كما يكون من الزوج لزوجته الناشز يكون من القاضي؛ لما فيه من تحقيق المصلحة. وقوله تعالى:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير"(3)، فكما أن الإصلاح مشروع إذا كان النشوز من الزوج، فهو مشروع إذا كان من الزوجة أو منهما.
وقوله تعالى:"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"الآية(4)، وهذه الآية عامة في مشروعية الأخذ بما يريانه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض. وقوله تعالى:"ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئاً إلآ أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به"(5).
وأما السنة: فما روى البخاري في [الصحيح]عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسو الله-صلى الله عليه وسلم-:"أفتردين عليه حديقته؟"قالت :نعم، فردت عليه، فأمره ففارقها.
وقوله-صلى الله عليه وسلم-:لا ضرر ولا ضرار"فهذا يدل بعمومه على مشروعية الخلع عند عدم الوئام بين الزوجين وخشية الضرر.
وأما الأثر:فما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما، وقال: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا، ورواه النسائي أيضاً.
وما رواه الدار قطني من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة قال: جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم، فبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وقال للحكمين:هل تدريان ما عليكما؟عليكما إن رأيتما أن تجمعا فاجمعا،(55/584)
وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي: (كذبت والله لا تبرح حتى تقر بمثل الذي أقرت به).
ورواه النسائي في السنن[السنن الكبرى] ورواه الشافعي والبيهقي، وقال ابن حجر:إسناده صحيح.
وما أخرجه الطبري في[تفسيره]عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال:(فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا، أو يجمعا فأمرهما جائز).
وأما المعنى: فإن بقاءها ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً؛لأنه ينافي المودة، والإخاء، وما أمر الله من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، مع ما يترتب على الإمساك من المضار والمفاسد والظلم والإثم، وما ينشأ عنه من القطيعة بين الأسر، وتوليد العداوة والبغضاء.
وصلى الله وسلم على محمد، وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة الخامسة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد الرزاق عفيفي
عبد الله خياط
عبد الله بن حميد
عبد العزيز بن صالح
عبد المجيد حسن
محمد الحركان
سليمان بن عبيد
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
راشد بن خنين
عبد الله بن غديان
محمد بن جبير
عبد الله بن منيع
صالح بن لحيدان
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة لا يبطل عقد النكاح
س - هل ضرب الزوجة يبطل عقد النكاح ؟
ج- لا يبطله ولكنه ممنوع ضربها بغير سبب ، أما إذا كان هناك سبب وهو خوف النشوز فالله - تعالى - يقول " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن " . يقول العلماء أي ضربا غير مبرح ، أي غير شديد ، ضرب تأديب ، فإذا ضربها والحال هذه فالنكاح باق لا يبطل لأنها أتت بسببه وهو النشوز .(55/585)
الشيخ ابن جبرين
ـــــــــــــــــــ
نشوز المرأة
س - يقول الله - تعالى - في محكم تنزيله " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير " .
السؤال هو هل يقع النشوز من قبل الزوجة ؟ وما هو الحكم إذا أعرضت الزوجة عن زوجها بنفس الأسباب التي تدعو الرجل بالنشوز عن زوجته ؟
ج- قد يقع النشوز من المرأة لأسباب تدعوها إلى ذلك ، وقد بين الله حكم ذلك في كتابه العظيم حيث قال - سبحانه - في سورة النساء " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً " .
الشيخ ابن باز
ـــــــــــــــــــ
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 20 / ص 8)
القسم - النشوز
الفتوى رقم ( 21418 )
س: إنني متزوج امرأتين، وعندي أولاد وبنات من كل واحدة ولله الحمد، فأرغب إعطاء إحداهن بيتا حيث هي من دولة أجنبية، علما أنها أخذت الجنسية السعودية، وليس لها
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 375)
قريب في المملكة، فهل أستطيع أن أسجل لها بيتا باسمها؟ أفيدوني رعاكم الله وأثابكم، آمين.
ج: الواجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه وزوجاته فيما يستطيعه، أما ما لا يستطيعه فليس العدل بواجب عليه، وإعطاء إحدى الزوجتين بيتا دون الأخرى مما يستطيعه الزوج، فلا يجوز له ذلك، ولم يذكر في السؤال مبرر شرعي يسوغ ذلك، والأصل في ذلك: قوله -صلى الله عليه وسلم-: أحمد 6 / 144، وأبو داود 2 / 601 برقم (2134)، والترمذي 3 / 446 برقم (1140)، والنسائي 7 / 64 برقم (3943)، وابن ماجه 1 / 633 برقم (1971)، والدارمي 2 / 144، وابن أبي شيبة 4 / 386- 387، والحاكم 2 / 187، وابن حبان 10 / 5 برقم (4205)، والطبري في التفسير 9 / 289 برقم (10657) (ت: شاكر)، والبيهقي 7 / 298. اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك رواه الخمسة إلا أحمد . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
الفتوى رقم ( 8736 )(55/586)
س: إنني قد زوجت ابنتي لشخص قريب لي، وعاشرها ما يقارب الأربعة أشهر، وبعدها جاءت إلى بيتي وبقيت حوالي ثمانية أشهر ولم يراجعها، وفي إحدى الليالي حضر زوجها وأنا كنت غائبا عن البيت، وحصل بينهم كلام ثم انقض عليها بالضرب والخنق، وقد أنقذها أفراد الأسرة الموجودون معها في البيت
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 376)
-نسائي وأولادي- وذهب بليلته، وفي اليوم الثاني حضرت وأخبروني بما حصل، وقد تجاهلت الموضوع، ولكنه لم يراجعها لمدة ثلاث سنوات، وفي 10 / 3 / 1405هـ حضر زوجها المذكور وقد طلب مني إرجاعها إليه، وإنني لم أمانع في ذلك، قلت له اتفق مع زوجتك ولا مانع لدي، وقد طلبت منه زوجته أن يشتري لها بعض الحلي الذهبية ومبلغا من المال، وأن يحضر لها بيتا شرعيا، ووافق على ذلك، وفي 27 / 3 / 1405 هـ حضر وأحضر كما طلبت زوجته ما عدا البيت الشرعي، وقد سلمها بيدها الذهب وعشرة آلاف ريال، وفي اليوم الثاني عاد إلى البيت في غيابي واسترجع ما دفعه لزوجته بالأمس من فلوس وذهب، وأنا لا أسعى بالفرقة بينهم، وقد قمت بسابق الأمر بمحاولة الوفاق بينهم، وسأقوم في المستقبل بذلك.
وسؤالي الآن هو: هل هي تحل له بعد اعتدائه عليها بالضرب والخنق كزوجة له، وكذلك هجره لها ثلاث سنوات متتالية وقد أنجبت منه بنتا لا كسوة ولا مصروف ولا أي حاجة أخرى، وهل ما دفعه لها بالأمس واسترجعه اليوم من حلاله؟ هل هو يعتبر أو لا حلاله؟ علما بأن المذكور ليس له مهر، بل زوجته وشاركته بتجهيز أموره المنزلية، ولم أطلب منه ريالا واحدا.
أطلب من فضيلتكم الرد على ما ذكرت.
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 377)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت، فليصلح بين الزوجين جماعة من أهله وجماعة من أهلها، فإن وفق الله بينهما واصطلحا وتراضيا فالحمد لله، وإلا فمرجعهما المحكمة، فهي التي تفصل بينهما وتعطي كل ذي حق حقه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 14594 )
س4: رجل يشتكي من نفور زوجته من الفراش من قديم، وله منها ثلاثة أطفال، وزاد الأمر في الآونة الأخيرة أكثر، فإذا اقترب منها تقول له: إني مريضة، أو متعبة، وتتعذر بأعذار مستمرة، وهو صابر ويذكرها دائما بالرغم بأنها خريجة من الجامعة ومعلمة، وتطالبه بخادمة، وطلباتها مستمرة، وإذا احتاج لزوجته ولم توافق أنزل على فراشه خشية على نفسه الزنى، فهل يجوز له الزواج بثانية أم لا؟ وما نصيحتكم؟ وما حكم إنزاله؟(55/587)
ج 4: الزواج بثانية لم يكن حراما أو مكروها، وإذا وجد الإنسان من نفسه القدرة المالية والبدنية على الزواج بثانية شرع له
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 378)
ذلك، مع العدل بينهما، وعليه أن ينصح زوجته وتذكيرها بالله، وعظم حق زوجها عليها، ووجوب طاعته بالمعروف، وعليه أيضا الرفق معها، وبحث أسباب نفورها، وعليه التوبة من الاستمناء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الفتوى الثاني من الفتوى رقم ( 15920 )
س2: ما حقيقة النشوز؟ وهل يكون من الطرفين معا أم من الزوجة فقط؟
ج2: النشوز: هو امتناع أحد الزوجين من القيام بحق الآخر، فيكون من الزوجين، قال تعالى: سورة النساء الآية 128 وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وذلك بأن تتنازل المرأة عن شيء من حقها حتى لا يطلقها، كما فعلت سودة رضي الله عنها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة رضي الله
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 379)
عنها في قوله تعالى: سورة النساء الآية 128 وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا قالت: صحيح البخاري النكاح (4910),صحيح مسلم التفسير (3021),سنن أبو داود النكاح (2135). هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري، وأنت في حل من النفقة علي والقسم لي. فذلك قوله تعالى: سورة النساء الآية 128 فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وفي رواية قالت: البخاري 6 / 153، ومسلم 4 / 2316 برقم (3021)، وابن جرير في (التفسير) 9 / 270، 271 برقم (10584- 10586)، ت: شاكر، والنسائي في (الكبرى) 6 / 329 برقم (11125)، وابن أبي شيبة 4 / 202- 203 البيهقي 7 / 296. هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرا أو غيره فيريد فراقها، فتقول: أمسكني واقسم لي ما شئت. قالت: فلا بأس إذا تراضيا متفق عليه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 380)
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 516 )(55/588)
س1: زوج ابنته برجل كان يجهل حاله، ثم تبين له أنه يشرب الخمر ولا يبالي بالأحكام الشرعية، ويسأل هل له أن يستعيد ابنته منه؟
ج1: إذا كان الأمر كما ذكره السائل من أنه زوج ابنته برجل كان يجهل حاله، ثم تبين له أنه يشرب الخمر ولا يبالي بالأحكام الشرعية، فلا يخلو حال هذا الرجل من أمرين: إما أن يكون تهاون بالأحكام الشرعية على سبيل الاستخفاف بها وعدم الإيمان بمشروعيتها، فهذا والعياذ بالله كافر، ويفسخ عقد زوجته منه بكفره وارتداده، ويكون ذلك عن طريق الحاكم الشرعي، وأما إن كان شربه الخمر وتهاونه بالأحكام الشرعية على سبيل التساهل مع إيمانه بمشروعيتها فهذا فاسق لا يخرج به فسقه عن ملة الإسلام، والفسق يعتبر عيبا شرعيا يعطي المرأة حق المطالبة بفسخ الزوجية ممن ثبت اتصافه به وأصر عليه، ويكون ذلك عن طريق الحاكم الشرعي. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 381)
الفتوى رقم ( 4852 )
س: هذا رجل له زوجة معه منذ 17 سنة، وما هناك نزاع أكثرها بأحسن عشرة، ومنذ ثلاث سنوات وهذه الرابعة دب الخلاف، تدعي أنه بغير اختيارها، وكل عام من حدوث هذا الخلاف تزداد، وهذا العام بأشد، وتعالج ولم يجد شيئا لكنه رأى في المنام مرة كأنه يخيل إليه فراقها، والمرة الثانية زوجها متكئ على جدار، وهي بجانب رجل يعرفه كأنه تزوجها، ويخيل إليه الاستنكار من كشفها له، أي: زوجها، وهي عند هذا الرجل لباس عادي كالمرأة مع زوجها، وبسرعة قام هذا الرجل وذهب وهي مثل. فما ترى ذلك والله حسبنا ونعم الوكيل؟
ج: عليه أن يجتهد في حسن عشرة زوجته، وعليها أيضا أن تجتهد في حسن عشرة زوجها، وأن يوسطا بينهما من أقاربه وأقاربها من ينصحون لهما، ويعظونهما ويصلحون من شأنهما، عسى الله أن يزيل ما بينهما من خلاف. أما رؤياه في المنام المرة الأولى، أنه يخيل إليه فراقها فلا أثر له في الحياة الزوجية، ولا يعتبر طلاقا، وكذا ما رآه في منامه المرة الثانية من أنها كشفت لرجل كما تكشف المرأة لزوجها لا يعول عليه؛ لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم ولا تثبت بها جريمة.
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 382)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 8420 )(55/589)
س1: رجل كان متزوجا مدة عشرين سنة أو أكثر، ولكن بعد ذلك تزوج مرة ثانية، وبعد زواجه طلق زوجته الأولى، ولكنه بعد ثلاثة أشهر ذهبت زوجته الثانية فأرجع الأولى إلى ذمته، ولكنه لا يتكلم معها رغم أنها على ذمته، يدخل البيت ويأكل مما تقدم له من الطعام والشراب، ولكنه لا يتكلم معها أو يحدثها، ومضى على هذه الحالة سنة كاملة، وحاول أصحاب الحلال التوفيق بينهما، ولكنه كان يرفض باستمرار، ما حكم الشرع في هذا الشيء؟
ج1: وردت الأدلة الشرعية بحسن المعاشرة بين الزوجين، فيجب على الزوج أن يمسك بزوجته بمعروف وإحسان، ويحرم عليه أن يمسكها إضرارا وإلحاقا للأذى بها، كما أنه يجوز للمرأة إذا كرهت زوجها لسوء معاشرته أن تطلب فراقه، ولو كان من قبل الحاكم الشرعي.
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 383)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم ( 9842 )
س4: هنالك أهل زوجة يقومون بتخبيب الزوجة على زوجها، ومنعها من زوجها بالضغوط وبالتهديد ويطلبون الطلاق، ما حكم الشرع بمثل هؤلاء في هذا الزمان؟ أفتونا مأجورين.
ج 4: يحرم تخبيب المرأة على زوجها؛ لورود الأدلة بالنهي عن ذلك، ومرتكب ذلك آثم وفاسق بفعله المنكر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الفتوى رقم ( 10726 )
س: ما حكم الزوجة التي تمنع زوجها حقوقه - يعني إذا أراد الزوج أن يجامع زوجته والزوجة ما ترغب وتمنع زوجها من ذلك مع كونها صحيحة ليس عندها أي عذر؟ وما حكم الذي يسيء ويخل العلاقات بين الزوج والزوجة، وهو من أقرباء
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 384)
الزوجة؟
ج: أولا: يجب على الزوجة الاستجابة إذا دعاها زوجها إلى فراشه، ويحرم عليها الامتناع إلا بعذر شرعي، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صحيح البخاري بدء الخلق (3065),صحيح مسلم النكاح (1436),سنن أبو داود النكاح (2141),مسند أحمد بن حنبل (2/439),سنن الدارمي النكاح (2228). إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه(55/590)
فلم تأته فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح وفي رواية: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صحيح البخاري بدء الخلق (3065),صحيح مسلم النكاح (1736),سنن أبو داود النكاح (2141),مسند أحمد بن حنبل (2/439),سنن الدارمي النكاح (2228). والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها وفي رواية: صحيح البخاري بدء الخلق (3065),صحيح مسلم النكاح (1436),سنن أبو داود النكاح (2141),مسند أحمد بن حنبل (2/519),سنن الدارمي النكاح (2228). إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح . ثانيا: يحرم إفساد المرأة على زوجها وتخبيبها عليه، سواء كان المخبب من الأقارب أو غيرهم، فقد أخرج النسائي وأبو داود وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أحمد 2 / 379، وأبو داود 2 / 630، 5 / 365- 366 برقم (2175، 5170)، وابن حبان 2 / 327-328، 12 / 370 برقم (568، 5560) والحاكم 2 / 196، والبيهقي في (السنن) 8 / 13، وفي (الآداب) ص 34 برقم (73)، والخطيب في (تاريخ بغداد) 11 / 124. ليس منا من خبب
امرأة على زوجها أو عبدا على سيده واللفظ لأبي داود وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الفتوى الثاني من الفتوى رقم ( 15920 )
س2: ما حقيقة النشوز؟ وهل يكون من الطرفين معا أم من الزوجة فقط؟
ج2: النشوز: هو امتناع أحد الزوجين من القيام بحق الآخر، فيكون من الزوجين، قال تعالى: سورة النساء الآية 128 وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وذلك بأن تتنازل المرأة عن شيء من حقها حتى لا يطلقها، كما فعلت سودة رضي الله عنها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن عائشة رضي الله
(الجزء رقم : 19، الصفحة رقم: 379)
عنها في قوله تعالى: سورة النساء الآية 128 وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا قالت: صحيح البخاري النكاح (4910),صحيح مسلم التفسير (3021),سنن أبو داود النكاح (2135). هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري، وأنت في حل من النفقة علي والقسم لي. فذلك قوله تعالى: سورة النساء الآية 128 فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وفي رواية قالت: البخاري 6 / 153، ومسلم 4 / 2316 برقم (3021)، وابن جرير في (التفسير) 9 / 270، 271 برقم (10584- 10586)، ت: شاكر، والنسائي في (الكبرى) 6 / 329 برقم (11125)، وابن أبي شيبة 4 / 202- 203 البيهقي 7 / 296. هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرا أو غيره فيريد فراقها، فتقول: أمسكني واقسم لي ما شئت.(55/591)
قالت: فلا بأس إذا تراضيا متفق عليه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـــــــــــــــــــ
علاج الشقاق بين الزوجين ... العنوان
هل يجوز للزوجة إذا أرادت الطلاق - نتيجة الإيذاء البالغ من زوجها- أن تذهب إلى بيت أهلها أم يجب عليها المكوث مع زوجها رغم ما تعانيه منه ... السؤال
19/08/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله محمد
الشقاق بين الزوجين شيء مقيت وكريه وغير مرغوب فيه شرعًا لأنه يقوض دعائم الأسرة ويزعزع استقرارها ويعرض الحياة الزوجية للخطر والانتهاء؛فكيف عالجت الشريعة الإسلامية موضوع الشقاق بين الزوجين وهل اكتفت بما شرعته الآية الكريمة في قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرا" أم أن الشريعة الإسلامية ذهبت في علاج الشقاق إلى مدى أبعد؟
والجواب: إن الشريعة الإسلامية عالجت الشقاق قبل وقوعه بمعالجة أسبابه والقضاء عليها.
فمن أسبابه. تعدى كل من الزوجين على حقوق الآخر. أو كراهة أحدهما للآخر. أو تشدد المرأة في استيفاء كامل حقوقها من الزوج دون مراعاة ما قد يطرأ على نفسه من تغيرات.
سبل الوقاية من الشقاق:
أولاً: تعريف الزوجين بحقوقهما:
بينت الشريعة الإسلامية أن الحقوق بين الزوجين متقابلة وعلى كل طرف أن يراعي حقوق الطرف الآخر.
قال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" [البقرة: 2280] فلا يجوز لكل منهما التأكيد على حقوقه فقط ومطالبة الآخر بإيفائها له كاملة غير منقوصة وعدم التفريط بها ولكنه يهمل حقوق صاحبه ولا يهتم بها ولا يقوم بها ولا شك أن هذا الصنع من الزوجين يساعد على بذر الشقاق بينهما.
قال تعالى: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صلحًا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا". وفي تفسير هذه الآية: فإذا خشيت المرأة أن تصبح(55/592)
مجفوة وأن تؤدي هذه الجفوة إلى الطلاق – وهو أبغض الحلال- أو إلى الإعراض الذي يتركها كالمعلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة.
فليس هناك حرج عليها ولا على زوجها أن تنازل له عن شيء من فرائضها المالية أو فرائضها الحيوية. كأن تترك له جزءًا أو كلاً من نفقتها الواجبة عليه أو أن تترك له قسمتها وليلتها إن كانت له زوجة أخرى يؤثرها.
وهذا كله يكون بكامل اختيارها وتقديرها لجميع ظروفها أن ذلك خير لها وأكرم من طلاقها. والله سبحانه وتعالى يعقب بأن الصلح إطلاقًا خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق.
"وإذا نشزت الزوجة بأن خرجت عن طاعته ولم تؤد حقوقه مما يؤدي إلى الخلاف والشقاق فعلى الزوج أن يسعى بجد ورغبة في إصلاح حال زوجته وله الحق في تأديبها وهو مستند في هذا الحق إلى أدلة منها:
قال تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرا".
فللزوج حق تأديب زوجته إذ قصرت في حق الله أو قصرت في حقوقه ووسائل التأديب هي: الوعظ، الهجر في المضاجع الضرب والدليل الشرعي لشروعية هذه الوسائل هي نص الآية. ويجب على الزوج التدرج في استعمال وسائل التأديب فيبدأ بوعظ زوجته فإن لم ينفع معها الوعظ تحول إلى الوسيلة الأخرى وهي هجرها فإن لم ينفع تحول إلى الضرب.
وبهذا التدرج قال المفسرون والفقهاء.
ومن أقوال المفسرين في التدرج في التأديب:
أولاً: قال الإمام الرازي في "تفسيره : "الذي يدل عليه نص الآية أنه تعالى ابدأ بالوعظ ثم ترقى منه إلى الهجران في المضاجع ثم ترقى منه إلى الضرب وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض الطريق الأخف وجب الاكتفاء به ولم يجز الأقدام على الطريق الأشق" (تفسير الرازي ج1 ص90).
ثانيًا: قال الإمام القرطبي في تفسيره "أحكام القرآن: أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولاً ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فالضرب فإنه هو الذي يصلحها له ويحملها على توفية حقه" (تفسير القرطبي "أحكام القرآن ج5 ص172" ومثله في تفسير الزمخشري ج1 ص507"
ومن أقوال الفقهاء في التدرج في التأديب:
أولاً: قال الأمام الخرقي الحنبلي: "وإذا ظهر منها ما يخاف نشوزها – أي معصية الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته – وعظها فإن أظهرت نشوزًا هجرها فإن اردعا وإلا فله أن يضربها ضربًا لا يكون مبرحًا" (المغني لابن قدامة الحنبلي ج7ص46).
ثانيًا: وقال الأمام علاء الدين الكاساني الحنفي وهو يعدد حقوق الزوج على زوجته: "ومنها ولاية التأديب للزوج إذا لم تطعه فيما يلزم طاعته بأن كانت ناشزة فله أن يؤدبها لكن على الترتيب فيعظها أولاً على الرفق واللين.. فلعلها تقبل الموعظة(55/593)
فتترك النشوز.. وإلا هجرها.. فإن تركت النشوز وإلا ضربها..) (البدائع ج2 ص334).
وبناء على كل ماسبق نقول للسائل إن الأفضل للزوجة ألا تبرح بيت الزوجية حتى تستنفذ كل طرق العلاج حتى إذا يئست من زوجهاومن إصلاحه فساعتهايجوز لها أن تترك بيتها وتذهب لتطلب الطلاق من زوجها والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
قص الشعر وطاعة الزوج ... العنوان
هل يجوز للمرأة أن تقص شعرها . وإذا كان جائزا فما هو القدر المسموح به . وهل يتوقف الجواز على رضا الزوج وعدم رضاه ... السؤال
03/07/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... :تقص بعض النساء شعورهن في الوقت الحاضر باعتبار أن هذا القص من نوع الزينة لشعورهن، أو يفعلن ذلك لوجود تجعد في شعورهن لا ينفع معه إلا تقصير الشعر بقص شيء من طوله، فيكون هذا القص بمثابة تزيين وتجميل للمرأة ولشعرها بالذات.
ويبدو لي أن هذا القص سواء كان بسبب التجعد في الشعر أو لغير هذا السبب، وإنما لمحض الزينة في نظر المرأة، هذا القص جائز –كما يبدو لي- لأنه لا يدخل في مفهوم حلق شعر رأس المرأة، وتقصير شعر المرأة للتحلل من الحج جائز، فإلحاق قص شعرها للزينة في حكم الجواز بقص شعر رأسها لتحلل من الحج أولى بحلق رأسها المحظور.
وللزوج حق الطاعة على زوجته و
وأساس هذا الحق هو ما للزوج من حق القوامية على المرأة إذ لا معنى لحق القوامية بدون حق الطاعة.
أدلة هذا الحق:
أولاً: قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء..) وقد جاء في تفسير هذه الآية: "وأن عليها –أي على الزوجة- طاعته وقبول أمره –أي طاعة الزوج وقبول أمره- ما لم تكن معصية".
ثانيًا: قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن الله كان عليًا كبيرًا). قال الإمام الكاساني في هذه الآية: "أمر الله تعالى بتأديبهن بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن، ونهى عن ذلك إذا أطعن أزواجهن. بقوله عز وجل: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) فدل أن التأديب كان لترك الطاعة، فدل على لزوم طاعتهن للأزواج.
ثالثًا: وقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، قال الرازي في تفسير هذه الآية: "إن الزوج كالأمير والراعي، والزوجة كالمأمور والرعية، فيجب على الزوج(55/594)
بسبب كونه أميرًا وراعيًا أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار الانقياد والطاعة للزوج.
والزوجة الصالحة هي التي تطيع زوجها، قال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات..). قال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: (فالصالحات قانتات) ما يأتي:
"واعلم أن المرأة لا تكون صالحة إلا إذا كانت مطيعة لزوجها؛ لأن الله تعالى قال: (فالصالحات قانتات) وحرف الألف واللام في الجمع يفيد الاستغراق، فهذا يقتضي أن كل امرأة تكون صالحة فهي لا بد أن تكون قانتة مطيعة. قال الواحدي رحمه الله: لفظ القنوت يفيد الطاعة، وهو عام في طاعة الله وطاعة الأزواج".
أما الطاعة في أمور الزينة:
فإذا هيأ الزوج لزوجته ما تتزين به من مواد لتجميل وجهها أو شعرها وغير ذلك ككحل ونحوه ، فإن على الزوجة أن تستعمل ذلك لزينتها إذا طلب زوجها ذلك منها.
ولكن إذا طلب الزوج من زوجته التزين بزينة محظورة شرعًا لم تطعه فيها، بل يجب عليها عصيانه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ومن أمثلة الزينة المحظورة إطالة الأظفار وصبغها بما يعرف بـ (صبغ الأظافر) وهو يمنع نفاذ الماء في الوضوء. وكذلك ما يخص وصل الشعر بغيره وما يحرم منه، لا يجوز أن تفعله وإن طلبه الزوج منها.
انتهى كلام الدكتور عبد الكريم زيدان
فقص الشعر حق مشترك بين الرجل وزوجته وعليهما أن يصلا إلى اتفاق يرضي الطرفين ولاسيماأنه في موضوع لا حرمة فيه
وليس هناك قدر معين في قص الشعر ، فالمنهي عنه حلق الرأس إلا لضرورة كمرض ونحوه، ويراعى في قص الشعر ألا يكون تشبها للرجال ،فإن كان تشبها للرجال حرم من جهة التشبه بهم لا من جهة القص نفسه إذ الفعل في نفسه غير محرم شرعا كما ظهر
ـــــــــــــــــــ
الطلاق...مفهومه وضوابطه ... العنوان
ما هو الطلاق؟
... السؤال
05/04/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
الزواج عهد وثيق ربط الله به بين رجل وامرأة، أصبح كل منهما يسمى بعده (زوجا) بعد أن كان (فردا) هو في العدد فرد، وفي ميزان الحقيقة (زوج) لأنه يمثل الآخر، ويحمل في حناياه آلامه وآماله معا.(55/595)
وقد صور القرآن الكريم مبلغ قوة هذا الرباط بين الزوجين فقال: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) سورة البقرة:187. وهو تعبير يوحي بمعاني الاندماج والستر والحماية والزينة يحققها كل منهما لصاحبه.
ولهذا كان على كل من الزوجين حقوق لصاحبه لا بد أن يرعاها، ولا يجوز له أن يفرط فيها. وهي حقوق متكافئة إلا فيما خصت الفطرة به الرجال كما قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) سورة البقرة:228. وهي درجة القوامة والمسؤولية.
وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ماحق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت".
فلا يحل للزوج المسلم أن يهمل النفقة على زوجته وكسوتها، وفي الحديث النبوي: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت".
ولا يحل له أن يضرب وجه زوجته لما فيه من إهانة لكرامة الإنسان ومن خطر على هذا العضو الذي يجمع محاسن الجسم.
وإذا جاز للمسلم عند الضرورة أن يؤدب زوجته الناشزة المتمردة فلا يجوز له أن يضربها ضربا مبرحا أو ضربا يصيب وجهها أو مقاتلها.
كما لا يحل للمسلم أن يقبح زوجته، بأن يؤذيها بلسانه، ويسمعها ما تكره ويقول لها: قبحك الله وما يشابهها من عبارات.
وفي حق الزوج على الزوجة قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره،
ولا تخرج وهو كاره،
ولا تطيع فيه أحدا،
ولا تعتزل فراشه،
ولا تضربه (إذا كانت أقوى منه جسدا) فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترتضيه، فإن قبل منها فبها نعمت وقبل الله عذرها، وأفلج (أي: أظهر) حجتها، وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها".
ويجب على المسلم أن يصبر على زوجته إذا رأى منها بعض ما لا يعجبه من تصرفها، ويعرف لها ضعفها بوصفها أنثى، فوق نقصها كإنسان، ويعرف لها حسناتها بجانب أخطائها، ومزاياها إلى جوار عيوبها. وفي الحديث: "لا يفرك -أي: لا يبغض- مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها غيره". وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) سورة النساء:19.
وكما أوجب الإسلام على الزوج الاحتمال والصبر على ما يكره من زوجته أمرت الزوجة هي الأخرى أن تعمل على استرضاء زوجها بما عندها من قدرة وسحر، وحذرها أن تبيت وزوجها غاضب.
وفي الحديث: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان (متخاصمان)".(55/596)
وبما أن الرجل هو سيد البيت ورب الأسرة، بحكم تكوينه واستعداده ووضعه في الحياة، وبذله للمهر، ووجوب النفقة عليه، فلا يحل للمرأة أن تخرج عن طاعته وتتمرد عن سلطانه، فتفسد الشركة، وتضطرب سفينة البيت أو تغرق ما دام لا ربان لها.
وإذا لاحظ الزوج على زوجته مظاهر النشوز والعصيان له، والترفع عليه، فعليه أن يحاول إصلاحها بكل ما يقدر عليه مبتدئا بالكلمة الطيبة والوعظ المؤثر والإرشاد الحكيم.
فإن لم تجد هذه الوسيلة هجرها في مضجعها، محاولا أن يستثير فيها غريزة الأنثى لعلها تنقاد له ويعود الصفاء.
فإن لم تجد هذه ولا تلك جرب التأديب باليد مجتنبا الضرب المبرح مبتعدا عن الوجه، وهو علاج يجدي في بعض النساء في بعض الأحوال بقدر معين. وليس معنى الضرب هنا أن يكون بسوط أو خشبة، وإنما هو من نوع ما قاله عليه السلام لخادم عنده أغضبته في عمل: "لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك".
وقد نفر عليه السلام من الضرب وقال: "علام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد ولعله أن يجامعها في آخر اليوم". وقال في شأن من يضربون نساءهم: "لا تجدون أولئك خياركم".
قال الإمام الحافظ ابن حجر: "وفي قوله صلى الله عليه وسلم: لن يضرب خياركم" دلالة على أن ضربهن مباح في الجملة، ومحل ذلك أن يضربها تأديبا إذا رأى منها ما يكره فيما يجب عليها فيه طاعته، فإن اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن العشرة، المطلوبة في الزوجية، إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله، وقد أخرج النسائي في الباب حديث عائشة: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له ولا خادما قط، ولا ضرب بيده شيئا قط إلا في سبيل الله أو تنتهك حرمات الله فينتقم الله".
فإن لم ينفع هذا كله، وخيف اتساع الشقة بينهما تدخل المجتمع الإسلامي وأهل الرأي والخير فيه يحاولون الإصلاح، فيبعثون حكما من أهله، وحكما من أهلها من أهل الخير والصلاح، عسى أن تصدق نيتهما في لم الشعث وإصلاح الفاسد فيوفق الله بينهما.
وفي هذا كله قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) سورة النساء:34،35.
وهنا -بعد أن فشلت تلك التجارب كلها، وخابت تلك الوسائل جميعا، يباح للزوج أن يلجأ إلى وسيلة أخيرة شرعها الإسلام، استجابة لنداء الواقع، وتلبية لداعي الضرورة، وحلا لمشكلات لا يحلها إلا الفراق بالمعروف.. تلك هي وسيلة (الطلاق).(55/597)
أجاز الإسلام اللجوء إلى هذه الوسيلة على كره، ولم يندب إليها ولا استحبها، بل قال عليه السلام: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".
"ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق". والتعبير بأنه حلال مبغوض إلى الله يشعر بأنه رخصة شرعت للضرورة، حين تسوء العشرة، وتستحكم النفرة بين الزوجين، ويتعذر عليهما أن يقيما حدود الله وحقوق الزوجية وقد قيل: إن لم يكن وفاق ففراق. وقال تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) سورة النساء:130.
الطلاق قبل الإسلام
وليس الإسلام هو الدين الفذ الذي أباح الطلاق، فقبل الإسلام كان الطلاق شائعا في العالم كله -إذا استثنينا أمة أو أمتين- وكان الرجل يغضب على المرأة فيطردها من داره محقا أو مبطلا، دون أن تملك المرأة له دفعا، أو تأخذ منه عوضا، أو تجد لنفسها عنده حقا.
ولما نبه ذكر الأمة اليونانية وازدهرت حضارتها كان الطلاق شائعا فيها بلا قيد ولا شرط.
وكان الطلاق لدى الرومانيين معتبرا من كيان الزواج نفسه، حتى إن القضاة كانوا يحكمون ببطلان الزواج إن اشترط كلا الطرفين عدم الطلاق فيه.
وكان الزواج الديني لدى الأجيال الأولى للرومانيين يحرم الطلاق، ولكنه في الوقت نفسه يمنح الزوج على امرأته سلطانا لا حد له. فيبيح له أن يقتلها في بعض الأحوال ثم رجعت ديانتهم فأباحت الطلاق كما كان مباحا أمام القانون المدني.
الطلاق في الديانة اليهودية
أما الديانة اليهودية، فقد حسنت من حالة الزوجة، ولكنها أباحت الطلاق وتوسعت في إباحته. وكان الزوج يجبر شرعا على أن يطلق امرأته إن ثبتت عليها جريمة الفسق، حتى ولو غفر لها تلك الجريمة، وكان القانون يجبره أيضا على أن يطلق امرأته إن لبثت معه عشر سنين ولم تأته بذرية.
الطلاق في الديانة المسيحية
والمسيحية هي الديانة التي شذت عما ذكرنا من ديانات، وخالفت الديانة اليهودية نفسها وأعلن الإنجيل المحرف على لسان المسيح تحريم الطلاق، وتحريم زواج المطلقين والمطلقات ففي إنجيل متى 5 :31،32: "قد قيل: من طلق امرأته فليدفع إليها كتاب طلاق. أما أنا فأقول لكم: من طلق امرأته إلا لعلة الزنى فقد جعلها زانية، ومن تزوج مطلقة فقد زنى. وفي إنجيل مرقس 10: 11،12: من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزني عليها. وإذا طلقت المرأة زوجها، وتزوجت بآخر، ارتكبت جريمة الزنى".
وقد علل الإنجيل هذا التحريم القاسي بأن "ما جمعه الله لا يصح أن يفرقه الإنسان".
وهذه الجملة صحيحة المعنى، ولكن جعلها علة لتحريم الطلاق هو الشيء الغريب فإن معنى أن الله جمع بين الزوجين؛ أنه أذن بهذا الزواج وشرعه، فصح أن ينسب الجمع إلى الله، وإن كان الإنسان هو المباشر لعقد الزواج. فإذا أذن الله في الطلاق وشرعه لأسباب ومسوغات تقتضيه، فإن التفريق حينئذ يكون من الله أيضا، وإن كان الإنسان هو الذي يباشر التفريق. وبهذا يتضح أن الإنسان لا يكون مفرقا ما(55/598)
جمعه الله، وإنما المجمع والمفرق هو الله جل شأنه، أليس الله هو الذي فرق بينهما بسبب الزنى؟ فلماذا لا يفرق بينهما بسبب آخر يوجب الفراق.
ورغم أن الإنجيل استثنى من تحريم الطلاق ما إذا كان السبب (علة الزنى) فإن أتباع المذهب الكاثوليكي يؤولون هذا الاستثناء، ويقولون: "ليس المعنى هنا أن للقاعدة شذوذا، أو أن هناك من القضايا ما يسمح فيه بالطلاق. فلا طلاق البتة في شريعة المسيح والكلام هنا (في قوله إلا لعلة الزنى) عن عقد فاسخ في ذاته، فليس له من شريعة العقد وصحته إلا الظواهر، إنه زنى ليس إلا. ففي هذه الحالة يحل للرجل، لا بل يجب عليه أن يترك المرأة".
أما أتباع المذهب البروتستانتي؛ فيجيزون الطلاق في أحوال معينة منها حالة زنى الزوجة وخيانتها لزوجها وبعض حالات أخرى زادوها على نص الإنجيل، ولكنهم وإن أجازوا الطلاق لهذا السبب أو ذاك، يحرمون على المطلق والمطلقة أن ينعما بحياة زوجية بعد ذلك.
وأتباع المذهب الأرثوذكسي قد أجازت مجامعهم الملية في مصر الطلاق إذا زنت الزوجة كما نص الإنجيل، وأجازوه لأسباب أخرى، منها العقم لمدة ثلاث سنين والمرض المعدي والخصام الطويل الذي لا يرجى فيه صلح. وهذه أسباب خارجة على ما في الإنجيل، ومن أجل ذلك أنكر المحافظون من رجال هذا المذهب اتجاه الآخرين إلى إباحة الطلاق لهذه الأسباب، كما أنكروا إباحة الزواج للمطلق أو المطلقة بحال من الأحوال. وعلى هذا الأساس رفضت إحدى المحاكم المصرية المسيحية دعوى زوجة مسيحية تطلب الطلاق من زوجها لأنه معسر، وقالت المحكمة في حكمها: "إنه من العجيب أن بعض القوامين على الدين من رجال الكنيسة وأعضاء المجلس الملي العام، قد سايروا التطور الزمني، فاستجابوا لرغبات ضعيفي الإيمان، فأباحوا الطلاق لأسباب لا سند لها من الإنجيل.. وحكم الشريعة المسيحية قاطع في أن الطلاق غير جائز إلا لعلة الزنى. وترتب على زواج أحد المطلقين بأنه زواج مدنس، بل هو الزنى بعينه".
ولقد كان من نتيجة هذا التزمت الغريب من المسيحية في أمر الطلاق، وإهدار الطبيعة الإنسانية والمقتضيات الحيوية التي توجب الانفصال في بعض الأحيان- كان من نتيجة ذلك تمرد المسيحيين على دينهم ومروقهم من وصايا أناجيلهم، كما يمرق السهم من الرمية. ولم يستطيعوا إلا أن "يفرقوا ما جمعه الله"! فاصطنع أهل الغرب المسيحي قوانين مدنية تبيح لهم الخروج من هذا السجن المؤبد، ولكن كثيرا منهم كالأمريكان أسرفوا وأطلقوا العنان في إباحة الطلاق -كأنهم يتحدون الإنجيل- وبذلك يوقعونه لأتفه الأسباب وأصبح عقلاؤهم يشكون من هذه الفوضى التي أصابت هذه الرابطة المقدسة، والتي تهدد الحياة الزوجية ونظام الأسرة بالانهيار، حتى أعلن أحد قضاة الطلاق المشهورين هناك، أن الحياة الزوجية ستزول من بلادهم وتحل محلها الإباحة والفوضى في العلاقة بين النساء والرجال في زمن قريب، وهي الآن كشركة تجارية ينقضها الشريكان لأوهى الأسباب، خلافا لهداية جميع الأديان، إذ لا دين ولا حب يربطهما، بل الشهوات والتنقل في وسائل المسرات.(55/599)
قيود الإسلام للحد من الطلاق
هذا وقد وضعت الشريعة الإسلامية الغراء قيودا عديدة في سبيل الطلاق حتى ينحصر في أضيق نطاق مستطاع.
فالطلاق بغير ضرورة تقتضيه، وبغير استنفاد الوسائل الأخرى التي ذكرناها طلاق محرم محظور في الإسلام؛ لأنه -كما قال بعض الفقهاء- ضرر بنفسه وبزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراما كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
وأما ما يصنعه الذواقون المطلاقون، فهذا شيء لا يحبه الله ولا رسوله، قال عليه السلام: "لا أحب الذواقين من الرجال والذواقات من النساء". وقال: "إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات".
وقال عبد الله بن عباس: إنما الطلاق عن وطر.
وإذا وجد الوطر والحاجة التي تسوغ الطلاق، فليس مباحا للمسلم أن يسارع إليه في أي وقت شاء، بل لا بد من تخير الوقت المناسب.
والوقت المناسب -كما حددته الشريعة- أن تكون المرأة طاهرا، ليس بها حيض ولا نفاس، وألا يكون قد جامعها في هذا الطهر خاصة، إلا إذا كانت حاملا قد استبان حملها.
ذلك أن حالة الحيض -ومثله النفاس- توجب اعتزال الزوج لزوجته، فربما كان حرمانه أو توتر أعصابه، هو الدافع إلى الطلاق، لهذا أمر أن ينتظر حين ينتهي الحيض ثم تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها.
ويحرم عليه أن يطلقها في وقت الحيض كما يحرم عليه أيضا أن يطلقها وهي طاهر بعد أن يكون قد اتصل بها، فمن يدري لعلها علقت منه في هذه المرة، ولعله لو علم بحملها لغير رأيه في فراقها، ورضي العشرة معها من أجل الجنين الذي في بطنها.
فإذا كانت طاهرا لم يمسسها، أو كانت حاملا قد استبان حملها، عرف أن الدافع له إلى الطلاق إنما هو النفرة المستحكمة، فلا حرج عليه حينئذ أن يطلقها. وفي (الصحيح) أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض، وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: "مره فليراجعها ثم إن شاء طلقها وهي طاهر قبل أن يمس، فذلك الطلاق للعدة، كما أمر الله تعالى في قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) أي مستقبلات عدتهن، وذلك في حالة الطهر".
وفي رواية: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا".
ولكن هل ينفذ الطلاق ويقع، أم لا يقع؟
المشهور أنه يقع ويكون المطلق آثما.
وقال طائفة من الفقهاء: لا يقع؛ لأنه طلاق لم يشرعه الله تعالى البتة، ولا أذن فيه فليس من شرعه؛ فكيف يقال بنفوذه وصحته؟
وقد روى أبو داود بسند صحيح أن ابن عمر سئل: "كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا؟ فقص على السائل قصته حين طلق وهي حائض، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها عليه ولم يرها شيئا".(55/600)
الحلف بالطلاق حرام
ولا يجوز للمسلم أن يجعل من الطلاق يمينا يحلف به على فعل هذا أو ترك ذاك، أو يهدد زوجته؛ إن فعلت كذا فهي طالق.
فإن لليمين في الإسلام صيغة خاصة لم يأذن في غيرها، وهي الحلف بالله تعالى؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله فقد أشرك". "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت".
المطلقة تبقى في بيت الزوجية مدة العدة
المطلقة في بيتها -أي بيت الزوجية- مدة والواجب في شريعة الإسلام أن تبقى العدة، ويحرم عليها أن تخرج من البيت، كما يحرم على الزوج أن يخرجها منه بغير حق، وذلك أن للزوج -طوال مدة العدة- أن يراجعها ويردها إلى حظيرة الزوجية مرة أخرى -إذا كان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني- وفي وجودها في البيت قريبا منه إثارة لعواطفه وتذكير له أن يفكر في الأمر مرة ومرة قبل أن يبلغ الكتاب أجله، وتنتهي أشهر العدة التي أمرت أن تتربصها استبراء للرحم، ورعاية ليحق الزوج وحرمة الزوجية، والقلوب تتغير، والأفكار تتجدد، والغاضب قد يرضى، والثائر قد يهدأ، والكاره قد يحب.
وفي ذلك يقول الله تعالى في شأن المطلقات: (واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) سورة الطلاق:1.
وإن كان لا بد من الفراق بين الزوجين، فالمطلوب منهما أن يكون بمعروف وإحسان بلا إيذاء ولا افتراء ولا إضاعة للحقوق. قال تعالى: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) الطلاق:2. وقال: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) البقرة:229. وقال: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين) سورة البقرة:241.
الطلاق مرة بعد مرة
وقد منح الإسلام للمسلم ثلاث تطليقات في ثلاث مرات، على أن يطلقها كل مرة في طهر لم يجامعها فيه طلقة واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، فإن بدا له أن يمسكها في العدة أمسكها، وإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها، أمكن أن يردها إليه بعقد جديد، وإن لم يكن له فيها غرض لم يضره أن تتزوج بزوج غيره.
فإن أعادها إلى عصمته بعد الطلقة الأولى، ثم حدث بينهما النفور والشقاق مرة ثانية وعجزت الوسائل الأخرى عن تصفية الجو بينهما، فله أن يطلقها للمرة الثانية -على الطريقة التي ذكرناها- وله أيضا أن يراجعها في العدة بغير عقد أو يعيدها بعد العدة بعقد جديد.
فإذا عاد فطلقها للمرة الثالثة كان هذا دليلا واضحا على أن النفرة بينهما مستحكمة، والوفاق بينهما غير مستطاع. لهذا لم يجز له بعد التطليقة الثالثة أن يردها إليه، ولا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره زواجا شرعيا صحيحا مقصودا لذاته لا لمجرد تحليلها للزوج الأول.(55/601)
ومن هذا نرى أن المسلم الذي يجمع هذه المرات الثلاث في مرة واحدة أو لفظة واحدة قد ضاد الله فيما شرعه، وانحرف عن صراط الإسلام المستقيم. وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟" حتى قام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله.
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وإذا طلق الزوج زوجته وبلغت الأجل المحدد لها -أي قاربت عدتها أن تنقضي- كان على الزوج أحد أمرين:
إما أن يمسكها بمعروف. ومعنى ذلك يرجعها بقصد الإحسان والإصلاح، لا بقصد المشاكسة والإضرار.
وإما أن يسرحها ويفارقها بمعروف، بأن يتركها حتى تنقضي عدتها ويتم الانفصال بينهما بلا تشويش ولا مضارة، ولا مشاحة فيما لأحدهما على الآخر من حقوق.
ولا يحل له أن يراجعها قبيل انقضاء عدتها منه، قاصدا إيذاءها بإطالة العدة عليها، وحرمانها من التزوج بغيره أطول مدة يستطيعها. وهكذا كان يفعل أهل الجاهلية.
وقد حرم الله هذه المضارة للمرأة في محكم كتابه، بأسلوب ترعد منه الصدور وتجل القلوب. قال تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف.. ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا.. ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ... ولا تتخذوا آيات الله هزوا ... واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به. واتقوا الله ... واعلموا أن الله بكل شيء عليم) سورة البقرة:231.
وبالتأمل في هذه الآية الكريمة نجدها قد اشتملت على سبع فقرات، فيها تحذير بعد تحذير، وتذكير يتلوه تذكير، ووعيد على إثر وعيد، وكفى بذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ـــــــــــــــــــ
الزوجة التى يزنى زوجها ... العنوان
ما حكم الزوجة المسلمة و زوجها زان و هي متمسكة به؟ هل بقائها معة حرام ؟ ماذا تفعل و عندها أولاد؟ ... السؤال
02/03/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... لا تحرجي - أيتها الأخت المسلمة - من التحدث مع زوجك ومناصحته في هذه الأمور ؛ فإن الحديث معه أنفع وأجدى وأجدر للحل ، عظيه وقولي له في نفسه قولا بليغا ، ذكّريه بعذاب الله وسخطه وعقابه ، خوّفيه من عذاب جهنم ، ذكّريه بالأمانة والمسئولية تجاه الأهل والأولاد : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، الرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته " .
ومن حقه عليك أن تخبريه أن ما يصنعه إثم ومعصية ، لعلّه أن يلين أو أن يتعظ ، وكرري ذلك معه بالحكمة وتقدير المصلحة ، فإن لم يجبكِ إلى ذلك فاستعيني بمن(55/602)
تظنين أن حديثه إليه ينفع ويجدي كأهل العلم والدين والصلاح أو أقاربه وأصدقائه ممن لهم سلطة عليه .
ثانياً :
حاولي إسماعه بعض الأشرطة المؤثرة من الخطب والمواعظ ودروس العلم بطريق مباشر أو غير مباشر ، وقدّمي له بعض الكتيبات الإسلامية ، لعل قلبه أن يلين إلى الحق .
ثالثاً :
فإن لم ينفعه هذا كله : فاجعلي بينك وبينه حَكَماً مِن أهله وحكماً مِن أهلك ممن تظنين أن تدخلَّهم يحسِّن العلاقة ويبعده عما هو فيه من الشر والإثم والضياع وممن يكونون من أهل الصلاح ، عملا بقوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً حكيماً ) ( النساء / 35 ) .
فإن أراد هذان الحكمان الإصلاح فنسأل الله تعالى أن يوفق بينكما على الخير والطاعة ، وأن يجمع بينكما بأحسن ما يجمع به بين زوجين .
رابعاً :
فإن لم يحكم الحكمان لكما بالوفاق التام فاعرضي عليه - إذا كنت تُطيقين الصّبر والتحمّل - الحلّ التالي :
أن يتزوّج بأخرى وتبقي أنت معه حتى بدون حقّ في الفراش بشرط أن يترك المعاصي وتبقي أنت مع أولادك ينفق عليكم ، ولا بأس بذلك لقوله تعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير ) ( سورة النساء / 128 ) .
ومن معاني الإصلاح هنا : أن تسامحه بالمبيت عندها مقابل أن يبقيها على عصمته .
قالت عائشة : لما كبرت سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لها بيوم سودة " . رواه البخاري ( 4914 ) ومسلم ( 1463 ) .
وسودة رضي الله عنها : إحدى نساء الرسول صلى اله عليه وسلم .
فإن لم يتم الوفاق بينكما حتى على هذا الحلّ أو ما يشابهه ولم تستطيعي الصّبر والتحمّل ، فإنّ التفكير بالطلاق والإقدام على طلبه ينبغي أن لا يكون إلا بعد التأكّد من أنّ مساوئ البقاء مع هذا الرّجل أكثر من مساوئ الإنفصال ، وفي هذه الحالة نأتي إلى قوله تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً ) ( سورة النساء/130 ) .
وصعوبة قضيّتك تحتّم عليك اللجوء إلى الله وطلب العون منه والتوفيق إلى اتّخاذ القرار الصحيح ، ونذكّرك مرّة أخرى بأنّ بذل النّصيحة لهذا الزوج ونصحه أمر واجب في كلّ الحالات والله يحفظك ويرعاك .
انتهى كلام الشيخ
ونقول للأخت السائلة بالإضافة للأمور السابقة ينبغى عليك أن تبحثى عن سبب انغماس الزوج فى هذه المعصية فربما لجأ الزوج إلى هذه الفاحشة لأنه لم يجد(55/603)
عندها ما وجده عند غيرها فعليها أن تتزين له وتتودد فى معاملته عسى أن يكون هذاصارفا له عما يقع فيه من الإثم
أما طلب الطلاق منه فقد أفتى الدكتور القرضاوى فى فتوى صوتية له بأن هذا ليس واجبا على الزوجة ومعنى هذا أن العيش مع هذا الزوج ليس حراماوبخاصة إذا كان لها أولاد منه ويجب عليهاأن تنصحه عسى الله أن يتوب عليه
ـــــــــــــــــــ
كيفية معالجة المشاكل الزوجية ... العنوان
أنا فتاة حديثة العهد بالزواج وكعادة الزواج الجديد أوله تفاؤل وأمل ثم ما يكاد يتحول إلى حرب أسرية، فقد نشبت بيني وبين زوجي المشاجرات المتلاحقة ؛ وتلاحقت فيما بننا المشاكل حتى وجدتني بعيدة عن زوجي ،ونحن الآن نقارب الثلاثة شهور من الهجر لم يحادثني ولم أحادثه ، ماذا أفعل ؟وكرامتي تمنعني أن أطلب منه أن يرجع إلى ؟
... السؤال
27/02/2000 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... إذا تزوجت المرأة أصبحت طاعة الزوج هي الأوجب، فالزوجة حينما تتزوج تصبح جزءًاً من حياة جديدة غير الحياة القديمة، فطاعة الزوج هي الواجبة والله تعالى يقول: (الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) ، لأن الله جعل الزواج وشيجة جديدة وهي المصاهرة (وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً) فلابد من هذه الرعاية، فطاعة الزوج أوجب ،وإذا هبت رياح الخلاف فينبغي أن ننظر من أين هبت ريح النزاع والشقاق هل هي من قبل الزوجة أم من قبل الزوج، أم قبل الاثنين معاً، إن كان من قبل الزوج تحاول الزوجة أن تصلحه (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير) وإذا هب الخلاف من ناحية الزوجة فالعظة ثم الهجر في المضجع، ثم الضرب وليس معنى الضرب أنه يمسك خشبة ويكسر رأسها، إنما هو ضرب مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لولا اقتصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك" وهذا لا يصلح مع كل امرأة، النبي عليه الصلاة والسلام قال "ولن يضرب خياركم" أي أن خيار الناس لا يضربون، والنبي عليه الصلاة والسلام ما ضرب امرأة قط ولا ضرب خادماً قط، ولا ضرب دابة قط، فهذا للضرورة القصوى، وإذا كان الشقاق من الطرفين فالله تعالى يقول (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها أن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) أي نكوّن مجلسا عائليا بمعنى محكمة عائلية ،ومعنى الحَكَم أن الإنسان يستطيع أن يحكم أي أنه من أهل الرأي والعقل، لا نأتي بإنسان أحمق أو إنسان سريع الغضب أو إنسان سريع التفكير، لابد أن يكون إنسانا متزنا ((إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) والعجيب أن القرآن أشار إلى حالة التوفيق ولم يشر إلى الحالة الأخرى إذا لم يوفقا ليرغِّب في الإصلاح والتوفيق بين الطرفين ما استطاعا ذلك(55/604)
ـــــــــــــــــــ
الهجر فى المضاجع ... العنوان
ما حكم هجر الزوج لزوجته؟وماأسبابه؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... في "تفسير الجصاص": "قال ابن عباب وعكرمة والضحاك والسدي: المقصود بالهجر: هجر الكلام. وقال سعيد بن جبير: هجر الجماع. وقال مجاهد والشعبي: هجر المضاجعة. [تفسير القرآن وأحكام القرآن للجصاص، ج2 ص189].
( وفي تفسير القرطبي: "الهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها، عن ابن عباس وغيره. وقال مجاهد: جنبوا مضاجعهن" [تفسير القرطبي أحكام القرآن، ج5 ص171].
( وفي تفسير الرازي: "فإن أصرّت على النشوز؛ فعند ذلك يهجرها في المضطجع وفي ضمنه امتناعه من كلامها. قال الشافعي: ولا يزيد في هجره الكلام ثلاثًا، وأيضًا إذا هجرها في المضطجع، فإن كانت تحب الزوج شقَّ ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها". [تفسير الرازي، ج10 ص90].
( في تفسير المنار: لا يتحقق هذا بهجر المضجع نفسه وهو الفراش، ولا بهجر الحجرة التي يكون فيها الاضطجاع، وإنما يتحقق بهجر في الفراش نفسه. وفي الهجر في المضطجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضطجع أو البيت، لأن الاجتماع في المضطجع هو الذي يهيج شعور الزوجية فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك. فإذا هجر الزوج زوجته وأعرض عنها في هذه الحالة احتمل أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب ويهبط من نشز المخالفة إلى مستوى الموافقة. [تفسير المنار، ج5 ص73].
( ويقول د/عبد الكريم زيدان في "المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم": الراجح في معنى الآية هجرها في المضجع نفسه، أي هجرها في مكان النوم الذي ينامان فيه عادة؛ بأن يوليها ظهره ولا يجامعها ولا يكلمها إلا بقدر قليل جدًا حتى لا يضطر إلى كلامها إلا بعد ثلاثة أيام، لأنه لا يجوز عدم كلامها أكثر من ثلاثة أيام.
ولأن هذا الهجر في فراش النوم وعدم جماعها وعدم التحدث معها إلا قليلاً يُشعر الزوجة بجدية الزوج في تصرفه وهجره لها، وأن هناك ما يزعجه منها حقًا إلى درجة أنه لا يرغب في وطئها وهي في فراش النوم، وأنه قادر على حبس نفسه عن وطئها وقد يُحملها ذلك كله على ترك نشوزها والرجوع عن عصيانها.
رؤية الطب النفسي
لنستعرض سريعًا مراحل اللقاء الجنسي كما ذُكرت في التصنيف الأمريكي الأخير للأمراض النفسية اهتداءً بما قرره "ماستر وجونسون" في دراستهما الشهيرة:(55/605)
1- المرحلة الأولى: مرحلة الرغبة، وهي توصف بأنها مرحلة تعبر عن دوافع الإنسان وأشواقه وشخصيته، وأنها تتميز بالخيالات الجنسية والرغبة في ممارسة الجنس.
2- المرحلة الثانية: مرحلة الإثارة، وهي تتكون من شعور شخصي [ذاتي] بالنشوة الجنسية، وتكون مصحوبة بتغيرات فسيولوجية.
3- المرحلة الثالثة: مرحلة ذروة المتعة، وهي تتميز بالوصول لقمة النشوة الجنسية.
4- المرحلة الرابعة: مرحلة الاسترخاء، وتتميز بالإحساس العام بالراحة.
فالعامل النفسي يكاد يكون القاسم المشترك لكل المراحل إن لم يكن هو العامل الأساسي
وكأن النصوص التي ذكرناها سابقًا إذا توازت مع تلك المراحل الأربع تتحدث عن الهجر على مقصودات ثلاث:
هجر المضاجعة: أي ترك النوم مع الزوجة في فراش واحد.
هجر الجماع : أي النوم معها في نفس الفراش، ولكن دون جماع عمدًا.
هجر الكلام: وهو إضافة عدم الكلام إلى عدم الجماع والمضاجعة.
وفي هذا رد مبدئي على السائل الذي وكأنه يرى أن للجنس جانباً واحداً هو الجسدي البيولوجي، بينما الجنس عملية شديدة التركيب يتداخل في إنجازها الجسدي مع النفسي، والروحي مع المادي بشكل يضيق المقام عن التفصيل فيه.
وكما يبدو فإن سلفنا الصالح قد فهموا هذا التركيب حتى اعترض بعضهم على "العزل" – وهو أن ينزل الرجل ماءه خارج مهبل زوجته –، لأنه يؤذي المرأة "نفسيًا".
والأبحاث العلمية الحديثة تؤكد على الدور الكبير للناحية النفسية في العلاقة الجنسية، ودور الاضطراب النفسي في غياب التوافق الجنسي.
بل إن هذه الأبحاث ترسم منحنى لمراحل اللقاء الجنسي يتوازى فيها الانفعال النفسي مع الأداء الجسدي، ويتكامل معه، بحيث إن أي خلل في أحدهما يؤثر على الآخر، ومن المعروف أن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق بأنواعها تؤثر على الأداء الجنسي للزوجين بشكل قد يصل إلى الفشل الكامل، ولذا أصبح باب الاضطرابات الجنسية من أهم الأبواب التي يتواصل تضخمها في مكانها وسط فروع تخصص الطب النفسي.
وعليه فإن الهجر في المضاجع ليس عقابًا جسديًا، كما نجد في اعتقاد الكثيرين، بل هو تعبير نفسي جسدي يقول به الرجل لزوجته: إنه لا يرغب في معاشرتها لما بدر عنها مما اعتبره هو "نشوزًا"؛ حتى إن غضبه منها غلب رغبته فيها، وسكنه إليها. لأنها لما لم تطعه، أو بدر منها ما خاف معه نشوزها أصبح هذا متنافيًا مع معنى السكن الذي هو من لوازم ومقاصد الحياة الزوجية فكأنه يقول لها: لا يمكن أن يسكن الإنسان لمن يغضبه، ويعبّر عن هذه الحالة من "عدم السكن" تعبيرًا معنويًا بعدم الكلام أو الملاطفة، وتعبيرًا ماديًا بهجر الجماع أو الفراش أو هجرهما معًا.
وهو أيضًا يسألها بهجره هذا: هل تريدين الاستمرار أم لا؟!(55/606)
"فإن كانت تحب الزوج شق ذلك عليها فتترك النشوز، وإن كانت تبغضه وافقها ذلك الهجران، فكان ذلك دليلاً على كمال نشوزها".
ولا يبعد أن في الهجر ألماً للرجل أيضًا، لكنه حين يتخذ القرار بالهجر لا بد أن يعرف أنه يختار أخف الأضرار بين ألم مؤقت–إذا انصلح الحال- وبين ألم أشد بالحياة مع زوجة لا تريده، ولا تطيعه، أو فراقها للأبد وفي هذا خراب للبيت، ومعاناة للأطفال، وبالتالي ألم للنفس.
إذن.. الهجر في المضجع تدبير وقائي صعب يُستخدم للضرورة، وهو يحمل تصعيدًا للخلاف، ونقله في العلاقة الزوجية، فالأصل أن الخلافات تحل بالحوار الذي قد يصل إلى الوعظ أو الزجر، وهو ما تحدثت عنه نفس الآية، لا الهجر والخصام، واللجوء إلى هذا التدبير يعني أنه "لم يعد يجدي الكلام"، فليحذر الأزواج والزوجات أن يصل الوضع بينهما إلى هذه الدرجة، لأن الدخول فيها أو الخروج منها صعب على الطرفين.
وقد يكون في الهجر فرصة للرجل أن يُراجع نفسه وموقفه لعل ما بدر من زوجته لم يكن يستحق الهجر فيعود إلى الوعظ والكلام، أو أنها كانت تستحق الهجر وزيادة، وعندها ينتقل إلى التدبير التالي وهو الضرب ... وهو مبحث آخر يستحق النقاش.
ولنا –من قبل ومن بعد- في رسول الله أسوة حسنة فهو قد غضب من زوجاته غير مرة، وقد فعلن ما أثار غضبه مرات، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يهجر إحداهن أبدًا على فعلٍ أغضبه، إلا بأمر من الله في موقف التوسعة في النفقة، ونحسب أن الذي يهجر زوجته لغير ضرورة قصوى تجعل الهجر أخف الأضرار يكون مخالفًا لسنة رسول الله الفعلية، وسيرته العملية.
د. أحمد عبد الله
مدرس مساعد الطب النفسي-القاهرة د. عمرو أبو خليل
أخصائي الطب النفسي -الإسكندرية
ـــــــــــــــــــ
قوامة الرجال على النساء ... العنوان
لماذا كان الرجال قوَّامِينَ على النساء؟ ولماذا كانت الطاعة من المرأة للرجل؟ وكيف تكون؟
... السؤال
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أختنا الفاضلة أكرمك الله وهداك إلى ما يحبه ويرضاه وبعد:
كرم الله سبحانه وتعالى المرأة وأعلى الإسلام من قدرها ومكانتها فهى الأم والأخت والإبنة والزوجة وبالنسبة لسؤالك ورد ما يلى فىفتوى لفضيلة الشيخ "أحمدالشرباصىرحمه الله ورد بها ما يلى:
:(55/607)
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ علَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ علَى بَعْضٍ وبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ). ( النساء: 34). ومعنى هذا أن الرجال هم الذين يَقومون بالنَّفَقَةِ على النساء، والحِفْظ لهن، والصِّيانة لحُرُماتهن؛ وبمُقتضى هذه التبعات يكون الرجال قوَّامينَ على النساء.
والأسرة لا بد لها من عميدٍ مسئولٍ، وليس من الطبيعي أن تكون العِمادة في الأسرة للمرأة على الرجل، وإلاَّ كان هذا قلبًا للأوضاع، ومن هنا أوجبت الشريعة على الزوجة أن تُطيع زوجها في حقوق الزوجية، وفيما أحلَّ الله، لا فيما حرَّم؛ لأنه لا طاعة لمَخلوق في معصية الخالق.
وإذا عجز الزوج عن النَّفَقَةِ والقِوَامَةِ فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المرأة يكون لها الحق في فسْخ عقد الزواج.
ومن الواضح أنه لا يمكن استقرار الحياة الزوجية إذا سَيطرتِ البغْضاء على الطرفين، فوُجد بينهما النُّفُور والكراهية، لأن هذا يُؤدِّي إلى سُوء العِشْرة، واختلال الأسرة، وقد يوجد النُّشُوز وهو الكراهية والتمرُّد من قبل الزوجة، وقد يوجد من قِبَلِ الزوج، فإذا كان النشوز من المرأة فالأصل أن تسقط حقوقها قبلَ زوجها، ومنها النفقة، وله أن يُطالبها بطاعتها له، وقيامها بواجبها نحوه؛ لأنها ارتبطت معه بعقد الزوجية، وإذا كان النشوز والفساد من قِبَلِ الزوج سقطت الطاعة، ووجبت النفقة على الزوج.
ومن هذا البيان يتضح أن " بيت الطاعة " بالصورة التي يتحدث عنها الناس في هذا الزمان بصُوَرِهِ المُرْعِبَةِ، وحالته المُرْهبة، لا يُوجد في الشريعة، ولعلَّ هذا التعبير قد نشأ من حالات نشزتْ فيها الزوجة وتمرَّدتْ على الزوج، فاحتكم الزوج إلى القضاء طالبًا أن يَحكم له بطاعة الزوجة، وهذه الطاعة تتمثَّل في استقرارها في بيت الزوجية، ومن هنا أطلقوا على هذا البيت في تلك الحالة اسم " بيت الطاعة ".
ويلاحظ أن الإسلام قد وضع وسائل لعلاج المرأة الناشز، يقوم بها الزوج على مراحل، ثم شرع الإسلام نظام التحكيم بين الزوجين في قوله ـ تعالى ـ : ( وإنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِمَا فابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وحَكَمًا مِنْ أهلِهَا إنْ يُرِيدَا إصلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إنَّ اللهَ كانَ عليمًا خبيرًا ).
( النساء: 35 ).
فإذا وقع الخلاف بين الزوجين، ولم يستطع الزوج بوسائله أن يُعالِج هذا الخلاف، يجتمع حكمانِ، أحدهما من أهل الزوج، والآخر من أهل
الزوجة، ويبحثان الموضوع في عدالةٍ وإخلاص، فإن وَجَدَا أن النُّشوز من الزوج حكمَا للزوجة بالنَّفقة، ولم يَحكمَا عليها بالطاعة، وإن وجدَا النشوز من الزوجة حكمَا عليها بالطاعة، ولم يَحكمَا لها بالنفقة ما دامت ناشزًا، وإن رأى الحكمان أن العلاج في التطليق حكمَا به.
هذا والملاحظ أن أغلب القضايا المسماة بقضايَا " بيت الطاعة " الآن يُراد بها العناد والإفساد، أكثر مما يراد بها الوصول إلى الحقوق، أو المطالبة بالواجبات.
والله ـ تبارك وتعالى ـ أعلم.
ـــــــــــــــــــ(55/608)
آثار انفصال الزوجين على الأطفال؟ كيف يمكن التغلب عليها؟ ... العنوان
ما وهي آثار انفصال الزوجين على الأطفال؟ كيف يمكن التغلب عليها؟ ... السؤال
أ.د فؤاد علي مخيمر ... المفتي
... ... الحل ...
...
... إن الأسرة المسلمة تعد كيانًا له أصالته في بناء المجتمع، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع، وإن الله جلت قدرته جعل بين الزوجين مودة ورحمة، وجعل ثمار هذا الزواج الذرية التي تنطلق في الأرض للإصلاح والتعمير
فعندما ينفصل الزوجان عن بعضهما بالطلاق، الرجل يبحث عن امرأة أخرى يتزوجها، وكذلك المرأة، والضحية تكون الأبناء؛ لأنهم يضيعون ويشردون، لا يجدون حضنًا دافئًا يحميهم ولا راعيًا يرعاهم، فينطلقوا في الشوارع كالبهائم السائمة، الذين يطلق عليهم "المتسولون" وبعضهم يفسد في التعليم لعدم المتابعة، فيضل الأبناء ويعيشون عالة على المجتمع المسلم، ويتحمل مسئولية ذلك الأب والأم اللذان يعيش كل منهما في بيت آخر
نتغلب على ذلك بأن يتعامل كل من الزوجين مع الآخر بالمنهج الإسلامي الذي ارتضاه الله للزوجين، وعلى سبيل المثال عندما تخرج المرأة عن طاعة الرجل، فإن الإسلام يرشد الرجل إلى أن يعالجها، يوجه لها نصيحة للعقل ثم يردعها بعلاج نفسي في المضجع، ثم يضربها إن لم ترتدع؛ وصدق الله إذ يقول "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"، ثم بعد ذلك يلتجئ الزوجان للحكمين للإصلاح، وهذا باب من أبواب التغلب على الفساد الأسري والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
زواج التحليل ... العنوان
سعادة الشيخ، اسمح لي أن أثقل عليك بهذا السؤال.. وأرجو أن يتسع قلبك له: نعلم أن الإسلام قد حرم زواج التحليل.. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يتزوج بهذه الطريقة.. وأيضاً من يتزوج ليحلل لزوج سابق زوجته التي طلقها.. ولكن يا فضيلة الشيخ، لو أن رجلاً طلق زوجته.. ثم تزوجت بغيره ثم أرادت أن تعود لزوجها الأول، فقامت بمضايقة زوجها الحالي عمداً لا لشيء إلا لكي يطلقها ثم تعود لزوجها الأول ( علماً بأن زوجها الثاني قد جامعها ).. وبعد أن طلقها الثاني تزوجت من زوجها الأول. فهل يصح زواجها من زوجها الأول؟
... السؤال
الدكتور يونس محيي الدين الأسطل ... المفتي
... ... الحل ...
...
... لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح التحليل، كما ورد النهي عن نشوز المرأة الذي يعني عدم قيامها بكامل حقوق زوجها، وإن هذه المرأة التي(55/609)
قامت بمضايقة زوجها الثاني لتحمله على تطليقها من أجل أن تعود لزوجها الأول مخطئة في ذلك، وآثمة بتلك المضايقة ولا يجوز لها أن تقصر في واجباتها تجاهه لغرض حمله على تطليقها
فإذا فعلت وطلقها جاز لها أن تتزوج بزوجها الأول إذا عاد لخطبتها
ولكن لا يجوز أن تتفق مع زوجها الأول على مضايقة زوجها الثاني لتتاح لهما فرصة الرجوع إلى الحياة الزوجية ثانية؛ لأن هذا احتيال على الشريعة وإضاعة لحق الزوج الثاني في دوام العشرة بالمعروف
والله تعالى أعلم
ـــــــــــــــــــ
هجر الزوج لزوجته ... العنوان
ما حكم هجر الزوج لزوجته؟وماأسبابه؟ وماذا لو هجرت الزوجة زوجها لسبب قهري؟ ... السؤال
أ.د محمد السيد الدسوقي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
أحب أن أقول أولا أن العلاقة الزوجية في الاسلام أساسها المودة والرحمة والسكن ، وهذا يقتضي من الزوجين أن تكون العلاقة بينهما طيبة تسودها القيم الإسلامية من السماحة والمودة والرحمة والتجاوز عن بعض الهفوات التي لا يسلم منها إنسان، ولهذا كان الهجر من أحد الزوجين مخالفا للغاية المرجوة من العلاقة الزوجية، والزوج الذي يهجر زوجته لايجوز له أن يهجرها إلا في حالة نشوزها وعدم خضوعها لنصحه ووعظه وإرشاده ، وهذا الهجر خاص بالهجر في الفراش ، بمعنى ألا يبدي الرجل للمرأة رغبة في الإقبال عليها والحديث معها وهو أسلوب يتوخى توجيه المرأة إلي ما يجب عليها نحو زوجها من الأخذ بمفهوم القوامة والرعاية
أما اذا هجر الرجل زوجته بمعنى أن يترك البيت وألا يقيم فيه مع زوجته فهذا أمر محرم مهما تكن الأسباب ، وعلى الرجل إذا رأى من زوجته تصرفا لا يرضى الله عنه أن يعظها ويوجهها ، فإن أبت أن تسمع لقوله جاز له أن يفارقها
أما هجر المرأة لزوجها فهو معصية ويتعارض مع ما يجب عليها نحو الطاعة لزوجها ، اللهم إلا فيما يغضب الله تبارك وتعالى ، ولا أعتقد أن امراة تهجر زوجها إلا إذا كانت كارهة له ، وإذا كانت كارهة ولا تود العيش معه ، فلها الحق أن تطالب بمفارقته عن
طريق الخلع إذا رفض أن يطلقها اختيارًا.
والله أعلم
ـــــــــــــــــــ
استفزاز المرأة زوجها ليطلقها ... العنوان
ما حكم استفزاز المرأة لزوجها لكي يطلقها؟ ... السؤال(55/610)
أ.د عبد الفتاح عاشور ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
العلاقة بين الزوجين علاقة مودة ورحمة، وهي كما قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، والآيات والأحاديث في حسن معاشرة الزوجين كل منهما للآخر كثيرة.
ولو فقهنا ما جاء به هذا الدين العظيم لاسترحنا ولسعدنا في دنيانا وفي أخرانا، ولكن بعض من لا فقه لهم من الأزواج والزوجات، يحاولون هدم بيوتهم بأنفسهم، وأمام أي عارض أو طارئ ترى الواحد منهم يوجه سهامه للآخر لتكون العاقبة الوخيمة التي فيها تدمير الأسرة بما فيها ومن فيها.
ولكثير من النساء في هذا الباب باع طويل؛ وذلك لما جُبلت عليه المرأة من العاطفة المشبوبة، ولهذا جعل الله القوامة للرجل فقال: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، وجاءت الأحاديث الكثيرة لتبين للرجال ما في طبع النساء من العوج، وذلكم حين نقرأ قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأن "المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته"، وكسر هذا معناه طلاقها، وبالتالي فعلى الزوج أن يصبر على زوجته، وأن ينظر منها إلى الجانب الطيب المشرق، كما قال (صلى الله عليه وسلم): "لا يفرك (لا يبغض) مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر".
ولقد بيّن عليه الصلاة والسلام أن الزوجة لا يجوز لها أن تطلب الطلاق من زوجها دون سبب وجيه، وإن فعلت لعنتها الملائكة حتى تصبح، بل إن الإسلام توجه إلى النساء يطلب منهن أن يتحملن بعض ما يقع عليهن من تقصير من أزواجهن، وأن يتنازلن عن بعض حقوقهن؛ ضمانًا لبقاء الأسرة وحفظًا لأبنائها من الضياع، يقول تعالى: "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرًا"، فأيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس، فقد خالفت أمر الله وأمر رسوله، وارتكبت خطأ عظيمًا في حق نفسها وبيتها وزوجها وربها، والله المستعان.
ـــــــــــــــــــ
ضرب الزوجة ... العنوان
هل ضرب الزوجة إذا أخطأت حرام؟
... السؤال
الشيخ جعفر أولفقي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم(55/611)
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد
الزوجة إنسان مكرم، ويكفيها فخرا أنها هي الأم، كثير من الناس يسيء فهم القرآن الكريم؛ حيث أعطى للزوج حق التأديب لزوجته عند النشوز، وليس عند ارتكاب خطأ؛ لأن الخطأ يكون من الزوجة كما يكون من الزوج، وحتى عند النشوز وجّه الله الزوج إلى سلوك حضاري من شأنه أن يجعل الزوجة تراجع نفسها، وتعود إلى رشدها؛ فوجَّهه إلى الموعظة الحسنه أولا، وإذا لم تنفع فإلى الهجر في المضجع، وفي الأخير أباح له أن يضربها ضربا خفيفا على سبيل التنبيه، لا على سبيل الإضرار، كما لو كان أبا يؤدب ولده، هل يضربه بحيث يلحق به ضررا يكسر عظما أو يشوه صورنه؟ لا . فالرسول (صلى الله عليه وسلم) تهكّم من زوج يضرب زوجته ثم يداعبها ويضاجعها! هذا تناقض.
ووسائل التدريب والتربية متعددة، ولكن ليس أسلم من الكلمة الطيبة؛ فاجتنب الضرب؛ ففيه إهانة لأم ولدك، واستعطفها بهدية مرة، وبكلمة مرة، وبملاطفة مرة؛ فلا شك أنك تحرك فيها
عواطف الزوجة الصالحة والأم الحنون؛ فتصلح حالك بالتي هي أحسن؛ فقد قال الله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وقد أُثر عن أحد السلف الصالح قوله: "أَحسنْ إلى الناس تستعبد قلوبهم"، أحسن إلى زوجك تستعبد قلبها، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
الأسرار الزوجية ... العنوان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
امرأة تعاني منذ فترة من بعض المشاكل مع زوجها، فهو يقوم بالدراسة، وقد قاربت الامتحانات، وتقريبًا كل يوم يصنع المشاكل لزوجته، أما عن الأولاد، وأما عن البيت فدائمًا في خلاف مستمر، ويرضى يومًا ويغضب آخر، وهذه المرأة إذا اضطرت لأن تستشير إحدى صديقات بما يحدث حتى تعلم إذا كانت مخطئة في حق زوجها أم لا، وأخبرتها بكل شيء، فهل هي آثمة في هذه الحالة مع أن هدفها ليس نشر الأسرار الزوجية، بل أخذ النصيحة ومعرفة ما عليها أن تفعل، وليس طبعًا كل ما تقوله صديقتها سوف تفعله؛ وذلك لأن كل إنسان يعرف طبع زوجه، وممكن أن تنصحها بشيء يعود عليها بالضرر، ولكنها تخبرها حتى تفضفض عما بداخلها من أحزان، وحتى تعرف حلاًّ لمشاكلها. ماذا تنصحون هذه المرأة أن تفعل؟
... السؤال
أ.د سعاد صالح ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
يقول الله سبحانه وتعالى في تصوير العلاقة الزوجية: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ"، واللباس هو الساتر للعورات، والذي يلبسه الإنسان ليحميه، ويقيه من الضرر، ومن عوارض الجو شتاءاً أو صيفًا، فضلاً عن أنه يتزين به، وهذا(55/612)
التصوير كناية على الإفضاء والالتحام الروحي والعاطفي والقلبي بين الزوجين، حتى تكون الزوجة سكنًا لزوجها، ويكون الزوج حاميًا لها، والأصل أن الزوج يعامل زوجته بالمعروف، وعدم الضرر؛ لقول الله تعالى: "وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه".
كما أن الزوج في هذه الحالة عبَّر عنه القرآن الكريم بالنشوز، ومعنى النشوز العصيان عن أوامر الله سبحانه وتعالى قولاً أو فعلاً، ووضع له علاجًا في يد الزوجة فقال سبحانه وتعالى: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلَونَ خَبِيرًا"، وهذا ترغيب من الله سبحانه وتعالى للزوجة بطلب الصلح، والتغاضي عن إيذاء الزوج لها من أجل بقاء أسرتها، والمحافظة على أبنائها، وعليها أن تفوِّض أمرها إلى الله سبحانه وتعالى، وأن تدعو له بالهداية والصلاح والاستقامة، وأن تتصرف بحكمة فتبتعد عن كل ما يؤذيه أو يزيد من ضرره، ولا يجب عليها أن تخرج أسرار بيتها إلى أي أحد حتى لو أمها؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد نهى عن ذلك نهيًا شديدًا، حيث قال (عليه الصلاة والسلام): "إن من أشرِّ الناس يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة، والمرأة تفضي إلى الرجل، ثم ينشر كل منهما سر الآخر"، والله أعلم.
... ... ـــــــــــــــــــ
اقناع الزوجة بالحجاب ... العنوان
حاولت مرارا وتكراراً إقناع زوجتي بارتداء الحجاب إلا أنها ترفض الموضوع مدعية أن هذا الموضوع لا يصح أن تأتيه نتيجة الضغط عليها ولمجرد إرضاء الزوج وإنما لا بد وأن تأتيه عن اقتناع كامل حين يأذن الله. فهل عليَّ وزر بعد تلك المحاولات المضنية؟
... السؤال
أ.د سعاد صالح ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من مسئولية الزوج على زوجته أن يقوم بتعليمها فرائض دينها وأوامره ونواهيه، فإذا امتنعت وفشل معها كل أساليب الحكمة والموعظة الحسنة فإنها تكون ناشزًا، والناشز وضع لها الله سبحانه وتعالى علاجًا تأديبيًّا يكون موكلاً للزوج داخل الأسرة، في قول الله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًّا كبيرًا".
والتزام المرأة المسلمة بارتداء الزي الإسلامي السابغ الذي لا يشف ولا يصف، هو من باب المأمورات الشرعية التي لا تخضع لإقناع أو لهوى، لقوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا"، ويقول جل شأنه: "يأيها الذين آمنوا(55/613)
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر".
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
نشوز الرجل والمرأة ... العنوان
who is the nanashiz woman ais she the woman that dosnt want to jame3her housband or other things.and who is the nashiz housband who didnt do this with her
ما معنى نشوز المرأة، ونشوز الرجل؟ ... السؤال
د. القرشي عبدالرحيم البشير ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
المراد بنشوز المرأة: خروجها عن طاعة الزوج في غير معصية ترفعا عليه، واستكبارا عن طاعته، مما يعكر صفاء الأسرة، ويدفع إلى التخاصم، ويكون حالها حال الإعراض دائما، حتى فيما عليها من حقوق للزوج.
أما نشوز الزوج: فهو مضارته للزوجة فيما لا حق له فيه، وعدم إمساكه بالمعروف، أو تسريحه للمرأة بغير إحسان، أو تقصيره فيما عليه من حقوق، فكل هذا من نشوزه، وكل ذلك محرم.
وأشير هنا إلى أمر مهم حتى لا يلتبس الأمر، فإن قضية قوامة الرجل مثالها مثال مؤسسة يصدر مديرها لوائح، فهذا المدير وجوده لا يعني أفضليته على غيره، وعدم تنفيذ هذه اللوائح يخل بسير الشركة، إذا كان هذا في كل مؤسسة، فالأسرة التي هي لبنة المجتمع أولى بذلك ، وكانت طبيعة الرجل أنسب للقوامة، وإنما جعلت له الطاعة في المعروف لأجل استقامة الأسرة، كما في المثال الذي سقته سابقا.
والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 1 / ص 142)
فَصْلٌ .
الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ] .
وَقَوْلُهُ : " وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا " هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا ، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا } قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَى الصُّلْحِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الدِّمَاءِ فَقَالَ : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } وَنَدَبَ الزَّوْجَيْنِ إلَى الصُّلْحِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي(55/614)
حُقُوقِهِمَا ، فَقَالَ : { وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } وَقَالَ تَعَالَى : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } وَأَصْلَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَهُمْ ، وَلَمَّا تَنَازَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ فِي دَيْنٍ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ ، أَصْلَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ اسْتَوْضَعَ مِنْ دَيْنِ كَعْبٍ الشَّطْرَ وَ [ أَمَرَ ] غَرِيمَهُ بِقَضَاءِ الشَّطْرِ ، وَقَالَ لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا عِنْدَهُ { : اذْهَبَا فَاقْتَسِمَا ثُمَّ تَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لْيُحْلِلْ كُلٌّ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ } وَقَالَ : { مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضٍ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ } وَجَوَّزَ فِي دَمِ الْعَمْدِ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ ، وَلَمَّا { اُسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ ، وَالِدُ جَابِرٍ ، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطَةِ وَيُحْلِلُوا أَبَاهُ } .
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : إنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْمُخَارَجَةِ ، يَعْنِي الصُّلْحَ فِي الْمِيرَاثِ ؛ وَسُمِّيَتْ الْمُخَارَجَةُ لِأَنَّ الْوَارِثَ يُعْطَى مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ وَيُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَصُولِحَتْ امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ رُبُعِ الثُّمُنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا ، وَقَدْ رَوَى مِسْعَرٌ عَنْ أَزْهَرَ عَنْ مُحَارِبٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ : " رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَ الْقَوْمِ الضَّغَائِنَ " .
وَقَالَ عُمَرُ أَيْضًا " رُدُّوا الْخُصُومَ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَصْطَلِحُوا ، فَإِنَّهُ آثَرُ لِلصِّدْقِ ، وَأَقَلُّ لِلْخِيَانَةِ " .
وَقَالَ عُمَرُ أَيْضًا : " رُدُّوا الْخُصُومَ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ ، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ بَيْنَهُمْ الشَّنَآنَ " فَصْلٌ .
[ الْحُقُوقُ ضَرْبَانِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ عِبَادِهِ ] .
وَالْحُقُوقُ نَوْعَانِ : حَقُّ اللَّهِ ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ ؛ فَحَقُّ اللَّهِ لَا مَدْخَلَ لِلصُّلْحِ فِيهِ كَالْحُدُودِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا ، وَإِنَّمَا الصُّلْحُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ فِي إقَامَتِهَا ، لَا فِي إهْمَالِهَا ، وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ بِالْحُدُودِ ، وَإِذَا بَلَغَتْ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفِّعَ .
وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَهِيَ الَّتِي تَقْبَلُ الصُّلْحَ وَالْإِسْقَاطَ وَالْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهَا ، وَالصُّلْحُ الْعَادِلُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ : { فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } وَالصُّلْحُ الْجَائِرُ هُوَ الظُّلْمُ بِعَيْنِهِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْتَمِدُ الْعَدْلَ فِي الصُّلْحِ ، بَلْ يُصْلِحُ صُلْحًا ظَالِمًا جَائِرًا ، فَيُصَالِحُ بَيْنَ الْغَرِيمَيْنِ عَلَى دُونِ الطَّفِيفِ مِنْ حَقِّ أَحَدِهِمَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ بَيْنَ كَعْبٍ وَغَرِيمِهِ وَصَالَحَ أَعْدَلَ الصُّلْحِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّطْرَ وَيَدَعَ الشَّطْرَ ؛ وَكَذَلِكَ لَمَّا عَزَمَ عَلَى طَلَاقِ سَوْدَةَ رَضِيَتْ بِأَنْ تَهَبَ لَهُ لَيْلَتَهَا وَتَبْقَى عَلَى حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ ، فَهَذَا أَعْدَلُ الصُّلْحِ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهَا غَيْرَهَا ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا وَأَخْذِ بَعْضِهِ وَأَنْ يُمْسِكَهَا كَانَ هَذَا مِنْ الصُّلْحِ الْعَادِلِ ، وَكَذَلِكَ أَرْشَدَ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا الْمَوَارِيثُ بِأَنْ يَتَوَخَّيَا الْحَقَّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ثُمَّ يُحْلِلْ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ؛ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ أَوَّلًا(55/615)
فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَحِينَئِذٍ أَمَرَ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ لَا بِالصُّلْحِ فَإِنَّهَا ظَالِمَةٌ ، فَفِي الْإِصْلَاحِ مَعَ ظُلْمِهَا هَضْمٌ لِحَقِّ الطَّائِفَةِ الْمَظْلُومَةِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ الظَّلَمَةِ الْمُصْلِحِينَ يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَادِرِ الظَّالِمِ وَالْخَصْمِ الضَّعِيفِ الْمَظْلُومِ بِمَا يُرْضِي بِهِ الْقَادِرَ صَاحِبَ الْجَاهِ ، وَيَكُونُ لَهُ فِيهِ الْحَظُّ ، وَيَكُونُ الْإِغْمَاضُ وَالْحَيْفُ فِيهِ عَلَى الضَّعِيفِ ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَصْلَحَ ، وَلَا يُمَكِّنُ الْمَظْلُومَ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ ، وَهَذَا ظُلْمٌ ، بَلْ يُمَكِّنُ الْمَظْلُومَ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ ، ثُمَّ يَطْلُبُ إلَيْهِ بِرِضَاهُ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ حَقِّهِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ لِصَاحِبِ الْجَاهِ ، وَلَا يَشْتَبِهُ بِالْإِكْرَاهِ لِلْآخَرِ بِالْمُحَابَاةِ وَنَحْوِهَا .
ـــــــــــــــــــ
فَصْلٌ : [ الْمُتَأَخِّرُونَ هُمْ الَّذِينَ أَحْدَثُوا الْحِيَلَ وَنَسَبُوهَا إلَى الْأَئِمَّةِ ] وَالْمُتَأَخِّرُونَ أَحْدَثُوا حِيَلًا لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِهَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَنَسَبُوهَا إلَى الْأَئِمَّةِ ، وَهُمْ مُخْطِئُونَ فِي نِسْبَتِهَا إلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ مَعَ الْأَئِمَّةِ مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ .
وَمَنْ عَرَفَ سِيرَةَ الشَّافِعِيِّ وَفَضْلَهُ وَمَكَانَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِفِعْلِ الْحِيَلِ ، وَلَا بِالدَّلَالَةِ عَلَيْهَا ، وَلَا كَانَ يُشِيرُ عَلَى مُسْلِمٍ بِهَا .
وَأَكْثَرُ الْحِيَلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ الْمُنْتَسِبُونَ إلَى مَذْهَبِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ ، تَلَقَّوْهَا عَنْ الْمَشْرِقِيِّينَ ، وَأَدْخَلُوهَا فِي مَذْهَبِهِ ، وَإِنْ كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُجْرِي الْعُقُودَ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى قَصْدِ الْعَاقِدِ وَنِيَّتِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ كَلَامِهِ ، فَحَاشَاهُ ثُمَّ حَاشَاهُ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالْكَذِبِ وَالْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ وَمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، بَلْ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّ بَاطِنَهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ ، وَلَا يُظَنُّ بِمَنْ دُونَ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ أَنَّهُ يَأْمُرُ أَوْ يُبِيحُ ذَلِكَ ؛ فَالْفَرْقُ [ ظَاهِرٌ ] بَيْنَ أَنْ لَا يَعْتَبِرَ الْقَصْدَ فِي الْعَقْدِ وَيُجْرِيَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَوِّغَ عَقْدًا قَدْ عُلِمَ بِنَاؤُهُ عَلَى الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ بَاطِنَهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ .
فَوَاَللَّهِ مَا سَوَّغَ الشَّافِعِيُّ وَلَا إمَامٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ هَذَا الْعَقْدَ قَطُّ ، وَمَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَهُمْ خُصَمَاؤُهُ عِنْدَ اللَّهِ ؛ فَاَلَّذِي سَوَّغَهُ الْأَئِمَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ يُجْرِي الْأَحْكَامَ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَإِنْ كَانُوا فِي الْبَاطِنِ شُهُودَ زُورٍ ، وَاَلَّذِي سَوَّغَهُ أَصْحَابُ الْحِيَلِ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ فِي الْبَاطِنِ شُهُودُ زُورٍ كَذَبَةٌ وَأَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ثُمَّ يَحْكُمُ بِظَاهِرِ عَدَالَتِهِمْ .
وَهَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَيْنَةِ : إنَّمَا جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ جَرْيًا عَلَى ظَاهِرِ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ ، وَلَوْ قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ : " إنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَدْ تَوَاطَآ عَلَى أَلْفٍ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ ، وَتَرَاوَضَا عَلَى ذَلِكَ ، وَجَعَلَا السِّلْعَةَ مُحَلَّلًا لِلرِّبَا " لَمْ يُجَوِّزْ ذَلِكَ ، وَلَأَنْكَرَهُ غَايَةَ الْإِنْكَارِ .
وَلَقَدْ كَانَ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يُحْكَى عَنْهُ الْإِفْتَاءُ بِالْحِيَلِ ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ : سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ الْآجُرِّيَّ وَأَنَا وَهُوَ بِمَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ عَنْ هَذَا الْخُلْعِ الَّذِي يُفْتِي بِهِ النَّاسَ ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ رَجُلٌ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : اخْلَعْ زَوْجَتَكَ وَافْعَلْ مَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَاجِعْهَا ، وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا ، وَقُلْتُ لَهُ : إنَّ قَوْمًا يُفْتُونَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي يُحِلُّ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَيَحْنَثُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَيَذْكُرُونَ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ شَيْئًا ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَعْجَبُ مِنْ سُؤَالِي عَنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ قَالَ لِي : مُنْذُ كَتَبْتُ(55/616)
الْعِلْمَ وَجَلَسْتُ لِلْكَلَامِ فِيهِ وَلِلْفَتْوَى مَا أَفْتَيْتُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِحَرْفٍ ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ عَنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا سَأَلْتَنِي عَنْ التَّعَجُّبِ مِمَّنْ يُقْدِمُ عَلَى الْفَتْوَى فِيهِمَا ، فَأَجَابَنِي فِيهِمَا بِجَوَابٍ كَتَبْتُهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَامَ فَأَخْرَجَ لِي كِتَابَ أَحْكَامِ الرَّجْعَةِ وَالنُّشُوزِ مِنْ كِتَابِ الشَّافِعِيِّ ، وَإِذَا مَكْتُوبٌ عَلَى ظَهْرِهِ بِخَطِّ أَبِي بَكْرٍ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ ، فَقُلْتُ لَهُ : الرَّجُلُ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ ، وَقُلْتُ لَهُ : إنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ يُفْتُونَ فِيهَا بِالْخُلْعِ ، يُخَالِعُ ثُمَّ يَفْعَلُ ، فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ : مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، وَلَا بَلَغَنِي أَنَّ لَهُ فِي هَذَا قَوْلًا مَعْرُوفًا ، وَلَا أَرَى مَنْ يَذْكُرُ هَذَا عَنْهُ إلَّا مُحِيلًا .
وَالزُّبَيْرِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَهُ وَتَنْزِيهَهُ لِلشَّافِعِيِّ عَنْ خُلْعِ الْيَمِينِ فَكَيْفَ بِحِيَلِ الرِّبَا الصَّرِيحِ وَحِيَلِ التَّحْلِيلِ وَحِيَلِ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَالْحُقُوقِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ ؟ فَصْلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الْآخَرِ ، وَهُوَ النَّصِيحَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَدِينِهِ ، وَتَنْزِيهِهِ عَنْ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ الْمُنَاقِضَةِ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ ، الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ ، وَبَيَانُ نَفْيِهَا عَنْ الدِّينِ وَإِخْرَاجِهَا مِنْهُ ، وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِيهِ مَنْ أَدْخَلَهَا بِنَوْعِ تَأْوِيلٍ .
ـــــــــــــــــــ
[ الْكَبَائِرُ ] { وَسُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَبَائِرِ ، فَقَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَقَوْلُ الزُّورِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَيَمِينُ الْغَمُوسِ ، وَقَتْلُ الْإِنْسَانِ وَلَدَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مِنْهُ ، وَالزِّنَا بِحَلِيلَةِ جَارِهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ } وَهَذَا مَجْمُوعٌ مِنْ أَحَادِيثَ .
فَصْلٌ : [ تَعْدَادُ الْكَبَائِرِ ] وَمِنْ الْكَبَائِرِ : تَرْكُ الصَّلَاةِ ، وَمَنْعُ الزَّكَاةِ ، وَتَرْكُ الْحَجِّ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ ، وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ ، وَالسَّرِقَةُ ، وَالزِّنَا ، وَاللِّوَاطُ ، وَالْحُكْمُ بِخِلَافِ الْحَقِّ ، وَأَخْذُ الرِّشَا عَلَى الْأَحْكَامِ ، وَالْكَذِبُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ ، وَجُحُودُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ كَلَامَهُ وَكَلَامَ رَسُولِهِ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ يَقِينٌ أَصْلًا ، وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ وَكَلَامَ رَسُولِهِ بَاطِلٌ وَخَطَأٌ بَلْ كُفْرٌ وَتَشْبِيهٌ وَضَلَالٌ ، وَتَرْكُ مَا جَاءَ بِهِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِ غَيْرِهِ ، وَتَقْدِيمُ الْخَيَّالِ الْمُسَمَّى بِالْعَقْلِ وَالسِّيَاسَةِ الظَّالِمَةِ وَالْعَقَائِدِ الْبَاطِلَةِ وَالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ وَالْإِدْرَاكَاتِ وَالْكُشُوفَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَوَضْعُ الْمُكُوسِ ، وَظُلْمُ الرَّعَايَا ، وَالِاسْتِئْثَارُ بِالْفَيْءِ ، وَالْكِبْرِ ، وَالْفَخْرِ ، وَالْعُجْبِ ، وَالْخُيَلَاءِ ، وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ، وَتَقْدِيمُ خَوْفِ الْخَلْقِ عَلَى خَوْفِ الْخَالِقِ ، وَمَحَبَّتِهِ عَلَى مَحَبَّةِ الْخَالِقِ ، وَرَجَائِهِ عَلَى رَجَائِهِ ، وَإِرَادَةُ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ وَإِنْ لَمْ يَنَلْ ذَلِكَ ، وَمِسَبَّةُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ ، وَإِقْرَارُ الرَّجُلِ الْفَاحِشَةَ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ ، وَالْمَشْيُ بِالنَّمِيمَةِ ، وَتَرْكُ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ ، وَتَخَنُّثُ الرَّجُلِ وَتَرَجُّلُ الْمَرْأَةِ ، وَوَصْلُ شَعْرِ الْمَرْأَةِ وَطَلَبُهَا ذَلِكَ ، وَطَلَبُ الْوَصْلِ كَبِيرَةٌ ، وَفِعْلُهُ كَبِيرَةٌ ، وَالْوَشْمُ وَالِاسْتِيشَامُ ، وَالْوَشْرُ وَالِاسْتِيشَارُ ، وَالنَّمْصُ وَالتَّنْمِيصُ ، وَالطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَبَرَاءَةُ الرَّجُلِ مِنْ أَبِيهِ ، وَبَرَاءَةُ الْأَبِ مِنْ ابْنِهِ ، وَإِدْخَالُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ ، وَالنِّيَاحَةُ ،(55/617)
وَلَطْمُ الْخُدُودِ ، وَشَقُّ الثِّيَابِ ، وَحَلْقُ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ بِالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ ، وَتَغْيِيرُ مَنَارِ الْأَرْضِ وَهُوَ أَعْلَامُهَا ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ ، وَالْجَوْرُ فِي الْوَصِيَّةِ ، وَحِرْمَانُ الْوَارِثِ حَقَّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، وَالتَّحْلِيلُ ، وَاسْتِحْلَالُ الْمُطَلَّقَةِ بِهِ ، وَالتَّحَيُّلُ عَلَى إسْقَاطِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ .
وَتَحْلِيلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ مَحَارِمِهِ وَإِسْقَاطُ فَرَائِضِهِ بِالْحِيَلِ ، وَبَيْعُ الْحُرِّ [ ائْرَ ] ، وَإِبَاقُ الْمَمْلُوكِ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَنُشُوزُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا ، وَكِتْمَانُ الْعِلْمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إظْهَارِهِ ، وَتَعَلُّمُ الْعِلْمِ لِلدُّنْيَا وَالْمُبَاهَاةِ وَالْجَاهِ وَالْعُلُوِّ عَلَى النَّاسِ ، وَالْغَدْرُ ، وَالْفُجُورُ فِي الْخِصَامِ ، وَإِتْيَانُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا وَفِي مَحِيضِهَا ، وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَمَلِ الْخَيْرِ .
وَإِسَاءَةُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ ، وَاتِّهَامُهُ فِي أَحْكَامِهِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ ، وَالتَّكْذِيبُ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّهُ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِجَ بِهِ إلَيْهِ ، وَأَنَّهُ رَفَعَ الْمَسِيحِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ يَصْعَدُ إلَيْهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَأَنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّ رَحْمَتَهُ تَغْلِبُ غَضَبَهُ وَأَنَّهُ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَمْضِيَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ : مَنْ يَسْتَغْفِرنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَأَنَّهُ تَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكًّا وَاِتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَأَنَّهُ نَادَى آدَمَ وَحَوَّاءَ وَنَادَى مُوسَى وَيُنَادِي نَبِيَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ وَأَنَّهُ يَقْبِضُ سَمَاوَاتِهِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَالْأَرْضَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
فَصْلٌ : وَمِنْهَا الِاسْتِمَاعُ إلَى حَدِيثِ قَوْمٍ لَا يُحِبُّونَ اسْتِمَاعَهُ ، وَتَخْبِيثُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَالْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ ، وَتَصْوِيرُ صُوَرِ الْحَيَوَانِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ظِلٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَأَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ تَرَيَاهُ ، وَأَخْذُ الرِّبَا وَإِعْطَاؤُهُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَكِتَابَتُهُ ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَعَصْرُهَا وَاعْتِصَارُهَا وَحَمْلُهَا وَبَيْعُهَا وَأَكْلُ ثَمَنِهَا ، وَلَعْنُ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ اللَّعْنَ ، وَإِتْيَانُ الْكَهَنَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَالْعَرَّافِينَ وَالسَّحَرَةِ وَتَصْدِيقُهُمْ وَالْعَمَلُ بِأَقْوَالِهِمْ ، وَالسُّجُودُ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَالْحَلِفُ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ } وَقَدْ قَصَّرَ مَا شَاءَ أَنْ يُقَصِّرَ مَنْ قَالَ : إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَجْعَلُهُ شِرْكًا ، فَرُتْبَتُهُ فَوْقَ رُتْبَةِ الْكَبَائِرِ ، وَاِتِّخَاذُ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ ، وَجَعْلُهَا أَوْثَانًا وَأَعْيَادًا يَسْجُدُونَ لَهَا تَارَةً وَيُصَلُّونَ إلَيْهَا تَارَةً وَيَطُوفُونَ بِهَا تَارَةً وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَهَا أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي بُيُوتِ اللَّهِ الَّتِي شَرَعَ أَنْ يُدْعَى فِيهَا وَيُعْبَدَ وَيُصَلَّى لَهُ وَيُسْجَدُ .
وَمِنْهَا مُعَادَاةُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ، وَإِسْبَالُ الثِّيَابِ مِنْ الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَغَيْرِهَا ، وَالتَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَطَاعَةُ الْهَوَى وَطَاعَةُ الشُّحِّ وَالْإِعْجَابُ بِالنَّفْسِ ، وَإِضَاعَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَنَفَقَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ وَزَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَمَمَالِيكِهِ ، وَالذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَهَجْرُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَنَةً كَمَا فِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ السُّلَمِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَقَتْلِهِ } ، وَأَمَّا هَجْرُهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ دُونَهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمِنْهَا الشَّفَاعَةُ فِي إسْقَاطِ حُدُودِ اللَّهِ ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ { مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ .(55/618)
وَمِنْهَا تَكَلَّمُ الرَّجُلِ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا .
وَمِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ إلَى بِدْعَةٍ أَوْ ضَلَالَةٍ أَوْ تَرْكِ سُنَّةٍ ، بَلْ هَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ، وَهُوَ مُضَادَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَكَلَ بِمُسْلِمٍ أَكْلَةً أَطْعَمَهُ اللَّهُ بِهَا أَكْلَةً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ قَامَ بِمُسْلِمٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ أَقَامَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ ، وَمَنْ اكْتَسَى بِمُسْلِمٍ ثَوْبًا كَسَاهُ اللَّهُ ثَوْبًا مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَوَصَّلَ إلَى ذَلِكَ وَتَوَسَّلَ إلَيْهِ بِأَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَذِبٍ عَلَيْهِ أَوْ سُخْرِيَةٍ أَوْ هُمَزَةٍ أَوْ لُمَزَةٍ أَوْ غِيبَةٍ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ وَالِازْدِرَاءِ بِهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بِالزُّورِ وَالنَّيْلِ مِنْ عِرْضِهِ عِنْدَ عَدُوِّهِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَأَوْقَعَ فِي وَسَطِهِ ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .
وَمِنْهَا التَّبَجُّحُ وَالِافْتِخَارُ بِالْمَعْصِيَةِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَأَشْكَالِهِ ، وَهُوَ الْإِجْهَارُ الَّذِي لَا يُعَافِي اللَّهُ صَاحِبَهُ ، وَإِنْ عَافَاهُ مِنْ شَرِّ نَفْسِهِ .
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَجْهَانِ وَلِسَانَانِ ، فَيَأْتِي الْقَوْمَ بِوَجْهٍ وَلِسَانٍ ، وَيَأْتِي غَيْرَهُمْ بِوَجْهٍ وَلِسَانٍ آخَرَ .
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بَذِيًّا يَتْرُكُهُ النَّاسُ وَيَحْذَرُونَهُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ .
وَمِنْهَا مُخَاصَمَةُ الرَّجُلِ فِي بَاطِلٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ ، وَدَعْوَاهُ مَا لَيْسَ لَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ .
وَمِنْهَا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْ آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنْهُمْ ، أَوْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَلَيْسَ بِابْنِهِ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ اُدُّعِيَ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ } وَفِيهِمَا أَيْضًا { لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ } وَفِيهِمَا أَيْضًا { لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ اُدُّعِيَ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إلَّا وَقَدْ كَفَرَ ، وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ : عَدُوُّ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ } .
فَمِنْ الْكَبَائِرِ تَكْفِيرُ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ وَأَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ وَدِينُهُمْ تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِينَ بِالذُّنُوبِ ، فَكَيْفَ مَنْ كَفَّرَهُمْ بِالسُّنَّةِ وَمُخَالَفَةِ آرَاءِ الرِّجَالِ لَهَا وَتَحْكِيمِهَا وَالتَّحَاكُمِ إلَيْهَا ؟ وَمِنْهَا أَنْ يُحَدِّثَ حَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ ، أَوْ يُؤْوِيَ مُحْدِثًا وَيَنْصُرَهُ وَيُعِينَهُ ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا } وَمِنْ أَعْظَمِ الْحَدَثِ تَعْطِيلُ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، وَإِحْدَاثُ مَا خَالَفَهُمَا ، وَنَصْرُ مَنْ أَحْدَثَ ذَلِكَ وَالذَّبُّ عَنْهُ ، وَمُعَادَاةُ مَنْ دَعَا إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَمِنْهَا إحْلَالُ شَعَائِرِ اللَّهِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَاسْتِحْلَالِ الْقِتَالِ فِي حَرَمِ اللَّهِ .
وَمِنْهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلرِّجَالِ ، وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ .(55/619)
وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الطِّيَرَةُ شِرْكٌ } فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَنْ يَكُونَ دُونَهَا .
وَمِنْهَا الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ ، وَمِنْهَا غِشُّ الْإِمَامِ وَالْوَالِي لِرَعِيَّتِهِ ، وَمِنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ، أَوْ يَقَعُ عَلَى بَهِيمَةٍ .
وَمِنْهَا الْمَكْرُ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَمُخَادَعَتُهُ وَمُضَارَّتُهُ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَلْعُونٌ مَنْ مَكَرَ بِمُسْلِمٍ أَوْ ضَارَّ بِهِ } .
وَمِنْهَا الِاسْتِهَانَةُ بِالْمُصْحَفِ وَإِهْدَارُ حُرْمَتِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ فِيهِ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ وَطِئَهُ بِرِجْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَمِنْهَا أَنْ يُضِلَّ أَعْمَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَقَدْ لَعَنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَضَلَّ عَنْ طَرِيقِ اللَّهِ أَوْ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ ؟ وَمِنْهَا أَنْ يَسِمَ إنْسَانًا أَوْ دَابَّةً فِي وَجْهِهَا ، وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ .
وَمِنْهَا أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ .
وَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَفْعَلُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } .
وَمِنْهَا الْجِدَالُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَدِينِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ .
وَمِنْهَا إسَاءَةُ الْمَلِكَةِ بِرَقِيقِهِ فِي الْحَدِيثِ { لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ } .
وَمِنْهَا أَنْ يَمْنَعَ الْمُحْتَاجَ فَضْلَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِمَّا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاهُ .
وَمِنْهَا الْقِمَارُ ، وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ ؛ لِتَشِبِّيهِ لَاعِبِهِ بِمَنْ صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ ، وَلَا سِيَّمَا إذَا أَكَلَ الْمَالَ بِهِ ، فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ التَّشْبِيهُ بِهِ ؛ فَإِنَّ اللَّعِبَ بِمَنْزِلَةِ غَمْسِ الْيَدِ ، وَأَكْلُ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ .
وَمِنْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَقَدْ عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَحْرِيقِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُحَرِّقَ مُرْتَكِبَ صَغِيرَةٍ ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَهَذَا فَوْقَ الْكَبِيرَةِ .
وَمِنْهَا تَرْكُ الْجُمُعَةِ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ } وَفِي السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ } .
وَمِنْهَا أَنْ يَقْطَعَ مِيرَاثَ وَارِثِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ ، أَوْ يَدُلَّهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَيُعَلِّمَهُ مِنْ الْحِيَلِ مَا يُخْرِجُهُ بِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ .
وَمِنْهَا الْغُلُوُّ فِي الْمَخْلُوقِ حَتَّى يَتَعَدَّى بِهِ مَنْزِلَتَهُ ، وَهَذَا قَدْ يَرْتَقِي مِنْ الْكَبِيرَةِ إلَى الشِّرْكِ .
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ ، وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ } .
وَمِنْهَا الْحَسَدُ ، وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ .
وَمِنْهَا الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرَةً لَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ فَاعِلِهِ ، وَلَمْ يَجْعَلْ وُقُوفَهُ عَنْ حَوَائِجِهِ وَمَصَالِحِهِ أَرْبَعِينَ عَامًا خَيْرًا لَهُ مِنْ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .(55/620)
ـــــــــــــــــــ
فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَالدّوَامِ بَيْنَ الزّوْجَاتِ
ثَبَتَ فِي " الصّحِيحَيْنِ " : عَنْ أَنَس ٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ مِنْ السّنّةِ إذَا تَزَوّجَ الرّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثّيّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ وَإِذَا تَزَوّجَ الثّيّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمّ قَسَمَ . قَالَ أَبُو قِلَابَةَ : وَلَوْ شِئْت لَقُلْتُ إنّ أَنَسًا رَفَعَهُ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَهَذَا الّذِي قَالَهُ أَبُو قِلَابَةَ قَدْ جَاءَ مُصَرّحًا بِهِ عَنْ أَنَس ٍ كَمَا رَوَاهُ الْبَزّارُ فِي " مُسْنَدِهِ " مِنْ طَرِيقِ أَيّوبَ السّخْتِيَانِيّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ [ ص 136 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَعَلَ لِلْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثّيّبِ ثَلَاثًا وَرَوَى الثّوْرِيّ عَنْ أَيّوبَ وَخَالِدٍ الْحَذّاءِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَس ٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إذَا تَزَوّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَإِذَا تَزَوّجَ الثّيّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " : عَنْ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا لَمّا تَزَوّجَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمّ قَالَ " إنّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إنْ شِئْتِ سَبّعْتُ لَك وَإِنْ سَبّعْتُ لَك سَبّعْتُ لِنِسَائِي وَلَهُ فِي لَفْظٍ " لَمّا أَرَادَ أَنْ يَخْرَجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَ إنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثّيّبِ ثَلَاثٌ وَفِي " السّنَنِ " : عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللّهُمّ إنّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ يَعْنِي الْقَلْبَ . وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " : أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيّتُهُنّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ وَفِي " الصّحِيحَيْنِ أَنّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَكَانَ [ ص 137 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ وَفِي " السّنَنِ " : عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُفَضّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلّ يَوْمٌ إلّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتّى يَبْلُغَ إلَى الّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا . وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " : إنّهُنّ كُنّ يَجْتَمِعْنَ كُلّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الّتِي يَأْتِيهَا . وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " : عَن عَائِشَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا } أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرّجُل ِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا فَتَقُولُ لَا تُطَلّقْنِي وَأَمْسِكْنِي وَأَنْتَ فِي حِلّ مِنْ النّفَقَةِ عَلَيّ وَالْقَسْمِ لِي فَذَلِكَ قَوْلُهُ { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصّلْحُ خَيْرٌ } وَقَضَى خَلِيفَتُهُ الرّاشِدُ وَابْنُ عَمّهِ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ إذَا تَزَوّجَ الْحُرّةَ عَلَى الْأَمَةِ قَسَمَ لِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَلِلْحُرّةِ لَيْلَتَيْنِ . وَقَضَاءُ خُلَفَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاوِيًا لِقَضَائِهِ فَهُوَ كَقَضَائِهِ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْأَمَةِ وَقَدْ احْتَجّ الْإِمَامُ أَحْمَد ُ بِهَذَا الْقَضَاءِ عَنْ عَلِي ّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَقَدْ ضَعّفَهُ أَبُو مُحَمّدٍ ابْنُ حَزْمٍ بِالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَبِابْنِ أَبِي لَيْلَى وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا فَإِنّهُمَا ثِقَتَانِ حَافِظَانِ جَلِيلَانِ وَلَمْ يَزَلْ النّاسُ يَحْتَجّونَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَى شَيْءٍ مَا فِي حِفْظِهِ يُتّقَى مِنْهُ مَا خَالَفَ فِيهِ [ ص 138 ] الْأَثْبَاتَ وَمَا تَفَرّدَ بِهِ عَنْ النّاسِ وَإِلّا فَهُوَ غَيْرُ مَدْفُوعٍ عَنْ الْأَمَانَةِ وَالصّدْقِ فَتَضَمّنَ هَذَا الْقَضَاءُ أُمُورًا .
[ وُجُوبُ قَسْمِ الِابْتِدَاءِ ]
مِنْهَا وُجُوبُ قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ أَنّهُ إذَا تَزَوّجَ بِكْرًا عَلَى ثَيّبٍ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمّ سَوّى بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ ثَيّبًا خَيّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمّ يَقْضِيهَا لِلْبَوَاقِي وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ(55/621)
عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَلَا يُحَاسِبُهَا هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ فِيهِ إمَامُ أَهْلِ الرّأْيِ وَإِمَامُ أَهْلِ الظّاهِرِ وَقَالُوا : لَا حَقّ لِلْجَدِيدَةِ غَيْرَ مَا تَسْتَحِقّهُ الّتِي عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا .
[إذَا اخْتَارَتْ الثّيّبُ السّبْعَ قَضّاهُنّ لِلْبَوَاقِي ]
وَمِنْهَا . أَنّ الثّيّبَ إذَا اخْتَارَتْ السّبْعَ قَضَاهُنّ لِلْبَوَاقِي وَاحْتَسَبَ عَلَيْهَا بِالثّلَاثِ وَلَوْ اخْتَارَتْ الثّلَاثَ لَمْ يَحْتَسِبْ عَلَيْهَا بِهَا وَعَلَى هَذَا مَنْ سُومِحَ بِثَلَاثٍ دُونَ مَا فَوْقَهَا فَفَعَلَ أَكْثَرَ مِنْهَا دَخَلَتْ الثّلَاثُ فِي الّذِي لَمْ يُسَامِحْ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَرَتّبَ عَلَيْهِ إثْمٌ أَثِمَ عَلَى الْجَمِيعِ وَهَذَا كَمَا رَخّصَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا . فَلَوْ أَقَامَ أَبَدًا ذُمّ عَلَى الْإِقَامَةِ كُلّهَا .
[ لَا تَجِبُ التّسْوِيَةُ بَيْنَ النّسَاءِ فِي الْمَحَبّةِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الْوَطْءِ ]
وَمِنْهَا : أَنّهُ لَا تَجِبُ التّسْوِيَةُ بَيْنَ النّسَاءِ فِي الْمَحَبّةِ فَإِنّهَا لَا تُمْلَكُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَحَبّ نِسَائِهِ إلَيْهِ . وَأُخِذَ مِنْ هَذَا أَنّهُ لَا تَجِبُ التّسْوِيَةُ بَيْنَهُنّ فِي الْوَطْءِ لِأَنّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَحَبّةِ وَالْمَيْلِ وَهِيَ بِيَدِ مُقَلّبِ الْقُلُوبِ . وَفِي هَذَا تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنّهُ إنْ تَرَكَهُ لِعَدَمِ الدّاعِي إلَيْهِ وَعَدَمِ الِانْتِشَارِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الدّاعِي إلَيْهِ وَلَكِنْ دَاعِيهِ إلَى الضّرّةِ أَقْوَى فَهَذَا مِمّا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَمِلْكِهِ فَإِنْ أَدّى الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ التّسْوِيَةُ وَإِنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ مِنْهُ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ .
[ الْإِقْرَاعُ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي السّفَرِ وَأَنّهُ لَا يَقْضِي لِلْبَوَاقِي إذَا قَدِمَ ]
وَمِنْهَا : إذَا أَرَادَ السّفَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَاهُنّ إلّا بِقُرْعَةٍ . وَمِنْهَا : أَنّهُ لَا يَقْضِي لِلْبَوَاقِي إذَا قَدِمَ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَكُنْ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي . [ ص 139 ] أَحَدُهَا : أَنّهُ لَا يَقْضِي سَوَاءٌ أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ . وَالثّانِي : أَنّهُ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الظّاهِرِ . وَالثّالِثُ أَنّهُ إنْ أَقْرَعَ لَمْ يَقْضِ وَإِنْ لَمْ يُقْرِعْ قَضَى وَهَذَا قَوْل ُ أَحْمَد َ وَالشّافِعِيّ .
[لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ لَيْلَتَهَا لِضَرّتِهَا ]
وَمِنْهَا : أَنّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ لَيْلَتَهَا لِضَرّتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ جَعْلُهَا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبَةِ وَإِنْ وَهَبَتْهَا لِلزّوْجِ فَلَهُ جَعْلُهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنّ اللّيْلَةَ حَقّ لِلْمَرْأَةِ فَإِذَا أَسَقَطَتْهَا وَجَعَلَتْهَا لِضَرّتِهَا تَعَيّنَتْ لَهَا وَإِذَا جَعَلَتْهَا لِلزّوْجِ جَعَلَهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْ نِسَائِهِ فَإِذَا اتّفَقَ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ قَسَمَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا فَهَلْ لَهُ نَقْلُهَا إلَى مُجَاوَرَتِهَا فَيَجْعَلُ اللّيْلَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد َ وَالشّافِعِيّ . وَمِنْهَا : أَنّ الرّجُلَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ كُلّهِنّ فِي يَوْمِ إحْدَاهُنّ وَلَكِنْ لَا يَطَؤُهَا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا . وَمِنْهَا : أَنّ لِنِسَائِهِ كُلّهِنّ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النّوْبَةِ يَتَحَدّثْنَ إلَى أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ النّوْمِ فَتَؤُوبُ كُلّ وَاحِدَةٍ إلَى مَنْزِلِهَا .
[إنْ رَضِيَتْ الزّوْجَةُ بِالْإِقَامَةِ عِنْدَ الزّوْجِ وَلَا حَقّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَالْوَطْءِ وَالنّفَقَةِ
فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ]
وَمِنْهَا : أَنّ الرّجُلَ إذَا قَضَى وَطَرًا مِنْ امْرَأَتِهِ وَكَرِهَتْهَا نَفْسُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ حُقُوقِهَا فَلَهُ أَنْ يُطَلّقَهَا وَلَهُ أَنْ يُخَيّرَهَا إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ وَلَا حَقّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَالْوَطْءِ وَالنّفَقَةِ أَوْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ فَإِذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ لَزِمَ وَلَيْسَ لَهَا(55/622)
الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الرّضَى . هَذَا مُوجَبُ السّنّةِ وَمُقْتَضَاهَا وَهُوَ الصّوَابُ الّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنّ حَقّهَا يَتَجَدّدُ فَلَهَا الرّجُوعُ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ فَاسِدٌ فَإِنّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ سَمّاهُ اللّهُ تَعَالَى صُلْحًا فَيَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ [ ص 140 ] لَكَانَ فِيهِ تَأْخِيرُ الضّرَرِ إلَى أَكْمَلِ حَالَتَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ صُلْحًا بَلْ كَانَ مِنْ أَقْرَبِ أَسْبَابِ الْمُعَادَاةِ وَالشّرِيعَةُ مُنَزّهَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ أَنّهُ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَالْقَضَاءُ النّبَوِيّ يَرُدّ هَذَا .
[الْأَمَةُ الْمُزَوّجَةُ عَلَى النّصْفِ مِنْ الْحُرّةِ ]
وَمِنْهَا : أَنّ الْأَمَةَ الْمُزَوّجَةَ عَلَى النّصْفِ مِنْ الْحُرّةِ كَمَا قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِي رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الصّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إلّا رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ أَنّهُمَا سَوَاءٌ وَبِهَا قَالَ أَهْلُ الظّاهِرِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ هُوَ الّذِي يَقْتَضِيهِ الْعَدْلُ فَإِنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُسَوّ بَيْنَ الْحُرّةِ وَالْأَمَةِ لَا فِي الطّلَاقِ وَلَا فِي الْعِدّةِ وَلَا فِي الْحَدّ وَلَا فِي الْمِلْكِ وَلَا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا فِي الْحَجّ وَلَا فِي مُدّةِ الْكَوْنِ عِنْدَ الزّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا فِي أَصْلِ النّكَاحِ بَلْ جَعَلَ نِكَاحَهَا بِمَنْزِلَةِ الضّرُورَةِ وَلَا فِي عَدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ فَإِنّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوّجُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ يَتَزَوّجُ الْعَبْدُ ثِنْتَيْنِ وَيُطَلّقُ ثِنْتَيْنِ وَتَعْتَدّ امْرَأَتُهُ حَيْضَتَيْنِ وَاحْتَجّ بِهِ أَحْمَد وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ يَحِلّ لِلْعَبْدِ مِنْ النّسَاءِ إلّا ثِنْتَانِ . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ النّاسَ كَمْ يَتَزَوّجُ الْعَبْدُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ ثِنْتَيْنِ وَطَلَاقُهُ ثِنْتَيْنِ . فَهَذَا عُمَرُ وَعَلِيّ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصّحَابَةِ مَعَ انْتِشَارِ هَذَا الْقَوْلِ وَظُهُورِهِ وَمُوَافَقَتِهِ لِلْقِيَاسِ .
ـــــــــــــــــــ(55/623)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الطريق الصحيح إلى الزواج
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(56/1)
كيف تختار شريك حياتك؟!
هشام عمر**
الاختيار أصعب مراحل الزواج
يحلم كل شاب وفتاة باليوم الذي يجد فيه من يشاركه حياته، غير أن الكثير منهم يفتقدون لمهارات اختيار ذلك الشريك، والأسس الواجب توفرها فيه.. حتى إن تمت عملية الاختيار فعلا، وبدأت الخطبة فإن الكثير من الشباب لا يجيدون كذلك فن الغوص في شخصية الشريك لتحديد ملامحه من خلف قناع التجمل الذي ربما يضعه البعض خلال فترة الخطبة.
وربما يجب على الشباب العربي -من الجنسين- ألا يعرف الحيل وأساليب الخداع التي قد يلجأ إليها البعض لجذب الطرف الآخر للتقدم لخطبته، أو حتى لإتمام الخطبة بالزواج، ولكن يجب أن يكون لديهم على الأقل الإلمام بالحد الأدنى من المعايير والشروط المطلوب توافرها في زوج المستقبل.
فكيف نعرف مدى ملاءمة الطرف الآخر لنا؟ ومتى يجب علينا الابتعاد؟ ومتى نكمل الخطبة؟ وما هي الأسئلة التي يجب أن نطرحها، والمواقف اللازم حسمها قبل إتمام الخطبة أو حتى بعدها؟.
في هذا الموضوع نجيب على هذه الأسئلة ونضع ملامح طريق يجب أن يتحراها المقبلون على الزواج لضمان حياة سعيدة ومستقرة.
للشباب رأي
حول الصفات التي يحرص الشباب على توافرها في شريك الحياة المنتظر، يقول إبراهيم توفيق (مهندس - 25 عاما): إن الدين أساس كل شيء، فإن كانت الفتاة متدينة حقا عرفت كيف تحترم زوجها وتعاشره بالمعروف، وأيضًا تحفظه في عرضه وماله وقت غيابه، وتلم بالأسس القويمة في تربية الأبناء.
ويتفق محمد يوسف (طبيب أسنان - 27 عاما) مع إبراهيم لا سيما هذه الأيام التي ساءت فيها أخلاق بعض البنات بشكل ملحوظ -حسب رأيه- وأصبح من "شبه المستحيل" أن تعثر على فتاة "مؤدبة بحق"، حيث أصبحت الفتيات ينظرن إلى فتيات السينما والفيديو كليب ويعتبرنهن قدوة لهن، ويحاولن تقليدهن في كل شيء.
وينصح يوسف كل شاب مقدم على الخطبة ألا يرتبط بفتاة قبلت أن تخرج معه أو قدمت له أي تنازلات أخلاقية؛ فما الذي يضمن له أنها لن تقدم على مثل ذلك مع غيره؟ أو أنها لم تقم بذلك مع غيره حتى قبل أن تعرفه؟ لذا ينصح بخطبة الفتاة "الخام" التي لا علاقات لها مع الشباب نهائيا.
ويرى إسلام جاد (مصحح لغوي - 31 عامًا) وهو خاطب بالفعل، أنه على المقبلين على الخطبة تحديد ثلاثة أمور في غاية الأهمية، يكفي غياب أي منها لهدم العلاقة كليًا وعدم استمرارها، أولها: الاتفاق على أن جميع الشروط المالية التي يتم الاتفاق عليها هي نهائية ولا رجوع عنها.
وثانيا: ألا يعلم أحد بتفاصيل حياتهما المشتركة، ولا يتدخل طرف ثالث بينهما إلا في حالات الضرورة القصوى التي يحددانها مسبقًا.(56/2)
أما الأمر الثالث فهو: الاتفاق على ألا يتم إجراء مقارنات بين حالهم وأحوال الأقرباء أو الأصدقاء من أي وجه؛ فظروف كل شخص تختلف عن الآخر، ومثل هذه المقارنات تؤدي إلى الكثير من المشاحنات المستقبلية.
ويروي حازم عبد الغني (26 عامًا - محاسب) تجربته مع خطيبته التي تركها بعد 4 سنوات من الارتباط، قائلا: اتفقت مع إحدى زميلاتي في الجامعة قبل عامين من تخرجنا على الارتباط، وبالفعل تمت الخطبة فور تخرجنا وكان الاتفاق أن نكمل زواجنا بعد 4 سنوات من بداية فترة الخطبة حتى يتسنى لي تلبية كل متطلبات الزواج، غير أنها -وكما يقول حازم- عادت لترفض الاتفاق الذي كان قائما بيننا، بدعوى إحساس أهلها بالقلق من طول فترة الخطبة -رغم موافقتهم في البداية- واستمرت في الإلحاح على لتقديم موعد الزواج.
ويضيف حازم أنه رأى في ذلك مؤشرا على أن خطيبته لن تكون زوجة جيدة أو متفاهمة، لا سيما أنها بدأت في تغيير أسلوب تعاملها معه حتى تجبره على تقديم موعد الزواج، وهو ما رفضه بشده بصفته محاولة لـ"لي ذراعه"، وقام على الفور بفسخ الخطبة رغم علاقة الحب التي كانت تربطه بتلك الفتاة؛ لذا ينصح حازم بضرورة وضع قواعد واضحة للتعامل خلال فترة الخطبة على أن يواجه أي كسر لهذه القواعد بـ"منتهى الصرامة".
وللبنات شروط
تؤكد رشا حسني (24 عامًا – لا تعمل) أنه يجب أن تشعر الفتاة في شريك حياتها بمعاني الرجولة، أي يكون "رجلا بمعنى الكلمة"، ويفضل أن تختبر الفتاة خطيبها قبل الخطبة في مواقف ترى من خلالها قدرته على تحمل الصعاب والمواقف الحرجة؛ لأنه يفترض بالخطيب أن يصبح زوجا ومن ثم يتحمل مسئولية البيت والأولاد، وهو ما لا يمكن أن يفعله إن كان "ضعيف الشخصية".
غير أن رشا تشدد في الوقت ذاته على ضرورة ألا تكون شخصية الشاب الذي ترتبط به الفتاة شخصية "متسلطة"؛ لأن ذلك سيجعل فترة الخطوبة تعيسة فضلا عن فشل الزواج أو على الأقل تحوله لفصول من المعاناة المستمرة.
أما رانيا مصطفى (25 عاما)، فترى أن أهم الصفات التي يجب أن تتوافر في خطيبها المنتظر هي أن يكون طيب القلب، ولبقا في الحديث، ومثابرا، حتى يكونا قادرين على هزيمة ضغوط الحياة وأي مشاكل قد تواجههما في المستقبل.
بينما ترى مريم السويفي (طالبة جامعية)، ضرورة أن يعمل من يرغب في الارتباط بها في مجال يمكن أن يتطور فيه، ويصبح ذا شأن في المجتمع، ولا يعمل في عمل يعتبره مجرد "حصالة".
زهراء محمود (طالبة جامعية)، ترى أن علاقتها بشريك حياتها يجب أن يغلفها الاحترام المتبادل سواء فيما بينهما أو على مستوى الأهل، وأنه يجب أن يكون متفهمًا؛ فمهما صدر منها يجب ألا يقابله برد فعل عصبي. وتؤكد أنها لن تختار سوى رجل "صاحب شخصية" مع أهله فلا يقول لهم "حاضر" في كل الأوقات، بل يجب أن يكون له شخصيته المستقلة.(56/3)
سناء إبراهيم (موظفة - 30 عامًا): يجب على خطيبي أن يكون "ابن ناس"، فأنا أستطيع أن أحكم على الشخص من أول نظرة في ملابسه؛ فالشخص المحترم محترم في كل شيء، ملابسه نظيفة وشكلها متناسق وله رائحة جميلة ويتكلم بطريقة مهذبة و"شيك" حتى في وقت الشجار. لأنه بذلك فقط يكون من السهل التعامل مع الرجل والعيش معه حياة هنيئة وسعيدة.
الدين أولاً
وعن المنهج الذي يفترض أن يسير عليه الشباب من الجنسين في اختيار شريك الحياة، ينصح الداعية المصري الدكتور صفوت حجازي الشباب بأن يتوخى الحذر في الاختيار، حرصا على دينه ومستقبله وأبنائه، معلقا: "لا يصح بأي حال أن يختار الإنسان شريك حياته على أساس عامل واحد، سواء أكان الجمال أو الثراء أو حتى الدين؛ فأغلب اختيارات الشباب هذه الأيام اختيارات فاسدة؛ لأنها تعتمد على اتباع الهوى، أو تركز على الدين بشكل مُخل؛ فقد يكون ملتزمًا دينيا ظاهريا ولكنه سيئ الخُلق، عصبي، أو لا يصلح للنهوض بمسئولياته كأب أو أم، أو زوج، وهذا الاختيار المخل موجب للفشل بكل تأكيد".
ويُذّكر الدكتور صفوت بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، مشيرا إلى أن الأسس الأربعة التي ذكرها الحديث هي معايير الاختيار لشريك الحياة، ولكنها لا تجتمع كلها في الغالب، وإنما يختار الإنسان أولوياته من بينها، موضحًا أن الإسلام لا يرفض المقومات الثلاثة الأخرى، ولكنه يقدم الدين عليها؛ فلا مانع من أن تكون الفتاة جميلة وثرية، ولكن الأهم أن تكون متدينة وخلوقة.
لا لتجاهل النصائح!
لا تفرط أبدًا في الشريك المناسب
ومن ناحيتها، ترى الدكتورة عايدة فؤاد أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج، سواء شابا أو فتاة، هو عدم أخذ المشورة من أهل الاختصاص ومن أهل الخبرة في الحياة العملية، سواء من الأهل أو الأصحاب.
وكذلك عدم إعطائهم قيمة لمثل هذه النصائح مع أن مثل هذه النصائح إذا أخذت في الحسبان فإنها سوف تمنع الكثير من المشاكل التي قد تطرأ بسبب وجود تنافر في الطباع يتم التغاضي عنه تحت تأثير الرغبة في إتمام الزواج.
كما أنه لا بد من مراعاة الانسجام بين الأسرتين على الأقل للحد الذي يحول دون وجود صراعات مستقبلية بينهما، ويكون غياب مثل ذلك الانسجام شرارة بدء الخلافات بين الأزواج نتيجة للشحن المتواصل بينهم.
وتضيف: أريد من كل شاب أو فتاة بأن يسأل نفسه ماذا أريد من الزواج؟ هل كل ما أريده هو البيت والأطفال؟ فإذا كانت هذه هي الإجابة فليتزوج الشاب أي فتاة أو تتزوج الفتاة أي شخص، أما إذا كان أمله أن يعيش حياة سعيدة فعليه أن يتعب قليلا في الاختيار وأن ينظر إلى عيوب الطرف الآخر، ويتأكد أنه قادر على معايشتها وليس تغييرها.(56/4)
جمع المعلومات.. ضرورة
الدكتور فكري عبد العزيز المستشار النفسي، وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية، يعتبر أن أهم ما يجب على المقبلين على الزواج اتباعه هو دراسة الطرف الآخر جيدا وعدم الاستعجال، وكذلك جمع المعلومات عن شخصية الشريك المحتمل، سواءً السلبية أو الإيجابية.
وعليه أن يقوم بموازنة الجانبين جيدًا، وتقرير إذا ما كان يمكنه التعايش مع العيوب والتغاضي عنها أم أنها من شأنها أن تعطل مسيرة الزواج.
ويوضح أن هناك الكثير من أنماط الاختيار الزوجي منه العاطفي والعقلاني والجسدي والاجتماعي.. والأذكى هو من يحاول أن يجمع بين كل هذه الأنماط في زيجة واحدة.
ويضيف: يجب على المقبل على الزواج أن يكون واضحًا مع نفسه وأن يفكر جيدا وأن يكون هناك استعداد متبادل لقبول التناقضات في الطرف الآخر، وأن يرتب أولوياته في الطرف الآخر.
وعن أهم الصفات التي إن وجدت في الطرف الآخر يجب الابتعاد عنه، يشير الدكتور فكري إلى صفات الظن السيئ والشخصية المتعالية والجافة، وكذلك الشخصية البخيلة أو العصبية الحادة، حيث إنها أكثر الصفات التي تكون غير قابلة للتغيير بسهولة، وتنم عن عدم احترام الآخر ورغباته، والمحاولة الدءوبة على فرض الرأي عليه وعدم الاعتداد بشخصيته.
أسئلة واختبارات!
ومن جهتها تطالب الدكتورة ليلى الموصلي أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة، المقبلين على الزواج بوضع اختبار أو عدة أسئلة للطرف الآخر ليتسنى له معرفته على حقيقته والتعرف على فرص استمرار الحياة معه.. وتقترح عدة أسئلة منها:
- ما هو طموحك في الحياة والهدف الذي تسعى لتحقيقه؟
ليتحقق ما إذا كانت هذه الطموحات تتناسب معه أم لا، فقد تكون أقل مما يطمح إليه أو تتعارض معه.
- ما هي الصفات التي تحب أن تراها في شريك الحياة؟
وذلك لدفع الطرف الآخر للحديث ومعرفة ما بداخله وما يحبه وما يكرهه ومعرفة مدى مناسبته لنا.
- تحديد الموقف من جميع المسائل المصيرية، مثل إنجاب الأطفال، والموقف من عمل المرأة، وحدود العلاقة مع الأهل... إلخ.
- معرفة إذا كان أحد الأطراف يعاني من مشاكل صحية أو عيوب خلقية تجعله غير قادر على مزاولة حياته الاعتيادية.
- من هم أصدقاؤه وكيف يتعامل معهم وكيف يعاملونه؟ إذ إنه يعتبر قياسا لشخصيته.
- معرفة شكل علاقته بوالدته ووالده وإخوته؟ وكيف يدار أسلوب الحوار داخل البيت الذي نشأ فيه؟
- ما هي درجة علاقته بربه ومدى تدينه؟(56/5)
كل هذه الأسئلة يجب أن تطرح على الطرف الآخر، ويجب أن يجتهد لمعرفة مدى ملاءمة الأجوبة للواقع، حيث يتعمد البعض الإجابة بإجابات ليست صحيحة لرسم صورة معينة لدى الطرف الآخر
ـــــــــــــــــــ
معا لحل أزمة "الحب على الكورنيش"!
رغداء بندق**
المجتمع مسئول عن تزويج أفراده
في إحدى المرات التي خرجنا فيها للتنزه أنا وزوجي وطفلي على ضفاف نيلنا الطيب استفزني أحد تلك المواقف التي بدأنا نألفها وأصبح أقصى اعتراض نقدمه هو مد شفاهنا للأمام والتمتمة ببعض كلمات الامتعاض على خجل.. كان هناك شاب يقترب من إحدى الفتيات بشكل لافت للنظر، وبدأ يمسك بكفيها ويفركهما بكفه وكأن عفريت مصباح علاء الدين سيخرج منهما، ثم بدأت التجاوزات تتوالى دون حساب لمارة أو اعتبار لآداب عامة.
في الحقيقة لم أتمالك نفسي، وبدأت أنهرهما وأطالبهما باحترام الشارع والمارة، وهددتهما بأني سأطلب لهما الشرطة بدعوى ممارسة فعل يخدش الحياء العام -وتساءلت في قرارة نفسي وهل مازال هناك "حياء"؟ ولماذا أنا من بادر باستهجان الموقف مع أن العشرات والعشرات مروا عليهم ولم ينطقوا ببنت شفة-.
المهم أنه بعد نقاش حاد أشبه بالشجار قام "الرفيقان" بمغادرة المكان ليس تلبية لرغبتي وإنما بعد أن اجتمع عليهم الثقلان واضطرا للفرار من أعين الناس.
سردت موقفي البطولي لأصدقائي، وبدأنا نقاشًا ساخنا حول موضوع انتزاع الحياء من الناس والمجاهرة بالمعصية، وما بات يعرف باعتياد المنكر، وكيف أننا نُستفز بتلك المشاهد ونكره أن تؤذى أبناؤنا -خاصة المراهقين منهم- بها، وحاولنا أن نخرج من النقاش بطرق جديدة لإنكار المنكر والأسلوب الأمثل لمواجهته.
إلا أن أحد الأصدقاء استوقفنا بجملة اعتراضية أخرستنا جميعا حينما قال: "ولماذا لا تظنون أن منظركم أنتم هو الذي يستفز الشباب الحالم بالزواج؟ أو أن منظر الحامل مثلا يستفز امرأة تأخر سن زواجها، أو أن منظر طفلكم يركض من حولكم لا يستفز شابا يحلم بالزواج وإعفاف نفسه؟".. للحظات توقف الجميع عن الكلام وأدركنا أن لنا شراكة، إرادية أو لاإرادية في مثل تلك المشاهد المستفزة، وباتت المشكلة فينا كمجتمع وليس كأفراد.
نعم علينا مواجهة أنفسنا كمجتمع واحد، فنحن شركاء في إنتاج مثل تلك المشاهد شئنا أم أبينا، شركاء بإهمالنا للقطاع العريض من الشباب الذي يحلم بوظيفة بسيطة، وأسرة مستقرة حتى وإن كانت متواضعة الحال، وبدلا من دعمهم تجاهلنا مطالبهم، وأحلامهم... لكن علينا إدراك أن الوقت ما زال مبكرًا وبالإمكان أن نسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ماذا لو تكاتف المجتمع جميعا لإنشاء مشروعات تسعى لتحقيق أحلام المحرومين من الزواج على أن تكون مصادر تمويل تلك المشروعات من أموال الزكاة أو صناديق الصدقات والنذور أو من خلال إحياء فكرة الوقف الإسلامي.(56/6)
حديقة للتعارف
ويكون من أهداف تلك المشروعات -إضافة لتيسير سبل الزواج المادية- إتاحة مجال عام منضبط للتعارف بين الشباب، كأن ننشئ حديقة عامة يغلب عليها الطابع الأسري تكون مجهزة بمقاعد ومقاه ومطاعم على أن تكون الحديقة كاملة الإضاءة مؤمنة بشرطة مجتمعية تمنع أي تجاوزات أخلاقية (وتظل إدارة الحديقة شديدة وصارمة ولا تتهاون في أي إخلال بقواعدها).
ويمكن أن يقوم الشباب والفتيات الراغبين في الزواج بالتوجه مع أسرهم إلى هذه الحديقة، كبديل عن إعلانات الزواج على الفضائيات وعلى الإنترنت التي غالبًا ما تفتقد الصدق والمكاشفة. وبهذا نسد على شبابنا ذريعة أنه لا يوجد مكان يتمكنوا فيه من التعرف على شريك الحياة وكذلك نضمن أن يكون اللقاء تحت رقابة المجتمع نفسه قبل أن يكون تحت عيون ذويهم.
توفير أماكن تسمح بتعارف الجنسين في حدود المجال كالمراكز الثقافية أو الأنشطة والفعاليات التي تمكن الشباب من التعارف، فهي مساحات رحبة تسمح بالتعرف على العمق الفكري لكلا الطرفين وتظل العلاقة تحت نظر المجتمع.
مبنى سكني
لا نطالب بأن يسكن شبابنا في شقق فارهة بل نسعى لنوفر لهم ولو شققا مكونة من (غرفة نوم – صالة- حمام – مطبخ) ويبقى سعر الشقة بسعر التكلفة أو بأرباح بسيطة على أن تكون في متناول الشباب، مع إلزام الهيئة المسئولة عن البناء بجمع أثمان الشقق المباعة لتنشئ مبان سكنية جديدة ونعيد الكرة من جديد.
وبذلك نستطيع من خلال مصادر التمويل السابقة الذكر أن ننشئ مبنى سكنيا متعدد الطوابق على أن يتعاون المقاولون من أعمال: البناء، السباكة، النقاشة،...الخ في إنشاء المبنى بسعر التكلفة فقط على سبيل التبرع أو حتى الدعاية.
كما أنه بإمكان الهيئة الراعية للمشروع أن تعلن أيضًا عن مناقصة بهدف تأثيث الشقق بأثاث بسيط يفي بأغراض العروسين وبأسعار رمزية.
من الممكن أيضًا أن نعمل على تشجيع شركات الأجهزة الكهربائية أن تساعد العروسين بالأجهزة الضرورية لكل شقة وإذا حسبنا حسبة بسيطة فإن تكلفة التجهيز لن تضاهي بأي حال من الأحوال كلفة إعداد إعلان تجاري يذاع على القنوات التلفزيونية أو الفضائية... وستكسب الشركة ود المواطن العربي ودعمه لمنتجاته بالتأكيد.
صندوق الزواج
كما أن بالمساجد صناديق للنذور والكفارات والصدقات.. لماذا لا نضيف عليها صندوقا آخر للزواج؟ ولنوسع الفكرة لتكون تلك مهمة الدولة وليس أفرادها فقط، فعليها أن تعد حملة تطالب فيها الشركات والمصانع بالتبرع للصندوق نظير أن تمنحها هامشا إضافيا في تخفيض الضرائب مثلا، أو أن تخصص في الأساس جزءا من الضرائب المحصلة من الشركات والمصانع للصندوق.(56/7)
على أن يقوم الصندوق بتمويل المقبلين على الزواج بعد إتمام دراسات بحثية على حالتهم وإمدادهم بما يحتاجونه من أجهزة وأثاث، وتنظيم أعراس جماعية، أو إنشاء صالة أفراح مدعمة التكلفة.
وكوسيلة للتخفيف من أعباء الحياة أقترح أن تشترك النقابات والمستشفيات في الإعداد لخدمة مدعمة للمتزوجين حديثا كأن يصرف لهم الدواء بنصف الثمن، أو يتم التعاقد مع عدد من الأطباء والمستشفيات لتقديم الكشف والعمليات الجراحية بسعر رمزي نظير اشتراك كل أسرة في مشروع العلاج بمبلغ سنوي يقسط على أشهر السنة.
الإعلام
يبقى أن نؤكد أن الدعوة والرسالة لن تنجح بدون أن يدعمها الإعلام بكل أنواعه، وذلك من خلال عدد من النقاط التالية:
- إعداد حملات للتوعية بضرورة مشاركة المجتمع لأجهزة الدولة في تيسير الزواج، سواء بتقليل المهور وخفض تكاليف الزواج والتهاون بعض الشيء مع الشباب في شروط إتمام الزواج بالقدر المعقول والمناسب.
- إعداد حملات إعلانية تشجيعية لأصحاب الشركات والمصانع والمتبرعين من أهل الخير.
- القيام بحملات تذكيرية بمخاطر التعارف خارج نطاق الأسرة، وجميع صور العلاقات غير الشرعية.
- الدعوة لتصحيح المفاهيم المجتمعية المغلوطة التي رسخها الإعلام على أن يكون التصحيح رزينا وهادفا.
- توجيه دعوات في أطر درامية أو مباشرة لإعادة إحياء النخوة العربية، والقيم الإنسانية النبيلة في نفوس الشباب.
- تبني حملات تعيد القيم المنسية وتحيي الشريعة السمحة في معاملاتنا.
- تبقى تلك الأفكار مجرد أحلام لكنها ليست صعبة المنال فكل ما ينقصنا الإرادة والعزيمة، فلسنا ببلاد معدومة الموارد، ولم تخل أوطاننا من رجال ذوي همم عالية.. ينقصنا فقط تحديد الهدف وتكاتف الأيدي والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
ـــــــــــــــــــ
من خطبة لأخرى.. لا للتجاوز أو التبرير ... العنوان
الطريق إلى الزواج, الخطبة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
طبعا في البداية لا بد أن أشكر موقعكم على الجهود العظيمة و"نفسي أشكر أوي الدكتور عمرو أبو خليل لأني حاسة أنه بيعيش أوي في المشكلة أكثر من صاحب المشكلة وبيجتهد في إعطاء مفتاح للراحة والسعادة ونفسي يعيش مشكلتي ويديني المفتاح اللى تاه مني".(56/8)
أنا بصراحة مشكلتي ضياع قيم ومبادئ، "أنا طبعا مش حتفلسف وأشخص مشكلتي بس أنا عاوزة أبدأ من النقطة دي عشان شايفة نفسي فيها أوي" وأرجوكم أن يتسع صدركم لسماع مشكلتي.
أنا فتاة عمري 23 سنة "كنت بعيدة عن ربنا أوي، مش بصلي ولا محجبة ولا حاجة خالص بس إنسانة محترمة، لغاية ما سمعت شريط ديني واتأثرت جدا، وعلى طول اتحجبت وبدأت أصلى وأعرف في الدين وأقرأ أحاديث وأحفظ قرآن والحمد لله، وكنت في السنة الأخيرة من الجامعة، المهم طبعا كان فتى أحلامي إنسانا متدينا وعنده أخلاق ومتمسكة بالمبدأ ده".
المهم "لما جينا لأرض الواقع وتقدم لي شاب مواصفاته كويسة وعنده شخصية أوي وراجل أوي وكان أكبر منى بـ10 سنوات تقريبا المهم أهلي سألوه إذا كان بيصلي ولا لأ قال بكل بساطة ساعات مش كل وقت. المهم كانت صدمة ليا وخصوصا إنه عريس كويس من نواحي كثيرة، وبدأت أتنازل عن مبادئي على أمل أنه حيتغير وينتظم، المهم كنت دايما أقول له وأنصحه، وكان بيقول آه بصلي والله أعلم بس بصراحة ما كنش باين".
المهم "معاه حسيت أني بدأت أتنازل عن مبادئي واحدة واحدة كنت بتكلم معاه على التليفون كتير بس بصراحة كنت بتكسف جدا وما كنتش بعرف أقول كلمتين على بعض مع أني كنت بحبه جدا وكنت بسمح لنفسي إني أسمع منه كلام غزل، وكنت بندم أوي بس ما كنتش بعرف أرد عليه ولا أقول له ولا كلمة، وبعد فترة 5 شهور سابني وقال إني ما بعرفش أتكلم وإني أنا ما جذبتهوش والمفروض الواحدة هي اللي تجذب الواحد ليها وكلام كده".
المهم "اتصدمت صدمة عمري وما كنتش ببطل دموع وخصوصا إني عرفت أنه خطب على طول بعد ما سابني، وتعقدت أوي من نفسي وندمت على احترامي معاه وعدم تجاوبي، وبالمناسبة عمره ما لمسني ولا حتى مسك أيدي (يعنى كان مبدأ لسة متمسكة بيه شوية)، المهم بعدت عن ربنا أوي بدل ما أشكره وأحمده وكنت دايما بفكر في الشخص ده وأفتكر كل اللحظات الحلوة اللي بينا مع أنه كان بيضايقني كتير أوي".
وبعدها بشهرين تقدم لي شاب آخر تقريبا ظروفه أيضا "كويسة، وطبعا سألته على الصلاة طلع الحمد لله بيصلي ومنتظم وبيقرأ قرآن وإنسان محترم بس بصراحة أنا زي ما قلت إني كنت معقدة وحاسة أني مش بعرف أتعامل مع رجالة خالص، وإن ده لازم حايسبني زي الأول لو ما غيرتش أسلوبي وفعلا من أول مقابلة بينا قررت إن ما فيش كسوف خالص، وإني لازم أكون جريئة وسباقة في الكلام في النظرات في الغزل في كل حاجة".
"وفعلا ده اللي حصل كنت بتكلم بجرأة وثقة في النفس من غير أي كسوف ولا خجل وفعلا أعجب بيا أوي وحسيت أنه حبني جدا وبدأ يظهر لي إعجابه وحبه وأنا كمان بدأت أقول له كلام حب وغزل مش حاسة بيه بس كان المهم عندي إني أعلقه بيا ويحبني وما يقدرش يستغنى عني عشان أحس إني واحدة مرغوبة من الرجال".(56/9)
وطبعا غمضت عيني عن عيوب كتير أوي فيه لأن ده ما كنش هدفي إني أستكشفه أو أعرف أخلاقه، كان هدفي الوحيد يتعلق بيا، وطبعا حصلت الكارثة مسك يدي وبعدين تدريجيا باسني (قبلني) وحضنني وهكذا... وقعدنا مخطوبين فترة على هذا الحال المتدني في السوء، لكن بعد فترة حسيت بالذنب وحسيت إنى فقت، وكأني كنت في فترة غيبوبة وبتحدى خطيبي الأول.
لكن بعد كده حسيت أن خطيبي التانى ده شخص عادي وجوده زي عدمه وبدأت عيوبه تكبر في عيني أوي ومن أقل حاجة عاوزة أسيبه بس هو في كل مرة يثبت لي أنه متمسك بيا لكن اللي زاد الطين بلة أنه بيقعد ينتقدني كتير أوي ويتكلم معايا بقلة ذوق وينتقد شكلي وكتير أوي بيهملني وما يسألش عني وما يطمنش عليا. وناس كتير رأيهم إني أسيبه ويعللون: علشان هو مش مقدرك، بس هما ما يعرفوش اللي بينا.
بس بجد أنا مش عوزاه دلوقتي خالص، حسيت إني فقت من مصيبتي الأولى على مصيبة أكبر منها وضيعت ديني ودنيتي والفرح ميعاده قرب ومحتارة مش عارفة أكمل معاه ولا إيه.. أرجوكم ردوا عليا بأقصى سرعة ممكنة أنا تايهة أوي.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لم نفهم مدى ما وصلته الجرأة في علاقتك مع خطيبك الثاني بحيث ذكرت (هكذا..) وبعدها نقطتين وتركت الأمر لاستنتاجنا الذي زاده تأكيدا ما ذكرته في نهاية رسالتك من أن الناس لا "يعرفون ما جرى بيننا"، وهي كلمات توحي بأن العلاقة قد وصلت إلى منتهاها من علاقة جنسية كاملة على ما يبدو. وبالتالي فإن الحديث عن الإفاقة على العيوب الكبيرة التي اكتشفتها خاصة مع اقتراب موعد الزواج يصبح في غير موضعه، وقد فات أوانه؛ لأنك قد تجاوزت الحدود في رد فعل -لم يكن هناك ما يبرره- على ما حدث في الخطبة الأولى.
فالرجل لم يتركك لأنك لم تستطيعي جذبه كما يدعي، ولكنه لأنه كان على علاقة بأخرى هي التي خطبها مباشرة بعد فسخ خطبته لك، وبالتالي فلم تكن هناك فرصة لتجذبيه في هذا الوقت الضيق، وبالتالي فإنها كلمة ننتهز فرصة رسالتك لنهمس بها في أذن كل فتاة تفسخ خطبتها وهي ألا تسمع لما يدعيه خطيبها من أسباب وهو يفسخ الخطبة؛ لأنها في الغالب لن تكون الأسباب الحقيقية؛ لأننا مجتمعات لم تربّ على الشفافية والوضوح والصراحة، بل العكس هو الصحيح حيث نقول ما لا نفعل ونفعل ما لا نقول، ونقدم مبررات غير صحيحة لتصرفاتنا؛ لأننا نخاف مواجهة الحقيقة.
ليس معنى هذا ألا ندرس أسباب فسخ الخطبة بطريقة موضوعية ومع من نثق في رأيه وفي قدرته على تحليل الأمور بشكل سليم حتى نستفيد من الدرس.
عودة مرة أخرى إلى رسالتك ومشكلتك.. ولقد أصبح من الصعب الآن أن تتراجعي عن خطبتك ويجب أن تتحملي مسئوليتك في تجاوزك للحدود الصحيحة للخطبة الشرعية والتي لا يوجد أي مبرر لتجاوزها تحت ضغط طلبات الخاطبين أو حبهم(56/10)
للفتاة الجريئة والذين يكونون أول من يتوجسون من جرأتها، بل ويسيئون معاملتها كما يحدث الآن من خطيبك، حاولي أن تتكيفي مع الواقع.
والبداية تكون بتوبة صحيحة وندم حقيقي على ما حدث، ثم محاولة لرؤية مميزات هذا الرجل التي سيكون أولها أنه سيتم الزيجة معك رغم ما حدث، فالكثير منهم يتنصلون من الزواج بعد ما حدث.
ابدئي من هذه النقطة الإيجابية واعتبري نجاحك في زواجك هو تكفير عما وقعت به من خطأ.
ـــــــــــــــــــ
العريس الرومانسي وحسابات العقل ... العنوان
الطريق إلى الزواج, اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتمنى ان ينال موضوعى اهتمامكم وتردو على لأننى فى أشد الحيرة من أمرى أنا فتاة عمرى 22 عاما والحمد لله أنا بأحاول أكون ملتزمة لأننى من عائلة محافظة ولى أحد أقاربى يكبرنى بثلاث سنوات منذ حوالى سنة ونصف وهو يحاول أن يتقرب منى ويفهمنى أنه يحبنى وأنا فهمت ده فعلا وهو قالى أكتر من مرة انه بيحبنى وانا كان ردى عليه دائما بالرفض مش عشان هو شخص وحش لا عشان ظروفه هى اللى كانت وحشه خصوصا انه كان لسا مش عرف موقفه من التجنيد وكان مش بيشتغل ولسوء الحظ انه دخل التجنيد وباقى عليه مدة خدمة الان سنة كاملة.
وكان معظم كلامنا فى الفترة دى على الايميل عشان كدا كنت مش مقتنعة شوية لكن مع طول الوقت حسيت ان اهتمامى بيه زاد قوى وحسيت انى بحبه ولكن مش اعترفت له بس هو حاسس بحبى من غير ما أقول وهو كمان بيحبنى أوى أكتر من حبى ليه وعرفت بعد كدا انه قال لمامته انه عاوز يتجوزنى وهى مرحبه جدا وكلهم فى البيت مرحبين لكن الظروف طبعا صعبة.
بس مشكلتى انا ان أهلى لو عرفوا دلوقت هيشوفوا ان لسه قدامه وقت كتير على ما يكون نفسه خصوصا سنة خدمة الجيش ولسا مش بيشتغل وهيدور على شغل وهو عمرة الان 25 سنة يعنى قدامه على الاقل سنتين على مايتقدم لى أنا مش عارفة صح انى أستناه مع العلم ان بيتقدم لى عرسان كتير جدا وفيهم ناس كويسة أوى .
وانا دلوقت بأكلمه فى التليفون باستمرار تقريبا كل يوم وممكن أكتر من مرة فى اليوم وبيكلمنى برده وهو مسافر على قد ما يقدر كل يوم أو كل يومين مرة ودايما بيقولى وحشتينى وبحبك وأنا بأقوله وحشتنى بس وأنا خايفة انى بأكون بأعمل حاجة غلط خصوصا ان دى أول تجربة ليا مع شاب وخايفة لاى سبب ربنا مش يريد ومش يكون لينا نصيب مع بعض وعايزة أعمل حد لعلاقتنا ومش عارفه خصوصا انه يقدر يجى بيتنا فى أى وقت وأنا كمان ممكن أروح عندهم بس أنا مش بأروح عندهم وهو هناك أبدا دلوقت ومش عارفة اعمل ايه أرجوكم ساعدونى.
ازاى أحافظ على حبى ليه من غير ما أغضب ربنا وإزاى مش أخليه يحس انى بقيت مش بحبه لو بعدت عنه عشان حبه ليا مايقلش خصوصا انه انسان رومانسى جدا ومش شايف انه بيعمل حاجة غلط وإزاى المفروض تكون علاقتى معاه وازاى اقدر(56/11)
أعرف انه انسان كويس ولا لا واختيارى هيكون صح ولا لا . وازاى أقدر أستفيد من الوقت ده ال هو سنتين أو اكتر فى فهمه ومعرفتى بيه اكتر قبل اى خطوبة أو ارتباط رسمى مع العلم انه والده ووالدته واخواته كلهم عارفين انه بيحبنى وانى بأبادله نفس الشعور .
أرجوكم ساعدونى ودلونى أعمل ايه وإدعوا لى بالهداية ليا وليه . آسفة على الإطالة.
... المشكلة
أ.أميرة محمد بدران ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عبثا تحاولين إقحام حديث القلب في سطورك رغم أنك تحترمين عقلك طوال الوقت وبوضوح فمنذ بداية قصتك وأنت تتعاملين معها بالعقل فلماذا لا تتحلين بالشجاعة وتعترفين أنك لم تحبيه بعد!! فحال المحبون غير حالك يا ابنتي فالمحب يريد الانتظار ولو طال الزمن ما دام بعد الانتظار "لقاء".
المحب يبحث عن بدائل يرتق بها عيوب محبوبه أو عيوب ظروفه وهو مدرك لها راغب في التكييف معها.. المحب لا يسأل عن محبوبة سؤالا مخلا مثل "كيف أعرف أنه إنسان كويس".. المحب لا يشغل باله بالفرص الضائعة "مع العلم انه يتقدم لي عرسان كتير جدا وفيهم ناس كويسه أوي".
إذن نتفق دون مراوغة أن قصة الحب ليس لها مساحة كبيرة لديك وإن خانك شعورك بعض الوقت وهذا طبيعي، وأستطيع أن أفسره لك فلقد خلق الله بداخلنا ميلا للجنس الآخر هذا أولا، أضيفي إلى ذلك كونها تجربة أولى والتجربة الأولى تستمد قوتها من أنها أول لقطة وأول مشاعر وأول إحساس وأول كلمة حب وقد لا تكون تجربة حقيقية أو تجربة ناضجة.
أضيفي كذلك كونك أنثى والأنثى لا يعادل لديها شعور مثل شعور أنها مرغوبة من رجل!! فما بالك لو كان الرجل "رومانسي جدا".
لنعد إذن إلى لغة العقل حيث يطلب العقل على الأقل 4 أشياء هامة ليوافق على الارتباط:
1. التكافؤ الاجتماعي ولا أقصد به التكافؤ المادي وإنما أسلوب ممارسة الحياة بشكل عام.
2. التكافؤ الفكري أي التواؤم النفسي وطريقة التفكير والنظر للأمور المختلفة والآراء التي نتبناها في الحياة ونسعى للسير وفقا لها، خاصة ما يتعلق بالأبناء.
3. درجة التدين هل ترضيك أم أن الفرق كبير وحينها لن ترضيك ولن تتحمليها.
4. القبول والارتياح النفسي.
وأرى من خلال سطورك أن الشروط الأربعة غالبا متوفرة بشكل مرضي، يبقى أن تعرفيه جيدا وستكون هذه هي النقطة الفاصلة في قبولك لخوض تلك التجربة بشكل جاد ينتهي بالزواج أو لا.(56/12)
ما تفعلينه الآن لن يوصلك لشيء وستظل المكالمات حالمة تحمل الكثير من الشوق والمشاعر "غير المسئولة" فعليك أن تلقي نظرة على باقي المشهد لتحكمي بشكل أفضل وهذا يتطلب منك أن تبصريه عن قرب، فلا معنى لقيدك العجيب لنفسك بعدم الذهاب إلى منزلهم أو مجيئه إلى منزلكم خاصة أن صلة القرابة ستزيل هذا الحرج.
ولكن عليك أن تعي أنك ستقومين بتلك الخطوة لا لتقتصر على الزيارات البلهاء التي تكتفي بالمجاملة والخجل والحديث الخافت عن الحب "الخفي" بينكما ولكن سيكون من أجل الوصول لقرار واضح بالارتباط أو لا، وسيحدث ذلك عندما تركزين في أنك ستعرفينه وسيكون ذلك من خلال المواقف، والتصرفات، وتحمل المسئولية، وخططه للعمل للمستقبل، ومدى جديته في السعي له والحصول على إمكانيات مقبولة لبداية مشروع الارتباط .
فإذا وضحت الأمور أكثر نحو إمكانية الارتباط فلتتوكلي على الله فسنكما بعد عامين أو أكثر ليس كبيرا وإذا اتضح غير ذلك فعليك توضيح الأمر بشكل جاد ولا يجدي كثيرا حينها التفكير فيما سيؤول إليه حاله بل ستكون تجربته معك أول ما يسطره في وجدانه وخبراته ليعرف نفسه ويعرف حياته ويعرف كيف يختار.
ـــــــــــــــــــ
بنت 15 هل تصلح زوجة؟ ... العنوان
الطريق إلى الزواج, اختيار شريك الحياة ... الموضوع
أنا رجل عمري 24 سنة، أريد الزواج من فتاة عمرها 15 سنة، وأسأل عن فارق السن بيني وبينها، وهل هو مناسب أم لا؟ وهل عمرها الحالي 15 قانونا يسمح لها بالزواج، وكيف سأتعامل معها إذا تزوجتها؟ وهل ستكون من الناحية الصحية مهيأة لتحمل مشاق الحمل والولادة؟.. أرجو الإجابة باللغة العربية.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
أظن أن معظم الدول العربية والإسلامية تجرم زواج الفتاة قبل سن السادسة عشرة.. وأعتقد أيضا أن هذا القانون مناسب للواقع الاجتماعي الذي تعيشه معظم مجتمعاتنا حيث إن الفتاة التي سنها خمسة عشر عاما الآن تكاد تكون طفلة في شخصيتها وعقليتها حتى ولو بلغت المحيض من الناحية البيولوجية فالأمر متعلق بالمناخ التربوي العام الشائع والذي لا يؤهل فتاة الخمسة عشر عاما في وقتنا الحالي لأن تكون زوجة مسئولة عن بيتها ومستعدة لأن تكون أما.. فالمشكلة ليست في تحمل الولادة والحمل من الناحية الصحية.. فهي مع أهميتها تعتبر الأبسط في وسط القدرة الأهم في تحمل المسئولية النفسية عن الزوجية عامة والأمومة خاصة.
إذا أردت تبسيطا للمسألة في رسالة سريعة فيمكن إجمالها أنك في الحقيقة تتزوج طفلة وبالتالي يصبح السؤال عن استعدادك النفسي وأنت شاب يبلغ من العمر 24 عاما للتعامل مع طفلة في بيته، وهل تقبل أن تكون زوجتك طفلة تحتاج الكثير من(56/13)
التربية والتهيئة لتكون أصلا فتاة ناضجة فضلا أن تكون زوجة وأما في القريب المنظور أنت صاحب القرار.. هكذا بدون تعقيدات أو فرعيات.. هل وصلت الإجابة؟.. نرجو ذلك
ـــــــــــــــــــ
صغيرة مترددة ..هل أتزوجها؟ ... العنوان
الطريق إلى الزواج, اختيار شريك الحياة, معوقات الاختيار ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم وكل عام أنتم بخير ، وأنا آسف على طول الرسالة لأني أريد أن أحكيها من "طقطق إلى سلام عليكم"، أنا شاب العشرينيات من عمري وأعمل بشركة يقال إن مستقبلها جيد ولم أفكر مرة واحدة في الزواج وكنت أريد أن أتزوج بالاعتماد على نفسي كليا، وكنت أقول إنني أريد الزواج بعد أن أكبر في العمل ويكون لي راتب كبير، ولكن بالضغط من عائلتي (من ناحية أن العروسة من أصل وعائلة طيبة) تقدمت إلى فتاة وبعد مقابلتها ومقابله العائلة تبين لي أنها في التاسعة عشرة من عمرها وباق لها في التعليم 4 أعوام مما لا يناسبني لطول المدة ولكن وجدتها حقا فتاة جيدة وبها النقاط الأساسية المطلوبة بالنسبة لي وهي التدين رقم واحد والأصل ونسبة من الجمال وهو ما جعلني أتراجع بعض الشيء عن موضوع 4 أعوام.
وفي المقابلة الثانية قالت لي إن عائلتها وأصحابها قالوا لها إنها فرصة ويجب إتمام الموضوع وأنها لم تتمكن من اتخاذ القرار وأنها مترددة بين الرفض والقبول وأنها خائفة من رد فعل العائلة عليها في حالة رفضها فعرضت عليها عرضا وهو أنها إذا كانت رافضة تبلغني هاتفيا وأنا أقول إنني رافض والسبب سأخترعه "أي حاجة"، وبالفعل في أقل من 24 ساعة كلمتني وقالت إنها غير موافقة وبالفعل بدأت أنفذ وعدي لها وأمهد في عائلتي بالرفض، ولكن في مساء نفس اليوم كلمتني هي وأمها وكانت تعتذر عما حدث في الصباح وقالت إنها تريد تنفيذ رغبة والدتها في قراءة الفاتحة، وأنا بلغتها أنني سوف أفكر وأرد عليها.
وكالعادة دائما والدتي تتصل بوالدتها وتسألها فتجيب أنهم موافقون وأن البنت موافقة وأعيد أنا الاتصال بالبنت وأسألها تقول إنها مترددة وخائفة من التردد، فقلت لها إنني لها إنها الآن بنظري رفضت وأنا سوف أوقف الموضوع وبالفعل حدث هذا ولكن حتى الآن والدتها عندها الأمل أنني أعيد التقدم لها مع العلم أن والدتها ووالدتي لا يعرفان ما كان يحدث بيننا من اتفاقات.
وبعد هذا الرفض دخلت في اكتئاب كبير مما جعلني أفكر في استقالتي من العمل وتغيير الكثير واستعجال موضوع الزواج بأسرع وقت وبعد أيام أبلغت أمي بكل شيء، وردت علي بأنني ظلمتها ويجب أن أعود وأتقدم مرة أخرى وأنها صغيرة ولا يجب أن أضع القرار بين يديها، وبحثت مرة أخرى عن عروس أخرى ولم أصل حتى الآن (المدة في حدود شهر).
والآن ماذا أفعل هل أعيد التقدم مرة أخرى مع العلم أنني أخاف أن يضغطوا عليها مما يجعل الزواج مستحيلا أم أبحث عن واحدة أخرى أم لا أفكر في الزواج الآن؟(56/14)
هل ظلمتها وظلمت عائلتي على أساس أنهم لا يعرفون ما حدث، وهم يظنون أن الرفض مني حتى الآن؟.. وشكرا.
... المشكلة
د.هالة مصطفى ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... صديقي الفاضل، هل تريد أن نقول لك امض في الزواج أم لا؟ لا يملك أحد أن يعطيك قرارا يجب أن تأخذه بنفسك مهما كان. والمشكلة يا عزيزي أنك لم توضح أي مميزات في تلك العروس التي تتردد في الزواج منها سوى أنها من أصل وبها نسبة من الجمال.. فهل هذا يكفي بالنسبة لك حتى تعود إليها رغم أنها أفصحت لك عن رفضها من قبل أن تتفقا وأكدت لك ذلك بعدها بمكالمتها التليفونية.
هل عرفت ماذا يدور في أفكارها ؟ ماذا تخطط لمستقبلها ؟ هل تقبل الزواج مع الدراسة أم أنك ستظل طوال السنوات الأربع القادمة بلا زواج . أنا لا أرى مزايا كثيرة تدفعك لهذا الزواج وما وجدته فيها ستجده عند الكثيرات فلماذا تربط مستقبلك ومستقبلها برغبة الأمهات التي تبحث عن الجمع بينكما فقط دون مراعاة المشاعر والشخصيات والأفكار .
أنت تشعر بالظلم لها ولعائلتك فلماذا هذا الشعور الذي لا مبرر له مطلقا فهي التي رفضتك وعائلتك تبحث لك عن عروس ومن الطبيعي أن ترفض مرة ويرفضك الآخر مرة.. أنت تبحث عن زوجة وليس عن بدلة مقاسك .
كن واضحا فيما تريده من زوجة المستقبل وابحث عنها بكل جد واجتهاد ولا تركن لرأي الأسرة فقط بل اجلس وناقش وتعرف فأنت الذي سيتزوج.
أري أنك تحتاج إلى المزيد من الخبرات والوقت حتى تستطيع أن تأخذ قرارا في الزواج؛ لذلك أرجو منك أن تقرأ وتسأل وتعرف الكثير فنحن ندرس في الجامعة أربع سنوات كاملة لنعمل عملا واحدا في الحياة.. أليس جديرا بنا أن نتعلم الكثير عن تلك السنوات والحياة والأشخاص الذين سنصبح مسئولين عنهم؟.
كن قويا وخذ قرارك الصائب ولا تحمل نفسك فوق طاقتها.
ـــــــــــــــــــ
شاركها الغرام الإليكتروني..مشاركة ... العنوان
الطريق إلى الزواج, معوقات الاختيار, ليلة الزفاف ... الموضوع
إجابة المستشار مشاركة على استشارة:
شاركها الغرام الإليكترونى وتركها تتعذب لأجله!
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...(56/15)
الأخت الكريمة، صدقت حبيبتي عندما وصفت مشكلتك بالمشكلة المعقدة وذلك لأنها مركبة من العديد من المشاكل، وبالطبع لن يمكننا حلها بدون تفكيكها إلى مكوناتها الأساسية، وأول هذه المشاكل التي أحب أن أبدأ بها هي مشكلة تعلقك بشاب تعرفت عليه عبر الإنترنت، ثم اكتشفت أنه يلعب بك وأنه يريد التخلص منك رغم تأكيده المستمر على رغبته في أن يتم الزواج منك، ورغم تأكدك من أنه لا يريد الزواج منك إلا أنك ما زلت تشعرين بحبك له وبأنه الشاب الذي سيحقق لك السعادة والهناء.
ولقد كنت رائعة ومعبرة عندما وصفت هذا الشاب بأنه الشاب المجهول ... ومن المهم أن تدركي أنك لا تحبين الشخص الذي يحادثك عبر الشبكة العنكبوتية ولكنك تحبين كائنا إنترنتيا عبارة عن صورة صنعها خيالك وأضفى عليها كل صفات فارس أحلامك، وهذا نوع من الإسقاط الشائع في علاقات الإنترنت، ومن المهم أن تدركي هذه الحقيقة وتتأكدي أنك لو قابلت هذا الشاب فسوف تجدينه مختلفا تماما عن الصورة المرسومة في خيالك وبالتالي فهو لن يحقق لك السعادة المنشودة ولن يلبي لك توقعاتك، وعلى هذا فمن المهم أن تقنعي نفسك بهذه الحقيقة حتى يمكنك التخلص من هذه المشاعر التي تتصورين صدقها.
أما بالنسبة للعريس الآخر الذي تعرفت عليه عن طريق الإنترنت فمهم جدا أن تدركي أن نجاح الزواج عموما ونجاح زواج الإنترنت خصوصا لا يتحقق إلا إذا حدث تعارف جيد بين طرفي العلاقة، وعلى هذا فلا تتسرعي في إتمام الزواج حتى تلتقي به على أرض الواقع وتتعرفي عليه جيدا، وتتأكدي من أنه يتمتع بالفعل بكل الميزات التي تريدينها وتغيب عنه العيوب التي لا تحتملينها في شريك حياتك، ومهم مع هذا أن تستعيني بالاستشارة واستخارة المولى عز وجل، وأن تساليه سبحانه السداد والتوفيق في الاختيار.
أما بالنسبة لمشكلتك مع العلاقة الجنسية .. فهذا الأمر يحتاج بالطبع للعرض على المختصين، وإن كنت أتوقع أنك تعانين مما يعرف بتشنج الفرج المهبلي الأولي؛ حيث يتسبب القلق والتوتر والخوف من الألم في انقباض لاإرادي في عضلات الحوض مما يسبب آلاما شديدة وغير محتملة، وعلاجك يكون بتدريبات متدرجة يمارسها الطبيب المتخصص ليمكنك تقبل دخول موسعات مهبلية متدرجة الحجم بدون حدوث ألم، فإذا عزمت الزواج فاستعدي له برحلة علاج حتى يمكنك أن تتمي زواجك بدون مشاكل.
أختي الكريمة، أسأل الله العلي العظيم أن يبارك فيك وأن يصلح لك أحوالك وأن يرزقك بالزوج الصالح الذي يسعدك، وتابعينا بالتطورات.
ـــــــــــــــــــ
يريد قناعا جلديا.. متابعة ... العنوان
إضطرابات نفسية, الاكتئاب والاضطرابات المزاجية ... الموضوع
أوجه سؤالي إلى الأستاذ الدكتور الفاضل وائل أبو هندي، فأنا صاحب مشكلة يريد قناعا جلديا للهرب من الرهاب الاجتماعي..
طبيبي العزيز أرجو أن تقدر مشاعري وظروفي فأنا لا أستطيع مراجعة طبيب نفسي مختص لأن ظروفي المادية صعبة، لذلك أريد أن أسألك أين يمكنني الحصول على(56/16)
مثل هذا القناع الذي يكون لونه مطابقا للون الجلد، فأنا أحس بتحسن نوع ما نفسيا، وأحس أنني أستطيع أن أفعل أشياء كثيرة، لكن رعشة وجهي وملامحه هي التي تمنعني دائما من فعل أي شيء، أو أن أستخدم الكريمات التي تشد عضلات الوجه، إن كان هناك مثل هذا الكريم فما هو اسمه ..أرجو الإفادة يا طبيبي الفاضل فأنا لم أعد احتمل، وجزاكم الله ألف خير..
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الابن العزيز حسين، أهلا وسهلا بك وشكرا على متابعتك المبكرة والتي وصلتنا بعد عرض ردنا على المشكلة مباشرة، وهو شيء جميل أن نعرف رد فعلك على إجابتنا على الاستشارة، صحيح أن ردك جاء محبطا ومتهما في نفس الوقت لنا بأننا لا نقدر مشاعرك ولا ظروفك وهذا ما ننفيه بشدة، بل نحن لا نرضى لك بأن تكون ضحية للاستغلال ولو حتى من أفكارك الغريبة أو المتسرعة.
علاج حالة كحالتك يا حسين يستلزم المعاناة من أجل الخلاص من المشكلة كلية وليس التخلص من المعاناة بأي طريقة حتى لو أدى ذلك إلى استفحال المشكلة الأصلية وهو ما تود أنت بلوغه من خلال ذلك القناع المتخيل! يقول الإمام علي رضي الله عنه إذا هبت أمرا فقع فيه وفي مقولة الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ما يضع اللبنات الأولى للعلاج السلوكي الذاتي الذي يستطيعه كل إنسان فقط إذا أحسن الفهم والتعاون والمثابرة، وهو يبين لنا كيف أن استجابة التجنب أو الهرب من الأمر المخشي منه أو المهاب إنما تعزز الخوف ولا تساعد في إزالته وهذا أحد مبادئ العلاج السلوكي أيضا لأن تجنبك للتوتر والحرج بأن تغطي وجهك بقناع يشبه جلدك لن يمثل إلا حلا مؤقتا يعزز رهابك الاجتماعي ويزيده تدهورا وهو ما يشير إليه قوله رضي الله عنه : (فإن شدة توقيه أعظم من الوقوع فيه).
لا أستطيع في إذن أن أقول لك جديدا وإنما أكرر ما قلته سابقا من أن عليك بأن تبحث عن طبيب نفسي يستطيع مناجزة Management الحالة بشكل إنساني سلوكي ومعرفي وليس فقط كيميائيا يصف عقَّاقير، ثم إن عليك أن تتابعه وتواظب على جلسات العلاج وتفعل ما تتفقان عليه بين الجلسة والجلسة، وإن شاء الله تزول معاناتك
ـــــــــــــــــــ
عندما ينحسر الحب ..التراجع أفضل ... العنوان
اختيار شريك الحياة, الزواج الثاني ... الموضوع
أشكركم على هذا الموقع الممتاز, وبما رأيت من رحابة صدركم التي شجعتني على أن تشاركوني في مشكلتي, وجزاكم الله خيرا.
أنا فتاة عمري 25 عاما, طالبة في كلية الحاسوب، وتخرجي بعد 3 أشهر تقريبا إن شاء الله, ولدي مشكلة أريد أن تساعدوني فيها.(56/17)
أحببت شابا في مثل سني منذ ست سنوات تقريبا, أحببنا بعضنا بجنون, وكان حبا طاهرا نقيا, وكنت أنا حينها في الثانوية العامة, وكان هو في الجامعة, كان شابا متدينا ذا خلق طموحا عطوفا يحبني بقوة, وكنت أنا معجبة بشخصيته القوية وهو أعجب بي كثيرا, هكذا استمرت علاقتنا في سعادة واتفقنا على كل شيء، أنهى دراسته العليا, وسافر إلى إحدى دول الخليج للعمل, وشاءت الأقدار أن يخطب له خاله بفتاة أخرى وهو لا يعلم, عندما أخبره خاله أنه خطب له فتاة من العائلة, رفض وبشدة, وقال أنا عاطل ولا أريد أن أتزوج وأنا غير قادر على إعالة بيتي, فقال له خاله أنا أكفل أهلك حتى تجد عملا وتكون قادرا على إعالتهم, فرفض وقال له خاله إما أن ندعو لك فتتزوج الفتاة التي خطبتها لك أو ندعو عليك ونطردك من العائلة.
فاستشارني في الأمر, وقلت له اقبل بها وتزوجها, وأنا أنتظرك حتى تحصل على عمل وتكون قادرا على الزواج بي, ففرح وشكرني, وأكد لي أنه غير قادر على العيش من دوني، وأنه سيجتهد ليكافئني على تضحيتي, فتزوج الفتاة التي خطبها له خاله, وأتى بها إلى الخليج حيث هو يعيش الآن.
وهو متزوج الآن منذ شهرين تقريبا, خلال هذه المدة اتصالاته أصبحت قليلة, وإن أنا راسلته عبر الإنترنت وسألته ما أصابه, يجيبني بأنه مشغول, وأنه سيتصل بي, قلت له مرات عدة إن أصبحت علاقتنا صعبة فالنقطعها, وأنا راضية عنك, وأقدر ظروفك, فلا تعذب نفسك, أقطع هذه العلاقة, يقول لي ليست صعبة عليّ, أنا أحبك ولا أريد أن أخسرك, فلماذا تطلبين مني الانفصال ألئنك لا تريدينني, أعدك بأن أجتهد وأن أكافئك عند أول مرة أحصل فيها على عمل، انتظريني قليلا واصبري, حتى الآن لم يحصل على عمل, هو وزوجته في إجازة مع والديه في إحدى الدول الإفريقية المجاورة لبلادنا, ولا يراسلني أو يتصل بي, أشعر أن مشاعره قد تبدلت نحوي, ولا يريد أن يخبرني, حبي له نقص تدريجيا, فماذا أفعل, هل أبادره وأطلب منه قطع علاقتنا, أم أنتظر ماذا يفعل هو؟ أرجوكم ساعدوني, أنا حائرة من أمري.
وأرجو منكم أن تدعوا الله لي بأن يوفقني في مستقبلي، وأن يرزقني زوجا صالحا يحبني ويقدرني. وأرجو منكم الرد بأسرع وقت ممكن. وجزاكم الله خير الجزاء.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... شكرا على ثقتك يا عزيزتي ونرجو أن نكون عند حسن الظن دائما.
في الحقيقة إن عرضك لمشكلتك بتفاصيلها يحمل حلها, فهذا الرجل أصبح متزوجا الآن، أي إنه مرتبط نفسيا وجسديا بامرأة أخرى, وإذا كان يقول لك إنه يحبك فلا تصدقيه كثيرا أو على الأقل يجب أن تعلمي أنه يحب امرأة أخرى هي زوجته, ومكانتها الاجتماعية أعلى من مكانتك من قلبه حتى لو كان ما يزال محتفظا لك ببعض الوفاء, وعلى كل حال فليس هو المسؤول الوحيد عن هذا الوضع المزعج؛ بل أنت تتحملين معه مسؤولية قراره بالزواج من غيرك, فلا يصح الندم بعد فوات الأوان, وإن كنت لا أدري ما هذا الحب الذي يرفع الراية البيضاء أمام أول عقبة(56/18)
تعترض طريقه, فما أعلمه أن الحب المدعم بالعقل قوة لا يُستهان بها لتقرير المصير والشراكة.
ما عليك أن تفعليه الآن هو أن تقطعي كل اتصال بينك وبينه، أي أن تكوني أنت المبادرة في قطع هذه العلاقة, فكل الدلائل تشير إلى عدم صحة الاستمرار، سواء من حيث عدم تمكنه من الحصول على عمل حتى الآن, أو من كونه لا يتصل بك ولا يراسلك؛ وقد تكون وعوده لك بأن يكافئك على صبرك ليست إلا مواعيد عرقوب لن يستطيع أن يوفيها حتى لو وجد عملا.
لست بالطبع ضد أن يتزوجك إذا تحسنت ظروفه، فالله قد أباح التعدد ومن الخطأ الفاحش أن نحرّم ما أحله الله, لكن في حالتك – كما في حالة كثيرات – يكون التعدد وبالا على الزوج والزوجة الأولى والزوجة الثانية من حيث عدم إمكانية العدل, وعدم موافقة الزوجة الأولى يشكل خطرا على مستقبل الزوجة الثانية، كما أن ميل الزوج للزوجة الثانية قد يهدد استقرار أسرته المكونة من زوجته الأولى ناهيك عن وجود الأولاد مستقبلا, وبالطبع فهذا كله عائد للعرف والبيئة التي تنتمين إليها, ومع كل ذلك فإنه من الأفضل قطع جذور المشكلة بأن تشغلي نفسك بما فيه خير دنياك وآخرتك, ويوما بعد يوم ستنسينه؛ فالزمن أفضل علاج لجروح الأيام المؤلمة.
وفقك الله وأصلح حالك ورزقك رزقا حسنا في المال والزوج والولد، وعوضك عن فقدك خيرا.
ـــــــــــــــــــ
الجنس قبل الأوان.. نيران بين العاقدين ... العنوان
الطريق إلى الزواج, العقد ... الموضوع
أرجو ممن يقرأ كلامي هذا أن يحاول إفادتي حسب خبرته، فهذه رسالة طلبت صديقتي نشرها لعدم قدرتها على التواصل معكم، وهي بحاجة للمساندة فأنا لا أستطيع مساعدتها لأنني لست مخطوبة، ولا أستطيع أن أكلم أحدا من أهلها في الموضوع.
تقول صديقتي في رسالتها لكم: أنا فتاة عقدت قراني منذ 7ا شهرا، خطيبي متدين وأنا كذلك، يوم إتمام العقد أعطاني زوجي قبلة على خدي ارتجف لها جسدي واقشعر بدني، وكانت هذه البداية، ومن ثم كانت محاولاته للتمادي معي في هذا الأمر أكبر من ذلك، وكان يقول بأن هذا من حقه، وليس فيه أي حرمة، وأنا أعلم ذلك.
كنت أقاوم إلى أن أجد نفسي استسلمت لمداعبات أصبحت أدمنها، وكان يعرف أن لهذا حدودا؛ فهو أو أنا لم نكن نسمح بأن يحدث المحظور، أصبحت أشتاق له كثيرا، وإن تأخر أشعر بانزعاج وأحبه أكثر من أي شيء.
المشكلة الآن أنه مسافر إلى دولة أخرى للعمل، وسيغيب سنة أو أكثر وبعدها يرجع لنتزوج. مر على غيابه ثلاثة أشهر كانت بدايتها صعبة جدا، كنت أتخيله معي أينما ذهبت وأينما كنت، وأحيانا كثيرة أبكي من شدة الشوق إليه، مر أول شهر وبدأت أنسى ذلك الشعور معه، وحمدت الله لأنه كان يعذبني، ولكن مؤخرا صار يدخل في موضوع الجنس عن طريق الهاتف، ويتصورني كما كنت معه، ويتحدث فيما كان يحدث عندما كنت بجواره.(56/19)
وأحيانا ينهي المكالمة وأنا أبكي؛ لأني أحس أني أحتاج إليه أكثر من قبل، وأنه يشعل فيّ نارا لا يمكن إطفاؤها، وهو بعيد، ولكني لا أشعره بذلك؛ فأنا أعرف أن في هذا راحة له.. هل هذه الطريقة مجدية حقا؟ هل الاستمرار فيها يعوض عن البعد ويطفئ النار الملتهبة؟ أحيانا أخاف أن أكون على بداية ما يعرف بالعادة السرية أو أن تكون امتدادا لها حسب قراءتي عنها، فهل هي فعلا كذلك؟.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
عندما تحدثنا عن حدود العلاقة بين العاقدين في مشاكل سابقة خاصة المشكلة التي نشرناها تحت عنوان: "المداعبة بين العاقدين.. العرف والشرع" وأجرينا حوارا حيا تحت عنوان "عقد القران.. تساؤلات عامة" ، كنا نتحدث عن نقطة هامة وخطيرة أبرزتها رسالتك، وهي أن على العاقدين مراعاة ظروفهما؛ بمعنى أنه إذا كانت الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية تستوجب طول فترة العقد أو سفر الزوج وبعده عن زوجته فيجب أن تكون العلاقة هادئة متأنية، وربما نكون قد استخدمنا نفس اللفظ "إشعال النيران"، وقلنا إنه ليس من المفيد أن تتطور العلاقة الجسدية بسرعة فتشتعل النيران في الزوجين، فلا يستطيعان إطفاءها سواء للبعد الزماني لإتمام الزواج، أو البعد المكاني لأحد الطرفين عن الآخر.
ولكل ما سبق نقول يجب أن يتريث الزوجان العاقدان في مسألة الاتصال الجنسي ومقدماته بينهما، حتى يتجنبا الآثار السلبية التي قد تؤدي لعواقب اجتماعية وخيمة نتيجة مخالفة العرف في بعض البلدان، الذي لا يسمح بالاتصال الجنسي بين العاقدين قبل ليلة الزفاف، والمسألة هنا لا تقاس بشرعية الأمر من عدم شرعيته، ولكن بما يترتب على هذا التسرع في الدخول في الأمور الجنسية قبل "ليلة الزفاف" من نتائج غير محمودة ـ كما سبق وأشرنا ـ يضعها الشرع في اعتباره.
وهنا نقول إذا كان العرف يرى ألا يتم الدخول بين العاقدين قبل ليلة الزفاف، فيجب مراعاة ذلك بكل حسم ووضوح، ورسالتك نموذج لما قلناه بدءاً من معاناتك في الشهر الأول لسفر الزوج، وانتهاء بممارسة الزوج الجنس معك عبر الهاتف.
إن ما يتم بينك وبين زوجك الآن عبر الهاتف نتيجة التسرع في الدخول في المسائل الجنسية قبل الدخول بك هو أمر بالغ الخطورة؛ لأنه بالفعل يشعل نارا لا يمكن إطفاؤها، والنار تشتعل بين الطرفين لا طرف دون طرف؛ فزوجك أيضا وهو يمارس الجنس معك عبر الهاتف لن يكون أمامه إلا العادة السرية ليحاول إطفاء شهوته التي أشعلها بالحديث معك.
ونحمد لك شجاعتك لأنك بعثت تسألين عن عواقب هذا الأمر، أو كونه بداية لدخولك دوامة "العادة السرية"، ونقول لك إن هذا النوع من الحديث عبر الهاتف مع زوجك لن يريحك الآن، أو بعد حين، بل سيزداد الأمر سوءا، وستجدين نفسك تلجئين للعادة السرية، هذا إذا لم يكن ما تقومين به فعلا هو هذه العادة نفسها، فأنت تضعين نفسك(56/20)
في حالة استثارة دائمة لا تشبعها العادة السرية غالبا، وهكذا تصبحين على حافة الخطر، خطر لا يمكن أن تكوني قد تصورت أن تكوني على حافته في يوم من الأيام، وهكذا تحول الزواج من وسيلة للعفة إلى طريق للوقوع في الخطأ.. خطأ كنا نتصوره، ونحن غير متزوجين لأننا ببساطة لم نشعل هذه النيران في أنفسنا.
إن ما يفعله زوجك خطأ فادح غير مقبول بكل المقاييس.. فهو على المستوى الإنساني خروج عن مقتضى الإنسانية التي تقدر جسم الإنسان، ولا تعتبره أداة للحصول على المتعة بأي صورة، وعلى المستوى النفسي اعتبرت التقسيمة الأمريكية للطب النفسي الأخيرة أن ممارسة الجنس عبر الهاتف أو الإنترنت هو نوع من الانحراف الجنسي، وعلى المستوى الشرعي إذا نظرنا لما يترتب عليه من نتائج فإننا نجد أنفسنا في حرج شديد يجعلنا على الأقل في منطقة الخطر والشبهات، ولذا فإن الأمر يحتاج إلى موقف حاسم مع زوجك ترفضين فيه هذه الممارسة موضحة تأثيرها السلبي والخطير عليك بكل صراحة تجعله يفيق لما يفعله بك ويفعله بنفسه وهو لا يدري أنه يشعل النيران من حيث أراد إطفاءها.
وننصحك بقراءة هذا الروابط، لأنها قريبة من موضوع شكواك، وفقك الله لما فيه الخير.
ـــــــــــــــــــ
أولادنا ليسوا لنا.. أولادنا أولاد الحياة ... العنوان
الاغتراب والهوية, اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أستاذاي العزيزين ليلى أحمد الأحدب وأحمد عبد الله، أتوجه بخالص الشكر والعرفان لجهدكما المبذول في هذه الصفحة؛ لأنه كشف بعض الشيء عن حجب العادات والتقاليد التي كانت مسيطرة على منهج تفكيري عندما كنت في وطني العربي.
إنني بحاجة لنصيحة ولهذا أخاطبكما الآن..
إنني شاب عربي أقطن في إحدى الدول الغربية لتحضير رسالة الدكتوراة في أحد العلوم الأساسية، وكما تعلمان فإن الفتن هنا كثيرة، وصراع العقل والغريزة متأجج في نفسي دائمًا؛ ولذلك أرغب بالزواج من فتاة حددت أولويات اختيارها على الشكل التالي دين فخلق فوعي فجمال فمال، وسيقوم أهلي بالبحث عن عدة فتيات عسى أن أتوافق مع إحداهن في صيف هذا العام.
مشكلتي تأتي مع البندين الثالث والخامس، أما الوعي فهي كلمة غريبة وغير مفهومة في مجتمعنا الشرقي ووالدتي تركت مهمة التأكد من وجوده عند الفتاة لي بحجة أنها لا تعرف الأسئلة التي تعلم بموجبها هل هذه الفتاة واعية أم لا. قد تسألوني وما هو مفهوم الوعي لديك، وأجيبكم بأن تكون مدركة تمامًا لماذا تحيا، ولماذا هي مسلمة، وينعكس أثر ذلك على منهج حياتها فلا إضاعة للوقت، ولا غيبة، ولا اهتمام بسفاسف الأمور، ويمكنني معرفة ذلك من حديثها واهتماماتها وطريقة حياتها دونما أي سؤال مباشر.
أما بخصوص البند الأخير وهو المال وهنا أريد أن أكون صريحًا مع نفسي ولا أريد أن أكون منافقًا وأقول إن المال غير ضروري والدين هو كل شيء. إن مستواي(56/21)
المادي من درجة الوسط، ولقد عانيت بعض الصعوبات حتى تمكنت من السفر والذي كان عاملاً أساسيًّا في كوني استطعت شراء بيت مقبول في وطني الأم، وصراحة لا أرغب لولدي في المستقبل أن ينهي دراسته الجامعية، ثم يصطف في طابور العاطلين عن العمل وأبوه وأمه غير قادرين على مساعدته.
هل التفكير بالزواج من فتاة مقتدرة ماديًّا هو من سوء الأدب مع الله؟ أعلم أنه في الإسلام لا ينبغي الزواج لغرض المال حصرًا، ولكن يشهد الله أنني لا أطمع في مال الزوجة مطلقًا، فأنا رجل مسلم أولاً ورجل شرقي ثانيًا، ولكن الزواج من فتاة مقتدرة ماديًّا ما هو إلا محاولة لضمان مستقبل جيد لطفل ربما يأتي وربما لا.
هل يجب عليّ الزواج من فتاة تحققت فيها الشروط الأربعة الأولى والبند الخامس يكون التكافؤ المادي بين العائلتين تاركًا أمر الطفل لله تحت ذريعة أن هذا سيؤدي إلى مزيد من التجانس في العلاقة الزوجية؟ ولكن أسأل نفسي وما الذي يدريني أن الفتاة المتوسطة ماديًّا سوف لن ترهقني بطلبات لها أول وليس لها آخر؟ أرجو تسليط النور على هذا البند حيث أشعر بتشوش ولم أستطع اتخاذ قرار حيال هذا الأمر بالنسبة للأهل فإنهم يفضلون قطعيًّا التجانس في كل الأمور. أرجو أن يصلني منكم ما يثلج صدري وتقبلوا فائق احترامي وتقديري.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
تقول د.ليلى أحمد:
أشكرك بداية على ثقتك، وما أفعله في هذه الصفحة وغيرها ليس إلا جهد المقل؛ لذا أسأل الله تعالى أن يتقبله مني وأن يصفح عن تقصيري.
لعل سؤالك هذا ينتاب كثيرًا من الشباب المغتربين، وقد كان لي عدة إجابات أذكر من ضمنها ( زواج المغتربين.. مشهد من مأساة متكررة) نبهت فيها إلى ما يقع فيه بعض الشباب من أخطاء في الاختيار نتيجة ظروف اغترابهم ووحدتهم وشعورهم بالحاجة إلى الصداقة والرفقة من جهة وإلحاح نوازع الغريزة من جهة أخرى، وبرأيي أنه لا يزال ثمة فارق بين من يعيش في الغرب مثلك ومن يعيش في بلادنا العربية وإن كان ليس فارقًا كبيرًا، خاصة في تلك البلاد التي خضعت لتغريب كبير في الثقافة ولم تسلم كثيرًا من تشويش العقيدة، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوالنا ويهدينا سواء السبيل.
أنت تطرح هنا سؤالاً محددًا وهو عن رغبتك بأن تتزوج ذات المال، وبرأيي ليس في ذلك أي سوء أدب مع الله كما تظن، فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر في الحديث الشريف أن المرأة تنكح لأربعة أسباب: نسبها وجمالها ومالها ودينها، وإذا كان عليه الصلاة والسلام قد أكد على ذات الدين فإنه بيَّن في حديث آخر أن الدين هو المعاملة بشقيها: معاملة الخالق ومعاملة الخلق؛ وليس في التفكير للمستقبل والتخطيط له أي(56/22)
سوء أدب مع الله، بل على العكس إن فيه كامل التأدب مع حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: "اعقلها وتوكل".
بما أنك ذكرت استفادتك من ردودنا في التفريق بين العادات وبين الدين فهذا شيء طيب وسيساعدني أن أكون صريحة معك كعادتي مع السائلين، وأرجو أن تعذرني والإخوة القراء على صراحتي؛ لأني أعتقد أن سبب تأخري في الإجابة عليك ليس انشغالي فقط وإنما محاولة التوصل إلى حل وسط بين وجهة نظرك في طريقة الاختيار التي ارتأيتها -وهي أن تبحث لك والدتك عن فتيات لتختار منهن في الصيف من تناسبك- وبين وجهة نظري الشخصية، وصدقني إذ أخبرك أني أكتب وأنا أشعر بحرج خشية أن يصدمك ردي، لكني لا أستطيع أن أكتب غير ما أقتنع به؛ ولذا أحاول أن أضع نفسي مكان والدتك، وأضع ابني مكانك، فلا شك أني أشعر بابني وكيف تتنازعه الأخلاق والقيم التي نشأ عليها في المجتمع الشرقي من جهة والأعراف والعادات السائدة في المجتمع الغربي من جهة أخرى، ولكني مع ذلك لن أشجعه على هذه الطريقة في الاختيار، بل سأطلب من ابني أن يعفيني من هذه المهمة الصعبة.
وبالطبع فإن هذا الكلام لا يعني أن أتركه يتخبط دون مساعدة إذا احتاج، ولكن جوابي ينطلق من كوني أؤمن بحق الإنسان في اختيار ما يناسبه، فابني قد عوّدته على الاستقلال في الاختيار حتى في أبسط الأشياء، فكيف يمكنني أن أتدخل في قرار حياتي كقرار الزواج؟ لأقص عليك هذه القصة الطريفة التي جرت لي مع ابني كي أخفف عنك الضيق الذي قد يعتريك بسبب جوابي ولتستطيع اتخاذ العذر لي، والقصة تتلخص بأني شخصيًّا أحب الكنزات القطنية (أي تي شيرت) بياقة وذات ألوان مخططة للمراهقين والشباب كثيرًا، بينما يفضلها ابني بدون ياقة وبدون ألوان مخططة، وسبق أن اشتريت له واحدة مخططة وغامقة الألوان فلبسها وبعد فترة اشتريت له كنزة مخططة وذات ألوان فاتحة فاعترض مذكرًا إياي بعدم حبه لهذا الموديل المخطط ذي الياقة، ومع ذلك عندما وجدت نفسي في العيد الماضي في أحد المحلات أمام كنزة توافق هواي الشخصي وذات ألوان رائعة، نسيت رغبة ابني أو تناسيتها بالأحرى، وعدت إلى البيت وقد اشتريتها، ففاض الكيل بابني وأخبرني بكل تهذيب أنه لا يحب الملابس التي تجعله يبدو كحمار الوحش!! هذا وابني الآن عمره 15 سنة ولم يعجبه ذوقي في ملبس فكيف سأحشر نفسي في اختيار زوجة له فيما بعد؟
لذا أيها العزيز ليست مشكلتك بالنسبة لي -أؤكد على أن الأمر نسبي تمامًا- في اختيار الزوجة الواعية أو الجميلة أو الغنية، إنما مشكلتك برأيي أن من سيقوم بالاختيار المبدئي لك هم أهلك، ولو كنا في زمن سابق قبل الانفتاح الثقافي -وربما لو كنتَ في عمر أقل أو قبل سفرك للغرب- لوافقتك وقلت لك إن هذه الطريقة التقليدية هي الأسلم؛ لأن التربية كانت تعتمد على أن الولد طوع بنان والديه، أما الآن فقد اختلفت الأمور كثيرًا وأصبح الأولاد أكثر استقلالاً وربما كانت حسنات هذا الاستقلال أكثر من سيئاته فلعله يكون مخرجًا لمجتمعاتنا من نفق الاستبداد الثقافي الذي يشكل قاعدة الهرم لاستبداد أعنف، وربما أصبح لزامًا على الآباء والأمهات أن يتذكروا حكمة(56/23)
جبران خليل جبران: (أولادنا ليسوا لنا.. أولادنا أولاد الحياة)، فيكفوا عن اعتبار أن الأولاد امتداد لهم أو مستنسخون منهم.
إذن أنا أطرح هنا رؤيتي الشخصية لكن لا يعني هذا أني أطلب منك أن تتبناها، فقد ترى أنت أن ظروفك الحالية -النفسية والاجتماعية- تفرض عليك السير في هذا المنحى، أي اختيار أهلك لعدة فتيات لتحدد أنسبهن لك في فترة تواجدك في بلدك صيفًا، وفعلاً قد يحصل هذا وتتوافق مع واحدة فكريًّا وماديًّا وربما ستجد الغنية أيضًا، ولكن أيضًا ربما أن هذا لن يحصل، ويضيع وقت والدتك ووقت الناس الآخرين سدى، وربما تتوافق مع واحدة من كل النواحي إلا الناحية العاطفية، أي أنك لن تشعر بالميل القلبي لها، فكل ما يمكنني أن أنصحك به ألا تجعل الظروف هي التي تضغط عليك في قرار هام وحيوي كقرار الزواج، وأذكرك أنه مهما كان أهلك خبراء بالحياة ومهما بحثت عن الوعي لدى الفتاة فإن الحكم على شخص لا يمكن أن يكون حقيقيًّا إلا عندما تحوط بك وبه شدة من الشدائد، أي عندما يوضع على المحك، فهنا يُعرف الشخص فيما إذا كان أصيلاً أو مزيفًا، فربّ رجل تزوج امرأة لجمالها ثم أدرك افتقادها لجمال الروح وغلبة النرجسية عليها، وربّ امرأة تزوجت رجلاً لماله فإذا بالبخل صفة غالبة عليه، وربّ اثنين تزوجا ليحققا طموحًا مشتركًا، فإذا بالمصالح الشخصية لأحدهما أو لكلاهما توضح لهما أن ما كانا يظنانه مشتركًا لم يكن إلا ليستعمل أحدهما الآخر كسُلّم يصل بتسلقه إلى طموحاته الخاصة.
ربما أخفتك من الزواج، وباعتقادي أن من يبين لك صعوبة الأمر أفضل بكثير ممن يسهله عليك، ثم تجد العقبات تتالى أمامك؛ ولذلك أعود إلى ما أقوله دائمًا إنه من الأفضل أن يكون اتخاذ قراراتنا الحيوية والهامة نابع من حريتنا التي يجب ألا تكون خاضعة لإرادة الآخرين حتى لو كانوا أقرب الناس إلينا ولا ناجمة عن أي ضغط نفسي أو اجتماعي، ولا أدري كم سنة مضت عليك في غربتك هذه، لكن إذا كان ما مضى أكثر مما بقي فلعلك تستطيع الصبر هذه الفترة المتبقية لتختار شريكة حياتك وأنت مستقر في بلدك، ولا مانع من أن تستفيد من خبرات أهلك، لكنك على الأقل لن تنشغل عن دراستك؛ لأنك ستكون قد أنهيتها، اللهم إلا إذا لم يعجبك رأيي من الأصل فلا عليك أن تضعه جانبًا وتفعل ما تراه مناسبًا لك.
أعلم أن الزواج المبكر له فوائده الصحية والنفسية والاجتماعية، وأعلم أن كثيرًا من الزواجات التقليدية قد تبدو أكثر استقرارًا من الزواجات الأخرى، ولكن بما أنك سألتني رأيي فهذا هو، ومن حق أي أحد أن يختلف معي لكن لا يحق له أن يدعي أن رأيه هو الصحيح سواك أنت؛ لأنك أنت صاحب السؤال، وبالتالي صاحب القرار، فما يناسب ابني ربما لن يناسبك وما يناسب ابني الأكبر ربما لن يناسب الأصغر، وسبحان من وزّع العقول فرضي الكثير منا بعقله ووزع الأرزاق فلم يرضَ إلا القليل برزقه، خاصة في هذا الزمن الذي أصبحت المنافسات المادية على أشدها بين الناس، حتى أصبحت من أسباب الفراق بين الزوجين، وأنت تضرب مثلاً لخوفك من الفتاة ذات الغنى المتوسط أن طلباتها قد ترهق كاهلك فما أدراك أن الغنية لن تتكبر عليك وتعزو كل نجاح لك مستقبلاً إلى مالها ودعمها لك؟(56/24)
بالطبع إن التكافؤ المادي أفضل، ولكن الأفضل دائمًا أن تختار فتاتك عن اقتناع بها؛ لأن القرارات التي يتخذها المرء مسترشدًا بقناعات سليمة قلّما تنقضها الأيام.
لا أحبذ أن أفتح موضوع إنفاق الزوجة والقوامة كي لا أخرج عن موضوع سؤالك وأدخل في إطالة ليس هذا مكانها، لكن لا بد من القول إن إنفاق الرجل على البيت هو أمر قانوني حقوقي يتبعه مسئوليته عن كل من ينفق عليهم، بعكس إنفاق المرأة على البيت فهو أمر أخلاقي، أي أنه لا يحق لأحد أن يجبرها على الإنفاق مهما كانت غنية، وفي نفس الوقت لا تحق لها القوامة على الرجل قانونًا، ولكن أين تصبح قوامة الرجل في هذه الحال؟!
ومن يحفظ للمرأة حقها في مالها الذي أنفقته إذا أنكره الرجل وأراد أن يمنحها مكافأة نهاية الخدمة -بعد عشرين سنة زواج- بالزواج عليها؟! كثير من أمور المعاملات اهتم بها القرآن، لكنه اهتم أكثر ما اهتم بتنظيم علاقات الأزواج والأسرة، فإذا لم تَعُد حياتنا مضبوطة بتقوى الله ورعاية حدوده كما هو حالنا الآن، فهل يحق لنا أن نسنّ قوانين للأسرة لم ينزل الله بها من سلطان؟ أم أن علينا أن نعيد ترتيب إيقاعات حياتنا من جديد لتكون كما يحبها الله ورسوله؟ لا يعني هذا أن تعود المرأة للمطبخ، لكن يعني أن حاجتنا مُلِحّة لتربية جديدة ومفاهيم فريدة تنظم علاقات الناس بعضهم ببعض، ولنتذكر أن الضرورة تقدّر بقدرها وأنه لا اجتهاد مع النص القرآني الواضح الصريح "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنّ وَكِسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوف".
وفقك الله تعالى لفتاة تسعدك وترضي الله وترضيك، والسلام عليك.
ويضيف د.أحمد قائلا:
طالما تعرف عن ماذا تبحث، وكيف ستبحث عنه، فلماذا كل هذه الحيرة؟
الزواج يا أخي الكريم لا يكون بهكذا تنظير ومعادلات، ولكنه يتضمن تحديدا للأولويات، وهو ما قمت أنت به بالفعل، ثم تتعامل مباشرة مع هذه الفتاة أو تلك؛ لتتأكد من أن المميزات التي لا تستطيع الاستغناء عنها متحققة فيها بالفعل، وأن العيوب التي تحملها هذه الفتاة، وكلنا لا يخلو من عيب، تستطيع أنت أن تتحملها.
ربما يفيدك أكثر أن تحسم هل ستبقى في أوربا بعد انتهاء الدكتوراة أم ستعود إلى بلدك، ولكل اختيار مميزاته وعيوبه، والإجابة على هذا السؤال الحاسم سيحدد في اختيارك؛ لأن بعض الفتيات قد تقبل بل وربما تتحمس للإقامة في الخارج وهناك أخريات لا يتحمسن لهذا، ومن ناحية أخرى فإن الزوجة التي ستعيش معك في الخارج ينبغي أن تكون بها مواصفات مناسبة لهذا من انفتاح ومرونة ذهنية واجتماعية... إلخ، وإلا ستتحول حياتك وحياتها إلى جحيم في الغربة.
وحسم مكان الإقامة الدائمة سيفيد أيضا في حسم الناحية المالية؛ فأنت تعرف أن راتب الأستاذ الجامعي في فرنسا يكفي لنفقات زوجة وأولاد في حالة أنجبت زوجتك أو لا، بينما ستحتاج إلى زوجة عاملة قطعا إن كنت تنوي العود إلى وطنك والإقامة الدائمة به؛ حيث لا يكفي راتب الأستاذ الجامعي وحده لنفقات أسرة تريد العيش في مستوى معقول -يعني متوسطا أو فوق المتوسط- أليس كذلك؟!
وإذا طلبت رأيي الخاص فأقول لك إنني أقترح عليك أن تبقى في أوربا -ولو بعد إنهاء الدكتوراة- لأطول وقت ممكن، وأن تظل لك صلات علمية وأكاديمية بـ"هناك"(56/25)
حتى لو عدت إلى بلدك، وفي هذا خير كبير لتخصصك وقدراتك المالية بإذن الله، وأن تختار الفتاة التي ستصلح لاستكمال مسيرتك وعيا ودينا... بغض النظر عن مستوى عائلتها ماديا؛ لأنك عندها ستكون قادرا تماما على تغطية هذا الجانب. ويبقى جانب الجمال وهو ما تستقل أنت بتقديره تماما، ومبارك لك مقدما، وتابعنا بأخبارك .
ـــــــــــــــــــ
بيت العائلة.. مشكلة أم حل؟ ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
تحية طيبة وبعد..
لي مشكلة تتمثل في أني في هذه المرحلة خاطب ومقبل على الزواج خلال الأشهر القليلة القادمة.
أما مشكلتي فتتمثل في أنه لضعف إمكانياتي المالية فإنني سأسكن مع أهلي في بيت واحد، وإني أتوجس من هذا الأمر خيفة لما سمعته من مشاكل بين الحماة والزوجة والتي يكون نتيجتها في أحيان كثيرة الطلاق وضياع بيت الزوجية..
سؤالي هو:
كيف يمكن تجاوز مشاكل الحماة والأخوات مع الزوجة؟
ما هي الترتيبات التي يجريها الزوج ليقلل من الاحتكاك السلبي بين أفراد العائلة والزوجة؟
وأخيرا:
كيف يمكن أن أجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية؟
... المشكلة
أ.د. وائل أبو هندي ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
الأخ العزيز،
أهلا وسهلا بك على صفحتنا "مشاكل وحلول للشباب"، وشكرا على ثقتك.
الحقيقة أن ما تطلب منا الإجابة عليه لن نستطيع تقديم أكثر من تحليلات عامة بشأنه؛ ذلك أن تفاعل زوجة الابن مع أهل زوجها ليس على شكل واحد أو صورة واحدة؛ لأن الفروق الفردية بين البشر تؤدي إلى اختلاف قابلية الأشخاص للاستفادة من نصائح معينة، وكذلك تؤدي إلى اختلاف حاجات الأشخاص لتنظيم أو توطيد علاقة ما.
معنى هذا الكلام أننا قبل أن نقول كلاما خاصا لحالتك يجب أن نكونَ على علم تام بأي زوجةٍ -ولاحظ معي أننا لا نعرف شيئا عن زوجتك- وأي أفراد أسرة؛ أي أخواتك وإخوتك وسيدة البيت الأولى أمك -نحن أيضًا لا نعرف أي شيء عن هؤلاء الأشخاص- ولذلك لا نتوقع منك أن تنتظر أكثر من رد يحتوي بعض النصائح العامة.
وأيضًا لا تنتظر منا أن نضع لك أجوبة على أسئلتك في نقاط متتالية؛ فنحن لا نستطيع أن نقدم الحلول الجاهزة التي تصلح للتعميم في مثل هذه المواقف؛ لأننا لا(56/26)
نملك معلومات كافية لا عن خطيبتك، ولا عن والدتك، ولا عن بقية أعضاء الأسرة؛ لنضع لهم من الخطوات ما يناسبهم.
ونحن مثلك نسمع يوميا مثلك عن الحماة أمثالا وقصصا تشوه مكانتها في الأسرة، ومهما فعلت هذه الحماة وقدمت من جميل تظل في نظر الناس وبالأخص زوجة الابن هي المرأة المتسلطة وصاحبة المؤامرات والمشاكل. وتناست معظم الزوجات أن هذه السيدة قبل أن تكون حماة فهي أم، وستدور الأيام وتمر السنوات وتصبح هذه الزوجة في مكانها، وتعاني مما عانت منه حماتها، وجزء كبير من هذا ناتج عن تشويه العقول في بلادنا عبر وسائل الإعلام، خاصة المرئية والمسموعة التي خلقت صورة نمطية للعلاقة بين الزوجة وأهل زوجها؛ بحيث أصبحنا نقدم سوء الظن على حسن الظن تلقائيا، مع الأسف.
لكننا نسمع أيضًا أكثر مما نتوقع عن نماذج مشرفة من العلاقة بين الزوجة وأسرة زوجها، وكيف يشيع الحب وينبت ويثمر، وكيف أن هناك زوجاتٍ عاقلاتٍ، وأن هناك حموات حكيمات، وأن ثقافة المسلمين ما تزال حية وإن لم يدر بها أحد، وهناك من حفظهم الله من تشويه الوعي المنظم وغير المنظم الذي تتعرض له أمتنا، نعم فالإسلام يا أخي الفاضل ما يزال يفرز أفرادا صالحين بميزان ذلك الدين العظيم، والصالح بميزان الإسلام هو الذي يتم إعداده معرفيا وشعوريا على نهج الإسلام، وأمثال هؤلاء موجودون في مجتمعاتنا كقلةٍ بالطبع، لكنهم القلة التي يحفظ الله بها دينه.
معنى كلامي هنا هو أنني أذكرك بحديث سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم [أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه]. فإن كنت ظفرت بذات الدين فاعلم أن التي تتحلى بأدب الإسلام في التعامل ستستطيع كسب قلوب الجميع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم" صدق رسول الله [رواه أبو داود]. والشاهد في هذا الحديث هو وصف الزوجة المفضلة بالودود، والودود هي طيبة اللقاء، وحانية السلوك، وصاحبة واجب.
وكذلك جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة". ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه (نصف دينه) فليتق الله في الشطر الباقي" صدق عليه الصلاة والسلام. كما جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجه: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله تعالى خيرا له من امرأة صالحة؛ إن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله، ثم تلا قوله تعالى {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}".
فإذا كنت اخترت ذات الدين فاطمئن يا أخي؛ ذلك أن المتدينة لا بد أن تكون صاحبة خلق؛ لأن دينها سيمنعها من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كلٍ فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن المرأة، وصدق لقمان الحكيم عندما قال لولده: "يا بني اتق المرأة السوء؛ فإنها تشيبك قبل(56/27)
المشيب. يا بني استعذ بالله من شرار النساء، واسأله خيارهن؛ فأجهد نفسك في الحصول على الصالحة الطيبة تلق السعادة أبد الحياة".
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها (أي بالنفع والخير) التي إذا غضب زوجها جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها، وتقول: لا أذوق غمضا (أي نوما) حتى ترضى" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم [رواه النسائي والطبراني].
مثل هذه المرأة التي يحثنا ديننا على البحث عنها تمتلك من بين أهم ما تمتلك صفات يربيها الدين فينا مثل الذكاء العاطفي وتوكيد الذات (حسب التسميات الحديثة) اللتين أراهما صفتين مهمتين في الزوجة التي تختارُ لتعيش وسط أسرة الزوج.
فأما ما نسميه بالذكاء العاطفي Emotional Intelligence فيقصد به القدرة على اكتساب قلوب الناس ورضاهم، وهذا ما قد تحتاج إليه خطيبتك؛ فما تقييمه لديها؟ هل تستطيع أنت أن تدلني؟ على أي حال فإن زوجة الابن التي تتمتع بقدر معقول من الذكاء العاطفي ستكتسب رضا أسرة زوجها بما في ذلك حماتها، ومن تتمتع بقدر عالٍ من الذكاء العاطفي تصل إلى أن تكونَ أكثر حظوةً عند أهل زوجها من زوجها نفسه. وعلى العكس من ذلك فإن الفقيرة في ذكائها العاطفي غالبا ما تكونُ مكروهةً أو مهمشةً أو محدودة العلاقات في أسرة الزوج. وأنا هنا لن أطيل كثيرا في هذا المضمار، وإنما أرى أنك يجب أن تقيمَ ذكاء خطيبتك العاطفي، وقدرتها على كسب الناس جيدا، وكذلك قدرتها على تحمل الكروب في العلاقات بين الشخصية، ولعل أحد المتخصصين بعلم القياس النفسي من المعالجين النفسيين يستطيع مساعدتك في ذلك إن شعرت بحاجتك إليه.
وهناك أيضًا ما نسميه بالسلوك التوكيدي للذات، أو بالقدرة على انتهاج سلوك توكيدي والتعبير بحرية عن المشاعر تجاه الآخرين (باستثناء القلق) وعن الآراء في المواقف المتباينة، والقدرة على التعبير عن استحسان أو استهجان عمل شخص آخر وغير ذلك من السلوكيات التي تحتاج إليها خطيبتك كأسلوب يمكنها من الحياة حرةَ المشاعر والتصرفات قدر الإمكان، وهي تعيش وسط أسرة كبيرة العدد أو فيها بعض أهل الزوج. فهذا مطلوبٌ من أجل أن تسير الحياة باعتدال معقول، فما مدى ما تمتلكه خطيبتك من السلوك التوكيدي، مثلا ما مقدار قدرتها على لقاء الآخرين بابتسامة؟ أيضًا من الممكن أن يساعدك في ذلك أحد المعالجين النفسيين السلوكيين المعرفيين.
وأما سؤالك الأخير:
كيف يمكن أن أجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية؟
فإن الرد عليه هو أن الأمر سيعتمد إلى حد كبير على الأسس التي تحكم الحياة الأسرية في أسرتك، وعلى الأسس التي تحكم تصرفات زوجتك؛ فإن كانت الأسس الحاكمة هي أسس السلوك الإسلامي فإن التراحم والتعاطف وروح الله عز وجل وفضله. قليل من حسن التصرف والتوجيه منك سيجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية.
إن المهم يا أخي الفاضل هو أن تفكر جيدا وأن تطبق الحكمة التي تقول: "إن الرجل الحكيم هو الذي يفتح عينيه واسعتين قبل الزواج، ويغمضهما نصف إغماض بعد(56/28)
الزواج"، هناك بالطبع نصائح جاهزة لكنني أفضل أن يقدمها لك من يقيم الموقف أفضل مني، وهناك الآن مؤسسات تقدم الخدمة الإرشادية للمقبلين على الزواج، ولا أدري هل هي متاحة في بلدكم أم لا؟
وعلى أي حال تستطيع أن تخبرني بنتائج تقييمك للموقف بعد أن تقرأ ما كتبته لك، سواء كان تقييمك الشخصي أو استعنت فيه بأحد الإخصائيين النفسيين، وإذا ما اكتملت لدي الصورة في حدود ما تمكننا منه الإنترنت فإنني سأشير عليك بما هو أقرب من حالتك، وأهلا وسهلا بك دائما
ـــــــــــــــــــ
هكذا مواقف الرجال حسم القرار مع الإصرار ... العنوان
عند الزوج, اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم.. إلى السادة الأفاضل..
ترددت كثيرا قبل أن أرسل لكم مشكلتي، ولكن الحائر يطرق كل باب عسى أن تكونوا لنا عونا وترشدونا برأيكم الصائب إن شاء لله.
أنا شاب خليجي في أواخر العشرينيات، منذ سنتين تعلق قلبي بفتاة ذات دين وخلق وفكر ناضج وطبعا رغبت بالزواج بها من بداية تعلقي بها حتى لا أخوض في سبل الشيطان من علاقة ونحوها وكانت رغبتها أيضا.
لب المشكلة أن والدتي ترغب بتزويجي من قريبتي التي أعتبرها مجرد أخت لي، ولا أكن لها أي مشاعر، طبعا حدثت والدتي بعدم رغبتي بها مرارا وبجميع أوجه النقاش، ولكن لم تأبه بكلامي "وزعلت علي"، وأصرت على رأيها، علما بأن شخصيتها جدا قوية علينا جميعا ورغباتها وكلامها هو الذي يتم.
وأنا والحمد لله بارٌّ بها وهي الإنسانة الوحيدة التي لا أ قوى حتى على "زعلها"، وأخاف عليها كثيرا لما تعانيه من أمراض العصر فخطر ببالي أنا أتصل بقريبتي هذه، وأعلمها بعدم رغبتي بالزواج منها وفعلا فعلت ذلك.
كان ذلك قبل معرفتي بالفتاة التي أحببتها وطبيعي ردا لكرامتها وكبريائها قالت لي حتى أنا لا أريد الزواج منك بالرغم من حبها وتعلقها الشديد بي منذ صغرها، وتتمنى اللحظة التي أصبح زوجا لها فارتحت بردها لي، واعتقدت حتى إذا تقدمت لخطبتها أن ترفضني بعد مكالمتي لها، أصرت والدتي على خطبتها فقلت لها طيب وعلى أساس يأتي الرفض من العروس، وبذلك أكون رضيت والدتي، ولكني فوجئت بموافقة والدة قريبتي على زيارتنا لهم وهي ما يسمى بالنظرة الشرعية فأوكلت أمري لله، وذهبت مع أمي، وأنا على مضض جلسنا سويًّا، وكان شكلي وجميع تصرفاتي وكلامي توحي بأني مغصوب حتى تفهم العروس أني لا رغبة لي بها، وخرجت وقلت في نفسي أكيد أنها لن تقبل بي، وسكت على الأمر شهور لم يردوا علينا بجواب، وأحسست من أمي بعدم موافقتهم، وأن الأمور ليست على ما يرام بين أمي ووالدة الفتاة، فارتحت قليلا وبعد فترة فاجأتني أمي بالخطبة الرسمية بين الرجال، وحاولت معها عدة شهور، ولكن من دون جدوى مصرة على رأيها، وتقول أنا أعرف مصلحتك أكثر منك وبعد الزواج ستحبها.(56/29)
وفي نهاية المطاف استسلمت لرغبة والدتي بعد مناقشات حادة وذهبنا لخطبة البنت من والدها وأنا على مضض طبعا فرحت والدتي كثيرا، وقالت أنا الآن راضية عليك، بينما أنا كل قلبي وعقلي مع الفتاة التي أحببتها، بقيت الخطبة لعدة شهور فكرت أن أتصل بالعروس وأكرر لها عدم رغبتي بالزواج منها، ولكن سيصل الكلام لوالدتي عن طريق والدتها؛ لأنه في المرة الأولى انهارت البنت عندما كلمتها وقالت لوالدتها ووصل الكلام لأمي "وزعلت علي كثيرا"، مضت شهور على الخطبة وأنا في حيرة من أمري، ولا أدري ماذا أفعل؟ وكل همي ألا أغضب والدتي مني، حددوا موعدا للملكة وهي ما يسمى عقد النكاح، وأنا اسودت الدنيا بعيني وعقد النكاح من شهرين تقريبا، ولا أشعر بأي فرحة وطبعا عائلتي وعائلتها وهي مغمورون بالسعادة، وازداد الأمر سوءا بالنسبة لي ففكرت أن أطفش العروس مني وأن أكون معها جافا حتى تكرهني، وتطلب بنفسها الانفصال عني لتكون جاءت منها، وليس مني، وبذلك أكون قد رضيت والدتي وبعد ذلك يتركون لي الخيار باختيار شريكة حياتي.
وفعلا كلمتها بعد النكاح ثلاث مرات فقط، وكنت معها جد بارد وزرتها مرة واحدة فقط وتحت الضغط من أمي وأمها وفعلا هي شعرت بذلك، وكلمت أختي وتسألها لماذا لا أكلمها ولا أزورها مثل أي عريس يود خطيبته ودائما أعتذر بأني مشغول، ولكن لا أدري إذا كانت هذه الطريقة ستنجح معها أم لا، وتفاجئني كعادتها لأنها تحبني جدا، ولا تريد أن تقول أو تفعل أي شيء يخرب العلاقة بيننا (مهدية اللعب لين تتم الزواجة)، ويمكن أن تتنازل عن أشياء كثيرة في سبيل أن تتزوجني وفهمت مؤخرا من والدتي أنه في بالها عدم مكالمتي لها بسبب عدم إكثار المشاكل فترة الخطبة، وحتى يأتي موعد الزفاف وتجعلني تحت الأمر الواقع.
أنا في حيرة من أمرها.. ألهذه الدرجة تتحمل وتتنازل عن كرامتها وكبريائها في سبيل الزواج مني بالرغم من تصريحي لها بعدم رغبتي بها؟
في النهاية لا أريد أن أظلمها معي لا عقلي ولا قلبي معها، وأيضا لا أريد أن أنفصل عنها بعد الزفاف ويكون بيننا أطفال بما أننا الآن في فترة خطبة وأريد أن أنهي الموضوع بأقل الخسائر.
احترت في أمري وأدعو الله دائما أن يخلصني من هذا الكابوس؛ لأنني تعذبت كثيراً وعذبت الفتاة التي أحبها وتحملت كل ظروفي وتمسكت بي على الرغم من أنني ممكن أن أفرط بها رغما عني وبالرغم من أنها فتاة لا ينقصها شيء "وتستاهل شخصا أفضل مني" ومع ذلك تمسكت بي ورفضت كثيرا من الخطاب لأجلي، وقبل هذا كله حاولنا أن ننفصل عن بعضنا لعدة مرات، ولكن لم نقدر أبدا وكأن أرواحنا تآلفت، أرتاح جدا بمجرد تفكيري بقربها وهي أيضاً فماذا أفعل؟
وضعت كل الحلول أمامي، وكلها ستغضب أمي مني، ومنها فكرت أنا أصارح قريبتي بعدم رغبتي بالزواج منها الآن حتى تطلب هي الانفصال عني، ولكن سيصل الكلام لوالدتي بأي طريقة حتى لو حلفتها على كتاب الله بعدم قولها ولا أضمنها.
والآن شل تفكيري ولا أدري هل فكرة تكريهها بي ستنجح أم لا لدرجة أني فكرت أن أتزوجها إرضاء لأهلي وبعدها أتزوج الفتاة التي أحبها، ولكن هذا طبعا مستحيل من(56/30)
قبل الفتاة؛ لأنه لن تقبل هي أو أهلها برجل مرتبط، وللعلم لا أحد يعلم بحبي للفتاة من أهلي إطلاقا لأنهم لو علموا لأصروا على رأيهم بشدة أكثر نظراً للتعصب القبلي.
وأصبحت حائرا أمي بكفة، والفتاة التي أحبها بكفة، وأريد كسب الطرفين. أفيدوني وجوزيتم عنا خيرا، وأتمنى أن يكون حلاً مصيباً للغاية، وأتمنى أن يكون الرد سريعاً على الإيميل؛ لأن موعد الزفاف حدد مبدئيًّا في عيد الفطر المبارك لذلك أريد أن أنهي الأمور سريعاً وبأقرب وقت لأن معاملات الانفصال تأخذ الكثير من الوقت.
أعتذر جدا على الإطالة، ولكن حتى أبين جميع جوانب الموضوع، وإذا كان هناك أي استفسار أرجو المراسلة..
جزاكِم الله خيراً وجعله في موازين أعمالكم الصالحة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
لا يمكن أن تكسب الطرفين هذه هي الحقيقة المبدئية التي يجب أن تكون على يقين منها هو أن الاختيار بعين المفاضلة بين أمرين من غير خسائر وسلبيات، إن مشكلتك الكبرى أنك لا تريد حتى الاختيار، إنك تريد من عروسك وزوجتك هي التي تختار الانفصال؛ وبالتالي تأتي منها ولا يكون لك دور، إن عروسك قد اختارتك، وكانت حاسمة في اختيارها فهي تحبك، وتعرف ما تريد فهي تعلم أنك لا تحبها، وهي عندما اختارتك اختارت أن تتحمل سلبيات زوج غير محب فهي تراهن على قدرتها على جعلك تحبها بعد الزفاف، لقد كانت قوية واختارت ما تريد رغم المخاطر؛ وبالتالي فهي لن تتخلى عنك مهما فعلت بها؛ لأنها اختارت فعلا، ولن تضيف جديدا بإخبارك إياها أن لا تحبها، المسألة عندها تعدت قضية الكرامة، وتحولت على تمسك لمن تظن منه أنه حقها وأنك فعلا الآن زوجها، ولن تفرط بك.
الكرة في ملعبك.. فلا تحاول أن تلعبها في معلب غيرك، المسألة لا علاقة لها بطاعة الأم أو عدم إغضابها، فطاعة الأم لها حدود، فليس من حق أم أن تتدخل في حياة ابنها الراشد وتختار له زوجته رغما عنه بادعاء أنها تعرف مصلحته أكثر منه، ورفض الابن لهذه الوصاية ليس عقوقا؛ لأنها حياته التي يقرر كيف تسير، وليس من حق أحد التدخل حتى الأب والأم في كيفية سيرها نعم لهم حق النصح والإرشاد، ولكن ليس الوصاية والإرغام.
إن كان هذا ما يعيقيك عن مواجهة والدتك فاطمئن فهذا ليس عقوقا، ولا يدخل في طاعة الوالدين قبول ما يفسد حياتي وإرغامي على ما أنا واثق أنه سيضرني خاصة أنك من المفترض بك أنك راشد بما يكفي وكامل الأهلية للاختيار، ولكننا نعود ونقول: إن المشكلة فيك وليس في والدتك فعندما ما تقدمت أول مرة للتعارف، وأبلغت زوجتك وقريبتك بعدم رغبتك فيها، وثارت الأم وتوترت العلاقات بين الأم ووالدة العروس وتأجل الموضوع لشهور لم تجد منك الأم موقفا إيجابيا حقيقيا في(56/31)
اتجاه الرفض لقد تركت الأمور نائمة وأنت سعيد بهذا السكون لتعود المبادرة بيد الأم وتقرر الخطوبة، وهذه هي المشكلة عدم القدرة على اتخاذ الموقف وهو أيضا الحل وهو أن ما تفعله من محاولة إساءة معاملة الزوجة ليس حلا وليس موقفا؛ لأنك تريد أن يأتي الأمر من غيرك أنك يجب أن تقف مع نفسك مرة واحدة موقفا قويا ومحددا إذا كنت فعلا تحب فتاتك، وترمي إلى أن سعادتك ستكون معها، وأن زوجك لن تصلح لك، وأنك لن تستطيع أن تعيش معها وتعاشرها بالمعروف فالموقف الوحيد المقبول في هذه الحالة هو أن تواجه أمك بقرار حاسم تعلن فيه طلاقك لزوجتك حتى لا تظلمها معك بعد الزفاف، وتصر على هذا الموقف بكل قوة وتبلغه إلى العائلة كلها وإلى زوجتك وإلى أبيك وإلى أمك دون مواربة فهذا هو موقف الرجال المقبول في هذه الحالة وبعدها ستهدأ الأمور وسيكون طبيعيا أن تتزوج وتختار فتاتك.
أما إذا كنت غير قادر على مواجهة أمك، وخوض معركتك من أجل حبك فاتق الله في الجميع ولتقل لنفسك بصراحة يجب أن أرضى بالأمر الواقع، ولكن هذا الرضا له إجراءات بغيرها أيضا لا تكون رجلا قد اختار، وهي أن تقطع علاقتك بهذه الفتاة تماما في الحال، ولا تزد تعلقها بك وتعلنها لها بصراحة: إنني لن أستطيع المواجهة، وبالتالي يصبح من الظلم أن تستمري في انتظاري خاصة، وأنك وأهلك لن تقبلوا بي بعد زواجي، والخطوة الثانية أن تضع قلبك لزوجتك وأن تحسن معاملتها وأن تعطي الفرصة لنفسك أن تحبها خاصة أنها شديدة الحب لك وستجد عندها الكثير الذي تعطيه لك ويحببك فيها.
الرجال مواقف حازمة حاسمة، ولن ترضي كل الأطراف فلتحدد موقفك، فلن يختار لك أحد فأنت الأدرى بقدراتك على مواجهة المواقف، لا يعلم ذلك غيرك، ولكن كن رجلا، ولا تقلق فتاتك وزوجتك وتظلم الجميع وأولهم أنك تظلم نفسك،
ـــــــــــــــــــ
الزواج مروءة.. لا يدوم!! ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، أرجو أن يتسع صدر سيادتكم لقراءة هذه المشكلة.
تتلخص المشكلة في أنني شاب متدين وأرغب في تحصين نفسي بالزواج، وكنت أضع شروطا لفتاة أحلامي؛ أهمها أن تكون شديدة التدين، إلا أنني أثناء الدراسة الجامعية تعرفت على إحدى الفتيات كانت تستشيرني في أمور الدين وكذلك اللغة الإنجليزية.
ومن هنا وجدتها من خلال أسلوبها في الحديث شخصية جذابة قادرة أولا وقبل كل شيء على أن توفر لي ما افتقدته من حنان الأم والدفء الأسري بسبب المشاكل المنزلية المتواصلة. فأحببتها، ووجدتني منجذبا للحديث معها ووجدتها كذلك أيضا بالرغم من تحفظي في التعامل مع الجنس الآخر.
حاولت في بداية الأمر أن أرشدها لبعض المسائل المتعلقة بالمظهر الإسلامي، فاستجابت بصعوبة لتسلط والدتها عليها وعدم قدرتها على اتخاذ قرار بمفردها، بالرغم من تأكيدها على رغبتها الشديدة في تنفيذ تلك الأمور. فاتحتها في أمر(56/32)
الارتباط فوافقت متحفظة بسبب أنني كنت حينئذ لم أكمل دراستي بعد ولم ألتحق بعمل، إلا أنها وافقت في نهاية الأمر.
وبدأت أنا في محاولة تبين آرائها في مختلف القضايا؛ فوجدت تشابها بين أسلوب تفكيرنا فيما عدا بعض المسائل، وحاولت جهد استطاعتي أن أقنعها بارتداء الحجاب بشكله التام، وكذالك إقناعها بالاحتفال بالزواج في المستقبل من خلال الفرح الإسلامي الملتزم وكثير من القضايا المشابهة. ولاحظت في تلك الفترة بُعدي عن أعمال الدعوة وتأثري السلبي بدخولها حياتي من الناحية الدينية. أثناء العام الدراسي جاء أخوها ليقابلني في محاولة من أسرتها للتعرف على ذلك الشخص الجديد الذي بدأ يغزو قلب وعقل ابنتهم التي يرون فيها كثيرا من العقل.
وبعد انتهاء العام الدراسي استمررت في الاتصال بها بعلم أهلها وغضهم الطرف عن ذلك انتظارا لموقف رسمي مني.
وبعد التحاقي بعمل مؤقت كمترجم جاء دوري غير المنتظر للخدمة العسكري لمدة عام. فعَرَضتُ عليها الحِل من الاتفاق نظرا لكبر سنها -25 عاما- وعدم استعدادي المادي بعد للزواج. فرفضت وأظهرت موقفا جيدا زاد من تمسكي بها. أثناء الخدمة العسكرية تقدمت لخطبتها فوافق أهلها وحددوا موعدا لتقديم الشبكة. وفي موعد شراء الشبكة حدث أن رفض أهلها المبلغ الذي اصطحبته لذلك، وبالرغم من تأكيدي علي عدم وجود أي مبالغ أخرى معي لاستكمال المبلغ الذي طلبوه إلا أنهم رفضوا ذلك بشدة وأمهلوني فترة لاستكماله.
وبالرغم من طلب أسرتي ألا أعاود التقدم لتلك الفتاه فإنني أصررت رغبة مني في عدم إيذاء مشاعرها بسبب تصرف أهلها. إلا أنني فوجئت بعد ذلك باقتناعها بوجهة نظر أهلها، وهو الأمر الذي فسرته حينئذ بطبيعتها المحافظة، ورغبتها في عدم إظهار خطأ أهلها أمام شخص لم يعد بعدُ زوجا لها، وكذلك الحب الأنثوي الدائم للتفاخر بالشبكة؛ باعتبارها تقييما للفتاة في نظرهم.
وفعلا استكملت المبلغ، وتمت الشبكة في حفل أثار بعض المشاكل بسبب اعتراضي على طريقة الاحتفال غير الإسلامية بالشكل التام.
وبعد شهرين من ذلك أصابت خطيبتي مشكلة صحية دخلت على أثرها المستشفى، وأجرت عملية استئصال كيس مبيضي وكذلك المبيض الأيسر كله. وقفت بجانبها وحاولت قدر استطاعتي التخفيف من آلامها. وعندما صارحتني بعد الجراحة بطبيعتها حيث كنت أظن أنها لمجرد استئصال كيس مبيضي صغير، طلبت مني أن أتركها حتى لا أخاطر بإمكانية عدم الإنجاب. فرفضت ذلك وفي صدري شيء.
حتى لا أطيل أكثر من ذلك سأعرض الأشياء التي تحيك في صدري تجاه خطيبتي في نقاط:
• الجراحة التي أجرتها إضافة إلى أن المبيض الآخر ظهر به كيس مبيضي قالت إنها شفيت منه مؤخرا.ً والنبي صلى الله عيه وسلم يقول: "تزوجوا الودود الولود"، وقال أيضا:"سوداء ولود خير من حسناء لا تلد".(56/33)
• مصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، مثل الحساسية الأنفية والقولون العصبي وضعف الإبصار وانخفاض ضغط الدم. مما سيترتب عليه مشاكل صحية جمة في المستقبل وكذلك ضعف الذرية إن رزقنا بها الله.
• أسرتها غير ملتزمة إسلاميا بالشكل المرضي، ومن هنا تحدث أحيانا بعض الخلافات بيني وبينهم.
• هي ذاتها غير ملتزمة بالشكل المرضي، وتؤكد أن ذلك مؤقت؛ فهي لا تحفظ شيئا من القرآن مثلا.
• غير مثقفة وغير قادرة على إعانتي في عملي وهو الترجمة، وقدرتها على الاستيعاب متوسطة. وهذا يتعارض مع شخصيتي؛ حيث إنني أحب القراءة والبحث والاطلاع، وقد ألفت كتابا في قواعد اللغة الإنجليزية، وأنا ما زلت طالبا بالجامعة.
• سنها مساوية لسني. وعلى الرغم من ذلك أحبها وتحبني حبا شديدا، وأشعر بصدقها وحنانها، وطاعتها لي في المستقبل، وأخاف أن أتركها فيحاسبني الله تعالى على ذلك؛ فقد لا تجد من يتزوجها بسبب مشاكلها الصحية، وخصوصا بعد أن رضيت بهذه المشاكل طيلة سنة ماضية محتسبا الأجر عند الله. إنني أخاف على مشاعرها خوفا شديدا. أحيانا يأتي لي هاتف ويقول لي: اتركها، وبعد أن أصلي صلاة الاستخارة أتذكر أن تركها قد يغضب الله تعالى.
أعلم أنني ربما أخطأت الاختيار، ولكني أسأل الآن: هل يغضب ربي أن أتركها بعد عام ونصف من الخطوبة؟ أم أن ما ذكرت يعد مبررات كافية لتركها؟ إنني أخاف الله.
أرجو أن توافوني برد سيادتكم في أقرب فرص؛ فقد يكون ردكم هو الفيصل في حيرتي هذه. وجزاكم الله خيرا. ... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، كلما قرأت رسالتك ازددت يقينا أنك ما راسلتنا إلا لتأخذ منا تصريحا لتترك خطيبتك؛ فعقلك وقناعاتك مع تركها والبحث عن غيرها، والسبب الواضح والبين هو ظروفها الصحية والعمليات الجراحية التي أجرتها في المبيضين، ولكنك لا تريد أن تظهر أمام نفسك وأمام الآخرين بمظهر الإنسان قليل المروءة والشهامة الذي يتخلى عن خطيبته بسبب ظروفها الصحية وبأسباب ليس لها يد فيها. ومن أجل ذلك جلست لتعدد مبررات كثيرة وغير منطقية عساها أن تكون أسبابا منطقية أمام نفسك لفسخ الارتباط بحيث لا تشعر بتأنيب ضميرك.
وسأحاول في السطور التالية أن أفند لك أسبابك، وأن نحللها سويا قبل أن نتحدث عن مدى منطقيتها..
أنت تذكر أن خطيبتك مريضة بمجموعة من الأمراض المزمنة؛ مما قد يؤثر على المستقبل ويؤدي إلى ضعف الذرية، وعندما ذكرت ذلك تخيلت أنك ستذكر أمراضا بالفعل مثل السكري أو أمراض القلب أو الكلى أو غير ذلك من الأمراض المؤثرة بالفعل على الصحة العامة وعلى الحمل والذرية! وإذا بي أفاجأ بك تذكر القولون(56/34)
العصبي وحساسية الجيوب الأنفة وضعف الإبصار وضغط الدم المنخفض. وهذه كلها ليست أمراضا بالمعنى المفهوم للمرض. فالقولون العصبي هو اضطراب في الحركة العصبية للقولون، ينتج عنه اضطراب في عمليات الهضم والامتصاص، ويرجع إلى التوتر العصبي، ويؤدي إلى انتفاخ وتقلصات وحساسية من بعض الأطعمة، وهذه الأعراض تشيع بكثرة في مجتمعاتنا، ولن تجد بيتا يخلو من مريض أو أكثر يعاني من هذه الأعراض بسبب انتشار الأميبا المعوية وكذلك بسبب كثرة تناول الأغذية البقولية والحريفة والمسبكات.
وعموما هذه الأعراض يمكن التعامل معها بضبط الطعام، وتجنب التوتر، وتناول بعض الإنزيمات الهاضمة، ونفس الأمر ينطبق على حساسية الجيوب الأنفية؛ فهي عرض ضمن مجموعة أعراض الحساسية المعروفة والمنتشرة بشكل واسع، وقد تظهر في صورة حساسية جلدية أو في العينين أو في الأنف.
أما بالنسبة لانخفاض ضغط الدم فهو أيضا عرض شائع وخصوصا بين الفتيات. وضعف الإبصار أيضا له أنواعه ودرجاته، ولا أعتقد أنه من الشدة بحيث يعيقها عن ممارسة دورها في الحياة، وغالبا أنها ترتدي نظارة طبية أو عدسات لاصقة، وهذا بالنسبة للمشاكل الصحية التي اعتبرتها مشاكل مزمنة قد تكون عائقا لكما عن الحياة بشكل طبيعي.
أما بالنسبة لالتزامها والتزام أسرتها وسنها وكذلك مستوى ثقافتها؛ فقد كانت هذه الأمور واضحة أمامك وضوح الشمس منذ البداية، ولم تخف عنك الفتاة شيئا منها، وحبك لها -وربما إعجابك بجمالها وشخصيتها- قد جعلك تقبل بكل هذه الأمور في البداية، وأرجو -إذا قررت الزواج منها- أن تكون مدركا لهذه العيوب؛ بحيث لا تظل تندب حظك الذي أوقعك في فتاة غير ملتزمة هي وأهلها وغير مثقفة ومن سنك، وتذكر أنك أنت الذي اخترتها وأنت تعلم علم اليقين هذه الأمور عنها، ولم يضربك أحد على يدك لتقبل بها زوجة، وكن بها رفيقا حتى وأنت تحاول أن تغير بعضا مما ترفضه فيها، ولا تتعجل التغيير.
المهم أنك استدعيت هذه المبررات إلى السطح لتبرر بها أمام نفسك وأمام الناس تركك لها عندما جد في الأمور جديد، وهو عملية استئصال أحد المبيضين.. فهل هذه العملية تجعل هذه الفتاة عقيما؟!
في الواقع إن الله خلق لكل فتاة مبيضين بهما الكثير من البويضات؛ بحيث يتناوب المبيضان التبييض فيما بينهما شهريا، واستئصال أحد المبيضين يجعل المبيض الآخر يقوم بدوره تلقائيا بحيث يحدث التبييض شهريا من هذا المبيض، وحدوث الحمل يحتاج لبويضة واحدة من هذه البويضات الكثيرة؛ ففتاتك من هذا المنطلق ليست عقيما، وقد تتزوجها أو تتزوج من غيرك إن تركتها وتنجب، وقد تتزوج أنت من فتاة غيرها ولا تنجب لأسباب لا تكون ظاهرة من البداية. والمشكلة الوحيدة قد تكمن في تكرار حدوث الأكياس في المبيض الآخر وإمكانية أن يضطر الجراح لاستئصاله، وفي هذا يمكنك أن تسأل طبيبها عن طبيعة هذه الأكياس وعن احتمالات تأثيرها على القدرة الإنجابية.(56/35)
الأخ الكريم، أرجو ألا تفهم من حديثي هذا أنني ضد أن تترك خطيبتك، وكل ما أحاول أن أفعله معك هو أن تواجه نفسك بصراحة بدون أن تستدعي هذه المبررات الواهية للانفصال؛ فإن وجدت في نفسك المقدرة والاستعداد والرغبة في مواصلة مشوار حياتكما معا أيا كانت النتائج فتوكل على الله واستخره في أمرك، وإن وجدت أنك لن تصبر على الاستمرار معها فلا تتردد في إنهاء الارتباط الآن، ولا تقبل على الزواج منها شفقة بها أو رغبة في ارتداء لباس الشهامة في غير محله؛ فخير لها أن تتركها الآن من أن تظلمها بزواجك بها وأنت غير مقتنع بها.
ـــــــــــــــــــ
فقدت أعز ما تملك.. واختارت المصارحة ... العنوان
الخطبة, العقد ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
بداية من الواجب توجيه الشكر والتقدير إلى كل من اشترك في إخراج هذا الموقع بهذا الشكل الرائع، وخصوصا بابكم هذا الذي استطاع أن يكسر حواجز كثيرة كان من الصعب هدمها في هذا الوقت. حقيقة شكرا لكم، ولم أكن أتخيل أن أقوم بالكتابة لكم؛ لأني على حد وصف الآخرين قوي وأحيانا جامد، ولا أظهر أبدا أي ضعف أو حيرة تجاه أي مشكلة تواجهني، ولكن لم أستطع أن أبوح الآن بما أحمله من حيرة وحسرة إلا لكم؛ لعلي أجد ضالتي هنا. سوف أبدأ من البداية.
أنا شاب أبلغ 23 عاما، أنهيت دراستي الجامعية وأيضا مدة تجنيدي، ومنذ حوالي 6 أشهر وبسبب الدراسة جمعني مكان واحد بعدة شباب من مثل سني، وكان فيهم الأولاد وأيضا الفتيات، ومن أول وهلة وجدت شيئا يجذبني إلى واحدة منهم لا أعلم لماذا؟ فهي ليست أجملهم ولكن أشدهم جذبا، ثم توالى كل شيء تدريجيا وطبيعيا إلى أن أصبحنا أصدقاء، ومع كثرة تواجدنا معا وسط الآخرين بدأت أشعر بالحب تجاهها، وأنا أستطيع أن أحدد ما أشعر به جيدا، في البداية ظننت أنه إعجاب، ولكن بعدها أيقنت أنه حب، وتأكدت عندما انتهينا من الدراسة وعاد كل فرد إلى حياته، فوجدتني أفكر بها ليل نهار، وأربط كل شيء يخصني بها، وأتخيلها معي في كل شيء، فقررت أن أصارحها بما أشعر به مع أني أعلم أنه من الممكن ألا يكون هناك إحساس مقابل منها، ولكن لم أستطع أن أكتمه أكثر من هذا مع أني أعلم أن ارتباطي بها صعب في هذا الوقت، خصوصا مع شاب في مقتبل العمر مثلي، وأنها كانت في مرحلة نقاهة من قصة حب فاشلة أصابتها تقريبا بما يشبه العقدة من الخوض في تجربة أخرى، وأيضا خشيت أن أخسرها كصديقة حقيقية.
المهم لم أستطع أن أكتم هذا الشعور في صدري وصارحتها به، وكان عندي بصيص من الأمل، فقالت لي: إنها لم تتخيل أن أقوم أنا على وجه الخصوص بهذه الخطوة، ولكنها قالت أيضا: إن هذا الكلام أوجد راحة غريبة وشعورا أغرب داخلها. وبعد عدة أيام صارحتني بأن كلامي معها سلط الأضواء بداخلها على إحساس موجود فعلا بي، وعند هذه اللحظة أحسست بأشياء لم أستطع أن أصفها، ولم أحدث أحدا في هذا الموضوع؛ انتظارا للوقت المناسب، وعند هذا الحد كل شيء جميل، ويبشر بعلاقة جميلة، وعند أول مقابلة بعد هذا رأيت أنه من المناسب أن أضع النقاط فوق الحروف(56/36)
من البداية حتى أكون واضحا. وأقصد بهذه الإيضاحات قدرتي على الوقت الذي أستطيع فيه التقدم لها وإمكانياتي واستعدادي للزواج، وهي تقريبا ظروف تشبه أغلب ظروف شباب جيلي، أي أنه أمامي عدة سنوات ربما تصل إلى 4 أو 5 سنوات، فكان يجب إيضاح هذا من البداية، خصوصا أنها من وسط أعلى بقليل مني، ولكن ليس كبيرا، وأيضا؛ لأنها تكبرني بعام واحد.
وقبل أن أبدا بالحديث بل بمجرد ذكري أني سوف أتكلم في هذا الشأن وجدت تقلبا في وجهها وقطعت كلامي الذي لم أبدأه، وتحدثت.
وملخص ما قالته: إنها فكرت بي بمشاعرها، وأحبتني، ولكن لم تفكر في نقطة الارتباط الذي سينتهي بالزواج؟! وهذا ليس نظرا لظروفي أو لشخصي، ولكن لسبب أخذته مع نهاية قصتها الأولى، وأنه لي أو لغيري!
فطلبت معرفته فرفضتْ، فلم أستطع أن أفكر، وأصررت على معرفة السبب فطلبت مهلة للتفكير والرد!!
بعدها بأربعة أيام قامت بالاتصال بي، وكانت تريد أن تتحدث معي في الأسباب فطلبت منها أن نتقابل، فقالت: لا إن التحدث في التليفون أحسن، فكان الكلام كالآتي: إنها لكثرة احترامها لي وحبها أيضا لم ترض لي أن أرتبط بإنسانة فقدت أعز ما تملك، وكان هذا خلال قصة ارتباطها الأول.
وأغلقت الخط. فلم أشعر بأي شيء من حولي، لم أستطع أن أفكر، لقد كدت أرفع سماعة التليفون وأطلبها وأقول لها: أحبك. ولكن خفت أن يكون هذا انفعالا.
وجلست أتحدث مع نفسي.. نعم إنها مخطئة، ولكن لا تستحق الذبح، واعترافها لي في هذا الوقت خير دليل على حسن نيتها وتوبتها، ولكني أخاف من نفسي بعد الارتباط بها، ومن الشك الذي قد يصيبني. ولكني قلت لنفسي: يكفي ما عرفته عنها خلال الفترة الماضية، ولا تكن قاسيا.
لقد داخلني صراع رهيب، فأنا أحس بالذنب؛ لأنني يجب أن أقف بجوارها في هذا الوقت، ولكن هناك إحساس آخر وهو إحساس الرجولة والعقل.. أرجوكم، أرجو النصيحة في أقرب وقت لأني لا أستطع أن أركز في أي اتجاه أسير، إنني حائر هل أبعد عنها؟ ولكن هل سأرتاح؟ أم أكمل المسيرة معها، وأبدأ صفحة جديدة؟ وشكرا مرة أخرى لكم، وآسف للإطالة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
... المشكلة
أ.د. سحر طلعت ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم:
نشكرك على ثقتك بنا، وندعو الله أن نكون عند حسن ظنك. وفي البداية أعتذر عن التأخير في الرد؛ لأنني كلما هممت بالكتابة لك أجدني متعاطفة مع هذه الفتاة، وخصوصا أنك لم تذكر لنا ما طبيعة الارتباط السابق؟ وهل كان مجرد خطبة أم عقد زواج؟ وفي كل الأحوال أشعر أنني أمام فتاة أخطأت وتابت، وقررت أن تعاقب نفسها بحرمانها من الزواج.. المهم أن هذه الحالة من التعاطف كانت تعيقني وتمنعني(56/37)
من الكتابة خوفا من أن يظهر هذا في كلماتي، وينعكس بالتالي على اختيارك، وهذا ما يجب ألا يحدث، فاختيارك لا بد أن ينبع من قناعة شخصية بصواب هذا الاختيار، وذلك بعد أن تدرس كل جوانب المشكلة، وكل الاحتمالات وعواقب كل اختيار.
في الحقيقة معظم التساؤلات التي وصلت إلينا في هذا الموضوع كانت ترسلها الفتاة لتسأل: ماذا أفعل بعدما فقدت أعز ما أملك؟ ولكن هذه المرة الفتاة قد اختارت ما تفعله، وهو مصارحتك، ثم ها أنت ذا الذي تسأل ماذا أفعل بعدما صارحتني؟ وحتى تتمكن من دراسة أبعاد مشكلتك تعالَ معي لنبدأ خطوة بخطوة تحليل العوامل المختلفة:
لتكن البداية بضوابط اختيار شريك الحياة، فمن الواضح أن ما جمعك بها وجعلك تختارها كان الحب، ولكن أين الجوانب العقلية في الموضوع؟ ماذا عن تدينها وأخلاقها؟ هل حددت ما تريده أنت في زوجتك من ميزات، وما لا تطيقه من عيوب؟ وهل تتوافر فيها هذه المواصفات؟
والخلاصة أنه من الضرورة بمكان أن تطلع على ما كُتب عن اختيار شريك الحياة من مقالات ومشاكل ومن ذلك:
- ( -
اختيار شريك الحياة.. السهل الممتنع
-
عاقبة الزواج المتسرع.. اختيار صعب
للاختيار غير الموفق تبعات.. وفتن
-
<وحسمك لهذا الأمر سلبا أو إيجابا يعينك كثيرا على النظر في الجوانب الأخرى، وفي هذا الصدد لا أحبذ أن تطول فترة الخطبة لسنوات.
نأتي بعد ذلك لمعرفتك بالفتاة وحكمك على قوة إيمانها ومتانة خلقها: والأمر يختلف كلية عند الله سبحانه وتعالي، ولا بد أن يختلف عندنا أيضا، بين فتاة اعتادت حياة اللهو وعدم تقدير المسئولية، وبين أخرى أصابت ذنبا في لحظة ضعف ثم تابت وأنابت، كلاهما قد تفقد عذريتها، وقد تكون الأولى أكثر حرصا في هذا الأمر، والرسول صلى الله عليه وسلم صلى على من زنت ثم اعترفت، وطلبت أن يقام عليها الحد ووصفها بأنها تابت توبة لو وزعت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، ومن البشر من يسقط في لحظة ضعف ثم يظل يرجم نفسه آلاف المرات كمدا على تفريطه في حق من حقوق الله وارتكابه لهذه الكبيرة، فمن أدرانا أن هذا الرجم المعنوي لا يعادل في تأثيره الرجم الجسدي؟ ومن أدرانا أن هذا الرجم المعنوي لا يكون أشد إيلاما من الرجم الجسدي؟ فعذاب الجسد ينتهي بلحظة الوفاة عند الرجم الجسدي، وعذاب النفس يظل ما دامت الحياة.
إذا وجدت في نفسك يقينا من صدق هذه الفتاة، ووجدت أن سيرتها تنم عن فتاة متينة الخلق، فهنا عليك بالنظر في نفسك وأنت أدرى الناس بها، هل تعلم عن نفسك شدة الغيرة وحدّة الشك بحيث يدفعك هذا لأن تحيل حياتها وحياتك إلى جحيم مستمر؟(56/38)
إن كان الأمر كذلك فلا أنصحك بالإقدام على هذا الارتباط، وقد تفكر في إتمام الارتباط إن لم تجد في نفسك هذه الصفات، ووجدت في نفسك القدرة على التسامح.
وعموما.. لا تتسرع في اتخاذ قرارك، ومرور الوقت يعينك على أن تتبصر بما داخلك بعد انتهاء مرحلة الصدمة، ولا يجب أن يخضع قرارك لمشاعر الشفقة أو الخوف من الذنب، وأيا كان اختيارك فالرجولة تملي عليك أن تحفظ لها سرها.
ـــــــــــــــــــ
أيهما أكثر شغفا: الفتى أم الفتاة؟ ... العنوان
العقد, الشهوة ... الموضوع
السلام عليكم لقد خطبت فتاة أصغر مني بسنة، منذ 9 أشهر، بعد مضي شهرين من الخطوبة عقدت عليها، علما أنني قررت الزواج بها بعد 6 أشهر من الآن.
لا أخفيكم أن الفتاة في حكم العرف معروفة بأنها زوجتي شرعاً؛ كوني عقدت عليها؛ حيث إني أستمتع بجلوسي معها كثيراً من ليالي الأنس والمحبة؛ ذلك لتوفر جو للتحدث. والنقاش دائما يطول من 5 إلى 8 ساعات تقريباً، على العموم أنتم تعرفون مدى انجذاب الرجل للمرأة في الخلوة، فكما تعرفون درجات ومستويات انجذاب وتفاعل الفتاة لاستماعها لمن تحب.
لا أطيل عليكم، مارست عملية الجماع مع خطيبتي بعدما أحسست أثناء تقبيلي لها وضمها وإشعارها بالحنان أنها تحتاج إلى أن تلتمس الأجساد لكي تنطفئ حرارة كل لقاء.. لا أخفيكم أنني أكون حذرا دائما أثناء قدومي لفعل الجماع من نواحٍ كثيرة، منها عدم الإنزال في المهبل لكي لا يحدث الحمل، وأيضًا الإشباع الجنسي من إطالة في المداعبة وما تستوجبه عملية الجماع على العموم.
المشكلة أنني لا أستطيع أن أوقف جموح خطيبتي عندما نلتقي في مكان خلوي؛ حيث إنها أثناء جلوسي معها تتقرب لكي أبدأ أنا بالقبلة؛ ومن ثم نبدأ بصعود السلم إلى أن ننتهي من العملية. هل الفتاة أكثر شغفاً من الرجل في استحباب الجماع إذا كانت تحبه وتواقة للقائه؟ بما تنصحونني فعله خوفاً من وقوع حالات تنافي عادتنا وتقاليدنا؟ أتمنى إفادتي في الموضوع، ولكم جزيل الشكر.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لا توجد قاعدة عامة يمكن تعميمها، تقول: إن الفتاة أكثر شغفًا بالجنس من الفتى أو العكس.. فالاختلافات الشخصية في مسألة الرغبة الجنسية سواء في عالم الفتيات أو عالم الفتيان أمر معروف؛ وبالتالي لا يمكن تعميم الأمر أو استنباط قاعدة.. ولكن المعروف هو أن الفتيات أكثر عاطفة من الفتيان؛ وبالتالي أكثر تعبيرًا عن مشاعرهن وأكثر رغبة في إطفائها؛ مما يجعلهن يبدون كأنهن أكثر شغفًا، في حين أنهن يعتبرن الجنس تعبيرًا عن الحب والشوق واللهفة أكثر من تعبيره عن حاجتهن الجنسية..
وأنت قد ألهبت مشاعر زوجتك.. وبالتالي أصبحت أكثر احتياجًا لك؛ ولذا فإن الحل الأمثل هو الانتظار الأشهر الستة، وعليك أن تسرع بالزواج والبناء والزفاف في(56/39)
أسرع وقت ممكن، ونرجو أن تراجع اجوبتنا السابقه على صفحه مشاكل وحلول منها مايلى:
مخاوف مشروعة: فترة العقد بين العرف والشرع
فترة العقد : الشرع والعرف.. مشاركة وتعقيب
المداعبة بين العاقدين.. العرف والشرع
مع عقد القران: ترتفع الحرارة كثيرا
ـــــــــــــــــــ
أعطته " قُبلة ".. هل أسامحها ؟ ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
مشكلتي تكمن بأنني ارتبطت بفتاة منذ شهر تقريبا، وتم عقد الزواج؛ وذلك عن طريق الأهل بالطرق التقليدية، ودار بيننا الحديث بعد عقد الزواج، وقد لاحظت من كلامي معها أن لها علاقات، فأثار كلامها نوعا من الفضول حتى سألتها عن ماضيها فلم تخبرني عن شيء، ولكني لم أقتنع بكلامها، وبعد أسبوع، وعندما كنت عندها سألتها مرة أخرى بعد أن وعدتها بأن الماضي لن يؤثر على علاقتنا بشيء فأخبرتني بأنه كان لها علاقتان مع شخصين: أحدهما كان في المرحلة المتوسطة وكانت عبارة عن كلام في التليفون فقط، واستمرت لأقل من سنة.
والعلاقة الثانية كانت في نهاية المرحلة الثانوية مع شخص آخر، وقد شعرت تجاهه بالشفقة، واستمرت لمدة سنتين، وقد رأته مرة واحدة، وقد أعطته قبلة، وقبيل ذلك، ولكنه لم يحدث بينهما أي شيء، وقد كانت مرة واحدة وبعدها استمرت ستة أشهر وانفصلت عنه لحدوث مشاكل مع أهلها وندمها على ذلك.
وبعد أن قالت الكلام أخبرتني بأنها لا تسمح لنفسها بالارتباط بي لأنها تشعر بالذنب تجاهي، وأعطتني حرية الاختيار المطلقة بالاستمرار أو عدمه، وأخبرتني بندمها وتوبتها.
ولا أخفي عليكم أنني توترت، وأُصبت بخيبة أمل كبيرة وغصة في نفسي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ هل أستمر معها أم لا؟ علما بأني طلبت منها أن تحلف لي على المصحف الشريف بأنها لم تعرف غيرهما، ولم يحدث أي شيء خلاف ما ذكرته، وقد فعلت ذلك حتى تؤكد لي هذا.
أفيدوني أفادكم الله وأراح بالكم.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... لقد ثار فضولك وانسقت وراءه عن غير وعي وإدراك لنتائج هذا الفضول، ولم تسأل نفسك وأنت تصرّ على السؤال: وماذا لو كانت هناك علاقات فأي درجة سأتحملها؟ وأي صورة سأغفرها؟ وما هي المصلحة من معرفتي ؟(56/40)
لقد وعدت الفتاة بأن صارحتها لك لن تؤثر عليك ولم تكن صادقًا في ذلك.. وكان الفضول أقوى داخلك من صدقك مع نفسك، وهل فعلا لن يؤثر هذا الماضي عليك؟ إنك لم تقف وتسأل، إنك استخدمت الوعد من أجل إشباع فضولك، والإيقاع بالفتاة التي تصورت أنها بذلك تريح ضميرها وتصدقك وأنك طالما وعدتها فستصدُق معها في وعدك، ولكنك لم تفعل.
وكانت الفتاة أشجع منك مع نفسها، وتحملت نتائج صراحتها وأعطتك حرية الاختيار لأنها رأت في وجهك كذب وعدك، لقد أشعلت نار الشك في نفسك وهي أسوأ نار تشتعل في نفس زوج نحو زوجته، وهي نار لا يصلح معها الحلول الوسط فإما أن تطفئها أو تبتعد عنها تمامًا.
ها قد بدأت بسؤال، ثم بسماع، ثم بحلف على المصحف، ولن تنتهي هذه الدائرة الجهنمية بل ستظل تحرقك بنيرانها.. فإما أن تكون صادقًا هذه المرة مع نفسك، وتقرر إغلاق هذا الملف تمامًا ولا تتذكره ولا تعود إليه ولا تفتش فيه بل وتشكر لزوجتك ثقتها وصدقها معك، وبذلك يمكن أن تستمر حياتكما الزوجية.. أو تسرِّح هذه الزوجة بالمعروف حتى لا تحيل حياتها وحياتك إلى جحيم فتتعلم هي درس ألا تبيح لأحد كائنا من كان بمعلومات لا يترتب عليها عمل لأنه لا يوجد داعٍ شرعي أو عرفي يجعل الفتاة تتحدث عن ماضيها لمن تتزوجه، وتتعلم أنت درس ألا تفتش ولا تستسلم لفضولك حتى تكون قادرًا على تحمل مسئولية ما تبحث عنه أو تفتش.
لقد أشعلت النار لأنك تعاملت مع الأمور من غير وعي أو إدراك بالنتائج، فلا أقل من أن تحل المشكلة بوعي وإدراك.
ـــــــــــــــــــ
الزنا وتلبيس إبليس : التوبة والغش والغشاوة ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا أشكر الله أنه هيأ للشباب المسلم من يرشد حيرته مع هذه الدنيا الفانية، أما بعد..
أنا شاب مسلم أدّعي أنني ملتزم، وهذا الادّعاء حدث عندما عصيت الله من كبائر المعاصي وهي (الزنا)، فقد وقعت في فخ أرجو الله أن ينوِّر قلب كل مسلم شاب قبل أن يقع في هذا المستنقع؛ لأنه لا رافع لك من هذا المستنقع إلا الله، فالموضوع ليس هنا لأنني علمت أن ليس هناك من تكفير لهذه المعصية إلا التوبة.
وأنا والله عندما أتذكر ما حصل لا أحد يعلم كم هو شعور نفسي، ولا أحد يعلم بمذلتي إلا الله، وأنا أرجو الله أن يقبل توبتي بإذنه تعالى وإلا أصبحت فعلاً من الخاسرين في الدنيا والآخرة.. اللهم تقبّل مني آمين.. يا رب إنك الغفور الرحيم "إِنَّهُ لا يَيْئسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُون". هذا الذنب قد اقترفته، وأسأل الله تعالى قبول توبتي، ولكن ما يقتلني الآن أيضًا هو أنني أعرف فتاة ملتزمة من عائلة ملتزمة وطاهرة جدًّا لدرجة أنني لا أستطيع النظر إليها، ولكن الأهل بين بعضهم البعض أعني عائلتي وعائلة الفتاة أنه يوجد نصيب بيني وبينها وهم يتكلّمون بالموضوع.
وهذا ما لا يرضيني أن أخطب وأتزوج من فتاة طاهرة وأنا شخص زانٍ.. لا غافر لذنبي إلا الله، فما يقتلني الآن هل أنا أستحق هذه الفتاة أم لا؟ وإذا كنت أستحقها هل(56/41)
أصارحها أم أحفر لهذا السر النجس قبرا إلى يوم الدين؟!! مع العلم أنني أعتقد أنني لن أكون مرتاحًا لغش فتاة طاهرة كهذه.
أنا أتعرض مرارًا وتكرارًا إلى فتن لا يعلمها إلا الله؛ ولهذا سأعجِّل من الزواج والنكاح الذي يرضى به الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-، وهذه مشكلتي هي قسمان: القسم الأول أعرضه على الله ليتقبل مني إنه هو الغفور الرحيم، والقسم الثاني أعرضه عليكم أثابكم الله أراحكم من الكرب.. آمين.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن الحال التي أنت فيها يا بني هي من أبواب "تلبيس إبليس" على العُبَّاد، وهو ما فصَّل فيه العلامة ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه الشهير؛ ولذلك أراني مضطرة أيها الابن الكريم أن أدخل في صلب القسم الأول من المشكلة رغم أنك تعرضه على الله جل وعلا، لكن بما أنك عرضته هنا، فلا يمكن أن أتجاوزه وأنتقل إلى القسم الثاني؛ لأنك إذا لم تغير من نظرتك إلى نفسك رغم إتيانك كبيرة من الكبائر، فربما لن تستطيع تقبّل الرد على الأمر الثاني؛ إذ لا يخفى عليك علاقة أحدهما بالآخر، أي العلاقة بين المعصية التي ارتكبتها وبين حيرتك في ارتباطك بهذه الفتاة أو غيرها، فأبدأ معك بحديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي ورد في الصحيحين: "بينما كلب يطيف بركية -أي ببئر- كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها -أي حذاءها- فسقته فغُفر لها به"، والبغي كما تعرف هي من اتخذت الزنا حرفة، ومع ذلك رحمها الله برحمتها ذلك الكلب وغفر لها ، فما بالك بشاب ضَعُفَ ذات مرة أمام نفسه ، ونسي أن الله سبحانه يراه ، فغلبته شهوته ساعة من زمن، فانقلب خاسرًا، يلوم نفسه ويشعر بخنجر ضميره الحي يكاد يذبحه، ألن يغفر الله له ؟!
نعم.. جدير بالمؤمن أن يرى ذنبه كالجبل يخاف أن يقع عليه، لكن هل يبقى طول عمره وأمام غيره مستشعرًا ذنبه، أم يعرف أنه ما أتى ذلك الذنب إلا كي يتوب إلى الله فيفرح الله بتوبته كما أقسم الله –عز وجل- في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني، واللهِ لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إليّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إليّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإذا أقبل إليّ يمشي أقبلت إليه أهرول"؟ فلماذا نكون عونًا للشيطان على أنفسنا بالحالتين: حالة المعصية وحالة التوبة؟
يتميز آدم عن الشيطان أنه عصى ربه فتاب فأنزله الله من الجنة إلى الأرض ليكون خليفته فيها، أما الشيطان فعصى ربه وأصرَّ على معصيته، فطرده الله من الجنة إلى جهنم وبئس المصير، فمعصية آدم رفعته أما معصية إبليس فأهلكته، فلماذا لا نكون كأبينا آدم –عليه السلام- إذا عصينا الله تعالى؟ لماذا لا نستفيد من المعصية فنقلبها على رأس إبليس الذي أغوانا، فنصبح جنودًا من جنود الله نُحذِّر أنفسنا وإخوتنا من كيده وتربصه بهم وبنا؟ اقرأ معي هذه الآية: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا(56/42)
أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ". فهل تظن أن أهل الجنة هم من لم يأتوا ذنبًا أبدًا؟ إنهم أتوا الذنب، بل فعلوا الفاحشة، ثم تذكروا الله سبحانه بعد أن أنساهم إياه الشيطان فاستغفروا لذنوبهم، فغفر الله لهم، وأبدلهم بسيئاتهم حسنات، وتغمدهم بعفوه وكرمه، وأدخلهم نعيم جنته.
يقول حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله: التوبة بشروطها مقبولة لا محالة، وشروطها الندم والإقلاع وعدم العودة، فإذا فعلت هذا، فتأكد أن حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- يصدق فيك: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، أي أن مثلك مثل من لم يأتِ الفاحشة، فهل انتهينا من القسم الأول؟
إذا ساورك أي شك في ما أقول فأنت لا تزال غير مقتنع ليس بكلامي أنا، بل بكلام الله عز وجل ورسوله –صلى الله عليه وسلم- وأئمة العلم كالغزالي، فهل تعدني أن تكون مؤمنًا بالله سبحانه ورسوله –صلى الله عليه وسلم-، وتتجاوز هذه المحنة التي هي مما تكرهه النفس وتعافه، لكن ربما يجعل الله فيها خيرًا كثيرًا.. إذا أحسنت الفهم، وأَرَيْتَ ربك من نفسك العزم، ونويت على طرد الشيطان من قلبك بالحزم؟
لا يكون هذا إلا بنسيانك لما أتيته، أمام الناس خاصة، فإياك أن تحدِّث أحدًا بما فعلت، وإلا فإنك من المجاهرين الذين قال عنهم الرسول –عليه الصلاة والسلام-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح، وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه".
وهذه المجاهرة إما بسبب المفاخرة بالذنب كما يفعل بعض من لا يخاف الله تعالى، أو من باب المصارحة كما تفكر أنت، فلا تفعل؛ لأن الله سبحانه يستر الذنب ويغفره ويسامح عليه، أما العبد فقد لا ينسى، بل على العكس تثور في نفسه الظنون فيشك في أخيه –الذي صارحه بذنبه- لأقل حركة يأتيها أو كلمة يبوح بها، فلماذا تريد أن تجعل للوساوس والهواجس طريقًا إلى قلب هذه الفتاة؟ ثم ما أدراك ما فعلت هي أو غيرها؟ نحن ليس لنا إلا الظاهر، ولقد نهينا أن نزكِّي على الله أحدًا، فذنوب كل منا لو أحصاها الله عليه لهوى بها في جهنم، ويكفي قول الرسول –عليه الصلاة والسلام-: "لا يُدْخِلُ أحدَكم الجنة عملُه"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته"، فهذا كلام النبي المعصوم الطاهر المطهر -صلى الله عليه وسلم-، فما بالك بأي إنسان آخر؟ ولبعض الصوفية كلام معتبر أن من حسن التوبة وكمالها نسيان الذنب، وذلك بعد شدة الندم عليه، والاستغفار منه، والعزم الأكيد على عدم العودة إليه.
إن الله سبحانه هو الذي خلقنا، وهو الذي يعلم الضعف البشري الذي يلازمنا، وكيد الشيطان بنا؛ ولذلك قال تعالى: "وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا"، فكيف إذا كان في زمن كزمننا تحيطنا شياطين الإنس والجن من كل جهة، وتحفّ بنا الشهوات والملذات الحرام من كل جانب؟(56/43)
ومع ذلك فالعاقل من يتذكر أن النصر صبر ساعة، وهو بذلك يغلب نفسه بدل أن تغلبه فيحفظها من تخطي حدود الله –عز وجل-، وينتصر على شهواته بأن يصرفها في الحلال إذا استطاع، وما عزمت عليه من طلب الزواج هو أغض للبصر، وأحفظ للفرج، وأسكن للشهوة، فما عليك إلا السعي لذلك، ولعلَّ الله سبحانه يرزقك المرأة الصالحة التي تقرّ بها عينك.
صلِّ ركعتين بنية التوبة، وادعُ بدعاء سيد الاستغفار، وتضرَّع إلى الله تعالى ليغفر ذنبك ويطهر قلبك، ثم ابحث في أمر هذه الفتاة فإن وجدتها مناسبة لك، فما عليك إلا بصلاة الاستخارة، وإذا تم الأمر فلا بد أننا نسعد بسماع أخبارك الطيبة.
ونرجو منك لمزيد من الرأي حول هذا الموضوع ، مراجعة قسم الفتوي بموقعنا
ويضيف د. أحمد عبد الله
من الخطورة بمكان أن تشغلك قصتك بخلفياتها المثيرة عن النظر اللازم في مناسبة تلك الفتاة وظروفها لك من عدمه، فانظر لها جيدًا يا بني، وانظر في أمرها فغدًا سيزول الشعور بالألم الناتج عن المعصية، مع دوام الاستقامة بمشيئة الله سبحانه، وحين تنقشع سحابة هموم المعصية ستظهر لك حقيقة هذه الفتاة بطباعها ومواصفاتها الخِلْقية والخُلُقية –بكسر الخاء وضمها– فانظر في هذه النواحي جيدًا من اليوم حتى لا تظلمها، فهذا هو الظلم بعينه، أما ما كان بينك وبين الله سبحانه فهو أمر خاص بينكما وبين الله لا دخل له في جدارتك بتلك الفتاة أو مناسبة ظروفها لك، ولا علاقة لكتمانك هذا الأمر الأخفى عنها وعن غيرها بما تسميه أنت الغش.
إنما تغشها أنت حقًّا إذا وضعت معصيتك على عينيك غشاوة فلم ترَ غير واقعة الزنى، وشغلتك عن الاختيار المناسب بشروطه المعروفة، أو منعتك من استكمال حياتك، واستئناف مسيرتك مع الله وبالله بعد هذه الكبوة، فلا تستسلم لأفخاخ إبليس، وتابعنا بأخبارك.
ـــــــــــــــــــ
خطيبتي.. لا تغض بصرها ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكر هذا الموقع على مساندته لنا.. أنا شاب في الثانية والعشرين من عمري، قمت بخطبة فتاة ليست من مدينتي، وأراها كل 3 أشهر، بالإضافة إلى أنها طالبة بالجامعة.
والذي أثار انتباهي أنها لا تغض بصرها إذا التقت بشاب في الشارع كان يدرس معها بالجامعة، فتقوم بالسلام عليه أمامي، وهو ما يجعلني قلقًا بعض الشيء.. فهل أنا خاطئ في حقها؟
ماذا أفعل في هذه المشكلة؛ لأنني أخاف أن أفعل شيئا أندم عليه؟ ولكم شكري وتقديري.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...(56/44)
... اعذرني يا بني الكريم إذا أخبرتك أنني لم أفهم أين هي مشكلتك مع خطيبتك؛ فأنت لم توضح لنا الكيفية التي تسير بها خطيبتك في الشارع، وكيفية سلامها على زميلها، هل هي تتعمد أن تلتفت إلى كل رجل لترى إن كان أحدهم زميلها مثلاً أم أنها وبشكل طبيعي تلقي التحية إذا وقعت عينها على زميل لها؟
هل خطيبتك محجبة أصلا أم أنها تحجبت حديثا؟
ثم أنت تقول إنك تراها كل 3 أشهر، فما هي المدة التي تراها خلالها؟ وما هي أخلاقها الأخرى؟ وكيف هي بيئة أهلها؟
كل هذه الأسئلة تساعدك على تحديد موقفك من الاستمرار معها أم لا، أما السلام وحده فلا إثم فيه ولا حرج، فلقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يلقي السلام على النساء، وكن يسألنه ويجيبهن ويتحدث إليهن، وليس من حرج في ديننا بما هو أكبر من السلام على النساء، وهو ما يوضحه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مُغِيبَة -من غاب عنها زوجها لسفر أو مثله - إلا ومعه رجل أو اثنان"، وهذا يعني أن دخول الرجال على المرأة إذا لم يكن فيه خلوة ليس حراما، فما بالك بالسلام العادي؟!
ثم أتراك يا بني الكريم لم تقرأ أن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما مثقلة بحملها فعرض عليها أن يحملها معه على بعيره، فتذكرت غيرة زوجها الزبير بن العوام فلم تفعل؟! لكن ألا يعني هذا أنه لو لم يكن زوجها على هذا القدر من الغيرة لركبت مع الرسول عليه الصلاة والسلام؟
ألا يعني طلب الرسول منها هذا أنه من التهذيب أن يعرض الرجل مساعدته على المرأة الغريبة كأن يحملها في هذا العصر بسيارته مثلا؟ ألا ترى معي أن هذا التصرف يدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتجاهل امرأة يعرفها؟
ربما يكون قلقك سببه الغيرة عليها، وأنت لم تذكر لنا أنك قد عقدت قرانك عليها، فإذا سألنا الشرع عن علاقة الخاطب بخطيبته؛ فالجواب أنه يعتبر أجنبيا عنها، ولا أظن أن أحدًا أفتى بجواز خروج الخطيبين وحدهما، فلماذا نأخذ بعض الشرع ونترك بعضه الآخر؟!
وعلى كل حال لنفرض أنك عاقد أو أنك ستعقد القران قريبا إن شاء الله، فعليّ أن أبين لك أن غيرة الرجل على زوجته محمودة إذا لم تتجاوز الحد فتنقلب إلى غيرة مرضية وهي الغيرة التي وردت في الحديث: "إن من الغيرة غيرة يمقتها الله عز وجل، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة"، أي أنه لا يوجد ما يجعله يغار عليها، ومع ذلك فهو يبالغ في غيرته، فهل أنت كذلك؟!
وبالنسبة لموضوع غض البصر فقد فهمنا من علمائنا الأكارم أن معناه ليس إغماض العينين فهذا ما لم يقله عالم أو عاقل، والآية الكريمة تفسر ذلك: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم"، وكذلك الآية الموجهة للمؤمنات هي الغض من البصر. ولم يقل الله تعالى: يغضوا أبصارهم؛ لأنه سبحانه يعلم صعوبة ذلك، والمفروض هو النظر بدون أي شهوة أو رغبة، وعدم التحديق أو البحلقة بالعامية، أو عدم إطالة النظر كأن يتشاغل عن المتابعة بنظره إلى موضع آخر.(56/45)
وأنصحك بمراجعة فتاوى د. القرضاوي عن الاختلاط في موقعه على الإنترنت أو مراجعة صفحة الفتوى أو صفحة الاستشارات الدعوية بالنسبة للموضوع ففيها الفائدة بإذن الله.
وأهم من هذا وذاك أن ترجع للسيرة المطهرة وتقرأ وتفهم، ولتحاول أن تتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه سلم، فليس لنا منجى إلا باثنين: كتاب الله وسنة رسوله، نسأل الله أن يجعلنا وإياك من العالمين العاملين بهما، وجعلنا نحسن التعامل فيما بيننا نساء ورجالا بمكارم الأخلاق وبصفات المؤمنين وأولها حسن الظن والصدق والوضوح. مع تمنياتنا لك بالتوفيق وإتمام نصف دينك عما قريب، إنه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــ
أيها العاشق .. حفت الجنة بالمكاره ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
جزاكم الله خيرًا على الموقع المتميز الذي كنت أحلم بمثله منذ زمن.. حتى لا أطيل أنا خطبت ابنة عمي منذ شهرين دون عقد الزواج، وكلانا يحب الآخر إلى درجة العشق، وقرَّرنا أن نطيع الله حتى يكتب لنا البركة في علاقتنا، فهي لم تكن محجبة والآن لبست الحجاب والحمد لله.
واتفقنا على أن يتم عقد الزواج حتى تصبح لقاءاتنا مشروعة، خاصة أن زواجنا لن يتم قبل 3 سنوات، لكنها عندما فاتحت أمها بالموضوع رفضت، بحجة أنه ما زال الوقت مبكرًا على ذلك؛ لأنه لا أحد يضمن المستقبل!!، مع العلم أنها لا تمانع خروجنا معًا، وعندما أخبرَت خطيبتي أمها عن سبب رغبتنا في العقد جدَّدت رفضها، فما العمل؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا كنتما قد قررتما أن تطيعا الله عز وجل حتى يكتب لكما البركة، فاعلما أن من قرَّر ذلك لا بد وأن يوضع موضع الاختبار؛ لأن القول بأننا قرَّرنا أن نطيع الله سبحانه قول سهل ميسور، ولكن عندما يوضع الإنسان موضع الاختبار يكون هنا المحك الحقيقي لقوله؛ لذا فإنكما لا بد أن تُختبرا وتختبرا اختبارًا صعبًا فيما تحبانه؛ لأن الحديث الشريف للرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: "حُفَّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات".
قد يكون موقف الأهل متعنتًا، قد يكون غير مبرَّر، ولكنه اختبار لكما في رغبتكما في طاعة الله هل تعبران وتتقيان الله، خاصة وأن اللقاء متاح لكما، أم تسقطان في الاختبار ويتبين أنه مجرد كلام يقف عند حد الشكليات؟!
فإذا كان الأمر حجابًا فلا مانع، فماذا أريد بعد أن ارتبطت بمن أحب، ولكن الاختبار الحقيقي هو أن يكون اللقاء متاحًا، والعشق قويًّا، ونتذكر الله تعالى ونستحضره،(56/46)
ونكرِّر على أهلنا، ونحاول أن نقنعهم مرة ومرة ومئات المرات، ولا نقع في الحرام مرة واحدة؛ لأن هذا هو معنى القرار..
لقد قالها الرجل للرسول (صلى الله عليه وسلم) لقد أصبحت مؤمنًا، فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إن لكل قول حقيقية فما حقيقة قولك؟"، فتحدث الرجل في الأفعال لا في الأقوال، لقد قررتما أن تطيعا الله فما حقيقة قولكما؟..
حقيقة القول بأن تصبرا، وتعاودا الكرة مع الأهل بكل السبل، وتحدِّثا كل الأقارب حتى يوافقوا، وعندها ستكون مكافأة الله سبحانه لكما عظيمة.
ـــــــــــــــــــ
خطيبتي مملة وغير جميلة : خبرة ومشاركة ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
الأخ الكريم.. صاحب مشكلة : خطيبتي مملة وغير جميلة ، اتق الله في فتاتك واعلم أن المرأة تُنكح لأربع: لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أسباب السعادة المرأة الصالحة.
عندما قرأت مشكلتك حسِبت كاتبها هو مَن عَقد عليّ ثم تركني لأسباب أظنها تشبه التي ذكرتها.. غير أنك ذكرت موضوع السحر وهو ما لا يؤمن به على ما أظن. فقد أحببت مَن خطبني حبا كبيرا، ولكنه فسخ العقد بدون أي مقدمات. الحمد لله أن تجاوزت المحنة بتوفيق من الله العلي العظيم؛ ولأننا نؤمن أن الله عز وجل أول ما خلَق خلَق القلم فقال اكتب، فقال: وما أكتب؟ فقال الله تعالى اكتب كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى القلم بما أراده الله عز وجل إلى يوم القيامة. وعليه فإن ما حدث لي هو مما جرى به القلم، وسبق به علم الله تعالى قبل خلق السماوات والأرض، ولقد قال الله عز وجل: "فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" فهذا الذي حدث معي هو من قدَرِ الله تعالى الذي كان لا بد أن يقع؛ لأنه لو كان لي في هذا الشاب نصيب، أو كان له فيّ نصيب قدره الله تعالى فلا يمكن لأي أحد أن يقطع ما وصله الله، فلم يكن أمامي إلا الرضا بقضاء الله تعالى وسألته سبحانه أن يرضيني، وذلك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن رضي فله الرضا"، ونسأله تعالى أن يرزقنا وإياك الرضا بقضائه وقدره، إنه جواد كريم.
بارك الله بالأساتذة الأفاضل الذين يودون أن تعطي نفسك فرصة وأن تعلّم خطيبتك كيف يمكن أن تحبك وتهتم أكثر بنفسها أمامك، وأنا بالطبع معهم وأعلم أن هذه الفتاة تُكنّ لك كل الحب والتقدير وإن قصّرت في إظهاره الآن فلأنها ما زالت تستحي في التعبير عنه، خاصة أنها ليس لها باع في إقامة علاقات سابقة، فعلّمها أنت كيف تظهر هذا الحب وأسمعها كلماته.
واعلم أنه حين تكون في بيتك إن شاء الله ستحاول جاهدة لبس أحلى وأجمل الثياب لك وتمضي الوقت لتفكر كيف ترضيك وتوفر لك أسباب السعادة والهناء؟ فليس لديها إلا أنت لتتجمل لك وتحبك وترضيك. فهل فسخ الخطوبة هو الضريبة التي ستدفعها الفتاة الملتزمة ثمنا لالتزامها بالأخلاق العالية والفاضلة ومقاومتها وتمسكها بدينها وسط موجات الفساد والإفساد التي تهبّ علينا من كل مكان بمختلف الأشكال والوسائل.(56/47)
أخي الكريم، قبل أن تأخذ قرارك اجلس مع خطيبتك وتفنن في طرح كافة المواضيع وأَرِها كيف تحب أن تكون زوجتك ولتر كيف يكون موقفها، وحبذا لو طالعتما سويا باب "حين يأتي المساء" في صفحة "حواء وآدم"، وكذلك بعض "مشاكل وحلول للشباب".
اكتب مقالة تبرز فيها ما تريد من زوجتك وقدمها لها واطلب منها تعليقا عليها وما تستطيع القيام به.. ولتكتب هي أيضا ما تريده منك.
أتمنى أن يحصل تغييرا إيجابيا، واستخر الله وادعُه أن يوفقك لما فيه الخير لك ولها في الدنيا والآخرة، ودائما الخير فيما يختاره الله. نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، حيث كان ثم يرضِّيك به.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخت الكريمة، نشكر لك اهتمامك وتبرعك بعرض مشكلتك الشخصية، وبما أنك راضية بقضاء الله وقدره فلا داعي لأن نبدي أسفنا على ما جرى معك، بل نهنئك على نفسك الراضية، وهذه فائدة التجارب.. أنها تصقل النفس، وتنمي العقل حتى لو كانت قاسية، وبما أن كل ما جرى قد كُتب في اللوح المحفوظ كما تفضلت وقلت، وأنه كما قال عليه الصلاة والسلام في ختام حديث طويل: " ... رُفعت الأقلام وجفت الصحف"، فأفضل ما يفعله المرء ألا يبكي على اللبن المسكوب "وكل ما قد فات فات، وكل ما هو آت آت، وكل ما لا يميتني من هذا أو ذاك فهو يقويني" كما تقول الحكمة.
لي بعض الملاحظات على مشاركتك الجيدة هذه، أرجو أن تكون عونا لك كما كنتِ عونا لنا وللأخ السائل صاحب المشكلة الأساسية:
أولا: عندما قمتُ بالرد على الأخ السائل منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، ورد في سؤاله أن زواجه بعد ثلاثة شهور، فربما قد تزوج الآن، فأمنياتنا له بالسعادة، وهو لم يتابعنا كأكثر السائلين الأعزاء الذين نشعر عندما تصلنا متابعة من أحدهم كأن هدية من السماء هبطت علينا، لأنه يهمنا جدا التواصل مع القراء والسائلين لنشعر أننا أسرة واحدة تجمعها أخوة الإسلام ومودته، ولنعلم إذا كانت الحلول التي نطرحها ممكنة التطبيق بالنسبة للسائل أم أنها نظرات وعبرات لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصة في المشاكل الممتدة كالمشكلة التي نحن بصددها، إضافة إلى أننا نحن أيضا بشر لا نستطيع العيش إلا مع البشر، وبما أننا نعيش مع السائل في مشكلته بكل جوانحنا، فيسعدنا كثيرا أن نتلقى منه شيئا حتى لو كان نقدا؛ لأنه يدلنا على أننا نعيش متواصلين روحيا وقلبيا في عالم حقيقي من البشر، وليس كما يحصل بين كائنات فضائية تتواصل إلكترونيا، فلا يعرف بعضها لماذا ظهر الآخر سابقا واختفى لاحقا؟ وماذا حل به؟ وكيف كان مصيره؟
وعلى كل حال فإن الله حسبنا وهو نعم الوكيل!(56/48)
ثانيا: أؤكد على ما ذكرته الأخت الكريمة الدكتورة فيروز عمر في ردها على مشاركة وهي منشورة علي صفحتنا بعنوان : خطيبتي مملة وغير جميلة.. مشاركة ، أنه كان واضحا في ردي للسائل أنني اعتبرت عقد الزواج قد تم بينه وبين خطيبته، لذلك نصحته بما ورد حينها، فالخاطب غير العاقد، كما نعلم، وما يجوز للعاقدين لا يجوز للخاطبين، وهنا يأتي على الأهل دور كبير في توجيه الشاب والفتاة إلى الأسلوب الأمثل لتفاهمهما من أجل حياتهما المستقبلية، إذ ما يحصل أحيانا أنه رغم العَقد فإن العاقد لا يستطيع أن يخلو بزوجته ولو لدقائق، بل يشعر أنه تحت مراقبة شديدة، وقد يكون السبب خوف الأهل من أن يحصل بينهما ما يحصل بين الزوجين.. لكن العاقد لا يفسره بهذا الشكل، مما يؤدي إلى نفوره من هذه العائلة وخوفه من تدخّلهم مستقبلا في حياته وحياة زوجته، فيتسرع بفصل العقد.
ثالثا: نحن لا نعلم الضمائر ولا النوايا ولا المستقبل، وإنما هذه الأمور عِلمها عند الله سبحانه، وما يجب علينا هو أن نعامل الناس جميعا بحسن الظن، لكن دون أن يكون اندفاعنا في طريق حسْن الظن هذا سبيلا إلى إطلاق أي حكم قد يكون غير صحيح.
وتعميم التجربة الشخصية لا يصلح في كل الأحوال، فنحن لا نستطيع أن نقول لهذا الشاب إن خطيبته تكنّ له الحب والتقدير بشكل جازم، كما كنتِ أنتِ مع خطيبك، وإنما نقول له: ربما هي تكنّ لك هذا الشعور ويمنعها خجلها أو وجودها في بيت أهلها.
وكذلك نحن لا نعلم هل ستتزين له عندما تصبح في بيته أم لا؟ وإن كنا نتمنى ذلك من أجل أن يتم الوفاق بينهما على أفضل وجه، لكن أمنياتنا هذه لا يمكن أن تصل إلى حد العلم ما دام الأمر متعلقا بالغيب والمستقبل، وقد قال الله سبحانه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: "وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ".
رابعا: أودّ أن ألفت انتباهك أن السبب الذي يؤدي إلى فشل الخِطبة رغم العقد - والتي تَعزيها أنت إلى حياء المخطوبة - ليس كذلك دائما إنما قد يكون هو تشويه فطرة الفتاة نتيجة عاداتنا الجاهلية وتقاليدنا البالية التي ليست من الإسلام في شيء، فإذا كان الحياء فطرة في الرجل والمرأة على حد سواء فهو في المرأة أجمل وأفضل، لكن التربية الخاطئة للبنت في بعض بيئاتنا تجعلها تستعيض عن الحياء المحمود بالخجل المذموم.
وإذا كان الحياء من الإيمان فهو لا يخالف أبدا مفهوم الثقة بالنفس، بينما الخجل يتناقض تماما مع هذه الثقة، أي أن الحياء لا يمنعك من المطالبة بحقك وممارسته ضمن حدود التزامك، بينما الخجل على العكس، ففي حالة مثل حالتك التي تم عقد الزواج فيها، تشعر الفتاة الطبيعية التي لم تشوّه فطرتها أنها أمام رجل أصبح زوجها شرعا وإن لم يدخل بها عُرفا، فلا تمانع إذا اقترب منها زوجها أن تقترب منه أكثر؛ لأنها تستطيع أن تدرك مشاعرها وتعبر عنها بسهولة.
أما التي نشأت على الخجل وعدم الثقة بالنفس بسبب أنها كانت في طفولتها ممنوعة من التعبير عن أبسط رغباتها، أو حدث لديها في طفولتها ما جعلها تنفر من الجنس كاغتصاب أو تحرش، أو حصل معها ما أدى بها إلى كره الجنس الآخر كلية، ويحصل ذلك عندما يكون الأب ظالما يقوم بضرب الأم أمام أطفالها، أو غير ذلك من(56/49)
الأسباب –فسيجد الخطيب أو الزوج صعوبة جدا في مقاربتها، لأنها لا تعرف كيف تعبر له عن مشاعرها، أو هي لا تعرف أساسا إذا كانت مشاعرها تجاهه يصح التعبير عنها أم لا، أو ليست واثقة إذا كان يستحقها أم سيكون كما كان والدها مع والدتها. وهؤلاء الفتيات قد لا يتعرضن فقط إلى فسخ الخطبة بل في الحقيقة قد يحدث عندهن ما يسمى الخوف من الجنس أو البرود الجنسي فتفشل حياتهن الزوجية منذ بدايتها.
طبعا لا يمكن إغفال دور الخطيب العاقد هنا إذ من المفترض أن يكون هو الأكثر جرأة فيشجع فتاته بالطريقة التي ذكرتها للأخ السائل.
ونظرا لأنني أعتقد أن ما يحدث في مجتمعنا من أخطاء كهذه هو نتيجة لنقص الوعي من قبل الشاب والفتاة معا أود أن أتوسع قليلا في هذه الفكرة لأنني أرجو من شباب وشابات اليوم أن يكونوا أكثر وعيا وأشد نضجا؛ ما يؤدي إلى تقليل الأخطاء التي رأينا بأعيننا ما نجم عنها من كوارث، فأقول: إن هذه العادات والتقاليد سيطرت فترة طويلة على مجتمعاتنا فأثرت على الجميع شيبا وشبانا، رجالا ونساء، وهو ما أدى إلى انقسام الناس –إلا من رحم ربك- إلى فريقين: فريق أول ظن أن هذه التقاليد والعادات من الدين، وأقصد بالنسبة لموضوعنا هنا ما يخص المرأة وكمثال عليها: التفريق بين الولد والبنت منذ الطفولة، فبينما يسمح للصبي بكل شيء تمنع البنت من أبسط شيء، إضافة إلى عادات أخرى من تسلط الزوج على زوجته على طريقة "سي السيد"، وتحكُّم أولياء الأمور بالفتاة ومهرها، وعادات الشرف التي يفرق فيها بين الرجل والمرأة في العقوبة مع أن عقوبتهما عند الله سواء.
وهذا الفريق أساء إلى الدين إساءة بالغة إذ لولا هذه المفاهيم الخاطئة لَما وجد الفريق الثاني وهو الذي وضع الدين والتقاليد في سلة واحدة، فنبذ الدين على أساس أنه مجموعة تقاليد لا تنفع في عصرنا هذا، واستعاض عنه بقيم وتقاليد غربية جنَت على الرجل والمرأة على حد سواء، لأن النبتة التي ظهرت في الغرب نتيجة فصل الدين عن الحياة رغم أنها أنتجت خصبا اقتصاديا وثراء علميا فإنها أثمرت علقما اجتماعيا وفراغا روحيا، فكيف إذا تم نقلها إلى أرض لا تناسبها ولا تلائمها، وهي أرضنا العربية المسلمة التي لا يمكن أن تحيا إلا بالدين، ولا يمكن أن تقوم حضارتها إلا على أساس من قيمه الخالدة، وحصاد هذا الزرع المختل هو ما نراه من انفصام نكد، وتردد مذموم بين تدين مغشوش غالبا، واغتراب منحل من الناحية الأخرى.. ولله الأمر.
ما يتوجب على كل فتاة وشاب مسلمين في هذا العصر هو أن ينبذوا هذه التقاليد سواء البائدة أو الوافدة كليا من عقولهم، ويدركوا الفرق بين الدين والتقاليد، فالدين هو مجموعة المبادئ التي تصلح بها حياة الفرد والمجتمع والأنثى والذكر، ودين الإسلام هو الدين الذي جاء ليخلص العقل من براثن التقاليد كما فعل -عليه الصلاة والسلام- في أول دعوته، فقد جاء بعقيدة تخالف تقاليد الجاهلية.
أما التقاليد فهي تلك التيارات السلوكية التي ينجرف بها الإنسان تلقائيا بمجرد المحاكاة والتقليد، وكما عرفها الدكتور البوطي "هي مجموعة الطفيليات التي تنبت(56/50)
وسط الحقول الفكرية للمجتمع فهي الحشائش الضارة التي لا بد من اجتثاثها وتنقية التفكير السليم منها".
وكمثال على ما أتمناه هو أن يمتنع الشاب الخليجي مثلا عن إتمام العقد إذا لم يسمح له ولي أمر الفتاة برؤية وجه خطيبته؛ لأن هذه العادة مخالفة تماما لقول الرسول –عليه الصلاة والسلام-: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". وكثيرا ما أدت هذه العادة إلى عدم وجود رابط عاطفي بين الزوجين؛ وهو ما يجعل الحياة الزوجية مهددة في كل لحظة.
وكذلك على الفتاة أن ترفض استبداد ولي أمرها بطلب مهر يثقل كاهل من سيصبح زوجها مستقبلا، ما دام رفضها يحضها عليه الدين لقوله –صلى الله عليه وسلم-: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة". لأن هذه العادة أدت إلى ارتفاع نسبة العوانس بشكل ملحوظ وزيادة الفاحشة في المجتمع المسلم. وهذا الرفض الذي يمكن أن يبدأ فرديا ثم ينتشر فيصبح ظاهرة اجتماعية حتما سينتصر؛ لأنه يستند إلى الدين الصحيح بما يحمله ذلك من قوة في المرجعية والمصداقية.
خامسا: بالنسبة لكلامك عن الفتاة الملتزمة، فرغم أن كل ما قلته صحيح عنها، لكنني أعتقد أنه لم يعد ثمة مبرر للفتاة أن تبقى جاهلة بأمور الزواج ومتطلبات الزوج، خاصة ونحن في عهد انتشار المعلومة بأسرع مما يُتصور، إذ يجب أن تبدأ الفتاة المقبلة على الزواج بتطوير نفسها فتعرف أن على المرأة المتزوجة دورين يجب أن لا يخل أحدهما بالآخر، فدورها في البيت كزوجة يحتم عليها أن تملأ عين زوجها بجمالها فلا ينظر لغيرها، وتملأ قلبه بحبها ولطفها ورقتها، وتملأ عقله اقتناعا بها وبشخصيتها.
ودورها خارج البيت إذا كانت عاملة -كما هو الحال الغالب الآن- يجب أن تكون أختا للرجال أي أن تكون المحتشمة الملتزمة الخالية عن أي شيء يمكن أن يدخل ضمن ما يسمى فتنة. وطبعا لا ننسى أن على الشاب أن يقوم بدورين أيضا، وألخص ذلك بقول عمر -رضي الله عنه-: "ينبغي للرجل أن يكون كالصبي في أهله -أي في بشره ويسره وسهولته- فإذا وُجد في القوم وجد رجلا".
ومن الواجب عليه بالطبع إذا كانت زوجته عاملة أن يساعدها، ويخفف عنها أعباءها الجسدية والنفسية، ولا ينسى واجباته تجاهها نهارا كي تستطيع القيام بحقه ليلا. والطريقة التي يحيا بها المرء حياته مع شخص آخر أو أشخاص آخرين هي فن وعلم في نفس الوقت، وجميعنا بحاجة إلى المزيد.
أخيرا: بالنسبة لفكرتك كتابة مقالة أو رسالة بين الخطيبين لا بأس بها، وقد تناسب بعض الأشخاص وفي بعض الظروف وليس دائما على ما أعتقد، وعلى كل حال حبذا لو كان فيها شيء من الرومانسية، فقد افتقدنا الأدب العاطفي في كتاباتنا الإسلامية، وقد يرى البعض أن ظروف أمتنا غير مناسبة للرومانسيات، لكن لعلنا نحظى ببعض الأدب الراقي كأدب مصطفى صادق الرافعي -رحمه الله- وأسلوبه الفذ في رسائله التي احتواها كتابه الرائع: "أوراق الورد".
ـــــــــــــــــــ
تذكرت غيرتك يا "عٌمر" ... العنوان(56/51)
الخطبة, العقد ... الموضوع
بداية أشكر جميع القائمين على هذا الموقع المميز والهادف. بحمد الله خطبت فتاة قبل حوالي سنة، أخلاقها عالية وجميلة ومؤدبة. ومشكلتي التي أعاني منها تكمن في أنني أشعر بالغيرة على خطيبتي لدرجة كبيرة، وأخاف أن يكون هذا الشعور سببا في مشاكل مستقبلية بعد الزواج.
سبق أن خرجت برفقتها للتنزه أكثر من مرة، وأشعر بضيق شديد عندما تبدأ عيون ضعفاء النفوس بالنظر إليها نظرة تجعلني أشعر بغضب شديد. ولثقتي ببراءة خطيبتي وحبها لي أخاف أن أسبب لها الضيق لغيرتي، والطلب الدائم منها بعدم النظر هنا أو هناك، وعدم التحدث مع هذا أو ذاك.
أرجو أن أجد ما يدلني على الطريق الصحيح لتجنب الوقوع في مثل هذه المشاكل. وبارك الله فيكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن غيرة الرجل على امرأته أمر محمود، والرسول عندما نزلت سورة "النور" واعترض أحدهم على وجوب الشهود الأربعة لإثبات واقعة الزنى رد عليه الرسول "إنك تغار، والله أغير منك"، وعندما تحدث (صلى الله عليه وسلم) عن الجنة وعن رؤيته لقصر عمر بن الخطاب في الجنة فقال : "فتذكرت غيرتك يا عمر فوليت مسرعًا"، فضحك عمر وقال: "أمنك أغار يا رسول الله؟".
إذًا فالغيرة خلق محمود، ولكنه مثل صفة من الصفات البشرية يكون محمودًا إذا كان وسطًا بلا إفراط ولا تفريط. والضابط لأمر الغيرة بحيث لا تتجاوز حدودها الثقة بين الزوجين؛ فأن تغار من نظر الرجال إلى زوجتك فهذا أمر عادي.. أما أن تطلب منها ألا تنظر يمينًا أو شمالاً، أو ألا تحدث أحدًا أبدًا فهذا أمر غير طبيعي ويحتاج إلى وقفة..
وسؤال: هل تثق بزوجتك وهو ما ادعيته في رسالتك؟ هذا الادعاء لا تتفق معه هذه التصرفات؛ لأنها في هذه الحالة لا تكون غيرة، ولكنها تكون عدم ثقة.. نعم نتفق معك على حدود النظر أو حدود العلاقة مع الزملاء، ولكن نثق فيها قبل ذلك وبعده، وإلا فإن الحياة لن تستقيم.. ضع لكل أمر اسمه الصحيح؛ فالغيرة شيء محمود، وعدم الثقة أمر مذموم يفسد الحياة الزوجية ولا تستقيم به أبدًا..
فإما وأنت تدخل البيت وتخطب الفتاة أنت تثق بها وبأخلاقها وبحفظها لك، وإما فلا داعي للأمر كله؛ لأنه الأمر الخطير الذي لا تستقيم به الحياة. فالثقة هي الخصلة الوحيدة في العلاقة بين الزوجين التي لا تتجزأ؛ فإما ثقة أو لا ثقة، ولا علاقة لذلك بالغيرة. إذا اختلطت الغيرة بعدم الثقة تحولت إلى غيرة مرضية تحتاج من صاحبها العرض على الطبيب النفسي؛ حيث تحول حياة صاحبها وشريكة حياته إلى جحيم لا يطاق؛ لذا فلا بد من العلاج منها دوائيًا ونفسيًا.(56/52)
نتمنى أن تستوعب الفرق بين الأمرين، وألا تدخل في متاهة الغيرة المرضية، ولا تسمح لنفسك أن تدخل فيها.. واعلم أن أول الثقة في الآخرين ثقتك بنفسك أنت أولاً
ـــــــــــــــــــ
خطيبتي مملة وغير جميلة ... العنوان
الخطبة, العقد ... الموضوع
أنا شاب عمري 25 عامًا، قمت بخطبة فتاة عمرها 23 عامًا منذ 7 أشهر، وبقي على الزواج ليس أقل من 3 أشهر. مشكلتي مع خطيبتي تتلخص في أنني قمت باختيارها على عجل وبدون دراسة كافية، وكان السبب أنني كنت محسودا، ولم أجد الموافقة من أي عائلة أتقدم لخطبة ابنتها، مع العلم أني شاب وسيم، وأعمل، ومن عائلة جيدة، وعلى خلق ولكن الحسد كان يقف في وجهي.
بعد أن قمنا بفك الحسد -السحر- قمت فورا بمحاولة خطبة أول بنت تُعرض علي بشكل عشوائي، وكانت المفاجئة أن العائلة وافقت على غير العادة، فأعمتني الفرحة عن النظر في العائلة وعقلية الفتاة وشكلها وكل ما يحاول الشاب معرفته عن الفتاة؛ وهو ما دفعني إلى الاستمرار مع تلك الفتاة، بالإضافة إلا أنه قد تشكل لدي جو من الحماس والإلحاح من قِبل أسرتي بشكل كبير، فأتممنا رسميات الخطوبة.
أرجو أن تصدقوا موضوع الحسد؛ ذلك لأنه حقيقة حصلت فعلا، والأحداث المرافقة له كانت شيئا ملموسا وليست وهما من خيالي؛ وأنا لي دراية في هذه الأمور.
بعد حفلة الخطوبة بدأت الغيوم تتلاشى، وبدأت أنظر إلى هذه الفتاة التي اخترتها من بين كل بنات بلدي، ووجدت أنها ليست جميلة، ولا تحمل تلك الصفات التي أرغبها في الزوجة من جهة الأنوثة. بكلمات بسيطة: هي ليست جذابة أبدا.
أدى ذلك إلى تكاثر التساؤلات في نفسي: هل هذه هي الفتاة التي سأبقى معها بقية عمري؟ هل ستكون هي الزوجة التي حلمت بها؟ أعتقد أن من حقي أن أحصل على زوجة تعطيني كل ما أريد؛ فتجعلني أزهد في غيرها من النساء. لماذا أتزوج من فتاة يكون وجودها مثل عدمه، وأعيش بقية حياتي في حرمان كما يعيش بعض العزاب؟! أشعر دائما أنها لا تستطيع أن تشبع رغباتي من ناحيتَيْ الجمال والجنس على الإطلاق، وأنها لن تغنيني عن النظر إلى غيرها من النساء سواء كان على الطبيعة أم حتى على شاشة التلفاز، وهذا هو محور المشكلة. أحيطكم علما أني أهتم بجمال المرأة بشكل غريب، ولكن ذلك لا يعني أني لا أضع وزنا للأخلاق والأدب.
أحد الحلول المطروحة أن أقوم بفسخ الخطوبة، وأن أتزوج من غيرها بحيث تكون على الصفات التي أريدها؛ فأتخلص من هذه الخواطر، لكني لا أرى هذا أسلوبا أخلاقيا مع أنه من حقي؛ لأن في ذلك ظلما لها؛ فما ذنبها إن كانت غير جميلة، أو على الأقل متوسطة الجمال؟ لماذا أحملها ذنبا ليس لها يد فيه؟ إن في ذلك لؤما وقسوة.. لماذا أجعلها تواجه مثل هذه التجربة المُرّة؟!
أكرر مرة ثانية: محور مشكلتي هو شعوري بأني متزوج من إنسانة غير جميلة. حتى لا أظلم الفتاة أذكر أنها على خلق ممتاز وأكثر من ممتاز، ولا أنكر أنه قد نشأت بيننا مع الأيام علاقة المودة والرأفة، ولكنه ليس حبا.(56/53)
هناك أيضا مأخذ آخر أجده في خطيبتي؛ فهي إنسانة قليلة الكلام، ولا تتفاعل في أي نقاش مهما كان موضوعه، ربما نجلس معا أنا وهي وحدنا لساعات عديدة؛ فلا يتجاوز كلامها ما يقوله أي واحد من أصدقائي في ربع ساعة، إن هذا الهدوء في طبعها يجعلها إنسانة مملة غالبا، وهذا يحرمني من أن أشتاق إليها كما يجب أن تكون العلاقة بين أي خطيبين عاديين.
أضف إلى ذلك أنها لا تحاول أن تفعل شيئا يجذبني إليها؛ فلم أسمع منها أية نكتة –مثلا- منذ أن خطبتها، ولم يصدف أن ارتدَتْ "موضة" جديدة من الملابس من أجلي، أو قصّت شعرها قَصَّة جديدة من أجل إثارة انتباهي. إن لديها نوعا من اللامبالاة المزعجة بطبيعتها، هي تتعامل مع الزواج وكأنه تحصيل حاصل؛ فلا داعي لأن تبذل مجهودا كي تجعلني أقع في حبها.
مشكلتي أنها جاهلة عاطفيا؛ فهي لا تتبعل لي كما يجب أن تفعل النساء، ولا تريد أن تثبت لي -حتى أستطيع أن أثبت لنفسي- أنها أنثى حقيقية بمعنى الكلمة، إذا كانت هذه هي تصرفاتها أثناء الخطوبة فماذا ستفعل عندما نتزوج؟ إذا كنت أشعر بالملل وأنا في فترة الخطوبة وأنا أراها لمدة ساعات قليلة في الأسبوع.. فكيف سيكون شعوري عندما نتزوج وأجدها أمامي طيلة 24 ساعة في اليوم، و7 أيام في الأسبوع و30 يوما في الشهر؟؟!!
تصوروا بالله عليكم هذا الموقف السيئ الذي وجدت نفسي فيه، تصوروا شابا يحب الجمال تزوج من فتاة غير جميلة ومملة، ولا تحاول أن تُظهر نفسها بأنها جميلة، مع العلم أن خطيبتي موظفة وتحمل طابع الجدية بالتعامل معي كأنني موظف زميل لها في نفس الدائرة؛ وهو ما يزعجني كثيرا.
لقد وضعت أمامكم بعض الحلول:
الأول: أن أفسخ الخطوبة وأنتهي من هذا الموضوع.
الثاني: أن أقنع نفسي بها لعلها تتغير بعد الزواج، لكن ذلك الحل ليس مضمون النجاح. أم عليّ أن أقوم بواجبها بشكل كامل وأعيش حياتي مع أخرى؟! أرجو منكم أن يتسع صدركم للاهتمام بمشكلتي، أرجو منكم ألا يكون ردكم على طريقة البرقيات المختصرة، أريد منكم جوابا شافيا وتفصيليا، ذلك أن سعادتي الزوجية -وهي أغلى ما أملك- تتوقف على الطريقة التي سأواجه بها هاتين المشكلتين. بارك الله فيكم وأعانكم على ما فيه خير المسلمين.
... المشكلة
د .ليلي أحمد الأحدب ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... قد يكون من حسن حظك أو من سوئه –لا أدري– أن مشكلتك كانت من نصيبي؛ إذ إنني لا أعرف الرد على طريقة البرقيات المختصرة، وإنما ردودي فاكسات مطولة؛ فأرجو أن تحتمل طول الرد، رغم أن قليلا نافعا خير من كثير مضجر.
كما أرجو أن تحتمل بعض الأسئلة التي سأطرحها عليك من خلال النقاط التالية:(56/54)
أولا: أنت وضعت أمامنا بعض الحلول؛ فهل تراك وضعتها لتساعدنا في الاختيار لك؟ هل نحن من سيتزوج يا أخي الكريم أم أنت؟!
مهمتنا يا أخي العزيز أن نرشد السائل للحلول، أو نقرب له طريقة التفكير في مشكلته، أو نتيح له معارف ونظرات أوسع، أو نكشف عن خبرات وتجارب أرحب، أما ما نحن عاجزون عنه تماما فهو الاختيار له، وخاصة في موضوع حياتي كالزواج أو ما شابهه، رغم محاولتنا الصادقة أن نضع أنفسنا مكان السائل لنشعر بشعوره، وأن نجد الطريقة التي تناسبه أكثر في الرد حسب شخصيته التي يتبدى الشيء القليل منها من خلال سؤاله، وما عجزنا الذي نعترف به إلا نتيجة إدراكنا العميق لشيء مهم وهو أن حل أي مشكلة يختلف حسب الظروف الداخلية النفسية الخاصة بالسائل، وحسب الظروف الخارجية الاجتماعية المحيطة به، وهذا ما لا يستطيع معرفته إلا الشخص نفسه أو أقرب المقربين له.
ثانيا: بالنسبة لموضوع الحسد، لا يستطيع مسلم إنكاره؛ إذ هو مذكور في القرآن ومعروف من السنة النبوية، ولكن أرجو ألا تكون مبالغا فيه، إذ قد يسأل سائل: ما المانع أن تكون خطبتك لهذه الفتاة بسبب السحر هذه المرة مثلا؟ أو ما المانع أن يكون عدم شعورك تجاهها بالحب رغم مرور سبعة أشهر على خطبتها بسبب حسد أو سحر أيضا؟ أنت تقول: عندك دراية بهذه الأمور.. فهل يعرف المحسود أو المسحور أنه كذلك إذا كان واقعا تحت تأثير هذه القوى الخارقة للطبيعة؟ إذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- تعرض للسحر ولم يعرف أنه مسحور لولا الرؤيا التي أراه الله إياها، فكيف نعرف نحن؟!
المشكلة أننا كثيرا ما نتعامل مع حقائق الحياة الواضحة كأنها من الأسرار والمغيبات، ولو أننا حاولنا أن نبدل طريقة تفكيرنا ونبحث عن الأسباب المنطقية بكل تفتّح عقل ونور بصيرة، لانقشعت سحب خواطرنا، وتلاشت غيوم هواجسنا أمام شمس العقل الساطعة.
ثالثا: ذكرت أنها خطيبتك، ولم تشر من بعيد أو قريب إلى عقد قران، وقد أعدت قراءة رسالتك أكثر من مرة فلم أجد إلا ما يوحي بأنها زوجتك ككلمات: "التبعل" و"إظهار الأنوثة"؛ فسأعتبر أن قرانكما قد تم؛ لأن حدود علاقة الخطيب بخطيبته قبل عقد القران غيرها بعده، وأرجو إذا كان اعتباري هذا خاطئا أن تعود لصفحة الفتوى لتعرف أكثر عن هذا الموضوع.
رابعا: ماذا تقصد من جملتك: أم علي أن أقوم بواجبها بشكل كامل وأعيش مع أخرى؟
لم أفهم ما المقصود أن تقوم بواجبها، وما هو واجبها؟ هل هو الكلام أم اختراع النكات أم البعد عن الجدية؟ اعذرني فعلا لعدم فهمي للجملة؛ لأنك إذا كنت تعتبر أن المزاح والكلام هو مهمة الزوجة فقط فهذا شيء غير صحيح؛ لأن الحياة الزوجية المتكاملة هي عندما يكمل الشريك شريكه، ويتلافى أحدهما النقص الموجود في شخصية الآخر بأن يتجاهل التفكير فيه، فإذا لم يستطع فإنه يحاول إصلاح هذا النقص أو سد هذا الخلل من عنده، وليس عيبا على الزوج أن يمازح زوجته مثلا، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- بين زوجاته من أفكه الناس، وكان يمزح معهن بما يدخل(56/55)
السرور إلى قلوبهن، ويقص لهن القصص ويستمع إلى قصصهن، وقد ذكرت في رد سابق قول عمر -رضي الله عنه- وهو المعروف بصلابته: "يجب على الرجل أن يكون مع أهله كالصبي -في أنسه وبِشره وسهولته- فإذا كان في القوم وُجد رجلا".
وماذا تقصد أن تعيش مع أخرى؟ هل تعيش مع الأولى بجسدك ومع الأخرى بأحلامك أم تتزوج ثانية ؟ ولماذا تتزوج الأولى أساسا إذا لم تكن ستجد عندها السكن والمودة؛ مما يضطرك للبحث عنهما عند أخرى؟
خامسا: أهم مشكلة في خطيبتك أنها غير جميلة أو متوسطة الجمال، وأنت رجل تحب الجمال وتضعه في المرتبة الأولى في اختيارك، ولا ألومك بل أشكرك على صراحتك، لكن أسألك: ألا يمكن أن تتزوج من هي أجمل منها ثم يظهر لك بعد الزواج أنها مختالة بجمالها إلى الحد الذي تراك معه قبيحا فلا تتقبلك، لأن سبب زواجها منك أن تتستر بك كغطاء اجتماعي لها؟ فهل تحتمل العيش مع متكبرة ولو كانت ملكة جمال الكون؟ أو أن تكون مصابة بالنرجسية إذ همها كله موجّه إلى جمالها ومظهرها فلا تهتم بك ولا ببيتها؛ فهي تتباهى بجمالها أمام مرآتها في الصباح والمساء، وتقضي الساعات الطويلة في التسوق لتبتاع أغلى أدوات المكياج وأحدث صيحات الأزياء؛ مما يزيد أعباءك المادية؟ أو إذا قصرت أنت في ابتداع كلمات التغزل بجمالها وصورتها.. ألا يمكن أن تبحث عن آخرين يُروون عطشهم من جمالها ويُشبعون غرورها؟ ألا يمكن أن تكره الحمل لأنه يؤذي جسدها، أو لا ترضع طفلها كي لا يشوه صدرها؟
رحم الله ذلك الأعرابي الذي أوصى ابنه بما معناه: لا تتزوج الجميلة فتكون كمن يرعى في واد رعى منه الكثيرون. والمشكلة في بعض شباب اليوم أنه يريد زوجة كمذيعات بعض الفضائيات وفتيات الإعلانات والسوبر موديلات اللاتي يكشفن عن أجسادهن أكثر مما يخفين، وكأن إحداهن قد تأهبت للقاء الزوج أو العشيق على الفراش حالا، فيتأمل الشاب مفاتنها وينسى أمر الله بغض البصر عن المحرمات، ويحلم بها بين ذراعيه كما يحلم شباب كثير غيره بها ولا يرضى بأقل منها، أو يرى المائلات المميلات الكاسيات العاريات في الشوارع فيميل عقله عن الحق مع ميلهن، ويتعرى قلبه من التقوى وخشية الله مع عريهن، ولو غسلت إحداهن وجهها من مساحيق المكياج وأصباغ التجميل فربما لم ينظر إليها أحد.
هؤلاء زوجات لكل الرجال في الشوارع ولسن زوجات لأزواجهن فقط؛ إذ تبدي لهذا ابتسامة وترمق ذاك بنظرة، وتليّن كلامها مع ثالث، وتسمح بملامستها للرابع، ولا مانع لديها من أن يتغزل بها من يتغزل، وتتمنع وتتدلل حتى توقع العدد الأكبر من السذج في حبائلها، وبعد أن يفيضوا عليها بهداياهم وعطاياهم لا تبخل عليهم بجسدها إذا لم تمنحهم أيضا "إيدز" أو "تريكوموناس" أو "زهري" أو "سيلان" أو "كلاميديا"... أو إلى غير ذلك مما جمعته عبر السنين من المعجبين التائهين.
لا أنكر مع كل هذا أن هناك من تجمع إلى أخلاقها جمالا مميزا، لكن ألا يمكن أن تتعرض لحادث مشوه فتفقد جمالها الذي من أجله تزوجتها؟
هل تسمع نصيحتي بأن تضع الجمال في المرتبة الثانية على الأقل؛ لأن الصفات المادية عرضة للزوال وأما ما يبقى فهو جمال الروح والأخلاق؟ ثم لماذا لا تفكر أن(56/56)
تقدم لخطيبتك بعض أدوات المكياج على سبيل الهدية، وتصارحها دون أن تجرح شعورها أنك تريدها أجمل، ولا مانع أن تبدأ بكلمة "إنك جميلة ولكن أريدك أجمل"، ولو شعرت أن في هذه العبارة كذبا فمن الكذب المباح كذب الرجل على زوجته خاصة إذا كان من أجل تطييب خاطرها ورفع معنوياتها.
هل تتعجب وتتساءل: ما مدى معرفتي بالمكياج وأنا رجل؟! الجواب سهل بأن تساعدك إحدى أخواتك أو حتى البائع أو البائعة باختياره، وكذلك أن يعلمها أحد طريقة وضعه أو تتلقى بعض الدروس في معهد للتجميل مساء، وأعلمها أن ما تفعله لتتحبب لك وتكسب قلبك وتجذبك إليها فيه أجر كبير عند الله، ومما وصف الله سبحانه به الحور العين في الجنة قوله: "عربا أترابا" والعروب هي المتحببة إلى زوجها.
سادسا: تعيب على خطيبتك عدم تبعلها لك وإظهارها مفاتنها وأنوثتها، وكذلك جديتها معك.. فلماذا لم تسألها عن السبب؟ لعلها تستحيي من أهلها؛ لكونها ما زالت بينهم، وعندما تصبح في بيتك تتغير من هذه الناحية، فأنصحك قبل التفكير في تركها أن تسألها عن السبب؛ فلعل طريقتها هذه لأنها تخاف أن تمنحك مشاعرها فتتجرأ أنت على طلب ما هو أبعد، أو أن حياءها ما زال يمنعها من التعبير لك عن عواطفها رغم أنها موظفة وتتعامل مع الرجال، إذ قد يسهل على المرأة التعامل مع الرجل كزميل في العمل، ولكن يصعب عليها التعامل مع من سيصبح زوجها ولو مضى على الخطبة أشهر بسبب التربية المتشددة في الطفولة التي تمنع الفتاة من التعبير عن أبسط رغباتها وبالتالي نضوج شخصيتها.
لماذا لا تلعب أنت على وتر المودة والرأفة الذي نشأ بينكما، وهو كما أعلم مقدمة جيدة لزواج ناجح؟ لماذا لا تعلمها ما تجهله عن العواطف؟ لماذا لا تقترب منها أكثر وتحاول الإمساك بمفاتيح أسرارها؟ هل عبرت لها عن حبك لها لتستطيع أن تعبر هي لك بالمقابل؟ هل خففت أنت جمود لقائكما بالكلمات اللطيفة والمشاعر الرقيقة؟ هل حاولت أن تبحث في داخلها عن ينابيع الحنان الذي تملكه كل أنثى بفطرتها مهما تقنعت بأقنعة الجدية والحزم؟ هل جربت أن تزيل رمادها الظاهر لعل نار العواطف المختبئة تحته تشتعل بينكما؟ هل أدفأتها بحبك لتذيب حاجز الجليد المتراكم داخلها؛ فيعود عليك بردا وسلاما؟ هل نثرت بذور الحب عليها فتنمو أشجارها وتمتد أوراقها وتتفتح أزهارها وتجنى ثمارها؟؟
خطيبتك صغيرة السن وأنت لست أكبر منها بكثير، ومع ذلك يمكنك أن تستغل الشهور المتبقية وتحاول بكل صدق أن تكتشف الأنثى في داخلها، وشجعها على إبراز مواهبها في هذه الناحية، أو ناقشها في إمكانية تغيرها بعد الزواج إذا كانت تستحيي من أهلها، أو قدرتها على تغيير طبعها الجدي إلى المرح ولو قليلا. وأعتقد أن الطباع المختلفة ليست دليلا على عدم نجاح الزواج إذ كثيرا ما يكمل الأول نقص الثاني، والزواج ما هو إلا السعي وراء الكمال الإنساني وإلا فما الداعي أن تتزوج إذا كنت كاملا؟؟ وهذا دافع أن تسألها عن عيوبك أيضا، فلعلها ترى فيك ما لا تراه أنت، ومَن منا بلا عيوب؟!(56/57)
تذكر يا أخي أن الإسلام رغب أن يكون الباعث على الاشتراك في الحياة الزوجية أمرا نفسيا يربط بين قلبي الزوجين برباط وثيق من المودة والألفة، ففي الآية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} المودة تنمو مع الزمن، ولا تزيدها الأيام إلا توثقا؛ لأنها مبنية على إعجاب كل من الزوجين بخلق صاحبه واستقامته، وخطيبتك لديها الخلق الممتاز وهذه نعمة كبيرة، وما الزواج إلا سكن نفسي واطمئنان روحي وتواصل قلبي، ولا يكون هذا إلا مع الخلق الفاضل والمنبت الحسن.
أما إذا فشلت كل محاولاتك ولم تستطع أن تستخدم الجانب الإيجابي في خطيبتك لصالح ارتباطكما فلا عليك أن تنفصل عنها، فإن تفعل ذلك وأنت لم تدخل بها خير من أن تقرر ذلك بعد الدخول أو بعد مجيء الأطفال؛ فتزيد حياتك وحياتها تعاسة، واستخر ربك في أمرك وهو القائل: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
وفقك الله لما فيه خيرك وخير خطيبتك، ولعلك تعلمنا بالنتائج، وخاصة في حال إكمال الزواج لنبارك لك على الأقل، والسلام عليك
ـــــــــــــــــــ
أيها العاشق .. حفت الجنة بالمكاره ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
جزاكم الله خيرًا على الموقع المتميز الذي كنت أحلم بمثله منذ زمن.. حتى لا أطيل أنا خطبت ابنة عمي منذ شهرين دون عقد الزواج، وكلانا يحب الآخر إلى درجة العشق، وقرَّرنا أن نطيع الله حتى يكتب لنا البركة في علاقتنا، فهي لم تكن محجبة والآن لبست الحجاب والحمد لله.
واتفقنا على أن يتم عقد الزواج حتى تصبح لقاءاتنا مشروعة، خاصة أن زواجنا لن يتم قبل 3 سنوات، لكنها عندما فاتحت أمها بالموضوع رفضت، بحجة أنه ما زال الوقت مبكرًا على ذلك؛ لأنه لا أحد يضمن المستقبل!!، مع العلم أنها لا تمانع خروجنا معًا، وعندما أخبرَت خطيبتي أمها عن سبب رغبتنا في العقد جدَّدت رفضها، فما العمل؟
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إذا كنتما قد قررتما أن تطيعا الله عز وجل حتى يكتب لكما البركة، فاعلما أن من قرَّر ذلك لا بد وأن يوضع موضع الاختبار؛ لأن القول بأننا قرَّرنا أن نطيع الله سبحانه قول سهل ميسور، ولكن عندما يوضع الإنسان موضع الاختبار يكون هنا المحك الحقيقي لقوله؛ لذا فإنكما لا بد أن تُختبرا وتختبرا اختبارًا صعبًا فيما تحبانه؛ لأن الحديث الشريف للرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: "حُفَّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات".(56/58)
قد يكون موقف الأهل متعنتًا، قد يكون غير مبرَّر، ولكنه اختبار لكما في رغبتكما في طاعة الله هل تعبران وتتقيان الله، خاصة وأن اللقاء متاح لكما، أم تسقطان في الاختبار ويتبين أنه مجرد كلام يقف عند حد الشكليات؟!
فإذا كان الأمر حجابًا فلا مانع، فماذا أريد بعد أن ارتبطت بمن أحب، ولكن الاختبار الحقيقي هو أن يكون اللقاء متاحًا، والعشق قويًّا، ونتذكر الله تعالى ونستحضره، ونكرِّر على أهلنا، ونحاول أن نقنعهم مرة ومرة ومئات المرات، ولا نقع في الحرام مرة واحدة؛ لأن هذا هو معنى القرار..
لقد قالها الرجل للرسول (صلى الله عليه وسلم) لقد أصبحت مؤمنًا، فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إن لكل قول حقيقية فما حقيقة قولك؟"، فتحدث الرجل في الأفعال لا في الأقوال، لقد قررتما أن تطيعا الله فما حقيقة قولكما؟..
حقيقة القول بأن تصبرا، وتعاودا الكرة مع الأهل بكل السبل، وتحدِّثا كل الأقارب حتى يوافقوا، وعندها ستكون مكافأة الله سبحانه لكما عظيمة.
ـــــــــــــــــــ
العجينة... والتشوش الفكري ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
السلام عليكم، أنا شاب مقبل على عقد قراني على فتاة تبلغ من العمر 16 سنة، وأتمنى أن أعرف ما يجب عليّ فعله في فتره الخطوبة، هل أبادرها بكلمات الحب من البداية، وأقول: إنكِ جميلة، وأبهرني جمالك، ولباسك هذا أجمل من الذي قبله، أم أتعزز عليها؟ ((أرجو التدقيق في شرح هذا الموضوع بقدر المستطاع))، وما درجة كلام المديح؟ وما درجة التعزز؟ وبماذا أجعل أغلب كلامي معها في الفترات التي أزورها فيها؟ علما بأن زيارتي لها سوف تكون في الثلاثة أسابيع مرة، أو في الشهر مرة، ومكالمات هاتفية أيضا. أريد أن أعرف هل أكلمها بشكل يومي أم كيف؟ وبعد أربعة إلى ستة شهور سيتم الزواج بإذن الله، هذا أولا.
أما ثانيا: فهو أنني لا أخفي عليكم بأنني قد كانت لي علاقة –وما زالت- مع فتيات تعرفت عليهن عن طريق الإنترنت، وقد أحببت إحداهن لدرجة أنها طلبت مني الزواج، ولكن كان الرفض من طرفي، والسبب أن الزواج بمثل هذه الطريقة زواج فاشل، وقلت لها ذلك، إضافة إلى الشكوك التي سوف تثار عند بعضنا البعض في المستقبل، وكذلك لأن أهلي محافظون، وهي منفتحة بشكل كبير، ولكن في الحقيقة، ورغم علمها بأني رافض، وأنني قد خطبت، تقبلت هذه الصدمة، ولم أتوقع أنها سوف تطلب مني الزواج مرة أخرى، وأنا أحبها وهي تحبني حتى الآن، ولكن حسب ما اتفقنا قريبا بأن يكون هذا الحب هو صداقة فقط. فما أخشاه هو أن أحب تلك الفتاة أكثر من خطيبتي؛ لأن تلك الفتاة تعجبني شخصيتها فهي رومانسية ومرحة وغير ذلك الكثير، وما أخشاه عدم توافر تلك الأمور في شخصية خطيبتي، والتي ألاحظ من خلال وصف أهلي لها بأنها خجولة جدا جدا وهادئة، ولا يكادون يسمعون منها كلمه واحدة، وهذا ما لا أحبه؛ فأنا متعود على البنت الجريئة، وما يقوله بعض الأهل لي إن خطيبتي صغيرة وبإمكاني أن أغيرها، وهي في يدي مثل العجينة في مثل هذه(56/59)
السن؛ فهل فعلا أستطيع تغييرها إلى شخصية تلك الفتاة، وأن أغير حبي الحرام إلى حب مباح.
أفيدكم بأني أتكلم معها، وأراسلها بالميل، بل لدرجة أنني أعرف جميع أخواتها، ويعرفنني ويكلمنني، وأعرف حتى إخوتها وأباها، ولكنهم لا يعرفونني؛ وهو ما يدل مدى قوة الرابط بيني وبينها، ولكن السؤال هو: كيف أنساها؟
وأخيرا أتمنى الدقة في الإجابة؛ لأني بإذن الله سوف أطبق ما تقولونه لي، ولن أهتم بما يقوله غيركم؛ لأنكم أهل علم، فها أنا قد سألتكم (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)). ولكم مني الشكر والتقدير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... في حديث الإسراء والمعراج ومما شاهده الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في هذه الليلة من صور تُنبئه عن أصناف البشر من أمته قوم رآهم يقدَّم لهم الطعام الطيب فلا يأكلونه، ويقدمون على طعام فاسد نتن فيأكلون منه!! فتعجب الرسول من هؤلاء القوم، وسأل جبريل عنهم، فقال: هو الرجل يترك زوجته الحلال له، ويزني بالمحرمة عليه، وأنت ما تفعله مع نفسك يذكرني بهذا الحديث.
إن خطيبتك الصغيرة الهادئة الخجولة، والتي لم ترَها كثيرًا، أو تتعرف عليها حتى تعرف مزاياها وصفاتها، والتي ربما تفوق هذه الفتاة، ولا نريد أن نصفها كما تصفها في رسالتك بالجريئة؛ لأنه وصف في غير محله؛ لأنها يجب أن توصف بوصف آخر لا يصح أو لا يتسع له المقام على هذه الصفحة، والتي هي تعلم أنك قد خطبت، وقد عرضت عليك هي الزواج ورفضت، ومع ذلك لا ترى مانعًا في الاستمرار في هذه العلاقة! هل يوصف هذا بالجرأة؟ وهل هذا ما تتمنى أن تراه في خطيبتك؟ وهل هذا هو التشكيل الذي سوف تشكلها به؟
الحقيقة التي يجب أن تدركها أنك مشوَّش الفكر والنفس؛ فأنت تريد
أن تستكمل المشهد الاجتماعي، وتظهر أمام المجتمع بمظهر مَن اختار بالطريقة التقليدية ابنة الناس الهادئة الخجولة، ولكن رغباتك تدفعك نحو مَن تسميها بالجريئة، وتتصور أنك يمكن أن تحصل على الأمرين باستمرار صداقتك بالجريئة، وتغييرك للهادئة حتى تصبح جريئة أيضًا. لا لن تستقيم الأمور بهذه الطريقة، وستفسد حياتك هذه الجريئة؛ لذا فيجب أن تكون صادقًا مع نفسك، وتحسم ما تريد، لا يوجد ما يُسمى بالعجينة التي تستطيع تشكيلها مهما صغرت سنُّها، إنه تصور وهمي.. إنها نعم هادئة وخجولة، ولكن لها طابعها وشخصيتها وجمال نفسها الخاص بها، ولن تتغير لتتحول إلى الصورة التي يصورها خيالك وفكرك المشوش؛ فإذا أردت خطيبتك كما هي فاقطع علاقتك تمامًا بفتاة الإنترنت، وأعطِ لخطيبتك الفرصة لتتعرف عليها وتعرف جمال نفسها.. وإذا عرفت في نفسك أنك لن تستطيع التعامل مع نمط شخصية خطيبتك؛ فلا تظلمها، وافسخ خِطبتك بها الآن؛ لأنها ليست عجينة، واستمر في علاقتك مع الجريئة..(56/60)
الاختيار لك، ويا ليتك تراجع حلولنا السابقة، ومقالا في
اختيار شريك الحياة.. السهل الممتنع
هذا هو السؤال الأهم الآن، وعندما تحسم اختيارك ستجد الإجابة عن سؤالك الآخر في كيفية التعامل مع زوجتك أثناء عقد الزواج في مقال قريب على صفحة "حواء وآدم".
ولكن احسم اختيارك أولاً.
ـــــــــــــــــــ
خطيبتي : مشاعر من جليد ولسان من نار ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
إخوتي في الله، إني أعاني من مشكلة، وعندما وجدت موقعكم أحسست أنه من تسخير الله سبحانه؛ فأنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، ومن بلد خليجي، ومن أسرة محافظة، وقد قمت بخطبة فتاة من بلد عربي، لكنها مقيمة مع عائلتها في بلدي منذ 20 سنة، هي عمرها.
تمت الخطبة منذ سنة ونصف، وكنت أزورها في العطلات؛ حيث إني أدرس بالجامعة في مدينة أخرى، وكانت الزيارات مع المكالمات الهاتفية كافية لأن تعطيني صورة عامة عن زوجة المستقبل، فآراؤنا في الغالب متوافقة؛ سواء كانت على الصعيد الديني أو الاجتماعي، وقد أغرمت بها بعد مدة بسيطة، وكانت مكالماتي معها عامة، وكنت في بعض الأحيان أعبر لها عن مشاعري نحوها.
أما لقاءاتنا فكانت في الأغلب في وجود والدتينا، وكنت أحس بحبها لي رغم عدم تصريحها بذلك، فأعزو هذا إلى أنني لم أعقد عليها بعد، والصورة التي تكونت لدي عنها أنها فتاه تخاف الله، محافظة، حساسة، عصبية المزاج جدا، وهذه هي المعضلة، ولكني لم أواجه مشكلة معها في ذلك الوقت، فظننت أن مكانتي عندها هي السبب في ذلك، كما أنها متعلقة جدا بصديقاتها، وهذا طبيعي إلى حد ما.
والحمد لله، تم عقد قراننا منذ شهرين، وأصبحت أكيل لها كل ما يتعلق بالعشق والعشاق من كلمات حب وغزل... إلخ. ولكن دون مبالغة؛ فهي لم تنبس ببنت شفة أكثر من أن تقول لي: "وأنا كذلك"، بعد أن أقول لها: "أحبك"، ثم بدأت الأمور تسوء بالنسبة لي؛ فهي إذا غضبت- وما أكثر ذلك- تصب جام غضبها عليّ، وتسيء إليّ.
أحاول أن أهدئها، فأخبرها أنه يجب أن تفهم أني لها ومعها، وأنه يجب عليها أن تُفضِي إليّ بهمومها وآلامها بدلا من أن تعاملني هكذا، وأود أن ألخص محاور هذه المشكلة في نقاط، ابتداءً بالأقدم فالأحدث، وهي:
1) عدم أو ضعف التجاوب معي في كلمات الحب والغرام.
2) قالت لي ذات مرة: إنها تحس بأني أحبها أكثر مما تحبني هي، وهذا يؤلمها، كما يؤلمها عدم قدرتها على التعبير عن مشاعرها، ولكني أتفهم هذه النقطة.
3) المقام الأول هو لصديقاتها، حتى إنها في يوم سفرها إلى بلدها للإجازة الصيفية- ومدتها شهران- طلبت مني عدم القدوم لتوديعها؛ لأنها ذاهبة لتوديع صديقاتها، وإذا- أكرر- وإذا كان هناك متسع من الوقت فمسموح لي حينها بالقدوم، رغم أنها في إحدى المرات بكت عندما أخبرتها بأني لن أذهب لزيارتها في الإجازة.(56/61)
4) عدم اقتناعها بأن ما تفعله خطأ؛ حتى بعد تدخل والديها وأختها ووالدتي.
5) الكلمات الغليظة والفظّة التي تتفوه بها، خصوصا عندما تغضب.
وأمام كل هذا، ما كان مني- منذ أسبوع- إلا أن قلت لها: إني لم أعد أهتم بتقوية علاقتنا، وأخبرتها أنها المسؤولة عن قوة أو ضعف هذه العلاقة، كما أخبرتها أن مكانتها عندي ليست كما كانت، وأن مشاعري نحوها قد أضحت أقل مما تكنه هي لي من مشاعر بكثير.
إخوتي، أنا الآن أود أن أعرف: ما السبل التي من الممكن أن تجعل فتاتي تكون كسائر البنات اللاتي يعشقن ؟ وأرجو أن لا تبخلوا عليّ بأي نصيحة أو توجيه.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... ونحن نختار للارتباط نتخيل أننا سنجد في الفتاة التي نرتبط بها كل ما نحبه وكل ما نريده، والحقيقة على غير ذلك؛ حيث نجد معظم ما نريده، ولكن مع وجود سلبيات ونقص يجب أن نتفهمه ونتعامل معه، أو نرى أن هناك صفة سلبية بعينها لا نستطيع التكيف أو التعامل معها، وهنا نقول أو نحسم بأننا لا نستطيع الاستمرار.
والقضية تتمثل في النظرة الشاملة عند الاختيار؛ حيث نضع كل الاعتبارات أمامنا، ثم نختار ونقرر.. وربما لو راجعت إجاباتنا السابقة في كيفية الاختيار والموازنة بين جناحي العقل والعاطفة لكانت الصورة أكثر وضوحًا. ومن هذه الإجابات :
أخواتها لسن كذلك.. دليلك لاختيار الزوجة
اختيار الزوجة .. خبرة هذه الصفحة
اختيار الزوجة: ما حَكَّ جلدك مثل ظفرك
عاقبة الزواج المتسرع.. اختيار صعب
باختصار: إن السؤال عن كيفية تغيير شريك الحياة من أجل أن تكون فيه كل الأوصاف والإيجابيات قد يبدو سؤالاً مشروعًا، ولكن قد تكون الإجابة عليه أننا قد نضطر للقبول به كما هو؛ لأنه في غالب الأحيان ربما لن يتغير.
إن السؤال الأهم بالنسبة لك هو: هل أستطيع تحمل هذا الشريك وصفاته؛ سواء من الجفاف العاطفي، أو الارتباط الأكبر بالصديقات، أو العصبية الشديدة التي تصل إلى حد التلفظ بالألفاظ النابية ؟
لا يعني ذلك أننا نقول: إنه لا أمل في التغيير، ولكنه قد يكون تغييرا محدودا، وقد يكون في بعض الصفات أو أجزاء منها، لكن ليس شرطًا أن تتحول إلى عاشقة ولهانة كما تتصور؛ لأنه ربما تكون هذه الصفة هي الأصعب في التغيير؛ حيث إن العاطفية والقدرة على التعبير عنها هي نتاج سنوات من التربية والتفاعل، والطبيعة الشخصية التي تؤدي إلى خروج الإنسان بهذه الصفة.
وربما يتغير الاهتمام بالصديقات بعد الزواج مع وجودك الأكثر حضورا في حياتها، وتحول اهتماماتها لتصبح نحو منزلها ونحوك ونحو الأولاد، وربما مع نضجها السني تهدأ بردود أفعالها، وقد لا تهدأ.(56/62)
ما نود قوله: إنك في النهاية يجب أن توطِّن نفسك على قدر من النقص في فتاتك.. يكون السؤال: ما هذا النقص؟ وهل أستطيع تحمله؟ هذا ما يجب أن تكون واضحًا مع نفسك فيه، ولكن لا يمكن أن تتغير فتاة تعبر عن عواطفها بصعوبة إلى فتاة عاشقة؛ فهل يمكنك تحمل ذلك؟
إن مواجهة الفتاة والضغط عليها ربما سيجعلها تتغير بعض الشيء أو تحاول ذلك، لكنها لن تكون الصورة التي ترسمها في خيالك، ستكون صورة واقعية تقبلها؛ لأن بها صفات أخرى تحبها، ولأنك تشعر بعاطفة نحوها، ولأن جناحي العقل والعاطفة قد اتزنا داخلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحدث غالبًا: خلاف قبل الزفاف ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
ارتبطت بإحدى فتيات الوسط العائلي، وتمت الخطبة، وكانت العلاقة بين الأسرتين جميلة جدا، ومظاهر المودة متبادلة بينهما والحب وكل شيء يتمناه المرء عند الترابط بين الأسر، وكانت العلاقة بين أمي وأم الفتاة كأنهما أختان حتى يوم عقد القران.
وفي هذا اليوم أثيرت مشكلة بين حماتي وعمتي، على أثرها أخذ والدي موقفا منهم، وأيضا تأثرت العلاقة بين أمي وحماتي، وقد أعانني الله على أن أمحو بعض هذه المواقف إلا أنه ما زالت هناك آثار، حتى إن أمي أصبحت تعد عليّ متى زرتهم، وكم مرة، وكم جلست من الوقت هناك، وأنا أضيق بهذا، بعد أن كانت في الماضي تحثني على الذهاب وقضاء الوقت معهم، فكيف أتعامل مع هذا الموقف، وأنا أساير الوضع بعض الوقف حتى تزف إليّ زوجتي؟ وشكرا
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، كما تعلم فإن الزواج ليس علاقة بسيطة بين فردين، ولكنه علاقة شديدة التركيب بين أسرتين، واندماج ومصاهرة – أي انصهار – في بوتقة هذا الكيان الجديد الذي يشمل فرعا من شجرة يتضافر مع فرع آخر من شجرة أخرى، وفي البداية يشبه الأمر زراعة الأعضاء في جسم لم يألفها، فتلفظه للوهلة الأولى ثم يستوعب الطرفان الأوضاع الجديدة، وهي أنهما قد أصبحا عائلة واحدة هي مزيج من طرفين لم يكن بينهما أية علاقة قبل مشروع الزواج.
إذا فهمنا هذا واستوعبناه أدركنا أن الأصل هو هذا الرفض الفطري المتبادل في بدايات المصاهرة، ومع الوقت، وبفعله أيضا، يحدث نوع من التكيف والتطبيع، وتتداخل الخطوط، وتنطوي الصفحات الأولى لندخل في متن الموضوع.
وهذا التجاوز والتكيف مشروط بأن تتوافر لدى الأطراف الحدود الدنيا من الحكمة وتفهم هذه السُنة الاجتماعية المعروفة، ومشروط أيضا بأن يكون محور الخلاف بسيطًا، وليس مما يقدح في الأعمدة الرئيسية لأسرة المستقبل، مثل: التكافؤ الاجتماعي، والالتزام الديني... إلخ.(56/63)
ومما يسرع بطي صفحة الخلافات العابرة أن يجتهد الطرفان الرئيسيان – الزوج الجديد وزوجته – في تذويب الجليد بين الأسرتين، والوسائل في هذا السبيل كلها مشروعة، وحتى الكذب مباح في الإصلاح بين المتخاصمين، ويمكن إدخال أطراف أخرى في إصلاح العلاقات.
وبالجملة تحتاج أنت وزوجتك إلى تعلم فنون ما أسميناه من قبل
المحروم منها مسكين : دبلوماسية العائلة
وتمنياتنا لك ولها بالتوفيق والسعادة.
ـــــــــــــــــــ
مخاوف متبادلة أم اضطراب بالوراثة ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
أنا شاب في الحادية والعشرين من عمري، كنت طالبًا في معهد فني صناعي لمدة عامين، وقد تعرفت على زميلة لي في الدراسة في أثناء السنة الأولى من المعهد، وأعجبت بأخلاقها وحيائها وعقلها الذي أتعبني كثيرا من كثرة التفكير، وكنا في بداية الأمر أصدقاء دراسة.
وعندما قررت أن أفاتحها في أمر خطوبتنا قمت أولا بصلاة الاستخارة، ثم أخبرتها بأني أود التقدم لخطبتها، وقالت لي: إنها تحتاج بعض الوقت للتفكير، فوافقت أنا على ذلك، وتركتها أسبوعين تفكر، وعندما أخبرتني أنها موافقة على هذا الارتباط، ولكنها تخشى من ألا أتحمل طباع أمها فهي ذات شخصية مسيطرة في المنزل رغم وجود الأب؛ فقلت لها: لا تحملي همًّا لمثل هذه الأشياء، فالأيام كفيلة أن تثبت أني حسن فلن يكرهوني.
وللعلم أمها لم تكن ترغب في أن تتزوج ابنتها الوسطى من خارج العائلة؛ فهم من الريف وهذه بعض عادتهم، وقالت لي بأن ننتظر حتى أنتهي من تعليمي؛ حتى لا يكون هناك حجة للرفض، وبالطبع وافقت على ذلك.
وخلال فترة دراستي عرفتها على عائلتي، وعرفتني عائلتها على أنني زميل لها، وقد أحبها من في بيتي جميعا، واعتبروها واحدة من العائلة، وفي نهاية العام الثاني من الدراسة قمت بتوفيق الله ومنة بكتابة رسالة أو كتاب، وكان يناقش قضية الزواج الإسلامي المبكر، وقد جعلها الله سببًا في إخراج مثل هذه الرسالة.
وحينما انتهينا من دراسة المعهد، وبعد قصة طويلة لا أعلم ماذا أطلق عليها، كان فيها من الحب والاحترام والثقة البالغة والتفاؤل والتفكير ما يكفي للاستعداد لبناء حياة زوجية كريمة، فقد اتفقنا وتفاهمنا على كل شيء صغيرا كان أو كبيرا، ولم ينقصنا سوى أن نتوج هذا الحب بالتاج الشرعي الذي يضمن له البقاء وهو الزواج، وتقدمت أنا وأسرتي إلى خطبتها ووافقنا على كل ما عرضوا علينا من شروط وهي تفوق المعتاد من التقاليد، وتحملت أنا أعباء الزواج كلها من شقة وفرش، وأما هم فلن يقدموا سوى جوهرتهم الثمينة، وهي ابنتهم.
وتم الاتفاق على أنني مقابل كل هذا، أود أن أعقد حتى تكون رؤيتي لها وكلامي معها شرعيا ومناسبا لها أمام عائلتها، ووافقوا بعد جدال شديد وأحضرت شقة فاخرة، وطلبت مني أن أوجد لها عملا مؤقتا حتى يتم الزواج، وكنت رافضا لهذا المبدأ،(56/64)
ولكن بعد إلحاح شديد وافقت وأحضرت لها عملا مؤقتا كما طلبت، وبدأت تتغير، ولا أعلم أكان السبب في العمل، أم أنها كما تزعم في حالة نفسية سيئة، ويزداد خوفها كلما اقترب موعد الزواج، وبدأت أقول ربما كل هذا ناتج عن كلام أمها لها في البيت.
وجاء يوم تحديد موعد عمل الفرح وعقد الزواج، وقمت بسؤالها عن الموعد المناسب لها، ولكنها قالت لي إنها تريد التأخير، ومرت علينا فترة تقرب من الشهر والنصف في جدال ومنازعات ومشاكل عن سبب ما هي فيه، وقالت لي: إنني تغيرت عن معاملتي معها، وأنها تشعر أنني لا أخاف عليها، وكان من أسبابها انشغالي بعملي عنها؛ حيث إنني أعمل بمكتب هندسي والمسئولية عليَّ كبيرة.
وعندما قلت لها: إنني أريد أن أحدد موعدًا للعقد رفضت، وقالت بأنها لا تبغي أن تتزوج وهي في مثل هذه الظروف، وتم بالطبع الانفصال منذ أيام، مع العلم أن العائلتين حتى الآن يبغون لهذه الزيجة أن تتم، رغم كل ما حدث، وأنا الآن أمامي الفرصة للارتباط بغيرها، فماذا أفعل؟ وهل أنا مخطئ في مثل هذا القرار، أم أنها تستحق ألا أفكر في مشاعرها، أم أن السبب من أمها التي حاولت مرارًا أن تثبت لي أنها تحبني؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
فريق مشاكل وحلول ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي، أحيانا يكون سبب مشاكلنا أننا لا نعرف السبب الحقيقي وراء حدوثها، والأسباب هي مفاتيح حلول المشاكل، فكما يقول: "المثل إذا عرف السبب بطل العجب".
أخي، مشكلة خطيبتك قد يكون سببها هو اضطراب أسرتها، فأبناء الأسر المضطربة أو التي تعاني من مشاكل؛ بسبب أن الأب أو الأم لا يقومان بالأدوار الطبيعية لهما، يحرصون نتيجة لمعاناتهم على عدم تكرار المشاكل نفسها بعد الزواج، فمنهم من ينجح ويكون أسرة سعيدة مستقرة، مستفيدا من التجربة المريرة التي عاشها، ومنهم من يدفعه الخوف من الوقوع في المصير نفسه للوقوع فيه فعلا بدون قصد.
وأحسب خطيبتك من النوعية الثانية، فالخوف في الوقوع في المصير نفسه جعلها تخاف من إتمام زواجها، وهذا الخوف جعلها تنظر لتصرفاتك بحذر وترقب، وقد تفسرها تفسيرات أخرى، وهكذا، هذا هو التفسير الذي تبادر إلى ذهني.
وما أعنيه أن هذه الفتاة قد تكون زوجة جيدة، ولكنها تحتاج من زوجها لمعاملة خاصة واحتواء وتفهم كبير حتى تستطيع التغلب على هذه المخاوف مع الوقت.
وأنت تحتاج إلى أن تقرر هل فعلا تريد هذه الفتاة؛ من أجل ما أوضحته فيها كمميزات تراها؟ فإذا كنت تريدها فيجب أن تتفهم سلوكها، وتحتويها، وتحرص على إظهار احترامك لأسرتها رغم كل شيء، ولا تُحمِّل أحد أفراد أسرتها السبب في سلوكها.(56/65)
وأما إن كنت لا تستطيع أن تتحمل مثل هذه المسئولية فالأفضل أن تنسحب من حياتها، تاركًا المجال لمن يستطيع أن يقوم بهذا الدور، وعسى الله أن يرزقك من تسعد بها، وتسعد بك، وقدر الله لك الخير، ولعلك تخبرنا بقرارك، أو تشركنا معك في
"أجابت عن هذا السؤال أ.سمر عبده من فريق الحلول"
ـــــــــــــــــــ
مرات قليلة كفتها .. ليس الذكر كالأنثى ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
المشكلة الأولي ....( أ من فلسطين ) ويقول فيها :
خطبت فتاة لديها كل ما أبحث عنه، وكنت قد قابلتها ثلاث مرات فقط في منزل أهلها، وأخبرتني عبر الهاتف أنها تحبني، ولكنني ما زلت أشعر أنني لا أحبها بالقدر نفسه؛ لأنني ربما لم أعرفها بالقدر الكافي بعد.
وأنا أحترمها، وهي تثيرني جسديًا، بمعنى أني أشتهيها، ولكنني لا أحمل مشاعر قوية تجاهها حتى الآن، فماذا أفعل؟!
أرجوكم ساعدوني، فأنا أشعر باليأس؛ لأنها تحبني بقوة أما أنا ... !!! في انتظار ردكم.
المشكلة الثانية ( ل من فلسطين) ويقول فيها :
خطبت مؤخرًا، لقد رأيت الفتاة ووجدتها متدينة وشكلها مقبول، ولكني أفكر طوال الوقت أن أتركها؛ لأن والدي قال: إنها قصيرة القامة، وقال لي هذا على الهاتف، ومن وقتها وأنا متردد، إنها تحبني كثيرًا، ولا أريد أن أجرح مشاعرها حيث إنها تعلقت بي رغم أننا لم نتقابل إلا أربع مرات، وما زالت مشاعري تجاهها محايدة حتى الآن، إنها متدينة وموهوبة فلماذا لا أحبها؟!! ... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الإخوة الحائرون، عجيبة هي أحوال القلب، والاختلاف بين البشر في شأن الحب وحركة المشاعر أمر فطري ومعروف؛ فمن الناس من يعشق من أول مرة أو نظرة، ومنهم من يحتاج إلى وقت حتى تنمو مشاعره وتتطور.
ثم إن هناك فروقًا بين الرجال والنساء في العواطف والمشاعر والتعبير عنها، وهناك منذ ما يزيد على العقدين تيار يتنامى في الغرب يتحدث عن علاقة الرجال بالنساء من منظور الاختلاف بينهما، بعد أن ارتفعت أصوات كثيرة من قبل تتحدث عن انعدام الفوارق، والمساواة الميكانيكية بين الجنسين!! وتنشط أبحاث ومعاهد، وتنطلق جهود متنوعة لدراسة هذه الاختلافات والبحث عن أصولها البيولوجية والنفسية، والسير مع تجلياتها وانعكاساتها بما يصلح الحياة الزوجية، ومناخ التفاهم المتبادل بين الطرفين.
وقد أشار القرآن إلى هذه الغيرية في معرض حديثه عن مريم ابنة عمران عليها سلام الله ورضوانه حين قالت أمها حين ولدتها: "رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى"(آل عمران: آية 36) ومن معالم الاختلاف بين(56/66)
الجنسين ما هو واضح في حالتين نعالجهما معًا في إجابة واحدة، فترى أن البنات قد تفاعلن أسرع، وبادرن بالتعبير عن مشاعر الحب، وهذا مفهوم ويزداد في حالة الفتاة الملتزمة التي تجرب هذه المشاعر للمرة الأولى غالبًا؛ فيستبد بها الشوق وتجتاح نفسها المشاعر المتدفقة، وتندلع بين جوانحها نار الوجد، وأحاسيس الطموح إلى وصل الحبيب، وإقامة البيت الذي تظل الفتاة تحن إليه.
ورغم احترامنا وتقديرنا لهذا المسلك، فإنه لا يكفي أن يكون من طرف واحد، ولا بد أن يكون الرجل أمينًا مع نفسه في حسم أموره، وتحديد موقفه من فتاته شكلاً وموضوعًا، عقليًّا وعاطفيًّا، وخاصة إن كان فيها عيب ظاهر في جسدها أو أخلاقها أو في أسرتها ... إلخ.
لا بد من حسم بعد إعطاء فرصة على النحو الذي أترك زميلي د. عمر يفصله لكما، فيقول لكل واحد منكما:
إنك تعرف الحل وذكرته في رسالتك، ولكنك تبدو متعجلاً أو قلقًا بعض الشيء، إن الوقت هو الحل، والزمن هو العلاج.. إن الفتيات لطبيعتهن العاطفية قد يتعلقن بسرعة بالخطيب ويعبرن عن مشاعرهن بسرعة، خاصة وأن هناك ارتباطًا شرعيًّا يجعلهن يشعرن بالأمان، وهن يعبرن عن هذا الحب .. أما الرجال فإن الأمر يأخذ معهم بعض الوقت.
ويبدو أنك بدأت طريق الحب، ولكنك تتعجل أن تصل إلى النهاية بسرعة؛ وذلك لأن خطيبتك عبرت عن حبها لك، وترى أنك يجب أن تبادلها نفس الشعور بنفس الدرجة وهذا غير صحيح، فطالما أنك معجب بها، وتقول: إن هناك مشاعر ولكنها ليست بالقوة المطلوبة، فما عليك إلا أن تتعهد هذه المشاعر بما ينميها حتى تصل إلى كامل نضجها، وتحاول أن ترى كل مميزاتها، وتكثر الاتصال واللقاء بها حتى تزداد معرفة بها وتتعود عليها، أعط لنفسك فرصة لعدة شهور ثم قف مع نفسك، وكن صريحا معها، هل وصلت إلى ما تراه مناسبًا بقوة العاطفة أم أنك وقفت عند حد معين لا تستطيع أن تتجاوزه في شعورك بها وهو مجرد الإعجاب؟ ..
وإذا لم تستطع أن تشعر بها بالصورة التي ترضيك؛ فيجب أن تتوقف عن المضي في هذا الارتباط حتى لو كانت هي تحبك، لأنك إذا آلمتها وسببت لها الضيق في هذا المرحلة فهذا خير من أن تصدمها في مشاعرها، وقد أصبحت زوجتك وازداد ارتباطها وتعلقها بك وبنت أحلامها من خلالك. إن الزواج لا يمكن أن يقوم من قبل أحد الطرفين على مجرد الإعجاب أو الخوف على صدمة أو مشاعر الطرف الآخر، إن الإعجاب يكفي في البداية للموافقة على الارتباط، أما استمراره فيجب أن يكون مصحوبًا بتطور هذه العاطفة.
إننا نقف هذا الموقف الواضح في هذه المسألة لكثرة ما ورد لنا في هذا الصفحة من مشاكل عن أزواج أو زوجات لم يشعروا بالعاطفة الكافية في أثناء الخطوبة، واستمروا في إمضاء الزواج؛ لتستمر حالة البرود العاطفي، ويتحول الأمر إلى أزمة تزداد صعوبة حلها..(56/67)
وباختصار أعط لنفسك مهلة كافية تصل إلى عدة شهور للتعرف على خطيبتك والاقتراب منها ثم اختبر عواطفك بعد ذلك، فإذا كانت كافية فلتستمر، وإن كانت الأخرى فاتخذ الموقف المناسب في حينه.
ـــــــــــــــــــ
فتاة بلا ماض.. كيف تكون مستقلة؟! ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية لا يسعني إلا أن أشكركم على جهودكم الجمَّة التي تقومون بها لحل مشاكل الشباب بجرأة وقوة، وأدعو الله أن يوفقكم دائمًا لما فيه الخير والصواب.
أنا شاب أبلغ من العمر سبعة وعشرين عامًا، وقد قمت بخطبة فتاة رشحها لي والداي، بعد مغامرات كثيرة، وبعد أن قررت الاستقرار، داعيًا الله أن يهديني ويتم نعمته عليّ بالزوجة الصالحة.
مشكلتي تكمن في أنني أحب وأحترم فتاتي التي خطبتها؛ والتي لم تخض أي تجارب مع أي شاب من قبل؛ لكونها من عائلة محافظة.. المشكلة أنها مرتبطة جدًا بعائلتها عامة وبوالدتها بشكل خاص؛ فهي لا تخرج إلا معهم، ولا تشتري شيئًا قبل أن تسأل والدتها عن رأيها، أي أنها معتمدة اعتمادًا كليًا عليها، ومما أثبت لي ذلك طلبها من والدتها اختيار خاتم الخطبة لها، ولما سألتها لماذا لم تختاريه أنت؟ قالت: إنها لا تفهم فيه.
والمشكلة ليست في الخاتم ولا في حبها وعلاقتها بوالدتها.. ولكن المشكلة في المستقبل؛ فأنا أخشى أن تتدخل والدتها في اختيار أثاث منزلنا وجميع متطلباتنا بدلا منها، في حين أنني إنسان تربيت أن أكون مستقلاً في رأيي، وأشعر أن من الواجب علينا أنا وهي اختيار حاجتنا بأنفسنا وليس بتدخل من أحد؛ مما قد ينتج عنه صدام في المستقبل بيني وبين والدتها، مع العلم أن والدتها سيدة فاضلة، ولكنها -نوعًا ما- قوية الشخصية على بنتها.
سألت خطيبتي: لماذا لا يكون لك رأيك المستقل، مع الأخذ برأي الآخرين، ووالدتها منهم على سبيل الاقتراحات، ولكن في النهاية يكون القرار لنا؟ ولكنها قالت: إنها تفضّل أن تعتمد في اتخاذ القرار على غيرها، بدلاً من أن تكون متعصبة لرأيها؛ مما قد يؤثر على علاقتنا في المستقبل عند اختلاف وجهات النظر!!
أنا في حيرة.. ماذا أفعل؟ خصوصًا أني ذاهب في إجازة عن قريب وأتمنى أن أعالج هذا الموضوع بشكل سليم؟
ملاحظة: أعمل في الخارج مهندس كمبيوتر، وحالتي الاجتماعية جيدة ولله الحمد، ولكن ليس عندي قدر كبير من الإجازات يسمح لي بالنزول لاختيار كل شيء مع خطيبتي، مع أنني أكلمها تقريبًا كل يوم عبر الهاتف، وأدفع مبالغ كبيرة، ولكن في سبيل أسمى وهو تحقيق الألفة والمحبة والتفاهم، وذلك لضيق الوقت الذي قضيته معها بعد خطبتنا منذ ثلاثة أشهر. أفيدوني جزاكم الله كل خير.
... المشكلة
أ. سمر عبده ... اسم الخبير(56/68)
... ... الحل ...
...
... الأخ السائل، اعتماد خطيبتك على رأي والدتها، وارتباطها ـ الذي تراه أنت زائدًا بعائلتها ـ يبدو أمرًا متوقعًا، وشيئًا طبيعيًا بالنسبة لفتاة ليس لها أية خبرات أو تجارب مستقلة، والارتباط بالخطبة ثم الزواج هو بداية خروج هذه الفتاة من الدائرة المحدودة التي كانت تتحرك فيها.. إذن لا توجد مشكلة في فهم هذا السلوك بتفاصيل المواقف التي حكيت طرفًا منها.
اللافت في المسألة هو موقفك أنت الذي يبدو متناقضًا رغم أنه يشيع في أوساط الشباب!!
يا أخي، من تخرج إلى الحياة، وتحتك بالناس وتخالطهم ويتكون لديها رصيد من التجارب، وتكتسب نضجًا واستقلالية، فإن هذا ثمن قد يكون منه علاقة عاطفية فاشلة، أو آلام في التعامل مع زملاء العمل أو صديقات الدراسة، وأنت نفسك اكتسبت هذه الاستقلالية عبر خبرات و"مغامرات" فكيف تطمح إلى وجودها في خطيبتك، وهي التي لم تخرج ولم تختلط؟!!
هل النضج واستقلال القرار والشخصية طاقة تنبثق في النفس هكذا فجأة دون مقدمات، أو وحي ينزل من السماء.. بالطبع لا يا أخي كما تعرف.
الأمر يحتاج إلى تدريب وتدرج، ويحتاج هذا إلى وقت وتفهم منك، ورضا بهذا الطبع الذي ينبغي أن تصبر على وجوده، وتساعد في تعديله؛ لأن هذا هو طلبك، وتلك هي رغبتك: "فتاة بلا ماض".
والتغيير المنشود لا تكفي فيه النصائح أو المواعظ أو التوجيهات المباشرة بل يحتاج إلى مواقف، ورفق، وثقة متبادلة تنتقل فيها دفة الأمور من يد عائلة الفتاة لتكون شركة بينك وبينها، وقد تتفقان على إطالة فترة الخطبة، وأعتقد أن تقسيم الإجازة على مرتين أو ثلاث في العام قد يكون أفضل من إجازة مرة في العام، وما تدفعه في مكالمات الهاتف يمكنك دفعه في تذاكر الطيران، أو كما ترى، المهم أن تكون مشرفًا "عن قرب" على التحول الذي تطمح إلى إحداثه في شخصية خطيبتك، وأحسبها ستكون مستعدة لهذا طالما استعملت أنت الحكمة، واستعنت بالصبر والهدوء والتوكل على الله، وفي انتظار أن تخبرنا بموعد الزفاف.
ـــــــــــــــــــ
في الزواج وغيره.. الانتقاء يقي المصارع ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
تزوجت من فتاة على أنها ملتزمة بدينها التزامًا شديدًا، وقد أظهرت لي ذلك في أثناء الخطبة، وبعد الزواج اكتشفت أنها حتى لا تصلي بل ومصابة بمرض جلدي؛ وحيث إنها فتاة مسكينة تمامًا كما ظهر لي في بداية الأمر، حتى أنها في اليوم التالي من الزواج طلبت مني أن أشتري لها غطاء رأس؛ حيث إنها لا تمتلك واحدًا يخصها، وعرضتها على الطبيب.(56/69)
ورغم ذلك كله فوجئت بأنها تطلب العودة إلى أهلها بعد 10 أيام من الزواج، وكانت المفاجأة الثانية أنها أخبرت أهلها بأني غير قادر على المعاشرة الجنسية، وغير ذلك من الألفاظ والتصرفات المشينة.
وبعد شهور تم الصلح من جديد، وعادت معتذرة متأسفة متحججة بأنها فتاة صغيرة مسكينة ولم تجد من يربيها وأنها ستعود أحسن وأصلح، وقررت ألا ألمسها نهائيًا وأتركها، وكلما اقتربت مني أذكرها بما قالت، وتدخل الأقارب بيننا حتى أعود لها، وحدث ذلك بالفعل وبعد أيام قليلة أصبحت حاملاً، وطلبت من جديد السفر إلى أهلها وكانت تتظاهر بالمرض والإرهاق، وما إن سافرت حتى اكتشفت أنها كانت تخرج في أثناء ذهابي إلى العمل إلى معارف لها كنت قد منعتها من الذهاب إليهم، وعندما سافرت أمي لها لتراها في البلد اكتشفت خروجها، وقيام أهلها بالتستر عليها؛ حتى تعود من المشوار الذي ذهبت إليه.
وملخص القصة أنها تزوجتني ظنًا منها وجود مال كثير عندي، ولما اكتشفت عدم وجود المال كما تريد؛ فعلت ما فعلت لتحصل على الطلاق وعلى المؤخر الكبير حتى تخرج بشيء.
عفوًا للإطالة، فالتفاصيل كثيرة جداً وغريبة جداً وسخيفة جدًا جدًا جدًا. المشكلة الآن أنها أنجبت طفلة، وذهب أهلي إليها ليحضروها لتربي البنت في المنزل، إلا أنها رفضت وطلبت أن أحضر بنفسي لأخذها بعد كل ما فعلت، وهذا لن يحدث أبدًا لهذه الحقيرة، ولكن الفتاة الصغيرة هي المشكلة، ولا أريد أن أشعر بأني ظلمتها وهي تتربى في ذلك البيت الحقير، ولكني في الحقيقة في راحة نفسية شديدة من يوم أن تركت البيت، وأريد أن أتزوج من جديد.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم، لا أدري ماذا تنتظر منا بالضبط؟!! هل تريد مواساة على سوء اختيارك؟! أم تريد نصيحة بشأن ابنتك؟! أم تريد هنا أن نبحث لك عن زوجة؟!! تبدو قصتك نموذجًا لما يمكن تسميته "اكتشافات ما بعد الزواج"!!!
في هذه الحالات يبدو الطرف "المخدوع"، وكأنه قد تورط في زيجة تحت تأثير مخدر، أو غواية ساحر!! رغم أن المسألة ببساطة أنه أساء التقدير، وأهمل في الأخذ بالأسباب البديهية، والوسائل والطرق اللازمة لاختيار سليم متوازن يقيه مصارع السوء بعد ذلك.
والبعض منا يتعامل مع اختيار شريك العمر بأقل مما يتعامل مع اختيار الحذاء الذي يلبسه "أعزكم الله"، تراه إذا أراد أن يشتري حذاء أو جوربًا ينزل ليطوف على أكثر من دكان، ويسأل أصدقاءه في الداخل والخارج عن الأسعار والأنواع والجودة، وقد يحدد عدة اختيارات، ويزور كلاً منها عدة مرات، وينظر إلى اختياره من كل الزوايا، ويتخيل مدى مناسبة هذا الحذاء على ملابسه ... إلخ.(56/70)
أما اختياره شريك العمر فتكفي دفقة شعور مبهمة، أو اتفاق عابر، أو كلمة تزكية من مجهول، ولا يبدو أننا ندرك معنى الزواج رجالاً ونساء، وأقول هذا على خلفية ما أراه وأستشعره من خفة أو استخفاف في التعامل مع هذا الأمر الخطير، والرباط المقدس... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وربما يا أخي، لو بذلت جهداً لائقًا في الانتقاء لتجنبنا الموقف الذي نحن فيه اليوم، ولعلك لو تمهلت بعض الشيء، وقد تبين لك سوء اختيارك، ولكنك شئت الإنجاب منها، ربما لترد على اتهامها لك في فحولتك، فأصبح هناك طفلة لا ذنب لها، غير سوء تدبير أبيها، وسوء أخلاق أمها، إن كانت هذه ذنوب طفلة أصلاً؛ لأنها ليست مسئولة عن هذا أو ذلك.
والوضع الحالي أن لدينا هذه الطفلة، ووالدًا غاضبًا، وأمًا على ما تراه، والاختيارات أمامك واضحة، ولكل منها عيوبه.
الاستمرار في هذه الزيجة أملاً في إدارة أفضل لهذا البيت، وإصلاح أعمق وأنجح لتلك الشاردة التي تزوجتها. واختيار الاستمرار هو الأفضل للطفلة إذا أحسنت أنت إدارة الدفة بحكمة واقتدار. وكما تحدثنا في إجابات سابقة عن ترويض النساء للرجال، فإن هناك مهارات ترويض الشاردات الناشزات، وفيها قرآن يتلى، وخبرات متداولة، وتجارب معروفة.
وهناك خيار الاستمرار في الانفصال، وهو مريح لك، يشعرك بالراحة النفسية، وبالتخلص من تبعات سوء التقدير، ويعطيك فرصة جديدة لاختيار امرأة جديدة فيها عيوب أيضًا، فلا يخلو بشر من العيوب ولكن من نوع آخر.
ولا تبدو زوجتك هذه بقادرة على تنشئة الطفلة بشكل صحي وهي في بيتك، إذا كانت كما تصف أنت، فما بالنا وهي مطلقة تجلس في بيت أهلها، وفرصها في الزواج قليلة لضعف حالتها؟ وسيكون لهذا الضغط النفسي والاجتماعي آثاره على شخصيتها -غير السوية أصلاً- مما ينعكس على تربية الطفلة، ولا أظنك تستطيع التفاهم معها في تسيير دفة طلاق متحضر.
وهناك خيار النزاع القضائي، وفيه تسعى أنت إلى إثبات ما تزعمه عن زوجتك أو أم ابنتك؛ حتى إذا تأكد هذا في ضمير القاضي حكم بإسقاط الحضانة عنها لكونها ليست أمينة على تربية الطفلة، وعندها سيلزمك هذا بحسن اختيار الزوجة القادمة.
وهناك خيار مركب ومفتوح: وهو أن تعيد هذه الزوجة إلى عصمتك، وتعطي نفسك وإياها فرصة ثانية لعلكما استفدتما من الدروس السابقة، وسيكون عليك عند ذلك أن تنظر إلى ميزات زوجتك التي دعتك إلى نكاحها قبل النظر إلى عيوبها، والتفكير العميق والجهد المخلص في معالجة هذه العيوب، وتمرير الصغائر، والنواقص الصغيرة، وتجنب الإساءة، وسلوك الأشجار العالية التي يقذفها الناس بالحجر فترميهم بالثمر.
هذا الخيار سيحتاج منك تغييرًا جذريًا في أسلوبك وربما في شخصيتك؛ حفاظًا على طفلتك حتى آخر طاقتك، فإن نجحت اعتدل المسار وكثيرًا ما يحدث وطابت لك الأمور، وإن كانت الأخرى؛ فأحسن إلى أم ابنتك ولا تمسها بسوء قولاً أو عملاً، وسرحها بالطيب من العطاء لتحسن رعاية ابنتك حيثما تكون.(56/71)
في حالة الاستمرار أرجو ألا تتورط سريعًا في إنجاب جديد، وأرجو أن تكف عن لوم زوجتك وتذكيرها بمساوئ الماضي وأحداثه، فكل هذا في سبيل الإصلاح لغو عقيم يجلب الضرر ويعوق التغيير. وإذا كان اختيارك هو الانفصال، فأرجو أن تجمع بين كرم العطاء وسمو الأخلاق.
أعانك الله، وسدد في الخير خطاك، وألهمك الصواب على كل حال.
ـــــــــــــــــــ
الحب والزواج: المنطق مختلف والديانة ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب في السابعة والعشرين من العمر سافرت إلى تركيا قبل سبع سنوات لإكمال دراستي العلمية هناك.
بعد حوالي سنتين تعرفت على فتاة في نفس الجامعة التي أدرس فيها ووقعت في حبها، كما أنها هي الأخرى وقعت في حبي. قبل أن أتعرف عليها مررت بعلاقات كثيرة، ولكن ما شعرت به نحوها وحتى تلك اللحظة جعلني أشعر بجمال الحياة وهدفها. إنني أومن أن الحياة بلا حب ليس لها معنى، وما أعنيه بالحب هو كافة أنواع الحب، فما بالك بالحب بين رجل وامرأة؟
أعود إلى موضوعي، وإلى مشكلتي فبعد سنتين ونصف تخرجنا في الجامعة معًا وهنا بدأت المشكلة؛ فعندما قررنا أن نتزوج لم يوافق أهلي، والسبب أننا من ديانتين مختلفتين فأنا مسيحي وهي مسلمة، بالمناسبة هي أصغر مني بسنتين، ونحن متفقان كليًّا على كل شيء، ابتداء من الأولاد وانتهاء بكافة المفارقات الدينية التي قد تسبب بعض المشاكل على الصعيد الاجتماعي، أما على صعيد المستوى المادي والاجتماعي فنحن متقاربان كثيرًا. وبالنسبة لأهلها فهم ليسوا معارضين بل على العكس فهم متفهمون جدًا لعلاقتنا.
بعد أن أنهيت دراستي ونظرًا للظروف والضغوطات من الأهل قررت أن أعود إلى بلدي لأقوم بخدمة العلم، وفي هذه الأثناء لم نقطع علاقتنا، فاستمررنا في مبادلة الرسائل والاتصالات الهاتفية؛ حيث إنني نُصحت من قبل بعد الأصدقاء بأن المسافة والزمن قد يجعلانني أنساها، ولكنني على العكس فبُعدها عني زاد شوقي لها، ولم ينقص من حبي لها ولو ذرة كما هو الحال بالنسبة إليها.
والآن وبعد مرور سنتين ونصف على فراقنا عدت إليها؛ لكي نتزوج وأستقر في بلدها، ولكن أهلي ما زالوا مُصرِّين على موقفهم؛ بالرغم من أن أبي وأمي مثقفان فإن مجتمعنا لا يزال لا يتقبل الزواج من دين آخر، على الرغم من أنني لن أعيش في بلدي الأم، كما أنه لا يوجد مشكلة بالنسبة للزواج في تركيا بالنسبة لدينين مختلفين، فالزواج فيها مدني.
أنا أطلب نصحكم ومشورتكم، فأنا مُصرّ على الزواج بها؛ لأني مقتنع تمامًا بعلاقتي بها وبحبي لها كما هو الحال بالنسبة إليها، ولكني لا أريد أن أتزوجها بدون أهلي الذين يصرون على عدم حضور زفافي، بالرغم من أنهم في البداية لم يسمحوا بهذا الزواج فإنهم بعد ذلك وبعد أن رأوا إصراري وافقوا، إلا أنهم وكما قلت سابقًا لن(56/72)
يحضروا حفل زواجي، وبالنسبة إلى أهل الفتاة فلا أظن أنهم يحبذون فكرة عدم التقدم لطلب يد الفتاة من قبل أهلي.
فماذا أفعل؟ وفقكم الله على هذه النافذة القيمة.
ملاحظة: أرجو عدم ذكر اسمي إن أمكن. وشكرًا .
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم، نعم.. هكذا الحب يغلب العقل، واعتبارات المجتمع أحيانًا ليصل بالإنسان إلى صراع داخلي أو خارجي تكون عواطفه فيه في كفة، والنظم التي يعيش فيها في الكفة الأخرى.
لنا إجابات سابقة عن الزواج مع عدم موافقة الأهل، ونعتقد أن الإلحاح عليهم من شأنه أن يغير موقفهم، خاصة وأنت تبدو مُصِرًّا على مطلبك.
أنا فقط أريد تنبيهك إلى جوانب قد تكون خافية عليك، وعلى فتاتك وأسرتها.
يا أخي، أفهم أن منطق الحب يتسع لقلبين مشتعلين به رغم اختلاف الديانة فهو منطق تغلب عليه الاعتبارات العاطفية، أما الزواج فله منطق آخر يتداخل فيه العاطفي مع الاجتماعي والديني.
وكما تعلم أن المستقر طبقًا للشريعة الإسلامية أن المسلمة لا تتزوج بغير المسلم، ولو وقع مثل هذا الزواج لكان باطلاً من الناحية الدينية، وهذا يعني أن الإسلام يعتبر هذه العلاقة زنا، والأولاد أولاد زنا. وأحب هنا أن أتعرض لهذا الموقف الشرعي الذي يبدو للبعض قاسيًا،
لماذا يرفض الإسلام زواج المسلمة بغير المسلم، ويعتبر عقد الزواج - إذا تم - عقدًا فاسدًا، وأن الزواج بالتالي لم ينعقد؟!
أقول لك: إن الزواج شأن ديني واجتماعي، وإن النظام الاعتقادي في المسيحية يرى أن البشر صنفان: مؤمن وكافر، فمن يعتنق المذهب الأرثوذكسي – مثلاً – لا بد أن يعتقد أن هذا المذهب هو الحق، وأتباعه - فقط هم المؤمنون، وباقي البشر كافرون، وإذا لم يعتقد هذا صار هناك خلل في إيمانه.
وطبقًا لهذا، فإن هذه الفتاة - طبقًا لما ينبغي أن يكون عليه اعتقادك - كافرة، أو غير مؤمنة.
أما النظام الاعتقادي في الإسلام فهو ثلاثي التصنيف إن صح التعبير - فهناك المسلمون، وهناك الكفار، وهناك أهل الكتاب، أو فهناك أهل الذمة، وهم اليهود والنصارى على الأقل؛ لأن هناك من الفقهاء من أدخل معهم نحلاً ومللاً أخرى من باب القياس.
وطبقًا لما ينبغي أن يكون عليه اعتقاد فتاتك فأنت من أهل الكتاب، بمعنى أنك لست مسلمًا، ولست كافرًا. فإذا قلت: الأمر أهون من هذا بكثير، فأنا أعتقد أنها مؤمنة، وهي تعتقد ذلك عني، أقول لك: هذا خلل في الاعتقاد، والخلل في الاعتقاد أمر يخشاه(56/73)
الإسلام، ويربط بينه وبين الخلل في السلوك بقاعدة شهيرة تقول إنه: من لا دين له، لا أمانة له.
والإمام ابن حزم يقول: ثق في المتدين، ويقصد من أي دين؛ لأن له معالم وقيمًا يرد إليها، ويحاكم أو يخاصم في ضوئها، ولا تخلو حياة من أزمات أو خلافات. فإذا كانت هي طبقًا لعقيدتك كافرة، فهل من العدل أن توضع أنت في موقع مَن يسمح لزوجته بتنشئة أبنائه على الكفر؟!
وهل من العدل بالمقابل أن يحرم هؤلاء الأبناء من فرصتهم العادلة في التعرف على الإسلام بشكل محايد لمجرد أن والدهم غير مسلم؟! وهو القوّام في الأسرة طبقًا لمفهوم الإسلام وفلسفته وشريعته.
فهل تنزع منه القوامة؛ لأنه غير مسلم، أم نبقيها عليه مع ما يحمله ذلك من احتمالات حرج وخلافات مع راعٍ مسئول في بيته يسكت على ما يعتقده كفرًا؟!
إذا نزعنا القوامة منه أو أبقيناها فنحن بصدد أسرة مهددة مع أول خلاف، وأول منعطف، وأول أزمة مهددة بين الزوج وزوجته، أو الآباء والأبناء، وبدلاً من أن نبحث وقتها عن المخطئ أو المصيب يتحول الخلاف الأسري الاجتماعي إلى صراع ديني تتبادل فيه الاتهامات بالكفر، وتستخدم سلاحًا غير شريف، وأقوال حق قد يراد بها باطل، أو تستخدم مقدمة لظلم أحد الأطراف تحت شعارات دينية.
ولا تسمح المساحة هنا بالاستطراد في شرح أن الوضع لا يكون هكذا إذا تزوج المسلم من كتابية فهي في اعتقاده ليست كافرة، ولا يستطيع أحد اتهامها بهذا طبقًا للإسلام، كما أنه يكون القوام في الأسرة، فيكفل الحرية والرعاية لها، آمنت بالإسلام، أو ظلت على اعتقادها.
الخلاصة يا أخي، أنك قد تتفق مع فتاتك على الزواج وعلى ترتيب كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، وقد تحصل على موافقة أهلك كما حصلت على موافقة أهلها، وقد تنجح الزيجة- رغم بطلانها شرعًا - لبعض الوقت، لكنها تبقى مهددة فوق برميل بارود ينتظر شرارة بسيطة لينفجر.
أرى أن موقف أهلك أكثر حكمة من موقف أهلها، وأرى أنك في حاجة إلى مراجعة الأمر برمته؛ لأن مسئولياته هكذا كبيرة، ومعاركه كثيرة، ومستقبله أقل ما يقال فيه إنه محفوف بمخاطر شديدة.
ـــــــــــــــــــ
الزواج بالإكراه.. الحكمة هي الحل ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم.. أريد أولاً أن أشكركم على هذا الموقع، وأتمنى من كل قلبي أن ينجح إن شاء الله.
مشكلتي هي: هل أستطيع أن أتزوج من فتاة لا أحبها؟ الفتاة ابنة عمي، وأبي قد قرر منذ ولادتها أنني سأتزوجها.. أنا أكرهها، ولا أتخيل أنها ستكون يومًا زوجتي، وأيضًا لا أستطيع أن أقول: "لا.." لوالدي. وأخاف إذا تزوجتها أن أعصي الله وأرتكب الزنا.. فماذا أستطيع أن أفعل؟
... المشكلة(56/74)
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... حجر الزاوية في حالتك هو استقلالك الاقتصادي عن الوالد، فأنت رهن قراراته طالما كنت محتاجًا إليه. فإذا كنت معتمدًا على نفسك في تدبير شئون حياتك سيعطيك هذا الفرصة في أن تقول: لا للزواج بالإكراه.
المبدأ نفسه مرفوض يا أخي الكريم؛ مبدأ أن يقرر أحد لأحد مسيرة حياته في أخص شئونه، ومستقبل أيامه.
تحدث مع عمك أولاً – بهدوء وحكمة – وقل له: إنك لا تريد أن تربط مصير ابنته بمستقبلك أو تجبرها على ارتباط قد لا ترغب هي فيه، وحاول إيصال هذه الفكرة إليها، ولو بشكل غير مباشر. فإذا جاء الرفض من ناحيتهم؛ فسيضعف هذا من إصرار الوالد.
تبقى نقاط ثلاث جديرة بالانتباه:
الأولى:
قد يكون جيدًا أنك تريد ألا تصدم والدك برفضك، وأرجو أن يكون منبع هذا الموقف هو أنك لا ترغب في إغضابه، لا أنك لا تستطيع الدفاع عن حقك.
وغريب أنك – بغض النظر عن السبب – تمتنع عما يبدو عصيانًا للوالد، بينما تتخوف من الوقوع في الزنا، بمعنى أنك لا تحدثك نفسك بعصيان الأب، ولكنها – في الوقت ذاته – تحدثك بعصيان الرب!
ما هذا يا أخي؟!!
إذا وقعت في الزنا اليوم أو غدًا لسبب أو لآخر، فأنت المسئول عن عملك أمام الله، وأمام الناس. لا أظن أننا بصدد مثل هذا الاختيار الحاد؛ حيث رضا الأب في كفة، ورضا الرب في الأخرى. وحتى إذا وصلنا إلى هذه النقطة أظن أن الاختيار ينبغي أن يكون محسومًا.
النقطة الثانية:
أرجو أن تراجع موقفك من ابنة عمك، بعيدًا عن ضغط الوالد، وتحاول النظر إليها بشكل منصف ومحايد؛ فقد تجد فيها من الميزات والإيجابيات ما كان خافيًا عليك، محجوبًا عنك وراء المشهد الظاهر للأمور، وحذار أن يكون رفضك لها بسبب أن الوالد يرشحها، ويفرضها عليك، فعند ذلك يكون هذا الرفض منطويًا على ظلم لها بسبب لا يد لها فيه.
والنقطة الثالثة:
أن تحاول فهم منطق أبيك في رغبته هذه؛ لأنك إن فهمت هذا المنطق؛ فسيفيدك هذا سواءً إن اقتنعت به – وهذا احتمال يظل واردًا – أو حتى إذا أردت مواجهته بشكل راشد لا يعطي المسألة أكبر من حجمها، فالأمر في أسوأ الأحوال يجب أن يظل في إطار اختلاف الأذواق ووجهات النظر، دون أن يتحول لمعركة دامية دون داع.
تطويق احتمالات توسيع الصدام لن يكون إلا باستقلالك الاقتصادي التام في أقرب فرصة.(56/75)
تمنياتنا لك بالتوفيق، ورزقك الله الحكمة، وتابعنا بأخبارك..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة وعقد القران.. تساؤلات في المبدأ ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فإن من الواجب علي ابتداءً أن أعبر لكم عن خالص شكري وامتناني لما قدمتموه لي من نصح سديد وإرشاد نافع عندما أرسلت إليكم مشكلتي فعنونتموها باسم: "السؤال الحائر ..الحب وأشياء أخرى" فقد أنرتم لي الطريق؛ وعرفت وجه الصواب في توجهي نحو مسألة الزواج، فألف شكر للأخ الدكتور أحمد عبد الله بشكل خاص على إرشاده ولطفه، ولفريق مشاكل وحلول بشكل عام ... ولكنني أجد في نفسي رغبة ملحة لأستشيركم في مسألة خاصة/ عامة في الوقت نفسه، وهي الخِطبة لفترة طويلة كسنتين مثلًا، وذلك في حالة الرغبة في الزواج مع الحاجة لهذه الفترة الزمنية لإتمام مستلزمات الزواج المادية، وأهدف من الخطبة تحقيق السكن النفسي والعاطفي، وإيجاد شريك مستقبلي تتبادل معه الأحاسيس والعواطف، فهل هذا أمر حسناته أكبر من سيئاته ؟ أم العكس هو الصحيح؟! خصوصًا أن أحد الأفاضل خوفني من تشتيت الخطبة الطويلة لتركيز الخاطبين في العمل والدراسة؛ واستثارتها لمكنون النفس العاطفي بدلا من تهدئته، فلا أدري إن كان كلامه صحيحًا أم لا؟ وأضيف في هذا المقام أنني لا أقصد فتاة بعينها، أخاف أن أُسبق لها فأريد خطبتها لأكون السابق، بل أقصد مبدأ خطبة أي فتاة، مع ملاحظة أنني لا أقصد بالخطبة مجرد الوعد بالزواج ، فالسائد عندنا أن الشباب الملتزم – جعلني الله منهم – إذا استقر اختياره على فتاة فخطبها وتم الأمر فعليه أن يتعجل إجراء عقد الزواج فوراً حتى قبل أن يلبس عروسته شبكة الخطبة، وذلك للخروج من أي محظور شرعي قد ينشأ عن علاقة الخطيبين، هذا ما أقصده فما رأيكم دام فضلكم؟ بيد أنني أعرض عليكم مشكلة متفرعة عن قضية الخطبة لها جوانب شرعية واجتماعية وملخصها أن الشاب الخاطب وقد تم عقد قرانه على خطيبته يشعر بأنها زوجته فعلًا وإن لم يدخل بها بعد، فربما قصد أن يستمتع بها بعض الشيء، دون الجماع بالطبع ... ظاناً أن هذا من حقه شرعاً ولا غبار عليه، بيد أن علماء الشريعة – وهذا اختصاصي – مختلفون حول ذلك، بعض معلمينا الأفاضل الذين استشرتهم قالوا: إنها زوجته شرعًا وعرفًا ولا مجال للومه على ذلك، بيد أن آخرين يرون غير ذلك حتى عدم جواز الخلوة بين الخاطبين وإن عقد قرانهما وذلك من باب سد الذرائع، وملحظهم في ذلك ما قد يترتب على تلك الخلوة من آثار خطيرة على الفتاة بوجه خاص؛ فيجب درء تلك الأخطار، ويستشهدون بحادثة مشهورة وقعت في الأردن حيث كان أحد الشباب خاطبًا لفتاة وعقد قرانه عليها، وأصبحا يخرجان سوياً ويختليان، ثم إن ذلك الشاب توفاه الله في حادث قبل أن يدخل بزوجته، فما مرت بضعة أسابيع حتى ظهرت علامات الحمل على تلك الفتاة، وقالت: هو من زوجي المتوفى، فما كان من أهل ذلك الشاب إلا أن أنكروا ذلك الحمل، ورموا الفتاة المسكينة بالزنا! فكيف لها إذن أن تثبت دعواها، وهي غير مدخول به؟! فيقول هذا(56/76)
الفريق من علماء الشريعة: فدرء هذا الاحتمال واجب، ويكون بمنع الخلوة بين الخاطبين وإن عقد قرانهما!! فما ترون في ذلك؟ مذكراً أنه يوجد فرق كبير بين الفتاة المدخول بها وغير المدخول بها من حيث وجوب نصف المهر للمطلقة غير المدخول بها، والمهر كاملاً للمطلقة المدخول بها، وغير ذلك من الفروق، وبإجمال لما سلف ذكره:
1 ـ ما هي إيجابيات وسلبيات الخطبة طويلة الأمد مع عقد القران؟
2ـ ما هي حدود العلاقة المسموح بها لمن عقد قرانه على زوجته ولم يدخل بها بعد؟
وشكراً ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ الكريم، رغم أننا نحب التركيز في حل المشكلات المحددة المتعلقة بحالات محددة دون كثير اهتمام بالظواهر الاجتماعية، والأسئلة العامة، إلا بما يخدم التفاعل مع الحالة التي أمامنا، رغم هذا فسأجيب عن تساؤلاتك؛ لأنها ربما تجيب عن حيرة آخرين.
بالنسبة للخطبة طويلة الأمد فلا يمكن التعميم على كل الحالات والمجتمعات، والموضوع كما تكرمت شارحاً يبدو مركبًا لا يصلح معه وضع قاعدة عامة، ولكن ننظر في ظروف الطرفين من حيث السن والطباع واستعدادات الأهل نفسيًّا وماديًّا واجتماعيًّا، هذا هام وأرى أن الحد المعقول من التعارف بين الزوجين قبل الدخول من شأنه أن يجنبهما العديد من العثرات بعده، وهذا التعارف لا يتحقق – في بعض المجتمعات – إلا بالخطبة والارتباط؛ لأن المجال العام في هذه المجتمعات يغلب عليه الانفصال بين حركة الجنسين بحيث يكون أي احتكاك أو تفاعل مباشر بينهما مستنكراً ومتعسّفا – بفتح السين وتشديدها – فتكون الخطبة عند ذلك هي السبيل للتعارف والتواصل الذي إن أنتج نفوراً متبادلاً – في أسوأ الأحوال – يبقي أمر العلاقة قبل الدخول أقل ضرراً، وفي خطبة كهذه فإن الاحتياط واجب، والسلامة لا يعدلها شيء كما يقول الإمام النووي رحمه الله، وسواء انعقد القران أو لم ينعقد فإنه ينبغي الاحتراز من الوقوع في تجاوز مستوى ما تتيحه صيغة الارتباط.
فإذا كانت الصيغة مجرد الوعد بالزواج بقراءة الفاتحة، أو لبس الشبكة فقط فإن المتاح يكون هو اللقاء في وجود محرم، أو الخروج في وجود الأسرتين أو أفراد من هنا أو هناك "أقصد من أسرة الفتاة"، وإذا انعقد القران نظرنا هل نحن بصدد طرفين تلعب بقلبيهما عاطفة جامحة يُخشى معها استباق الأحداث، وتطورها الطبيعي في مجتمع لا يعترف بالزواج إلا بعد الدخول أم نحن في ظروف أخرى بالنسبة للطرفين والبيئة المحيطة، والأمور تختلف من مكان لآخر.
لذلك أكرر وأؤكد أن القواعد العامة لا تصلح هنا، ومراعاة العرف السائد من توجيهات شرعنا الحنيف الذي من فلسفته أن يعترف بالتعدد والتنوع في التصورات والممارسات طالما كانت في إطار المباح، لا أن يتصادم - دون ضرورة - مع مألوف حياة الناس وتنظيمهم لشئون عيشهم، ويبقى الإنسان أمير نفسه يستفتي قلبه-(56/77)
في إطار المباح- ويختار ما يجعل حياته خالية مما يشوبها أو يُعكِّر طهرها برعونة أو خفة عقل أو قلة نضج، مما قد يجلب سعادة لحظة، أو لذة ساعة ثم يعقبها ندم يدوم أو ألم يؤذي نفسه أو من يحب. وأهلاً بك.
ـــــــــــــــــــ
حائر بين قلبي وأهلي ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
أعمل والحمد لله في الخليج وراتبي 3000 ريال، خطبت ابنت عمي وعقدت عليها ولم أدخل عليها ورغم أن خطبتي لها كانت في بداية الأمر صعبة من طرف أهلي بسبب الكره الذي بين عمي وأبي قديماً، ولكن من طرف أهل زوجتي لم يكن هناك إلا الخير والحمد لله، وبعد خطبتها قال لي أهلي إن الزواج بعد 5 سنوات وزوجتي تدرس الآن في الثانوي العلمي ثم قالوا لي الزواج بعد الثانوية العامة وهي الآن بعيدة عني ولم أصبر على بعدها لا أنا ولا هي أيضاً بقولها لي على سماعة الهاتف أنها تريد أن نتزوج هنا في الخليج وتكمل دراستها في الخليج حيث أن شهادة الثانوية العامة في سوريا صعبة جداً وتحتاج إلى عمل دورات في المواد العلمية كافة وهذا مكلف إن كانت تريد النجاح بمعدل مقبول وإلا لم تعمل دورات دراسية فلا تستطيع النجاح من أول مرة وهذا حال كل طلاب سوريا فاقترحت علي مع مشاورة أهلها على أن تأتي إلى الخليج وتكمل دراستها، حيث أن الوضع النفسي والانشغال الفكري لها يكون أفضل والوضع الدراسي هنا أسهل إن شاء الله تستطيع النجاح، فكيف اتصرف لا أعرف خاصة وضعي مع أهلي وكرههم لبيت عمي من طرف أبي فقط وبعض الأحيان آراه متسامحاُ حيث أني قلت له إن كنت لا تريد هذه البنت فسأطلقها فرفض ذلك وكان طيباً في جوابه معي وبعض الأحيان آراه منزعجاً ويقول كون نفسك أولاً وبعدين نفكر في الزواج وخاصة أنت بعد 3 سنوات مطالب بدفع ضريبة بدل الخدمة العسكرية والتي تبلغ 250 ألف ليرة سورية، وأنا الآن لا أعرف كيف اتصرف رغم انشغال فكري بزوجتي وانشغالها بي أكثر فأخبرتني أمها أنه من الأفضل أن نسرع في الزواج. كيف اتصرف مع أهلي وخاصة وضع أبي حيث أنه عصبياً وأنا لا أريد أن أكسب غضبه وزعله مني وجزاكم الله عنا خير الجزاء. ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... قال الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه: "إن صح منك العزم أٌرشدت للحيل" ويكون الإرشاد إلى الحيل ( وهي غير الخداع المرفوض أو المكر السيئ)، بإلهام من الله، أو بنصيحة من أحد خلقه.
والمطلوب هنا ألا تغضب والديك، وتأخذ زوجتك إلى بيتك في أقرب فرصة، وهذا حقها وحقك، ولا معنى للانتظار إلا من باب ما يقوله والدك عن ادخار مبلغ ضريبة الخدمة العسكرية، وهو ليس بالمبلغ الضخم إذا ما تم توزيعه على السنوات الثلاث المتبقية.(56/78)
تحدث إلى أبيك حديث رجل لرجل، وأقنعه بأن الراحة النفسية والاستقرار العاطفي الذي سيتحقق بإتمام زواجك هو الكفيل بتحقيق الإنجاز العملي والاقتصادي المطلوب، وستستطيع باللين والإصرار، والحكمة واللطف أن تحوز رضا الوالد والوالدة ولا أظن أن أهل زوجتك يمانعون في إتمام الزواج في أقرب وقت وتهانينا لك.
ـــــــــــــــــــ
التمهيد للزواج.. نصائح أصدقاء السوء ..مشاركة ... العنوان
الخطبة ... الموضوع
مشاركة ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... لقد أثار انتباهي المشكلة المنشورة علي صفحتكم بعنوان " التمهيد للزواج.. نصائح أصدقاء السوء " بتاريخ 28 سبتمبر والتي يسأل فيها أحد الشباب عن مدي صحة نصائح أصدقائه له بأن يمسك يد خطيبته ويحاول تقبيلها وذلك لكي تعتاد عليه وتصبح بينهما آلفة ولا تخجل منه بعد الزواج ، ورغم شعوره بالذنب لمجرد تفكيره في هذا الأمر لأنه بذلك سيصبح خائنا لأبيها الذي ائتمنه علي ابنته ولكنه يفكر بشدة في تنفيذ نصائح أصدقائه لكي يحطم حائط الكسوف بينه وبين خطيبته ، و إذا سمحتم لي أود أن أشارك معكم في الرد علي هذا الشاب ... يا صديقي، أرجوك لا تغضب مني إذا قلت لك: إنني متأكد أنه لا يوجد أصدقاء يحرضونك على ما تقول، ولكنك تكرر ما يتردد بداخلك، ولكن بصوت عالٍ.. لتسأل نفسك يا صديقي: لِمَ شعرت بالإحراج والخجل مما جعلك تنسب كلماتك لأشخاص آخرين؟ لأنك تعرف أن الخطأ واللوم ينصب عليك.. إذا كنت تحترم خطيبتك، والتي ستصبح زوجتك عن قريب فلِمَ ترضى لها هذا الموقف؟ والزواج ليس مجرد رباط جنسي بين رجل وامرأة.. أنت تستشهد في اتجاهك لنا بخلفيتنا الإسلامية، وهذا يعني أن داخلك يرفض بشدة ما تحرضك نفسك عليه بدليل أنك اتجهت إلى من سيرفض أهواءك التي لا تمت للدين بصلة، وباعترافك أنت نفسك تقول: إنك ستصبح خائناً لها ولأخيها صديقك ولأبيها الذي ائتمنك على ابنته.. ارتباك خطيبتك عندما مسكت يدها دليل على خجلها الذي من المفروض أنه تاج يزين كل فتاة، ودورك أن تفخر به لا أن تحاول خلعه عنها لتنزل بها من عرش العفة والحياء إلى مدارك لا يعلمها إلا الله .. لِمَ تُقحم نفسك في وساوس مستقبلية قد لا تقبل أنت حتى لو حاولت إقناع نفسك بأنك الذي أخضعتها أو أنها كانت تفعل ذلك لك وحدك؛ لأنها تحبك وغير ذلك من مداخل الشيطان إلى النفوس.. أنت يا صديقي، تعلم حل مشكلتك.. التي اصطنعتها أنت من الأصل.. الحقيقة أنه لا مشكلة لديك، بل حب زائد ورغبات تريد تبريراً لها.. ابتسم واحمد الله على ما رزقك ولا تستعجل الأمور ولا تنس إخبارنا بموعد زفافك. ( ملحوظة ) ..لمزيد من التفاصيل يمكنكم مراجعة المشكلة الأصلية وهي بعنوان " التمهيد للزواج.. نصائح أصدقاء السوء " بتاريخ 28 سبتمبر وعنوانها الإليكتروني هو : http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID1286(56/79)
ـــــــــــــــــــ
مريضة السكر ... هل هي زوجة مزعجة ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
أرغب في الزواج، وقد زكَّى لي أحد أصدقائي فتاة سألت عنها؛ فعلمت ما يُسِّر من حسن أخلاقها وتربيتها ومميزاتها هي: أولاً ذات دين "فيما يبدو" من سلوكها ولبسها، ثانيًا: المستوى التعليمي والخلقي ممتاز، ثالثًا: المستوى الاجتماعي مناسب جدًّا أما عيوبها فهي: أولاً: عندها السكر، وهو فيما يبدو مرض وراثي، حيث علمت أن السكر لا يصيب في هذه السن إلا إن كان وراثيًّا، وهذا ما أخشاه أن يؤثر على أبنائنا أو يمنعها من الإنجاب، كما أخشى أن تكون بحاجة إلى معاملة خاصة وعناية خاصة تزداد مع تقدم العمر، ثانيًا: لا أعلم شيئًا عن شكلها فهي ترتدي النقاب وأخشى ألا تروق لي، صراحة إن أكثر شيء يؤثر في قراري هو موضوع مرضها.
ملحوظة: والدي مصاب بالسكر في سن متأخرة، وأخي على عكسه، حيث تقل نسبة السكر عنده عن الوضع الطبيعي، رجاء سرعة الرد، وجزاكم الله خيرًا.
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... المسألة ليست في إصابة هذه الفتاة بمرض السكر، وهل هو وراثة أم لا؟! وهل سيورث إلى الأبناء أم لا؟! المسألة هي مدى رغبتك في الارتباط بهذه الفتاة.. والتي يبدو من رسالتك أنها جاءت عن طريق الترشيح، فلا يوجد ارتباط عاطفي معين بينكما، ولكن يوجد قلق من مسألة مرضها.
ما نريد قوله: إنه في حالة وجود الارتباط العاطفي فإن ذلك يكون سببًا للسيطرة على القلق، أما في حالة الحسابات العقلية فإنه لا داعي لخوض تجربة يكون القلق أحد أسسها.
إننا نقصد أن الفتاة ليس لها ذنب في مرضها كما أنه ليس مناسبًا أن ترتبط بشخص يشعر بالقلق من ناحيتها، حتى قبل أن يرتبط بها خاصة وأن المرض فعليًّا قد يحتاج إلى بعض العناية الخاصة التي لو لم يكن هناك رضاء كامل وقبول تام من الزوج أو شريك الحياة للوقوف بجوار صاحبه، فإننا نكون بصدد مشكلة أو مشاكل لا داعي للخوض فيها أصلاً إذا لم يكن هناك دافع قوي لحدوث هذا الارتباط.. إنني كلما جاءني أحدهم يسألني سواء لخوفه من الارتباط بقريبة له خوفًا من الأمراض الوراثية أو لوجود مرض وراثي في العائلة، أبادره بالسؤال: هل يوجد ارتباط عاطفي؟! فإذا أجاب بالإيجاب؛ تكون الإجابة: توكل على الله وارتبط بمن تحب؛ فإن مسألة توريث الأمراض ليست بالأمر المؤكد، ولها حسابات واحتمالات يقدرها الله عز وجل.
ونتعقد أن رؤيتك للفتاة ضرورية، ومن حقك، فانظر إلى وجهها يا أخي ودع أخواتك البنات ووالدتك ينظرن إلى ما هو أكثر، فإن راقت لك ووقعت في قلبك موقعًا حسنًا، فتوكل على الله، وإلا فلا تدخل في مشروع زواج على أساس مختل من القلق وغياب العاطفة والسلام.
ـــــــــــــــــــ(56/80)
في عالم النساء.. حائر وعاجز عن الاختيار ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي تتلخص في أنني كلما تعرفت على فتاة رغبت في التقرب منها، وأن تكون لي وحدي دون سائر الناس، وأحس أني أحبها، وأنا الآن أعرف أكثر من فتاة، وكل واحدة لا تعرف عن الأخرى شيئًا، وأحس أني أحبهن جميعًا، وأنا أشعر بالذنب لذلك، ولكني لا أستطيع المقاومة، أرشدوني للحل.. ولكم جزيل الشكر ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... إن حل مشكلتك يكمن في سؤال بسيط، يبدو أنك لم تواجه نفسك به، أو أنك لا تريد أن تواجه نفسك به، وهو: ماذا أريد من علاقة الحب بأي فتاة؟!
إن علاقة الحب في مجتمعنا –وقد وصلنا شعور، من خلال رسالتك، أنك تحترم تقاليده وأعرافه- وسيلة وليست غاية.. إنها وسيلة للارتباط واختيار شريك الحياة.. ويترتب على ذلك أن يحدد الإنسان مواصفات شريكة الحياة التي يرتضيها لنفسه، حتى إذا رأى فتاة وتحركت مشاعر الحب في نفسه نحوها؛ سأل نفسه هذا السؤال الحاكم: هل هذه هي الفتاة التي تصلح شريكة لحياتي؟ وبذلك لا يتحول قلبه إلى مستودع كبير، يجمع فيه الفتيات من كل الأصناف والألوان.
إن الله خلق في الرجل ميلاً فطريًّا نحو النساء، ولكنه وضع لهذا الميل حدوداً وقواعد، وصاغه في نظام الزواج، وجعل للرجل صاحب الميل القوي الحق في الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة.. بعدل ومسئولية، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم الظالمون العادون، هذه هي القضية ببساطة وبدون لف أو دوران.
أما إذا كنت تبغي التسلية والمتعة والإثارة فنحن نبشّرك بأنه لن تكفيك نساء العالمين، ولو لهوت بهن ولعبت، فكلما تعرفت واقتربت واشتهيت أكثر وأكثر فلن تصل إلى الإشباع أو الارتواء؛ لأن من آيات الله أن جعل لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها.. أي لنرضى بها وتشبع نفوسنا فنسكن.. أما من غير هذا الطريق فلا سكن ولا راحة.. مع شعور ضاغط بالذنب لمن كان عنده بقية من ضمير أو شعور.
حدد مواصفات شريكة حياتك.. وبناء عليه احسم علاقتك مع من تنطبق عليها تلك المواصفات.. واجعل نيتك لله عز وجل وتابعنا بأخبارك.
ـــــــــــــــــــ
ليست متدينة ... ومن نفس القبيلة ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
المشكلة تكمن في أنني شاب مقبل على الزواج، وقد اخترت فتاة مؤدبة، وذات أخلاق لا بأس بها، ولكنها ليست متدينة، وآمل في المستقبل أن أغيرها للأفضل إن شاء الله، وهي من نفس القبيلة، فبماذا تنصحونني، هل أتم الزواج أم لا؟؟ ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...(56/81)
...
... كما قررنا سابقًا فليس دورنا أن نأخذ القرار نيابة عن أحد، فليس دورنا معك أن نقول لك: نعم، استمر، أو لا تستمر، ولكن دورنا أن نضيء لك الطريق ربما ببعض التساؤلات التي تجعلك تفطن لبعض الأمور التي تساعدك في اتخاذك القرار بنفسك، خاصة وأن رسالتك مختصرة جدًّا، واكتفيت فيها بوصف خطيبتك بأنها "غير متدينة" ولم توضح لنا: ماذا تعني بهذا التدين الذي يختلف فهمه من شخص إلى شخص ومن حال إلى حال ومن مكان إلى مكان؟! ونحن نسألك:
1- هل عدم التدين وصل إلى ترك الفرائض مثل الصلوات المفروضة وما إلى ذلك.. أم أنك تقصد لبس الحجاب؟
2- هل تحدثت معها في مظاهر عدم التدين التي رأيتها ونبّهتها إليها وحصلت منها على وعد بتغييرها؟ أم هو مجرد تصور لديك أنها ستتغير؟
إن كثيرًا من الفتيات يرفضن التغيير بعد الزواج، ويكون ردهن على أزواجهن: لقد كنت تعلم حالي قبل الزواج وقبلت به فلماذا تريد تغييري الآن؟
3- يبدو أنك قلق بخوص هذه النقطة بدليل سؤالك، ونذكرك بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" ونعلمك أن ذلك لا يعني أن تغفل بقية العوامل الأخرى، ولكن أيضًا يجب ألا تغفل وصية الرسول، ولكن بعقل واتزان وموضوعية، دون سطحية.
ـــــــــــــــــــ
مرفوض للزواج ... ما هي الأسباب؟ ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فأسأل الله العلي القدير أن يعين المقيمين على هذا الموقع لما فيه الخير للإسلام والمسلمين، وبعد أنا شاب يحاول قدر الاستطاعة أن يلتزم بالإسلام كلامًا وفعلًا، سني 32 سنة، وغير متزوج، مشكلتي هي أنني كلما تقدمت لخطبة إحدى الأخوات؛ أقابل بالرفض، علمًا بأنني لا أشكو من أي مرض، أو أي شيء يمنعني من الزواج، وأنا والحمد لله شاب متدين، مقصر في حقي ربي، ولكنني أسأله دومًا أن يعينني على حسن عبادته، مطلبي الوحيد هو الدعاء لي بأن أجد النصف الآخر؛ حتى أحصن نفسي، فقد تعبت من العيش وحيدًا، وأخشى على نفسي أن أنقاد وراء الشهوات، وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، سؤالك تنقصه تفاصيل كثيرة، فما هي المواصفات التي تبحث عنها في زوجة المستقبل؟
وما هي أسباب رفض من تقدمت إليهن للزواج؟!
ما هي إمكانياتك المادية من شقة وخلافه ... إلخ؟(56/82)
يا أخي، الباءة في الإسلام هي استطاعة الزواج ماديًّا وصحيًّا وغيرها، فهل أنت تملكها؟!
وما هي أسباب الرفض المستمر إذن إذا كنت تملكها؟!
وفقك الله ورزقك الزوجة الصالحة.
ـــــــــــــــــــ
تخاليط خجل ورغبات ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
المشكلة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فأنا مسلم ملتزم وكذلك عائلتي ولله الحمد، عمري 26 سنة، وعلى درجة من الثقافة العامة يشهد لها الجميع ... لدي مشكلتان لا شك أنكم تملكون حلهما بإذن الله وهما: 1) أنا خجول من الجنس الآخر بشكل غير طبيعي ، وكان هذا معروفًا عني منذ دراستي الجامعية، وبعد أن استلمت عملًا عانيت من نفس المشكلة ... يحمر وجهي عند الحديث مع أي فتاة من غير المحارم؛ إحدى الزميلات اشتكت لشقيقتي مني، وقالت لها: إن أخاك خجول أكثر مما يجب، وعندما يتحدث مع الفتيات يحمر وجهه ويكون متحفزًا، ولقد صدقت الفتاة في وصفها؛ فكيف أقضي على الخجل الزائد عن حده.؟
2) أمي ولله الحمد ربتني تربية سليمة وغمرتني بالحنان والعاطفة، فوالدي استُشهد منذ صغري، ولكني أرغب في الجنس بشكل مخيف، ولا أرتكب الفواحش الكبيرة، ولكني أمارس العادة السرية أحيانًا، وأصوم وأقرأ كثيرًا؛ لأخفف من ذلك، المهم هو أنني لا أشعر بعاطفة الحب تجاه أي فتاة، والسبب هو شبعي من حنان أمي على ما أظن، وعندما أفكر في فتاة كزوجة يكون تفكيري جسديًّا واجتماعيًّا وعلميًّا، أي أنظر لجمالها وكيف سأمارس الجنس معها، ومن أي عائلة هي، وما هو مستواها التعليمي، وعن تدينها بطبيعة الحال .. فكيف أفكر في الحب والعاطفة، فأنا معروف لدى أصدقائي كماكينة بشرية لا عواطف أو أحاسيس لديها رغم علم الجميع بحقيقة حبي لديني وأهلي وأصحابي ووطني، لكن لا حظ لأي فتاة في قلبي فما العمل؟
... المشكلة
د. أحمد عبدالله / د. عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، حديثك يخلط الطبيعي بالمرضي، وتربيتك يتيماً، وعدم اختلاطك بأقرانك، وأسباب أخرى ربما تكمن وراء خجلك الزائد من الجنس الآخر، ولا حل لذلك إلا بالتدريب التدريجي مع التشبع بقناعات صحيحة عن حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الشرع الحنيف لتتضح الفوارق بين الحياء المطلوب والمحمود، والخجل المذموم، وجزء مهم من تعديل سلوكك أن يعتدل ويتوازن تفكيرك تجاه النساء بشكل عام فمن الطبيعي أن تفكر في زوجة المستقبل بوصفها جسداً وعقلاً وديناً وأسرة، ولكنها أيضاً لها قلب يخفق، وعاطفة تتحرك، وللقلب أحكام، وللعاطفة مكان ودور، وقد كان المصطفى الكريم -صلى الله عليه وسلم- يحب السيدة خديجة -رضي الله عنها- طوال حياتهما الزوجية، وظل حبه لها مستمراً حتى(56/83)
بعد موتها، الأمر الذي أثار غيرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ، ثم إنه كان يحب عائشة أكثر من الباقيات، ويقول حين يعدل بين زوجاته في الماديات: اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فاغفر لي ما لا أملك "يقصد الميل القلبي".
وبعض الناس تتغلب عنده العاطفة على العقل، وآخرون يحدث لهم العكس، والتوازن أسلم، والسلامة لا يعدلها شيء.
لقد اختلطت دوائر الحب في نفسك وأدت إلى ما تعانيه، ونقصد بذلك أن الكثيرين يعتقدون أن الحب هو نوع واحد فقط يعطونه للناس حولهم بنفس الشكل وبنفس القدر، وعليه فإن أعطوه لأحد فربما لا يجدون ما يعطونه للآخرين، ولتوضيح الأمر بالنسبة لك فإنك لم تفرق بين عاطفتك وحبك لأمك، وعاطفتك وحبك لأي فتاة.. اختلط النوعان في نفسك، وأضفت من كل نوع بعض صفات النوع الآخر عليه.. إن أمك قد غمرتك بالحب والحنان على حد وصفك، وتعلقت أنت بها وأحببتها واعتبرت أن أي حب أو عاطفة ناحية أي فتاة أخرى هو انتقاص من هذا الحب الكبير الذي تشعر به، وأنه ولا بد وأن يكون خصماً من رصيد حبك لأمك؛ ولذلك فأنت تشعر بالقلق عندما تتعامل مع أي فتاة وهو ما يترجم في صورة الخجل واحمرار الوجه.. إنك في الواقع تخاف أن تنجح هذه الفتاة في أن تحصل على حبك، وبذلك تكون قد خنت حب أمك؛ فتحتمي وراء الخجل وحمرته حتى لا تعطي لنفسك فرصة الحب.. ويترتب على ذلك أن تقوم بعملية قمع لأي عاطفة تحاول أن تنمو ناحية أي فتاة، ولكنك بعدما قمت بعملية القمع هذه وجدت نفسك لا تفكر إلا بالطريقة الجسدية التي ذكرتها وهو تفكير طبيعي؛ لأنه يمثل الجناح العقلي في المسألة، ولكنك تحرمه من جناحه العاطفي الذي لا بد منه التحليق بطائر الزواج إلى عالمه الصحيح.
والحل ببساطة أن تدرك أن الحب أنواع وأشكال مختلفة، فهناك حب الأم أو الوالدين، وهناك حب الزوجة أو رفيقة الحياة، وهناك حب الأصدقاء، وهناك حب الأولاد، وهناك حب الله ورسوله، وحب القيم العليا.. إنها دوائر مختلفة من الحب تتكامل وتتآلف ولكن لا تتنافر.. قد توجد مساحات مشتركة ونقاط تماس بين هذه الدوائر، ولكنها تؤدي إلى تقوية باقي الدوائر وليس إلى الخصم منها، وفي حالتك أيضاً نقول: إن حبك لأمك شيء ودائرة خاصة، وحبك لزوجتك أو لمن سترتبط بها نوع آخر وطعم أخر له مصدره الخاص به، وله منشطاته ومستوياته البعيدة تماماً عن دائرة الأم.. إن الأم قد أعطتك وتعطيك أشياءَ لا تستطيع الزوجة أن تعطيها لك، وتترجم في نوع خاص من الحب، لا يجب ولا يصح أن يقارن بحب الزوجة التي تعطي أشياء أيضاً خاصة لا تستطيع الأم أن تعطيها لابنها، ويترجم هذا الحب في صور وأشكال لا يمكن أن يترجم لها حب الأم، هذه هي المسألة نوع ونوع.. دائرة ودائرة ... صورة وصورة؛ فلا تخشى على حبك لأمك من حبك لفتاتك وشريكة حياتك.. بل العكس هو الصحيح، فعندما تحب فتاتك وشريكة حياتك فيكون هذا هو النمو الطبيعي، ونحب الآخرين لأننا تعلمنا الحب من ذوينا وممن أحبونا، فإذا لم يترجم الحب الذي حصلنا عليه من الآخرين إلى حب جديد في اتجاه أناس جدد فإنه حب عقيم، وما استحق أن يوصف بالحب بل يوصف بأنه عاطفة أنانية؛ لأنها لم توطد الحب للآخرين.(56/84)
أعتقد أنك محتاج إلى اختلاط أوسع بالحياة، وفي حاجة إلى بذل بعض الجهد للتخلص من هذا الخجل المرضي عبر التدريب المتواصل في وجود آخرين، أو فيما يتعلق بشئون عملك، وحين تبرأ من هذا الخجل سيكون بإمكانك الدخول في علاقة طبيعية مع من تعتزم الارتباط بها، ويومها ستتحرك العاطفة مع العقل والشهوة فلا تستعجل، وتابعنا بأخبارك.
ومن ناحية أخرى نلفت انتباهك إلى أننا تناولنا مسألة الانشغال الشديد بالجنس، وممارسة العادة السرية في أكثر من إجابة سابقة ومنها :
"الاستغناء عن الاستمناء" 13/3/2000 ورقمها الإلكتروني على الموقع هو:
http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID193
“في علاج الاستمناء" 26/3/2000 ورقمها الإلكتروني على الموقع هو:
http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID205
- "المواقع الساخنة.. الاستمناء.. وداعاً للإدمان" 1/4/2000 ورقمها الإلكتروني على الموقع هو:
http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID246
- "الاستمناء الخوف من المضاعفات" 3/4/2000 ورقمها الإلكتروني على الموقع هو:
http://www.islamonline.net/questionapplication/arabic/display.asp?hquestionID272
وعليك أن تبحث عن مزيد من الإجابات داخل خاصية البحث الخاصة بمشاكل الصفحة إذا أردت، وندعو الله لك بالتوفيق والهداية.
ـــــــــــــــــــ
معارضة الأهل، وحكم الله ورسوله ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
لقد أحببت ابنة عمتي التي بادلتني نفس الشعور منذ ثلاث سنوات، ولكننا لم نستطع إخبار أحد في ذلك الحين؛ بسبب ظروف عدة أهمها وضعي المادي الذي لم يكن يسمح آنذاك أن أتقدم لطلب يدها من أهلها، أنا أبلغ الثلاثين من العمر، وحاصل على شهادة دبلوم في الهندسة، أعمل بشركة مستواها جيد إن لم يكن ممتازا، دخلي الشهري جيد، ملتزم دينيا، هي تبلغ من العمر السابعة والثلاثين، حاصلة على شهادة الثالث الثانوي التوجيهي، ملتزمة دينيًّا والحمد لله، وعندما تقدمت لخطبتها رفض أهلي لعدة أسباب منها:
1 ـ فارق السن بيننا وتأثيره على مستقبلي، من حيث إنها بعد عدة سنوات ستصبح هذه المرأة غير مؤهلة لتلبية احتياجاتي سواء الجنسية أم الفسيولوجية.
2 ـ كبر سنها، وحيث إنها لم تتزوج من قبل فإن ذلك سيؤثر على قدرتها على الإنجاب، أي إنها قد لا تنجب وهي في هذه السن.
3 ـ شكلها غير المقبول من جهتهم.
4 ـ تصرفاتها العامة غير مقبولة من جهة أهلي أو لنقُل طريقة تفكيرها أو مستواها الفكري.(56/85)
5 ـ أننا من نفس العائلة، وهذا سيؤثر على أولادنا ـ إن رزقنا الله الأولاد ـ من الناحية الخلقية كالإعاقة الجسدية أو العقلية.
أما وجهة نظري فهي أنه لا يوجد مسلم عاقل يستطيع أن يجزم بما سيحدث في المستقبل؛ لأن ذلك من علم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، فهم يذكرون هذه الأسباب؛ لأنها تنطبق مع ما يقوله العلم، وكلامي هذا ليس معناه عدم الأخذ بالأسباب كما أمرنا رسول الله، ولكن ألا نجزم بنتيجة أعمالنا التي نقوم بها، بل أن نطلب من الله أن ييسر لنا الخير باستخارته مثلًا وأن نترك الأمر له، وهذا ردي على البنود: 1،2،5 أما بالنسبة للشكل أو التصرف فهذا أمر نسبي وشخصي، فقد أتعارض بالرأي معك مثلًا في شيء قد تجده جميلاً، وأراه أنا على غير ذلك، فلكل منا رأيه الذي هو حرّ فيه، وهذا هو ردي على البندين:3،4 أما رأيي في هذه الفتاة فأنني أجدها إنسانة بسيطة ملتزمة بدينها مؤهلة لأن تكون أمًّا صالحة إن شاء الله، مناسبة لي، ولما أريده من مواصفات أريدها في زوجة لي وأم لأولادي، وقد حاولت المستحيل مع أهلي لإقناعهم بهذا الأمر؛ لكن دون جدوى، وبصراحة لقد أوصلوني لقرار ألا وهو إذا كان إقدامي على الزواج من هذه الفتاة لا يغضب الله ورسوله علي حتى ولو كان أهلي معارضين لهذا الزواج ـ فإنني سأقدم على الزواج فما رأيكم؟! ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز، نشكر لك ثقتك بنا، وأحب قبل أن أجيب عليك أن أذكرك بأننا هنا نتحرّى الاسترشاد بهدي الله سبحانه، ورسوله الكريم، ولكن لا يستطيع أحد كائناً من كان أن يجزم بأن اختياراً اجتماعيًّا أو شخصيًّا معينًا هو حكم الله ورسوله، إن الاختيار الإنساني هو مناط التكليف والحساب، والإنسان حين يختار له أن يستأنس بما يطمئن إليه، ويعتقد فيه، ويثق به من مصادر للمعرفة والتجربة والهدى، وهذه المصادر موجودة في وحي الله سبحانه، وكتابه المسطور كما هي موجودة في كونه، وحياة خلقه التي هي كتابه المنشور في أنحاء الوجود.
وعليه فإنه لا يوجد في الشرع ما يلزمك بالزواج من هذه الفتاة، أو يلزم أهلك بالموافقة عليها، كما لا يوجد ما يلزمك بتركها أو عدم الزواج منها إذن، أنت تسأل عن شيء لن يعطيك أحد إياه.
وقلنا في إجابات سابقة إن طاعة الأبناء للوالدين واجبة، وهي في أمر الزواج كذلك، خاصة حين يثيرون من النقاط ما يقدح في كفاءة هذه الفتاة المرشحة دينيًّا أو اجتماعيًّا، ولكنني هنا أضيف أن هذه المسائل فيها شيء من النسبية مثل حالتك، فما يثيره أهلك له وجاهته من عدة وجوه لا تخفى عليك بالطبع، ولا يوجد نص شرعي يسعفك في الرد على اعتراضاتهم، اللهم إلا الأصل العام المتعلق بحريتك في الاختيار ما لم يكن فيها عيب قادح، والعيوب الموجودة في فتاتك بالنسبة لك كثيرة، وأقول بالنسبة لك لأن الصفات نفسها التي تبدو سلبية فيها كزوجة لك، قد تكون مقبولة ومناسبة لآخرين غيرك، فهي عيوب فيما يتعلق بك، أو عندما نتناول أمر زواجك، بينما ليست كذلك إذا كان الأمر متعلقاً بشاب آخر له ظروف أخرى.(56/86)
وعليك ألا تعتبر المسألة معركة تحد بينك وبين أهلك، بحيث يحاول كل طرف فرض رأيه، فالأمر ليس كذلك، حقيقة المسألة أنك تختار وتتحمل مسئولية اختيارك وفي حالة هذه الفتاة لديك التالي:
فارق السن: المفروض أن يكون لصالح الرجل فهو أدعى للتوافق مع القوامة، مع الأخذ في الاعتبار أن المرأة تنضج أسرع، وتلحقها أعراض الشيخوخة في سن أصغر "في أغلب الحالات" وهذا كلام طال فيه البحث العلمي، والإحصائيات المسحية بما يجعلنا نقول إن الزواج المثالي من معالمه أن يكون سن الرجل أكبر ببضع سنوات عن المرأة.
ويزيد الأمر أهمية بالنسبة لمسألة الإنجاب فمن الغالب على الظن – نتيجة الأبحاث والإحصائيات – أن المرأة التي تنجب بعد الخامسة والثلاثين معرضة بنسبة مضاعفة لمشكلات الحمل والولادة، وأطفالها معرضون للأخطار الوراثية باحتمالية أكبر بكثير.
فهل أنت على استعداد لذلك؟
هل أنت على استعداد لاحتمال عدم الإنجاب أو قلة عدد الأطفال، أو ذرية ـ غالباً ـ ليست هي الأفضل صحيًّا؟!
هل أنت على استعداد لتحمل الهمسات الاجتماعية – الظاهرة أحياناً – حول شكل زوجتك التي ستبدو أكبر منك دوماً ... فهل ستتحمل هذا الحرج؟!
الأمراض الوراثية تزيد نسبة حدوثها في زواج الأقارب هذه حقيقة علمية أخرى، وفي الأثر: "اغتربوا لا تضووا" أي أنكحوا من الأغراب كي لا تضعف ذريتكم؛ ولأنه لا تُؤمن العداوة في النكاح، وقد يحدث طلاق، فإذا كان الزواج من قرابة كان الطلاق مفضياً إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها.
في الاختيارات المستقبلية يكون من المعين افتراض الأسوأ، وليس الأحسن، وعليك أن تصارح نفسك هل ستقبل بهذا الأسوأ لو وقع أم لا؟، فإذا رضيت به؛ فأمامك سبل كثيرة لإقناع أهلك باستمرار إصرارك، وبتوسيط الحكماء والعقلاء من أقاربك وعشيرتك.
أما إذا خشيت أن تضعف نفسك مستقبلاً أمام زوجة عجوز لا تلبي حاجتك بسبب وهن في بدنها، أو انقطاع حملها، أو غير ذلك، وقد يصعب عليك، أو عليها أو عليكما أن تتزوج أنت من ثانية، فخير لك ولها أن تتركها لقدرها ونصيبها لعل الله أن يرزقها بمن هو أنسب منك، ولعلك تساعد في البحث عن هذا الأنسب.
أخشى يا أخي أن تكون قريبتك هذه ضحية العناد، والمعركة بينك وبين أسرتك، وأخشى أن يكون اختيارك لها عن تعاطف مع ظروفها، وليس عن اقتناع بأنها الأنسب لك من بين الفتيات.
تحتاج إلى تفكير عميق، وتأمل دقيق، واختيار بعد استشارة واستخارة هذا هو حكم الله ورسوله أن يكون الناس مسئولين وواعين، وألا ينحرف بإرادتهم هوى أو عناد، كما لا يتورطون في ظلم للنفس أو للغير.
راجع اختيارك بمعزل عن رفض أهلك، واستخر الله سبحانه ثم توكل عليه، والله معك على كل حال.(56/87)
ـــــــــــــــــــ
أريد الزواج.. فما الخطوات؟! ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
الأعزاء في الإسلام على الإنترنت، أشكركم كثيرًا على الموقع المتميز.. والذي أصبح يحظى بقبول عامة الناس وخاصة الشباب، ونظرًا لثقتي التامة بنصائحكم وآرائكم أود الاستفسار عن موضوع الزواج .. فأنا شاب أريد الزواج، وأريد أن أخطو الخطوات الصحيحة .. ولا يوجد لدي معرفة من أين أبدأ؟.. كيف أبحث عن الزوجة المناسبة؟.. وما هي مواصفاتها ؟... إلخ وهل توجد كتب معينّة تفيدني في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيرًا . ... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أخي الراغب في الزواج.. الباحث عن الخطوات الصحيحة له.. أتركك مع إجابة الأخت السيدة "سمر عبده" -الأخصائية الاجتماعية بالصفحة- فقد وجدت في إجاباتها الكفاية بإذن الله.
تقول السيدة سمر: "نحمد فيك حرصك على اختيار الزوجة المناسبة، وأعتقد أن الخطوات التي يجب عليك اتخاذها هي:
أ- أن تحدد إمكانياتك وتعرفها بدقة.
ب- أن تتحرى في اختيار شريكة حياتك الأمور الآتية:
1. أن يكون هناك تكافؤ بينكما: مادياً واجتماعياً وثقافياً لما لهذا التكافؤ من أثر في زيادة الترابط و الانسجام ليس بين الزوجين فقط ولكن بين العائلتين أيضًا.
وقد ورد في كتب السير:
أن من الأسباب التي أدت لطلاق زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ من زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدم التكافؤ، فقد كان زيد مولى لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت السيدة زينب ذات حسب ونسب في قومها.
وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: "لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء".
2.أن تضع نصب عينيك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها وجمالها ونسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك". فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر الأسباب التي تنكح النساء من أجلها، فعليك أن تعرف: ماذا تريد وأن تضع وصيته -صلى الله عليه وسلم- بذات الدين أمامك.
3.أن يكون لديك قبول وميل عاطفي تجاه من ستتقدم إليها، وإياك أن تتزوج فتاة تجد فيها المواصفات التي تريدها ولا تشعر نحوها بأدنى عاطفة أو العكس، بل يجب أن تختار بعقلك وقلبك معاً.
4. أن تجعل المواصفات التي تطلبها واقعية بمعنى ألا تحلم بالكمال من جميع الأوجه؛ فهذا مستحيل، وأنت نفسك لست كاملًا!!.
* أما بالنسبة للكتب التي تستعين بها فأنصحك بـ:(56/88)
1. العشرة الطيبة مع الزوجة ومؤلفه الشيخ: "محمد حسين".
2. تحفة العروس ومؤلفه الشيخ: "محمد مهدي الإستانبولي".
أما عن الطريقة التي تبحث بها عن الفتاة المناسبة فهي سهلة ومعتادة وهي عن طريق زوجات أصدقائك أو أقربائك، تعلمهم بالصفات التي تريدها؛ فيرشحون لك اللائقة بك، فتتقدم فإن وجدت –فعلاً- ما تريد فخير، وإن لم تجد فلا حرج عليك، وفقك الله ورزقك الزوجة الصالحة.
ـــــــــــــــــــ
زواج الخليجي بغير الخليجية ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة لكم، مشكلتي يا أخي الفاضل أني تلقيت تعليمي بالخارج في المرحلة الثانوية بمدارس أجنبية، وواجهت -في بداية التحاقي بهذه المدرسة- عدة صعوبات في التعليم والتكيف مع البيئة التي تحيط بي؛ لأني وجدتها غريبة بعض الشيء، إلى أن حاولت التكيف معها، وفي المدرسة تعرّفت على فتاة عربية تصغرني سنًّا، قضيت معها ثلاث سنوات، وأحببتها، المشكلة أني تعلقت بها كثيرًا، وأرى بها كل ما يروق لي: من الأخلاق والطيبة والتربية الحسنة، علاوة على تمسكها بالدين كثيراً بالرغم من عيشها في وسط اجتماعي غربي!!. وهنا تكبر المشكلة: إننا متفاهمان في كل شيء، وأريد الزواج منها، لكني لا أستطيع أن أفتح موضوع الزواج أمام أسرتي؛ لأسباب عديدة منها: أني شاب خليجي لا يستطيع الزواج من فتاة عربية؛ لأن هذا يخالف القانون الخليجي، ومن ناحيتها والدها يفرض عليها الزواج من ابن عمها الذي لم تره ولا تعرفه، فكيف أخبر والدتي بالمشكلة التي أعاني منها؟ أخي الفاضل، مشكلتي كبيرة!! ولا أعرف أن أختصرها لك، ولكني أتمنى أن أتلقى الحل المناسب. والله الموفق.
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أهلاً بك يا أخي العزيز، يا من عشت في أحلام الحب، ثم أفقت على حقائق الحياة.
مشكلتك أخف من مشاكل آخرين - ولله الحمد - فأنت في النهاية مقتدر مادياً فيما يبدو، وقد حددت ما تريد، ومن تريد، يبقى أن تتأكد من مشاعرك، وأن ما تكنه تجاه هذه الفتاة هو العاطفة التي عشت تحلم بأن يتوّجها الزواج.
أعتقد يا أخي العزيز، أنك تغيرت "ثقافياً"، وعلى أهلك أن يتفهموا هذا، وهم الذين اختاروا لك نوعية ومكان التعليم الذي تعرفت من خلاله على فتاتك تلك، فهل سيناسبك أن تتزوج من بلدك بفتاة عاشت في إطار اجتماعي وثقافي مختلف -نوعاً ما- عن الذي عشت أنت فيه حال دراستك؟!
هذه نقطة جديرة بالدراسة والنقاش مع الأهل، والتقاليد في الخليج –على ما أعتقد- أصبحت أكثر مرونة فيما يخص الزواج من خارج المنطقة؛ ربما بسبب الانفتاح(56/89)
والاختلاط ببقية العرب وغير العرب، وربما أيضاً بسبب مشكلة غلاء المهور، وصعوبة الزواج من خليجية، لكن الأمر الذي أعيده عليك؛ لتنتبه إليه أنك لم تعد ذلك الخليجي "الخالص" مثل أي زميل طفولة لك بقي في بلدكم، ولم يخرج منها، إنما أنت مررت بتجربة وخبرة اغتراب من شأنها أن تغيّر كثيراً أو حتى قليلاً في التركيبة الذهنية والنفسية لك. ومن الحكمة مراعاة هذا التغير، والتجاوب معه في إطار الحدود الواسعة للشرع، والقيم الإسلامية.
فإذا اقتنعت أنت بأهمية وإمكانية هذا الزواج بالنسبة لك فسوف تستطيع إقناع الناس جميعاً؛ حيث لا يعيب فتاتك أنها تعيش في وسط اجتماعي غربي إذا كانت متمسكة بالدين كثيراً، وبالأخلاق والطيبة... إلخ كما تقول.
ويمكنك أن تتحدث إلى امرأة متقدمة في السن من قريباتك "خالة أو عمة.. إلخ" تكون قريبة من نفسك فتخبرها بقصتك، وتستطيع هي أن تفاتح الوالدة بأسلوب تجيده المرأة الحكيمة، ووقتها يكون الطريق ممهداً أمامك لمفاتحتها، وتقديم فتاتك لها في مرحلة لاحقة.
إن الخروج على العرف يحتاج إلى جهد، ومثابرة، وقوة نفسية، وعزيمة لا تلين؛ حتى يتحقق لك ما تريد، وتستطيع عندها أن تتزوجها في الخارج، ثم تعود لبلدك أو لا تعود بحسب خططك، أما من ناحية زواج فتاتك من ابن عمها فلن يحدث –بإذن الله- طالما هي متمسكة بك، وأنت جاد في طلبها فإذا رتبت أمرك، وتقدمت رسمياً إلى أهلها، ووجدوا فيك الشخص المناسب لابنتهم؛ فأعتقد أنهم سيغلّبون جانب الحكمة، ويجمعون بينك وبينها في الحلال؛ إذ يبدو هذا أكثر منطقية من زواجها بإنسان لم تره لمجرد أنه ابن عمها.
الأمر يتوقف على جهدك وجديتك وحسن إدارتك لأمورك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
هل ستخبرني بتطورات الموضوع؟! أرجو أن يحدث هذا.
اشتركت في الإجابة السيدة: سمر عبده "الأخصائية الاجتماعية" بفريق مشاكل وحلول
ـــــــــــــــــــ
حكاية كل يوم ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم أنا شاب عمري 22 سنة، مازلت طالبا في الجامعة وباقي على تخرجي بضعة أشهر، قبل مدة التقيت بفتاه تدرس معي بنفس الجامعة، وقد شدني لها الخلق والحياء والدين المتربع على تلك الصفات، بدأت أعمل قبل أسبوعين في إحدى الشركات تحت فترة اختبار، وسوف يقرر أمر توظيفي في تلك الشركة بعد أسبوعين آخرين، المهم في الموضوع أنني سأحتاج لوقت ليس بالقصير لكي أتمكن من مساعدة أهلي، وأدخر ما تبقى من مال، ما يقلقني أن تلك الفتاة قد بدأت في الميل إلي، وما يشغل بالي أنني سأحتاج لوقت ليس بالقصير كي أتمكن من تجهيز نفسي، في نفس الوقت سوف تقوم تلك الفتاة بالانتظار ورفض أي عرض للزواج من أي شاب آخر منتظرة قدومي لخطبتها، مما يعني حرمان تلك الفتاة من فرصة أو فرص(56/90)
قد تكون ممتازة بالنسبة لها، وأنا لا أريد أن أحرم تلك الفتاة من أي فرصة تتاح لها، مع العلم أنها البنت الوحيدة في عائلتها مما يعني أن والديها سيبحثان وربما يجبرانها على اغتنام أي عرض يجدانه جيدا لها، أرجو النصح والعون. ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... قد نحتاج إلى مزيد من التفاصيل حتى نساعدك في إلقاء الضوء على حل مشكلتك، فأنت لم توضح لنا موقف الفتاة من ظروفك، وما هي ظروف الفتاة من حيث السن؟ ونوعية دراستها؟ وطبيعة عائلتها والتوافق الاجتماعي والاقتصادي بين العائلتين (عائلتك وعائلتها).. وهل لدى الفتاة فكرة أو تصور لرد أسرتها على تقدم من هو في مثل ظروفك للزواج منها؟!! ولماذا تتوقع أن يتم رفضك؟! وما هي حدود السنين التي تحتاجها حتى تصبح ظروفك مناسبة؟ وما هي نوعية المساعدة التي تقدمها لأهلك؟!
أظن هذه أسئلة مهمة قد تكون مجرد إجابتك عنها مساعدة لك على وزن المسألة من الناحية العقلية ونحن في انتظار إجاباتك عنها حتى نساعدك في ذلك.
ـــــــــــــــــــ
أزمة الزواج.. حل مقترح ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
السلام عليكم.. أنا شاب أبلغ من العمر 31 سنة؛ وأعول أسرتي –ولله الحمد- بعد وفاة أبي، وأنا مغترب عنهم في بلد آخر، والمشكلة هي أنني أرغب بالزواج؛ ولكني غير قادر على التكاليف، وأنا أكبر أخوتي، وأهلي يرغبون في تزويجي ولكن لا يوجد مال؛ لذلك فكرت بالزواج من امرأة عمرها 36 سنة، وهي طبيبة ولم يسبق لها الزواج، ولكن أهلي عارضوا الفكرة، ولم يقبلوا بها، وأنا أفكر الآن بالزواج من هذه الفتاة بدون علم أهلي؛ لأنها لا تطلب مهرًا، وزواجي منها لا يكلفني أي عبء مادي، ولم تشترط علي سوى أن ننجب أطفالاً من هذا الزواج، فما رأيكم في هذا الموضوع، مع العلم أنني أخاف على نفسي من الانحراف، كما أنني لا أملك مالا للزواج، وتكاليف الأسرة تزيد كل يوم بسبب كبر أخوتي وحاجتهم للتعليم وغير ذلك.
وجزاكم الله خيرا
... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز: بارك الله فيك، وفي أمثالك ممن يتحملون المسئولية، ويريدون العفاف، ويخافون على أنفسهم من الانحراف.
الفكرة التي تطرحها حلاً لمشكلتك يمكن أن تكون مطروحة أمام كثيرين، فهناك نساء كثيرات تأخرن في الزواج لسبب أو لآخر، ولذلك فهن يقتصدن - بحكمة - في المطالب المادية، وتكاليف الزواج؛ تشجيعاً للشباب الأصغر على نكاحهن، وهذا(56/91)
مسلك مفهوم وعاقل يريد الحلال، ولله الحمد، ولكن السؤال هل يناسبك هذا الحل أم لا؟!
* والأصل في الزواج يا أخي أن يكون فارق السن بين الزوجين لصالح الرجل، وكذلك فارق المستوى الاجتماعي "إن وجد"، والمستوى العلمي.. إلخ.
والخروج عن هذا الأصل ليس حراماً بالطبع، ولكنه مستنكر اجتماعياً، وربما يكون مدخلاً لبعض المشكلات فيما بعد، فهل يمثل ذلك لك شيئاً؟!.. كما إن الرغبة في إعفاف النفس والزوجة من أهم أركان الزواج، ولكنها ليست كل الأركان، فهناك القبول والاطمئنان والاقتناع تجاه الطرف الآخر؛ لأن رحلة الحياة يا أخي لا تخلو من مصاعب، وهذا يقتضي إحكام السفينة؛ لتستطيع مواجهة العواصف والأمواج.
وإرضاء الأهل مهم للغاية – خاصة في المجتمعات التقليدية – لأن الأسرة الجديدة لا تنفصل عن القديم، والروابط حين تتقطع يكون التحدي كبيراً من أجل إعادة وصلها من جديد، ولم يتضح لي من خطابك: من أي بلد أنت؟! وهذا مهم كما ترى.
فهل فهمت شيئاً من هذه المقدمات؟!..أرجو ذلك حتى يمكننا التفصيل؛ فالحقيقة أن الأمر يحتمل اختيارات عدة، وأنت الذي تحسم شأنك؛ لأن كل اختيار من هذه الاختيارات لا يخلو من سلبيات:
فيمكنك أن تمضي قدماً في إتمام هذا الزواج الذي لا يكلفك مادياً، ويبدو حلاً مثالياً في مثل ظروفك، ولكن سيكون عليك أن تتحمل همسات المجتمع، وإنكاره الصامت، وكذلك ستكون فرصة إنجاب الأطفال أمامك ضيقة، ولعل الفارق العلمي يكون في صالح الطبيبة، لكن سيخفف من أثر ذلك كونها تطمح إلى الزواج والإنجاب بأسرع وقت، وأنت أيضاً تمثل حلاً مثالياً لها من جانب من الجوانب.
إذا اخترت هذا الطريق سيكون عليك أن تتحمل عيوبه كاملة بصبر وهدوء وحكمة، وتقول لنفسك الأمارة بالسوء، وشيطانك الوسواس، عند الغضب والضجر - الحادث في كل علاقة زوجية - نعم أنا أعرف عيوبها، وسلبيات هذه الزيجة، وقبلت بها راضياً منذ البداية، ولا محل للسخط على أمر تعرفه، وقبلت به.
وسيكون عليك أيضاً أن تستفرغ الوسع وزيادة في إرضاء أهلك، وإقناعهم بهذه الرغبة بناءً على اقتناعك أنت أولاً بها، ولا يكفي الاقتناع من ناحيتك؛ بل لابد من حب كبير واحترام عميق لهذه الطبيبة التي تفكر أن تتزوجها، فبهذا الحب والاحترام والاقتناع ستمر وتبحر السفينة، وتسير وسط الأمواج.. فهل أنت مقتنع بها بغض النظر عن مسألة الزواج الذي لن يكلفك شيئاً؟!!
وإذا اخترت أن تصرف نظراً عن هذه الزيجة فستكسب رضا أهلك، وتخسر الطبيبة، وتخسر زيجة مريحة وغير مكلفة، وإن كانت لا تخلو من سلبيات كما أسلفت، وسيبقى التحدي الأكبر في خوفك على نفسك من الانحراف ... أنا أساعدك على الاختيار ففكر بهدوء لأنك لست أمام اختيار بين صواب وخطأ واضحين ، فهذا ربما يكون مطروحاً حين تكون جاهزاً مادياً، ولكنك أمام أمرين أحلاهما لا يخلو من مرارة، إذا أخذت أحدهما ستأخذه بحلاوته ومرارته فحدد أي الحلاوتين تريد، وعلى أي المرارتين يمكن أن تصبر. والله معك فاستخرّه يوجّهك إلى الأفضل.
وتقول لك الأخت سمر عبده الأخصائية الاجتماعية بفريق مشاكل وحلول:(56/92)
لا أرحب بفكرة زواجك دون علم أهلك، خاصة وأنك لم تذكر لنا شيئاً عن أخلاقها وطباعها وهل تناسبك أم لا؟!
ولا يكفي أن تختارها من أجل مركزها العلمي والأدبي؛ ولأنها لن تكلفك شيئاً؛ بل لا بد من التكافؤ والتفاهم والاحترام المتبادل.
وأخيراً، رفقاً بهذه الفتاة الراضية بكل ما تطلب حتى الزواج سراً "دون معرفة الأهل"، فاحفظ لها كرامتها لتفخر بها أمام الجميع، خاصة أهلك وذويك، ولا تتزوجها إلا بعلمهم ورضاهم - مهما كلفك ذلك من جهد - وباقتناع كامل من جانبك عقلاً وقلباً.
ـــــــــــــــــــ
بين القلب ..والجينات الوراثية ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
أنا من أسرة ميسورة الحال، ولها حضور كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية بالسودان، وهاجس الأسرة الأساسي نيل الدرجات العليا في كافة المجالات الأكاديمية .. جمعتني ببنت عمِّي عاطفة جياشة لكونها زميلتي بالجامعة، فتطور الأمر وتقدمت لخطبتها؛ ولكن فوجئت بمعارضة الوالد؛ بحجة أن هذا الأمر (أي الزواج) سوف يحجم من طموحاتي الأكاديمية، فكان يري أن الوقت لا زال مبكرًا، وبما أني قد تخرجت من الجامعة، وكذلك بنت عمي؛ فأن أمر تأخير الزواج بالنسبة لي يعني التخلي عن بنت عمي؛ حيث إن عمرها لا يسمح بهذا التأخير، وعند إصراري قال لي الوالد: أنني لا أعترض على الزواج، ولكن زواجك من بنت عمك يخشى منه بعض الأمراض الوراثية الموجودة بالأسرة.. مع العلم أن جميع أفراد الأسرة يتمتعون بعلاقات اجتماعية طيبة فيما بينهم. أفيدوني ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... نعم يا أخي يكون "احتمال" وقوع الأمراض الوراثية أكبر في زواج الأقارب، فأيهما لديك أقوى: خوفك من مثل هذه الاحتمالات أم عاطفتك تجاه ابنة عمك؟!!
إذا كانت عاطفتك أقوى، وتستطيع أن تتحمل عواقب هذا الارتباط، من الناحية المادية والصحية، فإنه سيمكنك أن تقنع الوالد بوجهة نظرك، أو بأحكام قلبك، فليس العقل هو الحاكم الوحيد في تصرفات الإنسان، كما أن الخوف من الأمراض الوراثية ليس سببًا كافيًا لفصم علاقة عاطفية مسئولة من طرفيها، ويمكن إجراء فحوصات طبية الآن تبين نسبة الاحتمال في حدوث أمراض مستقبلاً؛ فيما أصبح يعرف الآن بأبحاث الجينات والهندسة الوراثية، فأمامك عدة طرق، وأنت وحدك تقرر كيف وأين ستسير؟!
ـــــــــــــــــــ
هل تنمو المشاعر بعد الزواج؟ ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع(56/93)
الميل العاطفى لشريكة الحياة.. أناشاب عمرى 28 سنة وأرغب فى الزواج ولكن المشكلة تكمن فى عدم إحساسى بمشاعر الحب أو الميل العاطفى لمن يرشحهم الأهل للزواج منى . وفى هذا الأسبوع قررت الزواج من إحدى بنات جيراننا و تتمتع بالتدين الشديد و الجمال أى فيها كل مواصفات الزوجة التى تساعدنى على المحافظة على دينى و لكن لا أشعر بميل عاطفى تجاهها و لكن فى نفس الوقت عقلى يرشدنى إلى الزواج منها لأن فيها كل المواصفات التى أطلبها فى الزوجة فهل عند الزواج أو الخطوبة تتفجر مشاعر الحب؟ أم يبقى الوضع على ماهو عليه؟ فأظلم هذه الفتاه الكريمة معى
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم:
لقد أفسد الإعلام أذواقنا العاطفية حتى أصبح لدينا تصور للميل العاطفي -عندما نرى فتاة نسعى لخطبتها أو الارتباط بها- ناشئ عما زرعته أجهزة الأعلام، وخاصة أفلامنا العاطفية في أدمغتنا، فكل منا لا ينسى مشهد كمال الشناوي وهو يلتقي بشادية لأول مرة فيركز المخرج على أعينهما وقد التقت مع موسيقى تصويرية بالطبول التي تدق عنيفًا رمزا للقلوب التي خفقت،ويتكرر هذا المشهد في أفلام عديدة بصور مختلفة، لتتكون لدينا هذه الصور الجميلة الخيالية عن الإحساس العاطفي بمن نريد أن نرتبط به. وننتظر خفقان القلوب ودقات الطبول فلا تحدث، ونتساءل متحيرين: وهل يمكن الارتباط بدون إحساس عاطفي؟.
والحقيقة أن الواقع يقول: إن الإحساس العاطفي أدناه –عندما نرى من سنرتبط بها لأول مرة –يكون في عدم النفور منها أو عدم الارتياح لتواجدها، فإذا حدث ذلك فإن تكرار المشاهدة والمقابلة في ظل جو من الود والنية السليمة والرغبة الصادقة في الارتباط لإعفاف النفس سيترتب عليه إحساس بالارتياح ينمو ليتحول إلى إحساس بالتعود.. ثم تزداد المشاعر بالتعامل وتحل المودة والرحمة، وقد نصل إلى الحب العظيم الذي يظلل الحياة الزوجية والذي تتعدد أسبابه: من حسن المعاشرة، إلى وجود الأولاد، إلى طريق الكفاح المشترك في الحياة، لتنتج لنا ملاحم رائعة من الحب والتضحية والوفاء. وهنا قد يبرز السؤال، أيهما أفضل: أن يتزوج الإنسان بعد قصة حب أو يتزوج الإنسان وينمو الحب رويداً رويداً؟؟ والواقع هو الذي يجيب على هذا التساؤل؛ حيث إن زواج الحب تدل الإحصائيات على أنه غالباً ما ينتهي إلى مشاكل في الحياة الزوجية قد تصل إلى إنهائها بالطلاق، وهذا أمر عام في كل دول العالم، في حين ينجح الزواج الذي فيه بذرة الحب بالرعاية والسبب في ذلك أن المتحابين يرسم كل منهما لحبيبه صورة وردية خيالية، وعندما يتزوجان وينزلان إلى الواقع يصطدم كل منهما في شريك حياته، وفيما كان يتوقعه منه في حين أن الشريكين اللذين يرعيان بذرة الحب معًا يكون كل منهما حريصًا على إظهار أحسن ما عنده حتى تنمو شجرة الحب، ولا يكون هو سببًا في موتها، وكلما اكتشف شيئًا جميلاً في(56/94)
شريك حياته سعد، واقترب منه أكثر، وأظهر له هو أيضًا أجمل ما فيه؛ فتنمو البذرة وينجح الزواج.
فتوكل على الله؛ خاصة وأن عقلك مقتنع بمن أقدمت على الارتباط بها من ناحية الجمال والتدين، واسعَ إلى رعاية بذرة الحب حتى تصبح شجرة كبيرة مترعرعة تعيش في ظلالها الوارفة.
ـــــــــــــــــــ
خلل في برنامج المبرمج ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
(معذرة على الكتابة بالفرنسية نظراً لوجود برنامج تشغيل النوافذ الفرنسي على جهاز مكان العمل).. أنا شاب مغربي في الثلاثين من العمر أعمل مبرمجاً، وأرجو أن تساعدوني في حل مشكلتي.فأنا أريد الزواج وأعرف فتاة تسكن قريباً منا، وقد حاولت أن أكلِّمها لأعبر عن اهتمامي بها؛ لكنها أعرضت ولا أدري ماذا أفعل؟ هل أخاطب والدها وأطلب يدها، أم أكلم أخاها، أم أذهب لخطبتها مباشرة مع أهلي ؟ إن أهلي يطلبون أولاً أن أعرف كل شيء عنها، وهل هي مخطوبة أو تعرف شاباً آخر؟. أرجو المشورة وشكراً. ... المشكلة
د.أحمد عبد الله ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... الأخ العزيز: أهلاً بك، وشكراً على ثقتك، ونحمد لك حرصك على الارتباط الحلال.
ولكن هناك نقاط كثيرة مختلة في برنامج "التشغيل"، وخطواته التي تسير فيها لإتمام موضوع الزواج: فهل أنت على معرفة جيدة بالفتاة التي تريد أن تخطبها؟ وما هي مصادر معلوماتك عنها؟ وهل تعرف أسرتها؟ وهل سبق لك التحدث معها؟
إن إعراضها عنك -حين حاولت أن تعبِّر لها عن اهتمامك بها- يمكن تفسيره بأكثر من طريق، فقد يكون هذا الإعراض حياءً، وقد يكون رفضاً مهذباً لسبب أو لآخر، وقد يكون اعتراضاً على الأسلوب الذي اتبعته، وقد يكون رد فعل طبيعي على المفاجأة لم تكن تتوقعها.. وقد يكون .. وقد يكون!!
ينبغي أن تتعرف على أكبر قدر من المعلومات عنها ؛من العمل إذا كانت تعمل، ومن الدوائر التي تتحرك فيها، ويمكن أن يساعد في هذا أخواتك، بل وقريباتك من النساء، والرجال إذا كانت تتحرك في دوائر فيها رجال يعرفونها، ويمكنك الوصول إليهم، ولا أدري كيف يصعب عليك الوصول إلى هذه المعلومات لتتكون عندك "قاعدة معلومات" تبدأ على أساسها في التحرك للارتباط بها، الذي من الممكن أن يبدأ - بعد أن تشبع الجانب المعلوماتي - بالخطوة المناسبة، مثل أن تتحدث إليها إحدى قريباتك عن ظروفها، وهل هي مرتبطة؟، وهل هي مستعدة للقبول بك وبظروفك إذا تقدمت، فإذا كان هناك قبولاً مبدئيًّا يمكنك بعدها أن تزورها في بيتها، وتقابل أهلها، وتتحدث معها، وتستكمل إجراءات الارتباط.(56/95)
أرى أن الموضوع في غاية البساطة إلا إذا كان هناك جوانب أخرى فيه لم تفصح عنها.
ـــــــــــــــــــ
ساعدوني.. حائر في الاختيار ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد... تعرفت على فتاة أصغر مني بأربع سنوات ، وهي من عائلة أخرى ذات تقاليد مختلفة عن عائلتنا، وعندما عرضت على أهلي أن أتقدم لخطبتها وجدت معارضة شديدة بحجة أن الفتاة كبيرة في السن، وأنها تبدو شكلاً أكبر مني وأن عائلتهم ليست مناسبة لنا، مع العلم أن الفتاة ذات دين وخلق وذات جمال متوسط، وأنني أحيانا أجد أنها مناسبة لي ومنسجمة معي من ناحية التفكير والثقافة، وأحيانًا أجد نفسي بحاجة لفتاة تكون أصغر سنًّا وأكثر جمالاً، وأنا أصبحت خائفًا إن تقدمت لها رغم معارضة أهلي أن أتحمل المسؤولية بسبب اختياري. أرجو منكم النصيحة الصادقة لأنني سوف أتوكل على الله بعد نصيحتكم، وستكون نصيحتكم موضع اعتباري ولكم جزيل الشكر والعرفان، وفقكم الله لما فيه الخير لكل المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحيران و.م.ا.ج ... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
... أخي الكريم :
ببساطة شديدة قضية اختيار الزوجة مثل أي قرار في حياة الإنسان يحتاج إلى هدوء وتروٍّ في أخذه، وإلى اتباع للمنهج العلمي الصحيح، وفي هذا الشأن يجب أن تعلم أن الزواج طائر ذو جناحين جناح العقل وجناح العاطفة، واخترت مثال الطائر خصوصًا؛ لأن الطائر من المستحيل أن يطير بجناح واحد أو أن يطير لو اختل التوازن بين الجناحين، بحيث يصبح أحدهما أصغر أو أكبر من الآخر، وجناح العاطفة يشمل القبول للفتاة التي أتقدم إليها، والذي حده الأدنى هو عدم النفور وحده الأعلى هو الشعور بميل عاطفي نحوها، وبين هذا وذاك درجات كثيرة ولكن لابد من توافره، أما جناح العقل فيشمل قضية التكافؤ بكل أبعادها فلابد من التكافؤ بين الطرفين على جميع المستويات، وتشمل المستوى الاجتماعي (العائلة وتقاليدها)، والمستوى الاقتصادي والمستوى التعليمي والشخصية والتدين والشكل والسن، لابد أن تحدد اختياراتك وأولوياتك في هذه الأمور، بحيث لا تختلط عليك المسائل فتقدم في كل مرة العيب الموجود في الفتاة وتعتبره الأولوية وبهذا لن تصل للاختيار المناسب أبداً، وأظن أن هذه النقطة بالذات سبب حيرتك وقلقك، حيث إنك لم تحدد ما تريد في فتاتك المنشودة، ثم تقارنه بالموجود في الفتاة التي أنت بصدد التفكير فيها .. إذا التزمت بهذه الطريقة في التفكير فستصل إلى القرار الصحيح إن شاء الله لأنك وحدك صاحب القرار، والذي سوف تتحمل مسئوليته، فلا تحاول الهروب منها لأنك(56/96)
في كل الأحوال سواءً عارض الأهل أم ووافقوا ستأخذ القرار وتعيش معه بقية عمرك، فلتُعْمِل تفكيرك وتزن أمورك وتحدد أولوياتك التي تريدها في فتاتك، ثم تُصَلِّ إلى الله مستخيراً، فإذا وصلت إلى القرار المناسب فتوكل على الله، ولكن تأكد أنه لن يصل إلى القرار الصحيح إلا أنت. وفقك الله وأعانك للوصول إلى الصواب
ـــــــــــــــــــ
الخوف من الزواج ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أشكركم الشكر الجزيل على أجوبتكم واستفساراتكم تجاه أسئلتنا،و مشكلتي أني شاب أبلغ من العمر 22 سنة، وأرغب في الزواج بشرط أن تكون الزوجة مسلمة حقيقية، لكن عندما أرى الفتاة التي تناسبني، وأتكلم معها بضعة أيام؛ أكذب نفسي وأطلب من الله أن يبعدها عني؛ لأني لا أريدها تمامًا وهذه الحادثة وقعت لي عدة مرات. أرجوكم أفيدوني.. والسلام عليكم
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... أخي العزيز: وأنا أشكرك على حسن ظنك.
هذا التردد الذي تعاني منه له أسبابه المتعددة ،خاصة في زماننا هذا، حيث الشك في كل أحد، والخوف من تحمل المسئولية ومن المجهول الذي ينتظرنا في مستقبل ربما لم نعمل حسابه، وقد تكون شخصيتك أصلاً مترددة في اتخاذ قراراتها، وقد يكون ترددك خاص بمسألة زواجك فقط، وفي كل الحالات فإنك تحتاج إلى التغلب على هذا التردد، ويحتاج هذا منك إلى عدة أمور أوجزها لك فيما يلي:
أولاً: على المستوى الذهني ينبغي أن تجلس مع نفسك لتصحح موقفك الفكري من مسألة الزواج، فمثلاً أنا لا أعرف ماذا تقصد بقولك "مسلمة حقيقية"؟ بمعنى هل يمكنك أن تكتشف "الحقيقية" من "المزيفة" دون حياة يومية، ومعاشرة قريبة؟!
طبعاً يمكنك السؤال عنها، والجلوس إليها، والتحدث معها.. إلخ مما يمكن للخاطب أن يفعله، ولكن كل هذا لن يكشف لك، مهما كان حرصك المطلوب والمهم، عن طبيعة أو حقيقة الإنسانة التي أمامك، وهذا من طبائع الأمور، ومما لا يدعو للقلق.
كما ينبغي مراجعة المواصفات التي تريدها بمعنى أن تقبل وجود ثغرات وعيوب معقولة ومقبولة؛ لأننا كلنا فينا عيوب، في مقابل وجود إيجابيات وميزات مطلوبة، تحرص على وجودها، ولا تتنازل عنها. إذن في الزواج تحتاج إلى حسم ماذا تريد توافره بوضوح؟ وماذا تقبل غيابه بسماح؟
ثانياً: تحتاج إلى الالتجاء إلى الله بالدعاء قبل وأثناء الدخول في الحديث عن أي ارتباط ؛ليوفقك لما فيه الخير لك وللطرف الآخر، وليقسم الله لك الرزق الحسن، فإن الزواج رزق مقسوم، وقدر محتوم لك منذ؛ بل وقبل أن تلدك أمك، ولا يرد البلاء إلا(56/97)
الدعاء بأن يختار الله لك الأفضل، وقد شرعت الاستخارة لاستلهام التوجيه الرباني في الأمور كلها.
ثالثاً: تحتاج إلى استشارة من هم أكبر منك خاصة الذين يعرفونك جيداً، وأحكم من يختار - غالباً - امرأة حكيمة كبيرة السن ، عميقة التجربة في الحياة ،تعرف الأنسب ، فلعلك تجدها في خالاتك أو عماتك أو غيرهن، إن لم تكن أمك كذلك.
رابعاً:و كما ينبغي أن تعطي لعقلك دوره؛ ينبغي أيضاً أن تصغي لصوت القلب؛ فالحياة الزوجية المبنية على حب متبادل تبدأ ملامحه قبل الارتباط تكون أمتن من حياة لم تنشأ على أساس من الود.
هدئ من روعك يا أخي، وتوكل على الله، والتمس ذات دين مليحة تعرف حق الله، وتحبك، فإذا أحبتك ستطيعك، وتعرف حق البيت وشئونه؛ فإن المرأة الخائبة كالبئر المعطلة، وتكون واسعة الصدر؛ فلا تربية دون سعة في الصدر.
فإن وجدت مثلها في سن مناسبة، وعائلة كريمة فكأنما حيزت لك الدنيا بحذافيرها.
ـــــــــــــــــــ
الجمال والحجاب .. مشاركة ... العنوان
اختيار شريك الحياة ... الموضوع
أبلغ من العمر 24 سنة، وأعمل في جهاز حكومي، مشكلتي هي أنني وقعت في حب شاب منذ 9 أشهر، ولكنه لا يعرف، وطوال هذه الشهور رأيته 14 مرة، ولا أستطيع أن أكف عن التفكير فيه ليل نهار، وأنا أعلم تماماً أنه لن يكون لي؛ لأننا مختلفَيْن، ولأنني أرتدي الحجاب الذي يغطي 90% من جمالي، أنا فعلاً مكتئبة، وأكره الدنيا كلها: أسرتي، وحياتي، بل وصديقاتي؛ لأنهن أجمل مني، ولا يرتدين الحجاب، ساعدوني أرجوكم.
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... هذه المشاركة وصلتنا من أخ فاضل، وهي دليل متجدد على وهم وخطأ ما يقال عن أن الشباب اليوم يريد المتكشفة التي تظهر جمالها، وعنوان هذا الشاب لدينا، فهل تكتفين يا ابنة الجزائر، بما يقوله أخونا هنا دليلاً على سلامة وضعك، وصحة موقفنا؟! أم تريدين أن نرسل لك بعنوانه أيضاً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله، أما بعد، فتعقيبًا على ما ذكرته الأخت الجزائرية عن عزوف الشباب عن الارتباط والزواج بالمحجبات بحجة أن الحجاب يمنع ظهور 90 % من جمالهن، أقول لها: إن هناك العديد والعديد من الشباب الذي يبحث عن ذات الدين المحجبة والملتزمة ولم يجدها خاصة في بعض البلاد الإسلامية حيث يصعب الاختيار على أساس الدين والتقوى لما عليه الشابات من تفسخ وسفور وتبرج وخروج عن الدين، وكما قال د. أحمد عبد الله: "الحجاب اليوم يغطي 90% من جمالك؛ ليتوصل إليك من يريد علاقة جادة ومسئولة"، وإني من خلال هذا التعقيب وبكل صراحة ودون خجل أقول: إني شاب(56/98)
من بين الشباب الملتزم الذي يبحث عن ذات الدين المحجبة، فإذا أردتي المزيد من التفاصيل، والتعرف علي شخصيتي أرجو المراسلة.
ـــــــــــــــــــ
قصة ملتزم.. دعوة لإعادة النظر ... العنوان
الإخوة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشعر أن مشكلتي معقدة، وتحتاج إلى بعض التفصيل، فأنا شاب متدين ـ والحمد لله ـ وأعمل ضمن النشاط الإسلامي في الجامعة التي كنت أدرس بها، ولم تكن لي أية علاقة بفتاة من قريب أو بعيد، والكل يعرف عني الالتزام الأخلاقي منذ الصغر، ثم حدث أن بدأت علاقة زمالة بريئة مع إحدى زميلاتي تحولت إلى علاقة حب، وتعلقنا ببعضنا تعلقاً شديداً بدرجة غير معقولة، ولم أكن أتصور أن أحب فتاة بمثل كل هذه العاطفة.
كنا نلتقي سرًّا حتى لا يراني أحد من أصدقائي، وكلهم من الشباب الملتزم؛ لذلك صرت أخرج معها بسيارتي للمتنزهات العامة ... وهكذا توثقت العلاقة بيننا.
هذه الفتاة من قطر عربي آخر غير بلدي، وهي تقيم في شقة مستقلة وحدها. وفي إحدى المرات اتصلت بها هاتفيًّا، وطلبت منها أن أزورها في شقتها، لكنها رفضت، وغضبت مني بشدة، وأغلقت الهاتف بوجهي.
وحدث أن حضر أحد محارمها من بلدهم، وأقام معها لفترة، وتكررت زياراتي لها في شقتها أثناء وجوده، واستمرت بعد سفره للأسف، ومع تكرار زياراتي لها ـ وهي وحيدة ـ ورويداً رويداً حدث بيننا عناق وأحضان بالملابس ودون معاشرة كاملة، وشعرنا بعد عدة مرات أننا في غياب مطلق عن الدين والتقوى والوعي؛ فبدأنا في التوبة إلى الله بالصلاة والدعاء في جوف الليل، والصدقة بالمال، وقررنا الزواج.
بالنسبة لي الذي يدفعني للزواج بها عدة اعتبارات:
فالزواج إحدى الوسائل للتكفير عما بدر مني، وما كان بيننا، وأشعر أنني إن تركتها سأكون فاقداً للمروءة وحقيرًا.
وأنا أحبها حبًّا كبيراً، ونحن متفاهمان جدًّا، وفيها صفات كثيرة أحبها، ولديها مهارات عديدة، والمستوى الاجتماعي بيننا متقارب، وقمت بتقديمها لأمي وأهلي، وعندما تحدثت معهم في شأن زواجي بها؛ رفضوا لأسباب عديدة منها أنها أكبر مني سنًّا، وأنها من بلد آخر، وثقافة أخرى، ولا نعرف شيئاً عن أهلها وعائلتها، كما اعترضوا على شكلها بأنها ليست جميلة بالقدر الكافي ـ رغم أنني وآخرين نراها غير ذلك ـ واعترضوا أيضاً على مستوى تدينها والتزامها في الزي والسلوك، رغم أنها ترتدي ملابس تستر جسدها، يعني حجابًا، وأحياناً يكون عباءة، وأحياناً قميصاً وتنورة ... إلخ.
مع العلم أن أهلي لا يعرفون بما جرى بيننا، ويتناقشون معي من منطلق العادات والتقاليد أساساً.
وسؤالي هو: هل من المناسب أن نتزوج بعد ما كان بيننا أم نفترق كل في طريق؟! وماذا علي أن أفعل تجاه رفض أهلي إذا قررت الزواج؟ وهل أتزوج دون موافقتهم؟! وما حكم هذا شرعاً؟! مع العلم أنني التزمت بالأدب طوال الفترة الماضية، وبالنقاش معهم بالحسنى، وحاولت معهم كثيراً كثيراً، ولمدة شهور، وأنا في قلق وتوتر، وهم(56/99)
مصرون، وأنا لا أجد قلبي متوجهاً إلى خيار معين بحسم، ولا يوجد في أمر الزواج أي عائق غير موقف أهلي، أما أهلها فيرحبون بي، وقالوا: إنهم لن يرهقوني بالتكاليف المطلوبة للزواج، بل ربما ساعدونا ببعض الهدايا، ويمكنني أن أتكفل ماديًّا بنفقات الزواج، والبيت، وخلافه، والفتاة قد تضايقت من موقف أهلي، وحكمهم القاسي عليها، ومع هذا تشجعني على استمرار محاولات استرضائهم، وتعد في حالة زواجنا أن تشارك في هذه المحاولات، وأرجو الرد؛ لأن الوضع معلق، ويتعبني كثيراً.
... المشكلة
... ... الحل ...
...
... يا أخي العزيز: بعض المشكلات التي تصلنا يعزف عنها أعضاء فريق الرد بسبب أو لآخر، أو ربما يزهدون فيها، والبعض الآخر يلفت أنظارهم، ويستفز فيهم الرغبة في الإجابة، ربما بسبب التعاطف مع صاحب أو صاحبة السؤال. ومشكلتك كانت من الصنف الثاني، والنتيجة أن أمامي صف من الأوراق ومن الملاحظات تتفق وتختلف، وإذا علمت أن أعضاء الفريق يرد كل منهم على السؤال على حدة، ودون تدخل من الآخرين، فلك أن تتخيل مقدار الثراء في الأوراق التي أمامي، ولك أن تتخيل مقدار الجهد المطلوب لنسج كيان واحد متسق ومتكامل يمثل الإجابة عليك.
يا أخي العزيز:
أرجو أن تكون الإجابة شافية وافية، وربما تطول كما طالت المشكلة نفسها، أو طال عرضك لها.
وأبدأ بانتهاز فرصة حالتك لأقول: إن الاختيار الذي درج عليه الكثيرون من الشباب الإسلامي الملتزم في الجامعات العربية المختلطة فيما يخص العلاقة بين الفتى والفتاة منذ منتصف السبعينيات ـ حين تصاعدت الظاهرة الإسلامية في أوساط الشباب ـ هذا الاختيار يحتاج إلى إعادة نظر، خاصة وأنه جاء ردة فعل فيما يبدو على خلفية الانحلال الذي كان سائداً في المجتمعات العربية حينذاك، أقول هذا الكلام على خلفية الممارسة العملية لعشر سنوات ماضية، بالإضافة إلى العمل في هذه الصفحة؛ هذا الاختيار الذي يتلخص في أن العلاقة بين الشبان والفتيات، الملتزمين والملتزمات، وغيرهم، وغيرهن.. تقوم على "اللاعلاقة"، بمعنى التجاهل التام، وعدم التعامل أو الاحتكاك بأية صورة من الصور، إلا للضرورة القصوى التي تفرضها اعتبارات التواجد في مكان واحد للمحاضرات وغيرها. هذا الاختيار الذي لا أعرف أصوله من شرع أو عقل أو فطرة، والذي يفترض عدم وجود واقع موجود، أو يتجاهله بسذاجة تتلبس بالتقوى أو غيرها، أنتج من المشاكل ما يستدعي معه إعادة النظر في هذا الخيار برمته.
على صعيد الشرع لا أعتقد أننا أتقى من الرسول الكريم، والصحابة الأفاضل الذين كانوا يعيشون في إطار ضوابط الإسلام رجالاً ونساءً بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، منهم من يريد الدنيا، ومنهم من يريد الآخرة، فمن يريد تحويل مرحلة الصحابة إلى مرحلة تاريخية(56/100)
مُتْحَفية غير قابلة للتكرار يتجنّى على دين الله، ويسقط حديث رسول الله وأوامره بالاقتداء بهم رضوان الله عليهم، وهذا الرأي ينحاز إليه العديد من العلماء المعاصرين مثل: فضيلة الشيخ القرضاوي، والشيخ الغزالي رحمه الله، وناقشه باستفاضة الأستاذ عبدالحليم أبو شقة في موسوعة "تحرير المرأة في عصر الرسالة".
وأزعم أن غياب التصور والممارسة الإسلامية الصحيحة للعلاقة بين الجنسين في إطار الشرع عن المجال العام لحياة الناس كان من أسباب شيوع الفساد في المجتمع، لأن هذا الفساد انتشر في فراغ وغياب الملتزمين عن مساحة استقل بالتفاعل فيها، فشيَّد مكوناتها الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فأصبحنا أمام تفلت وانحلال لا يقره عقل أو شرع أو فطرة سليمة.
وعلى صعيد النتائج أقول ـ دون تردد ـ: إن هذا النهج أنتج أجيالاً عريضة في بلادنا العربية، خبرتها وتصوراتها وخِياراتها وممارساتها تجاه الجنس الآخر مشوبة بعدم النضج "في أحسن الأحوال"، وهذا النقص أدى إلى علاقات مضطربة في الزواج والعمل والحياة بأسرها، وانظر حولك لترى آثار وانعكاسات وتجليات هذا العيب في تعاملات الكثير من الملتزمين والملتزمات حين خرجوا إلى الحياة العملية، وأصبح لزاماً على كل واحد فيهم أن يعيد فك وتركيب وتصور الأمر على نحو أكثر واقعية، وفي إطار الإسلام، والمحاولات الفردية الناجحة لا تلغي أهمية المراجعة الجماعية الهامة والضرورية، ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد.
أخي العزيز، تبدو قصتك مثالاً حيًّا على ما أقول، فقد كنت مهيئاً بحكم تكوينك الشخصي، واختيارك الاجتماعي لنمط سلوك معين تجاه الجنس الآخر، كنت مهيئاً لما حدث لك، بما لا ينفي مسئوليتك الشخصية بالطبع عن كل خطوة وتطور.
فمع أول احتكاك لك بفتاة ـ كان من الواضح أنها ليست الأمثل بالنسبة لظروفك حدث ما حدث، وتطور الأمر بسرعة خارقة، وإلى حدود لم تكن تتوقعها، لم تكن أنت تعرف عن عالم النساء إلا هي فصارت هي كل الدنيا، وصرت تنتمي إلى عالم الخيال والأساطير والأحلام أكثر مما تنتمي إلى العالم الحقيقي، وكان من الطبيعي أن تتغاضى أنت في حينه عن أشياء كثيرة كان ينبغي أن تلفت نظرك فيها، إنما كان التفاعل والتجاوب والتصعيد المتبادل بينكما للمشاعر هو الحاكم الوحيد للعلاقة، واسمح لي أن أقول لك: إن هذه العلاقة قد تكون علاقة رومانسية جميلة، لكنها غير ناضجة.
كان يسعك حين أردت أن تطور علاقتك بها أن تعيد النظر في مسألة عدم الاحتكاك بالفتيات هذه، وتكتفي بالحديث معها في وجود الجميع؛ حتى تتعرف عليها بشكل لا يجرح المشاعر ولا يورطك وإياها في مثل ما حدث، لكنك آثرت عدم إغضاب إخوانك بمخالفة ما درجوا وتعودوا عليه ـ حرصاً على صورتك ـ وبدلاً من الحوار معها في المجال العام، وهو ما لا عيب فيه، انتقلت مبكراً جدًّا، ودون أي غطاء رسمي أو شرعي للمجال الخاص، والانتقال من العام للخاص في العلاقة بين الجنسين يعني ـ ضمناً ـ وعداً بالارتباط، وفي إطار هذا الوعد فعملتما ما كان.(56/101)
وأنا أتأمل في موقفك وموقفها، وتأملي في موقفها أشد من ناحية قبولها بما حدث، واستسلامها للإيقاع المتسارع لتصعيد العلاقة:
هل الغربة والوحدة والعاطفة والرغبة والثقة فيك، وفي أن هذه العلاقة مصيرها الزواج هي المقدمات المنطقية الكافية لتفسير هذا السلوك أم أن هواجس أهلك بشأن أخلاقها والتزامها لها نصيب من الصحة؟!
هذا أمر تستقل أنت بتقديره يا أخي العزيز، من خلال معرفتك القريبة لها.
وأقول: يبدو الزواج ختاماً جميلاً لعلاقة مثل هذه: ينجيك وإياها من عذاب الضمير ـ الذي هو موجود بالمناسبة؛ لأن ما حدث لم يكن في إطار شرعي ـ فإن تم الزواج فسيزول هذا الشعور تماماً "بإذن الله"، ولن يكون صعباً عليك أبداً أن تسترضي أهلك بالمزيد من الجهد منك ومنها قبل أو بعد العقد عليها، وتسوق عليهم من يقنعهم وتتمسك باختيارك حتى تظفر منهم على الأقل بعدم الممانعة، أو الحياد، وسيكون موقف أهل الفتاة إيجابيًّا كما وعدوا فيساعدون في الزيجة ويباركونها.. إلخ.
المشكلة ليست في هذا كله يا أخي العزيز، والإخوة والأخوات من أعضاء الفريق تعاملوا مع مشكلتك، وأجابوا عن أسئلتك ومالوا جميعاً إلى أنك ـ مدفوعاً بمشاعر الذنب ـ تدخل في زواج لن يكون الأمثل بالنسبة لمواصفات الفتاة، وبالنسبة لموقف أهلك، وبالنسبة لنظرتك أنت شخصيًّا ـ حين يذهب الشعور بالذنب ـ لفتاة "أصبحت زوجتك"، لكنها يوماً أدخلتك بيتها، وتساهلت معك.. إلخ بمعنى كيف سيكون إدراكك لهذا الشريط من الذكريات؟ وكيف ستتعامل معها بناءً على ما كان فيه؟ هل ستتفهم عندها أن ما كان إنما تم بمسئولية مشتركة منكما أم ستلقي باللوم على المرأة وحدها كما تعودنا في ثقافتنا ومجتمعاتنا؟!
أما أنا فلا أرى المشكلة تكمن في إتمام الزواج، بل ولا في الحصول على رضا الأهل فكلاهما ممكن مع بذل الجهد، وبعض الوقت. المشكلة يا أخي، أنك ستجد نفسك ـ بعد الزواج ـ وقد نزلت إلى أرض الواقع حيث الحقائق لا الخيالات والأحلام، ستجد نفسك تعيش في بيت واحد مع امرأة فيها ما فيها من ميزات ذكرتها لنا، ولم تذكر عيوبها " "من وجهة نظرك أنت" لا في رأي أهلك، فهل هي بلا عيوب؟! وهل هناك أحد بغير عيوب؟!
كما لم تذكر لنا عيوبك أنت، وهل هي قادرة أو راغبة في التعامل معها أو القبول بها؟!
ستجد نفسك في بيت واحد مع امرأة من عيوبها أنها أكبر منك سنًّا ـ وإن كان لهذا وزنه ـ وأن لون بشرتها كذا، وشكلها كذا، وبلدها كذا.. وهذا كله تفاصيل، وحواشي على متن امرأة ستكون زوجة وأمًّا ترعى بيتاً، وتنجب أطفالاً تطعمهم، وتغسل لهم.
ليت الزواج، كان جنساً فقط إذن لاختارت المرأة والرجل الشريك الأفضل من هذه الناحية، وليت الزواج كان علاقة اجتماعية بين عائلتين ـ فقط ـ إذن لاختار الناس أصحاب الحسب والنسب دون عناء، وليت الزواج كان صداقة ـ فقط ـ إذن لتزوج كل رجل بمن تشبه أصحابه في طباعها، وليته كان رعاية أسرة ـ فقط ـ إذن لتزوج طباخة ماهرة، ومديرة حضانة أو مدرسة على كفاءة، وليت الزواج علاقة عقلية وذهنية فقط.(56/102)
المشكلة أن الزواج هو هذا كله، وأكثر، وقد شاء الله أن تخرج من العالم الذي يتجاهل مسألة العواطف، والمواقف تجاه الجنس الآخر إلى عالم الواقع عبر تجربة صعبة، ومخاض مؤلم يشقيك فعلاً، وأرجو أن ينضجك.
وأرجو أن تدير أمورك بحكمة ومسئولية أكبر هذه المرة، وبدلاً من الهروب الذي حدث في المرة السابقة حين آثرت عدم إغضاب إخوانك فأغضبت ربك، أرجو أن تواجه الجميع هذه المرة، وأولهم نفسك، وتتأمل في الأمر متخففاً من تأثير شعورك بالذنب بشأن ما مضى لصالح محاولتك بعدم التورط في ظلم أكبر لنفسك ولها إن تزوجتها ثم آذيتها.
انزل إلى أرض الواقع، وضع نفسك، وهذه الفتاة، وما بينكما من علاقة على محك هذا الواقع، واسأل نفسك:
هل حبك لهذه الفتاة هو الدافع الأقوى للزواج منها، أم لمجرد تلافي الشعور بالذنب؟! لأن تلافي الشعور بالذنب ليس سبباً كافياً لإقامة أسرة ويمكن أن يتم بوسائل شتى، فإذا كان للاثنين معاً فما هو المقدار الحقيقي لحبك لها؟!
وبالحسابات العقلية: هل ترى ميزات هذه الفتاة ترجح على عيوبها؟!
وأنك تريد التمتع بهذه الميزات؟ أو ستكون قادراً على تحمل العيوب؟! وسيقتضي منك هذا جرد وسرد الميزات والعيوب، ولا مانع أن تكتبها أمامك في قائمة، بما في ذلك مسائل السن، واختلاف العادات والانفتاح البادي في سلوك الفتاة وأهلها.. إلخ.. وتضع في الإيجابيات هذه العاطفة الجياشة التي في قلب هذه الفتاة نحوك.
وأرجو أن تُخرج من هذه الحسابات ما وقع بينكما، فليس هذا مميزة أو عيبًا، إنما هو نتيجة اندفاع عاطفي مشترك.. غفر الله لكما وإيانا، وأصلح أحوالنا جميعاً.
تحتاج إلى التجرد من أوهام الحب الرومانسي لصالح اعتبارات الحب الواقعي، ومن ضغط رفض الأهل، ومن وطأة الشعور بالذنب ـ ولو إلى حين ـ لترى الأمر بحجمه الحقيقي وبأبعاده، وتحرر مسألة الزواج من هذه المرأة مما اكتنفها من غبش شوّش على الوضوح أمام عينيك.
ونحن يا أخي في هذه الصفحة لا نستطيع أن نختار، وليست هذه مهمتنا ولا رغبتنا؛ إنما نضيء لك ما يمكن أن يكون خافتاً عليك، وعندها يمكن أن تتضح السبل أمامك، وعليه فأرجو أن ترى الزواج ليس فقط بوصفه نهاية فصل من فصول القصة، ولكن بوصفه ـ في الوقت ذاته ـ بداية فصل آخر، فإن اخترت الزواج منها فلن يكون صعباً الحصول على موافقة أهلك، وصدق من قال: "الصعب يمكن إنجازه، والمستحيل يحتاج لبعض الوقت" وسيكون ذلك تتويجاً مرضياً لأول قصة حب تعيشها، وله ما بعده.
وإن اخترت أن تبتعد فستتألم أنت، وستتألم هي ألماً قد يكون أهون من تعاسة تطول.. كلا الاختيارين وارد، فقل لنا: ما هو الاختيار الذي ستستقر عليه؟
اشترك في الإجابة على هذه المشكلة أعضاء فريق مشاكل وحلول
ـــــــــــــــــــ(56/103)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الطلاق عام
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
هل يقع الطلاق إذا كتب لزوجته قائلا أنت مسرحة
تاريخ الفتوى : ... 24 صفر 1428 / 14-03-2007
السؤال
بعد خمسة أشهر من زواجي، علماً بأني أقيم في بلد وهو في بلد آخر نظراً لظروفنا أرسل إيميل يقول لي بأني مسرحة منه، فهل هذا طلاق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في لفظة السراح هل هي صريحة في الطلاق أم كناية فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 37121.
والقول بأنها كناية هو ما رجحناه، والفرق بين الصريح والكناية، أن الصريح يقع به الطلاق ولو بغير نية، أما الكناية فلا يقع به الطلاق إلا بالنية، هذا عند النطق بهما، أما عند كتابتهما من غير نطق فلا بد من النية سواء في ذلك الصريح والكناية، هذا هو الصحيح خلافاً لمن قال بعدم وقوع الطلاق بكتابة الكناية ولو مع النية، وعلل بأن الكتابة كناية فلا يكون للكناية كناية، فقد رده جمع من العلماء، قال في تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وبقوله فأنت طالق ما لو كتب كناية كأنت خلية فلا يقع، وإن نوى إذ لا يكون للكناية كناية كذا حكاه ابن الرفعة عن الرافعي وردوه بأن الذي فيه الجزم بالوقوع تبعاً لجمع متقدمين قال الأذرعي، وهو الصحيح، لأنا إذا اعتبرنا الكتابة قدرنا أنه تلفظ بالمكتوب. انتهى.
وعليه فما كتب لك زوجك يتوقف حصول الطلاق به أو عدمه على نيته، فإن نوى طلاقاً وقع وإلا فلا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/1)
حكم قول الزوج عن زوجته : قد طلقتها
تاريخ الفتوى : ... 24 صفر 1428 / 14-03-2007
السؤال
رجل أخرج زوجته من المنزل وحين جاء الليل وهو جالس مع أولاده على الطعام قال لهم انتبهوا لوالدتكم ؟ فقلنا له هي مازالت في عصمتك قال لا (قد طلقتها) فسألنا الشيوخ فقالوا إنها طالق وأبي يقول إنها ليست طلقة إنما أراد التأديب وإنها لم تكن موجودة فما الحكم في هذا علما أننا مازلنا في مشاكل منذ سنة ونصف من الحادثة وأيضا هي الطلقة الثالثة؟
وشكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج عن زوجته (قد طلقتها) له احتمالان:
الأول: أن يريد به إنشاء طلاق جديد، وهذا لا إشكال في أنه طلاق ولو كانت الزوجة غائبة، إذ لا يشترط سماعها أو علمها بالطلاق.
ولا عبرة بنيته التأديب، فالطلاق الصريح يقع بمجرد النطق به.
الثاني: أن يريد به الإخبار بأنه طلقها من قبل، فهذا خبر يحتمل الصدق أو الكذب، وهذا أي الإخبار لا يقع به الطلاق، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 3165.
فيمكن أن تسألوا والدكم ماذا أراد بقوله المتقدم، فإن أراد إنشاء الطلاق وقت تكلمه بالكلمة فقد طلقت منه والدتكم، وحيث إنه قد طلقها من قبل مرتين فقد بانت منه بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وإن أراد به إخباركم بأنه طلقها أي قبل هذه اللحظة فلا يقع الطلاق بهذا الإخبار وتبقى والدتكم في عصمته.
نسأل الله أن يصلح حالكم وحال والديكم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/2)
تلفظ الزوج بين يدي القاضي بلفظ الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1428 / 12-03-2007
السؤال
هل يجوز الطلاق أمام القاضي، ولماذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تقصد تلفظ الزوج بين يدي القاضي فهذا جائز وهو آكد من غيره، وليس شرطاً لوقوع الطلاق، فالمرء إذا تلفظ بالطلاق قاصداً لفظه لمعناه وقع عليه، سواء أكان عند القاضي أم وحده، أشهد على ذلك أم لم يشهد، وتراجع الفتوى رقم: 12963 لمعرفة حكم الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/3)
الألفاظ المصحفة في الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 صفر 1428 / 12-03-2007
السؤال
ما هي الألفاظ المصحفة؟
وهل يقع الطلاق بها صريحا بدون نية حتى لو يكن الزوج يعلم بهذا أم أنها تعتمد على عرف القوم؟
وهل لفظي طالع و طابق من الألفاظ المصحفة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالألفاظ المصحفة في باب الطلاق ورد ذكرها في كتب الحنفية وهي عندهم خمسة: تلاق وتلاغ وطلاغ وطلاك وتلاك.
وأما هل يقع بها الطلاق فقد سبق جوابه في الفتوى رقم:93215 ، كما سبق الجواب عن كلمة طابق وطالع فيها فراجعيها، والظاهر أنهما لا يعتبران من الألفاظ المصحفة عند من ذكرها بدليل حصرهم لها في الخمسة السابقة كما يقع من كلامهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/4)
قول الزوج لامرأته أنت طالع أو طابق بالثلاثة
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1428 / 08-03-2007
السؤال
كنت أريد أن أستوضح فى أمر طلاق الهازل، هل هو من هزل بكلام فى أمور الطلاق بمعنى أنه ذكر ألفاظا تشبه الطلاق مع اعتقاده أنها لا توقعه (كما سألتكم عن طابق بالثلاثة وطالع بالثلاثة) وأشباههم..... فزوجي كان يمزح معي بما يعلم أنه يشبه الطلاق، ولكنه معتقد أنه لا يوقعه (أنا أخشى أن تكون كلمة ثلاث هنا تعمل كقرينة تجعل هذا الكلام كأنه طلاق هزل)، أم أنه لا بد أن يكون مريداً للفظ الذي يعلم أنه يوقع الطلاق مازحا به؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الكلام عن طابق وطالع في الفتوى رقم: 93215، وذكرنا أنها ليست من صريح الطلاق ولا من كنايته، فلا يقع بها، وإن أراده لأنها لا تحتمله، ولا عبرة بقوله بعد الألفاظ المذكورة ثلاثاً ما دامت الألفاظ لم توضع للطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/5)
هل يكفي الطلاق المدني الصادر من دولة غير مسلمة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1428 / 06-03-2007
السؤال
سيدي الفاضل، في البداية أود أن أتقدم لسيادتكم بخالص شكري وتقديري على ما تقدمه في سبيل نهضة الأمة الإسلامية وهداية المسلمين ونظرا لثقتي الشديدة في أرائك الحكيمة ولأنه ليس لي ملجأ سواك للسؤال والمشورة فقد قررت أن أكتب إليك لعلك تطفئ نار الحيرة في قلبي.
أنا سيدة عربية مسلمة سنية وأعيش في كندا، كنت متزوجة وأعيش مع زوجي في هذا البلد وحدث بيننا الكثير من المشاكل نظرا لسوء معاشرته لي وسوء معاملته لأبنائنا ومن هذه الأشياء على سبيل المثال وليس الحصر، إهانته المستمرة لي سواء بالضرب أو بالسب حتى أنه ذات مرة ألقى علي وعاء يحتوي على حساء مغلي مما تسبب لي في ضرر كبير، ضربه لابننا وعمره 7 سنوات مما تسبب له في مرض في الدماغ أكد الأطباء أن الأمل في الشفاء منه ضعيف للغاية، أما الطامة الكبرى وهي طلبه الدائم والفرض علي بالقوة لمعاشرتي بالطريقة التي حرمها الله والتي يهتز لها عرش السماء ( بالتأكيد أنت تفهم قصدي جيدا )، إجباري على التنازل له عن ميراثي من أبي وذلك بعقد عن طريق محامي قريب له وبدون شهود، وغيرها وغيرها من الأشياء التي لو ذكرتها جميعا لاحتجت إلى مئات الصفحات لكني لا أريد أن أطيل على سيادتكم .
تركت البيت بعد أن ضاق صدري بكل ما يحدث وطلبت مه الطلاق لكنه لم يقبل ورجع هو إلى بلدنا الأم، قمت بالاتصال به وطلبت منه الطلاق مرة أخرى فقام بمساومتي وطلب مني نقودا وبالفعل أرسلت له هذه النقود ومعي ما يثبت ذلك إلا أنه ماطل مرة أخرى، وبعد محاولات كثيرة طلقني في بلدنا الأم وفرحت لذلك كثيرا .
وفي أثناء هذه الفترة تقدم إلى شخص آخر لخطبتي على خلق ودين إلا أنه سمع بذلك الأمر وأرجعني إلى عصمته قبل انتهاء فترة العدة بثلاثة أيام غيابيا مع العلم بأنه تزوج من أخرى وله حياته حتى أبنائه لا يسأل عنهم بأي شكل من الأشكال .
بعد ذلك أقمت دعوى قضائية في البلد لأجنبي التي أعيش فيها لطلب الطلاق وكسبتها لأن أسبابي قوية وبالفعل تم الطلاق عن طريق المحكمة المدنية في تلك البلد . علما بأنني قد اعتبرت هذا الطلاق مثل الخلع الذي حلله الله وذلك لأنني قد تنازلت عن كل حقوقي كما أنه قد استرد المهر المقدم وأكثر منه بكثير .
والآن سؤالي لك سيدي، هل هذا الطلاق يعتبر شرعيا أم أنني مازلت على عصمته ؟ وهل يحق لي الآن شرعيا الزواج من آخر أم لا ؟؟ علما بأن معي الآن طلاقا رسميا من البلد الأجنبي التي أعيش فيها وذلك منذ عام كامل.
أرجو منك سيدي أن ترد على رسالتي في أقرب وقت ممكن فأنا في حيرة من أمري ولا أريد أن أغضب الله .
جزاكم الله خيرا وأعتذر عن الإطالة في رسالتي .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا النوع من القضايا تفصل فيه المحاكم الشرعية أو من يقوم مقامها فهي صاحبة الاختصاص في حل أمور المناكرات والدعاوي، أما الفتوى من بعيد فلا تفيد في هذا النوع إفادة كبيرة، وعلى العموم ليس للزوج حق في عضل زوجته بالصورة المذكورة، فإن هذا من الاستهزاء بآيات الله، وفي ذلك نزل قوله تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللهِ هُزُوًا {البقرة:231} قال ابن كثير في التفسير: "كان الرجل يطلق المرأة فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارا لئلا تذهب إلى غيره ثم يطلقها فتعتد فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة فنهاهم الله عن ذلك وتوعدهم عليه فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أي بمخالفته أمر الله تعالى" انتهى
كما أن طريقته المذكورة في معاشرتها من كبائر الذنوب كما سبق بيانه في الفتوى رقم:8130 ، ولا يجوز لها طاعته في ذلك.
ولها حق طلب الطلاق للضرر، فإن أجاب الزوج وإلا طلق عنه القاضي، أو من يقوم مقامه من مركز إسلامي ونحوه، وليس للزوج أخذ العوض في الخلع إذا كان الضرر منه على الزوجة، كما سبق في الفتوى رقم: 49317.
وإذا كان الزوج قد أخذ العوض الذي بذلته له زوجته، وقبل ما تنازلت له منه من حقها مقابل إنهاء العصمة، فإن الخلع يقع عليه ولو لم يتلفظ به كما نص عليه أهل العلم. قال في مختصر خليل للخرشي: ( ص ) وكفت المعاطاة ( ش ) أي كأن تعطيه شيئا على وجه يفهم منه أنه في نظير العصمة ويفعل فعلا يدل على قبول ذلك ) انتهى، قال في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك(لو أعطته المال في نظير الطلاق من غير تعليقه على شيء، وقبله وقع الطلاق بائنا، وإن لم يتلفظ بشيء قال في المختصر: وكفت المعاطاة الخرشي كأن تعطيه شيئا على وجه يفهم منه أنه في نظير العصمة، وكأن تدفع له دراهم، ويقبل منها ذلك ا هـ المجموع، وكفت المعاطاة حيث فهم الخلع ا هـ،) انتهى
وكان ينبغي للأخت أن تلجأ إلى المركز الإسلامي في بلد إقامتها لحل قضيتها، أو لتحديد الحق الذي لها أن تطالب به عن طريق القانون الوضعي، أما اللجؤ إلى القانون الوضعي ابتداء فلا يجوز، فقد نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، المنعقد بكوبنهاجن- الدانمارك مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين من الهجرة الموافق 22-25 من يونيو لعام ألفين وأربعة من الميلاد على (أنه يرخص في اللجوء إلى القضاء الوضعي عندما يتعين سبيلا لاستخلاص حق أو دفع مظلمة في بلد لا تحكمه الشريعة، شريطة اللجوء إلى بعض حملة الشريعة لتحديد الحكم الشرعي الواجب التطبيق في موضوع النازلة، والاقتصار على المطالبة به والسعي في تنفيذه.) كما تطرق البيان إلى (أن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية) انتهى
وعليه فعلى الأخت أن تتوجه إلى المركز الإسلامي لإتمام الأمر من الناحية الشرعية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/6)
لا يقع الطلاق بالخبر
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1428 / 06-03-2007
السؤال
أنا تزوجت وطلقت وتزوجت مرة أخري ولي ولد من طليقتي وبنت من زوجتي الجديدة -وعندما سافرت للعمل للخارج قلت علي نفسي مرات عديده لبعض الأشخاص أني مطلق- لأني لم أكن أريدهم أن يعلموا أني متزوج مرة أخري- وأحيانا أقول للبعض أني مطلق بدون أطفال وأحيانا أقول للبعض الآخر أني مطلق ولي ولد وبنت، وكنت أقول هذا الكلام على أساس أني مطلق قبل ذلك زوجتي الأولي وكنت أظن أني في هذه الحالة لا أكذب لأني بالفعل مطلق زوجتي الأولي قبل زواجي من الثانية- وسؤالي لفضيلتكم: هل ما كنت أقوله من أني مطلق سواء بأولاد أو لا يوقع علي طلاق بالفعل من زوجتي الحالية، علما بأني في غايه الندم مما كنت أقوله وأني في إحدى المرات انتابني شك أو خوف من أنه من الممكن أن يكون قد وقع علي طلاق من زوجتي الحالية من جراء هذا الكلام، ولكني قلت لنفسي إني مطلق بالفعل زوجتي الأولى، فعليه أنا لا أكذب ولا طلاق علي من زوجتي الجديدة، فأفيدوني أفادكم الله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول الزوج في معرض الإخبار (أنا مطلق أو طلقت زوجتي) لا تأثير له في العصمة إذ هو من باب الإخبار، وليس من باب الإنشاء، والإخبار إذا لم يقصد به الإنشاء لا يترتب عليه شيء، فما قاله السائل خبر، ولا يقع الطلاق بالخبر، وقد سبق أن من تلفظ بلفظ الطلاق وهو لا يقصد إنشاء الطلاق بل يقصد معنى آخر، فإنه لا يقع عليه الطلاق، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3165.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/7)
هل يمكن استرجاع الزوجة إذا طلقت نفسها بتفويض من زوجها
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1428 / 05-03-2007
السؤال
سأحدثكم عن مشكلتي النادرة الحدوث ، فقد أرسلت لي زوجتي التي تزوجتها منذ وقت قريب ورقة الطلاق ، وذكرت فيها أنها طلقت نفسها مني طلاقا بائنا ، مستخدمة في ذلك تفويض الطلاق الذي أعطيته لها في صك الزواج الرسمي وقت العقد ، فحسب قوانين بنجلاديش تعطى الزوجة صلاحية تطليق نفسها تلقائيا في كل صك زواج رسمي ، وما لم يقم الزوج بإلغاء هذه الصلاحية في صك الزواج تصير سارية المفعول تلقائيا كما لو وافق على تفويض الزوجة في تطليق نفسها ، ورغم علمي بهذا الأمر عند العقد فقد تركت الأمر بلا تغيير ظنا مني أن الأمر غير ضروري ، إذ لم أتصور قط أن تلك الصلاحية سوف تستخدم عمليا ، فهل أمامي الآن أي سبيل لإرجاع زوجتي؟ أرجو أن تشرحوا لي موضوع الاختيار (التخيير) . وهل يجوز للزوج أن يلغي تفويض زوجته في الطلاق بعد منحه لها ؟ وما هي شروط وقوع الطلاق إذا ما اختارت الزوجة أن تطلق نفسها بموجب هذا التفويض؟ وهل يقع ذلك الطلاق رجعيا أم بائنا ؟ وإذا كان رجعيا فهل يتوقف على رضا الطرفين ؟ أم يحق لأي منهما أن يلغيه؟ وبالنسبة للعدة ، نحن نعلم أنه لا عدة في الطلاق قبل الدخول ، فما شرط الطلاق في هذه الحالة ؟ وهل يقع ناجزا على الفور إذا كان قبل الدخول أم أنه يقع بعد فترة معينة ؟ وما هي أحكام الرجعة في مثل هذا الوضع؟ وهل يمكن في أي وقت أم أنه لم يعد هناك فرصة للمراجعة؟ ولو أمكن الرجوع فما هي كيفيته؟ وهل يكفي مجرد الرجوع عن الطلاق أم لا بد من تجديد العقد ؟ أم أنه يجوز للمرأة في حالة الطلاق المذكورة أن تتزوج من تشاء سواء كان زوجها أو غيره في أي وقت تشاء ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه أسئلة كثيرة جداً ، وبعضها يتداخل مع البعض . وقبل الجواب عنها، نريد أولاً أن ننبهك إلى أننا كما قد أجبنا في فتاوى سابقة عن بعضها، ولك أن تراجع من ذلك فتوانا رقم : 9050، عن حكم تفويض المرأة تطليق نفسها،وفتوانا رقم : 20741، عن أن الطلاق قبل الدخول طلاق بائن ، وفتوانا رقم : 41127، عن أن الخلوة الصحيحة لها حكم الدخول ويترتب عليها آثار الدخول ، وفتوانا رقم : 31394، عن أنواع الطلاق.
وإذا ملك الزوج لزوجته طلاق نفسها كان من حقها أن تنفذ ما ملكته. ففي المغني لابن قدامه معلقاً على قول الخرقي: ( وإذا قال لها : أمرك بيدك فهو بيدها ، وإن تطاول، ما لم يفسخ أو يطأها ) قال : وجملة ذلك أن الزوج مخير بين أن يطلق بنفسه وبين أن يوكل فيه ، وبين أن يفوضه إلى المرأة ويجعله إلى اختيارها؛ بدليل أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير نساءه فاخترنه . ومتى جعل أمر امرأته بيدها فهو بيدها أبداً ....أ.هـ.
ومن هذا يتبين لك أنه ليس بإمكانك أن تسترجع زوجتك طالما أنها قد أخذت بهذا الحق ، وأن طلاقها كان قبل الدخول؛ لأنها بذلك تبين منك ، ولا يمكنك استرجاعها إلا بعقد جديد.
ثم إنه لا يمكن وصف هذا التمليك بأن الزوج مكره عليه بمقتضى القوانين؛ لأنه ورد في سؤالك أن القوانين تعطي الزوجة صلاحية تطليق نفسها تلقائيا ما لم يقم الزوج بإلغاء هذه الصلاحية . فطالما أن الزوج يمكن أن يلغي هذه الصلاحية ، فإنه إذا لم يلغها لا يعتبر مكرها على التمليك .
وفيما إذا كان يجوز للزوج أن يلغي تفويض زوجته في الطلاق بعد منحه لها ،فالجواب أن له ذلك قال ابن قدامه : ويجوز أن يجعل أمر امرأته بيدها بعوض وحكمه حكم ما لا عوض له في أن له الرجوع فيما جعل لها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/8)
قول الزوج ممكن أقولها ألف مرة بقصد الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1428 / 05-03-2007
السؤال
في مرة قال لي زوجي إذا خرجت لن تكوني على عصمتي ولم أخرج وقتها وكان الحلف مقصودا به وقتا معينا.......
المشكلة أنه قد وعدني ألا يفعل ذلك ثانية......وكنا نتناقش من يومين في ذهابي لمكان معين وقلت له مازحة أعتقد أننا قد تعلمنا من المرة السابقة و لن نقول هذا الكلام مرة أخرى (أقصد الحلف بألا أكون على عصمته) فقال لي ممكن أقولها ألف مرة (أو أقولها ألف مرة) وهو يقصد نفس ما قصدته هل هكذا وقع طلاق.
إننا تحدث بيننا أمور كثيرة على هذا المنوال تقلقني وقد سألتكم فيها من قبل
هل هو المخطئ أم أنا أدقق في كل كلمة.
إني أخاف الله و بدأت أفكر في أن هذا قد لا يكون زوجي و لا أدرى ماذا أفعل؟ و أنا حامل وهذا يؤثر علي. أفتوني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبنا عن بعض سؤالك هذا في الفتوى رقم:80618، وقوله لك: ممكن أقولها ألف مرة أو أقولها ألف مرة ليس طلاقا ولا تعليقا للطلاق بل هو
وعد بقول تلك الكلمات فإن قالها رجعنا بعد ذلك إلى نيته أما إذا لم يقلها فليس بشيء.
ومشكلتك أنك مصابة بمرض الوسواس وزوجك لا يراعي حالتك، فننصحه أن يتقي الله فيك فإنه مأمور بحسن معاشرتك لقول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: من الآية19} وليس من حسن العشرة أن يتعمد إيذاءك بهذه الألفاظ، وعليك أن تجاهدي هذا الوسواس ولا تسترسلي فيه، وراجعي الفتاوى التالية:10355، 3086، 15409.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/9)
من الألفاظ التي لا يقع الطلاق بها
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1428 / 05-03-2007
السؤال
كنت قد استفتيت من قبل فى زوجي قال لي مازحا يوما ونحن نتحدث عن طلاق أحد أقاربي أتذكري عندما قلت لي طبقني (مزاح ثم قال فقلت لك أنت طابق بالثلاثة) وليس طالق أو قالها بصيغة المضارع لا أذكر (يعنى أنت طابق بالثلاثة) ثم عندما ذهبت واستفتيت قلت له أن ليس فيها شيئا كما قال لي من استفتيت في دار الإفتاء، ولأنه يعلم أني أوسوس قال لي ما دمت تعلمى انها لا توقع شيئا سأجرب معك مرة أخرى لأتاكد أنك تخلصت من الوساوس... وقال لي كلام مبني على أشخاص يعني رجل قال لزوجته أنت كذا لم يكن كلام مباشر لي... ولكني أظن أنه قال كلمة مباشرة ولكن لا أتذكر ما هي ولكنها بالتأكيد ليست طالق..... وعندما نهيته عن ذلك قال لي ممكن أقولك يوم الجمعة مرة واحدة أنت طالع بالثلاثة بالهزار، لكن لم يقل شيء يوم الجمعة بعدها ولا في أي يوم وقلت له أن هذا عبث بأيمان الله، المشكلة أني فعلا موسوسة ولقد سألت من قبل وقلتم لي إن هذا لم يقع
، وقد زاد من قلقي ما قرأته فى كتاب تحفة المحتاج فى شرح المنهاج وبه هذه الفقرة(والحاصل أن هنا ألفاظا بعضها أقوى من بعض فأقواها تالق ثم دالق وفي رتبتها طالك ثم تالك ثم دالك, وهي أبعدها [ص: 14] والظاهر القطع بأنها لا تكون كناية طلاق أصلا ثم رأيت المسألة منقولة في كتب الحنفية قال صاحب الخلاصة وفي الفتاوى رجل قال لامرأته أنت تالق أو تالع أو طالع أو تالك عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل أنه يقع, وإن تعمد وقصد أن لا يقع ولا يصدق قضاء, ويصدق ديانة إلا إذا أشهد قبل أن يتلفظ [ص: 15]، وقال إن امرأتي تطلب مني الطلاق ولا ينبغي لي أن أطلقها فأتلفظ بها قطعا لعلتها وتلفظ وشهدوا بذلك عند الحاكم لا يحكم بالطلاق وكان في الابتداء يفرق بين الجاهل والعالم كما هو جواب شمس الأئمة الحلواني ثم رجع [ص: 16] إلى ما قلنا وعليه الفتوى)، ووجدت ألفاظا ليس منها طالع فى جامع الفقه على المذاهب الأربعة وسميت بالألفاظ المصحفة، فهل معنى ذلك أن من قال أنت طالع يحسب طلاقا حتى بدون نية أم أني فهمت بالخطأ، وما الرأى الواجب علي اتباعه فى هذا الوقت، كما أن زوجي قد قال لي يوما إن كنت تشكي أنك زوجتي فاتركيني إذا شئت وقلت لا وقتها... ولكن بعدها بشهر تقريبا كان يحدثني مازحا فى الزواج علي فقلت له وأنا أيضا سأفكر فى قبول عرضك بأن أسيبك أو قلت أني سأسيبك لا أتذكر أيهما ولم يكن فى نيتي تركه حقيقة، فهل هذا يوقع طلاق، وهل الأتقى عند الله البقاء مع الزوج حتى مع وجود شك أم أن ينفصل الزوجان خوفا من أن يكون وقع بينهما طلاق؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن لفظ طابق فسبق جوابه في الفتوى رقم: 80644.
وأما عن الكلمة التي تشكين في أنه قالها، لكنها ليست كلمة طلاق، فهذه أيضاً لا يقع بها شيء، لأنها مشكوك فيها، والشك سبق أن لا عبرة به في وقوع الطلاق، ولأن الكلمة لم تكن بلفظ الطلاق، ولا نية له فيه على كل حال، وأما عن كلمة طالع فقد سبق الجواب عنها في الفتوى رقم: 92980.
وأما عن كلام التحفة فقد قال عن الألفاظ المذكورة: والظاهر القطع بأنها لا تكون كناية طلاق أصلاً. وكلمة طالع أبعد مما ذكر فلا تكون كناية في الطلاق، ومع ذلك يجب البعد عن هذه الكلمات، لأن من أهل العلم من يوقع الطلاق بكل لفظ قصد به الطلاق، ولو كان بعيداً كل البعد عن لفظ الطلاق ومعناه، قال خليل المالكي في مختصره: وإن قصده بـ كاسقني الماء، أو بكل كلام لزمه.
وأما قول الزوج (إن كنت تشكين أنك زوجتي فاتركيني إذا شئت) فعلى فرض أنه نوى به تفويضك بالطلاق فيشترط لوقوعه تطليقك فوراً، ولم يقع شيء من هذا وبالتالي لم يقع به الطلاق، ثم نقول جواباً على الفقرة الأخيرة من السؤال: القاعدة الفقهية تقول إن اليقين لا يزول بالشك، فالزواج ثبت بيقين فلا يزول بهذه الشكوك التي ننصحك بتركها وصرف الفكر عنها وشغله بالمفيد، واعلمي أنك ستجدين عناءاً كثيراً إذا لم تطردي عنك الوسواس وعلاج الوساوس الإعراض عنها جملة، كما قال أهل العلم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/10)
الفتوى : ... حكم تطليق الزوجة من زوجها لكونه ارتكب ما يخل بالأخلاق
تاريخ الفتوى : ... 15 صفر 1428 / 05-03-2007
السؤال
زوجي مسجون بسبب قضية مخلة للأخلاق وأهلي يريدون أن يطلقوني منه وأنا أقول عسى ربي يهديه كيف افعل هل أفارق زوجي وأطيع أهلي أم أعصي أهلي وأبقى مع زوجي علما بأنه لم يدخل علي زوجي بعد أفيدوني بالله عليكم فأنا لا أريد التخلي عنه لأنه بحاجة إلي ويريد أن يهتدي فأنا سأساعده بعد الله سبحانه وتعالى؟؟؟
قولوا لي ماذا أفعل وماذا أقدم؟؟؟
أهلي لا يعلمون أني على اتصال معه ولو دروا سيذبحونني وأنا خائفة ولكن ما أعرف إيش أقدم على الثاني فأنا أدعو الله أن يجمعني معه وأن تفرج كربته وإذا سجن سنة فأنا سأنتظره ولكن أهلي لن يوافقوا أبدا أبدا فماذا أفعل؟
رجاء ردوا في أقرب وقت.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقد الزواج بعد إبرامه لا يملك حله إلا الزوج أو القاضي أو نحوه عند وجود سبب لذلك كإثبات الضرر الواقع من الزوج على زوجته بمنع نفقة ونحو ذلك، وكذا إذا ظهر بالزوج عيب من العيوب التي تعطي للزوجة الخيار في فسخ النكاح أو الاستمرار فيه، فلها وحدها حينئذ القيام بفسخ النكاح. قال في تحفة الحبيب في شرح الخطيب: فإذا زوجها فتبين أنه مجبوب أو عنين حالة العقد فلا خيار للولي بل الخيار لها لأن الحق لها في ذلك ولا حق للولي فيه.اهـ
أما إذا طرأ على الزوج ما يقدح في كفاءته كسرقة أو غصب أو ارتزاق بحرفة دنيئة مثلا، بل ولو اطلع فيه على عيب من العيوب التي تعطي الخيار للزوجة ورضيت بها ففي كل هذه الحالات لا كلام لها هي ولا لغيرها من أوليائها.
قال في حاشية ابن قاسم العبادي في معرض النكاح على موجب الخيار: بخلاف ما لو بان فاسقا أو دنيئ النسب أو الحرفة مثلا فلا خيار لها حيث أذنت فيه..اهـ
وقال في التجريد لنفع العبيد: والعبرة في الكفاءة بحالة العقد.. وبما تقرر من العبرة بحالة العقد على أن طرو الحرقة الدنيئة لا يثبت الخيار.اهـ
وبما تقدم يعلم أنه ليس لأولياء السائلة شرعا الحيلولة دون استمرارها في الزواج من زوجها الذي ارتكب ما يخل بالأخلاق، وأن تدخلهم في الموضوع ظلم لها ولزوجها، اللهم إلا في حالة ما إذا كانت المصلحة في تخليصها منه، فلوالدها حينئذ أن يخالع زوجها عنها إن رضي ولو كانت هي غير راضية، جاء في الشرح الكبير للدردير عند قول خليل في مختصره: أوجاز من الأب عن المجبرة: المراد من لو تأيمت بطلاق أو موت زوجها لكان له جبرها فيخالع عنها من مالها ولو لجميع مهرها بغير إذنها.اهـ
والخلاصة والله تعالى أعلم أن أهل هذه المرأة ليس من حقهم تطليقها على زوجها باستثناء والدها فله أن يخالع زوجها إن رضي زوجها ولو لم ترض هي، وليس من حقهم أيضا إرغامها على التخلي عنه، إلا في الحالة التي يجوز لها طلب الطلاق، وقد ذكرناها في الفتوى رقم:13183، وإذا ما تحققت هذه الحالة فلأهلها أن يطلبوا منها أن تطلب منه الطلاق إن لم تطلبه هي. أما في غير هذه الحالة فلا يجوز لها أن تطيعهم في أمر لا يجوز لها هي وهو طلبها الطلاق من زوجها لغير ضرر، فإن خشيت من تمسكها بزوجها ورفض طلب الطلاق منه على نفسها من أهلها فلها أن ترفع القضية إلى من يؤمنها من شرهم، والاولى أن تسلط عليهم قبل ذلك من يبين لهم الحكم الشرعي فلعلهم إن علموا استجابوا لأمر الله تعالى وتركوها وشأنها.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:42739 ، والفتوى رقم: 19935.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/11)
الطلاق في منظور الشرع
تاريخ الفتوى : ... 10 صفر 1428 / 28-02-2007
السؤال
أما بعد سؤالي هو كيف ينظر ديننا الحنيف إلى ظاهرة الطلاق التي أصبحت معممة في كل أقطار العرب؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الطلاق الكراهة وقد يحرم، وقد يجب ويستحب أيضا ويجوز في بعض الحالات لأسباب تقتضيه ودواع دعت إليه، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم:
12963، والفتوى رقم: 6875، ولكن الشرع مع ذلك لا يرغب فيه ولا يشجع عليه بل إن من أهل العلم من حرمه لغير حاجة.
فقد ورد عن الإمام أحمد رواية أنه يحرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراما كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
وقال ابن تيمية: والطلاق في الأصل مما يبغضه الله وهو أبغض الحلال إلى الله، وإنما أباح منه ما يحتاج إليه الناس كما تباح المحرمات للحاجة. انتهى.
وقال ابن العربي عند تفسيره لقول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء: من الآية19}: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيرا له. انتهى.
وقال ابن الجوزي في الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين:
أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا ومحمود عاد مذموما.
والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.
وبهذا يعلم أن ظاهرة الطلاق وتفشيه وما يترتب عليا من الآثار المدمرة ظاهرة يمقتها الشرع ولا يرضاها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/12)
حكم طلاق المعقود عليها لإصابتها بالتصلب العصبي
تاريخ الفتوى : ... 03 صفر 1428 / 21-02-2007
السؤال
خطبت امرأة على سنة الله ورسوله وبعد كتابة العقد (عقد النكاح) بفترة مرضت البنت وتبين لدي إن البنت مريضة بمرض نادر وغريب وهو معها من قبل العقد بسنتين واسم المرض التصلب العصبي وتأخذ البنت إبرا تحت الجلد ثلاث مرات أسبوعيا وكان عذرهم أنهم توقعوا أن المرض سوف ينتهي بعد كتابة العقد بشهر تاريخ معين (هكذا قال لهم الطبيب) ولكن بعد سؤال الطبيب تبين أن المرض ليس له علاج وهم يعلمون بهذا الأمر وأن المرض سوف يبقى معها طول العمر(وهو الأمر الذي لا يعلمونه) , فماذا علي أنا الزوج إذا فسخت العقد (مهر وشبكة) وهل أكون ظلمت البنت إذا فسخت العقد؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن العيب المذكور في المرأة عيب لا يمنع الاستمتاع بها، وعليه فليس من العيوب التي يستحق بها الزوج الفسخ، ولكن إذا رأيت عدم القدرة على الاستمرار في هذا النكاح، وكان الذي تم بينك وبين هذه المرأة هو مجرد العقد فقط فلكَ أن تطلق ولست ظالماً لها، وعليك نصف المهر، لقوله تعالى:
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ... {البقرة:237}، و يقع طلاقها بائنا، لأنه لا عدة عليها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا] {الأحزاب:49} .
وأما إذا كنت قد دخلت بها، أو خلوت بها خلوة صحيحة فعليك المهر كله المعجل والمؤجل، ولمعرفة الخلوة الصحيحة وأقوال أهل العلم فيها راجع الفتوى رقم: 43479.
أما الشبكة فإن كان المتعارف عليه أنها من المهر فإنها تتنصف كالمهر، وإن كان المتعارف أنها هدية يقدمها الخاطب لمخطوبته، أو الزوج لزوجته فتكون من حق الزوجة.
وأما حكم إخبار الزوج بالعيب فسبق في الفتوى رقم: 31586، فتراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/13)
طلب الطلاق للضرر جائز
تاريخ الفتوى : ... 02 صفر 1428 / 20-02-2007
السؤال
شيخنا الفاضل أرجو الاستفسار عن قضيتي وهي جد مهمة في حياتي وأنا حائرة من أمري أنا امرأة متزوجة منذ 5 سنوات وأم لولدين
وزوجي يسيء معاملتي فهو يضربني ضربا مبرحا ويشتمني أمام مرأى من أولادي والأخطر من ذلك أنه يصلي وفي بعض الأحيان يتركها ومرة تشاجر معي في رمضان ومن شدة غضبه شرب الماء وقال لي أنت السبب وتتحملين الذنب ويقول بأنه إنسان غير سوي الشخصية وكل مرة أريد الانفصال يقول بأنه سيتغير وحالته مؤقتة لأنه لا يعمل وفي كل مرة يعود إلى ضربي فقررت أن أرفع دعوى إلى المحكمة مع العلم أني أقطن في بلد أوربي لطلب الانفصال عنه علما أنه طلقني طلقتين بالقول ثم أتى بشاهدين ليراجعني قبل انقضاء العدة فرجعت إليه لأنه قال بأنه تاب وأصبح يصلي مع العلم أن المحكمة طلبت منه الخروج فورا من البيت ويذهب ليعالج نفسه عند طبيب نفساني والآن يطلب مني أن أسحب القضية لأنه على حسب قوله تاب والله أعلم ومشكلتي أني لا أثق فيه لأنه ناقض للعهد فأرجو منكم أن توضحوا لي الأمر وجزاكم الله خير الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أولا تنبيه هذا الرجل إلى أنه بتكاسله عن الصلاة وقطعه لصومه في نهار رمضان وغير ذلك مما يرتكبه على شفا هلكة إن لم يتب إلى الله تعالى، وأما أنت فما ذكرت عنه من سوء المعاملة هو من الضرر البين الذي يبيح لك طلب الطلاق، فقد ذكر الفقهاء أن الضرر البين كالشتم والضرب وأخذ المال يطلق به، قال خليل في مختصره: ولها التطليق بالضرر البين.
فوازني بين مصلحة البقاء معه لأجل الأبناء واجتماع شمل الأسرة، وبين فراقه والتخلص من ضرره وشره. والذي ننصحك به التريث وعدم الاستعجال بطلب الطلاق، إلا إذا كنت تعلمين أنه لن يستقيم ويتوب من كبائر الذنوب التي يرتكبها والموبقات التي يعملها، وأنه لن يكف أذاه عنك من سبه وضربه لك، سيما أمام أبنائك لما لتلك الأفعال وذلك السلوك من التأثير على الأبناء عاجلا وآجلا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/14)
الفتوى : ... الطلاق بالإشارة بين الوقوع وعدمه
تاريخ الفتوى : ... 30 محرم 1428 / 18-02-2007
السؤال
حصل لي مع زوجتي ما يلي:
1- كنت أجلس على جهازي الكمبيوتر وقالت لي معاتبة: أنت ذاهب للجهاز ومطلقني بالثلاث , فهززت لها رأسي معانداً لها ولا أذكر أني قصدت طلاقها , ثم هجمت علي الوساوس بعد ذلك إلى هذا الوقت, مرة أقول نعم قصدت طلاقها ثلاثا ومرة أقول لا لم أكن أقصد, فما الحل والحكم..؟؟(أرجو إجابتي بالتفصيل ليطمئن قلبي).
2- قلت لزوجتي مرتين:
إن أخبرت أحداً بخصوصياتي المادية والاجتماعية فأنت طالق.
ومرة قلت لها: إن خرجت بهذه العباءة فأنت طالق.
هل يلغى هذا التعليق أم أنها لو فعلت حتى وهي ساهية ستطلق مني..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من تحريك رأسك لما سألتك زوجتك أن تطلقها أو أخبرت عن ذلك هو من قبيل الإشارة.
والإشارة لايقع بها طلاق عند الجمهور إلا من الأخرس العاجز عن النطق إذا فهمت إشارته.
قال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويقع من أخرس وحده بإشارة، فلو فهمها البعض فكناية. وقال البهوتي في المنتهى وهو حنبلي أيضا: فإن كتبه بشيء لا يبين كأصبعه على نحو وسادة أو في الهواء لم يقع؛ لأنه بمنزلة الهمز والإشارة ولا يقع بهما شيء. وهذا في غير الأخرس.
وقال السرخسي في المبسوط وهو حنفي: الصحيح لو أشار لا يقع شيء من التصرفات بإشارته ولكنه استحسن، فقال: الإشارة من الأخرس كالعبارة من الناطق.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري وهو شافعي في كتابه أسنى المطالب شرح روض الطالب: ولو أشار ناطق بالطلاق وإن نوى كأن قالت له طلقني فأشار بيده أن اذهبي لغا، وإن أفهم بها كل أحد لأن عدوله عن العبارة إلى الإشارة يفهم أنه غير قاصد للطلاق، وإن قصده بها فهي لا تقصد للإفهام إلا نادرا ولا هي موضوعة له؛ بخلاف الكناية فإنها حروف موضوعة للإفهام كالعبارة. وانظر الفتوى رقم: 20915.
هذا هو حكم الإشارة بالطلاق عند الجمهور. ويقابله القول بوقوع الطلاق بالإشارة المفهمة من غير الأخرس وهو قول المالكية. وتراجع الفتوى رقم:80632، ففيها تفصيل الموضوع.
وأما الأمر الثاني الذي تضمنه سؤالك فهو عن تعليق الطلاق وجوابه: أن الطلاق المعلق على حصول أمر يقع بحصول ما علق عليه، فلو أخبرت زوجتك أحدا بخصوصياتك المادية أو خرجت بتلك العباءة فإنها تطلق منك؛ إلا إذا كنت نويت فترة معينة أو حالة خاصة ونحو ذلك فلا تطلق إلا على ما نويت؛ لأن النية تخصص العام وتقيد المطلق. فانظر إلى نيتك وقت تعليقك هل قصدت الإطلاق وأنها لا تخرج بتلك العباءة مطلقا، ولا تحدث أحدا كائنا من كان فيما يستقبل من الزمن بخصوصياتك، فإن كان كذلك فإنها تطلق بحصول أي من الأمرين اللذين علقت عليهما ذلك، ولا عبرة بفعلها للمعلق عليه ناسية إلا إذا كنت قصدت فعلها لذلك تعمدا فالمدار على نيتك. قال خليل بن إسحاق المالكي: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت أو ساوت. قال شارحه صاحب مواهب الجليل: يعني أن النية تخصص العام وتقيد المطلق إذا صلح اللفظ لها. ومن أمثلة ذلك ما ذكره زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: أو حلف لا يكلم أحدا وقال: أردت زيدا مثلا لم يحنث بغيره عملا بنيته. وقال ابن قدامة في المغني: ويرجع في الأيمان إلى النية، وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت إليه.
وإن كان بعض أهل العلم يفصلون في التعليق أيضا ويفرقون بين من قصد مجرد التهديد والزجر وبين من قصد إيقاع الطلاق، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 3795، 1956، 7665. وأما لو فعلت الزوجة ما علق عليه الطلاق فقد بينا حكمه في الفتوى رقم:52979، فليرجع إليها.
وننصح بالرجوع في مثل هذه الأمور إلى المحاكم الشرعية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/15)
الفتوى : ... المزاح مع الزوجة بألفاظ تقارب لفظ الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 12 محرم 1428 / 31-01-2007
السؤال
كنت أتحدث أنا وزوجي عن طلاق إحدى معارفنا فقال لي مازحا أتذكري عندما قلت لي طبقني (على وزن طلقني) وقال لي أنت طابق بالثلاثة (وليس طالق)، هو أصبح يعلم أني أوسوس فى هذه الأمور ولا أحب هذا المزاح، وأمثال هذا المزاح يتكرر كثيراً، ولكنه لم يقل لي لفظ الطلاق أبداً..... فماذا أفعل هل هذا الكلام الذي قاله يوقع علي شيء وإن كان مرة أم ثلاث؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج المذكور لا يقع به الطلاق، إذ ليس صريحاً في الطلاق ولا كناية فيه، وينبغي للزوج أن يكف عن المزاح بمثل هذا الكلام لخطورته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/16)
حكم الإشارة التي يفهم منها الطلاق إذا صدرت من غير الأخرس
تاريخ الفتوى : ... 12 محرم 1428 / 31-01-2007
السؤال
صاحب الفضيلة:
زوجة طلبت الطلاق من زوجها وقالت له ( طلقني ) فما كان من الزوج أن أدار وجهه وهز رأسه بدون قصد أو نية فهل هز الرأس يعتبر من الكنايات علماً بأنه لم يتحدث ولم يحرك لسانه وهو قادر على الكلام علماً بأننا نعلم بأن الكناية يجب أن يصحبها لفظ وهذا لم يتكلم فما هو الحكم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل منه إشارة، وقد اختلف أهل العلم في وقوع الطلاق من الأخرس بالإشارة وعدم وقوعه، والجمهور لا يقع الطلاق عندهم بالإشارة إلا من الأخرس العاجز عن النطق إذا فهمت إشارته. قال ابن مفلح في الفروع وهو حنبلي: ويقع من أخرس وحده بإشارة، فلو فهمها البعض فكناية. وقال البهوتي في المنتهى وهو حنبلي أيضا: فإن كتبه بشيء لا يبين كأصبعه على نحو وسادة أو في الهواء لم يقع؛ لأنه بمنزلة الهمز والإشارة ولا يقع بهما شيء.اهـ وهذا في غير الأخرس. وقال السرخسي في المبسوط وهو حنفي: الصحيح لو أشار لا يقع شيء من التصرفات بإشارته ولكنه استحسن فقال: الإشارة من الأخرس كالعبارة من الناطق. وقال الشيخ زكريا الأنصاري وهو شافعي في كتابه أسنى المطالب شرح روض الطالب: (ولو أشار ناطق) بالطلاق( و)إن (نوى) كأن قالت له طلقني فأشار بيده أن اذهبي (لغا) وإن أفهم بها كل أحد لأن عدوله عن العبارة إلى الإشارة يفهم أنه غير قاصد للطلاق وإن قصده بها فهي لا تقصد للإفهام إلا نادرا ولا هي موضوعة له بخلاف الكناية فإنها حروف موضوعة للإفهام كالعبارة.اهـ وانظر الفتوى رقم: 20915.
وبقابل قول الجمهور مذهب المالكية إذ يرون وقوع الطلاق بها من الناطق كالأخرس قال خليل المالكي في مختصره: ولزم بالإشارة المفهمة. ونقل المواق في التاج والإكليل لمختصر خليل من المدونة: ما علم من الأخرس بإشارة أو بكتاب من طلاق أو خلع أو عتق أو نكاح أو بيع أو شراء أو قذف لزمه حكم المتكلم. وروى الباجي: إشارة السليم بالطلاق برأسه أو بيده كلفظه لقوله تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً {آل عمران: 41} وقال الخرشي في شرحه للمختصر عند قوله:ولزم بالإشارة المفهمة قال: أي ولزم الطلاق بالإشارة المفهمة بأن احتف بها من القرائن ما يقطع من عاينها بأنه فهم منها الطلاق وهي كصريحه فلا تفتقر إلى نية , وإن لم يقطع من عاينها بذلك فهي كالكناية الخفية فلا بد من النية وسواء في ذلك الأخرس والسليم. وعلى هذا، فإذا كان ما صدر من الزوج من إشارة لا يفهم من عاينه بدلالته على الطلاق فلا يقع الطلاق قولا واحدا، وأما إن كان يقطع من عاينه بدلالته على الطلاق فالجمهور أيضا على عدم وقوع الطلاق بها ولو قصد بها.
ولمعرفة صريح ألفاظ الطلاق وكناياته وما يشترط لذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:24121، 42514، 74432.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/17)
الفتوى : ... ألفاظ الكناية إذا لم يقصد بها إيقاع الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 11 محرم 1428 / 30-01-2007
السؤال
أنا متزوجة من خمس سنوات في بداية زواجي واجهت مشاكل كثيرة مع زوجي وتمنيت الطلاق لكن عائلتي ترفض منطق الطلاق مهما تكن الأسباب وأعترف أنني في فترة من الفترات لم أعد أحبه وأكثر من مرة عند حصول المشكلة كان يقول لي : اعتبري نفسك مطلقة أنا لا أريدك , ويعود عن كلامه حين انتهاء المشكلة والآن الحمدلله أصبحت حياتي مستقرة بعدما رضخت للأمر الواقع واقتنعت أنه مهما أساء لي فأنا علي بالصبر خصوصا أني رزقت منه بطفل , فما حكم الشرع هل زواجي صحيح وشرعي فأنا لطالما أشعر أحيانا أنني طلقت منه سابقا وأخاف أن أكون والعياذ بالله واقعة في الزنى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم قول الرجل لزوجته اعتبري نفسك طالقا في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم : 52773 ، وفيها أن هذا القول من ألفاظ الكناية وليس صريحا في الطلاق، والكناية لا تطلق بها الزوجة إلا أن يكون الزوج يقصد الطلاق. وعليه فقول زوجك ( اعتبري نفسك مطلقة أنا لا أريدك ونحوه ) لا يعتبر طلاقا إذا لم يكن يقصد الطلاق ، أما إذا قصده فيكون طلاقا، وعلى القول بأن الرجعة تكون بالفعل وحده فقد حصلت الرجعة بينكما، وإذا كانت المرات التي قال فيها الزوج هذا القول بنية الطلاق قد بلغت ثلاثا فليست له عليك من رجعة حتى تنكحي زوجا غيره. وتراجع الفتوى رقم : 7000 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/18)
هل يطلق امرأته لامتناعها عن تغطية وجهها
تاريخ الفتوى : ... 11 محرم 1428 / 30-01-2007
السؤال
إذا كانت الزوجة لا تستجيب لإرشادات زوجها حول ضرورة تغطية الوجه، نظرا لوجود بعض الفقهاء الذين أفتوا بأن ذلك ليس من واجبات الإسلام، فهل يجوز للزوج تطليقها أو تهديدها بذلك علما بأنها ملتزمة بكافة تشاريع الإسلام الباقية ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم : 1225 ، والفتوى رقم : 35184 ، الجواب عن حكم طاعة الزوج إذا أمر زوجته بتغطية وجهها فنرجو من السائل مراجعتها ، أما عن جواز تطليقها أو تهديدها إذا امتنعت من تغطية وجهها فالجواب أن طلاقها جائز لذلك وأولى تهديدها، لكنا لا ننصح به ما دامت المرأة ملتزمة بغيره من الأحكام، ولا سيما إذا كان لا يترتب عليه محظور شرعي محقق. وتراجع الفتوى رقم : 2050 ، والفتوى رقم : 2358 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/19)
طلب الطلاق من الزوج المجاهر بالمعاصي الداعي إليها
تاريخ الفتوى : ... 10 محرم 1428 / 29-01-2007
السؤال
سؤالي متعلق بامرأة من عائلتي، هي تقول: إن أصل المشكلة هو أن زوجها سكير، بل أكثر من ذلك، فهو يخونها ويعلن ذلك أمامها رغم محاولاتها معه دون جدوى، بل ويتجرأ أحيانا ويدخل خليلته للبيت أثناء غياب أهل البيت، كما أنه لا ينفق عليها وعلى أبنائها، فتضطر للعمل عند الناس، لتعول أطفالها مع مساعدة إخوانها لها، وتقول إنه يشتري اللحم والخضر، ويقول لها هذا لعشيقتي فابحثي لك عن عشيق وأريني ماذا سيشتري لك..... المهم أنها طلبت منه الطلاق ولم يقبل، وطلبت منه أن يتزوج عليها فلم يقبل، وهي الآن لا تقبل مضاجعته لأنها تكرهه وخوفا أيضا من الأمراض التي قد ينقلها لها، فما حكم الشرع في ذلك، وهل يستحسن أن تطلب الطلاق من المحكمة لكي تتفادى وزره، خاصة وأن أبناءهم كبروا الآن ويعرفون كل شيء عن الموضوع، الشيء الذي يثير تقززههم، علما بأنهم ينفقون على والدتهم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل على نحو ما ذكر من الإهمال لزوجته ومجاهرته بالمعاصي وإصراره على ذلك، فلا ينبغي أن ترضي بالبقاء معه وهو على ما هو عليه، من شرب الخمر وارتكاب الفواحش سيما في بيتها، بل ويدعوها إلى ذلك ويحرضها عليه، ولا يعطيها ما يجب عليه من النفقة لها ولأبنائها، فكل واحدة من هذه الخصال الذميمة تبيح لها طلب الطلاق بوسائله المشروعة، كما بيناها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33153، 37523، 8497، 6942.
فننصحها بطلب الطلاق منه، فإن لم يرض فلترفع أمرها للمحكمة لتتولى إلزامه بذلك أو تطلق هي إن أبى، ووجه النصيحة بذلك هو أن البقاء معه ضرره أكبر من نفعه، وربما يجرها إلى المعاصي ويفسد عليها أبناءها بفساده، فأهل البيت مولعون بتقليد رب البيت.
وأما ما دامت تحته راضية بالبقاء معه فلا يجوز لها أن تمنع نفسها إن دعاها إلى فراشه، كما بينا في الفتوى رقم: 67305.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/20)
الفتوى : ... هل يطلق امرأته لمرضها أم يصبر عليها
تاريخ الفتوى : ... 09 محرم 1428 / 28-01-2007
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فسؤالي كالتالي :
-تزوجت منذ 5.5 شهراً وزوجتي لا تزال مريضة في البداية كان يغمى عليها في كل وقت المغرب وكان يغمى عليها في المطبخ لمدة 03 أشهر وقد أتيتها برقاة كل مرة فشفيت قليلاً وظهر بعد ذلك ألم حاد في كل يومين وذهبت بها الى أطباء كثر وأدوية كثيرة وأصبح والدي ووالدتي وإخواتي دائماً خائفين منها أن يحدث لها شيء وهم لا يدرون وقد تضايقوا من هذا وخاصة كل يومين أو ثلاثة يرونني ذاهب بها إلى المستشفى وقد شاع الخبر بين جيراني وجيرانها فزادت المشكلة أكثر وأنا اعمل بعيدا عن بلدي وفي كل 45 يوم آتي إجازة 15 يوما , وبعد الفحوصات المتتالية ظهر أن زوجتي لها حصى في الكلى ومنذ زواجي إلى الآن وأنا في تعب بين مرض زوجتي وبين سببها مع أهلي في مرضها المتتالي وقد قيل لي ( أطراف من أهلي ) أنت أتيت بزوجة لتخدمك أو لتتعبك وتتعب أهلك بنقلها كل يومين أو ثلاث إلى المستشفى منذ أن تزوجتما وقد طلب مني تغيرها وأصبحت في شغلي محتار كل يوم بين القبول والرفض مخافة أن أكون ظالما والعياذ بالله لذا سؤالي كالتالي إن كان طلاقي لها شرعياً فأجيبوني بسرعة من فضلكم وآنا مازلت لم أطلقها بعد؟
كما إني والله تعبت من مرضها كما أني لا أريد ظلماً على نفسي في كلتا الحالتين والله على ما أقول عليم .
وفي الأخير أكرر سؤالي هل يجوز لي طلاقها أم لا ؟
والله ولي الجميع شاكرين حسن تعاونكم معنا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرى أن تصبر على ما تسببه لك زوجتك من تعب وشدة، وتحتسب الأجر في ذلك من الله عز وجل، فلا تدري لعل في ذلك خيرا، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وقد قال الله تعالى:
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .
هذا من باب النصح والتوجيه لما هو أفضل وأولى، وإلا فالطلاق مباح لمثل حالتك، وليس عليك فيه إثم، ولا تعد به ظالما للمرأة، طالما أنك لم تظلمها في حق من حقوقها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/21)
الفتوى : ... المطلقة قبل الدخول إذا طلقت قبل العقد عليها من جديد
تاريخ الفتوى : ... 05 محرم 1428 / 24-01-2007
السؤال
أنا فتاة تونسية مكتوب كتابي على شاب تونسي، لكني لم أتزوج بعد، أنا أحبه وهو يحبني لكن المشاكل لا تفارقنا، المشكلة الأساسية هو أننا كلما نتخاصم يقول لي أنت طالق، ولكن بعد ذلك نتصالح، تكررت هذه الكلمة ثلاث مرات يطلقني فيها ثم نعود من جديد، فما حكم ذلك في الإسلام وهل أنا زوجته أم حرمت عليه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبمجرد عقد النكاح الصحيح المستوفي للشروط الشرعية، فإن المرأة تصير زوجة للرجل، فإذا طلقها قبل الدخول فإنها تبين منه بينونة صغرى، فلا تحل له إلا بعقد جديد، فإذا طلقها قبل أن يعقد عليها ثانية فإن الطلقات الأخرى لا تلحقها، لأن الطلاق الأول تبين به الزوجة التي لم يدخل بها، وما أعقب ذلك من الطلاق يعتبر لاغياً، إذ لم يصادف محلاً، هذا كله إذا لم يدخل بالزوجة ولم يخل بها، فإذا دخل بها أو خلا بها ثم طلقها فعليها العدة، كما بيناه في الفتوى رقم: 22144.
فإذا راجعها خلال العدة ثم طلقها وقع الطلاق الثاني ومثله عند جماهير العلماء إذا طلقها وهي في عدتها الرجعية، والأخت السائلة لم تبين لنا ما جرى بالتحديد حتى نتمكن من بيان حالها مع هذا الرجل هل لا تزال تحل له بعقد جديد أم لا؟.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/22)
الفتوى : ... لفظ الكناية إذا لم يقصد به إيقاع الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 03 محرم 1428 / 22-01-2007
السؤال
فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله
أرجو التكرم ببيان حكم الشرع في التالي: أنا مقيم وأسرتي بمكة المكرمة، وقد قمت بعد نقاش حاد مع زوجتي وتوجيه إهانة وسباب لها ( وأعترف بتفاهة السبب ) بأن خرجت عن شعوري تماما" في حالة غير مسبوقة بالنسبة لي أن قلت لها باللفظ ( إنتى مش على ذمتي خلاص ) مع يقينى أن هذا اللفظ قد سبقني وأنني لا أقصد منه الطلاق بتاتا"، وبعد حوالي أسبوع من حدوث ذلك قمت بمصالحتها، وقد وقع الجماع بعد ذلك، أنا أعترف بتسرعي، وأخشى تعدي حدود الله تعالى وأخافه، ماذا أفعل جزاكم الله خيرا" .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق إذا كان بلفظ صريح فإنه لا يحتاج إلى نية، والصريح هو مالا يحتمل غيره، وهو لفظ الطلاق وما تصرف منه: كأنت طالق أو طلقتك أو مطلقة، فيقع الطلاق بهذا اللفظ الصريح هازلا كان أو جادا.
أما إذا كان بلفظ الكناية فإنه يحتاج إلى نية، والذي تلفظت به من قولك: (أنت مش على ذمتى خلاص) هو من ألفاظ الكناية، ولا يقع بها الطلاق إلا إذا نويت. وحيث إنك قلت إنك لا تقصد منه الطلاق بتاتا، فلا شيء عليك.
ولكننا ننصحك بالبعد عن ألفاظ الطلاق صريحها وكنايتها، ومحاولة حل المشاكل بالطرق الأخرى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/23)
الفتوى : ... اللفظ الصريح يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو الحجة 1427 / 17-01-2007
السؤال
زوجتي ارتكبت خطأ وضايقتني وفى لحظة غضب مني قلت لها أنت طالق ولم أقصد بذلك أن أطلقها بل كنت مصرا على زواجنا بشرط أن تلجأ إلى الله ليس إلي وتطلب منه العفو والمغفرة وبعدها أسامحها بإذن الله ولكن لحظة غضب مني ومنها وتوتر الموقف قلت لها أنت طالق
وندمت على ذلك وأنا الحين بدولة خارج الدولة الموجودة بها ما الحكم هنا وان كانت تحسب طلقة فكيف أرجعها وأنا في بلد آخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام قد صدر منك لفظ الطلاق الصريح، فإنه يقع به الطلاق ولو لم تنوه، فإن كانت هذه الطلقة قبل الدخول بالزوجة فلا يمكنك مراجعتها، لأن طلاق غير المدخول بها بينونة صغرى، إذ لا عدة لها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49} فليس أمامك إلا أن تعقد عليها عقدا جديدا، بمهر جديد، وإن كانت بعد الدخول فلك مراجعتها مادامت في العدة ولم تكن هذه الطلقة هي الثالثة، ويمكنك مراجعتها بقولك راجعت زوجتي فلانة، ويستحب الإشهاد على ذلك، ثم تخبر زوجتك بمراجعتك لها، عن طريق الهاتف ولا يشترط في صحة الإرجاع علمها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/24)
حكم تهديد الزوجة الناشز بالطلاق
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1427 / 18-12-2006
السؤال
زوجتي مزاجها حاد جداً غير قادر أن أفهمها ؟ يعني مثلاً نكون متراضيين جداً ، فجأة أجدها انقلبت 360 درجة .. وابتدأت الفترة الأخيرة الكلام معي بصوت عال وأحياناً تغلط في الكلام بسب أمي أو بسبي .. على الرغم أني موفر لها كل شيء .. لا أدري هل أهددها بالطلاق؟ وهل التهديد بالطلاق جائز ؟ وماذا لو وقع الطلاق ؟
أفيدوني أفادكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك يا أخي الكريم بالصبر والتحمل، وقد أرشد الله عز وجل الرجال أن يعاملوا النساء بالمعروف فقال سبحانه وتعالى : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} فإن خافوا تعنتهن وخروجهن عن طاعة أزواجهن فعليهم أن يسلكوا سبل العلاج وهي التي ذكرها ربنا سبحانه وتعالى في كتابه العظيم فقال: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 34 ـ 35} فجعل سبحانه وتعالى علاجها في مراحل :
فالمرحلة الأولى : الوعظ والتذكير بعقاب الله والترغيب في ثوابه، فإن لم تنفع هذه الخطوة فانتقل إلى التالية وهي :
المرحلة الثانية : أن يهجرها زوجها في المضجع بأن يوليها ظهره وهو على فراش النوم، فإن لم تنفع هذه فانتقل إلى التالية وهي :
المرحلة الثالثة : أن يضربها ضربا غير مبرح لا يكسر لها عظما ولا يشين جارحة.
ولا مانع أن يبين الرجل للمرأة أنها إذا لم تطعه فإنه سيطلقها، ويعلمها أيضا بأن الناشز لا تستحق النفقة ولا السكنى حتى تعود إلى الطاعة ، وينبغي أن تزجرها زجرا شديدا عن سب أمك أو التطاول عليها، فلا يجوز لك أن تفسح لها المجال للنيل من أمك، وعلى هذه المرأة أن تتقي الله تعالى وتصون لسانها عن سب المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر . رواه الشيخان وأصحاب السنن ، وسب هذه المرأة لأم زوجها هو من سوء المعاشرة .
وأما قولك ( وماذا لو وقع الطلاق ) فلا ندري ما مقصدك بالسؤال، وعموما إذا وقع منك الطلاق بطلقة أو طلقتين فلك مراجعتها في العدة ، وإذا وقع بثلاث فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/25)
هل يقع الطلاق إذا قالت الزوجة طلقني فقال الزوج حسنا
تاريخ الفتوى : ... 27 ذو القعدة 1427 / 18-12-2006
السؤال
سؤالي جزاكم الله خيرا يتعلق بالعلاقة الزوجية والطلاق , فزوجتي أحيانا تطلب مني الطلاق لأسباب تافهة فحدث أن غضبت منها مرة فقلت لها حسنا، فهل وقع مني الطلاق في هذه الحالة؟ كما حدث مرة أن تدخل والدها للصلح بيننا فبدأت بالصراخ مما اضطرني للقول لوالدها: خذ إبنتك لم أعد أريدها وأنا غاضب فهل وقع مني الطلاق أيضا؟ أيضا زوجتي لاتطيق والدتي وكذلك والدتي لاتطيقها وقد حاولت مرات عديدة أن أصلح بينهم لكن للأسف دون جدوى ولهذا امتنعت زوجتي عن الذهاب لبيت والدي رغم أننا ملاصقان لهم تماما!! وأنا مازلت والحمد لله على علاقتي بوالدي لكن أشعر بحرج كبير جدا عندما يسألني والدي عن سبب عدم مجيء زوجتي , ومما زاد في غضبي وحنقي أنني أعامل أهلها بمنتهى اللطف فأخبرتها أنني لن أذهب إلى أهلها مجددا كما هي تفعل مع والدي فهل علي إثم؟
المشكلة أيضا أنني بدأت أكرهها وأدعو عليها وأندم لزواجي منها لكن تتمثل لي الآية الكريمة" فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" لكنها للأسف تستفزني بكلماتها خصوصا تلك التي تمس رجولتي وكياني وكيان أهلي وتصف أهلي بكلمات جارحة تجعلني أحس بالذل لعدم تطليقي لها فبماذا تنصحونني بارك الله فيكم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك: ( حسنا ) في جواب طلبها الطلاق إن أردت به حسنا أنت طالق فيقع به الطلاق، وإن أردت حسنا سأنظر في الأمر أو حسنا سأطلقك فلا يقع به الطلاق، وهذا التفصيل الذي ذكرناه مبني على أن لفظ ( حسنا ) يراد به ( نعم )، و لم نقف على كلام للفقهاء في حكم إجابة طلب الزوجة الطلاق ب ( حسنا ) ولكنهم تكلموا على إجابة طلبها بنعم ، فذهب الحنفية إلى أن إجابتها بنعم لا يقع بها طلاق ولو نوى الطلاق، قال الإمام ابن الهمام الحنفي : ولو قاله ـ أي : نعم ـ في جواب طلقني لا تطلق وإن نوى، ولو قيل له ألست طلقتها فقال ( بلى ) طلقت أو (نعم ) لا تطلق والذي ينبغي عدم الفرق فإن أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي . اهـ .
وقال الحموي الحنفي في غمز عيون البصائر: قوله : قالت له أنا طالق فقال : نعم إلخ . الفرق بين المسألتين أن معنى نعم بعد قولها أنا طالق نعم أنت طالق ومعناها بعد قولها طلقني نعم أطلقك فيكون وعدا بالطلاق لأنها لتقرير ما قبلها . اهـ .
وأما الشافعية فذهبوا إلى أنه إن أجاب طلبها بنعم فهو صريح وقيل كناية ، قال الإمام النووي في المنهاج : ولو قيل له استخبارا أطلقتها فقال نعم فإقرار، فإن قال أردت ماضيا وراجعت صدق بيمينه، وإن قيل ذلك التماسا لإنشاء فقال نعم فصريح وقيل كناية .
وقال الإمام الخطيب الشربيني في مغني المحتاج : ( وإن قيل ) له ( ذلك ) القول المتقدم وهو أطلقت زوجتك ( التماسا لإنشاء فقال نعم ) أو نحوها مما يرادفها ( فصريح ) في الإيقاع حالا لأن نعم ونحوها قائم مقام طلقتها المراد لذكره في السؤال ( وقيل ) هو ( كناية ) يحتاج لنية لأن نعم ليست معدودة من صرائح الطلاق . اهـ .
وأما قولك لوالدها : ( خذ ابنتك لم أعد أريدها ) فهذا اللفظ من كنايات الطلاق فلا يقع به الطلاق إلا إذا نوى المتلفظ به الطلاق فإن لم ينو لم يقع به شيء، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني : القسم الثالث ـ أي من كنايات الطلاق ـ الخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وأنت مخلاة واختاري ووهبتك لأهلك وسائر ما يدل على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق سوى ما تقدم ذكره فهذه ثلاث إن نوى ثلاثا واثنتان إن نواهما وواحدة إن نواها أو أطلق . اهـ .
وعلى المرأة أن تسعى في تحسين علاقتها بوالدي زوجها وأن تحسن إليهما فإن ذلك من الإحسان إلى الزوج ومن حسن عشرته، ولا ينبغي لها أن تمتنع عن زيارة أهل زوجها إذا لم تكن الزيارة تجر إلى ما لا يحمد من الخصام، والواجب على المسلم أن يكون عفيف اللسان طيب الكلام فلا يجوز للزوجة القدح والكلام في أهل زوجها ولا يجوز لهم أيضا القدح والكلام فيها، وننصحك بإمساكها ونصحها وتذكيرها بالله تعالى وحثها على الأخلاق الكريمة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/26)
حرمة اشتراط الزوجة الثانية طلاق الأولى
تاريخ الفتوى : ... 26 ذو القعدة 1427 / 17-12-2006
السؤال
بمنتهى الاختصار طلقني زوجي من أجل أن يتزوج بالأخرى مع العلم أنني وافقته لأن عندي ولدا لكن هذه المرأة وأهلها اشترطوا عدم وجودي على ذمته , نصحه الجميع وحتى أهله بعدم تطليقي لكنه صمم وكان يعتقد أنها عملت له عملا لكن لم يكن هناك شيء من ذلك وهو سليم لكن زوجي السابق طموحه كبيرة وأهلها أغنياء وسوف يوفرون له أشياء كثيرة على سيبل المثال وفروا له شقة الزوجية مع العلم أنها مطلقة ولم تنجب له .
أرجو من الساده القائمين بالرد أن يقولوا لي حكم الدين في هذا الطلاق وهذا الزواج القائم على هدم بيتي ونفسية ابني على فكرة تم طلاقي وأنا 25 سنة بسبب هذه السيدة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قامت به المرأة من اشتراط طلاقك أمر محرم لا يجوز، يدل على ذلك ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإنما لها ما قدر لها . وهو داخل ولا شك في التخريب الذي يريده الشيطان المريد ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة فيقول : فعلت كذا وكذا فيقول : ما صنعت شيئا ، قال : ثم يجيئ أحدهم يقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال : فيدنيه ويقول : نعم أنت . قال الأعمش : أراه قال : فيلتزمه .
وطلاق زوجك لك بدون مبرر مكروه، ولكنه طلاق واقع كما نص على ذلك جمع من الأئمة. وعليك أيتها الأخت الكريمة أن تطرقي باب ملك الملوك بأن يختار لك الخير، فإن العبد في هذه الدنيا قد تنزل به نازلة يظنها شرا وفيها الخير الكثير. نسال الله أن يصلح شأنك، وأن ييسر لك الخير حيث كان .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/27)
طلب الزوجة الطلاق لكون زوجها لا يهاتفها
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو القعدة 1427 / 10-12-2006
السؤال
زوجي مسافر ويقاطعني لمدة 4 شهور دون سبب وحاولت مراسلته ولم يرد ويتصل بالجميع هو ليس شخصا سيئا لكني بعد هذه المقاطعة التي تتكرر كل سفر أصبحت لا أريد أن أستمر معه لكنه قريبي وأخوه زوج أختي وأنا أخاف الله جدا لكني حقا لا أستطيع العيش معه هو أقل مني في التعليم والوظيفة لكني لا أشعره بهذا أبدا لكنه يتعالى علي اتفقنا على أشياء لا أفعلها أثناء سفره مثل أن أستئذنه قبل أن أذهب لأي مكان وهذا لا يحدث الآن فهل أنا ممن تبيت والملائكة تلعنها؟ وهل إذا طلبت الطلاق لن أشم رائحة الجنة؟ والله نحن لا نتفق خالص على أي شيء ليس لدي أولاد رزقت بالحمل ولم يتم واعتبرته كرما من الله أنا نفسيا أتعب جدا في معاملته ومنها لا يوجد وفاق لا أريد أن أغضب الله ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حقك طلب الطلاق من زوجتك لمجرد كونه لا يهاتفك، إذ لا يجب على الرجل أن يظل دائما على اتصال مع زوجته إن هو مسافر عنها، بل الواجب عليه هو النفقة ولواحقها، وأن لا يغيب عنها أكثر من المدة المأذون له فيها، فالاتصال بالهاتف وإن كان فيه صلة وجبر خاطر للزوجة، لكن عدمه لا يصل إلى درجة الضرر الذي يبيح لها طلب الطلاق وتراجع الفتوى رقم : 22429 ، والفتوى رقم : 10254 .
وأما خروجك من بيته دون إذنه لغير ضرورة فلا يجوز أيضا وهو من النشوز المحرم شرعا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : لا يحل للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله مستحقة العقوبة . انتهى كلامه. إلا أن أهل العلم استثنوا من ذلك خروجها لما لا بد منه كاكتساب النفقة إذا أعسر بها زوجها أو إلى الطبيب للعلاج وأخذ االدواء أو الخروج لسؤال فقيه إذا لم يكفها زوجها السؤال. قال زكريا الأنصاري الشافعي : (فرع والنشوز نحو الخروج من المنزل )إلى غيره بغير إذن الزوج (لا إلى القاضي لطلب الحق منه ) وهذا من زيادته وذكره الإسنوي ولا إلى اكتسابها النفقة إذا أعسر بها الزوج كما سيأتي في بابها قال ابن العماد ولا إلى الاستفتاء إن لم يكن زوجها فقيها ولم يستفت لها . انتهى
فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى، وتسألي زوجك أن يسامحك، ولا تعودي إلى ذلك أبدا، والحديث الذي أشرت إليه والمتضمن للعن الملائكة لمن خرجت من بيتها بدون رضى زوجها ولفظه : إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع . ضعيف جدا كما قال الألباني في السلسة الضعيفة ، لكن الخروج من بيت الزوجية بدون رضى الزوج محرم بأدلة صحيحة أخرى ، والحديث الثاني الذي أشرت إليه هو في المرأة تسأل زوجها الطلاق دونما عذر يقتضي ذلك وهو كما عند أحمد وغيره : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . يدخل فيه كل من طلبت الطلاق لغير ضرر ، ولمعرفة متى يجوز للمرأة طلب الطلاق نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية : 3200 ، 3484 ، 65363 ،4977 ، 62852 ، 598 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/28)
حكم طلب الطلاق بعد العقد لوجود المعوقات والصعوبات
تاريخ الفتوى : ... 16 ذو القعدة 1427 / 07-12-2006
السؤال
شيخنا الفاضل إني ألجأ إليك بالسؤال بعد الله سبحانه وتعالى وأرجو منكم الإجابة التي تخرجني من حيرتي ولا تزيدها فبردكم سيتوقف عليه مصيري
شيخي الكريم أنا إنسانة والحمد لله ملتزمة وأخاف الله في كل أموري والحمد لله ألجأ إليه وأتذكره دائما بالسراء والضراء ولكن ما أود معرفته هو إن كنت على صواب أو خطأ
تقدم لي أحدهم وتمت الموافقة بعد الاستخارة والمشورة ولكن كلما ذهبنا للعقد تطرأ أمور وظروف تعرقل هذا الأمر وتمر شهور تقريبا ما يقارب الخمسة أشهر إلى أن تم العقد ويعلم الله أني وللحظة الأخير وقبل ذهابي للمحكمة قمت بالاستخارة وفي اليوم نفسه تسهلت الأمور وتسهل موضوع العقد يمكن ما كملنا النصف ساعة إلا وتم هذا الزواج وبعد العقد كان من المتفق عليه أن الزواج يكون بعد شهرين من العقد وبعد الشهرين اكتشفت أمورا كثيرة وظروفا تعرقل هذا الزواج فانتظرت إلى أن تتعدل هذه الظروف مع استمراري لصلاة الاستخارة ولكن ياشيخ وبعد مرور السنة وأنا أحاول مع هذا الشخص ترتيب الأمور وتعديل الظروف إلا أن هذه الظروف معرقله ولا تريد أن تتيسر وإن تيسرت تتيسر بعد كل مراحل الصعوبة التي أواجهها ففكرت أنه ربما لا يوجد لي نصيب مع هذا الشخص وأنه من الممكن ان تكون هذه العراقيل والمشاكل هي رد على الاستخارة لأن دعاء الاستخارة ينص على التيسير إن كان هذا الأمر خيرا لي في ديني ودنياي وإن كان شرا فهو بالانصراف عن هذا الموضوع وأنا يا شيخ تعبت وأنا أبحث عن حلول تساعد هذا الزوج وبنفس الوقت لا تزعجني أو تثقل علي ..كل حل ينسد بوجهي أبحث عن حل آخر وآخر وآخر ولكن الأمور تزداد تعقيدا أو أنها لا تحل ففكرت بأن ألجأ إلى الطلاق ما دام هذا الحل الوحيد والباقي
علما بأنه وكما يقول لا يريد الانفصال عني ويرفضه رفضا باتا ففكرت أن ألجأ للقضاء وأرفع قضية الطلاق بنفسي لكن قبلها قلت أسألكم إن كنت على صواب أن ألجأ إلى هذا الطريق أو لا فأنا ما لجأت إلى هذا القرار إلا لأن جميع الأبواب سدت في وجهي ولا يوجد لي سوي هذا الباب مع العلم أنه إنسان وهذا الظاهر أنه طيب وصالح ومتفاهم معي ولكن ظروفه سيئة جدا وأخاف أن تلحق بي إذا تزوجته وأخاف إن أصررت على الزواج به أن يعاقبني الله لأني مازلت أصر على الزواج منه مع كل هذه العراقيل التي بينها لي الله وأخاف أكثر خاصة عندما أقرأ هذا الحديث القدسي "يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب فإن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا وإن لم ترض فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ولن تنال إلا ما كتبته لك وتكون عندي مذموما"
فما رأيك يا شيخ هل أنا علي صواب بما أفكر به أو على خطإ وإن كنت علي خطإ فبماذا تنصحني؟؟؟؟؟؟؟
قضيتي دينية قبل كل شيء هل ما أفعله أنا صواب ويرضي الله عندما أحاول مع هذا الشخص بالحلول وتيسير الأمور كي يستمر الزواج أو أني أعاند قدري ونصيبي ورزقي كما نص عليه الحديث القدسي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نعم الله عز وجل على المسلم أن هداه لما فيه راحة باله وهدوء نفسه، ومن ذلك الإيمان بالقضاء والقدر، وبما في المصاب والمتاعب التي تصيبه في الدنيا من الأجر والثواب، وتكفير الذنوب، ومن نعمه سبحانه أن شرع لنا الاستخارة التي يطلب فيها ربه أن يختار له ما يعلمه من الخير في الدنيا والآخرة، فيرضى بما اختاره له ولو كان مكروها؛ لعلمه بأن الخير فيما اختاره الله عز وجل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: من الآية216}
فنقول للأخت: ما دام أنك أقدمت على هذا الزواج بعد استخارة الله عز وجل ولم يصرف عنك فهذا دليل على أن الله اختاره لك حيث قدره ويسر وقوعه. أما ما وجدت فيه من مشقة وعناء فهذا لحكم يعلمها سبحانه منها أنه سبب لالتجائك إليه سبحانه ودعائه.
وليس في محاولاتك حل هذه المشاكل والتغلب على تلك الصعوبات اعتراض على قدره وما اختاره لك، فالمسلم مأمور بأن يأخذ بالأسباب وأن يدفع قدر الله بقدر الله، والأسباب من قدر الله، لكن إذا تعسر هذا الأمر فليس عليك حرج من دفعه بالخروج منه.
فالحاصل أنك إن قدرت على حل هذه المشاكل والصعوبات فهذا أفضل، وإن لم تقدري على ذلك فلا حرج عليك في طلب الطلاق لوجود البأس وهو الشدة، وننصحك بالاستخارة دائما في كل أمورك.
ونسأل الله عز وجل أن يختار لك الخير وييسره لك ويرضيك بما قسم لك.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/29)
طلب الزوجة الطلاق عند حصول الضرر لا حرج فيه
تاريخ الفتوى : ... 13 ذو القعدة 1427 / 04-12-2006
السؤال
بالإشارة إلى الفتوى رقم 79175
ما رأي الدين إن كان ما ذكر غير الواقع ، وأن الزوج غير ما تم إيضاحه ، وقد عانت الزوجة ولم تستطع أن تستمر وأبسط ما يقال انه لم يقدر لها أي شيء وأهانها وحبسها والكثير الكثير. وحتى وان كان الرأي كما هو فببساطة أستطيع الرجوع للفقرة الأخيرة وهي إن كانت تخاف الله فإنها لن تقوم بواجبها الشرعي فهذا كاف.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صدرنا فتوانا المشار إليها بقولنا (إن كان الأمر كما قال السائل)، ونقول هنا: إذا كان ما ذكرت السائلة هو الواقع فلا يجوز للزوج فعل ذلك فإنه مأمور بإمساك زوجته بمعروف أو تسريحها بإحسان، ومن حق الزوجة طلب الطلاق عند وجود الأذى والضرر من الزوج عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من غير ما بأس، فإن البأس هو الضيق والشدة والضرر.
ثم نقول -كما نقول دائما- إن ما كان من مسائل المناكرة والمنازعة مردها إلى القضاء الشرعي لأن الفصل فيها يحتاج إلى بينات وشهود ونحوه، وهذا من اختصاص المحكمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي.
وليس لأحد أن يأخذ ما ليس له فيه حق وإن قضى له به القاضي، فإن حكم القاضي لا يحل الحلال ولا يحرم الحرام فيما بين العبد وبين الله عز وجل.
وننصح الجميع بتقوى تعالى وإصلاح ذات البين ونسأل الله تعالى أن يهدي الجميع لما فيه الخير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/30)
شرع الله الطلاق لمثل هذه الحالات
تاريخ الفتوى : ... 12 ذو القعدة 1427 / 03-12-2006
السؤال
تزوجت قبل 4سنوات 25سنه وفي فترة الخطوبة التي لم تتجاوز الأسبوعين كنت صريحة معه إلى أبعد الحدود ولم أتوقع أني ابتليت بزوج شكاك استغل كل كلمة وفسرها على كيفه أنا الحمد لله طول عمري إنسانة محترمة وما أعرف الغلط وبعد الزواج ومن شهر العسل تعرضت للضرب والإهانة حتى قدام أهله وسوء الظن مثلا 0صدفة اجي بيت أهلي يفتح الباب ولد عمي اللي يدرس عندنا يعتقد انه عشاني وغيره وغيره من القصص) وتوالت المشاكل على أتفه الأسباب وكان يدرس في مدينة غير التي نسكن فيها، كنت وقتها أدرس وجالسة بيت أهلي يقول لي لا تردي على تلفون لا تردي على الانترفون لا تردي على أرقام غريبة في الجوال البسي عباءة على الرأس ولا أخالفه في شيء كي لا آتي لنفسي بالمشاكل أو لأن شخصيتي ضعيفة قليلا وكان بجي كل أسبوع خميس وجمعة لا تخلو من المشاكل والضرب الذي يترك كدمات مع أني إنسانة مسالمة وهادئة بشهادة الجميع ووقتها كنت حاملا مرة سافر معنا ولد عمي لكن كل واحد بسيارته وكان واقفا على الخط الثاني وكنت أبغى أركب السيارة فيقول لي كنت تنظرين فيه وجلسنا نناقش في هذا الموضوع شهرا وفي يوم اشتد بالكلام وطلقني وأرجعني بعد أسبوعين وما رجعت له إلا بعد ثلاثة شهور لا أنكر أني أحس أنه يحبني وكان يحن علي بعدما يضرب يبكي مثلا يصلي يقرأ قرأن وأحيانا يقوم الليل أهله يحبوني، بعد ذلك تخرجت وسافرت معه وكانت أسوأ أيام حياتي توقعت بحكم أننا لوحدنا بعيدين عن أهله وأهلي سيحن علي لكن للأسف تجرد من كل معاني الإنسانية والرحمة كل همه ينتقم مني لم جلست بيت أهلي ثلاثة شهور بعد ما أرجعني يحلف أن يحرمني من أهلي ويمنعني أن أكلمهم أو أرد على مكالماتهم، يخلق مشاكل من لا شيء إذا عصب أسكت يقولي ليه ساكتة ليه ما تردي وعصب وخنقني بالطرحة تخيلوا في السيارة لدرجة أني غبت عن الوعي عند ما تركني. ولما رجعنا البيت ضربت ضربا ترك لي كدمات على وجهي ومن هذا الوقت نفسيتي تدمرت أصابني الخوف الشديد وقلة النوم وانعكس علي صرت أحس بآلام في معدتي أصابني خوف لدرجة لو كان خارج البيت أكلمه ولو لقيته مغضبا أفكر أشرد من البيت أفكر أكلم أهلي يأخذوني لكني أتخيل أنه مركب لتسجيل، طبعا هذا كله غير بذاءة اللسان والألفاظ وا(لقذف) أي موضوع أي كلام يفسره على كيفه حتى صار بينا صمت رهيب وانعدم للحوار وكنت أستخير الله وأدعوه يفكني منه، ويوم مات جده وسهل لنا سافرت عند اهلي وكلمت إخواني يأتني وما رضيت أسافر معه وطلقني و،رجعني بعد أسبوعين بعد ما أفتاه الشيخ أن الطلاق في طهر جامعها فيه لا يقع مع العلم أنه دائما يهدد بالطلاق وهذا كان نهاية السنة الثالثة، جلست عند أهلي شهرين صار يرسل لي ويحلف أنه يتغير ونفتح صفحة جديدة ولن يمد يده وتعهد أمام رجال أنه يعاملني بالمعروف وتنشل يده لو ضربني ورجعت له وقلت أعطيه فرصة ولا أضيع بيتي وولدي رغم عدم تأييد الكثير
وسافرنا والشخص هو هو عقليته وأفكاره ولا يمر شهران إلا أ ضرب، وكلمت أهله اقترحت عليهم أن يذهب إلى دكتور نفسي وذهبنا إليه فقال له عندك وسواس قهري وتخيلات شكوكية وقال لي( صار عندك بداية اكتئاب بسبب المشاكل وهدي شوي بعد الحبوب ومجرد ما يتركها لو يومين نرجع للمشاكل والضرب لدرجة مرة الدكتور قال لواي زيادة كان سببت لك عاهة مستديمة في أذنك )
وبعد ذلك أكمل دراسته ورجعنا إلى البلد الذي فيه أهلي وأهله واستمر على الحبوب وهدأ عليها تقريبا 4شهور وبعد ذلك رجع مثل الأول وأخس، فقط الضرب كان أخف بدون كدمات لأن ربي كتب وحملت وصار يخاف على الجنين وصار يمنعني من أن أذهب لأهلي إلا مرة في الأسبوع أو كل عشرة أيام ثلاث ساعات بالدقيقة والثانية وبالواسطات ولو أبوي كلمه: يقول تعالى لنا صار يطاول عليه بالكلام ودائما أذكره بحقوق الوالدين وصلة الرحم يقول طاعة الزوج أهم أيضا وصار يهدد لو صار أي شيء وذهبت لبيت اهلك لأقتلنهم لدرجة أنه مرة أخرج سكينا ونحن في السيارة يهدد بها وأمام ولدي الذي عمره 3 سنوات
وأهله ما عندهم إلا أنك تصبري إلى أن ينتهي العلاج وأنا مللت ولم يعد عندي أمل في التغيير، والحبوب اللهم تهدئ فقط واكتشفت أنه يأخذها منذ عمر ولدي الأول. لكن الأفكار والعقلية هي، وفكرت في الانفصال كثيرا وبعد تفكير في مستقبلي وكيف سأعيش مع إنسان ليس بينا أي حوار وليس فيه إحساس بالأمان عادم لشخصيتي نهائيا صار الحين هادئا لأني صرت مطاوعة في كل شيء، مالي أي رأي، وقلت (خليني اطلع بولدين ولا أكثر لان قالي بعد الاربعين ما في أي موانع) وقررت بعد ما فكرت واستخرت دققت على أبي وأخذت أولادي ورحت معه وكان زوجي في العمل بعلم والده( وبعدها بكم يوم جا ضرب ابوي اللي قد جده وأنا الحين في بيت أهلي من6شهور) رفعت قضيتي للمحمكة أطلب الطلا ق وحضانة أولادي أهم شيء عندي في الدنيا القاضي عين حكما من أهله وحكما من أهلي وإلى الآن لم ينجزا أي شيء لا صلح ولا اتفاق على الطلاق( بس ما ادري ليش الحين مترددة نفسي أولادي يعيشو بين أمهم وأبوهم ياربي محتارة يتهمني أني ابغى الطلاق واشرد أولادي).
والله اعلم بحالي، الآن أشيروا علي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك كما ذكرت، فإننا نشير عليك وننصحك بفراقه وطلب الطلاق أو الخلع منه، ولم يَشْرع الله الطلاق إلا لمثل هذا الحالة، وبقاؤك عند أهلك بلا زوج، خير لك من البقاء مع هذا الرجل تعانين الضرب والقذف والسب والإهانة.
ولن يضيعك الله، ومن سلَّم لله أمره عوضه الله، نسأل الله أن يصلح لك حالك، وأن ييسر لك أمرك.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/31)
اللفظ الذي لا يشبه الطلاق هل يقع الطلاق به مع النية
تاريخ الفتوى : ... 07 ذو القعدة 1427 / 28-11-2006
السؤال
لقد كنت غاضبا على زوجتي ولا أكلمها إلا قليلا ثم أتاني ابني الصغير ويده متسخة فقلت لها غاضبا (خذي ابنك واغسليه).
1-هل هذه الجملة (خذي ابنك واغسليه)لو كنت أنوي بها وقوع الطلاق يقع بها طلاق .
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يقع بهذه الجملة طلاق ولو نويته، لأنه ليس من صريح الطلاق ولا كنايته، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، إذْ لا بد مع النية من لفظ يصلح أن يكون للطلاق ولو على سبيل الكناية.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: وإن كلم امرأته بما لا يشبه الطلاق وقال أردت به الطلاق لم يكن طلاقا، وإنما تعمل النية مع ما يشبه ما نويته به...اهـ
وقال الإمام السرخسي الحنفي في المبسوط: المعنى فيه أنه نوى ما لا يحتمله لفظه فلا تعمل نيته كما لو قال لها حجي أو زوري أباك أو اسقيني ماء من خارج ونوى به الطلاق، وهذا لأن المنوي إذا لم يكن من محتملات اللفظ فقد تجردت النية عن اللفظ وبمجرد النية لا يقع شيء.اهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق كقوله: اقعدي وقومي وكلي واشربي...... وبارك الله فيك وغفر الله لك وما أحسنك.. وأشباه ذلك فليس بكناية، ولا تطلق به وإن نوى لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق، فلو وقع به الطلاق لوقع بمجرد النية، وقد ذكرنا أنه لا يقع بها. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 42514، والفتوى رقم:76070 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/32)
الطلاق قبل الدخول وبعده وهل تبحث في خصوصيات زوجها
تاريخ الفتوى : ... 02 ذو القعدة 1427 / 23-11-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
تزوجت بعقد إلا أنه لم نقم بالعرس اتهمني زوجي وعائلته بالسحر وأنا بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام فطلقني زوجي مرتين إلا أنه ندم هو وعائلته لأنهم ظلموني لكن عائلته لا تريد زيارتي خاصة في المناسبات كالأعياد كما هو عندنا في المغرب حسب العادات و التقاليد
1-عندما أطلب منه أن يزوروني بما أنهم ندموا إلا أنه يتشاجر معي ويقول ليس من شأني المهم أنا زوجك أزورك إلا أن عائلتي تنصحني انه من الواجب أن يزوروك إذا كانوا يريدونك
1-هل يجب علي التزام الصمت وأن لا أسأله في هذا الموضوع.
2- يقوم حاليا بمشروع فعندما أسأله عنه مثلا هل اشتريت معدات العمل أو بكم أو هل دفعت أجرة كراء المحل بطريقة لينة إلا أنه يغضب ويقول ليس لك الحق في أن تسالينى لأنني أنا الرجل و أنت لن تفيديني بشيء، فإذا أعدت السؤال فيما يخص عملي سأطلقك الثالثة لأنك تستعبديني و أنا حر، فأنا بصراحة كل ما أريده مشاركته والاطمئنان عليه، فأنا صابرة معه لم يقم بحفل الزفاف بعد ولم يعطني صداقي ولا ينفق علي لأنه دخل بي لدرجة أني أرجعت له المال الذي كنت سأشتري به كسوة عيد الفطر لأنه كان محتاجا، فلحد الآن أنا صابرة فهل ليس من حقي شرعا أن أسأله فيما يخص عمله؟
وجزاكم الله ألف خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يرمي مسلماً بتهمة ما لم يكن على بينة ويقين من ذلك، ولذا فيجب عليهم التوبة مما رموك به، وانظري الفتوى رقم: 68090.
وأما بشأن الطلاق بعد عقد النكاح وقبل الزفاف فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون قد دخل بك دخولاً صحيحاً، أو خلا بك خلوة صحيحة عند جمهور الفقهاء كما هو مبين في الفتوى رقم: 43479، ففي هذه الحالة تحسب عليه الطلقتان، وله حق المراجعة، ولمعرفة ما تكون به المراجعة انظري الفتوى رقم: 30719.
الحالة الثانية: أن لا يكون قد دخل بك ولا خلا بك خلوة صحيحة معتبرة، ففي هذه الحالة يقع طلاقه لك طلاقاً بائنا بينونة صغرى، فإذا أراد العودة إليك فعليه أن يقوم بعقد جديد ومهر جديد إن رضيت به ووافقك وليك عليه.
وفي هذه الحالة الثانية هل نحسب عليه طلقة أو طلقتين ؟
والجواب: إذا كان أوقع الطلقتين بلفظ واحد فإننا نحسبهما جميعاً، وإن كان أوقع الطلاق واحداً بعد واحد، فإننا نحسب عليه الطلقة الأولى فقط، وأما الطلقة الثانية فإنها غير محسوبة لأنها وقعت على غير زوجة فلم تصادف محلاً.
وليس من حق الزوجة البحث عن خصوصيات زوجها كما سبق في الفتوى رقم: 52364، وعلى الزوج أن لا يكون قاسياً في تعامله مع أهله، وأن لا يكون التهديد بالطلاق هو السلاح الذي يستخدمه في أتفه الأمور.
وننبه إلى أن مسائل الطلاق ينبغي أن تعرض على المحاكم الشرعية إن وجدت محاكم شرعية في بلدكم الذي أنتم فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/33)
الفتوى : ... الأفضل إمساك المرأة المقبولة في الدين والخلق
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1427 / 20-11-2006
السؤال
ما حكم إن تزوجت بامراة ووجدتها ليست بكرا، والوالد يجبرك على إمساكها، ولكن أنت سترتها. فقط أنت تريد طلاقها لعدم توفر شروطك فيها وأيضا لا تحبها، وفي الأصل والدك هو الذي عقد عليها بدون أن تعرف. وأيضا زواج من القريب؟ وما نصيحتكم لمثل هذا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لهذا الأخ: إن لزوال غشاء البكارة أسبابا كثيرة، وراجع الفتوى رقم : 44914 ، ثم إننا نقول له أيضا: جزاك الله خيرا حيث سترت على هذه المرأة، وهنيئا لك البشارة النبوية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة . رواه مسلم وغيره ، وننصحك بمطالعة الفتوى رقم : 24731 ، للأهمية .
وإمساك هذه المرأة إن كانت مقبولة في دينها وخلقها هو الأفضل والأحسن طاعة لوالده، وليكون عونا لها على التوبة والاستقامة، وعليه أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر . رواه مسلم ، ومن ذا يخلو من العيوب والذنوب ، وانظر الفتوى رقم : 6907 ، فإن عجز عن ذلك وخشي إن أبقاها أن يظلمها بعدم أداء حقوقها فله أن يطلقها، إذ لا يلزم المرء طاعة أبيه في الزواج بامرأة معينة، فكيف إذا كان مقامه معها سببا للإثم بظلمها والتفريط في حقوقها ، وانظر الفتوى رقم : 35285 ، والفتوى رقم : 58378 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/34)
الفتوى : ... اللفظ غير الصريح هل يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 28 شوال 1427 / 20-11-2006
السؤال
أنا متزوج منذ شهور ولم أدخل بعد، حدث ذات مرة مزح من خطيبتي مع صديقاتها "لنذهب لذلك الرجل طالما هو أعزب" غضبت بشدة منها، ولكني لم أرد إلا في اليوم التالي وقلت إن الجواب الذي كنت سأقوله وكان في بالي رداً على مزحك أن تذهبي إلى ذلك الرجل الذي أردتيه فلا أحتاجك ومن يمنعك! على سبيل الموعظة والتنبيه، وقلت لها لو أنه خرجت مني مثل هذه الجملة فقد يحدث الطلاق، وقد تعلمت الدرس وهي زوجة ملتزمة وأنا سعيد جدا معها وراض عنها، فهل حدث خلل في علاقتنا شرعا بهذه الطريقة، ولو قلت تلك الجملة هل كان وقع الطلاق، وبماذا تنصحون في مثل هذه المواقف؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يحدث أي خلل في علاقتك بزوجتك بسبب هذا الموقف، ما دام أنك لم تتلفظ بتلك العبارة وهي (أذهبي إلى ذلك الرجل إلى آخر الكلام)، وحتى لو تلفظتها فلا يقع بها الطلاق إلا بنية الطلاق، لأن ما كان محتملا للطلاق وليس صريحاً لا يقع به الطلاق إلا بالنية، ومن ذلك قول الرجل لزوجته (اذهبي لا أحتاجك ونحوها).
وننصح في مثل هذه المواقف بعدم الاستعجال بالتلفظ بألفاظ الطلاق الصريح منها والمتحمل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/35)
حكم طلب الطلاق بسبب عمل الزوج في مجال الموسيقى
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1427 / 13-11-2006
السؤال
امرأة متزوجة من رجل يعمل بالموسيقى ولا يريد أن يترك هذا العمل وهى تريد أن تعيش بمال حلال وتعلم أن أموال الموسيقى حرام وتريد أن تطلق بهذا السبب علما أن عندها 3 أولاد فهل يجوز لها ذلك ولقد حاولت مرارا أن تمنعه من هذا العمل وهو يأبى إلا أن يعمل بهذا المجال
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموسيقى سبق حكمها في الفتوى رقم: 15918، وسبق بيان حرمة الأكل من المال المكتسب من الموسيقى كما في الفتوى رقم: 5555، كما سبق حكم الأكل ممن ماله كله أوبعضه حرام في الفتوى رقم: 6880.
أما حكم طلب الطلاق بسبب كون مال الزوج أو معظمه من الحرام فيجوز، لأن الطلب هنا لعذر شرعي، وهذا جائز لقوله صلى الله عليه وسلم، أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة، وهذا من البأس، وتراجع الفتوى رقم: 34379.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/36)
اللجوء إلى الطلاق آخر الحلول
تاريخ الفتوى : ... 21 شوال 1427 / 13-11-2006
السؤال
متزوج منذ 11 سنة ولي ولد واحد فقط. زوجتي تهملني وترفع صوتها علي ولا تهتم بي وتعتبر عدم رزقنا الأولاد بسبب سوء نيتي. لا أجد من زوجتي إلا المشاجرة والجدال في كل شيء ولا أجد راحة نفسية معها ولا أرغب في معاشرتها فنفسي نافرة منها فطلقتها طلقة واحدة بعد نقاش في أحد الأيام ومنذ تركها المنزل لم أفتقدها ولم أحزن على فراقها بل صرت مرتاحا نفسيا أكثر من السابق. لكن بعض الناس يقولون بأنني ظلمتها؟ فهل في رأيكم أني ظلمتها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم الطلاق فسبق بيانه في الفتوى رقم:12963، وحالة اطلاق المسؤول عنها أدنى درجاتها الإباحة، وخاصة إذا وصلت العلاقة بينكما حداً انعدمت فيه المودة، وحلت محلها الكراهية والنفرة، ولم يتمكن المصلحون من إزالتها، وإنما لا ينبغي اللجوء إلى الطلاق كأول إجراء ولمجرد بغض الزوجة، ومع ذلك فإنا ننصح الأخ بمراجعة زوجته ومحاولة التصالح معها ومعاشرتها بالمعروف، والصبر على أذاها ما كان هناك سبيل لذلك حفاظا على ولده من الضياع الذي ينشأ دائما من فرقة الابوين. وراجع الفتوى رقم: 73889.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/37)
الفتوى : ... الطلاق هدم للأسرة وضياع للأولاد
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1427 / 09-11-2006
السؤال
تزوجت ورزقني الله طفلين ولست على وفاق مع زوجتي وربما أتمم الطلاق . إذا تزوجت مرة أخرى هل يجوز أن أبحث عن سيدة لا تنجب لأتزوجها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المرء في الزواج من امرأة عاقر، والأولى به أن يتزوج من امرأة ولود لأن وجود الذرية من أكبر مقاصد الإسلام في تشريع الزواج، وتراجع الفتوى رقم : 67813 ، والفتوى رقم: 5536 ،
وبقي أن نقف معك على ما ذكرت من أمر عدم الوفاق مع زوجتك.. فإن الشرع قد أرشد إلى عدة طرق للعلاج عند حصول الشقاق بين الزوجين، وجعل الطلاق آخر الدواء فلا يلجأ إليه إلا بعد استنفاد تلك الوسائل وذلك لما يترتب على الطلاق من عواقب سيئة، راجع هذه الوسائل في الفتوى رقم : 34240 ، والفتوى رقم : 58333 ، فنوصيك بعدم التعجل والتروي في الأمر والسعي في الإصلاح بكل جهد ممكن ومشروع خاصة وقد رزقك الله من زوجتك هذين الطفلين، ولعلك توفق إلى الإصلاح فتسعد وتسعد أسرتك، واستعن في هذا السبيل بالله أولا، ثم بمن ترجو أن يكون لقوله تأثير على زوجتك أو على أهلها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/38)
الفتوى : ... لا يقع الطلاق بمجرد حديث النفس
تاريخ الفتوى : ... 17 شوال 1427 / 09-11-2006
السؤال
أثناء حمل زوجتي طلب مني أن أعد لها طعاما ففعلت ذلك راضيا سعيدا وبعد أن انتهيت كان للطعام رائحة طيبة فإذا بي أقول في نفسي
إني أعلم الآن كيف أطهو فلماذا أحتاج إلى زوجة فمن الممكن يعني أن تتركها أو تطلقها وكان كل هذا هزلا ولكن يا شيخ عندما وضعت لها الطعام وجدت نفسي أقول لها لو نجحت في هذا الأمر سوف أتركك ولا أعلم لماذا قلت هذا وكان ذلك نتيجة لما دار في رأسي. سؤالي أنى وقتها قلت إن هذا طلاق معلق ولم يحدث المعلق عليه الحمد لله فبهذا لا يكون على شيء حتى إني أعددت الطعام مرة ثانية ولم يك عندي شك بأن فعلى هذا ممكن أن يتسبب في وقوع المعلق عليه خاصة بعد نجاحي فيه حتى إني قلت في نفسي هذه المرة نجحت أم لا فلن أتركك . لكن بعد فتره قلت في نفسي إن اللفظ كان عاما فإذا نجحت في أي مرة فقد وقع المعلق. وبعد ذلك أقول إنما كنت أعني ما طهوت وتارة أقول إني لم أعن كما أني لا أدري أنويت حدوث ذلك في المستقبل أم لا فتارة أقول لم أنو ومرة أقول لم أنو ولكن اللفظ كان على الإطلاق فلو نجحت فقد وقع حتى وقعت في حيرة شديدة ولا أدري ما الحكم في هذه الحالة. أرجو منكم سرعه الرد وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذه الوسوسة التي هي من الشيطان يريد أن يحزنك بها ويلبس بها عليك دينك، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تلتفت إلى هذه الوساوس، ثم اعلم أن الطلاق لا يقع بمجرد حديث النفس دون لفظ كما أنه لا يقع بصيغة المستقبل (سوف) وما في معناها.
وعليه، فليس عليك شيء ولا يقع الطلاق بما ذكرت. وراجع الفتوى رقم: 56096.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/39)
الفتوى : ... حكم من تعيش مع زوجها بعد أن طلقها وحرمها بالثلاث
تاريخ الفتوى : ... 14 شوال 1427 / 06-11-2006
السؤال
أريد أن أعرف بعد أن طلقت زوجتي وحرمتها بالثلاثة وما زالت تعيش معي حتى الآن ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك إجمال وغموض إذ لم تبين صيغة الطلاق التي تلفظت بها لزوجتك، ولم تبين هل وقع ذلك منك مرة واحدة بأن كنت قلت لها: طالق ثلاثا أو أنت حرام علي أو غير ذلك من العبارات في لحظة واحدة، أم أنك طلقتها ثلاث تطليقات متفرقات حتى بانت منك؟؟
وعلى كل.. فقد بينا حكم التحريم كقول الرجل لزوجته: أنت حرام علي، وكذا قوله: أنت طالق ثلاثا، وبينا خلاف العلماء في ذلك. فانظره في الفتاوى ذات الأرقام التالية : 2182 ، 4010 ، 4269 ، 11678، فإن كانت زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى وحرمت عليك على ما بيناه في الفتاوى السابقة أو لم تبن منك بينونة كبرى ولكن عدتها قد انتهت فإنها تصير أجنبية عنك، لا يجوز لها أن تسكن معك في بيت واحد، لما في ذلك من دواعي الاختلاط والنظر وغيره مما يؤدي إلى الأمور المحرمة فيجب سد ذلك الباب ، وانظر الفتوى رقم : 13882 . وننصح في مثل هذه المسائل أن ترفع إلى المحاكم لتتبين منها وتفصل فيها بما تراه. وللفائدة انظر الفتوى رقم : 5584 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/40)
هل يحق للأب أن يطلب ممن عقد على بنته أن يطلقها
تاريخ الفتوى : ... 09 شوال 1427 / 01-11-2006
السؤال
عقدت النكاح والحمدلله، ولكن بعد مدة من عقد النكاح أتى أبو البنت وقال أريد منك أن تطلق البنت وبدون سبب، فماذا أفعل؟ هل أطلقها بدون سبب أو أرفض، وهل المحكمة تجبرني أن أطلقها مع أني لم أدخل عليها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لوالد البنت أو غيره أن يكرهك أو يلزمك بطلاق زوجتك، وإن حصل ذلك تحت الضغط بالضرب أو الحبس أو غيره من أنواع الإيذاء فإنه يكون طلاق مكره، وقد بينا حكم طلاق المكره ما يلزم منه وما لا يلزم، كما بينا ضابط الإكراه المعتبر شرعا وذلك في الفتويين: 6106 ، 49567 ، والطلاق إنما هو بيدك ما دمت قد عقدت على زوجتك عقدا شرعيا سواء أكنت دخلت بها أو لم تدخل، فإن بدا لك أن تطلقها فلك ذلك، وإن بدا لك أن تمسكها فلا أحد يستطيع شرعا إكراهك على ذلك، ولكن ننصحك بحل الخلاف مع والدها وتوسيط من يرجى تأثيره عليه مع نصحه ووعظه ليكف عما يريد، فإن أصر فلك مخالعتها بأن ترد إليك ما دفعت إليها من صداق إن كنت قد دفعت شيئا، أو تسقط عنك نصف المهر اللازم بالعقد إن كنت قد حددت لها مهرا، وإن شئت إمساكها والبقاء عليها لدينها وخلقها وحبك إياها فلك ذلك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/41)
الفتوى : ... زواج المطلقة عدة مرات
تاريخ الفتوى : ... 08 شوال 1427 / 31-10-2006
السؤال
ما حكم من طلقها زوجها عدة مرات وتخرج من بيتها وترجع، والآن هي خرجت عنه أكثر من ستة شهور ولم يرد أن يطلقها وهي ليس لها معين فأرادت أن تتزوج فماذا تعمل . وعندها بنت وهي في بلاد الغربة . وقال لي سأتركك هكذا. هو له زوجة
نصرانية مطلقة ويذهب عندها ويتركني. وأنا لا أريد أن ارجع له. هل أتزوج بشهود العائلة حتى أحصل على الطلاق القانوني مع العلم أنني رفعت عليه دعوى طلاق في بلدي الأصلي. جزاكم الله كل خير أفيدوني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لفظة (عدة مرات) في قول السائلة (ما حكم من طلقها زوجها عدة مرات) لفظة مبهمة تحتاج إلى بيان، فهل طلقها طلقتان أم أكثر، وإن كان قد طلقها طلقتين فقط فهل راجع في العدة أم لا؟
فإن كان ما حصل أكثر من طلقتين فقد بانت منه بينونة كبرى، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وإن كانت طلقتين ولم يراجع في العدة فقد بانت بينونة صغرى ليس له مراجعتها إلا برضاها وبعقد جديد ومهر جديد.
وفي هاتين الحالتين لها الزواج بغيره بعد انتهاء العدة إذا كان مقرا بالطلاق أو كانت لديها بينة عليه، فإن لم يكن مقرا به ولم يكن لديها بينة فليس لها الزواج قضاء، لأن الزوج إذا قاضاها فإن القاضي سيلغي زواجها الجديد ويردها إلى زوجها الأول، وأما فيما بينها وبين الله عز وجل فلا شيء عليها، وزواجها صحيح.
وأما إن كان راجعها في العدة من الطلاق الرجعي فهي لا تزال زوجته وليس لها الزواج حينئذ، وعليها أن تصبر حتى يطلقها زوجها، وهنا يجب على الزوج أن يؤدي لها حقوقها الواجبة من نفقة وكسوة وعشرة بالمعروف، ولا يجوز له أن يتركها معلقة لا هي مطلقة ولا ذات زوج، ولها أن تتخذ ما يمكنها من الإجراءات اللازمة لرفع الضرر عنها، كأن ترفع أمرها إلى المراكز الإسلامية المعنية بهذا النوع من المشاكل أو السلطات القانونية إن لم تجد من ينصفها غيرهم.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/42)
هل يكون ظالما من طلق زوجته لمصلحة ما
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1427 / 18-10-2006
السؤال
كيف نوفق بين كراهية الدخول بالزوجة بدون موافقة ولي الأمر وبين عدم جواز تفريق ولي الأمر بين الزوجين. زوجتي حبسها والدها في بيته ولا أعلم عنها أي شيء. وأنا في بلد آخر ولا أستطيع الوصول إليها حاليا. وهو يسعى إلى إجبارها على خلعي بدون سبب شرعي. علما أني لم أختل بها.
هل أوافقه وأطلقها وأنا وإياها كارهان للطلاق؟ هل طلاقي لها ظلم وهي لا تستحق إلا الخير؟ وهل أحاسب عليه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لولي الزوجة أن يمنعها من زوجها بغير حق شرعي، ولا يجوز له أن يخببها عليه لتنشز منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده. رواه أحمد وأبو داود.
أما دخول الرجل بزوجته بعد العقد وقبل عمل الوليمة وإتمام ما جرت العادة بإتمامه فجائز شرعا؛ لكن يستحب عدمه إن كان يخالف ما جرت به العادة دفعا للقالة وكلام الناس، ولا مقارنة بين عضل الزوجة عن زوجها وتخبيبها عليه، واستحباب عدم الدخول بالمرأة أثناء فترة العقد قبل الوليمة. فالأول محرم، والثاني يجوز مع الكراهة لما ذكرنا، وانظر الفتوى رقم:9026 ، فلا يلزم من عدم جواز الأول انتفاء الكراهة في الثاني.
وأما ما سألت عنه من طلب والد زوجتك تطليقها ومخالعتها لغير مبرر -كما ذكرت- فالأمر في ذلك إليك إن كنت تحبها وترضاها دينا وخلقا وهي تحبك؛ لكن والدها يرغب فيما ذكرت طمعا في المال أو غيره فلا ينبغي أن تطلقها، ولا يستطيع أن يكرهك على ذلك، وإن منعها منك فلك رفع الأمر إلى المحكمة لتزيل عنك الظلم وتعيد إليك زوجتك، وإن ألجأك إلى طلاقها فالإكراه الملجئ يمنع وقوع الطلاق؛ كما بينا في الفتوى رقم: 6106.
فانظر في أمرك ولا تعجل، واستخر الله سبحانه وتعالى فيما تقوم به، وإن رأيت طلاقها لمصلحة ما فلا حرج عليك ولا ظلم في ذلك إن وفيتها حقها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/43)
الانتفاع بالغرامة المالية التي تفرضها المحكمة عند الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1427 / 18-10-2006
السؤال
جزاكم الله خيرا.
في حالة الطلاق هل يشرع ديننا الإسلامي للمرأة أن تنتفع بالغرامة المالية التي تحددها لها المحكمة؟
. أنا تونسية عمري 29سنة متزوجة منذ حوالي سنتين لي طفل.زوجي (علما وأنه سبق له أن طلق بعد زواج دام سنة واحدة ولديه طفلة عمرها 10سنوات) يريد طلاق التراضي الذي لا يحكم فيه سوى نفقة الطفل لا غير لأنني أشتغل.
أما حينما يطلب هو الطلاق فإن المحكمة تحكم لي بما تسميه غرامة مالية.
أود أن أضيف أنني لا أحب أن أطلق,لا لأني عشت عيشة هنية وسعيدة مع زوجي, على العكس تماما, فمنذ زواجي ونحن في المشاكل,أقسم أني فعلت كل ما في استطاعتي لإنقاذ زواجي لكن دون جدوى.
فما العمل, آمل أن يجيب الله ندائي ويبعد فكرة الطلاق عن زوجي, آمل أن يهديه الله عز وجل ويبعد عنه وساوس الشيطان, آمل ذلك. يا رب أمين.
جزاكم الله خيرا إن شاء الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبه زوجك إلى أن الأولى به أن لا يكون مطلاقا، وأن يصبر عليك. وإن رأى ما يكرهه منك فإن الخير ربما كان في الصبر على ذلك، وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه، وسلم قال: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. ، والفرك هو البغض.
وإذا كان الطلاق لغير سبب، فإن الكراهة تتأكد، فقد ذهب عامة أهل العلم إلى كراهة الطلاق من غير حاجة، بل ورد عن الإمام أحمد رواية أنه يحرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه، فكان حراما كإتلاف المال، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. وقال ابن تيمية: والطلاق في الأصل مما يبغضه الله، وهو أبغض الحلال إلى الله، وإنما أباح منه ما يحتاج إليه الناس كما تباح المحرمات للحاجة. انتهى.
فعلى زوجك أن يحرص على بقاء عقد الزوجية عند عدم وجود المفسدة المحضة، والضرر المجرد من بقائه، وعليه أن يتقي الله فيك، ويعاشرك بالمعروف، فإن ذلك خير له.
وإذا كان زوجك مصرا على الطلاق، ولم يرد الاستماع إلى هذه النصائح، فإن من حقه أن يطلق دون أن يكون عليه في ذلك غرامة.
وإذا طلق الزوج فإنه يكون ملزما بجملة من الحقوق لزوجته، قد بيناها في فتاوى سابقة، ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 9746.
وبناء على ما ذكر، فإذا كان الذي تحكم به المحكمة على المطلق هو هذه الحقوق، أو مع نفقة الأولاد وكسوتهم، فلا حرج عليك في أخذ شيء من ذلك.
وإن كان الذي تحكم به المحكمة هو غرامة زائدة على هذه الحقوق، فليس لك الحق فيها؛ لأنه مال أخذ بغير حق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/44)
هل يقع الطلاق بالكتابة
تاريخ الفتوى : ... 25 رمضان 1427 / 18-10-2006
السؤال
أنا شابة أبلغ من العمر 26 عاما، تمت خطوبتي قبل 5 سنوات وطالت مدة خطوبتي لمدة 3 سنوات، في بداية الخطبة تعرضنا لمشاكل أنا وخطيبي بسبب أهله، وأراد أن يفسخ الخطوبة، لكنه بعد أن فكر مليا وجد نفسه أنه راغب بي وراغب في الاستمرار بالخطبة، بعدها سافر إلى الدنمارك ليجهز أوراقي لألحق به ويتم الزواج، وطول 3 سنوات لم ينزل عندي إلا لمدة شهرين فقط، وطول هذه السنوات كان مترددا بمشاعره نحوي، تارة يحبني وتارة يبعد نفسه عن سماع أخباري، فكان متناوب المشاعر، وكان لا يريد أن أسافر إليه، بنفس الوقت كان يرغب بالزواج مني ولكنه متخوف بداخله -المهم ـ في آخر السنة الثالثة أهتم بمعاملتي وظهرت فيزتي وسافرت إليه، وعندما نزل إليّ ليأخذني من أهلي ونسافر، كنت أشعر بأنه بعيد عني، وكان أسلوبه غير طبيعي، وأحسسنا بأنه غير مستعد للزواج بي، واتصل بأهله وقال لهم هذه ليست البنت التي أريدها، وجدتها متغيرة الشكل ولا أرغب بالزواج منها، بطبيعة الحال أهله قالوا له: انه الموضوع ولا تجلبها معك ولا تتزوج بها لأننا على البركة، ولكنه كان مترددا وخائفا من أهلي بنفس الوقت، فأبقى الموضوع بداخله، وقال جائز بأنه سيتغير الحال بعد الزواج، مع العلم بأني بنت جميلة جدا وملتزمة وعلى قدر من الأدب والسمعة الطيبة والأخلاق والجمال، وهو كان يشهد بهذا الكلام، لهذا اختارني وأصر على خطوبتي وعدم فسخ الخطوبة، سافرت معه وأنا لا أعرف شيئا عن الذي بداخله، تزوجنا وبعد شهر تقريبا أحسست بأنه لا يرغب بي، وأنه كان يضيق صدره عندما يدخل للبيت ويشم رائحة غير طيبة مني، وكان لا يتقبلني، ويتصل بأهله دائما ويصر عليهم أن يبقيني عندهم لأسابيع وأشهر، وكنت أنا وأهله ضده دائما، لأننا كنا لا نصدقه، لأنه بنفس الفترة دخلت في حياته بنت وأراد أن يطلقني ليتزوجها، ولأنه كان لا يريدني وبدأت المشاكل الصعبة والأشياء المتضادة، فبدأ يطردني من البيت، وطلب مني الطلاق والرجوع لبيت أهلي، ولكن كان الأمر صعبا علي جدا بسبب العادت والتقاليد والأعراف التي في بلدي، فرجوته أن أبقى بذمته وأن يتزوج للمرة الثانية، ولكنه كان مصراً على التخلص مني لأنه كان يشعر بأني ثقل وعقدة في حياته، بعد أن طردني، وبقيت عند أهله لمدة 3 أشهر، اتصل بي وطلقني من خلال الهاتف، وكنت راضية بهذا القرار، وبعد فراق دام شهرين فقط، طبعا أنا أنقل الذي كان يشعر به، كان يشعر أنه بعد أن يطلقني سيشتاق لي ويرغب بأن يرجعني، المهم بعد الشهرين أرجعني لذمته وبدأنا من جديد، ولكن أعاد الشريط الأول نفسه وطلقني للمرة الثانية، ورجعت لبيت أهله وبقيت في بيت أهله لمدة شهر ونصف بعد الطلقة الثانية، وبعدها أرجعني للمرة الثالثة ولم يبق لنا إلا طلقة واحدة تفصلنا نهائيا عن بعضنا، خلال هذه الفترة وأنا على ذمته، للمرة الثالثة حدثت مشاكل كثيرة وطردني من البيت وكان يجرحني دائما ويهينني أمام أهله ويسيء معاملتي، وكان لا يرغب بي فطردني من البيت وبقيت على ذمته عند بيت أهله، وأهله طلبوا منه أن يبقيني على ذمته وليتزوج بأي امرأة يرغب بها، ولكن جاءت مشكلة أنه أراد أن يطلق بالأوراق الرسمية للبلاد، لأنه يريد أن يسجل زوجته الثانية على اسمه، فبعد عراك وبكاء وضرب، أجبرني تحت ضغط نفسي على توقيع أوراق الطلاق الرسمي، ولكنه أبقاني بذمته شرعا، وبدأت مشاكلي مع بيت أهله، وتعبت نفسيا من كل الذي حدث، وتدمرت نهائيا حتى وصلت إلى أن تمنيت الانتحار والخلاص، ولكني فكرت بالخروج من بيت أهله والانتقال إلى بيت أصحاب أبي، فذهبت إليهم بدون علمهم جميعا، لأني أردت أن أهرب منهم ومن واقعي، ذهبت بعد أن سمعوا موافقة أهلي على خروجي من بيتهم، ولكني رفضت أن أعطيهم العنوان أو أعلمهم بمكان انتقالي، فسكت الجميع لأنهم أحسوا بأن ابنهم اضطهدني كثيرا وجرحني أكثر فخرجت من بيتهم، وبعد أن خرجت بيومين طلب والد زوجي منه أن يكتب ورقة بطلاقي وأن يشهد عليها اثنين، وفعلا كتب ورقة طلاقي الشرعي وشهد عليها اثنان واتصلوا بي وقالوا لي: إن زوجك طلقك رسميا، فابدئي بحسب العدة، ولا تتزوجي إلا بعد العدة، وخلال فترة شهر أو أقل اجتمعت في بيت بنت خالتي وجاء عم زوجي الذي يسكن في غير منطقته وهو شيخ ملتزم كثيرا وله خبرة بأمور السحر، وكان الجميع يشكون بأنه يوجد شيء غير طبيعي بالموضوع، كنا نشك أن زوجي هو المسحور، لأن الجميع كانوا يرونني بأجمل هيئة وأحسن خلق والتزام، وكانت تصرفاته هي غير الطبيعية، المهم جاء الشيخ وبدأ بالقراءة عليه، وظهر أن بي جنا وأني مربوطة بسحر من جهة ابن عمي الذي كان قد خطبني قبل 3 سنوات من خطوبتي، وتم فسخ العقد أيضا منه بسبب المشاكل، المهم ظهر عندي سحر وجن واستطاع الشيخ بقوة الله ثم بالتزامي القوي أن نسيطر على السحر والجن، وخرج من جسدي، وصحوت على حياة جديدة، وبعدها بدأ زوجي يرغب بي ويراني بصورتي الأولى التي كان يراني عندما خطبني، وبدأ يرغب بي ويتودد لي بالكلام الجميل والهدايا،
ودائما يقول إني لم أنطق كلمة الطلاق للمرة الثالثة، وأنا كتبت ورقه فقط ولم أطلقك، وأنا أحس بأنك زوجتي، وإلى الآن يصر على أني زوجته ويريد أن يعيدني إليه، طبعا زوجته التى تزوجها طلقها لأنها أرادت هي الطلاق، فبدأ يحن إلى حبنا وزواجنا، وبدأ يراني بأحلى صورة، والآن يريد أن نتزوج ويرجعني لبيته، وهذا هو سؤالي وحيرتي في أمري: هل هو فعلا إلى الآن زوجي وأنا على ذمته أم وقع الطلاق وهو محرم علي، فأرجو أن لا أكون قد أتعبتكم بطول رسالتي، ولكن سؤال محتم علي أن أسرد القصة بالتفصيل لكي يسهل الرد علي، وأرجو الرد سريعا، وجزاكم الله عني وعنه كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن شفاك، وأذهب عنك الشدة والضر، أما عن الطلاق فلا إشكال في وقوع الطلقتين الأولى والثانية اللتين تلفظ فيهما الزوج بالطلاق الصريح، وأما الطلقة الثالثة التي تمت بطريق الكتابة، فالأصل أن كتابة الطلاق دون التلفظ به لا يقع به الطلاق إلا بالنية، لأن كتابة الطلاق كناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8656.
فإذا لم ينو الزوج بهذه الكتابة الطلاق، فلا يقع حينئذ إلا أن إشهاده على هذه الكتابة قرينة قوية على أنه أراد به الطلاق، وإلا فعلى ماذا أشهد؟ وإذا نوى الطلاق فقد وقع، وبذلك تقع البينونة الكبرى فلا تحلين له حتى تنكحي زوجاً غيره، لكن إذا كان كتب دون نية، وشهد الشهود على ما كتب، دون طلب منه (بطلب من والده مثلاً) فلا يقع الطلاق في هذه الحالة وعلى هذا فأنت لا تزالين زوجته وفي عصمته.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/45)
من عجزت عن إثبات الطلاق أو رفع قضية به
تاريخ الفتوى : ... 15 رمضان 1427 / 08-10-2006
السؤال
أنا مسلمة أعيش في بلد سكانه مسلمون لكن لا تطبق فيه الشريعة وخاصة في مجال الأحوال الشخصية, فتعدد الزوجات ممنوع والطلاق لا يقع إلا بحكم المحكمة (لا يوجد قضاة شرعيون بل يطبق القانون(الفرنسي) ما حصل هو أن زوجي إثر مشادة بيننا قال لي "أنت طالق", وهو يعلم أن الطلاق اللفظي ليس له قيمة قانونية، ثم رفض رفع قضية طلاق للتهرب من المصاريف. السؤال الآن هو ماذا علي أن أفعل؟ هل أتقدم أنا برفع قضية مع ما يعنيه ذلك من ضياع حقي في الحضانة والنفقة؟ أم أترك الأمرعلى ماهو عليه مما يعني أن يرث كلانا الآخر وعدم قدرتي على الزواج ثانية؟ أرجو الإجابة بسرعة ؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا عجزت عن إثبات الطلاق أو رفع قضية به أو كان رفع القضية من طرفك بأن الزوج قد طلق أمر لا فائدة منه ولا جدوى، ولم يبق لك طريق إلا رفع قضية بطلب الطلاق فلا بد من فعلها ولو أدى ذلك إلى أن تفقدي النفقة والحضانة لأن مفسدة بقاء الرجل الذي طلقك زوجا لك وهو لم يراجعك مفسدة أكبر من مفسدة حرمانك من النفقة والحضانة ، والله نسأل أن يهدي زوجك للرجوع للحق، وأن يرزقك الله التوفيق والسداد .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/46)
كيف تنسى المرأة طليقها الذي أساء إليها
تاريخ الفتوى : ... 15 رمضان 1427 / 08-10-2006
السؤال
ماذا افعل لكي أنساه طليقي لم أستطع أن أنساه، يأتيني في أحلامي وأنا أشاهد التلفاز وفي كل دقيقة، أنا صبرت عليه وتحملته، وجزاني بأن طلقني، أنا ظلمت كثيرا، ساعدوني، أنا أكتب والدموع تملأ ثيابي من الحرقة التي عشتها ولمستها من طليقي وأهله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلطف بك وأن ييسر لك الزوج الصالح الذي تعيشين معه في سعادة وراحة، وأن ييسر لك من الأبناء ما تقر بهم عينك.
وأما بشأن طليقك فنسيانه سهل ميسور إن عملت بما يلي:
أولا: اشغلي نفسك بذكر الله جل جلاله، فإن ذكر الله شفاء للصدور قال الله تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ {الرعد:28}
ثانيا: اعلمي أن الدنيا بما فيها من سراء وضراء، وما فيها من خير وشر وما فيها سعادة وحزن، اعلمي أن كل هذا ابتلاء وامتحان وكله سينتهي، وأمام العباد يوم عظيم ينبغي أن يشغلهم التفكير فيه عن كل قضية جانبية أخرى، إن ذلك اليوم أعني يوم القيامة هو القضية الكبرى، الفوز العظيم أو الهلاك المبين.
ثالثا: اعلمي أن عاقبة الصبر خير، فسوف يعوضك الله تعالى عوضا تنسين معه كل ما مر بك من ألم وتعب إذا أنت صبرت واحتسبت الأجر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/47)
فراق الزاني ومدمن الخمر خير للمرأة
تاريخ الفتوى : ... 09 رمضان 1427 / 02-10-2006
السؤال
ما هو السبب في أن الزوج يخون زوجته أو يشرب الخمر أو الحشيش أو يشاهد الأفلام الخليعة، علما بأنه يحب بنت خاله وهي رفضته وقام بالزواج مني لكي يقهرها وقام بتطليقي والآن يبحث على عروس وهو قال أمام الجميع أنه يريد أن يأخذ واحدة أحسن مني وأجمل لكي يقهرني، هل طليقي طبيعي أو هو مريض نفسيا، ساعدوني؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل عنده مرض أخطر من المرض النفسي ألا وهو مرض القلب، فمن يزني ويتناول المسكر ويشاهد الحرام قلبه مريض، فلا تستغرب منه هذه الأفعال، فلينصح هذا الرجل بالتوبة إلى الله تعالى قبل أن يفاجئه الموت وهو على هذه الحالة، وإذا كنت تسألين عن حكم طلاقه، فطلاقه واقع، ما لم يؤثر المرض على قصده واختياره، فإن أثر على قصده واختياره فلا يقع طلاقه كالمكره، وانظري الفتوى رقم: 8297.
وأما أنت فاسألي الله عز وجل حسن الخلف، ولا داعي للأسف على فراق مثل هذا الرجل، نسأل الله عز وجل أن يعوضك خيراً منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/48)
من شك هل طلق اثنتين أو ثلاثا
تاريخ الفتوى : ... 04 رمضان 1427 / 27-09-2006
السؤال
أنا طلقت زوجتي ونسيت إذا كانت هذه الطلقة الثانية أم الثالثة (أنا طبيعتي النسيان دائماً)، وزوجتي تقول إنها الطلقة الثانية، فما الحكم في هذا، أهي مطلقة الآن؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتاوى السابقة، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72271، 71988 أن من شك هل طلق واحدة أم اثنتين أم ثلاثاً فيحكم بالأقل لأنه المتيقن، وما فوقه مشكوك فيه، وهذا مذهب جمهور العلماء، فإذا كنت متيقناً من اثنتين وتشك في الثالثة، فاطرح الشك وابن على اليقين وهو اثنتان، ويبقى لك طلقة واحدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/49)
طلب الطلاق لتقصير الزوج في الصلاة
تاريخ الفتوى : ... 05 رمضان 1427 / 28-09-2006
السؤال
أنا مخطوبة وتم كتب الكتابة ولكن خطيبي ليس مواظبا على الصلاة، ففي بعض الأيام يصلي وذلك ليرضيني أو لكونه أمام الناس، وقد حدثت مشاكل بيني وبينه وكنت أصبر رغم تدخلات الأهل الكثيرة لدرجة أنه يلزمني بكلام أهله في بعض الأمور التي لا أستطيعها، وكذلك يطلب مني بعض الأمور التي لا يمكنني تلبيتها في الوقت الحالي وشعاره في ذلك أنه ما دمنا كتبنا الكتاب فكل شيء بيننا أصبح مباحا، وأنا أعترض على هذا فيغضب ويجعل من هذا الأمر مشكلة، وفي الحقيقة أنا أعطاني أهلي الثقة ولا يمكنني أن أخونها، وكذلك أحس أن ديني وأخلاقي لا يسمحان لي بهذا الأمر.
وقد حصلت مشكلة آخرى في فترة الخطوبة ألا وهي كوني كنت أرغب في السفر للعمل مع مجموعة كبيرة من البنات في مدرسة ابتدائية في بلد عربي، وقد وافق في البداية لكنه عاد وغير رأيه بعد تدخل أهله وخيرني بينه وبين الذهاب، وبصراحة يقلقني فيه موضوع قلة الصلاة، وكذلك طلبه لبعض الأمور التي لا يمكن أن تكون إلا بعد الزواج، وكذا التدخل المستمر من طرف أهله مما يجعله إنسانا سلبيا، وكذلك يتكلم عني بكلام غير جيد عند حدوث أي مشكلة ويعرضها على الجميع، وقد تعدى على والدي بالكلام وأحرجه، وقد لاحظت بخله حيث كل الهدايا التي يأتيني بها إما قديمة أو كانت عند أمه، أضف إلى ذلك أنه يريد أن يمنعني من إكمال دراستي بحجة أنها سوف تشغلني عنه.
لكل هذه الأسباب أنا أسعى إلى الطلاق فأرجو منكم الرد السريع قبل أن يتخذ والدي أي إجراء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه بعد تمام العقد تصير المرأة زوجة لمن عقد عليها، فيباح له الاستمتاع بها كما يباح لها هي أن تمكنه منه، ولكن لا يلزمها هي ذلك إلا بعد دفع المهر الحال "المعجل"، كما أنه ليس من حقه منعها من السفر قبل ذلك.
قال ابن الهمام في فتح القدير: وليس للزوج أن يمنعها من السفر والخروج من منزله وزيارة أهلها حتى يوفيها المهر كله أي المعجل منه لأن حق الحبس لاستيفاء المستحق وليس له حق الاستيفاء قبل الإيفاء..
والمرأة كما قدمنا في هذه المرحلة لها الحق في منع الزوج منها، وعليه فليس لزوج السائلة في هذه المرحلة أن يمنعها من السفر ولا من الدراسة، لكن له بعد دفع المهر المعجل أن يمنع من السفر ومن إكمال الدراسة إذا لم تشترطه المرأة عليه في العقد، ونحن نتوقع من الزوج أنه إذا علم أنه لا يحق له أن يمنع امرأته من السفر حاليا ولا من مواصلة دراستها أن لا يمانع وأن يرضى، أو على الأقل يسكت حتى يتمكن من ذلك بتسليمه المهر الحال لها، فإذا رضي بالسفر فلا داعي لطلب الطلاق منه، ويحذر من خطورة التساهل في الصلاة وإضاعتها، والأمور الأخرى كلها يمكن التغاضي عنها، ولا نرى أنها تسوغ طلب الطلاق، لكن إذا كانت السائلة تكره زوجها وتخشى من عدم القيام بما يجب له فلا مانع من طلب الخلع منه كما فعلت زوجة ثابت بن قيس، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 3875، 3096، 51809.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/50)
الغضب الناتج عن الغيرة هل يمنع نفاذ الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 23 شعبان 1427 / 17-09-2006
السؤال
بعد التحية عندي سؤال يتعلق بالطلاق وهو: أحد الشباب تزوج أختي وطلقها بعد مضي زمن بسيط من زواجهم ادعاء لغيرة مزعومة, لكن سرعان ما تراجع وأمسك بزوجته.
ثم بعد فترة من الزمن كتب ورقة فيها هذا النص (مع أسف شديد طلقت زوجتي (آمنة)), ونفس السبب الغيرة. وبعد مضي 9 شهور على الأقل جاءني وقال لي : وجدت كتاباً فيه أو يوضح مسألة الغضبان الذي طلق زوجته ووجدت أن زوجتي ليست مطلقة وهي زوجتي.
فقلت بعد 9 أو 8 شهور ؟, وفقال : نعم, لأنني في ذلك الوقت كنت شبه مجنون لشدة الغضب ولشدة الغيرة, وما كان عندي الوعي الكامل وما كنت أدرى ما أفعل, ولذلك وجدت أنها زوجتي. وأنا أرفض لطول زمن الفراق بينهم وعدم قناعتي بكلامه. لأن كل الشخص يحتج ليقحم خصمه ولتكون الغلبة له.
أفيدوني أفادكم الله ................
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى سابقة أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، لأن الطلاق غالباً لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، إلا أن هنالك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، ولا يمضى شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئاً ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياساً على المكره والمجنون.
ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. والإغلاق معناه انغلاق الذهن عن النظر والتفكير بسبب الغضب أو غيره. وقد قسم ابن القيم رحمه الله تعالى أنواع الغضب بالنسبة للطلاق إلى ثلاثة أقسام فقال: طلاق الغضبان ثلاثة أقسام:
الأول: أن يحصل له مبادئ الغضب، بحيث لا يتغير عقله، ويعلم ما يقول ويقصده، وهذا لا إشكال فيه، يعني أن طلاقه واقع وقوعاً لا إشكال فيه.
الثاني: أن يبلغ النهاية، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله.
الثالث: من توسط بين المرتبتين، بحيث لم يصر كالمجنون، فهذا محل النظر، والأدلة تدل على عدم نفوذ أقواله.
وللاستزادة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1496، 8628، 12600.
وبناء على ما سبق فإذا كان الرجل قد طلق زوجته وهو في حالة الانغلاق الذهني والفكري أو في حالة تقرب منها بسبب الغضب فطلاقه غير نافذ ولا زالت المرأة زوجة له، وأما إن كان مجرد غضب عادي بسبب الغيرة فطلقها وهو يعي ما يصدر عنه فقد طلقت عليه، وإذا حصلت مناكرة ولم تصدقه الزوجة أو وليها في دعواه فينبغي رفع الأمر إلى المحاكم لتفصل فيه بإعادتها إليه أو عدمها حسبما يتقررلديها بالبينات والقرائن .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/51)
الفتوى : ... المهر المستحق للمرأة إذا طلقت بعد الدخول
تاريخ الفتوى : ... 23 شعبان 1427 / 17-09-2006
السؤال
أنا رجل مطلق ولي أولاد و بعد سنتين من طلاقي تزوجت من امرأة مطلقة و لها أولاد من زوجها السابق عن طريق امرأة نعرفها حيث إن هذه المرأة مدحت و أثنت على هذه زوجتي من حيث القيم و الأخلاق الفاضلة لذلك أخذت ثقتها بالموضوع و لم أسأل عن عائلة هذه المرأة.
تبين لي فيما بعد أن سبب طلاق زوجتي من زوجها هو أنها قامت بعلاقة محرمة مع أخيه فطلقها وانتقم منها و تزوج أختها قبل أن يوقع عليها الطلاق. و لم أكن أعرف تلك القصة و بالنسبة لي قد قمت بتطليقها بعدما رأيت الكثير من التصرفات المشكوك بأمرها و أعطيتها كامل حقوقها من معجل و مؤجل و المصاغ . السؤال هو هل ما أخذته هذه المرأة مني يعتبر شرعيا بعدما تبين لي ماضيها علما بأنها قد خدعتني و لم ترو لي القصة قبل زواجنا و لو كنت أعلم بتلك القصة لم أكن لأتزوجها و ما الحكم في المرأة التي أخفت علي حقيقتها من أجل منفعة مادية تأخذها من زوجتي و أطرت عليها و على أخلاقها و هي تعلم حقيقتها؟
و لكم الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتستحق هذه المرأة كامل المهر، لأن طلاقك لها كان بعد الدخول والاستمتاع، وأما المرأة التي غشتك في الوصف والثناء على هذه المرأة فهي آثمة، إذا كانت تعلم حال هذه المرأة لأن النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: من غشنا فليس منا. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/52)
الفتوى : ... طرد الزوجة لبيت أهلها ومكوثها عندهم طويلا ليس طلاقا
تاريخ الفتوى : ... 16 شعبان 1427 / 10-09-2006
السؤال
إذا خرجت الزوجة من بيت زوجها إلى بيت أهلها والزوج هو الذي طردها ( أي حصلت مشاكل بينهما)
وبقيت أكثر من شهرين وما زالت في بيت أهلها، هل يجب أن تعقد القران مرة أخرى وكم هي فترة عقد القران.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد ذهاب المرأة إلى بيت أهلها بنفسها أو بطرد زوجها ومقامها عند أهلها شهرين أو أكثر ليس طلاقا، فإذا أمرها بالعودة لزمها ذلك، وإذا أرادت هي الرجوع فخيرا فعلت، ولا يحتاج الأمر إلى عقد ولا مراجعة لعدم وجود الطلاق، وانظري الفتوى رقم: 5055 ،
وهذا كله بناء على أن الزوج لم يتلفظ بالطلاق. أما إذا طلق فالأمر يختلف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/53)
الفتوى : ... الخلوة الشرعية بمنزلة الدخول
تاريخ الفتوى : ... 13 شعبان 1427 / 07-09-2006
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
حيث يتلخص سؤالي حول حقوق المرأة الشرعية في الحالة الآتية:
حيث تزوج رجل بامرأة بكر وفي ليلة عرسهما قام الأقارب بتوصيلهما لمنزل الزوجية وقام أهل العروسة بتغيير ملابسها وتجهيزها للعريس ووضع الطعام وتجهيزه على السفرة وقام بعد ذلك الأقارب بمغادرة مسكن الزوجية وظل العريس والعروس داخل الشقة فقامت العروسة بصلاة عدة ركعات لله شكرا لله وطلبت أن يبارك الله زواجهما وغضب لذلك الزوج وطلب منها تجهيز العشاء فأجابت إن العشاء جاهز على السفرة وعلى إثره قامت مشادة كلامية بينهم ثار على إثرها الزوج ثورة شديدة تطور الأمر إلى ضرب الزوجة والزوجة تارة ترد الاعتداء وتارة تدافع عن نفسها وأثناء الاعتداء عليها حاول فض بكارتها بعد أن سلمت له نفسها أثناء الاعتداء ولكن فوجئت بمحاولة فض غشاء بكارتها بإصبعه فنهرته بسبب ذلك وزاد شدة الغضب بينهم وانتهى الحادث الأليم بأن الزوج يتهم زوجته بأنها طعنته بالسكين وهي تتهمه بأنه ألقاها من البلكونة ولم يفصل القضاء في الشق الجنائي حتى الآن والسؤال هنا :
أن الزوج قد قام بتطليق الزوجة طلقة بائنة غيابياً مدعياً عدم الدخول والخلوة الشرعية
(1) فما موقف الزوجة من هذا الطلاق؟
(2) وما مدى صحته وفساده؟
(3) وهل هنا الطلاق رجعي طبقاً للشرع؟
(4) وما هي الحقوق المالية والشرعية للزوجة لدى الزوج ؟
(5) وهل الدخول هنا دخول حكمي تجب عليه كامل المهر والنفقه من عدمها ؟
وهل يوجد دفع للزوج فى هذه الحالة حيث يدعى أنه لم تحدث بينهم الألفة فما محل هذا الدفع ؟
أفيدونا أفادكم الله على عوننا وعون السلمين كافة .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفصل في مثل هذه القضايا مرجعه إلى القضاء الذي يطلب البينات والشهود ويسمع الدعاوى والأيمان ، فإن ثبتت الخلوة الشرعية فهي بمنزلة الدخول عند الجمهور خلافا للمعتمد عند الشافعية ، فإن اختلف الزوجان في حصول الخلوة ولا بينة لأحدهما فالقول قول الزوج لأن الأصل عدم الخلوة وعليه اليمين ، وفي حال ثبت أن الطلاق كان قبل الخلوة الصحيحة المعتبرة شرعا فإن الطلاق يقع بائنا ، فلا تحل له إلا بعقد جديد ومهر جديد إن رضيت؛ لأنها لا عدة عليها وتستحق المرأة نصف المهر المسمى ، وإذا ثبت أن الطلاق وقع بعد الخلوة المعتبرة فلها المهر كله ، ويقع الطلاق رجعيا ، والطلاق واقع قبل الدخول أو بعده ، ولكن على التفصيل الذي ذكرنا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/54)
الفتوى : ... هل يتبعض الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 12 شعبان 1427 / 06-09-2006
السؤال
حكم من قال لزوجته أنت طالق نصف طلقة أو مثلا أنت طالق من هنا إلى الشام وكان الرجل في حالة سفر وكان الموقف جديا بدون مزاح ؟
وجراكم الله كل الخير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن قال لزوجته أنت طالق نصف طلقة أو ثلث طلقة أو ربعها ..إلى آخره وقعت طلقة كاملة. قال ابن قدامة في المغني: إذا طلقها نصف تطليقة أو جزءا منها وإن قلَّ فإنه يقع بها طلقة كاملة في قول عامة أهل العلم؛ إلا داود قال: لا تطلق بذلك، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أنها تطلق بذلك; منهم الشعبي والحارث العكلي والزهري وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد، قال أبو عبيد: وهو قول مالك وأهل الحجاز والثوري وأهل العراق، وذلك لأن ذكر بعض ما لا يتبعض في الطلاق ذكر لجميعه، كما لو قال: نصفك طالق . انتهى
ومن قال لزوجته -مثلا- أنت طالق من هنا إلى الشام فقد نص الحنفية على أنها طلقة واحدة رجعية، قال في نصب الراية: ولو قال: أنت طالق من هنا إلى الشام فهي واحدة ويملك الرجعة، وقال زفر رحمه الله: هي بائنة ; لأنه وصف الطلاق بالطول. قلنا: لا؛ بل وصفه بالقصر, لأنه متى وقع وقع في الأماكن كلها. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني : وإن قال: أنت طالق أشد الطلاق أو أغلظه أو أطول الطلاق أو أعرضه أو أقصره أو مثل الجبل أو مثل عظم الجبل ولا نية له وقعت طلقة رجعية، وبهذا قال الشافعي .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/55)
هذا اللفظ لا يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 11 شعبان 1427 / 05-09-2006
السؤال
تقيدت بألفاظ الطلاق المعروفة لي ودخلت الحجرة ونيتى الطلاق وقلت ها ( لما يكبروا أولادك قولي لهم أنا غلطانة دون أن أعلم أن هذا اللفظ يوقعني في الطلاق لأفهمها أنني طلقتها)
س: فهل وقعت في الطلاق ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قلت لزوجتك (لمَّا يكبروا أولادك قولي لهم أنا غلطانة ) ولم تنو الطلاق فلا يقع الطلاق بهذا اللفظ باتفاق أهل العلم.
وإن كنت قصدت الطلاق فالصحيح أن هذا اللفظ لا تعلق له بالطلاق فلا يقع به الطلاق أيضاً، وفي المسألة تفصيل مذكور في الفتوى رقم: 42514 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/56)
طلاق الزوج إذا كان واقعا تحت تأثير السحر
تاريخ الفتوى : ... 06 شعبان 1427 / 31-08-2006
السؤال
إنني مصابة بالصرع منذ سنين كثيرة بفحوصات طبية متتابعة أتناول أدوية شديدة المفعول وأنا نحيفة الجسم وقد أجريت لي عملية جراحية لمنع الحمل لأن ذلك قد يسبب تشوهات خلقية في الجنين من جراء مفعول الأدوية المتناولة أربع مرات في اليوم واتفقت مع زوجي على أن يتزوج ثانية بامرأة بغية الإنجاب لكن أحوالي تدهورت وراجعت اتفاقي مع زوجي بالزواج فندمت وتغير رأيي وما أحسه أمر غريب فأنا أحب زوجي وأريد له كل الخير والاستقرار وبعد إجراء عملية للرقية الشرعية من طرف أناس يرقون تبين لي منهم أن الشيطان لعنه الله هوالذي يريد أن يفرق بيني وبين زوجي وهو الذي يسقطني بالصرع بالمس والحس والشعور حتى أن زوجي فارقني وهو ناجم عن هذا لأنه بدوره مصاب بأعمال المشعوذين الدين أرادو التفريق بيني وبين زوجي ونحن ملتزمان بشرع الله ومحافظان على الصلاة وزوجي له نصيب من التعليم الديني في الفقه ويعلم بعقيدة راسخة أن الضار والنافع هوالله ويتلوعلي ويذكرني بقول الله عز وجل وهو أصدق قيلا : وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله . فهل ما أقدم عليه زوجي من تأثيرات الشيطان الذي يتلبسني في نوبات الصرع نتج عليه هذا الفراق المرير ولا أدري ما أفعل أنا وزوجي مع أن ما وقع للمرة الثالثة وزوجي الآن منفصل علي بئيس حزين يريد أن يعاودني فهل الطلاق صحيح لأن ما حصل بإذن الله الضار والنافع ؟
وجزاكم الله كل خير وبركة يا سيدي الكريم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد طلقك في حالة وعي وإدراك فطلاقه واقع ، فإن كان قد طلق ثلاثا كما فهمنا من السؤال فقد أصبحت محرمة عليه لا تحلين له حتى تتزوجي بغيره ، فإذا طلقك الثاني وأنهيت العدة منه جاز لزوجك الأول الزواج بك بعقد جديد ومهر جديد .
وأما إذا كان طلاقه لك في حالة لا يعي فيها ما يقول وهو تحت تأثير السحر فلا يقع الطلاق الذي صدر في هذه الحالة ، قال الإمام البهوتي الحنبلي في كشاف القناع : وقال الشيخ: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول لم يقع به الطلاق . انتهى . لأنه لا قصد له إذن . اهـ .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/57)
طلب الطلاق لسبب اجتماعي
تاريخ الفتوى : ... 05 شعبان 1427 / 30-08-2006
السؤال
هل يجوز للمرأة طلب الطلاق لسبب اجتماعي
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمرأة طلب الطلاق في حالة وجود البأس والبأس هوالشدة أي في حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة.
فمتى وجدت الشدة التي تدعوها لطلب الطلاق جاز لها طلبه أيا كان نوع هذه الشدة، ولمزيد فائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم :69158.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/58)
الفتوى : ... لا يقع الطلاق إلا بتطليق الزوج أو القاضي الشرعي
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
أنا فتاة طلقت مرتين من زوجي ومنذ 3
سنوات وأنا منفصلة عنه تماما ورفعت قضية طلاق في القضاء المصري ولم يبت فيها حتى الآن رغم طول المدة لبطء الإجرات في القضاء المصري فهل أعتبر مطلقه نهائيا حيث إنه لفظ لي لفظ الطلاق مرتين وحلف كذبا كثيرا بيمين الطلاق وأيضا كان يجامعني من الشرج ولم أكن امتنع لأنني لم أكن أعلم أنه حرام ونحن منفصلان تماما من 3 سنوات وهو يمسكني ضرارا والسؤال هو هل أستطيع أن أعتبر نفسي مطلقه وحرة في أن أعف نفسي بالزواج الشرعي الآن حتى تنتهي الإجراءات الرسمية والقانونية وخصوصا أني أعيش في مجتمع أوروبي لا يهتم بالشكليات أو الزواج الرسمي ولكني أريد أن يتم كل شيء في حياتي بما يرضي الله ورسوله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن زوجك طلقك مرتين ثم أرجعك ولم يطلقك بعدها، ولكن رفعت إلى المحكمة طلب طلاق ولم يثبت إلى الآن وعليه نقول: الطلاق لا يقع إلا بتطليق الزوج أو حكم القاضي الشرعي به، وكونك منفصلة عن الزوج مدة ثلاث سنوات، وكونه قد سبق أن طلقك مرتين، وكان يجامعك من الدبر، مع أنه أمر محرم وكونه يمسكك ضرارا، كل هذه الأمور لا يقع الطلاق بشيء منها .
وأما حلفه بالطلاق كاذبا فإن كان يعتقد صحة ما حلف عليه، فلا يقع الطلاق بذلك ، وإن كان يعلم عدم صحته، فيلزمه الطلاق ديانة، أما قضاء فلا يحكم بوقوع الطلاق إلا بإقراره أو بالبينة، والأصل بقاء النكاح، فلا تعد الزوجة مطلقة إلا بأن يقر الزوج بتطليقها، أو تقوم بينة على ذلك فيحكم بها القاضي.
وعليه فليس لك قبل هذا أن تتزوجي، أو تعتبري نفسك مطلقة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/59)
الفتوى : ... المرأة التي تطلب الطلاق غرورا آثمة
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
بعض النساء تطلب الطلاق من زوجها ليشعرها بحبها لها , والبعض تطلبه لغرورها وتكبرها عليه فهل يدخل في وعيد ( أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة )
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة التي تطلب الطلاق تكبرا وغرورا، فلا شك في دخولها في الحديث المذكور، بالإضافة إلى ما يترتب عليها من إثم الكبر والغرور والعجب، وبيانه في الفتوى رقم 61401
.
وأما التي تطلب الطلاق، ليشعرها الزوج بحبه لها، وتمسكه بها، فالذي يظهر أنها داخله أيضا في الوعيد، لأن الحديث عام، فلفظ (أيما) من ألفاظ العموم
ولم يستثن من هذا العموم سوى من تطلب الطلاق لوجود بأس، والبأس الشدة أي في غير حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/60)
الفتوى : ... الزواج ميثاق من أغلظ المواثيق
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
أسأل الله أن ييسر لكم في هذا الموقع، أنا أخت متدينة متزوجة وزوجي أخ حافظ للقرآن
ومكفوف تزوجته وأنا والله يشهد همي هو رضى الله ولكنه وبعد مرور شهرين تفاجأت أن زوجي يستخير الله في استمرارية هذا الزواج علما أنه لم يجمعنا بيت واحد ولا غرفة واحدة محتجا بأن فراسته تنبئه أن زواجنا فاشل، والآن يريد الطلاق بكل بساطة وكأنه لا يعلم أن الزواج ميثاق غليظ، والله أحسست بظلم شديد ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيم، فماذا أفعل؟ نوروني جزاكم لله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق والسعادة في الدارين، ولا شك أن الزواج عقد من أسمى العقود وميثاق من أغلظ المواثيق، ولا ينبغي حله بدون سبب يدعو لذلك.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. رواه أبو داود وغيره. ومع ذلك فقد يكون الطلاق هو الحل في بعض الأحيان، ومن ذلك إذا لم يحصل توافق وانسجام بين الزوجين ولم تحصل السعادة المرجوة من الزواج.
والذي ننصحك به أنت بعد تقوى الله العظيم هو المحافظة على أداء فرائض الله تعالى والابتعاد عن محارمه، وفعل ما استطعت من أعمال الخير والدعاء فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، وعليك أن تفوضي الأمر إلى الله تعالى وتسأليه أن يقدر لك ما فيه الخير فإنك لا تدرين ما هو خير وإنما الخير فيما قدره الله.
وإذا كانت هنالك أمور ظاهرة قد تكون هي السبب في عدم ارتياح زوجك للاستمرار فعليك أن تحاولي التخلص منها.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 43627 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/61)
هل يقع طلاق من ظن أنه طلق
تاريخ الفتوى : ... 04 شعبان 1427 / 29-08-2006
السؤال
أولا أنا شاب كثير الشكوك والوساوس بعد العقد على زوجتي وفي نفس الليلة قمنا بتناول العشاء بمفردنا في غرفة مغلقة علينا في بيت أهلها وأثناء ذلك قمت بتقبيلها و احتضانها (ولم يحدث وطء) واستمرت هذه الخلوة نحو نصف الساعة وفي اليوم التالي خرجنا بمفردنا بعدها بفترة لا أذكرها انتابتني الشكوك حول صحه العقد وفي ليله انتابتني الشكوك والوساوس ولم أتمكن من النوم وغالب ظني أني تلفظت ب (انتي طالق يا فلانة وسميت زوجتي) لأسكت هذه الأفكار أو الوساوس برأسي وندمت بشدة بعدها وتعاملت مع الموضوع على أساس أنها وساوس وأني لا أريد الطلاق وتعاملت معها على أنها لا تزال زوجتي وتبادلت معها القبلات واختليت بها غير مرة ولكن دون وطء بعدها بحوالي شهر تذكرت الموضوع وحزنت بشدة وراجعت زوجتي بأن قلت منفردا بنفسي بصوت عال راجعت زوجتي فلانة إلى عصمتي فهل مراجعتي لها صحيحة وهل هي في عصمتي علما بأنه حتى الاّن لم يمر سوى 57 يوما منذ كتابة العقد ولم يحدث دخول وإنما ما حدث هو الخلوة المذكورة أرجو الرد المباشر على سؤالي وعدم تحويلي لإجابات أخرى ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فحيث إنك غير متيقن من تلفظك بالطلاق، فلا عبرة بذلك، ولا يقع الطلاق تمسكا بالأصل وهو عدم الطلاق، قال النووي في المجموع:
وزاد بعضهم فقال : هل تثبت النجاسة بغلبة الظن فيه قولان، والراجح المختار في هذا كله طريقة العراقيين وهي القطع بطهارة هذا أو شبهه ، وذكر جماعة من متأخري أصحابنا الخراسانيين أن كل مسألة تعارض فيها أصل وظاهر أو أصلان ففيها قولان .. وهذا الإطلاق الذي ذكروه ليس على ظاهره، ولم يريدوا حقيقة الإطلاق فإن لنا مسائل يعمل فيها بالظن بلا خلاف بشهادة عدلين فإنها تفيد الظن ويعمل بها بالإجماع، ولا ينظر إلى أصل براءة الذمة، وكمسألة بول الحيوان وأشباهها، ومسائل يعمل فيها بالأصل بلا خلاف كمن ظن أنه طلق أو أحدث أو أعتق أو صلى أربعا لا ثلاثا فإنه يعمل فيها كلها بالأصل وهو البقاء على الطهارة وعدم الطلاق والعتق والركعة الرابعة وأشباهها. انتهى
وحتى على فرض وقوع الطلاق، بأن حصل لديك يقين من وقوعه، فقد رجعت إليك زوجتك بمراجعتك لها في العدة، فالزوجة وإن لم تكن دخلت بها إلا أنك قد خلوت بها الخلوة الصحيحة ولها حكم الدخول.
والذي يظهر أنك تعاني من الوساوس ، وهو مرض يصيب بعض الناس، فلتحذر منه، وتعمل على علاجه ، وانظر علاج ذلك في الفتوى رقم: 52232 ، نسأل الله لنا ولك العافية.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/62)
هل تبقى في عصمة الزوج الساب
تاريخ الفتوى : ... 03 شعبان 1427 / 28-08-2006
السؤال
أنا فتاة مسلمة والحمد لله.. أبلغ من العمر 24 عاماً، تزوجت من رجل يعيش بالخارج، تزوجنا منذ عام وشهرين، أمضينا منهم أسبوعان فقط مع بعضنا كزوجين ومارس حقوقه الشرعية، وعشت أنا مع أهلي في بلد خليجي حيث ترعرعت، ورجع هو مع أهله للبلد الأجنبي حيث ترعرع، علماَ بأننا في انتظار إجراءات السفارة لمدة عام و شهرين لأكون معه. مشكلتي أنه شكاك جداً، بدون أي وجه حق، فأنا فتاة خلوقة جداً، و خوفي من الله كبير والحمد لله، فأنا أحفظه في عرضه وماله وحقوقه. وصل بنا الطريق إلى أن يطلقني مرتين في شهرين متتاليين، أول مرة أقسم أنه لم يقصد وأنه كان في حالة غضب عارمة ولم يشعر بنفسه ( وأنا أخالفه ذلك، حيث تحدثت معه بعدها بنصف ساعة تقريباً وسألته : أتدرك ماذا فعلت؟ والدهشة تملأني من هول الصدمة ، قال نعم، فقد طلقتك ، سألت شيخاَ فقال أن ارجعي إليه واساليه مرة أخرى إذا كان يريد ذلك وهل كان في كامل وعيه وليس بكلام غضبان، فسألته وقال إنه لم ينو ذلك وأنه كان في حالة غضب. أما الطلقة الثانية كان في وعيه وليس بغضب. فسألت الشيخ فقال إنه فقط يجب أن يسألني الرجوع وإن قبلت فأنا حلال له وهذا ما حدث. ما هو أفظع، وأخاف منه، أنه دائم السب بالله في الآونة الأخيرة وقبل الطلاق وبعد الرجوع إليه. ودائماً يهددني في غضبه بتشويه سمعتي وقول أكاذيب للتقليل من شأني في نظر أهلي وأهله. أنا في ضياع من أمري ، وللأسف أهلي لا يعلمون بالأمر وأهله علموا به مني و حاولوا إرجاعه للطريق السليم ولكن دون جدوى. سفري له قد تحدد بعد شهر تقريباً من اليوم . لا أريد أن تكون حياتي معه حراما. ما الحكم في ذلك حيث أعلم أن ساب الله والرسول مرتد، وأحرم عليه. علماً بأني قد طلقت منه مرتين في اعتقادي. أرجوكم ساعدوني، إني أخاف الله. يرجى العلم أنه لا إلمام له بالدين مع أنه مسلم. حاولت في فترة الخطبة تقريبه من الله والرسول بتشجيعه على قراءة القرآن وقراءة قصص الإسلام. ولكن بعد سفره تغير وفعل كل أنواع الفواحش بعد زواجنا مثل الزنا وشرب الخمر. ظلمت منه كثيراً، فحبي له يجعلني أغفر له كل ذنوبه ومحاولة إرجاعه للطريق المستقيم ولكن دون نفع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فقد سبق أن بينا أن العلماء مجمعون على أن من سب الله تعالى فهو كافر ، وتراجع في هذا الفتوى رقم : 24438 ، والفتوى رقم : 6283 ، فإن ثبت ما ذكرت عن زوجك من سبه الله تعالى فالواجب نصحه وتذكيره بالله تعالى، فإن تاب وأناب فالحمد لله وتظل العصمة قائمة بينكما ، وإن أصر على ذلك الحال فلا يجوز لك البقاء معه أو تمكينه من نفسك، وراجعي الفتوى رقم : 70423 .
وبخصوص الطلقتين السابقتين فاعلمي أولا أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق ما دام صاحبه يعي ما يقول، وقد ذكرت أنك قد سألته بعد نصف ساعة فأقر أنه قد طلقك فلا عبرة بعد ذلك من سؤاله أنوى الطلاق أم لا ، وأما الطلقة الثانية فأمرها واضح، وأما الرجعة فإن المرأة ما دامت في عدتها من طلاق رجعي فيجوز لزوجها مراجعتها من غير عقد جديد، وإذا انقضت عدتها فلا تجوز له مراجعتها إلا بعقد جديد، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم : 3073 ، والفتوى رقم : 30719 .
وننبه إلى أنه ينبغي للمسلمة التريث في أمر اختيار الأزواج، فلا ترضى إلا من اطمأنت لدينه وخلقه ، وتراجع الفتوى رقم : 4203 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
ـــــــــــــــــــ(57/63)
الوعد بالطلاق هل يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1427 / 17-08-2006
السؤال
ما حكم من قال : ( إذا لم أرجع هذ ا القميص للبائع مرة ثانية سوف يترتب عليه طلاق) وعند محاولة الإرجاع رفض البائع لأنه كان قد مر حوالي سنة من وقت شرائه وكان قد اتسخ بعض الشيء وبعد إلحاح قلت للبائع أرجعه وسوف أعطيك فرق السعر وأعطني قميصا غيره فأعطاني قميصا غيره على أن أدفع له أربعين جنيها وكان سعر القميص الأول خمسا وستين جنيها وسعر القميص الثاني بنفس السعر فهل يعتبر هذا حنث ويقع طلاق أم أكون وفيت بما علقت عليه الطلاق فلا يقع وما الواجب علي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن الحلف بغير الله لا يجوز بحال من الأحوال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت . متفق عليه.
واليمين بالطلاق من أيمان الفجار فلا يجوز الإقدام عليها لما فيها من ارتكاب النهي المتقدم ولما فيها من تعريض عصمة الزواج للحل. فالواجب عليك الآن هو التوبة إلى الله توبة نصوحا وعدم العودة إلى مثل هذا الحلف.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فالظاهر أن الطلاق فيما ذكرته لم يقع لسببين:
1. أن قولك: إذا لم أرجع هذا القميص للبائع مرة ثانية سوف يترتب عليه طلاق، لا يفيد أنك علقت الطلاق على عدم إرجاع القميص، وإنما علقت وعدا بالطلاق على عدم إرجاع القميص. والوعد بالطلاق لا يحصل به طلاق، بل لصاحبه أن يرجع عن وعده ولا يطلق.
2. أنه لو افترض أنك كنت علقت الطلاق - حقيقة - على عدم إرجاع القميص فإن المعلق عليه لم يحصل، لأنك أرجعت القميص إلى البائع، وبذلك تكون قد بررت بيمينك, إلا إذا كنت نويت وقت اليمين الإرجاع من غير استبدال. فالنية في الأيمان تقيد المطلق وتخصص العام .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/64)
الفتوى : ... هل للطلاق أثر في خراب الأشياء بالمنزل
تاريخ الفتوى : ... 22 رجب 1427 / 17-08-2006
السؤال
عمي طلق زوجته أكثر من ثلاث مرات وهي ما زالت معه في البيت وينام معها وإني أرى كل يوم يخترب عنده شيء، فهل الطلاق له تأثير على خراب الأشياء، فماذا تريدني أن أنصحه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نفهم مراد السائل بقوله أكثر من ثلاث مرات, هل المراد أنه طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها وهكذا فهذه بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره باتفاق العلماء. أما إن كان المراد أنه طلقها ثلاثاً من غير أن يتخلل ذلك رجعة، فقد ذهب جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو بألفاظ متعددة دون ارتجاع يعتبر طلقة واحدة، والمفتى به عندنا أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثاً، وهو قول الجمهور. ولتفصيل ذلك راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5584، 26539، 60228.
وعليه. فيجب عليك نصح عمك وإخباره أن من طلق زوجته ثلاثاً فقد بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ومعاشرته لها بعد الطلقة الثالثة منكر عظيم، ومعصية كبرى، يجب عليه الإقلاع عنها والتوبة إلى الله عز وجل منها.
وأما علاقة خراب الأشياء في بيته بهذه المعصية فهو أمر وجيه إذ لا شك أن للمعصية شؤماً على أصحابها، تستنزل عليهم العقوبات والمصائب الدنيوية والأخروية، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى:30}، وقد قيل ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. عافانا الله والمسلمين أجمعين.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/65)
حكم الزواج بنية الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 15 رجب 1427 / 10-08-2006
السؤال
أمي تريد تزويجي من امرأة لا أرغب فيها فقررت الزواج إرضاء لها ولكني في قرارة نفسي أحمل نية الطلاق فهل هذا حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة في غير معصية الله تعالى وفي المعروف، وعلى الوالدين إحسان استعمال هذا الحق، بأن لا يأمرا أبناءهما بما يشق عليهم، أو يحملهم على عدم البر بوالديهم.
وإذا أرادت الأم أن ترغم ابنها على الزواج بامرأة لا يريدها، فإنه لا طاعة لها عليه في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وليس لأحد الوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد. انتهى
وعلى أية حال، فإن جمهور أهل العلم على جواز الزواج بنية الطلاق دون أن يكون ذلك مشروطا في العقد.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم؛ إلا الأوزاعي، قال: هو نكاح متعة. والصحيح أنه لا بأس به، ولا تضر نيته، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته، وحسبه إن وافقته، وإلا طلقها. انتهى.
وعليه؛ فلا حرج عليك فيما قررته من الزواج بتلك المرأة إرضاء لأمك وفي قرارة نفسك تحمل نية الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/66)
هل يطلق امرأته لإصرارها على المعصية
تاريخ الفتوى : ... 01 رجب 1427 / 27-07-2006
السؤال
لدي زوجة في العشرين من العمر تصلي ولكن أحيانا وأحيانا لا تطيعني بها صفة الكبر هي لا ترضى عن الحياة التي تعيشها معي، حاولت نصحها والصبر عليها كثيرا فاستجابت وارتدت النقاب لكنها غير مقتنعة به، لا تمل من الجلوس أمام التليفزيون ليلا ونهارا، تريد الخروج من البيت باستمرار، وتريد أن تعمل وأنا غير محتاج لعملها، غير هذا فهي تكره أمي رغم أنها عمتها وتكذب أحيانا، لا أبخل عليها بشيء من مالي ومع ذلك تدعي أنها تحتاج للمال ولذلك تريد أن تعمل، دائما ساخطة على حياتها معي، الآن هي في بيت أبيها منذ شهرين ونصف أنا لا أريدها أن تعود، صليت صلاة استخارة أكثر من مرة هل أطلقها أم لا أو أتزوج بأخرى، لكني لم أر شيئا، ولا أستطيع تفسير ما يحدث من حولي مع أني أتمنى أن أتزوج بامرأة ملتزمة تعينني على الطاعة، لكني لا أملك المال الكافي لذلك فماذا أفعل؟ أنا في حيرة من أمري، أنا لا أريد أن أظلمها أو أظلم نفسي 00 جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتصفت هذه الزوجة بصفات سيئة، وأعظم ذلك تهاونها ببعض الصلوات وعصيانها لزوجها، ولا شك أن للبيئة التي تربت فيها أثرا على سلوكها وصفاتها، فلعلك إذا صبرت عليها، وعملت على محو آثار البيئة، بتوفير بيئة جديدة صالحة لعلها تتغير، مع الاستمرار على نصحها، وإذا كنت قد فعلت ذلك واستفرغت الوسع والجهد ولم يحصل المطلوب، واستمرت على حالتها من العصيان والتكبر والتضجر من العيش معك، ونحو ذلك، فالأولى لك أن تطلقها، قبل أن يكون لك منها أبناء – إذا لم يكن – ثم تبحث لك عن امرأة ملتزمة هينة لينة، ودود ولود، تعرف معنى الحياة الزوجية، ولا حرج عليك في أن تتزوج مع إبقاء الزوجة الأولى
.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/67)
الفتوى : ... الطلاق الواقع بعد انتهاء العدة
تاريخ الفتوى : ... 01 رجب 1427 / 27-07-2006
السؤال
لي أخ تزوج منذ 6 سنوات وهو على خلاف دائم مع زوجته وقد رمى عليها الطلاق مرات عديدة، اعترف باثنتين منها، علما بأنها تقول بأن لديها فتوى بالطلقة الثانية، وهو لم يعقد عليها في المرة الثانية وإنما عادت إليه وتعيش معه بدون عقد جديد، وفي كل مرة يحصل خلاف بينهم يرمي عليها الطلاق أمام الجميع وبعدها يعود للبيت وتعود الحياة إلى طبيعتها بينهم، أنا على يقين بأن كل ذلك حرام وأن حياتهم سويا مبنية على الزنا ، ولكن أريد منكم التوضيح بالتفصيل، وهل الطلقة الثالثة ( والتي تكررت عدة مرات أمام أكثر من شخص ) تعتبر أصلا باطلة كونه لم يعقد عليها من جديد بعد الطلقة الثانية، وما الحكم الشرعي النهائي لهذه الحالة، وجزاكم الله عني كل خير .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن للزوج مراجعة زوجته بعد الطلقة الأولى والثانية بلا عقد ولا مهر ما دامت في العدة، ويسمى الطلاق الرجعي، أما إذا نقضت العدة فليس لها الرجوع إليه إلا بعقد جديد ومهر جديد، وتعرف بالبينونة الصغرى لقوله تعالى: الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ {البقرة: 229} أما بعد الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، هذه هي البينونة الكبرى، لقوله سبحانه: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ{البقرة: 230}
وهذا الزوج لا يخلو من أن يكون راجع زوجته في العدة، والمراجعة تقع ولو بالفعل مع نيتها كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30067، وفي هذه الحالة تلحق زوجته الطلقة الثالثة وتكون بها قد بانت منه بينونة كبرى.
وأما إذا لم يكن راجعها حتى انقضت عدتها فله مراجعتها بعقد جديد ومهر جديد، فإن كان قد رجع إليها من غير عقد فإن ذلك حرام ولا يلحقها الطلاق الذي أوقعه في تلك الحال.
والمرجو مراجعة المحكمة الشرعية لأنها صاحبة الاختصاص في هذه القضايا...
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/68)
طلب الطلاق بسبب ضعف الزوج الجنسي
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1427 / 26-07-2006
السؤال
أنا شاب مسلم ملتزم ولله الحمد ، تزوجت منذ سنتين من فتاة مسلمة قيل لي بأنها وأهلها ملتزمون وتبين لي خلال السنتين عكس ذلك تماما ، بعد الزواج واجهت مشكلة الضعف الجنسي والعقم معا !!! ومع ذلك كنت أستطيع معاشرة زوجتي تمام المعاشرة وأجملها بمعدل مرة كل أسبوعين بالاستعانة بدواء، وحاليا وضعي الصحي تحسن وحسب قول الأطباء سأشفى بحول الله تماما خلال شهور، خلال السنتين كانت زوجتي متمردة تعصيني وتخالفني وتسيء معاشرتي دوما وأنا صابر وأحسن معاملتها بسبب وضعي الصحي، قبل أسبوع خرجت من البيت دون أي مشاكل وذهبت لأهلها وطالبتني بالطلاق ودفع المؤخر، فهل هي تستحق المؤخر ؟ أم هل أطالبها بالمقدم ؟ وهل تعتبر حالتي لدى القاضي حالة العنين ؟ وهل يجوز له تطليقها مني جبرا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الضعف الجنسي لدى الزوج ليس من العيوب التي يفسخ بها النكاح ما لم يصل إلى حد العنة وهي العجز عن إيلاج الذكر، وما دام قد جامعها ولو مرة فقد انتفى عنه وصف العنين، وعليه فلا حق للزوجة أن تطلب الطلاق أو الفسخ لهذا الأمر كما أن العقم أيضا ليس من العيوب التي يثبت بها خيار فسخ النكاح، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 44849 ، وليس من حق القاضي أن يحكم بثبوت خيار فسخ النكاح للمرأة لهذين السببين ، ولا يجوز للزوجة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه وعليها طاعته ومعاشرته بالمعروف، ولا يجوز لها طلب الطلاق لغير ما بأس ، فإن أبغضته وخشيت أن لا تقيم حدود الله معه فلها أن تطلب الطلاق ولو بأن تفتدي نفسها بإسقاط ما لها عليه من صداق مؤخر ونحوه، وللزوج أن يمتنع عن طلاقها حتى ترد له ما أعطاها من صداق معجل ونحوه، وينبغي لكل منهما أن يعفو عن بعض حقه لقوله تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: 237 } .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/69)
قول الزوج لزوجه الحياة أصبحت مستحيلة بيننا
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1427 / 26-07-2006
السؤال
رجل قال لزوجته بأن الحياة أصبحت مستحيلة بينهما في وجود شهود بدون أن يرمي اليمين، فهل تصبح الزوجة طالقا ثم أين تعيش الزوجة والزوج وهل يمكن أن يعاشرها بدون عقد جديد؟
أرجو الرد على موقعكم للفائدة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج لزوجته بأن الحياة أصبحت مستحيلة بينه وبينها يعتبر إخبارا منه لها بعدم الرضا بالحال التي هما عليها، والتصريح بعدم الرضا بالحال التي هما عليها لا يدل على الطلاق بوجه من الوجوه ، ومع ذلك فلو قالها الزوج وأراد بها طلاق زوجته فإن زوجته تطلق في المشهور من مذهب الإمام مالك رحمه الله وعند بعض علماء الشافعية، وذلك لأن هؤلاء يرون أن كل كلام يتكلم بها الإنسان إن أراد به الطلاق فإنه يلزمه كقوله لزوجته اسقني الماء أو ادخلي أو اخرجي أو كلي أو اشربي أو غير ذلك، قال خليل بن إسحاق المالكي: وإن قصد بكاسقني الماء أو بكل كلام لزم. والجمهور لا يوقعون الطلاق بمثل هذه الألفاظ ولو نوى الإنسان الطلاق، وحجتهم في ذلك أن الطلاق لا يقع بالنية بمجردها وأن اللفظ هنا غير صالح للطلاق بخلاف ما لو قال اخرجي أو اذهبي أو أخليتك أو حبلك على غاربك.
والحاصل أن ما قاله هذا الرجل لزوجته لا يعتبر طلا قا إذا لم يقصده به، وإن كان يقصد به الطلاق فإنه يقع عند المالكية وبعض علماء الشافعية، ولك أن تراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 58183 ، وفتوانا رقم:71522 .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/70)
الاختلاف في قيمة المهر وحقوق المطلقة قبل الدخول
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1427 / 26-07-2006
السؤال
عقدت على امرأة وقد شرحت لوالدها ظروفي المادية، واتفقنا على قيمة الشبكة النقدية، وقبل الزفاف أراد والدها أن يزيد قيمة الشبكة بحجة زيادة قيمة الذهب، وأراد أيضا أن يزيد قيمة قائمة المنقولات عن ما تم الاتفاق عليه فرفضت، فقال نذهب للمحكمة للطلاق فما حق تلك المرأة عند الطلاق ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الصلة بين الزوجين من أقوى الصلات وأوثقها، وليس أدل على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى سمى العهد بين الزوج وزوجته بالميثاق الغليظ، فقال تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
وإذا كانت العلاقة بين الزوجين هكذا موثقة مؤكدة فإنه لا ينبغي قطعها عند أتفه سبب. لذا ننصحك بأن لا تتعجل في الأمر وأن تسعى في حل المشكلة قبل أن تلجأ إلى الطلاق.
وإذا تعين الطلاق حلا للمشكلة، فإن المطلقة قبل الدخول تستحق نصف المهر بنص القرآن، فقد قال الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}.
وأما إن حصل الدخول فلها المهر كله. واختلف العلماء فيما لو كان قد خلا بها بحيث أغلق بابا أو أرخى سترا فهل لهذه الخلوة حكم الدخول؟ أم لا ؟ على قولين، وإن كانت هذه المرأة قد مكنت الزوج من نفسها، فقد وجبت عليه النفقة ويرجع في إثبات ذلك وتقديره إلى الحاكم.
وعليه، فإذا كنتم قد اتفقتم علي القيمة النقدية التي تدفع عن الشبكة وقائمة المنقولات، وأن هذا هو المهر، فإذا حصل الطلاق قبل الدخول فليس لهم إلا نصف ما تم الاتفاق عليه، وإذا حصل بعد الدخول فلهم تمام ما تم الاتفاق عليه، مع نفقة الزوجة ومسكنها أثناء العدة.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/71)
الوقت الذي يعتبر الطلاق فيه نافذا
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الثانية 1427 / 25-07-2006
السؤال
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده....
ساءت العلاقة الزوجية بينهما بسبب والد الزوج وضيق المحل (غرفتان يسكن فيهما الزوجان والوالدان وأخ)، خرجت الزوجة بعد شجار وذهبت لتقيم عند أهلها ورفضت الرجوع ـوالحال هذه ـ رغم أن والد الزوج حاول إرجاعها بينما الزوج لم يحرك ساكنا وطالت المدة (سنتان) فالزوجة تصر على بيت مستقل والزوج يصر على الطلاق، ثم رفع الزوج دعوى قضائية يتهم فيها الزوجة بمغادرة البيت ويطلب الطلاق فرضيت الزوجة الطلاق عن تراض، وقدم المحاميان اللائحة للمحكمة الفرنسية التي أخبرت الطرفين بالفصل في القضية في الأسبوع الثاني من شهر شتمبر من السنة الجارية، هل إصرار الزوج ونواياه من أول مرة منذ عامين على الطلاق يعتبر طلاقا، وهل يجوز العقد على الزوجة من آخر قبل وثائق المحكمة أي قبل سبتمبر؟ بارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنه لا يجوز للمسلمين أن يتحاكموا إلى المحاكم الوضعية في أي شأن من شؤون حياتهم السياسية أو الاقتصادية أو في شؤون الحياة الزوجية، وإذا اضطر المسلمون في بلاد الغربة لشيء من هذا النوع، فإن عليهم أن يطرحوا مشكلتهم على المراكز الإسلامية في بلدهم، كما أن من حق الزوجة أن تطالب زوجها بسكن مستقل عن أهله، وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل، فلك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 34802.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإن الطلاق يعتبر نافذاً من اليوم الذي أوقعه فيه الزوج، لا من الوقت الذي عزم عليه فيه، ولا اعتبار لما تصدره المحاكم من الوثائق.
وعليه فإذا طلق الرجل المذكور زوجته وانتهت عدتها من طلاقه الواقع فعلاً، فلا مانع من أن يتزوجها شخص آخر، سواء كان ذلك قبل صدور الوثائق أو بعده، ولك أن تراجع في عدة المطلقة الفتوى رقم: 10424.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/72)
الفتوى : ... قول الزوج لامرأته لو ما لبست الحجاب سأطلقك
تاريخ الفتوى : ... 29 جمادي الثانية 1427 / 26-07-2006
السؤال
أرجو الإفادة أرجوكم في أسرع وقت، أنا ملتزمة و الحمد الله بالصلاة و جميع الطاعات و متزوجة و لدي طفلان و قد تحجبت منذ 6 أشهر و كنت أمر بفترة صعبة في حياتي نتيجة زواج زوجي زواجا عرفيا من امرأة تكبره 8 سنوات و بعد أن تركها كان يلح علي في الحجاب كثيرا ففعلت هذا تحت ضغط، ولكن بعد 3 أشهر كان في اتصال آخر مع هذه المرأة و تركت المنزل و أول شيء فعلت أني خلعت الحجاب و لا أستطيع أن ألبسه مرة ثانية فهو علم و قال:( لو ملبستيش الاشرب هطلقك بكرة الصبح) فلبست الاشرب و لكن في الوقت الذي لا يكون هو معي أخلعه، فأنا لا أريد الحجاب و لا إكراه في الدين، فأنا لست متبرجة تماما بل بالعكس مع الحجاب بدأت أضع المكياج، فأرجو الإفادة هل أعترف له أني لا أرتدي الحجاب و يطلقني أم أستمر على هذا الوضع .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قول الزوج ( لو ما لبست .. سأطلقك ، فلا يقع به الطلاق لأنه إنما توعد بالطلاق ولم يطلق
.
وننصح الأخت بالحجاب، وقد ذكرت أنها ملتزمة، ومن أول علامات التزام المرأة الحجاب، وهو فرض وواجب وليس عادة أو نافلة، ولا نظن الأخت تشك في فرضيته، وإذا كانت تشك في ذلك أو ينقصها العلم بوجوبه وفرضيته فلتراجع الفتوى رقم: 6226 .
وأما قولها لا إكراه في الدين، فمعناه لا إكراه في دخول الدين واعتقاده، وليس في التزام المسلم بأحكام الدين .
فنصيحتنا للأخت أن تطيع ربها أولا وأن تستجيب له سبحانه ، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ { الأنفال:24 }، وقال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ { النور:51-52 }، ولا بأس بعدم إخبار الزوج بتقصيرها في لبس الحجاب، حتى تتغلب على هواها وشيطانها ، وتلتزم بلبسه .
وأخيراً ننبه إلى أن المقصود بالحجاب الذي يجب على المرأة قولا واحداً هو تغطية جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، أما كشف الوجه فقط فإنه أمر مختلف فيه بين أهل العلم، فبعضهم يقول بجوازه عند أمن الفتنة ومنهم من يقول بالمنع منه مطلقاً، ولا شك أن العمل بهذا القول الأخير هو الأحوط في هذا الزمن.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/73)
الفتوى : ... الحكمة من منع طلاق الحائض
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1427 / 19-07-2006
السؤال
ما الحكمة في عدم طلاق المرأة وهي حائض؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكمة التي من أجلها حرم الشرع الطلاق أثناء زمن الحيض هي دفع الضرر عن المرأة، إذ لو وقع الطلاق أثناء الحيض فإن المرأة ستظل ثلاثة أطهار وبعض أيام حيضها التي وقع الطلاق فيها، وهذا على قول من يقول: إن القرء هو الطهر.
أو تظل ثلاث حيضات وبعض حيضة على قول من يقول بأن القرء هو الحيض، ففي الحالين يلحق المرأة ضرر بتطويل عدتها، قال الإمام ابن قدامة في المغني: إن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها بغير خلاف بين أهل العلم، لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة فلا يعتد بها، ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض لما فيه من تطويل العدة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءاً كان أقصر لعدتها وأنفع لها، فلم يكن محرماً. انتهى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/74)
الفتوى : ... العلاقة بين الزوجين بعد الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الثانية 1427 / 18-07-2006
السؤال
أنا شاب عقدت على شابة على سنة الله ورسوله برضى أخيها لأن والدها متوفى. ولكن تعرض أخوها الآخر لها وأجبرها على الطلاق بالقوة دون رضاها ودون أي مبررات غير أن لون بشرتي أسود
فهل هذا الطلاق شرعي، وهل انتهت علاقتي بها بهذا الطلاق، علما أننا نريد بعضنا إلى حد الآن، ونحن نلتقي ونكلم بعضنا إلى اليوم رغم ماتم من طلاق بالإكراه، آمل أن ترشدوني، ولكم الجزاء من الله ، أنا مستعد أن أتصل بكم على الهاتف للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق بيدك أنت وليس بيد المرأة ولا أخيها، ولا يستطيع أخوها إجبارك على الطلاق، وعموما فإن كنت قد طلقتها غير مكره فالطلاق واقع، وإن كنت قد طلقتها تحت التهديد بالقتل أو الضرب الشديد أو أخذ أكثر مالك -وبشرط أن يكون هذا التهديد من شخص قادر على تنفيذ ما هدد به- فإن الطلاق غير واقع، وانظر الفتوى رقم:6106 والفتوى رقم: 40934. وأما الطلاق إرضاء للزوجة أو خضوعا عند رغبة فلان أو تحت الضغط الأدبي ونحو ذلك فهذا الطلاق واقع، وليس اللون معيارا للقبول والرد كما أسلفنا في الفتوى رقم: 50283 . ولا يجوز لك في حال وقوع الطلاق أن تستمر في العلاقة مع هذه المرأة بل يجب أن تجتنب ذلك تماما، ويمكن لك أخي الكريم أن توسط من أهل الخير والصلاح من يقوم بالصلح وإقناع أخيها بالحق .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/75)
الفتوى : ... لا تخلو الحياة الزوجية من الخلافات والمشاكل
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الثانية 1427 / 18-07-2006
السؤال
إخواني في الله، أنا شخص مقبل على الزواج والآن في فترة (الملكة) تم عقد القران، ولكن باقي عن الحفل شهران، وخلال الشهرين الماضيين حدثت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي والسبب أني أحس بتقصير منها وهي تقول إنها تخطئ أحياناً، وأحياناً تقع في الخطأ دون إرادتها, وهذا لا يرضيني، وأصبحنا ندخل الأهل في المواضيع والمشاكل، والأهل ينصحوننا بالانفصال والطلاق، وأنا أرى أن الطلاق ليس بعلاج لأنه سيسبب مشاكل كثيرة لي ولزوجتي خاصة وأننا متعلقان ببعض والمحبة التي بيننا محبة في الله، ولم أقبل على الزواج إلا لطاعة الله، ولكن الآن أصبحت أسب وأشتم وأفعل أفعالا لا تُرضي الله، وأعلم وأني متيقن أن بعد الزواج سنملأ حياتنا وأوقاتنا بذكر الله، فهل أصبر وأحتسب الأجر عند الله، أم أستجيب لطلب الأهل وألجأ للطلاق، أم ما رأي فضيلتكم في هذه الحياة، وهل هناك نصائح للزوجة، لأني أحس بتقصيرها اتجاهي وإرضاء الآخرين؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد أن تعلم أن الحياة الزوجية لا تخلو من الخلافات والمشاكل، وقد قيل بأن هذه المشاكل ملح الحياة الزوجية، وتعد حالة طبيعية تجعل للحياة الأسرية طعماً، لأن الحياة الزوجية دون خلافات تصبح جامدة ورتيبة، تدعو للملل، وهذه الخلافات تجدد المشاعر بين الزوجين، ويظهر بها حب كل من الزوجين للآخر.
فلا ننصحك بالطلاق لمجرد حصول هذه المشاكل البسيطة، واعلم بأنه ليس هناك معصوم من الخطأ، ويكفي في الإنسان كي يكون جيداً أن يغلب صوابه خطأه، وقد قيل:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها**** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
فننصحك بإمساك زوجتك، وعدم طلاقها، والصبر عليها، وأما النصيحة للزوجة فيمكن إطلاعها على الفتوى رقم: 32549.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/76)
طلاق الأجنبية التي أسلمت على يد الزوج
تاريخ الفتوى : ... 12 جمادي الثانية 1427 / 09-07-2006
السؤال
أرجو من أصحاب الفضيلة الإجابة على سؤالي، فأنا تزوجت من فتاة روسية وبعد فترة أرادت أن تسلم فعلمتها ما كان باستطاعتي تعليمها من الإسلام، فالآن أريد أن أتركها، فهل علي إثم في حال عادت إلى دينها بعد تركي لها، ولربما يخطر في بالكم سؤال: لماذا أتركها لأنه أحياناً يخطر ببالي أنها تريدني لهدف غير معلن عنه، وثانياً بسبب ضغوط من والدي وأهلي في بلدي فأجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بعدم مفارقة هذه المرأة، ومحاولة إقناع أهلك بإبقائها، وإن عزمت على الطلاق لما ذكرت فلا إثم عليك، ولمعرفة حكم الطلاق انظر الفتوى رقم: 12963.
ودخول هذه المرأة في الإسلام إن كان رغبة منها وقناعة بهذا الدين فلن تتركه، وإن كان غير ذلك فأمرها إلى الله تعالى، وليس عليك إن رجعت عن الإسلام ذنب ما لم يكن رجوعها بسبب سوء خلق أو ظلم منك تجاهها، فإنك في هذه الحالة آثم وعليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك، وللفائدة والتفصيل تراجع الفتوى رقم: 47675.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/77)
طلاق الحامل وكيفية الرجعة
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الثانية 1427 / 04-07-2006
السؤال
أنا شاب ابتليت بعدم الصلاة مع يقيني بوجوبها وعظمتها، متزوج وزوجتي حامل في الشهر السادس، بيني وبينها خلافات كثيرة، حصل خلاف بيننا وطلقتها طلقة واحدة،، فما الحكم في هذه الحالة ؟
وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا نقول للسائل إن التهاون في شأن الصلاة والتكاسل في أدائها صاحبه على خطر عظيم، وإن سلم من الكفر والخروج من دين الإسلام فلن يسلم من أن يكون مرتكب كبيرة من أكبر الكبائر، وراجع ما كتبناه عن ترك الصلاة في الفتوى رقم : 1145 ، والفتوى رقم : 6061 ، فإياك ثم إياك أخي أن تضيع هذا الركن العظيم أو تتهاون في أدائه .
أما عن طلاق زوجتك فإذا كانت لا تزال في العدة فما عليك إلا أن ترجعها إليك، وتحسب عليك طلقة ، وإن انقضت عدتها قبل أن تراجعها فلك أن تعقد عليها بعقد جديد مستوفيا شروطه وبمهر إن رضيت، وفقك الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/78)
ما تفعله من حيل بينها وبين زوجها وأرادت الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الثانية 1427 / 29-06-2006
السؤال
أخت في الله غير عربية تسكن في أوروبا تزوجت من رجل عربي مسلم و لها الآن ولد لكن زوجها سافر إلى بلاده و حاول العودة ولكنه لم يستطع و هي حاولت الذهاب إليه و لم تستطع و لهم الآن 4 سنوات لم يتمكنا من رؤية بعضهم و هي طلبت الطلاق و لكن زوجها لا يريد هي أرادت أن تطلب الخلع لأنها متضررة جدا من هذا الوضع و هنا لا يوجد محاكم شرعية و سألت أئمة المساجد هنا قالوا أن ليس من صلاحياتهم الخلع و هي تريد حل ليس لها اقارب في أي دولة إسلامية و السؤال إذا كان هناك حل نرجو المساعدة منكم فهي تسأل إذا كان من الممكن أن تراسل محكمة شرعية عن طريق النت أو إذا يوجد أي حل نرجو إعطاء النصح.
و جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعسر سفر أحدهما إلى الآخر, وطلبت الطلاق فرفض الزوج, وكان في بقائها بلا زوج ضرر عليها في معاشها أو دينها, فيمكن لها أن توكل قريبا أو بعيدا في دولة زوجها ليتولى محاولة إقناع الزوج بالطلاق أو طلب الخلع في المحكمة إضافة إلى أن الزوج إذا كان لا ينفق عليها, فلها أن ترفع أمرها لجماعة المسلمين في البلد الذي لا يوجد فيه قضاء شرعي, وتطالب بالفسخ بسبب ترك الإنفاق. والإعسار إما حقيقة بأن عجز الزوج عن النفقة أو حكما بأن كان قادرا على الإنفاق ولكنه ممتنع من دفعه, وهو في بلد لا يمكن أن يجبر فيها بالنفقة. وللفائدة تراجع الفتوى رقم:49355 والفتوى رقم:73949 ونسأل الله أن يفرج عنها وأن يصلح حالها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/79)
هل يطلق زوجته لشكه في وقوعها في الفاحشة
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الثانية 1427 / 29-06-2006
السؤال
مشكلتي تتعلق بالخيانة الزوجية، زوجتي منذ 18 عاما.. قبل عام تأكدت من وجود علاقه بينها وبين ذئب بشري، العلاقة بدأت بالشات وتطورت إلى الهاتف (المكالمات الهاتفية)، كانت بشكل يومي ولساعات طويلة جداً.. إما عند نومي من بعد منتصف الليل ولساعات الصبح.. أو عند ذهابي للعمل، أعطيتها الثقه العمياء وكنت آملا أن تحفظني بالغيب كأي زوج محب لزوجته، الصدمة كانت كبيرة جداً، الخيانه.. الغدر.. الكذب.... أصبحت كلمات لا تغادر مخيلتي، أحببتها بكل مهجتي، أعرف أن الشرع يطلب 4 شهود لإثبات واقعة الزنا.. ولكن لدي شعور قوي من أنها حصلت، أعيش بدوامة كبيرة وتأرجح نفسي كبير، عندي منها 4 أولاد، هي بحال طبيعتها لن تقر على نفسها بواقعة الزنا.. لمعالجة نفسيتي أنا هددتها بالزواج من أخرى والإبقاء عليها.. هي لا ترضى بذلك وتفضل أن تنفصل بأولادها عني، كيف أتعامل مع الوضع الحالي.. هل أطلقها وأتزوج بغيرها بالرغم من حبي لها، هل أتزوج بغيرها وأبقي عليها، أخاف إن تزوجت عليها أن أظلم الجديدة لأني ما زلت أحب زوجتي الحالية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أخي الكريم أن تجتنب الظنون ما استطعت، فإنه لا يجوز لك بحال اتهام زوجتك بالزنا بسبب وقوعها في بعض الذنوب كمحادثة أجنبي أو مراسلته، وعليك بنصحها وتذكيرها بالله تعالى، وتخويفها من هذه الفاحشة الشنيعة، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68450، 61445، 60298.
واجتهد في تربية زوجتك، واجعل لها نصيبها من وقتك، فإن لأهلك عليك حقاً، ولا تتعجل بالطلاق، فإن عواقب الطلاق تمزق الأسرة وضياع الأولاد، وأحسن الظن بزوجتك وأشعرها بثقتك بها، وأنك تعتقد أن اتصالها بالأجنبي زلة لن تعود إليها -هذا إن ثبت عندك أنها اتصلت- وأما زواجك بثانية فأمر أحله الله لك، ولكن يجب أن تعدل بين زوجاتك في المبيت والنفقة الواجبة، وننصحك أخي الكريم بأن تكثر من الدعاء لها بالهداية والصلاح، وأن تهدي إليها الأشرطة والكتب التي تبين خطر وإثم الزنا وخطر وإثم العلاقات الآثمة بين الرجال والنساء، واحذر عليها من الإنترنت فإنه بلاء وشر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/80)
الفتوى : ... الخطبة بعد الطلاق الواقع قبل الدخول
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1427 / 27-06-2006
السؤال
أنا منذ فترة قصيرة خطبت لشاب لمدة 7 شهور وكتبنا كتابا عند شيخ، بعدها فسخت الخطوبة، ومنذ فترة قررنا الرجوع لبعض، لجأنا للشيخ وسألناه قال: لا يجوز وتعتبر طلقة أولى، هل هذا صحيح، أريد حلاً0
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان العقد قد تم فإنما أفتاك به الشيخ صحيح، فالطلاق قبل الدخول يكون بائنا بخروج المرأة من سلطان الرجل ويجعلها لا سبيل له عليها، لكن له أن يخطبك من جديد فإذا رضي وليك به ورضيت عقد عليك بشهود ومهر.
أما إذا لم يحصل طلاق وإنما كان ما حصل هو إلغاء العقد من جانبك فليس هناك طلاق أصلا، والزوجية لا زالت قائمة بينكما إذ الطلاق بيد الزوج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/81)
الفتوى : ... هل يطلق امرأته لنفرته من طباعها
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الثانية 1427 / 28-06-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو المساعدة وحلاً لمشكلتي، أنا رجل كاتب كتابي (عاقد قراني) لي 15 شهرا وأعمل في إحدى الدول العربية، ولكن أنا وزوجتي دائما على خلاف ومشاكل كثيرة يمكن بمعدل مشكلة كل أسبوعين أو عشرين يوما، وفعلا مشاكلنا كثيرة، رغم أننا بنحب بعضنا جداً جداً، لكن بجد تعبنا من كثرت المشاكل، والمشكلة أن أمرنا ليس مجرد أمر اثنين مخطوبين، لا، نحن نعتبر في حكم المتزوجين، وأنا فكرت كثيراً وأخاف أن أتحمل ذنبها وخصوصا أني ارتبطت معها أكثر من سنة.. وهي فيها عيوب كثيرة اكتشفتها لما عرفتها واقتربنا من بعض أكثر، وأشد أمر فيها، والذي هو محل خلافنا دائماً أنها عصبية جداً وتغضب بسرعة فظيعة ومن أبسط الأمور، ولا تتقبل كلامي وتتسرع وتغضب قبل المناقشة وحتى قبل أن تعرف ما ذا أقصد، لدرجة أنها يمكن أن ترفع صوتها علي أو تغلط في شخصي، ويمكن أن تصل للإهانة، لكن كل مرة أفكر أقول غدا يمكن أن تتغير وتهدأ، لكن للأسف الوضع كما هو عليه، وإذا كلمتها في أمر يتعلق بالدين مثلا، والصحيح والغلط تغضب علي ساعات أو تقول أنت لست آخذا لامرأة كافرة، وأنا أعرف الغلط من الصحيح وواثقة مما أعمل وتغضب، وكثير همها التفكير لساعات كثيرة في الحياة والوضع والبرستيج ومنظرها قدام أهلها وزميلتها، وأنها لا بد أن تكون دائما مميزة وليست أقل من أي أحد، رغم أني ما زلت في بداية حياتي والمفروض تصبر معي، لكن لا تصبر ومستعجلة دائما والأهم أني في غربة ولوحدي ويسهل عليها جداً أن يبقى كل منا غاضبا من الآخر، المشكلة أنا لوحدي أو مغترب وهي غضبها سريع جداً جداً وحساسة، وقد قلت لها إن شاء الله عندما ربنا يكرمنا ونكون في بيت واحد فإن إحدى زميلاتها لا تحتك بها ولا تدخل بيتنا وأن من حقي كزوج أن أرى من الأفضل أن يدخل بيتنا ومن الذي لا يدخل خصوصا لو كانت إنسانة غير جيدة، المهم كان ردها بسرعة جدا أنت لن تحجر علي ولا تقول لي من الذي يدخل ومن الذي لا يدخل وعندما نكون في بيتنا ساعتها تقول ذلك وليس الآن، ثم أنا لا أستطيع أن أطرد أحدا من بيتي وطبعا كانت غاضبة، وتقولي أنت من الآن ستكرهني أن أدخل بيتك أساسا وعليك ألا تشرط علي، وكلام من هذا القبيل، فهل كلامها هذا صحيح وطريقتها صحيحة، والأهم من هذا أننا نحلم في هذين اليومين أحلاما غريبة، يعني يمكن أنا أحلم أنها معي في الشارع وأجزاء كثيرة من جسمها مكشوفة قدام الناس من الذين أعرفهم أو لا أعرفهم وأكون حاملا لها وأجري بيها وجسمها ظاهر، أحلام كهذه كثيرة وهي أيضا يمكن تحلم أنها مع شخص ثان غيري أو شعرها مثلا مكشوف قدام أحد غريب أو أحد من قرايبي أنا، وأنها كانت مرة ممسكة بيد أخي في الحلم، وأحلام من هذا النوع، المفيد لكي لا أطيل عليكم أنا في حيرة من أمري لا أعرف هل نكمل مع بعض أم الانفصال أسلم حل، وهل لو كملنا هل ستكون زوجة مخلصة وصالحة ومطيعة لزوجها الذي تجب طاعته بعد طاعة الله ورسوله.. أرجو الرد بسرعة في انتظار ردكم الكريم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك بنصحها وتذكيرها بالله تعالى، وحاول أن تزودها ببعض الأشرطة النافعة التي فيها التذكير بحق الزوج، وأدب التعامل معه، وأعطها الفتوى التالية برقم: 60701، والفتوى رقم: 32549، وننصحك بمطالعة الفتوى رقم: 54131.
فإن استجابت فالحمد لله، وإن رأيت أنك لن تتحمل ما يصدر منها من أخلاق وتصرفات ورأيت أن الطلاق هو الطريق للتخلص من النزاعات والمخاصمات فلا مانع منه، وقد شرع الله تعالى الطلاق رحمة بعباده إذا سدت كل السبل، ولم يكن للألفة والمودة والرحمة طريق إلى قلوب الزوجين، قال الله تعالى: وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
ويجب على الزوجة طاعة زوجها فيما أمرها به من المعروف، وله أن يمنعها من إدخال من شاء إلى بيته، وأما الأحلام فنعتذر عن تفسيرها، وعليكم أن تسألوا الله خيرها، وتستعيذوا به سبحانه وتعالى من شرها، والله يختار لك الخير، وعليك باستخارة الله عز وجل، واستشارة أهل المعرفة، فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43596، 30491، 54098.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/82)
قول المرأة لزوجها لا تطلقني إلا إذا أردت ذلك
تاريخ الفتوى : ... 30 جمادي الأولى 1427 / 27-06-2006
السؤال
أنا امرأة متزوجة وعلاقتي بزوجي بخير ولكن هناك مشاكل عند والد زوجي وأخرى عند والدي، فخشيت أن يكره أحدهما زوجي على طلاقي فقلت لزوجي:لا تطلقني إلا إذا أنا أردت ذلك أو أنت أردت ذلك ، ولست متأكدة هل أجابني بـ (حسنا) أو بقي ساكتا. فهل هذا يعتبر طلاقا معلقا بسبب أو شرط ؟ وإذا يوم من الأيام فكرت بالطلاق بسبب ضيق أو خلاف بسيط بيني وبين زوجي أصبح طالقا بناء على ما سبق قوله؟ إن زوجي لا ينوي الطلاق و لا يفكر فيه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يقع الطلاق بما ذكر ولا فرق بين أن يجيبك زوجك بـ (حسنا) أم يسكت ، وطلبك الطلاق بعد ذلك لا يعتبر طلاقا إلا إذا تلفظ الزوج بالطلاق, وليس في السؤال أنه فوض إليك الطلاق، ولمعرفة حكم التفويض بالطلاق تراجع الفتوى رقم : 9050 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/83)
الفتوى : ... التثبت وعدم الاستعجال في الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 28 جمادي الأولى 1427 / 25-06-2006
السؤال
أخي الفاضل: أنا أبلغ من العمر 44 عاما مصري تزوجت عام 97 ورزقت بابنة عام 98 ولضيق ذات اليد سافرت أنا وأسرتي للعمل بخارج مصر إلا أنني عام 2000 وجدت خطابا من صديقة زوجتي تحث فيه زوجتي على الطلاق مني وتتزوج بمن تحبه من قبل زواجنا وواجهت زوجتي وخيرتها بين العيش معي أو الطلاق إلا أنها أنكرت وقالت لا تريد الطلاق وأن هذه الإنسانة جاهلة ولم تفهم معنى الحوار بينهم بشكل صحيح، وأنه لا يوجد هذا الشخص في حياتها وقلت لها بالحرف الواحد إن كان كلامك كذبا فأنت محرمة علي – ومرت الأيام وأنجبت طفلا آخر 2001 وعند عودتنا إلى مصر تقابلت مع صديقة زوجتي هذه وتحدثت معها وأخبرتني بأنها صادقة وأن زوجتي مازالت على علاقة بهذا الشخص وهو صديق لعائلتهم منذ زمن بعيد جدا وهي كانت تتحدث معه من الخارج وتأخد رأيه في كل شيء – وهناك بعض الدلائل مثل أرقام التليفونات التي تصدر من فواتير التليفون وبها أرقام مصرية لا أعلمها وكانت زوجتي تقول إنها لإحدى صديقاتها وعندما سألت عن أصحاب هذا الرقم وجدت أنه لشخص يدعى نفس الاسم ولكن زوجتي أصرت على الإنكار مع أنها أخبرتني أنها قطعت العلاقة مع هذه السيدة إلا أنني أجدها دائما عندها بالعمل في أكثر من زيارة لي إلى مقر عملها – لست أدرى ماذا أفعل هل أطلقها وأرتاح من هذا القلق وما مصير أولادي من هذه المرأة وهل ابني ابن حرام والعياذ بالله من ذلك حيث إنني قد حلفت عليها لو كانت تكذب علي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن تحريم الزوجة يكون إما ظهارا أو طلاقا بحسب نية الزوج منه، كما في الفتوى رقم:
60651، وقد علقه السائل هنا على كون الزوجة كاذبة في الأمر المذكور، وهي إما أن تكون صادقة ، فلا يلزمه شيء ، لعدم تحقق الشرط المعلق عليه، وإما أن تكون كاذبة فيكون الطلاق أو الظهار قد وقع غير أنه لم يعلم بوقوعه، فيكون غير مؤاخذ بوطئه لها قبل التكفير أو الارتجاع على القول بأن وطء المطلقة طلاقا رجعيا أثناء عدتها حرام، وعلى كل فالولد ولده، ويلزمه ما نواه من طلاق أو ظهار ، فإن كان طلاقا فهل يعتبر جماعه لها بمثابة مراجعة ؟ خلاف سبق بيانه في الفتوى رقم: 7000 ، والراجح نعم، وإن كان ظهارا فيلزمه كفارة الظهار المبينة في الفتوى رقم: 192 ، وتراجع الفتوى رقم : 14225 .
أما هل يطلق الزوجة أو يمسكها، فنذكر الأخ بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6} ، فننصحه بالتبين والتثبت وعدم الاستعجال في الطلاق، فربما كانت الزوجة بريئة، كما ينبغي أن يستعمل الوسائل الأخرى السابقة للطلاق في حال ثبوت شيء من ذلك، من الوعظ والهجر والضرب غير المبرح، وتراجع الفتوى رقم: 20310 .
وإذا قدر أنك طلقت فإن الأولى بحضانة الأولاد هو أمهم ما لم يقم بها مانع من موانع الحضانة، وتراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 9779 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/84)
الكناية والحكاية هل يقع الطلاق بهما
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الأولى 1427 / 21-06-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم أنا سيدة أبلغ من العمر 27 سنة متزوجة منذ حوالي 3 سنوات ولي بنت . منذ حوالي أسبوعين تمت مشاجرة بيني وبين زوجي بسبب أن أبي تدخل في موضوع معين بيني وبين زوجي وتمت محادثة تلفونية بين أبي وزوجي بعدها زوجي تضايق منى على الرغم من أني لم أطلب من أبي التدخل . المهم زوجي بعدها حدثني انه متضايق لكوني أنا حكيت لهم قلت له معلشى أنا مراتك ومش تزعل مني قال أنت مش مراتى وقلت له أهلي زى اهلك عايزين مصلحتك قال دول مش اهلى ؟ بعدها علطول قلت له أنا مش مراتك؟ قال لي انت مراتى مش تزعلى. وقلت له أنت قلت انت مش مراتى ليه؟ انا مش اقصد حاجة اقصد انت مش مراتى التى يعتمد عليها وتقف بجاني ؟ مش تقول لأهلها وقال مش أقصد بهذه الكلمة أي حاجة من معانى الطلاق أو الفراق . أنا خائفة أن يكون كان يقصد حاجة من مفاهيم الطلاق على العلم اني يحتمل أن أكون حاملا لتأخر الحيض؟ سؤالي هل يكون هذا اللفظ طلاقا أم لا ؟ وفى إحدى المشاجرات بيننا أيضا قال لومش بقيت كويسة ونشيطة في البيت هبعتك لأهلك ؟ قلت له ماذا تقصد بهذه الكلمة تقصد طلاق ولا لاء ؟ قال أقصد تغضبي عند أهلك ؟ ثم كررت السؤال كثيرا عليه على علم أني أعاني من الوساوس . فقال إني أنا مش اقصد حاجة هوانا قلت لك أنت طالق ؟لو قلت لك أنت طالق يبقى طلاق ؟ أنا خائفة أن يكون بتلفظه ( انت طالق ) وهو يشرح لي يحدث الطلاق . أفيدوني بسرعة الرد جزاكم الله خيرا . أنا من النوع الشكاك وموسوسة وأخاف من عقاب الله أو أن أعصيه . أفيدوني جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يقع الطلاق بشيء من هذه الكلمات المذكورة في السؤال، أما اللفظان الأولان فكناية ولم يقصد الزوج بهما الطلاق فلا يقع بهما الطلاق.
وأما الثالث فحكاية، والحكاية لا يقع بها الطلاق، إنما يقع الطلاق بالإنشاء،
وتراجع الفتاوى التالية: 6146، 18875، 69683.
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/85)
تعليق الطلاق وأثر السرقة وترك الصلاة في وقوعه
تاريخ الفتوى : ... 23 جمادي الأولى 1427 / 20-06-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لي صديقة زوجها قام أكثر من مرة بقول (إن فعلتي هذا تكونني مطلقة)، ولكنها تفعل ذلك، وأيضاً من عيوبه أنه لا يصلي وإن كان في السابق يصلي قليلا، وأيضاً علمت عنه أنه يمد يده بالسرقة لأنه فعل ذلك في أقرب الناس إليها، فقال لها أحد الأئمة بأنها بذلك تكون مطلقة منه لعدة أسباب (أنه قد رمى اليمين وحتى إن كان عليه الكفارة فهو لم يقضها فلذلك هي مطلقة منه- عدم صلاته تعني الكفر ولا يجوز لها البقاء في ذمته وهو كافر- بخصوص السرقة هو بذلك يطعم أطفاله مالا حراما وهذا غير جائز شرعاً) أرجو من سيادتكم لأهمية الموضوع الرد علي، فهل هي حتى الآن أي مع هذه العيوب والتصرفات ما زالت على ذمته أم هي بالفعل مطلقة منه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا علق الزوج الطلاق على فعل الزوجة قاصداً الطلاق، فإنها تطلق بحصول ذلك الفعل، فإن حنث ثلاث مرات، فقد بانت منه بينونة كبرى ولا تحل له الزوجة حتى تنكح زوجاً غيره.
وقلنا في بداية الكلام قاصداً الطلاق، لنخرج غير القاصد، والذي نوى تهديد الزوجة أو منعها من فعل معين، ولم يقصد الطلاق فهذا وقع خلاف بين أهل العلم في وقوع طلاقه؟ فجمهورهم على وقوعه، وذهب بعضهم إلى أنها لا تطلق، ويلزمه حينئذ كفارة يمين، وإذا لم يكفر عن يمينه يأثم ولا يقع عليه طلاق.
وأما مسألة حصول الطلاق بترك الزوج للصلاة، فهذا مبني على الخلاف في حكم تارك الصلاة، هل يكفر أم لا؟ فعلى القول بأنه يكفر، فإن نكاحه يفسخ، ولكن هل يفسخ بمجرد الحكم عليه بالردة بسبب ترك الصلاة أو لا يحكم بالفسخ إلا بعد ما تنتهي عدتها قبل أن يتوب، في ذلك خلاف بين أهل العلم، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 23647.
ومن قال بعدم كفره، فلا يقول بإبطال نكاحه بذلك، ولكن القائلين بعدم كفره لا يمنعون الزوجة من طلب الطلاق من هذا الزوج الفاسق المرتكب لأعظم الكبائر، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 70723.
وأما السرقة فلا أثر لها على النكاح، لكنها لا شك تدل على ضعف دين الزوج وتعرض الزوجة للإنفاق عليها من الحرام، فيباح لها طلب الطلاق لذلك لما تقدم، وأخيراً ننصح صاحبة هذه القضية بمراجعة الجهات المختصة بالنظر في هذه القضايا في بلدها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/86)
الحكمة وعدم التعجل في إيقاع الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1427 / 19-06-2006
السؤال
أنا شاب عمري 30 سنة متزوج منذ سنة لدي عملي الخاص ومنزل في منطقة ممتازة ولدي سيارة، أنا وأخي وأبي شركتنا كبيرة ونحن نديرها، من دون إطالة أنا رجل كريم على منزلي وغير مقصر لا من الناحية العاطفية ولا الجنسية ولا المالية والحمد لله وأنا أحب زوجتي وزوجتي تحبني في هذا الشهر قدر لنا الله أن نزور حرمه وحرم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وقد أنعم الله علينا بزيارتهما، أما بعد وخلال فترة العمرة وبالطبع كانت معي أختي وأمي وزوجتي وكل واحدة منهن تراقب حركات الأخرى وكان الله في عوني لأنني لا أستطيع أن أصف لك شعوري عندما تخبرني كل واحدة منهن عن تصرفات الأخرى وبالطبع المفروض ورضا الوالدة هو فوق كل شيء وطبعا تصرفات زوجتي هي تصرفات كنة بالنسبة لأمي، وعندما أتكلم مع زوجتي حول تصرفاتها تقول لي بأن تصرفاتها عفوية وهي لا تقصد فيها الإهانة لوالدتي ومن أحد التصرفات التي أغضبت والدتي أن زوجتي أثناء الصلاة تركتها وصلت بعيدة عنها أو قامت وأشربت المرأة الجالسة أمامها ولم تسألها إذا كانت تريد الشراب
عند العودة وعندما وصلنا إلى بلدنا وبعد جمعة من الوصول كنت عند أهلي واتصلت بي زوجتي وكنت عند أهلي ولم تطلب مني التكلم مع أمي أو أبي وأثار هذا غضبهما وعندما ذهبت إلى البيت ثار غضبي على زوجتي ولم أكلمها يومها ونمت في غرفة نومنا ونامت هي في غرفة الجلوس وفي اليوم التالي لم نكلم بعضنا أيضا وفي اليوم الذي يليه وهو يوم الجمعة ذهبت إلى صلاة الجمعة وعند عودتي أردت أن أصلح ما بيننا وطلبت منها أن تذهب معي عند أمي وتصلح الأمور بأن تتكلم معها وتنهي الخلاف فرفضت على أنها اعتذرت منها أكثر من مرة خلال العمرة وأخذت ترفع صوتها علي فاقتربت من فمها وأغلقته بيدي فحاولت إمساك يدي فمسكتها من يديها بشدة ليس ضربا وإنما مسكا قاسيا لأكثر من مرة ولم ترض بالذهاب معي أبداً، اغلقت عليها باب البيت وذهبت إلى أهلي وطبعا أغلقت الهاتف حرصا مني كي لا تكلم أمها، ولكن بعد ساعة يتصل والدها علما بأنها من عائلة مرموقة ويقوم بالسب والشتيمة بالكلمات التي لا تقال وأنت أعلم وأخبرنا أنه سيذهب للشرطة ويشتكي علي بإنني حجزت حرية ابنته وضربتها، وفعلا عند وصولي إلى البيت بعد عشرة دقائق رأيت سيارة إطفاء تريد أن تصعد إلى البيت لتنزل ابنته فصعد والدي إلى البيت وفتح لهم الباب وذهب معهم لمخفر الشرطة وحاول إقناعهم بالتنازل عن شكوى ولم يقبلوا وبقيت مطارداً من الشرطة خمسة أيام حتى أسقطت الدعوى لأنها افتراء من والدها وطبعا والدتها معه، سؤالي لكم: زوجتي قبلت بتصرف أهلها، علما بأنني أعلم أنها تحبني وحتى الآن لم تتصل بي وأمي وأبي مصرون على أن الطلاق هو الحل الأمثل ولا بديل عنه بما أنه لا يوجد أبناء ومن الملاحظات التي دائما يوجهونها إلي بأن زوجتك صحيح غير مقصرة من ناحيتك من ناحية منزلها، ولكنها سلالة أي تظهر أنها ممتازة وهي تخطط في الأفق وأيضا يقولون لي إن التي أحضرت لك الشرطة كيف ستكمل حياتك معها من الممكن أن تحرق البيت وتتهمك بمحاولة حرقها وأن أولادك ستربيهم على خطأ أبويها، علماً أن أباها لا يصلي وأمها تصلي قليلا، ملحوظة هامة: إن زوجتي وضعت الحجاب على يدي عند الذهاب للعمرة وهي تقرأ القرآن الكريم كل يوم ولا تنسى فرضا ويوميا أصلي معها العشاء جماعة، أرجو منك النصيحة هل أقوم بتركها وأتزوج غيرها أم أقوم بإصلاح الأمر معها ومع عائلتها عن طريق أعمامها أو أخوالها؟ وأنا شاكر لكم والله ولي التوفيق، وجزاكم الله كل خير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشاكل الزوجية والخلافات العائلية لا يخلو منها أسرة ولا شك أن حل تلك المشاكل وإصلاح ذلك الخلل وذاك الشقاق - بما يبقي الأسرة على كيانها ويبعد عنها شبح التشتت والفرقة ما ينجر عن ذلك من الآثار السيئة - هو الأمثل والأفضل، قال الله تعالى بعد أن ذكر النشوز والشقاق وعلاجهما: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}.
ولهذا فإنا ننصح الأخ السائل بمعالجة قضيته هذه بالحكمة, ولا يتعجل بطلاق زوجته ما دامت امرأة صالحة, ولا يغضب والديه ايضاً لما في إغضابهما بلا مبرر من العقوق، فلو يبين لهما حبه لزوجته وصلاحها وأن هذا النوع من النساء قليل ولو طلقها قد لا يجد مثلها، وأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، وأن كل الأمور السابقة التي صدرت منها ومن أهلها لها علاج لربما رضيا وتراجعا عن مطالبتهما بالطلاق، ويتعين أن يستعين في إرضائهما وإرضاء زوجته وأهلها بتوسيط من يراه أهلاً لذلك، علماً بأنه لا يجب عليه أن يطلق إرضاء لوالديه وتلبية لرغبتهما، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 69024، كما أنه يجوز له أن يطلقها بلا كراهة إذا رأى أن طلاقها هو الأصلح.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/87)
ساب الدين هل يفسخ نكاحه وحكم طلاقه قبل توبته
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1427 / 19-06-2006
السؤال
يقوم بعض الرجال في حالات الغضب الشديد بلفظ عبارات كفر كأن يسب الدين أو دين الحياة
أو الله (استغفر الله) ، السؤال هو : هل يفسخ عقد الزواج من زوجته ويلزمه تجديد العقد بشاهدين ومهر جديد أقله 5 آلاف ليرة سورية وذلك حسب فتوى أحد شيوخ الدين الإسلامي ، وحسب هذه الفتوى فإنه يتوجب إعادة تجديد العقد في كل مرة يتلفظ فيها الرجل أو المرأة بعبارات الكفر.
وهل إذا رمى الزوج يمين الطلاق على الزوجة في حالة غضب وكان قد تلفظ سابقاً بالكفر قبل رمي اليمين بفترة تتجاوز الشهر وهو لا يعلم بأن الكفر يلزمه تجديد العقد فهل يمين الطلاق يكون غير صحيح لأن العقد أصلاً مفسوخ أم يعتبر طلاقاً ويتم عليه الإجراء اللازم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن سب الله تعالى أو سب الدين ردة، ومن أحكام الردة: التفريق بين المرتد وزوجته، واختلف العلماء في نوع الفرقة هل هي فسخ أم طلاق بائن، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 25611.
وعند من يقول أنها فسخ وهم الجمهور، هل يحصل الفسخ بالردة ؟ أي فور حصول الردة أم لا يحصل إلا إذا انقضت العدة ولم يتب. قولان سبقا في الفتوى المحال عليها سابقا.
و على كل حال فبعد حصول البينونة إما بالردة نفسها على قول، أو بانقضاء العدة دون توبة على القول الآخر، فيلزم الزوج إذا أراد إرجاع الزوجة، عقد جديد ومهر جديد، ويلزمه ذلك كل ما وقعت البينونة المذكورة، وليس لتحديده بالمبلغ المذكور دليل نعلمه، وعلى القول بأن الفسخ بسبب الردة طلاق تحرم الزوجة بعد ثلاث منه ولا تجوز له أن يتزوجها مرة أخرى حتى تنكح زوجا غيره.
وإذا طلق الزوج الزوجة بعد انقضاء العدة وقبل التوبة، فلا يقع عليها الطلاق، ولا يلزمه شيء في ذلك، لأنها بائنة منه، والبائنة لا يلحقها الطلاق. أما طلاقها وهي لا تزال في العدة، ففيه الخلاف السابق، فعلى القول بأنها تبين من حين الردة، فلا يلحقها الطلاق، وعلى القول الآخر يقع عليها الطلاق.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/88)
من يقوم مقام القاضي في الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1427 / 19-06-2006
السؤال
هل يجوز تطليقي بوجود رجل دين وأنا أعيش في بلد آخر وزوجي لايريد تطليقي بل يقول بأنه سوف يبقيني معلقة للأبد فسؤالي هو هل يجوز تطليقي بوجود رجل دين وهل معترف به بدون قاضي محكمة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الطلاق حق للزوج وحده، فإن كان لا يرغب فيه فلا أحد يجبره عليه إلا القاضي الشرعي،
في حالات بينها الفقهاء يحصل فيها ضرر على المرأة ، وعند عدم القاضي أوتعذر الوصول إليه تقوم جماعة المسلمين مقامه للضرورة.
وجماعة المسمين أهل العلم العدول الثقات ، ويكفي واحد ، قال في بلغة السالك : فإن لم يكن حاكم فجماعة المسلمين العدول يقومون مقامه في ذلك , وفي كل أمر يتعذر فيه الوصول إلى الحاكم العدل والواحد منهم كاف انتهى
وعليه فإذا كان هذا العالم أو الداعية ممثلا لجماعة المسلمين ، فإنه يقوم مقام القاضي ، وينفذ حكمه بالطلاق عند تحقق شرط جواز ذلك وهو لحوق الضرر بالمرأة .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/89)
الفتوى : ... اللفظ الذي يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الأولى 1427 / 19-06-2006
السؤال
السيد صاحب الفضيلة : صاحب لي يقول لم لا تعاشر زوجتك وقد قال لك العلماء إنها لم تطلق فقلت له:( أعتقد أنها محرمة أو أنها حرمت والإنسان حسب ما يعتقد ) فهل هذا الكلام مني يعتبر طلاقا ؟ ثم رجعت إلى نفسي وقلت : ( طالما تعتقد أنها محرمة فإنها تكون محرمة ) فهل هذا الكلام الذي بين القوسين مني يعتبر طلاقا أيضا ؟
ملحوظة كلام صاحبي هذا متخيل بمعنى أنه لم يكن مواجها لي في الكلام بل أنا الذي تكلمت ورددت على نفسي بألفاظ .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أخي الكريم أن تستعيذ بالله جل جلاله من هذه الوساوس والأوهام, واصرف نفسك عن هذه التخيلات, واشغل نفسك بالنافع كذكر الله سبحانه وتلاوة كتابه.
وأما ما يتعلق بالسؤال، فنقول: إن كنت قد تلفظت بالطلاق واعيا لما تقول فقد وقع الطلاق, وأما مجرد الكلام الذي بين الأقواس فليس طلاقا ونخشى عليك يا أخي إن جاريت نفسك في هذه التخيلات ولم تردعها أن توقعك في أوهام لا مخرج لك منها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/90)
قول الزوج لامرأته افعلي ما شئت
تاريخ الفتوى : ... 21 جمادي الأولى 1427 / 18-06-2006
السؤال
أنا زوجة لمدة 30 سنة وزوجي عاجز جنسيا مدة 16 سنة دائما أطلب منه أن يعالج نفسه فيخبرني أنه فقط إرهاق العمل أستعين بالصلاة والقرآن وعندما نناقش أمورالدنيا فنتجادل لدرجة أفقد السيطرة وأقول له طلقني رغم إرادتي فأنا لدي 4 أولاد وإجابته دائما افعلي ما شئت فما الحكم في هذه الجملة فهل أعد مطلقة؟ فرغم هذه المشاكل فأنا صابرة عليه أشكركم على الإجابة السريعة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يؤلف بينك وبين زوجك, ونسأل الله تعالى لزوجك الشفاء العاجل, ونذكرك أيتها الأخت الكريمة بحق زوجك عليك وانظري الفتوى رقم:68894 .
وأما قوله لك: افعلي ما شئت. بعد طلبك الطلاق فيحتمل أمرين : الأول : أنه كناية طلاق أي افعلي ما شئت فقد طلقتك وعليه فلا يقع الطلاق إلا إذا نوى الزوج بذلك اللفظ الطلاق ولا يعرف هذا إلا بخبر الزوج نفسه . الثاني : أنه كناية إذن وتفويض بالطلاق أي طلقي نفسك إن شئت. وفي هذه الحالة لا يقع الطلاق إلا أن تختاري الطلاق على الفور في نفس الوقت بأن تقولي طلقت نفسي, وهذا إن علم أن الزوج قصد التفويض والإذن للزوجة بأن تطلق نفسها, وهذا أيضا لا يعلم إلا من قبل الزوج .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/91)
الطلاق فد يكون خيرا للمرأة
تاريخ الفتوى : ... 18 جمادي الأولى 1427 / 15-06-2006
السؤال
وأشكر لكم موقعكم الكريم أنا صاحبة الفتوى رقم 74420 تاريخ 17 ربيع الثاني أود أن أوضح أنه كنت عاقدة قراني عليه أي على خطيبي وكنت معقودة عليه ( كتب الكتاب ) ثم أريد أن أسال أنني كنت رافضة للطلاق وهو الذي يريد الطلاق فهل هو آثم؟ علما أن والدته كانت تحشي رأسه علي مما أثار هذه المشاكل بيننا لكثرة سماعه كلام والدته حيث تأكدت من مواقف كنت أنا وهي فيها وقالتها له بهدف نقل الصورة السيئة سؤال هل يعتبر آثما لتطليقي؟ وهل إذا دعوت عليه وعلى والدته أكون آثمة؟ علما أنني ملتزمة وأعلم أن الله طيب لا يحب إلا الكلام والدعاء الطيب. أفيدوني.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يخلف على الأخت خيرا، ولتعلم أن الله عز وجل قد كتب لها عدم النجاح في هذه التجربة، ولعل في ذلك خيرا لها كما ذكرنا في الفتوى السابقة, وينبغي لها نسيان هذا الشاب وتجربتها الفاشلة معه، ولا تشغل نفسها بالدعاء عليه أو بالشعور بأنه ظلمها، ولتتوجه بدعاء إلله سبحانه أن يرزقها زوجا صالحا، وأن يغنيها من فضله، فالله سبحانه قال:
وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}
ومسألة الدعاء على الظالم سبق بيانها في الفتوى رقم:22409 .
وننبهها أن طلاق الرجل زوجته للحاجة ليس محرما، ولا ظلما . وعليه فلا يجوز لها الدعاء عليه لمجرد أنه طلقها .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/92)
الانفصال عن الزوج المضيع لدينه
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الأولى 1427 / 13-06-2006
السؤال
لي سؤال إن تفضلتم الإجابة عليه:
أنا متزوجة منذ 14 سنة وكنت سعيدة في حياتي الزوجية لغاية فترة قصيرة ولكنى أشعر الآن أني مع الأسف في التعبير أنى أكره الجماع مع زوجي وإن كنت أفعله فلرضاء الله ورضائه هو شخصيا بعد الله فهل هذا سبب للانفصال ؟
مع العلم بأن أخلاقه ممتازة ولكن يوجد خلاف بيني وبينه على أنه أخذ قرضا من البنك بفائدة وأنا لست راضية عليه وأنه لا يصلي ويدخن وهذه صفات أكرهها ولكن لكل إنسان عيب لا أنكر ذلك.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة هي عماد الدين من حفظها حفظ دينه, ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ويكفي تارك الصلاة من السوء أن بعض أهل العلم ذهب إلى أنه يكفر كفرا مخرجا من الملة ولو تركها تكاسلا، وتراجع الفتوى رقم:1145، فإذا انضم إلى ذلك من السوء اقتراضه بفائدة وشربه للدخان كان الأمر أشد سوءا وحق لامرئ هذا حاله أن تكره زوجته معاشرته. وتراجع الفتوى رقم:34272، والفتوى رقم: 1671
.
وعلى كل فإن ثبت أن زوجك على هذا الحال من تركه الصلاة واقتراضه بفائدة وشرب الدخان فالواجب مناصحته بأسلوب طيب, والأولى أن يقوم بذلك من يرتضيه زوجك من أهل العلم والفضل فلعله يتوب, فإن فعل فالحمد لله, وإلا فلا حرج عليك في طلب الطلاق, بل ولا يجوز لك البقاء معه إن أصر على ترك الصلاة بالكلية كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 5629.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/93)
الفتوى : ... صبر المرأة إذا فارقها زوجها بطلاق
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1427 / 11-06-2006
السؤال
إنني فتاة عمري 31 سنة تقدم لي كثير من الشباب والرجال للزواج ولكن لم يكن قد كتب لي أن أتزوج حتى شهر مارس الماضي حيث كتب كتابي على شاب قد تقدم لخطبتي في شهر يناير وقد أعجبت به بشدة لدرجة الحب وتوجناه بالعقد ولكن بعد أسبوع من الزواج طلب هو الانفصال لأنه رأي أن ظروفه لا تسمح بالزواج وإن في هذا ضغط كبير عليه المهم حصل الانفصال وقد تنازلت عن الشبكة وأخذت نصف المهر إنني الآن أشعر بحزن شديد الحمد لله أنا أعرف أن هذا قضاء الله وأن هذا الأفضل بالتأكيد ولكني أشعر بحزن شديد وخصوصا أنني أحب هذا الرجل فما الحل وكيف أتخلص من شعور الحزن هذا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك السلوان, وأن يعوضك من هو خير لك منه إنه سميع مجيب ، واعلمي أن أمر الزواج وغيره مما يعرض للمرء هو من قضاء الله وقدره, وإذا اطمأن المؤمن إلى تلك الحقيقة فستهون عليه جميع الأمور فلا يأسى على ما فاته ولا يفرح بما أوتي, واسمعي هذه الوصية العظيمة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وجميع أمته من بعده فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام, وجفت الصحف . قال الترمذي حسن صحيح .
ومن أصيب بمصيبة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي هذه وعوضني منها خيرا عوضه الله خيرا منها ، لما أخرجه الإمام أحمد وصححه الأرناؤوط من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي, واخلفني خيرا منها, إلا آجره الله في مصيبته, وخلف له خيرا منها ، قالت فلما توفي أبو سلمة قلت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت ثم عزم الله عز وجل لي فقلتها اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها, قالت فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولمعرفة حكم الحب وعلاجه وأنواعه انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية : 5707 ، 8663 ، 63925 ، 9360 .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/94)
طلب الطلاق.. الجائز والممنوع
تاريخ الفتوى : ... 14 جمادي الأولى 1427 / 11-06-2006
السؤال
أنا سيدة تزوجت ما يقارب 6 أشهر فقط من مطلق وله 3 أولاد أكبرهم عمره 18 سنة ، ففي بداية الأمر تقبل أمر زواجي من والده ثم بدأ في اختلاق العديد من المشاكل مدعيا بأني السبب في هذا إلى أن وصل الأمر أن أعلن مباشرة وأمام والده بأنه لا يحبني وأنني أتخذ سبل النفاق في معرفة كل أموره ومنها أطلع والده بها حتى يعاقب . مع أن الواقع أن الولد في حال رفض والده لأي من طلبات الابن يلجأ لي الولد حتى أكلم والده ويأخذ الموافقة بما يريده . وكذلك الأمر مع باقي إخوانه أحدهما 16 سنة والآخر 14 سنة . بمعنى أنني أصبحت بالنسبة لهم مجرد وسيلة للوصول إلى مبتغاهم . ولا أنكر بأنني سعيت لهم للحصول على مبتغاهم مقابل محبتهم لي . إلا أنني أفاجأ بالعكس إلى أن وصل الأمر بالولد الأكبر بأن يخير أباه إما هو أو الزوجة في البيت .
مما زاد في تعقيد الأمر عدم قيام الزوج (الأب) باتخاذ الإجراء اللازم لوقف هذه المهزلة . مما جعلني أكره الزوج والأبناء معا . ولا أرغب في استمرار العيشة الزوجية .
سبق وأن تعرضنا لبعض المشاكل مع الابن الأكبر إلا أن الوضع أصبح فوق الاحتمال لدرجة أنهم في وجدوي مع أبيهم في غرفة نومنا يقوموا بإزعاجنا ودق الباب بغرض إرسال أغنية أو صورة عبر الهاتف النقال أو شكوى ضد أحدهم ( أي أسلوب كيدي )
لذا أود في طلب الطلاق بدافع الضرر مع احتفاظي بحقوقي الزوجية والمؤيدة في عقد الزواج في محكمة دولة الكويت .
للعلم أنا عربية متزوجة من مطلق كويتي .....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام يبغض الطلاق ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبغض الحلال إلى الله الطلاق رواه أبو داود وغيره.
ولذلك نهى الزوجة أن تطلب الطلاق من غير ما بأس أي لغير شدة تلجئها إلى طلب الطلاق كضرر واقع عليها ، أو كأن تخاف أن لا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها للزوج ، فهناك يحق لها أن تطلب الطلاق من الزوج، فإذا امتنع فلها أن ترفع الأمر إلى القاضي ليلزمه برفع الضرر، أو الطلاق، وإذا طلق فلها مع الطلاق كامل حقوق المطلقة. وسبق بيانها في الفتوى رقم: 9746.
وفي حالة ما إذا كانت تخاف من عدم القيام بواجبات زوجها ونحو ذلك وأرادت الطلاق فلتفتد من زوجها بعوض سواء كان مؤخر الصداق أو غيره مما يتفقان عليه، ونحن ننصح دائما في مثل هذه الحالة بمراجعة المحاكم الشرعية، فننصح الأخت بمراجعتها فهي الأولى بحل مثل هذه المشاكل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/95)
حكم من طلق وله أكثر من زوجة ولم يعين واحدة منهن
تاريخ الفتوى : ... 11 جمادي الأولى 1427 / 08-06-2006
السؤال
أريد فتوى عن شخص متزوج أكثر من امرأة، اثنتان أو ثلاث أو أربعة، وعلى سبيل المثال أثناء النقاش مع أحد الأشخاص صدر منه حلف بالطلاق فعلى أي منهن يسري الحلف أو يسري على الجميع؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن طلق وكان له أكثر من زوجة ولم يعين واحدة بالطلاق، أو كان هنالك سبب يقتضي تخصيصها به، فإن الجميع يطلقن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 11532.
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: وإذا قال الزوج: يلزمني الطلاق وله أكثر من زوجة.. فإن كان هناك نية أو سبب يقتضي التعميم أو التخصيص عمل به، ومع فقد النية والسبب فالتحقيق أنه هذه المسألة مبنية على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة... وقوى أبو العباس: في موضع آخر وقوع الطلاق لجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة، وفرق بأن وقوع الثلاث بالواحدة محرم بخلاف المتعددات.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/96)
طلاق المرأة في طهر مسها فيه زوجها
تاريخ الفتوى : ... 08 جمادي الأولى 1427 / 05-06-2006
السؤال
أود أن أسالكم أو بالأحرى أحصل على فتوى منكم بشأن حالة واقعة أمامي، وهي أن امرأة طلقت من قبل زوجها وهي على طهر جامعها زوجها فيه أي حصل الطلاق بعد المجامعة وبدون علمها، وقد صدق الطلاق بعد ذلك في المحكمة، وبعد سنتين من الطلاق تزوجت هذه المرأة برجل آخر وأنجبت منه طفلا.
فهل طلاقها من زوجها الأول وزواجها بالرجل الثاني صحيح وليس فيه إثم، علما أنها لاتعرف بهذا الشرط في الطلاق وهو الطلاق على طهر من غير جماع؟
أرشدوني إلى الرأي الصحيح يرحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة في الطلاق أن يطلق الرجل زوجته وهي في طهر لم يجامعها فيه، فإذا طلقها وهي حائض أو في طهر جامعها فيه فهو طلاق بدعي ومحرم ويلحق الإثم الزوج إن كان يعلم أنه أوقعه في حال لا يجوز له إيقاعه فيه . وقد اختلف الفقهاء في الطلاق البدعي هل يقع أم لا ؟ والراجح من أقوالهم وقوعه، وتراجع في هذا الفتوى رقم:8507 ، وبهذا يتبين أن طلاق المرأة من زوجها الأول واقع . وأما زواجها من الرجل الثاني فإن تم مستوفيا شروط النكاح الصحيح، ومن أهمها وجود الولي والشهود ولم يكن هنالك مانع من زواجها منه فهو زواج صحيح .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/97)
طلاق من بلغ حدا لا يعي فيه ما يقول
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1427 / 04-06-2006
السؤال
لقد طلقت زوجتي أكثر من ثلاث طلقات كلها في حالة غضب شديد إلى درجة عدم الوعي، وزوجتي تقر بهذا لكن بدون خروج الزوجة من بيت العشرة، ولقد أرجعتها في كل المرات إلا الطلقة الأخيرة خرجت من بيتها وهي الآن في بيت أهلها وقد استفتيت بعض الأئمة والمفتين لكن كلهم لم يستطيعوا أن يفتوني وأشاروا علي بالفتوى عبر الانترنت ، فهل أستطيع إرجاع زوجتي وأضيف أنني في تلك الطلقات لم أكن أنوي الطلاق أصلا ، ماهو الحكم الشرعي في أمري وهل أستطيع أن أعيد زوجتي ؟
وبارك الله فيكم .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن الغضب إذا بلغ بصاحبه حدا لا يعي فيه ما يقول فإنه يمنع من نفاذ طلاقه وعقوده التي يبرمها في معاملاته ، وتراجع الفتوى رقم : 1496 ، وعليه فطلاق السائل غير واقع إذا كان على الحالة المذكورة ، وله أن يستمر مع زوجته وكأن شيئا لم يحدث ، مع العلم أن الطلاق باللفظ الصريح ليس بحاجة إلى نية ، ولمزيد من الفائدة حول هذه المسألة تراجع الفتويين: 8615 ، 38518 ، وننصح بمراجعة المحكمة الشرعية .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/98)
هل يقع الطلاق بعبارة الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 07 جمادي الأولى 1427 / 04-06-2006
السؤال
الشيخ الفاضل ، تحية وبعد:
كلما أقدمت على شيء لا يعجب زوجتي تحلف علي بالطلاق. مثلا تردد دوما أنها تعتبر نفسها طالقة مني دنيا وآخرة إذا شاهدت مباراة أو فيلما سينمائيا. وحسب علمي من الناحية الشرعية لا يعتبر قسم الطلاق من قبل الزوجة شرعيا. وبالتالي يمكنني أن أشاهد ما ترفضه. وإذا كنت مخطئا في تقديري ففي أي حدود ومتى يعتبر قسم الطلاق نافذا شرعيا. وأنا لا أريد مخالفة تعاليم ربنا وقرآننا الكريم ؟ وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق حق للزوج وحده ، يوقعه الزوج بعبارته وإرادته. أما الزوجة فتملك طلب إنهاء علاقتها الزوجية إذا وجد ما يبرر ذلك ، ولكن لا يكون بعبارتها ، وإنما بقضاء القاضي ، إلا أن يفوضها الزوج بالطلاق ، فإنها في هذه الحال تملكه بقولها أيضا ،
والدليل على أن الطلاق هذا حق الزوج خاصة قول النبي صلى الله عليه وسلم :إنما الطلاق لمن أخذ بالساق . من الموسوعة الفقهية باختصار وتصرف يسير ، وتراجع الفتوى رقم: 9050.
ومما سبق يتبين أنه في غير حالة التفويض – تفويض الزوجة بالطلاق لا آثر لصدور لفظ الطلاق من الزوجة سواء كان معلقا أو منجزا .
وعلى الأخ السائل أن يتقي الله عز وجل, وأن يحفظ سمعه وبصره عن النظر والسماع المحرم ، وعليه التوبة إلى الله من ذلك .
مع تنبيه الأخ السائل إلى أن فسق الزوج من الأسباب التي تبيح للزوجة طلب الطلاق ومخالعته. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/99)
هل تطلق بمجرد خروجها بغير إذن زوجها
تاريخ الفتوى : ... 02 جمادي الأولى 1427 / 30-05-2006
السؤال
هل عندما تخرج المرأة من بيت زوجها بدون إذنه تعتبر طالقا؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه فإنها ناشز، لا تستحق نفقة، ولا تعتبر طالقاً بمجرد خروجها، وليس في ذلك خلاف بين أهل العلم، إلا إذا علق الزوج طلاقها بالخروج، وعليكم أن تعلموا أن مسائل الطلاق ينبغي رفعها إلى المحاكم الشرعية، فهي التي تستطيع البت فيها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/100)
من حلف بالطلاق أن زوجته محرمة عليه حرمة الأخت والأم
تاريخ الفتوى : ... 01 جمادي الأولى 1427 / 29-05-2006
السؤال
أنا مغترب عن بلدى وأبلغتنى والدتى أن زوجتى ترفض الأكل معهم فحلفت بالطلاق أنها محرمة علي حرمة الأخت والأم علما بأني طلقتها من قبل مرة واحدة وردتها فماذا أفعل لأردها مرة أخرى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحريم الزوج زوجته بقوله ( هي محرمة عليه حرمة الأخت والأم ) يرجع إلى نية الزوج فإن نوى ظهارا فهو ظهار, وإن نوى طلاقا فهو طلاق. وسبق بيانه في الفتوى رقم:60651 .
ثم تأتي مسألة حلف الزوج بالطلاق على التحريم المذكور فيكون تأكيدا للطلاق إذا نوى بالتحريم كأنه قال علي الطلاق إنها طالق .
وإن كانت نيته الظهار فلا يلزمه الطلاق لأنه قد حصل ما حلف عليه وهو الظهار وتلزمه كفارة ظهار. وسبق بيانها في الفتوى رقم: 192 والفتوى رقم:18644 لمزيد من الفائدة حول ما يلزم المظاهر .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/101)
الطلاق بيد الزوج
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الثاني 1427 / 25-05-2006
السؤال
يوجد في مصر قانون يبيح للزوجة الطلاق من زوجها إن تزوج عليها وذلك في خلال سنة من الزواج الثاني فهل هذا قانون شرعي أم وضعي؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في الشرع حكم كهذا، فالطلاق في النكاح الصحيح اللازم بيد الرجل وهو الذي ينفذه إن شاء، ولا يكون للمرأة ولا لغيرها إلا إذا فوضوا من قبل الزوج بالطلاق, أو حصل إضرار من الرجل للمرأة, فعندها يحق للقاضي أن يوقع الطلاق عليه رفعا للضرر عنها إذ لا ضرر ولا ضرار في شرعنا، أما ما عدا ذلك فليس للمرأة حق في الطلاق.
والقانون الذي يعطي الزوجة الحق في الطلاق - إذا فعل الزوج ما أذن الشرع له فيه, بل وربما في بعض الحالات أوجبه عليه - قانون وضعي مخالف لشرع الله. نعم للزوجة الحق في الانفصال عن الزوج بالخلع عند وجود سببه، كما أن لها أيضا أن تشترط على زوجها في العقد أن لا يتزوج عليها, ويجب أن يفي لها بهذا الشرط على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة. وتراجع الفتوى رقم:32542 ، والفتوى رقم: 73227.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/102)
تخيير الرجل امرأته بين الطلاق والبقاء في عصمته
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الثاني 1427 / 21-05-2006
السؤال
خيرتها فاختارت الطلاق ثم راجعتها هل تعتبر طلقة؟
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق تصرف شرعي قولي , وهو حق الرجل ، فيملكه ويملك الإنابة فيه كسائر التصرفات القولية الأخرى ، فإذا قال الرجل لزوجته اختاري نفسك ، أو اختاري الطلاق ونحوه ، فاختارته ، فإن الطلاق يقع .
قال في مواهب الجليل من كتب المالكية :
ص ( وعمل بجوابها الصريح ) ش : يعني أن المملكة , والمخيرة إذا أجابت بجواب صريح في الطلاق فإنه يعمل به. انتهى
قال في أسنى المطالب من كتب الشافعية
( فرع ) لو ( قال لها ناويا للتفويض ) للطلاق ( اختاري نفسك فقالت اخترت أو ) قال ( اختاري ) فقط ( فقالت اخترت نفسي ونوت ) فيهما ( وقع ) الطلاق. انتهى
واختلف العلماء في عدد الطلقات ونوعها إذا اختارت الزوجة نفسها ،
والجمهور على أنها بحسب ما فوض لها ، فإن أطلق فطلقة واحدة رجعية ،
قال ابن قدامة في المغني :
( 5891 ) مسألة ; قال : وليس لها أن تختار من واحدة , إلا أن يجعل إليها أكثر من ذلك وجملة الأمر أن لفظة التخيير لا تقتضي بمطلقها أكثر من تطليقة رجعية . قال أحمد هذا قول ابن عمر , وابن مسعود , وزيد بن ثابت , وعمر , وعائشة رضي الله عنهم . وروي ذلك عن جابر , وعبد الله بن عمر . وقال أبو حنيفة : هي واحدة بائن . وهو قول ابن شبرمة , لأن اختيارها نفسها يقتضي زوال سلطانه عنها , ولا يكون إلا بالبينونة . وقال مالك : هي ثلاث في المدخول بها ; لأن المدخول بها لا تبين بأقل من ثلاث , إلا أن تكون بعوض .
وقال في تحفة المحتاج من كتب الشافعية :
فإن أراد عددا وقع أو أطلق وقع بعدد اللفظ إن لم تخالفه فيهما , وإلا وقع ما اتفقا عليه . ا هـ .
وعليه فإن الزوجة باختيارها الطلاق قد طلقت طلقة واحدة رجعية ، عند الإطلاق أو بحسب ما نويا .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/103)
الحكم ينبني على صحة دعواه بتزوير الطلاق أو عدمها
تاريخ الفتوى : ... 22 ربيع الثاني 1427 / 21-05-2006
السؤال
هجرنى زوجى منذ 13 عاما طلقنى بعد 5 سنوات من بعد ما تركنى. منذ عام قررت الزواج إذ فوجئت به يتصل بى ليعلمنى أن وثيقة الطلاق مزورة وأنه لم يطلقنى بعد ... دينيا هل يجوز لى الزواج الشرعى (بينى وبين زوجى) على علم أهلى حتى أنتهي من قضية الخلع التى مازالت فى المحكمة منذ معرفتى بعدم الطلاق ..هل يجوز أم يحتسب زنا و لكم جزيل الشكر ... و إذا كنت قد عاشرت زوجى الجديد معاشرة كاملة دون علمى بالتزوير فى الطلاق فهل هذا يعتبر حراما ..(علما بأننى قد تزوجت زواجا عرفيا شرعيا بعلم أهلى ووكيلى لظروف زوجي المتزوج .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يثبت الطلاق الذي بلغك بأن كان مزورا، وغير صحيح ، فإنك لا تزالين في عصمة زوجك الأول ، ولا يحق لك الزواج من غيره ، حتى تفارقيه بطلاق أو خلع من الزوج ، أو يحكم به قاض شرعي ، وتنتهي عدتك منه .
وعليه؛ فزواجك بالثاني باطل وغير شرعي ، وإذا كنتما لا تعلمان ببقائك في عصمة الأول ، فليس عليكما إثم ، ويكون نكاح شبهة ، يثبت به النسب ، ويلزمك العدة منه ، ويجب عليك مفارقة هذا الرجل ، والانتظار حتى يحكم لك القاضي بالطلاق من الزوج الأول بحكم نهائي غير قابل للطعن والاستئناف أو تصطلحان .
غير أنك إذا علمت وتيقنت من صحة الطلاق من زوجك الأول ، وعدم صحة دعواه بتزوير الطلاق ، فإن لك الزواج بالآخر ، والزواج صحيح ، فيما بينك وبين الله ، وحكم القاضي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا, ولا يجوز لك أن تمكني زوجك الأول منك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/104)
حكم التوقيع على وثيقة طلاق بدون علم بمحتواها
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1427 / 18-05-2006
السؤال
ما حكم الزوج الذي يوقع على وثيقة الطلاق دون علم على ما تحتوي؟ وهل تعتبر هذه الزوجة مطلقة مع العلم أن الزوج يرفض الطلاق؟
و جزاكم الله كل الخير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطلاق منه الصريح ، الذي لا يفتقر إلى نية ، وهو لفظ الطلاق الصريح مثل قوله ( طلقتك ، وأنت طالق ) ونحوه .
ومنه الكناية الذي يفتقر إلى نية ، فلا يقع به الطلاق إلا بالنية ، مثل قوله (الحقي بأهلك ونحوها ).
وكتابة الطلاق من الكناية عند جمهور أهل العلم، ، فلا يقع الطلاق بها إلا إذا نواه, والتوقيع على الطلاق نوع من كنايته .
وعليه؛ فتوقيع الزوج على وثيقة الطلاق ، لا يقع به الطلاق ما دام لم ينو به الطلاق ، هذا إذا كان يعلم أن ما وقع عليه وثيقة طلاق, وأن ما فيها هو الطلاق.
أما إذا لم يعلم بذلك ، فلا يكون طلاقا لا صريحا ولا كناية ، لأن من شرط الطلاق قصد لفظه وقصد معناه ، فإن من سبق لسانه بكلمة الطلاق أو أراد بها معنى آخر لا يقع طلاقه؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم 53964 ، وكذا الحال في الكتابة. والتوقيع على ما لا يعلم أنه طلاق من ذلك .
وعليه؛ فلا يقع الطلاق بهذا التوقيع .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/105)
الفتوى : ... الامتناع عن الإنفاق وتعليق طلاق الزوجة بدفع المال
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
أنا متزوجة لثاني مرة من زوجي، لكن عرفي على يد شيخ واثنين شهود في بلد غربي، وأنا أقيم معه لكن منذ حوالي عامين هو لا يعمل ولا يصرف شيئا وحقوقي كزوجة أيضاً لا، وأنا طالبة منه الطلاق وهو طالب مني 300 يورو من أجل الطلاق، وأنا أخاف أعطي له ولا يطلقني، وللأسف أنا ليس عندي أحد هنا والشيخ الذي قام بتزويجنا لا يقدر أن يساعدني، فماذا أفعل، وما حكم الشرع في زوجة معها أولاد وهي التي تصرف عليهم والزوج اسم فقط ولا يصرف ولا يعطي أي حقوق أو واجبات عليه، ما حكم الشرع في ذلك؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج العرفي اسم أطلق على الزواج الذي لم يوثق في المحكمة، وربما أطلق على ما يقع من اتفاق بين رجل وامرأة على الزواج بدون توفر شروط الزواج الشرعية، وسبق الكلام عليهما في الفتوى رقم: 5962.
وأما نكاح الأخت السائلة فيبدو أنه قد تم بغير ولي، وقد سبق أن النكاح بلا ولي باطل، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 48058.
وعليه فيجب أن يفرق بينهما، وإذا امتنع الزوج من الطلاق، فلها أن ترفع أمرها إلى قاض شرعي، أو من يقوم مقامه ليفسخ النكاح، قال ابن قدامة في المغني: وإذا تزوجت المرأة تزويجاً فاسداً لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه. انتهى.
ولها أن ترجع عليه بما أنفقته على أولاده إن لم تكن أنفقت متبرعة, أما نفقتها هي فليس لها الرجوع بها عليه، إلا أن تكون حاملاً، لأنه ليس بينهما نكاح صحيح.
قال ابن قدامة (6531) فصل: ولا تجب النفقة على الزوج في النكاح الفاسد، لأنه ليس بينهما نكاح صحيح، ... إن كانت حائلاً، لأنه إذا لم يجب ذلك قبل التفريق، فبعده أولى، وإن كانت حاملاً، فعلى ما ذكرنا من قبل -يعني قوله قبل- إن كانت حاملاً من نكاح فاسد، أو وطء شبهة، وقلنا: النفقة للحمل فعلى الزوج والواطئ لأنه ولده، فلزمته نفقته كما بعد الوضع وإن قلنا: للحامل فلا نفقة عليه، لأنها ليست زوجة يجب الإنفاق عليها.
فإن قلنا: لها النفقة إذا كانت حاملاً فلها ذلك قبل التفريق، لأنه إذا وجب بعد التفريق فقبله أولى.... وكل معتدة من الوطء في غير نكاح صحيح، .. إن كان يلحق الواطئ نسب ولدها، فهي كالموطوءة في النكاح الفاسد، وإن كان لا يلحقه نسب ولدها، كالزاني فليس عليه نفقتها، حاملاً كانت أو حائلاً، لأنه لا نكاح بينهما، ولا بينهما ولد ينسب إليه. انتهى باختصار.
ولا يجوز للزوج أن يمسك زوجته التي تزوجها زواجاً صحيحاً ضراراً ليعتدي عليها بأخذ شيء من مالها مقابل طلاقها، قال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا {البقرة:231}، وهذا في النكاح الصحيح، وأما النكاح الفاسد فلا يجوز إقراره ولا الاستمرار عليه.
وإذا أراد الرجل والمرأة أن تكون علاقتهما صحيحة، وعزم الزوج على أن يمسكها بمعروف بأن يقوم بما يجب عليه من حقها في النفقة والوطء وباقي الحقوق فيمكنهما أن يجددا عقد الزواج بحضور الولي أو وكيله مع بقية شروط العقد.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/106)
وقوع الطلاق قضاء لا ديانة
تاريخ الفتوى : ... 08 ربيع الثاني 1427 / 07-05-2006
السؤال
أرجو توضيح مسألة أن الطلاق يقع قضاء ولا يقع ديانة في حالة التلفظ بالطلاق الصريح بدون نية الطلاق .
ولكم جزيل الشكر والتقدير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم:53964، ذكر الحالات التي يقع الطلاق باللفظ الصريح فيها قضاء لا ديانة، والحالات التي لا يقع فيها ديانة ولا قضاء، فنرجو من السائل مراجعتها، ومعنى وقوع الطلاق قضاء لا ديانة هو الحكم بوقوعه في الظاهر لانعدام القرائن الدالة على عدم قصده أو سبق اللسان إليه أو نحو ذلك فيحكم به القاضي، لأنه أي القاضي يحكم بحسب ما وصل إليه لا بما في نفس الواقع، فيقع قضاء مع أنه ليس واقعا ديانة إذا كان التلفظ به عن طريق سبق اللسان أو نحوه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/107)
الإمساك بالكتابية التي أسلمت ولا تعمل بالإسلام
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1427 / 01-05-2006
السؤال
أخي في الله الشيخ عبدالله؛ أنا شاب أعيش في بريطانيا منذ زمن ولا أخفي عنك أني كنت من المسلمين العصاة إلى أن تاب الله علي و هداني . الحمد والشكر لله . مشكلتي هي أني تزوجت من فتاة غربية و كان شرطي للزواج هو أن تدخل الدين الإسلامي ففعلت وظني أنها فقط أرادت الزواج بغض النظر عن أي شيء آخر وحاولت مرارا و تكرارا تعريفها بالدين الإسلامي بشتى السبل و لكن لا حياة لمن تنادي . رزقنا الله بصبي الآن يبلغ من العمر سنة و ثلاثة أشهر ولا أدري ما حكم الشرع هنا . الرجاء من حضرتكم الإفادة و جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة كتابية ( يهودية أو نصرانية ) فلك إمساكها لمشروعية نكاح الكتابية . قال تعالى : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ { المائدة : 5 } وعليك أن تستمر في دعوتها إلى الإسلام ، وينبغي لك أن تسلك سبيل الإقناع والتدرج معها ، ولا بأس أن تفارقها إذا رأيت أنها ستؤثر على أبنائك ، ولن تعينك على تربيتهم كما تريد ، أما إذا لم تكن كتابية فإنه لا يحل الزواج بها ولا إمساكها، وما نشأ من ولد منها بعد الزواج منها ظنا بأنه مباح فهو لاحق بأبيه لأنه نشأ عن نكاح شبهة .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/108)
لا يعالج الزوج خطأ الزوجة بخطأآخر
تاريخ الفتوى : ... 02 ربيع الثاني 1427 / 01-05-2006
السؤال
أريد فتوى عاجلة في رجل طلق امرأته لأنه قال لها لا تذهبي إلى المكان الفلاني ثم ذهبت إليه بناء على طلب والد زوجها حيث لا تستطيع أن ترد طلبه لأنها وزوجها يسكنان عنده . هل هي اَثمة وهل يعتبر الزواج واقعاً وشكراً ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة مطالبة بطاعة زوجها في المعروف ، وعدم مخالفة أمره في غير معصية ، فإذا منعها من الذهاب إلى مكان ما فلا يجوز لها الذهاب إليه ، ولا يجوز لها طاعة أحد في معصية الزوج ولو كان أبا الزوج . وعليه فمخالفتها أمر زوجها معصية عليها التوبة منها . أما الطلاق فهو نافذ ولا يؤثر على وقوعه كون سببه طاعة الزوجة لوالد الزوج ، وله أن يراجعها في العدة إذا لم يكن طلقها طلقتين من قبل، وينبغي للزوج أن يكون حكيما حليما ، ولا يعالج الخطأ بخطأ أشد منه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/109)
الإمساك بالزوجة التي سرقت إذا بدت منها توبة واستقامة
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الأول 1427 / 25-04-2006
السؤال
بداية أحب أن أشكر كل العاملين على الشبكة.. وكذا كل الشيوخ والأساتذة الكرام على مجهوداتهم الجبارة.
ثانيا : أريد أن أطرح هذه المشكلة وأتمنى الاستجابة سريعا لما في الأمر من الخطورة ، أنا لدي أخ يعيش بفرنسا وقد تزوج الصيف الماضي فقط. وقد كانت العروس من ترشيح أخي الأكبر الذي يسكن كذلك بفرنسا. هذه الأيام وقع موقف صعب جدا وهو أن العروس قد قامت بسرقة بعض شيكات أخي ليس زوجها من منزله. ويقول إنها متعودة على هذه التصرفات الآن أخي حائر ماذا يفعل خصوصا أن أخي المسروق يريد تقديم بلاغ ضدها ويطلب منه أن يطلقها ، أخي الزوج ضائع بين كل هذه الأحداث خصوصا أن الزوجة حامل وأخي المسروق يهدده إن لم يطلقها بأن يقطع صلته به وأن يترك العمل معه وأخي الزوج يرفض قطع صلة الرحم ويطلب فقط أن تسامح هذه المرة وإن تكررت ساعتها سيكون له تصرف آخر ويقول سبب رفضه للطلاق هو الجنين هو تشاور مع العائلة وكل العائلة ترفض الطلاق إلا أخا واحدا يصر على الطلاق هو أيضا ويقول حفاظا على الأبناء في المستقبل ، أرجو من الأساتذة الكرام أن يفتوني في هذه القضية وباستعجال لو سمحتم وأن تنال رعايتكم جزاكم الله خير الجزاء فالموقف صعب كثيرا فالوالدان متأثران نفسيا وكذا الجميع خصوصا أننا عائلة محافظة ومتدينة والحمد لله ولم يحدث هذا الموقف قط في العائلة ؟
أشكركم جزيل الشكر وبارك الله فيكم ودمتم سالمين إن شاء الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة من الكبائر وتدل على ضعف الإيمان ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم. وقد
رتب الله عليها قطع اليد ، فقال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}.
وفي حال ثبوت السرقة على تلك الزوجة بإقرارها أو بالبينة الواضحة ، فينبغي الستر عليها إن لم تكن مجاهرة بالمعصية، وليتذكر هذا الأخ أن من ستر مسلما ستره الله، ومن أقال عثرة مسلم أقال الله عثرته، فينبغي احتساب الأجر في محاولة إصلاح هذه المرأة وتعطى فرصة ، لعلها تتوب إلى الله ، وشروط التوبة هي الندم والإقلاع عن الذنب ، والعزم على عدم العودة إليه ، ويزاد شرط رابع هنا وهو رد ما سرقته من الغير ، أو طلب مسامحتهم ، فإن بدت منها توبة ورجوع إلى الطاعة والاستقامة فالأحسن أن لا يطلقها أخوك ، وإن بقيت على هذا الخلق ولم تترك السرقة فالأحسن أن يتركها ويبحث عن زوجة صالحة تعينه في أمور دينه ودنياه، وتربي له أولاده على الفضيلة .
أما الأخ الأكبر فليس من حقه أن يطلب من أخيه طلاق زوجته ، وله المطالبة فقط بحقه الذي سرقته ، ولا يجب على الزوج طاعته في ذلك ، وإذا قطع الأول صلة الثاني فيكون متعديا ، ولا ينبغي معاملته بالمثل .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/110)
الفتوى : ... طلاق الغضبان والحلف بتطليق الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 25 ربيع الأول 1427 / 24-04-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم : طلقت زوجتي في المرة الأولى وأنا في حالة غضب شديد وكان الطلاق شفهيا .وعندما سألت قالوا لي "لا طلاق في إغلاق". ثم أعدت نفس العملية في المرة الثانية وفي نفس ظروف الحالة الأولى .ثم أعدتها ثالثا ورابعا وأقسمت بالله العظيم أن أطلق زوجتي ثلاثا إن لم تجبني عن سؤال سألتها فرفضت إجابتي فقلت لها والله العظيم ثلاث مرات أنت طالق بالثلاث ما لم تجيبي عن السؤال فرفضت الإجابة .وقد اعتزلت زوجتي منذ ذلك الوقت خوفا من أن يكون الطلاق قائما .غير أنني لما سألت قالوا لي إنه طلاق معلق بشرط الإجابة عن السؤال، فإذا أجابتك سقط الطلاق وعلي كفارة اليمين، علما سيدي الشيخ بأنني كنت في حالة هستيريا من الغضب بالإضافة إلى أن زوجتي حامل، الرجاء الرد عن سؤالي في أسرع وقت. وجزاكم الله خيرا ....
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب عن الطلاق في حالة الغضب ، وأن الطلاق في الغضب واقع إذا لم يبلغ الغضب بصاحبه عدم إدراك ما يقول ، وسبق بيانه في الفتوى رقم :23251، وعليه فإذا كان الغضب وصل بك إلى زوال العقل وفقدان الوعي فلا أثر لطلاقك في تلك الحالة ، وإن لم يصل بك الغضب إلى ذلك الحد فقد بانت منك زوجتك بينونه كبرى .
وأما قولك : أقسمت بالله العظيم أن أطلق زوجتي ......الخ، فالجواب عنه أنه أننا لم نفهم هل ما صدر هو يمين على أنك ستطلقها في المستقبل إن لم تجبك، أم أنك مرة حلفت على ذلك ثم صدرمنك تعليق للطلاق على عدم إجابتها ، فإن كنت أقسمت بأن تطلقها إذا لم تجبك فهذا يمين لك أن تحنث فيه وتكفر كفارة يمين ولا تطلق زوجتك ، وأما إن كنت علقت الطلاق على عدم إجابتها فهذا طلاق معلق على فعل الزوجة ، والطلاق المعلق على فعل الغير ، أي غير الزوج، قال العلماء : يمنع من الوطء حتى يقع ما حلف عليه ، ويتلوم له الإمام بقدر ما يرى أنه أراد من الأجل ، ولا يضرب له أجل الإيلاء كما في حلفه على فعل نفسه ، قال في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : وصرح ابن الحاجب بأنه إذا حلف على فعل غيره فإنه لا ينجز عليه سواء كان محرما أم لا وتبعه ابن راشد القفصي ، فقال : وإن علقه بفعل غيره لم ينجز محرما كان أوغير محرم لكن يمنع من الوطء حتى يقع ما حلف عليه، وفي تسوية المصنف رحمه الله بين القولين نظر، فقد صرح في كتاب العتق الأول من المدونة أن من حلف على فعل غيره لا يضرب له أجل الإيلاء وإنما يتلوم له الإمام بقدر ما يرى أنه أراد من الأجل انتهى
وننصح الزوج بمراجعة المحكمة الشرعية ، فهي المختصة بهذا الشأن . وحكمها يرفع الخلاف .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/111)
المطلقة إداريا هل يشرع لها الزواج
تاريخ الفتوى : ... 20 ربيع الأول 1427 / 19-04-2006
السؤال
أنا مطلقة إداريا، ولكن زوجي لم ينطق بها، هل يجوز لي الزواج برجل آخر؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا عبرة بالطلاق إذا لم يكن صادرا من الزوج أو وكيله أو من القاضي الشرعي أو من ينوب عنه، وسبق بيانه في الفتوى رقم:11820، فتبقى الزوجة في عصمة الزوج، ولا يجوز لها الزواج ما دامت كذلك، أما إذا كان الطلاق أوقعه القضاء الشرعي لموجب يقتضيه، وأصبح الحكم نهائيا أي غير قابل للاستئناف، فهنا يقع الطلاق، فإذا انتهت العدة جاز لها الزواج.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/112)
طلب الطلاق ممن يستولي على مال زوجته ويهينها
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1427 / 17-04-2006
السؤال
أختي لم تعد تتحمل زوجا يأخذ فلوسها التي تتكسبها من عملها بالقهر ويقوم بإنفاقها على أهوائه الشخصية وطمع زوجها في مال أبيها، ورغم كل ذلك المعاملة السيئة المهينة لها من قبله وأيضا من قبل أمه وأهله وعدم سؤاله عن ابنته الوحيدة، عندما رقدت مريضة بالمستشفى وعمرها لا يتجاوز شهرا فلم تعد أختي تتحمل المعاملة المهينة، علما بأن والدها رجل طيب ومحترم وذو مركز اجتماعي مرموق، وللأسف الشديد زوجها دكتور بجامعة الأزهر، أريد من سيادتكم الإفادة، هل نطلب طلاق أختي من ذلك الرجل الذي كل همه سلب مالها ومال أبيها أو المعاملة المهينة في حالة عدم تلبية رغباتة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر إلا مع المودة والمحبة والتآلف والاحترام المتبادل، ولذا فقوموا بنصح هذا الزوج وتذكيره بواجبه تجاه زوجته، وأنه لا يجوز أن يستولي على مالها، ولا يجوز له أن يتصرف في مالها إلا بإذن منها وطيب نفس، وإذا استمر الرجل على امتهان زوجته والإساءة إليها وعدم احترامها وأخذ مالها، ولم يمكنها الصبر على ذلك، فلها أن تطلب الطلاق، وقد بينا في الفتوى رقم: 61797 التصرف الذي يمكن فعله تجاه الزوج المصر على سوء العشرة، فتراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/113)
طلب المرأة الطلاق لغير مسوغ لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 18 ربيع الأول 1427 / 17-04-2006
السؤال
ما حكم المرأة التي تقول لزوجها وهي في حالة غضب : إن كنت رجلا فطلقني ، وهل صحيح أنها أصبحت في حكم المطلقة؟ وماهو الحل الشرعي لذلك ؟ شكرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوجة لزوجها : إن كنت رجلا فطلقني ، هو طلب للطلاق، وطلب الطلاق لا يجوز إذا كان لغير عذر لأن طلب المرأة الطلاق لغير مسوغ لا يجوز ، وسبق بيانه في الفتوى رقم : 1114 ، ولا يقع الطلاق بهذا القول ، وتراجع الفتوى رقم : 1032 ، لموقف الشرع من إساءة الزوجة إلى زوجها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/114)
ـــــــــــــــــــ
هل يطلق امرأته لعدم الاستمتاع لفترة طويلة
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الأول 1427 / 12-04-2006
السؤال
تزوجت من فتاة أحببتها وبعد موافقة أهلها ولي منها طفلة، المشكلة أنني كنت -أستغفر الله- قد زنيت بأم زوجتي من قبل، ولكني قد تبت الآن وعلاقتي مع أمها طبيعية وعادية، لكن المشلكة أن قدرتي الجنسية منذ الزواج تضعف وشهوتي لزوجتي تتلاشى بسبب العامل النفسي وتأنيبي لضميري والتمني بأني لم أتزوج بالذات من هذه الفتاة وأفكر أن أطلقها حتى أرتاح وأقطع علاقتي تماما بأهل الفتاة، حتى الآن لنا أكثر من ثلاث سنوات متزوجان، الرجاء ساعدوني، وهل الضعف الجنسي الذي أعاني منه سبب كاف لكي أطلق زوجتي، هل انقطاعي عن معاشرتها لفترة طويلة يعتبر إخلالا بحق الزواج مما يستدعي أن أطلقها أم إذا كانت راضية فلا بأس؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنذكرك أخي الكريم بالتوبة الصادقة النصوح، التوبة التي ترسم ظلالها على حياتك ماضياً بالندم على ما بدر، وحالا بالإقلاع عن هذا الذنب، ومستقبلاً بالعزم الصادق على عدم العودة إليه.
وأما زواجك من هذه المرأة بعد زناك بأمها فمحل خلاف بين العلماء، والراجح صحته، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال والحرام ضد الحلال. انتهى، وانظر الفتوى رقم: 45137، والفتوى رقم: 69733.
وليس الضعف الجنسي سبباً كافياً في الطلاق، وليس في انقطاعك عن معاشرة زوجتك زمناً طويلاً إذا رضيت بذلك ما ينافي حسن المعاشرة، ولمعرفة ما يجب على الزوج اتجاه زوجته في جانب المعاشرة انظر الفتوى رقم: 70931.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/115)
طاعة الوالدين في طلاق الزوجة بلا مسوغ شرعي
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الأول 1427 / 10-04-2006
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله,
أرجوالإفادة في هذا الأمر فأنا في ضيق شديد وحيرة من أمري
أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري, من أسرة ميسورة الحال والحمد لله. بدأت أسعى إلى الزواج بعد تخرجي من الجامعة, علماً بأني أملك كل المقومات التي تؤهلني للزواج والحمد لله. واجهت بعض الصعوبات للعثور علي الزوجة المناسبة لي, فتارة لا أجد في نفسي قبولاً نحو الفتاة وتارة والداي لا يجدان ارتياحاً إلى آخره من الأسباب الشبيهة, وكان عندي أساس ثابت في اختياري لزوجتي وهو أن يكون والداي راضيين عن الزواج ومباركين له. دامت فترة البحث حوالي سنتين, وأخيراً رشح لي أبى وأمي فتاة كانت جارة لنا في منزلنا القديم ويعرفان أسرتها معرفةً جيدة وأخذا يشجعانى ويرغباني في الزواج منها. وبالفعل قابلتها عدة مرات وأعجبت بها ووجدت فيها معظم ما كنت أريده في زوجتي, واستخرت الله وعزمت علي الزواج منها وقد كان حماس والداي لهذا الزواج من أهم الأسباب التي شجعتني علي الزواج من هذه الفتاة.
وحيث إننى لم أكن أرغب في إطالة فترة الخطبة منعاً للوقوع في المخالفات الشرعية التي تحدث كثيراً في مجتمعنا في هذه الفترة, وحيث إننى كنت مقتنعاً تماماً بالفتاة, فقد طلبت من والداي أن يكون العقد في أسرع وقت, وقد وافقاني علي ذلك ولم يلاقى الأمر أيضاً معارضة من طرف والدي خطيبتى. وعليه حددنا موعداً قريباً لعقد القران.
بدأت المشكلة قبل العقد بيوم واحد فقط, حيث حدث سوء تقاهم بين والدتي ووالدة خطيبتي أثناء شرائهم للشبكة وكاد الزواج أن يلغى إلا أن الله وفقني حينئذ في تهدئة الأمور بعد معاناة ومناقشات طويلة, وتم عقد القران بسلام. ولكن لم تكن أمى قد تناست الموضوع, وظلت تكتم ضيقها وامتنعت عن الاتصال بوالدة زوجتي, وبدأت الأمور تتدهور بين العائلتين مرة أخرى.
دون الدخول في تفاصيل المشكلة, وكي لا أطيل عليكم, الخلاصة أن أبى وأمي طلبا منى طلاق زوجتي على الرغم من أنهم لم يكن لديهم أي اعتراض عليها وإنما على والدتها فقط, من وجهة نظرهم فقط, علماً بأن المشكلة تافهة في أصلها ولكنها ضخمت وعظمت من قبل أبى وأمي بشكل عجيب. أحسست بضيق شديد من طلبهم هذا وشعرت بأنه فيه ظلم شديد للفتاة ولي أيضاً حيث إنى قد تعلقت بها وأحسست بأنها الزوجة الصالحة التي كنت أبحث عنها طويلاً, مع العلم بأني كنت أتحرى رضا والدي في اختياري كما ذكرت سابقاً. استشرت عددا من الناس اللذين أثق في رأيهم من الحكماء ورجال الدين وأفتوني بأن هذا الطلاق سيكون فيه ظلم للزوجة ولا تجب طاعة الوالدين في هذا الأمر ولكن يجب علي الإحسان لهما ومحاولة إقناعهم بالحسنى مع التمسك بالزواج, وتتطوع البعض لمقابلة أبى وأمي ومناقشتهما إلا أنهما كانا في غاية القسوة والتعسف وبدءا يتوعداني ويقسمان بأنهما لن يرضيا عني حتى أطلقها وأنى بذلك سأكون عاقاً لهما حتى أن أمى بدأت في الدعاء علي !!!!! متجاهلين تماماً الأضرار التي سوف تنتج عن هذا الطلاق وكانا يريان أيضاً أنه لا يعتبر طلاقا حقيقياً وليس فيه ضرر للفتاة حيث إنها غير مدخول بها !!!!
الحقيقة أنى كنت في ضيق شديد منهم, وتركت العمل مع والدي وبدأت العلاقة بيني وبينهم تسوء حتى أحسست أنه من المستحيل استمرار الحياة بهذا الأسلوب وأنى سأكون قد جنيت على زوجتي إذا جعلتها تعيش في هذه الأجواء, وحيث إنني كنت أخشى الوقوع في عقوق الوالدين حيث إننى في بعض الأحيان كنت أثور وأتكلم بطريقة غير لائقة مع والدي متأثراً بالضغوط النفسية الكبيرة, فقد استخرت الله وعزمت على الطلاق درءاً للمفسدة الأكبر التي يمكن أن تعود علي وعلى زوجتي إذا استمر هذا الزواج.
مشكلتي الآن أنه بعد الطلاق علاقتي بوالدي لم تتحسن كثيراً, فلا أستطيع أن أتجاهل ما حدث أو أن أنسى القهر والأذى الذي تعرضت إليه من أقرب الناس إلي. أحاول جاهداً مقاومة الشعور السيء الذي ينتابني في الكثير من الأحيان تجاههما ولكني لا أستطيع, مع العلم بأني أحاول أن أعاملهم بالحسنى قدر المستطاع ولكن للأسف فإن المعاملة ينتابها البرود نتيجة لهذا الشعور الذي لا أستطيع أن أقاومه.
المشكلة الأخرى التي أواجهها هى أنه علي الرغم من احتياجى للزواج وإلى من يشاركني حياتي, أصبحت خائفاً من تكرار هذه المأساة, كما أن شعوري بالذنب الشديد لطلاق هذه الفتاة وحبي لها يمنعني من البحث عن من يأخذ مكانها, فأنا أشعر بأن في ذلك خيانة لها وعدم مبالاة بما قد لحق بها من أذى.
هذا بالإضافة إلى شعوري بالوحدة الشديدة, فأنا الآن لا أجد من أبوح له بما في نفسي أو أشكو إليه همي, فلم أعد أرتاح للحديث مع أهلي وقد فقدت الزوجة, وإن تعاطف معي الناس فإن لكل واحد همه ومشاكله التي تكفيه.
أفيدوني بالله عليكم,
وجزاكم الله خيراً علي صبركم وحسن استماعكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزم الولد أن يطلق زوجته لطلب والديه منه ذلك لغير مسوغ شرعي وسبق بيانه في الفتوى رقم:3651،
وإذا أطاعهما وقدم رضاهما، فنرجو أن يكون مأجورا على نيته، ونسأل الله أن يأجر السائل على ذلك، وأما عن مشكلته، فإنه لا يؤاخذ على شعوره بالظلم الذي تعرض له، وما يحس به من القهر والأذى النفسي مما حدث من والديه، فالأمور القلبية التي لا يد للإنسان فيها لا يؤاخذه الله سبحانه عليها، مثل الحب والبغض ونحو ذلك، لكن ينبغي له أن يسأل الله عز وجل ويدعوه أن يذهب عنه هذا الشعور، حتى لا يحمله على الوقوع في ما حرم الله من العقوق.
ويجب عليه أن يحسن إليهما ولا يسمعهما قولاً سيئاً حتى التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء ولا يصدر منه إليهما فعل قبيح، وأن يقول لهما قولاً ليناً طيباً حسناً بتأدب وتوقير وتعظيم، وأن يتواضع لهما بفعله وأن يقول رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ، فإذا فعل ذلك فلا يضره ما يجد في صدره.
وأما عن مشكلته الأخرى فنقول: ابحث عن ذات الدين، واحصل على رضا والديك عنها، فإذا عقدت عليها، ثم غير والداك رأيهما بغير عذر معتبر شرعا، فلا يلزمك طاعتهما في طلاقها.
وفقك الله لكل خير.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/116)
حكم الطلاق الصادر من المحاكم الوضعية الأجنبية
تاريخ الفتوى : ... 07 ربيع الأول 1427 / 06-04-2006
السؤال
قبل عام ونصف زوجتي وأم ولدي طلبت الطلاق مني وعندما رفضت طلبها أخذتني إلى المحاكم الأمريكية التي وافقت على طلبها بالرغم من عدم موافقتي. كما أنها طلبت أكثر من خمسة أضعاف المهر المتفق عليه عند زواجنا الإسلامي في المحكمة الشرعية في عمان، والمحكمة الأمريكية أعطتها أكثر ما طالبت به وأنا قدمت لها المساعدة المادية حسب الحكم. الآن زوجتي تطلب أن نعود لحياتنا الزوجية ولكنها تريدني أن أبدأ في خطوبة وزواج جديد كأننا لم نكن عشنا معا ما يقارب 4 سنين. سؤالي هو هل نعتبر مطلقين بالرغم من رفضي الطلاق المفروض من المحكمة الأمريكية وليست إسلامية؟ هل يحق لنا شرعا أن نعود ونواصل الحياة الزوجية والعيش معا بدون البداية من الخطوبة وكأننا لم نتزوج؟
جزاكم الله خيرا على إرشادنا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التحاكم إلى القضاء الوضعي في مسألة الطلاق ولا في غيرها، ولا بأس باللجوء إليه لتوثيق الطلاق الشرعي ونحوه، واللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية. كما نص على ذلك البيان الختامي لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، مع الرابطة الإسلامية، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 65483.
وعليه فإذا كان الطلاق الشرعي لم يصدر من الزوج، أو أكره عليه إكراها معتبرا من قبل المحكمة الوضعية، فإن المرأة لا تزال في عصمة الزوج، ولا عبرة بالطلاق الصادر من تلك المحكمة، ولا يحتاج الزوجان لإجراء عقد جديد، بمهر جديد .
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/117)
الفتوى : ... لا أثر للطلاق بعد انقضاء العدة
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الأول 1427 / 04-04-2006
السؤال
طلقت زوجتي الطلقة الثانية دون ورقة طلاق وفي آخر يوم للعدة آخر يوم للحيض بعد انقطاع الحيض قبل أن تغتسل حدث جماع، وكنا نعلم أنه لا بد من عقد جديد وأن هذا يعتبر زنا، وحدثت مشاكل بين العائلتين بعدها دون أن يعلم أحد بما حدث وذهبنا للمأذون لإثبات الطلقة على الورق حتى تأخذ حقوقها الشرعية، فهل هذه الطلقة تعتبر الثالثة، أفيدوني أثابكم الله، علما بأن لدينا طفلة وكانت نيتي عند المأذون إثبات الطلقة الثانية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجماع الزوجة بعد انتهاء عدتها زنا، لأنها صارت أجنبية عنه بخروجها من العدة، فيجب عليهما التوبة من هذا الذنب العظيم، والطلاق إنما يكون على الزوجة مع كونها في عصمة الزوج أو في عدتها من طلاقه الرجعي، أما بعد طلاقها وانقضاء عدتها فلا يلحقها الطلاق.
وعليه؛ فما تم عند المأذون من ترسيم للطلاق، فهو توثيق للطلاق السابق، ولا يمكن أن يكون طلقة ثالثة، لأنها لم تصادف محلا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/118)
الطلاق والخلع والقضاء على الغائب
تاريخ الفتوى : ... 03 ربيع الأول 1427 / 02-04-2006
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ سنتين ولدي ابنة عمرها 4 شهور وقد استحالت الحياه بيني وبين زوجي وذلك لسوء خلقه ونقص دينه فدائما يشتمني ويشتم أهلي إضافة إلى أنه لا يصرف عليَّ وعلى ابنتي ويقول لي دعي أهلك يصرفون عليك مع العلم بأن أحواله المادية جيدة ، وفي المرة الأخيرة طلب مني أن أنسى أهلي وجامعتي وأتخلى عن الاثنين مع العلم أنني سأنهي دراستي بعد عام ولكن أصر على هذه الأمور بأن أنسى أهلي وأنسى الذهاب إليهم وأبقى له ولأهله مع العلم بأنني في جدة وأهلي بالرياض فتركت المنزل وذهبت إلى أهلي وتركت ابنتي لديه وطلبت منه الطلاق فرفض وطلب مني أن أكتب ورقة أتنازل فيها عن مؤخر صداقي مع العلم بأنني أعلم بأن الخلع مقابل التنازل ولكنه أصر وذلك ليطلقني هو بدون خلع مني وبالتالي يكون قد أخذ حقي وقال لي إن طلبت الخلع فإنه لن يأتي إلى المحكمه في الرياض وسيعلقني سنتين أو أكثر وسيتحجج في كل مرة يتم فيها استدعاؤه فما الحل في هذه الحال ؟ هل سأبقى معلقة كما قال أم أن للمحكمه أن تأمر بالخلع في حال عدم وجوده أكثر من مرة ؟ مع العلم بأنني حاولت اللجوء إلى أهله لإصلاحه وإلى أكثر من طرف آخر ولا أمل في تحسنه فأرجو الإفادة ؟
وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح الأخت بعدم اللجوء إلى المحكمة ، وعدم طلب الطلاق ، ومحاولة التصالح مع الزوج ، فالصلح خير ، فإن لم يكن هناك سبيل للصلح ، وفضلت الزوجة مفارقة الزوج دون لجوء للمحاكم فلها أن تجيبه إلى طلبه بالتنازل عن مؤخر الصداق ، وهذا هو حقيقة الخلع
الذي تريده الزوجة .
وإذا كان لا بد لها من اللجوء إلى المحكمة ، فالأولى أن تطلب حقها من المحكمة ، بدلا من الطلاق ، فلها الحق أن تطلب نفقتها وولدها بالمعروف ، ومن حقها طلب فسخ النكاح لعدم النفقة ، وهذا خير لها من طلب الخلع لما فيه من عوض ستتنازل عنه مقابل الخلع ، كما أن لها أن تطلب مواصلة الدراسة ، إذا كانت قد اشترطت ذلك في عقد النكاح ، وأما مسألة هل ستحكم المحكمة بالخلع في غياب الزوج أم لا ؟ فقد اختلف الفقهاء في جواز القضاء على الغائب، فقال جمهور الفقهاء بجوازه بشروط ومنعه الحنفية ، ولا علم لنا بما تأخذ به تلك المحكمة في هذه المسألة، كما أنه لا علم لنا أيضا بما إذا كانت المحكمة ستعتبر هذا الرجل غائبا أم لا ؟ .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/119)
الفتوى : ... لعن المرأة زوجها هل يعد طلاقا
تاريخ الفتوى : ... 28 صفر 1427 / 29-03-2006
السؤال
امرأة تلعن أبناء زوجها (أبناءها) وأحيانا تصل اللعنة إلى زوجها لأنها تقول (يلعنكو ا ويلعن أبوكم إلي خلفكم ) زوجها سألني وقال لقد سمعت من أحد المشايخ أنها تصبح طالقة أنا لم أستطع أن أجيبه . السؤال هل فعلا تصبح طالقة ؟
أفيدونا يرحمكم الله .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لعن المرأة لزوجها طلاقا بإجماع أهل العلم ، ولعنها له ولأبنائها إثم كبير وذنب عظيم يجب عليها التوبة منه ، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر . وقال صلى الله عليه وسلم : لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار . رواه الترمذي بسند صحيح ، وقال صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء . رواه الترمذي بسند صحيح .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/120)
الفتوى : ... إيقاع الطلاق بغير شهود
تاريخ الفتوى : ... 19 صفر 1427 / 20-03-2006
السؤال
أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري متزوج ولدي 3 أبناء وسؤالي هو : إنني وللأسف كنت غير متفقه في الدين وخاصة في أمور الطلاق حيث إنني طلقت زوجتي بالثلاث أكثر من مرة وذلك في لحظة غضب عارم ، ولم يكن لديَّ أحد لأشكي الموضوع إليه إلا أمي فسألتها عن الحكم في هذا الموضوع وهو الطلاق فقالت إن الطلاق لا يقع إلا بوجود شهود فمضيت فرحا وهذا الرأي هو الذي أوقعني في تكرار الطلاق أكثر من مرة وأنا لا ألوم والدتي على ذلك فأنا كنت أشك في رأي أمي وأن الطلاق يقع حتى ولم يكن هنالك شهود وإلى الآن وأنا أشك في هذا الموضوع ولم أسأل أحدا عن الحكم في هذا الموضوع لأني خائف على أبنائي من الشتات وأن أفقدهم إلى الأبد فأنسابي وللأسف يحبون المشاكل ويسعون إلى تفريق أبنائي عني فساعدوني فإنه لا يمر يوم إلا وأفكر في الموضوع ومن غضب ربي عليَّ إذا ما كان زواجي الحالي حراما فما الحكم في ذلك واعذروني على ضعف تعبيري فما في قلبي لايمكن أن أعبره بالكلمات ؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
أرجوا الرد على سؤالي في أسرع وقت ممكن.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر السائل أنه طلق زوجته بالثلاث أكثر من مرة في لحظة غضب عارم
ولم يبين كيفية هذا الطلاق وعدده على وجه التحديد ، حيث إن كلمة أكثر من مرة تحتمل أنها اثنتان أو ثلاث أو أكثر ، كما يحتمل أنه أوقع هذا الطلاق جملة واحدة ، أو أوقعه متفرقا ، أي طلق ثم راجع ثم طلق ثم راجع وهكذا ، فإذا كان أوقعه في مجلس واحد أي من غير تخلل رجعة فقد وقع الخلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال إنه يقع طلقة واحدة ، ومنهم من قال إنه يقع ما أوقعه من العدد ، اثنتان أوثلاثا ، وهذا مذهب الجمهور وهو المفتى به عندنا .
كما أن قوله في لحظة غضب عارم تحتمل أن يكون الغضب بلغ به درجة لا يعي فيها ما يقول فهنا لا يقع الطلاق ، وإن كان لم يبلغ إلى هذا الحد فإنه يقع الطلاق ، وراجع الفتوى رقم: 12287 .
ولا يشترط لوقوع الطلاق وجود شهود ، وهذا القول لا أساس له من الصحة ،
وعلى تقدير وقوع الطلاق البائن فنكاحه لها في الفترة السابقة مع جهله بالحكم نكاح شبهة يثبت به النسب ، ويدرأ به الحد ، وعليه مفارقتها فورا ،
وننصحه بمراجعة المحكمة الشرعية في بلده، فمثل هذه القضايا التي تتعلق بالطلاق وأمثاله مردها إلى المحاكم الشرعية .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/121)
طلاق الكناية المقترن بالنية هل يقع
تاريخ الفتوى : ... 19 صفر 1427 / 20-03-2006
السؤال
امرأة استشارت اثنين من المختصين الثقات بالفتوى هنا في إحدى المراكز الإسلامية بألمانيا، وأفتوا لها بأنها بائن من زوجها بينونة كبرى، وزوجها مصر أنه لا يعترف بالطلاق الكنائي المقترن بالنية والذي وقعت به إحدى الطلقات لأنه حسبما يدعي أنه استشار إأحد المشايخ وأفتوا له بأن الطلاق يقع فقط بلفظ كلمة الطلاق حرفيا، وكذلك يدعي أن إحدى الطلقتين الأخريين -واللتين وقعتا باللفظ الصريح- لا يذكرها البتة، والمرأة متأكدة ومستعدة على أن تحلف اليمين على وجود تلك الطلقة، المرأة أخذت بفتوى المركز الإسلامي وقرأت عن الفتاوى التي أفتيتم عن وجود ما يسمى بالطلاق الكنائي المقترن بالنية وانفصلت عن زوجها في بيت مستقل وهي تحتجب أمامه وقد أنهت عدتها، وبناء على فتواكم رقم 35044 فهي مصرة أنها بائن منه بينونة كبرى وتمتنع عنه وتعتبره أجنبيا عنها تحاول أن تأخذ منه ورقة الطلاق، لكن المشكلة أن أهلها يريدون الحفاظ على هذه الأسرة ويضغطون عليها إلى جانب أهل زوجها (السابق) للأخذ بالآراء الأخرى من أجل الأولاد، لكنها هي لا تريده زوجا ولا تستطيع أن تخالف الشرع أصلا بناء على آراء أخرى تخالف كل ما أفتي لها به وقرأت عنه، السؤال بناء على هذه المشاكل فقد تطول فترة الحصول على الخلع أو ورقة الطلاق في بلدها، هل يجوز لهذه السيدة أن تتزوج من آخر في هذه الأثناء أم لا، وإن تزوجت بآخر فهل هي آثمة وعقد زواجها من الآخر باطل، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ظهر لنا من السؤال أن هذه المرأة طلقت طلقتين صريحتين، وأنها طلقت طلقة ثالثة بلفظ الكناية المقترن بنية الطلاق من الزوج (ونية الزوج لا يمكن الاطلاع عليها إلا بإقراره)، فإذا كان الأمر كما ذكرت فإنها قد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولا يجوز لها البقاء معه إلا مكرهة، ولا يجوز لها التزين له، وعليها أن تفتدي منه، وتهرب إذا استطاعت، ونرشدها إلى التعامل معه بحكمة بحيث تقنعه بقبول الفدية.
غير أنه ونظراً لأن في القضية طرفاً آخر ينازع فيها وهو الزوج، فنحيلكما إلى المحكمة الشرعية، فهي صاحبة الاختصاص في قضايا النزاع والخلاف، وحكم القاضي هو الذي يرفع الخلاف.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/122)
طلب الطلاق لضعف دين الزوج
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1427 / 19-03-2006
السؤال
أنا بولندية مسلمة تزوجت من شاب جزائري وعندنا ثلاثة أطفال ، زوجي الآن في السجن منذ شهر مارس 2004 ومحكوم عليه 12 سنة يعني بقيت مدة 10 سنوات أخرى وهذا بسبب السرقة والضرب المبرح اتجاه عشيقته وعرفت أن له امرأة ثانية في حياته فقط بعد حكم المحكمة
وأنا في ذلك الوقت كنت في الجزائر وزوجي مع المرأة الثانية في بولندا وخلال ثلاث سنوات مدة تواجدي في الجزائر لم أر زوجي سوى مرتين فقط لبضعة أيام وكان يدمن على الكحول والمخدرات وحتى لا يعرف أن له ابنا ثالثا وكان يقول لي إن سبب سفره إلى بولندا وتركي هناك في الجزائر أنه يأتي لكي يشتغل لتأمين المستقبل ولكن لم يشتغل إنما كان يسرق وفترة مكوثه في بولندا كان يعيش مع المرأة الثانية التي كان يضربها وأنا كذلك كان يضربني وطول الفترة التي عشتها في الجزائر كان يصرف علينا والدي زوجي وحتى عند عقد الزواج لم يذكر أي مهر ولهذه الأسباب مجتمعة أريد الطلاق من هذا الزوج الذي كان يكذب علي والذي هو إنسان غير سوي وخطير وغير مسؤول والأهم أنه لا يسير في حياته وفق الدين فأريد أن أرتب حياتي من جديد وأريد كذلك أن أوفر لأولادي بيتا مستقرا.
فأريد منكم أن تبينوا لي هل يجوز الخلع في حقي لأني قررت أن أتطلق منه وخاصة أنا الآن أعيش في بولندا وحتى والدي غير المسلمين طرداني من البيت والحياة صعبة للرجال فما بالكم بالنساء وخاصة المسلمة الساكنة في غير ديار الإسلام.
أفيدوني أفادكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على الزوج الإنفاق عليها بالمعروف، فإذا لم ينفق عليها لغياب ونحوه، ولم يترك لها ما تنفق به على نفسها، جاز لها أن تطلب الطلاق من القاضي لعدم النفقة، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 31884 .
كما أن للزوجة الحق في طلب الطلاق لضعف دين الزوج فإذا كان كما ذكرت، من شرب الخمر وتعاطي المخدرات، والسرقة، واتخاذ عشيقة، فلها طلب الطلاق منه، فإن أبى فلها رفع أمرها إلى القاضي الشرعي، وطلب مخالعته، وتراجع الفتوى رقم: 70723 .
وأما المهر إذا لم يسم لها مهرا في العقد فلها مهر المثل، ومن حقها مطالبة الزوج به، ولها جعله أي المهر في مقابل الخلع.
ونسأل الله أن يثبت أختنا على دينه وأن يجعل لها فرجا ومخرجا.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/123)
تحريم الكلام مع الزوجة لا يقع به طلاق ولا ظهار
تاريخ الفتوى : ... 18 صفر 1427 / 19-03-2006
السؤال
حدثت مشاجره بيني وبين زوجتي وعندما أردت أن أقول لها أنت علي كأمي لم أستطع قولها ولكني قلت لها لو فعلت كذا فإن الكلام بيني وبينك حرام ، وفي بعض الأحيان أشك أنني قلت لها لو فعلت كذا وإنما قلت لها الكلام مباشرة وذلك لأنني شخص موسوس للغاية ولما سألتني عما أقصدة قلت لها كل واحد منا في حجرة. تهديد بالخصام فما حكم ما قلته لها شرعا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك ( لو فعلت كذا فإن الكلام بيني وبينك حرام ) تحريم للحلال ،
وهو الكلام عند وقوع الشرط ، ومسألة تحريم الحلال فيها خلاف بين أهل العلم سبق بيانه في الفتوى رقم: 62942 ، والراجح أن من حرم على نفسه شيئاً من الحلال فإن ذلك يصير في حقه يمينا ، وعليه أن يكفر كفارة يمين إن حنث، وهذا مذهب أبي حنيفة، وتراجع الفتوى رقم: 32979 .
وعليه؛ فإذا فعلت الزوجة الفعل المعلق عليه التحريم ، فيلزمك كفارة يمين .
ولا يقع به الطلاق ولا الظهار ، لأنك لم تحرم الزوجة بل حرمت الكلام معها ، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 54766 .
وأما إذا لم تعلق تحريم الكلام معها على أمر ما ، فتلزمك كفارة يمين مباشرة ،
وأما الظهار فلا يلزمك ما دمت لم تتلفظ به ، إلا إذا نويت بقولك المتقدم الظهار فيلزمك كفارة ظهار حينئذ .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/124)
حكم قول الزوج إن كنت تكلفيني ما لا أطيق فمع السلامة
تاريخ الفتوى : ... 08 صفر 1427 / 09-03-2006
السؤال
زوجتي تكلفني كثيراً مالا أطيقه ، ففي مرة قلت لها إذا كنت تريدين أن تكلفيني مالا أطيق فمع السلامة فردت عليَّ مع السلامة مع السلامة هل في ذلك شيء ؟ وجزاكم الله خيراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قصدت بقولك لها ( مع السلامة ) الطلاق وقعت طلقة، ولك الحق أن تراجعها أثناء العدة إن كانت هي الطلقة الأولى أو الثانية .
وأما إذا لم تقصد الطلاق فلا شيء عليك ، والزوجة زوجتك .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/125)
هل يطلق امرأته اليابانية المسلمة ارضاء لوالديه
تاريخ الفتوى : ... 07 صفر 1427 / 08-03-2006
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
التقيت بفتاة يابانية، وشرحت لها العقيدة الإسلامية ثم اقتنعت بالدين الإسلامي وأعلنت الشهادة وبدأت بالصلاة، ثم تزوجتها رغبة مني في مساعدتها في تعلم دينها، وأيضاً لحبنا لبعضنا البعض.... وقد راعيت النواحي الشرعية في الزواج.... وحتى الآن لم أر منها إلا خيراً... غير أني أعاني من معارضة شديدة من عائلتي رغم أن والدي عالم شرعي، وكثيراً ما يخوفوني من ارتدادها وقيامها بخطف الأولاد في المستقبل، ويتكلمون كثيراً في عرضها وماضيها الذي أعلم ويعلمون أن الله سبحانه لا يؤاخذها عليه والإسلام يجب ما قبله... فهل علي الندم على ما فعلته.. وهل علي تطليقها لإرضاء أهلي رغم أنها لم يبدر منها ما يدعو لذلك... وهي تبذل جهدها لتعلم الدين ولطاعتي وإرضائي... أنا قلق وحائر.. وفي نفس الوقت أثق بالمولى عز وجل وقد استخرته في كل هذا الأمر.. ما هو الحكم الشرعي في هذه الحالة، وهل سيؤاخذني الله لو حدث في المستقبل لا قدر الله أن ترتد وأن يتعرض الأولاد لأي أذى أو ضياع، رغم أن نيتي إرضاء الله سبحانه وتعالى وإحصان نفسي في نفس الوقت لعظم الفتن في اليابان، ما هو الحكم الشرعي؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الولد طاعة والديه إن أمراه بطلاق زوجته، ولكن عليه أن يسعى في إرضائهما وطلب رضاهما ما أمكنه، وأن يبين لهما أن الغيب علمه عند الله، وأنه ينبغي لهما أن يحسنا الظن بهذه المرأة، ولا يجوز اتهامها في دينها أو عرضها إلا بأمور واضحة، وطالع الفتوى رقم: 70223.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/126)
الفتوى : ... الشك في الطلاق هل يزيل العصمة
تاريخ الفتوى : ... 07 صفر 1427 / 08-03-2006
السؤال
متزوج من منذ 20 سنة وطبعا تم خلاف بيني وبين زوجتي منها مرتين رميت عليها اليمين آخرها منذ أيام قليلة وعند جلسة الصلح أخبرتني زوجتي أنه لا ينفع حيث إنها المرة الثالثة على أنها منذ 12 سنة رميت عليها اليمين وأقسمت لها أنها الطلقة الثانية وأصرت هي، وشهود واقعة هذا الخلاف بين ناس وبين من يؤكد أني لم أطلقها . أرجو أن تفتوني ماذا أفعل هل هي الثالثة أم الثانية رغم أنني متأكد أنها الثانية وماذا أقول لزوجتي لكي تقتنع وما حكم الدين في هذا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص العلماء على أن الشك في الطلاق لا يزيل العصمة المتيقنة، وذلك للقاعدة المعروفة وهي: أن الشك لا يرفع اليقين ، والشك في الطلاق إما أن يكون في العدد أو في الصفة ، أو في اللفظ ، ففي حالة الشك في العدد، فيحكم بالأقل، لأنه المتيقن وما فوقه مشكوك فيه، فإذا شك هل طلق اثنتين أم ثلاثا فهو اثنتان ، وهذا مذهب جمهور العلماء، وتراجع الفتوى رقم :
18550 .
فإذا ادعت المرأة وقوع الطلاق ثلاثا فلا تصدق قضاء، لأن الطلاق لا يثبت إلا بإقرار الزوج به، أو شهادة عدلين .
وإذا كانت الزوجة إنما ادعت ما ادعت كاذبة لتحصل على الطلاق ، أو كانت شاكة في العدد مثلك ، فيمكن إقناعها وذلك بإطلاعها على هذه الفتوى وكلام أهل العلم في هذه المسألة ، وأما إذا كانت متيقنة من وقوع الطلقة الثالثة ، فلا سبيل إلى إقناعها ، فهي على حسب علمها بائنة منك بينونة كبرى ، لا يحل لها أن تمكنك من نفسها، ولا أن تختلي معك ، لأنك أجنبي عنها ، فالحل هو إزالة الخلاف معها ، ومعرفة سر دعواها ، ولا يجوز إكراهها على ما تعتقده محرما قال تعالى : وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ {النساء: 130 } وفي هذه الحالة أي حالة الخلاف بين الزوج والزوجة في عدد الطلاق يرجع إلى المحاكم الشرعية .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/127)
حكم قول الزوج أنا مش عايز هذه الحياة
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1427 / 07-03-2006
السؤال
السيد صاحب الفضيلة، جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً، ما حكم قولي (أن مش عايز هذه الحياة)، أقصد الحياة الزوجية، مع العلم بأني قلت هذه الجملة بناء على ما يعتريني من شكوك من أن يكون قد حدث طلاق سابق، وأرجو ألا تحيلوني لنيتي وتقولوا ماذا كنت تنوي لأني من حيث الجملة عندما أشك في أن يكون حدث طلاق أتخيل هذا الأمر، قد تم وإن كنتم تقصدون بالنية أن يكون هذا اللفظ وقت خروجه مرادفاً في ذهني وضميري للفظ الطلاق، فهذا ما لا أستطيع الجزم به حيث إني قبل الدخول في هذه الدوامة كنت أحياناً أقطع وضوئي لأجل النية ومن يوم دخولي في هذه الدوامة تركت هذا الأمر، الرجاء إرسال الرد على الإيميل سريعاً؟ ولكم جزيل الشكر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك المتقدم (أنا مش عايز هذه الحياة) تعني الحياة الزوجية، كناية عن الطلاق، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، ونقصد بالنية النية المصاحبة للفظ، أي أن يتلفظ بكلام يحتمل الطلاق ناوياً به الطلاق، فتصرف هذه النية اللفظ إلى الطلاق.
فإذا كنت غير متيقن من النية، ولا تدري هل نويت بهذا اللفظ طلاقاً أم لا، فقد نص العلماء على أن الشك في الطلاق لا يزيل العصمة المتيقنة، وذلك للقاعدة المعروفة وهي: أن الشك لا يرفع اليقين، فالزوجة إذا باقية في عصمتك، وينبغي لك ترك هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها، وقد فصلنا مسألة الشك في الطلاق في الفتوى رقم: 44565 فراجعها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/128)
الفتوى : ... لا أثر لقول أم الزوجة -للزوج وأهله- (ليس عندي ابنة لكم)
تاريخ الفتوى : ... 06 صفر 1427 / 07-03-2006
السؤال
إذا كان الخطيب والخطيبة مكتوب كتابهم وكان أهل الخطيب عند أهل الخطيبة وقالت الأم بأنه ليس عندي ابنة لكم مرتين وثلاثة وأب الخطيبة لم يتكلم بشيء، فما الحكم أو الفتوى الشرعية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعقد النكاح وهذا يسميه بعض الناس (كتب الكتاب)، تصير المرأة زوجة، والزوجة لا تخرج عن عصمة الزوج إلا بالطلاق في الأصل، والطلاق من حق الزوج وهو هنا لم يطلق، فقول أم الزوجة -للزوج وأهله- (ليس عندي ابنة لك أو لكم) لا عبرة به ولا أثر له على رباط الزوجية.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/129)
طلاق الزوجة سيئة السلوك والخلق وهل لها حق في الحضانة
تاريخ الفتوى : ... 05 صفر 1427 / 06-03-2006
السؤال
ماهو حكم الشرع في زوجة وأم لثلاثة أطفال سافرت مع رجل أجنبي عنها شرعا لمدة أسبوع ولأكثر من مرة (منه دون علم زوجها ) - في جوالها رسائل قذرة من هذا الرجل. وتسافر دائما دون محرم وبموافقة أبيها الذي هو ليس ولي أمرها شرعا. وهي ناشز بمعنى الكلمة . هذا ماعلمه الزوج عن سفرها الأخير – ولها سفرات سابقة لوحدها كثيرا - مهملة لأطفالها وتتركهم على أيدي الشغالات. مطلقة سابقا . ادعت العذرية قبل زواجها الثاني صدقا أو كذبا لا أعلم - سرقت جوازات سفر أولادها من زوجها. وقطعت الرحم بمنعها أولادها من السفر لزيارة أجدادهم في بلد آخر. لا تتورع عن مخالطة الرجال في أي مكان هنا وفي السفر. تتنقب في الشارع وصورها كاشفة الوجه في الجرائد وعلى الانترنت وأبوها فخور بذلك – زوجها صار يشعر أنها نجسة حتى بالمنظر وأنها فاقدة للعفاف والحياء – وهل تحل لها حضانة الأطفال بعد الطلاق – كل هذا الكلام موثق بوثائق وصور - أفتونا جزاكم الله خيرا ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أنها كذلك فننصح بطلاقها إن كان لم يطلقها وليس لها الحق في الحضانة ، إذ شرط الحاضنة أن تكون متصفة بالعدالة كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم : 9779 ، والفتوى رقم : 53650 ، وننصح هذه المرأة بتقوى الله تعالى والرجوع إليه سبحانه وترك المحرمات ، فإن لذات الدنيا كلها تنسى عند أول غمسة في جهنم أعاذنا الله منها .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/130)
الطلاق آخر ما يلجأ إليه
تاريخ الفتوى : ... 29 محرم 1427 / 28-02-2006
السؤال
أنا امرأة دام زواجي مدة شهرين مملوءة بالمشاكل إلى أن اتهمني زوجي بأني باردة جنسيا وأصر على الطلاق و هو سريع القذف أثناء الجماع، فما حكم الدين في موضوعي هذا؟ وشكرا .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق آخر ما يلجأ إليه، فهو كما ورد في الحديث: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. رواه أبو داود وغيره.
وحكم الطلاق إذا لم يكن له سبب الكراهة وقيل المنع، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 6875.
وطلاق الزوجة للسبب المذكور في السؤال لا ينبغي لأن البرود الجنسي مرض له أسباب ويمكن علاجه، فكان ينبغي للزوج أن يطلب لزوجته الدواء قبل الإقدام على الطلاق، وقد فهمنا من السؤال أن الطلاق قد وقع، فإن لم يكن قد وقع الطلاق فننصح الزوج بإمساك زوجته، وطلب العلاج لها من أهل الاختصاص وكذلك بعلاج سرعة القذف لديه.
وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:16981 ، ومن قسم استشارات الشبكة الاستشارة رقم: 320.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/131)
طلاق الكناية لا يقع إلا إذا نواه
تاريخ الفتوى : ... 23 محرم 1427 / 22-02-2006
السؤال
حدث اختلاف شديد بيني وبين زوجتي ولكني أحبها حبا شديدا
وأؤدي إليها جميع حقوق الزوج التي حث عليها الإسلام فعن غضب شديد منها أقسمت أنها لن تعود من مشوار كنا فيه بعيدا عن المنزل حتى أطلقها
وعن غضب شديد مني وليست نية قلت لها ( انت كما قلت) ولم يكن في نيتي أي شيء لأنني كما قلت أردت برا لقسمها حتى تعود معي للمنزل.
ولما هدأت الأمور فطنت لما قالت فقمنا وتوضأنا وصلينا واستغفرنا الله على ما حدث، ولكن بقي السؤال:
ما حكم الدين في قولي لها ( أنت كما قلت)؟
أريد الإفادة يرحمكم الله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلة بين الزوجين من أقوى الصلات وأوثقها. قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (النساء: 21).
واستقرار الحياة الزوجية غاية من الغايات التي يهدف إليها الإسلام ، ومن هنا ينبغي للزوجين أن لا يعرضا حياتهما الزوجية للانهيار بطلب الطلاق من قبل الزوجة أو التلفظ به من قبل الزوج عند أي خلاف.
واما قول السائل لزوجته (أنت كما قلت) برا بقسمها المذكور فهو كناية عن الطلاق، ولا يقع الطلاق بالكناية إلا إذا نواه، وعليه فالطلاق لم يقع بهذا اللفظ ما دمت لم تنو به الطلاق .
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/132)
قول الرجل عليها الخير هل يقع به الطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
منذ فترة من الزمن كنا في مجلس وحاولت مع رجل كبير في السن أن يجلس في محل معين ورفض فقلت له( عليّ الخير) أن تجلس في هذا المحل أو قلت(عليها الخير)أن تجلس في هذا المحل يارجل (عليها الخير) أي زوجتي لو كنت أنوي بـ عليّ الخير الطلاق ناويا وقوعه فهل يقع ؟ أو كنت أنوي بـ عليها الخيرالطلاق ناويا وقوعه فهل يقع ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس كل لفظ يتلفظ به الزوج يقع به الطلاق ولو نوى الطلاق، فالألفاظ التي ليست بصريحة فيه ولا كناية عنه لا يقع بها الطلاق ، قال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم : وإن كلم امرأته بما لا يشبه الطلاق وقال أردت به الطلاق لم يكن طلاقا ، وإنما تعمل النية مع ما يشبه ما نويته به . انتهى .
وقال ابن قدامة : فأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق ، كقوله اقعدي وقومي وكلي وشربي ... وبارك الله فيك وغفر الله لك ، وأشياء من ذلك فليس بكناية ولا تطلق به وإن نوى . انتهى .
والصريح من الطلاق هو ما لا يحتمل غيره وهو لفظ الطلاق وما تصرف منه كأنت طالق أو طلقتك أو مطلقة ، فيقع الطلاق بهذا اللفظ الصريح وإن لم ينو به الطلاق .
وأما الكنايات فهي الألفاظ التي ليست صريحة في الطلاق ولم توضع له أصلا ولكنها تحتمله ، كقوله : الحقي بأهلك أو أنت علي حرام أو ابتعدي عني . وما سوى ذلك فأجنبي ، وما تقدم هو مذهب جمهور العلماء ، وتراجع الفتوى رقم : 3174 ، وعليه فقوله ( على الخير ) أو ( عليها الخير ) كلمة أجنبية لا يقع بها الطلاق وإن نواه .
وننبه السائل إلى أن هذا الموقع هو موقع الشبكة الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر، ويقوم بالرد على الأسئلة لجنة علمية برئاسة الشيخ الدكتور / عبد الله الفقيه .
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/133)
من قال لزوجته (إذا أخذت شيئا .. فأنت طالق وتكوني عليّ حرام)
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
ما حكم من حلف عل زوجته وقال لها إذا أخذت شيئا من ميراثها أو أي شيء من بيت أهلها تكون طالقا وتكوني عليّ حرام ؟
وما الحكم إذا خالفت الزوجة وأخذت شيئا من بيت أهلها علما بأن نية الزوج وقت الحلف وهو غاضب ومدرك لما يقول كانت الطلاق؟
وجزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الزوج لزوجته (إذا أخذت شيئا من ميراثك أو أي شيء من بيت أهلك
فأنت طالق وتكوني عليّ حرام ) ناويا الطلاق ، فذلك تعليق للطلاق والتحريم بهذا الشرط ، وهو أخذ الزوجة شيئا من ميراثها أو شيئا من بيت أهلها ، فإذا أخذت الزوجة، شيئا من ذلك وقع الطلاق، ووقع ما نوى بالتحريم من طلاق أو ظهار أو يمين. وتراجع الفتوى رقم: 2182
ولمعرفة حكم طلاق الغضبان تراجع الفتوى رقم: 1496
والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/134)
الفتوى : ... التآمر على الزوج الغائب وحكم المحكمة بالطلاق
تاريخ الفتوى : ... 22 محرم 1427 / 21-02-2006
السؤال
سؤال عن الزوجة التي تتآمر مع أهلها ضد الزوج وتحاول أن تنتقم من الزوج بسبب أن زوجها منزعج من تدخلات والدها في حياته الزوجية وتلفيق الزوجة لزوجها العديد من التهم ومغادرة سكن الزوجية بدون علم الزوج وكذلك بدون موافقته والعيش عند آخرين والتلفظ بكلام يسيء للزوج، وكذلك طلبها الطلاق بدون علم الزوج بالمحكمة بغزة، مع العلم بأن الزوج يعيش بالسويد والزوجة كانت بالسويد قبل مغادرتها لغزة بدون علم الزوج وقد شهدت زوراً مع شهود الزور وشهادة والدها بالكذب ضد الزوج وتلفيق التهم ضد الزوج، وكذلك علمها بمرضها المزمن وعدم قدرتها علي الإنجاب ومرضها الجيني وكذلك أنها ولدت غير طبيعية وأخذت هرمونات أنثوية وكيف يحكم لها القاضي بالطلاق والمؤخر بدون علم الزوج بأي شيء عن المحكمة وقضية الطلاق، وما حكم الشرع بما فعلته بالزوج وكيف تطلق نفسها بدون علم الزوج وبدون أن يكون هناك أي وكيل عن الزوج وهل طلاقها صحيح، وهل لها الحق بأن تتزوج من آخر، وهل لها الحق بالمؤخر مع العلم بأن الزوج لم يطلقها وهي التي تآمرت على الزوج بسبب طاعتها لوالدها وإخفائهم أنها غير طبيعية النمو وأنها مريضة ولا تنجب أطفالا، وكذلك ما هو حق الزوج عليها، وما رأي الشرع والدين وما حكم الطلاق المبني على الكذب والتزوير، مع العلم بأن سكن الزوجية معروف للزوجة وأهلها في غزة ولم يستلم الزوج أي إخطار من المحكمة ولا أي اتصال عن طريق الهاتف، فالسؤال كيف يحكم القاضي بالطلاق والمؤخر بدون علم الزوج وكيف يتم الطلاق بدون مراجعة الزوج أو طلب منه توكيل أي شخص أن ينوب عنه، والسؤال هو: ما هو حكم الإسلام الحق بهذه الزوجة التي فعلت أعمالا كثيرة ضد زوجها ولم تصن حرمة الزواج وتآمرت ضد الزوج وحاولت أن تسجنه، مع العلم بأن الله قد نجاه من كيدها المعروف هنا، والسويد بلد يبيح المحرمات والمرأة هنا تستطيع أن تعمل أي شيء ضد الزوج وللأسف القانون السويدي معها، وما حكم طلاق المحاكم السويدية للمسلمين في حالة طلب المرأة الطلاق من المحكمة للزوج، الزوجة موجودة بغزة وهي الآن تعد نفسها للزواج من شخص آخر، مع العلم بأن زوجها لم يطلقها بعد، الرجاء أريد الفتوى بذلك؟ ولكم مني كل الشكر، وبارك الله فيكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الطلاق حق للزوج وحده، فإن كان لا يرغب فيه فلا أحد يجبره عليه إلا القاضي الشرعي، أو من يقوم مقامه في حالات بينها الفقهاء يحصل فيها ضرر على المرأة، ويكون ذلك بحضور الزوج أو وكيله، ويكتب القاضي للغائب إذا كان له عنوان معروف ويمهله مدة مناسبة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 68677.
وأما الحكم على الزوج بطلاق زوجته دون علمه، مع معرفة عنوانه وإمكان الاتصال به، فلا يصح، وسبق في الفتوى رقم: 32062، أنه لا يحكم على الغائب بطلاق زوجته ما دامت غيبته غير منقطعة، بحيث يعرف خبره، ويمكن الاتصال به، هذا من حيث الحكم الشرعي، وأما من حيث الحكم الصادر من المحكمة الشرعية فلا نقول بعدم صحته، لأنه قد تكون هناك حيثيات وملابسات معينة تغير الحكم لم يذكرها السائل أو لم يعرفها، فننصحه بمراجعة المحاكم الشرعية، واستئناف الحكم إذا كان يمكنه ذلك.
وأما ما ذكر السائل من أمور فعلتها الزوجة فنحيله لمعرفة حكمها على فتاوى سابقه على الترتيب التالي:
1- أما عن إخفاء الزوجة ووليها عدم قدرتها على الإنجاب قبل العقد فلا يجوز، لأنه من الغش، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 50782.
2- وأما عن حق الزوج على الزوجة فسبق بيانه في الفتوى رقم: 19419، وأنه مقدم على حق كل أحد بما في ذلك الأب.
3- وأما عن طلب الزوجة الطلاق، فسبق عدم جوازه من غير بأس، وتقدم ذلك في الفتوى رقم: 14779.
4- وتراجع الفتوى رقم: 1032 لمعرفة واجب الزوجة في معاشرة زوجها بالمعروف، وعدم الإساءة إليه قولاً وفعلاً.
5- ولا يجوز للزوجة الخروج من منزل الزوج بغير إذنه، وقد تقدم جوابه في الفتوى رقم: 7996.
6- أما حكم طلاق المحاكم المدنية في البلاد التي لا تحكم بالإسلام فقد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 1213.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ(57/135)