وإذا كان لديكِ أصدقاء أو أقارب لهم أطفال فى سن أطفالك ويستمتع أطفالك بصحبتهم واللعب معهم ، حاولى التنسيق معهم لكى يقضوا الأجازة معاً ، فهذه الرحلة ستترك فى ذاكرة الأطفال أحلى الذكريات ، لكن تذكرى أن لا تنسي أهمية تنمية روح الترابط الأسرى في لدي أطفالك ، فاحرصى على أن تقضوا معاً كأسرة ما يكفيكم من الوقت.
خذى معك بعض الألعاب المسلية التى يمكنكما اللعب بها مع أطفالكما على الشاطئ أو فى غرفة الفندق ، وحاولى القيام مع أطفالك بشئ لم تفعلاه من قبل! فستبقى هذه الأشياء فى ذاكرتهم إلى الأبد.
إذا كنتم ستقضون أجازة العيد على الشاطئ ، ساعدا أطفالكما فى بناء قصر ظريف على الرمال ، خذوا صور لهذا القصر وقوموا بتعليقها فى غرفتهم بعد العودة من الأجازة ، أما إذا كنتما ستذهبان إلى الأقصر أو أسوان، اشرحا لطفلكما بعض الأشياء عن الفراعنة ، اقرئا بعض المعلومات عن المعابد والآثار حتى تجعلا من أى شئ قد يكون مملاً بالنسبة للأطفال الصغار مغامرة مثيرة ومفيدة.
بهذه الطريقة يمكنكِ عزيزتي الأم أن تنمي شخصية طفلك ، واستمتع جميع أفراد الأسرة بأجازة سعيدة تبقي في الأذهان للأبد ، ويكون طفلك تعلم بعض المهارات التي سيتفيد منها وساهمت في تشكيل شخصيته .
ــــــــــــــــــ
الطفل .. وترتيبه داخل الأسرة ميزة..أم مشكلة؟
محمد عباس نور الدين
من بين العوامل التي تؤثر في شخصية الطفل بصفة عامة ترتيبه بالنسبة لإخوته، كأن يكون هو الطفل الأول أو الثاني أو الطفل الأخير، أو يكون هو الطفل الذكر بين عدد من الأخوات، أو تكون الطفلة هي الأنثى الوحيدة بين عدد من الإخوة. كما قد تتأثر العلاقات بين الطفل وإخوته وبينه وبين والديه بالفارق الزمني بين عمر الطفل وأعمار إخوته وأخواته، وبما قد يحدث أحيانا من وفيات بين الإخوة كأن يأتي الطفل بعد عدة وفيات أو تأتي بعده عدة وفيات.
كل هذه الحالات يترتب عليها علاقات معينة وذات طابع خاص بين جميع الأفراد الموجودين في المجال الحياتي للطفل سواء تعلق الأمر بإخوته أو أخواته أو بوالديه. ودون أن يشعر الولدان فإنهما يتأثران في تعاملهما مع الطفل بالمركز الذي يحتله داخل الأسرة، بل إن هذا التأثير قد يكون واضحا وحاسما في بعض الحالات الخاصة كحالة الطفل الذي يأتي بعد وفاة عدد من إخوته، أو حالة الطفل الوحيد.
ولا بد من الإشارة إلى أن التأثير الذي يتركه مركز الطفل أو ترتيبه في شخصيته ليس هو العامل الوحيد في تكوين شخصيته إذ تتداخل في تكوين هذه الشخصية عوامل متعددة: بيولوجية، نفسية، اجتماعية، ولعل أبرز هذه العوامل نمط التنشئة الاجتماعية التي يخضع لها الطفل والتي تلعب دورا حاسما في تحديد شخصيته وفهم سلوكه وضبط وتوجيه دوافعه.
أهمية الطفل الأول
إن حالة الطفل الأول هي الأكثر شيوعا على اعتبار أن جميع الأسر التي لها أبناء تعرف هذه الحالة. فالطفل الأول يأتي إلى هذا العالم وهو مرغوب فيه من طرف والديه. وعلى الرغم من أن كثيرا من الأسر في مجتمعاتنا تفضل أن يكون الطفل البكر ذكرا فإن الطفل الأول ـ ذكرا كان أم أنثى ـ يظل يحتل مكانة خاصة بالنسبة لمن يأتي بعده من أطفال، ويحظى باهتمام خاص من طرف والديه.
وعادة ما يوجه الأبوان اهتماما كبيرا للطفل الأول، ويحيطانه بالحب والرعاية، وينتابهما القلق إذا ما تعرض لأي مكروه. وقد تبلغ هذه الرعاية درجة مفرطة تحول دون احتكاك الطفل بالعالم الخارجي احتكاكا يساعده على تكوين خبرات وتجارب خاصة به مختلفة عن خبرات وتجارب الكبار. فالأبوان يستجيبان لجميع مطالب الطفل وينفذان جميع رغباته مما يجعله يعتبر هذه المطالب والرغبات حقوقا لابد من تحقيقها، في حين لا يكون صورة حقيقية وواضحة عن واجباته سواء إزاء نفسه أو إزاء إخوته أو إزاء أسرته وباقي الأفراد المحيطين به.
والجانب السلبي في مبالغة الوالدين في رعاية الطفل الأول أنهما لا يتيحان للطفل فرصة الاستعداد للاستقلال عنهما مما يجعل الطفل ضعيف الثقة بنفسه واتكاليا وغير قادر على مواجهة الصعاب وعلى تكوين علاقات سليمة مع الآخرين. ولابد من التأكيد أن اتصاف الطفل الأول بهذه الصفات ليس أمرا حتميا، إلا أن مبالغة الوالدين في العناية بالطفل الأول والاستجابة لجميع طلباته.. من شأنه أن يعرض الطفل لاحتمال اتصاف سلوكه بالاتكالية والشعور بالعجز وضعف الثقة بالنفس.. إلى غير ذلك من الصفات السلبية.
وعندما يأتي الطفل الثاني يكون الأبوان قد اكتسبا الكثير من الخبرات نتيجة السنوات التي قضياها في تنشئة الطفل الأول. لذا تتسم تصرفاتهما إزاء الطفل الثاني بثقة أكثر. وبقلق أقل مما كان عليه الأمر بالنسبة للطفل الأول.
إلا أن ذلك يجب ألا يصل إلى درجة إهمال الطفل الثاني. وفي هذه الحالة الموقف المطلوب من الآباء الالتزام به هو الاعتدال في التعامل سواء مع الطفل الأول أو الثاني، بحيث يتاح للطفل أن يعرف حقوقه وواجباته وأن يكتسب بنفسه الخبرات والتجارب نتيجة تعامله مع الأشياء ومع الآخرين لاسيما الأطفال من أمثاله، وهذا سيساعده على تكوين مقاييس ومعايير تختلف عن مقاييس ومعايير الكبار، وبالتالي يصبح أكثر قدرة في الاعتماد على نفسه والاستقلال تدريجيا عن الكبار.
إلا أن الذي يحدث في الغالب هو أن مجئ الطفل الثاني يجعل اهتمام الوالدين، الذي كان منصبا على الطفل الأول، يتحول إلى الطفل الثاني مما يترك أثرا واضحا على سلوك الطفل الأول وشخصيته. وقد يلاحظ الوالدان في مثل هذه الحالة أن الطفل الأول تهتز ثقته بنفسه وبالذين يوجدون في محيطه لاسيما والديه، ويصبح سلوكه أميل إلى الأنانية والعناد والتحدي، وتنشأ الغيرة بينه وبين الآخرين، وما يترتب عليها من مشاكل قد تؤثر في شخصية الطفل مدى الحياة.
تعاون الاطفال
وما ينصح به الآباء في مثل هذا الموقف هو التعامل مع الطفلين الأول والثاني تعاملا يتسم بالعدل والإنصاف، وتشجيع الطفلين على التعاون والتضامن، وألا يتدخلا في حياتهما بطريقة تشعر أحدهما بالغبن أو بأنه غير مقبول أو غير محبوب من طرف والديه.. ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف بين الطفلين من حيث القدرات العقلية أو من حيث الشكل والخبرات.. وعلى الآباء أن يكونوا حذرين وواعين بحيث لا تدفعهما هذه الاختلافات إلى التمييز بين الأبناء والمقارنة بينهما بحضورهما حتى ولو كان أحد الطفلين ذكرا أو أنثى، أو ذكيا والآخر أقل ذكاء.. ويجب أن يدركا بأنه إذا كان الطفل الثاني أصلب عودا وأكثر ثقة بنفسه فما ذلك إلا لأنه أتيحت له فرص أكثر للاعتماد على نفسه نتيجة قلة تدخل الوالدين في سلوكه وفي كيفية اكتسابه لخبراته وتجاربه من خلال تعامله مع الأشياء المحيطة به ومع الأطفال الآخرين لاسيما مع أخيه الأكبر منه سنا وبالتالي الأكثر خبرة وتجربة.
في الواقع أن الطفل الوحيد ليس هو المشكلة، وتكمن المشكلة في سلوك الأبوين نحو الطفل الوحيد. فالأبوان يحيطان الطفل الوحيد بعناية تزيد كثيرا عن العناية التي يحتاج إليها طفل في عمره، فهما يستجيبان لكل طلباته ويحققان كل رغباته مما يجعله ـ في الغالب ـ أنانيا يعرف حقوقه أكثر من معرفته لواجباته، وغير قادر على التعامل السليم مع الآخرين تعاملا قائما على العلاقات المتبادلة والأخذ والعطاء. ونتيجة لجو الدلال المفرط الذي يحاط به الطفل الأول ينشأ خجولا ضعيف الثقة بنفسه وأميل إلى الاتكال على الآخرين وغير قادر على الاستقلال عن والديه. ويصل الأمر ببعض الآباء الذين لهم طفل وحيد أنهم يصبحون غير قادرين على الابتعاد عنه أو مفارقته، مما يشكل عقبة أمام نجاحه في الحياة وأمام اكتمال نضجه النفسي والاجتماعي، وقد يستمر هذا الوضع مدى الحياة، حتى إذا أصبح الابن في سن الزواج مثلا نجد أن الأبوين يتدخلان نيابة عنه في اختيار الزوجة، وقد يطلبان منه أن يستمر في العيش معهما، إلى غير ذلك من التصرفات التي تبرز عدم استقلالية الابن والتصاقه غير الطبيعي بوالديه. وقد نسمع على سبيل المثال، أن طالبا لم يتابع دراسته العلمية في الخارج لأن أمه لا تستطيع أن تفارقه أو لأنه لا يستطيع أن يفارق أمه أو والده.
وعندما يتزوج مثل هذا الابن الوحيد فإنه قد ينتظر من زوجته أن تعامله كأمه، وبذلك قد يفشل في علاقته الزوجية التي تختلف في طبيعتها عن علاقته بأمه.
وفي بعض الأحيان قد يلجأ هذا الابن إلى الزواج بسيدة تكبره سنا تقوم بدور البديل عن الأم. وهذا ما يحدث لبعض طلبتنا الذين يتابعون دراستهم في الخارج ويتزوجون سيدات في أعمار أمهاتهم يحطنهم بعناية قريبة من عناية أمهاتهم بهم ويلعبن دور البديل عن الأم.
ولا بد من الإشارة إلى أن هناك حالات لا يكون الطفل وحيدا إلا أنه من الناحية الواقعية أقرب إلى الطفل الوحيد، مثل الطفل الأخير أو الأنثى الوحيدة التي تعيش مع عدد من أخواتها الذكور، أو الطفل الذكر الوحيد الذي يعيش مع عدد من أخواته. وهذه الحالات غالبا ما ينطبق عليها ما ينطبق على الطفل الوحيد، ففي مثل هذه الحالات يعامل الطفل بكيفية متميزة عن معاملة باقي إخوته مما يجعله معرضا لاحتمال اتصاف سلوكه بما يتصف به سلوك الطفل الوحيد.
ــــــــــــــــــ
عودي طفلك على الصيام بداية من عامه السادس
فادية عبود
" ماما أنا عاوز أصوم زيك " قبل أن تجيبي طلب طفلك للصوم بالرفض فكري أولاً هل سنه مناسب أم لا ؟ واعلمي أيضاً أن عمره إن صغيراً فإنك هكذا تنزعين منه ثقته بنفسه وبقدراته .
الدكتور يحيي الجمل أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس يؤكد أن الصوم رياضة روحية يجب ألا نحرم أطفالنا منها خصوصا من هم دون سن التكليف .. ولكن يجب مراعاة بعض النقاط التي تجعل من الصيام متعة يحبها الطفل ويترقبها عاما بعد عام والتي أهمها : القدرة في تعويده علي الصيام مبكرا بحيث يبدأ ذلك في سن 6 سنوات , وأن نتدرج أيضا في عدد أيام الصيام وساعاته حتى نعود أنسجة وأجهزة جسم الطفل علي الحرمان التدريجي من الماء والطاقة ، ومن عناصر النمو اللازمة أيضا لهذه الأجهزة . وحتي لايؤدي الجوع والعطش الشديد خصوصا في الأيام الحارة إلي التأثير علي نفسية الطفل ويسبب نتائج عكسية في علاقته بالصيام فيمكن الصوم في سن 6 سنوات يومين أسبوعيا ويفطر مع آذان الظهر .
ثم تزداد عدد أيام صيامه سنويا حتي بلوغه سن 9 سنوات وهنا يمكن أن نزيد من ساعات صيامه ليفطر مع آذان العصر .. وهكذا حتي يصل الطفل للتكليف وهو سن البلوغ .. فيكون قادرا علي صيام شهر رمضان كاملا .
ابعديه عن المجهود البدني
ــــــــــــــــــ أما أثناء ساعات صوم الطفل فينصح د . يحيي - حسب ما ورد بصحيفة الأهرام - بضرورة الإقلال من مجهوده البدني قدر الإمكان وأن يتجنب الجري ولعب الكرة وإفهامه أن هذا الجهد يؤدي إلي زيادة إفراز العرق خصوصا في الأيام الحارة مما قد يصيبه بالجفاف والإحساس بالعطش الشديد ، كما أن زيادة المجهود العضلي يؤدي إلي إحساسه بالجوع فلا يقدر علي الاستمرار في الصيام ، ويجب تشجيعه بعد عودته من المدرسة علي الاسترخاء قليلا ، ثم يبدأ في أداء واجباته المدرسية إذا كان قادرا ذهنيا وجسمانيا عليها ، أو أخذ قسط من النوم حتي موعد الإفطار .
غذاء طفلك في رمضان
ــــــــــــــــــ هذا ويشير الدكتور يحيى الجمل إلى ضرورة احتواء إفطار الطفل على كمية كافية من العناصر الغذائية تكفيه طوال اليوم مثل السكريات والنشويات كالأرز والمكرونة والخبز والحلوى , والمواد البروتينية اللازمة لبناء الأنسجة مثل اللحوم والبقول ومنتجات الألبان , والفيتامينات والمعادن والتي توجد في الخضراوات والفاكهة .
وينبه أيضاً إلي عدم الاندفاع في إعطاء الطفل كمية كبيرة من الماء والسوائل الأخرى في وجبة الإفطار حتي لا يشكو من الانتفاخ , وسوء الهضم ، بل ينبغي أن يتناولها بكميات قليلة علي فترات متقاربة تمتد من الإفطار وحتى ميعاد السحور .
وبالنسبة لوجبة سحور الطفل فيجب تأخيرها قدر الإمكان ونركز فيها علي الأغذية التي تحتاج مدة طويلة في الهضم والامتصاص حتي نؤخر قدر الإمكان إحساس الطفل بالجوع , مثل الفول المدمس , الطعمية , الجبن , الزبد , القشطة , الخبز , والحلويات التي تعطي كمية من السعرات الحرارية ، وأن يتناول في السحور كمية مناسبة من الماء .. ويحذر د . يحيي من تناول المخللات والحوادق الحريفة للأطفال وللكبار لأنها تزيد من الإحساس بالعطش أثناء الصوم .
كي لا يفقد ثقته بنفسه
ــــــــــــــــــ هذا كما يؤكد لك خبراء التربية أن حرمان طفلك من الصيام يفقده الثقة بنفسه، حيث تمنو إرادة الصوم لدى الطفل من رغبته بتقليد قدوته سواء كانت أمه وأبيه أو معلمته في المدرسة .
يفضل إذا كان طفلك ذو سنوات ست ويذهب إلى المدرسة أن تعطه سندوتشاته واتركيه يصوم حتى الفسحة، وأفضل عمر لتعويد الطفل على الصيام عندما يبلغ تسعة أعوام فيجب تعويده على أن يصوم اليوم كله رمضان كاملاً؛ لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر ولا تكتفي بالصوم فقط في هذا السن بل ادعيه لصلاة التراويح، وإخراج جزء بسيط من مصروفه على سبيل الصدقة ليشعر بالفقراء، ولا تنسي أن تخبريه بأن قراءة القرآن في هذه الأيام المباركة لها عظيم الأجر والثواب .
اشرحي له فوائد الصوم
ــــــــــــــــــ في حالة أنك أنت التي تريدين ترغيب ابنك في الصيام يجب أن تأخذينه باللين والرقة، وأكدي له أن الله - عز وجل شأنه - قد فرض علينا الصيام كي نشعر بمدي جوع الفقراء حتى نحسن عليهم،هذا إلا أن رمضان فرصة عظيمة للتوبة والحرص على الصلاة ففيه يثقل الإنسان ميزانه حسناته وأعماله الصالة التي تدخله الجنة، ولكن ضعي في حسبانك يا عزيزتي أن ابنك لن يفهم هذا الحديث قبل أن يتم سبع سنوات أو ثماني على الأقل .
علميه معنى الصوم
ــــــــــــــــــ هذا كما ترى الدكتورة "نسرين بغدادي" أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن رمضان فيه الكثير من الحكم والعبر التي يجب أن تنقل للطفل.. أولها معني الصيام وهو الإحساس بالفقير.. ثم معني الزكاة والتصدق والتكافل، ثم الإكثار من العبادات.
فالطفل يجب أن يتعلم أن يصلي بالمسجد وكيف يقرأ القرآن.. فمعني الصوم السطحي وهو الامتناع عن الأكل والشراب ليس هدف شهر رمضان، بل التقوي وإصلاح السلوك هو الهدف الأكبر.
لا تفرضي الصوم عليه
ــــــــــــــــــ وإياك أن تجبري طفلك على الصيام إن لم يكن له الرغبة في ذلك وثقي أن العصبية والحزم لن ينتج عنهما إلا العناد؛ وضعي في حسبانك أن ابنك غير مفروض عليه الصيام قبل البلوغ فلا تقسي عليه فينفر ويفر من العبادات الصالحة .
ويؤكد الدكتور "عبد المعطي بيومي" عميد كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الطفل غير البالغ لا يفرض عليه الصيام، ولا يوجد نص صريح يلزم الطفل بالصيام؛ فالصيام للشخص البالغ القادر فقط.
ويضيف : أما إذا صام الطفل فلا ضرر وله ثوابه، والنص القرآني صريح يقول : "وما تفعله من خير يعلمه الله" ؛ أي حتي لو صام الطفل بعض يوم فله أجره وثوابه.
وينصح كل أسرة بأن تلزم طفلها عند الصيام بالصوم المتتابع أي أن تكون مدة صيامه واحدة طوال الشهر فلو صام اليوم كاملاً يكمل الشهر هكذا ولو صام نصف يوم يكمل الشهر هكذا أو يصوم حتى يعجز، فشرط التتابع ضروري مع النية.
ــــــــــــــــــ
الأعباء والرغبات، أو ألعاب الشوق والهوى النارية
* كلاوديا إنكلمان
حينما يُسأل الرجال والنساء على السواء، عما يفتقدونه فعلاً في علاقاتهم الزوجية، فيأتي الجواب من الرجال، أن ما يتمنونه على الأغلب فعلاً، إنما هو علاقة تتسم أكثر بطابعها الجنسي، أما ما يتمنينه النساء ويتشوقن إليه فعلاً، إنما هو علاقة تتسم أكثر بالأحاديث الثنائية الودية والملاطفات المتبادلة. يبدو الأمر في البداية، وكأن للطرفين رغبات مختلفة كلياً عن بعضهما، غير أن الدوافع التي تكمن وراء هذه الرغبات متماثلة: كلٌ منهما يتوق إلى المزيد من المودة والقرب! كلٌ منهما يتوق نحو الشعور بأنه محبوبٌ فعلاً.
- الشوق نحو المودة والرومانسية؟
اعرف طريقك وطريق شريك(ة) حياتك بشكلٍ أفضل، فحينئذ ستوفر عليك اختبار شتى التجارب المؤلمة.
ثمة طريقان لتحقيق القرب والمودة والإلفة: الجنس والرومانسية. هو يفضّل الطريق المباشر، فيما تشق هي لنفسها طريقاً غير مباشر. غالباً ما يكون أن يريد هو الجنس أولاً. ثم الرومانسية، فيما تجد هي نفسها مضطرة لأن تشبع حاجتها إلى الرومانسية، ومن ثم لأن تكون مستعدة لما يلي الرومانسية في نظرها. وهو الجنس. ويكمن الحلّ هنا في إبداء كل منهما استعداده للتقرب من الآخر، وفي عدم اتهام كل منهما للآخر بنواياه غير السليمة. لكل من الطريقين أحقيته ومزاياه، ولذا فمن المفيد السعي للاستفادة من كلا الطريقين معاً: أحياناً هذا، وأحياناً ذاك.
هو يعرف بالمناسبة، طريقاً ثالثاً لتحقيق القرب: مجرد وجوده (الصامت)! هو يعتقد أن وجوده بجسده ينبغي أن يمثل في الواقع إشارةً لها عن مدى أهميتها بالنسبة له. وعن مدى حبه لها!
- نصائح للرجل:
ربما غالباً ما حصل ن استغربتم عدم اهتمام زوجاتكم بالجنس كثيراً. إن كان الأمر كذلك فعليك في البدء أن تفكر جيداً، فيما لو كنت مُشبعاً فعلاً للحاجات العاطفية لزوجتك، هناك الكثير من الأسباب الوجيهة المرتبطة بفقدان المرأة لرغبتها، فينبغي عليك بالتالي أن تجيب على التساؤلات التالية:
هل اهتَّميتُ بالفعل في الأيام الأخيرة بحاجاتها العاطفية؟
هل هي مستغلّة إلى حدٍ كبير؟ إذا كان الجواب "نعم"، فهل أنا ساعدتها بأي شكلٍ من الأشكال؟
هل اعتنيت بنفسي من الناحية الجسدية بالشكل الأمثل؟
هل لمستُها بحنان أو قبَّلتُها مراتٍ عدّة في اليوم؟
هل أمنحها ما يلزم من الوقت، وما يلزم من الملاطفة، كي "تتهجي عاطفياً"؟
ملاحظة:
حينما تعاني زوجتك لفترة طويلة من "عدم الرغبة" تجاهك، فيمكن بالطبع أن يكون لذلك أسبابٌ عديدة، ينبغي النظر إليها وتدقيقها ملياً من وجهة نظر طبية. إن هرمون التستوستيرون عاملٌ هام جداً لتوليد الرغبة، سواء لدى المرأة، أو لدى الرجل. إنه لمن المهم، أن يوصف للنساء مستحضرات الإستروجين، ولكن الأطباء نادراً ما يعيرون اهتمامهم هنا، فيما لو كانت قيم التستوستيرون نظامية أم لا. الفحص هنا هامٌ نسبياً. لقد بات من المعروف اليوم، أن أعداداً هائلة من العقاقير الطبية، تعمل على إعاقة آلية الشهوة بشكل بالغ (مثل حبوب منع الحمل، أو مثبطات الاكتئاب، أو المهدئات، أو الحبوب المنومة، أو مضادات الهيستامين، أو مخفضات ضغط الدم.. إلخ). لا شك أنه ينبغي مراعاة سائر مجالات الحياة.
حينما تعاني المرأة على سبيل المثال من الإرهاق المزمن أو من ضغط العمل المتواصل، فلا غرابة هنا إذن، في تلاشي الرغبة نحو الجنس بشكلٍ تدريجي.
- نصيحة للنجاح:
امنحها الرومانسية اللازمة! حقق لها حاجاتها العاطفية، وامنحها الشعور بأنها امرأة جذابة ورائعة! امنحها المزيد من الرعاية والاهتمام، وضعها دوماً في محور اهتماماتك. إن هذا لَهُو السبب الرئيسي لرغبة النساء عموماً في الذهاب مع أزواجهن لتناول الطعام خارج المنزل. إنهن بذلك يكسبن أزواجهن لهنّ فقط، ويستمتعن هنا باهتمام أزواجهن الكلي بهن. ربما يكون الشكل الأمثل مجرد أمسية لقاء: ربما تكون مستعداً لأن تحدد موعداً مع زوجتك، لمرة واحدة في الأسبوع، وفي اليوم نفسه كل مرة. ثمة رونقٌ مميزٌ تتألق به الحياة الزوجية، حينما يخرج الإثنان معاً كمجرد عاشقين مغرمين، وليس كزوجين.
اختبر نفسك:
ما هو الفعل الأكثر رومانسيةً، الذي سبق أن قمت به في حياتك؟
متى كانت المرة الأخيرة التي كنتَ بها رومانسياً فعلاً؟
ما الذي يمكنك فعله، لكي تمنحها الشعور بأنها مميزة فعلاً؟
اعمل على ملء "صندوق علاقتك" بدفعات صغيرة وكثيرة على الدوام وباستمرار، الأكثر أهمية في هذا السياق. إنما هو إشارات الولع والهيام، ولمسات الحب والحنان الجسدية!
يمكنك تخطيط تلك الاهتمامات الصغيرة. ربما يمكنك تدوينها كذلك في مفكرتك. ربما تقول في نفسك الآن، إن ذلك لا يبدو عفوياً ورومانسياً جداً. لا ضير في ذلك، فالمهم هو ما تفعله في النهاية.
تمرين:
اعمل على إسعاد شريك حياتك.
بمَ يمكنني إسعاد أميرة قلبي في الأيام العشرة المقبلة؟
هل أنت مستعدُ فعلاً لجلب المزيد من الولع والشوق والهوى إلى حياتك؟ إن كان جوابك "نعم"، فينبغي عليك إذن أداء العادات الجديدة التالية: حينما تغيب شريكة حياتك عن أنظارك لساعاتٍ طويلة، فاستقبلها بقبلة على الفور بمجرد رؤيتها! لا أعني هنا مجرد قبلة صغيرة، وإنما قبلة حقيقية لا تقل مدتها عن عشر ثوانٍ! فالقبلة تمثل في الحقيقة أحد أبرز الأفعال الحميمة فيما بين شخصين، وهي صلة الوصل المباشرة إلى القلب، فضلاً عن كون القبلة مفيدة لصحة الانسان، وتعمل على إفراز هرمونات السعادة!
لقد عملت الدكتورة إلن كرايدمان على نشر تقنية قبلة العشر ثوان، في الولايات المتحدة الاميركية بحماسٍ شديد. ففتحت بذلك سبيلاً رائعاً لإعادة إشعال نار الهوى والحب في القلوب من جديد.
اختبر نفسك:
متى كانت المرة الأخيرة التي قبّلت فيها شريكة حياتك تقبيلاً حقيقياً؟
كم مرة في الأسبوع تقبِّل شريكة حياتك؟
الصوت ونبرة الكلمة هي وسائط الحب المؤثرة لحاسة السمع. من المعروف أن نبرة الصوت والعباراتن المؤكدة تزيد من حدة تهييج المرء. من المعروف أيضاً أن المرأة على وجه العموم تشجعها الكلمات وتحرك مشاعرها. دعها تدرك بوضوح، من خلال الكلمات، كم أنت معجب بها الآن جداً، تماماً كما كنتَ في الماضي، وكما ستظلّ في المستقبل!
تذكَّر كذلك دوماً أن المرأة تعشق التغيير. لا ينبغي عليك أن تخطط لتجعل من الأمر قضيةً كبرى في كل مرة، ولكن يُنصح أن تتخذ لنفسك الوقت الكافي واللازم ـ ولو لمرة أو مرتين على الأقل شهرياً ـ لكي تقدم لها شيئاً جديداً في هذا المضمار. كتخصيص عطلة نهاية أسبوع كاملة لأغراض الحب.
- نصائح للمرأة:
هو يحبّ أن تكوني مولعة به جداً، وهو يبحث باستمرار وفي كل فرصة سانحة، عن القرب منك. صدِّقيني أنه مستعد لأن يحقق لكِ كل رغباتك، وبكل سرور، وذلك إن حققتِ له حاجاته العاطفية من كل قلبكِ! لا يعني ذلك، أن عليك أن تتنازلي عن حاجاتكِ، ولكن توجهي إليه باستمرار بين الحين والآخر، واسعي خلال ذلك لفهمه وفهم مقاصده. معظم الرجال يحبون جداً. وإلى أبعد الحدود، أن تكون زوجاتهم هي المتسلمة على الأغلب لزمام المبادرة.(54/190)
غير أن الكثير من النساء، مُجبَلاتٍ بطباعهنّ، على الانتظار، ريثما يحضرهن المزاج الجيد. غير أن الشهية غالباً ما تأتي أثناء الطعام. هذا يصحّ كذلك لحياة الحب والشوق والهوى، ولذا فمن المفيد على الأغلب. تسلُّم زمام المبادرة، في ظل التيقن الباطني بأن نار الحب والشوق والهوى ستشتعل حتماً. أحياناً تكون شعلة صغيرة دافئة فقط، وأحياناً تنمو تلك الشعلة لتصبح ناراً هائلة، أو بركاناً ثائراً. هما تقرَّبا من بعضهما، على كل حال، أكثر وأكثر، ولم يدعا الفرصة تفوتهما.
معظم النساء تعتريهن مشاعر الإحباط والإرهاق، لأنهن يحاولن يومياً وباستمرار لأن يجعلن من الزوج "امرأة مثالية" هن يخففن عن أزواجهن الكثير من الأعباء، ويرتبن وراءهم الأمور التي يتركونها كما هي، ويقفن للعمل لساعات طويلة في المطبخ.
هل تعتقدين فعلاً أن زوجك قد تزوجكِ لأنك ربة منزل ممتازة؟ عليكِ أن تقرري تماماً، فيما و كنت حبيبته، أو فيما لو كنتِ ربة منزله الممتازة. إنكِ تظلين جذابة في نظر زوجكِ، طالما أنه يستطيع إدراك أنه قادر على جعلكِ سعيدة فعلاً. فقط حينما يشعر زوجك، في سياق علاقتكما الزوجية، أنه ناجحٌ وسعيد، فإنه سيعمد لتحقيق رغباتكِ من كل قلبه.
- ملاحظة هامة:
اعلمي أنكِ حينما تكونين مولعة بزوجكِ فعلاً، وتشعرين بالسعادة والدفء بجانبه ـ كما في النهار كذلك في الليلة ـ فاعلمي أنه لن ولن يبحث هنا بالتأكيد عن سعادته لدى امرأةٍ أخرى.
- نصيحة للنجاح:
امنحيه الحياة الجنسية التي يحتاجها ويتوق إليها. الرجال يحبون ذلك. كيف يمكنكِ أن تجعليه أكثر سعادة؟ بأن تظهري له بأنك مولعةٌ به فعلاً، وبأنك تستمتعين بلعبة الحب فيما بينكما إلى أبعد الحدود.
الرجال "كائنات تتبع بصرها"، بمعنى، هم يُثارون بما يشاهدونه مباشرةً! اعملي إذن على اكتشاف نمط اللباس الخاص بكِ، والذي يُعجبه، وارتديه أمامه! ربما تكون المقارنة التالية مناسبة في هذا الصدد: إذا أردتِ صيد السمك، فينبغي عليكِ أن تعلقي على طرف السنّارة شيئاً ما تحبه الأسماك. عليكِ إذن التخلص من سائر "قاتلات الحب" القابعة في درج البياضات الخاص بكِ في خزانة ملابسك.
سيساعدكِ هو بالتأكيد في اختيار وشراء بياضات جديدة لكِ، وسيفعل ذلك بكل سرور. اعملي إذن على أن تظلي "عشاء عينيه الفاخر" الذي يعشقه ويشتهيه، ولا تتهاوني في ذلك. لا يتعلق الأمر هنا، بأن مظهرك يجب أن يكون مثالياً دوماً، وإنما يتعلق الأمر بأن تمنحيه مما لديك، ما يمكن أن ينظر إليه بمنتهى الشوق والرغبة، وبأن تشعري في الوقت نفسه بأنه مولعٌ بكِ.
هل اتخذتِ قرارك بشأن الدور الذي تريدين لعبه في سياق علاقتكما الزوجية. آمل أن لا يكون دوركِ هنا، دور "والدته"، وإلا فسرعان ما سيتلاشى أي نوعٍ من أنواع الولع والرغبة من حياتكما، أقعلي عن تخفيف أعباء العمل عنه باستمرار، وتحولي لتصبحي معلِّمة محترفة في "فن تشجيع الرجال".
أعلميه عن رغباتك بمنتهى الحب والحنان، واجعليه يشعر بأنه رجلٌ فعلاً. إن الاختلافات القائمة فيما بين الجنسين على وجه الخصوص هي التي تعمل على توليد الرغبة والولع فيما بينهما. حينما توجهين له انتقاداتك بكثرة، فيمكن أن ينتهي الأمر هنا لأن لا يرتاح كثيراً للعبة الحب المتبادلة، أو لأن تصبح تلك اللعبة مرهقة بالنسبة له إلى حد ما، أو لأن يسعى لمعاقبتك عفوياً، وبسكونٍ تام، من خلال إبداء مشاعر عدم الرغبة تجاهك. ومن ناحية أخرى، فحينما يحصل أن تصدّيه وترفضيه باستمرار حينما يرغبك فعلاً، فيمكن أن ينتهي به الأمر هنا، لأن يستسلم وهو محبطٌ كلياً. ويصل به الأمر لأن لا يحاول معكِ من جديد، نظراً لخشيته من أن يستقبل منكِ جرعة ألم جديدة من خلال صدِّك له مجدداً.
كوني له صديقة حنونة، وحبيبة مغرمة، فإنك بذلك تحققين الكثير مما تتوقين إليه فعلاً.
ــــــــــــــــــ
اختبار ذاتي حول الأمن النفسي في الحياة الزوجية
عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة هذه أفكار ومواقف وأراء مما له علاقة بالأمن النفسي ومشاعر الثقة والرضى في الحياة الزوجية بعضها صحيح وبعضها غير صحيح وإن كان شائعاً ويتبناه كثيرون.
أدرسا هذه الأفكار ودونا تعليقكما عليها، ثم انظرا في الإجابة النموذجية والتقويم:
الزوج:
1- أشعر بالأمن النفسي والسكينة لأن زوجتي متدينة.
2- الحب الزوجي بما يتضمنه من غنى عاطفي ومادي سبب مهم للأمن النفسي.
3- لا شيء يشعر بالأمن النفسي مثل المال.
4- أشعر بالراحة النفسية بين الأصدقاء أكثر مما أنا عليه في البيت.
5- تشعرني بالقدرة على التحكم بالعواطف بمزيد من الأمن النفسي.
6- الحوار الهادئ النابع من المشاعر يسمح بالتفاهم.
7- يغمرني الشعور بالسعادة عندما أكون بالسيارة مع أطفالي وأمهم في طريقنا إلى نزهة أو تسوق.
8- لا أشعر بالسعادة النفسية عندما نشترك جميعاً أنا وزوجتي والأولاد في إعداد المائدة.
9- أكره الحديث عن المستقبل وكل ما يتعلق بإدارة المنزل ووضع الخطط.
10- الجلسات الحميمة في المنزل تشعرني وزوجتي بمزيد من الأمن والهدوء النفسي.
الزوجة:
1- مع الإيمان والتقوى أشعر بمزيد من الثقة بنفسي.
2- التعاون والتفاهم والعمل مع زوجي على حل مشاكل العائلة منبع لكثير من الأمن النفسي.
3- لا شيء كالمقتنيات الثمينة والأموال يشعر المرء بالأمن والسعادة.
4- لا أحس بكثير من الأمن النفسي مع زوجي لأنه غير ديمقراطي.
5- يشعرني صوت زوجي يسأل عني بالهاتف وعما أريد بكثير من الأمن والسعادة.
6- لا أحب أن يتدخل زوجي في شؤوني الخاصة لأن ذلك يشعرني باهتزاز ثقتي بنفسي.
7- أشعر بسعادة عظيمة عندما أعد المائدة والأطباق المفضلة لزوجي وأولادي.
8- لا أحب أن يحاسبني زوجي ولا أحب أن يشك في أقوالي وأفعالي.
9- الكذب الأبيض يشعرني بالأمن النفسي.
10- تشعرني مساعدة زوجي لي واهتمامه بي وبأطفالي بالكثير من الأمن والسعادة النفسية.
التقويم:
1- ضع درجتين كل إجابة صحيحة
2- إذا كان مجموع درجاتك:
أ - (19-20) ممتاز// حياتك العائلية سعيدة تغمرها الثقة والمحبة والتعاون.
ب - (18) جيد جداً// تتمتع بالأمن والاستقرار.
ج- (16-17) جيد // عليك زيادة نقاط الإلتقاء والتفاهم لزرع الثقة في أسرتك.
د- (15-16) وسط // إقراء الملاحظات السابقة للفقرة ج.
هـ أقل من (15) // أعيد النظر في مفاهيمك العائلية
الإجابة الصحيحة:
1- الإجابة صحيح للبنود (1–2 – 5- 7-10).
2- الإجابة بخطأ للبنود ( 3-4-6-8-9)
ــــــــــــــــــ
طفلي يخاف من المدرسة.. ماذا أفعل؟
مجاهد مليجي
أكد خبراء علم النفس والتربية أن الخوف من المدرسة مشكلة تواجه الأسر المختلفة مع بدء العام الدراسي، ويأخذ أشكالاً مختلفة طبيعية ومرضية حسب طبيعة العلاقة بين الطفل والأم والبيئة المحيطة، وأنه كلما اتسعت دائرة معارفه بالإضافة إلى الأم كان ذلك بمثابة حماية للطفل من الخوف والاضطراب النفسي أثناء دخول المدرسة، وينصحون المسئولين بأن يقيموا مِهرجانات احتفال ببدء العام الدراسي؛ لتحبيب الأطفال فيها، كما ينصحون أولياء الأمور باصطحاب أبنائهم إلى المدرسة والبقاء معهم أول يوم من أجل مساعدتهم على التواصل مع المدرسة.
أنواع الخوف:
الخوف من المدرسة نوعان: أحدهما طبيعي، والآخر مرضي. هذا ما أكده في البداية الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية وعميد كلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، مؤكدًا أن الخوف العادي السوي هو بسبب النقلة التي تعرض لها الطفل فجأة من بيئة اجتماعية، وهي البيت إلى بيئة جديدة وهي المدرسة ، خاصة نع تغيير المدرسة لتغير محل الإقامة أو اللإنتقال لمرحلة دراسية جديدة، لا يجد فيها عناية مركزة مثل البيت، ويرى زملاء جدد وهو خوف عادي يمكن أن يزول مع الوقت ويتأقلم معه ويتفاعل مع بعض الأنشطة الموجودة بالمدرسة ويصبح الطفل محب للمدرسة.
ويوضح أن الخوف المرضي غير الطبيعي ينتج عن ارتباط الطفل بالبيت بصورة مبالغ فيها نتيجة تعلقه بالأم أو تدليلها الشديد له، وبالتالي تظهر رغبته في عدم الانفصال عنها ورفضه الذهاب إلى المدرسة، ونتيجة الضغط وإصرار الأسرة على استقلاله تضطرب نفسية الطفل.
ويرى د. صبحي أن حل هذه المشكلة في الثقافة والوعي التربوي بالسمات العامة لكل مرحلة، فضلاً عن التدرج في انفصال الطفل عن أسرته والقيام برحلات استكشافية لمدرسة الغد، والتعرف على مبانيها وأسوارها وبعض مدرسيها قبل بداية العام الدراسي، وبهذا الاحتضان والتشجيع من جانب الأسرة يتغلب الطفل على ما يواجهه من مشاكل.
أما بالنسبة للخوف الطبيعي فهو شيء فسيولوجي يحدث نتيجة الذهاب لمكان جديد ومجتمع أوسع من مجتمع الأسرة دون تهيئة، وهذا يحدث للكبار أيضًا إذا أقبلوا على عمل جديد.
وإذا كان بعض الأطفال يخافون من الذهاب إلى المدرسة فإن هناك فئة أخرى ترفض الذهاب تمامًا إليها ربما بسبب قسوة بعض المدرسين أو للواجبات الكثيرة أو عدم الاهتمام بمشاعر الطفل، والتعامل معه بصورة لا آدمية، والأخطر، ما نلاحظه من اختفاء أبوة المدرس التي تفشت بسبب عدم إعداد المعلم تربويًّا.
أمي ..أمي:
بينما ترى الدكتورة سناء أحمد أستاذة الصحة النفسية بجامعة القاهرة أن الطفل الذي يدخل المدرسة لأول مرة قد يسبب له ذلك أزمة نفسية، خاصة الأطفال المرتبطين بأمهاتهم بصورة قوية للغاية تصل إلى حد الحالة المرضية، وتشجع للأسف الأم طفلها على هذا الارتباط بدلاً من أن تساعده على توسيع المجتمع الذي يعيش فيه تدريجيًّا، باعتبار أن الأم هي بيئة الطفل الوحيدة خلال أول عامين، ثم بعد ذلك تتسع دائرة بيئته لتشمل والده ثم أعمامه وجدته وأقاربه من الأطفال المماثلين له في العمر، ويقع على عاتق الأم هذه المهمة حتى تمهد لطفلها الانتقال إلى روضة أطفال وحضانة، ثم بعد ذلك المدرسة، وحتى لا يرتبط الطفل بها بعلاقة وطيدة يصعب كسرها في بداية الالتحاق بالمدرسة.
وغالبًا ما يُصاب هؤلاء الأطفال نتيجة الارتباط بالأم بارتفاع في درجة الحرارة وزيادة في ضربات القلب، ويُصاب بمغص وقيء وتبول لا إرادي، والسبب نفسي وليس عضويًّا، مما يسبب إرهاقًا للوالدين عندما يعرض على طبيب عضوي ولا يجد عنده شيئًا، وهنا يبرز دور الأم التي لم تعمل حسابًا لهذا اليوم، ولكي تتفادى هذه المشكلة تذهب معه أول يوم إلى المدرسة، وثاني يوم تقضي معه نصفه، وهكذا بالتدريج حتى ينفصل عنها تدريجيًّا، ثم تختار له مدرسة عطوفة متفهمة تحل محلها بالنسبة للطفل كنوع من العلاج الذي غالبًا ما يعاني منه الطفل الأول، والمدلل، والمرتبط بالأم بصورة شديدة خاصة في حالة سفر الأب أو انشغاله التام عنهم.
وهناك أوقات قد يرفض الطفل فيها الذهاب إلى المدرسة عندما يقترب موعدها؛ لأن المناهج كانت صعبة وفترة المدرسة فترة حبس لحرية الطفل وشقاء وضرب من المدرسين في نفس الوقت، وزعيق (وشخيط) وشد أعصاب وامتحانات ... إلخ. وهؤلاء الأطفال من هذه العينة التي تكره المدرسة ولا ترغب في الذهاب إليها تأتي لها أعراض نفسية جسمية أو جسمية، علاوة على فزع أثناء النوم وكوابيس.
وتقول د. سناء: إن الحل لمواجهة هذه المشكلة أن نحاول تغيير الصورة السلبية العالقة بذهن الطفل عن المدرسة خلال العام المنصرم، وإقناعه بأن المدرسة ستكون هذا العام أحسن من العام السابق، ولا بد أن تقوي الأم علاقتها بالمدرسة والبحث عن مُدرِّسة حنونة غير عنيفة تحتضن الطفل في هذه الحالة؛ لأن هناك أطفالاً حساسين للغاية، ويهدفون إلى الكمال خاصة بين الأولاد عنها بين البنات؛ حيث يحرص الولد على الحصول على الدرجات النهائية، ويخاف ضياع درجات منه فيصاب بالقلق النفسي، هذا فضلاً عن أن الطفل الذي قد حدث له شيء مشين في المدرسة كاعتداء جنسي أو أهين أمام أصحابه أو ما شابه ذلك، فإنه يظهر عليه أعراض "نفسية/ جسمية" مع حلول موعد المدرسة، وهنا على الأم أن تذهب به إلى الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة، ثم تعرضه على طبيب نفسي لعلاجه من الإصابة بانعدام الثقة، نتيجة لما تعرض له في المدرسة حتى إذا لزم الأمر يتم نقله من المدرسة.
عقاب للأهل؟
وتضيف: إنه من أسباب عدم الذهاب إلى المدرسة قد يكون معاندة الطفل للأب والأم؛ فيصر على عدم الذهاب إلى المدرسة ظنًّا منه بأنهم المستفيدون من ذهابه إليها، وفي هذه الحالة نبحث عن السبب داخل منزل الطفل ويمكن أن يكون خلافات بين الأب والأم أو زواج الأب وهجر الأم. ويكون سلوك الطفل في هذه الحالة نوع من العدوانية ضد أبيه أو ضد الأم عندما تنشغل عنه وتهمله، كما أنه من الأسباب أيضًا أن الطفل قدراته ضعيفة، وهو في مدرسة عادية، وهو لا يستطيع أن يُحصِّل وتعرض للإحراج والإهانة من المدرس أمام الفصل وضحك عليه زملاؤه؛ فهنا يقرر عدم الذهاب مطلقًا مرة أخرى، موضحة أن هذه الحالة لا بد أن يتم فيها إجراء اختبارات ذكاء تناسب قدراته؛ حيث هناك مدارس متعددة في دول الخليج وبعض الدول العربية لمن يعانون من نقص في الذكاء عن المتوسط أو يعانون من تشتت الأفكار وعدم الانتباه أو المشاكل الأسرية، كل ذلك لو لم يتم التغلب عليه من الممكن أن يجعل الطفل عدوانيًّا تجاه الآخرين؛ لأنه يشعر بأنهم أحسن منه وتتولد لديه انعدام الثقة.
الهروب:
وتشير الخبيرة التربوية إلى ظاهرة هروب الطفل من المدرسة، معللة ذلك بأنه نوع من الانحراف في السلوك نتيجة التعرف على شلة فاسدة، أو نتيجة ضعف الإمكانات الذهنية له، أو عدم القدرة على التركيز وعدم ملائمة النظام التعليمي له، أو الطفل في حد ذاته منحرف سلوكيًّا، وبيئته تساعده على ذلك؛ فيتجه نحو إدمان والمخدرات والإجرام، فضلاً عن أنه من السهل أن يكذب ويسرق ويوقع بين أفراد أسرته بنقل الكلام.
ويرى عبد التواب يوسف أديب الأطفال ومستشار الطفولة بالمجلس الأعلى للطفولة بالقاهرة أنه يجب أن تخطط الأسرة الواعية لتدريب الطفل على البعد عن المنزل لبعض ساعات في اليوم في دور الحضانة تمهيدًا لدخوله المدرسة، وذلك لإتاحة الفرصة له للتعامل مع الآخر؛ لأنه أمر غاية في الأهمية كما تحكيه لنا رواية روبنسن كروز التي تحاكي قصة حي بن يقظان.
ويضيف: إن واجب المدرسة لإزالة الرهبة من الأطفال الجدد والقدامى من بداية العام الدراسي الجديد لا بد أن يكون من خلال حفل استقبال لطيف يحبب المدرسة إلى نفوس الأطفال في أيامه الأولى، كما يحدث في أوروبا وأمريكا بأنهم يقيمون الاحتفالات والكرنفالات الضخمة في الشوارع المحيطة بالمدارس، يسير بها الأطفال ابتهاجًا بالعام الجديد؛ حيث يقضي أولياء الأمور جزءاً كبيرًا من اليوم الأول مع أطفالهم في هذه الاحتفالات بالمدارس، كما يجب على هيئة التدريس في مدارس الأطفال الابتدائية أن يكون لديهم مهارة التعامل مع الأطفال، وتحبيب المدرسة إليهم في الأيام الأولى على وجه الخصوص، وتدربهم على التعاون مع الآخرين واللعب معهم، وخلق صداقات جديدة؛ حيث يقول كتاب لليونسكو: "إن أُمًّا صَاحَبت طفلها إلى المدرسة في أول يوم، ووجدته مستغرقًا في التفكير؛ فسألته: فِيمَ تفكر؟ فأجاب: أفكر كيف أكون صديقًا لزملائي الأطفال، سألته: وهل وجدت الطريقة؟ أجاب: نعم، أتلفت حولي، فإذا وجدت زميلاً في حاجة للمساعدة بادرت بمساعدته، وبذلك نصبح أصدقاء" وهكذا هذا التدريب يزيل الخوف من نفوس الأطفال تجاه مدارسهم ويحببها إليهم.
ــــــــــــــــــ
للتوفيق بين الزوجة والوالدين.. افعل التالي
إن الزوج قد يحار في التوفيق بين زوجته ووالديه؛ إذ قد يبتلى بوجود نفرة بين والديه وزوجته؛ فقد تكون زوجته قليلة الخوف من الله، محبة للاستئثار بزوجها.
وقد يكون والداه أو أحدهما ذا طبيعة حادة؛ فلا يرضيهما أحد من الناس، وربما ألحا على الابن في طلاق زوجته مع أنها لم تقترف ما يوجب ذلك، وربما أوغرا صدره، وأشعراه بأن زوجته تتصرف فيه كما تشاء، فصدق ذلك مع أنه لم يعطها أكثر من حقها، أو أنه قد قصر معها- فما الحل – إذا – في مثل هذه الحال؟
هل يقف الإنسان مكتوف الأيدي فلا يحرك ساكنا؟ هل يعق والديه، ويسيء إليهما، ويسفه رأيهما، ويردهما بعنف وقسوة في سبيل إرضاء زوجته؟ أو يساير والديه في كل ما يقولانه في حق زوجته، ويصدقهما في جميع ما يصدر منهما من إساءة للزوجة مع أنها قد تكون بريئة ووالداه على خطأ ؟ لا، ليس الأمر كذلك، وإنما عليه أن يبذل جهده، ويسعى سعيه في سبيل إصلاح ذات البين، ورأب الصدع، وجمع الكلمة.
ما له وما عليه
إن قوة الشخصية في الإنسان تبدو في القدرة على الموازنة بين الحقوق والواجبات التي قد تتعارض أمام بعض الناس، فتلبس عليه الأمر، وتوقعه في التردد والحيرة. ومن هنا تظهر حكمة الإنسان العاقل في القدرة على أداء حق كل من أصحاب الحقوق دون أن يلحق جورا بأحد من الآخرين. ومن عظمة الشريعة أنها جاءت بأحكام توازن بين عوامل متعددة، ودوافع مختلفة، والعاقل الحازم يستطيع- بعد توفيق الله- أن يعطي كل ذي حق حقه, وكثير من المآسي الاجتماعية، والمشكلات الأسرية تقع بسبب الإخلال بهذا التوازن- ومما يعين على تلافي وقوع هذه المشكلة أن يسعى كل طرف من الأطراف في أداء ما له وما عليه.
إرشادات
وفيما يلي إرشادات، وإرشادات عابرة تعين على ذلك:
وهذه الإشارات، والإرشادات تخاطب الابن الزوج، وتخاطب زوجته، وتخاطب والديه وخصوصا أمه.
أولاً: دور الابن الزوج:
مما يعين الابن الزوج على التوفيق بين والديه وزوجته ما يلي:
أ - مراعاة الوالدين وفهم طبيعتهما: وذلك بألا يقطع البر بعد الزواج، وألا يبدي لزوجته المحبة أمام والديه، خصوصاً إذا كان والداه أو أحدهما ذا طبيعة حادة، لأنه إذا أظهر ذلك أمامهما أوغر صدريهما، وولد لديهما الغيرة خصوصا الأم.
كما عليه أن يداري والديه، وأن يحرص على إرضائهما، وكسب قلبيهما.
ب -إنصاف الزوجة: وذلك بمعرفة حقها، وبألا يأخذ كل ما يسمع عنها من والديه بالقبول، بل عليه أن يحسن بها الظن، وأن يتثبت مما قال.
ج- اصطناع التوادد: فيوصي زوجته- على سبيل المثال- بأن تهدي لوالديه، أو يشتري بعض الهدايا ويعطيها زوجته؛ كي تقدمها للوالدين- خصوصاً الأم- فذلك مما يرقق القلب، ويستل السخائم، ويجلب المودة، ويكذب سوء الظن.
د- التفاهم مع الزوجة: فيقول لها- مثلا- إن والدي جزء لا يتجزأ مني، وإنني مهما تبلد الحس عندي فلن أعقهما، ولن أقبل أي إهانة لهما، وإن حبي لك سيزيد وينمو بصبرك على والدي، ورعايتك لهما. كذلك يذكرها بأنها ستكون أما في يوم من الأيام، وربما مر بها حالة مشابهة لحالتها مع والديه؛ فماذا يرضيها أن تعامل به؟ كما يذكرها بأن المشاكسة لن تزيد الأمر إلا شدة وضراوة، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.. وهكذا.
ثانياً: دور زوجة الابن:
أما زوجة الابن فإنها تستطيع أن تقوم بدور كبير في هذا الصدد: ومما يمكنها أن تقوم به أن تؤثر زوجها على نفسها، وأن تكرم قرابته، وأن تزيد في إكرام والديه، وخصوصا أمه؛ فذلك كله إكرام للزوج، وإحسان إليه. كما أن فيه إيناسا له، وتقوية لرابطة الزوجية، وإطفاء لنيران الفتنة.
وإذا كان الزوج أعظم حقا على المرأة من والديها، وإذا كان مأمورا- شرعاً – بحفظ قرابته، وأهل ود أبيه، تقوية للرابطة الاجتماعية في الأمة، فإن الزوجة مأمورة شرعا بأن تحفظ أهل ود زوجها من باب أولى؛ لتقوية الرابطة الزوجية.
ثم إن إكرام الزوجة لوالدي زوجها- وهما في سن والديها- خلق إسلامي أصيل، يدل على نيل النفس، وكرم المحتد.
ولو لم يأتها من ذلك إلا رضا زوجها، أو كسب محبة الأقارب، والسلامة من الشقاق والمنازعات، زيادة على ما سينالها من دعوات مباركات.
كما أن على الزوجة ألا تنسى- منذ البداية- أن هذه المرأة التي تشعر بأنها منافسة لها في زوجها هي أم ذلك الزوج، وأنه لا يستطيع مهما تبلد فيه الإحساس أن يتنكر لها؛ فإنها أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر، وأمدته بالغذاء من لبنها، وأشرقت عليه بعطفها وحنانها، ووقفت نفسها على الاهتمام به حتى صار رجلا سويا.
كما أن هذه المرأة أم لأولادك- أيتها الزوجة – فهي جدتهم، وارتباطهم بها وثيق؛ فلا يحسن بك أن تعامليها كضرة؛ لأنها قد تعاملك كضرة، ولكن عامليها كأم تعاملك كابنة، وقد يصدر من الأم بعض الجفاء، وما على الابنة إلا التحمل، والصبر؛ ابتغاء المثوبة والأجر. فإذا شاع في المنزل والأسرة أدب الإسلام، وعرف كل فرد ماله وما عليه سارت الأسرة سيرة رضية، وعاشت عيشة هنية.
واعلمي أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك، ولا تلوميه على ذلك؛ فأنت تحبين أهلك أكثر من أهله؛ فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله، أو أذيتهم، أو التقصير في حقوقهم؛ فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك، والميل عنك.
ــــــــــــــــــ
انقلاب المحبة
خليل فاضل
بالرغم من كل ادعاءات لحظات الغضب, فإن المنطق يقول إن كل زوجين, لا بد, ربطت بينهما يوماً مشاعر المحبة. فما الذي يجعل هذه المشاعر تنقلب ـ بشكل عابر أو مقيم ـ إلى نقيضها?وهل من سبيل للاستدراك?
يكاد يجمع العامة والخاصة على أن ثمة مشكلة حقاً كبيرة تكمن في البيت العربي, تنال من العلاقات الإنسانية وعلى رأسها الزواج, فمن بيت رجل مثقف مقتدر ينهش زوجته وحش التوتر الداخلي والإحساس القاسي بعدم الأمان, يؤثر في نفسيتها ويظهر في حركة عينيها, يكاد يقفز مع إشارتها وإيماءاتها. يتساءل هو عن سر الفتور العاطفي النفسي الجسدي الذي اعترى زوجته فجأة, ويعلم أن أهم الأسباب قاطبة هو ذاك الإحساس المعذب بالخوف من المستقبل, من اختفائه من حياتها, وتحديداً الخوف من ارتباطه, أو زواجه بأخرى وهي تجد المبرر والدليل المعنوي قائلة في بساطة (نعم, أدرك أنه لا بد لغيري أن تحظى بما حظيت به أنا كل تلك السنوات السابقة, إنه زوجي والد أولادي الثلاثة, حبيبي ونور عيني) ـ يصمت الزوج يتأمل الفراغ والحوائط الممتدة, وعندما تختفي الزوجة من الجلسة يخبرني الزوج بصراحة أن مثل هذا الأمر قائم ما دامت تهمل في نفسها وتهملني, وما دامت تدع الخوف يتملكها إلى هذا الحد, ما دامت (نكدية). نعم هكذا رآها.
سائق تاكسي بسيط, يضحك في استخفاف, يصرح في حديث عابر أنه يمقت زوجته, وأنه يفتقد الحب والحنان,الرقة والمودة, وأنه ينفر من زوجته, لا يلتقيها إلا كل شهر إبقاء على العرف المتبع, يتهمها بالبعد عن الدين, بالثرثرة وبالهجوم الضاري المتوالي عليه وعلى أهله, نظرت إليه وسألته إن كان لديها هي, ملاحظات عليه, لم ينطق ببنت شفة, لكن الحال كانت واضحة في قسمات وجهه, وشعره الأشعث ونصف ابتسامته المجنونة.(54/191)
البعض يقول إن الخلافات الزوجية شائعة لدرجة أنها تكاد تكون أمراً عادياً, والبعض الآخر يقول لا بد من الخلافات الزوجية لأنها مثل ملح الطعام, والبعض الثالث مختلف تماماً يقول إن تراكم مثل تلك المشاحنات يؤدي في النهاية إلى بئس المصير, وأنه يحفر في القلب وفي الذاكرة ما لا تحمد عقباه. وتمتلئ صفحات الصحف والمجلات برؤى معالجي القلوب وحلالي المشاكل, نقرأ عن قتل الأزواج, وعن قتل الزوجات, وعن قتل رجل لزوجته وأطفاله الأربعة بما يفوق أفظع مشاهد الرعب في السينما, وعن العنف الأسري الشرس والقبيح. يصل الأمرإلى الشرطة بسبب محاولة الزوجة الاستمتاع بمشاعر مطربها المفضل لأنها لا تجد رومانسية أو عاطفة في عش الزوجية,غير أن الرجل الشرقي يغار وينتهي الأمر إلى الشرطة, ويتهم البعض الزوجات بأنهن (فالصو) أو أنهن مصابات بـ (لوثة عقلية), دون التمعن في الظروف والأسباب التي أدت وتؤدى إلى ما آل إليه الأمر! إن الحياة اليومية مليئة بالمنفرات والمزعجات, والرجل أحياناً يكون مضغوطاً عليه في عمله, فيسقط أحزانه وربما اضطهاده على البيت, الزوجة الآن تعمل, تتعرض أيضاً للتحرش سواء كان ذلك في العمل أو في الشارع. يصب كل هذا في الدور النمطي الذي رسمه المجتمع للزوج والزوجة, بمعنى أن الواقع يكون في أغلب الأحيان غير المتوقع, من ثم فإن استمرار الزواج لا يعني النجاح, وأن الحفاظ على البيت والأولاد لا يعني السعادة.
إن أمور العائلة, الصداقات, المال, الجنس, تشكل بذور الخلاف الزوجي, الذي يصل بزوجة إلى الإصابة بما قد يصطلح عليه (الكحة العصبية) التي لا تشفى بأي دواء, لكن بالانتقال من سرير الزوجية. وهناك الزوج الذي لا يدري من أمر زوجته سوى جسدها, يغير عليها غيرة حمقاء, وهناك الزوجة المتسلطة التي تقهر زوجها ليل نهار, وهناك من تمنع الحب لتكسر أنفه وتذله فيهوى إلى دنيا أخرى من الليالي الحمراء أو الزواج المؤقت.
قالت زوجة إنها صحت من نومها في هدأة الليل لتذهب إلى دورة المياه, ولما عادت انتبهت إلى وجه زوجها وهو نائم, دار في ذهنها سؤال قاس وملح: (من هو هذا الغريب), زادت نسبة البرامج التلفزيونية والإذاعية التي تناقش حكايا الناس المختلفة. لكن يبدو أن هناك خطاً أحمر لا يريد أي من الطرفين الاقتراب منه, ويبدو أننا ـ في أغلب الأحيان ـ نتحدث في القشور, وفي ظواهر الأمور, دون لبها ودون الغوص في أعماقها, ومن ثم فلا بأس من الحديث, لكن ما العمل?
يتضح مما لا شك فيه أن الخلافات الزوجية قد ازدادت بشكل يصعب التعامل معه, وأن نسبة الطلاق عالمياً ومحلياً في ازدياد. إذن ما السر وما هي الأسباب? هل على الزوجين فعلاً, كما قال رجل محبط زوجياً, أن يدير كل منهما ظهره للاخر, كالجند في الحراسة لكي يريا من أين يجيء الخطر ومن ثم يهاجمانه? أم يواجه كل منهما الاخر ليريا أيضاً من كل الجهات وذلك يحمل أيضاً ضرورة النظر في العينين, رؤية ملامح وقسمات وتعبيرات الوجه? ما هي الحكاية إذن? وهل من سبيل للتخفيف منها, إن لم يكن تفاديها? هل ذلك ممكن? أعتقد ذلك, وأملك هنا على هذه الصفحات حق التفاؤل, مجرد التفاؤل, وبعض الأفكار والآراء فقط, لا للنصائح, لا للوعظ والإرشاد ولا لتنصيب النفس حكماً في أمور يدركها أهل البيت حينما تغلق عليهم الأبواب.
إذن فلنر ولنبدأ بحكاية الصياد والسمك وشباك الصيد.
انتهى أحد العلماء المتخصصين في شئون الزواج إلى أن (الزواج) مثل (شباك الصياد), فالصيادون يرمون بشباكهم إلى البحر كل يوم, يصيدون السمك ويتوجهون إلى الأسواق لبيعه.
هناك صياد يأخذ السمك من الشباك كل يوم, لكنه يترك خلفه النفايات والطحالب وكل ما يجلبه البحر مع السمك, تتراكم كل تلك البقايا في الشباك لدرجة يصبح معها الصياد عاجزاً عن إنزال الشباك من القارب إلى البر, فجأة, وفي نوبة غضب, يمزق الشباك, يمضي إلى بيته خالي الوفاض, ومن ثم يعجز عن صيد أسماك أخرى, وينتظر فرج الله حتى يشتري شباكاً جديدة?
وهناك ـ أيضاً ـ صياد آخر, ينظف شباكه كل يوم, يأخذ منها السمك لبيعه, في كل مرة يحرص على أن تبقى شباكه نظيفة وفي حالة جيدة, ومن ثم فهو قادر في كل مرة يطرح فيها تلك الشباك على اصطياد أسماك جديدة وعلى بيعها, ومن ثم يضمن الرزق للعيش هو وأسرته.
إذا ما جازت المقارنة هنا, فإن تلك الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) الزوجية التي تشبه تلك الأسماك, بينما تبقى النفايات والطحالب مكاره الزواج ومعوقاته, هي تلك العادات غير الطيبة والتي تتسبب في عدم السعادة ـ إن لم نقل (التعاسة). مثلاً, نوبات الغضب, الحكم على الطرف الآخر بشكل مهين, السلوك المزعج, الطلبات الأنانية وعدم الصدق والأمانة, إذا تجمع كل ذلك مع مرور الوقت فإن عبء حمله وتحمله سيفوق قدرة أي طرف, وسيدمر أي رغبة في تحقيق التصالح والتعاطف, وهنا قد يحدث الصمت المفزع, ثم الطلاق العاطفي, أو الهروب إلى العمل ساعات طويلة أو إدمان أي شيء, ثم الانفصال أو الطلاق الفعلي.
وهذا تحديداً هو موقف الصياد الأول الذي خسر شباكه ومزقها, خسر رزقه وانتظام حياته, أما الصياد الثاني الذي يخلص شباكه كل يوم من شوائبها, ويبقيها نظيفة فإنه كالزوج أو الزوجة التي تحرص على إزالة العقبات أمام أي فرصة لتحقيق التناغم ما دام ذلك بالإمكان.
أهم الاحتياجات العاطفية
ولا أعني بالعاطفية هنا كلمات الحب والغرام, لكن أعني تحديداً الود والرحمة, الاحتياجات الوجدانية والإنسانية بين الزوجين.
الاحتياج العاطفي هو نوع من الشوق, والاحتياج إذا ما أشبع خلف وراءه سعادة جمة, سلاماً وطمأنينة, وإذا لم يشبع فسيترك شعورا بالتعاسة والإحباط, إذا أحصينا الاحتياجات العاطفية فلسوف نجدها ـ ربما ـ بالآلاف, تتراوح ما بين حفل ندعو فيه الأصدقاء إلى سندويتش طعمية من يدي الزوج أو الزوجة الحلوة, ربما كوب ماء يروي الظمأ, أو كوب شاي يعدل المزاج, وقد يكون مشاركة لمشاهدة برنامج تلفزيوني مفضل (معا), بالطبع تختلف هذه الاحتياجات وتلك طبقاً لمفهوم كل من الزوجين, ثقافتهما, وعيهما, انتمائهما, تحديداً تطلعاتهما, إمكاناتهما وتوجهاتهما, بشكل محدد هناك احتياجات عاطفية معينة, إذا ما أشبعت تحقق الحب وعمّت السعادة النفس وتوهجت بها الروح, وانتشى بها القلب. أهم تلك الاحتياجات العاطفية تشكل تلك اللبنة الأساسية اللازمة لبعث الدفء في أوصال عش الزوجية. لنتخيل معا أن زوجاً وزوجة يقرآن الآن هذه الدراسة, وإنهما يحتاجان إلى مشورة أو مساعدة تخص علاقة كل منهما بالآخر. إذن, فلنحاول معا أن نحدد ما هي أهم الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) لكل منهما.
بمعنى ماذا يمكن أن يفعل كل منهما للآخر لكي يجعله سعيداً وفرحاً? إذا عرفنا ذلك, ربما, نستطيع أن ندرك كيف يمكن تحقيقه, سؤال مهم ومحرج! ترى كيف يحب كل منهما الآخر? هل برومانسية عبد الحليم حافظ (برغم أنها قد تكون مطلوبة أحياناً), وهل بغرام الخطبة ووهجها ـ هل هذا ممكن? ـ هل هو حب عملي فعلي متماسك?. إذا سألنا القارئ والقارئة, الزوج والزوجة, الآن عن أهم عشرة احتياجات عاطفية, فربما قال كل منهما (الإعجاب والتقدير, الحنان, الحوار مع الطرف الآخر, المساعدة في المنزل), (ليس بمعنى غسل الصحون فقط, وإنما المشاركة في هموم البيت والأولاد مثلاً), التعهد العائلي بـ (المسئولية الكاملة للأسرة, الدعم المادي, النزاهة والصراحة, الجاذبية, المشاركة في النشاطات الترفيهية, الإشباع الجسدي). من دون ادعاء بأننا سنقرأ أفكار القراء المتزوجين, لكن على ما يبدو أن ثمة سراً يقبع خلف خلافات الأزواج, بمعنى أننا على وشك أن نفهم لماذا من الصعب على الأزواج والزوجات إشباع حاجات الطرف الآخر, أو تلبية متطلبات وحاجيات كل منهما? غالباً أن كلا من الزوج والزوجة يذكر نفس الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) لكن بترتيب مختلف تماماً, أو معكوس تماما,ً أي أن أهم خمسة احتياجات للرجل هي أقل خمسة احتياجات للمرأة, والعكس ـ بالطبع ـ صحيح. وهنا ـ هنا فقط ـ نكتشف أن الرجل والمرأة لم يختلفا, ولكنهما يفقدان تلك القدرة السحرية على الإحساس بالآخر, على التعاطف. إن كلا منهما, ربما حاول قدر جهده القيام بواجباته, لكن تلك الجهود غالباً ما كانت (غير موجهة), أو (في الاتجاه العكسي) فالذي توده الزوجة أكثر لا يوليه الزوج أي اهتمام وهكذا. وبالطبع, فإن كل إنسان مختلف ومتفرد وله خصوصياته, بمعنى أنه ربما نجد معظم الرجال يشتركون في أولوياتهم وهكذا النساء, لكن هذا لا يعني وجود أناس مختلفين تماماً, ومن هنا أود أن أدعو كلاً من الزوجين إلى نسيان (الدور النمطي) لكل منهما في المجتمع, ويحاولان ـ قدر الإمكان ـ تحديد أولوياتهما كما يودان فعلا ـ كأناس عاديين ـ لا كرجل وامرأة. وهنا ـ قد نصل إلى ما يريده الرجل من زوجته فعلاً, وما تريده المرأة من زوجها حقاً.
لكن أن تلبي احتياجات الطرف الآخر ـ فقط ـ فهذا نصف المشوار, لأنه إذا كان أحد الزوجين يبذل عطاءه, فيجب أن يتأكد أنه لا يودعها في مصفاة يتسرب منها كالماء, ويجب أيضاً ألا يتراجع أحد الطرفين ويسحب عرضه إذا عرض, فهذا الأمر سيسبب إزعاجا وحرجاً وإيلاماً, ومن ثم نستنفد طاقات المحبة والتفاهم ونترك وراءنا النفس قفراً يباباً.
ــــــــــــــــــ
مَن هما الوالدان الجيدان؟
هناك ثلاثة أصناف من الوالدين:
اللذين لديهما نيات حسنة وهما والدان جيدان.
اللذين لديهما نيات حسنة وهما والدان سيئان (لأنه تعوزهما المعلومات، والحدس، والتنظيم، والوقت، أو لأن لديهما هما، نفساهما، حاجات تخفي حاجات الأطفال).
الذين ليس لديهما نيات حسنة وهما ليسا والدين جيدين.
لن نتحدث عن الصنفين الأولين من الوالدين، إذ أننا نراهنّ بتفاؤل على أن الغالبية من قرّائنا لديهم نيات حسنة.
- الوعي:
كتب برن: "الشخص الواعي هو حيّ لأنه يعرف ما يحسّ به. وأين هو ومتى. يعرف أن الأشجار، بعد موته، باقية حيث هي، لكنه لن يكون هنا ليشاهدها، لذلك يريد أن يراها الآن قدر ما يمكنه من شدة".
النظر إلى أولادك قدر ما يمكن من قوة. معرفة أعمارهم، النظر إليهم كما هم، اعتبارهم ككائنات بشرية ذات قيمة لا نهاية لها: الوعي بالأولاد، هذا هو الأمر.
- القبول:
يأتي بعد ذلك القبول غير المشروط. حتى حين يفترض الطفل الصغير في البدء أن ثمة شروطاً لينال موافقة والديه فإن عليهما أن يسوّيا أمر هذه الحيرة الأولية عنده بتعابير متكررة، من الأفعال والأقوال، عن حبهما غير المشروط للطفل خلال نموه. يحتاج كلّ منّا إلى معرفة أن ثمة مَن هو إلى جانبه مهما حدث. ولهذا يفيد الوالدان. يستطيع الأولاد أن يستمروا في البقاء على أحداث رهيبة إن تأكدوا من حضور والديهما ومن حبهما ومن حمايتهما.
إنني لن أنسى أبداً أول سجل علامات أحضرته إلى البيت بعد بضعة أشهر من المدرسة الابتدائية. كتبت المعلمة في ثلاثة أمكنة مختلفة، بأحرف كبيرة حمراء خطّت تحتها خطاً عريضاً: (سيِّئ)، وأضافت تحت إحدى تلك الكلمات: "كسولة جداً". نظرت إلى تلك الحروف الحمراء والخجل يعذبني: سيئ، سيئ، سيئ، أخفيت سجل العلامات إلى صباح اليوم الذي كان عليّ أن أرجعه إلى المدرسة. وأخيراً، منهكة وبعينين مغرورقتين بالدموع قدمته لوالديّ. كانا ساخطين ليس عليّ أنا، إنما على المعلمة. أحسست بقبولهما غير المشروط لي. لقد وضع غضبهما عليها هي عندما أفضيا بما يفكران بذلك الحكم القاسي على بنت صغيرة ذات ست سنوات. كل ما اكن يحسب له حساباً هو أنهما كانا إلى جانبي مهما حدث. وعندما أدركت ذلك فإني اجتزت بنجاح ليس سنتي المدرسية الأولى. بل شعرت أن في وسعي أن أجتاز أي شيء. وما أزال أعتقد ذلك حتى اليوم!
يتعلم الأطفال ما يساوون من والديهم. روت لنا إحدى صديقاتنا حكاية هذا الطفل الصغير ذي الثلاث سنوات الذي كان يلعب في حديقة الجيران. كان باب المدخل إلى حوض السباحة قد ترك مفتوحاً. اجتازت صديقتنا الشارع، قلقة على سلامة الطفل، وأغلقت الباب قائلة للطفل الصغير: أتدري يا جون، ينبغي عليك أن تحذر الدنوّ من حوض السباحة عندما لا يكون قربك أشخاص كبار.
أجابها بثقة: وهل تعتقدين أني سألحق الضرّ بجسمي الصغير الثمين!.
كان هذا الطفل الصغير محظوظاً لأنه قد قيل له إن جسمه ثمين. كان يعرف قيمته. ثمين! يكون القبول أشدّ عذوبة عندما يزداد ابتهاجنا ببهاء، جسم أطفالنا وبفكرهم.
- الاستقامة:
لا يكذب الوالدان الجيدان على أولادهما. يمكنهما مع ذلك أن يحمياهم من معلومة قاسية بالنسبة إلى سنهم. يعود إلى وعينا تحديد ما يجب قوله وما لا يجب. كيف تجيب طفلاً ذا ست سنوات يسألك إن كان "سيشوي كلياً عندما تسقط قنبلة؟" هل تقول له "لا"، أو "لا إنك ستزول ببساطة"، أو أيضاً "لن تسقط أية قنبلة يا أبله!". بماذا تجيبه؟.
أطفال خمس سنوات قلقون منذ الآن عندما تعبر الحرب النووية في بالهم. "أي جدوى من أن تكبر، وأنت تفكر أنك لن تكبر؟" بهذا يسأل إيريك شيفيان، طبيب الأمراض النفسية، ويضيف: "لقد شاهدنا طفلاً في السادسة من عمره يقول لنا إنه يتساءل في كل مرة تمرّ طائرة من فوقه إن كانت هي "طائرة الحرب". لنورد قول العالم النفسي ستيفن زتلين: "السكوت عن النتائج القابلة للتقدير لحرب نووية، لا يقوي يأس الأطفال وموقفهم السلبي فقط، إنما يقودهم أيضاً إلى سحب ثقتهم من الكبار غير القادرين على حمايتهم بشكل ملائم". وحسب ميلتون شفيبل، عالم نفسي من جامعة تغرس: "يجب أن يُطمأن الأطفال الصغار جداً، ينبغي أن يقال لهم ألا يقلقوا، فهم غير قادرين على تحمل شيء آخر. لكن من المهم، عندما يبلغون السابعة أو الثامنة ألا تقدم لهم معلومات خاطئة. ويطمئن اليافعون جداً عند معرفتهم أن والديهم خائفان هما أيضاً، لكنهما لا يحسان بعجزهما". إن جواباً إيجابياً وقادراً على تبديد الخوف في موضوع هذا الاحتمال الرهيب جاءنا في هذه الحكاية عن معلم طلب من تلامذته الإجابة إن كانوا يعتقدون قيام حرب نووية في مدة عمرهم. رفع الجميع أيديهم إيجاباً إلا واحداً منهم. وعندما سُئل الصبي لماذا يعتقد هو أنه لن تقوم حرب نووية؟ أجاب: "ذلك لأن والدي يخرج كل مساء لتلافيها".
- التكلم بصراحة:
يجب علينا أن نفكر قبل التكلم مع طفل، كما ينبغي أن نفعل ذلك قبل التكلم مع أيّ شخص. يحتاج الطفل إلى بيانات بسيطة، مفهومة، لا تربك أفكاره. "تعال إلى هنا برنار!": إنه أمر بسيط، مثل: "حان وقت ترتيب ألعابك يا برنار، افعل ذلك حالاً، رجاء". لكن الجملة التالية غير ملائمة: "تود ماما لو تقترب منها لتجلس على ركبتيها بعد أن تكون قد رتبت ألعابك، يا حبيبي". عندما تسأل سوزان: "ماما، هل أستطيع أن أذهب إلى السباحة مع الأطفال الآخرين؟" وإذا كان جواب الأم: "موافقة، في هذه المرة تستطيعن" فمعنى ذلك أن ليس لدى الأم الوقت لتتخذ قراراً وهي تسمح لها بصورة استثنائية. إن جواباً مباشراً يكون "نعم" أو "لا"، أو "لا أعلم إن كانت شروط السلامة كافية سأستعلم، لكن ليس لدي الوقت الآن. لذلك الجواب اليوم هو لا". إن نعم ولا هما كلمتان لهما معنى بالنسبة لطفل صغير، لكنهما تخسران أثرهما الحاسم إن أغرقتا في سيل من الكلمات مثل: "نعم، أعتقد أن عليك.. إن أخذت حذرك.. نعم، أظن أنه يمكن أن.. لا، يجب عليك أولاً أن تسأل والدك.." لا، أيضاً تفقد أثرها الحاسم عندما يسبقها: "كم من مرة يجب عليّ أن أقول؟" الشتائم هي أسوأ أيضاً: "لا، تباً لك" إذ أنها تنقل معلومات أكثر، إلى برتراند أو روبير أو سوزان، (الغضب، ارتكني وشأني، اغرب عن وجهي) من القول البسيط: لا.
الرسائل الصريحة الأشدّ أهمة، كما سبق لنا أن قلنا، هي:
تستطيع أن تحلّ مشاكلك.
تستطيع أن تفكر.
تستطيع أن تنجز أموراً.
- أن تكون منطقياً:
قال أحد الأشخاص عن أمه التي تعبده: "كانت مخطئة في بعض النقاط على الأقل، ذلك ما أعتقده. لكنها كانت منطقية. كنا نعرف دائماً إلى ما ستؤول الحال بنا معها". إن واقع كون المرء منطقياً يجعل احتمالات التوقعات والتنظيم فعالة. "إني أعرف أنهما لن يدعاني أذهب، لذلك لا تعتمدوا على حضوري": تصريح يعلك تربح وقتاً طويلاً وصراخاً. وبسرعة كبيرة تعلم مجموعة الرفاق أن فرنسواز لا تأكل اللحم وأن جورج يحضر جميع حفلات أعياد ميلاد أفراد أسرته، إلخ، إلخ.. فتؤخذ الحيطة بناء على تلك الوقائع الموطدة,.
أن يكون المرء منطقياً ليس معناه أن يكون مسمّراً في قالب من إسمنت. إن المغالاة حتى العبث في إرادة أن يكون المرء منطقياً، ذلك ما سماه إيمرسون: "فزّاعة صغار النفوس"، ينبغي أن تقاوم. إن الوالدين اللذين يكتشفان أنهما أخطأا وأنهما غيّرا رأيهما، عليهما أن يعترفا بأمانة وأن يشرحا ذلك لأولادهما. قالت ليليان هلمان: "يتغير الناس وينسون إبلاغ الآخرين". إ في وسع الأطفال أن يتقبلوا أخطاء والديهم. وما لا يحتملونه هو المواربة. إن تغيير الرأي ليس خطيئة. بل إنها تمنح الطفل إجازة هامة: فيقول في نفسه، يمكن أن يكون التغيير شيئاً جيداً. ومع ذلك، فالتغيير بلا سبب مبرر وهو عمل غير منطقي. وهذا يشوش الطفل ويلغم نفوذ الوالدين.
- الأمل:
"الجحيم هو مكان يفقد فيه كل فرد إمكان العثور على حلول". يقول ذل جوهان في مشاهد من الحياة الزوجية لانغمار برغمان. إن الوالدين الجيدين يحلاّن المسائل وإذا لم يتوصلا إلى حلّها فتبقى لديهما الثقة في إمكان العثور على حلّ. ويستمران في البحث. سنجد وسيلة! في الكوميديا الموسيقية إني أتذكر ماما، تقول ماما عندما كاد صواع السكر ينفد: "في وسعنا دائماً أن نذهب إلى المصرف". لم يتبق شيء كثير في حساب المصرف، إن لم تخني الذاكرة إلا أن الأطفال يعتقدون أن "مصدراً أكثر أهمية" كان جاهزاً على الدوام. سواء أكان المورد مادياً أم لم يكن سوى عزم الوالدين وثقتهما فإنه يغذي دائماً بالأمل. إذا كان الإيمان الديني سند الوالدين فعليهما أن يشركا أولادهما فيه، لا أن يشركاهم في الوصايا فحسب إنما في العطايا أيضاً. قال القديس بطرس: "كن متأهباً على الدوام للدفاع ضد أي شخص يطلب إليك مبرراً للأمل الذي هو فيك. لكن ليكن ذلك بنعو واحترام...". وإن أولادك أهم الأشخاص الذين قد يطلبونه منك. ليس من الضروري أن يكون لدينا جميع الأجوبة لنثير المسائل.
- التكرار:
يكلف الأطفال الصغار بالتكرار، الكتاب نفسه المقروء والذي أعيدت قراءته مئة مرة، القواعد نفسها تطبق بخطورتها، الطقوس نفسها تجري تماماً كما ينبغي لها. يساعد التكرار تعزيز التدريب. "ماما ليس هكذا. إنه الأرنب الأبيض الذي يختبئ في الكرنب، وليس الأرنب ذو البقع". يبني التكرار دروباً عصبية أمينة في دماغ الطفل، ويشعر بضرب من قوة عندما يتمكن من التوفيق بين ما يجري "في الخارج" وما يعرف إنه حق في داخل ذاته.
- التقاليد:
تنتقل التقاليد من جيل إلى جيل بواسطة الأبوين، إنها تعلل كثيراً من سلوكنا طوال عمرنا. يُقرأ العجب على محيّا طفل يقول لرفاقه: "في أسرتي.." (نذهب إلى شاطئ البحر، نحيي ليلة عيد الميلاد عند جدي وجدتي، عندنا شجرة سرو مضاءة، نجتمع حول بيانو لنغني، نعقد اجتماعاً يحضره جميع أعضاء الأسرة، نحمل زنبق الوادي إلى الجيران في أول أيار، نصنع بطاقات أعياد المولد، نزور معارض الرسم، نزرع زهراً كل عام). إن المهارة في التقاليد مسجلة لدى الأبوين، لكن بهجة استباقها وتحقيقها هي هدايا إلى الطفل.
يقترح فريدمان وروزنمان، مثلاً، منح فسحة من الوقت لتثمين الطقوس والتقاليد للوصول إلى تعديل سلوك صنف (A). إن قسماً كبيراً من وقتنا يمضي في العمل الذهني حتى لم يعد لدينا متسع للاحتفال وملاحظة مراحل الحياة باظهار مشاعر الاحترام والبهجة. ليس ما نملك هو الذي يجعل حياتنا أشد جمالاً، إنما هو ما نثمّن. الاحتفالات هي طريقنا لنشاطر بهجتنا. إن الحفلات التي تقام من أجل عيد مولد، وزيادة الراتب، وبراد جديد، تعطي أشياء الحياة الصغيرة ثمنها وتجعلنا أغنياء حتى إن كنا على المستوى المادي لسنا كذلك.
عندما كنت صغيرة كان عيد الميلاد أهمّ حادث من أحداث العام. كان جميع أعضاء الأسرة، الذين يعدون 25 فرداً، يحضرون عشية عيد الميلاد في الوقت الذي نبدأ الابتهاجات. كان على الأطفال أن يجلسوا على سلل التفاح، إذ لم يكن لدينا ما يكفي من الكراسي. لكن المائدة كانت مزينة بأجمل ما عندنا من غطاء ومن ملاعق وشوكات وسكاكين من الفضة. كان الطعام يقدم بأناقة وجبات الأطعمة السويدية التقليدية في تلك السهرة الخاصة. كنا نأكل عند واحد من الأقرباء في كل يوم حتى رأس السنة. كانت أيام أعياد مستمرة. كنا، نحن الأطفال، ننتظر بنفاد صبر معرفة كيف ستكون أشجار عيد الميلاد الأخرى مزينة. وكنا نسرّ حين نجد أن الزينات هي نفسها التي كانت في العام السابق، القديس نيقولا العجيب معلّق على شجرة العمة مارت، والمصباح على شكل بيت معلق على شجرة العمة آن. رغم أن سنوات طفولتي تصادفت مع سنوات الجمود الاقتصادي إلا أني كنت أجد أسرتي غنية وذلك بفضل التقاليد.
إن كنت لم ترث كثيراً من التقاليد ففي وسعك أن تحدثها أنت نفسك. في إحدى الأسر التي نعرفها يشتري الأطفال في كل عام تزيينات لشجرة عيد الميلاد وتضاف إلى الذكريات الأخرى من السنوات السابقة. لقد حُدّثنا عن أسرة لا تجتمع أبداً حول مائدة الطعام. بل حتى السماط لا يمدّ. وكل يأكل في أي وقت، وهو جالس عامة أمام التلفزيون. ويطوف الأطفال في البيت وفي يدهم "شيء" في قصعة.
في هذا العالم الجنوني الذي نعيش تكتسح هذه الطريقة في العيش، بلا أنظمة ولا قواعد، بيوتنا بشكل أخطر مما نتصور. ومع ذلك إننا نستطيع أن نخفف من التأثير الفاسد لها باحتفاظنا ببعض "العادات" التي لم تمسّ: نتناول طعامنا معاً يوم الأحد دائماً في غرفة الطعام، نفطر دائماً معاً، يصنع بابا حلوى للأسرة يوم السبت، و، و.. أمامك الخيار. هل تحلم بأسرة مثل "عائلة والتون"؟ إن كان نعم فابدأ بفعل ما فعلوا. إنها حياتنا. إنها أسرتنا. هل اعتقدت حقاً أن في إمكانك أن تحصل على ما تريد؟ افعل ما ينبغي أن تفعله لذلك.
- الاستباق:(54/192)
إن توقّع فترة جيدة يشكّل سلفاً نصف البهجة. وذلك ممكن بفضل التقاليد. عندما كانت بناتنا صغيرات هيأناهنّ لاستئصال لوزاتهن في إعادة أسطوانة بلا انقطاع تغني بفرح هذه العملية الصغيرة. وكن مستعدات لها حتى إن كان يتسرب ضرب من التهيّب والخشية في استباقهن لها. وكي تعود إلى مواضيع أكثر بهجة، فإن كنت تتوقع أنك ستقضي عطلتك في الجبل ابدأ إذن استعداداتك منذ الربيع. إزرع الحبّة. ليفرح الأطفال مقدّماً. غذِّ خيالهم وأنت تروي لهم كيف سيجري ذلك. وماذا سيحملون معهم. ومَن يفعل ماذا. الأشخاص الذين يعملون طوال الأسبوع يترقبون الجمعة مساء. ماذا يمكن أن ينتظر الأ"فال الصغارظ هل لهم أيام خاصة بهم؟.
ــــــــــــــــــ
الخصوصية بين الزوجين.. حيرة بين قلبين!
ميرهان محسن
أصارحه بكل شيء أم أخفي عنه كل شيء؟.. سؤال معقد يطرحه كل طرف من طرفي العلاقة الزوجية على نفسه، يبحث عن إجابة تفك طلاسم حيرته وتقوده إلى حل سحري لصداع مزمن يؤرق عقله وقلبه.. هل أخبر شريك حياتي بكل تفاصيل حياتي أم أجعل لي عالمي الخاص الذي لا يشاركني فيه سواي؟!.
بالطبع الحيرة القاتلة هي التي تحكم سيطرتها على مفهوم الخصوصية بين الزوجين؛ فالبعض يرى أن الخصوصية مثل الماء والهواء يجب أن تتاح لكل إنسان، والبعض الآخر يرى أنها كلمة يجب إلغاؤها من قاموس الحياة الزوجية بأي شكل من الأشكال. وما بين الاختلاف والاتفاق يظهر رأي ثالث هو الأقرب إلى الصواب يرى أن التطرف في الخصوصية يدمر العلاقة الزوجية كما يدمرها أيضا التدخل الزائد في شئون الآخرين .. فإلى أي حد يجب أن تصل الخصوصية بين الزوجين؟.
أنانية الزوج
من وجهة نظر خالد فرج (مهندس)، فإن النساء ثرثارات بطبعهن ولديهن قدر من الفضول يجعلهن يرغبن في معرفة كل كبيرة وصغيرة عن الزوج، وبالنسبة لي فإنني أدرك تماما سيكولوجية المرأة وأن الكلمة الحلوة لها مفعول السحر فيها، لذلك فإنني أحرص على معالجة الأمر مع زوجتي بشكل يرضيها ويشبع فضولها بقدر ما تريد، ولكنني بكل صراحة لا أعترف بأن يكون للمرأة خصوصيتها؛ يمكن أن تسمى هذه أنانية ولكني أنا لا أسمح بأن تُخفي عني زوجتي أمرا ما، صحيح أنني لا أتدخل في تفاصيل ما يدور بينها وبين أسرتها أو بين صديقاتها ولكنني على الأقل لا أقبل أن يخرج الأمر عن هذا الإطار من الخصوصية.
أسامة السيد (مهندس) يؤكد على أن "الخصوصية" حق يستغله بشكل كامل قائلا: أعترف أنني غامض، ربما لأن طبيعتي منذ الصغر ألا أتحدث كثيرا، ومن الممكن أن يكون هذا الغموض منغصا على زوجتي ولكني ماذا أفعل؟
ويستطرد أسامة قائلا: الخصوصية جزء أصيل داخل كل إنسان مهما كانت درجة حبه وثقته في زوجته، ولكن الأمر يبقى نسبيا، وفي تصوري أنه "طالما" لا ضرر من هذه الخصوصية فلا بأس بها.
الصراحة راحة
على العكس تماما يرى مصطفى كامل (رجل أعمال) أن الصراحة مهمة في معظم الأمور بين الزوجين، "طالما" أن الخصوصية ليس فيها أي خطأ أو تجاوزات، فليحتفظ كلا الزوجين بخصوصياتهما في إطار المسموح، وإذا كان من حق الزوج أن يحتفظ بخصوصية خاصة به فلا بد أن يكون للمرأة مساحة من الخصوصية أيضا مع أسرتها وعائلتها وصديقاتها.
وعن قناعته الشخصية فإن وليد اليماني (مهندس) يرى أن إخفاء الزوج عن زوجته شيئا ما عن عمد من شأنه أن يُعطي مؤشرا على مشكلة ما، ولكني إذا كان الأمر طبيعيا ولا يذكره الزوج من قبيل عدم الثرثرة، فإن الأمر يمكن تجاوزه.. وفيما عدا ذلك فإن الزوج يمكن أن يترك زوجته فريسة للشك والارتباك والحيرة وقد يكون بلا داع.
ويضيف وليد: "إن السرية التي لا ترقى لدرجة الخيانة ولا تحمل أي تعدٍّ على خصوصية الزوج المعنوية من الممكن أن يسمح بها البعض، ولكن شريطة ألا تحمل أي تجاوز مرفوض".
الاعتدال أفضل
وبما أن المرأة هي الطرف المعني بالأمر أيضا باعتبارها طرفا شريكا في العلاقة الزوجية، فكان لزاما أن نتوقف عند رأيها في مسألة الخصوصية.
البداية مع د.ريم محسن (أستاذة جامعية) والتي أكدت على أن "مسألة الخصوصية" تبدو بديهية غالبا بين الأزواج ولا يتم الاتفاق عليها مسبقا بين الزوجين، صحيح أن هناك مساحة من الثقة الكاملة ولكن هناك تفاصيل حياتية "خاصة" لكل طرف في الحياة الزوجية، مثل العلاقة داخل العائلة وبعض التفاصيل التي تبقى طي الأسرار والكتمان ولا بد أن تبقى بعيدة عن الزوج، وفي المقابل فمن حق الزوج أيضا أن يكون له صندوقه الأسود، وهذا شأن خاص تماما.
وتؤكد د.ريم على أن الاعتدال في كل شيء مطلوب؛ فالصراحة المطلقة والتكتم المطلق كلاهما مرفوض، فالخصوصية حق لكل فرد ولكن في مؤسسة الزواج مطلوبة باعتدال.
لا للخصوصية
ومن جانبها تؤكد أم يوسف (باحثة في مجال التنمية) على أن طبيعة العلاقة بين الزوجين هي التي تمثل مؤشرا لحجم ومساحة "الخصوصية بين الزوجين، وبالتأكيد فإن العلاقة المرنة بين الزوجين ودرجة التفاهم هي التي تجعل مساحة الخصوصية أجمل وأرقى، والعكس تماما وهذا ما أعيشه كواقع، فمنذ أن تزوجت أجهل راتب زوجي تماما وبصراحة تساورني الشكوك تجاه تصرفاته المالية ولكن للأسف زوجي يبدو -لطول الفترة التي أمضاها وحيدا- أنه اعتاد عليها، ويبدو أنه لم يعتد على شريك آخر رغم مضي خمس سنوات على زواجنا، ولكن رتابة العلاقة جعلت كلا منا له خصوصياته، وأتمنى مع الأيام أن أتخلص منها وأن أحيا مع زوجي "بلا خصوصية".
المهم الثقة
الخصوصية هي منطقة حرة أسبح فيها بحرية بعيدا عن زوجي، دون أن أرتكب شيئا خطأ أو مخجلا... هذا ما عبرت عنه منال مصطفى (سكرتيرة تنفيذية) قائلة: من الطبيعي أن أسمح لزوجي ببعض الخصوصية، ما دام لا يسيء إلي ولا يجرحني، وهو أيضا بدوره يمنحني ذات المساحة؛ وذلك بناء على الثقة القائمة بيننا.
وتضيف منال: منذ اللحظة الأولى لزواجي تفاهمت وزوجي على أن يظل لكلينا مساحة خاصة في الحياة، صحيح أننا زوجان والحياة بيننا قوامها الثقة الكاملة ولكن علاقتي بصديقاتي وأسرارهن وأسرار أسرتي لا دخل لزوجي بها، كما أنه لا يتدخل فيها أصلا، والأمر ذاته ينطبق عليَّ؛ فعلاقة زوجي بأصدقائه ومشكلاتهم لا أتدخل فيها وهذا يدخل في نطاق أسراره وخصوصياته.
وتستطرد منال قائلة: في تصوري أن المكاشفة التامة بين الزوجين غير مطلوبة؛ لأنها قد تؤدي لعواقب غير محمودة، لذلك فإن الخصوصية "طالما" أنها لا تُسيء إلى الزوج أو الزوجة فلا بأس بها.
خطأ مدمر
ومن وجهة نظر راوية الشيمي (ربة منزل) أن ما يطلق عليه "خصوصية" بين الزوج والزوجة هو أحد أبرز الأخطاء التي قد تدمر الزواج؛ لأن الأمر يبدأ ببعض الأسرار والخصوصيات لكل من الزوج والزوجة، وقد يتطور الأمر مسببا كوارث لا تُحمد عقباها، والمبرر لذلك كما يردد البعض "الخصوصية" التي منحني إياها زوجي، "الخصوصية" التي منحتي إياها زوجتي.
وتعترف راوية أن رأيها يبدو متأثرا بتجربة عائلية لمست أبعادها فتقول: السرية والخصوصية قد تصل أحيانا إلى درجة الخيانة التي تشكل خطرا على الحياة الزوجية؛ ففي إحدى الزيجات وعلى مدى سبع سنوات من الحرية والخصوصية اكتشفت الزوجة أن زوجها يخونها وتزوج بأخرى.
وفى بداية زواجهما اتفقا على أن يكون يوم الخميس والجمعة يوما خاصا للترفيه مع أصدقاء وصديقات كل طرف من الأطراف، وفي الوقت الذي كانت تتنزه فيه الزوجة مع صديقاتها وتقضي يوما آخر مع أسرتها بشكل خاص بعيدا عن الزوج، كان الزوج يقضي يومين مع زوجته الأخرى، ومبرره في ذلك مساحة الخصوصية التي سمحت بها له زوجته.
وبالصدفة اكتشفت الأمر، وعندما صارحت زوجها طالبها بألا تلومه لأنها هي التي منحته مساحة الخصوصية بعدم سؤاله عن أسراره وأين يقضي إجازته ومع من؟ حملت الزوجة أشلاء حياتها الزوجية وهي نادمة على الخصوصية التي منحتها لزوجها وأساء هو فهمها واستغلالها.
وهم كبير
وفى السياق ذاته، فإن طبيعة التنشئة الاجتماعية تلعب دورا بارزا في تأصيل مسألة "الخصوصية".. هذا ما عبرت عنه روشان.م (مبرمجة كمبيوتر) قائلة: إن مسألة "الخصوصية" هي وهم كبير ربما تتداوله وسائل الإعلام والصحف والمجلات ولكن الواقع أمر مختلف تماما؛ ذلك لأن أصول التنشئة الاجتماعية في المجتمعات الشرقية تعتمد أساسا على التفرقة العنصرية بين الذكر والأنثى، وهذا أمر متعارف عليه، فالفتاة مطالبة بأن تكون كتابا مفتوحا ولا أسرار في حياتها ولا خصوصيات في حين أن الذكور يُمنحون كل الحريات والخصوصيات والأسرار، ولا يسألون أين كانوا ولا أين هم ذاهبون؟
وللأسف هذا واقع تربينا عليه وترسخ داخلنا، وبالتالي عندما تنتقل الفتاة من بيت والدها إلى بيت زوجها فإنها تحمل داخلها ذات الخضوع والخنوع، وأن تجلس دائما على كرسي الاعتراف حين تُسأل من زوجها، في حين من غير المقبول أن تسأل هي زوجها عن خصوصياته.. فأي ازدواجية تلك؟.
إيجابيات وسلبيات
ومن وجهة نظرها تؤيد د.مديحة الصفتي أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة حق الرجل والمرأة، الزوج والزوجة بأن يكون لكل منهما حقه الإنساني في أن يحظى بجزء من الخصوصية في علاقاته بأصدقائه وأسراره ومادياته أحيانا.. ولكن يبقى هناك فارق كبير بين المفترض والواقع المعيش؛ فالواقع الشرقي يطالب المرأة دائما بأن تكون كتابا مفتوحا أمام زوجها ولا تطالب الرجل بذات الشيء من منطلق أننا نعيش في مجتمع ذكوري.
وتضيف د. مديحة: للأسف مفهوم الخصوصية أصلا عندما يتبادر إلى الذهن فإن النظرة السلبية هي التي تتبادر للذهن بمعنى الخيانة، ولكن الخصوصية تحمل في طياتها معاني ومفاهيم إيجابية عدة. وفى تصور د.مديحة فإن الخصوصية المحدودة بين الزوجين لها إيجابياتها في حين انعكاساتها السلبية يمكن أن تشكل قوة ضاغطة على علاقة كل طرف بالآخر.
أسس العلاقة الزوجية
أما الدكتور أحمد شوقي العقباوي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر فيؤكد على أن الزواج علاقة تُبنى على الثقة والتكافؤ والفهم بين الزوجين، ومتى توافرت هذه السمات الأساسية تكسرت كل الحواجز والجسور بين الزوجين. وبما أن الزواج هو سكن وراحة، فإن وجود سر لدى أحد الطرفين يؤدي لقلق الطرف الآخر.
وعن إمكانية إيجاد مساحة محدودة وآمنة من الخصوصية بين الزوجين يقول الدكتور العقباوي: لنعترف أن الأمر يتوقف على حجم الأسرار ونوعها شريطة ألا يتعدى ذلك كرامة الزوجة أو الزوج.. لا سيما إن علمنا أن الزوج أو الزوجة قد يخفيان بعض الأسرار دون أن يكون ذلك بقصد؛ كصداقات الزوجين أو التصرفات المادية.
وعن الخلاف بين أسرار الزوج والزوجة يرى الدكتور العقباوي: أن أسرار أو خصوصيات الزوج قد تشمل الصداقات أو السهرات مع الأصدقاء أو مساعدة الأهل ماديا. في حين نجد أن أسرار الزوجة أو خصوصياتها ترتبط بماضيها قبل الزواج أو مساندتها لأهلها ماديا.
وعن الانعكاسات السلبية النفسية لخصوصيات الزوجين يقول د.العقباوي: إن الأزواج الذين لا يبوحون بأسرارهم لزوجاتهم يثيرون شكوكهن، وخاصة إن كان الأمر مثيرا للشك والريبة، ناهيك عن القلق الذي يصيبها؛ لذلك فإن الصراحة هي أفضل السبل لسد الذرائع ودرء الشبهات.
ــــــــــــــــــ
المراهق . . . والمراهقة . . كيفية التواصل
كريستين نصار
يعتبر التواصل مع المراهق, وإقامة التبادلات الحياتية والضرورية معه, مسألة غاية في التعقيد بالنسبة للأهل, إذ عليهم بدء إدراك طبيعة الضيق المميز لمرحلة المراهقة في عصر مليء بالقلق والانزعاج.
تشكّل المراهقة مرحلة غاية في الخصوبة, وغاية في التعقيد أيضًا, وتطبع حياة المراهق بشكل شبه دائم, نظرًا للتغيرات العميقة, التي تحصل عنده نتيجة العمل الدءوب, الطويل الأمد والبطيء (تستمر مرحلة المراهقة ما لا يقل عن ستة الأعوام: ما بين الحادية عشرة أو الثانية عشرة حتى الثامنة عشرة من العمر, على الأقل), الذي ينتهي ببناء شخصية هي دائمًا متمايزة وفريدة من نوعها.
لكن الانبناء المتوازن لهذه الشخصية, يبقى مرهونًا, وبمقدار كبير, بنوعية التواصل الذي تمكن الراشدون ذوو الدور المهم في حياة المراهق وتطوّره - الأهل على وجه الخصوص - من إقامته معه, خاصة أن المراهقة هي مرحلة حاسمة بتطوّر كل فرد, تطورًا مسئولاً غالبًا عن حدوث العديد من التوترات التي تنشأ بين المراهقين والراشدين. لذا, على الأهل وكل مربٍ إيلاء انتباه واهتمام خاصين بموضوع التواصل هذا, كي يعترف المراهقون بهم كأشخاص فلا يخاطبونهم كأعداء.
ما التواصل?
تتم التبادلات القائمة بين المراهقين والراشدين, غالبًا, تبعًا للعفوية الطبيعية المميزة لكل منهم, أي تبعًا لحدس الفرد وطبعه ومزاجه وجهوزيته الحالية لإقامة التبادلات والعلاقات السابقة التي عاشها....إلخ. لذا, قد يعدّل دخول مواقف سابقة عاشها الفرد (انفعالات, أو ردّات فعل معيّنة,...إلخ), على خط التبادل الحاصل بينهم سير المناقشة دون أن يدروا. بمعنى آخر نقول, قد يكون عند كلّ من المراهقين والراشدين انطباعات متنوعة, لا بل متناقضة, بخصوص النقاش المتبادل نفسه, الأمر الذي يهدّد مجرى التبادلات المستقبلية التي لابدّ من حصولها فيما بينهم بالفشل. ومما لاشك فيه أنه بالإمكان تحسين هذه الوضعية إذا ما تساءل كلّ منهم, الراشدون بوجه خاص: ما العمل للحصول على إصغاء الآخر, وفهمه لما أود قوله له (بخاصة وأنه من المتعين ألا يكون الحوار بمنزلة استجواب أو محاولة لحشر الآخر بوضعية ذنب معيّن, إنما بمنزلة مناخ من الاحترام المتبادل)?
قواعد التواصل الجيّد
يتكون التواصل بين المتخاطبين من رسائل لفظية, وغير لفظية في آن معا.
والرسائل اللفظية هي عمومًا مباشرة, دقيقة, مختصرة, تشتمل على عدد محدود من المعلومات (أي تبليغ رسالة واحدة فحسب, في كل مرة), وتنبني تبعًا لقواعد التعبير (أي علم الكلام).
لكن التبادلات اللفظية تترافق, عمومًا, بالتواصل غير اللفظي: طريقة التعبير الصامت عن الذات الخاصة بكل فرد, النبرات, الإشارات (الإيماءات والحركات الجسدية), الانفعالات, ردّات الفعل, المواقف,...إلخ, وهذه التعابير تقنّن داخليًا من قبل المخاطب, لذا, من المهم جدًا إدراك المخاطِب مدى تأثير هذه العناصر غير اللفظية على معنى الرسالة التي يود تبليغها, والتنبّه إليها لتعديلها عند الضرورة.
أما أهداف التواصل, فتُحدد منذ البداية وتوجّه التبادلات القائمة بين المتخاطبين.
وبإمكان كل راشد إقامة التبادلات بينه وبين المراهق, تبعًا لهذه القواعد, فيتعلّم هذا الأخير, بالتالي, كيفية التصرّف مع الآخرين بشكل اجتماعي يتميّز بالنضج. وهنا يفرض التساؤل نفسه: ما فائدة الاتصال?
المراهقة هي مرحلة خصبة جدًا, ولحظة فريدة في حياة الفرد إذ ينمّي, خلالها, العديد من الطاقات الجديدة: فتطوّر الفكر عنده, وهو ميزة من مميّزات هذه المرحلة, يمكّنه من تحقيق الاستدلال بشكل أوسع, وبفضل تطوّر اللغة عنده, بالإضافة إلى التبادلات القائمة بينه وبين الآخرين, والقدرة الشخصية على التفكير, سيتمكّن من إدراك, ثم تحمّل, كل التغييرات الجسدية, العاطفية والعلائقية التي يتكبّدها (وهذه التغييرات تشكّل أيضًا, إحدى المميزات الرئيسية للمراهقة).
تكمن إحدى أهم فوائد الاتصال, بالتالي, في قدرة الكلمات على تطويع هذه التغييرات الحاصلة عند المراهق إذ: بإصغاء الأهل له يُفسَح له في المجال للإصغاء إلى نفسه أو للتعريف عن نفسه, لتطويع ذاته, ومن ثمّ, لإدارة الآراء, ردّات الفعل والمشاعر التي يعيها بفضل تبادل الحديث مع الآخرين. بتعبير آخر نقول: بما أن التحدّث يسمح للمراهق بالتعرّف على نفسه, باكتشاف ذاته, بالتعلّم وبالتخطيط لمشاريع جديدة, من المهم جدًا, بالتالي, أن يقترح الأهل عليه فترات من المناقشة يرافقونه, خلالها, بهذا العمل اللفظي ودون القيام بأحكام سريعة أو ردّات فعل حيّة يمكن أن تفاجئه, وقد تقف حائلاً دون متابعة تواصله معهم.
ومن فوائد التواصل نذكر, أيضًا, قدرته على خلق روابط رمزيّة - تنبني بفضل الكلام والتبادلات اللفظية - مما يسمح للتمخاطبين بالتقارب ذهنيًا, مع بقائهم منفصلين جسديًا (المحافظة على العلاقات القائمة بينهم, مع إمكان المحافظة على مسافة فيزيكيّة معينة أي, إمكان الاتحاد عبر الأفكار, مع المحافظة على الاستقلال الفردي لكل منهم). تجدر الإشارة هنا إلى رغبة المراهق بالتفاعل مع الراشد, الأمر الذي يتحقق له عبر الحديث, الذي قد يأخذ شكلاً صراعيًا, بحيث نجده يتلاعب بهذا الراشد حينًا, ويغريه أو ينصب له العداء أو يهزأ منه أو يتحدّاه أحيانًا أخرى, مثال, (لا أفهم شيئًا, تقول والدة جان البالغ من العمر ستة عشر عامًا, فابني يبحث عن كل المناسبات لإجراء مناقشة مع أبيه, يود النقاش معه بشكل دائم مع أنّه لا يتفق معه أبدًا ويعلو صوتهما...): في الحقيقة, يستخدم جان الكلام لإقامة علاقة مع أبيه, حتى وإن لم يكن متفقًا معه. والأب, فهم معنى هذه النقاشات التي لا تنتهي وتقبّلها, لكنه رسم لها حدودًا رمزيّة ينبغي عدم تخطّيها, أي: دون الانزلاق معه, من حيث العدوانية ودون السماح بتشويه التبادلات القائمة بينهما, وبفضل ذلك, تمكّن من جعل ابنه يكتشف تدريجيًا القواعد الكامنة وراء التواصل بين الأشخاص, وعلّمه كيف يدير العدوانية التي تعتمل بداخله.
باختصار نقول, يبقى إمكان تأمين التواصل الجيد رهنًا بالراشد: فكل اتصال قائم بين شخصين أو أكثر يهدف لجرّهما إلى رد فعل أو لتكيّف معين, بالإضافة لمختلف الرسائل اللفظية المنْوي تبليغها بالتتابع, وفي هذا المجال نقول: قد تؤدّي توقعات الأهل والمدرّسين تجاه المراهق إلى تشويه التواصل القائم بينهما حين يأتي سلوك المراهق مغايرًا لهذه التوقعات, بخاصة حين يعيد, بتصرّفاته وكلامه, هؤلاء الأهل أو المدرّسين إلى مراهقتهم, فيحيي عندهم تلك الصراعات الداخلية - مسألة الهويّة والاستقلال الشخصي, الصعوبات العلائقيّة, مثلا - التي لم يتجاوزوها. وهنا, قد يساعدون المراهق على استكمال تنظيمه الداخلي إن أبدوا له أنهم, هم أيضًا, قادرون على وضع أنفسهم موضع التساؤل, وأن لإعادة تحريك الموارد الشخصية هذه, على المستوى النفسي, تأثيرات إيجابية وبنّاءة.
وقد يعيد الراشد - كما في مرآة - ردّات الفعل المكثفة عند المراهق, انفعالاته, تجنّبه للوضعيّات الصعبة...إلخ: فمثلا, لا تأخذ والدة سهام - ابنة الخامسة عشرة من عمرها- الوقت اللازم قبل أن تجيب عن سؤال ابنتها, الأمر الذي يجعلها فريسة الانفعال المكثف نفسه, الذي تعبّر عنه ابنتها: أي تصبح بمنزلة مرآة لابنتها المراهقة وتتصرّف تبعًا لقانون (الكل أو لاشيء), حيث لا ترى ابنتها بشكل شامل, بل, فقط, تبعًا للفترات التي تمر بها هذه الأخيرة, أي إما تراها جيّدة تمامًا إن كان تصرّفها جيدًا, أو سيّئة تمامًا, إن كان تصرّفها سيئًا - تمامًا مثل ذلك الأب الذي كسر ذراع ابنه ذي الأربعة عشر عامًا لأنه قام بتصرّف سيئ - غنيّ عن القول هنا أن من شأن ذلك تعزيز المواقف المتطرّفة عند المراهق, وإثارة الاضطراب في التبادلات المتعين إقامتها معه من قبل الأهل كراشدين.
ولإرساء ركائز التواصل الجيد مع المراهق وتقديم المساعدة له ننصح الأهل, حين تكون ردّات فعل المراهق متطرّفة, أو حين يغيّر فجأة من موقفه أو سلوكه تجاههم, بما يلي:
1- لاحظوا ردّات فعلكم - إيماءاتكم, الانفعالات التي تشعرون بها, ألفاظكم - وتأثيراتها عليكم وعلى المراهق.
2- حدّدوا, بدقة, سلوكات أو ألفاظ المراهق التي تُحدِث بداخلكم الغيظ, الغضب, التعب, عدم الفهم,...إلخ.
3- ثم, حاولوا إدراك وضبط ردّات الفعل هذه ما إن يقوم المراهق بهذا السلوك.
4- هدّئوا ردّات فعلكم: عن طريق القيام بتمارين استرخاء التنفس والحديث بشكل أبطأ, بالتقاط الأفكار الآلية التي تضايق ذهنكم بهذه اللحظة, وبسرعة إذ تعطون أنفسكم الوسائل الكفيلة بتطوير ردّات فعلكم لدى الكشف عنها: فالأفكار الآلية تنتقل بسرعة النيازك, تجتاز الذهن بسرعة, كما تُنسى بسرعة, إنما تبقى ناشطة, وتحدّد مواقفنا وسلوكاتنا اللاحقة.
وحين يحاول المراهق التواصل لفظيّا معكم, حاولوا أن تكونوا جاهزين نفسيًا له, وذلك بالانتباه للنقاط التالية:
اصغوا له بانتباه وترحيب, ابذلوا جهدًا, إن كان ذلك ضروريًا, اتركوه يتحدث, فربّما يكون بصدد التحدّث مع نفسه بصوت مرتفع, لا ينتظر سوى وجود رفقة, ويتمنّى أن يسمع نفسه, وأن يُسمع قبل أن يتم توجيهه.
انتبهوا لردّات فعلكم غير اللفظية - من مواقف ونبرات ونظرات...إلخ -, لأن المراهق ينظر إليكم ويمكن أن يتوقف عن الحديث, إن لاحظ على وجوهكم تفاجؤًا كبيرًا, أو نفاد الصبر أو عدم الاهتمام,....إلخ.
لا تحكموا بسرعة ولا بتأثر كبير على ما يقوله, لا تهزأوا منه, بخاصة حين يعبّر عن بعض الأفكار التي لا تتلاءم مع آرائكم, مع معايير الحكم الخاصة بكم, أو التي تبدو لكم مُضحكة.
إذا طلب رأيكم, لا تستغلّوا الظرف لترهقوه بخطاب طويل, عبّروا عن رأيكم بشكل منوّع ومتلائم مع الوضعيّات.
لا تجبروه على مشاركتكم مباشرة برأيكم, اتركوا الوقت يفعل فعله, لا تهوّلوا أفكاره ومعتقداته الحالية - أي تركّزون على مظهرها المأساوي- : فهي ستتطوّر بفضل تطوّره, وبخاصة بفضل التواصل اللفظي الذي يقيمه معكم, مع الأقرباء ومع أفراد البيئة المحيطة به.
ولالتقاط المسافة التي تبعدكم عنه, حاولوا مراقبة ردّات فعلكم تجاهه: أتحسّون بنفاد الصبر (لا يمكنني تحمّله بعد...), (لا أستاهل ولدًا مثله...)? أو باللامبالاة تجاهه (لا يهمّني...)! أتميلون لعدم فهمه, لتأنيبه, للشكوى منه (أو منها), مع أشخاص آخرين? هناك, بالتالي, مسافة تبعدكم عنه وتصعّب عليكم التقرّب منه, لذا, ولتسهيل تواصلكم المستقبلي معه (معها), هناك أمور لابد من القيام بها مثل: التسليم عليه (حين ترونه للمرة الأولى من النهار), التخلّي تدريجيًا عن الألقاب التي كنتم تسمّونه (تسمّونها) بها سابقًا, اختيار صيغة السؤال لدى طلب شيء منه, تجنّب إلقاء الأوامر - استخدام صيغة الأمر مثلاً - أو الصراخ عليه أو استخدام التعابير العدائية, التوجه إليه بأكثر ما يمكن من الهدوء, لكن, دون التصرّف بلطف زائد أو بلامبالاة زائدة, عدم تطلب حصول تأثير مباشر نتيجة طلباتكم, إذ من الضروري فسح المجال للمناقشة, للتفكير والاختيار, إنما دون الاسترسال بالجدال معه.(54/193)
وحين يبدأ بذلك, عليكم حسم الأمر بسرعة, لكن دون توقع الاعتراف لكم بأنكم على حق, وهو على خطأ, البقاء على مسافة, لا تكون قريبة جدًا أو بعيدة جدا, منه.
المحك السلوكي
ولفهم سلوك المراهق لا بد من تقييمه تبعًا لعدد من المحكات التي يتضافر أحدها مع الآخر لتحديد المستوى السوي منها وتمييزه عن المرضي, مع أن هذا أمر صعب نظرًا لتميز الحدود بينهما ببعض الغموض:
المحك
السلوك السوي
السلوك الاضطرابي
التواتر السلوك المتطرّف هو عابر ويبدو في أوقات متقطعة يبدو السلوك الاضطرابي بشكل متواتر ومستتب, وقد ظهر سابقًا.
درجة الحدّة الانفعالات الناجمة عن السلوك المتطرّف لا تُحتمل, لكن دون أن تترافق بألم نفسي الألم النفسي حاد والانزعاج يسيطر على المراهق الذي يتكبّده, دون أن يتمكن دائمًا من التحدث عنه
تطوّر السلوك يبقى السلوك المتطرّف محدّدًا بقطاع حياتي يمتد السلوك الاضطرابي ليشمل سلوكات جديدة, وقد تظهر سلوكات اضطرابية جديدة غير قابلة للفهم
الصدى لا يؤثر هذا السلوك في قدرات التكيّف الفكري, الاجتماعي, العاطفي,...عنده كمراهق يبدي المراهق صعوبات واضحة من حيث التكيّف مع وضعيات الحياة اليومية ويصعب عليه إدارة المعلومات الجديدة التي يتلقاها, الأمرالذي يثير الاضطراب في تطوّره النفساني
الأسباب أحداث قوية تسبق ظهور السلوك (تعرض لحادث معين, حصول وفاة, تعرّض أحد الوالدين للبطالة,...إلخ) أو أحداث عائلية (تعرّض الأهل مثلا لاضطرابات نفسية عند الولادة أوخلال المراهقة) تركت عند المراهق جراحًا لم تلتئم التواصل مع الآخرين تتعطّل الديناميّة العائلية, الأمر الذي يعطّل, نوعًا ما, التواصل بين مختلف أعضائها
ــــــــــــــــــ
إليك طرق التعامل مع الرجل ذكوري النزعة
فادية عبود
الرجل الواثق من نفسه لا يلجأ إلى فرض آرائه أو إبراز تسلطه على من حوله سواء كانوا من الرجال او النساء وخصوصاً النساء ، أما من يعاني من عقدة نقص ما أو الذي يتمتع بشخصية غير سوية علي الإطلاق فلا يجد أمامه إلا الصوت العالي والتسلط ليبسط سلطاته وإثبات وجوده .
هناك أنواع مختلفة من الشخصيات الرجالية نلتقيها في حياتنا ونتعامل معها بشكل يومي، ونجد أن لكل شخصية خصائصها وطرق تعامل خاصة بها يجب أن توضع في الحسبان، لذا عليك أن تفهمي هذه الأنواع المختلفة حتى تستطيعي التعامل مع الرجل بصورة أنجح.
الطباع
حول هذا الموضوع تعلق ابتسام العربي ـ اختصاصية التعلم والإرشاد النفسي بمركز المهارات بجدة، قائلة: "الطبع يغلب التطبع" والطبع هو ما يتعلمه الإنسان أثناء مراحل عمره وأيضاً من خلال العادات التي يكتسبها من التنشئة الاجتماعية له والبيئة المحيطة به، والطباع قد تكون حسنة أو سيئة، وبالتأكيد كل الطباع الحسنة لا غبار عليها، بل نشجعها ونقتدي بها، لكن هناك من لهم طباع سيئة لا نستطيع أن نتحملها لأنها تجرح مشاعرنا وتتسبب في إيذائنا النفسي قبل العضوي، وبما أن المرأة كائن له مشاعر مرهفة أياً كان وضعها ـ ذات أخلاق أو جمال أو مركز مالي ـ، فإنها تكون أكثر عرضة للتأثر بما تلاقيه من معاملة سيئة أو جافة، سواء من جانب الوالد أو الأخ أو الزوج أو الابن أو الرئيس في العمل، ومن الأمور القاسية التي يمكن أن تسئ للمرأة اعتداء الرجل عليها سواء كان باللفظ،أو بالفعل، لذلك فالمتسلط، العنيد، الكذاب، والكسول، كل هؤلاء رجال لا تحبهم المرأة في حياتها ولكن ظروف الحياة هي التي تفرض عليها تقبلهم جميعاً".
إلى جانب هؤلاء الرجال هناك شخصيات أخرى لا تحب المرأة التعامل معها وهي:
< الشخصية التجنبية والانعزالية
هذا النوع من الرجال يشعر بالقلق الدائم ويعتقد أنه أقل من الآخرين، حساس جداً للنقد لذا نجده يتجنب الاحتكاك المباشر مع الناس، ولا يرغب بالعلاقات الاجتماعية ويكون قليل الهوايات وإذا وجدت فهي فردية، ولا يحب من ينتقده، وننصح بمساعدته لرفع مستوى الثقة بذاته وعدم مواجهته بالنقد المباشر، وبدلاً من وقوفك كمتفرجة عليك أن تجعليه يندمج مع الآخرين ليصبح اجتماعياً وحاولي إيجاد هوايات مشتركة له مع الآخرين وإشعاره بأنه محبوب من قبلهم.
< الشخصية الاعتمادية:
إن هذه الشخصية تجد صعوبة في اتخاذ القرارات اليومية دون أخذ النصح والطمأنينة، كما تجد صعوبة في البدء في أي مشروع، وتشعر بعدم الراحة إذا أصبحت بمفردها، لذلك عليك مساعدتها بوضع الأهداف وتشجيع كفاءتها الذاتية وإعطائها بعض المسؤوليات، وأيضاً مد يد العون لها للقيام بالأعمال المطلوبة منها.
< الشخصية الوسواسية:
الرجل صاحب هذه الشخصية يكون دائم البحث عن المثالية التي تتعارض مع إتمام المهام، متفانٍ في عمله على حساب العلاقات الاجتماعية، كما أنه يؤدي كل شيء بنفسه لأن ضميره حي أكثر من اللازم، فهو صلب، خاصة فيما يتعلق بالمثاليات ويحرص على عدم التبذير، وهذه الشخصية يجب مساعدتها على أن تفكر بمنطقية وأن تفهم ذاتها، ويكون ذلك من خلال وضع توقعات واقعية وتفهم وجهة نظر الآخرين، مع مناقشة الآراء والمبررات التي تقدمها، وأيضاً مناقشة الآثار السلبية تجاه تعاملها مع الآخرين.
< الشخصية الشكاكة:
هذا النموذج من الرجال يكون دائم الشك بدون سبب مقنع، ويتبنى قرارات مبنية على أدلة ضعيفة إن لم تكن وهمية، كما أنه عديم الثقة بمن حوله حتى المقربين منه، علاقاته الاجتماعية تكون محدودة وفي أضيق نطاق، يحمل بعض الألفاظ التي يسمعها من الناس على محمل الجد، كما أنه يرد بقسوة على من يهاجمه ويكون دافعه الانتقام في أغلب الأحيان، ويمكن مساعدته على اتخاذ القرارات وتطوير مهارات الاتصال لديه والتواصل مع الآخرين، وعليك أيضاً إكسابه الثقة بالناس، وتشجيعه على بناء علاقات معهم، ليعبر عن غضبه بطريقة إيجابية.
< الشخصية المضادة للمجتمع:
لا يوجد لديها ضمير، متهورة في معظم تصرفاتها، كما أنها شخصية كذابة وانتهازية من الممكن أن تتعدى على القانون، وإذا ما قابلت رجلاً بهذه الشخصية، عليك بمساعدتها على بناء مستوى من الثقة والاحترام المتبادل وتنمية الوعي الذاتي لها، وتقبل الذات، والمناقشة والحوار معها من أجل معرفة أسباب الكذب وتجنيبها هذه العوامل ومساعدتها على إبداء الاهتمام بالآخرين ومعرفة نتائج تصرفاتها.
< الشخصية الحدية:
من صفات هذه الشخصية أنها تكون مبذرة للمال كثيرة الحوادث، ولديها إحساس بالملل والفراغ، ومترسب بداخلها صورة سيئة عن نفسها تجعلها غير قادرة على التحكم بها ولا تعطي اهتماماً للآخرين، وتكون مساعدتها بالتعبير عن مشاعرها وتطوير مهاراتها الاجتماعية وتنمية الوعي الذاتي لديها.
< الشخصية الهستيرية:
تعيش هذه الشخصية على جذب الانتباه وعلى ذلك تتركز معظم تصرفاتها، على أن تكون محور الحديث في كل مكان توجد فيه، كما أنها تبالغ في التعبير عن الرأي دون دلائل، وتلغي حواجز الاحترام المتبادل، خاصة بين المقربين منها، أيضاً في العمل تنادي المسؤول المباشر بدون ألقاب، ولذلك عليك بتطوير قدراتها على التفهم وحل المشكلات ومساعدتها في التعبير عن انفعالاتها، وشجعيها على استخدام تدريبات للاسترخاء واستخدام الحديث الإيجابي مع الذات.
< الشخصية السلبية العدوانية:
ترفض القيام بالمهام والأعباء الاجتماعية، تشكو بشكل مستمر من عدم تفهم الناس لها ولقدراتها، كما أنها تظهر الحقد والحسد لمن حولها من الناجحين والمحظوظين، دائمة النقد واعتمادية على الآخرين، لا تملك أصدقاء مؤيدين لها، فهي متقلبة بين العنف والجرأة والندم، ويجب هنا مساعدتها على التبصر بنتائج سلوكها واكتساب استحسان الأهل والأصدقاء وإشعارها بالجدارة والأهمية.
< الشخصية الاكتئابية
هذه الشخصية تكون كذلك في حالة من الحزن، ولكنها غير معيقة لتأدية أعمالها، كما أنها تشعر دائماً بقلة الحيلة في الحياة والنظرة السوداء للأمور، لذا يجب مساعدتها على التعبير عن جميع أشكال المشاعر ومناقشتها دائماً حتى لا يتغلب الحزن عليها، وتعويدها على بناء الثقة بذاتها وبالآخرين وتشجيعها على ممارسة الرياضة والتخطيط لنشاطات ممتعة ومفيدة.
لتتعاملي معه دون اصطدام
تقدم الاختصاصية "ابتسام" مجموعة نصائح للمرأة تساعدها على التعامل مع الأنواع المختلفة من الرجال فتقول، حسب ما ورد بمجلة " سيدتي" :
إذا كان والدك ضمن الأنواع المختلفة من الشخصيات السابقة فعليك إتباع الآتي للتعامل معه:
ـ احترام آرائه ورغباته.
ـ طلب الاستشارة والرأي.
ـ تقديم الاهتمام والرعاية.
ـ احترام أصدقائه.
ـ مشاركته في اتخاذ القرارات.
أما إذا كان زوجك إحدى الشخصيات السابقة فاعملي على الآتي:
ـ إشاعة الجو المتسم بالود والتعاطف.
ـ إشعاره بالاهتمام والتقبل والتسامح والاستحسان.
ـ الاتفاق على الأهداف والسعي لنيل ثقته باستمرار.
ـ عدم توجيه النقد المستمر واحترام آرائه ورغباته.
ـ مشاركته في رغباته واهتماماته.
ـ لا تعطي محاضرات وتتذمري.
وإذا كان ابنك فافعلي الآتي:
ـ الثبات في التعامل معه وتفهم حاجاته ورغباته.
ـ مساعدته على التخطيط لأعماله.
ـ تشجيعه على المبادرة والتقبل.
ـ إبقاء الحوار دائماً بينك وبينه مهما كانت طباعه، فالإقناع خير وسيلة للتفاهم.
وإذا كانت هذه الصفات في مديرك في العمل فقومي بالآتي:
ـ الاحترام المتبادل وتقبل النقد البناء.
ـ الاتفاق على العمل المشترك وتقبل آرائه.
ـ إظهار الشعور بالرضاء الوظيفي.
ـ المبادرة في تقدم الآراء والمقترحات الجديدة
ينصحك علماء الاجتماع أيضاً بالافتراض دائما بأن هذه ليست طبيعته لأنه يتصرف بمنطقية شديدة، وما يدفعه لهذا السلوك الضغوط التي تقع على عاتقه، وأن الفرصة دائما متاحة لتقويم السلوك، أما إذا كان الأمر يصل إلى حد تصرفات تنبع عن الكراهية وإلى أسلوب ينتقصه الاحترام المتبادل بعيدا عن أعباء العمل المطلوب منه فهذا ليس بالشيء الهين والذي لابد من التوقف عنده حتى ولو لوهلة واستشارة الغير ممن تثقى بهم ليقيموا حلولك.
كما أنك بحاجة أيضا إلى التعامل مع مشاعرك السلبية تجاهه بغض النظر عن سلوكه غير الحميد بطريقة إيجابية، فلا تدفعى نفسك إلى الوقوف أمامه بشكل هجومي ومن سينتصر على الآخر.
وبمجرد أن تتفهمى طبيعة سلوكه، وبتعديل سلوكك السلبي ممكن أن يكون هناك حل للمشكلة.
الأسرة سبب التسلط
هذا ومن جانب آخر يؤكد علماء الاجتماع أن الأسرة قد تكون هي السبب الرئيسي في تضخم النزعة الذكورية لدى أولادها ؛ فبحكم تربيته تترسخ لدي الولد بعض المفاهيم الخاطئة بأنه هو الأفضل والأقوى وأفضل من أخته البنت ، فهو كثيراً ما يسمع في المنزل كلمة التفضيل والتفخيم عند منع أخته من عمل ما " هو ولد وأنتِ بنت "!! ، ومن ثم يصبح شاباً لديه نزعة الذكورية عالية جداً، وأول ممارسة لهذه النزعة تكون في محيط المنزل تحت تشجيع من الآباء ، وربما أيضاً تمارس علي الأم التي تكون سعيدة جداً بابنها ، أما الأخت فتعاني من الشروط التي يمليها عليها أخوها دون أي وجه حق لمجرد إرضاء لغروره وبرضا من الأبوين .
ــــــــــــــــــ
حينما ترغب بإسعاد شريك حياتك..
* كلاوديا اتكلمان
النصائح التالية خاصة بشريك حياتك. حاول، إن أردت أن تجعله سعيداً، أن تعي النصائح التالية تماماً وتفهمها جيداً:
دعه يحلّ مشاكله بنفسه!
كن على يقين أنه سيفعل أفضل ما يمكنه أن يفعل، وقدِّر له سعيه الحثيث في هذا السياق!
تذكّر دوماً، أنه ليس كاملاً، ولا أنت كذلك!
لا تكن متشدداً حياله!
إن لم تستطع، ولا بحالٍ من الأحوال، الاستمرار في الصمت، فاسأله:
كيف يمكنني أن أساعدك؟ أو: كيف ستحلّ المشكلة؟ أو: أنا على يقين أنك قادرٌ على حلّ تلك المشكلة! أو قولي له/ قول لها رأيك في الأمر بشكل مسبق، وبشكل دقيق تماماً!
- تمرين:لا توجّه الانتقادات
لا انتقادات على مدى أسبوع كامل، ولا ارشادات عمل كذلك. هل يمكنك فعل ذلك؟ وكلما زلّ لسانك ولم تستطع التقيّد بذلك، ينبغي عليك وضع مبلغ معين كعقوبة، وذلك ضمن صندوق مخصص لذلك! سوف تتفاجأ بنفسك كم هو كثيرٌ عدد المرات التي تنتقده بها. أو تتدخل بها في شؤونه.
- ملاحظة هامة:
لا تتابع القراءة من فضلك إلا بعد مضي أسبوع! تحدث الآن عن تجاربك التي مررت بها.
-----------------------------------
-----------------------------------
ما هو مقدار المال الذي تجمّع في صندوق الغرامات، وماذا تنوي أن تفعل بذلك المال؟
-----------------------------------
-----------------------------------
- إلى الزوجة: لتكن ثقتكِ به كبيرة
اتركي لزوجك مجالاً للحركة، وراقبي حركاته وسكناته على المدى الطويل، ولا تنسي أنه قادرٌ بالفعل أن يجعلكِ سعيدة! إنه تزوجكِ لأنه يحبكِ، وهو يرغب من كل قلبه أن يكون بطلُكِ، وأن يجعلكِ سعيدةً بالفعل، كونكِ أميرته التي يحبها. هذا هو هدفه، وهدفه الكبير بالفعل!
هذا ما يحلم به بالفعل، منذ ذلك اليوم الذي أحبكِ به، وهو مصممٌ بشدة على أن يجعل ذلك الحلم حقيقة! فهو، حينما يعلم أنه على طريق تحقيق السعادة الحقيقية لمن يحبه ذلك الحب الكبير، فهو مستعد بكلّ ما تحمل الكلمةم ن معنى، لأن (يحملكِ بين ذراعيه)، ولأن يلبي لكِ ما تشائين من رغبات!
- ملاحظات هامة:
علينا أن نقبل على بعضنا، ونساعد بعضنا. علينا كذلك أن نسعى لأن نحب بعضنا، وأن نستفيد من تجارب بعضنا، حتى تشكل قوة الحب لدينا طاقة حيوية وهائلة.
إنه لمن الطبيعي جداً أن يسعى كل من الطرفين لينال التقدير والاحترام بطرق وأساليب مختلفة فيما بينهما: كل منهما يريد أن يسمع ويشعر أنه ممتاز ومميز.
- نصيحة للنجاح:
- عامِل شريك حياتك بحبٍّ وحنان، واجعل منه شخصية مميزة! فهو لا يحب سواك، ويثق بك جداً!
- سوف تزداد ثقتك بنفسك، ويزداد رضاك عن نفسك، فالعامل الحاسم لنجاح أو فشل أية علاقة، إنما هو مدى تقبل وتقدير كل من الطرفين لاختلاف كل منهما عن الآخر، وكذلك عدم محاولة كل منهما لتغيير الآخر.
- تذكّر دوماً: الحب والشوق والهوى عوامل هامة توصل المرء بالتأكيد إلى النجاح!
حينما نكتشف الفروق الكائنة فيما بين الجنسين بوضوح تام، ونحترمها، فإننا نتجنب بذلك حدوث الكثير من المشاكل. وحينما نكرس في أذهاننا فكرة كون الرجل (مصدره المريخ)، مختلف عن المرأة (مصدرها الزهرة)، فإن الأمور ستسير على ما يُرام. للحب تأثير سحري وغير محدود. إنه لمن سذاجة المرء أن يعتقد، أن ليس هناك شيء يمكن أن يعكر عليه صفو سعادته.
(لا تدعْ متاعب الحياة اليومية تأخذك على حين غَرَّة).
يبدأ المرء عموماً لا، يصير متطلباً وعديم الصبر، حينما تبدأ مشاكل وهموم الحياة اليومية. يميل المرء هنا لئلا يكون لديه أن متسعٌ من الوقت للاستماع للآخرين أو فهمهم. ربما يسأل المرء نسه هنا: (لماذا يحصل ذلك؟) إننا نميل لأن نبحث عن شعور الحب في داخلنا، بدلاً من التعامل مع الآخرين على قاعدة متينة من الحب والحنان والتسامح.
ستريان معاً كزوجين، أن حبكما سيزداد حينما تتعاملان بمنتهى الحب والحنان مع بعضكما البعض، وحينما لا تنظرا باستمرار لأخطاء بعضكما البعض. سيكون للحب فرصة في علاقتكما مع بعضكما البعض، وذلك فقط حينما تدركين تماماً تلك الفروق فيما بينكما، وتسعين لفهمها واحترامها. حينذاك يكون بامكان أن تعطي له ما يحتاجه فعلاً من حب وتفهم وحنان. وحينذاك فقط يكون بامكانك أن تقدمي له دعمكِ بالشكل الأمثل.
حينما يشعر النبات بنور الشمس في الصباح، فهو يبدأ بالشعور بالحياة وحينما يشعر الناس في الصباح بقلب شخص حنون، فهم يشعرون كذلك الأمر بالحياة. فقط من خلال الحب يستطيع الناس أن يحتملوا حياتهم المشتركة. إن السعداء من الناس ممن يتعاملون بحب وحنان مع بعضهم البعض، ويفسحون المجالات العديدة لبعضهم البعض، لكي يتسنى أن يكون لكل منهم سمات تختلف عن الآخر، يمنحون الأمل لبعضهم بعضاً، ولا يفقدون إيمانهم بمستقبلٍ مشتركٍ رائعٍ أبداً!
فكّري بشكل إيجابي بالاختلافات الكائنة فيما بين الجنسين: إنه لمن المملّ فعلاً أن يكون تفكيرنا وعملنا كجنسين متشابهٌ ومتماثل. حينما تنظرين للأمور من تلك الزاوية، فستكوّن لديكِ باستمرار الأفكار السليمة المتلائمة مع سائر المواقف، والتي من شأنها أن تساعدكِ دوماً للخروج بأفضل الحلول الممكنةز
- متى تكون المرأة سعيدة وراضية؟
إن حال المرأة يكون جيداًن حينما تشعر المرأة أ نها محبوبة فعلاً، إن حالها يكون جيداً، حينما تكون علاقاتها جيدة مع شريك حياتها، ومع سائر الناس الذي تحبهم وتحترمهم، إن أحد أهم أسباب قبول المراة لعملٍ ما، إنما يكمن في رغبتها لأن تتخذ لنفسها أصدقاء وصديقات تحبهم ويحبونها، وذلك من بين زملائها وزميلاتها في العمل، ويكون حال المرأة سيئاً للغاية حينما لا يكون الجو الاجتماعي الذي تعيش بداخله على ما يرام. إن شعور المرأة بأنها غير مرغوب فيها، وبأنها غير ذات أهمية وبأنها وحيدة ومنعزلة، كل تلك العوامل تشكل سموماً تحطم الروح الأنثوية للمرأة. فالمرأة تعشق فطرياً وبحرارة أن تكون جزءاً من كل، وعضواً في جسد، وشريكاً ذا أهمية. بالطبع تريد المرأة أن تثبت أنها قادرة فعلاً. ولكن ذلك يأتي بالدرجة الثانية بالنسبة لها، إن أنجح النساء مهنياً مستعدات للتخلي عن الكثير في سبيل إدخال الحب إلى حياتهن.
- ما هو المفيد بالنسبة لك:
المعرفة لا تشكل قوة إلا حينما نستخدمها بنجاح. دوّن فيما يلي أفكارك الثلاث ـ جواهرك الثلاث ـ التي يمكن أن تستخلصها من الصفحات السابقة، والتي تعتقد أنها تشكل أهيمة بالغة بالنسبة لك:
ــــــــــــــــــ
أطفالنا.. كيف نجعلهم مبتكرين؟
ناصر أحمد سنة
الابتكار ظاهرة إنسانية لها روافدها ووسائل تنشيطها عبر البيت والمدرسة والمجتمع والإعلام والبيئة, ولها نتائجها الملحوظة على نهضة ورقي المجتمعات, ثم هي - قبل ذلك وبعده - عملية أساسية لدى أطفالنا لتحقيق ذواتهم كي تعبر عن تفردهم وفرديتهم.
صفة الابتكار.. هي من نعم الله تعالى على أطفالنا, فقد حباهم بها منذ ولادتهم وعلى مدى تطور مراحل نموهم, بيد أن هذه الصفة تحتاج إلى التنمية والتدريب والصقل بمهارات عدة كي تتطور إلى قدرة مركبة تؤتي ثمارها.
لقد أشارت الدراسات المتعددة لعملية الابتكار Creativity (الأطفال مرآة المجتمع) د. محمد عماد الدين إسماعيل, والابتكار.. وتنميته لدى أطفالنا.. د. إسماعيل عبد الفتاح) إلى أن صفات فردية تصنعها مثل: الاستقلالية والثقة والاعتماد على النفس والمثابرة والمغامرة والتعاون والمرونة والاهتمامات المتنوعة, كما أنها ـ أي عملية الابتكار ـ تغذيها عوامل وقدرات مكتسبة منها: القدرة Anability على سرعة التكيف ومرونة استيعاب المواقف والمشاكل, والقدرة على إيجاد علاقات جديدة, وتوليد الأفكار بالانتقال بها وبالمواقف من المألوف الموجود إلى غير المألوف المبتكر, مع استعداد نفسي ومعرفي وتوجه Anattitude للتجديد والإبداع مع الاحتفاظ بالأصالة.
كما هي قبل ذلك وبعده عملية Process تعتمد على جمع المعلومات وإعمال الذهن وتحسن الفكر وتوليد بدائل وإجراء صياغات متعددة للتوصل لأفضل بديل مادي (منتج / منشأ/ أو نظرية علمية..) أو معنوي (تعلم مستمر/ نمو شخصي/ إدارة أزمات..). ولم يغب عن هذه الدراسات الإشارة المهمة إلى أن البيت هو أول مَحضن ورافد من روافد تنمية عملية الابتكار تلك.. فكيف نساعد أطفالنا على أن يصبحوا مبتكرين?
ـ أولا عبر توفير الظروف الأسرية التي يسودها الاستقرار النفسي والاجتماعي, وتوفير الوقت اللازم لتربية أطفالنا ومشاركتهم والإشراف على أنشطتهم الفكرية والابتكارية, كي يتم تنشئتهم على قدر كبير من الحرية الشخصية المنضبطة (عطف وحزم), والاستقلالية والمبادأة, وتوجيههم لحسن التحكم في سلوكياتهم, ومن ثم تحقيق ذواتهم.
- منذ نعومة أظفارهم يجب على الأبوين إثارة فضول أطفالهم, وفق مراحل أعمارهم المختلفة, بالأنشطة المتنوعة والمناسبة كالصور /القصص, والوسائل التعليمية المبتكرة على أجهزة الفيديو والحاسوب وغيرها لتنمى لديهم عادة القراءة والمطالعة والجد والاجتهاد فهي أسس المعرفة وبذور الابتكار. ومع ما للتلفاز والحاسوب من تأثير إيجابى, فإنه لا يخفى على أحد تأثيرهما السلبي, فيجب مراعاة ظاهرة (إدمان مشاهدة التلفاز وألعاب الحاسوب) مما يعيق عملية الابتكار والتأمل, ويعيق النمو الحركي والجسماني مع ما قد يسببه من سمنة مفرطة أثبتتها الدراسات المعنية بهذا الشأن.
- على الأسرة إعادة الاعتبار للِعب الأطفال فهي ـ قبل أن تكون وسيلة ترفيهيةـ وسيلة تربوية تعليمية وتثقيفية مهمة في بناء شخصية أطفالنا المبتكرين, فاللعب الذي لا يشغل أطفالنا عن واجباتهم ولا يرهقهم أو يضرهم فرصة لتحررهم من الواقع الزاخر بالقيود, وتخفيف درجات توترهم من إحباطات بيئتهم, فعلينا بذل المزيد من الجهد كي نُحسن اختيار ما يُلعب به وطرق وأماكن اللعب لتلائم مراحل أعمارهم وخصائصهم وبيئتهم وثقافتهم ومن ثم تؤثر في تطور مهارتهم.
ـ جري وتبادل أدوار تمثيلية.. أوراق وألوان وصلصال.. دمى للسيارات والشاحنات.. نماذج للمنازل والجسور.. فك وتركيب المكعبات.. كل ذلك وغيره يُحسن نمو أطفالنا الحركي والانفعالي والمعرفي ويزيد من وعيهم بتبادل المواقف وبتكوين الأشياء, والعلاقات بين الجزء / الكل, الفعل/ رد الفعل, ويغرس دقة الملاحظة, ومهارة الترتيب والتنظيم والتحليل والتقويم وهى من لوازم العملية الابتكارية.
الواقع والخيال
ـ عالم أطفالنا هو عالم اختلاط الواقع بالخيال الحر المتدفق والفريد, وهو نبع فياض بالأسئلة والأفكار والموضوعات, التي تسعى لإشباع الرغبة في التعرف على الأشياء وحب الاستطلاع والفضول (يثيره ثلاثة عوامل: الجدة والتعقيد والغرابة), لذا فلأطفالنا الحق في الإجابات المناسبة عن أسئلتهم الكثيرة: ما هذا, كيف, ولماذا, وأين, ومتى?
- ساعدوا أطفالكم على تنويع طرق تعبيرهم عن عالمهم الفكري الخصب, عبر الوسائط والأنشطة المختلفة كالرسم والتلوين والتشكيل والتركيب والحركة وغير ذلك مما ينمي لديهم أنماط التفكير الابتكاري Creative thinking.(54/194)
ـ وشاركوهم بتوفير المتعة فهي من مقومات عملية الابتكار.. لا يخفى أن الاستمتاع بالخبرات والأنشطة التي تنمي الأجسام والحواس يولد أحاسيس سارة ومشاعر طيبة لدى أطفالنا عن ذواتهم وعن الآخرين, الأمر الذي يدفعهم لبذل المزيد من الجهد (ابتكاراً) لتكرار تلك الأحاسيس, وفق فطرة الإنسان التي فطرها الله عليه في الميل إلى ما يسره والبعد عما يؤلمه:( علموا أولادكم السباحة والرماية, ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً)
- وعلينا تهيئة الظروف المناسبة لانفتاح أطفالنا على عالمهم الداخلي والخارجي.. تذكراً وذاكرة.. إحساساً ومعرفة.. اندماجاً وتفاعلاً.. استكشافاً وتجريباً (إنتاج تشكيلات جديدة ومبتكرة أو حل مشكلات متفاوتة الصعوبة/ التناقض), وتعلماُ غير مباشر من الأحداث اليومية وتنمية الحوار والاستفسار وحق الإجابة, ومشاركتهم بارتياد أماكن ومواقف تثير فضولهم وحواراتهم.
- عبر حثهم المتواصل على التأمل في إبداع الله تعالى في كونه, وحسن تدبيره وتقديره تعالى في مخلوقاته, فإحساسهم وتذوقهم للجمال (إن الله جميل يجب الجمال) يساعدهم على تمثل ملكات التناسق والتوافق والتكامل والروعة وهى من مقومات عملية الابتكار.
- ودون ضيق أو تبرم أو إجبار على أسلوب معين في حل المشكلات, يجب تنمية طرق التفكير السليم, وهى متعددة, لدى أطفالنا ومساعدتهم على الاحتفاظ بأفكارهم الخاصة عبر تسجيلها في يومياتهم أو بطاقاتهم, ليتم البناء عليها لاحقاً ومعرفة مدى تطورهم في هذا الجانب.
تقويم النفس
- ارشدوا أطفالكم إلى كيفية تقويم أنفسهم وتفاعلاتهم في البيت وفى المدرسة ومع الأصدقاء تقويماً إيجابياً وليس سلبياً, حتى وإن جانبهم الصواب في بعض الأحيان, فيتعلموا من أخطائهم فكل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون.
- ولا تنسوا مكافأة أطفالكم عندما يأتون بأفكار جديدة, مع تقدير مجهوداتهم ومبتكراتهم وإن صغرت, واحترام مواهبهم ورعايتها الرعاية الكافية.
- وعبر الاعتماد على خبراتهم السابقة والمزاوجة بينها وبين خبرات الراشدين.. شرقاً وغرباً.. تقليداً ثم ابتكاراً, يمكنكم مساعدة أطفالكم على تنمية قدراتهم على الإنتاج المفيد لهم ولغيرهم ولبيئتهم, مع توفير الظروف المساعدة (بعيدا عن التشتت), وتلبية الاحتياجات والمواد اللازمة لتنفيذ أفكارهم المبتكرة.
- حسن اختيار دور التعليم ذات المناهج والإدارة التي تشبع الحاجات والميول, وتنمي المواهب والطاقات مع التعاون والمتابعة الجادة للأبناء في مدارسهم وجامعاتهم فيما بعد.
- ويبقى على المجتمع العربي المسلم دوره المهم في إبراز احترامه وتقديره للعلم والعلماء والمبتكرين, وتوفير السبل وتذليل العوائق أمام المبتكرين من أبنائنا, والإكثار من الجوائز الممنوحة لهم.. تكريما وتشجيعاً, وعبر صدارتهم لوسائل الإعلام.. قدوة واقتداء.
جملة القول: كم هي السعادة والغبطة والحبور عندما يجد الآباء والمربون ثمرة تربيتهم, وحصاد جهدهم, يرون أطفالهم وأبناءهم مبتكرين ناجحين مرموقين, يحققون ذواتهم كما يسهمون في نهضة ورقي مجتمعاتهم وأمتهم.
ــــــــــــــــــ
الخلافات بين الزوجين وكيف نتعامل معها؟
هالة حلمي
مثل الثمار الطيبة التي يمكن أن يدب فيها الفساد، تكون الحياة الزوجية،
وهناك ما يمكن تحاشيه، وهناك ما يمكن عمله، حتى لا تفقد الثمرة طيبها.
يدب بالفشل أحيانا في الحياة الزوجية، وإحدى صوره الخلافات المتزايدة وإدمان الكراهية و"اللا تفاهم"، فينخر السوس في عظام هذه الحياة حتى تصبح هشة تخفف آلامها المسكنات، ولاسيما التضحية من أجل البقاء، والهدف استمرار الزواج شكلياً من أجل الأبناء.
ولكن مرض الفشل موجود.. موجود، إلى أن تنهار الأسرة وتتصدع بعد وقت قريب أو بعيد، وعلى أية حال، لا يعني الاستمرار النجاح.
فهل نقتلع هذا الفشل من جذوره، أو نقومه أو نتحمله تحت شعار "من أجل الأبناء"؟، وهل تصبح الحياة، عندئذ، مناسبة حقا لأبنائنا، بؤرة الاهتمام؟! نستطلع في ذلك رأي العلم والدين والقانون.
* السؤال للدكتورة فؤاده محمد علي مدرسة علم النفس الاجتماعي بمعهد الدراسات العليا للطفولة: هل يمكن أن نجمل بعض أسباب الخلافات نجمل بعض أسباب الخلافات الزوجية؟
- من الصعب الفصل بين الأسباب الاجتماعية والأسباب النفسية لهذه الخلافات ومن ضمن الأسباب الاجتماعية التي يتصاعد معها عدم التفاهم بين الزوجين:
أولا: الفجوة في المستوى الاجتماعي بين الزوجين كأن يكون أحد الزوجين من الريف والآخر من الحضر، هنا تتباين عادات وتقاليد كل منهما الأمر الذي قد يخلق الصراع بينهما في بعض المعاملات.
ثانيا: الاختلاف الشاسع في المستوى الفكري والعلمي لأحد الزوجين أو حصوله على درجات علمية تفوق الآخر، وهذا من شأنه أن يخلق هوة في التواصل بين الزوجين وفي عملية خلق الأفكار المشتركة.
ثالثا: الظروف الخارجية لكليهما، فالحياة مليئة بالمشاكل والضغوط الاجتماعية المختلفة ولاسيما مشاكل العمل والعلاقات مع الآخرين، كذا خلافات أحد الزوجين مع أهله مثلا.
ونسأل د. فؤادة: إذا اعترفنا بضرورة وجود خلافات زوجيه لأنه لا يوجد زواج دون خلاف، فكيف نقلل حدة هذه الخلافات؟
- أرى ألا تبدأ الحياة الزوجية بكم كبير من التجاوزات وضرورة التقارب في معظم المواصفات لكلا الزوجين، وكما نقول إن "مرآة الحب عمياء" وأحيانا تصور المشاعر الرومانسية لدى الإنسان ان لديه مقدرة على التجاوز عن عيوب الحبيب، فهناك بعض الاختلافات لا يجوز التغاضي عنها لاسيما الفروق السنية الكبيرة بين الزوج والزوجة فهذا الاختلاف من شأنه خلق مشاكل عديده كأن يفوق الزوج زوجته بفارق سني كبير يصعب معه الاتفاق مثلا.
وتضيف د. فؤادة: ودورنا كأهل خبرة وعلم أن نلجأ لنوع من توعية الزوجين ويتم ذلك عن طريق العيادات النفسية، ولا يعيب الزوجين التردد على هذه العيادات لحل مشاكلهما الزوجية التي يستعصي عليهما حلها كتلك المشاكل التي تسببها أعراض نفسية معينة لدى أحد الزوجين مثلا.
من المؤكد أن تصاعد الخلافات الزوجية يتولد عنه نتائج اجتماعية سلبية للزوجين، وللأبناء، خاصة أن الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع فهل يمكننا تحديد بعض هذه النتائج؟
- القيم التي يتعامل بها الأزواج تنتقل إلى الأبناء، فكيف إذن أعبر عن حبي لأبنائي وأنا غير سعيدة، أو لا أشعر بالحب من الطرف الآخر؟.
فالأم المستقرة في زواجها تغذي طفلها حبا وحنانا والعكس، وكذلك الحال بالنسبة للأب فحين يأخذ الاهتمام الكافي يهتم بأبنائه ويغمرهم بقدر من الحب والاحترام وحين أحترم طفلي ينشأ لدّي طفل محترم لذاته والعكس صحيح.
كذلك يمكنني أن أقول أن بروز العدوان داخل الأسرة من النتائج السلبية للخلافات الزوجية، فأحيانا تخرج الأم عدوانها ضد أبنائها حين يستضعفها الأب ونسمى هذه الحالة " التفريغ الانفعالي"، مثال ذلك أن تلجأ الأم إلى ضرب أبنائها بكثرة فهي تعاني من ضرب زوجها لها ولا تدري أنها تفرغ انفعالها من ضرب زوجها لها في أ بنائها.
إذا تصاعدت الخلافات الزوجية واستطاع كلا الزوجين تحمل سوء عشرة الآخر فهل يُفضل استمرار الأسرة وسط هذا الجو المشحون بالمشاكل، أو نرجح الانفصال، واضعين في الاعتبار مصلحة الأبناء؟
- تقول د. فؤادة: " كلاهما مر"، فأبغض الحلال عند الله الطلاق، واستمرار الزواج وسط كم كبير من المشاكل يدفع ثمنه الأبناء. وأرى أن كل طفل يجيء إلى الحياة يأتي معه حقه في كل الحب وكل الاهتمام، لكن شعور الأبناء الدائم بالتهديد بانهيار الأسرة من قبل أي من أبويه، يطحن عظامه ويقلل من ثقته في ذاته. أما الطلاق فهو يصدم الأبناء بحياة جديدة مجهولة الأبعاد.
وإذا استمر الزوجان وسط هذا الجو المشحون بالخلافات فيجب أن تكون لديهما القدرة الكافية على التحمل دون أن نحمّل الأبناء ذنب التضحية. وإذا استحالت العشرة فلا بد أن يتمتع الوالدان بوعي كامل عن كيفية التقليل من كم الضرر النفسي الواقع على الأبناء كأن نغمرهم بقدر زائد من الحب من جهة الأبوين لنعوضهم عن تشتت الأسرة . ولكن العملية نسبية وتعتمد على الشخصيات ودرجة الوعي وحب الأبناء، إذا يهمنا في النهاية مصلحتهم.
ويتحدث د. حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع كلية البنات - جامعة عين شمس - عن الأسباب الاجتماعية للخلافات الزوجية فيقول: إن أسباب هذه الخلافات اجتماعية نفسية اقتصادية. فالحياة الاجتماعية محصلة للتداخلات. وقد تحدث هذه الخلافات لأسباب خاصة بالزوجين كعدم الحب، أو الحب الزائد، أو تدخل الأهل مثلا.. إلخ.
وثمة أسباب اقتصادية خاصة بالإنفاق مثلا، وأسباب نفسية نتيجة علاقات داخلية للزوجين، أو التصادم في أساليب تربية الأبناء. ناهيك عن بعض العلاقات الاجتماعية المتسببة في نشوب هذه الخلافات ولا سيما علاقات الجيران أو العمل.
ويعد التكافؤ من أم مقومات نجاح الحياة الزوجية، التكافؤ العمري، التكافؤ في المستوى التعليمي إضافة إلى تقارب المستوى الطبقي والمادي، وكلما زادت التناقضات زاد احتمال التوتر والخلاف.
وكيف نقضي على شر هذه الخلافات؟
- يقول د. حسن: لا يوجد بيت مثالي وجميع البيوت تعيش الخلافات والتوترات. بعض الخلافات عابرة وليست مقلقة. وللوقاية من تزايد الخلافات لأبد من:
- عدم إشراك الآخرين في المشاكل الزوجية، لأن تدخل الأهلي مثلا قد يزيد حدتها.
- التفاهم، والتفاهم حول كل شيء وعدم العناد والبعد عن الأنانية.
- كذلك الاحترام المتبادل، فالزواج ليس معركة، إنما سكن ومودة ورحمة.
وإذا علمنا أن الشخصية السوية نتاج الأسرة الهادئة، وأن الخلافات الزوجية تؤثر بشكل سلبي الأبناء، وفي الزوجين لحاولنا تقدم من التروي والتفاهم الوصول بالأسرة إلى الهدوء لأن استمرار الخلاف من شأنه أن يجعل الأبناء في حالة دائمة من التوتر والقلق الأمر الذي نعتبره ضد التنشئة الاجتماعية السليمة وقد يؤدي إلى آثار نفسية مرضية.
ويرجح د. حسن الخولي الانفصال في حالة تزايد الخلافات الزوجية ويعتبره علاجا لأن استمرار المرض دون علاج يؤدي إلى تفاقمه فإما التفاهم وإما الانفصال وهو آخر الحلول.
وتوجهنا بسؤالنا إلى المستشار أحمد هاني: هل يمكن أن تتصاعد الخلافات الزوجية لتصل إلى ساحات المحكمة؟
- يقول: يتوقف الأمر على سلوك الطرفين، ويعود للمنشأ والعادات والتقاليد والبيئة فبعضهم يحلها بشكل ودي وغيرهم يلجأ إلى المحاكم.
ونوعية الخلافات التي يعالجها القانون؟
- خلافات مثل: سوء عشرة الزوج كالضرب والسب والهجر.
ومن وجهة نظرك: هل يمكن أن تستقيم الحياة الزوجية بعد اللجوء للمحاكم ؟
- هذه بداية النهاية ولا يعود الصفاء للحياة الزوجية، والقضاء لا يعيد المياه إلى مجاريها. وأفضل الحلول الصُلح السلمي ذلك لأن تقاضي الزوجين يؤثر في الأبناء ويشعرهم بعدم الأمان.
هل ثمة قوانين تحمي الزوجين وتحد من تصاعد الخلافات الزوجية؟
- هناك قوانين الأحوال الشخصية بأسرها مثل ( قوانين النفقة الزوجية، نفقة المتعة، ونفقة العدة) وتوجد قوانين عقوبات تتعلق بالشق الجنائي مثل ( الضرب، والسب، والقذف، والإهانة).
حين تختلف القيم
يفسر د. عادل عز الدين الأشول أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية كلية التربية جامعة عين شمس ومدير مركز الإرشاد النفسي بعض الأسباب النفسية الكامنة وراء الخلاف بين الزوجين: فيقول الأسباب النفسية للخلافات الزوجية تتلخص في:
- عدم تناسق الاتجاهات بين الزوجين ولا سيما الميول والرغبات كأن يميل أحدهما إلى الانطلاق والمرح والآخر يميل إلى الانطواء والتقوقع، أيضاً التباين في المشاعر والأحاسيس بأن يكون أحد الزوجين رومانسيا والآخر يميل إلى الواقعية البحتة.
- المرض النفسي من شأنه أن يحدث خللا في الحياة الزوجية، مثلا قد تتصور الزوجة أنها ستعتمد على زوجها ماديا ولا تجده أهلا لذلك، هنا قد تعاني نفسيا لأنها نظرت إليه على أنه كفيلها يصونها ويساندها نفسيا وماديا ومعنويا.
- عدم اقتناع أحد الزوجين بالآخر نعتبره بداية الاختلاف، فمع العشرة تظهر بعض الخصائص الشخصية لكل الزوجين فيبدو لأحدهما ان هذه الصفات الشخصية لا تروق له كأن يكون أحد الزوجين بخيلا، أو مبذرا.
- مفهوم الذات لدى كل من الزوجين يؤثر في التوافق في الزواج فمثلا قد يعلي أحد الزوجين من ذاته فيقترب من الغرور أو الثقة الزائدة، وقد يحقر أحدهما أيضاً من ذاته فيصيبه الإحباط الدائم، كل هذا يؤدي إلى اضطراب العلاقة.
- صورة الأب وصورة الأم لدى الزوجين: فالزوجة لا يمكن أن تكون صورة من أم الزوج وهو ما ينشده بعض الأزواج في زوجاتهم، الأمر الذي يخلق مشاكل عديدة فلا الزوجة تريد أن تتشبه بأم زوجها في كل شيء ولا الزوج يريدها كما هي.
- عدم النضج النفسي والاجتماع لأحدهما أو كليهما بمعنى عدم الاستقلالية عن الأسرة وعدم الاعتماد على النفس بما يجعل عملية تحمل مسئولية الحياة الزوجية غاية في الصعوبة.
وماذا عن التأثير النفسي الذي تتركه الخلافات الزوجية في الأبناء؟
- يقول د. عادل: إن تزايد الخلافات يولد لدينا أبناء مضطرين سلوكيا لافتقادهم المثال فالابن عادة المثال والده، والابنة المثال أمها، ولكن في ظل وجود الخلافات يفتقد الأبناء القدوة مما يؤثر في صحتهم النفسية وقد يصاب الابن بانطواء نفسي، اكتئاب أو توتر.
- تؤثر هذه الخلافات في المستوى الدراسي للأبناء وينتج عن ذلك أبناء متخلفون دراسيا. وبرغم ذلك فإن تأثير الخلافات في الأبناء نسبي ويختلف طبقا للفروق الفردية مثل ( السن، النوع، قدرات التحمل).
وينصح د. عادل الأشول بضرورة أن تتم عملية الاختيار الزواجي على أسس معينة حبذا لو كانت أسسا دينية لأن هذه الخلافات تصبح أقل.
ويضيف: تتم في الخارج عمليات إرشاد نفسي وبيولوجي واجتماعي للزوجين قبل الزواج وأثناءه، ذلك لأن عملية الانتقال من بيئة لأخرى تتطلب تغييرا في كثير من العادات السلوكية، فكلما كان الإنسان قادرا على التخلي عن العادات السلبية التي لا تتفق والزواج لا سيما العادات ( اللا مسئولة) مثل ( الاستهتار بمواعيد الخروج من المنزل والعودة إليه، قلل هذا من احتمالات فشل الزواج ومن تزايد الخلافات.
وهل تتفق والرأي الذي يحبذ استمرار الزواج برغم الفشل التام من أجل نمو الأبناء في أسرة متكاملة؟
- أرى أن الاستمرار أفضل من الانفصال لأن المطلق لا يعيش مُطلقا طوال عمره فيشعر الأبناء أنهم في المنزلة الثانية الأمر الذي يعرضهم لاضطرابات نفسية.
سؤالنا الأخير لـ د. عادل: هل ثمة خلافات يصعب معها الاستمرار؟
- الخلافات القيمية هي أشد أنواع الخلافات ولا سيما الخيانات الزوجية.
* ونختتم موضوعنا عن الخلافات الزوجية باستطلاع رأي الدين، إذ لم تغفل الشريعة الإسلامية التطرق إلى الخلافات الزوجية، وآدابها وكيفية حلها بالقرآن والسنة.
كان لقاؤنا مع فضيلة الشيخ محمد عبدالرحمن الواعظ بالجمعية الشرعية بالقاهرة لكي نسأله عن الطريقة المثلى لحل الخلاف بين الزوجين طبقا لما جاء في شريعتنا الإسلامية؟
- فيقول: فيما يتعلق بكيفية حل الخلاف فقد بينت الآية الكريمة كيفية الحل إذ قال الله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما حكيما .يقول تعالى إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما مما يوحي بتحبيذ التوفيق: وعن أبن عباس رضي الله عنهما: أمر الله تعالى أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظرا أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المخطئ حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وأن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة، فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز.
وما زلنا نؤكد ونرى أن العملية (نسبية) فيما ينطبق على زوجين لا ينطبق على غيرهما من الأزواج، وما قد يعانيه الأبناء في أسرة مفككة ومنشقة قد لا يعانيه أمثالهم في أسر مماثلة.
ويظل الوضع الأفضل هو اتقاء الكسر قبل ان يقع واختيار أبواب تظل مفتوحة.
ــــــــــــــــــ
الإفراط في تحمل الابن المسؤولية ..لماذا؟
قد يكون الابن الأكبر أو الأشطر هو الأب الروحي لأخوته فيتحمل مسؤوليتهم بدافع الواجب ، إنه لا ينشأ مضحياً هكذا ولكن الأسرة هي التي تبث فيه هذا الشعور دون أن يعوا أنهم هكذا يظلمونه .
أحياناً لا يقوى هذا الابن على معارضة أهله ومعاندتهم، ليصبح ومن دون تكليف رسمي ملزما دائما بأعباء الأسرة على حساب أموره الخاصة وحتى أحلامه المستقبلية، وكأن قدره الغرق في العمل وحمل الهموم ليستفيد من عمله أشقاؤه الذين يتقاعدون عن المسؤولية لا مبالين، ما دام غيرهم يقوم بها بحجة أنهم غير قادرين على القيام بما يقوم به الأخ الشاطر أو المتفاني.
تؤكد " سهى هاشم " اختصاصية علم الاجتماع "أن الخلل في توزيع المسؤوليات بين الأولاد يبدأ من الوالدين، وليس ضروريا كما يتبادر إلى الأذهان أن يكون العبء منوطا بالابن البكر فقط، إذ نلاحظ أحيانا أن هذا الابن يحصل على امتيازات أكثر مما يلزم بواجبات، وتحديدا في المجتمع الشرقي".
أما عن سبب اعتماد الأم على من يبدي استعدادا للمساعدة من دون تذمر أو شكوى، على أساس انه الابن الشاطر، فتقول " سهى هاشم " - حسب ما ورد بجريدة الشرق الأوسط : "الأم هي الأكثر حاجة إلى المساعدة، لذا تجد في الابن القادر على تحمل المسؤولية منقذا وداعما، وتتجه إليه تلقائيا. والأمر ليس بالضرورة سيئاً، فالصداقة التي تنشأ بين الاثنين تصبح وثيقة ومريحة لهما مع الوقت، لاسيما إذا لم تقترن بسلوك استغلالي أو باستقواء من طرف على آخر". لكن الوضع قد يتحول حساسا عندما نجد الابن (أو الابنة) مكلفا على الدوام بالذهاب إلى الدكان لشراء ما تحتاجه العائلة في حين ينصرف أخوته إلى ألعابهم أو يجلسون أمام شاشة التلفزيون ويتابعون برنامجهم المفضل. كما نلاحظ أن الابنة التي تتبرع برعاية شقيقها (أو شقيقتها)، الصغير في غياب الأهل تصبح مع الوقت ملزمة بهذه المهمة وعليها التوفيق بين تأديتها ومراجعة دروسها. والفتاة التي تشعر بتعب والدتها وتسارع إلى مساعدتها في الأعمال المنزلية، لا تملك بعد ذلك إعلان رفضها أو تخليها عن وظيفتها الجديدة. وتقول إحدى الفتيات أن أمها لم تكن تنادي سواها إذا احتاجت إلى مساعدة، وكأن شقيقاتها الباقيات "بنات الست" وهي وحدها "ابنة الجارية" أو سندريللا، لكن من دون أمير سيحضر لإنقاذها.
ويرى "وليد طراف" أستاذ علم النفس، أن هذا الإحساس ينطلق من عقدة الاضطهاد التي "تسود بعض الأسر، وهي عقدة لا تكون حقيقية في كل الأحوال. فالأهل يتصرفون من دون خلفية، لكن التباين هو في طبع الأولاد وتنوع شخصياتهم. ولأن مجتمعنا الشرقي لا يولي أهمية للأحوال النفسية لأفراده، قد يتأزم الولد من تراكم سلوكيات معينة، ولا يجد طريقة للإعلان عن احتجاجه، فيتحول غضبه إلى شعور بالاضطهاد، تكفي كلمة لطيفة في حينه لإزالته. وتجدر الإشارة إلى أن المجتمع الشرقي يعتبر الولد قاصرا وتابعا لأهله ولا يحق له الاعتراض على تصرف معين من أهله حياله. لذا ينصاع علنا ويراكم عقده سرا".
وسرعان ما يفرض هذا الوضع واقعا جديدا في يوميات الأسرة. وبعد حين يصبح بديهيا الطلب إليه تنفيذ كل كبيرة وصغيرة، بحيث يصل إلى مرحلة يشعر معها بالاضطهاد والظلم ويتضخم إحساسه بأنه مستغل ويتم التعامل معه على أنه استثمار، وكأن دوره هو العطاء فقط. فيعاني من كونه صاحب واجب لا صاحب حقوق أسوة ببقية أفراد العائلة. وإذا قصّر في العطاء قد ينال لوما أو توبيخا أو عقابا عاطفيا في صغره وكبره. صحيح أن هذا الضغط يبلور كفاءته ويمنحه قدرة على انجاز ما يوكل إليه من مهمات ببراعة وسرعة وإتقان، لكن الصحيح أيضا أن الآخرين يعتادون عليه في هذا المستوى من الأداء، يحولونه إلى كائن اقرب إلى الكمال ولا يسمح له بضعف بشري وإلا كان الشعور بالذنب من نصيبه. تصادر إرادته لتصبح الطلبات أوامر مموهة، يستحيل عليه رفضها. وما يزيد من هذه المعاناة الصامتة في معظم العائلات التي تعيش هذا الوضع أن تحمل المسؤولية من قبل احد الأبناء يعني لمن حوله انه يقوم بواجباته لا أكثر ولا اقل، ونادرا ما يسمع كلمة شكر أو ثناء لما يقدمه، إلا في حالات إظهاره بعض التبرم وذلك لإعادة شحنه وتجديد توريطه.
وقد لا يقتصر الأمر على ابتزاز الابن الشاطر بالكلام المعسول ورفع المعنويات، إذ غالبا ما تترافق هذه الظاهرة مع أخرى أخطر، وهي الغيرة من شطارته، ولا تكون النتيجة محاولة للتنافس معه وتقديم الجهد العملي لإزاحته من موقعه، إنما يصار إلى تسخيف ما يقوم به أو حتى اتهامه بأنه يسلب الآخرين دورهم ويدخل انفه في ما لا يعنيه أو يدعي مثالية أو يعتقد انه الأقدر على تقديم نصيحة أو معلومة، مستثمرا مكانته بهدف إرضاء حبه للسيطرة والاستحواذ على تقدير والديه واحترامهما.
ويعتبر " طراف " "أن الأهل الواقعين أصلا تحت وطأة ظروف حياتية ضاغطة قد يسيئون التصرف، فيعتبرون أن ما يبذله الولد هو تحصيل حاصل، لا لزوم لإطرائه أو تشجيعه أو حتى الاهتمام به انطلاقا من انه قوي وصلب، فيهملونه مقابل الاهتمام بالأخوة غير المسئولين، الذين يحصلون على أكبر نسبة من التشجيع لقاء أتفه الأمور. وذلك في سعي لتحسين قدراتهم وحثهم على مزيد من التقدم، وتحديدا في مسيرتهم المدرسية، فلا يوكلون إليهم أي مهمة ويمهدون لهم الأجواء حتى يتمكنوا من الدرس بهدوء وتركيز".
وغالبا ما تنعكس تداعيات هذا الوضع مع تعاقب السنوات. الابن يكبر وتكبر معه مسؤولياته، إذ لا تعود مقتصرة على الطلبات الصغيرة، إنما يدخل حاملا نصيبه من المسؤولية إلى العالم الحقيقي. فيجد نفسه مرغما على تقديم العون المادي لجميع أفراد الأسرة وغالبا ما يناط به تولي حالات الطوارئ والقيام بالمهمات الصعبة التي يتهرب منها باقي أفراد العائلة. وتترافق هذه الوتيرة مع كل ما يحيط بها من تبعات، ليصبح الاستغلال الأخوي أكبر والغيرة أشد واللامبالاة مدموغة بالأنانية. وقد تؤدي هذه التبعات إلى أزمات نفسية واجتماعية معقدة يصعب التعامل معها، سواء من جهة الأهل الذين يقعون حينها في مطب التمييز بين الأبناء أو لجهة الأبناء أنفسهم الذين تتخذ علاقاتهم منحى عدائيا في السر وعاديا في العلن.(54/195)
وتزيد هذه الحالة حدة، إلا أن نتائجها تختلف باختلاف شخصية الابن. فإذا كان انفعاليا متطرفا قد يعبر إلى المقلب الآخر في سلوكه وبعد التزام اعمي بعائلته وتفان لا حدود له، يصل إلى حافة الانفجار، فيجنح إلى الثورة على نفسه في الدرجة الأولى لاعتقاده انه احد المساهمين في ما وصل إليه، وعلى من حوله بعد ذلك، ضاربا بعرض الحائط النسب وصلة الرحم. وقد يقرر الاستقالة نهائيا من أي شكل من أشكال المسؤولية العائلية، ليغرق في أنانية مفرطة حاملا شعار: "أنا ومن بعدي الطوفان".
أما في غالب الأحيان، وتحديدا لدى الأبناء الذين يفتقدون إلى شخصية قوية، ويخافون المواجهة، نجد أن شعورهم بالظلم لا يغير واقعهم، فيكملون ما هم عليه، لكن مع كبت عنيف لاحتجاجهم وعجزهم عن التحرر. وغالبا ما تقودهم هذه الحالة إلى عجز في مجالات حياتية أخرى، فيرافقهم الشعور بالضعف في زواجهم وحيال أولادهم، كذلك تنعكس على ميدان العمل، فنجد أنهم لا يملكون الجرأة للمطالبة بحقوقهم، ويقتنعون بأنهم مضطهدون ومعذبون، ولا يتوصلون إلى إشباع نفسي وعاطفي. ويبقى الاحتمال الثالث لواقع إرهاق الابن بالمسؤولية لمصلحة بقية أفراد العائلة، وهو التعامل مع الأمر بالتي هي أحسن.
وهذا الحل ينتهجه في اغلب الأحيان الأشخاص المتوازنون، الذين يملكون أسلوبا للتفاهم وتوضيح الأمور من دون إثارة الحساسيات، بحيث يتوصلون إلى صيغة معقولة، تفهم الآخرين حدودهم وتقطع عليهم الطريق لمزيد من الاستغلال، مع المحافظة على الالتزام بالأسرة والقيام بمسؤولياتهم على أحسن وجه، لكن ليس على حساب مسؤولياتهم تجاه أنفسهم.
ــــــــــــــــــ
من يتحمل مسئولية إنشاء الحوار الهادئ..الأولاد أم الآباء؟
أ. سحر شعير
إذا كانت أفكار الأولاد تختلف عن أفكار آبائهم فكيف يلتقون معاً حتى تتم التربية حسب أصولها الصحيحة التي لابد فيها من مساحة كبيرة للحوار؟
خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار الصعوبة التي يجدها الطفل -غالباً- في استيعاب وهضم أفكار الكبار، تماماً كما يجد صعوبة في حمل مقدار الوزن الذي يستطيع والده أن يحمله.
ثم إن الأولاد غير مؤهلين لكي ينهلوا من أفكار آبائهم؛ لأن قدرات الآباء غير متكافئة مع قدرات الأولاد، فالأب مثلاً يستطيع أن يحمل حمولة ابنه جسمياً وفكرياً بينما الابن لا يستطيع أن يحمل حمولة أبيه، كالطالب بالصفوف الثانوية قادر على استيعاب المنهج الابتدائي بسهولة بينما العكس غير وارد.
من هنا نجد أن الواقع يفرض نزول كل أب إلى مستوى أبنائه حتى يلتقي معهم، وحتى تثمر جهود الآباء في تحقيق التقارب وسهولة الالتقاء بأبنائهم في حوار ناجح يتطلب ذلك إلقاء الضوء على بعض الخطوات المهمة التي يجب مراعاتها وصولاً إلى هذا الهدف، مثل:
1- النزول بالفهم والحوار إلى مستوى الأولاد، مع بذل جهود متواصلة لرفع كفاءة التفكير لديهم واستيعاب الحياة بصورة تدريجية.
2- احترام مشاعر وأفكار الأولاد مهما كانت متواضعة والانطلاق منها إلى تنميتها وتحسين اتجاهها.
3- تقدير رغبات الأولاد وهواياتهم والحرص على مشاركتهم في أنشطتهم وأحاديثهم وأفكارهم.
4- الاهتمام الشديد ببناء جسور الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء التي تعتمد على غرس انطباع إيجابي عندهم يفضي إلى تعريفهم حجم المحبة والعواطف التي يكنها لهم آباؤهم، فلابد أن يحس الأولاد بأننا نحبهم ونسعى لمساعدتهم ونضحي من أجلهم.
5- حسن الإصغاء للأبناء وحسن الاستماع لمشاكلهم لأن ذلك يتيح للآباء معرفة المعوقات التي تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم ومن ثمَّ نستطيع مساعدتهم بطريقة سهلة وواضحة.
6- إن معالجة مشاكل الأبناء بطريقة سليمة تقتضي ألا يغفل الآباء أن كل إنسان معرض للخطأ ووضوح ذلك أثناء الحوار، وذلك حتى لا يمتنع الأبناء عن نقل مشاكلهم إلى الأهل ثم يتعرضون لمشاكل أكبر أو للضياع، بل يتم مناقشة المشكلة التي يتعرض لها الابن بشكل موضوعي هادئ يتيح له قبول والاعتراف بمواطن خطأه وبالتالي تجنب الوقوع فيها مرة أخرى.
7- يجب ألا نلوم الأبناء على أخطائهم في نفس موقف المصارحة حتى لا نخسر صدقهم وصراحتهم في المستقبل، بل علينا الانتظار لوقت آخر ويكون ذلك بأسلوب غير مباشر.
8- تهيئة الأبناء - من خلال الأساليب السابقة- لحل مشاكلهم المتوقع تعرضهم لها مستقبلاً في ظل تعريفهم بأسس الحماية والوقاية.
9- عدم التقليل من قدرات الأبناء وشأنهم أو مقارنتهم بمن هم أفضل منهم في جانب معين، لأن هذا الأسلوب يزرع في نفوسهم الكراهية والبعد ويولد النفور ويغلق الأبواب التي يسعى الآباء إلى فتحها معهم.
10- إشعار الأبناء بأهميتهم ومنحهم الثقة بأنفسهم من خلال إسناد بعض الأعمال والمسئوليات لهم بما يتناسب مع أعمارهم وإمكانياتهم، مع استشارتهم في بعض التحسينات المنزلية أو المفاضلة بين عدة طلبات للمنزل، ثم عدم التقليل من جهود الأبناء لمجرد تواضع المردود عن المتوقع منهم لأن ذلك قد يخلق تراجعاً في عطائهم وينمي فيهم الخمول والإحباط مستقبلاً.
11- الاهتمام بالموضوعات والأحاديث التي يحبها الأبناء ويسعدون بها وتناولها بين الحين والآخر، إن ذلك يجعلهم يشعرون بمشاركة الأهل لهم في كل شيء، وأنهم يريدون إسعادهم وإدخال السرور على نفوسهم.
12- يراعى أثناء الجلسات العائلية والمناقشات أن تُقَابل اقتراحات الأبناء وآراؤهم باحترام وقبول طالما أنها لا تخل بالأخلاق ولا تنافي تعاليم الإسلام.
وأخيراً...
فلنعلم أن أعمال الأبناء وأفكارهم وقدراتهم مهما كانت متقدمة فلن تسير على نهج أفكار الكبار أو ربما لا تدخل في مجال اهتماماتهم ونظرتهم للحياة لوجود فارق زمني وثقافي ومكتسبات مختلفة وموروثات متنوعة تجعل الاتفاق على كل شيء أمر صعب.
وإذا كان الآباء يعرفون جيداً كيف يجاملون أصدقاءهم وينصتون إليهم ويحترمون أحاديثهم التي تتناول أشياء وموضوعات قد لا يعرفونها أو لا يحبونها، وقد يتظاهرون بالاهتمام والتفاعل إكراماً لمحدثهم، وربما بادروا بالحديث حول تلك الموضوعات لإشعار محدثهم بحجم الاهتمام به، أفلا نتفق على أن أبناءنا أوْلى بهذا النوع من الرعاية؟
نعم إنهم أحق وأولى بالاهتمام والرعاية والاحترام لأحاديثهم وأفكارهم وهواياتهم التي غالباً ما تدور حول دراستهم وآرائهم الاجتماعية والرياضية وأمانيهم للأيام القادمة.
إننا بذلك نستطيع أن ندخل إلى عقولهم ونسكن قلوبهم الخضراء الصغيرة بسهولة ويسر، ونكون قد بنينا جسور الالتقاء معهم لنقودهم إلى ما فيه خيرهم ورشادهم في الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــ
ما الذي يحتاجه المرء ليكون راضياً فعلاً؟
* كلاوديا إنكلمان
أجرِ اختباراً مع شريك حياتكِ: اسأليه عما لو كان ما زال يذكر لحظات حبكما الأولى! إذا ابتسم إزاء ذلك مستحسناً سؤالكِ، فهو سعيدٌ معك على الأغلب وما زال يحبك. وفرص المستقبل المشترك تبدو رائعة بالنسبة لكما!
- الرضاء والشعور بقيمة الذات
لقد أجرى باحثون من جامعة واشنطن تحت إشراف عالم النفس الأميركي جون غوتمان دراسات، بوسائل علمية للمرة الأولى، حول سر الحياة الزوجية السعيدة. لقد خرج الباحثون من تلك الأبحاث بنتيجة مفادها أن ثمة انماط سلوكية أربعة تشكّل في أغلب الأحيان خطراً على أية حياة زوجية: احتقار الطرف الآخر، والميل المستمر لانتقاد الطرف الآخر، والميل المستمر لأحد الطرفين للدفاع عن نفسه، والتحصن المستمر من الطرف الآخر: حينما يتحصن كل من الآخر وراء جداره النفسي الباطني، فلن تتوفر هنا أية امكانية للتعامل الإيجابي المشترك، ولن تتوفر بالتالي أية قاعدة لأي تفاهم مشترك.
-الصداقة المخلصة هي الاساس
لقد كان الفهم السليم والعميق للواقع النفسي للطرف الآخر، دوماً وأبداً عاملاً هاماً يميز حياة الأزواج السعداء، لقد أفاد كل من الرجال والنساء على السواء، أن نمط الصداقة بين الطرفين لهو الجزء الأهم الذي يحدد درجة رضا كل من الطرفين في حياته الزوجية.
ويتميز الأزواج السعداء اضافةً لذلك، بأنهم يتعاملون مع بعضهم بشكل موضوعي وبنّاء. لقد اكتشف غوتمان أنهم يسعون، خلال أي نزاع أو أية مشاجرة فيما بينهما، لايجاد مخرجٍ من الأزمة والانتهاء بالصلح، وذلك قبل أن يصل الأمر إلى حدّ (فقدان السيطرة الذي يحدثه تبادل الأجوبة والتعابير السلبية فيما بينهما).
- روح الفكاهة والمرح هي كالملح في الحساء
الأزواج السعداء يتميزون عموماً بروح الفكاهة، والتي من شأنها أن تساعدهم في التعامل مع سائر النزاعات المحتملة بمنتهى الراحة والاسترخاء!
إنه لمن عادة الزوجين في أية حياة زوجية سعيدة أن يقدرا بعضهما البعض، ويحترما بعضهما البعض. إن هذا النمط من السلوك من شأنه أن يساعدهم في حل مشاكلهم على المدى الطويل، وبشكل ايجابي.
-لايحب الرجال ان يتم توجيهه مثل توجيه الام لطفلها
يرغب الرجال بشدة في اظهار نجاحاتهم على الصعيد المهني، وفي قدراتهم على حل المشاكل. اعتن بشريك حياتك اعتناء الأم بطفلها، ولا تنتقده باستمرار، ولا تعيره باستمرار على ضعف إتقانه لعمل ما، مثل: (افعل ذلك هكذا، وليس هكذا!) أو (لا تقود السيارة بتلك السرعة!).. الخ، ولا تعمل باستمرار على تلقينه ارشادات عمل.
- لعبة القوة فيما بين العاشقين
ظهر تقرير منذ فترة في مجلة (ELLE) النسائية العالمية حول ما أسموه بـ(العبارات القاتلة). ينبغي على الأزواج الذين يرغبون في البقاء سعداء أن يزيلوا، بالسرعة الممكنة، من قواميس ألفاظهم عبارات مثل: (بامكاني أن أعلّمك ذلك). غير أننا ينبغي أن نسأل أنفسنا عن أسباب تجاهلنا المستمر لمصادر المعلومات التي ننهل منها بمنتهى الراحة، ودون ثمن، ولا تعب، ولا ولا كلل! لماذا لا يعرفن زوجات الخبراء الضريبيين عن الضرائب سوى القليل جداً، ولماذا لا يعرف الرجل المتزوج من عازفة بيانو في جوقة موسيقية، أي شيء يذكر عن عزف البيانو؟ لماذا هو مستعد لأن يعلم سائر النساء ضمن حلقة أصدقائه وصديقاته جميع ما يعرفه عن برامج الـ(ويندوز)، وبمنتهى الصبر، وهو في الوقت نفسه، لا يقدم لزوجته سوى نصحه الثمين، لأن تقرأ بعض الكتب المتخصصة التي يقترحها لها حول ذلك؟
-الخوف من التماثل مع الاخر
هل هو صراع القوى المعتاد فيما بين العاشقين؟ أم هو الخوف من الفضيحة؟ وبالتالي من فقدان بعض ما يتمتع به المرء من جاذبية، وهو خوف ذو طابع طفولي صعب الاستئصال؟ هل تمنع المشاعر وجود المسافة المقررة اللازمة فيما بين المعلم والتلميذ؟ أم أن أساليب التعلّم والتعليم باتت على الأغلب غير متناغمة وغير منسجمة فيما بينها؟ ثمة إجابة محتملة على تلك التساؤلات، مفادها أنه إن كان الزوجان ينتميان إلى النمط الانطوائي من البشر، حيث تعمل الاختلافات هنا على الوصل أكثر منه على الفصل، فكل منهما لديه في الواقع خوف خفي من حدوث أي تشابهٍ. أو تماثل فيما بينهما. بالنسبة لهما، لا مجال للحديث هنا عن أية (انزياحات) محتملة في حدود الاختلاف الفاصلة فيما بينهما، فتلك (الانزياحات) غير مرغوبة على الاطلاق!
- ملاحظات هامة:
العبارات القاتلة ترتدّ غالباً على كل من الطرفين كطابة البينغ بونغ تماماً، ولهذا السبب، فهي تشكل لعبة نموذجية محبوبة في سياق العلاقة الزوجية، لأنها تعمل على تحرير كل من الطرفين من عناء أن يتعلم كل منهما شيئاً جديداً.
العبارات القاتلة التالية تظهر باستمرار في قاموس العلاقات الزوجية:
لقد أوضحت ذلك لك مائة مرة!
حتى أمك، لو كانت هنا لفهمت ذلك!
ألا تستطيع أن تفهم ذلك، أم لا تريد أن تفهم ذلك!
أنت تتصور ذلك وبمنتهى البساطة!
سؤالك يدلّ، أنك لم تفهم شيئاً!
لقد حسبتك خريجاً جامعياً!
نعم، لكن...
ماذا يوجد ما لم تفهمه بعد!
شخص مثلك يَعِظ!
أما لي، فليس لديك أي وقت!
مَن منا المجنون!
هذا ما لن تستطيع فعله أبداً
هل أنت متأكد، أنك تقدر على فعل ذلك!
الأفضل أن نبدأ الآن من نقطة الصفر!
ويعتقد معظم الأزواج حتى الآن بفاعلية هذا النمط من العبارات، ولكن ما يخرجون به هو عكس ما يريدون تماماً. إن هذا النمط من (العبارات القاتلة) توحي إلى الآخر بأنه فاشل وخاسر. إن هذا، لهو آخر ما يمكن أن يحتاجه شريك الحياة في مواقف كهذه!
- نصيحة للنجاح:
لا تعامِل شريك حياتك من فضلك، كما لو أنه مختل عقلياً، وإنما عامليه/ عاملها كبطل كأميرة.
إن الاعتناء والاهتمام بشخصٍ ما لا يعني بالضرورة الإرادة الحازمة لتحسينه/ لتحسينه. إن كنت تحب شريك (ة) حياتك فعلاً، وتودّ/ تودين بالفعل أن تُشعرها/ تُشعريه بحبك لها/ له، كما هو/ هي فابدأ (ي) عملك بالكف عن محاولات تغييره (ها)، وهذا يسري أيضاً للملابس، على سبيل المثال، أو تسريحة لشعر، أو النظارات. تعلّم (ي) كيف تتقبل (ي) شريك حياتك.
ــــــــــــــــــ
20 طريقة تظهر بها لأولادك أنك تحبهم
1- اقض بعض وقت مع أولادك كل منهم على حدة، سواء أن تتناول مع أحدهم وجبة الغذاء خارج البيت أو تمارس رياضة المشي مع آخر، أو مجرد الخروج معهم كل على حدة، المهم أن تشعرهم بأنك تقدر كل واحد فيهم بينك وبينه دون تدخل من إخوته الآخرين أو جمعهم في كلمة واحدة حيث يتنافس كل واحد فيهم أمامك على الفوز باللقب ويظل دائما هناك من يتخلف وينطوي دون أن تشعر به.
2- ابن داخلهم ثقتهم بنفسهم بتشجيعك لهم وتقديرك لمجهوداتهم التي يبذلونها وليس فقط تقدير النتائج كما يفعل معظمنا.
3- احتفل بإنجازات اليوم، فمثلا أقم مأدبة غداء خاصة لأن ابنك فلان فقد سنته اليوم ، أو لأن آخر اشترك في فريق كرة القدم بالمدرسة أو لأن الثالث حصل على درجة جيدة في الامتحان، وذلك حتى يشعر كل منهم أنك مهتم به وبأحداث حياته، ولا تفعل ذلك مع واحد منهم فقط حتى لو كان الآخر لا يمر بأحداث خاصة ابحث في حياته وبالتأكيد سوف تجد أي شئ، وتذكر أن ما تفعله شئ رمزي وتصرف على هذا الأساس حتى لا تثير الغيرة بين أبناءك فيتنافسوا عليك ثم تصبح بينهم العداوة بدلا من أن يتحابوا ويشاركوا بعضهم البعض.
4- علم أولادك التفكير الإيجابي بأن تكون إيجابيا، فمثلا بدل من أن تعاتب ابنك لأنه رجع من مدرسته وجلس على مائدة الغداء وهو متسخ وغير مهندم قل له "يبدو أنك قضيت وقتا ممتعا في المدرسة اليوم".
5- اخرج ألبوم صور أولادك وهم صغار واحكي لهم قصص عن هذه الفترة التي لا يتذكرونها.
6- ذكرهم بشئ قد تعلمته منهم
7- قل لهم كيف أنك تشعر أنه شئ رائع أنك أحد والديهم وكيف أنك تحب الطريقة التي يشبّون بها.
8- اجعل أطفالك يختارون بأنفسهم ما يلبسونه فأنت بذلك تريهم كيف أنك تحترم قراراتهم.
9- اندمج مع أطفالك في اللعب مثلا كأن تتسخ يديك مثلهم من ألوان الماء أو الصلصال وما إلى ذلك.
10- اعرف جدول أولادك ومدرسيهم وأصدقاءهم حتى لا تسألهم عندما يعودون من الدراسة بشكل عام "ماذا فعلتم اليوم" ولكن تسأل ماذا فعل فلان وماذا فعلت المدرسة فلانة فيشعر أنك متابع لتفاصيل حياته وأنك تهتم بها.
11- عندما يطلب منك ابنك أن يتحدث معك لا تكلمه وأنت مشغول في شئ آخر كالأم عندما تحدث طفلها وهي تطبخ أو وهي تنظر إلى التلفيزيون أو ما إلى ذلك ولكن اعط تركيزك كله له وانظر في عينيه وهو يحدثك.
12- شاركهم في وجبة الغداء ولو مرة واحدة في الأسبوع، وعندئذ تبادل أنت وأولادك التحدث عن أحداث الأسبوع، وأكرر لا تسمعهم فقط بل احكي لهم أيضا ما حدث لك.
13- اكتب لهم في ورقة صغيرة كلمة حب أو تشجيع أو نكتة وضعها جانبهم في السرير إذا كنت ستخرج وهم نائمين أو في شنطة مدرستهم حتى يشعرون أنك تفكر فيهم حتى وأنت غير موجود معهم.
14- أسمع طفلك بشكل غير مباشر وهو غير موجود (كأن ترفع نبرة صوتك وهو في حجرته) حبك له وإعجابك بشخصيته.
15- عندما يرسم أطفالك رسومات صغيرة ضعها لهم في مكان خاص في البيت واشعرهم أنك تفتخر بها.
16- لا تتصرف مع أطفالك بالطريقة التي كان يتصرف بها والديك معك دون تفكير فإن ذلك قد يوقعك في أخطاء مدمرة لنفسية ابنك.
17- بدلا من أن تقول لابنك أنت فعلت ذلك بطريقة خطأ قل له لما لا تفعل ذلك بالطريقة الآتية وعلمه الصواب.
18- اختلق كلمة سر أو علامة تبرز حبك لابنك ولا يعلمها أحد غيركم.
19- حاول أن تبدأ يوما جديد كلما طلعت الشمس تنسى فيه كل أخطاء الماضي فكل يوم جديد يحمل معه فرصة جديدة يمكن أن توقعك في حب ابنك أكثر من ذي قبل وتساعدك على اكتشاف مواهبه.
20- احضن أولادك وقبلهم وقل لهم أنك تحبهم كل يوم، فمهما كثر ذلك هم في احتياج له دون اعتبار لسنهم صغار كانوا أو بالغين أو حتى متزوجين ولديك منهم أحفاد.
ــــــــــــــــــ
تحول الاختلاف الى خلاف في الحياة الزوجية
* مأمون مبيض
(يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن) الحجرات/ 12.
من المعروف أن الزوجين وبعد وقت من الخلاف ومحاولة فضّ النزاعات يطوران أساليب وعادات يتصرفان وفقها كلما دعا الداعي لحل الخلافات، وبغض النظر عن أسباب ومبررات هذا الخلاف، سواء كان هو الأولاد أو المال أو العلاقة الجنسية أو العمل أو المنزل. ويتطور الأمر ليصبح الأمر عادة، بمعنى أنه كلما اختلفا فإنهما يتصرفان بنفس الطريقة والأسلوب من بداية الخلاف، والدخول في دائرة مفرغة من الجدال، وينتهيان لنفس النتيجة من الوصول إلى حالة (اللاحلّ) وبذلك لا يرضى أي منهما عن نتيجة الخلاف. ولذلك فالنظر في كيفية (الجدال) يبقى أكثر نفعاً من النظر في سبب الجدال.
تقرر كتب علم النفس أن التصرف الطبيعي أمام حالة مهددة للإنسان، وكما هو مشاهد في حالة النزاع، إما (الانسحاب والهروب) وإما (الصراع والهجوم).
- حالة الصراع:
زكريا وثريا زوجان منذ خمس سنوات. وكلما دار بينهما خلاف فإن زكريا أكثر حزماً وتصميماً، بينما تميل ثريا إلى التراجع وترك الساحة معتذرة بأن (الحياة لا تتسع للقتال والنزاع، وأن الانسحاب أسلم). إلا أن زكريا قد تغير بعض الشيء في الآونة الأخيرة بسبب كثرة الخلاف بينهما، ففي الأسبوع الماضي وعندما رأى زوجته قد دعت بعض الضيوف من دون أن تشاوره في الأمر، دار بينهما الحوار التالي:
- زكريا: (لماذا فعلت هذا؟).
- ثريا (في حالة دفاع): (ولماذا لا، إنك دوماً لا تشاورني في الأمور! إنك دعوت صديقك إلى العشاء الجمعة الماضية من غير أن تسألني، ثم ذهبت معه وتركتني وحدي مع الأولاد).
- زكريا: (انتظري دقيقة إنني..).
- ثريا: (لا تقاطعني في الكلام!).
- زكريا: (إنك تضطريني لمقاطعتك لأنك دوماً تكثرين الكلام).
- ثريا: (لا أدري متى ستنضج، إنك كالولد الكبير!).
- زكريا: (وأنت كوالدتك تماماً!).
- ثريا: (وما هو العيب في والدتي!؟).
- زكريا: (إنها دوماً تحاول فرض رأيها على الآخرين، وأنت تفعلين مثلها!).
- ثريا: (فإذن هذا ما تظنه عن أمي، الآن ظهرت الحقيقة. إنني لن أبقى في هذا المكان أبداً!).
- زكريا (ببرودة أعصاب): (إنك تعلمين أين الباب، وأين الطريق، وأنا لن أمنعك!).
- ثريا (خارجة من المطبخ بغضب): (لا أريد أن أراك ثانية!).
كيف نختلف أو نتجادل؟
ليس مستغرباً أن نرى زكريا وثريا قد مرت بهما الكثير من الخلافات خلال حياتهما كزوجين، فمشكلة رفض الاعتراف بالفروق الفردية ورفض الإقرار باختلاف وجهات النظر، من الأمور الشائعة كثيراً في العلاقات الزوجية، وقد تكون أيضاً مؤشراً على خطورة مستقبل العلاقة بين الطرفين. ليس لأن الخلاف بحد ذاته أمر سيئ، وإنما لأنه لابد للإنسان من أن يوضح موقفه، ويطالب بحقوقه ـ من غير أن ننسى طبعاً الواجبات ـ . فالمفروض في العلاقة بين الزوجين أن تكون حية وحيوية، ولابد أن الأخذ والرد وبعض الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي. إلا أن كثرة الخلافات يعتبر أمراً غير صحي ومخرباً للعلاقة بينهما، وذلك بسبب ما يصاحب الخلاف من عدم الاستماع للطرف الآخر وربما ارتفاع الصوت وحدّة الكلام، ولكن الأهم من ذلك ما يرافق الخلاف من الأفكار السلبية عندما يحاول كل طرف أن يفسر كلام وموقف الآخر. وكما في المثال السابق بين زكريا وثريا: (أنت كالولد الكبير ـ دوماً تكثرين الكلام..).
والعادة أن يبدأ الانسان بالتهجم على الطرف الآخر بشكل غير شعوري، وانطلاقاً من قاعدة (أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم)، فيأخذ باللوم والاتهام وإساءة العبارات. وقد يدّعي الانسان ـ وهو غالباً ما يصدق نفسه ـ أنه مخلص وأمين فيما يقوله، مع أنه في الحقيقة غير موضوعي وبجانب الصواب، ويحاول ليّ عنق الحقيقة للانتقام من الآخر والاستهزاء والسخرية منه، (أنتِ كوالدتك تماماً!). إن الإنسان عندما لا يحصل على ما يريد فنه قد يبدأ بالغضب والانفعال والصراخ والبكاء، وربما يكسر الأشياء أو يرمي بها ذات اليمين والشمال.
وعندما يضع الإنسان قطعة أثاث جديدة في المنزل فإنه قد يرتطم بها عدة مرات قبل أن (يتعلم) أن يتجنبها كلما مرّ بها، ولكن الكثير من الأزواج قد لا يتعلمون من أخطاء الحوار والتخاطب بينهم، ونراهم يعيدون الخطأ يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع. ويحاول كل منهما الانتصار لموقفه، والجدال مع الآخر، وربما جرحه بالكلام مرة بعد أخرى. وبدل أن يتعلم فإنه يصبح أكثر سلبية، وربما ارتفع الصوت أكثر، وكثرت العبارات الجارحة.
والمشكلة أن من السهولة جداً أن يقع الزوجان في هذه الدائرة المعيبة، نتيجة تأثير وسائل الإعلام المختلفة من أفلام ومسلسلات وروايات. فبدل أن يجلس الزوجان (للحديث) عن الصعوبات والمشكلات، يلجأ الواحد منهما إلى ردود الأفعال والجدال بدون حتى التفكير الهادئ والحكيم فيما يقول أو يفعل. ويحاول كل طرف أن يلجأ لأقصر الطرق للانتقام وكسب الانتصار، فإذا به يلجأ إلى الكلمات والعبارات التي يعرف يقيناً من مواقف سابقة أنها ستزعج الآخر وتؤلمه.
- من أنفسنا يجب أن يبدأ التحول:(54/196)
ليس كل الشجار عدوانياً أو عنيفاً. فبعضنا لا يعتقد أبداً أنه يمكن أن يقول كلاماً جارحاً أو مسيئاً للآخر، إلا أنه قد يلجأ إلى وسائل أخرى كالمراوغة والدفاع عن الذات، وعدم الاعتراف بالخطأ الشخصي، والإصرار على اتهام الآخر. وقد يقوم الشخص بإبداء النصح والظهور بأنه إنما يريد أن يغير الآخر، ولكنه لا يريد حقيقة الاقتراب منه أكثر. والغالب أنه عندما يحاول طرف تغيير الآخر فإن ردة فعل الثاني تكون بالسعي لتغيير الأول. وهكذا يتصلب كل منهما بموقفه، ويرى نفسه صاحب كل الحق وعليه تغيير الآخر، وهو لا يريد أن يعترف بخطئه، وغير مستعد لتفهم موقف الآخر، بله أن يبدي استعداداً لتغيير نفسه. ولذلك لا يعود الواحد منهما يستمع لما يقول الآخر، ولماذا يستمع وهو على الحق!؟ ويكرر كل منهما مقاطعة الآخر وبشكل سلبي، ويدخلان في دائرة معيبة من الأخذ والرد، فيغلب على العلاقة شيء من الفتور واللامبالاة والامتعاض. ويؤدي هذا الصراع على السلطة في النهاية إلى الجفوة والبعد بين الزوجين، ومن دون انتصار أي منهما، حيث يريد كل منهما الانتصار لنفسه وتخطئة الآخر.
ــــــــــــــــــ
سفر الزوج .. بين المصلحة المادية والواجب الأخلاقي
كثيراً ما تدفع الاحتياجات المادية والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها معظم الاسر في الدول العربية الازواج الى الاغتراب بحثاً عن مصدر رزق أوسع وهو أمر مشروع غير ان المؤلم في الأمر ان يغيب الأب لفترات طويلة دون زيارة لزوجته وأولاده وكل همه جمع المال والانفاق على الاسرة وتوفير الرعاية المادية لهم دون النظر الى خطورة غيابه عنهم سواء من الناحية الاجتماعية أو التربوية او النفسية.
ويجهل ذلك المغترب ان توفير المطالب المادية للأسرة لا يمكن ان يكون بديلاً عن المطالب النفسية والجوانب التربوية ويجهل تأثير الفراغ السلبي الذي يتركه بغيابه على الابناء وعدم وجود راع لسلوكهم أو مراقب لتصرفاتهم أو حامٍ لهم ويتجاهل حال الأم التي بالكاد تستطيع القيام بواجبها مع وجوده فكيف هو الحال في ظل غيابه وتحميلها مسئولياته اضافة الى ما تحمل من اعباء.
يقول حيدر عبدالحي (مدرس): لقد حمل الرجل مسئولية كبيرة وهي رعاية الاسرة والقوامة فدور الرجل في القيام بواجبات اسرته كبير جدا وهذا الدور يقتضي وجوده الدائم كي يطلع على كل شيء ويعالج الاخطاء ويوجه الصغار من اولاده فهو سند وحماية وقاعدة لهذا البيت لكن بعض الرجال لسبب ما يلقون هذا الحمل على زوجاتهم ويغادرون دون أية مبالاة فتراهم يهربون متحللين بعدم قدرتهم على تحمل المسئولية وبعضهم يغادر طلبا لتحسين احوال المعيشة .
وقد يحدث ذلك بموافقة زوجاتهم ولدى البعض بدون موافقتهن وقد يكون السبب الحقيقي في السفر والاغتراب طلب الرزق والعمل على تحسين دخل الاسرة وقد يكون السبب الرئيسي من السفر هو الرغبة في الابتعاد عن الزوجة او الهرب تحت غطاء تحسين المعيشة فيجد الزوج المخرج له من تلك المشكلات في الهروب ولا يظهر نيته في المدة التي سيغيبها بينما لا تدرك الزوجة ان مسئولية صعبة ستقع عليها لانها لم تعش التجربة من قبل ويعرف كل رجل ان غيابه عن زوجته سيحرمها من الحنان ومن الحقوق الزوجية المتوجبة على الطرفين.
فالجوع العاطفي له تأثيره السلبي على شخصية الانسان اكثر من سلبيات اي شيء آخر.
ويؤكد حيدر ان غياب الرجل عن اسرته وانقطاعه عنهم لفترات طويلة اسوأ من كون الرجل ميتاً فهو بالنسبة للزوجة موضوع مهم ولو نظرنا في حال عودة الرجل! لبيته وزوجته بعد غياب سنتين او اربع او اكثر فسترى ان كلا الزوجين اصبحا عصبيين لا يطيقان سماع كلمة واحدة وتراهما كثيراً ما يفشلان في اعادة بناء حياة زوجية حقيقية فيما بينهما.
وبرأيي يحدث ذلك لان فترة الانقطاع هذه ولدت لدى الزوجة نوعا من الشك في الرجل من ناحية حبه لها واشتياقه وغير ذلك حيث تقول في نفسها لو كان يحبني لما استطاع الابتعاد عني كل هذه الفترة او قد تقول هذه الجملة احدى صديقاتها او اخواتها وتبدأ الشكوك والظنون تدور في فكر المرأة وهذا ما يترجم عدم تقبل احد الطرفين للآخر بعد انقطاع طويل وبالنسبة للأولاد فهي مأساة حيث لا رقيب ولا موجه وتعجز الأم عن لعب دور الأب مهما اعطيت من حزم وحنكة وصبر الا من رحم ربي .
ولقد شاهدت حالة اسرة تسكن بجوارنا يقوم فيها الولد المراهق برمي امه بالحجارة في الطريق وبرمي الحجارة على المنزل واحدى المرات رمى حجراً كبيراً على ساحة البيت فوقعت على قدم اخته فانكسرت ولم تستطع الأم فعل شيء لهذا الولد حتى سمعت بعد فترة انه سطى على احد المنازل وأنه في السجن يقضي عقوبته، هذه نتيجة طبيعية لتلك الاسرة والتي يغادر عنها ربانها وقائدها ومن البديهي ان تغرق السفينة في مثل هذه الاحوال.
تجربة مريرة
وتقول أم رزق الفيومي «موظفة»: ان الظروف القاسية التي تمر بها المرأة في حياتها كثيرة ومن أصعبها ابتعادها عن زوجها لفترة طويلة تتجاوز السنة مثلا فهو أمر صعب نفسيا واجتماعياً ومن جميع النواحي وخاصة اذا كان للزوجين ابناء فتتضاعف مهمتها في الحياة وتزيد الاعباء عليها وتكثر الاسئلة في وجهها بعد غياب الزوج كيف ستتصرف معهم؟ من سيسد فراغ والدهم؟ كيف ستحسن تربيتهم؟ هذه الاسئلة تحمل اجوبة صعبة ينبغي معرفتها لتخفيف الألم قدر الامكان عن النساء اللاتي يعشن في عزلة عن ازوجهن ولا يعرفن كيف يتدبرن امورهن.
اما بخصوص تجربتي في الموضوع تقول ـ أم رزق ـ فهي مريرة حيث سافر زوجي بغية العمل وتركني مع الاولاد مدة تزيد عن ثلاث سنوات متواصلة دون زيارة واحدة وكانت لديه مبرراته وظروفه الصعبة التي مر بها وبعد ذلك اتى وقال لنا سنسافر سويا الى الامارات فرحت كثيراً ونسيت العناء الذي كابدته ولكنني لم انس الدروس التي تعلمتها من هذه التجربة انها دروس صعبة لا تنسى وتعلمت منها انني مستعدة للاستغناء عن اي شيء في الحياة .
وأهييء نفسي لذلك في اي وقت كان فالانسان عندما يكون متعلقاً بشيء ما ويرحل يحدث عنده فجوة كبيرة وقد يصاب بصدمة وتكون الصدمة على قدر التعلق والحب اما اذا كان يفهم الحياة جيداً ويعرف قوانينها وأن من قوانينها الفراق واللقاء والفقر والغنى فلن يتألم كثيرا لحدوث شيء من ذلك معه لانه يكون متهيئاً له وعلى استعداد تام للقائه وسيكون وقع المشكلة عليه ابسط، ولا اقول انه لن يتألم او يتعب بل اقول انه سيستطيع تطويق تلك المشكلة وادراك الطريقة المثلى التي يجب ان يحل بها مشكلته ليتخلص منها وهذه منطقة جوهرية يجب على كل امرأة معرفتها.
آلام الأولاد
وتقول رشا عبدالحميد (موظفة): نظرا لغياب الزوج وتحمل المرأة المسئولية الكاملة لجميع أفراد الأسرة نجد صوراً عديدة للتفكك والتي تنشأ نتيجة افتقاد الدفء جراء غياب الأب وانشغال الأم بمسئوليات عديدة فأنا متزوجة منذ 10 أعوام ومنذ ذلك الوقت وزوجي في سفر دائم لا أراه سوى شهر في كل سنة.
ولقد صرت أشعر ان المسئولية أكبر من طاقتي ولابد أن نتحملها سويا كما ان غيابه هذا يؤثر على مشاعري فعندما أحتاج إليه لا أجده بجواري وبالنسبة للأولاد فبعدما كبروا أصبحوا يشعرون بحاجتهم إليه وأصبحوا يقارنون بين حياتهم وحياة زملائهم في المدرسة فوالد صديقه يحضره الى المدرسة يوميا وأمه تنتظره عند الباب لتأخذه بعد انتهاء الدوام أما هو فيذهب بنفسه ويعود بنفسه ولا يرافقه والده لا في الطريق ولا في أي مكان هذا الشعور السلبي سييء جدا ومؤلم جدا بالنسبة للأولاد وبالنسبة لي.
قتل المشاعر
ويقول عماد الحسيني (اختصاصي نفسي): أبدأ حديثي بطرح هذا السؤال ومحاولة الاجابة عليه عبر هذه المشاركة :كيف يمكن للأسرة أن تبقى على تماسكها وحبها وودها إذا أرغمت ظروف الحياة رب الأسرة على أن يسافر لدراسة أو لعمل أو لأي سبب آخر؟ إن أخطر مشاكل هذه التجربة يكمن في الجانب النفسي لأن الزوج المغترب يشعر فجأة بغربة كبيرة ووحدة عميقة فإحساس كهذا كاف لشل جميع طاقاته وخاصة الفكرية.
تعرفت في إحدى الدول العربية عندما قمت بزيارة عمل إليها بشاب لم ينجح في تكوين علاقة صداقة واحدة والسبب ان نفسيته بين مد وجزر فجسده يتحرك في الغربة وعقله وقلبه هناك عند زوجته وأبنائه في بلده هذا من جانب الزوج أما الزوجة فمسئولياتها تزداد لانها فجأة أصبحت أماً وأباً لأبنائها وعليها تنظيم شئون المنزل كلها حتى تلك التي كان يقوم بها الزوج فتعيش تحت ضغط نفسي كبير خشية الفشل أو التقصير ويبقى سؤالهما مغلفا بالخوف المشترك لدى كل منهما: هل هذا البعد سيكون سببا في تقليل مشاعر المودة والمحبة والارتباط التي كانت بيننا قبل السفر؟
ذلك عرض المشكلة وبيان حجمها وجانبها النفسي ولكن ما الحلول؟
لا شك في ان الحل الأمثل هو ان تعمل الأسرة جاهدة على أن تبقى مجتمعة حتى لو تطلب الأمر بعض التضحيات هنا وهناك فالاستقرار النفسي الكامل والأمثل لا يتحقق إلا بوجود أفراد الأسرة معا هذه حقيقة لا يمكن اغفالها أو التقليل من شأنها، ولكن اذا كان الوضع لا يسمح بذلك فما الحل؟ وما الوسائل التي يستمر معها الود والترابط رغم السفر والفراق؟
بدائل
إن وجود وسائل الاتصالات المتعددة والحديثة اليوم يؤدي خدمة رائعة في هذا المجال ولكن بشرط معرفة طريقة استخدامها فالهاتف يعد إحدى أهم هذه الوسائل ولكن تخطئ الزوجة كثيرا عندما تتصل في وجود الأبناء والأهل في هذه الأثناء سيكون الاتصال روتينيا ولا مجال لتبادل المشاعر ولذا لابد من ان يكون هناك اتصال اسبوعي أو مرة كل اسبوعين ويكون فرديا ليتمكنا من تبادل التعبير عن مشاعرهما بحرية دون ان يكون هناك تداخلات ومقاطعات وعلى الزوج ان يرسم لزوجته صورة واضحة عن حياته اليومية وكيف تسير أموره وعن أصدقائه والحياة هناك كيف هي وذلك في رسالة شهرية تشمل جميع زوايا الحياة التي يمر بها.
وعلى زوجته ألا تنسى ان تبعث برسالة مماثلة تحمل تفاصيل حياتهم وان تستشيره في تفاصيلها وتستمع الى رأيه فيشعر الزوج بأنه لا يزال صاحب مكانة ورأي ومشورة رغم الفراق.
وهناك التراسل الالكتروني فيجب على الزوجين الاعداد له والترتيب قبل السفر كيف يعرف كيفية استخدامه لانه يعطي احساسا بالطمأنينة والراحة ويحدث تقاربا حقيقيا رغم البعد مما يجعل الاستقرار النفسي أكبر ومن المهم جدا ألا ينسى كل من الزوجين التواريخ المهمة في حياتهما الزوجية حيث ان تذكرها يشعر الطرف الآخر بأهميته .
وبالتالي يعطيه الدافع النفسي الذي يحتاج إليه لاكمال المشوار وهناك أشياء أخرى صغيرة يجب عدم التقليل من أهميتها كوجود صورة للعائلة مجتمعة معلقة على أحد جدران المنزل أو موجودة في حقيبة الزوج ومثلها في حقيبة الزوجة فهذه الصورة توصل رسائل قصيرة وجميلة بين الزوجين كلما نظرا إليها وتشعرهما بالدفء وبالمسئولية وان كلاً منهما يقوم بما يجب عليه القيام به لصالح هذه الأسرة وان هذا الفراق لن يطول وسرعان ما سينتهي ويجتمعان من جديد بعد ايام.
بعيد عن العين
وتقول سناء عبدالعظيم (اختصاصية نفسية): يقولون ان «البعيد عن العين بعيد عن القلب» ولكن يبدو ان هذه المقولة بالرغم من انها تؤخذ كحقيقة مسلم بها إلا انها نسبية الى حد كبير فليس كل بعد ينتج عنه جفاء أو نسيان فالأم مثلا لا يمكن ان تقسو مشاعرها تجاه أولادها مهما ابتعدوا عنها في سفر أو عمل أو غيره والبعد في حد ذاته قد يكون له مردود ايجابي أو سلبي بحسب الموقف.
ولنأخذ الزوجين مثلا فقد يقرران بعد حياة زوجية مستقرة وطبيعية ان يبتعد كل منهما عن الآخر فيما يشبه الاجازة القصيرة كنوع من التجديد للعلاقة بينهما وحتى يعودا وقد أصبح كل منهما في اشتياق للآخر ولن يحدث ذلك إلا اذا كانت العلاقة بينهما قوية وراسخة وقائمة على التفاهم والمودة والثقة فإذا لم تكن العلاقة بالقوة الكافية فقد يصبح البعاد ذا أثر سلبي فيزيد الفتور فتورا مما يسهم بقدر كبير في ضعف العلاقة الزوجية وربما تفككها.
وأيّاً كان السبب الذي أدى الى البعد بين الزوجين فإن تراثنا الإسلامي ما يشير الى اقصى مدة لهذا البعاد وهو ما يتراوح بين أربعة وستة أشهر باعتبار انها أقصى مدة يستطيع فيها الزوجان الابتعاد عن العيش معا مما يعني ان زيادة هذه المدة قد تسبب آلاما نفسية أو معاناة لا لزوم لها وقد يكون البعد اضطراريا .
كما في حال الزوج الذي يضطر للسفر مثلا بحثا عن الرزق والعمل أو طلبا في تحصيله العلمي ويترك زوجته وأسرته في الوطن وهذا النوع من البعاد يستوجب أحيانا غياب الزوج لما يقرب العام في بعض الأحوال وهي فترة طويلة من الفراق والتي يتوقع ان يكون لها آثار سلبية ليس على مستوى قوة العلاقة بين الزوجين ولكن حتى على الأبناء أنفسهم وما ينتج عن هذا الوضع الأسري غير المستقر من انعكاسات سلبية على المجتمع ككل.
وتختتم سناء أهم ما يمكن ان ننصح به في هذا المجال هو ان يحاول كل من الزوجين ان يقلل بقدر الإمكان من الابتعاد وان يحاول التردد كل فترة وكلما سمحت له ظروفه.
ــــــــــــــــــ
المناعة الزوجية والآفات المهددة
* د. أسامة محمد قنديل
ونقصد بها احترام العلاقة الجنسية بين الزوجين وحفظها لأن الزواج هو أهم مؤسسة في هذا الكون.
تعريف المناعة: هو جهاز داخل الجسم يحتوي على مقومات الحفاظ على الجسم من المهاجمين الخارجيين، مثل الفايروسات، البكتريا، و...
مسؤولية هذا الجهاز الحفاظ على الجسم من القوى الخارجية والداخلية وهو عبارة عن خلايا في الدم (كريات الدم البيضاء) وهناك عشرات الأنواع منها ولكل منها وظيفة.
* الإباحية بدأت تنتشر وصار الزوج لا يحترم قدسية الزواج وأحياناً الزوجة، فما علاقة المناعة؟
- مرض الإيدز بدأ ينتشر في بداية الثمانينات في دول أميركا وأوروبا بين الشاذين جنسياً ومنه إلى بقية دول العالم، ولكن الآن ومنذ بداية التسعينات بدأ المرض ينتشر في الدول النامية أكثر منه في الدول المتطورة وسبب ذلك الاتصال الجنسي بين الجنسين، فـ90% من حالات الإصابة بمرض الإيدز هي بسبب الاتصال الجنسي. وتقول الإحصائيات أن عدد حاملي جرثومة الإيدز في تايلند تقدر بنصف مليون وفي الهند تقدر بالمليون.
* ما هي مراحل الإصابة بمرض الإيدز؟
- المرحلة الأولى في الإصابة تبدأ بالعدوى بفايروس مرض نقص المناعة المكتسبة، فيضعف الجسم، ومن ثم تأتي أمراض أخرى كالسرطان مثلاً، وعندما تتجمع هذه الأمراض وتضعف المناعة، تنتقل التسمية من حامل الفايروس إلى مريض بالإيدز.
* الزوج الحامل هذا المرض هل بإمكانه أن ينقله إلى زوجته أو بالعكس؟
- نعم، وهذه من أكثر وسائل انتشار هذا المرض.
* ما هي الحالة في الشرق الأوسط؟
- في الشرق الأوسط أقل معدل في الإصابة على مستوى العالم والسبب هو الالتزام بالشريعة الإسلامية والتعاليم السماوية.
* كم شخص يصاب يومياً بهذا الفايروس؟
- يومياً يصاب حوالي 7500 شخص على مستوى العالم والسبب في ذلك هو ضعف الالتزام.
* ما هي أبرز أسباب الخيانة الزوجية؟
أ) أسباب الخيانة الزوجية بالنسبة للرجال:
1- روح التجربة والمغامرة.
2- الصحة السيئة.
3- تحقيق رجولته في إعادة الشباب وهي ما تسمى فترة منتصف العمر في فترة 38-60 سنة.
4- الظروف النفسية أو ما يسمى الإدمان على الجنس.
5- الملل في الحياة الزوجية أو أن يكون غير سعيد في حياته.
6- تلبية الحاجة بدون مسؤولية.
7- سهولة الخيانة لدى الشخص ويعتمد هذا على نفسيته ومجتمعه.
ب) أسباب الخيانة الزوجية بالنسبة للنساء:
1- الانتقام من خيانة الزوج وهذه نسبة كبيرة.
2- فقدان المحبة أو الحرمان العاطفي.
3- سوء جهاز المناعة النفسي، كالروح المعنوية الهابطة مثلاً.
4- الإدمان على الجنس.
5- المرأة التي تمر باضطهاد جنسي في علاقتها الزوجية.
6- الحاجة المادية.
7- التي لا تحب زوجها ولا تريد أن تكون مطلقة وهذه الحالة تنم عن خلل في الاختيار منذ البدء.
* السبب الأساسي للاثنين أي الرجل والمرأة معاً؟
- عدم الالتزام باحترام الحياة الزوجية، أي عدم الالتزام بالتعاليم السماوية.
* أسباب انتشار الإيدز؟
- السبب الأول هو الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة وقد بلغت نسبته حوالي 90% من نسب الإصابة بالإيدز عن طريق الوسائل الأخرى.
- السبب الثاني هو الانتقال بواسطة الدم وأكثرها تعاطي المخدرات في الوريد.
* طريقة الإصابة بالإيدز؟
- يصاب الشخص بالإيدز بعد أن يصاب بعدوى فايروس (HIV) أي فايروس نقص المناعة الذي يدخل للجسم بواسطة الاتصال الجنسي أو بواسطة الدم فيدخل الجسم ويغزو الخلايا المناعية ويدخل في الجينات الموجودة داخل الخلايا يعني أنه دخل وأصبح جزءاً من الخلايا الأساسية.
- كريات الدم البيضاء تراقب الجسم لتهاجم أي فايروس داخل للجسم وإحدى هذه الخلايا هي (الخلايا الآكلة) التي تأكل الفايروس وتعطي اشارة للخلايا التائية (التي تسمى القائد العام للقوات المسلحة) داخل الجسم والتي تبعث
إشارات كيميائية إلى خلايا أخرى تسمى (الجنود) وغيرها وتقتل الخلايا المصابة، كذلك تقوم بقتل خلايا السرطان وتفرز مواد كيميائية تذهب لتنشيط الخلايا الآكلة وترشدها إلى موقع العدوى الجرثومية فتقوم بمحاربتها، وعملية الأكل ليست بسيطة فهي من كثرة الأكل تأكل وتموت. وكل هذا يتم بواسطة إشارات كيميائية تفرزها الخلايا المناعية ويتم هذا آلاف المرات يومياً. مشكلة الإيدز هو أنه يهاجم الخلية التائية (القائد العام للقوات المسلحة) وبهذا إذا مات القائد في الجهاز المناعي ستضعف المناعة، ومن الجدير بالذكر ن المرض يسمى (نقص المناعة المكتسبة) أي أن الشخص يكتسبه أي يجنيه بنفسه.
- الفايروس ينتقل من دم الأم إلى الجنين وكذلك يمكن أن ينتقل من لبن الأم الحاملة للمرض إلى الرضيع.
* هل هناك دواء خاص لمعالجة هذا المرض؟
- هنالك أدوية تعالج أعراض الإيدز المختلفة وهناك دواء عبارة عن خليط من ثلاثة أدوية تعالج أعراض الإيدز بمراحلها المختلفة أي أن كل دواء يعالج ويهاجم الفايروس في مرحلة من حياته، ولكن المشكلة أن الفايروس يستطيع أن يخترق الحاجز بين المخ والدم ومشكلة العلماء هو كيفية قتل الفايروس المختبئ في المخ وهل يسبب هذا اختلال في الجهاز العصبي.
* استخدام العازل هل يقلل من الإصابة بهذا المرض؟
- في الغرب يدعون الناس إلى استخدام العازل ليقلل من الإصابة بهذا المرض، ولكنها ليست وسيلة مضمونة 100% فبدلاً من الدعوة إلى استخدام العازل غير المضمون يجب بث الوعي في احترام العلاقة الزوجية والالتزام بالتعاليم الدينية.
ــــــــــــــــــ
الصراحة بين الأزواج ..كيف تتحول من نعمة الى نقمة؟
اجمعت الآراء على ان الصراحة هي قوام الحياة الزوجية السليمة وانه لا غنى عنها بأي شكل من الاشكال كما انها ضرورية لايجاد التفاهم وحصول المودة ولكن اختلفت الاقاويل حول مدى الصراحة، وتعريفها ومدى علاقتها بالرجولة او الانوثة وهل هي مطلقة ام مقيدة، واجبة ام مستحبة، وكم هي نسبتها بين الزوجين والصديقين هل هي على مستوى واحد ام متفاوتة؟ وكيف تتحول من نعمة الى نقمة؟
ويعد الكذب والمداراة وعدم المصارحة من اهم اسباب ضعف الثقة فالزوجة التي اعتادت الكذب وعدم الاعتراف بالخطأ تعطي الدليل لزوجها على ضعف ثقته بها وبتصرفاتها وعدم تصديقها وان كانت صادقة، والزوج الذي يكذب يعطي الدليل لزوجته كذلك. ولو التزم الزوج وكذلك الزوجة الصدق والمصارحة لخفت المشكلات بينهما. والثقة لا تعني الغفلة ولكنها تعني الاطمئنان الواعي، واساس ذلك الحب الصادق والاحترام العميق وبناء ذلك يقع على الطرفين والمصارحة تدفع الى مزيد من الثقة التي هي اغلى ما بين الزوجين والزام كل طرف بالصراحة منذ بداية حياتهما سويا ولا يطلب الزوج الذكي من زوجته أو خطيبته أن تقص له بداية حياتها وان طلب منها ذلك فلا يجب عليها ان تستجيب ويظهر بطلبه ذلك انه لا يعرف شيئاً عنها وعن عائلتها والسؤال كيف يرتبط بفتاة لا يعرف عن اهلها وبيئتها شيئاً؟ فيجب على الشاب ان يعرف ذلك كله قبل الزواج وليس بعده، وهذا من حقه قبل الزواج وليس من حقه بعد الزواج ان يطالبها بسرد قصة حياتها ويطرح عليها الاسئلة التي لن تزيد إلا في الفرقة، كمن احببت؟ ومن خطبك قبلي؟ ومع من خرجت؟ وغيرها من الاسئلة التي هي طريق وانذار ببداية انتهاء هذه العلاقة.
والصراحة هي اساس الحياة الزوجية وهي العمود الفقري في اقامة دعائم حياة اسرية سليمة خالية من الشكوك والامراض التي قد تهدد كيان الاسرة بالانهيار وانه اذا ارتكزت الحياة الزوجية عليها كانت حياة هادئة هانئة اما اذا اقيمت على عدم المصارحة فإنها تكون حياة تعسة يفقد خلالها كلا الزوجين ثقته في الآخر. ولكن للصراحة حدود فهي بين الازواج ليست كما يفسرها البعض بأنها صراحة مطلقة وبلا حدود لانها وبهذا التعريف تعتبر نقمة وليست نعمة فقد تؤدي الى تدمير الاسرة خاصة اذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة لذا فإن للصراحة حدوداً تتمثل في مصارحة كلا الزوجين للطرف الآخر بما لا يضره او يجرح مشاعره اما فيما يتعلق بحياة كل منهما الخاصة البعيدة عن المنزل والاسرة والابناء كعلاقتهما بأصدقائهما او اهليهما فإنه لا يجب فيها المصارحة على الاطلاق وذلك لان للأهل والاصدقاء اسراراً خاصة لا يجب ان يفشيها اي طرف لاسيما وان معرفتها لن تنفع بل ربما تضر بهما وبأهليهما فلذا على الزوجة التي تريد ان تحافظ على اسرتها ان تصون سرها ولا تبوح به لاحد وبذلك فهي تكسب ثقة زوجها واحترام اهلها في آن واحد.(54/197)
فالصراحة ضرورية بين الازواج وهي الاساس السليم الذي تبنى عليه الحياة الزوجية واية علاقة في الحياة وعدم توفر الصراحة بدرجة كافية بين الازواج يعتبر مؤشراً خطيراً لحياتهما معا حيث يفتح الكتمان باب الكذب والمواربة والمجاملة وهذا لا يعتبر نقطة ايجابية في الحياة الزوجية. كذلك من المهم جداً ان تكون للمصارحة الزوجية حدود لانه وان كان الزوجان عنصرين يكمل كل منهما الآخر إلا انهما في النهاية يعتبران شخصين مختلفين فلكل منهما حياته الخاصة واسراره التي لا يجب ان يطلع عليها احد، خاصة اذا كانت تلك الاسرار لا تتعلق بحياتهما معاً وانما بعلاقة كل منهما بأهله واصدقائه وبالرغم من تقديرنا للصراحة وأهميتها في الحياة الزوجية إلا انني اعتقد انها غير متوافرة بالدرجة المطلوبة وان نسبة من يتعاملون بها ضئيلة للغاية وهي عملة نادرة تكاد تنقرض ويعود سبب عدم المصارحة بين الازواج الى طبيعة وخصائص العصر الذي اصبح الانسان فيه يخشى اخاه ولا يثق به فكيف إذن بالازواج الذين لا تربط بينهم علاقة دم واعتقد انه لا يوجد شيء اسمه صراحة مطلقة خصوصاً في الحياة قبل سن الزواج فليس من الحكمة ان يصارح احد الزوجين الآخر بماضيه او تجاربه الشبابية لانه حتى وان غفرت الزوجة لزوجها فإن الزوج لن يغفر لها ابداً ومن ثم تصبح الصراحة الايجابية غير ايجابية عند تطبيقها على ارض الواقع فينبت الشك بين الزوجين ويبرز عدم الثقة وتبدأ الاسرة بالانهيار ومن قال انه يجب على الفتاة ان تسرد قصة حياتها على زوجها هل هناك آية كريمة او حديث شريف يدل على ذلك بل على النقيض امرنا الله بالستر وليس بالفضيحة.
ونحن بصدد التحدث عن مبدأ الصراحة ما بين الازواج والزوجات علينا ان نتناول الشق الاول من الزواج ألا وهو فترة الخطوبة فيجب على الفتاة ألا تنسى انها ستتزوج من رجل شرقي، وانه سيظل شرقياً مهما حصل على شهادات او سافر الى بعثات، فالشرقي شرقي ولن تتغير افكاره مطلقا تجاه فتاته وما ينتظر منها من نقاء وصفاء هنا علينا بتحذير الفتاة من عدم التمادي معه في الحديث عن شخص كانت تتوقعه خطيباً واعجبت به ولم تتم الخطوبة، أو قريبا تودد اليها ولم تصده. فحكايات كهذه قد تؤثر في نفسيه الخطيب ما يدفعه الى فسخ الخطبة قبل اتمام الزواج فالرجل الشرقي مهما اعجب بفتاة ما وبأفكارها ومبادئها واسرتها فلن يرضيه إلا ان يكون الاول في حياتها، حتى وان تم الزواج فستسير الايام صعبة بين خلافات وشجار وبكاء وتنتهي الايام ـ المفروض انها ايام العسل ـ الى ايام نكد وحزن وقد لا يضبط انفعالاته فيصل الحال الى الضرب والطلاق احيانا. ولكن الشق الثاني من الزواج ـ هو بعد عقد القران فقد اصبحت زوجته وقرة عينه ـ فعليك بالحذر وان تكوني الزوجة المخلصة المحبة وان تمدي جسور الصداقة والصراحة مع زوجك ـ وعليك التزام اوامر دينك فلا يدخل قريب او غريب في غيابه ولا تقابلي احد الاقارب من السوق فتتمشين معه بحجة انه قريبك ثم تعودي لتصارحي زوجك فهذه ليست بالصراحة هذه لطمة لكبريائه وعزة نفسه، ولكي يحترم زوجك مبادئك وافكارك فلابد ان تحترسي لمساحة الحرية والثقة التي منحها لك الزوج وان ترجعي عن كل تصرف احمق فعلته في الماضي.
ان استقامة الحياة الزوجية تبنى اساساً على مدى مصارحة الازواج بعضهم بعضاً وهذه المصارحة يجب ان تكون بلا حدود وان كان لابد في استخدامها من الالتزام باللياقة وحسن الكلام ولعل من اهم المشكلات التي يتعرض لها مجتمعنا الحالي سواء الطلاق او تعدد الزوجات يرجع بالدرجة الاولى الى عدم توافر الصراحة بالدرجة الكافية بين الزوجين مما ادى بهما الى تعقيد المشاكل وعدم القدرة على التوصل الى حلول ايجابية لها فكثرت الضغائن واشتدت الانفعالات وانعدمت الثقة وبالتالي جاءت العواقب وخيمة على الطرفين. ولعدم المصارحة بين الازواج عدة عوامل من اهمها: العادات حيث اصبحت العادات والتقاليد عاملاً اساسياً في عدم مصارحة الزوج لزوجته في مختلف الامور فقد ساد اعتقاد خاطيء بأنه اذا صارح الزوج زوجته بمشاعره الحميمة تجاهها فإن ذلك ينقص من رجولته ويقلل من شأنه وهيبته في نظرها. بل وقد يصيبها بالغرور في نفسها الى حد انه يصبح بالامكان ان تكون هي الآمر الناهي في البيت وتسيطر على كل ما فيه. واعتقد ان ذلك الاعتقاد خاطيء وانه يجب على الازواج ان يسرعوا بتدارك الامور وان يشعروا زوجاتهم بأنهم يبادلونهن نفس المشاعر والاحاسيس حتى لا تصاب الحياة الزوجية بالمرض الذي لا تشفى منه ولا عيب في ذلك فقد خلقنا الله لنكون هكذا وايضا فإن ديننا الحنيف اوصانا بحسن معاملة المرأة والتلطف معها.
وكذلك فإن الحالة النفسية للفرد تلعب دوراً مهماً في المصارحة بين الازواج فكلما استقرت نفسية الزوج او الزوجة وكلما وثق في نفسه وفي سلوكياته كان اكثر صراحة والعكس صحيح فقد نجد في بعض الاحيان زوجات يعلمن تماماً بخيانة ازواجهن وعلى الرغم من ذلك فإنهن لا يبدين اية ردة فعل ويفضلن عدم المواجهة علماً بأن عدم المواجهة او المصارحة قد يجعل الزوج يتمادى في خيانته واعتقد انه لو صارحت هذه الفئة من النساء ازواجهن لاستطعن ان يقومن من سلوكهم ويتفادين النتائج السلبية التي ترتبت على تلك الخيانة وما من شيء يمنع تلك النسوة من المواجهة إلا عدم ثقتهن في انفسهن وضعف شخصيتهن. واخيراً فإنني اتوجه لكل الازواج والزوجات ان يتعاونوا معاً على سلامة واستقرار حياتهم الزوجية وان يتفهموا طبيعة العصر الذي نعيش فيه بعيداً عن العادات والتقاليد البالية منتهجين في ذلك قول الله عز وجل «ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة».
ــــــــــــــــــ
التدليل سوس ينخر في شخصية أبنائنا
* سلوى يوسف المؤيد
أن نحب أطفالنا، ونريدهم أن يكونوا سعداء، لا يعني أن نحقق لهم جميع رغباتهم، فهذا النوع من الحب، لا يبني شخصية الطفل بطريقة إيجابية، إذ يضعف التدليل إحساسه بالأمن والطمأنينة، ويدفعه إلى التفكير في ذاته فقط، أي أن يصبح أنانياً، كما أنه قد يتجه إلى السرقة عندما لا تحقق رغباته عندما يكبر، ويرتفع ثمن ما يرغب فيه من أشياء، ويجد الوالدان صعوبة في الاستجابة لها مادياً.
إذن، علينا كآباء أن نضع حدوداً لرغبات أطفالنا، أن نعلمهم الفرق بين التصرف الصحيح والسلوك الخاطئ، إلا أننا لا نتوقع أيضاً أن يكون أبناؤنا سعداء بهذه الحدود، لن يبتسم الطفل لوالده ويقول له: شكراً يا أبي لأنك طلبت مني أن أترك اللعب لكي أدرس.
أو يقول له: أشكرك يا والدي لأنك أمرتني أن أجمع ألعابي، وأعيدها إلى مكانها بعد أن أنتهي من اللعب.
كما أن الأب الذي يريد أن يعلم ابنه معنى المشاركة، فيطلب منه أن يشارك أخته في قطعة الحلوى التي معه، لا يتوقع أن يكون ابنه فرحاً ويقول له: أشكرك يا أبي لأنك طلبت مني أن أقتسم قطعة الحلوى مع أختي.
من الطبيعي أن يتضايق أطفالنا من الحدود التي نضعها لهم، وعلينا أن نتوقع إجاباتهم الغاضبة، أو عبوس وجوههم أو تجاهلهم، لأنهم يكرهون قوانيننا وحدودنا التي نضعها لهم، كما أنهم لا يحبوننا في تلك اللحظات، إذ من الصعب على الأطفال أن يفصلوا بيننا وبين تصرفاتنا، وعندما نصر على أن يفعلوا شيئاً لا يريدون هم أن يفعلوه، أو عندما نرفض أن نستجيب لتوسلاتهم، فإننا كثيراً ما نسمع منهم هذه الجمل الغاضبة (أنت لئيم)، أو (أنك لا تحبني)، أو (أكرهك)، أو (أنا لن أكون صديقك)، أو (أنا لن أحبك بعد اليوم).
إلا أن كراهية الطفل هذه مؤقتة فقط، لأنه لم يحصل على ما يريد، وللمزيد من التوضيح، سأضرب مثالاً عملياً لنرى كيف تعاملت أم سهير بمهارة مع كراهية ابنتها المؤقتة.
كانت الأم في طريقها للخروج من البيت، عندما طلبت منها ابنتها سهير البالغة منا لعمر أربع سنوات، أن تشتري لها بعض العلكة، إلا أن الأم رفضت قائلة: لن أشتري لك علكة، لأنها مضرة لأسنانك.
ردت سهير غاضبة: أنت لا تحبينني، أنا أكرهك.
علقت الأم بهدوء: تبدين غاضبة.
قالت الابنة: ولن أحبك بعد اليوم، أو أكون صديقتك.
ردت الأم: أنت غاضبة إلى حد أن تقولي بأنك لن تحبيني بعد اليوم.
أجابت سهير: لن أحبك، ولا أريد أن أرى وجهك.
قالت الأم: ربما عندما لا تكونين غاضبة جداً، ستشعرين أنك تحبينني مرة أخرى، وستسرك رؤيتي.
وبعد مرور عشر دقائق، عادت سهير إلى أمها قائلة: أنا لست غاضبة الآن، هل تلعبين لعبة معي؟
ردت الأم بترحيب: طبعاً يا حبيبتي.
لقد تعاملت والدة سهير معها بمهارة عالية، لأنها توقعت أن رفضها شراء العلكة لابنتها سوف يضايقها، لذلك لم تهتم شخصياً عندما قالت لها: أنت لا تحبينني، أنا أكرهك.
فهي تعلم أن شعور ابنتها مؤقت، وقد عرت به عن غضبها لأنها لم تستجب لرغبتها، لقد وضعت هذه الأم حدوداً لابنتها، وأشعرتها أنها تدرك شعورها من خلال إجابتها: أنت غاضبة إلى حد أن تقولي بأنك لن تحبيني بعد اليوم.
إلا أنها جعلتها ملزمة بقبول تلك الحدود من أجل مصلحتها.
والدة محمد لم تفعل ذلك، وإنما استسلمت لابنها لأنه أشعرها بالذنب إذا لم تدعه يشاهد برنامجه، لم تلزم ابنها بالحدود التي وضعتها بطريقة حازمة، مثلما يتضح لنا من عرض هذا المثال:
قال محمد لوالدته: أريد أن أشاهد البرنامج القادم.
أجابت أمه: لكنك لم تتوقف عن مشاهدة التلفزيون منذ أن عدت من المدرسة.
رد محمد: أعلم ذلك، لكن ليس لدي أي واجبات مدرسية اليوم.
قالت الأم: ولو، لقد شاهدت التلفزيون بما فيه الكفاية.
قال محمد: أرجوك يا أمي، إنه استعراض عظيم.
أجابت الأم: لكن عيناك متعبتان من طول مشاهدتك للتلفزيون.
عاد محمد يلح عندما لاحظ أن أمه بدأت تلين لمطلبه: البرنامج لن يتجاوز نصف الساعة، أرجوك يا أمي.
إلا إن أمه عادت تقول: لكني أعتقد أن البرنامج غير مناسب لسنك.
هنا، بدأ الابن يضغط على شعور والدته بقوله: إن أصدقائي يشاهدونه كل أسبوع، سأكون الشخص الوحيد الذي لم يشاهده.
عندئذ، استجابت الأم لإلحاح ابنها وسمحت له بمشاهدة البرنامج، فهي لا تريده أن يكون غير سعيد، ووقعت دون أن تشعر في مصيدة إسعاد الطفل، عندما كسرت الحدود التي وضعتها لابنها.
لكن الأم تخطئ في تربية طفلها إذا فعلت ذلك، إذ كان المفروض أن تعالج هذا الموقف مع ابنها بالأسلوب الذي اتبعته والدة سهير، لكي لا تقع في مصيدة الحرص على إرضاء ابنها بصورة مؤقتة قد يكون لها تأثير سلبي على شخصيته مستقبلاً، عندئذ سيجد الطفل نفسه مضطراً للالتزام بهذه الحدود، حتى لو لم يرض بها، لأنها تهدف من ورائها إلى مصلحته، وبهذا الأسلوب الحازم المقنع في التربية، ينشأ الطفل بنفس متوازنة تدرك الحدود التي تقف عندها في سبيل تحقيق رغباتها.
ــــــــــــــــــ
صورة الجدة تتلاشى من مخيلة الأطفال .. والسبب؟
ارتبطت صورة الجدة في الاذهان بتلك السيدة الطيبة التي تحب احفادها وحفيداتها، تغرقهم بالحنان والعطف، وتحكي لهم الحكايات المشوقة قبل النوم. هذه الصورة تكاد تتلاشى في مخيلة اطفال اليوم نظرا لغياب دور الجدات داخل الاسر المغربية. والسبب رغبة كل طرف في العيش في استقلالية تامة، بعيدا عن أي تأثير من طرف الاخر في شؤون حياته الخاصة، لدرجة انه حتى الجدات انفسهن اصبحن يفضلن العيش بمفردهن في المنزل الذي غادره الزوج الى الابد، ورحل عنه الابناء والبنات، لقضاء ما تبقى من العمر في راحة بعيدا عن المشاكل، او ربما تيقنا بأنهن لم يعد مرغوبا في وجودهن في منزل الابناء كما كان الامر من قبل مع انتفاء اي دور لهن داخل أسرهن.
غياب الجدة عوضته المربية التي يتم الاستعانة بها للضرورة بسبب ظروف عمل الاب والام معا، لكن وجود هذه الأخيرة، سواء كانت مربية او خادمة يعهد اليها الاشراف ولو مؤقتا على تربية الابناء في غياب الوالدين، نقاشات كثيرة بسبب ما قد يخلفه من اثار اجتماعية ونفسية سلبية على الابناء، وهو ما تؤكده العديد من الحوادث. كما تعالت اصوات عديدة تطالب بإحياء دور الجدات في تربية وتوجيه سلوك الابناء، عوض المربيات «الغريبات»، متناسين ان تأثير الجدات على الابناء لم يكن دائما بتلك الصورة المثالية التي ترسمها حكايات الاطفال المصورة، والتي يتحدث عنها البعض بحنين جارف يتغافل عن المشاكل التي كانت وما زالت تترتب عنها. فصلة القرابة التي تجمع الجدة بالاحفاد، تمنحها صلاحية التدخل في مختلف الامور الصغيرة والكبيرة داخل البيت، فيما يبقى دور المربية محدودا، لأنها، في الغالب لا تجرؤ على التدخل في امور لا تعنيها، ولا تقوم سوى بتنفيذ ما يطلب منها.
بالاضافة الى ذلك، تتغاضى الكثير من الجدات عن اخطاء الاطفال ويبالغن في تدليلهم من اجل كسب رضاهم وضمان تعلقهم بهن، لان ذلك يشعرهن بأهميتهن في حياة ابنائهم، ويدخل السعادة على قلوبهن ويخرجهن من عزلتهن.
ولا يقتصر الامر على التدليل فقط، بل يشتكي العديد من الاباء والامهات بأن الجدات او الاجداد الذين يعيشون معهم في المنزل، يحرضون الابناء على عصيان اوامرهم، عندما يتعلق الامر بعدم السماح لاطفالهم بالسفر او باللعب خارج البيت، وغير ذلك من الامور، حتى يظهر الجد او الجدة بأنه الاقرب الى الاطفال، والاكثر تفهما لرغباتهم سواء كانوا صغارا أو مراهقين، من دون ادراك العواقب المترتبة عن ذلك.
فيما تصر بعض الجدات على تقديم نصائح لا حصر لها للأم او الأب حول اساليب التربية السليمة، والقاء الدروس والمواعظ مشيرات الى انهن ربين افضل الرجال والنساء، بل لا يتردد البعض منهن في اقتراح، او اعداد وصفات طبية شعبية ليتناولها الاحفاد عندما يصابون بالمرض في محاولة منهن لاقناع الاباء بعدم جدوى زيارة الطبيب، والاكتفاء بالتداوي بالوصفة التي اعددنها واعطت نتائج طيبة قبل ثلاثين عاما او اكثر. مثل هذه الامور وان كان تصدر عن الجدات، بحسن نية، الا انها تتسبب في اثارة النقاش بشكل يرهق اعصاب الاباء والامهات.
ومن المفارقات ان بعض الجدات لا يكفنن عن عقد مقارنات بين اسلوب تربية الامس واليوم، في اشارات ضمنية او صريحة تنتقد اسلوب الوالدين في تربية ابنائهما، وتدعوهما الى المزيد من الصرامة وعدم تلبية جميع طلبات الاطفال المتعلقة بالملابس او الالعاب، حتى لا يتعودوا على الحياة الرغيدة، أو تحرضهم على ادخار المال وعدم التبذير، غير مدركات ان اسلوب الحياة قد تغير تماما، ولم يعد كما كان من قبل، حيث كانت معظم الاسر تعيش حياة بسيطة لا مجال فيها للكماليات. واذا كانت القصص والحكايات التي ترويها الجدات «الاميات» لاحفادهن، مقبولة في الماضى، لانها تغني خيال الاطفال وتساعدهم على الاسترخاء والاستسلام للنوم، فقد تحولت الى مصدر ازعاج للوالدين «المثقفين» لانها تملأ عقول الصغار بالخرافات والاساطير والغيبيات، وقد تؤثر بشكل سلبي، من وجهة نظرهم، على نفسية الاطفال، وعلى تكوين شخصيتهم المستقبلية، فهم يخشون ان يصير ابناؤهم ضعاف الشخصية، مترددين وخائفين، بسبب تلك الحكايات التي كانت تروى لهم في الصغر.
وامام كل هذه «التحفظات» من قبل الزوجات الشابات، تم اللجوء الى المربيات في محاولة للتخلص من «سلطة» الجدة وتدخلاتها المستمرة، لكن برزت مشاكل من نوع اخر، مثل انعدام الثقة في المربية التي قد تعامل الاطفال بجفاء وقسوة لانها لا تشعر تجاههم بعاطفة قوية أو صلة قرابة، وتعتبر العناية بهم مجرد مهنة تتقاضى عنها راتبا شهريا، بينما رعاية الاحفاد من طرف الجدة تتم بشكل اختياري وتطوعي.
وحتى في الحالات التي تعامل فيها المربية الاطفال معاملة حسنة وحنونة، فإن القلق يبدأ يساور الام التي تخشى تعلق اطفالها بالمربية، وتصبح مستعدة لطردها من المنزل في أي وقت شاءت رغم تفانيها في العمل واتقانها لاشغال البيت، وهو الأمر الذي لا يمكن ان تقوم به مع الجدة مهما بدر منها، لاعتبارات عائلية واخلاقية. فما هو الحل امام هذه الخيارات الصعبة؟ تؤكد معظم الزوجات انهن لا يعارضن وجود الجدة داخل البيت لمساعدتهن في الاعتناء بالاطفال، الا انهن يضعن شروطا للقبول بهذا الامر، من بينها عدم تدخلها في اسلوب تربية الاطفال، او ابداء الرأي حول الامور التي لا تعنيها، بدءا من ساعات نوم الطفل إلى اكله وشربه وطريقة لبسه. ويؤكدن ان دورها لا يجب ان يتعدى مراقبته وملاعبته الى حين عودة والديه من العمل، واذا لم تلتزم الجدة بهذه الشروط المقيدة لحرية مشاعرها، يبقى وجودها غير مرغوب فيه، ويصبح التعامل مع المربية او الخادمة اهون برأيهن، حيث يمكن استبدالها بأخرى في اي وقت من دون تبعات أو مشاكل، بينما عندما يتعلق الأمر بالجدة فإن الأمر قد يتحول الى فضيحة عائلية. ويبقى الحل في رأي خبراء التربية هو الحوار والتفاهم بين جميع الاطراف لتقريب وجهات النظر، فقد تكون المربية او الجدة احن على الاطفال من الام احيانا، لكن على كل واحدة ان تعي جيدا حدود مسؤوليتها، وان لا تتجاوزها على حساب الطرف الآخر.
ـــــــــــــــــــــــ(54/198)
ـــــــــــــ
الطفل يتمرد على الأوامر المتضاربة!
* د. سبوك
عجيب جداً أمر الطفل.. تتوسل إليه يعاندك، وتتحدث إليه كصديق فيعطيك، وما بين العناد والطاعة رحلة اسمها التنافس.
وقد تندهش أنت أيها الأب عندما تعلم أن الطفل الولد يأتي إلى العالم ومعه رسالة من السماء وهي: (أنا قادم أنافسك).
نعم.. فالابن يدخل في منافسة مع أبيه، وأول ميدان للمنافسة هو قلب الأم. إن الطفل يتحدث جاداً عن الارتباط بأجمل نساء الأرض وهي أمه.
ونعم أيضاً أيتها الأم.. إن الابنة تنزل من أحشائك ومعها رسالة من السماء وهي: (أنا قادمة لأنافسك). وأول ميدان للمنافسة هو قلب الأب. إن الفتاة تتحدث جادة عن الارتباط بخير فرسان الأرض وهو الأب.
ونحن نسمع في زمن الصداقة المليئة بالتوتر أن المراهق يقول لأبيه في لحظة صفاء: (أنا أقوى منك). وقد يستعرض الابن عضلاته أمام أبيه كما نسمع الابنة المراهقة تقول لأمها في لحظة صفاء: (أنا أكثر منك جمالاً)، وتحاول أن تقيس خصرها مقارنة إياه بخصر الأم.
وقد يتقوقع الأب والأم بعيداً عن التفاعل مع الأبناء الصغار ويكتفيان باقامة صلات بهم عن طريق الهدايا، وقد يجيئان بعبارات من مثل: (إن سمعت كلامي سأحضر لك حصاناً) و(لو ذهبت إلى دورة المياه بمفردك سآخذك إلى الحديقة)، و(عندما لا تضرب أختك سأشتري لك الكثير من الحلوى).
والابن منذ الشهر السادس يستطيع أن يميز صوت أبيه وصوت أمه، ويستطيع أيضاً أن يتفهم مشاعر الأب والأم. إن المساحة التي تفصل بين جسم الأب وجسم الابن الوليد منذ الشهر الثالث تمتلئ بلغة أخرى غير الكلمات. إنها لغة الإحساس مباشرة. وإذ كان هذا هو حال العلاقة بين الوالد والطفل، فما بالنا بعلو لغة الإحساس بين الأم ووليدها. إن الأطفال لا يرضعون بأفواههم فقط، ولكنهم يرضعون العلاقة العاطفية أيضاً من الأب والأم عن طريق النظرة واللمسة والإحساس.
ولذلك لا داعي للنفاق مع الأطفال، بمعنى أن لا داعي لأن تظهر خلاف ما تبطن من علاقتك بابنك.
إن حالة النفاق التي تقول فيها عكس ما تحس تنتقل إلى مشاعر ابنك بطريقة غريبة. إنه يحس أنك تحبه بصعوبة، فيتصرف مع العالم بتقبل الحب بصعوبة. إنه المرآة العاكسة لمشاعرك فضلاً عن أنه مغزول وراثياً منك ومن أمه. ومن الأفضل أن تكون واضحاً في علاقتك مع ابنك وأن تنظر إليه بانفتاح عاطفي. صحيح أنك تفكر في الصعوبات التي تملأ هذا الزمان من صراع دول وصراع مجتمعات، وعدم أمان تشعر به في عملك، واختلال سعر العملات وارتفاع أسعار الأشياء، وصحيح أيضاً أنك أنت شخصياً نشأت في زمان اضطربت فيه المقاييس. فإذا كنت قد ولدت أنت في الربع الثاني أو الثالث من القرن العشرين وصار لك أبناء في الربع الثالث والرابع من القرن العشرين، فأنت تستطيع أن تسأل والدك ووالدتك عن زمان تربيتك وتنشئتك. لقد كان زماناً مضطرباً أيضاً من وجهة نظر أمك وأبيك.
إذن فإن الزمان دائماً مضطرب. صحيح أن المشاكل في عصرنا تضخمت، وأن وسائل المعلومات تضاعفت، وقدرات الانسان ازدادت، وصارت البشرية الآن تعاني من ضعف الأقوياء، بعد أن كانت في الأزمنة الخوالي تعاني من قوة الضعفاء، صحيح كل ذلك.. ولكنك الآن مطالب بحب ابنك لا على ضوء الخوف، ولكن على ضوء الثقة. والثقة إنما يتم بناؤها بالخطوات البسيطة.
الثقة لا يتم بناؤها على سبيل المثال بأن نترك الطفل الذي يبلغ عاماً واحداً من العمر يلعب في غرفة مزدحمة بالأثاث وعلى المناضد تماثيل نادرة وتحف من الزجاج القابل للسر ومنافض سجائر وولاعات، أو أن نتركه في غرفة تركت فيها الوصلات الكهربائية ملقاة على الأرض. من المؤكد أن الطفل في مثل هذا العمر يكون في حالة استعداد لقفزة كبرى في عمره. إنه يتعلم المشي، أي إنه ينتقل من الزحف على أربع إلى الوقوف على القدمين. وهي مغامرة كبرى، ولا مثيل لها في إثباته إرادته. إن الطفل لا يمكنه أن يستمع إلى الأوامر بعدم لمس التحف الزجاجية المنتشرة في المكان الذي يسمح له الأب والأم أن يوجد فيه. إنه أثناء تعلم المشي يجد الحافز الداخلي لإتقان عملية المشي، وهو سيلمس بالتأكيد كل التحف التي أمامه وسيعرضها للكسر، كما أنه قد يعبث بأدوات الكهرباء وبالأسلاك، ولن تنفع عندئذ الصيحات الزاعقة التي تحذره، بمعنى أننا يجب أن ننظف لهم المكان الذي يوجدون فيه من الأشياء القابلة للكسر أو التوصيلات الكهربائية. وقد تقدم العلم فصنع أدوات كهربائية تحمي الأطفال، لا بل إنهم توصلوا إلى صناعة مفاتيح كهرباء تفصل التيار الكهربائي بمجرد لمس أي كائن حي لأي سلك كهربائي. وإذا كانت هذه المنتجات فوق طاقة الأسرة المادية، فلا أقل من الانتباه جيداً وجدياً لحماية الأطفال من الوقوع في تناقضات الأوامر المتضاربة. إنه يلقى التشجيع حتى يتقن تعلم المشي، ويتلقى في الوقت نفسه الأوامر بعدم لمس الأشياء وإلا سيتعرض للعقاب. إن هذه الأوامر المتضاربة تجعل الطفل يتمرد ويتصرف طبقاً لما تمليه عليه اللحظة، إنه قد يكسر التحف النادرة أو يلمس أسلاك الكهرباء. وقد لا يفعل الطفل ذلك لكنه بالتأكيد يعلن عن ضيقه بالأوامر المتناقضة.
ولنا أن نعرف أن الطفل سيتعلم بالتدريج أن يبتعد عن الأشياء التي لا يجب أن يلمسها. ولكنه لن يتعلم بالصراخ في وجهه. إن الكبار عندما يصرخون في وجوه الأطفال لا يفعلون أكثر من توجيه الدعوة للطفل لأن يتحدى أكثر، وأن يستمر في السلوك السيئ أكثر. إن لطفل يتمادى حتى يعرف إلى أي حد يمكن أن يصل الصراع بينه وبين الكبار. وفي هذه الحالة على الأب أو الأم أن يتقدم بهدوء لتحذير الابن من الخطر وإبعاد الأشياء الضارة عنه بلون من الحزم وعدم الضيق.
إننا نحن الكبار لا يجب أن نتمادى في الصراخ بالأوامر المتناقضة، لأننا نثير بذلك تحدي الأطفال ونفجر فيهم الميل الطبيعي للدخول في معركة مع الكبار، وبعد ذلك يشعر الطفل بالذنب، كما يشعر الكبار أن في ذلك لوناً من الخلاف يستهلك أعصاب الطرفين معاً، الابن كطرف أول والأب والأم طرف ثان. ثم يشكو الكبار بعد ذلك بمنتهى الضيق من (أن كل سلوك يسلكه هذا الطفل يسبب لنا الضيق). والحقيقة هي أن الباعث المسبب لهذا اللون من الضيق هو إغراق الأطفال في التشجيع على لون من العمل كالمشي مثلاً، في الوقت نفسه الذي يتم فيه إغراق الطفل بالتحذيرات من ألا يفعل كذا وكذا.
والدكتور سبوك يطلب من الآباء والأمهات أن يقوموا بتدريب أبنائهم الصغار على قضاء الحاجة بلون من الهدوء والثقة والاستمرار، ومع الاستمرار والتكرار يربي الأطفال على التدريب الصحيح ما دام الآباء غير مبالغين في التوتر والانزعاج. وسيضبط الأطفال أنفسهم وهم يفعلون ما يتوقعه الكبار منهم. وسيلاحظ الأطفال أنهم يحظون بامتيازات نتيجة سلوكهم وهم يتصرفون طبقاً لما يتمناه الآباء والأمهات منهم. ويقارن الطفل في أعماقه من (مميزات العناد وعدم التعاون مع الكبار) و(مميزات الطاعة) وسيجد أن جو الأسرة العاطفي ينسجم بالطاعة أكثر مما ينسجم بالعناد. صحيح أن العناد قد يثبت للطفل قوته فيرى الكبار مترددين وحائرين. وصحيح أيضاً أن الانسجام العاطفي في محيط الأسرة يقول للطفل (فلنكف عن مضايقة بعضنا البعض. إنك طفل كبير بعض الشيء. والكبار يعرفون استخدام دورة المياه ولا يلمسون الأشياء الخطرة، ولذلك فعليك أن تسلك سلوك الكبار).
وهنا يمكن للأب والأم أن ينظرا إلى الطفل ويقولا له كلمات الاحترام والحب، وأن يتلقى مكافأة على عدم التمرد. ولا أعني بالمكافأة قطع الحلوى أو الخروج لنزهة، ولكني أعني بها المكافأة الكبرى التي يتعطش لها الطفل دائماً وهي أن يحس أنه محبوب من أمه وأبيه وأنهما يثقان به.
ــــــــــــــــــ
كيف نمدح أطفالنا؟
* سلوى يوسف المؤيد
كيف نمدح الطفل عندما يحسن التصرف؟ هل ينصب مديحنا على شخصيته؟ أم على تصرفه؟ العالم النفساني د. هيم.ج.جينو يؤكد على أهمية أن نمدح العمل الذي يقوم به الطفل لا شخصيته.. وجاء بمثال ليثبت لنا من خلاله رأيه قائلاً: في صباح يوم.. اتصلت بي إحدى الأمهات، قائلة بانفعال واضح: سأخبرك ماذا حدث لي اليوم، واحكم عليه بنفسك، لأني حائرة لا أعلم كيف أفسره؟ كنا بالأمس في سيارة العائلة في طريقنا إلى نيويورك، كنت قد وضعت ابني الكبير وابنتي في المقعد الخلفي، ووضعت ابني الصغير بيننا أنا وزوجي في المقعد الأمامي.. كان ابني الكبير هادئاً على غير عادته.. وغارقاً في أفكاره، فوجدتها فرصة طيبة لكي أمدحه لأنه كان يستحق بعض المديح، وكنا على وشك الوصول إلى نيويورك عندما التفت وقلت له: ما أجملك وأطيبك اليوم يا إيفان.. أنا فخورة بك.
إلا أني فوجئت به بعد دقيقة واحدة.. يمسك المنفضة.. ويسكب علينا كل ما بها من رماد السجائر.. وبدأنا نسعل من الرماد.. كنت في تلك اللحظة أتمنى لو كان بامكاني أن أضربه ضرباً مبرحاً.. ولعنت الساعة التي مدحته فيها.. ألا يقال لنا: إن مدح الطفل يطور سلوكه.. هل أخطأت فيما فعلت؟
وبعد عدة أيام جلس الدكتور جينو مع إيفان, وحاول أن يكتشف سبب تصرفه السيئ مع والدته رغم مديحها له.
وباح له الطفل بالسبب عندما قال له بأنه كان طوال الطريق إلى نيويورك يفكر كيف يتخلص من أخيه الصغير.. الذي كان يتنطط كالقرد بين أبيه وأمه.. المر الذي أشعره بالغيرة الشديدة.. وتمنى لو أن السيارة اصطدمت بعامود وانقسمت إلى قسمين.. عندئذ سيخرج هو وأخته ووالداه سالمين، إلا أخاه الصغير لأنه سينشطر إلى نصفين، وعند تلك اللحظة مدحته أمه، لذلك شعر بذنب شديد.. لأنه كان يفكر في الإضرار بأخيه.. وأراد أن يرى أمه أنه لا يستحق هذا المديح، فلم يجد أمامه إلا المنفضة التي رماها في السيارة وأثارت غضب أمه.
ويذكر الدكتور جينو في كتابه (بين الآباء والأبناء) بأن أغلب الآباء يعتقدون أن مدح الطفل سينمي ثقته بنفسه.. وسيجعله أكثر اطمئناناً.. لكن الواقع يؤكد لنا عكس ذلك.. لأننا عندما نمدح شخصيته في الوقت الذي يكون هو غاضباً وراغباً في تنفيذ بعض الأفكار الشريرة أو الهدامة بالنسبة للمحيطين حوله، فإنه سيشعر بالذنب والكراهية لنفسه، لأنه سيعتقد أن والده مخدوع فيه.. عندما يظن أنه ولد طيب ومثالي.. لذلك نراه يتعمد أن يكون سيئ السلوك.. ليظهر له شخصيته الحقيقية في تلك اللحظة، لكن ليس معنى ذلك أننا يجب أن لا نمدح الطفل أبداً وإنما علينا أن نمدح جهده الذي بذله في إنجاز العمل الذي أثار استحسان والديه، وما توصل إليه من نتائج ايجابية، فمثلاً إذا قام طفل بتنظيف غرفته، فإن على والدته أن تعلق على ما بذله من جهد للقيام بهذه المهمة، وتصف إعجابها بالغرفة بعد أن أصبحت نظيفة، والمديح للطفل يجب أن لا يحمل روح المبالغة، وإنما يجب أن يعكس الصورة الحقيقية لما أنجزه، لا شخصيته التي قد تكون في نظر الطفل عكس ما وصل إليها من مديح، ولكي نستطيع أن نستخدم هذا الأسلوب التربوي الفعال لتطوير شخصية الطفل، سأذكر مثالاً عملياً حتى يمكننا الاستفادة منه كآباء.
محمود طفل في الثامنة من عمره.. قام بجهد كبير في تنظيف حديقة البيت.. جمع أوراق الشجر.. ورمى القمامة، وأعاد ترتيب أدوات الحديقة، كانت أمه سعيدة بما قام به من جهد، فأرادت أن تعبر له عن امتنانها لما فعل فقالت له: ما أجمل ما أصبحت عليه الحديقة، كانت الأوساخ تملؤها، والآن، انظر كم هي جميلة ونظيفة.
رد عليها محمود باعتزاز: لقد قمت بكل شيء وحدي.
قالت أمه: ولابد أنك قد بذلت جهداً كبيراً.. أليس كذلك؟
أجابها بثقة: بالتأكيد، لقد اشتغلت بكل ما لدي من جهد.
قالت الأم وهي تتعمد وصف الحديقة: يبدو ذلك فعلاً، لقد أصبح منظر الحديقة جميلاً يمتع عين كل مَن ينظر إليها، أشكرك من كل قلبي يا بني.
رد عليها ابناه بمرح: أنا مستعد لخدمتك في أي وقت.
لقد شعر محمود بالسعادة لما بذله من جهد.. وفخور بما وصل إليه من نتيجة حسنة، وكان متلهفاً في تلك الليلة للقاء والده لكي يطلعه على ما قام به من عمل في تنظيف الحديقة.
إذن، مدح الجهد الذي يبذله الطفل في أداء عمله.. هو ما يسعده ويطور سلوكه، لا مدح شخصيته، مثلما نفعل عن طريق تلك الجمل التقليدية التي تعودنا أن نقولها لأبنائنا عندما نمدحهم.. مثل (أنت ولد مدهش) أو (أنت فعلاً اليد اليمنى لأمك عندما تحتاجك) أو (لا أدري ماذا كنت سأفعل بدونك)، وغير ذلك من تلك التعليقات التي تنصب على شخصيته لا على ما قام به من جهد للقيام بعمله الذي أثار استحسان مَن حوله.
ــــــــــــــــــ
لا تجعل البيت فندقاً
مَن مِن الآباء والأمهات لم يردد هذا القول أمام أولاه ذات يوم؟ فالحياة المشتركة بين أجيال عدة تفترض احترام قواعد معينة وتطبيقها في الحياة اليومية.
المشاركة والتعاون: تهب الحياة العائلية الإحساس بالانتماء إلى الخلية نفسها، مما يفترض أن يتحمل كل فرد فيها جزءاً من المسؤولية العامة.
في السابق، كانت مسؤولية البيت تقع على عاتق المرأة وحدها، أما اليوم فغالباً ما تكون المرأة (عاملة) خارج المنزل، مما يضطرها إلى توزيع العمل على كل أفراد العائلة، ولذلك على كل فرد أن يُشارك في المهمات المنزلية كتحضير الطاولة، وشراء الخبز، ورمي أكياس النفايات، .. وغير ذلك.
يجب احترام مواعيد الطعام؛ وإذا اضطر أحد إلى التغيب أو إلى دعوة صديق، فعليه أن يعلم الآخرين عن ذلك بوساطة الهاتف.
يجب أيضاً عدم (استعارة) أغراض الآخرين لفترة طويلة كآلة الحلاقة والقمصان والجوارب وغيرها. من الواجب أيضاً عدم إطالة الحديث على الهاتف لأن الآخرين قد يحتاجون إليه. الوضع نفسه بالنسبة إلى مفاتيح السيارة والجرائد والحمام وغير ذلك.
توضع الرسائل على مدخل البيت أو تُعطى مباشرة لأصحابها، ومن غير اللائق فتح أية رسالة قبل أن يستلمها صاحبها.
الزوجان: تفترض الحياة المشتركة بين الزوجين اتباع قواعد معينة كي يُظهر كل من الزوجين اهتمامه بالآخر واحترامه لحاجاته الشخصية.
يبدأ الاحترام بالعناية بالملبس، إذ يجب تجنب إهمال الهندام في البيت حتى بعد مرور فترة طويلة على الزواج. من الأفضل لأي من الزوجين قَرع الباب قبل الدخول إلى الحمام. وعلى الزوج أن يترك زوجته تمر أمامه عند الدخول إلى أحد الأمكنة، كما أن عليه أن ينتظر كي تسكب الطعام في صحنها قبل أن يفعل هو ذلك.
من المؤكد أن باقة زهور، في مناسبة أو دون مناسبة، هي دائماً التفاتة لطيفة وتدل على الاهتمام حتى بعد ثلاثين عاماً من الزواج.
على الزوجة ألا تملأ الأماكن الفارغة بمساحيقها وأدوات الماكياج.
يمكن أن يكون لكل من الزوجين قوت مستقل خاص به دون أن يؤثر ذلك في تفاهمهما. ومن الأفضل ألا يفرض أحد الزوجين على الآخر أمه أو صديقه.
ومن الشروط الضرورية للانسجام العائلي حق كل فرد في الاحتفاظ بمكان خاص. كما أنه من الضروري أن يكون للزوجين غرفة خاصة لا يدخل إليها الأولاد. في هذه الغرفة، يلتقي الزوجان لتسوية خلافاتهما أو لاظهار عواطفهما. ومن الضروري جداً عدم استخدام الأولاد شهوداً في خلافات الأهل لأن ذلك يؤثر في حياتهم النفسية.
الأهل والأولاد: يجب أن يتميز المناخ العائلي بالعفوية والصراحة والارتخاء حتى في المناقشات الحادة أحياناً، لكن ذلك لا يعني الاستغناء عن بعض آداب السلوك. فكل فرد من العائلة يجب أن يعرف أن عليه أن يعتذر إذا أخطأ، وعلى الأهل ألا يخالف الواحد منهم الآخر أمام الأولاد. وعلى الأولاد ألا يدخلوا إلى غرفة الأهل دون قرع الباب، لكن ذلك غير ضروري عند الدخول إلى الردهة. للأولاد الحق بمكان خاص بهم وعلى الأهل احترام حقهم هذا.
زيارة الأصدقاء: يمكن لبعض التصرفات الطبيعية داخل العائلة أن تبدو غريبة أو منفرة بالنسبة إلى صديق من خارج البيت، لذلك يجب ألا تتم هذه التصرفات خارج جدران المنزل. مثلاً: يجب تجنب الاندفاعات العاطفية القوية والخلافات العنيفة والخوض في تفاصيل الحياة الخاصة والأسرار الحميمة، كما أن الاهتمام الزائد المقبول داخل البيت يصبح مزعجاً خارجه.
عند القيام بزيارة أحد الأصدقاء، على الأهل ألا يحملوا أولادهم معهم وألا يصطحبوهم إلا إذا طلب الأصدقاء ذلك بإلحاح.
وعندما يرد الأصدقاء الزيارة للأهل في بيتهم، يحضر هؤلاء الأولاد للتعرف إليهم، ثم يعودون إلى غرفتهم. ومن الضروري ألا يتحدث الأهل مطولاً عن مميزات وحسنات أولادهم لأن ذلك لا يهم أصدقاءهم.
ــــــــــــــــــ
أهمية وضع الحدود للأبناء
* سلوى يوسف المؤيد
يحتاج الأبناء من آبائهم أن يضعوا لهم الحدود المطلوب منهم عدم تجاوزها في سلوكهم اليومي، أي بمعنى آخر أن يجعل هؤلاء الآباء إرادة أطفالهم خاضعة لإرادتهم، لا ضعفاً وذلاً، وإنما انسجاماً وتآلفاً، حتى يسود الاحترام والحب والسلام علاقة هؤلاء الآباء بأبنائهم.
ترى، ماذا يحدث عندما لا نفعل ذلك؟ الجواب يكمن في رسالة هذه الأم التي أرسلتها إلى خبير تربوي بعد أن اكتسح ابنها إرادة والديه، وأصبح كالمارد الصغير، لا أحد قادر على إيقافه، وتطويع إرادته وهو يثير الفوضى والإزعاج في حياة أسرته. تقول الأم في رسالتها:
ـ كنت ولا أزال أتمنى قبل أي شيء آخر في الحياة أن يكون لي أسرة سعيدة، لكنني حرمت من هذه النعمة بسبب ابني الصغير، فأنا لدي ثلاثة أبناء، ابن في العاشرة من عمره، وابنة لا تزيد عن خمس سنوات، وهذا الابن البالغ من العمر ثلاث سنوات، المشاجرات بينهم لا تنقطع بسبب ابني الأصغر، وزوجي لا يكف عن الصراخ عليه لما يسببه من مشاكل في البيت، حتى أنا لا أستطيع الصبر على سوء سلوكه فأثور عليه، وأحياناً أجلس فوقه لكي أمنعه من ضرب أخته، مدرسته دائمة الشكوى منه، لأنه يتسبب في الكثير من المشاكل في باص المدرسة، كما أنه بالاضافة إلى ذلك يستخدم ألفاظاً بذيئة مع مدرسيه وأصدقائه وإخوته، ولا يمر يوم دون أن يكسر فيه شيئاً، فهو قد تعود أن يكسر النوافذ منذ أن كان طفلاً، حتى إنه كسر زجاج نافذة النوم لكي يدخل البيت لأن الباب كان مقفلاً، وهو يصر أيضاً على الكتابة بخط سيئ، ويكره أداء واجباته رغم ذكائه الشديد، كما أنه مندفع ومزاجي الطبع، ومع أنه قوي الجسم طويل القامة إلا أنه نادراً ما يقوم بأي عمل إيجابي، كسول ولا يمل من مشاهدة التلفزيون، كما أننا متضايقون من الطعام غير الصحي الذي يصر على أكله وتشجعه عليه والدتي التي تقيم بجوارنا، والتي تعودت أن تدلله حتى أفسدته، أعلم أن ثوراتنا الدائمة اليومية عليه تسيء إليه كثيراً، إلا أننا بدأنا نشعر باليأس من إصلاح سلوكه، خصوصاً أنه أصبح أكبر سناً وأكثر ضخامة، لكنه لم يعقل بعد، لقد وصل الأمر بوالده إلى حد أنه أصبح يرفض أن يأخذه إلى أي مكان، لأنه يخجل من تصرفاته، كما أنه أخذ يهدده في المدة الأخيرة بأنه سوف يضعه في ملجأ للأطفال اللقطاء، إلا أنني أرفض هذا الأسلوب في معاملة ابني لأنه بحاجة إلى أن يتعلم كيف يتصرف مع الآخرين، لا أن نشعره بأنه أصبح منبوذاً من الجميع.
طلب الخبير التربوي مقابلة الأم، وعندما جاءت، عقد معها جلسة طويلة حاول من خلالها أن يوضح لها خطأين أساسيين ارتكباه هي وزوجها في تربية ابنهما.
كان أول خطأ ارتكبه هذان الوالدان أنهما لم يخطوا الخطوة الأولى لتشكيل ارادة ابنهما، بأن يخضعاه لحدود يلتزم بها، وهو يتعامل مع المجتمع المحيط به، رغم أنه كان يتوسل إليهما بتصرفاته السيئة التي يتمادى في ممارستها لكي يتقدما، ويساعداه على وضع هذه الارادة في صورتها الصحيحة، إن ما يخيف نفسية الطفل هو إحساسه أنه سيد نفسه وهو في سن العاشرة، غير قادر على أن يحصل على شخص بالغ قوي يستحق إعجابه واحترامه.
كما أن من الواضح أن هذا الطفل كان وهو يسيء معاملة إخوته ومعلميه ووالديه يبحث عن ذلك الشخص القوي الذي سيوقفه عند حده، وكأنه يصرخ بسوء سلوكه قائلاً:
ـ ألا تلاحظون أنني أفعل كل شيء بطريقة خاطئة، ألا يوجد بينكم شخص يحبني إلى درجة تدفعه إلى الاهتمام بي، ألا يوجد بينكم أحد يساعدني، إنني أكرهكم، لأنكم تهملوني، وأكره كل العالم حولي.
أما الأم، فإنها بدلاً من أن تقف بصورة حازمة في مواجهة تصرفات طفلها السيئة، أصابها التوتر والإحباط، وعالجت الموقف بصورة سلبية، مثل صراخها على ابنها وجلوسها عليه لكي تمنع إساءته لإخوته، كما أنها تصفه بالاندفاع والمزاجية، وأن جدته أفسدته بتدليلها، وأنهما يسيئان إليه بثورتهما الدائمة عليه.
إذن، كانت أداة هذه الأم لتسيطر على تصرفات ولدها السلبية هي الشكوى والصراخ عليه، لم تستخدم طريقة واحدة مؤثرة، بدل هذه العواطف الهائجة، وتكرار كلماتها اليائسة حول عدم قدرتها هي وزوجها على وضع حد لتصرفات ابنهما السيئة، مما يجعلنا ندرك عدم وجد شخص قوي يقود سفينة الأسرة، التي تسير على غير هدى في غياب هذا القائد الذي يملك السلطة ويقرر القرارات ويسير بسفينة أسرته إلى المياه الآمنة.
أما الخطأ الثاني الذي أوضحه الخبير التربوي للأم، فإنه يتلخص في مهاجمتهما شخصية ابنهما وتحقيرها وهما يواجهان تصرفاته السلبية.
فهاهو ذا الأب يقول لطفله إنه لن يأخذه معه إلى أي مكان إلا إذا تصرف بصورة عاقلة، لا كالحيوان الهائج لأنه يخجل منه، ولا يريد أن يعلم أحد أنه ابنه، وأنه سيتخلص منه بإلقائه في بيت للقطاء إذا تمادى في سوء سلوكه، ومع كل هجوم من الأبوين على شخصية ابنهما، كانت ثقة الابن في نفسه تهبط درجة، فهل أتى ذلك التحقير لشخصه بنتيجة إيجابية واحدة؟ هل أصبح ابنهما أكثر تعاوناً ولطفاً؟.
كلا، بل بالعكس فقد تحطمت روح هذا الطفل المعنوية، وازدادت ثورته لكي تتحول إلى عواصف بركانية يعبر بها عن غضبه، ومع الأسف سوف يوجه هذا الطفل كرهه لشخصه في المستقبل إلى الانتقام من أشخاص آخرين أبرياء من خارج نطاق عائلته.
إن الأولى بهذين الوالدين تطويع إرادة طفلهما بأن يضعا الحدود التي يفرضان على ابنهما الالتزام بها وعدم تجاوزها، والابتعاد عن تحقير شخصيته وهما ينتقدان سلوكه السلبي، وإظهار مشاعر الحب له والقبول به كما هو، لكي يساعداه على التخلص من تصرفاته السيئة، وسيصبح بذلك طفلاً هادئاً سعيداً راغباً في تطوير سلوكه، وهو الهدف الذي يسعى إليه الآباء في تربية أبنائهم.
ــــــــــــــــــ
ابني يصغي لأصدقائه أكثر مني! ما العمل ؟
معمر الخليل
إذا أردت أن تعرف من تكون، فانظر من تصاحب.جملة رددناها كثيراً، واستخدمها الناس كأمثلة شعبية، اختلفت صياغتها، لكنها احتفظت بالمعنى.(54/199)
حفظها الكثيرون، ورددوها مراراً، واستخدموها في أقوالهم ونصائحهم، إلا أنهم أغفلوها في التطبيق، ونسوها في التجربة.
الصاحب ساحب، مثال شعبي آخر، استخدمه الناس للإشارة إلى تأثير الصديق والرفيق على أي إنسان، صغيراً كان أم كبيراً، ولكن في زحمة الحياة، يضيع التفكير في "من يكون صديقي" طالما أنه موجود بالفعل.
ولأنه موجود بالفعل في حياة الجميع، فإن تأثيره كبير، ورأيه الأقرب إلى القلب، وشخصيته المحببة تجعل الصعب سهلاً، والمحظور ممكناً، طالما غاب الرقيب.
ولأن الأبناء هم قبل أي شيء آخر، مسؤولية الأب والأم، وعلى عاتقهما تقع كل صغيرة أو كبيرة في حياتهم، فإن الصديق كان ولا يزال، من أهم المحطات التي تترك في فكر وشخصية الأبناء تأثيراً كبيراً، قد يمتد لسنوات طويلة، يصعب على الآباء والأمهات محو آثارها زمناً.
"إذا أردت أن تعرف من تكون، فانظر من تصاحب" جملة رددناها كثيراً، واستخدمها الناس كأمثلة شعبية، إلا أنهم أغفلوها في التطبيق، ونسوها في التجربة.
لماذا يتعلم الأبناء من أصدقائهم أكثر ؟!
هناك أسباب عديدة تجعل الأبناء أكثر ميولاً للتعلم من أصدقائهم، وتفضيل ما يتلقونه منهم على ما يتلقوه من آبائهم وأمهاتهم، وإن اختلفت القيم، وتعاكست الآراء، منها:
1- إن الأصدقاء هم أقرب الناس عمراً للأبناء، والمستوى الثقافي ومستوى الإدراك يتقارب لدى الكثيرين منهم، لذلك، فإن الأسلوب الذي يتبعه البعض -دون قصد منهم أو عظيم جهد- لتلقين أصدقائهم الآخرين بسلوكياتهم وتصرفاتهم وآرائهم، هو الأسلوب الأقرب إلى نفسهم.
ففي كثير من الأحيان يكون الأسلوب "الوعظي والإرشادي" على سبيل المثال، أبعد ما يكون عن عقل الابن، وعندما يقارن هذا الأسلوب المستخدم مراراً وتكراراً في كل شيء، مع أسلوب "التجربة الواقعية" مع أحد أصدقائه، سيميل دون إدراك منه إلى أسلوب الأخير.
لعظيم الأثر الذي يتركه الصديق في حياة أبنائنا، ولأننا لا نعلم دائماً ماذا يتعلم الأولاد من أصدقائهم، يتبع المهتمين في تربية أولادهم أسلوب "درهم الوقاية"
على سبيل المثال، يحاول معظم الآباء تلقين أبنائهم عدم التجسس واختلاس السمع من الآخرين، ولكن حين يرى أحد الأبناء زميل له يسترق السمع من غرفة المدير، ويروي لهم ما دار من حديث بينه وبين أستاذ الفصل، سيتشوق الابن لتجربة ذلك، وكشف بعض الأسرار التي تحدث في أماكن أخرى.
2- العلاقة بين الأصدقاء هي علاقة وقتية وزمانية، لا يوجد فيها مسؤول عن آخر، ولا وصاية لأحد على الآخر، فيما توجد وصاية واضحة من قبل الأب أو الأم على الأبناء، لذلك، فإن درجة تقبل ما يقوم به الزملاء والأصدقاء أكبر تأثيراً على الأبناء من تأثير الأب والأم.
ففي الحالة الأولى، يحس الابن أنه أمام شخص لا يستطيع أن يفرض عليه أمراً محدداً، وهو بالتالي يمتلك "حرية القبول أو الرفض"، لذلك فإن أي قبول يأتي نحو سلوكية معينة، سيكون قبولاً "كلياً وكاملاً"؛ لأنه حدث بملء الإرادة.
أما الحالة الثانية، فإن الابن لا يمتلك حرية الرفض، وعليه أن يتقبل كل الأمور بشكل "إلزامي" لذلك يكون قبوله له قبولاً "شكلياً وجزئياً" ينتهي بانتهاء السبب في بعض الأحيان، باستثناء الحالات التي يستطيع فيها الآباء إقناع أبناءهم بشكل كامل.
3- ممارسة بعض السلوكيات أو التصرفات بين الأصدقاء تكون ممارسة تشاركية، بمعنى أن أي فعل يقومون به، يتشاركون فيه في الثواب والعقاب، أما مع الآباء، فإن معظم الأفكار والسلوك التي تطلب من الابن، تكون فردية.
على سبيل المثال، في الحالة الأولى، قد يتشارك الأصدقاء في سرقة وجبة إفطار أحد زملائهم، ويتقاسمون "الغنائم" فيما بينهم، وعندما يكشف أمرهم، سيلاقون نفس العقاب على الأغلب، رغم أن الأمر والمشورة قد صدرت من شخص واحد منهم، وكذلك الأمر مثلاً عندما يقومون بالهروب من المدرسة إلى حديقة أو سوق بإيعاز من أحدهم أو يقومون بشرب الدخان يجلبه أحد الزملاء.
أما في الحالة الثانية، فإن الأب والأم يطلبون بشكل فردي من الابن أن يقوم بتصرف ما، كأن يأمرونه بالدراسة والمذاكرة، فيما يشاهدون هم التلفاز أو يطلبون منه الجلوس هادئاً دون صوت، فيما يتناقشون هم في أمر ما.
4- القدوة: حيث يعد الصديق قدوة حقيقية لصديقه، فيما يفقد الكثير من الأهل مبدأ القدوة.
مثل هذه القصص تحدث بشكل يومي، ويتمنى كل أب أو أم أن يكون أولادهم ممن أنعم الله عليهم بمثل هؤلاء الأصدقاء
فمثلاً، لا يطلب الصديق من صديقه الإتيان بأمر ما، إلا إذا كان هو قد جربه واختبره، أو سمع به، فيطلب من صديقه مشاركته له في المرة الأولى. كأن يجربا شرب الدخان سوية، أو يروي له ما قام به مع قطة جاره من إيذاء، فيكون قدوة حقيقة له في الفعل والقول.
أما عند الأهل، فإن بعض الآباء يطلب من أبنائه عدم التدخين أبداً، فيما يتناولون هم أمامهم الدخان، أو يطلب الأهل من الابن النوم باكراً، فيما يسهرون هم أمام التلفاز، أو يحذرونهم من الكذب، فيما يرونهم يستخدمونه أحياناً ولو من باب المزح، وبهذا لا تود هناك مصداقية لقدوة الأهل في مثل هذه التصرفات.
5- الاختيارية، فعندما يختار الابن صديق له، يكون قد اختار شخصاً محبباً لديه، أعجبه فيه شيء ما، أو تأثر بموقف معه، أو جمعتهما بعض الأفكار والمواقف (كرياضة معينة، أو اهتمام بمادة دراسية ما ...إلخ) لذلك، فإن آراء هذا الشخص "القريب من القلب" يكون لها تأثير كبير، ورغم أن محبة الوالدين قوية لدى الغالبية العظمى من الأبناء، إلا أن تأثير هذه المحبة في التربية يكون محدوداً، إذ لا يربط الابن بين المحبة هنا والتربية.
بالإضافة إلى العديد من الأسباب العامة، والأسباب الخاصة التي تتعلق ببعض الحالات دون غيرها، كأن يكون الصديق ذو شخصية قوية ويتمتع بأسلوب قيادي، أو أن تكون البيئة التي ينتمي إليها الابن ملائمة لجنوحه وتعمله بعض العادات السلبية، أو أن يكون الوقت الذي يقضيه مع أصدقائه أكبر مما يقضيه في المنزل، أو أن يكون الأهل في الأصل لا يقدمون له الرعاية والنصح والإرشاد اللازم، وغيرها.
كيف يساهم الأهل في اختيار أصدقاء أبنائهم:
لعظيم الأثر الذي يتركه الصديق في حياة أبنائنا، ولأننا لا نعلم دائماً ماذا يتعلم الأولاد من أصدقائهم، يتبع المهتمين في تربية أولادهم أسلوب "درهم الوقاية" عبر المساهمة في اختيار الأصدقاء الذين يرافقون أبناءهم، وقاية لقنطار العلاج، الذي قد يكلفه الكثير بحال شذّ ابنهم، أو تعلم بعض العادات السلبية بالغة التأثير.
ويتبع الأهل في بعض الأحيان أساليب مباشرة في اختيار الأصدقاء، فيما يفضل آخرون استخدام أساليب غير مباشرة، تؤدي نفس الهدف بأسلوب أكثر متانة وحرص.
وهناك بعض الأساليب العامة التي يتبعها بعض الأهل، منها:
1- يركز الكثير من الأهل على المكان الذي يسكنون فيه، ويختارون مكاناً يكون في منطقة هادئة ونظيفة، وتتمتع بوجود أناس طيبي السمعة، وإذا صعب عليهم ذلك، يبتعدون عن المناطق التي تتمتع بسمعة سيئة، حيث يوجد في كل مدينة، بعض الأحياء التي تعرف بأنها كثيرة المشاكل، ويكون الناس فيها قليلي الاهتمام بتربية أبنائهم ومتابعتهم، مثلما توجد مناطق معروفة بهدوئها وقلة أو ندرة المشاكل التي تحدث فيها.
2- يهتم الأهل بانتقاء المدارس ذات السمعة الجيدة، لتسجيل أنبائهم فيها، خاصة وأن المدارس تعد من أكثر الأماكن تأثيراً في الأبناء، يقضون فيها وقتاً يومياً طويلاً، ويتعرفون فيها على أصدقاء يبقون أحياناً طوال العمر. خاصة وأن رقابة الأهل لأصدقاء المدرسة تكون أصعب من رقابة أصدقاء الحي، لذلك فهم يبحثون عن المدارس التي تعرف باهتمامها بالأخلاق قبل العلم، والتي يعرف الطلاب فيها بالجد والتميز والأدب.
3- بعد ذلك، يفضل بعض الآباء متابعة أصدقاء أبنائهم، عبر سؤال الابن أولاً عن أصدقائه، ثم يتقصى بشكل غير مباشر عن أهل هذا الصديق، ووضعه الاجتماعي، وسلوكياته، للاطمئنان على ابنه.
4- يقوم بعض الآباء (أو الأمهات) بالطلب من أبنائهم دعوة أصدقائهم للمنزل، بحجة مشاهدة مباراة في التلفاز مثلاً، أو اللعب على بعض الألعاب الإلكترونية أو المنزلية، أو لتناول وجبة عشاء. وكذلك تفعل بعض الأمهات مع بناتهن، وذلك من أجل ملاحظة أصدقاء أبنائهم، والتعايش مع أسلوب علاقتهم، وطريقة تعامل كل منهم مع الآخر، لتشكيل أصدق صورة عمن يخالط الأبناء، ويتم ذلك بالطبع بطريقة غير مباشرة.
5- يحاول بعض الآباء والأمهات، إقامة علاقات عائلية مع ذوي الأصدقاء المقربين جداً من أبنائهم، وتقديم دعوات لهم، أو زيارتهم بين وقت وآخر، وهذه الطريقة وإن كانت تؤدي وظيفة اجتماعية وإنسانية، إلا أنها تخدم في جانب مهم معرفة أهل أصدقاء أبنائهم عن كثب.
6- يحرص بعض الأهل على تقديم نصائح وإرشادات متلاحقة ومتكررة لأبنائهم، حول أهمية الأصدقاء، وضرورة اختيار الرفيق الحس، والابتعاد عن رفقاء السوء، وشرح مخاطر التعلم من الأصدقاء، ورواية قصص وأحداث حصلت مع بعض الناس. واغتنام بعض الأحداث التي تقع خلال الحياة العادية، لتوظيفها في شرح ذلك، وهذه التعليمات تشكل حاجزاً نفسياً مهماً لدى الأبناء، وتساعدهم على اتخاذ مواقف مسبقة من بعض الأصدقاء الذين يرون فيهم صفات سلبية.
بالإضافة إلى أساليب أخرى، تختلف حسب قناعة كل أب أو أم، أو حسب البيئة التي يعيشون فيها.
هل كل ما يتعلمه الأبناء من أصدقائهم سيئ ؟:
بالطبع لا، فكما يوجد رفيق السوء الذي يسحب صديقه إلى الشر، هناك رفقاء كثر يسحبون أصدقائهم إلى الخير.
يروي أحمد س (30 عاماً)، ما كان يحدث معه خلال دراسته المتوسطة فيقول: " لدي صديق كنت قد تعرفت عليه في الصف الثاني المتوسط، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، هو أفضل وأقرب الأصدقاء على قلبي، وإليه يعود الفضل بعد الله _عز وجل_ في تعليمي الصلاة والمثابرة عليها، كان يأتي إلى منزلنا بشكل دائم، وعند أوقات الصلاة كان يحرص على أدائها في المسجد، ثم بدأ يطلب مني مشاركته في الذهاب، وكان والدي في تلك المدة لاهياً عني، فلم أكن أواظب على صلاتي، وأذكر في تلك الأيام أننا تعاهدنا أنا وصديقي على عدم ترك فرض أبداً".
ويروي خالد ج (28 عاماً) عن أحد أصدقائه قائلاً: " أيام دراستي الجامعية، تعرفت على مجموعة من الأصدقاء الذين قضيت معهم وقتاً في اللهو والعب والسهر، وكان لي صديق أعرفه وأحبه قبل ذلك، منذ دخولي الجامعة، وعندما بدأ يراني أنساق خلف الأصدقاء الجدد، كان يحاول جاهداً ردعي عن ذلك، ويقدم لي النصح بأسلوبه المحبب على قلبي، والذي يتسم رغم كل شيء بالبسمة والنكتة. والحمد لله استطاع بتوفيق من الله _تعالى_ أن يبعدني عن أولئك الأصدقاء، وعدت بعدها "صديقه خالد الذي كان يعرفه"، كما يحب أن يقول لي هو ذلك".
مثل هذه القصص تحدث بشكل يومي، ويتمنى كل أب أو أم أن يكون أولادهم ممن أنعم الله عليهم بمثل هؤلاء الأصدقاء، الذين يشكلون حاجزاً مثالياً لإبعاد أبناءهم عن الخطأ، والمحافظة عليهم من لهو الدنيا وأصدقاء السوء الذين فيها.
ولهذا يحرص الآباء على اختيار أصدقاء صالحين لأولادهم، ويقوم كثير منهم بأكثر من ذلك، حيث يحاولون هم أن يجعلوا من أبنائهم الأصدقاء المثاليين، الذين يصلحون ما قد يطرأ على أصدقائهم من عادات سلبية، ويساعدون في نشر الأخلاق الفاضلة والتربية الصالحة والمبادئ الإسلامية النقية بين أصدقائهم وأقرانهم.
ــــــــــــــــــ
هل من الصعب أن نعلم الطفل الكرم مع الآخرين؟
ما أروع هذا الطفل الصغير الذي تقدم له أمه قطعة الحلوى فيسرع باقتسامها مع أخيه الأصغر منه.
أقول: ما أروع هذا الطفل، لأنه طفل متخيل وغير موجود في الحياة الواقعية. فالأطفال يندفعون إلى ما يحبون من حلوى بصورة تجعلنا جميعاً نتذكر حدائق الحيوان عندما تلتف القردة وتتصارع على أصابع الموز.
لكن هل من الصعب تنشئة الصغر على الكرم؟
إن الإجابة على ذلك هي نعم ولا في آن واحد.
نعم .. إن تنشئة الصغار على الكرم في عالم متنافس مسألة صعبة جداً. ولكن تنشئة الصغار على الكرم في عالم متعاون مسألة يسيرة للغاية.
فهل نحن داخل الأسرة متنافسون أم متعاونون؟ هذا هو السؤال الصعب الذي يجب أن يواجهه الكبار أولاً.
فإذا كان الأب يقوم من على المائدة ولا يساعد في رفع الأطباق، ولا يفكر إلا في توجيه الأمر بطلب كوب الشاي، فتسرع الأم لتضع الشاي على النار وتلهث لتأخذ الأطباق من على المائدة، ثم تلهث لوضع الأطباق في غسالة الأطباق، ثم تلهث لتراقب غليان الماء على النار، ثم تلهث لتنظيف مائدة الطعام، ثم تلهث لوضع بعض الشاي في الماء الذي يغلي، ثم تخرج الأكواب النظيفة، ثم تحضر الشاي للأب الذي يقرأ الجريدة بكسل شديد وينظر إلى الشاي فيراه غامق اللون، فيقول للزوجة: ما هذا الذي تقدمينه لي لأشرب؟ إني أحب الشاي مصنوعاً كذا وكذا، فمتى ستعرفين مزاجي في شرب الشاي؟..
إن الطفل الذي ينشأ في بيت تقوم فيه المرأة بكل العمل ويقوم الرجل فيه بالكسل وإصدار التعليمات هو طفل ينظر إلى دوره كامبراطور كسول يطلب رضوخ كل من حوله له.
والطفلة التي تنشأ في مثل هذا البيت تأخذ انطباعاً سيئاً عن وضع المرأة في المجتمع، وقد تخرج فيما بعد زعيمة نسائية من المطالبات بحقوق المرأة. وهذا ما حدث بالفعل مع كل زعيمات حركات تحرير المرأة، فقد كان الأب (في أسرة كل واحدة منهن) رجلاً قاسياً، فظاً، لا يحسن التعاون مع الزوجة، ولذلك تمردت عليه الابنة، وتمردت على كل رجل غيره، رغم أن (إيركا يونج) ـ وهي واحدة من أشد المتعصبات لحرية المرأة في الولايات المتحدة والتي كتبت روايات وقصصاً فاضحة تصور الرجل مجرد أرنب صغير يبحث عن برسيم اللذة في حضن المرأة ـ لم تتزوج إلا رجلاً أجبرها في لحظة ضعف أن تقول له: (يا سيدي أنا خادمتك). وقالت (إيركا يونج): (نعم، إنه سيدي لأنه يعلم أن جسدي ينجذب له فلا أملك مقاومة أمامه. إنني خادمة له بروحي وجسدي). وقد اعتزلت هذه السيدة الكتابة مدة عامين وما زالت مستمرة في العزلة حتى الآن، ذلك أنها تجاوزت الخمسين وهي تحيا في رحاب شاب في الثلاثين!
إذن، لابد من وجود أسرة متوازنة أساساً لا يقوم فيها انسان بدور السيد، وآخر بدور العبد. وهنا يمكننا أن نعرف أن لكل انسان في المنزل عملاً، وأن لكل انسان قدرة على المشاركة حتى نجعل حياة الأسرة أسهل وأجمل.
إن البلد الذي يستطيع أن ينشئ أطفالاً يحسون في أعماقهم بأهمية الآخرين ويمكنهم مساعدة بعضهم البعض، هذا البلد يستطيع في المدى البعيد أن يحل المشاكل الجادة التي تواجه الانسانية حالياً، سواء على مستوى الأفراد أم المجتمعات أم المشاكل القومية، وخصوصاً مشاكل الطلاق، والإرهاق العصبي، وكذلك مشاكل انحرافات الشباب، وغير ذلك من المشاكل.
وعندما نتوغل في أعماق الطفل نستطيع أن نلمس أن الكرم والقدرة على التعاون مع الآخرين يوجدان على مستويين: المستوى الأول، جهزت السماء به كل طفل، أعني الاستعداد الطبيعي والفطري للاستجابة العاطفية لأي مشاعر ودودة توجد من حول الطفل. ويظهر ذلك منذ الشهر الثاني لميلاد الطفل. إنه يبتسم بسعادة بالغة عندما يدلله الكبار، وإذا ما شعر الطفل أن كل من حوله يحبه فهو يتفاعل مع هذا الحب ويكن مشاعر صافية من المودة تجاه المجتمع المحيط به، ويمكننا أن نرى ذلك في محاولة الطفل الذي بلغ ثمانية عشر شهراً أن يطعم أمه بعضاً من طعامه بنفس الطريقة التي تطعمه أمه بها.
هذا هو المستوى الأول من الحب وهو جانب فطري يمكن تنميته ليكون واقعاً سلوكياً، وبهذا ينتقل الحب من المستوى الأول إلى المستوى الثاني وهو السلوك الدائم في المجتمعات على ضوء التفاعل العاطفي.
إن خيال الطفل يكتشف أولاً أنه محبوب وأنه يملك طاقة عطاء الحب. ثم ينتقل الطفل من حالة الخيال العاطفي إلى الترجمة العملية لهذه العواطف في الدائرة الاجتماعية الأوسع، وهذا ما نسميه باكتساب القدرة على العطاء. وهذا الكرم المبكر في الطفولة يكون محدوداً وعفوياً حتى العام الثالث من عمر الطفل. فالطفل قد يشارك غيره من الأطفال في بعض من لعبه، ولكن هذا الكرم قد ينقلب إلى نقيضه فيهجم الطفل على الطفل الآخر لمجرد أنه يلعب بلعبة من لعبه، تلك اللعبة التي أعطاها الطفل عن كرم للطفل الآخر.
وعلى الآباء والأمهات تقوية الجانب الدافئ والانساني والكريم في طبيعة أطفالهم خلال الثلاث سنوات الأولى. إن هذه السنوات تنطوي على مشاعر مختلفة ومختلطة.
والطفل في هذه المرحلة يفعل الشيء ونقيضه بدون وعي، لا بل يتصرف دون حاجة إلى تفكير مسبق. إن الفطرة الأولى هي التي تغلبه.
وفي هذه السنوات الثلاث الأولى يمكن للآباء أن يقوموا بخطوات فعالة وواعية لترسيخ عادات التعاون بينهم وبين أطفالهم، بدلاً من أن يتركوا الطفل دون إرشاد، وهو بذلك يتحول إلى طاقة لا تعرف لها منفذاً إلا الإساءة إلى الغير. إن الطفل الذي لا يجد ما يفعله يمكن أن يدمر ما حوله لمجرد الفوضى ولمجرد التعبير عن طاقاته الهائلة الموجودة في جسده والتي تعبر عن نفسها بتلقائية. إن الأهل يجب أن يتيحوا الفرصة للطفل أن يلعب، وأن يحاولوا تعليمه كيفية مساعدتهم في بعض من أعمال البيت البسيطة كترتيب لعب الطفل أو جمع الأشياء المبعثرة من الصالة. وعندما يفعل الطفل ذلك لابد من اظهار الشكر والعرفان له، لأن الطفل يمكنه أن يحس بقيمة هذا الشكر ويتفاعل مع الأسرة في المرات القادمة.
ويمكن للأم أن تطلب من الطفل ذي العامين أن يحضر لها أي شيء يمكن أن يحمله من غرفة مجاورة. وهنا سيقبل الطفل هذه المهمة على أنها رسالة سامية يؤديها. إنه يشعر أن طلب أمه لمساعدته هو جواز مرور يدخل به عالم الكبار.
وأحياناً يعصي الطفل أمراً أو طلباً من أمه أو أبيه، وهنا لا يجب أن نجبر الطفل على فعل ما رفض أن يفعله، ولكن على الأب أن يتصرف بجدية شديدة وأن يتجه هو إلى تنفيذ الفعل المطلوب ويعلن أنه كان سيفعل هذا الشيء بطريقة أفضل لو ساعده ابنه الصغير في أداء هذا العمل.
صحيح أن الأب لا يقول الصدق، ولكن الأب بمثل هذا القول يستثير همة الطفل، وهذه طريقة فعالة لتوليد العاطفة الانسانية، عاطفة مد يد المساعدة للآخرين عندما يحتاجونها.
إنها الجدية الشديدة الممتزجة بالعاطفة.
ومن بعد العام الثالث من حياة الطفل تبدأ فترة تستمر حوالي الثلاث سنوات، وفيها يحس الطفل بمشاعر متوهجة نحو الأب إن كان الطفل فتاة، ونحو الأم إن كان الطفل صبياً. إنها أول قصة حب في حياة الطفل، ويلعب فيها الأب أو الأم دور المنافس للطفل. إن الولد ينافس والده في حب الأم والبنت تنافس الأم في حب الأب. ويحاول الولد أن يتسلط على الأم وأن يمتلكها، وتحاول البنت أن تحيط الأب بكل حنانها حتى لا يحب أمها. وهنا يمكن للأب أن يعلم الفتاة الصغيرة كيف تعتني بنفسها، وهنا يمكن للأم أن تعلم الابن كيف يساعداه في أعمال البيت.
ويمكن للأب أن يفخر بالابن الذي يساعد أمه في أعمال البيت، والأب بذلك يقلل من الجانب السلبي لمنافسة الابن لأبيه في حب الأم.
ويمكن للأم أن تفخر بالبنت التي تساعد والدها وتهتم بشؤونه، والأم بذلك تقلل من الجانب السلبي لمنافسة الابنة لأمها في حب الأب.
إنها تفاصيل صغيرة يمكننا نحن الكبار أن نهتم بها ولا تكلفنا جهداً كبيراً، ولكنها تعلم الطفل الصغير كيف يكون كريماً ومتعاوناً منذ بداية رحلة العمر.
ـــــــــــــــــــــــ(54/200)
ـــــــــــــ
قيم الأسرة ووحي الأسرة الإبراهيمية
د .رشاد لاشين
الأسرة المتمسكة بالقيم أحد أهم أركان البناء الإسلامي العظيم، وأمتنا ذات رصيد هائل في مجال القيم الرائعة النابعة من أصولنا، وفيما يلي عرض لأهم القيم التي تحتاجها الأسرة المسلمة اليوم: من خلال سلوك أسرة مطيعة لربها مستسلمة بتعاليم دينها، مضحية من أجل مبادئها وبذلك استحقت التخليد على مدى التاريخ والذكر الحسن عبر الأمم والأجيال.
نحن نتعلم قيم الأسرة كل عام بالحج وعيد الأضحى في رحاب مدرسة رائعة أساتذتها: أسرة عظيمة مكونة من أب وأم وابن مطيعين لرب العالمين وهم: (سيدنا إبراهيم عليه السلام، وأمنا هاجر عليها السلام، وابنهما إسماعيل عليه السلام).
قيم الزوجية والأبوة في شخصية أبينا إبراهيم عليه السلام
زوج وأب يقود الأسرة بأمر الله تبارك وتعالى وينطلق في دربه متميزاً بعدة سمات:
(1) حمل رسالة الله والانطلاق في الأرض بدعوة الله هو المهمة الأساسية للأسرة والواجب الأول لها:
فتارة تجده في مصر وتارة تجده بالشام وتارة تجده بالحجاز وشعاره الدائم (إِنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ).
(2) قيادة الأسرة بالرضا والتسليم والامتثال الكامل لأوامر الله عز وجل:
وإن كانت تبدو في ظاهرها صعبة وقاسية، ولكن القلب المؤمن الواثق على يقين بأن العز والفوز في طاعة الله.
أ- ففي مجال الزوجية: هو نعم الزوج القائم على رعاية زوجته تعيش في كنفه ويؤدي حقوقها ويقوم بواجباته نحوها.
ب- وفي مجال الأبوة: يحب الولد والذرية ويكثر من التضرع لربه بأن يرزقه الولد الذي يعينه على رسالة الله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)، ويرزق الولد الذي طالما اشتاق إليه على رأس ست وثمانين سنة من عمره فيسعد بالأبوة بعد الزوجية
ثم تأتيه أوامر ربه كالآتي:
1- أن يترك أسرته السعيدة (زوجته العزيزة وابنه الحبيب الذي ما زال رضيعاً) في مكان قفر لا بشر فيه ولا مظاهر للحياة ويذهب إلى مكان آخر للقيام بواجب الدعوة إلى الله فيطيع ويمتثل.
2- يعود بعد عدة سنوات ويجد ابنه شابًّا يافعاً لديه القدرة على المشاركة في الحياة فيؤمر بذبحه فيطيع ويمتثل.
(3) قيادة الأسرة بالحوار والإقناع والمشاورة والتفاهم وليس بالفرض والعنف:
يناقش ابنه في كل شيء حتى في أمر الله (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ...) هذا هو الأمر المطلوب... وكيفية التنفيذ (فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) عرض وحوار، وكذلك عندما جاءه الأمر ببناء البيت وعاد إليهم بعد غياب وكما تقول الرواية: فصنع كما يصنع الوالد بولده والولد بوالده ثم قال: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك الله به، قال وتعينني، قال: وأعينك، قال: (فإن الله أمرني أن أبني بيتاً هاهنا) حوار رائع وعرض جميل يدفع للتعاون والقبول.
(4) قيادة الأسرة نحو البناء وصناعة الحياة وتحويل الأسرة إلى وحدة إنتاج:
فهذا البناء الرائع المعظم عبر التاريخ (الكعبة المشرفة) هو نتاج أب وابن طائعين لله أب يبني وابن يناوله (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127].
(5) دوام الدعاء والتضرع إلى الله بأن تنجح الأسرة في أداء مهمتها:
فحينما ترك أسرته عند الحرم لم يتركها بروح الغلظة والجفاء بل ذهب بعد غيابه عن أعينهم وحيث لا يرونه استقبل البيت ورفع يديه يتضرع إلى الله بهذه الدعوات:-
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
(6) الحرص على قيمة الكرم والبذل والعطاء:
وتمثل هذا في زيارة سيدنا إبراهيم لبيت ابنه في غيابه، فإذا بزوجته تنكر فضل الله، وتشتكي سوء الحال بأن ليس عندهم شيء ويظهر بخلها وامتناعها عن أداء واجب الضيافة، وعند تأكد الأب من ذلك توجه إلى ابنه برسالة يقول فيها:
(غير عتبة دارك) أي غير هذه الزوجة البخيلة فمجتمعنا الإسلامي مجتمع الكرم والبذل والجود والعطاء ولا ينفع أن يعيش في كنفه من لا يطيق هذه الأخلاق؛ لأنها أساسية وضرورية ولازمة لنجاح العمل الإسلامي.
(7) الحرص على توفير الرزق:
فحينما أمره الله تعالى أن يذهب بزوجته وابنه إلى مكان الحرم اجتهد أن يوفر لهم قوتاً مناسباً فأحضر لهم سقاء فيه كمية من الماء ووكاء فيه كمية من التمر، ثم بعد أن تركهم توجه إلى الله تعالى أن يوفر لهم الرزق:
(وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
قيم الزوجية والأمومة في شخصية أمنا هاجر عليها السلام
(1) زوجة تتميز بالحب والصبر: زوجة تحب زوجها وتطيع ربها:
فحينما تركها زوجها بمكة ووضع عندها جورباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، وهمَّ بالانصراف قامت إليه وتعلقت بثيابه... نعم تعلقت بثيابه فهي نعم الزوجة الحريصة على العيش في كنف زوجها وقالت له: ( أين تذهب وتدعنا هاهنا... وليس معنا ما يكفينا... وألحت عليه فلما رأت في عينيه أنه مأمور بذلك وليس تفريطاً منه في حق أسرته قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا.
وفي رواية: قالت له إلى من تتركنا؟ قال إلى الله فقالت قد رضيت ثم رجعت.
نعم تحب المقام في كنف زوجها، ولكنها على استعداد للتضحية من أجل القيام على أمر الله ونصرة دعوة الله، فهي مدرسة تعلم كل الزوجات الصبر على غياب أزواجهن ابتغاء وجه الله فأمنا هاجر صبرت سنوات طويلة على غياب زوجها الحبيب منذ أن كان ابنها رضيعاً إلى أن شب، وأصبح يافعاً وبلغ السعي أي حوالي خمسة عشرة عاماً فهي رسالة عظيمة إلى كل زوجة كريمة غاب عنها زوجها: سواء للدعوة والجهاد في سبيل الله أو غيبته في سجون الأسر أو الاعتقال أو لقي ربه شهيداً في سبيل الله، تقول له وهي التي تعلمت من أمها هاجر عليها السلام: اذهب فلن يضيعنا الله.
(2) أم تتميز بالرعاية والفداء: أم تقوم على رعاية ولدها وفي نفس الوقت على استعداد للتضحية به في سبيل الله.
- فالسعي بين الصفا والمروة رمز عظيم لرعاية الطفولة فأمنا هاجر بعد أن انتهى طعامها وانقطع لبنها ورأت ابنها الحبيب يتشحط فزعت لرعايته، وظلت تسعى مئات الأمتار بين جبلي الصفا والمروة بحثاً عن ماء وطلباً لرعاية فلذة كبدها.
هي كذلك الأم العظيمة التي امتثلت لأمر الله بذبح ولدها وقرة عينها، وحينما عرض لها إبليس اللعين يضعف قلبها ويضرب على أوتار عاطفة الأمومة القوية الحريصة أعظم الحرص على ولدها ولكنها ترجمه بالحصوات وتقف بجوار زوجها تؤازره لتنفيذ أمر الله تعالى، إنها مدرسة الفداء بالأبناء التي علمت أمهاتنا الفضليات في فلسطين صناعة المجد عبر العمليات الاستشهادية وتقديم الأبناء في سبيل الله.
قيم البنوة في شخصية سيدنا إسماعيل عليه السلام
(1) ابن مشارك لأبيه في البناء وصناعة الحياة: (المعاونة الكاملة والمشاركة في بناء الكعبة المشرفة).
(2) ابن مطيع لأوامر ربه بار بوالديه فدائي لنصرة قضيته: لديه استعداد للتضحية والفداء بنفسه في سبيل الله فحينما أخبره أبوه بأمر الذبح لم يتردد ولم يحجم: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) فهو قائد الفدائيين ومعلم الاستشهاديين ورمز للبطولة والإقدام نحو مناصرة الأمة مهما كان الثمن... فما أجمل أن نربي أبناءنا على قيم الطاعة للوالدين من خلال سيدنا إسماعيل وما أجمل أن نربي أبناءنا ونعمق فيهم قيمة التضحية والفدائية كل عام من خلال شخصية سيدنا إسماعيل وما أسهل ذلك وما أجمله أثناء بهجة العيد والفرحة به.
(3) ابن مبدع مبتكر: فكان إسماعيل أول من روض الخيل وهذبها واستعملها لخدمة الإنسان في شئون الحياة، وكان ذا خبرة بالرماية وبَرْي النبال والقدرة على الجهاد والانطلاق بأمر الله.
(4) ابن مبارك بسبب نشأته في كنف أسرة مطيعة لله: والدليل على ذلك ماء زمزم الذي تفجر من تحت قدميه وبقي نفعاً للبشرية حتى تقوم الساعة فهو يعلمنا جميعاً أن البركة في تنشئة الأبناء على طاعة الله تبارك وتعالى.
السعي بين الصفا والمروة احتفالية رائعة لرعاية الطفولة:
السعي بين الصفا والمروة هذه المسافة الطويلة عبر سبعة أشواط من أم عظيمة تسعى لرعاية طفلها ثم تخليد هذا الفعل من هذه المرأة العظيمة، وجعله ركناً من أركان الحج الذي هو أحد الأركان الخمسة للإسلام، وأمر الحجاج أن يحاكوا فعل هذه الأم ويقطعوا هذه المسافات لهو تربية عملية وتدريب رائع على أهمية رعاية الطفولة لكل من يريد أن يستكمل أركان الإسلام، وكذلك رمزية عظيمة لكل باحث ومهتم برعاية الطفولة.
الأضحية احتفالية سنوية لفداء الأبناء:
الأضحية رمزية عظيمة لقيمة الأبناء وقدرهم في نفوس الأسرة التي توفر المال وتشتري الأضحية فداءً للأبناء كل عام والذين كانوا طبقاً لما أمر به إبراهيم في أول الأمر سيُذبح واحدٌ منهم كل عام، ولكن جاء الفداء من السماء بعد الطاعة والتسليم (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ما أجمل أن نقول لأبنائنا إننا نحبكم ونحرص كل الحرص عليكم ونفديكم كل عام بهذه الأضحية التي نشتريها من أجلكم امتثالاً لأمر الله تعالى فيزيد حبهم لنا ولشعائر الدين العظيمة ويحسون بقيمتهم وقدرهم فيشاركوننا في حمل الرسالة وأداء الأمانة.
مظاهر تكريم الأسرة صاحبة القيم العظيمة
خلد الله تعالى أفعال هذه الأسرة الطائعة بالآتي:-
بأن جعل الكعبة المشرفة التي قام على بنائها سيدنا إبراهيم بمعاونة ابنه إسماعيل محل تكريم طول الزمن وجعلها قبلة الصلاة للرسالة الخاتمة. وكرم الله موضع قدم إبراهيم عليه السلام الذي وقف عليه لبناء الكعبة بقرآن يتلى إلى يوم الدين (وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، وكرم فعله بتسليمه بذبح ابنه بسنة الأضحية كل عام، وإقامة الحجيج في منى يومين أو ثلاثة يعد احتفالية في صورة إقامة في المكان الذي كانت تقيم فيه هذه الأسرة العظيمة في الفترة التي أمرت فيها بذبح ابنها الغالي، وكذلك رمي الجمرات تخليد لفعل هذه الأسرة برجم إبليس الذي كان ينهاهم عن ذبح ابنهم فقاموا برجمه عند العقبة الصغرى والوسطي والكبرى
السعي بين الصفا والمروة تكريم لفعل أمنا هاجر عليها السلام حينما كانت تسعى لرعاية ابنها شرب ماء زمزم والتماس بركته العظيمة تكريم لأثر من آثار الأسرة المطيعة لله.
مظاهر الاستفادة وطرق التوظيف:
على مستوى الأسرة: (احتفالية الأسرة)
- أن نقوم بعمل احتفالية سنوية في أيام عيد الأضحى كل عام نسميها (احتفالية الأسرة) – تجتمع فيها الأسرة: الزوج والزوجة (الأب والأم) مع الأبناء فيعيدون قراءة واقعهم كل عام على ضوء المبادئ العظيمة التي عاشت بها أسرة سيدنا إبراهيم، ويتباحثون كيف يجددون حياتهم، وكيف يطورون طاعتهم لله عز وجل، وكيف يسعون لتطبيق تعليماته في المرحلة التي يمرون بها، وتضع الأسرة خطتها السنوية كل عام انطلاقاً من هذه المحطة الإيمانية كلما مر عليها عيد الأضحى المبارك، وكلما هلت عليها نفحات الحج العظيمة.
على مستوى المؤسسات المعنية بشئون الأسرة: (عيد الأضحى: عيد الأسرة)
- أن تهتم المؤسسات المعنية بشئون الأسرة بجعل مناسبات التكريم الخاصة بالأسرة في هذا الموعد من كل عام في ظل هذه المبادئ العظيمة التي استقيناها من هذه الأسرة الطائعة بدلاً من أن نجعل عيد الأسرة في ذكرى عيد الأم الأجوف من كل معنى والذي ينم عن هجران الأسرة.
وتذكرها فقط مرة كل عام فعيد الأضحى يمثل بجدارة (عيد للأسرة) بأكملها فهو (عيد للأمومة) و(عيد للطفولة)، وكذلك (عيد للأبوة) التي لا يحتفل بها أحد، وينطلق من أصولنا وقواعد شريعتنا دون التشبه بغيرنا.
على مستوى الأمة كلها: تعبئة الأمة لمناصرة قضاياها وأن يكون هناك دور لكل فرد: فالأب قائد ورائد والأم مساندة وصابرة والابن فدائي ومبتكر.
على مستوى المؤسسات الإعلامية والصحفية: الترويج لمبادئ وقيم الأسرة بوسائل وطرق مبتكرة عبر النموذج الرائع لأسرة سيدنا إبراهيم، ففي مجال الطفولة على سبيل المثال لدينا رمزيات رائعة نستطيع توضيحها للناس:
1. فالأضحية احتفالية سنوية لفداء الأبناء، والسعي بين الصفا والمروة احتفالية لرعاية الأبناء، وماء زمزم رمز لبركة الأبناء الناشئين في كنف الأسرة المطيعة لله.
*اسلام اون لاين
ــــــــــــــــــ
8 التزامات مهمة لزواج أهدأ وأهنأ
مهما تعددت الأسباب والمواجهات والنصائح، تبقى المشكلة واحدة: كيف "نبهّر" علاقتنا الزوجية لنعيش حياة مريحة وهنية. فالمناوشات بين رأسين في بيت واحد لن تنتهي ولا المشاكسات حتى المشاجرات.. فكل ذلك جزء من الحياة اليومية العصرية المليئة بالمزاحمات والمنافسات والمعارك "العاطفية". المهم ان نتعلم كيف نخرج منها "سالمين" مسالمين مقتنعين بضرورة التفاوض للحفاظ على عشرة حلوة وحميمة.
عدا عن النصائح يتحدث خبراء اليوم عن التزامات تجدد عقد المحبين وتقيهم حمى التنافس وشبح الروتين الزوجي. هذه الالتزامات عبارة عن 8 قواعد يضعها الطرفان ويطبقانها من دون أي تكاسل أو "تغشيش".
التزام رقم 1
سنزيد الحميمية بيننا: كيف؟ بالابتعاد عن بعضكما بعضا لمدة 10 أيام على الأقل. هذا الابتعاد يتلخص بالانفصال الروحي والجسدي داخل البيت. فلينم كل منكما في غرفة منفصلة وينصرف الى تصريف أموره الشخصية باستقلالية تامة عن الطرف الآخر. ثم تواعدا على لقاء رومانسي حول مائدة عشاء خفيف تحت ضوء الشموع أو في الحديقة وربما على البلكونة تحت ضوء القمر. التزما بالكلام القليل والنظر الكثير والتعابير الحبية المكثفة. هكذا ستعيدان اكتشاف مشاعركما وتجديد علاقتكما العاطفية بأقل تكلفة وخسائر ممكنة.
التزام رقم 2
سأحرك غيرتي وغيرته: من الأدوية النافعة في العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة. فمن الجميل أن تشعري شريكك بأنك تغارين عليه من نظرات الأخريات، والعكس أصح لأن غيرة الرجل تشبع غرور المرأة وتعمق ثقتها بنفسها وبشريك حياتها. لكن لا تزيدي العيار. حاولي فقط بين وقت وآخر ان تحركي مشاعره من خلال كلمة قيلت لك من قبل شخص ما، فالرجل عادة يرى المرأة أمامه بشكل أوضح من خلال نظرة الآخر التنافسية. هكذا تضمنين مكانتك ولا تسمحين له باستغلال محبتك له كيفما يحلو له.
التزام رقم 3
سنتعاتب بدل أن نتجادل: رغم أن الخبراء يفضلونه ويعتبرونه فلفل العلاقات الناجحة، إلا ان الجدل لا يرحم العلاقة في بعض الأحيان خاصة عندما يكون الطرفان في غنى عنه. وإن كان لا بد منه، ركزي فقط على علاقتك به وكيف تريدين أن تغيري مجراها الى الأفضل. لا تضعي اللوم عليه في كلامك معه أو تلمحي الى خطئه بشكل غير مباشر. بل فكري في حلول واعرضيها عليه بدل ان تشكي وتنكدي. اجعلي عتاباتك ودية وتصالحي معه بعدها مباشرة.
التزام رقم 4
سنحافظ على شباب قلبينا: لا تعتبري أبداً انك كبرت على الحب مع زوجك. فالقلب يبقى شاباً مهما كبر السن. انسي الأولاد وهمومهم بين وقت وآخر، ودلعّيه ليدلعّك ومازحيه ليمازحك وشجعيه على الخروج الى المقاهي والمطاعم والأمكنة الخاصة بالشباب، وليس فقط العائلات. شاهدي معه مسرحية كوميدية او حفلاً غنائياً او فيلماً جديداً أثار جدل النقاد. فذلك سيرد الحيوية والنشاط لعلاقتكما ومشاعركما.
التزام رقم 5
سأبتعد معه عن الضجيج: خذي لنفسك وزوجك عطلة ويك أند بين فينة وأخرى تنعزلان فيها عن كل ما حولكما من أرق وضجيج. لا تلفونات ولا موبايلات ولا علاقات عامة. فقط أنت وهو في مكان هادئ بعيد عن الضجيج ولا يعكر الصفاء حولكما سوى ضحككما ومزاجكما "الرايق" جداً. اعلنيه ويك أند عالميا للكسل.. ناما كثيراً وكلا لتنتعش الصحة واضحكا لشد بشرة الوجه. قد يبدو الأمر غريباً لك، لكنه فعّال ويقوي مناعتكما بعد العودة الى جو الأسرة وروتينها.
التزام رقم 6
سأصارحه باحتياجاتي: غالباً ما تربط النساء حاجتهن للرجال بضعف في شخصيتهن وهذا خطأ. فمن الضروري جداً أن تشعر المرأة زوجها بحاجتها له في بعض الأحيان، والحاجة هنا معنوية أكثر مما هي مادية، كما يقول الخبراء. إذن أخبري شريكك أين ومتى تحتاجين وجوده بقربك وكيف يمكن له أن يقوم بذلك، حتى لو كنت تحتاجين لمسة يد او تربيت على الكتف. فهذا سيشعره بالأهمية وبميولك الأنثوية تجاهه وقدرته على تطييب خاطرك وإشباع احتياجاتك. لا تنسي طبعاً ان تعامليه بالمثل.
التزام رقم 7
سنكسر الروتين: كل المتزوجين يقعون فيه وتتحول حياتكما الى حركات "روبوتية". الشغل ثم التسوق فزيارة الأهل والطبخ والأولاد الى ما هنالك. غيري هذا الروتين بين وقت وآخر، توقفي عن التسوق لأسبوع معين ولا تطبخي بل اشتري طعاماً جاهزاً أو أخرجي كل محتويات الثلاجة وخزائن المطبخ (عملية تنظيف غير مباشرة) واعتمدي وجبات سريعة غير مكلفة وخفيفة على المعدة. بدل زيارة الأهل سافري بالسيارة الى منطقة جديدة للمزيد من الاطلاع والمعرفة. خذي يوم إجازة من العمل ونامي من أجل الراحة وهكذا..
التزام رقم 8
مالنا ليس للادخار: الكل يسعى لادخار القرش الأبيض لمستقبل أفضل، لكن كم مرة يحيا الإنسان؟ اشتري ثياباً جديدة لكليكما واحجزا غرفة في فندق 5 نجوم لليلة تحتفلان فيها بحبكما. أو اشتري بطاقتي سفر الى بلد قريب لقضاء أسبوع كامل تخططين فيه للتسلية فقط. ربما تفضلين إقامة حفل عشاء تدعين اليه كل أصدقائه القدامى وتجعليها ليلة خاصة للرجال فقط. فكري براحة زوجك وبما سيعود على علاقتكما معاً وليس كم صرفت. فإنفاق بعض المال على سعادتكما لن يكسر الحصّالة. بل سيكسبكما إحساساً بمرح وراحة تكونان قد فقدتماهما في مشوار حياتكما الطويل.
*المصدر : سيدتي
ــــــــــــــــــ
كيف تتصرفين مع ابنك المدخن؟
*نورا عبد الحليم
دخلت الأم غرفة ابنها البالغ من العمر أحد عشر عاما .. وفوجئت به يدخن سيجارة .. وما ان رآها حتي ألقي بالسيجارة من النافذة , وأسرع خارجا من غرفته .. وتلفتت الأم حولها في ذهول .. لاتدري ماذا تفعل؟ لماذا لجأ ابنها إلي التدخين؟ وكيف تعاقبه؟
وهل تخبر والده بفعلته أم تكتفي بتأنيبه؟
وضعنا تلك التساؤلات أمام الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي والأعصاب والحائز علي جائزة الدولة التشجيعية فبادرنا بقوله ان تدخين الأطفال هو انعكاس لتباعد الأم والأب وغياب الحوار الأسري , ونعتبره أيضا نوعا من التسيب والإهمال وغياب التوجيه والتربية .. ففي الوقت الذي يتوقف المدخنون عن التدخين في الدول المتقدمة لزيادة الوعي بأخطاره يتزايد انتشار التدخين في الدول النامية والدول المتخلفة خاصة بين صغار السن والأطفال , وذلك لتكثيف شركات التبغ لدعايتها في دول العالم الثالث في محاولة منها لتعويض خسارتها في الدول المتقدمة .
ومن ناحية أخري فإن الأطفال في سلوكياتهم عادة يقتدون بالكبار , وعادة يقلدونهم في تصرفاتهم , فإذا كان الأب لا يتوقف عن التدخين داخل البيت وفي وجود الأبناء , فإن الأبناء بالتبعية يتعرضون في أول الأمر للتدخين السلبي وذلك باستنشاق هواء الحجرة المعبق بسحب الدخان وهكذا يتهيأون عن طريق ذلك مع القدوة المأخوذة من الأب للتدخين الايجابي , فيلجأون لأخذ السجائر من علبة أبيهم . أو لأخذ السيجارة من صديق أو رفيق سوء ثم يدخنونها , وينطبق عليه هنا المثل القائل : إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص .
ولذلك علي الأم التي تفاجأ بطفلها يمسك بالسيجارة ويدخنها أن تراجع نفسها وتصرفاتها وسلوكيات زوجها وما يدور داخل البيت من حوار , أو مشكلات , والعلاج هنا لايكون بمعالجة ما نتج عن الأسباب فذلك لايجدي , ولكن العلاج الحقيقي هو الذي يتوجه لمعالجة الأسباب . أي أن محاولة الأم الضغط علي الابن أو إثنائه عن عدم التدخين سوف تكون محاولة فاشلة , وذلك لأن الأسباب التي دفعت الطفل للتدخين مازالت موجودة ولم يتم التعامل معها , والعلاج الفعال يكمن في التعامل مع أسباب التدخين سواء كانت من داخل الأسرة
مثل وجود أب مدخن أو اضطربات أسرية أو غياب الحوار بين أفرادها وتفكك الروابط الأسرية , أو من خارج الأسرة عن طريق رفاق السوء وترك الطفل لهم يتلاعبون به ويسيرونه . وهنا علي الأسرة أن تواجه مسئولياتها تجاه أطفالها , فكما يقول رسول الله -ص - : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته , فإذا قامت الأسرة بدورها وحققت الرعاية المناسبة لأطفالها فسوف تحميهم من التدخين الذي يدمر مستقبلهم وذلك لأن التدخين هو الخطوة الأولي في طريق الإدمان .
ــــــــــــــــــ
تدريب هام للمحبة
* د. حسن عباس زكي
إن الزواج السعيد هو بلا شك، ذلك الزواج الذي يكون فيه الزوج والزوجة متعاونان بالمشاعر المتقابلة، التي تحقق السعادة، وذلك ينشأ من الإخلاص والتفاني والتفاهم، وليس من الضروري أبداً، أن يكون أساس السعادة العلاقة الجنسية، كما يدعي البعض.
ونشرح هنا كيفية تحقيق المحبة بطريقة (إدارة العقل):
اختر مكاناً يشعر الزوج والزوجة أنهما مستريحان إليه .. ولعل من المناسب أن يكون ذلك في الإجازة، حتى يستشعران ذكريات سعيدة مشتركة.
يجلس كل من الزوجين أمام الآخر، ويغلق كل منهما عينيه، حتى يشعران بالاسترخاء والاندماج.
يقول أحد الزوجين للآخر: سأعد الآن من عشرة إلى واحد، وفي كل نطق بعدد، علينا أن نتصور أننا ندخل في حالة أعمق داخل أنفسنا، كل منا كذلك: 10، 9 ثم انتظر برهة، ونتخيل التعمق، بحيث يكون كل واحد منا في حالة روحية أعمق ثم 8 هكذا أكثر، 7 أكثر، 6 أكثر، حتى يشعر الاثنان أنهما في درجة روحية عميقة.. ويقول كل واحد للآخر: إذا أردت ساعدني، وأتعاون معك في ذلك.
الزوج الآخر (غير من تكلم سابقاً في رقم 3) يقول: سأعد أنا أيضاً من عشرة إلى واحد.. وكل نطق بعدد أو عددين 10، 9، تنزل إلى عمق أكثر 8، 7، 6 ننزل إلى عمق أكثر، وهكذا إلى 2، 1 .. وفي نفس الوقت نكون في عمقنا، أقرب كل منا إلى الآخر (ويقول في كل مرة نحن ننزل سوياً، ونقترب من بعض) وفي النهاية يقول: نحن الآن متقاربان مع بعض جداً، وفي عمق كبير.
الذي تكلم في رقم 3 يرد ويقول: (موافق نعم: ننزل إلى حالة أكثر عمقاً روحياً، ونتبادل الحالة مع بعض، أي نتبادل المشاعر، ونحن في حالة استرخاء) ثم يقول: انظر إلى السماء تخيلاً.(54/201)
الآخر يرد: نعم إن المنظر صافي، ويوجد بعض السحاب الخفيف، وكل واحد يصف للآخر المنظر، وهو منظر جميل.
بعد وصول الزوجين إلى المستوى العميق سوياً، بدون أن يسرعوا في الوصول إليه، ولكن الوصول إليه بهدوء، ثم ممارسة الاسترخاء العام، وتبادل الصور الذهنية السعيدة .. يقول أحدهما للآخر: كل ما أريده في الدنيا هو سعادتك، ثم بعد ذلك سعادتي.
يرد الآخر بقول: والذي أريده أنا، قبل كل شيء هو سعادتك أنت وبعد ذلك سعادتي أنا.
يتخيل الانسان لحظة توافق تام، واتحاد فكري بسكون تام.. وبعد ذلك بفترة يستيقظان.. ويمكن أثناء الاتحاد والتوافق، أن ينظر بعضها إلى بعض، والعينان مفتوحتان.
ملاحظة هامة: يجب أن يُتناول هذا التمرين بجدية، وليس بخفة أو عدم اهتمام.. ولذلك يجب ألا يقبل على هذا التمرين، إلا مَن يشعر أنه وزوجته جادان في تنفيذه، بروح ومحبة وعزيمة وجدية.
فإن نقل المشاعر والأفكار بين الناس، على مدار الزمان والمكان، والماضي والحاضر والمستقبل، هي وسائل معترف بها، وجربت من قديم الزمان .. والمهم هو التعرف الجاد على أسلوبها، حيث يمكن استخدامها، لخلق جو من السعادة والمحبة بين الزوجين.
*المصدر : الانسان والوجود
ــــــــــــــــــ
الصداقة مع الأبناء حق طبيعي .. فهل يعرف الآباء ذلك؟
* د. سبوك
إذا جاء الطفل الصغير ليقول لوالده أو لوالدته:
ـ أحمد صديقي ضربني اليوم في المدرسة.
وإذا أجاب الوالد أو الوالدة:
ـ هل أنت على ثقة أنك لم تكن البادئ بضربه أو إهانته؟!
هنا يغلق الأب الباب أمام الحوار. إنه يتحول في نظر ابنه من صديق يلجأ إليه إلى محقق أو قاض يملك الثواب والعقاب.
بل إنه ـ وفي نظر الابن ـ محقق ظالم لأنه يبحث عن اتهام الضحية ويصر على اكتشاف البراءة للمعتدي.
إن الطفل الصغير يطلب من الأب والأم الانتباه مع الثقة والصداقة مع تواصل الحوار.
فإذا تكلم الابن أولاً إلى والديه، فعلى الوالدين أن يقاوما أيّ ميل إلى الانتقاد أو اللامبالاة بما يقوله الابن.
وإذا سأل أب أو سألت أم عن آداب المناقشة مع الطفل نقول إنها من نفس آداب المناقشة بين اثنين من الكبار تجمع بينهما مشاعر الصداقة الجيدة.
إن على الأب ـ أو الأم ـ أن يضع نفسه في حالة اهتمام وتعاطف وأن يستمع للابن بجدية وتفاؤل وأن تقابل عيون الأب ـ أو الأم ـ عيون الابن بمحبة. إن من الضروري في هذا الموقف أن نجبر أنفسنا على أن نؤجل اللهجة الموجهة أو الآمرة وأن نسمح للحب أن يطل من أعيننا. هنا ينتقل هذا الإحساس الجميل إلى أعماق الابن. وهنا لن يلجأ الابن إلى الصمت أو الشكوى منك ومن أوامرك أو التوسل إليك حتى تمتنع عن عقابه. وفي العادة، إذا ما قابل الأب ـ أو الأم ـ الابن بلهجة فيها أوامر وتوجيهات ونصائح وتهديد بعقاب، فإن الابن ينزلق إلى الصمت، أو إلى الشكوى من الأب وإلى الأب، إلى التوسل إلى الأب حتى يمتنع عن تنفيذ تهديده بالعقاب.
إن الابن في مثل هذه الحالة لا يعير إذناً صاغية إلى كلمات الأب أو الأم، تماماً كما لم يُعر الأب أو الأم أذنيه إلى الطفل.
لكن الأب ذا ما استمع إلى الابن جيداً وبروح من الصداقة وبأسلوب غير ناقد، يتحول الابن إلى صديق رائع لأبيه.
إن إحساس الابن بأن الأب ـ أو الأم ـ قد استجاب له في التفكير والمشاعر إنما يربط روح الأب بربط روحي بحيث تعمل نية الابن ونية الأب بإيقاع منسجم.
وإذا ما دخل الابن المنزل بعد يوم دراسي. وهو يعرف أن والده سيدخل معه في نقاش حميم مفعم بالتفاهم خال من التهديد، فإن ذلك الابن سيجري من المدرسة إلى المنزل جرياً لأنه يشعر أنه يتمتع بالصداقة مع أفراد أسرته.
ولكن ماذا عن الأعوام الأولى للطفل؟
نلحظ على سبيل المثال ـ أن الطفل في سن شهره الثاني عشر يتمنى أن يفعل كل ما يفعله الأب أو الأم. فإذا رأى الطفل والده يربت على حيوان أليف، فإن الابن يتمنى أن يفعل مثلما يفعل الأب، رغم أنه ينكمش على نفسه وهو مبهور.
إن الطفل في مثل هذه الحالة يحاول أن يقيم علاقة صداقة مع الحيوان الأليف ولو بالخيال.
إن تجربة اللعب مع حيوان أليف أو لعبة كبيرة تثير في نفس الطفل حالة من الفخر .. تماماً مثلما يحاول لطفل الصغير أن يمسك بعجلة قيادة سيارة لا تتحرك.
وعندما يبلغ الطفل الثالثة من العمر ويشاهد ـ على سبيل المثال ـ جرافاً كبيراً يحفر في الشارع، فإنه يمتلئ بانفعالات عارمة ويحاول أن يقلد السائق الذي يحرك الجراف بأزرار من مقعد القيادة، ويظل الطفل يحكي لعدة ساعات عن انبهاره بما رأى.
والخروج مع الأطفال في أيام الإجازة مسألة هامة. ولكن بعضنا يقوم بهذه الإجازة كواجب ثقيل الظل. إنه مجرد خروج لقضاء مسؤولية نتمنى ألا تكون قد بدأت. إنها عبء ثقيل ضمن أعباء الأسبوع الأخرى. إنها الاستجابة الأسبوعية للمطاردة بين الابن وأسرته .. فإذا كنتم تضغطون عليه بالمذاكرة وبالتهديد وبالوعيد، فلماذا لا تكونون أوفياء بحقوقه الأساسية الأولى وهي أن يخرج إلى الهواء الطلق؟ أو أن يتجول في حديقة يختارها الأب أو الأم حديقة ينطلق فيها كل فرد من أفراد الأسرة مع أفكاره ومشاعره.
إن ذلك اليوم لا يمكن عدّه يوماً عادياً من الأيام التي تتلاقى فيها الأسرة. فالخروج مع الأطفال بهدف الترفيه يجب أن يكون أمراً محبباً للأب وللأم.
إن قبول صحبة الطفل يجب أن لا يكون عبئاً .. هذا ما عرفنا أن له مزايا رائعة يمكنه أن يمنحنا إياها .. وأولها ميزة الامتنان والاعتراف بالجميل.
إن الطفل الذي يشعر أن أسرته تسعد بصحبته هو أقل الأطفال إزعاجاً للأسرة في يوم العطلة.
ويمكن أن نحفز الطفل على الترحيب بالخروج معنا نحن الآباء في يوم الإجازة الأسبوعية بأن نحكي له حكايات مثيرة عن المكان الذي سوف نذهب إليه سواء أكان حديقة أم متحفاً أم سيركاً أم شاطئ البحر أم حديقة الحيوان.
وعندما نخرج مع الطفل إلى النزهة علينا أن ننسى تماماً لهجة التهديد التي تصاحب الآباء والأمهات قليلي الصبر. إن التهديدات تجعل الطفل يعرف من البداية عن الرحلة أو النزهة. بل إن هذه التهديدات تجعله سهل الاستثارة لتنفيذ كل ما هددناه من أجله .. إنه لا ينطلق إلى الترويح عن نفسه بمشاركتنا، ولكنه ينطلق إلى التنكيل بنا لأننا هددناه. قررنا من البداية أنه طفل سيئ المعشر.
وعلينا نحن الآباء أيضاً أن لا نضغط على الأطفال بمعرفة الأحداث أو بمشاهدة الوقائع كما نراها نحن. فعندما نزور حديقة الحيوانات مثلاً، علينا أن نترك للطفل حرية التوقف عند الحيوانات التي يحب أن يراها وأن نترك له الفرصة ليناقش حارس هذا الحيوان. ولكن التعب أو الملل قد يستبدان بالطفل فلا يعود قادراً على أن يستكمل مشاهدة الحيوانات. هنا علينا أن نتوقف عن الضغط على الأطفال أو الإلحاح عليهم. إن الطفل قد يشاهد ما نريد له أن يراه إنما من دون استمتاع، بل إن ما يراه بالضغط عليه إكراهاً ينسيه ما شاهده بسرور وسعادة وإقبال.
إن هناك متسعاً من الوقت في المستقبل لتعويض الطفل ما فاته من أحداث كنا نتمنى له أن يراها.
وعلى الأب والأم أن يتجنبا تماماً لهجة التحذيرات المستمرة أثناء الرحلات .. لأن ذلك يوتر العلاقة بين الابن ووالديه.
مثال ذلك الرحلات إلى الشواطئ في فصل الصيف، تلك الرحلات التي يتفنن الكبار فيها في تحذير الأطفال من أخطار الأمواج.
إن التحذير لا يجدي، ولكن ما يجدي هو تحديد وقت السباحة ويكون الطفل في صحبة أبيه على شاطئ البحر. هذا أفضل بكثير من التحذير.
إن الطفل يحتاج من الكبار أن يقوموا بدور المدير الفعال في الحياة، لا المدير الذي يكتفي بالصراخ.
وكثير من الآباء يقولون: (إن أطفال هذا الزمان لا يقرؤون رغم أننا نشتري لهم أغلى الكتب). نقول إن المسألة ليست في شراء الكتب، بقدر ما هي أن نقرأ مع الطفل لمدة نصف ساعة وبصوت عال. وكلما استطاع الأب أو الأم أن يقرأ للابن بصوت عال عدداً من القصص فهو سيتوقف عند مجموعة من هذه القصص ويطلب إعادة قراءتها. إن تعويد الطفل على القراءة يأتي عن هذا الطريق لا عن طريق إغراق الطفل بالكتب الغالية الثمن.
وهذا الأسلوب من تعويد الطفل على القراءة يمنح الطفل الثقة في قدرته على الاستفادة من القراءة والاندماج والتآلف مع الكبار.
أما مشاهدة التلفزيون في يوم الإجازة فهو أمر يجب أن يشترك فيه الكبار مع الأطفال.
إن مشاهدة أفلام الأطفال تيسر لهم متعة لا نهاية لها. وعن طريق هذه المشاهدة يمكننا اختيار ما يمكن أن يشاهدوه وأن نغلق التليفزيون حتى لا يشاهدوا ما لا نرغب أن يشاهدوه.
ويمكن أن نجعل الطفل يشاركنا هواية لنا سواء كانت النجارة أم أعمال الخياطة أم تربية النباتات أم الرسم أم الزراعة، وكل ذلك على أساس من الصداقة والمشاركة.
ولكن ذلك أمر يمكن أن يفضي إلى إحباط الآباء والأبناء على السواء وذلك إذا أصر الأب أن يرضخ الأبناء للقواعد، وأن يرضخ الأبناء لسيطرته المطلقة، أو أن يحترف الأب توجيه كلمات النقد العنيف للابن.
إن عمل الآباء والأبناء معاً هو أمر ممتع للغاية خصوصاً إذا عرف الأب أن الابن يحب العمل بجانب والده وأن يصحبه في ممارسة الهوايات المنزلية. ولكن الابن لا يقدر على الاستمرار في العمل إذ إن له خياله الواسع الذي يرحل إليه بعد وقت قصير من العمل. ولنا أن نتوقع المزيد من مشاركة الطفل في مثل هذه الهوايات كلما أحس أننا لا نضغط عليه بها وأننا نترك له حرية المشاركة في العمل والانسحاب من العمل.
وعندما يشتري الوالد لعبة للطفل عليه أن يشتري لعبة في مستوى إدراك الطفل وأن يترك للطفل قيادة أو تركيب ما تتطلبه اللعبة، سواء أكانت قطاراً كهربائياً أم مجموعة سيارات صغيرة مثلاً.
إن علينا أن نعرف ضرورة هامة في اختيار لعبة الأطفال، وهي ألا تكون اللعبة معقدة التركيب إلى حد يسبب لهم الحرج.
وإذا لم نوفق في أي شيء مما تقدم، علينا أن نتقن على الأقل فن المناقشة بصداقة مع الطفل.
إن الطفل فيلسوف بطبيعة تكوينه، وهو ينطق بما يقول بصورة متناهية النقاء والوضوح. وإنه من المؤسف حقاً أن بعض الآباء لا ينتبهون إلى الجواهر التي ينطقها الأبناء بعفوية.
وباختصار، ن وقت الاستمتاع مع الأطفال حق للأبناء .. ولكن هل ينتبه الآباء إلى إتقان استخدام هذا الحق؟!
* تعريب: منير عامر
ــــــــــــــــــ
سوء الاستخدام العاطفي للأبناء!
* د. سبوك
تطل اللهفة من عيون الجد أو الجدة على اللعب مع الأحفاد.وفي قلب هذه اللهفة يمكن أن يرى الانسان لمحة من ندم له طابع خاص، ندم سببه ذلك السؤال السري الذي يحتفر في قلب الجد أو الجدة كشوكة لها وخز لا يراه أحد. هذا السؤال السري هو: لماذا لم أكن أستمتع باللعب مع أبنائي كما ألعب الآن مع أحفادي؟!
والسرّ في هذا السؤال هو أن الجد أو الجدة يملكان خبرة من التدريب الكافي على التعامل مع الطفل. لكن تعامل الأب أو الأم مع الطفل ممزوج دائماً بالمسؤولية الكاملة منه. إن الأب قد يداعب ابنه وقد يلعب معه وكذلك الأم. لكن كلاً من الأب والأم يختلط لعبه مع الابن برغبة في التوجيه. إن الجد أو الجدة يملكان الرغبة في النزول إلى مستوى الطفل والحديث معه عما يسعده، ويمكنهما إقناعه بأن يأكل أو أن يساعداه على ارتداء الحذاء أو أن يعلماه كيف يمكن أن يمسح أنفه السائل، أو الابتعاد عن مصادر الخطر، كأزرار الكهرباء أو موقد النار أو أماكن حفظ الأدوية. لكن الآباء والأمهات ينتابهم عدم الصبر وضيق الوقت، فتنطلق الأوامر المختلطة بالتهديد للأبناء: إن لم تأكل لن تشاهد التليفزيون .. إن لم تتأدب لن أتحدث معك .. إن لم تسمع كلامي وتنفذه فلن أحبك أبداً .. إن لم تنم باكراً فلن أقيم لك حفلة عيد ميلادك.
وننسى نحن الآباء ن مشاعر الأبناء ليست محلاً تجارياً نطلب من صاحبه أن يعاملنا كزبائن فيه وبمنطق الزبون دائماً على حق.
ننسى نحن الآباء والأمهات أن الأساس الوجداني للطفل هو أنه جزء من أبيه وأمه وأنه لا يحب مَن يهدده في ذلك أبداً مهما كانت الظروف.
والأجداد والجدات يعرفون بالخبرة تلك الحقيقة. إنهم يتعاملون مع الحفيد على أساس أن صاحب الحق في الحياة، وأن طلباته مجابة ما دامت معقولة.
ولكن هناك مباراة فاسدة الطابع يمكن أن تتدخل في العلاقة بين الابن وجده وجدته كطرف، وبين الابن وأمه وأبيه كطرف آخر.
إن الجد والجدة قد يوحيان للوالدين برسالة غاية في الخطورة والخطأ: إنك يا ابني الذي أنجبت حفيداً لنا لست جديراً بأن تكون أباً، أو إنك يا ابنتي لست جديرة بأن تكون أماً.
إن الجد أو الجدة قد يعرفان حقائق عن الأطفال أكثر من الآباء والأمهات، لكن ليعلم الجد أو الجدة أن الطفل كائن غاية في الذكاء وهو يستطيع أن (يلعب) على تضارب السلطات جيداً. ولذلك فمن المهم عدم ممارسة سوء الاستغلال العاطفي. من المهم أن يعرف الجد والجدة أن مصدر السلطات بالنسبة للطفل هو أبوه وأمه. قد يكون الحفيد ابناً لابن الجد، وقد يرى الجد أو الجدة يوجهانه بالتعليمات المتناقضة مع تعليمات الأم، وهنا يمكن أن يسبب الجد مشاكل لا داعي لها لابنه والد الطفل مع زوجته التي هي أم الطفل. وقد تكون الجدة في أعماقها غير موافقة على زوج البنت أو زوجة الولد. وقد تنتقل هذه المسألة من أعماقهما إلى إصدار أوامر تتناقض مع أوامر والد الطفل أو والدة الطفل. وهنا تسبب الجدة المشاكل لابنها أو لابنتها دون داعٍ أو مبرر.
إن مصدر السلطات في حياة الطفل هو أمه وأبوه ولا داعي لإهداء كمية من التوتر للأسر الشابة. فيكفي ما عند الأسر الشابة من مشاكل في هذا الزمان المعقد.
أما الآباء والأمهات، وهم يرون الجدات والأجداد يستمتعون باللعب مع الأبناء ذاتهم، فيتساءلون: (كيف يجدون كل هذا الصبر للتعامل مع الأطفال؟ .. ألا توجد عندهم أعمال أخرى أكثر أهمية؟).
وينسى الآباء والأمهات أن معنى الوقت يختلف عند الأجداد عن معناه عند الآباء. إن الوقت عند الجد هو وقت حصاد سنوات العمر. إنه يحصد الآن باللعب مع الحفيد كمية ما زرعه من حب ومسؤولية عن الابن أو البنت اللذين كبرا وأنجبا له هذا الحفيد.
أما قيمة الوقت عند الأب والأم، فهي المزيد من إتقان الوظائف التي يشغلها أي منهما ومحاولة كسب أكبر كمية من المال لتحسين مستوى حياة الأسرة. إن عمر الأب والأم هو عمر حراثة أرض الحاضر ليكون لهما مستقبل أفضل وأن يكون الحاضر هو اتساع الإمكانات المريحة. ومثال على ذلك أن الجد أو الجدة لا يهتمان كثيراً بإعلانات التليفزيون أو الصحف عن السيارة الجديدة أو الثلاجة الجديدة أو الأثاث الجديد. أما عيون الأب وعيون الأم فهي تهتم بالإعلانات، لأن الملل والترقب يتنازعان مشاعرهما تجاه السيارة أو الثلاجة أو الغسالة أو أثاث المنزل. إن الجد أو الجدة يعتزان بالسيارة القديمة لأنها، مثلهما، هادئة ومطيعة، لذلك فإن كلاً منهما يقود السيارة بهدوء، ويتعامل بشيء من المشاعر الانسانية، أو يقوم بالصيانة بصفة دورية. ثم إن خروجهما محدود. والعكس صحيح في حياة الآباء والأمهات.
إن الأب والأم لا يفكران في السيارة إلا إذا تعطلت، ويريان أن الذهاب بالسيارة للصيانة هو ضياع جزء من المال والوقت، كما أن السيارة والغسالة والثلاجة وأثاث البيت هو جزء من التعبير عن (الفخامة) الاجتماعية، وهذه (الفخامة) الاجتماعية ليست مهمة في أغلب الأحوال عند الجد والجدة.
إن قيمة الوقت تختلف عند الأجداد عنهما عند الآباء، ولذلك نجد الأجداد صبورين في التعامل مع الأحفاد.
لكن ماذا عن أعماق الطفل الصغير؟
إن الطفل الصغير يحب الجد أو الجدة لأن له، معهما، مساحة من الحرية أكبر، ولأنه يستطيع أن يطلب بعض الممنوعات فتتم الاستجابة له. ولكن الطفل لا يفكر على الاطلاق في أن يكون مثل الجد والجدة. إنه يريد أن يكون شاباً قوياً كأبيه، كما تريد الفتاة أن تغدو جميلة كأمها. نعم، إن الطفل يتطلع إلى الحب الممزوج بالاحترام الذي يشعر أن والديه يستحقانه وينالانه من كافة المحيطين بالأسرة. إن الأب هو المثل الأعلى للابن وكذلك الأم هي المثل الأعلى للبنت. وكل من الولد والبنت ينظر إلى الأب والأم وكأنهما قد حققا أرقى مكانة في العالم. ولذلك يحاول الابن أن يقلد والده، وكذلك تحاول البنت أن تقلد والدتها.
ولذلك يستقبل الابن أو البنت تعليمات الأب والأم بمنتهى الحب والرغبة في تنفيذ هذه الأوامر. ولكن الطفل قد يرتبك عندما يتلقى الأمر الصادر عن الأب أو الأم بعصبية أو فتور أو استهجان. إنه يقع في دائرة التخيل فيظن أنه كائن غير مرغوب فيه أو أن أباه وأمه قررا أن يتخليا عنه. وهذا الارتباك قد يؤدي إلى عدم تنفيذ الأمر الصادر عن الأب أو الأم. ولذلك نطلب من الآباء والأمهات أن يزرعوا الثقة النفسية في الأبناء. إن الأوامر يجب أن تكون حازمة وأن تتضمن اللهجة أيضاً قدرة الأب والأم على مساعدة الطفل. فإن كان الطفل قد فرش أرض الغرفة بلعبه الكثيرة فإن الأم يمكنها أن تقول: هيا نجمع لعبك معاً. وهنا تبدأ الأم في جمع لعب الطفل، وسيبدأ الطفل فوراً في مساعدة الأم.
والابن قد يتلقى الأمر بأن يذهب ليغسل يديه بعد الأكل وأن يدخل الحمام، لكنه قد يتلكأ وقد يمتنع وقد يبكي أو يصرخ. لكن الابن لو تلقى الأمر بلهجة هادئة فإنه سيستجيب بمنتهى الهدوء.
إن الطفل يحب أن يقوم بالجزء الأكبر من العمل، ولكن كلما زاد عليه الإلحاح فإنه يشعر بالرغبة في العناد وفي عدم القيام بما نطلب منه من أعمال. وعلينا أن ننفذ عقاب الطفل إن أساء الأدب أو السلوك، لكن بشرط ألا يحمل العقاب صفة الانتقام. إن المراقبة الحنونة للطفل، والكلام بهدوء معه، والتوجيه المليء بالثقة، وعدم منع الطفل من فعل إلا بعد الدخول معه في حوار يحس من خلاله بالحزم في قولنا وعدم اطلاق التوبيخ وكأنه قذائف صاروخية .. كل ذلك يساعد الأب والأم على الاستمتاع بالساعات التي يقضيانها مع الطفل.
إن الأب قد يسرح بخياله وهو في مكتبه متخيلاً لحظة أسرف فيها في عقاب الابن الصغير فيقول لنفسه: (لماذا لا أدلل ابني كما يفعل بقية الآباء) ويغرق الأب في الندم لأنه عاقب ابنه عقاباً فوق اللازم.
ولكن لوم النفس على عقاب الابن لا يجب أن يأخذ طابع المأساة. إنه أمر طبيعي ويحدث كثيراً عندما نفقد السيطرة على أعصابنا.
ويعرف الآباء والأمهات أن الطفل الأول كائن يتمتع بمقدرة رهيبة على استكشاف آفاق الرضا والغضب عند الأب والأم، تماماً كحرصه على البحث في كل زاوية من أثاث البيت وفي دواليب الملابس، وكيفية تشغيل الغسالة الكهربائية وكيفية إضاءة الكهرباء. إنه كائن يتدخل في كل شيء ولا يترك شيئاً في مكانه.
ويمرّ العام الأول والثاني من حياة الطفل الأول كمرحلة مزعجة وممتعة من فرط عجز الأب والأم والتفاهم مع كتلة الإحساس والمشاعر والحركة التي غيّرت وجه حياتهما معاً.
إنهما عامان يعطيان كلاً من الأب والأم شهادة أن كلاً منهما جدير بمكانة الأب ومكانة الأم.
وكما كانت الولادة لحظة مليئة بالشجى والألم، ويقال عنها في تاريخ كل أم إنها (لحظة منسية).. كذلك تماماً يكون العام الأول والثاني من عمر الابن الأول، فهو بمثابة دبلوم من الدراسات العليا في كيفية عدم الوقوع في سوء الاستغلال العاطفي من الآباء والأمهات للأبناء ومن الأبناء للآباء والأمهات.
* تعريب: منير عامر
ــــــــــــــــــ
فساد الأطفال يبدأ من انفصال الكبار عن أفعالهم
في العام السادس من عمر الطفل يدق باب قلبه السؤال التالي: (هل الكبار يحترمونني حقاً؟).
والاحترام ببساطة هو أن تصبح مسافة الهواء التي تفصل بين جسد الطفل وجسد الوالدين ممتلئة بالدفء. والدفء ليس حالة احتضان دائم للطفل، ولكنه حالة اعتزام نفسي بأن هذا الطفل جدير بالمستقبل وأن أخطاءه، قابلة للإصلاح. وهو ككائن صغير سيستطيع أن يصحح أي أمر بهدوء. ولست أعني بعدم الاحترام بين الكبار وبين الطفل توجيه كلمات اللوم أو العتاب عند الخطأ، بقدر ما أعني به الإحساس العميق بالندم لأنك أنجبت هذا الطفل، أو أن تنظر إلى الطفل وكأنه قيد حول عنقك.
إنني لا أنسى أبداً ذاك الشاب الذي كان يعيش قصة حب، وحدث ما حدث بينه وبين حبيبته. وفي لحظة من عناد انتحاري تم خنق قصة الحب بأن قبلت الحبيبة الزواج من رجل آخر. وتنفست أسرة الحبيبة بارتياح، فأخيراً عادت الابنة إلى الصواب واختارت الرجل المناسب لاسم العائلة ومركزها الاجتماعي. ومر الزمن بسرعة لتلد الحبيبة، من زوجها الذي لا تحبه، ابنة يشهد وجودها أن لحظات العناق بين الأم وزوجها الطبيب المختص في أمراض النساء كانت أشبه بعملية تنظيف الأسنان التي تفضي إلى التهاب اللثة! وظلت هذه الأم الصغيرة تعاني من اضطرابات في الدورة الشهرية ومن آلام في المبيضين مجهولة السبب طبياً. وتستمر رحلة الألم سنوات، وتكبر الابنة الصغيرة فتبلغ سن التاسعة وهي ما زالت متخلفة دراسياً، وكثيرة الشرود الذهني، وكثيرة التدمير لكل شيء حولها: تنظر إلى أمها بعناد غريب، ولا تنفذ أمراً واحداً أو رجاء واحداً، كما تستيقظ في الليل صارخة من فرط الكوابيس ترتجف بشدة وعنف ظاهرين. وفي الصباح تجلس الفتاة الصغيرة إلى مائدة الإفطار الباردة وتسمع الحوار الجاف بين والدها ووالدتها وترى في عيني والدها حالة ندم شديد لنه تزوج هذه المرأة. إنه يعلم أن زوجته كانت تحب رجلاً آخر. وكثيراً ما قامت بين الرجل وزوجته معارك بالتشابك بالأيدي، فتجري الابنة ذات التسعة أعوام لتفصل بينهما، وتعود إليها الكوابيس مع الليل بالاضافة إلى التبول اللاإرادي. وتلجأ الأسرة كلها للعلاج النفسي. وفي عيادة الطبيب النفسي تصاب هذه الأسرة، الناشئة عن زواج المرأة بغير مَن تحب، بمأساة من لون آخر.
إذن لم تكن رحلة العلاج للطفلة المتخلفة دراسياً إلا مجرد سؤال للأم: (هل تريدين الاستمرار في الزواج من زوجك أم تريدين الطلاق؟).
وإياكم أن يظن أحد منكم أن الإجابة على هذا السؤال مسألة سهلة، فالقضية هي مسألة إعادة هذه المرأة النظر في عواطفها من جديد.(54/202)
إنها تستعيد مرة أخرى أيام الخيال مع الحبيب، وتتعرف عملياً على أخطائه. وترى بعين العاطفة أن حبها الأول الذي تندم عليه وتبتعد لأجله عن زوجها هو مجرد وهم. إنه صورة صنعها الخيال لم تصمد أمام الواقع. وعليها أن تستعيد مرة أخرى القدرة على رؤية زوجها من جديد، وأن تقيس بميزان حساس كيفية تحمله لأخطائها وكيفية مساعدته لها في مواجهة مشكلات الابنة المتخلفة دراسياً. وبعد عدد لا بأس به من الجلسات العلاجية، بدأت هذه المرأة تعيد النظر في علاقتها بابنتها وعلاقتها بزوجها. وكما يقول الطبيب المعالج: (تظن المرأة أن لها فقط مبيضين ينتجان بالتناوب البيوضات التي تلتقي في الرحم الخلايا الذكرية فيحدث الحمل، ولكن الحقيقة هي أن هناك أيضاً في خلايا المخ إنتاجاً متميزاً من إعادة علاج مشاكل الحياة، فإذا ما أعادت المرأة النظر إلى زوجها وأقامت معه علاقة حميمة فان الابنة يمكنها أن تلتقط الأثر العاطفي المطلوب. والأثر العاطفي المطلوب هو في أن تشعر الابنة المتخلفة دراسياً أن أمها تعيش مع أبيها لأنها تحبه وليس لأنها صارت أماً. إن إحساس الابنة بأن أمها لا تحب أباها ينعكس على كل سلوكها. إن الحالة الشاذة التي تكون عليها الأم حين تعيش مع رجل لا تحبه تنتقل إلى أعماق الابنة فتنشأ سلسلة لا متناهية من العقبات. والابن أو الابنة يمكنهما أن يعيشا مع أب مطلق أو امرأة مطلقة بشكل أفضل بكثير من أن يعيشا حياة يختفي فيهما الحب بين الزوجين. وإذا ما شعرت الابنة أن الأم تحب الأب وتحيا معه لأنها تستمتع بهذه الحياة، فإن الابنة يمكنها أن تنطلق إلى آفاق الحياة دون تخلف دراسي.
وهذا ما يحدث بعد علاج الأم من آثار العناد الذي قادها إلى زواج. لقد أعادت اختيار زوجها كحبيب لا كبديل لرجل آخر. لقد اكتشفت أن في هذا الرجل مميزات هي المميزات التي تسعدها. واكتشفت أن علاقتها بالحبيب القديم مجرد أوهام، واكتشفت أن (هروبها النفسي) من حبها لابنتها هو لون من الإحساس بالذنب العميق لأنها تركت الحبيب الأول، فالحبيب الأول يمثل بالنسبة إليها طفلاً مفقوداً.
وعندما علمت أن حياتها مع زوجها هي الحياة التي تحب أن تعيشها امتلأت المساحة ـ مساحة الهواء ـ بينها وبين ابنتها بالحنان الدافق. وبدأت تتعلم مع ابنتها دروس الموسيقى، وتفوقت الابنة في العزف الموسيقي وانتقل هذا التفوق إلى بقية المواد الدراسية.
السبب هو أن أحاسيس الكبار لم تعد مختلفة مع سلوكهم، بل أصبحت هذه الأحاسيس معبرة عن هذا السلوك. ولذلك فعلى الكبار أن يعرفوا أن فساد بعض الأطفال إنما يبدأ من انفصال أحاسيس الكبار عن سلوكهم.
وعلى الكبار أن يعرفوا أن اتساق الإحساس مع السلوك يؤدي إلى مد هذا العالم بأطفال يشعرون أن المجتمع يحترمهم. لذلك يرحب بهم الآباء والأمهات أولاً، ثم يبذل الأبناء ما عليهم من جهد ليكونوا أعضاء جدداً في رحلة بناء مجتمع متآلف.
ــــــــــــــــــ
مشاكل الفتيات .. الحاجة للاستماع والتعاطف الصادق
من المعروف لدى أي مهتم بعلم نفس الإنسان أننا معرّضون في حياتنا اليومية لكثير من الانفعالات التي تؤثر علينا إيجابيًا ( لقاء الأحبة, سماع الإطراء من الآخرين, الزواج, الرزق بمولود... الخ )، وكذلك نتعرض للانفعالات السلبية ( موت قريب، فشل في دراسة، غضب من صديق، إهانة، إحراج من شخص معين.... الخ )، هذه الانفعالات منها ما هو يسير ومآله للزوال في ساعة أو ساعتين, ومنها ما هو صعب الزوال ويحتاج لوقت طويل حتى يزول.
ونحن عندما نتعرض لانفعال سلبي معين ونحس بالحزن والكآبة فإننا نحب أن ننفس عن أنفسنا بأي طريقة كانت، ولو لم نفعل ذلك فإنه سيأتي اليوم الذي نعجز فيه عن تحمل المزيد من الهموم، فتخرج هذه الهموم عن كونها هموماً وأحزاناً عادية إلى أن تكون اكتئابًا مزمنا يحتاج لطبيب حتى يعالجه.. وحتى أدخل في صلب الموضوع الذي أتكلم عنه أقول:
عندما تشعر الفتاة بالحزن والاكتئاب فإنها بحاجة لشخص قريب من نفسها تحدثه بما فيها، وتبث له شكواها، تحدثه عن أحزانها وهمومها، وهي لا تريد منه " الحل " لمشكلتها، ولا أن يخبرها برأيه وأن ينصحها بشيء معين- خصوصا وأن كثيرا من مشاكلنا لا حل لها عند من نشتكي لهم- بقدر ما تحتاج منه لأمرين:
الاستماع والإنصات الجيد
التعاطف والمشاركة الوجدانية
ولا أعني بهذا أن الفتاة لا تريد حلا لمشاكلها، بل أقصد أن الفتاة لا تطلب الحل ابتداء، بل تريد ممن تشتكي له أن يستمع إليها ويمكنها من الكلام حتى يذهب ما بنفسها من الحزن.. وبعد ذلك تكون الفتاة متقبلة للحل الذي يعطيها إياه من تتكلم معه.
وهذا يذكرنا بنظرية المذياع التي تقول أن الفتاة عندما تغضب أو تتوتر أو تحزن فإنها تبدأ بالكلام مع من تحب، فتشكو له ما تعاني منه.. وهذا عكس ما يفعله الرجل الذي يعتزل الناس في مثل هذه الظروف، ويرفض الحديث مع أي أحد، وهذا ما يسمى بنظرية الكهف.
والفتاة عندما تشتكي فلا يعني هذا دائماً أنها فعلاً تحس بمشكلة، فإنه قد يوجد من الفتيات من تحب أن تشتكي لمن تحب من الناس حتى تشعر بحبهم لها، وتعاطفهم معها..
ونستطيع أن نقول إن الفتاة في مجتمعنا عندها مشكلة حقيقية في إيجاد شخص يتعاطف معها ويكون قريبًا منها، يتشرب المشاكل والهموم، ويستمع للشكوى ويظهر التعاطف والحب الصادق، خصوصًا عندما تكون الفتاة محاطة بأبٍ بعيدٍ عنها وبينها وبينه علاقة رسمية تمنعها من الشكوى له؛ وأم لاهية عابثة بعيدة عنها.. تتعامل الفتاة معها بعلاقة رسمية بحيث لا تستطيع أن تجعل منها صديقة لها، وبعيدة عنها بحيث أن الأم لا تنزل للمستوى العمري المناسب لابنتها ولا تتفهم حاجتها في هذا السن (1). ومن الملاحظ لدى كثير ممن لهم احتكاك حديث بالنساء أنهم يقولون: ألا توجد امرأة متفائلة؟! ألا توجد امرأة ليس عندها مشاكل؟! هل يعقل أن كل امرأة أتحدث معها تبدأ في الشكوى؟!
والإجابة: الحاجة للتعاطف و للاستماع هما السبب الأول لأن الفتاة في كثير من الحالات لا تجد من يستمع إليها في البيت، فتجد في الشكوى للشباب فرصة للتنفيس عن نفسها خصوصًا وأن الشاب المعاكس سيسمع ما تقوله وسيظهر تعاطفه معها نظرًا لأن هذا سيجعلها تثق به وتحبه ومن ثم تتعلق به.
والسبب الثاني أن الرجل يحكم على المرأة بمنظاره وبمقاييسه على الأمور، والرجل يرى أن الشكوى مزعجة جدًا لأنها نوع من أنواع الضعف الذي لا يرضى أن يضع نفسه فيه.
وغالباً أننا- رجالاً ونساءً- نشتكي لمن نميل إليهم في بعض المرات، ولكننا لا نفتح قلوبنا على مصراعيها إلا لمن نثق بهم، فإن لم تجد الفتاة من تثق به في البيت فربما تكون الشكوى للغرباء هي البديل..
اذن على الوالدين ان يهتموا بهذا الامر وان يعلموا ان مجتمعنا يعاني من جفاف شديد في العواطف، ولهذا تكون كلمات الحب التي يحفظها الشباب العابثون عن ظهر قلب ذات تأثير عظيم على فتياتنا.. ففتياتنا لا يجدن من يستمع إليهن، وإن وجدن فكثيرا ما يكون الاستماع بدون أي تأثير نظرا لأنه استماع آلي لا تجد فيه الفتاة تلك العواطف التي تبحث عنها. أفلا يحق لنا أن نسأل أنفسنا بعد ذلك: لماذا ننتظر من أولئك العابثين أن يستمعوا لفتياتنا ولا نبادر نحن بالاستماع إليهن والتعاطف معهن ؟؟
ــــــــــــــــــ
ماذا نفعل كي نصل إلى تفاهم مشترك وجو أسريّ صحِّي؟
لأجل أن نصل إلى تفاهم مشترك وجو أسريّ صحِّي يسوده الاحترام والمحبّة والتعاون ، لا بدّ لنا أيضاً كآباء وكأبناء أن نتعرّف على مظاهر الاختلاف بين الجيلين، لكي يفهم كلّ جيل طبيعة الجيل الآخر، لا أن ينتقده أو ينتقص من قدره أو يهزأ ويسخر منه ، وإنّما ليُدرِك الفوارق الطبيعية لكلِّ مرحلة من مراحل العمر، فلايعدّ شيئاً منها منقصة .
وقد ذكر بعض الباحثين العديد من الفوارق ، ومنها :
ـ الشبّان يطمحون إلى الجديد ، فيما الكبار يرفضون الجديد ويألفون القديم .
ـ الشبّان يعيشون الروح الثورية المغامرة من جرأة وتهوّر واندفاع ، فيما تسيطر على الكبار الالفة للعادات والتقاليد ، أي أ نّهم محافظون محتاطون .
ـ الشبّان ـ في الغالِب ـ خياليون نظريّون ، والكبار ـ في العادة ـ نظاميون وعمليون بدرجة أكبر .
ـ الشبّان ـ في الأعم الأغلب ـ متفائلون ، والكبار ـ بشكل عام ـ يعتقدون بالجدّ والسّعي .
ـ الشبّان متسرِّعون ، والكبار يتريّثون .
ـ الشبّان يستغرقون في المستقبل ، والكبار يستغرقون في الماضي .
ـ تجارب الشبّان ـ عادة ـ قليلة ، وتجارب الكبار ـ في العادة ـ كثيرة .
ـ الشبّان يسعون إلى أن تنسجم البيئةُ معهم ، والكبار ينسجمون مع البيئة .
ولكن هذه الفوارق ليست نهائية ، ولا هي خاصّة بجيل دون جيل ، فقد تجد شبّاناً متريِّثين ، وقد تجد كباراً متسرِّعين ، وقد تجد كباراً طموحين وشبّاناً لا يعيشون التطلّع والطموح ، فالأمر يرجع إلى تربية كلّ شخص وخلفيّته الثقافية وتجاربه التي عاشها . فهي فوارق يُنظَر إليها في الاطار العام وليس على المستوى الفردي لكل شخص .
والأمر المهم في معرفة هذه الفوارق أو الاختلافات الطبيعية أ نّها تخفِّف من حملات الهجوم التي يشنّها كلّ جيل ضدّ الجيل الآخر ، فكما أنّ على الأب الكبير أن يُقدِّر احترام الشبّان للجديد ، فعلى هؤلاء أيضاً أن يُقدِّروا احترام الكبار للقديم ، ذلك أنّ طبيعة الأشياء تفرض أنْ ليس هناك مطلقٌ في أفضليّة الجديد على القديم ، ولا القديم على الجديد ، فلكلٍّ إيجابياته ولكلٍّ سلبيّاته ، والعاقل ـ في الشبّان وفي الكبار ـ الذي يأخذ من الأشياء أحسنها .
ومعرفة الفوارق تتطلّب أيضاً معرفة الوضع النفسي لكلِّ جيل ، فالشاب متسرِّع لأنّ دماء الشباب تفور في جسده ، وهو يريد أن يصل إلى مُبتغاه بأقصى سرعة ، وربّما يُفكِّر بطيِّ المراحل أحياناً ، وهذا الأمر ليس سلبياً دائماً ولا إيجابياً دائماً ، فقد تحتاج بعض المراحل إلى حرق وتجاوز السّير السلحفاتي في قطع المسافات ، خاصّة مع توافر الإرادة والجدِّية والرّوح المثابرة والاستعداد النفسي لاختصار المسافة ، كما في ضغط بعض المراحل الدراسية .
أمّا القفز على السلّم وعدم التفكير بعواقب الاُمور وعدم طبخها على نار هادئة ، فقد يجعل الصّدمة في بعض الأحيان كبيرة .
أمّا الأب الكبير في السنّ ، فقد يعيش الهدوء والتريّث والصّبر ، وربّما التردّد ليس من جهة وضعه الصحِّي فقط ، بل نتيجة لما عاشه من بعض التجارب والصّدمات ، وربّما تقديره أنّ اللّهاث خلف بعض الرّغبات قد يمكّن من إدراكها ، لكن ذلك سيكون على حساب أمور أكثر أهمية ، وما إلى ذلك .
فليس في تسرّع الشباب عيب إلاّ إذا كان قفزاً على السلّم ، ولا في تريّث الكبار عيب لا سيّما إذا كان زهداً في بعض مطامح الحياة الدّنيا . ولذا لا بدّ للجيلين من أن يتّفقا أو يتوافقا على أنّ في كلّ مرحلة حسنات وسيِّئات ، وأنّ الأجيال تتكامل ، والحياة تحتاج إلى كلّ الجيل الشابّ ، وإلى كلّ الجيل المسنّ ، لأنّ طبيعتها تفرض أن يجتمع ( الحار ) و ( البارد ) في أسلاك الكهرباء حتى يتدفّق النور .
ولقد أجرى أحد الباحثين العاملين في السلك التربوي حواراً بين (الجذور) في الشجرة وبين ( الأغصان)، ممثِّلاً للآباء والأجداد بالجذور ، وللأبناء والأحفاد بالأغصان ، فكان الحوار في البداية يعكس تشبّث الجذور بقيمتها وقيمها ، وتمسّك الأغصان بخصالها وخصائصها .
ومن النقد الذي وجّهته الأغصان للجذور أ نّها تعيش تحت التربة وتقبع في الظّلام ، بينما هي تعيش في النور وفي الهواء الطّلِق ، وكان الجواب الحكيم للجذور أنّ غذاء تلك الأغصان يأتي عن طريقها ( أي من الجذور ) ، كما أنّ الجذور تبقى حيّة بما تستمدّه الأغصان من ضوء الشمس والهواء النقي ، فهما (نسغٌ صاعد ) و (نسغٌ نازِل ) ، ولا يمكن للشجرة أن تقوم إلاّ بهما معاً .
وهكذا هي شجرة الحياة لا تقوم ولا تستوي على جذعها إلاّ بالآباء والأجداد وبالأبناء والأحفاد ، فلو دام التواصل بين الجيلين لتجاوزَ الشبّان الكثير من اضطرابات مرحلتهم ، ولاغتنى الآباء بالدماء الجديدة الشابّة التي تُحرِّك حياتهم في تلمّس نبض العصر وإيقاعه .
المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
حاول ان تكون صديقا لابنائك
شهادة أب
« لا أحاول أن أفرض نفسي على أحد من أولادي وبناتي .. وعندما ألاحظ منهم بعض الأخطاء لا أنبِّههم إلى ذلك بالقسوة والضّرب ، بل بالايحاء والإيماء والتعابير الخاصّة والكلمات الروحية ، وأخرى القاسية التي لا تجرحهم .
أحبّ لهم أن يعيشوا حياتهم .. وقد ساعدتهم في اختياراتهم في الحياة .. كنت أتركهم يعملون ولا أتدخّل في عملهم حتى يستفيدوا من الخطأ في تجاربهم التي أحاول أن أتحدّث معهم في سلبياتها وإيجابياتها .
أحاول كثيراً أن تكون تربيتي لهم مُنفتحة على إنسانيّتهم وليست تربية فوقيّة.. عشتُ معهم ولاأزال أعيش معهم كصديق.. وقد ربحتُ من هذه الصداقة الثقة ، فأنا أعيش في داخل بيتي جوّاً حميماً مع أولادي الصِّغار والكبار الذين يتكلّمون معي من دون أي تحفّظ ، فأنا أحرص أن لا يكون هناك حاجز بيني وبينهم .
وأرى أنّ على الأب أن يكون مستودَع أسرار أبنائه حتى لا يضطرّهم إلى إعطاء أسرارهم إلى الآخرين .. وأن يفسح لهم المجال في أن يُصادقوه» .
شهادة إبن
«إنّه صديقي ومُرشدي وقدوتي في هذه الحياة .. كان يحرص على أن نكون صديقين ، وأيّة مشكلة تطرأ في دراستي أو عملي كان يقول لي : فلنكن صديقين .. إفتح لي قلبك لنحاول أن نحلّ المشكلة معاً .. ونفكِّر في الحلِّ معاً.. لا يُحاول أن يفرض نفسه علينا .. ويتجنّب القول : أريد منك كذا ، أو يجب أن تفعل كذا ، ويترك لكلّ منّا حرِّية اختيار ما يحبّ ويتصرّف بالشكل الذي يهواهُ ضمن إطار الحلال والحرام .. وإذا كان هناك تجاوز للحرام ، فإنّه يتدخّل بشكل حاسم .. وكان يُراقب عن بُعد ربّما لتقويم أي خلل في سلوكنا بأسلوب غير مباشر ، فلا يفرض نفسه علينا حتى في كلمة ..
ليست هناك ازدواجية بين الخارج وبين الداخل .. ما يتكلّم به الوالد في الخارج يُطبِّقه في الداخل ..
لا يرسم لي مستقبلاً بقدر ما يصوِّب لي اختياري للمستقبل ..
علّمنا أن نطمح لكي نكون أفضل منه ، بل علّمنا أن نطمح إلى المثل الكامل لكي نصبو إليه » .
المصدر : بلاغ
ــــــــــــــــــ
أقبل مشاعر ابنك المتناقضة واعكسها أمامه
يحدث أحياناً أن يحب الأطفال آباءهم ويكرهونهم في نفس الوقت.. إلا أن الآباء قد لا يتقبلون مثل هذه المشاعر المتناقضة من أبنائهم.. ولا يستطيعون اعتبارها من حقائق الحياة، بل إنهم لا يتقبلون ذلك بالنسبة لأنفسهم عندما يحبون أبناءهم ويكرهونهم في بعض اللحظات فيؤنبهم ضميرهم، إلا أنهم مخطئون فيما يعتقدون.. لأننا يجب أن نقبل بوجود هذا التناقض أو الصراع في مشاعرنا ومشاعر أبنائنا، وهذا يتطلب منا أن نؤكد لهم أن ما يشعرون به من تناقض أمر طبيعي حتى لا يصابوا بالقلق وتأنيب الضمير، بل إن على الأب أن يعترف بمشاعر ابنه بأن يعبر عنها أمامه، أي يكون له كالمرآة التي تعكس تفكيره، فيقول له مثلاً:
ـ يبدو أنك تحمل لأخيك الكبير شعورين، أنت معجب به، لكنك تكرهه في نفس الوقت.
أو يقول له عندما يراه محتاراً بين شعورين متناقضين:
ـ يبدو أنك محتار فيما تختار بالنسبة لما تريد القيام به، فأنت تريد أن تذهب مع أصدقائك للتخييم، لكنك أيضاً تريد البقاء في البيت.
هذه التعليقات الهادئة الصادرة من الآباء لأبنائهم تساعدهم على أن يدركوا أن مشاعرهم مفهومة وعادية، بينما تخطئ الأم عندما تعلق على مشاعر ابنها المتناقضة قائلة:
ـ ماذا حدث لك، الآن أنت تحب صديقك، وفي الدقيقة الثانية أنت تكرهه، قرر ماذا تشعر نحوه بالضبط؟
فالأم هنا بتعليقها هذا لا تعترف بوجد التناقض في مشاعر ابنها، بينما لو كان لديها فهم واع للنفس الانسانية، لوضعت في اعتبارها عدة احتمالات في نفس الانسان، فإذا شعر بالحب لشخص فإنه قد يشعر بالكراهية له، وإذا شعر أنه معجب به فإنه قد يشعر نحوه أيضاً بالحسد في نفس الوقت، وقد يشعر المرء بالحب نحو أبنائه لكنه يشعر أيضاً بالثورة عليهم، وعندما ينجح الانسان، يشعر في داخله بشعورين متناقضين، هما السعادة والخوف.
إلا أننا كآباء قد نجد صعوبة في تقبل المشاعر المتناقضة في نفوسنا أو نفوس أبنائنا مثلما ذكرت ذلك من قبل.. لأننا تعلمنا منذ أن كنا صغاراً أن نخجل من مشاعرنا السيئة أو السلبية ولا نعترف بها.. إلا أن النظريات الحديثة في التربية أثبتت أن الانسان يستطيع أن يتحكم في سلوكه العملي.. فيختار ما يراه صواباً ويترك ما يراه خطأ.. لكنه لا يستطيع التحكم في مشاعره العاطفية وخياله الانساني فيشعر بها رغماً عنه.. والمشاعر هي جزء من جينات الانسان الوراثية.. فنحن نعرف أن الانسان يشعر والسمك يسبح، والطيور تطير.
إذن، قد نشعر أحياناً بأننا سعداء، وأحياناً لا نكون، إلا أننا قد نحس في بعض الأوقات ببعض المشاعر المتناقضة في نفوسنا، فنشعر مثلاً بالخوف والغضب في نفس الوقت، أو الحزن والفرح معاً، أو الطمع والذنب نحو شيء ما، أو يشعر الشخص عندما يرتكب فعلاً ما باللذة لكنه يحس أيضاً بالاحتقار لنفسه لأنه مارسه، وبينما نحن غير أحرار في اختيار المشاعر التي تتحرك في داخلنا، لكننا أحرار في اختيار كيف ومتى نعبر عنها، وواجبنا كآباء كما ذكرت في بداية المقال أن نعكس أحاسيس أبنائنا المتناقضة أمامهم حتى يشعروا أنها أمر طبيعي، وعندما يعرف الطفل مشاعره ويدركها، لن يشعر بالحيرة في داخله، علينا أن نصبح مثل المرآة له، نكرر لفظياً ما يشعر به من مشاعر متناقضة فيراها أمامه، ويتعلم بذلك أنه غير مذنب عندما يشعر بهذه الأحاسيس، ألا تعلمنا المرآة عن شكلنا بأن تعكس أجسامنا أمامنا، هكذا يفعل الآباء مع أبنائهم عندما يكررون أمامهم مشاعرهم، ليعلموا أنها لو تناقضت فإنها مقبولة لدى آبائهم وأنها جزء من حقائق الحياة.
ــــــــــــــــــ
كيف لي ان اوفق بين الحزم والقسوة؟
يتشدّد بعض الآباء والاُمّهات في التعامل مع أبنائهما لدرجة التضييق وشدّ الخناق وأحياناً الحرمان . وإذا سألت أحدهم : لماذا ذلك ؟ يقول : لا بدّ أن يكون الأب حازماً .. أو لا بدّ أن تكون الاُم صارمة ، وإلاّ أفلت الزِّمام .
ومع اتفاقنا على أنّ الزِّمام لا ينبغي أن يفلت ، وأنّ الاُمور البيتية والشؤون الاُسرية لا بدّ وأن تُدار بحكمة عالية ، إلاّ أنّ هناك فرقاً واضحاً بين (القسوة) وبين (الحزم) ، نُحدِّدها على ضوء ما يرى علم النفس في النقاط التالية :
أ ـ يُقال إنّ الحزم (متبصِّر) أي يُقدِّر حالة الأبناء والبنات والظروف المحيطة بهما ، والوضع النفسي لهما ، ولذلك فهو يتحرّك ضمن حدود معلومة . أمّا (القسوة) فهي (عمياء) لا تأخذ شيئاً من ذلك في الاعتبار ، ولذلك فليس لها حدود بل هي منفلتة .
ب ـ الحزم هو صدى الحكمة والعقل والاهتمام بمصلحة الشاب أو الشابّة ، أمّا القسوة فهي صدى الانفعال الذي تفوح منه رائحة الغضب المستشيط والسيطرة والخروج عن حدِّ المعقول .
ج ـ يستهدف (الحزم) مساعدة الشاب على اصلاح نفسه بنفسه ، فهو عادة مصحوب بالحبّ الصادق ، بينما تستهدف القسوة سلب إرادة الشاب المراهق وجعله عاجزاً عن اصلاح نفسه ، لأ نّها مشفوعة بالانفعالات . ومن هنا فإنّ الحزم عامل بناء ، والقسوة عامل هدم وتدمير .
د ـ ( الحزم ) يساعد على الاستقلال التدريجي وتحقيق قدر أكبر من التكيّف ، بينما القسوة لا تُحقِّق إلاّ العبودية وفقدان الاحساس بالمسؤولية ، وتحول دون تبلور الشخصية السوية
فإذا ما فرّقنا في التعامل بين (القسوة) كأداة سلبية وبين (الحزم) كأداة إيجابية ، فإنّنا لا نحتاج إلى التأكيد على ضرورة الحزم ، وعدم ترك الاُمور كالحبل على الغارِب .
*البلاغ
ــــــــــــــــــ
كيف تحدين من دلع طفلك؟
إن ذكاء الاطفال : فطري يصعب تفسيره أمام بعض المواقف ، فرغم بساطة تفكير الطفل إلا انه يبدي ذكاءً غريباً حيال لعبة يصرّ على شرائها . يقول ( دنيس شولمان ) احد الاختصاصين في مجال سلوك الاطفال : ان الاطفال يترجمون ردود فعل الوالدين الى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون ، ولذا من الخطأ الكبير أن يتعوّد الطفل على تلبية طلباته ، من المفروض ان يسمع الطفل كلمة ( لا ) كثيرة ، يكفّ عندها من استخدام الاساليب ملتوية لتحقيق مطالبه.
أن كثيراً من الإزعاج افضل من قليل من الانحراف السلوكي ، ومع ذلك فان هناك وسائل كثيرة لإيقاف هذا الازعاج. عندما يدرك الطفل أن ما يريده يتحقّق بالإزعاج مثلا فانه يتحوّل الى طفل مزعج.
أهم الوسائل التي تعوّد الطفل ان يكون مثالياً ، ويطلب ما يحتاج اليه فقط هي تجنّب تعريضه الى التلفاز والالعاب الالكترونية وعلى الوالدين ان يتداركا هذا الامر ، ويقللا جلوس ابنائهم امام شاشتي التلفزيون والكمبيوتر.
لا تستغربي ان يصرّ ابنك على شراء حذاء مرسوم عليه « نينجا السلاحف » ، او الكابتن « ماجد » او غيره من ابطال افلام الكارتون حتى لو كان ذلك الحذاء تعيساً لأن الاطفال صيد ثمين للاعلانات التجارية ، أن وهم اكثر تأثراً بها وأكثر تأثيرا على آبائهم لشراء منتوجاتها .
علينا ان ندرك اطفالنا قادرون على ان يكونوا سعداء بدون تلفزيون والعاب الكامبيوتر والعاب أخرى ، وعلى اطفالنا أن لا يتوقعوا هدية صغيرة أو كبيرة في كل خروج الى السوق بعمد كثير من الآباء والأمهات الذين يمضون ساعات عديدة بعيداً عن البيت سواء في العمل او غيره الى تعويض ابنائهم عن هذا الغياب بهدايا متكررة .
ان سلوكا مثل ذلك لا يجلب الحب للابناء بقدر ما يربط رضا الطفل عن احد والديه بمقدار ما يقدم له من الهدايا .
ويطرح كثير من آباء اليوم ، ابناء الامس عدداً من الاسئلة من قبيل لماذا قل مستوى هيبة الآباء لابنائهم ؟! ولماذا انحسر تقدير الابناء لهم واحترامهم ؟!
في الماضي نكاد تتجمد الدماء في عروق الابناء بمجرد تقطيبة حاجبين ، او نظرة حادة ، او عضّ شفة من أحد الوالدين دون أن ينطق بكلمة ، او يمد يده للضرب ، ورغم التقدم الحضاري والوعي الثقافي لكلا الوالدين ، ورغم الآف الأطنان من الدراسات التربوية فأن مستوى الإطناب التربوي يتراجع نوعاً ما أمام تربية ابن البادية او الريف الذي لا يتمتع والده بنفس المستوى الثقافي.
يكاد يمضي أبناء الريف والبادية معظم اوقاتهم في رعاية الابل والبقر وحلبهما ورعي الغنم والاستمتاع بمواليدها الصغيرة ، وجمع البيض وغيرها من الواجبات التي لا مناص منها.
*(54/203)
بل ان الطفل هناك يسعى الى تعلّمها منذ سنينه الاولى ، ويكاد الصغير في الصحراء او الريف لا يجد وقتا يرتاح فيه ، وعلى هذا فإنه يخلط بين عمله والاستمتاع بوقته ، ويعود الى بيته وقد انهك جسمه النحيل وصفا عقله وفكره.
اما ابناء المدن فطالما يستيقظون متأخرين من النوم خصوصاً من الاجازات يبدأ برنامجهم الترفيهي امام شاشات القنوات الفضائية ، فمن فيلم كرتون ، الى برنامج الاطفال ، الى فيلم كرتون آخر ، وإذا أحس الطفل بالضجر أدار جهاز الكمبيوتر لمزيد من الالعاب الالكترونية ، لتستهلك فكره وابصاره دون أن يستنفذ طاقات جسمه الكامنة.
على الوالدين ان يحددوا لمشاهدة ابناءهم لهذه الأجهزة واذا ما تمّ إغلاق التلفاز فسيبحث الإبن والإبنة عما يشغلها .
ساعدي ابناءك في البحث عن وسائل مفيدة تشغل اوقاتهم ، كما انه من المناسب جداً ان يفهم الأبناء في أداء بعض الواجبات المنزليّة بعد تناول وجبة الافطار ، بإمكان طفل الأربع سنوات ان ينظف طاولة الطعام ، وينقل صحون الافطار الى حوض الغسيل ، وبامكانه ايضا ان يسهم في غسيل الصحون مع بعض كلمات الاطراء.
وبامكان طفل الخمس والست سنوات ان يرتب سريره ويجمع ألعابه وكتبه ويشرع في ترتيبها من الضروري ان يتحمل الابناء الصغار بعضا من الاعباء حتى يتعودوا المسؤولية مهما كان العمل تافهاً وجهي ابنك وابنتك الى القيام به وتشجعيهما على ادائه.
لاحظي ان توفير هذه الالعاب يستهلك ميزانية ليست بالقليلة قياساً بالمنافع التي هي تجلبها ، ومتى ما تولد لدى الابناء شعور بأنهم مميزون وان تفكيرهم يسبق سنهم فإنهم تلقائيا سيتحولون الى مستهلكين انتقاليين واذكياء.
وسيعزز ذلك جانب الضبط والحفاظ على الاموال احذري ان تعطي ابنك او ابنتك شعوراً بأن الاسرة فقيرة وغير قادرة على تأمين ما يلح عليه الابناء . لانهم سيراقبون تصرف والديهم وسيحاسبونهم في كل مرة يشتريان فيها شيئا لهما.
وربما يسرف كثير من الاباء في شرح اسباب امتناعهم عن تلبية رغبات ابنائهم. ولذا فإن الابن سيتعود في كل مرة يرفض فيها طلبه على تفسير منطقي . بغض النظر ان كانوا يستوعبون ما يقال لهم ام لا . اذا رفضت طلب ابنك شراء دقائق البطاطا فإنه غير المناسب ان تشرحي له اضرارها الصحية وانها تزيد من نسبة الكروليسترول وترفع ضغط الدم . وتسهم في تكسير كريات الدم وغيرها . من الايضاحات . فقط قولي له انه غير جيد لك .
في بعض الاحيان يبدو طلب الابناء منطقيا ، ومع هذا لا تستجيبين له مباشرة ... حاولي ان تربطي طلب ابنك بعمل ما حتى يكون مكافأة له على انجازه . من شأن ذلك أن يرفع قيمة السلعة لدى الطفل ، فاذا احتاج الطفل الى دراجة هوائية ، فبامكانك ربط طلبه باداء واجب كمساعدتك في المطبخ لمدة شهر واحد مثلا ، عندما سيحس بقيمة الدراجة وربما يحافظ عليها . ويتعود على طاعة والديه ومساعدتهما في البيت. لاحظي ان الواجبات التي سينفذها ليس هي واجباته اليومية المعتاد أن يقوم بها .
لا تنسي ان وظيفتك هي تنشئة اطفالك حتى يسلكوا طريقهم بيسر في الحياة . علميهم ان الحصول على شيء يتطلب جهداً حقيقياً وان التحايل والالحاح لا يأتيان بنتيجة.
ــــــــــــــــــ
لماذا نفشل في الحوار مع أبنائنا؟
*هاني العبد القادر
أستغرب ممن يقول بكل ثقة: أولادي هم أغلى الناس، ثم يخبئ الكلام المهذب، والأسلوب الظريف ليقدمه للغرباء، ولا يكاد يقدم شيئاً منه لأولاده؛ مع أنهم أولى الناس بالكلمة اللطيفة، والتعامل اللبق.
ولعل هؤلاء شغلتهم متاعب التربية وروتينها عن حلاوتها ولذتها، وهي متاعب وآلام لا بد منها، ولا ينبغي أن تؤثر على علاقتنا بهم رغم شدة هذه المتاعب وكثرتها.. إنها كآلام الولادة! هل رأيتم أمّاً تضرب ابنها المولود حديثاً؛ لأنه سبب آلامها؟!! مستحيل.. إنما تحتضنه.. راضية.. سعيدة.. قريرة العين رغم كل ما تسبب فيه من معاناة وآلام. وكذلك التربية يجب أن نفصل فيها بين متاعبنا بسبب الأطفال، وبين تعاملنا معهم.
يجب أن نبحث عن المتعة في تربيتهم، ولا يمكن أن نصل لهذه المتعة إلا إذا نزلنا لمستواهم، هذا النزول لمستوى الأطفال (ميزة) الأجداد والجدات، عند تعاملهم مع أحفادهم، ينزلون لمستوى الطفل، ويتحدثون معه عما يسعده، ويتعاملون معه بمبدأ أن الطفل هو صاحب الحق في الحياة، وأن طلباته مجابة ما دامت معقولة، ورغم أن الأطفال يحبون أجدادهم وجداتهم لا شك، إلا أنهم ينتظرون هذا التعامل اللطيف، والعلاقة الخاصة منا نحن، وتظل صورة الأب الشاب القوي التقي هي النموذج الذي يحبه الولد ويقتدي به ويتعلم منه كيف يقود البيت، ويرعى زوجته وأبناءه في المستقبل.
وتظل صورة الأم الشابة الأنيقة، ذات الدين والحياء والعفة، والذوق الرفيع هي النموذج الذي تتعلق به الفتاة وتقتدي به، وتتعلم منه كيف تكون زوجة وأماً.
الفرصة لا تزال متاحة للجميع لتغيير العلاقة بالأبناء، تغييراً ينعكس إيجابياً عليكم وعليهم، سواء في التفاهم والحوار معهم، أو احترام شخصياتهم المستقلة، أو قبولنا لعيوبهم ونقائصهم. إذن: تفهم، واحترام، وقبول.
كل هذا ممكن أن نحققه إذا جعلنا علاقتنا بأبنائنا أفقية، كعلاقة الصديق بصديقه، يغلب عليها الحوار والتفاهم، أما إذا كانت العلاقة رأسية كعلاقة الرئيس بمرؤوسه، ويغلب عليها الأوامر والنواهي، لا شك سيكون تأثيرها الإيجابي قليل.
من علامات نجاحنا في التربية، نجاحنا في الحوار مع أبنائنا بطريقة ترضي الأب وابنه، ولكننا – للأسف – نرتكب أخطاء تجعلنا نفشل في الحوار مع الأبناء؛ وهذا هو مادة هذه المقالة (لماذا نفشل في الحوار مع أبنائنا؟).
من أهم أسباب فشل الآباء في الحوار مع الأبناء استخدامهم لأسلوبين خاطئين:
الخطأ الأول: أسلوب (لا أريد أن أسمع شيئاً).
والخطأ الثاني: أسلوب (المحقق) أو (ضابط الشرطة).
الخطأ الأول: هو أننا نرسل عبارات (تسكيت)، وكذلك إشارات (تسكيت) معناها في النهاية (أنا لا أريد أن أسمع شيئاً منك يا ولدي). مثل العبارات التالية: (فكني)، (بعدين بعدين)، (أنا ماني فاضي لك)، (رح لأبيك)، (رح لأمك)، (خلاص خلاص). بالإضافة إلى الحركات التي تحمل نفس المضمون، مثل: التشاغل بأي شيء آخر عن الابن أو عدم النظر إليه، وتلاحظ أن الولد يمد يده حتى يدير وجه أمه إلى جهته كأنه يقول: (أمي اسمعيني الله يخليك) أو يقوم بنفسه، ويجيء مقابل وجه أمه حتى تسمع منه.. هو الآن يذكرنا بحقه علينا، لكنه مستقبلاً لن يفعل، وسيفهم أن أمه ستستمع بكل اهتمام لأي صديقة في الهاتف أو زائرة مهما كانت غريبة، بل حتى تستمع للجماد (التلفاز) ولكنها لا تستمع إليه كأن كل شيء مهم إلا هو.
لذلك عندما تنتهي من قراءة المقال، ويأتيك ولدك يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، اهتم كل الاهتمام بالذي يقوله، هذا الاستماع والاهتمام فيه إشعار منك له بتفهمه، واحترامه، وقبوله، وهي من احتياجاته الأساسية: التفهم، والاحترام، والقبول بالنسبة له، حديثه في تلك اللحظة أهم من كل ما يشغل بالك أياً كان، فإذا كنت مشغولاً أيها الأب أو أيتها الأم.. أعطِ ابنك أو ابنتك موعداً صادقاً ومحدداً.. مثلاً تقول: أنا الآن مشغول، بعد ربع ساعة أستطيع أن أستمع لك جيداً، واهتم فعلاً بموعدك معه.. نريد أن نستبدل كلماتنا وإشاراتنا التي معناها (أنا لاأريد أن أسمع منك شيئاً) بكلمات وإشارات معناها (أنا أحبك وأحب أن أسمع لك وأحس بمشاعرك) وبالأخص إذا كان منزعجاً أو محبطاً ونفسيته متأثرة من خلال مجموعة من الحركات: الاحتضان، الاحتضان الجانبي، وأعني به أن يقف أحد الوالدين مع أحد الأبناء بجانب بعضهم وقوفاً، كما في هيئة المأمومين في الصلاة، أو جلوساً يمد الأب أو الأم الذراع خلف ظهر الابن أو فوق أكتافه ويضع يده على الذراع أو الكتف الأخرى للابن ويلمه ويقربه إليه، بالإضافة إلى الاحتضان الجانبي التقبيل بكل أشكاله، والتربيت على الكتف، ومداعبة الرأس، ولمس الوجه، ومسك اليد ووضعها بين يدي الأم أو الأب... وهكذا..وعلينا أن نعرف أهمية هذه المشاعر من حاجتنا لها نحن الكبار فكيف بالأطفال الصغار.
وقدوتنا في ذلك رسول الله -ص- حين ماتت رقية ابنته جلست فاطمة إلى جانب النبي وأخذت تبكي .. تبكي أختها.. فأخذ رسول الله يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه يواسيها مواساة حركية لطيفة، ودخل علي بن أبي طالب وفاطمة ومعهما الحسن والحسين – رضي الله عنهم أجمعين – على رسول الله فأخذ الحسن والحسين فوضعهما في حجره، فقبلهما، واعتنق علياً بإحدى يديه، وفاطمة باليد الأخرى، فقبّل فاطمة وقبّل علياً .
أما الخطأ الثاني من أخطاء الحوار، وهو أسلوب (المحقق) أو (ضابط الشرطة)..
ومع مشهد ننقله لكم كما هو :
جاء خالد لوالده، وقال: (أبي ضربني أحد الأولاد اليوم في المدرسة).. ركّز أبو خالد النظر في ولده، وقال: (أنت متأكد أنك لم تبدأ بأذيته أولاً)؟! قال خالد: (لا والله.. أنا لم أفعل له شيء).. قال أبو خالد: (أيعقل أن يضربك هكذا من دون سبب؟!).. قال: (والله العظيم لما أفعل له شيء)..
بدأ خالد يدافع عن نفسه، وندم لأنه تكلم مع أبيه.. لاحظوا كيف أغلق أبو خالد باب الحوار، لما تحول في نظر ابنه من صديق يلجأ إليه ويشكي له همه إلى محقق أو قاضٍ يملك الثواب والعقاب، بل قد يعد أباه محققاً ظالماً؛ لأنه يبحث عن اتهام للضحية، ويصر على اكتشاف البراءة للمعتدي..
الأب في مثل قصة أبي خالد كأنه ينظر للموضوع على أن ابنه يطلب منه شيئاً.. كأن يذهب للمدرسة ويشتكي مثلاً، ثم يستدرك الأب في نفسه، ويقول: قد يكون ابني هو المخطئ، وحتى يتأكد يستخدم هذا الأسلوب.. في الحقيقة الابن لا يريد شيئاً من هذا أبداً، إنه لا يريد أكثر من أن تستمع له باهتمام وتتفهم مشاعره فقط لا غير..
الولد يريد صديقاً يفهمه لا شرطياً يحميه، ولذلك يبحث الأبناء في سن المراهقة عن الصداقات خارج البيت، ويصبح الأب معزولاً عن ابنه في أخطر مراحل حياته، وفي تلك الساعة لن يعوض الأب فرصة الصداقة التي أضاعها بيده في أيام طفولة ابنه، فلا تضيعوها أنتم.
أسلوب المحقق يجبر الطفل أن يكون متهماً يأخذ موقف الدفاع عن النفس، وهذه الطريقة قد تؤدي إلى أضرار لا تتوقعونها..
أسلوب المحقق قد يأدّى إلى الكذب الذي قد يصبح صفة من صفات الأبناء بسبب الآباء.
*لها اون لاين
ــــــــــــــــــ
كيف أتعامل مع والدي ؟
كل ما في هذا الوجود .. الذرّة والكواكب والنبات وظواهر الطّبيعة تسير وفق قانون ونظام .. ومثلها الحياة البشريّة ، فهي لا يمكن أن تسير بشكل طبيعي وسليم ، ما لم يكن هناك قانون ونظام .. فكلّ شيء في مجتمعنا بحاجة إلى نظام .. المؤسّسات والشّركات ودوائر الدولة والمنظّمات ... إلخ ...
والاُسرة مؤسّسة مهمّة من مؤسّسات المجتمع ، فهي تحتاج إلى قانون ينظِّم الحياة فيها ، والعلاقات بين أفرادها .. وهذا ما فعلته الشريعة الاسلامية ، فحدّدت الحقوق والواجبات .. وكما نعرف فانّ من نظام الدّوائر أن تكون لها إدارة ، ومدير يديرها ، ويُطبِّق القانون فيها ..
وطبيعة الحياة في الاُسرة، تجعل من الأب مديراً للاُسرة ، ومسؤولاً عنها . وشاء الله سبحانه ذلك ، فجعل للأب الولاية على أبنائه الصِّغار غير البالغين ، وكلّفه بالنفقة عليهم وبتربيتهم .. كما كلّفه بالنّفقة على زوجته وتحمّل مسؤوليّات الاُسرة ..
لذا فمسؤوليّة الأب تكبر مسؤوليّات الآخرين في الاُسرة .. ولذا أيضاً أمر الله سبحانه الأبناء باحترام الوالدين ، وبطاعتهما ما زالا يوجِّهان الأبناء لحفظ مصالحهم ..
فالأب يشعر باهتمام كبير ، وحرص شديد على أبنائه ، ويسعى بكل جهده لتحقيق مصالحهم ، فهو يريد أن يراهم متفوِّقين في وضعهم الدراسي .. ويريد أن يسمع عنهم السّمعة الطّيِّبة بين الناس .. ويريد أن يراهم مُجدِّين في العمل .. ويريد أن يراهم بعيدين عن المشاكل التي تجلب له الأذى والسّمعة السّيِّئة ، وتحمّله التبعات والخسائر ، ونقد الناس وعداوتهم .
فالأب يشعر بكلِّ إحساسه ووجدانه أنّ أبناءه يمثِّلون وجوده وشخصيّته ، وهم مشروع حياته .. وقد بذل من الجهد والمال والتّعب والعناء ما لا يستطيع الأبناء تعويضه .. وما لا يستطيع هو استرجاعه .. لذلك يشعر بالألم والإحباط عندما يرى أبناءه قد فشلوا في حياتهم ، أو تحوّلوا إلى أشخاص سيِّئين في المجتمع ، يجلبون له ولاُمِّهم ولاُسرتهم الأذى والسّمعة السّيِّئة ..
بينما يشعر بالسّرور والإرتياح والإحساس بالنّجاح في حياته ، عندما يرى أبناءه ، ذكوراً وإناثاً ، قد حقّقوا تفوّقاً في حياتهم ، وهم في وضع اجتماعي محترم .. يوفِّرون له السّمعة الطّيِّبة ، والرّاحة والوقت ، بسبب سلوكهم الجيِّد .. في دراستهم .. في علاقاتهم مع أصدقائهم .. في علاقاتهم الودِّيّة فيما بينهم ، كأخوة متحابِّين متعاونين ..
لذا نجده يتأذّى ، ويشعر بالألم ، ويُحاسِب أبناءه عندما يراهم قد ارتكبوا سلوكاً سيِّئاً ، أو يحدثون مشاكل وحالات إزعاج في داخل البيت ، أو فاشلين في دراستهم ، أو يُصاحبون أصدقاء السّوء .. ويتعوّدون العادات السّيِّئة ; كالتبذير والتدخين واللّهو ، أو يطلقون الكلمات البذيئة والجارحة للآخرين ..
إنّ السلوك السّيِّئ يكشف عن سقوط الشخصيّة ، ويُصوِّر للآخرين أنّ هذا الانسان السّيِّئ قد نشأ في اُسرة سيِّئة ، فتنعكس آثارها المخجلة على الأبوين .
تلك هي مشاعر الأب وأحاسيسه تجاه أبنائه ، قد لا يفهمها الأبناء .. فتحدث المشاكل ، وتسوء العلاقة أحياناً بين الأبناء وآبائهم ; لذا فانّ فهم الأبناء لمشاعر الآباء والاُمّهات تجاههم ، يحلّ كثيراً من المشاكل ، ويكوِّن روح التفاهم ويعمِّق المحبّة .. ويجعل الأبناء يتفهّمون غضب الآباء والاُمّهات من هذه الأعمال السّيِّئة ، ويحرصون على احترام مشاعر والديهم .
إنّ بناء الاُسرة السّعيدة ، هو بناء أخلاقي ومادِّي معاً ، وأنّ السّعادة تتحقّق في القضايا الأخلاقية قبل المادِّية ..
إنّ هناك اُسساً للعلاقة السّليمة بين الأبناء والآباء والاُمّهات التي تضمن السّعادة ومرضاة الله للجميع ..
إنّ حاجة أفراد الاُسرة .. الأبناء والاُخوة والآباء إلى الحبّ والاحترام المتبادَل ، كحاجة النّبات إلى ضوء الشّمس .. وبالحبّ والاحترام جاءت الرسالة الاسلامية وبنت الحياة على أساسها ..
فشخصيّة الانسان تترعرع وتنمو وتتكامل في ظلِّ الحبّ والاحترام..
وتحت كابوس الكراهية والإهانة تُقتَل الشخصية ، وتذهب قيمة الفرد ، وتموت مشاعره النّبيلة .
لذا نجد الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يوضِّح أنّ حقيقة الاسلام هي الحبّ ، جاء ذلك في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « ... وهل الدِّين إلاّ الحبّ» .
وانطلاقاً من هذا الأساس ، حثّ الآباء على حبِّ الأبناء ، والعناية بهم .. وحثّ الأبناء على حبِّ الآباء ، والبرِّ بهم ، والإحسان إليهم ..
والقرآن يؤكِّد على كرامة الانسان ، وحقِّه في احترام شخصيّته بقوله :
(وَلَقَد كَرَّمْنا بَني آدَمَ وحَمَلْناهُم في البَرِّ والبَحْرِ وَفَضَّلناهُم عَلَى كثير مِمَّن خَلَقْنا تَفْضِيلاً ). ( الإسراء / 70 )
ويدعو الأبناء إلى حبِّ الآباء واحترامهم بقوله :
(ولا تَقُل لَهُما اُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُما ). ( الإسراء / 23 )
(وقُلْ رَبِّ ارحَمْهُما كَما رَبَّياني صَغِيراً ). ( الإسراء / 24 )
(وصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفاً ). ( لقمان / 15 )
وجاء في حديث آخر الحث على حبِّ الأبناء لآبائهم ، واعتبار هذا الحبّ عبادة. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «نظر الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة»(1).
وجاء في بيان الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «إنّ الله ليرحم العبد لشدّة حُبِّه لولده»(2).
إنّ الأبناء يستطيعون أن يتعاملوا بشكل سليم مع آبائهم إذا فهموا فضل الأبوين في التنشئة والتربية ، ومنح الحبّ والإخلاص ..
إنّ القرآن الكريم يشرح هذه الحقيقة للإنسان عندما يؤسِّس العلاقة على أساس الاعتراف بالفضل .. يوضِّح ذلك بقوله تعالى :
(... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالدَيكَ إلَيَّ المَصِير ). ( لقمان / 14 )
وشكر الُمحسِن ، والاعتراف بفضله ، وردّ الجميل إليه .. صفة أخلاقيّة رفيعة .. يثبِّتها القرآن بقوله :
(هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسانُ ). ( الرّحمن / 60 )
وعندما تتحرّك مشاعر الإبن ووجدانه على أساس من هذه القاعدة الأخلاقية ـ مقابلة الإحسان بالإحسان ـ يشعر الأبناء بأ نّهم مدينون للآباء ، حتّى فيما يتضايقون منه من نصائح وإرشادات ومحاسبة ، أو انفعال وغضب لأجل الأبناء .. فإنّ مبعث ذلك في نفس الأبوين هو الحبّ والحرص .. وليس المقصود منه عدم احترام شخصيّة الإبن ، أو مصادرة حرِّيّته أو المنِّ عليه .. فإنّ الأب يؤدِّي واجبه مسروراً تجاه أبنائه ..
وإذاً فعلى الأبناء أن يؤدّوا الواجب مسرورين تجاه آبائهم ..
وكما تقوم العلاقة بين الأبناء والآباء على اُسس الحبّ والإحترام ، تقوم أيضاً على اُسس مادِّية .. فالأبناء يعتمدون على آبائهم في حياتهم المادِّيّة حتّى إكمال دراساتهم ، أو دخولهم ميدان العلم ، بعد القدرة على ممارسة الأعمال .. وخلال الفترة هذه يشعر الأبناء بالإرتباط النفسي والمادِّي بالآباء ..
وكثيراً ما يحدث توتّر في العلاقات بسبب المشاكل المادِّيّة .. بسبب الشُّح والمنّ الّذي يصدر عن بعض الآباء ، أو بسبب التبذير ، وعدم تقدير ظروف الآباء المادِّيّة من قِبَل الأبناء ، أو بسبب الاتِّكاليّة واستمرار الاعتماد على الآباء مادِّيّاً ، حتّى مع القدرة على العمل ..
ومسؤوليّة حلّ مثل هذه المشاكل تقع على الطرفين .. فالإبن مسؤول عن تقدير ظروف والديه المادِّيّة ، والأبوان مسؤولان عن التعامل المادِّي والأدبي مع الأبناء بالإحسان والمعروف ، والتوجيه البنّاء ، والإبتعاد عن عبارات الإساءة ، وجرح المشاعر .
إنّ الإحساس باستقلال شخصيّة الإبن عن أبويه حقّ طبيعي للأبناء .. فالإنسان تكتمل شخصيّته ، وتنضج في سنّ البلوغ ، فيصبح مكلّفاً شرعاً .. وبالتكليف تستقلّ شخصيّته عن والديه ، ولكن تبقى بحاجة إلى الإرشاد والتجربة والنصح والتوجيه ، حتّى تكتمل معلوماته وخبراته الذاتية . كما يبقى في كثير من الأحيان بحاجة إلى الرعاية المادِّيّة والاجتماعية التي يقدِّمها له أبواه حتّى يستقلّ بتوفير حاجته المادِّيّة ..
إنّ حُسن التصرّف المادِّيّ من الأبناء يدلّ على نضج الشخصية ، وسلامة الشعور ، واحترام جهود الأبوين ..
والأب ليس مسؤولاً من الناحية الشرعية عن النفقة المادِّيّة على الأبناء بعد سنّ البلوغ ، ولكن يبقى الارتباط العاطفي والوجداني ، وإحسان الأبوين وحبّهما للأبناء ، وحرصهما على سعادتهما ..
والعلاقة مع الأبوين علاقة وجدانية وأخلاقية وعبادية ، ومسؤولية أمام الله والوجدان والمجتمع .
ولكلّ من الأبناء حقوق على آبائهم ، كما على الآباء حقوق على أبنائهم . ويزداد حقّ الأبوين أهميّة عندما يكبرا ، أو يعجزا عن العمل ، والقيام بشؤونهما الشخصية .. وفي هذه الحالة تزداد أهميّة البرّ والإحسان بالأبوين ..
إنّ الصّوت الهادئ ، وكلمة الاحترام ، والإبتسامة الوديعة ، عند الحديث مع الأبوين .. إنّ كلّ تلك المواقف تجعل منك شخصية تستحق الاحترام ، ومرضاة الله سبحانه .. وليس من خُلق الإنسان الّذي يحترم نفسه ، ويتّصف بالخُلق الرّفيع أن يرفع صوته بوجه والديه ، أو يطلق عبارات الانفعال والغضب عليهما ، أو يسيء أدب الحوار والتفاهم معهما .. (ولا تَقُل لَهُما اُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما ) ، (وقُل لَهُما قولاً كريماً ) ..
ولنطمئن أنّ الأبناء مهما وهبوا آباءهم من مشاعر الحبّ والاحترام فانّ قلب الأبوين أوسع حبّاً ، وأكثر حناناً .
*المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
تعالوا ننظم اسرنا
الاُسرة مؤسّسة من أهم المؤسّسات الاجتماعية .. والحياة فيها تحتاج إلى نظام .. لتنظيم أعمالها وعلاقات أفرادها .. فهي مؤسّسة ذات أنشطة متعدِّدة .. تربوية واقتصادية وثقافية واجتماعية وإدارية ... إلخ .
وللنظام في الاُسرة أثره الكبير في تنظيم العيش فيها .. من مجالات النظام الاُسري ، فهو إرادة الحياة فيها ، ويؤثِّر في سلوك أفرادها من الناحيتين الحسنة والسّيِّئة ، والإشراف عليها وتوجيهها وترشيدها .. وتلك مهمّة الأبوين ..
فكلّما كانت هناك إدارة جيِّدة ، وإشراف سليم لتنظيم الحياة في الاُسرة ، كالصّرف المالي ، وتربية الأبناء وإرشادهم ، والإستفادة من الوقت ، ومواعيد النوم والاستيقاظ والطّعام ، وحلّ المشاكل ... إلخ ، كلّما كانت هناك إدارة جيِّدة أمكن إيجاد نظام جيِّد في الاُسرة ، ينعكس أثره على حياة الأفراد ، ويُسيِّر الحياة داخل الاُسرة بشكل جيِّد .
فوجود ميزانيّة ماليّة للاُسرة تُنظّم فيها الواردات والمصروفات حسب دخلها ، بعيداً عن التبذير والتضييق والتقتير .. إنّ وجود الميزانية مسألة أساسيّة ، يتعاون أفراد الاُسرة على تنفيذها والرِّضاء بها ، فَتُجزَّأ الميزانية، مثلاً، حسب احتياجات العائلة، للطّعام والملابس والتعليم ، وادّخار جزء من الوارد للإحتياط والطوارئ ... إلخ .
فالتضييق في الصّرف على أفراد العائلة ، وحرمانهم مع وجود المال الكافي ، خطأ يُرتَكب بحقِّهم .. كما إنّ البذخ والإسراف ، وتبذير المال في قضايا ليست أساسية، أو لا حاجة إليها، عمل يضرُّ بوضع الاُسرة ، وربّما يصل حدّ التصرّف المحرّم ، إذا كان إسرافاً أو تبذيراً ..
ويحلّ بنا النّدم على تضييع المال، عندما نشعر بالحاجة إليه، فنضطر إلى الاقتراض ، أو طلب المساعدة من الآخرين ، ممّا يجعلنا نشعر بالخجل وفضل الآخرين علينا .. وكثيراً ما يتعذّر علينا الحصول على المال المطلوب ، فنظلّ في حيرة وندم ، ونقع في المشكلة ، أو نُضيِّع الفرصة ..
والقرآن الكريم يضع لنا سياسة ماليّة متوازنة بقوله الكريم :
(ولاتَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ ولاتَبْسُطْها كُلَّ البَسْطِ فتَقْعُدَ مَلُوماً مَدْحُورا ). ( الإسراء / 29 )(54/204)
فقد لا يشعر أحدنا بقيمة المال في هذه المرحلة وأهميّته ، ولكنّنا سنشعر بالخطأ بعد ضياع المال .. وعندما يقبض بعض الآباء أيديهم عن الصّرف المعقول ، ويحرمون اُسرهم وأبناءهم من سدِّ حاجاتهم ، والنّفقة على شؤونهم العامّة ، فإنّهم يسيئون إلى أبنائهم ، ويُقصِّرون بحقِّهم.. ويبقى على الأبناء في هذه الحالة أن يتفاهموا مع آبائهم بالُحسنى، ويشرحوا لهم المسألة باحترام .. وعندما تحدث الحاجة إلى المال ، ويصعب توفيره من دخل العائلة ، لا بدّ من البحث عن ساعات عمل تُغطِّي النقص في الصّرف المالي ..
إنّ البحث عن عمل موقف سليم يُعبِّر عن ثقة الشخص بنفسه ، وقدرته على إدارة شؤونه الذاتية .. وفي كلِّ الأحوال ليس من الصحيح أن تتحوّل مشكلة العوز المالي إلى تأزّم العلاقة بين الأبناء والآباء .
* * *
ومن المسائل الأساسية في نظام الاُسرة مسألة تنظيم الوقت .. فكثير من الاُسر لا تحسن استعمال الوقت ، أو الاستفادة منه ..
ويُلاحَظ على بعض أفرادها الكسل والخمول .. فنجد مثلاً السّهر الطّويل والاستمرار في النوم إلى ساعات متأخِّرة في النّهار .. أو تضييع الوقت بالثرثرة ، أو الإسراف في مشاهدة التلفزيون .. فيتأثّر بذلك ـ مثلاً ـ وضع الأبناء الدراسي ، أو روح الجد والنّشاط .. وتلك عادة غير حسنة ، لا بدّ من التغلّب عليها ..
إنّ وضع نظام ناجح في الاُسرة يعتمد بشكل كبير على أساس الاستفادة من الوقت ، كالتعوّد على النوم المُبكِّر ، والنهوض المُبكِّر .. واستثمار الوقت داخل الاُسرة بالدراسة ، أو الأعمال اليدوية ، والفنية النافعة، كالرّسم والتخريم والحياكة والتطريز ، أو التدريب على استعمال بعض الأجهزة العلمية وغيرها ..
وبالتعوّد على العمل والجدّ يُربّى الأبناء على تلك العادة الحسنة ، ويكتسبوا صفة الجدّ والنّشاط والعمل .
*المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
هل تفترضون الكمال في أطفالكم؟
كثير منا يرغب في الوصول للكمال ونتوقع من أطفالنا أكثر من اللازم، نحن نريد أن نكون آباء كاملين لأطفال كاملين، ولكن يجب أن نشجع أطفالنا دون الضغط عليهم، إليك بعض الطرق لتشجيع طفلك على النجاح وفي نفس الوقت تقبل حدوده.
كيف يتصرف الشخص الذي يرغب في الوصول للكمال
الأشخاص الذين يرغبون في الوصول للكمال يضعون أهدافاً ومقاييس بعيدة المنال لأنفسهم ولغيرهم تاركين فرصاً ضئيلة جداً للأخطاء، كما أنهم يقومون بمحاسبة أنفسهم بشدة، حيث إن هؤلاء الأشخاص يقيسون قيمتهم الذاتية بما يحققونه من نجاحات ونتائج، فهم يعيشون دائماً في خوف من الفشل والرفض من الآخرين، كما أنهم أيضاً دائمو التأجيل للكثير من الأمور حتى يستطيعوا القيام بها على الوجه الأكمل لأنهم يعتقدون أن قيامهم بها في الحال سيكون بنسبة 90% فقط من المستوى الذي يرغبونه.
هذه النوعية من الناس أيضاً لا يكون لديهم أولويات، فكل التفاصيل يجب أن تعطى 100% من الوقت والجهد وهو ما يكون عادةً مستحيلا، مما ينتج عنه في النهاية شعورهم بالغيظ والقلق، والاكتئاب.
الخط الرفيع بين الرغبة
في الكمال والطموح
الفرق بين من يسعى بشكل صحي للوصول للامتياز وبين من تتحكم فيه الرغبة في الوصول للكمال هو أن الأول يضع أهدافاً واقعية تكون عادةً على بعد خطوة مما قد حقق بالفعل، كما أنه يستمتع بعملية التحقيق نفسها حيث إن النتائج ليست فقط كل ما يهمه، وعندما يواجه بالرفض أو الفشل يستطيع إدراك أن ذلك الرفض أو الفشل يكون قاصراً على ذلك الأمر بعينه ولا يعود لشخصه ككل.
جذور سلوك من يرغب
في الوصول للكمال
إن هذا السلوك يبدأ في الطفولة عندما يتم تقدير الطفل وإظهار الحب له بمدى ما يحققه من نتائج وليس لذاته هو.. هذا هو الحب المشروط.
بعد قليل يبدأ الطفل في تقرير أنه لكي يخرج من أى مشكلة يجب أن يكون كاملاً، فذلك سيجعله يأخذ الحب الذي يحتاجه وسيحميه من النقد القاسي والشعور بالفشل في عيون الآخرين.
يقول الأخصائيون النفسيون إن الآباء الذين ينسون مدح مجهودات أطفالهم ويضعون كل تركيزهم على النتائج فقط يكونون هم السبب الرئيسي في أن يصبح الطفل من راغبي الوصول للكمال.
هؤلاء الآباء كما يصفهم أطفالهم يكون من الصعب إرضاؤهم، وأن الآباء أيضاً الذين يحاولون إظهار أنهم كاملون ويعرفون كل شيء ويتسم سلوكهم بالجمود في كل المواقف، هؤلاء الآباء نادراً ما يقولون (لا نعرف) أو يعتذرون لأطفالهم.
بعض الأطفال يكونون هكذا بطبيعتهم أي يرغبون في الوصول للكمال وقد لا يكون لآبائهم أى دور في ذلك، فهؤلاء الأطفال ينشغلون أكثر من اللازم بنظرة الناس لهم حتى في سنواتهم الدراسية الأولى.
على سبيل المثال إذا ارتكبوا خطأ معيناً في أحد دروسهم فإنهم يكررون الدرس كله من البداية، وأحياناً يتركون الأمور حتى آخر لحظة لكى يشعروا أن ضيق الوقت هو السبب في عدم وصولهم للكمال.
الآثار السلبية للرغبة في
الوصول للكمال
إن الرغبة في الوصول للكمال تؤدي إلى نتائج بدنية ومشاعرية غير صحية تماماً، فراغبو الكمال دائماً لا يصلون إلى المستويات التى يريدونها وبالتالي يؤدي هذا الفشل الدائم من وجهة نظرهم والضغط المستمر إلى قلة إنتاجهم وإضعاف تقديرهم لذاتهم.. هذا الشخص الراغب في الوصول للكمال يسير في طريق من اثنين، إما أن يستسلم تماماً لعجزه عن الوصول لأهدافه ويعاني من اكتئاب، أو أن يحاول وضع أهداف جديدة ولكن أيضاً غير واقعية ويعتقد أنه سينجح هذه المرة وكل ما عليه هو أن يبذل جهداً أكبر وبالتالي يدخل في الدائرة نفسها مرة أخرى.
يختلف تأثير الرغبة في الوصول للكمال من طفل لآخر، ففي معظم الحالات الأطفال الذين يكون آباؤهم من راغبي الوصول للكمال سيحاولون دائماً إرضاء آبائهم، وسيتبعون بمرور الوقت سلوكيات الراغبين في الوصول للكمال.
يستمر هذا السلوك معهم بعد أن يكبروا وقد يعانون كثيراً للتخلص منه، لكن قد يستسلم تماماً الطفل الذي يجد أن أمه أو أباه لا يرضيان أبداً عن إنجازاته وقد يصل الأمر إلى التمرد.
يحدث ذلك بشكل خاص مع الطفل الثاني إذا شعر أن الطفل الأول كامل من وجهة نظر أبويه.
هذا التمرد قد يؤدي إلى سقوط الطفل المستمر أو قد يؤدي إلى ما هو أسوأ وهو اختلاطه بصحبة سيئة وقد يتحول إلى تعاطي المخدرات أو ما شابه ذلك لكي ينسى فشله المستمر.
شجعي طفلك على النجاح دون الضغط عليه من أجل الوصول للكمال
1 تذكروا كيف كنتم تشعرون عندما كنتم صغاراً.
فغالباً كنتم تسعدون بكل كلمة مدح تسمعونها، وهو ما قد دفعكم للنجاح، وليست كلمات النقد.
امدحوا كل مجهود يقوم به طفلكم حتى لو لم تستطيعوا مدح النتائج، فالمجهود الذي يبذل هو المهم، ويجب أن يفهم الطفل ذلك.
2 تذكروا أن أطفالكم لا زالوا صغاراً في سن النمو، ولا زالوا يتعلمون فلا يجب أن تتوقعوا منهم أن يعرفوا كيف يفعلون الصواب دائماً.
3 لا تشعروهم بأن عليهم أن يكونوا ممتازين لكي يحصلوا على حبكم بل امنحوهم حبكم غير المشروط.
4 لا تجرحوهم بكلام مثل، (هل تعتقد أن ما فعلته هذا ترتيب؟ فعليّ أن أرتب كل شئ من جديد..)، مثل هذه الكلمات تشعرهم أن مشاركتهم ليست لها قيمة ولا تقابل بالتقدير وليست على المستوى المطلوب.
5 علموا أطفالكم أن يكون لهم أولويات، وكيف يقسمون الأمور الكبيرة إلى أمور صغيرة، وكيف يتحكمون في وقتهم.
6 كونوا نموذجاً جيداً بتخليكم عن سلوك الرغبة في الوصول للكمال، فأطفالكم تشاهدكم طوال الوقت، تجنبوا الغضب من الأمور البسيطة أو الإصرار على أهداف جامدة.
أن تكونوا نماذج يحتذى بها هو أفضل ما يمكنكم عمله مع أطفالكم وهو الأكثر تأثيراً فيهم.
7 يجب أن يفهم الآباء أن لكل طفل شخصيته المنفردة، ولا يمكن مقارنته بطفل آخر، والمقارنة الوحيدة التى يمكن القيام بها هي مقارنة إنجازاته هو الحالية بإنجازاته السابقة وليس بإنجازات غيره.
8 يجب أن تعترفوا أن لكل شخص إمكانياته ويجب أن تسمحوا بحدوث أخطاء؛ لأن البشر لم يخلقوا ليكونوا كاملين، واعتقاد غير ذلك لن يسبب إلا ضغطاً عصبياً.
9 اعترفوا أنتم كآباء أن لديكم عيوباً أو أنكم أحياناً لا تعرفون الإجابة عن سؤال.
في الواقع من الضروري أن يسمع منكم الطفل كلمة، (لا أعرف)، أو (أريد أن أتأكد)، أو (أنا أخطأت، أنا آسف) هذه العبارات تجعلكم تبدون أكثر إنسانية وتظهر للطفل أنه لا بأس أن تكون إمكانياته محدودة أو أن يخطئ.
10 إذا كان طفلك ذكياً ذكاءً شديداً أو يحقق نتائج مبهرة في سنواته الدراسية الأولى، حثيه على التحدي واخلقي مواقف تجعله يجتهد بشدة ولكن لا يصل للكمال فيها.. ثم شجعيه على تقبل ما أنجزه وأظهري له تقديرك لجهده الذي قام به.
بمعنى آخر، دربي طفلك على التعامل مع الفشل وأريه كيف يمكن تقبل ذلك والاستفادة منه بشكل إيجابي من أجل المستقبل.
*المصدر : مجلة الجزيرة /العدد124
ــــــــــــــــــ
آباء وأبناء.. يجب على كل طرف ان يتفهم مشاعر الطرف الاخر؟
تمنِّياتُ إبن
ـ أتمنّى أن لا يتدخّل أبي في كلِّ صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في حياتي .. أريدهُ أن يمنحني شيئاً من الحرية والاستقلال .
ـ أتمنّى أن يحاورني في بعض الاُمور المهمّة ، لا أن يُطالبني بتنفيذها بالعُنف والإكراه .. أن لا يرغمني على فعل شيء بشكل سلطوي .. بل بطريقة أبوية رحيمة .
ـ أتمنّى أن يتذكّر شبابه ، وهو يحاسبني أو يعاقبني أو يراقبني أو يُضيِّق الخناق عليّ .
ـ أتمنّى أن يحترمني أمام أصدقائي وزملائي ، كما أحترمه أمام أهلي وأصدقائه وأقربائنا .
ـ أتمنّى أن يعرف أنّ لي ظروفي ومزاجي وقدراتي ، كما أ نّه له ظروفه ومزاجه وقدراته ، فيعذرني في بعض أخطائي غير المتعمّدة .
ـ أتمنّى أن يُدرك أنّني مخلوق لزمان غير زمانه ، وأن لا يجعلني نسخة منه في كلِّ شيء .
ـ أتمنّى أن يعدل بيني وبين إخواني الآخرين .
ـ أتمنّى أن يرعاني ولكن بغير تدخّل سافر في شؤوني الخاصّة ، ويكون حازماً معي بغير قسوة .. أن يكون مُستشاري بغير إملاءات وضغوط .. وأن لا ينظر إلى إنجازاتي بعين صغيرة .
تمنياتُ أب
ـ أتمنّى أن يكون ولدي أفضل منِّي وليس امتدادي فقط .
ـ أتمنّى أن يحقِّق ولدي ما لم اُوفّق لتحقيقه في حياتي ، وأن تكون طموحاته أوسع من طموحاتي .
ـ أتمنّى أن يستفيد من تجاربي ، ولا يقع في بعض الأخطاء التي وقعتُ فيها ، وأن يقبل نصيحتي .
ـ أتمنّى أن يعتبرني صديقه المخلص ، فيبوح لي ببعض أسراره وهمومه ومشكلاته .. أتمنّى أن أكون صريحاً معه ، وأن يكون صريحاً معي .
ـ أتمنّى أن يدرك أنّ غضبي عليه ـ إذا أخطأ أو قصّر ـ هو حبّ وليس انتقاماً أو تنفيساً عن عقدة تسلّط .
ـ أتمنّى أن يعرف أنّ أولادي متساوون عندي ، وأنا أحبّهم جميعاً ، ولكنّني قد أكره بعض الصفات لدى بعضهم ، وأحبّ بعض الصفات لدى البعض الآخر .
ـ أتمنّى أن أكسب ثقة أبنائي وبناتي ، ليفتحوا لي قلوبهم على مصراعيها ، ويشكوا آلامهم .. ويبوحوا بدخائلهم .. ويتّبعوا إرشاداتي لأ نّها ناظرةٌ إلى مصلحتهم .
هذي الأماني مشروعة من الطرفين ، وهي تعبِّر عن رغبة صادقة في التفاهم والتصالح والتصافي ، وعقد علاقة أوثق بين أبناء يحبّون آباءهم ويحترمونهم ، وبين آباء يحبّون أبناءهم ويريدون لهم الخير كما يعبِّرون عن ذلك دائماً .
ولا بدّ لكلِّ طرف أن يدرس أمنيات ورغبات الطرف الثاني ، بغية الوصول إلى علاقة أسريّة أطيب ممّا هو قائم فعلاً .. مع أنّ هذه الاُمنيات لا تمثِّل جميع ما يتمنّاه الأبناء ، ولا كلّ ما يرغب الآباء به ، إلاّ أ نّها تمثِّل عيِّنات لاُمنيات لو أخذها الأبناء والآباء بعين الاعتبار، لانتهت علاقتهما إلى الشكل الأفضل الذي يسعد ويرضي كلاًّ منهما .
ولكن السؤال : لماذا تبقى مثل هذه الملاحظات التقييمية لكلِّ طرف مجرّد أمنيات ؟! لماذا لا يُبادر الآباء لردم الهوّة ؟ لماذا لا يُساعد الأبناء آباءهم على بناء الجسر؟ أو .. لماذا لايفتح الطرفان باب الحوار المباشر ليكشفا من خلاله عن كلّ ما يتمنّى الطرف الآخر ؟ وعن الأسباب التي تحول دون تلبية تلك الاُمنيات التي لو تعامل معها كلّ طرف باهتمام وجدِّية لأنقذ الموقف الذي كثيراً ما ينهار ويتصدّع تحت تأثير الجهل أو التجاهل لتلك الاُمنيات التي هي ليست معجزات ولا بالاُمور المستحيلة .
ما يحتاجه إذاً كلّ طرف ، أن يتفهّم حقيقة وطبيعة مشاعر الطرف الآخر ، ورغباته والاُمور التي تزعجه
ــــــــــــــــــ
الآباء والشؤون الدراسية للأبناء
الآباء والاُمّهات وبسبب حرصهم الشديد على مستقبل أولادهم ، لا ينفكّون عن دعوتهم باستمرار إلى الاهتمام بدراستهم ، وهو أمر حَسِن ويعبِّر عن تقدير حقيقي لمصلحة الطالب (بنتاً كان أم ابناً ) .
لكنّ الذي يحصل في الكثير من البيوتات هو الالحاح ـ في مناسبة وغير مناسبة ـ على القراءة والمذاكرة والمطالعة لا سيّما في أيام الفحص والاختبار . وقد ينسى الوالدان أنّ للطالب وضعه النفسي والمزاجي الذي قد لا يُشجِّعه على القراءة . وقد يكون الجوّ البيتيّ غير مناسب بما يحدثه الصِّغار من ضجيج ، أو بما يتردّد على البيت من ضيوف ، أو بسبب ضيق البيت ، أو ارتفاع صوت المذياع أو التلفاز إلى غير ذلك من المضايقات .
في هذه الحالة ، يمكن معالجة الموقف بالمقترحات التالية :
ـ إنّ بعض الاُسر لا يمكنها تغيير مساكنها بأخرى أفضل منها ، بسبب ظروفها المعاشية ، لكنّها يمكن أن تغيِّر برنامجها اليوميّ ، أو تضغطه في أيام المذاكرة والامتحانات .
ـ إنّ التذكير بالنتائج السلبية للاهمال والتقاعس والتقصير يجعل الشاب يراجع نفسه ، كما أنّ التذكير بالنتائج الايجابية للمذاكرة وللمستقبل يشجِّعه على شدّ عزيمته .
ـ وقد تكون مشكلة الطالب هي الطريقة أو المنهج الذي يسلكه للمذاكرة ، وهنا يمكن إرشاده إلى تجارب الوالدين أو تجارب الآخرين التعليمية ، كما لو نعلِّمه طريقة إعداد الملخّصات والمختصرات ، أو في تعليق بعض النظريات والمعادلات والقوانين المكتوبة بشكل بارز أمامه في غرفته ، أو بالاستعانة بأخيه المتقدِّم بدراسته ليشرح له النقاط الصعبة والغامضة ، أو يطرح عليه بعض الأسئلة لمعرفة مدى استيعابه ، وما شاكل ذلك .
وهنا تأتي أيضاً مسألة الاهتمام بالهوايات وتعارضها مع الدراسة ، فموقف الكثير من الآباء والاُمّهات من هوايات أبنائهم وبناتهم سلبيّ ، لأنّهم يعتبرون الهواية مهما كانت ذات قيمة ، مضيعة للوقت ، والجهد الذي يُبذَل فيها يجب أن يُبذَل في الدراسة والتحصيل العلمي .
ومع أنّ التزاحم بين الدراسة وممارسة الهوايات يجب أن نبحث له عن حل حتى لا يؤثِّر الذي يمكن تأخيره على الذي لا يمكن تأجيله ، إلاّ أنّ مراعاة الاسلوب المناسب في تحاشي الهجوم النقدي اللاّذِع والمستخفّ بالهوايات ، والتأكيد على أنّ العطلة آتية وفيها متّسع لأن تمارس هواياتك بحرِّية تامّة ، وسأعمل على أن أوفِّر لك بعض ما يُساعدك في ذلك ، أو أنّ الهواية يمكن أن تنتظر ، أمّا الدراسة فلا تستطيع الانتظار ، وما ناظر من أسلوب فنِّي يجعل الشاب يعيد حساباته ، بعكس ما لو أخفينا أدوات رسمه أو كتاباته أو الأجهزة التي يمارس من خلالها هواياته ، أو حطّمناها ، فإنّ ذلك مدعاة لزيادة التشبّث بها ، فـ «الانسان حريص على ما مُنِع» ، وسبب في تراجع الطالب الدراسي لما قد يعانيه من اضطراب نفسي جرّاء ذلك .
*البلاغ
ــــــــــــــــــ
الإحساس+المشاركةطفل يطور نفسه
*سلوى المؤيد
أريد أن أوضح بعض الأمور الهامة في تطبيق أسلوب مشاركة الوالدين لمشاعر طفلهما بعد الاعتراف بها.. عدم تكرار الآباء لعباراتهم مع أبنائهم بصورة آلية..لان الاطفال اذكياء وسيكتشفون عدم احساس ابائهم بمشاعرهم .. وسيشكون في إخلاصهم وهم يجيبونهم.. وبالتالي لن يفيد ذلك الأسلوب في تطوير سلوكهم.
علينا إذن أن نكون مقنعين في تكرارنا لجملهم.. أو نستخدم كلمات أخرى تناسب عباراتهم..
فإذا قال الطفل لوالده: أنا خائف قليلاً.
يستطيع الأب أن يقول له: أنت خائف من أمر ما؟
وقد يكون في إمكان الأم أن تدير الحوار على شكل سؤال.. فإذا جاءت الابنة إلى أمها قائلة: لقد مزقت مدرستي ورقتي أمام جميع الطلبة في الفصل.
فإن على والدتها أن ترد عليها بنفس عبارتها متسائلة: هل مزقت المدرسة ورقتك أمام كل شخص؟
فالأم هنا تريد معلومات أكثر حتى تعلم المزيد عما يضايق ابنتها.. أو تستطيع أن تعلق بجملة مختصرة قائلة: أوه، هل فعلت مدرستك معك ذلك؟
أو تهز رأسها متجاوبة مع ابنتها.
إن عباراتنا هذه تشعر أطفالنا بأننا نصغي إليهم.. وندعوهم للإفصاح عما يضايقهم، وقد نبدو أننا أكثر تجاوباً معهم عندما نعبر عما يضايقهم بجمل تعبر عن المعنى الذي يريدون التعبير عنه.
مثال على ذلك، هذه النماذج الواقعية التي تحدث لأكثر الآباء، قد يأتي طفل إلى والده ليشتكي أن صديقه قد استهزأ بنظارته الجديدة، إن الإجابة المناسبة لهذه الشكوى أن يقول الأب لابنه:
ـ لابد أنك تضايقت مما فعل صديقك.
أي أنه شاركه شعوره.
وعندما تشتكي ابنة لأمها أن صديقتها دعت جميع صديقاتها إلا هي، عندئذ على الأم أن ترد على ابنتها معبرة عن اعترافها بشعورها قائلة:
ـ أعتقد أنك شعرت بخيبة أمل.. أو أنك غاضبة لأنها لم تدعك مع بقية الصديقات.
إذن، أبناؤنا يريدون منا مشاركتهم لأحاسيسهم.. لا أن نقلل من شأن الأمور التي تضايقهم، أو نلومهم على تقصيرهم، لقد استفادت والدة محمد من هذا الأسلوب التربوي، عندما جلس ابنها البالغ من العمر عشر سنوات ليحل واجباته الدراسية في غرفة المعيشة.
كان قد مضى عليه ربع ساعة وهو يعض قلم الرصاص، ويتأفف من صعوبة المسائل الحسابية التي يقوم بحلها، وفجأة رمى دفتر الواجبات على الأرض قائلاً بغضب:
ما أكره هذا الواجب الثقيل، طرح وجمع وضرب، لا أدري متى أنتهي منه؟
أجابت الأم بمهارة تدل على إدراكها لأسلوب فهم مشاعر الطفل والاعتراف بها قائلة: إنك تتعب كثيراً في المدرسة.. ثم عليك أن تؤدي واجباتك الدراسية عندما تعود إلى البيت.. وهذا أمر صعب.. أعلم ذلك.
نظر إليها ابنها في دهشة، لأنه كان يتوقع منها محاضرتها المعتادة التي تبدؤها قائلة:
ـ والآن اجلس واهدأ وابدأ في العمل، الشكوى ستجعلك تشعر بالضجر فقط، وسيكون أداؤك لواجبك أسوأ.
لذلك شعر محمد بالارتياح لتجاوب أمه مع مشاعره.. وأمسك بالقلم ليكتب وهو يقول:
ـ سأحاول أن أركز أكثر في حل المسائل.
لاحظنا إذن، أن حديث الأم مع ابنها الذي عكس إحساسها بما يشعر به وما يضايقه امتص غضبه وضيقه، وجعله يحاول أن يؤدي عمله بنفسه.. لقد ساعدته والدته في دراسته، دون أن تشاركه في حل مسألة حسابية واحدة، وبالطبع لا نتوقع أن تكون ردود الأفعال كلها متشابهة، لأن لكل طفل شخصيته وصفاته التي يتميز بها، لكننا علينا أن نفهم أبناءنا، ونحاول أن نواصل تجاربنا بهذا الأسلوب لأن نتائجه ستكون إيجابية.
ــــــــــــــــــ
من أخطاء الآباء ..!
قد يلقي البعض منّا مسؤولية بناء الجمر بين الاباء والابناء على الآباء وحدهم دون الأبناء ، على اعتبار أ نّهم الأكثر تجربة والأغنى خبرة في الحياة، ولأ نّهم يُفترَض فيهم أن يكونوا المسامحين ، وذوي القلوب الكبيرة ، والأرجح عقلاً .
وبالرغم من تقديرنا لذلك ، فإنّنا لا نعفي الأبناء عن إثارة حفائظ آبائهم ، خاصّة إذا عرفوا أنّ هناك أموراً غير لائقة لا يصحّ أن يؤتوا بها ، فيأتوا بها ، أو يتعمّدون أحياناً فعلها .
ولأنّ مسؤولية الآباء أكبر ، سنقف عند بعض الأخطاء التربوية التي لو شُخِّصت بشكل جيِّد ، وتمّ التعامل معها بحكمة ، لقلّصت دائرة الاصطدام بين الآباء وبين أبنائهم ، ولنبدأ باستخدام العُنف ..
فهناك بعض الآباء الذين يعنِّفون أبناءهم أسوة بآبائهم الذين كانوا يعاملونهم بنفس المعاملة، وكأنّهم ورثوا منهم العُنف والقسوة والتسلّط . ولانريد أن ندخل في تحليل ذلك ودراسة مدى تأثير الأساليب التربوية المستخدمة في البيت على مستقبل التعامل الاُسري لدى الأبناء . لكنّنا نقول للآباء الذين يتعاملون بهذه الطريقة الجارحة : تذكّروا مدى انزعاجكم ونفوركم من التعامل الخشن الذي كان يعاملكم به آباؤكم ، فكيف يرتضي أب عاشَ التعامل القاسي ، أن يعامل ابنه بنفس المعاملة ؟ وهل من التربية في شيء أن يصرخ الأب دائماً ، ويضرب أولاده لأدنى خطأ ولأتفه سبب ؟ ويُحدِث جوّاً من الرّعب والتوتّر في البيت وكأ نّه جلاّد صغير ؟!
لقد دخل أحد الولاة على أحد الخلفاء ، فرآه يُلاعب صبيّاً له ، وكان الصبيّ يمتطي ظهر الخليفة ، فتعجّب الوالي من ذلك ، وأثار استغرابه واستهجانه ، ولم يكتمها في نفسه ، فقال للخليفة : كيفَ تفعل ذلك يا مولاي ؟!
فسأله الخليفة ، وقد عرفَ من سؤاله أ نّه لا يتعامل مع صبيانه بهذه الطريقة : وكيفَ تُعامل أولادك يا ترى ؟! فقال الوالي معتدّاً بأسلوبه الصارم : إذا دخلتُ البيت ، جلسَ القائم وسكت الناطق ، فقال له الخليفة : إنّك لا تصلح والياً للرعيّة ، لأ نّك بذلك تخنق أنفاسها .
ولو جرّب أحد الآباء أن يُسجِّل لقطات من حالات انفعاله الشديد وغضبه المُزبد المُرعد في شريط فيديو ، وعرضه في لحظة صفاء ، لخجل من نفسه ، ولأنكر ذاك الذي يراهُ أمامه ، وقد فقد السيطرة على انفعالاته . فلم نعمل ما نستحي منه ، أو يدعونا إلى الاعتذار مع ما في الاعتذار من حالة إذلال للنفس ؟!
وأمّا اعتبار ذلك ضبطاً عائلياً أو حسماً وحزماً حتى لا يفلت الزمام ، فإنّ العُنف قد يُنتج أسرة خاضعة مطيعة منصاعة مذعنة ، لكنّها الطاعة بالإكراه ، والانصياع الجبري الذي ما أن يُرفع القيد عنه حتى يتفجّر غضباً واستياءً وكراهية . أمّا إذا استمرّ فإنّه سيخلِّف عقداً نفسية ربّما يصعب علاجها .
وهل ضاقت بنا السّبل ـ كآباء ـ فلم نجد أمامنا من أسلوب للضّبط غير العصا والصّفعة والشتيمة وربّما البصقة بوجه الابن أو البنت ؟!
يقول الحكماء: «آخر الدواء الكي» . فَلِمَ يكون أوّل دوائنا الكيّ؟! لماذا لا نُجرِّب الخطوات التي تسبقه ، فلعلّها تأتي بالنتائج المرجوّة ؟ لماذا الإقدام على العُنف أوّلاً ؟ هل استنفدنا أساليب الزّجر كلّها ؟ فرُبّ نظرة ذات مغزى منعت من ارتكاب أخطاء لاحقة . ورُبّ كلمة وعظ مؤنِّبة كفّت عن تجاوزات مستقبلية .
لماذا ندفع أبناءنا وبناتنا إلى أن يكونوا عصبيين وانفعاليين ومشدودي الأعصاب دائماً بتعاملنا معهم بطريقة جارحة لأحاسيسهم؟ لماذا نجني عليهم بأن(54/205)
يكونوا حادِّي المزاج مع الآخرين بالتقاط ذلك منّا ودون إرادة منهم ؟ وما يُدرينا فربّما انعكس ذلك على تعاملهم مع أبنائهم في المستقبل . فهل قدّرنا النتائج الوخيمة لذلك كلّه ؟
غيرَ أنّ التسلّط الأبوي قد يأخذ شكلاً آخر ، في فرض كلمة الأب لتكون الاُولى والأخيرة بلا أخذ ولا ردّ ولا مناقشة ولا اعتبار لآراء الأسرة . وربّما برز ذلك من خلال فرض مزاج الأب وشهوته على أسرته ، فهو يريد الطّعام الذي يشتهيه حتى ولو لم يحبّه أولاده . وقد ورد في الحديث : «ملعون من أكّل عياله بشهوته ، ولم يأكل بشهوة عياله» . فالأوّل أناني والثاني مُتفان ، ومَن يأكل بشهيّة أهله وما يُفضِّلون من أطعمة ، فإنّه يزرع في نفوسهم حبّاً واحتراماً له ، وإذا لم يُقدّر في الوقت الحاضر ، فإنّه سيترك تأثيره عليهم في المستقبل في أن لا يكونوا هم أنفسهم أنانيين .
وهناك من الآباء مَن يزعق ويوبِّخ ويسبّ ويضرب إذا أقلق الأولاد راحته في نومه أو جلوسه أو مطالعته ، فيما هو لا يأبه لراحة عياله ولا يقيم لها وزناً ، فكأنّهم عبيد مأمورون لا حقّ لهم في الاستمتاع بحرِّيتهم في بيتهم .
ومن الأخطاء الفادحة التي يرتكبها الآباء وتؤثِّر سلبياً على الأبناء ، الازدواجية بين شعاراتهم وبين سلوكهم ، فالإبن أو البنت ينظران لوالديهما على أنّهما قدوتهما في الحياة ، فإذا ما رأوا أ نّهما يمارسان الاُمور المنهيّ عنها من قِبَلهما ، فإنّ ردّة فعل ذلك ستكون عنيفة ، ومن نتائجها عدم إطاعة الوالدين أو الامتثال لأوامرهما مستقبلاً . وإلاّ كيف يمكن لأب مدخِّن يوصي ابنه بعدم التدخين ؟ وحتى لو كان يدخِّن سرّاً ، أما يمكن أن يضبطه ابنه ـ ذات يوم ـ متلبِّساً بالتدخين ، فيسقط في نظره ؟!
ومن أخطاء الآباء ، تضخيم أخطاء الأبناء ، واعتبار الصغيرة كبيرة ، وكأنّ الخطأ الذي يرتكبه الابن أو البنت لا يُغتفر ، أو لا يمكن إصلاحه ، حتى أنّ البعض من الآباء أو الأمّهات ، ونتيجة لصبرهم المحدود والنافد سريعاً ، يشتكون من بعض تصرّفات أبنائهم بالقول : لقد تغيّروا .. لم يعودوا يطيعوننا .. هم الآن غيرهم بالأمس .. لا جدوى من صلاحهم، في حين أنّ بالإمكان معالجة الكثير من تلك التي تُسمّى مشكلات بكثير من المحبّة والتفاهم والحكمة والصّبر . يقول الامام عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) : «إذا عاتبتَ الحَدِث ـ وهو الشاب الصغير ـ فاترك موضعاً من ذنبه لئلاّ يحمله الإحراج على المكابرة» .
ومن أخطائهم أيضاً ، أ نّهم يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم كأطفال صغار لم يشبّوا عن الطوق، ولم يبلغوا الحلم ، وما زالوا دون سنّ الرُّشد، ممّا يُبرِّر لهم فرض وصايتهم عليهم حتى وهم كبار ، الأمر الذي يخلق حالة من النفور والنرفزة عند الشبّان والشابّات الذين يتطلّعون إلى تعامل فيه الكثير من الرحمة والتقدير والاحترام لشخصياتهم التي غادرت دنيا الصغار إلى دنيا الكبار .
فما زال الكثير من الآباء والاُمّهات حتى بعد بلوغ أبنائهم وبناتهم سنّ الشباب ، يوصونهم عندما يخرجون إلى معاهدهم أو أماكن عملهم ، أن ينتبهوا لئلاّ تدهسهم السيارة ، وإلى غير ذلك من الوصايا التي كانت صالحة في الطفولة ولم تعد مُناسِبَة بعدما اعتاد الشاب أو الشابّة على مراقبة الطريق ومعرفة الكثير ممّا شاكلها .
ومن الأخطاء أيضاً أن نفرض على أبنائنا صيغة معيّنة من العمل أو المهنة نحبّها ولا يحبّونها ، ذلك أنّ الشاب أو الشابّة شخصية مستقلّة لها رأيها وذوقها ورغبتها في عمل معيّن وكراهيّتها لعمل آخر ، فأن تفرض على ابنك نمطاً حياتياً أو عملياً معيّناً ، كأن يكون تاجراً مثلك أو طبيباً أو محامياً أو مهندساً أو أديباً ، يعني أ نّك تريدهُ نسخة طبق الأصل منك . والحال أ نّه يريد أن يكون نسخة أصلية من نفسه ، أي أن يعيش أصالة شخصيّته ، وللوالدين الحقّ في أن يناقشاه في اختياره، وليس لهما أن يجبراه على خيار معيّن .
وهذا الخطأ الناتج عن التدخّل السافر في كلِّ ما يمتّ للأبناء والبنات بصلة ، يجرّ في العادة إلى أخطاء مُماثلة ، تدخل كلّها تحت عنوان التدخّل في الشؤون الخاصّة للشاب أو الشابّة .
فالشبّان والشابّات عموماً يتضايقون كثيراً من التدخّلات المباشرة التي يقحم الأب والاُم فيها نفسيهما إقحاماً مُخلاًّ ومُسيئاً للعلاقة مع أبنائهما . فالتجسّس على الأبناء والبنات يُعقِّد العلاقة ويهدم جسور الثقة والتواصل ، ويدفع إلى مزيد من التكتّم والانغلاق حتى في الاُمور التي لا تستدعي ذلك . فكما أ نّنا ـ كآباء ـ لا نرغب في أن يتجسّس علينا أحد ، فكذلك الأبناء ، والنهي في الآية الكريمة (ولا تجسّسوا ) (1) ، كما هو واضح عامٌّ وشامل .
وقد يصل التدخّل أحياناً في الزواج وإجبار البنت أو الابن على قبول شريك حياة لا يهويانه ، وهذا ممّا يزيد في الطِّين بلّة ، وقد يقدمان على أعمال مُنافية للعُرف ، وقد يرضخان ، فيعيشان النكد والخصومات المستمرّة ، وقد يبلغ الأمر درجة الطّلاق وإلى ما لا تُحمد عُقباه .
عن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله جعفر الصادق (عليه السلام) ، قال : قلتُ له : إنِّي أريد أن أتزوّج إمرأة ، وإنّ أبوَيّ أرادا غيرها ، قال : «تزوّج التي هويت ودَع التي يهوى أبواك» . ذلك أنّ الذي يريد أن يتزوّج هو الابن أو البنت ، وليس الأب أو الاُم ، اللّذين لا يملكان في ذلك سوى حق المشورة والنصيحة .
ومن الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها الوالدان ، التمييز العاطفي والمادِّي بين الأبناء أنفسهم ، أو بين الأبناء وبين البنات ، الأمر الذي يخلق فجوة نفسية بين الذين يقع عليهم
التمييز وبين المميّزين ، وبين الذين يشعرون بحيف التمييز وبين الوالدين . فقد يخصّ الأبوان أحد الأبناء بالعطف والمحبّة والهدايا والإشادة بصفاته ونشاطاته ، ويهملون الآخرين أو لا يوزِّعون ذلك بالتساوي بينهم .
ولقد نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى رجل له إبنان ، فرآه يُقبِّل أحدهما ويترك الآخر ، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «فهلاّ ساويتَ بينهما» ؟!
فإذا كانت القُبلة لأحد الأبناء تُشعِر الآخر بالتمييز ، فما بالكَ بالامتيازات التي تُمنح لأحدهما ويُحرَم الثاني منها ؟ والمسألة في خصوص الفتيات أعقد ، لأ نّهنّ أرقّ مشاعر وأرهف إحساساً . يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ساووا بين أولادكم في العطيّة ، فلو كنت مُفضِّلاً أحداً لفضّلت النِّساء» . وهذا ليس من باب التمييز ، بل من باب التقديم المعنوي وإشعار الجنس الناعم بلطف الاسلام وتقديره للمرأة .
وتجدرنا الاشارة إلى أنّ هذه الأخطاء ـ وغيرها كثير لا يسمح المجال لذكره ـ قد تؤدِّي إلى الانكماش والعزلة والانطواء كنتيجة سلبيّة ، إذا لم تكن تؤدِّي إلى النزاع والاصطدام والشِّجار .
*المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
الوالدان بين (التجسّس) و (المراقبة)
ما أن يبلغ الفتى مبلغ الشباب ، وما أن تصل الفتاة إلى مرحلة البلوغ ، حتى يضعها الوالدان في دائرة المراقبة ، فالشك هنا يغلب اليقين ، والظنّ يغلب الثقة . لماذا يحصل ذلك ؟
في مرحلة البلوغ ، يبدأ الشاب أو الشابّة يعيشان نوعاً من الاستقلالية عن الوالدين وهو أمر طبيعي ، لأنّ الاعتماد على الذات أمر يجب أن يُشجِّع عليه الوالدان ، فهذه علامة عافية في شخصية الأبناء ، بل يجب أن يتسرّب الخوف إلى الوالدين إذا بقيَ أبناؤهما مشدودين إليهما على نحو التبعيّة التي كانت في عهد الطفولة ، وعليهما أن يسعيا لإخراجهم منها .
ومن الطبيعي فإنّ الاستقلال يستدعي أن يُمارس الشاب أو الشابّة بعض الأعمال التي يعتبرانها من خصوصياتهما . ولايحبّان لأحد الاطِّلاع عليها . فإذا ما وجدا أباً أو اُمّاً يُفتِّشان في دفاترهما أو حقائبهما أو في أدراجهما ، فإنّهما يمتعضان أشدّ الامتعاض ، لأ نّهما يعتبران ذلك اختراقاً لحُرمة وانتهاكاً لحق . وماذا إذا واجه أحد الأبناء أباه أو أمّه بالقول : (يا أيُّها الّذينَ آمَنوا اجتنبوا كثيراً منَ الظّنِّ إنّ بعضَ الظنِّ إثمٌ ولا تجسّسوا )(7) ؟ هل يردّان عليه بأنّ ذلك ليس تجسّساً ؟ وإذاً فما معنى التجسّس إذا لم يكن هذا منه ؟ هل يقولان له إنّهما أبواه ولهما الحقّ في أن يُفتِّشا وينبشا في أشيائه الخصوصية ولا يحقّ له الاعتراض ؟ ألا يدفع ذلك الشاب أو الشابّة إلى مزيد من التكتّم
والسرِّية وارتكاب بعض المخالفات بعيداً عن أعين الآباء والاُمّهات ، ممّا لا تجدي معه حتى الرقابة ؟!
فلماذا نُلجئهم إلى الهروب منّا والاستجارة بمَن هم أقلّ شفقة ورحمة وعطفاً منّا عليهم ؟ أليسَ هذا الذي نعمله من البحث في الأوراق والصّور والأدراج والمحفظات ودفاتر المذكّرات ، والتنصّت على الهواتف ، أسلوباً تنفيرياً ، يجعل الابن أو البنت يخشيان الوالدين كمَن يخشى عناصر المخابرات ؟!
وقد يثير بعض الآباء احتجاجاً : وهل نتركهم يتصرّفون كما يشاؤون وهم ما زالوا صغاراً لا يفقهون من الحياة شيئاً ؟ أليسَ تركهم وشأنهم تشجيعاً لهم على ارتكاب المزيد من التجاوزات ، وإقامة العلاقات السيِّئة وربّما المشبوهة ؟
والجواب : إنّنا مع ( الرقابة ) ولسنا مع ( التجسّس ) ، فما هو يا ترى الفرق بين الاثنين ؟ فقد يقول بعض المربِّين أنّ ما نقوم به هو ( الرقابة ) من غير تمييز لهذه الحالة الايجابية عن ( التجسّس ) كحالة سلبية . فإذا ما عرّفنا ( الرقابة ) وعرفناها ، فإنّ الشكل المرفوض لها سيتضح تلقائياً ودون عناء .
فالرقابة هي حالة التحسّس والاستشعار عن بُعد ، والمتابعة غير المباشرة لحركة الشاب أو الشابّة بما يفيد الاطمئنان من أ نّهما يتحرّكان بشكل صحيح ، وتشمل الأماكن التي يرتادها والأصدقاء الذين يُعاشرهم ، وخلواته مع نفسه .. وهي إذا انعدمت أو غابت ، فإنّها تؤدِّي إلى الانحراف والجنوح لا سمح الله ، وعلى ضوئها يمكن رسم خطّة التعامل مع الواقع والمستجدّات ، وإنقاذ الشاب أو الشابّة من المطبّات والمزالق في اللحظة المناسبة .
وهنا لا بدّ من التنبيه إلى أنّ الحرية الزائدة أو غير المسؤولة قد تتحوّل إلى فوضى ، فلا تجدي معها المراقبة ، مثلُها مثل الكبت الشديد .. كلاهما يؤثِّر تأثيراً سلبياً على الشاب أو الشابّة لا فرق .
وكلّما أحسنَ الأبوان المراقبة ، كانت النتائج أطيب ، وهي ليست كما يتصوّر البعض سرِّية ، فأنتَ حينما تتحدّث مع ابنك عن أصدقائه ، أو حينما تفتح الاُم الحديث مع ابنتها حول صديقاتها ، فلا بدّ من أن تكون العلاقة مكشوفة ومنظورة من قِبَل الأبوين ، لكنّ الأسئلة التفصيلية من قبيل : أين ذهبتم ؟ وماذا فعلتم ؟ ومَن كان معكم ؟ وماذا تحدّثتم ؟ يمكن أن تُطلب برواية قصّة يتشوّق الأبوان لسماعها بشكل طبيعي ، لا على طريقة التحقيق وتقديم الإفادات .
وثمّة أسلوب عملي مؤثِّر ينطبع في وعي الشاب أو الشابّة ، فالأب أو الاُم اللّذان يتحدّثان بصراحة عن أماكن ذهابهما وساعات عودتهما وبعض ما جرى مع أصدقائهما ، قد يُشجِّع ذلك أبناءهما وبناتهما على أن يكونوا مثلهما .
وبالتالي ، فإنّنا ومهما دعت الأسباب إلى المراقبة، يجب أن لا نحاصر الشاب أو الشابّة إلاّ في حالات الخطورة القصوى التي نشعر فيها أنّ حياتهما أو أخلاقهما مُهدّدة ، علماً أنّ المراقبة والمتابعة الحكيمة سوف لن توصلهما إلى هذا الحد . كما أنّ تربية الأبناء والبنات على الضّبط والمراقبة الذاتية ، تجعلهما يُراقبان سلوكهما وعلاقاتهما جيِّداً ، وهذه هي أهمية الضمير أو التقوى في نفوس الشباب ، فإذا ما شعرا أ نّهما مسؤولان عن أفعالهما وسلوكهما وأخطائهما ، فإنّهما سيكونان أكثر حرصاً على الانضباط والالتزام .
فتربية الأولاد منذ وقت مبكِّر ـ أي في سني الصِّبا ـ على أنّ الله سبحانه وتعالى أوكلَ بنا ملكين كاتبين : أحدهما يكتب الحسنات والآخر يكتب السيِّئات ، وهما يُراقباننا دائماً ويرصدان كلّ أقوالنا وأفعالنا ، وأنّ الله بعد ذلك هو الشاهد المطّلع على ذلك كلّه ، وعلى ما خفيَ على الشاهدين ، وأنّ المجتمع مسؤول عن رقابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تجعل الشباب يستشعرون برقابتين : داخلية وأخرى خارجية ، ممّا يُساعد في ضبط تصرّفاتهم بقدر استشعارهم أنّ ذلك لمصلحة الانسان المسلم وليس في الضدِّ منها .
*المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
أهمية الشورى الاسرية
الحلّ الأمثل للمواجهة بين الآباء والأبناء ، أنّ طرق التفاهم كثيرة ،ولكن ماذا لو عملنا على تشكيل (مجلس شورى) في البيت كطريق جديد للتفاهم؟
الأمر لا يحتاج إلى تعقيدات المجالس الشعبية أو البرلمانية .. إنّ مجرّد الاتفاق على عقد لقاء أسبوعي أو دوري بين أفراد الاُسرة للتداول في شؤونها ، يحقِّق المرجوّ من هذا الاقتراح .
يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الولد سيِّد سبع سنين ، وعبد سبع سنين ، ووزير سبع سنين» . وما يهمّنا من الحديث شطره الأخير «ووزير سبع سنين» ، أي أنّ هناك نقلة نوعية في حياة الشاب يتحوّل فيها إلى (مُستشار ) لوالديه ، يتشاور ويتحاور معهما ويُبادلهما الرأي ، فلقد باتَ من حقِّه أن يبدي رأيه ـ صحيحاً كان أم خاطئاً ـ ولا بدّ أن يُحترَم رأيه في الحالين بأن يُثنى على صحّة رأيه وأن يُنبِّه إلى خطئه بالتي هي أحسن . أمّا كلمات من قبيل «نفِّذ ثمّ ناقِش» أو «إعمل ولا تُجادل» ، فأسلوب سلطوي يمقته الشاب ويتمرّد عليه .
فممّا لا شكّ فيه أنّ من أهم عوامل الانسجام هو احترام الجميع والوقوف من جميع أفراد الاُسرة على مسافة متقاربة . وقد قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : «جُبلَت القلوب على حُبِّ مَن أحسنَ إليها ، وبغض مَن أساء إليها» ، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لو اجتمعتم على البرِّ لتحاببتم» .
فلا شيء أكثر تأثيراً في تربية الأبناء والبنات من حق إبداء الرأي واحترام الشخصية . وهذا ما أشارت إليه كلمة ( الوزير ) في قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والتي
تنطوي على المشاورة والمعاونة والتعاطي الاجتماعي على النحو الذي يرتفع بالشاب من مستوى طفل مسيّر ومأمور وربّما سلبي ، إلى شخصية ايجابية مساهمة وفعّالة .
ويمكن إعداد صيغة تتناسب وطبيعة كل عائلة ، فقد يكون المجلس العائلي ندوة مفتوحة للمناقشة في شؤون المنزل . وقد يكون فيه تعيين أو انتخاب للادارة والتصويت على بعض الآراء وتثبيت محضر بالجلسة لتدوين القرارات والتوصيات ومتابعتها في الجلسة القادمة .
ولسنا نتوقّف كثيراً عند الشكل ، فأيّة صيغة اعتُمدت فإنّ الهدف يجب أن يكون تقوية أواصر المحبّة والتعاون والتفاهم بين أفراد الاُسرة . ففي هذا المجلس يمكن انضاج الكثير من الأفكار التي تدور في ذهن الوالدين أو ذهن الأبناء بالحوار الهادئ والمناقشة التي يسودها الحبّ والتفاهم والاقناع وتقديم المقترحات والحلول للمشكلات التي تواجه بعض أفراد العائلة أو الاُسرة ككل .
وممّا تجدر الاشارة إليه أنّ نقاء نفوس وطهارة قلوب الصغار والشبّان ـ بنات وبنين ـ قد يساعد في تقديم تصوّرات مهمّة عن شؤون البيت ربّما لا تخطر حتى على بال الأبوين نفسيهما .
أمّا ما يمكن أن نجنيه من هذه الشورى أو هذا المجلس ، فهو :
1 ـ تتحوّل الاُسرة من مجرّد تجمّع كمِّي إلى مكان يتبادل فيه الجميع الخبرات والتصوّرات والآراء .
2 ـ تحقّق قدراً لا بأس به من الشعور بالمسؤولية الجماعية التضامنية ، وسيكون شعار كلّ فرد فيها «إدارة البيت وسعادته مسؤوليتنا جميعاً» .
3 ـ ستكون عملية توزيع المهام والتكاليف وتقسيم الأعمال والوظائف مهمّة سهلة ومقبولة من لدُن الجميع الذين يشعرون أنّ الفرص تتكافأ أمامهم .
4 ـ ما يجري من حوار ونقاش واحترام للرأي وللرأي الآخر ، هو عملية إعداد وتأهيل للمستقبل الذي سيخرج أبناء وبنات هذا البيت الذي يعتمد أسلوب الحوار ليواجهوا الحياة بثقة أكبر ، وسيتعلّمون كيف يُخطِّطون ، وكيف يواجهون مشاكلهم ، بل ويمتدّ أثرها إلى مستقبل تربيتهم لأبنائهم .
5 ـ من شأن هذه المجالس أن تذوِّب الفواصل والاحتكاكات والغيبة والاتهامات ، بل وتعكس الصورة إلى التوافق والانسجام والتجانس بما توفِّره من أجواء التدريب على النقد الذاتي والاجتماعي .
لكنّ المشروع على ما ينطوي عليه من سهولة في الطرح والتصوّر إلاّ أ نّه عملي ويحتاج إلى فترة زمنية كافية حتى يؤتي ثماره الطيِّبة ، كما يحتاج إلى شروط إنجاح ، فلا بدّ للأب كمدير للجلسة أو المجلس من التوافر على ما يلي :
1 ـ أن يكون قادراً على ترجيح كفّة ( الحاجات ) الأساسية على ( الرغبات ) العابرة ، أي أن تكون له القدرة على تقدير الأولويات .
2 ـ أن يكون مُلمّاً بتطوّر العصر وإيقاعه والظروف المتغيِّرة ، لأ نّه يتعامل مع جيل جديد خُلِقَ لزمان غير زمانه ، وأن تكون لديه قدرة على الاقناع ، واستعداد للاقتناع .
3 ـ أن يكون مثقّفاً بالثقافة الشرعية والحدود التي يميِّز فيها بين حلال المسائل وحرامها .
4 ـ أن يكون منفتحاً في تقبّل جميع الآراء حتى تلك التي تبدو مُزعجة أو غير معقولة ، وأن يناقشها مع باقي أفراد الاُسرة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن يبدي المشورة والنّصح لمن يحتاجهما ، وأن يفضّ النزاع بين الإخوة كحكم عدل .
5 ـ أن يتمتّع بصفة حسن الاصغاء للجميع وعدم المقاطعة كونه مديراً للجلسة ، وأن يعطي الحقّ في الكلام للجميع ، ويعطي حقّ الردّ والدفاع لمن يريد أن يُدافع عن وجهة نظره ، أو عن اتهام وُجِّه إليه ، كما أنّ الهدوء وإيضاح بعض الآراء التي قد لا يحسن الأبناء تقديمها ، واختيار طبقة الصوت المشفوعة بالحبّ والإخلاص والعطف .. كل ذلك من متطلّبات نجاح هذه المجالس .
وممّا ينبغي الالتفات إليه أيضاً هو أنّ هذه المجالس بالأمانات ، أي أنّ أسرارها يجب أن لا تتسرّب إلى الخارج ، فنقل بعض الاُمور التي تعدّ شأناً داخليّاً لا يصحّ من أي فرد من أفراد مجلس الشورى العائلي لا سيّما إذا كان الأمر متعلِّقاً بأحد أفراد الاُسرة المعروفين لدى السامع خشية أن يجرح ذلك إحساسه ، ومَن يدري فقد يقاطع جلسات المجلس إذا افتضح أو كشف سرّه أمام الآخرين .
وخلاصة القول ، إنّ أهم حصاد يمكن أن يحصل عليه الوالدان من ذلك ، هو بناء أسرة متفاهمة متحاورة تناقش القضايا المشتركة ، وتذوِّب الحواجز ، وتحلّ مشاكلها بالتعاون ، وتعدّ لمستقبل أفضل لأبناء وبنات واثقين من أنفسهم وآرائهم .
المصدر : البلاغ
ــــــــــــــــــ
حقوق الآباء على الابناء..كيف ولماذا؟
العيش في منزل نظيف.
التعاون والراحة.
مسئولية الأبناء تجاه دراستهم.
النوم بهدوء في المنزل دون القلق على الأبناء.
معاملة الأبناء لهم باحترام
العناية بهم إلى جانب عنايتهم بأبنائهم
ونستطيع أن نقدم بعض الحلول التي تحكم علاقة الآباء بأبنائهم خلال هذه المرحلة والتي تعتبر أساس كل شئ والذي يحقق للمراهق الصحة والسلامة على كافة المستويات سواء أكانت نفسية أو جسمانية والتي يكون جوهرها الموازنة بين المرونة والسيطرة
إعطاء الأبناء قواعد واضحة: ينبغى أن تكون هناك قواعد محددة يضعها الآباء لكي يلتزم بها الأبناء بصفة مطلقة ولابد من الإصرار عليها ولكن في نفس الوقت على الآباء احترام آراء أبنائهم على أن تتوفر لديهم الرغبة في مناقشة قراراتهم معهم ولا يأتي ذلك إلا بالتزام الأبناء واحترام هذه العادات المطلقة
عدم المغالاة في ردود الافعال: لابد من الصبر، والصبر هو قبول الآباء لمشاعر أبنائهم كما يعنى الاستماع إليهم بالقلب إلى جانب الأذن، وأن تفتح الباب لآرائهم. وغالبا ما ينتاب الآباء القلق على أبنائهم فلذلك فهم يلجئون إلى العقاب عند الخروج عن القواعد المرسومة لهم، والعقاب مطلوب لكنه لا يعطى المراهق الفرصة على أن يسيطر على تصرفاته
تشجيع الأبناء: لابد من التشجيع لا السيطرة، الاهتمام بنشاطاتهم، واظهار الاهتمام بأصدقائهم، مع توجيه اهتمام خاص إذا كانت هناك مشكلة ما
التدقيق في الأمور الهامة فقط:ويعنى ذلك إهمال الأمور الصغيرة أو التافهة مثل (الملابس والموضة مع الالتزام بالحدود المسموح بها) لأنه إذا دقق الآباء على كافة الأمور سيولد ذلك شعور بالتمرد عند الأبناء
عدم معاملة الأبناء على أنهم أطفال: لا تعاملهم بصيغة الأمر فلا تستعمل الكلمات التالية (أنت لا تأكل على ما يرام، لابد أن تنام مبكرا، لن تستخدم السيارة حتى تظهر نتائج الامتحان).
تشجيع استقلاليتهم: : الاستقلال والانفصال وتحقيق الهوية هو ما يسعى المراهق لتحقيقه ويبدأ ذلك منذ سن الطفولة عندما يبدأ الطفل بالزحف والبعد عن أمه، ثم تظهر عند تصميمه لعمل بعض الأشياء بنفسه. أعطى لهم الفرصة للخطأ للتوصل إلى كل ما هو صحيح.
قائمة "لا": هناك قائمة يجب على الآباء الالتزام بها وينبغي أن يرددوها دائما أمام أنفسهم:
* لن أقوم بدفع غرامات المرور
* لن أهاجم المسئولين في المدرسة في الدفاع عن السلوك الخاطئ
* لن أسامح في العنف وعدم الاحترام في المنزل
* لن أعطى نقود للذهاب إلى السينما
* لا للدموع والغضب
* لا لمثلث اللوم لأنه لا يؤدى إلى نتائج إيجابية
علاج مشاكل الأبناء: التحدث بانفتاح عن المشاكل مع الأبناء والتي تعتبر من أهم عناصر العلاقة بين الطرفين وتطوير مثل هذه العلاقة أي علاقة الاتصال تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى المثابرة، وتنمو هذه العلاقة عن طريق قضاء بعض الوقت مع الأبناء مثل: أوقات الوجبات- اللعب- التنزه- الإجازات- الاحتفالات الصغيرة مثل أعياد الميلاد كما أنه لابد من تخصيص أوقات لكل طفل على حدة للتحدث عن المشاكل الصعبة التي يقع فيها. وهذه العلاقة معقدة للغاية وتظهر نتائجها عند سن المراهقة على وجه الخصوص لأن المشاكل الصغيرة التي لم يتم علاجها أثناء فترة الطفولة تتراكم وتصبح مشاكل أكبر وأكثر تعقيدا في مرحلة المراهقة
العقاب:
لابد أن يفرق الابن بين ما هو صحيح وخطأ فمن هنا جاء دور العقاب لكن العقاب لابد أن يكون إيجابيا وليس سلبيا، فالعقاب الإيجابي هو الذي يحمل بين طياته الفهم الآلي لكلمة السماح، وليس الإحساس بالذنب حتى بعد وقوع العقاب عليه. وصحيح أن الأبناء هم من يدفعون آبائهم إلى ممارسة العقاب عليهم علاوة على أنه ظاهرة صحية إلا أنه يتم وسط غضب كبير وقوة أكبر، فلابد أن يشتمل معنى العقاب على الحب كما لا يتم إلا بعد توجيه التحذير(54/206)
فالسؤال الذي يسأل عنه الآباء باستمرار ويحاولون دائما تقديم له الإجابة هو "لماذا" و هو الذي يعتبر فى فى نفس الوقت الأساس في إعداد النشء علميا وخلقيا ونفسيا وبوجه عام صحيا، ولإعداد النشء على نحو سليم لابد أن تتوافر العناصر الآتية: الصحة الجيدة- علاقات الحب-توفير فرص التعلم، أما السؤال الآخر المحير الذي يسأله الآباء أيضا لأنفسهم هو: كيف نوفر لأبنائنا كل هذه الأشياء؟ ويأتي هنا دور المنزل ثم المدرسة ثم مجتمع الأصدقاء ومن بعده مجتمع العمل إلى جانب بعض العوامل الأخرى التي تنبع من داخل هذه المؤسسات الاجتماعية ومنها: الصحة النفسية،و الصحة الجسمانية،والنضج الاجتماعي والعاطفي،و مهارات اللغة،و المقدرة على حل المشاكل، والتفكير المبدع،و المعلومات التي تتوافر لنا عن العالم الذي نعيش في داخله، فعليك بمساعدة ابنك على التطوير وتذكر دائما أن:
- الأطفال تتطور وتنمو بمعدلات مختلفة
- لكل طفل نقاط ضعفه وقوته ولا يشترط أن تكون هي نفس نقاط الضعف والقوة عند كل طفل
ولابد أن تبدأ تنشئة الابن أو الابنة في مرحلة مبكرة على مرحلة المراهقة ولن يتم ذلك إلا من خلال:
- توفير البيئة الآمنة والصحية التي يغمرها الحب في المنزل أولا
- خلق جو من الإخلاص، الاحترام، والثقة المتبادلة
- إعطاء كل سن استقلاليته المحددة له
- تعليم المسئولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين
- أهمية تعلم قبول الحدود
- الاستماع إلى الآراء
- حل المشاكل
ولابد أن يفهم كل واحد منا أن العالم الذي عاش فيه الآباء عند مرورهم بمرحلة المراهقة يختلف عن العالم الذي يعيش فيه مراهقينا الآن
ــــــــــــــــــ
كيف يمدح أحد الزوجين الآخر ؟
المدح والثناء من الأخلاق التي تجمل الحياة الزوجية، وتعطيها طعما طيبا كلما مدح الزوج زوجته على عمل قامت به لأجله أو لأجل أبنائه، أو امتدحت الزوجة زوجها في موقف وقفة من أجل العائلة، فالمدح مكافأة نفسية لكلا الطرفين والحياة الزوجية تكون جافة وروتينية لم يتخللها المديح والثناء. والإنسان بفطرته يحب أن يمتدح إذا قام بعمل أو أدى حقا، ولكن الذي يحجب كلا الطرفين عن مدح الآخر هو الخوف من الغرور والتكبر، هذا ما قاله لي أحد الأزواج عندما قلت له لماذا لا تمدح زوجتك؟ فقال: أخاف إن مدحتها أن ترى نفسها أفضل مني. فقلت له: أن فهمك لمعنى المدح خاطئ، وان علينا أن نفرق بين مدح الذات ومدح الصفات، فزوجتك تتكبر عليك إن كنت تمدح ذاتها، ولكنها لا تتكبر عليك عندما تمدح صفاتها ومواقفها الطيبة، بل على العكس إنها تشجع وتستمر في العطاء لأن المدح يعتبر مكافأة نفسية للزوجين...
مواقف لا أثر للمدح فيها
هناك عدة مواقف لا يكون للثناء والمدح بين الزوجين فيها أثر على حياتهما الزوجية، منها ما إذا كانت علاقة أحد الزوجين بالآخر قائمة على عدم الاحترام والتقدير، والتجريح الدائم، فان المدح في هذه الحالة لا يكون له قيمة، لأن الحياة الزوجية أصبحت صبغتها الأعراض من كل طرف عن الآخر وعدم احترامه، وفي هذه الحال تفقد الحياة الزوجية رونقها وحيويتها، وأما الحالة الثانية التي لا يكون فيها للمدح أثر، فهي عندما يفقد كل طرف الثقة بالطرف الآخر، وهذا ما شاهدته مرة في المحكمة، عندما امتدح الزوج زوجته وقد انعدمت الثقة بينهما، فنظرت إليه الزوجة نظرة استغراب، وكأنها تقول له: لا قيمة لمدحك هذا عندي.
وأما الحالة الثالثة فهي إذا كان الزوجان، كثيرا المدح أحدهما للآخر بحيث يصعب أن يفرق الواحد منهما بين الجد والهزل فيه وأن يميز بين المدح الصادق والكاذب، فهنا لا يكون للمدح أثر على العلاقة الزوجية وكذلك إذا كان في المدح تكلف، وتستخدم فيه العبارات المنمقة، والتي يعرف أحد الزوجين أنها ليست من بنات أفكار شريكه ولا من عباراته أو أسلوبه. ومثل ذلك إذا كان المدح في ظاهره المدح ولكنه يحمل في باطنه الاستهزاء والنقد، فهذا أيضا لا يكون له أثر ايجابي على العلاقة الزوجية، كأن تقول الزوجة لزوجها:
((أشكرك على العمل الجميل الذي قمت به، وأخيرا فكرت بنا..)) مثل هذه العبارات قد يكون في ظاهرها المدح، ولكن في باطنها يوحي بالتقصير الزوجي، وأخيرا لا يكون للمدح أثر إذا كان العمل الذي يقوم به أحد الزوجين عملا عاديا يقوم به كل يوم.....
كيف تمدح ؟؟
يكون المدح بين الزوجين مؤثرا وفعالا، إذا ركزنا في مدحنا على مدح الأعمال والصفات بين الزوجين، وهناك أمور يحب الرجل أن يمدح فيها، كأن تمتدح الزوجة زوجها على المشتريات التي اشتراها للبيت والأولاد، من الطعام والشراب والملابس وغيرها، فالرجل يحب أن يمدح إذا سعى لتأمين مستقبل العائلة، أو أن تمدح رجولته وشجاعته وإقدامه في المواقف الصعبة، فان مثل هذه العبارات تعزز فيه صفة الرجولة فتشعره بإشباع حاجته النفسية واثبات رجولته، فيفرح بالمدح وتزداد طاقة عمله وإنتاجه للبيت والأسرة، وأما المرأة فتحب أن تمدح زينتها وعطرها وجمالها وأنوثتها وحيائها، فهذه من الصفات التي تشبع حاجتها النفسية، وتثبت أنوثتها، فيمدح الرجل زوجته بأنها ذات لمسة حانية، وبأنه يستقر عندها وإنها سكن له وراحة، كما تحب المرأة أن تمتدح لأعمالها وتعبها الذي بذلته راضية النفس تعطي من غير حساب، وأكثر ما يسعد الزوجة في المدح اذا أثنى عليها زوجها أمام الآخرين. سواء الأصدقاء أم أهله أم أهلها أم أمام أولادهما، فإنها تشعر بالراحة، وأن العطاء الذي تبذله لم يذهب سدى.
فقر التعبير عن الشكر
إن المدح في العلاقة الزوجية يعطي معنى جديدا للحياة، ورائحة زكية للعلاقة الزوجية، وأما من حرم المدح والثناء فقد حرم الخير وحرم أن يتذوق معنى الحياة، والذين ينشأون في بيئة تفتقر إلى العلاقات الإنسانية، يجدون صعوبة في التعبير عن شكرهم للآخرين. وهذا ما تعيشه أكثر البيوت في الخليج، فلذلك نرجو أن يربي الوالدان أبنائهما منذ الصغر على المدح والثناء في الوقت المناسب والمكان المناسب، وأن يبدأ الزوجان حياتهما بتذوق لذة المدح في حياتهما الزوجية، فقد مدح الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، زوجاته ومنهن زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها، عندما قال: ((فضلت عائشة على النساء كتفضيل الثريد على باقي الطعام))
ــــــــــــــــــ
حاجة الأولاد للعناية.. مَن يقدمها لهم؟
* آمي وتوماس هاريس
أعلن موظف في ملاك، في يوم، بفخر أنه أصبح لتوّه أباً. الأم والطفل في حالة حسنة وسيعودان غداً من دار التوليد. وشرح أن امرأته أيضاً تشغل منصباً هاماً في مؤسسة كبرى، وأضاف بثقة: (لكنها أخذت عطلة من أجل الطفل. لن تعود إلى العمل قبل ستة أسابيع).
سألت زوجة رجل لامع: (لو توظفت أنا فأي تأثير تتصورون سيحدث على طفلتي الصغيرة ابنة السنة الواحدة؟)
فسئلت: (لماذا تغربين في العمل؟)
ـ ذلك لأننا اشترينا منزلاً بأربعمئة ألف دولار في رأس - لسان أرض داخل في الماء - وعلينا أن نشتغل كلانا لتسديد القرض.
ـ هل هذا هو السبب الوحيد الذي يجعلك تريدين العمل؟
ـ نعم، إني أفضل البقاء في البيت مع أليزابيت، في الواقع، إننا نريد أن ننجب ثلاثة أطفال.
ـ وهذا المنزل الجديد لماذا تحتاجين إليه إلى هذا الحد؟
ـ جميع الذين يمارسون المهنة ويترقون بسرعة في شركة زوجي يسكنون الرأس.
ـ وأليزابيت؟
ـ ذلك ما أسألكم عنه. هل ستكون بخير؟
الجواب: (على الأرجح لا). إن يوم امرأة تعمل ـ وهي أم لأطفال صغار ـ مزيج من الأحلام والكبت والتهافت. وتلقى في يومها كذلك جزءاً لا يمكن إهماله من الخذلان. يمكن أن تسير حياة الأسرة بشكل صحيح إلى حد معقول أن توفر لها ما يكفي من مال. فتوظف مربية توقف وقتها كاملاً في تدبير المنزل والعناية بالأطفال. كم من الأزواج يسمحون لأنفسهم بذلك؟ أين نجد مثل هؤلاء؟ إن التقسيم الواقعي والمنصف للمسؤوليات بين الوالد والأم غير شائع. تسعى الأمهات المتفوقات لسد الثغرات على حساب عافيتها وطاقتها وانفعالاتها. هل هؤلاء الأزواج الشبان في زخم ارتقائهم نحو ذروة مهنتهم المتألقة يقومون بإعداد الطعام في المساء ثلاث مرات ونصف في الأسبوع؟ هل يكرسون أيام الراحة في تنظيف السجاد والقيام بالمشتريات والذهاب بالأطفال إلى طبيب الأسنان وتسجيلهم في الحضانة؟ بل حتى إن فعلوا ذلك، فسيشعر الجميع، في الأغلب بالإنهاك. ويرتفع الضغط، ويغدو الأطفال مصدراً للبغضاء: (أنت من أردتهم! ألا تذكر؟).
ليس لدى كثير من الأسر الخيار غالباً. فثمة والدان يعملان كلاهما خارج البيت لتوفير الخبز على المائدة. وفي حالات أخرى كرس الوالدان سنوات طويلة من عمرهما في وظائف مهنية لتزودهما بكمية هامة من احترام الذات وإحساس بالكمال. هل يجب التخلي عن هذا كله في سبيل إنجاب أطفال؟ يبدو أن عدداً من الأسر قد وجدت تسوية. فما هو المثل الأعلى؟
برأينا إن طفلاً يفرض أن يكون أحد الوالدين في البيت، أو على الأقل أن يستطيع الطفل في أية لحظة أن يلتمس رعايته، أو يسترعي انتباهه في الحد الأدنى، إلى أن يتخذ الطفل القرار أنه قارئ جيد. يتخذ الطفل مثل هذا القرار في السنة الأولى أو الثانية من المدرسة الابتدائية، وأحياناً بعد ذلك، ونادراً قبل ذلك. إنه لا يستطيع أن يقرأ كثيراً، لكنه يعرف إن كان (جيداً في القراءة أو لا). إنه يعرف كذلك إن كان (لا يعرف القراءة). القراءة هي الأداة الرئيسية لاستقلال الأطفال. عندما يقرأ الطفل جيداً، ويعرف ذلك، يستطيع، واثقاً من نفسه، قراءة تعليماتك على البراد، أن يتسوق الحاجيات حسب قائمة. أو كتابة واجباته المدرسية وحده. عندما يكون الطفل سيئاً في القراءة، بل أسوأ من ذلك، إن اعتبر نفسه قارئاً سيئاً فإن دراسته المدرسية تتأثر بذلك. حتى إن استدراك نقصه بدروس خصوصية في القراءة فإن مواداً أخرى كالجغرافيا والتاريخ والمعلومات المدنية، التي تتقدم تدريحياً، تخلفه بعيداً إلى الوراء.
إن بعض الآباء اليوم يسرعون العملية ويدخلون الأطفال الصغار في مجال قراءة اللغات الأجنبية والتدرب عليها قبل أن يكتشفوا أقدامهم الصغيرة، يرسل أطفال في السنتين من العمر إلى رياض الأطفال، يتعلمون (القراءة) قليلاً، لكن أين هم في تطورهم الانفعالي؟ هل أعطوا الوقت، وقت تعلمهم على طريقتهم في التحري البطيء والألعاب المبدعة؟ أهذا الزقّ ـ كالطيور ـ للحياة حاجة للوالدين أو للطفل؟ إننا نغتبط دائماً حين نشاهد أن الأبحاث عن أفضل الوسائل لتنشئة الطفل تتتابع، ولسنا متخصصين لنعلن عن آراء رجعية في موضوع التدريب السابق لأوانه. ونعتقد مع ذلك أن الموضوع يتعلق بمشروع يتطلب مساندة أشخاص رفيعي الأهلية والكفاءة. قال لنا طبيب الأطفال ت.بري برازلتون: (ينبغي أن تنتزع من رأس الوالدين فكرة وجود لحظة سحرية للتمرين إن تركاها تعبر ضاع كل شيء). إنه يقترح كشرح لرأيه، إن هؤلاء الآباء يهتمون كثيراً بما يمكن قياسه، مثل التطور الذهني ويهملون التطور الانفعالي.
إننا نعتقد أنه ينبغي البقاء ستة أعوام على الأقل مع الطفل. إذا اعتبرنا أن نصف معارف الطفل تكتسب أثناء سنواته الأربع الأولى فيبدو من الهام جداً إلى أقصى حد العناية به والأخذ بيده وقيادته وتعليمه وحبه خلال تلك السنوات. ماذا سيسجل في أبوي الطفل الصغير؟ نفاد الصبر، التهافت، الغياب، التعب، القلق، النزق، الرسائل المتناقضة ووالدان) غريبان ومتغيران في أشكال شتى: حارسات وممرضات اختصاصيات بالمواليد ذوات اختصاص غير مؤكد دائماً؟ يمكن أن تكون تسجيلات الأبوين غير ذلك كلياً: حنان، جاهزية، مفاجأة، مداعبات، أمان، ثقة، غذاء، تعليم، صبر، أشارَ، ساعدَ، تعاونَ، علاقة أب/ أم جيدة، تقبيل، ضم بين الذراعين، بهجة، من غير نسيان هذا التسجيل القوي لدى الطفل: (إن لي مكاني).
مَن سيسجل في أبوي الطفل الصغير؟ هل سيكون بابا وماما أو شخص آخر يكون قد جلب الأساسي من العناية خلال تلك السنوات الحاسمة من التكوين التي تمتد من الولادة إلى خمسة أعوام؟ من المفهوم أن الوالدين يتمنون ن ينقل أولادهم وراثتهم ونسبهم، وهل يودون كذلك لو بنقل أولادهم شخصيتهم هم ذاتهم؟ من أجل هذا يقتضيهم الزمن. يجب أن يكونا معهم. لماذا تريد طفلاً؟ أليكون لك فقط؟ كغرض من الأغراض التي تملكها؟ أو من أجل بناء حياة تجلب البهجة وتكوّن أسرة؟ تلك هي أسئلة على الناس أن يطرحوها على أنفسهم، في المثل الأعلى، قبل أن يضعوا في العالم حياة جديدة؟
يجب أن تكون تلك السنوات الست قدر الإمكان عشر أو اثنتي عشرة سنة، تلك السنوات التي تكون فيها مساندة الوالدين الأشد ضرورة. قد تبدو قسوة، في شكل من الأشكال، تشجيع النساء الشابات على الانخراط في سلك وظيفي دون تزويدهم بالمعلومات الضرورية عما يستلزمه تنشئة طفل. وإن أردن أطفالاً، وهن متردعات بتلك المعلومات، فربما يضطررن للعدول عن طموحهن في السلك الوظيفي كي يتمكن من العمل في البيت. هناك حلول. لقد نال العديد من الرجال والنساء نتائج باهرة في عملهم خارج البيت ورعايتهم أولادهم في الوقت نفسه. إن الأولاد الذين يفتحون بأنفسهم باب منزل خاو في المساء لا يتألمون جميعهم. تتدخل عوالم أخرى على الخط. إننا ما نزال نعتقد مع ذلك، إن المرحلة التي تفضي إلى معرفة جيدة بالقراءة، معرفة معترف بها في الإطار الاجتماعي، المدرسة، هي المدة الزمنية ذات الحد الأدنى التي يجب على أحد الوالدين على الدوام أن يكون جاهزاً لتلبية حاجة طفله. يعود إلى الوالدين تقرير من يكون: الوالد أو الوالدة أو شخص آخر مسؤول ومحب ويشترك في قيم الوالدين. أن الأساسي هو الفهم إن للأولاد حاجة إلى العناية، وإنه يجب على شخص ما أن يقدمها لهم.
ــــــــــــــــــ
افعال الوالدين التي تعبر عن قيم؟
* آمي وتوماس هاريس
* إن ما نقوله لأطفالنا عندما يكونون صغاراً يحدث تأثيراً أقل أهمية مما نفعله. إن كنا لا نقتنع بجدوى العنف فإن فعلاً يستتبع اقتناعنا هو إطفاء التلفزيون عندما يبدأ العنف على الشاشة أو تغيير المحطة: (في أسرتنا إننا لا نؤمن بجدوى العنف). المقصود بذلك مبدأ أثير ونحن في أكبر الحاجة إليه. إن الوسطاء لاسيما بعض نقاد الأفلام والتلفزيون هم أحياناً سذج بشكل لا يصدّق، أو بحصر المعنى حمقى في تقويمهم. قرأت حديثاً نقداً لفيلم حيث قيل عنه: (إن بعض مشاهد العنف أو التعذيب فيه قد تعرّض الأطفال الأصغر سناً لجرح إحساسهم). تعرّض؟ هل يجب أن نتردد ثانية واحدة في حسم التساؤل إن كان العنف يصدم الأطفال الصغار جداً أم لا؟ ويعلن ناقد آخر عن إعادة عرض ريبورتاج عن جيم جونس وطائفته في جونستون ويصفه إنه (عرض عظيم). هل هو عرض يستحق المشاهدة انتحار أو قتل 913 شخصاً خلال فصل من التاريخ الحديث الأكثر خزياً وفحشاً والأشد ترويعاً؟ هذا أيضاً قد يصدم الأطفال الصغار جداً.
اترك الكتب مبعثرة في كل مكان إن كنت تبجل القراءة. اقرأ أنت نفسك. هل يعرف طفلك أبجديته؟ علّمه إياها. حرضه على ذلك اجعل منها ألهيته. كيف يمكن استخدام دليل الهاتف أو القاموس أو الفهرست أو الموسوعة إن كان لا يعرف أن ك قبل ل وأن غ بعد ع؟
ـ البشاشة:
البشاشة والدعابة تعبران عن قيم كذلك. حدثنا أب، أنه يحمل رضيعه بين ذراعيه ويتجول به كل صباح في جميع أنحاء المنزل قائلاً: (صباح الخير أيتها الساعة، صباح الخير يا براد، صباح الخير أيتها الطباخة، صباح الخير يا زهر، صباح الخير يا طاولة). وكان الرضيع لا يشعر بذراعي والده القويتين فحسب إنما يتعلم أيضاً أسماء الأشياء والكلمة الأولى التي تقال في الصباح: (صباح الخير) للجميع ولكل شيء. هل تتبادلون في الصباح فيما بينكم في البيت صباح الخير؟ الوقت لا يفوت أبداً لتبدؤوا بذلك. وإن من الخير أيضاً أن يكون لديك (صباح الخير) في أبويك أيضاً. أي ترياق رائع ضد المرارة التي شعرنا بها عندما قرأنا على قميص مسافر خلال رحلة بحرية في الكاريبي هذه الكلمات: (يوم مشؤوم آخر في الجنة!).
إرادة التغيير كذلك أمر مهم. إن اتخاذ موقف مطابق لمبادئك هو فضيلة. عندما يولد الأخ الصغير، وعندما تقبل ماما أن تتوظف، وعندما يمضي بابا ليلة بيضاء خارج البيت، وعندما ننتقل إلى مسكن آخر، تتغير أمور كثيرة. ونرجو ألا تتغير أشياء كثيرة جداً في الوقت نفسه. أما أمر قول (صباح الخير) فلا يتغير، إلا إن كان وقت عمل الوالد يرسله إلى النوم عندما يستيقظ سائر أفراد الأسرة. ينبغي عندئذ أن يحل مكان صباح الخير كلمة مساء الخير. ومهما يكن من أمر فإن هذه الخير هي الهامة.
الوالدان عاطلان عن العمل. فلن نذهب إلى البحر خلال العطلة كما كنا نفعل في السنوات الأخرى. لا تلطم أطفالك بالواقع ببساطة إنما حدثهم عن شعورك. أنت أيضاً قد خاب أملك. افعل كي يعوا عواطفهم. اطلب منهم عندئذ أن يساعدوك على ترتيب عطلة تعوضكم: تجهيز خيمة في الحديقة، طبخ الطعام على مشواة الفحم، تمضية أسبوع كامل في تحقيق قائمة أشياء (سخيفة). فالتغيير ممكن، قد يضيء الحياة إن بقيت كلمة (صباح الخير) وكلمة (أحبك).
ـ الدعابة:
لا تكون الأسر (المرضى بالضحك) مرضى كما تكون الأسر الجدية إلى حد مميت. يمكن أن يؤخذ تعبير إلى حد مميت بمعنى وصفي دقيق. هناك حكاية أتهيب قليلاً في سردها خشيتي من تعليق أبوي أحد. لكني سأفضي بها كمثال عن الوالدين الفعالين على الطريقة المرحة الصخبة. في أمسية يوم كنت أعود بها يدي وغريتشن إلى المنزل. وكان لهما من العمر على التتالي عشر سنين وست سنين. سمعت بغتة نقنقة وهمهمة في المقاعد الخلفية للسيارة، وميزت كلمة لا أجدها مقبولة في مجتمع متمدن. كان الأمر يستدعي حكم الأبوين. أي كنت، والحالة تلك، أنا المعنية مصادفة. انفجرت عندئذ بأغنية (التوريه آدور) من كارمن كأني أنفخ في بوق قدر ما أستطيع من قوة ولا أستخدم من كلام غير تلك الكلمة النابية.
صاحت ابنتاي في حيرة وارتباط في تساوق معاً: (ماما! ماما!). وكلما ازداد احتجاجهما علا غنائي أكثر. كنت أنا التي تجلب العار على الأسرة. وشاهدتهما في المرآة الارتدادية تلقيان نظرات مذعورة على السيارات التي تحيط بنا من الجانبين. ثم انبطحتا على أرضية السيارة! استسلمت أخيراً، وأعقب ذلك انفجار ضحك عام. ومنذ ذلك اليوم ما أن تلفظ كلمة نابية حتى أعود إلى ألحاني المنغمة.
ـ ما تنتظره:
أن تطلب إلى طفل صغير جداً أن يساعدك هي وسيلة لتقول له إنه يستطيع أن يفعل أموراً. يبدو غالباً أن الوالدين متأخرين سنتين عن أطفالهما في تقريرهما لما يستطيع الطفل أن يصنعه. الملاحظة والوعي يحدثان الفارق. سيكون طفلك متقناً عمله طيلة حياته إن كانت رسالة (ستعتني بأمورك) قد عبر عنها منذ بدء الطفل فهم الكلمات، ودلل له عليها قبل ذلك. إنه يحتاج إلى عون، لكنه ما أن يتعلم تدبير أمره حتى يريد أن يصنع أمره بنفسه. قد ينتابه بعض العجز والضعف بالتأكيد. لكن رسالة (تستطيع أن تفعل أشياء) مقرونة بثقتك بقدراته ستفرز بصلابة في أبويه. ويعزز إغداق الثناء عليه كذلك تلك الرسالة.
ـ أن نكون حاضراً:
ليس ضرورياً ولا مرغوباً فيه أن تحل جميع مسائل طفلك. لكن بالمقابل، يجب أن تكون حاضراً لتسمع. قد يحدث أن يتوجب على الوالدين اتخاذ قرار. وفي مرات أخرى ينبغي على الطفل أن يفعل ذلك. فالوعي من جديد هو المفتاح. لا يمكن للوالدين أن يكونا واعيين إن لم يكونا حاضرين. يثار جدل طويل فيما يتعلق بالأطفال، عن (نوعية) يمكن أن تحل محل (الكمية). ومع ذلك ينبغي فحص المسألة من وجهة نظر الطفل. بالنسبة للطفل الصغير، الآن هي النوعية: عندما تخطر له خاطرة لامعة، وعندما يؤذي نفسه، وعندما يحتاج إلى تضميد، وعندما يجلب معه إلى البيت علامات جيدة أو علامات سيئة.
* ترجمة: دار الفاضل
ــــــــــــــــــ
التواصل الأسري ..فن راقي
تعتبر قضية التواصل بين الزوجين صمام الأمان الذي يضمن التماسك الداخلي لبنيان الأسرة, ويمتن أواصر علاقات أفرادها بشكل كبير, مما ينعكس إيجابًا على الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية, ويفعل دورها في بناء الإنسان المتزن انفعاليًا.
ترتكز قواعد العلاقات التواصلية الأسرية على وشائج متينة من الود والحب والإخلاص والتعلق والثقة المتبادلة, إنها مهمة لبناء أسرة قوية قادرة على لعب دور فعال في خلق شخصية أفرادها وتطبيعها بقيم ومثل حميدة, إنه لاشيء يعوّض العلاقات العاطفية المتسمة بالود والاحترام في الأسرة, لأنها تعمل على إزالة التوترات وتنفيس الضغوط الانفعالية من جوها.
لقد تعقدت الحياة العصرية نتيجة للتطور التقني والتفجّر المعرفي الهائل وثورة المعلوماتية المدهشة, الأمر الذي جعل العالم قرية صغيرة مما جعل حياتنا مليئة بالاضطرابات النفسية وأشكال القلق المختلفة, كل ذلك يلقي على كاهل الأسرة أعباء ومسئوليات جساما لتخفيف وطأة الظروف القاسية عن أفرادها, مما يجعلها ملاذاً روحيًا يلجأ إليه هربًا من صعوبة الحياة العصرية وتعقيداتها.
يلعب التواصل الأسري والتفاهم بين الزوجين دورًا حيويًا في تحفيز قدرات الإنسان على العمل وجعلها أكثر فعالية, ويخلق مقدمات ضرورية لحياة الإنسان الروحية, ويحدد روح الأسرة وأسلوبها والأدبيات المتبعة في التنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين, كما يحمل في طياته السرور والسعادة, أو على العكس تمامًا يؤدي إلى إثارة الأحقاد والضغائن.
كما تتوقف علاقات الأسرة على اهتمامات الزوجين النفسية وميولهما وحساسيتهما الانفعالية وعلى مشاعر كل منهما تجاه الآخر.
إننا لا نعرف السعادة بمعزل عن الآخرين, ولا نتذوقها دون وجود زوجة وأطفال, وما يقوّي وشائج الأسرة ويمتنها هو وجود علاقات طيبة بين أفرادها.
ولكن ما العوامل التي تتوقف عليها طبيعة المناخ الأسري?(54/207)
إن لكل أسرة خصوصية فريدة تميّزها عن غيرها, لكن خلق مناخ أسري يتوقف على وقت الفراغ, والمستوى الثقافي, والتواصل النفسي, وانطباعات متنوعة. وبمقدور الزوجين أن يرفع أحدهما من شأن الآخر أو يفعلا عكس ذلك, لذا فإن المساعدة على إزالة عيوبهما ونقائصهما تتوقف على مستوى ذكاء كل منهما وعلى المودة التي يكنها أحدهما للآخر, لقد أشار المربي (بيلنسكي) إلى أن الاحترام المتبادل للكرامة الإنسانية يولد المساواة, فعندما يسود الاحترام والتكافؤ جو الأسرة, يكف الرجل عن التصرف كالسيد المطلق ذي السلطة والصلاحيات التي لا تناقش ولا تعارض, ولا تبقى المرأة عبدة مغلوبة على أمرها, أما الأُسر التي تسيطر فيها علاقات الأنانية والاستبداد, حيث لا احترام متبادلا ولا مساواة ولا محبة, كل ذلك يعتبر الأرضية الخصبة لنشوء أشكال مختلفة من الصراع والخلافات. وبهدف تجنب ذلك يترتب على الزوجين أن يعرف كل منهما الآخر بشكل جيد, وسمات طبعهما ومزاجهما, وأن يدرك كل منهما أنه شخصية متميزة تختلف عن شخصية الآخر بسماتها ومقوماتها وخلفيتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية, عند ذلك يمكننا نزع فتيل الأزمات التي يمكن أن تعصف بكيان الأسرة وتماسكها.
القواعد الأساسية
عدم كشف الخصوصيات الأسرية أمام الغرباء.
ضرورة التقدير والاحترام المتبادلين.
التخفيف قدر الإمكان من أشكال اللوم والعتاب.
عدم التحدث عن عيوب الزوج (الزوجة) أو الأطفال أمام الآخرين.
إمكان التأهب للدفاع عن الزوج (الزوجة) في حال نشوء خلافات مع الأصدقاء والأقارب.
من غير المحبذ لكلا الزوجين توجيه أي ملاحظات بحضور أناس غرباء لأن هذا قد يسبب الأذى لعزة النفس والمشاعر - ليس بالنسبة لهما فقط, بل وحتى الأطفال عامة والمراهقين خاصة.
الإيمان بالعقيدة الأسرية وعدم السماح لأي كان بالتدخل في شئون الأسرة الداخلية ولو كان من أقرب المقربين والأصدقاء.
القدرة على ضبط كل من الزوجين انفعالاتهما والتحكم بأعصابهما أثناء ثورات الغضب.
أن يكون باستطاعة الزوجين التنازل والتساهل, وهذا شرط من الشروط الأكثر أهمية بالنسبة لنجاح العلاقات الزوجية.
عدم اللجوء إلى أشكال العقاب الشديد لأن الإنسان الذكي يدرك المقصود بمنتهى السهولة.
عدم التسرع في قذف الزوجين, كل منهما الآخر, بكلمات قاسية وفظة, بل على العكس يجب أن تستخدم قدر المستطاع كلمات حسنة وجميلة. إن كلمات المديح والثناء مسألة مهمة جدًا وخصوصًا بالنسبة للزوج الشاب, لأنه أكثر صعوبة في التكيّف مع دوره كزوج مقارنة بالفتاة التي هي أقدر على التلاؤم مع دورها كزوجة, لذا يترتب على الزوجة الشابة أن تعمل على دفع زوجها ليصبح رب أسرة حقيقيا عن طريق مدحه وتشجيعه, وليس عن طريق إصدار الأوامر والمواعظ والإرشادات التي تقتل لديه الرغبة في فعل شيء ما.
عدم إطلاق بعض الاستنتاجات والتعميمات التي تتسم بالمغالاة والإطناب, على سبيل المثال (إنك لا تريد أن تفهمني أبدًا, إنك تتصرف دائمًا على النحو الذي تريده, طلبت منك ألف مرة,....) الزوج يمكن أن يخطئ, وكذلك الزوجة في تصرف ما, فيسارع الآخر إلى إطلاق سيل من التعميمات القاطعة, واصفًا شريكه بالفشل, إن هذا الموقف يمكن أن يجرح كرامة الزوج (الزوجة) جرحًا عميقًا قد لا يندمل أبدًا.
عدم كتمان الإساءة وكبتها داخل الذات, فكلما كشف الزوجان عن حالات الصراع بصورة أسرع كان تأثير ذلك أقل شدة في بنيان الأسرة. ويجب على الزوجين أن يعملا جاهدين على اتخاذ الخطوة الأولى ليلتقي أحدهما الآخر بهدف المصالحة وإزالة مسببات التوتر التي ولدت الأزمة.
أن يكون باستطاعة الزوجين التفاهم والمساعدة والتغاضي, وهذا شرط مهم جدًا. قام علماء الاجتماع بدراسة شملت مائة من الزوجات بمناسبة اليوبيل الفضي لزواجهن, تم توجيه بعض الأسئلة المتعلقة بأفضل الطرق والاستراتيجيات التي تقوي العلاقات الأسروية وتمتنها, فكانت النتائج أن 75% منهن أشرن إلى أن ما يسلح بنيان الأسرة هو الآتي:
ـ الاستعداد لمساعدة كل منهما الآخر.
ـ العفو السريع.
ـ توافر سمات مثل النزعة العملية, الاقتصاد المنزلي,....
أن يضع كل من الزوجين نفسه مكان الآخر ويحاول أن يغوص في عالمه الخاص ويساعده على فهم ما هو جوهري وأساسي, فقد لا يتمكن أحدهما من رؤية تفاصيل الحياة من منظوره الشخصي.
عدم الاختلاف بسبب أمور صغيرة, وعدم السماح بظهور صعوبات وتعقيدات تولد الصراع, والعمل قدر المستطاع على الإيقاف الآني للخلاف كي لا يتطور متخذًا منحى أشد خطورة, فالإنسان الذكي هو الذي يعمل جاهدًا على وقف الخلاف واجتثاث جذوره.
اتباع سياسة أسرية تتصف بالمرونة والدبلوماسية عن طريق تنشيط المشاركة في المسئوليات الأسرية. إن المحافظة على توازن الأسرة وتقوية دعائمها مسئولية جميع أفرادها, فلو واجهت الزوجة - على سبيل المثال - صعوبة ما سببت لها الإنهاك في الوقت الذي يقف فيه باقي أفراد الأسرة موقف المتفرج يعطون الإرشادات والنصائح التي تؤزم الموقف, وتمهّد لظهور الجفاء والفتور بين الزوجين, فإن هذا يترك أثرًا سلبيًا عسير الزوال.
أن يرفع دائمًا شعار (لا فظاظة ولا خشونة), وليعلم الزوجان أن لاشيء يحطم سعادتهما مثل الجلافة والقسوة. إن الحب الكبير والحنان والملاطفة والرقة والثقافة الجنسية والمعاملة الراقية مهمة جدًا لبناء علاقات أسرية سليمة.
ضرورة الاتفاق على استراتيجيات وأساليب تربوية واحدة بالنسبة لتربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة, مثل عدم تقديم التعزيز الإيجابي (حلوى, نقود...) بعد عقاب الطفل من قبل أحد الوالدين.
إن عجز التواصل مع الأطفال يعتبر حقيقة كئيبة في هذا العصر المعقد. لقد أحصى علماء الاجتماع مدة التواصل بين الأطفال والأبوين, فكانت حوالي 15 دقيقة كل يوم, ولكن كيف يمكن أن نوفر الوقت الكافي للتواصل بأطفالنا وخصوصًا بالنسبة للأسر العاملة? إن المخرج الوحيد لهذه المشكلة هو استخدام يومي عطلة يخصصان بأكملهما للأطفال (القيام برحلات, الذهاب إلى مسرح الأطفال, زيارة المعارض الفنية وحدائق الحيوان...).
ضرورة العيش بثقة, بهدف البحث عن مصدر السعادة في كل شيء, (في كلام الطفل وخطواته الأولى, في النظرة اللطيفة والحنونة للشريك الآخر, في النجاح في العمل...).
وفي النهاية علينا العمل بقدر المستطاع على أن تكون هذه السعادة متبادلة, وفي ذلك فن راق للتواصل الأسري يمتن الأسرة ويحصنها ضد مختلف أشكال التفتت والتفكك والضياع
*المصدر : مجلة اسرتي
ــــــــــــــــــ
الراتب الأول يوتر العلاقة بين الابن ووالده
* ناهد أنديجاني
في كتاب أنجح الاختبارات النفسية لمعرفة الذات لجيل آزوباردي، هناك اختبار يحدد مدى مسؤوليتك بمعنى هل أنت قادر على تحمل المسؤولية بصفة عامة؟ يطرح عدة أسئلة، ومن بينها سؤال: متى شعرت بأنك راشد وتتحمل المسؤولية؟، وتعددت الخيارات وكان من بينها حصولك على أول راتب.
حصول الشخص على أول مرتب يشعره بفرحة غامرة بأنه يستطيع الآن شراء كل ما يريده من دون أن يحاسبه والده، ولكن يرى ويفسر والده ذلك بأنه خروج من طوعه وكبر عليه ويشعر بأن صغيره في غير حاجته. وتقع المشاكل الأسرية بينهما مما يضطر ابنه لمغادرة البيت أما الفتاة فتنتظر قدوم العريس الذي سينقذها.
ويقول المهندس وائل بخاري ،26 عاما، «منذ أن حصلت على راتبي لأول مرة بعد توظيفي في شركة أجنبية وعلاقتي توترت مع والدي فصار يتشاجر معي فخفت أن أفقده فاخترت أن استقل بشقة». ويضيف «لا مانع لدي بان أعطيه كل مرتبي ولكن ما يحزنني هو انه يشعر باني كبرت عليه بالرغم من أن والدي مهندس». ويذكر الدكتور محمد صافي،25 عاما، طبيب في مستشفى الملك فهد يتذكر انه بعد أن وجد الوظيفة في المستشفى وحصل على أول راتب طرد من البيت. ويقول «شعر والدي بأنني خرجت من تحت سيطرته بعد حصولي على راتب قدره سبعة آلاف ريال، وأنني ما عدت احتاجه مثلما كنت طالبا وصار دائما يقول بلهجة استهزاء: نعم أنت دكتور ليس هناك من يوازيك. ومثل هذه الكلمات التي جعلتني اشعر بالندم أنني درست الطب». ويتابع حديثه قائلا «ضطررت أن استأجر شقة بعيدا عن أهلي».
وفي المقابل تقول المعلمة نبيلة مرزا، 28 عاما، «شعر والدي بأنني كبرت وتكبرت بحصولي على وظيفة ومرتب اشتري به ما يحلو لي من دون رقيب ومحاسب، كثيرا ما يقول لأمي ابنتك كبرت علينا»، وهذا ما كان يشعرها بالأسى والحزن فهي لا تفكر بذلك اطلاقا. وتضيف «كثيرا ما فكرت بأن استقل عنهما تماما ولو بشقة على سطح بيتنا لكني بالطريقة هذه سأكون حقا متمردة فاخترت الصمت حتى يأتي العريس».
بماذا يشعر الوالد تجاه ابنه الموظف وما سبب هذا الشعور والتوتر؟ يجيب على تلك التساؤلات المتخصص النفسي الدكتور محمد محمود، ويقول «أولا، علاقة النفور التي بين الآباء والأبناء في الظاهر هي ليست مرضية بل هي وليدة ثقافة المجتمع الشرقي خاصة». ويفسر نظريته قائلا: «المجتمع ربى الأسر على أساس أن الوالدين لا يمكن الاستقلال عنهما نفسيا واجتماعيا وماديا بمعنى أن الوالدين يربيان صغارهما على الاعتماد عليهما في كل شيء حتى يكبر الشاب ولا تتوقف مهمتهما هنا بل هما اللذان يختاران له الزوجة ويتدخلان في كل تفاصيل حياته، فابنهما أو ابنتهما لا تستطيع أن تتحمل المسؤولية أو أن تستقل نفسيا عنهما».
ويتابع حديثه موضحا النقطة الثانية «بالتالي عندما يوظف الابن ويقبض راتبه خاصة إذا كان منصبه أعلى من والده يحدث خلل في العلاقة بينه وبين أهله، فوالده يشعر بان ابنه بدأ يتمرد ويخرج من تحت سيطرته فلا يقبل بذلك، ومن الممكن أن نسميها غيرة ولكنها ليست بمفهومها العام».
رب البيت المتقاعد يشعر بغيرة أكثر من ابنه ويفسر ذلك الدكتور محمود بأن «تبادل الأدوار من أصعب المراحل التي يشعر بها المرء».
وأوضحت المحاضرة بقسم علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز سعاد عفيف كيفية طغيان الناحية المادية على مستوى العلاقات الأسرية، خاصة تلك التي تربط بين الآباء والأبناء.
وقالت «حصول الابن على وظيفة وشعوره باستقلاليته فهذا من حقه، والذي لا بد من معرفته بأن المشكلة التي تحدث بعد ذلك تعتمد عليه بمعنى أن هناك ناحية ايجابية تعود للاثنين بان يتحمل الابن جزءاً من أعباء البيت ويبدأ بالتخطيط للزواج مثلا وناحية سلبية بان يشعر من حوله بأنه مستقل مما يشعر الوالد بان دوره انتهى».
*المصدر :الشرق الاوسط
ــــــــــــــــــ
كيف تتغلبين على شقاوة طفلك؟
* محمد رفعت
ـ طفلي غاية في الشقاوة، كثير الحركة، متقلب المزاج وله قدرة عجيبة على المشاغبة لدرجة أن جو البيت يصبح أحياناً غير محتمل. هذه الشكوى ترددها بعض الأمهات.
ويتساءل العديد من أولياء الأمور عن الطريق السليم لتربية الصغير على أسس راسخة ليصبح طفلاً مهذباً يتمتع بالصفات والأخلاق الطيبة.
ويقول خبراء علم النفس في بحث نشرته مجلة بريطانية أن شقاوة الأطفال وعقابهم مسألة تقديرية تختلف من أسرة إلى أخرى. فقد تشعر أم بانزعاج شديد لأن ابنتها الصغيرة تتعمد وضع إصبعها في فمها وتحاول منع الصغيرة بالقوة بينما تأخذ أم أخرى نفس الموقف ببساطة وتشير إلى طفلتها ألا تحاول تقليد المولود الجديد وأنها ستقلع عن هذه العادة بعد فترة.
ولكن هناك تصرفات يرتكبها الأطفال الصغار تثير ضيق أولياء الأمور الذين يتفقون على كونها شقاوة مرهقة لأعصابهم مثل تكرار الأطفال لعملية إيذاء إخوتهم الأصغر منهم سناً أو سكب اللبن والمأكولات عمداً على الأرض وكسر الأكواب واللعب والتبول أثناء اللعب وإلقاء الأشياء من الشرفات والإهمال في الممتلكات الخاصة وتخريب الأثاث والرسم على حيطان المنزل.
وينصح الخبراء بأنه في حالة اكتشاف أن الصغير يتصرف بعصبية ويتعمد ارتكاب أعمال تتسم بالشقاوة الزائدة بضرورة البحث عن الدافع الحقيقي وراء هذه التصرفات ثم محاولة معالجة الموقف بناء على ذلك.
قد يكون الدافع محاولة الصغير لفت النظر إليه لأنه يشعر في قرارة نفسه أن والديه لا يعطونه الاهتمام الكافي والرعاية اللازمة أو يشعر بالغيرة من قدوم مولود جديد للأسرة أو يعاني من الضيق بسبب زيارة شخص قريب لقلب الأم يحظى باهتمامها طوال الفترة التي يقضيها معهم.
وأحياناً يحاول الصغير المحروم من العطف والحنان أو الذي يشعر أن والده يستحوذ على الجزء الأكبر من عواطف أمه، التنفيس عن شعور الضيق الذي يعتريه بالشقاوة والإكثار من الحركات العصبية.
وقد يجد الصغار مثل الكبار صعوبة في التكيف مع متغيرات الحياة والضغوط العصرية فيتولد لديهم إحساس بالإحباط ويحاولون التنفيس عنه بالشقاوة الزائدة.
وتشير بعض النظريات النفسية إلى أن الطفل يحاول اختبار قدرة والديه على التحمل فيعتمد ارتكاب أعمال تثير غضبهما ليرى رد الفعل عليهما. كما تكون الشقاوة في بعض الأحيان نوعاً من التحدي لأم متحكمة ومتسلطة أو لأب قاس أو لجو أسرة مشحون بالمشاجرات التي لا تنتهي، أو يتصرف الطفل بطريق غير مهذبة لعدم وجود القدوة الحسنة من الوالدين.
وقد يتحول طفل هادئ الطباع إلى طفل عصبي بعد الالتحاق مباشرة بالمدرسة، لأنه يشعر بالغربة في المدرسة ويجد صعوبة في التكيف مع بقية زملائه كما أنه يشعر بأنه يبحث طوال ساعات الدراسة عن حنان أمه.
وهناك عدة نصائح للتغلب على شقاوة الصغار وتساعد على تهذيب سلوكهم وتتلخص في النقاط التالية:
ـ تفهم طبيعة تصرفات الصغير وتقريب المسافة بين الطفل ووالديه على أن يكون الحب والحنان هما أساس العلاقة الأسرية.
ـ إظهار الغضب للصغير عندما يرتكب خطأ ومحاولة وضع عقاب رادع لفعلته حتى لا يكررها مع تجنب القسوة حتى لا يحاول الصغير تحدي الوالدين ويلجأ للعناد.
ـ عدم التردد في الثناء على الصغير عندما يقوم بعمل يستحق المديح ومكافأته بلمسة حنان أو قبلة صادقة.
ـ سؤال الطفل بحزم عن سبب ارتكابه لخطأ ما والاستماع إلى شكواه باهتمام. وعندما يبدأ الصغير في تبرير موقفه ينظر الوالد إلى عينيه ويستمع له جيداً حتى يشعر الصغير بالاهتمام والارتباط الوثيق بينه وبين والديه.
ـ امتناع الوالدين عن التكرار على مسمع من الصغير أن ابنهما غاية في الشقاوة وأنهما عجزا عن التغلب على هذه المشكلة لأن ذلك يدفع الصغير للتمادي في الشقاوة ...
وأخيراً يؤكد الخبراء أن الطفل الكثير الحركة عادة ما تكون هذه الصفة عنده دليلاً على الذكاء.
ــــــــــــــــــ
9 أفكار في المحافظة على ميزانية العائلة
ليس المهم أن نحصل على المال، فان الحصول عليه سهل وميسر، لكن المهم هو المحافظة على المال الذي تحصل عليه ومعرفة كيفية إنفاقه بحكمة وتدبير.
سئل أحد الأغنياء: كيف جمعت هذه الثروة الضخمة؟! فأجاب: بقلة المصاريف وحسن تدبيرها.
فالعبرة إذن ليس الحصول على المال، فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله تعالى له، ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط، ونحن نقدم 9 أفكار تساعد الزوجين في المحافظة على الميزانية العائلية وتوفير المال.
تكليف شخص بالمتابعة
1- لابد من أن يكلف الزوجان شخصاً تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الإيرادات للأسرة، وقد يكون الزوج هو المؤهل بالدور أو الزوجة أو أي شخص آخر. المهم ألا تكون المسألة عائمة وضائعة، (على البركة)، بل لا تأتي على البركة إلا عندما يتحرى الإنسان الأسباب ويتابعها.
الكتابة
2- لابد من كتابة كل دخل الأسرة من الإيرادات سواء كانت هذه الإيرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري، وكذلك كتابة ما يصرفه الزوجان يوما بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم وأدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك.
وضع دفتر خاص
3- يجب أن يضع الزوجان دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولا يشترط أن يكون على أنظمة المحاسبة المعتمدة، بل المهم أن تبين فيه الإيرادات والمصروفات والتوفير، ليقوم الزوجان بالمتابعة والمراقبة، وإذا كان أحد الزوجين يحب التعامل مع (الكومبيوتر) فهناك برامج خاصة لمتابعة الميزانية الشخصية.
تطوير النظام المحاسبي
4- بعد فترة من الكتابة والمتابعة يمكن للزوجين أن يطورا نظامهما المحاسبي، ويستفيدا من تجاربهما السابقة ويضعا جدولا خاصا بهما حسب مصاريفهما وإيراداتهما.
كن مرنا
5- لابد أن يكون من يتعامل مع التخطيط والميزانيات مرناً. تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب، فيكون مستعداً لذلك، بحيث يجعل الميزانية تستوعب أي مستجدات طارئة.
تعليم الأبناء
6- لابد أن يجلس الزوجان مع أبنائهما للتحدث بخصوص الميزانية، وكتابة الحسابات حتى يتعلم الابن أن الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف. فليس كل ما يشتهيه يشتريه، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما أن الأبناء يستفيدون من ذلك كيفية إدارة حياتهم المستقبلية.
خطط للمستقبل
7- إن المحافظة على الميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة والأهداف التي يسعيان إلى تحقيقها حتى يستطيعا أن يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء البيت وزواج الأولاد والمصاريف الصحية عند الكبر وغير ذلك.
الاستعداد للصيف
8- أعرف أسرة تسافر إلى دولة أجنبية في كل صيف، والذي يعمله رب الأسرة بعد إعداد الميزانية الشهرية والانتهاء من جميع المصروفات، أنه يحول إلى حسابه في تلك الدولة ما بين 100 إلى 200 د. ك فلا يأتي الصيف إلا وفي رصيده هناك ما بين (1,200 إلى 2,400) د ك. يستفيد منها في الإجازة للراحة والتسلية، فكلما كان الهدف واضحاً كانت الميزانية ملبية لحاجات الأسرة.
إبداع في التوفير
9- على الزوجين أن يتبنيا أسلوبا مبتكرا للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية، فمثلا يسميان أسبوعاً من الأسابيع "لاشئ" ويحاولان التقليل من المصاريف قدر الإمكان. أو أن يقتطعا مبلغا معينا من الإيراد ليدخلاه في حساب معين لا يمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير، أعرف شخصاً لديه أربعة حسابات في البنك، وسألته مرة عن السبب فقال: الحساب الأول: للمصاريف المنزلية، والحساب الثاني: أستخدمه للطوارئ، والحساب الثالث: أوفر فيه للتقاعد، والحساب الرابع: أدخر فيه للإجازة الصيفية، فقلت له والله انه إبداع في التوفير.
وختاما فان 9 أفكار تعين من قرأها في المحافظة على ميزانية العائلة، وإنني أوصي الزوج بأن يراقب حسابه بين فترة وأخرى، وأولا بأول، ولا يهمله إلى آخر الشهر فلا يعرف حينئذ كيف يدير حسابه.
ــــــــــــــــــ
راتب الزوجة يشعل الخلافات الزوجية
*مسعد خيري
بعد عِشْرَة عمر، افترق الزوجان، وتسبب ذلك في تشريد أولاد في عمر الزهور، والسبب "راتب الزوجة"،
إنها قضية مثيرة للجدل شغلت بيوتنا العربية في الآونة الأخيرة، فهل للزوج الحق في اقتسام الراتب مع زوجته؟، وهل هذا ثمنا تدفعه الزوجة مقابل تغيبها عن المنزل ؟ وهل أصبح عمل الزوجة شرط يطلبه بعض الرجال لإتمام الزواج؟
تؤكد "سعاد".. موظفة عزباء - 26سنة (من المغرب) أن بعض الرجال يتزوجون الموظفة من أجل راتبها.. وتضيف: "كلما تقدم لخطبتي شاب أضعه أمام واقع قد يحصل وقد لا يحصل، أقول له إنه سيأتي يوم أغادر فيه العمل تفرغًا لتربية الأبناء، فإن أبدى تفهمًا لما أشترطه، علمتُ حينها أن وظيفتي لا تشكل أساس الاختيار، وهذا ما سيجعلني أرتاح في زواجي، وأطمئن أن الزوج اختارني لذاتي وليس لمالي".
وتشير "سعاد" أنها أضحت تفكر بهذه الطريقة نظرًا لما تتعرض له بعض الفتيات من مشكلات بعد الزواج، حيث يضع الزوج شروطًا من ضمنها إلزام الزوجة بالمشاركة في مصاريف البيت!
العاملة أولا
وفي نفس السياق يقول مصطفى (من المغرب): "لما فكرت في الزواج، فكرت في المرأة الموظفة؛ لأن ظروفي المادية لا تساعدني على تكوين أسرة نظرًا لارتفاع تكاليف المعيشة، لكن هذا لا يعني أنني أريد كل راتبها، بل جزءًا قد يكون يسيرًا تساعدني به على المصاريف مثل سداد فواتير الماء والكهرباء، وأعرف أن المرأة حرة في راتبها غير أن هذا لا يعني أن لا تساعد زوجها إن كان يستحق ذلك".
وتقول "ك.ل" (من تونس): "تقدم أحدهم لخطبة صديقتي التي ظنت أنه يحبها كثيرًا وبخاصة عندما تستمع إلى أخواته وهن يشرن إلى رغبته في إتمام زواجه بسرعة.. لكن عندما حادثها بعد الخطبة عن المدرسة ومستوى الراتب الذي تتقاضاه، وحينما علم أن راتبها ضعيف جدًا أغلق في وجهها الهاتف، وبعد أيام فسخ الخطبة".
ولأم صالح (من السعودية) والتي ترى أن راتبها كان نقمة عليها قصة مع زوجها ، تقول أم صالح: "زوجي كان لطيفًا جدًا في بداية زواجنا لحد الإبهار، حتى ما يقارب العام من زواجنا، لم يطلب مني أي شيء، ولم يسأل ولو مرة واحدة عن راتبي وكم أتقاضى، وهذا جعلني مطمئنة تجاهه" تستدرك أم صالح قائلة: "ويبدو أن صمته كان مصيدة خطَّط لها بعناية، فذات يوم جاءني الزوج المحترم وطلب مني مبلغًا كبيرًا من المال.. استغربت في البداية، لكنه قال لي إنه لم يطلب مني ريالاً واحدًا منذ أن تزوجنا وأنه في مشكلة يحتاج إلى مال لحلها ومن ثم فالأفضل أن يقترض من زوجته بدلاً من اللجوء إلى أصدقائه"..
كلامه كما تقول أم صالح كان منطقيًا وبخاصة عندما قال: لماذا لا "أستلف" من زوجتي العزيزة أقرب الناس إلى قلبي والتي ستتحملني إذا تأخرت عن السداد.. ووقعت أم صالح في الفخ حيث تقول: "أعطيته ما طلب لكن بعد فترة من حصوله على المال المطلوب لاحظت فتورًا في علاقتنا الزوجية، وتفاقم الوضع بعد أن علمت بزواجه من أخرى"، وكان وقع الصدمة أشد إيلامًا.. تضيف أم صالح: "عندما علمت بأنه تزوج من المال الذي أعطيته، طلبت منه الطلاق وما زلت معلقة بعد أن أصبح راتبي وحصيلة جهدي وعرقي سببًا لخراب بيتي".
عاطل ومحتال
وفي بعض الأحيان تصل الأمور إلى أن يكون الزوج عاطلاً، ولا يكتفي بذلك بل يحتال على مال زوجته، ويطالبها بالإنفاق، وكأن هذا حق لا نقاش فيه.. وهنا تعاني المرأة الأمرّين: فهي بين مشقة وعناء العمل، وأعباء وتكاليف البيت والأمومة..(54/208)
تساءل نفسها نورة (من السعودية) المعلمة في إحدى المدارس عن فائدة كل ما تكابده وهي لا تستطيع أن تنفق ولو القليل من راتبها على احتياجاتها الخاصة، وإنما أصبحت مطالبة بدفع راتب السائق والخادمة شهريًا، بالإضافة إلى تسديد أقساط سيارة الزوج أو الابن، وأضافت أنها مطالبة بتسديد كافة فواتير المنزل من كهرباء وهاتف وماء حتى لا تقطع عليها وعلى أطفالها الخدمات جراء تجاهل زوجها المستمر لتسديد ما عليه من التزامات بحجة توفير ما يتسلمه شهريًا للمضاربة فيه بسوق الأسهم.. مشيرة - بأسى عميق - إلى أن المرأة وخاصة العاملة فقدت مع كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقها الكثير من أنوثتها حيث أصبحت هي من يطلب السباك لإجراء بعض الإصلاحات المنزلية وهي من يقوم بمهاتفة البقال أو حتى مديري المدارس لمتابعة سير الأبناء الدراسي.
"منيرة الأحمد"، معلمة في إحدى مدارس الرياض تذكر أن زوجها قدَّم استقالته من عمله كون راتبه الشهري لا يتجاوز الثلاثة آلاف ريال، وهو ما لا يستحق تبعًا لرؤية الزوج مكابدة عناء الاستيقاظ صباحًا ليعتمد بذلك في تلبية كل المستلزمات المنزلية على راتب زوجته والبالغ تسعة آلاف ريال شهريًا، مشيرة إلى عدم تحرج زوجها من إفشاء الأمر حتى أمام رفاقه والذي لا ينفك يوميًا بالسؤال عن موعد تسلم الراتب لأخذ نصيبه منه.
يقول فهد الصالح (السعودية): إنه بالإمكان تصنيف نظرة الرجال الراغبين في الزواج من المرأة العاملة "الموظفة" إلى عدة تصنيفات أهمها من يرغب في الزواج من موظفة طمعًا في مالها أو راتبها، ويعتبرها كمصدر دخل ثابت، تدر عليه دخلاً شهريًا من غير كد أو تعب، وهذا الصنف يقول فهد: يضم شريحة كبيرة وخاصة أولئك الذين يعملون في وظائف ذات رواتب متدنية.
ويضيف فهد: هناك من يستغل راتب الزوجة لتحقيق أحلامه الشخصية كشراء سيارة فارهة لا يستطيع أن يشتريها من راتبه أو شراء مسكن خاص به مستغلاً بذلك طيبة زوجته.
وحسب الصالح فهناك من يريد من زوجته بل يلح عليها بالمشاركة في كل مصروفات المنزل من أثاث وغيره..
أزواج متعففون
وإذا كان هذا هو حال بعض الأزواج، فإن هناك "الكثير" من الأزواج الذين يتعففون عن أن يمدوا أيديهم إلى زوجاتهم، ليروا هل سيعطونهم أم سيمنعونهم.
تقول مريم.. مدرسة (من مصر): "منذ زواجنا (14سنة) لم يسألني زوجي يومًا عن راتبي ماذا عملت به، ولا كيف أو فيما صرفته، بل لديَّ الحرية في صرف مالي كيفما أشاء، وهذا راجع إلى أن راتب زوجي يساوي ضعف راتبي، وبالتالي فهو ليس بحاجة إليه".
ويقول عبد الحكيم (من المغرب): "لم أطلب من زوجتي قط ولو درهمًا من مالها، فمن حقها أن تتصرف فيه كيف تشاء، بل أعطيها راتبي أيضًا ولا أحاسبها، والحق أن المرأة تحسن التدبير الاقتصادي للبيت، وتفكر أكثر في مستقبل الأبناء".
ويقول مراد (من مصر): "لقد أعطى الإسلام للمرأة حق التصرف في مالها، والزوج هو المكلف بالإنفاق عليها، ومنذ زواجي لم أناقش زوجتي في راتبها، لأن لها الحق في صرفه كيف شاءت".
قضية جديدة
يؤكد الدكتور عمرو أبو خليل" مستشار القسم الاجتماعي بشبكة إسلام أون لاين .نت أن الحديث عن راتب الزوجة والمشاكل الذي يسببها بين الزوجين حديث جديد وغير معهود، لأن المعطيات والمفردات خرجت عن النطاق القديم الذي كان يتحدث عن ذمة الزوجة المالية واستقلالها.
لأن هذه الذمة كانت متعلقة بميراث قد يأتيها بدخل أو بمال قد وهبه لها أب أوغيره. ولكن نحن اليوم نتحدث عن قضية مركبة تنزل فيها الزوجة إلى العمل وتحصل على دخل من أجل ذلك. فإذا ما كانت العلاقات طبيعية والنفوس راضية فلا مجال هنا للسؤال عن: لمن يكون راتب الزوجة أو من حق من أن يحصل على جزء منه، لأن الواقع أن أطراف هذا الكيان يقومون على رعايته وعلى النهوض به وعلى إنجاحه وعلى القيام بكل ما يحتاجه، يحكم الزوج شعار التعفف ، ويحكم الزوجة شعار المشاركة والتعاون، فهي لا تشعر أن هناك من يستغلها أو ينظر إلى ما في يدها، لأن ما في يدها وما في يده أصبح شيئاً واحداً.
ويضيف د.عمرو.. في ظل هذه الروح يكون هناك نماذج مختلفة وصور عديدة نسمعها ونراها. فالزوجة ليست التي تشارك فقط براتبها، ولكنها التي تبادر ببيع أغلى ما تملك، والذي قد يكون حليها وذهبها من أجل أن يخرج الزوج من ضائقته المالية، والزوج بصورة تلقائية يكتب جزءاً من شركته أو أحد عقاراته باسم زوجته، وقد تكون الشريك الوصي أو المتضامن في شركته، وقد يكون لأسباب اقتصادية رصيده في البنك باسمها وهو يشعر بمنتهى الأمان وهي تشعر بمنتهى الرضا. فأسراره التي لا يعلمها أحد هي في طي الكتمان عند زوجته ونجاحه تراه الزوجة جزءاً من نجاحها في صيغة متبادلة من الرضا والتعفف والشراكة والتعاون الذي يقيم الحياة الزوجية ويسير بها في خضم أمواج الحياة.
مودة ورحمة
ويشير "مسعود صبري" باحث شرعي بشبكة إسلام أون لاين .نت: الأصل أن الراتب المتحصل من العمل يعود لمن تحصل عليه بجده وكده، فراتب الزوجة من حقها، ولكن هذا مشروط بألا تخل بعملها في المنزل، فإن كان هناك إخلال بحيث تقوم أنت بدفع ما يجب عليها القيام به، كان عليها أن تدفع هي ما هو واجب عليها فعله، لأن الإسلام قسم الأدوار الأساسية بين الزوجين. فالرجل عليه النفقة على البيت، وكل ما يجب في حق الزوجة يجب عليه هو، في سبيل أن تبقى هي في البيت تقوم بما تحتاجه الأسرة من الزوج والأولاد.
ويضيف"صبري"... تكوين الأسرة في الإسلام ليس فيه أن المرأة ملك للرجل، أو أنها متاع يشتريه بماله، وتعريف الزواج بأنه عقد يبيح للرجل الاستمتاع بالمرأة كما يقوله كثير من الفقهاء كلام يحتاج إلى مراجعة، لأن نظرة الزواج كما هي في القرآن والسنة الصحيحة أشبه بتكوين مؤسسة من شريكين، ولذا، فلا يحل للوالد أن يجبر ابنته على أن تتزوج برجل لا ترضاه، فالزواج كما أفهمه أنه ارتباط بين رجل وامرأة لتكوين حياة اجتماعية تحقق أهدافها المتعددة من النفسية والاجتماعية وغيرهما.
*المصدر / اسلام اون لاين
ــــــــــــــــــ
علاقة جيدة مع الآباء .. كيف؟
* دكتور سبوك
الاستقلال مطلب حقيقي للشاب .. فكيف نساعده على ذلك؟
والحب أمل عميق للشاب .. فكيف نقدم له المعلومات التي تفيد قدرته على بناء حياة عاطفية سعيدة؟
نعم، الأبناء في عمر المراهقة أكثر تمرداً على أسلوب تفكير الآباء وحياتهم.
نعم، الآباء الذين لهم أبناء في عمر المراهقة يكثرون من الإلحاح على أبنائهم من أجل إنجاز أهداف معينة.
نعم، الأبناء في عمر المراهقة يحبون التصرف المرتجل مهما كانت نتائجه لأنه يحقق لهم الإحساس بالتحدي، بينما الآباء يصرخون في وجوه الأبناء مطالبين بضرورة النظر إلى الواقع واحترامه حتى يأتي المستقبل جميلاً.
ونعم أخيراً .. إن الآباء سرعان ما يذوبون في نهر الحياة، ويتحول الأبناء إلى آباء، ليأتيهم أبناء جدد يتمردون، ويلح الآباء الجدد على الأبناء الجدد، لكن الأبناء الجدد يسلكون درب التصرف المرتجل.
وهكذا تسير دورة الحياة.
ولأن الحياة لا تتوقف، يندهش الآباء من نقد الأبناء. إن الأب قد يثور وقد لا يتقبل انتقاد ابنه له. وقد يتفجر الأمر بين الاثنين فيخرج الابن من المنزل. وهذا ما يحدث بالفعل في أوروبا وأميركا، وهذا ما قد يتمناه بعض الأبناء في بلادنا ولكن الظروف الاجتماعية لا تسمح به.
والأبناء يرفعون الصوت بالشكوى من جمود الآباء عندما يرون أن الآباء لا يدرون بحركة العصر الحديث. والأبناء يتهمون الآباء بقائمة طويلة من الاتهامات. يقول الأبناء مثلاً إن الآباء متسلطون ويرغبون في التحكم في كل تفاصيل الحياة وإنهم فاقدو الثقة في قدرات الأبناء على التعامل مع كل أزمات الحياة بدءاً من أزمات الدراسة مروراً بأزمات الصداقة إلى أزمات العلاقة مع الجنس الآخر. كما يتهم الأبناء الآباء بأنهم كثيرو الإلحاح بدون داع على موضوعات معينة، وهم دائمو التهجم والعبوس وخصوصاً في أي أمر يخص العلاقة بين الأب والابن.
ودعوني أقل إن جزءاً من اتهامات الأبناء للآباء صحيح، هذا إذا ما درسنا الواقع جيداً.
فالواقع يقول إن الوالدين نادراً ما يمنحان التقدير الكافي لقدرات أبنائهما المراهقين.
ودعوني أقل إن الآباء ينسون في معظم الأحيان كيف كانوا يشعرون هم أنفسهم أيام الشباب، أذكر على سبيل المثال فزع أبي وأمي عندما أخبرتهما بأنني سوف أتزوج وإن مرتبي أنا ومرتب زوجتي معاً سيكفيان لسداد مصروفنا إذا اقتصدنا جيداً.
قال أبي: (ولماذا ترهق نفسك بالزواج في ظل ظروف اقتصادية صعبة)؟
ولم أقل لأبي أني أحتاج إلى التوازن النفسي الذي تحققه لي علاقتي العاطفية مع زوجتي وخصوصاً بعد أن مر عامان على آخر قصة حب لي، وهي قصة كلفتني الكثير من التوتر، وكانت مليئة بالمعارك. وكنت في تلك الفترة قد أنهيت دراستي وبدأت حياتي العملية فوراً ولم أجد ما يمنعني من الوصول إلى التوازن العاطفي.
وقالت أمي: (وهل ستفهم زوجتك كيفية التعامل معك وأنت في معظم الأحيان تشرد بعيداً عن المتحدث معك لأنك تفكر)؟
ولم أقل لأمي أن زوجتي تحترم صمتي، فصمتي نوع من الحوار الداخلي الذي لا تتدخل هي فيه. وبعد اثنين وعشرين عاماً من الزواج كان ابني البكر يعلن خلال السنوات الثلاث الأخيرة أخباره العاطفية فأقابلها بالصمت خوفاً من أن أكرر تجربة النصائح التي كانت قد زهدت فيها. لكني أصررت على أن أقول رأيي بصراحة في علاقته العاطفية الأولى، إذ كانت الفتاة تطيعه في جميع الأحوال، مما جعل حياته معها (عزفاً منفرداً) للقرارات. قلت له: (أنت تتصرف وهي ستحكم على التصرفات وهذا لون ضار من العلاقات). وأصدرت حكمي على العلاقة العاطفية الثانية حيث ترك كل قيادة حياته لفتاته فبدا منقاداً لها، وهنا تدخلت لأقول له: (إن التوازن مطلوب).
وعندما أعلن لي خبر نهاية علاقته العاطفية رجوته أن يختار وأن يدير حياته بنفسه لأنني أراه دائماً أجمل كائنات الأرض، لكن مسؤوليته نحو نفسه يجب أن يتولاها هو.
وها أنا ذا أرى علاقة عاطفية متوازنة تبدأ وهو يقودها بعيداً عن آرائي. وأعتقد أنه لو سألني أن يتزوج فسوف أقول له: (افعل ما تراه مناسباً). وأعترف أنني سأقولها وأنا مشتاق معرفة التفاصيل، لكني سأحاول أن أكتم شوقي حتى لا تأتيني التفاصيل فأرسل له النصائح والآراء التي أرى أنها تناسبني أنا ولا تناسبه هو، فهو في عمر الحلم والقدرة على تحقيقه، وأنا في عمر القدرة على الخوف المتجدد على ابني وعلى أحواله المادية. والمقياس مختلف بطبيعة الحال.
ولابد لي أن أعترف أن السبب الأول لعصبية الوالدين تجاه ما يفعله الأبناء المراهقون هو عدم تذكر الآباء والأمهات للمشاكل التي عانوا منها وكيف انتصروا عليها فهم يتذكرون فقط المشاكل التي عانوا منها وفشلوا فيها ويريدون تجنيب الأبناء مثل هذا الفشل.
والآباء، تحت ضغط وسائل الإعلام المعاصرة، صاروا يعرفون الكثير عن انحرافات الشباب، لذلك قد يضغطون بعنف على الأبناء بالمخاوف. وينسى الآباء أن الأبناء الذين ينشؤون في أسر متحابة لا يقعون في انحرافات العصر الحديث، وأن الأبناء هم في عمر التفاؤل بقوة العمر والآباء هم في عمر التشاؤم تحت ضغط العمر.
إن سلوك الأبناء مختلف بالتأكيد عن سلوك الآباء. فالشباب يحبون أن يفعلوا بعض الأفعال بارتجال لإظهار قدرتهم على التحدي وتحمل مسؤوليات هذا التحدي والآباء يخافون من غدر الزمن، لذلك تراهم يخططون لكل شيء لأنهم يخافون أن يباغتهم شيء صعب. إن حياة الآباء تسير أمام أعينهم كنهر هادئ ولا يريدون لحادث ما أن يعكر الصفو. ولذلك أتوجه للشباب بالقول: (إذ أردت شيئاً من الكبار فعليك بالتمهيد له، فإذا أردت أن تقترض سيارة الأسرة مثلاً، فلابد من المقدمات، وغالباً ما سوف تنجح. صحيح أن والدك سيقول لك إن كل مَن يعرفهم من الشباب يقود السيارة بسرعة تزيد عن المائة، ولكن الصحيح أيضاً أنه يسعد عندما تأخذ السيارة وتعود بها سليمة. أنك بذلك تنمي ثقته فيك بشكل كبير).
والآباء أيضاً ينزعجون عندما يقول لهم أحد الأبناء: (لن أدخل امتحان التجربة الذي ستجريه المدرسة أو الكلية في منتصف العام، لأنه امتحان لا تعطي عليه درجات ولن يؤثر على نتيجة آخر السنة).
إن الأب بذلك يرى أن الابن لم يقم بواجبه كاملاً لذلك يخاف من الامتحان. وعلى الابن ألا يتمسك بعدم بعث الاطمئنان في قلب والديه لأنه بذلك يوجه لهما الدعوة للتدخل في حياته بشكل مزعج له ولهما أيضاً.
وعلى الآباء أيضاً أن يتعاملوا برقة مع أسلوب اختيار الأبناء للزي أو قص الشعر بشكل معين أو سماع الموسيقى الحديثة. هذه الأمور لا ينبغي أن يتوقف عندها الآباء كثيراً لسبب بسيط هو أن الدافع الذي يحرك الأبناء للبحث عن التمييز في أسلوب قص الشعر أو استعمال ملابس معينة على أحدث موضة أو سماع موسيقى صاخبة هو الرغبة في الاستقلال، هذا التمايز وراءه رغبة الأبناء في أن يقولوا لنا نحن الكبار، لذلك نحن نؤسس مجتمعنا الصغير بموسيقاه وزيه المميز وموضات قص الشعر الجديدة (ولنا أن ندرك نحن الكبار أن الأبناء يسعدون عندما تثير مثل هذه الأمور انزعاجنا لأننا فنعرف لأبنائنا ـ ولسن لنا نحن ـ اليد العليا في تنسيق أسلوب حياتهم وذوقهم الفني والاجتماعي.
وفي بعض الأحيان يفتعل الأبناء التمرد والكبرياء تجاه وجهات نظر يعتقدون أنها صحيحة لكنهم يرفضونها لمجرد أنها صادرة من الكبار. إن الابن يتمرد هنا حتى لا يظهر أمام نفسه كخائن لأفكار جيله الذي ينتمي إليه.
ولكني أقول لمثل هذا الابن: (دع عنك هذا الإحساس واحتفظ بتمردك لما هو أكبر من التفاصيل. إن تستطيع أن تضيف لمجتمعك ولجيلك بأن تبحث في تحديات علوم العصر. وإذا جاءك رأي تراه صائباً من والدك فاشكره عليه. إنك بذلك تمتلك القدرة على أن تقول لأبيك أن رأيه في هذا الأمر يعجبك، لكن رأيه في الموضوع الآخر لا يعجبك وأنك غير مقتنع به). ودعني أقل لك إن تمردك سببه سنوات طويلة من الطفولة قضيتها تحت سيطرة والديك. ومن الطبيعي من بعد ذلك أن تظهر درجة من التمرد. ولكنك إذا نظرت إلى الواقع بعمق ستجد أنك تقضي على الأقل من ثماني ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة كل يوم بعيداً عنهما وفي احتكاك مع عالم الكبار من مدرسين وأناس كبار آخرين،وهؤلاء الكبار الذين تتعامل معهم يحترمون آراءك إذا ما كانت صائبة. وأنت بتعاونك مع الكبار تتدرب على أن تكون ناضجاً بالفعل. صحيح أن الكبار الذين حولك يوجهون لك النصح أحياناً والنقد في أحيان أخرى، لكن الكبار يرضخون أخيراً لرأيك إذا كان صائباً. ووالدك ووالدتك سيفرحان بذلك، إنهما يفرحان بالتعامل مع الجزء الناضج منك أكثر مما تتخيل، لأن معنى ذلك أنك فارقت الطفولة ولم تعد كثير الشكاوى. لذلك لا يجب أن تفكر في والديك كسلطة يجب أن تتمرد عليها في كل صغيرة وكبيرة، ولكن اجعل التعاون جزءاً من خطتك للوصول إلى مسؤوليتك عن نفسك. وستفاجأ بأن أهلك هم أكثر الناس فرحاً بقدرتك على تحمل المسؤولية، وستجد أنهم يسلمون لك بالسلطات التي تطلبها لنفسك. هذه هي الفلسفة التي يتبعها رجال الإدارة الحديثة في اكتشاف المديرين الناجحين. إنهم يبحثون عن المدير الذي يكتشف أسلوبه الخاص في إتقان العمل وقدرته على التعاون مع الغير، ويحقق لعمله إعجاب الآخرين ويشارك الآخرين أيضاً في أعمالهم برأيه دون جرح مشاعرهم.
والمسؤولية الدراسية هي أحد المعايير الهامة لتقدير الآباء للأبناء، فإذا كان الابن قادراً على أن يؤدي مسؤولياته الدراسية دون إزعاج، فهذا أمر يعطيه أمام الكبار الفرصة الكاملة لإعلان أنه انسان مسؤول عن ذلك وإذا كان الأمر في دراستك عكس ذلك، فهذا يعني أنك توجه الدعوة إلى الكبار ليتدخلوا في شؤونك لأنك تفتقد التقييم السليم لنفسك.
وهناك مسألة يعتبرها بعض المراهقين دليل حريتهم: إنه أمر العودة إلى المنزل في ميعاد محدد.
إن احترام ميعاد العودة إلى المنزل أمر مقدس بالنسبة لك أولاً وأخيراً يا عزيزي المراهق، لأنه يوضح بما لا يقبل مجالاً للجدل أنك انسان مسؤول عما تقول. وهو طريق متميز لأن تكتسب ثقة مَن هم أكبر منك. قد تعتبر أنت انه من السخف أن يعتقد الكبار أن الانسان الحسن هو الذي يعود في الميعاد وأن الانسان السيئ هو الذي يتأخر عن الميعاد. ولكن ماذا إذا ما أخلف أحد الأصدقاء موعداً معك؟ إنك تغضب منه وتعتبره انساناً غير مسؤول، فلماذا تجرد الكبار من هذا الحق الذي تعطيه لنفسك؟ ثم إن إخبارك للكبار بميعاد يعطيهم الثقة في انك انسان مسؤول بشكل أو بآخر.
ولك أن تتذكر، يا عزيزي المراهق ان الوالدين يسعدان بحسن سلوك المراهق معهم والكل في هذه الحالة يعامل المراهق حسن السلوك بأدب. ويسعد الكبار أن يعاملهم المراهق برقة وحساسية ويفرحون بذلك فيعاملون المراهق بود أكثر.
وهناك خلاف جوهري ينشأ بين الكبار والمراهقين: إنه خلاف التصور للأمور. ولا أنسى فتاة كانت تشكو لي من أن والديها فقدا الثقة فيها تماماً ولم تعد تستطيع أن تتحدث على الهاتف مع مَن تريد من صديقاتها، ولم تعد تستطيع أن تخر إلى لقاء صديقاتها في النادي الاجتماعي وطبعاً كان حديث الفتاة يمتلئ بإظهار عدم قدرة الوالدين على استيعاب العصر الحديث.
وعندما التقيت بوالدي الفتاة بعيداً عنها ـ وكانت تنتظر في غرفة أخرى ـ شكا الوالدان من أن الابنة لم تعد تتحدث على الهاتف مع صديقاتها ولم تعد ترغب في الخروج من المنزل يوم الإجازة الأسبوعية، وهما في غاية القلق لانسحاب ابنتهما من الحياة الاجتماعية.
لقد وجدت التناقض بين أقوال الفتاة وأقوال الوالدين. وبطبيعة الحال لم أصب بالذهول لأن اختلاف نظرة الوالدين عن نظرة الفتاة إلى الوقائع هو الذي أوصل كلاً منهما إلى هذه النتيجة المتناقضة. وبتوضيح وجهات النظر بين كل من الطرفين، عرفت الفتاة أن والديها يرفضان استخدام الهاتف للدردشة الطويلة، وعرف الوالدان أن أسلوب نقدهما المستمر للصديقات يجرح إحساس الابنة.
والمراهق الشاب ـ وكذلك المراهقة الشابة ـ تعيش تحت ضغط الرغبة في إثبات أنه على دراية كاملة بكيفية التعامل الاجتماعي وأنه يسيطر على واقعه تماماً. إنه يعلن ذلك مع علمه بأنه يفقد بعضاً من المهارة في كثير من المجالات، وهو يحلم يومياً بأن يكون منتصراً وقادراً لذلك يكره تماماً أن يعلن أنه يعاني من افتقاد المهارة في مجال ما. ولذلك فهو يكثر من اتهام الآخرين بأنهم السبب في فشله في المجال الذي فشل فيه. وأول هؤلاء (الآخرين) الوالدان بطبيعة الحال.
في حالة الحزن التي تصيب المراهق في بعض الأحيان نراه يلقي باللوم على والدين فهما السبب المباشر ـ من وجهة نظره في رفضه للتفاعل الاجتماعي مع الآخرين، مع أن السبب المباشر هو حنينه إلى أيام الطفولة التي يفتقدها، ولكنه لا يجرؤ على مواجهة نفسه بذلك لأنه يكره أن يسلك سلوك الصغار.
أحياناً يرغب المراهق في رفض دعوة ما لحضور حفلة أو للذهاب إلى رحلة ولذلك يجد العذر الفوري بأن يقول: (لقد رفض والداي ذهابي إلى الرحلة أو الحفلة). إن سيطرة الآباء عذر جاهز لدى الأبناء. ولو أن الابن أراد الحضور فعلاً ومنعه لملأ الدنيا بالمتذمر والضيق.
وهناك خوف آخر لدى المراهق: إنه الخوف من التحدي، فها هو ذا أحد الشباب يذهب إلى والده ليقول له: (إنني أطلب الإذن بالذهاب إلى البحر الأحمر لتعلم الغوص. إن المدرسة سوف تذهب إلى هناك، إلى نفس المكان الذي افترس فيه سمك القرش أحد الغواصين في العام الماضي).
وبطبيعة الحال فإن الأب سيرفض، والحقيقة أن المسؤول عن هذا الرفض هو الابن الذي اختار كلمات معينة تدفع الأب إلى الرفض. لقد ذكر الرحلة منسوبة إلى حادث افتراس سمكة قرش لغواص!!.
ويظل الحديث عن الأمور العاطفية والجنسية أمراً شائكاً بين الآباء والأبناء، والنظريات تقول ان من مسؤولية الأب أن يحدث الابن بمنتهى الصراحة والهدوء، وأن يختار ألفاظاً واضحة وصريحة في كلامه عن العلاقة، بين الرجل والمرأة، والمسؤولية الناتجة عن تلك العلاقة وعندما واجهت هذا الأمر مع ابني طلبت منه أن ينقل لي تفسير آيات سورة النساء التي تضم كل التفاصيل المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة وأن يجمع هذا التفسير من أكثر من مرجع وهكذا أعملت الابن بكل أسرار المسؤوليات التي تقوم وتنتج عن علاقة الرجل بالمرأة. وفي الغرب يفترض العلماء أن يحدث الأب ابنه وأن تحدث الأم ابنتها ومعظم الآباء يجدون صعوبة في فتح مثل هذه الموضوعات مع الابن، لأن الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة مليء بمحاذير اختيار الكلمات المناسبة كما أن الابن قد يشمئز في أغلب الأحوال من أن يتحدث إليه والده في مثل هذا الأمر، لأن الابن يعيش وفي عقله الباطن روح التنافس التي كانت بينه وبين والده على حب الأم في الطفولة، وهو يخاف أن يكشف لأبيه أي شيء متعلق بسلوكه الجنسي. كما أن المراهق يقاوم بشدة فكرة أن والده قد احتضن والدته وأنجباه. إن الآباء في نظر الأبناء مخلوقات لا علاقة لها بالجنس، وهذا بطبيعة الحال ليس من الحقيقة في شيء.
والأب الذكي هو الذي يتخذ من مائدة الغداء فرصة للحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة وكيف يجب أن تكون، يتناول ذلك من خلال القصص المنشورة في الصحف أو من خلال أخبار الجيران أو العائلة.
والأم أيضاً قد تجد صعوبة في التحدث في مثل هذه الأمور مع ابنتها، ولكن عندما تختار الأم الكلمات المناسبة وتعلم الفتاة كيفية الاهتمام بنظافتها، والحديث عن الدورة الشهرية، فهذا يعطي الأم الفرصة الكاملة لتناول كل الموضوعات بمنتهى الصراحة.
وعلينا أن نعرف أن آذان الأبناء والبنات تكون مفتوحة عن آخرها لتلقي التعليمات التي تنزلق أحياناً من أفواه الكبار عن العلاقة بين الرجل والمرأة.
وعلينا أن نعرف أن الأبناء يكتسبون في عصرنا الكثير من المعلومات من خلال الكتب العلمية المباشرة، بالإضافة إلى تبادل الأحاديث مع الأقران.
ويظل موضوع تنظيم الأسرة مجالاً خصباً لتعليم الأبناء والبنات كافة أسرار العلاقة بين الرجل والمرأة، وهو مجال للتربية الجنسية فسيح بلا أدنى شك.(54/209)
ولكني أريد أن أقول ان أعظم ما يتعلم منه الأبناء هو السلوك العلمي بين الأب والأم، فإذا كانت العلاقة بين الأب والأم مليئة بالمحبة والتفاهم رغم ظهور بعض من المعارك في بعض الأحيان، فإن الأبناء يتشربون روح الأسرة بلا أدنى شك. إن الحديث عن الأخلاق والقيم أمر سهل، لكن الأبناء لا يتشربون القيم من الكلمات فقط، ولكن يتشربونها ويطبقونها في حياتهم إذا ما رأوا ذلك في أسرهم. وإذا كان العصر الحديث قد أكثر من المعلومات عن التشريح ووضع أمام الشاب والفتاة أكثر من فرصة للتعرف العلمي على الجسد، فإن الأسرة عليها ـ من خلال سلوك الأب والأم ـ أن تعلم الابن الكثير من القيم من خلال السلوك اليومي أن التعاون المتفاني الذي يمارسه الأب الحنون والأم الطيبة هو خير معلم للأبناء.
إن حديث الأب مع الابن بشكل مباشر عن العلاقة بين الرجل والمرأة قد يكون به بعض من الجمل المفقودة، لكن الابن يجمع هذه الجمل من مكان آخر.
وحديث الأم مع الابنة بشكل مباشر عن العلاقة بين الرجل والمرأة قد يكون فيه بعض من الجمل المفقودة لكن الابنة تجمع هذه الجمل من مكان آخر.
وباختصار، إن الأساس الذي يبني عليه الابن والابنة حياتهما هو السلوك اليومي بين الأب والأم.
إن الحياة المعاصرة تزدحم بالشكوى. فنحن في آخر القرن العشرين الممتلئ بذكريات الحروب والتنافس الشاق والفقر المدقع في بعض البلدان، وارتفاع نسبة البطالة بين شباب العالم تقريباً، وهوس امتلاك المخترعات الجديدة وتلوث البيئة واستغلال الانسان للانسان وكل ذلك يجعل الشباب في حالة من الشوق العارم إلى التعاون البشري من أجل نشر حالة من الصفاء النفسي.
إن الانسان كائن يحب الأشياء المادية وقد أنتح منها الكثير، وكائن يحب القيم المثالية وهو يعرفها، لكنه ما زال يصبو لتحقيق جزء بسيط منها. وأنا أؤمن أن كل انسان لديه موارد لا نهائية من الإبداع، والإخلاص، والحب، والكرم، والقدرة على الاستمتاع بالفنون والآداب، وهذا لا ينفي أن بداخل الانسان أيضاً الجشع، وطلب القوة والقسوة.
والشباب هو القادر على تهذيب الجشع وتحويله إلى طاقة للإبداع.
والشباب هو القادر على جعل القوة في خدمة العدالة.
والشباب هو القادر على تحويل القسوة إلى سلاح ضد هؤلاء الذين يبددون كرامة الانسان.
ــــــــــــــــــ
ماذا تفعل عندما يكون طفلك غير واثق من نفسه ؟
*إعداد: تراجي فتحي
لايوجد تعريف محدد للخجل، كما لايوجد مقياس مطلق له، ومع ذلك يشير تعبير الخجل إلى أولئك الذين يجدون صعوبة في التفاعل الاجتماعي، ولدى بعض الأطفال أو المراهقين قد يكون الخجل ناجماً عن عدم كفاية المهارات الاجتماعية، ولدى البعض الآخر يرجع إلى افتقاد الثقة بالنفس مما يجعلهم يبالغون في الاهتمام بنظرة الآخرين لهم.
الوالدان الخجولان عادة ما ينجبان أطفالاً خجولين، ومع ذلك، من الممكن تخفيف حدة صفة الخجل إلى حد كبير من خلال جهد الآباء والمدرسين من أجل بناء الثقة الداخلية والمهارات الاجتماعية لدى الطفل أو المراهق.
بعض الأفراد يرون أنفسهم خجولين إلى حد ما ومعظم الأفراد يجدون صعوبة في بعض المواقف الاجتماعية، وهناك حوالي واحد من كل عشرة أشخاص يؤثر خجله على حياته اليومية، ويؤدي الأطفال الذين يعانون من الخجل بشكل مزمن أداء جيداً في الدراسة ولكنهم يتأخرون بعض الشيء في الزواج، وعادة ما يعتبر الآباء والمدرسون الطفل خجولاً عندما يتسم بالهدوء الزائد عن المعتاد ويميل إلى اللعب مع نفسه أو أن لديه عدداً قليلاً من الأصدقاء.
كون الطفل أهدأ من المعدل المعتاد أو يميل إلى اللعب بمفرده ليس بالضرورة سبباً يدعو للقلق، فأول سؤال يتعين على الوالدين طرحه هو ما إذا كانت المواقف الاجتماعية تسبب لطفلهما القلق والتوتر أم لا، الطفل السعيد والواثق من نفسه ولكنه يفضل البقاء بمفرده لا يدعو للقلق، ولكن الطفل الذي يجد صعوبة شديدة في المواقف الاجتماعية ويحزن نتيجة لذلك فيحتاج إلى الالتفات.
هناك صعوبة في تقدير أعداد الأطفال أو حتى الكبار الذين يعانون من الخجل لأن أعراض الخجل الخارجية قد تكون خادعة، فقد يكون الطفل لديه الحافز للتفاعل الاجتماعي ولكنه يجد تلك الخبرة غير مريحة إلى حد بعيد، وتتم معظم الإحصائيات من خلال سؤال الأشخاص عن خبرتهم أكثر من مراقبة سلوكهم، وقد وجدت الأبحاث أن حوالي 40 % من الكبار يشعرون بالخجل بشكل متكرر و40 % مروا بمشاعر الخجل مرة واحدة واعترف 15% بأنهم شعروا بالخجل في بعض المواقف، فقط 5% من الكبار يعتقدون أنهم لم يشعروا بمشاعر الخجل على الإطلاق، لو صدقت تلك الأرقام وهي بالطبع تعتمد على مفهوم كل فرد عن الخجل، إذن فمعظمنا يشعر بالخجل إلى حد ما ولو في بعض المواقف، وعلى أية حال فقد صرح واحد من كل عشرة أشخاص أنهم يعانون من الخجل لدرجة أن لذلك تأثيراً سلبياً على أداء مهام حياتهم اليومية.
هناك أسلوب مختلف لتقييم الخجل وهو ملاحظة ردود الأفعال البدنية والسلوكية التي تثيرها المواقف الاجتماعية لدى الشخص، الكثير منا يجد المواقف الاجتماعية الجديدة مقلقة لكن بالنسبة لبعض الأشخاص يستبد بهم القلق لدرجة أن يحدث لديهم تأثيرات فسيولوجية يمكن إدراكها، فعند مواجهة مواقف اجتماعية جديدة أو أشخاص جدد يصاب الطفل أو المراهق الذي يشعر بمخاوف حقيقية من التفاعلات الاجتماعية بحالة من القلق ويتوقف عن الحركة ويبعد بصره بعيداً و تزداد معدل نبضات قلبه، ومع مرور الوقت قد يعاني الأطفال الخجولون من صعوبات كلامية في المواقف الاجتماعية فإما أنهم يتكلمون ببطء شديد أو يقومون بحركات عصبية مثل ملامسة وجوههم أو يدعكون أيديهم أو ما شابه ذلك.
وبالنسبة لبعض الأطفال ينشأ الخجل أساساً من فقدهم للمهارات الاجتماعية الأساسية، فلو تمت تنشئة الطفل بشكل منعزل أو أنه لا يرى أشخاصاً جدداً بشكل كافٍ قد لا يتمكن من اكتساب المهارات الاجتماعية الضرورية إذ لا تكون لديه الخبرة أو الممارسة اللازمة للشعور بالثقة في المواقف الاجتماعية المختلفة.
فالأطفال يتعلمون كيف يكونون صداقات من خلال المشاهدة ومحاولة تجريب عدة تكتيكات واستراتيجيات.
بمقدور الآباء والمدرسين والأشخاص المؤثرين في الطفل أن يلعبوا دوراً مهماً بخصوص تلك المشكلة، الراشدون الذين يتذكرون طفولتهم المتسمة بالخجل يتذكرون أيضاً أن آباءهم كانوا يفرضون عليهم حماية أكثر من اللازم ويتذكرون فقدانهم للدفء العائلي وتعرضهم للانتفاد الشديد، وهم يتذكرون عادة انعزالهم اجتماعياً بشكل ملحوظ، خاصة إذا كانت عائلاتهم تمارس نشاطات اجتماعية محدودة ولا تتوافر لديهم الفرصة للاختلاط بالمجموعات الأخرى، تلك العائلات قد تطلب من أطفالها التفاعل الاجتماعي مع الآخرين ولكنها في الوقت ذاته لا تقدم نموذجاً جيداً لكيفية هذا التفاعل، وفي هذه الحالة يعاني الأطفال من الخجل بسبب افتقارهم للممارسة الكافية للتعامل مع الآخرين.
وفي حالات أخرى تبدو المشكلة مرتبطة بإحساس الطفل بنفسه، فالطفل السعيد الواثق من نفسه يكون لديه إحساس ومعرفة داخلية أنه في حالة جيدة، بعض الأطفال الخجولين يفتقرون تلك الثقة الأساسية بالنفس وينشغلون دائماً بالسؤال عن ما إذا كان الآخرون يقبلونهم وملاحظة كيف يتجاوب الآخرون معهم وكيف يقيمونهم، نتيجة لذلك يمثل مقابلة أشخاص جدد والدخول في مواقف اجتماعية جديدة أمراً مثيراً للتوتر لهم لأنهم يشعرون أنهم في محاكمة والآخرون يحكمون عليهم.
ومن الممكن ملاحظة الخجل لدى الطفل من عمر مبكر جداً، فقد اكتشفت الأبحاث اختلافات فسيولوجية بين الأطفال الصغار الاجتماعيين والأطفال الخجولين منذ عمر شهرين، وبوجه عام يظهر حوالي خمس الأطفال حديثي الولادة هدوءاً وحذراً و تحفظاً في المواقف الجديدة ويظهر خمس آخر عدم تأثره، أما الباقون فيتأرجحون بين الموقفين، ان وجود مثل هذه الاختلافات منذ سن مبكر يظهر إمكانية وجود عامل الوراثة في موضوع الخجل إلى حد ما، ومما يرجح ذلك أن الأطفال الخجولين يأتون إحصائياً من أبوين خجولين على الأرجح.
بعض الأطفال إذن يولدون ولديهم في شخصيتهم ومزاجهم ميل لاكتساب صفة الخجل.
ولكن ذلك لايعني أن الخجل بكل عواقبه السلبية لا يمكن تجنبه، فهناك دلائل جيدة على أن التربية الإيجابية بمقدورها أن تقطع شوطاً طويلاً على طريق التخفيف من حدة صفة الخجل.
وقد وجدت الأبحاث أن ثلاثة من كل أربعة أطفال خجولين يظلون على خجلهم بعد أن يصبحوا أشخاصاً بالغين، أي أن هناك فرصة لواحد من كل أربعة أطفال خجولين أن يتخلص من خجله، وفي هذه الحالات يكون الوالدان على الأغلب هما اللذان منحا طفلهما الثقة بالنفس ومنحاه المهارات الاجتماعية لكي يخرج من دائرة خجله.
فالآباء الإيجابيون يشجعون طفلهم على الأنشطة الاجتماعية ولا ينتقدون خجله.
ويشعر هذان الوالدان طفلهما بأنه مقبول ومحبوب كما هو، ويركزان على الأشياء التي يتميز بها الطفل ويمتدحانه، باختصار يعملان على بناء ثقة الطفل بنفسه أكثر من انتقاد خجله أو تجاهل الموضوع برمته، إن الأمر يستحق بذل الكثير من الجهد من أجل مساعدة الطفل وأيضاً المراهق في التغلب على خجله لأن عواقب الخجل المستمر تسبب المشاكل على المدى البعيد، فقد أوضحت الأبحاث أن الأشخاص الخجولين يتمتعون بعلاقات محدودة مع الجنس الآخر ومن السهل أن يعانوا من الاضطرابات الغذائية، كما وجدت الأبحاث أيضاً أن الرجال الذين يعانون من الخجل يتزوجون في أعمار أكبر وتزداد احتمالات أن تكون زيجاتهم غير مستقرة، كل تلك العواقب تنجم أساساً عن افتقار للثقة بالنفس وعدم قدرة على التفاعل الحر مع الآخرين.
* ماذا يفعل الوالدان للتغلب على هذه المشكلة:
عدم توجيه النقد للطفل أو المراهق على سلوكه الخجول، إن لفت نظر الطفل إلى خجله بشكل دائم يزيد الأمور سوءاً، وبدلاً من ذلك حاول أن تكون قدوة للطفل في السلوك الاجتماعي المتسم بالثقة وتذكر أن الأطفال الصغار يكتسبون الكثير من مراقبة سلوك الوالدين.
محاولة اكتشاف نشاط يجيده الطفل: حاول اكتشاف نشاط يفعله طفلك ويشعره بالنجاح ولا يهم طبيعة هذا النشاط، امنحه كثيراً من المديح على أي نجاح يحققه وشجعه على مزيد من المشاركة، إن التفاعل الاجتماعي من الممكن أن يكون مكسباً جانبياً عندما يقوم الطفل بالنشاط الذي يحبه، ويعد النشاط الرياضي دليلاً واضحاً على هذه الفكرة حيث يحقق دفعة في ثقة الطفل بنفسه.
محاولة تعريض الطفل لأنشطة متنوعة وأشخاص مختلفين: شجِّع طفلك على المشاركة في مجال من الأنشطة المتنوعة مع مجموعات مختلفة من البشر، وتعد الكشافة والألعاب الجماعية وأندية كرة القدم مجالات جيدة تمكن الطفل من مقابلة أنواع مختلفة من البشر وتطوير مهاراته الاجتماعية.
توقع بعض مشاهد الخجل من طفلك: ليس هناك داع للقلق لو لاحظت ظهور صفة الخجل بشكل مفاجئ على طفلك، فالعديد من الأطفال يمرون بمراحل مؤقتة من الخجل تكون عادة رد فعل لحدث ما مثل الالتحاق بمدرسة جديدة أو الانتقال إلى منزل جديد أو حتى البدء في ارتداء حمالات الصدر بالنسبة للفتيات، ولايعد ذلك خجلاً متأصلاً ولكنه فقدان ثقة مؤقت، في مثل هذه المواقف يجب الحفاظ على باقي جوانب حياة الطفل في حالة من الاستقرار بقدر الإمكان، فعلى الأغلب سوف تهدأ الأمور مرة أخرى مع استعادة الثقة بالنفس.
لا تشجع الطفل على قضاء الكثير من الوقت بمفرده: حاول أن تحد من الوقت الذي يقضيه الطفل منفرداً تماماً، فالاستقلال شيء جيد ولكن قضاء الطفل لساعات طويلة في مشاهدة التليفزيون أو اللعب بألعاب الكمبيوتر بمفرده لن يساعده، وقد وجد أن قضاء ساعات طويلة أمام شاشة التليفزيون مرتبط بالشعور بالخجل، فكل منهما يغذي الآخر.
اترك طفلك يتعرف على راشدين آخرين: بينما يكون من الضروري والأساسي للطفل الصغير الارتباط القوي بالأشخاص الذين يعتنون به، يكون من المهم أيضا تشكيل علاقات مع راشدين آخرين أيضاً، فلو أن الطفل الصغير لا ترعاه سوى والدته فقط على سبيل المثال، فقد يتكون لديه تصور أن العالم لا يكون آمنا إلا في وجودها، أما الأطفال الذين يقضون بعض الوقت مع شخصيات أخرى مقربة مثل الأجداد أو الأقارب أو أصدقاء الأسرة فيكونون أكثر تحرراً، بالطبع مع ملاحظة عدم ترك الطفل على الإطلاق سوى مع أطفال تثق بهم تماماً.
*المصدر : مجلة الجزيرة /العدد : 124 /2005 م
ــــــــــــــــــ
هل يستمر الحب أكثر من 25 سنة؟
أن رسالة الإسلام هي رسالة حب، والمتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلم على الحب وإشاعة الحب واستمرار الحب كثيرة جداً، ثم ضربت مثلاً بالنبي محمد (ص)حينما عاش مع السيدة خديجة -رضي الله عنها - خمسة وعشرين عاماً كلها محبة وسعادة، فلما ماتت لم ينس هذه السنوات واستمر يذكرها بالخير ويهدي أصحابها الهدايا ويتابع أخبار صديقاتها حباً ووفاء لها، وفي ذلك دليل على أن الحب يستمر أكثر من 25سنة، على الرغم من أن بعض الدراسات الغربية ومنها دراسة العالم الكيميائي (روبسون) أكدت أن كيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب تظل تولد شحنات لمدة ثلاث سنوات فقط، وأعلق على هذه المعلومة بأن تعريف الحب عندنا يختلف عن تعريفه عند الغربيين، فمن قيمنا المرتبطة بالحب (الإخلاص والوفاء والتضحية)، بل إن الأصل في الحب أن يكون في الله ولله حتى ولو كان بين الزوجين، وهذا مفهوم راقٍ من مفاهيم الحب، ولهذا أوصانا حبيبنا محمد (ص) بأن نرتبط (بالحبيبة) عندما قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» وذكر صفة (الودود) أي الحبيبة والتي تشعُّ الحب إلى حبيبها.
ولاستمرار الحب علامات، منها الدعم المعنوي والمادي وحفظ الأسرار والتقدير والاحترام والحديث عن المستقبل واللمسات الحانية والوقوف مع الحبيب وقت الفرح والترح بالإضافة إلى التعبير عن الحب.
وهذا كله ينفي بعض الأمثلة الخاطئة والشائعة مثل: «الزواج مقبرة الحب» بل إن الزواج حياة للحب لو أحسن الزوجان مهارات المحبة وفنون المودة.
أما ماتعرضه الأغاني أو المسلسلات من مفاهيم للحب فإن هذا كله ينصب في الحب الرومانسي وهو مطلوب أحيانا، ولكن الذي يبقى هو حب الصحبة، والحب الأساسي بين الزوجين، أما ما يعرض في الفضائيات فهو في الغالب حب مشوه، ونحن نحتاج إلى برنامج وقاية تربوية لأبنائنا من مفاهيم الحب المشوه، وذلك بعرض الحب بمفهومه الصحيح ومحاورة أبنائنا بالمفاهيم العاطفية التي لديهم.
وختاماً نقول ماذكره سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو واقف على قبر السيدة فاطمة الزهراء - رضي الله عنها:
حبيبي لايعادله حبيب
ومالسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن شخصي وعيني
ولكن عن فؤادي لايغيب
*المصدر : موقع جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
الهدوء الأسري لعلاج عصبية ابنك
سها السمان
مشكلتي خاصة بطفلي الذي أعاني بشدة من عصبيته الزائدة وذلك منذ حوالي العامين، أي منذ حملي بشقيقته، وعلى الرغم من اهتمامي الشديد به فإنه دائم العصبية والصوت العالي عند حدوث أي شيء لا يعجبه، كما أنني أشعر بأنه دائما غضبان ولا يشعر بالفرح عند تحقيق أي مطلب له، بل إنه يزيد في طلباته بشكل غريب.
طفلي في السنة الأولى بالمدرسة وتقييمه جاء جيدا جدا في نصف العام وله أصدقاء بالمدرسة، إلا أن مدرِّساته يشتكين من ثرثرته الدائمة. أنا أحاول مساعدته في تجنب العصبية، ومنعته من بعض أفلام الكرتون العنيفة التي تزيد الأمر معه، مع العلم أن والده شديد العصبية لأتفه الأسباب؛ فهل حالة ابني وراثية؟ كما أنه أخذ عني البطء الشديد في أداء واجباته وأكله وكافة أفعاله.
أشعر بالخوف على طفلي، ولا أريده أن ينهج نهج والده الذي يحاول أن يكف عن عصبيته أمامه، ولكنني ألاحظ أن الطفل يأتي بأفعال مماثلة لأفعال والده على الرغم من عدم مشاهدته لوالده في نفس المواقف، كأن يقذف بالأشياء حال نرفذته، علما بأن طفلي يعشق الرسم والتلوين، وأنا أحاول تنمية هذا الجانب فيه.
الحل
دعيني قبل أن أبدأ في التحدث عن ابنك الغالي أن أتحدث معك ومع باقي القراء عن حياتنا وبيوتنا، قد تستغربين ولماذا التحدث عن حياتنا وأنت ترسلين في السؤال عن عصبية ابنك، ولكن هنا أهم جزء في مساعدتنا على فهم كيفية تنشئة أطفالنا.
فكما فهمت أن زوجك شديد العصبية وأن الأطفال بعض الوقت يرونه وهو متعصب؛ فدعيني أسألك وأجيب لك في نفس الوقت لماذا يصل بينكما حد النقاش في البيت إلى العصبية وأمام الأطفال؟
لأن الشيطان هيأ لنا أقل الأسباب والتي تكاد ألا يكون لها مكان من النقاش إلى أشياء تتوقف عليها حياة أسرة كاملة، منها مثلا كرامتي التي تهان وهي أبدا لم تهن إذا فكرنا أن نتجنب المشاكل ونفهم أن الرجل لا يريد أن تقف زوجته في وجهه وكأنها رجل مثله، والآخر مثلا أنه يريد أن يلغي وجودي وكأني جزء من المفروشات التي أتى بها للزواج، هذا ليس صحيحا؛ فأنت ملكة هذا البيت، وقد جهزه لك زوجك حتى تسعدي بوجودك فيه وتسعديه أيضا بذلك.
وأشياء كثيرة من المشاكل التي إذا فكرنا فيها بعد حدوثها فسنجد أنها لا تساوي كل هذا النكد، وأن كل امرأة أعطاها الله الصبر الوفير والذي يقل عند الرجال.
والشيء الآخر دعينا نفكر كم يتعب الرجل في عمله ولم أنكر عمل المرأة ومجهودها والذي يضاعف عمل الرجل، ولكن هل سألنا أنفسنا من الذي عليه تحمل مسئولية الإنفاق على هذا البيت؛ الزوجة أم الزوج؟ نعم هنا نقف ونقول إنه الزوج الذي يفكر دائما في عمله وفي بيته وفي أسرته، وكل هذا يضع ضغوطا هائلة عليه، وينتظر من زوجته التي يفكر فيها طوال الوقت ابتسامة رضا بعد أن يعود إلى البيت ويستريح.
فعلينا أن نحاول إرضاء الزوج، ولا تعتقد الزوجة أن هذا ينقص من شأنها أو يقلل من كرامتها أو أننا نجور عليها، ولكن هي راحة البيت والسعادة وعدم جعل الشيطان الفائز الوحيد، ومنها يأتي أهم جزء في حل مشكلة ابنك، ومن ناحية أخرى فأنا أطلب من الأب أن يتماسك أمام أولاده وعدم إظهار العصبية حتى يساعد الأم في تربية أولادهما.
ومن الجانب الإيماني في العلاج أن تنصحي طفلك أو زوجك -ولكن بعد أن تنتهي نوبة الغضب- أنه عندما يشعر بالغضب أو العصبية يتوجه للوضوء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع) رواه أحمد وأبو داود. (الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفأُ النَّارُ بالمَاءِ، فإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ).
أما بالنسبة إلى عصبية الأطفال فلا أستطيع القول: إن الطفل يولد عصبيا أو هادئا، ولكن هناك عوامل تساعد الطفل أن يكون عصبيا أو هادئا، منها:
- النقاش العائلي والذي تحدثنا عنه أعلى.
- الطعام: هناك بعض أنواع الطعام التي تساعد الطفل أن يكون عصبيا جدا، وهي الحلويات والشيكولاته والسكر إذا أكثر من تناولها، وبعض من الأهالي يعطون الأطفال قليلا من الشاي حتى يساعدهم على التنبيه وهذا معتقد خاطئ بالطبع.
- الألعاب: بعض الألعاب التي يصدر منها صوت عال وكثيرة الحركة تجعل الطفل متوترا طوال الوقت.
- تنظيم الوقت: أن تجعلي وقتا محددا لكل شيء، مثلا للأكل نصف ساعة، إن لم ينته فخذي الطعام ولا تعطيه شيئا حتى ميعاد الوجبة الأخرى، والدراسة إن لم ينته من عمل الواجبات المطلوبة منه يعاقب بحرمانه من وقت اللعب ومضاعفة الواجب له.
- تحديد وقت النوم: من المهم والضروري أن يتعود الطفل على وقت محدد للنوم ويكون على الأكثر الساعة الثامنة، حتى وإن جلس مستيقظا بعض الوقت في سريره، وقد يتطلب هذا الأمر بعض المجهود في الأول حتى يتعود الطفل عليه.
- تنفيذ طلبات الطفل: كثير منا يعتقد أن الحنان والعطف على أطفالنا هو تنفيذ الطلبات لهم وإحضار كافة الأشياء وكل ما يشيرون إليه.
- التدليل الزائد من بعض أفراد الأسرة وخاصة الأجداد.
وإليك بعض من النصائح والتي أتمنى أن تفيدك:
- اختيار الأكل الصحي له (الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات والتقليل من تناول الحلويات بكافة أنواعها).
وأن تجعليه متشوقا لهذا الطعام بأن تقطعيه في طبق وأن تصنعي له شجرة وأوراقا عليها اسمه، وعند أكله من الفواكه عليه أن يأخذ ورقة ويضعها على الشجرة، وفي النهاية يقوم بعدِّ الأوراق وتكافئيه عليها، ومنها أيضا أنها وسيلة تعليمية يتعلم منها الأعداد والأرقام والألوان وأنواع الفاكهة وأشياء كثيرة.
- اعملي على شغل وقت ابنك بالأنشطة المفيدة، منها ابتكاره للأشياء الفنية وقراءة القصص.
- أن يتعود على مشاركة الألعاب مع باقي الأطفال، وإن لم يوفق تؤخذ منه اللعبة وتعطى للطفل الآخر.
- الاتفاق على طريقة واحدة للتعامل مع الطفل، مثلا إذا عوقب من ناحية الأب فيحترم أنه معاقب ولا يسمح له بشيء حتى يقول له والده، وعدم النقاش في شيء يخصه أمامه بل الاتفاق الدائم وبعد ذهابه يمكن أن تتناقشا.
وفي النهاية تذكري أن العقاب يكون بوضعه في السرير أو حرمانه من شيء يحبه أو ضربه ضربا خفيفا وليس مبرحا، ولا يكون أمام أحد، بل تأخذيه في حجرة أخرى وتتكلمي معه أنه فعل خطأ وأنه سيعاقب.
* المصدر : اسلام اون لاين
ــــــــــــــــــ
كنت أريده مهندساً
أعرف تماما أن لكل إنسان ميوله الطبيعية ، لكني لست مقتنعة بهذا الاتجاه الذي ينوي أحمد ابني الإقدام عليه.
حاولت مرات عديدة أن أثنيه عن دراسة الفلسفة، كما حاولت أن أقنعه بأن يتجه إلى دراسة علم آخر يساعده على أن شق طريقه العملي بيسر وسهولة، لكنه رفض ومازال يرفض ويتمسك باختياره الأول والوحيد، يريد كما يؤكد ويقول دائما أن يتبحر في علم الفكر والمعرفة الأول.
المقارنة التي أراها تستحق إعادة النظر هي أن ابنتي ليلى تتفوق دائما في العلوم الطبيعية، الأحياء والطبيعة والكيمياء، لا تجد ليلى أية صعوبة في فهم واستيعاب هذه العلوم، تحصل دائما على الدرجات النهائية فيها.
أما أحمد أبني الوحيد ، فإنه يتفوق في العلوم الإجتماعية، يعشق دراسة التاريخ والجغرافيا والمنطق والفلسفة وعلم الاجتماع، يحصل دائما على أعلى الدرجات فيها.
أتعجب لاختلاف ميولهما بالرغم من أنهما أشقاء من أم واحدة واب واحد، كما أتعجب لماذا لم يكونا العكس، لماذا لم يمتلك أحمد تلك الميول إلى العلوم الطبيعية ولم تمتلك ليلى تلك الميول إلى العلوم الاجتماعية؟ ، ألم يكن ذلك من الأفضل؟(54/210)
ألم يكن من الملائم أن يدرس أحمد الطب وتدرس ليلى الفلسفة، أليست العلوم الاجتماعية أقرب إلى طبيعة الإناث؟
وفي حالة قبولي لميول هذه الابنة، ألم يكن من الأفضل أن يدرس أحمد الهندسة لتقل هذه الفروق وتتلاشى هذه المفارقة، ربما كانت الأمور أكثر طبيعية أن تكون ليلى طبيبة وأن يكون أحمد مهندساً.
قال زوجي في أثناء مناقشاتنا إنه لا يمانع في دراسة أحمد للفلسفة ، شرح لي أنها تنضج عقل الإنسان وتتقدم بوعيه نحو الإنسانية والحياة كلها.
في البداية أقتنع بمنطق زوجي، لكني أعود مرة أخرى وأتساءل عن صلاحية هذه الدراسة للذكور، وهل ستساعد أحمد على شق حياته العملية، أم أنها ستقوده إلى أن يكون مدرس فلسفة فقط. كررت الأسئلة عشرات المرات على زوجي وعلى ابني وعلى ابنتي حتى أجتهدت وأجهدتهم معي.
أكد لي أحمد أن تدريس الفلسفة مهنة عظيمة لأنها تنقل العلم والمعرفة الإنسانية من الكتب إلى عقول التلاميذ، لكني أتصور دائما هذه المهنة كشيء مرتبط بالإناث وليس بالذكور.
يستعد أحمد الآن للتخصص ، سينضم إلى القسم الأدبي الثانوي، بذلك سيضع اختياره في التطبيق، أعرف أنه سينجح كما أعرف أنه سيتفوق، لكني مازلت غير مقتنعة ، حاولت إعادة الموضوع إلى المناقشة، طلب مني زوجي السكوت وقبول الأمر الواقع، أمس سمعت زوجي ينادي على ليلى وأحمد، قال " يا دكتورة ليلى.. يا حضرة الفيلسوف.. تعاليا، أريد التحدث معكما"
... هي
لا مانع .. أن يكون فيلسوفاً
استحوز هذا الموضوع على مساحة واسعة من مناقشتنا في المنزل.
جلسنا نحن الأربعة لساعات في كل يوم ولأيام في كل أسبوع نقلبه يميناً ويسارا حتى باتت إثارته مملة ومكررة.
لا أكاد ألحظ زوجتي تحاول إعادته مرة أخرى حتى أطلب منها السكوت والامتثال للأمر الواقع.
الموضوع بسيط للغاية. رزقت بثلاثة أبناء ، ابنة كبرى ثم ابن والثالثة ابنة، ليلى وأحمد ومنى، أكتفينا، زوجتي وأنا بهم ولم نفكر في أنجاب الطفل الرابع.
عندما أنهت ليلى المرحلة الإعدادية وتقدمت إلى المرحلة الثانوية، أبلغتنا أنها قررت الاتجاه إلى القسم العلمي الثانوي، تعشق ليلى علوم الأحياء والطبيعة والكيمياء.
تقول ليلى دائما إنها ستلتحق بكلية الطب بعد أن تنهي المرحلة الثانوية، وعادة ما نناديها في المنزل بالدكتورة ليلى. عندما نستيقظ في الصباح نتوجه إليها قائلين" صباح الخير يا دكتورة" وقبل ذهابها إلى النوم نتوجه إليها قائلين" تصبحين على خير يا دكتورة".
اشتهرت ليلى وسط الأصدقاء والأقارب بأنها الدكتورة ليلى، حتى زميلاتها في المدرسة ينادونها بالدكتورة، فمنذ الصغر وقبل أن يبرز تفوقها في المواد العلمية كانت تقول دائما إنها ستكون دكتورة تعالج المرضى وتشفيهم، حصلت ليلى على كل التشجيع منا ولم نبخل عليها بأي جهد، فهي على كل حال تستحق جهدنا وتقديرنا لأنها مجتهدة للغاية.
تستعد ليلى الآن لإتمام المرحة الثانوية، ولا نشك لحظة في أنها ستحقق طموحها وتلتحق بكلية الطب.
إلى هذا الحد والموضوع عادي.
لكن الذي جعله يتحول إلى موضوع غير عادي ويدفع به إلى أن يتحول إلى محور للمناقشات العائلية، هو ما أقدم عليه ابننا أحمد، فعندما أنهى المرحلة الإعدادية وبدأ الاستعداد للمرحلة الثانوية، أخبرنا أنه ينوي الالتحاق بالقسم الأدبي. قال بالنص " سوف أتخصص في القسم الأدبي لأني أنوي دراسة الفلسفة" .
منذ هذه اللحظة والموضوع لا يتوقف عن أن يكون صلب نقاش.
لا تستطيع زوجتي الاقتناع بأن لكل إنسان ميوله العلمية ، وأن كون ليلى فتاة فلا يمنعها ذلك من التفوق في الناحية العلمية ، ثم كون أحمد فتى فهذا في حد ذاته ليس عائقا من أن يميل بحكم الطبيعة إلى الدراسة الأدبية.
تقول زوجتي بكل بساطة إنها لا تتصور ليلى طبيبة في الوقت الذي يصبح فيه أحمد مدرس فلسفة، وتضيف أنها تتصور دائما العكس، ترى أن يكون أحمد الطبيب ، وأن تكون ليلى مدرسة الفلسفة. حاولت إقناعها بأهمية ن تترك لكل منهما حرية الاختيار والقرار إلا أنها ترفض ذلك بكل إصرار، قلت لها " ألا يمكن أن يكون ابننا أحمد فيلسوفا كسقراط وهيجل وكانط " سألت بدهشة " ماذا تقول"؟
.. هو
*المصدر : مجلة العربي
ــــــــــــــــــ
كيف نعالج الغيرة عند الابناء؟
إنّ معرفة الداء نصف الدواء، كما يقول الحكماء .. ولذا فمعرفة أسباب الغيرة تنفعنا كثيراً في العلاج حين نتوقى العوامل المسببة للمرض.. إضافة الى أن أهم علاج للغيرة يتركز في إشباع حاجتهم للحب والحنان مع الاهتمام بوجودهم وهي نفس الاسباب التي تدفعهم للعناد وعدم طاعة الوالدين .. فالغيرة والعناد قرينان حين يوجد أحدهما تجد الآخر .. وهي نتاج للعناد .. ففي بادئ الأمر يكون الطفل معانداً لأسباب مرّت معنا .. فإذا لم يتم علاجه ، يتفاقم الأمر عليه ويصاب بمرض الغيرة فلا ينسى الوالدان ان يسمّعاه كلمات الحب والاطراء والتقدير والمديح والاهتمام بوجوده.
وقد تثير الام الحديثة العهد بالولادة سؤالاً حول إمكانية توزيع الإهتمام على كل الأبناء في وقت يأخذ الرضيع كل اهتمام الأم ووقتها نحن ننصح مثل هذه الأم التي حين تهتم برضيعها ، يقف الاكبر ينظر متالماً من الزائر الجديد الذي عزله عن والديه .. أن تعالج الموضوع كما يلي :
1 ـ إشعار الطفل بأنّه كبير :
إنّ الام وهي ترضع صغيرها بإمكانها أن تتحدث مع الكبير قائلة : كم اتمنى أن يكبر أخوك ويصبح مثلك يأكل وحده وله أسنان يمضغ بها ويمشي مثلك و.. و.. حتى أرتاح من رضاعته وتغييّر فوطته، ولكنه مسكين لا يتمكن من تناول الطعام او السيطرة على معدته .
وتقول لطفلها الاكبر حين يبكي الرضيع وتهرع إليه : نعم جئنا اليك فلا داعي للبكاء .. إن أخاك سوف يعلمك أن تقول اني جوعان بدل الصراخ والضجيج. وبهذه الكلمات وغيرها من التصرفات يمكن اشعاره بأنّه كبير. والصغير يحتاج الى هذه الرعاية.
2 ـ لا تقولي له لا تفعل :
وحتى نجنبه الغيرة من الرضيع يحسن بالأم ان لا تقول للطفل الكبير لاتبك مثل أخيك الصغير.. أو لا تجلس في حضني مثل الصغار .. أو لا تشرب من زجاجة الحليب العائدة لأخيك الصغير.
3 ـ إعطاؤه جملة من الإمتيازات :
لابدّ من إشعار الطفل بأنّه كبير وإنّ الإهتمام بالصغير لعجزه وعدم مقدرته إضافة الى اعطائه جملة من الامتيازات لأنّه كبير .. فلا يصح الاهتمام بالوليد دون أن يحصل هو على امتيازات الكبار.. ولا بدّ من الحرص على إعطائه بعض الاشياء لأنّه كبير، مثل أن تخصّيه بقطعة من الحلوى مع القول له : هذه لك لأنّك كبير، ولا تعطيها لأخيك لأنّه صغير .. وهذه اللعبة الجميلة لك لأنّك كبير، أمّا هذه الصغيرة فهي للصغير .. وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان انّها هدية له من أخيه الوليد .. لأنّ هذا التصرّف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الاصغر منه .. وتزيد غيرته منه.
4 ـ إرفضي إيذاءه واقبلي مشاعره :
لابدّ ان تمنعي بحزم محاولة الطفل الكبير إيذاء أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى بها عليه .. بأن تمسكي يديه أو الحاجة التي يحملها لضربه .. ومع ذلك إمسكيه واحضنيه بعطف واحمليه بعيداً عن أخيه .. لأنّ الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء اخيه، ولكن سوء تعامل الوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دفعه الى هذا الفعل .. لذا ينبغي على الام ان تمنع الاذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكم بها .
5 ـ الشجار بين الأخوة :
أمّا الخصام بين الاخوة .. فيمكن علاجه كالتالي :
يجدر بالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الابناء ... مادام التدخل لا فائدة مرجوّة منه بسبب الغيرة التي هي وقود النزاع بين الاخوة والتي تحتاج الى علاج كما أسلفنا.. هذا إن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد بأن يكسر أحدهما يد الآخر .. أو يكون أحدهما ضعيفاً يتعرض للضرب الشديد دون مقاومة... إنّ الأفضل في مثل هذه الحالة إيقاف النزاع .. ولو إن عدم تدخل الوالدين تنهي الخلاف بشكل أسرع ، ولكن لعل نفاد صبر الوالدين يجعلهم يتدخلون في النزاع ، وهنا يجدر بهم ان لا يستمعوا الى أي احد من أطراف النزاع .. ولا الوقوف مع المظلوم او العطف عليه.. لأنّ الاستماع وابداء الرأي وابراز العواطف لاحد دون آخر يزيد في الغيرة التي تدفعهم الى العراك .. كما يجدر بالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب ان يشارك اخوته الذين يريدون اللعب معه او بلعبته .. إنّ إجباره يولّد حالة الشجار فيما بينهم أيضاً
ــــــــــــــــــ
لا تخف من الحزم والقليل من القسوة في معاملتك لأطفالك
* د. سبوك
رفع القرن العشرين كلمة (الكبت) كسوط يلهب به ظهور الآباء والأمهات، حتى صارت التربية الغالبة في العصر الحديث أن نترك للابن الحبل على الغارب، فتربيه نيابة عنا مسلسلات التلفزيون والمربيات المستوردات من الخارج.
وقام علماء النفس بجريمة غامضة لم يعاقبهم أحد عليها، وهي جريمة توزيع كلمات صعبة مثل (احذر أن تصيب ابنك بالاكتئاب)، ومثل (احذر أن يكون ابنك انطوائياً)، ومثل (احذر من عقدة أوديب أو عقدة الكترا).
وانهمرت في الصحف والمجلات وجهات نظر علماء النفس، وطبعاً كل ما يحكيه العلماء هو افتراضات نظرية وأبحاث في بعض الأساطير الإغريقية، ومحاولة ربط الواقع اليومي بدنيا متخيلة. وصار الواقع مختلفاً عن النظريات، وتم توزيع الشك بالعدل والقسطاس المستقيم على الآباء والأمهات.
وطبعاً كان أكثر الناس تأثراً بما يقوله هؤلاء العلماء هم الآباء والأمهات الجامعيون، هؤلاء الذين وثقوا بالحضارة المعاصرة وارتبطوا بها، ونسوا أنها حضارة تغير جلدها ومعلوماتها كل خمس سنوات على الأقل، وأن الوصول إلى حقائق نهائية في مسائل تربية الأطفال لم يتفق عليها أهل العلم وأصحاب النظريات.
على الآباء الحساسين الذين تعلموا في الجامعات أن يعرفوا أن علم النفس قد ينجح أحياناً وقد يفشل أحياناً أخرى. ويكفي العالم كله أن أكبر جماعات التحليل النفسي في أوروبا، والتي لها فروع في معظم بلدان الدنيا ـ أعني الجماعة الفرنسية ـ اعترفت أن العلاج النفسي الكامل لم ينجح إلا بنسبة 12 بالمائة حسب تأكيد واحد من ألمع أساتذتها، وهو أستاذ عربي، أعني الأستاذ الدكتور أحمد فائق أستاذ التحليل النفسي في كندا.
وعلى الآباء الحساسين أن يفرغوا آذانهم من تلال النصائح التي ألقاها سبل العلماء في آذانهم، وأن يلتفت كل أب إلى إحساسه الداخلي.
إن ابنك هو انسان وأنت تبتغي سعادته، وسعادته لن تأتي بحصاره في نمط معين من الحياة تفرضه عليه. وإلى هذا فإن سعادة الابن لن تأتي باطلاق العنان له ليفعل كل ما يريده.
إن إحساسك الداخلي يقول لك إنك أنت أيضاً تحتاج إلى رعاية ابنك كما يحتاج ابنك لرعايتك، وإنك ستؤدب ابنك التأديب اللازم عندما تراه قد خرج عن الحدود، وإنك لن تعاقب نفسك بالإحساس بالذنب لأنك فعلت ذلك.
وعندما تنظر إلى غيرك من الآباء، عليك أن تتعلم من تجاربهم. فإذا نظرت إلى أب يكثر من الصراخ في وجه ابنه عند أدنى بادرة للخروج عن السلوك المطلوب، ستجد أن هذا الابن يكرر للمرة المائة الخروج عن ذاك السلوك المطلوب، وهنا يمكنك أن تسأل نفسك لماذا لم يمتثل الابن لطاعة أبيه؟ والجواب هو أن كثرة التوبيخ وكثرة الإهانة للطفل وكثرة الصراخ في وجهه تجعله يسيء الظن بنفسه وبقدراته، ولذلك فإن الطفل يكرر الخطأ.
وقد تنتقل لرؤية أب آخر تزوره في منزله وهو يرى ابنه الصغير يحاول أن يضع شريط الفيديو في جهاز الفيديو بطريقة خاطئة، فيقوم بهدوء يقول لابنه: (أنت تريد أن تشاهد هذا الشريط، وأنت تتعجل في وضع الشريط، لذلك فإنك تضعه بطريقة خاطئة ... دعني أضع لك الشريط في الجهاز وراقبني، وبعد ذلك أخرج أنا هذا الشريط من مكانه لتضعه أنت). إن الابن في هذه الحالة يراقب أباه وهو يؤدي عملية إدخال شريط الفيديو بشكل صحيح في جهاز الفيديو، وبعد ذلك يقلد الابن أباه في كل حركة من الحركات الصحيحة، وهنا يصفو الأب لابنه.
إن مثل هذا الأب قد نقل الخبرة بمنتهى الهدوء لابنه وراقب ابنه وهو يكرر الخبرة بمنتهى التشجيع.
وقد تنتقل إلى رؤية أب ثالث يأتي ابنه ليسأله عن كيفية خلق الله لهذا العالم، والأب مشغول بمراقبة مسلسل تلفزيوني تشبه قصته في تفاصيلها قصة الحب الأول للأب. إن هذا الأب قد يقول لابنه بعصبيته: ليس هذا هو الوقت المناسب للرد على مثل هذا السؤال. وقد يتصرف الأب بلون آخر من السلوك، كأن يقول لنفسه: (إن تذكارات قصة الحب الأولى لا تفيد الآن. لقد كانت مثل هذه القصة رائعة في وقتها، ولكني أعيش الآن قصة حب بمعنى أعمق، وهي قصة تعاوني مع زوجتي لتربية ابني) وهنا يقوم الأب من مكانه أمام التلفزيون ويفتح دائرة معارف مبسطة، ويبدأ في الإجابة رابطاً بذكاء بين تفاصيل العلم المبسطة وبين آيات القرآن الكريم حول خلق العالم.
إن احترام الآباء للأبناء أمر أساس وهام. هذه هي الحقيقة النهائية التي يمكن أن نستخرجها من كل القواعد والنظريات التي ظهرت في النصف الأخير في القرن العشرين.
ولكن الاحترام لا يجوز له أن يتحول إلى ستار نخفي وراءه ضعفنا أو نهرب خلفه من ممارسة مسؤوليتنا نحو الأبناء.
وليس جائزاً لنا أن نكبت غضبنا بدعوى أننا نخشى على الأبناء من الكبت فنعيش في حالة غيظ، ويعيش الأبناء في حالة استهتار.
كما أنه ليس جائزاً لنا أن نحول غضبنا إلى قسوة مبالغ فيها بإهدار انسانية الأبناء. إن هذا الإهدار يجعل الأبناء في حالة من الرعب المستمر من الحياة، ويزرع في نفوسهم التشاؤم، ويلقيهم في أحضان الإحساس يفقدان القيمة والاعتبار.
إنني لا أنسى على الاطلاق وجه ذاك الشاب الذي كان والده يجلده كلما أخفق في سنته الدراسية. وكانت طريقة الجلد مستوردة من العصور الوسطى، إذ يرقد الابن على ظهره ويمسك الأب بساقي ابنه بين فخذيه ويبدأ الضرب العنيف على بطن القدمين. والغريب أن هذا الابن كان يحفظ الكتب الدراسية عن ظهر قلب، ولكن ما إن يدخل الامتحان ويمسك بورقة الإجابة حتى ينسى كل شيء تماماً. وعندما يصحبه والده مرة لاستشارة أحد الأخصائيين الاجتماعيين، سأله الأخصائي الاجتماعي: (ألا تعلم أن الدين الاسلامي يوجب عليك أن تلاعب ابنك سبعاً وتؤدبه سبعاً وتصاحبه سبعاً وتترك له الحبل على الغارب من بعد ذلك؟) وتساءل الرجل بدهشة كيف نسي ذلك رغم أنه يحاول أن يطبق كل فروضه الدينية. وحاول الرجل أن يصاحب الابن، وأن يتخلى عن عادة تحفيظ ابنه للكتب الدراسية. وهنا جاز الابن بالنجاح كل امتحاناته حتى صار مدرساً.
ولكن ما الذي جناه التلاميذ من هذا المدرس؟ لقد كان مدرساً قاسياً للغاية على زملائه، وكان موضع شكوى من طلابه لعنفه الزائد. أما هو فكان مدمناً لقراءة أبواب الحظ في الصحف والمجلات، ولم تكن حياته سهلة على الاطلاق. فقد كان يخاف من أن يأخذ حقنة تلقيح ضد أي مرض، وكان يخاف من عبور الشارع وكان يخاف من قيادة سيارة. لقد حطم والده بالجلد القاسي إمكانية حياته بنظام وحيوية وإقبال على أداء العمل بمسؤولية ناضجة. بل إن هذا الإنسان عندما تزوج كان يهرب من رعاية أولاده ويتساهل معهم كثيراً ثم يقسو فجأة.
إن والده ما زال في داخله يراقبه، وقد يجلده، ولذلك يعيش الحياة في حالة رضوخ شديد لرؤسائه وحاله قهر شديد لمرؤوسيه.
ولأن الأب لم يسمح لهذا الابن أبداً أن يعبر عن رأيه في أية مشكلة، كان هذا الابن قاسياً في التعامل مع زملائه.
وهناك نوع آخر من السلوك الأبوي بالغ القسوة، وهو أن يحاول الأب أن يترصد ابنه في كل أمور حياته، ويحاول أن يسيطر على الابن في كل لحظة من لحظات حياته. وهذا معناه أن الأب يرتدي جلد ابنه. وفي هذا تفريغ للابن من شخصيته، الأمر الذي يجعله انساناً غير مميز.
إن السيطرة ضرورية بلا جدال ولكن بشرط أن نترك للابن فرصة جيدة لتكون له شخصيته الخاصة به لئلا يصبح شخصاً متسلطاً في الكبر.
إن مساحة السيطرة الأبوية يجب أن تكون ضيقة ومتميزة حتى تتيح للأبناء فرصة تكوين شخصية خاصة وذوق راق وإبداع فعال.
إن كل الدراسات الحديثة لمعظم العلماء الواقعيين مثل د. سبوك ود. برنو بيتلهايم وغيرهما، هذه الدراسات تتفق على ضرورة الحسم الحازم الواضح والدقيق مع الأبناء، وهذا ينتج أطفالاً أسوياء سعداء، وحياة أسرية يسودها السلام.
إن الأب المحب، الحازم الحاسم، المتسامح من دون تزمت هو الأب الذي يعرف أن إحساسه يتجه إلى إنضاج ابنه بالتفاعل لا بالقهر، وبالتفاهم لا بالقسر، وبالحنان لا باللامبالاة.
* ترجمة : منير عامر
ــــــــــــــــــ
لهذه الاسباب تفشل الحياة الزوجية ..
* حسام محمد شحادة
تظهر المشكلات بين الزوجين عادة ومنها ما هو مفيد للحياة الزوجية كونها تمتن وتقوى العائلة وتخضع العلاقة الزوجية للتجريب، ومنها مل هو خطير ويمكن أن يؤدي إلى انفصال هذه العلاقة . وهناك العديد من الأسباب المتعلقة بمشكلات الزواج وقد تظهر هذه الإشكاليات على صور مختلفة ومتعددة، وتظهر مشكلات الزواج في العديد من الأشكال كما هو موضح أدناه.
مشكلات تنظيم النسل:
الأصل في الحياة الزوجية هو التناسل والتكاثر ولكن أبيح للزوجين توقير النسل بطريقة سليمة في بعض الأحوال دفعاً للضرر عنهم وعن الأولاد والاختلاف بين الزوجين حول تنظيم النسل قد يؤدي إلى خلافات وخاصة حينما يكون دون داعي أو لأسباب واهية غير مقبولة عند احد الطرفين وقد يؤدي إلى إضطرابات نفسية وردود فعل عصابة وقد يصر أحد الطرفين على بدأه منذ ليلة الزفاف ولكن معظم الآراء لا تحبذ ذلك فيحسم أن يطمأن الزوجان على خصوبتهما ويشبعان حاجتهما إلى الوالدية.
مشكلات العقم:
العقم هو مشكلة لا ينكرها أحد قال الله تعالى"المال والبنون زينة الحياة الدنيا.." وفي حالة العقم يتهم كل طرف رفيقه بأنه هو السبب وتلجأ النساء عادة إلى الأطباء والمعالجين وحتى الدجالين والمشعوذين والعقم من أكبر مهددات الحياة الزوجية بالانفصال أو على الأقل بتعدد الزوجات، ولا تقتصر المشكلة على جوانبها الفسيويولوجية مثل شعور العاقر بالإحباط والحرمان والحسرة والحقد والحسد وتوتر الأعصاب وخاصة كلما جاءت الدورة الشهرية كتذكار دائم للعقم هذا ويلاحظ أن العقم قد يكون نفسي المنشأ ( عقم وظيفي) ويحتاج إلى علاج نفسي.
تدخل الحماة والأقارب
قد يكون تدخل الحماة أو الأقارب كأخوة وأخوات الزوج أكثر من اللازم أو فيما لا يعنيهم فقد يعاملون الزوجين أو أحدهم كما كان يعاملوه قبل الزواج دون اعتبار لدورة الجديد فقد يستمر التوجيه لأكثر من اللازم أو قد يشعرون أن شيئاً أخذه الطرف الأخر منهم وحرمهم من عطف سابق أو مال ويصاحب هذا مشاعر الأسى والغيرة والخصومة والمكيدة أحياناً وعادة يؤدي إلى ردود فعل سيئة ويكون الزوج هو كبش الفداء وقد يطالب بعض الأزواج شريك حياته بقطع علاقاته مع أهله وأقاربه وهذا أمر له آثاره السيئة وعادة ما يبالغ الوالدان في تقدير قيمة إبنهما أو بنتهما وأن الطرف الأخر ليس جديراً به ومن ثم يعكفان على نقده.
وتنبع المشكلات من الخلط في الأدوار من ناحية الوالدين آو الزوجين فالوالدين يخلطان بين دوراهما كوالدين ودوراهما كحماوين والزوجان يخلطان بين دوراهما كزوجين ودوراهما كأولاد وقد يؤدي وجود الحماه مع الزوجة إلى مشكلات مثل مقارنه دور الزوجة بدور الأم مع في ذلك من فروق بين الدورين وبالإضافة إلى ذلك فلا يخفى أن زوجة الابن وزوج الابنة له/ها شخصية نشأت ونمت في إطار اجتماعي مختلف عن الأخر وربما في ثقافة أخري وفي هذه الحالة تبدو غرابة الزوج وغرابة سلوكه. وعلى العموم فكثيراً ملا نسمع عن اشتراط عدم تدخل الحماة والأقارب وعدم معيشتهم مع الزوجين قبل الزواج نفسه تفادياً لحدوث هذه المشكلات وعلاوة على ما سبق فقد تتدخل الحماة والأقارب في تربية الأطفال متوقعين تربيتهم على أساس النظام الماضي حين كان الزوجان نفساهما أطفالاً.
تعدد الزوجات
أباح الله تعالي تعدد الزوجات لدواعي وشروط حيث قال تعالى " فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة..... " وقال تعالى " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم.... " وتعدد الزوجات حين يحدث دون مبرر شرعي ودون مراعاة شروطه فإن الرجل يصبح مرهقاً مشتتاً غير مستقر وغير عادل غالباً بين زوجات ضرائر متصارعات ومتسابقات يين بعضهن لبعض بسبب الغيرة الجامحة فتزداد الحياة المنقسمة اضطرابا تصبح حياة لا تطاق.
اضطرا بات العلاقات الزوجية
قد تكون العلاقات الزوجية مضطربة غير متوافقة كما يحدث في حالات عدم التكافؤ الجنسي وكما يحدث في العلاقات الاجتماعية المضطربة كاللينة المفرطة أو القسوة الزائدة التي قد تصل إلى الهجران، وكما يحدث في العلاقات الانفعالية المضطربة كالغيرة الجامحة أو الطلاق الانفعالي.
المشكلات الجنسية
قد تكون العلاقات الجنسية بين الزوجين فيها ممارسات شاذة أو قد تكون غير متكافئة كأن يكون لأحد الطرفين ضعف جنسي أو إفراط شبقي وفد تحدث إضطرابات جنسية خاصة في مرحلة سن القعود وسن الشيخوخة
الخيانة الزوجية
الخيانة الزوجية هي أكبر طعنه تصيب الحياة الزوجية وهي أكبر مبررات الطلاق وقد يشاهد عدم الإخلاص بين الزوجين وتحدث الخيانة الزوجية بسب نقص كفاءة أحد الطرفين أو كدم التكافؤ والبرود والعجز والإحباط والحرمان والجوع الجنسي رغم الزواج أو الملل والروتين أو نقص الأخلاق والدين.
أسباب فزيولوجية:
- في اختلاف العمل الريزسي Rh-Factor في الدم.
- وعدم التكافؤ الجنسي( البرود والعجز الجنسي).
- والعقم.
- وسن القعود والشيخوخة.
الأسباب النفسية:
- الخبرات العاصفة الأليمة نتيجة لفشل خطوبة وعلاقة ما.
- المرور بخبرة سابقة مثل زواج فاشل.
- صدمة عاطفية شديدة.
- والحرمان والجوع الجنسي ( رغم الزواج ).
- زواج المراهقين حيث لم يكتمل نموهم الجسمي والنفسي والسلوكي.
- السلوك الجنسي الشاذ
- أمراض نفسية ظهرت عند أحد الزوجين
الأسباب البيئية
- العادات والتقاليد في الزواج مثل زواج الأقارب والبدل
- المشكلات النفسية عند احد الزوجين.
- الزواج المبكر.
- الشجار الدائم وسوء المعاملة.
- تدخل بعض أشخاص في الحياة الزوجية للزوجين
- عدم التكافؤ بين الزوجين من حيث التعليم، الحالة الاقتصادية، السن....
- الاختلاف في الميول والرغبات.
تذكر الاختلاف
بوحا وصمت
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
تغيرات طفيفة
تذكر الاختلاف(54/211)
دائما تذكر الاختلاف في القاعدة التي تقول ( إن كان الشريك يحبنا فأنه سوف يتصرف بالطريقة التي نتصرف بها لأننا نحبه). هذه القاعدة خاطئة، فالقيم الاجتماعية والسلوكية التي ترثها المر أه وتشب عليها تختلف عن القيم التي يشب عليها الرجل، فالأخير يعتقد أنه هو الذي يقدم النصائح ويحل المشكلات، وأن المرأة لا تقدر على تقديم وجهة نظر، وإنها فقط الطرف المستقبل، كذلك في طريقة مواجهة الضغوط والمشكلات فالرجل ينسحب ويصمت ويغرق في التفكير، أما النساء فلديهن دافع قوى للحديث عن المشكلات التي يواجههن، وفي الكثير من الأوقات فإن المرأة تفشي أدق أسرار زوجها دون إرادة أو قصد.
أما أكثر مشكلات المرأة مع الرجل فأن المرأة دائمة الشكوى. وإن الرجال لا يتحدثون. المرأة تحب الحديث في المعقول واللامعقول ، في التفاصيل وفي القضايا الجانبية، وعندما تهم بكل ذلك وينصرف الزوج عن السماع تظن أنه لا يريد الاستماع لأي شيء، وهو في الحقيقة لا يريد الاستماع إلى التفاصيل والموضوعات الجانبية وليس رفض الاستماع من حيث المبدأ. خطأ الرجل في عدم الاستماع إلى المرأة لأنه يعتقد أنها تحاج إلى حلول للمشكلات التي تعرضها، حقيقة الأمر أنها فقط تحاج إلى التعاطف وموافقة على رأيها الذي قالته للجارة أو لبنت الجيران أو الأخت أو.......، وهي تحتاج إلى تفهم وموافقة على تصرف لا إلى حلول.
الموضوعات المتكررة في شكوى الرجال من النساء أن المرأة دائماً تحاول تغيير سلوك الرجل وتصرفاته وعلاقاته بالآخرين. عندما تحب المرأة رجلاً فإنها تشعر بأنها مسئوله عن مساعدته في النمو وتحاول مساعدته في تطوير طرق عمله، إنها تشكل لجنة تطوير منزلي، ويكون هو محور عملها الأول وبصرف النظر عن مقاومته لمساعدتها فإنها تصر على اقتناص الفرص لتقول له ماذا يجب علية أن يفعل، تشعر أنها تٌربية تربية جديدة في حين يشعر هو أنها تريد أن تسيطر عليه .
الرجال يتمنون القوة، الثقة، الإنجاز، فهم يقومون بفعل الأشياء لتطوير أنفسهم وسلطتهم وقدراتهم وإحساسهم بأنفسهم. كل شيء في عالم الرجال هو مرآه لهذه القيم، رجال الشرطة العسكريون، رجال الأعمال، سائقوا التاكسي، الأساتذة، معظمهم مهتمون بالنشاطات خارج المنزل يهتمون بالأخبار الرياضة ولكنهم لا يهتمون كثيراً بروايات الحب.
تحقيق الأشياء شيء مهم بالنسبة للرجل حتى يشعر بالامتنان والرضا عن نفسه لا بد أن يحقق تلك الأهداف بذاته، فهم شخصية الرجل يساعد المرأة في فهم لماذا يقاوم الرجل أن يؤمر بما ذا يفعل، أن تقدم للرجل نصيحة لم يطلبها من امرأة يعني الافتراض أنه لا يعرف كيف يتصرف، أو أنه يتصرف خطأ الرجال حساسون بهذا الخصوص كون قضية الثقة مركزية في بنائهم النفسي.
النساء لهن قيم أخرى أنهن يتمنين الحب، والتواصل، والجمال، والعلاقات الإنسانية. إنهن يصرفن وقتاً طويلاً لتعضيد وطمأنة ومساعدة بعضهن بعضاً، إحساسهن بأنفسهن يمر عبر مشاعرهن ومستوى وعمق علاقاتهن، إنهن يصلن إلى الإنجاز من خلال المشاركة والتساند، كل شيء في عالم المرأة يؤكد ذلك، الحياة في اتصال متواز، وحب وتعاون وأهم لديهن من العمل والتقنية في معظم الأحوال. حياتهن متعاكسة مع حياة الرجال، ( لولا الاختلاف ما كان اتفاق) لا يرتدين نفس الملابس في أيام متعاقبة بل يفضلن أن يرتدن كل يوم شيئاً مختلفاً حسب حالتهن النفسية، التعبير عن الذات خاصة العواطف، مهم بالنسبة لهن بل ربما يغيرن ملابسهن أكثر من مرة في اليوم تبعاً للحالة النفسية، التواصل بالنسبة لهن عملية أساسية أن يشاركهن أحد في شعورهن الشخصي أكثر أهمية لهن من تحقيق الأهداف أو الحصول على النجاح. الأحاديث والاتصال فيما يبنهن مصدر ارتياح عظيم لهن. ذلك صعب على الرجل فهمه وتصوره، ممكن أن تفهم حاجة المرأة إلى التواصل والمشاركة عندما يقارن ذلك بشعور الرجل عندما يربح الرهان في السباق او عند تحقيق هدفه أو حل مشكله صادفته. الشعور بالراحة الذي يشعر به الرجل يماثله الشعور بالراحة عند المرأة عندما يستمع إليها ويتواصل معها. بدلا من التوجه السلبي الغالب في إنشاء علاقات عند الرجل، المرأة ليها توجه إيجابي في هذا الشأن على عكس التصور السائد.
بوحا وصمت
تقاوم المرأة الرجل ويقاوم الرجل المرأة في الكثير من القضايا، ليس بسبب اختلاف في النظرة إلى المشكلة المطروحة بل بسبب أوهى وأضعف، إنه اختيار التوقيت وطريقة العرض المرأة تحتاج إلى نصيحة ولكن ليس وهي غاضبة من شيء ما، تحتاج أولاً ممن يستمع إليها وفهم الأسباب والتعاطف مع هذه الأسباب، كما أن الرجل يكره أن تقدم له المرأة النصيحة عندما يخطئ في نفس الوقت ودون أن يطلب منها ذلك، وخصوصاً أمام الآخرين.
في هذه الحالة يقاوم كل منهما الأخر، عندما تقاوم المرأة حلولاً قدمها الرجل فإنه يشعر بأن قدرته على الحكم على الأشياء قد خضعت للتساؤل وبالنتيجة فإنه يشعر بعدم الثقة وعدم التقدير ويتوقف عن إبداء الاهتمام بالأمر. وعندما يرفض الرجل اقتراح المرأة تشعر أن حاجتها لا تحترم وشعورها غير مقدر، عندها تتوقف عن الثقة به ولكنها لو تدرك أن للرجل حاجات مختلفة تستطيع أن تفهم لماذا هو يقاومها، وربما لأنها أعطيته نصائح غير مطلوبة أو نقده بدلاً من مشاركته.
أحد الفروق الكبيرة بين الرجل والمرأة و كيفية التصرف أمام الضغوط، الرجال يتوجهون إلى الانسحاب والتركيز والنساء يتوجهن إلى التدخل العاطفي في مثل هذه الأوقات حاجات الرجل كي يشعر بالراحة تختلف عن حاجات المرأة هو يشعر بالتحسن عن طريق حل المشكلة وهي تشعر بالتحسن عن طريق الحديث عن المشكلة.
عندما تتحدث المرأة عن مشكلة فإن الرجل يقاوم الإنصات عادة، الرجل يفترض أن المرأة تتحدث عن مشكلاتها لأنها تعتقد أنه السبب في تلك المشكلات وكلما كثرت المشكلات شعر بأنه الملوم، لا يعرف الرجل أنها سوف تكون ممتنة فقط لو أنصت لها.
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
حوافز الرجل النفسية تختلف عن حوافز المرأة، الرجال يشعرون بالأهمية عندما يتحققون من حاجة الآخرين إليهم، والنساء يشعرون بالأهمية والتفاعل عندما يجدن الرعاية، عندما يشعر الرجل بأنه لا حاجة إلية في العلاقة يتحول إلى السلبية وكل يوم يمر يبقى لديه القليل لتقديمه لشريكه، على العكس عندما يشعر بأنه موثوق به.
كلما أظهر أحد أطراف العلاقة الزوجية تقديره لجهود الأخر واحترامه لرغباته وكأنه يدفع الأخر للتفاعل معه.
تغيرات طفيفة
من الضروري أن يتغير سلوك المرأة ولو تغييرات طفيفة لضبط العلاقة، والرجل يستطيع أن يقوم ببعض الأعمال كالعناية بالأطفال وتسخين الحليب، وربما تحضير وجبات خفيفة، هذه أدوات يحتاج إليها للضرورة، والمرأة عليها أن تعرف كيف تغير لمبات النور، وتتعامل مع الفاكس
قصة( مرة نسى أحدهم جواز سفرة في المنزل وذهب إلى المطار في مدينة أخري، وكان يحتاج إلى صورة من هذا الجواز بالفاكس كي يستطيع إكمال سفرة، ولكن الزوجة لم تكن ذات خبرة بالتعامل مع الفاكس فأضطر إلى إلغاء الرحلة والعودة، في ذلك المساء دعا زوجته إلى العشاء خارج المنزل.
إلقاء اللوم على الأخر من الأسباب المدمرة للعلاقة، والعلاقات غير الناضجة
يكره الرجل أن يهاجم أو يلام من المرأة خاصة إن كانت غاضبة ولا يعرف كيف يستجيب لهذا لا للوم، والمرأة تقوم بهذا اللوم لأنها في الحقيقة تريد أن تناقش الموضوع، لا لأنها تعتقد انه مسئول عما حدث.
الاتصال الجيد يتطلب المشاركة من الجانبين على الرجل أن يتذكر أن الشكوى من مشكلة ما لا تعني وضع اللوم عليه وعندما تشكي المراة، فإنها فقط تعبر عن إحباطها بالحديث في المشكلة. الكلمات السحرية لتعضيد الرجل هي أنها ليست غلطتك أنا ممتنة بأنك تنصت إلى، المشكلة إن الرجل دائماً يلوم المرأة على أنها لوامة حتى لو كانت تعبر له عن مشكلاتها، هذا موقف سلبي في العلاقة ويشير إلى توقف الاتصال النشط والصحي بين الجانبين.
في العلاقات الصحية فإن الرجل إن أحب إمرأة فهو يحتاج إلى الابتعاد لفترة قبل الاقتراب من جديد يبتعد الرجل لأسباب مختلفة وكذلك تحتاج المرأة إلى الابتعاد أيضا، ولكن سبب الابتعاد يختلف، تبتعد المرأة عندما لا تثق في أن الرجل يفهم شعورها، عندما تجرح من جديد او عندما يقوم بشيء خطئ وتفشل توقعاتها.
بالطبع الرجل يبتعد لأسباب أخرى، هو يحب ويثق في المراة ولكن فجأة يبتعد مثل شريط المطاط، ابتعاد الرجل يحقق طموحه في الاستقلال.
تتجنب المشاحنة
واحد من التحديات الجسام في العلاقة بين الرجل والمرأة هو كيف نتعامل مع الاختلاف وعدم التطابق في وجهات النظر وإذا اختلف الشريكان فإن نقاشهم يتحول إلى مشاحنة ثم إلى عراك دون إنذار آو تمهيد، فجأة يتوقفان عن الحديث بطريقة طبيعية، وبشكل تلقائي يبدأ كلاهما بتجريح الأخر، واللوم والشكوى والمطالبات والمقاومة.
عندما يحدث كل هذا فإن الرجل والمرأة لا يجرحان شعور بعضهما البعض فقط وإنما يجرحان العلاقة بينهما. ومثلما أن التواصل هو أهم ما في العلاقات فإن المشاحنة قد تكون أسوأ ما في العلاقة لأنه كلما كنا قريبين من شخص ما كان الجريح أكثر تأثيراً وعمقاً.
لأسباب علمية ينصح الشريكين بألا يتشاحنا، عند كثيرة المشاحنات يموت الحب، ويبدأ الخلاف وعدم الاتفاق وتذكر دائما أن المؤلم ليس ما نقول ولا طريقة ما نقول .
تذكر الاختلاف
بوحا وصمت
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
تغيرات طفيفة
الزواج المبكر
نقصد بالزواج المبكر الذي يتم قبل بلوغ سن الرشد أو بمجرد بلوعة. وفي هذا المجال هناك ثلاثة أعمار:
سن الرشد البيولوجي:
وهو العمر الذي يبلغ به النمو البيولوجي للإنسان للدرجة التي تمكنه من ممارسة الجنس للإنجاب.
سن الرشد القانوني:
وهو العمر الذي تعترف القوانين أو الأنظمة بأنه العمر الذي يصل به تطور الإنسان لدرجة انه أصبح مالكا للأهلية ويستطيع إبرام العقود وليس منها عقد الزواج، والسن القانوني الذي تم اعتماده من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية هو 18 عاماً.
سن الرشد الاجتماعي:
وهو العمر الذي يبلغ به النمو النفسي والاجتماعي للإنسان الدرجة التي تمكنه من إدارة الأسرة (اقتصاديا واجتماعيا) وتربية الأطفال بمستوى فوق المتوسط وهذه قضية تحتاج ملاحظات ميدانية واستشارات المختصين والاجتماعيين والنفسيين.
أسباب الزواج المبكر ( الأسباب العامة)
الجهل
يقصد هنا بالجهل ( الجهل الثقافي) والذي يكون مصاحباً أيضاً للمتعلمين ولكن من المؤكد أن التعليم هو من العوامل الرئيسية للقضاء على الجهل.
التخلف
الجهل يقصد به جهل أركان الأسرة، أما التخلف هو تخلف المجتمع فيمكن أن نصادف أسرة غير جاهلة في مجتمع متخلف ويمكن العكس أيضاً.
إن المجتمع الفلسطيني عموماً والريفي على التحديد مجتمع محافظ لا تزود الأطفال بثقافة جنسية رسمية علنية. ورغم ذلك يكثر الحديث أمام الأطفال وأحياناً معهم عن الزواج وكثيراً ما يتندر الآهل بسؤال الأطفال عن من يرغبون الزواج منه أو منها عندما يكبرون مما يفتح مبكراً أذهانهم على الزواج .
الانتفاضة
إغلاق المدارس ودفع الأولاد لسوق العمل مبكرا مما يدفع للزواج المبكر. كما أن الآهل يعتقدون أن تزويج أبنائهم يبعدهم عن خطر الاشتراك في الانتفاضة وإذ استشهدوا سيتركون أولادا يخلدونهم ويعوضون عنهم. كما أن إلغاء احتفالات الأعراس وفر في النفقات مما شجع على الزواج المبكر. أما فيما يخص الفتيات فلقد صارت الفتاه المراهقة خلال فترة الانتفاضة عبئاً على أسرتها تسعى الأسرة جاهده للتخلص منها بتزويجها مبكراً خشية أن تتعرض لإساءة لسمعتها سواء بنشاطها مع الشباب أو لعنف يمارسه معها الاحتلال أو لاعتقال.
الزواج من الأقارب
يعتقد العديد من الفلسطينيين خاصة في الريف أن الزواج من الأقارب هام ومفيد على كل الأصعدة. لذلك يقدم أبن العم على الزواج مع ابنه عمة رغم صغر سنه أو سنها وهنا نشير لما يسمى التبادل أي أن شابين يتزوج كل منهما أخت الأخر، وفي هذه الحالة قد يتزوج الثنائي الصغير تماشياً مع زواج الثنائي البالغ.
أسباب الزواج المبكر عند الإناث
الفقر
فالفقراء عادة يميلون لتزويج بناتهم لأول طالب مهما كان مبكراًُ وذلك ليرتاحوا من مصاريفها وخاصة إن كانت طالبة، والبعض يخشى أن يكون فقره عامل إجبارها على العمل عند الغير مما قد يسئ لسمعتها. والبعض الأخر يخشى أن يكون عقبة في طريق الخطاب ولذلك فهو يغتنم فرصة الطلب الأول ولا يدعها تفوته. يضاف إلى ذلك رغبة الفتاة نفسها بالزواج على أمل التغيير.
مفاهيم المجتمع
مازال المجتمع الفلسطيني يعتبر البنت هي العرض والكرامة والحرمة وأية علاقة لها مع رجل بدون زواج تؤدي لانهيار أعمدة الشرف في الأسرة، ولذلك يعتبر الزواج المبكر لها أمنا وقائياً يغتنمه معظم الناس بل ويسعى إلية البعض
تضخم عدد أفراد الأسرة
يضغط ذلك على الوضع الاقتصادي والبعد المكاني على البيت الضيق فمتوسط عدد أفراد العائلة الفلسطينية 7 أشخاص و91% من الأسر الفلسطينية تسكن في الغرفة أكثر من شخص واحد وهذا يشجع العائلة على التزويج المبكر ويشجع الفتاة على التغيير .
يعتبر البعض أن الزواج المبكر هو تأكيد على أن البنت جميلة ومرغوبة. ونشير هنا إلى أن بعض العجائز تدعي أنها تزوجت وهي صغيرة وبعضهن يبالغن في ذلك.
يفضل بعض الرجال أن يتزوج ابنه من فتاه ما زالت طفله لأنها حسب اعتقاده مازالت تحتفظ ببراءتها وبكارتها الجسدية والعاطفية كما أنه يكون بامكان الزوج وأسرتة أن يربوها كما يشاءون وبذلك تكون مفضله.
أسباب تزويج الذكور المبكر
الزواج في الساحة الفلسطينية ليس بالضرورة تشكيل أسرة مستقلة أو على الأقل لا يؤدي فوراً إلى تشكيل تلك الأسرة المستقلة.
الزواج من البنات يفضى إلى نقص النساء المكلفات بالخدمة في البيت مما يدفع إلى تزويج الأبناء حتى لو كان صغيراً بهدف تعزيز خدمة البيت .
ما زال الشعب الفلسطيني يعتبر العزوة والمهابة تقاس بعدد الرجال لذلك يتعجل البعض تزويج أبنائهم بهدف إنجاب الذ1كور ويضاف إلى ذلك أن الشاب ينظر له كصبي صغير دون سن معينة، أما إذا كان متزوجاً فهو من الرجال مهما كان عمره.
يعتقد البعض أن زواج الابن رغم التكاليف هو مشروع توفير وذلك لأنه يأتي بعاملة مجانياً كما أن الزوجة ستكون عاملاً من عوامل توفير الابن المبذر.
إن كان البعض يعتبر التزويج المبكر للبنت يصون شرفها فإنه بالنسبة للابن يكمل نصف دينه ويبقية للأسرة فهو يحميه من الفلتان لأن الأب يستطيع أن يجبر أبنته على الالتزام بالبيت ولكنه لا يستطيع فعل ذلك مع أبنه
إن السرية والخوف والتكتم حول المسألة الجنسية في مجتمعنا يدفع الكثير من الشباب إلى الزواج المبكر
الآثار السلبية للزواج المبكر
الآثار السلبية الاجتماعية
مما لا شك فيه أن القاصر مقصر عن اتخاذ القرار السليم وعن الإدارة السليمة لأي مؤسسة بل سمي قاصراً لأنه مقصر وقد لا نختلف حول إن قرار الزواج هو من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، وأن مؤسسة الزواج هي أهم مؤسسة في المجتمع وخاصة في بلادنا ففي بلادنا يتقاسم الزوج والزوجة الأبوية فالزوج هو رب الأسرة والزوجة هي ربة البيت ولنا أن نتصور الفوضى في كون رب/ة البيت قاصراً/ة.
الآثار السلبية النفسية:
يعتبر الزواج المبكر أحد عوامل التوترات النفسية والمختلفة وقد أفادت دراسة د. حسان المالح، إن حالات الإكتئاب والقلق والإحباط وضعف الثقة بالنفس عند من تزوجن في سن مبكرة؛ لأن الفتاة تجهد نفسها أمام مسؤوليات الزواج المتعددة وهي لا تزال غير قادرة على تحميلها. وينقص الكثير من المهارات والقدرات والمعلومات، إضافة إلى النضج العام، فهي ما زالت متقلبة العواطف والآراء ولا تزال حاجاتها العميقة العاطفية والتربوية دون إشباع .
النوع الإجتماعي أو الجند
النوع الاجتماعي هو مفهوم جديد نسبياً، يتعلق بتلك الخصائص الذكورية والأنثوية التي يقررها المجتمع، لا العوامل البيولوجية وتختلف الإناث عن الرجال في أن لهن عملين أساسيين يمكن أن يقوم بهما الذكور وهما: الحمل والرضاعة وبالتالي فإن الاكتساب الاجتماعي للسلوكيات التي تشكل الذكور إلى أولاد ورجال وتشكل الإناث إلى بنات ونساء وهي تلك التي يتعلم فيها كل من الجنسين قبولهما كسلوكيات ومواقف ومعتقدات وادوار ونشاطات ومقبوله لجنسهم يتعلمون أيضاً كيف يتعاملون مع الآخرين .
تتغير النظرة للنوع الاجتماعي من ثقافة إلى أخرى. حيث أن هناك عوامل عدة تؤثر عليها كالعرق والطبقة والوضع الاقتصادي والعمر والأوضاع الصعبة، والنتيجة هي اختلافات النوع الاجتماعي ( توزيع غير عادل للخدمات والمصادر والحقوق لكلا الطرفين) وهذا النوع من التحليل يتجاوز ببساطة القول بان الرجال والنساء والبنات والأولاد لهم ادوار مختلفة في المجتمع. وأنها تركز على أن احد الطرفين يقدر أكثر من الثاني حيث يحتكم على قوة أكثر ووضع أعلي وذلك يعود لجنسه.
وجوهرياً من المهم أن يفهم المرء كيف نتعلم أن نكون أولاداً أو بنات وبعد ذلك نصبح رجالاً ونساء. وهذا يتضمن ماهية السلوكيات التي نتعلمها لنؤمن بملاءمتها وقبولها. وهذا يرجع أيضاً إلى كيفية تعلمنا لطرق التعامل مع بعضنا البعض. وبشكل طبيعي ما نتعلمه يعتمد على نوع المجتمع الذي نشأنا فيه، وعلى وضعنا في المجتمع وعلى وضعنا الاقتصادي وعلى ومجموعتنا العرقية. ومن هذه المعتقدات والمواقف الاجتماعية يتعلم الطفل دور كل فرد ومن يصنع القرارات، على من تعود المنفعة ومن يسيطر على المصادر.
وهذا لا يعني أن نوعاً اجتماعيا فقط يقوم بكل العمل ويقطف كل الثمار. بل على العكس تماماً، حيث يعنى ذلك أن أحد النوعين يقوم بالكثير من العمل وقد لا يلتقي الثناء على عمله معنوياً أو مادياً وهذا يعني أن احد النوعين يسيطر غالباً على المصادر المتوفرة على حساب النوع الأخر، وعلى المدى القصير والمدى البعيد تنحى النساء للقيام بالكثير من الإعمال ولكن يحصدن القليل فيما يتعلق بالخدمات والمصادر المتوفرة في المجتمع. وهذا يعود لعاملين هامين: حيث تفتقر النساء للسيطرة على المصادر من ناحية ولا تحتكم على صنع القرار من ناحية أخرى. ويسعى التماس الذين يعملون في مجال المساواة بين الجنسين إلى تحقيق الاحترام المتبادل بين طرفي النوع الاجتماعي، وستكون هذه هي النتيجة إذا ما نظر إلى النوعين كطرفين متساويين يستحقان احتراما وحقوقاً وواجبات ومسؤوليات متساوية في المجتمع.
العنف داخل العائلة
بوجه عام يمر النزاع بعدة مراحل حتى يصل إلي مرحلة العنف فهو يبدأ من نقطة الاختلاف وعدم الاتفاق ويتدرج إلى مشكلات ثم صراع ثم عنف ثم حر،وعند الحديث عن العنف ا؟ الأسري نقول: .
إن أغلب طاقات المجتمع الفردية أو الجماعية تنبع من التراكيب الأسرية للفرد وكلما كانت التربية الأسرية مبنية على أسس سليمة وبناءه، كلما أنتجت من الكفاءات ما يردف المجتمع بعوامل القوة والنجاح، غير أن وجود ظاهرة (عدم التوافق الاجتماعي) في الأسرة هو من أخطر العوامل المؤدية إلى بروز حالات الانحراف في هذه النواة الاجتماعية الهامة، وغالباً ما يشكل الآباء الطرف المؤثر في هذه المعادلة الاجتماعية، وتبرز مسألة ضرب الزوجات كإحدى مصاديق العنف الأسري والتي تترتب عليها آثاراً سلبية قد تؤدي إلى هدم الكيان العائلي بالكامل ومن ثم نشوء جيل من الأبناء المشوشين فكرياً والمعطلي الطاقات والذين قد يُعبرون عن رفضهم للحالة باتخاذهم سلوكيات منحرفة تؤثر في حياتهم التي هي جزء من حياة المجتمع، ولا شك فإن سلوك الآباء العنيف سيرسم للطفل منهجاً يسير عليه في حياته لميزة التقليد التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم.
ويأخذ العنف داخل العائلة عدة أشكال مثل
- السب والشتم والاستهزاء والتسخيف والتحقير.
- العنف الجسدي كالضرب والإيذاء.
- العنف غير المباشر كحجز أشياء معينة كالمصادر والقرارات وعمد منحها للأخر.
- التجاهل والإنكار ومغادرة البيت وإظهار عدم الاحترام.
- التهديد والتلويح بالقوة والحرمان والابتزاز.
جدير بالذكر أن استخدام أشكال العنف السابقة يعتمد إلى حد كبير على مستوى الزوجين والخلفية الثقافية والمجتمعية التي ينحدران منها وكذلك على نوع الصراع القائم داخل العائلة ومستوى حدته، ومن ناحية أخرى على مستوى التماسك والتوافق الأسري وقدرته على حل المشكلات والصراع او التعامل مع الأزمة.
ولا يفوتنا إلى التنويه أن بعض الأزمات تزيد من تماسك الأسرة وصقل صلابتها لمواجهة أزمات ومشكلات أصعب وتعطي الزوجين الفرصة للتعلم والعمل كفريق لمواجهة الأزمات المستقبلية. بعضها قد يؤدي إلى انهيار الأسرة وحدوث التفكك أو الطلاق. وكذلك ليس بالضرورة أن يصاحب كل أزمة سلوك عنيف وليس بالضرورة أيضاً أن تنهار الأسرة لمجرد استخدام العنف من أحد الزوجين وذلك لتنازل أحد الأطراف أو لأن الطرف الأخر يطلب المغفرة وبوجه عام كلما كانت الأسرة متماسكة ومتوافقة كلما قلت احتمالات الوصول إلى العنف لحل النزاع.
ــــــــــــــــــ
كيف أصادق أختي؟
الاهتمام.. الدلال.. المحبة.. التميز.. كلها كلمات نسعى لها جميعاً، ولكن ما الذي تفعلينه لو كانت لك كل تلك الأشياء وجاءت من تحاول الاستيلاء عليها منك؟! ما الذي تفعلينه خاصة لو كانت من فعلت ذلك هي شقيقتك؟ ترى كيف سيكون رد فعلك؟!
تقول فتاة: أنا الأخت الكبرى.. كانت والدتي تأخذ رأيي في كل كبيرة وصغيرة في المنزل، ولكن بعد أن دخلت أختي المرحلة الثانوية بدأت أمي تستعين بها في تقرير بعض الأمور في المنزل، لقد بدأت أشعر بأنها تشاركني في كل شيء الآن.
وتقول أخرى: منذ أن دخلت أختي عامها السادس عشر تغيرت تماماً فبعد أن كانت تستشيرني وتخبرني بأسرارها ونتجاذب معاً أطراف الحديث أصبحت مشغولة للغاية، كل المكالمات الهاتفية تطلبها، جميع من حولها معجب بها، اشتركت في عدة أنشطة حتى أنه لم يعد لديها وقت لي مما يشعرني بالحزن.
استراتيجية أخوية
صديقتي.. التغيير هو سنة الكون الذي نعيش فيه ويجب أن تتقبلي هذا التغيير بصدر رحب، ولكن هذا لا يعني أبداً أن تتنازلي عن صداقتك لأختك، بل أن تقنعي نفسك بتقبل الشكل الجديد الذي بدأت تأخذه تلك الصداقة، والمجال مفتوح أمامك لبذل بعض المحاولات مع شقيقتك للإبقاء على صداقتكما التي تعتزان بها، ويمكنك القيام بالتالي:(54/212)
أشركي شقيقتك في حياتك واهتماماتك، وذلك بفتح حوار معها وأخذ رأيها في بعض المشكلات، فشعورها بحرصك على رأيها واعتزازك به سيجعلها حريصة على مشاركتك.
لا تكوني أنانية ولا تطلبي كل شيء لنفسك فكما تمنحك هي الاهتمام امنحيها أيضاً بعض الوقت لتحدثك عن مشكلاتها والصعوبات التي تجدها في حياتها ولا شك أن ذلك سيجعلك أكثر فهماً لها.
العلاقة بينكما ليست علاقة ندية واشتراكها معك في شيء لا يعني أن تتركيه أنت، فلا مانع من أن تنجزا بعض الأشياء معاً، فهذا سينمي بينكما روح الفريق، ولا شك أن هذا سيكون رائعاً.
إن كل شيء في الكون يتبدل وإذا كانت شقيقتك في الماضي بحاجة لحمايتك لها فهي الآن قادرة على حماية نفسها بل وقادرة على المشاركة والتعبير عن رأيها فلتسعدي بذلك فها قد أصبحت لديك محاور جيدة يمكنها أن توضح لك جوانب قد تخفي عليك في بعض الأمور.
اسعدي بتلك الحياة المليئة بالأنشطة التي تحيى فيها شقيقتك وتأكدي أن ابتعادها عنك شيء مؤقت فلابد أن تلجأ لك لأنك قد مررت بكل تلك التغيرات التي تمر بها الآن، فلتستعدي دائماً لأن تكوني بجانبها.
لا تطلبي منها التنازل عن هواياتها لتكون بجوارك، ولكن عليك أنت أن تكتشفي نفسك وتنمي هواياتك وتكون لك شخصية مستقلة.
كوني أكثر ثقة بنفسك، واكتشفي جوانب القوة في شخصيتك فهذا وحده الذي سيخلصك من إحساسك بالوحدة لغياب شقيقتك أو الخوف من أن تأخذ مكانك لدى الآخرين.
في النهاية.. تذكري دائماً أن الصداقة والأخوة لا يعنيان الارتباط الكامل بإنسان ما.. عليك دائماً أن تحافظي على شخصيتك المستقلة ولتكون العلاقة بينكما علاقة أخذ وعطاء وحب متبادل، وليست علاقة منافسة أو علاقة تبعية.. وتذكري أن العالم يتسع للكثير من الناجحين، فما بالك بأختك؟!
5 أدوات لإزالة الجليد الأخوي
إذا كنت تريدين إزالة الجليد بينك وبين أختك فتذكري التالي:
1-ادفعي بالتي هي أحسن، فمقابلة الإساءة بالإحسان سيبني بينك وبين شقيقتك جسور مودة لا تزول.
2-عاملي كما تحبي أن تعاملي، فلا يعقل أن تطلبي منها معاملتك بأسلوب لا تتبعينه أنت ذاتك في معاملتها.
3-تهادوا تحابوا.. لا شك أنك تحرصين في كل مناسبة على إهداء صديقتك ولو زهرة، ألا تجدين أن أختك تستحق مثل هذا الاعتصام؟
4-ادعيها لمشاركتك في إعداد طبق لوالديك لمفاجأتهما، فالمشاركة تجعل لكما الكثير من الذكريات الجميلة.
5-استمعي إليها ولا تسخري منها، فلا شك أن الأحاديث الشيقة حول مختلف الأمور ستقرب بينكما.
* المصدر :تحت العشرين /العدد (48) /ابريل 2000 / ص: 18
ــــــــــــــــــ
هل تعلم ان مراهقتك تختلف عن مراهقة ابنك..؟
يلعب الصديق دورا هاما في في هذه المرحلة بل هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه. ويكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي. ومن السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء ويحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق.
ونجد أن العلاقة التي توجد بين الآباء والأبناء تحكمها أربعة عوامل رئيسية:
الإحباط الذي يولد الرفض
صراع السيطرة
الحب (الذي يصفه البعض على أنه حب قاس).
الإحباط الذي يولد الرفض:
دائما ما يصطدم الأبناء بالرفض من قبل آبائهم لأنهم لا يعون أن "الأذن التي تسمع أفضل بكثير من اللسان الذي يرفض" كما أن الآباء لا يدركون فكرة التغيير التي يمر بها أبنائهم خلال هذه المرحلة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر دون أن يشعرون بذلك من خلال النقد المفرط،و عدم الصبر في التعامل معهم، و الغضب،و مقارنة الأبناء بعضهم ببعض، والشك في تصرفاتهم. ويحاول المراهق الهرب من ذلك كله باتباع سلوك غير حميد مثل اللجوء إلى الكذب- الخداع-السرقة- المشاجرة- إدمان العقاقير- شرب الكحوليات- التدخين- خرق القانون- ترك المدرسة- الانحراف الجنسي. فلابد أن يكون بجانب النقد التشجيع، والحزم،و الحب،و التوجيه، والاحترام
صراع السيطرة:
يأتي دائما الاختلاف الذي ينشأ بين الآباء والمراهقين من حب السيطرة وصراع القوى حول من هو المسئول؟ وأين تقع نطاق حقوق كل طرف منهما. فالآباء على حق حين يقولون أن الأبناء ليسوا مسئولين بالدرجة الكافية لأن يسمح لهم بأن يتخذوا قرارات. كما أن الأبناء محقون في قولهم أن الآباء يعاملوننا على أننا ما زلنا أطفال صغار. ومن هنا ينشأ الصراع من الاختلاف ما إذا كان الأبناء استطاعوا أن يمارسوا المسئولية بكفاءة في الماضي لاتخاذ قراراتهم الحاسمة في المستقبل أم لا؟!. كما أن الصراع ينشأ من ممارسة الآباء للسلطة ثم تركها في بعض الأحيان ومن ممارسة المراهق لها أيضا في بعض الإجازات والعطلات ثم انسحابهم منها باقي أيام الأسبوع. ويزيد من تعقد الموقف، المشاعر القوية الجارفة التي تميز شخصية الأبناء في هذه المرحلة إلى جانب طبيعة الآباء التي تغمرها روح الغضب والرفض
الحب القاسي:
وحب الآباء لأبنائهم فى هذه المرحلة ليس هو بالحب القاسى كما يصفه البعض منا ولكن المقصود به:
الحب القاسي هو ليس رفض لتصرفات الأبناء، لكنه يحدد حقيقة سلوك وقرارات كلا من الأبناء والآباء. وهو إعطاء قواعد واضحة للأبناء، بالإضافة إلى الحدود المنطقية مع توقع التزامهم بها.
ويعنى أيضا السماح للمراهق بخوض التجارب لمعرفة عواقب سلوكهم وتصرفاتهم ولا يهم هنا دور حماية الآباء لهم حتى تتاح فرصة التعلم لهم لأن التدخل وتقديم المساعدة هو جزء من المشكلة وستأتي الأمور على عكس النتائج المرجوة
الحب القاسي هو التزام الأبناء بحقوق آبائهم وإصرار الآباء على مثل هذه الحقوق بما أنهم يعيشون مع أبنائهم تحت مسمى كبير ألا وهو العائلة. وأخيرا يكمن معنى هذه الكلمة في وضع وتحديد خطط للعائلة والالتزام بها وهذا لا يعنى توقفك عن حب أبنائك أو العناية بهم لكن المقصود بها عدم معاملة الأبناء على أنهم غير قادرين على التصرف في حياتهم وتحمل المسئولية مهما كان ذلك قاسيا على الآباء أو الأبناء.
حقوق الآباء:
ولا نستطيع أن ننكر حقوق الآباء على أبنائهم:
العيش في منزل نظيف.
التعاون والراحة.
مسئولية الأبناء تجاه دراستهم.
النوم بهدوء في المنزل دون القلق على الأبناء.
معاملة الأبناء لهم باحترام
العناية بهم إلى جانب عنايتهم بأبنائهم
ونستطيع أن نقدم بعض الحلول التي تحكم علاقة الآباء بأبنائهم خلال هذه المرحلة والتي تعتبر أساس كل شئ والذي يحقق للمراهق الصحة والسلامة على كافة المستويات سواء أكانت نفسية أو جسمانية والتي يكون جوهرها الموازنة بين المرونة والسيطرة
إعطاء الأبناء قواعد واضحة: ينبغى أن تكون هناك قواعد محددة يضعها الآباء لكي يلتزم بها الأبناء بصفة مطلقة ولابد من الإصرار عليها ولكن في نفس الوقت على الآباء احترام آراء أبنائهم على أن تتوفر لديهم الرغبة في مناقشة قراراتهم معهم ولا يأتي ذلك إلا بالتزام الأبناء واحترام هذه العادات المطلقة
عدم المغالاة في ردود الافعال: لابد من الصبر، والصبر هو قبول الآباء لمشاعر أبنائهم كما يعنى الاستماع إليهم بالقلب إلى جانب الأذن، وأن تفتح الباب لآرائهم. وغالبا ما ينتاب الآباء القلق على أبنائهم فلذلك فهم يلجئون إلى العقاب عند الخروج عن القواعد المرسومة لهم، والعقاب مطلوب لكنه لا يعطى المراهق الفرصة على أن يسيطر على تصرفاته
تشجيع الأبناء: لابد من التشجيع لا السيطرة، الاهتمام بنشاطاتهم، واظهار الاهتمام بأصدقائهم، مع توجيه اهتمام خاص إذا كانت هناك مشكلة ما
التدقيق في الأمور الهامة فقط:ويعنى ذلك إهمال الأمور الصغيرة أو التافهة مثل (الملابس والموضة مع الالتزام بالحدود المسموح بها) لأنه إذا دقق الآباء على كافة الأمور سيولد ذلك شعور بالتمرد عند الأبناء
عدم معاملة الأبناء على أنهم أطفال: لا تعاملهم بصيغة الأمر فلا تستعمل الكلمات التالية (أنت لا تأكل على ما يرام، لابد أن تنام مبكرا، لن تستخدم السيارة حتى تظهر نتائج الامتحان).
تشجيع استقلاليتهم: : الاستقلال والانفصال وتحقيق الهوية هو ما يسعى المراهق لتحقيقه ويبدأ ذلك منذ سن الطفولة عندما يبدأ الطفل بالزحف والبعد عن أمه، ثم تظهر عند تصميمه لعمل بعض الأشياء بنفسه. أعطى لهم الفرصة للخطأ للتوصل إلى كل ما هو صحيح.
قائمة "لا": هناك قائمة يجب على الآباء الالتزام بها وينبغي أن يرددوها دائما أمام أنفسهم:
* لن أقوم بدفع غرامات المرور
* لن أهاجم المسئولين في المدرسة في الدفاع عن السلوك الخاطئ
* لن أسامح في العنف وعدم الاحترام في المنزل
* لن أعطى نقود للذهاب إلى السينما
* لا للدموع والغضب
* لا لمثلث اللوم لأنه لا يؤدى إلى نتائج إيجابية
علاج مشاكل الأبناء: التحدث بانفتاح عن المشاكل مع الأبناء والتي تعتبر من أهم عناصر العلاقة بين الطرفين وتطوير مثل هذه العلاقة أي علاقة الاتصال تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى المثابرة، وتنمو هذه العلاقة عن طريق قضاء بعض الوقت مع الأبناء مثل: أوقات الوجبات- اللعب- التنزه- الإجازات- الاحتفالات الصغيرة مثل أعياد الميلاد كما أنه لابد من تخصيص أوقات لكل طفل على حدة للتحدث عن المشاكل الصعبة التي يقع فيها. وهذه العلاقة معقدة للغاية وتظهر نتائجها عند سن المراهقة على وجه الخصوص لأن المشاكل الصغيرة التي لم يتم علاجها أثناء فترة الطفولة تتراكم وتصبح مشاكل أكبر وأكثر تعقيدا في مرحلة المراهقة
العقاب:
لابد أن يفرق الابن بين ما هو صحيح وخطأ فمن هنا جاء دور العقاب لكن العقاب لابد أن يكون إيجابيا وليس سلبيا، فالعقاب الإيجابي هو الذي يحمل بين طياته الفهم الآلي لكلمة السماح، وليس الإحساس بالذنب حتى بعد وقوع العقاب عليه. وصحيح أن الأبناء هم من يدفعون آبائهم إلى ممارسة العقاب عليهم علاوة على أنه ظاهرة صحية إلا أنه يتم وسط غضب كبير وقوة أكبر، فلابد أن يشتمل معنى العقاب على الحب كما لا يتم إلا بعد توجيه التحذير
فالسؤال الذي يسأل عنه الآباء باستمرار ويحاولون دائما تقديم له الإجابة هو "لماذا" و هو الذي يعتبر فى فى نفس الوقت الأساس في إعداد النشء علميا وخلقيا ونفسيا وبوجه عام صحيا، ولإعداد النشء على نحو سليم لابد أن تتوافر العناصر الآتية: الصحة الجيدة- علاقات الحب-توفير فرص التعلم، أما السؤال الآخر المحير الذي يسأله الآباء أيضا لأنفسهم هو: كيف نوفر لأبنائنا كل هذه الأشياء؟ ويأتي هنا دور المنزل ثم المدرسة ثم مجتمع الأصدقاء ومن بعده مجتمع العمل إلى جانب بعض العوامل الأخرى التي تنبع من داخل هذه المؤسسات الاجتماعية ومنها: الصحة النفسية،و الصحة الجسمانية،والنضج الاجتماعي والعاطفي،و مهارات اللغة،و المقدرة على حل المشاكل، والتفكير المبدع،و المعلومات التي تتوافر لنا عن العالم الذي نعيش في داخله، فعليك بمساعدة ابنك على التطوير وتذكر دائما أن:
- الأطفال تتطور وتنمو بمعدلات مختلفة
- لكل طفل نقاط ضعفه وقوته ولا يشترط أن تكون هي نفس نقاط الضعف والقوة عند كل طفل
ولابد أن تبدأ تنشئة الابن أو الابنة في مرحلة مبكرة على مرحلة المراهقة ولن يتم ذلك إلا من خلال:
- توفير البيئة الآمنة والصحية التي يغمرها الحب في المنزل أولا
- خلق جو من الإخلاص، الاحترام، والثقة المتبادلة
- إعطاء كل سن استقلاليته المحددة له
- تعليم المسئولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين
- أهمية تعلم قبول الحدود
- الاستماع إلى الآراء
- حل المشاكل
ولابد أن يفهم كل واحد منا أن العالم الذي عاش فيه الآباء عند مرورهم بمرحلة المراهقة يختلف عن العالم الذي يعيش فيه مراهقينا الآن.
* المصدر : فيدو نت
ــــــــــــــــــ
في 8 خطوات.. وبلا عقاب: طفل مطيع ومتعاون
يعتبر وضع القواعد السلوكية للأطفال أهم مهام الأم وأصعبها في الوقت نفسه فسوف يقاوم الطفل كثيراً لكي يؤكد استقلاله وأنت أيتها الأم تحتاجين للصبر، وأن تكرري حديثك مرة بعد مرة. وفي النهاية سوف يدفعه حبه لك، ورغبته في الحصول على رضاك إلى تقبل هذه القواعد. وسوف تكونين المرشد الداخلي الخاص به وضميره الذي سيوجهه خلال الحياة.
ولكن كيف نقنع الطفل بطاعة الأوامر واتباع قواعد السلوك التي وضعها الوالدان؟ تجيب الاستشارية النفسية "فيرى والاس" بمجموعة من الخطوات يمكن اتباعها مع الطفل:
1.
انقلي إلى الطفل القواعد بشكل إيجابي:
ادفعي طفلك للسلوك الإيجابي من خلال جمل قصيرة وإيجابية وبها طلب محدد، فبدلاً من "كن جيدًا"، أو "أحسن سلوكك ولا ترمي الكتب"، قولي: "الكتب مكانها الرف".
2.
اشرحي قواعدك واتبعيها:
إن إلقاء الأوامر طوال اليوم يعمل على توليد المقاومة عند الطفل، ولكن عندما تعطي الطفل سبباً منطقياً لتعاونه، فمن المحتمل أن يتعاون أكثر، فبدلاً من أن تقولي للطفل "اجمع ألعابك"، قولي: "يجب أن تعيد ألعابك مكانها، وإلا ستضيع الأجزاء أو تنكسر"، وإذا رفض الطفل فقولي: "هيا نجمعها معاً"، وبذلك تتحول المهمة إلى لعبة.
3.
علقي على سلوكه، لا على شخصيته:
أكدي للطفل أن فعله، وليس هو، غير مقبول فقولي: "هذا فعل غير مقبول"، ولا تقولي مثلاً: "ماذا حدث لك؟"، أي لا تصفيه بالغباء، أو الكسل، فهذا يجرح احترام الطفل لذاته، ويصبح نبوءة يتبعها الصغير لكي يحقق هذه الشخصية.
4.
اعترفي برغبات طفلك:
من الطبيعي بالنسبة لطفلك أن يتمنى أن يملك كل لعبة في محل اللعب عندما تذهبون للتسوق، وبدلاً من زجره ووصفه بالطماع قولي له: "أنت تتمنى أن تحصل على كل اللعب، ولكن اختر لعبة الآن، وأخرى للمرة القادمة"، أو اتفقي معه قبل الخروج "مهما رأينا فلك طلب واحد أو لعبة واحدة"، وبذلك تتجنبين الكثير من المعارك، وتشعرين الطفل بأنك تحترمين رغبته وتشعرين به.
5.
استمعي وافهمي:
عادة ما يكون لدى الأطفال سبب للشجار، فاستمعي لطفلك، فربما عنده سبب منطقي لعدم طاعة أوامرك فربما حذاؤه يؤلمه أو هناك شيء يضايقه.
6.
حاولي الوصول إلى مشاعره:
إذا تعامل طفلك بسوء أدب، فحاولي أن تعرفي ما الشيء الذي يستجيب له الطفل بفعله هذا، هل رفضت السماح له باللعب على الحاسوب مثلاً؟ وجهي الحديث إلى مشاعره فقولي: "لقد رفضت أن أتركك تلعب على الحاسوب فغضبت وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت، ولكن يمكنك أن تقول أنا غاضب"، وبهذا تفرقين بين الفعل والشعور، وتوجهين سلوكه بطريقة إيجابية وكوني قدوة، فقولي "أنا غاضبة من أختي، ولذلك سأتصل بها، ونتحدث لحل المشكلة".
7.
تجنبي التهديد والرشوة:
إذا كنت تستخدمين التهديد باستمرار للحصول على الطاعة، فسيتعلم طفلك أن يتجاهلك حتى تهدديه. إن التهديدات التي تطلق في ثورة الغضب تكون غير إيجابية، ويتعلم الطفل مع الوقت ألا ينصت لك.
كما أن رشوته تعلمه أيضاً ألا يطيعك، حتى يكون السعر ملائماً، فعندما تقولين "سوف أعطيك لعبة جديدة إذا نظفت غرفتك"، فسيطيعك من أجل اللعبة لا لكي يساعد أسرته أو يقوم بما عليه.
8.
الدعم الإيجابي:
عندما يطيعك طفلك قبليه واحتضنيه أو امتدحي سلوكه "ممتاز، جزاك الله خيراً، عمل رائع"، وسوف يرغب في فعل ذلك ثانية. ويمكنك أيضاً أن تحدي من السلوكيات السلبية، عندما تقولين: "يعجبني أنك تتصرف كرجل كبير ولا تبكي كلما أردت شيئاً".
بعض الآباء يستخدمون الهدايا العينية، مثل نجمة لاصقة، عندما يريدون تشجيع أبنائهم لأداء مهمة معينة مثل حفظ القرآن، ويقومون بوضع لوحة، وفي كل مرة ينجح فيها توضع له نجمة، وبعد الحصول على خمس نجمات يمكن أن يختار الطفل لعبة تشترى له أو رحلة وهكذا.
إن وضع القواعد صعب بالنسبة لأي أم، ولكن إذا وضعت قواعد واضحة ومتناسقة وعاملت طفلك باحترام وصبر، فستجدين أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً.
* المصدر : مجلة ابداع/عدد 779
ــــــــــــــــــ
على طريق معالجة ظاهرة السرقة
* د. علي القائمي
ان السرقة عند الأطفال ظاهرة تستوجب المعالجة، فمن غير المقبول أن يقدم الطفل على السرقة ويتحول لديه هذا الفعل إلى عادة مستهجنة ومتجذرة في شخصيته، بل لابد من العمل على اصلاحه ووضعه على جادة الصواب. ومعالجة مثل هذه الخصلة تستوجب مراعاة الجوانب التالية:
1 ـ دراسة العلل والأسباب: وهي الخطوة الأولى في الإصلاح، إذ لابد من تقصي الدوافع والأسباب التي تحدو بالمرء إلى ارتكاب السرقة، وهذا ما يوجب على أولي الأمر والمربين القاء نظرة على الفترة الماضية من حياة الطفل وملاحظة ما عرض خلالها من حرمان وقلق واضطراب وعلاقات ومواقف عاطفية، وما هي الظروف التي مر بها، والقدوات التي تأثر بها في حياته، وما هي المخلفات التي تركتها مثل تلك القدوات في ذهنه. والغرض المنشود من وراء كل هذا هو السعي لمعالجة هذا العيب الأخلاقي من نفس الطريق الذي نشأ منه.
2 ـ سد النواقص المادية: النقطة الأخرى المهمة في هذا المجال هي وجوب توفير الحد الأدنى من الحاجات المادية للطفل، سواء كانت هي السبب في نشوء عادة السرقة أم لا، وذلك لاحتمال أن يكون دافع السرقة أمراً آخر. فإذا ما عولج يبقى عامل الحرمان سبباً في اثارة هذا الفعل من جديد.
ان فرض الرقابة المشددة على تناول المواد الغذائية وما يترتب على هذا الفرض من شعور بالحرمان، وابعاد الأشياء التي يحبها الطفل عن متناول يده تعتبر كلها بمثابة تحريض له على ارتكاب هذا الفعل فمن الأفضل إذن إشباع حاجات الطفل من جميع الجوانب.
3 ـ اشباعه بالعطف والحنان: هنالك تأكيد واضح على ضرورة مؤانسة الطفل وأن يغمره أبواه بالعطف والحنان. ولابد أيضاً من وضع حد لا يتجاوزه لكيلا تكون له جرأة عليهما، وأن يحترم رأيهما.
إن القرب من الطفل يسهل على أولي أمره استشعار حاجاته، وفهم أفكاره، والاطلاع على ما يقع فيه من منزلقات كما ان وجود الاحترام يساعد على أن يكون أكثر انصياعاً لكلامكم. علّموه عدم الاتيان بعمل يقلل من مكانته لديكم.
4 ـ الاصلاح النفسي: في الحالات التي يكون النقص النقص الأخلاقي وسوء السلوك منبثقاً من عوامل نفسية، فلابد من الإسراع لاصلاحها، والتعرف على العقد التي يعاني منها، ومن هم الأشخاص الذين يرغب بالانتقام منهم؟ وما هو سبب اضطراباته؟ وما هي الهواجس التي تدفعه لارتكاب هذا العمل.
ذكرنا ان التظاهر، والتمرد، والاحتجاج على الأوضاع السائدة يدفع المرء في بعض الحالات إلى مثل هذا المنزلق. أما إذا أتيح لنا الكشف عن الأسباب الكامنة وراءها لأضحى من اليسير توفير مستلزمات الاصلاح والهداية، ونتمكن من ردعه عن ارتكاب السرقة من خلال ابداء المزيد من المحبة له، وتقديم الأدلة المنطقية التي يفهمها للتدليل على قبح هذا الفعل.
5 ـ توفير الأجواء الايجابية: يعتبر توفير الأجواء الايجابية والسلمية حقاً من الحقوق التربوية لكل طفل. فليس من الصحيح أن يتربى الطفل في أجواء تطفح بالجريمة والاستهانة بالقانون، والاعتداء على حقوق الآخرين، ولا من المناسب أن يترعرع في أسرة تمارس الجريمة.
لابدّ إذن من تطهير ذهن الطفل من النماذج السيئة، والمُثُل القبيحة، ووسائل الإعلام لابد وأن تخضع لتقييم جديد ورقابة صارمة بحيث لا تنعكس عنها بشكل مباشر أو غير مباشر نماذج تربوية قبيحة، وعلى المربين وأولي الأمر أن يكونوا أنفسهم قدوات صالحة ليقتدي بها الطفل نحو الاصلاح والصلاح.
6 ـ التوعية: وغالباً ما تهدف إلى تعريف الطفل بخطئه بلغة بسيطة ومنطق مفهوم، وذلك عن طريق التنبيه إلى أن مثل هذا العمل لا يرتضيه أفراد أسرته ولا سائر الناس، وان الله يغضب منه، وقد وضع له عقوبة قاسية. ويمكن في هذا السياق أن نشرح له كيف ان حياة الناس تغدو صعبة إذا تفشت فيها ظاهرة السرقة وصار كل واحد يسرق مال الآخر، وكم سيلحق بنا من الضرر نحن شخصياً إذا ما تعرضنا للسرقة وذهبت أموالنا. ويجب أن يفهم الطفل من خلال ايحاءاتكم المتكررة له أن السرقة ليست طريقاً صحيحاً في الحياة. وإذا اتسع هذا الفعل وصار يقترفه الناس فلن يكون من اليسير عليهم مواصلة الحياة بشكل طبيعي. وعلى العموم من المفيد بيان مضار السرقة للطفل بين فترة وأخرى.
7 ـ التعويد على عزة النفس: صحيح اننا قد لا نستطيع توفير جميع احتياجات الأطفال في جميع الأحوال، إلا أننا قادرين على أن نشرح لهم بعض الصعوبات والمشاكل التي تواجهنا، ومن المؤكد ان الطفل يفهم معنى الكلام ويتماشى معنا في مثل هذه الحالة.
بالامكان تعليم الأطفال على عزة النفس، وتربيتهم على الطباع الحميدة، ورفع مستواهم الفكري، وخلق شخصية قوية فيهم. فإذا عجز أحدنا عن توفير المأكل الجيد لهم في جميع الأحوال، يمكنه على أقل الاحتمالات أن يعودهم على عزة النفس ومناعة الطبع.
ـ الفنون اللازمة في هذا المجال:
يمكن توظيف الكثير من الفنون والأساليب لأجل اصلاح السلوك المنحرف لدى الطفل، وهي على العموم نفس الأساليب المتبعة في جميع المجالات التربوية لاصلاح الأفراد، وما يمكن اضافته إليها هاهنا يتمثل في ما يلي:
1 ـ ضبطه حال التلبس بالسرقة: عند التيقن من سرقة الطفل وتقديم الارشادات والنصائح الكافية له في هذا المجال، وعدم التزامه بها، ومعاودة ارتكابها يمكن حينها مراقبته لضبطه متلبساً بالسرقة ومكاشفته بحقيقة عمله، على أن لا يكون الهدف فضحه أو التشهير به بقدر ما يكون الغرض أن يفهم بأنه قد ضبط وهو يمارس بحيث تكون النتيجة من وراء هذا بناءة. ويمكن الاشارة إلى أنه قد شوهد وهو يسرق وان لن يُفضح أمره إذا امتنع عن تكرار ذلك.
2 ـ اظهار الأسف: بامكان أحد الأبوين أن يعلن للطفل عن شدة أسفه لقيامه بأخذ النقود مثلاً من الحقيبة أو من أي موضع آخر بلا أن يخبر أحدهما بحاجته. ويجب أن يقترن مثل هذا العمل بالروية والتأني بلا غضب أو انفعال. ومثل هذا الموقف له تأثير شديد على من يتطاول على السرقة للمرة الأولى. ان حدود الاحترام القائمة بين الطفل ووالديه، والتعبير له عن أسفهما لمثل هذا التصرف يعيده إلى طريق الرشاد ويجدي في تقويم سلوكه.
3 ـ اعادة المسروق: على أولياء الأمور والمربين الالتفات إلى ما يأتي به الطفل إلى البيت، ومن أين جاء بهذا القلم أو الدفتر؟ وبأية نقود اشتراهما وهل ادعاؤه أن صديقي أعطانيه، صحيح أم لا؟(54/213)
يمكن في بعض الحالات أن يقال للطفل تعال نذهب إلى بيت صديقك لنلاحظ لماذا أعطاه هذا الدفتر مثلاً. والغرض من هذا ارغامه على اعادة ما أخذ إلى صاحبه وليفهم أيضاً انه تحت الرقابة الدائمة، ومُعرّض للاستجواب. قد يحصل أحياناً أن يؤكد الطفل على أن هذا الدفتر له لكن أولياءه يعلمون انه لصديقه، في مثل هذه الحالة يبادر ذووه إلى تسليم الدفتر لصديقه أمام ناظريه.
4 ـ فرض الغرامة: حينما يعلم أولياء أمر الطفل انه قد سرق من جيوبهم نقوداً، واشترى بها مثلاً بعض المرطبات أو لعبة، من غير إذنهم، فإذا تكرر منه هذا العمل يمكن التصرف بالصورة التالية:
1 ـ تحديد الشيء الذي اشتراه.
2 ـ ارغامه على اعادة ذلك الشيء وارجاع نقوده لموضعها الأول.
3 ـ يستقطع المبلغ المسروق من يوميته.
4 ـ وفي نفس الوقت يحذر بأنه سيدفع ثمن عمله هذا غالياً. وفي كل الأحوال يبدو بيان قبح هذا الفعل وخطأ هذا التصرف عاملاً فاعلاً في الردع. والطريق الأمثل في كل الأحوال هو التعامل مع هذه العادات بروية وبعيداً عن الغضب.
5 ـ الوعظ والنصيحة: إن النصائح كثيرة الفائدة وهذا هو موضعها المناسب، أما إذا تكرر نفس الفعل بالرغم من توفير احتياجاته ومستلزماته وتهيئة الأجواء الايجابية في تربيته والتعبير عن السخط على تصرفه ولم يبدِ أي استعداد للكف عن هذه العادة. لابد حينذاك من اتباع طريق النصح المشفوع بالتخويف.
على الجميع أن يوضحوا للطفل ضرورة الاستقامة في حياته وأن لا يسرق، ويلتزم الطريق الصحيح وان هذا من صلب واجبه في الحياة، أما إذا شاء التخلي عن هذا الواجب فما عليه إلا أن يتمل عواقبه المريرة، إذ سيفتضح أمره أمام الناس وينال العقوبة الإلهية.
6 ـ العقوبة والمجازاة: نحن نعلم أن الطفل غير البالغ لا حدّ عليه، ولكن يمكن أن يعزز وعندما تفشل جميع الاجراءات المبذولة من قبل أولياء الأمور والمربين، ولا تفلح النصائح والارشادات والتحذيرات، وحينما تصبح الرقابة مجرد اضاعة للوقت، يتوجب حينها اتباع أسلوب العقوبة والمجازاة.
وكما نعلم أن للاسلام قوانينه في هذا المجال، وهناك قواعد خاصة بالطفل المميز حينما يقدم على السرقة، والعقوبات المقررة يمكن الاطلاع عليها في مضانها الفقهية.
ـ بداية الاصلاح:
يجب الوقوف منذ البداية بوجه السرقات الصغيرة، وتفهيم الطفل بقبح عمله ومقابلته بوجه عبوس لغرض ارغامه على الكف عن هذا العمل.
لقد ظهر من خلال الدراسات أن التساهل ازاء مثل هذا الأمر يخلق الكثير من المتاعب، والطفل إذا لم يتم اصلاحه في هذا السن يغدو من الصعب اصلاحه في ما بعد. وإذا تطاول في الصغر على مال الغير لابد من توعيته إلى عدم جواز أخذ ما ليس له ووجوب اعادته إلى مالكه، بل ويجب أيضاً الامساك بيده وأخذه إلى موضع السرقة واعادة المسروق إلى مكانه أو إلى صاحبه.
والحقيقة ان التأخير في الاصلاح يخلف نتائج غير سارة تتعمق جذورها تدريجياً حتى تتحول إلى خصلة متأصلة فيه وهو ما أشرنا إليه بالمثل المعروف بأن سارق البيضة اليوم يسرق في الغد جملاً. فليس من السهولة على الشخص الذي طُبع على عادة قبيحة، واستساغ طعم الانحراف، أن يكف عن ذلك عاجلاً.
ـ ملاحظات:
وفي نهاية المطاف أود لفت نظر الوالدين الكريمين إلى عدة نقاط في هذا المجال تتلخص في ما يلي:
1 ـ إذا حصل يقين بقيام الطفل بالسرقة، فلا داعي للاكتفاء بالاستفسار هل سرقت المبلغ الفلاني أم لا؟ لأنه سيقوم أيضاً بارتكاب سرقة أخرى وينكرها، بل يجب في مثل هذا الموقف اتخاذ اجراء حازم وقاطع.
2 ـ السعي إلى عدم فضحه والنيل من كرامته والاستهانة به أمام الآخرين، لأن هذا التصرف ينطوي على مضاعفات أكبر.
3 ـ إذا وجد انه يستحق العقوبة، فلابد من تطبيقها ولكن بعد العديد من التنبيهات والارشادات وينبغي أيضاً أن لا تكون قاسية وتؤدي به إلى التفكير بالانتقام. بل الأفضل أولاً السعي جهد الامكان لإصلاحه بالأساليب الايجابية والنصيحة والارشاد وما شابه ذلك، إلا إذا كان في مرحلة المراهقة أو البلوغ، فحينها يكون له حكم آخر.
4 ـ الاحتفاظ برباطة الجأش، وعدم خلط الحسابات مع بعضها. فإذا كسر الطفل إناءً وأراد والده توبيخه لا ينبغي له خلط الحسابات ومواجهته بالقول أيها اللص لماذا كسرت الإناء؟! بل يجب فصل الحسابات والمواضيع عن بعضها.
5 ـ في الحالات التي تٍستيقن فيها السرقة ينبغي مواجهته بصراحة منذ اللحظة الأولى وارغامه على اعادة المسروق إلى موضعه، ولا ضرورة هنا لطرح أية مقدمة للموضوع.
6 ـ السعي نحو عدم قطع العلاقة معه في كل الظروف والأحوال، ولا يقال له على سبيل المثال: أنا أقطع علاقتي معك لأنك سارق. بل المطلوب هنا ارشاده إلى اصلاح ذاته مع الاحتفاظ بالعلاقة بين الطرفين.
ــــــــــــــــــ
دبلوماسية التواصل الزوجي
* وليد أحمد المصري
تعتبر قضية التواصل بين الزوجين صمام الأمان الذي يضمن التماسك الداخلي لبنيان الأسرة, ويمتن أواصر علاقات أفرادها بشكل كبير, مما ينعكس إيجابًا على الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية, ويفعل دورها في بناء الإنسان المتزن انفعاليًا.
ترتكز قواعد العلاقات التواصلية الأسروية على وشائج متينة من الود والحب والإخلاص والتعلق والثقة المتبادلة, إنها مهمة لبناء أسرة قوية قادرة على لعب دور فعال في خلق شخصية أفرادها وتطبيعها بقيم ومثل حميدة, إنه لاشيء يعوّض العلاقات العاطفية المتسمة بالود والاحترام في الأسرة, لأنها تعمل على إزالة التوترات وتنفيس الضغوط الانفعالية من جوها.
لقد تعقدت الحياة العصرية نتيجة للتطور التقني والتفجّر المعرفي الهائل وثورة المعلوماتية المدهشة, الأمر الذي جعل العالم قرية صغيرة مما جعل حياتنا مليئة بالاضطرابات النفسية وأشكال القلق المختلفة, كل ذلك يلقي على كاهل الأسرة أعباء ومسئوليات جساما لتخفيف وطأة الظروف القاسية عن أفرادها, مما يجعلها ملاذاً روحيًا يلجأ إليه هربًا من صعوبة الحياة العصرية وتعقيداتها.
إدراك التمايز
يلعب التواصل الأسري والتفاهم بين الزوجين دورًا حيويًا في تحفيز قدرات الإنسان على العمل وجعلها أكثر فعالية, ويخلق مقدمات ضرورية لحياة الإنسان الروحية, ويحدد روح الأسرة وأسلوبها والأدبيات المتبعة في التنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين, كما يحمل في طياته السرور والسعادة, أو على العكس تمامًا يؤدي إلى إثارة الأحقاد والضغائن.
كما تتوقف علاقات الأسرة على اهتمامات الزوجين النفسية وميولهما وحساسيتهما الانفعالية وعلى مشاعر كل منهما تجاه الآخر.
إننا لا نعرف السعادة بمعزل عن الآخرين, ولا نتذوقها دون وجود زوجة وأطفال, وما يقوّي وشائج الأسرة ويمتنها هو وجود علاقات طيبة بين أفرادها.
ولكن ما العوامل التي تتوقف عليها طبيعة المناخ الأسري?
إن لكل أسرة خصوصية فريدة تميّزها عن غيرها, لكن خلق مناخ أسروي يتوقف على وقت الفراغ, والمستوى الثقافي, والتواصل النفسي, وانطباعات متنوعة. وبمقدور الزوجين أن يرفع أحدهما من شأن الآخر أو يفعلا عكس ذلك, لذا فإن المساعدة على إزالة عيوبهما ونقائصهما تتوقف على مستوى ذكاء كل منهما وعلى المودة التي يكنها أحدهما للآخر, لقد أشار المربي (بيلنسكي) إلى أن الاحترام المتبادل للكرامة الإنسانية يولد المساواة, فعندما يسود الاحترام والتكافؤ جو الأسرة, يكف الرجل عن التصرف كالسيد المطلق ذي السلطة والصلاحيات التي لا تناقش ولا تعارض, ولا تبقى المرأة عبدة مغلوبة على أمرها, أما الأُسر التي تسيطر فيها علاقات الأنانية والاستبداد, حيث لا احترام متبادلا ولا مساواة ولا محبة, كل ذلك يعتبر الأرضية الخصبة لنشوء أشكال مختلفة من الصراع والخلافات. وبهدف تجنب ذلك يترتب على الزوجين أن يعرف كل منهما الآخر بشكل جيد, وسمات طبعهما ومزاجهما, وأن يدرك كل منهما أنه شخصية متميزة تختلف عن شخصية الآخر بسماتها ومقوماتها وخلفيتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية, عند ذلك يمكننا نزع فتيل الأزمات التي يمكن أن تعصف بكيان الأسرة وتماسكها.
القواعد الأساسية
عدم كشف الخصوصيات الأسرية أمام الغرباء.
ضرورة التقدير والاحترام المتبادلين.
التخفيف قدر الإمكان من أشكال اللوم والعتاب.
عدم التحدث عن عيوب الزوج (الزوجة) أو الأطفال أمام الآخرين.
إمكان التأهب للدفاع عن الزوج (الزوجة) في حال نشوء خلافات مع الأصدقاء والأقارب.
من غير المحبذ لكلا الزوجين توجيه أي ملاحظات بحضور أناس غرباء لأن هذا قد يسبب الأذى لعزة النفس والمشاعر - ليس بالنسبة لهما فقط, بل وحتى الأطفال عامة والمراهقين خاصة.
الإيمان بالعقيدة الأسرية وعدم السماح لأي كان بالتدخل في شئون الأسرة الداخلية ولو كان من أقرب المقربين والأصدقاء.
القدرة على ضبط كل من الزوجين انفعالاتهما والتحكم بأعصابهما أثناء ثورات الغضب.
أن يكون باستطاعة الزوجين التنازل والتساهل, وهذا شرط من الشروط الأكثر أهمية بالنسبة لنجاح العلاقات الزوجية.
عدم اللجوء إلى أشكال العقاب الشديد لأن الإنسان الذكي يدرك المقصود بمنتهى السهولة.
عدم التسرع في قذف الزوجين, كل منهما الآخر, بكلمات قاسية وفظة, بل على العكس يجب أن تستخدم قدر المستطاع كلمات حسنة وجميلة. إن كلمات المديح والثناء مسألة مهمة جدًا وخصوصًا بالنسبة للزوج الشاب, لأنه أكثر صعوبة في التكيّف مع دوره كزوج مقارنة بالفتاة التي هي أقدر على التلاؤم مع دورها كزوجة, لذا يترتب على الزوجة الشابة أن تعمل على دفع زوجها ليصبح رب أسرة حقيقيا عن طريق مدحه وتشجيعه, وليس عن طريق إصدار الأوامر والمواعظ والإرشادات التي تقتل لديه الرغبة في فعل شيء ما.
عدم إطلاق بعض الاستنتاجات والتعميمات التي تتسم بالمغالاة والإطناب, على سبيل المثال (إنك لا تريد أن تفهمني أبدًا, إنك تتصرف دائمًا على النحو الذي تريده, طلبت منك ألف مرة,....) الزوج يمكن أن يخطئ, وكذلك الزوجة في تصرف ما, فيسارع الآخر إلى إطلاق سيل من التعميمات القاطعة, واصفًا شريكه بالفشل, إن هذا الموقف يمكن أن يجرح كرامة الزوج (الزوجة) جرحًا عميقًا قد لا يندمل أبدًا.
عدم كتمان الإساءة وكبتها داخل الذات, فكلما كشف الزوجان عن حالات الصراع بصورة أسرع كان تأثير ذلك أقل شدة في بنيان الأسرة. ويجب على الزوجين أن يعملا جاهدين على اتخاذ الخطوة الأولى ليلتقي أحدهما الآخر بهدف المصالحة وإزالة مسببات التوتر التي ولدت الأزمة.
أن يكون باستطاعة الزوجين التفاهم والمساعدة والتغاضي, وهذا شرط مهم جدًا. قام علماء الاجتماع بدراسة شملت مائة من الزوجات بمناسبة اليوبيل الفضي لزواجهن, تم توجيه بعض الأسئلة المتعلقة بأفضل الطرق والاستراتيجيات التي تقوي العلاقات الأسروية وتمتنها, فكانت النتائج أن 75% منهن أشرن إلى أن ما يسلح بنيان الأسرة هو الآتي:
ـ الاستعداد لمساعدة كل منهما الآخر.
ـ العفو السريع.
ـ توافر سمات مثل النزعة العملية, الاقتصاد المنزلي,....
أن يضع كل من الزوجين نفسه مكان الآخر ويحاول أن يغوص في عالمه الخاص ويساعده على فهم ما هو جوهري وأساسي, فقد لا يتمكن أحدهما من رؤية تفاصيل الحياة من منظوره الشخصي.
عدم الاختلاف بسبب أمور صغيرة, وعدم السماح بظهور صعوبات وتعقيدات تولد الصراع, والعمل قدر المستطاع على الإيقاف الآني للخلاف كي لا يتطور متخذًا منحى أشد خطورة, فالإنسان الذكي هو الذي يعمل جاهدًا على وقف الخلاف واجتثاث جذوره.
اتباع سياسة أسروية تتصف بالمرونة والدبلوماسية عن طريق تنشيط المشاركة في المسئوليات الأسرية. إن المحافظة على توازن الأسرة وتقوية دعائمها مسئولية جميع أفرادها, فلو واجهت الزوجة - على سبيل المثال - صعوبة ما سببت لها الإنهاك في الوقت الذي يقف فيه باقي أفراد الأسرة موقف المتفرج يعطون الإرشادات والنصائح التي تؤزم الموقف, وتمهّد لظهور الجفاء والفتور بين الزوجين, فإن هذا يترك أثرًا سلبيًا عسير الزوال.
أن يرفع دائمًا شعار (لا فظاظة ولا خشونة), وليعلم الزوجان أن لاشيء يحطم سعادتهما مثل الجلافة والقسوة. إن الحب الكبير والحنان والملاطفة والرقة والثقافة الجنسية والمعاملة الراقية مهمة جدًا لبناء علاقات أسرية سليمة.
ضرورة الاتفاق على استراتيجيات وأساليب تربوية واحدة بالنسبة لتربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة, مثل عدم تقديم التعزيز الإيجابي (حلوى, نقود...) بعد عقاب الطفل من قبل أحد الوالدين. إن عجز التواصل مع الأطفال يعتبر حقيقة كئيبة في هذا العصر المعقد. لقد أحصى علماء الاجتماع مدة التواصل بين الأطفال والأبوين, فكانت حوالي 15 دقيقة كل يوم, ولكن كيف يمكن أن نوفر الوقت الكافي للتواصل بأطفالنا وخصوصًا بالنسبة للأسر العاملة? إن المخرج الوحيد لهذه المشكلة هو استخدام يومي عطلة يخصصان بأكملهما للأطفال (القيام برحلات, الذهاب إلى مسرح الأطفال, زيارة المعارض الفنية وحدائق الحيوان...).
ضرورة العيش بثقة, بهدف البحث عن مصدر السعادة في كل شيء, (في كلام الطفل وخطواته الأولى, في النظرة اللطيفة والحنونة للشريك الآخر, في النجاح في العمل...).
وفي النهاية علينا العمل بقدر المستطاع على أن تكون هذه السعادة متبادلة, وفي ذلك فن راق للتواصل الأسري يمتن الأسرة ويحصنها ضد مختلف أشكال التفتت والتفكك والضياع.
ــــــــــــــــــ
كيف تطور صفات إبنك الحسنة ؟
* سلوى المؤيد
عادة ما ننتقد أبناءنا، عندما يخطئون ونحن نهدف من وراء ذلك إلى تطوير سلوكهم، إلا أن العالم النفساني المعروف ((فيتزوف ديدسون)) يقدم لنا من خلال كتابه ((كيف تكون حازماً بالحب؟)) أسلوباً جديداً لمعاملة أطفالنا لنحقق به هذا الهدف، أسماه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) الذي يقوم على أساس .. أن يمنح الأب طفله مكافأة عندما يحسن التصرف، حيث لاحظ هذا الدكتور المتخصص لسنوات طويلة في علم نفس الطفل .. أن الآباء عندما يعاقبون أبناءهم على سوء سلوكهم، فإنهم إنما يدعمون بذلك هذا السلوك السلبي .. لأننا لو سألنا أنفسنا، أيهما أفضل للطفل أن لا يمدح والده سلوكه الحسن أي يتجاهله .. أم عندما ينتبه لسلوكه السيئ ويعاقبه؟
سنجد بأن الطفل يسعده انتباه والده حتى لو كان ذلك في صورة عقابه .. ولهذا نجد تكرار الأطفال لتصرفاتهم السيئة لكي يحصلوا على المزيد من هذا الانتباه من آبائهم إذن، لو قام هؤلاء الآباء بملاحظة أبنائهم عندما يحسنون التصرف .. ومكافأتهم على ما فعلوا سواء كان ذلك بالاحتضان أو بمنحهم هدية بسيطة .. فإنهم يدعمون بهذا الاهتمام رغبتهم في تحسين سلوكهم .. وسنرى بعد ذلك أن الطفل سيتعود تدريجياً على أن يتصرف بشكل حسن .. لأنه يعتقد أنه بذلك يسعد والديه .. ثم سيشعر أن حسن سلوكه سيشعره بالإشباع النفسي .. وسيصبح جزءاً من شخصيته.
إلا أن على الأب أن يقرر بنفسه متى يمنح طفله تلك المكافأة عندما يحسن التصرف، ولا يعطيه إياها إذا طلبها لأنه إذا فعل ذلك فإنه سيعوده على الاستجداء. كما أننا سنلاحظ بأننا عندما نتبع هذا الأسلوب مع أطفالنا سنتعود على أن نلاحظ دائماً تصرفاتهم الحسنة .. وعندما نمدحهم على سلوكهما لحسن، فإننا بذلك ندرب أنفسنا دون أن نشعر على تركيز تفكيرنا على كل ما هو إيجابي حولنا .. أي أننا سنصبح عكس هذا الأب الذي جاء إلى الدكتور ((فيتزوف ديدسون)) يشتكي له سوء سلوك ابنه البالغ من العمر أربع سنوات .. طالباً منه أن يساعده لكي يجد وسيلة يحسن بها سلوكه وعندما سأله الدكتور ((ديدسون)):
ـ وماذا يضايقك من سلوك ابنك؟
انهال الأب سارداً بإسهاب كل تصرفات ابنه السيئة التي استخلص منها الطبيب أنه يعتدى دائماً على ألعاب الأطفال في الحضانة .. ويسيطر عليهم .. ويضرب مَن لا يطيعه منهم وغير ذلك من أفعال سلبية.
أما عندما سأله: وماذا يفعل ابنك من تصرفات ايجابية؟.
وقف هذا الأب حائراً لأنه لم يكن قادراً على أن يذكر، صفة إيجابية واحدة لابنه، عندئذ اقترح الدكتور ((ديدسون)) عدة صفات حسنة .. وسأل الأب إذا كان ابنه يتمتع بأحدها. ووجده يوافقه على بعضها، أي وافقه على أن طفله كان يذهب إلى الحضانة بسهولة، كما أن لديه طاقة وحيوية، وأن لديه شخصية محترمة بين زملائه.
إذن، لو أراد الأب في هذا المثال أن يطور صفات ابنه الحسنة، فإن عليه أن يطبق عليه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) أي عليه أن يمدحه عندما يلاحظ أياً من تصرفاته الإيجابية.
وقد حدث ذلك فعلاً، لأن الطفل عندما سمع والده يمدحه عندما يتصرف بشكل حسن شعر بارتياح نفسي .. وبدأ يستجيب له، وعندما انتقل الأب إلى مرحلة مكافأة الابن أي عندما أصبح يكافئ ابنه عندما يرتكب تصرفات حسنة جديدة، وجد أن سلوك ابنه أخذ يتحسن تدريجياً.
ولو سألنا أنفسنا ما نوع المكافأة التي نمنها لأطفالنا، فإن الجواب على ذلك هو أننا نستطيع اختيارها حسب شخصية كل طفل معتمدين على ذلك فيما يرغب فيه من أماكن يزورها أو أشخاص يحبهم أو هوايات يحب ممارستها .. أو أشياء يحب امتلاكها، أي مكافأتهم من خلال ما يميلون إليه معنوياً ومادياً.
لنفترض أنك كأب لا تريد من طفلك أن يكرر تصرفاً سيئاً يقوم به، مثل مشاجراته مع إخوته.
فإن عليك حينئذ أن لا تعاقبه أن تحاضره عندما يفعل ذلك، أي أنك تحرمه من الاهتمام الذي يريده ولو كان عقاباً.
وبدلاً من ذلك عليك أن تضع برنامجاً يقوى من صفاته الإيجابية، أي أنك إذا رأيته يعامل إخوته بلطف في ذلك النهار أن تمنحه مكافأة على ذلك التصرف مباشرة لكي تقوي رغبته في تكراره، وحتى إذا كرر ذلك مرتين أو ثلاثة في الأيام الأولى، فإن عليك أيضاً إعطاءه هذه المكافأة في كل مرة يحسن فيها التصرف مباشرة، من أجل تدعيمه في سلوكه.
أي أنك ستصبح بذلك الفعل وكأنك تصطاد ابنك وهو يتصرف بشكل إيجابي وتكافئه على ذلك .. أما إذا كان معه أخوه، فإن عليك عندئذ أن تكافأه معه .. على أن تقول لهما:
ـ أنا سعيد لأنكما لم تتشاجرا اليوم، هاهي ذي بعض الحلوى مكافأة لكما.
بقى أن أقول بأن علينا أن نبدأ أسلوب المكافأة الإيجابي مع أطفالنا وهم صغار، لكي يتعودوا عليه، ويشعروا بإشباع ذاتي عندما يحسنون التصرف، وهذا سيكون وحدهما فيما بعد مكافأة في حد ذاته لهم .. فيحاولون دائماً أن يطوروا سلوكهم بأنفسهم. وهذا ما نسعى إليه في تربية أبنائنا لكي يصبحوا أشخاصاً سعداء، يتمتعون بروح المسؤولية والرغبة في بناء وتقدم مجتمعاتهم.
ــــــــــــــــــ
مظاهر التوتر عند الطفل وأسبابه
التوتر مرض عارض يصيب نفسية الطفل لاسباب متعددة ... ويرافقه طيلة يومه ولا ينفك عنه فيفقده نشاطه ومرحه وتفتحه للحياة .. ويختلف تماما عن الغضب ولأنّ اكثر الآباء لا يميزون بين الغضب والتوتر عند الطفل .. لذا نطرح اهم مظاهر هذا المرض، حتى يمكن للوالدين تشخيص حالة المرض عند أبنائهم وهي كالتالي :
1 ـ ضعف ثقته بنفسه :
إنّ كل الآثار التي يخلفها التوتر على الطفل غير مرغوبة عند الوالدين بشكل عام، فالأم يحزنها أن تجد طفلها قلقاً يقضم أظفاره ويتعرض للفشل طيلة حياته في نشاطاته المختلفة ابتداءاً من المدرسة ثم حياته الزوجية والعملية .. وما نراه في مناطق كثيرة من امم تعيش تحت سطوة الحاكم الجائر دون ان تسعى لتغيير ماعليها بكلمة او حركة، ترجع اسبابه الى الافراد الذين تتكون منهم تلك الامم ممن فقدوا ثقتهم بأنفسهم فاصبحوا أذلاء .
2 ـ الجُبن :
ان الطفل حين يخشى الظلمة او النوم في مكان بعيد عن والديه، او خوفه من الماء الى غير ذلك من المخاوف التي تجعله جباناً لا يقدم ولا يؤخر .. وكل هذه المخاوف تأتي للطفل نتيجة توتره.
3 ـ تقليد الآخرين :
الطفل في مرحلته الاولى قد يأتي والديه يوماً بحركة جديدة وتصرف غريب كلما يلتقي بأقرانه .. وحالة الطفل بهذا الشكل تثير غضب والديه متصورين الامر مرتبطاً بانعكاس أخلاق قرناء السوء .. والأمر ليس كذلك، بل هي حالة التوتر التي تدفعه لإكتساب هذا الخلق وذلك دون ان يتعلمه من والديه.
4 ـ إزدياد حالة الغضب :
للغضب نوبات حيث تزيد وتنقص في الطفل في سنواته الاولى حسب حالته النفسية ... فإن كان متوتراً ازدادت عنده وتفاقمت مما يثير ازعاج والديه.
أسباب التوتر :
يجدر بالآباء الوقاية من المرض، وذلك بمعرفة اسبابه وهي كالتالي :
1 ـ التعامل معه بحدّة :
إنّ نفسية الطفل في المنظور الاسلامي لاتختلف عن الكبير، ولذا يكون ما يزعجهم يزعجنا... فالأم حين يتعامل احد معها بحدة، كأن يطلب الزوج منها أن تفعل كذا، ويقولها بعصبية وقوة، بشكل طبيعي تصيبها حالة التوتر أضافة الى عدم الاستجابة للفعل .. والأب كذلك حين يطلب منه رئيسه في العمل انجاز امر بصرامة وعصبية .. وهكذا الطفل يصيبه التوتر حين تقوله الأم بحدة : إخلع ملابسك بسرعة ? لايعلو ضجيجك ? انته من الطعام بسرعة .. إلخ، اضافة الى العناد وعدم الطاعة.
2 ـ تعرضه للعقوبة القاسية :
إن استخدام الوالدين للعقوبة القاسية المؤذية للجسد او النفس، كالضرب او التحقير او التثبيط .. تؤدي الى توتر الطفل في المرحلة الاولى من عمره.. وقد نهى المربي الاسلامي عن امثال هذه العقوبة كما طالب الابوين بالتجاوز عن أخطاء ابنائهم.
قال رسول الرحمة (ص) : (رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو ان يعفو عن سيئته) عدة الداعي : 61.
3 ـ شعوره بالغيرة :
إن الغيرة التي تصيب الطفل في السنوات السبع الاولى من عمره، وبسبب سوء التعامل معه تعدّ من الاسباب التي تجعل الطفل متوتراً .
4 ـ توجيه الانذارات إليه :
ان الطفل في مرحلته الاولى لا بدّ أن يكون سيداً كما نصت عليه التربية الاسلامية .. ومن مصاديق سيادته ان يكون البيت مهياً لحركته ولعبه... لأنّ تحذيرات الوالدين المتكررة للطفل في هذا العمر في عدم لمس هذه وعدم تحريك ذاك .. او الخوف عليه، فلا تتحرك هنا ولا تذهب هناك ... إن امثال هذه التحذيرات تجعل الطفل متوتراً.
واخيراً : وبمعرفة اسباب المرض يمكن للآباء الوقاية منه وتجنيب أبنائهم الاصابة به .. ليتمتع الطفل بالثقة التي تؤهله للنجاح في حياته .. كما يكون شجاعاً بإمكانه التغلب على مخاوفه .. ويرتاح الوالدان من بعض التصرفات السلبية التي تكون نتيجة لتوتر الطفل مثل ضعف الشخصية الذي يدفعه الى محاكاة افعال الآخرين .. إضافة الى ازدياد نوبات الغضب عنده .. كما إن عدم معالجة نفسية الطفل المتوتر، تعرضه للاصابة بعدة امراض وعادات سيئة، كالتأتأه، وقضم الاظافر، وتحريك الرمش، والسعال الناشف، وغيرها .
ــــــــــــــــــ(54/214)
اساليب المعاملة الاسرية والزواجية
* د. محمد محمد بيومي خليل
1 ـ تقديم نموذج طيب لأساليب المعاملة الزوجية ترغب الأبناء في الزواج وفي اتباع هذه الأساليب السوية في قابل حياتهم الزوجية. فالبنت التي ترى أمها تحترم أباها لا شك أنها ستحترم زوجها في المستقبل والعكس صحيح، وهذا بالنسبة للابن تماماً، فالابن الذي يجد أباه يحترم أمه ويقدس الحياة الزوجية، لا شك أنه سوف يقدسها ويتكون لديه اتجاهاً موجباً نحوها.
2 ـ اتباع أساليب معاملة والدية سوية مع الأبناء، فلا شك أن اتباع مثل هذه الأساليب سوف يساعد على خلق شخصيات ناضجة عاطفياً ووجدانياً، لديها مفهوم موجب عن ذاتها، مما ينعكس على اتباعها لهذه الأساليب السوية في تعاملها الزواجي، وعلى العكس فإن اتباع أساليب معاملة غير سوية مع الأبناء سوف يخلق شخصيات قلقة مضطربة تفتقر للنضج العاطفي والانفعالي، لديها مفهوم سالب عن ذاتها مما ينعكس سلباً عن أساليب معاملتها الزوجية مستقبلاً.
3 ـ تقديم المعارف والمعلومات الصحيحة والمبسطة عن الحياة الجنسية والزوجية للأبناء بشكل مبسط ومقبول.
4 ـ عدم إرغام الأبناء على اختيار شريك أو شريكة حياة لا يرغبون في الزواج منه والاكتفاء بالنصح والمشورة.
5 ـ عدم المغالاة في المهور عند زواج البنات ومراعاة الكفاءة والتكافؤ ومستقبل شريك أو شريكة الحياة.
6 ـ البعد عن التدخل السافر لفي حياة الأبناء بعد زواجهم وتركهم يعيشون هذه الحياة كما يرغبون مع التدخل بالنصح والارشاد والصلح عندما تقتضي الظروف ذلك وبرغبة الأبناء.
ــــــــــــــــــ
كيف توفر الظروف لطفلك كي يطيع أوامر الآخرين؟
* وليم و.لامبرت وولاس إ.لامبرت
ـ المطاوعة الاجتماعية:
ركز معهد فِلْس Fels في أنتيوخ بولاية أوهايو الأمريكية، وهو رائد في البحث حول عملية التنشئة الاجتماعية، على الظروف التي يطيع الأطفال فيها أوامر واقتراحات الآخرين. وتتطلب استراتيجية المعهد فحص للضغوط المنزلية بشأن ضبط العدوانية والعصيان، وهو العامل الرابع الذي كشفت عنه دراسة الثقافات الست المذكورة أعلاه. وقد وضع الأطفال من أعمار مختلفة في دراسة معهد فِلْس تحت الملاحظة في المنزل والمدرسة، بحيث يمكن وضع ميولهم للمطاوعة في إطار سلوكهم الكلي.
وقد اكتشف باحثو معهد فلس أن الميل للمطاوعة يبدأ بصورة مشتتة إلى حد ما، ولكنها تثبت مع نضج الطفل. وبالتالي، فمن غير الممكن التنبؤ بما إذا كان طفل في الثالثة إلى الخامسة من العمر سيطيع أو سيقاوم في المدرسة من مجرد معرفة سياسة والديه بشأن المكافأة والعقوبة. ولكن من الممكن التنبؤ على أساس هذه المعرفة بالنسبة للأطفال الأكبر، كما أن المكافآت (كما نجد غالباً بالنسبة للخيوط الأخرى من عملية التنشئة الاجتماعية) تبدو أكثر فعالية من العقوبات في توليد المطاوعة.
ومع تقدم الأطفال في السن يتزايد ثبات سلوكهم المطاوع. فأطفال الحضانة متسقون إلى حد ما في طاعة البالغين في البيت والمدرسة، ولكنهم ليسوا كذلك مع الأنداد. لكن الاتساق في المطاوعة مع كل من الأنداد والبالغين يبرز أكثر عند الأطفال الأكبر سناً (ست أو سبع أو ثماني سنوات).
وتتغير المطاوعة في علاقتها بالسلوك العام للأطفال من السنوات الأولى إلى ما يليها لتتخذ موقعاً أكثر مركزية. فطفل الحضانة المدرسية المطاوع مع أنداده ينحو أيضاً بصفة عامة إلى أن يعتمد عليهم للمعونة الجسدية، والدعم العاطفي، والموافقة. ومع ذلك، فإنه ينحو في نفس الوقت إلى أن يكون عدوانياً أو غير ودي تجاههم. وفي المقابل، فإن الطفل الصغير المطاوع مع البالغين، والمستعد لتصرف من تلقاء ذاته، يتسم بقدر قليل من العدوانية والسيطرة. وباختصار، فعندما يكون الطفل صغيراً ترتبط الاعتمادية عنده مع المطاوعة مع الأنداد، لكنها لا ترتبط بالمطاوعة مع البالغين.
والتوافق مع البالغين أساسي للتوافق العام عند الأطفال الأكبر سناً. ففي سن السادسة إلى الثامنة لا يصبح الأطفال الطيعيون للبالغين بعد متسمين بصفة الاعتماد على النفس إلى حد ملفت للنظر. إن ما يبقى هو فارق ثابت في السيطرة والعدوانية، إذ يقل ظهور أي من هاتين الصفتين عند الأطفال المطاوعين عن ظهورهما لدى الأطفال غير المطاوعين. ويسلك كل طفل هنا بنفس الطريقة تجاه الأنداد والبالغين، سواء أكان ذلك في البيت أو في المدرسة. إذ أدت الضغوط العامة والخاصة، بالإضافة إلى نضجه هو ذاته، إلى ظهور نمط واضح ومتسق عند وصوله إلى سن الثامنة. وهو يصبح الآن إما شخصاً مسيطراً أو مستسلماً. ولكن لا تبدو أن لهاتين السمتين أية علاقة بعد بالمشاركة الاجتماعية أو الاستقلالية. فقد أدت التنشئة الاجتماعية والنضج إلى سلوك أكثر اتساقاً بخصوص المطاوعة، لكن المطاوعة لا تبدو بعد الآن متصلة بالسمات الأخرى كما كان الحال من قبل.
ويبدو أن المطاوعة الاجتماعية كأحد جوانب عملية التنشئة الاجتماعية تستلزم عملية تعلم طويلة المدى. فالأطفال يكوّنون عادات المطاوعة نتيجة لأنواع المكافآت والعقوبات التي يستخدمها الوالدان، أو لنماذج السلوك التي يقدمانها. وتعمم عادات السلوك الطيع هذه في وقت مبكر إلى البالغين الآخرين الذين يشرفون على الأطفال في دور الحضانة، وتصبح في النهاية السمة المميزة لسلوكهم مع الأقران. ويمكننا القول أن السلوك الطيع هو حالة خاصة من التعليم الأدوي (العملية التي تتكون فيها العادات من خلال العلاقة الزمنية بين حدوثها والمكافآت والعقوبات). وأن هذه العملية تدار من قبل أشخاص آخرين مهنيين ومتنوعين، ولا سيما الوالدين.
ولا يكشف لنا هذا المثال ما إذا كان هؤلاء الأطفال الأمريكيون أكثر أو أقل مطاوعة (أو سيطرة وعدوانية) عن الأطفال من الثقافات الأخرى ـ فذلك يتطلب خطة بحث أكثر تعقيداً. وكذلك، فإننا لم نستبعد إمكانية أن تكون المطاوعة أو السيطرة راجعتين إلى المكونات الوراثية. إذ ربما تحدد الوراثة مسار نمو الطفل، أو قد تؤدي به إلى السلوك بطريقة قد تجعل والديه يحاولان التحكم في نموه بالمكافآت أو العقوبات من أجل راحتهم الشخصية أو من جراء حساسيتهم تجاه المعايير الاجتماعية. ويتطلب استبعاد هذه الإمكانية من حسابنا معرفة بعلم الوراثة أكثر مما هو متاح لنا الآن.
كذلك فإننا لم نستبعد تفسيرات أخرى. إذ ربما يقول الملمون بالمصطلحات الفرويدية إن نمو مثل هذا النمط السلوكي المتسق من الحضانة إلى المدرسة يقع عندما يستدمج الطفل قيم أحد الوالدين في طريقه للتوحد مع الوالد الآخر من الجنس المضاد (مما يؤدي إلى حل عقدة أوديب أو إلكترا). وقد يشير آخرون إلى القدر الأكبر من الاتساق في ضغوط الوالدين على الأطفال الأكبر سناً، مدعين أن سلوكهم الأكثر اتساقاً إنما يعكس فقط هذا الضغط المكثف بالمنزل، بالإضافة إلى الضغط المتزايد في المواقف العامة للأطفال الأكبر سناً باتجاه قيامهم بأدوار تتطلب السيطرة المتسقة (كأن يكون في وضع القيادة) أو المطاوعة المتسقة (كأن يكون تابعاً). وهكذا فمع تقدم الأطفال في السن يتغير سلوكهم ويتمايز من خلال استجابتهم باتجاه هذه الضغوط المباشرة. ومن الواضح أن التفسيرات المتاحة لعملية التنشئة الاجتماعية عديدة ومثمرة.
ــــــــــــــــــ
أزمة السادسة .. ماذا يفعل الأهل في هذه المرحلة؟
* الياس ديب
بعد السن الخامسة المتزنة الهادئة التي يبدو فيها الطفل، ثابت السلوك، واثقاً بنفسه، حسن التكيف، ملتزماً الأعراف والتقاليد المتبعة في محيطه العائلي، تأتي السن السادسة لتحول هدوء الولد واتزانه إلى قلق واضطراب وصخب، وتسوء علاقاته بأمه، ويقلق الأهل من جديد ساعة يرون ولدهم يعود إلى مرحلة سلبية شبيهة بمرحلة السنتين، مع فارق في العنف والحيوية والتمرد والنقاش، وحب توسيع دائرة تحركاته واكتشافاته، يحتمه فارق السن بين المرحلتين، مع ما يرافقه من زيادة في النضج والنمو والخبرة. ولا عجب فكلما ازداد نمو الولد، ازدادت نزعته إلى الاستقلال وتحطيم الأغلال التي تقيده، وازداد من ناحية أخرى خوفه من هذه الحرية، ومن قطع تبعيته لوالديه ولمحيطه، لأن مثل هذا القطع يحرمه الحماية والمساعدة والنصح، ويشعره بالقلق وعدم الطمأنينة والأمان.
إن هذا العمر هو عمر توسعي، ولكنه في الوقت ذاته امتداد لمراحل من العمر سابقة، لا انفصال بين حلقاتها ولا انقطاع.
فقبلا، وبالتحديد ابتداء من السن الثالثة، يتمكن الطفل من اكتشاف عالم الأولاد الآخرين، ولا سيما عند ذهابه إلى مدرسة الروضة، ويكتسب بعض العادات الاجتماعية، كالتحية، ومخاطبة مَن هم أكبر منه، أو مَن هم في عمره، والسير في الصف، والمحافظة على الهدوء، ومشاركة الآخرين في اللعب والأكل، وانتظار دوره في اللعب، والكلام، والتعبير عن أفكاره وعواطفه، والتهذيب في معاملة الغير، إلى ما هنالك من عادات اجتماعية حسنة.
ويتدرج الولد صعداً في نموه الجسدي والعقلي والانفعالي بسرعة كبيرة، فالنمو في السنوات الخمس الأولى من الحياة، وفي مرحلة المراهقة يكون سريعاً جداً. وبين هذين العهدين يتباطأ تدريجاً، خصوصاً في السنتين اللتين تسبقان المراهقة.
لقد استنتج الدكتور (بنجامين بلوم Benjamin Bloom) من جامعة شيكاغو، إثر بحوث عديدة أجراها، أن الولد يبلغ بصورة تقريبية نصف مستواه الذكائي في الرابعة من عمره و 30% علاوة على ذلك في الثامنة من عمره و الـ 20% الباقية في السابعة عشرة من عمره. لكن يجب الحذر من الخلط بين الذكاء والمعرفة. ففي الرابعة لا يكون الولد قد اكتسب 50% من المعرفة والخبرة اللتين سيحصل عليهما في المستقبل عندما يصبح راشداً. فالذكاء المقصود هنا هو القابلية التي يملكها الولد لاكتساب المعرفة، لا مقدار المعرفة بحد ذاته.
ومهما تكن نسبة الذكاء هذه قريبة من الحقيقة، أو بعيدة عنها، فالمهم أن نعرف أن البنيات الأساسية للشخصية تكون قد تكونت في السادسة من العمر. وهذه الشخصية هي التي ستنبئ، إلى حد ما، بسلوك الطفل، وبمدى نجاحه، أو إخفاقه في المستقبل.
وأهم الأزمات التي يعانيها الولد بين الثالثة والسادسة من عمره هي: المخاوف الشديدة ومن أسبابها: الظلمة، الأحلام المرعبة، رؤية بعض الغرباء، أو بعض الحيوانات، أو بعض المشاهد والرسوم المخيفة، أو بعض الظواهر الطبيعية، كالبرق والرعد والعواصف الخ، والغيرة، وعقدة (أوديب) اللتين سنتحدث عنهما في فصلين لاحقين، والفضول الجنسي.
وفي ما يختص بالفضول الجنسي نشير باقتضاب إلى أن الطفل في هذه المرحلة يحب حتى الوله أن يكتشف جسده، وجسد رفاقه صبياناً وبنات. لذلك نراه مرات كثيرة يراقب هؤلاء، أو يتعرى معهم، فيأخذ كل منهم يفحص بدقة واهتمام جسم رفيقه. وهكذا يعرف كل منهم إلى أي جنس ينتمي، ويكتشف الفوارق الجسدية بين الجنسين، فتكثر أسئلته حول هذه الفوارق وأسبابها، وحول كيفية تكون الأطفال وولادتهم.
فلنجب الولد بصدق عن جميع أسئلته. ولنحرص على جعل أجوبتنا واضحة ومقتضبة. ولا نخشَ من عدم فهمه لها. فهو إذا لم يقتنع، أو لم يفهم، فسيظل يطرح السؤال تلو السؤال، حتى يقتنع أو يملّ. ولا مانع لشرح هذه الأمور بوضوح من الاستعانة ببعض الكتب المصورة، والمعدة لهذه المرحلة من العمر.
ويجب ألا تقلقنا كثرة أسئلة الطفل حتى ولو كانت محرجة. فهو يسأل عن أمور الجنس بكل براءة، وشوق إلى المعرفة، كما يسأل عن كيفية سقوط المطر، ونمو النباتات والأزهار، أو عن المكان الذي تذهب إليه الشمس، بعد غيابها. فإذا لاحظ على وجوهنا امارات الخجل، أو الحرج، أو الاستغراب أو أية ردة فعل غاضبة، فإنه يظن أن جميع أمور الجنس غير نظيفة، أو محرمة، وهذا ما يزيد فضوله لاكتشاف كنهها ومعرفة أسرارها. وقد يستعين برفاقه ليميطوا له اللثام عن وجهها. لكن رفاقه غالباً ما يضللونه، لأن معرفتهم، في معظم الأحيان، لن تكون أوسع من معرفته، ولا أقرب إلى الصواب.
أن أزمة السنة السادسة أكثر عنفاً وأوسع مدى، بسبب زيادة نضج الولد، ورغبته في الاستقلال وزيادة الاعتماد على النفس، وتوسيع نطاق علاقاته بالعالم الخارجي، وفي اكتساب خبرات جديدة. لذلك نراه يحاول أن يدس أنفه في كل شيء، ويصبح صعب التكيف، لا يتحمل النقد واللوم والعقاب، ويهوى المديح. فهو يريد أن تجري الأمور حسب الطريقة التي يختارها، وأن يخضع الآخرين لرأيه وأمره. فإذا تَمَّ له ذلك وسارت الرياح حسب ما تشتهي سفينته، يصبح رضياً، عطوفاً، متحمساً للخدمة. أما إذا حاول أحد أن يحرمه ما يرغب فيه، فإنه يهاجم بوقاحة وعنف كل مَن يقف في طريقه. فهو متهور ومغامر، وشديد الثقة بنفسه، لا يخشى المصاعب، بل يجبهها، ويواجه مسببها بلا هوادة، ويحب أن يتحرر من وصاية الأسرة، ليأخذ مكانه تحت الشمس.
ومع أنه يظل في أعمق أعماق نفسه يحب والديه، ويشعر بعاطفة بنوية تجذبه إليهما، فإنه ينزعج إذا عومل كدمية، ويرغب في أن يعامل كشخص مميز، له مكانته واعتباره، وقد يبلغ به هوى الاستقلال حداً يجعله يحترم آراء بعض الراشدين، أكثر من احترامه لرأي والديه، وعبثاً يحاول والده أن يصحح خطأ، قد يكون المعلم وقع فيه، سهواً أو جهلاً، فإن ولده يأبى أن يعترف لأبيه بشداد الرأي، وبمعرفة تعلو على معرفة معلمه، ولو كان أبوه من المشهود لهم بالعلم وسعة الاطلاع. بعكس ما كان عليه في المرحلة السابقة إذ كان يعتبر أبويه معصومين عن الخطأ، ويحسب كلامهما آيات منزلات، وارشاداتهما دستوراً لسلوكه وتفكيره.
وفي هذه المرحلة يندمج الولد عادة في فريق، أو في عصبة سرية، لها قوانينها الخاصة. وكثيراً ما تحاول هذه العصبة أن تعتدي على الأولاد الآخرين، أو على عصبة مماثلة، أو منافسة لها في الحي.
لكن ليس من الضرورة أن يتبع جميع الأولاد، في هذه المرحلة، طريق التمرد والتطرف فكثير من الأولاد الذين يعيشون في جو سعيد فاضل ومتفهم، يتجنبون الظهور السافر، بمظهر يحط من كرامتهم، أو يخالف الأعراف المتبعة، حتى ولو كانوا منخرطين في عصبة معينة.
ماذا يفعل الأهل في هذه المرحلة؟
إن أهم ما يجب أن ينتبه الأهل إليه في هذه المرحلة يتلخص في ما يلي:
1 ـ بلوغ الولد حداً من النضج الجسدي والعقلي والانفعالي والاجتماعي يسمح له بالتعلم الجدي.
2 ـ بدء تكون الضمير الأخلاقي عنده. وقبلاً كان ما يرضى عنه الأهل هو الخير، وما لا يرضيهم هو الشر. أما اليوم فلم يعد رضا الأهل، أو حكمهم هما وحدهما المقياس للخير والشر، بل يضاف إليه حكم المعلم والرفاق، ومن هم أكبر منه سناً، وحكمه الشخصي. وبما أن كل شيء في بدايته يكون هشاً، فهكذا يكون ضمير الولد، في هذه السن. فأقل هفوة يعتبرها ذنباً كبيراً، ويؤنبه ضميره عليها تأنيباً شديداً.
فعلينا ألا نضخم هفوات الولد في عينيه، إذ يكفيه ما يعانيه من وطأة الشعور بالذنب.
أن كثيراً من الأهل يلاحقون الولد، بالتقريع المستمر اللاذع، بمثل هذه التعابير: كم أنت شرير! بزرتك عاطلة! لعنة الله على الساعة التي ولدت فيها! إلى آخر هذه السلسلة السوداء من التعابير التي تضعف ثقة الولد بنفسه، وتجعله يشعر بأنه مرفوض ومكره ومذنب. وشعوره المستمر بالذنب يسيء إلى نموه بشكل سوي، ويكون مثار عذاب له، عندما يصبح راشداً، ويمنعه من السمو إلى درجة الشعور الصحيح بالمسؤولية.
إن التربية لا تعني التأثيم، كما يقول أحد المربية (Eduquer ne signifie pas culpailiser):
فمن أهداف التربية تنمية معرفة الولد وإرادته، حتى يصبح قادراً على تمييز الخطأ، وتجنبه أو الإقلاع عنه.
3 ـ إن الولد يشعر بحاجة إلى إثبات الذات، وإثبات الذات قد يفترض الرفض. وهذا أمر طبيعي يجب ألا يثير حنقنا وقلقنا. فعلينا أن ننمي إثبات الذات في نفس الولد، بشكل سليم، لأن أهم تركيب في البنية الأساسية للشخصية هو رأي الولد في نفسه. وهذا الرأي يقرر نجاحه أو إخفاقه في المستقبل. فولد يعتقد في قرارة نفسه أنه مرفوض وعاجز عن عمل أي شيء مفيد، يهرب من العمل، قبل الإقدام عليه، أو عند أول صعوبة تعترضه. وماذا يرجى من ولد هذه حاله؟ هل يمكنه أن يصبح رجلاً يعول عليه؟ أما الولد الذي يشعر بأنه محبوب، ومقبول، وكفيّ، فيغالب الصعاب في سبيل الوصول إلى أهدافه.
وقد يستدعي الرفض عند الولد اصطدامه بالرفض. فالمجتمع الذي نعيش فيه يتضمن من المحرّمات والنواهي، أكثر مما يتضمن من الأمور المحللة. وكلمة (لا) تلاحق الولد منذ شهوره الأولى. فحيثما اتجه ترافقه كظلّه، ابتداء من فتح الخزائن، إلى لمس الكتب والمجلات، والأواني المنزلية على اختلافها. وكثيراً ما يرددها بلذة ظاهرة، لأنه يتاح له بواسطتها أن يفرض ارادته على محيطه، أو يقف متأملاً في أسباب هذه النواهي، وفيا لموضوعات التي تتناولها. وهذا ما حمل (الين Alain) على القول: ((التفكير هو أن يقال: لا)).
4 ـ إن الولد في هذا العمر يحب توسيع دائرة تحركه. لذلك يغادر البيت مرات عديدة في اليوم، ويقضي وقتاً طويلاً خارجه، ويحاول جهده أن يكتسب الأصدقاء. فعلى الأهل أن يساعدوه على إقامة علاقات صداقة مع الآخرين، وعلى معاشرة مَن هم في مثل عمره، وألا يمنعوه من مماشاتهم في طرائق لبسهم، ومشيهم وقص شعرهم، وتعبيرهم الخ لأن منعه عن ذلك يعني عزله عن محيطه الاجتماعي، وجعله أضحوكة بين رفاقه، ونعته بالرجعية، والحيلولة دون إفادته من خبراته الشخصية، ومن تحمل نتائج أعماله وتصرفاته، شرط أن يظل الولد ضمن حدود المعقول والمقبول اجتماعياً.
وإذا عجز الولد عن اكتساب الأصدقاء، فعلى الأهل مساعدته في هذا السبيل، لأن إخفاقه في عقد صداقات مع الغير، يؤثر تأثيراً سيئاً في تكيفه الاجتماعي والانفعالي، وفي ثقته بنفسه وبالآخرين.
فعلى الأهل أن يأخذوا بيده في معارج الحياة، بلطف وحنان، وأن يحاولوا مساعدته، كلما تعرض لصعوبة أو لمشكل، يتحديان قدراته وإمكاناته، وأن يستعملوا اللين في الأوقات التي تستدعي اللين، والشدة حيث تجب الشدة، وألا يخافوا من فرض العقوبة عليه، حين لا ينفع الكلام في تهدئته أو إصلاحه، وأن يلبوا الممكن من طلباته، ويرفضوا ما يتعذر تنفيذه منها. وهكذا يعلمونه أن ينظر إلى أمور الحياة بواقعية وموضوعية، فيعرف أنها ليست في جميع أحوالها حقلاً من الأزهار، أو كرماً على درب، بل الزهر فيها يجانب الشوك، والكروم السهلة المنال، تجاورها كروم مسيجة ومسورة، وأن كل ما يشتهي ويراد ليس دائماً قابلاً للتحقيق.
لكن ما نحب أن نلفت النظر إليه هو ألا يعاقب الولد، قبل استنفاد جميع وسائل الإقناع والإرشاد، وفي أبان سورة الغضب، أو في غمرة من السباب والصراخ، والحركات العصبية المخيفة، بل بهدوء الحاكم العادل، وحكمة المربي القدير، وحنان الأب والأم اللذين لا يبغيان من العقاب إلا منفعة ولدهما وحسن تكيفه نموه.
ــــــــــــــــــ
علم أبناءك كيفية العناية بالمسنين
عديدة هي المشاكل التي يعانيها المسنون نفسياً واجتماعياً، وطبياً، وهذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه الصفحة، وهدفنا أيضاً أن يقوم الحفيد " ابنك " بدوره كما ينبغي مع جده.
في هذا العدد نعرض لمشكلة نفسية كثيراً ما يمر بها أبناء المسنين وهي كيفية الحصول على رضا الأب المسن.. ونستضيف للإجابة على هذه المشكلة سناء مبارك الأخصائية الاجتماعية في مركز الرعاية المنزلية للمسنين.
*معاملة جافة
أرسلت أم سعود من الكويت مشكلتها والتي تقول فيها:
والدي مسن، عمره فوق السبعين، ويقيم معه في منزله أخي الكبير وزوجته وأبناؤه ومنذ فترة بدت معاملة والدي لنا جافة.. فهو يرى أن لا أحد يهتم به، وإذا انفرد بأحدنا يشتكي له من بقية إخوته وشكواه المستمرة من أخي الذي يقيم معه، فهو يدعي أنه لا يهتم به ولا يحضر له الطعام وهذا طبعاً غير حقيقي إن والدي أصبح جافاً وعصبياً حتى على الخدم ولا نعرف كيف نرضيه؟
وتجيب عليها الأخصائية الاجتماعية سناء مبارك قائلة: المسؤوليات السابقة لا يخلو بيت في مجتمعنا الكويتي من وجود مسن يحتاج في هذا العمر إلى رعاية مميزة واهتمام واضح من جانب أبنائه وأحفاده وخاصة إذا كان المسن قبل وصوله لهذا السن مسؤول عن أبنائه ومنزله وعمله وصاحب الكلمة الأولى والآمر الناهي ولذلك يعز عليه أن يكون جالساً من غير عمل لا يستطيع القيام بأي هدف.. وخاصة أنه بلغ من العمر 70 عاماً ويعاني من أمراض عدة فيكون من الصعب عليه تقبل هذا الوضع الجديد عليه.
*شغل الفراغ
وتستطرد مبارك ويحتاج هنا المسن إلى الرعاية الكاملة من جميع من هم حوله سواء كانت زوجته أو أبناؤه أو أحفاده فجلوسهم معه ومناقشته في أمور الحياة اليومية ومحاولة شغل وقت فراغه له الأثر الكبير على نفسيته وإسناد نوع بسيط من الأمور التي يقوم بها حتى ولو كان إحضار أغراض من الجمعية التعاونية إذا كان قادراً على السير، أو بمساعدة أحد أبنائه فذلك يكون له دور فعال في رفع حالته النفسية.
*المقاهي الشعبية والسوق
وتتابع الأخصائية سناء مبارك.. إن محاولة أخذ المسن يوم أو يومين في الأسبوع للخروج في نزهة لمحاولة الترفية عن النفس، أو حتى الذهاب إلى المقاهي الشعبية أو السوق، وذلك حتى لا يشعر بالملل والروتين اليومي الذي يكون فيه.. أما بالنسبة لأم مسعود.. فالحل بيدها وهو:
1-أن تجلس مع إخوانها وتحاول وضع أهداف وأسس لرعاية والدهم.. وتغيير جو المنزل بحيث ينتقل من مكان إقامته لزيارة أبنائه بشكل دوري ويجلس مع أحفاده حتى لا يشعر بالملل من وضعه الحالي.
2-محاولة التحدث معه باستمرار وشغل وقت فراغه مع جعل الأحفاد بجانبه باستمرار والتحدث معه أو مشاركته في غذائه أو عشائه حتى لا يشعر بالعزلة.
3-على الأبناء محاولة القيام بخدمة أبيهم ومتابعة أعماله الشخصية وألا يتركوا هذه المهمة للخدم، فالمسن بحاجة أن يشعر بالراحة والأمان من قبل أبنائه، وذلك من ناحية تغيير ملابسه ونظافته الشخصية وحتى غذائه يكون معداً ومقدماً من قبل الأبناء أو الأحفاد.. وذلك حتى لا يشعر بالغربة بين أهله.
*لماذا جفاؤه؟(54/215)
أما بالنسبة لنقطة الجفاء فتوضح سناء مبارك.. يمكن أيضاً قياس فترة جفائه في التعامل والبحث عن الأمور التي سبقت ذلك وهل اشتكي من أمور خاصة به أو هل هو مريض ويحتاج إلى رعاية طبية. أو لأنه كان يعتمد على نفسه في السابق مثل دخول الحمام والآن أصبح عاجزاً عن ذلك إن جميع هذه الأمور له وقع في نفسه حيث إنه يشعر بأنه أصبح عاجزاً عن القيام بأموره الشخصية وأنه أصبح حملاً ثقيلاً على أبنائه، إن الواجب على أم سعود وإخوانها هذه الحالة السابق ذكرها، عليهم جاهدين في محاولة تفادي أسباب الجفاف في الجلوس معه بمشاركتهم لوالدهم بالحديث والخروج إلى أماكن الترفية وشغل فراغه.
*معاملة ناجحة للمسنين
وتضرب الأخصائية سناء مبارك مثلاً ناجحاً للتعامل مع المسنين وتقول:
مسن يبلغ من العمر 80 عاماً مصاب بجلطة أفقدته النطق وسببت له الشلل.. ويقوم أبناؤه برعايته رعاية كاملة رغم وجود ممرضتين لرعايته، وهذه تعتبر من أهم الأمور التي يشعرون بها والدهم بوجودهم معه، بأنهم يحاولون شغل ذاكرته بين الحين والآخر بكتابة جميع أسماء بناته وأحفاده على ورق ومحاولة جعل والدهم يقوم بقراءتها أوعد الأرقام.. حتى لا يشعر بالملل أو الكلل.. وبالتناوب بالجلوس معه.. حيث إنه خصص يوماً لكل ولد من أبنائه وبناته بالذهاب إلى والدهم في منزله وقضاء اليوم معه، هذا غير التجمع الأسبوعي على الغداء أو العشاء.
سمات الشيخوخة
1-أهم ما يميز تلك المرحلة مما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم" ، وهي الصفات التي يعاني منها كبار السن الذين حددت أعمارهم بأكثر من 60-65 عاماً وذلك طبقاً لما حددته منظمة الصحة العالمية في تعريفها للمسنين.
2-ولقد حددت التعاليم الربانية أسس وكيفية التعامل مع كبار السن وبخاصة الوالدين حيث قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) من هذا نجد أن الإجلال والإكرام والاحترام والإحسان وأضعفهم حسن الحديث مرتبطون كلياً مع عبادة الله سبحانه وتعالى وهي أوامر واجبة التنفيذ على كل مسلم تجاه والديه أو وبالتبعية تجاه كبار السن عامة.
مجلة ولدي /العدد (33) أغسطس 2001 ـ ص: 52
ــــــــــــــــــ
كيف نفهم الطفل المكتئب ونساعده؟
كيف يعرف الأهل إن كان طفلهم مكتئبًا أو أنه معرّض ليصبح كذلك, وهل من المتعين أن يقلقوا, أو أن المؤشرات الملاحظة عنده ليست سوى لحظة طبيعية وعابرة ويجب ألا ينشغل بالهم?
إن هناك العديد من الأفكار المبسّطة والخاطئة التي تدور حول الاكتئاب وتحدد موقف المحيط من السلوكات الاكتئابيّة:
أولى هذه الأفكار الخاطئة تكمن في اعتبار الاكتئاب بمنزلة فقدان للإرادة, لضعف في طبع الإنسان أو في اعتباره, أيضًا, كمرض مخجل. والحقيقة تقال, يساهم مثل هذا الحكم بتعزيز أعراض الاكتئاب نظرًا لكونها - أي الأعراض - ليست سوى نوع من التضخيم لحال حزن أو فقدان للاهتمام أو فتور للهمّة عند الفرد المصاب. لذا, يدرك الاكتئاب كحال طبيعية (مضخّمة): يمكن فهمها إنما يصعب تحمّلها عند الآخر, فمثلا, يعتبر الطفل الذي يغسل يديه مائة مرة خوفًا من التقاط مرض معيّن مريضًا, لكن الطفل الذي لا رغبة له في القيام بأي شيء, يرفض اللعب ويبدو حزينًا يُفهم لفترة معينة ثم, بعد ذلك, يعتبر أن عليه تحريك نفسه.
وانعكاس هذه الأفكار الخاطئة تبدو اليوم أكثر فأكثر سلبية, خاصة أن الاكتئاب عند الطفل لا يعود لميكانيزما بيولوجية يمكن, بالتالي, الشفاء منها بتناول عقاقير طبية.
هناك, أيضًا, فكرة أن صغار السن لا يعانون اكتئابًا حقيقيًا, والواقع, أن الاكتئاب يصيب الأفراد من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية, لكن أعراضه تختلف باختلاف العمر.
ومن الأفكار الخاطئة الأكثر شيوعًا نذكر: الاعتقاد بأن الطفولة هي مرحلة سعادة, مرحلة الخلو من الهموم والمشاكل الحقيقية, وأنّ الهموم - إن وُجدت عند الطفل - لا يمكن أن تكون إلا عابرة وغير مؤذية قد ساد طويلا إذ كيف يمكن تصوّر إمكان أن يكون الطفل الصغير فريسة أفكار سوداء, قلق وغرق في الحزن?
والواقع أنّ الراشدين لا يدركون حال الانضغاط والقلق التي يمكن أن يعيشها الأطفال: فطلاق الأهل, خسارة شخص عزيز, نسق العمل المدرسي,...إلخ, كلها مصادر انضغاط يمكن أن تؤدّي للإصابة بالاكتئاب, هذا, مع العلم بأن هناك فروقًا بين الأفراد, إذ منهم من يتمتع بدرجة تحمّل وتكيّف مع الظروف أكثر من غيرهم. وهناك, أيضًا, واقع أن كل الأطفال ليسوا سعداء, وبخاصة أطفال اليوم معرّضون أكثر بكثير من قبل, وهم دون أي حماية, للتأثيرات الخارجية: لتأثيرات التلفزيون, بالدرجة الأولى, التي تعرّضهم لوقائع مؤلمة وقاسية (حيث يظهر العنف بكل أشكاله) وهم في العمر الأكثر تأثرًا بالخارج.
بالفعل, كان من الصعب تصوّر الطفل بحال اكتئاب, خصوصًا حين يترعرع ضمن إطار عائلي يوفر له الشروط الكفيلة بتحقيق تفتّحه وانفتاحه على الحياة, وبشكل مواز, بدا من الصعب غالبًا على الأهل الافتراض بأن ولدهم قد يكون مصابًا بالاكتئاب حين يرونه حزينًا, منغلقًا على نفسه, سريع الاستثارة, لم يعد يأكل كما في السابق, نومه مضطرب,..إلخ, والأخطر من ذلك أن العدد القليل منهم هو من أحسّ بوجوب التساؤل حول إمكان تهديد هذا الحزن الملاحَظ عند ولدهم لتوازنه النفسي في المستقبل.
وبالإضافة إلى ما سبق ذكره من أفكار خاطئة, هناك الاعتقاد السائد بأن المكتئبين يجدون أنفسهم بحال أفضل إن حاولوا رؤية الناحية الإيجابية من الأمور ذات التأثير الاضطرابي المهم, إذ يمكن لهذا التفكير المبسّط, إن تمّ توجيهه للفرد, للطفل والمراهق بوجه خاص, أن ينعكس سلبًا عليهما, بمعنى تعزيز الإحساس عندهما بأنهما لا يُفهمان من قبل الآخرين, الأمر الذي قد يعرّضهما, أكثر فأكثر, لمواجهة المشاكل بمفردهما ودون أي مساعدة: فجملة (سترى, غدا تنصلح الأمور...) لا معنى لها بالنسبة للأطفال إذ يفتقرون للخبرة التي تمكّنهم من معرفة أن الانفعالات, المشاعر والوضعيات يمكن أن تتغير, لذا, لا يمكنهم رؤية الناحية الجيّدة من الأمور.
كما أن الاعتقاد الخاطئ (التحدث عن الاكتئاب يزيد حال الشخص خطورة) ويساهم بتعزيز الاضطراب لأن التحدث عن معاناتنا يساعد, على العكس, بوعي حاجتنا للمساعدة, لطلبها ولبذل المستطاع بهدف التخلص من هذه المعاناة.
لكن تجدر الإشارة هنا لما حققه البحث العيادي والعلاج النفسي من قفزات تطورية هائلة على مستوى التدخل الفعّال إلى جانب المصابين بالاكتئاب, أكانوا راشدين أم مراهقين أم أطفالا. يضاف إلى ذلك ما تمّ الكشف عنه بخصوص احتمال أن يقع الإنسان, أي إنسان, فريسة اضطرابات نفسيّة (الاكتئاب من بينها) كواقع شديد التواتر عند كل فرد: طفلا كان أم مراهقا أم راشدًا.
من هنا يُفهم السبب في تركيزنا على موضوع الاكتئاب عند الطفل بهدف لفت انتباه المحيط (الأهل والمعلمين, بالدرجة الأولى) لوجوب إدراك هذا الواقع, ونعني به: واقع أن الحزن والأسى المعيشين من قبل الطفل قد يؤدّيان, في بعض الظروف, لإحداث ما يسمى بـ(الاكتئاب) عنده. ومع ذلك, هناك العديد من الأطفال الذين أبدوا مؤشرات اضطرابية متعددة كـ: الصعوبات المدرسية, سرعة الاستثارة, الانسحاب الاجتماعي (كالانطواء على الذات), القلق,...إلخ, لكن الأهل لم يدركوا أن هناك شيئا ما على غير ما يرام عند طفلهم وعليهم, بالتالي, الإسراع في التساؤل حول ذلك كي يتمكّنوا من معالجة الوضع قبل تفاقمه.
وتجدر الإشارة, من جهة ثانية, إلى واقع لاحظناه ونلاحظه بشكل شديد التواتر, ويكمن في عدم طرح العديد من الأهل التساؤلات بخصوص حال طفلهم إلا بعد تفاقم الألم عنده وبعد أن تصبح حياته اليومية غاية في الصعوبة, وتصبح الحياة العائلية, بالمقابل, أكثر فأكثر تعقيدًا وصراعًا. أما ما ساهم, ويساهم دائمًا, في تعزيز هذا الواقع فهو ما يكمن في صعوبة حصر اكتئاب الطفل لأنه لا يعبّر, عمومًا, عن حزنه: فمظاهر الاكتئاب تبقى مقنعة عنده ودون أي ارتباط ظاهري بالمشاعر الحقيقية التي يحسّ بها, ومع ذلك, نود الإشارة إلى أن الأعراض التي يبديها الطفل تبقى قابلة للملاحظة شرط أن يكون الراشدون على إلمام بها مثل: الهروب من المدرسة, تدنّي النتائج المدرسيّة عنده, خواف اجتماعي معيّن, شكاوى جسدية, فورات غضب عارم, نكد المزاج, نزوع لارتكاب الحماقات, ميل غير طبيعي للإيذاء (إيذاء الأخوة أو الحيوانات أو ميل للإحراق...),...إلخ.
لتفسير إمكان التحدث عن وجود الاكتئاب عند الطفل, ركّزت البحوث الأولى في هذا المضمار على فشل الطفل الصغير بالنسبة لحاجته إلى تحقيق تعلّقه العاطفي بأهله, بأمه على وجه الخصوص, أو على قلق يعتري هذا التعلق لدى حصول خسارة أو انقطاع معيّنين في هذا المضمار, ويظهر, عند ذلك, تحت شكل مؤشرات اكتئابية واضحة. لكن قلق الانفصال هذا لا يصبح مرضيّا إلا في حالات معينة (كأن يعيشه الطفل بشكل سيئ جدا يترافق مع: نوبات بكاء مستمر لساعات, اختلال سلوكه بعد ذهاب الأم, التعرّض لمخاوف قد تأخذ شكل الكوابيس, الخوف من الخطف, خوف من حدوث كوارث للأهل تعرّضه لخسارتهم,...إلخ).
باختصار سريع نقول, يكمن المحك الأهم للاستخلاص بوجود الاكتئاب في: ترابط مؤشرات اكتئابية عدة واستمرارها أي, تكرارها بالإضافة لدوامها على الأقل خلال فترة أسابيع, ومن مؤشرات هذا الخطر نذكر: تغيّر سلوك الطفل, فقدان اللذة في أي شيء, اضطراب قابليّته للطعام (فقدان أو زيادة هذه القابليّة) وبشكل متواتر, ثورته لأتفه الأسباب, بطؤه, تعبه, صعوبة التركيز عنده, صعوبة النوم, التفكير بالموت,...إلخ.
مؤشّرات لا يمكن أن تخدع
هناك مؤشّرات يجب أن تشغل بال الأهل أو المدرّسين (كراشدين يحيطون بالطفل ويرافقونه خلال فترة طويلة) حين يلاحظونها عند الطفل, من أهمّها:
أي تغيير في سلوك الطفل بالمقارنة مع ما كان عليه في السابق هو دائمًا مؤشر مُقلق, مثل: تغير قابليته للطعام أو للنوم, حالة استثارة, بطء نفس - حركي, انخفاض في الطاقة, شعور بالذنب أو بانخفاض القيمة الذاتية غير المتلائم مع الواقع, صعوبات على مستوى قدرات التفكير أو التركيز, أفكار معاودة بخصوص الموت, أفكار أو محاولات انتحار,... إلخ.
مشاعر وسلوكات سلبية يمكن ملاحظتها أو التقاطها عند الطفل, مثل: شعور عميق بفتور الهمّة أو بالإحباط واليأس, وانصراف عن نشاطات كان يقوم بها, رغبة عارمة بالبكاء (وأحيانًا كثيرة دون سبب), بطء الحركة, سلبية مفرطة, تعابير وجه حزينة وغير معبّرة, سرعة الاستثارة, عدوانية, انعدام الصبر,...إلخ.
فقدان الطفل لأي رغبة في القيام بأي شيء (أي نشاط أو عمل...): فالاكتئاب يتميّز دائمًا بفقدان الاهتمام واللذة, وإن بدرجات متفاوتة حسب الأفراد, مثال: لم يعد الطفل يميل للقيام بأي شيء, لم يعد يجد أي لذة, لم يعد قادرا على الإحساس بالتسلية (إن بمفرده أو مع الأصدقاء), ذلك مؤشر غاية في الأهمية, ومن المتوجب على الأهل الانتباه إليه منذ حدوثه عند الطفل كـ(عامل وقائي مبكر).
حال هياج, خاصة حين تظهر بشكل مفاجئ, مثال: أصبح الطفل لا يُطاق وعاجزا عن احترام الوظائفية العائلية بخصوص تناول وجبات الطعام أو عن البقاء أمام الطاولة,...إلخ.
البطء (أو التباطؤ) النفس - حركي, مثال: حديثه بطيء, فترات صمت تمتد عنده قبل أن يتمكن من الإجابة, التحدث بصوت ضعيف أو مثير للملل, حركات بطيئة للجسم, انخفاض معدل الكلام عنده (فقر الحديث أو الخرس), ذلك مؤشر مهم على وجود الاكتئاب: يعطي الطفل الانطباع بأنه في حال تعب مفرط, حين يبدي رغبته بالتواصل.
انخفاض شبه ثابت في مستوى الطاقة الحيويّة, حتى في غياب أي جهد, أي يجد صعوبة أو يستحيل عليه القيام بأي مهمة كـ: تحضير محفظة كتبه مثلا أو تنظيف أسنانه...إلخ, وعجز عن التركيز.
ظهور مفاجئ, وبشكل متواتر, لصعوبة التركيز, بطء التفكير وانعدام اتخاذ القرار وأحيانًا, شكوى من اضطراب الذاكرة وسهولة تشتت الانتباه عند الطفل. إن لذلك دورًا مهمًا في حدوث التدهور على مستوى تحصيله المدرسي. لكن, ينبغي الإشارة إلى أن الطفل قد يبدي, بشكل متواتر, صعوبات في التركيز دون أن تكون مؤشرًا للاكتئاب.
تفكير بالموت (مثال: الاعتقاد بأن الموت أفضل من أن يرسب فيضطر لإعادة سنته الدراسية) لا يقتصر على الخوف من الموت: (مثال: جدّي مسن, هل سيموت?). لكن, لابد من الالتفات هنا إلى أن الموقف من الموت وتمثل المفهوم بخصوصه يتطوّران عند الطفل ويضطرّانه للتعبير عمّا يشعر به في هذا المضمار وذلك في فترات مختلفة من حياته, ولابد, أيضًا, من الإشارة لحاجة الطفل إلى اجتياز بعض الفترات الاكتئابية في نموّه النفساني, لا بل هناك أحيانًا أفكار انتحاريّة عنده. إنما يجب أن تؤخذ هذه الأفكار الانتحارية دائمًا مأخذ الجد, هذا ويسهل على الأهل التقاطها إذ يسبق الحركات الانتحارية, بشكل شبه دائم, كلمات أو تعابير (خطيّة أو شفهيّة) تنم عن الانتحار.
والتساؤل الذي لابد أن يطرحه الأهل على أنفسهم يبقى: ما العمل لمحاربة الاضطراب? كيف يمكننا مساعدة ولدنا? وما الأخطاء المتعين عدم اقترافها?
بادئ ذي بدء نقول, يثير اكتئاب الطفل ردّات فعل عليه عند الأهل كـ: صعوبة التواصل مع الإخوة والأقارب, الإحساس بأنه يعيش وضعيّة إخفاق شخصي, صعوبة التواصل مع الزوج (أو الزوجة), إحساس بالخجل, لذا لابد من إيجاد توازن معيّن داخل الأسرة بين مرض الاكتئاب واحترام الأهل لإمكاناتهم النفسية والفيزيقية, أي قيام الزوجين بمراجعة للأمور, بين فترة وأخرى, كي لا تتسبب المشاكل المترابطة باكتئاب الطفل بانفصالهما, مثلا: استمرار التفكير في مختلف الأمور الخاصة بالعائلة والاهتمام بباقي الإخوة, دعوة الأصدقاء, عدم الخجل بخصوص اكتئاب الطفل (فالوضع لا يثير الخجل, كما أنّ الاكتئاب لا يعتبر بمنزلة ضعف, وكل إنسان معرّض للإصابة به).
عدم الإحساس بالذنب, خاصة من قبل الأم التي طالما اعتُبرت المسئولة الأولى عن كل شيء: صحيح أن الوراثة تعد من العوامل المسببة للاكتئاب, لكن تلك لا تعني حتميّة إصابة الأطفال به, لذا, يكمن الموقف الأكثر عقلانية والأسلم في عدم الشعور بالذنب (لن ينفع ذلك إلا بتأزيم مواقف الأهل, في الحقيقة) أو الإحساس بالقلق لأن في العائلة إرثا بيولوجيا اكتئابيا أو انتحاريا, والأهم, يكمن في عدم ترك الذات تتأثر بهذه الرؤية القدريّة غير السليمة.
ولمساعدة الطفل, ننصح الأهل بما يلي:
- لتجاوز حزنه, بإمكانكم إعطاؤه ورقة وأقلام تلوين, مثلا, وتشجيعه على التعبير عمّا يحس به قائلين له: حاول, تخيّل الحزن, كيف تراه: أهو ذو شكل محدد? ما حجمه? أهو غير منظور (لا يمكن رؤيته)? أله ألوان معيّنة?
من شأن محاولة ترميز الحزن على هذا النحو تسهيل عملية التعبير عن المشاعر المترابطة به (كالإحساس بالانغلاق, بالعزل, بالعجز عن الإحساس بأنه كالآخرين,...) بالإضافة لإمكان تقييم ما يطرأ عليه من تعديل مع الوقت (فيما بعد), كما تساعد عملية تمثل الحزن من قبل الطفل, وبالشكل المحسوس, على تقييم تطوّر وتماوجات مزاجه (مثال: (تغير لون الحزن, أصبح أقل قتامة, إنه الآن, أصفر اللون تقريبًا) أو (إنني أراه بعيدًا الآن, لم يعد يحاصرني).
لتعزيز احترام طفلكم لذاته, وبشكل مواز مساعدته على تجاوز الأفكار السلبية التي يكوّنها عن نفسه, من المهم جدا توجيه رسائل إيجابية تقيّم شخصيته, وهنا ننصح باستخدام كلمة (أنا) بدلا من (أنت) لدى توجهكم كأهل للطفل, إذ تصبح مشاعركم وما تطلبون من الطفل تنفيذه واضحين بالنسبة له, فمثلاً, لتوجيه اللوم إلى الطفل الذي لم يلتزم بالوقت الذي حدّده.., من الأفضل استخدام الجملة التالية مثلا: (حين أسمح لك بالعودة عند الساعة السادسة, أحب أن تلتزم بذلك, وإذا ما طرأ حادث معيّن, أودّك أن تتصل هاتفيًا لإعلامي بسبب تأخرك عن العودة في الوقت المحدد لأنني أقلق وأتخيّل العديد من الأشياء التي قد تحصل لك) بدلاً من استخدام الجملة التالية التي غالبًا ما يستخدمها الأهل (قلت لي بأنك ستعود عند الساعة السادسة, والآن تخطّت الساعة الثامنة! ألديك فكرة عمّا يمكنني تخيّله حين تتأخر في العودة!) حيث يوجّه الأهل اللوم للطفل لكنهم لا يقدّمون له سوى القليل من المعلومات حول نتائج سلوكه لكن, خصوصًا, ينسون أمر تذكيره بالسلوك المتكيّف مع الوضعيّة وما يتعين عليه القيام به فيما بعد. بتعبير آخر نقول, ينبغي وصف الوضعية الإشكالية, ثم المشاعر ثم الموقف المفروض على الطفل اللجوء إليه إذا ما تكرّرت الوضعية باستخدام صيغة المتكلم.
ومن المهم جدا, في هذا الإطار, تقييم الطفل (التكلّم عن الإيجابيّات التي قام بها سابقًا, أو حين كان في عمر أصغر) كوسيلة لتعزيز ذاكرة الأحداث الإيجابية عنده أي, باختصار: تدعيم الإحساس عنده بأنه شخص مهم, إما بتقييم صفات عامة يملكها (مثلا: (أنت شخص ذكي)) أو بالتركيز على نقطة محددة (مثلا: (أحببت طريقتك المهذبة بالإجابة على السيدة)).
من المهم, أيضا, مشاطرته (أي مشاطرة الأهل الطفل) بعض الأنشطة ولو لبضع دقائق في اليوم, والتعبير له عن مدى الإحساس بالفرح الذي عاشوه (مثلا, (أحببت كثيرا الرسم معك)).
لمساعدته على تجاوز صعوبات النوم, من المهم جدا تشجيعه على التعبير عمّا يدور في رأسه من أفكار: أخذ الوقت الكافي للتناقش معه ولمساعدته بالتعبير عمّا يجول في رأسه, وحين يعبّر عن أفكاره, لا تحاولوا إقناعه بأن أفكاره غامضة, بل حاولوا إعادة صياغة ما قاله دون تحريفه وطرح بعض الأسئلة عليه لاستكمال فهم ما يقوله, مثلا: إن قال بأن الأرض كالكرة, يمكن سؤاله: والكرة, كيف هي? أهي جميلة? ما لونها?....إلخ, بتعبير آخر نقول, كونوا بمنزلة (مرآة لأفكاره) كي يشعر بأنه مفهوم من قِبلكم: فالإصغاء له وهو يخبركم بما يدور في رأسه من أفكار دون مقاطعته ودون محاولة تفسيرها أو تبريرها يمكّنه من الإحساس بالثقة ومن النوم: فساعة النوم ليست للمناقشة أو للصراع, لذا عزّزوا الوصف الذي يعطيه بخصوص أفكاره, إذ قد يساعده ذلك على اتخاذ مسافة منها بعد التعبير عنها وحتى الضحك لدى تذكّره لها.
لمساعدته على تجاوز الخجل, هناك العديد من الاستراتيجيات التي بالإمكان استخدامها, لكننا ننصح الأهل, على وجه الخصوص, بما يلي: الطلب من الطفل ملاحظة سلوك تكيّفي - إيجابي قام به أحد الرفاق وتقليده, إذ يسهل على الطفل اتخاذ الرفاق (بخاصة من عمره أو بعمر قريب) كنموذج, وهنا ننصحهم بتعزيز ملاحظته لسلوكات الأطفال الآخرين عن طريق سؤاله حول ما يعجبه عندهم, ما السلوكات التي يقومون بها وتعجبه, الطلب منه أن يلعب مع الآخرين في الحديقة مثلا أو في ملعب المدرسة, إلخ.
لمساعدة الطفل على تجاوز الصعوبات المدرسيّة, ننصح الأهل بملاحظة السلوكات التي يتجنّبها, وبتقسيم هذه السلوكات إلى سلسلة مترابطة من المهمّات الصغيرة المتدرّجة وتشجيعه على الانخراط بها تدريجيًا, وهكذا, يسهل عليه تنفيذها إذ يبدو له الأمر قابلاً للتحقيق بدلاً من رؤيتها بمنزلة جبل عليه تسلقه مرّة واحدة.
لمساعدة الطفل العدائي, من المهم جدًا للأهل انتقاد السلوك الذي يقوم به وليس شخصه (مثال, بدلا من قول (لن تتغيّر أبدًا, أنت دائم الأذى), من الأفضل تحديد التعديل السلوكي المراد تحقيقه (أطلب منك ألاّ تؤذي أخاك)أو (إن حُرمت من التلفزيون هذا الأسبوع فلأنك تضرب دائما أحد رفاقك بالمدرسة مع أنك وعدت بعدم تكرار ذلك)), وإثارة دوافعه الإيجابيّة (مثال: (إن لم تؤذ أحدًا خلال أسبوع كامل, فسنسمح لك بالذهاب في النزهة مع رفاقك)). لكن, بالمقابل, من المهم جدًا للأهل أن يكونوا صبورين فيصغوا للتفسيرات التي يقدمها الطفل لتبرير سلوكاته إذ قد يكون أحيانًا ضحية, كما قد يكون على اعتقاد بأنه محق, وعليهم تجنّب كل الملاحظات ذات الطابع النهائي ((لن تتغيّر أبدًا)), أو الرفضي ((ضقت ذرعا بك وبتصرفاتك)), أو المثير لمشاعر الذنب عند الطفل ((تجعل حياتنا جحيمًا لا يطاق)), إذ إن الطفل, رغم حالة الهياج التي تحرّكه, يبقى حسّاسًا جدًا تجاه آراء الآخرين به وبالتالي, من شأن مثل هذه الملاحظات تأزيم حال اللااستقرار التي يعانيها.
خلاصة القول أن كل إنسان معرّض للوقوع فريسة الاكتئاب, لكننا نمتلك اليوم مجموعة من المعلومات التي تمكّننا من كشف وجوده في ضوء مظاهر الحياة العادية. لذا, تشكّل مسألة تقبّل واقع أن يُصاب الطفل بالاكتئاب أول وأهم خطوة في مضمار الوقاية, إذ لا ذنب لهذا الطفل بحدوثه: فهو (أي الاكتئاب) ليس نتاج كسله أو ميله للشر أو...إلخ, وله الحق في أن توليه العائلة الاهتمام والمساعدة اللازمين ليتمكّن من تجاوزه.
كرستين نصّار
ــــــــــــــــــ
الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
* د. عادل صادق
مساحات الصمت زادت على مساحات الحوار. كنا لا نكف عن الكلام. وكان الكلام هو وسيلتنا لتبادل أفكارنا ومشاعرنا. وكان يقول لي: إن أشد ما يمتعه هو أن يستمع لصوتي ناقلاً أفكاري معبراً عن عواطفي. كان يدمن تحاوراتنا. كان يقول لي: إن ذلك لا يقل متعة عن اقترابنا الكامل، ذروة اللذة تحتاج عقله. كانت تعجبه أفكاري وآرائي، كان يرى فيها إبداعاً وفناً جميلاً وعمقاً. وكان يبادلني الحوار بنفس الحماس، وكنت أتلذذ بسماع صوته. كان أيضاً لا يكف عن الكلام نتكلم في أي شيء: علم، ثقافة، سياسة، مشاكلنا، أحلامنا، حبنا، أولادنا. كان يثري أفكاري بل ويثري روحي أيضاً، وكان هذا في نظري دليل، الاهتمام الكامل المتبادل ولذلك كانت تنتابني لحظات توتر حينما كان ينقطع الحوار دقائق، كان الصمت يقلقني. كان الافتراض الطبيعي عندي هو أننا يجب ألا نكف عن الكلام أبداً مادمنا معاً وجهاً لوجه، لحظات الصمت الوحيدة كانت حينما نجلس نقرأ قبالة بعضنا البعض. ولكننا كنا نقطع هذا الصمت عشرات المرات حول ما كنا نقرأ، ولذلك كان من المستحيل أن يؤدي عملاً متكاملاً بتركيز وأنا معه.
هكذا كنا ولسنوات قليلة.
ثم بدأت مساحات الصمت تزيد تدريجياً ويقل الحوار تدريجياً. وتحتضر الكلمات.(54/216)
ويزداد قلقي ثم ضجري وتتحرك مخاوفي وأتساءل: هل هو الملل يزحف على حياتنا؟ هل نضبت الكلمات؟ هل سئمت الروح .. ؟ هل فرغ العقل بعد أن فرغ كل محتوياته؟ هل مات الإبداع .. ؟
واستسلمت، لأنه لم يكن عندي أيضاً ما أقوله. ولكنني كنت ألقى اللوم عليه فهو الذي جرني إلى الصمت بعد أن قلت كلماته.
ولكن الحياة استمرت، والغريب أنني لم أشعر بافتقاد أي شيء، لم أشعر بنقص بل درجة الإشباع كانت كاملة ومخاوفي كلها نظرية.
وأخذت أتأمل الأمر بعناية وقمت بتجربة عملية، سجلت في ذاكرتي الكلمات التي تبادلناها في يوم معين منذ الاستيقاظ وحتى أوينا إلى فراشنا، لقد كانت حقاً كلمات قليلة. وقلت لنفسي حقاً لقد طرأ تغير على حياتنا. ولكن يبدو أنه غاب عني أن أتأمل معنى الكلمات وعمقها ودلالاتها التعبيرية. لقد حسبت الكلمات بالعدد لقد كان حساباً كمياً. مع أن الحوارات يجب ألا تقاس بعدد الكلمات، وإنما بالمعاني المتبادلة بعمق الأفكار، واكتشفت أنه غابت عني حقيقة أعم، وفي الثقافة اصبح قادراً على استخدام كلمات أقل ولكن ذات معان ومدلولات أعمق.
وغاب عني أيضاً حقيقة أنه كلما زادت سنوات المعاشرة، وكلمات زاد الاقتراب، وكلما عمقت العلاقة بين إثنين وخاصة حبيبين وزوجين، زادت قدرتهما على التحاور غير المنطوق. أي تصبح هناك وسائل أخرى كلامية بغير اللسان للحوار والتبادل والإحساس، يصبح كل منهما قادراً على قراءة وجه الآخر. بل من متابعة حركة العين ذاتها يستطيع أن يعرف الكثير عما يدور بخلد الآخر. وتصبح الابتسامة أكثر تعبيراً وتأثيراً وكذلك الإيماءة والحركة. وأيضاً السلوك التلقائي والسلوك المقصود. إنها درجات أقصى من الاقتراب إلى الحد الذي يصبحان فيه كأنهما شخص واحد. ومنطقياً فإن الإنسان لا يتكلم مع نفسه بصوت مسموع. ولكن الحوار يكون داخلياً بين الإنسان ونفسه حوار غير مسموع. وهذا هو ما يحدث بين الزوجين الحبيبين بعد سنوات من الزواج. تصبح حواراتهما غير مسموعة لأنها غير كلامية وغير لسانية.
وهناك شيء آخر أخطر يتعلق بالإحساس. إن إحساس كل منهما بالآخر ينمو ويكبر ويعظم إلى الحد الأدنى الذي لا يحتاج فيه إلى كلمات لنقله والتعبير عنه، إذ يصبح كل منهما في حالة إحساس دائم بالآخر. إحساس كل الوقت، عاطفية حقيقية راسخة مؤكدة، تبعث على الإحساس بالاطمئنان والأمان والاستقرار والثبات والخلود، ولذا تصبح أي كلمات غير كافية للتعبير عن هذه الدرجة من العواطف.
وبذلك يصبح الصمت بليغاً. أي أبلغ من الكلمات. ويصبح للصمت قدرة تعبيرية هائلة، يصبح الصمت معناه قمة الإحساس بالآخر، يصبح الصمت معناه أن كلاً منهما يعيش داخل عقل الآخر، وأن روح كل منهما ملتصقة بروح الآخر.
وهذا يختلف تماماً عن الصمت الذي يقصد به التعبير عن غضب أو رفض أو عداوة أو فراغ بالإحساس. نقلت إلى زوجي هذه الأفكار التي راودتني عن الصمت، فقال لي: كلما مرت بنا السنون ونحن نعيش معاً، ازددت حباً وفهماً واقتراباً، اشتدت بي الرغبة لأفيض وأعبر وأنقل لك ما بداخلي. وبعد أن تكلمنا كثيراً لسنوات وسنوات وأجهزنا على كل القواميس والمعاجم، لم أجد غير الصمت كأبلغ وسيلة للوصول إليك، أي إلى عقلك وروحك. كنت فقط أتأملك في حركتك وسكناتك، كنت أنظر إلى وجهك، كنت أتأملك في داخلي، كنت أطالعك وأنت نائمة، وكان هذا هو حواري معك الذي يشبعني ويسعدني ويثيرني.
ستصمت أكثر وأكثر وماذا سنفعل بوقتنا بعد سن المعاش؟ فقال بصوت طفولي أحبه: إنني أعد العدة لذلك بقراءة العديد من القصص لأحكيها لك، أما عن الحب فإننا سنتبادله في صمت.
ــــــــــــــــــ
إلى ابنتي العزيزة ..
أريدك يا بنتي العزيزة أن تكوني زوجة ناجحة، ومن خبرتي في الحياة أستطيع أن أحدد لك سمات الزوجة الناجحة.
هي امرأة سوية ناضجة ينسجم تكوينها الفسيولوجي والتشريحي مع تكوينها النفسي، في نسق أنثوي بديع، تقبله وتعتز به ولا ترتضى أن تستبدله أو تقترب به من النسق الذكري.
ومن فطرتها الأنثوية الصافية الخالصة أنها لا تتزوج إلا من رجل تحبه، يحرك ويطلق نوازعها الأنثوية إلى أقصى درجاتها وتتأكد هذه النوازع معه وبرجولته. هي امرأة ترفض أن تتزوج من رجل لا تحبه أو رجل منقوص الرجولة.
وهي امرأة مثلما تعتز بأنوثتها، فهي تعي أيضاً دورها الأنثوي في الحياة ومع رجل، وكأم.
وهي زوجة قادرة على احتواء الزوج بالحنان والاهتمام. فهي بحسها الأنثوي تدرك احتياجات الرجل. هي تعرف بفطرتها أن بالرجل جزء الطفل يحتاج إلى أم، وبه جزء ناضج واع منطقي يحتاج إلى امرأة ناضجة عاشقة، وبه جزء أبوي يحتاج فيه أن يؤدي دور الراعي والمسئول والقائد، لهذا فهي تعطيه حنان الأم وحب المرأة العاشقة وخضوع الابنة المتفهمة. وهي تعرف أن الرجل يتوقع الاهتمام من الزوجة، يتوقع التقدير، ولهذا فهي تعيش أحلامه وانتصاراته وأمجاده حتى وإن كانت هي الشاهدة الوحيدة عليها. تعيش حياته واهتماماته وعمله لحظة بلحظة.
الحب هو حياتها، وزوجها هو محور حياتها، وأسرتها هي مملكتها.
هي زوجة ثرية العقل غنية الروح. تعيش بفهم يدفعها إلى الانفتاح على الكون، فتفهم من أمور الحياة وأحال الدنيا ما يجعلها مثقفة متفتحة فاهمة متعقلة عذبة الحديث مقنعة المنطق مؤثرة بأفكارها وروحها.
ولذا فمن حبها لزوجها وإحساسها بحب زوجها لها، تدرك أن نفوذها وتأثيرها لا يكمن في جمالها الخارجي وزينة جسدها الشكلية، وإنما يكمن في جمال عقلها ورونق روحها.
هي الزوج التي تملك روحاً سمحة ونفساً طيبة وطباعاً هادئة غير متسلطة، غير عدوانية، لا تستهويها ولا تزدهيها سلطة أو قيادة أو زعامة. ولأنها ارتبطت برجل تحبه وتثق به، تطمئن إليه، فإنها تسلم له قيادة مركب الحياة. تساعده بعقلها وجهودها. تقف بجانبه وليس وراءه ولا ترضى أن تقف أمامه.
أن تكون ((غيرتها نابعة من حبها للحفاظ على حبها وزوجها الذي تثق به)). فهو جدير بالثقة، ولأنها تثق بنفسها أيضاً وفوق كل ذلك وقبل ذلك ثقتها بالحب الذي يربطها بزوجها. غيرة عاقلة هادفة هادئة تسعد الرجل وفي نفس الوقت تحذره وتوقظه وتنبهه.
إخلاصها ووفاؤها ليس محلاً لنقاش أو تأكيد وإلا أصبحت الأمور كلها عبثية، ولكنها تحرص كل الحرص على مشاعر زوجها من خلال سلوكها الاجتماعي المتوازن الراقي الذي يعكس حكمتها وتوازنها النفسي، وثقتها بنفسها وعدم احتياجها لكلمات الإطراء وعبارات المديح وتلميحات الغزل، فهي ترفض ذلك بإباء نابع من حسها الأخلاقي القوي ومن احترامها لذاتها واحترامها لكيانها كزوجة. ولأنها واعية وناضجة وذكية فإنها لا تستخدم سلاح الشك والغيرة لإذكاء مشاعر زوجها نحوها، لأنها تعرف أن هذا سلاح مدمر يقضي على الأحاسيس الطيبة لدى زوجها. يقضي على إحساسه بالأمان.
أن تكون مديرة إيجابية، مشاركة متعاونة، فعالة وذلك في إدارة شئون حياة الأسرة. وأن تعرف جيداً أنها مصدر الحياة. ومصدر الاستمرار .. ومصدر الاستقرار. وأنها هي القائد من الداخل ومن الباطن. وأن مصدر قوتها هو الحب والاحتواء والفهم والذكاء. الذكاء الأنثوي الفطري الذي يدرك بالحس الداخلي وباللاشعور، انه لولا المرأة لما كانت الحياة، المرأة الزوجة، المرأة الفاضلة.
أن تستند حياتها كلها إلى قاعدة أخلاقية تتمثل كل القيم العليا الرفيعة من صدق وأمانة وتواضع وتسامح ينعكس في سلوكها العام وحياتها الزوجية.
أن تكون تقية مؤمنة. لا خير في امرأة لا تعرف ربها. ولا اطمئنان مع زوجة لا ترعى حدود خالقها.
وأدعو الله يا بنتي أن يحميك من الفشل في حياتك الزوجية. وهذه هي سمات الزوجة الفاشلة:
ـ أن تكون عاجزة عن الحب.
ـ أن تدخل في منافسة مع الرجل.
ـ أن تكون عدائية متسلطة.
ـ أن تكون تافهة العقل.
ـ أن تفتقد مشاعر الانتماء للبيت ويصبح زوجها على هامش حياتها.
ـ أن تتمتع بالاستهتار والسطحية والمبالغة والاهتمام بالمظهر الذي يكشف عن جوهر ضحل.
ـ أن تكون قاعدتها الأخلاقية مثقوبة. فتهدر القيم وخاصة المتعلقة بالولاء والالتزام والإخلاص في الحياة الزوجية.
ـ أن تكون غير متوازنة نفسياً فتتذبذب انفعالاتها وتتأرجح ثقتها بنفسها، فتندفع نحو حماقات ومهاترات، لتأكيد الذات والدفاع عن النفس ضد اعتداءات وهمية، وبذا تتسم حياتها بالعنف والعداوة والشك وسوء الظن.
ـ أن تفتقد مشاعر القدسية، قدسية الإنسان، قدسية العلاقة الإنسانية، الصداقة، الحب، الزواج، الأمومة. وهذا يجعلها تتناول الأمور الجادة والقدسية تناولاً سهلاً رخيصاً يفتقد للبراءة الطهارة.
ـ أن تتمتع بالغرور والأنانية والنرجسية، فلا تعطي ولا تذوب. وإنما تصبح طرفاً شاذاً وناشزاً في علاقة أساسها العطاء والذوبان وهي العلاقة الزوجية.
وفقك الله يا بنتي.
ــــــــــــــــــ
في طريق إصلاح ابنك السيئ الخلق
* د. علي القائمي
من الضروري في مسألة إصلاح الوضع الأخلاقي للأطفال أن نتعرف على نوع الأخلاق السيئة وكيفية إيجاد الطرق اللازمة لإصلاحها ,أما الأساليب المهمة في هذا المجال فتتمثل بما يلي:
1 ـ التعليم: هناك نقطة مهمة يجب أن نذكرها هنا وهي أن الأطفال يجب أن يعرفوا أولاً الضوابط والمقررات والآداب والتقاليد وأساليب السلوك، فالطفل يجب أن يتعلم وبالتدريج ما هو السلوك المحبوب وأي سلوك غير مرغوب، أي الأعمال يجب أن يقوم بها وأي الأعمال يجب أن يتركها ويتجنبها. وهذا الأمر يمثل ألف باء التربية والذي يجب أن يعلِّمه الآباء لأبنائهم.
إن الطفل يحمل استعدادات والهامات إلهية لتقبل ما هو سيئ وما هو حسن والمهم هو أن يرى القدوة لكي يتعلم منها.
2 ـ القدوة: إن التربية الأخلاقي يمكن أن تلقى طريقها إلى نفس الطفل بواسطة طريقين:
الأول: طريق التذكير والنصح وهو أمر عام وعادي، فالوالدان بواسطة الأوامر والنواهي وبلسان يفهمه الطفل يستطيعان إفهام الطفل بما يجب أن يكون عليه في هذا المجال.
والثاني: هو القدوة، حيث يعتبر أهم الأساليب والطرق لإصلاح وتربية الأطفال، وهذا الطريق مؤثر جداً، وأبلغ تأثيراً من الطريق الأول. فالآباء يجب أن يقدموا للطفل نموذجاً عملياً يقتدي به الطفل في سلوكه وأعماله، وكذلك بواسطة ذكر القصص والأعمال الحسنة لبعض الأبطال الصالحين، هذا الأمر من شأنه أن يخلق رغبة لدى الطفل بتقفي خطى وآثار هؤلاء، فالنموذج أو القدوة له بالغ الأثر وفي موارد مهمة يعتبر عاملاً مؤثراً في طريق إصلاح وتغيير أفكار الطفل النفسية والأخلاقية.
3 ـ التذكير والإنذار: إن الأب والمربي يعتبران بمثابة المراقب الناظر على سلوك الطفل. فهما يمثلان الظل الذي يتبع صاحبه في حركته، فيجب أن لا يدعونه ينحرف عن الطريق الأصلي الذي تمّ اختياره له من قبلهم، وإذا ما شاهدوا انحرافاً أو تزلزلاً فمن الضروري أن يتدخلا فوراً لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بواسطة التذكير والإنذار.
إن النصح والتذكير والإنذار البنّاء يضمن الكثير من السعادة ووسيلة لنيل الكرامة والنقاء. وآثار النصح والتذكير يفوق بدرجات تأثير الفرض والعقوبات، حيث له دوراً مهماً في بناء شخصية الطفل.
وقد أثبتت التجارب بأن الأطفال في سن الرابعة أو الخامسة يمكن إصلاحهم بسرعة بواسطة التذكر والنصح، وآثار ذلك أفضل من أساليب القوة والجبر والعقوبة، فإذا ما قلنا لهم إن هذا العمل سيئ ويرجى أو من الأفضل تركه بسرعة فإن الطفل سيستجيب أفضل مما لو قمنا بردعه ومعاقبته لإجباره على ترك عمل ما.
4 ـ ارغام الطفل على التفكير والتعمق: في بعض الأحيان نجعل العمل القبيح يتجسم في فكر الطفل ومن خلال ذلك يُدرك الطفل عمق خطأه، وهذا الأمر يمكن للصغار والأطفال المميزون أن يفهموا هذا الأسلوب. فلقد أثبتت التجارب أن الأطفال في سن 5/3 و 7 و 13 يفكرون في سلوكهم أكثر من الأعمار الأخرى ويتظاهرون بالتعمق والتبحر فيما يصدر منهم. وبالإمكان أن نأتي بدليل أو برهان وبلسان الطفل الذي هو في سن 5/2 إلى 3 سنة كدليل أو برهان رادع يحمل حقائق على حسن وقبح الأعمال كي يتحرك الطفل بوعي لترك القبيح والإتيان بالحسن.
بالنسبة لمسألة التعمق يجب أن نسعى لخلق أرضية لدى الطفل ليفكر في الأعمال السلبية والإيجابية فيميز بين الجانب السلبي والجانب الإيجابي. يفكر بنفسه ويبحث عن صلاحية عمله وعدمها فمثلاً يجب أن يفكر بالكذب وآثاره أو أذى الناس وإزعاجهم، مع أخذ رأيه في ذلك و ... حيث إن القدرة على الإدراك في هذا المجال أمر مهم ومناسب.
5 ـ إزالة الأسباب: من الطرق المهمة للتصدي للفساد الأخلاقي هو مكافحة العوامل المسببة لهذا الفساد مثل ترك العلاقات المشبوهة والابتعاد عن الأجواء الموبوءة والفاسدة ومراقبة الذهاب والاياب وإذا لم تؤثر هذه الاحتياطات فإن من الضروري اللجوء إلى الهجرة كطريق مؤثر ومناسب.
إن الأصل هو إبعاد الطفل عن العوامل البيئية التي تؤثر على سلوكه تأثيراً سلبياً وغير مرغوب فيه، وعندما يشعر الانسان بعدم الفائدة من هذه الإقدامات فإن الهجرة وترك الديار هو الطريق والحل الناجح لهذا الأمر. فالمحيط أو البيئة الفاسدة والملوثة مكان غير صالح للسكن والعيش ولا ينبغي أن نختار أمثال هذه الأماكن لسكن أطفالنا مع القدرة على تغييرها، ولا ينبغي أن نحل في مجلس لا تُراعى فيه الموازين الشرعية ويرتكب فيه الذنب من دون أن نحرك ساكناً أو نستنكر ما يحدث. قال الإمام الصادق (ع): ((لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره)).
6 ـ مخالطة المؤمنين: من الطرق المهمة لإصلاح ذوي الأخلاق السيئة هو حملهم على مخالطة المؤمنين والمحسنين لكي يتعلموا من هؤلاء الأدب والأخلاق بشكل عملي، وهذا الأمر طبيعي وواقعي حيث أن مخالطة الطيبين والصالحين ومصاحبة الكبار تنجم عنه سعادة وتوفيقاً. قال الرسول الأكرم (ص): ((أسعد الناس مَن خالط كرام الناس)) ـ (أمالي الصدوق).
في بعض الأحيان يقتضي الأمر ويتطلب أن نجد مَن يكون رفيقاً وصاحباً لأطفالنا، يجب أن نعرفهم على الأصدقاء الصالحين وذوي الأخلاق الحسنة من أبناء الجيران. ويجب أن لا نغفل تأثير هذا العامل الذي هو أهم من تأثير نفوذ الأب والأم على نفس الطفل.
7 ـ الطرق الأخرى: ربما هناك طرق وأساليب أخرى لإصلاح الأطفال ذوي الأخلاق السيئة، وقد توخينا هنا جانب الاختصار فلم نذكرها، وبشكل عام فهي المحبة والنصيحة والملاطفة والعطف على الأطفال وكذلك التشجيع والمداراة والوفاء بالعهد وإشغال الطفل بما هو مفيد، والاستفادة من الخجل والأنس وايجاد البيئة الصالحة والمخالطة السليمة والاستفادة من التفكير الصحيح والنصيحة. والآباء والمربون يجب أن يحسنوا فن كيفية اتخاذ الموقف المناسب في الأمور التي لها علاقة بالأخلاق والسلوك، حيث نرى في بعض الأحيان إن قلة المحبة والاهتمام بالطفل يكون عاملاً لسوء أخلاقه وأحياناً فإن الإفراط في المحبة يكون لها التأثير السلبي على أخلاقه. وفي كل الأحوال يجب أن نعرف كيفية التصرف عند التعرف على أحد هذه العوامل.
الاجراءات السلبية: من أجل إصلاح النقص الأخلاقي لدى الأطفال أحياناً نستفيد من الاجراءات السلبية، والغرض هو ارغام الطفل على ترك الأخلاق القبيحة. ففي هذا المجال هناك أساليب يجب اتباعها:
ـ حرمان الطفل من اللعب لفترة قليلة (لخظات معدودة) وكذلك من المحبة والغذاء والأشياء التي له علاقة شديدة بها، وفي هذا العلاج يجب أن نراعي مسألة العمر والجنس.
ـ عدم الاهتمام بالطفل في المواقع التي نشعر بها بأنه لجأ إلى الدلال ومحبة الوالدين ليستفيد منها كجسر لتحقيق هدف غير مناسب أو غير مشروع.
ـ توبيخ الطفل وتأنيبه في الحالات التي نرى إنه لا فائدة في النصح والارشاد، فيظهر الطفل أحياناً خلاف ما نطلبه منه من سلوك ولا تفيد النصيحة والوعظ لردعه عن انحرافه، فهنا يجب اللجوء إلى التوبيخ والعقوبة.
ـ ترك الطفل بشكل تكون معه العلاقة معطلة بحيث يشعر بأن عمله السيئ وعصيانه سبب له الحرمان من محبة أبيه وأمه.
وبحيث يشعر بمعنى العمل السيئ والعصيان والسلوك الشائن.
ـ التهديد والإنذار بشكل يشعر معه بأن ناقوس الخطر قد دقّ باقترافه العمل السيئ ويجب أن يتراجع عن فعلته ويضطر إلى إصلاح خطأه.
ـ وأخيراً فغن العقوبة تعني توجيه ضربة على جسم الطفل، طبعاً هذه الضربة يجب أن لا تحدث أثراً، احمراراً أو زرقة على وجه الطفل بحيث يقتضي دفع الدية. ويجب أن نذكر بأن الأصل في التربية هو المحبة والعقوبة أمر اضطراري واستثنائي.
إن النسبة بين المحبة والعقوبة كالنسبة بين الغذاء والدواء، فالأصل هو أن نتناول الغذاء، أما الدواء ففي الحالات الاضطرارية، فالتنبيه يجب أن يكون عقلائياً، وطبعاً فإن العقوبة بالنسبة للأحداث تعتبر وسيلة لإجبارهم على ترك الأعمال السيئة.
الدعم الإيجابي: مسألة إصلاح وترميم أخلاق الطفل تصحبها مشاكل ومصاعب، وفي موارد عديدة بالإمكان الاستفادة من عناصر الدعم والتشجيع لهذا الغرض. وفي هذا المضمار يمكننا الاستفادة من الأمور التالية:
ـ إيجاد وعي لدى الطفل بشكل يمكن إفهامه بأن منزلته وشأنه أعلى وأكبر من أن يقترف بعض المفاسد ويتلوث بها.
ـ المحبة والملاطفة ولها وجوه عدة منها اللغة اللطيفة والملاطفة المصحوبة بالقبلة مع ضم الطفل إلى الصدر، كل ذلك يخلق دافعاً لدى الطفل للرجوع إلى الطريق السوي في حياته.
السياسة والمداراة من العوامل المهمة لإصلاح الأخلاق السيئة للطفل.
ـ الاستفادة من صفة الحياء التي يتصف بها الطفل، وبالأخص الحياء من الشخص الذي له علاقة به، فإن هذا العامل له أثراً بالغاً على إصلاح أخلاق الطفل.
ـ المزاج والملاطفة معه يدخل السرور على قلب الطفل وتعلو وجهه الابتسامة والسرور، هذا الأمر يجعل من الطفل مهيئاً لترك العمل القبيح.
ـ تشجيع وتحسين الأخلاق والسلوك المناسب للطفل يجعله يترك الأخلاق السيئة.
ـ إعلان الرضا والفرح، عن الوضع الذي يعيش به الطفل في حياته العائلية.
ـ اللطف والرفق في التعامل بشكل يحس الطفل بالمحبة والعلاقة له أثر مناسب على تغيير الطفل لأخلاقه الغير مقبولة.
ــــــــــــــــــ
تعرّفي على الزوج البارونويدي وكيفية التعامل معه
المحور الأساسي الذي تدور حوله هذه الشخصية هو الشك في كل الناس، سوء الظن وتوقع الإيذاء من الآخرين. كل الناس في نظره سيئون. هذا هو موقفه الذي لا يتزحزح عنه. وهذا هو رأيه في كل الناس.
إن أي إنسان قد يشك أو قد يسيئ الظن في إنسان آخر أو في مجموعة من الناس في ظروف معينة، ولكنه إذا كان سوياً فإنه يغير رأيه، إذا أثبتت الظروف حسن نية الآخرين أو إذا كان هناك دليل على براءتهم. هنا يعتذر هذا الإنسان السوي عن سوء ظنه وشكه ويؤنب نفسه.
أما البرونويد فإنه يظل على موقفه مهما كانت الأدلة، ومهما أظهر الآخرون حسن نواياهم ومهما أجمع الناس على أنه مخطئ في سوء ظنه. إنه يتمسك بشكوكه ويظل يرى السوء في الآخرين، ولهذا فهو في حالة تحفز، في حالة استعداد دائم لصد عدوان يتخيله أو إفساد مؤامرة تحاك ضده.
وكل مَن يحاول أن يثنيه عن سوء ظنه يضعه في القائمة السوداء ويضمه إلى قائمة السيئين، ولهذا فهو دائم الشعور بالاضطهاد. والشعور بالاضطهاد يولد عدوانية داخلية، فهو ضد كل الناس ويضمر الكراهية أو عدم الارتياح أو عدم الحب لمعظم الناس، ومن السهل أن يتحول إلى شخص عدواني يؤذي إذا أتيحت له الفرصة لذلك.
والعدوان يأخذ صوراً متعددة، كالنقد اللاذع والسخرية والاستهزاء بالآخرين، قد يواجه الناس برأيه فيهم، وقد ينتقدهم من خلف ظهرهم، وانتقاداته جارحة وتسبب جرحاً وألماً. ولا يراعي مشاعر الآخرين، بينما هو لا يتقبل أي نقد أو توجيه، فهو شديد لآراء الآخرين ويتخذ مواقف عنيفة وعصبية فيها تهور إذا تعرض له بالنقد أو باللوم، ولذا فهو معدوم الأصدقاء وعزلته تزيد من شعوره بالاضطهاد وتزيد من عدوانيته وعداوته.
والحوار مع هذه الشخصية مضن ومتعب، فهو لا يتقبل ظاهر الكلام وإنما دائم البحث عن الدوافع الخفية والمعاني الدفينة، والنقاش معه يطول، وهو في الغالب محاور بارع يجهد مَن يحاوره، ويحمل المواقف والكلمات أشياء ومعاني بعيدة أو مبالغاً فيها، تتوه وأنت تحاوره وقد لا تفهم ماذا يقصد، وتندهش لتفسيراته وتحليلاته المشبعة بسوء الظن وتوقع الغدر الخيانة وكل ما هو سيئ.
هذا الشخص إذا أكدت الأداث توقعاته شعر بزهو شديد، أما إذا أكدت الأحداث خطأ توقعاته وتحليلاته فإنه لا يتراجع عن سوء ظنه، حتى في المواقف الجديدة ومع الناس الذين يقابلهم لأول مرة. فإن سوء ظنه يكون هو الغالب، ولذا يجتهد في البحث عن أدلة لإثبات صحة نظريته.
وهذا الإنسان بلا عواطف أو عواطفه محدودة جداً وتستطيع أن تقول إنه إنسان بارد، وكلمة بارد ذات دلالة ومغزى كبيرين، ومعناها أنك لا تستقبل منه أي شيء، لا تستقبل منه دفئاً أو مودة أو تفاهماً أو تعاطفاً، بل على العكس تهب عليك من ناحيته رياح باردة شائكة وسامة. أيضاً وهو يفتقد لروح الفكاهة والمرح، قليل أو نادر الابتسام، لا يضحك من قلبه وابتسامته سوداء صفراء ساخرة، والغريب أنه يصف نفسه دائماً (ليدافع عن برودته) بأنه إنسان موضوعي عقلاني. العقل عنده مقدم على العاطفة، الحقيقة أنه لا عقل لديه ولا عاطفة، فهو لا يتألم من أجل أي إنسان أو حيوان.
وهو صلب لا يتنازل ولا يقبل حلولاً وسطاً، تقلقه محاولات التودد والاقتراب من الآخرين، يتحاشاهم ويبتعد عنهم، والاكتفاء الذاتي، ولذا فهو متمركز حول نفسه بشكل خطير قد يصل إلى الإحساس المرضي بالتيه والزهو والشعور بالأهمية، إنها حالة من تضخم الذات التي تكون من سمات الشخصية البارونويدية. في غالب الأحيان تكثر هذه الشخصية بين المتعصبين والمتطرفين وأصحاب الأفكار الغريبة، والباحثين عن الزعامة والذين يتجسسون على الناس للإيقاع بهم، كما تكثر بين الذين تقدم بهم العمر بدون زواج، وأيضاً تكثر بين المطلقين والمطلقات.
وفي مجال العلاقة الزوجية فإننا نجد أن الزوج البارونويد علاقته بزوجته مضطربة، لسوء ظنه وغيرته وشكه وتقليله من شأنها وحساسيته لأي كلمة تصدر عنها. حياته الزوجية يسودها البرود وتلفها عداوة مستترة، ونفس الأمر في علاقته بأبنائه.(54/217)
ولسوء ظنه وشكه الدائم فإنه يبث في أبنائه وبناته عدم الثقة والحذر المبالغ فيه وعدم القدرة على إقامة علاقات مشبعة مع الآخرين. والزوجة التي لها هذه الشخصية تحقق نفس القدر من الخيبة في الحياة الزوجية وغيرتها إلى حد المرض، ومن المستحيل أن تثق ولو للحظة في صدق زوجها، فهو في نظرها في كل الوقت كاذب ومخادع وخائن وتتوقع منه الغدر في أي لحظة.
إذن الحياة الزوجية للإنسان البارونويد رجلاً كان أو امرأة هي حياة فاشلة، فلا حياة تقوم على الشك وسوء الظن. ولا حب يستمر مع التعالي والغطرسة، ولا مودة تسود مع روح التحفز والتوقع السيئ.
ــــــــــــــــــ
حتى لا تضرب رأسك في حائط الإحساس بالوحدة
ليس هناك مصمم سلوك بشري يشبه عمله مصمم الأزياء.
فأنت مع ملابسك تتجه إلى مصمم أزياء تختار منه، وتسمع له وتطلب إليه تنفيذ ما تختاره لنفسك من ملابس، وتدفع النقود أجراً لذلك، وترتدي ملابسك الجديدة، وتتلقى كلمات الإعجاب من الذين حولك بما ترتديه من ملابس رفيعة الذوق.
ولكن ماذا عن السلوك البشري؟ هل هناك مصمم سلوك بشري؟
وهل هناك ((قطع غيار)) لسلوك لا تراه حسناً فتستبدله بقطع غيار لسلوك تراه مناسباً؟
ونحن عندما ننظر إلى أطفالنا نتمنى أن يكون هناك مصمم سلوك بشري نسأله أن يقوم بتفصيل ألوان من السلوك الراقي لهم. وبعضنا قد يذهب إلى طبيب نفسي، وقد يكون هذا الطبيب من هواة الكيمياء فيعطى الطفل أقراصاً تعبث بجهازه العصبي مثلاً، ويستمر الخطأ ليولد خطأً آخر.
وبعضنا الآخر قد يقول لنفسه إن التسامح الزائد عن الحد ينتج أطفالاً أشقياء، تفتقر حياتهم إلى التوازن المطلوب لمواجهة الحياة بشكل ناجح. والقسوة المبالغ فيها تنتج أطفالاً ممتلئين بالخوف من هذا العالم. ولذلك لابد من التوازن بين التسامح وبين الحزم، ولابد من الإيمان بالحقيقة البديهية وهي أننا نربي أطفالنا لزمان غير زماننا، وبالتالي لا يمكن أن نتنبأ بالنتيجة النهائية التي يصل إليها الابن من خلال أسلوب التربية الذي يتبعه الأب والأم، فكثيراً ما نسمع عن عبقري في مجال من مجالات الحياة كانت طفولته قاسية جداً. ونسمع عن مجرم ضليع في الإجرام، كانت طفولته تتميز بالإتزان التربوي المنشود. والسبب في ذلك هو أن العبقري كان له مخزون من الظروف المتتابعة التي أعطته فرصة للإبداع. والسبب في ذلك أيضاً أن المجرم شاءت له الظروف الاجتماعية أن تحطم رصيده من الإتزان التربوي المنشود. ولذلك يؤمن كاتب هذه السطور بأهمية إيمان الأب والأم بإله واحد قادر، يمكن أن يمنح أبناءهما ظروفاً اجتماعية لا تسرق من الأبناء الإتزان التربوي وأن تتيح لهم فرصاً للإبداع. هذا على مستوى الإيمان، فماذا عن مستوى الواقع المادي اليوم؟.
نحن نجد على سبيل المثال، أن الحضارة الغربية المعاصرة خرجت علينا من بعد الحرب العالمية الأخيرة بضرورة المساواة بين الآباء والأبناء، والسبب في ذلك هو أن الابن ـ في بعض الأحيان ـ قد رأى أمه في أحضان رجل آخر أثناء غياب الأب، وأن الأب قد حكى لرفاقه بما وصل إلى سمع الابن ـ في بعض الأحيان ـ أنه مارس الحب في كل مدينة دخلها محارباً.
إذن فقد سقطت ـ غالباً ـ أمام الابن منذ الطفولة أقنعة الاحترام التي تولد معه تجاه أمه وأبيه. وعندما عاد الآباء من الحرب قامت المشاكل داخل الأسر، فعشيق الأم لم يكن يقيم معها في المنزل، أما هذا الوافد الجديد الذي يقول إنه ((أب)) فهو يقيم في المنزل. وتقدم بعض هواة الحلول التلفيقية من أطباء النفس الذين أخذوا من العلم قشوره واستولى الأمل عليهم في إيجاد حلول سريعة لمثل هذه المشكلات، أي أن يكون كلا الطرفين متساوياً في العلاقة.
وصادف هذا القول هوى عند بعض الآباء الذين عانوا في طفولتهم من قسوة آبائهم عليهم. وتمت ترجمة تلك المساواة المزعومة بأن طالب بعض الآباء أبناءهم بأن ينادوهم بالاسم الأول. فإذا كان اسم الأب ((مدحت)) وكان اسم الابن ((وليد)) فالابن ينادي والده ((يا مدحت)) كما ينادي الأب ابنه ((يا وليد)).
إن الآباء الذين يفعلون ذلك ابتغاء رسم طريق للصداقة بينهم وبين الأبناء، ينسون أن الابن منذ أن تتفتح عيناه على العالم وهو يبحث عن الحدود التي لا يجب أن يتخطاها، ويحاول أن يتخطاها. إنه يعبث بأزرار الكهرباء وأنت تخاف عليه من أن تصعقه الكهرباء، وتمنعه من الاقتراب منها. وهناك أيضاً لون من الاحترام العميق يجب أن يعرفه الابن ولا يتعداه. وسيحاول الابن أن يتعدى الحدود وسيجد الأب الحازم يقول: ((لا، هناك حدود)).
إن الآباء الذين ((يتسولون)) الصداقة مع الأبناء بإغراقهم في الهدايا والتبسط معهم في الحديث، هؤلاء الآباء يصطدمون بحائط واضح جداً وهو حائط تمادي الابن في الشغب، والتهاون، وعدم الإقبال على العلم، وأخذ الحياة بمنطق المستهتر.
إن الأب يحصل على صداقة الابن بالحزم أكثر مما يحصل عليها بإطلاق الحبل على الغارب. فالأب الذي يلقي بلهجة حازمة الأوامر التي تنير الطريق أمام الابن هو الأب الذي يلجأ إليه الابن ليتلقى مشورته.
هذا اللون من الآباء هو الذي يستمتع بالفعل بالصداقة مع الابن.
إن الحزم الأبوي لا يؤذي شخصيات الأطفال على المدى البعيد، رغم أن الطفل قد يبدي بعض الامتعاض أو الضيق من الحزم. ولكن كل طفل يعلم في قرارة نفسه أنه طفل قليل الخبرة وأن أمنه وأمانه يعتمد على والديه.
لقد أثبتت التجارب النفسية أن الطفل يصبح عديم الانسجام مع المجتمع إذا ما كان والده سلبياً غير حازم.
إن الابن يحب الأب الحازم لأنه ينال مع هذا الأب علاقة أكثر دفئاً ولطفاً. صحيح أن الحزم لا يتيح للابن فرصة أكبر من التدليل، ولكن الابن لا يوافق في أعماقه على مسألة الصداقة مع الأب على طول الخط.
إن للابن أصدقاء من نفس عمره، يحبهم، ويلعب معهم، ويتشاجر معهم، ويدخل معهم في تنافس، ويهزم بعضهم ويهزمه بعضهم الآخر. والابن له خياله الخاص الذي يجعله، منذ العام السابع، شديد الرغبة في تحدي الأب وفي الرضوخ له أخيراً. وهو أيضاً يطلب من والده أن يلعب دور القاضي الذي يستسمحه في بعض سلوكه والذي لا يوافق على البعض الآخر منه.
ومع نمو الأبناء فهم يحاولون دائماً اكتشاف حدود ما سيسمح به الآباء، الأمر الذي يتطلب من الآباء القيام بتخفيض القيود تدريجياً مع استمرار الحزم.
إنني لا أنسى أن ابني الشاب لم يكن مسموحاً له باللعب خارج المنزل أو في النادي لأكثر من السادسة مساءً عندما كان في التاسعة من العمر. وعندما دخل الجامعة وصار في الثامنة عشرة أصبح الميعاد المحدد لعودته هو الحادية عشرة، وليس في ذلك أدنى تزمت، لكنه الحزم الذي يوجب على معرفة المكان الذي يذهب إليه.
إن الابن بذلك يتعلم كيفية إدارة دفة عمره تدريجياً، بدلاً من أن يكون واحداً من أولئك الذين يتخبط معهم آباؤهم ذات اليمين وذات الشمال، فمرة يطالبون أبناءهم بالصداقة معهم، ومرة أخرى يفقدون الصبر لأن أبناءهم يسيئون السلوك. هؤلاء الآباء عليهم أن يستردوا الحزم مرة أخرى وأن يقيموا علاقة واضحة يكون للأب فيها دور التوجيه، وعلى الابن الطاعة.
وإذا شعر الآباء ببعض من الذنب بسبب قسوتهم أو تفجر غضبهم، فعليهم أن يقولوا لأنفسهم: ((لا داعي للإحساس بالذنب، فالابن عليه أن يتحمل بعضاً من قسوة الأب، لأنه في المستقبل سيلتقي بمن يقسو عليه أو ينفجر عليه غضباً من رؤسائه، وعليه أن يتعلم الانضباط وأن الحياة لا تسمح للأبناء أن يخرجوا منها ليكون كل واحد منهم ملكاً يحترمه الجميع، إذ إنهم يخرجون إلى الحياة ليندمجوا مع المجتمع الأوسع)).
وعلى الأب ألا يفكر في الاعتذار للابن إذا ما انفجر غاضباً، ذلك أن الأب لو اعتذر لابنه لكان من نتيجة ذلك أن الابن سيتجاوز الحدود مرة ثانية.
إن للابن حدوداً يجب أن يلتزمها، وذلك حتى نتجنب الوقوع في التوترات التي تنتج من إطلاق الحبل على الغارب.
وقد ينتقد ا لابن والديه لأصدقائه وقد يشكو للأصدقاء من ((ضيق أفق الكبار)). ولا بأس، فليفعل ذلك ولكن عليه أيضاً أن يطيع الوالدين.
إن الضوابط الأسرية هي التي تعطي الابن في شبابه فرصة الاندفاع إلى إنهاء دراسته وإتقان مهنة ما ليستقل عن أسرته، حتى يبني هو أسرة جديدة، وهو سيحاول أن يفعل مع ابنه نفس ما فعله معه والده.
إن كل إنسان منا يحمل صورة والده في داخله، يتمرد عليها في مراهقته ويقلدها في نضجه.
وكل امرأة تحمل صورة أمها في داخلها، تتمرد عليها في مراهقتها وتقلدها في نضجها.
إن المناداة بالحزم مع الأبناء ليس معناها أن تحول المنزل إلى معسكر والأبناء إلى جنود، وأن يعيش المنزل في جو عسكري صارم.
لا. إن هذا ليس حزماً، إنه زراعة للخوف في نفوس الأبناء حتى لا يقتربوا من الآباء.
إن بعض الآباء يحسون بالحيرة إزاء مواقف الحياة المختلفة ويختبئون خلف جدار مصطنع من القسوة. السبب الأساسي في هذه القسوة هو أنهم لا يملكون القدرة على التفاعل مع الأبناء ويستريحون في الكسل عن القيام بمسؤولياتهم تجاه الأبناء.
وهؤلاء الآباء يحصدون في النهاية أبناءً لا يهتمون بهم في شيخوختهم.
إن الأبناء في الولايات المتحدة على سبيل المثال ينفصلون عن الآباء في عمر السابعة عشرة ويقال إن ذلك هو ((الاستقلال المبكر))، ولكن الآباء، من الناحية العملية يتوقون في الشيخوخة إلى الإحساس بدفء الامتداد في الحياة، ولا يجدون الأبناء بجانبهم. ذلك أن الكبار قد تناسوا في شبابهم التعامل مع الأبناء بحزم لا بقسوة وتناسوا في شبابهم التفاعل مع الأبناء وفضلوا على ذلك ((تسول)) الصداقة مع الأبناء.
إن على الآباء الإقبال على الأبناء بحب وبحزم أيضاً. وعلى الآباء عدم الاعتذار عن الانفجارات الصغيرة وعدم تسول الصداقة مع الأبناء.
ــــــــــــــــــ
ما هي الاسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بين الزوجين
(1) ليدرس الزوجان الاسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بينهما .
(2) ليقر كل منهما بخطئه بتواضع , والا تعذر العلاج لوجود الكبرياء والتعالي , وليعرف كل منهما ان من يبدأ بالاعتراف فهو الاعظم وليس بالعكس
(3) ليبدأ الاثنان في الصداقة العملية وفي التعاون البناء في الحال 0
(4) اذا اختلفا حول امر من الامور ليأخذا المسألة بسهولة وبالاقناع باللطف , ويتركا المسألة للزمن لزيادة الفهم اذا لم يتم الاقناع .
(5) واذا امكن ليحتكم الاثنان الى صديق للطرفين او لرجل من رجال الدين يثقان به وممن يحفظون اسرار الناس .
(6) وقد يحتكم البعض الى اجراء القرعة عن الامر الذي يختلفان فيه اذا كان الاثنان يستسيغان هذه الطريقة . قال احدهم : ان صفات اللطف والصبر والاحتمال , هي كالشحم للآلات يلينها ويسهل عملها . وهكذا لا تسير عجلة الحياة الزوجية إن لم تشحم بشحم هذه الصفات السامية . وكما ان الآلة تحدث اصواتا مزعجة , ويصعب ادارتها بدون تشحيم , هكذا تحدث لماكينة الحياة الزوجية , تحدث صخبا وصياحا وازعاجا بل تتعطل وتتوقف عن التقدم .
ــــــــــــــــــ
أنت قائد صارم أيها الأب وعليك أن تكون كذلك!
د. سبوك
الانضباط مفقود في زماننا.
واللهاث وراء متطلبات حياتنا غير المستقرة ينعكس على أطفالنا بشكل أو بآخر.
فإذا كان الأب في العصور السابقة يضع نظاماً حديدياً للأدوار المختلفة لكل فرد من أفراد الأسرة، فقد اختلفت، في زماننا الأدوار وصار كل منا يؤدي الدور الذي يحبه لا الدور المفروض عليه.
فالأب في العصور السابقة كان يترك الأم في المنزل ويترك لها عملية تأديب الأطفال. وقد تلقي المرأة بالكرة في ملعب الأب فتخيف الأطفال من آبائهم.
ورأينا نماذج لكبار يقسمون أنهم لم يشاهدوا والدهم مرة واحدة وهو يقبلهم أو يدللهم. إن الأب هو ذلك الذي يمسك بسوط (كرباج) وهمي تهدد به الأم فيسكت الأطفال عن السلوك الذي لا توافق عليه الأم.
كان إيقاع الحياة كإيقاع عربة الحنطور التي تمشي الهوينا وتجري في حدود اللهو الآمن. أما الآن فهذا زمن السيارات والطائرات والصواريخ والحروب والحديث عن النقود والمخترعات. لقد ازدحمت البيوت بآلات التكييف والغسالات الأوتوماتيكية وطهو الطعام بأشعة الليزر، وصار الأب يدخل إلى منزله منهكاً من العمل الذي يقوم به لتوفير أقساط البضائع الجديدة التي عرضها التلفزيون، وصارت الأم تناقش معه مسألة توفيرها مبلغاً من المال من عملها لتجديد ستائر المنزل مثلاً. وهنا يقفز الطفل ذو العامين ليعبث بأنف الأب أو يستكشف سائر وجهه أو يجرب ثني ذراع نظارة الأب فيكسرها. إن عرق الأب وتعبه بل وكرامته تتعرض للعبث الطفولي. وكذلك قد يتعرض عقد من اللؤلؤ في عنق الأم إلى الانفراط نتيجة جذب الطفل لهذا العقد بعبث مفاجئ.
إن البيت مسرح المكدودين من الكبار والعابثين من الصغار. والطفل الذي خرج من جولة عناء سابقة يشعر ببعض الهزيمة تترسب في أعماقه. وهنا ماذا يمكن للأب أن يفعل؟ وكيف يمكن للأم أن تتصرف؟
إننا نحن الآباء في حاجة إلى استكشاف ضرورة القيادة الصارمة وبحزم مع الأطفال.
وعندما يمسك الطفل بنظارة أبيه يكون على الأب ألا يستسلم أو يقف متوسلاً للابن أن يترك النظارة. إن على الأب أن يتقدم بهدوء وأن يمسك النظارة من يد الابن ويستخلصها منه. وإن بكى الطفل أو صرخ فعلى الأب أن يقول له بمنتهى الحزم: ((إن النظارة موجودة معي لأرى بها وليست من ضمن ألعابك)). وإن تكرر عبث الطفل بالنظارة لا مانع على الإطلاق من أن يمسك الأب بيد الطفل ويضربه عليها دون غل أو توتر مبالغ فيه. ولنتذكر أن الطفل الصغير في حاجة إلى عقاب بسيط ولكن علينا أن نعرف أن العقاب البسيط يحتاج إلى هدوء وثبات ولا يحتاج أن تجعل الطفل سبباً لكل منغصات حياتك فتنفجر فيه وكأنك تنهال ضرباً على كل ظروفك الصعبة.
والطفل عندما يمسك عقد اللؤلؤ من صدر أمه يكون عليها أن تستخلص العقد من بين أصابع الطفل بهدوء. وإن تمادى الطفل فإن عليها أن تضربه بهدوء على يده أو على غليته. وعلى الأم أن تعرف أن العقاب البسيط يتطلب أن نمنع الطفل من القيام بما يؤذينا أو يؤذيه فقط لا غير. وعلى الأم ألا تضرب الطفل كأنه سبب كل عذاباتها.
إن علينا أن نتجنب ((الإزاحة)) في عقاب الأبناء، والمقصود بالإزاحة تلك العملية النفسية التي ينتقل بها العقاب من طرف أقوى منا إلى طرف أضعف منا.
إن الأب قد لا يجرؤ على توجيه النقد لرئيسه مثلاً فينفعل لأي سبب ويضرب الابن.
والأم قد لا تجرؤ على مواجهة زوجها ببعض من أخطائه فتضرب الابن وكأنه الممثل الحقيقي للأب.
إن ((الإزاحة)) يجب أن تختفي من تعاملنا مع أطفالنا وعلينا نحن أن نحرص على الوعي الشديد عندما نتكلم مع الأطفال وعندما نعاقبهم.
ن الطفل قد يتكرر منه الخطأ وقد يتلقى العقاب مرة، وثانية، وقد يركب رأسه إلى عناد. هنا لا يجب أن نستسلم أو نتحفز أن نعتبر أنفسنا آباء وأمهات غير صالحين.
لا. إن علينا أن نبحث في هدوء عن مكمن الخطأ في علاقتنا بالابن، وأن نلاحظ أنفسنا لا باتهام أنفسنا ولكن بتحليل سلوكنا، وبأن نستكشف مواطن القوة والضعف فينا وبأن نعدل في سلوكنا.
إن القيادة تحتاج إلى أن تعرف أن تعرف أن الطفل كائن جديد في حياتها وأنه يتدرب على الحياة وسط تقاليد معينة علينا أن نحرص على تلقينها له بسيطرة وهدوء أعصاب وشجاعة مؤثرة، لا بشدة وتوتر وانفعال. إن الأب والأم هما مجرى نهر حياة الابن. ومجرى النهر هو الذي يقود مياه النهر إلى المصب بهدوء.
إن القيادة لا تكون بالغضب دائماً من أي سلوك تافه، ولكن بتنبيه متجدد إلى أن الطفل يجب أن يفعل الأمر الصحيح.
والقيادة لا تكون بأن نتخيل أن أعباء الحياة بعد ميلاد هذا الطفل صارت لا تطاق، فالحقيقة هي أن الطفل جاء كرابط جديد يجعل الأب والأم يحبان الحياة أكثر وأكثر، إن الطفل جزء منا ونحن نفخر بمسؤوليتنا عنه.
والقيادة لا تكون بأن نخلط بين العبث والجد أو أن ننتقل من المداعبة إلى العقاب. فالقيادة هي ألا نسمح للإحباط أن يداخلنا ونحن نعامل الطفل، وأن تكون المبادرة دائماً في أيدينا، وألا نحتقر شأن الطفل كمجرد كائن صغير وألا نضخم في تخيل الوهم بأنه ((يتآمر)) علينا.
والقيادة تعني أن لكل شيء ميعاداً. فلا يصح على سبيل المثال أن نملأ وقت الأطفال بتقديمنا له الحلوى غير المغذية وزجاجات المياه الغازية، تمد الطفل بلون من الطاقة المزيفة التي لن تدفع جسمه إلى النمو والتي يفرغ منها جسمه عند اللعب.
وليتنا نمنع هذا الطعام والشراب المزيف الذي يبيعونه للأطفال ونستبدله بعصير طازج لأي فاكهة من الفواكه. وليتنا نتجنب العصير المعلب، إن المواد الحافظة فيه قد تسبب ألواناً من الحساسية للأطفال. ونحن نحب لأطفالنا أن ينشؤوا بعيداً عن أمراض الحساسية.
المهم أن نترك معدة الطفل تعمل وفق النظام الذي نعيشه نن، فمنذ أول العام الثالث والطفل يأكل عادة مثلما نأكل نحن، أي ثلاث وجبات، ولكن الطفل قد يجوع أسرع منا، وهنا نعد له سندويتشات من ألوان مفيدة من الطعام.
ونحن في أوقات الطعام العادية لا يجب أن ننصب لأنفسنا فخاً، بمعنى ألا نقول للطفل: ((ألا تريد أن تأكل))؟
إنه المفروض هو أن يتناول الطفل طعامه مع الأسرة، فلماذا نضع أمامه الاختيار؟
إنه قد يجيب على سؤالنا بالقول ((لا، لا أريد أن آكل الآن)) وبذلك نكون قد فتحنا على أنفسنا أبواب جدال ومناقشات لا لزوم لها، وسيصر الطفل على موقف العناد. إن مثل هذا السؤال: ((ألا تريد أن تأكل)) ليس إلا فخاً ننصبه لأنفسنا ونقع فيه رغماً عن إرادتنا، وهو ينتهي غالباً بإحساس بالإحباط.
وعندما نجد الطفل في موقف صعب، كاقترابه من حرف سور الشرفة أو إخراج أكثر من نصف جسمه من الشباك، لا يجب أن نتجمد مكاننا ونصرخ في الطفل ((لا .. لا .. لا)) إن هذه الصرخات قد تخل بتوازن الطفل نفسه، ولكن يجب أن نتصرف بهدوء وسرعة لننقله من هذا المكان إلى مكان آمن.
يجب أن نربط كلامنا مع الطفل بالسلوك العملي من جانبنا فيتلقى الكلمات وكأنها أمر غير مباشر، وهذا الأمر غير قابل للجدال.
إن المناقشات العقيمة والتي ينتصر فيها الطفل علينا تسبب لنا الإحباط وتزرع في نفسه من بعد ذلك الإحساس بالذنب ... هذه المناقشات وما شابهها تفضي إلى توتر العلاقة العاطفية بيننا وبين أطفالنا.
إن تآكل الحب بين الآباء والأبناء كان يحدث في القرون السابقة لأن أياً من الأب أو الأم لم يكن ليضع مشاعر الابن موضع الاعتبار. كان على الطفل أن يأكل في ميعاد مضروب، ولابد له أن ينفذ ذلك، وكان عليه أن يساعد في أعمال البيت منذ عامه السادس دون مناقشة، وكان عليه أن يصحب والده إلى العمل وأن يتصرف باتزان وثبات وإلا فهناك العقاب الصارم. وكان هذا اللون من السلوك يفجر طاقات عدم الاحتمال في نفوس الأبناء نحو الآباء والأمهات. ولست أنسى ذلك الأب الذي كان يزن كميات من الطعام لابنه حتى يأكلها رغما عن أنفه، وكان الطفل يقيء كل ما يأكله. إن هذا الطفل تمرد على أن يكون مجرد قالب يصبون فيه الطعام. وكان العلاج السليم لهذا الطفل أن نتركه لفترة من الزمن دون حلوى ودون أطعمة ذات سعرات حرارية مزيفة، وهذا يكفل لنا أن يأتي الطفل إلى ميعاد الطعام ليأكل مع الأسرة بالكميات التي يختارها هو.
أما في عصرنا هذا فإن الذي يسبب تآكل الحب بين الآباء والأبناء هو ذلك الإفراط في التسيب وخوف الآباء الشديد على حرية أبنائهم، وخوف الآباء الشديد من ممارسة قيادة الأبناء. وتكون النتيجة في الغالب حالة من الإحباط المشترك سببها أن الابن أخذ مساحة من الحرية لا يعرف كيف يتصرف بها ولم يتدرب على التعامل معها، وأن الأب والأم أحس كل منهما أنه لا يستطيع أن يسيطر على الابن.
إن علينا نحن الآباء والأمهات أن نقدم بشجاعة وهدوء على ممارسة مهمتنا الطبيعية وهي أن يكون الواحد منا صارماً دون قسوة، وأن يكون حازماً دون جفاف، وأن يكون حنوناً دون انهزام أمام الطفل. وإذا تساءلنا أين نتعلم كل ذلك، فإننا نقول: نحن نتعلم ذلك بالتدريب والانتباه والقدرة واليقظة على تعديل السلوك الخاطئ إلى سلوك مناسب.
ــــــــــــــــــ
لنعذر أولادنا.. المراهقين
يكتفي أغلب الآباء والأمهات بهز رءوسهم استنكارا عندما يصاب المراهقون بحالة هياج ويغلقون الباب بعنف, ويلقي الوالدان اللوم على الهرمونات لدى الأبناء. لكن بحثا جديدا يشير إلى أن هذا السلوك الفظ قد يعود في الواقع إلى (تغير البنية) العادية للمخ الذي يحدث خلال فترة المراهقة.
وتوصلت دراسة حديثة لباحثين في جامعة سان دييجو, ترأّسهم روبرت مكجيفيرن الحاصل على دكتوراه في الفلسفة وبروفيسور علم النفس, إلى أنه مع الاقتراب من سن البلوغ, تنخفض قدرة الطفل على وضع أحاسيس الآخرين في حسبانه.
واختبر الفريق قدرة 300 يافع تتراوح أعمارهم بين 10 و22 سنة على الحكم على الأحاسيس التي تم التعبير عنها من خلال الصور والكلمات. وطُلب منهم أن يقولوا ما إذا كانت الوجوه والكلمات تعبر عن السعادة أم عن الحزن. وأوضحت النتائج أن زمن رد الفعل يعتمد اعتمادًا كبيرًا على العمر, وتتناقص السرعة مع اقتراب الصغار من سنوات مراهقتهم.
ويبدأ رد الفعل يتخلف زمنيًا عند عمر 11 سنة بالنسبة للبنات و12 للأولاد, وهما العمران التقريبيان لبداية البلوغ. وانخفضت القدرة على التعرف على الأحاسيس لدى الآخرين بنسبة 20 في المائة لدى بعضهم. وتخلف ظهور رد الفعل زمنيا خلال السنتين التاليتين ثم استقر أخيرًا عند عمر 15 عاما.
وأوضحت دراسة مكجيفيرن, التي نُشرت حديثا في (المخ والإدراك), أن المراهقين يعانون من زيادة مفاجئة طبيعية في النشاط العصبي في قشرة مقدمة الفص الجبهي في المخ, وهي منطقة المخ التي تقيّم الخبرة والإدراكات الحسية لتحديد رد الفعل بالتقريب, وتلعب أيضا دورا مهما في التحكم في السلوك الاجتماعي.
وتبعا لمكجيفيرن, يكون لدى المراهقين (مخ أكثر جلبة) بسبب زيادة النشاط العصبي, ومع ذلك لم يستبعد الدور الذي تلعبه الهرمونات, ووصفه بأنه نوع من إعادة التنظيم يجعل من الصعب على المراهقين معالجة المعلومات وفهم المواقف الاجتماعية. ويمكن استيعاب هذا الأمر بشكل خاص, حيث إن التفاعل الاجتماعي يكون له تأثير طاغٍ على سلوك المراهقين.
ولعل تعاطفنا مع حقيقة هذه التغيرات, يجعلنا نتفهم أولادنا أكثر.
ــــــــــــــــــ
وسائل تخفيف المشاجرات بين الأبناء
* سلوى المؤيد(54/218)
يحتاج الأبناء أحياناً إلى أن يخصص الأب أو الأم لكل واحد منهم وقتاً قصيراً، يكون خلاله الابن مركز اهتمامها، على أساس أنه شخص مستقل ذو صفات متميزة .. إلا أن الأخ الآخر لا يسمح لأخيه بهذا الحق .. فيقحم نفسه في هذا الوقت الخاص .. هنا على الأب أو الأم أن يمنعا طفلهما من ذلك الاقتحام .. لأنه تعدى بذلك على وقت أخيه وعليه أن ينتظر حتى يأتي دوره.
إن إصرار الوالدين على تخصيص هذا الوقت لكل طفل على حدة .. سيقلل كثيراً من خصام الأبناء الصغار مع بعضهم البعض للحصول على اهتمام آبائهم.
ومعنى أن يخصص أحد الوالدين وقتاً لطفله أن يقضي معه عشر دقائق كل يوم أو يومين .. يقرأ معه خلاله قصة أو أن يحادثه أو يلعب معه أو يسير معه ويتحدث عن أمور تهمه .. ويبلغ حرص بعض الآباء على تخصيص هذا الوقت لأبنائهم إلى درجة أنهم لا يستلمون مكالمات تلفونية أثناءه .. حتى ينسجم مع طفله، وسنرى بالتدريج أن ذلك سوف يقلل من الخلافات الناتجة عن الغيرة بين الأبناء، لأنه سيشعر الطفل بأن له مكانة خاصة في نفس والديه.
ولنوضح مدى أهمية هذا الوقت بالنسبة للأبناء سنورد هذا المثال الواقعي.
هدى أم لطفلين توأمين في السادسة من عمرهما .. قامت بتخصيص وقت محدد لكل واحد منهما .. تركز خلاله اهتمامه عليه .. فينطلق في الحديث معبراً عن مشاعره.
وفي يوم سألت ابنها: ما هي أكثر الأشياء قرباً من نفسك؟
قال: عيد ميلادي.
قالت الأم: وما هي أكثر الأشياء كرهاً إلى نفسك؟
قال الطفل: عندما يأخذ أخي اهتمامك.
قالت الأم: يبدو أنك تريد أن تأخذ اهتمامي كله؟
أجاب الطفل: أتمنى لو أني أستطيع أن أتخلص من أخي .. أو أدفعه خارج الغرفة.
سألته الأم: وهل تريد أن تبقى معي طوال الوقت؟
رد ابنها: لا، أريد أن أبقى بعض الوقت.
إذن، تخصيص الأم لطفلها وقتاً قصيراً، يعبر خلاله عن مشاعره، سيشعره بمدى أهميته لدى أمه، وبالطبع سيقلل ذلك الشعور من مشاجراته مع أخيه. إعادة كلام الطفل وهو يتشاجر مع أخيه وسيلة أخرى يستطيع بها الآباء معالجة المشاجرات التي تشب بين الأبناء .. ولكن يستطيع الآباء فهم هذه الطريقة وتطبيقها.
سأستعرض هذا المثال العملي:
فكر أب في طريقة يعالج من خلالها مشاجرة بين ولديه .. فوجد أنه عندما أخذ يعيد كلام ابنه للابن الآخر دون أن يصدر حكماً على أحدهما جاء بنتيجة إيجابية. اشتكى حسام البالغ من العمر 3 سنوات لوالده ضرب أخيه الأكبر عادل له قائلاً:
ـ أبي، عادل ضربني.
قال الأب: عادل تعال هنا، حسام يقول: إنك ضربته.
قال عادل: لا، حسام يكذب، أنا لم أضربه.
قال الأب لحسام: عادل يقول: إنه لم يضربك.
رد حسام: لا، هو الذي يكذب، أحلف أنه ضربني.
أجاب الأب بحزم وهو يضع قاعدة على أبنائه الالتزام بها:
ـ حسناً، الضرب أمر غير مسموح به في هذا البيت، هل سمعتم؟
عاد حسام يشد لعبة عادل ليأخذها.
قال عادل لأخيه: لا تلمس لعبتي.
أجاب حسام متحدياً: بل سألمسها، وآخذها منك.
قال عادل: هذه اللعبة ملكي .. لن تستطيع أن تأخذها.
تدخل الأب قائلاً: عادل، حسام يريد أن يمسك لعبتك.
رد عادل: لا، لا أريد أن أعطيه، هذه لعبتي.
قال الأب: حسام، عادل يقول: إنك لا تستطيع أن تأخذ لعبته .. هل يمكنكما أن تحلا مشكلتكما معاً؟
واندهش الأب عندما رأى ابنه حساماً يحاول أن يحل المشكلة قائلاً:
ـ عادل .. هل أستطيع أن آخذ لعبتك لدقيقة واحدة.
رد عادل: لا، هذه اللعبة ملكي.
كرر الأب رفض عادل قائلاً: حسام، يبدو أن عادل غير مستعد لإعطائك اللعبة .. إذا استعد، سيعطيك إياها. نظر عادل إلى والده في دهشة من رد فعله .. وبعد لحظات قدم اللعبة إلى حسام. إذن إعادة الأب لحديث أبنائه جعله يقف موقفاً محايداً وشجع الأبناء على أن يحلوا مشكلتهما معاص دون أن يتطلعوا إلى أبيهم لفك مشاجرتهما.
ــــــــــــــــــ
ابتعد عن طفلك وقت الغضب .. ثم ناقشه
* سلوى يوسف
ابتعد عن طفلك قليلاً .. إذا غضبت، لكي تسترجع هدوء أعصابك .. فتتفادى تجريحه وإهانته، وتستطيع توصيل رسالتك له بطريقة إيجابية.
ولنضرب مثالاً عملياً .. لنتعرف على كيفية استخدام هذا الأسلوب التربوي. حياة فتاة في العاشرة من عمرها .. نهضت من النوم .. ولم ترتب سريرها، ثم أخرجت بعض ملابسها وتركتها مرمية على الكرسي .. تضايقت أمها من فوضويتها .. وأرادت أن تعودها على ترتيب غرفتها فقالت لها:
ـ حياة .. لماذا تتركين غرفتك فوضى هكذا؟ .. هيا رتبي سريرك .. وعلقي ملابسك.
ردت الابنة: هذا عمل الخادمة .. نحن ندفع لها راتباً لتقوم به.
أجابت الأم وقد أخذت تشعر بالثورة تسري إلى نفسها:
ـ الخادمة تقوم بترتيب البيت مرة واحدة في اليوم .. أما بقية اليوم، فإن هذه غرفتك .. وأنت مسؤولة عن ترتيبها.
وخرجت من الغرفة لكي لا تفقد أعصابها وتبدأ في تجريح ابنتها .. وعندما هدأت عادت إليها، وقالت:
ـ الآن أستطيع أن أناقش معك هذا الأمر، أريدك أن تعلمي أمراً وتطبقيه مستقبلاً، ما دمنا نعيش في هذا البيت .. فإن لكل واحد منا واجباً يقوم به لكي نتعاون على أن يكون منزلنا مرتباً، إذا كنت لا تريدين ترتيب غرفتك .. فسأختار لك عملاً آخر تقومين به .. ماذا تختارين؟.
تراجعت الابنة قائلة:
ـ أختار ترتيب فراشي وغرفتي، حتى تبدو مرتبة وجميلة.
أحياناً يتعب الآباء من تكرار هذه المواقف الغاضبة مع أبنائهم عندما يقومون بتذكيرهم يومياً بواجباتهم، فماذا يفعلون؟
قال أحد الآباء: تعودت أن أبتعد عن ابني عندما أغضب عليه، أدخل إلى الحمام لأستحم، أو أفتح الراديو على أي موسيقى كلاسيكية .. أفعل أي شيء يبعدني عن جو الغضب .. ثم أعود له لأناقشه، وأخرج معه دائماً بنتيجة إيجابية .. تحسن سلوكه.
تقول إحدى الأمهات: عندما يزداد الضغط على نفسيتي .. أدخل إلى غرفتي وأبكي وحدي، فأشعر بالراحة .. وأعود مرة أخرى إلى أبنائي لمتابعة أداء واجباتهم اليومية حسب المطلوب. أم أخرى قالت: إنها تدخل غرفة المكتب .. وتكتب عدة ملاحظات عن ابنها .. تعبر من خلالها عن كل ثورتها .. ثم تعود إليه لتناقشه بهدوء حول العمل الذي طلبت منه أن يقوم به وعاندها في أدائه، وتقول: إنها كانت في كل مرة تخرج بطريقة إيجابية تساعدها على توطيد علاقتها بابنها، بدل المشاحنات والكلام الجارح الذي كانت تنهال به عليه عندما يعاندها ويغضبها فتزداد ثورته، ولا تصل معه إلى طريقة تساهم بها في تطوير سلوكه.
إذن، الابتعاد عن أطفالنا وقت الغضب يمنحنا فرصة لنعبر عن غضبنا بطرق لا نندم عليها فيما بعد.
وهذا مثال آخر نستعرضه، يعلمنا كيفية استخدام هذا الأسلوب التربوي.
أصر محمد البالغ من العمر خمس سنوات، أن يلبس قبعة اشتراها له والده للمدرسة .. كانت الأم تعلم أن قوانين مدرسة ابنها تمنع التلاميذ من ارتداء القبعة في الفصل، لكنه صمم على ارتدائها رغم معارضة والدته بقولها:
ـ أنت تعلم أن قوانين المدرسة ل تسمح لك بارتداء هذه القبعة.
رد عليها: أرجوك يا أمي، أريد أن ارتدي قبعتي في المدرسة.
أجابت الأم: لكن المدرسة سوف تمنعك، أنت تعلم أن المدرسات يعاملن جميع الطلبة معاملة متساوية.
رد الابن غاضباً: إذن لن أذهب إلى المدرسة.
أجابت الأم وهي غاضبة: الأفضل أن لا تذهب.
فرح محمد لرضاء أمه على عدم ذهابه إلى المدرسة فسألها:
ـ هل أستطيع أن ألعب في حديقة البيت؟
ردت عليه والدته بحزم:
ـ إذا لم تذهب إلى المدرسة، فإنك سوف تبقى طوال اليوم في غرفتك، لن تلعب في الحديقة، أو تشاهد التلفزيون، أو تلعب مع أصدقائك.
وعندما شعرت أن غضبها قد ازداد .. خرجت فوراً من الغرفة، وبعد أن هدأت عادت إليه، وبدأت معه حواراً هادئاً.
قالت له: دعنا نتحدث عما دار بيننا منذ قليل .. هل تريد حقاً ارتداء القبعة في المدرسة حتى تبدو كالأبطال؟
هز الابن رأسه بالإيجاب.
ردت الأم: أظن أن ما ستفعله سيشعرك بأنك قوي، وأنك متميز بلبس قبعة غيرك لا يرتدي مثلها.
قال الابن: نعم.
قالت الأم: هل ارتديت جاكيت المدرسة لنذهب؟
قال محمد: نعم .. هيا بنا.
لقد أحنت الأم التصرف، لأنها عندما شعرت بتزايد غضبها، خرجت من الغرفة وسألت نفسها هذا السؤال:
ـ هل من المفروض أن أتحكم في تصرفات ابني في المدرسة، هذا ليس من واجبي وإنما هو واجب المعلمة، وستقوم به على أفضل وجه، لأنها ستمنعه من ارتداء القبعة في الصف، فلماذا إذن أغضب؟
وهذا ما حدث بالفعل، حيث منعت المدرسة محمداً من ارتداء القبعة في الفصل واستسلم لما أمرته به طائعاً.
ــــــــــــــــــ
ابنك سيئ الخلق .. لماذا؟
* د. علي القائمي
بالنسبة للعلل والأسباب التي تجعل الأطفال من ذوي الأخلاق السيئة، تتباين بحسب نوع القضية وعلتها.
أما إذا أردنا أن نقتفي آثار العلل بالمعنى العام فيجب أن نقول بأن العوامل المساعدة على بروز هذه الظواهر تتلخص بما يلي:
1 ـ العوامل الحياتية: في هذا المجال نذكر بعض العوامل المهمة:
ـ احتمال أن يكون الطفل مريضاً ويشكو من مرض داخلي يسبب له آلاماً وأذىً.
ـ وضع الطفل البدني، واحتمال وجود نقص بدني يجعله مدعاة لمسخرة الآخرين.
ـ مراحل نمو الطفل والتي لها دخل في سلوك الطفل كسن الرابعة أو سن البلوغ.
ـ الجوع، الأرق، التعب من العوامل المؤثرة في السلوك الغير طبيعي للطفل.
ـ الصراع وعوامل أخرى تؤثر على الانحراف الخلقي للطفل.
ـ اضطرابات المزاج والشعور بالآلام المزمنة تؤثر على أخلاق الطفل.
ـ وهناك مسائل أخرى لها هذا التأثير مثل تأخير وقت الغذاء أو النوم أو وجود الديدان أو الطفيليات في الأمعاء أيضاً من العوامل المهمة التي لها دخل في سوء أخلاق الطفل.
2 ـ العوامل النفسية: في هذا المجال هناك عوامل وعلل كثيرة يمكن تلخيصها بما يلي:
ـ الشعور بالاستقلال الفكري الذي يرغب توظيفه في خدمة أغراضه.
ـ ابتلاء الطفل بأمراض نفسية وحتى الصرع والإغماء والأنواع الأخرى المختلفة كالاختلالات الدماغية والأمراض العصبية.
ـ شعور الطفل بأن حريته واستقلاله قد أُنتهكت ويريد الدفاع عنها.
ـ غياب الوالدين أو ابتعاد الطفل عنهما وإحساس الطفل بنقص في المحبة.
ـ عجز وإحباط الطفل في حل مشاكله يؤثر أحياناً على انحراف وسوء أخلاقه.
ـ جهل الطفل لبعض القضايا وضعف إدراكه يخلق له معاناة تؤثر على أخلاقه.
ـ إحساس ضعف لدى الطفل مقابل إنجاز بعض الأعمال التي يشعر أنه بحاجة إليها مثلاً يريد الحصول على شيء لا تصل يده إليه أو يريد أن يرسم منظراً ولا يستطيع ذلك أو أن تعلّق أشياءه التي له علاقة بها في مكان لا يستطيع تخليصها منه و ... و ...
3 ـ العوامل العاطفية: في هذا الحقل نذكر عوامل تستحق تسليط الضوء عليها:
ـ حدوث إحباط في ميولات الطفل والإحساس بالفشل في الحياة وكذلك الشعور بالحقارة بسبب استهزاء وتحقير الآخرين له بحيث تبدو شخصيته محل سؤال واستفهام وأيضاً القلق وعدم الاستقرار العاطفي يخلق للطفل أرضية للضجر وعدم الراحة.
ومن العوامل الجديرة بالذكر هنا هي التعصب، العناد، العصبية، الرغبة في جلب أنظار الآخرين، حب الانتقام، المحاسبة، الحرمان من العطف والمحبة العائلية وعدم الشعور والإحساس بالموازين والمقاييس الأخلاقية. كذلك إن أوضاع بعض الأطفال مؤهّلة للاضطراب والتهيّج وسلوك البعض مع الأطفال يزيد في تحريك الطفل وهيجانه.
وكذلك فقدان الأمل، الفشل وعدم الموفقية لها تأثير على سوء أخلاق الطفل. وأحياناً يكون سوء الخلق ناجماً عن المصاعب الغير قابلة للتحمل بحيث يشعر الطفل بأنه مغلوب على أمره فيعيش أزمة نفسية خانقة.
4 ـ العوامل التربوية: هناك عوامل كثيرة في هذا المجال نذكر منها:
ـ مشاهدة الأخلاق السيئة للوالدين أو من يحيط بالطفل من قبل الطفل يعتبر درساً سيئاً للأبناء.
ـ حرمان الطفل من والديه وما يسببه هذا الأمر يخلق عند الطفل نزعة حب جلب نظر الآخرين إليه.
ـ دلال الطفل النابع من الإفراط في محبته يؤثر على سوء أخلاقه.
ـ السلوك الخاطئ للأم أو الأب في التعامل مع الطفل مثل الضحك والاستهزاء منه في حالة غضبه.
ـ غفلة الوالدين وإهمالهم لوظائفهم ومسؤولياتهم تجاه طفلهم وعدم مقدرتهم على تمريضه.
ـ التساهل واللامبالاة في تعويد الطفل على النظم.
ـ الاستفادة من الخشونة في تربية الطفل،وكذلك فإن للأمر والنهي الزائد عن الحاجة آثار على سلوك الطفل.
ـ هناك ضعف كبير ناتج عن عدم مقدرة الوالدين على تربية أطفالهم بسبب انشغالهم المستمر بالكسب على حساب تربية أطفالهم فيحدث انحراف خلقي وسلوكي لدى الطفل.
5 ـ العوامل الاجتماعية: أما الأخلاق السيئة لدى الأطفال والناتجة من علل وعوامل اجتماعية فهي:
ـ النزاع والمشاجرة بين الوالدين وأفراد العائلة له تأثير على التربية السيئة للطفل.
ـ وأحياناً سوء الخلق ينتج من التأثر بالأصدقاء والمعاشرون للطفل وكذلك أفراد المجتمع.
ـ العيش في محيطات غير ملائمة ومناطق يتصف أهلها بسوء الخلق والفساد.
ـ الأوضاع الغير ملائمة للعائلة من حيث المراقبة والأمر والنهي والانضباط.
ـ وجود نوادي الفساد والمحافل الموبوءة والشغب كلها من عوامل سوء التربية.
ـ الشعور بعدم الأمن والاطمئنان في محيط الحياة الاجتماعية بسبب وجود الضغوط وعدم الاستقرار.
ـ عدم الثبات والاستقرار في المجتمع بسبب الجور والتمييز والمضايقات التي تسببها الأجهزة الأمنية والإدارية والتنفيذية وكل المتصدين من علماء وأمراء و ...
ـ التجاوز والاعتداء الصادر من شخص خشن ومزعج، أو فرض فساد على الطفل من قبل أشخاص يفوقونه بالسن و ...
ـ العوامل الثقافية:
هناك جذور ثقافية لسوء الأخلاق التي يتصف بها الطفل وفي هذا المجال نلخص العوامل الثقافية بما يلي:
ـ الجهل وعدم الوعي وهي من الأمور العادية والطبيعية بالنسبة للأطفال.
ـ التعليم الخاطئ للقيم التي تعلمها الطفل في المدرسة والعائلة والمجتمع.
ـ عدم تعلم المسائل التي لها ارتباط بالآداب والأخلاق والسلوك بومعنى آخر عدم تعلم الأمور التي لها ارتباط بحياة الفرد.
ـ وجود الكتب والمجلات والقصص والأساطير التي لها تأثير سيئ في التربية حيث تعتبر بحد ذاتها دروساً سيئة للطفل.
ـ الأشعار والأمثال الكنايات والاستعارات الغير مناسبة كذلك لها آثار سيئة.
ـ الفن وسوء التربية والتعليم والتي تداول الاستفادة بسوء منها في المجتمع وكذلك حلول ما هو ضد القيم محل القيم، لها بالغ الأثر على تربية الطفل.
ـ نوع التربية العائلية التي تعتمد على نوع من الأفكار والفلسفات.
ـ ويجب أن لا ننسى أن كل ما لدى الطفل هو حصيلة لما تعلمه من أفراد المجتمع أو البيت أو المدرسة أو وسائل الإعلام. فعلى هذا الأساس يجب أن يخضع كل ذلك للمراقبة المشددة.
ـ العوامل الأخرى:
هناك عوامل أخرى لها علاقة في سوء أخلاق الأطفال يمكن إحصاؤها بما يلي:
عدم التنظيم في وضع المأكل والمشرب والنوم ووسائل الراحة واللعب وكذلك ضعف القدرة على التحمل والأوضاع الغير طبيعية التي تعتري الطفل أثناء البلوغ حيث تحدث اضطرابات في وظائف الغدد واختلالات في شروط وظروف العيش وكذلك الافتراق والتباعد ووضع المسكن والمنطقة، كل هذا له آثار في الاضطرابات العاطفية لدى الطفل و ... وحتى بإمكان هذه العوامل أن تخلق أرضية لسقوط الطفل أخلاق
ــــــــــــــــــ
لا داعي للرحيل خارج المنزل .. ثم الصراخ من بعد ذلك
* د. سبوك
إنها الرشوة الكاملة.
هذا ما قلته لنفسي وأنا أرى الطفل الصغير لا يأكل من يد أمه.
والأم تصر على أن الطفل لا يتناول غذائه جيداً لذلك يجب أن يأكل.
وينظر الطفل إلى الطعام ويشمئز منه.
وتتعجب الأم بدهشة تقترب بها من حافة الجنون: ((لماذا لا تأكل يا بني؟ إنه الطعام الذي قلت إنك تحبه!)).
ويجيب الطفل ببراءة: ((كنت أحب هذا الطعام أمس أما اليوم فأنا أكرهه)).
وتقول الأم: ((إن أكلت طعامك ستخرج إلى حديقة الحيوان)).
فيجيب الطفل: ((لا. لنذهب إلى حديقة الحيوان أولاً ثم آكل بعد ذلك)).
وبين الإلحاح والوعد والرفض والإصرار تدور مباراة حامية. وتنتهي بأن يأكل الطفل بعض الطعام ليبدأ هو رحلة إلحاح من نوع آخر. إنه التساؤل المختلط بصوت التوسل والتذكير: ((ألن نذهب إلى حديقة الحيوانات)).
إن الطفل يطالب بحقه من الرشوة. إنه قد أكل لا لأه جائع ولكن الأم وعدته بالذهاب إلى حديقة الحيوانات. ويستطيع الطفل بلون من المثابرة والمناورة والإصرار أن ينقل أقفاص حديقة الحيوان فوق رأس أمه وأبيه. إنه يسير ويحمل الوعد الذي لم يتحقق. لقد أكل لأن هناك وعداً. والوعد لم يتم تنفيذه. هنا تقول الأم للأب: ((يجب أن نأخذ الولد إلى حديقة الحيوانات)). ويقول الأب الذكي الذي يراقب موقف الطفل من أوله: ((هيا نلعب مع قطة الجيران)).
ويأتي الطفل ذو الثلاثة أعوام إلى القطة ويحاول أن يربت على شعرها فتنفر منه وتنكمش وكأنها ستهاجمه. فيربت عليها الأب أو يربت عليها ابن الجيران فتستكين، وتتحرك القطة بعيداً، فينظر الطفل إليها نظرته إلى كائن غريب، ويقول: ((صارت القطة صديقتي)). ومن بعد ذلك قد يأخذ الأب الطفل إلى منطقة تجري فيها حفريات للشوارع لأن هناك ما سورة مياه جديدة يتم تركيبها مثلاً. فيشاهد الطفل الجرافات والمحركات الكبيرة و ((يبحلق)) في هذه المعدات ثم ينتابه الملل فيطلب العودة إلى المنزل.
وفي المنزل يمكن للأب أن يفتح كتاباً لقصص الأطفال ويقرأ فيه للابن بصوت مرتفع وبتمثيل، وهنا يشعر الطفل بسعادة بالغة فينتهز هذه الفرصة ليبدأ بتنظيف أذنه بقلم رصاص، وينتبه الأب فيصرخ في الطفل، ويتمادى الطفل في الانزعاج فيبكي وينفجر بركان عدم الصبر في صدر الأب فيوسع ابنه ضرباً، ويقول: ((لقد كنت لك كالأراجوز أيها اللعين ... )) ويبكي الطفل وينام وتنتابه الكوابيس فيستيقظ صارخاً وتضرب الأم كفاً بكف وتحاول تهدئة الطفل، ويرى الأب نظرات الاتهام في عيون الأم، فيقول ليبعد عن نفسه نظرات الاتهام تلك: ((إنه ولد مدلل. إنك تفسدينه بالاستجابة لكل رغباته)). فتقول الأم: ((إنك أنت الذي تفسد الولد بالانتقال من الحنان المبالغ فيه إلى القسوة)). ويصمت الأب ويفتح الطفل عينيه ليجد أمه وأباه معه فيصمت وينام ويصمتان فينامان.
وفي مثل هذا الجو المضطرب يعلن الأب لنفسه: ((أنا لا أصلح أن أكون أباً ... كيف أربي ابناً وأنا بلا تجربة؟)). وقد تقول الأم لنفسها: ((أنا جلبت لنفسي وجع القلب. كان يكفي أن اصدق زوجي عندما قال لي بعد إنجاب ابننا الأكبر أن لا داعي لمزيد من الأبناء)). ورحلات الندم والقلق تنتقل بسرعة إلى أعماق الابن. إنه يشعر أنه كائن منزعج فيتمادى في الإزعاج ثم إنه يشعر أن الأب والأم قد ألقيا به في الحضانة وتركاه دون أي سبب.
إن هذا النمط من الآباء والأمهات قد ارتكب بتصرفه هذا عدة أخطاء منها:
ـ الخطأ الأول: هو إحساس الوالدين بعدم أهليتهما للقيام بمهمة الأب والأم. إن هذا الإحساس يجب أن نزيله من حياتنا فوراً، لأننا إذا كنا قد أنجبنا طفلاً وربيناه، فقد نكون اكتسبنا قليلاً من الخبرة في تربية الأبناء. وإذا كنا لم ننجب بعد فيحسن بنا أن نتذكر أن التربية لا تحتاج إلى نظريات وإنما تحتاج إلى إحساس. إن الإحساس هو الذي هدى الإنسان إلى أن له رباً قبل أن ينتبه الناس إلى أن الله قد أرسل الرسل. وعندما جاء الرسل صدقوا وآمنوا ومن بعد ذلك جاءتهم الغفلة، فقادهم الإحساس إلى ضرورة الإيمان حتى لا يعم الفساد الكون. وتوالى الموكب الرسالي حتى ختم الأنبياء. إذن فالهداية إلى أن للعالم خالقاً كانت موجودة. وهذه الهداية وحدها كانت كفيلة بأن تجعل البشرية تصدق الرسل. فما بالنا بتربية الأطفال؟ إنها ليست أمراً عسيراً، فهي تحتاج منا إلى إعلان هذا القدر من العجز.
ـ الخطأ الثاني: هو ربط الطعام بجائزة ما. يجب أن تعرف أن إعلانات التليفزيون والصحف ومجلات الحلوى تقتنص من دخل الآباء الكثير. وما دام الطفل يلهو بفمه المشغول بالحلوى ويصمت عنا، فنحن نعتبر أن ذلك هو المطلوب. ثم يأتي موعد الطعام ليجد الطفل نفسه غير قابل لتناول الطعام. إن علينا أن نراعي عدم تقديم أية حلوى للطفل نظراً لضررها على أسنانه. وعلينا كذلك أن نراعي عدم تقديم أية ألوان من الأطعمة المحفوظة داخل أكياس أو زجاجات المياه الغازية، لاشتمالها على مواد حافظة لها وعلى ألوان الصباغة، إذ قد ثبت علمياً ضرر هذه المواد الملونة وتلك المواد الحافظة على صحة الإنسان.
ـ الخطأ الثالث: هو الذهاب بالطفل في نزهات لا يرغب فيها الأب أو الأم. إنها ألوان من التنزه التي تشبه العقاب للكبار، إنها محاولات من الكبار للحصول على صمت الصغار لا محاولات للتفاعل مع الأطفال. وكذلك يمكن أن ينفجر عدم الصبر كقنابل موقوتة في صدور الأمهات والآباء ... وهذا أمر مرفوض ... إن علينا أن نخصص أوقاتاً للترفيه مع الأبناء. صحيح أن لنا أعمالنا وصحيح أن لنا مشاغلنا، ولكن من الصحيح أيضاً أننا نشعر بالأسى عندما نسمع عن انحراف شاب في السادسة عشرة من العمر أو إدمانه للمخدرات أو خروجه عما يعتبره المجتمع أساسياً. ومهما كانت مشاغلنا فلابد من أن نخلق لأنفسنا متعة التواجد مع الأبناء وأن نعرف أننا نتعلم منهم وأنهم يتعلمون منا. إن في داخل كل طفل قدراً هائلاً من الحكمة نحتاجه نحن الكبار كما أن في داخل كل منا طفلاً يرغب في الانطلاق للعب مع الصغار. إن التنزه مع الأطفال ليس عقاباً نوقعه بنفسنا ولكنه حق طبيعي لنا ولأطفالنا.
ـ الخطأ الرابع: يجب أن نذهب بالطفل إلى الحضانة منذ العام الثالث، لأن بقاء الطفل مع أمه قد يكون مرهقاً لها جداً. ثم إن الأم قد تترك الابن مع الخادمة وليس مع المربية. فليست لكل الأسر تلك الإمكانات لتعيين مربية متعلمة حاصلة على قدر من التدريب العلمي الكافي للتعامل مع الطفل. ولذلك فذهاب الطفل إلى الحضانة أمر مرغوب فيه شرط أن يكون الذهاب إلى الحضانة بالتدريج، بمعنى أن تقضي الأم مع الطفل ساعة من اليوم الأول ثم تغيب عنه ساعة وتعود لتجلس معه ربع ساعة أخرى ثم تنصرف. وفي اليوم التالي تجلس معه نصف ساعة ثم تتركه لمدة ساعة وتعود لتجلس معه بضعة دقائق ثم تأخذه وتنصرف. ويستمر هذا الحال لمدة أسبوع ثم تتركه ليذهب مع والده في الصباح إلى الحضانة. إنه بذلك يتعلم الانغماس في مجتمع جديد.(54/219)
ـ الخطأ الخامس: هو تبادل الاتهامات بين الأب والأم حول أسلوب تربية الابن. إن هذا الجو المحموم بالإحساس بالعجز يجعل الزواج نفسه محل اهتزاز وعدم ثبات. ورغم أن الزوج أحب الزوجة قبل الزواج ورغم أن الاثنين تعاهداً كثيراً على الحب والإخلاص، فها هي لحظة عملية يحتاج فيها الإثنان إلى تدعيم الحب والإخلاص. وتدعيم هذا الحب لا يأتي بالبحث عن متهم، ولكن بأن نعلم أن كلاً منا مسؤول عن تربية الابن شرط أن نناقش معاً الصواب الذي نعتقده والخطأ الذي نظنه وأن نعرض الأمر على الطبيب المعاون لنا في تربية الطفل. إن الاتفاق بين الكبار على أسلوب واحد للتعامل مع الطفل يجعل الطفل يتعلم أن الأب والأم يرتبطان معاً برابطة الحب له ورابطة الحب بينهما وهذا ما يدفعه إلى الاطمئنان العاطفي اللازم له حتى ينضج نفسياً.
أخي، أقول إنه ليس من المطلوب أن تصحب معك ابنك في رحلة للترفيه عنه وتحس خلالها بالنكد والضيق لتصرخ آخر النهار في الطفل ولتعاقبه. إنك بذلك تزرع في نفسه قدراً من التوتر أنت في غير حاجة إليه. والطفل نفسه في غنى عن التوتر أو التعب في نهار طويل وممل. إنه يحتاج إلى نظرة حنان منكب بعد فسحة قصيرة تشعر بعدها أنك سعيد لمجرد التواجد معه.
ــــــــــــــــــ
أخطاء ابنك عندما تشبه أخطائك .. لماذا تنزعج؟
المشهد هو عام 1946. والفصل الدراسي منتظم جداً. تهامس الطلبة عن مدرس الحساب ـ هذا المدرس العجوز المريض بالسكر والذي لا يسمع بأي خطأ على الإطلاق. العقاب عنده معروف وواضح. يخرج الطلاب من الصف ويقفون أمام منضدة المدرس ويمدون أكفهم ويضعونها على المكتب، ثم يضع المدرس قلماً من الرصاص مضفراً أصابع كل تلميذ ثم يبدأ المدرس بالضرب على اليد بأربعة مساطر معاً. وكان هذا العمل هو فاتحة كراهية علم الحساب بأكمله وكل ما يتعلق به، بل كان هو السبب في عدم معرفتي بما في جيبي من نقود، ولا أدري كيف نجحت في بقية الامتحانات في علوم الحساب. والسبب هو ذلك الديكتاتور الذي فهم مهمة المدرس بشكل خاطئ فأوجد عند عدد من التلاميذ ما يسمى بالكف عن التعلم والتوقف عن الفهم لما يقول. والسبب هو اختلال السكر في دم هذا الرجل، فقد صار يفهم مهمته في الحياة بشكل خاط ويعلم الأطفال ألا يتعلموا على الإطلاق. وكان من المعروف أن نسبة النجاح في الصف الذي يتولاه هذا المدرس تقل عن العشرين بالمائة.
المشهد هو عام 1975. والفصل الدراسي مليء بضجيج الأطفال، وابني هو التلميذ الصغير الذي يدخل السنة الأولى الابتدائية. فجأة، وقبل أن يخطو الطفل في طريقه إلى مكانه في الفصل، يتراجع مذعوراً باكياً، وتتقدم منه المدرسة لتلاطفه فينكمش بعيداً عنها ويتجه إلى مكانه في الفصل، وفي آخر اليوم يقول لي: ((إن مدرسة الحساب ترفض أن تجلسني في الصف الأمامي لأني أرى السبورة وهي تلمع فلا أرى ماذا تكتب عليها وتقول لي: اذهب إلى الخلف يا أعمى)).
وتنفجر إذ ذاك في داخلي نار صغيرة من شمس حارقة. إن اللعبة تتكرر من جديد. إن قسوة اللفظ الجاف تنهال على الولد الصغير لتجعله عاجزاً عن حفظ جدول الضرب. وبطبيعة الحال وجدت في هذه المدرِّسة نفس ملامح مدرِّس الحساب القديم. إنها تقسو على الأطفال ولكن بسبب آخر غير مرض السكر. إنها تقسو على الأطفال بسبب قسوة المجتمع عليها. لقد تزوجت وهي صغيرة وطلقها الزوج بعد أن ارتقى في تجارته وتزوج فتاة أجمل منها، ولأنها لا تنجب خرجت إلى الحياة تبحث عن عمل، فوجدت عملاً كمدرسة لعلم الحساب في مدرسة راقية. وكان ابني للأسف الشديد يشبه ابن زوجها من زوجته، فلذلك أخذت في اضطهاده.
لقد بدأت أفهم علم الحساب بعد أن استمتعت بقراءة تاريخ التأليف الموسيقي وحياة فاغنر، وبيتهوفن، وموزار، وسيد درويش، وأغاني الفلكلور العربية. ولم أجد وسيلة للقضاء على أخطاء مدرسة الحساب في حق ابني إلا بأن نقلت ابني من المدرسة. وبعد ذلك بدأت أحضر له شرائط أغاني فيروز فكان ينسجم تماماً مع ((ميس الريم)) ويسعد تماماً وهو يسمع موسيقى بيتهوفن، وبدأت أعلمه الحساب من خلال حساب سنوات التاريخ القديم والحكايات عن عدد الآلات الموسيقية التي تعزف وقصص عن كل أغنية وكل مسرحية غنائية.
وفاجأني ابني بموقف مختلف من الخطأ. إن أخطائي تنبع من أنني أقرأ أكثر من كتاب واحد في وقت واحد: كتاب في علمم النفس، وآخر في التاريخ، وثالث في العلوم السياسية. وبدأت أشاهد ابني وهو يرتكب الخطأ نفسه: إنه يبدأ أعمالاً كثيرة ولا ينتهي من أي عمل منها، وتذكرت أن كثيراً من الأعمال قد فسدت أو ضاعت قيمتها لمجرد الخلل الذي صار عادة، وصارت أعمالي الناقصة تتراكم على مكتبي. والشيء نفسه تعلمه ابني مني دون قصد مني. إنني أضع تحت يديه كل ألوان الكتب الملائمة لسنه، فكان يقرأ من كل كتاب صفحة ثم ينتهي إلى كتاب آخر فثالث، ورأيت أن ذلك انعكس على أسلوب تحصيله الدراسي، فهو لا يتم أبداً مذاكرة أي علم من العلوم. إنه يترك دائماً أجزاءً من كل علم. وتكون النتيجة أنه يرسب في بعض العلوم وذلك نابع من عدم إتمامه لأعماله.
في البداية ثرت في وجهه وعاقبته، ولكن أمه قامت بتنبيهي إلى أن الطفل يكرر نفس أخطائي. فلماذا أغضب منه؟
إنه لا يهتم بترتيب خزانة ملابسه ويلقي بفردة حذاء هنا وفردة حذاء هناك، ويظل كل صباح يلاحق الزمن من أجل البحث عن فردة حذاء ضائعة، تماماً كما ألاحق أنا الزمن من أجل أن أجد المفاتيح أو حافظ النقود، إني ألقي بأي شيء في أي مكان ثم أبذل الجهد الكثيف من أجل أن أجد أشيائي الضائعة.
وبدأت أرى بعيني أنني لا أربي أبني ولكن ابني هو الذي يقوم بتربيتي. لقد بدأت أضع أمام ابني نظاماً لحياتي، ومواعيد قيام محددة من النوم، ونظاماً لممارسة الرياضة قبل أن أخرج من المنزل صباحاً. وبدأت أدخل المنزل لأضع كل شيء في مكان واضح ومحدد: سلسلة المفاتيح في لوحة للمفاتيح، والجرائد في مكان الجرائد. أما الكتب فقد بدأت أضعها في المكتبة، وبدأت أضع قائمة بنظام عمل يومي. ووضعت أمامي أكثر ما أكره في هذه الحياة وهو المنبه الذي يوقظني صباحاً.
وبدأت أحسب مرتبي وأوزعه على بنود الصرف المختلفة.
وبدأت أنظم أعمالي فلا أقوم إلا بعمل واحد في وقت واحد، وبعد أن أنتهي من هذا العمل أبدأ بإتمام عمل قديم ناقص.
واكتشفت أن ابني يقلدني: صار يحدد مواعيد لكل عمل وكل شيء، وبدأ يضع الرياضة في قمة اهتماماته، وأهم من كل ذلك أنه بدأ يقرأ كتبه الدراسية ويتمها للمرة الأولى، ونجح بتفوق.
إن العلاقة بين الأب والابن تثير التأمل، إنها منافسة ـ في جانب منها ـ يتخللها حب ودفء. وكذلك العلاقة بين الأم والابنة، إنها في ناحية منها عملية منافسة، ولكنها منافسة محاطة بالحب الدافئ.
والآباء أصحاب الطموح العالي يملكون أيضاً طموحاً عالياً لأولادهم والأبناء يتفاعلون مع الطموحات العالية.
وما دام الأب يعدل في أخطائه ويصحح طموحه ويعيد ترتيب حياته بمرونة، فالابن أيضاً يتقبل إعادة النظر في الأخطاء ويتعلم فن تصحيح الطموح ويعيد ترتيب حياته بمرونة.
إن الأب الواعي لنفسه ولسلوكه وكذلك الأم الواعية لنفسها وسلوكها يستطيعان الحياة مع الأبناء بثقة، ولا يأتي القلق ليدق باب القلب إلا عندما يوجد فعلاً ما يستحق القلق، وعندما يرى أحدهما أن الابن أو البنت قاربت على الخروج عن الخط الصحيح.
هؤلاء الآباء والأمهات ينتبهون جيداً إلى أخذ الأمور دائماً في حجمها الطبيعي ولا يصنعون ((من الحبة قبة)) ولا يحومون حول الأبناء وكأنهم مجرمون صغار يقومون بالتحضير لجريمة ما. إن هؤلاء الآباء الواثقين من أنفسهم لا يقومون بالإلحاح دائماً على الأبناء بل يتناقشون معهم بهدوء وتعاون ولا يقومون بمطاردة الأبناء على لا شيء وكل شيء.
والآباء السعداء يقومون بالتفاعل مع كل ابن على أساس احترام الاستقلال والمشاعر.
إن الابن الثاني سواء أكان فتاة أم فتى ينال هذا الاستقلال تلقائياً. ومن الرائع أنه لا يصاب بالقلق عندما لا ينال الاهتمام الكافي لأنه يملك في داخله الثقة بأنه قادر على طلب المعاونة من الأسرة الواثقة من نفسها إذا ما طرأ طارئ يستدعي ذلك. وهذا أمر مختلف قليلاً عن الطفل الأول الذي قد يحس بالخوف والفزع إذا ما أحس بفقد اهتمام والده وأمه به.
ونلحظ في بعض الأحيان أن الفتاة التي تكون هي الطفل الأول في العائلة، سواء أكانت اجتماعية أم انطوائية، تخاف بعض الشيء من أن تكون مجرد دمية يديرها الآخرون. وتحيا هذه الفتاة لذلك في بعض التناقض الظاهري، فهي تحتاج إلى كمية كبيرة من الانتباه وتقاوم في نفس الوقت المصدر الذي يعطيها هذا الانتباه. إنها تخفي إظهار إعجابها قليلاً ثم تنهمر من بعد ذلك في إعطاء عواطفها، وهذا ما أنبه إليه دائماً أي خطيب لفتاة تكون هي البكر لأسرتها وذلك حتى لا يتهمها بالجفاف العاطفي.
وباختصار، أريد أن أؤكد أنه من السهل جداً أن نقول للآباء الجدد: ((تعاملوا براحة أوسع وتفاعل دون توتر مع الابن الأول)). ولكن هذا لا يساعد الآباء، لأنه ببساطة يشبه دعوة شخص إلى الاسترخاء في المرة الأولى التي يقود فيها سيارة أو يمتطي صهوة جواد. ولكننا نحن الآباء والأمهات، يمكننا أن نقرأ وأن نناقش وأن ندرب أنفسنا.
وإذا كنا، نحن الآباء والأمهات، لم ننجب إلا طفلاً واحداً وقررنا ألا ننجب غيره أو شاءت الظروف أثناء وضع الطفل إجراء عملية جراحية للأم تمنعها من الحمل مستقبلاً، فعلينا في هذه الحالة أن نصحب ابننا الوحيد منذ أن يتعلم المشي ليوجد بين جماعة من الأطفال فيتعلم منهم الأخذ والعطاء منذ البداية المبكرة.
والمربية في الحضانة يمكنها أن تهتم بالطفل الوحيد وأن تحاول أن تدربه على الاندماج مع غيره من الأطفال. كما يجب ألا يهمل الوالدان اصطحاب طفلهما الوحيد في بعض زياراتهما.
وأحب أن أقول إن ما أعرضه لكم من تجارب عن تربية الأبناء في الزمن الصعب ليست قضايا مقدسة كفروض الصلاة يجب أن تؤدى في مواعيدها.
لا. إنها مجرد تجارب تدعوك إلى الاستمتاع التلقائي من خلال صحبتك لأبنائك، لأن جوهر المسألة كلها هو المحبة وزيادتها وتقويتها دون اعتداء عاطفي من الكبار على الصغار ودون ابتزاز الصغار للكبار بحثاً عن حقوق ليست لهم.
ــــــــــــــــــ
طفلي يخاف ويخجل ويشعر بالغيرة .. كيف يمكن أن أعالجه؟
* مجموعة أطباء
إنه يخاف .. ويخجل .. ويشعر بالغيرة ..
ما معنى كل ذلك .. ؟
معناه ببساطة أنه يشعر بالقلق ..
وهكذا يظهر القلق في تصرفات الطفل على هيئة خوف من أشياء مألوفة .. أو خجل عند التحدث مع الآخرين .. أو الإحساس بالغيرة من أي طفل آخر ..
كيف يحدث ذلك؟
ثم .. كيف يمكن أن نعالج هذه الأعراض؟
ـ الخوف .. وعلاجه:
الواقع أن الخوف شيء طبيعي في حياة الطفل .. ولكن يصبح هذا الخوف غير طبيعي عندما تزداد حدته.
والواقع أن الطفل الذي لا يخاف إطلاقاً هو الطفل الذي يعاني من نقص واضح في قواه العقلية.
أما الطفل الذكي .. القادر على التخيل فإن مخاوفه تكون .. أكثر.
وفي العام الأول من عمر الطفل يعبر المولود عن الخوف بالصراخ .. ويكون ذلك عند سماع صوت مرتفع مفاجئ. أو عندما يشعر بصدمة الوقوع.
وفي سن الستة أشهر يصرخ الطفل الصغير عندما يلتقي بوجه غريب .. غير مألوف.
أما في الفترة بين العامين والثلاثة من عمر الطفل فإن مخاوف الأطفال تتركز في الكلاب .. والسيارات .. وأي جهاز تصدر عنه ضجة.
كذلك يخاف إذا بقي وحيداً .. أو إذا تركته أمه مع آخرين لم يتعود على رؤيتهم .. أو إذا احتجزته أمه داخل مكان مغلق.
والغيرة في حد ذاتها تعتبر خوفاً من فقدان حب وعطف الوالدين .. أو الإحساس بأن هناك انساناً آخر أهم من الطفل عند الوالدين.
كل هذه المخاوف تعتبر طبيعية .. وكل الأطفال العاديين لهم أكثر من صورة خوف من هذه الصور.
وفي الفترة من عامين إلى ثلاثة من عمر الطفل نجد أنه قد يستيقظ في الليل بعد حلم مزعج.
والواقع أن الخوف في حياة الطفل الصغير يكون بسبب نقص في الخبرة .. والفهم لطبيعة الأشياء.
ويكون الكبار هم غالباً السبب في زرع هذا الخوف في نفوس صغارهم.
فالأم التي تقول لطفلها: لا تخف من الظلام .. تزرع في قلبه الخوف بالفعل من الظلام ..
وعندما تهدد الأم طفلها فإنها تقول:
سأذهب بك إلى الطبيب ليحقنك ..
بعد ذلك .. هل يكون من الغريب أن يخاف الطفل زيارة أي طبيب؟.
وعلى هذا .. لا يجب أن تعبر الأم عن خوفها من أي شيء أمام طفلها .. وإلا اكتسب الطفل نفس هذا الخوف تماماً مثل والدته.
وعلى هذا لا يجب تهديد الطفل بإرساله إلى المدرسة إذا تصرف بغير هدوء في البيت .. لأن معنى ذلك إنه سيخاف الذهاب إلى المدرسة.
ولا يجب مثلاً أن تهدد طفلها بأن هناك من سيضربه إذا خرج إلى الشارع وحده ... لأنه هنا سيخاف الخروج.
كذلك .. هناك القصص الخرافية التي تحكي عن الجن والعفاريت .. إن مجرد رؤية ظل متحرك أمام الطفل سيدفع إلى رأسه بصورة العفريت الذي سمع قصته وعرف أنه يخطف الأطفال ...
على هذا ... فإن علاج الخوف عند الأطفال يكون بإحاطة الطفل بالحب والثقة والاطمئنان.
وبالتالي لا يجب الكذب على الطفل بأي حال من الأحوال .. فإذا كان الطفل في طريقه إلى الطبيب أو المستشفى فيجب على الأم أن تشرح له بالصدق أنهم في طريقهم إلى الطبيب .. ويجب أن يعرف الطفل مقدماً ماذا سيحدث في عيادة الطبيب .. وبذلك لا يشعر الطفل بأي خوف.
وهكذا يجب أن يفهم الطفل جيداً .. ما دام قادراً على الاستماع والفهم.
وإذا تملك الخوف تصرفات الطفل .. فإن العلاج لا يكون سهلاً .. فلا يجب أن يسخر أحد من مخاوفه .. أو نردد أمامه إنه جبان .. فإن كل ذلك لا يساعد على تخليصه من الخوف.
فأول خطوات علاج الخوف هي الاعتراف بوجود مخاوف في حياة الطفل والنظر باهتمام إلى أحاسيس الطفل تجاه هذه المخاوف.
ومن الخطأ أن ندفع الطفل إلى مواجهة الشيء الذي يخافه بحجة التعود على هذا الشيء.
فإن الذي يحدث هنا هو مزيد من الخوف ..
والمفروض إبعاد هذه الأشياء التي تخيف الطفل .. واعطائه الإحساس بالاطمئنان وعدم وجود هذا الخطر الذي يخاف منه.
ومن الغباء أن نقول له دائماً: لا تخف من هذا ..
فإذا كان الطفل يخاف من الظلام .. فيجب حاطته بالضوء ... ومع ازدياد نموه فإنه سيعرف بالتجربة أن الظلام لا يحمل الخطر أو الخوف.
ويمكن أن تساعد الأم طفلها بالدخول أمامه وحدها في الغرفة المظلمة ..
وفي مثل هذه الحالة يجب أن تلفت نظره إلى أن هذا التصرف طبيعي ..
وبعد أن تؤكد له هذا الموقف تصحبه لفترة قصيرة داخل حجرة مظلمة ..
وتكرر ذلك .. إلى أن يتأكد الطفل بنفسه من أن الظلام لا يحمل الخطر.
فإذا كان الطفل يخاف من الكلاب مثلاً .. فليس من الحكمة أن ندفعه إلى تدليل كلب فإن ذلك سيزيد مخاوفه ..
ولكن نبدأ بإبعاد الكلاب عنه .. ثم ندعوه ليرى عن بعد طفل آخر يداعب كلب .. ثم نعطيه لعبة صغيرة على هيئة كلب .. وهكذا يكتسب الثقة وعدم الخوف خطوة بعد خطوة ...
ـ الخجل ... مشكلة:
في بعض الأحيان تمر على الأطفال فترات من الخجل ..
وفي هذه الفترات تأتي وتذهب بلا سبب واضح.
والخجل عند الأطفال يأخذ أكثر من صورة:
ففي سن الستة أشهر نجد أن الطفل يهرب من مداعبة الغرباء ...
وعند سن العام .. يهرب الطفل ليختفي وراء أمه عندما يتحدث إليه غريب.
أو قد يغطي عينيه بيديه ...
ثم يكبر الطفل ... وهنا نجد أنه يصمت عن الكلام .. ولا يرد إذا أحس بالخجل.
وتختلف شدة الخجل من طفل إلى آخر .. وهنا يجب أن نذكر حقيقة هامة:
قد يرث الطفل الخجل عن والديه ... أو أحدهما.
ولكن .. قد يكتسب الطفل هذا الخجل إذا عزله الأهل عن الآخرين سواء كانوا أطفالاً مثله أو كباراً ..
وفي نفس الوقت قد يظل خجولاً بالرغم من اختلاطه الشديد بالناس ..
ومن هنا تظهر ضرورة وجود علاقات دائمة مع أطفال آخرين .. وتشجيع الطفل على مشاركتهم اللعب .. والحركة، والأكل.
إنه شيء أساسي ألا نعزل الطفل عن العالم.
وفي نفس الوقت لا يجب أن نحيط الطفل بالتعليقات المختلفة في وجود الغرباء .. فالمفروض أن يشعر الطفل بالاطمئنان تجاه هؤلاء الزوار قبل أن يبدأ في الاقتراب منهم.
ومن الخطأ أن نعالج الخجل بالصراخ في وجه الطفل .. أو بعبارة: هل أنت أخرس .. تكلم؟.
فإن هذا الأسلوب لا يفيد؟ كما لا يجب التحدث عن خجل الطفل أمامه.
ومع إحاطة الطفل بالحب والثقة والاطمئنان ... يمكن أن يختفي هذا الخجل من حياته.
ـ الغيرة .. لها علاج:
في كثير من الحالات تكتفي الأم بإظهار تعجبها من هذه الغيرة التي تسيطر على تصرفات طفلها دون أن تفكر لحظة واحدة في سبب هذه الغيرة.
وفي أغلب الأحوال تلعب الأم نفسها دوراً أساسياً في زرع الغيرة في نفوس أطفالها ..
فالأم تصرخ عندما تجد أن الطفل الأكبر يضرب المولود على رأسه ...
وفي نفس الوقت فإنها لا تلحظ إنها ظلت تداعب هذا الصغير فترة طويلة دون أن تعير الأكبر .. أي اهتمام.
فالغيرة تنشأ عندما يحس الطفل أن هناك مَن يسرق التفات الوالدين واهتمامهم .. وهكذا يتصرف دفاعاً عن كيانه .. ويكتفي الأهل بالصراخ ويقولون: إنها الغيرة.
وما يسميه الأهل بالغيرة ينعكس داخلياً في الطفل ويظهر في صورة تبول ليلي ...
فالفراش يبتل كل ليلة وتصرخ الأم دون أن تعرف أن تصرفاتها مع المولود الجديد وراء كل هذه المتاعب.
على هذا يمكن أن نقيس كل تصرفات الأم ...
فهي تقبل من المولود الجديد كل تصرفاته بينما تحتج على أي خطأ يرتكبه الأخ الأكبر ..
وعندما يعود الأب من عمله .. فإنه يذهب مباشرة ليداعب المولود الصغير.
قد ينسى في هذه الحالة أن يقبل الأخ الأكبر كالمعتاد.
وهكذا .. ليس غريباً أن يخلق الأهل عند الطفل الإحساس بعدم الاطمئنان ... وعدم الثقة ... ثم يصرخون في وجهه عندما يتصرف ويقولون: إنها الغيرة.
ويكبر المولود ... وتتكرر أخطاء الأهل في صورة أخرى ...
إنهم يسمحون للأصغر بأشياء .. ويرفضون للأكبر نفس هذه الأشياء ..
وإذا أخطأ الأصغر .. فاللوم على الأكبر لأنه لم يحذره .. أو لأنه يقلده ..
وهكذا يكون نفس الفعل حرام على الكبير .. وحلال على الصغير ..
وتشتعل الغيرة أكثر إذا تعود الأهل على المقارنة بين الأخوة أثناء وجودهما ...
وعندما يذهب الأكبر إلى المدرسة .. يشعر الأصغر بالغيرة .. فهو أيضاً يريد أن يخرج كل صباح.
وتعتمد غيرة الأخ الأكبر على عمره عند وصول الأخر الأصغر ..
فكلما كان هذا الطفل صغيراً في السن كلما زادت غيرته من هذا القادم الجديد ..
ــــــــــــــــــ
عندما يغيب الأب عن اسرته...
* محمد عباس نورالدين
الأب ليس مجرد وجود عضوي أو اقتصادي أو اجتماعي, إنه كل ذلك, والأهم, هو دوره النفسي والروحي في تكوين الأبناء
للحديث عن الآثار النفسية والاجتماعية التي يمكن أن يخلّفها غياب الأب عن أسرته, لابد من إبراز الدور الذي يلعبه وجود الأب داخل الأسرة نفسها. ففي مختلف المجتمعات, مهما تباينت درجة تقدمها, يحتل الأب مكانة خاصة إذ إنه يلعب دورًا رئيسيًا في تماسك الأسرة واستمرارها. وليس من باب الصدفة أن يطلق على الأب في مجتمعنا عبارة (رب الأسرة), أو أن يشبه بـ(عمود الخيمة), الذي لا يمكن للخيمة أن تأخذ شكلها أو أن تستقيم دونه. ويذهب (جيرار مندل) إلى أبعد من ذلك, ويعتبر (ظاهرة السلطة) التي عرفتها جميع المجتمعات منذ بدء الخليقة منبثقة مما سمّاه (التبعية البيولوجية والنفسية والعاطفية) للطفل إزاء الكبار, ولاسيما إزاء الأب. وفي اعتقادنا أن هذه التبعية - إذا ظلت في الحدود المعقولة - تعتبر ضرورية لكل من الأطفال والآباء على حد سواء.
ولعل الوظيفة الرئيسية للأب, بالإضافة إلى توفيره للحاجات المادية للأسرة, أنه يتيح للأبناء الاقتداء به, الأمر الذي يعتبر حيويا بالنسبة لتكوين شخصيتهم ولتوازنهم النفسي, لاسيما في المرحلة الأولى من طفولتهم. فالطفل يكوّن صورته عن ذاته من خلال تعامل أسرته معه, لاسيما تعامل الأب الذي يشكل بالنسبة إلى الطفل نموذجًا يحاول دائمًا التماهي به والاقتداء بما يصدر عنه من أفعال. وتقليد الطفل لوالده, في حركاته وأقواله وأفعاله, ظاهرة تعرفها مختلف الأسر, الأمر الذي يعكس حاجة الطفل إلى الأب كنموذج لسلوك يحاول أن يتمثله ويتعود على القيام به. ومن هذه الناحية, فإن ما يلاحظه الطفل من سلوك والديه, لاسيما سلوك الأب, يلعب دورًا مهمًا في تكوين شخصيته وفي توازنه النفسي, أكثر من الدور الذي يمكن أن تلعبه النصائح والإرشادات التي يسمعها الطفل من والديه, أو من معلميه أو من أي مصدر آخر. ولا يمكن لأي شخص آخر, سواء كان الأم أو الأخ الأكبر أو أحد الأقارب, أن يقوم بالوظيفة نفسها التي يقوم بها الأب, فحتى الأم, مهما بلغت من قوة الشخصية ومن القوة الاقتصادية, لا يمكنها أن تكون أمًا وأبًا في آن معًا.
بالإضافة إلى ذلك, يعتبر الأب بالنسبة للطفل هو (المشرّع) إن صح التعبير, فهو الذي يضع الحدود بين ما يجب أن يقوم به الطفل, وما يجب ألا يقوم به. ومن خلال تدخل الأب في سلوك الطفل يدرك الطفل معنى القانون والواجب, وبالتالي يعدُّ للتكيف مع الحياة داخل المجتمع, على اعتبار أن ذلك يشترط التزام الفرد بسلسلة من القواعد والأعراف التي دونها يتحول سلوك الفرد إلى انحراف يدينه المجتمع ويعاقب عليه.
إن الأب, يعتبر بالنسبة للطفل مصدرا للأمن والحماية. ومما لاشك فيه أن غيابه المادي أو المعنوي يحدث اضطرابا في حياة الطفل. ويتجلى ذلك في مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب الطفل بين الحين والآخر, لاسيما أثناء النوم, أو على شكل أعراض (نفسية - جسدية) (قضم الأظفار, تبول لاإرادي, عدم التركيز, كثرة النسيان, الميل للعزلة...إلخ), أو على شكل تغير مفاجئ في السلوك لم يكن معروفًا قبل غياب الأب. وكثيرًا ما تكون هذه الأعراض النفسية والسلوكية بمنزلة خطاب لاشعوري موجه للأب إذا كان لايزال على قيد الحياة, أو موجه للآخرين للاهتمام بما يعانيه الطفل نتيجة غياب الأب.(54/220)
ويتحدث العالم الأمريكي (بتلهايم), استنادًا إلى حالات قام بعلاجها, عن اضطرابات نفسية تظهر على الأطفال الذين يعانون من غياب الأب في حياتهم. وقد يستمر تأثير هذا الغياب للأب إلى ما بعد الطفولة, وربما يستمر مدى الحياة. فالابن, عندما يكبر, قد يصعب عليه أن يقوم بدور الأب أحسن قيام, إذا حرم في طفولته من الأب. لذا يقول المحلل النفسي (برنار تيس): (لكي تكون أبًا لابد أن تكون ابنا في السابق. وكذلك البنت, فإنها قد تنتظر من زوجها أن يقوم بدور الأب الذي حرمت منه. وأحيانا تعبر عن ذلك بميلها إلى الزواج من رجل متقدم في السن بديلا عن الأب الذي حرمت من عطفه وحنانه في طفولتها.
أمهات...ولا آباء
تتكرر في مجتمعاتنا حال الأطفال الذين اضطرتهم الظروف إلى أن يعيشوا مع أمهاتهم بعيدين عن آبائهم. وفي حال الطلاق أو الهجر غالبًا ما تحاول الأم إلقاء اللوم على الأب على مرأى ومسمع من الطفل, بل قد تحاول تشويه صورة الأب في نظر الطفل بأن تصفه بصفات سلبية, وأحيانًا تكيل له الشتائم وتحمّله مسئولية ما تعانيه, خاصة أن الزوجة المطلقة تميل إلى الشكوى تنفيسا عن حال الإحباط التي تعيشها. وتنسى الزوجة في هذه الحال أن مَن تشوّه صورته في نظر الطفل كان زوجها, وأنها قبلت به واختارته لما كانت تعتبرها صفات إيجابية يتميز بها عن غيره. كما تنسى أن الصورة المشوّهة التي تقدمها عن الأب تتعارض مع الصورة التي كانت تقدمها عن الأب قبل الطلاق.
وتذهب بعض الأمهات إلى أبعد من تشويه صورة الأب المطلّق, وتحاول تحريض الابن ضد والده مستخدمة وسائل لاأخلاقية رغبة منها في الانتقام من الأب. إن سلوكًا من هذا النوع من جانب الأم يسيء بالدرجة الأولى إلى الابن الذي سيكون أبا في المستقبل, وكذلك إلى البنت التي ستكون أمًا في المستقبل وترتبط بعلاقة زواج مع رجل. والأم غير الواعية, التي تعيش هذه الوضعية, ترتكب خطأ فادحًا في حق أبنائها عندما تحاول تشويه صورة والدهم لديهم, كيفما كان سلوك الأب. فصورة الأب يجب أن تظل في مخيلة الابن مقرونة بكل ما هو إيجابي. بل أكثر من ذلك لا يقبل من الابن أن يحاول الإساءة إلى والده لإرضاء الأم, وأحيانًا كمحاولة يلجأ إليها الابن طمعًا في أن تستجيب الأم لجميع مطالبه. وعلى الأم المطلقة, ليس فقط ألا تشوّه صورة زوجها السابق في نظر أبنائه, وإنما أن تشجع هؤلاء الأبناء على أن يظلوا على صلة بوالدهم. وتخطئ الأم في هذه الحال عندما تعتقد أن بإمكانها أن تلعب دور الأب والأم معًا, وتتوهّم أن إغداقها على طفلها واستجابتها لجميع ما يطلبه سيكون تعويضًا له عن الأب, فالطفل ليس جهازا هضميا, بل إن حاجته إلى الأب, بما يرمز إليه الأب من مشاعر الأمن والعطف والحماية..., تفوق حاجته إلى الطعام واللباس. لذا يوصي الدكتور (سبوك) الأم المطلقة أو التي هجرها زوجها بألا تحاول أن تلعب دور الأب والأم في الوقت نفسه, لأنها لن تستطيع ذلك مهما فعلت. ويؤكد أن على الأم أن (تُبقي ظل الأب قويًا في البيت وذلك لمصلحة الأبناء أنفسهم).
ــــــــــــــــــ
كيف تواجهين عالم من الأسئلة الحرجة جداً!
* د. سبوك
فجأة، ودون سابق إنذار يدخل الطفل صاحب الأربع سنوات إلى غرفة الجلوس، ويكون الجالس فيها الأم الحامل التي تنتظر مولوداً جديداً بعد أسابيع قليلة ومعها عدد من الأقارب الذين يتحدثون عن المولود الجديد. ويضع الطفل يديه في وسطه وكأنه سيوجّه اتهاماً إلى الأم ويسألها بصوت مرتفع:
ـ مَن قال لك أن تنجبي طفلاً غيري؟ ثم لماذا لم تقولي لي كيف ينجب الرجال والنساء الأطفال؟ قولي لي كيف تنجبين الأطفال ولماذا تخبئينهم داخل بطنك؟
ولابد للابن أو البنت عند طرح هذا السؤال ((الناضج)) أن يجدانا نتقبل هذا السؤال بشكل ناضج، ودون أن تمرّ الوجوه بالخجل. إن من واجب الأم في هذه الحالة أن تتحدث إلى الطفل وكأنه شخص مهم جداً وأن تقول له: إنني أريد أن أجيب عن سؤالك الهام في وقت آخر عندما نكون بمفردنا ودون حضور أحد.
وعندما تعاملين الطفل بهذا القدر الهائل من التقدير فهو يتصرف طبقاً للإشارة العاطفية التي خرجت من قبلك وصاحبت لهجتك وأنت تتكلمين معه. ولا تنسي أبداً أن تقولي للطفل الحقيقة المجردة، والتي يمكن تلخيصها في أن الله عندما خلق الكون وضع بذور كلّ الأطفال نصفها في ظهور الرجل ونصفها في بطون المرأة. وكل نصف يسعى إلى لقاء النصف الآخر بعد أن يصبح الرجل قادراً على العمل وتصبح المرأة قادرة على إدارة الحياة، وتنمو البذرة بعد أن تجد نصفها في بطن المرأة إلى أن تلد.
وقد يكون سلوك الأب تجاه الأم مجافياً للشعور العام. إن لنا أن نعرف أن الطفل إنما يأخذ فكرته عن نفسه وعن الجنس الآخر من التعامل اليومي بين الأب والأم. فإن كان الوالد كثير المعارك مع الأم أو كان يفتعل دائماً تحقير رأيها، فإن الابن يعتبر أن ذلك ((الاحتقار)) هو أسلوب التعامل العاطفي مع المرأة. والبنت التي ترى أن أمها كثيرة التعالي على الأب وأنها تسيء معاملته يستقر في سلوكها أن التعامل مع الرجل مفتاحه التعالي وإساءة المعاملة.
وعندما يصرخ الأب قائلاً إنه يتعب كثيراً وأنه لا ينال أي شيء مقابل تعبه وإنه مظلوم، فإن هذا الصراخ ينقلب في ذهن الطفل إلى أن الرجل هو ضحية المرأة، وأنه من الأفضل جداً عدم الزواج حتى يستمتع الإنسان بناتج عمله.
وعندما تصرخ الأم بالقول إن الرجل هو الكائن المستمتع الوحيد بالحياة، وهو المستغل لكل جهد المرأة، وإن المرأة هي التي تتعب وترهق نفسها وتعيش أسيرة للرجل فإن هذا اللون من الصراخ ينقلب في وجدان الفتاة الصغيرة إلى كراهية للرجل وإلى عدم تقدير له، ولذلك نجدها تتهرّب من الزواج عندما تكبر.
والأسرة التي تفضّل الولد على البنت تقع في سلسلة هائلة من الأخطاء. إن الرجل لم يفضّل على المرأة إلا بأن يتحمل المزيد من الكد والكدح والتعب لتوفير وسائل الحياة للمرأة. إنه تفضيل لا يعني عبودية المرأة للرجل ولكن ضرورة السعي الجاد لتكون المرأة سيدة في مجالات يرهق الرجال أنفسهم بدراساتها ولا يستطيعون إتقانها كما قد تتقنها أبسط امرأة غير متعلمة. ومثال ذلك توفير حنان الأم للوليد.
إن الرجل والمرأة مطالبان بإعادة تربية نفسيهما ليكون كل منهما مثالاً قابلاً للتجديد من ابنه أو ابنته. وليس معنى ذلك أنني أطالب الأب أو الأم أن يرهقا نفسيهما بالتمثيل وادعاء الحكمة ولكني أطالبهما بأن يعرفا أن حبهما للطفل يمكن أن يقودهما إلى تغيير في السلوك يتيح للطفل أن ينمو نمواً متوازناً.
وهذا النمو المتوازن نجده في الابن الثاني للأسرة أكثر مما نراه في ابنها البكر. فتربية الابن البكر كالجامعة التي دخلها الأب لينال الدراسات العليا في تربية الأطفال. لقد عانى هذا الطفل تحملاً غير عادي، وهبها الله لكل مخلوق: عانى من الاهتمام المبالغ فيه، ومن تجمع الكبار حوله منذ أن بلغ الشهر السادس ليعاملوه وكأنه أعجوبة الزمان، وعانى من محاولات تعليمه أن يكون إنساناً له أخلاق الملاك. فقد طلب منه والده أو والدته ـ على سبيل المثال ـ في إحدى المرات أن يشارك الأطفال الغرباء في اللعب بألعابه بالرغم من أن خيال الطفل يزدحم بصورة واحدة وهي أن الكبار سوف يساعدون هذا الطفل الغريب لكي يأخذ كل لعبه وكل أشيائه. وعلَّم الطفل الأول أباه وأمه أن العنف في محاولة تعليمه التبرز والتبول لا يأتي بنتيجة وأنه من المهم أن يقولا له إن الإنسان عندما يخرج هذه البقايا فإنه لن يصبح فارغاً بل سيطرد الأشياء الرديئة من بطنه ليفسح المجال للأطعمة المناسبة التي تساعده على أن يكبر. وعلّم الطفلُ الأول كلاً من أبيه وأمه أن يصمتا قليلاً حتى يبدأهم هو بالكلام، ذلك أن الهجوم الدائم على الابن بالكلام يجعله يعدل عن أن يبدأ الآخرين بالكلام أو التحية. علمهم الطفل الأول أيضاً أنه ليس تلك الدمية التي يعرضونها بفخر زائد أمام الغرباء، ذلك أنه قد امتنع عن بعض الأحيان عن الظهور أمام الضيوف.
وعلى ذلك يأتي الطفل الثاني وكل من الأب والأم قد تدرب جيداً على التعامل مع الطفل بتوازن واعتدال. ولكن على الأب والأم أن يتعلما كيفية الحديث عن الضيف القادم إلى الأسرة، وهو الابن الوليد ... إن على الأب والأم أن يخبرا الطفل الأول أنه صاحب الفضل في حبهما للأطفال وأنه لولا حسن معاملته لهما ولباقته ورقته وقدرته على التفاهم لما فكرا في إنجاب طفل جديد. ولابد من إعطاء الطفل الأول قدراً من المشاركة في الإعداد لاستقبال الطفل الثاني، كأن يشترك معهما في اختيار ملابس الطفل الوليد وإعداد مكان استقباله. كما يفضل من الناحية النفسية ألا يشهد الطفل الأول أمه أثناء الوضع، ويستحسن أن تذهب الأم إلى المستشفى للولادة أو أن يذهب الطفل عند أصدقاء للأسرة يحب البقاء معهم لساعات. وعندما يعود الطفل الأول إلى المنزل عليه أن يحس أن مكانته لم تهتز وإن كان هناك طفل جديد في البيت.
ويمكن للأم أن تشرك الابن الكبير في إعداد ملابس الطفل الوليد وأن يراها وهي تعد له الرضعة، وأن يساعدها في ترتيب سرير الوليد. إن ذلك كله يخفف من مخاوف الطفل الأول على مكانته عند الأب والأم.
ويمكن أن يكون ميلاد الطفل الجديد بداية لتعليم الطفل الأكبر كيفية اتخاذ بعض القرارات الصغيرة لنفسه، كأن يختار لعبه، أو أن يتعلم كيف يعقد رباط الحذاء، وأن يتعلم أن الأب والأم صارا أقل سيطرة عليه، وأن يقوم وحده بتربية نبات أو ترتيب مكتبته الصغيرة.
ومن المهم تماماً أن نُعلم الطفل الأول أنه لن يأخذ أحد مكانته، لذلك فعلى الأب عندما يدخل المنزل وهو عائد من العمل أن يسأل عن الطفل الكبير أولاً، ثم يسأل عن الطفل الوليد.
إن الابن الأكبر يحتاج في الشهور الأولى من ميلاد الطفل الثاني إلى مَن يطمئنه على مكانته ومَن يعزز استقلاله في الوقت نفسه. ومن المفيد أن يصحب الأب ابنه الأول في بعض النزهات الخاصة إلى الأماكن التي يجد فيها جماعات من الأطفال. إن أندية الأطفال موجودة في كل البلاد، وغالباً ما نجد فيها مشرفين وقيمين على درجة عالية من الكفاءة.
إن الأنانية وحب الذات ومقاومة الطفل الجديد القادم أمور طبيعية للغاية في أعماق الطفل الأول. إنه يدافع عن مكانته. ولعل الخروج بصحبة الأب مرات متكررة خلال الأسبوع لشراء الأشياء الضرورية للأسرة يعوضه قليلاً عن فقدان عرشه الذي كان يجلس عليه وهو صدر الأم. كما أن خروجه إلى أندية الأطفال أو للحضانة لساعات قليلة في اليوم الواحد يتيح له أن يرى نفسه مجرد فرد واحد ضمن مجموع الأطفال، وذلك عندما يشاركهم في مباريات وألعاب وتقوم بينهم معارك وتنشأ خلافات ويلجأ إلى المشرفة على الحضانة ويعود مرة أخرى إلى المنزل ليجد نفسه أيضاً عضواً في جماعة وليس إمبراطوراً متوجاً يطلب من الجميع الرضوخ له.
إن حاجة الطفل منذ عامه الثالث للخروج من المنزل احتياج أساسي ليزول عنه لونان من الوهم الذي صنعه الكبار: الوهم الأول أنه إمبراطور متوج على عرش كل القلوب، والوهم الثاني أن يرى المجتمع الكبير في نطاق آخر غير نطاق الأسرة.
وحتى في حالة الطفل الوحيد يجب على الأب والأم أن يذهبا إلى الحضانة منذ بلوغه سن الثالثة حتى يعرف أن هناك مجتمعاً من الأطفال. إن الطفل لا يذهب إلى الحضانة حتى يتعلم القراءة أو الكتابة. إنه يذهب ليلعب ولينمو وليتمم تدريبه على عدم الالتصاق الشديد بالأم أو الأب.
قد يقال إن الحضانة مكان ضيق ويمكن أن يصاب الطفل فيه بالزكام أو بالأمراض المعدية: ونحن نقول إن الأطباء يعرفون أكثر منا أن مناعة الطفل قوية إذا ما أخذ كل اللقاحات في مواعيدها وأن الدول صارت تعتني بصحة أطفالها بحيث لا يحتجز الطفل في المنزل إلا بناءً على أمر الطبيب بالراحة.
هكذا تدور حياة الطفل في زماننا الصعب هذا. إن عليه أن يتعلم اقتحام المجتمع والتعاون معه.
ألستم معي في ذلك؟
ــــــــــــــــــ
كلمة نصح للفتيات
* محمود أحمد
يحكى أن أمامة بنت الحارث العثلبية عند عوف ابن محلم بن ذهل بن شيبان، فولدت له أم إياس بنت عوف فتزوجها الحارث بن عمرو الكندي فلما أرادت أمها هداءها إليه قالت لها:
((أي بنيّة، إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة حب لتركت ذلك معك ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل ...
أي بنية، لو استغنت ابنة عن زوج لغنى أبويها لكانت أغنى الناس عنه، ولكنا خلقنا للرجال كما خلق الرجال لنا ..
أي بنية، إنك قد فارقت الوطن الذي منه خرجت والعش الذي منه درجت إلى كنِ لم تعرفيه، وقرين لم تأليفه، اصبح بملكه عليك ملكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً واحفظي له خلالاً عشراً.
في القناعة راحة للقلب وفي المعاشرة بحسن الطاعة رضى الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك غلا أطيب ريح واعلمي أن الكحل أحسن الحسن الموجود وأن الماء أطيب الطيب المفقود ...
وأما الخامسة والسادسة: فالتعهد لوقت طعامه والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة ...
وأما السابعة الثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله فإن أصل حب الماء من التقدير، والرعاية على الحشم والعيال حسن التدبير ...
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أو غرت صدره ... واتق مع ذلك الفرح إذا كان ترحاً، والاكتئاب إذا كان فرحاً فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة ...
واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري هواه. على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت.
ــــــــــــــــــ
حتى لا تحول ابنك من امبراطور إلى ضفدعة!
* د. سبوك
الوصول إلى الكمال لعبة مزدوجة الخداع.
الأب يقول لابنه: ((إنني أفعل ذلك حتى تكون الإنسان الكامل الناضج)).
والابن يقول لأبيه: ((إنني أطالبك بأن تحقق كل مطالبي حتى تكون الأب الكامل الذي يستجيب لكل مطالب أبنائه)).
والحقيقة الواضحة لنا جميعاً أن الكمال البشري مسألة لم تتحقق في أرض الواقع أبداً.
لم نجد أباً قد وصل إلى الكمال في سلوكه مع أبنائه.
وليس معنى تقرير هذه الحقائق الواضحة أمامنا جميعاً ـ في أنفسنا وفي سلوكنا الشخصي ـ أن هناك إنساناً يمكنه أن يتنازل عن الرغبة في الوصول إلى الكمال.
وحتى الإنسان الممتلئ باليأس قد يخدع كل مَن حوله بكلمات اليأس وهي تخفي في قلبها شعلة البحث عن أمل وشعلة من نفاد الصبر ورغبة في الوصول إلى الكمال.
وكما يقول العالم النفسي الكبير، إريك برن، الذي كشف عن أجزاء كبيرة من سيناريو الحياة البشرية: ((إن كل إنسان يولد وهو طيب ومحب للخير وصاحب قدرة على الارتفاع والسمو، ولكن أسلوب التربية بالقمع وصب الأبناء في قوالب هو الذي يحول الأبناء إلى ضفادع ترقص على أنغام الحضارة، وتصدر نقيق الإزعاج بالتمرد)).
ولكن الدكتور هاريسون، تلميذ إريك برن، يقول: ((إنني أرى الإنسان على العكس مما يراه إريك برن. إنني أراه يولد وهو يملك فكرة غريبة بعض الشيء عن نفسه. إن الطفل الصغير يرى نفسه ككائن دميم بين كبار يعنون بنظافتهم ويحاول أن يقلدهم ولكنه لا يستطيع، ويظل يحاول أن يكون نظيفاً كبيراً مثل الكبار إلى أن يكبر، وهنا يكتشف أن الكبار يخفون داخل أناقتهم الإحساس بالضآلة. وهذا ما يجعلهم يبحثون عن الكمال دائماً)).
وليس من المهم أن نحدد ما هي وجهة النظر الأكثر صدقاً لأن كلاً منهما صحيح إلى حد كبير.
فالطفل الصغير بريء تماماً، يصطاد الحب بعينيه الصافيتين وضحكته اللامعة وصوته الذي لا يحمل كلمات محددة ولكنه أكثر جمالاً من كل الأصوات.
والطفل الصغير شرس تماماً، يرفس كأنه حصان جامح، ويصرخ بلا مبرر، ويقف أمامه الكبار حيارى لا يحسنون التصرف تجاه هذه ((الكارثة)) الصغيرة التي لا تملك القدرة على أن تشرح نفسها. وبعد ذلك يكف الطفل عن الصراخ وينام، ويهدأ جو الأسرة ونجد الأم تغمر وجه الطفل النائم بالقبلات، ونجد الأب وهو يربت على وجنتي الطفل بحنان.
إذن ... هناك مساحة من الكراهية تتضح لنا فجأة، وهذه المساحة تفصل بين الآباء والأبناء في بعض اللحظات، وتتبعها مساحة من الحب الفياض.
ونلوم أنفسنا نحن الكبار لأننا كرهنا الزواج والإنجاب في بعض المواقف عندما يتصرف الابن تصرفاً غير لائق، كما نلوم أنفسنا عندما نشعر بالذنب لأننا قسونا على الأبناء في بعض المواقف.
وبين ((لوم النفس للكراهية الطارئة)) ويبن ((لوم النفس للإحساس بالذنب)) تمضي في بعض الأحيان حياتنا مع الأبناء وكأنها قطار سريع جداً، لاهث جداً، لا يتوقف عند محطات التفاهم العميق، بل غالباً ما يتوقف عند لحظات الألم، وقليلاً ما يتوقف عند لحظات السعادة العميقة.
ولو أن الحضارة الغربية المعاصرة استطاعت أن تتفهم روح القرآن الكريم، كما تتمثل في قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) الآية 14 من سورة التغابن.
وليتنا فهمنا أن المال والأبناء هما ((اختبارات حياتية)) يجب أن نتعايش معها بأن نفعل الصالح بالمال ونفعل ما يصلح حياة الأبناء، وأن نسمع للأبناء جيداً وأن نتفهم ظروفهم على قدر المستطاع، وأن ننفق الخير لا من المال فقط ولكن من عطاء الأحاسيس، وبذلك يصبح المال والأبناء كالأرض التي نحسن فلاحتها فتعطينا الثمار المرجوة.
لكن الحضارة المعاصرة تتعلم من التجربة والخطأ. ولا بأس، فلتتعلم من أخطائها ما يدميها ويجعل حزنها ممتداً أمامها كالأنهار المليئة بدماء الألم، فلسوف تعود في نهاية كل تجربة إلى ما فيه شفاء ورحمة حتى ولو لم تتعلمه، فإن التجربة والخطأ يدفعان بنا إليه كنتيجة نشفي بها أوجاعنا ونرحم بها أنفسنا بإصلاح أخطائنا.
إذن فمن الرائع أن نقيم وقاية بيننا وبين ((شح النفس)) ... فالبخل كما نعلم ليس بخل المال فقط، ولكن البخل الأكبر هو البخل في التفاعل من الأبناء والاندماج معهم في مشاريع مشتركة صغيرة، والصبر عليهم أثناء أداء أي عمل، وتعليمهم الخطأ من الصواب بعاطفة منضبطة. ومع أن هذا هو أسلوب التعامل المثالي مع الأبناء، فإن هناك أيضاً لحظات ننفجر فيها غضباً ويكون سلوكنا مع أبنائنا خاطئاً. وما دام الإنسان يغضب ويعود إلى هدوئه، فإن الابن يقدر ذلك.
وإذا كانت تربية الأبناء ((اختباراً)) لنا فإن كل إنسان يرغب في النجاح في أي اختبار أو امتحان يقابله.
والاطمئنان إلى أن الانسان يؤدي كل ما عليه من مسؤوليات هو الذي يخلق الثقة في أن النتيجة ستكون طيبة وناجحة إلى حد كبير.
أما الشك الدائم في النفس فيعرقل أداء الانسان لمسؤولياته كأب، وقد يدفعه الشك إلى التأنيب النفسي، على كراهية وضع الإنسان المسؤول عن آخرين هم الأبناء.
إن على الإنسان ـ الأب أو الأم ـ أن يتجاوز الإحساس بالذنب الذي يتأرجح فيه بين الإحساس بالألم النفسي وبين عقاب الأبناء، وعليه أن يسير على أرض الواقع.
ولنا أن نلحظ أن الآباء والأمهات الذين يهربون من مواجهة مسؤولياتهم بتخصيص وقت للتفاعل واللعب والانسجام مع الأطفال ويستبدلون هذا الوقت بهدايا وألعاب وحلوى ونقود، هؤلاء الآباء والأمهات يعانون دائماً من أن الأبناء يتحولون إلى أناس شديدي الأنانية والوصولية. إنهم يتعلمون الانتهازية من هؤلاء الآباء الهاربين من ممارسة مسؤولياتهم.
إنك، عزيزي الأب ـ وأنت أيضاً، عزيزتي الأم ـ لن تحقق الكمال في تربية ابنك لأنك، بدورك، إنسان لك ضعفك ولك قوتك. وابنك أيضاً لن يحقق الكمال الخلقي والنفسي والحياتي، إنما سيحقق بعضاً منه. هذا هو الواقع.
ولأن هذه هي صورة الواقع، فإن على الإنسان منا أن يأخذ نفَساً عميقاً ويقبل على التعامل مع أبنائه على أساس أنهم بشر وليسوا مجرد آلات عليها أن تستجيب للأوامر. وعلى الإنسان أن يقبل على أبنائه من دون خوف من وجود بعض المشاكل في حياتهم، لأن الحياة من دون مشاكل هي الموت بعينه.
إن أغنى أغنياء هذا الزمان له مشاكل مع أبنائه، وأفقر الفقراء له كذلك مشاكل مع أبنائه.
ولنتذكر أن أوناسيس، ذاك المليونير اليوناني الذي ملأ الدنيا لسنوات بمغامراته وعلى رأسها الزواج بجاكلين كينيدي، لم يكن عنده الوقت للتفاعل مع ابنته كريستينا، رغم أنه أغرقها بالثراء الرهيب ولذلك صارت كريستنا، كما يقول عنها أطباء النفس: ((لا تعرف صورة واضحة لدور الرجل في الحياة))، ولذلك فهي تركب قطار الزواج ليتوقف بها كل عامين على الأكثر في محطة الطلاق.
وأفقر فقراء هذا العالم يعاني من مشاكل مع أبنائه. فعجوز قريتنا، فيما أذكر، كان فقيراً معدماً وكان يتسول، وقد خرج ابنه الشاب يوماً بعد خطبة الجمعة وهو يحمل كيساً كبيراً من النايلون فيه عشرات القطع الفضية من النقود ونادى في الناس قائلاً: ((لا تعطوا النقود لأبي لأنه يتسول وهو قادر على شراء عشرة أفدنة)). وأخذ عجوز قريتنا يصرخ قائلاً لابنه: ((لم أعرف كيف أربيك)). فقال له الابن: ((لم يكن عند وقت إلا للتسول)). وانزوى المتسول العجوز في طرف القرية لأيام ثم هاجر إلى قرية أخرى ليتسول فيها، هاجر ابنه إلى قرية أخرى ليعمل فيها.
وبين مشاكل أكثر الناس ثراءً قد نرى الفقر في الإحساس أثناء التعامل مع الأبناء.
وبين مشاكل أكثر الناس فقراً قد نرى أيضاً الفقر في الإحساس أثناء التعامل مع الأبناء.
وفي المسافة الواقعة بين الأثرياء جداً والفقراء جداً قد نرى ثراءً في الإحساس وقد لا نجد هذا الثراء.
إذن، فالمسألة أيضاً مسألة تربية لا علاقة لها بالثراء المالي، ولكنها في الأساس فن التعامل مع الأبناء بروح من التفاعل ومنحهم الإحساس بأننا نحن الكبار بجانبهم، ويمكننا أن نتفق معهم ويمكنهم أن يختلفوا معنا، ولكن ضمن حدود معينة.
إن إحساس الابن بأن والده حازم وحنون وأن أمه حازمة وحنونة يؤكد إحساس الابن بثقته بنفسه وبالعالم المحيط به.
وقد لا يملك الأب المال الكافي لأن يشتري لابنه اللعب التي يلعب بها أقرانه، ولكن هذا الابن إن وجد الأب والأم بجانبه يحذرانه ويقيمان له أعماله، ويدلانه على الصواب والخطأ، فإن هذا الابن ينمو في هذا العالم وهو محب للحياة، وهو يعرف أيضاً كيف يعامل أبناءه عندما ينجب أطفالاً.(54/221)
من المهم إذن أن تكون بجانب ابنك ولا تضعه في قالب من القهر وأن توجهه بحزم، وبذلك لا يخرج إلى العالم وهو ضفدعة بل يخرج إلى العالم أميراً سعيداً.
ومن المهم أن تكون بجانب ابنك حتى لا يعاني من الإحساس بأنه ضئيل، بل تساعده على النضج حتى يتعلم كيف يدير أمور حياته على نحو سوي.
ــــــــــــــــــ
أنا أتحمّل وهذا معنى ان اكون امرأة
* د. عادل صادق
أشعر في أحيان غير قليلة أنني لم أعد قادرة على التحمل، لم أعد قادرة على الاستمرار. لم أعد قادرة على العطاء. أشعر في داخلي بثورة وغليان وتمرد ورفض وغضب وحنق، أشعر أنني مرهقة ومتعبة، وأشعر بفتور وملل وضجر وسأم، وأشعر أنني أريد أن أهرب بعيداً، ولا أريد الزوج ولا الأولاد ولا البيت كما أشعر أنني أستطيع أن أستغني عنهم جميعاً وأنهم لم يعودوا يمثلون الشيء الكثير في حياتي.
تنتابني هذه الحالات، والتي قد تستمر أياماً وتعاودني مرة كل شهر أو شهرين بالرغم من أنني متوازنة نفسياً وأتمتع بالاستقرار المزاجي. إذن هي حالات تنتابني لأسباب مباشرة في حياتي. فالمسئوليات كثيرة والحمل ثقيل.
زوجي عصبي، متقلب المزاج، مشغول دائماً.
الأبناء كلما كبروا ازدادت صعوبة توجيههم. فلقد أصبحوا أكثر عناداً وأكثر تحدياً، بالإضافة إلى مشاكلهم الدراسية وما ينتابني من وساوس تتعلق بمستقبلهم، وكذلك مخاوفي المرعبة فيما يتعلق بسلوكهم.
لدينا صعوبات مادية كثيرة ولا أستطيع أن أحصل على كل ما أحتاجه حتى الضروري منها.
الفتور الذي انتاب العلاقة بيني وبين زوجي وذلك التباعد النسبي بيننا يجعلني أشعر بالغضب والسخط والخوف.
إشاعات تتناثر من هنا وهناك تشير إلى عدم إخلاص زوجي الكامل لي.
الإرهاق الذي ينتابني بسبب مسئوليتي الكاملة عن كل صغيرة وكبيرة في البيت بينما زوجي يتعامل مع البيت كأنه ((لوكاندة)).
أثور وأعلن رأيي، وأخرج من البيت وأصفع الباب خلفي بعنف. وما إن أمضي بضع خطوات خارج البيت حتى أشعر بحنين طاغ للعودة. ينقلب السخط إلى رضا، والخوف يتحول إلى طمأنينة، والضيق يتحول إلى بهجة، والتمرد يتحول إلى قبول. خارج البيت أشعر بالضياع، بالإنهاك، بأنني قد تعريت تماماً. بأنني وحيدة وضالة.
ما إن أمضي بضع خطوات خارج بيتي حتى أشعر بالاشتياق لزوجي. وأتذكر كم هو يتحمل من أجلنا. أتذكر حبه وحنانه وكرمه ودفئه، وأرى أن أبنائي مثاليون بالنسبة لغيرهم من الأبناء في هذا الجيل وهذا العصر.
وفي ظل الضياع الذي أشعر به وأنا خارج بيتي أدرك أن بيتي هو الجنة التي يجب أن أرعاها وأن ما أبذله من جهد للعناية به هو قليل بالنسبة للسعادة التي أشعر بها وأنا بداخله، يستظلني ويحميني ويدفئني، وهو المكان الذي يتيح لي أن أنعم بنعم الأسرة.
ولذا يجب أ أتحمل .. أن أتحمل أي مشاق، إنه تعب بسيط ومشاق هينة، ولعل هذا التعب هو الذي يجعل للحياة مذاقاً. وهذا بعض دوري في الحياة، وهذا بعض قدري، وهذا معنى أن أكون امرأة أنثى، زوجه، أمّاً. وقَدَرُ المرأة الأنثى، وقَدَرُ الزوجة الأم أن تتحمل ..
ــــــــــــــــــ
كيف تنسج العلاقات بين الطفل ووالديه, وكيف يؤثر هذا النسيج في الفرد?
* مريم سليم
معاملة الطفل حتى سن خمس سنوات يجب أن تكون ثابتة لا تذبذب فيها, إذ إن التذبذب يوقع الطفل في حيرة وارتباك, فلا يجوز أن نشجع الطفل إذا اعتدى على غريب بالضرب أو الشتم ثم نعاقبه إذا اعتدى على أخيه. فالمعاملة الثابتة توقف الطفل على ما يجب عليه عمله وما يجب عليه الكف عنه. ويلاحظ أن الطفل نفسه لا يحب الحرية المطلقة لأنه يميل إلى معرفة ما يصح أن يفعله وما لا يصح أن يفعله. وهذا النوع من التوجيه المبني على أسس ثابتة يصل بالطفل إلى تقدير قيم السلوك. وثبات المعاملة من العوامل التي تؤدي إلى تكوين الفرد بنجاح, على أن تكون هذه المعاملة في جو من العطف والحنان والاحترام بعيدًا عن الخوف والتسلط.
ويفهم بعض الآباء واجباتهم في تربية أطفالهم فهمًا متناقضًا, فهم يسمحون حتى السابعة لأطفالهم بتحقيق كل نزوة ويلبّون جميع متطلباتهم, وينمّون عند أطفالهم الغرور بما يطلقون عليهم من ثناء وما يسمعونهم من كلمات الإطراء أثناء حديثهم عنهم وعن آيات ذكائهم المزعوم, فيشبون, ومن أبرز صفاتهم التعجرف والادّعاء.
ومن الغريب أن هؤلاء الأهل أنفسهم يتحول حنانهم المفرط وإعجابهم البالغ بأبنائهم إلى قسوة وإرهاق بالانتقادات والسخرية كلما ارتكب ابناؤهم خطأ أو بدت منهم نقيصة وذلك بعد السابعة أو عندما يذهب الطفل إلى المدرسة.
وكما لقن الوالدان ولدهما الإعجاب بكل ما يصدر عنه والزهو بكل كلمة يقولها أو عمل يقوم به بحجة محبته وتدليله, فهما يقسوان عليه في هذه السن أو بعدها بتلقينه الشك في نفسه واليأس من قدرته على القيام بعمل صالح بحجة الرغبة في تهذيبه وإصلاحه.
وهكذا يتصادم هذان النقيضان في نفسه وينتهي إلى أزمات مرهقة من الشك في كفايته وأهليته للحياة, فتضعف شخصيته وتتعقّل في وقت نموّها وحاجتها إلى التحرر والانطلاق, وبعدما كان يعتقد أن كل شيء مسموح له, يستبد به الاعتقاد الآن أن كل شيء محرّم عليه وما ذلك إلا لتناقض أبويه في تربيتهما له من حيث إفراطهما في تدليله ثم زجره والقسوة عليه.
ونذكر هنا أن تربية الطفل تبدأ منذ الولادة وبأن جمال هذه السن يجب ألا يحمل الأهل على الافتتان بطفلهم وإغراق الثناء عليه والإفراط في تدليله, ذلك أن الامتناع عن الإفراط في تدليله في هذه السن المبكرة سوف يوفر عليهم الإفراط في القسوة عليه ويوفر على الطفل ما يعانيه من صراع هاتين العاطفتين المتناقضتين.
الأخذ والعطاء
عندما يبدأ الطفل البحث عن رفاق من سنّه يجب أن نوفر له هذا حتى يتعامل معهم على أساس الأخذ والعطاء, فهذا أسلم لتكوينه من تعامله دائمًا مع من هم أكبر منه سنًا أو أصغر منه سنًا.
ونذكر أن اعتماد الطفل على والديه كبير جدًا في السنوات الأولى, فالطفل له غرائزه وحاجاته التي يريد إشباعها, فهو يريد المحافظة على نفسه ويرمي إلى الراحة والدفء. والشعور بالأمان في هذه السن هو بدء الثقة بالنفس. ومن عوامل استمرار ثقة الطفل بنفسه أن يتصل بعد أمه بأفراد أسرته, ثم يتصل برفاقه وأصحابه.
ويجب أن نتذكر أن لدى الطفل حاجتين تعملان معًا, فالحاجة إلى المخاطرة لا تتم إلا إذا أشبعت الحاجة إلى الأمان, ومما يلاحظ في لعب الأطفال أن الواحد منهم في سن الخامسة يميل إلى الخروج للعب مع رفاقه ولكنه لا يبتعد كثيرًا عن المنزل, فخروجه مع رفاقه يحقق النزعة إلى المخاطرة, وبقاؤه بالقرب من المنزل يحقق النزعة إلى الأمان, وهو يريد أن يلعب في غرفته ولكنه يريد أن تكون أمه في المنزل.
فواجب الآباء أن يساعدوا أطفالهم على إشباع حاجاتهم ولكن يجب ألا يبالغوا في مساعدتهم إلى الحد الذي يجعل الأطفال يفقدون القدرة على الاستقلال, فيجب أن يسارع الآباء بجعل أبنائهم يعتمدون على أنفسهم في تناول طعامهم, وفي لبس ثيابهم, وفي المحافظة على أدواتهم وترتيبها, وفي قيامهم بواجباتهم التي يكلفونهم بها في المدرسة.
وتسهيل اتصال الأطفال بالآخرين يجعل كلاً من الأخذ والعطاء أكثر حدوثًا في حياتهم مما لو كان محيط الطفل مقصورًا على والديه, فهذا يترتب عليه أن يأخذ من والديه ولا يعطي, أما اتصاله برفاقه أو اخوته فإنه يُوجد مجالاً أن يأخذ الطفل ويعطي كما يأخذ, فإذا اعتدى على غيره يُعتدى عليه وإذا أخذ لعبة رفيقه فلابد من أن يتنازل له عن لعبته, وهكذا فإن اختلاط الأطفال برفاق من سنهم جيد لتعلم الأخذ والعطاء والألم والسرور وغير ذلك من الخبرات الضرورية لتعليم الطفل التحمل وصلابة العود وعدم الأنانية.
ولفصل الطفل فصلاً جزئيًا عن أمه واختلاطه بغيره ميزة أخرى لجعل الطفل يكوّن عن نفسه فكرة صحيحة, ففكرة الطفل عن نفسه تزيد دقتها وقربها من الحقيقة بكثرة تعامل الطفل مع غيره.
ونجد أن بعض الآباء يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة أولادهم, والأولاد الذين ينشأون في هذا الجو يكبرون متصفين بالتردد والضعف, ذلك لأنهم لم يتدرّبوا على اتخاذ القرارات بأنفسهم, ويخشى الآباء إذا تركوا أولادهم يفكرون بأنفسهم أن يخطئوا, وينسون أن موقفهم منهم يجب أن يكون موقف الموجه والمرشد.
ولابد أن يتدخل الآباء في سلوك الأبناء عن طريق الثواب والعقاب, فالأطفال يثابون عادة على أعمالهم تشجيعًا لهم وحثّا لغيرهم, وأنواع الثواب هي: الجوائز المادية كالنقود والحلوى واللعب والهدايا, والجوائز المعنوية عن طريق إظهار علامات الرضا والاستحسان بالعبارات الطيبة. ومن أنواع الثواب العفو عن ذنب سابق, فإذا قام الطفل بعمل طيب وكانت له سابقة سيئة يصح أن يعفى من العقاب عن هذه السابقة إثابة له.
والقاعدة العامة في الثواب أنه لا يجوز إثابة الطفل على عمل يجب القيام به, فهذا النوع من الإثابة يخلق عند الطفل شخصية مادية. ويحسن أن تحل الجوائز المعنوية مكان الجوائز المادية ذلك أنه في حال إجادة تطبيقها تؤدي تدريجيًا إلى تكوين الضمير الحي وإلى إنماء الشخصية القوية المطمئنة إلى ما تأتيه من أعمال, ومعنى هذا أن الثواب سواء أكان ماديًا أم معنويًا يجب ألا يكون غرضًا في ذاته بل إنه ينظر إليه على أنه وسيلة يتعلم الفرد بها قيم السلوك.
ومن أخطاء الآباء شدة انفعالهم في أثناء العقاب وكأنهم يعاقبون انتقامًا وليس إصلاحًا, فهذا يتسبب عنه كراهية الطفل للوالد الذي يقوم عادة بتنفيذ العقوبة, ومن الخطأ تهديد الطفل بعقوبة إذا اقترف ذنبًا ثم عدم تنفيذ العقوبة بعد وقوع الذنب, فهذا يضعف من سلطة الوالدين وقد يقلل من قيمة تهديداتهما وأقوالهما.
ويعتمد بعض الآباء على العقوبات البدنية وهي سهلة التطبيق ونتيجتها الظاهرة سريعة تؤدي إلى نظام سطحي شكلي, ونتائجها السريعة تخدع الآباء. ويطلق على العقوبات غير البدنية العقوبات النفسية, وكثيرًا ما تكون هذه أقسى من البدنية, لذا ننبه إلى الحرص في استعمالها, فلا يجوز تذكير الطفل بخطئه وتوبيخه عليه يومًا بعد آخر مثلاً, فالواجب أن يعوّد الآباء أنفسهم نسيان كل ما يتعلق بالذنب بعد تنفيذ العقوبة بمدة قصيرة, ولا يجوز أن يسمحوا للذنب بأن يترك في نفوسهم أثرًا باقيًا مستديمًا.
وبعض الآباء يطلبون من أبنائهم الندم والاعتذار بعد تنفيذ العقاب عليهم مباشرة, وهذا لا يجوز ففيه إذلال له وعدم اعتبار لما يجب إنماؤه في الأطفال من الشعور بالكرامة وعزة النفس. والقاعدة أن يترك الطفل بعد العقاب فلا يناقش لأنه يكون غاضبًا وليس من العدل أن نناقشه وهو في هذه الحال النفسية الحادة.
ومن الأمور التي تؤدي إلى الازدواجية في التربية البيتية الكذب, والواقع أنه لشدة ما يكذب الآباء على أبنائهم في كل فرصة - فهم يعدون ولا ينجزون, ينهون عن أعمال ويتسامحون بها لأنفسهم - فإن الأبناء يقعون ضحية هذه الازدواجية. وشر الكذب هو الذي يؤتى به أمام الأطفال وبحقهم.
الاتزان العائلي
ومن الأمور التي تؤثر في تكوين الأبناء الروابط بين الوالدين, فتعاون الوالدين واتفاقهما والاحتفاظ بكيان الأسرة يخلق جوا هادئا ينشأ فيه الطفل نشأة متزنة. وهذا الاتزان العائلي يترتب عليه غالبًا إعطاء الطفل ثقة في نفسه وثقة في العالم الذي يتعامل معه فيما بعد, وقدأثبتت الدراسات أن 75% من حالات الإجرام والتشرد ترجع إلى انهيار الأسرة مما يدل أن تماسك الأسرة له أثره القوي المباشر في سلوك الأبناء.
ومن مظاهر تفكك الأسرة مشاجرات الوالدين واختلافهما مما يجعل جو المنزل ثقيلاً لا يطاق فيهرب منه الطفل إلى الشارع حيث يحتمل أن يبدأ سلسلة من السلوك غير المرغوب فيه, وأحيانًا يصب أحد الوالدين غضبه على الطفل, وهذا يقلل ثقة الطفل في نفسه ويجعل ثقته معدومة فيمن يتصل بهم في الحياة بعد ذلك.
وقد يحدث التفكك عن طريق الطلاق أو الانفصالات المؤقتة أو الدائمة أو اضطرار الوالدين للعمل خارج المنزل لكسب العيش.
ومن البديهي أنه كلما قلت اختلافات الوالدين زادت صلاحية الجو العائلي لتربية الأبناء.
ومن العوائق التي تقف في طريق نمو الشخصية السوية للأبناء تفكك الأسرة وعدم اهتمام أفرادها بعضهم بالبعض الآخر, وعدم اهتمام الأهل وتساهلهم وعدم تكريس الوقت الكافي للاهتمام بالأبناء. واعتبر علماء النفس نماذج من الأبوين تؤدي إلى ارتباك شخصية الطفل أطلقوا عليها صفة (المسبب للمرض) مثل الأم الموسوسة, المسترجلة, الحاقدة, المتطلبة, والأب الغائب بحكم عمله أو لضعف شخصيته, الصارم, المتطلب للمثاليات, القاسي.
ولابد من القول أنه قد تبدل مفهوم الطفولة فلم يعد الطفل فردًا سلبياً, بل أصبح إنسانًا فعّالاً شريكًا للبالغين, من هنا على الأهل احترامه ومناقشته في أموره وأمور الحياة.
ــــــــــــــــــ
التدين الصحيح يضمن نجاح الزواج
كان للفرحة لقاء مع الدكتورعمار طالبي رئيس المجلس العلمي في العاصمة الجزائرية..
يتحدث فيه عن بعض القضايا الزوجية ، واليكم هذا اللقاء
مشكلة مزيفة
الفرحة، ما رأيك في تعدد الزوجات فهناك من يرى أن الأصل هو التعدد، وهناك من يرفض التعدد تماماً؟
طالبي: هذه مشكلة يثيرها الكثيرون، ويقصدون منها التنقيص أو الهجوم على الإسلام لأنه أباح التعدد، ولكن عندما ننظر إلى واقع العالم الإسلامي ككل نجد أن المشكلة مزيفة وغير واقعية، فمن الألف يمكن أن تجد واحداً معدداً، قد تكون النسبة أكبر في الخليج، لكن في بقية دول العالم الإسلامي فإن التعدد قليل جداً.
والإسلام أباح التعدد للضرورة، وهو ليس فرضاً، فالذي يريد أن يعدد يكون تعدده مشروطاً بالعدالة بين الزوجات والقدرة على الإنفاق عليهن، والعدالة تتحقق في الأمور المادية والمعيشية والمعاملة الحسنة وأيضاً في البيت، فإذا لم يستطع فعليه أن يكتفي بواحدة، أما القول بأن الأصل هو التعدد فهو كلام ليس له أساس.
زواج دون تكاليف
الفرحة: هل ساهم أحد معك في مصاريف زواجك؟ وهل ساهمت في مصاريف زواج ابنك؟
طالبي: أنا في الحقيقة تزوجت بعد أن توظفت في التعليم الثانوي، حيث تزوجت من فتاة من أسرة لم تطالب بتكاليف، فكان زواجاً بسيطاً، وساهمت به قدر المستطاع من مالي الخاص كما أن حفل الزفاف لم يكلفنا كثيراً، وكان لدي شقة أثثتها على قدر استطاعتي، والآن أنا أملك منزلا والحمد لله، فالإنسان عندما يصبر يتحسن حاله شيئاً فشيئاً.
وبالنسبة لابني فقد ساهمت أنا أيضاً معه في مصاريف زواجه، وهو أيضاً معه مصاريف زواجه، وهو أيضاً ساهم في ذلك لأنه تزوج بعد أن توظف، تعاونا فاشترى هو بعض الأثاث واشتريت أنا البعض الآخر، وطبعاً كانت تكاليف زواجه أكبر بكثير من تكاليف زواجي الذي كان بسيطاً.
كذلك ساهمت أسرة الزوجة وهي أسرة كريمة وغنية في العرس، فلدينا في الجزائر أهل العروس يساعدون في تكاليف زواج ابنتهم، وفي بعض المناطق تأتي العروس بالفرش كاملاً لأن الزوج عندما يدفع الصداق أو المهر يشترون بها جهاز الفتاة واحتياجاتها.
تأثير الطلبة هو الأقوى
الفرحة: إذا انتقلنا إلى جانب آخر وهو جانب المسلمين في الغرب وحياتهم الاجتماعية ومدى تأثرهم وتأثيرهم في الحياة الغربية؟
طالبي: نستطيع أن نقسم من يعيش في المهجر إلى فئتين: فئة العمال الذاهبين للعمل، وهؤلاء أغلبهم أميون، وفئة الطلاب الذاهبين للدراسة في الجامعات، وهؤلاء الطلاب في أغلب الأحيان يصبحون متدينين أكثر مما كانوا في بلادهم.
وهؤلاء بنشاطهم وأخلاقهم يمكن أن يؤثروا على الغربيين، فالغربيون يتأثرون بما يقرؤونه عن الإسلام، ولكن هؤلاء الطلبة يساعدونهم لأن لهم ثقافتهم ويعرفون الكثير عن الإسلام، ولاسيما الأمور الرئيسية فيه.
وهنا أذكر أنني عندما كنت في الولايات المتحدة وفي إحدى الجامعات، كان الطلبة يستأجرون قاعة ليصلوا بها، لأنه لم يكن هناك مسجد، وكنت أصلي معهم الجمعة، فالعائلات هناك تجدها متماسكة وتأتي بأولادها إلى المسجد، وتربي أولادها بطريقة صحيحة.
ولكن هناك أيضاً بعض العائلات التي تفلت منها الأمور، ولا تستطيع السيطرة على أبنائها، فالأبناء عندما يكبرون ويكون والدهم أمياً يخجلون منه، وحتى إذا أرشدهم لشيء يقولون إنه لا يعرف شيئاً فهو جاهل، فيتأثرون بالمجتمع الذي يعيشون فيه ويعيشون عيشته وينسلخون عن ثقفاتهم وأصولهم.
وبقى بعض الحالات يكون تأثير المجتمع فيها أكبر من تأثير الأسرة، فبعض العائلات المسلمة تعيش في مناطق ليس فيها مدارس إسلامية، مما يضطرهم إلى تدريس أبنائهم في المدارس العادية، فيدرسون المنهج الأمريكي أو الأوروبي دون أن يأخذوا جرعة من الثقافة الإسلامية، وهذه مشكلة نرجو من حكومات الدول الإسلامية أن تساعدهم في حلها، وذلك بإنشاء مدارس إسلامية وبناء نواد ثقافية يجتمع فيها هؤلاء الشباب المسلم.
أمور تافهة
الفرحة: اسم الزوجة في الغرب يقترن بعائلة زوجها منذ زواجها فهل هذا التقليد موجود في الجزائر، وهل من أثر لذلك على حياة الزوجة!
طالبي: هذه عادة فرنسية فعندما يتم الزواج يسجل في العقد اسم الزوجة مقترناً بلقب زوجها،وهذا للأسف موجود لدينا في الجزائر وذلك لقصور في الإدارة.
فمثلا زوجتي تسمى مدام طالبي، ولكن لا أجد لذلك تأثيرا في نفسية الزوجات أو معاملتهن لأزواجهن، فهذه أمور تافهة لا تستحق الوقوف عندها.
زواج من غير تدين هل ينجح؟
الفرحة: هل التدين شرط أساسي لنجاح الزواج؟
طالبي: أنت عندما تقدم على الزواج لن تقبل بواحدة غير خلوقة، فيجب أن تكون متدينة وعلى خلق لكي تربيّ أولادك في المستقبل على الدين والخلق، فإذا كانت مهملة في هذا الجانب فأبناؤها يصبحون مثلها ولا يهتمون بالصلاة ولا بالأشياء الأخرى، وهذا هو المقياس الأساسي لنجاح الزواج.
ولكن إذا رأيت أنه يمكن إصلاحها بعد الزواج، فلا بأس وأنت مأجور على ذلك.
والزواج من غير تدين قد ينجح أحياناً وهذا يتوقف على العلاقة بين الزوجين، إلا أن التدين يضمن نجاح الزواج، والمقصود هنا التدين السليم والصحيح.
فهناك حالات طلاق كثيرة بين بعض المتدينين بسبب التشدد والغيرة التي هي في غير مكانها، والشكوك المبنية على أوهام ليس لها أساس من الصحة وهذا النوع من التدين مذموم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، ففي حادثة الإفك لم يتخل عن زوجته أو يطلقها، ولكن انتظر حتى جاء الوحي فبرأها.
العولمة والأخلاق
الفرحة: شاركتم مؤخراً في مؤتمر المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الذي أقيم في الكويت، فهل قدمتم بحثاً للمؤتمر؟
طالبي:قدمّت بحثاً بعنوان العولمة وتأثيرها على السلوك والأخلاق لأن لُب الثقافة وأساسها هو التربية والأخلاق اللتان تتأسس عليهما كل الظواهر الأخرى الاجتماعية منها والاقتصادية.
فالعلاقة الأولى التي تربط بين الأفراد في المجتمع أساسها علاقات أخلاقية، ومن دونها يصبح المجتمع غير إنساني.
دائماً إذا أردنا أن نعرّف المجتمع نعرِّفه على أنه مجموعة أفراد، وهذا ليس صحيحاً، فأنت في الطائرة تركب مع مجموعة أفراد فهل هذا هو المجتمع؟ بالتأكيد لا، فالأساس في المجتمع هو العلاقات التي تربط بين هؤلاء الأفراد.
ثم أخذت في بحث مثالاً على تأثير العولمة، وهو تأثير المواد التلفزيونية على الشباب وعلى الفتيات خصوصاً، حيث صرن يعتقدن أن العلاقات الجنسية مباحة خارج نطاق الزواج، وطبعاً هذا التأثير وصل إليهم عبر المواد التلفزيونية التي يرونها مع أن تقاليدهن تأبى هذا الشيء.
كذلك فإن دراسات أجريت في اليمن والسعودية والأردن أثبتت أن كثيراً من الناس هناك لا يشاهدون قنواتهم المحلية، وأغلب مشاهدتهم تكون للقنوات الأجنبية، وهذا هو التأثير الكبير الذي مع طول المدة يؤدي على محو القيم والثقافة، وإكساب الأفراد والمجتمعات ثقافة أخرى تسيء إلى سلوكياتهم وأخلاقياتهم.
فالغربيون يحاولون السيطرة علينا بوسائل شتى، لذا يجب أن نحصن أنفسنا لنواجه هذا الخصم، وذلك بإيحاء ثقافتنا العربية والإسلامية، وبذل الطاقة والجهد في اكتساب العلم والتقنية على أرضية راسخة من القيم الأخلاقية، وإذا لم نغير أنفسنا فسوف يغيرنا غيرنا إلى الوضع الذي يرضاه هو.
وفي الختام تشكر الفرحة الدكتور عمار طالبي لتفضله بالإجابة على أسئلتنا.
* العدد (72) سبتمبر 2002 ـ ص: 18
ــــــــــــــــــ
نصائح للحموات والزوجات
إذا اختلفت مع حماتك يوماً فتذكري أن لها وجهة نظر فيما تفعل ولديها أسباب تحتاج للذكاء في التعامل معها ولا تنسي أنك ستكونين في يوم قادم مثلها حماة وسيعاملك زوج ابنتك أو زوجة ابنك كما تعاملين حماتك الآن.
وعن سبب الكراهية التاريخية للحماة يقول علماء علم الاجتماع إن البعض يعتبر أن كل شخص لا يشاركنا الرأي أو وجهة النظر هو لا يحبنا بل يعادينا وهذا الاعتقاد غير صحيح ويدل على عدم توازن الشخصية ونقص النضج العاطفي وبعض الناس برغم تخطيهم سن الرشد تكون علاقاتهم الإنسانية بلا وعي أو بلا تقدير كاف .
وكراهية الحماة مشكلة قديمة وجدت في كل عصر وتلعب الثقافة دورا مهما فيها بمعنى أن إدراك قيمة الحماة واحترامها مع وضع خطوط حمراء في التعامل يضمن السعادة . فالندية والأنانية في العلاقة مع زوجة الابن أو زوج الابنة لن يوصل إلا لنهاية حياة قد تكون بدأت سعيدة .
وبعض الأمهات تغرس في نفوس الأبناء كراهية الحماة وضرورة توخي الحذر منها لأنها مهما يحدث لن تحب زوج ابنتها أو زوجة ابنها وهذا خطأ كبير لأن العطاء لو توافر له المناخ الصحيح لا شك سيثمر الكثير عكس اعتبار الحماة عدوا يترقب منه الهجوم في أي لحظة .
وينصح العلماء الزوجات الشابات عموما بتفهم نفسية الحماة التي ربت وسهرت ثم أحيلت للمعاش وحل مكانها زوجة الابن أو زوج الابنة وهنا يلعب الحب والحنان دورا كبيرا في ضمان السعادة في البيت الجديد فإحساس الحماة بحب زوجة الابن لها هو تعويض عن سلب ممتلكاتها التي أفنت حياتها في الحفاظ عليها .
أما عن العوامل التي تجعل الحماة تنظر إلى زوج ابنتها وزوجة ابنها باعتبار أنهما خطفا منها أعز ما تملك، فهذا عائد للأنانية وحب السيطرة والتملك، وقد تكون شخصية الحماة مسيطرة فتبدأ في النقد والتحليل لكل تصرف ومقارنة حال الابن أو الابنة أيام كان تحت سيطرتها ثم بعد خروجه منها من وجهة نظرها ..
ونقدم هنا لجميع الحموات هذه النصائح فإن كنت تريدين أن تحبك زوجة ابنك:
* لا ترددي أمامها أنه في استطاعة ابنك أن يتزوج أجمل منها .
* قولي لها أنك تحبين والدتها وتنتظرين بفارغ الصبر زيارتها.(54/222)
* لا تقدمي لابنك هدية لا تستطيع زوجته أن تستفيد منها .
* الانسحاب بكرامة إذا وجدت ابنك يريد الحديث مع زوجته .
* عدم التدخل في تربية أولادها فلكل جيل أسلوبه ومفاهيمه .
* لا تقيمي مع ابنك أو ابنتك إلا حال الضرورة .
* اخلعي ثوب الكآبة واستقبلي ضيوفهم بترحاب .
* صدقي على كلامها ولا تخالفيها الرأي.
كما نقدم لجميع الزوجات هذه النصائح فإن كنت تريدين أن تحبك حماتك:
* أسعديها بقولك إن ما أعجبك في ابنها هو تربيته العالية .
* اطلبي منها تعليمك طريقة طهي أكلة ما .
* لا تحدثيها عن خروجك مع زوجك للتنزه مثلا أو الزيارات.
* استقبليها بترحاب .
* أجلسيها في مكان الصدارة على سفرتك واهتمي بها .
* أشعريها بأنك محبة وراغبة في وجودها معكم .
* استمعي لحكاياتها القديمة .
* نسيجها
ــــــــــــــــــ
سمفونية رائعة اسمها تعليم الابن فنّ الحب
* د. سپوك
في كل طفل شيء من الجاذبية لا تقاوم.
مغناطيس من السحر يجذب الكبار إلى الصغار.
وهذا المولود الذي لم يبلغ الشهر الثالث بعد يمتلك قوة غير مرئية تدفع أي إنسان ناضج إلى احتضانه واللعب معه.
وحتى هؤلاء الكبار المعروفون بالجمود وعدم الانفعال تجذبهم عيون الطفل الواسعة وابتسامته الصاخبة فيتكسر قناع الجمود ويعلو الانفعال وجوه هؤلاء الجامدين فيبتسمون لهذا الطفل الوليد.
فما الذي يجعل الفطرة الأولى للطفل مانحة للحب وجاذبة له؟
إن السماء تلح علينا بأن نفهم الهدف من هذه الحياة كلها عندما يتكرر أمامنا الدرس اليومي، أعني ولادة الطفل ثم نموه إلى أن يصل إلى الشهر الثالث فتطل ابتسامته على كل مَن حوله وتجذب عيناه كل مَن يراه. السماء تقول لنا إن الهدف من الوجود على هذه الأرض هو أن يحب بعضنا بعضاً.
لكن صانعي الحروب والذين يستفيدون من إفساد فطرة الإنسان يهزون من خلال الضعف البشري اللغة الأولى في الحياة وهي لغة الحب. ومع ذلك فالدرس يتجدد ولا ينتهي، بل يطرح علينا سؤالاً دائماً هو التالي: كيف ننشئ طفلاً ليكون محبوباً وقادراً على أن يحب كل مَن حوله؟ وكيف يمكن أن تكون محبة الطفل للحياة عميقة وكريمة وليست سطحية أو مجرد ديكور اجتماعي، وأن يكون الحب في قلب الطفل عميقاً بحيث تتحول الطاقة التي في أعماقه إلى تعاون مع مَن حوله فيهزمون آلام البشرية، بدلاً من أن يتسببوا في إيلام بعضهم بعضاً.
إننا نلمس في حياتنا آثار أي شخص محب لنا، والبشرية خلال رحلة تحررها من فسادها كانت تجد في الأنبياء الذين بعثتهم السماء رموزاً قوية للحب والعطاء، فموسى (ع) أحب قومه فأنجاهم من عذاب فرعون، واحتالوا عليه بالخديعة والكذب وعبادة العجل فهداهم، وخرجوا على طاعته لكنه قادهم إلى بصيرة الإيمان. وبعد موسى زاد ضلال بني إسرائيل وأفسد الناس الكون بكراهية لا نهاية لها، فكان عيسى (ع) كأعظم محام عن الحب، إذ رافع في المهد عن أمه راداً على اتهامات السوء، وأثبت براءتها وهي البتول، وترافع عن الخاطئة مريم المجدلية لا لينفي عنها الاتهام ولكن ليذكر كلاً منا بجريمته: ((مَن كان منكم بلا خطيئة فيرجمها بحجر)). وكان هذا التركيز وحده كفيلاً بدخول المجدلية إلى آفاق الإيمان الرحبة. ثم كانت الرسالة الخاتمة التي هي أعظم ما وهبه الله للبشرية من منهج حياة يصون الحب فيكفل بقاء الكون عامراً، تلك هي رسالة محمد عليه الصلاة والسلام.
إن حب إنسان لقومه يجعل الناس يأتلفون ويشعرون بالراحة ويلمسون السعادة في أعماق نفوسهم ويمكنهم من أن يكونوا قادرين على إقامة صداقات قوية وطويلة الأمد، فينمو المستقبل بين أيديهم بثبات وجودة، وتصبح علاقاتهم في العمل مفعمة بالتعاون، وتنتشر فيهم روح الاحترام التي تفجر المواهب وتجعلهم أكثر قيمة فيعرفون قيمتهم وترتفع مكانتهم بين الآخرين ويرتفع مستوى منافساتهم إلى نوعية خلاقة فيتجنبون المنافسات الهدامة.
إن إنساناً ينشأ على قيمة الحب هو إنسان يضع كل شيء في مكانه الصحيح. إنه يختار شريكة عمره على أساس من التواصل العاطفي والعقلي وحيوية التقدير الجنسي بين الإثنين. بل إن الانسجام بين الرجل والمرأة في المجتمع المحب يصل إلى درجة رائعة بإمكاننا أن نتخيلها، ذلك أن البشرية لم تصل حتى الآن إلى المجتمع المحب الكامل. إننا نكتشف في علاقة الحب المستمرة والعميقة بين الرجل والمرأة الآلاف من الأفعال التلقائية التي تنبع من خيال المرأة فيستجيب لها الرجل، أو تنبع من خيال الرجل فتستجيب لها المرأة. ونحن نرى أن الزواج المبني على الحب يرسي أسس السعادة بثبات، وكما قلنا من قبل، ينشئ أطفالاً أكثر سعادة وانفتاحاً على العالم. إن هناك أمواجاً من الحب تحيط بالرجل والمرأة والطفل، والأطفال الذين جاءوا من علاقة حب يقوون الروابط الروحية والمادية بين الأب والأم.
وغريب أمر الحب في هذه الحياة، فلا أحد يشبع منه، وكل مَن يحصل عليه يشع بدفئه وصفاته على مَن حوله.
ولكن هناك وجهاً سلبياً للحب، إنه التسلط. فعندما يكون أحد الزوجين متسلطاً فهو يفرض جبروته على الطرف الآخر ويعتقد كل قرين أن الطرف الآخر يحب الأطفال أكثر منه.
وكثيراً ما نسمع كلمة قاتلة للحب في نفوس الأبناء، الكلمة التي تأتي على لسان المرأة مثلاً فتقول: ((إنني أعيش مع زوجي الديكتاتور من أجل الأطفال)). إن الأطفال قد لا يسمعون هذه العبارة من أمهم ولكنها تنتشر بسرعة في العلاقة بين الأبناء من جهة وبين الأب والأم من جهة ثانية. إن الأطفال يبدؤون في تلك الحالة رحلة الانتقام والضجيج والالتواء والسلوك والمزعج. وكذلك يسبب الأطفال هذا الضجيج وينشأ فيهم ذلك الالتواء عندما يقول الأب كلمات من مثل: ((إنني أتحمل الحياة مع هذه المرأة من أجل الأطفال)). إن الأبناء يحبون أن يعيش الأب والأم معاً في حالة حب وأن تستمر العلاقة بينهما قوية ومتينة، كما يفضلون أن تكون علاقتهم بالكبار على أساس من الحب والتعاون، ويتخوفون من أن تتحول الكراهية ـ كراهية أحد الزوجين للآخر ـ إلى ثقل على أكتاف الأبناء.
وعندما تكون العلاقة مفعمة بالتنافر بين الزوج والزوجة فلنا أن نتوقع أطفالاً غير مبالين إلى الصداقة مع غيرهم، وأن نتوقع كباراً ينظرون إلى العالم نظرة عدم ثقة، وأن نرى ألواناً من السلوك تثير الخصومة والتنافر، وأن نرى أشخاصاً يتميزون بالبخل أو المكر، وأن نسمع في عيادات الطب النفسي عن آلام هؤلاء وعن اشتهاء كل منهم، إلى حد الجنون، أن يحب أحداً وأن يحد مَن يحبه.
وهكذا نجد أن الطفل الصغير يختبئ عملياً داخل جسد الكبير. نعم، فكل منا يحمل طفولته داخله. وهذا الطفل الصغير يسعى إلى نيل الحب.
وكل طفل يحب أن يكون محبوباً ومحباً، وإلا فإن الطفل سيلجأ إلى إزعاج مَن حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب.
وجرس الإنذار بضرورة الحب يدق عندما يأتي الأب المرهق من عمله ويتجه إلى سرير الطفل ذي الستة أسابيع ليناديه فيبتسم له، وعندما يبلغ طفله الشهر الخامس من عمره فيرى السعادة على ملامح الوليد من مجرد مخاطبته. وكلما كبر الأطفال زادت العوامل التي تؤثر في قدرتهم على منح الحب وتلقيه.
وهناك فوارق بين طفل وآخر. وهناك الطفل المنفتح على العالم، وهناك الطفل الحساس بالفطرة.
وإن لنا أن نعرف الأساس الهام الذي نكرره دائماً وهو أن الطفل يفتح عينيه منذ الشهر السادس ويبدأ بامتصاص صورة العالم الذي سوف يحيا فيه، حتى إذا كان الأب والأم ممتلئين بالعاطفة تفجرت في الطفل طاقة الحب لكل الناس إلى درجة يفترض فيها الطفل أن كل الناس في هذا العالم من نفس طراز أمه وأبيه تربط بينهم الصداقة والحنان والألفة.
لذلك فكثيراً ما أقول للآباء الذين نشؤوا في ظل الحضارة الغربية المعاصرة والتي تلجم العواطف وتكبتها وتفرض على الأب أن يصرخ في وجه ابنه: ((كن رجلاً ولا تبكِ))، أو تفرض عليه أن يمتنع عن احتضان ابنه حتى يعلمه ـ كما يحسب ـ كيف يشب ويقف على قدميه دون اعتماد على الآخرين ... أقول لهم إن هذه التربية الجافة أمر مرفوض لأنها تقسي مشاعر الأبناء وتجمد ينابيع العطاء في أعماقهم.
وفي المقابل يجب ألا نتمادى في الاحتضان والقبلات وخصوصاً في زماننا الذي ينقل إلى الأطفال صوراً مفضوحة عن العلاقة بين الرجل والمرأة.
إن علينا أن نحتضن الأطفال ولكن لا ننسى أبداً أن الصبي منذ العام الثالث يتجه بكل الإعجاب إلى أمه، كما تتجه الفتاة بالإعجاب إلى والدها.
ولابد من أن تكون هناك حدود متوازية من الاحتضان والقبلات، فلا يصح أن نمنع أبناءنا من ذلك، ولكن لا يصح أيضاً أن نسرف معهم في ذلك.
إنني كثيراً ما أسمع عشرات الآباء يشكون من آبائهم عاملوهم بجفاء فانعكس ذلك على سلوكهم فيما بعد، فصاروا آباء متسيبين عاطفياً ولا يستطيعون السيطرة على أبنائهم، بل ينفذون كل ما يطلبه الأبناء منهم. وكثيراً ما سمعت من عشرات الأمهات أن التدليل المبالغ فيه هو الأمر الممكن الوحيد لبناتهن، لأن القسوة السابقة من أمهات هؤلاء الأمهات كانت كفيلة بإنتاج جيل متسيب العواطف. إن الأم تعتذر بالتدليل الزائد للابنة عن عدم معرفتها بكيفية التعامل معها. إنه بحر الحيرة الرهيب الذي يغرق فيه الآن أجيال من الآباء والأمهات الذين لا يعرفون كيفية التحكم في تربية الأبناء.
إن إنشاء عمارة من الطوب والأسمنت أمر يحتاج إلى تعاون بين المهندس والعمال والفنيين لتكون العمارة صالحة بعد ذلك لأن يسكنها أناس آخرون.
وإنشاء طفل على مقدرة لعطاء الحب وأخذه مسألة تحتاج إلى الإحساس المتوازن من الأب والأم معاً.
إن الابن هو اللحن الذي نعزفه نحن الآباء والأمهات، وعلينا أن نعزف هذا اللحن بثقة واقتدار، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك بمنتهى الهدوء لأن هذا اللحن طويل جداً.
إن عمر تربية الأب والأم للابن لا يقل بحال عن واحد وعشرين عاماً، وهي أطول سيمفونية معزوفة بأنفاس كلّ أب وأم وأحلامهما وتجاربهما.
ــــــــــــــــــ
كيف ننقش القرآن على صدور صغارنا؟
لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن أفضل مراحل تعلم القرآن، الطفولة المبكرة من (3 - 6) سنوات؛ حيث يكون عقل الطفل يقظًا، وملكات الحفظ لديه نقية، ورغبته في المحاكاة والتقليد قوية، والذين تولوا مسئوليات تحفيظ الصغار في الكتاتيب أو المنازل يلخصون خبراتهم في هذا المجال فيقولون:
إن الطاقة الحركية لدى الطفل كبيرة، وقد لا يستطيع الجلوس صامتًا منتبهًا طوال فترة التحفيظ، ولذلك لا مانع من تركه يتحرك وهو يسمع أو يردد.
- المكافأة مدخل طيب لتحبيب الطفل في القرآن، وذلك بإهدائه شيئًا يحبه حتى ولو قطعة حلوى، كلما حفظ قدرًا من الآيات، وعندما يصل الطفل إلى سن التاسعة أو العاشرة يمكن أن تأخذ المكافأة طابعًا معنويًا، مثل كتابة الاسم في لوحة شرف، أو تكليفه بمهمة تحفيظ الأصغر سنًا مما حفظه وهكذا.
- الطفل الخجول يحتاج إلى معاملة خاصة، فهو يشعر بالحرج الشديد من ترديد ما يحفظه أمام زملائه، ولهذا يمكن الاستعاضة عن التسميع الشفوي بالكتابة إن كان يستطيعها، وإذا كان الطفل أصغر من سن الكتابة يجب عدم تعجل اندماجه مع أقرانه، بل تشجيعه على الحوار تدريجيًا حتى يتخلص من خجله.
- شرح معاني الكلمات بأسلوب شيق، وبه دعابات وأساليب تشبيه، ييسر للطفل الحفظ، فالفهم يجعل الحفظ أسهل، وعلى الوالدين والمحفظين ألا يستهينوا بعقل الطفل، فلديه قدرة كبيرة على تخزين المعلومات.
- غرس روح المنافسة بين الأطفال مهم جدًا، فأفضل ما يمكن أن يتنافس عليه الصغار هو حفظ كتاب الله، على أن يكون المحفظ ذكيًا لا يقطع الخيط الرفيع بين التنافس والصراع، ولا يزرع في نفوس الصغار الحقد على زملائهم المتميزين.
- ومن الضروري عدم الإسراف في عقاب الطفل غير المستجيب، فيكفي إظهار الغضب منه، وإذا استطاع المحفظ أن يحبب تلاميذه فيه، فإن مجرد شعور أحدهم بأنه غاضب منه؛ لأنه لم يحفظ سيشجعه على الحفظ حتى لا يغضب.
- من أنسب السور للطفل وأيسرها حفظًا قصار السور؛ لأنها تقدم موضوعًا متكاملاً في أسطر قليلة، فيسهل حفظها، ولا تضيق بها نفسه.
- وللقرآن الكريم فوائد نفسية جمة، فهو يُقوِّم سلوكه ولسانه، ويحميه من آفات الفراغ، وقد فقه السلف الصالح ذلك فكانوا يحفظون أطفالهم القرآن من سن الثالثة.
ــــــــــــــــــ
خذ قلبي واعطني ابتسامتك
مهمة الزجاج الأمامي في كل سيارة أن يحمي السائق من عواصف الهواء.
ويحرص كل سائق على أن يكون زجاج السيارة نظيفاً لامعاً.
وتختزل شركات صناعة السيارات كل خبرات العلم لتجعل الجالس خلف المقود يستمتع برؤية واضحة إلى الدرجة التي وضع فيها صانعو السيارات شاشة كمبيوتر يمكن أن يرى الإنسان من خلالها ما أمامه وما خلفه.
والأب والأم هما قائدا سيارة العمر. وليسترجع كل منا خبرة تعلمه لقيادة السيارة للمرة الأولى. إن الواحد منا يمسك بعجلة القيادة وكأنها لص يكاد يفر ولابد من تسليمه إلى الشرطة. ومن بعد أن يتدرب الواحد منا على إتزان حركة أقدامه على مكبح السيارة ودافع البنزين في الموتور وعلى فاصل الحركة وعلى تحريك عصا غيار السرعة، عندها تصبح قيادة السيارة عملية آلية.
لكن ماذا تفعل عندما ترى ابنك وهو في الخامسة من عمره يمسك مسماراً في يده ويحاول تجريح زجاج العربة؟
وماذا تفعل عندما ترى ابنك الذي هو في سن السابعة تمتد يده إلى حافظة نقودك ليأخذ منها قدراً كبيراً من النقود ويدعو أصدقاءه في المدرسة إلى أكبر وليمة حلوى؟
وماذا تفعل عندما يخفي ابنك تقريره الدراسي ويعلن لك أن المدرسة لم تعطه أي تقرير شهري وأنه ناجح في كل المواد ثم تفاجأ بالهاتف يدق في منزلك ليخبرك المسؤول في المدرسة أن ابنك ((يزوغ)) من المدرسة وأنه راسب في كل المواد الدراسية المقررة له؟
أنت هنا في حالة غيظ وتردد وإحباط، وتتمنى تلقائياً أن تعاقب هذا الابن.
أنت تريد أن تعاقب هذا الابن الذي حاول إفساد زجاج السيارة بالمسمار.
أنت تريد أن تعاقب هذا الابن الذي ((أخذ)) أو ((سرق)) من حافظة نقودك بعضاً من المال.
أنت تريد أن تعاقب الابن الذي أخفى عنك تقريره المدرسي وهرب من المدرسة.
وإذا سألت العلماء الأكثر تخصصاً في مجال تربية الأطفال فإنهم يسألونك ببساطة ماذا كان رد فعلك في اللحظة المباشرة لرؤيتك ابنك وهو يخدش زجاج السيارة بمسماره؟
فإن كانت إجابتك هي مجرد الانزعاج من دون أن تعاقبه على فعلة بالتوبيخ واللوم وشرح فائدة زجاج السيارة ومحاولتك سؤاله عن دافعه إلى القيام بمثل هذا العمل ... إذا كنت مجرد منزعج وحائر ومتردد وتتساءل عن أية نظرية في التربية يجب أن تعتمدها في مثل هذا الموقف فأنت مخطئ جداً، لأنك دون أن تدري تقوم بأعظم إفساد لابنك. إنك من حيث لا تدري تجعله في موقف لا يميز فيه بين الصواب والخطأ. لذا عليك أن تعاقبه على الفور ليعرف أن هناك حدوداً للسلوك في الحياة يجب ألا يتخطاها.
صحيح أن من حقك بعد عقاب الابن أن تعرف أنه يشعر بالغيرة من أخته التي تصغره سناً وأن المقارنات التي تعقدها أنت بينه وبين أخته التي هي أصغر منه سناً تجعله يمقت هذه الأخت ويتذكر دائماً أن هذه الأخت قد سرقت منه الأضواء، لكن عليك بعد ذلك أن تعدل في سلوكك تجاهه بعد حادثة خدشه زجاج السيارة بالمسمار لتعلمه كيف يقوم بتنظيف السيارة لو تعطيه مبلغاً صغيراً من النقود في كل مرة يقوم فيها بتنظيف السيارة من الداخل أو الخارج. لكن من الصحيح كذلك أن عليك ألا تتردد في عقابه على الفور إذا ما أخطأ في حقك بتجريح زجاج السيارة.
وأي عالم في التربية أو علم النفس أو الطب النفسي لن يعترض على عقابك لابنك الذي رأيته يأخذ مبلغاً من المال من حافظة نقودك.
يمكنك أن تضربه عقاباً لا غيظاً. ويمكنك أن تؤنبه بحدة لا بمزيد من تجريحه كإنسان. ولكن ذلك لا يمنعك من أن تسأل نفسك: كم هو عمر ابني الذي أخذ النقود من المحفظة؟ وحتى إذا كان بين الثانية والرابعة من العمر فهو يعيش مرحلة ضبابية بين التمييز وعدم التمييز. وإذا كان قد أخذ شيئاً يخص طفلاً آخر في الحضانة فيجب إقناعه حينها بأن يعيد ما أخذه إلى صاحبه وأن يعتذر له لأنه احتفظ بالشيء الذي يخص زميله لمدة من الوقت.
أما إذا كان الطفل فوق سن السابعة فهو قد أخذ من جيبك النقود ليقول لك: ((أنت لست صديقي وكذلك أمي. وأنا أعيش في عزلة وأعاني من مرارة الإحساس بالوحدة، وإنكما معاً مسؤولان عن ضرورة رعايتي لا عن مجرد تقديم الهدايا واللعب، وعليكما إقامة الحوار بيني وبينكما من دون أن تغرقاني في المقارنات المزعجة عن تفوق الآخرين على في كل شيء، وفي الحديث عن خيبتي التي تفوق كل وصف)).
وبإمكانك أن تحلل الأمور وتفهم مشاعر ابنك، ولكن ما دام الخطأ قد وقع فلابد من العقاب.
وأما إذا كان الابن قد أخفى تقريره الشهري فهو كذلك يستحق العقاب، ويجب أن يتم إيقاع العقاب على الفور وبحزم إنما من دون مبالغة. وبعد ذلك يمكنك أن تعرف أن ابنك قد أخفى تقريره الشهري عنك لأنه لا يحب المدرسة ولأن المدرسين كثيراً ما يوجهون له ألفاظاً جارحة. إنني لا أنسى المرة الأولى التي أخفي فيها ابني التقرير الشهري عني. لقد حرمته من المصروف ومن رؤية التليفزيون ومن زيارة المتاحف. ولكني درست أسباب هذه الظاهرة وعرفت أن من عيوبي إني كنت أخاف من جبروت أبي وأنا طفل، لذلك كنت أتفوق في بعض العلوم التي يكرهها هو وأهمل مواد أخرى يحبها هو. كنت أتفوق في الرسم والشعر واللغة العربية وأهمل العلوم والحساب واللغة الإنجليزية. كنت أقاوم جبروت أبي بخيبتي المقصودة في المجالات التي حاول أن يجبرني على إجادتها. وعندما وعيت الحقيقة البديهية، وهي أنني أتعلم لأن الإنسان يجب أن يتعلم ليعيش في المجتمع، بدأت أسير في دراستي سيراً طبيعياً، وبدأت رحلة بحثي وراء ((خيبة ابني))، فعرفت أن هناك مدرِّسة سمعت من ابني أكثر من مرة أن السبورة تلمع أمام عينيه وأنه لا يرى المكتوب عليها فقالت له: ((أنت أعمى)). وعندما توغلت في حياة هذه المدرِّسة عرفت أنها مطلقة حديثاً وأن زوجها يحرمها من رؤية ابنها الذي هو في عمر ابني. فطلبت من مديرة المدرسة أن تساعد المدرِّسة في مواجهة مشاكلها بدلاً من أن تعاقب أبناء الغير. وصحبت ابني إلى الطبيب ليقيس له قوة إبصاره وعرفت أن قوة إبصاره ضعيفة. فأخذته إلى صانع النظارات ليختار له الإطار الذي يفضله للنظارة. ولقد قاوم ابني هذه النظارة الطبية كثيراً وتحملت رحلة مقاومته لها، ورأيته ذات مرة يلقي بها على الأرض بهدف كسرها فلم تنكسر، وعاقبته على ذلك، ثم عرفت منه أنه يطلب إلينا وضع برنامج غذائي له ليقوي بصره. فأخذته إلى الطبيب الذي دخل معه في مناقشات مستفيضة انتهت بقبوله وضع النظارة على عينيه. وبدأ ابني يتعلم الحقيقة الأساسية عن العلم، وهي أن يتعلم لا من أجلي ولكن من أجل أن يخوض غمار التجربة في المجتمع مسلحاً بما يضمن له الاستقلال عني.
إذن نحن في تربية أبنائنا لا نبحث عن نظريات نستوعبها أولاً ثم نطبقها. فقد قام آدم بتربية قابيل وهابيل ولكن قابيل، بسبب من حسده، قتل هابيل واضطر إلى التعلم من الغراب ليواري سوأة أخيه. وأولاد قابيل لم يرتكبوا حماقة القتل وإن تحول الصراع إلى منافسة. إن قدماء الصينيين تنافسوا على بناء السور وأجهدوا أنفسهم لحماية بلادهم. وقدماء العرب قاموا بتربية الأبناء على الفروسية والرحيل وجميل الاستماع إلى الشعر. والمصريون القدماء قاموا بتربية أبنائهم على التقاط الحدس من حقائق الطبيعة التي عاشوا فيها. ومن المؤكد أن تواجد البشرية حتى الآن كان نتيجة قيام الآباء والأمهات بتربية الأبناء، ونتيجة محاولتهم معرفة المختصر المفيد والموجز الرشيد في التربية. ولكن رد الفعل الفوري النابع من الحب والحزم أمر أكثر أهمية من كل النظريات العلمية التي نشأت في أي زمان وأي مكان.
أقول ذلك وفي ذهني حكمة أساسية قالتها لي أمي العجوز عندما سألتها عن أهم نظرية في نظريات التربية طبقتها في حياتها أثناء تربيتي وتربية إخوتي فقالت: ((خليها على الله، كنت أربيكم على مبدأ بسيط هو: خذ قلبي وأعطني ضحكتك. كنت أحاول أن أجعل كل واحد منكم طفلاً سعيداً)). قالت: لأنك قمت بعمل غير أخلاقي، وهو إهدار لجهد الفلاح الذي زرع الأرز والبطاطس، وإهدارك لمال أبيك الذي اشترى لنا هذا الأرز وتلك البطاطس ومعها اللحم، وإهدار لتعبي أنا طول النهار في المطبخ لأعد لكم الطعام. لقد عاقبتك لا لأني أكرهك ولكن لأعلمك كيف تحترم جهد الآخرين)).
ومبدأ أمي هو المبدأ الصحيح: ((خذ قلبي وأعطني ابتسامتك))، وأي تردد في عقاب الابن على الخطأ والتفرغ للسؤال عن النظريات هو الذي ينشئ أطفالاً مدللين دائمي اللجاجة والإزعاج.
إنني أنظر أحياناً إلى زوجتي وهي تطعم طفلي الصغير، فأجدها تقوم بنفس حركات أمها عندما كانت تطعم ابني الكبير، فهي تمد شفتها السفلى إلى الأمام وترفع شفتها العليا إلى أعلى وكأنها هي التي ستأكل. وفي أغلب الأحيان أجد أن زوجتي تعلمت هذه المسألة من أمها منذ أن كانت في الثالثة من العمر عندما كانت تراها وهي تطعم أخاها الصغير الذي صار طياراً.
إننا نعرف أن ((نبرة الصوت)) التي ينطق بها الأب مع ابنه هي نفس ((النبرة)) التي سمعها من أبيه.
وكبار الأطباء النفسيين والعلماء المتخصصين الذين وضعوا كل نظريات التربية يعرفون أنهم تبرموا من أبنائهم في بعض المواقف وتصرفوا مع أبنائهم كما كان آباؤهم يتصرفون معهم في مثل تلك المواقف.
إننا نعرف أن خيال الابن والبنت منذ العام الثالث يبدأ رحلة تقمص السلوك من الأب ومن الأم. إن الطفل يتخيل كيف سيشعر عندما سيكون له أولاد يتصرفون تصرفاً مزعجاً. وبالتحديد، فإن الابن يحتفظ في خياله بألوان السلوك المختلفة، كما أن البنت تفعل الشيء نفسه تتعلم عن أمها إنكار الذات وكيفية تربية الأطفال.
إننا نفرح ـ على سبيل المثال ـ عندما نسمع كلمة ((ماما)) و ((بابا)) من فم الطفل للمرة الأولى، ونظل نكرر الكلمة أمامه بنفس لهجته حتى يعيد نطق الكلمة، وهو يفعل مثلما نفعل نحن بالضبط: إنه يتلقط منا صورة السلوك ليطبقه بعدما يكبر، وينجب أبناءه.
ونحن عندما نعلم أبناءنا كيفية الفصل بين ما يملكونه وبين ما يملكه الآخرون نقوم بما كانت تقوم به مدرسة الحساب في سنوات الدراسة الأولى عندما كانت تضع أربعة كراسات مع أحمد وتضيف إليها الكراسات الخمسة التي يملكها حسام وتعلمنا أن المجموع هو تسعة كراسات، تم تصر على إعادة كراسة كل تلميذ إليه. ونحن نفعل ذلك عندما نعلم الطفل كيف يحترم حاجات غيره.(54/223)
وحتى عند بلوغه مرحلة المراهقة قد نسمع طلباً للابن فنرفضه تلقائياً، وقد نقرص أذنه، ونجيب على أسئلته الصعبة بحزم يعرف تماماً أنه حزم نهائي. هذا الحزن التلقائي يقي المراهق نفسه من دوامات تمرد يكرهه هو في قرارة نفسه.
إن ولادة الطفل وإن كانت تصاحبها آلام ومتاعب إلا أننا نفرح بذلك العضو الجديد في الأسرة.
والطفل عندما يتم فطامه من ثدي الأم أو من زجاجة التغذية الصناعية فهناك ـ أيضاً ـ متاعب وآلام ولكنه يستمتع بنفسه كإنسان استقل أخيراً عن لون الطعام الواحد وصار قادراً على أن يأكل مثل الكبار.
والطفل عندما يخرج إلى الحضانة يصادف بعضاً من المتاعب والآلام ولكنه يتعرف على مجتمع أوسع من مجتمع الأسرة ويتفاعل معه.
والطفل عندما يذهب إلى المدرسة الابتدائية يصادف بعضاً من المتاعب والآلام ولكنه يتعرف على العلوم والخبرات الإنسانية التي تتيح له المزيد من التفاعل مع المجتمع.
والطفل عندما يمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة يصادف بعض المتاعب والآلام، أي متاعب وداع الطفولة ومسؤولية استقبال دوره الجديد كشاب أو شابة.
والأب والأم، طوال هذه الرحلات، يعيشون دائماً في حال انتباه وترقب طامحين أن يكون ابنهما له شخصية متميزة مغزولة من سلوك الأب والأم معاً.
والنظريات ـ نظريات التربية ـ لا تؤدي إلى أكثر من تعميق للمعرفة، لكنها ليست كل المعرفة.
ولذلك فأنا دائماً مع قول أمي ونظريتها الفريدة: ((خذ قلبي وأعطني ابتسامتك)).
ــــــــــــــــــ
متى وكيف تعلم طفلك معني النظافة؟
* موزة المالكي
ان تقدير الطفل وإدراكه لمعني النظافة يكون في سن مبكرة جدا قد لا يخطر على بال أحد ، ولكن في الحقيقة فان الطفل باستطاعته ان يعي ذلك منذ سنته الأولى 00 ويبدأ في اكتساب تلك القيمة الجمالية والتي حث عليها ديننا الحنيف فالنظافة من الأيمان 00 لذلك يجب على الأم وعلى مراعاة قواعد النظافة على المستوى الفردي كالنظافة الشخصية وعلى المستوى العام كالنظافة العامة ولا بد من فرض رقابة على الطفل منذ وعيه للدنيا رقابة مدروسة فالطفل يلتقط كل تصرف وكل سلوك تسلكه معه أمه منذ صغره فعندما تبادر ألام بمسح أي بقايا أكل بفوطه مبلولة كلما اتسخ وجه الطفل أو عند اتساخ يديه 00واذا حاول الطفل ان يرمي أي قذارة على الأرض او يمسك أي شيء بيديه وهما غير نظيفتين في إظهار الاستياء من ذلك السلوك والتلفظ بلفظ يدل على عدم الرضا مثل(كخ) أو (اف) او أي لفظ متعارف عليه للدلاله على أن هذا التصرف سيئ مع مراعاة عدم القسوة الزائدة والرب المبرح فمهما كان التصرف فان الطفل لا يقصد الإساءة ولكنه يحتاج الى أن يتعلم وأن يمنع من تلك السلوكيات السيئة 0
أكد معظم علماء النفس بأن الطفل يبدا في أدراك الأشياء التي حوله من سن 18 شهرا وقبل ذلك بقليل ولا يجب ان تتأخر عن ذلك وارى انه على ألام ان تحرص على أن يسلك الطفل السلوك الدال على النظافة بمجرد وقوفه وقدرته على المشي يجب الا تهاون ألام في مسالة النظافة ويجب ان يؤمر بأن يرمي أي ورقة في يده في المكان المخصص لها وان يعاقب إذا رماها على الأرض 00 ولا بد من الإصرار بأن يلتقطها مرة ثانية ويرميها مكانها 00 ولا بد من إظهار عدم الرضا عن سلوكه وبحزم ولا يجب الا ننسى المكافأة عندما يقوم بالعمل من تلقاء نفسه00 والمكافأة المعنوية من احتضان الطفل وتقبيله بحنان وحب كل ذلك سيدفع الطفل الى القيام بالعمل بنفسه ليظفر بتلك الكمية من الحب والحنان فالطفل يرغب في ذلك ومع الأيام تتأصل عادة عدم إلقاء أي نوع من المخلفات الا في مكانها المخصص لها 00 عندما يصل الطفل الى سن الثالثة يصبح أكثر إدراكا لمعنى النظافة والحفاظ على المكان نظيفا ولكن رغم ذلك فان بعض الأطفال يجدون متعة في أحداث الفوضى ورمي الأوراق أو الرسم على الحائط 00 ولكن بالمراقبة الحذرة والتنبيه المستمر للطفل والعقاب الذي يتناسب وحجم الخطا وبدون قسوة زائدة فهذه الأساليب تمكن ألام من أن طفلها الى الحفاظ على النظافة فالاتجاهات تنتقل الى الأطفال بالعدوى من حولهم وبالتعليم المستمر من قبل الأهالي 00 لذلك لا بد من مراعاة توفير القدوة الحسنة 000 من قبل الام والأب قبل كل شيء فأذا رأى الطفل والده مثلا يرمي علبة السجائر بعد ان فرغ او علبة البيبسى من نافذة السيارة فكيف نطلب منه ان يلتزم هو ويحافظ على نظافة مدينته ؟ ان اكتساب قيمة جميلة كقيمة النظافة لا تكون بالقول والتهديد والوعيد 000 ولغرس مثل هذه القيمة لا يكفي المعرفة واعطاء المعلومة00 الأمر الذي يتطلب اكثر من ذلك يتطلب معايشة لقدوة حسنة وممارسة فعلية من قبل من هم آهل هذه القدوة 00 فعندما يحافظ الطفل على نظافته الشخصية ثم على نظافة المنزل والمدرسة تصبح محافظته على نظافة مدينته ووطنه الكبير أمرا مسلما به فالنظافة لدى الانسان سلوك متكامل مرتبط بعضه ببعض فلا بد من الا نتهاون في زرع تلك القيمة منذ الصغر وتكوين الضمير الخلقي الذي لا بد منه منذ البداية فمن الصعب تغيير الاتجاهات والسلوكيات في مراحل لاحقة حيث تتأصل وتصبح عادة من الصعب أزالتها فلا بد من ان نهدف الى تنمية سلوك أبنائنا بالحفاظ على تلك القيمة الرائعة قيمة النظافة فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر
ــــــــــــــــــ
أثر عمل الأم على الرقي الاجتماعي و التقدم الدراسي للأبناء
* شكوه نوابي نژاد
تخصص الأمهات العاملات ساعات أقل من وقتهن مقارنة مع ربات البيوت لرعاية أبنائهن إلا أنهن يستثمرن هذه الساعات بشكل أفضل من غيرهن، حيث تشير الأبحاث إلى أن بنات الأمهات العاملات يعتبرن أمهاتهن شخصيات مستقلة، تتمتع بثقة عالية بالنفس وقدرة على أداء أدوار اجتماعية لائقة بهن بينما يبدو أن الذكور من أبناء الأبوين العاملين خارج البيت يفتقدون الشعور بالاستقرار والثقة بالنفس والمستوى الدراسي الذي يحظى به غيرهم كما أنهم لا يبدون جدارة أترابهم في اختبارات الذكاء (غيلد وأندروس 1990). وتتأثر حصيلة عمل الأم ورعايتها لأبنائها إلى حد بعيد بنوع العمل الذي تؤديه خارج البيت ووقعها المهني ومدى الالتزامات المتطلبة منها. إن المهمة التي تشعر الأم خلال إنجازها بمكانتها وجدارتها وبالرضا والارتياح، إنما تدفع علاقة الأم بأبنائها نحو الأحسن. ويحدث خلاف ذلك في حالة شعور الأم بالإرهاق الجسمي والنفسي جراء عملها مما يفقدها الثقة بالنفس ويترك آثاراً سلبية على علاقاتها بأبنائها وسلوكها معهم (هافمان 1992).
فلقد بينت أبحاث وإحصائيات علماء النفس خلال السنوات الأخيرة إن نمط العلاقة بين الوليد ومَن يرعاه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى ما يتمتع به الطفل من النمو والرقي الاجتماعي، الحنان ومدى تعرفه على نفسه. صحيح إنه لا يمكن إنكار دور الأم في شعور الأطفال بالاستقرار والطمأنينة خاصة خلال السنتين الأولى من العمر إلا أن التحقيقات أثبتت أن الأمهات العاملات يشعرن بالارتياح ويتمتعن بوضع متكافئ في علاقاتهن بأزواجهن أكثر من ربات البيوت. وكذلك أبنائهن يترعرع فيهم الإحساس بالمسؤولية وتتكون لديهم رؤى أكثر وضوحاً بالنسبة للجنسية وحول دور الرجل والمرأة في المجتمع، لكن يبدو مع ذلك إن الإناث أكثر تأثراً بإيجابيات عمل الأم من الذكور ومن بنات ربات البيوت حيث يتقدمنهن من ناحية الثقة بالنفس والروح الاجتماعية والتقدم الدراسي والرغبة في العمل. أما الذكور من أبناء العاملات فإن شخصيتهم تكون أكثر اجتماعية واتكاءً على النفس وهم في الوقت نفسه أقل تقدماً من حيث المستوى الدراسي من أبناء ربات البيوت. وتشير أبحاث هافمان إلى اشتداد هذه الحالة في العوائل المتوسطة والعليا بينما يتفوق الذكور من أبناء العوائل المتدنية على غيرهم من ناحية المستوى الدراسي ونتائج اختبارات الذكاء.
ــــــــــــــــــ
هل يجب أن نخشى من اولادنا؟
* عبد الله باجبير
يطرح كتاب «رجل المستقبل» لمؤلفه طبيب الاطفال الدكتور إلي نيوبرجر السؤال: هل نخشى من اولادنا؟ اذا كانت الاجابة بنعم فذلك هو الاخفاق ذاته الذي يرجع اليه السبب في معظم الجرائم التي يرتكبها ولد صغير او رجل ناضج، ويضرب المؤلف مثلا لانحراف الولد الصغير بمأساة الطفل الذي فتح النار على زملائه بالمدرسة فقتل واصاب الكثيرين. اما المثل الثاني الذي يورده المؤلف لانحراف رجل ناضج فهو الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي وصفه بأنه صاحب سلوك جنسي منحرف.
يقول المؤلف انه ليس من المطلوب زرع بوصلة اخلاقية داخل اولادنا ولكن المطلوب هو ان نغرس بداخلهم صفات يمكن ان تقود الابناء الى الطريق السليم وتحميهم من الانحراف مثل: اللياقة، العدالة، التضحية بالنفس، التعاطف، الاحترام، الاخلاص، التعاون، الاحساس بالمسؤولية، الامانة، الشرف.
هذه الصفات التي يتعين غرسها في نفوس الاولاد والبنات تختلف طريقة قيام الاب والام في غرسها بالاولاد والبنات لأنه اذا نظرنا الى تركيبة مخ الذكر فإنها تجعله ضعيفا اكثر من ناحية الاخلاقيات. كذلك يتجه الولد لأنماط سلوكية تتصل بالمخاطرة والعنف الجسدي اكثر من البنت.
اذا كان من المتعين مساعدة الاولاد في تهدئة نفوسهم لكي يتعاملوا مع المواقف المختلفة التي تواجههم بحكمة اكثر وعنف اقل، فإن العصر الراهن الذي نعيش فيه يزيد من عنف الاولاد عن طريق الافلام والعاب الفيديو والكومبيوتر وما تتضمنه من أفكار غير مستعدين للتعامل معها بالطريقة السليمة.
يرى الدكتور إلي نيوبرجر ان وظيفة الاب الرئيسية هي تربية الاولاد خاصة في مرحلة المراهقة، في حين ان وظيفة الام تتركز في تربية الاولاد في السنوات الاولى، وان الاب له الدور الاساسي في تشكيل شخصية رجل المستقبل، ويؤكد ان تربية الاطفال بوجه عام تجربة روحية يحاول من خلالها الآباء والأمهات ربط الاولاد والبنات بالعالم من حولهم من دون أي إيذاء يقع عليهم او على الآخرين.
ــــــــــــــــــ
ستة عشرطريقة تجلب بها البركة لمنزلك
نلخص لك عزيزي الزوج هذه الأمور في ستة عشر سبباً جالبة للبركة :
1- القرآن : فالله تعالي وصفه بأنه مبارك فقال : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ) . وقال (ص)لا تجعلوا بيوتكم مقابر . إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) .
2- التقوي والإيمان : ولا شك أنها من الأمور الجالبة للبركة ، حيث يقول الله عز وجل : ( ولو أن أهل القري أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) ، والزوج يجد البركة بتقواه مع زوجته وأولاده ورزقه وحلاله .
3- التسمية : وتكون في بداية كل عمل ليمنع إشراك الشيطان في أعماله ، قال (ص)كل عمل لم يبدأ باسم الله فهو أبتر ، أي مقطوع وناقص البركة ، وقال أيضاً : إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالي عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالي عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله تعالي عند طعامه فقال : أدركتم المبيت والعشاء ، فالتسمية تبارك في أعمالنا وتجعلها خالصة من رجس الشيطان وشره .
4- الاجتماع علي الطعام : وقد بورك الأكل المجتمع علي الطعام وجعلت البركة علي الطعام الذي يجتمع عليه الناس ، قال صلي الله عليه
16طريقة تجلب بها البركة لمنزلك
* قال الله تعالي على لسان عيسي بن مريم عليه السلام : ( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً * وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) .
5- السحور : لقوله (ص)فإن في السحور بركة ،والبركة هنا الأجر والثواب ، وتحمل الصوم ، والتقوى علي طاعة الله .
6- ماء زمزم : وهذه العين المباركة التي خرجت في أرض جافة ليس فيها ماء ومن وسط الجبال وهي لم تنقطع ، وهي عين مباركة ، بل وقد قال عنها (ص)يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم ـ أو قال لو لم تغرفل من الماء ـ لكانت عيناً معيناً . أي أنها كانت لو لم تغرف منها أكثر غزارة بكثير .
7- زيت الزيتون : وشجر الزيتون شجر مبارك وصفه الله بالقرآن كذلك حيث قال تعالي في سورة النور : المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونه لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار . كما يعرف زيت الزيتون بأنه علاج نافع لكثير من الأمراض .
8- ليلة القدر : ولا يخفي علي أحد ما في هذه الليلة من البركة ، فيجمع فيها رب الأسرة أفراد أسرته ويحدثهم بفضلها وبركاتها ورحماتها ، ثم يصلون معاً ويذكرون الله تعالي في هذه الليلة المباركة ، قال تعالي : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) قيل هي ليلة القدر.
*
9- العيدين : والذي يبدؤه الناس بصلاة العيد يشكرون الله فيها علي ما أعطاهم من نعمه الكثيرة فيبارك لهم في هذه النعم ويزيدها وينميها لهم، ولذلك تقول أم عطيه رضي الله عنها : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتي نخرج البكر من خدرها ، حتي تخرج الحيض ، فكيف خلف الناس فيكبرون بتكبيرهم ، ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته .
10- الأكل الحلال : وهو الأكل الطيب الذي يبارك الله فيه ،قال (ص)أيها
الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، فالمال الحرام لا يبارك الله به ولا يعود علي أصحابه إلا بالفقر والنقص .
11- كثرة الشكر : وهي واضحة من قوله تعالي : ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) , والزيادة هنا زيادة في كل شيء سواء بالمال أو الصحة أو العمر إلي آخر نعم الله التي لا تعد ولا تحصي.
12- الصدقة : والتي يضاعفها الله تعالي إلي عشر أضعاف إلي سبعمائة ضعف فلا شك أنها تبارك مال الإنسان وتزيده ، قال تعالي : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) ، وقال (ص)( الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف ، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها ) .
13- البر وصلة الرحم : كما أخبر النبي (ص)صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار .
14- التبكير : وذلك يكون في استيقاظ الإنسان باكراً وابتداء أعماله في الصباح الباكر ، وقد قال النبي (ص)بورك لأمتي في بكورها , ويتحدث كثير من الأشخاص عن سبب نجاحهم أنه التبكير في أداء الأعمال .
15- الزواج : وهو أحد الأسباب الجالبة للبركة ، وقد كان بعض السلف الصالح يطلبون الزواج لكي يتحقق لهم الغني ويأتيهم الرزق ، لأنهم فهموا ذلك من قوله تعالي : ( وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) ، وكذلك قوله تعالي : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ) .
16- التخطيط : أنه تعالي قد وعد نبيه بالنصر مسبقاً وبشره به ، فكيف يمكن بعد ذلك لأي كان أن يعطل التخطيط والإعداد بمظنة منه أن البركة هي التي تسهل الأمور في حياته .
وهل نري اليوم العائلات تخطط لمستقبلها ومستقبل أبنائها ، أم أنها تدع الأمور علي البركة !! لا شك أننا بحاجة لإعادة النظر في هذا المفهوم وبحاجة أن نخطط ونستعد للمستقبل وبعد ذلك نتوكل على الله ونطلب منه البركة
ــــــــــــــــــ
أيهما المؤلم: الإعاقة أم جحود الزوجة؟
لا أدرى.. كيف أبدأ قضية هذا المعوق؟ هل هى قصة الإعاقة أم قصة جحود الزوج أو الزوجة؟
الحزن تيار جارف يملأ النفس، حتى إن هذا - الحزن - انعكس على نفسيتى أيضًا، وبالرغم من هذا الأسى، فهو لا يأس عنده، يطلب العلاج، والأمل فى الحياة.
كان الحديث معه عن أسباب الإعاقة، وكيف حصلت، وكم له فى هذه المؤسسة الطبية الإنسانية؟ قال: هذا المكان أرحم من قسوة المجتمع، قلت له: ماذا تقصد بالمجتمع؟
أجاب: الإنسان يا أخى معرّض فى أية لحظة من اللحظات لصدمات الحياة، وحكايتى مع الإعاقة كان سببها حادث سيارة بعد زواجى بأربعة أشهر، أصبت بشلل نصفى أقعدنى، كنت أتوقع أن تعطف عليَّ زوجتى، لكن طالت مدة علاجى هنا، وطال انتظارها، حتى انقطعت عن زيارتى، وطلبت الطلاق، وعرفت كيف أن جيل هذا العصر من الزوجات لايهمهن إلا المظاهر فقط.
بالله عليك.. هل تعد هذه - فى نظرك - مشاركة امرأة زوجها فى الضرّاء والسرّاء؟
انتقلت إلى شاب آخر فى ريعان شبابه، تحدثت إليه، وكانت مشكلته ذات مشكلة الأول، ومرضه ذات المرض.
يقول: زوجتى طلبت الطلاق منى، بإلحاح من أهلها، بقيت تحت العلاج أربع سنوات، كانت الممرضة التى تشرف على العناية بى قد علمت بقصتى مع زوجتى فأشفقت على - وهى غير مسلمة - فأعلنت إسلامها، وقبلت بالزواج منى، تم ذلك، وأنا - الآن - سعيد؛ لأنها أشعرتنى بالسعادة ووقوفها بجانبى أعطانى الأمل فى الحياة.
أعود للقول: علينا أن نؤمن، أن الإعاقة قدر من الله - سبحانه وتعالى - وأنها من صنع الخالق - عز وجل - وألا تنظر المرأة إلى أن الزواج المعوّق عيب، كذلك عليها أن تراعى شعور زوجها، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل عليه تقبل الوضع الجديد الذى هو من قدر الله تعالى، فلربما تعرّضت المرأة - أيضًا - لهذا الموقف المؤلم نفسه.
هناك مواقف اجتماعية تتعرّض لها المرأة، حال تخلّى بعض الأزواج عن زوجاتهم بعد عشرة طويلة، لمجرّد كبر السن أو الإصابة بمرض عضوى أو إعاقة تقعدها فى البيت.
من هنا لابد أن يتحلّى كل من الرجل والمرأة - على حد سواء - عند حوادث الدهر والحياة بالصبر، فالحياة لست مجرد عطاء فقط، وإنما هى مشاركة مطلوبة بين الطرفين فى حلو الحياة ومرّها.
على كل حال: ليس كل النساء، ولا كل الرجال، لهم نفس ذات الموقف الذى حدث فى الحالتين السابقتين، أو من بعض الرجال تجاه زوجاتهم، فهناك من حدثت لأزواجهن نفس الظروف أو أشد منها قسوة فى الزمن الماضى، وتحولت حياتهن كلها لكفاح ومساندة للزوج دون كلل أو ملل، وهذا ما يحثنا عليه ديننا الإسلامى الحنيف، كفانا الله وإياكم شر كل مكروه، وعلى زوجات الرجال الذين قد تحدث لهم إعاقة - لا قدر الله - أن يكنّ أكثر إنسانية وأقل قسوة.
* الزهور
ــــــــــــــــــ
لماذا ينحرف أبناؤنا في سن المراهقة
* محمد رفعت
نحن نتطلع إلى الشباب باعتباره أملنا في المستقبل، وعدتنا من أجل التغير والتطوير، ومن هنا يحدث الانزعاج إذا ما لوحظ أية بوادر للانحراف بين أبنائنا في سن المراهقة. وهنا يبرز السؤال كيف نقضي على هذا الانحراف في الوقت المناسب، لنضمن لهم الحاضر البهيج والمستقبل الأكثر بهجة؟
هذه محاولة علمية لتقديم الإجابة المطلوبة عن هذا السؤال من أجل أبنائنا في سن المراهقة.
في الدراسات التي تجري حالياً في أوروبا عن الانحراف والحرية بين الشبان والشابات من المراهقين، وضع للمسؤولين عن هذه الدراسات أن هناك علاقة معنوية أكيدة بين التركيب البنائي للجسم والانحراف.
فلقد وجدت إحدى المؤسسات في إنجلترا أن 70 في المائة من المراهقين المنحرفين في مدينة لندن يعانون من نقص جسدي أو عيب تكويني كما وجدت حين قارنت 282 شاباً من المنحرفين في أحد المصحات بمثلم من غير المنحرفين في إحدى المدارس الثانوية وجدت أن نسبة التشوهات الجسدية والقوامية بين المنحرفين تكاد تربو على الضعف عند غير المنحرفين.
ـ أندية وبرامج:
ولقد أكد هؤلاء الباحثين جميعاً أن هناك ما يسمى بمركب النقص العضوي الذي يشعر فيه المراهق بعدم المقدرة والضعف ومن ثم فإنه ينحرف محاولاً تعويض مركب النقص هذا.
ولقد كان أجدادنا يستشعرون مثل هذا الانحراف من هؤلاء المعوقين ولقد كانوا يصرخون كلما رأوا انحراف أحدهم ((حقاً كل ذي عاهة جبار)) وكانوا يربطون بذلك بين الانحراف الخلقي والتشوهات القوامية. فإذا كان هذا الذي يذهب إليه الباحثون في أيامنا هذه صحيحاً، وإذا كان أجدادنا قد اكتشفوه من قبل منذ مئات السنين فقد وضح طريق العلاج إذن.
وأصبح العلاج يرتكز فيما يمكن أن نمنحه لهؤلاء المعوقين أو المنحرفين جسدياً في سبيل القضاء على الانحرافات الخلقية. ولقد لاحظ الباحثون أن هؤلاء المنحرفين أخلاقياً من المراهقين يمكن أن يتفقوا في بعض الألعاب كالملاكمة والمصارعة والجودو.
ومن هنا فإن تدعيم الأندية الشبابية بمثل هذه الأنشطة، ورسم البرامج لمثل هؤلاء الشباب يصبح أمراً حيوياً بالغ الأهمية في سبيل القضاء على الانحرافات عند شبابنا من المراهقين.
إنه لمن الواضح أن مثل هذه الأندية وتلك البرامج لن تقضي وحدها على الانحراف عند المراهقين، ولكنه من الواضح أيضاً أن مثل هذه البرامج لابد وأن يشترك فيها علماء علم النفس الرياضي، ويمكنها أن تحيل المراهق الصغير الذي قد يبدي بعض الميل إلى الانحراف إلى رياضي من الطراز الأول يستهلك كل ميوله العدوانية في رياضته المفضلة ولا يحب الانحراف ويصبح سلوكه الذي كان يبدو وكأنما هو موجه ضد المجتمع كموجه للنهوض بهذا المجتمع الذي كان يكرهه سابقاً.
ويصبح المراهق الذي كان يميل إلى الاعتداء على الغير ملاكماً ممتازاً وتصبح المراهقة التي كانت تميل إلى الهجوم على الغير لاعبة من الطراز الأول في صف الهجوم في فريق كرة ليد أو الكرة الطائرة مثلاً.
ليس ذلك فقط وإنما لوحظ أن المنحرفين في مدينة شيكاغو الذين لم تتح لهم فرصة الاستفادة من مثل هذه البرامج الرياضية يعودون إلى الجريمة في 70 في المائة من الحالات وبصفة متكررة. بينما لا توجه تهمة العودة إلا إلى 30 في المائة فقط من هؤلاء الذين أتيحت لهم مثل هذه البرامج الرياضية.
ـ قيادات متميزة:
ولقد لوحظ أيضاً أن موجات الانحراف في المجتمع تقل عقب إنشاء النوادي الرياضية فيه وعقب دراسة للانحرافات في إحدى مدارس ولاية سنسناتي في الولايات المتحدة خرج الباحث بالتعميمات الآتية:
أولاً: إن التحسن المستمر في اللياقة البدنية وفي المهارات الرياضية في مجتمع ما، يصاحبه في نفس الوقت تقليل في حالات الانحراف بين المراهقين في هذا المجتمع وبخاصة بين هؤلاء الذين كان لديهم ميل مسبق للانحراف، فانتشار الوعي الرياضي إذن معناه الإقلال من الانحرافات.
ثانياً: مع الاعتراف بأن الرياضة وحدها لا تقضي قضاءً مبرماً على الانحراف بين الشباب لوجود عناصر أخرى تؤدي إلى هذه الانحرافات إلا أننا يجب أن نعترف أنها وحدها تقلل من هذا الانحراف.(54/224)
ثالثاً: إن وضع برامج نفسية يعد بمثابة ما يسمى (بالعلاج الجموعي) الذي يأخذ في الاعتبار العناصر العائلية التي تؤدي إلى مثل هذا الانحراف وكذلك الدوافع والمناهج العلمية المرتبطة بمثل هذه الانحرافات. إن وضع مثل هذه البرامج العلاجية الرياضية سوف يكون له أطيب الأثر في معالجة الانحرافات بين المراهقين وأصبح هدف المهتمين بالشباب في كل بقاع الدنيا هو برنامج رياضي نفسي للمراهقين.
ولقد أصر معظم الباحثين على ضرورة أن يكون هذا لبرنامج مجانياً للشباب كلما أمكن ذلك، وأن يشتمل على أنشطة على مدار العام. وأن يكون برنامجاً مختلطاً للشباب والفتيات وأن تقوده قيادات متميزة أخلاقياً حصلت على الدراسات والتمرينات الكافية من أجل قيادات واعية سليمة ودرست علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية الرياضية وكل ما هو متصل بالشباب وانحرافاته وأن تنشأ مشروعات يراعى فيها ما أمكن أن تجتذب إلى صفوفها أكبر عدد ممكن من المنحرفين والمراهقين ينعمون بصداقة المهيمنين على مثل هذه المشروعات وبرغبتهم في دراسة مشاكلهم وحلها وألا يدخل المراهق أي شك من وجهة هؤلاء المشرفين على المشروع.
وقد وضح من دراسات مشابهة بالغرب أن التربية الرياضية لها أثر فعال على الصحة النفسية وتكيف الشباب مع المجتمع الذي يعيشون فيه. وأنه بانتقاء بعض المدربين الأكفاء ذوي الأخلاق العالية ورسم برامج رياضية ونفسية متخصصة قد يكون لها أثر كبير في علاج المنحرفين والمراهقين حتى نصل إلى التسليم بأن اللاعب حين يصل إلى درجة عالية من المهارة تصبح تصرفات المدرب بالنسبة له قانوناً وأخلاقيات أيضاً ويستطيع المدرب عند هذه المرحلة أن يطبع المراهق بأخلاقياته وهنا نقطة العلاج.
وعند دراسة العلاقة بين المدرب المتفاهم الصديق الكفؤ واللاعب المراهق المنحرف وجد أن باستطاعة المدرب أن يعالجه بكل سهولة من انحرافاته هذه وأن يتسامى بها إلى اهتمامات نافعة، وأن مثل هذا المدرب ينجح في مثل هذا العلاج بأسرع من المدرب غير المهتم الانعزالي المتكبر.
على المدرب إذن أن يصادق هذا المراهق الذي يبدي مثلاً للانحراف وعليه أن يرسم له البرامج التي تهدف بالمقام الأول إلى رفع قدراته الصحية ولياقته البدنية، وعليه كذلك أن يجعل برنامجه صالحاً لجميع المنحرفين بالفعل والمعرضين للانحراف والمراهقين العاديين حتى لا يشعر أي منهم أنه من فئة منحرفة معزولة عن المجتمع وأن لا يشعر البعض الآخر أن البرنامج وضع لفئة من الأبطال الرياضيين ليس إلا. وعلى المدربين أن يتعاونوا مع مدرس العلوم ومع الأطباء النفسيين في مجموعة واحدة متفاهمة تضم الآباء أيضاً وبعض الأمهات لخلق مجموعة صالحة من هؤلاء المراهقين لائقة بدنياً وقوية جسمياً متفوقة عقلانياً واعية بمشاكلها وبالحلول المقترحة السليمة من الوجهة النفسية.
ــــــــــــــــــ
العلاقة بالأُخوة
إن رابطة الأخوة بين الأبناء تقوم على أساس العلاقة النسبية والعقيدية، وعلاقة العيش في ظلال الأبوين في بيت واحد .. وبذا فهي رابطة قوية متينة، وتعميقها وترسيخها دليل على تفهم الأخوان لمعنى الأخوة، ودليل على رقيّ وضعهم الأخلاقي.
والأخوة في الأسرة يعيشون متفاوتين في السنّ والجنس (ذكوراً وإناثاً)، وفي المستوى الثقافي والفكري .. وفي الحالات النفسية والصحية والميول والمؤهلات الذاتية ..
والعيش في الأسرة يتطلب منهم جميعاً أن يكونوا منسجمين .. إن الانسجام يتحقق في الحب والإيثار، والتحية، والهدية، والاحترام المتبادل، والتعاون، وتناول الطعام في مأدبة مشتركة، والتفاهم من خلال الأحاديث الودية .. والعفو والتسامح في حال حدوث المشاكل بينهم، والعمل على حلها عن طريق التفاهم ..
إن مقدمة الأعمال التي تحقق الحب والانسجام في العلاقة اليومية هي التحية .. فالتحية هي مفتاح القلوب، ذلك لأنها تعبر عن الحب والاحترام والعلاقة الودية .. وهي تزيل ما في النفوس من غموض، أو أذى وعدم الرضى ..
إن إشاعة التحية بين أفراد الأسرة تشيع المودة والاحترام، ولأهمية التحية في العلاقات البشرية، نجد الرسول الهادي محمد (ص) يحثنا على إفشاء السلام، وأداء التحية، لأنها الطريق إلى القلوب .. والكلمة التي تزرع الحب في النفس.
قال الرسول الكريم (ص): ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ولا تحابوا حتى تؤمنوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)).
ويعلمنا الرسول (ص) أدب التحية بقوله: ((خيركم مَن يبدأ صاحبه بالسلام)).
ومأدبة الطعام الواحدة التي يجتمع من حولها الوالدان والأخوة .. إنما هي مائدة ومشاركة فعلية في الحياة .. إنهم يتناولون الطعام، ويتبادلون الأحاديث الودية من حول المائدة .. بل ويشاركون في إعدادها برحابة صدر وسرور ..
إنها ليست مشاركة في تناول الطعام فحسب، بل ومشاركة في العواطف والمشاعر ..
إن التعاون بين الأخوة في الأسرة، عنصر أساس من العناصر التي توفر السعادة، وجو الانسجام في الأسرة، وتجلب بركة الرحمن للجميع ..
إن بعض الأخوة قد يكون متفوقاً في دراسته، أو متقدماً على أخته أو أخيه في هذا المجال .. فمن حق الأخ على أخيه أن يساعده على تعلم بعض الدروس، أو يعلمه خبرة أو فناً .. كالخط أو الرسم أو الخياطة، أو استخدام الكومبيوتر ... إلخ، أو يرشده إلى تجاوز المشاكل والتغلب على الصعوبات ..
إن ذلك يُساعد الأخ على شق طريقه في الحياة .. ويجعله مستعداً لأن يقدم لك العون والمساعدة في حالة أخرى.
وقد يكون أحد الأخوة قد توفرت له فرص العمل، والحصول على دخل مناسب، ولم يزل أخوه، أو أخته بحاجة إلى مساعدته المالية .. فمن حق الأخوة، ومن الإحسان الذي يحبه الله سبحانه، أن يساعد إخوانه وأخواته، فيخفف عنهم، وعن أبويه تكاليف الحياة، ويشعر أخوانه بالإحسان والمحبة، ويجعلهم يفكرون بردّ الجميل والإحسان إليه ..
إن الحياة في داخل الأسرة، هي حياة محبة وتعاون وإيثار، ويتحقق ذلك بالكلمة والمشاعر الطيبة، وبالمال، وبالتعاون في المجالات الأخرى ..
ومن وسائل تجنب المشاكل، هي الابتعاد عن إثارة الآخر، أو إزعاجه، لا سيما إذا كان في وضع نفسي أو عصبي متوتر بسبب مشكلة يعانيها.
إن بعض أبناء الأسرة قد يكون عصبياً، أو حساساً، ووضعه في الأسرة يثير مشاكل مع بعض إخوانه أو أخواته، أو قد يتكون عنده شعور غير صحي تجاههم، وقد يطلق كلمات جارحة، أو يقوم بعمل مثير للغضب .. وقد يرخ الأخ على أخيه بالمثل، فعندئذ تتوتر العلاقة في الأسرة، وتتعقد الأجواء، وتتطور المشكلة ..
وعندما تحدث مثل هذه الحالات ينبغي تقدير ظروف الأخ، أو الأخت النفسية، أو العصبية، وأن يُقابَل الغضب والانفعال بهدوء، ودونما مواجهة، ثم نعود بعد فترة ساعات، أو في اليوم التالي، فنبحث معه المشكلة المباشرة، أو من خلال أحد الأبوين أو الأخوة، أو الأصدقاء .. ونعمل على حلها ..
إن العفو والتسامح والسيطرة على النفس عند الغضب، موقف أخلاقي يكشف عن قوة الشخصية، وسلامة النفس من الحقد والروح العدوانية .. لقد امتدح القرآن الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، واعتبر ذلك إحساناً منهم وعطفاً على الآخرين .. قال تعالى: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران/ 134.
والهدايا بين أفراد الأسرة تجلب المحبة وتوطد العلاقة، فالهدية تعبر عن شعورك تجاه الآخر، كما تعبر عن الاهتمام والتكريم، والرغبة في الود. لذا نجد الرسول (ص) يقول: ((تهادوا تحابوا)).
فهديتك كتاباً مناسباً، أو محفظة صور، أو ساعة ... إلخ، لأختك، أو أخيك تترك أثرها النفسي فيه ..
والإنسان خُلق ناطقاً، وبالنطق يعبر عن أحاسيسه ومشاعره .. وللحديث العائلي أثره النفسي الكبير .. فأفراد العائلة عندما يجتمعون، ويتبادلون الأحاديث الودية، أو المفاهيم الثقافية، أو أخبار المجتمع والسياسة، أو يتداولون في شؤون الأسرة، أو أخبار العلم والاكتشافات، أو الشؤون الشخصية والعائلية التي تتعلق بأقربائهم وذويهم ..
إن هذه الأحاديث تزيد في ثقافة الفرد .. وتعوده على حياة الانفتاح، والاهتمام بشؤون المجتمع والثقافة، وتبعده عن الكآبة والانطواء، وتكون جواً من التفاهم، وإزالة حواجز الانغلاق والتوتر النفسي، وتوفر حالة من الانسجام والمودة .. كما تساهم تلك الأحاديث في توحيد ثقافة العائلة، والتقارب الفكري بين أفرادها ..
حاول أن تبدأ الحديث، وتتحدث أتن مع أفراد العائلة الجالسين بشكل جماعي، أو إطرح سؤالاً عن مسألة من المسائل على أحد الجالسين: أمك وأبيك .. لتوفر فرصة للحديث والحوار العائلي ..
وللحديث أصوله وآدابه، فلا يصح أن تقاطع المتحدث حتى يتم حديثه، ولا تحتكر الحديث وحدك، وتأكد من نقل الأخبار والمعلومات التي سمعتها، قبل أن تتحدث بها. فإن ذلك يعبر عن احترامك لكلمتك وشخصيتك.
* البلاغ
ــــــــــــــــــ
أسباب بسيطة قد تدمر العلاقات الزوجية
بحث علماء الاجتماع في الكثير من العوامل التي تؤدي إلى الزواج السعيد، لكن هذه المرة توصل الباحثون إلى أهم الأمور التي تساهم في فصم عرى الزوجية وتقويض الحياة الزوجية.
* الاسترسال الزائد في الحياة الشخصية دون الالتفات إلى الشريك.
* أن يكون أحد الزوجين بحاجة إلى اهتمام زائد من قبل الشريك.
* أن لا يكن أحد الزوجين أي احترام لعائلة الشخص الآخر وخاصة الأبوين.
* أن يقوم أحد الزوجين بإهمال الأطفال من اجل أمور أخرى مثل الذهاب إلى الحفلات أو ممارسة أي نشاطات اجتماعية أخرى.
* أن يكون أحد الزوجين يعاني من الغيرة الزائدة، بحيث يضيق على الشريك لدرجة تؤدي إلى استحالة الحياة بين الزوجين.
* من الأسباب التي تدفع الزوجين إلى الوصول إلى طريق مسدود هو أن يقوم أحدهما بمناقشة الحياة الشخصية للزوجين مع الأصدقاء، أي عدم الشعور بالخصوصية.
* أن يكون أحد الزوجين يتمتع بشخصية تملكية، بحيث يقوم أحد الطرفين بالتضييق على الشخص الآخر.
من اكثر الأسباب شيوعا للانفصال هو الخيانة الزوجية، وخيانة الأمانة. عدم إظهار الاحترام له أمام الأصدقاء، كأن يقوم أحد الطرفين برفع صوته على الآخر أمام الأصدقاء أو في مكان عام. وبمقابل ذلك، ومن جانب آخر كما اشار موقع (البوابة) يقول خبراء العلاقات الإنسانية أن الأزواج إذا خصصوا بعض الوقت للذهاب إلى أخصائي نفسي قبل أن تتأزم مشاكلهم فان ذلك سيوفر عليهم الوصول إلى الطلاق.
حيث ينصح الأزواج الجدد بمراجعة أخصائي نفسي لكي يساعدهم في وضع قواعد عامة لفهم بعضهم البعض بصورة افضل.
لا تكتفي بالكلام بل حولي كلامك إلى أفعال:
أي لا تكتفي بأن تطلقي الشعارات حول مدى رغبتك بإنجاح الزواج بل حولي كل ما تؤمنين به وما تتمنين حدوثه إلى واقع ملموس على الأرض بهذه الطريقة فقط يمكن أن ينجح الزواج وليس عن طريق الكلام.
قومي بأعمال يمكن أن تقود العلاقة إلى النجاح. لكي تزيدي من فرص النجاح فان عليك أن تبحثي عن أسباب النجاح في علاقتك وان تعملي على زيادتها والإكثار منها، لاحظي كيف تغلبت على إحدى المشاكل، وراجعي طريقة كلامك وفي أي وقت قمت بطرح المشكلة كل تلك الملحوظات يمكن أن تشكل رؤية بالنسبة لحياتك الزوجية. قومي بتجنب الأفعال التي عادة ما تؤدي إلى مشاكل:
هل تعتقدين أن زوجك عنيد؟
حسنا إذا كان الجواب نعم فان جزءا كبيرا من المشكلة يقع على عاتقك لأنك لا تعرفين كيف تتصرفين معه، فعندما تكونين على وشك التفوه بشيء أثناء المشكلة توقفي وفكري، هل ما ستقولينه الان سيحقق الهدف الذي يتم السعي له أم أنه سيزيد المشكلة تعقيدا، إذا كان الجواب أنة سيعقد الموضوع إذن عليك التوقف والتفكير في حل آخر.
تذكري دائما لماذا وافقت على الزواج به من البداية: إذا كنت تعانين من أوقات عصيبة مع زوجك فان ذلك سيمنعك من تذكر الذكريات السعيدة معه، لذلك كلما شعرت انك ستصلين إلى طريق مسدود فان عليك أن تحاولي استرجاع الماضي وان تتذكري السبب الذي دفعك للارتباط بهذا الإنسان طيلة الحياة.
قرري أن تحبيه
حتى أقوى الزيجات ثباتا تتعرض لبعض الهزات مع الوقت لذلك قرري انك مهما كانت الظروف قاسية فانك ستعملين جهدك أن تحاولي التمسك بالعلاقة وان تعملي على إنجاحها مهما كانت الظروف، أما إذا قررت أن العلاقة محكومة بالفشل فانك ستتوقفين عن محاولة إنقاذ الزواج وسينتهي الأمر بالفشل.
------------------------------------
* الايام البحرينية / 5 مايو 2004
ــــــــــــــــــ
كيف أتعامل مع والدي؟
كل ما في هذا الوجود .. الذرة والكواكب والنبات وظواهر الطبيعة تسير وفق قانون ونظام .. ومثلها الحياة البشرية، فهي لا يمكن أن تسير بشكل طبيعي وسليم، ما لم يكن هناك قانون ونظام .. فكل شيء في مجتمعنا بحاجة إلى نظام .. المؤسسات والشركات ودوائر الدولة والمنظمات ... إلخ ...
والأسرة مؤسسة مهمة من مؤسسات المجتمع، فهي تحتاج إلى قانون ينظم الحياة فيها، والعلاقات بين أفرادها .. وهذا ما فعلته الشريعة الإسلامية، فحددت الحقوق والواجبات .. وكما نعرف فإن من نظام الدوائر أن تكون لها إدارة، ومدير يديرها، ويطبق القانون فيها ..
وطبيعة الحياة في الأسرة، تجعل من الأب مديراً للأسرة، ومسؤولاً عنها. وشاء الله سبحانه ذلك، فجعل للأب الولاية على أبنائه الصغار غير الباقين، وكلّفه بالنفقة عليهم وبتربيتهم .. كما كلفه بالنفقة على زوجته وتحمل مسؤوليات الأسرة ..
لذا فمسؤولية الأب تكبر مسؤوليات الآخرين في الأسرة .. ولذا أيضاً أمر الله سبحانه الأبناء باحترام الوالدين، وبطاعتهما ما زالا يوجهان الأبناء لحفظ مصالحهم ..
فالأب يشعر باهتمام كبير، وحرص شديد على أبنائه، ويسعى بكل جهده لتحقيق مصالحهم، فهو يريد أن يراهم متفوقين في وضعهم الدراسي .. ويريد أن يسمع عنهم السمعة الطيبة بين الناس .. ويريد أن يراهم مجدين في العمل .. ويريد أن يراهم بعيدين عن المشاكل التي تجلب له الأذى والسمعة السيئة، وتحمله التبعات والخسائر، ونقد الناس وعداوتهم.
فالأب يشعر بكل إحساسه ووجدانه أن أبناءه يمثلون وجوده وشخصيته، وهم مشروع حياته .. وقد بذل من الجهد والمال والتعب والعناء ما لا يستطيع الأبناء تعويضه .. وما لا يستطيع هو استرجاعه .. لذلك يشعر بالألم والإحباط عندما يرى أبناءه قد فشلوا في حياتهم، أو تحولوا إلى أشخاص سيئين في المجتمع، يجلبون له ولأمهم ولأسرتهم الأذى والسمعة السيئة ..
بينما يشعر بالسرور والارتياح والإحساس بالنجاح في حياته، عندما يرى أبناءه، ذكوراً وإناثاً، قد حققوا تفوقاً في حياتهم، وهم في وضع اجتماعي محترم .. يوفرون له السمعة الطيبة، والراحة والوقت، بسبب سلوكهم الجيد .. في دراستهم .. في علاقاتهم مع أصدقائهم .. في علاقاتهم الودية فيما بينهم، كأخوة متحابين متعاونين ..
لذا نجده يتأذى، ويشعر بالألم، ويحاسب أبناءه عندما يراهم قد ارتكبوا سلوكاً سيئاً، أو يحدثون مشاكل وحالات إزعاج في داخل البيت، أو فاشلين في دراستهم، أو يصاحبون أصدقاء السوء .. ويتعودون العادات السيئة، كالتبذير والتدخين واللهو، أو يطلقون الكلمات البذيئة والجارحة للآخرين ..
إن السلوك السيئ يكشف عن سقوط الشخصية، ويصور للآخرين أن هذا الانسان السيئ قد نشأ في أسرة سيئة، فتنعكس آثارها المخجلة على الأبوين.
تلك هي مشاعر الأب وأحاسيسه تجاه أبنائه، قد لا يفهمها الأبناء .. فتحدث المشاكل، وتسوء العلاقة أحياناً بين الأبناء وآبائهم، لذا فإن فهم الأبناء لمشاعر الآباء والأمهات تجاههم، يحل كثيراً من المشاكل، ويكون روح التفاهم ويعمق المحبة .. ويجعل الأبناء يتفهمون غضب الآباء والأمهات من هذه الأعمال السيئة، ويحرصون على احترام مشاعر والديهم.
إن بناء الأسرة السعيدة، هو بناء أخلاقي ومادي معاً، وأن السعادة تتحقق في القضايا الأخلاقية قبل المادية ..
إن هناك أسساً للعلاقة السليمة بين الأبناء والآباء والأمهات التي تضمن السعادة ومرضاة الله للجميع ..
إن حاجة أفراد الأسرة .. الأبناء والأخوة والآباء إلى الحب والاحترام المتبادل، كحاجة النبات إلى ضوء الشمس .. وبالحب والاحترام جاءت الرسالة الإسلامية وبنت الحياة على أساسها ..
فشخصية الانسان تترعرع وتنمو وتتكامل في ظل الحب والاحترام ..
وتحت كابوس الكراهية والإهانة تقتل الشخصية، وتذهب قيمة الفرد، وتموت مشاعره النبيلة.
لذا نجد الرسول الأكرم (ص) يوضح أن حقيقة الإسلام هي الحب، جاء ذلك في قوله (ص): (( ... وهل الدين إلا الحب)).
وانطلاقاً من هذا الأساس، حثّ الآباء على حب الأبناء، والعناية بهم .. وحثّ الأبناء على حب الآباء، والبر بهم، والإحسان إليهم ..
والقرآن يؤكد على كرامة الإنسان، وحقه في احترام شخصيته بقوله:
(ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الإسراء/ 70.
ويدعو الأبناء إلى حب الآباء واحترامهم بقوله:
(ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) الإسراء/ 23.
(وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) الإسراء/ 24.
(وصاحبهما في الدنيا معروفاً) لقمان/ 15.
وجاء في حديث آخر الحث على حب الأبناء لآبائهم، واعتبار هذا الحب عبادة. قال (ص): ((نظر الولد إلى والديه حباً لهما عبادة)).
وجاء في بيان الرسول الكريم محمد (ص) قوله: ((إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده)).
إن الأبناء يستطيعون أن يتعاملوا بشكل سليم مع آبائهم إذا فهموا فضل الأبوين في التنشئة والتربية، ومنح الحب والإخلاص ..
إن القرآن الكريم يشرح هذه الحقيقة للإنسان عندما يؤسس العلاقة على أساس الاعتراف بالفضل .. يوضح ذلك بقوله تعالى:
( ... أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير) لقمان/ 14.
وشكر المحسن، والاعتراف بفضله، ورد الجميل إليه .. صفة أخلاقية رفيعة .. يثبتها القرآن بقوله:
(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) الرحمن/ 60.
وعندما تتحرك مشاعر الإبن ووجدانه على أساس من هذه القاعدة الأخلاقية ـ مقابلة الإحسان بالإحسان ـ يشعر الأبناء بأنهم مدينون للآباء، حتى فيما يتضايقون منه من نصائح وإرشادات ومحاسبة، أو انفعال وغضب لأجل الأبناء .. فإن مبعث ذلك في نفس الأبوين هو الحب والحرص .. وليس المقصود منه عدم احترام شخصية الابن، أو مصادرة حريته أو المن عليه .. فإن الأب يؤدي واجبه مسروراً تجاه أبنائه ..
وإذاً فعلى الأبناء أن يؤدوا الواجب مسرورين تجاه آبائهم ز.
وكما تقوم العلاقة بين الأبناء والآباء على أسس الحب والاحترام، تقوم أيضاً على أسس مادية .. فالأبناء يعتمدون على آبائهم في حياتهم المادية حتى إكمال دراساتهم، أو دخولهم ميدان العلم، بعد القدرة على ممارسة الأعمال .. وخلال الفترة هذه يشعر الأبناء بالارتباط النفسي والمادي بالآباء ..
وكثيراً ما يحدث توتر في العلاقات بسبب المشاكل المادية .. بسبب الشح والمنّ الذي يصدر عن بعض الآباء، أو بسبب التبذير، وعدم تقدير ظروف الآباء المادية من قبل الأبناء، أو بسبب الاتكالية واستمرار الاعتماد على الآباء مادياً، حتى مع القدرة على العمل ..
ومسؤولية حل مثل هذه المشاكل تقع على الطرفين .. فالإبن مسؤول عن تقدير ظروف والديه المادية، والأبوان مسؤولان عن التعامل المادي والأدبي مع الأبناء بالإحسان والمعروف، والتوجيه البناء، والابتعاد عن عبارات الإساءة، وجرح المشاعر.
إن الإحساس باستقلال شخصية الابن عن أبويه ح طبيعي للأبناء .. فالإنسان تكتمل شخصيته، وتنضج في سن البلوغ، فيصبح مكلفاً شرعاً .. وبالتكليف تستقل شخصيته عن والديه، ولكن تبقى بحاجة إلى الإرشاد والتجربة والنصح والتوجيه، حتى تكتمل معلوماته وخبراته الذاتية. كما يبقى في كثير من الأحيان بحاجة إلى الرعاية المادية والاجتماعية التي يقدمها له أبواه حتى يستقل بتوفير حاجته المادية ..
إن حُسن التصرف المادي من الأبناء يدل على نضج الشخصية، وسلامة الشعور، واحترام جهود الأبوين ..
والأب ليس مسؤولاً من الناحية الشرعية عن النفقة المادية على الأبناء بعد سن البلوغ، ولكن يبقى الارتباط العاطفي والوجداني، وإحسان الأبوين وحبهما للأبناء، وحرصهما على سعادتهما ..
والعلاقة مع الأبوين علاقة وجدانية وأخلاقية وعبادية، ومسؤولية أمام الله والوجدان والمجتمع.
ولكل من الأبناء حقوق على آبائهم، كما على الآباء حقوق على أبنائهم. ويزداد حق الأبوين أهمية عندما يكبرا، أو يعجزا عن العمل، والقيام بشؤونهما الشخصية .. وفي هذه الحالة تزداد أهمية البر والإحسان بالأبوين ..
إن الصوت الهادئ، وكلمة الاحترام، والابتسامة الوديعة، عند الحديث مع الأبوين .. إن كل تلك المواقف تجعل منك شخصية تستحق الاحترام، ومرضاة الله سبحانه .. وليس من خُلق الانسان الذي يحترم نفسه، ويتصف بالخُلق الرفيع أن يرفع صوته بوجه والديه، أو يطلق عبارات الانفعال والغضب عليهما، أو يسيء أدب الحوار والتفاهم معهما .. (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما)، (وقل لهما قولاً كريماً) ..
ولنطمئن أن الأبناء مهما وهبوا آباءهم من مشاعر الحب والاحترام فإن قلب الأبوين أوسع حباً، وأكثر حناناً.
ــــــــــــــــــ
كيف تعامل طفلك الذكي المتخلف في دراسته؟
* سلسلة عالم المعرفة
إن كثيراً من مشكلات التعلم والتآخر الدراسي لا ترجع إلى التخلف العقلي وانخفاض مستوى الذكاء بقدر ما ترجع إلى أخطاء في التربية والعجز عن تكوين الدافع الملائم للنجاح والتفوق لدى الطفل. ولهذا فإن هناك اعتبارات أخرى يجب أخذها في الحسبان عند التعامل مع الطفل الذي يبدأ أداؤه المدرسي في التدهور. وسنذكر فيما يلي هذه الاعتبارات لننقل بعد ذلك للقارئ نموذجاً عملياً لإحدى حالات النجاح في العلاج السلوكي في مجال التفوق الأكاديمي.
اعتبارات عامة لمعالجة مشكلات الدراسة:
هناك اقتراحات عامة يجب مراعاتها في حالات تدهور الأداء المدرسي وبطء التعلم وهي:
1 ـ اجعل من التعلم والدراسة خبرة مرتبطة بالسرور والمتعة.
2 ـ اجعل من التعلم خبرة مرتبطة بالنجاح وليس بالفشل (أي ركز على النجاحات التي يحققها الطفل حتى ولو كانت صغيرة).
3 ـ قدم العلاج حسب خطوات صغيرة. أي ينبغي تشكيل السلوك المؤدي للتعلم في شكل مراحل صغيرة مع مكافأة كل تقدم جزئي نحو الهدف العام.
3 ـ امتدح بسخاء.
5 ـ شجع الطفل على ربط خبرة التعلم بنشاط عملي فالأشياء التي تقوم بعملها نتعلمها أسرع ونحتفظ بها في ذاكرتنا بشكل أقوى.(54/225)
6 ـ ارسم أمام الطفل النموذج الملائم للنجاح والعمل والنشاط. فمن العسير على الطفل أن ينمي إمكانات التعلم والتفوق أو يستجيب لنصائحك بينما أنت تقضي الغالبية العظمى من الوقت في الثرثرة ومشاهدة التلفزيون والحفلات الاجتماعية التافهة والزيارات طوال أيام الأسبوع.
7 ـ اختر مكاناً جيداً لطفلك .. بعيداً عن الضوضاء ومعدا خصيصاً للعمل.
وفيما يلي وصف لحالة الطفل موضوع هذه الدراسة Eimers & Aithison)).
وصف الحالة: كان الطفل موضوع هذه الحالة في الحادية عشرة من العمر عندما أحضره والداه وهما في حالة من الجزع والانزعاج. فالطفل يرسب في المدرسة. وما هو أسوأ من ذلك أنه لا يبدو أنه يهتم أو يكترث لذلك. وبالرغم من أن الطفل كان متفوقاً في دراسته في العامين الأولين لالتحاقه بالمدرسة، فإن أداءه بدأ في التدهور تدريجياً.
ودلت اختبارات الذكاء التي استخدمها المعالج مع الطفل على أن نسبة ذكائه فوق المتوسط. كذلك لم تتضح صعوبات في التعلم أو قصور عقلي واضح في الجوانب الأخرى من التفكير. وقد استبعدت هذه النتائج أن تكون مشكلة هذا الطفل بسبب التخلف أو صعوبات التعلم. وقد أيد مدرسوه هذه الملاحظات وأضافوا أنه كان من قبل تلميذاً جاداً وأن لديه إمكانات أكيدة على التفوق إلا أنه يهمل في أداء واجباته ولا يبذل أي جهد إضافي تطلبه منه مدرسته، وهو لا يبدي اكتراثاً بحل واجباته المنزلية مما ضعف من مشكلاته الدراسية وتدهوره.
لقد تبلورت المشكلة الحقيقية وراء التدهور الدراسي لهذا الطفل في دافعه الدراسي. ولهذا فقد نصحت معلمة الفصل والداي الطفل بأن يستعينا بعيادة نفسية لمساعدتهما ومساعدة الطفل على التغلب على هذه المشكلة قبل تفاقمها. وقد قام المعالج بوضع خطة من مرحلتين لزيادة دافعه الدراسي والتغلب على بعض مشكلاته السلوكية داخل الفصل الدراسي وعاونه في تنفيذها الوالدان والمدرسون (Eimers & Aithison 1977)
ـ خطة العلاج:
المرحلة الأولى: تقوية الدافع الدراسي
ركز المعالجون على مشكلة أداء الواجبات المنزلية كسلوك محوري، وقد بدا واضحاً أن الأبوين لم يبديا اهتماماً بهذا الجانب، وأهملا سؤال الطفل عن أعماله المنزلية وتركاها له دون متابعة. صحيح أنهما كان يطلبان منه بين الحين والآخر أن يؤدي واجبه، لكنه كان يجيبهما بأنه قد فعل ذلك، فكانا يقبلان ما يقوله بطيب خاطر ويسمحان له بالخروج للعب أو مشاهدة التليفزيون معهما. ولهذا فقد كان من أسباب جزع الأبوين أنه قد خدعهما بادعائه بأنه يحل واجباته، وعندما اكتشفا ذلك أظهرا له أشد الغضب، وأرغماه على البقاء في حجرته يومياً لساعتين لإنهاء واجباته المنزلية. وبالرغم من موافقته على البقاء لساعتين في حجرته، فإنه استغل هاتين الساعتين في قراءات خارجية ومجلات أطفال. واستمر لا يؤدي واجباته المنزلية كما دلت التقارير التي كانت تأتي من مدرسته. وعند هذا الحد شعر الأبوان بضرورة استشارة المعالج النفسي. وفيما يلي الخطة العلاجية التي وصفها المعالج وقام بتنفيذها مع الوالدين.
الخطوة الأولى: تحديد المشكلة وتعريفها:
بيّن المعالج ـ واتفق معه الوالدان في ذلك ـ أن المشكلة الرئيسية للطفل تتركز في فقدان دوافعه للعمل. فقد عزف الطفل عن العمل والدراسة لأنه ببساطة لم يتلق التدعيم الملائم والإثابة لهذين النشاطين، أو بعبارة أخرى، لم يتلق تدعيماً ملائماً لإنهاء العمل المدرسي والواجبات اليومية. ولم يكن تهديد معلمه الفصل بالرسوب أو تخفيض درجات كافياً لإذكاء دوافعه مرة أخرى. وقد رأى المعالج، أن الحل الرئيسي لمشكلة هذا الطفل يكمن في أن يجعل من الدراسة وأداء الواجبات المنزلية أمراً مشجعاً وجذاباً ومرتبطاً بالتدعيم الاجتماعي والإثابة.
الخطوة الثانية: مكان خاص للعمل:
من الأسباب التي تبين للمعالج أنها تعوق الطفل عن أداء واجباته المنزلية، السماح له بإكمال هذه الواجبات في حجرته. فقد كانت حجرته مملوءة بكثير من جوانب النشاط واللعب بما في ذلك مجلات الأطفال ولعبه الكهربائية وكل لعبة المفضلة. لهذا فقد أوصى المعالج الوالدين بأن يخصصا مكاناً ملائماً للدراسة، وقد اتفق الوالدان على أن تكون منضدة الطعام هي المكان الملائم لذلك. فقد خلت هذه البقعة من المنزل من المشيقات، فضلاً عن أنها تميزت بإضاءة جيدة وكانت على العموم مكاناً جيداً للدراسة إضافة إلى أنها تمكن الوالدين من مراقبة الطفل.
الخطوة الثالثة: إثارة الحوافز والتدعيم الإيجابي:
تبلورت الخطوة الثالثة في ابتكار نظام لإثارة حوافز الطفل. ثم بمقتضاه الاتفاق مع الوالدين على إثابة الطفل على كل نجاح أو تغير إيجابي في دراسته. وقد روعي في برنامج الحوافز ما يأتي:
1 ـ اختيار حوافز أو مدعمات مرغوب فيها من الطفل ستحق منه أن يبذل جهداً للحصول عليها.
2 ـ الزيادة التدريجية للوقت الذي يقضيه في أعماله المدرسية كل ليلة. وقد حذر المعالج الوالدين من تغليب رغبتهما في النجاح السريع على توخي الحرص في تطبيق مقتضيات العلاج التي تتطلب التدرج الحذر في زيادة الوقت الذي يمنحه الطفل للعمل، وفي مكافأة كل تقدم في هذا الاتجاه.
3 ـ امتداح الطفل بين الحين والآخر خلال انشغاله بدراسته وتشجيعه على مجهوداته ..
4 ـ المكافأة الفورية: تعتبر الدرجات التي تعطيها المعلمة للجهود الدراسية مكافأة غير مباشرة، ومن ث فإن تأثيرها التشجيعي ضعيف. ولهذا أصبح تقديم المكافأة الفورية ضرورياً. وقد نوعت المكافأة الفورية وعددت لتشتمل على بعض الأطعمة المحببة، أو قضاء نصف ساعة في مشاهدة التليفزيون أو الفيديو، أو استخدام التليفون، أو الخروج للتنزه واللعب .. الخ، وكانت تقدم كل مساء.
الخطوة الرابعة: المتابعة
اعتمدت الخطوة الرابعة على متابعة تقدمه وتقييمه. وهنا تبين من خلال الاتصال بمعلمة الفصل أن درجاته قد أخذت في التحسن، وأن واجباته المنزلية كانت تتم في وقتها وبشكل ملائم. لكن المعلمة لاحظت أن الطفل بالرغم من التحسن الأكاديمي، فإن سلوكه في داخل قاعة الفصل اتسم بالاندفاع نحو الشتم وإثارة بعض الفوضى مما كان يحول بينه وبين الانتباه الجيد. وقد شعرت المعلمة أن الطفل بإمكانه أن يتفوق أكثر وأن يحقق إمكاناته بصورة أفضل لو تخلى عن هذه المشكلات السلوكية.
ولهذا فقد اتفق الوالدان مع المعالج على وضع خطة أخرى للتغلب على هذه المشكلات السلوكية وفق الخطوات التالية:
المرحلة الثانية: التغلب على المشكلات السلوكية
الخطوة الأولى: تحديد المشكلة
دعا المعالج معلمة الفصل لحضور إحدى الجلسات مع الوالدين بغرض تحديد مشكلات الطفل، ولكي يكسب تعاونهم في التخطيط للعلاج وتنفيذ الخطة. وقد تبين أن مشكلات الطفل في المدرسة شملت ما يأتي:
أ ـ العزوف عن أداء أعماله الإضافية في المدرسة، أي الافتقار لدافع المنافسة الدراسية.
ب ـ التنكيت مع الزملاء، والتعليقات غير الملائمة، وكثرة الحركة، وعدم الانضباط. وقد تبين أن هذه المشكلة ترتبط بالرغبة في إثارة الانتباه بشكل غير ناضج. وقد كان من الواضح أن زملاء فصله قد أحبوا طريقته وكانوا يستجيبون لتصرفاته المضحكة، ونكاته بالضحك والمودة. حتى المعلمة، ولو أنها لم تكن تشارك زملاءه سعادتهم بتصرفاته، فقد كانت تبدي اهتمامها السلبي من خلال السخرية ومحاولة الإسكات. لقد تول الطفل إلى نجم الفصل وموضوع الانتباه الرئيسي لزملائه ومعلمته بسبب سلوكه غير اللائق.
الخطوة الثانية: التحكم في الإثابة:
تبلورت الخطوة الثانية في البحث عن حل للمشكلة. وقد تركزت خطة الحل على التقليل من الإثابات التي يحصل عليها بسبب سلوكه المشاغب، أي بالتقليل من الانتباه الإيجابي والسلبي الذي يحصل عليه من زملائه ومعلمته. كذلك تركزت الخطة على زيادة حوافزه وإثابته على السلوك الملائم. وقد اتفق أن يكون السلوك الملائم هو العمل على إنهاء واجباته المدرسية والإضافية وعدم تأجيلها حتى العودة إلى المنزل.
الخطوة الثالثة: الإبعاد المؤقت عن مواقف التدعيم السلبي:
ثم تنفيذ الخطة بحيث يتم الإبعاد عن الفصل لمدة خمس دقائق عندما يصدر منه سلوك مناف للذوق بما في ذلك التنكيت أو التعليقات غير الملائمة. وبذلك تم حرمانه من المدعمات التي كانت تأتيه من جراء سلوكه المشاغب. وكان يسمح له بالعودة للفصل بعد خمس دقائق، إلا أنه كان يستبعد من الفصل من جديد ولمدة مضاعفة إذا ما استمر في السلوك نفسه.
وبالرغم من نجاح الإبعاد المؤقت، فإنه كان يمثل ـ من الناحية العلاجية ، نصف الحل، فمن خلال الإبعاد المؤقت تعلم الطفل أنواع السلوك التي يجب التوقف عنها، لكنه لم يتعلم بعد السلوك الجيد المطلوب عمله. ولهذا فإن من المفروض تدريبه على أنواع السلوك الملائمة داخل الفصل من خلال برنامج خاص لإثارة حوافزه لأداء السلوك الملائم، وهو ما طبق في الخطوة الرابعة.
الخطوة الرابعة: تدعيم السلوك الإيجابي:
تنطوي الخطوة العلاجية هنا على إنابة الطفل ومكافأته للوقت الذي يقضيه في مقعده وهو يؤدي واجباته المدرسية المطلوبة. وقد تعاون المعالج مع المعلمة على وضع جدول مكافآت خاص تعده له يومياً، ويحصل الطفل بمقتضاه على نقاط (أو رموز) مقابل الوقت الذي يقضيه في العمل والمتفق عليه مع الطفل والمعلمة سابقاً.
وفي نهاية اليوم توقع المعلمة هذا الجدول وترسله مع الطفل إلى المنزل حيث يتم تحويل هذه النقاط أو النجوم إلى مدعمات متفق عليها بحسب جدول تدعيم سابق.
وتتطلب هذه الخطة كذلك الاستمرار في امتداح وتقريظ الطفل على تحسنه وعلى التغيرات الإيجابية التي يحققها. كما تقتضي هذه الخطة أيضاً التوقف عن اللوم أو النقد عند ظهور السلوك الخاطئ وتجاهل السلوك الدال على الشغب أو عدم الانضباط والفوضى.
وكان امتداح السلوك الإيجابي وتجاهل السلوك السلبي يتم أيضاً في المدرسة حيث دربت المعلمة على استخدام الخطة نفسها.
الخطوة الخامسة: التقييم والمتابعة:
عند تقييم المرحلة الثانية من العلاج، تبين أن الطفل قد نجح نجاحاً مذهلاً في تحقيق أهداف العلاج. فلقد اختفى ـ بعد خمس مرات من تنفيذ برنامج الإبعاد المؤقت ـ سلوكه المشاغب، وتحول إلى طفل نموذجي بمعنى الكلمة. وقد بدأ تحسنه التدريجي يتنامى بشكل ملحوظ، وانعكس ذلك التحسن على درجاته في الفصل الدراسي التالي حيث ارتفعت إلى B+ (جيد جداً).
ولم تكن هناك مشكلة واضحة عندما حدث توقف تدريجي عن خطة الحوافز، فلم يتراجع عن سلوكه الجيد عندما توقف تنفيذ هذه الخطة تماماً، فقد (أدمن) الطفل السلوك الجيد، وأصبحت دوافع النجاح الذاتية والتدعيمات التي كان يحصل عليها بسبب تفوقه وانتقاله لهذا المستوى كافية لاستمراره في السلوك الإيجابي. كذلك تحققت تغيرات في سلوك الوالدين، فقد اعتادا امتداح السلوك الجيد، وتوقفا عن النقد والعقاب، مما شكل تدعيماً إضافياً لاستمرار تفوقه في السنة التالية التي أمكن تتبعه خلالها.
ــــــــــــــــــ
أرق النضج والمعالجة الطبية العلمية لهذا الموضوع
* أحمد راسم النفيس
ما من أبوين إلاّ وتؤرقهما أسئلة بلوغ أبنائهما, سواء تأخّر هذا البلوغ أو بكّر. والمعالجة الطبية العلمية لهذا الموضوع الدقيق تزيل عنه الحرج والحيرة.
يمكن تعريف البلوغ بأنه وصول الإنسان إلى مرحلة النضج الجنسي والعقلي والجسماني التي تؤهله لممارسة دوره في الحياة الاجتماعية كإنسان مسئول وناضج يقوم بدوره في التكاثر والحفاظ على امتداد الجنس البشري من خلال تكوين الأسر وتحمل المسئولية حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا وتنتهي تلك الدورة من الحياة البشرية.
ومن هنا تبدو الأهمية البالغة لقيام الأسرة بدورها في متابعة نمو الصبي أو الصبية وملاحظة ما قد يكون موجودا من تأخر أو اختلاف عن المسار الطبيعي يتعين ملاحظته في الوقت الملائم عندما يكون التدخل لسد النقص الحادث ممكنا وفاعلا.
كيف ومتى تبدأ رحلة النضج والبلوغ?
إنها رحلة ليست بالقصيرة تبدأ في الإناث من سن الثامنة وفي الذكور من سن التاسعة حيث تفتتح الغدة الجاركلوية تلك المرحلة ببدء إطلاق هرمونات الجنوسة, يلي ذلك زيادة تدريجية في كمية الهرمونات التي تفرزها الغدد التناسلية حيث تفرز المبايض في الإناث كميات متزايدة من هرمون الإستروجين كما تفرز الخصيتان في الذكور كميات متزايدة من هرمون الذكورة (التستوستيرون) مما يؤدي إلى (ظهور الصفات الجنسية الثانوية) وصولا إلى اكتمال النضج الجسدي الذي يتبعه النضج الاجتماعي والعقلي:
وهذه التغيرات في الإناث هي:
1 - زيادة حجم الثديين.
2 - نمو الأعضاء التناسلية وزيادة حجمها وتحول لونها نحو اللون الداكن.
3 - ظهور شعر الإبط والعانة (تحت تأثير هرمون التستوستيرون) الآتي من المبايض والغدة الجاركلوية.
4 - نمو الرحم وزيادة حجمه.
أما في الذكور فيحدث ما يلي:
1 - زيادة حجم الخصيتين عن الحجم الطفولي المعتاد (يزيد طول الخصية عن 2.5سم) نتيجة لنمو الخلايا المنتجة للحيوانات المنوية (تحت تأثير هرمونات الغدة النخامية FSH & LH).
2 - نمو شعر الإبط والعانة تحت تأثير هرمون التستوستيرون الآتي من الغدة الجاركلوية والخصيتين.
يبدأ البلوغ كما أسلفنا في الإناث عند سن الثامنة وينتهي في الثالثة عشرة كحد أقصى, أما في الذكور فيبدأ هذا عند سن التاسعة وينتهي في الرابعة عشرة.
لماذا يبدأ البلوغ في هذا التوقيت?
تنطلق هرمونات التكاثر الجونادوتروبين Gonadotropins FSH & LH من الغدة النخامية, ذلك الإفراز الذي يتحكم فيه المخ البشري عن طريق إفراز الهيبوثالامس لهرمونات الإطلاق Releasing Hormones.
في المرحلة التي تسبق انطلاقة البلوغ يكون معدل إفراز هرمونات الغدة النخامية قليلا ويمكن تثبيطه بسهولة من خلال إفراز الهرمونات النهائية أي من خلال ما يمكن تسميته بالكابح الطبيعي للإفرازات الهرمونية.
ويجري التحكم في أغلب الهرمونات وفقا للمسار التالي: على سبيل المثال يتم إفراز هرمون الغدة النخامية المنشط لهرمون الغدة الدرقية TSH حيث يقوم الـ TSHبتنشيط الغدة الدرقية لإفراز الثيروكسين وعندما يصل هرمون الثيروكسين إلى المستوى المطلوب داخل الدم يقل إفراز الـ TSHوإذا فشلت الغدة الدرقية في إفراز ما يكفي من الثيروكسين يواصل الـ TSH ارتفاعه وصولا إلى مستويات غير مسبوقة, والعكس صحيح عندما تنطلق الغدة الدرقية من عقالها في حالات التسمم الدرقي Thyrotoxicosis نلاحظ انخفاض مستوى الـ TSHإلى أقل من الحد الأدنى للمستوى الطبيعي.
ويبقى من المفيد أن نذكر أن مرحلة ما قبل البلوغ يجري فيها ضبط هذا النظام المتعلق بهرمونات التكاثر عند مستوى منخفض من الإطلاق المتبادل أي أن إطلاق كمية محدودة من هرمونات الجونادوتروبين من الغدة النخامية يؤدي إلى إطلاق كمية محدودة من التستوستيرون أو من الإستروجين من الغدة التابعة, وهذه الكمية المحدودة تؤدي إلى تثبيت إطلاق الجونادوتروبين على الفور وهو الأمر الذي يتغير عند بلوغ مرحلة النضج ويبدأ الإطلاق المتبادل من (العيار الثقيل) ذلك الإطلاق الذي يؤدي إلى نمو الأعضاء التناسلية الداخلية والصفات الجنسية الثانوية التي ذكرناها سابقا.
ماذا تعني كلمة تأخر البلوغ من الناحية العملية ولماذا ينبغي على الأسرة مراقبة نمو الصغير?
يعني تأخر البلوغ عدم ظهور تلك العلامات التي ذكرناها لدى الصبي الذي وصلت سنه إلى الرابعة عشرة من العمر أو الصبية التي وصلت إلى الثالثة عشرة من عمرها ولهذا تبدو أهمية متابعة الأسرة المتواصلة لنمو الصبي أو الصبية إما مباشرة أو عبر الطبيب. ويعني ذلك التأخر عدم قيام أي من الغدد المسئولة عند البلوغ بإفراز ما يتعين عليها إفرازها من الهرمونات وربما يعني ضمن ما يعني وجود خلل في الكروموسومات المحددة للجنس.
أسباب تأخر البلوغ
1 - تأخر البلوغ نتيجة للأسباب الظرفية التكوينية Constitutional Delay of Puberty.
حيث لا يوجد سبب محدد أو واضح لهذا التأخر الذي يحدث عادة في الأطفال الأقل حجما والأقل طولا من أقرانهم حيث يميلون عادة إلى النحافة بالرغم من معدل نموهم الطبيعي, ومع الفحص والتدقيق يتبين أن مستوى الهرمونات لدى هؤلاء الصبية في معدله الطبيعي كما أنهم لا يعانون أي خلل وراثي و(النقص) الوحيد لدى هؤلاء هو تأخر نموهم الهيكلي عن أقرانهم بعام أو عامين, ذلك التأخر الذي يجري تداركه في نهاية المطاف عندما يصل هؤلاء الأطفال إلى مرحلة البلوغ ويلاحظ أن هذا النمط عادة ما يكون نمطا متكررا في الأسرة نفسها.
وهناك أيضا السبب الشائع لمثل هذا التأخر في البلدان الفقيرة وهو سوء التغذية خاصة قلة نصيب الصبي أو الصبية من البروتينات وانتشار الأمراض المزمنة وتلك الناجمة عن الطفيليات ويضاف إلى هذه الأسباب بعض العقاقير التي يمكن أن يتعاطاها هؤلاء بغرض العلاج مثل عقار الكورتيزون.
وهناك أسباب أخرى (مرضية) لتأخر البلوغ:
ويمكن تقسيم الأسباب المرضية لتأخر البلوغ إلى مجموعتين رئيسيتين:
- المجموعة الأولى: يكون الخلل الرئيسي فيها ناجما عن نقص هرمون الغدة النخامية المسئول عن التكاثر نقصا دائما أو مؤقتا ومن ثم نقص إفراز الغدد التابعة لها (الخصيتين أو المبيضين).
- المجموعة الثانية: حيث يكون الخلل الرئيسي فيها ناجما عن عجز الغدد التابعة عن القيام بدورها في إفراز هرمونات التكاثر (التستوستيرون أو الإستروجين) بالرغم من تكرار الأوامر الصادرة من قبل الغدة النخامية أي استمرار إفراز الجونادوتروبين (FSH & LH) وتتميز هذه المجموعة بارتفاع مستوى هذه الهرمونات ارتفاعا غير طبيعي في مقابل انخفاض مستوى الهرمونات التابعة Hypogonadotropic Hypogonadism.
ويمكن التمييز بين المجموعتين بسهولة سواء عن طريق الفحص الإكلينيكي أو عن طريق إجراء الاختبارات المعملية وقياس مستوى الهرمونات في الدم.
النوع الأول: خلل موجود في الغدة النخامية ونقص هرمونات الجونادوتروبين:
1 - أورام الغدة النخامية وعندها لا يكون النقص مقصورا على هرمونات التكاثر بل يشمل بقية هرمونات الغدة النخامية.
2 - بعض الالتهابات التي تصيب المخ مثل الدرن والالتهاب السحائي.
3 - النقص الوراثي لهرمونات الغدة النخامية.
4 - تعرض الرأس للإشعاع العلاجي.
5 - نقص هرمون الغدة الدرقية.
النوع الثاني: حيث يكون هرمون الغدة النخامية مرتفعا:
1 - مرض كلاينفلتر Klinefilter Syndrome: حيث يكون التشكيل الكروموزومي للمريض متكونا من 47XXY بما يعني وجود كروموزوم أنثوي إضافي ويمتاز هؤلاء المرضى بانعدام قدرة الخصيتين على افراز الحيوانات المنوية والطول الزائد الذي يتركز في الساقين والذراعين وكبر حجم الثديين.
2 - التهابات الخصيتين الشديد مثل التهاب الغدة النكفية.
3 - تعرض الخصيتين لضربة شديدة.
4 - تأخر نزول الخصيتين إلى الكيس.
5 - مرض التيرنر Turner Syndrome ويختلف عن الكلاينفلتر بأنه يصيب الإناث ويتميز بنقص كروموزوم الأنوثة X حيث تكون خريطة كروموزومات المريضة 46XO فضلا عن قصر القامة لدى المصابات بحالة التيرنر.
والخلاصة: أن أسباب تأخر البلوغ هي أسباب متعددة وبعضها يمكن التعامل معه وتصحيحه بصورة كاملة تسمح للمريض المفترض بأن يواصل حياته الطبيعية إذا تم التدخل العلاجي في الوقت الملائم والبعض الآخر يمكن المريض من تجنب اختلاف الشكل (القصر الزائد) أو (الطول الزائد) أو حتى يمكنه أو يمكنها من خلال العلاج الملائم أن يحصل على الشكل الطبيعي المتلائم مع تكوينه الجسماني والكروموزومي من خلال هذا العلاج ومن ثم يمكنه تجنب تلك المعاناة النفسية والاجتماعية التي تنجم عن نظرة الآخرين إليه كشخص مختلف عن بقية البشر وكلها أمور أصبحت الآن من الممكنات.
أخبار علمية
تبرئة القهوة وتجريم التدخين
أعلنت مجلة (الطبيعة) العالمية (Nature) في عددها الصادر يوم 15/8/2003 إضافة اتهام جديد للائحة الاتهامات الطويلة الموجهة للتدخين, وتتمثل هذه التهمة في كونه مسئولا عن مضاعفة نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة بمرض السل الرئوي في الهند.
وكشفت الباحثة (هيلين بيرسون), في مقالها المنشور في المجلة أن نصف الوفيات الناتجة عن الإصابة بالسل الرئوي في الهند والبالغة أربعمائة ألف نفس في العام الواحد(!!) ناجمة عن التدهور الإضافي الحادث بسبب التدخين.
كما ذكرت المجلة أن التدخين يضاعف نسبة الخطورة والتدهور الذي يعاني منه هؤلاء المرضى عن طريق تنشيط عدوى مرض السل الكامنة في الرئة المصابة وإمدادها بأسباب الانتعاش القاتل والمدمر. ومعلوم أن هذا المرض يمكن أن يبقى كامنا عشرات السنين داخل الرئة من دون أن يسبب أي أعراض, قبل أن ينتهز فرصة ضعف المصاب فينهض من مكمنه محاولا تدمير رئة المريض, وربما حياته إن أفلح في هذا.
ويذكر العلماء أن هذه الدراسة التي أجريت في الهند هي الأولى التي تقدم دليلا علميا دامغا على الارتباط بين التدخين ومرض السل الرئوي في دولة ينتشر بها الفقر على عكس الدول المتقدمة, التي يرتبط فيها التدخين بأمراض القلب وسرطان الرئة, ولا شك أن إثبات هذه الصلة يمثل إضافة للمخاطر التي يتعرض لها المدخنون الهنود المعرضون للأخطار نفسها التي يتعرض لها مدخنو العالم المتقدم.
ومما زاد من أهمية التحذير من الخطر الإضافي الذي يمثله التدخين على مرضى السل الرئوي هو وجوده وانتشاره في الصين وكثير من البلدان الإفريقية والآسيوية.
يضاف إلى ذلك أن زيادة انتشار التدخين بين النساء في هذه البلدان يحمل المزيد من مخاطر انتشار السل الرئوي الذي بدأ الخبراء ينتبهون إلى أنه يحاول استعادة ما فقده من مواقع في السابق بل ويحاول الانتشار مجددا في صورة وبائية في أوربا وأمريكا الشمالية, خاصة أنه قد طور من إمكاناته القتالية وبدأت أجيال جديدة أكثر شراسة وأكثر قدرة على مواجهة المضادات الحيوية في الظهور. ويقدر هؤلاء الخبراء عدد الإصابات السنوية بهذا المرض ببليون شخص سنويا (أغلبها كامنة كما أسلفنا) وأن عدد ضحاياه كل عام يصل إلى 1.6 مليون شخص. وتزداد قتامة الصورة إذا علمنا أن العقاقير المضادة لميكروب السل ليست متوافرة بسهولة في كل بلدان العالم.
أما الخبر السار لهواة ارتياد المقاهي فيقول إنه وإن تعين عليهم التوقف عن التدخين, فإن احتساء القهوة يمكنه أن يقلل من احتمال إصابتهم بمرض السكر بنسبة 50% إذا جرت المقارنة بينهم وبين من لا يتعاطون ذلك المشروب المنبه.(54/226)
كما ربط العلماء بين إجمالي كمية الكافيين التي يتناولها شاربو القهوة أو الموجودة في مشروب الكولا, وذلك الأثر الوقائي من مرض السكر.
وهكذا فقد أصبح من الواجب تغيير شعار المرحلة من (فنجان شاي مع سيجارتين) ليصبح (فنجان قهوة دون السيجارتين).
وقانا الله وإياكم من الأدواء... والأطباء!!!
ــــــــــــــــــ
ما فائدة تدريس الجنس أو تعليم الحياة العائلية ؟
* محمد رفعت
ليس هناك أي دليل على أن تدريس الجنس يثير الرغبات والشهوات الجنسية، بل على العكس من ذلك فهو يتيح للطفل أن يتعرف بطريقة صحية على المواقف والعلاقات الجنسية.
ودراسة الجنس ليست علاجاً أو وقاية من الانحرافات الجنسية، ولكنها تتيح للولد أو للبنت أن يوجها أحاسيسهما الجنسية بطريقة أفضل في الطريق السليم. وقد قام فريق من العلماء بتقييم عملية تدريس الجنس وذلك في أميركا، وفي المدارس الثانوية هناك، وكانت النتيجة أن تدريس الجنس في المدارس الثانوية أدى إلى انخفاض نسبة الإصابة بمرض السيلان من 38 حالة قبل تدريس الجنس إلى 16 حالة بعد تدريسه، وفي مدارس البنات كانت حالات الحمل السفاح قبل تدريس الجنس 38 حالة هبطت بعده إلى 17 حالة فقط.
وتعليم الجنس لابد أن يبدأ في المنزل. ولكن وُجد أن هذا ليس كافياً. وذلك لأن معظم الأهل يخجلون من هذا الموضوع وذلك بسبب نشأة الأبوين على أن هذه المواضيع لا يجب الخوض فيها. ومعظم الآباء يهربون من الإجابات على أسئلة أولادهم، وإذا وجد الآباء الإجابات السليمة صعبت عليهم الألفاظ التي يواجهون بها هذه الإجابات.
ولحسن الحظ فإن الجيل الحالي الذي تربى على أن الجنس شيء محرم، أصبح يهتم بالجنس وعلى استعداد أن يلقن أطفاله شيئاً من الجنس. وهناك أكثر من جهة تهتم بتدريس الجنس، منها المدرسة والمنزل. ويمكن أن يُختار لتدريس اسم آخر مثل ((تعليم الحياة العائلية أو العلاقة بين الولد والبنت)).
وفي كل الأحوال لابد من إعطاء إجابات واضحة وصريحة وأمينة في موضوع الجنس، فالأطفال فضوليون، وكما يريدون أن يعرفوا وظيفة العين والأذن كذلك يريدون معرفة وظائف أعضائهم التناسلية.
ويجب أن يعلم القائمون على تدريس الجنس أن الأسئلة التي يلقيها الأطفال هي أسئلة طبيعية لا تدعو إلى الخجل ولابد من إتباع هذه النقاط:
1 ـ أن نقول الصدق دائماً.
2 ـ لابد من إجابة لكل سؤال.
3 ـ استعمال أسماء سليمة للأعضاء التناسلية.
4 ـ أن تكون الإجابة على قدر سؤال الطفل ليس أكثر.
وفي دور الحضانة والمدارس الأولية يجب أن يتعلم الأطفال ما يأتي:
1 ـ الحياة تأتي من الحياة وليس من العدم.
2 ـ كل الأطفال والحيوانات تأتي من أمهاتها.
3 ـ كل الحيوانات تأتي من نفس النوع (القرد يأتي بقرد والأسد بأسد).
4 ـ لابد من وجود أب وأم قبل أن يستطيع الطفل أن يولد.
5 ـ البنات والأولاد يختلفون في تكوين أجسادهم.
وكل هذه المعلومات تأتي بالتدريج وعن طريق المشاهدة العملية مثلاً.
1 ـ مشاهدة نوع معين من السمك لا يبيض ولكن صغاره تخرج منه مباشرة، ويمكن ملاحظة خروج السمك الصغير من بطن أمه مباشرة ويمكن مراقبة بطن السمكة الأم وهي منتفخة بالصغار ((أي حامل)) وكل هذه المشاهدات ممكنة إذا وضعنا هذا النوع من السمك في إناء مليء بالماء.
2 ـ إذا وضعت الضفادع في إناء ماء من شهرين إلى ثلاثة أشهر يخرج من بيضها الذنيبة التي تنمو إلى ضفادع كاملة.
3 ـ يمكن مشاهدة الكتكوت (الصوص) وهو يخرج من البيضة وذلك بالاحتفاظ بالبيض الملقح في جهاز درجة حرارته 37 درجة فبعد مضي ثلاثة أسابيع يخرج الكتكوت من البيضة. ويجب أن نوجه نظر الطفل إلى أن هذا النوع من البيض يختلف عن ذاك الذي نأكله.
4 ـ يمكن مشاهدة الحيوانات الأليفة كالأرانب وهي حامل وكذلك وهي تلد.
5 ـ زراعة الحبوب مثل الفول الذي ينبت سيقاناً وأوراقاً.
ومن هذه المشاهدات نقول للطفل إن الحياة تأتي من الحياة وليس من العدم وأن في اليوانات كما في الإنسان لابد من وجود أب وأم قبل أن يولد الطفل، وأن في كثير من الحيوانات يكون الطفل في بطن أمه لفترة قبل أن يولد.
وفي الصف الثالث والرابع الابتدائي يتعلم الطفل ما يأتي:
1 ـ نؤكد للطفل أن الأب والأم لا زمان حتى يستطيع الطفل أن يخرج إلى الوجود.
2 ـ نعلّم الطفل الفرق بين تكوين الولد والبنت.
3 ـ نعلّم الطفل أن الإنسان يختلف عن الحيوانات في أنه، وهو جنين يبقى في بطن أمه لمدة تسعة شهر قبل الولادة.
في الصف الخامس نعلم الطفل ما يأتي:
1 ـ يتعلم الطفل أن كل الحيوانات تأتي من البويضة وأن البويضة موجودة في الأم، وتأتي أيضاً من الحيوان المنوي وهو موجود في الأب.
2 ـ يتعلم أن الحيوان المنوي لابد أن يخرج من الأب ويذهب حيث يلتقي بالبويضة الموجودة في الأم ويخترقها وبعد ذلك تبدأ البويضة الملقحة في التكاثر والنمو حتى تصير طفلاً.
3 ـ يتعلم أن في الإنسان، كما في كثير من الحيوانات، يكبر الجنين في بطن أمه لمدة تسعة أشهر، ويمكن تسهيل هذه المواضيع بعرض أفلام تشرح للأطفال في هذه المرحلة الأولية هذه العمليات بطريقة بسيطة.
وفي الصف السادس (11 سنة تقريباً) يتعلم ما يأتي:
1 ـ الفرق بين الجنسين.
2 ـ وظائف المبيض والخصية.
3 ـ الكثير عن الحيوان المنوي والبويضة.
4 ـ الحيض.
5 ـ الإحتلام.
6 ـ نمو الجنين في بطن أمه.
7 ـ العلاقات الأسرية.
ولتدريس هذه الأشياء لابد أن يقوم بها مدرسون على درجة من المسؤولية والنضج وليس لديهم أي شعور بالكبت. ويمكن أن يقوم الطبيب بهذا الدور إذا كان قادراً عليه وعلى ممارسته.
وفي هذه السن يجب أن يكون هناك حصة مخصصة للإجابة على الأسئلة، وإذا كانت المدرسة مختلطة يجب أن يفصل الأولاد عن البنات في هذه الحصة، حتى تتاح لهم الأسئلة بحرية وبدون حرج.
المدارس الثانوية:
وهي مرحلة مهمة وخطيرة، ففيها يبدأ الإحساس الحقيقي بالجنس. ويبدأ الأولاد والبنات يتبادلون الإعجاب بعضهم ببعض. ولا بد من الإشراف عليهم في هذه المرحلة وإلا أفلت الزمام وقادتهم شهواتهم إلى سلوك غير مرغوب فيه مع مشاكل أخرى.
وفي هذه السن يبدأ تمرد الأولاد والبنات على أهلهم ولا يستشيرونهم في مشاكلهم الجنسية، ولكنهم يتوجهون إلى أشخاص آخرين ـ خارج محيط الأسرة يثقون بهم ـ .
ويجب أن نعلمهم:
1 ـ وظائف الأعضاء التناسلية وتكوينها.
2 تشرح العملية الجنسية.
3 ـ نمو الجنين.
4 ـ الحمل.
5 ـ كيف تتقي شر الأمراض التناسلية.
6 ـ اللواط لمنع الانحراف.
7 ـ منع الحمل وطرقه.
ــــــــــــــــــ
بعض أساليب التربية الخاطئة التي تؤدي إلى الجنوح
إن الكثير من الظواهر السلوكية التي يطلق عليها ((الجنوح)) أو ((الانحراف)) Delinquency ترجع في أصلها إلى ما يعانيه الناشئ في سني حياته الأولى من أساليب المعاملة الخاطئة التي يلقاها في الأسرة، أو من الوسط الاجتماعي الذي تحكم عليه الظروف أن ينشأ به. ومن هذه الأساليب الخاطئة:
1 ـ عدم تقبل الطفل في الأسرة أو ما يطلق عليه ((الرفض Rejection)):
وقد يكون رفض الأبوين للطفل أو عدم تقبله راجعاً إلى وجود عيب خلقي في الطفل ولد به مثل لون بشرته، أو وجود تشوه خلقي في أحد أعضائه، أو بسبب وجود عاهة دائمة كالعمى أو فقدان السمع، أو لأن الحمل حدث على غير رغبة الأبوين، أو بسبب عدم الرغبة في مزيد من المواليد الإناث في الأسرة، أو بسبب مرض الأم أو وفاتها مع مولد الطفل، أو أن يكون الأب محكوماً عليه في إحدى القضايا بالسجن سنوات عديدة وليس للأم مورد يعينها على تحمل مسؤوليات تربية الطفل .. كل هذه الظروف وغيرها يمكن أ ينقل إلى الطفل بطريقة صريحة أو مستترة أنه طفل (مرفوض) و (غير مرغوب فيه) أو أنه جاء إلى عالم لا يتقبله قولاً حسناً، فيتولد لديه الشعور (بالقلق)، كما تنمو لديه مشاعر (الخوف) و (الكراهية) لكل ما يحيط به، ويفرض نفسه بالعدوان على المجتمع المحيط به، ويصعب عليه أن يحترم العرف والتقاليد أو القوانين بسبب طول ما عانى من الرفض والإهمال، فيدخل بذلك في دائرة الأطفال الجانحين المنحرفين.
2 ـ الحماية الزائدة للطفل من قبل الأم Over Protection:
تظهر الحماية الزائدة للطفل من قبل الأم على هيئة خوف زائد على الطفل من أن يصيبه أي مكروه من قبل الآخرين، فالأم في قلق دائم على الطفل تخشى عليه من أن يتعرض للضرر أو الإيذاء أو المرض أو العدوى نتيجة لاقتراب الآخرين منه، فهي تتوجس الشر دائماً، فلا تسمح للآخرين بحمل الطفل أو تقبيله أو التنفس في وجهه أو تقديم الحلوى له أو الهدايا دون أن يتم ذلك تحت رقابة شديدة منها، وقبل أن تقوم هي بغسل وتطهير كل ما يقدم إليه، وتأخذ حماية الأم الزائدة للطفل شكلاً آخر حينما تغلق عليه حجرة من الحجرات حتى لا ينقلوا إليه المرض أو يصيبه الحسد. كما تأخذ الحماية الزائدة للطفل شكلاً آخر عندما تصر الأم على أن تقوم بنفسها ورغماً عن الطفل بإلباسه ملابسه وإحكام تزريرها برغم مقاومة الطفل وإصراره على أن يقوم بنفسه أحياناً بمثل هذه الأعمال.
وتأخذ الحماية الزائدة من الأم للطفل شكلاً آخر عندما تحرمه من اللعب مع الأطفال من عمره وعندما تصر على أن تجيب بنفسها عن الأسئلة التي يوجهها الآخرون إلى الطفل، كما يحدث عندما يزور الطبيب أو يأتي أحد الأقارب إلى المنزل، أو عندما تذهب به إلى (دار الحضانة) مضطرة أمام مشغولياتها الأسرية أو استجابة لظروف عملها، وفي مثل تلك الحالة الأخيرة يحدث خلاف المستمر بين الأم وبين معلمة الحضانة أو الروضة حول طريقة معاملة الطفل، وتعبر الأم عن عدم رضاها عن أسلوب المعاملة صراحة أمام الطفل، بل ربما تسب الحضانة أو الروضة والعاملين فيها، وينتقل ذلك إلى المدرسة الابتدائية مع انتقال الطفل إليها، فيكتسب الناشئ خلال ذلك نوعاً من الحب المفرط والتدليل تارة، ونوعاً من القسوة والمقاومة والإحباط تارة أخرى، فينشأ طفلاً مدللاً عنيداً يعاني عدم الثبات في المعاملة التي يلقاها بين المنزل والمدرسة. هذا إلى أن الأب غالباً ما يعبر عن عدم رضاه عن أسلوب الأم القائم على الحماية المفرطة للطفل وعدم إتاحة الفرص له للنمو الصحيح، وهكذا ينشأ الطفل في جو لا يسمح له بتنمية القيم السليمة، وهو يدرك أنه سوف يجد دائماً مَن يحميه ويسانده، ويفرط له في الحب والحماية، بل إنه قد يتمرد على الأم ذاتها إذا ما وقفت حائلاً دون إشباع رغباته وميوله مهما تعارضت هذه الرغبات مع القيم والمعايير الاجتماعية السائدة واثقاً من أنها سوف تستسلم أخيراً لرغباته مهما كانت تلك الرغبات.
وتكون النتيجة النهائية أن يشب الطفل في جو يقوم على الصراع بين نزواته الشخصية التي يدعمها الحب المفرط والحماية الزائدة من الأم وما تتطلبه الحياة الاجتماعية من التزام واحترام للقوانين الاجتماعية السائدة.
وقد يجد مثل ذلك الناشئ نفسه يوماً من الأيام وقد أصبح عضواً في جماعة فاسدة شريرة لا تقيم الأخلاق الاجتماعية وزنا ولا للقوانين السائدة احتراماً، فيجد نفسه أحد الجانحين الذين يقفون أمام محاكم الأحداث المنحرفين والجانحين.
3 ـ تنمية مشاعر الغيرة والحقد بين الأطفال Jealousy ربما تكون عاملاً وراء الجنوح والانحراف:
يصير الطفل منذ ولادته محور الاهتمام من جميع أفراد الأسرة، فهو محور المداعبة والملاعبة، وهو مثار الملاغاة والمناغاة، إذا بكى أسرع من حوله ليوفروا له المؤانسة أو الحمل أو هز الفراش حتى تحضر الأم لإرضاعه أو تبديل ملابسه، وإذا مرض اجتمع الجميع حوله، وكلما درج في مراحل النمو وفرت له الأسرة ألواناً من اللعب يلهو بها لينمي فكره وعضلاته وعواطفه تجاه العالم الذي يعيش فيه.
وتبدأ مشاعر الغيرة لدى الطفل منذ أشهر حياته الأولى، وفي حدود العام والنصف الأول من عمره في رأي بعض المهتمين بالطفولة فهو إذا تحولت عنه الأم لتحمل طفلاً آخر غيره غضب وانخرط في البكاء تعبيراً عن غيرته من أن يحتل طفل آخر قدراً من الاهتمام والمحبة التي يشعر أنها حق خاص كامل له عند الأم، وهو إذا ما حولت الأم وجهها نحو أحد إخوته الصغار صرخ وقاوم ذلك التحول. ومع بلوغه سن الثالثة من العمر تبلغ انفعالاته أقصى درجة من الحدة، فيرقد على الأرض، ويرفس برجليه ويجهش بالبكاء إذا ما رأى أن أمه قد أعطت شيئاً خاصاً به لطفل آخر، فهو يرى في ذلك تهديداً لمكانته وللحب الذي تخصه به الأسرة وهو إذا جلس على مائدة الطعام أصر على أن يجلس على الكرسي القريب من الأب أو الأم، وأن ينحي عنه أي شخص من أفراد الأسرة.
وإذا ما ألحق الطفل بدار الحضانة أو روضة الأطفال فإنه يجد في المعلمة أو المربية مع مرور الوقت بديلاً للأم التي ترعاه في البيت، ويريد أن يحفظ باهتمامها كاملاً له هو دون غيره من الأطفال وإلا تغيرت نظرته إليها وفقد ثقته بها، وصار ينظر إليها بمنظار آخر غير منظار الحب،. وقد تدفعه غيرته من طفل معين يحظى بعطف المعلمة أو المربية إلى أن يوقع به لديها فيتهمه بالكذب أو العدوان أو بالقذارة ليفقده قدراً من اهتمام المعلمة ورعايتها.
فالأطفال يغارون، وفي غيرة الأطفال نوع من الخوف أو القلق لفقدان الاهتمام أو الحب، أو خوفاً من فقدان المكانة التي يتمتعون بها في البيت أو في حجرة الدراسة، ومن أن يستأثر وليد جديد بما كانوا يتمتعون به من الحنو والرعاية. والغيرة موقف يعتري الطفل فيدرك أن هناك غريماً أو غرماء آخرين ينافسون في انتزاع المكانة أو الحب الذي يحظى به في البيت أو المدرسة وعند ذاك ينفعل الطفل بالغيرة فينزع إلى أنواع من السلوك الدفاعي يلجأ إليه الطفل نزوعاً صريحاً مكشوفاً، كما يحدث في حالات الأطفال تحت سن الخامسة، أو نزوعاً متستراً بأن يلجأ إلى حيل غير مكشوفة ليزيح بها الغريم أو المنافس من طريقه، وذلك ما يحدث في حالات الأطفال الأكبر سناً.
وقد تبقى الغيرة في بعض الحالات مع الكبار والراشدين فتعبر عن نفسها في سلوكهم بدرجات مختلفة من الوضوح.
والأسرة والمدرسة مسؤولان عن مواجهة مشاكلات الغيرة لدى الأطفال، فقد تلجأ الأسرة إلى المعاملة المتزنة مع العطف والتشجيع للطفل الذي يشعر بالغيرة حتى يتخطى المشكلات الناشئة عن ذلك الموقف. وقد تعمد الأسرة بسبب عدم الوعي إلى إذكاء سلوك الغيرة بين الأبناء، فتصر على تفضيل أو تمييز طفل معين على سائر إخوته بأن تخصه بالعطف والمحبة وعند ذلك تثير مشاعر الغيرة لدى إخوته الآخرين بل قد تتحول تلك المشاعر مع مرور الوقت إلى نوع من الحقد الدفين الذين قد يعبر عن نفسه في يوم من الأيام على هيئة سلوك عدواني على الغريم داخل الأسرة أو على غيره من الغرباء، ممن يحس نحوهم بالغير في مواقف الحياة الاجتماعية العامة.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أمية العدل والمعاملة على أساس المساواة مع تقدير الجهود الخاصة وتشجيعها ومكافأتها والإشادة بها وحفز الآخرين على تقديرها ومكافأتها والحذو مثلها في سائر المؤسسات الاجتماعية بدءاً من البيت إلى المدرسة فالمصنع والمؤسسات العامة في المجتمع. وترجع خطورة تغذية سلوك الغيرة والعمل على إثارتها بطريقة مستمرة وخاصة في سني التنشئة الأولى إلى أنها قد تكون العامل الذي يكمن وراء كثير من أنواع السلوك التي نطلق عليها فيما بعد أنها سلوك جانح منحرف يجر صاحبه إلى الوقوف أمام محاكم الأحداث أو يقع تحت طائلة القانون العام.
4 ـ تنمية الشعور بالذنب Sence Of Guilt:
يبدأ الشعور بالدنيا في حياة الطفل مع ألوان العقاب التي توقع عليه إذا ما ارتكب أي خطأ من الأخطاء التي لا ترضى عنها الأسرة في سني حياته الأولى. وكثير من الأخطاء التي يركبها الطفل أخطاء غير مقصودة لا ذنب له فيها، فهو إذا ما انكسر الكوب الذي يشرب فيه فقد يكون ذلك راجعاً إلى عدم اكتمال التوافق العضلي الحركي اللازم له في تناول الأجسام وحملها، أو إلى عدم اكتمال النضج في حاسة الإبصار. وهو عندما يتناول شيئاً ملوثاُ ويدفع به إلى فمه لا يعرف شيئاً عن النظافة والقذارة، وإنما يستجيب بطريقة فطرية لدوافع البحث عن الطعام في حالة الجوع.
والعقاب الذي يقع عليه من السلطة المشرفة على تربيته ـ سواءً كانت الأم أو غيرها في مثل تلك الحالات ـ عقاب على أمر لا ذنب له فيه. والطفل إذا ما تبللت ثيابه أثناء النوم، أو اليقظة، أو إذا ما عجز عن التحكم في عملية الإخراج ربما كان ذلك راجعاً إلى أسباب عضوية أو صحية تتصل بوظائف جسمه الحيوية، وربما كان ذلك نتيجة لما بدأ يحس به من إهمال وعدم رعاية .. فقد تكون العودة إلى التبول غير الإرادي أو التبرز حيلة غير شعورية يلجأ إليها الطفل لإعادة جذب اهتمام الأسرة إليه عندما يحس بتهديد بالحرمان من العطف والمحبة اللذين كان يتمتع بهما في الأسرة.
والمهم في جميع تلك الحالات وغيرها أن يكون موقف الأسرة من الأخطاء أو المخالفات التي يقع فيها الطفل موقفاً يقوم على الفهم والتقدير والتسامح والتوجيه من غير غلظة أو قسوة، لأن القسوة الزائدة والتعنيف يمكن أن يؤديا بالناشئ إلى أن يكره نفسه ويعتبر أنه شخص عاجز عن التكيف والتوافق مع متطالبات أقرب الناس إليه (الأم والأب) الذي يوقع العقاب به، فيتولد لديه شعور بالذنب يجعله غير قادر على المشاركة في الحياة الأسرية، ويشعر بالتدرج بفقدان الانتماء إليها، بل يحس بأنه طفل شاذ مكروه وغير محبوب، ومن ثم فإنه ربما يجد نفسه مدفوعاً إلى أن يسلك بطرق تعويضية مستترة بالعدوان على الآخرين ممن تحيك بهم في الأسرة أو المدرسة والمجتمع .. فالشعور بالذنب لدى الناشئ قد يؤدي به إلى أن يصبح شخصاً انسحابياً منطوياً على ذاته يستغل كل فرصة لإطلاق طاقاته المكبوتة بالعدوان على المجتمع، وقد يؤدي به ذلك في يوم من الأيام إلى ارتكاب جريمة تضعه تحت طائلة العقوبات الخاصة بالأحداث أو الراشدين.
5 ـ تغذية المشاعر العدوانية Hostility لدى الطفل:
الأسرة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع، فيها ينشأ الأطفال، ومنها يمتصون أغلب القيم التي توجه سلوكهم الاجتماعي في المستقبل، فمحبة الآخرين واحترام حقوقهم، ورعاية الجار، والتمسك بالأخوة الإسلامية والتواد والتراحم والتسامح مع مَن يختلف معنا في الرأي وعدم التعصب، والنظر العلمي فيما يعرض للإنسان من مشكلات، واحترام الرأي الآخر يمثل بعض الاتجاهات والقيم التي ينبغي أن تسود العلاقات بين أعضاء البيت المسلم والتي ينبغي أن تنمو مع أبنائه تسود العلاقات الطيبة بين أفراد المجتمع.
وقد ينشأ الطفل في بيت تسود الكراهية العلاقة بين أفراده، فالشجار دائم بين الأبوين والحب لا وجود له بينهما، وكل منهما ينأى بوجهه عن الآخر، وقد يتم التراشق بينهما بالسباب والخصام أمام الأبناء، وقد يصل الأمر بينهما إلى قطيعة تستمر أسابيع أو شهوراً برغم أنهما يعيشان تحت سقف واحد، وربما امتنعا عن التعاون في تسيير أساسيات الحياة في الأسرة كنظافة البيت وطهو الطعام وشراء ما يلزم للبيت، وقد يعيش كل منهما بمعزل عن الآخر لفترات طويلة يضطر فيها الأب أو الأم لتدبير حاجاته الأساسية من الطعام والشراب بمنأى عن الآخر .. وربما تخلل ذلك حيث إلى الأبناء الصغار بمشاعر الكراهية التي يحملها كل طرف للآخر.
ويمتص الأطفال مشاعر الكراهية التي يحملها الأبوان نحو بعضهما، فتكون طابعاً للعلاقات بينهم بعضهم البعض، بل ربما انتقلت معهم دون وعي خارج البيت إلى الرفاق في المدرسة وغيرها إن لم يكن إلى المعلمين وغيرهم ممن يشرفون على شؤون الطفل ويحتكون به. ويعاني مثل هؤلاء الأبناء القلق الدائم والاضطراب النفسي نتيجة للظروف غير المستقرة التي يعيشون فيها، ويكونون عرضة للاستثارة لأوهى الأسباب، فضلاً عن أنهم يحملون مشاعر الكراهية للآخرين والاستعداد للعدوان عليهم نفسياً عما يعيشون فيه في البيت من جو مشحون بالكراهية والعدوان، مما قد يؤدي بهم في يوم من الأيام إلى الوقوف موقف الاتهام أمام محاكم الأحداث بسبب تكرار عدوانهم على الآخرين.
ولا بأس هنا من أن نشير إلى المشاعر العدوانية داخل الأسرة قد تكون مشاعر عدوانية موجهة ضد المجتمع الكبير الذي تعيش فيه، تظهر في معاداة الأبوين للتغيرات الاجتماعية وللتقدم العلمي والتقني وللتطورات التي تطرأ على المجتمع الذي يعيشان فيه، فيقاومان الدعوة إلى الأخذ بأساليب التعليم الحديث الذي يجمع بين شؤون الدنيا والدين، وينكران ما تتوصل إليه الكشوف العلمية عن غزو الفضاء وعن إمكان قيام نوع من الحياة على الكواكب الأخرى، ويقاطعان الاكتشافات الحديثة في مجالات العلاج بالليزر وزرع الأعضاء وغيرها. ويدعوان إلى كراهية نظم الحكم القائمة والتي تسعى إلى تحقيق التفاهم والتعاون بين الشعوب ويدعوان إلى الانغلاق على التراث وإلى مقاطعة وسائل الإعلام والعيش في مجتمعات منعزلة تماماً عن كل ما يدور في العالم الواسع العريض الذي نعيش فيه .. مثل تلك الأفكار والمشاعر والاتجاهات هي مشاعر نبذ وكراهية مقاطعة يمتصها الناشئ الصغير فيشب على كراهية ما حوله، وربما بقيت معه إلى أن يصل إلى مرحلة البلوغ فتدفع به إلى أن يسلك بطريقة مناوئة للعرف والقانون والنظام العام للمجتمع فيقع تحت طائلة القانون والعقاب.
6 ـ الخبرات المؤلمة التي يمر بها الطفل في السنوات الأولى من حياته:
وجد أن الكثير من حالات الأطفال الجانحين تكشف عن وجود خبرات مؤلمة مر بها الطفل في السنوات الأولى من ولادته وبخاصة في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل، وعلى سبيل المثال فإن انفصال الطفل عن الأم في تلك السنوات معناه حرمان الطفل من الكثير مما يحتاج إليه الطفل لاستقراره النفسي ونموه العاطفي السليم. وهذا الحرمان يعتبر بمثابة المرور بصدمة عاطفية كبيرة يظل أثرها يعمل في شخصية الناشئ طول حياة، لأن نمو شخصية الطفل تعتمد بدرجة كبيرة على قوة الروابط العاطفية التي تربطه بالأم أساساً وبغيرها من أفراد الأسرة في الدرجة التالية.(54/227)
وقد بين أن كثيراً من الأطفال الجانحين قضوا سنيي حياتهم الأولى في مؤسسات اجتماعية بسبب عدم وجود أمهاتهم، وتبين أن هذا الحرمان كان وراء كثير من مظاهر الجنوح التي يرتكبها مثل هؤلاء الأطفال في مستقبل حياتهم، مثل العدوان العنيف على الآخرين، أو السرقة، أو الهرب لفترات مختلفة من البيت أو المدرسة، فضلاً عن مشاعر القلق التي يعانونها، وغيرها من الأمراض العصابية المختلفة، بل وجد كذلك أن الحرمان من الحب في تلك السنوات ربما كان وراء الكثير من مظاهر الجنوح الأخرى مثل السلوك الجنسي الشاذ واللجوء إلى الانتحار أو تدمير الذات.
وهكذا فإن من العوامل البالغة الخطورة والتي يمكن أن تؤدي بالطفل إلى الجنوح في مستقبل حياته تأثير البيئة المنزلية التي ينشأ فيها الطفل والعلاقات التي تسود بين أفراد الأسرة واستقرارها وثبات المعاملة المنزلية التي يلقاها الطفل من الأبوين ومن غيرهما من الأقارب، بحيث يتبين ما هو صواب وما هو خاطئ بما يعمل على ثبات القيم السليمة ووضوحها بحيث يمتصها الطفل .. هذا إلى أهمية توفير الهناء العائلي في الجو الذي ينشأ فيه الطفل إذ إن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المشاعر الإنسانية والخبرات التي يمر بها الطفل خلال سني حياته الأولى في الأسرة والسمات الصحية أو المرضية التي قد يعانيها في مستقبل حياته.
7 ـ عوامل بيئية أخرى وراء ظاهرة الجنوح:
قد تكون هناك أسباب أخرى تؤثر في حدوث ظاهرة الجنوح، وعلى سبيل المثال، فإنه لا يمكن إغفال العلاقة بين تدني مستوى الحياة في بعض الأحياء داخل المدن أو القرى وظهور جرائم الأحداث مرتبطة بالأحوال الاقتصادية لتلك الأحياء.
كذلك فإن الصراع الثقافي بين القيم السائدة والقيم الجديدة التي تنشأ عن التحول من المجتمعات الزراعية المستقرة إلى المجتمعات الصناعية، ودخول عناصر ثقافية جديدة إلى الحياة الاجتماعية متمثلة في التكنولوجيا المتطورة في الآلات وفي وسائل الانتقال ووسائل الإعلام وغيرها تؤدي أحياناً إلى انفلات سيطرة الأسرة على أبنائها وإلى خروج الأبناء عن الضبط الذي يحاول الآباء التمسك به، وغالباً ما يؤدي الصراع إلى انحراف الأبناء وجنوحهم، ولا نغفل في ذلك آثار رفاق السوء وضآلة الفرص المتاحة للنشاط الترويحي، فهذه كلها عوامل ترتبط بشكل ما بحدوث الجريمة.
ويرى البعض أن التقلبات في مؤشرات الأحوال الاقتصادية مثل هبوط الأسعار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ووفرة أو ندرة فرص العمل المتاحة. يرتبط بها صعوداً أو هبوطاً معدلات الجريمة والجنوح.
ــــــــــــــــــ
تسع أفكار للمحافظة على ميزانية العائلة
ليس المهم أن نحصل على المال ، لكن المهم هو المحافظة علي المال الذي تحصل عليه ومعرفة كيفية إنفاقه بحكمة وتدبير .
سُئل أحد الأغنياء : كيف جمعت هذه الثروة الضخمة ؟! فأجاب : بقلة المصاريف وحسن تدبيرها
فالعبرة إذن ليست بالحصول علي المال ، فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله تعالي له ، ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط ، ونحن نقدم 9 أفكار تساعد الزوجين في المحافظة علي الميزانية العائلية وتوفير المال .
تكليف شخص بالمتابعة
لا بد من أن يكلف الزوجان شخصاً تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الإيرادات للأسرة ، وقد يكون الزوج هو المؤهل للقيام بالدور أو الزوجة أو أي شخص آخر ، المهم ألا تكون المسألة عائمة وضائعة ، ( علي البركة ) ، بل لا تأتي البركة إلا عندما يتحري الإنسان الأسباب ويتابعها .
الكتابة
لا بد من كتابة كل دخل الأسرة من الإيرادات سواء كانت هذه الإيرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري ، وكذلك كتابة ما يصرفه الزوجان يوماً بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم أدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك .
وضع دفتر خاص
يجب أن يضع الزوجان دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولا يشترط أن يكون على أنظمة المحاسبة المعتمدة ، بل المهم أن تبين فيه الإيرادات والمصروفات والتوفير ، ليقوم الزوجان بالمتابعة والمراقبة ، وإذا كان أحد الزوجين يحب التعامل مع ( الكمبيوتر ) فهناك برامج خاصة لمتابعة الميزانية الشخصية .
تطوير النظام المحاسبي
بعد فترة من الكتابة والمتابعة يمكن للزوجين أن يطورا نظامهما المحاسبي ، ويستفيدا من تجاربهما السابقة ويضعا جدولاً خاصاً بهما حسب مصاريفهما وإيرادتهما .
كن مرناً
لا بد أن يكون من يتعامل مع التخطيط والميزانيات مرناً ، تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب ، فيكون مستعداً لذلك ، بحيث يجعل الميزانية تستوعب أي مستجدات طارئة .
تعليم الأبناء
لا بد أن يجلس الزوجان مع أبنائهما للتحدث بخصوص الميزانية ، وكتابة الحسابات حتي يتعلم الابن أن الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف ، فليس كل ما يشتهيه يشتريه ، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما أن الأبناء يستفيدون من ذلك كيفية إدارة حياتهم المستقبلية .
خطط للمستقبل
إن المحافظة علي الميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة والأهداف التي سيسعيان لتحقيقها حتي يستطيعا أن يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء البيت وزواج الأولاد والمصاريف الصحية عند الكبر وغير ذلك .
الاستعداد للصيف
أعرف أسرة تسافر إلي دولة أجنبية في كل صيف ، والذي يعمله رب الأسرة بعد إعداد الميزانية الشهرية والانتهاء من جميع المصروفات ، أنه يحول إلي حسابه في تلك الدولة ما بين 100 إلي 200 د . ك فلا يأتي الصيف إلا وفي رصيده هناك ما بين ( 1.200 إلي 2.400 ) د. ك ، يستفيد منها في الإجازة للراحة والتسلية ، فكلما كان الهدف واضحاً كانت الميزانية ملبية لحاجات الأسرة .
إبداع في التوفير
علي الزوجين أن يتبنيا أسلوباً مبتكراً للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية ، فمثلاً يسميان أسبوعاً من الأسابيع لا شيء ويحاولان التقليل من المصاريف قدر الإمكان ، أو أن يقتطعا مبلغاً معيناً من الإيراد ليدخلاه في حساب معين لا يمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير ، أعرف شخصاً لديه أربعة حسابات في البنك ، وسألته مرة عن السبب فقال : الحساب الأول : للمصاريف المنزلية ، والحساب الثاني : أستخدمه للطوارئ ، والحساب الثالث : أوفر فيه التقاعد ، والحساب الرابع ، أدخر فيه للإجازة الصيفية ، فقلت له والله إنه إبداع في التوفير .
وختاماً فإن هذه 9 أفكار تعين من قرأها في المحافظة علي ميزانية العائلة ، وإنني أوصي الزوج بأن يراقب حسابه بين فترة وأخري ، وأولاً بأول ، ولا يهمله إلي آخر الشهر فلا يعرف حينئذ كيف يدير حسابه .
ــــــــــــــــــ
الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
من هم أصدقاء أولادك ؟ هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ، وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ، وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد، والأخرى تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفلتون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ، وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ، فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
ــــــــــــــــــ
نصائح للآباء لحماية اطفالهم من الانحراف إلى السرقة
* إعداد: محمد علي قطب الهمشري
ـ اشبع حاجة طفلك إلى المحبة والعطف حتى لا يجد حرجاً في البوح لك بكل ما يختلج في صدره، وليعبر عن سائر رغباته دون أي خوف .. وعامله برفق واستجب إلى طلباته العقولة الممكنة، واعتذر عن إجابة ما تعجز عن تحقيقه، وكن صريحاً وصادقاً في اعتذارك عن عدم إجابة بعض تلك الرغبات.
ـ احترم حق طفلك في تملك الأشياء المناسبة لنموه من اللعب والأدوات واعطه الفرصة للمشاركة في اختيار اللعب وشرائها، ودربه على المحافظة عليها وصيانتها، واجعله يعتز بملكيتها دون زهو أو خيلاء، واسمح له أن يشرك غيره من الأطفال في اللعب بها مع حرصه على استعادتها، واسمح له بأن يتخلص من الزائد مما كان يستخدمه في مراحل نموه السابقة بإهدائه إلى غيره من الأطفال المحتاجين الذي لا تتوفر لهم السبل للشراء، وخصص له مكاناً خاصاً يحتفظ فيه بلعبه وأدواته.
ـ أتح الفرصة لطفلك لاستخدام النقود بتخصيص مصروف جيب يومي مناسب له، يتصرف فيه بحرية، لاستكمال ما قد ينقصه وما قد يحتاج إليه خلال اليوم من أدوات مدرسية أو خلوي أو اشتراكات مالية تطلبها المدرسة لتزيين الفصل أو إقامة احتفال رياضي أو معرض مدرسي .. وراقب استخدامه لنقوده الخاصة مع ترشيد ذلك الاستخدام برفق ودون أن يشعر بعبء التدخل الدائم في شؤونه الخاصة .. واسمح له بأن يتصدق أو يحسن إلى المحتاجين من تلك النقود.
طفلك يعيش في مجتمع صغير يضم أطفالاً آخرين مثله .. وينبغي أن يتوفر له في ملبسه ومظهره وأدواته ولعبه ونشاطاته المختلفة ما يتوفر لغيره من الأطفال، حتى لا يكون شعوره بالنقص دافعاً له لسلوك أساليب غير سليمة.
ـ لا ينبغي أن يشعر الطفل بأنه طفل مدلل يتصرف وفق هواه، ولا يصح أن يغرقه سائر أفراد الأسرة بمبادراتهم الطوعية للاستجابة لرغباته، لأن في ذلك إساءة القيم التي تربيه عليها، وينبغي أن يكون كل ما يقدم للطفل بموافقة أبويه وتحت إشرافهما وتوجيهما ومحاسبتهما للطفل برفق وإرشاد ونصح حول صرف النقود وادخار الفائض منها.
ـ ينبغي أن يشعر الطفل دوماً بانتمائه الكامل إلى الأسرة، فهو أحد أفرادها ويتحمل المسؤولية على قدر نضجه في الحفاظ على صالحها وممتلكاتها، لذلك لا ينبغي أن يشعر الطفل بأنه لا يستطيع فتح الأدراج أو الخزانات بل على العكس من ذلك ينبغي أن يكلف بإحضار أشياء معينة من الدرج أو الخزانة مع توجيهه إلى الحرص على الأشياء المحفوظة حتى لا تتبعثر أو تضيع، لأنها ملك الأسرة وسوف تحتاج إليها في وقت ما.
ـ ينبغي أن يعامل سائر الأخوة في الأسرة على قدم المساواة، فلا يميز أحد الأبناء على غيره من الأبناء، حتى لا يتولد الشعور بالغبن أو الحقد مما قد يدفع من يحس بالظلم من الأبناء إلى الانتقام من ممتلكات الطفل المميز أو ممتلكات الأبوين نفسيهما.
ـ يمكن أن ترصد الأسرة حوافز تشجيعية يحصل عليها الأبناء إذا قام أيهم بعمل يعود على الأسرة بالخير .. وقد يكون هذا العمل: خدمة ترتبط بنظافة المنزل، أو إصلاح الأجهزة المنزلية كما قد تكون معاونة قدمت من أحد الأبناء إلى أخ من إخوته، أو عملاً من أعمال البر والخير والإحسان قام به .. إلخ. بذلك يعرفون أن العمل سبيل لتنمية الثروة.
ـ ينبغي أن تراقب الأسرة مقتنيات الطفل الخاصة .. فإذا ما طرأت عليها أية زيادة أو نقص حرصت الأسرة على التعرف على مصدر الزيادة أو سبب النقص، مع توجيه الطفل إلى رد ما ليس له إلى صاحبه واستعاده ما نقص من مقتنياته الخاصة، والحرص على ماله وعلى مال الغير على حد سواء.
ـ تحرص الأسرة والمدرسة على توجيه الطفل إلى الحفاظ على المال العام متمثلاً في الطريق العام والحدائق العامة وأعمدة الإنارة والهواتف الخاصة بالعملة الموجودة في الطريق العام وصناديق البريد .. إلخ. كما تحرص الأسرة على أن تضرب المثل للطفل في التزامها بسداد الرسوم المستحقة نظير استخدام التيار الكهربائي والمياه ورسوم النظافة، فكلها حقوق عامة للمجتمع يسهم المواطنون في تكلفتها وإدارتها حرصاً على الصالح العام.
ـ البعد التام عن العقاب البدني المبرح أمر ضروري لسلامة البناء النفسي للطفل، ولكي تدوم الثقة والصراحة بينه وبين المربي، وحتى لا يلجأ إلى الأساليب المرضية في السلوك لكي يرضي السلطة ومن تلك الأساليب الكذب والغش والتزوير وهي تؤدي إلى الانحراف والسرقة
ــــــــــــــــــ
حتى تكوني أماً صالحة للمراهق
* رثعاء المقيم
تعتقد بعض الأمهات أن نجاحهن في سياسة أطفالهن قبل انخراطهم في المراهقة كفيل لها بأن تنجح في سياستها وتربيتها وقد خرجوا إلى طور المراهقة. ولا يدرين أن هناك صفات مختلفة تماماً تظهر في المراهقة؛ لذلك لا بد للأم أن تبدأ بفهم التغيرات التي حدثت في الكيان الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي لابنتها وقد دخلت في طور المراهقة حتى تنجح في التعامل معها.
فالواجب على الأم أن تفهم طبيعة هذه المرحلة، وأن تضيف فهماً واقعياً وفلسفة تربوية؛ لأنها لا تربي أبناءها للاحتفاظ بهم في حضنها، ولا ليظلوا خاضعين لإرادتها، بل يجب أن تربيهم لأنفسهم. كذلك لا تضع في اعتبارها أن الطفولة اعتماد على الأم والمراهقة استقلال عنها، بل إن النمو في تدرجه يلازمه نمو القدرة على الاستقلال لدى الشخص. وأنها مرحلة التغاير والتأكيد على أوجه الاختلاف. (وهي مرحلة المقارنة مع الوالدين).
• الاتزان الوجداني
أكثر الأشياء أهمية بالنسبة للتكوين النفسي للأم هو الاتزان الوجداني؛ وذلك بعدم التهور والثورة والهدوء والاتزان العاطفي لديها. فقد اكتشف علماء النفس أن كثيراً من الأمراض النفسية التي تظهر في المراهقة إنما ترجع إلى حالات الصراع الذي نشأ لدى المراهق بسبب ما يراه من تناقض وجداني في علاقة الأم والأب، وكذلك الأم "العصبية". ونتيجة لذلك لا تصبح موضع ثقة لأولادها؛ لأن المشاكل بحاجة إلى طول صبر وقدرة على الإنصات وتقبل للوقائع بموضوعية وهدوء وحنان واتزان وجداني.
• السيطرة بالحب
أن تكون الأم متفهمة ومتبصرة بواقع العلاقة الوجدانية بينها وبين أبنائها المراهقين، فلا تستخدم تلك العاطفة إلا لصالح أبنائها، ولا تجعل من حبها وسيلة لمناوأة الأب أو النيل من مكانته في الأسرة.
• المشورة الصالحة
لكي تستطيع الأم تقديم المشورة لا بد لها أن تكون متزنة وجدانياً ومستنيرة ومعتدلة التفكير والمزاج، وصادقة الحس، وقادرة على الاستحواذ على ثقة أبنائها.
كذلك أن تدرك أن طريقة تقديم النصيحة فن ويجب أن تتدرب عليه الأم، فالهدوء والإيضاح وعدم فرض الرأي بشدة وتقديم المشورة بطريقة موضوعية وغير حماسية، ويساعد على تقبل الرأي بغير مقاومة من جانب المراهق (ونبرات الصوت مهمة في تقديم النصيحة).
وأيضاً اختيار الوقت المناسب لتقديم النصيحة، وإعطاء الأبناء فرصة كافية للتعبير عن خلجاتهم ومشكلاتهم.
• كاتمة الأسرار
على الأم أن تحدد معايير السر وفقاً لمعايير أبنائها وليس معيارها، وأن تحافظ على أسرارهم لكي لا تفقد ثقتهم، ولا يعني الأم كثيراً أن تفهم التفاصيل بالنسبة لهذا النوع من الأسرار النفسية التي يقصد المراهق من إفشائها لها التخفيف من حدة التوتر النفسي لديه. وأيضاً ألا تبدي أي امتعاض أو علامة على وجهها أو حب استطلاع، بل يجب أن تأخذ الأمر مأخذاً موضوعياً، ولا تبدي أي اهتمام بما تسمع مهما كان مثيرا، وأن تمرن نفسها على حسن الإصغاء.
وحبذا لو خصصت لكل واحد من أبنائها وقتاً وتبدأ معه الحديث في أموره، وتطمئنه بأنها ستحافظ على أسراره بعيداً عن الناس
ــــــــــــــــــ
الحاح الوالدين ونتائجه على الأطفال
* إياي لاوند
إذا اتفق إن رأيت أُماً تحاول إنهاض طفلها المتأخر عن موعد المدرسة من الفراش منذرة موبخة، وتلح عليه أن يسارع إلى الاغتسال وارتداء ملابسه، ثم تناول فطوره، فإنك ستقررين جازمة أن لا تقفي أبداً موقفاً كهذا. وعليك أن تتذكري إن الطفل المتراخي الكسول، لم يخلق كذلك، بل معظم هذه الحالات يتحول إليها الطفل شيئاً فشيئاً، وذلك بسبب الإلحاح المتواصل «عجّلْ، أنْهِ غذاءك»، 0كم مرة علي أن أذكرك بالتأهب للذهاب إلى النوم؟» من السهل أن تتعودي الإلحاح على الأطفال، ولكن ذلك يولد فيهم عناداً وشروداً ذهنياً. أما الأبوان فيدعيان إنهما مضطران إلى الإلحاح والإصرار وإلا فإن طفلهما لا يخطو خطوة واحدة نحو ما يجب عليه أن يفعله. وبذلك يدور الأمر في حلقة مفرغة مخيفة، ولكن الأبوين هما اللذان يبدآنها، والأم، في أكثر الأحيان، هي التي تفعل ذلك. فقد تكون من النمط الذي لا صبر عنده تحدوها رغبة في السيطرة، ولا سيما على الذكور. وهي عادة لا تدرك مدى ما تلحقه بابنها من الأضرار حين تجرده من أخذ زمام المبادرة.
ففي السنوات الأولى، وقبل أن يصبح الطفل قادراً على تنفيذ التعليمات، لابد لك من أن ترشديه وتفسري له كيف يقوم بمختلف الأعمال العادية. ولكن حين تتقدم به السن قليلاً ويصبح راغباً في تولي بعض المسؤوليات بنفسه، ابتعدي عن المسرح بأسرع ما تستطيعين. فإذا ما تعثر في أداء المطلوب منه، فلا باس بأن تعودي إلى إرشاده، والأخذ بيده. وعندما يبدأ في الذهاب إلى المدرسة، دعيه يعتبر أن من واجبه أن يعرف كيف يصل إلى المدرسة في الموعد المحدد. فقد يكون من الأفضل تركه يتأخر عن موعد المدرسة مرة أو مرتين أو تركه يتأخر حتى عن سيارة المدرسة فلا يذهب ذلك اليوم كله إلى المدرسة، بحيث يحس هو بنفسه مدى الخسارة الفادحة التي عاناها بسبب تلكؤه. فالطفل بطبعه يكره أن يختلف عن المواعيد أكثر مما تكره أمه نفسها. تلك هي الوسيلة المثلى التي تدفعينه بها للسير في الطريق الصحيح.
ــــــــــــــــــ
كيف نواجه أسئلة أولادنا المحرجة؟
* هبة الله الغلاييني
لا يزال الهروب من مواجهة الأسئلة المحرجة لأبنائنا هي القاعدة التي تستند إليها التربية في مجتمعنا, فالجنس مثلاً لا يزال يعتبر, حسب الرأي الشائع عندنا, (رجساً من عمل الشيطان), يضفي إليه عقد الزواج طابعاً شرعياً دون أن يبدل شيئاً في طبيعته.
إن الجنس في بداياته, يحمل بذور طاقة الحب, فإذا أتيح أن ينطلق في جو مؤاتٍ من العطف والتفهم, والرعاية, كان له حظ كبير بأن ينمو بشكل متكامل ـ منسجم وبأن تنمو معه طاقة الحب التي من شأنها, هي وحدها, أن تهذبه في العمق, لأنها وحدها تحرره فعلاً من عشوائية الغريزة وفظاظتها وأنانيتها. أما إذا تنكرت له التربية وحاولت ضربه في جذوره ولجمه في منابعه, فإن جل ما تصل إليه في معظم الحالات هو مسخه وتشويهه.
أسئلة مربكة
* كثيراً ما يطرح أولادنا أسئلة محرجة حول الجنس مثل: من أين يأتي الطفل? من أين يولد الطفل? ماذا يفعل الزوجان كي ينجبا طفلا? هل تتألم الأم عندما يخرج الطفل?
وأسئلة أخرى كثيرة تصيبنا بالإرباك والحيرة. فنقف أمام مواجهة صعبة لتساؤلات أولادنا حول الجنس. إن هذه التساؤلات قد تسبب ورطة للوالدين, تدفعهم إلى اعتماد الكذب في محاولة منهم للتخلص من الحرج الذي تسببه لهم.
هذا الارتباك يفسر إلى حد بعيد إحجام الأهل عن إعطاء أولادهم المعلومات التي تتعلق بالجنس وإهمالهم لهذا المجال من مجالات التربية رغم أهميته الحيوية. فكثير من نسائنا الأمهات تُركت تربيتهن الجنسية للمصادفة, فيما لم تتلق أخريات أي تربية جنسية من أهلهن.
وقد أخبرتني إحدى صديقاتي أن خجلاً شديداً انتابها عندما سألتها ابنتها, البالغة من العمر 13 سنة, من أي مكان من الجسم يخرج الأطفال. وعبرت حينذاك عما أصابها من اضطراب بقولها: (شعرت وكأني تلقيت على رأسي ضربة مطرقة).
وتبين بعض الاحصاءات أن مصادر الإعلام الجنسي غالباً ما تكون على يد الأقران وليس الوالدين.
أما أسباب هذا الارتباك فيمكن أن تلخص بسببين:
* أن أسئلة الولد عن الجنس تضع على المحك موقف الوالدين الشخصي العميق من هذا الموضوع, حيث إن هناك عوامل عدة تحول بين الأهل واعتبار الجنس أمراً طبيعياً وتمنعهم من الحديث عنه بشكل طبيعي مع أولادهم.
من هذه العوامل: الخفر الطبيعي حيال ما يرتبط بحياتهم الحميمة, الشعور بالقلق والاثم حيال قضايا الجنس.
ويغتذي شعور القلق والاثم بالتربية العميقة التي تلقاها الكثيرون من الأهل في هذا الميدان في طفولتهم, والتي كثيراً ما تئول إلى تشريط سلبي تجاه الجنس, أي ربطه بصورة مفتعلة بمشاعر وردود فعل سلبية تصبح تلقائية بتأثير التربية. كما أن كل ما يشوب العلاقة الزوجية من معكرات من شأنه أن يوقظ ويغذي تلك المشاعر السلبية تجاه الجنس.
* يصعب على الوالدين أن يتصورا أن للولد حياة جنسية, فالارتباط الشائع, على صعيد الذهن والشعور, بين الجنس والاثم, مسئول إلى حد بعيد عن تجاهل الكثير من الآباء للحياة الجنسية التي يحياها الولد. وكأنهم قد نسوا طفولتهم وخبراتها بسبب الطابع المقلق الذي اتخذته تلك الخبرات في حينها مما أدى إلى كبتها أي إلى عزلها عن مجال الوعي وتغييبها في طيات النسيان.
من هنا شاع ذلك الوهم لزمن طويل عن (براءة) الطفولة (وكأن الجنس مناقض حكماً للبراءة). علماً بأن الجنس لا يبرز فجأة إلى حيز الوجود عند المراهقة مع نضج الغدد والأعضاء التناسلية إنما له تاريخ أعرق وأقدم يبدأ مع بدء الحياة.(54/228)
فالأهل لا يزالون على الاعتقاد بأن الجنس لا يظهر قبل فترة المراهقة, فلا يخطر على بالهم بأن لدى ولدهم قبل ذلك هواجس من هذا النوع. لذا يستبعدون, بكل حسن نية, كل حديث أمامه أو إليه عن موضوع الجنس خشية أن يلحق به اضطراب ويصيبه أذى من جراء احتكاكه قبل الأوان بمسألة هي (أكبر من سنه). وهذا يدفعهم في بعض الأحوال إلى قمع أسئلة الولد وتصرفاته بشدة بالغة يمليها قلقهم, ويحس الأولاد بأن الموضوع خطر, وأن من الأفضل الإعراض عنه فيتظاهرون بعدم الاكتراث.
الجنسية الطفلية
إن الجنسية الطفلية تلعب دوراً رئيسياً في نمو الطفل على كل الأصعدة, من جسدي وعقلي وعاطفي, فإذا أتيح للطفل أن يحياها بشكل سليم, أي بشكل يسمح له بالتعبير الحر الصريح عنها, كان لها دور كبير من تأمين اتزانه وانشراحه, وفي التمهيد لاكتماله النفسي عند الراشد, وفي إنجاح خبرته الزوجية والوالدية المستقبلية وإسعادها. فالتجاوب المرحب للأهل مع أسئلة الولد عن الجنس هو من مقومات ذلك المناخ الذي يوفر للجنسية الطفلية أفضل شروط المساهمة في تأمين النمو السوي للطفل.
إن الأسئلة التي يطرحها الولد عن الجنس ترتدي أهمية بالغة بالنسبة إليه, فهي مظهر من مظاهر العطش إلى المعرفة يعبر عن تغطية العقل لدى الطفل ويلعب دوراً مهما في إنماء هذا العقل. إذ بفضلها يقبل الطفل على اكتشاف جميع المعارف ويتلقاها بشغف. لذا ينبغي علينا نحن المربين أن نرحب بهذه الأسئلة ولو أزعجتنا بكثرتها, أو أربكتنا أحياناً بمضمونها. فهي مظهر من مظاهر النمو والتقدم لدى الطفل, كما أنها ترتبط بطاقة غريزية وعاطفية قوية تتأجج فيه وتتعدى مجرد غريزة التناسل لتغذي كل اندفاع إنساني نحو السعادة والانشراح والمعرفة والفكر والإنتاج والإبداع.
والآن علينا أن نسأل نحن ذلك السؤال: من أين يستقي الطفل الإجابة?
عالم الكبار
إن الولد يرغب بإلحاح أن يأتيه الجواب من والديه. لأن الجنس بالنسبة إليه ليس موضوعا مجردا, إنما هو قبل كل شيء عالم والديه في اكتشافه الأول والأساسي له يتم من خلالهما. فهو يدرك بشكل واعٍ أنه من بطن أمه خرج (بما يوحي له ذلك من رباط بالغ الخصوصية بينه وبينها), ولكنه يحدث أيضا بالفطرة العلاقة القائمة بين والديه وكونه هو ثمرتها ونتاجها. وإذا كان الولد يحس عالم الجنس على أنه عالم والديه فهو ينتظر بالتالي منهما أن يتيحا له فرصة الدخول إلى عالمهما هذا, عالم الكبار, والمشاركة في أسراره أكثر من مجرد نقل المعلومات. ينتظر أن يسمحا له بالإطلال من خلال كلامهما ومواقفهما على حقيقة الجنس المعيشة كما يختبرانها. إن قبول الغريزة الجنسية على أنها قيمة من قيم الحياة, وقبول الحب الجسدي على أنه أحد عناصر الحب الزوجي الأساسية, يسمح وحده لهما باتباع خط إيجابي. فلا شيء يقوم مقام الوالدين من حيث كشف أسرار الحياة لأولادهم, مما لا ينفي أن تتوسع تربية الولد الجنسية, وخاصة حين المراهقة, من خلال مطالعات شخصية (وللأهل دور كبير في توجيه أولادهم نحو المطالعات المفيدة التي تتناسب مع حاجاتهم في هذا المضمار) أو على مربين من غير الأهل (من معلمين أو مرشدين أو أطباء اكتسبوا كفاءة لهذا الدور).
هذه المهمة لا يقوم بها الأهل بالكلام فحسب, بل بكيانهم كله, بخبرتهم المعيشة ومشاعرهم الحميمة, بمواقفهم الذهنية الحياتية.
المهم بالنسبة لأولادنا أن يلاحظوا فينا سعياً إلى التقدم في التعارف والحب والتبادل. فالأولاد يشهدون مشاجرة ولكنهم يشهدون أيضاً عودة إلى التفاهم, يشهدون صراعات (قد تكون مسلحة!) ولكنهم أيضاً يشهدون تحركات نحو مصالحة فرحة, يشهدون لحظات (نرفزة) وتوتر ولكنهم يشهدون أيضا معانقات وقبلات مفعمة بالمحبة الحسية.
لذا, فإن مسئولية التربية الجنسية الذاتية, مراجعة مواقفهم حيال الجنس ونوعية علاقاتهم الزوجية. من هنا فائدة مطالعاتهم لكتب تتحدث عن التربية الجنسية وعن الجنس بشكل عام, وضرورة الجواب الزوجي الصريح حول هذه الشئون.
الضن بالإجابة
إن إجاباتنا لن تتسم بطابع الكمال ولا المثالية, غير أنه علينا أن نلتزم الصدق وعدم التمويه. فالولد لا يقتنع بالجواب الكاذب ويكتشف في قرارة نفسه زيفه ولو تكلف قبوله احتراماً لسلطة الوالدين. كما أن هناك نتائج تترتب في شخصية الولد وعلاقته بوالديه عندما يضن عليه أهله بتقديم الأجوبة الصحيحة له عن هذا الموضوع الحيوي. من هذه النتائج:
* الكبت الجنسي وما يتأتى عنه:
يشعر الولد أن ميدان الجنس ميدان مخيف وآثم من جراء تهرب والديه من الإجابة عن أسئلته العفوية عن الجنس, فيحاول التهرب من مواجهة النزعة الجنسية في داخله وتجاهل وجودها فيه. وهذا ما يسمى كبتا بلغة فرويد. هذا الكبت قد يتأتى عنه عدة نتائج سلبية منها:
* نفور من الجنس: ينعكس هذا النفور سلبياً على علاقة المرء بالجنس الآخر بشكل عام, مما قد يتسبب في تعكير حياته الزوجية أو تفشيلها.
* عزل الجنس عن مسار الشخصية المتكاملة: إن كبت الطاقة الجنسية يعزلها عن سائر الكيان دون أن يجردها من زخمها وتوثبها. إنه يبقيها على هامش الشخصية الواعية, جسماً غريباً يفعل بشكل عشوائي بمعزل عن الرقابة والتوجيه. كما أن عزلها يحول دون تفاعلها مع سائر ملكات الشخصية وميولها.
* تأجيج الفضول الجنسي: يلاحظ أن كبت الفضول الجنسي قد يؤدي إلى نتيجة هي على نقيض ما ينتظره المربون, ألا وهي أن الولد قد يبدي اهتماماً شديداً ذا طابع هجاسي بأمور الجنس.
تقول الباحثة الاجتماعية كوستي بندلي: (الطفل الذي ينال أجوبة صحيحة وواضحة عن أسئلته يحظى باطمئنان يخفف من حدة فضوله الجنسي الذي يزكيه القلق, وبقسط من الإشباع الغريزي يكفيه ليتخطى هاجس المعرفة الجنسية وليسمو بطاقة الفضول الجنسي عنده, موظفاً إياها في ميادين أخرى تتناول سائر أنواع المعارف والاختبارات. إن الشغف الطفلي بالمحجوب المتفرع عن تأجج الفضول الجنسي المقموع قد يترك آثارا عند الراشد يتجلى في ولعه بالتعاطي مع الخفايا, وصغير الفضائح وكبيرها).
* الخمول الذهني: إن فشل الطفل في الحصول على أجوبة شافية عن تساؤلاته حول الجنس, رغم عناده وإصراره, يضعف ثقته بقدرته العقلية, وتتضاءل عنده الرغبة الطبيعية في المعرفة بسبب الخيبة التي أصيب بها. فتتولد لديه نزعة إلى الإحجام عن ممارسة ذكائه فيصبح تلميذاً خاملاً لا يكترث بمختلف المعلومات التي يتلقنها رفاقه.
* اختلال ثقة الولد بنفسه وثقته بوالديه:
إذا كان تخلف الوالدين عن التجاوب مع تساؤلات ابنائهم حول الجنس من شأنه أن يئول بهؤلاء إلى الكبت الجنسي وما يتأتى عنه من نتائج سلبية على نمو الشخصية فهو حري بأن يؤدي إلى اختلال ثقة الولد بنفسه وثقته بوالديه. فعندما يتصور الولد أن والديه لا يرغبان بإشراكه في أسرارهما, أسرار الراشدين, وأنهما بالتالي لا يريدانه حقاً أن يكبر ويصبح شبيهاً بهما, تضعف ثقته بهما, وينشأ لديه شعور عدواني تجاههما, يبرز في فترة المراهقة. فالتفاوض الحر بين الأهل والمراهقين حول موضوع حساس للغاية كموضوع الجنس, إنما يمهد له عادة بمصارحة متبادلة بين الطرفين حول هذا الأمر في أعوام الطفولة مما يشيع مناخاً من الثقة المتبادلة يسمح بالعودة إلى الموضوع دون حرج كبير في فترة المراهقة.
* اضطرابات السلوك:
إذا كان حجب الحقيقة عن الولد في موضوع الجنس من شأنه أن ينشيء عنده, كما بينا, الكبت الجنسي وتوابعه واختلال ثقته بنفسه وبوالديه, فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك على السلوك فيحدث فيه اضطرابا ذا أشكال متعددة, كالشرود, والسرقة, والكذب, والقلق وما يثيره هذا القلق من عدوان, كما أن اللاانضباط المدرسي غالبا ما يكون مرتبطاً بقمع للفضول الجنسي.
خطوط عريضة
من أجل معالجة هذا الموضوع, هناك خطوط عريضة ينبغي أن تسير بموجبها مهمة الإعلام الجنسي: منها, الانتباه إلى أسئلة الولد, إذ ينبغي أن يصغي الوالدان إلى الأسئلة التي يطرحها الولد عن الموضوع. وقد تأتي هذه الأسئلة تلقائيا أو تبرز لدى الولد نتيجة سماعه لعبارة لم يفهم معناها أو خبر لم يستوعب مضمونه. المهم أن نوجد المناخ المناسب الذي يسمح للولد بطرح أسئلة, متبعين تطورها ومواكبين لها, بحيث يأتي إعلامنا منسجما في كل مرة مع حاجة الولد وهاجسه.
أما طريقة الإجابة, فهي أن ننطلق قدر الامكان من تصورات الطفل, وأن نتعامل مع هذه التصورات لنوضحها ونبلورها ونكملها. فالولد يحدس بالفطرة بعض ما يتعلق بالجنس. كما أن ملاحظاته الشخصية واستنتاجاته تسمح له بإدراك بعض نواحي الموضوع. فيستحسن عندما يطرح الولد سؤاله علينا, أن نسأله بدورنا ماذا يتصور هو عن الموضوع. فإذا أفصح عما يراود ذهنه من تصورات, انطلقنا منها معه مستدرجين إياه إلى مزيد من التفكير والتحليل.
وينبغي على الوالدين أن يعتمدا في الإعلام الجنسي النبرة العادية التي يستخدمانها في أي إعلام آخر, وذلك كي يشعر الولد, من خلال لهجتهما نفسها أن مجال الجنس إنما يندرج في واقع الحياة الطبيعية. كما أن الإعلام الجنسي العائلي ينبغي ألا يقتصر على مجرد المعلومات التشريحية والفيزيولوجية ففضول الولد يتعدى مجرد الفضول النظري إلى فضول حياتي, كياني.
إن التعامل الحر السليم مع الجنس يقتضي أن يتحدث الأهل ببساطة عن الخبرة الانفعالية التي ترافق الجنس وتكون بعدا أساسياً من أبعاده.
وثمة خطأ قد يرتكب بشأن الإعلام الجنسي العائلي, ألا وهو الاعتقاد بأن المعلومات اللازمة تعطى كلها دفعة واحدة وينتهي الأمر. إن هذا التصرف يتجاهل خصائص الولد ومقتضيات نموه وقواعد تعلمه. فالمعلومات ينبغي تكرارها أمام الولد بأشكال متعددة وعلى مستويات متفاوتة كي تترسخ في ذهنه ويتم له تدريجيا حفظها واستيعابها بحيث يتطور إدراكه لها بما يتواكب مع نمو عقله ومعرفته. فعلى الراشد ألا يتوهم أن الشروحات التي أعطاها مرة للولد إنما هي كافية, فما أدركه الولد في هذه المرة يدركه بشكل ناقص ثم ينساه, فعلى الوالدين أن يعيدا الشرح وأن يتابعا باستمرار وضع النقاط على الحروف استنادا إلى ما يلمسانه من حاجة الولد عبر الحوار معه, حيث إن نمو الولد يستدعي في كل مرحلة عودة إلى الموضوع تتناسب مع المستوى الأرقى الذي بلغه عقله.
ولا ننسى أهمية الجو الذي ينبغي أن يتم فيه الإعلام الجنسي العائلي, حيث إن المناخ الحواري بين الوالدين والأولاد هو شرط أساسي من شروط التربية الجنسية الصحيحة, وهو كفيل بحد ذاته بأن يساعد هؤلاء على السير في طريق العلاقة الناضجة التي هي مقياس للممارسة الجنسية المكتملة. وهي مقياس لكل سلوك إنساني أصيل. من نافلة القول إن التربية الجنسية لا يمكن بحال من الأحوال أن تقتصر على الإعلام (Information) إنما ينبغي أن ترافق هذا الأخير تنشئة (formation). والتنشئة هذه لا تقوم على قمع طاقة الحب في الولد, عبر قمع النزعة الجنسية فيه, كما هو شائع في التربية التقليدية, إنما تقوم على تنمية هذه الطاقة, لأن التنمية كفيلة بحد ذاتها بضبط الجنس وبتهذيبه وفقاً للمتطلبات الإنسان
ــــــــــــــــــ
ثقافة الاعتذار بين الزوجين ...!
استطلاع - جليلة كمال:
الاعتذار سلوك حضاري بين الناس عامة والزوجين خاصة، ومن يخطئ يتوجب عليه الاعتذار، لكن القليلين فقط يجدون الشجاعة للاعتذار عن أخطائهم للآخرين وخاصة اذا كان الآخر هو الزوجة، بدعوى أن ذلك يهدر كرامتهم ورجولتهم
لكن، هل حقيقة ان الازواج يشعرون بالمهانة عندما يطلبون من زوجاتهم ان يسامحنهم على خطأ ارتكبوه في حقهن؟ وما هي البدائل التي يختارونها للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟
أسئلة كان الهدف منها جس نبض الزوجات لمعرفة كيف يتعايش مع اخطاء الازواج، وهل يشترطن تلقي اعتذار صريح كي يصفحن عن زلات شركاء حياتهن.
تغادر الزوجة بيت الزوجية بعد تعمق فجوة الخلاف بينها وبين زوجها كوسيلة من وسائل التعبير عن غضبها واحتجاجها على معاملته لها.
بل ان الطلاق قد يحصل، وينصرف كل واحد الى حال سبيله، بعد استحالة الحياة بين الزوجين، بسبب تمادي أحدهما في إساءة معاملة الآخر، وبعد ان لا يكون هناك من حل سوى الانفصال بعد تأكد الطرفين من استحالة الحياة بينهما.
لكم وبعد ان ظن الجميع ان العودة باتت مستحيلة، يحدث ان يقرر الشريكان اعادة رباطهما الى سابق عهده، فما لبثت ان تعود المياه لمجاريها، ويبدأ الاثنان بداية جديدة، والكل يتساءل: كيف تمكنا من ذلك بعد كل ما حدث بينهما؟ خاصة وأن الخلاف في بعض الحالات يكون عميقاً، والزوجان يمكن ان يكونا قد تبادلا شتى انواع الاتهامات والشتائم الجارحة، وهو ما يعني انهما فقدا احترامهما لبعضهما.
المسامحة عملية دقيقة
اعادة العلاقة الزوجية الى سابق عهدها بعد ان يكن الشرخ قد اصابها، يستلزم تحقق حالة من الصفح والمسامحة وبذل المجهود النفسي المطلوب لنسيان ما حصل، لأنه من غير الطبيعي ان يستمر المرء في العيش تحت سقف واحد وهو يضمر للآخر الكثير من مشاعر الغضب والحنق والحقد.
كيف تتم عملية الصفح والغفران؟ ومن يطلب السماح والصفح من الآخر؟ وكيف يتم ذلك؟ هل يشعر الزوج بالمهانة عندما يطلب من زوجته ان تسامحه على خطأ ارتكبه في حقها؟
لماذا يكاد جل الازواج يقصرون تلك اللحظات على فضاءات واوقات معينة، غالبا ما تكون في ساعات متأخرة من الليل، مما يعني ان اكثر اللحظات حميمية في العلاقة الزوجية، هي التي تكون شاهدة على العبارة التاريخية التي لا تتكرر الا نادرا: »سامحيني.. أنا مخطئ!«.
هل يشعر الأزواج فعلا بالدونية وبالمهانة وهم يقدمون اعتذارا لابد منه عن خطأ جسيم اقترفوه في حق زوجاتهم أو أسرهم؟
ما هي البدائل التي يختارها الأزواج للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟
هل تكفي الهدايا والدعوات وتوزيع الابتسامات والكلمات الرقيقة وعرض المساعدة في القيام ببعض اشغال البيت، للإيفاء بالغرض وتحقيق المطلوب؟ ام ان الزوجة تحتاج لاعتراف صحيح من زوجها يؤكد لها فيه أنه نادم على ما فعل، وحزين لأجل ما تسبب لها فيه من ألم.
هل تغفر المرأة زّلات الرجل؟
اذا كانت بعض الزوجات يؤكدن انه بوسعهن الصفح عن كل اخطاء الأزواج وحماقاتهم ماعدا المساس بكرامتهن في مقابل التغاضي عن بعض هفوات الأزواج، ففي النهاية لا يمكن التجاوز عن جميع اشكال الاخطاء مهما بلغ حجمها.
بينما تكتفي زوجات اخريات -أقل حظاً في علاقتهن الزوجية- بأضعف الايمان، فيكفيهن القليل حتى يطوين الصفحات المؤلمة من حياتهن ويفتحن صفحة جديدة على أمل ان تكون أكثر بهجة واستقرارا، ولكن هل يفلحن في النسيان حقاً؟
ذلك هو السؤال الذي ينبغي ان تطرحه كل زوجة على نفسها، قبل ان تدخل في دوامة من الأخطاء المتكررة.
الكثير من السيدات يؤكدن ان غلطتهن الكبرى كانت انهن صاحبات قلب ابيض يغفر كل أنواع الإساءات، وهو ما شجع ازواجهن على التمادي في الخطأ.
وفي النهاية، هل يمتلك الأزواج الشجاعة الضرورية لارتكاب فضيلة الاعتذار سواء كان ذلك مباشراً او مقنعا، وقبل ذلك هل تتشبث الزوجات بالتمتع بهذا الحق قبل القبول بالصفح؟ هذه طبيعة الأسئلة التي طرحت على بعض الأزواج وفيما يلي بعض الشهادات حول هذا الموضوع.
الاعتذار بطريقة غير مباشرة
سندس الحميدان »???? سنة، موظفة، متزوجة منذ ست سنوات ولها ثلاثة أطفال« تقول: »من الصعب نسيان ما لحق بي من اذى من زوجي، الا انني اجاهد كي لا تستعيد ذاكرتي تفاصيل بعض الاحداث المؤسفة التي اخترقت حياتي الزوجية، لأنني مؤمنة بأن النسيان أفضل دواء للمعاناة وللنفس المجروحة، وأمنّي نفسي بطي صفحة الماضي من حياتي حتى اتمكن من العيش الى جوار من اختاره القدر زوجا لي.
لطالما كنت اعتقد بأن زوجي رجل متفهم حنون، ولا يمكن له ان ينزل الى الدرك الأسفل للأزواج الذي يسيئون معاملة زوجاتهم، فهو قد دأب على معاشرتي بالمعروف منذ بداية ارتباطنا، وكنت متأكدة من أن معاملتي المتميزة له لن تدفعه سوى الى غمري بالكثير من العطف والحنان، الا انني كنت مخطئة، ويمكن أن أقول دون مواربة بأنني كنت ساذجة لأنني كنت اراهن على أشياء غير محسوسة هي مشاعره الجميلة تجاهي، وأغمض عيني عن حقيقة ان المؤثرات الخارجية يمكن ان تعمل عملها في شخصيته، فتجعل منه رجلاً آخر غير ذاك الذي عرفته وأحببته.
في بداية زواجنا، تعرضت علاقتنا للكثير من المطبات التي كنا نجتازها بأمان، وكنا نتعمد تجاوز المواجهات العنيفة والخلافات العميقة، وذلك حتى لا يستمر خصامنا فترة طويلة.
من فرط سذاجتي، كنت أعفي زوجي من الاضطرار للاعتذار لي حتى لو كان الأمر يستحق ذلك، وذلك لأنني لم أكن ارغب في احراجه، لمعرفتي بحساسيته تجاه كلمة »آسف«، ناهيك عن أنني كنت مؤمنة اشد الايمان بأن العلاقة بين الزوجين فيها من الخصوصية والحميمية ما يجعلها تسمو على مثل هذه الحسابات الحاضرة بقوة في العلاقات الانسانية العادية.
وكانت النتيجة اني تسببت عن غير قصد في جعل زوجي لا يتحرج من ارتكاب الأخطاء في حقي، وقد يحدث ذلك أمام افراد من عائلته، وهو ما يزيد جرحي غورا.
بعد ان تكررت ثوراتي لهذا السبب، استطيع القول ان زوجي اصبح اكثر اقتناعا بضرورة تطييب خاطري، وان كان يختار لذلك طرقاً غير مباشرة من قبيل عرض مساعدتي في المطبخ، او تقديم هدية رمزية، او اقتراح دعوة اهلي للعشاء.
مع مرور الوقت، اصبحت افهم المغزى من هذه الاشارات الرمزية، وأتجاوب معها كدلالة على انني قبلت اعتذاره، ففي النهاية لابد ان تستمر الحياة، وحسبي انني استطعت افهامه بأن فضيلة الاعتذار مسألة أساسية، ولا معنى للتنازل عنها حتى عندما يتعلق الأمر بإطار حميمي تتهاوي خلاله كل الحدود والمسافات، وهو رباط الزوجية!
أنت غبية
فاطمة محمد »متزوجة منذ أكثر من عشرين سنة، ربة بيت ولها ستة أولاد« تقول: قضيت عشر سنوات مع زوجي في صمت مطلق، فقد كان قليل الكلام معي، وهو متعلم وأنا متوسطة التعليم ورغم انني من اسرة غنية الا انه لا يتردد في توبيحي دائما ونعتي بالغبية وبالبليدة أمام أبنائي،
فأنا بالنسبة له بمثابة الانسان المطيع الذي يلبي كل طلباته لا أكثر ولا أقل، وإن لم أتفان في ارضائه سيعجل علىّ بالزوجة الثانية، الأمر الذي جعلني اوقفه عند حده، مبررة طاعتي له بواجب ديني وانساني وليس خوفاَ من سطوته، خاصة وانني لا اخشى الفاقة وأولادي أصبحوا شبابا،
مما جعله يعيد النظر في تصرفاته وغروره المتزايد ويقدم اعتذارات مجازية عن المعاملة السيئة لي، وهي وعود بمستقبل زاهر خال من المشاكل، وشكل »الاعتذار« التحول الجذري في حياتنا الزوجية لتلوح في سماها بوادر الاستقرار والآمان والمودة.
التعاليم الإسلامية تدفعنا للاعتذار
أم عبدالله »ربة بيت متزوجة من عشرين سنة ولها سبعة اولاد« تقول: »زوجي انسان طيب الا انه عصبي ومتهور ويخطأ في حقي كثيراً بقصد وبغير قصد، اتجاهل اخطاءه البريئة واخاصمه في الاخطاء المقصودة، مما يدخله في دوامات حادة نفسية وفكرية تتخلص في عدم تقديم اي اعتذارات،
فلم تخلق المرأة التي ترغم الرجل على الاعتذار -مما يجعلني اتعمد القاء محاضرة على أولادي وعلى مسامحة حول الاعتذار، وكيف ان الله عز وجل يقبل التوبة من عباده موضحة بأن الانسان اذا أخطأ في حياته الدنيوية عليه ان يتراجع عن خطأ وباب الاعتذار مفتوح، والاعتذار ليس عيبا بقدر ما يعني الشجاعة والقوة، وان المعتذر يتمتع بشخصية سوية متكاملة، ويعرف حدود نفسه ويشعر بالآخرين.
كلماتي أتت أكلها وجعلته يقدم اعتذارا سريعا وخفيفا قابلته من جهتي بحفاوة واطراء، ومازال الاعتذار يشكل عبئاً ثقيلاً على زوجي الا انه بدأ يفقد قوته وسلطانه مع الزمن«.
الاعتذار من الشهامة
هدى حسين »???? سنة ربة بيت« تقول: »الرجولة الحقيقية تدفع الرجل لأن يعتذر اذا اخطأ حق زوجته او اي شخص آخر، فالرجولة تعني الصدق والشهامة، وعندما يعتذر الرجل فإنه لا يسقط من عين زوجته او يهون أمره عليها، بل ترتفع قيمته في نظرها ويعلمها درسا في الأمانة والشهامة واحترام الذات«.
أحني رأسي حتى تمر العاصفة
بثينة العوضي »???? سنة، موظفة، وأم لثلاثة أطفال، متزوجة منذ ثلاث عشر سنة« تقول: »لم يسبق لزوجي ان اعتذر لي، ولا يمكن لدي القبول بأن يعرض نفسه لموقف مهين لرجولته من أجل إرضائي، حتى لو أخطأ فعلاً في حقي.
الرجال عموما لا يعتذرون ولم يتعلموا القيام بذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بفضاء حساس اسمه بيت الزوجية.
فزوجي -شأنه في ذلك شأن باقي الأزواج عموماً- يتفادى الظهور بمظهر الرجل الضعيف، رقيق الاحساس، او المخطئ الذي يمكن ان يرتكب افعلا يندم عليها او يشعر بالذنب لإقدامه عليها.
بفطنة وإحساس المرأة، استطيع التمييز بين الاخطاء البسيطة التي لا يتوجب التوقف عندها ولو للحظة واحدة، لأنها مجرد هفوات صغيرة لا تستحق ان نثيرها، وبين الاخطاء الجسيمة التي لابد من تقديم تبرير بصددها.
وفي النهاية، يكفيني ان زوجي لا يقصد ايذائي او جرح مشاعري، ولا أزال بين الفينة والأخرى، استعيد بيني وبين نفسي حكمة سمعتها منذ سنوات من والدتي الحكيمة، حينما أوصتني بأن اعرف متى أحني رأسي للعاصفة حتى تمر، ولا زخرب بيتي بيدي، فمعظم الرجال ينتمون الى طينة واحدة، وكلهم يخطئون بشكل او بآخر في حق زوجاتهم.
لا أذكر أن والدي اعتذر يوما لوالدتي، الا انني متأكدة من انه كان يقدرها وانه كان حريصاً على احترام شعورها وكبريائها.
وفي اعتقادي، فإن كل أخطاء الازواج يمكن الصفح عنها وحتى التغاضي عنها، ما عدا فعل الخيانة، فهو يظل موسوما في نفس المرأة، ولا اعتقد انه بمقدور اية زوجة نسيان انها كانت ضحية للخيانة من قبل زوجها، مهما قدم لها من اعتذارات، لأنها ببساطة فقدت الثقة في شريك حياتها، والثقة أهم عنصر للقبول باعتذار الآخر، وفتح صفحة جديدة معه«.
اعتقادات خاطئة
نبيلة محمد موظفة ???? سنة تقول: الكثير من الرجال يعتقدون أن الاعتذار ضرب من ضروب الضعف، بينما الضعف الحقيقي هو ان يخفي الانسان خطأه ويظل يكابر، والمكابرة تفتح ابواب المشاكل بين الزوجين، ولو كان الرجل يثق في نفسه ويحترم ذاته فإنه لن يجد أية غضاضة في ان يعتذر ووقتها سوف يصبح قدوة لزوجته وتنساب المياه في مجاريها وتنبعث الرومانسية من جديد وتصبح الحياة أكثر تفاؤلا وجمالا«.(54/229)
وختاما فإن الاعتذار مطلب اساسي لدوام أية علاقة، خاصة العلاقة الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح، وسواء كان الخطأ أو الاختلاف حول أمور صغيرة أو كبيرة فإن جملة »أنا آسف« غالبا ما تصفي الأجواء وتفتح الابواب أمام التعاطف والتواصل وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما انها تجلب الثقة والأمانة والتواضع وهذه من أجمل الصفات التي يمكن ان يتشاركها الشخصان.
* جريدة الايام البحرينية / 27 مارس 2004
ــــــــــــــــــ
الزواج الثاني .. ومشكلة الأبناء
* نجلاء محفوظ
* إذا تزوجت من رجل لديه أبناء من زوجة أخرى وعاش الجميع في بيت واحد .. فتوقعي الكثير من المنازعات بين أبنائك وأبنائه .. فضلاً عن أن أم أبنائه لن تقف متفرجة ـ في أغلب الأحيان ـ وتمهلي جيداً قبل الإقدام على ذلك .. ولا تتعجلي أو تندفعي وراء الرغبة في الزواج أو تحت وطأة مشاعر جارفة .. حتى لا تقعي في مشاكل صعبة أو تحملي لقب مطلقة للمرة الثانية .. وأحرصي على توافر ضمانات كثيرة قبل الإقدام على هذه التجربة ..
* أما إذا تزوجت فعلاً وأحسست بالسعادة مع الزوج الجديد وكان ذكياً في احتواء أولادك عاطفياً، فلا تكثري من الحديث عنه في غيابه أمام أبنائك .. ولا تقارني بينه وبين أبيهم حتى لا تحركي مشاعرهم السلبية تجاهه ونحوك ـ أيضاً .. وتذكري مشاعر الغيرة الطبيعية التي لابد أن يحسوا بها لأن هناك رجلاً آخر ـ غير والدهم ـ قد احتل مكاناً خاصاً لديك ويشاركك حياتك وحجرتك الخاصة ـ أيضاً .. واحتفظي بسعادتك لنفسك .. واحرصي على إشعارهم باللفتات الحانية أنهم ما زالوا وسيظلون دائماً محور حياتك وأصحاب المكانة الأولى في قلبك وأن استقرارك النفسي سيعود عليهم بالفائدة .. ولا تسرفي في ذلك ـ أيضاً ـ حتى لا يأتي بنتيجة عكسية، وأكثري من الأوقات المرحة التي تقضونها سوياً مع زوجك ولا تدللي زوجك أمامهم .. ولا تجلسي معهم بملابس النوم وما إلى ذلك من أمور تجرح مشاعرهم، واحتفظي بخصوصياتك مع زوجك حتى لا تهتز صورتك أمام أبنائك .. وتعاملي بذكاء ودبلوماسية فائقة مع زوجك حتى يكون الصديق الأول لأبنائك .. ولا تفوضيه في إلحاق العقاب بالمخطئ منهم حتى لا تفسدي العلاقة بينهما .. وفي البداية ستجدين صعوبة .. ومع مرور الوقت ستتمكنين من تحقيق أجمل تعايش مع ملاحظة أن الأبناء يغضبون ويتشاجرون ـ أيضاً ـ مع والدهم الطبيعي ..
* لا تتوقعي أن يقدر أبناؤك ما مدى عطائك لهم إلاّ بعد أن يصبحوا آباء وأمهات، واعلمي أنك تؤدين رسالة (نبيلة) وانتظري جائزتك من الله ـ سبحانه وتعالى وحده عز وجل ـ وتذكري أن هناك العديد من الأرامل قد فعلن ذلك دون وجود (مشجعين) أو انتظار المقابل من الأبناء ..
* لا تبالغي في إحساسك بالوحدة بعد زواج الأبناء، فلا شك أن الوحدة في هذه الحالة أفضل من البقاء مع زوج (مزعج) على الأقل يمكنك أن تستمتعي بحياتك وبالراحة من الأعباء العائلية وبالكسل ـ أيضاً ـ وبالاحتفال بأدائك لرسالتك .. واجعلي بيتك واحة للأحفاد وللأبناء في أيام معينة، ولا تسرفي في العطاء حتى لا تتوقعي المقابل الباهظ وافرحي بما تحصلين عليه، واشغلي نفسك وافعلي ما كنت لا تقدرين على فعله أثناء انشغالك بتربية أبنائك بدلاً من البكاء على الوحدة، ولا تتسولي اهتمام أبنائك ولا تتهمينهم بالجحود وتذكري أن دوامة الحياة والمشاغل الجديدة قد تجذبهم بعيداً عنك أحياناً .. وكوني الأم الحانية المقدرة لظروف أبناءها وبذا تأسرينهم بحنانك بدلاً من إغضابهم بلومك الدائم.
ــــــــــــــــــ
كيف نعامل كبار السن في المنزل؟
الكبر حلقة من حلقات التاريخ، وجزء لا يتجزأ من وجود كل مجتمع أو جيل أو إنسان في الغالب. وتقدم السن امتداد لتاريخ طويل، أمضى فيه الإنسان حياة، ربما يكون ملؤها المخاطر والتضحيات، والتعرض لمختلف ألوان الفاقة والحاجة، أو الانتكاسة أو المحنة، أو فتنة الغنى والثراء، أو الوقوع فريسة المرض أو العجز أو التعرض لحادث من الحوادث.
والتضحية وإن كانت أحياناً لبناء الذات والمستقبل الشخصي، فإنها غالباً من أجل تربية الأولاد وإعالتهم، والحفاظ على وجودهم، أو تمكينهم من التعلم والاحتراف أو الاتجار، أو التزوج أو غير ذلك من الأسباب.
فليس من الوفاء لهذا الجيل المتقدم أو كبار السن أن يُهمَلوا أو يتركوا فريسة الضعف أو العجز أو المرض أو الحاجة، ويجب رعايتهم والعناية بهم، عملاً بمبادئ ديننا الحنيف، ورسالته الغراء التي تجعل الأسرة متضامنة متآزرة على السراء والضراء، ويعدّ وجود الكبار في المنزل امتيازاً وبركة ووقاراً، والشيخوخة مصدر استقرار، وجمع الشمل ولم الأولاد، وتحقيق الوئام والمحبة والود بين أفراد الأسرة كلها، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً.
ويحظى الكبار في مجتمعنا الإسلامي غالباً بمزيد التقدير والرعاية والاحترام، بل إنهم في موضع الصدارة والقيادة، يأتمر الكل بأمرهم، ويَحذَر الجميع مخالفتهم، ويدرك هذا كل مَن قارن وسط الأسرة الإسلامية مع غيرها من الأوساط الغربية والشرقية، حيث تجد كبار السن المسلمين سعداء، وغير المسلمين أشقياء، يعيشون في وحدة وغربة ووحشة، وفعلاً لاحظ بعض الصحفيين هذا الفارق في البلاد التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات (1990م). لكن مع ظهور حركة المتغيرات الاجتماعية التي تشهدها الحياة المعاصرة في مختلف المجالات، توجد بعض مظاهر الجوانب السلبية في محيط الأسرة وبيئة المجتمع، التي تمس بعض المفاهيم والقيم المتعارف عليها، وتؤثر على السلوك والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة حتى وقت قريب. وأدى وجود هذه المظاهر السلبية إلى نشوء حالات مؤسفة من عدم المبالاة والاكتراث، وإهمال بعض كبار السن، والزجّ بهم في مأوى مستشفيات العجزة، تهرباً من خدمتهم، والاعتذار بأن زوجة الولد تأبى خدمة والد الزوج أو والدته، فيضطر الولد الكبير أو الأولاد الكبار إلى التخلي عن واجب العناية بآبائهم وأمهاتهم أو أقاربهم الآخرين.
ويقتضي توظيف الاحتفال بالسنة الدولية (عام 1999م) لكبار السن والتي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال بها، تحت شعار (نحو مجتمع لكل الأعمار) إبراز مبادئ الشريعة السمحاء في التكافل الاجتماعي، والانطلاق من آدابها ومطلقاتها في البر والوفاء والتبجيل، للحفاظ على البناء المتماسك للأسرة الإسلامية، واحتضان خصال الرحمة والود والاعتراف بالجميل، والعمل على إسهام المكتب التنفيذي لمجلس الجامعة، واللجنة الوطنية للمسنين، والجامعات، مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في كل دولة، في فت مراكز رعاية المسنين صحياً واجتماعياً، وإيجاد ورشات عمل تدريبية في مجال التخطيط الاجتماعي لكبار السن، ولرصد وتلبية احتياجات كبار السن النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والترويحية، وتنمية قدراتهم وخبراتهم ومهاراتهم الإنتاجية في مجالات عمال مناسبة، وتصميم البرامج والمشروعات التي توفر لهم أوضاعاً حياتية وحقوقية وإنسانية أفضل، تضاعف من قدراتهم على المشاركة، والإسهام بخبراتهم ومؤهلاتهم في مسيرة البناء، بما يساعد على شغل فراغهم وتسليتهم، بدلاً من قضاء الوقت في النوم والراحة الطويلة المدة، وكأنهم ينتظرون الموت كل ساعة، ويتفرج من حولهم عليهم، للوصول إلى هذه الغاية.
كما أن في إيجاد مثل هذه المشاريع ضماناً لاستقلالهم، وتجسيداً لتطلعاتهم، وصوناً لكرامتهم وعدم إهدار نسانيتهم.
ــــــــــــــــــ
العقم وأثره على العلاقة الزوجية
العقم.. حالة تصيب أحد الزوجين فتوقف عملية الإنجاب وقد استطاع الطب الحديث تحديد سبب العقم سواء لدى الزوج أو الزوجة في كثير من الحالات، إلا أنه توقف عاجزاً أمام بعض الحالات القدرية ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
ولا شك أن تأخير الإنجاب أو العقم يؤدي إلى توتر وقلق واكتئاب لدى الزوجين، ويساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في إحداث قلاقل زوجية ومشكلات أسرية، ولكن ما الذي يمكن أن يتصرف وفقه أحد الزوجين في مثل هذه الحالة وما هي مشاعره، ووسائل العلاج.
استبيان تم طرحه على شريحة من المواطنين وتم عرضه على الدكتور كاظم أبل استشاري الإرشاد النفسي فكان هذا التحليل:
السؤال الأول:
• هل تخبر من تريد الزواج منها (منه) أنك عقيم قبل الزواج أم بعده ؟
تشير النسبة 52% من الذكور إلى أن الرجل في مجتمعنا يتمتع بفرصة أكبر للزواج من الزوجة، ولذلك كانت النسبة أكبر من عدد الإناث وهي 42% فالزوجة ينتابها الخوف من العنوسة، خاصة وأن زواجها يعتمد على الفرص في محيط الأسرة والتي عادة تلعب دورها في تزويج بناتها، ويكون اختيار الفتاة محدوداً وفي نطاق ضيق.
ومن المؤكد أن تكون النسبة أكبر عند الزوجات باعترافهن بالعقم، وهي نسبة 58% عن الأزواج وهي 48% فالزوجة أكثر واقعية وعاطفية، وأما الزوج فهو يريد التأكيد على رجولته فهو يرفض العقم ولذلك كانت النسبة أقل.
السؤال الثاني: الاكتئاب والتوتر:
هل تشعر بالاكتئاب والضيق النفسي بسبب تأخر الإنجاب؟
لا شك أن النسبة أكبر عند الزوجات، حيث تبلغ النسبة 62% وهي نسبة كبيرة مقارنة باللواتي قلن لا وهي نسبة 1%، فهذه النسبة تؤكد على أن دافع الأمومة فطري، وهذه الحقيقة تتفق مع رأي علماء النفس، وكذلك هذه الحقيقة تؤكد معاناة العوانس من الاضطرابات النفسية كالقلق والخوف والوساوس، أما بالنسبة للأزواج فالنسبة 30%، وهي نصف عدد الإناث تقريباً، وهذه النسبة تؤكد أن كثيراً من الأزواج يريدون التمتع بالحياة الجنسية في المرحلة الأولى من الزواج قبل الحمل والولادة.
السؤال الثالث:
الخجل من طرح السؤال
• عندما يتأخر الإنجاب بعد الزواج كثيراً، هل تخجل من طرح الموضوع على زوجتك لمعالجة الأمر؟
لا شك أن هدف الزوجين هو تكوين أسرة والحصول على الأطفال، وفي حالة استمرار الحياة الزوجية من دون أطفال ولفترة طويلة، لعدم حصولهم على أطفال، فإن ذلك يدفع الطرفين للتساؤل، ولذلك كانت النسبة متقاربة تقريباً وهي 90% للأزواج و 96% للزوجات، وتدل على عدم شعورهما بالخجل في طرح التساؤل عن سبب تأخر الإنجاب، خاصة وأن حياتهما أصبحت عادية وليست كما كانت في فترة ما قبل الزواج أو الأشهر الأولى من الزواج، فالإثارة والرغبة تكون عادة أقوى في تلك الفترات!!
معالجة الأمر
• إذا كانت إجابتك بـ (لا) فما الوسائل التي تتخذها لمعالجة الأمر؟
تأكيداً على الحقائق ووجهات النظر السابقة فإن نسبة 98% من الزوجات يلجأن لمراجعة الطبيبة المتخصصة تدل على حرص الزوجة على الإنجاب، فالقلق ينتابها، ويحركها دافع الأمومة الفطري، وينتابها الخوف من تحرك الزوج، فهي لا تريد أن يتزوج عليها أو أن يشاركها أحد في زوجها.
وكذلك فإن الأزواج حريصون ولكن بدرجة أقل من الزوجات على مراجعة الطبيب المختص، فالنسبة لديهم هي 88% وتدل على حرص الزوج على الحصول على الأبناء، فهم الذين سوف يحملون اسمه.
أما بالنسبة لترك الأمور على طبيعتها دون تدخل، وهي نسبة 4% للأزواج و 2% للزوجات، فهي تشير إلى تعقل الاثنين والخوف من الأمراض، والخوف هنا غامض فهما كلاهما لا يعرفان السبب ومن هو السبب وبالتالي جاءت النسبة ضعيفة، والأرجح مراجعة الطبيبة المختصة.
كيف تتصرف
• إذا كانت إجابتك (نعم) كيف تتصرف وما هو البديل؟
لا شك أن الموقف، سيكون محرجاً، فيعيش الطرف المسبب لعدم الإنجاب قلقاً وخائفاً، فالرجل يريد إثبات رجولته ومكانته عند زوجته وأهلها وأهله والمجتمع، وكذلك الزوجة لا تريد أن تكون الضحية لأن مستقبلها سيكون مهدداً بالطلاق والانفصال وستعيش حالة حرمان من دافع الأمومة الفطري، وهذه الحقيقة تؤكدها كذلك نسبة 62% من الزوجات اللواتي يعشن الاكتئاب والضيق في حالة تأخر الإنجاب، فالزوجات لا يعترفن بالأمر الواقع والنسبة صفر، فمراجعة الطبيبة المختصة من أولوياتهن ( نسبة 98%).
أما بالنسبة للأزواج، وهي نسبة 8% فهي ضئيلة جداً تشير إلى قلق الزوج.
• إذا تأكد عدم قدرة الطرف الآخر على الإنجاب، ما الوسيلة التي تتبعها؟
النسبة تدل على قلق الزوجات أكثر من الأزواج، والزوجات أكثر محاولة للبحث عن وسيلة أو بديل للإنجاب، ونسبتهن 24% تظل المرأة شديدة الرغبة ويظل دافع الأمومة الفطري يحركها بقوة، أما الأزواج فكانت نسبتهم 7% وهذه النسبة تدل على أن دافع الأمومة عند المرأة أقوى من دافع الأبوة عند الزوج!!، كذلك النسبة 84% من الأزواج تدل أن الزوج عقلاني وواقعي، أما الزوجة فهي عاطفية وهذه النسبة تتفق مع عدم لجوء الزوج إلى الطلاق 2%.
السؤال الرابع: الوسائل المتبعة
• إذا تأكد عدم قدرتك على الإنجاب، ما الوسيلة التي تتبعها؟
أعتقد أن نسبة 88% من الأزواج، تدل على عقلانية الزوج مرة أخرى، فهم موضوعيون جداً لأنهم سيخبرون زوجاتهم بعدم قدرتهم على الإنجاب، وبالمقابل فإن نسبة 4% من الأزواج تدل على قلة من الأزواج الذي سيبقون الأمر سراً، كذلك نسبة 10% من الأزواج تدل على قلة من الأزواج الذين سيرفضون تطليق زوجاتهم.
أما بالنسبة للزوجات فالأمر يختلف حيث تدل نسبة 9.2% من الزوجات بإطلاع الزوج على عدم الإنجاب، بأن المرأة في هذه الحالة تعيش القلق والخوف وتأمل لعلها تجد الحل ( 24% إناث/ محاولة).
وأعتقد أن نسبة 2% قليلة جداً في السماح لأزواجهن بالزواج عليهن في حالة عدم الإنجاب.
وتدل نسبة 6% من الإناث اللواتي يفضلن الطلاق في حالة عدم إنجابهن، نسبة قليلة جداً، فهي السبب في حالة عدم الإنجاب وهي ترضى بالأمر الواقع وتكون الزوجة الثانية، وهي تتساءل: هل يمكنها أن تتزوج من رجل آخر يرضى بها بالرغم من عدم إنجابها!! فعصفور باليد أفضل من عشرة عصافير على الشجرة!!!
السؤال الخامس: حالات القلق
• أي العوامل التالية ترى أنها أكثر إلحاحاً وإزعاجاً وتسبيباً للقلق بسبب عدم الإنجاب؟
واضح أن نسبة 88% من الإناث، تدل على الخوف من أقرباء الزوج، فالمرأة دائماً وغالباً أكثر حرصاً على مكونات وعناصر الأسرة والأطفال في نظر المرأة شيء أساسي وفطري ومهم، ومن خلالهم تشعر المرأة بذاتها ومكانتها عند زوجها وأقربائه.
أما نسبة 6% من الزوجات و40 % من الأزواج، فأرى أنها نسب مئوية منحرفة انحرافاً كبيراً عن النتائج السابقة وهذا يعني أننا لا نستطيع الاعتماد عليها وتأكيدها!!!
ــــــــــــــــــ
كيف تساعد طفلك عندما يخدع نفسه؟
* صبحي جبر
طفلك يخدع نفسه أحيانا للتغلب على المشاكل التي تواجهه أو لمحاولة استعادة توازنه النفسي، وعليك أن تعرف أنواع الحيل التي يلجأ إليها، وأن تساعده في التغلب على مشاكله وعدم اللجوء إلى هذا الأسلوب.
خداع النفس أسلوب من أساليب استعادة الاتزان وفيه يلجأ الإنسان لعدد من الحيل النفسية اللا شعورية، يسعى بها إلى تحقيق هدفين. أولهما: أن يتخلص من مطالب أحد المواقف التي تبدو له عسيرة لا تطاق. والثاني: أن يبقي على ثقته في نفسه بالتماس علة مقبولة للهرب من هذا الموقف، وفي ذلك تقليل من قلقه وتوتره النفسي. ويرى بعض علماء النفس أن الحيوية المستمرة هي في الجهد المستمر المبذول لاستعادة التوازن.
لماذا يخدع الصغير نفسه؟
الحيل النفسية اللا شعورية التي يمارسها الصغار منذ مطالع العمر كثيرة متعددة، غير أن أكثرها شيوعا أربع أنواع وهي:
1 - التبرير
والمقصود به محاولة الصغير تعليل خيبته في المدرسة - مثلا - أو في البيت أو في الملعب وتبريرها، وإصراره على إيجاد أسباب (صحيحة في اعتقاده) تبرر خيبته. فقد يرجع الصغير كل أسباب خيبته - مثلا - إلى ما يسميه باضطهاد الآخرين وظلمهم إياه، فيعود إلى المنزل من المدرسة ويحكي لأهله مختلف الأسباب لتخلفه عن أقرانه في الدراسة، فتكون كل الأسباب دائرة حول الحيف الذي وقع به وحول كره المعلم إياه ومحاباته لغيره من الأطفال، وهو في الألعاب والرياضة يتخذ الموقف عينه، فإذا به يرجع عجزه عن منافسة إخوانه إلى الظلم، وهو يزعم أنه كان لا بد من تفوقه لو أن الفرصة أتيحت له. وقد يبرر رسوبه بصعوبة الامتحان تارة أخرى، وقد يلقي اللوم على أي فرد أو أي شيء.. ومما هو جدير بالذكر أن التبرير يساعد الإنسان على أن يحتفظ بثقته في نفسه ويقلل من توتره النفسي.
ولكن التبرير ليس خيرا كله فإذا تمادى الفرد في التبرير فإنه بذلك لا يواجه مشكلاته مواجهة إيجابية، فيلحق بنفسه في المدى البعيد أشد الأضرار.
2 - الحيل النفسية المرضية
تسنح مع المرض فرصة التخلص من كل التبعات، فكثيرا ما يتعلم الأطفال من صلاتهم بالكبار أن الصداع والقيء وما إلى ذلك أسباب تسترعي النظر والرعاية، ومن ثم يتخذ الصغار تلك الأعراض عن شعور أو لا شعور منهم. وقد يكون هذا تقليدا خالصا، أو طريقة للتخلص من مهمة كريهة وهذا هو أكثر الأسباب شيوعا. فالطفل الذي يكره الذهاب إلى المدرسة لخوفه من العقاب البدني أو الإهانات التي يوجهها إليه أحد المعلمين، أو لعجزه عن الوصول إلى مستوى مناسب من التحصيل الدراسي.. مما يجعله مثار سخرية واستهزاء زملائه، مثل هذا الطفل قد يتخذ من الصداع سببا في عدم الذهاب إلى المدرسة. والواقع أن هذا الصداع ولو لم يكن له أي أساس عضوي إلا أنه صداع يعاني منه الطفل ويؤلمه حقيقة. والعلاج الوحيد لهذا الصداع هو القضاء على المشكلات التي تواجه الطفل في مدرسته.
ومن الحيل العقلية التي تخدع النفس بها نفسها أحلام اليقظة والأوهام، وهي تعبير صريح عن الرغبات التي لم تتحقق في الواقع، كما تساعد الطفل على إشباع دوافعه النفسية والهروب ولو لفترة قصيرة من المواقف الصعبة التي يواجهها. وهذا هو ما يطلق عليه أحد علماء النفس، " استمتاعا سلبيا لا جهدا فاعليا". إذ إن الطفل في أوهامه يتخيل نفسه في المواقف الغريبة الرائعة التي لا يقف استمتاعه بما فيها من أشكال اللذة وألوان النجاح عند حد.
3 - التعويض
وتشير الكلمة هنا إلى واحد من معنيين: أولهما: الاتجاه نحو حافز جديد نتيجة إعاقة حافز قديم. ومثله الطفل الذي يعجز عن المباراة مع غيره في اللعب يعوض عجزه في الناحية البدنية بتفوقه في الناحية الفكرية، وهذا التعويض ليس فيه أي نوع من الخداع لأنه واقعي ومقصود، ثم إن فيه تقديرا دقيقا للواقع. وثانيهما: استبدال طريقة مباشرة من طرائق التعبير عن حافز ما بطريقة غير مباشرة. ومثل ذلك الصبي الذي يفشل في عمل من الأعمال، أو يواجه الإحباط في موقف من المواقف، أو وقفت أمام رغباته عقبة، فبدلا من أن يواجه نفسه ويوجه اللوم والعدوان إليها نجده يعمل على تحويل هذا العدوان إلى أشياء أو أفراد ليس لهم علاقة أو لم يكونوا سببا فيما يعانيه من إحباط.
4 - النكوص
إذا يئس الطفل من إيجاد حل لصعوبة تواجهه ولجأ في سلوكه إلى مرحلة نمو سابقة لمرحلة النمو التي يعيشها الآن كالبكاء والصراخ أو التبول اللا إرادي قلنا إنه نكص إلى طفولته، وهي حيلة قليلة الفائدة إلا في التنفيس المؤقت. ومنها أن يثور في وجه المجتمع إذا خاب، وأن ينحرف نحو ارتكاب الإثم عسى أن يجد هنا فرصة يستمد فيها بعض الرضا في التفوق على أقرانه، ويقود فئة من الأطفال يشعرون هم أيضا بمثل ما يشعر به من عجز أو قصور.
نصائح هامة
من الأهمية بمكان عظيم أن نشير إلى أن الكثرة العظمى من الأطفال الذين يخدعون أنفسهم باستخدام الحيل النفسية ليسوا نتاجا لماض لا يمكن إصلاحه، بل هم في الغالب نتيجة للبيئة التي نشأوا فيها.
وأهم عاملين في هذه البيئة هما البيت والمدرسة، لهذا يقع على الآباء والمربين مسئولية كبيرة نحو مساعدة هؤلاء الأطفال. ونقدم هنا بعض النصائح لتجنيب الأبناء هذه الحيل:
1 - إذا أكثر الأطفال في استخدام الحيل النفسية فإن على الآباء أن يبذلوا كل جهد مستطاع لتفهم الدوافع التي تقيم سلوك أبنائهم، ذلك لأن الدوافع هي الأمور الأساسية لا السلوك نفسه، ابحث عما يفكر فيه، ما هي مشكلاته وآماله وأسباب يأسه؟ فلعل الغيرة تأكله أو لعل خوفا غامضا يجثم عليه، أو لعله يشعر أنه أدنى مرتبة من الآخرين، فساعده حتى يرى الأمور على حقيقتها وعلى وجهها الصحيح، وأرشده إلى كيفية النجاح في مواجهة مشكلات الحياة اليومية.
مواجهة المهمات
2 - يستطيع الآباء بالقدوة الحسنة أن يعلموا أبناءهم كيف يحملون أعباءهم في روح رياضي صحيح، وكيف يقابلون الإخفاق في شجاعة، ويواجهون المهمات الخطيرة رغم ما يثقلهم من إشفاق وخشية إذ لا يتحتم أن يكون الإنسان الذي توافق توافقا طيبا مع أوضاع الحياة هو ذاك الذي تحميه مناعته من كل معضلات العالم العويصة أو ذاك الذي لا يستشعر الخوف مرة أو يلحقه الفشل مرات، بل هو الذي اتخذ من العادات ومن خصائص الخلق ما يهيئه لملاقاة صروف الحياة في علانية وجلاء.
معاملة ديمقراطية
3 - إذا أراد المعلم أن يؤدي خير ما عليه لزمه أن يعرف قدرة التلميذ العقلية وحياته الغريزية والانفعالية، وأن يدرك أفراحه وأتراحه. وينبغي ألا يرى الطفل في المعلم أو الأب حاكما بأمره، أو رمزا للقسوة والإرهاب، وهذا يتطلب من الآباء والمعلمين معاملة الأبناء والتلاميذ معاملة ديمقراطية خالية من الضغط والإرهاب، وأن يخلقوا في البيت والمدرسة جوا من المحبة تسوده الرعاية ويشيع فيه العطف والعدل.
الثقة بالنفس
4 - تدعيم ثقة الطفل بنفسه وذلك بمعاونة الطفل على تكوين شخصيته بأن نبين له نواحي القوة في نفوسه ونزكيها ونكشف نواحي الضعف عنده ونعالجها. وكلما بكرنا في تهيئة الفرصة للصغير كي يعمل وكي يلعب وكي ينافس غيره من الأطفال في مثل سنه، كان له في ذلك ما يدفعه على اتخاذ العادات التي تساعده على مواجهة مشكلاته وحلها.
وفوق كل هذا ينبغي ألا نطلب منه سوى المعقول من الأمور، وإذا أبطأ في أدائه فمن الخير أن نتريث وأن نعطيه ما يكفيه من وقت بحيث يستطيع أن يحقق نجاحا، فذلك يزيد ثقته بنفسه وخاصة لو أظهرنا الاهتمام والتقدير بما يحققه.
ــــــــــــــــــ
لغة الزهور بين الزوجين
* هبة التهامي(54/230)
إذا كان بعض الكتب ودواوين الشعر العربية قد أوردت نتفًا قليلة، وأشعارًا متناثرة تنطوي على ملاحن لعشاق في مجال الزهر والنبات، فإن جهدًا كبيرًا نهض به نسيب المشعلاني، ويُعدُّ علامة بارزة في ميدان لغة الزهور، إذا وضع معجمًا جمع فيه ملاحن مئات الزهور والنباتات، ورتبه على حروف الهجاء، ودعاه: "مخابرات الحب السرية ورسائل المملكة النباتية" ونشره عام 1897 في بيروت، هو كتاب في لغة الأزهار جمعه وذكر أوله كلامًا عامًّا في الزهور ومعانيها ورمزه أن والسر في دلالتها على ما يدلون عليه بها ثم جاء بأسماء الأزهار مرتبة على الابجدية ولا يقل عددها عن 1300 زهرة وبإزاء كل منها المعنى المراد بها، ولا يقتصر ذلك على الأزهار بل يتناول الثمار وسائر أصناف النبات. ومن أمثلة ذلك دلالة الفل على اللطف والفستق على حفظ السر أي أنك إذا قدمت فستقًا إلى أحد فكأنك تقوله له: "أنا أحفظ السر" وكدلالة القرنفل على الجسارة، والقمح على الغنى، وزهر اللوز على الرجاء، والورد على المحبة، والهليون على التعزية وقت الضيق، والنارنج على الجمال مع رداءه الأصل، فإذا قدمت نارنجة إلى أحد فكأنك تقول له أنت طيب لكن أصلك ردئ ..وقس على ذلك. وقدم له بدراسة تناولت عددًا من الأزهار مع إيضاح أسباب تسميتها، وذكر ما دار حولها من أساطير وحكايات، وحلاه بشعر رقيق يدور حول الحب والزهور.
وتشعر من خلال هذا المعجم أن الحب انتقل من التعبير بالنظرة والابتسامة والكلمة إلى التعبير بالزهرة والثمرة والنبات فهذه الزهور صارت بمنزلة معاني الحب وأحواله ودرجاته. بل يمكن إدراك نمو العلاقات العاطفية وانتكاستها، أو ما يسمى في لغة العشق بالهجر والسلو، من خلال حوار العاشقين بلغة الزهور.
ومن مزايا هذا المعجم الفريد إظهار المعاني بكلام قليل، فقد يكون المعنى كلمة واحدة، أو كلمتين مترادفتين، أو جملة قصيرة مفيدة. وهذا المعنى المكون من كلمة أو أكثر، له إيحاء ووقع في العواطف، وقدرة على تحريك المشاعر، وما أود قوله أن مدلول زهرة ينبه نفس القارئ إلى ذكرى، حتى وإن لم يكن قد أهدى إلى من أحب زهرة من نفس النوع.
بل إنَّ هناك فارقًا في دلالات الزهور والثمار في تراث الحب العربي والتراث الأوربي أو التراث الذي نقل عنه المشعلاني، فالسوسن عن العرب دلالته السوء. وفيه يقول شاعر:
يا ذا الذي أهدى لنا سوسنا
ما كنت في إهدائه محسنا
أوله سوء، فقد ساءني
يا ليت أني لم أر السوسنا
أما عند الإفرنج فإنه يعني الحوار والوصال، فإذا أرسل محب لمحبوبه سوسنا فإنه يعني أن يحرر له رسالة. ويتطير العشاق العرب من زهر الياسين لأن في اسمه يأس، يقول شاعر:
أهدي حبيبي ياسمينا فبي
أراد أن يؤنس من وصله
من شره الطيرة وسواس
إذا كان في شطر اسمه الياس
أما عند من نقل عنهم المشعلاني فيدل الياسمين على اللطف والأنس، والرمان عند العرب ينبئ بقرب الوصال واللقاء.
وعن اللوز قال الشاعر:
ومهد إلينا لوزة قد تضمنت
كأنهما حبان فازا بخلوة
لمبصرها قلبين فيهما تلاصقا
على رقبة في مجلس فتعانقا
والأشعار الأخرى الواردة في كتاب المشعلاني تشكل حديقة ساحرة، تتماوج فيها الزهور المختلفة الألوان والأوصاف، وبين هذه الأزهار أودع المحبون المتيمون أسرارهم.
أحوال وأمزجة:
ويدخل في معاني الزهر والثمر والنبات أحوال العشاق النفسية وأمزجتهم الشخصية فإننا نراهم يتطيرون من زهور وثمار، ويتفاءلون بغيرها دون سبب حقيقي أو سند واقعي يبرر قولهم أو فعلهم.
والعاشق بطبعه متطير يتوقع الفرقة والبين، متوتر كثير التوجس والتوهم، لا يأمن الحاضر، ويخشى المستقبل، وكل هذا له تأثير في اختياره للزهور أو النباتات التي تعبر عن أحواله وتحمل إلى معشوقه أسراره.
ولأحمد أمين مقالة عن "لغة الأزهار والثمار" ذكر فيها انه كان للظرفاء والمحبين المتيمين لغة متعارفة تدل على الهجرة والوصل والتفاؤل والتشاؤم، وبين أنهم كرهوا التهادي بالسفرجل لأنه أوله سفر قال الشاعر:
منه وظل متيما مستعبرا
سفر فحق له بأن يتطيرا
أهدت إليه سفر جلا فتطير
خاف الفراق لأن أول اسمه
وكرهوا التهادي بالذهب حتى لا يعتري العشق ذهاب وكرهوا التهادي بالسوسن لأن أول اسمه سوء، والياسمين لأن أول اسمه يأس، والخلاف لدلالته على الخلاف، والبان لدلالته على البين وهكذا..
ويتفاءلون بالتهادي بالعود لأن في اسمه معنى العودة وبالنبق كما قال الشاعر:
ومن فات الورى سبقا
فأهديت لنا النبقا
ما سرك أن تبقى
أيا أحسننا خلقا
تفاؤلت بأن نبقى
فأبقاك إله الناس
ولكن هذا لا ينهض على قاعدة منطقية، ولا يقنع العقل اليقظ، ولا يقاوم أمواج الحياة المتضاربة، فقد يقع البين بالرغم من إهداء النبق، ويهجر الحبيب بعد تقديم "العود" لمن يحب.
وهذه المناقشة المنطقية لا تحول دون استخدام العشاق لسيمهم أو تحد من تفاؤلهم، وكل ما يمكن قوله إن المزاج الشخصي تدخل في صياغة السم العاطفي.
جولة في العالم:
وعن لغة الورود يقول الدكتور "صلاح زرد" أستاذ النباتات بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة:
هناك دور تلعبه الأزهار في موضوعات الخطبة والزواج ،فقد جاء في كتاب منزل وحديقة أفضل للكاتب الأمريكي د. ميلتون كارلتون.. للزهور دور كبير في الخطبة والزواج في كثير من بلدان العالم، ففي جزر هاواي إذا أرادت الفتاة أن تعلن عن رغبتها في أن تخطب فإنها تضع زهرة على أذنها اليمنى، وعندما تتم خطبتها تضع الزهرة على أذنها اليسرى، أما المرأة المتزوجة فعلاً فتضع زهرة على كلتا أذنيها، وفي المجر تتخذ الورود طريقًا للتفاهم والتخاطب إذ بها تعبر الفتاة عن رأيها في شريك حياتها، فإذا قبلت باقته كان ذلك إعلان القبول وعلى الشاب أن يطلبها من أهلها، وقريب من هذا يحدث في رومانيا أيضًا، وجاء في كتاب ميلتون أيضًا أن لكل لون من ألوان الزهور معنى، فاللون الأخضر يعبر عن الأمل والرجاء، واللون الأحمر يعبر عن حب قوي دفين، والأبيض دليل الطهارة والصفاء، والأزرق دليل الوفاء ونقاء القلب.
كذلك تعدت الزهور والنباتات دور الزينة والبهجة، والاحتفال بها في الربيع، إلى السياسة، فقد اتخذت بعض الزهور شارات لدول، مثل اللوتس لمصر الفراعين، والريحان لألمانيا. على زمن غليوم الكبير، والأرز للبنان، وبلغ القرنفل حدًا من إعجاب الناس به، وفضلته ماري انطوانيت على غيره من الزهور، وكانت تخفيه في طيات ثيابها وهي سجينة، وجعل أحد ملوك العصور الوسطى حاشيته تمضع الفرنقل قبل التحدث إليه لتفوح رائحته العطرية من أفواههم.ولم يكن الزنبق أقل مكانة فقد صار رمزًا مقدسًا لمريم العذراء، وحبذه شارل العاشر (فرنسا) على سائر الأزهار، وكانت البنفسج زهرة وطنية في أثينا القديمة، كما كانت زهرة نابليون المفضلة عندما كان منفيًا في جزيرة ألبا، وانتقلت معه بعد هروبه إلى فرنسا، وما زالت حرب الوردتين تعرف في تاريخ إنجلترا أثناء الحرب الأهلية عندما تنازعت على العرش أسرة يورك وشعارها الوردة البيضاء، وأسرة لانكاستر وشارتها الوردة الحمراء.
طوفنا بكم في عالم سيم العشاق ولغة الزهور..
فلا تنسوا..
بالورود.. تهادوا..تحابوا.
ــــــــــــــــــ
تفوق الأبناء.. ومسئولية الأسرة
* زينب الكردي
كثير من العلماء والفنانين كانوا من وجهة نظر معلميهم نموذجا للغباء وعدم القدرة على الاستيعاب فاضطرت الأسرة للقيام بواجبها التربوي والتعليمي تجاههم، وإذا بهم بعد سنوات تتفتح مواهبهم ويزدهر نبوغهم.
هذا الكلام لا يعني أبداً التقليل من أهمية الدراسة الأكاديمية، والتفوق مع وجود موهبة خاصة، وروح وثابة ومتطلعة للتمييز ستساعد الطالب على تكوين رؤية منهجية منظمة، ترفع به إلى أعلى قمم النجاح.
التفوق الدراسي إذن مسألة مهمة، لكن السؤال الأهم هو: كيف نساعد أولادنا على إحراز هذا التفوق؟
سؤال توقفت طويلا أمامه عندما وصل ابني البكر إلى الثانوية العامة، خاصة أنني أنا شخصيا كنت إحدى ضحايا تلك الشهادة "المأذق"، ولهذا وجدتني أسترجع أحداث تلك الأيام لأستخرج منها العبرة علني أتجنب سلبيات تجربتي وأنا أتعامل مع ولدي قدر الإمكان.
أعترف، ببعض الألم ، بأن تجربتي مع الشهادة الثانوية لم تكن فيها أية إيجابيات، فبرغم أنني كنت الابنة البكر لأبوي، ومناط حبهما ورعايتهما، ربما إلى حد المبالغة، إلا أن هذا الحب تحول إلى قيد خانق تجلى واضحا في تلك السنة التي كنت استعد فيها لنيل تلك الشهادة. فجأة، وفور أن مر على السنة الدراسية شهر واحد فقط أعلنت حالة الطوارئ في البيت وطبقت أمي بصرامة شديدة لائحة من الممنوعات لا أول لها ولا آخر: التليفونات ممنوعة، وأمي فقط هي التي لها حق الرد على المكالمات.. "التلفاز" نقلته إلى غرفة نومها، ورفعته فوق الخزانة لأنه - من وجهة نظرها - يهدر الوقت فيما لا يفيد. الخروج ممنوع فيما عدا يوم الخميس، على أن يمنع نهائيا في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وحتى الزيارات العائلية تكفلت بمنعها تماما، بعد أن أشعات أن أخي الصغير قد أصيب بالجدري، وأنها تخشى على زوارنا من العدوى وكانت المحصلة النهائية هي أنني دخلت الامتحان وفي داخلي كم من القلق والرعب لا حدود لهما، كثفه في أعماقي رؤيتي لزميلاتي، وهن يرتجفن هلعا حتى قبل أن يدخلن لجنة الامتحان بالإضافة إلى نظرات المراقبين التي بدت لنا صارمة، ولا تتسم بأي ود أو تعاطف إنساني، مما أشعرني بأنني أواجه التتار وحدي في معركة لا تكافؤ فيها على الإطلاق، وكان لا بد أن يحدث المحظور، فرسبت في أربع مواد، كنت - وهذا هو المحير - أحصل في كل منها على الدرجات النهائية في الامتحانات الشهرية خلال نفس السنة.
الحب والسلوكيات الخاطئة
الآن، وأنا أسترجع تلك الأحداث أتفهم جيداً أن الحب وحده كان هو الدافع لهذه السلوكيات الخاطئة، فأبواي كانا - كأي أبوين - يحلمان لي بمستقبل غير عادي. كانا يخططان ويقرران، لكنهما لم يتركا لي أي فرصة لأن أحلم فيها لنفسي سلبا مني حقي في أن أحلم. فمات داخلي الحافز، ملاحقتهما لي كل دقيقة، وكل تلك القائمة من الممنوعات أشعرني بأنني يجب أن أنجح من أجلهما، وليس من أجل نفسي. خوفهما الذي وصل إلى حد الهلع من توقع الفشل انعكس علي ففقدت ثقتي في نفسي، وكانت النتيجة هي أنني دخلت الامتحان وأنا مهزومة سلفا.. أحد أبناء عمومتي أصر والده على أن يلتحق بشعبة العلوم. لماذا؟ لأن الوالد يمتلك عيادة ويريد إلحاقه بكلية الطب، ليرث نفس المهنة من بعده، حاول المسكين إقناع والده بعشقه للفن وأنه يحلم بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة إلا أن الوالد أصم أذنيه وأعلنها بوضوح: أريد لابني أن يكون امتدادا لي.. وكانت النتيجة فشله الذريع في الحصول على الثانوية العامة لأربع سنوات متتالية، وفي النهاية التحق بالقسم الأدبي بعد أن هدد بالتوقف عن الدراسة نهائيا، ولم يكن أمام الأب إلا أن يوافق.
أسر كثيرة ترتكب نفس الخطأ مع الأسف تحت شعار الحب والقدرة الأكثر على قراءة المستقبل، وهو شعار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، ولا يكون ضحيته في النهاية إلا أحب الناس إلينا، ألا وهم أبناؤنا.
لماذا نغتال أحلامهم؟
الدوافع كثيرة، وقد ندركها أو لا ندركها، فهناك الأب الذي حرم من دراسته بسبب ظروف اجتماعية أو مادية قاهرة، فاضطر إلى الاعتماد على نفسه، ونراه بعد أن تصبح له أسرة وأبناء تواقا بشدة إلى تحقيق حلمه القديم الذي حرم منه في أبنائه. يريد أن يرى فيهم الصورة التي كان يتمناها لنفسه لذا يبدأ بالضغط من موقعه كأب ليوجههم إلى الطريق الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيق هذا الحلم.
وهناك أب مقتدر مالياً، ويمتلك مؤسسات ذات طابع خاص، ولذا يرغب في توجيه ابنه وجهة علمية معينة تؤهله في النهاية لإدارة مؤسساته من بعده.
وعلى الجانب الآخر نجد نماذج من الأمهات ترى الواحدة منهن في تفوق أبنائها مسألة حياة أو موت أسباب لا علاقة لها بمستقبل الابن نفسه، مثلا الأم التي لم تنل حظا من التعليم، وتشعر في أعماقها بالنقص لأنها أقل من نسيباتها أو جاراتها الموظفات مما يجعلها تتصور أن تفوق أولاده هو رد فعل عملي لها، وشهادة دامغة لها على أنها كأم قد تفوقت على الجميع. وأم أخرى هجرها زوجها أو طلقها، وتريد أن تثبت له من خلال أولادها أنها أم وسيدة عظيمة لم ينتبه لقيمتها بدليل أنه برغم تخليه عنها قد ساندتهم حتى وصلوا إلى أعلى قمم النجاح.. أي أنها خرجت بثروة لا تعادلها أي ثروة أخرى، وأنه في معركته معها كان الخاسر الوحيد.
الحالات السابقة قد تكون إحداها هي الدافع لمبالغة الأم أو الأب في ملاحقة الطالب لكي يذاكر، ويجلس إلى مكتبه بغض النظر عن ظروفه النفسية هو شخصيا.
ولكل هذه الأسباب حرصت على أن أتعامل مع ابني منذ بداية مرحلته الثانوية على أساس مختلف تماما، تركته يختار الشعبة، التي يرغب في الالتحاق بها، بغض النظر عما أرغبه أنا أو يتمناه والده، وكنت أنقل إليه ما أود أن يفعله بأسلوب غير مباشر، مع تصيد اللحظة المناسبة للحديث معه، حتى لا يشعر بأنه هو المقصود بكلامي، وأذكر أنه حكى لي مرة بألم عن حالة صديق يلاحقه أبواه بشكل استفزازي لكي يذاكر ويرفضان بشدة أن يذاكر مع أي زميل آخر.. فكانت فرصتي الذهبية لأن أقول له إن أبويه مخطئان، فالنجاح قضية الطالب وحده، وليس من حقهما أن يحلما ويخططا بالنيابة عنه.. عليهما فقط أن يكتفيا بدور التوجيه الهادئ ومد يد العون والمساندة، كلما احتاج إليها أما عن المذاكرة الجماعية فأنا أعتقد أنهما على حق، ففي تصوري أن المذاكرة الفردية تعطي الطالب يعتاد عادة على المكان، والظروف التي تحيط به اللهم إلا إذا كان يفتقد الجو المستقر الهادئ في بيته، وإن كان هذا لا يمنع أن ينسق مع زميله، بأسلوب تنافسي جميل مشبع بالتعاون الحقيقي. أيضا كنت أتعمد أن أقول في وجوده كلما جرنا الحديث إلى الامتحان إنني لا أفهم سر هذه الضجة، وحالة الرعب التي تصيب الطلبة فالثانوية العامة مجرد امتحانات عادية وإن كانت تحتاج فقط إلى مزيد من التركيز المكثف لارتباطها بالمجموع الذي يؤهل الطالب لدخول الكلية التي يريدها، وعندما سألني ذات مرة بقلق: وماذا لو رسبت؟ قلت، وأنا احتضنه بحنان: سأحزن طبعا من أجل سنة ستهدر من عمرك، لكنها لن تكون نهاية العالم، وما من إنسان لم يجرب الفشل وأنا شخصيا تعثرت فيها ثلاث سنوات متتالية، لكني واثقة من نجاحك أنت بالذات، فأنت ذكي، ومقاتل كوالدك، ظروفنا نحن كانت مختلفة، وعالمنا كان محدودا، وأنتم الآن لديكم الفيديو، و"التلفاز" والكمبيوتر، وقنوات فضائية لا تحصى.. وكلها وسائل خصبة للمعرفة لو استثمرناها جيداً.
الطالب وأسرته
لا يحتاج الطالب إلى أكثر من مكان مناسب، وجو نفسي هادئ.. المكان قد يكون ركنا في غرفته أو في أي مكان من البيت، بشرط أن يكون جيد الإضاءة والتهوية وبعيداً تماما عن الضجة التي قد تشتت انتباهه، وتقلل من قدرته على التركيز. وعلى الأم أن تراعي البساطة الشديدة في مكونات الغرفة، بمعنى ألا تكون مزدحمة بتفاصيل كثيرة، وأن يكون ظهر الطالب أثناء الدراسة للفراش، حتى لا يغريه منظر الفراش بالنوم.
أما الجو النفسي الذي يحتاج إليه، فيمكن تحقيقه لو تعاون كل أفراد الأسرة. على الأبوين أن يجمعا كل أفراد الأسرة، ويتفقا معهم على التصرف الهادئ الرقيق كل منهم مع الآخر، والحد من مسببات الشجار، والكف عن الصراخ والحوار بصوت عال، وهذا لن يتأتى بالطبع إلا إذا كان الكبار أنفسهم قدوة حسنة، أيضا لا داعي لأن نزج بالطالب في هذه المرحلة في مشاكل أسرية قد تتعرف لها الأسرة وألا نعوقه بطلبات يمكن أن تؤجل، أو أن يقوم بها أي شخص آخر نيابة عنه. وإذا كان الفتى من النوع الذي يشرد كثيراً ويركز بصعوبة، يمكنك مساعدته، اطلبي منه عقب الانتهاء من مراجعة كل فصل أن يلخصه كتابة، وبعد أن ينتهي من التلخيص قومي بقراءته على أن يتابع معك القراءة من الكتاب، فإذا ما اكتشف هو أنه قد نسى تسجيل إحدى النقاط، اطلبي منه أن يعيد قراءتها بروية، وتذكري دائما يا سيدتي ان الإنسان لا ينسى أبدا معلومة استعمل في جمعها معظم حواسه الخمس (اليد والعين والأذن)، ويا حبذا لو طلبت منه أن يقوم بتسجيل النقاط المهمة على شريط كاسيت ليقوم بسماعها في لحظات فراغه.
وعلينا - كآباء وأمهات - ألا ننسى أن الجسد المرهق يعني ذهنا عاجزا عن الاستيعاب، فإذا ما لاحظت يا سيدتي أن علامات الإرهاق بادية على وجه فتاك فاطلبي منه أن يغفو قليلا ليريح جسده ولا تعتبري الفترة التي سينامها فترة مهدرة لأن المعلومات عادة تزداد. ترسخا أثناء النوم، وإياك أن تربطي بين عدد الساعات وحصيلته في الاستيعاب لأنه لا علاقة بينهما، فهناك طالب يستوعب فصلا كاملا في ساعة واحدة، وآخر لا يستوعب سطراً واحداً في نفس الفصل خلال ثلاث ساعات، أو أربع.. فالإرهاق البدني، والذهني يؤثران في قدرته على الاستيعاب بالإضافة إلى أحلام اليقظة التي تداهم معظم الطلبة في أثناء المذاكرة وهي حالة هروبية لا شعورية، يلجأ إليها الطالب، تعد من المعوقات الخطيرة التي تؤثر في عملية الاستيعاب، لذا ينبغي ألا تشعري بالتوتر والضيق إذا ما صارحك بأنه في حاجة للتريض، أو زيارة صديق لبعض الوقت، وإذا ما حدث وخرج من غرفته ليجلس بينكم ليشاهد التلفاز، اجعلي له مكانا بينكم، ودعيه يتصرف بالشكل الذي يريده، دون ضغوط أو تعليقات مستفزة، اللهم إلا إذا جاوزت رغبته في الاسترخاء حدود المعقول.. حينئذ يمكن أن تلفتي نظره برفق، ودون عصبية.
نوعية الغذاء
يمكنك يا سيدتي أن تقدمي له من آن لآخر بعض العصائر اللذيذة المغذية كالليمون، والكركديه، أو التمر هندي، فتلك النوعية يمكن أن تمده بالطاقة، والحيوية والغذاء في نفس الوقت، ولا تقدمي له الحليب أو الخس إلا إذا قرر أن ينام لفترة طويلة واحرصي على تقديم الأغذية الخفيفة التي لا تصيبه بالتخمة، والكسل، ويا حبذا لو كانت وجبات صغيرة وعلى فترات.. المهم أن يحتوي طعامه بشكل عام على الفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها الجسم، وأكثري من تقديم العسل، والنشويات فهما يساعدان على التركيز.
كيف تتصرفين إذا ما فاجأك ابنك قبل الامتحان بفترة بسيطة قائلا بأن مادة ما أو أكثر يشعر أنه سيحتاج فيها إلى مساعدة خارجية كي يستوعبها لأنه لا يفهمها بالمرة؟
هل تثورين عليه وتقولين له بغضب: وأين كنت طوال الفترة الماضية؟ ألم تكتشف هذه الحقيقة إلا الآن؟
أنا شخصيا عندما فعلها ولدي معي، كظمت غيظي، وقلت له بهدوء: أنا أعلم أن هذه المادة صعبة فعلا، لكني واثقة من أنك ستجد حلا ما.. والأفضل طبعا أن تشاركيه عملية البحث عن حل: صديق للعائلة متخصص في المادة التي يعاني منها.. جار أو قريب أو حتى زميل لابنك يكون متفوقا في هذه المادة بالذات.. قولي له أيضا: إنك على ثقة من أنه حاول أن يستوعبها بتركيز أكبر فيستوعبها وحده فهو يتمتع بذكاء حقيقي.. وعلى كل إذا ما تأكدت من احتياجه إلى مساعدة خارجية حاولي العثور على أستاذ متخصص يقبل تدريسه في الفترة القليلة المتبقية.
ويا أعزائي الآباء والأمهات، أنتم وحدكم من يستطيع أن يمد طالب العلم بالثقة والشعور بالتوازن النفسي اللذين سيقودانه إلى بر الأمان وتحقيق طموحه.. فجروا قدراته الكامنة بالحب والرعاية الصحية والنفسية، وبمزيد من الشعور بالثقة التي هي البنية الأساسية لأي نجاح، في أي مجال.
ــــــــــــــــــ
لماذا يهرب ابنك من واجب المدرسة ؟ أسبابه وطرق علاجه
* محمد رفعت
مع بداية العام الدراسي تبدأ مشاكل أولادك والتي أهمها: الهروب من عمل واجب المدرسة. وبالرغم من الجهد الذي تبذله الأم في محاولة أن يبدأ ابنها أو ابنتها بداية جيدة في عام دراسي جديد. إلا أن الابن يحاول أن يهرب من الواجب بكل الطرق.
مثلاً: قد تحدث معركة بين الإبن ووالديه من أجل عمل واجب المدرسة. وقد يقوم الطفل بالمجادلة لمدة ساعتين من أجل القيام بعمل واجب المدرسة أو يتفنن في ضياع الوقت بأن يبري القلم مرة كل كلمتين. أو يشطب الجملة ثم يعيد كتابتها مرة أخرى. أو أن يذهب إلى دورة المياه كل ربع ساعة، أو أن يخلق الأعذار بأن يطلب الأكل أكثر من مرة .. كل هذه محاولات لتضييع الوقت .. ثم يبكي الطفل بأن الوقت قد ضاع وأنه تعب من الكناية.
وباختصار يفعل كل شيء أو يختلقه ليضيع الوقت ويهرب من واجب المدرسة. هذا النوع من الأطفال تجدهم أيضاً في المدرسة لا يكملون سؤالاً أبداً، ويفضلون أن تقوم أمهاتهم بعمل الواجب بدلاً منهم وذلك رغم أن هناك منهم مَن يتمتع بالذكاء.
هذا التصرف قد نشاهده في بعض الأطفال وقد نحكم عليهم بالإهمال أو نتهمهم بأنهم أطفال مشاكسون أو ليس عندهم الرغبة الجدية في الدراسة.
ولكن هذا المفهوم خطأ كما يقول علماء النفس العالميين. فمثل هذا التصرف من الطفل وهو الهروب من عمل الواجب معناه أنه محتاج إلى مساعدة نفسية وليست مساعدة لعمل الواجب.
وهذا التصرف من الطفل ينتج عن شعوره بأنه مهمل من جانب والديه. لا يجد العطاء أو الاهتمام الكافيين رغم كل وسائل الراحة التي قد تحيط به. إلا أن عدم الاهتمام به يعطيه عدم الثقة بنفسه.
وفي مثل هذه الحالات قد يحدث للطفل أن ينعزل عن أصدقائه. أو يغرق في قراءة الكتب أو مشاهدة التليفزيون ويصبح حساساً جداً من مشاكله الصحية أو أية مشكلة تهدد أمنه. ويمكن أن ينقلب إلى طفل مشاغب في المدرسة.
والعلاج هو أن تعطيه الاهتمام مثل أخوته تماماً وأن تعدلي بينهم. ذلك أن الطفل الذي يأخذ عناية أقل من أخوته تجدينه يقاوم كل شيء.
أيضاً اعطيه الثقة بنفسه إذا نجح في عمل شيء بالمنزل اجعليه يكرره مرة أخرى. وعليك أن تهتمي بملابسه وأن تبدي إعجابك بما يختاره.
لا تلقي العبء عليه وحده بل اجعليه يشعر بالمساعدة ولا تؤنبيه بشدة إذا أخطأ في شيء. وإذا حصل على درجة ممتازة عليك أن تفتخري به بين أصدقائه. افعلي كل هذا ولكن دون مبالغة في المديح حتى لا يشعر أنها عملية مفتعلة.
أيضاً لا تشعريه بأنه صغير لا يستطيع أن يعمل شيئاً. أو تقولي أنه مرتبك عندما يقوم بعمل أي شيء بالمنزل وحاولي أن يكون لديه عدد من الأصدقاء الممتازين خلقياً حتى يقوم بتقليدهم.
هذا العلاج لا يعطي نتيجة سريعة وإنما سيأخذ منك بعض الشهور ليتغير طفلك تماماً.
ــــــــــــــــــ
دور الاب في تحديد شخصية الطفل
* د. محمد أحمد النابلسي
ـ اضطرابات السلطة الأبوية:(54/231)
مع بداية إدراكه لمفهوم الزمان يبدأ الطفل (3 ـ 5 ـ سنوات) بإدراك الفوارق بينه وبين أبيه. فيدرك في البداية قوة الأب، ثم يدرك تدريجياً عوامل هذه القوة ومظاهرها. حتى يصل الطفل وفي سن معدله ستة سنوات للتراجع عن الصراع الأوديبي لصالح الأب وباحثاً لنفسه عن أماكن يوظف فيها طاقاته الليبيدية. وكنا قد عرضنا لدور الأب في تحديد ملامح الصراع الأوديبي وفي حله أثناء كلامنا عن الخلافات الزوجية.
مما تقدم نستطيع أن نفهم أبعاد الدور الذي تلعبه السلطة الأبوية في تحديد علائم الشخصية المستقبلية للطفل. وأهمية هذا الدور تصل إلى حد يمكننا من رد اضطرابات الأطفال، في معظمها إلى اضطرابات السلطة الأبوية. والحقيقة أن لهذه الاضطرابات جذورها في اضطرابات شخصية الأب وبنيتها الفردية. لذلك فإنه ومن الصعوبة بمكان التوصل إلى تحديد هذه الاضطرابات خاصة وأنها مرتبطة أيضاً، وبطريقة مباشرة، بشخصية الأم وبموقفها من كل من الطفل والأب. وفيما يلي سنحاول أن نعرض لأشكال اضطراب السلطة الأبوية ونبدأ بـ :
1 ـ الأب المشاكس: نحن لا ننفي وجود الأم المشاكسة. إلا أن الأم، وبسبب قربها من أطفالها، تنجح عادةً في إلصاق صفة المشاكسة بالأب متخذة لنفسها وضعية مازوشية. وتأثير هذه الأوضاع على الطفل هو نفس تأثير الخلافات الزوجية إجمالاً والتي ناقشناها في فقرة سابقة.
2 ـ الأب اللا مبالي: إن لا مبالاة الأب تعكس عادةً شعوره بالعجز عن تحمل مسؤولياته العائلية. والأطفال يدركون هذا الشعور بسهولة. فيلجأوا لتجميد سلطة الأب عن طريق التركيز على الأم في طلبهم لكل ما يحتاجون إليه. وهذا التغييب الإرادي للأب من قبل الأطفال يوازيه زيادة تسلط الأم. مما يشجع الأطفال على تخطي سلطة الأب. وهو يؤثر خاصة في الأطفال الذكور الذين يتماهون بالأب ليكتشفوا بسرعة أنه لا يشجعهم على ذلك ولا يحاول مجرد الاتصال بهم فيضطر هؤلاء الأولاد للبحث باكراً عن بديل للأب. وكثيراً ما يتمنى الطفل في هذه الحالات إحلال بديل الأب مكان الأب نفسه في علاقاته مع الأم.
3 ـ الأب السيئ: إن الأب السيئ ليس بالظاهرة النادرة. فالآباء السيئون كثر. منهم مدمن الكحول أو المخدرات، المقامر، الاتكالي، القاسي ومنهم مَن لديه ميول معادية للمجتمع قد تصل حد الإجرام. ومن الطبيعي أن يؤثر مثل هذا الأب سلباً في تربية أطفاله، مفاهيمهم ومثلهم العليا. والحقيقة أن هذا الموضوع أوسع كثيراً من أن نتناوله في مثل هذا الكتاب. لذلك فإننا نكتفي بالقول أن علاج مثل هذا الأب هو ضرورة ملحة لإنقاذ العائلة وأطفالها على وجه الخصوص. وفي بعض هذه الحالات فإن العلاج قد يفرض تغييب الأب عن المنزل.
4 ـ الأب العظامي: تركز الأتنولوجيات الشرقية على مركزية دور الرجل في العائلة وفي المجتمع. فمن بوذا الإله الذكر الأوحد إلى آدم الذي خلقت حواء من ضلعه وغيرها. وبهذا نستطيع القول بأن مجتمعنا يعطي للرجل وضعية عظامية ينصره دائماً على المرأة. والحقيقة أن الرجل الشرقي كثيراً ما ينوء بانتصاراته أمام المرأة. وعلى أية حال فإن هذه الوضعية العظامية للرجل الشرقي لها خصائص عدة أهمها الغيرة المبالغة والشك. وكثيراً ما يتعدى العظام حدوده المقبولة وصولاً إلى شك الرجل بأن هذا الطفل يمكن أن يكون وليد خيانة امرأته له. وبالرغم من القرائن التي تثبت العكس كما تثبت براءة المرأة. فإن عدداً من الرجال العظاميين يعيشون هذا الوهم. وهذا ما يفسر تصرفهم مع أطفالهم بطريقة شاذة وغير مألوفة.
5 ـ الأب الميت: إن مشكلة اليتم هي أحد أشد المشاكل وطأة في حياة الطفل. وهذه المعاناة تخف أثرها ليس فقط في شخصية الطفل المستقبلية ولكنها تمتد لتؤثر على أولاده أيضاً. لذلك رأينا أن نتوسع في مناقشة موضوع اليتم والتعمق به. وبما أن اليتم هو احتمل وارد في أي مرحلة من مراحل الطفولة فإننا سنستعرض وقعه على الطفل في مختلف مراحل طفولته.
بعد النرجسية الأولية اللا متمايزة (حيث تلعب الأم دور فائقة القوة وحين لا يكون الطفل بحاج للأب لأنه يكتفي بالرعاية الأمومية) تأتي مرحلة النرجسية الطفلية التي يشبهها فرويد بهذيان عظمة حقيقي (يتجلى باعتبار الطفل نفسه مركزاً للعالم) لا يخرجه منها سوى الانتقادات الموجهة له مما يضطر الطفل إلى اتخاذ مثال أعلى يصعب عليه حبه (توظيف نرجسي) ويعمد الطفل إلى مقارنة نفسه بهذا المثل الأعلى. ومن هذه الناحية فإن المثل الأعلى يتطابق مع الأنا على الوالدية. إذ أنه من الطبيعي أن يتخذ الطفل (الذكر) من والده مثالاً أعلى. وموقف الطفل من الأب لا يقتصر على التقليد وبالتالي على مبدأ: عليّ أن أفعل كذا (مثل والدي). بل هو موقف غني بالمفارقات فهنالك المواضع التي يقول فيها الطفل: لا يحق لي أن أفعل كذا (حتى ولو كان والدي يفعله).
وفي كتابه محاضرات جديدة في التحليل النفسي يقول فرويد بأن موقف الطفل من المثل الأعلى لا يطغى عليه الشعور بالذنب بقدر ما يطغى عليه الشعور بالذنب بقدر ما يطغى عليه شعور الطفل بالدونية أمام المثل الأعلى المحبوب.
وفي وضع اليتم يكون الطفل قد حُرم من مثله الأعلى الطبيعي (أي الأب) الذي لا يسبب له الجروح النرجسية بسبب علاقاته مع الأم لأن الطفل ومع أفول الأوديبية يستطيع تحمل هذه الفكرة بسهولة في حين يصعب عليه أن يقوم مقام الأب (أعباء انتصار الطفل في الصرع الأوديبي والتي لا يقوى على تحملها) ويصعب عليه أكثر أن يقوم شخص آخر مكان الأب. وإذا ما حدث ذلك أو توقع الطفل حدوثه فإنه يكون عرضة لعصاب الهجر.
وموضوع اليتم يقودنا للحديث عن امتزاج الوالدين وهذا التعبير الذي تستعمله ميلاني كلاين للدلالة على نظرية جنسية طفلية تظهر في هوامات الأطفال بأشكال متنوعة تمثل الوالدين وكأنهما في علاقة جنسية لا تنقطع فتحتوي الأم عضو الأب الذكري أو الأب بأكمله. وهذه الهوامات هي مصدر قلق بالغ لدى الطفل وهي من القدم بحيث يصعب تحديدها. أما في حالات الطفل اليتيم فإننا نجد هذه الهوامات أكثر وضوحاً وأكثر تسبباً للقلق.
وفي نهاية حديثنا عن اليتم نقول بأنه من الصعب على الطفل إيجاد بديل لمثل أعلى مفقود (هو الأب) بعد أن صبت عليه نرجسية الطفل ومحبته وشعوره بالدرنية أمامه. وهذه الصعوبة تدفع بالطفل (خاصة الطفل الكبير) إلى وضعية مازوشية يحاول خلالها متابعة تماهية بأبيه الميت. وعن هذه الوضعية تنشأ أمراض واضطرابات نفسية عديدة. ولا يمكننا أن نمل في هذا المجال صعوبات الأرملة الأم التي تجد نفسها فجأة بحاجة لاستدخال صورة الزوج في ذاتها، وللعب دور الأم والأب معاص إضافة لمعاناتها لفقدان زوجها.
6 ـ الأب الغائب: إن غياب الأب عن المنزل يخلف آثاراً متداخلة من مجمل الأوضاع التي ذكرناها أعلاه. فهذا الغياب يترك آثار الطلاق ويربك الصراع الأوديبي. كما أن آثاره تتشابه وتتداخل مع آثار الأب اللا مبالي والسيئ ... إلخ. والحقيقة أن الضرر الأساسي لغياب الأب إنما ينبع من غياب السلطة التي يمثلها ومن تردد الأطفال وعجزهم عن إقامة اتصال فاعل معه. وقد يتردد الطفل في هذه الأحوال في اتخاذ موقف من الأب حتى تتراوح مواقفه بين اعتباره: بأنه سيأتي يوماً ليحقق لي كل أمنياتي. لا مبالياً لا يمكنني الاعتماد عليه. سيئاً لا يهتم إلا لنفسه وبأهوائه ... إلخ. ومما لا شك به أن الأم تلعب الدور الأكبر في توجيه دفة أحكام الأطفال على أبيهم.
وفي النهاية لابد لنا من التنويه بأن تماهي الطفل بأبيه، ورغبته في تقليده، تدفعان الطفل لتبني العادات السيئة الموجودة عند الأب والطموح لتحقيقها في أقرب فرصة ممكنة وذلك تعويضاً للشعور بالدونية الذي يحسه الطفل أمام أبيه. ولذلك نلاحظ بأن الأولاد المدمنين من المحتمل أن ينشأون هم أيضاً مدمنين ... إلخ.
ــــــــــــــــــ
متاعب العائلة المكتظة بالأولاد
* د. محمد أحمد النابلسي
وهذه الحالة تكاد تكون عامة في مجتمعنا العربي. ولهذه الظاهرة جذورها الأتنية العميقة في مجتمعنا. فمن ناحية هنالك النظرة القبلية ومن ناحية أخرى هنالك بعض العادات العاجزة عن مجاراة روح العصر. وأخيراً فإن هنالك ظروفاً مادية قاسية في بعض البلدان العربية بحيث تضطر فروع العائلة للبقاء في مسكنها الذي يكتظ بزوجات الأبناء وبأولادهم.
عن هذه العوامل تنشأ أوضاع اجتماعية، مادية ونفسية تنعكس على الأطفال بحيث يؤدي تضافرها إلى تعريض الطفل للإصابة بالمرض النفسي. ولنستعرض هذه الأوضاع على مختلف الصعد:
1 ـ انخفاض القدرة الشرائية للعائلة مع ازدياد عدد الأبناء. وهذا الانخفاض يجبر العائلة على اعتماد التقشف الذي يصل أحياناً إلى حد حرمان الأبناء من التعليم.
2 ـ إن إشراف الأم على عائلة كبيرة العدد يؤدي لانهماكها جسدياً ونفسياً. وبهذا تجد هذه الأم نفسها مجبرة لتأدية الأعمال والوظائف الملحة وذلك على حساب بقية واجباتها ووظائفها الأقل أهمية. وبمعنى آخر فإن ضغوطات الوقت والإرهاق من شأنها أن تجبر الأم على إهمال نواح عديدة في تربية أطفالها.
3 ـ تحتاج العلاقة الزوجية إلى بعض الشحنات العاطفية والأجواء الرومانسية التي لا يمكن تأمينها في جو منزل مكتظ بالأولاد. مما يعجل في دبيب الملل إلى مخدع الزوجية وهذا ما يشجع ظهور الخلافات الزوجية التي ناقشنا انعكاسها على الأطفال في الفقرة السابقة.
4 ـ يلاحظ في العائلات الكبيرة تناقضات كبيرة في شخصية أفرادها وسلوكهم مما يهدد وحدة وتماسك هذه العائلات. وهنا لا يسعنا إلا الإشادة بذكاء أجدادنا الذين عمدوا إلى سد هذه الثغرات بذكاء نادر. فالسلطة تنتقل من الأب للأخ الأكبر، لأن الأطفال الصغار في العائلة الكبيرة لا يدركون والدهم إلا في شيخوخته بل وربما يموت الوالد وهم بعد أطفالاً، وغيرها من الحلول التي اقترحها أسلافنا والتي استطاعت أن تحافظ على تماسك العائلة العربية. ولكن ظروف المجتمع الحديث تخطت هذه الحلول وأصبحت بحاجة لحلول جذرية أكثر حداثة ربما كان تحديد النسل أقلها خطراً وآثاراً سلبية.
5 ـ اضطرار الأم للاعتماد على أولادها الأكبر سناً، خاصة البنات، لرعاية إخوتهم الصغار حتى تتفرغ الأم للقيام بباقي أعباء المنزل والأسرة. وبهذا فإننا نصادف في هذه العائلات مثلاً طفلة في السادسة ترعى رضيعاً وأخرى في السابعة تدرس شقيقاً في الخامسة. من المؤثر أكثر عندما يأتي الفقر ليضاف إلى مشاكل الأسرة بحيث تضطر لدفع أولادها إلى العمل الجسدي، الشاق أحياناً، وهم في السابعة من عمرهم، وقد أثارت منظمة الأونيسكو هذه المشكلة، مشكلة الأطفال العاملين، وناقشتها دون أن تنجح في حلها لغاية الآن.
ــــــــــــــــــ
الزواج ..هل يقتل الحب!؟
* نجمة السما
الزواج لا يقتل الحب، بل لعله يزيده عمقاً وأصالة، كل ما في الأمر أنَّ الحب لا يعود بحاجةٍ إلى التعبير عن نفسه ما دام الزواج يشهد بوجوده ويحميه، لكن من الناس من لا يشعر بذاته وبعواطفه فيظل بحاجةٍ إلى أن نقول له أننا نحبه، و أن نكرر ذلك في كل حين وإلاَّ شعر بالألم والتعاسة، وهذا شأن المرأة والرجل أيضاً. وفي الحياة المشتركة يجد الحب أشكالاً جديدة يعبِّر بها عن وجوده ويؤكد بها أصالته وعمقه، وبالتالي تصبح عبارات الحب بلا فائدة ولا جدوى، فالأعمال والمواقف فيها الكفاية، بل إنَّها هي وحدها التي تثبت وجود الحب وتعبر عنه حقاً. والواقع أنَّ الحب تعبر عنه محاولات الزوجة الجادة لتحقيق مزيد من التفاهم والانسجام، وكذا الرغبة المشتركة في إنجاب طفل, وآمالهما المشتركة، كل هذا صحيح في حد ذاته، لكنه لا يحول دون إحساس المرأة بالألم ما دام الزوج لا يعبِّر لها عن حبه ولا يبدي نحوها مزيداً من الرقة واللطافة، وكثيراً ما تلحظ المرأة أنَّ إقبالها على الزوج وزيادة رقَّتها تجاهه، كثيراً ما تزيده توتراً، فبعض النساء يشعرن بأنَّهن كلما أبدينَ مزيداً من الرقة واللطف شعرن بابتعاد أزواجهن عنهن.
ولا يستطيع الزوجان في الحقيقة أن يتجنبا لحظات الفتور التي تنتاب حياتهما من حين لآخر، وخيرٌ لهما أن يعترفا بالواقع وأن يواجهاه في هدوء وشجاعة، وهما واثقان بأن السُحب لا تلبث أن تزول، فتوتر أحدهما وغضبه ليس حتماً أن يكون تابعاً لهدوء الآخر وابتسامته، بل قد يزداد التوتر كلما بالغ الآخر في اصطناع الهدوء والمرح الزائف. عادة المحبان أنَّهما يتباهيان بأنَّهما وحدة متكاملة لا فرق بينهما ولا تكليف، وهذا خطأ، فمهما كانت الروابط بينهما قوية وثيقة، ومهما كان الانسجام بينهما كاملاً فسوف تظل لكل منهما ذاته ومزاجه وميوله وقدراته وطباعه وأفكاره، ومن هنا لابد من وجود الكلفة بينهما حتى يتجنبا الصدمة حين يكتشفان أنَّهما غير متفقين في كل شيء بعكس ما كانا يتوهمان. ثم إنَّ كلاً منهما قد يخشى على حريته من طغيان الحب، إنَّ طغيان الحب يخيف أحياناً. إنَّ عبارة "قل لي أنَّك تحبني" قد تعني "قل لي أنَّك تحبني ما دمت بالفعل تحبني.. قل لي أنَّك فعلاً تحبني بصرف النظر عن حقيقة عواطفك نحوي". إنَّ رد الفعل التلقائي قد يكون الصمت أو إجابة قصيرة مثل "طبعاً أحبك كما تعلمين" والحقيقة أنَّ الحب لا يقتله الزواج، وتكفي التصرفات والأفعال للدلالة على الحب وقوته. وليست المرأة وحدها هي التي تود أن يعبِّر لها زوجها عن حبه، فالرجل أيضاً يستبد به نفس الإحساس... والحقيقة أنَّ الحب لا يقتله الزواج إنَّما يتم التعبير عنه بأشياء أخرى تلحظها وتشعر بها المرأة الذكية، ويدركه ويلمس حرارته الزوج النبيه، وكلٌ يعبِّر عن حبه بأسلوب أو بآخر.
إنَّ الزواج ليس تنفيساً عن ميل بدني فقط! إنَّه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياةٍ تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء.
وأرى أنَّ شغل الناس بالصلوات الخمس طوال اليوم له أثرٌ عميق في إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التي يمكن أن تفجِّر الرغبات الكامنة. إنَّ الحجاب المشروع، وغَضَّ البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء في أي اختلاط فوضويّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمي والاجتماعي والعسكري -عند الحاجة-؛ كل ذلك يؤتي ثماراً طيبة في بناء المجتمع على الفضائل.
ثم يجيء الزواج الذي يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والإسراف والتكلف، التي برع الناس في ابتداعها فكانت وبالاً عليهم.
إنَّ من غرائب السلوك الإنساني أنَّه هو الذي يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذي يخلق الخرافة ثم يقدِّسها!!
إنَّ الإسلام الحق هو الدواء الناجع، والعناصر التي يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفَّة تبدأ من البيت، فالصلوات ينتظم أفرادها كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة، وتراعى شعائر الإسلام في الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء..
إنَّ جوانب الحياة العامة كثيرة، وهي مسؤولة عن صيانة البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
هناك معالم ثلاثة ينبغي أن تتوفر في البيت المسلم، أو أن تظهر في كيانه المعنوي ليؤدي رسالته ويحقق وظيفته، هذه الثلاثة هي: السكينة والمودة والرحمة..
وأعني بالسكينة الاستقرار النفسي، فتكون الزوجة قرة عين لرجلها، لا يعدوها إلى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته، لا تفكر في غيره..
أما المودَّة فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضا والسعادة.. ويجيء دور الرحمة لنعلم أنَّ هذه الصفة أساس الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء على سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159]، فليست الرحمة لوناً من الشفقة العارضة، وإنَّما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الأخلاق وشرف السيرة..
وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والوِّد المتصل، والتراحم الحاني فإنَّ الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثراً...
وسوف يتغلب على عقبات كثيرة، وما تكون منه إلاَّ الذُّريات الجيدة، إنَّ أغلب ما يكون بين الأولاد من عُقَد وتناحر يرجع إلى اعتلال العلاقة الزوجية، وفساد ذات البين.
إنَّ الدين لا يكبت مطالب الفطرة، ولا يصادر أشواق النفس إلى الرضا والراحة والبشاشة، وللإنسان عندما يقرر الزواج أن يتحرَّى عن وجود الخصال التي ينشدها وذلك حق المرأة أيضاً فيمن تختاره بعلاً.
فإذا صدَّق الخُبْر الخَبر صحَّ الزواج وبقى، وإلاَّ تعرَّض مستقبله للغيوم.
وهناك رجال يحسبون أن لهم حقوق، وليست عليهم واجبات، فهو يعيش في قوقعة من أنانيته ومآربه وحدها، غير شاعر بالطرف الآخر، وما ينبغي له. والبيت المسلم يقوم على قاعدة عادلة.. (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) [البقرة: من الآية228]، وهي درجة القوامة أو رياسة هذه الشركة الحيّة..! وما تصلح شركة بدون رئيس.
وبديهي ألاَّ تكون هذه الرياسة مُلغية لرأي الزوجة، ومصالحها المشروعة أدبية كانت أو مادية..
إنَّ الوظيفة الاجتماعية للبيت المسلم تتطلب مؤهلات معينة، فإذا عَزَّ وجودها فلا معنى لعقد الزواج.
وهذه المؤهلات مفروضة على الرجل وعلى المرأة معاً، فمن شعر بالعجز عنها فلا حقَّ له في الزواج..
إذا كانت المرأة ناضبة الحنان, قاسية الفؤاد, قوية الشعور بمآربها, بليدة الإحساس بمطالب غيرها, فخير لها أن تظل وحيدة، فلن تصلح ربة بيت، إن الزوج قد يمرض، وقد تبرح به العلَّة فتضيق به الممرضة المُستأجرة. المفروض أن تكون زوجته أصبر من غيرها وأظهر بشاشة وأملاً ودعاء له..
ولن نفهم أطراف هذه القضية إلاَّ إذا علمنا بأنَّ البيوت تُبنى على الحب المتبادل.. (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) [البقرة: من الآية187] كما قال تعالى.
ــــــــــــــــــ
نحو علاقات أفضل بين المراهقين وذويهم
كشفت دراسة جديدة أن الآباء الذين يتعاملون مع أولادهم في سن المراهقة بطريقة جيدة ومناسبة يفسحون المجال أمامهم لعلاقات أفضل في المستقبل.
من جانبها كشفت الباحثة مارتا روتر أن الآباء الذين يفصحون عن توقعاتهم بوضوح وبصورة مؤكدة، بالإضافة إلى استعدادهم لمكافأة السلوك الجيد من قبل أولادهم المراهقين، فإنهم بذلك يحسنون العلاقات الاجتماعية والعائلية لأطفالهم.
ووجدت روتر أن استخدام هذه الأساليب تحث المراهقين الذين يعانون من المشاكل على تحسين مواقفهم بينما أن المراهقين وذويهم الذين لديهم بالفعل علاقات جيدة يتقربون أكثر من بعضهم ويحققون مزيدا من المنافع.
ولكن دراسة روتر تشير إلى أن الآباء الذين يشرحون المسائل لأبنائهم ويستعينون بالمنطق فإنهم يساعدون أطفالهم على فهم أهمية الموقف مما يجعلهم متعاونين أكثر. وتظهر الدراسة أيضا أن التأثير ليس أحادي الجانب بل إن الأطفال أيضا يستطيعون التأثير على ذويهم.
ووجدت روتر أن ذلك يتجلى بصورة أكبر حين تكون العلاقة بين الآباء والمراهقين متعثرة أو سلبية. فعلى سبيل المثال فإن معاملة المراهق بطريقة قاسية دون التقيد بالقوانين والمعايير الاجتماعية يعطل من قدرة المراهق على الصمود في وجه المصاعب.
فالمراهقون الذين لديهم مشاكل دائمة مع ذويهم تكون قدرتهم على حل المشاكل ضعيفة ومهاراتهم في المدرسة والحياة أقل من غيرهم.
من جانب آخر يعتبر اتباع النصائح الخاصة بالتعامل مع المراهقين ليس بالأمر السهل، وفقا للباحثين.
ووجدت روتر أيضا أن التأثير المتبادل للمراهقين وذويهم على بعضهم البعض يتراكم مع مرور الزمن حيث أن المعاملة السلبية من قبل الآباء لأولادهم يخلق مقاومة لدى المراهقين ويزيد من التصرفات الإشكالية لديهم. ويمكن نتيجة لذلك أن يتأثر سلوك الآباء وبالتالي يؤثر مجددا على الأطفال.
وبعكس ذلك وجدت روتر أن السلوك الإيجابي للآباء يميل لتعزيز العلاقة مع أطفالهم والتي تقوى مع الزمن. وأظهر البحث أيضا أن الأب ينبغي أن يتخذ الخطوة الأولى وليس الابن. ويعود سبب ذلك إلى أن سلوك الطفل الإيجابي لا يؤثر على سلوك الأب أو الأم السلبي، وهو النوع الوحيد من السلوك الذي وجدت روتر أنه غير ذي فعالية.
ويشير ذلك إلى أن الآباء الذين يشعرون بإمكانية التحسن لديهم إذا تحسن سلوك أبنائهم وأصبحوا أكثر دعما لهم، فإنهم في الحقيقة يضعون عبئاً ومسؤوليات لا حاجة إليها على كاهل أبنائهم . وبدلا من ذلك ينبغي على الآباء التركيز على سلوكهم والحصول على استشارات إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
قالت روتر، "ليس من الصواب أن تحاولوا تعليم الأطفال المهارات لحل المشاكل ما لم تقوموا بتطبيق ذلك على آبائهم. وبخلاف ذلك فإنكم تكونوا كمن أعاد الطفل إلى المنزل حيث إنه في خلال مدة قصيرة سيفعل نفس المشاكل لأن شيئا لم يتغير في سلوكيات الآباء."
والشيء المهم هو أن يعمل الآباء والمراهقين معا كي يكون التفاعل بينهم أفضل. قالت روتر، "يعتقد كثير من الناس أن سن المراهقة فترة تسوء خلالها العلاقات بين المرهقين وذويهم، ولكن الحقيقة أن المسألة ليست كذلك. إن ما يحدث هو أنه حين يصل الأطفال سن المراهقة وهم في وضع سيئ، فإن الأشياء تسوء بصورة أشد لأن الكثير من الأمور السلبية تجري في العائلة."
والسبب الآخر يمكن أن ينجم عن النزعة الاستقلالية للأطفال حين يدخلون هذه السن. قالت روتر، "يتميز سن المراهقة بأن الطفل بدل تلقي الأوامر تصبح لديه طريقته في عمل الأشياء."
ويضاف إلى النزعة الاستقلالية لدى المراهق إضافة المسئولية إليه. فعلى الرغم من اتفاق العلماء والباحثين على أن الآباء ينبغي أن يوفروا البيئة المناسبة لدعم وتربية أطفالهم، إلا أن ذلك لا يعني أن المسئولية يجب أن تقع على الأب بمفرده.
-------------------------------
* البوابة
ــــــــــــــــــ
الأب ودوره العائلي
التوازن العائلي الداخلي يتطلب إلى جانب الأم الحكيمة والقادرة، الأب المسؤول والعاقل الذي يتدخل عند الحاجة، فهو بمثابة قائد السفينة التي عليها أن تبحر البحار والمحيطات رغم العواصف العاتية.(54/232)
الأب يجب أن يهتم بأولاده، ويحسن تربيتهم، ويحاول مصاحبتهم والعطف عليهم، والوقوف إلى جانبهم في الحالات الصعبة، مما يشعرهم بالدفء والحنان والقوة والقدرة على الصمود. الأب يجب عليه ان يخطط لأولاده كل ما يساهم في حمايتهم ويحافظ على مستقبلهم المدرسي والعملي.
كل خلل يحصل من جراء غيابه جسدياً أو فكرياً عن المنزل العائلي ينعكس سلباً على الأولاد على شكل اضطرابات نفسية تظهر على مجمل تصرفاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين، وتُحدث فيهم نوعاً من الخوف الدائم.
أن عملية الإنجاب للأولاد يجب أن لا تقتصر فقط على الغريزة الحيوانية، بل كل التفكير السليم المبني على تفاهم الزوجين وتصميمهم على تحمل المسؤولية معاً مهما كانت الصعاب، فالمشكلة قد تحصل في حال تهرب أحد الشريكين من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
إن التوازن العائلي يتطلب وجود الأب إلى جانب الأم، حتى ساعة ولادة الطفل، لأن ذلك يشجعها على الاستمرار في التأمل والتمسك بالمستقبل، ويخلق نوعاً من اللحمة العائلية الصلبة التي لا يعتريها الضعف.
الخطأ الكبير، هو تخلي الأب للأم عن حق تربية الأطفال، مدعياً بأنه سوف يهتم بهم فيما بعد، مع العلم بأن أكثر الصور التي تنطبع في أذهان أطفالنا يصعب تغييرها لاحقاً، لذا فإننا نعود لنشدد على ضرورة اهتمام الأب بولده منذ الصغر وإشعاره بوجوده الدائم قربه مهما كثرت مشاغله الخارجية، وإيجاد الأوقات اللازمة للعودة إلى البيت العائلي مما يُشعر الطفل بأهميته وبأنه مرغوب فيه، فيستقر من الناحية النفسية وينمو من الناحية الجسدية نمواً طبيعياً وسليماً.
كل إهمال من قبل الأب وكل تهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه، قد يخلق معضلات عائلية تكون انعكاساتها السلبية خطيرة جداً على نفسية كل فرد من أفراد العائلة. لا يمكن أن يكون الأب الحلقة الأخيرة من حلقات التربية العائلية للأولاد، مهما كان عمله شاقاً أم طويلاً، فبإمكانه إيجاد الوقت المناسب مهما كان قصيراً للتقرب منهم حتى يشعروا بوجوده وبحبه لهم، وهذا يؤثر إيجاباً على الجو العائلي وعلى توازنه الداخلي.
كم من العلاقات الزوجية المختلة، ومن الأطفال والأولاد المشردين، لا أم تحضنهم ولا أب يرعاهم، فهي غارقة في مشاكلها الزوجية، وهو لا يعرج نحو المنزل نتيجة عربدته، يقضي أكثر أوقاته في المقاهي والبارات؟ وما فشل الوضع العائلي العام، سوى نتيجة حتمية للواقع المرير الذي يعيشه الأهل، وقد يذهب بعض الأولاد إلى حد الانتقام عن طريق القتل والسرقة وتعاطي المخدرات وتناول الكحول.
إذاً، للأطفال حق العناية بهم من قبل الأب والأم على السواء: ودور الأب يبقى مهماً لأنه يساعدهم على اكتساب أكثر مظاهر القوة والشجاعة والإقدام والثقة بالنفس في حال أن تربيته لهم جاءت صادقة ومخلصة.
كل تراجع من جهة الأب في عملية التربية المنزلية، كل تخاذل أو تهرب، تظهر ملامحه السلبية على مجمل تصرفات الأولاد وعلى طريقة تعاطيهم مع غيرهم من الرفاق والأصدقاء، كما تظهر على مجمل نشاطهم المدرسي والرياضي وعلى علاقاتهم الاجتماعية والعملية عند الكبر، ذلك لأن الأب كان وما زال يُعتبر الركيزة الأساسية لكل بناء عائلي سليم.
إذاًَ، كدور الأم في عملية تربية الأولاد، يبقى دور الأب رئيسياً ومهماً، ومن هذا المنطلق العلمي فإنه يتوجب عليهما التعاون والتكاتف في السراء والضراء، حتى تأتي تربيتهم لأولادهم على أنجح ما يرام، وحتى يشعر الأولاد بأنه مرغوب فيهم، وبأنهم محبوبون من الجميع، مما يزيدهم ثقة بأنفسهم، وحباً للحياة ورغبة بالمستقبل.
إن التقارب الملوس بين الأب والأم يؤمن للجميع العيش بأمان واطمئنان ضمن جو هادئ يسوده الوئام والسلام.
ــــــــــــــــــ
عندما تفكرين بزواج جديد .. كيف تعاملين أبنائك؟
* نجلاء محفوظ
إذا كنت تفكرين في الزواج، فلابد أن يعرف الأبناء ذلك عن طريق طرح الفكرة سواء اقترنت بشخص محدد أم لا .. مع توضيح حقك الشرعي والإنساني في ذلك بطريقة ذكية فلا تكون حادة، ولا تتسولي موافقتهم بالطبع، وأكدي لهم أنك ستختارين الزوج الذي يصلح صديقاً لهم .. وأن لديهم الأب فعلاً .. ولن يزاحمه أحد في ذلك .. وأنك ستحرصين على حسن معاملته لهم، وأنك تحتاجين إلى رفيق يقارب عمرك وأن هذا لن يؤثر على اهتمامك بهم .. بل على العكس سيزيد من رعايتك لهم بعد عثورك على راحتك النفسية .. ولا تتوقعي منهم تأييداً جازماً .. فمن الطبيعي أن يرفضوا بشدة، في بادئ الأمر، وقد يلجأوا للبكاء أو للتهديد بتركك في حالة الزواج والذهاب للعيش مع الأب .. فلا تتألمي كثيراً أو تتهمينهم بالأنانية، فلهم بعض العذر من الخوف والقلق على مكانتهم لديك، أو أن تأتي لهم بزوج أُم يفرض عليهم قيوداً تضايقهم .. وتعاملي مع الأمر بحكمة وهدوء ونفس طويل .. ولا تفاجئيهم بقرار الزواج ولابد من التمهيد المتدرج لذلك .. وأن تعقدي لهم بعض الجلسات الودية مع الزوج ولا داعي للإسراف في تقديم الهدايا لهم أو التغاضي عن أخطائهم عند الإقدام على الزواج الثاني، فإن الرسالة التي تصلهم ـ عندئذ ـ أنك ترتكبين جرماً في حقهم وتحاولين تعويضهم مما سيدفعهم بكل أسف إلى ابتزازك بكل الطرق الممكنة ويدمر علاقتك الإنسانية بهم ويهز صورتك كأم .. وتذكري أن الزواج الجديد حق من حقوقك الشرعية طالما تحرصين على أبنائك ولا تسمحي لزوجك بإيذائهم بأي صورة من الصور، ولا تدفعيه للإسراف في التودد إليهم، واعرفي أن الأمر سيحتاج إلى فترة قد تطول أو تقصر، حتى يحدث التآلف بصورة طبيعية وأن محاولة الإسراع به ستضر ولن تفيد .. واحرصي على أن يلتزم أبناؤك بالآداب تجاهه، وأن يلتزم زوجك باللطف تجاههم .. وتحملي هذه الفترة الانتقالية بذكاء وتذكري أن أولادك سيحاولون إفشال زواجك لتعودي كاملة لهم .. فلا تسمحي بذلك ولا تخسرينهم ـ أيضاً ـ ولا شك أنها مهمة صعبة، ولكنه (ثمن) لابد من دفعه لتستقري في خطوات عملية لحياة زوجية جديدة سعيدة مع وجود أبنائك معك .. ولابد من أن يعرف طليقك زواجك منك أو من الأقارب وألا يفاجأ به حتى لا يأخذ موقفاً سلبياً ضدك .. ومن الحكمة أن تخبري طليقك دائماً بمشاكل الأبناء حتى لا يفكر ـ جدياً ـ في أخذهم بعد زواجك فيما بعد، ويمكنك إذا ضايقك بأخذهم أن تخبري أبنائك أنهم يستطيعون العودة إليك إذا ما أرادوا واستطاعوا إقناع والدهم أو مضايقة زوجة أبيهم .. وأخيراً .. إذا كنت لا تقوين ـ فعلاً ـ على العيش بدون أولادك، فتأكدي من رد فعل طليقك الحقيقي نحو زواجك قبل الإقدام على الزواج حتى لا تفاجئين بانتزاع أبنائك من أحضانك وعدم قدرتك على العيش بعيداً عنهم، مما يؤدي إلى الطلاق مرة أخرى لاستعادة أبنائك .. أو العيش بدونهم .. واحرصي على التفكير جيداً وبأمانة قصوى مع النفس قبل الإقدام على الزواج الثاني ..
ــــــــــــــــــ
تمرد وعصيان البنت إتجاه امها..لماذا؟
كتب "من الملاحظات الشائعة أن كثيرًا من الأمهات يتعاملن مع بناتهن بأسلوب محدد يتكرر فيه النقد واللوم وتطالب فيه الابنة
باتباع طرق محددة في السلوك والتفكير ..دون مراعاة لشخصية الابنة وميولها وطموحاتها ورغباتها الخاصة بها .. وتكثر
إحباطات الابنة وغضبها وقلقها .. وفي كثير من الأحيان تستسلم وتتكرر في أساليبها وتصرفاتها ملامح من أمها .. ولو أنها
غير راضية عن ذلك .
وفي حالات أخرى يحدث التمرد والعصيان والصراع مع سلطة الأم مما يؤدي إلى مشكلات متنوعة . ومما لا شك فيه أن العلاقة بين الأم وابنتها علاقة معقدة وتتضمن عدة مستويات .. ومنها الدور التربوي المرسوم من خلال القيم الاجتماعية وهو ما تؤكد عليه معظم الأمهات.
إلا أن هناك دوراً هاماً يتمثل في أحد جوانبه الأساليب القهرية الذي تعرضت لها الأم نفسها عندما كانت صغيرة، والذي يشبه
مسلسل "الحماة - الكنة " من حيث العلاقة السلبية والمشاعر المتناقضة والذي يؤدي إلى مشكلات اجتماعية ونفسية
متعددة. وينتج عن مسلسل"الأم - الابنة "في جانبه السلبي أن تلعب الأم دور السلطة القاهرة التي تنتقد باستمرار ولا
ترضى عن ابنتها .. وهي في سلوكياتها لا تشجع استقلالية البنت ولا تدعم هواياتها ومحاولاتها لتحقيق شخصيتها
المستقلة.
ومن المهم الانتباه إلى أن العوامل النفسية هذه تعمل دون وعي أو إرادة واضحة في كثير من الحالات .ومن المهم أيضاً
التأكيد على استقلالية الابنة ونموها وتطور إمكانياتها وقدراتها وهواياتها في مختلف المجالات الإيجابية، فالحياة متغيرة
باستمرار وتحتاج الابنة إلى قدرات متنوعة كي تستطيع مواجهة حياتها ومسؤولياتها بشكل ناجح...
والأم المتوازنة الحكيمة تستطيع أن تشجع ابنتها باستمرار وتحاول أن تأخذ بيدها إلى ما فيه صالحها .. ويمكنها أن تفرح
وتسعد لتفوق ابنتها .. وتميزها في قدراتها المختلفة دون أن يكون ذلك تحدياً لكيانها وقيمتها .. فالأم العظيمة يمكنها أن
تنجب رجالاً عظاماً .. ونساءً عظيمات.. والأم الضعيفة تنجب الضعفاء والضعيفات.. التشجيع يصنع المعجزات .. ويجعل
الإنسان يعطي أحسن ما عنده ... بينما التبخيس والتصغير والإهمال يؤدي إلى جمود الإنسان وجفافه وعقده .
ــــــــــــــــــ
عندما ينتزع الأبناء من الأم المطلقة ... مشاكل وحلول
* نجلاء محفوظ
هناك موقف بالغ الصعوبة قد تتعرض له الأم المطلقة وهو أن (ينتزع) منها الأب الأبناء بعد بلوغهم سن الحضانة، وهناك من الأمهات ممن يسعدن لذلك نفسياً، فيسهل ـ إلى حد ما ـ عليهن تقبل الوضع الجديد .. ولكن الكثيرات يتعرضن لأزمة حقيقية .. وفي هذه الحالة فإن التسليم بالأمر الواقع هو أولى الخطوات لاجتياز هذه المحنة، والثقة بأن الحب الذي زرعته داخل أبنائها وحنانها لهم لن يضيعا هباء أبداً، وتذكير النفس بأن الأبناء رسالة وليسوا متاعاً شخصياً للإنسان، وأنهم كانوا سيرحلون في وقت آخر عندما يستقلون بحياتهم بالزواج .. وأن كل ما حدث هو اختلاف في التوقيت، كما أنها تستطيع الاستمرار في دورها كأم من حيث الحرص على السؤال عليهم والالتقاء بهم .. وإرشادهم ونصحهم باستمرار فوجودهم في بيت والدهم، لا يلغى دورها كأم ولكن يقلل ساعات قيامها به إلى الوقت المحدد الذي تراهم فيه، حيث لابد أن تحرص على أن تعطيهم وجبة متكاملة من الحب والحنان والاهتمام والاستماع إلى أخبارهم بوعي ويقظة شديدين مع إضافة جو من المرح على الجلسة، واصطحابهم من آن لآخر إلى أحد أماكن الترفيه ليستعيد الأبناء توازنهم النفسي، ولتحذر تحريضهم على والدهم حتى لا يتمزقوا من الصراع بينهم، ولتترفع عن ذلك بل وتقوم بتشجيعهم على حسن التعامل مع أبيهم وزوجته ـ إن وجدت ـ ثم تفوض أمرها لله ـ عزوجل ـ وفي الوقت نفسه فعليها أن تجاهد ـ بجدية ـ لملء الفراغ الهائل في حياتها بأمور إيجابية، مثل: تعلم لغة أجنبية أو إتقان مهارة يدوية كأشغال الأبرة أو الحياكة وما إلى لك من أمور تلتهم الوقت فتقلل إحساسها بالفراغ (اللعين) الذي يزيد من إحساسها بغياب الأبناء، ثم علياه أن تهتم بصحتها وبمظهرها، ليس لتسعى للزواج الجديد، كما قد يتبادر إلى الذهن ولسنا نعترض على ذلك بالطبع، ولكننا لا نجعله الهدف الوحيد من الاعتناء بالمظهر، فقد لا يأتي الزواج فتصاب المرأة بالإحباط ويحصل لها نكوص عن الأناقة بشكل سيئ .. وفلابد أن تتماسك من أجل نفسها أولاً، ثم من أجل أبنائها وأن تزيد من مساحة الأمور، المفرحة في حياتها وأن ترضي بواضعها وأن تردد لنفسها أنا أسعد من أم أخرى توفي أبناؤها وهي ما زالت على قيد الحياة .. وألا تكثر في الحديث عن هذا الأمر مع صديقاتها لأن الغالبية منها سيقمن ـ بدون وعي ـ في زيادة شعورها بالحزن عن طريق المبالغة في الرثاء الظاهري لها كنوع من إظهار مشاعر الحب والود لها ..
واخيرا لا تصدقي بان الابناء يصبحون ضحايا للطلاق فهذا غير صحيح ,فحياتهم افضل في بيت بلا مشاكل .
ــــــــــــــــــ
كيف تتصرفين لحظة غضب زوجك
المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لحظة غضب زوجها لتمتص غضبه بهدوء ومحبة...لايوجد بيت يخلو من المشاكل، وليس هناك زوج لايغضب ولا يثور، لكن المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لتمتص غضب زوجها بهدوء ومحبة، ولا تلح عليه بالسؤال عما به من ضيق إلا إذا صرح هو بذلك. ولا تفكر بأن الحب بينهما قد فتر، فغضب الزوج ليس دليلا على نهاية الحب، والمحافظة على استمرارية هذا الحب يتوقف على مقدار التفاهم بين الزوجين والاحترام المتبادل، وعلى مقدار حسن تصرف الزوجة وفطنتها وذكائها ..
1) عندما ترين زوجك غاضبا ومتضايقا حاولي أن تمتصي غضبه، ولا تستقبليه بالشكوى من الأطفال وهموم البيت، وتذكري دائما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ". (رواه ابن ماجة )
كلما تذكرت هذا الحديث، واستشعرت به بعمق، وطبقته بسعادة واقتناع، أدركت الفائدة التي ستعود عليك، وستنعمين حينئذ ببيت سعيد بعيد عن المشاكل والمشاحنات.
2) عندما تكونين مخطئة بعمل ما، كتأخيرك لتنفيذ بعض الأمور بسبب انشغالك بالحديث على الهاتف مع إحدى الصديقات، قومي بمناداة زوجك بأحب الأسماء إليه، وقدمي له اعتذارك وسبب التأخير مع التأثر الشديد، وليس بعدم الاهتمام واللامبالاة، لكي يشعر بأنك فعلا قد أدركت أن هذا العمل خطأ، واحتملي ما قد يقوله لك من عبارات لأنه بهذه الحالة سيفرغ جزءا من غضبه.
3) إذا تحدث وهو غاضب فإياك أن تقاطعيه، وأيديه ببعض الكلمات الرقيقة مثل: أعرف أنك مرهق .. لاتتعب نفسك. فمثل هذه الكلمات ستلين قلبه وستشعره بأنك تهتمين به وبهمومه.
4) حاولي تهدئته، واضبطي انفعالك إذا كان الحق معك، وتحدثي معه بأسلوب لبق.
5) لاتستفزيه عندما يغضب، ولا تثيريه بكلمات وعبارات تبين له مدى استهانتك بشخصيته.
6) لاتنامي وهو غضبان منك، فبعد أن تهدأ الأمور، وتتأكدي من هدوء زوجك، حاولي المبادرة للرضا، فالواجب الشرعي يقول: إن المبادرة تكون من خيرهما ديناً وعقلاً، أو من أقدرهما في الغضب والرضا، كما قال أبو الدرداء لأم الدرداء رضي الله عنهما "إذا غضبتُ فاسترضيني وإذا غضبتِ أسترضيك وإلا لم نجتمع".
7) تذكري أن البيت المملوء بالحب والهدوء والتقدير المتبادل والاحترام والبساطة في كل شيء خير من بيت مليء بما لذ وطاب ومليء بالنكد والخصام.
8) لاتجعلي العبوس رفيقك، وحاولي ألا تفارق وجهك الابتسامة المشرقة المضيئة والفكاهة والبشاشة لكي تمنحي زوجك السعادة وتنعمي بحياة زوجية سعيدة.
ــــــــــــــــــ
أبناء يخجلون من مهن آبائهم المتواضعة
* محمد زاهر
أياً كانت مهنة أبيك مادامت شريفة فهي وسام على صدره وعلى صدرك وعليك ان تفكر ألف مرة قبل ان تخجل من تواضعها لأنها ليست أبدا كذلك.. فكر فقط في شيء واحد.. أنها كانت السبب في وضعك الحالي الذي جعلك تفكر في أنها متواضعة. قد يرى البعض ان المهنة نوعان: متواضع نخجل منه وآخر رفيع المستوى نفتخر به..
ولكن المنطق والعقل والضمير لا ترى ذلك أبدا فأي مهنة شرط ان تكون شريفة انما هي طريق اتخذه صاحبه وسيلة لمعيشته وكسب عيش أولاده وهذا في حد ذاته شرف لا يعادله شرف لأن اختيار الطريق الحلال أصعب بكثير من العكس..
لذلك حاولنا ان نخرج من هذا التحقيق بما يساعد أصحاب هذه الظروف عسى ان يجدوا فيه ما يوقظهم من غفلتهم وحتى يدركوا ما هم فيه من نعمة قد يحسدهم عليها آخرون. وليس المقصود هنا الاشارة الى المسلسل المصري الشهير الذي حمل الاسم نفسه ولعب بطولته الفنان عبد المنعم مدبولي في دور من أروع ما قدم خلال تاريخه الفني الكبير.
ولكن كانت تلك الكلمات هي أول ما يدور بخلدي حينما كنت أتحدث مع بعض أصحاب المهن التي يرى آخرون أنها متواضعة رغم أهميتها وعدم القدرة على الاستغناء عنها، واليكم بعض ما جاء على لسانهم.
محمد حورية (عامل تمديدات صحية «سمكري») يقول: أعمل في هذه المهنة منذ خمسة عشر عاماً وأنا فخور بها لأنها مصدر رزقي ورزق عيالي وأسرتي، وهي كفتني مد اليد للناس طيلة حياتي والحمد لله على ذلك، ولا أرى ان هناك أمة أو حضارة لا تبجل العمل بجميع أنواعه، وقد جاء التفريق أو النظرة الدونية لأصحاب المهن اليدوية أو الخدمية بسبب عصر الانحطاط الذي نعيشه.
حيث أصبح المرء يقاس بشكله وماله بعيداً عن معدنه وأصله، وبعد ان طغت المظاهر البراقة والاسماء اللامعة على معظم أفراد مجتمعنا أصبح القيام بأعمال خدمية كالتنظيف والبيع في الطرقات وغيرها أمراً مخزياً عند أولئك الاشخاص الفارغين الذين لا يقدرون الحياة ولا يعرفون قيمتها ولا يشعرون بقيمة المال أو حتى يقدرون معنى وجوده بأيديهم لأنه جاء بالطرق السهلة التي قد تكون غير مشروعة، هذا كله كرس هذه النظرة عند أفراد المجتمع، وهناك سبب رئيسي ايضاً وهو عدم فهم قدسية العمل.
ويضيف: أما بخصوص تأثير ذلك على أبنائي فهم أكبر من ان يتأثروا بذلك، ولقد تجاوزوا فترة التأثر بالناس وأصبحوا هم يؤثرون بالناس، فابني يدرس الصيدلة وهو من المتفوقين، وهو يأتي احياناً للعمل معي ويفتخر بذلك حتى أمام أصدقائه ويحب هذه المهنة لأنها ستجعل منه رجلاً يخدم أفراد المجتمع وستجعل منه صيدلانياً، والابن الاصغر منه يدرس الطب في روسيا، وهذا كله بسبب عملي الذي يدر عليّ الربح والحمد لله، ولولا هذا العمل لما استطعت ان أقف الى جانب أبنائي لاتمام دراستهم.
أما الأمر المزعج في الموضوع هو تأثر الأولاد الصغار وهم في المرحلة الدراسية الابتدائية بحديث أصدقائهم، فهؤلاء الصغار قد يسمعون كلام استهزاء من أصدقائهم الصغار، فهم لا يعلمون ان هذا الاستهزاء يسيء لزملائهم وقد يؤذيهم نفسياً، وأعتقد ان هذه مسئولية المدرسة والمدرسين عندما يرون مثل هذه الظاهرة بين الطلبة عليهم ان يحاربوها ويبينوا ان هذا مرفوض شرعاً ويحرمه الله ويخالف الأدب والاخلاق.
أما أسامة سعيد (سائق شاحنة) يقول: لا يهمني ما يقوله الناس عن مهنتي لأنني منشغل بها ولا يوجد عندي وقت أضيعه مع أولئك الناس، ولا أعتقد ان أولادي يخجلون من قول ان والدهم يعمل سائقاً، فهذه المهنة أنقذتني عندما أنهيت المرحلة الثانوية وجلست أبحث عن عمل وبقيت سنتين عاطلاً حتى التقيت بشخص يبحث عن سائق.
والحمد لله التزمت معه في ذلك الوقت والى الآن أعمال سائقاً للسيارات الثقيلة وأنا مرتاح رغم ان ظروف هذه المهنة صعبة وتحتاج الى صبر، وأنا أستغرب حقيقة من الشباب الذين يتنكرون لمهنة آبائهم مع ان هذه المهنة هي التي أخرجتهم من الفقر وأبقت على حياتهم وأكملوا بفضلها تعليمهم.
ويضيف: أما ما يقوله أولاد الاغنياء أو الأغنياء أنفسهم عن المهن التي نعمل بها أو لا تروق لهم، انما يدل على سوء تربية وسوء فهم، وأقول لهم ان الله قسم الرزق بين الناس، وقد تأتي الظروف الصعبة على ابناء الاغنياء وتدفعهم للقيام بأي عمل يشمئزون منه الآن، وعندها لن يستطيعوا القيام به لأنهم لم يعتادوا على ذلك.
غير ان ابناءنا قد عرفوا حقيقة الحياة وهم معتادون على مواجهة أصعب الظروف، وهذه من فوائد العمل اليدوي المتعب، وأقول للأبناء الذين يشعرون بحرج أمام أصدقائهم في المدرسة والجامعة والمجتمع بسبب مهن آبائهم ان كسب الرزق الحلال يدل على الرجولة والقوة وهو مدعاة للفخر والاعتزاز لا للخجل والكذب على الناس، ويجب عليكم احترام آبائكم واحترام مهنهم والفخر أمامهم بها كي تكافئوهم بشيء قليل مقابل ما قدموه لكم.
نعمان ابراهيم (عامل رخام) يقول: أعتقد ان وجود هذه المهن هو أمر ضروري ووجود العاملين بها كذلك، والا كيف نستطيع تنظيف الشارع وتعمير المنازل وغسلها؟ وكيف نتمكن من حراسة الأبنية؟ هذا أمر موجود في جميع المجتمعات، ولو نظرنا الى الأمر بشكل واسع وشامل لوجدنا ان الناس كلهم خدم لبعضهم البعض، فالخباز يخدم الناس ليأكلوا خبزهم والطبيب يخدم المرضى والمهندس يخدم الناس والمزارع يخدم الناس ويطعمهم الفواكه والخضار والبائع كذلك.
وفي النهاية الكل يخدم ولا مكان للكسول الذي لا يقدم شيئاً لأمته ومدينته، أما الأمر الذي جعل هذا الانسان طبيباً وهذا خبازاً أو كناساً فهي الظروف، لذا لا يحق لمن كانت ظروفهم المادية أو ظروف العمل جيدة ان يهزأوا من أولئك الذين لم تساعدهم الظروف أو الحياة على أن يكونوا مثلهم أو أفضل منهم، والمهم عندي ان أكسب المال بالطريق الشرعي الحلال دون ايذاء الناس، وأنا والحمد لله أكسب ما يكفيني وزيادة.
ويضيف: هناك مسألة لا يعرفها الناس أحب ان أنوه اليها، وهي انهم يعتقدون ان كل صاحب مهنة محترمة تدر عليه المال الوفير، وان كل صاحب مهنة متواضعة فقير، وهذا خطأ قد يكون الطبيب فقيراً والمهندس فقيراً، ويكون الناطور غنياً لأن مسألة الرزق لا دخل لها مباشرة بنوعية العمل، وأتمنى أن تنتزع من أفكار الناس هذه النظرة الدونية تجاه أصحاب المهن المتواضعة.
الشيخ راشد عبدالحميد (امام وخطيب) يقول: بداية أوضح ان الله عز وجل كرّم الذين يعملون بمثل هذه الأعمال، وأقصد الأعمال اليدوية، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رفع يد الصحابي التي أتعبتها المسحاة من العمل قائلاً: «هذه يد يحبها الله ورسوله»، بل وجعل العمل اليدوي الأفضل، فعندما سئل أي الكسب أطيب قال:
«عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور». وقال: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من ان يأكل من عمل يديه، وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يديه». وقال رسول الله «ان الله يحب العبد المحترف». « ومن أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له» وكان في بيته يخصف نعله ويرقع ثوبه ويجلب شاته ويعقل بعيره ويعلف ناقته ويكنس بيته.
ويضيف: أما اليوم فنرى ان هناك أشخاصاً يجدون حرجاً من القيام بمثل هذه الأعمال ويرون ذلك عاراً، مع ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يستنكف عن هذا ولم يستنكف ان يقول للعباس وبنيه وهم يسقون ويعملون في زمزم «اعملوا فانكم على عمل صالح» وكان رسول الله يرعى الغنم في شبابه.
وهذا مثال أضربه للشباب على أخلاقيات العمل، ويوضح لنا ان المساواة التي جاء بها الاسلام أعطت العمل اليدوي الذي يخجل منه الكثيرون أخلاقية وتكريماً في حين قد يتعير منه الابناء خوفاً من سماع كلمة أو لمزة استهزاء وأقول لهذا الشاب لا تعطي بالاً لمن يحاول التأثير عليك من هذه الناحية، وحاول ان تتقبله وتفهمه انه على خطأ وان المهم ان يحصل المرء على المال الحلال ليسد حاجته وهذا بالتأكيد أفضل من مد اليد للناس.
بلا قلب(54/233)
تحدث الينا (س. ك) جامع قمامة وقال : «لا أنكر ان مهنتي متواضعة جدا اذا ما وضعت موضع المقارنة مع غيرها ولكن مع ذلك لا يستطيع أحد ان يستغنى عني وعن زملائي والا تحولت حياتهم الى جحيم وسكن الذباب بيوتهم ولازمتهم معظم الامراض لهذا فأنا لا أخجل منها ولم أخجل منها في يوم من الأيام ولكن مع كل الاسف جاءت الاساءة من أقرب الناس إلي من أخي الأصغر والذي كنت أنفق عليه بعد وفاة والدنا ومعه أختين فعندما وصل أخي للمرحلة الثانوية فوجئت به يكذب على زملاء دراسته ويقول أنني أعمل موظفا باحدى الشركات الخاصة.
وأنه كان يبحث عن الوسيلة التي يثبت بها ذلك وهو يملأ استمارة الامتحان والتي تتطلب ان يكتب اسم ولي الأمر وصلة قرابته وعمله وقتها أحسست ان أخي انتزع من بين ضلوعه القلب ووضع بدلا منه حجرا لا يعرف كيف يحب ويعترف بالجميل ورغم اعتذار أخي وندمه الشديد بعد مواجهته الا أنني حتى هذه اللحظة لم أنس هذا الموقف الذي مرت عليه سنوات طويلة.
الحلال أولا
عم عثمان صاحب كشك لبيع السجائر والحلوى يروي حكايته لنا قائلا : «منذ ان بدأت العمل في هذا الكشك وأنا خائف من لحظة واحدة.. لحظة زواج أبني والسبب أنني والحمد لله اخترت له طريق التعليم والثقافة ولم أكن أبخل عليه بأي شيء حتى يتخرج من الجامعة حاملا شهادة تنفعه في مواجهة الزمن وكنت على يقين ان هذا الطريق سيجعل اختياره لشريكة حياته مختلف عن طريقتي أنا وأبي وهو ما حدث بالفعل فقد اختار ابني زميلة له في دراسته وعلمنا ان والدها يعمل صحفيا مرموقا في احدى الصحف الكبرى .
وشهرته كبيرة بين زملاء مهنته ولم أكن أدري ماذا سيقول لهم أبني الذي كنت أشفق عليه بشدة وماذا سأقول أنا عن نفسي ولكن والحمد لله لم يخذلني ربي في نفسي أو في ابني لأنني اخترت طريق الحلال دون اعتبار لأي شيء آخر حتى لو كان هذا الحلال مهنة متواضعة فقد تحدث ابني وعلامات الثقة والفخر تظهر عليه وهو يحكي لهم بكل اعتزاز عن الكشك الذي خرج منه ولداي وهما يحملان أعلى الشهادات وكان لكلامه تأثير ايجابي على أهل العروسة الذين رحبوا بنا ترحيبا كبيرا وأحسست وقتها ان طريق الحلال نهايته الحتمية هي الخير حتى لو كان هذا الحلال كشك سجائر.
لا يستحق
أحمد دسوقي (محاسب) تحدث الينا قائلا : رغم أنني لست من اصحاب المهن التي يطلق عليها مهن الخجل الا أنني أرى ان من يخجل من مهنة أبيه الحلال لا يستحق أبويته ولا يستحق مجرد وجوده على هذه الارض ذلك لأن مجرد النظر باحتقار لأي مهنة مهما كانت هو سلوك غير سوى ولا يخرج الا من انسان ذي عقلية متخلفة اجتماعيا وسياسيا ودينيا فما بالك لو كانت هذه النظرة لمهنة الأب الذي كان سببا لخروج هذا الانسان الى الدنيا أعتقد ان مجرد وجوده على ظهر الأرض شيء لا يستحق أبدا.
دموع في عيون وقحة
تحدث الينا علاء عبد المطلب (موظف) وقال : أحيانا تأخذ هذه المسألة عند بعض الابناء أكثر من حجمها الطبيعي بل وقد تصل الى مرحلة الاكتئاب والبكاء العنيف ولكنني لا أرى تشبيها يحضرني سوى انها دموع في عيون وقحة كان على صاحبها ان يفتخر بمهنة أبيه أيا كانت على أقل تقدير لأنها كانت سببا فيما وصل اليه من تقدم وعليه ان يحمد ربه ويشكر أباه أنه اتخذ حجطريقا آخر كان من الممكن بل ومن الطبيعي ان يكون هو نفس الطريق الذي يخجل منه الآن.
التاريخ يتحدث اليكم
أما هيثم محمد سلطان (موظف) فكانت له وجهة نظر تستحق العرض حيث قال : «أغلب الزعماء والمفكرين المشاهير والعلماء الافذاذ الذي يقف التاريخ أمام انجازاتهم طويلا كانت مهن آبائهم متواضعة بل وأحيانا كانت متواضعة جدا ومع هذا فلا تجد أحدهم يحكي عن تاريخه الا ويؤكد ان مهنة والده كانت كذا وأن مستواهم المادي والاجتماعي كان أقل بكثير من غيرهم بل ويزيد أحدهم في وصف النشأة على أنها كانت تحت مستوى الفقر .
ولكن تحمل كلماتهم دوما طعم الفخر والاعتزاز فخراً بآبائهم الذين تحدوا الطبيعة ليصلوا بهم لبر الأمان وفخراً أكبر بما حققوه هم ليفخر به الآباء وكأنهم يقولون لهم لقد زرعتم خيرا وها هو حصادكم.. أقول هذا لكل من يخجل من مهنة أبيه..عليك ان تجعل من هذا الخجل فخرا وعليك ان تعتز بهذا الاب أو بولي الأمر الذي كان سببا في وضعك في مقام ترى منه آخرين أقل منك ولم يجعلك في مقام يراك الجميع فيه اقل منهم.
من أنت ؟!
أما أحمد محمد بليطي (مهندس) فيقول : «علينا ألا نتحامل على الابناء في خجلهم من مهنة آبائهم لأن النظرة الاجتماعية لبعض الفئات مازالت قاصرة وغير موضوعية فنحن نحكم على المهنة ـ على سبيل المثال ـ بشكلها وشكل من يعمل بها لذا نرى ان جامع القمامة أو النجار أو الحلاق أو.. أو.. هي مهن متواضعة رغم ان الحقيقة مختلفة تماما عن ذلك فكلها مهن لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن تخيل الحياة بدونها وهو الأمر الذي يجب ان تحكم به الامور لذلك فأنا أوجه رسالة لمن تضعه الظروف في مثل هذا الموقف..
الحياة الآن ليست من أبيك أو ماذا يعمل؟ الحياة الآن تبحث فقط عمن أنت ؟! وما دورك؟ وماذا تقدم لنفسك ولمجتمعك؟ أما مهنة أبيك أو لقبه أو شجرة العائلة كلها مفردات اختفت من حياتنا وعليك ان تحفر في الصخر لتجد الاجابة عن هذه الاسئلة وأهمها من أنت ؟ لأنك لو وجدت اجابة هذا السؤال ستعرف وقتها ان مهنة أبيك ليست أبدا مدعاة للخجل ولكنها كانت سببا في ان تجد الاجابة عن أهم سؤال في حياتك ؟
والأبناء.. يتحدثون
قابلنا بعض الابناء الذين وضعتهم ظروفهم في هذا الاختيار واليكم بعض ما قالوا:
محمود شاب خرج الى الدنيا ووجد نفسه أبنا لبائع خضروات «سريح» وهو ما يطلق على من يتحرك بعربة تجرها دابة ليسير بين الاحياء باحثا عن مشتر لما يحمله من بضاعته..تحدث الينا قائلا :
«أنا لا أنكر أنني فخور بما وصلت اليه وأن عربة الخضار هي السبب الرئيسي في كوني محاسبا في احدى الشركات الكبرى ولكن هذا هو شعوري الذي أحمله أنا أما المجتمع فينتظر للأمور بشكل مختلف لأنني سأبقى دوماً أمام بعض الناس ـ رغم قلتهم ـ ابن بائع الخضار لذلك فأنا أحاول دوما ان أجتهد أكثر وأكثر لأصل الى ما يجعلني أبهرهم به حتى ينسى الجميع أي شيء ويتذكروا فقط من هو محمود.
أما سيد (الذي يعمل مهندسا باحدى شركات الاتصالات) فيقول : كان والدي رحمة الله عليه يعمل «سائساً» بجراج عمومي بالمنطقة وهي مهنة بسيطة يراها البعض من المهن المتواضعة وهكذا حكمت الظروف على مهنة أبي ومع هذا كان أبي يضع كل أحلامه فينا أنا وأخوتي.
وكنت أنا أكبرهم ومرت الأيام وأكرمني الله تعالي ودخلت كلية الهندسة وحققت حلم والدي لأنه دوما كان يحلم بلقب ابو المهندس خاصة وأن صاحب الجراج كان ابنه مهندساً وهذا هو السبب الذي لم يجعلني أخجل من مهنته فقد حكمت الظروف وقال القدر كلمته وخلق أبي عاملاً بجراج وخلق صاحب العمارة ميسور الحال ومع هذا أصبحت وابنه مهندسين.
أما كارم عز العرب (محام) فيقول: « لدي سؤالان ورغم يقيني بأن النفي هي الاجابة القاطعة لهما الا أنني اتوجه بهما لمن يعيش مثل هذه الظروف.. أولا هل يمكن للمجتمع ان يستغني عن مهنة واحدة يمكن ان يعيش المجتمع حياة طبيعية متكاملة بدونها والا لم تكن في الأصل مهنة..
ثانيا اذا لم يعمل أبوك في هذه المهنة وفضل طريق الحرام عليها هل كنت ستفخر لو وجدته سجيناً مهملاً من كل مجتمعه؟ الى كل من وضعه القدر في مثل هذه الظروف الاجابة بالطبع هي النفي، فلماذا اذن تخجل من مهنة أبيك أيا كانت؟.. أليست هي السبب الوحيد الذي أوصلك لما أنت فيه؟.. عليك ان تحمد الله أنها كانت سببا في ذلك ثم أشكر والدك وقبل يديه كل صباح لأنه تحمل سخافات البشر الذين ينظرون اليه كصاحب مهنة متواضعة، كل هذا من أجل ان تقف على قدميك وبدلا من ان تفخر به تخجل منه، انه أمر مشين!
---------------------------
* تحقيق: مكتب «البيان»
ــــــــــــــــــ
أثر صلاح الزوجة على سعادة الاسرة
* د. موسى الخطيب
إليك الخصال المطيبة للعيش، التي تتوفر في الزوجة الصالحة، والتي يجب أن تكون نبراساً لك عند اختيارك لشريكة الحياة، لكي تدوم العشرة بينكما أو تنعم بحياة زوجية هادئة وموفقة، ترفرف عليها أعلام السعادة والحب في كل أوقاتها.
الأولى: أن تكون صالحة ذات دين. فهذا هو الأصل، وبه ينبغي أن يقع الاختيار. ولهذا بالغ رسول الله (ص) في التمسك بذات الدين، فقال: ((مَن نكح المرأة لمالها وجمالها، حُرمَ جمالها ومالها، ومَن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها)).
أو كما قال رسول الله (ص): ((لا تنكح المرأة لجمالها، فلعل جمالها يُرديها، ولا لمالها فلعل مالها يُطغيها، وانكح المرأة لدينها)).
ولقد بالغ رسول الله (ص) في الحث على اختيار ذات الدين، لأنها تكون عوناً على الدين فتعرف حق الزوج عليها، وتوفر له الحياة الكريمة، فإذا لم تكن متدينة كانت شاغلة عن الدين ومشوشة له، وقد تكون متساهلة في المحافظة على نفسها، وعلى مال الرجل وعرضه، وبذلك تشوش الغيرة قلبه، فإن سلك سبيل الحمية والغيرة لم يزل في بلاء ومحنة، وإن سَلك سبيل التساهل كان متهاوناً بدينه وعرضه، وبذلك تنغص عيشه، فاظفر بذات الدين، حتى ينعم لك العيش وتدوم العشرة.
الثانية: حُسن الخُلُق: لأن حُسن خُلق الزوجة لازم لهناءة العَيش بين الزوجين فإذا كانت الزوجة، سيئة الخُلق، كان الضرر منها أكثر من النفع.
قال حكماء العرب: ((لا تتزوجوا من النساء ستة، الأنانة، والمنانة، والحنانة، والحداقة، والبراقة، والشداقة)).
المنانة: التي تَمُنُّ على زوجها، فتقول: فعلت لأجلك كذا ...
الحنانة: التي تحن إلى زوج آخر.
الحداقة التي ترمي كل شيء بحدقها، أي تنظر إلى شيء فتتسع حدقة عينيها فتشتهيه، وتُلحُّ على الزوج ليشتريه.
البراقة: وتحمل معنيين، أحدهما أن تظل طوال النهار أمام المرآة في تصقيل وجهها وتزيينه فيكون له بريق، والثاني، أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل بنصيبها في كل شيء، وهذه لغة يمانية، يقولون: برقت المرأة، وبرق الصبي الطعام إذا غضب عنه.
والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله تعالى يبغض الثرثارين المتشدقين)).
ويروى أن السائح الأزدي لقي النبي إلياس (ع) في سياحته، فأمره النبي بالتزوج، ونهاه عن التبتل. ثم قال: لا تتزوج أربعاً: المختلعة، والمبارية، والعاهرة، والناشز.
فأما المختلعة: فهي التي تطلب الخلع (الطلاق) كل ساعة من غير سبب.
المبارية: المباهية بغيرها، الماخرة بأسباب الدنيا.
العاهرة: الفاسقة التي تعرف بخليل وخدن، وهي التي قال الله تعالى فيها: (لا متخذات أخدان).
والناشز: التي تعلو على زوجها بالفعال والمقال، والنشز العالي من الأرض.
وكان مالك بن ينار (ره) يقول: يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة، فيؤجر فيها، إن أطعمها وكساها تكون خفيفة المؤنة، ترضى بالسير، ويتزوج بنت فلان وفلان يعني أبناء الدنيا، فتشتهي عليه الشهوات، وتقول: أكسني كذا وكذا. واختار أحمد بن حنبل عوراء على أختها، وكانت جميلة، فسأل مَن أعقل؟ فقيل: العوراء، قال: زوجوني أياها. فهذا دأب مَن لم يقصد التمتع، فأما مَن لا يأمن على دينه ما لم يكن له مستمتع، فهو لطلب الجمال ألزم، لأن التلذذ بالمباح حصن للدين.
وقد قيل: إذا كانت المرأة خَيرة الأخلاق، محبة لزوجها، قاصرة الطرف عليه، فهي على صورة الحور العين، وهي الصفة التي أراد الله تعالى أن يكن عليها.
وقد وصف الله تعالى نساء أهل الجنة (الحور العين)، فقال تعالى: (فيهن خيرات حسان) أراد بالخيرات: حسنات الأخلاق، وفي قوله تعالى: (قاصرات الطراف) وفي قوله تعالى: (عُرُباً أتراباً)، العروب هي العاشقة لزوجها، المشتهية له. وقال عليه الصلاة والسلام: ((خير نسائكم مَن إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)).
الثالثة: أن تكون خفيفة المهر. قال رسول الله (ص): ((خير النساء أحسنهن وجوهاً وأرخصهن مهوراً)). ولابن حبان من حديث ابن عباس: ((خيرهن أيسرهن صداقاً))، وقال (ص): ((من يُمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها))، وروى أبو عمر التوقاني في كتاب معاشرة الأهلين: ((إن أعظم النساء بركة أصبحهن وجوهاً وأقلهن مهراً)) وقد نهى (ص) عن المغالاة في المهر، روى ذلك أصحاب السُنن الأربعة موقوفاً على عُمَر، وصححه الترمذي: تزوج رسول الله (ص) بعض نسائه على عشرة دراهم وأثاث بيت، وكان رحى يد، وجرة، ووسادة من أدم حشوها ليف، وأو لم على بعض نسائه بمدين من شعير، وعلى أخرى بمدين من تمر ومدين من سويق.
وأما طلب الزيادة، فداخل في قوله تعالى: (ولا تمنن تستكثر) أي تعطي لتطلب أكثر وفي قوله تعالى أيضاً: (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس).
والربا هو الزيادة، وهو طلب زيادة على الجملة، إن لم يكن في الأموال الربوية. فكل ذلك مكروه وبدعة في الزواج، يشبه التجارة والقمار، ويفسد مقاصد الزواج.
الرابعة: أن تكون بكراً: وفي البُكارة فوائد هي:
1 ـ إن البكر تحب الزوج وتألفه، والطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، ويزيد ذلك في المودة بين الزوجين، فتكون أكثر وداً لزوجها. قال رسول الله (ص): ((إليكم بالودود)).
2 ـ إن الثيب ربما تحن إلى الزوج الأول، وهذا يؤكد على أهمية الزواج من البكر يقول الشاعر العربي:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
الخامسة: من الأفضل أن لا تكون من القرابة القريبة:
فهذه هي الخصال المرغبة في النساء. ويجب على ولي الفتاة أن يراعي خصال الزوج، ولينظر لكريمته، فلا يزوجها ممن ساء خُلُقُهُ أو خَلقُه، أو ضعف دينه، أو قصَّرَ عن القيام بحقها، أو كان لا يكافئها في نسبها، قال رسول الله (ص): ((النكاح رقّ، فلينظر أحدكم أين يضع كريمته)) رواه أبو عمر التوقاني في معاشرة الأهلين.
ونقول: ((إن الاحتياط في حق الزوجة أهم، لأنها رقيقة بالزواج لا مناص لها، والزوج بيده زمام الأمر كله. فإذا كان الزوج ظالماً أو فاسقاً أو مبتدعاً أو شارب خمر .. فيكون الولي على الزوجة الذي قام بتزويجها ظالماً لها، وجنى عليها جناية فظيعة بسوء اختياره. وقد قال رجل للحسن (رض): خطب ابنتي جماعة، فممن أزوجها؟ قال: مَن يتقي الله، فإن أ؛بها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((مَن زوج كريمته من فاسق، فقط قطع رحمها)).
ــــــــــــــــــ
المبالغة بالاهتمام بالطفل الثاني ونتائجه السلبية ..
* إياي لاوند
معظم الأطفال الأبكار ينشأون سعداء، يجيدون تكييف أنفسهم شأنهم في ذلك شأن مَن يليهم من أطفال الأسرة الآخرين، ولكن قلة منهم تواجه أوقاتاً صعبة، وهي تكيف نفسها وفقاً للعالم الخارجي.
ولذا فإننا كثيراً ما نسمع الأم تقول: ((إن تربية الطفل الثاني سهلة جداً إنه لا يبكي، وقلما تنشأ بسببه مشكلة جدية. وهو يلعب وحده راضياً، كما أنه فوق ذلك ودود جداً لكل مَن يقترب منه. وعندما تتقدم به السن بضعة أشهر أخرى تقول الأم: ((إن الطفل الثاني ودود جداً، ويحب الخروج من البيت بحيث يبدو إن الجميع يحبونه بصورة طبيعية. وعندما نسير معاً في الشارع، ألاحظ أن الغرباء يبتسمون له ويستوقفوننا ليسألوا عن سنه، ولكنهم يلاحظون، فيما بعد فقط، إن شقيقه الأكبر مهذب)). وبالطبع فإن ذلك كله يجرح مشاعر الطفل الأكبر، لأنه يلاحظ إن أخاه الأصغر يلفت أنظار الناس أكثر.
فما الذي يحدث هذا الفارق بين الأخوين؟ أحد الأسباب أن الطفل الأول يظفر، في بعض الأسر، باهتمام أكبر مما ينبغي، ولا سيما بعد أن يبلغ الشهر السادس من العمر، ويصبح قادراً على ملء وقته وتسلية نفسه. ومن المحتمل أن يكون أبواه قد أبديا نحوه من الاهتمام أكثر مما ينبغي، الأمر الذي يقلل من فرص تطوير مصالحه الخاصة، إذ يندر مثلاً أن يبدأ هو التحية، لأن أبويه عادة يبادرانه أولاً بالحديث. ومن المحتمل كذلك أن يكثر أبواه من عرضه بتباه على الكبار من الزوار الغرباء. ومبالغة الأبوين في ذلك يجعل الطفل شديد الاهتمام بذاته. وإذا مرض، فمن الطبيعي أن يثير مرضه قلق الأبوين أكثر مما يثيره مرض الطفل الثاني، إذ يكونان قد اكتسبا الكثير من الخبرة والطمأنينة. وإذا ما أبدى (الطفل الأول) شيئاً من سوء التصرف، فإنهما يأخذان الأمر بجدية بالغة، في حين أن هذه الجدية تقل مع الطفل الثاني لازدياد خبرتهما في مثل هذه الأمور.
إن المبالغة بالاهتمام بالطفل تفسده من ناحيتين: الأولى أنه ينشأ على الاعتقاد بأنه محور العالم، وأن على الجميع أن يبدوا إعجابهم به تلقائياً، سواء كان جذاباً أو لم يكن كذلك. غير أنه، من الناحية الأخرى، لم يكن يمارس إمتاع نفسه أو الخروج من البيت، وبالتالي اجتذاب الناس.لكن هذا لا يعني بالطبع تجاهل الطفل الأول، فهو بحاجة إلى العاطفة والتجاوب ضمن حدود معقولة. ولكن دعيه يمارس ألعابه بنفسه، وبأقل قدر من التدخل أو التوبيخ أو القلق، ما دام ذلك يرضيه ويدخل السرور على قلبه. وامنحيه بين الحين والحين فرصة لكي يبدأ الحديث عندما يكون في البيت زائرون، دعيه يقدم إليهم نفسه بنفسه. وعندما يقترب منك متودداً، مبدياً ما يستدل منه على أنه يرغب في تعاطفك أو في مشاركتك له باللعب، أظهري له المودة وعامليه بالحسنى. ولكن حين يبدو أنه يريد أن يتصرف وحده بألعابه اتركيه وشأنه.
وهنالك عنصر آخر كثيراً ما يجعل الطفل الأول غير اجتماعي، ذلك هو موقف الوالدين الجدي بشكل مبالغ فيه. ولا يعود ذلك عادة إلى جلافة في طباع الوالدين، فهما يتوددان فيما بعد مثلاً للصغار من أبنائهما. وكل ما في الأمر هو افتقارهما إلى الخبرة الكافية، ومحاولتهما جاهدين تربية طفلهما الأول حسب ما يظنانه صحيحاً.
قد يقول أحدهم في سرّه: ((المشكلة إنني أفتقد التجربة)). ولكن الحقيقة هي أنه لا داعي لأن يكون ذا خبرة لكي يتمكن المرء من إحسان تربية الطفل. فكل ما يُحتاج إليه في البداية، هو أن يتمتع الإنسان بروح الود والمحبة. وأخيراً لا خوف من التسامح مع الطفل فخير لنا وله أن نكون معه متساهلين من أن نكون صارمين.
ــــــــــــــــــ
إنوثة المرأة تلعب دوراً أساسياً في توازن العلاقة بين الزوجين
*محمود احمد الشامي
*حافظي دائماً على أنوثتك... ولا تحاولي إخفائها ظناً منك أن ذلك يسيىء إلى استقلالك.. أو يجعل زوجك يغتر ويتعالى عليك... بل على العكس تماماً فإن الزوج كلما أحس بأنوثتك كلما ازداد حباً لك وتعلقاً بك... فأنوثة المرأة تلعب دوراً أساسياً في توازن العلاقة بين الزوجين.
*تذكري دائماً الصورة الحلوة التي رآك عليها زوجك لأول مرة... فهذه الصورة سبباً رئيسياً لاختياره لك شريكة لحياته... لأنه ببساطة لم يكن يعلم صفاتك المعنوية التي اكتشفها فيك بعد ذلك إلا أنه يحب دائماً أن يراك في نفس الصورة الحلوة التي رآك فيها أول مرة فلا تركني على تلك الصفات وتهملي أناقتك ومظهرك الجميل المحب إلى نفسه.. والتحجج بمتاعب ومتطلبات الأبناء... أو شغل البيت لن يتقبلها الزوج حتى لو أظهر اقتناعه بذلك... فحاولي دائماً الظهور أمام زوجك بمظهر أنيق حسن فكل امرأة حقيقية تحب أن تكون كذلك مهما كانت مشاغلها.
*احرصي دائماً على نظافتك الخارجية والداخلية... ونظافة بيتك وكل متعلقاتك... فالمرأة التل تهمل نظافتها تصبح منفرة لزوجها... فزوجك يحب دائماً أن يراك دائماً في ثوب نظيف وشكل نضر... فاحرصي دائماً على إزالة الشعر غير المرغوب فيه.. ومحو الروائح من أماكن معينة والتطيب باستمرار حتى يقبل زوجك عليك مبتهجاً سعيداً.
* عليك أن تعطي اهتمامك بزينتك داخل المنزل... مثلما تهتمي بذلك أثناء خروجك ولكن دون افراط وابتذال.. فالبساطة والرقة من علامات الأنوثة والجمال.
* لا تكوني مسرفة في طعامك ولا شرابك... فإن ذلك ينتقص من أنوثتك.
* ممارسة بعض التمرينات الرياضية في بداية كل صباح.. واتباعك لنظام غذائي صحي متوازن.. يجعلك تتمتعين بنضارة وحيوية دائمة ومتجددة.
* مظهرك الخارجي هو مرآة حقيقية لشخصيتك أمام الآخرين.. فعليك مراعاة الذوق والفن الجمالي في زينتك وأناقتك حتى تعطي انطباع طيب ومحبب لنفس زوجك والمحيطين بك.
* للجمال مقومات تحقق اكتماله.. فاحرصي على أن تمتلكي شعر جميل، وعينين جميلتين براقة، وبشرة صافية ناعمة وتشرقي وجهك بابتسامة حلوة عذبة تبرز جمال أسنانك، وأيد ناعمة تزينها أظافر طبيعية ذات منظر جميل.
ــــــــــــــــــ
بين الأم وزوجة الابن.. من أين تأتي الأشواك?
* محمود عبدالوهاب
تحفل الأمثال الشعبية, وكذلك حكايات الواقع, بالكثير مما يشير إلى العلاقة الملغومة بالمشاحنات بين الأم وزوجة ابنها. لكن آلية حدوث الالتباس في هذه العلاقة نادراً ما تخضع لمحاولة التفسير أو الفهم, بأمل تغييرها إلى المسارات الأفضل. وهاهي محاولة للفهم.
ترحب الأم بعروس الابن, وتسعد بها, وتساهم ببعض مالها في ثمن الشبكة, وتهديها بعض حليها, وبعد عقد القران تلح على ابنها وزوجته أن يعيشا معها: فهي وحيدة والشقة واسعة, وبها من الحجرات ما يكفي كل الأثاث الجديد, وسوف يتبقى لها حجرة تكفي كل ما هو ضروري لها بعد أن تتخلص مما تبقى من أثاثها القديم.
يبدو هذا الاقتراح مرضيا لكل الأطراف: للأم وللابن وللعروس وللحفيد القادم الذي سينمو في رعاية الجدة, وحنوها وخبرتها في تربية الأبناء. إنه اقتراح يوفر نقودا وسكنا مريحا وتواصلا بين الأجيال. وهو اقتراح لا يحرم الأم من ابنها, ولا تعاني معه آلام انفصاله عنها, ولا تكابد في فراغ الشقة الكبيرة وحشة افتقاده, ولعلها قد تنعم برعاية الابن وزوجته لها, وتلبية حاجاتها من الطعام والدواء, بالإضافة إلى ونس الصحبة, وبهجة الحفاوة بالمولود, وأنس الزائرين من ضيوف الابن والزوجة.
وينقل الابن فعلا أثاث بيته إلى شقة أمه, وتسكن معه عروسه في الحجرات التي أخليت من الأثاث القديم.
ولكن الهالة الوردية لمشروع الحياة كما تخيلته الأم والابن والزوجة سرعان ما تتلاشى, وتتحول تدريجيا من الأبيض الشاحب إلى الرمادي القاتم إلى الأسود الحالك.
لقد انفجرت في البيت الهادئ قنبلة استقرت شظاياها في قلب الأم وقلب الابن وقلب الزوجة.
إن تيارا من العداء والكراهية والبغضاء ينمو بين الأم والزوجة, بل وبين الأم والابن. فمن أين أتت موجات الظلام التي انداحت وتدافعت حتى طمست شمس الحلم البسيط الذي كان حافلا بالوعود?
تراكم القطرات السوداء(54/234)
في ظني أن تلك الموجات المظلمة هي ذروة تراكم عديد من القطرات السوداء التي ظلت تهمي فوق البيت بإصرار وتواصل ودأب.
وأولى هذه القطرات جهل الأم والابن والزوجة ببعد من أبعاد المشروع/الحلم: إن كل الأطراف كانت تنظر للشقة باعتبارها مجموعة من المساحات الخالية التي ما أسهل إعادة ترتيب محتوياتها.
وهذا يعني أنهم لم ينظروا إلا للبعد المكاني للشقة مع تجاهل تام لبعدها الزماني. ولكن ما الذي نعنيه بالبعد الزماني? ما نعنيه أن هذه الشقة ظلت لسنوات طويلة المسرح الذي تلعب فيه الأم الدور الرئيسي: فهي الزوجة وربة البيت وأم الأولاد, وهي العقل المفكر الذي يتولى التأثيث والتنسيق والتجميل, والذي يدبر إيراداته بحيث تكفي مطالبه, ويوفر المدخرات لمواجهة الظروف الطارئة ويقوم بتربية الأبناء وتوجيههم ومراقبتهم... إلخ.
وتأتي الزوجة بأثاثها الجديد ومطبخها الجديد وأجهزتها المنزلية الجديدة فتقتحم المكان بعنف ورعونة, وتتعامل مع الأثاث القديم باعتباره أطلال بيت تصدع وانهار بعد أن ظل لفترة طويلة آيلا للسقوط, وتتعامل مع الأم باعتبارها مومياء تنتمي لزمان قديم. وانطلاقا من هذا المفهوم فهي تقيد حركتها في حجرتها المعزولة والمنبوذة, وتتجاهل وجودها معظم الوقت, وتتعالى على استقبال ضيوفها, وتحول دونها والوقوف في مطبخها لإعداد بعض الطعام, بل وتمانع في أن ترعى الجدة حفيدها بحجة أن كل ما تعلمته الأم من أصول التربية قد أصبح باليا وتقليديا وأبعد ما يكون عما أتت به علوم العصر من معارف طبية ونفسية وتربوية.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن الحياة الجديدة توهم بتواصل الأجيال دون أي انقطاع, في حين أن الابن قد انفصل عن الأم بيولوجيا ونفسيا ليستقل بنفسه ويصنع مع زوجته أسرة جديدة. وهذا الانفصال يحدث جرحا عميقا في نفس الأم أشبه بالجرح الذي يحدثه بتر عضو من أعضاء الجسد.
وبدلا من أن يحرص الابن وزوجته على الرفق بالأم والحنو عليها حتى تتكفل الأيام بالتئام ذلك الجرح يندفع كلاهما بنفس الرعونة لتعميقه, والتصرف بجهل وحمق نحو تأكيد الانفصال والتباعد والاستقلال عن الكيان الأمومي الذي تغرب شمسه.
تُرى هل عرفنا الآن سر العداوة والبغضاء التي نمت في هذا البيت? وهل عرفنا لماذا أمرنا الإسلام بأن نبر أمهاتنا, وأن نحنو عليهن, وأن نغمرهن بكل ما في قلوبنا من حب ورحمة?.
ــــــــــــــــــ
في تأديب الاولاد ... متى نلجأ للقوة ؟
* د. خليل محسن
في هذه المقال سنتكلم عن قوة العضلات التي يعتمدها عدد كبير من الاهل , قاصدين من خلالها تأديب وتهذيب الاولاد , انني لا اتهجم على هذا النمط من الاساليب القديمة في التربية ولا أشجعها .
رغبتي الوحيدة تتمثل بضرورة حل المشاكل العائلية عن طريق المفاوضات المباشرة التي تعبر خير أسلوب للبقاء على توازن عائلي صحيح وسليم .
الحلول السليمة تبقى أفضل من غيرها في معالجة اكثر الاضطرابات التي تصدر عن الاولاد .
على كل حال وفي بعض الحالات القصوى , وفي حال نفاذ اكثر الحلول السليمة اعتقد بانه يتوجب على الاهل استعمال الشدة , لمحاولة اعادة الولد الشاذ الى الصراط المستقيم .
بعض المواقف الشاذة التي يصدر عنها تأخر الولد وتراجعه وتقهقره والتي تنعكس بوضوح على مجمل دراسته ومستقبله وتعرض حياته للضياع الكامل , يجب لجمها عن طريق استعمال القوة .
خلال هذه الفترة الصعبة من حياة العائلة , يجب الاستعانة بأحد اطباء النفس , لانه قد يلعب دوراً مهماً في عملية اعادة الولد الى صوابه .
الواقع ان التصادم عن طريق قوة العضلات لا يحدث الا مع الاولاد الكبار داخل البيت الواحد ,لأن الصغار نادراً ما يعاندون الاهل بشكل واضح كما يفعله عادة الكبار .
مثال ذلك : أم لثلاثة اولاد
الاول : فتى في الرابعة عشرة من عمره .
الثاني : فتى في السادسة عشرة من عمره .
الثالث : فتاة في السابعة عشرة من عمرها .
لم يكن للام اية سلطة عائلية على أولادها الثلاثة بحيث ان الرفض كان تاماً لكل ما كانت تطلبه منهم . وبعد ان ضاقت ذرعاً من جراء هذا الوضع الشاذ والاليم في ان , مما يدل على مقدار تسلط الاولاد وعدم احترامهم للشرعية العائلية قررت ان تلجأ الى مبدأ الاضراب العام بدل الاستمرار في أدارة شؤون المنزل مع التمنع عن اعطاء اولادها مصروفهم اليومي .
في البداية اعتقد الاولاد ان ما تفعله والدتهم هو مرحلي , وسوف تتراجع عن اضرابها هذا ذات يوم , معتمدين على ضعفها , ولكن بعد فترة من الزمن شعر الاولاد بجدية ما تفعله والدتهم وبخطورة الوضع العائلي العام , كما شعروا بأهميتها وضرورتها داخل المنزل ومن ثم بوجوب مسالمتها ومصالحتها , هنا قبلت الام العودة عن اضرابها وباعادة الاجواء العائلية الى طبيعتها على شرط مساعدتها من وقت الى اخر وبالتناوب .
ان اعلان مبدأ الاضراب من جهة الأم , كان له الاثر الجيد على الوضع العائلي العام , لأنه ساعد على تراجع الاولاد عن غيهم وطغيانهم وحد من أنانيتهم ,كما ساعد على اعترافهم بأهميتها وبضرورة التقرب منها مساعدتها .
مثال اخر : عائلة لشاب في الثامنة عشرة من عمره , ترك المدرسة لأنه لا يحب العلم , لكنه منجهة ثانية لا يحب ان يعمل , يقضي اكثر اوقاته في المنزل والمقاهي ويدمن على التدخين ويعاشر سباب السوء ,وبعد محاولات يائسة من قبل الاهل لاعادة ولدهم الى رشده , وردعه عن الطريق الشاذ , قرر والده طرده نهائيا من المنزل , مع العلم ان والدته كانت تتدخل دائما لصالح ولدها .
في ذات يوم قال الاب لابنه : اذا كنت تريد متابعة دراستك , فانا مستعد لاعادتك الى املدرسة التي ترغب , واذا كنت لا ترغب بالعودة الى المدرسة , ولا تريد مدرسيها , ولكن تحب العمل في حقل من الحقول , فلا بأس ايضاً , وانا شأشجعك من كل قلبي , وسأساعدك حسب مقدرتي في هذا المضمار ,اما اذا كنت لا تريد ان تدرس ولا ترغب في العمل , بل تريد ان تبقى عالة على عائلتك ومجتمعك , فانني أنذرك للمرة الاخيرة واعطيك مهلة أسبوع للتفكير ملياً بما قلته لك , بعدها وفي حال رفضك لكل النصائح التي وجهتها لك , يمكنك ترك المنزل نهائياً لأن الحالة اصبحت لا تطاق .
ولكن للأسف لم يحدث اي تبدل خلال اسبوع , فطرد الابن من المنزل , واخذ يقضي أيامه متنقلاً بين جدته وجده وأقاربه واصدقائه , الى ان بدأ الجميع يتذمر من وضعه الشاذ , فقرر الابن العمل في محطة للمحروقات , مع العمل بأنه كان يكره هذه المهنة كرهاً شديداً , مما مكنه من استئجار غرفة صغيرة لسكنه , وبعد فترة من الزمن , قرر العوجة الى المدرسة , وبعد ان تردد طويلاً أتصل بوالده , وعرض عليه مشروع الدراسة , فرحب والده بالفكرة واعاده الى المنزل , بعدها أخذ الاين يدرس من جديد الى ان نال الشهادة الرسمية , وشهادة الاختصاص التي أمنت له مستقبلاً زاهراً ومكاناً مرموقاً في المجتمع .
اذا فالموقف الصارم والمتشدد الذي أخذه الاب عن طريق طرد ابنه من المنزل , كان قاسياً وعنيفاً , لكنه كان في الوقت نفسه مفيداً للأبن لانه أشعره بقيمة نصائح الاب , ووضعه مباشرة امام قساوة الحياة , مما دفعه الى مواجهتها بما يتناسب مع قدراته .
الوعدة الى الطريق الصحيح لم تحصل الا عن طريق استعمال القوة والحزم , من هنا كان موقف الاب الصارم ضرورياً , لأن بعض الصدمات النفسية تكون أشد وقعاً من الصدمات الجسدية التي تحصل عن طريق استمعال قوة العضلات .
هنا وفي مجال حديثنا عن التربية المنزلية أعود لأشدد على ضرورة استنفاذ جميع الوسائل التربوية السليمة لمعالجة شتى المشاكل العائلية العالقة قبل التفكير باللجوء الى مبدأ القوة وخاصة قوة العضلات .
ان كل معضلة عائلية , تشبه الى حد كبير العملية الجراحية التي تتطلب حتى تكون ناجحة فطنة وذكاء ونباهة وهدوء أعصاب وعمل سليم .
ــــــــــــــــــ
الآباء يهاجرون .. والأبناء يتأثرون
* شيرين المنيري
تهاجر الطيور بحثا عن أرزاقها وقد لا تعود أو تعود لتجد عشها تذروه الرياح.. وكذلك البشر لا بد دائما من ثمن للغربة.
في البداية يلخص لنا د. سليم العوا المفكر الإسلامي المعروف أعراض هذه المشكلة التي أصبح عالمنا العربي يعاني منها بقوله: أصبح هجر آلاف من الآباء لأسرهم واقعا تفرضه الظروف.. وهو واقع سيئ يرتب مجموعة من الآثار السيئة على جميع الأطراف فليست الغربة والوحدة التي يعاني منها الأزواج شيئا قليلا على نفوسهم، وليس المال الذي يقدمونه لأسرهم لتوفير متطلبات الحياة- التي يجب أن نسلم بأنها أصبحت شديدة الصعوبة- ليس المال تعويضا كافيا ولا هو حتى تعويض من أي نوع لأن المال جزء من المتطلبات الحياتية.. أهم منه- يسبقه ويلحقه ويأتي معه- الإشباع العاطفي الذي يشعر به الأبناء من وجود الأب، هذا الإشباع ينعدم تقريبا في فترة غياب الزوج الذي يأتي في فترة الإجازة فتكون إقامته كإقامة الغريب، ثم يتركهم عائدا لعمله.
كذلك.. فإن تنظيم العلاقة بين الآباء المغتربين وأسرهم أمر ضروري يوجبه الشرع لأن التاريخ الإسلامي يحكي لنا أن عمر بن الخطاب أمر بألا يبتعد رجل عن زوجته أكثر من أربعة شهور.. وهذه المدة وإن كانت طويلة في ذاتها إلا أنه إذا كسرت حدة الغياب كل أربعة أشهر مرة بزيارة من الزوج ولو لمدة أيام قليلة فتكون الإجازة السنوية قد وزعت على السنة.. فبدلا من أن يأخذ شهرا واحدا يكون فيه ضيفا.. يأخذ أسبوعا كل أربعة شهور.
وهناك مشاكل عديدة تنجم عن غياب الأب.. فقد تلجأ الأم- وهو عادة ما يحدث- إلى الجار أو إلى الصديق أو ابن العم لتسأله المشورة.. وفي هذا من المفاسد مالا يخفى، خاصة حينما تنشأ الثقة بينه وبين الأسرة هذه الثقة التي قد تؤدي لاهتزاز صورة الأب.
لا نستطيع أن نقول للآباء ابقوا لأن مطالب الحياة كثيرة ولكن نستطيع أن نقول لهم ولأرباب الأعمال راعوا ألا تنهدم الأسر لأن هدم الأسر سيعود على المجتمع العربي كله بالتفكك.. ومهما أقمنا من مشاريع ومبان و.. فإنه لا قيمة لما نبنيه على الأرض ما دمنا نهدم داخل الإنسان.. بقي أن نعرف أن عدد الآباء التاركين لأسرهم من المصريين مثلا نصف مليون مصري بالسعودية، 220 ألفا بالكويت، 110 آلاف بالسودان، فضلا عن مئات الآلاف في أوربا وأمريكا.
الإخوة العرب كذلك يعيشون بمئات الآلاف في أوربا فكل رجال الأعمال والمحاسبين والمحامين والمهندسين لديهم مكاتبهم في أوربا وأمريكا- وخاصة في فرنسا- وكذلك مكاتب في باقي الدول العربية.. وهم يقضون حياتهم على الطائرات.
والصورة التي أراها أصبح الرجل فيها "مجلبة للمال" وأصبحت الأسرة مكانا للإنفاق.. ولا قيمة لها فوق ذلك.
مخاطر على الأبناء
وإذا كانت تلك هي الصورة التي رسمها د. محمد العوا وبين حكم الشريعة فإن رأي علم نفس بعد دراسة واعية للأبناء الذين يتركهم آباؤهم.. هي صورة مأساوية ترسم ملامحها الوحدة التي يعانونها.. فيذكر الدكتور مصري حنورة أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة المنيا أن موضوع الهجرة وراء العلم أو الرزق هو موضوع قديم جداً بدأ في الشام ومن قبلها في شبه الجزيرة العربية في صدر الإسلام فنذكر هجرة المغاربة لمصر (ابن خلدون.. المرسي أبو العباس).
وقد تغيرت الأحوال الاقتصادية في النصف الثاني من القرن العشرين وزادت نسبة السفر عند المصريين نتيجة لإلحاح الحاجة.. ومن منظور الدراسة النفسية للأبناء وجدنا أن هناك أمرين خطيرين يتعرض لهما الأبناء:
* الأول: فقد سيطرة الأب على الأبناء وتسلط أصدقاء السوء.. العلاقات المنحرفة وكل تلك هي أمراض اجتماعية تقود في النهاية لفقدان السيطرة على إرادة الأولاد وقد يندمجون في جماعات ضد القانون.
* والثاني: المستوى الجامعي.. فوجود الأب عماد الأسرة إلى جانب الابن يحفزه على المستوى العلمي المتقدم.. فإذا غاب الأب.. فالمشاهد من الاستطلاعات التي جرت لعينات كبيرة من الشباب أن يلجأ الابن لشخص آخر يسأله الإرشاد.. وغالباً ما يقوده هو الآخر للانحراف.. وشيئا.. فشيئا تتعقد مشكلته حتى يضل طريق العلم... وفي حالات كثيرة كان يلجأ الشاب للحبوب المهدئة التي تكون فيها نهايته.
الإدمان خطر آخر
ويؤكد هذا الدكتور جمال ماضي أبوالعزايم أستاذ الطب النفسي الذي يذكر أن مشكلة الإدمان السبب الرئيسي فيها هو أصدقاء السوء، فعام 1967 كانت نسبة الإدمان بين الشباب بسبب أصدقاء السوء 30%... وأخذت في ازدياد حتى وصلت 1993 إلى 90% والسبب الرئيسي في صداقات السوء كان غياب الأب، ويرى د. أبوالعزايم أن الحل من وجهة نظره يكمن في "التكافل الاجتماعي" لأن قلة من الأمهات تستطعن القيام بالدورين معاً "الأم + الأب".. لذا فلا بد من وقوف العم أو الخال أو الجد إلى جوار الأم في غيبة الأب الذي تضطره ظروف اليوم للغياب عن الأسرة سواء في مصر أو في الدول العربية.
أما عالم الاجتماع الذي يدرس مناخ المجتمع وتأثير تلك الظواهر فيه فيصفه د. على فهمي الباحث بالمعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بقوله: إن الأب عند عودته يجد أن الأبناء قد تعودوا على الإنفاق والزوجة تعودت على الحرية.. فيشعر بغربته بين ذويه.. وقد رصدنا حالات لا تعد تشتت فيها شمل الأسرة عند عودة رب الأسرة للاستقرار في أسرته، وفي رأيي أنه لا بد من تنظيم خروج رب الأسرة خارج بلده فلا يترك الأمر للأفراد بل لا بد أن يعود للحكومة دورها في تنظيم أي اتفاقيات للعمل خارج البلاد كما كان يحدث في فترة الخمسينيات.
وهكذا . . نرى أن حصاد آراء هؤلاء- رجال علم النفس والاجتماع والدين ودراساتهم على الشباب في المجتمع قد انتهت إلى ضرورة إسعاف هؤلاء الأبناء الذين نقدم لهم العسل ممزوجاً بالسم الزعاف حين نوفر لهم المال وإلى جانبه فرصا لا تحصى للانحراف.. حين نتركهم ونرحل تفصلنا عنهم آلاف من الكيلومترات وبحار ومحيطات ثم نعود لنبحث عن الأفراخ في داخل العش.. وننسى أن النسر دائما ما يتربص بالأفراخ إذا غاب حارس العش.
لذا لا بد من تنظيم أمورنا والتفكير الدقيق ألف.. ألف مرة قبل أن نترك الأبناء الأعزاء ونرحل ونحن نقول هنا.. فلذات أكبادنا.
ــــــــــــــــــ
المتغيرات المحددة للتوافق الزواجي
تعرض العالم للعديد من المتغيرات مما انعكست آثارها على الحياة الاجتماعية فتأثرت الأسرة وبدأ الجميع في إيجاد الحلول لإعادة الاستقرار الأسري والأمن داخل الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية الوجدانية في بناء المجتمع.
ولأن التوافق الزوجي يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها كان حوار البحث الذي تقدم به د . سامي موسى، بكلية التربية .. جامعة قناة السويس ، تحت عنوان ( المتغيرات المحددة للتوافق الزواجي ) ، فحسب صحيفة "الأهرام" المصرية فانه يؤكد أن الاختيار الصحيح لشريك الحياة من الأسس المهمة جدا لنجاح الزواج .. وأن تحقيق التوافق أحد الأهداف المهمة إذا كان الزواج يتم بإحدى الطريقتين الآتيتين :
1 ـ الزواج من قبل الأسرة .
2 ـ الزواج القائم على الاختيار الشخصي بمعنى انجذاب الشخص نحو من يشبع حاجاته ويكمل ما لديه ويشعره بأنه أكثر تكاملا .. وانسجاما .. لأن التوافق الزواجي لا يتطلب التشابه في الميول والاتجاهات ولكنه يتطلب التكميل أي الميل لمن يكمل الآخر من الناحية النفسية .. وقد أجرى الباحث دراساته على بعض من الزوجات والأزواج الذين تتراوح أعمارهم ما بين 27 و 50 سنة من خريجي الجامعات من المدينة والريف .. وأسفرت دراسته عن الآتي :
1 ـ إن دور العلاقات الزوجية والتفاعل بين الزوجين في تحديد الزواج والتوافق سبب رئيسي في نجاح الزواج واستمراريته .
2 ـ إن العلاقات الزوجية التي يسودها الحب والفهم المتبادل والدعم الانفعالي من شريك الحياة لعبت دورا أساسيا في التوافق .. وإن المتوافقين زوجيا كانوا سعداء في طفولتهم وإن تربيتهم كانت تعتمد على الحزم دون القهر والقسوة .
3 ـ إن البيئة لها دور مهم ومؤثر وقوي في شخصية الفرد وهي تعتبر أحد المحددات الأساسية للسلوك .. ومن ثم فان اختلاف بيئة الزوج عن بيئة الزوجة قد تعني الكثير من الاختلافات الجوهرية مثل العادات ، والتقاليد ، والقيم وطرق التفكير وهذا لا شك ينعكس على طموحات كل منهما وطرق مواجهتهما للمشكلات والصراعات وتربية الأبناء .. وأخيرا ليلتمس كل من الزوجين الجب والحنان ويحرص كل منهما على مشاعر الآخر لأن التوافق يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها وإشباع الدوافع الأولية _
* البوابة
ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ
أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله
4818ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ ، أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ حُلْمًا مُنْكَرًا اللَّيْلَةَ ، قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَتْ : إِنَّهُ شَدِيدٌ ، قَالَ : ومَا هُوَ ؟ قَالَتْ : رَأَيْتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ قُطِعَتْ وَوُضِعَتْ فِي حِجْرِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : رَأَيْتِ خَيْرًا ، تَلِدُ فَاطِمَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غُلامًا ، فَيَكُونُ فِي حِجْرِكِ ، فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ فَكَانَ فِي حِجْرِي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَدَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ، ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ ، فَإِذَا عَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُهْرِيقَانِ مِنَ الدُّمُوعِ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا لَكَ ؟ قَالَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا ، فَقُلْتُ : هَذَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4819ـ أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثقفي حَدَّثَنَا أبو الأشعث حَدَّثَنَا زهير بن العلاء حَدَّثَنَا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال * ولدت فاطمة حسينا بعد الحسن لسنة وعشرة أشهر فولدته لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ وقتل الحسين يوم الجمعة يوم عاشوراء لعشر مضين من المحرم سنة إحدى وستين وهو بن أربع وخمسين سنة وقد ذكرت هذه الأخبار بشرحها في كتاب مقتل الحسين وفيه كفاية لمن سمعه ووعاه
4820ـ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِمَامَ الْقَوْمِ وَحُسَيْنٌ مَعَ الْغِلْمَانِ يَلْعَبُ ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَهُ فَطَفِقَ الصَّبِيُّ يَفِرُّ هَا هُنَا مَرَّةً ، وَهَاهُنَا مَرَّةً ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَاحِكُهُ حَتَّى أَخَذَهُ ، قَالَ : فَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ قَفَاهُ ، وَالأُخْرَى تَحْتَ ذَقَنِهِ فَوَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ يُقَبِّلُهُ ، فَقَالَ : حُسَيْنٌ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا ، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4821ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَينِ الْهِلالِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَامِلٌ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ فِي الْحَسَنِ مِثْلُهُ ، وَكِلاهُمَا مَحْفُوظَانِ
4822ـ حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي من أصل كتابه حَدَّثَنَا محمد بن شداد المسمعي حَدَّثَنَا أبو نعيم وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد السبيعي الحافظ حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن ناجية حَدَّثَنَا حميد بن الربيع حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن أخي طاهر العقيقي العلوي في كتاب النسب حَدَّثَنَا جدي حَدَّثَنَا محمد بن يزيد الآدمي حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي من كتاب التاريخ حَدَّثَنَا الحسين بن حميد بن الربيع حَدَّثَنَا الحسين بن عمرو العنقزي والقاسم بن دينار قالا حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي حدثني يوسف بن سهل التمار حَدَّثَنَا القاسم بن إسماعيل العزرمي حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي حَدَّثَنَا عبد الله بن إبراهيم البزار حَدَّثَنَا كثير بن محمد أبو أنس الكوفي حَدَّثَنَا أبو نعيم حَدَّثَنَا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا هذا لفظ حديث الشافعي وفي حديث القاضي أبي بكر بن كامل إني قتلت على دم يحيى بن زكريا وإني قاتل على دم بن ابنتك
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ الإسناد ولم يخرجاه(54/235)
4823ـ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ الْمَعْمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ إِلاَّ فَاضَتْ عَيْنِي دُمُوعًا ، وَذَاكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا ، فَوَجَدَنِي فِي الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِيَدِي وَاتَّكَأَ عَلَيَّ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ ، قَالَ : وَمَا كَلَّمَنِي ، فَطَافَ وَنَظَرِ ، ثُمَّ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَاحْتَبَى ، وَقَالَ لِي : ادْعُ لِي لَكَاعَ ، فَأَتَى حُسَيْنٌ يَشْتَدُّ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِهِ ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَحُ فَمَ الْحُسَيْنِ فَيَدْخُلُ فَاهُ فِي فِيهِ وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4824ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحُسَيْنُ فِي حِجْرِهِ : إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَخْبَرَنِي : إِنَّ أُمَّتِي تَقْتُلُ الْحُسَيْنَ قَدِ اخْتَصَرَ ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ بِالتَّمَامِ
4825ـ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَجَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَحِبُّونَا حُبَّ الإِسْلامِ ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، لاَ تَرْفَعُونِي فَوْقَ قِدْرِي ، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيًّا ، فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، فَقَالَ : وَبَعْدَ مَا اتَّخَذَهُ نَبِيًّا
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4826ـ حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه حَدَّثَنَا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله حَدَّثَنَا حجاج بن نصير حَدَّثَنَا قرة بن خالد حَدَّثَنَا عامر بن عبد الواحد عن أبي الضحى عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف
4827ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4828ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، أَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ : زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً ، وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رَجْلَ الْعَقِيقَةِ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4829ـ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ عَجْلانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرْضِعُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِلَبَنِ ابْنٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ قُثَمُ ، قَالَتْ : فَتَنَاوَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ ، فَبَالَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَزْرِمِي ابْنِي ، قَالَتْ : فَرَشَّهُ بِالْمَاءِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : بَوْلُ الْغُلامُ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ يُرَشُّ ، وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، فَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَطَاءُ بْنُ عَجْلانَ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَاهُمَا
4830ـ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْخُرَاسَانِيُّ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ الرِّيَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحَسَنَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
4830أـ قال قتادة قتل الحسين يوم عاشوراء يوم الجمعة قال الحاكم هذه الأخبار نشرحها في كتاب مقتل الحسين وفيه كفاية لمن سمعه قال الحاكم هذا آخر ما أدى إليه الاجتهاد من ذكر مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة مما لم يخرجه الشيخان الإمامان وقد أمليت ما أدى إليه اجتهادي من فضائل الخلفاء الأربعة وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصح منها بالأسانيد ثم رأيت الأولى لنظم هذا الكتاب الترتيب بعدهم على التواريخ للصحابة رضي الله عنهم أجمعين من أول الإسلام إلى آخر من مات منهم والله المعين على ذلك برحمته
ــــــــــــــــــ
أهمية الاحترام في العلاقات الاسرية ..
* د. الصفصافي أحمد المرسي
الاحترام في العلاقات داخل الأسرة، إن الأب هو رئيس العائلة، في النظام الأسري الشرقي والأم، صاحبة حقوق متساوية معه. الأب يحمي النظام في المنزل، وبين أفراد العائلة، وهو ممثلها في المحافل الاجتماعية والأم، تحل آلام العائلة، والمنزل، وضوائقها .. وتُزيل الخلافات، والخصومات، بل وتُلين، وتحل الأزمات وما يمكن أن يظهر في أي بيت مما يعكر صفوة.
ومن هنا، يلزم أن يعرف جيداً كل أب، وكل أم الواجبات والمسؤوليات المنوطة به تجاه المنزل، والأسرة. وأن يخططا سوياً الحدود الفاصلة بين مسؤوليات كل منهم بالتفاهم، وألا يتدخل أي منهما في واجبات ومسؤوليات الآخر، ولو حدثت أي تداخلات، أو سوء فهم، أو عدم تفاهم في حين من الأحيان، فعليهما، أي على الأب والأم أن يُحلا المشكلة بالحسنى، وبالرضي، وبدون الزج بالأبناء، أو الأجداد، أو أي منهم جميعاً في هذه الأمور ..
ولكي ندرك ما المقصود بالاحترام داخل الأسرة، ونقف على هذا المعنى، وقوفاً، كاملاً، فلنعدد بعض الأمثلة الواضحة والقابلة للتطبيق الفوري:
ـ الوقوف للكبار بمجرد مجيئهم، وإفساح المكان لهم ..
ـ مقابلة رغباتهم، وطلباتهم بالفهم ومحاولة تلبية هذه المطالب في نطاق الحدود المتاحة.
ـ عدم مقاطعة الكبار وهم يتحدثون ..
ـ وعند تحدث الصغار يجب التصرف حيالهم، والإصغاء لهم، وكأنهم كباراً ..
ـ التحدث دون رفع الصوت عند الحديث ..
ـ إذا لم تكن موافقاً، أو مؤيداً لما تسمعه ممن أمامك، وإذا كان أكبر منك سناً، فعليك بإبتسامة لطيفة أن تستسمحه في التعبير عن رأيك، كأن نقول مثلاً .. ((لو سمحت .. أو تسمح لي فلسوف أعرض وجهة نظري أنا أيضاً .. )) وتعبر بلطف، وصدق عما تود التعبير عنه، أما إذا كان المتحدث أصغر منك فعليك أيضاً أن تُوضح أو تَشرح ما تود قوله بأسلوب لين، كأن تقول مثلاً .. (أظن لو أن .. لكان أفضل .. ).
ـ الشكر على الهدايا المقدمة، والامتنان بها، واستخدامها ..
ـ طلب الاستشارة، والرأي إذا لزم الأمر ..
ـ لو كنت قد اتخذت قراراً يخص الأسرة، فعليك أن تخبرهم جميعاً ـ غالباً وأنتمُ على المائدة ـ بهذا القرار وبشكل مفرح ..
ـ عند التحدث، أو مخاطبة الآخرين، فلابد من الابتعاد عن العبارات التي تنم عن السخرية، أو ما يشبه الاستهزاء مثل (ولد .. طفل .. إخرس وأنت مالك .. لا يعنيك .. هل جننت .. ) أو مثل هذه العبارات .. (جحشناً .. حمارنا .. ) أو العبارات الشعبية أو العامية الجارحة ..
ـ التحدث دون استخدام ألفاظ السباب، والشتائم ..
ـ عدم الجلوس، أو الرقاد، أو التمدد أمام الكبار، أو أفراد العائلة بشكل مستهجن، أو مد الرجلين .. أو اللعب فيما بين أصابع الأرجل، أو الأنف، أو وضع رجلاً على الأخرى بشكل قبيح ..
ـ إذا كنت تدخن، فلابد من استئذان الآخرين.
ـ إفساح المجال للكبار أولاً، ثم السيدات ثم الأطفال للدخول من الأبواب والتقدم على السيدات عند الصعود من السلالم، أو النزول منها ..
ـ عدم استضافة أحد على الطعام بشكل مفاجئ.
ـ إتمام التعارف بين صديقك الذي أحضرته إلى المنزل والمقيمين به.
ـ يجب أن تقوم أنت بالتعارف، وإذا كنت أنت الضيف فيجب أن تتعامل مع أفراد أسرة صديقك بما يجب أن يكون تجاه كل منهم، كتقبيل اليد، أو السلام بالمصافحة، والسؤال عن الأحوال ..
ـ لابد من التوائم مع الاتجاه العام في البيت تجاه أي موضوع كـ (قضاء عُطلة أو دعوة ضيف، أو شراءة أمتعة .. الخ) والسعي بقدر الإمكان للإلتزام بهذا الاتجاه العام، بعد بحثه وتمحيصه .. وإذا كانت هناك أسباب موضوعية لعدم التوافق مع كل هذا الاتجاه العام، فيجب توضيح ذلك دون صخب، أو ضوضاء، أو زعيق .. بل كل الأمور بتوضيح الأسباب التي دعتك إلى هذا الموقف .
ــــــــــــــــــ
في الاسرالمعاصرة ..من هو الشخص الأساسي الذي يعتني بالأولاد!
* ليزلي مان
يقول رون ويلسون، من مدينة أورورا في ولاية إلينوي، بينما يقوم بتحضير العصير لأولاده البالغين من العمر ستّ سنوات وأربع سنوات وسنتين: "بالنسبة إلى أشخاص كثيرين، لا يعتبر الاعتناء بالأطفال مهنة، إذ يظنّون أنّني ألازم المنزل لأقرأ المجلاّت. لكنّ هؤلاء الأشخاص هم الذين لم يمضوا قطّ يوماً كاملاً مع الأولاد في البيت".
ويوضح ويلسون أنّ الاهتمام بأولاده في فترة بعد الظهر فقط، فيما تقوم الأم بمهمات صغيرة، لا يُعتبر ذو شأن. لكن الرجال الذين يتولّون الاهتمام بالأولاد على الدوام، ويومياً، يعرفون أنّ كلّ يوم هو سلسلة لا تنتهي من تغيير الحفاضات، والطهو، وطيّ الغسيل، وقيادة السيّارات لإيصال الأولاد إلى الملاعب وإعادتهم منها، والتسوَّق، وزيارة طبيب الأطفال.
ويضيف ويلسون: "جيّد هو اليوم الذي أتمكن فيه من قراءة الصحيفة قبل أن تعود زوجتي إلى البيت من العمل". ويقول إنّه لا يقايض وظيفته بأيّ شيء آخر. فلا هو ولا زوجته دنيز، التي تعمل مسؤولة عن ضمان الجودة في شركة ألعاب دعائيّة، نادمان على التدابير التي اتّفقا عليها في منتصف التسعينات، عندما ترك عمله كمهندس ميكانيكيّ. أمّا ردّه على الشعار القائل "المرأة الخارقة" التي يمكنها "القيام بكلّ شيء" هو أنها "تستطيع القيام بكل شيء حقاً، لكن ليس في الوقت نفسه".
في تقرير مكتب الولايات المتحدة للإحصاء أنّ 1.9 مليون أب لأولاد دون الخامسة عشرة من العمر عرّفوا عن أنفسهم بأنهم "الشخص الأساسي الذي يعتني بالأولاد". هذا هو آخر إحصاء حول هذه الفئة صادر عن المكتب. ولكنّ الآباء الملازمين للمنازل يعتقدون عموماً أنّ عددهم تزايد بشكل ثابت خلال التسعينات مع عودة المزيد من زوجاتهم إلى العمل. ويستشهد بيتر بايليز، وهو ناشر الصحيفة الإخباريّة "الوالد الملازم للمنزل"، بقائمة المشتركين في هذه الصحيفة كدليل على هذا التزايد. فقد ازداد عدد الاشتراكات من مئة إلى ألف بين عامي 1994 و1999. ويتلقى موقعه على الانترنت أكثر من ألفي استفسار في الأسبوع، ويتلقّى موقع آخر تابع للمنشورة الإخباريّة "آباء بدوام كامل"، التي موقعها نيو جيرزي أكثر من 1500 استفسار في الشهر. ويقول بايليز: "لقد تقدّمنا من الوضع المستغرب إلى غير الاعتياديّ". وبايليز هو أب لولدين ملازم للمنزل. ويضيف: "لقد بدأنا الآن نرى نتائج تزايدنا، المزيد من المحاضرات والكتب حول الأبوّة، والمزيد من الآباء مع الأولاد في الإعلانات، ومن برامج "أبوّة الأطفال" نسبة لبرامج "أمومة الأطفال".
ان الأسرة التقليديّة المكوّنة من أب يكسب الرزق وأمّ ملازمة للمنزل وأولاد دون الثامنة عشرة من العمر، كانت تُشكّل نسبة 46 في المئة من عائلات الزوجين في أميركا منذ ربع قرن تقريباً، أما الآن فقد تمّ استبدالها بتشكيلة ديموغرافيّة مجنونة تتضمّن عائلات ذات مهنة واحدة أو مهنتين، وعائلات تُقسّم نوبات عملها، أو تعتمد ساعات العمل المرنة والعمل بدوام غير كامل. وفي عام 1998 كان قد انخفض معدّل الأسر التقليديّة تلك إلى 26 في المئة.
على الرغم من أن عدد الأمّهات الملازمات للمنازل لا يزال يفوق عدد نظرائهن من الذكور، فإنّ الرجال بدأوا يخوضون هذا المجال بقوّة. وهم يتقبّلون وجيرانهم ألقابهم ومسؤوليّاتهم الجديدة.
ويقول ويلسون الذي يلتقي آباء ملازمين للمنازل آخرين عبر شبكة الإنترنت ويَحضَر مؤتمرات للآباء: "لقد التقيت أشخاصاً قالوا في البداية إنّهم موسيقيّون أو كتّاب أو مُدرّبون. لكنّهم كانوا حقّاً يعملون لبضع ساعات (في الأسبوع) فقط. أمّا الآن فأصبح بالإمكان أن تقرّ بأنّك أب ملازم للمنزل."
يقول جون تشابمان، من مدينة جنيف في إلينوي، وهو أب بدوام كامل لابنته جينا البالغة من العمر 8 سنوات ولابنه إيان البالغ من العمر 7 سنوات: "سوف تلتقي دائماً بشخص يسألك ألست رجلاً كفاية لكي تجد عملا". ويضيف تشابمان: "يجب أن تكون مرتاحاً لما أنت عليه". زوجة تشابمان هي الدكتورة كاثرين فاكلر-تشابمان وتمارس طبّ العائلة.
من الممكن ألاّ تكون النساء مساندات دوماً لهذا التدبير عندما يأخذن علماً به. إلاّ أنّ ردّة الفعل التي تسمعها كلّ من دنيز ويلسون والدكتورة فاكلر من نساء زميلات لهما، هي: "ليت زوجي يقوم بذلك".
كمعظم المتزوجين الذين يلازم منهم الأب المنزل، كانت أسرة ويلسون وأسرة تشابمان من أسر أصحاب المهنتين، لكنهما قرّرتا أن تسهّلا حياتهما بالتخلّي، بشكل مؤقّت على الأقلّ، عن إحدى المهن الأقلّ دخلا بعد أن احتسبا كلفة الاحتفاظ بالدخلين. وتقول دنيز ويلسون: بعد أن أضفنا كلفةالرعاية اليوميّة، والثياب، والمواصلات، وطعامي الغداء والعشاء خارج المنزل، والضرائب الإضافية على الدخلين والزيادة في التأمين على السيّارة، وجدنا أنّنا نكسب فقط 3000 دولار إضافية إذا عملنا كلانا.
لم يكن لرون ويلسون ولا لجون تشابمان أيّ نموذج يعتمدانه لدور ذَكَري في دورهما الجديد. يتذكّر ويلسون فيقول: "لم أعتنِ بطفل يوماً ولم يكن لديّ يوماً أخوة أو أخوات أصغر منّي سنّاً." ويقول تشابمان إنّه جاء لعمله الجديد دون أي خبرة سابقة مطلقاً.
يقول هؤلاء الآباء إنّ التدرّب أثناء العمل يتطلّب حسّاً فكاهيّاً، ويشير ويلسون إلى الاستمارة التي كانت جزءاً من عمليّة إختيار مدرسة الحضانة لابنه، قائلاً: "أجبت عن كلّ الأسئلة مثل هل يستطيع ابنك العدّ؟ ما هو تاريخ ابنك الطبي؟ ثمّ وصلت إلى السؤال الأخير: هل عانيت أيّة مشاكل أثناء حملك؟ فكتبت: لا".
هنالك أحياناً مساوئ ترافق دور الأب الملازم للمنزل. الأوّل هو العزلة. والواقع أن دراسة أُجراها عام 1996 أُستاذ في علم النفس في إحدى كليات إلينوي بيّنت أنّ 66 في المئة من الآباء الذين يعتنون بأولادهم يشعرون أنّهم منعزلون إمّا جزئياً أو كليّاً، مقارنة بـ 37.4 في المئة من الأمّهات اللواتي يعتنين بأولادهنّ. وهنالك مسائل عابرة أخرى كوقت الفراغ القصير جدّاً، والرتابة، والقلق حول ما إذا كانوا قادرين على العودة لممارسة مهنتهم المتعطلة موقتاً، أو ليعوّضوا ما فاتهم. لكن، وبشكل عامّ، أظهرت دراسة العام 1996 أنّ أكثر من نصف الآباء وصَفوا أنفسهم بأنّهم سعداء للغاية بهذا التدبير.
يعمل إد بارزوتّي، وهو من أورورا، وأب ملازم للمنزل بنصف دوام، أيّام الإثنين والأربعاء والجمعة كمهندس كهربائي، وتعمل زوجته لوري أيّام الثلاثاء والأربعاء والخميس كمهندسة برامج كمبيوتر، وقد سمحت لهما الشركتان اللتان يعملان لديهما بأن يحتفظا بالمنافع الصحيّة والتأمين. وتوفر لهما أيّام الأربعاء تصوّر ما ستكون عليه حياتهما لو أنّهما يعملان كلاهما بدوام كامل، حيث عليهما تبادل رعاية ابنهما البالغ من العمر ستّ سنوات وابنتهما البالغة من العمر ثلاث سنوات. وتقول لوري بارزوتي: "تذهب سارة عند جدّتها أيّام الأربعاء. أمّا برايان فيذهب إلى المدرسة أثناء النهار ثمّ يأخذه إد إلى منزل صديق، وفي نهاية النهار لا تكون الأطباق مغسولة، والفوضى تعمّ المنزل".
يعتقد إد بارزوتي إنّ الرجال يربّون الأطفال بطريقة مختلفة، فيقول: "لوري تميل إلى القيام بأمور أكثر هدوءاً معهم داخل البيت"، ويضيف: "أنا أقوم معهم بمغامرات أكثر". يقول ويلسون أيضا إنّ زوجته تميل إلى الرسم مع أولادها في حين أنّه هو يحثهم على الألعاب الشاقّة.
أسرة آل تشابمان مختلفة. يقول جون تشابمان: "لا يعتمد توزيع كل الأدوار بالضرورة على اختلاف الجنس بل على الظروف. كان الأب تقليديّاً، يلعب الكرة مع الأولاد لأنّ الأمّ كانت تعدّ العشاء. أنا أعدّ الآن العشاء لذا فكاثي هي التي تلعب الكرة مع الأولاد."
على الرغم من أنّ إد بارزوتّي خفّض راتبه، وتشابمان وويلسون تخلّيا عن راتبهما في الوقت الحاضر، فجميعهم يعتبرون أنّهم تلقّوا مكافأة جيّدة مقابل ذلك. يقول تشابمان وويلسون إنّ مكافأتهما هي صحّة وسعادة أولادهما. ويقول بارزوتّي بدقة أكثر: "مكافأتي هي عندما يأتي إليّ إبني فجأة ويقول: أحبّك."
إن صغر سن أبناء أسرة تشابمان لا يمكّنهم من تقدير حسن حظّهم. لكنّ نات سزيمتشاك، وهو طالب في جامعة إلينوي، يبلغ الواحدة والعشرين من العمر، لديه نظرة مُعيّنة حول أن يكون المرء إبناً لأب ملازم للمنزل. فوالده لِن كان في بداية الثمانينات في البيت برفقته وأخته التي تبلغ من العمر 23 عاماً. يصف لِن من جهته تلك الحقبة قائلاً: "في تلك الأيّام لم يكِن في المراحيض الخاصة بالرجال طاولات لتغيير حفاضات الأطفال".
ويقول نات: "لم يبدُ ذلك غريباً بالنسبة إليّ في ذلك الحين، لكن بالعودة إلى الوراء لقد كان هو الأب الوحيد معي في أوّل يوم لدخولي الحضانة. لطالما كان حاضراً إلى جانبنا ولربّما كان هذا هو السبب الذي يجعلنا على علاقة متينة به، وهي علاقة لا يشعر بها أترابي كلّهم مع آبائهم. لا أنظر إلى تربية الأطفال على أنّها مسألة أنوثة أو ذكورة. على الرجال أن يمضوا المزيد من الوقت مع أبنائهم وهم يستطيعون ذلك."
ــــــــــــــــــ
«أين كنت»؟ سؤال ما يكرهه كثير من الرجال..!
* محمد عبد النبي
«أين كنت»؟ سؤال يتردد على ألسنة كثير من النساء ، وهو ما يكرهه كثير من الرجال ؛ فبعضهم يعتقد أنّه فوق المساءلة ، وبعضهم يرى أنه حر ومن حقه أن يتأخر ويفعل ما يريد ، حتى ولو كان متزوجاً ولديه أطفال!! من الأزواج من يقضي معظم وقته خارج البيت ولا يعود إلا في ساعة متأخرة ، ثم يأتي باعتذار بارتباطاته وصداقاته.... ومنهم من يخرج لاستراحته أو استراحة غيره، فيلتقي زملاءه وتستمر الجلسة إلى ما شاء الله دون أن يدري ماذا حل بالمنزل ، ولا إلى أين يسير الأولاد .
ولا ما تعانيه الزوجة من جراء ذلك الإهمال ، وربما أتى وزوجته تغط في سبات عميق بعد أن أعياها السهر وطال عليها الانتظار.
تأخر الزوج ونسيانه المواعيد العائلية وعدم اهتمامه بشئون أسرته من المنغصات التي تؤدي إلى قلق وفقدان الزوجة لأعصابها، بل إنّ بعض الرجال قد يستضيف أصحابه في منزله كل ليلة .
فيثقل كاهل زوجته بما تعده للضيوف من أنواع الطعام والشراب ، وربما طال وقت الجلسة إلى ما بعد منتصف الليل ، وربما كانت الجلسة على لهو أو باطل ، فإذا خرج الضيوف آوى الزوج إلى فراشه، وترك زوجته تغسل الأواني ، فلا تكاد تنتهي إلا قرب الفجر دون أن تسمع منه كلمة شكر!!
ظاهرة قلق الزوجة على زوجها كما يشير موقع «لها» اونلاين تبدو طبيعية في كل المجتمعات البشرية، وتعرف الزوجة على تفاصيل صداقات زوجها وأصحابه قد يزيدها قلقاً مع تأخره عن مواعيده المعتادة في الرجوع إلى البيت ، وقد يزداد الأمر سوءا وتتطور المشكلات إذا ما اندفعت المرأة - من خلال الهاتف - للسؤال عن زوجها المتأخر في الأماكن الخاصة التي يسهر فيها ، نتيجة توترها وحساسيتها المرهفة ، وحرصها على زوجها وغيرتها عليه أيضاً..
وفي المقابل يجب على الزوج أن يستوعب تساؤلاتها وقلقها بهدوء خاصة أنّه تسبب في آلام نفسية للشخص الذي ينتظره، وإذا لم يجد تفهماً لحظياً من الزوجة الغاضبة، فعليه أن يكون صبوراً ويهدئ من روعها.(54/236)
إنّ الانشغال عن الأهل تفريط عظيم وظلم بيّن ، إذ كيف يسوغ للإنسان أن يشتغل طيلة وقته خارج منزله ، فيترك شريكة عمره نهباً للوساوس والوحشة والأزمات ، أو يتركها للانغماس والدخول في مالا يحمد عقباه.
ليس مطلوبا أن يعيش الزوج حبيس منزله ، وإنّما هي دعوة للتوازن وإعطاء كل ذي حق حقه قدر الإمكان ، ففقدان القدرة على الموازنة يورث خللاً واضطراباً في حياة الفرد الزوجية والأسرية..
ــــــــــــــــــ
العلاج العائلي لمريض فصام الشخصية ..
* د. محمد أحمد النابلسي
كان فرويد وأتباعه من المحللين السباقين في اكتشاف دور الخلل العائلي في إحداث مرض الانفصام. فالتحليل النفسي يرد الأسباب النفسية للانفصام إلى ما وراء الأسباب الظاهرية التي ولدت المرض. وهم يركزون على المرحلة الفمية بالذات Stade Oral حيث يمكن أن تنشأ اتصالات مضطربة بين الأم ورضيعها. ويشبه المحللون اضطراب العلاقة بين الأم ورضيعها بـ نقطة ضعف في أساس العمارة (أي الشخصية). ومن خلال دراستهم للحالات الفصامية توصل المحللون إلى وضع وتحديد أنماط عدة ((للأم المتسببة بالفصام)). ومن أهم هذه الأنماط وأكثرها مطابقة للمنطق التحليلي نمط الأم المتزوجة من رجل (أي والد المريض) ضعيف الشخصية ولكنه سريع الغضب والانفعال. ونظراً لضعف شخصية الوالد فإن المريض يحيا طفولة تغيب عنها السلطة الأبوية أو تشوه صورة الأب (وبالتالي السلطة الأبوية) في نظر الطفل من خلال عمليات النقد والتهجم المستمرة التي تمارسها الأم على الأب (قد يحصل ذلك في غياب الأب).
ولو قمنا بتفحص المحيط العائلي لمريض الانفصام لوجدنا أن هذا المحيط قد يبدو طبيعياً دون أن تشوبه شائبة للوهلة الأولى. إلا أننا ولدى تعمقنا في دراسة أفراد هذه العائلة (وخاصة الأم والأب) نلاحظ نوعاً من القساوة والجمود العاطفي والفكري يهيمنان على أجواء هذه العائلة. كما نلاحظ انخفاض قدرة هؤلاء الأفراد على إقامة صلات عاطفية أو حتى حوارات حميمة فيما بينهم. وبمعنى آخر فإن عائلة المريض بالانفصام هي عائلة تعاني صعوبات علائقية مؤثرة في توازن المريض من الناحية النفسية على أكثر من صعيد.
وبالرغم من تحديد فرويد، والمحللين من بعده، للدور الهام الذي يلعبه الخلل العائلي في إحداث الفصام فإنه لم يتوجه للعلاج العائلي لهذا المرض. ولكن مع إرساء أسس العلاج النفسي العائلي التفت الباحثون نحو عائلة مريض الانفصام موجهين اهتمامهم نحو دراسة العلاقات العائلية للمريض وأثرها في ظهور المرض وفي تطوره أو تراجعه. (بالأحرى خموده). وقد حاول هؤلاء الباحثون علاج الانفصام عن طريق إصلاح علاقات المريض وأجوائه العائلية فلم ينجحوا. والحقيقة أن هذا الفشل لا يعود، في رأينا الشخصي، لقصور العلاج العائلي وإنما هو عائد إلى عدم قدرة المريض على استيعاب هذا العلا بطرقة فعالة. والدليل القاطع على ذلك نجده في قدرة العلاج العائلي على الحؤول دون حصول الانتكاسات المرضي أو على الأقل تأخير حدوثها. ففي دراسة للباحث Goldstein تأكدت فعالية العلاج العائلي في منع الانتكاسات لدى مرضى الفصام المعالجين دوائياً وعائلياً بالمقارنة مع المرضى المعالجين دوائياً فقط. وتشير هذه الدراسة وعديدة غيرها إلى أن العلاج العائلي يؤدي إلى تحسن جوانب نفسية عديدة في شخصية المريض لا يطالها التأثير الدوائي.
أما عن خطوات العلاج العائلي للانفصام فهي ترتكز على المبادئ التالية:
1 ـ تحديد أفراد العائلة الذين يعايشون المريض والذين يتميزون بتعابير انفعالية سلبية مبالغة (الشعور بالظلم، الكره، الحسد، الرغبة بالثأر، التدمير ... الخ). وقد أطلق الباحثون الأميركيون على هؤلاء الأشخاص تعبير الـ High E.E)) واعتبروهم مسؤولين عن المساهمة في إحداث اضطرابات الشخصية لدى المريض واستمراريته. وهذا ما يؤكده الباحث Brown الذي يشير إلى أن 92% من الانتكاسات الانفصامية تعود لوجود مثل هؤلاء الأشخاص في عائلة المريض.
2 ـ ضرورة إعادة التوازن للصورة الأبوية: وسنتبسط في شرح هذه النقطة بسبب أهميتها البالغة. فالطفل وابتدءً من سن الثالثة يبدأ باستيعاب النقاط التي تتيح للأب التفوق عليه. فإذا ما وصل الطفل إلى سن 5 ـ 6 سنوات تخلى عن الصراع الأوديبي لمصلحة والده وتحول صراعهما إلى محاولة الطفل تقليد أبيه والتماهي به. والطفل في هذه المرحلة يتخيل نفسه شبيهاً بأبيه عندما يكبر. فإذا ما تدخلت الأم وأحدثت تشويهاً في صورة الأب فإن الطفل يستشعر هذا التشويه في صورته الذاتية. ويكون هذا التشويه أولى دعائم اضطراب الشخصي لدى الطفل الانفصامي. ولذلك وجب توجيه الأم وتدريبها للعمل على تجميل الصورة الأبوية.
3 ـ تثقيف العائلة في موضوع المرض: علينا أن نعمل ومن خلال جلسات عائلية موسعة يحضرها جميع أفراد العائلة (باستثناء المريض والأطفال دون الرابعة) الذين يعيشون مع المريض. وفي هذه الجلسات علينا أن نشرح للعائلة المظاهر المرضية والاضطرابات المرافقة للمرضى، النوبات وإمكانية ظهورها، أهمية العلاج الدوائي وضرورة الإشراف الطبي، احتمالات تطورات المرض وتأثيره على حياة المريض المستقبلية. وأخيراً الأساليب الواجب اتباعها في العلاقة مع المريض.
ومناقشة مثل هذه المواضيع مع العائلة غالباً ما تكون مصدراً لعدد كبير من الأسئلة الاستيضاحية التي يطرحها أفراد العائلة التي تجب الإجابة عليها بوضوح مع إعطاء التعليمات اللازمة.
4 ـ إصلاح الجهاز العلائقي داخل الأسرة: بعد مناقشتنا للخطوات الثلاثة الأولى اصب من السهل علينا تبيين الأعطال الطارئة على جهاز العلاقات داخل الأسرة. ومن الوجهة الطبية ـ النفسية علينا أن نقوم بإصلاح هذه الأعطال اعتماداً على الطريقة التي نراها مناسبة سواءً أكانت سلوكية أم تحليلية أم إدراكية ... إلخ. فالهدف هو أولاً وأخيراً تأمين الأجواء العائلية الملائمة للمريض وإزالة التوتر والصراعات من هذه الأجواء منعاً لحدوث الانتكاسات.
5 ـ الإصرار على إقتران العلاجيين الدوائي والعائلي: رأينا أن العلاج العائلي منفرداً لا يستطيع أن يحل مكان العلاج الدوائي. لذلك فإنه من العبث القيام بالعلاج العائلي إذا ما كان المريض ممتنعاً عن تناول علاجه الدوائي. ولعل أفضل الفترات للقيام بالعلاج العائلي هي فترة وجود المريض في المصح.
وإذا كنا في مجال الحديث عن العلاج العائلي لحالات الانفصام فإننا لا نستطيع أن نتجاهل الأجواء الاجتماعية العامة للمريض ولعائلته. وهذا ما يدفعنا لطرح عدد من الأسئلة، نعرف سلفاً أن الأجوبة عليها سلبية:
1 ـ ما هي إمكانيات العلاج المتحضر لهذا المريض في مجتمعنا؟
2 ـ كم هي الحالات التي تشخص في الوقت المناسب؟
3 ـ من هي العائلات التي تتقبل بموضوعية فكرة كونها مساهمة في إحداث المرض؟ وكم عددها؟
4 ـ كم هي النسبة المئوية للمرضى الذين تم عرضهم على الطبيب؟
5 ـ ما هي نسبة العائلات القادرة مادياً على متابعة علاج من هذا النوع وعلى تحمل أعبائه؟
6 ـ هل عندنا أعداد كافية من الاختصاصيين في هذه المجالات؟
7 ـ هل سعينا أو نسعى لإعداد مثل هؤلاء الاختصاصيين.
8 ـ هل نعلم النسبة المئوية للإصابة بالانفصام في مجتمعنا؟ أو العدد التقريبي لهؤلاء المرضى؟
9 ـ هل وضعنا حداً لأساليب العلاج المتخلفة وذات الآثار السلبية على هؤلاء المرضى ... الخ.
وتطول هذه اللائحة ليس فقط بالنسبة لمرضى الانفصام ولكن أيضاً بالنسبة لسائر المرضى النفسيين والعقليين.
ــــــــــــــــــ
المقارنة بين الأبناء, تجعلهم أعداء
تعتبر المقارنة بين الابناء امراً مزعجاً لهم فكما أن الزوجة تنزعج حين يطلب الزوج منها ان تقوم بعمل ما فتقوم به ولكن لا ينال اعجابه فيبدأ بمقارنة هذا العمل مع ما تقوم به اخته أو أمه أو جارته فهذا بكل تأكيد يزعج الزوجة ويشعرها بالاهانة لمجرد المقارنة فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب ويتوتر حين تقارنه بأخيه الاسرع منه .
أو الأذكى منه او الاهدأ منه ان مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل اضطراباً في نفسيته وضعفا في شخصيته لانه قد يكون عاجزاً أو غير قادر على القيام بنفس ما يقوم به أخوه ولكنه بالتأكيد يستطيع القيام بشيء لا يستطيع اخوه القيام به لانه لم يخلق نسخة عن اخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين وللوقوف على هذا الموضوع كان لـ «دنيا الناس» هذا التحقيق.
الطفل محمد مطر يقول: المقارنة بيني وبين اخوتي تجعلني احيانا ابذل جهداً أكبر كي اصبح مثلهم أو مثل أحدهم ولكن في كثير من الاحيان افشل ولا استطيع تحقيق ما يطلبه مني والدي واشعر أنني أقل منهم ذكاء وسبب ذلك ايضا انهم اكبر مني فلذلك فهم مجتهدون اكثر مني ويقدرون على القيام بكل ما يطلبه.
والدي منهم بشكل صحيح وانا اعرف ان والدي يقارن بيني وبينهم لانه يحب ان يدفعني اكثر للحركة وللاجتهاد في الدراسة ولكني اكره هذه الطريقة لان قدراتي غير قدرات أخي الاكبر مني وكل انسان له قدرات معينة لايستطيع تجاوزها او مضاعفتها بسهولة وفي الحقيقة انا استطيع القيام باشياء.
وأمور لايستطيع اخي القيام بها كحل المسائل الحسابية بسرعة ودون اخطاء حتى اخوتي البنات لا يستطعن القيام بنفس السرعة التي اقوم فيها بحل تلك المسائل واتمنى على والدي ان قرأ هذا الكلام ألا يعود لاسلوب المقارنة بيني وبين اخوتي من جديد.
خطأ تربوي
سهيل جواد الشواف موظف يقول: للمقارنة بين الاولا سلبيات كثيرة ومعظم شباب الجيل الحالي قد عانى من هذه المشكلة عندما كان صغيرا يتربى في احضان اهله وبين افراد اسرته حيث لم يكن يكتب التفوق لجميع افراد الاسرة في اداء واجباتهم المدرسية أو تلبية طلبات الاهل والمسألة لا تتعلق بكون العمل الذي يقوم به المتفوق صحيحاً أم خطأ فقد يكون صحيحاً .
وقد يكون خطأ كأن يطلب الاب من ابنائه القيام بأمر ما فيسرع احدهم الى تلبيته أو يحسن احدهم اداءه كما يريده الاب وليس كما ينبغي ان يكون فالمقياس هنا هو رؤية الاب أو الام لا طبيعة الامر.
ويضيف وتظهر هذه المسألة واضحة في المدرسة عندما يميز الاستاذ الفلاني بين التلاميذ فيقول هذه منطقة الكسالى أي مجموع بعض المقاعد أو هذه زاوية المجتهدين.
وكذلك في الاسرة عندما ينتهي فصل دراسي وتخرج النتائج ويرجع الابناء الى آبائهم واهلهم وبيدهم ورقة العلامات والنتائج فنسمع الاب يقول أخوك علي أخذ تسعين وانت اخذت سبعين ما الفرق بينكما؟ بماذا قصرت معكما انك تأكل كما يأكل وتعيش كما يعيش لماذا هو دائما أفضل منك في المدرسة وفي العمل وفي اداء الواجبات الاسرية ؟
هذه الكلمات تحطم الطفل وتجعله حقوداً على الطرف الآخر الافضل منه وقد يؤذيه أو يحقد عليه لأنه يرى نفسه دائماً الادنى لا لكونه كسولاً بل لأن له أخاً مجتهداً واعتقد أن الكثير من العداوات التي تقوم بين الاخوة في الكبر كان منشؤها الصغر وكانت بدايتها مقارنة الاهل لاولادهم بعضهم بعضا ولذا اتمنى من الاهل ان ينتبهوا لهذه الناحية وسأعمل جاهداً على الا اقع في الخطأ التربوي في تربية ابنائي لانني قاسيت منه عندما كنت صغيراً.
دمار للنفسية
محمد علي ـ موظف ـ يقول: ان مسألة التربية أمر عظيم لا يحسنه الكثير من الناس وخاصة مجتمعاتنا العربية بسبب عدم الوعي الكافي لدى الكثير من الآباء والأمهات وتعتبر التربية النفسية أهم وأعقد وأصعب من التربية الجسدية وتشكل السنوات السبع الأولى من حياة الطفل ركيزة مهمة في تربيته النفسية .
وما التفريق بين الابناء والمقارنة بينهم الا احدى المشاكل النفسية التي يبقى اثرها ما عاش المرء وترافقه الى شيخوخته وتؤثر على جميع نواحي حياته التي يعيشها فالمقاومة بين طفل قصر او بذل جهده في امر ما ولم يستطع بلوغ الكمال فيه مع آخر بلغ مرتبة أعلى يعني هدما ودمارا لنفسية الاول .
وهذا الخطأ ليس في هذا الطفل الذي عمل جهده وبلغ تلك المرتبة بل المشكلة في اهله الذين لم يكتشفوا نقاط النجاح في هذا الطفل او عجزوا عن جعله ينال المرتبة العليا في ذلك الامر فهم المقصرون برأيي وليس الولد.
لا تشجع أبناءك على ان يقارنوا أنفسهم بالآخرين، بل عود أبناءك ان يتقبلوا مدح الآخرين لاحدهم او مدح المدرس لأحد الطلبة دون بقيتهم وعلمهم ان يبحثوا عن أسباب المدح ليوجدوها في أنفسهم دون ان يتضايقوا أو تنبت مشاعر غيرة عدائية عندهم وهذا لن يكون إلا بالتدريب على التعامل مع هذه المشاعر داخل نطاق الأسرة ومناقشتهم فيها.
قاعدة ذهنية خاطئة
الدكتور عماد الحسيني ـ اختصاصي نفسي ـ يقول: كثيرة هي العوارض السلبية التي قد تنتج بسبب التربية الخاطئة التي يمارسها كثير من الآباء والأمهات عند حث أولادهم بنين وبنات وحفز هممهم حيث يقومون بمقارنة مجحفة بين الأولاد وأقرانهم بطريقة ترسخ فيهم الشعور بالنقص والدونية وذلك من خلال النظر الى نجاح الآخرين وتفوقهم واعتباره دليلا على قصور الأولاد وفشلهم فنجد الأب مثلا يقول لابنه ان ابن عمك فلان حصل على امتياز في مادة كذا بينما أنت لم تحصل على جيد جدا.
ويضيف: فهذا الأب رغم أنه يقصد حفز همة ابنه وحثه على المزيد من البذل الا انه ولد لدى ابنه شيئا من الشعور بالنقص والدونية في مقابل الاقران وهذا يؤدي الى ارتباط ذهني لا شعوري بين نجاح الآخرين وتفوقهم وبين فشله وقصوره فإذا تكررت مثل هذه المقارنة بهذه الطريقة الخاطئة من اكثر من مصدر .
وفي اكثر من موقف ترسخ في ذهن الشخص قاعدة خاطئة وهي «أن كل نجاح لمن حولي يستحقون الثناء عليه يعني فشلي في بلوغ هذا النجاح وقصوري في أعين الناس» ثم يمتد اثر هذه القاعدة الذهنية للتأثير في المشاعر والسلوك ويختلف هذا التأثير باختلاف الاشخاص فإن كان الشخص ضعيف العزيمة اصيبت مشاعره باحباط وأسى وحزن وألم نفسي .
وأصبح سلوكه محاصرا بطوق حديدي شائك يمنع صاحبه عن التقدم لتحقيق اي انتاج ينفعه وإن كان الشخص ذا عزيمة قوية وهمة عالية فإن مشاعره تكون حساسة جدا سريعة التأثر بمثل هذه الأمور فتجعل النفس سريعة الأنفة والاعتزاز والتعالي وتجعل الذهن كثير المقارنة بين انتاج النفس .
وانتاج الأقران ومن ناحية السلوك فإن الشخص ربما انخرط في سباقات ومنافسات متعددة مع كل من بعده من الأقران والمنافسين والهدف الوحيد لمثل هذه المنافسات هو ازالة تلك الصفة التي حوتها القاعدة المذكورة آنفاً «نجاح غيري يعني فشلي» ويؤكد:
لذا فإنه اذا ما حقق هذا الشخص تفوقاً في جانب ما على شخص آخر ادى هذا الى ارتياح نفسي وطمأنينة لانه يعمل على ستر عورة النقص الداخلي في نفسه ولكن لا تلبث العورة هذه ان تنكشف مرة اخرى بمجرد سماع ثناء جديد على شخص جديد حيث يفهم الذهن بحسب القاعدة السابقة ان هذا يعني فشلاً لي وقصوراً فتتألم مشاعره التي لا تلبث ان تستنهض الهمة .
وتحفز السلوك من جديد الى الانخراط في مشروع منافسة جديدة لا لهدف سوى ستر عورة النقص من جديد التي يؤلم انكشافها المشاعر ايلاماً شديداً وربما توسع مثل هذا الشخص في تكريس هذه القاعدة الخاطئة وبنى عليها قواعد اخرى خاطئة تجر الى سلوكيات خاطئة ايضاً مثلاً فشل غيري في امر ما يعني قصوره وكونه اقل مني.
فيذهب يلتمس فشل الآخرين وتقصيرهم ويتوقعه ويحلم به وربما قاده الى امور لا يرضاها الله تعالى من اعمال قلبية «كالغل والحسد والحقد» أو اعمال بالجوارح «كالغيبة والافتراء والخداع والغش».
ويؤكد: وهكذا نجد ان هؤلاء الآباء رسخوا في اولادهم امرين خطيرين هما: أولاً الشعور بالنقص والدونية. وثانيا: تقويم النفس من خلال نظرة الناس ووزنها بميزان الذوق الاجتماعي السائد مما يرغبه الناس في المجتمع سواء في الامور الاجتماعية أو الثقافية أو العلمية ومن ثم البعد عن المقاييس الصحيحة والموازين الصائبة للامور.
اما العلاج فيشير الدكتور عماد الى ان اولى خطوات التغيير حسن التفسير فإن كان هذا التفسير سابق الذكر ينطبق على من يجد عنده هذه المشكلة فالعلاج يكمن في:
ـ فهم المشكلة وادراكها لجميع جوانبها ومعرفة جذورها منذ الصغر فإن الفهم السليم سيساعد كثيراً على التغيير.
ـ لا يكفي الفهم والادراك الذهني الصحيح لتعديل مسلمات ذهنية خاطئة راسخة منذ الصغر في برامج التفكير الداخلية ومتصلة اتصالاً وثيقاً بمراكز المشاعر والسلوك بل لابد من فترة زمنية كافية تبذل فيها جهداً مناسباً لتصحيح تلك المسلمات وما يتفرع عنها.
ـ ذهنك وتفكيرك بحاجة الى اعادة برمجة وفق الاسس التربوية السليمة التي نص عليها علماء النفس والسلوك والاجتماع وكذلك وفق الاسس الشرعية التي جاءت بها النصوص من القرآن والسنة وتربى عليها السلف الصالح وفيها تكون اسس بنيانك النفسي على تقوى من الله ورضوان وبذلك تتعدل وجهة قلبك من حب ثناء الناس واطرائهم والرغبة فيما عندهم الى حب الله تعالى والرغبة فيما عنده وعندها تنبت في نفسك نبتة خير اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
اثار سلبية
الشيخ أيمن السعدي ـ امام وخطيب يقول: ان الطفل بحاجة الى الاهتمام من قبل والديه وخاصة في السنوات السبع الاولى من حياته سواء كان ذكراً أو انثى ذكياً أو بليداً، جميلاً أو قبيحاً وينبغي للوالدين عدم التفريق بينهم والاصغاء اليهم حين يتحدثون واخذ مشورتهم في القضايا العائلية لاشعارهم بأهميتهم واحترام آرائهم.
ولابد ان يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الاولى من حياته فلابد ان يجد المكان المناسب له في لعبه وحركته وترتيب لوازمه دون تدخل الكبار ولابد ان يجد الحرية في الحركة دون تحذير هذا بشكل عام.
اما بخصوص المقارنة بين الابناء فهذه مشكلة منتشرة في الكثير من الاسر والمجتمعات العربية ربما بسبب التخلف الذي تعيشه مجتمعاتنا أو الجهل الذي لم تخرج من بوتقته أو سيطرة العادات والتقاليد والافكار القديمة الخاطئة في اساليب التربية التي لم نطورها حتى هذه الساعة.
ويضيف: ان كثرة الاولاد ليست سبباً في شجار الاخوة فيما بينهم كما تتصور بعض الامهات الكريمات بل المقارنة بين افعال الاولاد وسلوكياتهم احد اهم اسباب العداء بين أفراد الاسرة بسبب دافع الحسد والغيرة واستخدام الوالدين المقارنة بين الابناء اسلوب مزعج لهم فكما اننا نغضب حين يقارن احدهم عملنا بعمل الآخرين ويظهر ان عمل الآخر افضل فكذلك الطفل.
يصاب بحالة من التوتر بسبب هذه المقارنة لذلك ينبغي على الوالدين عدم استعمال المقارنة بين الابناء بالمديح أو الذم كأن تقول الأم لصغيرها لماذا لا تكون مثل اخيك الذي يحافظ على ملابسه دائماً ولا يمزقها أو يهملها أو يتلفها؟
فهي دائما تظهر له ان اخاه افضل منه حتى اذا تمكن هذا الشيء في عقله وقلبه كره اخاه وبدأ يحقد عليه ويحسده واصبحت نفسه مهزوزة وشخصيته مضطربة لا يقوى على القيام بشيء لأنه يضع نصب عينيه الفشل وكأنه سيلازمه طوال حياته.
تحقيق : محمد زاهر
* البيان
ــــــــــــــــــ
النقال لا يغني عن الحوار المباشر
العلاقة الزوجية علاقة خاصة جداً وقد ساهمت وسائل الاتصال الحديثة في تغيير شكل هذه العلاقة سواء أكان هذا التغيير سلبياً أو إيجابياً،
ومما لا شك فيه أن وسائل الاتصال لا علاقة لها بإيجابية أو سلبية هذه العلاقة لأنها كما قلنا وسيلة، وبالتالي فإن قيمة هذه الوسيلة تتحدد بالأسلوب الذي تستخدم فيه، فإذا كان الزوجان متفاهمين فإن هذه الوسيلة تكون حلقة اتصال جيدة فيما بينهما، تقرب المسافة وتختصر الزمن وتنقل بينهما علاقات الود الحميمة، أما إذا كانت العلاقة غير جيدة في الأصل.. فإن هذه الوسائل يكون تأثيرها في زيادة تأزم العلاقة، لأنها تساهم في التباعد وتحرم الطرفين من فرص اللقاء، وتعطي مجالاً لسوء الظن الموجود أصلا بينهما أن يتنامى ويزداد، وفي محاولة للتعرف على أبعاد هذا الموضوع كان لنا هذه الحوارات مع أساتذة مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع والإعلام والطب النفسي للتعرف على آرائهم:
يؤكد الدكتور( محمد الحداد) أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الكويت: أن العلاقات الاجتماعية أياً كانت، سواء بين الأفراد في الأسرة الواحدة أم بين الأصدقاء والزملاء، إن لم تكن علاقات وجهاً لوجه تصبح علاقات ضعيفة، وقد حاول العلم أن يدخل إلى هذه العلاقات ويقويها عن طريق الوسائل المختلفة كالهاتف أو الإنترنت أو أي وسيلة أخرى، لكن ما حدث كان العكس، فغالباً ما لا يساعد الهاتف في حل المشكلات، فعلى سبيل المثال حين يتحدث شخص إلى شخص آخر فإن التعبير الوجهي وحركة الوجه والعين والشفاه كلها تلعب دوراً في التأثير على الطرف الآخر، فحين نتحدث بالهاتف غالباً ما نرفع الحرج في الحديث، والمفروض أن لا يُستغنى بالهاتف عن اللقاء المباشر، والهاتف لا يحل المشكلة، ولكنه في بعض الأحيان قد يساعد على تأزم بعض المشكلات، فقد يتحدث الزوج مع زوجته وهو غاضب وترى وجهه عابساً فتعرف أنه غير مستعد للتفاهم في الوقت الحالي، وتحاول من خلال خبرتها في التعامل معه تجاوز هذا الظرف بالصمت في أسوأ الظروف، أما في الهاتف فالتعبيرات الوجهية لا تظهر، ولذا فاللقاء هام لإنهاء المشكلات، ولهذا فإن علاج الحالات المشابهة بين الآباء والأبناء أو الأزواج والزوجات، يعتمد على العلاج الجماعي بالتقاء الأسرة كلها بعضها مع بعض..
الفرحة: هل يمكن أن تؤدي مناقشة المشكلات عن طريق الهاتف إلى حدوث الطلاق؟
الحديث الهاتفي يأخذ فيه المتحدث حريته والمفروض أن لا يأخذ دور اللقاءات الشخصية المباشرة
كما قلت فإن الهاتف بلا شك يرفع الحرج والكلفة، ولذا فإنه يجعل الإنسان يقول ما يشاء لأنه يتحدث بلسانه، ولا يستقبل إلا كلمات أخرى من الطرف الآخر، وهو حر في التعبير عما يشاء، لذلك نجد أنه في كثير من الأحيان يتطرف بعضهم في الحديث وقد يسيء أحدهم استخدام الهاتف كأن يغلق الخط في وجه الآخر اعتقاداً منه أنه بذلك حقق انتصاراً بإنهاء المكالمة، وهذا في حد ذاته لا يعتبر عملاً إيجابياً بل قد ينعكس سلباً على الحياة الاجتماعية بين الطرفين، والمشكلة ليست مشكلة الهاتف بل في طريقة استخدامه.(54/237)
وتقول الدكتورة ( نادية الحميدان) عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس، كلية الآداب- جامعة الكويت: إننا يجب أن ندرك في البداية أن الهاتف كوسيلة ليس سبباً، ولا يمكن أن يكون سبباً، بأي حال من الأحوال، في نشوء أو تطور أو استمرار الخلافات الزوجية، لأنه وسيلة اتصال ليس إلا، والذي يقرر السلوك ويتخذه هو الإنسان نفسه، وسلوك الإنسان يرتبط بعوامل عديدة، وظروف محيطة هي التي تؤثر في مسار هذا السلوك، وهناك ظروف يوجدها الإنسان وظروف خارجة عن إرادته، ولا يمكن أن نقول بأن الهاتف عامل مؤثر في السلوك، ولكن قد تتصل الزوجة بزوجها في وقت غير مناسب، وبطريقة غير مناسبة، وقد تكون الظروف أيضاً غير مناسبة، وبالتالي فإن ردود الأفعال قد تكون سيئة للغاية..
وهذا يعتمد على طرفي العلاقة وهما الزوج والزوجة، فإذا كانت الزوجة عاقلة وواعية فإنها تعرف أن عليها أن تختار الوقت والأسلوب والوسيلة التي تناسب كل موقف، فليس من المعقول أن تتصل الزوجة بزوجها في العمل لتناقشه في موضوع كان مثار خلاف بينهما مثلاً في المنزل ليلاً أو في صباح اليوم نفسه، وقد يكون هو في ظروف غير مناسبة بسبب ضغط العمل مثلاً، أو وجود مراجعين عنده أو وجود زملائه، ويجب أن تؤجل هذه الأمور للتفاهم حولها في المنزل، وقد تتصل الزوجة أيضاً بزوجها لتخبره أنها سوف تتأخر عن البيت لذهابها مع زميلاتها إلى مكان ما، ويعترض الزوج ويطلب منها العودة إلى المنزل فترفض الزوجة، وتصر على الذهاب لأنها وعدت زميلاتها ولأنهن ينتظرنها، ويحتد النقاش وقد تقع الكارثة، وقد يكون الزوج متفهماً فيدير دفة النقاش بطريقة دبلوماسية، لتهدأ الأمور ويحاسب زوجته في البيت، لكي تدرك أن موقفها كان خاطئاً ولا تعود إليه مرة أخرى، ولو نظرنا إلى الدور الذي يلعبه الهاتف هنا فسنجد أن السلبيات التي قد تنشأ، ليس لهذا الجهاز الصغير ذنب فيها، وإنما هي جميعها سلوكيات سلبية يرتكبها الناس، ولكنهم دائماً يبحثون عن مشجب لتعليق أخطائهم عليه، ولا أعتقد أن وجود الهاتف قد ساهم بشكل أو بآخر في تعميقها أو تسطيحها، فهو وسيلة كأي وسيلة يطوعها الإنسان بالاستخدام سلباً أو إيجاباً.
الهاتف وسيلة اتصال ليس إلا ، والذي يقرر السلوك والاستخدام هو الإنسان.
كنت أتحدث مع زوجتي عبر الإنترنت.
ويقول الدكتور ( علي دشتي) أستاذ الإعلام في جامعة الكويت: إن وسائل الإعلام في حد ذاتها ليس فيها مشكلة بل هو وسيلة جيدة وفعالة في تقريب المسافات والأفكار أو يفترض أن تكون كذلك، فأنا على سبيل المثال تقدمت للزواج، وبعد ذلك سافرت زوجتي إلى أمريكا لإكمال دراستها، وخلال هذه الفترة كنا دائمي الاتصال أحدنا بالآخر عن طريق الإنترنت، وكنا نتفاهم حول أمور كثيرة من خلال هذه الوسيلة التي كانت في تصوري فعالة ومفيدة جداً، وأعتقد أن لها دوراً في تأصيل العلاقة بين الزوج والزوجة، مع أنني أفضل أن تكون العلاقة ويكون التفاهم بينهما وجهاً لوجه، لأن الإنسان لا يستطيع أن يستغنى عن هذا اللقاء، لأن الإنسان في اللقاء المباشر يستطيع أن يتعرف على وجهة نظر الطرف الآخر مباشرة أفضل من التعرف عليها من خلال الحديث الهاتفي، لأن ذلك يتم بأكثر من وسيلة للتعبير، فقد يقول أحد الطرفين رأياً ويفهمه الطرف الآخر بطريقة خاطئة، ولذا فإن هذا الأمر يوجب أن يكون الإنسان حذراً أشد الحذر في التعامل من خلال الهاتف حتى لا تحمل كلماته معنى آخر، وفي هذا جهد نفسي يصعب على الكثيرين احتماله، وقد يصيب البعض بالتوتر، وأذكر أنني يوماً مازحت أحد أصدقائي على الهاتف، وأخذ هذا المزاح على سبيل الجد واقتضي الأمر منى وقتاً بعد ذلك حتى أقنعته بأن ذلك كان مزاحاً، وهذا دفعني لأن أوصي أصدقائي حين يتحدثون في الهاتف أو عن طريق الإنترنت أن يكونوا حريصين جداً، وأذكر أيضاً أن أحد الأشخاص بث على الإنترنت نكتة أمريكية عادية لكنها أثارت غضب الكثيرين لأنهم فهموها بطريقة خاطئة.
وأستطيع القول إن وسائل الاتصال لها دور كبير في تأصيل العلاقة الزوجية، ولكنها في بعض الأحيان قد تسيء إلى هذه العلاقة.
وإن كنت لم أصادف شخصياً حالات من هذا النوع، تطورت الخلافات فيها إلى درجة مفزعة قد تصل إلى الانفصال، ولكني لا أستبعد هذا الأمر خصوصاً إذا لم يكن هناك تفاهم كافٍ بين الطرفين وخصوصاً إذا كانت قنوات الاتصال غير مفتوحة بشكل جيد فيما بينهما، ولذا فإن أحدهما قد يأخذ كل شيء من جانبه السلبي، والاتصال في هذه الحالة يكون له دور فقط وليس هو الأساس.
ــــــــــــــــــ
ست مهارات في توجيه سلوك الأبناء
أثناء تنقلي وسفري من بلد إلى بلد في وقت الصيف جلست عائلة بقربي مكونة من أم وستة أولاد وكانت الرحلة مدتها ساعتين واستغربت كثيراً من طريقة توجيه الأم لابنتاها أثناء لعبهم ومشاغبتهم في الطائرة، وكانت تتعامل معهم بطريقة عسكرية بعيدة عن الرحمة والرفق ولا تفرق بين كبير وصغير، أو ولد وبنت، أو سليم ومريض، أو جائع وشبعان، أو مجتهد ومخطئ
إن المظهر العام للعائلة بشكلها ولباسها يوحي لك أنها عائلة محافظة وملتزمة ولكن تنقصها (الثقافة التربوية الإسلامية) وهذا ما نعانيه في مجتمعنا العربي والإسلامي.
إن معالجة الخطأ من الفنون وقد علمنا رسولنا الكريم كيف نتعامل مع الأطفال إذا أخطؤوا وسأذكر ست وسائل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج بها خطأ الطفل وهي:
1- معالجة الخطأ بالتوجيه المباشر
روى البخاري ومسلم عن عمر ابن أبي سلمة - رضي الله عنهما - قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله (ص)(أي تحت رعايته)، وكانت يدي تطيش في الصحفة (أي تتحرك هنا وهناك في القصعة)، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ياغلام: سم الله، وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك.
2- معالجة الخطأ بالإشارة
روى البخاري عن ابن عباس كان الفضل رديف رسول الله (ص)فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل إليها وتنظر اليه وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت: يارسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج ادركت أبي شيخا كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم.
3- معالجة الخطأ بالعتاب
روى الطبراني عن عبدالله بن يسر - رضي الله عنه - قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقطْف من عنب، فأكلته،ٌ فقالت أمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتاك عبدالله بقطف؟ قال: لا.. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال غُدر غُدر (نوع من العقاب الرقيق).
4- معالجة الخطأ بالتعريض
روى البخاري عن أبي ذر - ضي الله عنه -قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال اقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم).
5- معالجة الخطأ بالتوبيخ
روي البخاري عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: ساببت رجلاً، فعيرته بأمه (قال له: يا ابن السوداء) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم في العمل مالا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم.
6- معالجة الخطأ بالزجر
ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كخ.. كخ. ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة، قل الإمام النووي وقوله: كخ.. كخ، يقال: بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن - رضي الله عنه - صبياً.
لعل القارئ تأمل معي هذه الفنون والمهارات في التعامل مع الأبناء وتغيير سلوكهم ولاشك أن هناك مهارات أكثر ولكن مساحة المقال لا تسعنا للزيادة ونسأل الله تعالى أن تنتشر مؤسسات وشركات وجمعيات هدفها توعية وإرشاد الوالدين إلى حسن التعامل مع أبنائها أثناء خطئهم.
* جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
ثقافتك واثرها في تربية اولادك..
* د. موسى الخطيب
إن الثقافة قوة أخلاقية، لا علمية وحسب، وإنا لننتفع بها كقوة أخلاقية كلما بدأنا بها مبكرين، أي إذا ملأنا وعي لاطفل بروح الثقافة وروح المعرفة، وذلك يقتضي أن نتوخى مناهج للتربية تعتمد السبل الآتية:
ـ أن يدرك الطفل أننا لا نعلّمه، وإنما نقدم إليه خبرتنا.
ـ وأننا لا نتحكم فيه بل نشير عليه.
ـ وأنه إذا كانت لنا عليه حقوق، فهي ليست على حريته، بل على علاقاتنا المشتركة لا غير.
ـ وأننا نعاونه لكي يصير ((إنساناً)) لا مجرد فرد، لكي تتجلى الشخصية الإنسانية فيه، بكل نبوغها واستقامتها وتفوقها تجلياً كاملاً.
ـ وعلينا أن ننمي حاسة الجمال في نفسه، فبقدر ما تكون حاسة الجمال نامية ونابضة، يكون ميله للعظمة، وعزوفه عن الإسفاف. وعندئذ لا نرى الكذب دبلوماسية، ولا الكبر اعتداداً، ولا السرقة ربحاً، ولا اللؤم براعة، ولا الأنانية تسامياً، ولا نرى الحب مجرد نزوة، ولا المرأة خليلة.
ـ وينبغي أن نجنبه الحظر والنهي ما استطعنا. إن كلمة ((لا تفعل)) تهبُ الطفل نشاطاً سلبياً، ولكن ((إفعل)) تروضه على النشاط الإيجابي الفعال .. فبدلاً من أن نقول له: لا تكذب، لنقل له: قل الصدق. أجل، لنجعل أساس ثقافتنا الأخلاقية ((إفعل)) بدلاً من ((لا تفعل)) ولنحذر أن نقولها جافة غليظة .. بل لتكن: ((من الخير أن تفعل)) .. وهكذا نهب أطفالنا أسمى الفضائل وأعظم الأخلاق.
زار الإسكندر، ذات يوم، الفيلسوف ((ديوجينز)) وسأله في تواضع وأدب:
أليس لسيدي الفيلسوف ما يأمر به، فيكون لي شرف تنفيذه.
فأجابه الفيلسوف الزاهد الكبير:
ـ نعم، لي حاجة واحد، أن تتنحى بعيداً، حتى لا تحجب عني ضوء الشمس.
لم تكن شخصية ((المفكر)) تختفي، لتأخذ مكانها شخصية ((الوصولي)) بل كان جلال الموهبة يملأ نفوس المفكرين فلا يسعون للملوك والسلاطين، بل هم الذين كانوا يسعون إليهم..
هذا المستوى العالي الذي تعبر عنه كلمة ((ديوجينز)) عبر عنه المفكر الإسلامي الكبير الإمام الشافعي بقوله:
أنا إن عشت لست أُعدم قوتاً وإذا مت لست أعدم قبراً
فعلام أذل للناس نفسي وعلامَ أخاف زيداً وَعمراً
والثقافة تعني دائماً التخطي والمجاوزة، أن تتجاوز الحظر الأخلاقي، والحظر السياسي، والحظر الاجتماعي.
فالثقافة إذن، لكي تؤدي وظيفتها، يجب أن تتحرر من كل تبعية للتقاليد، وهي بتحررها لن تطغى على التقاليد القائمة .. فبين الثقافة والتقاليد روابط تاريخية، تجعل كلاً منهما يعطي الآخر ويأخذ منه. وإنا لنعلم أن شر ألوان الاسبتداد هو ((استبداد الكلمة)).
إن الثقافة من عمل الإنسان .. ولابد لها من مجاوزة التقليد إلى الابتكار، والمحلية إلى الشمول، فذلك من صميم طبيعتها، وحيث يوجد ((إنسان)) فَثمّ وطنها، فليس لها وطن خاص ولا جنسية خاصة.
إن الجهل بعالمية الثقافة يحمل على التعصب الذميم والخوف الأهوج. والتعصب لثقافة ما، والخوف من ثقافة أخرى. فالثقافة ليست معرفة فحسب، بل هي كذلك نفوذ، ونفوذنا يتسع بقدر ما يكون معنا من ثقافة. والثقافة تحرير لا استعباد.
وواجبنا نحن بني الإنسان في كل زمان ومكان، أن نتعلم من جميع المعلمين دون أن نفقد في غمار عظمتهم استقلالنا الفكري، ودون أن نتحول إلى إمعات تائهة. أو على حد تعبير ((إمَرسون)): ((اشكروا الله على هؤلاء الرجال الأخيار، ولكن، ليقل كل منكم: أنا كذلك إنسان)).
ومَن ذا الذي أوتي الحكمة كلها غير الأنبياء والمرسلين؟ لا أحد .. والذي يظن أنه وعى الحقيقة كلها فهو جاهل كبير. ولقد عبر عن هذا المعنى تعبيراً سديداً، العالم الرياضي الكبير لا جرانج، حين جعل شعاره: ((لا أعرف)). وأيضاً عبر عنه العالم الرياضي ((ليبنتز)) حين قال: ((لدي الكثير من الآراء التي ربما تكون ذات فائدة يوماً ما، عندما يقيض الله لها آخرين ممن هم أذكى مني، فيفحصونها فحصاً عميقاً، ويصلون جمال عقولهم بمجهودات عقلي)). كذلك عبر عنه ((نيوتن)) في قوله المأثور: ((إذا كنت قد رأيت أبعد قليلاً مما رآه الآخرون) فما لهذا من سبب إلا أنني كنت أقف على أكتافهم)). إضافة إلى قوله الحكيم الذي تتجلى فيه عظمة التواضع وروح المعرفة: ((لا أدري كيف ينظر إلي العالم، ولكني أتراءى لنفسي كما لو كنت غلاماً يلهو على شاطئ البحر، وأسلي نفسي بين الحين والحين بالعثور على حصاة أكثر ملاسة، أو صدفة أكثر جمالاً، بينما محيط الحقيقة العظيم يمتد أمامي، دون أن أعرف عنه شيئاً)).
ــــــــــــــــــ
عندما تسرف الأم في التدليل
* محمد رفعت
مثل هذا الشاب الذي تصادفه شاباً رائعاً قادراً على أن ينفذ إلى قلوب كل مَن يختلط بهم من النساء وقد يكون هذا الشاب قليل التشكي ولكنه يعاني من صداع حاد مزمن وكآبة شديدة. فإذا ما تحدث عن نفسه اعترف بأنه لا يحسن اتخاذ الأحكام الصائبة في أي شيء يمس حياته بل تراه يسلك أسهل المسالك ولكن ذلك لا ينجيه من الأسى.
مثل هذا الشاب كثيراً ما تراه في حياتك فهو يسيء اختيار الفتاة الصالحة ويتخذ الأحكام الخاطئة حول مكان معيشته ومواعيد إنجاب الأطفال.
والأشخاص من هذا النوع يشعرون بأنهم على الدوام في مصيدة من سلبيتهم الذاتية وعجزهم عن اتخاذ القرارات.
فما الذي يحمل أولئك الناس على التصرف بهذا الشكل الذي يزيد من تعاستهم؟
إن هناك تفسيرات كثيرة محتملة بالطبع ولكن معظمنا يفترض انهم في مرحلة من مراحل أعمارهم قوبلوا بالإهمال والصد أو عوملوا معاملة قاسية خالية من الرقة من قبل والديهم.
إن هذا ربما كان السبب في كثير من الحالات ولكن في حالات أخرى تكون المشكلة كامنة في الحب الزائد عن حده.
قد تعيد الأم طفلها فلا تتركه يغيب عن نظرها ولا تطيق أن تزجره مهما فعل والأم بدورها قد تكون ضحية أب خاب ظنها فيه فهو رجل ضعيف قليل الحيلة لا يكسب من المال ما يكفي حياة أسرته ميال إلى الخنوع أمام أي إنسان فلا يظفر باحترام أحد الناس، ولذلك تشعر المرأة بالوحدة والإحباط فلا تجد شيئاً يملأ حياتها غير هذا الطفل المدلل، الذي تجعله شغلها الشاغل إذ تأخذه إلى أي مكان يريد الذهاب إليه، وترافقه في غداوته وروحاته وتحرم عليه أن يلهو مع الأطفال ويمارس ألعابهم ويصير ذلك نمط حياة الطفل فيحس بشعور طاغ بالذنب كلما خطر بباله أن يبتعد عنها.
تعتبر هذه من الحالات القصوى بالطبع ولكنها تدل على المدى الذي يستطيع الوالدان المضي إليه في خنق رغبات الطفل ومنعه من تلبية الرغبة الملحة التي يشعر بها من أجل أن يجرب جناحيه ويطير. وفي كثير من الأحيان يفعل الوالدان ذلك باسم الحب للطفل.
وقد تقول الأم لصغيرها مثلاً أن عارضة الجمباز في باحة الملعب مرتفعة لا ينبغي له أن يعتليها أو أنه لا يليق به أن يلهو مع صديقه الجديد لأنه خشن العشرة أو أنه محرم عليه أن يذهب إلى نزهة خلوية مع صفه في المدرسة لأنه لا توجد رقابة كافية على المتنزهين أو أن رحلة بالدراجات مع أبناء سنه ستكون شاقة عليه بسبب طول المسافة عليه وأنه قد يصاب بالمرض لو قام بها. في أمثال هذه الحالة تبدو الاختبارات وكأنها قد اتخذت لمراعاة مشاعر الوالدين لا مشاعر الصغير وهكذا يعز على الفتى أو الفتاة في مقتبل العمر أن يختار رفيق العمر. ولذلك يقع الاختيار هذه المرة أيضاً على الزوجة أو الزوج اللذين يرضيان ذوق الوالدة.
إن من واجب الوالدين بطبيعة الحال أن يحميا صغيرهما من الأخطار الماثلة وأن يقدرا ما إذا كان الصغير قد بلغ مجال التجارب الذي يمكنه من التعرف إلى الأخطار الكامنة في كل حالة من الحالات.
إن هناك مواقف خطرة غير مرغوب فيها وينبغي أن تهيأ للصغير سبل الحماية منها. ولكن كثيراً ما يسرف الوالدان في الحيطة فيكون سلوكهما نحوه سلوك مَن لا يحس بالراحة إلا إذا ظل الصغير طفلاً لا يملك إلا أن يبقى مطلق الاعتماد عليها.
ووالدان من هذا القبيل يرعبهما الشعور بالتخلي عن أي مقدرا من الحيطة والحذر.
وهناك عادة سببان رئيسان لهذا الإفراط في فرض الحماية. ولفرض الحماية الخائفة على حاجات الصغير الذي يريد أن يكبر وأن يجرب وأن يستقل بنفسه.
السبب الأول: هو أن الوالدة أو الوالد يستخدمان الطفل لإرضاء حاجاتهما وهكذا يصبح الصغير بديلاً يعوضهما عن جميع الوسائل العادية لإرضاء حاجاتهما فهما يريدان أن يتدخلا في أمور زواحه وعمله، وذلك لإرضاء نفسيهما متخذين الصغير ذريعة.
أما السبب الثاني: لهذا الحب الخانق فيبدو مختلفاً عن السبب الأول ولكنه نام من نفس الجذور. إن الإسراف في الحماية كثيراً ما يخفي قدراً عظيماً من العداء نحو الصغير.
ولما كانت مشاعر كهذه غير مقبولة ولما كانت تؤدي إلى الإحساس بالذنب فإنها تدفن بسرعة في العقل اللاواعي.
وهناك عدد من الآباء والأمهات الذين يشعرون بالإحباط وعدم الرضى يخافون فعلاً من أن تؤدي مشاعر العداء أو الرفض إلى إلحاق ضرر بليغ بالطفل، وهكذا فإن شعور هذه الفئة من الآباء والأمهات بالذنب يحملهم على أن يحسبوا حساب الأخطار حقيقية كانت أم وهمية.
ويكبر الصغير وقد يلازمه صداع لا يدري له سبباً ويحاول أن يحلل لنفسه لعله يهتدي إلى سبب نفساني فيتكهن بأن سبب صداعه وانقباضه راجع إلى كون أمه كراهة لحياتها فيقول في سره (إنها ذكية مقتدرة ولكنها لا تعرف شيئاً في أمور الأعمال التي أزاولها لقد كانت تعتمد على رجل لم تكن تحترمه أو تحبه ولولاي لجاز أنها كانت ستترك هذا الرجل ((أباه)) ولكنها تظن بأن شيئاً رهيباً سيحدث لي لو فعلت ذلك، وهكذا تعبر عن خيبتها وخوفها علي عن طريق منعي من مغادرة المنزل.
إننا نحن الإثنين كنسرين يتوقان إلى الخروج من الأسر والانطلاق في أجواء الفضاء ولكن بدلاً من ذلك فإننا نبقي بعضنا في قيود الأسر).
والآباء والأمهات الين يحيون مثل هذه الحياة الناقصة والذين تخطر ببالهم هذه الأفكار السيئة هم بالطبع القلة القليلة في المجتمع ولكننا جميعاً لا نخلو من مشاعر كهذه تطفو على السطح أحياناً.
إن هناك شيئاً واحداً نعرفه وهو أنه يصعب على الوالدين أن يوجدا ميزاناً يعملان بمقتضاه في أي ميدان من ميادين تربية الطفل.
وقد تشعر الأم أنه من الصعب عليها أن ترخي العنان لصغيرها وأن تتجنب المواقف القصوى إذا كانت هي نفسها قد قضت أيام طفولتها ضحية لهذا المسلك من جانب الوالدين.
أم كهذه لابد أن تكون قد كرهت حياتها وفي مثل هذه الحالة نراها تقسم الإيمان المغلظة بأنها لن تفعل شيئاً من هذا القبيل مع أطفالها. حتى إذا صار لها طفل أو طفلة سلكت معه الناحية القصوى المقابلة فأرخت لهما العنان أن يفعلا أي شيء وأن يغامرا ويتخذا القرارات بدون إرشاد. وهذا شيء ضار أيضاً لأنه يخلق طفلاً خوافاً متردداً في اتخاذ القرارات.
وهذا يعني أنه من أصعب الأمور إيجاد الميزان الذي يصلح لجميع الأحوال في ميدان تربية الطفل.
إن من الأهمية بمكان أن نريد لأطفالنا جذوراً قوية ينمون عليها، ولكن ينبغي أن ندربهم على الطيران أيضاً كي يصبحو شجعاناً كالنسور المحلقة لا كالطيور المهيضة الجناح.
ــــــــــــــــــ
دعوة الى جميع الأزواج والزوجات...
* عبد الله باجبير
هل يمكن توجيه اللوم الى الزوجة على انصراف زوجها عنها ولجوئه الى امرأة أخرى؟.. أم ان الخيانة الزوجية يرجع سببها الى التخلي عن المبدأ وضياع القيم الدينية والاجتماعية والافتقار الى الأمانة والاخلاص في الحياة الزوجية؟
أجري في سنغافورة مؤخراً استطلاع للرأي حول الخيانة الزوجية جاء فيه انها اكثر انتشاراً بين المثقفين والحاصلين على تعليم عال. وكشف استطلاع الرأي عن ان الخيانة الزوجية تتسبب بشكل عام في مشاكل اسرية ونفسية واجتماعية، وذلك جراء ان الزوجين في بداية الزواج يقسمان على الوفاء لحبهما وعلى مشاركتهما مسؤولية الحياة الزوجية، لكن ما تلبث الخيانة ان تطل برأسها لتهدم وتحطم بيت الزوجية وتطيح بكل الأوقات السعيدة الماضية وبأحلام وأمنيات قادمة.
قدمت الهيئة المشرفة على الاستطلاع في سنغافورة بعض النصائح للزوجة التي قد تكون السبب في لجوء الزوج الى امرأة اخرى. وأول وأهم نصيحة تتركز في ضرورة اعتناء الزوجة بنفسها وبمظهرها وجمالها وأيضا بحالتها النفسية التي تؤثر بشكل سلبي على جمالها وذلك من خلال قيامها بعمل الأشياء التي تسعدها وتشعرها بالرضا الداخلي عن نفسها الأمر الذي ينعكس بالايجاب على تصرفاتها الشخصية.
كما يتعين على الزوجة ان تواجه زوجها في حالة شعورها بتغير طرأ عليه من دون ان توجه اليه اتهامات لأن الزوج لن يغفر ظلم زوجته له. ويجب ألا تدع الزوجة الغضب يسيطر عليها بل عليها ان تحاول التخلص منه قدر استطاعتها ولا تكتفي باخفاء غضبها لأن الغضب الكامن داخل النفس يؤثر بشكل سلبي على الانفعالات والتصرفات حتى يكون اشبه بقيد يعوق ردود الفعل الطبيعية من التعبير عن نفسها بسهولة ويسر.
تعرض الهيئة المشرفة على الاستطلاع للأعراض الجسدية والنفسية التي تظهر على الزوجة التي تأكدت من خيانة زوجها مثل تسارع نبضات القلب والشعور بالغضب والاحباط والاحساس بالصدمة وبعدم تصديق ما حدث. ومن المهم للزوجة التي فقدت الثقة في زوجها ان تعرف انها ستمر بحالة حزن يمكنها الا تستسلم لها وان تحرص كذلك على الا تفقد ثقتها في نفسها أو في مقدرتها على القيام بواجباتها الزوجية.
يوجه التقرير المصاحب لاستطلاع الرأي الدعوة الى جميع الأزواج والزوجات في سنغافورة بضرورة التصارح واحترام الوعود والعهود التي قام كل من الزوج أو الزوجة بقطعها على نفسه حتى يمكن لكل زوج وزوجة ان يرتقيا بعلاقتهما الزوجية الى المستوى الذي يجعل حياتهما الزوجية تنعم بالحب والاستقرار.
ــــــــــــــــــ
من الأفضل أن يكون الوقوع في الحب اختياريا من قبل الزوجين
إن المقولات القديمة تقول أن المرأة هي التي تكون مسيطرة في العلاقة طالما أن العلاقة لم تصل إلى حد الممارسة الجنسية.
إلا انه بمجرد ممارسة الجنس بين الشريكين فإن السيطرة تنتقل من يد المرأة إلى يد الرجل. إن هذه المعلومات غير مؤكدة إلا أنها تشير إلى أن المرأة بإمكانها استخدام هذه الطريقة للسيطرة على الشريك.
فهل يمكن استخدام الجنس كوسيلة لإيقاع الشريك في الحب؟(54/238)
من المرجح أن هذا الكلام مستبعد أو على الأقل لا يمكن أن يدفع هذه السلاح الرجل إلى الوقوع في الحب أو لنقل ان الحب إذا حدث بهذه الطريقة فهو غير مبني على أساس صحيح وبالتالي هو ليس حبا حقيقيا. والسؤال هنا هل تريد المرأة حقا أن تجر أي رجل للوقوع في حبها؟
من الأفضل دائما أن يكون الوقوع في الحب اختياريا من قبل الطرفين.
من الأفضل ان تكون العلاقة الجنسية بين الشريكين مريحة ومرضية للطرفين فلا يجب ممارسة الجنس لإيقاع الطرف الآخر في الحب مثلا كذلك لتعويض أخطاء أو ثغرات في العلاقة. أو تأخير العلاقة الجنسية لاستخدامها كوسيلة للضغط على الزوج.
تعاملي مع الجنس كأي عنصر أخر في علاقتك بزوجك . وإذا لم يكن هناك حب وكان الحب مقدرا فإنه سوف يحصل دون لجوئك إلى أي طريقة ضغط.
ومن جانب آخر، تحصل العملية الجنسية بين الزوجين دائما كجزء من السياق العاطفي . ولذا فإذا كانت الأمور بينهما ليست على خير ما يرام بسبب مشاكل زوجية، فإن هذه المشاكل بحاجة إلى معالجة قبل توقع الشعور بالميل نحو الجنس .
ينظر الكثير من الرجال إلى الجنس على أنه وسيلة لإيصال أحاسيسهم ومشاعرهم إلى زوجاتهم حيث يتعذر عليهم التعبير عن ذلك بوسائل أخرى.
وعلى المرأة أن تسأل نفسها ما إذا كان زوجها يريد الجنس حقا أم أنه فقط يرغب فيه كطريقة تعلمها كي يشعر بأنه مقبول وكفء. ويمكن أن تكون العملية الجنسية بالنسبة له المكان الوحيد الذي يشعر بأنه المهيمن.
ومن المفارقات أن الجنس بالنسبة لبعض الرجال يعتبر طريقة للتخلص من المشاعر غير المريحة. ومن الواضح أن هناك عددا من القضايا التي تؤثر على اختلاف الرغبة الجنسية بين الزوجين ويجب بحث وحل هذه القضايا. ومن حسن الحظ أن لكل سؤال جواب يمكن أن يوضح المشكلة ولذا يؤدي إلى إيجاد حل.
وبعد بحث المشكلة يكون الوقت قد حان للعمل. ومن إحدى وسائل معالجة المشكلة البدء بالعمل فورا كشراء كتاب حول الجنس.
ومن الممكن أن تقول الزوجة لزوجها إنها مهتمة في علاقة جنسية أفضل بينما وأن الكتاب يقدم بعض الحلول. ويمكن لكلا الزوجين قراءة الفصل الذي يهمه من الكتاب أفضل بكثير من العودة إلى الخلافات وتصعيدها.
وإذا شعرت الزوجة بأن الوقت مناسب لإجراء مناقشة مع زوجها ، يمكنها أن تسأله حول شعوره حين ترفض ممارسة الجنس حين يطلب منها ذلك.
ويمكن للزوجة أن توضح لزوجها أن غضبه بسبب رفضها يمثل نقطة عليه تباعد بينهما، ويمكن لعملية المشاركة أن تحتاج بعض الوقت ولكن نتائجها جيدة. وحين يبدأ الحوار ويخف التوتر بين الزوجين، يمكن لهما أن يسعيا للحصول على معلومات من خلال الكتب، الإنترنت وغيرها.
وبمساعدة قليلة من الزوجة، يمكن للزوج أن يكون توأما للعثور على حل لأنه قد يكون غير سعيد بالعلاقة تماما مثلما تشعر به هي.
ــــــــــــــــــ
ما دور الاباء والامهات في تربية الابناء في سن ما قبل المدرسة
تعتبر فترة الطفولة من أخطر الفترات في حياة الإنسان وفيها تتحدد ملامح رجل وامرأة الغد، ومعاملة الأبناء فن يستعصي على كثير من الآباء والأمهات، وكثيرًا ما يتساءل الآباء عن أجدى السبل للتعامل مع أبنائهم، وخاصة في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث قمة النشاط والحيوية والرغبة في التعلم والمعرفة.
يقدم لنا الدكتور علي السيد سليمان أستاذ الصحة النفسية بجامعة القاهرة في هذا الحوار نصائح للآباء والأمهات حول تربية الأبناء في سن ما قبل المدرسة:
< مرحلة الحضانة أو ما قبل المدرسة تتميز بخصائص معينة لابد أن يعرفها الآباء والأمهات حتى يعاملوا الطفل بطريقة صحيحة، فما أهم خصائص هذه المرحلة؟ وما دور الآباء والأمهات فيها؟
<< عادة ما ينتقل الطفل إلى مرحلة رياض الأطفال، وهو مسلح بطاقة متزايدة تتمثل في سهولة حركة عضلاته الكبرى، مما يتيح له قدرًا كبيرًا من المشي والجري والتسلق، وقد يضيق الأهل بهذا النشاط الزائد من جانب الطفل، ويحاولون الحد من حركته مما يسبب ضيقًا شديدًا له، فى الوقت الذي ينبغي فيه أن توجه هذه الطاقة الحركية في اللعب المنظم، أي ينبغي ترشيد هذه الطاقة ليستفيد منها الطفل في بنائه ونموه.
كما يلاحظ أيضًا أن الطفل في هذه المرحلة يكون مسلحاً بطاقة متزايدة تتمثل في كثرة الكلام والأسئلة، وقد يضيق الأهل بهذا النشاط، وينهرون الطفل، مما يسبب إحباطًا هائلاً له، في الوقت الذي ينبغي فيه أن تستثمر هذه الطاقة اللفظية في إثراء معارف الطفل ووجدانه وإشباع حبه ونهمه للمعرفة، وبالقدر الذي يكون فيه الآباء على علم ودراسة وفهم في الرد على الطفل وإشباع استجاباته نحو المعرفة بقدر ما ينمو الطفل عقليًا، فنمو ذكائه وقدراته العقلية العليا كالتذكر والإدراك والتخيل والتفكير، يسهم في بناء العقل المفكر والمتفتح.
< وهل يؤثر اللعب في بناء الطفل النفسي والعقلي؟
<< لا يمكن أن نغفل دور اللعب في هذه المرحلة، وقد يطلق عليه اللعب الإبهامي أو الإسقاطي، والمقصود باللعب الإبهامي أن يتطابق الطفل مع أدوات اللعب المتاحة أمامه، فنرى الطفلة تحمل عروستها وتدللها وقد تنهاها عن عمل شيء وتوبخها وتضربها، وكل ذلك تعبير صريح وكشف لما تعانيه الطفلة في حياتها اليومية، ويستطيع الملاحظ الخبير أن يتعرف نوع تربية الطفل والعوامل الفاعلة في بناء شخصيته وما يحققه من إنجازات أو إحباطات أثناء متابعته للطفل وهو يلعب.
والمقصود باللعب الإسقاطي أن يسقط الطفل مشاعره وصراعاته على اللعب، ومن ثم يعتبر اللعب من أهم وسائل التنفيس عند الطفل.
كما أن اللعب مجال خصب من جانب الكبار لإرشاد الطفل وإكسابه الأنماط السلوكية المرغوبة كالنظام والتعاون وإكسابه المهارات المختلفة.
ولا نغالي إذا قلنا: إن اللعب بالنسبة للطفل هو بمثابة العمل بالنسبة للبالغ، وكما أننا لا نتخيل راشدًا بدون عمل فلا يمكن أن نتخيل أن هناك طفلاً لا يلعب.
ويخطئ الكثير من الآباء حين يظنون أن الطفل الهادئ قليل اللعب والحركة طفل مثالي، بل على العكس، فالمربون والسيكولوجيون يرونه طفلاً بائسًا ينقصه السواء النفسي.
وفي هذه المرحلة يبدأ تكوين المفاهيم عند الطفل (مفهوم الزمن، مفهوم المكان، العدد).
وينمو الذكاء ويدرك الطفل العلاقات وتزداد قدرته على الفهم، وتزداد شيئًا فشيئاً القدرة على تركيز الانتباه، أما القدرة على التذكر فإن الطفل يتذكر العبارات المفهومة وبعض أجزاء الصورة الناقصة.
ويلعب التخيل دوراً في حياة الطفل عن طريق اللعب الإبهامي، ويكون خياله خصبًا في هذه المرحلة، ويتميز التفكير بأنه ذاتي يدور حول نفس الطفل، ولكن التفكير يغلب عليه الخيال.
وعن النمو اللغوي يمكننا القول إنه يتميز في هذه المرحلة بالسرعة تحصيلاً وتعبيرًا وفهمًا، ومن مطالب النمو اللغوي في هذه المرحلة تحصيل عدد كبير من المفردات وفهمها بوضوح وربطها مع بعضها البعض في جمل ذات معنى، ويمر النمو اللغوي بمرحلتين: مرحلة الجمل القصيرة (في السنة الثالثة) ومرحلة الجمل الكاملة (تبدأ في السنة الرابعة).
صدمة الفطام
< يتعرض الطفل في بداية حياته لموقف الفطام الذي قد يسبب له بعض المشكلات النفسية، مما يؤثر على سلوكه فيما بعد في مرحلة ما قبل المدرسة، فما أثر الفطام على الطفل؟ وما الطريقة الصحيحة لفطام طفل السنتين؟
<< يعتبر الفطام أول موقف صدمي إحباطي يتعرض له الطفل في حياته، فهو قد تعود أن يحصل على غذائه من الأم، بكل ما يعنيه ذلك من ارتباطه بها سيكولوجيًا، وفجأة يجد أن هذا الوضع قد تغير وأن عليه أن يقبل وضعًا جديدًا ينطوي على ابتعاد نسبي عن الأم وانفصال عنها، بل ويكون عليه أن يتقبل أنواعًا جديدة من الطعام قد تكون غير مألوفة بالنسبة إليه.
وعملية مص ثدي الأم هي النشاط الأساسي لدى الطفل في أشهره الأولى، وهي مصدر إشباعه على المستوى النفسي، ولذا فإن موقف الفطام، أو صدمة الفطام إذا جازت تلك التسمية إنما تعني الكثير بالنسبة للطفل.
ولذلك فإن عملية الفطام يجب أن تتم تدريجيًا حتى لا يشعر الطفل بصدمة التفكير المفاجئ، كما يجب الانتقال إلى التغذية بالألبان الصناعية في إطار يتشابه إلى حد كبير مع موقف الرضاعة الأصلي، فيرقد الطفل في نفس وضع الرضاعة الطبيعية ويحصل على نفس الحنان والرعاية، كما يجب إعطاء الطفل تدريجياً بعض السوائل المختلفة المذاق والانتقال تدريجيًا إلى استخدام الملعقة، ثم إعطاؤه بعض الأطعمة الخفيفة مع بداية ظهور الأسنان.
< عندما تبدأ الأم في تعويد الطفل على الطعام، تظهر الكثير من المشكلات، منها رفض الطعام، وعدم وجود شهية، مما يقلق الأم.. فما رأيكم؟
<< قد يتساءل البعض عن العلاقة بين التغذية والمشكلات النفسية، ولكن الإجابة واضحة تمامًا إذا ما تذكرنا تلك الاضطرابات التي تصيب الجهاز الهضمي نتيجة مشاعر الخوف والغضب، وكذلك الاضطرابات الانفعالية وعدم التركيز الذي يصيب الفرد نتيجة لشعوره بالجوع أو مشاعر الضيق التي يشعر بها عند امتلاء المعدة وتعسّر الهضم.
فالعلاقة بين التغذية والانفعالات علاقة تبادلية، والفصل بين ما هو جسمي وما هو نفسي مسألة مصطنعة، فالطفل إذا غضب أو شعر بالوحدة أو انفعل لسبب أو لآخر فإنه قد يفقد شهيته للطعام، كما أن قدرة الجهاز الهضمي على الهضم والتمثيل تقل. وعملية التغذية تربط الطفل باهتمام الأم به، ولذا فإنها تكتسب دلالة انفعالية، فنجد الطفل يعبر عن غضبه برفض الطعام أو بصقه أو بعملية القيء.
وقد يستغل الطفل بطريقة لا شعورية الامتناع الجزئي عن الطعام كوسيلة لإجبار الوالدين على الاهتمام به والقلق عليه وانصرافهما إليه دون بقية إخوته.
ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى فقدان الشهية، وقد يكون دائمًا أو مؤقتًا، وقد يكون فجائيًا أو تدريجيًا، وقد يكون مصحوبًا أو غير مصحوب بأعراض أخرى مثل الاكتئاب والغضب.
وليس هناك شك في أن الطفل يتناول غذاءه بشهية أكبر عندما يكون بين مجموعة من الأطفال في المنزل أو الحضانة، بينما تضطرب شهيته إذا ما تناول الطعام بمفرده في وجود أبوين قلقين، يلاحظان كل جرعة يبتلعها.
إن الطفل عندئذ قد يستخدم رفضه للطعام كوسيلة للضغط على الوالدين وتؤدي انفعالات الآباء إلى مبالغة الطفل في رفضه للطعام.
ولذلك فإن موقف الآباء هو حجر الأساس بالنسبة لمشكلة تغذية الأبناء، فمن المشكلات التي تبرز هذه الأيام اعتقاد بعض الأمهات في تقنين كمية الطعام التي يحتاجها الطفل في سن معين، وتنشغل الأم في هذه الحالة بكمية الطعام التي ينبغي أن يتناولها، ويبدو عليها القلق إذا ترك الطفل شيئاً من طعامه، وقد تجبره على تناوله، كل هذا يربط الموقف كله بإطار انفعالي غير سار بالنسبة للطفل، كما أن تأرجح الأم بين الترهيب والترغيب قد يسبب اضطرابًا في علاقة الطفل بها، بكل ما يعنيه ذلك من فقدان الإحساس بالأمن، مما يسبب اضطراباً في شخصية الطفل.
ويعتبر الطفل موقف التغذية هو المجال الملائم للضغط على الوالدين وتحقيق رغباته، وكلما وجد قلقاً من ناحيتهما على طعامه زاد في رفضه، لشعوره بأنه يمكنه السيطرة عليهما بهذه الطريقة.
مص الأصابع والعلاج
< يشكو بعض الأمهات من أن طفلها يمص أصبعه بصورة مستمرة، وكلما حاولت توبيخه على ذلك ازداد تعلقًا بهذه العادة السيئة فما تعليقكم؟
<< يبدأ الطفل في مص أصابعه منذ الأيام الأولى من عمره، وقد تستمر هذه العادة حتى الخامسة أو السادسة من العمر، وليس هناك شك في أن الطفل يستمتع بهذه العادة، ويجد فيها نوعاً من التسلية الذاتية، وتلك مسألة طبيعية في الشهور الأولى من عمره، ولكن إذا استمرت تلك العادة فإن علماء النفس يذهبون إلى أن ذلك إنما يكون بسبب عدم إشباع حاجات الطفل النفسية وافتقاره إلى الحنان والعطف، أو عدم حصوله على قدر كافٍ من الرضاعة الطبيعية من الأم بما يمثله هذا الموقف من أهمية على المستوى النفسي.
وعلى أي حال فإن سلوك الوالدين حيال ظهور هذه العادة لدى طفلهما يلعب دورًا رئيسًا في استمرارها أو التخلص منها، فكثير من الآباء يواجهون ظهور هذه العادة لدى الطفل بقلق شديد، وقد يلجؤون إلى وسائل بدائية كطلاء إصبعه بمادة ملونة تحمل طعماً مراً ويلجأ البعض إلى التعنيف والضرب أحيانًا، وكل ذلك لا يؤدي إلى توقف العادة، بل إن الآباء ينقلون قلقهما البالغ إلى الطفل من خلال سلوكهما معه، وبالتالي يزداد توتره وإحساسه بفقدان الأمن، فيزداد تمسكًا بتلك العادة التي تعطيه إشباعًا نفسيًا مؤقتًا.
فعلى الأبوين في مثل هذه الحالة أن يشبعا أولاً حاجات الطفل، وأن يتيحا له الفرص التي يحقق فيها ذاته ويشعر فيها بالأمن ولا يشيرا إلى هذه العادة في كل مناسبة وأمام الأصدقاء حتى لا يشعر بالحرج.
أما إذا كان مص الأصابع أحد الأعراض التي تظهر لدى الطفل مصاحبة لأعراض أخرى عصبية فإنه ينبغي في هذه الحالة أن نبحث عن علاج للاضطراب العصابي ككل أولاً.
قضم الأظافر
< وهل ينطبق هذا الكلام على بعض الأطفال الذين يقضمون أظافرهم باستمرار؟
<< إذا جاز لنا القول بأن مص الأصابع سلوك سلبي استسلامي فإن قضم الأظافر وعضها يعتبر سلوكًا عدوانيًا تدميريًا، وإذا كانت السمة السائدة لدى الأطفال الذين يمصون أصابعهم هي الهدوء والتبلد، فإن ما يغلب على الأطفال الذين يقضمون أظافرهم هو النشاط الزائد والثورة، ومن هنا فإن توجيه طاقة الطفل ونشاطه إلى مجالات إيجابية كالانشغال في أعمال مناسبة أو الرياضة أو ما إلى ذلك، غالبًا ما ينتج عنه اختفاء هذه العادة.
ــــــــــــــــــ
دور العامل الديني في النجاح الأسري
محمد المهاجر
لكي نبني اجيالاً صالحة يجب أن نقدم من تراثنا الغني ما ينشىء يقيناً ناضجاً وسريرة ناضرة ربّانية تتعامل مع الدنيا بذكاء.
ولكي نحقق هذا الهدف الكبير علينا أن نهتم بالاسرة، فالاسرة الصالحة اساس المجتمع الصالح، وعلى أيّ حال فإننا _كمسلمين _ لا نعدم الاداة الفاعلة فإنّ نظام الاسرة الذي سنّه الاسلام يقوم على اساس من الوعي والعمق لما تسعد به الاسرة ويؤدي الى تماسكها وترابطها من الناحية الفسلجية والنفسية والاجتماعية بحيث ينعم كل فردٍ منها، ويجد في ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
إنّ الاسلام يحرص كل الحرص على أن تقوم الرابطة الزوجية _التي هي النواة الاولى للاسرة _ على المحبّة والتفاهم والانسجام، وهو الزواج المثالي الذي لا يقوم على توافق الشهوة فقط وانما ينهض على اتحاد غير شهواني اساسه مودّة عميقة تتوثق على مرّ الايام وتشمل شتى نواحي الحياة، وهو اتفاق الاذواق والمشاعر والميول، وهو اتفاق على الحياة المشتركة بما قد تلتزمه من اعباء الابوّة.
هذا ما ينشده ديننا الحنيف في الرابطة الجنسية، أن تكون مثالية وتقوم على اساس وثيق من الحب والتفاهم حتى تؤدي العمليات التربوية الناجحة اثرها في تكوين المجتمع السليم..
الاسلام شرّع جميع المناهج الحيّة الهادفة الى اصلاح الاسرة ونموها وازدهارها فعني بالبيت عناية خاصة وشرّع آداباً مشتركة بين اعضاء الاسرة وجعل لكل واحد منهم واجبات خاصة تجاه افراد اسرته، مما يدعو الى الترابط، بالأضافة الى أن لها دوراً ايجابياً في التكوين التربوي..
وهذا الذي نعرضه بأيجاز هو من صلب العقيدة _كما اكد الدارسون للشريعة الخاتمة _ ويتحقق في الواقع إذا كان هناك إمتثال للهدي الإلهي ، وهذا الإمتثال يجب أن يعتمد على معرفة شديدة الوضوح، وخضوع لا يختلف في موطن واستجابة لكل نداء، ولا يتم شيء من هذا إلا إذا كانت المشاعر الدينية جيّاشة والبواعث حيّة والنفس مكتملة القوى في ارضاء الله تعالى..
ــــــــــــــــــ
الأزواج المشغولين
في البدء يجب التذكير على أن الزوج هنا لا يعني بالضرورة الرجل فطبيعة وتركيبة الحياة المعاصرة أدت إلى انشغال الأنثى أيضاً.
*متى نستطيع أن نعتبر الزوج مشغولاً؟
عندما يكون الوقت الذي يصرف على الأسرة أقل بكثير مما تحتاجه مسألة الإشباع الروحي والنفسي للأسرة واقل بكثير مما يحتاجه التكوين النفسي والتربوي للأطفال يمكننا القول أن الزوج مشغول.
*ما هي أنواع الأزواج المشغولين؟
1_ الزوج الذي يكون بطبيعته مشغولاً بجمع الأموال والدنيا.
2_الأزواج الذين يكون انشغالهم بسبب طبيعة عملهم ومسؤولياتهم كرؤوساء الدول والوزراء ورجال الأعمال وغيرهم.
3_الأزواج الذين يكونون مشغولين ذهنياً، إذ يكون جسده مع الأسرة ولكن ذهنه في مكان آخر كالكتاب والمفكرين والأدباء والشعراء.
4_وهناك من يشغل نفسه كأن يكون قد اعتاد على نمط معين من الحياة وجاءت الحياة الزوجية عليه فجأة أو قد لا يجد الجو المريح في البيت فيبقى مشدوداً بأجواء أخرى خارج البيت تؤمن له الراحة.
*ما هو الأثر الذي يتركه الزوج المشغول على الزوجة والأولاد؟
أهم مسألة هي المسألة العاطفية والتي يترتب عليها إشباع عاطفي روحي يبنى عليه علاقة سليمة بين الأزواج وبين الآباء والأبناء خصوصاً أن التعليم والتربية السليمة تأتي بصورة مستقيمة من الآباء إلى أبنائهم.
*ما هي وسائل جذب الزوج المشغول إلى البيت؟
اجعلي جو البيت أريحياً واحرصي على أن يكون زوجك سعيداً ووفري له جواً مريحاً وابتعدي عن اشغاله بالأولاد ومشاكلهم لأنه سيهرب من البيت، وكذلك على الزوجة مساعدة زوجها في العمل، وهذه هي صورة المرأة المثالية التي يريدها الرجل العربي أن تكون ناجحة في بيتها ومساعدة له في نجاحه في عمله. وبأختصار تحويل المنزل إلى جنة جاذبة وتقديم المساعدة في عمله خارج البيت وكذلك مساعدته في تكوين حياة اجتماعية متزنة.
*يتعذر الزوج أحياناً بمنطلق كسب الرزق وتأمين مستقبل الأسرة في انشغاله؟
أحد أهم الأسباب التي بينتها إحدى الدراسات في ضياع الأولاد وانجرافهم وراء المخدرات هو غياب الأب. ما الفائدة إذا كسبت المال وخسرت أولادي؟ فبهذا سيصبح المال الذي هدفه بناء الأسرة باعثاً لتدمير الأسرة. فالابن هو المستقبل والوطن والأمة.
*نصائح مفيدة لتجنب المشاكل في انشغال الأزواج؟
على الزوجة أولاً أن تتفهم عمل زوجها وبأنه هو أيضاً أي الزوج ضحية نمط معين من الحياة الاجتماعية فهو يريد تأمين نمط جيد من المعيشة ومستوى لائق للأسرة. وعلى الزوج أن يضع في برنامجه اليومي الأسرة كما يضع في برنامجه اليومي النجاح في العمل، فكما هو حريص على إرضاء المسؤولين في العمل عليه أيضاً أن يحرص على إرضاء زوجته. لأن الزوجة عندما تتزوج ستصبح شخص واحد مع الزوج وبهذا فأن كثرة غياب الزوج سيجعلها تشعر بوجود نقص في شخصها وتبحث عنه وتفتقده. أما الزوج الحديث الزواج والذي يقول دعني الآن أكون نفسي فعليه أن يعمل بأن هذا النمط من العمل والانشغال سيصبح جزءاً من حياته لذا من أول يوم يجب أن يكون لديه حالة مبرمجة وتوازن بين أسرته ونجاحه معها والعمل ونجاحه فيه. وهنا يمكننا الإشارة إلى نقطة مهمة وهي لأن الوقت أصبح عملة نادرة في هذا العصر فمن الأفضل أن يهتم الزوج بنوعية الوقت لا بكميته وأن يشرك الزوج زوجته في عمله وبهذا ستتفهم عمله.
*كيف يستطيع الزوج المشغول أن يشبع حاجات زوجته النفسية والعاطفية؟
بالبرنامج، أي عليه وضع برنامج متزن لأنه إذا لم يتم إشباع الاحتياجات العاطفية بالطريقة الصحيحة ستبحث الزوجة عن طريقة أخرى لإشباع حاجاتها المختلفة حتى لو كانت بالطفل فهذا أيضاً خطير.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الأبناء؟
ليس بالضرورة ولكنه قد يؤدي عادةً إلى ذلك.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الزوجة؟
ليس بالضرورة ولكنه ينعكس سلبياً على تصرف الزوجة وسلوكياتها معه وكذلك سيؤثر على عواطفها واحتياجاتها.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الأب؟
إذا كان الأب مشغولاً بقضية فكرية أو بجمع المال صعب أن ينحرف ولكن إذا كان من المتشاغلين الذين يبحثون عن قضاء الأوقات السعيدة فهذا سهل جداً.
*كيف يترك الزوج المشغول بصماته التربوية على البيت؟
المنشغل بشكل جاد لابد له من وضع برنامج يستطيع من خلاله أو يعوض غيابه ولو بشكل جزئي ويكون بمثابة جسر من التفاهم مع زوجته وأولاده ولو كان بتلفون أو جلسة قصيرة وغيره
ــــــــــــــــــ
عشرون وسيلة تجعل منزلك يقول أنا أحبك
1- الاثاث
تلميع قطع الأثاث المصنوعة من الأخشاب الطبيعية ووضعها في مكان غير مزدحم بالأثاث يجعلها تعكس الضوء على نحو ناعم ودافئ.
2-إملأها بالزغب والريش
إن وجود الكثير من الوسائد المحشوة جيداً يحول الأريكة العادية إلى واحة مريحة تدعو للجلوس، وتفيد الوسائد الكبيرة ذات الشراشيب في إضفاء مزيد من النعومة والرقة.
3-مزج الألوان في غرفتك
إن وجود قطع الأثاث المتماثلة في غرفتك، تشعرك بأنك داخل غرفة في فندق. وبدلاً من ذلك امزج بين الموديلات والألوان وخامات الصنع لتجعل غرفتك أكثر حياة وانطلاقاً، ومكاناً تحب العيش فيه.
4-بعض الرقة
عندما تضع ورق حائط جديد على الجدران العارية، فإنك بذلك تضيف إليها عمقاً ودفئاً وتجعلها غنية وجذابة.
5-اخلق مساحات ذهبية من الضوء
وزود غرفتك بالدفء بتزويدها بمزيد من مصادر الإضاءة. ولا تفكر في الأباجورات العادية فقط، بل ضع المزيد من الأضواء المتألقة وكذلك الخافتة علي الصور أو الجدران وفوق الأرفف أو تحتها.
6-إفتح غرفتك لاستقبال ضوء النهار
مع وضع الستائر الشفافة يتحول ضوء الشمس الداخل إلى غرفتك إلى بريق رومانسي ناعم، كما أنها تخفف وهجه الشديد على الأعين.
7-إفخر بشخصيتك
تنم القطع الفنية والتحف عن شخصيتك، فدعها تتحدث عن أسلوبك. ركب خلف الأرفف التي تضعها عليها مرآة لتبرز جمالها أكثر.
8- جاذبية المجموعة
لا تضع التحف والقطع الفنية الصغيرة بصورة متناثرة في الغرفة، بل اجمعها معاً فوق رف أو على الحائط أو فوق سطح طاولة.
9-إجمع الأشياء الجيدة
تعتبر الطاولة المتينة بداية جيدة لشئ جميل، وللحصول على أفضل نتيجة ضع فوقها مقتنياتك المفضلة.
خذ راحتك مع أشيائك الحبيبة لقلبك، وضع الكتب والأعمال الفنية تحت الطاولة.
8-أبرز مقتنياتك على طاولتك
إذا كانت لديك مقتنيات عزيزة على قلبك، فضعها بالقرب منك وتحت مستوي نظرك فوق طاولة عرض خلف الأريكة.
9-إملأها بالمربعات
إستخدم الأقمشة مثل القماش المربعات لتغطية الأريكة مما يشكل دعوة للاسترخاء وتوديعاً للرسميات.
10- قلل من الأثاث
إن الحياة خارج البيت كلها صراع وتكدس فلماذا تعود لمنزل يتسم بنفس الصفات؟ إهدأ قليلاً وتناول طعامك في غرفة هادئة لا يتكدس بها الأثاث في كل زواية.
11-أضئ غرفتك(54/239)
إسمح لأشعة الشمس بالدخول لبيتك بفتح أبواب أو نوافذ جديدة بالغرفة التي تطل على الحديقة واحصل على المزيد من أشعة الشمس بدهان حوائط غرفتك باللون الأصفر اللامع.
12-ضاعف متعتك
دائماً ما تأتى الأشياء الجميلة في شكل ثلاثيات، وهذا ما يحدث خاصة عند ترتيب الاكسسوارات وأدوات الزينة، وعلى سبيل المثال، فإن وضع ثلاثة من نوع الإصيص المملوء بنبات طبيعي مشذب يضيف لغرفتك منظراً طبيعياً جذاباً وملفتاً للنظر.
12-فكر في أشياء أكبر
بدلاً من تكديس الأشياء بغير نظام، فكر في تعليق قطعة من المغريات الفنية مما يضفي زينة ملفتة للنظر مع الاحتفاظ باتساع الغرفة.
13-أحصل على بعض الدفء
واجلس في مقعد وثير وتمتع برومانسية المصباح الموجود بجوارك وضع من خلفك حاجزاً "بارافان" لطيفاً ليزيد إحساسك بالأمان والحميمية.
14-تمتع بالأشياء القديمة
إن الأشياء القديمة التي مضى عليها الزمان مثل "البارافان" أو سجادة سوف تذكرك بالأزمنة التي مضت.
15-إستمر في التخيل
إهرب ومعك كتاب وبعض التذكارات. ضع بجانبك بعض صناديق السفر القديمة لتذكرك بأماكن بعيدة قد زرتها، أو لتجعلك سعيداً بعودتك للمنزل.
16-تنوع جميل في الألوان والتنسيق
إجعل الغرفة مشاكسة قليلاً، مما يضفي علي وجهك البسمة. كما أن الفنون الحديثة المرحة وكسوة المخدة التي عليها رسومات الأطفال تجعل الزائرين يستمتعون براحة تامة.
17-علق ستارة واحدة
ضع ستارة خفيفة شفافة لتضفي بعضاً من الترحاب للضوء كما أنها تعلق بسهولة، وإذا احتجت بعض الخصوصية ركب شيش أو حاجب للشمس
18-فكر مرتين
إصنع مكاناً لطيفاً تجتمع فيه الأسرة باستخدام المفروشات القديمة المفضلة بطريقة جديدة، على سبيل المثال، ضع مقعداً إضافياً وحقيبتك الجلدية القديمة بجوار الفراش لتزيد من بهجتك.
19-إجلب مظاهر الحياة الخارجية إلى داخل المنزل
هل غرفتك خالية من الزهور، اشتر بعضاً منها وضع كل واحدة في فازة "زهرية" صغيرة.
20-إستخدم مقتنياتك بطريقة مفيدة
لا تدع أشياءك المفضلة تذبل دون فائدة، بل اجعلها تجذب الاهتمام أكثر من جذبها للتراب، وذلك باستخدامها كتحفة مركزية عليىالمائدة أو كلوحات داخل إطار، أو كوسائل لتزيين الحديقة.
ــــــــــــــــــ
مبادئ في بناء العلاقات الأسرية
وأولو الأرحامِ بَعْضهُمْ أولى ببعضٍ في كتابِ الله ). (الأحزاب / 6) )
ولبناء الروابط والعلائق الاجتماعية المتماسكة بين ذوي الرحم والقُربى، دعا الإسلام الإنسان إلى صلة الرحم بكل ما يعزّز العلاقة، ويعمّق الرابطة النفسية والوجدانية مع رحمه وذوي قرباه، وتفقّد احوالهم، والأهتمام بشؤونهم، وحلّ مشاكلهم، وتقديم الهدية والتهنئة بما يسرّهم،والتعزية بما يؤلمهم وعيادة مريضهم، كما حثّ على الزيارة والصلة بالسلام والتحية والتواصل باطعام الطعام والدعوة إلى تناوله، كلّ ذلك، ممّا يحقّق رضى الله سبحانه، ويقوّي بُنية المجتمع الإسلامي، ويحلّ مشاكله، ويساهم في تكوين وضع نفسي سوي عند الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة والإهمال وعدم الاعتناء بشخصيّاتهم، لذلك تجد الرسول الكريم (ص) يدعونا إلى الصلة بكلّ انواعها، فقد روي عنه قوله (ص):
صلوا أرحامكم ولو بالسلام )(1). )
ويقول الإمام الصادق (ع):
صل رحمك ولو بشربةٍ من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، وصلة الرحم منسأة في ) الأجل، محبّبة في الأهل )( 2 ).
ولصلة الرحم آثار تربوية، وانعكاسات تكاملية على النفس والأخلاق البشرية، فقد تحدّث الإمام الباقر (ع) عن تلك الآثار الأخلاقية والتربوية فقال:
صلة الأرحام تحسّن الخُلق، وتسمّح الكفّ، وتطيّب النفس، وتزيد في الرزق، وتنسئ في الأجل). )
إنّ تلك الآثار السلوكية التي تنتج عن صلة الرحم والتي هي المحبّة في الأهل، وحسن الخلق، والكرم في المال، وطيب النفس، لَحَريَّةٌ بأنّ تساهم مساهمة فعّالة في تكوين الشخصية الاجتماعية السويّة، وتشارك في بناء الأخلاق الاجتماعية، وتمتين روابط المجتمع.
وتحدّث القرآن عن حقّ الجار ذي القُربى، وأكّده، وخصّه بالعناية من الحبّ والاحترام والتعاطف والزيارة والتواصل بالبرّ والإحسان.
قال تعالى:
(واعبدوا اللهَ ولا تُشْركوا بِهِ شيئاً وبالوالدينِ إحساناً وبذي القُربى واليَتامى والمساكين والجار ذي القُربى والجار الجُنُب والصاحِب بالجَنْبِ وابن السبيلِ وما مَلَكَتْ أيمانُكُمْ إنّ اللهَ لا يُحبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخوراً ). (النساء / 36)
فالقرآن في هذا البيان قد دعا إلى فعل البرّ والإحسان إلى الوالدين وذي القربى من غير فخر أو تكبّر عليهم، وثبّت حقّاً من حقوق ذوي القُربى، وهو حقّ الجوار، فثبّت له حقّين: حقّ الجوار، وحقّ القُربى بالإحسان.
وواصل بين توحيد الله وعبادته، وبين فعل البرّ وتنظيم العلائق الاجتماعية بين الناس على أساس منهما.
وقد فتح القرآن آفاق التعامل الاجتماعي بين الأرحام في دخول البيوت، وتناول الطعام، لرفع الحواجز النفسيّة بينهم، وإشعارهم بقوّة الرابطة وعمقها.
تناول الطعام في بيوت أولئك الأقارب، من غير إذن منهم ولا رخصة، قال تعالى:
(لَيسَ على الأعمى حَرَجٌ ولا على الأعرجِ حَرَجٌ ولا على المَريضِ حَرَجٌ ولا على أنْفُسِكُمْ أنْ تأكلوا من بُيوِتكُمْ أو بُيوتِ آبائكُمْ أو بُيوتِ أُمّهاتِكُمْ أو بُيوتِ إخوانِكُمْ أو بيوتِ أخواتِكُمْ أو بُيوتِ أعمامِكُمْ أو بُيوتِ عَمّاتِكُمْ أو بُيوتِ أخوالِكُمْ أو بُيوتِ خالاتِكُمْ ).(النور / 61)
وقد أوضح المفسّر الكبير الطبرسي (رحمه الله) معنى الآية في تفسيره مجمع البيان بقوله:
(وهذه الرخصة في أكل مال القرابات، وهم لا يعلمون ذلك، كالرخصة لمن دخل حائطاً، وهو جائع، أن يصيب من ثمره، أو مرّ في سفره بغنم، وهو عطشان، أن يصيب من رسله (لبنه) توسعة منه على عباده، ولطفاً لهم، ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق العطن.
والمروي عن أئمة أهل الهدى صلوات الله عليهم، انّهم قالوا:
لا بأس بالأكل لهؤلاء مِنْ بيوت مَنْ ذكر الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف)(3).
وهكذا تفتح آفاق العلائق والتفاعل النفسي والاجتماعي بين الأرحام لتوطيد روابط الودّ والمحبّة والتواصل بينهم.
ــــــــــــــــــ
الطلاق وغياب أحد الزوجين
شهاب الدين الحسيني
عند انفصال الزوجين بطلاق أو غياب أحدهما تضطرب الاسرة وتنتابها الهواجس والمخاوف، ويخيّم عليها القلق، وتنعكس اثارها على الاطفال خصوصاً، لانّ الزوجين قد يجدان السعادة في الانفصال حينما تكون الخلافات والتشنجات مستمرة ودائمة، وقد يبحث أحدهما أو كلاهما عن شريك حياة آخر يتجاوز من خلال الاقتران به حياته الماضية ليبدأ حياة جديدة، بينما يبقى الطفل في دوامة من الحرمان فهو يحب والديه بالتساوي وهو بحاجة الى حنانهما وحبهما معاً، ويبدأ الطفل يبغض أحدهما أو كليهما وخصوصاً اذا ترعرع وهو بعيد عنه، حيث يشعر بكراهية نحو ذلك الغائب الذي لم يعد، وينعكس ذلك على سلوكه حيث يشعر بعدم الثقة بالآخرين، والاخطر من ذلك احتقاره لنفسه حيث يراها غير جديرة بالحب والحنان، وإن شعوره بانّ أحد والديه لا يحبّه يجعله يحس بالنقص وبانّه غير أهل لحبّه.
وقد دلت الدراسات الميدانية على انّ (60% من أرباب الشخصيات المضادة للمجتمع، قد فقدوا أحد الابوين خلال سنوات الطفولة)(1).
ودلت ايضاً على انّ (العيادات النفسية تزدحم بالأطفال الذين لا يتكيفون مع المجتمع، وانّ من بين أسباب عدم تكيف الطفل مع المجتمع هو اختفاء الاب من حياته رغم انّه موجود) (2).
وغياب الام يمثل فقدان الامان، بينما فقدان الاب يمثل فقدان القدوة (وفقدان الاثنين يمثل فقدان القدرة على تكوين الضمير لدى الطفل، لأنّ تكوين الضمير عملية تقمص وامتصاص لقيم الوالدين وبدونهما يكون الطفل ضحية الاضطرابات النفسية والجنوح نتيجة ضعف تكوين الضمير اللاشعوري) (3).
ويواجه الطفل مشاكل عديدة في حال سكنه مع زوج الأم أز زوجة الأب وخصوصاً اذا لم يحصل على الرعاية التامة، وفي حال بقاء أحدهما بلا زواج يزيد من مشاكل الشعور بالحرمان وخصوصاً عند الانشغال عن الطفل بأعمال خارج البيت.
وبقاء أحد الوالدين بلا زواج قد يؤدي به الى الانحراف الجنسي، وهذا الانحراف لا يبقى مستوراً على الطفل وبالتالي سيكون مقدمة لانحرافه، بل انحراف المجتمع لوجود شركاء متعددين في الانحراف الجنسي مع الأب أو مع الأم أو معهما اذا انحرفا معاً.
ومن مساوىء الطلاق كشف أسرار شريك الحياة أمام الابناء أو الأقرباء أو المجتمع، وهو يقع في دائرة اشاعة الفاحشة أو البهتان أو الغيبة وجميعها ذات تأثير على النمو الخلقي للفرد والمجتمع.
والطلاق عموماً هو تهديم للاسرة وهي اللبنة الاولى في تكوين المجتمع، ويكون التهديم مضراً بالنمو العقلي والعاطفي والروحي والخلقي والاجتماعي للزوج وللزوجة وللأطفال.
ولاضرار الطلاق حذّر رسول الله (ص) منه قائلاً: "أوصاني جبرئيل (ع) بالمرأة حتى ظننت انّه لا ينبغي طلاقها الاّ من فاحشة مبيّنة" (4).
وقال الامام جعفر الصادق (ع): "ما من شيء ممّا أحلّه الله عزّ وجلّ أبغض اليه من الطلاق وانّ الله يبغض المطلاق الذوّاق" (5).
وحثّ أهل البيت (ع) على اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع الطلاق، ومن ذلك دعوتهم الى توثيق روابط المودّة والمحبّة، والعشرة بالمعروف، والحث على الاصلاح في حال الخلاف، ومراعاة الحقوق والواجبات، والتحلي بالحلم والصبر في مواجهة المشاكل، واذا لم تنفع جميع هذه المحاولات وحدث الطلاق حرّم المنهج الاسلامي كشف اسرار الزوج أو الزوجة أو اتهامها أو ما شابه ذلك، وأوجب عليهما اداء حقوق الاطفال واشعارهم بالمحبوبية ومنحهم الحب والحنان والمان، ويجب عليهما توفير جميع الظروف التي تساعد الطفل على القناعة بسلامة أخلاق والده أو والدته، وانّ الطلاق أمر طبيعي لعدم انسجام الوالدين ولا يعني بالضرورة سوء خلق أحدهما.
واذا حدث ان تزوج أحد الوالدين زواجاً ثانياً ينبغي اشعار الطفل بالمحبوبية من قبل الزوجين، وعدم مناقشة الفرق بين الزواج القديم والزواج الجديد أمامه، وهو بحاجة الى الصدق والصراحة في شرح أسباب الزواج الجديد دون الدخول في التفاصيل، وينبغي تشجيع الطفل على التعبير عن انفعالاته وأحاسيسه ومن ثم مناقشتها، والتأكيد على استمرار حب الوالدين له.
ــــــــــــــــــ
الحب والرومانسية
يبدو الحب كحالة ذهنية ونفسية تجمع الناس والداخلون في هذه الحالة هم الاحباء مهما كان اطار العلاقة سواءاً كانت أسرية أو أخوية أو علاقة صداقة وقبل ذلك تلك الحالة التي تجمع المحبين الى قفص الزوجية.
كما ويبدو الحب ايضاً كطاقة تغذي العلاقة بين الناس انه طاقة خيرة بمقدار ما هي قابلة للاستمرار بمقدار ما هي قابلة للنفاذ، فما هو سر الحب وكيف يمكن اعادة شحنه اذا نفذ؟
* ما هو الحب ولماذا نحب؟
الورود تعبر عنه والحيوانات تشعر به بالغريزة والانسان يقع فيه. إنه الحب وهو كلمة من حرفين ولكنه يعبر عن مشاعر جياشة معقدة أحياناً. يقال انه أعمى يجعلنا نتصرف بجنون يجعلنا تارةً نضحك وأخرى نبكي، فكيف تظهر كل هذه الاعراض؟ يقال ان العواطف هي المسؤولة عنه لذا نعتقد انها غير عقلانية. ولكن وجد العلماء ان الحب متصل بعوامل فسيولوجية لأننا بحاجة للحب والحنان والعطف وهناك عناصر كيميائية مسؤولة عنه وهي مواد الامفيتامين التي تنتشر في الدماغ وهي عناصر مسؤولة عن اعراض الحب.
وللحب جذور تاريخية، ولم يكن مفهوم الحب قبل الزواج منتشر أو معروف عند بعض الشعوب كالصينية والهندية والافريقية فلغتهم لم تكن تحوي على كلمة الحب ولم يكن هناك كلمة مرادفة للحب في اثنين من أعرق وأقدم الحضارات في العالم وهي الاغريقية واللاتينية. والحب هو محور الثقافات ووراء اجمل قصائد الغزل وأحلى الفنون ويمكن ان يدفع صاحبه الى الجنون وتشير الاحصائيات الى ان الكثير من الجرائم سببها الحب (ومن الحب ما قتل). ولكن ما هو الحب؟
* ما هو الحب وما هي الرومانسية؟
الحب: طاقة وهو ضروري للحياة، كما انه ناتج عن علاقة ناجحة بين شخصين من الناحية العملية، وهو لا يخضع لشروط لأن لكل شخصين حالة خاصة تختلف عن الاخرين.
اما الرومانسية: فهي صفة ومحاولة من البشر لتجميل الواقع وجزء من الرومانسية الخيال والحلم واضفاؤه على الحياة. وافضل شيء هو اذا مزجنا بين الحلم والحقيقة وعشنا الحقيقة كأنها حلم جميل واصبح هناك نوع من التطعيم بين الحلم والحقيقة. كما ان الرومانسية هي مزيج من الحالة السلوكية والبيولوجية والاجتماعية وهي فسحة للهروب من الواقع وتجديد الحياة لأن التجديد والتغيير في الحياة يعمل على انعاشها.
* من معوقات الرومانسية؟
الرومانسية شيء جميل ولكن هناك امور عديدة تحول دون استمرارها منها اعباء الحياة المادية والاجتماعية والسياسية ومشاكل الاطفال وقضاء ساعات طويلة في العمل وغيرها ولكن على الانسان ان يبحث دائماً عن التجديد في الحياة الزوجية وكذلك ان يبحث عن الجميل في الطرف الاخر وترك او غض البصر عن غير الجيد.
* هل لعمليات التجميل المنتشرة غالباً في الدول الغربية اثر في تجديد العلاقة الزوجية؟
عمليات التجميل لا يمكن ان تنقذ حباً أو علاقة وصلت الى طريق مسدود. لأن تغيير الشكل ليس الاساس في حل المشكلة في العلاقة الرومانسية فالاساس هو شيء آخر ولكننا نظل مع الزوجات اللواتي يفضلن الاعتناء بالشكل والاهتمام بالتجديد. وكذلك من المهم الاشارة الى ان الذي يعيد العلاقة هو الحوار بين الشخصين لمعرفة ما يحب او يرغب كلاهما وكذلك عليهما ان يتقبلا اقل من الكامل لانجاح العلاقة، اذ لا يوجد نجاح 100% في أي علاقة لذا عليهما ان يتقبلا 75% الى 80% من نجاح العلاقة فهذا جيد جداً.
* لماذا نجد المرأة دائماً هي من تهتم بنفسها وتقوم بعمليات التجميل؟
في العلاقة الطبيعية كلا الزوجين عليهما أن يعتنيا بالمظهر، فالرجل الذي يكون بحالة صحية جيدة ومظهر انيق يكون زوجاً محبوباً وأباً جيداً. أما المرأة فهي بطبيعتها تحب الالوان والجمال وذلك تبعاً لغريزتها وهي بطبيعتها تعمل هذا الشيء لنفسها وليس بالضرورة لزوجها واذا قامت به للزوج فهي بهذا تفكر في السعادة وانعاشه وكذلك تعلمه بأن يهتم هو ايضاً بنفسه.
* نصيحة لكل من يريد ان يعيش حياة يومية لا تخلو من الرومانسية.
واجب على الرجل والمرأة ان يتفاهما بجدية يومياً على ان يحافظا على علاقتهما وتجديدها باستمرار، أي بمعنى ان طقوس الحب يجب ان تستمر. وعندما يحدث فتور في العلاقة غالباً ما يكون السبب هو ان احد الطرفين او كلاهما غير قادر على انعاش العلاقة وقد يكون السبب هو توقعات غير واقعية من الطرف الآخر لذا عليه ان يعلم بأن هذا هو احساس أناني وعليه ان ينظر ايضاً الى احتياجات الطرف الآخر. فالحب هو طاقة روحية قابلة للنفاذ اذا لم تجد من يعتني بها وهي قابلة ايضاً للشحن.
ــــــــــــــــــ
وعد لهم ووعد لها
تزوجت من فتاة تصغرني بعام واحد واشترط أهلي عند الزواج أن أبقى معهم وأن لا أكون في بيت منفصل وفي الوقت نفسه قدمت وعداً لخطيبتي بأني سأبحث عن بيت منفصل حينما امتلك القدرة.. وبعد زواجي بمدة حدثت المشاكل بين زوجتي وأهلي وأصبح الجميع بما فيهم أنا في حالة نفسية سيئة للغاية فهناك شجار على توافه الأمور وهناك توتر لأقل زيارة وحتى دق الباب يحدث معركة حادة.. أنا الآن حائر لقد وعدت أمي أن أبقى بجانبها مدى الحياة ووعدت زوجتي بأن أكون لها بيتاً خاصاً.. ولا أدري لا سيما أقدم الوفاء على حساب الأخرى فلأمي حقها وكذلك أبي وربما أنهما بحاجا إلى وجودي باعتبار الابن الأخير في عنقود الأسرة ولم يعودا شابين بل يجب أن اخفف الحمل عنهما ولزوجتي أيضاً الحق في أن يكون لها بيت خاص ولا أدري ماذا أفعل الآن. احمد شعبان_مصر
الحل:
قد يكون الخطأ منذ البداية منك أنت فكان لابد وأن تحشم الأمر مع زوجتك وأمك منذ البداية كأن توحي لأمك عبر الكلام الهادئ أن بقاءك معها لن يطول ولكنك حتى لو قررت الانفصال عنها فسيكون سكنك قريباً منها وبالتالي ستكون في خدمتها وأيضاً تقنع زوجتك بأنك لا تملك مقومات السكن الانفرادي لضيق ذات اليد مثلاً ولكن عندما تتحسن الحال ستجد البديل المناسب..ولعل السبب فيما حصل لك هو حرصك على إرضاء جميع الأطراف وأن يكون زواجك مباركاً وعلى كل حال فهذه الأمور تحل بالمواجهة الصريحة وبالتفاهم فيمكنك إقناع والدتك بأنه سيضطر إلى الانفصال الآن أو غداً وأنه سوف لن يتركها أبداً وسيحصل على بيت قريب وأن استقلاله يمكنه من الوقوف على قدميه وتأمين حياة مستقبلية افضل وأيضاً تقنع زوجتك بمسؤوليتك عن اهلك وذويك فلا يعني الزواج حرباً مع الآباء وإنما البر مطلوب معهما مؤمنين أو كافرين حيين كان أو ميتين وسلوك اللطف واللين مع كل الأطراف يمهد بالنجاح في هذه العملية.. حاول أن تفهم زوجتك أن حقها في البيت المنفصل أمر مشروع ولكن ليس على حساب معارك مع الكبار..
ــــــــــــــــــ
افكار بسيطة لمطبخك
تظل المرأة فى المطبخ فترة ليست بالقصيرة ، مما يجعلها فى كثير من الاحيان تشعر بالملل خاصة لو كانت ديكورات المطبخ تقليدية ولا تساعد على المكوث به طويلا حتى انتهاء المهام المنزلية المتعلقة به ، لذا ابحثى دائما عن الافكار التى تكسرين بها حدة ذلك الملل .. ونحن نقدم اليك بعض من هذه الافكار:
1- الماسكات
الخامات المستخدمة
• عدد 2 قطعة احمر 15 سم ×15 سم 0
• عدد 2 قطعة لينوه اصفر 15 سم × 15 سم 0
• عدد قطعة لينوه اخضر 15 سم × 15 سم 0
• عدد 3 قطع اسفنج 15 سم × 15 سم 0
طريقة عمل المساكات :
ضعى قطعتين من القماش ليكون الوجهان من الداخل وفوقهما قطعة الاسفنج ثم خيطيها من جميع الجوانب مع ترك جزء بسيط لقلبها بعد الخياطة على الوجة ثم قومى بعمل زخرفة بماكينة الخياطة وسرجى الجزء المتبقى بالخيط والأبرة 0
ــــــــــــــــــ
كيف تكسبين حماتك
إن قصص الحموات مع زوجات الأولاد ملأت صفحات الجرائد والمجلات, وشاشات التلفزيون والسينما, وكان الهدف منها هو إثارة الضحك, وإشاعة روح الفكاهة بين الناس عن طريق المقالب التي تخترعها الحماة لزوجة ابنها.
ولم يقصر الأدباء والفلاسفة في مختلف البلدان وعلى مر العصور في تشويه صورة الحماة, وسموها حكمة, وما هي في الحقيقة إلا أقوال لم تحتكم في شيء إلى المنظور الإسلامي ومن ذلك قول الأديب أنيس منصور: ( الصحافة مهمتها البحث عن متاعب.. وكذلك حماتك ), وهناك مثل إيطالي يقول: ( يستحيل على المرأة أن تعمل بنصيحة حماتها ).
وبهذا كله انطبع في النفوس مقت الحماة وكرهها, فأصبحت العروس لا تدخل بيت الزوجية إلا وهي تضع في ذهنها الطرق التي يجب أن تسلكها مع حماتها حتى تتقي مكائدها, وكأنها ستدخل حلبة مصارعة, وتظل تترصد كل كلمة تتفوه بها حماتها, وتتصيد أي حركة تقوم بها, وتحيك حولها القصص والحكايات التي ترويها على مسامع أمها أو صديقاتها ليساعدنها في الكيد لتلك الحماة, ومن هنا تنسج خطوط الكراهية بينهن, وتترسب البغضاء في النفوس, وتزرع الحزازات في الصدور, وتحل القطيعة بين أفراد الأسرة بكاملها, وتكون نتيجتها عقوق الوالدين, ويتبع ذلك رحيل البركة والخير من البيت.
رحم الله تلك المرأة العابدة التي كانت تحث زوجها على طاعة أمه فتقول له:
( أقسمت عليك أن لا تكسب معيشتك إلا من حلال, أقسمت عليك أن لا تدخل النار من أجلي, برّ أمّك, صل رحمك, لا تقطعهم فيقطع الله بك ).
فإذا أرادت حواء أن تقي زوجها حر جهنم, وأن تأخذ بيده إلى الجنان, وتضمن لبيتها السعادة والبركة الدائمة فعليها:
أن تطرد من مخيلتها تلك الصورة المشوهة للحماة, وتضع في نفسها أن أم زوجها هي بمثابة أمها, فإن أخطأت تجاهها يوما فلتعاملها بمثل ما تعامل به والدتها إن أخطأت بحقها.
عليها أن لا تقص على زوجها كل ما يقع بينها وبين أمه وهي تتباكى وتذرف الدمع السخين حتى تستميل قلبه إليها وتكسب وده, ويصور له الشيطان أمه ظالمة مستبدة, فيزحف الجفاء إلى نفسه, ويسير في طريق العقوق.
إن رأت قصورا في معاملة زوجها لأمه, فلتكن مرشد خير له, فتحثه على طاعتها, وأن تلح عليه في زيارتها والتودد إليها.
حواء الواعية لا تتدخل فيما يقدمه زوجها لأمه وما يهبه لها, بل تساعده على أن يكثر لها العطاء, وتحاول هي أن تهديها هدايا قيمة وجميلة بين حين وآخر.
إذا ذهبت لزيارة حماتها تحرص كل الحرص على أن تأخذ معها طبقا شهيا, وترفض أن تكون ضيفة ثقيلة يتبرم من حضورها من يستقبلها.
حواء الذكية هي التي تستطيع أن تأسر قلب حماتها بحسن معاملتها وظرف أخلاقها, فإذا كان لدى حماتها مدعوون على الطعام تتفانى في مساعدتها, لا أن تجلس وكأنها ضيفة الشرف.
تحرص دائما على تعليم أولادها احترام حماتها وطاعتها, وتغرس المحبة والود لها في قلوبهم, وتعودهم على زيارتها ولا تحرمها منهم فـ ( ليس أغلى من الولد إلا ولد الولد )
تعلم أولادها آداب زيارة الجدة وخاصة إذا كانت كبيرة في السن, فلا تدعهم يزعجونها بأصواتهم وحركاتهم, وتعودهم على عدم إلقاء القاذورات وأوراق الحلوى على الأرض, أو العبث بديكورات المنزل, بل لا تدعهم يخرجون من المنزل حتى ينظفوا لها المكان ويرتبوه. فبذلك تتمنى الحماة زيارتهم كل يوم وتلح عليهم في تكرارها.
إذا اجتمع على الزوج طلبها وطلب حماتها, فما عساها فاعلة ؟؟ هل تقلب البيت إلى جحيم إلى أن يتحقق طلبها قبل طلب حماتها ؟ أم تقدم طلب حماتها على طلبها ؟؟ إن كانت حواء راجحة العقل حقا تقدم قضاء حاجة حماتها على حاجتها راضية غير متذمرة .
إياك وإشعال نار الغضب ورفع راية القطيعة بينك وبين زوجك من أجل هذا التقديم, فإن حماتك إذا رأت منك هذا التنازل, وهذا الاحترام فإنها بلا شك ستتنازل عن أشياء كثيرة فيما بعد.
ــــــــــــــــــ
دور مهم للجدة في حياة الأسرة
في دراسة متعمقة استمرت لسنوات , ثبت أن للجدة دورا مهما وحيويا في محيط الأسرة . هذا ما أكدته الدراسة الاجتماعية التي قام بها علماء جامعة كلورادو الأمريكية , حيث خلصوا إلى أن الله قد وهب لكل أسرة طبيبا شخصيا مقيما , وهذا الطبيب هو الجدة التي تلعب دورا مهما في حالة مرض الأحفاد .(54/240)
هذا ما يقوله د . برنيت تيلور أستاذ صحة الطفل بالمستشفي الملكي بلندن , الذي أكد مع د . جوناثان الين الأستاذ المساعد بكلية العلوم النفسية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ان الجدة تعد الشخص المناسب التي يمكن أن يستعان به لأخذ النصيحة , وأضاف أن الجدة تصبح بما لديها من خبرات وحضن دافيء قادرة على مساعدة الأسرة التي لديها أطفال صغار على اجتياز المشكلات الصحية التي يتعرضون لها بنصائحها المفيدة ورعايتها لهؤلاء الصغار .
أيضا أكد د . إلين في دراسته أن الجدات يلعبن دورا أساسيا وحيويا فيما يتعلق بالقرار الذي يتخذنه بشأن الأسلوب الأمثل لرعاية الأحفاد عند مرضهم , وما يتعلق بنوعية الغذاء المناسب ومتى يمكن نقل الطفل إلي المستشفى لتلقي العلاج .
كما أن الجدة لها القدرة على مد الصغار بمشاعر الحب والقدرة على معرفة احتياجاتهم في الوقت الذي ينفد فيه صبر الأمهات الصغيرات علي تفهم مشاكل الصغار وتوفير احتياجاتهم النفسية والتربوية . وهكذا فإن دور الجدة اليوم أصبح حيويا خاصة بالنسبة للأم العاملة وظروف دور مهم للجدة في حياة الأسرة
في دراسة متعمقة استمرت لسنوات , ثبت أن للجدة دورا مهما وحيويا في محيط الأسرة . هذا ما أكدته الدراسة الاجتماعية التي قام بها علماء جامعة كلورادو الأمريكية , حيث خلصوا إلى أن الله قد وهب لكل أسرة طبيبا شخصيا مقيما , وهذا الطبيب هو الجدة التي تلعب دورا مهما في حالة مرض الأحفاد .
هذا ما يقوله د . برنيت تيلور أستاذ صحة الطفل بالمستشفي الملكي بلندن , الذي أكد مع د . جوناثان الين الأستاذ المساعد بكلية العلوم النفسية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ان الجدة تعد الشخص المناسب التي يمكن أن يستعان به لأخذ النصيحة , وأضاف أن الجدة تصبح بما لديها من خبرات وحضن دافيء قادرة على مساعدة الأسرة التي لديها أطفال صغار على اجتياز المشكلات الصحية التي يتعرضون لها بنصائحها المفيدة ورعايتها لهؤلاء الصغار .
أيضا أكد د . إلين في دراسته أن الجدات يلعبن دورا أساسيا وحيويا فيما يتعلق بالقرار الذي يتخذنه بشأن الأسلوب الأمثل لرعاية الأحفاد عند مرضهم , وما يتعلق بنوعية الغذاء المناسب ومتى يمكن نقل الطفل إلي المستشفى لتلقي العلاج .
كما أن الجدة لها القدرة على مد الصغار بمشاعر الحب والقدرة على معرفة احتياجاتهم في الوقت الذي ينفد فيه صبر الأمهات الصغيرات علي تفهم مشاكل الصغار وتوفير احتياجاتهم النفسية والتربوية . وهكذا فإن دور الجدة اليوم أصبح حيويا خاصة بالنسبة للأم العاملة وظروف الحياة العصرية التي تتطلب وجود الجدة مع أحفادها .
ــــــــــــــــــ
دقة + إنضباط أسرة سعيدة
وضعت رأسها بين يديها واستغرقت في التفكير في مستقبل ما في أحشائها ، وسمعت عقلها يقول لها : مضي على زواجك عام ، وبعده بشهور منّ الله عليك وأصبحت حاملاً ، فماذا أعددت لمستقبل الجنين بعد أن يولد ؟ .
همست في نفسها مجيبة : إن دخلي أنا وزوجي كبير ، لكننا نصرف أموالنا دون حساب أو تخطيط ، بمناسبة ودون مناسبة ، فماذا نفعل ؟ مطالبنا ستزداد وضغوطنا المالية ستتضاعف بعد الولادة .. ماذا أفعل ؟ أنا وزوجي نسير بجهل وراء المثل القائل : أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ..
ضغوط مالية
إن كثيراً من الأسر تعاني من ضغوط مالية تؤثر في استقرارها وسعادتها ، لكن أغلب الضغوط المالية هي من صنع أيدينا ، فنحن الذي جلبناها لأنفسنا بسوء تدبيرنا للموارد المالية التي لدينا ، وبكثرة المصروفات وعدم تقديرها والتخطيط لها ، ولو دققنا في المشاكل المالية في الأسرة لوجدنا أن عدم وجود بند الميزانية أو وضوحه لدى الزوجين من أكبر أسباب تلك الضغوط ن وأنا أعرف أن هذا الأمر ثقيل علي النفس فنحن لا نحب الكتابة والتدقيق وإنما نحب الصرف متي شئنا .
قليل من الدقة :
الجدول التالي يبين كيفية وضع ميزانية الأسرة والتعامل معها ، ولكن بعد عمل الميزانية العائلية يبقي المهم أن تتقيد العائلة بها ، فلا تتجاوز بنودها حتي لا تكون حياة الأسرة فوضي غير مرتبة ، وبشيء بسيط من الدقة والانضباط ستحقق العائلة النجاح والسعادة .
أولاً : تقدير الدخل السنوي
الدخل السنوي للزوج :
الراتب ، زيادات ، إيراد استثمار ، عطايا أو هدايا ، رصيد متوافر بالبنك .
المجموع : 0000000
الدخل السنوي للزوجة
الراتب ( إذا كانت تعمل ) ، زيادات ، إيراد استثمار ، عطايا أو هدايا ، رصيد متوافر بالبنك .
المجموع : 000000000
بعد عمل الزوجين هذين الجدولين ، يجمعان المبلغ المتوافر بالإضافة إلي المبلغ المتوقع الحصول عليه خلال السنة القادمة فيكون الناتج هو ما يملكه الزوجان من رأس مال ، وقد يكون الإيراد السنوي للزوج مثلاً (10) آلاف دينار أو (15) ألف دينار ، وللزوجة مثلاً إذا كانت عاملة (8) آلاف دينار أو (12) ألف دينار ، وقد تزيد وقد تنقص ، وأول قرار يفترض أن يتخذه الزوجان هو تحديد النسبة التي تقتطع من الدخل لتوفيرها أو استثمارها أو الاحتفاظ بها لمشروع قادم سيقبلان عليه ، كشراء أرض أو بناء بين أو سفرة صيف .
ثانياً : تقدير المصاريف الثابتة :
وذلك من خلال :
إيجار المنزل ، اشتراك الهاتف المنزلي ، قسط السيارة ، قسط أو سداد دين ، التزامات اخري ( عائلية - خيرية ) ، نفقة زوجية ، عضوية اشتراك ناد ، اشتراك ( جريدة / مجلة ) التزامات للواليدين ، أخري ( يتم ذكرها وتدوينها ) .
المجموع : 0000000
وبعد كتابة بنود المصروفات الثابتة خلال السنة ينتقل الزوجان إلي كتابة بنود جدول المصروفات المتغيرة .
ثالثاً : تقدير المصروفات المتغيرة
المصروفات المتغيرة سنوياً :
أثاث وأجهزة ، كهرباء وماء ، أدوات التنظيف ، الصيانة والتصليحات ، المكالمات الدولية ، الهاتف النقال / البيجر ، المأكولات ، المشروبات ، وقود السيارة وتصليحها ، أدوية ومصاريف طبية ، مصاريف للتعليم ، مصاريف ترفيهية ، الملابس ، نفقة الأولاد ، هدايا ، وليمة ، عيدية العيدين ، سفر ، مشروع إجازة الصيف ، تبرعات ، نثريات .
المجموع : 00000000
وبعد انتهاء الزوجين من كتابة هذه الجداول يبدآن في كتابة الجدول الختامي لبيان وضع ميزانية العائلة .
رابعاً: الجدول الختامي
الدخل السنوي :
المصاريف الثابتة :
المصاريف المتغيرة :
المجموع : 000000000
ثم يبدأ الزوجان بعمل المعادلة التالية :
مجموع الدخل السنوي : 0000
مجموع المصاريف السنوية : 00000
الفرق بينهما :
يتبين معنا في النهاية بعد حسم المصاريف من مبلغ مجموع الدخل السنوي هل يتبقي عند العائلة فائض من المال يدخر ويستثمر أو أن لديها عجزاً وإفلاساً ؟ وفي الحالة الأخيرة ينبغي مراجعة المصاريف المتغيرة والتضحية ببعض بنودها أو تخفيضها ، ثم تعاد المعادلة مرة أخري حتي تستقر الميزانية ، وإن لم يصل الزوجان إلي حل ، أو لا يريدان أن يغيرا من المصاريف المتغيرة ، فليفكروا في كيفية زيادة دخلهما أو تغيير وظيفتيهما .
ــــــــــــــــــ
العائلة المتماسكة أساس التربية
إن التماسك العائلي عامل أساسي لنمو الأولاد في أجواء مناسبة تشعرهم بالإرتياح مع أنفسهم ومع المحيط. فانسجام أفراد العائلة الواحدة يساعد في تربية الاولاد تربية صحيحة, خصوصاً حين يتعلمون في إطار العائلة طرق التصرف والعيش والتعامل مع الآخرين واحترامهم. وأول ما يمكن تعلمه في هذا الاطار هو المشاركة وتقاسم الأشياء, كالطعام والثياب والمال, لحثهم على تحمل المسؤولية مع الاهل, الأمر الذي يعزز شعورهم بالحب تجاه أهلهم وأشقائهم ولاحقاً تجاه المحيط الخارجي. ويمكن اتخاذ بعض الاجراءات التي تساعد الأهل والأولاد على العيش بطريقة سليمة ومنها:
1 - أن يتعلّم الأولاد الاستفادة من خُبُرات أهلهم وأقاربهم الأكبر سناً, فضلاً عن التعرف منذ الطفولة على أقاربهم.
2 - أن يربي الأهل أولادهم على مبدأ احترام الآخرين ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
3- أن يشكل الأهل من خلال أعمالهم مثالاً نموذجياً للاولاد.
4- أن تجتمع العائلة من وقت إلى آخر, على أن يحصل الأفراد على بعض الوقت لأنفسهم.
5- أن يتكاتف أفراد العائلة في الأوقات الصعبة وأن يثق كل منهم بالآخر.
6- أن يجتمعوا ليحتفلوا في المناسبات السعيدة.
7- أن يتعلموا كيفية الإصغاء إلى الآخر وأن يتعاونوا في حل المشاكل.
8- تشجيعهم عند إنجازهم عملاً معيناً ما يدفعهم إلى المثابرة.
9- أن تترك لكل منهم فرصة التعبير عن مشاعره وأحاسيسه إلى الآخرين.
ــــــــــــــــــ
الحكمة والحذر فى التعامل مع الناشئين والمراهقين
لعل من بين اصعب المسؤوليات واخطرها شأنا واعظمها رتبة لدى الاباء هى الكيفية التى يتعامل بها هؤلاء مع ابنائهم لتوجيههم والحرص على تنشئتهم وتطويرهم، كى يكونوا اصحاء اسوياء سواء فى تفكيرهم او دراستهم او فى مجال علاقاتهم الاجتماعية.
وفى الحالة تلك سينجحون فى كسر شرك التعقيدات الطفولية والتخلص من التباساتها، التى لو وجدتْ لها موطناً فى عقليتهم لما بارحتها مطلقا ولألقت بظلاها القاتمة على حياتهم، والافلات منها والنجاح فى تجاوزها يعنى الدليل القاطع على نجاح التجربة التربوية، والبرهان الساطع على صدق التعامل الاسرى الحميمي.
الترغيب والترهيب
فالترغيب والترهيب مبدأ طبق قديما ويطبق حديثا واثبت هذا النهج جدارته وفاعليته على ارض الواقع وآتى ثماره، الا ان بعض الباحثين فى علم النفس والاجتماع نادوا بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
فالسمة الحسنة والمزية الصالحة يمتدح صاحبها ويثنى عليه للاتيان بالمزيد من امثالها ونظائرها، والمدح والثناء قد يكونان بالقول او بالفعل او بكليهما معا وهو الاجدى والاكثر نفعا، فتقديم المكافأة المادية او الهدية - مع كونها بسيطة او رمزية - اثر نجاح حققه الابن او البنت فى اجتياز مرحلة دراسية مثلاً ستكون عاملاً محفزاً ومهماً فى تغيير السلوك.
فالتوجيه الصحيح والمتابعة الدائمة والمستمرة عوامل مهمة جدا فى ارساء دعائم الكيان الاسرى وبالتالى ستعود بفائدتها العميمة على البناء الاجتماعى لتشمل المجتمع برمته وبالشكل الذى يعطى انطباعا حسنا على سلوك ابناء الفئة الاجتماعية الواحدة، اذن فالترغيب هو تشجيع كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الاسرة والنهوض بها، فالتعامل معهم يجب ان يكون مساوقاً لمستوى ادراكهم وميولهم وما تحمله عقولهم مع عدم تحميلهم مالا يطيقون، اذ ان التعامل مع الصغار يجب ان يكون مميزا بديهياً عن التعامل مع الكبار، فالكبار يعدون اكثر نضجاً ووعيا وتفهماً للظروف المحيطة ولما يجب ان يكون عليه التعامل الاسري.
الحكمة والمنطق
وبناء على ذلك يرُجح استخدام اسلوب الحكمة والمنطق وحجة الاقناع لان هؤلاء يدركون معنى (ان اللبيب من الاشارة يفهم) فالعنف واستعمال الكلمات التى تثبط العزائم اوتجرح المشاعر اوالتى توخز العواطف يجب ان تطرح جانبا من حسابات التعامل الاسرى لئلا يخلق ذلك عندهم ردود فعل سلبية معكوسة جراء خطأ ارتكبوه او هفوة بدرت منهم، على ان يكون الارشاد والنّصح مؤشرين لتصحيح مسار ما اعترى او اعترض العلاقات الحميمة من تلكؤ وفتور.
مع الاخذ بنظر الاعتبار ان النصح يتوجب ان لا يكون امام جماعة من الملأ لان ذلك سيسبب لهم انكساراً نفسيا، وكيلا يفهم الشاب او الشابة بان ذلك نوع من التأنيب والتشهير، وكما قال احد شعراء الحكمة العرب: (وجنّبنى النصيحة فى الجماعة) فان النصح بين القوم نوع من التوبيخ لا ارضى استماعه، ولو عدنا ولو بنظرة عجلى الى موروثنا المقدس لوجدنا بان سيد الخلق محمداَ صلى الله عليه وآله وسلم يقول (علموا ولا تعنّفوا) وهذا المبدأ عظيم فى اهدافه لانه تحرى المنطق فى تربية الابناء على الفضائل السامية والاخلاق الكريمة.
النشأة السوية الصالحة
فالترغيب هو تجنيب الامر الجميل والتشجيع على الاتيان باشباهه وما كان على شاكلته والحالة هذه يمكن وصفها بانها ميزان عادل للتعامل مع الجميع ذكوراً واناثاً صغاراً وكباراً، الا ان ذلك بالنسبة للاطفال يبدو اكثر حساسية لان عقل الطفل فى مرحلة النشوء صفحة بيضاء نملى وننقش عليها ما نشاء وان نأخذ بالحسبان بان ما ننقشه وما نمليه سيكون طبعا متأصلاً عند الكبر، فأيّ اعوجاج اوانحراف - لا سمح الله- يحصل فى هذه البرهة سيصعب تغييره واصلاحه. من هذه النقطة ندرك بان التعامل مع الصغير يتطلب منا ان تكون على جانب كبير من الحذر فاستعمال العنف والقسوة سيؤديان الى اختلال ميزان الاستقامة السلوكى لذا توجبت مراقبته والاطلاع على صغائر نفسيته وكبائرها والتعامل معه بوسائل تجعله سليما معافى بعيدا عن الامراض النفسية وأجوائها لينشأ النشأة السوية الصالحة وبما تجعله مستقبلا مفيدا ومستفيدا فى آن معا.
طه ياسين عيسى
المصدر : العرب اونلاين
ــــــــــــــــــ
الاسلوب الأمثل لمواجهة صعوبات التعلم لدي الاطفال
ميرفت عثمان
إدراك الوالدين للصعوبات أو المشكلات التي تواجه الطفل منذ ولادته من الأهمية حيث يمكن علاجها والتقليل من الآثار السلبية الناتجة عنها .
وصعوبات التعلم لدي الأطفال من الأهمية اكتشافها والعمل علي علاجها فيقول د . بطرس حافظ بطرس مدرس رياض الأطفال بجامعة القاهرة : إن مجال صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبيا في ميدان التربية الخاصة , حيث يتعرض الاطفال لانواع مختلفة من الصعوبات تقف عقبة في طريق تقدمهم العملي مؤدية الي الفشل التعليمي أو التسرب من المدرسة في المراحل التعليمية المختلفة اذا لم يتم مواجهتها والتغلب عليها .. والاطفال ذوو صعوبات التعلم أصبح لهم برامج تربوية خاصة بهم تساعدهم علي مواجهة مشكلاتهم التعليمية والتي تختلف في طبيعتها عن مشكلات غيرهم من الأطفال .
ويضيف د . بطرس حافظ بطرس ــ مدرس رياض الأطفال أن صعوبات التعلم تعد من الإعاقة التي تؤثر في مجالات الحياة المختلفة وتلازم الإنسان مدي الحياة وعدم القدرة علي تكوين صداقات وحياة اجتماعية ناجحة وهذا ما يجب أن يدركه الوالدان والمعلم والاخصائي وجميع من يتعامل مع الطفل , فمعلم الطفل عليه أن يعرف نقاط الضعف والقوة لديه من أجل اعداد برنامج تعلميي خاص به الي جانب ذلك علي الوالدين التعرف علي القدرات والصعوبات التعليمية لدي طفلهما ليعرفا أنواع الأنشطة التي تقوي لديه جوانب الضعف وتدعم القوة وبالتالي تعزز نمو الطفل وتقلل من الضغط وحالات الفشل التي قد يقع فيها .
* دور الوالدين تجاه طفلهما ذي صعوبات التعلم :
* القراءة المستمرة عن صعوبات التعلم والتعرف علي أسس التدريب والتعامل المتبعة للوقوف علي الاسلوب الامثل لفهم المشكلة .
* التعرف علي نقاط القوة والضعف لدي الطفل بالتشخيص من خلال الاخصائيين أو معلم صعوبات التعلم ولا يخجلان من أن يسألا عن أي مصطلحات أو أسماء لا يعرفانها .
* إيجاد علاقة قوية بينهما وبين معلم الطفل أو أي اخصائي له علاقة به .
* الاتصال الدائم بالمدرسة لمعرفة مستوى الطفل ويقول د . بطرس حافظ : إن الوالدين لهما تأثير مهم علي تقدم الطفل من خلال القدرة والتنظيم مثلا :
* لا تعط الطفل العديد من الأعمال في وقت واحد واعطه وقتا كافيا لإنهاء العمل ولا تتوقع منه الكمال
* وضح له طريقة القيام بالعمل بأن تقوم به أمامه واشرح له ما تريد منه وكرر العمل عدة مرات قبل أن تطلب منه القيام به .
* ضع قوانين وأنظمة في البيت بأن كل شيء يجب أن يرد الي مكانه بعد استخدامه وعلي جميع أفراد الاسرة اتباع تلك القوانين حيث إن الطفل يتعلم من القدوة
* تنبه لعمر الطفل عندما تطلب منه مهمة معينة حتي تكون مناسبة لقدراته .
* احرم طفلك من الاشياء التي لم يعدها الي مكانها مدة معينة اذا لم يلتزم بإعادتها أو لا تشتر له شيئا جديدا أو دعه يدفع قيمة ما أضاعه .
* كافئه اذا أعاد ما استخدمه واذا انتهي من العمل المطلوب منه
من حيث القدرة على التذكر :
* تأكد من أن أجهزة السمع لدى طفلك تعمل بشكل جيد
* أعطه بعض الرسائل الشفهية ليوصلها لغيره كتدريب لذاكرته ثم زودها تدريجيا .
* دع الطفل يلعب ألعابا تحتاج الي تركيز وبها عدد قليل من النماذج ثم زود عدد النماذج تدريجيا .
* أعط الطفل مجموعة من الكلمات ( كاشياء , أماكن , اشخاص ) .
* دعه يذكر لك كلمات تحمل نفس المعنى .
* في نهاية اليوم أو نهاية رحلة أو بعد قراءة قصة دع الطفل يذكر ما مر به من أحداث .
* تأكد أنه ينظر الي مصدر المعلومة المعطاة ويكون قريبا منها أثناء إعطاء التوجيهات
[ كالنظر الي عينيه وقت اعطائه المعلومة ] .
* تكلم بصوت واضح ومرتفع بشكل كاف يمكنه من سماعك بوضوح ولا تسرع في الحديث .
* علم الطفل مهارات الاستماع الجيد والانتباه , كأن تقول له ( اوقف ما يشغلك , انظر الي الشخص الذي يحدثك , حاول أن تدون بعض الملاحظات , اسأل عن أي شيء لا تفهمه )
* استخدم مصطلحات الاتجاهات بشكل دائم في الحديث مع الطفل امثال فوق , تحت , ادخل في الصندوق .
من حيث الادراك البصري : تحقق من قوة إبصار الطفل بشكل مستمر بعرضه علي طبيب عيون لقياس قدرته البصرية .
* دعه يميز بين احجام الاشياء وأشكالها والوانها مثال الباب مستطيل والساعة مستديرة
القدرة علي القراءة :
التأكد من أن ما يقرؤه الطفل مناسبا لعمره وامكانياته وقدراته واذا لم يحدث يجب مناقشة معلمه لتعديل المطلوب قراءته , أطلب من المعلم أن يخبرك بالاعمال التي يجب أن يقوم بها في المواد المختلفة مثل العلوم والتاريخ و الجغرافيا قبل أعطائه اياها في الفصل حتي يتسني لك مراجعتها معه .
* لا تقارن الطفل بإخوانه أو أصدقائه خاصة أمامهم
* دعه يقرأ بصوت مرتفع كل يوم لتصحح له أخطاءه وأخيرا يضيف د . بطرس حافظ بطرس أن الدراسات والابحاث المختلفة قد أوضحت أن العديد من ذوي صعوبات التعلم الذين حصلوا علي تعليم اكاديمي فقط خلال حياتهم المدرسية وتخرجوا في المرحلة الثانوية لن يكونوا مؤهلين بشكل كاف لدخول الجامعة ولا دخول المدارس التأهيلية المختلفة أو التفاعل مع الحياة العملية , ولهذا يجب التخطيط مسبقا لعملية الانتقال التي سوف يتعرض لها ذوو صعوبات التعلم عند الخروج من الحياة المدرسية الي العالم الخارجي
الخيارات المتعددة لتوجيه الطالب واتخاذ القرار الذي يساعد علي إلحاقه بالجامعة أو حصوله علي عمل وانخراطه في الحياة العملية أو توجيه نحو التعليم المهني , وعند اتخاذ مثل هذا القرار يجب أن يوضع في الاعتبار ميول الطالب ليكون مشاركا في قرار كهذا .
المصدر: موقع باب
ــــــــــــــــــ
الأب مشغول .. والأم في الأسواق!
بقلم/ عبد الملك بن محمد القاسم
لم يعد أمر تربية الأبناء ذا شأن في حياة الوالدين، على الرغم من أهميته .. بل إن الملاحظة- مع الأسف- أنه في أقصى قائمة اهتمامهم.
فالأب مشغول .. أرهقه الجري واللهث وراء حطام الدنيا، والأم تضرب أكباد الإبل للأسواق ومحلات الخياطة، ولا يجد أي منهما وقتاً للتفكير في أمر فلذات الأكباد .. سوى توفير الغذاء والكساء فيتساويان مع الأنعام في ذلك .
أما ذلك الطفل المسكين، فإنه أمانة مضيعة، ورعاية مهملة، تتقاذفه الريح وتعصف به الأهواء. عرضة للتأثيرات والأفكار والانحرافات . في حضن الخادمة حيناً وعلى جنبات الشارع حيناً آخر. وتلقى القدوة المسيئة ظلالاً كالحة على مسيرة حياته.
بعض أطفال المسلمين لم يرفع رأسه حين يسمع النداء للصلاة.. وما وطأت قدمه عتبة باب المسجد ولا رأى المصلين إلا يوم الجمعة أو ربما يوم العيد. وإن أحسن به الظن فمن رمضان إلى رمضان.
أما حفظ القرآن ومعرفة الحلال من الحرام فأمر غير ذي بال .
قد يخالفني الكثير في ذلك التشاؤم .. ولكن من رصد واستقرأ الواقع عرف ذلك ..
وهاك- أخي القارئ- مثالين أو ثلاثة لترى أين موضع الأمانة.، ومدى التفريط !!
- الأول : كم عدد أطفال المسلمين الذي يحضرون صلاة الجماعة في المسجد؟- والله- كأننا أمة بلا أطفال، وحاضر بلا مستقبل!!
أنحن أمة كذلك ؟! كلا .. هؤلاء تملأ أصواتهم جنبات الدور والمنازل والمدارس ويرتفع صراخهم في الشارع المجاور للمسجد. ولكن أين القدوة والتربية .
- الثاني: من اهتم بأمر التربية وشغلت ذهنه وأقلقت مضجعه- أو ادعى ذلك- إذا وجد كتابا فيه منهج إسلامي لتربية النشء ، أعرض عنه لأنه ثمين وغال..وهو لا يتجاوز دراهم معدودة وأخذ أمر التربية اجتهاداً وحسب المزاج وردة الفعل.
وهذه اللامبالاة نجد عكسها تماماً في واقع الحياة .. فإن كان من أهل الاقتصاد فهو متابع للنشرات الاقتصادية ويدفع مبالغ طائلة لشراء المجلات المتخصصة.. ويحضر الندوات ويستمع المحاضرات ولا تفوته النشرة الاقتصادية في أكثر من محطة إذاعية وتلفاز و..؟! وإن كان من أصحاب العقار فهو متابع متلهف لا تفوته شاردة ولا واردة ..
ولنر الأم في أغلب الأسر.. كم أسرة لديها كتاب حول التربية الإسلامية للطفل ؟!
- الثالث : يعطي الأب من وقته لبناء دار أو منزل أوقاتا ثمينة فهو يقف في الشمس المحرقة، يدقق ويلاحظ ويراقب ويتابع .. ويزيد وينقص ..
ونسي الحبيب .. من سيسكن في هذه الدار غداً؟!
أيها الأب الحبيب:
ستسأل في يوم عظيم عن الأمانة لماذا فرطت فيها؟! ولماذا ضيعتها؟!
إنهم رعيتك اليوم وخصماؤك يوم القيامة إن ضيعت، وتاج على رأسك إن حفظت
قال صلى الله عليه وسلم ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..)) الحديث
وقال أنس رضي الله عنه ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه))
وكما تقي فلذات كبدك من نار الدنيا وحرها وقرها عليك بقول الله جل وعلا {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة }
أصلح الله أبناء المسلمين وجعلهم قرة عين وأنبتهم نباتا حسنا.
المصدر: موقع باب
ــــــــــــــــــ
أسرار التفوق الدراسي للأبناء
يكتسب كتاب "دليل الآباء لتفوق الأبناء" أهمية خاصة؛ لأنه يحتوي على إجابات لعدد لا بأس به من التساؤلات التي تؤرق الوالدين فيما يخص تعليم وتفوق أبنائهم. فالكتاب يؤكد لنا مع كل دراسة أو تجربة ناجحة يسردها أن مفتاح النجاح الدراسي بيد الوالدين، فتفوق الأبناء وتميزهم دراسيًا ليس مستحيلاً إذا أدرك الوالدان أن للنجاح المدرسي "عادات" يمكن اكتسابها بغض النظر عن مستوى المدرسة ومستوى المدرسين.
النجاح.. عادة(54/241)
في المقدمة يأخذنا الكاتبان: جاك ينج بلود وزوجته مارشا إلى مدارس ما وراء البحار ـ إلى الهند؛ ليقصا علينا تجربة "كيفين" ذلك التلميذ الذي فشل في ترجمة ذكائه إلى نجاح مدرسي، فقد أدرك والداه أن المدارس لا تكافئ سوى أنواع خاصة من الذكاء، مما قد يؤدي إلى الإحباط وتقويض الثقة بالنفس، فعمدا إلى تعليمه كيفية تحديد الأوقات للقيام بواجباته المدرسية، وكيف يصبر ويثابر ويبذل كل طاقة لديه. نجح الوالدان نجاحًا باهرًا، فقد تفوق "كيفين" وحقق في الجامعة أعلى الدرجات، حتى صار مطلوبًا كمهندس ومقاول مبانٍ، حتى قبل تخرجه.
وما قام به والدا "كيفين" يسمى الاستغراق أو المشاركة الإيجابية التي تعتبر بحق مفتاح النجاح، ليس الدراسي فحسب، بل النجاح في الحياة بصورة عامة، ويؤكد لنا الكاتب أنه لا يهم إن كان الوالدان من العاملين أو لا، أو إن كانت مدرسة الابن /الابنة من المدارس الذائعة الصيت أم من المدارس الحكومية المتواضعة، فعن طريق المشاركة الإيجابية، وعن طريق التزام وتكريس الوقت والطاقة عبر فترة طويلة نسبيًّا، سيكسب الابن عادات النجاح المدرسي: المثابرة والعمل الجاد، والتحديد الجيد للأوقات والأولويات، والقدرة على مواجهة المواقف الصعبة دونما ارتباك، وأهم من هذا وذاك: الثقة بالنفس.
الاستغراق الإيجابي
أما الفصل الأول؛ فيشرح فيه الكاتبان حقيقة علمية توصلت اليها الدراسات: الاستغراق، ومشاركة الوالدين الإيجابية لابنهما لها أكبر التأثير عليه، بخاصة على نجاحه المدرسي، ويسبقان في الأهمية المدرسين ومستوى المدرسة. فالرسالة إذًا واضحة؛ إن كنت ترغب في أن يمضي ابنك بطريقة جيدة في المدرسة فعليك بالاستغراق والمشاركة، بمعنى أن تمنحه الوقت الكافي كل يوم، وعليك العناية والاهتمام بواجباته الدراسية.
من بين تلك الدراسات، دراسة عن عشر عائلات أمريكية سوداء بشيكاغو، من سكان الأحياء الفقيرة متشابهة في معظم النواحي اجتماعيًّا واقتصاديًّا، إلا أن خمسًا من هذه العائلات كان لديها أطفال ضمن أفضل 20% في فصلهم الدراسي، بينما كان أطفال العائلات الخمس الأخرى ضمن أسوأ 20% في الفصل. لقد كان الفرق بين المتفوقين وغير المتفوقين هو ما أداه الوالدان مع أطفالهم، وهو ما لخصه الوالدان في النقاط التالية:
1- التحدث باستمرار مع أطفالهم.
2- التشجيع القوي لمتابعة الأداء الدراسي.
3- إقامة حدود واضحة داخل البيت.
4- خلق بيئة محفزة ومساعدة داخل البيت.
5- متابعة طريق قضاء الأطفال لأوقاتهم وتوجيههم.
وبالتالي، جاءت النتائج؛ لتؤكد أن كافة العائلات مهما كان دخلها أو مستواها التعليمي والمادي والاجتماعي تستطيع أن تتخذ خطوات محددة وواضحة من شأنها أن تساعد الأطفال على التعلم بصورة متميزة.
تعلم المشي.. نموذج يُحتذى
إلا أن السبب الرئيسي لعدم استغراق ومشاركة الوالدين لأبنائهم هو عدم معرفتهما مدى أهمية ذلك لنجاح الطفل في التعليم، فبدلاً من الاستغراق والمشاركة الإيجابية يقوم معظم الآباء بإضاعة الوقت في أعمال لا طائل منها مثل: تعنيف الأطفال، أو أداء الواجب بدلاً منهم، أو الضغط عليهم لكي يحصلوا على الدرجات المرتفعة بأي ثمن، ودفعهم إلى الشعور بالذنب، بل وعقابهم لحصولهم على الدرجات المنخفضة، وهذا أول شيء علينا ألا نقوم به.
ثم ينقلنا الكاتبان إلى الخطوة الثانية؛ ألا وهي "إحياء نموذج مشاركتنا لأطفالنا حينما كانوا يتعلمون المشي". وببساطة في الأسلوب، وبحجة علمية مقنعة للجميع يسأل الكاتبان القارئ: "هل يمكن لك أن تتصور أن تُوقف طفلاً ثم تقول له: امشِ! وعندما يقع تقوم برفعه من على الأرض وتضربه وتقول له: لقد طلبت منك أن تمشي. كلا إنك توقف الطفل إلا أنه يترنح قليلاً في اليوم الأول، فتتملكك الإثارة وتصيح: لقد وقفت لقد وقفت! ثم نقوم بمعانقته وتقبيله أيضًا! وهكذا يومًا بعد يوم، حتى يدرك الصغير أن الأمر يشكل صفقة جيدة، فيبدأ بتحريك رجله أكثر وأكثر، وإن كان يواصل التعثر إلى أن يتمكن من المشي في النهاية".
وبتذكر هذه المواقف، سوف ندرك أن العديد من الأشياء التي يقوم بها الوالدان مفيدة ومؤثرة وصحيحة بمفردات نظرية "التلقين والتعليم".
وعلى ذلك يكون المفهوم الكامل الذي على الوالدين أن يتبنياه هو تشجيع الطفل على القيام بالمجهود بصورة متكررة ومعادة، ويمكن لهذا الأمر أن يتم بطرق متعددة ومتنوعة:
1- أن يُظهر الوالدان الاهتمام والحماس لجهود أطفالهم.
2- إظهار الإثارة والإعجاب تجاه أدنى تقدم يحرزه الطفل.
3- تشجيع كافة الجهود المعادة والمتكررة، وتجاهل كافة المحاولات غير الموفقة أو الفاشلة.
ولو قام الوالدان بتشجيع أطفالهم على هذا النحو، فإنهم بذلك يمارسون عنصرين أساسين، معروفين في علم النفس التربوي:
* التدعيم.
* التخلص من سلوك ما.
4- التدعيم عن طريق الاهتمام الكامل لكل مجهود يقوم به الطفل، وإبداء الإعجاب عندما يبدي الطفل، ولو أدنى تقدم.
5- التخلص من سلوك ما، وذلك بتجاهل وعدم التعليق على إخفاقات الصغير، والنظر إلى مرات الفشل على أنها خطوات ضرورية من أجل النجاح الحقيقي. إن الآباء، بعدم إبداء اهتمامهم بالفشل، يسمحون بذلك للطفل بألا يعطي لفشله ـ هو الآخرـ أي اهتمام.
ماذا وراء إخفاق الوالدين؟
ولكن لماذا يخفق كثير من الآباء في تحقيق ذلك؟
(1) عدم وضوح أو تحديد الأهداف:
هل هدفنا تحقيق الابن لأعلى الدرجات وتفوقه الدراسي فحسب؟ أم أن هدفنا أبعد من ذلك، وهو بناء شخصية متكاملة، عندها القدرة على مجابهة الحياة، وإثبات ذاتها والتميز في حياتها العامة؟
علينا أن نخفف من اهتمامنا بالنتائج المباشرة للامتحانات، وأن نركز على قيمة "العمل" وليس الدرجات، ونعطي العمل الأولوية الحقيقية. فمجرد أن يصبح العمل الجاد عادةً راسخة لدى أبنائنا، فإن بقية الخصال الطيبة سوف تتحقق تلقائيًّا من كسب المهارة في تلقي العلم إلى زرع الثقة في النفس.
فليس المطلوب التركيز على النتائج أو على الدرجات، بل على "بذل المجهود" والتشجيع والاهتمام بأي مجهود مهما صغر.
(2) الحاجة إلى إعلاء قيمة العمل الجاد بدلاً من الموهبة:
هناك سبب ثانٍ لإخفاق الآباء في مهمتهم هذه، وذلك يكمن في رؤية الآباء لمفهوم الموهبة مقابل العمل الجاد. أظهرت الدراسات أن عددًا لا بأس به من الآباء ما يزالون يرون "الموهبة" والقدرات الشخصية هي المسئولة عن سوء أداء أبنائهم، وما يحتاجه الآباء فعلاً هو إعلاء قيمة العمل الجاد بدلاً من الموهبة. هذه هي النتيجة التي توصل إليها "بنجامين بلوم" حينما اختار 120 شابًا من أكثر الشباب تألقًا والتزامًا، من بينهم: سباحو الأوليمبياد، باحثون ذائعو الصيت، أبطال في التنس، عازفو بيانو، نحاتون حاصلون على أعلى الشهادات وبعض الجوائز.
فبالرغم من أن والديهم قد جاءوا من أوساط اجتماعية واقتصادية مختلفة؛ فإنهم تشابهوا في تقديرهم للعمل الجاد والمثابرة، وتوضيحهم لأولادهم أن المثابرة أهم من الموهبة والمقدرة الشخصية.
التوقعات الإيجابية
ثم يعود بنا الكاتبان مرة أخرى إلى "تجربة تعلم المشي"، فتوقع النجاح (والذي يسميه الكاتب الإيمان بالطفل) من قبل الوالدين، والمعتقدات الإيجابية، والتوقعات والأماني لها أهميتها في مساعدة الطفل على تعلم العمل الجاد، وهذا أحد أهم الأشياء التي على الوالدين التمسك بها؛ فالتوقعات الإيجابية بخصوص الأطفال تقوم بتشكيل الأداء بطريقة قوية وفعالة.
يقول الباحث "ألبرت مصربيان" إن 93% مما نوصله إلى الآخرين، عما نحب أو نكره، لا يكْمُن في الكلمات التي ننطق بها، ولكن في نغمة الصوت وتعبيرات الوجه، فمشاعرنا سرعان ما تصل إلى الطفل حتى دون أن نترجمها إلى كلمات منطوقة، ولكن كيف يمكن تغيير مشاعرنا وصورتنا السلبية إلى مشاعر وتوقعات إيجابية. الأمر سهل: التركيز دائمًا ودومًا بصورة علنية في أثناء حديث الذات بالتركيز على مواطن القوة في الطفل وخصاله الإيجابية. لا بد من أن يتم ذلك عن طريق تمرين جاد للتغيير (حديث النفس أو الذات) بأن يؤكد الوالدان لأنفسهما أن ابنهم طيب، عاطفي، يحبهم ، إيجابي في تعامله مع الآخرين، وأن يُقدِّروا محاولاته لاسترضائهم.
ولكي يكون لهذه الأمور أثرها وفعاليتها؛ ستحتاج إلى ترديدها مرات عديدة؛ ولذا ـ كما ينصحنا الكاتبان ـ عليك بكتابتها وتسجيلها، حتى يمكن لك تذكرها، وعليك بالاحتفاظ بها معك في داخل (جيبيك) أينما ذهبت، وعليك بوضعها في أماكن يمكن لك فيها أن تشاهدها أو تلمحها. قم بقراءتها، ورددها لنفسك. كررها بصوت مرتفع وفي صمت أيضًا، وعندما تردد هذه التوكيدات، رددها مصاحبة للمشاعر بإحساس صادق وكأنك تعنيها فعلاً. عليك ترديدها بأكثر قدر من الإحساس والاقتناع.
إننا جميعًا، كآباء وأمهات، نحتاج إلى توقعات إيجابية وحنان وحب صادق؛ كي ننجح في المشاركة الإيجابية والاستغراق مع أبنائنا، إنه جوهر العلاقة بين الآباء والأبناء
ــــــــــــــــــ
اجعل ابنك طائرة أنت قائدها!
التعامل مع الابن المراهق يشبه كثيراً التحكم بالطائرة ، فأنت مضطر دائماً إلى أن تطبق هذه التعليمات :
1- اجعل الطائرة (ابنك) في مجال رؤيتك وراقبه على شاشة الرادار.
2- عندما يكون هناك عطل ما أو تأخير في وصول الطائرة فعليك ان تصلح هذا العطل وتعيد جدولة رحلة الطيران القادمة .
3- لا تستطيع ترك عملك كمراقب ومتحكم في الطائرة (ابنك) إلا إذا سلمت هذه المأمورية لمن تثق به كي ينوب عنك.
4- عندما تتعرض الطائرة لبعض المطبات ، عليك الالتزام بعملك والقيام بواجبك ، فلا يوجد شيء آخر أكثر أهمية في هذا الموقف.
5-من اكبر الأخطار فقدان الاتصال بالطائرة (ابنك) وإذا حدث هذا لابد وأن تبذل أقصى جهدك لإعادة الاتصال به.
الآباء كمراقبي حركة الطيران في المطار يتحملون عبئاً وقدراً عاليا من الضغط، وكثيراً منهم من يتخلى عن هذه الوظيفة بسهولة اعتقاداًً منهم أنهم يتركون الفرصة لأبنائهم ليكبروا بحرية ، ولكنهم في هذه الحالة يتركون أبناءهم ( الطائرة) بدون خط سير واضح للطيران ، وكثيراً ما تحدث المشاكل بعيداً عن برج المراقبة.
وحتى لا تصادف طائرتك الكثير من المطبات تعرف على أجهزتها الدقيقة وتعرف على ما يقلق ابنك.
خمسة أشياء تقلق الشاب :
عندما يعرف الآباء ما يقلق أبناءهم ويفهمونه ، يصبحون اكثر قدرة على التعامل مع هذا الابن وتقدير مشاعره السلبية ومساعدته على التغلب عليها، ومن الأشياء الرئيسية التي تقلق الأبناء المراهقين ما يلي:
1-رأي الآخرين:
مهم جداً لدى المراهق ما سيقوله الأصدقاء عنه ، فهو دائماً يخشى نظرة الآخرين له ولذلك فهو يحاول أن يختار دائماً الأفضل من وجهة نظر الآخرين . وهنا تأتي اهمية زرع الثقة في نفس الابن من الصغر من أجل التغلب على هذه المشكلة.
2- العلامات المدرسية:
إن الأبناء في قرارة أنفسهم يعلمون أن الدرجات العالية هي طريقهم لكسب احترام الآخرين ، فإذا كنت أباً لأحد منهم فهناك الكثير من الوسائل التي تزرع بها في نفس ابنك الثقة عن طريق مساعدته للوصول إلى مستوى دراسي معين أو البحث معه عن هواية يحبها يشعر عندما يمارسها بهذا التفوق .
3-الوقت:
لابد وأن تركز على تعليم ابنك أهمية الوقت وكيفية التعامل مع الأولويات وكيفية تنظيم وقته، فالأبناء كثيرو الشكوى من ضيق الوقت .. والأفضل أن تبدأ الآن تعليمه أن الحياة بها الكثير من الأشياء التي يمكن أن يقوم بها.
4-المشاكل العائلية:
مهما حاول الآباء إخفاء مشاكلهم سواءً المالية أو العاطفية عن أبنائهم الكبار ، إلا أن الأبناء لديهم مقدرة ليستشفوا هذه المشاكل ويتأثروا بها، والأفضل هنا أن يتحدث الوالدان مع الأبناء عن هذه المشاكل بصورة بسيطة ، وأن يشعروا الأبناء أن لديهم عدداً من الحلول ، وأنهم بصدد الوصول لحل معين ، فهذا من شأنه أن يعلمهم أن لكل مشكلة حلاً إذا حاول الإنسان الوصول إليه .. كما تشعرهم بأهميتهم في المنزل.
5- المستقبل:
قلق الأبناء يبدأ عندما يشعرون بأن عليهم أن يختاروا كلية معينة لتكملة دراستهم ، ماذا سوف يدرس وما هي الوظيفة التي سيبحث عنها .
ودور الآباء في هذه الأثناء أن يخرجوا من شخصية أبنائهم الجزء الذي هم ناجحون فيه سواءً العملي أو الشخصي مثل : مقدرتهم على تحمل الضغوط أو مقدرتهم على استخدام الكمبيوتر أو حبهم للقراءة والكتابة..
ويضعوا يد الأبناء على هذا الجزء ليعرفوا إمكانياتهم ، وأنه سيكون لهم مكان في المجتمع إذا أتقنوا هذا العمل وتفوقوا فيه.
ــــــــــــــــــ
ثقافة العيب
لماذا تنظر البيوت العربية الى الثقافة الجنسية على انها عيب؟ وهل البرامج الجنسية تدمر الشباب والمراهقين أم تزيد ثقافتهم؟
نحن عندما نتخذ الجنس عيباً يجب أن لا يناقش لأن هذا تابع من خوف الوالدين على أولادهم ورؤية البعض بأن الشخص يجب ان يعلمه عندما يحتاجه وعند الوقت المناسب لممارسته وتطبيقه.
حقيقةً الجنس هو وظيفة بيولوجية تحدث لدى جميع البشر وهي وظيفة كالوظائف الأخرى مثل التنفس والعرق يجب أن نرعاها منذ البداية. كما أن الربط بين الثقافة الجنسية والأباحية مفهوم خاطىء. نعم هناك سلبية في هذه البرامج اذا لم تعد بصورة صحيحة ولم تكن من قبل متخصصين. ولكننا بحاجة للثقافة الصحيحة كي لا يبحث الشاب أو المراهق عن المعلومات من المصادر الخاطئة. ويجب أن يكون هناك موازنة داخل البيت لدى الأهل والاولاد.
*من هو المسؤول عن الثقافة الجنسية هل هو المراهق أم من يقوم بإرشاده؟
المسؤولية مشتركة، وذلك لأن الثقافة الجنسية هي نمط حياة قد يختلف من مجتمع لأخر وذلك بسبب وجود الضوابط والأنظمة المختلفة وهي ليست معلومة مجردة يكتسبها الفرد بل هي نمط حياة يكتسبها من مجتمعه وبيئته.
*هل يمكن إعتبارنا شريحة مستهدفة من قبل مؤسسات واطراف اخرى لتسويق الاباحية والامور الجنسية.
سابقاً كان طرح الثقافة الجنسية باللغة الانجليزية ولكن في الوقت الحالي يتم الطرح باللغة العربية، وذلك لأننا مستهدفين وفي الوقت نفسه مستهلكين.
*هل ننصح بأن تقوم الام بتثقيف ابنتها والاب بتثقيف ابنه أم الاثنان معاً؟
الأسلم والأفضل بأن يشارك الوالدين مع بعض في التثقيف حتى يكون الاباء وحدة واحدة وأن نحقق ثقافة الاسرة السليمة كي نصل للوقاية والعلاج السليم.
*العمر المناسب للثقافة الجنسية؟
المسألة مربوطة بالبلوغ وأفضل من يستطيع معرفة السن المناسب هم الوالدين لأنهم متابعين لطبيعة النضج الجسدي والنفسي والعقلي لاولادهم.
ــــــــــــــــــ
من قال إن الطلاق يؤدي الى السعادة؟
النصيحة التي كثيرا ما يتلقاها الازواج الذين لا يشعرون بالسعادة هي الا يلجأوا الى الطلاق وان يتمسكوا برباط الزوجية .. وأكد تقرير صدر امس هذه النصيحة.
وخلص باحثون من جامعة شيكاغو ومعاهد اخرى الى ان نفس نسبة الازواج الذين يتجنبون الطلاق رغم الزواج غير السعيد ينتهي بهم الحال بعد خمس سنوات الى نفس السعادة التي قد يشعر بها اولئك الذين وقعوا في الطلاق.
ووجدت مقابلات اجريت في الثمانينات مع 5232 من المتزوجين البالغين، ومرة اخرى بعد خمس سنوات، ان هؤلاء الذين عثروا على السعادة اكتشفوا ان مصادر المشاكل الزوجية مثل المال والاكتئاب، بل وحتى الخيانة الزوجية خفت حدتها بمرور الوقت.
وذكر آخرون انهم شعروا بتحسن بعد الحصول على المساعدة لفترة طويلة احيانا من الاقارب او من اصحاب المشورة او عن طريق التهديد بالطلاق. وعثر آخرون بأنفسهم على طرق للسعادة رغم زيجاتهم العادية.
وقالت ليندا وايت، استاذة علم الاجتماع بجامعة شيكاغو التي اعدت التقرير الذي قدم في مؤتمر في واشنطن، <<الابقاء على علاقة الزواج لا يكون فقط من اجل الاطفال. فبعض حالات الطلاق ضرورية، لكن نتائج مثل هذه توضح ان الحديث عن فوائد الطلاق مبالغ فيه>>.
(رويترز)
ــــــــــــــــــ
أسرار الحياة الزوجية الناجحة
أكد علماء النفس في جامعة واشنطن الأمريكية, أن الطريقة التي يعامل بها كل زوج زوجه في الحياة اليومية هي السر في إقامة علاقة زوجية ناجحة واستمرار الحياة السعيدة بين المتزوجين.
واستطاع الباحثون في دراسة نشرتها مجلة /العلوم النفسية العائلية/, التنبؤ بمَن مِن المتزوجين حديثا سوف يستمر زواجه ومن سينتهي بالطلاق, من خلال إجراء مقابلات مع 95 من الأزواج, خلال ستة أشهر من زواجهم, وقضاء 24 ساعة في مراقبة كل زوجين في المختبر لمعرفة كيفية التواصل بينهما.
وبعد مرور خمس سنوات, وجد الباحثون أن تنبؤاتهم باستمرار الزواج وحدوث الطلاق قد تحققت بنسبة 90 في المائة.
وقال هؤلاء إن المفاهيم التي يحملها كل زوج للآخر ولزواجهما, تدل على مدى استقرار الزواج بكل دقة, إذ اعتمد "الرباط الزوجي" في حالة الأزواج السعداء على طريقة معاملة كل منهما للآخر.
وخلص الخبراء إلى عدد من الأفكار التي تعطي لمحة عن الحياة الزوجية المستقبلية, كاستخدام كلمة "نحن" بدلاً من "أنا", عندما يكون الحديث عن الخطط المستقبلية من قبل الزوج أو الزوجة, وأن يذكر كل من الزوج أو الزوجة بعضهما بالخير ويعطيان انطباعا لمن يتحدث إليهما بأنهما فخوران بارتباطهما وزواجهما, إلى جانب تطابق وجهات النظر وتعزيز كل منهما وجهة نظر الآخر أثناء الحديث.
ويرى الباحثون أن على الزوجين أن يختزنا ذكريات واضحة عن تاريخ أول لقاء جمعهما وان يتذكرا تفاصيل اليوم الذي اتفقا فيه على الزواج, وأن لا يتصرفان بسلبية تجاه المصاعب التي تلاقيهما في حياتهما بل عليهما البقاء متفائلين وإيجابيين في السلوك والمعاملة.
--------------------------------
المصدر : واشنطن - قدس برس
ــــــــــــــــــ
حفظة القرآن من الأبناء
من أسباب سعادة الأسرة المسلمة والتي تبقى عادة غائبة عن الأنظار هي ارتباط هذه الأسرة بكتاب الله خصوصاً إذا كان الأبناء من حفظة القرآن الكريم.
وفي هذا المجال يمكن الحديث عن:
* دور البيئة والتنشئة الاجتماعية في تحفيظ الأبناء للقرآن الكريم:
في الحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) دعوة لأن يخطط الآباء لتربية أبنائهم تربية صالحة كما يخططون لدنياهم. وأن يشجعون أولادهم على قراءة القرآن إلى جانب ممارسة الرياضة والسباحة وتعلم الكامبيوتر وغيرها من الهوايات المفضلة كي يتمتع الولد بكل حياته ولا ينسى الله ويصبح مجارياً للعصر مع قاعدة متينة تربطه بدينه.
* متى وكيف يبدأ الأهل بتحفيظ القرآن؟
تبدأ القضية بقناعة الوالدين بهذا الأمر، فالوالدين هم نماذج حية لها قوة وسلطة على الأبناء لأنهم يثيبون ويعاقبون. وأن يبدأ العمل معهم وهم صغار لأنهم يريدون رضى الوالدين بشدة في فترة صغرهم، أمام سنوات المراهقة فتتميز بالعناد والتمرد الذي قد يدفعهم لممانعة رغبة الوالدين. هذا بالاضافة إلى أن من أتقن شيئاً أحبه، فإذا علمناه القرآن من الصغر سيتقنه ويحبه ويشعر بحلاوته.
* دور الأهل في عملية تحفيظ القرآن للأبناء:
1 ـ الاتفاق بين الزوج والزوجة على تربية الأبناء تربية صالحة.
2 ـ التفرغ للأبناء بشكل مركز.
3 ـ ازالة الملهيات الغير مفيدة مع إبقاء الملهيات التعليمية.
4 ـ إيجاد الصحبة الصالحة من حفظة القرآن من الجيران وأبناء الأصدقاء.
5 ـ أن يقرأ الأهل القرآن أمام أبنائهم كي يشجعونهم.
6 ـ إذا لم يستطيع الأهل حفظ القرآن فليتعلموا التلاوة الصحيحة ويقرأوا القرآن أمام الأبناء.
7 ـ أن يركز الأهل في عملية تحفيظ الأبناء القرآن على الفهم كي يؤثر على سلوكه والفهم هو الذي يرسخ الحفظ، فالحفظ المجرد هي عملية تكرار تنتهي بانتهاء فترة التكرار ولكن الحفظ مع الفهم يرسخ المادة.
8 ـ إذا لم يجد الأهل الوقت الكافي أو القدرة على تحفيظ الأبناء فالبديل موجود، يمكنهم وضع الأولاد في مراكز ودورات تحفيظ القرآن التي تقوم بهذه المهمة بدلاً عنهم
-----------------------
المصدر: قناة اقرأ- برنامج البيوت السعيدة
ــــــــــــــــــ
ادارة الصراعات العائلية
الاختلاف بين البشر أمر طبيعي، أن الله سبحانه وتعالى عندما خلق البشر فرق بينهم، ولم يخلقهم سنخاً واحداً بل أوجد فيما بينهم اختلافاً من ناحية الاذواق والطباع والسلوكيات والاخلاق والمأكل والملبس وبالتالي ينشأ ثمة صراع، كما ان الاحتكاك والعمل والجهد لابد وان يولِّد الصراع.
*العوامل المؤثرة في ايجاد الصراع:
1_ عامل الناس: لأن الناس مختلفين يأتون من اسر وبيئات مختلفة.
2_ عامل العلاقات
3_ عامل التكنولوجيا
4_ عامل البيئة: وهي من أبرز وأهم العوامل المؤثرة في ايجاد الصراع
*استراتيجيات ادارة الصراع:
1_ الاستماع للمشكلة هي المقدمة لأدارة الصراع.
2_ استراتيجية تحرير الخلاف:
وهي تفريغ الخلاف عن طريق وسائل مختلفة، مثلاً الكتابة على الورق، ويتم خلالها كتابة الاسباب المهمة للخلاف وترك الامور الجانبية والتوافه، ويتم من خلال هذه الطريقة امتصاص للغضب وتهدئة الاوضاع بين الطرفين.
2_ مقاومة سايكولوجية "كلاّ":
ويتم ذلك من خلال أبدالها بسايكولوجية "نعم"، عن طريق طرح اسئلة اجابتها تكون بالتأكيد نعم.. وبذلك تخفف سايكولوجية "كلا" وهي من الامور المنطقية لأن المقابل عندما يكرر نعم.. نعم يصل الى مرحلة يقبل فيها الشيء الذي كان يقول عنه "كلا".
3_ استراتيجية المستقبل:
ترجم الماضي الى طلب، ولا تتكلم عن سلبيات الماضي، بل حولها الى طلبات.
4_ الابتعاد عن لغة العداوات:
لغة العداوات هي لغة الاوامر مثل لغة القضاة والمحامين والشرطة. وذلك لأن التأثير في الشخص بواسطة الادب والزيادة من الادب يكون أكبر من التأثير بواسطة العنف والاوامر.
5_ كسِّر الخلاف:
بأن نضع أمامنا الايجابيات والسلبيات معاً وبهذا نستطيع ان نكسر الخلاف لا أن نضع الخلاف والامور السلبية نصب أعيننا ونتناسى بقية الامور.
من افضل طرق التعامل مع الغضب والصراخ والإهانة هي السكوت في المرحلة الاولى فقط لأن السكوت يمتص من غضب الطرف المقابل، ومن ثم بعد ذلك في مرحلة الهدوء تتم مناقشة اسباب الخلاف.
*نحن نعلم بأن الاصل في الحياة العائلية هو السعادة ولكن في نفس الوقت فأن الصراع والتعب موجود، ولكن على الانسان ان يستثمر الصراع في تنمية ذاته وعلاقته بالآخرين.
عن فضائية art بتصرف
ــــــــــــــــــ
صلة الارحام مهد الحياة الهنيئة(54/242)
دعم الإسلام هناءة الأسرة ، فأحكم وثاقها بمن تربطها بهم قربى ، وشد أزرها بما أوجب من تراحم الأخوة والأخوات ، وبني العمومة والعمات ومن يليهم ، فليس أرضى لله تعالى من صلة الرحم التي أمر أن توصل ، وبر الأهل والعشيرة ، الذين يزكو عندهم إسداء المعروف، وليس أجلب لسخط الله من إهدار هذه الحقوق التي يوغر إهدارها الصدور ، ويثير العداوة ويؤرث الأحقاد ، ويجعل الأسرة المتعاطفة متدابرة متخالفة .
ورعاية أولي الأرحام ، والتوسعة عليهم ، بما لا يشق إسداؤه إليهم ، هو عصام هذه الأسرة من التفكك ، وزمامها من الإنحلال والزوال ، وهو دواء أنفسٍ إن غفلت عن مغزى قول طرفة بن العبد الجاهلي :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة . . . على القلب من وقع الحسام المهند
فيما ينبغي أن تغفل عن صورة الرحم الفذة في قول المعصوم صلوات الله عليه وسلامه : أن الله تعالى خلق الخلق ، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قل فذلك لك . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اقرأو إن شئتم ( فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) سورة محمد:22-23.
لقد شق الله سبحانه للرحم اسما من اسميه الرحمن والرحيم ، ومن رحمته التي وسعت البر والفاجر في هذه الحياة ، وجعلها خالصة للمؤمنين يوم يلقونه ، ليعظم حقها على العقلاء الذين يفهمون أن الحياة لا يمكن أن تصفو بغير تراحم الأقرباء، وتعاون الأحياء وذلك وحي الحياة ، وحديث الواقع قبل أن يكون وحي السماء وحديث النبوة ووصايا الآباء للأبناء .
إن في أفراد كل أسرة من الجفوة ، والشطط عن صراط الله قدراً مما شكا منه أحد صحابة الرسول (ص) : [ أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم المَلّ لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ] .
ومن معاني هذا التوجيه النبوي ، أن لهؤلاء الجاحدين حقوقاً على ذوي القلوب الكبيرة ، فالإحسان إلى المسيء من أدب الاسلام الذي يقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لعقبة بن عامر وقد سأله : يا رسول الله: أخبرني بفواضل الأعمال ، فقال: [ يا عقبة : صل من قطعك وأعط من حرمك ، وأعف عمن ظلمك ] . ثم أليس هؤلاء أعضاء في جسم المجتمع الذي يمنى بتشويهٍ فادح إن نحن بترناهم من قبل أن نبلو عذراً بمحاولة إصلاحهم ، والعربي يقول :
وأمنحه مالي وودي ونصرتي وإن كان مطويّ الضلوع على بغضي
ويقول مسكين الدارمي :
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
وإن ابن عم القوم فاعلم جناحُه وهل ينهض البازي بغير جناح ؟
ويقول المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدًا
فإن أكلوا لحمي، وَفَرْتُ لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدًا
ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
ومن قبل هؤلاء قال حاتم :
شربنا بكأس الفقر يوماً وبالغنى وما منهما إلا سقانا به الدهرُ
فما زادنا بغيا على ذي قرابة غنانا ولا أزري بأحسابنا الفقر
وأين من هؤلاء الأمجاد، ذلك الذي قيل فيه :
سريع إلى ابن العم يلطم خده وليس إلى داعي الندى بسريع
ــــــــــــــــــ
هل هذا جزاء الابوين
بقلم : زينب الغزالي
يقول الله عزوجل : (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .
ويقول : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حديث معناه [ رغم أنف عبد أدرك أبويه ولم يدخلاه الجنة ] . هذه هي منزلة الآباء في عقيدة الإسلام ونظامه ، حتى إن الآيات قرنت بين توحيد الله سبحانه وتعالى وبين الإحسان إلى الوالدين والرحمة بهما ، بل إن الشقي من حرم دخول الجنة لأنه لم يحسن إلى والديه .
والكلام في هذا الموضوع كثير ولكني أتحدث الآن عن ظاهرة بدأت تنتشر في بلادنا وهي ظاهرة إقامة مؤسسات خيرية لرعاية المسنين ، فإن كان الأمر مقبولاً بالنسبة للآباء والأمهات الذين لا يجدون من يُعنى بهم ويقوم على خدمتهم من الأبناء والأحفاد ، فكيف بالآباء والأمهات الذين ضحوا وبذلوا الليالي لخدمة أبناء وبنات ، ثم يكون مصيرهم هذه المؤسسات ؟
كيف يرضى ابن بار وابنة بارة أن تلقي بأمها وأبيها في مؤسسة خيرية ، ولا تضعهما في مكانتهما الطبيعية في حبة قلبها ونبضات روحها.
إنني أرى أن ترك الآباء والأمهات الذين لهم أبناء أو بنات ، في تلك المؤسسات الخيرية عار على المجتمع المسلم ، وجريمة خلقية لا ترضاها شريعتنا وقيمنا الإسلامية وتقاليدنا التي تنبع من حضارتنا.
وأهيب بكل من له أب أو أم أن يسارع بإحاطتهما بالحنان والحب والود والرحمة فمهما فعل الأبناء ، فلن يوفوا الآباء حقوقهم، وهذا هو الخلق السامي الذي يقوم على أساسه المجتمع المسلم.
فارحموا الآباء.. أيها الأبناء.. وثقوا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
وكما تدين تُدان.
ــــــــــــــــــ
كيف نتعامل مع كذب الاطفال ؟
من أبرز ما يزعج الوالدين هو ملاحظة الكذب على أبنائهم ، وذلك لما للصدق من أهمية كبيرة .
لماذا الكذب ؟
معظم الأطفال يكذبون بين وقت وأخر ،ولسلوك الكذب أسباب كثيرة منها:
1 - الطفل يستخدم الكذب الاستكشافي كوسيلة يتعرف من خلالها على ما يمكن أن يحدث( لقد اخذ صديقي نقوداً من محفظة والده دون علمه ) .
2 - قد يتعمد الكذب كي ينجو من العقوبة .
3 ـ- ميل الطفل للتضخيم والمبالغة بغرض التباهي .
4 - عدم القدرة على التفريق بين الحقيقة والخيال ، لاسيما في حق طفل ما قبل المدرسة .
ماذا نصنع ؟
1 - التزام الهدوء : إذ لا يحسن أن نكره الأطفال على قول الحقيقة لأن مثل هذه الطريقة تجبر الطفل على الكذب مرة أخرى لينجو من الموقف .
2 - واجه الطفل بطريقة إيجابية : بمعنى لا تطلق لفظ ( أنت كاذب) أو تنقد الطفل ، لأن مثل هذا الأسلوب يدفع الطفل إلى الانتقام ، ويقلل من التقدير ، ولكن بدلاً من ذلك تقول بكل هدوء : أنا أعرف أن الذي تقول غير صحيح ، والكذب غير مفيد ، ودعنا ننظر في الموضوع .
3 - حاول معرفة أسباب الكذب :فإذا كان الطفل يدعي التفوق في مادة هو في الحقيقة يعاني من صعوبتها تستطيع أن تستجيب لمثل هذا النوع من الكذب بالعبارة التالية : أرى أنك تبذل جهداً كبيرا ًفي هذه المادة وهي صعبة عليك ، إذا أحببت نستطيع أن نقضي وقت أطول في مذاكرتها .
4 - استخدم أسلوب التأديب المناسب : ينبغي أن يعرف الأبناء شيئين وهما : أننا نفخر بهم إذا أخبرونا الصدق . والشيء الثاني أن الكذب يترتب عليه مضاعفة العقوبة .
5 - القدوة والمكافأة على الصدق : بمعنى أن يلاحظ الطفل الصدق في تعامل والديه معه ومع الآخرين .
ــــــــــــــــــ
معالم في مسايسة أم الزوج وزوجة الابن
زينب الغزالي
أتحدث إليك اليوم بحساسية دقيقة، غير أنها ضرورية، لأنها كثيراً ما خيمت على بيوت سعيدة ، فأشقتها وكثيراً ما خيمت على بيوت فأسعدتها.. إنها الصلة بين أم الزوج وزوجة الابن .
وأم الزوج تسمى في العرف والتاريخ "الحماة" وما أجمل أن نتعامل معها على أساس الأمومة للزوجين ، لأنها الشجرة التي أثمرت الزوج، ثم حنت عليه بظلالها،' وسقته من ماء حياتها ، حتى غدا ثمرة تاقت إليها النفوس، وتمنتها القلوب، فكنت أنت يا بنتي القاطفة لها ، فهل تحبين أن تكوني القاطعة لهذه الشجرة المباركة التي أعطتك هذا الزوج الحبيب الحاني؟!
إنني أدعوك إلى أن تناجي ظلالها وتسقيها بيدك ماءً يباركها، تلك هي "حماتك" أتعلمين يا بنتي أنك لو أطعت الله فيها ماذا يكون لك من أجر عند الله ؟
إنه الأجر العظيم ، فقد أوصى سبحانه في كتابه العزيز (وبالوالدين إحسانا) . فكما أنك تحرصين على مرضاة أمك وتفعلين كل ما يسعدها، كذلك فافعلي مع أمه ، فاتقي الله فيها .
إن العقوق يا بنتي ذنب هو من الكبائر عندما قال صلى الله عليه وسلم ما معناه : [ألا أدلكم على أكبر الكبائر ؟ ] قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : [ الشرك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور.. ] [ البخاري وغيره ]
فمن المهم أ ن تساعدي زوجك على أن يكون باراً بوالديه وأن توصيه دائماً بذلك، إن برّك يا بنتي بأم زوجك هو بركة لك ، إن وجدت ابنها أغضبك ، غضبت لغضبك حتى يرضيك..
إن السعادة هي التي تشهد امتزاجاً بين أسرة الزوج وأسرة الزوجة بحب ومودة، فهل تكونين يا بنتي لحماتك الابنة والصديقة والحبيبة، فتكون لك الأم والصديقة والحبيبة ؟! أرجو أن تتفكري في كلماتي..
وأنت أيتها الحماة الحبيبة .. أرجو أن تتنبهي إلى أسباب سلامته .. فكم كانت سعادتك وأنت تزفين ابنك يوم عرسه، كم كنت موفقة وأنت تؤكدين أن زوجة ابنك ستكون كابنتك.. فماذا يا سيدتي وقع بعد الزواج.. ؟ إنها هي التي ضممتها إلى صدرك والسعادة تجري في دمائك وتملأ وجهك، ثم تابعت الحب الذي كان بين الزوجين بعد زواجهما.. فماذا أغضبك من سعادة ولدك وزوجه.. ؟
إنني يا سيدتي أعتب عليك ألا تنزليها منزلة ابنتك، فأنت تفرحين لابتسام زوج ابنتك وحنوه عليها ، أفليس من واجبك أن تغمري ولدك وزوجه بهذا الذي تغمرين به ابنتك وزوجها ؟
حبيبتي.. إن العدل شريعة الله، فراجعي نفسك في علاقتك بزوجة ابنك، واقرأي معاني الرحمة والمودة في كتاب الله، وأن ذوي القربى أولاهم بالمودة والمحبة.. فالزوج هو فلذة كبدك وأبناؤه هم أحفادك.. فاملأي قلبك بالحب للزوجة والأحفاد، حتى ينشأ البيت على أساس من النور الرباني، فالبيوت التعسة لا يصل إليها نور مرضاة الوالدين ودعواتها لأبنائهما وبناتهما.. فلا تحرمي بيت ولدك من دعواتك الحانية، ومودتك المثمرة، فالمال يفنى وتبقى المعاني الجميلة للحياة.. تراحم الأسرة وتوافقها.
لا تبحثي عن أخطاء زوجة ابنك، ولكن انصحيها، واعلمي أنها من جيل غير جيلك ومن واقع غير واقعك، فكوني لها الأم الحنون، الأخت والصديقة وثقي أنها ستعاملك كابنتك وصديقتك، فترفرف بذلك أعلام السعادة على البيت.
ــــــــــــــــــ
ماذا لو اعتذر الوالد لولده ؟
اثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه، ونزلت دمعة من عينه على خده، وكنت وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني على انفراد قائلاً: هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي؟! قلت له: لا والله!! فقال: إن لي ابناً عمره سبعة عشر سنة وقد هجرته منذ خمس سنوات لأنه لا يسمع كلامي، ويخرج مع صحبة سيئة، ويدخن السجائر، وأخلاقه فاسدة، كما أنه لا يصلي ولا يحترم أمه، فقاطعته ومنعت عنه المصروف وبنيت له غرفة خاصة في السطح، ولكنه لم يرتدع، ولا أعرف ماذا أعمل، ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري لعلاج المشاكل أثّر بي، فماذا تنصحني؟
هل استمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة؟! وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل؟!
قلت له: عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد، وإن ما عمله ابنك خطأ ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ومستقيماً في سلوكه، فرد عليَّ الرجل قائلاً: أنا أبوه أعتذر منه، نحن لم نترب على أن يعتذر الأب من ابنه!!
قلت: يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما على المخطئ أن يعتذر، فلم يعجبه كلامي، وتابعنا الدورة وانتهى اليوم الأول، وفي اليوم الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه، وقلت له: ما الخبر؟
قال: لقد فكّرت كثيراً بكلامك وطبقته البارحة، وهل تعرف ما هي النتيجة؟
قلت: أخبرني، قال: طرقت على ابني الباب في العاشرة ليلاً وعندما فتح الباب قلت له: يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات، فلم يصدق ابني ما قلت ورمى رأسه على صدري وظل يبكي، فبكيت معه، ثم قال: يا أبي أخبرني ماذا تريدني أن أفعل، فإني لن أعصيك أبداً.
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، بل إن النبي محمد (ص) في إحدى الغزوات كان يساوي بين الصفوف، فوضع عصاه في بطن أحد الصحابة ليساوي وقوفه مع بقية الصف، فطلب هذا الصحابي أن يقتص من النبي على فعلته، فكشف النبي (ص)عن بطنه وأعطاه العصا ليقتص منه ،ه ولكن الصحابي انكب على بطنه يقبله، فقال له النبي(ص): «لم فعلت ذلك»، فقال أردت أن يكون آخر عهدي بالدنيا أن يمس جلدي جلدك، واستشهد الصحابي في تلك المعركة.
إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ، وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر ..
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
شجار الوالدين واّثاره التخريبية على الابناء
إن حياة الكبار كما هو معروف بحر متلاطم الأمواج من مشاكل الحياة ، والشدة تؤدى طبعا إلى تزايد أسباب الخصومة بين الزوجين حتى ولو كانا سعيدين، ونزاع الوالدين يؤثر على الطفل الصغير ويحوله من طفل سعيد إلى طفل تعيس ، والكل يعرف تقريبا بان الخصومات. والمشاكل بين الزوجين تؤثر سلبيا على حياة أطفالهم ، ولا تفيد فى درء هذه الحالة محاولة الوالدين أن يبدوا أمام طفلهما ، أو طفلتهما شخصين عاديين، ويخطئ الوالدان إذا ظنا أن ذلك كفيل بخداع الطفل لأنه فى الحقيقة لا تحفى عليه خافية فهو يلاحظ الجو العام عن طريق نبرة الصوت التى يسمعها أو حدة النظرة التى يراها ، ولكنه يكتم حقيقة شعوره ، وتزداد مخاوفه لأنه قد يتوهم أن كل ما يجرى كان بسببه وأن غضب والديه موجه إليه ، لذلك فإنه يؤثر السلامة ويتقوقع على نفسه .
والطفل الصحيح العاطفة فى السنة الأولى من حياته يبدأ فى محاولة التعلم على أداء أعمال جديدة بوسائل مستقلة ، ولكنه فى نفس الوقت يظل معتمدا على والديه فى بلوغ الطمأنينة، وإذا حالت منازعات الوالدين أو قلقهما دون إحساس الطفل بأن استكشافه للحياة من حوله أمر مأمون العواقب فأنه يصبح شديد التعلق بأمه أو أبيه ولا يطيق البعد عنهما لحظة واحدة كما أنه يخاف من تجربة أمور جديدة ، فإذا ألم يتغلب على مخاوفه هذه فإنه يكف عن تعلم أمور الحياة من حوله وخاصة عندما تزداد حدة المشاكل بين الزوجين وتكون تلك هى محور حياتهم هنا سيزداد تعقد الطفل وقد يصبح طفلا غير سوى وغير قادرعلى مجاراة غيره من الأطفال الأسوياء.
إن الأطفال الصغار ممن هم فى السنة الأولى من حياتهم يتجاوبون بطرق عدة مع مظاهر الشدة العائلية، فبعضهم ينسحب ويتراجع وغيرهم يتملكهم الانقباض وآخرون يبدون روحا عدائية وميلا للتحطيم، وفى أغلب الأحيان يفقد أولئك الأطفال شهيتهم للطعام وكثيرون منهم يعانون اضطرابات شديدة أثناء النوم.
وكثير من الأطفال الصغار يتجاوبون مع الخصومات العائلية بتقليد الأصوات الغاضبة التى يطلقها الوالدان، وهذه كلها دلائل تشير إلى وقوع الطفل فى مشكلة الأمر الذى يحتم على الأبوين ضرورة تلافى ذلك قدر المستطاع.
زيادة ثقة الطفل بنفسه
ما من إنسان يستطيع وقف كل مسببات الشدة فى الأسرة ، ولكن بوسعه التقليل من تأثير الشدة إذا طال عليها العهد ، فإذا فعل ذلك فقد قلل كثيرا من تأثيرها على الطفل ، ويمكن تعزيز الثقة بنفسه من خلال الإجراءات التالية التى يمكن أن تزيد ثقة الطفل بنفسه :
1- اظهرى له نقاط قوته: عندما يشعر الطفل بالإحباط أو بعدم الثقة بالنفس يمكن للأم أن تذكره بكل النقاط الإيجابية فى شخصيته كتسامحه وكرمه أو خفة دمه.
2- كونى قدوته: طفلك يحتاج أن يراك تحققين نجاحا ليكون لنفسه سلوكا إيجابيا والسلوك الحسن يعطى سلوكا مشابها له فإذا ما تحلى الوالدان بالخلق الإيجابى وبالهدوء وابتعدوا قدر مستطاعهم عن المشاكل استطاع الطفل أن يقتدى بوالديه وأن يتبع سلوكهما.
3- إضفاء جو من السلام فى المنزل: الأبحاث النفسية أظهرت بأن الطفل يصيح عاجزا ومحبطا إذا نشأ فى جو من الحزم والعقوبات.
4- عامليه باحترام: بعض الأمور التى يتعرض لها قد تبدو لك بسيطة نظرا لخبرتك وسنك طبعا ولكن بالنسبة له قد تكون غاية فى الصعوبة. استمعى لمخاوفه وحديثه بجديه وقدمى حلولا بإمكانه استيعابها .
5- اقترحى حلا: قدمى لطفلك أفكارا جديدة عندما يحتار ماذا يفعل. لا تحلى المشكلة بل ساعديه أن يفكر فى حل لم يفكر به من قبل.
مقترحات هامة لكل أب وأم
من المهم أن تتناقشا فى مشاكلكما ولا تظلا باردى الشعور مع استعلاء، لأن البرودة تزيد من قلق طفلكما، كما أن المشاكل تزيد من ابتعاد الطفل وتقوقعه حول نفسه، فإذا تبين لكما أن حديثا قاسيا أو مواجهة حامية يوشكان على الحدوث فأجلا النقاش إلى ما بعد راحتكما وإذا ما غضبتما فلا تسمحا للغضب بأن يفلت عقاله، ولا تدعا النقاش يخرج من حجرة النوم فالأطفال يكونون غاية فى التأثر بالصراعات القائمة بين الوالدين والتى تعود بالسلب على حياة الصغار ومن المهم التحلى بالهدوء والصبر حتى يمكن مواجهة المصاعب والمشاكل المختلفة التى تعترض حياة الأسرة لأن الأطفال حساسون جدا تجاه الصراعات القائمة بين الوالدين ولذلك من الأجدر تلافيها أو مناقشتها على حدة دون معرفة الصغار.
ــــــــــــــــــ
خيانة هاتفية.. فتش عن العله في نفسك
دخل الزوج منفعلا وهو يردد.... أريد أن أطلق زوجتي.
فقلت له: هدئ من روعك، واجلس لنتحدث معا..
قال: أرجوك لا تناقشني في هذا الموضوع، فان الجريمة التي اقترفتها زوجتي لا تغتفر أبداً.. قلت: وهل تعني أنه لا يمكن الإصلاح بينكما؟؟!!
قال: نعم .. وان هناك سراً خاصاً لا أود أن أبوح به، فأرجوك لننته من إجراءات الطلاق في الحال.
قلت: حسن.. وبدأت أمسك بالورقة وأنا أتحدث إليه عن أثر الطلاق على نفسية الزوجين وعلى الأبناء، ثم بدأت أتحدث عن الطلاق الناجح وكيفيته...
قال: الصراحة .. إن زوجتي تخونني...
فنظرت إليه وقلت: وكيف عرفت ذلك؟!
قال: لقد رأيتها...
قلت: أستغفر الله.. وهل ارتكبت الفاحشة في بيتك؟!
قال: لا .. وإنما كانت تتحدث في الهاتف مع رجل..
قلت مستغرباً: وهل هذه هي الخيانة التي تقصدها؟!
قال: نعم..
قلت: وكم مضى على زواجك؟!
قال: خمسة عشر عاماً، وعندي منها عدد من الأطفال.
قلت: وأين زوجتك الآن؟!
قال: هي في الخارج.
قلت: هل تسمح لي أن أتحدث إليها؟!
قال: طبعاً .. لا مانع عندي بشرط أن تخلصني اليوم...
فدخلت الزوجة وجلست في المكتب وبقربها زوجها وبدأت أتحث إليها عن زوجها وماذا تحدث عنها وطلبت رأيها.
فقالت: يا حضرة القاضي...
في الحقيقة أنا أحب زوجي، ولا أريد أن أنفصل عنه فهو أبو عيالي. ولي منه أربعة من الأولاد، وإنني لم أخنه كما يدعي، بل أنا من عائلة محترمة وإنني أخاف الله تعالى.
ولكن المشكلة التي أعاني منها هي أن زوجي جاف وقاس ولم يسمعني منذ اثني عشر عاما كلمة واحدة طيبة، على الرغم من أنني لم أقصر في حقه بشيء، وهو يسمعني ويمكنك أن تسأله والله علي شاهد.
قلت: ولكنه يقول انك تحدث في الهاتف، مع رجل غريب عنك؟!
قالت : الصراحة.. نعم.. وفعلتها مرة واحدة لأنني مللت من اشباع غريزتي من خلال الأفلام وذلك بالاستماع إلى الكلام الحلو والعاطفي.
وكل الذي عملته هو أنني اتصلت برقم عشوائي بالهاتف فإذا معي على الخط شاب، فتحدثت معه لأسمع منه كلمات الغزل والحب.
ثم قالت: وأنت تعلم أننا نحن النساء بحاجة إلى من يسمعنا مثل هذا الكلام، فآذاننا تطرب إذا مدحنا الزوج أو شكرنا أو أثنى علينا.
فالتفتّ إلي الزوج قائلاً: وهل كلامها صحيح؟؟...... ما تعليقك؟
فنظر إلي قائلاً: نعم.. كلامها صحيح.. فانا رجل قاس الطباع والحقيقة إني أحبها، وأكثر من مرة طلبت مني أن أتحدث معها بكلام معسول، وأنا أحاول ولكنني لا أستطيع ذلك... فأنا لست صغيراً وقد تربيت في بيت قاس وناشف.....
قلت: نعم إن تصرف زوجتك خاطيء في حديثها مع الشاب الأجنبي، ولكنك أنت السبب في اندفاعها وتفكيرها بالخطأ لأنك لم تشبع حاجاتها النفسية.
قال: إن أبي عمره ستون عاماً، ووالدتي عمرها خمسة وخمسون عاماً ولا أذكر أن أبي قد حدث والدتي بكلمة طيبة حتى هذه الساعة، ولكن أمي لم تخنه ولم تشتك منه، فلماذا لا تكون زوجتي كذلك؟!
وحاولت الزوجة أن تتدخل فقلت لها لحظة من فضلك...
ثم قلت له: يا "أبو فلان" انك لا تستطيع أن تجبر النساء أن يكن مثل والدتك، ثم من قال لك أن أمك راضية، ولكن لعلها صابرة محتسبة الأجر عند الله. والمرأة تحتاج إلى من يتكلم معها، فالكلام بالنسبة لها رمز للتقدير والاحترام، وهو علامة من علامات الاهتمام، كما أن زوجتك ترعى شؤون منزلك وتربي أبناءك الأربعة، وحافظة لبيتك، ألا تستحق منك كلمة شكر، فيوماً أمدح فستاناً لها، ويوما آخر أثن على طعامها، وهكذا الحياة تسير فتجد للعلاقة الزوجية طعما ورائحة تستمتع بها وتستمتع هي بك.
قال: حسناً......... وما الحل الآن؟؟
قلت له: إن زوجتك وفية لك، وستعتذر لك الآن وتقبل رأسك وتعاهدك أن لا تكرر هذه الخطيئة. ولكن عليك أن تعدني بأنك ستتغير.
قال: توكل على الله.
فقامت الزوجة وقبلت رأسه واعتذرت منه... ثم أجلسته بقربي وأعطيته ورقة وقلما وقلت له
اكتب:
يوم السبت: تمدح فستانها....
يوم الأحد: تمدح ترتيب المنزل....
يوم الاثنين: تلمس شعرها.....
يوم الثلاثاء: ..........
فقاطعني قائلا: وهل كل يوم سأفعل كل هذا.
قلت له: نعم ... فضحكا وضحكت معهما وخرجا وهما فرحان.
ــــــــــــــــــ
حياتك وحيات ابنك
كنت استمع إلى أحد الآباء وهو يشتكي من ابنه المراهق الذي جرب معه كل الحلول لتقويم سلوكه وإصلاحه وإقناعه بترك معاكسة الفتيات والحرص على الصلاة وبعدما انتهى من حديثه عن ابنه.
قلت له: هل كنت فرحاً عندما أخبرتك زوجتك بأنها حامل به؟ وهل تلقيت خبر الولادة بفرح وسرور؟ وهل دعوت أصحابك وأهلك لحضور عقيقة ابنك؟
وهل.. وهل.. وكانت كل إجاباته.. نعم.
ثم سألته: وكم كنت تعطيه من وقتك لتربيته على الصلاة؟
فنظر إلي محدقاً وسكت برهة فقلت له: لماذا سكت؟
قال: لا أدري ما أجيبك؟ قلت أنا أعرف جوابك. إن ماتشاهده من ممارسات لابنك هو من كسب يدك..
قال: إن كلامك يؤلمني، ولكنه صحيح.(54/243)
قلت: إن صناعة الجيل الصالح في هذا الزمان ليست بالأمر السهل، ولهذا نلاحظ أن الإسلام أوجب على الوالدين حقوقاً تجاه ابنائهم ليلزمهم بها مالياً وصحياً ونفسياً وتربوياً حتى يحفظ لهم مستقبلهم ويكونوا قيادات متميزة.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: دعني أضرب لك مثالاً على حفظ حق الجنين بالإرث وهو في بطن أمه في الإسلام، لقد اوقف الإسلام تقسيم التركة إذا مات الأب والجنين في بطن أمه حتى لايضيع حقه، فإذا لم يكن معه وارث آخر فإن التركة جميعها توقف حتى يولد الجنين، وإن كان معه وارث فيقدر له تقديران ويوقف له نصيب الأكبر، وبعد الولادة يعرف جنسه ثم تخصص له حصته ويوزع الباقي على الورثة.
قال: هذا كلام أسمعه لأول مرة.
قلت: دعني أزيدك في اهتمام الإسلام بالطفل، بل إن الإسلام منع إقامة حد الرجم على المرأة الحامل خشية أن يهلك الجنين وكذلك حرم الإجهاض واسقاط الجنين بعد حصول الحمل ورخص الإسلام للحامل ان تفطرحرصاً على صحة الطفل، وكذلك الرقه في التعامل معها، فأمر الرجل أن يراعي نفسيتها اثناء الحمل حتى أن العالم «سونتاج» لاحظ أن الأجنة التي تولد بوزن منخفض تكون أمهاتهم كثيرات الانفعال أثناء الحمل.
قال: إن كلامك جميل ولكن ما علاقة ذلك بمشكلتي.
قلت: إذا أمر الإسلام بالاهتمام بالجنين في بطن أمه ثم بعد ذلك رعايته وتغذيته وتعليمه وتربيته فهل ترى أن الإسلام أهمل تربية المراهق والاهتمام به؟
ولكن مشكلتنا للأسف، أننا نهتم كثيراً بالأطفال ثم نهملهم بعد زوال فرح قدومهم.
قال: إن علاقة الابن بأبيه تختلف عن علاقة الزوجة بزوجها، فقد سمحت الشريعة الإسلامية بطلب الزوجة للطلاق إذا حرمها زوجها من النفقة فالزوجة لها مخرج في ذلك ولكن ابنك ماهو مخرجه؟ وأين يذهب لو حرمته؟ فكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار وما أعتقه هو أن ابنك بحاجة إلى حب وحنان وعطف وجرب ما أقوله لك ثم أخبرني ماهي النتيجة؟
وأقترح عليك أن تلبس ساعتين في يدك الأولى لحياتك والثانية لحياة ابنائك.
ــــــــــــــــــ
تربية الأطفال بالوكالة
"الدكتورة لورا" هي إحدى التربويات الشهيرات في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي تحاول بقوة إصلاح وضع العائلة الأمريكية ، تقول للناس ما لا يودون سماعه ، خصوصًا عندما يكون الحديث عن تربية أطفالهم . من خلال كتبها وبرنامجها الإذاعي (الذي سيكون تلفزيونيًا قريبًا) . تحاول الدكتورة لورا أن يعود المجتمع الأمريكي إلى القيم الأسرية التي كانت سائدة في الخمسينيات ، وهي تذم عقلية واختيارات جيل كامل - جيلنا الحالي - الذي يريد أن يحصل على كل شيء : نجاح في الوظيفة ، ونجاح عائلي وأسري في آن .
كتاب الدكتور لورا الأخير "الأبوة بالوكالة" - يؤكد أن الوالدين ينبغي أن يعنوا بتربية أبنائهم ، لا أن يكلوا ذلك العمل إلى الحاضنات ، بل لا بد من تفرغ أحد الوالدين تفرغًا تامًا حتى لو كان ذلك يعني إعاقة النجاح الوظيفي . إن أي شيء أقل من هذا التفرغ الكامل لأحد الوالدين هو أنانية وإهمال وعلى حد قول لورا التي تمقت فكرة عمل كلا الأبوين ، وتمقت وضع الأطفال في الحضانات ، وتؤكد أن أفضل الحاضنات لن تلبي احتياجات الطفل العاطفية والأخلاقية .
وبينت د . لورا أن الكثيرين قد يعتقدون أن تأجير مربية لأطفال أو خادمة مسألة تخص الخدمات الكمالية التي يحتاج إليها الإنسان مثل البستاني ومدرب الكلاب .
من أهم الأمور المستخلصة من كتاب د. لورا أنه يجب على كل المقدمين على إنجاب الأطفال أن يستطلعوا ويتفكروا في أهدافهم من التربية والإنجاب وتوقعاتهم وتطلعاتهم ويجب على الآباء الحاليين أن يراجعوا قراراتهم وأسلوب حياتهم . كما يجب على البالغين العاملين بجد في التقدم الوظيفي أن يسألوا أنفسهم : هل سأترك وظيفة عظيمة إذا ما أخذت من وقتي لأطفالي ؟ هل سأرفض الترقية إذا كانت تتطلب السفر كثيرًا ؟ هل سأصر على صاحب العمل أن يحترم وضعي كأب أو أم ؟ هل سأعمل بدوام جزئي أم أترك العمل تمامًا إذا كان ذلك في صالح أسرتي ؟ إن الآباء المنتظرين ينبغي لهم أيضاً أن يقضوا أوقاتًا كثيرة مع الأطفال ؛ لأن موهبة رعاية الأطفال وتحمل أعباء تربيتهم لا تأتي بشكل تلقائي عند الكثير ، بل تحتاج إلى الإعداد المسبق ، وحتى يعلموا حجم المسؤولية العظيمة التي ستلقى على عاتقهم .
تقول إحدى الأمهات الجدد : " عندما تحولت من الدوام الكامل إلى الدوام الجزئي مؤخرًا لأبقى مع ابنتي بعد خروجها من المدرسة ، اعتبر مديري أن ما قمت به من الإعراض عن إغراء الوظيفة ، ورفض محاولاته في استمالتي بالعلاوات المالية والارتقاء في سلم الوظيفة ، تضحية كبيرة وهنأني على هذاالقرار والتضحية من أجل ابنتي لقد وجدت أن فهمه هذا مضحك ، فمجرد أن أصبحت أمًا عوضني ذلك عن كل هذا ، ومنحني كل شيء . وما قمت به لا يعتبر تضحية ".
ــــــــــــــــــ
التغير طريق السعادة الزوجية
امرأة في العقد الرابع من عمرها قالت لي: أنا لا أريد زوجي، فكم حاولت أن أغير فيه دون فائدة، زوجي حبيب طيب ولكن فيه من العيوب ما يجعل العيش معه مستحيلاً، عندي منه خمسة أولاد أكبرهم عمره خمسة عشرة سنة، وأصغرهم له من العمر خمس سنوات، لقد صبرت عليه كثيراً وعلى سلوكه وتصرفاته، ولكني جئتك الآن لتخلصني منه، فأرجوك أن تطلقني منه في الحال .
قلت لها: متى حاولت تغيير عيوبه؟ وما هي عيوبه؟ قالت : أما السؤال الأول فجوابه: منذ تزوجنا، وأما السؤال الثاني فان عيوبه كثيرة لا تعد ولا تحصى، فهو عنيد، وكثيراً ما يخرج من البيت، وقد رمى كل مسؤوليات البيت المنزل على عاتقي وفيه عيوب كثيرة.
قلت لها: وماذا فعلت لتغيري زوجك؟
قالت: وكيف ذلك؟
قلت لها: أعني ما هي الخطة التي اتبعتيها لتعالجي كل سلوك تعتقدين أنه عيب في زوجك؟
قالت: ولماذا الخطة لهذا الأمر؟!! العيب واضح وأنا دائماً أحدثه عن عيوبه كلها، وأطلب منه التغيير ولكن دون جدوى.
قلت: وهل طريقتك هذه صحيحة في التغيير؟!
قالت : نعم.
قلت لها: يا فلانة.. إن هذا ليس هو الأسلوب الأمثل للتغيير.
ثم بدأت أشرح لها قصة ذلك الرجل الذي أراد أن يغير العالم كله ومكث عشرين سنة ن ولكن شيئا ما في العالم لم يتغير، فقال: لأغير دولتي. واستمر على ذلك عشر سنين أخرى ، ولكن دولته لم تتغير، فقال لأغير مدينتي، فاستمر على ذلك خمس سنين، فلم يتغير شيء، فقال: لأغير الحي الذي أسكن فيه. ولكنه استمر ولكن الحي لم يتغير، ثم قال لأغير بيتي واستمر ولم يتغير شيء، ثم قال أخيراً: عرفت من أين أبدأ فلأغير نفسي أولاً.
فبدأ بنفسه، وبعد أن غيرها تغير كل ما حوله، بعد أن ضيع من عمره أكثر من أربعين سنة ثم اكتشف الحقيقة، وهي ما أبلغنا به الخبير العليم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
قالت: وماذا تقصد من كلامك؟!
قلت لها: هل تسمحين لي بأن تعدّي عيوبك أنت. وكيف استطعت تغييرها؟
فسكتت ولم تتكلم. فقلت لها: لم سكت؟!
قالت: فاجأتني بالسؤال .
قلت لها: أنا أعرف ذلك ، لأن الإنسان يسهل عليه أن ينتقد الآخرين ويكشف عيوبهم، ولكنه يصعب عليه أن يلتفت لنفسه.
قالت: لقد ضاع من عمري الكثير.
قلت: ولكن أقل من الرجل الذي أراد إن يغير العالم، فتوكلي على الله وابدأي حياة زوجية سعيدة.
قالت: ولكن زوجي يعرف أنني خرجت من المنزل، وأنني حضرت إليك لتطلقنا فماذا أفعل؟!
قلت لها : وهذه مشكلة جديدة. ولكن علاجها سهل.
قالت: كيف؟ !
قلت: اذهبي إلى زوجك وأخبريه بما دار بيننا وبيني له ملاحظاتك عليه وأعلني له انك بدأت تغيرين نفسك منذ اليوم واطلبي منه تغيير نفسه.
قالت: ولكننا لم نتعود على هذا النوع من الحوار والتفكير.
قلت: إذن ستكررين تجربة ذلك الرجل الذي أراد أن يغير العالم.
قالت: سأبدأ بإذن الله كما ذكرت، ولكن أيمكن أن أحضر لك زوجي لتحدثه كما حدثتني؟!
قلت: لا مانع.
وبعد مرور ثلاثة أيام جاءت السيدة نفسها وقد أحضرت زوجها معها، فعرفتني عليه وجلست إليه نتحاور، وقال لي أن زوجته أخبرته عن الحوار الذي دار بيننا، فوجدتها فرصة لأحدثه عن كيفية التعامل مع الزوجة وتقديرها واحترامها، وتحدث عن بيته وأولاده ففهمت منه أن خروجه الدائم وعدم اهتمامه بالبيت وزوجته لأنها كثيرة الشكوى منه، ودائماً تتهمه بالتقصير فهو يخرج من البيت محبطاً ويعود إليه محبطاً، فلا يتحمس للعائلة أو البقاء معهم فزوجته لا تقدره ولا تحترمه، وشخصيتها قوية جداً، ولا تعطيه فرصة لإبداء الرأي أو اتخاذ القرار.
قلت له: وأنت كذلك ماذا فعلت لتغير ما تلاحظه على زوجتك؟
قال: في الحقيقة لم أفعل شيئاً.
قلت له: ولماذا؟!
قال: لا أعرف من أين أبدأ فعيوبها كثيرة.
وبدأت أوضح له ما أوضحته لزوجته في منهجية التغيير وأن الإنسان دائماً يحب أن يتهم الآخرين به وهو ما يسمى بمرض الإسقاط فان وقع أي تقصير لا يقول: أنا المخطئ. وإنما يقول: هذه تربيتي، معلمي هو السبب، أو مجتمعنا هو السبب، أو الحكومة هي السبب، أو السحر أو الشيطان أو العين أو الجن أو العمل....... الخ وغير ذلك من الأسباب التي دائما يحب الإنسان أن يوهم نفسه بالتعلق بها ويقنع نفسه أنها هي السبب وأنه هو الذي على صواب.
قال: والله إن كلامك لصحيح وسنبدأ من اليوم بإذن الله تعالى بتغيير أنفسنا.
جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
التخلص من عقد الماضي فاتوره حياه زوجيه سعيده
لكل شخص عقدة شخصية.. الا ان المشكلة ان هذه العقدة تتضخم بعد الزواج لأن الحياة الزوجية توفرالمناخ الذى يظهركل العقد ومركبات النقص! من الطبيعى ان يحاول اى شخص التخلص من العقدة التى يعانى منها اذا استطاع اكتشافها لان هناك اشخاصا مملوئين بالعقد دون ان يدروا عنها شيئا بل ان بعضهم يراها مزايا وحسنات يجب ان يحمدها لهم الجميع.
ولكن كل واحد حر فى عقدته الا بعد الزواج الذى يحول الحياة الى صدام بين الافكار وأساليب التربية والحياة. وكلما استطاع الانسان ان يتخلص من عقده وقبل الزواج ضمن الى حد بعيد حياة زوجية هادئة!
تقول الدكتورة نادية بناني استاذ الطب النفسى هي نوع من الخبرات والتجارب السيئة التى حصلناها ونحن اطفال وتركت اثراً ممتداً عقدة كماانعكس على اسلوب حياتنا بالشكل الذى يعوق سيرها وتدفقها بالشكل الطبيعي، لان معنى العقدة عدم قدرة الشخص على ادارة حياته بشكل سوى نتيجة عقدة مترسبة داخله لايستطيع ان يتخلص منها، مع ملاحظة ان العقدة تتكون دائما فى الطفولة وغالباً تنتج عن عدم إشباع كاف للطفل فى احدى النواحى المادية او المعنوية وشعور بالحرمان من افتقاد ذلك الشئ..
وقد يكون العكس مثل الاشباع الزائد وحصول الطفل على الاشياء بسهولة لأن المطلوب دائما هو الاشباع المتوازن، وكل ذلك يمكن ان يؤدى الى عقدة ومركبات نقص تظهر بوضوح فى الكبر، خاصة خلال ممارستنا للعلاقات الاجتماعية والانسانية ومنها طبعا علاقة الزواج باعتبار ان الانسان لايستطيع ان يخفى عيوبه وعقده الشخصية فترة طويلة، بل ان البعض لايرى ضرورة لذلك باعتبار ان الحياة الزوجية ممتدة وهي احتكاك يومي وتعامل مباشر
ولكن الاغرب ان بعض الازواج يعتبر نفسه منزها عن كل عيب ونقيصة وعلى العكس يرى شخصية الطرف الآخر مليئة بالعقد.. ويطالبه بالتخلص منها؟
الخوف من سيطرة الزوجة بسبب سيطرة الام
وبالفعل احيانا تسيطر العقد على الحياة الزوجية وتحولها الى جحيم لايطاق بالشكل الذى يمكن ان يوصلها الى طريق مسدود، وعلى سبيل المثال هذا الزوج يعانى من عقدة غريبة نتيجة خوفه الدائم من سيطرة زوجته عليه.. باعتبار انه تربى فى بيت كانت الكلمة العليا فيه لوالدته التى كانت تتحكم فى مقدرات وحياة والده من اختيار اصدقائه والانواع التى يفضلها فى الطعام الى لون جوربه وفريق الكرة الذى يشجعه، وبالتالى هو خائف من ان يكرر مأساة والده، وتحول الامر الى عقدة مترسبة فى اعماقه ولذلك فهو يواجه هذه العقدة بالقهر ومعاملة زوجته اسوأ معاملة حتى يشعر بأنه الاقوى دائما والاكثر حرية وأن زوجته لاتتحكم فيه ولا تسيطر على تصرفاته رغم ان زوجته اصلاً من النوع الهادئ والمتفتح ولايمكن ان يخطر ببالها ان تتحكم فى زوجها.
وقريب من هذه المشكلة او العقدة.. شكوى زوجة من زوجها يعانى من عقدة تفوق، فهو الوحيد فى الكون من وجهة نظره الذى يعرف كل شئ.. ولاتغيب عنه معلومة، فهو دائرة معارف متحركة.. ثم انه الفاهم الواعى وفى المقابل يعتبر زوجته نموذجا للجهل المتحرك، وزاد الطين بلة انها فعلا تعانى من عدم ثقة بنفسها ولذلك فهى تشعر بأنه يستطيع ان يدمرها يوميا باتهامها بالجهل والتخلف وانها لاتستطيع ان تجاريه فى علمه او خبرته وادارته للحياة.
المهم انها تتطوع بنفسها للكشف عن سر هذه العقدة التى يعانى منها زوجها وهى انه عندما كان طفلاً كان اهتمام اسرته يذهب لاخيه الصغير الذى كانت الاسرة تراه ذكيا وانه لامحالة سيصل الى مركز مرموق من هنا تكونت لديه عقدة التفوق ليس على اخيه فقط ولكن على اسرته وزوجته والدنيا بأسرها!
غير ان هذه الزوجة بالفعل تعانى من عقدة جهل وبدون اى ادعاء من جانب زوجها الذى يقول ان زوجته اساسا لم تنل حظاً وافراً من التعليم وان ذلك لم يكن موضع اهتمامه عند ارتباطه بها على اساس ان التعليم مسألة تختلف عن الثقافة التى يمكن ان تحصلها زوجته بجهدها الخاص.. ولكنه بدأ يشعر بالمشكلة عندما بدأت زوجته تغار من زوجات اصدقائه اللاتى اكملن تعليمهن وتبوأن مناصب مرموقة بينما هى حصلت على الثانوية العامة ولم تؤهلها لاكثر من ان تكون ست بيت من النوع العادى وبدلاً من ان تحاول اكمال دراستها او تثقيف نفسها بدأت تحاول تعويض هذه العقدة عن طريق محاولة الظهور بمظهر السيدة المتعلمة بل والمثقفة ومحاولة استعراض قدرات ثقافية خاصة غير موجودة اساساً.. مثل إلمامها باللغات عن طريق اقحام كلمة انجليزى التقطتها من مسلسل اجنبى او من احدى جارتها وطبعا طريقة نطقها للكلمة، او الموضع الذى تستعمل فيه هذه الكلمة يجعل الامر مثيراً للضحك ويدعو للسخرية بالشكل الذى يحرج مركز الزواج.
عقدة تضخيم الذات
اما شخصية هذه الزوجة فهى سر حيرة وغضب الزوج، فهى زوجة ـ كما يقول ـ تتمتع بقدر كبير من الجمال والاحترام ولكنها تعانى من عقدة غريبة اسمها عقدة تضخيم الذات او الاحترام الزائد لذاتها حتى انها تعانى من عقدة حساسية تجاه هذه الذات!
صحيح انها بنت عائلة كبيرة في المجتمع بالاضافة الى انها تلقت تعليما راقيا ولكنها ليست الوحيدة التى صادفت هذا الحظ من التعليم اوالتربية ومع ذلك فلديها اعتزاز غريب بنفسها وتوقير زائد عن الحد لذاتها وقدرتها ووضعها الاجتماعي.. الامر الذى يجعل التعامل معها مسألة محفوفة بالمخاطر لأن اى تصرف يمكن ان تفسره بأنه اهانة لها ولتاريخها العائلى وقدراتها العملية والعلمية ويتطلب الاعتذار الفوري.
الخوف من مواجهة الاخرين وعقدة الانطواء :
اما شكوى هذه الزوجة فهى من نوع غريب حقا.. لأنها تقول ان زوجها يخاف من مواجهة الاخرين ويترك لها حرية اصدار القرارات والتعامل مع السوبر ماركت والمكوجى والزبال والمدرسين الخصوصيين، اما هو فيعانى من عقدة انطواء وخجل ويميل الى ان يعيش حياة هادئة رتيبة لايعكر صفوها الا اضطراره للتوجه الى العمل يوميا ليعود فى الظهيرة يتناول طعامه ويدخل الى نوم القيلولة ثم يصحو ليجلس امام التليفزيون وحتى برامج التليفزيون لايختار منها الا البرامج التعليمية والطبية والنشرة الجوية.. ولايتابع مسلسلات او نشرات اخبار او اى شئ يدفعه الى التفكير او اتخاذ اى مواقف!
وتعود الدكتورة بناني للتعليق على هذه الشخصية بالذات فتقول انه يعانى من عقدة اسمها عقدة المبادرة وهذه العقدة تتكون من سن 6 ـ 12 سنة نتيجة اسلوب التربية الخاطئ ومحاولة الابوين مسخ شخصية الطفل عن طريق العنف او الضرب او التخويف.
الدكتور عادل مدنى يقول: ان العقد التى تصيب الازواج والزوجات متعددة بعضها من النوع العادى الذى يمكن حله اوالتعامل معه وهناك نوعية من العقد الزوجية تحتاج الى جلسات نفسية او محاولة الغوص فى الشخصية للتوصل الى اسبابها مشيراً الى ان هناك عقداً عادية مثل عقدة الخجل عند الزوجات والتى تمنع التواصل الطبيعى والشرعى ومثل عقدة يعانى منها اغلب الازواج وهى عقدة تسمى عقدة اثبات الرجولة لان هذه العقدة مركبة ويدخل فيها اسلوب التربية والتنشئة والتجارب التى مر بها لأن بعض الازواج يظل يعيش هاجس هذه العقدة فى كل تصرفاته داخل البيت!
ويقول ان هناك عقداً اخرى مثل عقدة الشخصية النموذج مثل اعجاب الزوج بنموذج والدته، ويظل يعيش فى اسر هذه الشخصية ويطلب من زوجته ان تكون نسخة مكررة من والدته والعكس الزوجة التى تطلب من زوجها ان يكون صورة طبق الاصل من والدها.
وطبعا هناك عقد اخرى كثيرة بعضها معروف ومشهور مثل عقد الشك والغيرة والغرور والتباهي.. هى عقد لا حصر لها ولها تأثير للأسف غير مشكوك فيه على الحياة الزوجية وليس امامنا امام الرغبة فى استمرار الحياة، الا التعامل مع عقدنا او محاولة التخلص منها وهذا امر ليس بالصعب.
ــــــــــــــــــ
البس ساعتين في يدك
كنت استمع إلى أحد الآباء وهو يشتكي من ابنه المراهق الذي جرب معه كل الحلول لتقويم سلوكه وإصلاحه وإقناعه بترك معاكسة الفتيات والحرص على الصلاة وبعدما انتهى من حديثه عن ابنه.
قلت له: هل كنت فرحاً عندما أخبرتك زوجتك بأنها حامل به؟ وهل تلقيت خبر الولادة بفرح وسرور؟ وهل دعوت أصحابك وأهلك لحضور عقيقة ابنك؟
وهل.. وهل.. وكانت كل إجاباته.. نعم.
ثم سألته: وكم كنت تعطيه من وقتك لتربيته على الصلاة؟
فنظر إلي محدقاً وسكت برهة فقلت له: لماذا سكت؟
قال: لا أدري ما أجيبك؟ قلت أنا أعرف جوابك. إن ماتشاهده من ممارسات لابنك هو من كسب يدك..
قال: إن كلامك يؤلمني، ولكنه صحيح.
قلت: إن صناعة الجيل الصالح في هذا الزمان ليست بالأمر السهل، ولهذا نلاحظ أن الإسلام أوجب على الوالدين حقوقاً تجاه ابنائهم ليلزمهم بها مالياً وصحياً ونفسياً وتربوياً حتى يحفظ لهم مستقبلهم ويكونوا قيادات متميزة.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: دعني أضرب لك مثالاً على حفظ حق الجنين بالإرث وهو في بطن أمه في الإسلام، لقد اوقف الإسلام تقسيم التركة إذا مات الأب والجنين في بطن أمه حتى لايضيع حقه، فإذا لم يكن معه وارث آخر فإن التركة جميعها توقف حتى يولد الجنين، وإن كان معه وارث فيقدر له تقديران ويوقف له نصيب الأكبر، وبعد الولادة يعرف جنسه ثم تخصص له حصته ويوزع الباقي على الورثة.
قال: هذا كلام أسمعه لأول مرة.
قلت: دعني أزيدك في اهتمام الإسلام بالطفل، بل إن الإسلام منع إقامة حد الرجم على المرأة الحامل خشية أن يهلك الجنين وكذلك حرم الإجهاض واسقاط الجنين بعد حصول الحمل ورخص الإسلام للحامل ان تفطرحرصاً على صحة الطفل، وكذلك الرقه في التعامل معها، فأمر الرجل أن يراعي نفسيتها اثناء الحمل حتى أن العالم «سونتاج» لاحظ أن الأجنة التي تولد بوزن منخفض تكون أمهاتهم كثيرات الانفعال أثناء الحمل.
قال: إن كلامك جميل ولكن ما علاقة ذلك بمشكلتي.
قلت: إذا أمر الإسلام بالاهتمام بالجنين في بطن أمه ثم بعد ذلك رعايته وتغذيته وتعليمه وتربيته فهل ترى أن الإسلام أهمل تربية المراهق والاهتمام به؟
ولكن مشكلتنا للأسف، أننا نهتم كثيراً بالأطفال ثم نهملهم بعد زوال فرح قدومهم.
قال: إن علاقة الابن بأبيه تختلف عن علاقة الزوجة بزوجها، فقد سمحت الشريعة الإسلامية بطلب الزوجة للطلاق إذا حرمها زوجها من النفقة فالزوجة لها مخرج في ذلك ولكن ابنك ماهو مخرجه؟ وأين يذهب لو حرمته؟ فكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار وما أعتقه هو أن ابنك بحاجة إلى حب وحنان وعطف وجرب ما أقوله لك ثم أخبرني ماهي النتيجة؟
وأقترح عليك أن تلبس ساعتين في يدك الأولى لحياتك والثانية لحياة ابنائك.
ــــــــــــــــــ
للمشاكل الزوجية فوائدها ... !!
من خلال أحدث الدراسات السويسرية يؤكد خبراء علم الاجتماع أن المشاكل الزوجية لها فوائد، لأنها من وجهة نظرهم فرصة حقيقية ليتعرف من خلالها كل من الزوجين عما يغضب الطرف الآخر ويزعجه. وهذا ما أكدته د. بديعة العباسي أستاذة علم النفس الاجتماعى فتقول:" بالفعل المشكلات لها بعض الفوائد فمن خلالها يتعرف كل طرف عما يغضب أو يفرح الطرف الآخر، ويتلمس طباعه على أرض الواقع، بل ويعرف أخطاء نفسه، فيحاول إصلاحها وتعديل مسارها وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة التى قد تكونت لديه ضد الطرف الآخر.
ومن ناحية أخرى يستطيع كلا الزوجين أن يتعرف على أفكار وطموحات وتطلعات زوجه فيشارك فى تلك التطلعات والآمال وبذلك تمتد جسور التواصل بين الطرفين.
الاعتراف بالخطأ فضيلة
وتضيف د. بديعة العباسي أن خير علاج للمشكلات الزوجية هو التعرف على أسبابها لتجنبها، وبعض المشاكل تزداد حدتها من كثرة اللوم والعتاب وهنا ينبغى على الزوجين أن يتعلما أن ينصت كل منهما للآخر، وأن يحترم رأيه، وينتظر حتى يهدأ ليعاود التحدث معه وتبرير موقفه، كما ينبغى على كلا الزوجين أن يتحلى بصفة الشجاعة الأدبية،فالاعتراف بالخطأ يساعد فى تهدئة الأمور وإنهاء الخلاف.
السعادة والطلاق!
هذا ومن جانب آخر، توصلت دراسة قام بها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الربط بين السعادة والطلاق أمر ليس دقيقا دائما، فقد أثبتت الدراسة التى استمرت لخمس سنوات على أزواج تطلقوا حديثا فى ذلك الوقت وآخرين تزوجوا إلى أن الذين أبقوا على العلاقة الزوجية هم أكثر راحة واطمئنانا من غيرهم.
وحسب الدراسة فإن الأسباب التى يكون المال والوضع الاقتصادى محورها كأساس للطلاق لا تؤدى للسعادة، بل إن البقاء على العلاقة الزوجية رغم المشاكل وتحملها يعمل على التقريب بين الزوجين وبالتالى فإن حدة هذه المشاكل وتأثيرها يصبح أقل.
وأضافت الدراسة التى ترأستها د.ليندا وايت أن تدخل الأقارب والأصحاب الإيجابى أحيانا يسهم فى نجاح العلاقة وأن السعادة فى اجتماع الشخصين أكبر من ابتعادهما عن بعضهما. وقالت د.وايت: " الإبقاء على العلاقة الزوجية لا يكون من أجل الأطفال فقط، أحيانا لأجل الزوجين".
فوائد الزواج
وقللت الدراسة من الفوائد المعلنة من قبل الناس أحيانا كثيرة للطلاق كأن يستعيد أى طرف حريته وأن يعيش حياته بعيدا عن المنغصات، أو منح أنفسهم الفرصة للزواج من آخرين.(54/244)
ويبدو أن للزواج فوائد اخرى غير متوقعة،حيث أظهرت دراسة جديدة أن (العازبين) أكثر تعرضا للأمراض والوفاة اكثر من المدمنين اوالمدخنين.
ووجد الباحثون فى جامعة وورويك البريطانية، أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم العازبين،ويعتقدون أن السبب فى ذلك يرجع جزئيا إلى الدعم الاجتماعى والعاطفى لوجود زوج أو زوجة،أو لأن العازبين من الجنسين يعيشون حياة غير صحية ولا أحد يهتم بهم أو بصحتهم.
ويتضح يوما بعد يوم أن الزواج هو السر وراء التمتع بحياة طويلة وليس المال،إذ بينت آلاف السجلات الطبية المشمولة فى مسوحات التقاعد والمسوحات المنزلية البريطانية،التى دامت سبع سنوات،أن الرجال المتزوجين أقل عرضة للوفاة بحوالى 9 فى المائة مقارنة بغير المتزوجين،حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار آثار التدخين وشرب الكحول وأنماط الحياة غير الصحية حيث قلت النسبة إلى 6.1 فى المائة،أما بالنسبة للنساء،فقد كان أثر الزواج أقل حيث انخفض خطر الوفاة بنحو 2.9 فى المائة فقط.
ووفقا لحسابات باحثى وورويك،فان خطر الوفاة عند الرجل المدخن يصل لأكثر من 5.8 فى المائة،والمرأة المدخنة إلى حوالى 5.1 فى المائة, لذلك ينصحون الرجال المدخنين بالزواج فى أقرب وقت ممكن لعكس هذا الخطر.
ويعتقد الباحثون أن انخفاض هذا الخطر يرجع إلى أن الزواج يزيد استقرار الحياة ويخفف التوتر والمشكلات المصاحبة له ،كما أنه يشجع اتباع أنماط الحياة الصحية المفيدة وتجنب السلوكيات الضارة كالشرب واستخدام المخدرات،كما أن وجود شريك الحياة يؤمن الراحة والاطمئنان والعناية الصحية للشخص وخاصة فى أوقات المرض
ــــــــــــــــــ
وصفة عبد الله بن مسعود لحماية أبنائنا!!
كنا في مجلس رجالي، وكان الحديث عن كيفية حماية أبنائنا مستقبلاً من الانحراف والسلوك السيء، وبدأ كل واحد منا يبث همومه ويبين مخاوفه من المستقبل القادم والتحديات الاجتماعية المستقبلية والتي فُقدت فيها الثقة والأمان، سواء كانت متمثلة في وسائل الإعلام والاتصال، أم المؤسسات التربوية.
ثم دار الحديث حول أزمة ضياع الوقت عند الأبناء، وأن أبناءنا من الولادة وحتى سن الزواج يكونون قد شاهدوا عشرة آلاف ساعة من التلفزيون، وهي كفيلة بأن تجعله قاضياً أو طبيباً أو عالماً، ولكنها كغثاء السيل.
ثم دار الحديث حول معاناة أخرى وأخرى، وكل هذه المخاوف تدور حول كيفية المحافظة على أبنائنا وجعلهم صالحين غير متأثرين بالفساد من حولهم.
لا شك في أن الإجابة على مثل هذا السؤال ومواجهة هذا التحدي تحتاج إلى مشاريع ضخمة، ولكني أردت أن ألفت النظر بالإضافة إلى توفير الوالدين منا الأمن للابن وتعريفه بصحبة صالحة والتميز في تربيته والتي تعتبر عوامل مساعدة للحفاظ على الأبناء، فاْن العامل الرئيسي والذي أراه يتقدم كل هذه الوسائل، هو ما أخبرنا به الصحابي الجليل "عبدالله بن مسعود" ، عندما كان يصلي في الليل، وابنه الصغير نائم، فينظر إليه قائلاً: من أجلك يا بني! ويتلو وهو يبكي قوله تعالى "وكان أبوهما صالحاً"، نعم إن هذه وصفة سحرية لصلاح أبنائنا، فإذا كان الوالد قدوة وصالحاً وعلاقته بالله قوية، حفظ الله له أبناءه، بل وأبناء أبنائه من الفتن والانحراف وإن تفنن أهل الفساد بإغواء وإغراء أبنائنا، فهذه وصفة سحرية ومعادلة ربانية، كما أنه في قصة سورة الكهف حفظ الله الكنز للوالدين بصلاح جدهما السابع، كما جاء في بعض التفاسير، ويحضرني في سياق هذا الحديث أني كنت مرة مع صديق عزيز عليّ ذو منصب رفيع ، ويعمل في عدة لجان حكومية، ومع ذلك فإنه يقتطع من وقته يومياً ساعات للعمل الخيري، فقلت له يوماً: لماذا لا تركز نشاطك في عملك الحكومي وأنت ذو منصب رفيع، فنظر إليّ وقال: أريد أن أبوح لك بسرٍ في نفسي: إن لدي أكثر من ستة أولاد وأكثرهم ذكور، وأخاف عليهم من الانحراف، وأنا مقصر في تربيتهم، ولكني رأيت من نعم الله عليّ أني كلما أعطيت ربي من وقتي أكثر، كلما صلح أبنائي، وقد تعرفت على أبنائه بعد ذلك وبان لي صدق "ابن مسعود" عندما قال: من أجلك يا بني...
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
70 % من المنحرفين .. بعيدون عن ابائهم
تؤدي الظروف الاقتصادية الحالية إلي غياب مشاركة الآباء الفعلية في عمليات التربية وربما إلي غيابهم تماما عن حياة أطفالهم ــ كوني ساندين , الاستشارية الأمريكية في مشاكل الزواج والأسرة أكدت أهمية مشاركة الآباء الفعلية في عمليات التربية وفي توفير الرعاية الحياتية اليومية للابناء . ولخصت كوني فوائد هذا الدور في عدة نقاط هي مكاسب تعود على الأطفال أولا , والأسرة . ثانيا والأباء أنفسهم , ثالثا وأخيرا على المجتمع .
من هذه الفوائد :
بالنسبة للأطفال الذين يشارك أباؤهم مشاركة فعلية في التوجيه والتربية فإنهم يكونون أقوي وأكثر قدرة علي التفاعل الاجتماعي الناجح وأكثر مقدرة علي مواجهة وحل المشكلات الحياتية , كما أنهم يملكون القدرة علي تكوين آرائهم بأنفسهم دون الحاجة لاستشارة الآخرين ودون التأثر بهم . وعلي العكس من ذلك فإن غياب الأب عن المشاركة في عمليات التربية سواء كان غيابا ماديا أو معنويا يؤدي لجنوح الطفل إلي العدوان والتمرد وعدم الطاعة , وتزداد مشكلاته في مرحلة ماقبل المدرسة . وتضيف المستشارة : أن دور الأب لايمكن أن يعوض غياب الأم لأن الأب يقدم عادة دورا تكميليا لأن الآباء يسمحون لابناءهم بالتحرك بحرية أكبر وبالتالي الاستعداد بصورة أكبر لمواجهة المجتمع .
وتقول الأبحاث والدراسات إن الأطفال الذين ينشأون بدون أب يكونون أكثر استعدادا للانحراف بنسبة تصل إلي 70% عن غيرهم . كما أن غياب الأب يؤثر على الطفل لذاته وثقته بنفسه .
أما غياب الأب في حياة الطفلة ا فيؤدي غالبا بالاكتئاب المبكر . وكثيرا ما يؤدي ذلك لظهور أنماط سلوكية غير سوية في حياة الفتاة حيث تعبر عن فقدانها الوجود الذكوري من خلال الميل لمصاحبة الفتيان أو يؤدي لظهور عقدة الكترا في الكبر .
وبالنسبة للفائدة التي تعود علي المجتمع : يساعد التقارب مع الابناء علي تحقيق التوازن في شخصية الأب , فتحمل مسئولية الصغار تجعله أكثر التزاما وحرصا علي النجاح , كما تحقق قدرا من الثبات المعنوي كما يقول مايكل لودنيل , مدير المركز الجنوبي الغربي للابوة كما تجعله أكثر وعيا بظروف المجتمع وأكثر تفاعلا معه .
وإذا كانت الدراسات تؤكد اختلاف المجتمع فإن هذا الاختلاف قد أدي لتعاظم أهمية دور الأب كما تقول كوني ساندين , لكن ماهي الفائدة التي تعود على الأب؟
ان وجود الأبناء في حياة الأب يمنعه من الانتحار الناتج عن الاكتئاب . كما أن احدىالدراسات قد أكدت أن قيام الآباء بالمشاركة في اداء بعض الأعمال المنزلية تجعلهم أقل توترا وأقل تأثرا بالضغوط الحياتية المختلفة . كما أن ارتباط الأب بأطفاله يؤدي إلي الحد من فرصة حدوث الطلاق .
ويقول جيمس ليفن , مدير مشروع الابوة في مدرسة مانهاتن الطبية : ان الآباء يتمكنون من التعبير عن رغباتهم الدفينة من خلال تجربة الأبوة . وبالتالي يكونون أقل تعرضا للأعباء النفسية . بفضل تخلصهم من آثارها التي قد تكون مؤلمة .
ــــــــــــــــــ
هل هذا الزوج مجنون
سأذكر لكم قصة لعل البعض يستغربها ويستغرب تصرف الزوج بشكل خاص، وقد يصفه البعض بالجنون.
والقصة هي أن زوجا يعمل في مؤسسة حكومية براتب شهري يقدر بألف دينار كويتي تقريبا، وهو مستقر مع زوجته، وقد رزق بأبناء بعضهم في سن المراهقة وآخرون أصغر من ذلك، ولديه طموح في الحصول على الترقية في عمله، كما أنه ناجح في بيته وناجح في عمله.
هل رفض المنصب ؟
إلى أن القصة ليس فيها غرابة، ولكن هذا الزوج وقد عرض عليه منصب آخر ومكان آخر للعمل، وفيه امتيازات كثيرة منها تكفل المؤسسة الجديدة بأجرة المسكن وإعطائه تسهيلات معينة سنوياً، وقد عرض عليه ضعف راتبه.
لو كنت أنت يا من تقرأ هذا المقال في مكان هذا الزوج، فكيف ستتصرف أمام هذه الإغراءات والامتيازات ومضاعفة دخلك السنوي إلى (24) ألف دينار بدلاً من (12) ألف دينار؟! لا داعي لأن تجيب على هذا السؤال، ولكن هل تصدق أن هذا الزوج بعدما استشار نفسه وفكر في هذا الإغراء واستخار ربه رفض هذا العرض.
وقد تتساءل هل هذا الزوج مجنون؟! لا يجوز أن نستعجل بإصدار الأحكام، ولو عرف السبب لبطل العجب، ولندخل إلى داخل تفكير هذا الزوج مجنون؟! لا يجوز أن نستعجل بإصدار الأحكام، ولو عرف السبب لبطل العجب، ولندخل إلى داخل تفكير هذا الزوج ونستمتع إليه، وهو يحاور نفسه وهو يقول:
• وماذا سأستفيد من زيادة دخلي وكثرة الامتيازات وطبيعة العمل الجديد.
• إنها ستجعلني مشغولاً أكثر من عشر ساعات باليوم.
• إني سأفقد جمال علاقتي بزوجتي وقطعاً سأخسرها، وان أبنائي على أبواب سن المراهقة، وهم ذكور فمن سيتابعهم ويقوم اعوجاجهم.
• أن أموال الدنيا كلها لا تفرحني فيما لوانحرف أحد أبنائي، أو خسرت علاقتي بزوجتي.
• إنها صفقة رابحة في ظاهرها وخاسرة في باطنها.
• وهل معيار المال هو المعيار الوحيد للحكم على الأشياء وجلب السعادة للدنيا؟! لا أظن ذلك.
وبدأ الزوج يفاضل بين الاستثمار البشري والاستثمار المالي، ويوازن بين وضعه الحالي والعرض الجديد إلى أن اتخذ قراراً برفضه.
ــــــــــــــــــ
هل للولد سلطة على أخته إذا غاب الأب ؟؟
قد يبدو السؤال في غير محله، لأن المعروف والسائد أن صاحب الكلمة الأولى والأخيرة هو الأب الذي له علاقة في كل صغيرة وكبيرة في الأسرة• لكن من يمثل الأب إذا غاب ؟!
في مجتمعنا العربي الذي يعلي شأن الذكور تكون الام في الغالب هي التي تحكم البيت ولكن دورها الإداري والتنفيذي يكون في الظل، حيث يبقى القرار في يد الابن الذي يعتبر هو الرجل الكبير، وأحيانا وفي ظل وجود الأب وقيامه بكل أعباء سلطته على البنات والأولاد• •يتخذ الأخ الأكبر لنفسه هامشا ما يضيق ويتسع في السلطة، إذن في معظم البيوت يتكرر هذا المشهد مرارا وتكرارا، فالبنت حبة عين أمها وأبيها تريد الخروج الى السوق أو الذهاب الى صديقتها يعترضها شقيقها الأكبر أو الأصغر• •ممنوع الخروج، تحدث مشادة كلامية بين الأخ الأكبر والبنت وأخيرا يكون القرار الأول والأخير بعدم الخروج الا بإذنه•
ياترى ماهي حدود السلطة لدى الأخ؟؟ ومتى يتدخل الآباء في سلطة الأبناء؟ تساؤلات نطرحها في هذا التحقيق•
للأخ الأكبر امتيازات
هدى العامري ـ ثاني ثانوي تقول : أشقائي الذكور كلهم أكبر مني، لذلك يفرضون علّي قيودا كثيرة، فهم يرفضون خروجي إلا معهم ويمنعوني من حضور المناسبات، لكن عندما يكون والدى موجودا لا يستطيعون فرض أية قيود لأن والدي أكثر تفهما•
وتضيف :في إحدى المرات دعتني صديقتى الى حفل زواج فمنعني شقيقي الأكبر من الذهاب، وعندما اخبر والدى وافق غير إن شقيقي حاول مناقشته فأنهى أبي الحوار بحسم مؤكدا انه هو المسؤول عني وليس مسموحا لاحد أن يفرض سلطته علي•
وتستدرك هدى : على أي حال ما يحدث هو أمر عادي ففي كل الأسرة تكون للأخ امتيازات خاصة، والتحكم في هذه الامتيازات بالزيادة أو النقصان، يرجع للأب ومقدار تفهمه لنفسيات وشخصيات بناته•
أفعاله تعكر حياتي
ومن هدى الى فاطمة بنعلي (موظفة) تقول : تحكمات أخي لا تنتهي، فبالرغم من إنني أعمل الآن الا ان شقيقي الأكبر لا يزال يأمرني بفعل ما يريده هو، فمثلا ممنوع أن أذهب الى أي مكان أريده إلا بصحبته، لا اشعر إنني حصلت على حريتي لانه يرصد خطواتي، والسبب في ذلك انه متعدد العلاقات ويظن ان كل البنات يسهل خداعهن ويخشى من أن يضحك علي أحد من الشباب، فأفعاله الخاطئة تعكر صفو حياتي• • وكلما حاولت أن أقنعه إنني كبيرة وراشدة ينفعل ويهددني بالضرب، أما والدى فيتفرج على ما يحدث مرددا عبارته الشهيرة اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24ضلع، ولكثر ما أعانيه فكرت في الموافقة على أي شخص يتقدم لخطبتي، لكن أخاف أن يكون أصعب من أخي وأن يحكم علّي بالسجن مدى الحياة•
لست صغيرة
على عكس تجربة فاطمة تقول نجاة المرابط ـ طالبة :محاولات شقيقي في التدخل بحياتي فاشلة لان والدى موجود، وهناك مواقف كثيرة يذكرني فيها بأنه الأكبر ويجب ان احترم رأيه، لكني أرد عليه بأنني لست صغيرة، وطالما إنني لا أخطئ فيما أفعله فلاداعي لفرض سيطرته علّي لأننا متساويان في الحقوق والواجبات، لذلك فأنا لا أعاني من أي تسلط أخوي لأننا متساويان في المعاملة وهذا الأسلوب الذي يتبعه والدى معنا منذ الصغر، وذلك بعكس الكثيرات من زميلاتي اللاتي يعانين من تسلط أشقائهن الذكور•
وفي السياق نفسه تقول منار البخاري :والدى وشقيقي الأكبر يعاملاني بحب واحترام، ولان أخي صغير فهو لا يملك أي سلطات في البيت، ولا أعتقد أن والدى سيسمح له في يوم من الأيام عندما يكبر بفرض أي سيطرة علينا، ولكن في المقابل لدى صديقة تعاني من هذه المشكلة حيث أن شقيقها الذي يكبرها بسنة واحدة يمنعها من الخروج أو حضور أي مناسبة، وللأسف أمه تشجعه على الاستمرار في هذه التصرفات باعتبار انه رجل البيت ان غاب الأب، في حين أن تصرفاته مع شقيقاته أبعد ما تكون عن الرجولة•
أبي صاحب السلطة
والدى مصدر السلطة هكذا بدأت بدرة إسماعيلي طالبة في المرحلة الثانوية تقول : لا نأخذ أي قرار في البيت ألا بموافقة والدي، لذلك لا توجد أي فرصة لان يمارس أخي أي سلطات، فنحن متساويان في الحقوق والواجبات، واعتقد انه إذا فكر بعد فترة في الحد من حريتي فلن اسمح له فأنا تربيت بأسلوب معين وعندي حرية في الكثير من الأشياء يصعب أن أتنازل عنها أو أن أسمح له بالحد منها، فالبنت التي تعاني من سيطرة أشقائها مسؤولة عن ذلك، لأنها لو استطاعت من البداية إجبارهم على الاعتراف بشخصيتها ما عانت من تحكماتهم فيها• •
درجة ثانية
ـ أما (لبنى بنصالح)، ثالث ثانوي فترفض هذه السلطة سرا، وعن ذلك تتحدث قائلة :منذ صغري وأنا أعامل كمخلوق درجة ثانية، وشقيقي هو الأول في كل شيء حتى أخطاؤه يمكن التغاضي عنها• • وكنت أعتقد إن الأمر طبيعي لكن عندما كبرت وزاد التمييز بدأت أعلن رفضي وأعصي أوامر أبي وشقيقي لأنها لا تعبر عن مصلحتي وانما عن حبهما للتحكم، لذلك عندما استأذنهم في أي شئ ويرفضونه أفعله سرا لأنني لن أضيع حياتي ومستقبلي بسبب امتيازات يعطيها المجتمع دون داع، فليس ذنبي إنني أنثى وطالما لا أخطئ فلامجال لفرض السيطرة علّي، وأحمد الله إن والدتي تعرف كل شئ وتقف بجانبي•
ماذا يقول الأشقاء؟؟
إذا كانت هذه آراء الفتيات• • فما هي آراء الأشقاء والآباء والامهات؟؟
يقول محمد الإبراهيمي: للأسف أصبح هناك أخوة يمارسون سلطات وقيودا على أخواتهم، لكن بالنسبة لي أفضل كسب صداقة شقيقاتي، لأنهن يلجأن الى استشارتي في كل الأمور، وأحاول الإقناع في مناقشاتي، وإذا لم يقتنعن لا اغضب، لان ذلك سيفقدني حبهن، كذلك الوالد يحرص على غرس الاستقلال فينا جميعا ولا أفكر في سلب إرادتهن كما يفعل بعض الاخوة مع أخواتهم•
دوري إرشادي لا أكثر
ـ عبد الله العلمي يؤكد انه نادرا ما يمنع شقيقاته من فعل ما يردن، وذلك لان وجود والده يجعلهم جميعا يلجأ ون إليه•
ويتابع:دوري كأخ إرشادي أكثر منه تحكمي، لأنني إن فكرت في السيطرة فلن يسمح والدى ببذلك، بالإضافة الى إنني احبهم بشدة ولاأفكر في إجبارهم على أي شيء، وأعتقد انه من الصعب الآن أن يمارس الأخ أية سيطرة على أخوته خصوصا إن كانت أسرة متفاهمة يقوم فيها الأب بدوره على أكمل وجه•
ويختلف خالد العروي قائلا: البنت يجب أن تخاف أخاها حتى لا تفعل أي خطأ في غيابه، فالزمن الذي نعيشه الآن غير مأمون، خصوصا وان أخلاق البنت فسدت هذه الأيام، ويصعب إصلاحها بدون شدة وعنف، واذكر إن أختي خرجت الى حفل عيد الميلاد واشترطت عليها أن تعود في الساعة التاسعة والنصف، ولم تأت الا في الحادية عشرة، فلم يكن مني ألا أنني ضربتها لتدرك أن هناك رجلا بالبيت، ولتعلم إنني أحميها من نفسها•
الآباء والأمهات ما رأيهم؟؟
أما الآباء والأمهات فلهم أراء متفاوتة• •تقول مريم المسعودي يجب على الأخ الأكبر أن تكون له سلطة على شقيقاته خصوصا في حال غياب أو انشغال الأب ،وتضيف : منذ فترة قريبة مرت ابنتي بمشكلة وأصر أخوها الأكبر في التدخل، لكني رفضت لان هذا دور والدها وتدخل ضمن نطاق مسؤوليته، فالأب هو الحاكم ويجب ألا يتنازل عن سلطاته للابن، لان الابن بحكم قلة خبرته لن يستطيع التعامل مع مشكلات شقيقته بروية بل الضرب وقذف الشتائم هي الطريقة التي يتبعها معظم الاخوة•
وعلى العكس تعاني مريم الفلاحي(أم) من سيطرة ابنها الأكبر على كل من في البيت، وخصوصا على أخواته وتزداد المشكلة بموافقة الأب في كل تصرفاته وتشجيعه له على استعمال العنف مع البنات، بدعوى انه يجب أن تخاف منه شقيقاته حتى لا ينحرفن !!
وتضيف: أحاول وضع حد لعنفه مع شقيقاته لكنه لا يسمع الكلام، بل وصل الأمر به أن يفرض سيطرته علّي، وكل ما اخشاه الآن أن تكرهه أخواته، لكن ليس باستطاعتي فعل شئ، فالمجتمع يعطي الولد كل الصلاحيات•
ضد سيطرة الأخ
يقول علي بالحسين ـ رب أسرة : أنا ضد سيطرة الأخ على أخوته خصوصا إن هذا الأمر زاد عن حده في معظم البيوت، حيث يعتبر الأخ إن قسوته مع شقيقاته وتحكمه في تصرفاتهن دليل الرجولة، وتزداد المشكلة بغياب الأب وانشغاله عن أبنائه، ففي الوقت الذي يستمتع فيه الأخ بحريته خارج البيت والتصرف كما يحلو له لكنه في المقابل لا يسمح لشقيقاته بمجرد الخروج مع صديقاتهن، لذلك فأنا أرفض وصاية الأخ على اخوته، لان في ذلك خطورة على الاثنين•
ما هو المطلوب؟؟
من المعروف لدينا إن مجتمعاتنا العربية تعلي شأن الذكر وتفضله على الأنثى ومعظم الأسر تغرس هذه النظرة، مما يجعل الولد ينظر الى أخته بنفس المعيار على إنها مخلوق أدنى منه، نفس الشي لدى البنت تعتقد إنها أدنى من أخيها وانه أفضل منها هذا ما يؤكده خالد بنعمر ـ دكتورعلم نفس والاجتماع يقول: تزداد حجم السلطة مع زيادة انشغال الأب حيث يشعر الأخ هنا انه رجل ويجب أن تطيعه أخته سواء كانت أصغر منه أو أكبر منه لانه يحمل امتيازات كونه الذكر وهي الأنثى، ولذلك يمارس سلطته بنوع من الاستبداد والديكتاتورية، في حين إن البنت تسعى للتخلص من كافة الضغوط والقيود، بينما يسعى الشاب لفرض سيطرته على شقيقاته ليشعر في أعماقه بأنه كبر وأصبح رجلاً له كلمة مسموعة، وتزداد الأزمة في تدليل الوالدين لابنهما وتماديه في السلطة، كذلك لاننسى إن كان الولد لديه خبرات سيئة في تعاملاته خارج البيت، لان في هذه الحالة سيكون متشددا مع شقيقته، قاسيا معها، متشككا فيها من منطلق حرصه على الاتكون مثل الأخريات اللواتي يعرفهن، لذلك كثيرا ما ترفض البنت الإذعان وان اضطرت تحت الضغط فإنها ستفعل ما تريد في الخفاء•
لذلك نصيحة للآباء الايتخلى أحد الوالدين عن مسؤوليته ودوره، ولا يجب أن يتمادى الابن في سلطته ولا يتجاوز حده في ذلك، وإذا تجاوزها يجب ايقافه عند حده، واعطاء البنت حقها بحيث لاتكون ناقمة على الأسرة ككل لعدم تقديرهم لمشاعرها•
عن" مناره المراْه " .
ــــــــــــــــــ
معجزات الدفع بالتي هي احسن
كنت أقدم دورة تدريبية في إحدى الدول الخليجية وكان عنوان الدورة ( فن حل المشاكل الزوجية ) وكنت أقدم هذه الدورة للرجال وأحياناً للنساء، وكنا من خلال الدورة نناقش بعض المشاكل الزوجية، ونضع الحلول لها مستخدمين في ذلك النظام (شبكة المخ) في التفكير، وإذا كانت المشكلة الزوجية معقدة نستخدم نظام خيوط العنكبوت في التفكير.
شبكة المخ
وأذكر انه في إحدى الدورات النسائية، تم تقسيم الحضور إلى خمس مجموعات، وكل مجموعه فيها خمس عضوات، وطلبت من الحاضرات اختيار مشكلة (الزوج الصامت )والمجموعة الثانية (الزوج الدكتاتوري المتسلط) والثالثة (الزوج الذي لا يصلي) وهكذا.. ثم بدأت أشرح لهن طريقة (شبكة المخ) في علاج المشاكل وأعطيتهن فرصة نصف ساعة لمعالجة المشاكل التي اخترنها، ثم تابعنا الدورة في باقي مواضيعها ونقاطها، وكانت الدورة تركز على أسلوب تفكير الإنسان في تضخيم الحدث وجعله مشكلة كبيرة جداً، أو يمكنه التعامل مع الحدث بروح معنوية عالية ، فلا يوجد شيء اسمه (مستحيل) في علاج المشاكل الزوجية، وان الإنسان يستطيع بما أتاه الله من علم وإرادة أن يذلل الصعوبات ويعالج المشكلات وإذا لم يستطيع أن يعالج المشكلة من جذورها، فليحاول احتواء المشكلة واستيعابها فان ذلك يخفف عليه وطء المشكلة.
وبعد مرور شهر على انتهاء الدورة التدريبية، اتصلت إحدى المشاركات وطلبت الحديث معي لتخبرني عن نتائج إحدى الدورات التي حضرتها في العلاقات الزوجية، وبدأت تتحدث معي عن كيفية استفادتها من الدورة، وأنها وظفت المعلومات التي تلقتها في علاج مشكلتها الزوجية، والتي تنحصر في عدم أداء زوجها للصلوات المفروضة وبعده عن الله تعالى، وانشغاله الدائم في كسب الرزق والسهر مع أصحابه، وإنها استخرجت لهذه المشكلة أكثر من عشرة حلول، وكان أحد الحلول أنها استخدمت أسلوب الرسالة والهدية والمفاجأة في وقت واحد، عندما كان زوجها في إحدى سهراته اليومية المعتادة، فقد أحضرت له هدية عبارة عن علبة كبيرة وبداخلها زجاجة "دهن عود" من النوع الغالي، وطيباً اسمه "أنت عمري" ومعهما سجادة صلاة طيبتها بدهن العود، ووضعت بداخل الهدية رسالة فيها من العواطف والمشاعر الكثير، تجاه الزوج وربه وزوجته وأبنائه، وتقول إنها اختارت دهن العود هذا لأنه يفضله على باقي الأطياب والروائح، ثم تزينت له وجلست في فراشها تنتظر مجيئه، فدخل عليها بعد منتصف الليل كعادته، وقد أغمضت عينيها تمثيلاً، ثم فوجئ بالهدية الكبيرة ففتحها، وفجأة سمعت بكاءه ثم شعرت بقربه منها فقامت واحتضنته وبدأت تبكي معه، وكان في هذه الليلة أول مرة يصلي صلاة الفجر في المسجد واستمر بعد ذلك ولم تكد تصدق عينيها .
أقول: إن للنفس مفاتيح ينبغي أن يتعلمها الإنسان حتى يعرف كيفية التعامل معها، ولهذا فان في كل زوج وزوجة خيراً كبيراً، لو عرف الزوجان كيف يستثمرانه لشعرا بالسعادة والاستقرار .
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
إذا كانت لك زوجة نكدية
الدكتور عادل صادق(54/245)
يشكو الرجل من أن زوجته نكدية. وأن بيته قطعة من الجحيم. يعود إلى بيته فتداهمه الكآبة، إذ يطالعه وجه زوجته الغاضبة الحاد النافر المتجاهل الصامت. بيت خال من الضحك والسرور ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيته فتلتهمه الأمراض. يقول في بيتي مرض اسمه النكد. ويرجع السبب كله إلى زوجته ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية لماذا تختفي الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟ ولماذا هي لا تتكلم ؟ لماذا لا ترد ؟ والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما هي تدعوه للكلام. إنها تصدر إليه رسالة حقيقية إنها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لأنهما لم يتعودا معاً - الزوج والزوجة - على طريقة أكثر إيجابية في التفاهم. ويقلق الزوج. يكتئب هو أيضاً . ثم يغلي في داخله . ثم ينفجر . وتشتعل النيران وبذلك تكون الزوجة قد نجحت فقد استفزته إلى حد الخروج عن توازنه . لإنها ضغطت على أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل . أي عدم الاعتراف بوجوده . أي اللامبالاة . ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي أيضاً لأنها غاضبة . غاضبة من شيء ما . ولكنها لا تستطيع أن تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية . ربما يتجاهلها عاطفياً ، ربما يتجاهلها فراشياً . ربما بخله يزداد . ربما بقاؤه خارج البيت يزداد من دون داع حقيقي . ربما أصبح سلوكه مريباً .. ربما وربما وربما وهناك عشرات الاحتمالات. ولكنه هو لا يدري أو هو غافل . أو يعرف ويتجاهل . وهو لا يدري أنها تتألم . أي أنه فقد حساسيته. ولكنها لا تتكلم.
لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة. وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة. ربما لأن ذلك يوجع كرامتها . ربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما. ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير. وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل. وإذا بادل الزوج زوجته صمتاً بصمت وتجاهلاً بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيداً عن القضية الأساسية لتثير زوبعة. لقد استمر في الضغط عليها حتى دفعها للانفجار.
ضغط علها بصمته وتجاهله رداً على صمتها وتجاهلها وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات فهي - أي الزوجة - تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته ليسقط ثائراً هائجاً وربما محطماً. وهنا تهدأ الزوجة داخلياً ويسعدها سقوطه الثائر ، حتى وإن زادت الأمور اشتعالاً وشجاراً تتطاير فيه الأطباق وترتفع فيه الأصوات وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب . وتتراكم تدريجياً مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق.
قد يستمر هذا الأسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر.
ويعتادان على حياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلاً قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت. وتتسع الهوة كان من الممكن ألا توجد لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم.
وتشخيصاً للموقف نستطيع أن نقول :
أننا أمام زوج لا يعرف ما يضير ويضايق ويؤلم زوجته ، وهذا الزوج يتمادى في غيه مع الوقت ، وهو أيضاً قد فقد حساسيته تجاه زوجته.
وأننا أمام زوجة تكتم انفعالاتها وتخزن أشجانها. وتحترق بالغضب. وهذه الزوجة تلجأ إلى أسلوب سلبي في الرد على زوجها وذلك بإشاعة جو النكد في البيت لتحرم زوجها من نعمة الهدوء والاستقرار والسلام ونعمة الإحساس بذاته.
وتظل الزوجة تستفز زوجها حتى يثور. ولكنهما لا يتعلمان أبداً بل يستمران في نفس أسلوب الحياة الذي يهدد بعد ذلك وبعد سنوات أمن واستقرار البيت ، واستمرار حالة الاستنفار معناه تراجع المودة والرحمة.
وهنالك ألف وسيلة تستطيع الزوجة عن طريقها استفزاز زوجها، وكذلك هناك أكثر من ألف طريقة يستطيع بها الزوج استفزاز زوجته أهمها كما قلنا الصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة والناقدة والجارحة أو يتعمد أي منهما سلوكاً يعرف أنه يضايق الطرف الآخر. أو قد يلجآن إلى أسوأ أنواع الاستفزاز وهي إثارة الغيرة والشك.
والعناد هو نوع من أنواع البغي والتمادي والتحدي . والتحدي هو أسوأ سلوك زوجي والتحدي يخلق عداوة والعداوة تؤدي إلى العدوانية وبذلك يحدث تصلب وتخشب وتحجر وتفتقد المرونة وتضيع روح التسامح والتواضع والتساهل والتنازل. واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج أو معناه أن أحدهما يعاني ألماً نفسياً حقيقياً وأن الطرف الثاني يتجاهل عن عمد أو عن غير عمد هذا الألم.
وهذا معناه أننا أمام مشكلة زوجية تحتاج إلى رعاية .. فكلاهما يعاني . وكلاهما غاضب. وكلاهما خائف . وكل منهما يتهم الآخر ويحمله النصيب الأكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية . أي لا يوجد استبصار ولا يوجد بصيرة.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم من دون مواجهة. بدون توضيح بدون حوار بصوت عال هادئ بدون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولاً بأول . بدون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه .. يجب أن يرفع كل منهما شكواه إلى الآخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والإلحاح في عرض الشكوى حتى تصل إلى ضمير الطرف الآخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث. ولكن لأنه لا يعرف ، لا يعلم لأنها لم تتحدث إليه لأنها لم تعبر بشكل مباشر . ربما لأنها تعتقد بأنه يجب أن يراعي مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك. ربما تود أن يكون هو حساساً بالدرجة الكافية ربما تتمنى هي أن يترفع هو عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها. وهذا جميل وحقيقي، جميل أن يكون لديها هذه التصورات وهذه الأمنيات المثالية ولكن الأمر يحتاج أيضاً إلى تنبيه رقيق - إشارة مهذبة - تلميح راق كلمات تشح ذوقاً وحياء دون مباشرة. ولا مانع خاصة في الأمور الهامة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي . فهذا حق كل منهما على الآخر وهذا هو واجب كل منهما تجاه الآخر وهذا هو أصل المعنى في المودة والرحمة . لأن الزوجين اللذين وصلا إلى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماماً المعنى الحقيقي للمودة والرحمة. والحقيقة أن أي إنسان مقدم على الزواج - رجلاً أو امرأة - يجب أن يكون متفهماً وبعمق وبقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين : المودة والرحمة.
ــــــــــــــــــ
العلاقة والحقوق بين الآباء والأبناء
الفضائية: اقرء
الضيوف:
1 ـ د. أحمد عمر هاشم: رئيس جامعة الأزهر
2 ـ محمد الشحات الجندي: وكيل كلية الحقوق بجامعة طنطا
3 ـ علي عجوة: وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة
يقول الباري في كتابه: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، فالبنين هم أحد عنصرين زينة الحياة الدنيا وقد ركب محبة الأبناء والشفقة عليهم والحنو في طباع الآباء والأمهات، كما إن العلاقة بين الآباء والأبناء هي من أكرم صور العلاقة بين أفراد المجتمع.
* نحن بحاجة إلى إلقاء ضوء مكثف على أهم مبادئ التربية الاسلامية وما هي أهم نقاط منهج التربية الاسلامية؟
ـ أحمد عمر هاشم:
تبدء التربية الاسلامية بالمحبة والعاطفة والرسول عليه الصلاة والسلام يجسد لنا هذا في حياته العملية إذ كان يختصر في صلاته إذا سمع بكاء الطفل، وكان ينزل من المنبر عندما يرى الحسن والحسين يتعثران ويحملهما وكان يدع الحسن والحسين يصعدان على ظهره وهو يصلي هذا جانب عاطفي يجعل الأبناء في راحة نفسية وفي إقبال على الآباء، ويبدء هذا الجانب منذ نعومة أظفارهم ومنذ وعي الأبناء، إذ أنالكثير من مشاكل الآباء مع الأبناء سببها تلك القطيعة بينهم والجفاء وعدم ممارسة الحياة العملية معهم، كما إن العمل جائز للرجل والمرأة وقد يكون واجباً بشرط أن يعطيان قسطاً من وقتهم للأبناء وبهذا تكون التربية الصحيحة التي توجر جسور المحبة والعاطفة بينهم، كما إن من شروط التربية الصحيحة حق الولد على أبواه أن يعلماه قراءة كتاب الله وتعاليم الدين الصحيحة كما يقومون بإطعامه وكسوته لأن خلو الأبناء من الثقافة الاسلامية يسبب مشاكل لا حصر لها فإذا امتلأ عقل وقلب الولد بالثقافة الدينية الصحيحة لن تقتحمه تيارات العلمانية والإلحاد والتطرف أبداً وأن نقدم له الجرعة المناسبة من هذه الثقافة في الجانب النظري والتطبيقي الذي يبدء من البيت ثم المدرسة والشارع والمسجد والنادي والجامعة لصياغة شخصيته، والتركيز على الجانب التطبيقي كأن يصح الوالد ولده إلى المسجد والجلسات الدينية أو أن يطرح موضوعاً بين الأبناء ويثيرهم على النقاش والتوصل للحقائق والالتزام بالسلوكيات الدينية والمبادئ الحميدة لأن توجيه الأبناء من خلال القدوة في شخصية آبائهم أفضل مئة مرة من التكلم فقط.
كما إن التكامل والتنسيق في التربية الروحية والبدنية والنفسية معاً يؤدي إلى حلق الأبناء الأسوياء ولكننا غالباً ما نترك أحد هذه الأمور الثلاثة فإذا ركزنا على جانب أهملنا الآخر.
* دور أجهزة الإعلام في ترسيخ القيم الدينية منذ سن الطفولة إلى مرحلة الشباب؟
ـ علي عجوة:
الإعلام على مستوى العالم أصبح ظاهرة تتدفق فيها المواد الإعلامية من مجتمع إلى مجتمع آخر وتنتقل الثقافات بين المجتمعات بسهولة وفي حالة غياب الدين والثقافة وغياب المعرفة بالقيم الاسلامية يسهل تأثير التيارات القادمة من الخارج فينا.
كما إن أجهزة الإعلام تمارس هذا الدور وتعمل على ترسيخ القيم الدينية ولكن بكفاءة قليلة جداً وفي الوقت الذي تقدم فيه برامج ومسلسلات دينية عن عظمة الاسلام والقدوة الصالحة وتدعوا للسلوك القويم تقدم أيضاً مسلسلات وبرامج أجنبية ومحلية تتناقض مع هذه الدعوة ومع الأفكار النبيلة وهذا تناقض إذ لا بد أن تكون هناك سياسة ثابتة وخط واضح يلتزم به الجميع الترفية مطلوب ويدعونا له الاسلام ولكن ما ندعوا له هو الترفيه النبيل الذي لا يتناقض مع القيم ويروح عن النفس ويجعلها تقبل على الحياة وتنتج ولكن الترفيه المبتذل ممنوع ومرفوض.
* أسئلة الجمهور:
ـ أحمد مصطفى: ما هي مقومات الأب الظالم ومتى يكون الولد عاقاً وهل يحق للولد الخروج عن طاعة أبيه إذا كان ظالماً؟
ـ محمد الشحات الجندي:
مبدئياً لا يجوز للولد أن يخرج عن طاعة والده مهما كان الأب ظالماً وفي الوقت نفسه الظلم ممنوع شرعاً لأن قانون السماء هو قانون العدالة مع الأولاد بالنظرة والبسمة والمعاملة ولا يقتصر على العدل المادي، لذا فأن ظلم الأب لأبناءه هو ظلم منكر ولا يجوز شرعاً كما انه لا يجوز للأبناء أن يعوقوا الآباء. أما بالنسبة للولد الذي يقول بأن أمه أو أبيه ظالمين هل قام هو بالحقوق التي أوجبها الله عليه تجاه الوالدين؟
* وسام حمدي: هل طاعة الأبناء للآباء طاعة مطلقة وما حكم الوالد الذي يقتل ولده من أجل تأديبه؟
ـ أحمد عمر هاشم:
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحدود التأديب لا تصل إلى حد القتل أو الضرب المبرح وهذا شيء لا يقره شرع ولا دين الانسان السوي الذي يعي سلوكياته لا يصل إلى هذا الحد لأن القتل أو الضرب المبرح يعدان من الحالات المرضية التي يجب معالجتها.
مسألة الحقوق بين الآباء والأبناء هي مسألة بينها الدين الاسلامي بوضوح وهي حقوق متبادلة مثلما للآباء حقوق على الأبناء هناك حقوقاً للأبناء على الآباء أيضاً.
ــــــــــــــــــ
دور الزوج في إسعاد الزوجة
دور الزوج في إسعاد زوجته لا يقل أهمية عن دور الزوجة في إسعاد زوجها ـ إذا صح أن نفصل بين الدورين ـ ذلك لأن للرجل دوراً أساسياً في إسعاد الأسرة كلها، بمقتضى كونه القيم على شؤونها والمدبر لأمورها. فلا غرو أن تقع عليه مسؤولية إيصالها إلى أهدافها التي رسمها الاسلام الحنيف، حيث ترمي هذه الأهداف إلى استقامة المسيرة واستقرار العلاقة.. والتي يجمعها نيل الطمأنينة والسعادة في ظل قيادة الرجل الحكيمة، كما يفترض.
وفي هذا الإطار لا بد أن يلحق الزوجة من هذه السعادة النصيب الأوفر لأنها الركن الثاني والشريك المهم الذي إن انسجم مع شريكه كان دعامة كبيرة له في النهوض بمسؤوليته.
والحقيقة أن نجاح الزوج في أداء حقوق زوجته وإسعادها دليل على سلامة شخصيته وفاضل خلقه وانسجامه مع دوره وقدرته على استكمال هذا الدور مع باقي أفراد أسرته ما دام النبي (ص) يقول: ((خيركم خيركم لأهله))، حيث لا فصل في مواقف المرء بين ظرف وآخر ما دامت الأفعال تصدر عن النفس الكريمة المعدن، الحسنة الخلق.
الواقع المؤسف:
وخلافاً لتوجه الاسلام الحنيف.. وعبر مختلف الأزمنة.. ولدى عامة المجتمعات الاسلامية.. لم تلق الزوجة الحفاوة اللازمة والتكريم الواجب والتقدير المهم، ليس فقط كزوجة.. بل كأم وأخت وبنت وعاملة، وإن كان العدوان عليها كزوجة أشد وأكبر من العدوان عليها في بقية مواقع الحياة، نظراً إلى أن المعتدي عليها إن كان أباً أو أخاً فسوف تأخذه الشفقة عليها بسبب القرابة فيتوقف أو يخفف من عدوانه، بينما هي في بيت زوجها تعيش في كنف رجل غريب قد يشتد في ظلمها بمساعدة التقاليد والأعراف الاجتماعية، من دون أمل بأن يتحسن وضعها ويخف الظلم الواقع عليها.
ويبدو أن الذي ساعد على نشوء هذه الظاهرة واستمرارها عوامل عدة:
منها: الكثير من النصوص والأحكام الشرعية التي أسيء فهمها.. أو استخدامها، وهي التي تحث على طاعة الزوج، والتي تستنقص ـ حسب ظاهرها ـ من قيمة المرأة وتجعلها في مرتبة دون مرتبة الرجل، والقوامة التي أعطاها الشرع للزوج على زوجته.. ونحوها. علماً أن هذه النصوص ليست كما فهمت إطلاقاً.. مضافاً إلى أن الذين أساؤوا فهمها قد غضوا النظر عن كل النصوص والأحكام التي تضع المرة.. والزوجة تخصيصاً.. في الموضع الكريم اللائق..
وللإفاضة في هذا الموضوع مجال آخر قد نوفق إليه.. مع أنه لا بد أن يجرنا الكلام إلى شيء منه.
ومنها: جملة التقاليد والأعراف الشعبية المتأثرة بمفاهيم الجاهلية والمجتمعات البدائية المتخلفة، وهي التي لا تزال موجودة في المجتمعات القبلية بكل حدتها وقوتها.. والتي ترى المرأة وجوداً هامشياً جداً لا يذكر إلا في سياق شهوات الرجل وحاجاته.
وأكثر ما توجد مخلفات هذه المفاهيم في الأرياف ولدى الرجال ذويا لثقافة المحدودة.
ومنها: نزعة التسلط والاستقواء التي يبديها القوي تجاه الضعيف، وهي وإن لم تكن خاصة بالعلاقة الزوجية، غير أنها أكثر إيلاماً فيها منها في غيرها، نظراً لاستفراد الزوج بزوجته وتصفيق المجتمع له.. وخذلانها.
وهذه النزعة حالة نفسية بهيمية لا بد من تهذيبها في عموم علاقات الفرد مع المجتمع، كونها المسؤولة عن معظم حالات العدوان والظلم، وبالأخص في عالم العلاقة الزوجية، كي يستشعر المسلم المودة اللازمة لشعور الزوجة بالكرامة والسعادة.
ومن المؤسف أن هذه النزعة موجودة حتى لدى المؤمنين، ربما لأن الذي يحطمها ويقومها.. ليس الالتزام بالحكم الفقهي وحده.. بل الروحية الودودة والنزعة الأخلاقية التي تساهم في بلورة الإيمان وجعله حيوياً سامياً.
هذا هو الواقع المؤسف الذي تعيشه الزوجة المسلمة في معظم المجتمعات الاسلامية، وهو الذي يزيدنا حماسة لإيلاء هذا الموضوع أهمية مميزة كي نخرج الأسرة المؤمنة من دائرة الهيمنة، الاعتباطية إلى مستوى القوامة العادلة المسؤولة والأخلاقية.
أصول السعادة وأركانها:
إن الزوج المؤمن بمقدار ما يحرص على سعادة زوجته فإنه ـ في الحقيقة ـ يتجنب الكثير من المشكلات الزوجية التي تقع نتيجة عزوف الرجل عن إسعادها أو عجزه عن تحقيق ذلك.
وفي هذا الإطار سوف نذكر ما بدا لنا أنه ضروري لتوفير السعادة للزوجة.
الأول ـ الحقوق الواجبة:
وهي جميع الحقوق الإلزامية التي ضمنتها الشريعة للزوجة في إطار العلاقة الزوجية وهي التالية:
أ ـ أداء المهر وجميع الالتزامات المالية المنصوص عليها في عقد الزواج حيث يلاحظ عدم إيلاء هذا الأمر العناية المطلوبة، بتصور أن الوفاق ما دام قائماً فإن المرأة سوف تغض النظر عن ذلك، فيهمل الزوج هذا الأمر.. أو يتصرف بأموال الزوجة دون أن يلتفت إلى ضرورة براءة ذمته من عهدة هذا المال الذي هو حق للزوجة لا يجوز المساس به إلا بإذنها وموافقتها.
وأسوأ ما يحصل في موضوع المال.. أن الزوج عندما يمل عشرة زوجته ويريد طلاقها يتفنن في إيذائها لتترك له مهرها كي تتخلص منه ويطلقها، وهو مضافاً إلى كونه في بعض جوانبه محرماً إذا سبب تجاوزاً لحقوقها الواجبة، فإنه في معظمه أمر غير أخلاقي، وقد ورد النهي عن ذلك صراحة في قوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)، وفي قوله تعالى: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف)، ذلك لأن جو الخلاف والنفرة لا يبيح العدوان وتجاوز الحقوق اللازمة.
إن مراعاة الحقوق المالية للزوجة جزء مهم في حسن العلاقة معها وإدامة ثقتها بزوجها، وموجباً لاطمئنانها إلى مصيرها ومعيشتها في بحبوحة فيما لو كان لا بد من الفراق أخيراً.
ب ـ الإنفاق عليها:
وهو يتضمن تأمين المستوى اللائق من المعيشة، من المسكن والملبس والمطعم، مشروطاً بأن يكون مناسباً لوضعها الاجتماعي الذي يرفع المهانة عنها ويوفر لها الحياة الكريمة.
ويظهر من تعابير بعض الفقهاء أن نوعية الحياة المعيشية الواجبة على الزوج لزوجته يتم تحديدها على حسب حال الزوجة ووضعها الشخصي لا على حسب وضع الزوج ومستواه المادي، وبعبارة (تحرير الوسيلة): .. فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشعبها، وفي جنسه يرجع إلى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها والموالم لمزاجها وما تعودت به، بحيث تتضرر بتركه.
ج ـ الحق الجنسي:
حيث إن من الواجب على الرجل مراعاة حق المرأة الجنسي بالنحو الذي يسد حاجتها ويصون عفتها مثلما هو مقدر في الشريعة، وقد حدد في الشرع مرة في الأربعة أشهر، صيانة لحق الرجل في السفر والتغيب عن بيته لدواع كثيرة، وتفرض وضع الحد الأقصى الذي يمكن الرجوع إليه عند التنازع، ومن هنا فإن هذا الحق سوف يسير بشكل طبيعي ما دام الرجل حاضراً غير مسافر، وما دامت قدرته الجنسية سوية غير متأثرة بالعوارض الصحية أو النفسية.
والذي يؤكد عناية الاسلام العظيمة بهذا الأمر الأحاديث التي وردت في آداب النكاح والتي فيها الكثير مما يحثّ الزوج على العناية برغبة المرأة الجنسية وعلى إيلائها الاهتمام المناسب، بالنحو الذي يظهر رغبة الرجل بإسعاد زوجته من هذه الناحية، وإضفاء الحيوية المناسبة على العلاقة العاطفية التي ينبغي أن تقوم بينهما.
ولعله من نافلة القول التأكيد على أن معظم الخلافات الزوجية ناتجة عن أنانية الرجل الجنسية واهتمامه بنفسه وإهمال الحالة العاطفية لزوجته، حيث ينبغي للزوج أن يحرص:
1 ـ على التهيؤ لزوجته بالتزين ونحوه.
2 ـ على مراعاة رغبة زوجته والحرص على إشباعها.
3 ـ على توسعة ثقافته الجنسية، كي يكون دقيقاً في التعاطي مع هذه المسألة الحيوية التي يتسبب الجهل فيها بكثير من المخاطر والمآسي.
د ـ مراعاة الأحكام الشرعية:
ونقصد بها وقوف الزوج في علاقته مع زوجته عند الحدود التي وضعها الشرع لتنظيم علاقة المؤمنين ببعضهم رجالاً ونساء، فيجب عليه ترك إيذائها بالقول أو الفعل، من قبيل الشتم والضرب والغيبة، ونحوها من المحرمات والواجبات، حيث إن للمرأة على زوجها جميع ما حكم به الشرع لها كإنسانة مسلمة بغضّ النظر عن العلاقة الزوجية، علماً أن كونها زوجة يؤكد ضرورة التزام هذه الحقوق بنحو أوثق وأكبر، بسبب رباط المودة والرحمة الذي يجمع بينهما.
ومن المؤسف أن يكون الواقع على خلاف ذلك لما ذكر آنفاً من الأسباب التي خلقت واقعاً يستسهل تجاوز الحدود الشرعية مع الأهل عامة ومع الزوجة والأولاد خاصة، وجدير بالمؤمن أن يراعي هذه الأمور بكل قوة، كما أن من الجدير بغير المؤمن أن يتقي الله ويلتفت إلى ذنبه ويتوب إلى ربه تعالى.
الثاني ـ الحقوق المستحبة:
وهي الركن الثاني من أركان السعادة، والتي تعني بها جملة الأصول والقيم الأخلاقية الفاضلة التي حثّ الشرع على التزام بعضها، ودلت التجربة على أهمية بعضها الآخر في توفير السعادة للمرأة من قبل زوجها، وهي أمور لا بد من ذكرها على النحو التالي:
1 ـ إشعارها بالاحترام:
إن على الزوج أن يشعر زوجته بالتكريم والاحترام في كل شيء، فهي إنسانة حساسة تعتز بشخصيتها وقدراتها وآرائها وعلاقتها ومواقفها، ومن الضروري للزوج أن يظهر لزوجته التقدير والاهتمام بجميع ذلك بشتى الأساليب وفي مختلف الظروف.
إن الرجل ـ إذا كان مديراً ناجحاً لأسرته ـ لا يخسر شيئاً إذا قال الكلمة المشجعة والمؤيدة، وإذا أظهر العناية المعقولة بشؤون زوجته، بل إنه بذلك يساهم في بلورة شخصيتها وتعميق تجربتها وتنمية حضورها في المنزل لتكون عوناً وسنداً له في مسيرة الحياة.
إن الحديث المشهور عن علي (ع): ((المرأة ريحانة وليست بقهرمانة)) يظهر الفرق الجوهري بين اعتبار المرأة (ريحانة) وبين اعتبارها (قهرمانة خادمة)، فإن الريحانة.. محبوبة، أثيرة، مصانة، مقدرة، حاضرة في المنزل وفي القلب، تلمس برقة.. وتخاطب برقة، وتوضع في موضعها اللائق الكريم، إذ يصبح بذلك حضور المرأة الريحانة حضوراً فاعلاً ومهماً في حياة الرجل الصعبة الشائكة.
أما (القهرمانة) فهي مجرد امرأة ذات وظيفة، تؤدي دورها في خدمة المنزل وتدبيره دون أن يكون لدورها مضمون عاطفي أو أخلاقي مميز، بل إنه دور قانوني قائم على التعاقد والاستخدام.
وعلى عكس ما يتصوره الكثير من الرجال.. فإن تقدير المرأة واحترامها لن يؤدي إلى إفسادها واستبدادها، لأن ذلك إنما يترتب على إطلاق يدها في شؤون البيت.. وفي حالة جهلها وسوء خلقها، أما إذا كانت مؤمنة خلوقة ـ ولو إجمالاً ـ فإن احترامها سوف يستثير كوامن إبداعها، ويبرز تفانيها في خدمة زوجها ومودته والإخلاص له.
وإن على الرجل أن يميز بين أصول الاحترام اللازم إظهاره للزوجة وبين مقتضيات الحزم في الإشراف على شؤون الأسرة، حيث لا ينبغي أن ينافي الحزن الاحترام، ومن ثم لا تدب الفوضى في رحاب الأسرة وتوجهاتها التي أنيط أمر رسمها بالرجل القيم والرئيس.(54/246)
وإن بين ن يكون الرجل مديراً ناجحاً، وبين أن يكون مستبداً غاشماً، إيمان الرجل وسلامة شخصيته وحسن خلقه، وهو الذي عناه الإمام الحسن (ق) بقوله: ((زوجها من رجل تقي فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها))، حيث يبدو أن الإكرام هو سمة العلاقة التي يقيمها المؤمن مع زوجته عندما تسود المودة بينهما، وحتى لو أبغضها فإنه يبقى (عادلاً) معها، لا يظلمها فيتجاوز حقوقها، ولا يؤذيها بقول أو فعل، .. حتى لو كانت خاتمة هذه العلاقة المفارقة.. لأنها سوف تكون بـ (إحسان).
وإن من مظاهر هذا الاحترام أن يحرص الرجل على عدم التدخل بخصوصيات زوجته ومزاجها، انطلاقاً من الحق الطبيعي لكل فرد في أن يعبر عن ذاته وينسجم مع نفسه ويبرز حضوره بالنحو الذي كون عليه، حيث العلاقة الزوجية لا تعني ذوبان الزوجة ـ كشخصية ـ في شخصية الزوج، وحيث لا تعني مصادرة هذا الحق.. إلا بالمقدار الذي ترغب الزوجة بالتنازل عنه والتضحية به، مع الاحتزاز من أن إصرارها على ذلك قد يؤدي إلى بعض المشاكل، فيصبح تنازل الطرفين عن بعض خصوصياتهما ضرورياً لحصول الانسجام بينهما، ولكن ليس للزوج أن يصادر هذا الحق اعتباطاً.. إذ أراد أن يحقق السعادة لزوجته ويراعي أصول اللياقة والاحترام.
ومن المستحسن ـ جداً ـ لسعادة الزوجة أن يجعل لها قدراً طيباً من الحرية في تدبير شؤون المنزل.. بل وغيره، احتراماً منه لحرص المرأة على الانفراد ـ نسبياً ـ بدور معين، وذلك في مقابل حرص قد يبديه الرجل على التدخل في جميع شؤون البيت.. حتى قدور الطبخ.
وجملة القول.. إن الاحترام هو الأصل الذي تقوم عليه علاقات الناس جميعاً، وتركه موجب لأذى الآخرين، وليس أولى من الزوجة بأن تصان من الأذى، وتكرم، وتحترم، لتكون سعيدة، لأن هذه السعادة ـ ولو بنظرة أنانية ـ هي أخيراً سعادة الرجل، ولكنها ـ أخلاقياً ـ هي حق (الانسان) على أخيه الانسان.
2 ـ المداراة:
تعتبر المداراة من أهم الأفعال الأخلاقية التي هي من مظاهر الصبر وضبط الانفعال أمام التصرفات الطائشة للشخصيات الضعيفة المعقدة، أو تصرفات الأشرار الذين تزيدهم المواجهة حدة وشراً، فهي بعبارة موجزة: (فن استيعاب الآخرين من خلال النجاح في التكيف معهم على علاتهم)، وليس منا من لا يواجه في حياته الكثير من الأشخاص الذين يشترى ودهم ويضمن بالبسمة أو الكلمة الطيبة أو الفعل الموافق لمزاجهم، كما أن ما من امرأة إلا وتعيش درجة من التوتر في حياتها، مع زوجها وأبنائها ومع الآخرين، فإذا أراد الزوج صيانة حياته الزوجية من التوتر.. وتوقي المشكلات وضمان سعادة زوجته، فإن عليه أن لا يتوقف أمام كثير من الأفعال والأقوال التي تصدر عن المرأة، لأن التعقيب عليها والتدقيق فيها سوف يزيد المرأة إصراراً على موقفها، أما عند مواجهة المشكلة بهدوء.. وعند المرور على موقفها مرور الكرام فسوف يضمن هدوء العاصفة تماماً.. شرط أن لا يكون في لا مبالاته شيء من الإهمال المهين.
كذلك فإن للزوجة الكثير من المطالب التي قد ترهق الزوج وتثيره، إن على الزوج في هذه الحالة أن لا يواجه المطالب حدة ورفض متعسف، بل عليه أن يعالج الموقف بروية ويحسب حسابه بدقة، فيكون مرناً في رفضه أو موافقته، واضحاً في وعده والمداراة هنا لا تعني أن يكذب.. بل تعني أن ينفس حالة اللهفة والرغبة المحتقنة بحكمة.. قد تكون كلمة طيبة أو موافقة جميلة.. أو نحو ذلك مما يقدر تأثيره كل إنسان في زوجته.
وقد يكون من المؤسف لدى عامة النساء أن يظهرن رغبة طفولية حادة بالأشياء فيحاصرن الرجل بمطالب مزعجة.. إما لأنها في غير وقتها أو لعدم القدرة على تلبيتها فيكون دور الرجل في هذه الحالة أن يداري.. أي أن لا يقمع هذه الرغبة.. بل أن يستوعبها مهدئاً من اندفاعها أو موافقاً حسبما يقتضيه المقام، وتظهر هذه الفكرة جلية في قول الإمام علي (ع)، الذي يركز فيه على وصف الصنف الأول بالمداراة من النساء: .. فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن، ولا صبر لهن عن شهوتهن، ... لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، .. فداروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال، لعلهن يحسن الفعال.
وهكذا تبدو المداراة عنصراً مهماً في سعادة الزوجة عندما يستخدمها الزوج واقياً لتجنب كثير من المشاكل التي قد تعصف بالحياة الزوجية.
3 ـ الإشباع العاطفي:
حيث يلاحظ أن المرأة غزيرة العاطفة إلى حد بعيد، فهي تحتاج إلى الحنان وإلى المديح وإلى الرقة، بالكلمة وبالفعل، وما أكثر الرجال الذين يبخلون على زوجاتهم بذلك، فترى كثيراً من النساء.. بعد مرور مدة على حياتهن الزوجية.. يقارن بين ما كان عليه الرجل في فترة الخطوبة أو في بداية الحياة الزوجية وبين ما أصبح عليه الآن، تراه في البداية ذا بسمة عريضة وكلمة شاعرين ولمسة حانية واهتمام بالغ.. فتشعر بالامتلاء العاطفي والسعادة البالغة، بينما تراه الآن كثير العبوس مغرقاً في أعماله قليل الكلام، فيثيرها ذلك تماماً ويجعلها تشعر بالخواء والملل، الأمر الجدير بأن يثير الكثير من المتاعب للرجال.
وصحيح أن الرجل قد يكون ذا مسؤولية وتبعات ومشاغل كثيرة، ولكن المرأة ـ في الغالب ـ لن تتساهل معه عند تقصيره معها، ولن تعذره ولو كان قائداً للعالم، إن البسمة عندها في كثير من الحالات أهم من وضع خطة عسكرية و من إلقاء محاضرة.. أو من صفقة تجارية رابحة!.
إن على الرجل أن لا ينسى أن لزوجته حقاً عليه.. حتى في زحمة أعماله، فليسمعها كلمة غزل رقيقة، أو يصطحبها في نزهة جميلة، أو يبدي لها الاهتمام بأي أسلوب يقدره ناجعاً في تحقيق قدر طيب من الإرتواء العاطفي للمرأة المؤمنة التي لا ترى في عالمها غير زوجها أملاً لها.
وإن كلمة طيبة مشجعة أو مادحة تفعل فعل السحر في نفس المرأة، وعالم المنطق والموضوعية شيء جميل ولكن مضافاً إلى قدر كبير من الرقة والحنان، وإلا فإنه لا قيمة له في بعض حالات التوتر.
المصدر :مجلة نور الاسلام 9و10
بقلم محسن محمد
ــــــــــــــــــ
مجهولي الابوين والاسرالبديلة
تعد الأسر البديلة من أهم الوسائل لرعاية اليتيم من ( مجهولي الهوية ) لتعويضه عن أسرته الطبيعية وبيئتها التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية، الضرورية لتكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الأسرية، والمفاهيم العامة للمجتمع، لتصبح شخصيته مستقرة وصالحة من جميع النواحي. وما إيداع اليتيم الذي فقد أسرته في دار للحضانة، إلا كحل بديل، لابد منه في حالة عدم تيسر الأسرة المناسبة لاحتضانه، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المؤسسات الإيوائية يمكنها أن تشبع حاجاته الضرورية، ولو جزءاً يسيراً منها، في مقابل وجوده داخل أسرة بديلة، تكون بمثابة أسرته الطبيعية، التي يمكن أن توفر له أغلب الاحتياجات.
وفي ذات الوقت الذي تعد فيه الأسر البديلة من أهم برامج رعاية الأيتام (مجهولي الأبوين) فإنها لن تستطيع تحقيق النتائج الإيجابية والأهداف المرجوة لمن تحتضنهم، والاستفادة من معطياتها؛ إلا بقدر وعيها بما يواجهها من عقبات ومنعطفات حادة تعترض طريقها مع المحتضن ومحاولة تخطيها، فالأمر لا يتوقف على مجرد ضم الطفل المحتضن للعيش بداخلها، بل الأمر من أكثر الأمور تعقيداً، بالنسبة للمحتضن لا للأسرة الحاضنة فقط، حيث تواجه الأسر البديلة في فترة الاحتضان كثير من الإشكاليات الصعبة، والعقبات، التي تحتاج إلى أن تتعامل معها الأسر بعناية فائقة وبحكمة بالغة، حيث فشلت حالات احتضان؛ بسبب هذه المشاكل والعقبات التي تقع فيها الأسر البديلة، عندما لم تحسب أبعادها وحساسيتها؛ ومن هذه الإشكاليات التي تعاني منها هذه الأسر والمحتضنين ما يلي :
* كثيراً ما يشعر االمحتضن في الأسرة البديلة بحاجته إلى من يفهمه ويقدر شعوره، ويقدر موقفه الحرج؛ الناتج عن حرمانه الأصلي من الأسرة الطبيعية، لذلك هو بحاجة إلى العطف المغدق المنضبط، الذي يعوضهالحرمان العاطفي الناتج من عدم وجود أبوين حقيقيين في حياته، ويحدث العكس عندما يكون سبب إقدام الأسرة على الحضانة أنها لم ترزق بأطفال، فتغدق العطف والحنان غير الموجه على المحتضن، وتدلله وتلبي له كل طلباته، ولا تعاقبه على أخطائه وسوء تصرفاته، بدون نظر لعواقب هذا التدليل، أو يكون هذا التدليل والتغاضي بسبب الرحمة والشفقة عليه نظراً لوضعه الاجتماعي، فتسئ إليه من حيث تظن أنها تحسن، وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة تسوء أخلاقه وتصرفاته، ولا تعلم أنها السبب في ذلك، فتتخلى عنه في فترة هو أحوج ما يكون إليها.
* بعض الأسر تحتضن طفلاً لأسباب مختلفة، فتتفاعل معه في مرحلة الطفولة البريئة وتتقبله، وتشبع شيئاً في نفسها، وعندما يكبر ويصل إلى مرحلة المراهقة ويدخل مرحلة الإدراك، وتتغير نفسيته وتضطرب مشاعره وتضعف، تتخلى عنه بمبررات واهية، أو لاعتراضات من بعض أفراد العائلة، دون أن تدرك عواقب هذا الترك وأثره عليه، عندما يودع في المؤسسة الإيوائية. أو إنها تهمله بدون متابعة ولا مسئولية ضابطة، لعدم وجود ما يربطها به من أواصر النسب أو المشاعر القوية، وكان يجب أن تعلم أهمية دورها العظيم، وأثره في حاضر اليتيم ومستقبله، وخطورة التخلي عنه في الفترة التي هو أشد ما يحتاجها فيها.
* كثيراً ما يفسر سلوك هذه الفئة من الأيتام، على أساس آخر غير الأساس الذي تفسر عليه تصرفات الآخرين من الأطفال والمراهقين في بيوتهم الطبيعية، وكثيراً ما يشوب تصرف الأسر الخوف وتوقع الشر لأن الطفل ليس طفلهم، ويخشون تورطه في سلوك مضطرب، أو غير مشرف ضد نفسه أو ضد المجتمع، وذلك بسبب الفكرة السيئة غير الحقيقية عن نشأته، وعن استعداده لهدم القيم الخلقية - هذا من وجهة نظر الأسرة- كما فعل أبويه من قبل.
فتتجه الأسرة نتيجة لأفكارها وآرائها الخاصة إلى شدة الحرص على الناشئ، فيضيقون عليه الخناق، ويقيدون حريته، مما يجعله يصطدم معهم في مرحلة المراهقة، فيتأكد في ذهنهم أن ما توقعوه حدث فعلاً، ولم تعلم الأسرة الحاضنة وخاصة منها من لم ترزق بأبناء، بأن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل تربوياً وأكثرها تعقيدا، وهناك من الأسر الطبيعية التي تعاني من أبنائها الحقيقيين، وهم يعيشون في كنفها ودفئها في أفضل الحالات الأسرية والاجتماعية، تعاني هذه الأسر من أبنائها أضعاف ما تعاني الأسر البديلة من الذين تحتضنهم في وضع اجتماعي غير طبيعي، الذين مهما منحوا من رعاية لا يمكن أن تعوضهم هذه الأسر البديلة ما فقدوه من أسرهم الحقيقية.
* تعاني بعض الأسر من تصرفات من تحتضنهم فتتحملها على مضض وتخفيها عن الجهات المسئولة عن متابعة المحتضن، لانتمائه لها عاطفيا، إلى أن تظهر تلك التصرفات في الوقت غير المناسب، بعد أن وصلوا إلى حالة سيئة لا ينفع فيها العلاج بعد فوات الأوان، وذلك بسبب سوء فهم الأسرة الحاضنة وتهيبها من أن يسحب الناشئ منها في أي وقت من الأوقات، من قبل الجهات المسئولة.
* قد تفسد بعض الأسر علاقة الناشئ بالشئون الاجتماعية، عندما يهددونه من آن لآخر إذا تصرف بما يغضبهم؛ بأنهم سيقومون بتسليمه لإيداعه في المؤسسة الإيوائية، ليرهبوه بذلك، مما يشعره بعدم الأمن والاستقرار، و'يضعف مشاعره تجاه الأسرة، وأيضاً يجعله هذا لا يتقبل أي طرف من الجهات المعنية به لمتابعته في المستقبل.
* في حالات كثيرة يعير الناشئ بأهله ونشأته مما يؤلم مشاعره ويجعله ينطوي على نفس منكسرة تشعره بالنقص والذنب والنقمة على الذات، مما يشعره بعظم الفارق بينه وبين الآخرين، فينقم على الحياة وعلى الناس، بتصرفات عدوانية، والأسرة لا تعرف عن هذا السبب.
* عندما يصل الناشئ إلى درجة كافية من الوعي والتفكير في المستقبل، فإن تفكيره ينصرف إلى التفكير في نشأته وأهله وتاريخهم وتخليهم عنه، وما إلى ذلك مما يحيط بموقفه في الحياة، ويصطحب هذا التفكير قلق زائد ومخاوف متنوعة، وتزداد هذه المشاعر كلما كان هذا اليتيم غير آمن ولا مستقر، أوكان يفتقر إلى الشعور بالانتماء إلى الأسرة الحاضنة. والأسرة لم تحسب لهذه المرحلة حسابها.
* من حق الناشئ أن يعرف تاريخ حياته وأصله ونشأته وهذه هي القاعدة، وإنما لابد من اختيار الوقت المناسب لإخباره بحقائق حياته بصورة مبسطة، وبفكرة مقبولة أدبياً وتربوياً، وأنسب الأوقات ما كان توازنه العاطفي فيها غزيراً، وكان في مرحلة من الحياة لا يدرك فيها المعاني بعمق، أي في مرحلة الكمون قبل أن يكتمل نموه العقلي، ويجب إخباره بطريقة طبيعية، ولا يجب حجب هذه الحقائق عنه فإنه لابد سيكتشفها، وقد يكون هذا الاكتشاف في وقت غير مناسب، وغير معلوم، وفي حالة نفسية غير مستقرة، مما يتسبب عنه فقد الاتزان الوجداني ومواجهة صراع عنيف يؤثر في حياته تأثيراً سيئاً في حاضره ومستقبله. وليست الأسر في معظمها قادرة على القيام بعملية الإخبار بالأسلوب المناسب والصحيح، وبعضها يجتهد خطأً، فيحرص على إخفاء حقيقة وضع المحتضن عنه منذ أخذها له، رغبة منها في عدم إيذاء مشاعره أومن شدة حبها وتعلقها به، أو تعتقد بأنه إذا عرف الحقيقة ستكون سبباً في عدم تقبلها والبعد عنها والنفور منها، والمشكلة تزداد إذا أوحت له بأنها أسرته الحقيقية، ويعلم فيما بعد كذب ذلك.
إن هذه الإشكاليات والعقبات، التي تتعرض لها الأسر مع الذين تحتضنهم، كانت سبباً رئيساً في انهيار عملية الاحتضان لدى كثير من المحتضنين، في الوقت الذي لم يوجد من يتابعها ويعمل على علاجها واستئصالها بالأسلوب الصحيح قبل أن تستشري، فكانت النتيجة: إما التخلي عن المحتضن أو تدهور حالته النفسية والسلوكية أو فشل في دراسته أو إهمال الأسرة له مما يدفعه إلى الانحراف.
ــــــــــــــــــ
موقف الاسلام من العنف الأسري في المجال التربوي
الكاتب: محمد علي فضل الله
في واقعنا الأسري القائم في مجتمعاتنا وأعرافنا التقليدية تتحكم بعض الأساليب التي أصبحت واقعاً حياتياً معيشاً يحكم أسلوب التعامل ب ين الرجل والمرأة، أو بين الأبوين والأبناء، ويطبع العلاقة بينهما بطابعه.. فنلاحظ مثلاً تحكم أسلوب العنف الذي تطبع به المجتمع العائلي فغدا يمثل عرفاً حتى غدا طبيعياً نحاول إعطاءه تبريراً منطقياً حين نمارسه بدعوى كونه نهجاً تربوياً يعمل على تطبيع المرأة وأسلوبها بما يتناسب مع تطلعاتنا للبيت الزوجي، أو تطبيع الأبناء بطابع حياتي معين لتحقيق حالة الاستقرار داخل إطار الأسرة من خلال الالتزام بمنهج تعاملي مطلوب، والتناهي عن ممارسة أساليب حياتية اجتماعية أو فردية مخصوصة.
فنلجأ ـ مثلاً ـ من أجل فرض واقع انضباط المرأة ـ تجاه زوجها ـ لتنضبط عملياً بشكل حاسم في تحقيق رغباته ومختلف حاجاته ومطالبه، إلى التعامل معها بأسلوب العنف المتمثل بالسب والشتم والإعراض والطرد والضرب وما إلى ذلك من وسائل الضغط التي يملكها الرجل. كما نلجأ لمثل هذا الأسلوب في التعامل مع الأبناء في مثل هذه الحالات، بل أصبحنا نلحظ تحكم هذا الأسلوب في واقع هذه العلاقة لدى بعض من يدعي الالتزام بالاسلام كمنهج وخط، وهذا يعطي الموضوع بعداً سلبياً آخر.
وهنا نتساءل ما هو نصيب هذا الاسلوب من الواقعية والمنهجية؟
أو ما هو الأسلوب الذي يفرضه الواقع التربوي المطلوب اعتماده لتحقيق سلامة الحياة المنزلية، وضبط النهج الحياتي العائلي؟ بل ما هي طريقة الاسلام التربوية لتحقيق الهدف الحياتي الذي تفرضه المصلحة العائلية؟
لو حاولنا استكشاف المنهج الاسلامي في هذا الواقع لرأينا أن الاسلام حين قوم الواقع العائلي وشرع له، نظر إليه من جانبين:
1 ـ إنسانية كل واحد من أفراد الأسرة دون استثناء.
2 ـ أخلاقية التعامل بين هؤلاء الأفراد، سواء في إطار نظرة رب البيت لمن يعول، أو في إطار نظرة هؤلاء نحوه، وطريقة تعاملهم معه، فحاول أن يرسم خطوطاً للتعامل تراعي إنسانية الانسان فيهم وأخلاقية العلاقة التي تقوم بينهم عاطفياً وسلوكياً، من جهة أخرى.
رعاية متبادلة:
فقد شجع الاسلام كل واحد من الأفراد أن يشعر بالمسؤولية تجاه الأفراد الآخرين داخل الإطار المنزلي، من خلال إمكاناته وطاقاته، ليمارس جور الرعاية التي افترضها الاسلام في كل مسلم تجاه غيره من المسلمين، كما جاء عن رسول الله (ص): ((ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم في الوقت ذاته رسم الاسلام حدوداً للتعامل وإطار للتعايش بالمعروف ـ ولا سيما في العلاقة الزوجية ـ (... وعاشروهن بالمعروف...) النساء/ 19، إن هذا يعطي صورة العلاقة التي يرسمها الله سبحانه ويريد لها أن تتحرك داخل البيت، وتحدد منهج الرجل الذي يمسك بحق القوامة على المرأة والولاية على الأبناء، في مجال التحرك لحفظ الواقع ضمن إطار الرعاية (الأخلاقية) المتوازنة البعيدة عن كل افتئات على حق هؤلاء في العيش بحرية وكرامة وسلامة، في ذات الوقت الذي يبادلونه فيه ذلك برعاية حقه واحترام وجوده وقراراته التي يحدد من خلالها إطار التحرك لها التجمع الانساني الصغير.
ولا بد لتحقيق هذا التعايش بالمعروف من التزام منهج العمل باحترام إنسانية كل واحد من هؤلاء واعتماد أسلوب التراحم ورعاية المشاعر والأحاسيس، وبناء روح المحبة والتعاطف، وحمل ما تفرضه المسؤولية الخلقية والشرعية من التزامات مادية ومعنوية وروحية، مضافاً إلى الشعور بالمسؤولية التربوية تجاههم بتصحيح مسيرتهم في الحياة بمختلف جوانبها من خلال أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة. فمهمة القوامة أو الولاية ترتب على القيم والولي مسؤولية التنظيم والتوجيه للحياة الأسرية للحفاظ على سلامة الأسرة، مما يلزمه في المقابل انضباط هؤلاء مع توجهاته، حين لا تتنافى مع واقع العدالة وسلامة الفكرة والقرار وحين لا يتم التجاوب مع الولي والقيم، فله فرض حالة الانتظام بالأسلوب المنتج الفاعل.
نظرة شرعية إسلامية
في الجانب الشرعي التكليفي، لا يفرض التشريع الاسلامي في الإطار العام على المرأة تجاه الرجل سوى ضرورة التجاوب معه في مجال الخصوصيات الزوجية المحددة، وحفظ أمانة الواقع المادي الحياتي، والتزام الضوابط في مجال مغادرة المنزل الزوجي. أما في ما عدا ذلك.. من أمثال الخدمات التي جرت طريقة العرف على أدائها لها، والالتزام بكل الأوامر الصادرة عن الزوج ـ مهما كانت ـ فهو مما لا يفرضه عليها التشريع، بل يتركه أمره لمشيئتها بالذات، ولإرادتها الحرة دون أن يسمح بفرض ذلك قسراً عليها لتمثل دور الخادمة المستأجرة. وما ذلك إلا لأن الاسلام أراد للحياة الزوجية أن تتحول إلى حياة حب وتضحية وحين يشعر الزوج بأهمية تلك التضحيات فإنه يبادلها بالشكر واللطف والمحبة.
وانطلاقاً من هذا، فإن بعض الممارسات القائمة لدى بعض الناس في مجتمعاتنا يتنافى كثيراً مع الأسلوب الانساني والشرعي الذي يفترض بنا التزامه.. فلا مجال عندها للتعامل مع الزوجة بأسلوب العنف الذي يمارس بطريقة الشتم والتحدي وصولاً إلى أسلوب الضرب، الذي يتحركون به كواقع طبيعي عادي لا مجال لتوجيه اللوم عليه وإنكاره. ومن الطبيعي أن هذا الأسلوب يمثل ظلماً يرفضه الاسلام.
مع المنهج الأجدى
لذلك، فحين يرمي الزوج إلى تطبيع واقع زوجته بالشكل المتناسب مع تطلعاته وأحلامه... حين يشعر بضرورة انسجامها وشعورها بالمسؤولية معه، لا بد له أن يستخدم منهج الرفق واللطف من جهة والحوار والإقناع من جهة أخرى فبذلك يمكن انتزاع القرار الذاتي منها في تحقيق تلك التطلعات وتجسيد تلك الأحلام. وهذا يساهم في بناء صروح الثقة فيما بين الجانبين، ويدفع الزوجة إلى تحقيق سعادة الرجل والبيت بشكل عام برغبة ومحبة. فالعنف في أكثر الحالات لا يحقق النتائج المطلوبة، بل قد ينعكس سلباً على كل واقع الحياة التي تتحول حينها إلى سجن كبير لكلا الجابنين، فيعملان عندها للتحرر منه ولو من خلال تدمير القفص الزوجي وإنهاء دوره.
من هنا فإن الأسلوب التربوي الذي لا بد أن يمارس، ينبغي أن يتحرك في أجواء الحكمة والموعظة الحسنة باستخدام الكلمة الطيبة التي جعلها القرآن: (... كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها...) إبراهيم/ 24 ـ 25، ليتم إلغاء السلبيات بهذه الطريقة، لا بطريقة القوة والعنف الذي ربما يتاح للطرف الآخر استخدامه، فتتحول الحياة إلى صراع ومشاكل تنعكس سلباً على كل واقع الحياة العائلية، إذ من الطبيعي انعكاس الصراعات الزوجية الحادة المعلنة على واقع الأبناء فتحدد من خلالها طريقة تفكيرهم وأسلوبهم الحياتي، بل قد تخلق العقد الكبيرة داخل تكوينهم النفسي، وذلك يطبعهم بطابع مشوه يقود إلى الضياع والانحراف، وهذه سلبية أخرى من سلبيات النزاعات التي تقوم بين الزوجين تدفع بنا للتروي قبل الوصول إلى هذه السلبيات.
وفي إطار الأبناء
حملنا الاسلام مسؤولية هامة في هذا المجال هي رعاية واقع أطفالنا لإخراجهم للحياة عناصر سليمة صالحة، تخدم الحياة وتبنيها بناء ثابتاً متيناً لا يتزلزل أمام أي عاصفة وطارئ. وهذا يدعونا للتفكير بجدية في طريقة التعامل معهم منذ بداية تحركهم في هذه الحياة فتتعهدهم بالرعاية الكافية لتحويلهم إلى عناصر تبني الحياة، وتتقدم بها نحو الأفضل بالاسلوب الذي أراده الله سبحانه. فنحن إذاً نتحمل مسؤولية صياغة شخصيتهم مستقبلياً، ليتحولوا إلى قوة فاعلة في مجال الإعمار.
لا بد من اعتماد منهج تربوي مركز لتحقيق هذا الهدف. ولا مجال لالتزام منهج إعطاء الأوامر والتعليمات الملكية لتوجيههم. فذلك وحده لا يعطي أثره الطبيعي المطلوب، ولا سيما حين يصل الطفل إلى مرحلة من الوعي والتفتح الذهني، لأن الأب ليس هو العامل الوحيد الذي يؤثر في الطفل، ويصوغ شخصيته ونفسيته ومسلكه، بل هناك عوامل أخرى متعددة، من غرائزه وشهواته ومتطلباته التي تتحكم بواقعه وإرادته وتكوين أهدافه، وكذلك الكلمات والأفكار التي يأخذها عن والديه وعن الناس، وكذلك الزملاء الذين يختلفون في تربيتهم وفكرهم ومزاجهم وما اكتسبوه من عادات وتقاليد وأعراف، ومن المدرسة والشارع والمجتمع إلى غير ذلك مما يعمل في طبع عقلية الطفل وعاداته...(54/247)