ولكني أريد أن أقول ان أعظم ما يتعلم منه الأبناء هو السلوك العلمي بين الأب والأم، فإذا كانت العلاقة بين الأب والأم مليئة بالمحبة والتفاهم رغم ظهور بعض من المعارك في بعض الأحيان، فإن الأبناء يتشربون روح الأسرة بلا أدنى شك. إن الحديث عن الأخلاق والقيم أمر سهل، لكن الأبناء لا يتشربون القيم من الكلمات فقط، ولكن يتشربونها ويطبقونها في حياتهم إذا ما رأوا ذلك في أسرهم. وإذا كان العصر الحديث قد أكثر من المعلومات عن التشريح ووضع أمام الشاب والفتاة أكثر من فرصة للتعرف العلمي على الجسد، فإن الأسرة عليها ـ من خلال سلوك الأب والأم ـ أن تعلم الابن الكثير من القيم من خلال السلوك اليومي أن التعاون المتفاني الذي يمارسه الأب الحنون والأم الطيبة هو خير معلم للأبناء.
إن حديث الأب مع الابن بشكل مباشر عن العلاقة بين الرجل والمرأة قد يكون به بعض من الجمل المفقودة، لكن الابن يجمع هذه الجمل من مكان آخر.
وحديث الأم مع الابنة بشكل مباشر عن العلاقة بين الرجل والمرأة قد يكون فيه بعض من الجمل المفقودة لكن الابنة تجمع هذه الجمل من مكان آخر.
وباختصار، إن الأساس الذي يبني عليه الابن والابنة حياتهما هو السلوك اليومي بين الأب والأم.
إن الحياة المعاصرة تزدحم بالشكوى. فنحن في آخر القرن العشرين الممتلئ بذكريات الحروب والتنافس الشاق والفقر المدقع في بعض البلدان، وارتفاع نسبة البطالة بين شباب العالم تقريباً، وهوس امتلاك المخترعات الجديدة وتلوث البيئة واستغلال الانسان للانسان وكل ذلك يجعل الشباب في حالة من الشوق العارم إلى التعاون البشري من أجل نشر حالة من الصفاء النفسي.
إن الانسان كائن يحب الأشياء المادية وقد أنتح منها الكثير، وكائن يحب القيم المثالية وهو يعرفها، لكنه ما زال يصبو لتحقيق جزء بسيط منها. وأنا أؤمن أن كل انسان لديه موارد لا نهائية من الإبداع، والإخلاص، والحب، والكرم، والقدرة على الاستمتاع بالفنون والآداب، وهذا لا ينفي أن بداخل الانسان أيضاً الجشع، وطلب القوة والقسوة.
والشباب هو القادر على تهذيب الجشع وتحويله إلى طاقة للإبداع.
والشباب هو القادر على جعل القوة في خدمة العدالة.
والشباب هو القادر على تحويل القسوة إلى سلاح ضد هؤلاء الذين يبددون كرامة الانسان.
ــــــــــــــــــ
ماذا تفعل عندما يكون طفلك غير واثق من نفسه ؟
*إعداد: تراجي فتحي
لايوجد تعريف محدد للخجل، كما لايوجد مقياس مطلق له، ومع ذلك يشير تعبير الخجل إلى أولئك الذين يجدون صعوبة في التفاعل الاجتماعي، ولدى بعض الأطفال أو المراهقين قد يكون الخجل ناجماً عن عدم كفاية المهارات الاجتماعية، ولدى البعض الآخر يرجع إلى افتقاد الثقة بالنفس مما يجعلهم يبالغون في الاهتمام بنظرة الآخرين لهم.
الوالدان الخجولان عادة ما ينجبان أطفالاً خجولين، ومع ذلك، من الممكن تخفيف حدة صفة الخجل إلى حد كبير من خلال جهد الآباء والمدرسين من أجل بناء الثقة الداخلية والمهارات الاجتماعية لدى الطفل أو المراهق.
بعض الأفراد يرون أنفسهم خجولين إلى حد ما ومعظم الأفراد يجدون صعوبة في بعض المواقف الاجتماعية، وهناك حوالي واحد من كل عشرة أشخاص يؤثر خجله على حياته اليومية، ويؤدي الأطفال الذين يعانون من الخجل بشكل مزمن أداء جيداً في الدراسة ولكنهم يتأخرون بعض الشيء في الزواج، وعادة ما يعتبر الآباء والمدرسون الطفل خجولاً عندما يتسم بالهدوء الزائد عن المعتاد ويميل إلى اللعب مع نفسه أو أن لديه عدداً قليلاً من الأصدقاء.
كون الطفل أهدأ من المعدل المعتاد أو يميل إلى اللعب بمفرده ليس بالضرورة سبباً يدعو للقلق، فأول سؤال يتعين على الوالدين طرحه هو ما إذا كانت المواقف الاجتماعية تسبب لطفلهما القلق والتوتر أم لا، الطفل السعيد والواثق من نفسه ولكنه يفضل البقاء بمفرده لا يدعو للقلق، ولكن الطفل الذي يجد صعوبة شديدة في المواقف الاجتماعية ويحزن نتيجة لذلك فيحتاج إلى الالتفات.
هناك صعوبة في تقدير أعداد الأطفال أو حتى الكبار الذين يعانون من الخجل لأن أعراض الخجل الخارجية قد تكون خادعة، فقد يكون الطفل لديه الحافز للتفاعل الاجتماعي ولكنه يجد تلك الخبرة غير مريحة إلى حد بعيد، وتتم معظم الإحصائيات من خلال سؤال الأشخاص عن خبرتهم أكثر من مراقبة سلوكهم، وقد وجدت الأبحاث أن حوالي 40 % من الكبار يشعرون بالخجل بشكل متكرر و40 % مروا بمشاعر الخجل مرة واحدة واعترف 15% بأنهم شعروا بالخجل في بعض المواقف، فقط 5% من الكبار يعتقدون أنهم لم يشعروا بمشاعر الخجل على الإطلاق، لو صدقت تلك الأرقام وهي بالطبع تعتمد على مفهوم كل فرد عن الخجل، إذن فمعظمنا يشعر بالخجل إلى حد ما ولو في بعض المواقف، وعلى أية حال فقد صرح واحد من كل عشرة أشخاص أنهم يعانون من الخجل لدرجة أن لذلك تأثيراً سلبياً على أداء مهام حياتهم اليومية.
هناك أسلوب مختلف لتقييم الخجل وهو ملاحظة ردود الأفعال البدنية والسلوكية التي تثيرها المواقف الاجتماعية لدى الشخص، الكثير منا يجد المواقف الاجتماعية الجديدة مقلقة لكن بالنسبة لبعض الأشخاص يستبد بهم القلق لدرجة أن يحدث لديهم تأثيرات فسيولوجية يمكن إدراكها، فعند مواجهة مواقف اجتماعية جديدة أو أشخاص جدد يصاب الطفل أو المراهق الذي يشعر بمخاوف حقيقية من التفاعلات الاجتماعية بحالة من القلق ويتوقف عن الحركة ويبعد بصره بعيداً و تزداد معدل نبضات قلبه، ومع مرور الوقت قد يعاني الأطفال الخجولون من صعوبات كلامية في المواقف الاجتماعية فإما أنهم يتكلمون ببطء شديد أو يقومون بحركات عصبية مثل ملامسة وجوههم أو يدعكون أيديهم أو ما شابه ذلك.
وبالنسبة لبعض الأطفال ينشأ الخجل أساساً من فقدهم للمهارات الاجتماعية الأساسية، فلو تمت تنشئة الطفل بشكل منعزل أو أنه لا يرى أشخاصاً جدداً بشكل كافٍ قد لا يتمكن من اكتساب المهارات الاجتماعية الضرورية إذ لا تكون لديه الخبرة أو الممارسة اللازمة للشعور بالثقة في المواقف الاجتماعية المختلفة.
فالأطفال يتعلمون كيف يكونون صداقات من خلال المشاهدة ومحاولة تجريب عدة تكتيكات واستراتيجيات.
بمقدور الآباء والمدرسين والأشخاص المؤثرين في الطفل أن يلعبوا دوراً مهماً بخصوص تلك المشكلة، الراشدون الذين يتذكرون طفولتهم المتسمة بالخجل يتذكرون أيضاً أن آباءهم كانوا يفرضون عليهم حماية أكثر من اللازم ويتذكرون فقدانهم للدفء العائلي وتعرضهم للانتفاد الشديد، وهم يتذكرون عادة انعزالهم اجتماعياً بشكل ملحوظ، خاصة إذا كانت عائلاتهم تمارس نشاطات اجتماعية محدودة ولا تتوافر لديهم الفرصة للاختلاط بالمجموعات الأخرى، تلك العائلات قد تطلب من أطفالها التفاعل الاجتماعي مع الآخرين ولكنها في الوقت ذاته لا تقدم نموذجاً جيداً لكيفية هذا التفاعل، وفي هذه الحالة يعاني الأطفال من الخجل بسبب افتقارهم للممارسة الكافية للتعامل مع الآخرين.
وفي حالات أخرى تبدو المشكلة مرتبطة بإحساس الطفل بنفسه، فالطفل السعيد الواثق من نفسه يكون لديه إحساس ومعرفة داخلية أنه في حالة جيدة، بعض الأطفال الخجولين يفتقرون تلك الثقة الأساسية بالنفس وينشغلون دائماً بالسؤال عن ما إذا كان الآخرون يقبلونهم وملاحظة كيف يتجاوب الآخرون معهم وكيف يقيمونهم، نتيجة لذلك يمثل مقابلة أشخاص جدد والدخول في مواقف اجتماعية جديدة أمراً مثيراً للتوتر لهم لأنهم يشعرون أنهم في محاكمة والآخرون يحكمون عليهم.
ومن الممكن ملاحظة الخجل لدى الطفل من عمر مبكر جداً، فقد اكتشفت الأبحاث اختلافات فسيولوجية بين الأطفال الصغار الاجتماعيين والأطفال الخجولين منذ عمر شهرين، وبوجه عام يظهر حوالي خمس الأطفال حديثي الولادة هدوءاً وحذراً و تحفظاً في المواقف الجديدة ويظهر خمس آخر عدم تأثره، أما الباقون فيتأرجحون بين الموقفين، ان وجود مثل هذه الاختلافات منذ سن مبكر يظهر إمكانية وجود عامل الوراثة في موضوع الخجل إلى حد ما، ومما يرجح ذلك أن الأطفال الخجولين يأتون إحصائياً من أبوين خجولين على الأرجح.
بعض الأطفال إذن يولدون ولديهم في شخصيتهم ومزاجهم ميل لاكتساب صفة الخجل.
ولكن ذلك لايعني أن الخجل بكل عواقبه السلبية لا يمكن تجنبه، فهناك دلائل جيدة على أن التربية الإيجابية بمقدورها أن تقطع شوطاً طويلاً على طريق التخفيف من حدة صفة الخجل.
وقد وجدت الأبحاث أن ثلاثة من كل أربعة أطفال خجولين يظلون على خجلهم بعد أن يصبحوا أشخاصاً بالغين، أي أن هناك فرصة لواحد من كل أربعة أطفال خجولين أن يتخلص من خجله، وفي هذه الحالات يكون الوالدان على الأغلب هما اللذان منحا طفلهما الثقة بالنفس ومنحاه المهارات الاجتماعية لكي يخرج من دائرة خجله.
فالآباء الإيجابيون يشجعون طفلهم على الأنشطة الاجتماعية ولا ينتقدون خجله.
ويشعر هذان الوالدان طفلهما بأنه مقبول ومحبوب كما هو، ويركزان على الأشياء التي يتميز بها الطفل ويمتدحانه، باختصار يعملان على بناء ثقة الطفل بنفسه أكثر من انتقاد خجله أو تجاهل الموضوع برمته، إن الأمر يستحق بذل الكثير من الجهد من أجل مساعدة الطفل وأيضاً المراهق في التغلب على خجله لأن عواقب الخجل المستمر تسبب المشاكل على المدى البعيد، فقد أوضحت الأبحاث أن الأشخاص الخجولين يتمتعون بعلاقات محدودة مع الجنس الآخر ومن السهل أن يعانوا من الاضطرابات الغذائية، كما وجدت الأبحاث أيضاً أن الرجال الذين يعانون من الخجل يتزوجون في أعمار أكبر وتزداد احتمالات أن تكون زيجاتهم غير مستقرة، كل تلك العواقب تنجم أساساً عن افتقار للثقة بالنفس وعدم قدرة على التفاعل الحر مع الآخرين.
* ماذا يفعل الوالدان للتغلب على هذه المشكلة:
عدم توجيه النقد للطفل أو المراهق على سلوكه الخجول، إن لفت نظر الطفل إلى خجله بشكل دائم يزيد الأمور سوءاً، وبدلاً من ذلك حاول أن تكون قدوة للطفل في السلوك الاجتماعي المتسم بالثقة وتذكر أن الأطفال الصغار يكتسبون الكثير من مراقبة سلوك الوالدين.
محاولة اكتشاف نشاط يجيده الطفل: حاول اكتشاف نشاط يفعله طفلك ويشعره بالنجاح ولا يهم طبيعة هذا النشاط، امنحه كثيراً من المديح على أي نجاح يحققه وشجعه على مزيد من المشاركة، إن التفاعل الاجتماعي من الممكن أن يكون مكسباً جانبياً عندما يقوم الطفل بالنشاط الذي يحبه، ويعد النشاط الرياضي دليلاً واضحاً على هذه الفكرة حيث يحقق دفعة في ثقة الطفل بنفسه.
محاولة تعريض الطفل لأنشطة متنوعة وأشخاص مختلفين: شجِّع طفلك على المشاركة في مجال من الأنشطة المتنوعة مع مجموعات مختلفة من البشر، وتعد الكشافة والألعاب الجماعية وأندية كرة القدم مجالات جيدة تمكن الطفل من مقابلة أنواع مختلفة من البشر وتطوير مهاراته الاجتماعية.
توقع بعض مشاهد الخجل من طفلك: ليس هناك داع للقلق لو لاحظت ظهور صفة الخجل بشكل مفاجئ على طفلك، فالعديد من الأطفال يمرون بمراحل مؤقتة من الخجل تكون عادة رد فعل لحدث ما مثل الالتحاق بمدرسة جديدة أو الانتقال إلى منزل جديد أو حتى البدء في ارتداء حمالات الصدر بالنسبة للفتيات، ولايعد ذلك خجلاً متأصلاً ولكنه فقدان ثقة مؤقت، في مثل هذه المواقف يجب الحفاظ على باقي جوانب حياة الطفل في حالة من الاستقرار بقدر الإمكان، فعلى الأغلب سوف تهدأ الأمور مرة أخرى مع استعادة الثقة بالنفس.
لا تشجع الطفل على قضاء الكثير من الوقت بمفرده: حاول أن تحد من الوقت الذي يقضيه الطفل منفرداً تماماً، فالاستقلال شيء جيد ولكن قضاء الطفل لساعات طويلة في مشاهدة التليفزيون أو اللعب بألعاب الكمبيوتر بمفرده لن يساعده، وقد وجد أن قضاء ساعات طويلة أمام شاشة التليفزيون مرتبط بالشعور بالخجل، فكل منهما يغذي الآخر.
اترك طفلك يتعرف على راشدين آخرين: بينما يكون من الضروري والأساسي للطفل الصغير الارتباط القوي بالأشخاص الذين يعتنون به، يكون من المهم أيضا تشكيل علاقات مع راشدين آخرين أيضاً، فلو أن الطفل الصغير لا ترعاه سوى والدته فقط على سبيل المثال، فقد يتكون لديه تصور أن العالم لا يكون آمنا إلا في وجودها، أما الأطفال الذين يقضون بعض الوقت مع شخصيات أخرى مقربة مثل الأجداد أو الأقارب أو أصدقاء الأسرة فيكونون أكثر تحرراً، بالطبع مع ملاحظة عدم ترك الطفل على الإطلاق سوى مع أطفال تثق بهم تماماً.
*المصدر : مجلة الجزيرة /العدد : 124 /2005 م
ــــــــــــــــــ
هل يستمر الحب أكثر من 25 سنة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أن رسالة الإسلام هي رسالة حب، والمتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلم على الحب وإشاعة الحب واستمرار الحب كثيرة جداً، ثم ضربت مثلاً بالنبي محمد (ص)حينما عاش مع السيدة خديجة -رضي الله عنها - خمسة وعشرين عاماً كلها محبة وسعادة، فلما ماتت لم ينس هذه السنوات واستمر يذكرها بالخير ويهدي أصحابها الهدايا ويتابع أخبار صديقاتها حباً ووفاء لها، وفي ذلك دليل على أن الحب يستمر أكثر من 25سنة، على الرغم من أن بعض الدراسات الغربية ومنها دراسة العالم الكيميائي (روبسون) أكدت أن كيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب تظل تولد شحنات لمدة ثلاث سنوات فقط، وأعلق على هذه المعلومة بأن تعريف الحب عندنا يختلف عن تعريفه عند الغربيين، فمن قيمنا المرتبطة بالحب (الإخلاص والوفاء والتضحية)، بل إن الأصل في الحب أن يكون في الله ولله حتى ولو كان بين الزوجين، وهذا مفهوم راقٍ من مفاهيم الحب، ولهذا أوصانا حبيبنا محمد (ص) بأن نرتبط (بالحبيبة) عندما قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» وذكر صفة (الودود) أي الحبيبة والتي تشعُّ الحب إلى حبيبها.
ولاستمرار الحب علامات، منها الدعم المعنوي والمادي وحفظ الأسرار والتقدير والاحترام والحديث عن المستقبل واللمسات الحانية والوقوف مع الحبيب وقت الفرح والترح بالإضافة إلى التعبير عن الحب.
وهذا كله ينفي بعض الأمثلة الخاطئة والشائعة مثل: «الزواج مقبرة الحب» بل إن الزواج حياة للحب لو أحسن الزوجان مهارات المحبة وفنون المودة.
أما ماتعرضه الأغاني أو المسلسلات من مفاهيم للحب فإن هذا كله ينصب في الحب الرومانسي وهو مطلوب أحيانا، ولكن الذي يبقى هو حب الصحبة، والحب الأساسي بين الزوجين، أما ما يعرض في الفضائيات فهو في الغالب حب مشوه، ونحن نحتاج إلى برنامج وقاية تربوية لأبنائنا من مفاهيم الحب المشوه، وذلك بعرض الحب بمفهومه الصحيح ومحاورة أبنائنا بالمفاهيم العاطفية التي لديهم.
وختاماً نقول ماذكره سيدنا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو واقف على قبر السيدة فاطمة الزهراء - رضي الله عنها:
حبيبي لايعادله حبيب
ومالسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن شخصي وعيني
ولكن عن فؤادي لايغيب
*المصدر : موقع جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
الهدوء الأسري لعلاج عصبية ابنك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
سها السمان
مشكلتي خاصة بطفلي الذي أعاني بشدة من عصبيته الزائدة وذلك منذ حوالي العامين، أي منذ حملي بشقيقته، وعلى الرغم من اهتمامي الشديد به فإنه دائم العصبية والصوت العالي عند حدوث أي شيء لا يعجبه، كما أنني أشعر بأنه دائما غضبان ولا يشعر بالفرح عند تحقيق أي مطلب له، بل إنه يزيد في طلباته بشكل غريب.
طفلي في السنة الأولى بالمدرسة وتقييمه جاء جيدا جدا في نصف العام وله أصدقاء بالمدرسة، إلا أن مدرِّساته يشتكين من ثرثرته الدائمة. أنا أحاول مساعدته في تجنب العصبية، ومنعته من بعض أفلام الكرتون العنيفة التي تزيد الأمر معه، مع العلم أن والده شديد العصبية لأتفه الأسباب؛ فهل حالة ابني وراثية؟ كما أنه أخذ عني البطء الشديد في أداء واجباته وأكله وكافة أفعاله.
أشعر بالخوف على طفلي، ولا أريده أن ينهج نهج والده الذي يحاول أن يكف عن عصبيته أمامه، ولكنني ألاحظ أن الطفل يأتي بأفعال مماثلة لأفعال والده على الرغم من عدم مشاهدته لوالده في نفس المواقف، كأن يقذف بالأشياء حال نرفذته، علما بأن طفلي يعشق الرسم والتلوين، وأنا أحاول تنمية هذا الجانب فيه.
الحل
دعيني قبل أن أبدأ في التحدث عن ابنك الغالي أن أتحدث معك ومع باقي القراء عن حياتنا وبيوتنا، قد تستغربين ولماذا التحدث عن حياتنا وأنت ترسلين في السؤال عن عصبية ابنك، ولكن هنا أهم جزء في مساعدتنا على فهم كيفية تنشئة أطفالنا.
فكما فهمت أن زوجك شديد العصبية وأن الأطفال بعض الوقت يرونه وهو متعصب؛ فدعيني أسألك وأجيب لك في نفس الوقت لماذا يصل بينكما حد النقاش في البيت إلى العصبية وأمام الأطفال؟
لأن الشيطان هيأ لنا أقل الأسباب والتي تكاد ألا يكون لها مكان من النقاش إلى أشياء تتوقف عليها حياة أسرة كاملة، منها مثلا كرامتي التي تهان وهي أبدا لم تهن إذا فكرنا أن نتجنب المشاكل ونفهم أن الرجل لا يريد أن تقف زوجته في وجهه وكأنها رجل مثله، والآخر مثلا أنه يريد أن يلغي وجودي وكأني جزء من المفروشات التي أتى بها للزواج، هذا ليس صحيحا؛ فأنت ملكة هذا البيت، وقد جهزه لك زوجك حتى تسعدي بوجودك فيه وتسعديه أيضا بذلك.
وأشياء كثيرة من المشاكل التي إذا فكرنا فيها بعد حدوثها فسنجد أنها لا تساوي كل هذا النكد، وأن كل امرأة أعطاها الله الصبر الوفير والذي يقل عند الرجال.
والشيء الآخر دعينا نفكر كم يتعب الرجل في عمله ولم أنكر عمل المرأة ومجهودها والذي يضاعف عمل الرجل، ولكن هل سألنا أنفسنا من الذي عليه تحمل مسئولية الإنفاق على هذا البيت؛ الزوجة أم الزوج؟ نعم هنا نقف ونقول إنه الزوج الذي يفكر دائما في عمله وفي بيته وفي أسرته، وكل هذا يضع ضغوطا هائلة عليه، وينتظر من زوجته التي يفكر فيها طوال الوقت ابتسامة رضا بعد أن يعود إلى البيت ويستريح.
فعلينا أن نحاول إرضاء الزوج، ولا تعتقد الزوجة أن هذا ينقص من شأنها أو يقلل من كرامتها أو أننا نجور عليها، ولكن هي راحة البيت والسعادة وعدم جعل الشيطان الفائز الوحيد، ومنها يأتي أهم جزء في حل مشكلة ابنك، ومن ناحية أخرى فأنا أطلب من الأب أن يتماسك أمام أولاده وعدم إظهار العصبية حتى يساعد الأم في تربية أولادهما.
ومن الجانب الإيماني في العلاج أن تنصحي طفلك أو زوجك -ولكن بعد أن تنتهي نوبة الغضب- أنه عندما يشعر بالغضب أو العصبية يتوجه للوضوء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع) رواه أحمد وأبو داود. (الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفأُ النَّارُ بالمَاءِ، فإذَا غَضِبَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأ).
أما بالنسبة إلى عصبية الأطفال فلا أستطيع القول: إن الطفل يولد عصبيا أو هادئا، ولكن هناك عوامل تساعد الطفل أن يكون عصبيا أو هادئا، منها:
- النقاش العائلي والذي تحدثنا عنه أعلى.
- الطعام: هناك بعض أنواع الطعام التي تساعد الطفل أن يكون عصبيا جدا، وهي الحلويات والشيكولاته والسكر إذا أكثر من تناولها، وبعض من الأهالي يعطون الأطفال قليلا من الشاي حتى يساعدهم على التنبيه وهذا معتقد خاطئ بالطبع.
- الألعاب: بعض الألعاب التي يصدر منها صوت عال وكثيرة الحركة تجعل الطفل متوترا طوال الوقت.
- تنظيم الوقت: أن تجعلي وقتا محددا لكل شيء، مثلا للأكل نصف ساعة، إن لم ينته فخذي الطعام ولا تعطيه شيئا حتى ميعاد الوجبة الأخرى، والدراسة إن لم ينته من عمل الواجبات المطلوبة منه يعاقب بحرمانه من وقت اللعب ومضاعفة الواجب له.
- تحديد وقت النوم: من المهم والضروري أن يتعود الطفل على وقت محدد للنوم ويكون على الأكثر الساعة الثامنة، حتى وإن جلس مستيقظا بعض الوقت في سريره، وقد يتطلب هذا الأمر بعض المجهود في الأول حتى يتعود الطفل عليه.
- تنفيذ طلبات الطفل: كثير منا يعتقد أن الحنان والعطف على أطفالنا هو تنفيذ الطلبات لهم وإحضار كافة الأشياء وكل ما يشيرون إليه.
- التدليل الزائد من بعض أفراد الأسرة وخاصة الأجداد.
وإليك بعض من النصائح والتي أتمنى أن تفيدك:
- اختيار الأكل الصحي له (الإكثار من تناول الفاكهة والخضراوات والتقليل من تناول الحلويات بكافة أنواعها).
وأن تجعليه متشوقا لهذا الطعام بأن تقطعيه في طبق وأن تصنعي له شجرة وأوراقا عليها اسمه، وعند أكله من الفواكه عليه أن يأخذ ورقة ويضعها على الشجرة، وفي النهاية يقوم بعدِّ الأوراق وتكافئيه عليها، ومنها أيضا أنها وسيلة تعليمية يتعلم منها الأعداد والأرقام والألوان وأنواع الفاكهة وأشياء كثيرة.
- اعملي على شغل وقت ابنك بالأنشطة المفيدة، منها ابتكاره للأشياء الفنية وقراءة القصص.
- أن يتعود على مشاركة الألعاب مع باقي الأطفال، وإن لم يوفق تؤخذ منه اللعبة وتعطى للطفل الآخر.
- الاتفاق على طريقة واحدة للتعامل مع الطفل، مثلا إذا عوقب من ناحية الأب فيحترم أنه معاقب ولا يسمح له بشيء حتى يقول له والده، وعدم النقاش في شيء يخصه أمامه بل الاتفاق الدائم وبعد ذهابه يمكن أن تتناقشا.
وفي النهاية تذكري أن العقاب يكون بوضعه في السرير أو حرمانه من شيء يحبه أو ضربه ضربا خفيفا وليس مبرحا، ولا يكون أمام أحد، بل تأخذيه في حجرة أخرى وتتكلمي معه أنه فعل خطأ وأنه سيعاقب.
* المصدر : اسلام اون لاين
ــــــــــــــــــ
كنت أريده مهندساً
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أعرف تماما أن لكل إنسان ميوله الطبيعية ، لكني لست مقتنعة بهذا الاتجاه الذي ينوي أحمد ابني الإقدام عليه.
حاولت مرات عديدة أن أثنيه عن دراسة الفلسفة، كما حاولت أن أقنعه بأن يتجه إلى دراسة علم آخر يساعده على أن شق طريقه العملي بيسر وسهولة، لكنه رفض ومازال يرفض ويتمسك باختياره الأول والوحيد، يريد كما يؤكد ويقول دائما أن يتبحر في علم الفكر والمعرفة الأول.
المقارنة التي أراها تستحق إعادة النظر هي أن ابنتي ليلى تتفوق دائما في العلوم الطبيعية، الأحياء والطبيعة والكيمياء، لا تجد ليلى أية صعوبة في فهم واستيعاب هذه العلوم، تحصل دائما على الدرجات النهائية فيها.
أما أحمد أبني الوحيد ، فإنه يتفوق في العلوم الإجتماعية، يعشق دراسة التاريخ والجغرافيا والمنطق والفلسفة وعلم الاجتماع، يحصل دائما على أعلى الدرجات فيها.(54/132)
أتعجب لاختلاف ميولهما بالرغم من أنهما أشقاء من أم واحدة واب واحد، كما أتعجب لماذا لم يكونا العكس، لماذا لم يمتلك أحمد تلك الميول إلى العلوم الطبيعية ولم تمتلك ليلى تلك الميول إلى العلوم الاجتماعية؟ ، ألم يكن ذلك من الأفضل؟
ألم يكن من الملائم أن يدرس أحمد الطب وتدرس ليلى الفلسفة، أليست العلوم الاجتماعية أقرب إلى طبيعة الإناث؟
وفي حالة قبولي لميول هذه الابنة، ألم يكن من الأفضل أن يدرس أحمد الهندسة لتقل هذه الفروق وتتلاشى هذه المفارقة، ربما كانت الأمور أكثر طبيعية أن تكون ليلى طبيبة وأن يكون أحمد مهندساً.
قال زوجي في أثناء مناقشاتنا إنه لا يمانع في دراسة أحمد للفلسفة ، شرح لي أنها تنضج عقل الإنسان وتتقدم بوعيه نحو الإنسانية والحياة كلها.
في البداية أقتنع بمنطق زوجي، لكني أعود مرة أخرى وأتساءل عن صلاحية هذه الدراسة للذكور، وهل ستساعد أحمد على شق حياته العملية، أم أنها ستقوده إلى أن يكون مدرس فلسفة فقط. كررت الأسئلة عشرات المرات على زوجي وعلى ابني وعلى ابنتي حتى أجتهدت وأجهدتهم معي.
أكد لي أحمد أن تدريس الفلسفة مهنة عظيمة لأنها تنقل العلم والمعرفة الإنسانية من الكتب إلى عقول التلاميذ، لكني أتصور دائما هذه المهنة كشيء مرتبط بالإناث وليس بالذكور.
يستعد أحمد الآن للتخصص ، سينضم إلى القسم الأدبي الثانوي، بذلك سيضع اختياره في التطبيق، أعرف أنه سينجح كما أعرف أنه سيتفوق، لكني مازلت غير مقتنعة ، حاولت إعادة الموضوع إلى المناقشة، طلب مني زوجي السكوت وقبول الأمر الواقع، أمس سمعت زوجي ينادي على ليلى وأحمد، قال " يا دكتورة ليلى.. يا حضرة الفيلسوف.. تعاليا، أريد التحدث معكما"
... هي
لا مانع .. أن يكون فيلسوفاً
استحوز هذا الموضوع على مساحة واسعة من مناقشتنا في المنزل.
جلسنا نحن الأربعة لساعات في كل يوم ولأيام في كل أسبوع نقلبه يميناً ويسارا حتى باتت إثارته مملة ومكررة.
لا أكاد ألحظ زوجتي تحاول إعادته مرة أخرى حتى أطلب منها السكوت والامتثال للأمر الواقع.
الموضوع بسيط للغاية. رزقت بثلاثة أبناء ، ابنة كبرى ثم ابن والثالثة ابنة، ليلى وأحمد ومنى، أكتفينا، زوجتي وأنا بهم ولم نفكر في أنجاب الطفل الرابع.
عندما أنهت ليلى المرحلة الإعدادية وتقدمت إلى المرحلة الثانوية، أبلغتنا أنها قررت الاتجاه إلى القسم العلمي الثانوي، تعشق ليلى علوم الأحياء والطبيعة والكيمياء.
تقول ليلى دائما إنها ستلتحق بكلية الطب بعد أن تنهي المرحلة الثانوية، وعادة ما نناديها في المنزل بالدكتورة ليلى. عندما نستيقظ في الصباح نتوجه إليها قائلين" صباح الخير يا دكتورة" وقبل ذهابها إلى النوم نتوجه إليها قائلين" تصبحين على خير يا دكتورة".
اشتهرت ليلى وسط الأصدقاء والأقارب بأنها الدكتورة ليلى، حتى زميلاتها في المدرسة ينادونها بالدكتورة، فمنذ الصغر وقبل أن يبرز تفوقها في المواد العلمية كانت تقول دائما إنها ستكون دكتورة تعالج المرضى وتشفيهم، حصلت ليلى على كل التشجيع منا ولم نبخل عليها بأي جهد، فهي على كل حال تستحق جهدنا وتقديرنا لأنها مجتهدة للغاية.
تستعد ليلى الآن لإتمام المرحة الثانوية، ولا نشك لحظة في أنها ستحقق طموحها وتلتحق بكلية الطب.
إلى هذا الحد والموضوع عادي.
لكن الذي جعله يتحول إلى موضوع غير عادي ويدفع به إلى أن يتحول إلى محور للمناقشات العائلية، هو ما أقدم عليه ابننا أحمد، فعندما أنهى المرحلة الإعدادية وبدأ الاستعداد للمرحلة الثانوية، أخبرنا أنه ينوي الالتحاق بالقسم الأدبي. قال بالنص " سوف أتخصص في القسم الأدبي لأني أنوي دراسة الفلسفة" .
منذ هذه اللحظة والموضوع لا يتوقف عن أن يكون صلب نقاش.
لا تستطيع زوجتي الاقتناع بأن لكل إنسان ميوله العلمية ، وأن كون ليلى فتاة فلا يمنعها ذلك من التفوق في الناحية العلمية ، ثم كون أحمد فتى فهذا في حد ذاته ليس عائقا من أن يميل بحكم الطبيعة إلى الدراسة الأدبية.
تقول زوجتي بكل بساطة إنها لا تتصور ليلى طبيبة في الوقت الذي يصبح فيه أحمد مدرس فلسفة، وتضيف أنها تتصور دائما العكس، ترى أن يكون أحمد الطبيب ، وأن تكون ليلى مدرسة الفلسفة. حاولت إقناعها بأهمية ن تترك لكل منهما حرية الاختيار والقرار إلا أنها ترفض ذلك بكل إصرار، قلت لها " ألا يمكن أن يكون ابننا أحمد فيلسوفا كسقراط وهيجل وكانط " سألت بدهشة " ماذا تقول"؟
.. هو
*المصدر : مجلة العربي
ــــــــــــــــــ
كيف نعالج الغيرة عند الابناء؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إنّ معرفة الداء نصف الدواء، كما يقول الحكماء .. ولذا فمعرفة أسباب الغيرة تنفعنا كثيراً في العلاج حين نتوقى العوامل المسببة للمرض.. إضافة الى أن أهم علاج للغيرة يتركز في إشباع حاجتهم للحب والحنان مع الاهتمام بوجودهم وهي نفس الاسباب التي تدفعهم للعناد وعدم طاعة الوالدين .. فالغيرة والعناد قرينان حين يوجد أحدهما تجد الآخر .. وهي نتاج للعناد .. ففي بادئ الأمر يكون الطفل معانداً لأسباب مرّت معنا .. فإذا لم يتم علاجه ، يتفاقم الأمر عليه ويصاب بمرض الغيرة فلا ينسى الوالدان ان يسمّعاه كلمات الحب والاطراء والتقدير والمديح والاهتمام بوجوده.
وقد تثير الام الحديثة العهد بالولادة سؤالاً حول إمكانية توزيع الإهتمام على كل الأبناء في وقت يأخذ الرضيع كل اهتمام الأم ووقتها نحن ننصح مثل هذه الأم التي حين تهتم برضيعها ، يقف الاكبر ينظر متالماً من الزائر الجديد الذي عزله عن والديه .. أن تعالج الموضوع كما يلي :
1 ـ إشعار الطفل بأنّه كبير :
إنّ الام وهي ترضع صغيرها بإمكانها أن تتحدث مع الكبير قائلة : كم اتمنى أن يكبر أخوك ويصبح مثلك يأكل وحده وله أسنان يمضغ بها ويمشي مثلك و.. و.. حتى أرتاح من رضاعته وتغييّر فوطته، ولكنه مسكين لا يتمكن من تناول الطعام او السيطرة على معدته .
وتقول لطفلها الاكبر حين يبكي الرضيع وتهرع إليه : نعم جئنا اليك فلا داعي للبكاء .. إن أخاك سوف يعلمك أن تقول اني جوعان بدل الصراخ والضجيج. وبهذه الكلمات وغيرها من التصرفات يمكن اشعاره بأنّه كبير. والصغير يحتاج الى هذه الرعاية.
2 ـ لا تقولي له لا تفعل :
وحتى نجنبه الغيرة من الرضيع يحسن بالأم ان لا تقول للطفل الكبير لاتبك مثل أخيك الصغير.. أو لا تجلس في حضني مثل الصغار .. أو لا تشرب من زجاجة الحليب العائدة لأخيك الصغير.
3 ـ إعطاؤه جملة من الإمتيازات :
لابدّ من إشعار الطفل بأنّه كبير وإنّ الإهتمام بالصغير لعجزه وعدم مقدرته إضافة الى اعطائه جملة من الامتيازات لأنّه كبير .. فلا يصح الاهتمام بالوليد دون أن يحصل هو على امتيازات الكبار.. ولا بدّ من الحرص على إعطائه بعض الاشياء لأنّه كبير، مثل أن تخصّيه بقطعة من الحلوى مع القول له : هذه لك لأنّك كبير، ولا تعطيها لأخيك لأنّه صغير .. وهذه اللعبة الجميلة لك لأنّك كبير، أمّا هذه الصغيرة فهي للصغير .. وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان انّها هدية له من أخيه الوليد .. لأنّ هذا التصرّف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الاصغر منه .. وتزيد غيرته منه.
4 ـ إرفضي إيذاءه واقبلي مشاعره :
لابدّ ان تمنعي بحزم محاولة الطفل الكبير إيذاء أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى بها عليه .. بأن تمسكي يديه أو الحاجة التي يحملها لضربه .. ومع ذلك إمسكيه واحضنيه بعطف واحمليه بعيداً عن أخيه .. لأنّ الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء اخيه، ولكن سوء تعامل الوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دفعه الى هذا الفعل .. لذا ينبغي على الام ان تمنع الاذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكم بها .
5 ـ الشجار بين الأخوة :
أمّا الخصام بين الاخوة .. فيمكن علاجه كالتالي :
يجدر بالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الابناء ... مادام التدخل لا فائدة مرجوّة منه بسبب الغيرة التي هي وقود النزاع بين الاخوة والتي تحتاج الى علاج كما أسلفنا.. هذا إن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد بأن يكسر أحدهما يد الآخر .. أو يكون أحدهما ضعيفاً يتعرض للضرب الشديد دون مقاومة... إنّ الأفضل في مثل هذه الحالة إيقاف النزاع .. ولو إن عدم تدخل الوالدين تنهي الخلاف بشكل أسرع ، ولكن لعل نفاد صبر الوالدين يجعلهم يتدخلون في النزاع ، وهنا يجدر بهم ان لا يستمعوا الى أي احد من أطراف النزاع .. ولا الوقوف مع المظلوم او العطف عليه.. لأنّ الاستماع وابداء الرأي وابراز العواطف لاحد دون آخر يزيد في الغيرة التي تدفعهم الى العراك .. كما يجدر بالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب ان يشارك اخوته الذين يريدون اللعب معه او بلعبته .. إنّ إجباره يولّد حالة الشجار فيما بينهم أيضاً
ــــــــــــــــــ
لا تخف من الحزم والقليل من القسوة في معاملتك لأطفالك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. سبوك
رفع القرن العشرين كلمة (الكبت) كسوط يلهب به ظهور الآباء والأمهات، حتى صارت التربية الغالبة في العصر الحديث أن نترك للابن الحبل على الغارب، فتربيه نيابة عنا مسلسلات التلفزيون والمربيات المستوردات من الخارج.
وقام علماء النفس بجريمة غامضة لم يعاقبهم أحد عليها، وهي جريمة توزيع كلمات صعبة مثل (احذر أن تصيب ابنك بالاكتئاب)، ومثل (احذر أن يكون ابنك انطوائياً)، ومثل (احذر من عقدة أوديب أو عقدة الكترا).
وانهمرت في الصحف والمجلات وجهات نظر علماء النفس، وطبعاً كل ما يحكيه العلماء هو افتراضات نظرية وأبحاث في بعض الأساطير الإغريقية، ومحاولة ربط الواقع اليومي بدنيا متخيلة. وصار الواقع مختلفاً عن النظريات، وتم توزيع الشك بالعدل والقسطاس المستقيم على الآباء والأمهات.
وطبعاً كان أكثر الناس تأثراً بما يقوله هؤلاء العلماء هم الآباء والأمهات الجامعيون، هؤلاء الذين وثقوا بالحضارة المعاصرة وارتبطوا بها، ونسوا أنها حضارة تغير جلدها ومعلوماتها كل خمس سنوات على الأقل، وأن الوصول إلى حقائق نهائية في مسائل تربية الأطفال لم يتفق عليها أهل العلم وأصحاب النظريات.
على الآباء الحساسين الذين تعلموا في الجامعات أن يعرفوا أن علم النفس قد ينجح أحياناً وقد يفشل أحياناً أخرى. ويكفي العالم كله أن أكبر جماعات التحليل النفسي في أوروبا، والتي لها فروع في معظم بلدان الدنيا ـ أعني الجماعة الفرنسية ـ اعترفت أن العلاج النفسي الكامل لم ينجح إلا بنسبة 12 بالمائة حسب تأكيد واحد من ألمع أساتذتها، وهو أستاذ عربي، أعني الأستاذ الدكتور أحمد فائق أستاذ التحليل النفسي في كندا.
وعلى الآباء الحساسين أن يفرغوا آذانهم من تلال النصائح التي ألقاها سبل العلماء في آذانهم، وأن يلتفت كل أب إلى إحساسه الداخلي.
إن ابنك هو انسان وأنت تبتغي سعادته، وسعادته لن تأتي بحصاره في نمط معين من الحياة تفرضه عليه. وإلى هذا فإن سعادة الابن لن تأتي باطلاق العنان له ليفعل كل ما يريده.
إن إحساسك الداخلي يقول لك إنك أنت أيضاً تحتاج إلى رعاية ابنك كما يحتاج ابنك لرعايتك، وإنك ستؤدب ابنك التأديب اللازم عندما تراه قد خرج عن الحدود، وإنك لن تعاقب نفسك بالإحساس بالذنب لأنك فعلت ذلك.
وعندما تنظر إلى غيرك من الآباء، عليك أن تتعلم من تجاربهم. فإذا نظرت إلى أب يكثر من الصراخ في وجه ابنه عند أدنى بادرة للخروج عن السلوك المطلوب، ستجد أن هذا الابن يكرر للمرة المائة الخروج عن ذاك السلوك المطلوب، وهنا يمكنك أن تسأل نفسك لماذا لم يمتثل الابن لطاعة أبيه؟ والجواب هو أن كثرة التوبيخ وكثرة الإهانة للطفل وكثرة الصراخ في وجهه تجعله يسيء الظن بنفسه وبقدراته، ولذلك فإن الطفل يكرر الخطأ.
وقد تنتقل لرؤية أب آخر تزوره في منزله وهو يرى ابنه الصغير يحاول أن يضع شريط الفيديو في جهاز الفيديو بطريقة خاطئة، فيقوم بهدوء يقول لابنه: (أنت تريد أن تشاهد هذا الشريط، وأنت تتعجل في وضع الشريط، لذلك فإنك تضعه بطريقة خاطئة ... دعني أضع لك الشريط في الجهاز وراقبني، وبعد ذلك أخرج أنا هذا الشريط من مكانه لتضعه أنت). إن الابن في هذه الحالة يراقب أباه وهو يؤدي عملية إدخال شريط الفيديو بشكل صحيح في جهاز الفيديو، وبعد ذلك يقلد الابن أباه في كل حركة من الحركات الصحيحة، وهنا يصفو الأب لابنه.
إن مثل هذا الأب قد نقل الخبرة بمنتهى الهدوء لابنه وراقب ابنه وهو يكرر الخبرة بمنتهى التشجيع.
وقد تنتقل إلى رؤية أب ثالث يأتي ابنه ليسأله عن كيفية خلق الله لهذا العالم، والأب مشغول بمراقبة مسلسل تلفزيوني تشبه قصته في تفاصيلها قصة الحب الأول للأب. إن هذا الأب قد يقول لابنه بعصبيته: ليس هذا هو الوقت المناسب للرد على مثل هذا السؤال. وقد يتصرف الأب بلون آخر من السلوك، كأن يقول لنفسه: (إن تذكارات قصة الحب الأولى لا تفيد الآن. لقد كانت مثل هذه القصة رائعة في وقتها، ولكني أعيش الآن قصة حب بمعنى أعمق، وهي قصة تعاوني مع زوجتي لتربية ابني) وهنا يقوم الأب من مكانه أمام التلفزيون ويفتح دائرة معارف مبسطة، ويبدأ في الإجابة رابطاً بذكاء بين تفاصيل العلم المبسطة وبين آيات القرآن الكريم حول خلق العالم.
إن احترام الآباء للأبناء أمر أساس وهام. هذه هي الحقيقة النهائية التي يمكن أن نستخرجها من كل القواعد والنظريات التي ظهرت في النصف الأخير في القرن العشرين.
ولكن الاحترام لا يجوز له أن يتحول إلى ستار نخفي وراءه ضعفنا أو نهرب خلفه من ممارسة مسؤوليتنا نحو الأبناء.
وليس جائزاً لنا أن نكبت غضبنا بدعوى أننا نخشى على الأبناء من الكبت فنعيش في حالة غيظ، ويعيش الأبناء في حالة استهتار.
كما أنه ليس جائزاً لنا أن نحول غضبنا إلى قسوة مبالغ فيها بإهدار انسانية الأبناء. إن هذا الإهدار يجعل الأبناء في حالة من الرعب المستمر من الحياة، ويزرع في نفوسهم التشاؤم، ويلقيهم في أحضان الإحساس يفقدان القيمة والاعتبار.
إنني لا أنسى على الاطلاق وجه ذاك الشاب الذي كان والده يجلده كلما أخفق في سنته الدراسية. وكانت طريقة الجلد مستوردة من العصور الوسطى، إذ يرقد الابن على ظهره ويمسك الأب بساقي ابنه بين فخذيه ويبدأ الضرب العنيف على بطن القدمين. والغريب أن هذا الابن كان يحفظ الكتب الدراسية عن ظهر قلب، ولكن ما إن يدخل الامتحان ويمسك بورقة الإجابة حتى ينسى كل شيء تماماً. وعندما يصحبه والده مرة لاستشارة أحد الأخصائيين الاجتماعيين، سأله الأخصائي الاجتماعي: (ألا تعلم أن الدين الاسلامي يوجب عليك أن تلاعب ابنك سبعاً وتؤدبه سبعاً وتصاحبه سبعاً وتترك له الحبل على الغارب من بعد ذلك؟) وتساءل الرجل بدهشة كيف نسي ذلك رغم أنه يحاول أن يطبق كل فروضه الدينية. وحاول الرجل أن يصاحب الابن، وأن يتخلى عن عادة تحفيظ ابنه للكتب الدراسية. وهنا جاز الابن بالنجاح كل امتحاناته حتى صار مدرساً.
ولكن ما الذي جناه التلاميذ من هذا المدرس؟ لقد كان مدرساً قاسياً للغاية على زملائه، وكان موضع شكوى من طلابه لعنفه الزائد. أما هو فكان مدمناً لقراءة أبواب الحظ في الصحف والمجلات، ولم تكن حياته سهلة على الاطلاق. فقد كان يخاف من أن يأخذ حقنة تلقيح ضد أي مرض، وكان يخاف من عبور الشارع وكان يخاف من قيادة سيارة. لقد حطم والده بالجلد القاسي إمكانية حياته بنظام وحيوية وإقبال على أداء العمل بمسؤولية ناضجة. بل إن هذا الإنسان عندما تزوج كان يهرب من رعاية أولاده ويتساهل معهم كثيراً ثم يقسو فجأة.
إن والده ما زال في داخله يراقبه، وقد يجلده، ولذلك يعيش الحياة في حالة رضوخ شديد لرؤسائه وحاله قهر شديد لمرؤوسيه.
ولأن الأب لم يسمح لهذا الابن أبداً أن يعبر عن رأيه في أية مشكلة، كان هذا الابن قاسياً في التعامل مع زملائه.
وهناك نوع آخر من السلوك الأبوي بالغ القسوة، وهو أن يحاول الأب أن يترصد ابنه في كل أمور حياته، ويحاول أن يسيطر على الابن في كل لحظة من لحظات حياته. وهذا معناه أن الأب يرتدي جلد ابنه. وفي هذا تفريغ للابن من شخصيته، الأمر الذي يجعله انساناً غير مميز.
إن السيطرة ضرورية بلا جدال ولكن بشرط أن نترك للابن فرصة جيدة لتكون له شخصيته الخاصة به لئلا يصبح شخصاً متسلطاً في الكبر.
إن مساحة السيطرة الأبوية يجب أن تكون ضيقة ومتميزة حتى تتيح للأبناء فرصة تكوين شخصية خاصة وذوق راق وإبداع فعال.
إن كل الدراسات الحديثة لمعظم العلماء الواقعيين مثل د. سبوك ود. برنو بيتلهايم وغيرهما، هذه الدراسات تتفق على ضرورة الحسم الحازم الواضح والدقيق مع الأبناء، وهذا ينتج أطفالاً أسوياء سعداء، وحياة أسرية يسودها السلام.
إن الأب المحب، الحازم الحاسم، المتسامح من دون تزمت هو الأب الذي يعرف أن إحساسه يتجه إلى إنضاج ابنه بالتفاعل لا بالقهر، وبالتفاهم لا بالقسر، وبالحنان لا باللامبالاة.
* ترجمة : منير عامر
ــــــــــــــــــ
لهذه الاسباب تفشل الحياة الزوجية ..
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* حسام محمد شحادة
تظهر المشكلات بين الزوجين عادة ومنها ما هو مفيد للحياة الزوجية كونها تمتن وتقوى العائلة وتخضع العلاقة الزوجية للتجريب، ومنها مل هو خطير ويمكن أن يؤدي إلى انفصال هذه العلاقة . وهناك العديد من الأسباب المتعلقة بمشكلات الزواج وقد تظهر هذه الإشكاليات على صور مختلفة ومتعددة، وتظهر مشكلات الزواج في العديد من الأشكال كما هو موضح أدناه.
مشكلات تنظيم النسل:
الأصل في الحياة الزوجية هو التناسل والتكاثر ولكن أبيح للزوجين توقير النسل بطريقة سليمة في بعض الأحوال دفعاً للضرر عنهم وعن الأولاد والاختلاف بين الزوجين حول تنظيم النسل قد يؤدي إلى خلافات وخاصة حينما يكون دون داعي أو لأسباب واهية غير مقبولة عند احد الطرفين وقد يؤدي إلى إضطرابات نفسية وردود فعل عصابة وقد يصر أحد الطرفين على بدأه منذ ليلة الزفاف ولكن معظم الآراء لا تحبذ ذلك فيحسم أن يطمأن الزوجان على خصوبتهما ويشبعان حاجتهما إلى الوالدية.
مشكلات العقم:
العقم هو مشكلة لا ينكرها أحد قال الله تعالى"المال والبنون زينة الحياة الدنيا.." وفي حالة العقم يتهم كل طرف رفيقه بأنه هو السبب وتلجأ النساء عادة إلى الأطباء والمعالجين وحتى الدجالين والمشعوذين والعقم من أكبر مهددات الحياة الزوجية بالانفصال أو على الأقل بتعدد الزوجات، ولا تقتصر المشكلة على جوانبها الفسيويولوجية مثل شعور العاقر بالإحباط والحرمان والحسرة والحقد والحسد وتوتر الأعصاب وخاصة كلما جاءت الدورة الشهرية كتذكار دائم للعقم هذا ويلاحظ أن العقم قد يكون نفسي المنشأ ( عقم وظيفي) ويحتاج إلى علاج نفسي.
تدخل الحماة والأقارب
قد يكون تدخل الحماة أو الأقارب كأخوة وأخوات الزوج أكثر من اللازم أو فيما لا يعنيهم فقد يعاملون الزوجين أو أحدهم كما كان يعاملوه قبل الزواج دون اعتبار لدورة الجديد فقد يستمر التوجيه لأكثر من اللازم أو قد يشعرون أن شيئاً أخذه الطرف الأخر منهم وحرمهم من عطف سابق أو مال ويصاحب هذا مشاعر الأسى والغيرة والخصومة والمكيدة أحياناً وعادة يؤدي إلى ردود فعل سيئة ويكون الزوج هو كبش الفداء وقد يطالب بعض الأزواج شريك حياته بقطع علاقاته مع أهله وأقاربه وهذا أمر له آثاره السيئة وعادة ما يبالغ الوالدان في تقدير قيمة إبنهما أو بنتهما وأن الطرف الأخر ليس جديراً به ومن ثم يعكفان على نقده.
وتنبع المشكلات من الخلط في الأدوار من ناحية الوالدين آو الزوجين فالوالدين يخلطان بين دوراهما كوالدين ودوراهما كحماوين والزوجان يخلطان بين دوراهما كزوجين ودوراهما كأولاد وقد يؤدي وجود الحماه مع الزوجة إلى مشكلات مثل مقارنه دور الزوجة بدور الأم مع في ذلك من فروق بين الدورين وبالإضافة إلى ذلك فلا يخفى أن زوجة الابن وزوج الابنة له/ها شخصية نشأت ونمت في إطار اجتماعي مختلف عن الأخر وربما في ثقافة أخري وفي هذه الحالة تبدو غرابة الزوج وغرابة سلوكه. وعلى العموم فكثيراً ملا نسمع عن اشتراط عدم تدخل الحماة والأقارب وعدم معيشتهم مع الزوجين قبل الزواج نفسه تفادياً لحدوث هذه المشكلات وعلاوة على ما سبق فقد تتدخل الحماة والأقارب في تربية الأطفال متوقعين تربيتهم على أساس النظام الماضي حين كان الزوجان نفساهما أطفالاً.
تعدد الزوجات
أباح الله تعالي تعدد الزوجات لدواعي وشروط حيث قال تعالى " فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة..... " وقال تعالى " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم.... " وتعدد الزوجات حين يحدث دون مبرر شرعي ودون مراعاة شروطه فإن الرجل يصبح مرهقاً مشتتاً غير مستقر وغير عادل غالباً بين زوجات ضرائر متصارعات ومتسابقات يين بعضهن لبعض بسبب الغيرة الجامحة فتزداد الحياة المنقسمة اضطرابا تصبح حياة لا تطاق.
اضطرا بات العلاقات الزوجية
قد تكون العلاقات الزوجية مضطربة غير متوافقة كما يحدث في حالات عدم التكافؤ الجنسي وكما يحدث في العلاقات الاجتماعية المضطربة كاللينة المفرطة أو القسوة الزائدة التي قد تصل إلى الهجران، وكما يحدث في العلاقات الانفعالية المضطربة كالغيرة الجامحة أو الطلاق الانفعالي.
المشكلات الجنسية
قد تكون العلاقات الجنسية بين الزوجين فيها ممارسات شاذة أو قد تكون غير متكافئة كأن يكون لأحد الطرفين ضعف جنسي أو إفراط شبقي وفد تحدث إضطرابات جنسية خاصة في مرحلة سن القعود وسن الشيخوخة
الخيانة الزوجية
الخيانة الزوجية هي أكبر طعنه تصيب الحياة الزوجية وهي أكبر مبررات الطلاق وقد يشاهد عدم الإخلاص بين الزوجين وتحدث الخيانة الزوجية بسب نقص كفاءة أحد الطرفين أو كدم التكافؤ والبرود والعجز والإحباط والحرمان والجوع الجنسي رغم الزواج أو الملل والروتين أو نقص الأخلاق والدين.
أسباب فزيولوجية:
- في اختلاف العمل الريزسي Rh-Factor في الدم.
- وعدم التكافؤ الجنسي( البرود والعجز الجنسي).
- والعقم.
- وسن القعود والشيخوخة.
الأسباب النفسية:
- الخبرات العاصفة الأليمة نتيجة لفشل خطوبة وعلاقة ما.
- المرور بخبرة سابقة مثل زواج فاشل.
- صدمة عاطفية شديدة.
- والحرمان والجوع الجنسي ( رغم الزواج ).
- زواج المراهقين حيث لم يكتمل نموهم الجسمي والنفسي والسلوكي.
- السلوك الجنسي الشاذ
- أمراض نفسية ظهرت عند أحد الزوجين
الأسباب البيئية
- العادات والتقاليد في الزواج مثل زواج الأقارب والبدل
- المشكلات النفسية عند احد الزوجين.
- الزواج المبكر.(54/133)
- الشجار الدائم وسوء المعاملة.
- تدخل بعض أشخاص في الحياة الزوجية للزوجين
- عدم التكافؤ بين الزوجين من حيث التعليم، الحالة الاقتصادية، السن....
- الاختلاف في الميول والرغبات.
تذكر الاختلاف
بوحا وصمت
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
تغيرات طفيفة
تذكر الاختلاف
دائما تذكر الاختلاف في القاعدة التي تقول ( إن كان الشريك يحبنا فأنه سوف يتصرف بالطريقة التي نتصرف بها لأننا نحبه). هذه القاعدة خاطئة، فالقيم الاجتماعية والسلوكية التي ترثها المر أه وتشب عليها تختلف عن القيم التي يشب عليها الرجل، فالأخير يعتقد أنه هو الذي يقدم النصائح ويحل المشكلات، وأن المرأة لا تقدر على تقديم وجهة نظر، وإنها فقط الطرف المستقبل، كذلك في طريقة مواجهة الضغوط والمشكلات فالرجل ينسحب ويصمت ويغرق في التفكير، أما النساء فلديهن دافع قوى للحديث عن المشكلات التي يواجههن، وفي الكثير من الأوقات فإن المرأة تفشي أدق أسرار زوجها دون إرادة أو قصد.
أما أكثر مشكلات المرأة مع الرجل فأن المرأة دائمة الشكوى. وإن الرجال لا يتحدثون. المرأة تحب الحديث في المعقول واللامعقول ، في التفاصيل وفي القضايا الجانبية، وعندما تهم بكل ذلك وينصرف الزوج عن السماع تظن أنه لا يريد الاستماع لأي شيء، وهو في الحقيقة لا يريد الاستماع إلى التفاصيل والموضوعات الجانبية وليس رفض الاستماع من حيث المبدأ. خطأ الرجل في عدم الاستماع إلى المرأة لأنه يعتقد أنها تحاج إلى حلول للمشكلات التي تعرضها، حقيقة الأمر أنها فقط تحاج إلى التعاطف وموافقة على رأيها الذي قالته للجارة أو لبنت الجيران أو الأخت أو.......، وهي تحتاج إلى تفهم وموافقة على تصرف لا إلى حلول.
الموضوعات المتكررة في شكوى الرجال من النساء أن المرأة دائماً تحاول تغيير سلوك الرجل وتصرفاته وعلاقاته بالآخرين. عندما تحب المرأة رجلاً فإنها تشعر بأنها مسئوله عن مساعدته في النمو وتحاول مساعدته في تطوير طرق عمله، إنها تشكل لجنة تطوير منزلي، ويكون هو محور عملها الأول وبصرف النظر عن مقاومته لمساعدتها فإنها تصر على اقتناص الفرص لتقول له ماذا يجب علية أن يفعل، تشعر أنها تٌربية تربية جديدة في حين يشعر هو أنها تريد أن تسيطر عليه .
الرجال يتمنون القوة، الثقة، الإنجاز، فهم يقومون بفعل الأشياء لتطوير أنفسهم وسلطتهم وقدراتهم وإحساسهم بأنفسهم. كل شيء في عالم الرجال هو مرآه لهذه القيم، رجال الشرطة العسكريون، رجال الأعمال، سائقوا التاكسي، الأساتذة، معظمهم مهتمون بالنشاطات خارج المنزل يهتمون بالأخبار الرياضة ولكنهم لا يهتمون كثيراً بروايات الحب.
تحقيق الأشياء شيء مهم بالنسبة للرجل حتى يشعر بالامتنان والرضا عن نفسه لا بد أن يحقق تلك الأهداف بذاته، فهم شخصية الرجل يساعد المرأة في فهم لماذا يقاوم الرجل أن يؤمر بما ذا يفعل، أن تقدم للرجل نصيحة لم يطلبها من امرأة يعني الافتراض أنه لا يعرف كيف يتصرف، أو أنه يتصرف خطأ الرجال حساسون بهذا الخصوص كون قضية الثقة مركزية في بنائهم النفسي.
النساء لهن قيم أخرى أنهن يتمنين الحب، والتواصل، والجمال، والعلاقات الإنسانية. إنهن يصرفن وقتاً طويلاً لتعضيد وطمأنة ومساعدة بعضهن بعضاً، إحساسهن بأنفسهن يمر عبر مشاعرهن ومستوى وعمق علاقاتهن، إنهن يصلن إلى الإنجاز من خلال المشاركة والتساند، كل شيء في عالم المرأة يؤكد ذلك، الحياة في اتصال متواز، وحب وتعاون وأهم لديهن من العمل والتقنية في معظم الأحوال. حياتهن متعاكسة مع حياة الرجال، ( لولا الاختلاف ما كان اتفاق) لا يرتدين نفس الملابس في أيام متعاقبة بل يفضلن أن يرتدن كل يوم شيئاً مختلفاً حسب حالتهن النفسية، التعبير عن الذات خاصة العواطف، مهم بالنسبة لهن بل ربما يغيرن ملابسهن أكثر من مرة في اليوم تبعاً للحالة النفسية، التواصل بالنسبة لهن عملية أساسية أن يشاركهن أحد في شعورهن الشخصي أكثر أهمية لهن من تحقيق الأهداف أو الحصول على النجاح. الأحاديث والاتصال فيما يبنهن مصدر ارتياح عظيم لهن. ذلك صعب على الرجل فهمه وتصوره، ممكن أن تفهم حاجة المرأة إلى التواصل والمشاركة عندما يقارن ذلك بشعور الرجل عندما يربح الرهان في السباق او عند تحقيق هدفه أو حل مشكله صادفته. الشعور بالراحة الذي يشعر به الرجل يماثله الشعور بالراحة عند المرأة عندما يستمع إليها ويتواصل معها. بدلا من التوجه السلبي الغالب في إنشاء علاقات عند الرجل، المرأة ليها توجه إيجابي في هذا الشأن على عكس التصور السائد.
بوحا وصمت
تقاوم المرأة الرجل ويقاوم الرجل المرأة في الكثير من القضايا، ليس بسبب اختلاف في النظرة إلى المشكلة المطروحة بل بسبب أوهى وأضعف، إنه اختيار التوقيت وطريقة العرض المرأة تحتاج إلى نصيحة ولكن ليس وهي غاضبة من شيء ما، تحتاج أولاً ممن يستمع إليها وفهم الأسباب والتعاطف مع هذه الأسباب، كما أن الرجل يكره أن تقدم له المرأة النصيحة عندما يخطئ في نفس الوقت ودون أن يطلب منها ذلك، وخصوصاً أمام الآخرين.
في هذه الحالة يقاوم كل منهما الأخر، عندما تقاوم المرأة حلولاً قدمها الرجل فإنه يشعر بأن قدرته على الحكم على الأشياء قد خضعت للتساؤل وبالنتيجة فإنه يشعر بعدم الثقة وعدم التقدير ويتوقف عن إبداء الاهتمام بالأمر. وعندما يرفض الرجل اقتراح المرأة تشعر أن حاجتها لا تحترم وشعورها غير مقدر، عندها تتوقف عن الثقة به ولكنها لو تدرك أن للرجل حاجات مختلفة تستطيع أن تفهم لماذا هو يقاومها، وربما لأنها أعطيته نصائح غير مطلوبة أو نقده بدلاً من مشاركته.
أحد الفروق الكبيرة بين الرجل والمرأة و كيفية التصرف أمام الضغوط، الرجال يتوجهون إلى الانسحاب والتركيز والنساء يتوجهن إلى التدخل العاطفي في مثل هذه الأوقات حاجات الرجل كي يشعر بالراحة تختلف عن حاجات المرأة هو يشعر بالتحسن عن طريق حل المشكلة وهي تشعر بالتحسن عن طريق الحديث عن المشكلة.
عندما تتحدث المرأة عن مشكلة فإن الرجل يقاوم الإنصات عادة، الرجل يفترض أن المرأة تتحدث عن مشكلاتها لأنها تعتقد أنه السبب في تلك المشكلات وكلما كثرت المشكلات شعر بأنه الملوم، لا يعرف الرجل أنها سوف تكون ممتنة فقط لو أنصت لها.
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
حوافز الرجل النفسية تختلف عن حوافز المرأة، الرجال يشعرون بالأهمية عندما يتحققون من حاجة الآخرين إليهم، والنساء يشعرون بالأهمية والتفاعل عندما يجدن الرعاية، عندما يشعر الرجل بأنه لا حاجة إلية في العلاقة يتحول إلى السلبية وكل يوم يمر يبقى لديه القليل لتقديمه لشريكه، على العكس عندما يشعر بأنه موثوق به.
كلما أظهر أحد أطراف العلاقة الزوجية تقديره لجهود الأخر واحترامه لرغباته وكأنه يدفع الأخر للتفاعل معه.
تغيرات طفيفة
من الضروري أن يتغير سلوك المرأة ولو تغييرات طفيفة لضبط العلاقة، والرجل يستطيع أن يقوم ببعض الأعمال كالعناية بالأطفال وتسخين الحليب، وربما تحضير وجبات خفيفة، هذه أدوات يحتاج إليها للضرورة، والمرأة عليها أن تعرف كيف تغير لمبات النور، وتتعامل مع الفاكس
قصة( مرة نسى أحدهم جواز سفرة في المنزل وذهب إلى المطار في مدينة أخري، وكان يحتاج إلى صورة من هذا الجواز بالفاكس كي يستطيع إكمال سفرة، ولكن الزوجة لم تكن ذات خبرة بالتعامل مع الفاكس فأضطر إلى إلغاء الرحلة والعودة، في ذلك المساء دعا زوجته إلى العشاء خارج المنزل.
إلقاء اللوم على الأخر من الأسباب المدمرة للعلاقة، والعلاقات غير الناضجة
يكره الرجل أن يهاجم أو يلام من المرأة خاصة إن كانت غاضبة ولا يعرف كيف يستجيب لهذا لا للوم، والمرأة تقوم بهذا اللوم لأنها في الحقيقة تريد أن تناقش الموضوع، لا لأنها تعتقد انه مسئول عما حدث.
الاتصال الجيد يتطلب المشاركة من الجانبين على الرجل أن يتذكر أن الشكوى من مشكلة ما لا تعني وضع اللوم عليه وعندما تشكي المراة، فإنها فقط تعبر عن إحباطها بالحديث في المشكلة. الكلمات السحرية لتعضيد الرجل هي أنها ليست غلطتك أنا ممتنة بأنك تنصت إلى، المشكلة إن الرجل دائماً يلوم المرأة على أنها لوامة حتى لو كانت تعبر له عن مشكلاتها، هذا موقف سلبي في العلاقة ويشير إلى توقف الاتصال النشط والصحي بين الجانبين.
في العلاقات الصحية فإن الرجل إن أحب إمرأة فهو يحتاج إلى الابتعاد لفترة قبل الاقتراب من جديد يبتعد الرجل لأسباب مختلفة وكذلك تحتاج المرأة إلى الابتعاد أيضا، ولكن سبب الابتعاد يختلف، تبتعد المرأة عندما لا تثق في أن الرجل يفهم شعورها، عندما تجرح من جديد او عندما يقوم بشيء خطئ وتفشل توقعاتها.
بالطبع الرجل يبتعد لأسباب أخرى، هو يحب ويثق في المراة ولكن فجأة يبتعد مثل شريط المطاط، ابتعاد الرجل يحقق طموحه في الاستقلال.
تتجنب المشاحنة
واحد من التحديات الجسام في العلاقة بين الرجل والمرأة هو كيف نتعامل مع الاختلاف وعدم التطابق في وجهات النظر وإذا اختلف الشريكان فإن نقاشهم يتحول إلى مشاحنة ثم إلى عراك دون إنذار آو تمهيد، فجأة يتوقفان عن الحديث بطريقة طبيعية، وبشكل تلقائي يبدأ كلاهما بتجريح الأخر، واللوم والشكوى والمطالبات والمقاومة.
عندما يحدث كل هذا فإن الرجل والمرأة لا يجرحان شعور بعضهما البعض فقط وإنما يجرحان العلاقة بينهما. ومثلما أن التواصل هو أهم ما في العلاقات فإن المشاحنة قد تكون أسوأ ما في العلاقة لأنه كلما كنا قريبين من شخص ما كان الجريح أكثر تأثيراً وعمقاً.
لأسباب علمية ينصح الشريكين بألا يتشاحنا، عند كثيرة المشاحنات يموت الحب، ويبدأ الخلاف وعدم الاتفاق وتذكر دائما أن المؤلم ليس ما نقول ولا طريقة ما نقول .
تذكر الاختلاف
بوحا وصمت
كيف تدفع الجنس الأخر للتفاعل
تغيرات طفيفة
الزواج المبكر
نقصد بالزواج المبكر الذي يتم قبل بلوغ سن الرشد أو بمجرد بلوعة. وفي هذا المجال هناك ثلاثة أعمار:
سن الرشد البيولوجي:
وهو العمر الذي يبلغ به النمو البيولوجي للإنسان للدرجة التي تمكنه من ممارسة الجنس للإنجاب.
سن الرشد القانوني:
وهو العمر الذي تعترف القوانين أو الأنظمة بأنه العمر الذي يصل به تطور الإنسان لدرجة انه أصبح مالكا للأهلية ويستطيع إبرام العقود وليس منها عقد الزواج، والسن القانوني الذي تم اعتماده من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية هو 18 عاماً.
سن الرشد الاجتماعي:
وهو العمر الذي يبلغ به النمو النفسي والاجتماعي للإنسان الدرجة التي تمكنه من إدارة الأسرة (اقتصاديا واجتماعيا) وتربية الأطفال بمستوى فوق المتوسط وهذه قضية تحتاج ملاحظات ميدانية واستشارات المختصين والاجتماعيين والنفسيين.
أسباب الزواج المبكر ( الأسباب العامة)
الجهل
يقصد هنا بالجهل ( الجهل الثقافي) والذي يكون مصاحباً أيضاً للمتعلمين ولكن من المؤكد أن التعليم هو من العوامل الرئيسية للقضاء على الجهل.
التخلف
الجهل يقصد به جهل أركان الأسرة، أما التخلف هو تخلف المجتمع فيمكن أن نصادف أسرة غير جاهلة في مجتمع متخلف ويمكن العكس أيضاً.
إن المجتمع الفلسطيني عموماً والريفي على التحديد مجتمع محافظ لا تزود الأطفال بثقافة جنسية رسمية علنية. ورغم ذلك يكثر الحديث أمام الأطفال وأحياناً معهم عن الزواج وكثيراً ما يتندر الآهل بسؤال الأطفال عن من يرغبون الزواج منه أو منها عندما يكبرون مما يفتح مبكراً أذهانهم على الزواج .
الانتفاضة
إغلاق المدارس ودفع الأولاد لسوق العمل مبكرا مما يدفع للزواج المبكر. كما أن الآهل يعتقدون أن تزويج أبنائهم يبعدهم عن خطر الاشتراك في الانتفاضة وإذ استشهدوا سيتركون أولادا يخلدونهم ويعوضون عنهم. كما أن إلغاء احتفالات الأعراس وفر في النفقات مما شجع على الزواج المبكر. أما فيما يخص الفتيات فلقد صارت الفتاه المراهقة خلال فترة الانتفاضة عبئاً على أسرتها تسعى الأسرة جاهده للتخلص منها بتزويجها مبكراً خشية أن تتعرض لإساءة لسمعتها سواء بنشاطها مع الشباب أو لعنف يمارسه معها الاحتلال أو لاعتقال.
الزواج من الأقارب
يعتقد العديد من الفلسطينيين خاصة في الريف أن الزواج من الأقارب هام ومفيد على كل الأصعدة. لذلك يقدم أبن العم على الزواج مع ابنه عمة رغم صغر سنه أو سنها وهنا نشير لما يسمى التبادل أي أن شابين يتزوج كل منهما أخت الأخر، وفي هذه الحالة قد يتزوج الثنائي الصغير تماشياً مع زواج الثنائي البالغ.
أسباب الزواج المبكر عند الإناث
الفقر
فالفقراء عادة يميلون لتزويج بناتهم لأول طالب مهما كان مبكراًُ وذلك ليرتاحوا من مصاريفها وخاصة إن كانت طالبة، والبعض يخشى أن يكون فقره عامل إجبارها على العمل عند الغير مما قد يسئ لسمعتها. والبعض الأخر يخشى أن يكون عقبة في طريق الخطاب ولذلك فهو يغتنم فرصة الطلب الأول ولا يدعها تفوته. يضاف إلى ذلك رغبة الفتاة نفسها بالزواج على أمل التغيير.
مفاهيم المجتمع
مازال المجتمع الفلسطيني يعتبر البنت هي العرض والكرامة والحرمة وأية علاقة لها مع رجل بدون زواج تؤدي لانهيار أعمدة الشرف في الأسرة، ولذلك يعتبر الزواج المبكر لها أمنا وقائياً يغتنمه معظم الناس بل ويسعى إلية البعض
تضخم عدد أفراد الأسرة
يضغط ذلك على الوضع الاقتصادي والبعد المكاني على البيت الضيق فمتوسط عدد أفراد العائلة الفلسطينية 7 أشخاص و91% من الأسر الفلسطينية تسكن في الغرفة أكثر من شخص واحد وهذا يشجع العائلة على التزويج المبكر ويشجع الفتاة على التغيير .
يعتبر البعض أن الزواج المبكر هو تأكيد على أن البنت جميلة ومرغوبة. ونشير هنا إلى أن بعض العجائز تدعي أنها تزوجت وهي صغيرة وبعضهن يبالغن في ذلك.
يفضل بعض الرجال أن يتزوج ابنه من فتاه ما زالت طفله لأنها حسب اعتقاده مازالت تحتفظ ببراءتها وبكارتها الجسدية والعاطفية كما أنه يكون بامكان الزوج وأسرتة أن يربوها كما يشاءون وبذلك تكون مفضله.
أسباب تزويج الذكور المبكر
الزواج في الساحة الفلسطينية ليس بالضرورة تشكيل أسرة مستقلة أو على الأقل لا يؤدي فوراً إلى تشكيل تلك الأسرة المستقلة.
الزواج من البنات يفضى إلى نقص النساء المكلفات بالخدمة في البيت مما يدفع إلى تزويج الأبناء حتى لو كان صغيراً بهدف تعزيز خدمة البيت .
ما زال الشعب الفلسطيني يعتبر العزوة والمهابة تقاس بعدد الرجال لذلك يتعجل البعض تزويج أبنائهم بهدف إنجاب الذ1كور ويضاف إلى ذلك أن الشاب ينظر له كصبي صغير دون سن معينة، أما إذا كان متزوجاً فهو من الرجال مهما كان عمره.
يعتقد البعض أن زواج الابن رغم التكاليف هو مشروع توفير وذلك لأنه يأتي بعاملة مجانياً كما أن الزوجة ستكون عاملاً من عوامل توفير الابن المبذر.
إن كان البعض يعتبر التزويج المبكر للبنت يصون شرفها فإنه بالنسبة للابن يكمل نصف دينه ويبقية للأسرة فهو يحميه من الفلتان لأن الأب يستطيع أن يجبر أبنته على الالتزام بالبيت ولكنه لا يستطيع فعل ذلك مع أبنه
إن السرية والخوف والتكتم حول المسألة الجنسية في مجتمعنا يدفع الكثير من الشباب إلى الزواج المبكر
الآثار السلبية للزواج المبكر
الآثار السلبية الاجتماعية
مما لا شك فيه أن القاصر مقصر عن اتخاذ القرار السليم وعن الإدارة السليمة لأي مؤسسة بل سمي قاصراً لأنه مقصر وقد لا نختلف حول إن قرار الزواج هو من أهم القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، وأن مؤسسة الزواج هي أهم مؤسسة في المجتمع وخاصة في بلادنا ففي بلادنا يتقاسم الزوج والزوجة الأبوية فالزوج هو رب الأسرة والزوجة هي ربة البيت ولنا أن نتصور الفوضى في كون رب/ة البيت قاصراً/ة.
الآثار السلبية النفسية:
يعتبر الزواج المبكر أحد عوامل التوترات النفسية والمختلفة وقد أفادت دراسة د. حسان المالح، إن حالات الإكتئاب والقلق والإحباط وضعف الثقة بالنفس عند من تزوجن في سن مبكرة؛ لأن الفتاة تجهد نفسها أمام مسؤوليات الزواج المتعددة وهي لا تزال غير قادرة على تحميلها. وينقص الكثير من المهارات والقدرات والمعلومات، إضافة إلى النضج العام، فهي ما زالت متقلبة العواطف والآراء ولا تزال حاجاتها العميقة العاطفية والتربوية دون إشباع .
النوع الإجتماعي أو الجند
النوع الاجتماعي هو مفهوم جديد نسبياً، يتعلق بتلك الخصائص الذكورية والأنثوية التي يقررها المجتمع، لا العوامل البيولوجية وتختلف الإناث عن الرجال في أن لهن عملين أساسيين يمكن أن يقوم بهما الذكور وهما: الحمل والرضاعة وبالتالي فإن الاكتساب الاجتماعي للسلوكيات التي تشكل الذكور إلى أولاد ورجال وتشكل الإناث إلى بنات ونساء وهي تلك التي يتعلم فيها كل من الجنسين قبولهما كسلوكيات ومواقف ومعتقدات وادوار ونشاطات ومقبوله لجنسهم يتعلمون أيضاً كيف يتعاملون مع الآخرين .
تتغير النظرة للنوع الاجتماعي من ثقافة إلى أخرى. حيث أن هناك عوامل عدة تؤثر عليها كالعرق والطبقة والوضع الاقتصادي والعمر والأوضاع الصعبة، والنتيجة هي اختلافات النوع الاجتماعي ( توزيع غير عادل للخدمات والمصادر والحقوق لكلا الطرفين) وهذا النوع من التحليل يتجاوز ببساطة القول بان الرجال والنساء والبنات والأولاد لهم ادوار مختلفة في المجتمع. وأنها تركز على أن احد الطرفين يقدر أكثر من الثاني حيث يحتكم على قوة أكثر ووضع أعلي وذلك يعود لجنسه.
وجوهرياً من المهم أن يفهم المرء كيف نتعلم أن نكون أولاداً أو بنات وبعد ذلك نصبح رجالاً ونساء. وهذا يتضمن ماهية السلوكيات التي نتعلمها لنؤمن بملاءمتها وقبولها. وهذا يرجع أيضاً إلى كيفية تعلمنا لطرق التعامل مع بعضنا البعض. وبشكل طبيعي ما نتعلمه يعتمد على نوع المجتمع الذي نشأنا فيه، وعلى وضعنا في المجتمع وعلى وضعنا الاقتصادي وعلى ومجموعتنا العرقية. ومن هذه المعتقدات والمواقف الاجتماعية يتعلم الطفل دور كل فرد ومن يصنع القرارات، على من تعود المنفعة ومن يسيطر على المصادر.
وهذا لا يعني أن نوعاً اجتماعيا فقط يقوم بكل العمل ويقطف كل الثمار. بل على العكس تماماً، حيث يعنى ذلك أن أحد النوعين يقوم بالكثير من العمل وقد لا يلتقي الثناء على عمله معنوياً أو مادياً وهذا يعني أن احد النوعين يسيطر غالباً على المصادر المتوفرة على حساب النوع الأخر، وعلى المدى القصير والمدى البعيد تنحى النساء للقيام بالكثير من الإعمال ولكن يحصدن القليل فيما يتعلق بالخدمات والمصادر المتوفرة في المجتمع. وهذا يعود لعاملين هامين: حيث تفتقر النساء للسيطرة على المصادر من ناحية ولا تحتكم على صنع القرار من ناحية أخرى. ويسعى التماس الذين يعملون في مجال المساواة بين الجنسين إلى تحقيق الاحترام المتبادل بين طرفي النوع الاجتماعي، وستكون هذه هي النتيجة إذا ما نظر إلى النوعين كطرفين متساويين يستحقان احتراما وحقوقاً وواجبات ومسؤوليات متساوية في المجتمع.
العنف داخل العائلة
بوجه عام يمر النزاع بعدة مراحل حتى يصل إلي مرحلة العنف فهو يبدأ من نقطة الاختلاف وعدم الاتفاق ويتدرج إلى مشكلات ثم صراع ثم عنف ثم حر،وعند الحديث عن العنف ا؟ الأسري نقول: .
إن أغلب طاقات المجتمع الفردية أو الجماعية تنبع من التراكيب الأسرية للفرد وكلما كانت التربية الأسرية مبنية على أسس سليمة وبناءه، كلما أنتجت من الكفاءات ما يردف المجتمع بعوامل القوة والنجاح، غير أن وجود ظاهرة (عدم التوافق الاجتماعي) في الأسرة هو من أخطر العوامل المؤدية إلى بروز حالات الانحراف في هذه النواة الاجتماعية الهامة، وغالباً ما يشكل الآباء الطرف المؤثر في هذه المعادلة الاجتماعية، وتبرز مسألة ضرب الزوجات كإحدى مصاديق العنف الأسري والتي تترتب عليها آثاراً سلبية قد تؤدي إلى هدم الكيان العائلي بالكامل ومن ثم نشوء جيل من الأبناء المشوشين فكرياً والمعطلي الطاقات والذين قد يُعبرون عن رفضهم للحالة باتخاذهم سلوكيات منحرفة تؤثر في حياتهم التي هي جزء من حياة المجتمع، ولا شك فإن سلوك الآباء العنيف سيرسم للطفل منهجاً يسير عليه في حياته لميزة التقليد التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم.
ويأخذ العنف داخل العائلة عدة أشكال مثل
- السب والشتم والاستهزاء والتسخيف والتحقير.
- العنف الجسدي كالضرب والإيذاء.
- العنف غير المباشر كحجز أشياء معينة كالمصادر والقرارات وعمد منحها للأخر.
- التجاهل والإنكار ومغادرة البيت وإظهار عدم الاحترام.
- التهديد والتلويح بالقوة والحرمان والابتزاز.
جدير بالذكر أن استخدام أشكال العنف السابقة يعتمد إلى حد كبير على مستوى الزوجين والخلفية الثقافية والمجتمعية التي ينحدران منها وكذلك على نوع الصراع القائم داخل العائلة ومستوى حدته، ومن ناحية أخرى على مستوى التماسك والتوافق الأسري وقدرته على حل المشكلات والصراع او التعامل مع الأزمة.
ولا يفوتنا إلى التنويه أن بعض الأزمات تزيد من تماسك الأسرة وصقل صلابتها لمواجهة أزمات ومشكلات أصعب وتعطي الزوجين الفرصة للتعلم والعمل كفريق لمواجهة الأزمات المستقبلية. بعضها قد يؤدي إلى انهيار الأسرة وحدوث التفكك أو الطلاق. وكذلك ليس بالضرورة أن يصاحب كل أزمة سلوك عنيف وليس بالضرورة أيضاً أن تنهار الأسرة لمجرد استخدام العنف من أحد الزوجين وذلك لتنازل أحد الأطراف أو لأن الطرف الأخر يطلب المغفرة وبوجه عام كلما كانت الأسرة متماسكة ومتوافقة كلما قلت احتمالات الوصول إلى العنف لحل النزاع.
ــــــــــــــــــ
كيف أصادق أختي؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
الاهتمام.. الدلال.. المحبة.. التميز.. كلها كلمات نسعى لها جميعاً، ولكن ما الذي تفعلينه لو كانت لك كل تلك الأشياء وجاءت من تحاول الاستيلاء عليها منك؟! ما الذي تفعلينه خاصة لو كانت من فعلت ذلك هي شقيقتك؟ ترى كيف سيكون رد فعلك؟!
تقول فتاة: أنا الأخت الكبرى.. كانت والدتي تأخذ رأيي في كل كبيرة وصغيرة في المنزل، ولكن بعد أن دخلت أختي المرحلة الثانوية بدأت أمي تستعين بها في تقرير بعض الأمور في المنزل، لقد بدأت أشعر بأنها تشاركني في كل شيء الآن.
وتقول أخرى: منذ أن دخلت أختي عامها السادس عشر تغيرت تماماً فبعد أن كانت تستشيرني وتخبرني بأسرارها ونتجاذب معاً أطراف الحديث أصبحت مشغولة للغاية، كل المكالمات الهاتفية تطلبها، جميع من حولها معجب بها، اشتركت في عدة أنشطة حتى أنه لم يعد لديها وقت لي مما يشعرني بالحزن.
استراتيجية أخوية(54/134)
صديقتي.. التغيير هو سنة الكون الذي نعيش فيه ويجب أن تتقبلي هذا التغيير بصدر رحب، ولكن هذا لا يعني أبداً أن تتنازلي عن صداقتك لأختك، بل أن تقنعي نفسك بتقبل الشكل الجديد الذي بدأت تأخذه تلك الصداقة، والمجال مفتوح أمامك لبذل بعض المحاولات مع شقيقتك للإبقاء على صداقتكما التي تعتزان بها، ويمكنك القيام بالتالي:
أشركي شقيقتك في حياتك واهتماماتك، وذلك بفتح حوار معها وأخذ رأيها في بعض المشكلات، فشعورها بحرصك على رأيها واعتزازك به سيجعلها حريصة على مشاركتك.
لا تكوني أنانية ولا تطلبي كل شيء لنفسك فكما تمنحك هي الاهتمام امنحيها أيضاً بعض الوقت لتحدثك عن مشكلاتها والصعوبات التي تجدها في حياتها ولا شك أن ذلك سيجعلك أكثر فهماً لها.
العلاقة بينكما ليست علاقة ندية واشتراكها معك في شيء لا يعني أن تتركيه أنت، فلا مانع من أن تنجزا بعض الأشياء معاً، فهذا سينمي بينكما روح الفريق، ولا شك أن هذا سيكون رائعاً.
إن كل شيء في الكون يتبدل وإذا كانت شقيقتك في الماضي بحاجة لحمايتك لها فهي الآن قادرة على حماية نفسها بل وقادرة على المشاركة والتعبير عن رأيها فلتسعدي بذلك فها قد أصبحت لديك محاور جيدة يمكنها أن توضح لك جوانب قد تخفي عليك في بعض الأمور.
اسعدي بتلك الحياة المليئة بالأنشطة التي تحيى فيها شقيقتك وتأكدي أن ابتعادها عنك شيء مؤقت فلابد أن تلجأ لك لأنك قد مررت بكل تلك التغيرات التي تمر بها الآن، فلتستعدي دائماً لأن تكوني بجانبها.
لا تطلبي منها التنازل عن هواياتها لتكون بجوارك، ولكن عليك أنت أن تكتشفي نفسك وتنمي هواياتك وتكون لك شخصية مستقلة.
كوني أكثر ثقة بنفسك، واكتشفي جوانب القوة في شخصيتك فهذا وحده الذي سيخلصك من إحساسك بالوحدة لغياب شقيقتك أو الخوف من أن تأخذ مكانك لدى الآخرين.
في النهاية.. تذكري دائماً أن الصداقة والأخوة لا يعنيان الارتباط الكامل بإنسان ما.. عليك دائماً أن تحافظي على شخصيتك المستقلة ولتكون العلاقة بينكما علاقة أخذ وعطاء وحب متبادل، وليست علاقة منافسة أو علاقة تبعية.. وتذكري أن العالم يتسع للكثير من الناجحين، فما بالك بأختك؟!
5 أدوات لإزالة الجليد الأخوي
إذا كنت تريدين إزالة الجليد بينك وبين أختك فتذكري التالي:
1-ادفعي بالتي هي أحسن، فمقابلة الإساءة بالإحسان سيبني بينك وبين شقيقتك جسور مودة لا تزول.
2-عاملي كما تحبي أن تعاملي، فلا يعقل أن تطلبي منها معاملتك بأسلوب لا تتبعينه أنت ذاتك في معاملتها.
3-تهادوا تحابوا.. لا شك أنك تحرصين في كل مناسبة على إهداء صديقتك ولو زهرة، ألا تجدين أن أختك تستحق مثل هذا الاعتصام؟
4-ادعيها لمشاركتك في إعداد طبق لوالديك لمفاجأتهما، فالمشاركة تجعل لكما الكثير من الذكريات الجميلة.
5-استمعي إليها ولا تسخري منها، فلا شك أن الأحاديث الشيقة حول مختلف الأمور ستقرب بينكما.
* المصدر :تحت العشرين /العدد (48) /ابريل 2000 / ص: 18
ــــــــــــــــــ
هل تعلم ان مراهقتك تختلف عن مراهقة ابنك..؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
يلعب الصديق دورا هاما في في هذه المرحلة بل هو محور الحياة التي تدور حولها اهتمامات المراهق، ويحل الصديق محل العائلة ويتم قضاء معظم الأوقات معه. ويكون للبعض منهم تأثير سلبي والبعض الآخر له تأثير إيجابي. ومن السمات التي تميز العلاقة بين الآباء والأبناء من ناحية وبين الأصدقاء من ناحية أخرى هي بعد الأبناء عن آبائهم وازدياد الصراع بينهم، مع ازدياد القرب من الأصدقاء ويحدث ذلك غالبا لعدم تفهم الآباء لطبيعة التغيرات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة العمرية الحرجة. وتزداد هذه الفجوة في ظل الضغوط الاقتصادية مثل انخفاض الدخل والضغوط الاجتماعية مثل الطلاق.
ونجد أن العلاقة التي توجد بين الآباء والأبناء تحكمها أربعة عوامل رئيسية:
الإحباط الذي يولد الرفض
صراع السيطرة
الحب (الذي يصفه البعض على أنه حب قاس).
الإحباط الذي يولد الرفض:
دائما ما يصطدم الأبناء بالرفض من قبل آبائهم لأنهم لا يعون أن "الأذن التي تسمع أفضل بكثير من اللسان الذي يرفض" كما أن الآباء لا يدركون فكرة التغيير التي يمر بها أبنائهم خلال هذه المرحلة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر دون أن يشعرون بذلك من خلال النقد المفرط،و عدم الصبر في التعامل معهم، و الغضب،و مقارنة الأبناء بعضهم ببعض، والشك في تصرفاتهم. ويحاول المراهق الهرب من ذلك كله باتباع سلوك غير حميد مثل اللجوء إلى الكذب- الخداع-السرقة- المشاجرة- إدمان العقاقير- شرب الكحوليات- التدخين- خرق القانون- ترك المدرسة- الانحراف الجنسي. فلابد أن يكون بجانب النقد التشجيع، والحزم،و الحب،و التوجيه، والاحترام
صراع السيطرة:
يأتي دائما الاختلاف الذي ينشأ بين الآباء والمراهقين من حب السيطرة وصراع القوى حول من هو المسئول؟ وأين تقع نطاق حقوق كل طرف منهما. فالآباء على حق حين يقولون أن الأبناء ليسوا مسئولين بالدرجة الكافية لأن يسمح لهم بأن يتخذوا قرارات. كما أن الأبناء محقون في قولهم أن الآباء يعاملوننا على أننا ما زلنا أطفال صغار. ومن هنا ينشأ الصراع من الاختلاف ما إذا كان الأبناء استطاعوا أن يمارسوا المسئولية بكفاءة في الماضي لاتخاذ قراراتهم الحاسمة في المستقبل أم لا؟!. كما أن الصراع ينشأ من ممارسة الآباء للسلطة ثم تركها في بعض الأحيان ومن ممارسة المراهق لها أيضا في بعض الإجازات والعطلات ثم انسحابهم منها باقي أيام الأسبوع. ويزيد من تعقد الموقف، المشاعر القوية الجارفة التي تميز شخصية الأبناء في هذه المرحلة إلى جانب طبيعة الآباء التي تغمرها روح الغضب والرفض
الحب القاسي:
وحب الآباء لأبنائهم فى هذه المرحلة ليس هو بالحب القاسى كما يصفه البعض منا ولكن المقصود به:
الحب القاسي هو ليس رفض لتصرفات الأبناء، لكنه يحدد حقيقة سلوك وقرارات كلا من الأبناء والآباء. وهو إعطاء قواعد واضحة للأبناء، بالإضافة إلى الحدود المنطقية مع توقع التزامهم بها.
ويعنى أيضا السماح للمراهق بخوض التجارب لمعرفة عواقب سلوكهم وتصرفاتهم ولا يهم هنا دور حماية الآباء لهم حتى تتاح فرصة التعلم لهم لأن التدخل وتقديم المساعدة هو جزء من المشكلة وستأتي الأمور على عكس النتائج المرجوة
الحب القاسي هو التزام الأبناء بحقوق آبائهم وإصرار الآباء على مثل هذه الحقوق بما أنهم يعيشون مع أبنائهم تحت مسمى كبير ألا وهو العائلة. وأخيرا يكمن معنى هذه الكلمة في وضع وتحديد خطط للعائلة والالتزام بها وهذا لا يعنى توقفك عن حب أبنائك أو العناية بهم لكن المقصود بها عدم معاملة الأبناء على أنهم غير قادرين على التصرف في حياتهم وتحمل المسئولية مهما كان ذلك قاسيا على الآباء أو الأبناء.
حقوق الآباء:
ولا نستطيع أن ننكر حقوق الآباء على أبنائهم:
العيش في منزل نظيف.
التعاون والراحة.
مسئولية الأبناء تجاه دراستهم.
النوم بهدوء في المنزل دون القلق على الأبناء.
معاملة الأبناء لهم باحترام
العناية بهم إلى جانب عنايتهم بأبنائهم
ونستطيع أن نقدم بعض الحلول التي تحكم علاقة الآباء بأبنائهم خلال هذه المرحلة والتي تعتبر أساس كل شئ والذي يحقق للمراهق الصحة والسلامة على كافة المستويات سواء أكانت نفسية أو جسمانية والتي يكون جوهرها الموازنة بين المرونة والسيطرة
إعطاء الأبناء قواعد واضحة: ينبغى أن تكون هناك قواعد محددة يضعها الآباء لكي يلتزم بها الأبناء بصفة مطلقة ولابد من الإصرار عليها ولكن في نفس الوقت على الآباء احترام آراء أبنائهم على أن تتوفر لديهم الرغبة في مناقشة قراراتهم معهم ولا يأتي ذلك إلا بالتزام الأبناء واحترام هذه العادات المطلقة
عدم المغالاة في ردود الافعال: لابد من الصبر، والصبر هو قبول الآباء لمشاعر أبنائهم كما يعنى الاستماع إليهم بالقلب إلى جانب الأذن، وأن تفتح الباب لآرائهم. وغالبا ما ينتاب الآباء القلق على أبنائهم فلذلك فهم يلجئون إلى العقاب عند الخروج عن القواعد المرسومة لهم، والعقاب مطلوب لكنه لا يعطى المراهق الفرصة على أن يسيطر على تصرفاته
تشجيع الأبناء: لابد من التشجيع لا السيطرة، الاهتمام بنشاطاتهم، واظهار الاهتمام بأصدقائهم، مع توجيه اهتمام خاص إذا كانت هناك مشكلة ما
التدقيق في الأمور الهامة فقط:ويعنى ذلك إهمال الأمور الصغيرة أو التافهة مثل (الملابس والموضة مع الالتزام بالحدود المسموح بها) لأنه إذا دقق الآباء على كافة الأمور سيولد ذلك شعور بالتمرد عند الأبناء
عدم معاملة الأبناء على أنهم أطفال: لا تعاملهم بصيغة الأمر فلا تستعمل الكلمات التالية (أنت لا تأكل على ما يرام، لابد أن تنام مبكرا، لن تستخدم السيارة حتى تظهر نتائج الامتحان).
تشجيع استقلاليتهم: : الاستقلال والانفصال وتحقيق الهوية هو ما يسعى المراهق لتحقيقه ويبدأ ذلك منذ سن الطفولة عندما يبدأ الطفل بالزحف والبعد عن أمه، ثم تظهر عند تصميمه لعمل بعض الأشياء بنفسه. أعطى لهم الفرصة للخطأ للتوصل إلى كل ما هو صحيح.
قائمة "لا": هناك قائمة يجب على الآباء الالتزام بها وينبغي أن يرددوها دائما أمام أنفسهم:
* لن أقوم بدفع غرامات المرور
* لن أهاجم المسئولين في المدرسة في الدفاع عن السلوك الخاطئ
* لن أسامح في العنف وعدم الاحترام في المنزل
* لن أعطى نقود للذهاب إلى السينما
* لا للدموع والغضب
* لا لمثلث اللوم لأنه لا يؤدى إلى نتائج إيجابية
علاج مشاكل الأبناء: التحدث بانفتاح عن المشاكل مع الأبناء والتي تعتبر من أهم عناصر العلاقة بين الطرفين وتطوير مثل هذه العلاقة أي علاقة الاتصال تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى المثابرة، وتنمو هذه العلاقة عن طريق قضاء بعض الوقت مع الأبناء مثل: أوقات الوجبات- اللعب- التنزه- الإجازات- الاحتفالات الصغيرة مثل أعياد الميلاد كما أنه لابد من تخصيص أوقات لكل طفل على حدة للتحدث عن المشاكل الصعبة التي يقع فيها. وهذه العلاقة معقدة للغاية وتظهر نتائجها عند سن المراهقة على وجه الخصوص لأن المشاكل الصغيرة التي لم يتم علاجها أثناء فترة الطفولة تتراكم وتصبح مشاكل أكبر وأكثر تعقيدا في مرحلة المراهقة
العقاب:
لابد أن يفرق الابن بين ما هو صحيح وخطأ فمن هنا جاء دور العقاب لكن العقاب لابد أن يكون إيجابيا وليس سلبيا، فالعقاب الإيجابي هو الذي يحمل بين طياته الفهم الآلي لكلمة السماح، وليس الإحساس بالذنب حتى بعد وقوع العقاب عليه. وصحيح أن الأبناء هم من يدفعون آبائهم إلى ممارسة العقاب عليهم علاوة على أنه ظاهرة صحية إلا أنه يتم وسط غضب كبير وقوة أكبر، فلابد أن يشتمل معنى العقاب على الحب كما لا يتم إلا بعد توجيه التحذير
فالسؤال الذي يسأل عنه الآباء باستمرار ويحاولون دائما تقديم له الإجابة هو "لماذا" و هو الذي يعتبر فى فى نفس الوقت الأساس في إعداد النشء علميا وخلقيا ونفسيا وبوجه عام صحيا، ولإعداد النشء على نحو سليم لابد أن تتوافر العناصر الآتية: الصحة الجيدة- علاقات الحب-توفير فرص التعلم، أما السؤال الآخر المحير الذي يسأله الآباء أيضا لأنفسهم هو: كيف نوفر لأبنائنا كل هذه الأشياء؟ ويأتي هنا دور المنزل ثم المدرسة ثم مجتمع الأصدقاء ومن بعده مجتمع العمل إلى جانب بعض العوامل الأخرى التي تنبع من داخل هذه المؤسسات الاجتماعية ومنها: الصحة النفسية،و الصحة الجسمانية،والنضج الاجتماعي والعاطفي،و مهارات اللغة،و المقدرة على حل المشاكل، والتفكير المبدع،و المعلومات التي تتوافر لنا عن العالم الذي نعيش في داخله، فعليك بمساعدة ابنك على التطوير وتذكر دائما أن:
- الأطفال تتطور وتنمو بمعدلات مختلفة
- لكل طفل نقاط ضعفه وقوته ولا يشترط أن تكون هي نفس نقاط الضعف والقوة عند كل طفل
ولابد أن تبدأ تنشئة الابن أو الابنة في مرحلة مبكرة على مرحلة المراهقة ولن يتم ذلك إلا من خلال:
- توفير البيئة الآمنة والصحية التي يغمرها الحب في المنزل أولا
- خلق جو من الإخلاص، الاحترام، والثقة المتبادلة
- إعطاء كل سن استقلاليته المحددة له
- تعليم المسئولية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين
- أهمية تعلم قبول الحدود
- الاستماع إلى الآراء
- حل المشاكل
ولابد أن يفهم كل واحد منا أن العالم الذي عاش فيه الآباء عند مرورهم بمرحلة المراهقة يختلف عن العالم الذي يعيش فيه مراهقينا الآن.
* المصدر : فيدو نت
ــــــــــــــــــ
في 8 خطوات.. وبلا عقاب: طفل مطيع ومتعاون
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
يعتبر وضع القواعد السلوكية للأطفال أهم مهام الأم وأصعبها في الوقت نفسه فسوف يقاوم الطفل كثيراً لكي يؤكد استقلاله وأنت أيتها الأم تحتاجين للصبر، وأن تكرري حديثك مرة بعد مرة. وفي النهاية سوف يدفعه حبه لك، ورغبته في الحصول على رضاك إلى تقبل هذه القواعد. وسوف تكونين المرشد الداخلي الخاص به وضميره الذي سيوجهه خلال الحياة.
ولكن كيف نقنع الطفل بطاعة الأوامر واتباع قواعد السلوك التي وضعها الوالدان؟ تجيب الاستشارية النفسية "فيرى والاس" بمجموعة من الخطوات يمكن اتباعها مع الطفل:
1.
انقلي إلى الطفل القواعد بشكل إيجابي:
ادفعي طفلك للسلوك الإيجابي من خلال جمل قصيرة وإيجابية وبها طلب محدد، فبدلاً من "كن جيدًا"، أو "أحسن سلوكك ولا ترمي الكتب"، قولي: "الكتب مكانها الرف".
2.
اشرحي قواعدك واتبعيها:
إن إلقاء الأوامر طوال اليوم يعمل على توليد المقاومة عند الطفل، ولكن عندما تعطي الطفل سبباً منطقياً لتعاونه، فمن المحتمل أن يتعاون أكثر، فبدلاً من أن تقولي للطفل "اجمع ألعابك"، قولي: "يجب أن تعيد ألعابك مكانها، وإلا ستضيع الأجزاء أو تنكسر"، وإذا رفض الطفل فقولي: "هيا نجمعها معاً"، وبذلك تتحول المهمة إلى لعبة.
3.
علقي على سلوكه، لا على شخصيته:
أكدي للطفل أن فعله، وليس هو، غير مقبول فقولي: "هذا فعل غير مقبول"، ولا تقولي مثلاً: "ماذا حدث لك؟"، أي لا تصفيه بالغباء، أو الكسل، فهذا يجرح احترام الطفل لذاته، ويصبح نبوءة يتبعها الصغير لكي يحقق هذه الشخصية.
4.
اعترفي برغبات طفلك:
من الطبيعي بالنسبة لطفلك أن يتمنى أن يملك كل لعبة في محل اللعب عندما تذهبون للتسوق، وبدلاً من زجره ووصفه بالطماع قولي له: "أنت تتمنى أن تحصل على كل اللعب، ولكن اختر لعبة الآن، وأخرى للمرة القادمة"، أو اتفقي معه قبل الخروج "مهما رأينا فلك طلب واحد أو لعبة واحدة"، وبذلك تتجنبين الكثير من المعارك، وتشعرين الطفل بأنك تحترمين رغبته وتشعرين به.
5.
استمعي وافهمي:
عادة ما يكون لدى الأطفال سبب للشجار، فاستمعي لطفلك، فربما عنده سبب منطقي لعدم طاعة أوامرك فربما حذاؤه يؤلمه أو هناك شيء يضايقه.
6.
حاولي الوصول إلى مشاعره:
إذا تعامل طفلك بسوء أدب، فحاولي أن تعرفي ما الشيء الذي يستجيب له الطفل بفعله هذا، هل رفضت السماح له باللعب على الحاسوب مثلاً؟ وجهي الحديث إلى مشاعره فقولي: "لقد رفضت أن أتركك تلعب على الحاسوب فغضبت وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت، ولكن يمكنك أن تقول أنا غاضب"، وبهذا تفرقين بين الفعل والشعور، وتوجهين سلوكه بطريقة إيجابية وكوني قدوة، فقولي "أنا غاضبة من أختي، ولذلك سأتصل بها، ونتحدث لحل المشكلة".
7.
تجنبي التهديد والرشوة:
إذا كنت تستخدمين التهديد باستمرار للحصول على الطاعة، فسيتعلم طفلك أن يتجاهلك حتى تهدديه. إن التهديدات التي تطلق في ثورة الغضب تكون غير إيجابية، ويتعلم الطفل مع الوقت ألا ينصت لك.
كما أن رشوته تعلمه أيضاً ألا يطيعك، حتى يكون السعر ملائماً، فعندما تقولين "سوف أعطيك لعبة جديدة إذا نظفت غرفتك"، فسيطيعك من أجل اللعبة لا لكي يساعد أسرته أو يقوم بما عليه.
8.
الدعم الإيجابي:
عندما يطيعك طفلك قبليه واحتضنيه أو امتدحي سلوكه "ممتاز، جزاك الله خيراً، عمل رائع"، وسوف يرغب في فعل ذلك ثانية. ويمكنك أيضاً أن تحدي من السلوكيات السلبية، عندما تقولين: "يعجبني أنك تتصرف كرجل كبير ولا تبكي كلما أردت شيئاً".
بعض الآباء يستخدمون الهدايا العينية، مثل نجمة لاصقة، عندما يريدون تشجيع أبنائهم لأداء مهمة معينة مثل حفظ القرآن، ويقومون بوضع لوحة، وفي كل مرة ينجح فيها توضع له نجمة، وبعد الحصول على خمس نجمات يمكن أن يختار الطفل لعبة تشترى له أو رحلة وهكذا.
إن وضع القواعد صعب بالنسبة لأي أم، ولكن إذا وضعت قواعد واضحة ومتناسقة وعاملت طفلك باحترام وصبر، فستجدين أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً.
* المصدر : مجلة ابداع/عدد 779
ــــــــــــــــــ
على طريق معالجة ظاهرة السرقة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. علي القائمي
ان السرقة عند الأطفال ظاهرة تستوجب المعالجة، فمن غير المقبول أن يقدم الطفل على السرقة ويتحول لديه هذا الفعل إلى عادة مستهجنة ومتجذرة في شخصيته، بل لابد من العمل على اصلاحه ووضعه على جادة الصواب. ومعالجة مثل هذه الخصلة تستوجب مراعاة الجوانب التالية:
1 ـ دراسة العلل والأسباب: وهي الخطوة الأولى في الإصلاح، إذ لابد من تقصي الدوافع والأسباب التي تحدو بالمرء إلى ارتكاب السرقة، وهذا ما يوجب على أولي الأمر والمربين القاء نظرة على الفترة الماضية من حياة الطفل وملاحظة ما عرض خلالها من حرمان وقلق واضطراب وعلاقات ومواقف عاطفية، وما هي الظروف التي مر بها، والقدوات التي تأثر بها في حياته، وما هي المخلفات التي تركتها مثل تلك القدوات في ذهنه. والغرض المنشود من وراء كل هذا هو السعي لمعالجة هذا العيب الأخلاقي من نفس الطريق الذي نشأ منه.
2 ـ سد النواقص المادية: النقطة الأخرى المهمة في هذا المجال هي وجوب توفير الحد الأدنى من الحاجات المادية للطفل، سواء كانت هي السبب في نشوء عادة السرقة أم لا، وذلك لاحتمال أن يكون دافع السرقة أمراً آخر. فإذا ما عولج يبقى عامل الحرمان سبباً في اثارة هذا الفعل من جديد.
ان فرض الرقابة المشددة على تناول المواد الغذائية وما يترتب على هذا الفرض من شعور بالحرمان، وابعاد الأشياء التي يحبها الطفل عن متناول يده تعتبر كلها بمثابة تحريض له على ارتكاب هذا الفعل فمن الأفضل إذن إشباع حاجات الطفل من جميع الجوانب.
3 ـ اشباعه بالعطف والحنان: هنالك تأكيد واضح على ضرورة مؤانسة الطفل وأن يغمره أبواه بالعطف والحنان. ولابد أيضاً من وضع حد لا يتجاوزه لكيلا تكون له جرأة عليهما، وأن يحترم رأيهما.
إن القرب من الطفل يسهل على أولي أمره استشعار حاجاته، وفهم أفكاره، والاطلاع على ما يقع فيه من منزلقات كما ان وجود الاحترام يساعد على أن يكون أكثر انصياعاً لكلامكم. علّموه عدم الاتيان بعمل يقلل من مكانته لديكم.
4 ـ الاصلاح النفسي: في الحالات التي يكون النقص النقص الأخلاقي وسوء السلوك منبثقاً من عوامل نفسية، فلابد من الإسراع لاصلاحها، والتعرف على العقد التي يعاني منها، ومن هم الأشخاص الذين يرغب بالانتقام منهم؟ وما هو سبب اضطراباته؟ وما هي الهواجس التي تدفعه لارتكاب هذا العمل.
ذكرنا ان التظاهر، والتمرد، والاحتجاج على الأوضاع السائدة يدفع المرء في بعض الحالات إلى مثل هذا المنزلق. أما إذا أتيح لنا الكشف عن الأسباب الكامنة وراءها لأضحى من اليسير توفير مستلزمات الاصلاح والهداية، ونتمكن من ردعه عن ارتكاب السرقة من خلال ابداء المزيد من المحبة له، وتقديم الأدلة المنطقية التي يفهمها للتدليل على قبح هذا الفعل.
5 ـ توفير الأجواء الايجابية: يعتبر توفير الأجواء الايجابية والسلمية حقاً من الحقوق التربوية لكل طفل. فليس من الصحيح أن يتربى الطفل في أجواء تطفح بالجريمة والاستهانة بالقانون، والاعتداء على حقوق الآخرين، ولا من المناسب أن يترعرع في أسرة تمارس الجريمة.
لابدّ إذن من تطهير ذهن الطفل من النماذج السيئة، والمُثُل القبيحة، ووسائل الإعلام لابد وأن تخضع لتقييم جديد ورقابة صارمة بحيث لا تنعكس عنها بشكل مباشر أو غير مباشر نماذج تربوية قبيحة، وعلى المربين وأولي الأمر أن يكونوا أنفسهم قدوات صالحة ليقتدي بها الطفل نحو الاصلاح والصلاح.
6 ـ التوعية: وغالباً ما تهدف إلى تعريف الطفل بخطئه بلغة بسيطة ومنطق مفهوم، وذلك عن طريق التنبيه إلى أن مثل هذا العمل لا يرتضيه أفراد أسرته ولا سائر الناس، وان الله يغضب منه، وقد وضع له عقوبة قاسية. ويمكن في هذا السياق أن نشرح له كيف ان حياة الناس تغدو صعبة إذا تفشت فيها ظاهرة السرقة وصار كل واحد يسرق مال الآخر، وكم سيلحق بنا من الضرر نحن شخصياً إذا ما تعرضنا للسرقة وذهبت أموالنا. ويجب أن يفهم الطفل من خلال ايحاءاتكم المتكررة له أن السرقة ليست طريقاً صحيحاً في الحياة. وإذا اتسع هذا الفعل وصار يقترفه الناس فلن يكون من اليسير عليهم مواصلة الحياة بشكل طبيعي. وعلى العموم من المفيد بيان مضار السرقة للطفل بين فترة وأخرى.
7 ـ التعويد على عزة النفس: صحيح اننا قد لا نستطيع توفير جميع احتياجات الأطفال في جميع الأحوال، إلا أننا قادرين على أن نشرح لهم بعض الصعوبات والمشاكل التي تواجهنا، ومن المؤكد ان الطفل يفهم معنى الكلام ويتماشى معنا في مثل هذه الحالة.
بالامكان تعليم الأطفال على عزة النفس، وتربيتهم على الطباع الحميدة، ورفع مستواهم الفكري، وخلق شخصية قوية فيهم. فإذا عجز أحدنا عن توفير المأكل الجيد لهم في جميع الأحوال، يمكنه على أقل الاحتمالات أن يعودهم على عزة النفس ومناعة الطبع.
ـ الفنون اللازمة في هذا المجال:
يمكن توظيف الكثير من الفنون والأساليب لأجل اصلاح السلوك المنحرف لدى الطفل، وهي على العموم نفس الأساليب المتبعة في جميع المجالات التربوية لاصلاح الأفراد، وما يمكن اضافته إليها هاهنا يتمثل في ما يلي:
1 ـ ضبطه حال التلبس بالسرقة: عند التيقن من سرقة الطفل وتقديم الارشادات والنصائح الكافية له في هذا المجال، وعدم التزامه بها، ومعاودة ارتكابها يمكن حينها مراقبته لضبطه متلبساً بالسرقة ومكاشفته بحقيقة عمله، على أن لا يكون الهدف فضحه أو التشهير به بقدر ما يكون الغرض أن يفهم بأنه قد ضبط وهو يمارس بحيث تكون النتيجة من وراء هذا بناءة. ويمكن الاشارة إلى أنه قد شوهد وهو يسرق وان لن يُفضح أمره إذا امتنع عن تكرار ذلك.(54/135)
2 ـ اظهار الأسف: بامكان أحد الأبوين أن يعلن للطفل عن شدة أسفه لقيامه بأخذ النقود مثلاً من الحقيبة أو من أي موضع آخر بلا أن يخبر أحدهما بحاجته. ويجب أن يقترن مثل هذا العمل بالروية والتأني بلا غضب أو انفعال. ومثل هذا الموقف له تأثير شديد على من يتطاول على السرقة للمرة الأولى. ان حدود الاحترام القائمة بين الطفل ووالديه، والتعبير له عن أسفهما لمثل هذا التصرف يعيده إلى طريق الرشاد ويجدي في تقويم سلوكه.
3 ـ اعادة المسروق: على أولياء الأمور والمربين الالتفات إلى ما يأتي به الطفل إلى البيت، ومن أين جاء بهذا القلم أو الدفتر؟ وبأية نقود اشتراهما وهل ادعاؤه أن صديقي أعطانيه، صحيح أم لا؟
يمكن في بعض الحالات أن يقال للطفل تعال نذهب إلى بيت صديقك لنلاحظ لماذا أعطاه هذا الدفتر مثلاً. والغرض من هذا ارغامه على اعادة ما أخذ إلى صاحبه وليفهم أيضاً انه تحت الرقابة الدائمة، ومُعرّض للاستجواب. قد يحصل أحياناً أن يؤكد الطفل على أن هذا الدفتر له لكن أولياءه يعلمون انه لصديقه، في مثل هذه الحالة يبادر ذووه إلى تسليم الدفتر لصديقه أمام ناظريه.
4 ـ فرض الغرامة: حينما يعلم أولياء أمر الطفل انه قد سرق من جيوبهم نقوداً، واشترى بها مثلاً بعض المرطبات أو لعبة، من غير إذنهم، فإذا تكرر منه هذا العمل يمكن التصرف بالصورة التالية:
1 ـ تحديد الشيء الذي اشتراه.
2 ـ ارغامه على اعادة ذلك الشيء وارجاع نقوده لموضعها الأول.
3 ـ يستقطع المبلغ المسروق من يوميته.
4 ـ وفي نفس الوقت يحذر بأنه سيدفع ثمن عمله هذا غالياً. وفي كل الأحوال يبدو بيان قبح هذا الفعل وخطأ هذا التصرف عاملاً فاعلاً في الردع. والطريق الأمثل في كل الأحوال هو التعامل مع هذه العادات بروية وبعيداً عن الغضب.
5 ـ الوعظ والنصيحة: إن النصائح كثيرة الفائدة وهذا هو موضعها المناسب، أما إذا تكرر نفس الفعل بالرغم من توفير احتياجاته ومستلزماته وتهيئة الأجواء الايجابية في تربيته والتعبير عن السخط على تصرفه ولم يبدِ أي استعداد للكف عن هذه العادة. لابد حينذاك من اتباع طريق النصح المشفوع بالتخويف.
على الجميع أن يوضحوا للطفل ضرورة الاستقامة في حياته وأن لا يسرق، ويلتزم الطريق الصحيح وان هذا من صلب واجبه في الحياة، أما إذا شاء التخلي عن هذا الواجب فما عليه إلا أن يتمل عواقبه المريرة، إذ سيفتضح أمره أمام الناس وينال العقوبة الإلهية.
6 ـ العقوبة والمجازاة: نحن نعلم أن الطفل غير البالغ لا حدّ عليه، ولكن يمكن أن يعزز وعندما تفشل جميع الاجراءات المبذولة من قبل أولياء الأمور والمربين، ولا تفلح النصائح والارشادات والتحذيرات، وحينما تصبح الرقابة مجرد اضاعة للوقت، يتوجب حينها اتباع أسلوب العقوبة والمجازاة.
وكما نعلم أن للاسلام قوانينه في هذا المجال، وهناك قواعد خاصة بالطفل المميز حينما يقدم على السرقة، والعقوبات المقررة يمكن الاطلاع عليها في مضانها الفقهية.
ـ بداية الاصلاح:
يجب الوقوف منذ البداية بوجه السرقات الصغيرة، وتفهيم الطفل بقبح عمله ومقابلته بوجه عبوس لغرض ارغامه على الكف عن هذا العمل.
لقد ظهر من خلال الدراسات أن التساهل ازاء مثل هذا الأمر يخلق الكثير من المتاعب، والطفل إذا لم يتم اصلاحه في هذا السن يغدو من الصعب اصلاحه في ما بعد. وإذا تطاول في الصغر على مال الغير لابد من توعيته إلى عدم جواز أخذ ما ليس له ووجوب اعادته إلى مالكه، بل ويجب أيضاً الامساك بيده وأخذه إلى موضع السرقة واعادة المسروق إلى مكانه أو إلى صاحبه.
والحقيقة ان التأخير في الاصلاح يخلف نتائج غير سارة تتعمق جذورها تدريجياً حتى تتحول إلى خصلة متأصلة فيه وهو ما أشرنا إليه بالمثل المعروف بأن سارق البيضة اليوم يسرق في الغد جملاً. فليس من السهولة على الشخص الذي طُبع على عادة قبيحة، واستساغ طعم الانحراف، أن يكف عن ذلك عاجلاً.
ـ ملاحظات:
وفي نهاية المطاف أود لفت نظر الوالدين الكريمين إلى عدة نقاط في هذا المجال تتلخص في ما يلي:
1 ـ إذا حصل يقين بقيام الطفل بالسرقة، فلا داعي للاكتفاء بالاستفسار هل سرقت المبلغ الفلاني أم لا؟ لأنه سيقوم أيضاً بارتكاب سرقة أخرى وينكرها، بل يجب في مثل هذا الموقف اتخاذ اجراء حازم وقاطع.
2 ـ السعي إلى عدم فضحه والنيل من كرامته والاستهانة به أمام الآخرين، لأن هذا التصرف ينطوي على مضاعفات أكبر.
3 ـ إذا وجد انه يستحق العقوبة، فلابد من تطبيقها ولكن بعد العديد من التنبيهات والارشادات وينبغي أيضاً أن لا تكون قاسية وتؤدي به إلى التفكير بالانتقام. بل الأفضل أولاً السعي جهد الامكان لإصلاحه بالأساليب الايجابية والنصيحة والارشاد وما شابه ذلك، إلا إذا كان في مرحلة المراهقة أو البلوغ، فحينها يكون له حكم آخر.
4 ـ الاحتفاظ برباطة الجأش، وعدم خلط الحسابات مع بعضها. فإذا كسر الطفل إناءً وأراد والده توبيخه لا ينبغي له خلط الحسابات ومواجهته بالقول أيها اللص لماذا كسرت الإناء؟! بل يجب فصل الحسابات والمواضيع عن بعضها.
5 ـ في الحالات التي تٍستيقن فيها السرقة ينبغي مواجهته بصراحة منذ اللحظة الأولى وارغامه على اعادة المسروق إلى موضعه، ولا ضرورة هنا لطرح أية مقدمة للموضوع.
6 ـ السعي نحو عدم قطع العلاقة معه في كل الظروف والأحوال، ولا يقال له على سبيل المثال: أنا أقطع علاقتي معك لأنك سارق. بل المطلوب هنا ارشاده إلى اصلاح ذاته مع الاحتفاظ بالعلاقة بين الطرفين.
ــــــــــــــــــ
دبلوماسية التواصل الزوجي
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* وليد أحمد المصري
تعتبر قضية التواصل بين الزوجين صمام الأمان الذي يضمن التماسك الداخلي لبنيان الأسرة, ويمتن أواصر علاقات أفرادها بشكل كبير, مما ينعكس إيجابًا على الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية, ويفعل دورها في بناء الإنسان المتزن انفعاليًا.
ترتكز قواعد العلاقات التواصلية الأسروية على وشائج متينة من الود والحب والإخلاص والتعلق والثقة المتبادلة, إنها مهمة لبناء أسرة قوية قادرة على لعب دور فعال في خلق شخصية أفرادها وتطبيعها بقيم ومثل حميدة, إنه لاشيء يعوّض العلاقات العاطفية المتسمة بالود والاحترام في الأسرة, لأنها تعمل على إزالة التوترات وتنفيس الضغوط الانفعالية من جوها.
لقد تعقدت الحياة العصرية نتيجة للتطور التقني والتفجّر المعرفي الهائل وثورة المعلوماتية المدهشة, الأمر الذي جعل العالم قرية صغيرة مما جعل حياتنا مليئة بالاضطرابات النفسية وأشكال القلق المختلفة, كل ذلك يلقي على كاهل الأسرة أعباء ومسئوليات جساما لتخفيف وطأة الظروف القاسية عن أفرادها, مما يجعلها ملاذاً روحيًا يلجأ إليه هربًا من صعوبة الحياة العصرية وتعقيداتها.
إدراك التمايز
يلعب التواصل الأسري والتفاهم بين الزوجين دورًا حيويًا في تحفيز قدرات الإنسان على العمل وجعلها أكثر فعالية, ويخلق مقدمات ضرورية لحياة الإنسان الروحية, ويحدد روح الأسرة وأسلوبها والأدبيات المتبعة في التنشئة الاجتماعية للأطفال والمراهقين, كما يحمل في طياته السرور والسعادة, أو على العكس تمامًا يؤدي إلى إثارة الأحقاد والضغائن.
كما تتوقف علاقات الأسرة على اهتمامات الزوجين النفسية وميولهما وحساسيتهما الانفعالية وعلى مشاعر كل منهما تجاه الآخر.
إننا لا نعرف السعادة بمعزل عن الآخرين, ولا نتذوقها دون وجود زوجة وأطفال, وما يقوّي وشائج الأسرة ويمتنها هو وجود علاقات طيبة بين أفرادها.
ولكن ما العوامل التي تتوقف عليها طبيعة المناخ الأسري?
إن لكل أسرة خصوصية فريدة تميّزها عن غيرها, لكن خلق مناخ أسروي يتوقف على وقت الفراغ, والمستوى الثقافي, والتواصل النفسي, وانطباعات متنوعة. وبمقدور الزوجين أن يرفع أحدهما من شأن الآخر أو يفعلا عكس ذلك, لذا فإن المساعدة على إزالة عيوبهما ونقائصهما تتوقف على مستوى ذكاء كل منهما وعلى المودة التي يكنها أحدهما للآخر, لقد أشار المربي (بيلنسكي) إلى أن الاحترام المتبادل للكرامة الإنسانية يولد المساواة, فعندما يسود الاحترام والتكافؤ جو الأسرة, يكف الرجل عن التصرف كالسيد المطلق ذي السلطة والصلاحيات التي لا تناقش ولا تعارض, ولا تبقى المرأة عبدة مغلوبة على أمرها, أما الأُسر التي تسيطر فيها علاقات الأنانية والاستبداد, حيث لا احترام متبادلا ولا مساواة ولا محبة, كل ذلك يعتبر الأرضية الخصبة لنشوء أشكال مختلفة من الصراع والخلافات. وبهدف تجنب ذلك يترتب على الزوجين أن يعرف كل منهما الآخر بشكل جيد, وسمات طبعهما ومزاجهما, وأن يدرك كل منهما أنه شخصية متميزة تختلف عن شخصية الآخر بسماتها ومقوماتها وخلفيتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية, عند ذلك يمكننا نزع فتيل الأزمات التي يمكن أن تعصف بكيان الأسرة وتماسكها.
القواعد الأساسية
عدم كشف الخصوصيات الأسرية أمام الغرباء.
ضرورة التقدير والاحترام المتبادلين.
التخفيف قدر الإمكان من أشكال اللوم والعتاب.
عدم التحدث عن عيوب الزوج (الزوجة) أو الأطفال أمام الآخرين.
إمكان التأهب للدفاع عن الزوج (الزوجة) في حال نشوء خلافات مع الأصدقاء والأقارب.
من غير المحبذ لكلا الزوجين توجيه أي ملاحظات بحضور أناس غرباء لأن هذا قد يسبب الأذى لعزة النفس والمشاعر - ليس بالنسبة لهما فقط, بل وحتى الأطفال عامة والمراهقين خاصة.
الإيمان بالعقيدة الأسرية وعدم السماح لأي كان بالتدخل في شئون الأسرة الداخلية ولو كان من أقرب المقربين والأصدقاء.
القدرة على ضبط كل من الزوجين انفعالاتهما والتحكم بأعصابهما أثناء ثورات الغضب.
أن يكون باستطاعة الزوجين التنازل والتساهل, وهذا شرط من الشروط الأكثر أهمية بالنسبة لنجاح العلاقات الزوجية.
عدم اللجوء إلى أشكال العقاب الشديد لأن الإنسان الذكي يدرك المقصود بمنتهى السهولة.
عدم التسرع في قذف الزوجين, كل منهما الآخر, بكلمات قاسية وفظة, بل على العكس يجب أن تستخدم قدر المستطاع كلمات حسنة وجميلة. إن كلمات المديح والثناء مسألة مهمة جدًا وخصوصًا بالنسبة للزوج الشاب, لأنه أكثر صعوبة في التكيّف مع دوره كزوج مقارنة بالفتاة التي هي أقدر على التلاؤم مع دورها كزوجة, لذا يترتب على الزوجة الشابة أن تعمل على دفع زوجها ليصبح رب أسرة حقيقيا عن طريق مدحه وتشجيعه, وليس عن طريق إصدار الأوامر والمواعظ والإرشادات التي تقتل لديه الرغبة في فعل شيء ما.
عدم إطلاق بعض الاستنتاجات والتعميمات التي تتسم بالمغالاة والإطناب, على سبيل المثال (إنك لا تريد أن تفهمني أبدًا, إنك تتصرف دائمًا على النحو الذي تريده, طلبت منك ألف مرة,....) الزوج يمكن أن يخطئ, وكذلك الزوجة في تصرف ما, فيسارع الآخر إلى إطلاق سيل من التعميمات القاطعة, واصفًا شريكه بالفشل, إن هذا الموقف يمكن أن يجرح كرامة الزوج (الزوجة) جرحًا عميقًا قد لا يندمل أبدًا.
عدم كتمان الإساءة وكبتها داخل الذات, فكلما كشف الزوجان عن حالات الصراع بصورة أسرع كان تأثير ذلك أقل شدة في بنيان الأسرة. ويجب على الزوجين أن يعملا جاهدين على اتخاذ الخطوة الأولى ليلتقي أحدهما الآخر بهدف المصالحة وإزالة مسببات التوتر التي ولدت الأزمة.
أن يكون باستطاعة الزوجين التفاهم والمساعدة والتغاضي, وهذا شرط مهم جدًا. قام علماء الاجتماع بدراسة شملت مائة من الزوجات بمناسبة اليوبيل الفضي لزواجهن, تم توجيه بعض الأسئلة المتعلقة بأفضل الطرق والاستراتيجيات التي تقوي العلاقات الأسروية وتمتنها, فكانت النتائج أن 75% منهن أشرن إلى أن ما يسلح بنيان الأسرة هو الآتي:
ـ الاستعداد لمساعدة كل منهما الآخر.
ـ العفو السريع.
ـ توافر سمات مثل النزعة العملية, الاقتصاد المنزلي,....
أن يضع كل من الزوجين نفسه مكان الآخر ويحاول أن يغوص في عالمه الخاص ويساعده على فهم ما هو جوهري وأساسي, فقد لا يتمكن أحدهما من رؤية تفاصيل الحياة من منظوره الشخصي.
عدم الاختلاف بسبب أمور صغيرة, وعدم السماح بظهور صعوبات وتعقيدات تولد الصراع, والعمل قدر المستطاع على الإيقاف الآني للخلاف كي لا يتطور متخذًا منحى أشد خطورة, فالإنسان الذكي هو الذي يعمل جاهدًا على وقف الخلاف واجتثاث جذوره.
اتباع سياسة أسروية تتصف بالمرونة والدبلوماسية عن طريق تنشيط المشاركة في المسئوليات الأسرية. إن المحافظة على توازن الأسرة وتقوية دعائمها مسئولية جميع أفرادها, فلو واجهت الزوجة - على سبيل المثال - صعوبة ما سببت لها الإنهاك في الوقت الذي يقف فيه باقي أفراد الأسرة موقف المتفرج يعطون الإرشادات والنصائح التي تؤزم الموقف, وتمهّد لظهور الجفاء والفتور بين الزوجين, فإن هذا يترك أثرًا سلبيًا عسير الزوال.
أن يرفع دائمًا شعار (لا فظاظة ولا خشونة), وليعلم الزوجان أن لاشيء يحطم سعادتهما مثل الجلافة والقسوة. إن الحب الكبير والحنان والملاطفة والرقة والثقافة الجنسية والمعاملة الراقية مهمة جدًا لبناء علاقات أسرية سليمة.
ضرورة الاتفاق على استراتيجيات وأساليب تربوية واحدة بالنسبة لتربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة, مثل عدم تقديم التعزيز الإيجابي (حلوى, نقود...) بعد عقاب الطفل من قبل أحد الوالدين. إن عجز التواصل مع الأطفال يعتبر حقيقة كئيبة في هذا العصر المعقد. لقد أحصى علماء الاجتماع مدة التواصل بين الأطفال والأبوين, فكانت حوالي 15 دقيقة كل يوم, ولكن كيف يمكن أن نوفر الوقت الكافي للتواصل بأطفالنا وخصوصًا بالنسبة للأسر العاملة? إن المخرج الوحيد لهذه المشكلة هو استخدام يومي عطلة يخصصان بأكملهما للأطفال (القيام برحلات, الذهاب إلى مسرح الأطفال, زيارة المعارض الفنية وحدائق الحيوان...).
ضرورة العيش بثقة, بهدف البحث عن مصدر السعادة في كل شيء, (في كلام الطفل وخطواته الأولى, في النظرة اللطيفة والحنونة للشريك الآخر, في النجاح في العمل...).
وفي النهاية علينا العمل بقدر المستطاع على أن تكون هذه السعادة متبادلة, وفي ذلك فن راق للتواصل الأسري يمتن الأسرة ويحصنها ضد مختلف أشكال التفتت والتفكك والضياع.
ــــــــــــــــــ
كيف تطور صفات إبنك الحسنة ؟
* سلوى المؤيد
عادة ما ننتقد أبناءنا، عندما يخطئون ونحن نهدف من وراء ذلك إلى تطوير سلوكهم، إلا أن العالم النفساني المعروف ((فيتزوف ديدسون)) يقدم لنا من خلال كتابه ((كيف تكون حازماً بالحب؟)) أسلوباً جديداً لمعاملة أطفالنا لنحقق به هذا الهدف، أسماه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) الذي يقوم على أساس .. أن يمنح الأب طفله مكافأة عندما يحسن التصرف، حيث لاحظ هذا الدكتور المتخصص لسنوات طويلة في علم نفس الطفل .. أن الآباء عندما يعاقبون أبناءهم على سوء سلوكهم، فإنهم إنما يدعمون بذلك هذا السلوك السلبي .. لأننا لو سألنا أنفسنا، أيهما أفضل للطفل أن لا يمدح والده سلوكه الحسن أي يتجاهله .. أم عندما ينتبه لسلوكه السيئ ويعاقبه؟
سنجد بأن الطفل يسعده انتباه والده حتى لو كان ذلك في صورة عقابه .. ولهذا نجد تكرار الأطفال لتصرفاتهم السيئة لكي يحصلوا على المزيد من هذا الانتباه من آبائهم إذن، لو قام هؤلاء الآباء بملاحظة أبنائهم عندما يحسنون التصرف .. ومكافأتهم على ما فعلوا سواء كان ذلك بالاحتضان أو بمنحهم هدية بسيطة .. فإنهم يدعمون بهذا الاهتمام رغبتهم في تحسين سلوكهم .. وسنرى بعد ذلك أن الطفل سيتعود تدريجياً على أن يتصرف بشكل حسن .. لأنه يعتقد أنه بذلك يسعد والديه .. ثم سيشعر أن حسن سلوكه سيشعره بالإشباع النفسي .. وسيصبح جزءاً من شخصيته.
إلا أن على الأب أن يقرر بنفسه متى يمنح طفله تلك المكافأة عندما يحسن التصرف، ولا يعطيه إياها إذا طلبها لأنه إذا فعل ذلك فإنه سيعوده على الاستجداء. كما أننا سنلاحظ بأننا عندما نتبع هذا الأسلوب مع أطفالنا سنتعود على أن نلاحظ دائماً تصرفاتهم الحسنة .. وعندما نمدحهم على سلوكهما لحسن، فإننا بذلك ندرب أنفسنا دون أن نشعر على تركيز تفكيرنا على كل ما هو إيجابي حولنا .. أي أننا سنصبح عكس هذا الأب الذي جاء إلى الدكتور ((فيتزوف ديدسون)) يشتكي له سوء سلوك ابنه البالغ من العمر أربع سنوات .. طالباً منه أن يساعده لكي يجد وسيلة يحسن بها سلوكه وعندما سأله الدكتور ((ديدسون)):
ـ وماذا يضايقك من سلوك ابنك؟
انهال الأب سارداً بإسهاب كل تصرفات ابنه السيئة التي استخلص منها الطبيب أنه يعتدى دائماً على ألعاب الأطفال في الحضانة .. ويسيطر عليهم .. ويضرب مَن لا يطيعه منهم وغير ذلك من أفعال سلبية.
أما عندما سأله: وماذا يفعل ابنك من تصرفات ايجابية؟.
وقف هذا الأب حائراً لأنه لم يكن قادراً على أن يذكر، صفة إيجابية واحدة لابنه، عندئذ اقترح الدكتور ((ديدسون)) عدة صفات حسنة .. وسأل الأب إذا كان ابنه يتمتع بأحدها. ووجده يوافقه على بعضها، أي وافقه على أن طفله كان يذهب إلى الحضانة بسهولة، كما أن لديه طاقة وحيوية، وأن لديه شخصية محترمة بين زملائه.
إذن، لو أراد الأب في هذا المثال أن يطور صفات ابنه الحسنة، فإن عليه أن يطبق عليه ((أسلوب المكافأة الإيجابي)) أي عليه أن يمدحه عندما يلاحظ أياً من تصرفاته الإيجابية.
وقد حدث ذلك فعلاً، لأن الطفل عندما سمع والده يمدحه عندما يتصرف بشكل حسن شعر بارتياح نفسي .. وبدأ يستجيب له، وعندما انتقل الأب إلى مرحلة مكافأة الابن أي عندما أصبح يكافئ ابنه عندما يرتكب تصرفات حسنة جديدة، وجد أن سلوك ابنه أخذ يتحسن تدريجياً.
ولو سألنا أنفسنا ما نوع المكافأة التي نمنها لأطفالنا، فإن الجواب على ذلك هو أننا نستطيع اختيارها حسب شخصية كل طفل معتمدين على ذلك فيما يرغب فيه من أماكن يزورها أو أشخاص يحبهم أو هوايات يحب ممارستها .. أو أشياء يحب امتلاكها، أي مكافأتهم من خلال ما يميلون إليه معنوياً ومادياً.
لنفترض أنك كأب لا تريد من طفلك أن يكرر تصرفاً سيئاً يقوم به، مثل مشاجراته مع إخوته.
فإن عليك حينئذ أن لا تعاقبه أن تحاضره عندما يفعل ذلك، أي أنك تحرمه من الاهتمام الذي يريده ولو كان عقاباً.
وبدلاً من ذلك عليك أن تضع برنامجاً يقوى من صفاته الإيجابية، أي أنك إذا رأيته يعامل إخوته بلطف في ذلك النهار أن تمنحه مكافأة على ذلك التصرف مباشرة لكي تقوي رغبته في تكراره، وحتى إذا كرر ذلك مرتين أو ثلاثة في الأيام الأولى، فإن عليك أيضاً إعطاءه هذه المكافأة في كل مرة يحسن فيها التصرف مباشرة، من أجل تدعيمه في سلوكه.
أي أنك ستصبح بذلك الفعل وكأنك تصطاد ابنك وهو يتصرف بشكل إيجابي وتكافئه على ذلك .. أما إذا كان معه أخوه، فإن عليك عندئذ أن تكافأه معه .. على أن تقول لهما:
ـ أنا سعيد لأنكما لم تتشاجرا اليوم، هاهي ذي بعض الحلوى مكافأة لكما.
بقى أن أقول بأن علينا أن نبدأ أسلوب المكافأة الإيجابي مع أطفالنا وهم صغار، لكي يتعودوا عليه، ويشعروا بإشباع ذاتي عندما يحسنون التصرف، وهذا سيكون وحدهما فيما بعد مكافأة في حد ذاته لهم .. فيحاولون دائماً أن يطوروا سلوكهم بأنفسهم. وهذا ما نسعى إليه في تربية أبنائنا لكي يصبحوا أشخاصاً سعداء، يتمتعون بروح المسؤولية والرغبة في بناء وتقدم مجتمعاتهم.
ــــــــــــــــــ
مظاهر التوتر عند الطفل وأسبابه
التوتر مرض عارض يصيب نفسية الطفل لاسباب متعددة ... ويرافقه طيلة يومه ولا ينفك عنه فيفقده نشاطه ومرحه وتفتحه للحياة .. ويختلف تماما عن الغضب ولأنّ اكثر الآباء لا يميزون بين الغضب والتوتر عند الطفل .. لذا نطرح اهم مظاهر هذا المرض، حتى يمكن للوالدين تشخيص حالة المرض عند أبنائهم وهي كالتالي :
1 ـ ضعف ثقته بنفسه :
إنّ كل الآثار التي يخلفها التوتر على الطفل غير مرغوبة عند الوالدين بشكل عام، فالأم يحزنها أن تجد طفلها قلقاً يقضم أظفاره ويتعرض للفشل طيلة حياته في نشاطاته المختلفة ابتداءاً من المدرسة ثم حياته الزوجية والعملية .. وما نراه في مناطق كثيرة من امم تعيش تحت سطوة الحاكم الجائر دون ان تسعى لتغيير ماعليها بكلمة او حركة، ترجع اسبابه الى الافراد الذين تتكون منهم تلك الامم ممن فقدوا ثقتهم بأنفسهم فاصبحوا أذلاء .
2 ـ الجُبن :
ان الطفل حين يخشى الظلمة او النوم في مكان بعيد عن والديه، او خوفه من الماء الى غير ذلك من المخاوف التي تجعله جباناً لا يقدم ولا يؤخر .. وكل هذه المخاوف تأتي للطفل نتيجة توتره.
3 ـ تقليد الآخرين :
الطفل في مرحلته الاولى قد يأتي والديه يوماً بحركة جديدة وتصرف غريب كلما يلتقي بأقرانه .. وحالة الطفل بهذا الشكل تثير غضب والديه متصورين الامر مرتبطاً بانعكاس أخلاق قرناء السوء .. والأمر ليس كذلك، بل هي حالة التوتر التي تدفعه لإكتساب هذا الخلق وذلك دون ان يتعلمه من والديه.
4 ـ إزدياد حالة الغضب :
للغضب نوبات حيث تزيد وتنقص في الطفل في سنواته الاولى حسب حالته النفسية ... فإن كان متوتراً ازدادت عنده وتفاقمت مما يثير ازعاج والديه.
أسباب التوتر :
يجدر بالآباء الوقاية من المرض، وذلك بمعرفة اسبابه وهي كالتالي :
1 ـ التعامل معه بحدّة :
إنّ نفسية الطفل في المنظور الاسلامي لاتختلف عن الكبير، ولذا يكون ما يزعجهم يزعجنا... فالأم حين يتعامل احد معها بحدة، كأن يطلب الزوج منها أن تفعل كذا، ويقولها بعصبية وقوة، بشكل طبيعي تصيبها حالة التوتر أضافة الى عدم الاستجابة للفعل .. والأب كذلك حين يطلب منه رئيسه في العمل انجاز امر بصرامة وعصبية .. وهكذا الطفل يصيبه التوتر حين تقوله الأم بحدة : إخلع ملابسك بسرعة ? لايعلو ضجيجك ? انته من الطعام بسرعة .. إلخ، اضافة الى العناد وعدم الطاعة.
2 ـ تعرضه للعقوبة القاسية :
إن استخدام الوالدين للعقوبة القاسية المؤذية للجسد او النفس، كالضرب او التحقير او التثبيط .. تؤدي الى توتر الطفل في المرحلة الاولى من عمره.. وقد نهى المربي الاسلامي عن امثال هذه العقوبة كما طالب الابوين بالتجاوز عن أخطاء ابنائهم.
قال رسول الرحمة (ص) : (رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو ان يعفو عن سيئته) عدة الداعي : 61.
3 ـ شعوره بالغيرة :
إن الغيرة التي تصيب الطفل في السنوات السبع الاولى من عمره، وبسبب سوء التعامل معه تعدّ من الاسباب التي تجعل الطفل متوتراً .
4 ـ توجيه الانذارات إليه :(54/136)
ان الطفل في مرحلته الاولى لا بدّ أن يكون سيداً كما نصت عليه التربية الاسلامية .. ومن مصاديق سيادته ان يكون البيت مهياً لحركته ولعبه... لأنّ تحذيرات الوالدين المتكررة للطفل في هذا العمر في عدم لمس هذه وعدم تحريك ذاك .. او الخوف عليه، فلا تتحرك هنا ولا تذهب هناك ... إن امثال هذه التحذيرات تجعل الطفل متوتراً.
واخيراً : وبمعرفة اسباب المرض يمكن للآباء الوقاية منه وتجنيب أبنائهم الاصابة به .. ليتمتع الطفل بالثقة التي تؤهله للنجاح في حياته .. كما يكون شجاعاً بإمكانه التغلب على مخاوفه .. ويرتاح الوالدان من بعض التصرفات السلبية التي تكون نتيجة لتوتر الطفل مثل ضعف الشخصية الذي يدفعه الى محاكاة افعال الآخرين .. إضافة الى ازدياد نوبات الغضب عنده .. كما إن عدم معالجة نفسية الطفل المتوتر، تعرضه للاصابة بعدة امراض وعادات سيئة، كالتأتأه، وقضم الاظافر، وتحريك الرمش، والسعال الناشف، وغيرها .
ــــــــــــــــــ
اساليب المعاملة الاسرية والزواجية
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. محمد محمد بيومي خليل
1 ـ تقديم نموذج طيب لأساليب المعاملة الزوجية ترغب الأبناء في الزواج وفي اتباع هذه الأساليب السوية في قابل حياتهم الزوجية. فالبنت التي ترى أمها تحترم أباها لا شك أنها ستحترم زوجها في المستقبل والعكس صحيح، وهذا بالنسبة للابن تماماً، فالابن الذي يجد أباه يحترم أمه ويقدس الحياة الزوجية، لا شك أنه سوف يقدسها ويتكون لديه اتجاهاً موجباً نحوها.
2 ـ اتباع أساليب معاملة والدية سوية مع الأبناء، فلا شك أن اتباع مثل هذه الأساليب سوف يساعد على خلق شخصيات ناضجة عاطفياً ووجدانياً، لديها مفهوم موجب عن ذاتها، مما ينعكس على اتباعها لهذه الأساليب السوية في تعاملها الزواجي، وعلى العكس فإن اتباع أساليب معاملة غير سوية مع الأبناء سوف يخلق شخصيات قلقة مضطربة تفتقر للنضج العاطفي والانفعالي، لديها مفهوم سالب عن ذاتها مما ينعكس سلباً عن أساليب معاملتها الزوجية مستقبلاً.
3 ـ تقديم المعارف والمعلومات الصحيحة والمبسطة عن الحياة الجنسية والزوجية للأبناء بشكل مبسط ومقبول.
4 ـ عدم إرغام الأبناء على اختيار شريك أو شريكة حياة لا يرغبون في الزواج منه والاكتفاء بالنصح والمشورة.
5 ـ عدم المغالاة في المهور عند زواج البنات ومراعاة الكفاءة والتكافؤ ومستقبل شريك أو شريكة الحياة.
6 ـ البعد عن التدخل السافر لفي حياة الأبناء بعد زواجهم وتركهم يعيشون هذه الحياة كما يرغبون مع التدخل بالنصح والارشاد والصلح عندما تقتضي الظروف ذلك وبرغبة الأبناء.
ــــــــــــــــــ
كيف توفر الظروف لطفلك كي يطيع أوامر الآخرين؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* وليم و.لامبرت وولاس إ.لامبرت
ـ المطاوعة الاجتماعية:
ركز معهد فِلْس Fels في أنتيوخ بولاية أوهايو الأمريكية، وهو رائد في البحث حول عملية التنشئة الاجتماعية، على الظروف التي يطيع الأطفال فيها أوامر واقتراحات الآخرين. وتتطلب استراتيجية المعهد فحص للضغوط المنزلية بشأن ضبط العدوانية والعصيان، وهو العامل الرابع الذي كشفت عنه دراسة الثقافات الست المذكورة أعلاه. وقد وضع الأطفال من أعمار مختلفة في دراسة معهد فِلْس تحت الملاحظة في المنزل والمدرسة، بحيث يمكن وضع ميولهم للمطاوعة في إطار سلوكهم الكلي.
وقد اكتشف باحثو معهد فلس أن الميل للمطاوعة يبدأ بصورة مشتتة إلى حد ما، ولكنها تثبت مع نضج الطفل. وبالتالي، فمن غير الممكن التنبؤ بما إذا كان طفل في الثالثة إلى الخامسة من العمر سيطيع أو سيقاوم في المدرسة من مجرد معرفة سياسة والديه بشأن المكافأة والعقوبة. ولكن من الممكن التنبؤ على أساس هذه المعرفة بالنسبة للأطفال الأكبر، كما أن المكافآت (كما نجد غالباً بالنسبة للخيوط الأخرى من عملية التنشئة الاجتماعية) تبدو أكثر فعالية من العقوبات في توليد المطاوعة.
ومع تقدم الأطفال في السن يتزايد ثبات سلوكهم المطاوع. فأطفال الحضانة متسقون إلى حد ما في طاعة البالغين في البيت والمدرسة، ولكنهم ليسوا كذلك مع الأنداد. لكن الاتساق في المطاوعة مع كل من الأنداد والبالغين يبرز أكثر عند الأطفال الأكبر سناً (ست أو سبع أو ثماني سنوات).
وتتغير المطاوعة في علاقتها بالسلوك العام للأطفال من السنوات الأولى إلى ما يليها لتتخذ موقعاً أكثر مركزية. فطفل الحضانة المدرسية المطاوع مع أنداده ينحو أيضاً بصفة عامة إلى أن يعتمد عليهم للمعونة الجسدية، والدعم العاطفي، والموافقة. ومع ذلك، فإنه ينحو في نفس الوقت إلى أن يكون عدوانياً أو غير ودي تجاههم. وفي المقابل، فإن الطفل الصغير المطاوع مع البالغين، والمستعد لتصرف من تلقاء ذاته، يتسم بقدر قليل من العدوانية والسيطرة. وباختصار، فعندما يكون الطفل صغيراً ترتبط الاعتمادية عنده مع المطاوعة مع الأنداد، لكنها لا ترتبط بالمطاوعة مع البالغين.
والتوافق مع البالغين أساسي للتوافق العام عند الأطفال الأكبر سناً. ففي سن السادسة إلى الثامنة لا يصبح الأطفال الطيعيون للبالغين بعد متسمين بصفة الاعتماد على النفس إلى حد ملفت للنظر. إن ما يبقى هو فارق ثابت في السيطرة والعدوانية، إذ يقل ظهور أي من هاتين الصفتين عند الأطفال المطاوعين عن ظهورهما لدى الأطفال غير المطاوعين. ويسلك كل طفل هنا بنفس الطريقة تجاه الأنداد والبالغين، سواء أكان ذلك في البيت أو في المدرسة. إذ أدت الضغوط العامة والخاصة، بالإضافة إلى نضجه هو ذاته، إلى ظهور نمط واضح ومتسق عند وصوله إلى سن الثامنة. وهو يصبح الآن إما شخصاً مسيطراً أو مستسلماً. ولكن لا تبدو أن لهاتين السمتين أية علاقة بعد بالمشاركة الاجتماعية أو الاستقلالية. فقد أدت التنشئة الاجتماعية والنضج إلى سلوك أكثر اتساقاً بخصوص المطاوعة، لكن المطاوعة لا تبدو بعد الآن متصلة بالسمات الأخرى كما كان الحال من قبل.
ويبدو أن المطاوعة الاجتماعية كأحد جوانب عملية التنشئة الاجتماعية تستلزم عملية تعلم طويلة المدى. فالأطفال يكوّنون عادات المطاوعة نتيجة لأنواع المكافآت والعقوبات التي يستخدمها الوالدان، أو لنماذج السلوك التي يقدمانها. وتعمم عادات السلوك الطيع هذه في وقت مبكر إلى البالغين الآخرين الذين يشرفون على الأطفال في دور الحضانة، وتصبح في النهاية السمة المميزة لسلوكهم مع الأقران. ويمكننا القول أن السلوك الطيع هو حالة خاصة من التعليم الأدوي (العملية التي تتكون فيها العادات من خلال العلاقة الزمنية بين حدوثها والمكافآت والعقوبات). وأن هذه العملية تدار من قبل أشخاص آخرين مهنيين ومتنوعين، ولا سيما الوالدين.
ولا يكشف لنا هذا المثال ما إذا كان هؤلاء الأطفال الأمريكيون أكثر أو أقل مطاوعة (أو سيطرة وعدوانية) عن الأطفال من الثقافات الأخرى ـ فذلك يتطلب خطة بحث أكثر تعقيداً. وكذلك، فإننا لم نستبعد إمكانية أن تكون المطاوعة أو السيطرة راجعتين إلى المكونات الوراثية. إذ ربما تحدد الوراثة مسار نمو الطفل، أو قد تؤدي به إلى السلوك بطريقة قد تجعل والديه يحاولان التحكم في نموه بالمكافآت أو العقوبات من أجل راحتهم الشخصية أو من جراء حساسيتهم تجاه المعايير الاجتماعية. ويتطلب استبعاد هذه الإمكانية من حسابنا معرفة بعلم الوراثة أكثر مما هو متاح لنا الآن.
كذلك فإننا لم نستبعد تفسيرات أخرى. إذ ربما يقول الملمون بالمصطلحات الفرويدية إن نمو مثل هذا النمط السلوكي المتسق من الحضانة إلى المدرسة يقع عندما يستدمج الطفل قيم أحد الوالدين في طريقه للتوحد مع الوالد الآخر من الجنس المضاد (مما يؤدي إلى حل عقدة أوديب أو إلكترا). وقد يشير آخرون إلى القدر الأكبر من الاتساق في ضغوط الوالدين على الأطفال الأكبر سناً، مدعين أن سلوكهم الأكثر اتساقاً إنما يعكس فقط هذا الضغط المكثف بالمنزل، بالإضافة إلى الضغط المتزايد في المواقف العامة للأطفال الأكبر سناً باتجاه قيامهم بأدوار تتطلب السيطرة المتسقة (كأن يكون في وضع القيادة) أو المطاوعة المتسقة (كأن يكون تابعاً). وهكذا فمع تقدم الأطفال في السن يتغير سلوكهم ويتمايز من خلال استجابتهم باتجاه هذه الضغوط المباشرة. ومن الواضح أن التفسيرات المتاحة لعملية التنشئة الاجتماعية عديدة ومثمرة.
ــــــــــــــــــ
أزمة السادسة .. ماذا يفعل الأهل في هذه المرحلة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* الياس ديب
بعد السن الخامسة المتزنة الهادئة التي يبدو فيها الطفل، ثابت السلوك، واثقاً بنفسه، حسن التكيف، ملتزماً الأعراف والتقاليد المتبعة في محيطه العائلي، تأتي السن السادسة لتحول هدوء الولد واتزانه إلى قلق واضطراب وصخب، وتسوء علاقاته بأمه، ويقلق الأهل من جديد ساعة يرون ولدهم يعود إلى مرحلة سلبية شبيهة بمرحلة السنتين، مع فارق في العنف والحيوية والتمرد والنقاش، وحب توسيع دائرة تحركاته واكتشافاته، يحتمه فارق السن بين المرحلتين، مع ما يرافقه من زيادة في النضج والنمو والخبرة. ولا عجب فكلما ازداد نمو الولد، ازدادت نزعته إلى الاستقلال وتحطيم الأغلال التي تقيده، وازداد من ناحية أخرى خوفه من هذه الحرية، ومن قطع تبعيته لوالديه ولمحيطه، لأن مثل هذا القطع يحرمه الحماية والمساعدة والنصح، ويشعره بالقلق وعدم الطمأنينة والأمان.
إن هذا العمر هو عمر توسعي، ولكنه في الوقت ذاته امتداد لمراحل من العمر سابقة، لا انفصال بين حلقاتها ولا انقطاع.
فقبلا، وبالتحديد ابتداء من السن الثالثة، يتمكن الطفل من اكتشاف عالم الأولاد الآخرين، ولا سيما عند ذهابه إلى مدرسة الروضة، ويكتسب بعض العادات الاجتماعية، كالتحية، ومخاطبة مَن هم أكبر منه، أو مَن هم في عمره، والسير في الصف، والمحافظة على الهدوء، ومشاركة الآخرين في اللعب والأكل، وانتظار دوره في اللعب، والكلام، والتعبير عن أفكاره وعواطفه، والتهذيب في معاملة الغير، إلى ما هنالك من عادات اجتماعية حسنة.
ويتدرج الولد صعداً في نموه الجسدي والعقلي والانفعالي بسرعة كبيرة، فالنمو في السنوات الخمس الأولى من الحياة، وفي مرحلة المراهقة يكون سريعاً جداً. وبين هذين العهدين يتباطأ تدريجاً، خصوصاً في السنتين اللتين تسبقان المراهقة.
لقد استنتج الدكتور (بنجامين بلوم Benjamin Bloom) من جامعة شيكاغو، إثر بحوث عديدة أجراها، أن الولد يبلغ بصورة تقريبية نصف مستواه الذكائي في الرابعة من عمره و 30% علاوة على ذلك في الثامنة من عمره و الـ 20% الباقية في السابعة عشرة من عمره. لكن يجب الحذر من الخلط بين الذكاء والمعرفة. ففي الرابعة لا يكون الولد قد اكتسب 50% من المعرفة والخبرة اللتين سيحصل عليهما في المستقبل عندما يصبح راشداً. فالذكاء المقصود هنا هو القابلية التي يملكها الولد لاكتساب المعرفة، لا مقدار المعرفة بحد ذاته.
ومهما تكن نسبة الذكاء هذه قريبة من الحقيقة، أو بعيدة عنها، فالمهم أن نعرف أن البنيات الأساسية للشخصية تكون قد تكونت في السادسة من العمر. وهذه الشخصية هي التي ستنبئ، إلى حد ما، بسلوك الطفل، وبمدى نجاحه، أو إخفاقه في المستقبل.
وأهم الأزمات التي يعانيها الولد بين الثالثة والسادسة من عمره هي: المخاوف الشديدة ومن أسبابها: الظلمة، الأحلام المرعبة، رؤية بعض الغرباء، أو بعض الحيوانات، أو بعض المشاهد والرسوم المخيفة، أو بعض الظواهر الطبيعية، كالبرق والرعد والعواصف الخ، والغيرة، وعقدة (أوديب) اللتين سنتحدث عنهما في فصلين لاحقين، والفضول الجنسي.
وفي ما يختص بالفضول الجنسي نشير باقتضاب إلى أن الطفل في هذه المرحلة يحب حتى الوله أن يكتشف جسده، وجسد رفاقه صبياناً وبنات. لذلك نراه مرات كثيرة يراقب هؤلاء، أو يتعرى معهم، فيأخذ كل منهم يفحص بدقة واهتمام جسم رفيقه. وهكذا يعرف كل منهم إلى أي جنس ينتمي، ويكتشف الفوارق الجسدية بين الجنسين، فتكثر أسئلته حول هذه الفوارق وأسبابها، وحول كيفية تكون الأطفال وولادتهم.
فلنجب الولد بصدق عن جميع أسئلته. ولنحرص على جعل أجوبتنا واضحة ومقتضبة. ولا نخشَ من عدم فهمه لها. فهو إذا لم يقتنع، أو لم يفهم، فسيظل يطرح السؤال تلو السؤال، حتى يقتنع أو يملّ. ولا مانع لشرح هذه الأمور بوضوح من الاستعانة ببعض الكتب المصورة، والمعدة لهذه المرحلة من العمر.
ويجب ألا تقلقنا كثرة أسئلة الطفل حتى ولو كانت محرجة. فهو يسأل عن أمور الجنس بكل براءة، وشوق إلى المعرفة، كما يسأل عن كيفية سقوط المطر، ونمو النباتات والأزهار، أو عن المكان الذي تذهب إليه الشمس، بعد غيابها. فإذا لاحظ على وجوهنا امارات الخجل، أو الحرج، أو الاستغراب أو أية ردة فعل غاضبة، فإنه يظن أن جميع أمور الجنس غير نظيفة، أو محرمة، وهذا ما يزيد فضوله لاكتشاف كنهها ومعرفة أسرارها. وقد يستعين برفاقه ليميطوا له اللثام عن وجهها. لكن رفاقه غالباً ما يضللونه، لأن معرفتهم، في معظم الأحيان، لن تكون أوسع من معرفته، ولا أقرب إلى الصواب.
أن أزمة السنة السادسة أكثر عنفاً وأوسع مدى، بسبب زيادة نضج الولد، ورغبته في الاستقلال وزيادة الاعتماد على النفس، وتوسيع نطاق علاقاته بالعالم الخارجي، وفي اكتساب خبرات جديدة. لذلك نراه يحاول أن يدس أنفه في كل شيء، ويصبح صعب التكيف، لا يتحمل النقد واللوم والعقاب، ويهوى المديح. فهو يريد أن تجري الأمور حسب الطريقة التي يختارها، وأن يخضع الآخرين لرأيه وأمره. فإذا تَمَّ له ذلك وسارت الرياح حسب ما تشتهي سفينته، يصبح رضياً، عطوفاً، متحمساً للخدمة. أما إذا حاول أحد أن يحرمه ما يرغب فيه، فإنه يهاجم بوقاحة وعنف كل مَن يقف في طريقه. فهو متهور ومغامر، وشديد الثقة بنفسه، لا يخشى المصاعب، بل يجبهها، ويواجه مسببها بلا هوادة، ويحب أن يتحرر من وصاية الأسرة، ليأخذ مكانه تحت الشمس.
ومع أنه يظل في أعمق أعماق نفسه يحب والديه، ويشعر بعاطفة بنوية تجذبه إليهما، فإنه ينزعج إذا عومل كدمية، ويرغب في أن يعامل كشخص مميز، له مكانته واعتباره، وقد يبلغ به هوى الاستقلال حداً يجعله يحترم آراء بعض الراشدين، أكثر من احترامه لرأي والديه، وعبثاً يحاول والده أن يصحح خطأ، قد يكون المعلم وقع فيه، سهواً أو جهلاً، فإن ولده يأبى أن يعترف لأبيه بشداد الرأي، وبمعرفة تعلو على معرفة معلمه، ولو كان أبوه من المشهود لهم بالعلم وسعة الاطلاع. بعكس ما كان عليه في المرحلة السابقة إذ كان يعتبر أبويه معصومين عن الخطأ، ويحسب كلامهما آيات منزلات، وارشاداتهما دستوراً لسلوكه وتفكيره.
وفي هذه المرحلة يندمج الولد عادة في فريق، أو في عصبة سرية، لها قوانينها الخاصة. وكثيراً ما تحاول هذه العصبة أن تعتدي على الأولاد الآخرين، أو على عصبة مماثلة، أو منافسة لها في الحي.
لكن ليس من الضرورة أن يتبع جميع الأولاد، في هذه المرحلة، طريق التمرد والتطرف فكثير من الأولاد الذين يعيشون في جو سعيد فاضل ومتفهم، يتجنبون الظهور السافر، بمظهر يحط من كرامتهم، أو يخالف الأعراف المتبعة، حتى ولو كانوا منخرطين في عصبة معينة.
ماذا يفعل الأهل في هذه المرحلة؟
إن أهم ما يجب أن ينتبه الأهل إليه في هذه المرحلة يتلخص في ما يلي:
1 ـ بلوغ الولد حداً من النضج الجسدي والعقلي والانفعالي والاجتماعي يسمح له بالتعلم الجدي.
2 ـ بدء تكون الضمير الأخلاقي عنده. وقبلاً كان ما يرضى عنه الأهل هو الخير، وما لا يرضيهم هو الشر. أما اليوم فلم يعد رضا الأهل، أو حكمهم هما وحدهما المقياس للخير والشر، بل يضاف إليه حكم المعلم والرفاق، ومن هم أكبر منه سناً، وحكمه الشخصي. وبما أن كل شيء في بدايته يكون هشاً، فهكذا يكون ضمير الولد، في هذه السن. فأقل هفوة يعتبرها ذنباً كبيراً، ويؤنبه ضميره عليها تأنيباً شديداً.
فعلينا ألا نضخم هفوات الولد في عينيه، إذ يكفيه ما يعانيه من وطأة الشعور بالذنب.
أن كثيراً من الأهل يلاحقون الولد، بالتقريع المستمر اللاذع، بمثل هذه التعابير: كم أنت شرير! بزرتك عاطلة! لعنة الله على الساعة التي ولدت فيها! إلى آخر هذه السلسلة السوداء من التعابير التي تضعف ثقة الولد بنفسه، وتجعله يشعر بأنه مرفوض ومكره ومذنب. وشعوره المستمر بالذنب يسيء إلى نموه بشكل سوي، ويكون مثار عذاب له، عندما يصبح راشداً، ويمنعه من السمو إلى درجة الشعور الصحيح بالمسؤولية.
إن التربية لا تعني التأثيم، كما يقول أحد المربية (Eduquer ne signifie pas culpailiser):
فمن أهداف التربية تنمية معرفة الولد وإرادته، حتى يصبح قادراً على تمييز الخطأ، وتجنبه أو الإقلاع عنه.
3 ـ إن الولد يشعر بحاجة إلى إثبات الذات، وإثبات الذات قد يفترض الرفض. وهذا أمر طبيعي يجب ألا يثير حنقنا وقلقنا. فعلينا أن ننمي إثبات الذات في نفس الولد، بشكل سليم، لأن أهم تركيب في البنية الأساسية للشخصية هو رأي الولد في نفسه. وهذا الرأي يقرر نجاحه أو إخفاقه في المستقبل. فولد يعتقد في قرارة نفسه أنه مرفوض وعاجز عن عمل أي شيء مفيد، يهرب من العمل، قبل الإقدام عليه، أو عند أول صعوبة تعترضه. وماذا يرجى من ولد هذه حاله؟ هل يمكنه أن يصبح رجلاً يعول عليه؟ أما الولد الذي يشعر بأنه محبوب، ومقبول، وكفيّ، فيغالب الصعاب في سبيل الوصول إلى أهدافه.
وقد يستدعي الرفض عند الولد اصطدامه بالرفض. فالمجتمع الذي نعيش فيه يتضمن من المحرّمات والنواهي، أكثر مما يتضمن من الأمور المحللة. وكلمة (لا) تلاحق الولد منذ شهوره الأولى. فحيثما اتجه ترافقه كظلّه، ابتداء من فتح الخزائن، إلى لمس الكتب والمجلات، والأواني المنزلية على اختلافها. وكثيراً ما يرددها بلذة ظاهرة، لأنه يتاح له بواسطتها أن يفرض ارادته على محيطه، أو يقف متأملاً في أسباب هذه النواهي، وفيا لموضوعات التي تتناولها. وهذا ما حمل (الين Alain) على القول: ((التفكير هو أن يقال: لا)).
4 ـ إن الولد في هذا العمر يحب توسيع دائرة تحركه. لذلك يغادر البيت مرات عديدة في اليوم، ويقضي وقتاً طويلاً خارجه، ويحاول جهده أن يكتسب الأصدقاء. فعلى الأهل أن يساعدوه على إقامة علاقات صداقة مع الآخرين، وعلى معاشرة مَن هم في مثل عمره، وألا يمنعوه من مماشاتهم في طرائق لبسهم، ومشيهم وقص شعرهم، وتعبيرهم الخ لأن منعه عن ذلك يعني عزله عن محيطه الاجتماعي، وجعله أضحوكة بين رفاقه، ونعته بالرجعية، والحيلولة دون إفادته من خبراته الشخصية، ومن تحمل نتائج أعماله وتصرفاته، شرط أن يظل الولد ضمن حدود المعقول والمقبول اجتماعياً.
وإذا عجز الولد عن اكتساب الأصدقاء، فعلى الأهل مساعدته في هذا السبيل، لأن إخفاقه في عقد صداقات مع الغير، يؤثر تأثيراً سيئاً في تكيفه الاجتماعي والانفعالي، وفي ثقته بنفسه وبالآخرين.
فعلى الأهل أن يأخذوا بيده في معارج الحياة، بلطف وحنان، وأن يحاولوا مساعدته، كلما تعرض لصعوبة أو لمشكل، يتحديان قدراته وإمكاناته، وأن يستعملوا اللين في الأوقات التي تستدعي اللين، والشدة حيث تجب الشدة، وألا يخافوا من فرض العقوبة عليه، حين لا ينفع الكلام في تهدئته أو إصلاحه، وأن يلبوا الممكن من طلباته، ويرفضوا ما يتعذر تنفيذه منها. وهكذا يعلمونه أن ينظر إلى أمور الحياة بواقعية وموضوعية، فيعرف أنها ليست في جميع أحوالها حقلاً من الأزهار، أو كرماً على درب، بل الزهر فيها يجانب الشوك، والكروم السهلة المنال، تجاورها كروم مسيجة ومسورة، وأن كل ما يشتهي ويراد ليس دائماً قابلاً للتحقيق.
لكن ما نحب أن نلفت النظر إليه هو ألا يعاقب الولد، قبل استنفاد جميع وسائل الإقناع والإرشاد، وفي أبان سورة الغضب، أو في غمرة من السباب والصراخ، والحركات العصبية المخيفة، بل بهدوء الحاكم العادل، وحكمة المربي القدير، وحنان الأب والأم اللذين لا يبغيان من العقاب إلا منفعة ولدهما وحسن تكيفه نموه.
ــــــــــــــــــ
علم أبناءك كيفية العناية بالمسنين
عديدة هي المشاكل التي يعانيها المسنون نفسياً واجتماعياً، وطبياً، وهذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه الصفحة، وهدفنا أيضاً أن يقوم الحفيد " ابنك " بدوره كما ينبغي مع جده.
في هذا العدد نعرض لمشكلة نفسية كثيراً ما يمر بها أبناء المسنين وهي كيفية الحصول على رضا الأب المسن.. ونستضيف للإجابة على هذه المشكلة سناء مبارك الأخصائية الاجتماعية في مركز الرعاية المنزلية للمسنين.
*معاملة جافة
أرسلت أم سعود من الكويت مشكلتها والتي تقول فيها:
والدي مسن، عمره فوق السبعين، ويقيم معه في منزله أخي الكبير وزوجته وأبناؤه ومنذ فترة بدت معاملة والدي لنا جافة.. فهو يرى أن لا أحد يهتم به، وإذا انفرد بأحدنا يشتكي له من بقية إخوته وشكواه المستمرة من أخي الذي يقيم معه، فهو يدعي أنه لا يهتم به ولا يحضر له الطعام وهذا طبعاً غير حقيقي إن والدي أصبح جافاً وعصبياً حتى على الخدم ولا نعرف كيف نرضيه؟
وتجيب عليها الأخصائية الاجتماعية سناء مبارك قائلة: المسؤوليات السابقة لا يخلو بيت في مجتمعنا الكويتي من وجود مسن يحتاج في هذا العمر إلى رعاية مميزة واهتمام واضح من جانب أبنائه وأحفاده وخاصة إذا كان المسن قبل وصوله لهذا السن مسؤول عن أبنائه ومنزله وعمله وصاحب الكلمة الأولى والآمر الناهي ولذلك يعز عليه أن يكون جالساً من غير عمل لا يستطيع القيام بأي هدف.. وخاصة أنه بلغ من العمر 70 عاماً ويعاني من أمراض عدة فيكون من الصعب عليه تقبل هذا الوضع الجديد عليه.
*شغل الفراغ
وتستطرد مبارك ويحتاج هنا المسن إلى الرعاية الكاملة من جميع من هم حوله سواء كانت زوجته أو أبناؤه أو أحفاده فجلوسهم معه ومناقشته في أمور الحياة اليومية ومحاولة شغل وقت فراغه له الأثر الكبير على نفسيته وإسناد نوع بسيط من الأمور التي يقوم بها حتى ولو كان إحضار أغراض من الجمعية التعاونية إذا كان قادراً على السير، أو بمساعدة أحد أبنائه فذلك يكون له دور فعال في رفع حالته النفسية.
*المقاهي الشعبية والسوق
وتتابع الأخصائية سناء مبارك.. إن محاولة أخذ المسن يوم أو يومين في الأسبوع للخروج في نزهة لمحاولة الترفية عن النفس، أو حتى الذهاب إلى المقاهي الشعبية أو السوق، وذلك حتى لا يشعر بالملل والروتين اليومي الذي يكون فيه.. أما بالنسبة لأم مسعود.. فالحل بيدها وهو:(54/137)
1-أن تجلس مع إخوانها وتحاول وضع أهداف وأسس لرعاية والدهم.. وتغيير جو المنزل بحيث ينتقل من مكان إقامته لزيارة أبنائه بشكل دوري ويجلس مع أحفاده حتى لا يشعر بالملل من وضعه الحالي.
2-محاولة التحدث معه باستمرار وشغل وقت فراغه مع جعل الأحفاد بجانبه باستمرار والتحدث معه أو مشاركته في غذائه أو عشائه حتى لا يشعر بالعزلة.
3-على الأبناء محاولة القيام بخدمة أبيهم ومتابعة أعماله الشخصية وألا يتركوا هذه المهمة للخدم، فالمسن بحاجة أن يشعر بالراحة والأمان من قبل أبنائه، وذلك من ناحية تغيير ملابسه ونظافته الشخصية وحتى غذائه يكون معداً ومقدماً من قبل الأبناء أو الأحفاد.. وذلك حتى لا يشعر بالغربة بين أهله.
*لماذا جفاؤه؟
أما بالنسبة لنقطة الجفاء فتوضح سناء مبارك.. يمكن أيضاً قياس فترة جفائه في التعامل والبحث عن الأمور التي سبقت ذلك وهل اشتكي من أمور خاصة به أو هل هو مريض ويحتاج إلى رعاية طبية. أو لأنه كان يعتمد على نفسه في السابق مثل دخول الحمام والآن أصبح عاجزاً عن ذلك إن جميع هذه الأمور له وقع في نفسه حيث إنه يشعر بأنه أصبح عاجزاً عن القيام بأموره الشخصية وأنه أصبح حملاً ثقيلاً على أبنائه، إن الواجب على أم سعود وإخوانها هذه الحالة السابق ذكرها، عليهم جاهدين في محاولة تفادي أسباب الجفاف في الجلوس معه بمشاركتهم لوالدهم بالحديث والخروج إلى أماكن الترفية وشغل فراغه.
*معاملة ناجحة للمسنين
وتضرب الأخصائية سناء مبارك مثلاً ناجحاً للتعامل مع المسنين وتقول:
مسن يبلغ من العمر 80 عاماً مصاب بجلطة أفقدته النطق وسببت له الشلل.. ويقوم أبناؤه برعايته رعاية كاملة رغم وجود ممرضتين لرعايته، وهذه تعتبر من أهم الأمور التي يشعرون بها والدهم بوجودهم معه، بأنهم يحاولون شغل ذاكرته بين الحين والآخر بكتابة جميع أسماء بناته وأحفاده على ورق ومحاولة جعل والدهم يقوم بقراءتها أوعد الأرقام.. حتى لا يشعر بالملل أو الكلل.. وبالتناوب بالجلوس معه.. حيث إنه خصص يوماً لكل ولد من أبنائه وبناته بالذهاب إلى والدهم في منزله وقضاء اليوم معه، هذا غير التجمع الأسبوعي على الغداء أو العشاء.
سمات الشيخوخة
1-أهم ما يميز تلك المرحلة مما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم" ، وهي الصفات التي يعاني منها كبار السن الذين حددت أعمارهم بأكثر من 60-65 عاماً وذلك طبقاً لما حددته منظمة الصحة العالمية في تعريفها للمسنين.
2-ولقد حددت التعاليم الربانية أسس وكيفية التعامل مع كبار السن وبخاصة الوالدين حيث قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) من هذا نجد أن الإجلال والإكرام والاحترام والإحسان وأضعفهم حسن الحديث مرتبطون كلياً مع عبادة الله سبحانه وتعالى وهي أوامر واجبة التنفيذ على كل مسلم تجاه والديه أو وبالتبعية تجاه كبار السن عامة.
مجلة ولدي /العدد (33) أغسطس 2001 ـ ص: 52
ــــــــــــــــــ
كيف نفهم الطفل المكتئب ونساعده؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كيف يعرف الأهل إن كان طفلهم مكتئبًا أو أنه معرّض ليصبح كذلك, وهل من المتعين أن يقلقوا, أو أن المؤشرات الملاحظة عنده ليست سوى لحظة طبيعية وعابرة ويجب ألا ينشغل بالهم?
إن هناك العديد من الأفكار المبسّطة والخاطئة التي تدور حول الاكتئاب وتحدد موقف المحيط من السلوكات الاكتئابيّة:
أولى هذه الأفكار الخاطئة تكمن في اعتبار الاكتئاب بمنزلة فقدان للإرادة, لضعف في طبع الإنسان أو في اعتباره, أيضًا, كمرض مخجل. والحقيقة تقال, يساهم مثل هذا الحكم بتعزيز أعراض الاكتئاب نظرًا لكونها - أي الأعراض - ليست سوى نوع من التضخيم لحال حزن أو فقدان للاهتمام أو فتور للهمّة عند الفرد المصاب. لذا, يدرك الاكتئاب كحال طبيعية (مضخّمة): يمكن فهمها إنما يصعب تحمّلها عند الآخر, فمثلا, يعتبر الطفل الذي يغسل يديه مائة مرة خوفًا من التقاط مرض معيّن مريضًا, لكن الطفل الذي لا رغبة له في القيام بأي شيء, يرفض اللعب ويبدو حزينًا يُفهم لفترة معينة ثم, بعد ذلك, يعتبر أن عليه تحريك نفسه.
وانعكاس هذه الأفكار الخاطئة تبدو اليوم أكثر فأكثر سلبية, خاصة أن الاكتئاب عند الطفل لا يعود لميكانيزما بيولوجية يمكن, بالتالي, الشفاء منها بتناول عقاقير طبية.
هناك, أيضًا, فكرة أن صغار السن لا يعانون اكتئابًا حقيقيًا, والواقع, أن الاكتئاب يصيب الأفراد من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية, لكن أعراضه تختلف باختلاف العمر.
ومن الأفكار الخاطئة الأكثر شيوعًا نذكر: الاعتقاد بأن الطفولة هي مرحلة سعادة, مرحلة الخلو من الهموم والمشاكل الحقيقية, وأنّ الهموم - إن وُجدت عند الطفل - لا يمكن أن تكون إلا عابرة وغير مؤذية قد ساد طويلا إذ كيف يمكن تصوّر إمكان أن يكون الطفل الصغير فريسة أفكار سوداء, قلق وغرق في الحزن?
والواقع أنّ الراشدين لا يدركون حال الانضغاط والقلق التي يمكن أن يعيشها الأطفال: فطلاق الأهل, خسارة شخص عزيز, نسق العمل المدرسي,...إلخ, كلها مصادر انضغاط يمكن أن تؤدّي للإصابة بالاكتئاب, هذا, مع العلم بأن هناك فروقًا بين الأفراد, إذ منهم من يتمتع بدرجة تحمّل وتكيّف مع الظروف أكثر من غيرهم. وهناك, أيضًا, واقع أن كل الأطفال ليسوا سعداء, وبخاصة أطفال اليوم معرّضون أكثر بكثير من قبل, وهم دون أي حماية, للتأثيرات الخارجية: لتأثيرات التلفزيون, بالدرجة الأولى, التي تعرّضهم لوقائع مؤلمة وقاسية (حيث يظهر العنف بكل أشكاله) وهم في العمر الأكثر تأثرًا بالخارج.
بالفعل, كان من الصعب تصوّر الطفل بحال اكتئاب, خصوصًا حين يترعرع ضمن إطار عائلي يوفر له الشروط الكفيلة بتحقيق تفتّحه وانفتاحه على الحياة, وبشكل مواز, بدا من الصعب غالبًا على الأهل الافتراض بأن ولدهم قد يكون مصابًا بالاكتئاب حين يرونه حزينًا, منغلقًا على نفسه, سريع الاستثارة, لم يعد يأكل كما في السابق, نومه مضطرب,..إلخ, والأخطر من ذلك أن العدد القليل منهم هو من أحسّ بوجوب التساؤل حول إمكان تهديد هذا الحزن الملاحَظ عند ولدهم لتوازنه النفسي في المستقبل.
وبالإضافة إلى ما سبق ذكره من أفكار خاطئة, هناك الاعتقاد السائد بأن المكتئبين يجدون أنفسهم بحال أفضل إن حاولوا رؤية الناحية الإيجابية من الأمور ذات التأثير الاضطرابي المهم, إذ يمكن لهذا التفكير المبسّط, إن تمّ توجيهه للفرد, للطفل والمراهق بوجه خاص, أن ينعكس سلبًا عليهما, بمعنى تعزيز الإحساس عندهما بأنهما لا يُفهمان من قبل الآخرين, الأمر الذي قد يعرّضهما, أكثر فأكثر, لمواجهة المشاكل بمفردهما ودون أي مساعدة: فجملة (سترى, غدا تنصلح الأمور...) لا معنى لها بالنسبة للأطفال إذ يفتقرون للخبرة التي تمكّنهم من معرفة أن الانفعالات, المشاعر والوضعيات يمكن أن تتغير, لذا, لا يمكنهم رؤية الناحية الجيّدة من الأمور.
كما أن الاعتقاد الخاطئ (التحدث عن الاكتئاب يزيد حال الشخص خطورة) ويساهم بتعزيز الاضطراب لأن التحدث عن معاناتنا يساعد, على العكس, بوعي حاجتنا للمساعدة, لطلبها ولبذل المستطاع بهدف التخلص من هذه المعاناة.
لكن تجدر الإشارة هنا لما حققه البحث العيادي والعلاج النفسي من قفزات تطورية هائلة على مستوى التدخل الفعّال إلى جانب المصابين بالاكتئاب, أكانوا راشدين أم مراهقين أم أطفالا. يضاف إلى ذلك ما تمّ الكشف عنه بخصوص احتمال أن يقع الإنسان, أي إنسان, فريسة اضطرابات نفسيّة (الاكتئاب من بينها) كواقع شديد التواتر عند كل فرد: طفلا كان أم مراهقا أم راشدًا.
من هنا يُفهم السبب في تركيزنا على موضوع الاكتئاب عند الطفل بهدف لفت انتباه المحيط (الأهل والمعلمين, بالدرجة الأولى) لوجوب إدراك هذا الواقع, ونعني به: واقع أن الحزن والأسى المعيشين من قبل الطفل قد يؤدّيان, في بعض الظروف, لإحداث ما يسمى بـ(الاكتئاب) عنده. ومع ذلك, هناك العديد من الأطفال الذين أبدوا مؤشرات اضطرابية متعددة كـ: الصعوبات المدرسية, سرعة الاستثارة, الانسحاب الاجتماعي (كالانطواء على الذات), القلق,...إلخ, لكن الأهل لم يدركوا أن هناك شيئا ما على غير ما يرام عند طفلهم وعليهم, بالتالي, الإسراع في التساؤل حول ذلك كي يتمكّنوا من معالجة الوضع قبل تفاقمه.
وتجدر الإشارة, من جهة ثانية, إلى واقع لاحظناه ونلاحظه بشكل شديد التواتر, ويكمن في عدم طرح العديد من الأهل التساؤلات بخصوص حال طفلهم إلا بعد تفاقم الألم عنده وبعد أن تصبح حياته اليومية غاية في الصعوبة, وتصبح الحياة العائلية, بالمقابل, أكثر فأكثر تعقيدًا وصراعًا. أما ما ساهم, ويساهم دائمًا, في تعزيز هذا الواقع فهو ما يكمن في صعوبة حصر اكتئاب الطفل لأنه لا يعبّر, عمومًا, عن حزنه: فمظاهر الاكتئاب تبقى مقنعة عنده ودون أي ارتباط ظاهري بالمشاعر الحقيقية التي يحسّ بها, ومع ذلك, نود الإشارة إلى أن الأعراض التي يبديها الطفل تبقى قابلة للملاحظة شرط أن يكون الراشدون على إلمام بها مثل: الهروب من المدرسة, تدنّي النتائج المدرسيّة عنده, خواف اجتماعي معيّن, شكاوى جسدية, فورات غضب عارم, نكد المزاج, نزوع لارتكاب الحماقات, ميل غير طبيعي للإيذاء (إيذاء الأخوة أو الحيوانات أو ميل للإحراق...),...إلخ.
لتفسير إمكان التحدث عن وجود الاكتئاب عند الطفل, ركّزت البحوث الأولى في هذا المضمار على فشل الطفل الصغير بالنسبة لحاجته إلى تحقيق تعلّقه العاطفي بأهله, بأمه على وجه الخصوص, أو على قلق يعتري هذا التعلق لدى حصول خسارة أو انقطاع معيّنين في هذا المضمار, ويظهر, عند ذلك, تحت شكل مؤشرات اكتئابية واضحة. لكن قلق الانفصال هذا لا يصبح مرضيّا إلا في حالات معينة (كأن يعيشه الطفل بشكل سيئ جدا يترافق مع: نوبات بكاء مستمر لساعات, اختلال سلوكه بعد ذهاب الأم, التعرّض لمخاوف قد تأخذ شكل الكوابيس, الخوف من الخطف, خوف من حدوث كوارث للأهل تعرّضه لخسارتهم,...إلخ).
باختصار سريع نقول, يكمن المحك الأهم للاستخلاص بوجود الاكتئاب في: ترابط مؤشرات اكتئابية عدة واستمرارها أي, تكرارها بالإضافة لدوامها على الأقل خلال فترة أسابيع, ومن مؤشرات هذا الخطر نذكر: تغيّر سلوك الطفل, فقدان اللذة في أي شيء, اضطراب قابليّته للطعام (فقدان أو زيادة هذه القابليّة) وبشكل متواتر, ثورته لأتفه الأسباب, بطؤه, تعبه, صعوبة التركيز عنده, صعوبة النوم, التفكير بالموت,...إلخ.
مؤشّرات لا يمكن أن تخدع
هناك مؤشّرات يجب أن تشغل بال الأهل أو المدرّسين (كراشدين يحيطون بالطفل ويرافقونه خلال فترة طويلة) حين يلاحظونها عند الطفل, من أهمّها:
أي تغيير في سلوك الطفل بالمقارنة مع ما كان عليه في السابق هو دائمًا مؤشر مُقلق, مثل: تغير قابليته للطعام أو للنوم, حالة استثارة, بطء نفس - حركي, انخفاض في الطاقة, شعور بالذنب أو بانخفاض القيمة الذاتية غير المتلائم مع الواقع, صعوبات على مستوى قدرات التفكير أو التركيز, أفكار معاودة بخصوص الموت, أفكار أو محاولات انتحار,... إلخ.
مشاعر وسلوكات سلبية يمكن ملاحظتها أو التقاطها عند الطفل, مثل: شعور عميق بفتور الهمّة أو بالإحباط واليأس, وانصراف عن نشاطات كان يقوم بها, رغبة عارمة بالبكاء (وأحيانًا كثيرة دون سبب), بطء الحركة, سلبية مفرطة, تعابير وجه حزينة وغير معبّرة, سرعة الاستثارة, عدوانية, انعدام الصبر,...إلخ.
فقدان الطفل لأي رغبة في القيام بأي شيء (أي نشاط أو عمل...): فالاكتئاب يتميّز دائمًا بفقدان الاهتمام واللذة, وإن بدرجات متفاوتة حسب الأفراد, مثال: لم يعد الطفل يميل للقيام بأي شيء, لم يعد يجد أي لذة, لم يعد قادرا على الإحساس بالتسلية (إن بمفرده أو مع الأصدقاء), ذلك مؤشر غاية في الأهمية, ومن المتوجب على الأهل الانتباه إليه منذ حدوثه عند الطفل كـ(عامل وقائي مبكر).
حال هياج, خاصة حين تظهر بشكل مفاجئ, مثال: أصبح الطفل لا يُطاق وعاجزا عن احترام الوظائفية العائلية بخصوص تناول وجبات الطعام أو عن البقاء أمام الطاولة,...إلخ.
البطء (أو التباطؤ) النفس - حركي, مثال: حديثه بطيء, فترات صمت تمتد عنده قبل أن يتمكن من الإجابة, التحدث بصوت ضعيف أو مثير للملل, حركات بطيئة للجسم, انخفاض معدل الكلام عنده (فقر الحديث أو الخرس), ذلك مؤشر مهم على وجود الاكتئاب: يعطي الطفل الانطباع بأنه في حال تعب مفرط, حين يبدي رغبته بالتواصل.
انخفاض شبه ثابت في مستوى الطاقة الحيويّة, حتى في غياب أي جهد, أي يجد صعوبة أو يستحيل عليه القيام بأي مهمة كـ: تحضير محفظة كتبه مثلا أو تنظيف أسنانه...إلخ, وعجز عن التركيز.
ظهور مفاجئ, وبشكل متواتر, لصعوبة التركيز, بطء التفكير وانعدام اتخاذ القرار وأحيانًا, شكوى من اضطراب الذاكرة وسهولة تشتت الانتباه عند الطفل. إن لذلك دورًا مهمًا في حدوث التدهور على مستوى تحصيله المدرسي. لكن, ينبغي الإشارة إلى أن الطفل قد يبدي, بشكل متواتر, صعوبات في التركيز دون أن تكون مؤشرًا للاكتئاب.
تفكير بالموت (مثال: الاعتقاد بأن الموت أفضل من أن يرسب فيضطر لإعادة سنته الدراسية) لا يقتصر على الخوف من الموت: (مثال: جدّي مسن, هل سيموت?). لكن, لابد من الالتفات هنا إلى أن الموقف من الموت وتمثل المفهوم بخصوصه يتطوّران عند الطفل ويضطرّانه للتعبير عمّا يشعر به في هذا المضمار وذلك في فترات مختلفة من حياته, ولابد, أيضًا, من الإشارة لحاجة الطفل إلى اجتياز بعض الفترات الاكتئابية في نموّه النفساني, لا بل هناك أحيانًا أفكار انتحاريّة عنده. إنما يجب أن تؤخذ هذه الأفكار الانتحارية دائمًا مأخذ الجد, هذا ويسهل على الأهل التقاطها إذ يسبق الحركات الانتحارية, بشكل شبه دائم, كلمات أو تعابير (خطيّة أو شفهيّة) تنم عن الانتحار.
والتساؤل الذي لابد أن يطرحه الأهل على أنفسهم يبقى: ما العمل لمحاربة الاضطراب? كيف يمكننا مساعدة ولدنا? وما الأخطاء المتعين عدم اقترافها?
بادئ ذي بدء نقول, يثير اكتئاب الطفل ردّات فعل عليه عند الأهل كـ: صعوبة التواصل مع الإخوة والأقارب, الإحساس بأنه يعيش وضعيّة إخفاق شخصي, صعوبة التواصل مع الزوج (أو الزوجة), إحساس بالخجل, لذا لابد من إيجاد توازن معيّن داخل الأسرة بين مرض الاكتئاب واحترام الأهل لإمكاناتهم النفسية والفيزيقية, أي قيام الزوجين بمراجعة للأمور, بين فترة وأخرى, كي لا تتسبب المشاكل المترابطة باكتئاب الطفل بانفصالهما, مثلا: استمرار التفكير في مختلف الأمور الخاصة بالعائلة والاهتمام بباقي الإخوة, دعوة الأصدقاء, عدم الخجل بخصوص اكتئاب الطفل (فالوضع لا يثير الخجل, كما أنّ الاكتئاب لا يعتبر بمنزلة ضعف, وكل إنسان معرّض للإصابة به).
عدم الإحساس بالذنب, خاصة من قبل الأم التي طالما اعتُبرت المسئولة الأولى عن كل شيء: صحيح أن الوراثة تعد من العوامل المسببة للاكتئاب, لكن تلك لا تعني حتميّة إصابة الأطفال به, لذا, يكمن الموقف الأكثر عقلانية والأسلم في عدم الشعور بالذنب (لن ينفع ذلك إلا بتأزيم مواقف الأهل, في الحقيقة) أو الإحساس بالقلق لأن في العائلة إرثا بيولوجيا اكتئابيا أو انتحاريا, والأهم, يكمن في عدم ترك الذات تتأثر بهذه الرؤية القدريّة غير السليمة.
ولمساعدة الطفل, ننصح الأهل بما يلي:
- لتجاوز حزنه, بإمكانكم إعطاؤه ورقة وأقلام تلوين, مثلا, وتشجيعه على التعبير عمّا يحس به قائلين له: حاول, تخيّل الحزن, كيف تراه: أهو ذو شكل محدد? ما حجمه? أهو غير منظور (لا يمكن رؤيته)? أله ألوان معيّنة?
من شأن محاولة ترميز الحزن على هذا النحو تسهيل عملية التعبير عن المشاعر المترابطة به (كالإحساس بالانغلاق, بالعزل, بالعجز عن الإحساس بأنه كالآخرين,...) بالإضافة لإمكان تقييم ما يطرأ عليه من تعديل مع الوقت (فيما بعد), كما تساعد عملية تمثل الحزن من قبل الطفل, وبالشكل المحسوس, على تقييم تطوّر وتماوجات مزاجه (مثال: (تغير لون الحزن, أصبح أقل قتامة, إنه الآن, أصفر اللون تقريبًا) أو (إنني أراه بعيدًا الآن, لم يعد يحاصرني).
لتعزيز احترام طفلكم لذاته, وبشكل مواز مساعدته على تجاوز الأفكار السلبية التي يكوّنها عن نفسه, من المهم جدا توجيه رسائل إيجابية تقيّم شخصيته, وهنا ننصح باستخدام كلمة (أنا) بدلا من (أنت) لدى توجهكم كأهل للطفل, إذ تصبح مشاعركم وما تطلبون من الطفل تنفيذه واضحين بالنسبة له, فمثلاً, لتوجيه اللوم إلى الطفل الذي لم يلتزم بالوقت الذي حدّده.., من الأفضل استخدام الجملة التالية مثلا: (حين أسمح لك بالعودة عند الساعة السادسة, أحب أن تلتزم بذلك, وإذا ما طرأ حادث معيّن, أودّك أن تتصل هاتفيًا لإعلامي بسبب تأخرك عن العودة في الوقت المحدد لأنني أقلق وأتخيّل العديد من الأشياء التي قد تحصل لك) بدلاً من استخدام الجملة التالية التي غالبًا ما يستخدمها الأهل (قلت لي بأنك ستعود عند الساعة السادسة, والآن تخطّت الساعة الثامنة! ألديك فكرة عمّا يمكنني تخيّله حين تتأخر في العودة!) حيث يوجّه الأهل اللوم للطفل لكنهم لا يقدّمون له سوى القليل من المعلومات حول نتائج سلوكه لكن, خصوصًا, ينسون أمر تذكيره بالسلوك المتكيّف مع الوضعيّة وما يتعين عليه القيام به فيما بعد. بتعبير آخر نقول, ينبغي وصف الوضعية الإشكالية, ثم المشاعر ثم الموقف المفروض على الطفل اللجوء إليه إذا ما تكرّرت الوضعية باستخدام صيغة المتكلم.
ومن المهم جدا, في هذا الإطار, تقييم الطفل (التكلّم عن الإيجابيّات التي قام بها سابقًا, أو حين كان في عمر أصغر) كوسيلة لتعزيز ذاكرة الأحداث الإيجابية عنده أي, باختصار: تدعيم الإحساس عنده بأنه شخص مهم, إما بتقييم صفات عامة يملكها (مثلا: (أنت شخص ذكي)) أو بالتركيز على نقطة محددة (مثلا: (أحببت طريقتك المهذبة بالإجابة على السيدة)).
من المهم, أيضا, مشاطرته (أي مشاطرة الأهل الطفل) بعض الأنشطة ولو لبضع دقائق في اليوم, والتعبير له عن مدى الإحساس بالفرح الذي عاشوه (مثلا, (أحببت كثيرا الرسم معك)).
لمساعدته على تجاوز صعوبات النوم, من المهم جدا تشجيعه على التعبير عمّا يدور في رأسه من أفكار: أخذ الوقت الكافي للتناقش معه ولمساعدته بالتعبير عمّا يجول في رأسه, وحين يعبّر عن أفكاره, لا تحاولوا إقناعه بأن أفكاره غامضة, بل حاولوا إعادة صياغة ما قاله دون تحريفه وطرح بعض الأسئلة عليه لاستكمال فهم ما يقوله, مثلا: إن قال بأن الأرض كالكرة, يمكن سؤاله: والكرة, كيف هي? أهي جميلة? ما لونها?....إلخ, بتعبير آخر نقول, كونوا بمنزلة (مرآة لأفكاره) كي يشعر بأنه مفهوم من قِبلكم: فالإصغاء له وهو يخبركم بما يدور في رأسه من أفكار دون مقاطعته ودون محاولة تفسيرها أو تبريرها يمكّنه من الإحساس بالثقة ومن النوم: فساعة النوم ليست للمناقشة أو للصراع, لذا عزّزوا الوصف الذي يعطيه بخصوص أفكاره, إذ قد يساعده ذلك على اتخاذ مسافة منها بعد التعبير عنها وحتى الضحك لدى تذكّره لها.
لمساعدته على تجاوز الخجل, هناك العديد من الاستراتيجيات التي بالإمكان استخدامها, لكننا ننصح الأهل, على وجه الخصوص, بما يلي: الطلب من الطفل ملاحظة سلوك تكيّفي - إيجابي قام به أحد الرفاق وتقليده, إذ يسهل على الطفل اتخاذ الرفاق (بخاصة من عمره أو بعمر قريب) كنموذج, وهنا ننصحهم بتعزيز ملاحظته لسلوكات الأطفال الآخرين عن طريق سؤاله حول ما يعجبه عندهم, ما السلوكات التي يقومون بها وتعجبه, الطلب منه أن يلعب مع الآخرين في الحديقة مثلا أو في ملعب المدرسة, إلخ.
لمساعدة الطفل على تجاوز الصعوبات المدرسيّة, ننصح الأهل بملاحظة السلوكات التي يتجنّبها, وبتقسيم هذه السلوكات إلى سلسلة مترابطة من المهمّات الصغيرة المتدرّجة وتشجيعه على الانخراط بها تدريجيًا, وهكذا, يسهل عليه تنفيذها إذ يبدو له الأمر قابلاً للتحقيق بدلاً من رؤيتها بمنزلة جبل عليه تسلقه مرّة واحدة.
لمساعدة الطفل العدائي, من المهم جدًا للأهل انتقاد السلوك الذي يقوم به وليس شخصه (مثال, بدلا من قول (لن تتغيّر أبدًا, أنت دائم الأذى), من الأفضل تحديد التعديل السلوكي المراد تحقيقه (أطلب منك ألاّ تؤذي أخاك)أو (إن حُرمت من التلفزيون هذا الأسبوع فلأنك تضرب دائما أحد رفاقك بالمدرسة مع أنك وعدت بعدم تكرار ذلك)), وإثارة دوافعه الإيجابيّة (مثال: (إن لم تؤذ أحدًا خلال أسبوع كامل, فسنسمح لك بالذهاب في النزهة مع رفاقك)). لكن, بالمقابل, من المهم جدًا للأهل أن يكونوا صبورين فيصغوا للتفسيرات التي يقدمها الطفل لتبرير سلوكاته إذ قد يكون أحيانًا ضحية, كما قد يكون على اعتقاد بأنه محق, وعليهم تجنّب كل الملاحظات ذات الطابع النهائي ((لن تتغيّر أبدًا)), أو الرفضي ((ضقت ذرعا بك وبتصرفاتك)), أو المثير لمشاعر الذنب عند الطفل ((تجعل حياتنا جحيمًا لا يطاق)), إذ إن الطفل, رغم حالة الهياج التي تحرّكه, يبقى حسّاسًا جدًا تجاه آراء الآخرين به وبالتالي, من شأن مثل هذه الملاحظات تأزيم حال اللااستقرار التي يعانيها.
خلاصة القول أن كل إنسان معرّض للوقوع فريسة الاكتئاب, لكننا نمتلك اليوم مجموعة من المعلومات التي تمكّننا من كشف وجوده في ضوء مظاهر الحياة العادية. لذا, تشكّل مسألة تقبّل واقع أن يُصاب الطفل بالاكتئاب أول وأهم خطوة في مضمار الوقاية, إذ لا ذنب لهذا الطفل بحدوثه: فهو (أي الاكتئاب) ليس نتاج كسله أو ميله للشر أو...إلخ, وله الحق في أن توليه العائلة الاهتمام والمساعدة اللازمين ليتمكّن من تجاوزه.
كرستين نصّار
ــــــــــــــــــ
الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. عادل صادق(54/138)
مساحات الصمت زادت على مساحات الحوار. كنا لا نكف عن الكلام. وكان الكلام هو وسيلتنا لتبادل أفكارنا ومشاعرنا. وكان يقول لي: إن أشد ما يمتعه هو أن يستمع لصوتي ناقلاً أفكاري معبراً عن عواطفي. كان يدمن تحاوراتنا. كان يقول لي: إن ذلك لا يقل متعة عن اقترابنا الكامل، ذروة اللذة تحتاج عقله. كانت تعجبه أفكاري وآرائي، كان يرى فيها إبداعاً وفناً جميلاً وعمقاً. وكان يبادلني الحوار بنفس الحماس، وكنت أتلذذ بسماع صوته. كان أيضاً لا يكف عن الكلام نتكلم في أي شيء: علم، ثقافة، سياسة، مشاكلنا، أحلامنا، حبنا، أولادنا. كان يثري أفكاري بل ويثري روحي أيضاً، وكان هذا في نظري دليل، الاهتمام الكامل المتبادل ولذلك كانت تنتابني لحظات توتر حينما كان ينقطع الحوار دقائق، كان الصمت يقلقني. كان الافتراض الطبيعي عندي هو أننا يجب ألا نكف عن الكلام أبداً مادمنا معاً وجهاً لوجه، لحظات الصمت الوحيدة كانت حينما نجلس نقرأ قبالة بعضنا البعض. ولكننا كنا نقطع هذا الصمت عشرات المرات حول ما كنا نقرأ، ولذلك كان من المستحيل أن يؤدي عملاً متكاملاً بتركيز وأنا معه.
هكذا كنا ولسنوات قليلة.
ثم بدأت مساحات الصمت تزيد تدريجياً ويقل الحوار تدريجياً. وتحتضر الكلمات.
ويزداد قلقي ثم ضجري وتتحرك مخاوفي وأتساءل: هل هو الملل يزحف على حياتنا؟ هل نضبت الكلمات؟ هل سئمت الروح .. ؟ هل فرغ العقل بعد أن فرغ كل محتوياته؟ هل مات الإبداع .. ؟
واستسلمت، لأنه لم يكن عندي أيضاً ما أقوله. ولكنني كنت ألقى اللوم عليه فهو الذي جرني إلى الصمت بعد أن قلت كلماته.
ولكن الحياة استمرت، والغريب أنني لم أشعر بافتقاد أي شيء، لم أشعر بنقص بل درجة الإشباع كانت كاملة ومخاوفي كلها نظرية.
وأخذت أتأمل الأمر بعناية وقمت بتجربة عملية، سجلت في ذاكرتي الكلمات التي تبادلناها في يوم معين منذ الاستيقاظ وحتى أوينا إلى فراشنا، لقد كانت حقاً كلمات قليلة. وقلت لنفسي حقاً لقد طرأ تغير على حياتنا. ولكن يبدو أنه غاب عني أن أتأمل معنى الكلمات وعمقها ودلالاتها التعبيرية. لقد حسبت الكلمات بالعدد لقد كان حساباً كمياً. مع أن الحوارات يجب ألا تقاس بعدد الكلمات، وإنما بالمعاني المتبادلة بعمق الأفكار، واكتشفت أنه غابت عني حقيقة أعم، وفي الثقافة اصبح قادراً على استخدام كلمات أقل ولكن ذات معان ومدلولات أعمق.
وغاب عني أيضاً حقيقة أنه كلما زادت سنوات المعاشرة، وكلمات زاد الاقتراب، وكلما عمقت العلاقة بين إثنين وخاصة حبيبين وزوجين، زادت قدرتهما على التحاور غير المنطوق. أي تصبح هناك وسائل أخرى كلامية بغير اللسان للحوار والتبادل والإحساس، يصبح كل منهما قادراً على قراءة وجه الآخر. بل من متابعة حركة العين ذاتها يستطيع أن يعرف الكثير عما يدور بخلد الآخر. وتصبح الابتسامة أكثر تعبيراً وتأثيراً وكذلك الإيماءة والحركة. وأيضاً السلوك التلقائي والسلوك المقصود. إنها درجات أقصى من الاقتراب إلى الحد الذي يصبحان فيه كأنهما شخص واحد. ومنطقياً فإن الإنسان لا يتكلم مع نفسه بصوت مسموع. ولكن الحوار يكون داخلياً بين الإنسان ونفسه حوار غير مسموع. وهذا هو ما يحدث بين الزوجين الحبيبين بعد سنوات من الزواج. تصبح حواراتهما غير مسموعة لأنها غير كلامية وغير لسانية.
وهناك شيء آخر أخطر يتعلق بالإحساس. إن إحساس كل منهما بالآخر ينمو ويكبر ويعظم إلى الحد الأدنى الذي لا يحتاج فيه إلى كلمات لنقله والتعبير عنه، إذ يصبح كل منهما في حالة إحساس دائم بالآخر. إحساس كل الوقت، عاطفية حقيقية راسخة مؤكدة، تبعث على الإحساس بالاطمئنان والأمان والاستقرار والثبات والخلود، ولذا تصبح أي كلمات غير كافية للتعبير عن هذه الدرجة من العواطف.
وبذلك يصبح الصمت بليغاً. أي أبلغ من الكلمات. ويصبح للصمت قدرة تعبيرية هائلة، يصبح الصمت معناه قمة الإحساس بالآخر، يصبح الصمت معناه أن كلاً منهما يعيش داخل عقل الآخر، وأن روح كل منهما ملتصقة بروح الآخر.
وهذا يختلف تماماً عن الصمت الذي يقصد به التعبير عن غضب أو رفض أو عداوة أو فراغ بالإحساس. نقلت إلى زوجي هذه الأفكار التي راودتني عن الصمت، فقال لي: كلما مرت بنا السنون ونحن نعيش معاً، ازددت حباً وفهماً واقتراباً، اشتدت بي الرغبة لأفيض وأعبر وأنقل لك ما بداخلي. وبعد أن تكلمنا كثيراً لسنوات وسنوات وأجهزنا على كل القواميس والمعاجم، لم أجد غير الصمت كأبلغ وسيلة للوصول إليك، أي إلى عقلك وروحك. كنت فقط أتأملك في حركتك وسكناتك، كنت أنظر إلى وجهك، كنت أتأملك في داخلي، كنت أطالعك وأنت نائمة، وكان هذا هو حواري معك الذي يشبعني ويسعدني ويثيرني.
ستصمت أكثر وأكثر وماذا سنفعل بوقتنا بعد سن المعاش؟ فقال بصوت طفولي أحبه: إنني أعد العدة لذلك بقراءة العديد من القصص لأحكيها لك، أما عن الحب فإننا سنتبادله في صمت.
ــــــــــــــــــ
إلى ابنتي العزيزة ..
أريدك يا بنتي العزيزة أن تكوني زوجة ناجحة، ومن خبرتي في الحياة أستطيع أن أحدد لك سمات الزوجة الناجحة.
هي امرأة سوية ناضجة ينسجم تكوينها الفسيولوجي والتشريحي مع تكوينها النفسي، في نسق أنثوي بديع، تقبله وتعتز به ولا ترتضى أن تستبدله أو تقترب به من النسق الذكري.
ومن فطرتها الأنثوية الصافية الخالصة أنها لا تتزوج إلا من رجل تحبه، يحرك ويطلق نوازعها الأنثوية إلى أقصى درجاتها وتتأكد هذه النوازع معه وبرجولته. هي امرأة ترفض أن تتزوج من رجل لا تحبه أو رجل منقوص الرجولة.
وهي امرأة مثلما تعتز بأنوثتها، فهي تعي أيضاً دورها الأنثوي في الحياة ومع رجل، وكأم.
وهي زوجة قادرة على احتواء الزوج بالحنان والاهتمام. فهي بحسها الأنثوي تدرك احتياجات الرجل. هي تعرف بفطرتها أن بالرجل جزء الطفل يحتاج إلى أم، وبه جزء ناضج واع منطقي يحتاج إلى امرأة ناضجة عاشقة، وبه جزء أبوي يحتاج فيه أن يؤدي دور الراعي والمسئول والقائد، لهذا فهي تعطيه حنان الأم وحب المرأة العاشقة وخضوع الابنة المتفهمة. وهي تعرف أن الرجل يتوقع الاهتمام من الزوجة، يتوقع التقدير، ولهذا فهي تعيش أحلامه وانتصاراته وأمجاده حتى وإن كانت هي الشاهدة الوحيدة عليها. تعيش حياته واهتماماته وعمله لحظة بلحظة.
الحب هو حياتها، وزوجها هو محور حياتها، وأسرتها هي مملكتها.
هي زوجة ثرية العقل غنية الروح. تعيش بفهم يدفعها إلى الانفتاح على الكون، فتفهم من أمور الحياة وأحال الدنيا ما يجعلها مثقفة متفتحة فاهمة متعقلة عذبة الحديث مقنعة المنطق مؤثرة بأفكارها وروحها.
ولذا فمن حبها لزوجها وإحساسها بحب زوجها لها، تدرك أن نفوذها وتأثيرها لا يكمن في جمالها الخارجي وزينة جسدها الشكلية، وإنما يكمن في جمال عقلها ورونق روحها.
هي الزوج التي تملك روحاً سمحة ونفساً طيبة وطباعاً هادئة غير متسلطة، غير عدوانية، لا تستهويها ولا تزدهيها سلطة أو قيادة أو زعامة. ولأنها ارتبطت برجل تحبه وتثق به، تطمئن إليه، فإنها تسلم له قيادة مركب الحياة. تساعده بعقلها وجهودها. تقف بجانبه وليس وراءه ولا ترضى أن تقف أمامه.
أن تكون ((غيرتها نابعة من حبها للحفاظ على حبها وزوجها الذي تثق به)). فهو جدير بالثقة، ولأنها تثق بنفسها أيضاً وفوق كل ذلك وقبل ذلك ثقتها بالحب الذي يربطها بزوجها. غيرة عاقلة هادفة هادئة تسعد الرجل وفي نفس الوقت تحذره وتوقظه وتنبهه.
إخلاصها ووفاؤها ليس محلاً لنقاش أو تأكيد وإلا أصبحت الأمور كلها عبثية، ولكنها تحرص كل الحرص على مشاعر زوجها من خلال سلوكها الاجتماعي المتوازن الراقي الذي يعكس حكمتها وتوازنها النفسي، وثقتها بنفسها وعدم احتياجها لكلمات الإطراء وعبارات المديح وتلميحات الغزل، فهي ترفض ذلك بإباء نابع من حسها الأخلاقي القوي ومن احترامها لذاتها واحترامها لكيانها كزوجة. ولأنها واعية وناضجة وذكية فإنها لا تستخدم سلاح الشك والغيرة لإذكاء مشاعر زوجها نحوها، لأنها تعرف أن هذا سلاح مدمر يقضي على الأحاسيس الطيبة لدى زوجها. يقضي على إحساسه بالأمان.
أن تكون مديرة إيجابية، مشاركة متعاونة، فعالة وذلك في إدارة شئون حياة الأسرة. وأن تعرف جيداً أنها مصدر الحياة. ومصدر الاستمرار .. ومصدر الاستقرار. وأنها هي القائد من الداخل ومن الباطن. وأن مصدر قوتها هو الحب والاحتواء والفهم والذكاء. الذكاء الأنثوي الفطري الذي يدرك بالحس الداخلي وباللاشعور، انه لولا المرأة لما كانت الحياة، المرأة الزوجة، المرأة الفاضلة.
أن تستند حياتها كلها إلى قاعدة أخلاقية تتمثل كل القيم العليا الرفيعة من صدق وأمانة وتواضع وتسامح ينعكس في سلوكها العام وحياتها الزوجية.
أن تكون تقية مؤمنة. لا خير في امرأة لا تعرف ربها. ولا اطمئنان مع زوجة لا ترعى حدود خالقها.
وأدعو الله يا بنتي أن يحميك من الفشل في حياتك الزوجية. وهذه هي سمات الزوجة الفاشلة:
ـ أن تكون عاجزة عن الحب.
ـ أن تدخل في منافسة مع الرجل.
ـ أن تكون عدائية متسلطة.
ـ أن تكون تافهة العقل.
ـ أن تفتقد مشاعر الانتماء للبيت ويصبح زوجها على هامش حياتها.
ـ أن تتمتع بالاستهتار والسطحية والمبالغة والاهتمام بالمظهر الذي يكشف عن جوهر ضحل.
ـ أن تكون قاعدتها الأخلاقية مثقوبة. فتهدر القيم وخاصة المتعلقة بالولاء والالتزام والإخلاص في الحياة الزوجية.
ـ أن تكون غير متوازنة نفسياً فتتذبذب انفعالاتها وتتأرجح ثقتها بنفسها، فتندفع نحو حماقات ومهاترات، لتأكيد الذات والدفاع عن النفس ضد اعتداءات وهمية، وبذا تتسم حياتها بالعنف والعداوة والشك وسوء الظن.
ـ أن تفتقد مشاعر القدسية، قدسية الإنسان، قدسية العلاقة الإنسانية، الصداقة، الحب، الزواج، الأمومة. وهذا يجعلها تتناول الأمور الجادة والقدسية تناولاً سهلاً رخيصاً يفتقد للبراءة الطهارة.
ـ أن تتمتع بالغرور والأنانية والنرجسية، فلا تعطي ولا تذوب. وإنما تصبح طرفاً شاذاً وناشزاً في علاقة أساسها العطاء والذوبان وهي العلاقة الزوجية.
وفقك الله يا بنتي.
ــــــــــــــــــ
في طريق إصلاح ابنك السيئ الخلق
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. علي القائمي
من الضروري في مسألة إصلاح الوضع الأخلاقي للأطفال أن نتعرف على نوع الأخلاق السيئة وكيفية إيجاد الطرق اللازمة لإصلاحها ,أما الأساليب المهمة في هذا المجال فتتمثل بما يلي:
1 ـ التعليم: هناك نقطة مهمة يجب أن نذكرها هنا وهي أن الأطفال يجب أن يعرفوا أولاً الضوابط والمقررات والآداب والتقاليد وأساليب السلوك، فالطفل يجب أن يتعلم وبالتدريج ما هو السلوك المحبوب وأي سلوك غير مرغوب، أي الأعمال يجب أن يقوم بها وأي الأعمال يجب أن يتركها ويتجنبها. وهذا الأمر يمثل ألف باء التربية والذي يجب أن يعلِّمه الآباء لأبنائهم.
إن الطفل يحمل استعدادات والهامات إلهية لتقبل ما هو سيئ وما هو حسن والمهم هو أن يرى القدوة لكي يتعلم منها.
2 ـ القدوة: إن التربية الأخلاقي يمكن أن تلقى طريقها إلى نفس الطفل بواسطة طريقين:
الأول: طريق التذكير والنصح وهو أمر عام وعادي، فالوالدان بواسطة الأوامر والنواهي وبلسان يفهمه الطفل يستطيعان إفهام الطفل بما يجب أن يكون عليه في هذا المجال.
والثاني: هو القدوة، حيث يعتبر أهم الأساليب والطرق لإصلاح وتربية الأطفال، وهذا الطريق مؤثر جداً، وأبلغ تأثيراً من الطريق الأول. فالآباء يجب أن يقدموا للطفل نموذجاً عملياً يقتدي به الطفل في سلوكه وأعماله، وكذلك بواسطة ذكر القصص والأعمال الحسنة لبعض الأبطال الصالحين، هذا الأمر من شأنه أن يخلق رغبة لدى الطفل بتقفي خطى وآثار هؤلاء، فالنموذج أو القدوة له بالغ الأثر وفي موارد مهمة يعتبر عاملاً مؤثراً في طريق إصلاح وتغيير أفكار الطفل النفسية والأخلاقية.
3 ـ التذكير والإنذار: إن الأب والمربي يعتبران بمثابة المراقب الناظر على سلوك الطفل. فهما يمثلان الظل الذي يتبع صاحبه في حركته، فيجب أن لا يدعونه ينحرف عن الطريق الأصلي الذي تمّ اختياره له من قبلهم، وإذا ما شاهدوا انحرافاً أو تزلزلاً فمن الضروري أن يتدخلا فوراً لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بواسطة التذكير والإنذار.
إن النصح والتذكير والإنذار البنّاء يضمن الكثير من السعادة ووسيلة لنيل الكرامة والنقاء. وآثار النصح والتذكير يفوق بدرجات تأثير الفرض والعقوبات، حيث له دوراً مهماً في بناء شخصية الطفل.
وقد أثبتت التجارب بأن الأطفال في سن الرابعة أو الخامسة يمكن إصلاحهم بسرعة بواسطة التذكر والنصح، وآثار ذلك أفضل من أساليب القوة والجبر والعقوبة، فإذا ما قلنا لهم إن هذا العمل سيئ ويرجى أو من الأفضل تركه بسرعة فإن الطفل سيستجيب أفضل مما لو قمنا بردعه ومعاقبته لإجباره على ترك عمل ما.
4 ـ ارغام الطفل على التفكير والتعمق: في بعض الأحيان نجعل العمل القبيح يتجسم في فكر الطفل ومن خلال ذلك يُدرك الطفل عمق خطأه، وهذا الأمر يمكن للصغار والأطفال المميزون أن يفهموا هذا الأسلوب. فلقد أثبتت التجارب أن الأطفال في سن 5/3 و 7 و 13 يفكرون في سلوكهم أكثر من الأعمار الأخرى ويتظاهرون بالتعمق والتبحر فيما يصدر منهم. وبالإمكان أن نأتي بدليل أو برهان وبلسان الطفل الذي هو في سن 5/2 إلى 3 سنة كدليل أو برهان رادع يحمل حقائق على حسن وقبح الأعمال كي يتحرك الطفل بوعي لترك القبيح والإتيان بالحسن.
بالنسبة لمسألة التعمق يجب أن نسعى لخلق أرضية لدى الطفل ليفكر في الأعمال السلبية والإيجابية فيميز بين الجانب السلبي والجانب الإيجابي. يفكر بنفسه ويبحث عن صلاحية عمله وعدمها فمثلاً يجب أن يفكر بالكذب وآثاره أو أذى الناس وإزعاجهم، مع أخذ رأيه في ذلك و ... حيث إن القدرة على الإدراك في هذا المجال أمر مهم ومناسب.
5 ـ إزالة الأسباب: من الطرق المهمة للتصدي للفساد الأخلاقي هو مكافحة العوامل المسببة لهذا الفساد مثل ترك العلاقات المشبوهة والابتعاد عن الأجواء الموبوءة والفاسدة ومراقبة الذهاب والاياب وإذا لم تؤثر هذه الاحتياطات فإن من الضروري اللجوء إلى الهجرة كطريق مؤثر ومناسب.
إن الأصل هو إبعاد الطفل عن العوامل البيئية التي تؤثر على سلوكه تأثيراً سلبياً وغير مرغوب فيه، وعندما يشعر الانسان بعدم الفائدة من هذه الإقدامات فإن الهجرة وترك الديار هو الطريق والحل الناجح لهذا الأمر. فالمحيط أو البيئة الفاسدة والملوثة مكان غير صالح للسكن والعيش ولا ينبغي أن نختار أمثال هذه الأماكن لسكن أطفالنا مع القدرة على تغييرها، ولا ينبغي أن نحل في مجلس لا تُراعى فيه الموازين الشرعية ويرتكب فيه الذنب من دون أن نحرك ساكناً أو نستنكر ما يحدث. قال الإمام الصادق (ع): ((لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره)).
6 ـ مخالطة المؤمنين: من الطرق المهمة لإصلاح ذوي الأخلاق السيئة هو حملهم على مخالطة المؤمنين والمحسنين لكي يتعلموا من هؤلاء الأدب والأخلاق بشكل عملي، وهذا الأمر طبيعي وواقعي حيث أن مخالطة الطيبين والصالحين ومصاحبة الكبار تنجم عنه سعادة وتوفيقاً. قال الرسول الأكرم (ص): ((أسعد الناس مَن خالط كرام الناس)) ـ (أمالي الصدوق).
في بعض الأحيان يقتضي الأمر ويتطلب أن نجد مَن يكون رفيقاً وصاحباً لأطفالنا، يجب أن نعرفهم على الأصدقاء الصالحين وذوي الأخلاق الحسنة من أبناء الجيران. ويجب أن لا نغفل تأثير هذا العامل الذي هو أهم من تأثير نفوذ الأب والأم على نفس الطفل.
7 ـ الطرق الأخرى: ربما هناك طرق وأساليب أخرى لإصلاح الأطفال ذوي الأخلاق السيئة، وقد توخينا هنا جانب الاختصار فلم نذكرها، وبشكل عام فهي المحبة والنصيحة والملاطفة والعطف على الأطفال وكذلك التشجيع والمداراة والوفاء بالعهد وإشغال الطفل بما هو مفيد، والاستفادة من الخجل والأنس وايجاد البيئة الصالحة والمخالطة السليمة والاستفادة من التفكير الصحيح والنصيحة. والآباء والمربون يجب أن يحسنوا فن كيفية اتخاذ الموقف المناسب في الأمور التي لها علاقة بالأخلاق والسلوك، حيث نرى في بعض الأحيان إن قلة المحبة والاهتمام بالطفل يكون عاملاً لسوء أخلاقه وأحياناً فإن الإفراط في المحبة يكون لها التأثير السلبي على أخلاقه. وفي كل الأحوال يجب أن نعرف كيفية التصرف عند التعرف على أحد هذه العوامل.
الاجراءات السلبية: من أجل إصلاح النقص الأخلاقي لدى الأطفال أحياناً نستفيد من الاجراءات السلبية، والغرض هو ارغام الطفل على ترك الأخلاق القبيحة. ففي هذا المجال هناك أساليب يجب اتباعها:
ـ حرمان الطفل من اللعب لفترة قليلة (لخظات معدودة) وكذلك من المحبة والغذاء والأشياء التي له علاقة شديدة بها، وفي هذا العلاج يجب أن نراعي مسألة العمر والجنس.
ـ عدم الاهتمام بالطفل في المواقع التي نشعر بها بأنه لجأ إلى الدلال ومحبة الوالدين ليستفيد منها كجسر لتحقيق هدف غير مناسب أو غير مشروع.
ـ توبيخ الطفل وتأنيبه في الحالات التي نرى إنه لا فائدة في النصح والارشاد، فيظهر الطفل أحياناً خلاف ما نطلبه منه من سلوك ولا تفيد النصيحة والوعظ لردعه عن انحرافه، فهنا يجب اللجوء إلى التوبيخ والعقوبة.
ـ ترك الطفل بشكل تكون معه العلاقة معطلة بحيث يشعر بأن عمله السيئ وعصيانه سبب له الحرمان من محبة أبيه وأمه.
وبحيث يشعر بمعنى العمل السيئ والعصيان والسلوك الشائن.
ـ التهديد والإنذار بشكل يشعر معه بأن ناقوس الخطر قد دقّ باقترافه العمل السيئ ويجب أن يتراجع عن فعلته ويضطر إلى إصلاح خطأه.
ـ وأخيراً فغن العقوبة تعني توجيه ضربة على جسم الطفل، طبعاً هذه الضربة يجب أن لا تحدث أثراً، احمراراً أو زرقة على وجه الطفل بحيث يقتضي دفع الدية. ويجب أن نذكر بأن الأصل في التربية هو المحبة والعقوبة أمر اضطراري واستثنائي.
إن النسبة بين المحبة والعقوبة كالنسبة بين الغذاء والدواء، فالأصل هو أن نتناول الغذاء، أما الدواء ففي الحالات الاضطرارية، فالتنبيه يجب أن يكون عقلائياً، وطبعاً فإن العقوبة بالنسبة للأحداث تعتبر وسيلة لإجبارهم على ترك الأعمال السيئة.
الدعم الإيجابي: مسألة إصلاح وترميم أخلاق الطفل تصحبها مشاكل ومصاعب، وفي موارد عديدة بالإمكان الاستفادة من عناصر الدعم والتشجيع لهذا الغرض. وفي هذا المضمار يمكننا الاستفادة من الأمور التالية:
ـ إيجاد وعي لدى الطفل بشكل يمكن إفهامه بأن منزلته وشأنه أعلى وأكبر من أن يقترف بعض المفاسد ويتلوث بها.
ـ المحبة والملاطفة ولها وجوه عدة منها اللغة اللطيفة والملاطفة المصحوبة بالقبلة مع ضم الطفل إلى الصدر، كل ذلك يخلق دافعاً لدى الطفل للرجوع إلى الطريق السوي في حياته.
السياسة والمداراة من العوامل المهمة لإصلاح الأخلاق السيئة للطفل.
ـ الاستفادة من صفة الحياء التي يتصف بها الطفل، وبالأخص الحياء من الشخص الذي له علاقة به، فإن هذا العامل له أثراً بالغاً على إصلاح أخلاق الطفل.
ـ المزاج والملاطفة معه يدخل السرور على قلب الطفل وتعلو وجهه الابتسامة والسرور، هذا الأمر يجعل من الطفل مهيئاً لترك العمل القبيح.
ـ تشجيع وتحسين الأخلاق والسلوك المناسب للطفل يجعله يترك الأخلاق السيئة.
ـ إعلان الرضا والفرح، عن الوضع الذي يعيش به الطفل في حياته العائلية.
ـ اللطف والرفق في التعامل بشكل يحس الطفل بالمحبة والعلاقة له أثر مناسب على تغيير الطفل لأخلاقه الغير مقبولة.
ــــــــــــــــــ
تعرّفي على الزوج البارونويدي وكيفية التعامل معه
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المحور الأساسي الذي تدور حوله هذه الشخصية هو الشك في كل الناس، سوء الظن وتوقع الإيذاء من الآخرين. كل الناس في نظره سيئون. هذا هو موقفه الذي لا يتزحزح عنه. وهذا هو رأيه في كل الناس.
إن أي إنسان قد يشك أو قد يسيئ الظن في إنسان آخر أو في مجموعة من الناس في ظروف معينة، ولكنه إذا كان سوياً فإنه يغير رأيه، إذا أثبتت الظروف حسن نية الآخرين أو إذا كان هناك دليل على براءتهم. هنا يعتذر هذا الإنسان السوي عن سوء ظنه وشكه ويؤنب نفسه.
أما البرونويد فإنه يظل على موقفه مهما كانت الأدلة، ومهما أظهر الآخرون حسن نواياهم ومهما أجمع الناس على أنه مخطئ في سوء ظنه. إنه يتمسك بشكوكه ويظل يرى السوء في الآخرين، ولهذا فهو في حالة تحفز، في حالة استعداد دائم لصد عدوان يتخيله أو إفساد مؤامرة تحاك ضده.
وكل مَن يحاول أن يثنيه عن سوء ظنه يضعه في القائمة السوداء ويضمه إلى قائمة السيئين، ولهذا فهو دائم الشعور بالاضطهاد. والشعور بالاضطهاد يولد عدوانية داخلية، فهو ضد كل الناس ويضمر الكراهية أو عدم الارتياح أو عدم الحب لمعظم الناس، ومن السهل أن يتحول إلى شخص عدواني يؤذي إذا أتيحت له الفرصة لذلك.
والعدوان يأخذ صوراً متعددة، كالنقد اللاذع والسخرية والاستهزاء بالآخرين، قد يواجه الناس برأيه فيهم، وقد ينتقدهم من خلف ظهرهم، وانتقاداته جارحة وتسبب جرحاً وألماً. ولا يراعي مشاعر الآخرين، بينما هو لا يتقبل أي نقد أو توجيه، فهو شديد لآراء الآخرين ويتخذ مواقف عنيفة وعصبية فيها تهور إذا تعرض له بالنقد أو باللوم، ولذا فهو معدوم الأصدقاء وعزلته تزيد من شعوره بالاضطهاد وتزيد من عدوانيته وعداوته.
والحوار مع هذه الشخصية مضن ومتعب، فهو لا يتقبل ظاهر الكلام وإنما دائم البحث عن الدوافع الخفية والمعاني الدفينة، والنقاش معه يطول، وهو في الغالب محاور بارع يجهد مَن يحاوره، ويحمل المواقف والكلمات أشياء ومعاني بعيدة أو مبالغاً فيها، تتوه وأنت تحاوره وقد لا تفهم ماذا يقصد، وتندهش لتفسيراته وتحليلاته المشبعة بسوء الظن وتوقع الغدر الخيانة وكل ما هو سيئ.
هذا الشخص إذا أكدت الأداث توقعاته شعر بزهو شديد، أما إذا أكدت الأحداث خطأ توقعاته وتحليلاته فإنه لا يتراجع عن سوء ظنه، حتى في المواقف الجديدة ومع الناس الذين يقابلهم لأول مرة. فإن سوء ظنه يكون هو الغالب، ولذا يجتهد في البحث عن أدلة لإثبات صحة نظريته.(54/139)
وهذا الإنسان بلا عواطف أو عواطفه محدودة جداً وتستطيع أن تقول إنه إنسان بارد، وكلمة بارد ذات دلالة ومغزى كبيرين، ومعناها أنك لا تستقبل منه أي شيء، لا تستقبل منه دفئاً أو مودة أو تفاهماً أو تعاطفاً، بل على العكس تهب عليك من ناحيته رياح باردة شائكة وسامة. أيضاً وهو يفتقد لروح الفكاهة والمرح، قليل أو نادر الابتسام، لا يضحك من قلبه وابتسامته سوداء صفراء ساخرة، والغريب أنه يصف نفسه دائماً (ليدافع عن برودته) بأنه إنسان موضوعي عقلاني. العقل عنده مقدم على العاطفة، الحقيقة أنه لا عقل لديه ولا عاطفة، فهو لا يتألم من أجل أي إنسان أو حيوان.
وهو صلب لا يتنازل ولا يقبل حلولاً وسطاً، تقلقه محاولات التودد والاقتراب من الآخرين، يتحاشاهم ويبتعد عنهم، والاكتفاء الذاتي، ولذا فهو متمركز حول نفسه بشكل خطير قد يصل إلى الإحساس المرضي بالتيه والزهو والشعور بالأهمية، إنها حالة من تضخم الذات التي تكون من سمات الشخصية البارونويدية. في غالب الأحيان تكثر هذه الشخصية بين المتعصبين والمتطرفين وأصحاب الأفكار الغريبة، والباحثين عن الزعامة والذين يتجسسون على الناس للإيقاع بهم، كما تكثر بين الذين تقدم بهم العمر بدون زواج، وأيضاً تكثر بين المطلقين والمطلقات.
وفي مجال العلاقة الزوجية فإننا نجد أن الزوج البارونويد علاقته بزوجته مضطربة، لسوء ظنه وغيرته وشكه وتقليله من شأنها وحساسيته لأي كلمة تصدر عنها. حياته الزوجية يسودها البرود وتلفها عداوة مستترة، ونفس الأمر في علاقته بأبنائه.
ولسوء ظنه وشكه الدائم فإنه يبث في أبنائه وبناته عدم الثقة والحذر المبالغ فيه وعدم القدرة على إقامة علاقات مشبعة مع الآخرين. والزوجة التي لها هذه الشخصية تحقق نفس القدر من الخيبة في الحياة الزوجية وغيرتها إلى حد المرض، ومن المستحيل أن تثق ولو للحظة في صدق زوجها، فهو في نظرها في كل الوقت كاذب ومخادع وخائن وتتوقع منه الغدر في أي لحظة.
إذن الحياة الزوجية للإنسان البارونويد رجلاً كان أو امرأة هي حياة فاشلة، فلا حياة تقوم على الشك وسوء الظن. ولا حب يستمر مع التعالي والغطرسة، ولا مودة تسود مع روح التحفز والتوقع السيئ.
ــــــــــــــــــ
حتى لا تضرب رأسك في حائط الإحساس بالوحدة
ليس هناك مصمم سلوك بشري يشبه عمله مصمم الأزياء.
فأنت مع ملابسك تتجه إلى مصمم أزياء تختار منه، وتسمع له وتطلب إليه تنفيذ ما تختاره لنفسك من ملابس، وتدفع النقود أجراً لذلك، وترتدي ملابسك الجديدة، وتتلقى كلمات الإعجاب من الذين حولك بما ترتديه من ملابس رفيعة الذوق.
ولكن ماذا عن السلوك البشري؟ هل هناك مصمم سلوك بشري؟
وهل هناك ((قطع غيار)) لسلوك لا تراه حسناً فتستبدله بقطع غيار لسلوك تراه مناسباً؟
ونحن عندما ننظر إلى أطفالنا نتمنى أن يكون هناك مصمم سلوك بشري نسأله أن يقوم بتفصيل ألوان من السلوك الراقي لهم. وبعضنا قد يذهب إلى طبيب نفسي، وقد يكون هذا الطبيب من هواة الكيمياء فيعطى الطفل أقراصاً تعبث بجهازه العصبي مثلاً، ويستمر الخطأ ليولد خطأً آخر.
وبعضنا الآخر قد يقول لنفسه إن التسامح الزائد عن الحد ينتج أطفالاً أشقياء، تفتقر حياتهم إلى التوازن المطلوب لمواجهة الحياة بشكل ناجح. والقسوة المبالغ فيها تنتج أطفالاً ممتلئين بالخوف من هذا العالم. ولذلك لابد من التوازن بين التسامح وبين الحزم، ولابد من الإيمان بالحقيقة البديهية وهي أننا نربي أطفالنا لزمان غير زماننا، وبالتالي لا يمكن أن نتنبأ بالنتيجة النهائية التي يصل إليها الابن من خلال أسلوب التربية الذي يتبعه الأب والأم، فكثيراً ما نسمع عن عبقري في مجال من مجالات الحياة كانت طفولته قاسية جداً. ونسمع عن مجرم ضليع في الإجرام، كانت طفولته تتميز بالإتزان التربوي المنشود. والسبب في ذلك هو أن العبقري كان له مخزون من الظروف المتتابعة التي أعطته فرصة للإبداع. والسبب في ذلك أيضاً أن المجرم شاءت له الظروف الاجتماعية أن تحطم رصيده من الإتزان التربوي المنشود. ولذلك يؤمن كاتب هذه السطور بأهمية إيمان الأب والأم بإله واحد قادر، يمكن أن يمنح أبناءهما ظروفاً اجتماعية لا تسرق من الأبناء الإتزان التربوي وأن تتيح لهم فرصاً للإبداع. هذا على مستوى الإيمان، فماذا عن مستوى الواقع المادي اليوم؟.
نحن نجد على سبيل المثال، أن الحضارة الغربية المعاصرة خرجت علينا من بعد الحرب العالمية الأخيرة بضرورة المساواة بين الآباء والأبناء، والسبب في ذلك هو أن الابن ـ في بعض الأحيان ـ قد رأى أمه في أحضان رجل آخر أثناء غياب الأب، وأن الأب قد حكى لرفاقه بما وصل إلى سمع الابن ـ في بعض الأحيان ـ أنه مارس الحب في كل مدينة دخلها محارباً.
إذن فقد سقطت ـ غالباً ـ أمام الابن منذ الطفولة أقنعة الاحترام التي تولد معه تجاه أمه وأبيه. وعندما عاد الآباء من الحرب قامت المشاكل داخل الأسر، فعشيق الأم لم يكن يقيم معها في المنزل، أما هذا الوافد الجديد الذي يقول إنه ((أب)) فهو يقيم في المنزل. وتقدم بعض هواة الحلول التلفيقية من أطباء النفس الذين أخذوا من العلم قشوره واستولى الأمل عليهم في إيجاد حلول سريعة لمثل هذه المشكلات، أي أن يكون كلا الطرفين متساوياً في العلاقة.
وصادف هذا القول هوى عند بعض الآباء الذين عانوا في طفولتهم من قسوة آبائهم عليهم. وتمت ترجمة تلك المساواة المزعومة بأن طالب بعض الآباء أبناءهم بأن ينادوهم بالاسم الأول. فإذا كان اسم الأب ((مدحت)) وكان اسم الابن ((وليد)) فالابن ينادي والده ((يا مدحت)) كما ينادي الأب ابنه ((يا وليد)).
إن الآباء الذين يفعلون ذلك ابتغاء رسم طريق للصداقة بينهم وبين الأبناء، ينسون أن الابن منذ أن تتفتح عيناه على العالم وهو يبحث عن الحدود التي لا يجب أن يتخطاها، ويحاول أن يتخطاها. إنه يعبث بأزرار الكهرباء وأنت تخاف عليه من أن تصعقه الكهرباء، وتمنعه من الاقتراب منها. وهناك أيضاً لون من الاحترام العميق يجب أن يعرفه الابن ولا يتعداه. وسيحاول الابن أن يتعدى الحدود وسيجد الأب الحازم يقول: ((لا، هناك حدود)).
إن الآباء الذين ((يتسولون)) الصداقة مع الأبناء بإغراقهم في الهدايا والتبسط معهم في الحديث، هؤلاء الآباء يصطدمون بحائط واضح جداً وهو حائط تمادي الابن في الشغب، والتهاون، وعدم الإقبال على العلم، وأخذ الحياة بمنطق المستهتر.
إن الأب يحصل على صداقة الابن بالحزم أكثر مما يحصل عليها بإطلاق الحبل على الغارب. فالأب الذي يلقي بلهجة حازمة الأوامر التي تنير الطريق أمام الابن هو الأب الذي يلجأ إليه الابن ليتلقى مشورته.
هذا اللون من الآباء هو الذي يستمتع بالفعل بالصداقة مع الابن.
إن الحزم الأبوي لا يؤذي شخصيات الأطفال على المدى البعيد، رغم أن الطفل قد يبدي بعض الامتعاض أو الضيق من الحزم. ولكن كل طفل يعلم في قرارة نفسه أنه طفل قليل الخبرة وأن أمنه وأمانه يعتمد على والديه.
لقد أثبتت التجارب النفسية أن الطفل يصبح عديم الانسجام مع المجتمع إذا ما كان والده سلبياً غير حازم.
إن الابن يحب الأب الحازم لأنه ينال مع هذا الأب علاقة أكثر دفئاً ولطفاً. صحيح أن الحزم لا يتيح للابن فرصة أكبر من التدليل، ولكن الابن لا يوافق في أعماقه على مسألة الصداقة مع الأب على طول الخط.
إن للابن أصدقاء من نفس عمره، يحبهم، ويلعب معهم، ويتشاجر معهم، ويدخل معهم في تنافس، ويهزم بعضهم ويهزمه بعضهم الآخر. والابن له خياله الخاص الذي يجعله، منذ العام السابع، شديد الرغبة في تحدي الأب وفي الرضوخ له أخيراً. وهو أيضاً يطلب من والده أن يلعب دور القاضي الذي يستسمحه في بعض سلوكه والذي لا يوافق على البعض الآخر منه.
ومع نمو الأبناء فهم يحاولون دائماً اكتشاف حدود ما سيسمح به الآباء، الأمر الذي يتطلب من الآباء القيام بتخفيض القيود تدريجياً مع استمرار الحزم.
إنني لا أنسى أن ابني الشاب لم يكن مسموحاً له باللعب خارج المنزل أو في النادي لأكثر من السادسة مساءً عندما كان في التاسعة من العمر. وعندما دخل الجامعة وصار في الثامنة عشرة أصبح الميعاد المحدد لعودته هو الحادية عشرة، وليس في ذلك أدنى تزمت، لكنه الحزم الذي يوجب على معرفة المكان الذي يذهب إليه.
إن الابن بذلك يتعلم كيفية إدارة دفة عمره تدريجياً، بدلاً من أن يكون واحداً من أولئك الذين يتخبط معهم آباؤهم ذات اليمين وذات الشمال، فمرة يطالبون أبناءهم بالصداقة معهم، ومرة أخرى يفقدون الصبر لأن أبناءهم يسيئون السلوك. هؤلاء الآباء عليهم أن يستردوا الحزم مرة أخرى وأن يقيموا علاقة واضحة يكون للأب فيها دور التوجيه، وعلى الابن الطاعة.
وإذا شعر الآباء ببعض من الذنب بسبب قسوتهم أو تفجر غضبهم، فعليهم أن يقولوا لأنفسهم: ((لا داعي للإحساس بالذنب، فالابن عليه أن يتحمل بعضاً من قسوة الأب، لأنه في المستقبل سيلتقي بمن يقسو عليه أو ينفجر عليه غضباً من رؤسائه، وعليه أن يتعلم الانضباط وأن الحياة لا تسمح للأبناء أن يخرجوا منها ليكون كل واحد منهم ملكاً يحترمه الجميع، إذ إنهم يخرجون إلى الحياة ليندمجوا مع المجتمع الأوسع)).
وعلى الأب ألا يفكر في الاعتذار للابن إذا ما انفجر غاضباً، ذلك أن الأب لو اعتذر لابنه لكان من نتيجة ذلك أن الابن سيتجاوز الحدود مرة ثانية.
إن للابن حدوداً يجب أن يلتزمها، وذلك حتى نتجنب الوقوع في التوترات التي تنتج من إطلاق الحبل على الغارب.
وقد ينتقد ا لابن والديه لأصدقائه وقد يشكو للأصدقاء من ((ضيق أفق الكبار)). ولا بأس، فليفعل ذلك ولكن عليه أيضاً أن يطيع الوالدين.
إن الضوابط الأسرية هي التي تعطي الابن في شبابه فرصة الاندفاع إلى إنهاء دراسته وإتقان مهنة ما ليستقل عن أسرته، حتى يبني هو أسرة جديدة، وهو سيحاول أن يفعل مع ابنه نفس ما فعله معه والده.
إن كل إنسان منا يحمل صورة والده في داخله، يتمرد عليها في مراهقته ويقلدها في نضجه.
وكل امرأة تحمل صورة أمها في داخلها، تتمرد عليها في مراهقتها وتقلدها في نضجها.
إن المناداة بالحزم مع الأبناء ليس معناها أن تحول المنزل إلى معسكر والأبناء إلى جنود، وأن يعيش المنزل في جو عسكري صارم.
لا. إن هذا ليس حزماً، إنه زراعة للخوف في نفوس الأبناء حتى لا يقتربوا من الآباء.
إن بعض الآباء يحسون بالحيرة إزاء مواقف الحياة المختلفة ويختبئون خلف جدار مصطنع من القسوة. السبب الأساسي في هذه القسوة هو أنهم لا يملكون القدرة على التفاعل مع الأبناء ويستريحون في الكسل عن القيام بمسؤولياتهم تجاه الأبناء.
وهؤلاء الآباء يحصدون في النهاية أبناءً لا يهتمون بهم في شيخوختهم.
إن الأبناء في الولايات المتحدة على سبيل المثال ينفصلون عن الآباء في عمر السابعة عشرة ويقال إن ذلك هو ((الاستقلال المبكر))، ولكن الآباء، من الناحية العملية يتوقون في الشيخوخة إلى الإحساس بدفء الامتداد في الحياة، ولا يجدون الأبناء بجانبهم. ذلك أن الكبار قد تناسوا في شبابهم التعامل مع الأبناء بحزم لا بقسوة وتناسوا في شبابهم التفاعل مع الأبناء وفضلوا على ذلك ((تسول)) الصداقة مع الأبناء.
إن على الآباء الإقبال على الأبناء بحب وبحزم أيضاً. وعلى الآباء عدم الاعتذار عن الانفجارات الصغيرة وعدم تسول الصداقة مع الأبناء.
ــــــــــــــــــ
ما هي الاسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بين الزوجين
(1) ليدرس الزوجان الاسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بينهما .
(2) ليقر كل منهما بخطئه بتواضع , والا تعذر العلاج لوجود الكبرياء والتعالي , وليعرف كل منهما ان من يبدأ بالاعتراف فهو الاعظم وليس بالعكس
(3) ليبدأ الاثنان في الصداقة العملية وفي التعاون البناء في الحال 0
(4) اذا اختلفا حول امر من الامور ليأخذا المسألة بسهولة وبالاقناع باللطف , ويتركا المسألة للزمن لزيادة الفهم اذا لم يتم الاقناع .
(5) واذا امكن ليحتكم الاثنان الى صديق للطرفين او لرجل من رجال الدين يثقان به وممن يحفظون اسرار الناس .
(6) وقد يحتكم البعض الى اجراء القرعة عن الامر الذي يختلفان فيه اذا كان الاثنان يستسيغان هذه الطريقة . قال احدهم : ان صفات اللطف والصبر والاحتمال , هي كالشحم للآلات يلينها ويسهل عملها . وهكذا لا تسير عجلة الحياة الزوجية إن لم تشحم بشحم هذه الصفات السامية . وكما ان الآلة تحدث اصواتا مزعجة , ويصعب ادارتها بدون تشحيم , هكذا تحدث لماكينة الحياة الزوجية , تحدث صخبا وصياحا وازعاجا بل تتعطل وتتوقف عن التقدم .
ــــــــــــــــــ
أنت قائد صارم أيها الأب وعليك أن تكون كذلك!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
د. سبوك
الانضباط مفقود في زماننا.
واللهاث وراء متطلبات حياتنا غير المستقرة ينعكس على أطفالنا بشكل أو بآخر.
فإذا كان الأب في العصور السابقة يضع نظاماً حديدياً للأدوار المختلفة لكل فرد من أفراد الأسرة، فقد اختلفت، في زماننا الأدوار وصار كل منا يؤدي الدور الذي يحبه لا الدور المفروض عليه.
فالأب في العصور السابقة كان يترك الأم في المنزل ويترك لها عملية تأديب الأطفال. وقد تلقي المرأة بالكرة في ملعب الأب فتخيف الأطفال من آبائهم.
ورأينا نماذج لكبار يقسمون أنهم لم يشاهدوا والدهم مرة واحدة وهو يقبلهم أو يدللهم. إن الأب هو ذلك الذي يمسك بسوط (كرباج) وهمي تهدد به الأم فيسكت الأطفال عن السلوك الذي لا توافق عليه الأم.
كان إيقاع الحياة كإيقاع عربة الحنطور التي تمشي الهوينا وتجري في حدود اللهو الآمن. أما الآن فهذا زمن السيارات والطائرات والصواريخ والحروب والحديث عن النقود والمخترعات. لقد ازدحمت البيوت بآلات التكييف والغسالات الأوتوماتيكية وطهو الطعام بأشعة الليزر، وصار الأب يدخل إلى منزله منهكاً من العمل الذي يقوم به لتوفير أقساط البضائع الجديدة التي عرضها التلفزيون، وصارت الأم تناقش معه مسألة توفيرها مبلغاً من المال من عملها لتجديد ستائر المنزل مثلاً. وهنا يقفز الطفل ذو العامين ليعبث بأنف الأب أو يستكشف سائر وجهه أو يجرب ثني ذراع نظارة الأب فيكسرها. إن عرق الأب وتعبه بل وكرامته تتعرض للعبث الطفولي. وكذلك قد يتعرض عقد من اللؤلؤ في عنق الأم إلى الانفراط نتيجة جذب الطفل لهذا العقد بعبث مفاجئ.
إن البيت مسرح المكدودين من الكبار والعابثين من الصغار. والطفل الذي خرج من جولة عناء سابقة يشعر ببعض الهزيمة تترسب في أعماقه. وهنا ماذا يمكن للأب أن يفعل؟ وكيف يمكن للأم أن تتصرف؟
إننا نحن الآباء في حاجة إلى استكشاف ضرورة القيادة الصارمة وبحزم مع الأطفال.
وعندما يمسك الطفل بنظارة أبيه يكون على الأب ألا يستسلم أو يقف متوسلاً للابن أن يترك النظارة. إن على الأب أن يتقدم بهدوء وأن يمسك النظارة من يد الابن ويستخلصها منه. وإن بكى الطفل أو صرخ فعلى الأب أن يقول له بمنتهى الحزم: ((إن النظارة موجودة معي لأرى بها وليست من ضمن ألعابك)). وإن تكرر عبث الطفل بالنظارة لا مانع على الإطلاق من أن يمسك الأب بيد الطفل ويضربه عليها دون غل أو توتر مبالغ فيه. ولنتذكر أن الطفل الصغير في حاجة إلى عقاب بسيط ولكن علينا أن نعرف أن العقاب البسيط يحتاج إلى هدوء وثبات ولا يحتاج أن تجعل الطفل سبباً لكل منغصات حياتك فتنفجر فيه وكأنك تنهال ضرباً على كل ظروفك الصعبة.
والطفل عندما يمسك عقد اللؤلؤ من صدر أمه يكون عليها أن تستخلص العقد من بين أصابع الطفل بهدوء. وإن تمادى الطفل فإن عليها أن تضربه بهدوء على يده أو على غليته. وعلى الأم أن تعرف أن العقاب البسيط يتطلب أن نمنع الطفل من القيام بما يؤذينا أو يؤذيه فقط لا غير. وعلى الأم ألا تضرب الطفل كأنه سبب كل عذاباتها.
إن علينا أن نتجنب ((الإزاحة)) في عقاب الأبناء، والمقصود بالإزاحة تلك العملية النفسية التي ينتقل بها العقاب من طرف أقوى منا إلى طرف أضعف منا.
إن الأب قد لا يجرؤ على توجيه النقد لرئيسه مثلاً فينفعل لأي سبب ويضرب الابن.
والأم قد لا تجرؤ على مواجهة زوجها ببعض من أخطائه فتضرب الابن وكأنه الممثل الحقيقي للأب.
إن ((الإزاحة)) يجب أن تختفي من تعاملنا مع أطفالنا وعلينا نحن أن نحرص على الوعي الشديد عندما نتكلم مع الأطفال وعندما نعاقبهم.
ن الطفل قد يتكرر منه الخطأ وقد يتلقى العقاب مرة، وثانية، وقد يركب رأسه إلى عناد. هنا لا يجب أن نستسلم أو نتحفز أن نعتبر أنفسنا آباء وأمهات غير صالحين.
لا. إن علينا أن نبحث في هدوء عن مكمن الخطأ في علاقتنا بالابن، وأن نلاحظ أنفسنا لا باتهام أنفسنا ولكن بتحليل سلوكنا، وبأن نستكشف مواطن القوة والضعف فينا وبأن نعدل في سلوكنا.
إن القيادة تحتاج إلى أن تعرف أن تعرف أن الطفل كائن جديد في حياتها وأنه يتدرب على الحياة وسط تقاليد معينة علينا أن نحرص على تلقينها له بسيطرة وهدوء أعصاب وشجاعة مؤثرة، لا بشدة وتوتر وانفعال. إن الأب والأم هما مجرى نهر حياة الابن. ومجرى النهر هو الذي يقود مياه النهر إلى المصب بهدوء.
إن القيادة لا تكون بالغضب دائماً من أي سلوك تافه، ولكن بتنبيه متجدد إلى أن الطفل يجب أن يفعل الأمر الصحيح.
والقيادة لا تكون بأن نتخيل أن أعباء الحياة بعد ميلاد هذا الطفل صارت لا تطاق، فالحقيقة هي أن الطفل جاء كرابط جديد يجعل الأب والأم يحبان الحياة أكثر وأكثر، إن الطفل جزء منا ونحن نفخر بمسؤوليتنا عنه.
والقيادة لا تكون بأن نخلط بين العبث والجد أو أن ننتقل من المداعبة إلى العقاب. فالقيادة هي ألا نسمح للإحباط أن يداخلنا ونحن نعامل الطفل، وأن تكون المبادرة دائماً في أيدينا، وألا نحتقر شأن الطفل كمجرد كائن صغير وألا نضخم في تخيل الوهم بأنه ((يتآمر)) علينا.
والقيادة تعني أن لكل شيء ميعاداً. فلا يصح على سبيل المثال أن نملأ وقت الأطفال بتقديمنا له الحلوى غير المغذية وزجاجات المياه الغازية، تمد الطفل بلون من الطاقة المزيفة التي لن تدفع جسمه إلى النمو والتي يفرغ منها جسمه عند اللعب.
وليتنا نمنع هذا الطعام والشراب المزيف الذي يبيعونه للأطفال ونستبدله بعصير طازج لأي فاكهة من الفواكه. وليتنا نتجنب العصير المعلب، إن المواد الحافظة فيه قد تسبب ألواناً من الحساسية للأطفال. ونحن نحب لأطفالنا أن ينشؤوا بعيداً عن أمراض الحساسية.
المهم أن نترك معدة الطفل تعمل وفق النظام الذي نعيشه نن، فمنذ أول العام الثالث والطفل يأكل عادة مثلما نأكل نحن، أي ثلاث وجبات، ولكن الطفل قد يجوع أسرع منا، وهنا نعد له سندويتشات من ألوان مفيدة من الطعام.
ونحن في أوقات الطعام العادية لا يجب أن ننصب لأنفسنا فخاً، بمعنى ألا نقول للطفل: ((ألا تريد أن تأكل))؟
إنه المفروض هو أن يتناول الطفل طعامه مع الأسرة، فلماذا نضع أمامه الاختيار؟
إنه قد يجيب على سؤالنا بالقول ((لا، لا أريد أن آكل الآن)) وبذلك نكون قد فتحنا على أنفسنا أبواب جدال ومناقشات لا لزوم لها، وسيصر الطفل على موقف العناد. إن مثل هذا السؤال: ((ألا تريد أن تأكل)) ليس إلا فخاً ننصبه لأنفسنا ونقع فيه رغماً عن إرادتنا، وهو ينتهي غالباً بإحساس بالإحباط.
وعندما نجد الطفل في موقف صعب، كاقترابه من حرف سور الشرفة أو إخراج أكثر من نصف جسمه من الشباك، لا يجب أن نتجمد مكاننا ونصرخ في الطفل ((لا .. لا .. لا)) إن هذه الصرخات قد تخل بتوازن الطفل نفسه، ولكن يجب أن نتصرف بهدوء وسرعة لننقله من هذا المكان إلى مكان آمن.
يجب أن نربط كلامنا مع الطفل بالسلوك العملي من جانبنا فيتلقى الكلمات وكأنها أمر غير مباشر، وهذا الأمر غير قابل للجدال.
إن المناقشات العقيمة والتي ينتصر فيها الطفل علينا تسبب لنا الإحباط وتزرع في نفسه من بعد ذلك الإحساس بالذنب ... هذه المناقشات وما شابهها تفضي إلى توتر العلاقة العاطفية بيننا وبين أطفالنا.
إن تآكل الحب بين الآباء والأبناء كان يحدث في القرون السابقة لأن أياً من الأب أو الأم لم يكن ليضع مشاعر الابن موضع الاعتبار. كان على الطفل أن يأكل في ميعاد مضروب، ولابد له أن ينفذ ذلك، وكان عليه أن يساعد في أعمال البيت منذ عامه السادس دون مناقشة، وكان عليه أن يصحب والده إلى العمل وأن يتصرف باتزان وثبات وإلا فهناك العقاب الصارم. وكان هذا اللون من السلوك يفجر طاقات عدم الاحتمال في نفوس الأبناء نحو الآباء والأمهات. ولست أنسى ذلك الأب الذي كان يزن كميات من الطعام لابنه حتى يأكلها رغما عن أنفه، وكان الطفل يقيء كل ما يأكله. إن هذا الطفل تمرد على أن يكون مجرد قالب يصبون فيه الطعام. وكان العلاج السليم لهذا الطفل أن نتركه لفترة من الزمن دون حلوى ودون أطعمة ذات سعرات حرارية مزيفة، وهذا يكفل لنا أن يأتي الطفل إلى ميعاد الطعام ليأكل مع الأسرة بالكميات التي يختارها هو.
أما في عصرنا هذا فإن الذي يسبب تآكل الحب بين الآباء والأبناء هو ذلك الإفراط في التسيب وخوف الآباء الشديد على حرية أبنائهم، وخوف الآباء الشديد من ممارسة قيادة الأبناء. وتكون النتيجة في الغالب حالة من الإحباط المشترك سببها أن الابن أخذ مساحة من الحرية لا يعرف كيف يتصرف بها ولم يتدرب على التعامل معها، وأن الأب والأم أحس كل منهما أنه لا يستطيع أن يسيطر على الابن.
إن علينا نحن الآباء والأمهات أن نقدم بشجاعة وهدوء على ممارسة مهمتنا الطبيعية وهي أن يكون الواحد منا صارماً دون قسوة، وأن يكون حازماً دون جفاف، وأن يكون حنوناً دون انهزام أمام الطفل. وإذا تساءلنا أين نتعلم كل ذلك، فإننا نقول: نحن نتعلم ذلك بالتدريب والانتباه والقدرة واليقظة على تعديل السلوك الخاطئ إلى سلوك مناسب.
ــــــــــــــــــ
لنعذر أولادنا.. المراهقين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
يكتفي أغلب الآباء والأمهات بهز رءوسهم استنكارا عندما يصاب المراهقون بحالة هياج ويغلقون الباب بعنف, ويلقي الوالدان اللوم على الهرمونات لدى الأبناء. لكن بحثا جديدا يشير إلى أن هذا السلوك الفظ قد يعود في الواقع إلى (تغير البنية) العادية للمخ الذي يحدث خلال فترة المراهقة.
وتوصلت دراسة حديثة لباحثين في جامعة سان دييجو, ترأّسهم روبرت مكجيفيرن الحاصل على دكتوراه في الفلسفة وبروفيسور علم النفس, إلى أنه مع الاقتراب من سن البلوغ, تنخفض قدرة الطفل على وضع أحاسيس الآخرين في حسبانه.(54/140)
واختبر الفريق قدرة 300 يافع تتراوح أعمارهم بين 10 و22 سنة على الحكم على الأحاسيس التي تم التعبير عنها من خلال الصور والكلمات. وطُلب منهم أن يقولوا ما إذا كانت الوجوه والكلمات تعبر عن السعادة أم عن الحزن. وأوضحت النتائج أن زمن رد الفعل يعتمد اعتمادًا كبيرًا على العمر, وتتناقص السرعة مع اقتراب الصغار من سنوات مراهقتهم.
ويبدأ رد الفعل يتخلف زمنيًا عند عمر 11 سنة بالنسبة للبنات و12 للأولاد, وهما العمران التقريبيان لبداية البلوغ. وانخفضت القدرة على التعرف على الأحاسيس لدى الآخرين بنسبة 20 في المائة لدى بعضهم. وتخلف ظهور رد الفعل زمنيا خلال السنتين التاليتين ثم استقر أخيرًا عند عمر 15 عاما.
وأوضحت دراسة مكجيفيرن, التي نُشرت حديثا في (المخ والإدراك), أن المراهقين يعانون من زيادة مفاجئة طبيعية في النشاط العصبي في قشرة مقدمة الفص الجبهي في المخ, وهي منطقة المخ التي تقيّم الخبرة والإدراكات الحسية لتحديد رد الفعل بالتقريب, وتلعب أيضا دورا مهما في التحكم في السلوك الاجتماعي.
وتبعا لمكجيفيرن, يكون لدى المراهقين (مخ أكثر جلبة) بسبب زيادة النشاط العصبي, ومع ذلك لم يستبعد الدور الذي تلعبه الهرمونات, ووصفه بأنه نوع من إعادة التنظيم يجعل من الصعب على المراهقين معالجة المعلومات وفهم المواقف الاجتماعية. ويمكن استيعاب هذا الأمر بشكل خاص, حيث إن التفاعل الاجتماعي يكون له تأثير طاغٍ على سلوك المراهقين.
ولعل تعاطفنا مع حقيقة هذه التغيرات, يجعلنا نتفهم أولادنا أكثر.
ــــــــــــــــــ
وسائل تخفيف المشاجرات بين الأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* سلوى المؤيد
يحتاج الأبناء أحياناً إلى أن يخصص الأب أو الأم لكل واحد منهم وقتاً قصيراً، يكون خلاله الابن مركز اهتمامها، على أساس أنه شخص مستقل ذو صفات متميزة .. إلا أن الأخ الآخر لا يسمح لأخيه بهذا الحق .. فيقحم نفسه في هذا الوقت الخاص .. هنا على الأب أو الأم أن يمنعا طفلهما من ذلك الاقتحام .. لأنه تعدى بذلك على وقت أخيه وعليه أن ينتظر حتى يأتي دوره.
إن إصرار الوالدين على تخصيص هذا الوقت لكل طفل على حدة .. سيقلل كثيراً من خصام الأبناء الصغار مع بعضهم البعض للحصول على اهتمام آبائهم.
ومعنى أن يخصص أحد الوالدين وقتاً لطفله أن يقضي معه عشر دقائق كل يوم أو يومين .. يقرأ معه خلاله قصة أو أن يحادثه أو يلعب معه أو يسير معه ويتحدث عن أمور تهمه .. ويبلغ حرص بعض الآباء على تخصيص هذا الوقت لأبنائهم إلى درجة أنهم لا يستلمون مكالمات تلفونية أثناءه .. حتى ينسجم مع طفله، وسنرى بالتدريج أن ذلك سوف يقلل من الخلافات الناتجة عن الغيرة بين الأبناء، لأنه سيشعر الطفل بأن له مكانة خاصة في نفس والديه.
ولنوضح مدى أهمية هذا الوقت بالنسبة للأبناء سنورد هذا المثال الواقعي.
هدى أم لطفلين توأمين في السادسة من عمرهما .. قامت بتخصيص وقت محدد لكل واحد منهما .. تركز خلاله اهتمامه عليه .. فينطلق في الحديث معبراً عن مشاعره.
وفي يوم سألت ابنها: ما هي أكثر الأشياء قرباً من نفسك؟
قال: عيد ميلادي.
قالت الأم: وما هي أكثر الأشياء كرهاً إلى نفسك؟
قال الطفل: عندما يأخذ أخي اهتمامك.
قالت الأم: يبدو أنك تريد أن تأخذ اهتمامي كله؟
أجاب الطفل: أتمنى لو أني أستطيع أن أتخلص من أخي .. أو أدفعه خارج الغرفة.
سألته الأم: وهل تريد أن تبقى معي طوال الوقت؟
رد ابنها: لا، أريد أن أبقى بعض الوقت.
إذن، تخصيص الأم لطفلها وقتاً قصيراً، يعبر خلاله عن مشاعره، سيشعره بمدى أهميته لدى أمه، وبالطبع سيقلل ذلك الشعور من مشاجراته مع أخيه. إعادة كلام الطفل وهو يتشاجر مع أخيه وسيلة أخرى يستطيع بها الآباء معالجة المشاجرات التي تشب بين الأبناء .. ولكن يستطيع الآباء فهم هذه الطريقة وتطبيقها.
سأستعرض هذا المثال العملي:
فكر أب في طريقة يعالج من خلالها مشاجرة بين ولديه .. فوجد أنه عندما أخذ يعيد كلام ابنه للابن الآخر دون أن يصدر حكماً على أحدهما جاء بنتيجة إيجابية. اشتكى حسام البالغ من العمر 3 سنوات لوالده ضرب أخيه الأكبر عادل له قائلاً:
ـ أبي، عادل ضربني.
قال الأب: عادل تعال هنا، حسام يقول: إنك ضربته.
قال عادل: لا، حسام يكذب، أنا لم أضربه.
قال الأب لحسام: عادل يقول: إنه لم يضربك.
رد حسام: لا، هو الذي يكذب، أحلف أنه ضربني.
أجاب الأب بحزم وهو يضع قاعدة على أبنائه الالتزام بها:
ـ حسناً، الضرب أمر غير مسموح به في هذا البيت، هل سمعتم؟
عاد حسام يشد لعبة عادل ليأخذها.
قال عادل لأخيه: لا تلمس لعبتي.
أجاب حسام متحدياً: بل سألمسها، وآخذها منك.
قال عادل: هذه اللعبة ملكي .. لن تستطيع أن تأخذها.
تدخل الأب قائلاً: عادل، حسام يريد أن يمسك لعبتك.
رد عادل: لا، لا أريد أن أعطيه، هذه لعبتي.
قال الأب: حسام، عادل يقول: إنك لا تستطيع أن تأخذ لعبته .. هل يمكنكما أن تحلا مشكلتكما معاً؟
واندهش الأب عندما رأى ابنه حساماً يحاول أن يحل المشكلة قائلاً:
ـ عادل .. هل أستطيع أن آخذ لعبتك لدقيقة واحدة.
رد عادل: لا، هذه اللعبة ملكي.
كرر الأب رفض عادل قائلاً: حسام، يبدو أن عادل غير مستعد لإعطائك اللعبة .. إذا استعد، سيعطيك إياها. نظر عادل إلى والده في دهشة من رد فعله .. وبعد لحظات قدم اللعبة إلى حسام. إذن إعادة الأب لحديث أبنائه جعله يقف موقفاً محايداً وشجع الأبناء على أن يحلوا مشكلتهما معاص دون أن يتطلعوا إلى أبيهم لفك مشاجرتهما.
ــــــــــــــــــ
ابتعد عن طفلك وقت الغضب .. ثم ناقشه
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* سلوى يوسف
ابتعد عن طفلك قليلاً .. إذا غضبت، لكي تسترجع هدوء أعصابك .. فتتفادى تجريحه وإهانته، وتستطيع توصيل رسالتك له بطريقة إيجابية.
ولنضرب مثالاً عملياً .. لنتعرف على كيفية استخدام هذا الأسلوب التربوي. حياة فتاة في العاشرة من عمرها .. نهضت من النوم .. ولم ترتب سريرها، ثم أخرجت بعض ملابسها وتركتها مرمية على الكرسي .. تضايقت أمها من فوضويتها .. وأرادت أن تعودها على ترتيب غرفتها فقالت لها:
ـ حياة .. لماذا تتركين غرفتك فوضى هكذا؟ .. هيا رتبي سريرك .. وعلقي ملابسك.
ردت الابنة: هذا عمل الخادمة .. نحن ندفع لها راتباً لتقوم به.
أجابت الأم وقد أخذت تشعر بالثورة تسري إلى نفسها:
ـ الخادمة تقوم بترتيب البيت مرة واحدة في اليوم .. أما بقية اليوم، فإن هذه غرفتك .. وأنت مسؤولة عن ترتيبها.
وخرجت من الغرفة لكي لا تفقد أعصابها وتبدأ في تجريح ابنتها .. وعندما هدأت عادت إليها، وقالت:
ـ الآن أستطيع أن أناقش معك هذا الأمر، أريدك أن تعلمي أمراً وتطبقيه مستقبلاً، ما دمنا نعيش في هذا البيت .. فإن لكل واحد منا واجباً يقوم به لكي نتعاون على أن يكون منزلنا مرتباً، إذا كنت لا تريدين ترتيب غرفتك .. فسأختار لك عملاً آخر تقومين به .. ماذا تختارين؟.
تراجعت الابنة قائلة:
ـ أختار ترتيب فراشي وغرفتي، حتى تبدو مرتبة وجميلة.
أحياناً يتعب الآباء من تكرار هذه المواقف الغاضبة مع أبنائهم عندما يقومون بتذكيرهم يومياً بواجباتهم، فماذا يفعلون؟
قال أحد الآباء: تعودت أن أبتعد عن ابني عندما أغضب عليه، أدخل إلى الحمام لأستحم، أو أفتح الراديو على أي موسيقى كلاسيكية .. أفعل أي شيء يبعدني عن جو الغضب .. ثم أعود له لأناقشه، وأخرج معه دائماً بنتيجة إيجابية .. تحسن سلوكه.
تقول إحدى الأمهات: عندما يزداد الضغط على نفسيتي .. أدخل إلى غرفتي وأبكي وحدي، فأشعر بالراحة .. وأعود مرة أخرى إلى أبنائي لمتابعة أداء واجباتهم اليومية حسب المطلوب. أم أخرى قالت: إنها تدخل غرفة المكتب .. وتكتب عدة ملاحظات عن ابنها .. تعبر من خلالها عن كل ثورتها .. ثم تعود إليه لتناقشه بهدوء حول العمل الذي طلبت منه أن يقوم به وعاندها في أدائه، وتقول: إنها كانت في كل مرة تخرج بطريقة إيجابية تساعدها على توطيد علاقتها بابنها، بدل المشاحنات والكلام الجارح الذي كانت تنهال به عليه عندما يعاندها ويغضبها فتزداد ثورته، ولا تصل معه إلى طريقة تساهم بها في تطوير سلوكه.
إذن، الابتعاد عن أطفالنا وقت الغضب يمنحنا فرصة لنعبر عن غضبنا بطرق لا نندم عليها فيما بعد.
وهذا مثال آخر نستعرضه، يعلمنا كيفية استخدام هذا الأسلوب التربوي.
أصر محمد البالغ من العمر خمس سنوات، أن يلبس قبعة اشتراها له والده للمدرسة .. كانت الأم تعلم أن قوانين مدرسة ابنها تمنع التلاميذ من ارتداء القبعة في الفصل، لكنه صمم على ارتدائها رغم معارضة والدته بقولها:
ـ أنت تعلم أن قوانين المدرسة ل تسمح لك بارتداء هذه القبعة.
رد عليها: أرجوك يا أمي، أريد أن ارتدي قبعتي في المدرسة.
أجابت الأم: لكن المدرسة سوف تمنعك، أنت تعلم أن المدرسات يعاملن جميع الطلبة معاملة متساوية.
رد الابن غاضباً: إذن لن أذهب إلى المدرسة.
أجابت الأم وهي غاضبة: الأفضل أن لا تذهب.
فرح محمد لرضاء أمه على عدم ذهابه إلى المدرسة فسألها:
ـ هل أستطيع أن ألعب في حديقة البيت؟
ردت عليه والدته بحزم:
ـ إذا لم تذهب إلى المدرسة، فإنك سوف تبقى طوال اليوم في غرفتك، لن تلعب في الحديقة، أو تشاهد التلفزيون، أو تلعب مع أصدقائك.
وعندما شعرت أن غضبها قد ازداد .. خرجت فوراً من الغرفة، وبعد أن هدأت عادت إليه، وبدأت معه حواراً هادئاً.
قالت له: دعنا نتحدث عما دار بيننا منذ قليل .. هل تريد حقاً ارتداء القبعة في المدرسة حتى تبدو كالأبطال؟
هز الابن رأسه بالإيجاب.
ردت الأم: أظن أن ما ستفعله سيشعرك بأنك قوي، وأنك متميز بلبس قبعة غيرك لا يرتدي مثلها.
قال الابن: نعم.
قالت الأم: هل ارتديت جاكيت المدرسة لنذهب؟
قال محمد: نعم .. هيا بنا.
لقد أحنت الأم التصرف، لأنها عندما شعرت بتزايد غضبها، خرجت من الغرفة وسألت نفسها هذا السؤال:
ـ هل من المفروض أن أتحكم في تصرفات ابني في المدرسة، هذا ليس من واجبي وإنما هو واجب المعلمة، وستقوم به على أفضل وجه، لأنها ستمنعه من ارتداء القبعة في الصف، فلماذا إذن أغضب؟
وهذا ما حدث بالفعل، حيث منعت المدرسة محمداً من ارتداء القبعة في الفصل واستسلم لما أمرته به طائعاً.
ــــــــــــــــــ
ابنك سيئ الخلق .. لماذا؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. علي القائمي
بالنسبة للعلل والأسباب التي تجعل الأطفال من ذوي الأخلاق السيئة، تتباين بحسب نوع القضية وعلتها.
أما إذا أردنا أن نقتفي آثار العلل بالمعنى العام فيجب أن نقول بأن العوامل المساعدة على بروز هذه الظواهر تتلخص بما يلي:
1 ـ العوامل الحياتية: في هذا المجال نذكر بعض العوامل المهمة:
ـ احتمال أن يكون الطفل مريضاً ويشكو من مرض داخلي يسبب له آلاماً وأذىً.
ـ وضع الطفل البدني، واحتمال وجود نقص بدني يجعله مدعاة لمسخرة الآخرين.
ـ مراحل نمو الطفل والتي لها دخل في سلوك الطفل كسن الرابعة أو سن البلوغ.
ـ الجوع، الأرق، التعب من العوامل المؤثرة في السلوك الغير طبيعي للطفل.
ـ الصراع وعوامل أخرى تؤثر على الانحراف الخلقي للطفل.
ـ اضطرابات المزاج والشعور بالآلام المزمنة تؤثر على أخلاق الطفل.
ـ وهناك مسائل أخرى لها هذا التأثير مثل تأخير وقت الغذاء أو النوم أو وجود الديدان أو الطفيليات في الأمعاء أيضاً من العوامل المهمة التي لها دخل في سوء أخلاق الطفل.
2 ـ العوامل النفسية: في هذا المجال هناك عوامل وعلل كثيرة يمكن تلخيصها بما يلي:
ـ الشعور بالاستقلال الفكري الذي يرغب توظيفه في خدمة أغراضه.
ـ ابتلاء الطفل بأمراض نفسية وحتى الصرع والإغماء والأنواع الأخرى المختلفة كالاختلالات الدماغية والأمراض العصبية.
ـ شعور الطفل بأن حريته واستقلاله قد أُنتهكت ويريد الدفاع عنها.
ـ غياب الوالدين أو ابتعاد الطفل عنهما وإحساس الطفل بنقص في المحبة.
ـ عجز وإحباط الطفل في حل مشاكله يؤثر أحياناً على انحراف وسوء أخلاقه.
ـ جهل الطفل لبعض القضايا وضعف إدراكه يخلق له معاناة تؤثر على أخلاقه.
ـ إحساس ضعف لدى الطفل مقابل إنجاز بعض الأعمال التي يشعر أنه بحاجة إليها مثلاً يريد الحصول على شيء لا تصل يده إليه أو يريد أن يرسم منظراً ولا يستطيع ذلك أو أن تعلّق أشياءه التي له علاقة بها في مكان لا يستطيع تخليصها منه و ... و ...
3 ـ العوامل العاطفية: في هذا الحقل نذكر عوامل تستحق تسليط الضوء عليها:
ـ حدوث إحباط في ميولات الطفل والإحساس بالفشل في الحياة وكذلك الشعور بالحقارة بسبب استهزاء وتحقير الآخرين له بحيث تبدو شخصيته محل سؤال واستفهام وأيضاً القلق وعدم الاستقرار العاطفي يخلق للطفل أرضية للضجر وعدم الراحة.
ومن العوامل الجديرة بالذكر هنا هي التعصب، العناد، العصبية، الرغبة في جلب أنظار الآخرين، حب الانتقام، المحاسبة، الحرمان من العطف والمحبة العائلية وعدم الشعور والإحساس بالموازين والمقاييس الأخلاقية. كذلك إن أوضاع بعض الأطفال مؤهّلة للاضطراب والتهيّج وسلوك البعض مع الأطفال يزيد في تحريك الطفل وهيجانه.
وكذلك فقدان الأمل، الفشل وعدم الموفقية لها تأثير على سوء أخلاق الطفل. وأحياناً يكون سوء الخلق ناجماً عن المصاعب الغير قابلة للتحمل بحيث يشعر الطفل بأنه مغلوب على أمره فيعيش أزمة نفسية خانقة.
4 ـ العوامل التربوية: هناك عوامل كثيرة في هذا المجال نذكر منها:
ـ مشاهدة الأخلاق السيئة للوالدين أو من يحيط بالطفل من قبل الطفل يعتبر درساً سيئاً للأبناء.
ـ حرمان الطفل من والديه وما يسببه هذا الأمر يخلق عند الطفل نزعة حب جلب نظر الآخرين إليه.
ـ دلال الطفل النابع من الإفراط في محبته يؤثر على سوء أخلاقه.
ـ السلوك الخاطئ للأم أو الأب في التعامل مع الطفل مثل الضحك والاستهزاء منه في حالة غضبه.
ـ غفلة الوالدين وإهمالهم لوظائفهم ومسؤولياتهم تجاه طفلهم وعدم مقدرتهم على تمريضه.
ـ التساهل واللامبالاة في تعويد الطفل على النظم.
ـ الاستفادة من الخشونة في تربية الطفل،وكذلك فإن للأمر والنهي الزائد عن الحاجة آثار على سلوك الطفل.
ـ هناك ضعف كبير ناتج عن عدم مقدرة الوالدين على تربية أطفالهم بسبب انشغالهم المستمر بالكسب على حساب تربية أطفالهم فيحدث انحراف خلقي وسلوكي لدى الطفل.
5 ـ العوامل الاجتماعية: أما الأخلاق السيئة لدى الأطفال والناتجة من علل وعوامل اجتماعية فهي:
ـ النزاع والمشاجرة بين الوالدين وأفراد العائلة له تأثير على التربية السيئة للطفل.
ـ وأحياناً سوء الخلق ينتج من التأثر بالأصدقاء والمعاشرون للطفل وكذلك أفراد المجتمع.
ـ العيش في محيطات غير ملائمة ومناطق يتصف أهلها بسوء الخلق والفساد.
ـ الأوضاع الغير ملائمة للعائلة من حيث المراقبة والأمر والنهي والانضباط.
ـ وجود نوادي الفساد والمحافل الموبوءة والشغب كلها من عوامل سوء التربية.
ـ الشعور بعدم الأمن والاطمئنان في محيط الحياة الاجتماعية بسبب وجود الضغوط وعدم الاستقرار.
ـ عدم الثبات والاستقرار في المجتمع بسبب الجور والتمييز والمضايقات التي تسببها الأجهزة الأمنية والإدارية والتنفيذية وكل المتصدين من علماء وأمراء و ...
ـ التجاوز والاعتداء الصادر من شخص خشن ومزعج، أو فرض فساد على الطفل من قبل أشخاص يفوقونه بالسن و ...
ـ العوامل الثقافية:
هناك جذور ثقافية لسوء الأخلاق التي يتصف بها الطفل وفي هذا المجال نلخص العوامل الثقافية بما يلي:
ـ الجهل وعدم الوعي وهي من الأمور العادية والطبيعية بالنسبة للأطفال.
ـ التعليم الخاطئ للقيم التي تعلمها الطفل في المدرسة والعائلة والمجتمع.
ـ عدم تعلم المسائل التي لها ارتباط بالآداب والأخلاق والسلوك بومعنى آخر عدم تعلم الأمور التي لها ارتباط بحياة الفرد.
ـ وجود الكتب والمجلات والقصص والأساطير التي لها تأثير سيئ في التربية حيث تعتبر بحد ذاتها دروساً سيئة للطفل.
ـ الأشعار والأمثال الكنايات والاستعارات الغير مناسبة كذلك لها آثار سيئة.
ـ الفن وسوء التربية والتعليم والتي تداول الاستفادة بسوء منها في المجتمع وكذلك حلول ما هو ضد القيم محل القيم، لها بالغ الأثر على تربية الطفل.
ـ نوع التربية العائلية التي تعتمد على نوع من الأفكار والفلسفات.
ـ ويجب أن لا ننسى أن كل ما لدى الطفل هو حصيلة لما تعلمه من أفراد المجتمع أو البيت أو المدرسة أو وسائل الإعلام. فعلى هذا الأساس يجب أن يخضع كل ذلك للمراقبة المشددة.
ـ العوامل الأخرى:
هناك عوامل أخرى لها علاقة في سوء أخلاق الأطفال يمكن إحصاؤها بما يلي:
عدم التنظيم في وضع المأكل والمشرب والنوم ووسائل الراحة واللعب وكذلك ضعف القدرة على التحمل والأوضاع الغير طبيعية التي تعتري الطفل أثناء البلوغ حيث تحدث اضطرابات في وظائف الغدد واختلالات في شروط وظروف العيش وكذلك الافتراق والتباعد ووضع المسكن والمنطقة، كل هذا له آثار في الاضطرابات العاطفية لدى الطفل و ... وحتى بإمكان هذه العوامل أن تخلق أرضية لسقوط الطفل أخلاق
ــــــــــــــــــ
لا داعي للرحيل خارج المنزل .. ثم الصراخ من بعد ذلك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. سبوك
إنها الرشوة الكاملة.
هذا ما قلته لنفسي وأنا أرى الطفل الصغير لا يأكل من يد أمه.
والأم تصر على أن الطفل لا يتناول غذائه جيداً لذلك يجب أن يأكل.
وينظر الطفل إلى الطعام ويشمئز منه.
وتتعجب الأم بدهشة تقترب بها من حافة الجنون: ((لماذا لا تأكل يا بني؟ إنه الطعام الذي قلت إنك تحبه!)).
ويجيب الطفل ببراءة: ((كنت أحب هذا الطعام أمس أما اليوم فأنا أكرهه)).
وتقول الأم: ((إن أكلت طعامك ستخرج إلى حديقة الحيوان)).
فيجيب الطفل: ((لا. لنذهب إلى حديقة الحيوان أولاً ثم آكل بعد ذلك)).
وبين الإلحاح والوعد والرفض والإصرار تدور مباراة حامية. وتنتهي بأن يأكل الطفل بعض الطعام ليبدأ هو رحلة إلحاح من نوع آخر. إنه التساؤل المختلط بصوت التوسل والتذكير: ((ألن نذهب إلى حديقة الحيوانات)).
إن الطفل يطالب بحقه من الرشوة. إنه قد أكل لا لأه جائع ولكن الأم وعدته بالذهاب إلى حديقة الحيوانات. ويستطيع الطفل بلون من المثابرة والمناورة والإصرار أن ينقل أقفاص حديقة الحيوان فوق رأس أمه وأبيه. إنه يسير ويحمل الوعد الذي لم يتحقق. لقد أكل لأن هناك وعداً. والوعد لم يتم تنفيذه. هنا تقول الأم للأب: ((يجب أن نأخذ الولد إلى حديقة الحيوانات)). ويقول الأب الذكي الذي يراقب موقف الطفل من أوله: ((هيا نلعب مع قطة الجيران)).
ويأتي الطفل ذو الثلاثة أعوام إلى القطة ويحاول أن يربت على شعرها فتنفر منه وتنكمش وكأنها ستهاجمه. فيربت عليها الأب أو يربت عليها ابن الجيران فتستكين، وتتحرك القطة بعيداً، فينظر الطفل إليها نظرته إلى كائن غريب، ويقول: ((صارت القطة صديقتي)). ومن بعد ذلك قد يأخذ الأب الطفل إلى منطقة تجري فيها حفريات للشوارع لأن هناك ما سورة مياه جديدة يتم تركيبها مثلاً. فيشاهد الطفل الجرافات والمحركات الكبيرة و ((يبحلق)) في هذه المعدات ثم ينتابه الملل فيطلب العودة إلى المنزل.
وفي المنزل يمكن للأب أن يفتح كتاباً لقصص الأطفال ويقرأ فيه للابن بصوت مرتفع وبتمثيل، وهنا يشعر الطفل بسعادة بالغة فينتهز هذه الفرصة ليبدأ بتنظيف أذنه بقلم رصاص، وينتبه الأب فيصرخ في الطفل، ويتمادى الطفل في الانزعاج فيبكي وينفجر بركان عدم الصبر في صدر الأب فيوسع ابنه ضرباً، ويقول: ((لقد كنت لك كالأراجوز أيها اللعين ... )) ويبكي الطفل وينام وتنتابه الكوابيس فيستيقظ صارخاً وتضرب الأم كفاً بكف وتحاول تهدئة الطفل، ويرى الأب نظرات الاتهام في عيون الأم، فيقول ليبعد عن نفسه نظرات الاتهام تلك: ((إنه ولد مدلل. إنك تفسدينه بالاستجابة لكل رغباته)). فتقول الأم: ((إنك أنت الذي تفسد الولد بالانتقال من الحنان المبالغ فيه إلى القسوة)). ويصمت الأب ويفتح الطفل عينيه ليجد أمه وأباه معه فيصمت وينام ويصمتان فينامان.
وفي مثل هذا الجو المضطرب يعلن الأب لنفسه: ((أنا لا أصلح أن أكون أباً ... كيف أربي ابناً وأنا بلا تجربة؟)). وقد تقول الأم لنفسها: ((أنا جلبت لنفسي وجع القلب. كان يكفي أن اصدق زوجي عندما قال لي بعد إنجاب ابننا الأكبر أن لا داعي لمزيد من الأبناء)). ورحلات الندم والقلق تنتقل بسرعة إلى أعماق الابن. إنه يشعر أنه كائن منزعج فيتمادى في الإزعاج ثم إنه يشعر أن الأب والأم قد ألقيا به في الحضانة وتركاه دون أي سبب.
إن هذا النمط من الآباء والأمهات قد ارتكب بتصرفه هذا عدة أخطاء منها:
ـ الخطأ الأول: هو إحساس الوالدين بعدم أهليتهما للقيام بمهمة الأب والأم. إن هذا الإحساس يجب أن نزيله من حياتنا فوراً، لأننا إذا كنا قد أنجبنا طفلاً وربيناه، فقد نكون اكتسبنا قليلاً من الخبرة في تربية الأبناء. وإذا كنا لم ننجب بعد فيحسن بنا أن نتذكر أن التربية لا تحتاج إلى نظريات وإنما تحتاج إلى إحساس. إن الإحساس هو الذي هدى الإنسان إلى أن له رباً قبل أن ينتبه الناس إلى أن الله قد أرسل الرسل. وعندما جاء الرسل صدقوا وآمنوا ومن بعد ذلك جاءتهم الغفلة، فقادهم الإحساس إلى ضرورة الإيمان حتى لا يعم الفساد الكون. وتوالى الموكب الرسالي حتى ختم الأنبياء. إذن فالهداية إلى أن للعالم خالقاً كانت موجودة. وهذه الهداية وحدها كانت كفيلة بأن تجعل البشرية تصدق الرسل. فما بالنا بتربية الأطفال؟ إنها ليست أمراً عسيراً، فهي تحتاج منا إلى إعلان هذا القدر من العجز.
ـ الخطأ الثاني: هو ربط الطعام بجائزة ما. يجب أن تعرف أن إعلانات التليفزيون والصحف ومجلات الحلوى تقتنص من دخل الآباء الكثير. وما دام الطفل يلهو بفمه المشغول بالحلوى ويصمت عنا، فنحن نعتبر أن ذلك هو المطلوب. ثم يأتي موعد الطعام ليجد الطفل نفسه غير قابل لتناول الطعام. إن علينا أن نراعي عدم تقديم أية حلوى للطفل نظراً لضررها على أسنانه. وعلينا كذلك أن نراعي عدم تقديم أية ألوان من الأطعمة المحفوظة داخل أكياس أو زجاجات المياه الغازية، لاشتمالها على مواد حافظة لها وعلى ألوان الصباغة، إذ قد ثبت علمياً ضرر هذه المواد الملونة وتلك المواد الحافظة على صحة الإنسان.(54/141)
ـ الخطأ الثالث: هو الذهاب بالطفل في نزهات لا يرغب فيها الأب أو الأم. إنها ألوان من التنزه التي تشبه العقاب للكبار، إنها محاولات من الكبار للحصول على صمت الصغار لا محاولات للتفاعل مع الأطفال. وكذلك يمكن أن ينفجر عدم الصبر كقنابل موقوتة في صدور الأمهات والآباء ... وهذا أمر مرفوض ... إن علينا أن نخصص أوقاتاً للترفيه مع الأبناء. صحيح أن لنا أعمالنا وصحيح أن لنا مشاغلنا، ولكن من الصحيح أيضاً أننا نشعر بالأسى عندما نسمع عن انحراف شاب في السادسة عشرة من العمر أو إدمانه للمخدرات أو خروجه عما يعتبره المجتمع أساسياً. ومهما كانت مشاغلنا فلابد من أن نخلق لأنفسنا متعة التواجد مع الأبناء وأن نعرف أننا نتعلم منهم وأنهم يتعلمون منا. إن في داخل كل طفل قدراً هائلاً من الحكمة نحتاجه نحن الكبار كما أن في داخل كل منا طفلاً يرغب في الانطلاق للعب مع الصغار. إن التنزه مع الأطفال ليس عقاباً نوقعه بنفسنا ولكنه حق طبيعي لنا ولأطفالنا.
ـ الخطأ الرابع: يجب أن نذهب بالطفل إلى الحضانة منذ العام الثالث، لأن بقاء الطفل مع أمه قد يكون مرهقاً لها جداً. ثم إن الأم قد تترك الابن مع الخادمة وليس مع المربية. فليست لكل الأسر تلك الإمكانات لتعيين مربية متعلمة حاصلة على قدر من التدريب العلمي الكافي للتعامل مع الطفل. ولذلك فذهاب الطفل إلى الحضانة أمر مرغوب فيه شرط أن يكون الذهاب إلى الحضانة بالتدريج، بمعنى أن تقضي الأم مع الطفل ساعة من اليوم الأول ثم تغيب عنه ساعة وتعود لتجلس معه ربع ساعة أخرى ثم تنصرف. وفي اليوم التالي تجلس معه نصف ساعة ثم تتركه لمدة ساعة وتعود لتجلس معه بضعة دقائق ثم تأخذه وتنصرف. ويستمر هذا الحال لمدة أسبوع ثم تتركه ليذهب مع والده في الصباح إلى الحضانة. إنه بذلك يتعلم الانغماس في مجتمع جديد.
ـ الخطأ الخامس: هو تبادل الاتهامات بين الأب والأم حول أسلوب تربية الابن. إن هذا الجو المحموم بالإحساس بالعجز يجعل الزواج نفسه محل اهتزاز وعدم ثبات. ورغم أن الزوج أحب الزوجة قبل الزواج ورغم أن الاثنين تعاهداً كثيراً على الحب والإخلاص، فها هي لحظة عملية يحتاج فيها الإثنان إلى تدعيم الحب والإخلاص. وتدعيم هذا الحب لا يأتي بالبحث عن متهم، ولكن بأن نعلم أن كلاً منا مسؤول عن تربية الابن شرط أن نناقش معاً الصواب الذي نعتقده والخطأ الذي نظنه وأن نعرض الأمر على الطبيب المعاون لنا في تربية الطفل. إن الاتفاق بين الكبار على أسلوب واحد للتعامل مع الطفل يجعل الطفل يتعلم أن الأب والأم يرتبطان معاً برابطة الحب له ورابطة الحب بينهما وهذا ما يدفعه إلى الاطمئنان العاطفي اللازم له حتى ينضج نفسياً.
أخي، أقول إنه ليس من المطلوب أن تصحب معك ابنك في رحلة للترفيه عنه وتحس خلالها بالنكد والضيق لتصرخ آخر النهار في الطفل ولتعاقبه. إنك بذلك تزرع في نفسه قدراً من التوتر أنت في غير حاجة إليه. والطفل نفسه في غنى عن التوتر أو التعب في نهار طويل وممل. إنه يحتاج إلى نظرة حنان منكب بعد فسحة قصيرة تشعر بعدها أنك سعيد لمجرد التواجد معه.
ــــــــــــــــــ
أخطاء ابنك عندما تشبه أخطائك .. لماذا تنزعج؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المشهد هو عام 1946. والفصل الدراسي منتظم جداً. تهامس الطلبة عن مدرس الحساب ـ هذا المدرس العجوز المريض بالسكر والذي لا يسمع بأي خطأ على الإطلاق. العقاب عنده معروف وواضح. يخرج الطلاب من الصف ويقفون أمام منضدة المدرس ويمدون أكفهم ويضعونها على المكتب، ثم يضع المدرس قلماً من الرصاص مضفراً أصابع كل تلميذ ثم يبدأ المدرس بالضرب على اليد بأربعة مساطر معاً. وكان هذا العمل هو فاتحة كراهية علم الحساب بأكمله وكل ما يتعلق به، بل كان هو السبب في عدم معرفتي بما في جيبي من نقود، ولا أدري كيف نجحت في بقية الامتحانات في علوم الحساب. والسبب هو ذلك الديكتاتور الذي فهم مهمة المدرس بشكل خاطئ فأوجد عند عدد من التلاميذ ما يسمى بالكف عن التعلم والتوقف عن الفهم لما يقول. والسبب هو اختلال السكر في دم هذا الرجل، فقد صار يفهم مهمته في الحياة بشكل خاط ويعلم الأطفال ألا يتعلموا على الإطلاق. وكان من المعروف أن نسبة النجاح في الصف الذي يتولاه هذا المدرس تقل عن العشرين بالمائة.
المشهد هو عام 1975. والفصل الدراسي مليء بضجيج الأطفال، وابني هو التلميذ الصغير الذي يدخل السنة الأولى الابتدائية. فجأة، وقبل أن يخطو الطفل في طريقه إلى مكانه في الفصل، يتراجع مذعوراً باكياً، وتتقدم منه المدرسة لتلاطفه فينكمش بعيداً عنها ويتجه إلى مكانه في الفصل، وفي آخر اليوم يقول لي: ((إن مدرسة الحساب ترفض أن تجلسني في الصف الأمامي لأني أرى السبورة وهي تلمع فلا أرى ماذا تكتب عليها وتقول لي: اذهب إلى الخلف يا أعمى)).
وتنفجر إذ ذاك في داخلي نار صغيرة من شمس حارقة. إن اللعبة تتكرر من جديد. إن قسوة اللفظ الجاف تنهال على الولد الصغير لتجعله عاجزاً عن حفظ جدول الضرب. وبطبيعة الحال وجدت في هذه المدرِّسة نفس ملامح مدرِّس الحساب القديم. إنها تقسو على الأطفال ولكن بسبب آخر غير مرض السكر. إنها تقسو على الأطفال بسبب قسوة المجتمع عليها. لقد تزوجت وهي صغيرة وطلقها الزوج بعد أن ارتقى في تجارته وتزوج فتاة أجمل منها، ولأنها لا تنجب خرجت إلى الحياة تبحث عن عمل، فوجدت عملاً كمدرسة لعلم الحساب في مدرسة راقية. وكان ابني للأسف الشديد يشبه ابن زوجها من زوجته، فلذلك أخذت في اضطهاده.
لقد بدأت أفهم علم الحساب بعد أن استمتعت بقراءة تاريخ التأليف الموسيقي وحياة فاغنر، وبيتهوفن، وموزار، وسيد درويش، وأغاني الفلكلور العربية. ولم أجد وسيلة للقضاء على أخطاء مدرسة الحساب في حق ابني إلا بأن نقلت ابني من المدرسة. وبعد ذلك بدأت أحضر له شرائط أغاني فيروز فكان ينسجم تماماً مع ((ميس الريم)) ويسعد تماماً وهو يسمع موسيقى بيتهوفن، وبدأت أعلمه الحساب من خلال حساب سنوات التاريخ القديم والحكايات عن عدد الآلات الموسيقية التي تعزف وقصص عن كل أغنية وكل مسرحية غنائية.
وفاجأني ابني بموقف مختلف من الخطأ. إن أخطائي تنبع من أنني أقرأ أكثر من كتاب واحد في وقت واحد: كتاب في علمم النفس، وآخر في التاريخ، وثالث في العلوم السياسية. وبدأت أشاهد ابني وهو يرتكب الخطأ نفسه: إنه يبدأ أعمالاً كثيرة ولا ينتهي من أي عمل منها، وتذكرت أن كثيراً من الأعمال قد فسدت أو ضاعت قيمتها لمجرد الخلل الذي صار عادة، وصارت أعمالي الناقصة تتراكم على مكتبي. والشيء نفسه تعلمه ابني مني دون قصد مني. إنني أضع تحت يديه كل ألوان الكتب الملائمة لسنه، فكان يقرأ من كل كتاب صفحة ثم ينتهي إلى كتاب آخر فثالث، ورأيت أن ذلك انعكس على أسلوب تحصيله الدراسي، فهو لا يتم أبداً مذاكرة أي علم من العلوم. إنه يترك دائماً أجزاءً من كل علم. وتكون النتيجة أنه يرسب في بعض العلوم وذلك نابع من عدم إتمامه لأعماله.
في البداية ثرت في وجهه وعاقبته، ولكن أمه قامت بتنبيهي إلى أن الطفل يكرر نفس أخطائي. فلماذا أغضب منه؟
إنه لا يهتم بترتيب خزانة ملابسه ويلقي بفردة حذاء هنا وفردة حذاء هناك، ويظل كل صباح يلاحق الزمن من أجل البحث عن فردة حذاء ضائعة، تماماً كما ألاحق أنا الزمن من أجل أن أجد المفاتيح أو حافظ النقود، إني ألقي بأي شيء في أي مكان ثم أبذل الجهد الكثيف من أجل أن أجد أشيائي الضائعة.
وبدأت أرى بعيني أنني لا أربي أبني ولكن ابني هو الذي يقوم بتربيتي. لقد بدأت أضع أمام ابني نظاماً لحياتي، ومواعيد قيام محددة من النوم، ونظاماً لممارسة الرياضة قبل أن أخرج من المنزل صباحاً. وبدأت أدخل المنزل لأضع كل شيء في مكان واضح ومحدد: سلسلة المفاتيح في لوحة للمفاتيح، والجرائد في مكان الجرائد. أما الكتب فقد بدأت أضعها في المكتبة، وبدأت أضع قائمة بنظام عمل يومي. ووضعت أمامي أكثر ما أكره في هذه الحياة وهو المنبه الذي يوقظني صباحاً.
وبدأت أحسب مرتبي وأوزعه على بنود الصرف المختلفة.
وبدأت أنظم أعمالي فلا أقوم إلا بعمل واحد في وقت واحد، وبعد أن أنتهي من هذا العمل أبدأ بإتمام عمل قديم ناقص.
واكتشفت أن ابني يقلدني: صار يحدد مواعيد لكل عمل وكل شيء، وبدأ يضع الرياضة في قمة اهتماماته، وأهم من كل ذلك أنه بدأ يقرأ كتبه الدراسية ويتمها للمرة الأولى، ونجح بتفوق.
إن العلاقة بين الأب والابن تثير التأمل، إنها منافسة ـ في جانب منها ـ يتخللها حب ودفء. وكذلك العلاقة بين الأم والابنة، إنها في ناحية منها عملية منافسة، ولكنها منافسة محاطة بالحب الدافئ.
والآباء أصحاب الطموح العالي يملكون أيضاً طموحاً عالياً لأولادهم والأبناء يتفاعلون مع الطموحات العالية.
وما دام الأب يعدل في أخطائه ويصحح طموحه ويعيد ترتيب حياته بمرونة، فالابن أيضاً يتقبل إعادة النظر في الأخطاء ويتعلم فن تصحيح الطموح ويعيد ترتيب حياته بمرونة.
إن الأب الواعي لنفسه ولسلوكه وكذلك الأم الواعية لنفسها وسلوكها يستطيعان الحياة مع الأبناء بثقة، ولا يأتي القلق ليدق باب القلب إلا عندما يوجد فعلاً ما يستحق القلق، وعندما يرى أحدهما أن الابن أو البنت قاربت على الخروج عن الخط الصحيح.
هؤلاء الآباء والأمهات ينتبهون جيداً إلى أخذ الأمور دائماً في حجمها الطبيعي ولا يصنعون ((من الحبة قبة)) ولا يحومون حول الأبناء وكأنهم مجرمون صغار يقومون بالتحضير لجريمة ما. إن هؤلاء الآباء الواثقين من أنفسهم لا يقومون بالإلحاح دائماً على الأبناء بل يتناقشون معهم بهدوء وتعاون ولا يقومون بمطاردة الأبناء على لا شيء وكل شيء.
والآباء السعداء يقومون بالتفاعل مع كل ابن على أساس احترام الاستقلال والمشاعر.
إن الابن الثاني سواء أكان فتاة أم فتى ينال هذا الاستقلال تلقائياً. ومن الرائع أنه لا يصاب بالقلق عندما لا ينال الاهتمام الكافي لأنه يملك في داخله الثقة بأنه قادر على طلب المعاونة من الأسرة الواثقة من نفسها إذا ما طرأ طارئ يستدعي ذلك. وهذا أمر مختلف قليلاً عن الطفل الأول الذي قد يحس بالخوف والفزع إذا ما أحس بفقد اهتمام والده وأمه به.
ونلحظ في بعض الأحيان أن الفتاة التي تكون هي الطفل الأول في العائلة، سواء أكانت اجتماعية أم انطوائية، تخاف بعض الشيء من أن تكون مجرد دمية يديرها الآخرون. وتحيا هذه الفتاة لذلك في بعض التناقض الظاهري، فهي تحتاج إلى كمية كبيرة من الانتباه وتقاوم في نفس الوقت المصدر الذي يعطيها هذا الانتباه. إنها تخفي إظهار إعجابها قليلاً ثم تنهمر من بعد ذلك في إعطاء عواطفها، وهذا ما أنبه إليه دائماً أي خطيب لفتاة تكون هي البكر لأسرتها وذلك حتى لا يتهمها بالجفاف العاطفي.
وباختصار، أريد أن أؤكد أنه من السهل جداً أن نقول للآباء الجدد: ((تعاملوا براحة أوسع وتفاعل دون توتر مع الابن الأول)). ولكن هذا لا يساعد الآباء، لأنه ببساطة يشبه دعوة شخص إلى الاسترخاء في المرة الأولى التي يقود فيها سيارة أو يمتطي صهوة جواد. ولكننا نحن الآباء والأمهات، يمكننا أن نقرأ وأن نناقش وأن ندرب أنفسنا.
وإذا كنا، نحن الآباء والأمهات، لم ننجب إلا طفلاً واحداً وقررنا ألا ننجب غيره أو شاءت الظروف أثناء وضع الطفل إجراء عملية جراحية للأم تمنعها من الحمل مستقبلاً، فعلينا في هذه الحالة أن نصحب ابننا الوحيد منذ أن يتعلم المشي ليوجد بين جماعة من الأطفال فيتعلم منهم الأخذ والعطاء منذ البداية المبكرة.
والمربية في الحضانة يمكنها أن تهتم بالطفل الوحيد وأن تحاول أن تدربه على الاندماج مع غيره من الأطفال. كما يجب ألا يهمل الوالدان اصطحاب طفلهما الوحيد في بعض زياراتهما.
وأحب أن أقول إن ما أعرضه لكم من تجارب عن تربية الأبناء في الزمن الصعب ليست قضايا مقدسة كفروض الصلاة يجب أن تؤدى في مواعيدها.
لا. إنها مجرد تجارب تدعوك إلى الاستمتاع التلقائي من خلال صحبتك لأبنائك، لأن جوهر المسألة كلها هو المحبة وزيادتها وتقويتها دون اعتداء عاطفي من الكبار على الصغار ودون ابتزاز الصغار للكبار بحثاً عن حقوق ليست لهم.
ــــــــــــــــــ
طفلي يخاف ويخجل ويشعر بالغيرة .. كيف يمكن أن أعالجه؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* مجموعة أطباء
إنه يخاف .. ويخجل .. ويشعر بالغيرة ..
ما معنى كل ذلك .. ؟
معناه ببساطة أنه يشعر بالقلق ..
وهكذا يظهر القلق في تصرفات الطفل على هيئة خوف من أشياء مألوفة .. أو خجل عند التحدث مع الآخرين .. أو الإحساس بالغيرة من أي طفل آخر ..
كيف يحدث ذلك؟
ثم .. كيف يمكن أن نعالج هذه الأعراض؟
ـ الخوف .. وعلاجه:
الواقع أن الخوف شيء طبيعي في حياة الطفل .. ولكن يصبح هذا الخوف غير طبيعي عندما تزداد حدته.
والواقع أن الطفل الذي لا يخاف إطلاقاً هو الطفل الذي يعاني من نقص واضح في قواه العقلية.
أما الطفل الذكي .. القادر على التخيل فإن مخاوفه تكون .. أكثر.
وفي العام الأول من عمر الطفل يعبر المولود عن الخوف بالصراخ .. ويكون ذلك عند سماع صوت مرتفع مفاجئ. أو عندما يشعر بصدمة الوقوع.
وفي سن الستة أشهر يصرخ الطفل الصغير عندما يلتقي بوجه غريب .. غير مألوف.
أما في الفترة بين العامين والثلاثة من عمر الطفل فإن مخاوف الأطفال تتركز في الكلاب .. والسيارات .. وأي جهاز تصدر عنه ضجة.
كذلك يخاف إذا بقي وحيداً .. أو إذا تركته أمه مع آخرين لم يتعود على رؤيتهم .. أو إذا احتجزته أمه داخل مكان مغلق.
والغيرة في حد ذاتها تعتبر خوفاً من فقدان حب وعطف الوالدين .. أو الإحساس بأن هناك انساناً آخر أهم من الطفل عند الوالدين.
كل هذه المخاوف تعتبر طبيعية .. وكل الأطفال العاديين لهم أكثر من صورة خوف من هذه الصور.
وفي الفترة من عامين إلى ثلاثة من عمر الطفل نجد أنه قد يستيقظ في الليل بعد حلم مزعج.
والواقع أن الخوف في حياة الطفل الصغير يكون بسبب نقص في الخبرة .. والفهم لطبيعة الأشياء.
ويكون الكبار هم غالباً السبب في زرع هذا الخوف في نفوس صغارهم.
فالأم التي تقول لطفلها: لا تخف من الظلام .. تزرع في قلبه الخوف بالفعل من الظلام ..
وعندما تهدد الأم طفلها فإنها تقول:
سأذهب بك إلى الطبيب ليحقنك ..
بعد ذلك .. هل يكون من الغريب أن يخاف الطفل زيارة أي طبيب؟.
وعلى هذا .. لا يجب أن تعبر الأم عن خوفها من أي شيء أمام طفلها .. وإلا اكتسب الطفل نفس هذا الخوف تماماً مثل والدته.
وعلى هذا لا يجب تهديد الطفل بإرساله إلى المدرسة إذا تصرف بغير هدوء في البيت .. لأن معنى ذلك إنه سيخاف الذهاب إلى المدرسة.
ولا يجب مثلاً أن تهدد طفلها بأن هناك من سيضربه إذا خرج إلى الشارع وحده ... لأنه هنا سيخاف الخروج.
كذلك .. هناك القصص الخرافية التي تحكي عن الجن والعفاريت .. إن مجرد رؤية ظل متحرك أمام الطفل سيدفع إلى رأسه بصورة العفريت الذي سمع قصته وعرف أنه يخطف الأطفال ...
على هذا ... فإن علاج الخوف عند الأطفال يكون بإحاطة الطفل بالحب والثقة والاطمئنان.
وبالتالي لا يجب الكذب على الطفل بأي حال من الأحوال .. فإذا كان الطفل في طريقه إلى الطبيب أو المستشفى فيجب على الأم أن تشرح له بالصدق أنهم في طريقهم إلى الطبيب .. ويجب أن يعرف الطفل مقدماً ماذا سيحدث في عيادة الطبيب .. وبذلك لا يشعر الطفل بأي خوف.
وهكذا يجب أن يفهم الطفل جيداً .. ما دام قادراً على الاستماع والفهم.
وإذا تملك الخوف تصرفات الطفل .. فإن العلاج لا يكون سهلاً .. فلا يجب أن يسخر أحد من مخاوفه .. أو نردد أمامه إنه جبان .. فإن كل ذلك لا يساعد على تخليصه من الخوف.
فأول خطوات علاج الخوف هي الاعتراف بوجود مخاوف في حياة الطفل والنظر باهتمام إلى أحاسيس الطفل تجاه هذه المخاوف.
ومن الخطأ أن ندفع الطفل إلى مواجهة الشيء الذي يخافه بحجة التعود على هذا الشيء.
فإن الذي يحدث هنا هو مزيد من الخوف ..
والمفروض إبعاد هذه الأشياء التي تخيف الطفل .. واعطائه الإحساس بالاطمئنان وعدم وجود هذا الخطر الذي يخاف منه.
ومن الغباء أن نقول له دائماً: لا تخف من هذا ..
فإذا كان الطفل يخاف من الظلام .. فيجب حاطته بالضوء ... ومع ازدياد نموه فإنه سيعرف بالتجربة أن الظلام لا يحمل الخطر أو الخوف.
ويمكن أن تساعد الأم طفلها بالدخول أمامه وحدها في الغرفة المظلمة ..
وفي مثل هذه الحالة يجب أن تلفت نظره إلى أن هذا التصرف طبيعي ..
وبعد أن تؤكد له هذا الموقف تصحبه لفترة قصيرة داخل حجرة مظلمة ..
وتكرر ذلك .. إلى أن يتأكد الطفل بنفسه من أن الظلام لا يحمل الخطر.
فإذا كان الطفل يخاف من الكلاب مثلاً .. فليس من الحكمة أن ندفعه إلى تدليل كلب فإن ذلك سيزيد مخاوفه ..
ولكن نبدأ بإبعاد الكلاب عنه .. ثم ندعوه ليرى عن بعد طفل آخر يداعب كلب .. ثم نعطيه لعبة صغيرة على هيئة كلب .. وهكذا يكتسب الثقة وعدم الخوف خطوة بعد خطوة ...
ـ الخجل ... مشكلة:
في بعض الأحيان تمر على الأطفال فترات من الخجل ..
وفي هذه الفترات تأتي وتذهب بلا سبب واضح.
والخجل عند الأطفال يأخذ أكثر من صورة:
ففي سن الستة أشهر نجد أن الطفل يهرب من مداعبة الغرباء ...
وعند سن العام .. يهرب الطفل ليختفي وراء أمه عندما يتحدث إليه غريب.
أو قد يغطي عينيه بيديه ...
ثم يكبر الطفل ... وهنا نجد أنه يصمت عن الكلام .. ولا يرد إذا أحس بالخجل.
وتختلف شدة الخجل من طفل إلى آخر .. وهنا يجب أن نذكر حقيقة هامة:
قد يرث الطفل الخجل عن والديه ... أو أحدهما.
ولكن .. قد يكتسب الطفل هذا الخجل إذا عزله الأهل عن الآخرين سواء كانوا أطفالاً مثله أو كباراً ..
وفي نفس الوقت قد يظل خجولاً بالرغم من اختلاطه الشديد بالناس ..
ومن هنا تظهر ضرورة وجود علاقات دائمة مع أطفال آخرين .. وتشجيع الطفل على مشاركتهم اللعب .. والحركة، والأكل.
إنه شيء أساسي ألا نعزل الطفل عن العالم.
وفي نفس الوقت لا يجب أن نحيط الطفل بالتعليقات المختلفة في وجود الغرباء .. فالمفروض أن يشعر الطفل بالاطمئنان تجاه هؤلاء الزوار قبل أن يبدأ في الاقتراب منهم.
ومن الخطأ أن نعالج الخجل بالصراخ في وجه الطفل .. أو بعبارة: هل أنت أخرس .. تكلم؟.
فإن هذا الأسلوب لا يفيد؟ كما لا يجب التحدث عن خجل الطفل أمامه.
ومع إحاطة الطفل بالحب والثقة والاطمئنان ... يمكن أن يختفي هذا الخجل من حياته.
ـ الغيرة .. لها علاج:
في كثير من الحالات تكتفي الأم بإظهار تعجبها من هذه الغيرة التي تسيطر على تصرفات طفلها دون أن تفكر لحظة واحدة في سبب هذه الغيرة.
وفي أغلب الأحوال تلعب الأم نفسها دوراً أساسياً في زرع الغيرة في نفوس أطفالها ..
فالأم تصرخ عندما تجد أن الطفل الأكبر يضرب المولود على رأسه ...
وفي نفس الوقت فإنها لا تلحظ إنها ظلت تداعب هذا الصغير فترة طويلة دون أن تعير الأكبر .. أي اهتمام.
فالغيرة تنشأ عندما يحس الطفل أن هناك مَن يسرق التفات الوالدين واهتمامهم .. وهكذا يتصرف دفاعاً عن كيانه .. ويكتفي الأهل بالصراخ ويقولون: إنها الغيرة.
وما يسميه الأهل بالغيرة ينعكس داخلياً في الطفل ويظهر في صورة تبول ليلي ...
فالفراش يبتل كل ليلة وتصرخ الأم دون أن تعرف أن تصرفاتها مع المولود الجديد وراء كل هذه المتاعب.
على هذا يمكن أن نقيس كل تصرفات الأم ...
فهي تقبل من المولود الجديد كل تصرفاته بينما تحتج على أي خطأ يرتكبه الأخ الأكبر ..
وعندما يعود الأب من عمله .. فإنه يذهب مباشرة ليداعب المولود الصغير.
قد ينسى في هذه الحالة أن يقبل الأخ الأكبر كالمعتاد.
وهكذا .. ليس غريباً أن يخلق الأهل عند الطفل الإحساس بعدم الاطمئنان ... وعدم الثقة ... ثم يصرخون في وجهه عندما يتصرف ويقولون: إنها الغيرة.
ويكبر المولود ... وتتكرر أخطاء الأهل في صورة أخرى ...
إنهم يسمحون للأصغر بأشياء .. ويرفضون للأكبر نفس هذه الأشياء ..
وإذا أخطأ الأصغر .. فاللوم على الأكبر لأنه لم يحذره .. أو لأنه يقلده ..
وهكذا يكون نفس الفعل حرام على الكبير .. وحلال على الصغير ..
وتشتعل الغيرة أكثر إذا تعود الأهل على المقارنة بين الأخوة أثناء وجودهما ...
وعندما يذهب الأكبر إلى المدرسة .. يشعر الأصغر بالغيرة .. فهو أيضاً يريد أن يخرج كل صباح.
وتعتمد غيرة الأخ الأكبر على عمره عند وصول الأخر الأصغر ..
فكلما كان هذا الطفل صغيراً في السن كلما زادت غيرته من هذا القادم الجديد ..
ــــــــــــــــــ
عندما يغيب الأب عن اسرته...
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد عباس نورالدين
الأب ليس مجرد وجود عضوي أو اقتصادي أو اجتماعي, إنه كل ذلك, والأهم, هو دوره النفسي والروحي في تكوين الأبناء
للحديث عن الآثار النفسية والاجتماعية التي يمكن أن يخلّفها غياب الأب عن أسرته, لابد من إبراز الدور الذي يلعبه وجود الأب داخل الأسرة نفسها. ففي مختلف المجتمعات, مهما تباينت درجة تقدمها, يحتل الأب مكانة خاصة إذ إنه يلعب دورًا رئيسيًا في تماسك الأسرة واستمرارها. وليس من باب الصدفة أن يطلق على الأب في مجتمعنا عبارة (رب الأسرة), أو أن يشبه بـ(عمود الخيمة), الذي لا يمكن للخيمة أن تأخذ شكلها أو أن تستقيم دونه. ويذهب (جيرار مندل) إلى أبعد من ذلك, ويعتبر (ظاهرة السلطة) التي عرفتها جميع المجتمعات منذ بدء الخليقة منبثقة مما سمّاه (التبعية البيولوجية والنفسية والعاطفية) للطفل إزاء الكبار, ولاسيما إزاء الأب. وفي اعتقادنا أن هذه التبعية - إذا ظلت في الحدود المعقولة - تعتبر ضرورية لكل من الأطفال والآباء على حد سواء.(54/142)
ولعل الوظيفة الرئيسية للأب, بالإضافة إلى توفيره للحاجات المادية للأسرة, أنه يتيح للأبناء الاقتداء به, الأمر الذي يعتبر حيويا بالنسبة لتكوين شخصيتهم ولتوازنهم النفسي, لاسيما في المرحلة الأولى من طفولتهم. فالطفل يكوّن صورته عن ذاته من خلال تعامل أسرته معه, لاسيما تعامل الأب الذي يشكل بالنسبة إلى الطفل نموذجًا يحاول دائمًا التماهي به والاقتداء بما يصدر عنه من أفعال. وتقليد الطفل لوالده, في حركاته وأقواله وأفعاله, ظاهرة تعرفها مختلف الأسر, الأمر الذي يعكس حاجة الطفل إلى الأب كنموذج لسلوك يحاول أن يتمثله ويتعود على القيام به. ومن هذه الناحية, فإن ما يلاحظه الطفل من سلوك والديه, لاسيما سلوك الأب, يلعب دورًا مهمًا في تكوين شخصيته وفي توازنه النفسي, أكثر من الدور الذي يمكن أن تلعبه النصائح والإرشادات التي يسمعها الطفل من والديه, أو من معلميه أو من أي مصدر آخر. ولا يمكن لأي شخص آخر, سواء كان الأم أو الأخ الأكبر أو أحد الأقارب, أن يقوم بالوظيفة نفسها التي يقوم بها الأب, فحتى الأم, مهما بلغت من قوة الشخصية ومن القوة الاقتصادية, لا يمكنها أن تكون أمًا وأبًا في آن معًا.
بالإضافة إلى ذلك, يعتبر الأب بالنسبة للطفل هو (المشرّع) إن صح التعبير, فهو الذي يضع الحدود بين ما يجب أن يقوم به الطفل, وما يجب ألا يقوم به. ومن خلال تدخل الأب في سلوك الطفل يدرك الطفل معنى القانون والواجب, وبالتالي يعدُّ للتكيف مع الحياة داخل المجتمع, على اعتبار أن ذلك يشترط التزام الفرد بسلسلة من القواعد والأعراف التي دونها يتحول سلوك الفرد إلى انحراف يدينه المجتمع ويعاقب عليه.
إن الأب, يعتبر بالنسبة للطفل مصدرا للأمن والحماية. ومما لاشك فيه أن غيابه المادي أو المعنوي يحدث اضطرابا في حياة الطفل. ويتجلى ذلك في مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب الطفل بين الحين والآخر, لاسيما أثناء النوم, أو على شكل أعراض (نفسية - جسدية) (قضم الأظفار, تبول لاإرادي, عدم التركيز, كثرة النسيان, الميل للعزلة...إلخ), أو على شكل تغير مفاجئ في السلوك لم يكن معروفًا قبل غياب الأب. وكثيرًا ما تكون هذه الأعراض النفسية والسلوكية بمنزلة خطاب لاشعوري موجه للأب إذا كان لايزال على قيد الحياة, أو موجه للآخرين للاهتمام بما يعانيه الطفل نتيجة غياب الأب.
ويتحدث العالم الأمريكي (بتلهايم), استنادًا إلى حالات قام بعلاجها, عن اضطرابات نفسية تظهر على الأطفال الذين يعانون من غياب الأب في حياتهم. وقد يستمر تأثير هذا الغياب للأب إلى ما بعد الطفولة, وربما يستمر مدى الحياة. فالابن, عندما يكبر, قد يصعب عليه أن يقوم بدور الأب أحسن قيام, إذا حرم في طفولته من الأب. لذا يقول المحلل النفسي (برنار تيس): (لكي تكون أبًا لابد أن تكون ابنا في السابق. وكذلك البنت, فإنها قد تنتظر من زوجها أن يقوم بدور الأب الذي حرمت منه. وأحيانا تعبر عن ذلك بميلها إلى الزواج من رجل متقدم في السن بديلا عن الأب الذي حرمت من عطفه وحنانه في طفولتها.
أمهات...ولا آباء
تتكرر في مجتمعاتنا حال الأطفال الذين اضطرتهم الظروف إلى أن يعيشوا مع أمهاتهم بعيدين عن آبائهم. وفي حال الطلاق أو الهجر غالبًا ما تحاول الأم إلقاء اللوم على الأب على مرأى ومسمع من الطفل, بل قد تحاول تشويه صورة الأب في نظر الطفل بأن تصفه بصفات سلبية, وأحيانًا تكيل له الشتائم وتحمّله مسئولية ما تعانيه, خاصة أن الزوجة المطلقة تميل إلى الشكوى تنفيسا عن حال الإحباط التي تعيشها. وتنسى الزوجة في هذه الحال أن مَن تشوّه صورته في نظر الطفل كان زوجها, وأنها قبلت به واختارته لما كانت تعتبرها صفات إيجابية يتميز بها عن غيره. كما تنسى أن الصورة المشوّهة التي تقدمها عن الأب تتعارض مع الصورة التي كانت تقدمها عن الأب قبل الطلاق.
وتذهب بعض الأمهات إلى أبعد من تشويه صورة الأب المطلّق, وتحاول تحريض الابن ضد والده مستخدمة وسائل لاأخلاقية رغبة منها في الانتقام من الأب. إن سلوكًا من هذا النوع من جانب الأم يسيء بالدرجة الأولى إلى الابن الذي سيكون أبا في المستقبل, وكذلك إلى البنت التي ستكون أمًا في المستقبل وترتبط بعلاقة زواج مع رجل. والأم غير الواعية, التي تعيش هذه الوضعية, ترتكب خطأ فادحًا في حق أبنائها عندما تحاول تشويه صورة والدهم لديهم, كيفما كان سلوك الأب. فصورة الأب يجب أن تظل في مخيلة الابن مقرونة بكل ما هو إيجابي. بل أكثر من ذلك لا يقبل من الابن أن يحاول الإساءة إلى والده لإرضاء الأم, وأحيانًا كمحاولة يلجأ إليها الابن طمعًا في أن تستجيب الأم لجميع مطالبه. وعلى الأم المطلقة, ليس فقط ألا تشوّه صورة زوجها السابق في نظر أبنائه, وإنما أن تشجع هؤلاء الأبناء على أن يظلوا على صلة بوالدهم. وتخطئ الأم في هذه الحال عندما تعتقد أن بإمكانها أن تلعب دور الأب والأم معًا, وتتوهّم أن إغداقها على طفلها واستجابتها لجميع ما يطلبه سيكون تعويضًا له عن الأب, فالطفل ليس جهازا هضميا, بل إن حاجته إلى الأب, بما يرمز إليه الأب من مشاعر الأمن والعطف والحماية..., تفوق حاجته إلى الطعام واللباس. لذا يوصي الدكتور (سبوك) الأم المطلقة أو التي هجرها زوجها بألا تحاول أن تلعب دور الأب والأم في الوقت نفسه, لأنها لن تستطيع ذلك مهما فعلت. ويؤكد أن على الأم أن (تُبقي ظل الأب قويًا في البيت وذلك لمصلحة الأبناء أنفسهم).
ــــــــــــــــــ
كيف تواجهين عالم من الأسئلة الحرجة جداً!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. سبوك
فجأة، ودون سابق إنذار يدخل الطفل صاحب الأربع سنوات إلى غرفة الجلوس، ويكون الجالس فيها الأم الحامل التي تنتظر مولوداً جديداً بعد أسابيع قليلة ومعها عدد من الأقارب الذين يتحدثون عن المولود الجديد. ويضع الطفل يديه في وسطه وكأنه سيوجّه اتهاماً إلى الأم ويسألها بصوت مرتفع:
ـ مَن قال لك أن تنجبي طفلاً غيري؟ ثم لماذا لم تقولي لي كيف ينجب الرجال والنساء الأطفال؟ قولي لي كيف تنجبين الأطفال ولماذا تخبئينهم داخل بطنك؟
ولابد للابن أو البنت عند طرح هذا السؤال ((الناضج)) أن يجدانا نتقبل هذا السؤال بشكل ناضج، ودون أن تمرّ الوجوه بالخجل. إن من واجب الأم في هذه الحالة أن تتحدث إلى الطفل وكأنه شخص مهم جداً وأن تقول له: إنني أريد أن أجيب عن سؤالك الهام في وقت آخر عندما نكون بمفردنا ودون حضور أحد.
وعندما تعاملين الطفل بهذا القدر الهائل من التقدير فهو يتصرف طبقاً للإشارة العاطفية التي خرجت من قبلك وصاحبت لهجتك وأنت تتكلمين معه. ولا تنسي أبداً أن تقولي للطفل الحقيقة المجردة، والتي يمكن تلخيصها في أن الله عندما خلق الكون وضع بذور كلّ الأطفال نصفها في ظهور الرجل ونصفها في بطون المرأة. وكل نصف يسعى إلى لقاء النصف الآخر بعد أن يصبح الرجل قادراً على العمل وتصبح المرأة قادرة على إدارة الحياة، وتنمو البذرة بعد أن تجد نصفها في بطن المرأة إلى أن تلد.
وقد يكون سلوك الأب تجاه الأم مجافياً للشعور العام. إن لنا أن نعرف أن الطفل إنما يأخذ فكرته عن نفسه وعن الجنس الآخر من التعامل اليومي بين الأب والأم. فإن كان الوالد كثير المعارك مع الأم أو كان يفتعل دائماً تحقير رأيها، فإن الابن يعتبر أن ذلك ((الاحتقار)) هو أسلوب التعامل العاطفي مع المرأة. والبنت التي ترى أن أمها كثيرة التعالي على الأب وأنها تسيء معاملته يستقر في سلوكها أن التعامل مع الرجل مفتاحه التعالي وإساءة المعاملة.
وعندما يصرخ الأب قائلاً إنه يتعب كثيراً وأنه لا ينال أي شيء مقابل تعبه وإنه مظلوم، فإن هذا الصراخ ينقلب في ذهن الطفل إلى أن الرجل هو ضحية المرأة، وأنه من الأفضل جداً عدم الزواج حتى يستمتع الإنسان بناتج عمله.
وعندما تصرخ الأم بالقول إن الرجل هو الكائن المستمتع الوحيد بالحياة، وهو المستغل لكل جهد المرأة، وإن المرأة هي التي تتعب وترهق نفسها وتعيش أسيرة للرجل فإن هذا اللون من الصراخ ينقلب في وجدان الفتاة الصغيرة إلى كراهية للرجل وإلى عدم تقدير له، ولذلك نجدها تتهرّب من الزواج عندما تكبر.
والأسرة التي تفضّل الولد على البنت تقع في سلسلة هائلة من الأخطاء. إن الرجل لم يفضّل على المرأة إلا بأن يتحمل المزيد من الكد والكدح والتعب لتوفير وسائل الحياة للمرأة. إنه تفضيل لا يعني عبودية المرأة للرجل ولكن ضرورة السعي الجاد لتكون المرأة سيدة في مجالات يرهق الرجال أنفسهم بدراساتها ولا يستطيعون إتقانها كما قد تتقنها أبسط امرأة غير متعلمة. ومثال ذلك توفير حنان الأم للوليد.
إن الرجل والمرأة مطالبان بإعادة تربية نفسيهما ليكون كل منهما مثالاً قابلاً للتجديد من ابنه أو ابنته. وليس معنى ذلك أنني أطالب الأب أو الأم أن يرهقا نفسيهما بالتمثيل وادعاء الحكمة ولكني أطالبهما بأن يعرفا أن حبهما للطفل يمكن أن يقودهما إلى تغيير في السلوك يتيح للطفل أن ينمو نمواً متوازناً.
وهذا النمو المتوازن نجده في الابن الثاني للأسرة أكثر مما نراه في ابنها البكر. فتربية الابن البكر كالجامعة التي دخلها الأب لينال الدراسات العليا في تربية الأطفال. لقد عانى هذا الطفل تحملاً غير عادي، وهبها الله لكل مخلوق: عانى من الاهتمام المبالغ فيه، ومن تجمع الكبار حوله منذ أن بلغ الشهر السادس ليعاملوه وكأنه أعجوبة الزمان، وعانى من محاولات تعليمه أن يكون إنساناً له أخلاق الملاك. فقد طلب منه والده أو والدته ـ على سبيل المثال ـ في إحدى المرات أن يشارك الأطفال الغرباء في اللعب بألعابه بالرغم من أن خيال الطفل يزدحم بصورة واحدة وهي أن الكبار سوف يساعدون هذا الطفل الغريب لكي يأخذ كل لعبه وكل أشيائه. وعلَّم الطفل الأول أباه وأمه أن العنف في محاولة تعليمه التبرز والتبول لا يأتي بنتيجة وأنه من المهم أن يقولا له إن الإنسان عندما يخرج هذه البقايا فإنه لن يصبح فارغاً بل سيطرد الأشياء الرديئة من بطنه ليفسح المجال للأطعمة المناسبة التي تساعده على أن يكبر. وعلّم الطفلُ الأول كلاً من أبيه وأمه أن يصمتا قليلاً حتى يبدأهم هو بالكلام، ذلك أن الهجوم الدائم على الابن بالكلام يجعله يعدل عن أن يبدأ الآخرين بالكلام أو التحية. علمهم الطفل الأول أيضاً أنه ليس تلك الدمية التي يعرضونها بفخر زائد أمام الغرباء، ذلك أنه قد امتنع عن بعض الأحيان عن الظهور أمام الضيوف.
وعلى ذلك يأتي الطفل الثاني وكل من الأب والأم قد تدرب جيداً على التعامل مع الطفل بتوازن واعتدال. ولكن على الأب والأم أن يتعلما كيفية الحديث عن الضيف القادم إلى الأسرة، وهو الابن الوليد ... إن على الأب والأم أن يخبرا الطفل الأول أنه صاحب الفضل في حبهما للأطفال وأنه لولا حسن معاملته لهما ولباقته ورقته وقدرته على التفاهم لما فكرا في إنجاب طفل جديد. ولابد من إعطاء الطفل الأول قدراً من المشاركة في الإعداد لاستقبال الطفل الثاني، كأن يشترك معهما في اختيار ملابس الطفل الوليد وإعداد مكان استقباله. كما يفضل من الناحية النفسية ألا يشهد الطفل الأول أمه أثناء الوضع، ويستحسن أن تذهب الأم إلى المستشفى للولادة أو أن يذهب الطفل عند أصدقاء للأسرة يحب البقاء معهم لساعات. وعندما يعود الطفل الأول إلى المنزل عليه أن يحس أن مكانته لم تهتز وإن كان هناك طفل جديد في البيت.
ويمكن للأم أن تشرك الابن الكبير في إعداد ملابس الطفل الوليد وأن يراها وهي تعد له الرضعة، وأن يساعدها في ترتيب سرير الوليد. إن ذلك كله يخفف من مخاوف الطفل الأول على مكانته عند الأب والأم.
ويمكن أن يكون ميلاد الطفل الجديد بداية لتعليم الطفل الأكبر كيفية اتخاذ بعض القرارات الصغيرة لنفسه، كأن يختار لعبه، أو أن يتعلم كيف يعقد رباط الحذاء، وأن يتعلم أن الأب والأم صارا أقل سيطرة عليه، وأن يقوم وحده بتربية نبات أو ترتيب مكتبته الصغيرة.
ومن المهم تماماً أن نُعلم الطفل الأول أنه لن يأخذ أحد مكانته، لذلك فعلى الأب عندما يدخل المنزل وهو عائد من العمل أن يسأل عن الطفل الكبير أولاً، ثم يسأل عن الطفل الوليد.
إن الابن الأكبر يحتاج في الشهور الأولى من ميلاد الطفل الثاني إلى مَن يطمئنه على مكانته ومَن يعزز استقلاله في الوقت نفسه. ومن المفيد أن يصحب الأب ابنه الأول في بعض النزهات الخاصة إلى الأماكن التي يجد فيها جماعات من الأطفال. إن أندية الأطفال موجودة في كل البلاد، وغالباً ما نجد فيها مشرفين وقيمين على درجة عالية من الكفاءة.
إن الأنانية وحب الذات ومقاومة الطفل الجديد القادم أمور طبيعية للغاية في أعماق الطفل الأول. إنه يدافع عن مكانته. ولعل الخروج بصحبة الأب مرات متكررة خلال الأسبوع لشراء الأشياء الضرورية للأسرة يعوضه قليلاً عن فقدان عرشه الذي كان يجلس عليه وهو صدر الأم. كما أن خروجه إلى أندية الأطفال أو للحضانة لساعات قليلة في اليوم الواحد يتيح له أن يرى نفسه مجرد فرد واحد ضمن مجموع الأطفال، وذلك عندما يشاركهم في مباريات وألعاب وتقوم بينهم معارك وتنشأ خلافات ويلجأ إلى المشرفة على الحضانة ويعود مرة أخرى إلى المنزل ليجد نفسه أيضاً عضواً في جماعة وليس إمبراطوراً متوجاً يطلب من الجميع الرضوخ له.
إن حاجة الطفل منذ عامه الثالث للخروج من المنزل احتياج أساسي ليزول عنه لونان من الوهم الذي صنعه الكبار: الوهم الأول أنه إمبراطور متوج على عرش كل القلوب، والوهم الثاني أن يرى المجتمع الكبير في نطاق آخر غير نطاق الأسرة.
وحتى في حالة الطفل الوحيد يجب على الأب والأم أن يذهبا إلى الحضانة منذ بلوغه سن الثالثة حتى يعرف أن هناك مجتمعاً من الأطفال. إن الطفل لا يذهب إلى الحضانة حتى يتعلم القراءة أو الكتابة. إنه يذهب ليلعب ولينمو وليتمم تدريبه على عدم الالتصاق الشديد بالأم أو الأب.
قد يقال إن الحضانة مكان ضيق ويمكن أن يصاب الطفل فيه بالزكام أو بالأمراض المعدية: ونحن نقول إن الأطباء يعرفون أكثر منا أن مناعة الطفل قوية إذا ما أخذ كل اللقاحات في مواعيدها وأن الدول صارت تعتني بصحة أطفالها بحيث لا يحتجز الطفل في المنزل إلا بناءً على أمر الطبيب بالراحة.
هكذا تدور حياة الطفل في زماننا الصعب هذا. إن عليه أن يتعلم اقتحام المجتمع والتعاون معه.
ألستم معي في ذلك؟
ــــــــــــــــــ
كلمة نصح للفتيات
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمود أحمد
يحكى أن أمامة بنت الحارث العثلبية عند عوف ابن محلم بن ذهل بن شيبان، فولدت له أم إياس بنت عوف فتزوجها الحارث بن عمرو الكندي فلما أرادت أمها هداءها إليه قالت لها:
((أي بنيّة، إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة حب لتركت ذلك معك ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل ...
أي بنية، لو استغنت ابنة عن زوج لغنى أبويها لكانت أغنى الناس عنه، ولكنا خلقنا للرجال كما خلق الرجال لنا ..
أي بنية، إنك قد فارقت الوطن الذي منه خرجت والعش الذي منه درجت إلى كنِ لم تعرفيه، وقرين لم تأليفه، اصبح بملكه عليك ملكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً واحفظي له خلالاً عشراً.
في القناعة راحة للقلب وفي المعاشرة بحسن الطاعة رضى الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك غلا أطيب ريح واعلمي أن الكحل أحسن الحسن الموجود وأن الماء أطيب الطيب المفقود ...
وأما الخامسة والسادسة: فالتعهد لوقت طعامه والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة ...
وأما السابعة الثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله فإن أصل حب الماء من التقدير، والرعاية على الحشم والعيال حسن التدبير ...
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أو غرت صدره ... واتق مع ذلك الفرح إذا كان ترحاً، والاكتئاب إذا كان فرحاً فإن الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة ...
واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري هواه. على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت.
ــــــــــــــــــ
حتى لا تحول ابنك من امبراطور إلى ضفدعة!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. سبوك
الوصول إلى الكمال لعبة مزدوجة الخداع.
الأب يقول لابنه: ((إنني أفعل ذلك حتى تكون الإنسان الكامل الناضج)).
والابن يقول لأبيه: ((إنني أطالبك بأن تحقق كل مطالبي حتى تكون الأب الكامل الذي يستجيب لكل مطالب أبنائه)).
والحقيقة الواضحة لنا جميعاً أن الكمال البشري مسألة لم تتحقق في أرض الواقع أبداً.
لم نجد أباً قد وصل إلى الكمال في سلوكه مع أبنائه.
وليس معنى تقرير هذه الحقائق الواضحة أمامنا جميعاً ـ في أنفسنا وفي سلوكنا الشخصي ـ أن هناك إنساناً يمكنه أن يتنازل عن الرغبة في الوصول إلى الكمال.
وحتى الإنسان الممتلئ باليأس قد يخدع كل مَن حوله بكلمات اليأس وهي تخفي في قلبها شعلة البحث عن أمل وشعلة من نفاد الصبر ورغبة في الوصول إلى الكمال.
وكما يقول العالم النفسي الكبير، إريك برن، الذي كشف عن أجزاء كبيرة من سيناريو الحياة البشرية: ((إن كل إنسان يولد وهو طيب ومحب للخير وصاحب قدرة على الارتفاع والسمو، ولكن أسلوب التربية بالقمع وصب الأبناء في قوالب هو الذي يحول الأبناء إلى ضفادع ترقص على أنغام الحضارة، وتصدر نقيق الإزعاج بالتمرد)).
ولكن الدكتور هاريسون، تلميذ إريك برن، يقول: ((إنني أرى الإنسان على العكس مما يراه إريك برن. إنني أراه يولد وهو يملك فكرة غريبة بعض الشيء عن نفسه. إن الطفل الصغير يرى نفسه ككائن دميم بين كبار يعنون بنظافتهم ويحاول أن يقلدهم ولكنه لا يستطيع، ويظل يحاول أن يكون نظيفاً كبيراً مثل الكبار إلى أن يكبر، وهنا يكتشف أن الكبار يخفون داخل أناقتهم الإحساس بالضآلة. وهذا ما يجعلهم يبحثون عن الكمال دائماً)).
وليس من المهم أن نحدد ما هي وجهة النظر الأكثر صدقاً لأن كلاً منهما صحيح إلى حد كبير.
فالطفل الصغير بريء تماماً، يصطاد الحب بعينيه الصافيتين وضحكته اللامعة وصوته الذي لا يحمل كلمات محددة ولكنه أكثر جمالاً من كل الأصوات.
والطفل الصغير شرس تماماً، يرفس كأنه حصان جامح، ويصرخ بلا مبرر، ويقف أمامه الكبار حيارى لا يحسنون التصرف تجاه هذه ((الكارثة)) الصغيرة التي لا تملك القدرة على أن تشرح نفسها. وبعد ذلك يكف الطفل عن الصراخ وينام، ويهدأ جو الأسرة ونجد الأم تغمر وجه الطفل النائم بالقبلات، ونجد الأب وهو يربت على وجنتي الطفل بحنان.
إذن ... هناك مساحة من الكراهية تتضح لنا فجأة، وهذه المساحة تفصل بين الآباء والأبناء في بعض اللحظات، وتتبعها مساحة من الحب الفياض.
ونلوم أنفسنا نحن الكبار لأننا كرهنا الزواج والإنجاب في بعض المواقف عندما يتصرف الابن تصرفاً غير لائق، كما نلوم أنفسنا عندما نشعر بالذنب لأننا قسونا على الأبناء في بعض المواقف.
وبين ((لوم النفس للكراهية الطارئة)) ويبن ((لوم النفس للإحساس بالذنب)) تمضي في بعض الأحيان حياتنا مع الأبناء وكأنها قطار سريع جداً، لاهث جداً، لا يتوقف عند محطات التفاهم العميق، بل غالباً ما يتوقف عند لحظات الألم، وقليلاً ما يتوقف عند لحظات السعادة العميقة.
ولو أن الحضارة الغربية المعاصرة استطاعت أن تتفهم روح القرآن الكريم، كما تتمثل في قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) الآية 14 من سورة التغابن.
وليتنا فهمنا أن المال والأبناء هما ((اختبارات حياتية)) يجب أن نتعايش معها بأن نفعل الصالح بالمال ونفعل ما يصلح حياة الأبناء، وأن نسمع للأبناء جيداً وأن نتفهم ظروفهم على قدر المستطاع، وأن ننفق الخير لا من المال فقط ولكن من عطاء الأحاسيس، وبذلك يصبح المال والأبناء كالأرض التي نحسن فلاحتها فتعطينا الثمار المرجوة.
لكن الحضارة المعاصرة تتعلم من التجربة والخطأ. ولا بأس، فلتتعلم من أخطائها ما يدميها ويجعل حزنها ممتداً أمامها كالأنهار المليئة بدماء الألم، فلسوف تعود في نهاية كل تجربة إلى ما فيه شفاء ورحمة حتى ولو لم تتعلمه، فإن التجربة والخطأ يدفعان بنا إليه كنتيجة نشفي بها أوجاعنا ونرحم بها أنفسنا بإصلاح أخطائنا.
إذن فمن الرائع أن نقيم وقاية بيننا وبين ((شح النفس)) ... فالبخل كما نعلم ليس بخل المال فقط، ولكن البخل الأكبر هو البخل في التفاعل من الأبناء والاندماج معهم في مشاريع مشتركة صغيرة، والصبر عليهم أثناء أداء أي عمل، وتعليمهم الخطأ من الصواب بعاطفة منضبطة. ومع أن هذا هو أسلوب التعامل المثالي مع الأبناء، فإن هناك أيضاً لحظات ننفجر فيها غضباً ويكون سلوكنا مع أبنائنا خاطئاً. وما دام الإنسان يغضب ويعود إلى هدوئه، فإن الابن يقدر ذلك.
وإذا كانت تربية الأبناء ((اختباراً)) لنا فإن كل إنسان يرغب في النجاح في أي اختبار أو امتحان يقابله.
والاطمئنان إلى أن الانسان يؤدي كل ما عليه من مسؤوليات هو الذي يخلق الثقة في أن النتيجة ستكون طيبة وناجحة إلى حد كبير.
أما الشك الدائم في النفس فيعرقل أداء الانسان لمسؤولياته كأب، وقد يدفعه الشك إلى التأنيب النفسي، على كراهية وضع الإنسان المسؤول عن آخرين هم الأبناء.
إن على الإنسان ـ الأب أو الأم ـ أن يتجاوز الإحساس بالذنب الذي يتأرجح فيه بين الإحساس بالألم النفسي وبين عقاب الأبناء، وعليه أن يسير على أرض الواقع.
ولنا أن نلحظ أن الآباء والأمهات الذين يهربون من مواجهة مسؤولياتهم بتخصيص وقت للتفاعل واللعب والانسجام مع الأطفال ويستبدلون هذا الوقت بهدايا وألعاب وحلوى ونقود، هؤلاء الآباء والأمهات يعانون دائماً من أن الأبناء يتحولون إلى أناس شديدي الأنانية والوصولية. إنهم يتعلمون الانتهازية من هؤلاء الآباء الهاربين من ممارسة مسؤولياتهم.
إنك، عزيزي الأب ـ وأنت أيضاً، عزيزتي الأم ـ لن تحقق الكمال في تربية ابنك لأنك، بدورك، إنسان لك ضعفك ولك قوتك. وابنك أيضاً لن يحقق الكمال الخلقي والنفسي والحياتي، إنما سيحقق بعضاً منه. هذا هو الواقع.(54/143)
ولأن هذه هي صورة الواقع، فإن على الإنسان منا أن يأخذ نفَساً عميقاً ويقبل على التعامل مع أبنائه على أساس أنهم بشر وليسوا مجرد آلات عليها أن تستجيب للأوامر. وعلى الإنسان أن يقبل على أبنائه من دون خوف من وجود بعض المشاكل في حياتهم، لأن الحياة من دون مشاكل هي الموت بعينه.
إن أغنى أغنياء هذا الزمان له مشاكل مع أبنائه، وأفقر الفقراء له كذلك مشاكل مع أبنائه.
ولنتذكر أن أوناسيس، ذاك المليونير اليوناني الذي ملأ الدنيا لسنوات بمغامراته وعلى رأسها الزواج بجاكلين كينيدي، لم يكن عنده الوقت للتفاعل مع ابنته كريستينا، رغم أنه أغرقها بالثراء الرهيب ولذلك صارت كريستنا، كما يقول عنها أطباء النفس: ((لا تعرف صورة واضحة لدور الرجل في الحياة))، ولذلك فهي تركب قطار الزواج ليتوقف بها كل عامين على الأكثر في محطة الطلاق.
وأفقر فقراء هذا العالم يعاني من مشاكل مع أبنائه. فعجوز قريتنا، فيما أذكر، كان فقيراً معدماً وكان يتسول، وقد خرج ابنه الشاب يوماً بعد خطبة الجمعة وهو يحمل كيساً كبيراً من النايلون فيه عشرات القطع الفضية من النقود ونادى في الناس قائلاً: ((لا تعطوا النقود لأبي لأنه يتسول وهو قادر على شراء عشرة أفدنة)). وأخذ عجوز قريتنا يصرخ قائلاً لابنه: ((لم أعرف كيف أربيك)). فقال له الابن: ((لم يكن عند وقت إلا للتسول)). وانزوى المتسول العجوز في طرف القرية لأيام ثم هاجر إلى قرية أخرى ليتسول فيها، هاجر ابنه إلى قرية أخرى ليعمل فيها.
وبين مشاكل أكثر الناس ثراءً قد نرى الفقر في الإحساس أثناء التعامل مع الأبناء.
وبين مشاكل أكثر الناس فقراً قد نرى أيضاً الفقر في الإحساس أثناء التعامل مع الأبناء.
وفي المسافة الواقعة بين الأثرياء جداً والفقراء جداً قد نرى ثراءً في الإحساس وقد لا نجد هذا الثراء.
إذن، فالمسألة أيضاً مسألة تربية لا علاقة لها بالثراء المالي، ولكنها في الأساس فن التعامل مع الأبناء بروح من التفاعل ومنحهم الإحساس بأننا نحن الكبار بجانبهم، ويمكننا أن نتفق معهم ويمكنهم أن يختلفوا معنا، ولكن ضمن حدود معينة.
إن إحساس الابن بأن والده حازم وحنون وأن أمه حازمة وحنونة يؤكد إحساس الابن بثقته بنفسه وبالعالم المحيط به.
وقد لا يملك الأب المال الكافي لأن يشتري لابنه اللعب التي يلعب بها أقرانه، ولكن هذا الابن إن وجد الأب والأم بجانبه يحذرانه ويقيمان له أعماله، ويدلانه على الصواب والخطأ، فإن هذا الابن ينمو في هذا العالم وهو محب للحياة، وهو يعرف أيضاً كيف يعامل أبناءه عندما ينجب أطفالاً.
من المهم إذن أن تكون بجانب ابنك ولا تضعه في قالب من القهر وأن توجهه بحزم، وبذلك لا يخرج إلى العالم وهو ضفدعة بل يخرج إلى العالم أميراً سعيداً.
ومن المهم أن تكون بجانب ابنك حتى لا يعاني من الإحساس بأنه ضئيل، بل تساعده على النضج حتى يتعلم كيف يدير أمور حياته على نحو سوي.
ــــــــــــــــــ
أنا أتحمّل وهذا معنى ان اكون امرأة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. عادل صادق
أشعر في أحيان غير قليلة أنني لم أعد قادرة على التحمل، لم أعد قادرة على الاستمرار. لم أعد قادرة على العطاء. أشعر في داخلي بثورة وغليان وتمرد ورفض وغضب وحنق، أشعر أنني مرهقة ومتعبة، وأشعر بفتور وملل وضجر وسأم، وأشعر أنني أريد أن أهرب بعيداً، ولا أريد الزوج ولا الأولاد ولا البيت كما أشعر أنني أستطيع أن أستغني عنهم جميعاً وأنهم لم يعودوا يمثلون الشيء الكثير في حياتي.
تنتابني هذه الحالات، والتي قد تستمر أياماً وتعاودني مرة كل شهر أو شهرين بالرغم من أنني متوازنة نفسياً وأتمتع بالاستقرار المزاجي. إذن هي حالات تنتابني لأسباب مباشرة في حياتي. فالمسئوليات كثيرة والحمل ثقيل.
زوجي عصبي، متقلب المزاج، مشغول دائماً.
الأبناء كلما كبروا ازدادت صعوبة توجيههم. فلقد أصبحوا أكثر عناداً وأكثر تحدياً، بالإضافة إلى مشاكلهم الدراسية وما ينتابني من وساوس تتعلق بمستقبلهم، وكذلك مخاوفي المرعبة فيما يتعلق بسلوكهم.
لدينا صعوبات مادية كثيرة ولا أستطيع أن أحصل على كل ما أحتاجه حتى الضروري منها.
الفتور الذي انتاب العلاقة بيني وبين زوجي وذلك التباعد النسبي بيننا يجعلني أشعر بالغضب والسخط والخوف.
إشاعات تتناثر من هنا وهناك تشير إلى عدم إخلاص زوجي الكامل لي.
الإرهاق الذي ينتابني بسبب مسئوليتي الكاملة عن كل صغيرة وكبيرة في البيت بينما زوجي يتعامل مع البيت كأنه ((لوكاندة)).
أثور وأعلن رأيي، وأخرج من البيت وأصفع الباب خلفي بعنف. وما إن أمضي بضع خطوات خارج البيت حتى أشعر بحنين طاغ للعودة. ينقلب السخط إلى رضا، والخوف يتحول إلى طمأنينة، والضيق يتحول إلى بهجة، والتمرد يتحول إلى قبول. خارج البيت أشعر بالضياع، بالإنهاك، بأنني قد تعريت تماماً. بأنني وحيدة وضالة.
ما إن أمضي بضع خطوات خارج بيتي حتى أشعر بالاشتياق لزوجي. وأتذكر كم هو يتحمل من أجلنا. أتذكر حبه وحنانه وكرمه ودفئه، وأرى أن أبنائي مثاليون بالنسبة لغيرهم من الأبناء في هذا الجيل وهذا العصر.
وفي ظل الضياع الذي أشعر به وأنا خارج بيتي أدرك أن بيتي هو الجنة التي يجب أن أرعاها وأن ما أبذله من جهد للعناية به هو قليل بالنسبة للسعادة التي أشعر بها وأنا بداخله، يستظلني ويحميني ويدفئني، وهو المكان الذي يتيح لي أن أنعم بنعم الأسرة.
ولذا يجب أ أتحمل .. أن أتحمل أي مشاق، إنه تعب بسيط ومشاق هينة، ولعل هذا التعب هو الذي يجعل للحياة مذاقاً. وهذا بعض دوري في الحياة، وهذا بعض قدري، وهذا معنى أن أكون امرأة أنثى، زوجه، أمّاً. وقَدَرُ المرأة الأنثى، وقَدَرُ الزوجة الأم أن تتحمل ..
ــــــــــــــــــ
كيف تنسج العلاقات بين الطفل ووالديه, وكيف يؤثر هذا النسيج في الفرد?
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* مريم سليم
معاملة الطفل حتى سن خمس سنوات يجب أن تكون ثابتة لا تذبذب فيها, إذ إن التذبذب يوقع الطفل في حيرة وارتباك, فلا يجوز أن نشجع الطفل إذا اعتدى على غريب بالضرب أو الشتم ثم نعاقبه إذا اعتدى على أخيه. فالمعاملة الثابتة توقف الطفل على ما يجب عليه عمله وما يجب عليه الكف عنه. ويلاحظ أن الطفل نفسه لا يحب الحرية المطلقة لأنه يميل إلى معرفة ما يصح أن يفعله وما لا يصح أن يفعله. وهذا النوع من التوجيه المبني على أسس ثابتة يصل بالطفل إلى تقدير قيم السلوك. وثبات المعاملة من العوامل التي تؤدي إلى تكوين الفرد بنجاح, على أن تكون هذه المعاملة في جو من العطف والحنان والاحترام بعيدًا عن الخوف والتسلط.
ويفهم بعض الآباء واجباتهم في تربية أطفالهم فهمًا متناقضًا, فهم يسمحون حتى السابعة لأطفالهم بتحقيق كل نزوة ويلبّون جميع متطلباتهم, وينمّون عند أطفالهم الغرور بما يطلقون عليهم من ثناء وما يسمعونهم من كلمات الإطراء أثناء حديثهم عنهم وعن آيات ذكائهم المزعوم, فيشبون, ومن أبرز صفاتهم التعجرف والادّعاء.
ومن الغريب أن هؤلاء الأهل أنفسهم يتحول حنانهم المفرط وإعجابهم البالغ بأبنائهم إلى قسوة وإرهاق بالانتقادات والسخرية كلما ارتكب ابناؤهم خطأ أو بدت منهم نقيصة وذلك بعد السابعة أو عندما يذهب الطفل إلى المدرسة.
وكما لقن الوالدان ولدهما الإعجاب بكل ما يصدر عنه والزهو بكل كلمة يقولها أو عمل يقوم به بحجة محبته وتدليله, فهما يقسوان عليه في هذه السن أو بعدها بتلقينه الشك في نفسه واليأس من قدرته على القيام بعمل صالح بحجة الرغبة في تهذيبه وإصلاحه.
وهكذا يتصادم هذان النقيضان في نفسه وينتهي إلى أزمات مرهقة من الشك في كفايته وأهليته للحياة, فتضعف شخصيته وتتعقّل في وقت نموّها وحاجتها إلى التحرر والانطلاق, وبعدما كان يعتقد أن كل شيء مسموح له, يستبد به الاعتقاد الآن أن كل شيء محرّم عليه وما ذلك إلا لتناقض أبويه في تربيتهما له من حيث إفراطهما في تدليله ثم زجره والقسوة عليه.
ونذكر هنا أن تربية الطفل تبدأ منذ الولادة وبأن جمال هذه السن يجب ألا يحمل الأهل على الافتتان بطفلهم وإغراق الثناء عليه والإفراط في تدليله, ذلك أن الامتناع عن الإفراط في تدليله في هذه السن المبكرة سوف يوفر عليهم الإفراط في القسوة عليه ويوفر على الطفل ما يعانيه من صراع هاتين العاطفتين المتناقضتين.
الأخذ والعطاء
عندما يبدأ الطفل البحث عن رفاق من سنّه يجب أن نوفر له هذا حتى يتعامل معهم على أساس الأخذ والعطاء, فهذا أسلم لتكوينه من تعامله دائمًا مع من هم أكبر منه سنًا أو أصغر منه سنًا.
ونذكر أن اعتماد الطفل على والديه كبير جدًا في السنوات الأولى, فالطفل له غرائزه وحاجاته التي يريد إشباعها, فهو يريد المحافظة على نفسه ويرمي إلى الراحة والدفء. والشعور بالأمان في هذه السن هو بدء الثقة بالنفس. ومن عوامل استمرار ثقة الطفل بنفسه أن يتصل بعد أمه بأفراد أسرته, ثم يتصل برفاقه وأصحابه.
ويجب أن نتذكر أن لدى الطفل حاجتين تعملان معًا, فالحاجة إلى المخاطرة لا تتم إلا إذا أشبعت الحاجة إلى الأمان, ومما يلاحظ في لعب الأطفال أن الواحد منهم في سن الخامسة يميل إلى الخروج للعب مع رفاقه ولكنه لا يبتعد كثيرًا عن المنزل, فخروجه مع رفاقه يحقق النزعة إلى المخاطرة, وبقاؤه بالقرب من المنزل يحقق النزعة إلى الأمان, وهو يريد أن يلعب في غرفته ولكنه يريد أن تكون أمه في المنزل.
فواجب الآباء أن يساعدوا أطفالهم على إشباع حاجاتهم ولكن يجب ألا يبالغوا في مساعدتهم إلى الحد الذي يجعل الأطفال يفقدون القدرة على الاستقلال, فيجب أن يسارع الآباء بجعل أبنائهم يعتمدون على أنفسهم في تناول طعامهم, وفي لبس ثيابهم, وفي المحافظة على أدواتهم وترتيبها, وفي قيامهم بواجباتهم التي يكلفونهم بها في المدرسة.
وتسهيل اتصال الأطفال بالآخرين يجعل كلاً من الأخذ والعطاء أكثر حدوثًا في حياتهم مما لو كان محيط الطفل مقصورًا على والديه, فهذا يترتب عليه أن يأخذ من والديه ولا يعطي, أما اتصاله برفاقه أو اخوته فإنه يُوجد مجالاً أن يأخذ الطفل ويعطي كما يأخذ, فإذا اعتدى على غيره يُعتدى عليه وإذا أخذ لعبة رفيقه فلابد من أن يتنازل له عن لعبته, وهكذا فإن اختلاط الأطفال برفاق من سنهم جيد لتعلم الأخذ والعطاء والألم والسرور وغير ذلك من الخبرات الضرورية لتعليم الطفل التحمل وصلابة العود وعدم الأنانية.
ولفصل الطفل فصلاً جزئيًا عن أمه واختلاطه بغيره ميزة أخرى لجعل الطفل يكوّن عن نفسه فكرة صحيحة, ففكرة الطفل عن نفسه تزيد دقتها وقربها من الحقيقة بكثرة تعامل الطفل مع غيره.
ونجد أن بعض الآباء يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة أولادهم, والأولاد الذين ينشأون في هذا الجو يكبرون متصفين بالتردد والضعف, ذلك لأنهم لم يتدرّبوا على اتخاذ القرارات بأنفسهم, ويخشى الآباء إذا تركوا أولادهم يفكرون بأنفسهم أن يخطئوا, وينسون أن موقفهم منهم يجب أن يكون موقف الموجه والمرشد.
ولابد أن يتدخل الآباء في سلوك الأبناء عن طريق الثواب والعقاب, فالأطفال يثابون عادة على أعمالهم تشجيعًا لهم وحثّا لغيرهم, وأنواع الثواب هي: الجوائز المادية كالنقود والحلوى واللعب والهدايا, والجوائز المعنوية عن طريق إظهار علامات الرضا والاستحسان بالعبارات الطيبة. ومن أنواع الثواب العفو عن ذنب سابق, فإذا قام الطفل بعمل طيب وكانت له سابقة سيئة يصح أن يعفى من العقاب عن هذه السابقة إثابة له.
والقاعدة العامة في الثواب أنه لا يجوز إثابة الطفل على عمل يجب القيام به, فهذا النوع من الإثابة يخلق عند الطفل شخصية مادية. ويحسن أن تحل الجوائز المعنوية مكان الجوائز المادية ذلك أنه في حال إجادة تطبيقها تؤدي تدريجيًا إلى تكوين الضمير الحي وإلى إنماء الشخصية القوية المطمئنة إلى ما تأتيه من أعمال, ومعنى هذا أن الثواب سواء أكان ماديًا أم معنويًا يجب ألا يكون غرضًا في ذاته بل إنه ينظر إليه على أنه وسيلة يتعلم الفرد بها قيم السلوك.
ومن أخطاء الآباء شدة انفعالهم في أثناء العقاب وكأنهم يعاقبون انتقامًا وليس إصلاحًا, فهذا يتسبب عنه كراهية الطفل للوالد الذي يقوم عادة بتنفيذ العقوبة, ومن الخطأ تهديد الطفل بعقوبة إذا اقترف ذنبًا ثم عدم تنفيذ العقوبة بعد وقوع الذنب, فهذا يضعف من سلطة الوالدين وقد يقلل من قيمة تهديداتهما وأقوالهما.
ويعتمد بعض الآباء على العقوبات البدنية وهي سهلة التطبيق ونتيجتها الظاهرة سريعة تؤدي إلى نظام سطحي شكلي, ونتائجها السريعة تخدع الآباء. ويطلق على العقوبات غير البدنية العقوبات النفسية, وكثيرًا ما تكون هذه أقسى من البدنية, لذا ننبه إلى الحرص في استعمالها, فلا يجوز تذكير الطفل بخطئه وتوبيخه عليه يومًا بعد آخر مثلاً, فالواجب أن يعوّد الآباء أنفسهم نسيان كل ما يتعلق بالذنب بعد تنفيذ العقوبة بمدة قصيرة, ولا يجوز أن يسمحوا للذنب بأن يترك في نفوسهم أثرًا باقيًا مستديمًا.
وبعض الآباء يطلبون من أبنائهم الندم والاعتذار بعد تنفيذ العقاب عليهم مباشرة, وهذا لا يجوز ففيه إذلال له وعدم اعتبار لما يجب إنماؤه في الأطفال من الشعور بالكرامة وعزة النفس. والقاعدة أن يترك الطفل بعد العقاب فلا يناقش لأنه يكون غاضبًا وليس من العدل أن نناقشه وهو في هذه الحال النفسية الحادة.
ومن الأمور التي تؤدي إلى الازدواجية في التربية البيتية الكذب, والواقع أنه لشدة ما يكذب الآباء على أبنائهم في كل فرصة - فهم يعدون ولا ينجزون, ينهون عن أعمال ويتسامحون بها لأنفسهم - فإن الأبناء يقعون ضحية هذه الازدواجية. وشر الكذب هو الذي يؤتى به أمام الأطفال وبحقهم.
الاتزان العائلي
ومن الأمور التي تؤثر في تكوين الأبناء الروابط بين الوالدين, فتعاون الوالدين واتفاقهما والاحتفاظ بكيان الأسرة يخلق جوا هادئا ينشأ فيه الطفل نشأة متزنة. وهذا الاتزان العائلي يترتب عليه غالبًا إعطاء الطفل ثقة في نفسه وثقة في العالم الذي يتعامل معه فيما بعد, وقدأثبتت الدراسات أن 75% من حالات الإجرام والتشرد ترجع إلى انهيار الأسرة مما يدل أن تماسك الأسرة له أثره القوي المباشر في سلوك الأبناء.
ومن مظاهر تفكك الأسرة مشاجرات الوالدين واختلافهما مما يجعل جو المنزل ثقيلاً لا يطاق فيهرب منه الطفل إلى الشارع حيث يحتمل أن يبدأ سلسلة من السلوك غير المرغوب فيه, وأحيانًا يصب أحد الوالدين غضبه على الطفل, وهذا يقلل ثقة الطفل في نفسه ويجعل ثقته معدومة فيمن يتصل بهم في الحياة بعد ذلك.
وقد يحدث التفكك عن طريق الطلاق أو الانفصالات المؤقتة أو الدائمة أو اضطرار الوالدين للعمل خارج المنزل لكسب العيش.
ومن البديهي أنه كلما قلت اختلافات الوالدين زادت صلاحية الجو العائلي لتربية الأبناء.
ومن العوائق التي تقف في طريق نمو الشخصية السوية للأبناء تفكك الأسرة وعدم اهتمام أفرادها بعضهم بالبعض الآخر, وعدم اهتمام الأهل وتساهلهم وعدم تكريس الوقت الكافي للاهتمام بالأبناء. واعتبر علماء النفس نماذج من الأبوين تؤدي إلى ارتباك شخصية الطفل أطلقوا عليها صفة (المسبب للمرض) مثل الأم الموسوسة, المسترجلة, الحاقدة, المتطلبة, والأب الغائب بحكم عمله أو لضعف شخصيته, الصارم, المتطلب للمثاليات, القاسي.
ولابد من القول أنه قد تبدل مفهوم الطفولة فلم يعد الطفل فردًا سلبياً, بل أصبح إنسانًا فعّالاً شريكًا للبالغين, من هنا على الأهل احترامه ومناقشته في أموره وأمور الحياة.
ــــــــــــــــــ
التدين الصحيح يضمن نجاح الزواج
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كان للفرحة لقاء مع الدكتورعمار طالبي رئيس المجلس العلمي في العاصمة الجزائرية..
يتحدث فيه عن بعض القضايا الزوجية ، واليكم هذا اللقاء
مشكلة مزيفة
الفرحة، ما رأيك في تعدد الزوجات فهناك من يرى أن الأصل هو التعدد، وهناك من يرفض التعدد تماماً؟
طالبي: هذه مشكلة يثيرها الكثيرون، ويقصدون منها التنقيص أو الهجوم على الإسلام لأنه أباح التعدد، ولكن عندما ننظر إلى واقع العالم الإسلامي ككل نجد أن المشكلة مزيفة وغير واقعية، فمن الألف يمكن أن تجد واحداً معدداً، قد تكون النسبة أكبر في الخليج، لكن في بقية دول العالم الإسلامي فإن التعدد قليل جداً.
والإسلام أباح التعدد للضرورة، وهو ليس فرضاً، فالذي يريد أن يعدد يكون تعدده مشروطاً بالعدالة بين الزوجات والقدرة على الإنفاق عليهن، والعدالة تتحقق في الأمور المادية والمعيشية والمعاملة الحسنة وأيضاً في البيت، فإذا لم يستطع فعليه أن يكتفي بواحدة، أما القول بأن الأصل هو التعدد فهو كلام ليس له أساس.
زواج دون تكاليف
الفرحة: هل ساهم أحد معك في مصاريف زواجك؟ وهل ساهمت في مصاريف زواج ابنك؟
طالبي: أنا في الحقيقة تزوجت بعد أن توظفت في التعليم الثانوي، حيث تزوجت من فتاة من أسرة لم تطالب بتكاليف، فكان زواجاً بسيطاً، وساهمت به قدر المستطاع من مالي الخاص كما أن حفل الزفاف لم يكلفنا كثيراً، وكان لدي شقة أثثتها على قدر استطاعتي، والآن أنا أملك منزلا والحمد لله، فالإنسان عندما يصبر يتحسن حاله شيئاً فشيئاً.
وبالنسبة لابني فقد ساهمت أنا أيضاً معه في مصاريف زواجه، وهو أيضاً معه مصاريف زواجه، وهو أيضاً ساهم في ذلك لأنه تزوج بعد أن توظف، تعاونا فاشترى هو بعض الأثاث واشتريت أنا البعض الآخر، وطبعاً كانت تكاليف زواجه أكبر بكثير من تكاليف زواجي الذي كان بسيطاً.
كذلك ساهمت أسرة الزوجة وهي أسرة كريمة وغنية في العرس، فلدينا في الجزائر أهل العروس يساعدون في تكاليف زواج ابنتهم، وفي بعض المناطق تأتي العروس بالفرش كاملاً لأن الزوج عندما يدفع الصداق أو المهر يشترون بها جهاز الفتاة واحتياجاتها.
تأثير الطلبة هو الأقوى
الفرحة: إذا انتقلنا إلى جانب آخر وهو جانب المسلمين في الغرب وحياتهم الاجتماعية ومدى تأثرهم وتأثيرهم في الحياة الغربية؟
طالبي: نستطيع أن نقسم من يعيش في المهجر إلى فئتين: فئة العمال الذاهبين للعمل، وهؤلاء أغلبهم أميون، وفئة الطلاب الذاهبين للدراسة في الجامعات، وهؤلاء الطلاب في أغلب الأحيان يصبحون متدينين أكثر مما كانوا في بلادهم.
وهؤلاء بنشاطهم وأخلاقهم يمكن أن يؤثروا على الغربيين، فالغربيون يتأثرون بما يقرؤونه عن الإسلام، ولكن هؤلاء الطلبة يساعدونهم لأن لهم ثقافتهم ويعرفون الكثير عن الإسلام، ولاسيما الأمور الرئيسية فيه.
وهنا أذكر أنني عندما كنت في الولايات المتحدة وفي إحدى الجامعات، كان الطلبة يستأجرون قاعة ليصلوا بها، لأنه لم يكن هناك مسجد، وكنت أصلي معهم الجمعة، فالعائلات هناك تجدها متماسكة وتأتي بأولادها إلى المسجد، وتربي أولادها بطريقة صحيحة.
ولكن هناك أيضاً بعض العائلات التي تفلت منها الأمور، ولا تستطيع السيطرة على أبنائها، فالأبناء عندما يكبرون ويكون والدهم أمياً يخجلون منه، وحتى إذا أرشدهم لشيء يقولون إنه لا يعرف شيئاً فهو جاهل، فيتأثرون بالمجتمع الذي يعيشون فيه ويعيشون عيشته وينسلخون عن ثقفاتهم وأصولهم.
وبقى بعض الحالات يكون تأثير المجتمع فيها أكبر من تأثير الأسرة، فبعض العائلات المسلمة تعيش في مناطق ليس فيها مدارس إسلامية، مما يضطرهم إلى تدريس أبنائهم في المدارس العادية، فيدرسون المنهج الأمريكي أو الأوروبي دون أن يأخذوا جرعة من الثقافة الإسلامية، وهذه مشكلة نرجو من حكومات الدول الإسلامية أن تساعدهم في حلها، وذلك بإنشاء مدارس إسلامية وبناء نواد ثقافية يجتمع فيها هؤلاء الشباب المسلم.
أمور تافهة
الفرحة: اسم الزوجة في الغرب يقترن بعائلة زوجها منذ زواجها فهل هذا التقليد موجود في الجزائر، وهل من أثر لذلك على حياة الزوجة!
طالبي: هذه عادة فرنسية فعندما يتم الزواج يسجل في العقد اسم الزوجة مقترناً بلقب زوجها،وهذا للأسف موجود لدينا في الجزائر وذلك لقصور في الإدارة.
فمثلا زوجتي تسمى مدام طالبي، ولكن لا أجد لذلك تأثيرا في نفسية الزوجات أو معاملتهن لأزواجهن، فهذه أمور تافهة لا تستحق الوقوف عندها.
زواج من غير تدين هل ينجح؟
الفرحة: هل التدين شرط أساسي لنجاح الزواج؟
طالبي: أنت عندما تقدم على الزواج لن تقبل بواحدة غير خلوقة، فيجب أن تكون متدينة وعلى خلق لكي تربيّ أولادك في المستقبل على الدين والخلق، فإذا كانت مهملة في هذا الجانب فأبناؤها يصبحون مثلها ولا يهتمون بالصلاة ولا بالأشياء الأخرى، وهذا هو المقياس الأساسي لنجاح الزواج.
ولكن إذا رأيت أنه يمكن إصلاحها بعد الزواج، فلا بأس وأنت مأجور على ذلك.
والزواج من غير تدين قد ينجح أحياناً وهذا يتوقف على العلاقة بين الزوجين، إلا أن التدين يضمن نجاح الزواج، والمقصود هنا التدين السليم والصحيح.
فهناك حالات طلاق كثيرة بين بعض المتدينين بسبب التشدد والغيرة التي هي في غير مكانها، والشكوك المبنية على أوهام ليس لها أساس من الصحة وهذا النوع من التدين مذموم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، ففي حادثة الإفك لم يتخل عن زوجته أو يطلقها، ولكن انتظر حتى جاء الوحي فبرأها.
العولمة والأخلاق
الفرحة: شاركتم مؤخراً في مؤتمر المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الذي أقيم في الكويت، فهل قدمتم بحثاً للمؤتمر؟
طالبي:قدمّت بحثاً بعنوان العولمة وتأثيرها على السلوك والأخلاق لأن لُب الثقافة وأساسها هو التربية والأخلاق اللتان تتأسس عليهما كل الظواهر الأخرى الاجتماعية منها والاقتصادية.
فالعلاقة الأولى التي تربط بين الأفراد في المجتمع أساسها علاقات أخلاقية، ومن دونها يصبح المجتمع غير إنساني.
دائماً إذا أردنا أن نعرّف المجتمع نعرِّفه على أنه مجموعة أفراد، وهذا ليس صحيحاً، فأنت في الطائرة تركب مع مجموعة أفراد فهل هذا هو المجتمع؟ بالتأكيد لا، فالأساس في المجتمع هو العلاقات التي تربط بين هؤلاء الأفراد.
ثم أخذت في بحث مثالاً على تأثير العولمة، وهو تأثير المواد التلفزيونية على الشباب وعلى الفتيات خصوصاً، حيث صرن يعتقدن أن العلاقات الجنسية مباحة خارج نطاق الزواج، وطبعاً هذا التأثير وصل إليهم عبر المواد التلفزيونية التي يرونها مع أن تقاليدهن تأبى هذا الشيء.
كذلك فإن دراسات أجريت في اليمن والسعودية والأردن أثبتت أن كثيراً من الناس هناك لا يشاهدون قنواتهم المحلية، وأغلب مشاهدتهم تكون للقنوات الأجنبية، وهذا هو التأثير الكبير الذي مع طول المدة يؤدي على محو القيم والثقافة، وإكساب الأفراد والمجتمعات ثقافة أخرى تسيء إلى سلوكياتهم وأخلاقياتهم.(54/144)
فالغربيون يحاولون السيطرة علينا بوسائل شتى، لذا يجب أن نحصن أنفسنا لنواجه هذا الخصم، وذلك بإيحاء ثقافتنا العربية والإسلامية، وبذل الطاقة والجهد في اكتساب العلم والتقنية على أرضية راسخة من القيم الأخلاقية، وإذا لم نغير أنفسنا فسوف يغيرنا غيرنا إلى الوضع الذي يرضاه هو.
وفي الختام تشكر الفرحة الدكتور عمار طالبي لتفضله بالإجابة على أسئلتنا.
* العدد (72) سبتمبر 2002 ـ ص: 18
ــــــــــــــــــ
نصائح للحموات والزوجات
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إذا اختلفت مع حماتك يوماً فتذكري أن لها وجهة نظر فيما تفعل ولديها أسباب تحتاج للذكاء في التعامل معها ولا تنسي أنك ستكونين في يوم قادم مثلها حماة وسيعاملك زوج ابنتك أو زوجة ابنك كما تعاملين حماتك الآن.
وعن سبب الكراهية التاريخية للحماة يقول علماء علم الاجتماع إن البعض يعتبر أن كل شخص لا يشاركنا الرأي أو وجهة النظر هو لا يحبنا بل يعادينا وهذا الاعتقاد غير صحيح ويدل على عدم توازن الشخصية ونقص النضج العاطفي وبعض الناس برغم تخطيهم سن الرشد تكون علاقاتهم الإنسانية بلا وعي أو بلا تقدير كاف .
وكراهية الحماة مشكلة قديمة وجدت في كل عصر وتلعب الثقافة دورا مهما فيها بمعنى أن إدراك قيمة الحماة واحترامها مع وضع خطوط حمراء في التعامل يضمن السعادة . فالندية والأنانية في العلاقة مع زوجة الابن أو زوج الابنة لن يوصل إلا لنهاية حياة قد تكون بدأت سعيدة .
وبعض الأمهات تغرس في نفوس الأبناء كراهية الحماة وضرورة توخي الحذر منها لأنها مهما يحدث لن تحب زوج ابنتها أو زوجة ابنها وهذا خطأ كبير لأن العطاء لو توافر له المناخ الصحيح لا شك سيثمر الكثير عكس اعتبار الحماة عدوا يترقب منه الهجوم في أي لحظة .
وينصح العلماء الزوجات الشابات عموما بتفهم نفسية الحماة التي ربت وسهرت ثم أحيلت للمعاش وحل مكانها زوجة الابن أو زوج الابنة وهنا يلعب الحب والحنان دورا كبيرا في ضمان السعادة في البيت الجديد فإحساس الحماة بحب زوجة الابن لها هو تعويض عن سلب ممتلكاتها التي أفنت حياتها في الحفاظ عليها .
أما عن العوامل التي تجعل الحماة تنظر إلى زوج ابنتها وزوجة ابنها باعتبار أنهما خطفا منها أعز ما تملك، فهذا عائد للأنانية وحب السيطرة والتملك، وقد تكون شخصية الحماة مسيطرة فتبدأ في النقد والتحليل لكل تصرف ومقارنة حال الابن أو الابنة أيام كان تحت سيطرتها ثم بعد خروجه منها من وجهة نظرها ..
ونقدم هنا لجميع الحموات هذه النصائح فإن كنت تريدين أن تحبك زوجة ابنك:
* لا ترددي أمامها أنه في استطاعة ابنك أن يتزوج أجمل منها .
* قولي لها أنك تحبين والدتها وتنتظرين بفارغ الصبر زيارتها.
* لا تقدمي لابنك هدية لا تستطيع زوجته أن تستفيد منها .
* الانسحاب بكرامة إذا وجدت ابنك يريد الحديث مع زوجته .
* عدم التدخل في تربية أولادها فلكل جيل أسلوبه ومفاهيمه .
* لا تقيمي مع ابنك أو ابنتك إلا حال الضرورة .
* اخلعي ثوب الكآبة واستقبلي ضيوفهم بترحاب .
* صدقي على كلامها ولا تخالفيها الرأي.
كما نقدم لجميع الزوجات هذه النصائح فإن كنت تريدين أن تحبك حماتك:
* أسعديها بقولك إن ما أعجبك في ابنها هو تربيته العالية .
* اطلبي منها تعليمك طريقة طهي أكلة ما .
* لا تحدثيها عن خروجك مع زوجك للتنزه مثلا أو الزيارات.
* استقبليها بترحاب .
* أجلسيها في مكان الصدارة على سفرتك واهتمي بها .
* أشعريها بأنك محبة وراغبة في وجودها معكم .
* استمعي لحكاياتها القديمة .
* نسيجها
ــــــــــــــــــ
سمفونية رائعة اسمها تعليم الابن فنّ الحب
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. سپوك
في كل طفل شيء من الجاذبية لا تقاوم.
مغناطيس من السحر يجذب الكبار إلى الصغار.
وهذا المولود الذي لم يبلغ الشهر الثالث بعد يمتلك قوة غير مرئية تدفع أي إنسان ناضج إلى احتضانه واللعب معه.
وحتى هؤلاء الكبار المعروفون بالجمود وعدم الانفعال تجذبهم عيون الطفل الواسعة وابتسامته الصاخبة فيتكسر قناع الجمود ويعلو الانفعال وجوه هؤلاء الجامدين فيبتسمون لهذا الطفل الوليد.
فما الذي يجعل الفطرة الأولى للطفل مانحة للحب وجاذبة له؟
إن السماء تلح علينا بأن نفهم الهدف من هذه الحياة كلها عندما يتكرر أمامنا الدرس اليومي، أعني ولادة الطفل ثم نموه إلى أن يصل إلى الشهر الثالث فتطل ابتسامته على كل مَن حوله وتجذب عيناه كل مَن يراه. السماء تقول لنا إن الهدف من الوجود على هذه الأرض هو أن يحب بعضنا بعضاً.
لكن صانعي الحروب والذين يستفيدون من إفساد فطرة الإنسان يهزون من خلال الضعف البشري اللغة الأولى في الحياة وهي لغة الحب. ومع ذلك فالدرس يتجدد ولا ينتهي، بل يطرح علينا سؤالاً دائماً هو التالي: كيف ننشئ طفلاً ليكون محبوباً وقادراً على أن يحب كل مَن حوله؟ وكيف يمكن أن تكون محبة الطفل للحياة عميقة وكريمة وليست سطحية أو مجرد ديكور اجتماعي، وأن يكون الحب في قلب الطفل عميقاً بحيث تتحول الطاقة التي في أعماقه إلى تعاون مع مَن حوله فيهزمون آلام البشرية، بدلاً من أن يتسببوا في إيلام بعضهم بعضاً.
إننا نلمس في حياتنا آثار أي شخص محب لنا، والبشرية خلال رحلة تحررها من فسادها كانت تجد في الأنبياء الذين بعثتهم السماء رموزاً قوية للحب والعطاء، فموسى (ع) أحب قومه فأنجاهم من عذاب فرعون، واحتالوا عليه بالخديعة والكذب وعبادة العجل فهداهم، وخرجوا على طاعته لكنه قادهم إلى بصيرة الإيمان. وبعد موسى زاد ضلال بني إسرائيل وأفسد الناس الكون بكراهية لا نهاية لها، فكان عيسى (ع) كأعظم محام عن الحب، إذ رافع في المهد عن أمه راداً على اتهامات السوء، وأثبت براءتها وهي البتول، وترافع عن الخاطئة مريم المجدلية لا لينفي عنها الاتهام ولكن ليذكر كلاً منا بجريمته: ((مَن كان منكم بلا خطيئة فيرجمها بحجر)). وكان هذا التركيز وحده كفيلاً بدخول المجدلية إلى آفاق الإيمان الرحبة. ثم كانت الرسالة الخاتمة التي هي أعظم ما وهبه الله للبشرية من منهج حياة يصون الحب فيكفل بقاء الكون عامراً، تلك هي رسالة محمد عليه الصلاة والسلام.
إن حب إنسان لقومه يجعل الناس يأتلفون ويشعرون بالراحة ويلمسون السعادة في أعماق نفوسهم ويمكنهم من أن يكونوا قادرين على إقامة صداقات قوية وطويلة الأمد، فينمو المستقبل بين أيديهم بثبات وجودة، وتصبح علاقاتهم في العمل مفعمة بالتعاون، وتنتشر فيهم روح الاحترام التي تفجر المواهب وتجعلهم أكثر قيمة فيعرفون قيمتهم وترتفع مكانتهم بين الآخرين ويرتفع مستوى منافساتهم إلى نوعية خلاقة فيتجنبون المنافسات الهدامة.
إن إنساناً ينشأ على قيمة الحب هو إنسان يضع كل شيء في مكانه الصحيح. إنه يختار شريكة عمره على أساس من التواصل العاطفي والعقلي وحيوية التقدير الجنسي بين الإثنين. بل إن الانسجام بين الرجل والمرأة في المجتمع المحب يصل إلى درجة رائعة بإمكاننا أن نتخيلها، ذلك أن البشرية لم تصل حتى الآن إلى المجتمع المحب الكامل. إننا نكتشف في علاقة الحب المستمرة والعميقة بين الرجل والمرأة الآلاف من الأفعال التلقائية التي تنبع من خيال المرأة فيستجيب لها الرجل، أو تنبع من خيال الرجل فتستجيب لها المرأة. ونحن نرى أن الزواج المبني على الحب يرسي أسس السعادة بثبات، وكما قلنا من قبل، ينشئ أطفالاً أكثر سعادة وانفتاحاً على العالم. إن هناك أمواجاً من الحب تحيط بالرجل والمرأة والطفل، والأطفال الذين جاءوا من علاقة حب يقوون الروابط الروحية والمادية بين الأب والأم.
وغريب أمر الحب في هذه الحياة، فلا أحد يشبع منه، وكل مَن يحصل عليه يشع بدفئه وصفاته على مَن حوله.
ولكن هناك وجهاً سلبياً للحب، إنه التسلط. فعندما يكون أحد الزوجين متسلطاً فهو يفرض جبروته على الطرف الآخر ويعتقد كل قرين أن الطرف الآخر يحب الأطفال أكثر منه.
وكثيراً ما نسمع كلمة قاتلة للحب في نفوس الأبناء، الكلمة التي تأتي على لسان المرأة مثلاً فتقول: ((إنني أعيش مع زوجي الديكتاتور من أجل الأطفال)). إن الأطفال قد لا يسمعون هذه العبارة من أمهم ولكنها تنتشر بسرعة في العلاقة بين الأبناء من جهة وبين الأب والأم من جهة ثانية. إن الأطفال يبدؤون في تلك الحالة رحلة الانتقام والضجيج والالتواء والسلوك والمزعج. وكذلك يسبب الأطفال هذا الضجيج وينشأ فيهم ذلك الالتواء عندما يقول الأب كلمات من مثل: ((إنني أتحمل الحياة مع هذه المرأة من أجل الأطفال)). إن الأبناء يحبون أن يعيش الأب والأم معاً في حالة حب وأن تستمر العلاقة بينهما قوية ومتينة، كما يفضلون أن تكون علاقتهم بالكبار على أساس من الحب والتعاون، ويتخوفون من أن تتحول الكراهية ـ كراهية أحد الزوجين للآخر ـ إلى ثقل على أكتاف الأبناء.
وعندما تكون العلاقة مفعمة بالتنافر بين الزوج والزوجة فلنا أن نتوقع أطفالاً غير مبالين إلى الصداقة مع غيرهم، وأن نتوقع كباراً ينظرون إلى العالم نظرة عدم ثقة، وأن نرى ألواناً من السلوك تثير الخصومة والتنافر، وأن نرى أشخاصاً يتميزون بالبخل أو المكر، وأن نسمع في عيادات الطب النفسي عن آلام هؤلاء وعن اشتهاء كل منهم، إلى حد الجنون، أن يحب أحداً وأن يحد مَن يحبه.
وهكذا نجد أن الطفل الصغير يختبئ عملياً داخل جسد الكبير. نعم، فكل منا يحمل طفولته داخله. وهذا الطفل الصغير يسعى إلى نيل الحب.
وكل طفل يحب أن يكون محبوباً ومحباً، وإلا فإن الطفل سيلجأ إلى إزعاج مَن حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب.
وجرس الإنذار بضرورة الحب يدق عندما يأتي الأب المرهق من عمله ويتجه إلى سرير الطفل ذي الستة أسابيع ليناديه فيبتسم له، وعندما يبلغ طفله الشهر الخامس من عمره فيرى السعادة على ملامح الوليد من مجرد مخاطبته. وكلما كبر الأطفال زادت العوامل التي تؤثر في قدرتهم على منح الحب وتلقيه.
وهناك فوارق بين طفل وآخر. وهناك الطفل المنفتح على العالم، وهناك الطفل الحساس بالفطرة.
وإن لنا أن نعرف الأساس الهام الذي نكرره دائماً وهو أن الطفل يفتح عينيه منذ الشهر السادس ويبدأ بامتصاص صورة العالم الذي سوف يحيا فيه، حتى إذا كان الأب والأم ممتلئين بالعاطفة تفجرت في الطفل طاقة الحب لكل الناس إلى درجة يفترض فيها الطفل أن كل الناس في هذا العالم من نفس طراز أمه وأبيه تربط بينهم الصداقة والحنان والألفة.
لذلك فكثيراً ما أقول للآباء الذين نشؤوا في ظل الحضارة الغربية المعاصرة والتي تلجم العواطف وتكبتها وتفرض على الأب أن يصرخ في وجه ابنه: ((كن رجلاً ولا تبكِ))، أو تفرض عليه أن يمتنع عن احتضان ابنه حتى يعلمه ـ كما يحسب ـ كيف يشب ويقف على قدميه دون اعتماد على الآخرين ... أقول لهم إن هذه التربية الجافة أمر مرفوض لأنها تقسي مشاعر الأبناء وتجمد ينابيع العطاء في أعماقهم.
وفي المقابل يجب ألا نتمادى في الاحتضان والقبلات وخصوصاً في زماننا الذي ينقل إلى الأطفال صوراً مفضوحة عن العلاقة بين الرجل والمرأة.
إن علينا أن نحتضن الأطفال ولكن لا ننسى أبداً أن الصبي منذ العام الثالث يتجه بكل الإعجاب إلى أمه، كما تتجه الفتاة بالإعجاب إلى والدها.
ولابد من أن تكون هناك حدود متوازية من الاحتضان والقبلات، فلا يصح أن نمنع أبناءنا من ذلك، ولكن لا يصح أيضاً أن نسرف معهم في ذلك.
إنني كثيراً ما أسمع عشرات الآباء يشكون من آبائهم عاملوهم بجفاء فانعكس ذلك على سلوكهم فيما بعد، فصاروا آباء متسيبين عاطفياً ولا يستطيعون السيطرة على أبنائهم، بل ينفذون كل ما يطلبه الأبناء منهم. وكثيراً ما سمعت من عشرات الأمهات أن التدليل المبالغ فيه هو الأمر الممكن الوحيد لبناتهن، لأن القسوة السابقة من أمهات هؤلاء الأمهات كانت كفيلة بإنتاج جيل متسيب العواطف. إن الأم تعتذر بالتدليل الزائد للابنة عن عدم معرفتها بكيفية التعامل معها. إنه بحر الحيرة الرهيب الذي يغرق فيه الآن أجيال من الآباء والأمهات الذين لا يعرفون كيفية التحكم في تربية الأبناء.
إن إنشاء عمارة من الطوب والأسمنت أمر يحتاج إلى تعاون بين المهندس والعمال والفنيين لتكون العمارة صالحة بعد ذلك لأن يسكنها أناس آخرون.
وإنشاء طفل على مقدرة لعطاء الحب وأخذه مسألة تحتاج إلى الإحساس المتوازن من الأب والأم معاً.
إن الابن هو اللحن الذي نعزفه نحن الآباء والأمهات، وعلينا أن نعزف هذا اللحن بثقة واقتدار، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك بمنتهى الهدوء لأن هذا اللحن طويل جداً.
إن عمر تربية الأب والأم للابن لا يقل بحال عن واحد وعشرين عاماً، وهي أطول سيمفونية معزوفة بأنفاس كلّ أب وأم وأحلامهما وتجاربهما.
ــــــــــــــــــ
كيف ننقش القرآن على صدور صغارنا؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن أفضل مراحل تعلم القرآن، الطفولة المبكرة من (3 - 6) سنوات؛ حيث يكون عقل الطفل يقظًا، وملكات الحفظ لديه نقية، ورغبته في المحاكاة والتقليد قوية، والذين تولوا مسئوليات تحفيظ الصغار في الكتاتيب أو المنازل يلخصون خبراتهم في هذا المجال فيقولون:
إن الطاقة الحركية لدى الطفل كبيرة، وقد لا يستطيع الجلوس صامتًا منتبهًا طوال فترة التحفيظ، ولذلك لا مانع من تركه يتحرك وهو يسمع أو يردد.
- المكافأة مدخل طيب لتحبيب الطفل في القرآن، وذلك بإهدائه شيئًا يحبه حتى ولو قطعة حلوى، كلما حفظ قدرًا من الآيات، وعندما يصل الطفل إلى سن التاسعة أو العاشرة يمكن أن تأخذ المكافأة طابعًا معنويًا، مثل كتابة الاسم في لوحة شرف، أو تكليفه بمهمة تحفيظ الأصغر سنًا مما حفظه وهكذا.
- الطفل الخجول يحتاج إلى معاملة خاصة، فهو يشعر بالحرج الشديد من ترديد ما يحفظه أمام زملائه، ولهذا يمكن الاستعاضة عن التسميع الشفوي بالكتابة إن كان يستطيعها، وإذا كان الطفل أصغر من سن الكتابة يجب عدم تعجل اندماجه مع أقرانه، بل تشجيعه على الحوار تدريجيًا حتى يتخلص من خجله.
- شرح معاني الكلمات بأسلوب شيق، وبه دعابات وأساليب تشبيه، ييسر للطفل الحفظ، فالفهم يجعل الحفظ أسهل، وعلى الوالدين والمحفظين ألا يستهينوا بعقل الطفل، فلديه قدرة كبيرة على تخزين المعلومات.
- غرس روح المنافسة بين الأطفال مهم جدًا، فأفضل ما يمكن أن يتنافس عليه الصغار هو حفظ كتاب الله، على أن يكون المحفظ ذكيًا لا يقطع الخيط الرفيع بين التنافس والصراع، ولا يزرع في نفوس الصغار الحقد على زملائهم المتميزين.
- ومن الضروري عدم الإسراف في عقاب الطفل غير المستجيب، فيكفي إظهار الغضب منه، وإذا استطاع المحفظ أن يحبب تلاميذه فيه، فإن مجرد شعور أحدهم بأنه غاضب منه؛ لأنه لم يحفظ سيشجعه على الحفظ حتى لا يغضب.
- من أنسب السور للطفل وأيسرها حفظًا قصار السور؛ لأنها تقدم موضوعًا متكاملاً في أسطر قليلة، فيسهل حفظها، ولا تضيق بها نفسه.
- وللقرآن الكريم فوائد نفسية جمة، فهو يُقوِّم سلوكه ولسانه، ويحميه من آفات الفراغ، وقد فقه السلف الصالح ذلك فكانوا يحفظون أطفالهم القرآن من سن الثالثة.
ــــــــــــــــــ
خذ قلبي واعطني ابتسامتك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
مهمة الزجاج الأمامي في كل سيارة أن يحمي السائق من عواصف الهواء.
ويحرص كل سائق على أن يكون زجاج السيارة نظيفاً لامعاً.
وتختزل شركات صناعة السيارات كل خبرات العلم لتجعل الجالس خلف المقود يستمتع برؤية واضحة إلى الدرجة التي وضع فيها صانعو السيارات شاشة كمبيوتر يمكن أن يرى الإنسان من خلالها ما أمامه وما خلفه.
والأب والأم هما قائدا سيارة العمر. وليسترجع كل منا خبرة تعلمه لقيادة السيارة للمرة الأولى. إن الواحد منا يمسك بعجلة القيادة وكأنها لص يكاد يفر ولابد من تسليمه إلى الشرطة. ومن بعد أن يتدرب الواحد منا على إتزان حركة أقدامه على مكبح السيارة ودافع البنزين في الموتور وعلى فاصل الحركة وعلى تحريك عصا غيار السرعة، عندها تصبح قيادة السيارة عملية آلية.
لكن ماذا تفعل عندما ترى ابنك وهو في الخامسة من عمره يمسك مسماراً في يده ويحاول تجريح زجاج العربة؟
وماذا تفعل عندما ترى ابنك الذي هو في سن السابعة تمتد يده إلى حافظة نقودك ليأخذ منها قدراً كبيراً من النقود ويدعو أصدقاءه في المدرسة إلى أكبر وليمة حلوى؟
وماذا تفعل عندما يخفي ابنك تقريره الدراسي ويعلن لك أن المدرسة لم تعطه أي تقرير شهري وأنه ناجح في كل المواد ثم تفاجأ بالهاتف يدق في منزلك ليخبرك المسؤول في المدرسة أن ابنك ((يزوغ)) من المدرسة وأنه راسب في كل المواد الدراسية المقررة له؟
أنت هنا في حالة غيظ وتردد وإحباط، وتتمنى تلقائياً أن تعاقب هذا الابن.
أنت تريد أن تعاقب هذا الابن الذي حاول إفساد زجاج السيارة بالمسمار.
أنت تريد أن تعاقب هذا الابن الذي ((أخذ)) أو ((سرق)) من حافظة نقودك بعضاً من المال.
أنت تريد أن تعاقب الابن الذي أخفى عنك تقريره المدرسي وهرب من المدرسة.
وإذا سألت العلماء الأكثر تخصصاً في مجال تربية الأطفال فإنهم يسألونك ببساطة ماذا كان رد فعلك في اللحظة المباشرة لرؤيتك ابنك وهو يخدش زجاج السيارة بمسماره؟
فإن كانت إجابتك هي مجرد الانزعاج من دون أن تعاقبه على فعلة بالتوبيخ واللوم وشرح فائدة زجاج السيارة ومحاولتك سؤاله عن دافعه إلى القيام بمثل هذا العمل ... إذا كنت مجرد منزعج وحائر ومتردد وتتساءل عن أية نظرية في التربية يجب أن تعتمدها في مثل هذا الموقف فأنت مخطئ جداً، لأنك دون أن تدري تقوم بأعظم إفساد لابنك. إنك من حيث لا تدري تجعله في موقف لا يميز فيه بين الصواب والخطأ. لذا عليك أن تعاقبه على الفور ليعرف أن هناك حدوداً للسلوك في الحياة يجب ألا يتخطاها.
صحيح أن من حقك بعد عقاب الابن أن تعرف أنه يشعر بالغيرة من أخته التي تصغره سناً وأن المقارنات التي تعقدها أنت بينه وبين أخته التي هي أصغر منه سناً تجعله يمقت هذه الأخت ويتذكر دائماً أن هذه الأخت قد سرقت منه الأضواء، لكن عليك بعد ذلك أن تعدل في سلوكك تجاهه بعد حادثة خدشه زجاج السيارة بالمسمار لتعلمه كيف يقوم بتنظيف السيارة لو تعطيه مبلغاً صغيراً من النقود في كل مرة يقوم فيها بتنظيف السيارة من الداخل أو الخارج. لكن من الصحيح كذلك أن عليك ألا تتردد في عقابه على الفور إذا ما أخطأ في حقك بتجريح زجاج السيارة.
وأي عالم في التربية أو علم النفس أو الطب النفسي لن يعترض على عقابك لابنك الذي رأيته يأخذ مبلغاً من المال من حافظة نقودك.
يمكنك أن تضربه عقاباً لا غيظاً. ويمكنك أن تؤنبه بحدة لا بمزيد من تجريحه كإنسان. ولكن ذلك لا يمنعك من أن تسأل نفسك: كم هو عمر ابني الذي أخذ النقود من المحفظة؟ وحتى إذا كان بين الثانية والرابعة من العمر فهو يعيش مرحلة ضبابية بين التمييز وعدم التمييز. وإذا كان قد أخذ شيئاً يخص طفلاً آخر في الحضانة فيجب إقناعه حينها بأن يعيد ما أخذه إلى صاحبه وأن يعتذر له لأنه احتفظ بالشيء الذي يخص زميله لمدة من الوقت.
أما إذا كان الطفل فوق سن السابعة فهو قد أخذ من جيبك النقود ليقول لك: ((أنت لست صديقي وكذلك أمي. وأنا أعيش في عزلة وأعاني من مرارة الإحساس بالوحدة، وإنكما معاً مسؤولان عن ضرورة رعايتي لا عن مجرد تقديم الهدايا واللعب، وعليكما إقامة الحوار بيني وبينكما من دون أن تغرقاني في المقارنات المزعجة عن تفوق الآخرين على في كل شيء، وفي الحديث عن خيبتي التي تفوق كل وصف)).
وبإمكانك أن تحلل الأمور وتفهم مشاعر ابنك، ولكن ما دام الخطأ قد وقع فلابد من العقاب.
وأما إذا كان الابن قد أخفى تقريره الشهري فهو كذلك يستحق العقاب، ويجب أن يتم إيقاع العقاب على الفور وبحزم إنما من دون مبالغة. وبعد ذلك يمكنك أن تعرف أن ابنك قد أخفى تقريره الشهري عنك لأنه لا يحب المدرسة ولأن المدرسين كثيراً ما يوجهون له ألفاظاً جارحة. إنني لا أنسى المرة الأولى التي أخفي فيها ابني التقرير الشهري عني. لقد حرمته من المصروف ومن رؤية التليفزيون ومن زيارة المتاحف. ولكني درست أسباب هذه الظاهرة وعرفت أن من عيوبي إني كنت أخاف من جبروت أبي وأنا طفل، لذلك كنت أتفوق في بعض العلوم التي يكرهها هو وأهمل مواد أخرى يحبها هو. كنت أتفوق في الرسم والشعر واللغة العربية وأهمل العلوم والحساب واللغة الإنجليزية. كنت أقاوم جبروت أبي بخيبتي المقصودة في المجالات التي حاول أن يجبرني على إجادتها. وعندما وعيت الحقيقة البديهية، وهي أنني أتعلم لأن الإنسان يجب أن يتعلم ليعيش في المجتمع، بدأت أسير في دراستي سيراً طبيعياً، وبدأت رحلة بحثي وراء ((خيبة ابني))، فعرفت أن هناك مدرِّسة سمعت من ابني أكثر من مرة أن السبورة تلمع أمام عينيه وأنه لا يرى المكتوب عليها فقالت له: ((أنت أعمى)). وعندما توغلت في حياة هذه المدرِّسة عرفت أنها مطلقة حديثاً وأن زوجها يحرمها من رؤية ابنها الذي هو في عمر ابني. فطلبت من مديرة المدرسة أن تساعد المدرِّسة في مواجهة مشاكلها بدلاً من أن تعاقب أبناء الغير. وصحبت ابني إلى الطبيب ليقيس له قوة إبصاره وعرفت أن قوة إبصاره ضعيفة. فأخذته إلى صانع النظارات ليختار له الإطار الذي يفضله للنظارة. ولقد قاوم ابني هذه النظارة الطبية كثيراً وتحملت رحلة مقاومته لها، ورأيته ذات مرة يلقي بها على الأرض بهدف كسرها فلم تنكسر، وعاقبته على ذلك، ثم عرفت منه أنه يطلب إلينا وضع برنامج غذائي له ليقوي بصره. فأخذته إلى الطبيب الذي دخل معه في مناقشات مستفيضة انتهت بقبوله وضع النظارة على عينيه. وبدأ ابني يتعلم الحقيقة الأساسية عن العلم، وهي أن يتعلم لا من أجلي ولكن من أجل أن يخوض غمار التجربة في المجتمع مسلحاً بما يضمن له الاستقلال عني.(54/145)
إذن نحن في تربية أبنائنا لا نبحث عن نظريات نستوعبها أولاً ثم نطبقها. فقد قام آدم بتربية قابيل وهابيل ولكن قابيل، بسبب من حسده، قتل هابيل واضطر إلى التعلم من الغراب ليواري سوأة أخيه. وأولاد قابيل لم يرتكبوا حماقة القتل وإن تحول الصراع إلى منافسة. إن قدماء الصينيين تنافسوا على بناء السور وأجهدوا أنفسهم لحماية بلادهم. وقدماء العرب قاموا بتربية الأبناء على الفروسية والرحيل وجميل الاستماع إلى الشعر. والمصريون القدماء قاموا بتربية أبنائهم على التقاط الحدس من حقائق الطبيعة التي عاشوا فيها. ومن المؤكد أن تواجد البشرية حتى الآن كان نتيجة قيام الآباء والأمهات بتربية الأبناء، ونتيجة محاولتهم معرفة المختصر المفيد والموجز الرشيد في التربية. ولكن رد الفعل الفوري النابع من الحب والحزم أمر أكثر أهمية من كل النظريات العلمية التي نشأت في أي زمان وأي مكان.
أقول ذلك وفي ذهني حكمة أساسية قالتها لي أمي العجوز عندما سألتها عن أهم نظرية في نظريات التربية طبقتها في حياتها أثناء تربيتي وتربية إخوتي فقالت: ((خليها على الله، كنت أربيكم على مبدأ بسيط هو: خذ قلبي وأعطني ضحكتك. كنت أحاول أن أجعل كل واحد منكم طفلاً سعيداً)). قالت: لأنك قمت بعمل غير أخلاقي، وهو إهدار لجهد الفلاح الذي زرع الأرز والبطاطس، وإهدارك لمال أبيك الذي اشترى لنا هذا الأرز وتلك البطاطس ومعها اللحم، وإهدار لتعبي أنا طول النهار في المطبخ لأعد لكم الطعام. لقد عاقبتك لا لأني أكرهك ولكن لأعلمك كيف تحترم جهد الآخرين)).
ومبدأ أمي هو المبدأ الصحيح: ((خذ قلبي وأعطني ابتسامتك))، وأي تردد في عقاب الابن على الخطأ والتفرغ للسؤال عن النظريات هو الذي ينشئ أطفالاً مدللين دائمي اللجاجة والإزعاج.
إنني أنظر أحياناً إلى زوجتي وهي تطعم طفلي الصغير، فأجدها تقوم بنفس حركات أمها عندما كانت تطعم ابني الكبير، فهي تمد شفتها السفلى إلى الأمام وترفع شفتها العليا إلى أعلى وكأنها هي التي ستأكل. وفي أغلب الأحيان أجد أن زوجتي تعلمت هذه المسألة من أمها منذ أن كانت في الثالثة من العمر عندما كانت تراها وهي تطعم أخاها الصغير الذي صار طياراً.
إننا نعرف أن ((نبرة الصوت)) التي ينطق بها الأب مع ابنه هي نفس ((النبرة)) التي سمعها من أبيه.
وكبار الأطباء النفسيين والعلماء المتخصصين الذين وضعوا كل نظريات التربية يعرفون أنهم تبرموا من أبنائهم في بعض المواقف وتصرفوا مع أبنائهم كما كان آباؤهم يتصرفون معهم في مثل تلك المواقف.
إننا نعرف أن خيال الابن والبنت منذ العام الثالث يبدأ رحلة تقمص السلوك من الأب ومن الأم. إن الطفل يتخيل كيف سيشعر عندما سيكون له أولاد يتصرفون تصرفاً مزعجاً. وبالتحديد، فإن الابن يحتفظ في خياله بألوان السلوك المختلفة، كما أن البنت تفعل الشيء نفسه تتعلم عن أمها إنكار الذات وكيفية تربية الأطفال.
إننا نفرح ـ على سبيل المثال ـ عندما نسمع كلمة ((ماما)) و ((بابا)) من فم الطفل للمرة الأولى، ونظل نكرر الكلمة أمامه بنفس لهجته حتى يعيد نطق الكلمة، وهو يفعل مثلما نفعل نحن بالضبط: إنه يتلقط منا صورة السلوك ليطبقه بعدما يكبر، وينجب أبناءه.
ونحن عندما نعلم أبناءنا كيفية الفصل بين ما يملكونه وبين ما يملكه الآخرون نقوم بما كانت تقوم به مدرسة الحساب في سنوات الدراسة الأولى عندما كانت تضع أربعة كراسات مع أحمد وتضيف إليها الكراسات الخمسة التي يملكها حسام وتعلمنا أن المجموع هو تسعة كراسات، تم تصر على إعادة كراسة كل تلميذ إليه. ونحن نفعل ذلك عندما نعلم الطفل كيف يحترم حاجات غيره.
وحتى عند بلوغه مرحلة المراهقة قد نسمع طلباً للابن فنرفضه تلقائياً، وقد نقرص أذنه، ونجيب على أسئلته الصعبة بحزم يعرف تماماً أنه حزم نهائي. هذا الحزن التلقائي يقي المراهق نفسه من دوامات تمرد يكرهه هو في قرارة نفسه.
إن ولادة الطفل وإن كانت تصاحبها آلام ومتاعب إلا أننا نفرح بذلك العضو الجديد في الأسرة.
والطفل عندما يتم فطامه من ثدي الأم أو من زجاجة التغذية الصناعية فهناك ـ أيضاً ـ متاعب وآلام ولكنه يستمتع بنفسه كإنسان استقل أخيراً عن لون الطعام الواحد وصار قادراً على أن يأكل مثل الكبار.
والطفل عندما يخرج إلى الحضانة يصادف بعضاً من المتاعب والآلام ولكنه يتعرف على مجتمع أوسع من مجتمع الأسرة ويتفاعل معه.
والطفل عندما يذهب إلى المدرسة الابتدائية يصادف بعضاً من المتاعب والآلام ولكنه يتعرف على العلوم والخبرات الإنسانية التي تتيح له المزيد من التفاعل مع المجتمع.
والطفل عندما يمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة يصادف بعض المتاعب والآلام، أي متاعب وداع الطفولة ومسؤولية استقبال دوره الجديد كشاب أو شابة.
والأب والأم، طوال هذه الرحلات، يعيشون دائماً في حال انتباه وترقب طامحين أن يكون ابنهما له شخصية متميزة مغزولة من سلوك الأب والأم معاً.
والنظريات ـ نظريات التربية ـ لا تؤدي إلى أكثر من تعميق للمعرفة، لكنها ليست كل المعرفة.
ولذلك فأنا دائماً مع قول أمي ونظريتها الفريدة: ((خذ قلبي وأعطني ابتسامتك)).
ــــــــــــــــــ
متى وكيف تعلم طفلك معني النظافة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* موزة المالكي
ان تقدير الطفل وإدراكه لمعني النظافة يكون في سن مبكرة جدا قد لا يخطر على بال أحد ، ولكن في الحقيقة فان الطفل باستطاعته ان يعي ذلك منذ سنته الأولى 00 ويبدأ في اكتساب تلك القيمة الجمالية والتي حث عليها ديننا الحنيف فالنظافة من الأيمان 00 لذلك يجب على الأم وعلى مراعاة قواعد النظافة على المستوى الفردي كالنظافة الشخصية وعلى المستوى العام كالنظافة العامة ولا بد من فرض رقابة على الطفل منذ وعيه للدنيا رقابة مدروسة فالطفل يلتقط كل تصرف وكل سلوك تسلكه معه أمه منذ صغره فعندما تبادر ألام بمسح أي بقايا أكل بفوطه مبلولة كلما اتسخ وجه الطفل أو عند اتساخ يديه 00واذا حاول الطفل ان يرمي أي قذارة على الأرض او يمسك أي شيء بيديه وهما غير نظيفتين في إظهار الاستياء من ذلك السلوك والتلفظ بلفظ يدل على عدم الرضا مثل(كخ) أو (اف) او أي لفظ متعارف عليه للدلاله على أن هذا التصرف سيئ مع مراعاة عدم القسوة الزائدة والرب المبرح فمهما كان التصرف فان الطفل لا يقصد الإساءة ولكنه يحتاج الى أن يتعلم وأن يمنع من تلك السلوكيات السيئة 0
أكد معظم علماء النفس بأن الطفل يبدا في أدراك الأشياء التي حوله من سن 18 شهرا وقبل ذلك بقليل ولا يجب ان تتأخر عن ذلك وارى انه على ألام ان تحرص على أن يسلك الطفل السلوك الدال على النظافة بمجرد وقوفه وقدرته على المشي يجب الا تهاون ألام في مسالة النظافة ويجب ان يؤمر بأن يرمي أي ورقة في يده في المكان المخصص لها وان يعاقب إذا رماها على الأرض 00 ولا بد من الإصرار بأن يلتقطها مرة ثانية ويرميها مكانها 00 ولا بد من إظهار عدم الرضا عن سلوكه وبحزم ولا يجب الا ننسى المكافأة عندما يقوم بالعمل من تلقاء نفسه00 والمكافأة المعنوية من احتضان الطفل وتقبيله بحنان وحب كل ذلك سيدفع الطفل الى القيام بالعمل بنفسه ليظفر بتلك الكمية من الحب والحنان فالطفل يرغب في ذلك ومع الأيام تتأصل عادة عدم إلقاء أي نوع من المخلفات الا في مكانها المخصص لها 00 عندما يصل الطفل الى سن الثالثة يصبح أكثر إدراكا لمعنى النظافة والحفاظ على المكان نظيفا ولكن رغم ذلك فان بعض الأطفال يجدون متعة في أحداث الفوضى ورمي الأوراق أو الرسم على الحائط 00 ولكن بالمراقبة الحذرة والتنبيه المستمر للطفل والعقاب الذي يتناسب وحجم الخطا وبدون قسوة زائدة فهذه الأساليب تمكن ألام من أن طفلها الى الحفاظ على النظافة فالاتجاهات تنتقل الى الأطفال بالعدوى من حولهم وبالتعليم المستمر من قبل الأهالي 00 لذلك لا بد من مراعاة توفير القدوة الحسنة 000 من قبل الام والأب قبل كل شيء فأذا رأى الطفل والده مثلا يرمي علبة السجائر بعد ان فرغ او علبة البيبسى من نافذة السيارة فكيف نطلب منه ان يلتزم هو ويحافظ على نظافة مدينته ؟ ان اكتساب قيمة جميلة كقيمة النظافة لا تكون بالقول والتهديد والوعيد 000 ولغرس مثل هذه القيمة لا يكفي المعرفة واعطاء المعلومة00 الأمر الذي يتطلب اكثر من ذلك يتطلب معايشة لقدوة حسنة وممارسة فعلية من قبل من هم آهل هذه القدوة 00 فعندما يحافظ الطفل على نظافته الشخصية ثم على نظافة المنزل والمدرسة تصبح محافظته على نظافة مدينته ووطنه الكبير أمرا مسلما به فالنظافة لدى الانسان سلوك متكامل مرتبط بعضه ببعض فلا بد من الا نتهاون في زرع تلك القيمة منذ الصغر وتكوين الضمير الخلقي الذي لا بد منه منذ البداية فمن الصعب تغيير الاتجاهات والسلوكيات في مراحل لاحقة حيث تتأصل وتصبح عادة من الصعب أزالتها فلا بد من ان نهدف الى تنمية سلوك أبنائنا بالحفاظ على تلك القيمة الرائعة قيمة النظافة فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر
ــــــــــــــــــ
أثر عمل الأم على الرقي الاجتماعي و التقدم الدراسي للأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* شكوه نوابي نژاد
تخصص الأمهات العاملات ساعات أقل من وقتهن مقارنة مع ربات البيوت لرعاية أبنائهن إلا أنهن يستثمرن هذه الساعات بشكل أفضل من غيرهن، حيث تشير الأبحاث إلى أن بنات الأمهات العاملات يعتبرن أمهاتهن شخصيات مستقلة، تتمتع بثقة عالية بالنفس وقدرة على أداء أدوار اجتماعية لائقة بهن بينما يبدو أن الذكور من أبناء الأبوين العاملين خارج البيت يفتقدون الشعور بالاستقرار والثقة بالنفس والمستوى الدراسي الذي يحظى به غيرهم كما أنهم لا يبدون جدارة أترابهم في اختبارات الذكاء (غيلد وأندروس 1990). وتتأثر حصيلة عمل الأم ورعايتها لأبنائها إلى حد بعيد بنوع العمل الذي تؤديه خارج البيت ووقعها المهني ومدى الالتزامات المتطلبة منها. إن المهمة التي تشعر الأم خلال إنجازها بمكانتها وجدارتها وبالرضا والارتياح، إنما تدفع علاقة الأم بأبنائها نحو الأحسن. ويحدث خلاف ذلك في حالة شعور الأم بالإرهاق الجسمي والنفسي جراء عملها مما يفقدها الثقة بالنفس ويترك آثاراً سلبية على علاقاتها بأبنائها وسلوكها معهم (هافمان 1992).
فلقد بينت أبحاث وإحصائيات علماء النفس خلال السنوات الأخيرة إن نمط العلاقة بين الوليد ومَن يرعاه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى ما يتمتع به الطفل من النمو والرقي الاجتماعي، الحنان ومدى تعرفه على نفسه. صحيح إنه لا يمكن إنكار دور الأم في شعور الأطفال بالاستقرار والطمأنينة خاصة خلال السنتين الأولى من العمر إلا أن التحقيقات أثبتت أن الأمهات العاملات يشعرن بالارتياح ويتمتعن بوضع متكافئ في علاقاتهن بأزواجهن أكثر من ربات البيوت. وكذلك أبنائهن يترعرع فيهم الإحساس بالمسؤولية وتتكون لديهم رؤى أكثر وضوحاً بالنسبة للجنسية وحول دور الرجل والمرأة في المجتمع، لكن يبدو مع ذلك إن الإناث أكثر تأثراً بإيجابيات عمل الأم من الذكور ومن بنات ربات البيوت حيث يتقدمنهن من ناحية الثقة بالنفس والروح الاجتماعية والتقدم الدراسي والرغبة في العمل. أما الذكور من أبناء العاملات فإن شخصيتهم تكون أكثر اجتماعية واتكاءً على النفس وهم في الوقت نفسه أقل تقدماً من حيث المستوى الدراسي من أبناء ربات البيوت. وتشير أبحاث هافمان إلى اشتداد هذه الحالة في العوائل المتوسطة والعليا بينما يتفوق الذكور من أبناء العوائل المتدنية على غيرهم من ناحية المستوى الدراسي ونتائج اختبارات الذكاء.
ــــــــــــــــــ
هل يجب أن نخشى من اولادنا؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* عبد الله باجبير
يطرح كتاب «رجل المستقبل» لمؤلفه طبيب الاطفال الدكتور إلي نيوبرجر السؤال: هل نخشى من اولادنا؟ اذا كانت الاجابة بنعم فذلك هو الاخفاق ذاته الذي يرجع اليه السبب في معظم الجرائم التي يرتكبها ولد صغير او رجل ناضج، ويضرب المؤلف مثلا لانحراف الولد الصغير بمأساة الطفل الذي فتح النار على زملائه بالمدرسة فقتل واصاب الكثيرين. اما المثل الثاني الذي يورده المؤلف لانحراف رجل ناضج فهو الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي وصفه بأنه صاحب سلوك جنسي منحرف.
يقول المؤلف انه ليس من المطلوب زرع بوصلة اخلاقية داخل اولادنا ولكن المطلوب هو ان نغرس بداخلهم صفات يمكن ان تقود الابناء الى الطريق السليم وتحميهم من الانحراف مثل: اللياقة، العدالة، التضحية بالنفس، التعاطف، الاحترام، الاخلاص، التعاون، الاحساس بالمسؤولية، الامانة، الشرف.
هذه الصفات التي يتعين غرسها في نفوس الاولاد والبنات تختلف طريقة قيام الاب والام في غرسها بالاولاد والبنات لأنه اذا نظرنا الى تركيبة مخ الذكر فإنها تجعله ضعيفا اكثر من ناحية الاخلاقيات. كذلك يتجه الولد لأنماط سلوكية تتصل بالمخاطرة والعنف الجسدي اكثر من البنت.
اذا كان من المتعين مساعدة الاولاد في تهدئة نفوسهم لكي يتعاملوا مع المواقف المختلفة التي تواجههم بحكمة اكثر وعنف اقل، فإن العصر الراهن الذي نعيش فيه يزيد من عنف الاولاد عن طريق الافلام والعاب الفيديو والكومبيوتر وما تتضمنه من أفكار غير مستعدين للتعامل معها بالطريقة السليمة.
يرى الدكتور إلي نيوبرجر ان وظيفة الاب الرئيسية هي تربية الاولاد خاصة في مرحلة المراهقة، في حين ان وظيفة الام تتركز في تربية الاولاد في السنوات الاولى، وان الاب له الدور الاساسي في تشكيل شخصية رجل المستقبل، ويؤكد ان تربية الاطفال بوجه عام تجربة روحية يحاول من خلالها الآباء والأمهات ربط الاولاد والبنات بالعالم من حولهم من دون أي إيذاء يقع عليهم او على الآخرين.
ــــــــــــــــــ
ستة عشرطريقة تجلب بها البركة لمنزلك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
نلخص لك عزيزي الزوج هذه الأمور في ستة عشر سبباً جالبة للبركة :
1- القرآن : فالله تعالي وصفه بأنه مبارك فقال : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ) . وقال (ص)لا تجعلوا بيوتكم مقابر . إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) .
2- التقوي والإيمان : ولا شك أنها من الأمور الجالبة للبركة ، حيث يقول الله عز وجل : ( ولو أن أهل القري أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) ، والزوج يجد البركة بتقواه مع زوجته وأولاده ورزقه وحلاله .
3- التسمية : وتكون في بداية كل عمل ليمنع إشراك الشيطان في أعماله ، قال (ص)كل عمل لم يبدأ باسم الله فهو أبتر ، أي مقطوع وناقص البركة ، وقال أيضاً : إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالي عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالي عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله تعالي عند طعامه فقال : أدركتم المبيت والعشاء ، فالتسمية تبارك في أعمالنا وتجعلها خالصة من رجس الشيطان وشره .
4- الاجتماع علي الطعام : وقد بورك الأكل المجتمع علي الطعام وجعلت البركة علي الطعام الذي يجتمع عليه الناس ، قال صلي الله عليه
16طريقة تجلب بها البركة لمنزلك
* قال الله تعالي على لسان عيسي بن مريم عليه السلام : ( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً * وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) .
5- السحور : لقوله (ص)فإن في السحور بركة ،والبركة هنا الأجر والثواب ، وتحمل الصوم ، والتقوى علي طاعة الله .
6- ماء زمزم : وهذه العين المباركة التي خرجت في أرض جافة ليس فيها ماء ومن وسط الجبال وهي لم تنقطع ، وهي عين مباركة ، بل وقد قال عنها (ص)يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم ـ أو قال لو لم تغرفل من الماء ـ لكانت عيناً معيناً . أي أنها كانت لو لم تغرف منها أكثر غزارة بكثير .
7- زيت الزيتون : وشجر الزيتون شجر مبارك وصفه الله بالقرآن كذلك حيث قال تعالي في سورة النور : المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونه لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار . كما يعرف زيت الزيتون بأنه علاج نافع لكثير من الأمراض .
8- ليلة القدر : ولا يخفي علي أحد ما في هذه الليلة من البركة ، فيجمع فيها رب الأسرة أفراد أسرته ويحدثهم بفضلها وبركاتها ورحماتها ، ثم يصلون معاً ويذكرون الله تعالي في هذه الليلة المباركة ، قال تعالي : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) قيل هي ليلة القدر.
*
9- العيدين : والذي يبدؤه الناس بصلاة العيد يشكرون الله فيها علي ما أعطاهم من نعمه الكثيرة فيبارك لهم في هذه النعم ويزيدها وينميها لهم، ولذلك تقول أم عطيه رضي الله عنها : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتي نخرج البكر من خدرها ، حتي تخرج الحيض ، فكيف خلف الناس فيكبرون بتكبيرهم ، ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته .
10- الأكل الحلال : وهو الأكل الطيب الذي يبارك الله فيه ،قال (ص)أيها
الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، فالمال الحرام لا يبارك الله به ولا يعود علي أصحابه إلا بالفقر والنقص .
11- كثرة الشكر : وهي واضحة من قوله تعالي : ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) , والزيادة هنا زيادة في كل شيء سواء بالمال أو الصحة أو العمر إلي آخر نعم الله التي لا تعد ولا تحصي.
12- الصدقة : والتي يضاعفها الله تعالي إلي عشر أضعاف إلي سبعمائة ضعف فلا شك أنها تبارك مال الإنسان وتزيده ، قال تعالي : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) ، وقال (ص)( الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف ، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها ) .
13- البر وصلة الرحم : كما أخبر النبي (ص)صلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمرن الديار ويزدن في الأعمار .
14- التبكير : وذلك يكون في استيقاظ الإنسان باكراً وابتداء أعماله في الصباح الباكر ، وقد قال النبي (ص)بورك لأمتي في بكورها , ويتحدث كثير من الأشخاص عن سبب نجاحهم أنه التبكير في أداء الأعمال .
15- الزواج : وهو أحد الأسباب الجالبة للبركة ، وقد كان بعض السلف الصالح يطلبون الزواج لكي يتحقق لهم الغني ويأتيهم الرزق ، لأنهم فهموا ذلك من قوله تعالي : ( وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) ، وكذلك قوله تعالي : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ) .
16- التخطيط : أنه تعالي قد وعد نبيه بالنصر مسبقاً وبشره به ، فكيف يمكن بعد ذلك لأي كان أن يعطل التخطيط والإعداد بمظنة منه أن البركة هي التي تسهل الأمور في حياته .
وهل نري اليوم العائلات تخطط لمستقبلها ومستقبل أبنائها ، أم أنها تدع الأمور علي البركة !! لا شك أننا بحاجة لإعادة النظر في هذا المفهوم وبحاجة أن نخطط ونستعد للمستقبل وبعد ذلك نتوكل على الله ونطلب منه البركة
ــــــــــــــــــ
أيهما المؤلم: الإعاقة أم جحود الزوجة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
لا أدرى.. كيف أبدأ قضية هذا المعوق؟ هل هى قصة الإعاقة أم قصة جحود الزوج أو الزوجة؟
الحزن تيار جارف يملأ النفس، حتى إن هذا - الحزن - انعكس على نفسيتى أيضًا، وبالرغم من هذا الأسى، فهو لا يأس عنده، يطلب العلاج، والأمل فى الحياة.
كان الحديث معه عن أسباب الإعاقة، وكيف حصلت، وكم له فى هذه المؤسسة الطبية الإنسانية؟ قال: هذا المكان أرحم من قسوة المجتمع، قلت له: ماذا تقصد بالمجتمع؟
أجاب: الإنسان يا أخى معرّض فى أية لحظة من اللحظات لصدمات الحياة، وحكايتى مع الإعاقة كان سببها حادث سيارة بعد زواجى بأربعة أشهر، أصبت بشلل نصفى أقعدنى، كنت أتوقع أن تعطف عليَّ زوجتى، لكن طالت مدة علاجى هنا، وطال انتظارها، حتى انقطعت عن زيارتى، وطلبت الطلاق، وعرفت كيف أن جيل هذا العصر من الزوجات لايهمهن إلا المظاهر فقط.
بالله عليك.. هل تعد هذه - فى نظرك - مشاركة امرأة زوجها فى الضرّاء والسرّاء؟
انتقلت إلى شاب آخر فى ريعان شبابه، تحدثت إليه، وكانت مشكلته ذات مشكلة الأول، ومرضه ذات المرض.
يقول: زوجتى طلبت الطلاق منى، بإلحاح من أهلها، بقيت تحت العلاج أربع سنوات، كانت الممرضة التى تشرف على العناية بى قد علمت بقصتى مع زوجتى فأشفقت على - وهى غير مسلمة - فأعلنت إسلامها، وقبلت بالزواج منى، تم ذلك، وأنا - الآن - سعيد؛ لأنها أشعرتنى بالسعادة ووقوفها بجانبى أعطانى الأمل فى الحياة.
أعود للقول: علينا أن نؤمن، أن الإعاقة قدر من الله - سبحانه وتعالى - وأنها من صنع الخالق - عز وجل - وألا تنظر المرأة إلى أن الزواج المعوّق عيب، كذلك عليها أن تراعى شعور زوجها، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل عليه تقبل الوضع الجديد الذى هو من قدر الله تعالى، فلربما تعرّضت المرأة - أيضًا - لهذا الموقف المؤلم نفسه.
هناك مواقف اجتماعية تتعرّض لها المرأة، حال تخلّى بعض الأزواج عن زوجاتهم بعد عشرة طويلة، لمجرّد كبر السن أو الإصابة بمرض عضوى أو إعاقة تقعدها فى البيت.
من هنا لابد أن يتحلّى كل من الرجل والمرأة - على حد سواء - عند حوادث الدهر والحياة بالصبر، فالحياة لست مجرد عطاء فقط، وإنما هى مشاركة مطلوبة بين الطرفين فى حلو الحياة ومرّها.
على كل حال: ليس كل النساء، ولا كل الرجال، لهم نفس ذات الموقف الذى حدث فى الحالتين السابقتين، أو من بعض الرجال تجاه زوجاتهم، فهناك من حدثت لأزواجهن نفس الظروف أو أشد منها قسوة فى الزمن الماضى، وتحولت حياتهن كلها لكفاح ومساندة للزوج دون كلل أو ملل، وهذا ما يحثنا عليه ديننا الإسلامى الحنيف، كفانا الله وإياكم شر كل مكروه، وعلى زوجات الرجال الذين قد تحدث لهم إعاقة - لا قدر الله - أن يكنّ أكثر إنسانية وأقل قسوة.
* الزهور
ــــــــــــــــــ
لماذا ينحرف أبناؤنا في سن المراهقة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد رفعت
نحن نتطلع إلى الشباب باعتباره أملنا في المستقبل، وعدتنا من أجل التغير والتطوير، ومن هنا يحدث الانزعاج إذا ما لوحظ أية بوادر للانحراف بين أبنائنا في سن المراهقة. وهنا يبرز السؤال كيف نقضي على هذا الانحراف في الوقت المناسب، لنضمن لهم الحاضر البهيج والمستقبل الأكثر بهجة؟
هذه محاولة علمية لتقديم الإجابة المطلوبة عن هذا السؤال من أجل أبنائنا في سن المراهقة.(54/146)
في الدراسات التي تجري حالياً في أوروبا عن الانحراف والحرية بين الشبان والشابات من المراهقين، وضع للمسؤولين عن هذه الدراسات أن هناك علاقة معنوية أكيدة بين التركيب البنائي للجسم والانحراف.
فلقد وجدت إحدى المؤسسات في إنجلترا أن 70 في المائة من المراهقين المنحرفين في مدينة لندن يعانون من نقص جسدي أو عيب تكويني كما وجدت حين قارنت 282 شاباً من المنحرفين في أحد المصحات بمثلم من غير المنحرفين في إحدى المدارس الثانوية وجدت أن نسبة التشوهات الجسدية والقوامية بين المنحرفين تكاد تربو على الضعف عند غير المنحرفين.
ـ أندية وبرامج:
ولقد أكد هؤلاء الباحثين جميعاً أن هناك ما يسمى بمركب النقص العضوي الذي يشعر فيه المراهق بعدم المقدرة والضعف ومن ثم فإنه ينحرف محاولاً تعويض مركب النقص هذا.
ولقد كان أجدادنا يستشعرون مثل هذا الانحراف من هؤلاء المعوقين ولقد كانوا يصرخون كلما رأوا انحراف أحدهم ((حقاً كل ذي عاهة جبار)) وكانوا يربطون بذلك بين الانحراف الخلقي والتشوهات القوامية. فإذا كان هذا الذي يذهب إليه الباحثون في أيامنا هذه صحيحاً، وإذا كان أجدادنا قد اكتشفوه من قبل منذ مئات السنين فقد وضح طريق العلاج إذن.
وأصبح العلاج يرتكز فيما يمكن أن نمنحه لهؤلاء المعوقين أو المنحرفين جسدياً في سبيل القضاء على الانحرافات الخلقية. ولقد لاحظ الباحثون أن هؤلاء المنحرفين أخلاقياً من المراهقين يمكن أن يتفقوا في بعض الألعاب كالملاكمة والمصارعة والجودو.
ومن هنا فإن تدعيم الأندية الشبابية بمثل هذه الأنشطة، ورسم البرامج لمثل هؤلاء الشباب يصبح أمراً حيوياً بالغ الأهمية في سبيل القضاء على الانحرافات عند شبابنا من المراهقين.
إنه لمن الواضح أن مثل هذه الأندية وتلك البرامج لن تقضي وحدها على الانحراف عند المراهقين، ولكنه من الواضح أيضاً أن مثل هذه البرامج لابد وأن يشترك فيها علماء علم النفس الرياضي، ويمكنها أن تحيل المراهق الصغير الذي قد يبدي بعض الميل إلى الانحراف إلى رياضي من الطراز الأول يستهلك كل ميوله العدوانية في رياضته المفضلة ولا يحب الانحراف ويصبح سلوكه الذي كان يبدو وكأنما هو موجه ضد المجتمع كموجه للنهوض بهذا المجتمع الذي كان يكرهه سابقاً.
ويصبح المراهق الذي كان يميل إلى الاعتداء على الغير ملاكماً ممتازاً وتصبح المراهقة التي كانت تميل إلى الهجوم على الغير لاعبة من الطراز الأول في صف الهجوم في فريق كرة ليد أو الكرة الطائرة مثلاً.
ليس ذلك فقط وإنما لوحظ أن المنحرفين في مدينة شيكاغو الذين لم تتح لهم فرصة الاستفادة من مثل هذه البرامج الرياضية يعودون إلى الجريمة في 70 في المائة من الحالات وبصفة متكررة. بينما لا توجه تهمة العودة إلا إلى 30 في المائة فقط من هؤلاء الذين أتيحت لهم مثل هذه البرامج الرياضية.
ـ قيادات متميزة:
ولقد لوحظ أيضاً أن موجات الانحراف في المجتمع تقل عقب إنشاء النوادي الرياضية فيه وعقب دراسة للانحرافات في إحدى مدارس ولاية سنسناتي في الولايات المتحدة خرج الباحث بالتعميمات الآتية:
أولاً: إن التحسن المستمر في اللياقة البدنية وفي المهارات الرياضية في مجتمع ما، يصاحبه في نفس الوقت تقليل في حالات الانحراف بين المراهقين في هذا المجتمع وبخاصة بين هؤلاء الذين كان لديهم ميل مسبق للانحراف، فانتشار الوعي الرياضي إذن معناه الإقلال من الانحرافات.
ثانياً: مع الاعتراف بأن الرياضة وحدها لا تقضي قضاءً مبرماً على الانحراف بين الشباب لوجود عناصر أخرى تؤدي إلى هذه الانحرافات إلا أننا يجب أن نعترف أنها وحدها تقلل من هذا الانحراف.
ثالثاً: إن وضع برامج نفسية يعد بمثابة ما يسمى (بالعلاج الجموعي) الذي يأخذ في الاعتبار العناصر العائلية التي تؤدي إلى مثل هذا الانحراف وكذلك الدوافع والمناهج العلمية المرتبطة بمثل هذه الانحرافات. إن وضع مثل هذه البرامج العلاجية الرياضية سوف يكون له أطيب الأثر في معالجة الانحرافات بين المراهقين وأصبح هدف المهتمين بالشباب في كل بقاع الدنيا هو برنامج رياضي نفسي للمراهقين.
ولقد أصر معظم الباحثين على ضرورة أن يكون هذا لبرنامج مجانياً للشباب كلما أمكن ذلك، وأن يشتمل على أنشطة على مدار العام. وأن يكون برنامجاً مختلطاً للشباب والفتيات وأن تقوده قيادات متميزة أخلاقياً حصلت على الدراسات والتمرينات الكافية من أجل قيادات واعية سليمة ودرست علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية الرياضية وكل ما هو متصل بالشباب وانحرافاته وأن تنشأ مشروعات يراعى فيها ما أمكن أن تجتذب إلى صفوفها أكبر عدد ممكن من المنحرفين والمراهقين ينعمون بصداقة المهيمنين على مثل هذه المشروعات وبرغبتهم في دراسة مشاكلهم وحلها وألا يدخل المراهق أي شك من وجهة هؤلاء المشرفين على المشروع.
وقد وضح من دراسات مشابهة بالغرب أن التربية الرياضية لها أثر فعال على الصحة النفسية وتكيف الشباب مع المجتمع الذي يعيشون فيه. وأنه بانتقاء بعض المدربين الأكفاء ذوي الأخلاق العالية ورسم برامج رياضية ونفسية متخصصة قد يكون لها أثر كبير في علاج المنحرفين والمراهقين حتى نصل إلى التسليم بأن اللاعب حين يصل إلى درجة عالية من المهارة تصبح تصرفات المدرب بالنسبة له قانوناً وأخلاقيات أيضاً ويستطيع المدرب عند هذه المرحلة أن يطبع المراهق بأخلاقياته وهنا نقطة العلاج.
وعند دراسة العلاقة بين المدرب المتفاهم الصديق الكفؤ واللاعب المراهق المنحرف وجد أن باستطاعة المدرب أن يعالجه بكل سهولة من انحرافاته هذه وأن يتسامى بها إلى اهتمامات نافعة، وأن مثل هذا المدرب ينجح في مثل هذا العلاج بأسرع من المدرب غير المهتم الانعزالي المتكبر.
على المدرب إذن أن يصادق هذا المراهق الذي يبدي مثلاً للانحراف وعليه أن يرسم له البرامج التي تهدف بالمقام الأول إلى رفع قدراته الصحية ولياقته البدنية، وعليه كذلك أن يجعل برنامجه صالحاً لجميع المنحرفين بالفعل والمعرضين للانحراف والمراهقين العاديين حتى لا يشعر أي منهم أنه من فئة منحرفة معزولة عن المجتمع وأن لا يشعر البعض الآخر أن البرنامج وضع لفئة من الأبطال الرياضيين ليس إلا. وعلى المدربين أن يتعاونوا مع مدرس العلوم ومع الأطباء النفسيين في مجموعة واحدة متفاهمة تضم الآباء أيضاً وبعض الأمهات لخلق مجموعة صالحة من هؤلاء المراهقين لائقة بدنياً وقوية جسمياً متفوقة عقلانياً واعية بمشاكلها وبالحلول المقترحة السليمة من الوجهة النفسية.
ــــــــــــــــــ
العلاقة بالأُخوة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إن رابطة الأخوة بين الأبناء تقوم على أساس العلاقة النسبية والعقيدية، وعلاقة العيش في ظلال الأبوين في بيت واحد .. وبذا فهي رابطة قوية متينة، وتعميقها وترسيخها دليل على تفهم الأخوان لمعنى الأخوة، ودليل على رقيّ وضعهم الأخلاقي.
والأخوة في الأسرة يعيشون متفاوتين في السنّ والجنس (ذكوراً وإناثاً)، وفي المستوى الثقافي والفكري .. وفي الحالات النفسية والصحية والميول والمؤهلات الذاتية ..
والعيش في الأسرة يتطلب منهم جميعاً أن يكونوا منسجمين .. إن الانسجام يتحقق في الحب والإيثار، والتحية، والهدية، والاحترام المتبادل، والتعاون، وتناول الطعام في مأدبة مشتركة، والتفاهم من خلال الأحاديث الودية .. والعفو والتسامح في حال حدوث المشاكل بينهم، والعمل على حلها عن طريق التفاهم ..
إن مقدمة الأعمال التي تحقق الحب والانسجام في العلاقة اليومية هي التحية .. فالتحية هي مفتاح القلوب، ذلك لأنها تعبر عن الحب والاحترام والعلاقة الودية .. وهي تزيل ما في النفوس من غموض، أو أذى وعدم الرضى ..
إن إشاعة التحية بين أفراد الأسرة تشيع المودة والاحترام، ولأهمية التحية في العلاقات البشرية، نجد الرسول الهادي محمد (ص) يحثنا على إفشاء السلام، وأداء التحية، لأنها الطريق إلى القلوب .. والكلمة التي تزرع الحب في النفس.
قال الرسول الكريم (ص): ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ولا تحابوا حتى تؤمنوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)).
ويعلمنا الرسول (ص) أدب التحية بقوله: ((خيركم مَن يبدأ صاحبه بالسلام)).
ومأدبة الطعام الواحدة التي يجتمع من حولها الوالدان والأخوة .. إنما هي مائدة ومشاركة فعلية في الحياة .. إنهم يتناولون الطعام، ويتبادلون الأحاديث الودية من حول المائدة .. بل ويشاركون في إعدادها برحابة صدر وسرور ..
إنها ليست مشاركة في تناول الطعام فحسب، بل ومشاركة في العواطف والمشاعر ..
إن التعاون بين الأخوة في الأسرة، عنصر أساس من العناصر التي توفر السعادة، وجو الانسجام في الأسرة، وتجلب بركة الرحمن للجميع ..
إن بعض الأخوة قد يكون متفوقاً في دراسته، أو متقدماً على أخته أو أخيه في هذا المجال .. فمن حق الأخ على أخيه أن يساعده على تعلم بعض الدروس، أو يعلمه خبرة أو فناً .. كالخط أو الرسم أو الخياطة، أو استخدام الكومبيوتر ... إلخ، أو يرشده إلى تجاوز المشاكل والتغلب على الصعوبات ..
إن ذلك يُساعد الأخ على شق طريقه في الحياة .. ويجعله مستعداً لأن يقدم لك العون والمساعدة في حالة أخرى.
وقد يكون أحد الأخوة قد توفرت له فرص العمل، والحصول على دخل مناسب، ولم يزل أخوه، أو أخته بحاجة إلى مساعدته المالية .. فمن حق الأخوة، ومن الإحسان الذي يحبه الله سبحانه، أن يساعد إخوانه وأخواته، فيخفف عنهم، وعن أبويه تكاليف الحياة، ويشعر أخوانه بالإحسان والمحبة، ويجعلهم يفكرون بردّ الجميل والإحسان إليه ..
إن الحياة في داخل الأسرة، هي حياة محبة وتعاون وإيثار، ويتحقق ذلك بالكلمة والمشاعر الطيبة، وبالمال، وبالتعاون في المجالات الأخرى ..
ومن وسائل تجنب المشاكل، هي الابتعاد عن إثارة الآخر، أو إزعاجه، لا سيما إذا كان في وضع نفسي أو عصبي متوتر بسبب مشكلة يعانيها.
إن بعض أبناء الأسرة قد يكون عصبياً، أو حساساً، ووضعه في الأسرة يثير مشاكل مع بعض إخوانه أو أخواته، أو قد يتكون عنده شعور غير صحي تجاههم، وقد يطلق كلمات جارحة، أو يقوم بعمل مثير للغضب .. وقد يرخ الأخ على أخيه بالمثل، فعندئذ تتوتر العلاقة في الأسرة، وتتعقد الأجواء، وتتطور المشكلة ..
وعندما تحدث مثل هذه الحالات ينبغي تقدير ظروف الأخ، أو الأخت النفسية، أو العصبية، وأن يُقابَل الغضب والانفعال بهدوء، ودونما مواجهة، ثم نعود بعد فترة ساعات، أو في اليوم التالي، فنبحث معه المشكلة المباشرة، أو من خلال أحد الأبوين أو الأخوة، أو الأصدقاء .. ونعمل على حلها ..
إن العفو والتسامح والسيطرة على النفس عند الغضب، موقف أخلاقي يكشف عن قوة الشخصية، وسلامة النفس من الحقد والروح العدوانية .. لقد امتدح القرآن الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، واعتبر ذلك إحساناً منهم وعطفاً على الآخرين .. قال تعالى: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران/ 134.
والهدايا بين أفراد الأسرة تجلب المحبة وتوطد العلاقة، فالهدية تعبر عن شعورك تجاه الآخر، كما تعبر عن الاهتمام والتكريم، والرغبة في الود. لذا نجد الرسول (ص) يقول: ((تهادوا تحابوا)).
فهديتك كتاباً مناسباً، أو محفظة صور، أو ساعة ... إلخ، لأختك، أو أخيك تترك أثرها النفسي فيه ..
والإنسان خُلق ناطقاً، وبالنطق يعبر عن أحاسيسه ومشاعره .. وللحديث العائلي أثره النفسي الكبير .. فأفراد العائلة عندما يجتمعون، ويتبادلون الأحاديث الودية، أو المفاهيم الثقافية، أو أخبار المجتمع والسياسة، أو يتداولون في شؤون الأسرة، أو أخبار العلم والاكتشافات، أو الشؤون الشخصية والعائلية التي تتعلق بأقربائهم وذويهم ..
إن هذه الأحاديث تزيد في ثقافة الفرد .. وتعوده على حياة الانفتاح، والاهتمام بشؤون المجتمع والثقافة، وتبعده عن الكآبة والانطواء، وتكون جواً من التفاهم، وإزالة حواجز الانغلاق والتوتر النفسي، وتوفر حالة من الانسجام والمودة .. كما تساهم تلك الأحاديث في توحيد ثقافة العائلة، والتقارب الفكري بين أفرادها ..
حاول أن تبدأ الحديث، وتتحدث أتن مع أفراد العائلة الجالسين بشكل جماعي، أو إطرح سؤالاً عن مسألة من المسائل على أحد الجالسين: أمك وأبيك .. لتوفر فرصة للحديث والحوار العائلي ..
وللحديث أصوله وآدابه، فلا يصح أن تقاطع المتحدث حتى يتم حديثه، ولا تحتكر الحديث وحدك، وتأكد من نقل الأخبار والمعلومات التي سمعتها، قبل أن تتحدث بها. فإن ذلك يعبر عن احترامك لكلمتك وشخصيتك.
* البلاغ
ــــــــــــــــــ
أسباب بسيطة قد تدمر العلاقات الزوجية
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
بحث علماء الاجتماع في الكثير من العوامل التي تؤدي إلى الزواج السعيد، لكن هذه المرة توصل الباحثون إلى أهم الأمور التي تساهم في فصم عرى الزوجية وتقويض الحياة الزوجية.
* الاسترسال الزائد في الحياة الشخصية دون الالتفات إلى الشريك.
* أن يكون أحد الزوجين بحاجة إلى اهتمام زائد من قبل الشريك.
* أن لا يكن أحد الزوجين أي احترام لعائلة الشخص الآخر وخاصة الأبوين.
* أن يقوم أحد الزوجين بإهمال الأطفال من اجل أمور أخرى مثل الذهاب إلى الحفلات أو ممارسة أي نشاطات اجتماعية أخرى.
* أن يكون أحد الزوجين يعاني من الغيرة الزائدة، بحيث يضيق على الشريك لدرجة تؤدي إلى استحالة الحياة بين الزوجين.
* من الأسباب التي تدفع الزوجين إلى الوصول إلى طريق مسدود هو أن يقوم أحدهما بمناقشة الحياة الشخصية للزوجين مع الأصدقاء، أي عدم الشعور بالخصوصية.
* أن يكون أحد الزوجين يتمتع بشخصية تملكية، بحيث يقوم أحد الطرفين بالتضييق على الشخص الآخر.
من اكثر الأسباب شيوعا للانفصال هو الخيانة الزوجية، وخيانة الأمانة. عدم إظهار الاحترام له أمام الأصدقاء، كأن يقوم أحد الطرفين برفع صوته على الآخر أمام الأصدقاء أو في مكان عام. وبمقابل ذلك، ومن جانب آخر كما اشار موقع (البوابة) يقول خبراء العلاقات الإنسانية أن الأزواج إذا خصصوا بعض الوقت للذهاب إلى أخصائي نفسي قبل أن تتأزم مشاكلهم فان ذلك سيوفر عليهم الوصول إلى الطلاق.
حيث ينصح الأزواج الجدد بمراجعة أخصائي نفسي لكي يساعدهم في وضع قواعد عامة لفهم بعضهم البعض بصورة افضل.
لا تكتفي بالكلام بل حولي كلامك إلى أفعال:
أي لا تكتفي بأن تطلقي الشعارات حول مدى رغبتك بإنجاح الزواج بل حولي كل ما تؤمنين به وما تتمنين حدوثه إلى واقع ملموس على الأرض بهذه الطريقة فقط يمكن أن ينجح الزواج وليس عن طريق الكلام.
قومي بأعمال يمكن أن تقود العلاقة إلى النجاح. لكي تزيدي من فرص النجاح فان عليك أن تبحثي عن أسباب النجاح في علاقتك وان تعملي على زيادتها والإكثار منها، لاحظي كيف تغلبت على إحدى المشاكل، وراجعي طريقة كلامك وفي أي وقت قمت بطرح المشكلة كل تلك الملحوظات يمكن أن تشكل رؤية بالنسبة لحياتك الزوجية. قومي بتجنب الأفعال التي عادة ما تؤدي إلى مشاكل:
هل تعتقدين أن زوجك عنيد؟
حسنا إذا كان الجواب نعم فان جزءا كبيرا من المشكلة يقع على عاتقك لأنك لا تعرفين كيف تتصرفين معه، فعندما تكونين على وشك التفوه بشيء أثناء المشكلة توقفي وفكري، هل ما ستقولينه الان سيحقق الهدف الذي يتم السعي له أم أنه سيزيد المشكلة تعقيدا، إذا كان الجواب أنة سيعقد الموضوع إذن عليك التوقف والتفكير في حل آخر.
تذكري دائما لماذا وافقت على الزواج به من البداية: إذا كنت تعانين من أوقات عصيبة مع زوجك فان ذلك سيمنعك من تذكر الذكريات السعيدة معه، لذلك كلما شعرت انك ستصلين إلى طريق مسدود فان عليك أن تحاولي استرجاع الماضي وان تتذكري السبب الذي دفعك للارتباط بهذا الإنسان طيلة الحياة.
قرري أن تحبيه
حتى أقوى الزيجات ثباتا تتعرض لبعض الهزات مع الوقت لذلك قرري انك مهما كانت الظروف قاسية فانك ستعملين جهدك أن تحاولي التمسك بالعلاقة وان تعملي على إنجاحها مهما كانت الظروف، أما إذا قررت أن العلاقة محكومة بالفشل فانك ستتوقفين عن محاولة إنقاذ الزواج وسينتهي الأمر بالفشل.
------------------------------------
* الايام البحرينية / 5 مايو 2004
ــــــــــــــــــ
كيف أتعامل مع والدي؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كل ما في هذا الوجود .. الذرة والكواكب والنبات وظواهر الطبيعة تسير وفق قانون ونظام .. ومثلها الحياة البشرية، فهي لا يمكن أن تسير بشكل طبيعي وسليم، ما لم يكن هناك قانون ونظام .. فكل شيء في مجتمعنا بحاجة إلى نظام .. المؤسسات والشركات ودوائر الدولة والمنظمات ... إلخ ...
والأسرة مؤسسة مهمة من مؤسسات المجتمع، فهي تحتاج إلى قانون ينظم الحياة فيها، والعلاقات بين أفرادها .. وهذا ما فعلته الشريعة الإسلامية، فحددت الحقوق والواجبات .. وكما نعرف فإن من نظام الدوائر أن تكون لها إدارة، ومدير يديرها، ويطبق القانون فيها ..
وطبيعة الحياة في الأسرة، تجعل من الأب مديراً للأسرة، ومسؤولاً عنها. وشاء الله سبحانه ذلك، فجعل للأب الولاية على أبنائه الصغار غير الباقين، وكلّفه بالنفقة عليهم وبتربيتهم .. كما كلفه بالنفقة على زوجته وتحمل مسؤوليات الأسرة ..
لذا فمسؤولية الأب تكبر مسؤوليات الآخرين في الأسرة .. ولذا أيضاً أمر الله سبحانه الأبناء باحترام الوالدين، وبطاعتهما ما زالا يوجهان الأبناء لحفظ مصالحهم ..
فالأب يشعر باهتمام كبير، وحرص شديد على أبنائه، ويسعى بكل جهده لتحقيق مصالحهم، فهو يريد أن يراهم متفوقين في وضعهم الدراسي .. ويريد أن يسمع عنهم السمعة الطيبة بين الناس .. ويريد أن يراهم مجدين في العمل .. ويريد أن يراهم بعيدين عن المشاكل التي تجلب له الأذى والسمعة السيئة، وتحمله التبعات والخسائر، ونقد الناس وعداوتهم.
فالأب يشعر بكل إحساسه ووجدانه أن أبناءه يمثلون وجوده وشخصيته، وهم مشروع حياته .. وقد بذل من الجهد والمال والتعب والعناء ما لا يستطيع الأبناء تعويضه .. وما لا يستطيع هو استرجاعه .. لذلك يشعر بالألم والإحباط عندما يرى أبناءه قد فشلوا في حياتهم، أو تحولوا إلى أشخاص سيئين في المجتمع، يجلبون له ولأمهم ولأسرتهم الأذى والسمعة السيئة ..
بينما يشعر بالسرور والارتياح والإحساس بالنجاح في حياته، عندما يرى أبناءه، ذكوراً وإناثاً، قد حققوا تفوقاً في حياتهم، وهم في وضع اجتماعي محترم .. يوفرون له السمعة الطيبة، والراحة والوقت، بسبب سلوكهم الجيد .. في دراستهم .. في علاقاتهم مع أصدقائهم .. في علاقاتهم الودية فيما بينهم، كأخوة متحابين متعاونين ..
لذا نجده يتأذى، ويشعر بالألم، ويحاسب أبناءه عندما يراهم قد ارتكبوا سلوكاً سيئاً، أو يحدثون مشاكل وحالات إزعاج في داخل البيت، أو فاشلين في دراستهم، أو يصاحبون أصدقاء السوء .. ويتعودون العادات السيئة، كالتبذير والتدخين واللهو، أو يطلقون الكلمات البذيئة والجارحة للآخرين ..
إن السلوك السيئ يكشف عن سقوط الشخصية، ويصور للآخرين أن هذا الانسان السيئ قد نشأ في أسرة سيئة، فتنعكس آثارها المخجلة على الأبوين.
تلك هي مشاعر الأب وأحاسيسه تجاه أبنائه، قد لا يفهمها الأبناء .. فتحدث المشاكل، وتسوء العلاقة أحياناً بين الأبناء وآبائهم، لذا فإن فهم الأبناء لمشاعر الآباء والأمهات تجاههم، يحل كثيراً من المشاكل، ويكون روح التفاهم ويعمق المحبة .. ويجعل الأبناء يتفهمون غضب الآباء والأمهات من هذه الأعمال السيئة، ويحرصون على احترام مشاعر والديهم.
إن بناء الأسرة السعيدة، هو بناء أخلاقي ومادي معاً، وأن السعادة تتحقق في القضايا الأخلاقية قبل المادية ..
إن هناك أسساً للعلاقة السليمة بين الأبناء والآباء والأمهات التي تضمن السعادة ومرضاة الله للجميع ..
إن حاجة أفراد الأسرة .. الأبناء والأخوة والآباء إلى الحب والاحترام المتبادل، كحاجة النبات إلى ضوء الشمس .. وبالحب والاحترام جاءت الرسالة الإسلامية وبنت الحياة على أساسها ..
فشخصية الانسان تترعرع وتنمو وتتكامل في ظل الحب والاحترام ..
وتحت كابوس الكراهية والإهانة تقتل الشخصية، وتذهب قيمة الفرد، وتموت مشاعره النبيلة.
لذا نجد الرسول الأكرم (ص) يوضح أن حقيقة الإسلام هي الحب، جاء ذلك في قوله (ص): (( ... وهل الدين إلا الحب)).
وانطلاقاً من هذا الأساس، حثّ الآباء على حب الأبناء، والعناية بهم .. وحثّ الأبناء على حب الآباء، والبر بهم، والإحسان إليهم ..
والقرآن يؤكد على كرامة الإنسان، وحقه في احترام شخصيته بقوله:
(ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) الإسراء/ 70.
ويدعو الأبناء إلى حب الآباء واحترامهم بقوله:
(ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) الإسراء/ 23.
(وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) الإسراء/ 24.
(وصاحبهما في الدنيا معروفاً) لقمان/ 15.
وجاء في حديث آخر الحث على حب الأبناء لآبائهم، واعتبار هذا الحب عبادة. قال (ص): ((نظر الولد إلى والديه حباً لهما عبادة)).
وجاء في بيان الرسول الكريم محمد (ص) قوله: ((إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده)).
إن الأبناء يستطيعون أن يتعاملوا بشكل سليم مع آبائهم إذا فهموا فضل الأبوين في التنشئة والتربية، ومنح الحب والإخلاص ..
إن القرآن الكريم يشرح هذه الحقيقة للإنسان عندما يؤسس العلاقة على أساس الاعتراف بالفضل .. يوضح ذلك بقوله تعالى:
( ... أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير) لقمان/ 14.
وشكر المحسن، والاعتراف بفضله، ورد الجميل إليه .. صفة أخلاقية رفيعة .. يثبتها القرآن بقوله:
(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) الرحمن/ 60.
وعندما تتحرك مشاعر الإبن ووجدانه على أساس من هذه القاعدة الأخلاقية ـ مقابلة الإحسان بالإحسان ـ يشعر الأبناء بأنهم مدينون للآباء، حتى فيما يتضايقون منه من نصائح وإرشادات ومحاسبة، أو انفعال وغضب لأجل الأبناء .. فإن مبعث ذلك في نفس الأبوين هو الحب والحرص .. وليس المقصود منه عدم احترام شخصية الابن، أو مصادرة حريته أو المن عليه .. فإن الأب يؤدي واجبه مسروراً تجاه أبنائه ..
وإذاً فعلى الأبناء أن يؤدوا الواجب مسرورين تجاه آبائهم ز.(54/147)
وكما تقوم العلاقة بين الأبناء والآباء على أسس الحب والاحترام، تقوم أيضاً على أسس مادية .. فالأبناء يعتمدون على آبائهم في حياتهم المادية حتى إكمال دراساتهم، أو دخولهم ميدان العلم، بعد القدرة على ممارسة الأعمال .. وخلال الفترة هذه يشعر الأبناء بالارتباط النفسي والمادي بالآباء ..
وكثيراً ما يحدث توتر في العلاقات بسبب المشاكل المادية .. بسبب الشح والمنّ الذي يصدر عن بعض الآباء، أو بسبب التبذير، وعدم تقدير ظروف الآباء المادية من قبل الأبناء، أو بسبب الاتكالية واستمرار الاعتماد على الآباء مادياً، حتى مع القدرة على العمل ..
ومسؤولية حل مثل هذه المشاكل تقع على الطرفين .. فالإبن مسؤول عن تقدير ظروف والديه المادية، والأبوان مسؤولان عن التعامل المادي والأدبي مع الأبناء بالإحسان والمعروف، والتوجيه البناء، والابتعاد عن عبارات الإساءة، وجرح المشاعر.
إن الإحساس باستقلال شخصية الابن عن أبويه ح طبيعي للأبناء .. فالإنسان تكتمل شخصيته، وتنضج في سن البلوغ، فيصبح مكلفاً شرعاً .. وبالتكليف تستقل شخصيته عن والديه، ولكن تبقى بحاجة إلى الإرشاد والتجربة والنصح والتوجيه، حتى تكتمل معلوماته وخبراته الذاتية. كما يبقى في كثير من الأحيان بحاجة إلى الرعاية المادية والاجتماعية التي يقدمها له أبواه حتى يستقل بتوفير حاجته المادية ..
إن حُسن التصرف المادي من الأبناء يدل على نضج الشخصية، وسلامة الشعور، واحترام جهود الأبوين ..
والأب ليس مسؤولاً من الناحية الشرعية عن النفقة المادية على الأبناء بعد سن البلوغ، ولكن يبقى الارتباط العاطفي والوجداني، وإحسان الأبوين وحبهما للأبناء، وحرصهما على سعادتهما ..
والعلاقة مع الأبوين علاقة وجدانية وأخلاقية وعبادية، ومسؤولية أمام الله والوجدان والمجتمع.
ولكل من الأبناء حقوق على آبائهم، كما على الآباء حقوق على أبنائهم. ويزداد حق الأبوين أهمية عندما يكبرا، أو يعجزا عن العمل، والقيام بشؤونهما الشخصية .. وفي هذه الحالة تزداد أهمية البر والإحسان بالأبوين ..
إن الصوت الهادئ، وكلمة الاحترام، والابتسامة الوديعة، عند الحديث مع الأبوين .. إن كل تلك المواقف تجعل منك شخصية تستحق الاحترام، ومرضاة الله سبحانه .. وليس من خُلق الانسان الذي يحترم نفسه، ويتصف بالخُلق الرفيع أن يرفع صوته بوجه والديه، أو يطلق عبارات الانفعال والغضب عليهما، أو يسيء أدب الحوار والتفاهم معهما .. (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما)، (وقل لهما قولاً كريماً) ..
ولنطمئن أن الأبناء مهما وهبوا آباءهم من مشاعر الحب والاحترام فإن قلب الأبوين أوسع حباً، وأكثر حناناً.
ــــــــــــــــــ
كيف تعامل طفلك الذكي المتخلف في دراسته؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* سلسلة عالم المعرفة
إن كثيراً من مشكلات التعلم والتآخر الدراسي لا ترجع إلى التخلف العقلي وانخفاض مستوى الذكاء بقدر ما ترجع إلى أخطاء في التربية والعجز عن تكوين الدافع الملائم للنجاح والتفوق لدى الطفل. ولهذا فإن هناك اعتبارات أخرى يجب أخذها في الحسبان عند التعامل مع الطفل الذي يبدأ أداؤه المدرسي في التدهور. وسنذكر فيما يلي هذه الاعتبارات لننقل بعد ذلك للقارئ نموذجاً عملياً لإحدى حالات النجاح في العلاج السلوكي في مجال التفوق الأكاديمي.
اعتبارات عامة لمعالجة مشكلات الدراسة:
هناك اقتراحات عامة يجب مراعاتها في حالات تدهور الأداء المدرسي وبطء التعلم وهي:
1 ـ اجعل من التعلم والدراسة خبرة مرتبطة بالسرور والمتعة.
2 ـ اجعل من التعلم خبرة مرتبطة بالنجاح وليس بالفشل (أي ركز على النجاحات التي يحققها الطفل حتى ولو كانت صغيرة).
3 ـ قدم العلاج حسب خطوات صغيرة. أي ينبغي تشكيل السلوك المؤدي للتعلم في شكل مراحل صغيرة مع مكافأة كل تقدم جزئي نحو الهدف العام.
3 ـ امتدح بسخاء.
5 ـ شجع الطفل على ربط خبرة التعلم بنشاط عملي فالأشياء التي تقوم بعملها نتعلمها أسرع ونحتفظ بها في ذاكرتنا بشكل أقوى.
6 ـ ارسم أمام الطفل النموذج الملائم للنجاح والعمل والنشاط. فمن العسير على الطفل أن ينمي إمكانات التعلم والتفوق أو يستجيب لنصائحك بينما أنت تقضي الغالبية العظمى من الوقت في الثرثرة ومشاهدة التلفزيون والحفلات الاجتماعية التافهة والزيارات طوال أيام الأسبوع.
7 ـ اختر مكاناً جيداً لطفلك .. بعيداً عن الضوضاء ومعدا خصيصاً للعمل.
وفيما يلي وصف لحالة الطفل موضوع هذه الدراسة Eimers & Aithison)).
وصف الحالة: كان الطفل موضوع هذه الحالة في الحادية عشرة من العمر عندما أحضره والداه وهما في حالة من الجزع والانزعاج. فالطفل يرسب في المدرسة. وما هو أسوأ من ذلك أنه لا يبدو أنه يهتم أو يكترث لذلك. وبالرغم من أن الطفل كان متفوقاً في دراسته في العامين الأولين لالتحاقه بالمدرسة، فإن أداءه بدأ في التدهور تدريجياً.
ودلت اختبارات الذكاء التي استخدمها المعالج مع الطفل على أن نسبة ذكائه فوق المتوسط. كذلك لم تتضح صعوبات في التعلم أو قصور عقلي واضح في الجوانب الأخرى من التفكير. وقد استبعدت هذه النتائج أن تكون مشكلة هذا الطفل بسبب التخلف أو صعوبات التعلم. وقد أيد مدرسوه هذه الملاحظات وأضافوا أنه كان من قبل تلميذاً جاداً وأن لديه إمكانات أكيدة على التفوق إلا أنه يهمل في أداء واجباته ولا يبذل أي جهد إضافي تطلبه منه مدرسته، وهو لا يبدي اكتراثاً بحل واجباته المنزلية مما ضعف من مشكلاته الدراسية وتدهوره.
لقد تبلورت المشكلة الحقيقية وراء التدهور الدراسي لهذا الطفل في دافعه الدراسي. ولهذا فقد نصحت معلمة الفصل والداي الطفل بأن يستعينا بعيادة نفسية لمساعدتهما ومساعدة الطفل على التغلب على هذه المشكلة قبل تفاقمها. وقد قام المعالج بوضع خطة من مرحلتين لزيادة دافعه الدراسي والتغلب على بعض مشكلاته السلوكية داخل الفصل الدراسي وعاونه في تنفيذها الوالدان والمدرسون (Eimers & Aithison 1977)
ـ خطة العلاج:
المرحلة الأولى: تقوية الدافع الدراسي
ركز المعالجون على مشكلة أداء الواجبات المنزلية كسلوك محوري، وقد بدا واضحاً أن الأبوين لم يبديا اهتماماً بهذا الجانب، وأهملا سؤال الطفل عن أعماله المنزلية وتركاها له دون متابعة. صحيح أنهما كان يطلبان منه بين الحين والآخر أن يؤدي واجبه، لكنه كان يجيبهما بأنه قد فعل ذلك، فكانا يقبلان ما يقوله بطيب خاطر ويسمحان له بالخروج للعب أو مشاهدة التليفزيون معهما. ولهذا فقد كان من أسباب جزع الأبوين أنه قد خدعهما بادعائه بأنه يحل واجباته، وعندما اكتشفا ذلك أظهرا له أشد الغضب، وأرغماه على البقاء في حجرته يومياً لساعتين لإنهاء واجباته المنزلية. وبالرغم من موافقته على البقاء لساعتين في حجرته، فإنه استغل هاتين الساعتين في قراءات خارجية ومجلات أطفال. واستمر لا يؤدي واجباته المنزلية كما دلت التقارير التي كانت تأتي من مدرسته. وعند هذا الحد شعر الأبوان بضرورة استشارة المعالج النفسي. وفيما يلي الخطة العلاجية التي وصفها المعالج وقام بتنفيذها مع الوالدين.
الخطوة الأولى: تحديد المشكلة وتعريفها:
بيّن المعالج ـ واتفق معه الوالدان في ذلك ـ أن المشكلة الرئيسية للطفل تتركز في فقدان دوافعه للعمل. فقد عزف الطفل عن العمل والدراسة لأنه ببساطة لم يتلق التدعيم الملائم والإثابة لهذين النشاطين، أو بعبارة أخرى، لم يتلق تدعيماً ملائماً لإنهاء العمل المدرسي والواجبات اليومية. ولم يكن تهديد معلمه الفصل بالرسوب أو تخفيض درجات كافياً لإذكاء دوافعه مرة أخرى. وقد رأى المعالج، أن الحل الرئيسي لمشكلة هذا الطفل يكمن في أن يجعل من الدراسة وأداء الواجبات المنزلية أمراً مشجعاً وجذاباً ومرتبطاً بالتدعيم الاجتماعي والإثابة.
الخطوة الثانية: مكان خاص للعمل:
من الأسباب التي تبين للمعالج أنها تعوق الطفل عن أداء واجباته المنزلية، السماح له بإكمال هذه الواجبات في حجرته. فقد كانت حجرته مملوءة بكثير من جوانب النشاط واللعب بما في ذلك مجلات الأطفال ولعبه الكهربائية وكل لعبة المفضلة. لهذا فقد أوصى المعالج الوالدين بأن يخصصا مكاناً ملائماً للدراسة، وقد اتفق الوالدان على أن تكون منضدة الطعام هي المكان الملائم لذلك. فقد خلت هذه البقعة من المنزل من المشيقات، فضلاً عن أنها تميزت بإضاءة جيدة وكانت على العموم مكاناً جيداً للدراسة إضافة إلى أنها تمكن الوالدين من مراقبة الطفل.
الخطوة الثالثة: إثارة الحوافز والتدعيم الإيجابي:
تبلورت الخطوة الثالثة في ابتكار نظام لإثارة حوافز الطفل. ثم بمقتضاه الاتفاق مع الوالدين على إثابة الطفل على كل نجاح أو تغير إيجابي في دراسته. وقد روعي في برنامج الحوافز ما يأتي:
1 ـ اختيار حوافز أو مدعمات مرغوب فيها من الطفل ستحق منه أن يبذل جهداً للحصول عليها.
2 ـ الزيادة التدريجية للوقت الذي يقضيه في أعماله المدرسية كل ليلة. وقد حذر المعالج الوالدين من تغليب رغبتهما في النجاح السريع على توخي الحرص في تطبيق مقتضيات العلاج التي تتطلب التدرج الحذر في زيادة الوقت الذي يمنحه الطفل للعمل، وفي مكافأة كل تقدم في هذا الاتجاه.
3 ـ امتداح الطفل بين الحين والآخر خلال انشغاله بدراسته وتشجيعه على مجهوداته ..
4 ـ المكافأة الفورية: تعتبر الدرجات التي تعطيها المعلمة للجهود الدراسية مكافأة غير مباشرة، ومن ث فإن تأثيرها التشجيعي ضعيف. ولهذا أصبح تقديم المكافأة الفورية ضرورياً. وقد نوعت المكافأة الفورية وعددت لتشتمل على بعض الأطعمة المحببة، أو قضاء نصف ساعة في مشاهدة التليفزيون أو الفيديو، أو استخدام التليفون، أو الخروج للتنزه واللعب .. الخ، وكانت تقدم كل مساء.
الخطوة الرابعة: المتابعة
اعتمدت الخطوة الرابعة على متابعة تقدمه وتقييمه. وهنا تبين من خلال الاتصال بمعلمة الفصل أن درجاته قد أخذت في التحسن، وأن واجباته المنزلية كانت تتم في وقتها وبشكل ملائم. لكن المعلمة لاحظت أن الطفل بالرغم من التحسن الأكاديمي، فإن سلوكه في داخل قاعة الفصل اتسم بالاندفاع نحو الشتم وإثارة بعض الفوضى مما كان يحول بينه وبين الانتباه الجيد. وقد شعرت المعلمة أن الطفل بإمكانه أن يتفوق أكثر وأن يحقق إمكاناته بصورة أفضل لو تخلى عن هذه المشكلات السلوكية.
ولهذا فقد اتفق الوالدان مع المعالج على وضع خطة أخرى للتغلب على هذه المشكلات السلوكية وفق الخطوات التالية:
المرحلة الثانية: التغلب على المشكلات السلوكية
الخطوة الأولى: تحديد المشكلة
دعا المعالج معلمة الفصل لحضور إحدى الجلسات مع الوالدين بغرض تحديد مشكلات الطفل، ولكي يكسب تعاونهم في التخطيط للعلاج وتنفيذ الخطة. وقد تبين أن مشكلات الطفل في المدرسة شملت ما يأتي:
أ ـ العزوف عن أداء أعماله الإضافية في المدرسة، أي الافتقار لدافع المنافسة الدراسية.
ب ـ التنكيت مع الزملاء، والتعليقات غير الملائمة، وكثرة الحركة، وعدم الانضباط. وقد تبين أن هذه المشكلة ترتبط بالرغبة في إثارة الانتباه بشكل غير ناضج. وقد كان من الواضح أن زملاء فصله قد أحبوا طريقته وكانوا يستجيبون لتصرفاته المضحكة، ونكاته بالضحك والمودة. حتى المعلمة، ولو أنها لم تكن تشارك زملاءه سعادتهم بتصرفاته، فقد كانت تبدي اهتمامها السلبي من خلال السخرية ومحاولة الإسكات. لقد تول الطفل إلى نجم الفصل وموضوع الانتباه الرئيسي لزملائه ومعلمته بسبب سلوكه غير اللائق.
الخطوة الثانية: التحكم في الإثابة:
تبلورت الخطوة الثانية في البحث عن حل للمشكلة. وقد تركزت خطة الحل على التقليل من الإثابات التي يحصل عليها بسبب سلوكه المشاغب، أي بالتقليل من الانتباه الإيجابي والسلبي الذي يحصل عليه من زملائه ومعلمته. كذلك تركزت الخطة على زيادة حوافزه وإثابته على السلوك الملائم. وقد اتفق أن يكون السلوك الملائم هو العمل على إنهاء واجباته المدرسية والإضافية وعدم تأجيلها حتى العودة إلى المنزل.
الخطوة الثالثة: الإبعاد المؤقت عن مواقف التدعيم السلبي:
ثم تنفيذ الخطة بحيث يتم الإبعاد عن الفصل لمدة خمس دقائق عندما يصدر منه سلوك مناف للذوق بما في ذلك التنكيت أو التعليقات غير الملائمة. وبذلك تم حرمانه من المدعمات التي كانت تأتيه من جراء سلوكه المشاغب. وكان يسمح له بالعودة للفصل بعد خمس دقائق، إلا أنه كان يستبعد من الفصل من جديد ولمدة مضاعفة إذا ما استمر في السلوك نفسه.
وبالرغم من نجاح الإبعاد المؤقت، فإنه كان يمثل ـ من الناحية العلاجية ، نصف الحل، فمن خلال الإبعاد المؤقت تعلم الطفل أنواع السلوك التي يجب التوقف عنها، لكنه لم يتعلم بعد السلوك الجيد المطلوب عمله. ولهذا فإن من المفروض تدريبه على أنواع السلوك الملائمة داخل الفصل من خلال برنامج خاص لإثارة حوافزه لأداء السلوك الملائم، وهو ما طبق في الخطوة الرابعة.
الخطوة الرابعة: تدعيم السلوك الإيجابي:
تنطوي الخطوة العلاجية هنا على إنابة الطفل ومكافأته للوقت الذي يقضيه في مقعده وهو يؤدي واجباته المدرسية المطلوبة. وقد تعاون المعالج مع المعلمة على وضع جدول مكافآت خاص تعده له يومياً، ويحصل الطفل بمقتضاه على نقاط (أو رموز) مقابل الوقت الذي يقضيه في العمل والمتفق عليه مع الطفل والمعلمة سابقاً.
وفي نهاية اليوم توقع المعلمة هذا الجدول وترسله مع الطفل إلى المنزل حيث يتم تحويل هذه النقاط أو النجوم إلى مدعمات متفق عليها بحسب جدول تدعيم سابق.
وتتطلب هذه الخطة كذلك الاستمرار في امتداح وتقريظ الطفل على تحسنه وعلى التغيرات الإيجابية التي يحققها. كما تقتضي هذه الخطة أيضاً التوقف عن اللوم أو النقد عند ظهور السلوك الخاطئ وتجاهل السلوك الدال على الشغب أو عدم الانضباط والفوضى.
وكان امتداح السلوك الإيجابي وتجاهل السلوك السلبي يتم أيضاً في المدرسة حيث دربت المعلمة على استخدام الخطة نفسها.
الخطوة الخامسة: التقييم والمتابعة:
عند تقييم المرحلة الثانية من العلاج، تبين أن الطفل قد نجح نجاحاً مذهلاً في تحقيق أهداف العلاج. فلقد اختفى ـ بعد خمس مرات من تنفيذ برنامج الإبعاد المؤقت ـ سلوكه المشاغب، وتحول إلى طفل نموذجي بمعنى الكلمة. وقد بدأ تحسنه التدريجي يتنامى بشكل ملحوظ، وانعكس ذلك التحسن على درجاته في الفصل الدراسي التالي حيث ارتفعت إلى B+ (جيد جداً).
ولم تكن هناك مشكلة واضحة عندما حدث توقف تدريجي عن خطة الحوافز، فلم يتراجع عن سلوكه الجيد عندما توقف تنفيذ هذه الخطة تماماً، فقد (أدمن) الطفل السلوك الجيد، وأصبحت دوافع النجاح الذاتية والتدعيمات التي كان يحصل عليها بسبب تفوقه وانتقاله لهذا المستوى كافية لاستمراره في السلوك الإيجابي. كذلك تحققت تغيرات في سلوك الوالدين، فقد اعتادا امتداح السلوك الجيد، وتوقفا عن النقد والعقاب، مما شكل تدعيماً إضافياً لاستمرار تفوقه في السنة التالية التي أمكن تتبعه خلالها.
ــــــــــــــــــ
أرق النضج والمعالجة الطبية العلمية لهذا الموضوع
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* أحمد راسم النفيس
ما من أبوين إلاّ وتؤرقهما أسئلة بلوغ أبنائهما, سواء تأخّر هذا البلوغ أو بكّر. والمعالجة الطبية العلمية لهذا الموضوع الدقيق تزيل عنه الحرج والحيرة.
يمكن تعريف البلوغ بأنه وصول الإنسان إلى مرحلة النضج الجنسي والعقلي والجسماني التي تؤهله لممارسة دوره في الحياة الاجتماعية كإنسان مسئول وناضج يقوم بدوره في التكاثر والحفاظ على امتداد الجنس البشري من خلال تكوين الأسر وتحمل المسئولية حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا وتنتهي تلك الدورة من الحياة البشرية.
ومن هنا تبدو الأهمية البالغة لقيام الأسرة بدورها في متابعة نمو الصبي أو الصبية وملاحظة ما قد يكون موجودا من تأخر أو اختلاف عن المسار الطبيعي يتعين ملاحظته في الوقت الملائم عندما يكون التدخل لسد النقص الحادث ممكنا وفاعلا.
كيف ومتى تبدأ رحلة النضج والبلوغ?
إنها رحلة ليست بالقصيرة تبدأ في الإناث من سن الثامنة وفي الذكور من سن التاسعة حيث تفتتح الغدة الجاركلوية تلك المرحلة ببدء إطلاق هرمونات الجنوسة, يلي ذلك زيادة تدريجية في كمية الهرمونات التي تفرزها الغدد التناسلية حيث تفرز المبايض في الإناث كميات متزايدة من هرمون الإستروجين كما تفرز الخصيتان في الذكور كميات متزايدة من هرمون الذكورة (التستوستيرون) مما يؤدي إلى (ظهور الصفات الجنسية الثانوية) وصولا إلى اكتمال النضج الجسدي الذي يتبعه النضج الاجتماعي والعقلي:
وهذه التغيرات في الإناث هي:
1 - زيادة حجم الثديين.
2 - نمو الأعضاء التناسلية وزيادة حجمها وتحول لونها نحو اللون الداكن.
3 - ظهور شعر الإبط والعانة (تحت تأثير هرمون التستوستيرون) الآتي من المبايض والغدة الجاركلوية.
4 - نمو الرحم وزيادة حجمه.
أما في الذكور فيحدث ما يلي:
1 - زيادة حجم الخصيتين عن الحجم الطفولي المعتاد (يزيد طول الخصية عن 2.5سم) نتيجة لنمو الخلايا المنتجة للحيوانات المنوية (تحت تأثير هرمونات الغدة النخامية FSH & LH).
2 - نمو شعر الإبط والعانة تحت تأثير هرمون التستوستيرون الآتي من الغدة الجاركلوية والخصيتين.
يبدأ البلوغ كما أسلفنا في الإناث عند سن الثامنة وينتهي في الثالثة عشرة كحد أقصى, أما في الذكور فيبدأ هذا عند سن التاسعة وينتهي في الرابعة عشرة.
لماذا يبدأ البلوغ في هذا التوقيت?
تنطلق هرمونات التكاثر الجونادوتروبين Gonadotropins FSH & LH من الغدة النخامية, ذلك الإفراز الذي يتحكم فيه المخ البشري عن طريق إفراز الهيبوثالامس لهرمونات الإطلاق Releasing Hormones.
في المرحلة التي تسبق انطلاقة البلوغ يكون معدل إفراز هرمونات الغدة النخامية قليلا ويمكن تثبيطه بسهولة من خلال إفراز الهرمونات النهائية أي من خلال ما يمكن تسميته بالكابح الطبيعي للإفرازات الهرمونية.
ويجري التحكم في أغلب الهرمونات وفقا للمسار التالي: على سبيل المثال يتم إفراز هرمون الغدة النخامية المنشط لهرمون الغدة الدرقية TSH حيث يقوم الـ TSHبتنشيط الغدة الدرقية لإفراز الثيروكسين وعندما يصل هرمون الثيروكسين إلى المستوى المطلوب داخل الدم يقل إفراز الـ TSHوإذا فشلت الغدة الدرقية في إفراز ما يكفي من الثيروكسين يواصل الـ TSH ارتفاعه وصولا إلى مستويات غير مسبوقة, والعكس صحيح عندما تنطلق الغدة الدرقية من عقالها في حالات التسمم الدرقي Thyrotoxicosis نلاحظ انخفاض مستوى الـ TSHإلى أقل من الحد الأدنى للمستوى الطبيعي.
ويبقى من المفيد أن نذكر أن مرحلة ما قبل البلوغ يجري فيها ضبط هذا النظام المتعلق بهرمونات التكاثر عند مستوى منخفض من الإطلاق المتبادل أي أن إطلاق كمية محدودة من هرمونات الجونادوتروبين من الغدة النخامية يؤدي إلى إطلاق كمية محدودة من التستوستيرون أو من الإستروجين من الغدة التابعة, وهذه الكمية المحدودة تؤدي إلى تثبيت إطلاق الجونادوتروبين على الفور وهو الأمر الذي يتغير عند بلوغ مرحلة النضج ويبدأ الإطلاق المتبادل من (العيار الثقيل) ذلك الإطلاق الذي يؤدي إلى نمو الأعضاء التناسلية الداخلية والصفات الجنسية الثانوية التي ذكرناها سابقا.
ماذا تعني كلمة تأخر البلوغ من الناحية العملية ولماذا ينبغي على الأسرة مراقبة نمو الصغير?
يعني تأخر البلوغ عدم ظهور تلك العلامات التي ذكرناها لدى الصبي الذي وصلت سنه إلى الرابعة عشرة من العمر أو الصبية التي وصلت إلى الثالثة عشرة من عمرها ولهذا تبدو أهمية متابعة الأسرة المتواصلة لنمو الصبي أو الصبية إما مباشرة أو عبر الطبيب. ويعني ذلك التأخر عدم قيام أي من الغدد المسئولة عند البلوغ بإفراز ما يتعين عليها إفرازها من الهرمونات وربما يعني ضمن ما يعني وجود خلل في الكروموسومات المحددة للجنس.
أسباب تأخر البلوغ
1 - تأخر البلوغ نتيجة للأسباب الظرفية التكوينية Constitutional Delay of Puberty.
حيث لا يوجد سبب محدد أو واضح لهذا التأخر الذي يحدث عادة في الأطفال الأقل حجما والأقل طولا من أقرانهم حيث يميلون عادة إلى النحافة بالرغم من معدل نموهم الطبيعي, ومع الفحص والتدقيق يتبين أن مستوى الهرمونات لدى هؤلاء الصبية في معدله الطبيعي كما أنهم لا يعانون أي خلل وراثي و(النقص) الوحيد لدى هؤلاء هو تأخر نموهم الهيكلي عن أقرانهم بعام أو عامين, ذلك التأخر الذي يجري تداركه في نهاية المطاف عندما يصل هؤلاء الأطفال إلى مرحلة البلوغ ويلاحظ أن هذا النمط عادة ما يكون نمطا متكررا في الأسرة نفسها.
وهناك أيضا السبب الشائع لمثل هذا التأخر في البلدان الفقيرة وهو سوء التغذية خاصة قلة نصيب الصبي أو الصبية من البروتينات وانتشار الأمراض المزمنة وتلك الناجمة عن الطفيليات ويضاف إلى هذه الأسباب بعض العقاقير التي يمكن أن يتعاطاها هؤلاء بغرض العلاج مثل عقار الكورتيزون.
وهناك أسباب أخرى (مرضية) لتأخر البلوغ:
ويمكن تقسيم الأسباب المرضية لتأخر البلوغ إلى مجموعتين رئيسيتين:
- المجموعة الأولى: يكون الخلل الرئيسي فيها ناجما عن نقص هرمون الغدة النخامية المسئول عن التكاثر نقصا دائما أو مؤقتا ومن ثم نقص إفراز الغدد التابعة لها (الخصيتين أو المبيضين).
- المجموعة الثانية: حيث يكون الخلل الرئيسي فيها ناجما عن عجز الغدد التابعة عن القيام بدورها في إفراز هرمونات التكاثر (التستوستيرون أو الإستروجين) بالرغم من تكرار الأوامر الصادرة من قبل الغدة النخامية أي استمرار إفراز الجونادوتروبين (FSH & LH) وتتميز هذه المجموعة بارتفاع مستوى هذه الهرمونات ارتفاعا غير طبيعي في مقابل انخفاض مستوى الهرمونات التابعة Hypogonadotropic Hypogonadism.
ويمكن التمييز بين المجموعتين بسهولة سواء عن طريق الفحص الإكلينيكي أو عن طريق إجراء الاختبارات المعملية وقياس مستوى الهرمونات في الدم.
النوع الأول: خلل موجود في الغدة النخامية ونقص هرمونات الجونادوتروبين:
1 - أورام الغدة النخامية وعندها لا يكون النقص مقصورا على هرمونات التكاثر بل يشمل بقية هرمونات الغدة النخامية.
2 - بعض الالتهابات التي تصيب المخ مثل الدرن والالتهاب السحائي.
3 - النقص الوراثي لهرمونات الغدة النخامية.
4 - تعرض الرأس للإشعاع العلاجي.
5 - نقص هرمون الغدة الدرقية.
النوع الثاني: حيث يكون هرمون الغدة النخامية مرتفعا:(54/148)
1 - مرض كلاينفلتر Klinefilter Syndrome: حيث يكون التشكيل الكروموزومي للمريض متكونا من 47XXY بما يعني وجود كروموزوم أنثوي إضافي ويمتاز هؤلاء المرضى بانعدام قدرة الخصيتين على افراز الحيوانات المنوية والطول الزائد الذي يتركز في الساقين والذراعين وكبر حجم الثديين.
2 - التهابات الخصيتين الشديد مثل التهاب الغدة النكفية.
3 - تعرض الخصيتين لضربة شديدة.
4 - تأخر نزول الخصيتين إلى الكيس.
5 - مرض التيرنر Turner Syndrome ويختلف عن الكلاينفلتر بأنه يصيب الإناث ويتميز بنقص كروموزوم الأنوثة X حيث تكون خريطة كروموزومات المريضة 46XO فضلا عن قصر القامة لدى المصابات بحالة التيرنر.
والخلاصة: أن أسباب تأخر البلوغ هي أسباب متعددة وبعضها يمكن التعامل معه وتصحيحه بصورة كاملة تسمح للمريض المفترض بأن يواصل حياته الطبيعية إذا تم التدخل العلاجي في الوقت الملائم والبعض الآخر يمكن المريض من تجنب اختلاف الشكل (القصر الزائد) أو (الطول الزائد) أو حتى يمكنه أو يمكنها من خلال العلاج الملائم أن يحصل على الشكل الطبيعي المتلائم مع تكوينه الجسماني والكروموزومي من خلال هذا العلاج ومن ثم يمكنه تجنب تلك المعاناة النفسية والاجتماعية التي تنجم عن نظرة الآخرين إليه كشخص مختلف عن بقية البشر وكلها أمور أصبحت الآن من الممكنات.
أخبار علمية
تبرئة القهوة وتجريم التدخين
أعلنت مجلة (الطبيعة) العالمية (Nature) في عددها الصادر يوم 15/8/2003 إضافة اتهام جديد للائحة الاتهامات الطويلة الموجهة للتدخين, وتتمثل هذه التهمة في كونه مسئولا عن مضاعفة نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة بمرض السل الرئوي في الهند.
وكشفت الباحثة (هيلين بيرسون), في مقالها المنشور في المجلة أن نصف الوفيات الناتجة عن الإصابة بالسل الرئوي في الهند والبالغة أربعمائة ألف نفس في العام الواحد(!!) ناجمة عن التدهور الإضافي الحادث بسبب التدخين.
كما ذكرت المجلة أن التدخين يضاعف نسبة الخطورة والتدهور الذي يعاني منه هؤلاء المرضى عن طريق تنشيط عدوى مرض السل الكامنة في الرئة المصابة وإمدادها بأسباب الانتعاش القاتل والمدمر. ومعلوم أن هذا المرض يمكن أن يبقى كامنا عشرات السنين داخل الرئة من دون أن يسبب أي أعراض, قبل أن ينتهز فرصة ضعف المصاب فينهض من مكمنه محاولا تدمير رئة المريض, وربما حياته إن أفلح في هذا.
ويذكر العلماء أن هذه الدراسة التي أجريت في الهند هي الأولى التي تقدم دليلا علميا دامغا على الارتباط بين التدخين ومرض السل الرئوي في دولة ينتشر بها الفقر على عكس الدول المتقدمة, التي يرتبط فيها التدخين بأمراض القلب وسرطان الرئة, ولا شك أن إثبات هذه الصلة يمثل إضافة للمخاطر التي يتعرض لها المدخنون الهنود المعرضون للأخطار نفسها التي يتعرض لها مدخنو العالم المتقدم.
ومما زاد من أهمية التحذير من الخطر الإضافي الذي يمثله التدخين على مرضى السل الرئوي هو وجوده وانتشاره في الصين وكثير من البلدان الإفريقية والآسيوية.
يضاف إلى ذلك أن زيادة انتشار التدخين بين النساء في هذه البلدان يحمل المزيد من مخاطر انتشار السل الرئوي الذي بدأ الخبراء ينتبهون إلى أنه يحاول استعادة ما فقده من مواقع في السابق بل ويحاول الانتشار مجددا في صورة وبائية في أوربا وأمريكا الشمالية, خاصة أنه قد طور من إمكاناته القتالية وبدأت أجيال جديدة أكثر شراسة وأكثر قدرة على مواجهة المضادات الحيوية في الظهور. ويقدر هؤلاء الخبراء عدد الإصابات السنوية بهذا المرض ببليون شخص سنويا (أغلبها كامنة كما أسلفنا) وأن عدد ضحاياه كل عام يصل إلى 1.6 مليون شخص. وتزداد قتامة الصورة إذا علمنا أن العقاقير المضادة لميكروب السل ليست متوافرة بسهولة في كل بلدان العالم.
أما الخبر السار لهواة ارتياد المقاهي فيقول إنه وإن تعين عليهم التوقف عن التدخين, فإن احتساء القهوة يمكنه أن يقلل من احتمال إصابتهم بمرض السكر بنسبة 50% إذا جرت المقارنة بينهم وبين من لا يتعاطون ذلك المشروب المنبه.
كما ربط العلماء بين إجمالي كمية الكافيين التي يتناولها شاربو القهوة أو الموجودة في مشروب الكولا, وذلك الأثر الوقائي من مرض السكر.
وهكذا فقد أصبح من الواجب تغيير شعار المرحلة من (فنجان شاي مع سيجارتين) ليصبح (فنجان قهوة دون السيجارتين).
وقانا الله وإياكم من الأدواء... والأطباء!!!
ــــــــــــــــــ
ما فائدة تدريس الجنس أو تعليم الحياة العائلية ؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد رفعت
ليس هناك أي دليل على أن تدريس الجنس يثير الرغبات والشهوات الجنسية، بل على العكس من ذلك فهو يتيح للطفل أن يتعرف بطريقة صحية على المواقف والعلاقات الجنسية.
ودراسة الجنس ليست علاجاً أو وقاية من الانحرافات الجنسية، ولكنها تتيح للولد أو للبنت أن يوجها أحاسيسهما الجنسية بطريقة أفضل في الطريق السليم. وقد قام فريق من العلماء بتقييم عملية تدريس الجنس وذلك في أميركا، وفي المدارس الثانوية هناك، وكانت النتيجة أن تدريس الجنس في المدارس الثانوية أدى إلى انخفاض نسبة الإصابة بمرض السيلان من 38 حالة قبل تدريس الجنس إلى 16 حالة بعد تدريسه، وفي مدارس البنات كانت حالات الحمل السفاح قبل تدريس الجنس 38 حالة هبطت بعده إلى 17 حالة فقط.
وتعليم الجنس لابد أن يبدأ في المنزل. ولكن وُجد أن هذا ليس كافياً. وذلك لأن معظم الأهل يخجلون من هذا الموضوع وذلك بسبب نشأة الأبوين على أن هذه المواضيع لا يجب الخوض فيها. ومعظم الآباء يهربون من الإجابات على أسئلة أولادهم، وإذا وجد الآباء الإجابات السليمة صعبت عليهم الألفاظ التي يواجهون بها هذه الإجابات.
ولحسن الحظ فإن الجيل الحالي الذي تربى على أن الجنس شيء محرم، أصبح يهتم بالجنس وعلى استعداد أن يلقن أطفاله شيئاً من الجنس. وهناك أكثر من جهة تهتم بتدريس الجنس، منها المدرسة والمنزل. ويمكن أن يُختار لتدريس اسم آخر مثل ((تعليم الحياة العائلية أو العلاقة بين الولد والبنت)).
وفي كل الأحوال لابد من إعطاء إجابات واضحة وصريحة وأمينة في موضوع الجنس، فالأطفال فضوليون، وكما يريدون أن يعرفوا وظيفة العين والأذن كذلك يريدون معرفة وظائف أعضائهم التناسلية.
ويجب أن يعلم القائمون على تدريس الجنس أن الأسئلة التي يلقيها الأطفال هي أسئلة طبيعية لا تدعو إلى الخجل ولابد من إتباع هذه النقاط:
1 ـ أن نقول الصدق دائماً.
2 ـ لابد من إجابة لكل سؤال.
3 ـ استعمال أسماء سليمة للأعضاء التناسلية.
4 ـ أن تكون الإجابة على قدر سؤال الطفل ليس أكثر.
وفي دور الحضانة والمدارس الأولية يجب أن يتعلم الأطفال ما يأتي:
1 ـ الحياة تأتي من الحياة وليس من العدم.
2 ـ كل الأطفال والحيوانات تأتي من أمهاتها.
3 ـ كل الحيوانات تأتي من نفس النوع (القرد يأتي بقرد والأسد بأسد).
4 ـ لابد من وجود أب وأم قبل أن يستطيع الطفل أن يولد.
5 ـ البنات والأولاد يختلفون في تكوين أجسادهم.
وكل هذه المعلومات تأتي بالتدريج وعن طريق المشاهدة العملية مثلاً.
1 ـ مشاهدة نوع معين من السمك لا يبيض ولكن صغاره تخرج منه مباشرة، ويمكن ملاحظة خروج السمك الصغير من بطن أمه مباشرة ويمكن مراقبة بطن السمكة الأم وهي منتفخة بالصغار ((أي حامل)) وكل هذه المشاهدات ممكنة إذا وضعنا هذا النوع من السمك في إناء مليء بالماء.
2 ـ إذا وضعت الضفادع في إناء ماء من شهرين إلى ثلاثة أشهر يخرج من بيضها الذنيبة التي تنمو إلى ضفادع كاملة.
3 ـ يمكن مشاهدة الكتكوت (الصوص) وهو يخرج من البيضة وذلك بالاحتفاظ بالبيض الملقح في جهاز درجة حرارته 37 درجة فبعد مضي ثلاثة أسابيع يخرج الكتكوت من البيضة. ويجب أن نوجه نظر الطفل إلى أن هذا النوع من البيض يختلف عن ذاك الذي نأكله.
4 ـ يمكن مشاهدة الحيوانات الأليفة كالأرانب وهي حامل وكذلك وهي تلد.
5 ـ زراعة الحبوب مثل الفول الذي ينبت سيقاناً وأوراقاً.
ومن هذه المشاهدات نقول للطفل إن الحياة تأتي من الحياة وليس من العدم وأن في اليوانات كما في الإنسان لابد من وجود أب وأم قبل أن يولد الطفل، وأن في كثير من الحيوانات يكون الطفل في بطن أمه لفترة قبل أن يولد.
وفي الصف الثالث والرابع الابتدائي يتعلم الطفل ما يأتي:
1 ـ نؤكد للطفل أن الأب والأم لا زمان حتى يستطيع الطفل أن يخرج إلى الوجود.
2 ـ نعلّم الطفل الفرق بين تكوين الولد والبنت.
3 ـ نعلّم الطفل أن الإنسان يختلف عن الحيوانات في أنه، وهو جنين يبقى في بطن أمه لمدة تسعة شهر قبل الولادة.
في الصف الخامس نعلم الطفل ما يأتي:
1 ـ يتعلم الطفل أن كل الحيوانات تأتي من البويضة وأن البويضة موجودة في الأم، وتأتي أيضاً من الحيوان المنوي وهو موجود في الأب.
2 ـ يتعلم أن الحيوان المنوي لابد أن يخرج من الأب ويذهب حيث يلتقي بالبويضة الموجودة في الأم ويخترقها وبعد ذلك تبدأ البويضة الملقحة في التكاثر والنمو حتى تصير طفلاً.
3 ـ يتعلم أن في الإنسان، كما في كثير من الحيوانات، يكبر الجنين في بطن أمه لمدة تسعة أشهر، ويمكن تسهيل هذه المواضيع بعرض أفلام تشرح للأطفال في هذه المرحلة الأولية هذه العمليات بطريقة بسيطة.
وفي الصف السادس (11 سنة تقريباً) يتعلم ما يأتي:
1 ـ الفرق بين الجنسين.
2 ـ وظائف المبيض والخصية.
3 ـ الكثير عن الحيوان المنوي والبويضة.
4 ـ الحيض.
5 ـ الإحتلام.
6 ـ نمو الجنين في بطن أمه.
7 ـ العلاقات الأسرية.
ولتدريس هذه الأشياء لابد أن يقوم بها مدرسون على درجة من المسؤولية والنضج وليس لديهم أي شعور بالكبت. ويمكن أن يقوم الطبيب بهذا الدور إذا كان قادراً عليه وعلى ممارسته.
وفي هذه السن يجب أن يكون هناك حصة مخصصة للإجابة على الأسئلة، وإذا كانت المدرسة مختلطة يجب أن يفصل الأولاد عن البنات في هذه الحصة، حتى تتاح لهم الأسئلة بحرية وبدون حرج.
المدارس الثانوية:
وهي مرحلة مهمة وخطيرة، ففيها يبدأ الإحساس الحقيقي بالجنس. ويبدأ الأولاد والبنات يتبادلون الإعجاب بعضهم ببعض. ولا بد من الإشراف عليهم في هذه المرحلة وإلا أفلت الزمام وقادتهم شهواتهم إلى سلوك غير مرغوب فيه مع مشاكل أخرى.
وفي هذه السن يبدأ تمرد الأولاد والبنات على أهلهم ولا يستشيرونهم في مشاكلهم الجنسية، ولكنهم يتوجهون إلى أشخاص آخرين ـ خارج محيط الأسرة يثقون بهم ـ .
ويجب أن نعلمهم:
1 ـ وظائف الأعضاء التناسلية وتكوينها.
2 تشرح العملية الجنسية.
3 ـ نمو الجنين.
4 ـ الحمل.
5 ـ كيف تتقي شر الأمراض التناسلية.
6 ـ اللواط لمنع الانحراف.
7 ـ منع الحمل وطرقه.
ــــــــــــــــــ
بعض أساليب التربية الخاطئة التي تؤدي إلى الجنوح
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إن الكثير من الظواهر السلوكية التي يطلق عليها ((الجنوح)) أو ((الانحراف)) Delinquency ترجع في أصلها إلى ما يعانيه الناشئ في سني حياته الأولى من أساليب المعاملة الخاطئة التي يلقاها في الأسرة، أو من الوسط الاجتماعي الذي تحكم عليه الظروف أن ينشأ به. ومن هذه الأساليب الخاطئة:
1 ـ عدم تقبل الطفل في الأسرة أو ما يطلق عليه ((الرفض Rejection)):
وقد يكون رفض الأبوين للطفل أو عدم تقبله راجعاً إلى وجود عيب خلقي في الطفل ولد به مثل لون بشرته، أو وجود تشوه خلقي في أحد أعضائه، أو بسبب وجود عاهة دائمة كالعمى أو فقدان السمع، أو لأن الحمل حدث على غير رغبة الأبوين، أو بسبب عدم الرغبة في مزيد من المواليد الإناث في الأسرة، أو بسبب مرض الأم أو وفاتها مع مولد الطفل، أو أن يكون الأب محكوماً عليه في إحدى القضايا بالسجن سنوات عديدة وليس للأم مورد يعينها على تحمل مسؤوليات تربية الطفل .. كل هذه الظروف وغيرها يمكن أ ينقل إلى الطفل بطريقة صريحة أو مستترة أنه طفل (مرفوض) و (غير مرغوب فيه) أو أنه جاء إلى عالم لا يتقبله قولاً حسناً، فيتولد لديه الشعور (بالقلق)، كما تنمو لديه مشاعر (الخوف) و (الكراهية) لكل ما يحيط به، ويفرض نفسه بالعدوان على المجتمع المحيط به، ويصعب عليه أن يحترم العرف والتقاليد أو القوانين بسبب طول ما عانى من الرفض والإهمال، فيدخل بذلك في دائرة الأطفال الجانحين المنحرفين.
2 ـ الحماية الزائدة للطفل من قبل الأم Over Protection:
تظهر الحماية الزائدة للطفل من قبل الأم على هيئة خوف زائد على الطفل من أن يصيبه أي مكروه من قبل الآخرين، فالأم في قلق دائم على الطفل تخشى عليه من أن يتعرض للضرر أو الإيذاء أو المرض أو العدوى نتيجة لاقتراب الآخرين منه، فهي تتوجس الشر دائماً، فلا تسمح للآخرين بحمل الطفل أو تقبيله أو التنفس في وجهه أو تقديم الحلوى له أو الهدايا دون أن يتم ذلك تحت رقابة شديدة منها، وقبل أن تقوم هي بغسل وتطهير كل ما يقدم إليه، وتأخذ حماية الأم الزائدة للطفل شكلاً آخر حينما تغلق عليه حجرة من الحجرات حتى لا ينقلوا إليه المرض أو يصيبه الحسد. كما تأخذ الحماية الزائدة للطفل شكلاً آخر عندما تصر الأم على أن تقوم بنفسها ورغماً عن الطفل بإلباسه ملابسه وإحكام تزريرها برغم مقاومة الطفل وإصراره على أن يقوم بنفسه أحياناً بمثل هذه الأعمال.
وتأخذ الحماية الزائدة من الأم للطفل شكلاً آخر عندما تحرمه من اللعب مع الأطفال من عمره وعندما تصر على أن تجيب بنفسها عن الأسئلة التي يوجهها الآخرون إلى الطفل، كما يحدث عندما يزور الطبيب أو يأتي أحد الأقارب إلى المنزل، أو عندما تذهب به إلى (دار الحضانة) مضطرة أمام مشغولياتها الأسرية أو استجابة لظروف عملها، وفي مثل تلك الحالة الأخيرة يحدث خلاف المستمر بين الأم وبين معلمة الحضانة أو الروضة حول طريقة معاملة الطفل، وتعبر الأم عن عدم رضاها عن أسلوب المعاملة صراحة أمام الطفل، بل ربما تسب الحضانة أو الروضة والعاملين فيها، وينتقل ذلك إلى المدرسة الابتدائية مع انتقال الطفل إليها، فيكتسب الناشئ خلال ذلك نوعاً من الحب المفرط والتدليل تارة، ونوعاً من القسوة والمقاومة والإحباط تارة أخرى، فينشأ طفلاً مدللاً عنيداً يعاني عدم الثبات في المعاملة التي يلقاها بين المنزل والمدرسة. هذا إلى أن الأب غالباً ما يعبر عن عدم رضاه عن أسلوب الأم القائم على الحماية المفرطة للطفل وعدم إتاحة الفرص له للنمو الصحيح، وهكذا ينشأ الطفل في جو لا يسمح له بتنمية القيم السليمة، وهو يدرك أنه سوف يجد دائماً مَن يحميه ويسانده، ويفرط له في الحب والحماية، بل إنه قد يتمرد على الأم ذاتها إذا ما وقفت حائلاً دون إشباع رغباته وميوله مهما تعارضت هذه الرغبات مع القيم والمعايير الاجتماعية السائدة واثقاً من أنها سوف تستسلم أخيراً لرغباته مهما كانت تلك الرغبات.
وتكون النتيجة النهائية أن يشب الطفل في جو يقوم على الصراع بين نزواته الشخصية التي يدعمها الحب المفرط والحماية الزائدة من الأم وما تتطلبه الحياة الاجتماعية من التزام واحترام للقوانين الاجتماعية السائدة.
وقد يجد مثل ذلك الناشئ نفسه يوماً من الأيام وقد أصبح عضواً في جماعة فاسدة شريرة لا تقيم الأخلاق الاجتماعية وزنا ولا للقوانين السائدة احتراماً، فيجد نفسه أحد الجانحين الذين يقفون أمام محاكم الأحداث المنحرفين والجانحين.
3 ـ تنمية مشاعر الغيرة والحقد بين الأطفال Jealousy ربما تكون عاملاً وراء الجنوح والانحراف:
يصير الطفل منذ ولادته محور الاهتمام من جميع أفراد الأسرة، فهو محور المداعبة والملاعبة، وهو مثار الملاغاة والمناغاة، إذا بكى أسرع من حوله ليوفروا له المؤانسة أو الحمل أو هز الفراش حتى تحضر الأم لإرضاعه أو تبديل ملابسه، وإذا مرض اجتمع الجميع حوله، وكلما درج في مراحل النمو وفرت له الأسرة ألواناً من اللعب يلهو بها لينمي فكره وعضلاته وعواطفه تجاه العالم الذي يعيش فيه.
وتبدأ مشاعر الغيرة لدى الطفل منذ أشهر حياته الأولى، وفي حدود العام والنصف الأول من عمره في رأي بعض المهتمين بالطفولة فهو إذا تحولت عنه الأم لتحمل طفلاً آخر غيره غضب وانخرط في البكاء تعبيراً عن غيرته من أن يحتل طفل آخر قدراً من الاهتمام والمحبة التي يشعر أنها حق خاص كامل له عند الأم، وهو إذا ما حولت الأم وجهها نحو أحد إخوته الصغار صرخ وقاوم ذلك التحول. ومع بلوغه سن الثالثة من العمر تبلغ انفعالاته أقصى درجة من الحدة، فيرقد على الأرض، ويرفس برجليه ويجهش بالبكاء إذا ما رأى أن أمه قد أعطت شيئاً خاصاً به لطفل آخر، فهو يرى في ذلك تهديداً لمكانته وللحب الذي تخصه به الأسرة وهو إذا جلس على مائدة الطعام أصر على أن يجلس على الكرسي القريب من الأب أو الأم، وأن ينحي عنه أي شخص من أفراد الأسرة.
وإذا ما ألحق الطفل بدار الحضانة أو روضة الأطفال فإنه يجد في المعلمة أو المربية مع مرور الوقت بديلاً للأم التي ترعاه في البيت، ويريد أن يحفظ باهتمامها كاملاً له هو دون غيره من الأطفال وإلا تغيرت نظرته إليها وفقد ثقته بها، وصار ينظر إليها بمنظار آخر غير منظار الحب،. وقد تدفعه غيرته من طفل معين يحظى بعطف المعلمة أو المربية إلى أن يوقع به لديها فيتهمه بالكذب أو العدوان أو بالقذارة ليفقده قدراً من اهتمام المعلمة ورعايتها.
فالأطفال يغارون، وفي غيرة الأطفال نوع من الخوف أو القلق لفقدان الاهتمام أو الحب، أو خوفاً من فقدان المكانة التي يتمتعون بها في البيت أو في حجرة الدراسة، ومن أن يستأثر وليد جديد بما كانوا يتمتعون به من الحنو والرعاية. والغيرة موقف يعتري الطفل فيدرك أن هناك غريماً أو غرماء آخرين ينافسون في انتزاع المكانة أو الحب الذي يحظى به في البيت أو المدرسة وعند ذاك ينفعل الطفل بالغيرة فينزع إلى أنواع من السلوك الدفاعي يلجأ إليه الطفل نزوعاً صريحاً مكشوفاً، كما يحدث في حالات الأطفال تحت سن الخامسة، أو نزوعاً متستراً بأن يلجأ إلى حيل غير مكشوفة ليزيح بها الغريم أو المنافس من طريقه، وذلك ما يحدث في حالات الأطفال الأكبر سناً.
وقد تبقى الغيرة في بعض الحالات مع الكبار والراشدين فتعبر عن نفسها في سلوكهم بدرجات مختلفة من الوضوح.
والأسرة والمدرسة مسؤولان عن مواجهة مشاكلات الغيرة لدى الأطفال، فقد تلجأ الأسرة إلى المعاملة المتزنة مع العطف والتشجيع للطفل الذي يشعر بالغيرة حتى يتخطى المشكلات الناشئة عن ذلك الموقف. وقد تعمد الأسرة بسبب عدم الوعي إلى إذكاء سلوك الغيرة بين الأبناء، فتصر على تفضيل أو تمييز طفل معين على سائر إخوته بأن تخصه بالعطف والمحبة وعند ذلك تثير مشاعر الغيرة لدى إخوته الآخرين بل قد تتحول تلك المشاعر مع مرور الوقت إلى نوع من الحقد الدفين الذين قد يعبر عن نفسه في يوم من الأيام على هيئة سلوك عدواني على الغريم داخل الأسرة أو على غيره من الغرباء، ممن يحس نحوهم بالغير في مواقف الحياة الاجتماعية العامة.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أمية العدل والمعاملة على أساس المساواة مع تقدير الجهود الخاصة وتشجيعها ومكافأتها والإشادة بها وحفز الآخرين على تقديرها ومكافأتها والحذو مثلها في سائر المؤسسات الاجتماعية بدءاً من البيت إلى المدرسة فالمصنع والمؤسسات العامة في المجتمع. وترجع خطورة تغذية سلوك الغيرة والعمل على إثارتها بطريقة مستمرة وخاصة في سني التنشئة الأولى إلى أنها قد تكون العامل الذي يكمن وراء كثير من أنواع السلوك التي نطلق عليها فيما بعد أنها سلوك جانح منحرف يجر صاحبه إلى الوقوف أمام محاكم الأحداث أو يقع تحت طائلة القانون العام.
4 ـ تنمية الشعور بالذنب Sence Of Guilt:
يبدأ الشعور بالدنيا في حياة الطفل مع ألوان العقاب التي توقع عليه إذا ما ارتكب أي خطأ من الأخطاء التي لا ترضى عنها الأسرة في سني حياته الأولى. وكثير من الأخطاء التي يركبها الطفل أخطاء غير مقصودة لا ذنب له فيها، فهو إذا ما انكسر الكوب الذي يشرب فيه فقد يكون ذلك راجعاً إلى عدم اكتمال التوافق العضلي الحركي اللازم له في تناول الأجسام وحملها، أو إلى عدم اكتمال النضج في حاسة الإبصار. وهو عندما يتناول شيئاً ملوثاُ ويدفع به إلى فمه لا يعرف شيئاً عن النظافة والقذارة، وإنما يستجيب بطريقة فطرية لدوافع البحث عن الطعام في حالة الجوع.
والعقاب الذي يقع عليه من السلطة المشرفة على تربيته ـ سواءً كانت الأم أو غيرها في مثل تلك الحالات ـ عقاب على أمر لا ذنب له فيه. والطفل إذا ما تبللت ثيابه أثناء النوم، أو اليقظة، أو إذا ما عجز عن التحكم في عملية الإخراج ربما كان ذلك راجعاً إلى أسباب عضوية أو صحية تتصل بوظائف جسمه الحيوية، وربما كان ذلك نتيجة لما بدأ يحس به من إهمال وعدم رعاية .. فقد تكون العودة إلى التبول غير الإرادي أو التبرز حيلة غير شعورية يلجأ إليها الطفل لإعادة جذب اهتمام الأسرة إليه عندما يحس بتهديد بالحرمان من العطف والمحبة اللذين كان يتمتع بهما في الأسرة.
والمهم في جميع تلك الحالات وغيرها أن يكون موقف الأسرة من الأخطاء أو المخالفات التي يقع فيها الطفل موقفاً يقوم على الفهم والتقدير والتسامح والتوجيه من غير غلظة أو قسوة، لأن القسوة الزائدة والتعنيف يمكن أن يؤديا بالناشئ إلى أن يكره نفسه ويعتبر أنه شخص عاجز عن التكيف والتوافق مع متطالبات أقرب الناس إليه (الأم والأب) الذي يوقع العقاب به، فيتولد لديه شعور بالذنب يجعله غير قادر على المشاركة في الحياة الأسرية، ويشعر بالتدرج بفقدان الانتماء إليها، بل يحس بأنه طفل شاذ مكروه وغير محبوب، ومن ثم فإنه ربما يجد نفسه مدفوعاً إلى أن يسلك بطرق تعويضية مستترة بالعدوان على الآخرين ممن تحيك بهم في الأسرة أو المدرسة والمجتمع .. فالشعور بالذنب لدى الناشئ قد يؤدي به إلى أن يصبح شخصاً انسحابياً منطوياً على ذاته يستغل كل فرصة لإطلاق طاقاته المكبوتة بالعدوان على المجتمع، وقد يؤدي به ذلك في يوم من الأيام إلى ارتكاب جريمة تضعه تحت طائلة العقوبات الخاصة بالأحداث أو الراشدين.
5 ـ تغذية المشاعر العدوانية Hostility لدى الطفل:(54/149)
الأسرة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع، فيها ينشأ الأطفال، ومنها يمتصون أغلب القيم التي توجه سلوكهم الاجتماعي في المستقبل، فمحبة الآخرين واحترام حقوقهم، ورعاية الجار، والتمسك بالأخوة الإسلامية والتواد والتراحم والتسامح مع مَن يختلف معنا في الرأي وعدم التعصب، والنظر العلمي فيما يعرض للإنسان من مشكلات، واحترام الرأي الآخر يمثل بعض الاتجاهات والقيم التي ينبغي أن تسود العلاقات بين أعضاء البيت المسلم والتي ينبغي أن تنمو مع أبنائه تسود العلاقات الطيبة بين أفراد المجتمع.
وقد ينشأ الطفل في بيت تسود الكراهية العلاقة بين أفراده، فالشجار دائم بين الأبوين والحب لا وجود له بينهما، وكل منهما ينأى بوجهه عن الآخر، وقد يتم التراشق بينهما بالسباب والخصام أمام الأبناء، وقد يصل الأمر بينهما إلى قطيعة تستمر أسابيع أو شهوراً برغم أنهما يعيشان تحت سقف واحد، وربما امتنعا عن التعاون في تسيير أساسيات الحياة في الأسرة كنظافة البيت وطهو الطعام وشراء ما يلزم للبيت، وقد يعيش كل منهما بمعزل عن الآخر لفترات طويلة يضطر فيها الأب أو الأم لتدبير حاجاته الأساسية من الطعام والشراب بمنأى عن الآخر .. وربما تخلل ذلك حيث إلى الأبناء الصغار بمشاعر الكراهية التي يحملها كل طرف للآخر.
ويمتص الأطفال مشاعر الكراهية التي يحملها الأبوان نحو بعضهما، فتكون طابعاً للعلاقات بينهم بعضهم البعض، بل ربما انتقلت معهم دون وعي خارج البيت إلى الرفاق في المدرسة وغيرها إن لم يكن إلى المعلمين وغيرهم ممن يشرفون على شؤون الطفل ويحتكون به. ويعاني مثل هؤلاء الأبناء القلق الدائم والاضطراب النفسي نتيجة للظروف غير المستقرة التي يعيشون فيها، ويكونون عرضة للاستثارة لأوهى الأسباب، فضلاً عن أنهم يحملون مشاعر الكراهية للآخرين والاستعداد للعدوان عليهم نفسياً عما يعيشون فيه في البيت من جو مشحون بالكراهية والعدوان، مما قد يؤدي بهم في يوم من الأيام إلى الوقوف موقف الاتهام أمام محاكم الأحداث بسبب تكرار عدوانهم على الآخرين.
ولا بأس هنا من أن نشير إلى المشاعر العدوانية داخل الأسرة قد تكون مشاعر عدوانية موجهة ضد المجتمع الكبير الذي تعيش فيه، تظهر في معاداة الأبوين للتغيرات الاجتماعية وللتقدم العلمي والتقني وللتطورات التي تطرأ على المجتمع الذي يعيشان فيه، فيقاومان الدعوة إلى الأخذ بأساليب التعليم الحديث الذي يجمع بين شؤون الدنيا والدين، وينكران ما تتوصل إليه الكشوف العلمية عن غزو الفضاء وعن إمكان قيام نوع من الحياة على الكواكب الأخرى، ويقاطعان الاكتشافات الحديثة في مجالات العلاج بالليزر وزرع الأعضاء وغيرها. ويدعوان إلى كراهية نظم الحكم القائمة والتي تسعى إلى تحقيق التفاهم والتعاون بين الشعوب ويدعوان إلى الانغلاق على التراث وإلى مقاطعة وسائل الإعلام والعيش في مجتمعات منعزلة تماماً عن كل ما يدور في العالم الواسع العريض الذي نعيش فيه .. مثل تلك الأفكار والمشاعر والاتجاهات هي مشاعر نبذ وكراهية مقاطعة يمتصها الناشئ الصغير فيشب على كراهية ما حوله، وربما بقيت معه إلى أن يصل إلى مرحلة البلوغ فتدفع به إلى أن يسلك بطريقة مناوئة للعرف والقانون والنظام العام للمجتمع فيقع تحت طائلة القانون والعقاب.
6 ـ الخبرات المؤلمة التي يمر بها الطفل في السنوات الأولى من حياته:
وجد أن الكثير من حالات الأطفال الجانحين تكشف عن وجود خبرات مؤلمة مر بها الطفل في السنوات الأولى من ولادته وبخاصة في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل، وعلى سبيل المثال فإن انفصال الطفل عن الأم في تلك السنوات معناه حرمان الطفل من الكثير مما يحتاج إليه الطفل لاستقراره النفسي ونموه العاطفي السليم. وهذا الحرمان يعتبر بمثابة المرور بصدمة عاطفية كبيرة يظل أثرها يعمل في شخصية الناشئ طول حياة، لأن نمو شخصية الطفل تعتمد بدرجة كبيرة على قوة الروابط العاطفية التي تربطه بالأم أساساً وبغيرها من أفراد الأسرة في الدرجة التالية.
وقد بين أن كثيراً من الأطفال الجانحين قضوا سنيي حياتهم الأولى في مؤسسات اجتماعية بسبب عدم وجود أمهاتهم، وتبين أن هذا الحرمان كان وراء كثير من مظاهر الجنوح التي يرتكبها مثل هؤلاء الأطفال في مستقبل حياتهم، مثل العدوان العنيف على الآخرين، أو السرقة، أو الهرب لفترات مختلفة من البيت أو المدرسة، فضلاً عن مشاعر القلق التي يعانونها، وغيرها من الأمراض العصابية المختلفة، بل وجد كذلك أن الحرمان من الحب في تلك السنوات ربما كان وراء الكثير من مظاهر الجنوح الأخرى مثل السلوك الجنسي الشاذ واللجوء إلى الانتحار أو تدمير الذات.
وهكذا فإن من العوامل البالغة الخطورة والتي يمكن أن تؤدي بالطفل إلى الجنوح في مستقبل حياته تأثير البيئة المنزلية التي ينشأ فيها الطفل والعلاقات التي تسود بين أفراد الأسرة واستقرارها وثبات المعاملة المنزلية التي يلقاها الطفل من الأبوين ومن غيرهما من الأقارب، بحيث يتبين ما هو صواب وما هو خاطئ بما يعمل على ثبات القيم السليمة ووضوحها بحيث يمتصها الطفل .. هذا إلى أهمية توفير الهناء العائلي في الجو الذي ينشأ فيه الطفل إذ إن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المشاعر الإنسانية والخبرات التي يمر بها الطفل خلال سني حياته الأولى في الأسرة والسمات الصحية أو المرضية التي قد يعانيها في مستقبل حياته.
7 ـ عوامل بيئية أخرى وراء ظاهرة الجنوح:
قد تكون هناك أسباب أخرى تؤثر في حدوث ظاهرة الجنوح، وعلى سبيل المثال، فإنه لا يمكن إغفال العلاقة بين تدني مستوى الحياة في بعض الأحياء داخل المدن أو القرى وظهور جرائم الأحداث مرتبطة بالأحوال الاقتصادية لتلك الأحياء.
كذلك فإن الصراع الثقافي بين القيم السائدة والقيم الجديدة التي تنشأ عن التحول من المجتمعات الزراعية المستقرة إلى المجتمعات الصناعية، ودخول عناصر ثقافية جديدة إلى الحياة الاجتماعية متمثلة في التكنولوجيا المتطورة في الآلات وفي وسائل الانتقال ووسائل الإعلام وغيرها تؤدي أحياناً إلى انفلات سيطرة الأسرة على أبنائها وإلى خروج الأبناء عن الضبط الذي يحاول الآباء التمسك به، وغالباً ما يؤدي الصراع إلى انحراف الأبناء وجنوحهم، ولا نغفل في ذلك آثار رفاق السوء وضآلة الفرص المتاحة للنشاط الترويحي، فهذه كلها عوامل ترتبط بشكل ما بحدوث الجريمة.
ويرى البعض أن التقلبات في مؤشرات الأحوال الاقتصادية مثل هبوط الأسعار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ووفرة أو ندرة فرص العمل المتاحة. يرتبط بها صعوداً أو هبوطاً معدلات الجريمة والجنوح.
ــــــــــــــــــ
تسع أفكار للمحافظة على ميزانية العائلة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
ليس المهم أن نحصل على المال ، لكن المهم هو المحافظة علي المال الذي تحصل عليه ومعرفة كيفية إنفاقه بحكمة وتدبير .
سُئل أحد الأغنياء : كيف جمعت هذه الثروة الضخمة ؟! فأجاب : بقلة المصاريف وحسن تدبيرها
فالعبرة إذن ليست بالحصول علي المال ، فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله تعالي له ، ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط ، ونحن نقدم 9 أفكار تساعد الزوجين في المحافظة علي الميزانية العائلية وتوفير المال .
تكليف شخص بالمتابعة
لا بد من أن يكلف الزوجان شخصاً تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الإيرادات للأسرة ، وقد يكون الزوج هو المؤهل للقيام بالدور أو الزوجة أو أي شخص آخر ، المهم ألا تكون المسألة عائمة وضائعة ، ( علي البركة ) ، بل لا تأتي البركة إلا عندما يتحري الإنسان الأسباب ويتابعها .
الكتابة
لا بد من كتابة كل دخل الأسرة من الإيرادات سواء كانت هذه الإيرادات من راتب شهري أو مكافأة سنوية أو ميراث أو وصية أو عائد استثماري ، وكذلك كتابة ما يصرفه الزوجان يوماً بيوم من مطعم ومشروب وملبس وتعليم أدوية ووسائل اتصال ونقل وأثاث وخدم وغير ذلك .
وضع دفتر خاص
يجب أن يضع الزوجان دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولا يشترط أن يكون على أنظمة المحاسبة المعتمدة ، بل المهم أن تبين فيه الإيرادات والمصروفات والتوفير ، ليقوم الزوجان بالمتابعة والمراقبة ، وإذا كان أحد الزوجين يحب التعامل مع ( الكمبيوتر ) فهناك برامج خاصة لمتابعة الميزانية الشخصية .
تطوير النظام المحاسبي
بعد فترة من الكتابة والمتابعة يمكن للزوجين أن يطورا نظامهما المحاسبي ، ويستفيدا من تجاربهما السابقة ويضعا جدولاً خاصاً بهما حسب مصاريفهما وإيرادتهما .
كن مرناً
لا بد أن يكون من يتعامل مع التخطيط والميزانيات مرناً ، تحسباً للظروف التي قد تحتاج إليها الأسرة من غير حساب ، فيكون مستعداً لذلك ، بحيث يجعل الميزانية تستوعب أي مستجدات طارئة .
تعليم الأبناء
لا بد أن يجلس الزوجان مع أبنائهما للتحدث بخصوص الميزانية ، وكتابة الحسابات حتي يتعلم الابن أن الوالدين يخططان للأسرة ويقدران المصاريف ، فليس كل ما يشتهيه يشتريه ، إلا إذا سمحت الميزانية بهذا كما أن الأبناء يستفيدون من ذلك كيفية إدارة حياتهم المستقبلية .
خطط للمستقبل
إن المحافظة علي الميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة والأهداف التي سيسعيان لتحقيقها حتي يستطيعا أن يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء البيت وزواج الأولاد والمصاريف الصحية عند الكبر وغير ذلك .
الاستعداد للصيف
أعرف أسرة تسافر إلي دولة أجنبية في كل صيف ، والذي يعمله رب الأسرة بعد إعداد الميزانية الشهرية والانتهاء من جميع المصروفات ، أنه يحول إلي حسابه في تلك الدولة ما بين 100 إلي 200 د . ك فلا يأتي الصيف إلا وفي رصيده هناك ما بين ( 1.200 إلي 2.400 ) د. ك ، يستفيد منها في الإجازة للراحة والتسلية ، فكلما كان الهدف واضحاً كانت الميزانية ملبية لحاجات الأسرة .
إبداع في التوفير
علي الزوجين أن يتبنيا أسلوباً مبتكراً للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية ، فمثلاً يسميان أسبوعاً من الأسابيع لا شيء ويحاولان التقليل من المصاريف قدر الإمكان ، أو أن يقتطعا مبلغاً معيناً من الإيراد ليدخلاه في حساب معين لا يمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير ، أعرف شخصاً لديه أربعة حسابات في البنك ، وسألته مرة عن السبب فقال : الحساب الأول : للمصاريف المنزلية ، والحساب الثاني : أستخدمه للطوارئ ، والحساب الثالث : أوفر فيه التقاعد ، والحساب الرابع ، أدخر فيه للإجازة الصيفية ، فقلت له والله إنه إبداع في التوفير .
وختاماً فإن هذه 9 أفكار تعين من قرأها في المحافظة علي ميزانية العائلة ، وإنني أوصي الزوج بأن يراقب حسابه بين فترة وأخري ، وأولاً بأول ، ولا يهمله إلي آخر الشهر فلا يعرف حينئذ كيف يدير حسابه .
ــــــــــــــــــ
الدقة في ملاحظة أحوال أهل البيت
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
من هم أصدقاء أولادك ؟ هل سبق أن قابلتهم أو تعرفت عليهم ؟ماذا يجلب أولادك معهم من خارج البيت ؟إلى أين تذهب ابنتك ومع من ؟
بعض الآباء لا يدري أن في حوزة أولاده صوراً سيئة ، وأفلاماً خالعة ، وربما مخدرات ، وبعضهم لا يدري أن ابنته تذهب مع الخادمة إلى السوق ، وتطلب منها أن تنتظر مع السائق ثم تذهب لموعدها مع أحد، والأخرى تذهب لتشرب الدخان عند قرينة سوء تعبث معها ، وهؤلاء الذين يفلتون أولادهم لن يفلتوا من مشهد يوم عظيم ، ولن يستطيعوا الهرب من أهوال يوم الدين : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيعه حتى
وهنا نقاط مهمة :
يجب أن تكون المراقبة خفية .
لا لأجواء الإرهاب .
يجب أن لا يحس الأولاد بفقدان الثقة .
ينبغي أن يراعى في النصح أو العقاب أعمار الأولاد ومداركهم ودرجة الخطأ .
حذار من التدقيق السلبي وإحصاء الأنفاس . روى لي شخص أن أحد الآباء عنده كمبيوتر يخزن فيه أخطاء أولاده بالتفصيل ، فإذا حصل خطأ أرسل إليه استدعاء وفتح الخانة الخاصة بالولد في الجهاز ، وسرد عليه أخطاء الماضي مع الحاضر .
التعليق : لسنا في شركة ، وليس الأب هو الملك الموكل بكتابة السيئات ، وليقرأ هذا الأب المزيد في أصول التربية الإسلامية .
وأعرف في المقابل أناساً يرفضون التدخل في شئون أولادهم بتاتاً بحجة أن الولد لن يقتنع بأن الخطأ خطأ والذنب ذنب إلا بأن يقع فيه ، ثم يكتشف خطأه بنفسه ، وهذا الاعتقاد المنحرف ناتج عن رضاع من لبن الفلسفة الغربية ، وفطام على مبدأ إطلاق الحريات المذموم فتعست المرضعة ، وبئست الفاطمة ، ومنهم من يفلت الزمام لولده خشية أن يكرهه بزعمه ، ويقول : أكسب حبه مهما فعل ، وبعضهم يطلق العنان لولده كردة فعل عما حصل له مع أبيه في السابق من نوع شدة خاطئة ، فيظن أنه يجب أن يعمل العكس تماماً مع ولده ، وبعضهم يبلغ به السفول لدرجة أن يقول : دع الابن والبنت يتمتعان بشبابهما كما يريدان ، فهل يفكر مثل هؤلاء بأن أبناءهم قد يأخذون بتلابيبهم يوم القيامة فيقول الولد : لِمَ تركتني يا أبي على المعصية ؟!
ــــــــــــــــــ
نصائح للآباء لحماية اطفالهم من الانحراف إلى السرقة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* إعداد: محمد علي قطب الهمشري
ـ اشبع حاجة طفلك إلى المحبة والعطف حتى لا يجد حرجاً في البوح لك بكل ما يختلج في صدره، وليعبر عن سائر رغباته دون أي خوف .. وعامله برفق واستجب إلى طلباته العقولة الممكنة، واعتذر عن إجابة ما تعجز عن تحقيقه، وكن صريحاً وصادقاً في اعتذارك عن عدم إجابة بعض تلك الرغبات.
ـ احترم حق طفلك في تملك الأشياء المناسبة لنموه من اللعب والأدوات واعطه الفرصة للمشاركة في اختيار اللعب وشرائها، ودربه على المحافظة عليها وصيانتها، واجعله يعتز بملكيتها دون زهو أو خيلاء، واسمح له أن يشرك غيره من الأطفال في اللعب بها مع حرصه على استعادتها، واسمح له بأن يتخلص من الزائد مما كان يستخدمه في مراحل نموه السابقة بإهدائه إلى غيره من الأطفال المحتاجين الذي لا تتوفر لهم السبل للشراء، وخصص له مكاناً خاصاً يحتفظ فيه بلعبه وأدواته.
ـ أتح الفرصة لطفلك لاستخدام النقود بتخصيص مصروف جيب يومي مناسب له، يتصرف فيه بحرية، لاستكمال ما قد ينقصه وما قد يحتاج إليه خلال اليوم من أدوات مدرسية أو خلوي أو اشتراكات مالية تطلبها المدرسة لتزيين الفصل أو إقامة احتفال رياضي أو معرض مدرسي .. وراقب استخدامه لنقوده الخاصة مع ترشيد ذلك الاستخدام برفق ودون أن يشعر بعبء التدخل الدائم في شؤونه الخاصة .. واسمح له بأن يتصدق أو يحسن إلى المحتاجين من تلك النقود.
طفلك يعيش في مجتمع صغير يضم أطفالاً آخرين مثله .. وينبغي أن يتوفر له في ملبسه ومظهره وأدواته ولعبه ونشاطاته المختلفة ما يتوفر لغيره من الأطفال، حتى لا يكون شعوره بالنقص دافعاً له لسلوك أساليب غير سليمة.
ـ لا ينبغي أن يشعر الطفل بأنه طفل مدلل يتصرف وفق هواه، ولا يصح أن يغرقه سائر أفراد الأسرة بمبادراتهم الطوعية للاستجابة لرغباته، لأن في ذلك إساءة القيم التي تربيه عليها، وينبغي أن يكون كل ما يقدم للطفل بموافقة أبويه وتحت إشرافهما وتوجيهما ومحاسبتهما للطفل برفق وإرشاد ونصح حول صرف النقود وادخار الفائض منها.
ـ ينبغي أن يشعر الطفل دوماً بانتمائه الكامل إلى الأسرة، فهو أحد أفرادها ويتحمل المسؤولية على قدر نضجه في الحفاظ على صالحها وممتلكاتها، لذلك لا ينبغي أن يشعر الطفل بأنه لا يستطيع فتح الأدراج أو الخزانات بل على العكس من ذلك ينبغي أن يكلف بإحضار أشياء معينة من الدرج أو الخزانة مع توجيهه إلى الحرص على الأشياء المحفوظة حتى لا تتبعثر أو تضيع، لأنها ملك الأسرة وسوف تحتاج إليها في وقت ما.
ـ ينبغي أن يعامل سائر الأخوة في الأسرة على قدم المساواة، فلا يميز أحد الأبناء على غيره من الأبناء، حتى لا يتولد الشعور بالغبن أو الحقد مما قد يدفع من يحس بالظلم من الأبناء إلى الانتقام من ممتلكات الطفل المميز أو ممتلكات الأبوين نفسيهما.
ـ يمكن أن ترصد الأسرة حوافز تشجيعية يحصل عليها الأبناء إذا قام أيهم بعمل يعود على الأسرة بالخير .. وقد يكون هذا العمل: خدمة ترتبط بنظافة المنزل، أو إصلاح الأجهزة المنزلية كما قد تكون معاونة قدمت من أحد الأبناء إلى أخ من إخوته، أو عملاً من أعمال البر والخير والإحسان قام به .. إلخ. بذلك يعرفون أن العمل سبيل لتنمية الثروة.
ـ ينبغي أن تراقب الأسرة مقتنيات الطفل الخاصة .. فإذا ما طرأت عليها أية زيادة أو نقص حرصت الأسرة على التعرف على مصدر الزيادة أو سبب النقص، مع توجيه الطفل إلى رد ما ليس له إلى صاحبه واستعاده ما نقص من مقتنياته الخاصة، والحرص على ماله وعلى مال الغير على حد سواء.
ـ تحرص الأسرة والمدرسة على توجيه الطفل إلى الحفاظ على المال العام متمثلاً في الطريق العام والحدائق العامة وأعمدة الإنارة والهواتف الخاصة بالعملة الموجودة في الطريق العام وصناديق البريد .. إلخ. كما تحرص الأسرة على أن تضرب المثل للطفل في التزامها بسداد الرسوم المستحقة نظير استخدام التيار الكهربائي والمياه ورسوم النظافة، فكلها حقوق عامة للمجتمع يسهم المواطنون في تكلفتها وإدارتها حرصاً على الصالح العام.
ـ البعد التام عن العقاب البدني المبرح أمر ضروري لسلامة البناء النفسي للطفل، ولكي تدوم الثقة والصراحة بينه وبين المربي، وحتى لا يلجأ إلى الأساليب المرضية في السلوك لكي يرضي السلطة ومن تلك الأساليب الكذب والغش والتزوير وهي تؤدي إلى الانحراف والسرقة
ــــــــــــــــــ
حتى تكوني أماً صالحة للمراهق
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* رثعاء المقيم
تعتقد بعض الأمهات أن نجاحهن في سياسة أطفالهن قبل انخراطهم في المراهقة كفيل لها بأن تنجح في سياستها وتربيتها وقد خرجوا إلى طور المراهقة. ولا يدرين أن هناك صفات مختلفة تماماً تظهر في المراهقة؛ لذلك لا بد للأم أن تبدأ بفهم التغيرات التي حدثت في الكيان الجسمي والنفسي والعقلي والاجتماعي لابنتها وقد دخلت في طور المراهقة حتى تنجح في التعامل معها.
فالواجب على الأم أن تفهم طبيعة هذه المرحلة، وأن تضيف فهماً واقعياً وفلسفة تربوية؛ لأنها لا تربي أبناءها للاحتفاظ بهم في حضنها، ولا ليظلوا خاضعين لإرادتها، بل يجب أن تربيهم لأنفسهم. كذلك لا تضع في اعتبارها أن الطفولة اعتماد على الأم والمراهقة استقلال عنها، بل إن النمو في تدرجه يلازمه نمو القدرة على الاستقلال لدى الشخص. وأنها مرحلة التغاير والتأكيد على أوجه الاختلاف. (وهي مرحلة المقارنة مع الوالدين).
• الاتزان الوجداني
أكثر الأشياء أهمية بالنسبة للتكوين النفسي للأم هو الاتزان الوجداني؛ وذلك بعدم التهور والثورة والهدوء والاتزان العاطفي لديها. فقد اكتشف علماء النفس أن كثيراً من الأمراض النفسية التي تظهر في المراهقة إنما ترجع إلى حالات الصراع الذي نشأ لدى المراهق بسبب ما يراه من تناقض وجداني في علاقة الأم والأب، وكذلك الأم "العصبية". ونتيجة لذلك لا تصبح موضع ثقة لأولادها؛ لأن المشاكل بحاجة إلى طول صبر وقدرة على الإنصات وتقبل للوقائع بموضوعية وهدوء وحنان واتزان وجداني.
• السيطرة بالحب
أن تكون الأم متفهمة ومتبصرة بواقع العلاقة الوجدانية بينها وبين أبنائها المراهقين، فلا تستخدم تلك العاطفة إلا لصالح أبنائها، ولا تجعل من حبها وسيلة لمناوأة الأب أو النيل من مكانته في الأسرة.
• المشورة الصالحة
لكي تستطيع الأم تقديم المشورة لا بد لها أن تكون متزنة وجدانياً ومستنيرة ومعتدلة التفكير والمزاج، وصادقة الحس، وقادرة على الاستحواذ على ثقة أبنائها.
كذلك أن تدرك أن طريقة تقديم النصيحة فن ويجب أن تتدرب عليه الأم، فالهدوء والإيضاح وعدم فرض الرأي بشدة وتقديم المشورة بطريقة موضوعية وغير حماسية، ويساعد على تقبل الرأي بغير مقاومة من جانب المراهق (ونبرات الصوت مهمة في تقديم النصيحة).
وأيضاً اختيار الوقت المناسب لتقديم النصيحة، وإعطاء الأبناء فرصة كافية للتعبير عن خلجاتهم ومشكلاتهم.
• كاتمة الأسرار
على الأم أن تحدد معايير السر وفقاً لمعايير أبنائها وليس معيارها، وأن تحافظ على أسرارهم لكي لا تفقد ثقتهم، ولا يعني الأم كثيراً أن تفهم التفاصيل بالنسبة لهذا النوع من الأسرار النفسية التي يقصد المراهق من إفشائها لها التخفيف من حدة التوتر النفسي لديه. وأيضاً ألا تبدي أي امتعاض أو علامة على وجهها أو حب استطلاع، بل يجب أن تأخذ الأمر مأخذاً موضوعياً، ولا تبدي أي اهتمام بما تسمع مهما كان مثيرا، وأن تمرن نفسها على حسن الإصغاء.
وحبذا لو خصصت لكل واحد من أبنائها وقتاً وتبدأ معه الحديث في أموره، وتطمئنه بأنها ستحافظ على أسراره بعيداً عن الناس
ــــــــــــــــــ
الحاح الوالدين ونتائجه على الأطفال
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* إياي لاوند
إذا اتفق إن رأيت أُماً تحاول إنهاض طفلها المتأخر عن موعد المدرسة من الفراش منذرة موبخة، وتلح عليه أن يسارع إلى الاغتسال وارتداء ملابسه، ثم تناول فطوره، فإنك ستقررين جازمة أن لا تقفي أبداً موقفاً كهذا. وعليك أن تتذكري إن الطفل المتراخي الكسول، لم يخلق كذلك، بل معظم هذه الحالات يتحول إليها الطفل شيئاً فشيئاً، وذلك بسبب الإلحاح المتواصل «عجّلْ، أنْهِ غذاءك»، 0كم مرة علي أن أذكرك بالتأهب للذهاب إلى النوم؟» من السهل أن تتعودي الإلحاح على الأطفال، ولكن ذلك يولد فيهم عناداً وشروداً ذهنياً. أما الأبوان فيدعيان إنهما مضطران إلى الإلحاح والإصرار وإلا فإن طفلهما لا يخطو خطوة واحدة نحو ما يجب عليه أن يفعله. وبذلك يدور الأمر في حلقة مفرغة مخيفة، ولكن الأبوين هما اللذان يبدآنها، والأم، في أكثر الأحيان، هي التي تفعل ذلك. فقد تكون من النمط الذي لا صبر عنده تحدوها رغبة في السيطرة، ولا سيما على الذكور. وهي عادة لا تدرك مدى ما تلحقه بابنها من الأضرار حين تجرده من أخذ زمام المبادرة.(54/150)
ففي السنوات الأولى، وقبل أن يصبح الطفل قادراً على تنفيذ التعليمات، لابد لك من أن ترشديه وتفسري له كيف يقوم بمختلف الأعمال العادية. ولكن حين تتقدم به السن قليلاً ويصبح راغباً في تولي بعض المسؤوليات بنفسه، ابتعدي عن المسرح بأسرع ما تستطيعين. فإذا ما تعثر في أداء المطلوب منه، فلا باس بأن تعودي إلى إرشاده، والأخذ بيده. وعندما يبدأ في الذهاب إلى المدرسة، دعيه يعتبر أن من واجبه أن يعرف كيف يصل إلى المدرسة في الموعد المحدد. فقد يكون من الأفضل تركه يتأخر عن موعد المدرسة مرة أو مرتين أو تركه يتأخر حتى عن سيارة المدرسة فلا يذهب ذلك اليوم كله إلى المدرسة، بحيث يحس هو بنفسه مدى الخسارة الفادحة التي عاناها بسبب تلكؤه. فالطفل بطبعه يكره أن يختلف عن المواعيد أكثر مما تكره أمه نفسها. تلك هي الوسيلة المثلى التي تدفعينه بها للسير في الطريق الصحيح.
ــــــــــــــــــ
كيف نواجه أسئلة أولادنا المحرجة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* هبة الله الغلاييني
لا يزال الهروب من مواجهة الأسئلة المحرجة لأبنائنا هي القاعدة التي تستند إليها التربية في مجتمعنا, فالجنس مثلاً لا يزال يعتبر, حسب الرأي الشائع عندنا, (رجساً من عمل الشيطان), يضفي إليه عقد الزواج طابعاً شرعياً دون أن يبدل شيئاً في طبيعته.
إن الجنس في بداياته, يحمل بذور طاقة الحب, فإذا أتيح أن ينطلق في جو مؤاتٍ من العطف والتفهم, والرعاية, كان له حظ كبير بأن ينمو بشكل متكامل ـ منسجم وبأن تنمو معه طاقة الحب التي من شأنها, هي وحدها, أن تهذبه في العمق, لأنها وحدها تحرره فعلاً من عشوائية الغريزة وفظاظتها وأنانيتها. أما إذا تنكرت له التربية وحاولت ضربه في جذوره ولجمه في منابعه, فإن جل ما تصل إليه في معظم الحالات هو مسخه وتشويهه.
أسئلة مربكة
* كثيراً ما يطرح أولادنا أسئلة محرجة حول الجنس مثل: من أين يأتي الطفل? من أين يولد الطفل? ماذا يفعل الزوجان كي ينجبا طفلا? هل تتألم الأم عندما يخرج الطفل?
وأسئلة أخرى كثيرة تصيبنا بالإرباك والحيرة. فنقف أمام مواجهة صعبة لتساؤلات أولادنا حول الجنس. إن هذه التساؤلات قد تسبب ورطة للوالدين, تدفعهم إلى اعتماد الكذب في محاولة منهم للتخلص من الحرج الذي تسببه لهم.
هذا الارتباك يفسر إلى حد بعيد إحجام الأهل عن إعطاء أولادهم المعلومات التي تتعلق بالجنس وإهمالهم لهذا المجال من مجالات التربية رغم أهميته الحيوية. فكثير من نسائنا الأمهات تُركت تربيتهن الجنسية للمصادفة, فيما لم تتلق أخريات أي تربية جنسية من أهلهن.
وقد أخبرتني إحدى صديقاتي أن خجلاً شديداً انتابها عندما سألتها ابنتها, البالغة من العمر 13 سنة, من أي مكان من الجسم يخرج الأطفال. وعبرت حينذاك عما أصابها من اضطراب بقولها: (شعرت وكأني تلقيت على رأسي ضربة مطرقة).
وتبين بعض الاحصاءات أن مصادر الإعلام الجنسي غالباً ما تكون على يد الأقران وليس الوالدين.
أما أسباب هذا الارتباك فيمكن أن تلخص بسببين:
* أن أسئلة الولد عن الجنس تضع على المحك موقف الوالدين الشخصي العميق من هذا الموضوع, حيث إن هناك عوامل عدة تحول بين الأهل واعتبار الجنس أمراً طبيعياً وتمنعهم من الحديث عنه بشكل طبيعي مع أولادهم.
من هذه العوامل: الخفر الطبيعي حيال ما يرتبط بحياتهم الحميمة, الشعور بالقلق والاثم حيال قضايا الجنس.
ويغتذي شعور القلق والاثم بالتربية العميقة التي تلقاها الكثيرون من الأهل في هذا الميدان في طفولتهم, والتي كثيراً ما تئول إلى تشريط سلبي تجاه الجنس, أي ربطه بصورة مفتعلة بمشاعر وردود فعل سلبية تصبح تلقائية بتأثير التربية. كما أن كل ما يشوب العلاقة الزوجية من معكرات من شأنه أن يوقظ ويغذي تلك المشاعر السلبية تجاه الجنس.
* يصعب على الوالدين أن يتصورا أن للولد حياة جنسية, فالارتباط الشائع, على صعيد الذهن والشعور, بين الجنس والاثم, مسئول إلى حد بعيد عن تجاهل الكثير من الآباء للحياة الجنسية التي يحياها الولد. وكأنهم قد نسوا طفولتهم وخبراتها بسبب الطابع المقلق الذي اتخذته تلك الخبرات في حينها مما أدى إلى كبتها أي إلى عزلها عن مجال الوعي وتغييبها في طيات النسيان.
من هنا شاع ذلك الوهم لزمن طويل عن (براءة) الطفولة (وكأن الجنس مناقض حكماً للبراءة). علماً بأن الجنس لا يبرز فجأة إلى حيز الوجود عند المراهقة مع نضج الغدد والأعضاء التناسلية إنما له تاريخ أعرق وأقدم يبدأ مع بدء الحياة.
فالأهل لا يزالون على الاعتقاد بأن الجنس لا يظهر قبل فترة المراهقة, فلا يخطر على بالهم بأن لدى ولدهم قبل ذلك هواجس من هذا النوع. لذا يستبعدون, بكل حسن نية, كل حديث أمامه أو إليه عن موضوع الجنس خشية أن يلحق به اضطراب ويصيبه أذى من جراء احتكاكه قبل الأوان بمسألة هي (أكبر من سنه). وهذا يدفعهم في بعض الأحوال إلى قمع أسئلة الولد وتصرفاته بشدة بالغة يمليها قلقهم, ويحس الأولاد بأن الموضوع خطر, وأن من الأفضل الإعراض عنه فيتظاهرون بعدم الاكتراث.
الجنسية الطفلية
إن الجنسية الطفلية تلعب دوراً رئيسياً في نمو الطفل على كل الأصعدة, من جسدي وعقلي وعاطفي, فإذا أتيح للطفل أن يحياها بشكل سليم, أي بشكل يسمح له بالتعبير الحر الصريح عنها, كان لها دور كبير من تأمين اتزانه وانشراحه, وفي التمهيد لاكتماله النفسي عند الراشد, وفي إنجاح خبرته الزوجية والوالدية المستقبلية وإسعادها. فالتجاوب المرحب للأهل مع أسئلة الولد عن الجنس هو من مقومات ذلك المناخ الذي يوفر للجنسية الطفلية أفضل شروط المساهمة في تأمين النمو السوي للطفل.
إن الأسئلة التي يطرحها الولد عن الجنس ترتدي أهمية بالغة بالنسبة إليه, فهي مظهر من مظاهر العطش إلى المعرفة يعبر عن تغطية العقل لدى الطفل ويلعب دوراً مهما في إنماء هذا العقل. إذ بفضلها يقبل الطفل على اكتشاف جميع المعارف ويتلقاها بشغف. لذا ينبغي علينا نحن المربين أن نرحب بهذه الأسئلة ولو أزعجتنا بكثرتها, أو أربكتنا أحياناً بمضمونها. فهي مظهر من مظاهر النمو والتقدم لدى الطفل, كما أنها ترتبط بطاقة غريزية وعاطفية قوية تتأجج فيه وتتعدى مجرد غريزة التناسل لتغذي كل اندفاع إنساني نحو السعادة والانشراح والمعرفة والفكر والإنتاج والإبداع.
والآن علينا أن نسأل نحن ذلك السؤال: من أين يستقي الطفل الإجابة?
عالم الكبار
إن الولد يرغب بإلحاح أن يأتيه الجواب من والديه. لأن الجنس بالنسبة إليه ليس موضوعا مجردا, إنما هو قبل كل شيء عالم والديه في اكتشافه الأول والأساسي له يتم من خلالهما. فهو يدرك بشكل واعٍ أنه من بطن أمه خرج (بما يوحي له ذلك من رباط بالغ الخصوصية بينه وبينها), ولكنه يحدث أيضا بالفطرة العلاقة القائمة بين والديه وكونه هو ثمرتها ونتاجها. وإذا كان الولد يحس عالم الجنس على أنه عالم والديه فهو ينتظر بالتالي منهما أن يتيحا له فرصة الدخول إلى عالمهما هذا, عالم الكبار, والمشاركة في أسراره أكثر من مجرد نقل المعلومات. ينتظر أن يسمحا له بالإطلال من خلال كلامهما ومواقفهما على حقيقة الجنس المعيشة كما يختبرانها. إن قبول الغريزة الجنسية على أنها قيمة من قيم الحياة, وقبول الحب الجسدي على أنه أحد عناصر الحب الزوجي الأساسية, يسمح وحده لهما باتباع خط إيجابي. فلا شيء يقوم مقام الوالدين من حيث كشف أسرار الحياة لأولادهم, مما لا ينفي أن تتوسع تربية الولد الجنسية, وخاصة حين المراهقة, من خلال مطالعات شخصية (وللأهل دور كبير في توجيه أولادهم نحو المطالعات المفيدة التي تتناسب مع حاجاتهم في هذا المضمار) أو على مربين من غير الأهل (من معلمين أو مرشدين أو أطباء اكتسبوا كفاءة لهذا الدور).
هذه المهمة لا يقوم بها الأهل بالكلام فحسب, بل بكيانهم كله, بخبرتهم المعيشة ومشاعرهم الحميمة, بمواقفهم الذهنية الحياتية.
المهم بالنسبة لأولادنا أن يلاحظوا فينا سعياً إلى التقدم في التعارف والحب والتبادل. فالأولاد يشهدون مشاجرة ولكنهم يشهدون أيضاً عودة إلى التفاهم, يشهدون صراعات (قد تكون مسلحة!) ولكنهم أيضاً يشهدون تحركات نحو مصالحة فرحة, يشهدون لحظات (نرفزة) وتوتر ولكنهم يشهدون أيضا معانقات وقبلات مفعمة بالمحبة الحسية.
لذا, فإن مسئولية التربية الجنسية الذاتية, مراجعة مواقفهم حيال الجنس ونوعية علاقاتهم الزوجية. من هنا فائدة مطالعاتهم لكتب تتحدث عن التربية الجنسية وعن الجنس بشكل عام, وضرورة الجواب الزوجي الصريح حول هذه الشئون.
الضن بالإجابة
إن إجاباتنا لن تتسم بطابع الكمال ولا المثالية, غير أنه علينا أن نلتزم الصدق وعدم التمويه. فالولد لا يقتنع بالجواب الكاذب ويكتشف في قرارة نفسه زيفه ولو تكلف قبوله احتراماً لسلطة الوالدين. كما أن هناك نتائج تترتب في شخصية الولد وعلاقته بوالديه عندما يضن عليه أهله بتقديم الأجوبة الصحيحة له عن هذا الموضوع الحيوي. من هذه النتائج:
* الكبت الجنسي وما يتأتى عنه:
يشعر الولد أن ميدان الجنس ميدان مخيف وآثم من جراء تهرب والديه من الإجابة عن أسئلته العفوية عن الجنس, فيحاول التهرب من مواجهة النزعة الجنسية في داخله وتجاهل وجودها فيه. وهذا ما يسمى كبتا بلغة فرويد. هذا الكبت قد يتأتى عنه عدة نتائج سلبية منها:
* نفور من الجنس: ينعكس هذا النفور سلبياً على علاقة المرء بالجنس الآخر بشكل عام, مما قد يتسبب في تعكير حياته الزوجية أو تفشيلها.
* عزل الجنس عن مسار الشخصية المتكاملة: إن كبت الطاقة الجنسية يعزلها عن سائر الكيان دون أن يجردها من زخمها وتوثبها. إنه يبقيها على هامش الشخصية الواعية, جسماً غريباً يفعل بشكل عشوائي بمعزل عن الرقابة والتوجيه. كما أن عزلها يحول دون تفاعلها مع سائر ملكات الشخصية وميولها.
* تأجيج الفضول الجنسي: يلاحظ أن كبت الفضول الجنسي قد يؤدي إلى نتيجة هي على نقيض ما ينتظره المربون, ألا وهي أن الولد قد يبدي اهتماماً شديداً ذا طابع هجاسي بأمور الجنس.
تقول الباحثة الاجتماعية كوستي بندلي: (الطفل الذي ينال أجوبة صحيحة وواضحة عن أسئلته يحظى باطمئنان يخفف من حدة فضوله الجنسي الذي يزكيه القلق, وبقسط من الإشباع الغريزي يكفيه ليتخطى هاجس المعرفة الجنسية وليسمو بطاقة الفضول الجنسي عنده, موظفاً إياها في ميادين أخرى تتناول سائر أنواع المعارف والاختبارات. إن الشغف الطفلي بالمحجوب المتفرع عن تأجج الفضول الجنسي المقموع قد يترك آثارا عند الراشد يتجلى في ولعه بالتعاطي مع الخفايا, وصغير الفضائح وكبيرها).
* الخمول الذهني: إن فشل الطفل في الحصول على أجوبة شافية عن تساؤلاته حول الجنس, رغم عناده وإصراره, يضعف ثقته بقدرته العقلية, وتتضاءل عنده الرغبة الطبيعية في المعرفة بسبب الخيبة التي أصيب بها. فتتولد لديه نزعة إلى الإحجام عن ممارسة ذكائه فيصبح تلميذاً خاملاً لا يكترث بمختلف المعلومات التي يتلقنها رفاقه.
* اختلال ثقة الولد بنفسه وثقته بوالديه:
إذا كان تخلف الوالدين عن التجاوب مع تساؤلات ابنائهم حول الجنس من شأنه أن يئول بهؤلاء إلى الكبت الجنسي وما يتأتى عنه من نتائج سلبية على نمو الشخصية فهو حري بأن يؤدي إلى اختلال ثقة الولد بنفسه وثقته بوالديه. فعندما يتصور الولد أن والديه لا يرغبان بإشراكه في أسرارهما, أسرار الراشدين, وأنهما بالتالي لا يريدانه حقاً أن يكبر ويصبح شبيهاً بهما, تضعف ثقته بهما, وينشأ لديه شعور عدواني تجاههما, يبرز في فترة المراهقة. فالتفاوض الحر بين الأهل والمراهقين حول موضوع حساس للغاية كموضوع الجنس, إنما يمهد له عادة بمصارحة متبادلة بين الطرفين حول هذا الأمر في أعوام الطفولة مما يشيع مناخاً من الثقة المتبادلة يسمح بالعودة إلى الموضوع دون حرج كبير في فترة المراهقة.
* اضطرابات السلوك:
إذا كان حجب الحقيقة عن الولد في موضوع الجنس من شأنه أن ينشيء عنده, كما بينا, الكبت الجنسي وتوابعه واختلال ثقته بنفسه وبوالديه, فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك على السلوك فيحدث فيه اضطرابا ذا أشكال متعددة, كالشرود, والسرقة, والكذب, والقلق وما يثيره هذا القلق من عدوان, كما أن اللاانضباط المدرسي غالبا ما يكون مرتبطاً بقمع للفضول الجنسي.
خطوط عريضة
من أجل معالجة هذا الموضوع, هناك خطوط عريضة ينبغي أن تسير بموجبها مهمة الإعلام الجنسي: منها, الانتباه إلى أسئلة الولد, إذ ينبغي أن يصغي الوالدان إلى الأسئلة التي يطرحها الولد عن الموضوع. وقد تأتي هذه الأسئلة تلقائيا أو تبرز لدى الولد نتيجة سماعه لعبارة لم يفهم معناها أو خبر لم يستوعب مضمونه. المهم أن نوجد المناخ المناسب الذي يسمح للولد بطرح أسئلة, متبعين تطورها ومواكبين لها, بحيث يأتي إعلامنا منسجما في كل مرة مع حاجة الولد وهاجسه.
أما طريقة الإجابة, فهي أن ننطلق قدر الامكان من تصورات الطفل, وأن نتعامل مع هذه التصورات لنوضحها ونبلورها ونكملها. فالولد يحدس بالفطرة بعض ما يتعلق بالجنس. كما أن ملاحظاته الشخصية واستنتاجاته تسمح له بإدراك بعض نواحي الموضوع. فيستحسن عندما يطرح الولد سؤاله علينا, أن نسأله بدورنا ماذا يتصور هو عن الموضوع. فإذا أفصح عما يراود ذهنه من تصورات, انطلقنا منها معه مستدرجين إياه إلى مزيد من التفكير والتحليل.
وينبغي على الوالدين أن يعتمدا في الإعلام الجنسي النبرة العادية التي يستخدمانها في أي إعلام آخر, وذلك كي يشعر الولد, من خلال لهجتهما نفسها أن مجال الجنس إنما يندرج في واقع الحياة الطبيعية. كما أن الإعلام الجنسي العائلي ينبغي ألا يقتصر على مجرد المعلومات التشريحية والفيزيولوجية ففضول الولد يتعدى مجرد الفضول النظري إلى فضول حياتي, كياني.
إن التعامل الحر السليم مع الجنس يقتضي أن يتحدث الأهل ببساطة عن الخبرة الانفعالية التي ترافق الجنس وتكون بعدا أساسياً من أبعاده.
وثمة خطأ قد يرتكب بشأن الإعلام الجنسي العائلي, ألا وهو الاعتقاد بأن المعلومات اللازمة تعطى كلها دفعة واحدة وينتهي الأمر. إن هذا التصرف يتجاهل خصائص الولد ومقتضيات نموه وقواعد تعلمه. فالمعلومات ينبغي تكرارها أمام الولد بأشكال متعددة وعلى مستويات متفاوتة كي تترسخ في ذهنه ويتم له تدريجيا حفظها واستيعابها بحيث يتطور إدراكه لها بما يتواكب مع نمو عقله ومعرفته. فعلى الراشد ألا يتوهم أن الشروحات التي أعطاها مرة للولد إنما هي كافية, فما أدركه الولد في هذه المرة يدركه بشكل ناقص ثم ينساه, فعلى الوالدين أن يعيدا الشرح وأن يتابعا باستمرار وضع النقاط على الحروف استنادا إلى ما يلمسانه من حاجة الولد عبر الحوار معه, حيث إن نمو الولد يستدعي في كل مرحلة عودة إلى الموضوع تتناسب مع المستوى الأرقى الذي بلغه عقله.
ولا ننسى أهمية الجو الذي ينبغي أن يتم فيه الإعلام الجنسي العائلي, حيث إن المناخ الحواري بين الوالدين والأولاد هو شرط أساسي من شروط التربية الجنسية الصحيحة, وهو كفيل بحد ذاته بأن يساعد هؤلاء على السير في طريق العلاقة الناضجة التي هي مقياس للممارسة الجنسية المكتملة. وهي مقياس لكل سلوك إنساني أصيل. من نافلة القول إن التربية الجنسية لا يمكن بحال من الأحوال أن تقتصر على الإعلام (Information) إنما ينبغي أن ترافق هذا الأخير تنشئة (formation). والتنشئة هذه لا تقوم على قمع طاقة الحب في الولد, عبر قمع النزعة الجنسية فيه, كما هو شائع في التربية التقليدية, إنما تقوم على تنمية هذه الطاقة, لأن التنمية كفيلة بحد ذاتها بضبط الجنس وبتهذيبه وفقاً للمتطلبات الإنسان
ــــــــــــــــــ
ثقافة الاعتذار بين الزوجين ...!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
استطلاع - جليلة كمال:
الاعتذار سلوك حضاري بين الناس عامة والزوجين خاصة، ومن يخطئ يتوجب عليه الاعتذار، لكن القليلين فقط يجدون الشجاعة للاعتذار عن أخطائهم للآخرين وخاصة اذا كان الآخر هو الزوجة، بدعوى أن ذلك يهدر كرامتهم ورجولتهم
لكن، هل حقيقة ان الازواج يشعرون بالمهانة عندما يطلبون من زوجاتهم ان يسامحنهم على خطأ ارتكبوه في حقهن؟ وما هي البدائل التي يختارونها للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟
أسئلة كان الهدف منها جس نبض الزوجات لمعرفة كيف يتعايش مع اخطاء الازواج، وهل يشترطن تلقي اعتذار صريح كي يصفحن عن زلات شركاء حياتهن.
تغادر الزوجة بيت الزوجية بعد تعمق فجوة الخلاف بينها وبين زوجها كوسيلة من وسائل التعبير عن غضبها واحتجاجها على معاملته لها.
بل ان الطلاق قد يحصل، وينصرف كل واحد الى حال سبيله، بعد استحالة الحياة بين الزوجين، بسبب تمادي أحدهما في إساءة معاملة الآخر، وبعد ان لا يكون هناك من حل سوى الانفصال بعد تأكد الطرفين من استحالة الحياة بينهما.
لكم وبعد ان ظن الجميع ان العودة باتت مستحيلة، يحدث ان يقرر الشريكان اعادة رباطهما الى سابق عهده، فما لبثت ان تعود المياه لمجاريها، ويبدأ الاثنان بداية جديدة، والكل يتساءل: كيف تمكنا من ذلك بعد كل ما حدث بينهما؟ خاصة وأن الخلاف في بعض الحالات يكون عميقاً، والزوجان يمكن ان يكونا قد تبادلا شتى انواع الاتهامات والشتائم الجارحة، وهو ما يعني انهما فقدا احترامهما لبعضهما.
المسامحة عملية دقيقة
اعادة العلاقة الزوجية الى سابق عهدها بعد ان يكن الشرخ قد اصابها، يستلزم تحقق حالة من الصفح والمسامحة وبذل المجهود النفسي المطلوب لنسيان ما حصل، لأنه من غير الطبيعي ان يستمر المرء في العيش تحت سقف واحد وهو يضمر للآخر الكثير من مشاعر الغضب والحنق والحقد.
كيف تتم عملية الصفح والغفران؟ ومن يطلب السماح والصفح من الآخر؟ وكيف يتم ذلك؟ هل يشعر الزوج بالمهانة عندما يطلب من زوجته ان تسامحه على خطأ ارتكبه في حقها؟
لماذا يكاد جل الازواج يقصرون تلك اللحظات على فضاءات واوقات معينة، غالبا ما تكون في ساعات متأخرة من الليل، مما يعني ان اكثر اللحظات حميمية في العلاقة الزوجية، هي التي تكون شاهدة على العبارة التاريخية التي لا تتكرر الا نادرا: »سامحيني.. أنا مخطئ!«.
هل يشعر الأزواج فعلا بالدونية وبالمهانة وهم يقدمون اعتذارا لابد منه عن خطأ جسيم اقترفوه في حق زوجاتهم أو أسرهم؟
ما هي البدائل التي يختارها الأزواج للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟
هل تكفي الهدايا والدعوات وتوزيع الابتسامات والكلمات الرقيقة وعرض المساعدة في القيام ببعض اشغال البيت، للإيفاء بالغرض وتحقيق المطلوب؟ ام ان الزوجة تحتاج لاعتراف صحيح من زوجها يؤكد لها فيه أنه نادم على ما فعل، وحزين لأجل ما تسبب لها فيه من ألم.
هل تغفر المرأة زّلات الرجل؟
اذا كانت بعض الزوجات يؤكدن انه بوسعهن الصفح عن كل اخطاء الأزواج وحماقاتهم ماعدا المساس بكرامتهن في مقابل التغاضي عن بعض هفوات الأزواج، ففي النهاية لا يمكن التجاوز عن جميع اشكال الاخطاء مهما بلغ حجمها.
بينما تكتفي زوجات اخريات -أقل حظاً في علاقتهن الزوجية- بأضعف الايمان، فيكفيهن القليل حتى يطوين الصفحات المؤلمة من حياتهن ويفتحن صفحة جديدة على أمل ان تكون أكثر بهجة واستقرارا، ولكن هل يفلحن في النسيان حقاً؟
ذلك هو السؤال الذي ينبغي ان تطرحه كل زوجة على نفسها، قبل ان تدخل في دوامة من الأخطاء المتكررة.
الكثير من السيدات يؤكدن ان غلطتهن الكبرى كانت انهن صاحبات قلب ابيض يغفر كل أنواع الإساءات، وهو ما شجع ازواجهن على التمادي في الخطأ.
وفي النهاية، هل يمتلك الأزواج الشجاعة الضرورية لارتكاب فضيلة الاعتذار سواء كان ذلك مباشراً او مقنعا، وقبل ذلك هل تتشبث الزوجات بالتمتع بهذا الحق قبل القبول بالصفح؟ هذه طبيعة الأسئلة التي طرحت على بعض الأزواج وفيما يلي بعض الشهادات حول هذا الموضوع.
الاعتذار بطريقة غير مباشرة
سندس الحميدان »???? سنة، موظفة، متزوجة منذ ست سنوات ولها ثلاثة أطفال« تقول: »من الصعب نسيان ما لحق بي من اذى من زوجي، الا انني اجاهد كي لا تستعيد ذاكرتي تفاصيل بعض الاحداث المؤسفة التي اخترقت حياتي الزوجية، لأنني مؤمنة بأن النسيان أفضل دواء للمعاناة وللنفس المجروحة، وأمنّي نفسي بطي صفحة الماضي من حياتي حتى اتمكن من العيش الى جوار من اختاره القدر زوجا لي.
لطالما كنت اعتقد بأن زوجي رجل متفهم حنون، ولا يمكن له ان ينزل الى الدرك الأسفل للأزواج الذي يسيئون معاملة زوجاتهم، فهو قد دأب على معاشرتي بالمعروف منذ بداية ارتباطنا، وكنت متأكدة من أن معاملتي المتميزة له لن تدفعه سوى الى غمري بالكثير من العطف والحنان، الا انني كنت مخطئة، ويمكن أن أقول دون مواربة بأنني كنت ساذجة لأنني كنت اراهن على أشياء غير محسوسة هي مشاعره الجميلة تجاهي، وأغمض عيني عن حقيقة ان المؤثرات الخارجية يمكن ان تعمل عملها في شخصيته، فتجعل منه رجلاً آخر غير ذاك الذي عرفته وأحببته.
في بداية زواجنا، تعرضت علاقتنا للكثير من المطبات التي كنا نجتازها بأمان، وكنا نتعمد تجاوز المواجهات العنيفة والخلافات العميقة، وذلك حتى لا يستمر خصامنا فترة طويلة.
من فرط سذاجتي، كنت أعفي زوجي من الاضطرار للاعتذار لي حتى لو كان الأمر يستحق ذلك، وذلك لأنني لم أكن ارغب في احراجه، لمعرفتي بحساسيته تجاه كلمة »آسف«، ناهيك عن أنني كنت مؤمنة اشد الايمان بأن العلاقة بين الزوجين فيها من الخصوصية والحميمية ما يجعلها تسمو على مثل هذه الحسابات الحاضرة بقوة في العلاقات الانسانية العادية.
وكانت النتيجة اني تسببت عن غير قصد في جعل زوجي لا يتحرج من ارتكاب الأخطاء في حقي، وقد يحدث ذلك أمام افراد من عائلته، وهو ما يزيد جرحي غورا.
بعد ان تكررت ثوراتي لهذا السبب، استطيع القول ان زوجي اصبح اكثر اقتناعا بضرورة تطييب خاطري، وان كان يختار لذلك طرقاً غير مباشرة من قبيل عرض مساعدتي في المطبخ، او تقديم هدية رمزية، او اقتراح دعوة اهلي للعشاء.
مع مرور الوقت، اصبحت افهم المغزى من هذه الاشارات الرمزية، وأتجاوب معها كدلالة على انني قبلت اعتذاره، ففي النهاية لابد ان تستمر الحياة، وحسبي انني استطعت افهامه بأن فضيلة الاعتذار مسألة أساسية، ولا معنى للتنازل عنها حتى عندما يتعلق الأمر بإطار حميمي تتهاوي خلاله كل الحدود والمسافات، وهو رباط الزوجية!
أنت غبية(54/151)
فاطمة محمد »متزوجة منذ أكثر من عشرين سنة، ربة بيت ولها ستة أولاد« تقول: قضيت عشر سنوات مع زوجي في صمت مطلق، فقد كان قليل الكلام معي، وهو متعلم وأنا متوسطة التعليم ورغم انني من اسرة غنية الا انه لا يتردد في توبيحي دائما ونعتي بالغبية وبالبليدة أمام أبنائي،
فأنا بالنسبة له بمثابة الانسان المطيع الذي يلبي كل طلباته لا أكثر ولا أقل، وإن لم أتفان في ارضائه سيعجل علىّ بالزوجة الثانية، الأمر الذي جعلني اوقفه عند حده، مبررة طاعتي له بواجب ديني وانساني وليس خوفاَ من سطوته، خاصة وانني لا اخشى الفاقة وأولادي أصبحوا شبابا،
مما جعله يعيد النظر في تصرفاته وغروره المتزايد ويقدم اعتذارات مجازية عن المعاملة السيئة لي، وهي وعود بمستقبل زاهر خال من المشاكل، وشكل »الاعتذار« التحول الجذري في حياتنا الزوجية لتلوح في سماها بوادر الاستقرار والآمان والمودة.
التعاليم الإسلامية تدفعنا للاعتذار
أم عبدالله »ربة بيت متزوجة من عشرين سنة ولها سبعة اولاد« تقول: »زوجي انسان طيب الا انه عصبي ومتهور ويخطأ في حقي كثيراً بقصد وبغير قصد، اتجاهل اخطاءه البريئة واخاصمه في الاخطاء المقصودة، مما يدخله في دوامات حادة نفسية وفكرية تتخلص في عدم تقديم اي اعتذارات،
فلم تخلق المرأة التي ترغم الرجل على الاعتذار -مما يجعلني اتعمد القاء محاضرة على أولادي وعلى مسامحة حول الاعتذار، وكيف ان الله عز وجل يقبل التوبة من عباده موضحة بأن الانسان اذا أخطأ في حياته الدنيوية عليه ان يتراجع عن خطأ وباب الاعتذار مفتوح، والاعتذار ليس عيبا بقدر ما يعني الشجاعة والقوة، وان المعتذر يتمتع بشخصية سوية متكاملة، ويعرف حدود نفسه ويشعر بالآخرين.
كلماتي أتت أكلها وجعلته يقدم اعتذارا سريعا وخفيفا قابلته من جهتي بحفاوة واطراء، ومازال الاعتذار يشكل عبئاً ثقيلاً على زوجي الا انه بدأ يفقد قوته وسلطانه مع الزمن«.
الاعتذار من الشهامة
هدى حسين »???? سنة ربة بيت« تقول: »الرجولة الحقيقية تدفع الرجل لأن يعتذر اذا اخطأ حق زوجته او اي شخص آخر، فالرجولة تعني الصدق والشهامة، وعندما يعتذر الرجل فإنه لا يسقط من عين زوجته او يهون أمره عليها، بل ترتفع قيمته في نظرها ويعلمها درسا في الأمانة والشهامة واحترام الذات«.
أحني رأسي حتى تمر العاصفة
بثينة العوضي »???? سنة، موظفة، وأم لثلاثة أطفال، متزوجة منذ ثلاث عشر سنة« تقول: »لم يسبق لزوجي ان اعتذر لي، ولا يمكن لدي القبول بأن يعرض نفسه لموقف مهين لرجولته من أجل إرضائي، حتى لو أخطأ فعلاً في حقي.
الرجال عموما لا يعتذرون ولم يتعلموا القيام بذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بفضاء حساس اسمه بيت الزوجية.
فزوجي -شأنه في ذلك شأن باقي الأزواج عموماً- يتفادى الظهور بمظهر الرجل الضعيف، رقيق الاحساس، او المخطئ الذي يمكن ان يرتكب افعلا يندم عليها او يشعر بالذنب لإقدامه عليها.
بفطنة وإحساس المرأة، استطيع التمييز بين الاخطاء البسيطة التي لا يتوجب التوقف عندها ولو للحظة واحدة، لأنها مجرد هفوات صغيرة لا تستحق ان نثيرها، وبين الاخطاء الجسيمة التي لابد من تقديم تبرير بصددها.
وفي النهاية، يكفيني ان زوجي لا يقصد ايذائي او جرح مشاعري، ولا أزال بين الفينة والأخرى، استعيد بيني وبين نفسي حكمة سمعتها منذ سنوات من والدتي الحكيمة، حينما أوصتني بأن اعرف متى أحني رأسي للعاصفة حتى تمر، ولا زخرب بيتي بيدي، فمعظم الرجال ينتمون الى طينة واحدة، وكلهم يخطئون بشكل او بآخر في حق زوجاتهم.
لا أذكر أن والدي اعتذر يوما لوالدتي، الا انني متأكدة من انه كان يقدرها وانه كان حريصاً على احترام شعورها وكبريائها.
وفي اعتقادي، فإن كل أخطاء الازواج يمكن الصفح عنها وحتى التغاضي عنها، ما عدا فعل الخيانة، فهو يظل موسوما في نفس المرأة، ولا اعتقد انه بمقدور اية زوجة نسيان انها كانت ضحية للخيانة من قبل زوجها، مهما قدم لها من اعتذارات، لأنها ببساطة فقدت الثقة في شريك حياتها، والثقة أهم عنصر للقبول باعتذار الآخر، وفتح صفحة جديدة معه«.
اعتقادات خاطئة
نبيلة محمد موظفة ???? سنة تقول: الكثير من الرجال يعتقدون أن الاعتذار ضرب من ضروب الضعف، بينما الضعف الحقيقي هو ان يخفي الانسان خطأه ويظل يكابر، والمكابرة تفتح ابواب المشاكل بين الزوجين، ولو كان الرجل يثق في نفسه ويحترم ذاته فإنه لن يجد أية غضاضة في ان يعتذر ووقتها سوف يصبح قدوة لزوجته وتنساب المياه في مجاريها وتنبعث الرومانسية من جديد وتصبح الحياة أكثر تفاؤلا وجمالا«.
وختاما فإن الاعتذار مطلب اساسي لدوام أية علاقة، خاصة العلاقة الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح، وسواء كان الخطأ أو الاختلاف حول أمور صغيرة أو كبيرة فإن جملة »أنا آسف« غالبا ما تصفي الأجواء وتفتح الابواب أمام التعاطف والتواصل وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما انها تجلب الثقة والأمانة والتواضع وهذه من أجمل الصفات التي يمكن ان يتشاركها الشخصان.
* جريدة الايام البحرينية / 27 مارس 2004
ــــــــــــــــــ
الزواج الثاني .. ومشكلة الأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* نجلاء محفوظ
* إذا تزوجت من رجل لديه أبناء من زوجة أخرى وعاش الجميع في بيت واحد .. فتوقعي الكثير من المنازعات بين أبنائك وأبنائه .. فضلاً عن أن أم أبنائه لن تقف متفرجة ـ في أغلب الأحيان ـ وتمهلي جيداً قبل الإقدام على ذلك .. ولا تتعجلي أو تندفعي وراء الرغبة في الزواج أو تحت وطأة مشاعر جارفة .. حتى لا تقعي في مشاكل صعبة أو تحملي لقب مطلقة للمرة الثانية .. وأحرصي على توافر ضمانات كثيرة قبل الإقدام على هذه التجربة ..
* أما إذا تزوجت فعلاً وأحسست بالسعادة مع الزوج الجديد وكان ذكياً في احتواء أولادك عاطفياً، فلا تكثري من الحديث عنه في غيابه أمام أبنائك .. ولا تقارني بينه وبين أبيهم حتى لا تحركي مشاعرهم السلبية تجاهه ونحوك ـ أيضاً .. وتذكري مشاعر الغيرة الطبيعية التي لابد أن يحسوا بها لأن هناك رجلاً آخر ـ غير والدهم ـ قد احتل مكاناً خاصاً لديك ويشاركك حياتك وحجرتك الخاصة ـ أيضاً .. واحتفظي بسعادتك لنفسك .. واحرصي على إشعارهم باللفتات الحانية أنهم ما زالوا وسيظلون دائماً محور حياتك وأصحاب المكانة الأولى في قلبك وأن استقرارك النفسي سيعود عليهم بالفائدة .. ولا تسرفي في ذلك ـ أيضاً ـ حتى لا يأتي بنتيجة عكسية، وأكثري من الأوقات المرحة التي تقضونها سوياً مع زوجك ولا تدللي زوجك أمامهم .. ولا تجلسي معهم بملابس النوم وما إلى ذلك من أمور تجرح مشاعرهم، واحتفظي بخصوصياتك مع زوجك حتى لا تهتز صورتك أمام أبنائك .. وتعاملي بذكاء ودبلوماسية فائقة مع زوجك حتى يكون الصديق الأول لأبنائك .. ولا تفوضيه في إلحاق العقاب بالمخطئ منهم حتى لا تفسدي العلاقة بينهما .. وفي البداية ستجدين صعوبة .. ومع مرور الوقت ستتمكنين من تحقيق أجمل تعايش مع ملاحظة أن الأبناء يغضبون ويتشاجرون ـ أيضاً ـ مع والدهم الطبيعي ..
* لا تتوقعي أن يقدر أبناؤك ما مدى عطائك لهم إلاّ بعد أن يصبحوا آباء وأمهات، واعلمي أنك تؤدين رسالة (نبيلة) وانتظري جائزتك من الله ـ سبحانه وتعالى وحده عز وجل ـ وتذكري أن هناك العديد من الأرامل قد فعلن ذلك دون وجود (مشجعين) أو انتظار المقابل من الأبناء ..
* لا تبالغي في إحساسك بالوحدة بعد زواج الأبناء، فلا شك أن الوحدة في هذه الحالة أفضل من البقاء مع زوج (مزعج) على الأقل يمكنك أن تستمتعي بحياتك وبالراحة من الأعباء العائلية وبالكسل ـ أيضاً ـ وبالاحتفال بأدائك لرسالتك .. واجعلي بيتك واحة للأحفاد وللأبناء في أيام معينة، ولا تسرفي في العطاء حتى لا تتوقعي المقابل الباهظ وافرحي بما تحصلين عليه، واشغلي نفسك وافعلي ما كنت لا تقدرين على فعله أثناء انشغالك بتربية أبنائك بدلاً من البكاء على الوحدة، ولا تتسولي اهتمام أبنائك ولا تتهمينهم بالجحود وتذكري أن دوامة الحياة والمشاغل الجديدة قد تجذبهم بعيداً عنك أحياناً .. وكوني الأم الحانية المقدرة لظروف أبناءها وبذا تأسرينهم بحنانك بدلاً من إغضابهم بلومك الدائم.
ــــــــــــــــــ
كيف نعامل كبار السن في المنزل؟
الكبر حلقة من حلقات التاريخ، وجزء لا يتجزأ من وجود كل مجتمع أو جيل أو إنسان في الغالب. وتقدم السن امتداد لتاريخ طويل، أمضى فيه الإنسان حياة، ربما يكون ملؤها المخاطر والتضحيات، والتعرض لمختلف ألوان الفاقة والحاجة، أو الانتكاسة أو المحنة، أو فتنة الغنى والثراء، أو الوقوع فريسة المرض أو العجز أو التعرض لحادث من الحوادث.
والتضحية وإن كانت أحياناً لبناء الذات والمستقبل الشخصي، فإنها غالباً من أجل تربية الأولاد وإعالتهم، والحفاظ على وجودهم، أو تمكينهم من التعلم والاحتراف أو الاتجار، أو التزوج أو غير ذلك من الأسباب.
فليس من الوفاء لهذا الجيل المتقدم أو كبار السن أن يُهمَلوا أو يتركوا فريسة الضعف أو العجز أو المرض أو الحاجة، ويجب رعايتهم والعناية بهم، عملاً بمبادئ ديننا الحنيف، ورسالته الغراء التي تجعل الأسرة متضامنة متآزرة على السراء والضراء، ويعدّ وجود الكبار في المنزل امتيازاً وبركة ووقاراً، والشيخوخة مصدر استقرار، وجمع الشمل ولم الأولاد، وتحقيق الوئام والمحبة والود بين أفراد الأسرة كلها، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً.
ويحظى الكبار في مجتمعنا الإسلامي غالباً بمزيد التقدير والرعاية والاحترام، بل إنهم في موضع الصدارة والقيادة، يأتمر الكل بأمرهم، ويَحذَر الجميع مخالفتهم، ويدرك هذا كل مَن قارن وسط الأسرة الإسلامية مع غيرها من الأوساط الغربية والشرقية، حيث تجد كبار السن المسلمين سعداء، وغير المسلمين أشقياء، يعيشون في وحدة وغربة ووحشة، وفعلاً لاحظ بعض الصحفيين هذا الفارق في البلاد التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات (1990م). لكن مع ظهور حركة المتغيرات الاجتماعية التي تشهدها الحياة المعاصرة في مختلف المجالات، توجد بعض مظاهر الجوانب السلبية في محيط الأسرة وبيئة المجتمع، التي تمس بعض المفاهيم والقيم المتعارف عليها، وتؤثر على السلوك والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة حتى وقت قريب. وأدى وجود هذه المظاهر السلبية إلى نشوء حالات مؤسفة من عدم المبالاة والاكتراث، وإهمال بعض كبار السن، والزجّ بهم في مأوى مستشفيات العجزة، تهرباً من خدمتهم، والاعتذار بأن زوجة الولد تأبى خدمة والد الزوج أو والدته، فيضطر الولد الكبير أو الأولاد الكبار إلى التخلي عن واجب العناية بآبائهم وأمهاتهم أو أقاربهم الآخرين.
ويقتضي توظيف الاحتفال بالسنة الدولية (عام 1999م) لكبار السن والتي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال بها، تحت شعار (نحو مجتمع لكل الأعمار) إبراز مبادئ الشريعة السمحاء في التكافل الاجتماعي، والانطلاق من آدابها ومطلقاتها في البر والوفاء والتبجيل، للحفاظ على البناء المتماسك للأسرة الإسلامية، واحتضان خصال الرحمة والود والاعتراف بالجميل، والعمل على إسهام المكتب التنفيذي لمجلس الجامعة، واللجنة الوطنية للمسنين، والجامعات، مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في كل دولة، في فت مراكز رعاية المسنين صحياً واجتماعياً، وإيجاد ورشات عمل تدريبية في مجال التخطيط الاجتماعي لكبار السن، ولرصد وتلبية احتياجات كبار السن النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والترويحية، وتنمية قدراتهم وخبراتهم ومهاراتهم الإنتاجية في مجالات عمال مناسبة، وتصميم البرامج والمشروعات التي توفر لهم أوضاعاً حياتية وحقوقية وإنسانية أفضل، تضاعف من قدراتهم على المشاركة، والإسهام بخبراتهم ومؤهلاتهم في مسيرة البناء، بما يساعد على شغل فراغهم وتسليتهم، بدلاً من قضاء الوقت في النوم والراحة الطويلة المدة، وكأنهم ينتظرون الموت كل ساعة، ويتفرج من حولهم عليهم، للوصول إلى هذه الغاية.
كما أن في إيجاد مثل هذه المشاريع ضماناً لاستقلالهم، وتجسيداً لتطلعاتهم، وصوناً لكرامتهم وعدم إهدار نسانيتهم.
ــــــــــــــــــ
العقم وأثره على العلاقة الزوجية
العقم.. حالة تصيب أحد الزوجين فتوقف عملية الإنجاب وقد استطاع الطب الحديث تحديد سبب العقم سواء لدى الزوج أو الزوجة في كثير من الحالات، إلا أنه توقف عاجزاً أمام بعض الحالات القدرية ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
ولا شك أن تأخير الإنجاب أو العقم يؤدي إلى توتر وقلق واكتئاب لدى الزوجين، ويساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في إحداث قلاقل زوجية ومشكلات أسرية، ولكن ما الذي يمكن أن يتصرف وفقه أحد الزوجين في مثل هذه الحالة وما هي مشاعره، ووسائل العلاج.
استبيان تم طرحه على شريحة من المواطنين وتم عرضه على الدكتور كاظم أبل استشاري الإرشاد النفسي فكان هذا التحليل:
السؤال الأول:
• هل تخبر من تريد الزواج منها (منه) أنك عقيم قبل الزواج أم بعده ؟
تشير النسبة 52% من الذكور إلى أن الرجل في مجتمعنا يتمتع بفرصة أكبر للزواج من الزوجة، ولذلك كانت النسبة أكبر من عدد الإناث وهي 42% فالزوجة ينتابها الخوف من العنوسة، خاصة وأن زواجها يعتمد على الفرص في محيط الأسرة والتي عادة تلعب دورها في تزويج بناتها، ويكون اختيار الفتاة محدوداً وفي نطاق ضيق.
ومن المؤكد أن تكون النسبة أكبر عند الزوجات باعترافهن بالعقم، وهي نسبة 58% عن الأزواج وهي 48% فالزوجة أكثر واقعية وعاطفية، وأما الزوج فهو يريد التأكيد على رجولته فهو يرفض العقم ولذلك كانت النسبة أقل.
السؤال الثاني: الاكتئاب والتوتر:
هل تشعر بالاكتئاب والضيق النفسي بسبب تأخر الإنجاب؟
لا شك أن النسبة أكبر عند الزوجات، حيث تبلغ النسبة 62% وهي نسبة كبيرة مقارنة باللواتي قلن لا وهي نسبة 1%، فهذه النسبة تؤكد على أن دافع الأمومة فطري، وهذه الحقيقة تتفق مع رأي علماء النفس، وكذلك هذه الحقيقة تؤكد معاناة العوانس من الاضطرابات النفسية كالقلق والخوف والوساوس، أما بالنسبة للأزواج فالنسبة 30%، وهي نصف عدد الإناث تقريباً، وهذه النسبة تؤكد أن كثيراً من الأزواج يريدون التمتع بالحياة الجنسية في المرحلة الأولى من الزواج قبل الحمل والولادة.
السؤال الثالث:
الخجل من طرح السؤال
• عندما يتأخر الإنجاب بعد الزواج كثيراً، هل تخجل من طرح الموضوع على زوجتك لمعالجة الأمر؟
لا شك أن هدف الزوجين هو تكوين أسرة والحصول على الأطفال، وفي حالة استمرار الحياة الزوجية من دون أطفال ولفترة طويلة، لعدم حصولهم على أطفال، فإن ذلك يدفع الطرفين للتساؤل، ولذلك كانت النسبة متقاربة تقريباً وهي 90% للأزواج و 96% للزوجات، وتدل على عدم شعورهما بالخجل في طرح التساؤل عن سبب تأخر الإنجاب، خاصة وأن حياتهما أصبحت عادية وليست كما كانت في فترة ما قبل الزواج أو الأشهر الأولى من الزواج، فالإثارة والرغبة تكون عادة أقوى في تلك الفترات!!
معالجة الأمر
• إذا كانت إجابتك بـ (لا) فما الوسائل التي تتخذها لمعالجة الأمر؟
تأكيداً على الحقائق ووجهات النظر السابقة فإن نسبة 98% من الزوجات يلجأن لمراجعة الطبيبة المتخصصة تدل على حرص الزوجة على الإنجاب، فالقلق ينتابها، ويحركها دافع الأمومة الفطري، وينتابها الخوف من تحرك الزوج، فهي لا تريد أن يتزوج عليها أو أن يشاركها أحد في زوجها.
وكذلك فإن الأزواج حريصون ولكن بدرجة أقل من الزوجات على مراجعة الطبيب المختص، فالنسبة لديهم هي 88% وتدل على حرص الزوج على الحصول على الأبناء، فهم الذين سوف يحملون اسمه.
أما بالنسبة لترك الأمور على طبيعتها دون تدخل، وهي نسبة 4% للأزواج و 2% للزوجات، فهي تشير إلى تعقل الاثنين والخوف من الأمراض، والخوف هنا غامض فهما كلاهما لا يعرفان السبب ومن هو السبب وبالتالي جاءت النسبة ضعيفة، والأرجح مراجعة الطبيبة المختصة.
كيف تتصرف
• إذا كانت إجابتك (نعم) كيف تتصرف وما هو البديل؟
لا شك أن الموقف، سيكون محرجاً، فيعيش الطرف المسبب لعدم الإنجاب قلقاً وخائفاً، فالرجل يريد إثبات رجولته ومكانته عند زوجته وأهلها وأهله والمجتمع، وكذلك الزوجة لا تريد أن تكون الضحية لأن مستقبلها سيكون مهدداً بالطلاق والانفصال وستعيش حالة حرمان من دافع الأمومة الفطري، وهذه الحقيقة تؤكدها كذلك نسبة 62% من الزوجات اللواتي يعشن الاكتئاب والضيق في حالة تأخر الإنجاب، فالزوجات لا يعترفن بالأمر الواقع والنسبة صفر، فمراجعة الطبيبة المختصة من أولوياتهن ( نسبة 98%).
أما بالنسبة للأزواج، وهي نسبة 8% فهي ضئيلة جداً تشير إلى قلق الزوج.
• إذا تأكد عدم قدرة الطرف الآخر على الإنجاب، ما الوسيلة التي تتبعها؟
النسبة تدل على قلق الزوجات أكثر من الأزواج، والزوجات أكثر محاولة للبحث عن وسيلة أو بديل للإنجاب، ونسبتهن 24% تظل المرأة شديدة الرغبة ويظل دافع الأمومة الفطري يحركها بقوة، أما الأزواج فكانت نسبتهم 7% وهذه النسبة تدل على أن دافع الأمومة عند المرأة أقوى من دافع الأبوة عند الزوج!!، كذلك النسبة 84% من الأزواج تدل أن الزوج عقلاني وواقعي، أما الزوجة فهي عاطفية وهذه النسبة تتفق مع عدم لجوء الزوج إلى الطلاق 2%.
السؤال الرابع: الوسائل المتبعة
• إذا تأكد عدم قدرتك على الإنجاب، ما الوسيلة التي تتبعها؟
أعتقد أن نسبة 88% من الأزواج، تدل على عقلانية الزوج مرة أخرى، فهم موضوعيون جداً لأنهم سيخبرون زوجاتهم بعدم قدرتهم على الإنجاب، وبالمقابل فإن نسبة 4% من الأزواج تدل على قلة من الأزواج الذي سيبقون الأمر سراً، كذلك نسبة 10% من الأزواج تدل على قلة من الأزواج الذين سيرفضون تطليق زوجاتهم.
أما بالنسبة للزوجات فالأمر يختلف حيث تدل نسبة 9.2% من الزوجات بإطلاع الزوج على عدم الإنجاب، بأن المرأة في هذه الحالة تعيش القلق والخوف وتأمل لعلها تجد الحل ( 24% إناث/ محاولة).
وأعتقد أن نسبة 2% قليلة جداً في السماح لأزواجهن بالزواج عليهن في حالة عدم الإنجاب.
وتدل نسبة 6% من الإناث اللواتي يفضلن الطلاق في حالة عدم إنجابهن، نسبة قليلة جداً، فهي السبب في حالة عدم الإنجاب وهي ترضى بالأمر الواقع وتكون الزوجة الثانية، وهي تتساءل: هل يمكنها أن تتزوج من رجل آخر يرضى بها بالرغم من عدم إنجابها!! فعصفور باليد أفضل من عشرة عصافير على الشجرة!!!
السؤال الخامس: حالات القلق
• أي العوامل التالية ترى أنها أكثر إلحاحاً وإزعاجاً وتسبيباً للقلق بسبب عدم الإنجاب؟
واضح أن نسبة 88% من الإناث، تدل على الخوف من أقرباء الزوج، فالمرأة دائماً وغالباً أكثر حرصاً على مكونات وعناصر الأسرة والأطفال في نظر المرأة شيء أساسي وفطري ومهم، ومن خلالهم تشعر المرأة بذاتها ومكانتها عند زوجها وأقربائه.
أما نسبة 6% من الزوجات و40 % من الأزواج، فأرى أنها نسب مئوية منحرفة انحرافاً كبيراً عن النتائج السابقة وهذا يعني أننا لا نستطيع الاعتماد عليها وتأكيدها!!!
ــــــــــــــــــ
كيف تساعد طفلك عندما يخدع نفسه؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* صبحي جبر
طفلك يخدع نفسه أحيانا للتغلب على المشاكل التي تواجهه أو لمحاولة استعادة توازنه النفسي، وعليك أن تعرف أنواع الحيل التي يلجأ إليها، وأن تساعده في التغلب على مشاكله وعدم اللجوء إلى هذا الأسلوب.
خداع النفس أسلوب من أساليب استعادة الاتزان وفيه يلجأ الإنسان لعدد من الحيل النفسية اللا شعورية، يسعى بها إلى تحقيق هدفين. أولهما: أن يتخلص من مطالب أحد المواقف التي تبدو له عسيرة لا تطاق. والثاني: أن يبقي على ثقته في نفسه بالتماس علة مقبولة للهرب من هذا الموقف، وفي ذلك تقليل من قلقه وتوتره النفسي. ويرى بعض علماء النفس أن الحيوية المستمرة هي في الجهد المستمر المبذول لاستعادة التوازن.
لماذا يخدع الصغير نفسه؟
الحيل النفسية اللا شعورية التي يمارسها الصغار منذ مطالع العمر كثيرة متعددة، غير أن أكثرها شيوعا أربع أنواع وهي:
1 - التبرير
والمقصود به محاولة الصغير تعليل خيبته في المدرسة - مثلا - أو في البيت أو في الملعب وتبريرها، وإصراره على إيجاد أسباب (صحيحة في اعتقاده) تبرر خيبته. فقد يرجع الصغير كل أسباب خيبته - مثلا - إلى ما يسميه باضطهاد الآخرين وظلمهم إياه، فيعود إلى المنزل من المدرسة ويحكي لأهله مختلف الأسباب لتخلفه عن أقرانه في الدراسة، فتكون كل الأسباب دائرة حول الحيف الذي وقع به وحول كره المعلم إياه ومحاباته لغيره من الأطفال، وهو في الألعاب والرياضة يتخذ الموقف عينه، فإذا به يرجع عجزه عن منافسة إخوانه إلى الظلم، وهو يزعم أنه كان لا بد من تفوقه لو أن الفرصة أتيحت له. وقد يبرر رسوبه بصعوبة الامتحان تارة أخرى، وقد يلقي اللوم على أي فرد أو أي شيء.. ومما هو جدير بالذكر أن التبرير يساعد الإنسان على أن يحتفظ بثقته في نفسه ويقلل من توتره النفسي.
ولكن التبرير ليس خيرا كله فإذا تمادى الفرد في التبرير فإنه بذلك لا يواجه مشكلاته مواجهة إيجابية، فيلحق بنفسه في المدى البعيد أشد الأضرار.
2 - الحيل النفسية المرضية
تسنح مع المرض فرصة التخلص من كل التبعات، فكثيرا ما يتعلم الأطفال من صلاتهم بالكبار أن الصداع والقيء وما إلى ذلك أسباب تسترعي النظر والرعاية، ومن ثم يتخذ الصغار تلك الأعراض عن شعور أو لا شعور منهم. وقد يكون هذا تقليدا خالصا، أو طريقة للتخلص من مهمة كريهة وهذا هو أكثر الأسباب شيوعا. فالطفل الذي يكره الذهاب إلى المدرسة لخوفه من العقاب البدني أو الإهانات التي يوجهها إليه أحد المعلمين، أو لعجزه عن الوصول إلى مستوى مناسب من التحصيل الدراسي.. مما يجعله مثار سخرية واستهزاء زملائه، مثل هذا الطفل قد يتخذ من الصداع سببا في عدم الذهاب إلى المدرسة. والواقع أن هذا الصداع ولو لم يكن له أي أساس عضوي إلا أنه صداع يعاني منه الطفل ويؤلمه حقيقة. والعلاج الوحيد لهذا الصداع هو القضاء على المشكلات التي تواجه الطفل في مدرسته.(54/152)
ومن الحيل العقلية التي تخدع النفس بها نفسها أحلام اليقظة والأوهام، وهي تعبير صريح عن الرغبات التي لم تتحقق في الواقع، كما تساعد الطفل على إشباع دوافعه النفسية والهروب ولو لفترة قصيرة من المواقف الصعبة التي يواجهها. وهذا هو ما يطلق عليه أحد علماء النفس، " استمتاعا سلبيا لا جهدا فاعليا". إذ إن الطفل في أوهامه يتخيل نفسه في المواقف الغريبة الرائعة التي لا يقف استمتاعه بما فيها من أشكال اللذة وألوان النجاح عند حد.
3 - التعويض
وتشير الكلمة هنا إلى واحد من معنيين: أولهما: الاتجاه نحو حافز جديد نتيجة إعاقة حافز قديم. ومثله الطفل الذي يعجز عن المباراة مع غيره في اللعب يعوض عجزه في الناحية البدنية بتفوقه في الناحية الفكرية، وهذا التعويض ليس فيه أي نوع من الخداع لأنه واقعي ومقصود، ثم إن فيه تقديرا دقيقا للواقع. وثانيهما: استبدال طريقة مباشرة من طرائق التعبير عن حافز ما بطريقة غير مباشرة. ومثل ذلك الصبي الذي يفشل في عمل من الأعمال، أو يواجه الإحباط في موقف من المواقف، أو وقفت أمام رغباته عقبة، فبدلا من أن يواجه نفسه ويوجه اللوم والعدوان إليها نجده يعمل على تحويل هذا العدوان إلى أشياء أو أفراد ليس لهم علاقة أو لم يكونوا سببا فيما يعانيه من إحباط.
4 - النكوص
إذا يئس الطفل من إيجاد حل لصعوبة تواجهه ولجأ في سلوكه إلى مرحلة نمو سابقة لمرحلة النمو التي يعيشها الآن كالبكاء والصراخ أو التبول اللا إرادي قلنا إنه نكص إلى طفولته، وهي حيلة قليلة الفائدة إلا في التنفيس المؤقت. ومنها أن يثور في وجه المجتمع إذا خاب، وأن ينحرف نحو ارتكاب الإثم عسى أن يجد هنا فرصة يستمد فيها بعض الرضا في التفوق على أقرانه، ويقود فئة من الأطفال يشعرون هم أيضا بمثل ما يشعر به من عجز أو قصور.
نصائح هامة
من الأهمية بمكان عظيم أن نشير إلى أن الكثرة العظمى من الأطفال الذين يخدعون أنفسهم باستخدام الحيل النفسية ليسوا نتاجا لماض لا يمكن إصلاحه، بل هم في الغالب نتيجة للبيئة التي نشأوا فيها.
وأهم عاملين في هذه البيئة هما البيت والمدرسة، لهذا يقع على الآباء والمربين مسئولية كبيرة نحو مساعدة هؤلاء الأطفال. ونقدم هنا بعض النصائح لتجنيب الأبناء هذه الحيل:
1 - إذا أكثر الأطفال في استخدام الحيل النفسية فإن على الآباء أن يبذلوا كل جهد مستطاع لتفهم الدوافع التي تقيم سلوك أبنائهم، ذلك لأن الدوافع هي الأمور الأساسية لا السلوك نفسه، ابحث عما يفكر فيه، ما هي مشكلاته وآماله وأسباب يأسه؟ فلعل الغيرة تأكله أو لعل خوفا غامضا يجثم عليه، أو لعله يشعر أنه أدنى مرتبة من الآخرين، فساعده حتى يرى الأمور على حقيقتها وعلى وجهها الصحيح، وأرشده إلى كيفية النجاح في مواجهة مشكلات الحياة اليومية.
مواجهة المهمات
2 - يستطيع الآباء بالقدوة الحسنة أن يعلموا أبناءهم كيف يحملون أعباءهم في روح رياضي صحيح، وكيف يقابلون الإخفاق في شجاعة، ويواجهون المهمات الخطيرة رغم ما يثقلهم من إشفاق وخشية إذ لا يتحتم أن يكون الإنسان الذي توافق توافقا طيبا مع أوضاع الحياة هو ذاك الذي تحميه مناعته من كل معضلات العالم العويصة أو ذاك الذي لا يستشعر الخوف مرة أو يلحقه الفشل مرات، بل هو الذي اتخذ من العادات ومن خصائص الخلق ما يهيئه لملاقاة صروف الحياة في علانية وجلاء.
معاملة ديمقراطية
3 - إذا أراد المعلم أن يؤدي خير ما عليه لزمه أن يعرف قدرة التلميذ العقلية وحياته الغريزية والانفعالية، وأن يدرك أفراحه وأتراحه. وينبغي ألا يرى الطفل في المعلم أو الأب حاكما بأمره، أو رمزا للقسوة والإرهاب، وهذا يتطلب من الآباء والمعلمين معاملة الأبناء والتلاميذ معاملة ديمقراطية خالية من الضغط والإرهاب، وأن يخلقوا في البيت والمدرسة جوا من المحبة تسوده الرعاية ويشيع فيه العطف والعدل.
الثقة بالنفس
4 - تدعيم ثقة الطفل بنفسه وذلك بمعاونة الطفل على تكوين شخصيته بأن نبين له نواحي القوة في نفوسه ونزكيها ونكشف نواحي الضعف عنده ونعالجها. وكلما بكرنا في تهيئة الفرصة للصغير كي يعمل وكي يلعب وكي ينافس غيره من الأطفال في مثل سنه، كان له في ذلك ما يدفعه على اتخاذ العادات التي تساعده على مواجهة مشكلاته وحلها.
وفوق كل هذا ينبغي ألا نطلب منه سوى المعقول من الأمور، وإذا أبطأ في أدائه فمن الخير أن نتريث وأن نعطيه ما يكفيه من وقت بحيث يستطيع أن يحقق نجاحا، فذلك يزيد ثقته بنفسه وخاصة لو أظهرنا الاهتمام والتقدير بما يحققه.
ــــــــــــــــــ
لغة الزهور بين الزوجين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* هبة التهامي
إذا كان بعض الكتب ودواوين الشعر العربية قد أوردت نتفًا قليلة، وأشعارًا متناثرة تنطوي على ملاحن لعشاق في مجال الزهر والنبات، فإن جهدًا كبيرًا نهض به نسيب المشعلاني، ويُعدُّ علامة بارزة في ميدان لغة الزهور، إذا وضع معجمًا جمع فيه ملاحن مئات الزهور والنباتات، ورتبه على حروف الهجاء، ودعاه: "مخابرات الحب السرية ورسائل المملكة النباتية" ونشره عام 1897 في بيروت، هو كتاب في لغة الأزهار جمعه وذكر أوله كلامًا عامًّا في الزهور ومعانيها ورمزه أن والسر في دلالتها على ما يدلون عليه بها ثم جاء بأسماء الأزهار مرتبة على الابجدية ولا يقل عددها عن 1300 زهرة وبإزاء كل منها المعنى المراد بها، ولا يقتصر ذلك على الأزهار بل يتناول الثمار وسائر أصناف النبات. ومن أمثلة ذلك دلالة الفل على اللطف والفستق على حفظ السر أي أنك إذا قدمت فستقًا إلى أحد فكأنك تقوله له: "أنا أحفظ السر" وكدلالة القرنفل على الجسارة، والقمح على الغنى، وزهر اللوز على الرجاء، والورد على المحبة، والهليون على التعزية وقت الضيق، والنارنج على الجمال مع رداءه الأصل، فإذا قدمت نارنجة إلى أحد فكأنك تقول له أنت طيب لكن أصلك ردئ ..وقس على ذلك. وقدم له بدراسة تناولت عددًا من الأزهار مع إيضاح أسباب تسميتها، وذكر ما دار حولها من أساطير وحكايات، وحلاه بشعر رقيق يدور حول الحب والزهور.
وتشعر من خلال هذا المعجم أن الحب انتقل من التعبير بالنظرة والابتسامة والكلمة إلى التعبير بالزهرة والثمرة والنبات فهذه الزهور صارت بمنزلة معاني الحب وأحواله ودرجاته. بل يمكن إدراك نمو العلاقات العاطفية وانتكاستها، أو ما يسمى في لغة العشق بالهجر والسلو، من خلال حوار العاشقين بلغة الزهور.
ومن مزايا هذا المعجم الفريد إظهار المعاني بكلام قليل، فقد يكون المعنى كلمة واحدة، أو كلمتين مترادفتين، أو جملة قصيرة مفيدة. وهذا المعنى المكون من كلمة أو أكثر، له إيحاء ووقع في العواطف، وقدرة على تحريك المشاعر، وما أود قوله أن مدلول زهرة ينبه نفس القارئ إلى ذكرى، حتى وإن لم يكن قد أهدى إلى من أحب زهرة من نفس النوع.
بل إنَّ هناك فارقًا في دلالات الزهور والثمار في تراث الحب العربي والتراث الأوربي أو التراث الذي نقل عنه المشعلاني، فالسوسن عن العرب دلالته السوء. وفيه يقول شاعر:
يا ذا الذي أهدى لنا سوسنا
ما كنت في إهدائه محسنا
أوله سوء، فقد ساءني
يا ليت أني لم أر السوسنا
أما عند الإفرنج فإنه يعني الحوار والوصال، فإذا أرسل محب لمحبوبه سوسنا فإنه يعني أن يحرر له رسالة. ويتطير العشاق العرب من زهر الياسين لأن في اسمه يأس، يقول شاعر:
أهدي حبيبي ياسمينا فبي
أراد أن يؤنس من وصله
من شره الطيرة وسواس
إذا كان في شطر اسمه الياس
أما عند من نقل عنهم المشعلاني فيدل الياسمين على اللطف والأنس، والرمان عند العرب ينبئ بقرب الوصال واللقاء.
وعن اللوز قال الشاعر:
ومهد إلينا لوزة قد تضمنت
كأنهما حبان فازا بخلوة
لمبصرها قلبين فيهما تلاصقا
على رقبة في مجلس فتعانقا
والأشعار الأخرى الواردة في كتاب المشعلاني تشكل حديقة ساحرة، تتماوج فيها الزهور المختلفة الألوان والأوصاف، وبين هذه الأزهار أودع المحبون المتيمون أسرارهم.
أحوال وأمزجة:
ويدخل في معاني الزهر والثمر والنبات أحوال العشاق النفسية وأمزجتهم الشخصية فإننا نراهم يتطيرون من زهور وثمار، ويتفاءلون بغيرها دون سبب حقيقي أو سند واقعي يبرر قولهم أو فعلهم.
والعاشق بطبعه متطير يتوقع الفرقة والبين، متوتر كثير التوجس والتوهم، لا يأمن الحاضر، ويخشى المستقبل، وكل هذا له تأثير في اختياره للزهور أو النباتات التي تعبر عن أحواله وتحمل إلى معشوقه أسراره.
ولأحمد أمين مقالة عن "لغة الأزهار والثمار" ذكر فيها انه كان للظرفاء والمحبين المتيمين لغة متعارفة تدل على الهجرة والوصل والتفاؤل والتشاؤم، وبين أنهم كرهوا التهادي بالسفرجل لأنه أوله سفر قال الشاعر:
منه وظل متيما مستعبرا
سفر فحق له بأن يتطيرا
أهدت إليه سفر جلا فتطير
خاف الفراق لأن أول اسمه
وكرهوا التهادي بالذهب حتى لا يعتري العشق ذهاب وكرهوا التهادي بالسوسن لأن أول اسمه سوء، والياسمين لأن أول اسمه يأس، والخلاف لدلالته على الخلاف، والبان لدلالته على البين وهكذا..
ويتفاءلون بالتهادي بالعود لأن في اسمه معنى العودة وبالنبق كما قال الشاعر:
ومن فات الورى سبقا
فأهديت لنا النبقا
ما سرك أن تبقى
أيا أحسننا خلقا
تفاؤلت بأن نبقى
فأبقاك إله الناس
ولكن هذا لا ينهض على قاعدة منطقية، ولا يقنع العقل اليقظ، ولا يقاوم أمواج الحياة المتضاربة، فقد يقع البين بالرغم من إهداء النبق، ويهجر الحبيب بعد تقديم "العود" لمن يحب.
وهذه المناقشة المنطقية لا تحول دون استخدام العشاق لسيمهم أو تحد من تفاؤلهم، وكل ما يمكن قوله إن المزاج الشخصي تدخل في صياغة السم العاطفي.
جولة في العالم:
وعن لغة الورود يقول الدكتور "صلاح زرد" أستاذ النباتات بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة:
هناك دور تلعبه الأزهار في موضوعات الخطبة والزواج ،فقد جاء في كتاب منزل وحديقة أفضل للكاتب الأمريكي د. ميلتون كارلتون.. للزهور دور كبير في الخطبة والزواج في كثير من بلدان العالم، ففي جزر هاواي إذا أرادت الفتاة أن تعلن عن رغبتها في أن تخطب فإنها تضع زهرة على أذنها اليمنى، وعندما تتم خطبتها تضع الزهرة على أذنها اليسرى، أما المرأة المتزوجة فعلاً فتضع زهرة على كلتا أذنيها، وفي المجر تتخذ الورود طريقًا للتفاهم والتخاطب إذ بها تعبر الفتاة عن رأيها في شريك حياتها، فإذا قبلت باقته كان ذلك إعلان القبول وعلى الشاب أن يطلبها من أهلها، وقريب من هذا يحدث في رومانيا أيضًا، وجاء في كتاب ميلتون أيضًا أن لكل لون من ألوان الزهور معنى، فاللون الأخضر يعبر عن الأمل والرجاء، واللون الأحمر يعبر عن حب قوي دفين، والأبيض دليل الطهارة والصفاء، والأزرق دليل الوفاء ونقاء القلب.
كذلك تعدت الزهور والنباتات دور الزينة والبهجة، والاحتفال بها في الربيع، إلى السياسة، فقد اتخذت بعض الزهور شارات لدول، مثل اللوتس لمصر الفراعين، والريحان لألمانيا. على زمن غليوم الكبير، والأرز للبنان، وبلغ القرنفل حدًا من إعجاب الناس به، وفضلته ماري انطوانيت على غيره من الزهور، وكانت تخفيه في طيات ثيابها وهي سجينة، وجعل أحد ملوك العصور الوسطى حاشيته تمضع الفرنقل قبل التحدث إليه لتفوح رائحته العطرية من أفواههم.ولم يكن الزنبق أقل مكانة فقد صار رمزًا مقدسًا لمريم العذراء، وحبذه شارل العاشر (فرنسا) على سائر الأزهار، وكانت البنفسج زهرة وطنية في أثينا القديمة، كما كانت زهرة نابليون المفضلة عندما كان منفيًا في جزيرة ألبا، وانتقلت معه بعد هروبه إلى فرنسا، وما زالت حرب الوردتين تعرف في تاريخ إنجلترا أثناء الحرب الأهلية عندما تنازعت على العرش أسرة يورك وشعارها الوردة البيضاء، وأسرة لانكاستر وشارتها الوردة الحمراء.
طوفنا بكم في عالم سيم العشاق ولغة الزهور..
فلا تنسوا..
بالورود.. تهادوا..تحابوا.
ــــــــــــــــــ
تفوق الأبناء.. ومسئولية الأسرة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* زينب الكردي
كثير من العلماء والفنانين كانوا من وجهة نظر معلميهم نموذجا للغباء وعدم القدرة على الاستيعاب فاضطرت الأسرة للقيام بواجبها التربوي والتعليمي تجاههم، وإذا بهم بعد سنوات تتفتح مواهبهم ويزدهر نبوغهم.
هذا الكلام لا يعني أبداً التقليل من أهمية الدراسة الأكاديمية، والتفوق مع وجود موهبة خاصة، وروح وثابة ومتطلعة للتمييز ستساعد الطالب على تكوين رؤية منهجية منظمة، ترفع به إلى أعلى قمم النجاح.
التفوق الدراسي إذن مسألة مهمة، لكن السؤال الأهم هو: كيف نساعد أولادنا على إحراز هذا التفوق؟
سؤال توقفت طويلا أمامه عندما وصل ابني البكر إلى الثانوية العامة، خاصة أنني أنا شخصيا كنت إحدى ضحايا تلك الشهادة "المأذق"، ولهذا وجدتني أسترجع أحداث تلك الأيام لأستخرج منها العبرة علني أتجنب سلبيات تجربتي وأنا أتعامل مع ولدي قدر الإمكان.
أعترف، ببعض الألم ، بأن تجربتي مع الشهادة الثانوية لم تكن فيها أية إيجابيات، فبرغم أنني كنت الابنة البكر لأبوي، ومناط حبهما ورعايتهما، ربما إلى حد المبالغة، إلا أن هذا الحب تحول إلى قيد خانق تجلى واضحا في تلك السنة التي كنت استعد فيها لنيل تلك الشهادة. فجأة، وفور أن مر على السنة الدراسية شهر واحد فقط أعلنت حالة الطوارئ في البيت وطبقت أمي بصرامة شديدة لائحة من الممنوعات لا أول لها ولا آخر: التليفونات ممنوعة، وأمي فقط هي التي لها حق الرد على المكالمات.. "التلفاز" نقلته إلى غرفة نومها، ورفعته فوق الخزانة لأنه - من وجهة نظرها - يهدر الوقت فيما لا يفيد. الخروج ممنوع فيما عدا يوم الخميس، على أن يمنع نهائيا في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وحتى الزيارات العائلية تكفلت بمنعها تماما، بعد أن أشعات أن أخي الصغير قد أصيب بالجدري، وأنها تخشى على زوارنا من العدوى وكانت المحصلة النهائية هي أنني دخلت الامتحان وفي داخلي كم من القلق والرعب لا حدود لهما، كثفه في أعماقي رؤيتي لزميلاتي، وهن يرتجفن هلعا حتى قبل أن يدخلن لجنة الامتحان بالإضافة إلى نظرات المراقبين التي بدت لنا صارمة، ولا تتسم بأي ود أو تعاطف إنساني، مما أشعرني بأنني أواجه التتار وحدي في معركة لا تكافؤ فيها على الإطلاق، وكان لا بد أن يحدث المحظور، فرسبت في أربع مواد، كنت - وهذا هو المحير - أحصل في كل منها على الدرجات النهائية في الامتحانات الشهرية خلال نفس السنة.
الحب والسلوكيات الخاطئة
الآن، وأنا أسترجع تلك الأحداث أتفهم جيداً أن الحب وحده كان هو الدافع لهذه السلوكيات الخاطئة، فأبواي كانا - كأي أبوين - يحلمان لي بمستقبل غير عادي. كانا يخططان ويقرران، لكنهما لم يتركا لي أي فرصة لأن أحلم فيها لنفسي سلبا مني حقي في أن أحلم. فمات داخلي الحافز، ملاحقتهما لي كل دقيقة، وكل تلك القائمة من الممنوعات أشعرني بأنني يجب أن أنجح من أجلهما، وليس من أجل نفسي. خوفهما الذي وصل إلى حد الهلع من توقع الفشل انعكس علي ففقدت ثقتي في نفسي، وكانت النتيجة هي أنني دخلت الامتحان وأنا مهزومة سلفا.. أحد أبناء عمومتي أصر والده على أن يلتحق بشعبة العلوم. لماذا؟ لأن الوالد يمتلك عيادة ويريد إلحاقه بكلية الطب، ليرث نفس المهنة من بعده، حاول المسكين إقناع والده بعشقه للفن وأنه يحلم بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة إلا أن الوالد أصم أذنيه وأعلنها بوضوح: أريد لابني أن يكون امتدادا لي.. وكانت النتيجة فشله الذريع في الحصول على الثانوية العامة لأربع سنوات متتالية، وفي النهاية التحق بالقسم الأدبي بعد أن هدد بالتوقف عن الدراسة نهائيا، ولم يكن أمام الأب إلا أن يوافق.
أسر كثيرة ترتكب نفس الخطأ مع الأسف تحت شعار الحب والقدرة الأكثر على قراءة المستقبل، وهو شعار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، ولا يكون ضحيته في النهاية إلا أحب الناس إلينا، ألا وهم أبناؤنا.
لماذا نغتال أحلامهم؟
الدوافع كثيرة، وقد ندركها أو لا ندركها، فهناك الأب الذي حرم من دراسته بسبب ظروف اجتماعية أو مادية قاهرة، فاضطر إلى الاعتماد على نفسه، ونراه بعد أن تصبح له أسرة وأبناء تواقا بشدة إلى تحقيق حلمه القديم الذي حرم منه في أبنائه. يريد أن يرى فيهم الصورة التي كان يتمناها لنفسه لذا يبدأ بالضغط من موقعه كأب ليوجههم إلى الطريق الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيق هذا الحلم.
وهناك أب مقتدر مالياً، ويمتلك مؤسسات ذات طابع خاص، ولذا يرغب في توجيه ابنه وجهة علمية معينة تؤهله في النهاية لإدارة مؤسساته من بعده.
وعلى الجانب الآخر نجد نماذج من الأمهات ترى الواحدة منهن في تفوق أبنائها مسألة حياة أو موت أسباب لا علاقة لها بمستقبل الابن نفسه، مثلا الأم التي لم تنل حظا من التعليم، وتشعر في أعماقها بالنقص لأنها أقل من نسيباتها أو جاراتها الموظفات مما يجعلها تتصور أن تفوق أولاده هو رد فعل عملي لها، وشهادة دامغة لها على أنها كأم قد تفوقت على الجميع. وأم أخرى هجرها زوجها أو طلقها، وتريد أن تثبت له من خلال أولادها أنها أم وسيدة عظيمة لم ينتبه لقيمتها بدليل أنه برغم تخليه عنها قد ساندتهم حتى وصلوا إلى أعلى قمم النجاح.. أي أنها خرجت بثروة لا تعادلها أي ثروة أخرى، وأنه في معركته معها كان الخاسر الوحيد.
الحالات السابقة قد تكون إحداها هي الدافع لمبالغة الأم أو الأب في ملاحقة الطالب لكي يذاكر، ويجلس إلى مكتبه بغض النظر عن ظروفه النفسية هو شخصيا.
ولكل هذه الأسباب حرصت على أن أتعامل مع ابني منذ بداية مرحلته الثانوية على أساس مختلف تماما، تركته يختار الشعبة، التي يرغب في الالتحاق بها، بغض النظر عما أرغبه أنا أو يتمناه والده، وكنت أنقل إليه ما أود أن يفعله بأسلوب غير مباشر، مع تصيد اللحظة المناسبة للحديث معه، حتى لا يشعر بأنه هو المقصود بكلامي، وأذكر أنه حكى لي مرة بألم عن حالة صديق يلاحقه أبواه بشكل استفزازي لكي يذاكر ويرفضان بشدة أن يذاكر مع أي زميل آخر.. فكانت فرصتي الذهبية لأن أقول له إن أبويه مخطئان، فالنجاح قضية الطالب وحده، وليس من حقهما أن يحلما ويخططا بالنيابة عنه.. عليهما فقط أن يكتفيا بدور التوجيه الهادئ ومد يد العون والمساندة، كلما احتاج إليها أما عن المذاكرة الجماعية فأنا أعتقد أنهما على حق، ففي تصوري أن المذاكرة الفردية تعطي الطالب يعتاد عادة على المكان، والظروف التي تحيط به اللهم إلا إذا كان يفتقد الجو المستقر الهادئ في بيته، وإن كان هذا لا يمنع أن ينسق مع زميله، بأسلوب تنافسي جميل مشبع بالتعاون الحقيقي. أيضا كنت أتعمد أن أقول في وجوده كلما جرنا الحديث إلى الامتحان إنني لا أفهم سر هذه الضجة، وحالة الرعب التي تصيب الطلبة فالثانوية العامة مجرد امتحانات عادية وإن كانت تحتاج فقط إلى مزيد من التركيز المكثف لارتباطها بالمجموع الذي يؤهل الطالب لدخول الكلية التي يريدها، وعندما سألني ذات مرة بقلق: وماذا لو رسبت؟ قلت، وأنا احتضنه بحنان: سأحزن طبعا من أجل سنة ستهدر من عمرك، لكنها لن تكون نهاية العالم، وما من إنسان لم يجرب الفشل وأنا شخصيا تعثرت فيها ثلاث سنوات متتالية، لكني واثقة من نجاحك أنت بالذات، فأنت ذكي، ومقاتل كوالدك، ظروفنا نحن كانت مختلفة، وعالمنا كان محدودا، وأنتم الآن لديكم الفيديو، و"التلفاز" والكمبيوتر، وقنوات فضائية لا تحصى.. وكلها وسائل خصبة للمعرفة لو استثمرناها جيداً.
الطالب وأسرته
لا يحتاج الطالب إلى أكثر من مكان مناسب، وجو نفسي هادئ.. المكان قد يكون ركنا في غرفته أو في أي مكان من البيت، بشرط أن يكون جيد الإضاءة والتهوية وبعيداً تماما عن الضجة التي قد تشتت انتباهه، وتقلل من قدرته على التركيز. وعلى الأم أن تراعي البساطة الشديدة في مكونات الغرفة، بمعنى ألا تكون مزدحمة بتفاصيل كثيرة، وأن يكون ظهر الطالب أثناء الدراسة للفراش، حتى لا يغريه منظر الفراش بالنوم.
أما الجو النفسي الذي يحتاج إليه، فيمكن تحقيقه لو تعاون كل أفراد الأسرة. على الأبوين أن يجمعا كل أفراد الأسرة، ويتفقا معهم على التصرف الهادئ الرقيق كل منهم مع الآخر، والحد من مسببات الشجار، والكف عن الصراخ والحوار بصوت عال، وهذا لن يتأتى بالطبع إلا إذا كان الكبار أنفسهم قدوة حسنة، أيضا لا داعي لأن نزج بالطالب في هذه المرحلة في مشاكل أسرية قد تتعرف لها الأسرة وألا نعوقه بطلبات يمكن أن تؤجل، أو أن يقوم بها أي شخص آخر نيابة عنه. وإذا كان الفتى من النوع الذي يشرد كثيراً ويركز بصعوبة، يمكنك مساعدته، اطلبي منه عقب الانتهاء من مراجعة كل فصل أن يلخصه كتابة، وبعد أن ينتهي من التلخيص قومي بقراءته على أن يتابع معك القراءة من الكتاب، فإذا ما اكتشف هو أنه قد نسى تسجيل إحدى النقاط، اطلبي منه أن يعيد قراءتها بروية، وتذكري دائما يا سيدتي ان الإنسان لا ينسى أبدا معلومة استعمل في جمعها معظم حواسه الخمس (اليد والعين والأذن)، ويا حبذا لو طلبت منه أن يقوم بتسجيل النقاط المهمة على شريط كاسيت ليقوم بسماعها في لحظات فراغه.
وعلينا - كآباء وأمهات - ألا ننسى أن الجسد المرهق يعني ذهنا عاجزا عن الاستيعاب، فإذا ما لاحظت يا سيدتي أن علامات الإرهاق بادية على وجه فتاك فاطلبي منه أن يغفو قليلا ليريح جسده ولا تعتبري الفترة التي سينامها فترة مهدرة لأن المعلومات عادة تزداد. ترسخا أثناء النوم، وإياك أن تربطي بين عدد الساعات وحصيلته في الاستيعاب لأنه لا علاقة بينهما، فهناك طالب يستوعب فصلا كاملا في ساعة واحدة، وآخر لا يستوعب سطراً واحداً في نفس الفصل خلال ثلاث ساعات، أو أربع.. فالإرهاق البدني، والذهني يؤثران في قدرته على الاستيعاب بالإضافة إلى أحلام اليقظة التي تداهم معظم الطلبة في أثناء المذاكرة وهي حالة هروبية لا شعورية، يلجأ إليها الطالب، تعد من المعوقات الخطيرة التي تؤثر في عملية الاستيعاب، لذا ينبغي ألا تشعري بالتوتر والضيق إذا ما صارحك بأنه في حاجة للتريض، أو زيارة صديق لبعض الوقت، وإذا ما حدث وخرج من غرفته ليجلس بينكم ليشاهد التلفاز، اجعلي له مكانا بينكم، ودعيه يتصرف بالشكل الذي يريده، دون ضغوط أو تعليقات مستفزة، اللهم إلا إذا جاوزت رغبته في الاسترخاء حدود المعقول.. حينئذ يمكن أن تلفتي نظره برفق، ودون عصبية.
نوعية الغذاء(54/153)
يمكنك يا سيدتي أن تقدمي له من آن لآخر بعض العصائر اللذيذة المغذية كالليمون، والكركديه، أو التمر هندي، فتلك النوعية يمكن أن تمده بالطاقة، والحيوية والغذاء في نفس الوقت، ولا تقدمي له الحليب أو الخس إلا إذا قرر أن ينام لفترة طويلة واحرصي على تقديم الأغذية الخفيفة التي لا تصيبه بالتخمة، والكسل، ويا حبذا لو كانت وجبات صغيرة وعلى فترات.. المهم أن يحتوي طعامه بشكل عام على الفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها الجسم، وأكثري من تقديم العسل، والنشويات فهما يساعدان على التركيز.
كيف تتصرفين إذا ما فاجأك ابنك قبل الامتحان بفترة بسيطة قائلا بأن مادة ما أو أكثر يشعر أنه سيحتاج فيها إلى مساعدة خارجية كي يستوعبها لأنه لا يفهمها بالمرة؟
هل تثورين عليه وتقولين له بغضب: وأين كنت طوال الفترة الماضية؟ ألم تكتشف هذه الحقيقة إلا الآن؟
أنا شخصيا عندما فعلها ولدي معي، كظمت غيظي، وقلت له بهدوء: أنا أعلم أن هذه المادة صعبة فعلا، لكني واثقة من أنك ستجد حلا ما.. والأفضل طبعا أن تشاركيه عملية البحث عن حل: صديق للعائلة متخصص في المادة التي يعاني منها.. جار أو قريب أو حتى زميل لابنك يكون متفوقا في هذه المادة بالذات.. قولي له أيضا: إنك على ثقة من أنه حاول أن يستوعبها بتركيز أكبر فيستوعبها وحده فهو يتمتع بذكاء حقيقي.. وعلى كل إذا ما تأكدت من احتياجه إلى مساعدة خارجية حاولي العثور على أستاذ متخصص يقبل تدريسه في الفترة القليلة المتبقية.
ويا أعزائي الآباء والأمهات، أنتم وحدكم من يستطيع أن يمد طالب العلم بالثقة والشعور بالتوازن النفسي اللذين سيقودانه إلى بر الأمان وتحقيق طموحه.. فجروا قدراته الكامنة بالحب والرعاية الصحية والنفسية، وبمزيد من الشعور بالثقة التي هي البنية الأساسية لأي نجاح، في أي مجال.
ــــــــــــــــــ
لماذا يهرب ابنك من واجب المدرسة ؟ أسبابه وطرق علاجه
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد رفعت
مع بداية العام الدراسي تبدأ مشاكل أولادك والتي أهمها: الهروب من عمل واجب المدرسة. وبالرغم من الجهد الذي تبذله الأم في محاولة أن يبدأ ابنها أو ابنتها بداية جيدة في عام دراسي جديد. إلا أن الابن يحاول أن يهرب من الواجب بكل الطرق.
مثلاً: قد تحدث معركة بين الإبن ووالديه من أجل عمل واجب المدرسة. وقد يقوم الطفل بالمجادلة لمدة ساعتين من أجل القيام بعمل واجب المدرسة أو يتفنن في ضياع الوقت بأن يبري القلم مرة كل كلمتين. أو يشطب الجملة ثم يعيد كتابتها مرة أخرى. أو أن يذهب إلى دورة المياه كل ربع ساعة، أو أن يخلق الأعذار بأن يطلب الأكل أكثر من مرة .. كل هذه محاولات لتضييع الوقت .. ثم يبكي الطفل بأن الوقت قد ضاع وأنه تعب من الكناية.
وباختصار يفعل كل شيء أو يختلقه ليضيع الوقت ويهرب من واجب المدرسة. هذا النوع من الأطفال تجدهم أيضاً في المدرسة لا يكملون سؤالاً أبداً، ويفضلون أن تقوم أمهاتهم بعمل الواجب بدلاً منهم وذلك رغم أن هناك منهم مَن يتمتع بالذكاء.
هذا التصرف قد نشاهده في بعض الأطفال وقد نحكم عليهم بالإهمال أو نتهمهم بأنهم أطفال مشاكسون أو ليس عندهم الرغبة الجدية في الدراسة.
ولكن هذا المفهوم خطأ كما يقول علماء النفس العالميين. فمثل هذا التصرف من الطفل وهو الهروب من عمل الواجب معناه أنه محتاج إلى مساعدة نفسية وليست مساعدة لعمل الواجب.
وهذا التصرف من الطفل ينتج عن شعوره بأنه مهمل من جانب والديه. لا يجد العطاء أو الاهتمام الكافيين رغم كل وسائل الراحة التي قد تحيط به. إلا أن عدم الاهتمام به يعطيه عدم الثقة بنفسه.
وفي مثل هذه الحالات قد يحدث للطفل أن ينعزل عن أصدقائه. أو يغرق في قراءة الكتب أو مشاهدة التليفزيون ويصبح حساساً جداً من مشاكله الصحية أو أية مشكلة تهدد أمنه. ويمكن أن ينقلب إلى طفل مشاغب في المدرسة.
والعلاج هو أن تعطيه الاهتمام مثل أخوته تماماً وأن تعدلي بينهم. ذلك أن الطفل الذي يأخذ عناية أقل من أخوته تجدينه يقاوم كل شيء.
أيضاً اعطيه الثقة بنفسه إذا نجح في عمل شيء بالمنزل اجعليه يكرره مرة أخرى. وعليك أن تهتمي بملابسه وأن تبدي إعجابك بما يختاره.
لا تلقي العبء عليه وحده بل اجعليه يشعر بالمساعدة ولا تؤنبيه بشدة إذا أخطأ في شيء. وإذا حصل على درجة ممتازة عليك أن تفتخري به بين أصدقائه. افعلي كل هذا ولكن دون مبالغة في المديح حتى لا يشعر أنها عملية مفتعلة.
أيضاً لا تشعريه بأنه صغير لا يستطيع أن يعمل شيئاً. أو تقولي أنه مرتبك عندما يقوم بعمل أي شيء بالمنزل وحاولي أن يكون لديه عدد من الأصدقاء الممتازين خلقياً حتى يقوم بتقليدهم.
هذا العلاج لا يعطي نتيجة سريعة وإنما سيأخذ منك بعض الشهور ليتغير طفلك تماماً.
ــــــــــــــــــ
دور الاب في تحديد شخصية الطفل
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. محمد أحمد النابلسي
ـ اضطرابات السلطة الأبوية:
مع بداية إدراكه لمفهوم الزمان يبدأ الطفل (3 ـ 5 ـ سنوات) بإدراك الفوارق بينه وبين أبيه. فيدرك في البداية قوة الأب، ثم يدرك تدريجياً عوامل هذه القوة ومظاهرها. حتى يصل الطفل وفي سن معدله ستة سنوات للتراجع عن الصراع الأوديبي لصالح الأب وباحثاً لنفسه عن أماكن يوظف فيها طاقاته الليبيدية. وكنا قد عرضنا لدور الأب في تحديد ملامح الصراع الأوديبي وفي حله أثناء كلامنا عن الخلافات الزوجية.
مما تقدم نستطيع أن نفهم أبعاد الدور الذي تلعبه السلطة الأبوية في تحديد علائم الشخصية المستقبلية للطفل. وأهمية هذا الدور تصل إلى حد يمكننا من رد اضطرابات الأطفال، في معظمها إلى اضطرابات السلطة الأبوية. والحقيقة أن لهذه الاضطرابات جذورها في اضطرابات شخصية الأب وبنيتها الفردية. لذلك فإنه ومن الصعوبة بمكان التوصل إلى تحديد هذه الاضطرابات خاصة وأنها مرتبطة أيضاً، وبطريقة مباشرة، بشخصية الأم وبموقفها من كل من الطفل والأب. وفيما يلي سنحاول أن نعرض لأشكال اضطراب السلطة الأبوية ونبدأ بـ :
1 ـ الأب المشاكس: نحن لا ننفي وجود الأم المشاكسة. إلا أن الأم، وبسبب قربها من أطفالها، تنجح عادةً في إلصاق صفة المشاكسة بالأب متخذة لنفسها وضعية مازوشية. وتأثير هذه الأوضاع على الطفل هو نفس تأثير الخلافات الزوجية إجمالاً والتي ناقشناها في فقرة سابقة.
2 ـ الأب اللا مبالي: إن لا مبالاة الأب تعكس عادةً شعوره بالعجز عن تحمل مسؤولياته العائلية. والأطفال يدركون هذا الشعور بسهولة. فيلجأوا لتجميد سلطة الأب عن طريق التركيز على الأم في طلبهم لكل ما يحتاجون إليه. وهذا التغييب الإرادي للأب من قبل الأطفال يوازيه زيادة تسلط الأم. مما يشجع الأطفال على تخطي سلطة الأب. وهو يؤثر خاصة في الأطفال الذكور الذين يتماهون بالأب ليكتشفوا بسرعة أنه لا يشجعهم على ذلك ولا يحاول مجرد الاتصال بهم فيضطر هؤلاء الأولاد للبحث باكراً عن بديل للأب. وكثيراً ما يتمنى الطفل في هذه الحالات إحلال بديل الأب مكان الأب نفسه في علاقاته مع الأم.
3 ـ الأب السيئ: إن الأب السيئ ليس بالظاهرة النادرة. فالآباء السيئون كثر. منهم مدمن الكحول أو المخدرات، المقامر، الاتكالي، القاسي ومنهم مَن لديه ميول معادية للمجتمع قد تصل حد الإجرام. ومن الطبيعي أن يؤثر مثل هذا الأب سلباً في تربية أطفاله، مفاهيمهم ومثلهم العليا. والحقيقة أن هذا الموضوع أوسع كثيراً من أن نتناوله في مثل هذا الكتاب. لذلك فإننا نكتفي بالقول أن علاج مثل هذا الأب هو ضرورة ملحة لإنقاذ العائلة وأطفالها على وجه الخصوص. وفي بعض هذه الحالات فإن العلاج قد يفرض تغييب الأب عن المنزل.
4 ـ الأب العظامي: تركز الأتنولوجيات الشرقية على مركزية دور الرجل في العائلة وفي المجتمع. فمن بوذا الإله الذكر الأوحد إلى آدم الذي خلقت حواء من ضلعه وغيرها. وبهذا نستطيع القول بأن مجتمعنا يعطي للرجل وضعية عظامية ينصره دائماً على المرأة. والحقيقة أن الرجل الشرقي كثيراً ما ينوء بانتصاراته أمام المرأة. وعلى أية حال فإن هذه الوضعية العظامية للرجل الشرقي لها خصائص عدة أهمها الغيرة المبالغة والشك. وكثيراً ما يتعدى العظام حدوده المقبولة وصولاً إلى شك الرجل بأن هذا الطفل يمكن أن يكون وليد خيانة امرأته له. وبالرغم من القرائن التي تثبت العكس كما تثبت براءة المرأة. فإن عدداً من الرجال العظاميين يعيشون هذا الوهم. وهذا ما يفسر تصرفهم مع أطفالهم بطريقة شاذة وغير مألوفة.
5 ـ الأب الميت: إن مشكلة اليتم هي أحد أشد المشاكل وطأة في حياة الطفل. وهذه المعاناة تخف أثرها ليس فقط في شخصية الطفل المستقبلية ولكنها تمتد لتؤثر على أولاده أيضاً. لذلك رأينا أن نتوسع في مناقشة موضوع اليتم والتعمق به. وبما أن اليتم هو احتمل وارد في أي مرحلة من مراحل الطفولة فإننا سنستعرض وقعه على الطفل في مختلف مراحل طفولته.
بعد النرجسية الأولية اللا متمايزة (حيث تلعب الأم دور فائقة القوة وحين لا يكون الطفل بحاج للأب لأنه يكتفي بالرعاية الأمومية) تأتي مرحلة النرجسية الطفلية التي يشبهها فرويد بهذيان عظمة حقيقي (يتجلى باعتبار الطفل نفسه مركزاً للعالم) لا يخرجه منها سوى الانتقادات الموجهة له مما يضطر الطفل إلى اتخاذ مثال أعلى يصعب عليه حبه (توظيف نرجسي) ويعمد الطفل إلى مقارنة نفسه بهذا المثل الأعلى. ومن هذه الناحية فإن المثل الأعلى يتطابق مع الأنا على الوالدية. إذ أنه من الطبيعي أن يتخذ الطفل (الذكر) من والده مثالاً أعلى. وموقف الطفل من الأب لا يقتصر على التقليد وبالتالي على مبدأ: عليّ أن أفعل كذا (مثل والدي). بل هو موقف غني بالمفارقات فهنالك المواضع التي يقول فيها الطفل: لا يحق لي أن أفعل كذا (حتى ولو كان والدي يفعله).
وفي كتابه محاضرات جديدة في التحليل النفسي يقول فرويد بأن موقف الطفل من المثل الأعلى لا يطغى عليه الشعور بالذنب بقدر ما يطغى عليه الشعور بالذنب بقدر ما يطغى عليه شعور الطفل بالدونية أمام المثل الأعلى المحبوب.
وفي وضع اليتم يكون الطفل قد حُرم من مثله الأعلى الطبيعي (أي الأب) الذي لا يسبب له الجروح النرجسية بسبب علاقاته مع الأم لأن الطفل ومع أفول الأوديبية يستطيع تحمل هذه الفكرة بسهولة في حين يصعب عليه أن يقوم مقام الأب (أعباء انتصار الطفل في الصرع الأوديبي والتي لا يقوى على تحملها) ويصعب عليه أكثر أن يقوم شخص آخر مكان الأب. وإذا ما حدث ذلك أو توقع الطفل حدوثه فإنه يكون عرضة لعصاب الهجر.
وموضوع اليتم يقودنا للحديث عن امتزاج الوالدين وهذا التعبير الذي تستعمله ميلاني كلاين للدلالة على نظرية جنسية طفلية تظهر في هوامات الأطفال بأشكال متنوعة تمثل الوالدين وكأنهما في علاقة جنسية لا تنقطع فتحتوي الأم عضو الأب الذكري أو الأب بأكمله. وهذه الهوامات هي مصدر قلق بالغ لدى الطفل وهي من القدم بحيث يصعب تحديدها. أما في حالات الطفل اليتيم فإننا نجد هذه الهوامات أكثر وضوحاً وأكثر تسبباً للقلق.
وفي نهاية حديثنا عن اليتم نقول بأنه من الصعب على الطفل إيجاد بديل لمثل أعلى مفقود (هو الأب) بعد أن صبت عليه نرجسية الطفل ومحبته وشعوره بالدرنية أمامه. وهذه الصعوبة تدفع بالطفل (خاصة الطفل الكبير) إلى وضعية مازوشية يحاول خلالها متابعة تماهية بأبيه الميت. وعن هذه الوضعية تنشأ أمراض واضطرابات نفسية عديدة. ولا يمكننا أن نمل في هذا المجال صعوبات الأرملة الأم التي تجد نفسها فجأة بحاجة لاستدخال صورة الزوج في ذاتها، وللعب دور الأم والأب معاص إضافة لمعاناتها لفقدان زوجها.
6 ـ الأب الغائب: إن غياب الأب عن المنزل يخلف آثاراً متداخلة من مجمل الأوضاع التي ذكرناها أعلاه. فهذا الغياب يترك آثار الطلاق ويربك الصراع الأوديبي. كما أن آثاره تتشابه وتتداخل مع آثار الأب اللا مبالي والسيئ ... إلخ. والحقيقة أن الضرر الأساسي لغياب الأب إنما ينبع من غياب السلطة التي يمثلها ومن تردد الأطفال وعجزهم عن إقامة اتصال فاعل معه. وقد يتردد الطفل في هذه الأحوال في اتخاذ موقف من الأب حتى تتراوح مواقفه بين اعتباره: بأنه سيأتي يوماً ليحقق لي كل أمنياتي. لا مبالياً لا يمكنني الاعتماد عليه. سيئاً لا يهتم إلا لنفسه وبأهوائه ... إلخ. ومما لا شك به أن الأم تلعب الدور الأكبر في توجيه دفة أحكام الأطفال على أبيهم.
وفي النهاية لابد لنا من التنويه بأن تماهي الطفل بأبيه، ورغبته في تقليده، تدفعان الطفل لتبني العادات السيئة الموجودة عند الأب والطموح لتحقيقها في أقرب فرصة ممكنة وذلك تعويضاً للشعور بالدونية الذي يحسه الطفل أمام أبيه. ولذلك نلاحظ بأن الأولاد المدمنين من المحتمل أن ينشأون هم أيضاً مدمنين ... إلخ.
ــــــــــــــــــ
متاعب العائلة المكتظة بالأولاد
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. محمد أحمد النابلسي
وهذه الحالة تكاد تكون عامة في مجتمعنا العربي. ولهذه الظاهرة جذورها الأتنية العميقة في مجتمعنا. فمن ناحية هنالك النظرة القبلية ومن ناحية أخرى هنالك بعض العادات العاجزة عن مجاراة روح العصر. وأخيراً فإن هنالك ظروفاً مادية قاسية في بعض البلدان العربية بحيث تضطر فروع العائلة للبقاء في مسكنها الذي يكتظ بزوجات الأبناء وبأولادهم.
عن هذه العوامل تنشأ أوضاع اجتماعية، مادية ونفسية تنعكس على الأطفال بحيث يؤدي تضافرها إلى تعريض الطفل للإصابة بالمرض النفسي. ولنستعرض هذه الأوضاع على مختلف الصعد:
1 ـ انخفاض القدرة الشرائية للعائلة مع ازدياد عدد الأبناء. وهذا الانخفاض يجبر العائلة على اعتماد التقشف الذي يصل أحياناً إلى حد حرمان الأبناء من التعليم.
2 ـ إن إشراف الأم على عائلة كبيرة العدد يؤدي لانهماكها جسدياً ونفسياً. وبهذا تجد هذه الأم نفسها مجبرة لتأدية الأعمال والوظائف الملحة وذلك على حساب بقية واجباتها ووظائفها الأقل أهمية. وبمعنى آخر فإن ضغوطات الوقت والإرهاق من شأنها أن تجبر الأم على إهمال نواح عديدة في تربية أطفالها.
3 ـ تحتاج العلاقة الزوجية إلى بعض الشحنات العاطفية والأجواء الرومانسية التي لا يمكن تأمينها في جو منزل مكتظ بالأولاد. مما يعجل في دبيب الملل إلى مخدع الزوجية وهذا ما يشجع ظهور الخلافات الزوجية التي ناقشنا انعكاسها على الأطفال في الفقرة السابقة.
4 ـ يلاحظ في العائلات الكبيرة تناقضات كبيرة في شخصية أفرادها وسلوكهم مما يهدد وحدة وتماسك هذه العائلات. وهنا لا يسعنا إلا الإشادة بذكاء أجدادنا الذين عمدوا إلى سد هذه الثغرات بذكاء نادر. فالسلطة تنتقل من الأب للأخ الأكبر، لأن الأطفال الصغار في العائلة الكبيرة لا يدركون والدهم إلا في شيخوخته بل وربما يموت الوالد وهم بعد أطفالاً، وغيرها من الحلول التي اقترحها أسلافنا والتي استطاعت أن تحافظ على تماسك العائلة العربية. ولكن ظروف المجتمع الحديث تخطت هذه الحلول وأصبحت بحاجة لحلول جذرية أكثر حداثة ربما كان تحديد النسل أقلها خطراً وآثاراً سلبية.
5 ـ اضطرار الأم للاعتماد على أولادها الأكبر سناً، خاصة البنات، لرعاية إخوتهم الصغار حتى تتفرغ الأم للقيام بباقي أعباء المنزل والأسرة. وبهذا فإننا نصادف في هذه العائلات مثلاً طفلة في السادسة ترعى رضيعاً وأخرى في السابعة تدرس شقيقاً في الخامسة. من المؤثر أكثر عندما يأتي الفقر ليضاف إلى مشاكل الأسرة بحيث تضطر لدفع أولادها إلى العمل الجسدي، الشاق أحياناً، وهم في السابعة من عمرهم، وقد أثارت منظمة الأونيسكو هذه المشكلة، مشكلة الأطفال العاملين، وناقشتها دون أن تنجح في حلها لغاية الآن.
ــــــــــــــــــ
الزواج ..هل يقتل الحب!؟
* نجمة السما
الزواج لا يقتل الحب، بل لعله يزيده عمقاً وأصالة، كل ما في الأمر أنَّ الحب لا يعود بحاجةٍ إلى التعبير عن نفسه ما دام الزواج يشهد بوجوده ويحميه، لكن من الناس من لا يشعر بذاته وبعواطفه فيظل بحاجةٍ إلى أن نقول له أننا نحبه، و أن نكرر ذلك في كل حين وإلاَّ شعر بالألم والتعاسة، وهذا شأن المرأة والرجل أيضاً. وفي الحياة المشتركة يجد الحب أشكالاً جديدة يعبِّر بها عن وجوده ويؤكد بها أصالته وعمقه، وبالتالي تصبح عبارات الحب بلا فائدة ولا جدوى، فالأعمال والمواقف فيها الكفاية، بل إنَّها هي وحدها التي تثبت وجود الحب وتعبر عنه حقاً. والواقع أنَّ الحب تعبر عنه محاولات الزوجة الجادة لتحقيق مزيد من التفاهم والانسجام، وكذا الرغبة المشتركة في إنجاب طفل, وآمالهما المشتركة، كل هذا صحيح في حد ذاته، لكنه لا يحول دون إحساس المرأة بالألم ما دام الزوج لا يعبِّر لها عن حبه ولا يبدي نحوها مزيداً من الرقة واللطافة، وكثيراً ما تلحظ المرأة أنَّ إقبالها على الزوج وزيادة رقَّتها تجاهه، كثيراً ما تزيده توتراً، فبعض النساء يشعرن بأنَّهن كلما أبدينَ مزيداً من الرقة واللطف شعرن بابتعاد أزواجهن عنهن.
ولا يستطيع الزوجان في الحقيقة أن يتجنبا لحظات الفتور التي تنتاب حياتهما من حين لآخر، وخيرٌ لهما أن يعترفا بالواقع وأن يواجهاه في هدوء وشجاعة، وهما واثقان بأن السُحب لا تلبث أن تزول، فتوتر أحدهما وغضبه ليس حتماً أن يكون تابعاً لهدوء الآخر وابتسامته، بل قد يزداد التوتر كلما بالغ الآخر في اصطناع الهدوء والمرح الزائف. عادة المحبان أنَّهما يتباهيان بأنَّهما وحدة متكاملة لا فرق بينهما ولا تكليف، وهذا خطأ، فمهما كانت الروابط بينهما قوية وثيقة، ومهما كان الانسجام بينهما كاملاً فسوف تظل لكل منهما ذاته ومزاجه وميوله وقدراته وطباعه وأفكاره، ومن هنا لابد من وجود الكلفة بينهما حتى يتجنبا الصدمة حين يكتشفان أنَّهما غير متفقين في كل شيء بعكس ما كانا يتوهمان. ثم إنَّ كلاً منهما قد يخشى على حريته من طغيان الحب، إنَّ طغيان الحب يخيف أحياناً. إنَّ عبارة "قل لي أنَّك تحبني" قد تعني "قل لي أنَّك تحبني ما دمت بالفعل تحبني.. قل لي أنَّك فعلاً تحبني بصرف النظر عن حقيقة عواطفك نحوي". إنَّ رد الفعل التلقائي قد يكون الصمت أو إجابة قصيرة مثل "طبعاً أحبك كما تعلمين" والحقيقة أنَّ الحب لا يقتله الزواج، وتكفي التصرفات والأفعال للدلالة على الحب وقوته. وليست المرأة وحدها هي التي تود أن يعبِّر لها زوجها عن حبه، فالرجل أيضاً يستبد به نفس الإحساس... والحقيقة أنَّ الحب لا يقتله الزواج إنَّما يتم التعبير عنه بأشياء أخرى تلحظها وتشعر بها المرأة الذكية، ويدركه ويلمس حرارته الزوج النبيه، وكلٌ يعبِّر عن حبه بأسلوب أو بآخر.
إنَّ الزواج ليس تنفيساً عن ميل بدني فقط! إنَّه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياةٍ تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء.
وأرى أنَّ شغل الناس بالصلوات الخمس طوال اليوم له أثرٌ عميق في إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التي يمكن أن تفجِّر الرغبات الكامنة. إنَّ الحجاب المشروع، وغَضَّ البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء في أي اختلاط فوضويّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمي والاجتماعي والعسكري -عند الحاجة-؛ كل ذلك يؤتي ثماراً طيبة في بناء المجتمع على الفضائل.
ثم يجيء الزواج الذي يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والإسراف والتكلف، التي برع الناس في ابتداعها فكانت وبالاً عليهم.
إنَّ من غرائب السلوك الإنساني أنَّه هو الذي يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذي يخلق الخرافة ثم يقدِّسها!!
إنَّ الإسلام الحق هو الدواء الناجع، والعناصر التي يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفَّة تبدأ من البيت، فالصلوات ينتظم أفرادها كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة، وتراعى شعائر الإسلام في الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء..
إنَّ جوانب الحياة العامة كثيرة، وهي مسؤولة عن صيانة البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
هناك معالم ثلاثة ينبغي أن تتوفر في البيت المسلم، أو أن تظهر في كيانه المعنوي ليؤدي رسالته ويحقق وظيفته، هذه الثلاثة هي: السكينة والمودة والرحمة..
وأعني بالسكينة الاستقرار النفسي، فتكون الزوجة قرة عين لرجلها، لا يعدوها إلى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته، لا تفكر في غيره..
أما المودَّة فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضا والسعادة.. ويجيء دور الرحمة لنعلم أنَّ هذه الصفة أساس الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء على سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159]، فليست الرحمة لوناً من الشفقة العارضة، وإنَّما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الأخلاق وشرف السيرة..
وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والوِّد المتصل، والتراحم الحاني فإنَّ الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثراً...
وسوف يتغلب على عقبات كثيرة، وما تكون منه إلاَّ الذُّريات الجيدة، إنَّ أغلب ما يكون بين الأولاد من عُقَد وتناحر يرجع إلى اعتلال العلاقة الزوجية، وفساد ذات البين.
إنَّ الدين لا يكبت مطالب الفطرة، ولا يصادر أشواق النفس إلى الرضا والراحة والبشاشة، وللإنسان عندما يقرر الزواج أن يتحرَّى عن وجود الخصال التي ينشدها وذلك حق المرأة أيضاً فيمن تختاره بعلاً.
فإذا صدَّق الخُبْر الخَبر صحَّ الزواج وبقى، وإلاَّ تعرَّض مستقبله للغيوم.
وهناك رجال يحسبون أن لهم حقوق، وليست عليهم واجبات، فهو يعيش في قوقعة من أنانيته ومآربه وحدها، غير شاعر بالطرف الآخر، وما ينبغي له. والبيت المسلم يقوم على قاعدة عادلة.. (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) [البقرة: من الآية228]، وهي درجة القوامة أو رياسة هذه الشركة الحيّة..! وما تصلح شركة بدون رئيس.
وبديهي ألاَّ تكون هذه الرياسة مُلغية لرأي الزوجة، ومصالحها المشروعة أدبية كانت أو مادية..
إنَّ الوظيفة الاجتماعية للبيت المسلم تتطلب مؤهلات معينة، فإذا عَزَّ وجودها فلا معنى لعقد الزواج.
وهذه المؤهلات مفروضة على الرجل وعلى المرأة معاً، فمن شعر بالعجز عنها فلا حقَّ له في الزواج..(54/154)
إذا كانت المرأة ناضبة الحنان, قاسية الفؤاد, قوية الشعور بمآربها, بليدة الإحساس بمطالب غيرها, فخير لها أن تظل وحيدة، فلن تصلح ربة بيت، إن الزوج قد يمرض، وقد تبرح به العلَّة فتضيق به الممرضة المُستأجرة. المفروض أن تكون زوجته أصبر من غيرها وأظهر بشاشة وأملاً ودعاء له..
ولن نفهم أطراف هذه القضية إلاَّ إذا علمنا بأنَّ البيوت تُبنى على الحب المتبادل.. (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) [البقرة: من الآية187] كما قال تعالى.
ــــــــــــــــــ
نحو علاقات أفضل بين المراهقين وذويهم
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كشفت دراسة جديدة أن الآباء الذين يتعاملون مع أولادهم في سن المراهقة بطريقة جيدة ومناسبة يفسحون المجال أمامهم لعلاقات أفضل في المستقبل.
من جانبها كشفت الباحثة مارتا روتر أن الآباء الذين يفصحون عن توقعاتهم بوضوح وبصورة مؤكدة، بالإضافة إلى استعدادهم لمكافأة السلوك الجيد من قبل أولادهم المراهقين، فإنهم بذلك يحسنون العلاقات الاجتماعية والعائلية لأطفالهم.
ووجدت روتر أن استخدام هذه الأساليب تحث المراهقين الذين يعانون من المشاكل على تحسين مواقفهم بينما أن المراهقين وذويهم الذين لديهم بالفعل علاقات جيدة يتقربون أكثر من بعضهم ويحققون مزيدا من المنافع.
ولكن دراسة روتر تشير إلى أن الآباء الذين يشرحون المسائل لأبنائهم ويستعينون بالمنطق فإنهم يساعدون أطفالهم على فهم أهمية الموقف مما يجعلهم متعاونين أكثر. وتظهر الدراسة أيضا أن التأثير ليس أحادي الجانب بل إن الأطفال أيضا يستطيعون التأثير على ذويهم.
ووجدت روتر أن ذلك يتجلى بصورة أكبر حين تكون العلاقة بين الآباء والمراهقين متعثرة أو سلبية. فعلى سبيل المثال فإن معاملة المراهق بطريقة قاسية دون التقيد بالقوانين والمعايير الاجتماعية يعطل من قدرة المراهق على الصمود في وجه المصاعب.
فالمراهقون الذين لديهم مشاكل دائمة مع ذويهم تكون قدرتهم على حل المشاكل ضعيفة ومهاراتهم في المدرسة والحياة أقل من غيرهم.
من جانب آخر يعتبر اتباع النصائح الخاصة بالتعامل مع المراهقين ليس بالأمر السهل، وفقا للباحثين.
ووجدت روتر أيضا أن التأثير المتبادل للمراهقين وذويهم على بعضهم البعض يتراكم مع مرور الزمن حيث أن المعاملة السلبية من قبل الآباء لأولادهم يخلق مقاومة لدى المراهقين ويزيد من التصرفات الإشكالية لديهم. ويمكن نتيجة لذلك أن يتأثر سلوك الآباء وبالتالي يؤثر مجددا على الأطفال.
وبعكس ذلك وجدت روتر أن السلوك الإيجابي للآباء يميل لتعزيز العلاقة مع أطفالهم والتي تقوى مع الزمن. وأظهر البحث أيضا أن الأب ينبغي أن يتخذ الخطوة الأولى وليس الابن. ويعود سبب ذلك إلى أن سلوك الطفل الإيجابي لا يؤثر على سلوك الأب أو الأم السلبي، وهو النوع الوحيد من السلوك الذي وجدت روتر أنه غير ذي فعالية.
ويشير ذلك إلى أن الآباء الذين يشعرون بإمكانية التحسن لديهم إذا تحسن سلوك أبنائهم وأصبحوا أكثر دعما لهم، فإنهم في الحقيقة يضعون عبئاً ومسؤوليات لا حاجة إليها على كاهل أبنائهم . وبدلا من ذلك ينبغي على الآباء التركيز على سلوكهم والحصول على استشارات إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
قالت روتر، "ليس من الصواب أن تحاولوا تعليم الأطفال المهارات لحل المشاكل ما لم تقوموا بتطبيق ذلك على آبائهم. وبخلاف ذلك فإنكم تكونوا كمن أعاد الطفل إلى المنزل حيث إنه في خلال مدة قصيرة سيفعل نفس المشاكل لأن شيئا لم يتغير في سلوكيات الآباء."
والشيء المهم هو أن يعمل الآباء والمراهقين معا كي يكون التفاعل بينهم أفضل. قالت روتر، "يعتقد كثير من الناس أن سن المراهقة فترة تسوء خلالها العلاقات بين المرهقين وذويهم، ولكن الحقيقة أن المسألة ليست كذلك. إن ما يحدث هو أنه حين يصل الأطفال سن المراهقة وهم في وضع سيئ، فإن الأشياء تسوء بصورة أشد لأن الكثير من الأمور السلبية تجري في العائلة."
والسبب الآخر يمكن أن ينجم عن النزعة الاستقلالية للأطفال حين يدخلون هذه السن. قالت روتر، "يتميز سن المراهقة بأن الطفل بدل تلقي الأوامر تصبح لديه طريقته في عمل الأشياء."
ويضاف إلى النزعة الاستقلالية لدى المراهق إضافة المسئولية إليه. فعلى الرغم من اتفاق العلماء والباحثين على أن الآباء ينبغي أن يوفروا البيئة المناسبة لدعم وتربية أطفالهم، إلا أن ذلك لا يعني أن المسئولية يجب أن تقع على الأب بمفرده.
-------------------------------
* البوابة
ــــــــــــــــــ
الأب ودوره العائلي
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
التوازن العائلي الداخلي يتطلب إلى جانب الأم الحكيمة والقادرة، الأب المسؤول والعاقل الذي يتدخل عند الحاجة، فهو بمثابة قائد السفينة التي عليها أن تبحر البحار والمحيطات رغم العواصف العاتية.
الأب يجب أن يهتم بأولاده، ويحسن تربيتهم، ويحاول مصاحبتهم والعطف عليهم، والوقوف إلى جانبهم في الحالات الصعبة، مما يشعرهم بالدفء والحنان والقوة والقدرة على الصمود. الأب يجب عليه ان يخطط لأولاده كل ما يساهم في حمايتهم ويحافظ على مستقبلهم المدرسي والعملي.
كل خلل يحصل من جراء غيابه جسدياً أو فكرياً عن المنزل العائلي ينعكس سلباً على الأولاد على شكل اضطرابات نفسية تظهر على مجمل تصرفاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين، وتُحدث فيهم نوعاً من الخوف الدائم.
أن عملية الإنجاب للأولاد يجب أن لا تقتصر فقط على الغريزة الحيوانية، بل كل التفكير السليم المبني على تفاهم الزوجين وتصميمهم على تحمل المسؤولية معاً مهما كانت الصعاب، فالمشكلة قد تحصل في حال تهرب أحد الشريكين من المسؤولية الملقاة على عاتقه.
إن التوازن العائلي يتطلب وجود الأب إلى جانب الأم، حتى ساعة ولادة الطفل، لأن ذلك يشجعها على الاستمرار في التأمل والتمسك بالمستقبل، ويخلق نوعاً من اللحمة العائلية الصلبة التي لا يعتريها الضعف.
الخطأ الكبير، هو تخلي الأب للأم عن حق تربية الأطفال، مدعياً بأنه سوف يهتم بهم فيما بعد، مع العلم بأن أكثر الصور التي تنطبع في أذهان أطفالنا يصعب تغييرها لاحقاً، لذا فإننا نعود لنشدد على ضرورة اهتمام الأب بولده منذ الصغر وإشعاره بوجوده الدائم قربه مهما كثرت مشاغله الخارجية، وإيجاد الأوقات اللازمة للعودة إلى البيت العائلي مما يُشعر الطفل بأهميته وبأنه مرغوب فيه، فيستقر من الناحية النفسية وينمو من الناحية الجسدية نمواً طبيعياً وسليماً.
كل إهمال من قبل الأب وكل تهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه، قد يخلق معضلات عائلية تكون انعكاساتها السلبية خطيرة جداً على نفسية كل فرد من أفراد العائلة. لا يمكن أن يكون الأب الحلقة الأخيرة من حلقات التربية العائلية للأولاد، مهما كان عمله شاقاً أم طويلاً، فبإمكانه إيجاد الوقت المناسب مهما كان قصيراً للتقرب منهم حتى يشعروا بوجوده وبحبه لهم، وهذا يؤثر إيجاباً على الجو العائلي وعلى توازنه الداخلي.
كم من العلاقات الزوجية المختلة، ومن الأطفال والأولاد المشردين، لا أم تحضنهم ولا أب يرعاهم، فهي غارقة في مشاكلها الزوجية، وهو لا يعرج نحو المنزل نتيجة عربدته، يقضي أكثر أوقاته في المقاهي والبارات؟ وما فشل الوضع العائلي العام، سوى نتيجة حتمية للواقع المرير الذي يعيشه الأهل، وقد يذهب بعض الأولاد إلى حد الانتقام عن طريق القتل والسرقة وتعاطي المخدرات وتناول الكحول.
إذاً، للأطفال حق العناية بهم من قبل الأب والأم على السواء: ودور الأب يبقى مهماً لأنه يساعدهم على اكتساب أكثر مظاهر القوة والشجاعة والإقدام والثقة بالنفس في حال أن تربيته لهم جاءت صادقة ومخلصة.
كل تراجع من جهة الأب في عملية التربية المنزلية، كل تخاذل أو تهرب، تظهر ملامحه السلبية على مجمل تصرفات الأولاد وعلى طريقة تعاطيهم مع غيرهم من الرفاق والأصدقاء، كما تظهر على مجمل نشاطهم المدرسي والرياضي وعلى علاقاتهم الاجتماعية والعملية عند الكبر، ذلك لأن الأب كان وما زال يُعتبر الركيزة الأساسية لكل بناء عائلي سليم.
إذاًَ، كدور الأم في عملية تربية الأولاد، يبقى دور الأب رئيسياً ومهماً، ومن هذا المنطلق العلمي فإنه يتوجب عليهما التعاون والتكاتف في السراء والضراء، حتى تأتي تربيتهم لأولادهم على أنجح ما يرام، وحتى يشعر الأولاد بأنه مرغوب فيهم، وبأنهم محبوبون من الجميع، مما يزيدهم ثقة بأنفسهم، وحباً للحياة ورغبة بالمستقبل.
إن التقارب الملوس بين الأب والأم يؤمن للجميع العيش بأمان واطمئنان ضمن جو هادئ يسوده الوئام والسلام.
ــــــــــــــــــ
عندما تفكرين بزواج جديد .. كيف تعاملين أبنائك؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* نجلاء محفوظ
إذا كنت تفكرين في الزواج، فلابد أن يعرف الأبناء ذلك عن طريق طرح الفكرة سواء اقترنت بشخص محدد أم لا .. مع توضيح حقك الشرعي والإنساني في ذلك بطريقة ذكية فلا تكون حادة، ولا تتسولي موافقتهم بالطبع، وأكدي لهم أنك ستختارين الزوج الذي يصلح صديقاً لهم .. وأن لديهم الأب فعلاً .. ولن يزاحمه أحد في ذلك .. وأنك ستحرصين على حسن معاملته لهم، وأنك تحتاجين إلى رفيق يقارب عمرك وأن هذا لن يؤثر على اهتمامك بهم .. بل على العكس سيزيد من رعايتك لهم بعد عثورك على راحتك النفسية .. ولا تتوقعي منهم تأييداً جازماً .. فمن الطبيعي أن يرفضوا بشدة، في بادئ الأمر، وقد يلجأوا للبكاء أو للتهديد بتركك في حالة الزواج والذهاب للعيش مع الأب .. فلا تتألمي كثيراً أو تتهمينهم بالأنانية، فلهم بعض العذر من الخوف والقلق على مكانتهم لديك، أو أن تأتي لهم بزوج أُم يفرض عليهم قيوداً تضايقهم .. وتعاملي مع الأمر بحكمة وهدوء ونفس طويل .. ولا تفاجئيهم بقرار الزواج ولابد من التمهيد المتدرج لذلك .. وأن تعقدي لهم بعض الجلسات الودية مع الزوج ولا داعي للإسراف في تقديم الهدايا لهم أو التغاضي عن أخطائهم عند الإقدام على الزواج الثاني، فإن الرسالة التي تصلهم ـ عندئذ ـ أنك ترتكبين جرماً في حقهم وتحاولين تعويضهم مما سيدفعهم بكل أسف إلى ابتزازك بكل الطرق الممكنة ويدمر علاقتك الإنسانية بهم ويهز صورتك كأم .. وتذكري أن الزواج الجديد حق من حقوقك الشرعية طالما تحرصين على أبنائك ولا تسمحي لزوجك بإيذائهم بأي صورة من الصور، ولا تدفعيه للإسراف في التودد إليهم، واعرفي أن الأمر سيحتاج إلى فترة قد تطول أو تقصر، حتى يحدث التآلف بصورة طبيعية وأن محاولة الإسراع به ستضر ولن تفيد .. واحرصي على أن يلتزم أبناؤك بالآداب تجاهه، وأن يلتزم زوجك باللطف تجاههم .. وتحملي هذه الفترة الانتقالية بذكاء وتذكري أن أولادك سيحاولون إفشال زواجك لتعودي كاملة لهم .. فلا تسمحي بذلك ولا تخسرينهم ـ أيضاً ـ ولا شك أنها مهمة صعبة، ولكنه (ثمن) لابد من دفعه لتستقري في خطوات عملية لحياة زوجية جديدة سعيدة مع وجود أبنائك معك .. ولابد من أن يعرف طليقك زواجك منك أو من الأقارب وألا يفاجأ به حتى لا يأخذ موقفاً سلبياً ضدك .. ومن الحكمة أن تخبري طليقك دائماً بمشاكل الأبناء حتى لا يفكر ـ جدياً ـ في أخذهم بعد زواجك فيما بعد، ويمكنك إذا ضايقك بأخذهم أن تخبري أبنائك أنهم يستطيعون العودة إليك إذا ما أرادوا واستطاعوا إقناع والدهم أو مضايقة زوجة أبيهم .. وأخيراً .. إذا كنت لا تقوين ـ فعلاً ـ على العيش بدون أولادك، فتأكدي من رد فعل طليقك الحقيقي نحو زواجك قبل الإقدام على الزواج حتى لا تفاجئين بانتزاع أبنائك من أحضانك وعدم قدرتك على العيش بعيداً عنهم، مما يؤدي إلى الطلاق مرة أخرى لاستعادة أبنائك .. أو العيش بدونهم .. واحرصي على التفكير جيداً وبأمانة قصوى مع النفس قبل الإقدام على الزواج الثاني ..
ــــــــــــــــــ
تمرد وعصيان البنت إتجاه امها..لماذا؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كتب "من الملاحظات الشائعة أن كثيرًا من الأمهات يتعاملن مع بناتهن بأسلوب محدد يتكرر فيه النقد واللوم وتطالب فيه الابنة
باتباع طرق محددة في السلوك والتفكير ..دون مراعاة لشخصية الابنة وميولها وطموحاتها ورغباتها الخاصة بها .. وتكثر
إحباطات الابنة وغضبها وقلقها .. وفي كثير من الأحيان تستسلم وتتكرر في أساليبها وتصرفاتها ملامح من أمها .. ولو أنها
غير راضية عن ذلك .
وفي حالات أخرى يحدث التمرد والعصيان والصراع مع سلطة الأم مما يؤدي إلى مشكلات متنوعة . ومما لا شك فيه أن العلاقة بين الأم وابنتها علاقة معقدة وتتضمن عدة مستويات .. ومنها الدور التربوي المرسوم من خلال القيم الاجتماعية وهو ما تؤكد عليه معظم الأمهات.
إلا أن هناك دوراً هاماً يتمثل في أحد جوانبه الأساليب القهرية الذي تعرضت لها الأم نفسها عندما كانت صغيرة، والذي يشبه
مسلسل "الحماة - الكنة " من حيث العلاقة السلبية والمشاعر المتناقضة والذي يؤدي إلى مشكلات اجتماعية ونفسية
متعددة. وينتج عن مسلسل"الأم - الابنة "في جانبه السلبي أن تلعب الأم دور السلطة القاهرة التي تنتقد باستمرار ولا
ترضى عن ابنتها .. وهي في سلوكياتها لا تشجع استقلالية البنت ولا تدعم هواياتها ومحاولاتها لتحقيق شخصيتها
المستقلة.
ومن المهم الانتباه إلى أن العوامل النفسية هذه تعمل دون وعي أو إرادة واضحة في كثير من الحالات .ومن المهم أيضاً
التأكيد على استقلالية الابنة ونموها وتطور إمكانياتها وقدراتها وهواياتها في مختلف المجالات الإيجابية، فالحياة متغيرة
باستمرار وتحتاج الابنة إلى قدرات متنوعة كي تستطيع مواجهة حياتها ومسؤولياتها بشكل ناجح...
والأم المتوازنة الحكيمة تستطيع أن تشجع ابنتها باستمرار وتحاول أن تأخذ بيدها إلى ما فيه صالحها .. ويمكنها أن تفرح
وتسعد لتفوق ابنتها .. وتميزها في قدراتها المختلفة دون أن يكون ذلك تحدياً لكيانها وقيمتها .. فالأم العظيمة يمكنها أن
تنجب رجالاً عظاماً .. ونساءً عظيمات.. والأم الضعيفة تنجب الضعفاء والضعيفات.. التشجيع يصنع المعجزات .. ويجعل
الإنسان يعطي أحسن ما عنده ... بينما التبخيس والتصغير والإهمال يؤدي إلى جمود الإنسان وجفافه وعقده .
ــــــــــــــــــ
عندما ينتزع الأبناء من الأم المطلقة ... مشاكل وحلول
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* نجلاء محفوظ
هناك موقف بالغ الصعوبة قد تتعرض له الأم المطلقة وهو أن (ينتزع) منها الأب الأبناء بعد بلوغهم سن الحضانة، وهناك من الأمهات ممن يسعدن لذلك نفسياً، فيسهل ـ إلى حد ما ـ عليهن تقبل الوضع الجديد .. ولكن الكثيرات يتعرضن لأزمة حقيقية .. وفي هذه الحالة فإن التسليم بالأمر الواقع هو أولى الخطوات لاجتياز هذه المحنة، والثقة بأن الحب الذي زرعته داخل أبنائها وحنانها لهم لن يضيعا هباء أبداً، وتذكير النفس بأن الأبناء رسالة وليسوا متاعاً شخصياً للإنسان، وأنهم كانوا سيرحلون في وقت آخر عندما يستقلون بحياتهم بالزواج .. وأن كل ما حدث هو اختلاف في التوقيت، كما أنها تستطيع الاستمرار في دورها كأم من حيث الحرص على السؤال عليهم والالتقاء بهم .. وإرشادهم ونصحهم باستمرار فوجودهم في بيت والدهم، لا يلغى دورها كأم ولكن يقلل ساعات قيامها به إلى الوقت المحدد الذي تراهم فيه، حيث لابد أن تحرص على أن تعطيهم وجبة متكاملة من الحب والحنان والاهتمام والاستماع إلى أخبارهم بوعي ويقظة شديدين مع إضافة جو من المرح على الجلسة، واصطحابهم من آن لآخر إلى أحد أماكن الترفيه ليستعيد الأبناء توازنهم النفسي، ولتحذر تحريضهم على والدهم حتى لا يتمزقوا من الصراع بينهم، ولتترفع عن ذلك بل وتقوم بتشجيعهم على حسن التعامل مع أبيهم وزوجته ـ إن وجدت ـ ثم تفوض أمرها لله ـ عزوجل ـ وفي الوقت نفسه فعليها أن تجاهد ـ بجدية ـ لملء الفراغ الهائل في حياتها بأمور إيجابية، مثل: تعلم لغة أجنبية أو إتقان مهارة يدوية كأشغال الأبرة أو الحياكة وما إلى لك من أمور تلتهم الوقت فتقلل إحساسها بالفراغ (اللعين) الذي يزيد من إحساسها بغياب الأبناء، ثم علياه أن تهتم بصحتها وبمظهرها، ليس لتسعى للزواج الجديد، كما قد يتبادر إلى الذهن ولسنا نعترض على ذلك بالطبع، ولكننا لا نجعله الهدف الوحيد من الاعتناء بالمظهر، فقد لا يأتي الزواج فتصاب المرأة بالإحباط ويحصل لها نكوص عن الأناقة بشكل سيئ .. وفلابد أن تتماسك من أجل نفسها أولاً، ثم من أجل أبنائها وأن تزيد من مساحة الأمور، المفرحة في حياتها وأن ترضي بواضعها وأن تردد لنفسها أنا أسعد من أم أخرى توفي أبناؤها وهي ما زالت على قيد الحياة .. وألا تكثر في الحديث عن هذا الأمر مع صديقاتها لأن الغالبية منها سيقمن ـ بدون وعي ـ في زيادة شعورها بالحزن عن طريق المبالغة في الرثاء الظاهري لها كنوع من إظهار مشاعر الحب والود لها ..
واخيرا لا تصدقي بان الابناء يصبحون ضحايا للطلاق فهذا غير صحيح ,فحياتهم افضل في بيت بلا مشاكل .
ــــــــــــــــــ
كيف تتصرفين لحظة غضب زوجك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لحظة غضب زوجها لتمتص غضبه بهدوء ومحبة...لايوجد بيت يخلو من المشاكل، وليس هناك زوج لايغضب ولا يثور، لكن المرأة الذكية هي التي تعرف كيف تتصرف لتمتص غضب زوجها بهدوء ومحبة، ولا تلح عليه بالسؤال عما به من ضيق إلا إذا صرح هو بذلك. ولا تفكر بأن الحب بينهما قد فتر، فغضب الزوج ليس دليلا على نهاية الحب، والمحافظة على استمرارية هذا الحب يتوقف على مقدار التفاهم بين الزوجين والاحترام المتبادل، وعلى مقدار حسن تصرف الزوجة وفطنتها وذكائها ..
1) عندما ترين زوجك غاضبا ومتضايقا حاولي أن تمتصي غضبه، ولا تستقبليه بالشكوى من الأطفال وهموم البيت، وتذكري دائما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ". (رواه ابن ماجة )
كلما تذكرت هذا الحديث، واستشعرت به بعمق، وطبقته بسعادة واقتناع، أدركت الفائدة التي ستعود عليك، وستنعمين حينئذ ببيت سعيد بعيد عن المشاكل والمشاحنات.
2) عندما تكونين مخطئة بعمل ما، كتأخيرك لتنفيذ بعض الأمور بسبب انشغالك بالحديث على الهاتف مع إحدى الصديقات، قومي بمناداة زوجك بأحب الأسماء إليه، وقدمي له اعتذارك وسبب التأخير مع التأثر الشديد، وليس بعدم الاهتمام واللامبالاة، لكي يشعر بأنك فعلا قد أدركت أن هذا العمل خطأ، واحتملي ما قد يقوله لك من عبارات لأنه بهذه الحالة سيفرغ جزءا من غضبه.
3) إذا تحدث وهو غاضب فإياك أن تقاطعيه، وأيديه ببعض الكلمات الرقيقة مثل: أعرف أنك مرهق .. لاتتعب نفسك. فمثل هذه الكلمات ستلين قلبه وستشعره بأنك تهتمين به وبهمومه.
4) حاولي تهدئته، واضبطي انفعالك إذا كان الحق معك، وتحدثي معه بأسلوب لبق.
5) لاتستفزيه عندما يغضب، ولا تثيريه بكلمات وعبارات تبين له مدى استهانتك بشخصيته.
6) لاتنامي وهو غضبان منك، فبعد أن تهدأ الأمور، وتتأكدي من هدوء زوجك، حاولي المبادرة للرضا، فالواجب الشرعي يقول: إن المبادرة تكون من خيرهما ديناً وعقلاً، أو من أقدرهما في الغضب والرضا، كما قال أبو الدرداء لأم الدرداء رضي الله عنهما "إذا غضبتُ فاسترضيني وإذا غضبتِ أسترضيك وإلا لم نجتمع".
7) تذكري أن البيت المملوء بالحب والهدوء والتقدير المتبادل والاحترام والبساطة في كل شيء خير من بيت مليء بما لذ وطاب ومليء بالنكد والخصام.
8) لاتجعلي العبوس رفيقك، وحاولي ألا تفارق وجهك الابتسامة المشرقة المضيئة والفكاهة والبشاشة لكي تمنحي زوجك السعادة وتنعمي بحياة زوجية سعيدة.
ــــــــــــــــــ
أبناء يخجلون من مهن آبائهم المتواضعة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد زاهر
أياً كانت مهنة أبيك مادامت شريفة فهي وسام على صدره وعلى صدرك وعليك ان تفكر ألف مرة قبل ان تخجل من تواضعها لأنها ليست أبدا كذلك.. فكر فقط في شيء واحد.. أنها كانت السبب في وضعك الحالي الذي جعلك تفكر في أنها متواضعة. قد يرى البعض ان المهنة نوعان: متواضع نخجل منه وآخر رفيع المستوى نفتخر به..
ولكن المنطق والعقل والضمير لا ترى ذلك أبدا فأي مهنة شرط ان تكون شريفة انما هي طريق اتخذه صاحبه وسيلة لمعيشته وكسب عيش أولاده وهذا في حد ذاته شرف لا يعادله شرف لأن اختيار الطريق الحلال أصعب بكثير من العكس..
لذلك حاولنا ان نخرج من هذا التحقيق بما يساعد أصحاب هذه الظروف عسى ان يجدوا فيه ما يوقظهم من غفلتهم وحتى يدركوا ما هم فيه من نعمة قد يحسدهم عليها آخرون. وليس المقصود هنا الاشارة الى المسلسل المصري الشهير الذي حمل الاسم نفسه ولعب بطولته الفنان عبد المنعم مدبولي في دور من أروع ما قدم خلال تاريخه الفني الكبير.
ولكن كانت تلك الكلمات هي أول ما يدور بخلدي حينما كنت أتحدث مع بعض أصحاب المهن التي يرى آخرون أنها متواضعة رغم أهميتها وعدم القدرة على الاستغناء عنها، واليكم بعض ما جاء على لسانهم.
محمد حورية (عامل تمديدات صحية «سمكري») يقول: أعمل في هذه المهنة منذ خمسة عشر عاماً وأنا فخور بها لأنها مصدر رزقي ورزق عيالي وأسرتي، وهي كفتني مد اليد للناس طيلة حياتي والحمد لله على ذلك، ولا أرى ان هناك أمة أو حضارة لا تبجل العمل بجميع أنواعه، وقد جاء التفريق أو النظرة الدونية لأصحاب المهن اليدوية أو الخدمية بسبب عصر الانحطاط الذي نعيشه.
حيث أصبح المرء يقاس بشكله وماله بعيداً عن معدنه وأصله، وبعد ان طغت المظاهر البراقة والاسماء اللامعة على معظم أفراد مجتمعنا أصبح القيام بأعمال خدمية كالتنظيف والبيع في الطرقات وغيرها أمراً مخزياً عند أولئك الاشخاص الفارغين الذين لا يقدرون الحياة ولا يعرفون قيمتها ولا يشعرون بقيمة المال أو حتى يقدرون معنى وجوده بأيديهم لأنه جاء بالطرق السهلة التي قد تكون غير مشروعة، هذا كله كرس هذه النظرة عند أفراد المجتمع، وهناك سبب رئيسي ايضاً وهو عدم فهم قدسية العمل.(54/155)
ويضيف: أما بخصوص تأثير ذلك على أبنائي فهم أكبر من ان يتأثروا بذلك، ولقد تجاوزوا فترة التأثر بالناس وأصبحوا هم يؤثرون بالناس، فابني يدرس الصيدلة وهو من المتفوقين، وهو يأتي احياناً للعمل معي ويفتخر بذلك حتى أمام أصدقائه ويحب هذه المهنة لأنها ستجعل منه رجلاً يخدم أفراد المجتمع وستجعل منه صيدلانياً، والابن الاصغر منه يدرس الطب في روسيا، وهذا كله بسبب عملي الذي يدر عليّ الربح والحمد لله، ولولا هذا العمل لما استطعت ان أقف الى جانب أبنائي لاتمام دراستهم.
أما الأمر المزعج في الموضوع هو تأثر الأولاد الصغار وهم في المرحلة الدراسية الابتدائية بحديث أصدقائهم، فهؤلاء الصغار قد يسمعون كلام استهزاء من أصدقائهم الصغار، فهم لا يعلمون ان هذا الاستهزاء يسيء لزملائهم وقد يؤذيهم نفسياً، وأعتقد ان هذه مسئولية المدرسة والمدرسين عندما يرون مثل هذه الظاهرة بين الطلبة عليهم ان يحاربوها ويبينوا ان هذا مرفوض شرعاً ويحرمه الله ويخالف الأدب والاخلاق.
أما أسامة سعيد (سائق شاحنة) يقول: لا يهمني ما يقوله الناس عن مهنتي لأنني منشغل بها ولا يوجد عندي وقت أضيعه مع أولئك الناس، ولا أعتقد ان أولادي يخجلون من قول ان والدهم يعمل سائقاً، فهذه المهنة أنقذتني عندما أنهيت المرحلة الثانوية وجلست أبحث عن عمل وبقيت سنتين عاطلاً حتى التقيت بشخص يبحث عن سائق.
والحمد لله التزمت معه في ذلك الوقت والى الآن أعمال سائقاً للسيارات الثقيلة وأنا مرتاح رغم ان ظروف هذه المهنة صعبة وتحتاج الى صبر، وأنا أستغرب حقيقة من الشباب الذين يتنكرون لمهنة آبائهم مع ان هذه المهنة هي التي أخرجتهم من الفقر وأبقت على حياتهم وأكملوا بفضلها تعليمهم.
ويضيف: أما ما يقوله أولاد الاغنياء أو الأغنياء أنفسهم عن المهن التي نعمل بها أو لا تروق لهم، انما يدل على سوء تربية وسوء فهم، وأقول لهم ان الله قسم الرزق بين الناس، وقد تأتي الظروف الصعبة على ابناء الاغنياء وتدفعهم للقيام بأي عمل يشمئزون منه الآن، وعندها لن يستطيعوا القيام به لأنهم لم يعتادوا على ذلك.
غير ان ابناءنا قد عرفوا حقيقة الحياة وهم معتادون على مواجهة أصعب الظروف، وهذه من فوائد العمل اليدوي المتعب، وأقول للأبناء الذين يشعرون بحرج أمام أصدقائهم في المدرسة والجامعة والمجتمع بسبب مهن آبائهم ان كسب الرزق الحلال يدل على الرجولة والقوة وهو مدعاة للفخر والاعتزاز لا للخجل والكذب على الناس، ويجب عليكم احترام آبائكم واحترام مهنهم والفخر أمامهم بها كي تكافئوهم بشيء قليل مقابل ما قدموه لكم.
نعمان ابراهيم (عامل رخام) يقول: أعتقد ان وجود هذه المهن هو أمر ضروري ووجود العاملين بها كذلك، والا كيف نستطيع تنظيف الشارع وتعمير المنازل وغسلها؟ وكيف نتمكن من حراسة الأبنية؟ هذا أمر موجود في جميع المجتمعات، ولو نظرنا الى الأمر بشكل واسع وشامل لوجدنا ان الناس كلهم خدم لبعضهم البعض، فالخباز يخدم الناس ليأكلوا خبزهم والطبيب يخدم المرضى والمهندس يخدم الناس والمزارع يخدم الناس ويطعمهم الفواكه والخضار والبائع كذلك.
وفي النهاية الكل يخدم ولا مكان للكسول الذي لا يقدم شيئاً لأمته ومدينته، أما الأمر الذي جعل هذا الانسان طبيباً وهذا خبازاً أو كناساً فهي الظروف، لذا لا يحق لمن كانت ظروفهم المادية أو ظروف العمل جيدة ان يهزأوا من أولئك الذين لم تساعدهم الظروف أو الحياة على أن يكونوا مثلهم أو أفضل منهم، والمهم عندي ان أكسب المال بالطريق الشرعي الحلال دون ايذاء الناس، وأنا والحمد لله أكسب ما يكفيني وزيادة.
ويضيف: هناك مسألة لا يعرفها الناس أحب ان أنوه اليها، وهي انهم يعتقدون ان كل صاحب مهنة محترمة تدر عليه المال الوفير، وان كل صاحب مهنة متواضعة فقير، وهذا خطأ قد يكون الطبيب فقيراً والمهندس فقيراً، ويكون الناطور غنياً لأن مسألة الرزق لا دخل لها مباشرة بنوعية العمل، وأتمنى أن تنتزع من أفكار الناس هذه النظرة الدونية تجاه أصحاب المهن المتواضعة.
الشيخ راشد عبدالحميد (امام وخطيب) يقول: بداية أوضح ان الله عز وجل كرّم الذين يعملون بمثل هذه الأعمال، وأقصد الأعمال اليدوية، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رفع يد الصحابي التي أتعبتها المسحاة من العمل قائلاً: «هذه يد يحبها الله ورسوله»، بل وجعل العمل اليدوي الأفضل، فعندما سئل أي الكسب أطيب قال:
«عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور». وقال: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من ان يأكل من عمل يديه، وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يديه». وقال رسول الله «ان الله يحب العبد المحترف». « ومن أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له» وكان في بيته يخصف نعله ويرقع ثوبه ويجلب شاته ويعقل بعيره ويعلف ناقته ويكنس بيته.
ويضيف: أما اليوم فنرى ان هناك أشخاصاً يجدون حرجاً من القيام بمثل هذه الأعمال ويرون ذلك عاراً، مع ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يستنكف عن هذا ولم يستنكف ان يقول للعباس وبنيه وهم يسقون ويعملون في زمزم «اعملوا فانكم على عمل صالح» وكان رسول الله يرعى الغنم في شبابه.
وهذا مثال أضربه للشباب على أخلاقيات العمل، ويوضح لنا ان المساواة التي جاء بها الاسلام أعطت العمل اليدوي الذي يخجل منه الكثيرون أخلاقية وتكريماً في حين قد يتعير منه الابناء خوفاً من سماع كلمة أو لمزة استهزاء وأقول لهذا الشاب لا تعطي بالاً لمن يحاول التأثير عليك من هذه الناحية، وحاول ان تتقبله وتفهمه انه على خطأ وان المهم ان يحصل المرء على المال الحلال ليسد حاجته وهذا بالتأكيد أفضل من مد اليد للناس.
بلا قلب
تحدث الينا (س. ك) جامع قمامة وقال : «لا أنكر ان مهنتي متواضعة جدا اذا ما وضعت موضع المقارنة مع غيرها ولكن مع ذلك لا يستطيع أحد ان يستغنى عني وعن زملائي والا تحولت حياتهم الى جحيم وسكن الذباب بيوتهم ولازمتهم معظم الامراض لهذا فأنا لا أخجل منها ولم أخجل منها في يوم من الأيام ولكن مع كل الاسف جاءت الاساءة من أقرب الناس إلي من أخي الأصغر والذي كنت أنفق عليه بعد وفاة والدنا ومعه أختين فعندما وصل أخي للمرحلة الثانوية فوجئت به يكذب على زملاء دراسته ويقول أنني أعمل موظفا باحدى الشركات الخاصة.
وأنه كان يبحث عن الوسيلة التي يثبت بها ذلك وهو يملأ استمارة الامتحان والتي تتطلب ان يكتب اسم ولي الأمر وصلة قرابته وعمله وقتها أحسست ان أخي انتزع من بين ضلوعه القلب ووضع بدلا منه حجرا لا يعرف كيف يحب ويعترف بالجميل ورغم اعتذار أخي وندمه الشديد بعد مواجهته الا أنني حتى هذه اللحظة لم أنس هذا الموقف الذي مرت عليه سنوات طويلة.
الحلال أولا
عم عثمان صاحب كشك لبيع السجائر والحلوى يروي حكايته لنا قائلا : «منذ ان بدأت العمل في هذا الكشك وأنا خائف من لحظة واحدة.. لحظة زواج أبني والسبب أنني والحمد لله اخترت له طريق التعليم والثقافة ولم أكن أبخل عليه بأي شيء حتى يتخرج من الجامعة حاملا شهادة تنفعه في مواجهة الزمن وكنت على يقين ان هذا الطريق سيجعل اختياره لشريكة حياته مختلف عن طريقتي أنا وأبي وهو ما حدث بالفعل فقد اختار ابني زميلة له في دراسته وعلمنا ان والدها يعمل صحفيا مرموقا في احدى الصحف الكبرى .
وشهرته كبيرة بين زملاء مهنته ولم أكن أدري ماذا سيقول لهم أبني الذي كنت أشفق عليه بشدة وماذا سأقول أنا عن نفسي ولكن والحمد لله لم يخذلني ربي في نفسي أو في ابني لأنني اخترت طريق الحلال دون اعتبار لأي شيء آخر حتى لو كان هذا الحلال مهنة متواضعة فقد تحدث ابني وعلامات الثقة والفخر تظهر عليه وهو يحكي لهم بكل اعتزاز عن الكشك الذي خرج منه ولداي وهما يحملان أعلى الشهادات وكان لكلامه تأثير ايجابي على أهل العروسة الذين رحبوا بنا ترحيبا كبيرا وأحسست وقتها ان طريق الحلال نهايته الحتمية هي الخير حتى لو كان هذا الحلال كشك سجائر.
لا يستحق
أحمد دسوقي (محاسب) تحدث الينا قائلا : رغم أنني لست من اصحاب المهن التي يطلق عليها مهن الخجل الا أنني أرى ان من يخجل من مهنة أبيه الحلال لا يستحق أبويته ولا يستحق مجرد وجوده على هذه الارض ذلك لأن مجرد النظر باحتقار لأي مهنة مهما كانت هو سلوك غير سوى ولا يخرج الا من انسان ذي عقلية متخلفة اجتماعيا وسياسيا ودينيا فما بالك لو كانت هذه النظرة لمهنة الأب الذي كان سببا لخروج هذا الانسان الى الدنيا أعتقد ان مجرد وجوده على ظهر الأرض شيء لا يستحق أبدا.
دموع في عيون وقحة
تحدث الينا علاء عبد المطلب (موظف) وقال : أحيانا تأخذ هذه المسألة عند بعض الابناء أكثر من حجمها الطبيعي بل وقد تصل الى مرحلة الاكتئاب والبكاء العنيف ولكنني لا أرى تشبيها يحضرني سوى انها دموع في عيون وقحة كان على صاحبها ان يفتخر بمهنة أبيه أيا كانت على أقل تقدير لأنها كانت سببا فيما وصل اليه من تقدم وعليه ان يحمد ربه ويشكر أباه أنه اتخذ حجطريقا آخر كان من الممكن بل ومن الطبيعي ان يكون هو نفس الطريق الذي يخجل منه الآن.
التاريخ يتحدث اليكم
أما هيثم محمد سلطان (موظف) فكانت له وجهة نظر تستحق العرض حيث قال : «أغلب الزعماء والمفكرين المشاهير والعلماء الافذاذ الذي يقف التاريخ أمام انجازاتهم طويلا كانت مهن آبائهم متواضعة بل وأحيانا كانت متواضعة جدا ومع هذا فلا تجد أحدهم يحكي عن تاريخه الا ويؤكد ان مهنة والده كانت كذا وأن مستواهم المادي والاجتماعي كان أقل بكثير من غيرهم بل ويزيد أحدهم في وصف النشأة على أنها كانت تحت مستوى الفقر .
ولكن تحمل كلماتهم دوما طعم الفخر والاعتزاز فخراً بآبائهم الذين تحدوا الطبيعة ليصلوا بهم لبر الأمان وفخراً أكبر بما حققوه هم ليفخر به الآباء وكأنهم يقولون لهم لقد زرعتم خيرا وها هو حصادكم.. أقول هذا لكل من يخجل من مهنة أبيه..عليك ان تجعل من هذا الخجل فخرا وعليك ان تعتز بهذا الاب أو بولي الأمر الذي كان سببا في وضعك في مقام ترى منه آخرين أقل منك ولم يجعلك في مقام يراك الجميع فيه اقل منهم.
من أنت ؟!
أما أحمد محمد بليطي (مهندس) فيقول : «علينا ألا نتحامل على الابناء في خجلهم من مهنة آبائهم لأن النظرة الاجتماعية لبعض الفئات مازالت قاصرة وغير موضوعية فنحن نحكم على المهنة ـ على سبيل المثال ـ بشكلها وشكل من يعمل بها لذا نرى ان جامع القمامة أو النجار أو الحلاق أو.. أو.. هي مهن متواضعة رغم ان الحقيقة مختلفة تماما عن ذلك فكلها مهن لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن تخيل الحياة بدونها وهو الأمر الذي يجب ان تحكم به الامور لذلك فأنا أوجه رسالة لمن تضعه الظروف في مثل هذا الموقف..
الحياة الآن ليست من أبيك أو ماذا يعمل؟ الحياة الآن تبحث فقط عمن أنت ؟! وما دورك؟ وماذا تقدم لنفسك ولمجتمعك؟ أما مهنة أبيك أو لقبه أو شجرة العائلة كلها مفردات اختفت من حياتنا وعليك ان تحفر في الصخر لتجد الاجابة عن هذه الاسئلة وأهمها من أنت ؟ لأنك لو وجدت اجابة هذا السؤال ستعرف وقتها ان مهنة أبيك ليست أبدا مدعاة للخجل ولكنها كانت سببا في ان تجد الاجابة عن أهم سؤال في حياتك ؟
والأبناء.. يتحدثون
قابلنا بعض الابناء الذين وضعتهم ظروفهم في هذا الاختيار واليكم بعض ما قالوا:
محمود شاب خرج الى الدنيا ووجد نفسه أبنا لبائع خضروات «سريح» وهو ما يطلق على من يتحرك بعربة تجرها دابة ليسير بين الاحياء باحثا عن مشتر لما يحمله من بضاعته..تحدث الينا قائلا :
«أنا لا أنكر أنني فخور بما وصلت اليه وأن عربة الخضار هي السبب الرئيسي في كوني محاسبا في احدى الشركات الكبرى ولكن هذا هو شعوري الذي أحمله أنا أما المجتمع فينتظر للأمور بشكل مختلف لأنني سأبقى دوماً أمام بعض الناس ـ رغم قلتهم ـ ابن بائع الخضار لذلك فأنا أحاول دوما ان أجتهد أكثر وأكثر لأصل الى ما يجعلني أبهرهم به حتى ينسى الجميع أي شيء ويتذكروا فقط من هو محمود.
أما سيد (الذي يعمل مهندسا باحدى شركات الاتصالات) فيقول : كان والدي رحمة الله عليه يعمل «سائساً» بجراج عمومي بالمنطقة وهي مهنة بسيطة يراها البعض من المهن المتواضعة وهكذا حكمت الظروف على مهنة أبي ومع هذا كان أبي يضع كل أحلامه فينا أنا وأخوتي.
وكنت أنا أكبرهم ومرت الأيام وأكرمني الله تعالي ودخلت كلية الهندسة وحققت حلم والدي لأنه دوما كان يحلم بلقب ابو المهندس خاصة وأن صاحب الجراج كان ابنه مهندساً وهذا هو السبب الذي لم يجعلني أخجل من مهنته فقد حكمت الظروف وقال القدر كلمته وخلق أبي عاملاً بجراج وخلق صاحب العمارة ميسور الحال ومع هذا أصبحت وابنه مهندسين.
أما كارم عز العرب (محام) فيقول: « لدي سؤالان ورغم يقيني بأن النفي هي الاجابة القاطعة لهما الا أنني اتوجه بهما لمن يعيش مثل هذه الظروف.. أولا هل يمكن للمجتمع ان يستغني عن مهنة واحدة يمكن ان يعيش المجتمع حياة طبيعية متكاملة بدونها والا لم تكن في الأصل مهنة..
ثانيا اذا لم يعمل أبوك في هذه المهنة وفضل طريق الحرام عليها هل كنت ستفخر لو وجدته سجيناً مهملاً من كل مجتمعه؟ الى كل من وضعه القدر في مثل هذه الظروف الاجابة بالطبع هي النفي، فلماذا اذن تخجل من مهنة أبيك أيا كانت؟.. أليست هي السبب الوحيد الذي أوصلك لما أنت فيه؟.. عليك ان تحمد الله أنها كانت سببا في ذلك ثم أشكر والدك وقبل يديه كل صباح لأنه تحمل سخافات البشر الذين ينظرون اليه كصاحب مهنة متواضعة، كل هذا من أجل ان تقف على قدميك وبدلا من ان تفخر به تخجل منه، انه أمر مشين!
---------------------------
* تحقيق: مكتب «البيان»
ــــــــــــــــــ
أثر صلاح الزوجة على سعادة الاسرة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. موسى الخطيب
إليك الخصال المطيبة للعيش، التي تتوفر في الزوجة الصالحة، والتي يجب أن تكون نبراساً لك عند اختيارك لشريكة الحياة، لكي تدوم العشرة بينكما أو تنعم بحياة زوجية هادئة وموفقة، ترفرف عليها أعلام السعادة والحب في كل أوقاتها.
الأولى: أن تكون صالحة ذات دين. فهذا هو الأصل، وبه ينبغي أن يقع الاختيار. ولهذا بالغ رسول الله (ص) في التمسك بذات الدين، فقال: ((مَن نكح المرأة لمالها وجمالها، حُرمَ جمالها ومالها، ومَن نكحها لدينها رزقه الله مالها وجمالها)).
أو كما قال رسول الله (ص): ((لا تنكح المرأة لجمالها، فلعل جمالها يُرديها، ولا لمالها فلعل مالها يُطغيها، وانكح المرأة لدينها)).
ولقد بالغ رسول الله (ص) في الحث على اختيار ذات الدين، لأنها تكون عوناً على الدين فتعرف حق الزوج عليها، وتوفر له الحياة الكريمة، فإذا لم تكن متدينة كانت شاغلة عن الدين ومشوشة له، وقد تكون متساهلة في المحافظة على نفسها، وعلى مال الرجل وعرضه، وبذلك تشوش الغيرة قلبه، فإن سلك سبيل الحمية والغيرة لم يزل في بلاء ومحنة، وإن سَلك سبيل التساهل كان متهاوناً بدينه وعرضه، وبذلك تنغص عيشه، فاظفر بذات الدين، حتى ينعم لك العيش وتدوم العشرة.
الثانية: حُسن الخُلُق: لأن حُسن خُلق الزوجة لازم لهناءة العَيش بين الزوجين فإذا كانت الزوجة، سيئة الخُلق، كان الضرر منها أكثر من النفع.
قال حكماء العرب: ((لا تتزوجوا من النساء ستة، الأنانة، والمنانة، والحنانة، والحداقة، والبراقة، والشداقة)).
المنانة: التي تَمُنُّ على زوجها، فتقول: فعلت لأجلك كذا ...
الحنانة: التي تحن إلى زوج آخر.
الحداقة التي ترمي كل شيء بحدقها، أي تنظر إلى شيء فتتسع حدقة عينيها فتشتهيه، وتُلحُّ على الزوج ليشتريه.
البراقة: وتحمل معنيين، أحدهما أن تظل طوال النهار أمام المرآة في تصقيل وجهها وتزيينه فيكون له بريق، والثاني، أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل بنصيبها في كل شيء، وهذه لغة يمانية، يقولون: برقت المرأة، وبرق الصبي الطعام إذا غضب عنه.
والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله تعالى يبغض الثرثارين المتشدقين)).
ويروى أن السائح الأزدي لقي النبي إلياس (ع) في سياحته، فأمره النبي بالتزوج، ونهاه عن التبتل. ثم قال: لا تتزوج أربعاً: المختلعة، والمبارية، والعاهرة، والناشز.
فأما المختلعة: فهي التي تطلب الخلع (الطلاق) كل ساعة من غير سبب.
المبارية: المباهية بغيرها، الماخرة بأسباب الدنيا.
العاهرة: الفاسقة التي تعرف بخليل وخدن، وهي التي قال الله تعالى فيها: (لا متخذات أخدان).
والناشز: التي تعلو على زوجها بالفعال والمقال، والنشز العالي من الأرض.
وكان مالك بن ينار (ره) يقول: يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة، فيؤجر فيها، إن أطعمها وكساها تكون خفيفة المؤنة، ترضى بالسير، ويتزوج بنت فلان وفلان يعني أبناء الدنيا، فتشتهي عليه الشهوات، وتقول: أكسني كذا وكذا. واختار أحمد بن حنبل عوراء على أختها، وكانت جميلة، فسأل مَن أعقل؟ فقيل: العوراء، قال: زوجوني أياها. فهذا دأب مَن لم يقصد التمتع، فأما مَن لا يأمن على دينه ما لم يكن له مستمتع، فهو لطلب الجمال ألزم، لأن التلذذ بالمباح حصن للدين.
وقد قيل: إذا كانت المرأة خَيرة الأخلاق، محبة لزوجها، قاصرة الطرف عليه، فهي على صورة الحور العين، وهي الصفة التي أراد الله تعالى أن يكن عليها.
وقد وصف الله تعالى نساء أهل الجنة (الحور العين)، فقال تعالى: (فيهن خيرات حسان) أراد بالخيرات: حسنات الأخلاق، وفي قوله تعالى: (قاصرات الطراف) وفي قوله تعالى: (عُرُباً أتراباً)، العروب هي العاشقة لزوجها، المشتهية له. وقال عليه الصلاة والسلام: ((خير نسائكم مَن إذا نظر إليها زوجها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله)).
الثالثة: أن تكون خفيفة المهر. قال رسول الله (ص): ((خير النساء أحسنهن وجوهاً وأرخصهن مهوراً)). ولابن حبان من حديث ابن عباس: ((خيرهن أيسرهن صداقاً))، وقال (ص): ((من يُمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها))، وروى أبو عمر التوقاني في كتاب معاشرة الأهلين: ((إن أعظم النساء بركة أصبحهن وجوهاً وأقلهن مهراً)) وقد نهى (ص) عن المغالاة في المهر، روى ذلك أصحاب السُنن الأربعة موقوفاً على عُمَر، وصححه الترمذي: تزوج رسول الله (ص) بعض نسائه على عشرة دراهم وأثاث بيت، وكان رحى يد، وجرة، ووسادة من أدم حشوها ليف، وأو لم على بعض نسائه بمدين من شعير، وعلى أخرى بمدين من تمر ومدين من سويق.
وأما طلب الزيادة، فداخل في قوله تعالى: (ولا تمنن تستكثر) أي تعطي لتطلب أكثر وفي قوله تعالى أيضاً: (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس).
والربا هو الزيادة، وهو طلب زيادة على الجملة، إن لم يكن في الأموال الربوية. فكل ذلك مكروه وبدعة في الزواج، يشبه التجارة والقمار، ويفسد مقاصد الزواج.
الرابعة: أن تكون بكراً: وفي البُكارة فوائد هي:
1 ـ إن البكر تحب الزوج وتألفه، والطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، ويزيد ذلك في المودة بين الزوجين، فتكون أكثر وداً لزوجها. قال رسول الله (ص): ((إليكم بالودود)).
2 ـ إن الثيب ربما تحن إلى الزوج الأول، وهذا يؤكد على أهمية الزواج من البكر يقول الشاعر العربي:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
الخامسة: من الأفضل أن لا تكون من القرابة القريبة:
فهذه هي الخصال المرغبة في النساء. ويجب على ولي الفتاة أن يراعي خصال الزوج، ولينظر لكريمته، فلا يزوجها ممن ساء خُلُقُهُ أو خَلقُه، أو ضعف دينه، أو قصَّرَ عن القيام بحقها، أو كان لا يكافئها في نسبها، قال رسول الله (ص): ((النكاح رقّ، فلينظر أحدكم أين يضع كريمته)) رواه أبو عمر التوقاني في معاشرة الأهلين.
ونقول: ((إن الاحتياط في حق الزوجة أهم، لأنها رقيقة بالزواج لا مناص لها، والزوج بيده زمام الأمر كله. فإذا كان الزوج ظالماً أو فاسقاً أو مبتدعاً أو شارب خمر .. فيكون الولي على الزوجة الذي قام بتزويجها ظالماً لها، وجنى عليها جناية فظيعة بسوء اختياره. وقد قال رجل للحسن (رض): خطب ابنتي جماعة، فممن أزوجها؟ قال: مَن يتقي الله، فإن أ؛بها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .. وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((مَن زوج كريمته من فاسق، فقط قطع رحمها)).
ــــــــــــــــــ
المبالغة بالاهتمام بالطفل الثاني ونتائجه السلبية ..
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* إياي لاوند
معظم الأطفال الأبكار ينشأون سعداء، يجيدون تكييف أنفسهم شأنهم في ذلك شأن مَن يليهم من أطفال الأسرة الآخرين، ولكن قلة منهم تواجه أوقاتاً صعبة، وهي تكيف نفسها وفقاً للعالم الخارجي.
ولذا فإننا كثيراً ما نسمع الأم تقول: ((إن تربية الطفل الثاني سهلة جداً إنه لا يبكي، وقلما تنشأ بسببه مشكلة جدية. وهو يلعب وحده راضياً، كما أنه فوق ذلك ودود جداً لكل مَن يقترب منه. وعندما تتقدم به السن بضعة أشهر أخرى تقول الأم: ((إن الطفل الثاني ودود جداً، ويحب الخروج من البيت بحيث يبدو إن الجميع يحبونه بصورة طبيعية. وعندما نسير معاً في الشارع، ألاحظ أن الغرباء يبتسمون له ويستوقفوننا ليسألوا عن سنه، ولكنهم يلاحظون، فيما بعد فقط، إن شقيقه الأكبر مهذب)). وبالطبع فإن ذلك كله يجرح مشاعر الطفل الأكبر، لأنه يلاحظ إن أخاه الأصغر يلفت أنظار الناس أكثر.
فما الذي يحدث هذا الفارق بين الأخوين؟ أحد الأسباب أن الطفل الأول يظفر، في بعض الأسر، باهتمام أكبر مما ينبغي، ولا سيما بعد أن يبلغ الشهر السادس من العمر، ويصبح قادراً على ملء وقته وتسلية نفسه. ومن المحتمل أن يكون أبواه قد أبديا نحوه من الاهتمام أكثر مما ينبغي، الأمر الذي يقلل من فرص تطوير مصالحه الخاصة، إذ يندر مثلاً أن يبدأ هو التحية، لأن أبويه عادة يبادرانه أولاً بالحديث. ومن المحتمل كذلك أن يكثر أبواه من عرضه بتباه على الكبار من الزوار الغرباء. ومبالغة الأبوين في ذلك يجعل الطفل شديد الاهتمام بذاته. وإذا مرض، فمن الطبيعي أن يثير مرضه قلق الأبوين أكثر مما يثيره مرض الطفل الثاني، إذ يكونان قد اكتسبا الكثير من الخبرة والطمأنينة. وإذا ما أبدى (الطفل الأول) شيئاً من سوء التصرف، فإنهما يأخذان الأمر بجدية بالغة، في حين أن هذه الجدية تقل مع الطفل الثاني لازدياد خبرتهما في مثل هذه الأمور.(54/156)
إن المبالغة بالاهتمام بالطفل تفسده من ناحيتين: الأولى أنه ينشأ على الاعتقاد بأنه محور العالم، وأن على الجميع أن يبدوا إعجابهم به تلقائياً، سواء كان جذاباً أو لم يكن كذلك. غير أنه، من الناحية الأخرى، لم يكن يمارس إمتاع نفسه أو الخروج من البيت، وبالتالي اجتذاب الناس.لكن هذا لا يعني بالطبع تجاهل الطفل الأول، فهو بحاجة إلى العاطفة والتجاوب ضمن حدود معقولة. ولكن دعيه يمارس ألعابه بنفسه، وبأقل قدر من التدخل أو التوبيخ أو القلق، ما دام ذلك يرضيه ويدخل السرور على قلبه. وامنحيه بين الحين والحين فرصة لكي يبدأ الحديث عندما يكون في البيت زائرون، دعيه يقدم إليهم نفسه بنفسه. وعندما يقترب منك متودداً، مبدياً ما يستدل منه على أنه يرغب في تعاطفك أو في مشاركتك له باللعب، أظهري له المودة وعامليه بالحسنى. ولكن حين يبدو أنه يريد أن يتصرف وحده بألعابه اتركيه وشأنه.
وهنالك عنصر آخر كثيراً ما يجعل الطفل الأول غير اجتماعي، ذلك هو موقف الوالدين الجدي بشكل مبالغ فيه. ولا يعود ذلك عادة إلى جلافة في طباع الوالدين، فهما يتوددان فيما بعد مثلاً للصغار من أبنائهما. وكل ما في الأمر هو افتقارهما إلى الخبرة الكافية، ومحاولتهما جاهدين تربية طفلهما الأول حسب ما يظنانه صحيحاً.
قد يقول أحدهم في سرّه: ((المشكلة إنني أفتقد التجربة)). ولكن الحقيقة هي أنه لا داعي لأن يكون ذا خبرة لكي يتمكن المرء من إحسان تربية الطفل. فكل ما يُحتاج إليه في البداية، هو أن يتمتع الإنسان بروح الود والمحبة. وأخيراً لا خوف من التسامح مع الطفل فخير لنا وله أن نكون معه متساهلين من أن نكون صارمين.
ــــــــــــــــــ
إنوثة المرأة تلعب دوراً أساسياً في توازن العلاقة بين الزوجين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
*محمود احمد الشامي
*حافظي دائماً على أنوثتك... ولا تحاولي إخفائها ظناً منك أن ذلك يسيىء إلى استقلالك.. أو يجعل زوجك يغتر ويتعالى عليك... بل على العكس تماماً فإن الزوج كلما أحس بأنوثتك كلما ازداد حباً لك وتعلقاً بك... فأنوثة المرأة تلعب دوراً أساسياً في توازن العلاقة بين الزوجين.
*تذكري دائماً الصورة الحلوة التي رآك عليها زوجك لأول مرة... فهذه الصورة سبباً رئيسياً لاختياره لك شريكة لحياته... لأنه ببساطة لم يكن يعلم صفاتك المعنوية التي اكتشفها فيك بعد ذلك إلا أنه يحب دائماً أن يراك في نفس الصورة الحلوة التي رآك فيها أول مرة فلا تركني على تلك الصفات وتهملي أناقتك ومظهرك الجميل المحب إلى نفسه.. والتحجج بمتاعب ومتطلبات الأبناء... أو شغل البيت لن يتقبلها الزوج حتى لو أظهر اقتناعه بذلك... فحاولي دائماً الظهور أمام زوجك بمظهر أنيق حسن فكل امرأة حقيقية تحب أن تكون كذلك مهما كانت مشاغلها.
*احرصي دائماً على نظافتك الخارجية والداخلية... ونظافة بيتك وكل متعلقاتك... فالمرأة التل تهمل نظافتها تصبح منفرة لزوجها... فزوجك يحب دائماً أن يراك دائماً في ثوب نظيف وشكل نضر... فاحرصي دائماً على إزالة الشعر غير المرغوب فيه.. ومحو الروائح من أماكن معينة والتطيب باستمرار حتى يقبل زوجك عليك مبتهجاً سعيداً.
* عليك أن تعطي اهتمامك بزينتك داخل المنزل... مثلما تهتمي بذلك أثناء خروجك ولكن دون افراط وابتذال.. فالبساطة والرقة من علامات الأنوثة والجمال.
* لا تكوني مسرفة في طعامك ولا شرابك... فإن ذلك ينتقص من أنوثتك.
* ممارسة بعض التمرينات الرياضية في بداية كل صباح.. واتباعك لنظام غذائي صحي متوازن.. يجعلك تتمتعين بنضارة وحيوية دائمة ومتجددة.
* مظهرك الخارجي هو مرآة حقيقية لشخصيتك أمام الآخرين.. فعليك مراعاة الذوق والفن الجمالي في زينتك وأناقتك حتى تعطي انطباع طيب ومحبب لنفس زوجك والمحيطين بك.
* للجمال مقومات تحقق اكتماله.. فاحرصي على أن تمتلكي شعر جميل، وعينين جميلتين براقة، وبشرة صافية ناعمة وتشرقي وجهك بابتسامة حلوة عذبة تبرز جمال أسنانك، وأيد ناعمة تزينها أظافر طبيعية ذات منظر جميل.
ــــــــــــــــــ
بين الأم وزوجة الابن.. من أين تأتي الأشواك?
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمود عبدالوهاب
تحفل الأمثال الشعبية, وكذلك حكايات الواقع, بالكثير مما يشير إلى العلاقة الملغومة بالمشاحنات بين الأم وزوجة ابنها. لكن آلية حدوث الالتباس في هذه العلاقة نادراً ما تخضع لمحاولة التفسير أو الفهم, بأمل تغييرها إلى المسارات الأفضل. وهاهي محاولة للفهم.
ترحب الأم بعروس الابن, وتسعد بها, وتساهم ببعض مالها في ثمن الشبكة, وتهديها بعض حليها, وبعد عقد القران تلح على ابنها وزوجته أن يعيشا معها: فهي وحيدة والشقة واسعة, وبها من الحجرات ما يكفي كل الأثاث الجديد, وسوف يتبقى لها حجرة تكفي كل ما هو ضروري لها بعد أن تتخلص مما تبقى من أثاثها القديم.
يبدو هذا الاقتراح مرضيا لكل الأطراف: للأم وللابن وللعروس وللحفيد القادم الذي سينمو في رعاية الجدة, وحنوها وخبرتها في تربية الأبناء. إنه اقتراح يوفر نقودا وسكنا مريحا وتواصلا بين الأجيال. وهو اقتراح لا يحرم الأم من ابنها, ولا تعاني معه آلام انفصاله عنها, ولا تكابد في فراغ الشقة الكبيرة وحشة افتقاده, ولعلها قد تنعم برعاية الابن وزوجته لها, وتلبية حاجاتها من الطعام والدواء, بالإضافة إلى ونس الصحبة, وبهجة الحفاوة بالمولود, وأنس الزائرين من ضيوف الابن والزوجة.
وينقل الابن فعلا أثاث بيته إلى شقة أمه, وتسكن معه عروسه في الحجرات التي أخليت من الأثاث القديم.
ولكن الهالة الوردية لمشروع الحياة كما تخيلته الأم والابن والزوجة سرعان ما تتلاشى, وتتحول تدريجيا من الأبيض الشاحب إلى الرمادي القاتم إلى الأسود الحالك.
لقد انفجرت في البيت الهادئ قنبلة استقرت شظاياها في قلب الأم وقلب الابن وقلب الزوجة.
إن تيارا من العداء والكراهية والبغضاء ينمو بين الأم والزوجة, بل وبين الأم والابن. فمن أين أتت موجات الظلام التي انداحت وتدافعت حتى طمست شمس الحلم البسيط الذي كان حافلا بالوعود?
تراكم القطرات السوداء
في ظني أن تلك الموجات المظلمة هي ذروة تراكم عديد من القطرات السوداء التي ظلت تهمي فوق البيت بإصرار وتواصل ودأب.
وأولى هذه القطرات جهل الأم والابن والزوجة ببعد من أبعاد المشروع/الحلم: إن كل الأطراف كانت تنظر للشقة باعتبارها مجموعة من المساحات الخالية التي ما أسهل إعادة ترتيب محتوياتها.
وهذا يعني أنهم لم ينظروا إلا للبعد المكاني للشقة مع تجاهل تام لبعدها الزماني. ولكن ما الذي نعنيه بالبعد الزماني? ما نعنيه أن هذه الشقة ظلت لسنوات طويلة المسرح الذي تلعب فيه الأم الدور الرئيسي: فهي الزوجة وربة البيت وأم الأولاد, وهي العقل المفكر الذي يتولى التأثيث والتنسيق والتجميل, والذي يدبر إيراداته بحيث تكفي مطالبه, ويوفر المدخرات لمواجهة الظروف الطارئة ويقوم بتربية الأبناء وتوجيههم ومراقبتهم... إلخ.
وتأتي الزوجة بأثاثها الجديد ومطبخها الجديد وأجهزتها المنزلية الجديدة فتقتحم المكان بعنف ورعونة, وتتعامل مع الأثاث القديم باعتباره أطلال بيت تصدع وانهار بعد أن ظل لفترة طويلة آيلا للسقوط, وتتعامل مع الأم باعتبارها مومياء تنتمي لزمان قديم. وانطلاقا من هذا المفهوم فهي تقيد حركتها في حجرتها المعزولة والمنبوذة, وتتجاهل وجودها معظم الوقت, وتتعالى على استقبال ضيوفها, وتحول دونها والوقوف في مطبخها لإعداد بعض الطعام, بل وتمانع في أن ترعى الجدة حفيدها بحجة أن كل ما تعلمته الأم من أصول التربية قد أصبح باليا وتقليديا وأبعد ما يكون عما أتت به علوم العصر من معارف طبية ونفسية وتربوية.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن الحياة الجديدة توهم بتواصل الأجيال دون أي انقطاع, في حين أن الابن قد انفصل عن الأم بيولوجيا ونفسيا ليستقل بنفسه ويصنع مع زوجته أسرة جديدة. وهذا الانفصال يحدث جرحا عميقا في نفس الأم أشبه بالجرح الذي يحدثه بتر عضو من أعضاء الجسد.
وبدلا من أن يحرص الابن وزوجته على الرفق بالأم والحنو عليها حتى تتكفل الأيام بالتئام ذلك الجرح يندفع كلاهما بنفس الرعونة لتعميقه, والتصرف بجهل وحمق نحو تأكيد الانفصال والتباعد والاستقلال عن الكيان الأمومي الذي تغرب شمسه.
تُرى هل عرفنا الآن سر العداوة والبغضاء التي نمت في هذا البيت? وهل عرفنا لماذا أمرنا الإسلام بأن نبر أمهاتنا, وأن نحنو عليهن, وأن نغمرهن بكل ما في قلوبنا من حب ورحمة?.
ــــــــــــــــــ
في تأديب الاولاد ... متى نلجأ للقوة ؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. خليل محسن
في هذه المقال سنتكلم عن قوة العضلات التي يعتمدها عدد كبير من الاهل , قاصدين من خلالها تأديب وتهذيب الاولاد , انني لا اتهجم على هذا النمط من الاساليب القديمة في التربية ولا أشجعها .
رغبتي الوحيدة تتمثل بضرورة حل المشاكل العائلية عن طريق المفاوضات المباشرة التي تعبر خير أسلوب للبقاء على توازن عائلي صحيح وسليم .
الحلول السليمة تبقى أفضل من غيرها في معالجة اكثر الاضطرابات التي تصدر عن الاولاد .
على كل حال وفي بعض الحالات القصوى , وفي حال نفاذ اكثر الحلول السليمة اعتقد بانه يتوجب على الاهل استعمال الشدة , لمحاولة اعادة الولد الشاذ الى الصراط المستقيم .
بعض المواقف الشاذة التي يصدر عنها تأخر الولد وتراجعه وتقهقره والتي تنعكس بوضوح على مجمل دراسته ومستقبله وتعرض حياته للضياع الكامل , يجب لجمها عن طريق استعمال القوة .
خلال هذه الفترة الصعبة من حياة العائلة , يجب الاستعانة بأحد اطباء النفس , لانه قد يلعب دوراً مهماً في عملية اعادة الولد الى صوابه .
الواقع ان التصادم عن طريق قوة العضلات لا يحدث الا مع الاولاد الكبار داخل البيت الواحد ,لأن الصغار نادراً ما يعاندون الاهل بشكل واضح كما يفعله عادة الكبار .
مثال ذلك : أم لثلاثة اولاد
الاول : فتى في الرابعة عشرة من عمره .
الثاني : فتى في السادسة عشرة من عمره .
الثالث : فتاة في السابعة عشرة من عمرها .
لم يكن للام اية سلطة عائلية على أولادها الثلاثة بحيث ان الرفض كان تاماً لكل ما كانت تطلبه منهم . وبعد ان ضاقت ذرعاً من جراء هذا الوضع الشاذ والاليم في ان , مما يدل على مقدار تسلط الاولاد وعدم احترامهم للشرعية العائلية قررت ان تلجأ الى مبدأ الاضراب العام بدل الاستمرار في أدارة شؤون المنزل مع التمنع عن اعطاء اولادها مصروفهم اليومي .
في البداية اعتقد الاولاد ان ما تفعله والدتهم هو مرحلي , وسوف تتراجع عن اضرابها هذا ذات يوم , معتمدين على ضعفها , ولكن بعد فترة من الزمن شعر الاولاد بجدية ما تفعله والدتهم وبخطورة الوضع العائلي العام , كما شعروا بأهميتها وضرورتها داخل المنزل ومن ثم بوجوب مسالمتها ومصالحتها , هنا قبلت الام العودة عن اضرابها وباعادة الاجواء العائلية الى طبيعتها على شرط مساعدتها من وقت الى اخر وبالتناوب .
ان اعلان مبدأ الاضراب من جهة الأم , كان له الاثر الجيد على الوضع العائلي العام , لأنه ساعد على تراجع الاولاد عن غيهم وطغيانهم وحد من أنانيتهم ,كما ساعد على اعترافهم بأهميتها وبضرورة التقرب منها مساعدتها .
مثال اخر : عائلة لشاب في الثامنة عشرة من عمره , ترك المدرسة لأنه لا يحب العلم , لكنه منجهة ثانية لا يحب ان يعمل , يقضي اكثر اوقاته في المنزل والمقاهي ويدمن على التدخين ويعاشر سباب السوء ,وبعد محاولات يائسة من قبل الاهل لاعادة ولدهم الى رشده , وردعه عن الطريق الشاذ , قرر والده طرده نهائيا من المنزل , مع العلم ان والدته كانت تتدخل دائما لصالح ولدها .
في ذات يوم قال الاب لابنه : اذا كنت تريد متابعة دراستك , فانا مستعد لاعادتك الى املدرسة التي ترغب , واذا كنت لا ترغب بالعودة الى المدرسة , ولا تريد مدرسيها , ولكن تحب العمل في حقل من الحقول , فلا بأس ايضاً , وانا شأشجعك من كل قلبي , وسأساعدك حسب مقدرتي في هذا المضمار ,اما اذا كنت لا تريد ان تدرس ولا ترغب في العمل , بل تريد ان تبقى عالة على عائلتك ومجتمعك , فانني أنذرك للمرة الاخيرة واعطيك مهلة أسبوع للتفكير ملياً بما قلته لك , بعدها وفي حال رفضك لكل النصائح التي وجهتها لك , يمكنك ترك المنزل نهائياً لأن الحالة اصبحت لا تطاق .
ولكن للأسف لم يحدث اي تبدل خلال اسبوع , فطرد الابن من المنزل , واخذ يقضي أيامه متنقلاً بين جدته وجده وأقاربه واصدقائه , الى ان بدأ الجميع يتذمر من وضعه الشاذ , فقرر الابن العمل في محطة للمحروقات , مع العمل بأنه كان يكره هذه المهنة كرهاً شديداً , مما مكنه من استئجار غرفة صغيرة لسكنه , وبعد فترة من الزمن , قرر العوجة الى المدرسة , وبعد ان تردد طويلاً أتصل بوالده , وعرض عليه مشروع الدراسة , فرحب والده بالفكرة واعاده الى المنزل , بعدها أخذ الاين يدرس من جديد الى ان نال الشهادة الرسمية , وشهادة الاختصاص التي أمنت له مستقبلاً زاهراً ومكاناً مرموقاً في المجتمع .
اذا فالموقف الصارم والمتشدد الذي أخذه الاب عن طريق طرد ابنه من المنزل , كان قاسياً وعنيفاً , لكنه كان في الوقت نفسه مفيداً للأبن لانه أشعره بقيمة نصائح الاب , ووضعه مباشرة امام قساوة الحياة , مما دفعه الى مواجهتها بما يتناسب مع قدراته .
الوعدة الى الطريق الصحيح لم تحصل الا عن طريق استعمال القوة والحزم , من هنا كان موقف الاب الصارم ضرورياً , لأن بعض الصدمات النفسية تكون أشد وقعاً من الصدمات الجسدية التي تحصل عن طريق استمعال قوة العضلات .
هنا وفي مجال حديثنا عن التربية المنزلية أعود لأشدد على ضرورة استنفاذ جميع الوسائل التربوية السليمة لمعالجة شتى المشاكل العائلية العالقة قبل التفكير باللجوء الى مبدأ القوة وخاصة قوة العضلات .
ان كل معضلة عائلية , تشبه الى حد كبير العملية الجراحية التي تتطلب حتى تكون ناجحة فطنة وذكاء ونباهة وهدوء أعصاب وعمل سليم .
ــــــــــــــــــ
الآباء يهاجرون .. والأبناء يتأثرون
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* شيرين المنيري
تهاجر الطيور بحثا عن أرزاقها وقد لا تعود أو تعود لتجد عشها تذروه الرياح.. وكذلك البشر لا بد دائما من ثمن للغربة.
في البداية يلخص لنا د. سليم العوا المفكر الإسلامي المعروف أعراض هذه المشكلة التي أصبح عالمنا العربي يعاني منها بقوله: أصبح هجر آلاف من الآباء لأسرهم واقعا تفرضه الظروف.. وهو واقع سيئ يرتب مجموعة من الآثار السيئة على جميع الأطراف فليست الغربة والوحدة التي يعاني منها الأزواج شيئا قليلا على نفوسهم، وليس المال الذي يقدمونه لأسرهم لتوفير متطلبات الحياة- التي يجب أن نسلم بأنها أصبحت شديدة الصعوبة- ليس المال تعويضا كافيا ولا هو حتى تعويض من أي نوع لأن المال جزء من المتطلبات الحياتية.. أهم منه- يسبقه ويلحقه ويأتي معه- الإشباع العاطفي الذي يشعر به الأبناء من وجود الأب، هذا الإشباع ينعدم تقريبا في فترة غياب الزوج الذي يأتي في فترة الإجازة فتكون إقامته كإقامة الغريب، ثم يتركهم عائدا لعمله.
كذلك.. فإن تنظيم العلاقة بين الآباء المغتربين وأسرهم أمر ضروري يوجبه الشرع لأن التاريخ الإسلامي يحكي لنا أن عمر بن الخطاب أمر بألا يبتعد رجل عن زوجته أكثر من أربعة شهور.. وهذه المدة وإن كانت طويلة في ذاتها إلا أنه إذا كسرت حدة الغياب كل أربعة أشهر مرة بزيارة من الزوج ولو لمدة أيام قليلة فتكون الإجازة السنوية قد وزعت على السنة.. فبدلا من أن يأخذ شهرا واحدا يكون فيه ضيفا.. يأخذ أسبوعا كل أربعة شهور.
وهناك مشاكل عديدة تنجم عن غياب الأب.. فقد تلجأ الأم- وهو عادة ما يحدث- إلى الجار أو إلى الصديق أو ابن العم لتسأله المشورة.. وفي هذا من المفاسد مالا يخفى، خاصة حينما تنشأ الثقة بينه وبين الأسرة هذه الثقة التي قد تؤدي لاهتزاز صورة الأب.
لا نستطيع أن نقول للآباء ابقوا لأن مطالب الحياة كثيرة ولكن نستطيع أن نقول لهم ولأرباب الأعمال راعوا ألا تنهدم الأسر لأن هدم الأسر سيعود على المجتمع العربي كله بالتفكك.. ومهما أقمنا من مشاريع ومبان و.. فإنه لا قيمة لما نبنيه على الأرض ما دمنا نهدم داخل الإنسان.. بقي أن نعرف أن عدد الآباء التاركين لأسرهم من المصريين مثلا نصف مليون مصري بالسعودية، 220 ألفا بالكويت، 110 آلاف بالسودان، فضلا عن مئات الآلاف في أوربا وأمريكا.
الإخوة العرب كذلك يعيشون بمئات الآلاف في أوربا فكل رجال الأعمال والمحاسبين والمحامين والمهندسين لديهم مكاتبهم في أوربا وأمريكا- وخاصة في فرنسا- وكذلك مكاتب في باقي الدول العربية.. وهم يقضون حياتهم على الطائرات.
والصورة التي أراها أصبح الرجل فيها "مجلبة للمال" وأصبحت الأسرة مكانا للإنفاق.. ولا قيمة لها فوق ذلك.
مخاطر على الأبناء
وإذا كانت تلك هي الصورة التي رسمها د. محمد العوا وبين حكم الشريعة فإن رأي علم نفس بعد دراسة واعية للأبناء الذين يتركهم آباؤهم.. هي صورة مأساوية ترسم ملامحها الوحدة التي يعانونها.. فيذكر الدكتور مصري حنورة أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة المنيا أن موضوع الهجرة وراء العلم أو الرزق هو موضوع قديم جداً بدأ في الشام ومن قبلها في شبه الجزيرة العربية في صدر الإسلام فنذكر هجرة المغاربة لمصر (ابن خلدون.. المرسي أبو العباس).
وقد تغيرت الأحوال الاقتصادية في النصف الثاني من القرن العشرين وزادت نسبة السفر عند المصريين نتيجة لإلحاح الحاجة.. ومن منظور الدراسة النفسية للأبناء وجدنا أن هناك أمرين خطيرين يتعرض لهما الأبناء:
* الأول: فقد سيطرة الأب على الأبناء وتسلط أصدقاء السوء.. العلاقات المنحرفة وكل تلك هي أمراض اجتماعية تقود في النهاية لفقدان السيطرة على إرادة الأولاد وقد يندمجون في جماعات ضد القانون.
* والثاني: المستوى الجامعي.. فوجود الأب عماد الأسرة إلى جانب الابن يحفزه على المستوى العلمي المتقدم.. فإذا غاب الأب.. فالمشاهد من الاستطلاعات التي جرت لعينات كبيرة من الشباب أن يلجأ الابن لشخص آخر يسأله الإرشاد.. وغالباً ما يقوده هو الآخر للانحراف.. وشيئا.. فشيئا تتعقد مشكلته حتى يضل طريق العلم... وفي حالات كثيرة كان يلجأ الشاب للحبوب المهدئة التي تكون فيها نهايته.
الإدمان خطر آخر
ويؤكد هذا الدكتور جمال ماضي أبوالعزايم أستاذ الطب النفسي الذي يذكر أن مشكلة الإدمان السبب الرئيسي فيها هو أصدقاء السوء، فعام 1967 كانت نسبة الإدمان بين الشباب بسبب أصدقاء السوء 30%... وأخذت في ازدياد حتى وصلت 1993 إلى 90% والسبب الرئيسي في صداقات السوء كان غياب الأب، ويرى د. أبوالعزايم أن الحل من وجهة نظره يكمن في "التكافل الاجتماعي" لأن قلة من الأمهات تستطعن القيام بالدورين معاً "الأم + الأب".. لذا فلا بد من وقوف العم أو الخال أو الجد إلى جوار الأم في غيبة الأب الذي تضطره ظروف اليوم للغياب عن الأسرة سواء في مصر أو في الدول العربية.
أما عالم الاجتماع الذي يدرس مناخ المجتمع وتأثير تلك الظواهر فيه فيصفه د. على فهمي الباحث بالمعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بقوله: إن الأب عند عودته يجد أن الأبناء قد تعودوا على الإنفاق والزوجة تعودت على الحرية.. فيشعر بغربته بين ذويه.. وقد رصدنا حالات لا تعد تشتت فيها شمل الأسرة عند عودة رب الأسرة للاستقرار في أسرته، وفي رأيي أنه لا بد من تنظيم خروج رب الأسرة خارج بلده فلا يترك الأمر للأفراد بل لا بد أن يعود للحكومة دورها في تنظيم أي اتفاقيات للعمل خارج البلاد كما كان يحدث في فترة الخمسينيات.
وهكذا . . نرى أن حصاد آراء هؤلاء- رجال علم النفس والاجتماع والدين ودراساتهم على الشباب في المجتمع قد انتهت إلى ضرورة إسعاف هؤلاء الأبناء الذين نقدم لهم العسل ممزوجاً بالسم الزعاف حين نوفر لهم المال وإلى جانبه فرصا لا تحصى للانحراف.. حين نتركهم ونرحل تفصلنا عنهم آلاف من الكيلومترات وبحار ومحيطات ثم نعود لنبحث عن الأفراخ في داخل العش.. وننسى أن النسر دائما ما يتربص بالأفراخ إذا غاب حارس العش.
لذا لا بد من تنظيم أمورنا والتفكير الدقيق ألف.. ألف مرة قبل أن نترك الأبناء الأعزاء ونرحل ونحن نقول هنا.. فلذات أكبادنا.
ــــــــــــــــــ
المتغيرات المحددة للتوافق الزواجي
تعرض العالم للعديد من المتغيرات مما انعكست آثارها على الحياة الاجتماعية فتأثرت الأسرة وبدأ الجميع في إيجاد الحلول لإعادة الاستقرار الأسري والأمن داخل الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية الوجدانية في بناء المجتمع.
ولأن التوافق الزوجي يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها كان حوار البحث الذي تقدم به د . سامي موسى، بكلية التربية .. جامعة قناة السويس ، تحت عنوان ( المتغيرات المحددة للتوافق الزواجي ) ، فحسب صحيفة "الأهرام" المصرية فانه يؤكد أن الاختيار الصحيح لشريك الحياة من الأسس المهمة جدا لنجاح الزواج .. وأن تحقيق التوافق أحد الأهداف المهمة إذا كان الزواج يتم بإحدى الطريقتين الآتيتين :
1 ـ الزواج من قبل الأسرة .
2 ـ الزواج القائم على الاختيار الشخصي بمعنى انجذاب الشخص نحو من يشبع حاجاته ويكمل ما لديه ويشعره بأنه أكثر تكاملا .. وانسجاما .. لأن التوافق الزواجي لا يتطلب التشابه في الميول والاتجاهات ولكنه يتطلب التكميل أي الميل لمن يكمل الآخر من الناحية النفسية .. وقد أجرى الباحث دراساته على بعض من الزوجات والأزواج الذين تتراوح أعمارهم ما بين 27 و 50 سنة من خريجي الجامعات من المدينة والريف .. وأسفرت دراسته عن الآتي :
1 ـ إن دور العلاقات الزوجية والتفاعل بين الزوجين في تحديد الزواج والتوافق سبب رئيسي في نجاح الزواج واستمراريته .
2 ـ إن العلاقات الزوجية التي يسودها الحب والفهم المتبادل والدعم الانفعالي من شريك الحياة لعبت دورا أساسيا في التوافق .. وإن المتوافقين زوجيا كانوا سعداء في طفولتهم وإن تربيتهم كانت تعتمد على الحزم دون القهر والقسوة .(54/157)
3 ـ إن البيئة لها دور مهم ومؤثر وقوي في شخصية الفرد وهي تعتبر أحد المحددات الأساسية للسلوك .. ومن ثم فان اختلاف بيئة الزوج عن بيئة الزوجة قد تعني الكثير من الاختلافات الجوهرية مثل العادات ، والتقاليد ، والقيم وطرق التفكير وهذا لا شك ينعكس على طموحات كل منهما وطرق مواجهتهما للمشكلات والصراعات وتربية الأبناء .. وأخيرا ليلتمس كل من الزوجين الجب والحنان ويحرص كل منهما على مشاعر الآخر لأن التوافق يتضمن السعادة مع النفس والرضا عنها وإشباع الدوافع الأولية _
* البوابة
ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ
أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله
4818ـ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ ، أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ حُلْمًا مُنْكَرًا اللَّيْلَةَ ، قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَتْ : إِنَّهُ شَدِيدٌ ، قَالَ : ومَا هُوَ ؟ قَالَتْ : رَأَيْتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ قُطِعَتْ وَوُضِعَتْ فِي حِجْرِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : رَأَيْتِ خَيْرًا ، تَلِدُ فَاطِمَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غُلامًا ، فَيَكُونُ فِي حِجْرِكِ ، فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ فَكَانَ فِي حِجْرِي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَدَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ ، ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ ، فَإِذَا عَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُهْرِيقَانِ مِنَ الدُّمُوعِ ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا لَكَ ؟ قَالَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا ، فَقُلْتُ : هَذَا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4819ـ أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الثقفي حَدَّثَنَا أبو الأشعث حَدَّثَنَا زهير بن العلاء حَدَّثَنَا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال * ولدت فاطمة حسينا بعد الحسن لسنة وعشرة أشهر فولدته لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ وقتل الحسين يوم الجمعة يوم عاشوراء لعشر مضين من المحرم سنة إحدى وستين وهو بن أربع وخمسين سنة وقد ذكرت هذه الأخبار بشرحها في كتاب مقتل الحسين وفيه كفاية لمن سمعه ووعاه
4820ـ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ ، قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِمَامَ الْقَوْمِ وَحُسَيْنٌ مَعَ الْغِلْمَانِ يَلْعَبُ ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَهُ فَطَفِقَ الصَّبِيُّ يَفِرُّ هَا هُنَا مَرَّةً ، وَهَاهُنَا مَرَّةً ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَاحِكُهُ حَتَّى أَخَذَهُ ، قَالَ : فَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ قَفَاهُ ، وَالأُخْرَى تَحْتَ ذَقَنِهِ فَوَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ يُقَبِّلُهُ ، فَقَالَ : حُسَيْنٌ مِنِّي ، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا ، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4821ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَينِ الْهِلالِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَامِلٌ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ فِي الْحَسَنِ مِثْلُهُ ، وَكِلاهُمَا مَحْفُوظَانِ
4822ـ حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي من أصل كتابه حَدَّثَنَا محمد بن شداد المسمعي حَدَّثَنَا أبو نعيم وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد السبيعي الحافظ حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن ناجية حَدَّثَنَا حميد بن الربيع حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن أخي طاهر العقيقي العلوي في كتاب النسب حَدَّثَنَا جدي حَدَّثَنَا محمد بن يزيد الآدمي حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأخمسي من كتاب التاريخ حَدَّثَنَا الحسين بن حميد بن الربيع حَدَّثَنَا الحسين بن عمرو العنقزي والقاسم بن دينار قالا حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي حدثني يوسف بن سهل التمار حَدَّثَنَا القاسم بن إسماعيل العزرمي حَدَّثَنَا أبو نعيم وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي حَدَّثَنَا عبد الله بن إبراهيم البزار حَدَّثَنَا كثير بن محمد أبو أنس الكوفي حَدَّثَنَا أبو نعيم حَدَّثَنَا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا هذا لفظ حديث الشافعي وفي حديث القاضي أبي بكر بن كامل إني قتلت على دم يحيى بن زكريا وإني قاتل على دم بن ابنتك
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ الإسناد ولم يخرجاه
4823ـ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ الْمَعْمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ إِلاَّ فَاضَتْ عَيْنِي دُمُوعًا ، وَذَاكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا ، فَوَجَدَنِي فِي الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِيَدِي وَاتَّكَأَ عَلَيَّ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ ، قَالَ : وَمَا كَلَّمَنِي ، فَطَافَ وَنَظَرِ ، ثُمَّ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَاحْتَبَى ، وَقَالَ لِي : ادْعُ لِي لَكَاعَ ، فَأَتَى حُسَيْنٌ يَشْتَدُّ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِهِ ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَحُ فَمَ الْحُسَيْنِ فَيَدْخُلُ فَاهُ فِي فِيهِ وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4824ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحُسَيْنُ فِي حِجْرِهِ : إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَخْبَرَنِي : إِنَّ أُمَّتِي تَقْتُلُ الْحُسَيْنَ قَدِ اخْتَصَرَ ابْنُ أَبِي سَمِينَةَ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ بِالتَّمَامِ
4825ـ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَجَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَحِبُّونَا حُبَّ الإِسْلامِ ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، لاَ تَرْفَعُونِي فَوْقَ قِدْرِي ، فَإِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي عَبْدًا قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَنِي نَبِيًّا ، فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، فَقَالَ : وَبَعْدَ مَا اتَّخَذَهُ نَبِيًّا
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4826ـ حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه حَدَّثَنَا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله حَدَّثَنَا حجاج بن نصير حَدَّثَنَا قرة بن خالد حَدَّثَنَا عامر بن عبد الواحد عن أبي الضحى عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما قال ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف
4827ـ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4828ـ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، أَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ الْعَلَوِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ : زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً ، وَأَعْطِي الْقَابِلَةَ رَجْلَ الْعَقِيقَةِ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
4829ـ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ عَجْلانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرْضِعُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِلَبَنِ ابْنٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ قُثَمُ ، قَالَتْ : فَتَنَاوَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهُ ، فَبَالَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ : فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَزْرِمِي ابْنِي ، قَالَتْ : فَرَشَّهُ بِالْمَاءِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : بَوْلُ الْغُلامُ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ يُرَشُّ ، وَبَوْلُ الْجَارِيَةِ يُغْسَلُ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، فَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَطَاءُ بْنُ عَجْلانَ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُخَرِّجَاهُمَا
4830ـ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْخُرَاسَانِيُّ بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ الرِّيَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحَسَنَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
4830أـ قال قتادة قتل الحسين يوم عاشوراء يوم الجمعة قال الحاكم هذه الأخبار نشرحها في كتاب مقتل الحسين وفيه كفاية لمن سمعه قال الحاكم هذا آخر ما أدى إليه الاجتهاد من ذكر مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة مما لم يخرجه الشيخان الإمامان وقد أمليت ما أدى إليه اجتهادي من فضائل الخلفاء الأربعة وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصح منها بالأسانيد ثم رأيت الأولى لنظم هذا الكتاب الترتيب بعدهم على التواريخ للصحابة رضي الله عنهم أجمعين من أول الإسلام إلى آخر من مات منهم والله المعين على ذلك برحمته
ــــــــــــــــــ
أهمية الاحترام في العلاقات الاسرية ..
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. الصفصافي أحمد المرسي
الاحترام في العلاقات داخل الأسرة، إن الأب هو رئيس العائلة، في النظام الأسري الشرقي والأم، صاحبة حقوق متساوية معه. الأب يحمي النظام في المنزل، وبين أفراد العائلة، وهو ممثلها في المحافل الاجتماعية والأم، تحل آلام العائلة، والمنزل، وضوائقها .. وتُزيل الخلافات، والخصومات، بل وتُلين، وتحل الأزمات وما يمكن أن يظهر في أي بيت مما يعكر صفوة.
ومن هنا، يلزم أن يعرف جيداً كل أب، وكل أم الواجبات والمسؤوليات المنوطة به تجاه المنزل، والأسرة. وأن يخططا سوياً الحدود الفاصلة بين مسؤوليات كل منهم بالتفاهم، وألا يتدخل أي منهما في واجبات ومسؤوليات الآخر، ولو حدثت أي تداخلات، أو سوء فهم، أو عدم تفاهم في حين من الأحيان، فعليهما، أي على الأب والأم أن يُحلا المشكلة بالحسنى، وبالرضي، وبدون الزج بالأبناء، أو الأجداد، أو أي منهم جميعاً في هذه الأمور ..
ولكي ندرك ما المقصود بالاحترام داخل الأسرة، ونقف على هذا المعنى، وقوفاً، كاملاً، فلنعدد بعض الأمثلة الواضحة والقابلة للتطبيق الفوري:
ـ الوقوف للكبار بمجرد مجيئهم، وإفساح المكان لهم ..
ـ مقابلة رغباتهم، وطلباتهم بالفهم ومحاولة تلبية هذه المطالب في نطاق الحدود المتاحة.
ـ عدم مقاطعة الكبار وهم يتحدثون ..
ـ وعند تحدث الصغار يجب التصرف حيالهم، والإصغاء لهم، وكأنهم كباراً ..
ـ التحدث دون رفع الصوت عند الحديث ..
ـ إذا لم تكن موافقاً، أو مؤيداً لما تسمعه ممن أمامك، وإذا كان أكبر منك سناً، فعليك بإبتسامة لطيفة أن تستسمحه في التعبير عن رأيك، كأن نقول مثلاً .. ((لو سمحت .. أو تسمح لي فلسوف أعرض وجهة نظري أنا أيضاً .. )) وتعبر بلطف، وصدق عما تود التعبير عنه، أما إذا كان المتحدث أصغر منك فعليك أيضاً أن تُوضح أو تَشرح ما تود قوله بأسلوب لين، كأن تقول مثلاً .. (أظن لو أن .. لكان أفضل .. ).
ـ الشكر على الهدايا المقدمة، والامتنان بها، واستخدامها ..
ـ طلب الاستشارة، والرأي إذا لزم الأمر ..
ـ لو كنت قد اتخذت قراراً يخص الأسرة، فعليك أن تخبرهم جميعاً ـ غالباً وأنتمُ على المائدة ـ بهذا القرار وبشكل مفرح ..
ـ عند التحدث، أو مخاطبة الآخرين، فلابد من الابتعاد عن العبارات التي تنم عن السخرية، أو ما يشبه الاستهزاء مثل (ولد .. طفل .. إخرس وأنت مالك .. لا يعنيك .. هل جننت .. ) أو مثل هذه العبارات .. (جحشناً .. حمارنا .. ) أو العبارات الشعبية أو العامية الجارحة ..
ـ التحدث دون استخدام ألفاظ السباب، والشتائم ..
ـ عدم الجلوس، أو الرقاد، أو التمدد أمام الكبار، أو أفراد العائلة بشكل مستهجن، أو مد الرجلين .. أو اللعب فيما بين أصابع الأرجل، أو الأنف، أو وضع رجلاً على الأخرى بشكل قبيح ..
ـ إذا كنت تدخن، فلابد من استئذان الآخرين.
ـ إفساح المجال للكبار أولاً، ثم السيدات ثم الأطفال للدخول من الأبواب والتقدم على السيدات عند الصعود من السلالم، أو النزول منها ..
ـ عدم استضافة أحد على الطعام بشكل مفاجئ.
ـ إتمام التعارف بين صديقك الذي أحضرته إلى المنزل والمقيمين به.
ـ يجب أن تقوم أنت بالتعارف، وإذا كنت أنت الضيف فيجب أن تتعامل مع أفراد أسرة صديقك بما يجب أن يكون تجاه كل منهم، كتقبيل اليد، أو السلام بالمصافحة، والسؤال عن الأحوال ..
ـ لابد من التوائم مع الاتجاه العام في البيت تجاه أي موضوع كـ (قضاء عُطلة أو دعوة ضيف، أو شراءة أمتعة .. الخ) والسعي بقدر الإمكان للإلتزام بهذا الاتجاه العام، بعد بحثه وتمحيصه .. وإذا كانت هناك أسباب موضوعية لعدم التوافق مع كل هذا الاتجاه العام، فيجب توضيح ذلك دون صخب، أو ضوضاء، أو زعيق .. بل كل الأمور بتوضيح الأسباب التي دعتك إلى هذا الموقف .
ــــــــــــــــــ
في الاسرالمعاصرة ..من هو الشخص الأساسي الذي يعتني بالأولاد!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* ليزلي مان
يقول رون ويلسون، من مدينة أورورا في ولاية إلينوي، بينما يقوم بتحضير العصير لأولاده البالغين من العمر ستّ سنوات وأربع سنوات وسنتين: "بالنسبة إلى أشخاص كثيرين، لا يعتبر الاعتناء بالأطفال مهنة، إذ يظنّون أنّني ألازم المنزل لأقرأ المجلاّت. لكنّ هؤلاء الأشخاص هم الذين لم يمضوا قطّ يوماً كاملاً مع الأولاد في البيت".
ويوضح ويلسون أنّ الاهتمام بأولاده في فترة بعد الظهر فقط، فيما تقوم الأم بمهمات صغيرة، لا يُعتبر ذو شأن. لكن الرجال الذين يتولّون الاهتمام بالأولاد على الدوام، ويومياً، يعرفون أنّ كلّ يوم هو سلسلة لا تنتهي من تغيير الحفاضات، والطهو، وطيّ الغسيل، وقيادة السيّارات لإيصال الأولاد إلى الملاعب وإعادتهم منها، والتسوَّق، وزيارة طبيب الأطفال.
ويضيف ويلسون: "جيّد هو اليوم الذي أتمكن فيه من قراءة الصحيفة قبل أن تعود زوجتي إلى البيت من العمل". ويقول إنّه لا يقايض وظيفته بأيّ شيء آخر. فلا هو ولا زوجته دنيز، التي تعمل مسؤولة عن ضمان الجودة في شركة ألعاب دعائيّة، نادمان على التدابير التي اتّفقا عليها في منتصف التسعينات، عندما ترك عمله كمهندس ميكانيكيّ. أمّا ردّه على الشعار القائل "المرأة الخارقة" التي يمكنها "القيام بكلّ شيء" هو أنها "تستطيع القيام بكل شيء حقاً، لكن ليس في الوقت نفسه".
في تقرير مكتب الولايات المتحدة للإحصاء أنّ 1.9 مليون أب لأولاد دون الخامسة عشرة من العمر عرّفوا عن أنفسهم بأنهم "الشخص الأساسي الذي يعتني بالأولاد". هذا هو آخر إحصاء حول هذه الفئة صادر عن المكتب. ولكنّ الآباء الملازمين للمنازل يعتقدون عموماً أنّ عددهم تزايد بشكل ثابت خلال التسعينات مع عودة المزيد من زوجاتهم إلى العمل. ويستشهد بيتر بايليز، وهو ناشر الصحيفة الإخباريّة "الوالد الملازم للمنزل"، بقائمة المشتركين في هذه الصحيفة كدليل على هذا التزايد. فقد ازداد عدد الاشتراكات من مئة إلى ألف بين عامي 1994 و1999. ويتلقى موقعه على الانترنت أكثر من ألفي استفسار في الأسبوع، ويتلقّى موقع آخر تابع للمنشورة الإخباريّة "آباء بدوام كامل"، التي موقعها نيو جيرزي أكثر من 1500 استفسار في الشهر. ويقول بايليز: "لقد تقدّمنا من الوضع المستغرب إلى غير الاعتياديّ". وبايليز هو أب لولدين ملازم للمنزل. ويضيف: "لقد بدأنا الآن نرى نتائج تزايدنا، المزيد من المحاضرات والكتب حول الأبوّة، والمزيد من الآباء مع الأولاد في الإعلانات، ومن برامج "أبوّة الأطفال" نسبة لبرامج "أمومة الأطفال".
ان الأسرة التقليديّة المكوّنة من أب يكسب الرزق وأمّ ملازمة للمنزل وأولاد دون الثامنة عشرة من العمر، كانت تُشكّل نسبة 46 في المئة من عائلات الزوجين في أميركا منذ ربع قرن تقريباً، أما الآن فقد تمّ استبدالها بتشكيلة ديموغرافيّة مجنونة تتضمّن عائلات ذات مهنة واحدة أو مهنتين، وعائلات تُقسّم نوبات عملها، أو تعتمد ساعات العمل المرنة والعمل بدوام غير كامل. وفي عام 1998 كان قد انخفض معدّل الأسر التقليديّة تلك إلى 26 في المئة.
على الرغم من أن عدد الأمّهات الملازمات للمنازل لا يزال يفوق عدد نظرائهن من الذكور، فإنّ الرجال بدأوا يخوضون هذا المجال بقوّة. وهم يتقبّلون وجيرانهم ألقابهم ومسؤوليّاتهم الجديدة.
ويقول ويلسون الذي يلتقي آباء ملازمين للمنازل آخرين عبر شبكة الإنترنت ويَحضَر مؤتمرات للآباء: "لقد التقيت أشخاصاً قالوا في البداية إنّهم موسيقيّون أو كتّاب أو مُدرّبون. لكنّهم كانوا حقّاً يعملون لبضع ساعات (في الأسبوع) فقط. أمّا الآن فأصبح بالإمكان أن تقرّ بأنّك أب ملازم للمنزل."
يقول جون تشابمان، من مدينة جنيف في إلينوي، وهو أب بدوام كامل لابنته جينا البالغة من العمر 8 سنوات ولابنه إيان البالغ من العمر 7 سنوات: "سوف تلتقي دائماً بشخص يسألك ألست رجلاً كفاية لكي تجد عملا". ويضيف تشابمان: "يجب أن تكون مرتاحاً لما أنت عليه". زوجة تشابمان هي الدكتورة كاثرين فاكلر-تشابمان وتمارس طبّ العائلة.
من الممكن ألاّ تكون النساء مساندات دوماً لهذا التدبير عندما يأخذن علماً به. إلاّ أنّ ردّة الفعل التي تسمعها كلّ من دنيز ويلسون والدكتورة فاكلر من نساء زميلات لهما، هي: "ليت زوجي يقوم بذلك".(54/158)
كمعظم المتزوجين الذين يلازم منهم الأب المنزل، كانت أسرة ويلسون وأسرة تشابمان من أسر أصحاب المهنتين، لكنهما قرّرتا أن تسهّلا حياتهما بالتخلّي، بشكل مؤقّت على الأقلّ، عن إحدى المهن الأقلّ دخلا بعد أن احتسبا كلفة الاحتفاظ بالدخلين. وتقول دنيز ويلسون: بعد أن أضفنا كلفةالرعاية اليوميّة، والثياب، والمواصلات، وطعامي الغداء والعشاء خارج المنزل، والضرائب الإضافية على الدخلين والزيادة في التأمين على السيّارة، وجدنا أنّنا نكسب فقط 3000 دولار إضافية إذا عملنا كلانا.
لم يكن لرون ويلسون ولا لجون تشابمان أيّ نموذج يعتمدانه لدور ذَكَري في دورهما الجديد. يتذكّر ويلسون فيقول: "لم أعتنِ بطفل يوماً ولم يكن لديّ يوماً أخوة أو أخوات أصغر منّي سنّاً." ويقول تشابمان إنّه جاء لعمله الجديد دون أي خبرة سابقة مطلقاً.
يقول هؤلاء الآباء إنّ التدرّب أثناء العمل يتطلّب حسّاً فكاهيّاً، ويشير ويلسون إلى الاستمارة التي كانت جزءاً من عمليّة إختيار مدرسة الحضانة لابنه، قائلاً: "أجبت عن كلّ الأسئلة مثل هل يستطيع ابنك العدّ؟ ما هو تاريخ ابنك الطبي؟ ثمّ وصلت إلى السؤال الأخير: هل عانيت أيّة مشاكل أثناء حملك؟ فكتبت: لا".
هنالك أحياناً مساوئ ترافق دور الأب الملازم للمنزل. الأوّل هو العزلة. والواقع أن دراسة أُجراها عام 1996 أُستاذ في علم النفس في إحدى كليات إلينوي بيّنت أنّ 66 في المئة من الآباء الذين يعتنون بأولادهم يشعرون أنّهم منعزلون إمّا جزئياً أو كليّاً، مقارنة بـ 37.4 في المئة من الأمّهات اللواتي يعتنين بأولادهنّ. وهنالك مسائل عابرة أخرى كوقت الفراغ القصير جدّاً، والرتابة، والقلق حول ما إذا كانوا قادرين على العودة لممارسة مهنتهم المتعطلة موقتاً، أو ليعوّضوا ما فاتهم. لكن، وبشكل عامّ، أظهرت دراسة العام 1996 أنّ أكثر من نصف الآباء وصَفوا أنفسهم بأنّهم سعداء للغاية بهذا التدبير.
يعمل إد بارزوتّي، وهو من أورورا، وأب ملازم للمنزل بنصف دوام، أيّام الإثنين والأربعاء والجمعة كمهندس كهربائي، وتعمل زوجته لوري أيّام الثلاثاء والأربعاء والخميس كمهندسة برامج كمبيوتر، وقد سمحت لهما الشركتان اللتان يعملان لديهما بأن يحتفظا بالمنافع الصحيّة والتأمين. وتوفر لهما أيّام الأربعاء تصوّر ما ستكون عليه حياتهما لو أنّهما يعملان كلاهما بدوام كامل، حيث عليهما تبادل رعاية ابنهما البالغ من العمر ستّ سنوات وابنتهما البالغة من العمر ثلاث سنوات. وتقول لوري بارزوتي: "تذهب سارة عند جدّتها أيّام الأربعاء. أمّا برايان فيذهب إلى المدرسة أثناء النهار ثمّ يأخذه إد إلى منزل صديق، وفي نهاية النهار لا تكون الأطباق مغسولة، والفوضى تعمّ المنزل".
يعتقد إد بارزوتي إنّ الرجال يربّون الأطفال بطريقة مختلفة، فيقول: "لوري تميل إلى القيام بأمور أكثر هدوءاً معهم داخل البيت"، ويضيف: "أنا أقوم معهم بمغامرات أكثر". يقول ويلسون أيضا إنّ زوجته تميل إلى الرسم مع أولادها في حين أنّه هو يحثهم على الألعاب الشاقّة.
أسرة آل تشابمان مختلفة. يقول جون تشابمان: "لا يعتمد توزيع كل الأدوار بالضرورة على اختلاف الجنس بل على الظروف. كان الأب تقليديّاً، يلعب الكرة مع الأولاد لأنّ الأمّ كانت تعدّ العشاء. أنا أعدّ الآن العشاء لذا فكاثي هي التي تلعب الكرة مع الأولاد."
على الرغم من أنّ إد بارزوتّي خفّض راتبه، وتشابمان وويلسون تخلّيا عن راتبهما في الوقت الحاضر، فجميعهم يعتبرون أنّهم تلقّوا مكافأة جيّدة مقابل ذلك. يقول تشابمان وويلسون إنّ مكافأتهما هي صحّة وسعادة أولادهما. ويقول بارزوتّي بدقة أكثر: "مكافأتي هي عندما يأتي إليّ إبني فجأة ويقول: أحبّك."
إن صغر سن أبناء أسرة تشابمان لا يمكّنهم من تقدير حسن حظّهم. لكنّ نات سزيمتشاك، وهو طالب في جامعة إلينوي، يبلغ الواحدة والعشرين من العمر، لديه نظرة مُعيّنة حول أن يكون المرء إبناً لأب ملازم للمنزل. فوالده لِن كان في بداية الثمانينات في البيت برفقته وأخته التي تبلغ من العمر 23 عاماً. يصف لِن من جهته تلك الحقبة قائلاً: "في تلك الأيّام لم يكِن في المراحيض الخاصة بالرجال طاولات لتغيير حفاضات الأطفال".
ويقول نات: "لم يبدُ ذلك غريباً بالنسبة إليّ في ذلك الحين، لكن بالعودة إلى الوراء لقد كان هو الأب الوحيد معي في أوّل يوم لدخولي الحضانة. لطالما كان حاضراً إلى جانبنا ولربّما كان هذا هو السبب الذي يجعلنا على علاقة متينة به، وهي علاقة لا يشعر بها أترابي كلّهم مع آبائهم. لا أنظر إلى تربية الأطفال على أنّها مسألة أنوثة أو ذكورة. على الرجال أن يمضوا المزيد من الوقت مع أبنائهم وهم يستطيعون ذلك."
ــــــــــــــــــ
«أين كنت»؟ سؤال ما يكرهه كثير من الرجال..!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد عبد النبي
«أين كنت»؟ سؤال يتردد على ألسنة كثير من النساء ، وهو ما يكرهه كثير من الرجال ؛ فبعضهم يعتقد أنّه فوق المساءلة ، وبعضهم يرى أنه حر ومن حقه أن يتأخر ويفعل ما يريد ، حتى ولو كان متزوجاً ولديه أطفال!! من الأزواج من يقضي معظم وقته خارج البيت ولا يعود إلا في ساعة متأخرة ، ثم يأتي باعتذار بارتباطاته وصداقاته.... ومنهم من يخرج لاستراحته أو استراحة غيره، فيلتقي زملاءه وتستمر الجلسة إلى ما شاء الله دون أن يدري ماذا حل بالمنزل ، ولا إلى أين يسير الأولاد .
ولا ما تعانيه الزوجة من جراء ذلك الإهمال ، وربما أتى وزوجته تغط في سبات عميق بعد أن أعياها السهر وطال عليها الانتظار.
تأخر الزوج ونسيانه المواعيد العائلية وعدم اهتمامه بشئون أسرته من المنغصات التي تؤدي إلى قلق وفقدان الزوجة لأعصابها، بل إنّ بعض الرجال قد يستضيف أصحابه في منزله كل ليلة .
فيثقل كاهل زوجته بما تعده للضيوف من أنواع الطعام والشراب ، وربما طال وقت الجلسة إلى ما بعد منتصف الليل ، وربما كانت الجلسة على لهو أو باطل ، فإذا خرج الضيوف آوى الزوج إلى فراشه، وترك زوجته تغسل الأواني ، فلا تكاد تنتهي إلا قرب الفجر دون أن تسمع منه كلمة شكر!!
ظاهرة قلق الزوجة على زوجها كما يشير موقع «لها» اونلاين تبدو طبيعية في كل المجتمعات البشرية، وتعرف الزوجة على تفاصيل صداقات زوجها وأصحابه قد يزيدها قلقاً مع تأخره عن مواعيده المعتادة في الرجوع إلى البيت ، وقد يزداد الأمر سوءا وتتطور المشكلات إذا ما اندفعت المرأة - من خلال الهاتف - للسؤال عن زوجها المتأخر في الأماكن الخاصة التي يسهر فيها ، نتيجة توترها وحساسيتها المرهفة ، وحرصها على زوجها وغيرتها عليه أيضاً..
وفي المقابل يجب على الزوج أن يستوعب تساؤلاتها وقلقها بهدوء خاصة أنّه تسبب في آلام نفسية للشخص الذي ينتظره، وإذا لم يجد تفهماً لحظياً من الزوجة الغاضبة، فعليه أن يكون صبوراً ويهدئ من روعها.
إنّ الانشغال عن الأهل تفريط عظيم وظلم بيّن ، إذ كيف يسوغ للإنسان أن يشتغل طيلة وقته خارج منزله ، فيترك شريكة عمره نهباً للوساوس والوحشة والأزمات ، أو يتركها للانغماس والدخول في مالا يحمد عقباه.
ليس مطلوبا أن يعيش الزوج حبيس منزله ، وإنّما هي دعوة للتوازن وإعطاء كل ذي حق حقه قدر الإمكان ، ففقدان القدرة على الموازنة يورث خللاً واضطراباً في حياة الفرد الزوجية والأسرية..
ــــــــــــــــــ
العلاج العائلي لمريض فصام الشخصية ..
* د. محمد أحمد النابلسي
كان فرويد وأتباعه من المحللين السباقين في اكتشاف دور الخلل العائلي في إحداث مرض الانفصام. فالتحليل النفسي يرد الأسباب النفسية للانفصام إلى ما وراء الأسباب الظاهرية التي ولدت المرض. وهم يركزون على المرحلة الفمية بالذات Stade Oral حيث يمكن أن تنشأ اتصالات مضطربة بين الأم ورضيعها. ويشبه المحللون اضطراب العلاقة بين الأم ورضيعها بـ نقطة ضعف في أساس العمارة (أي الشخصية). ومن خلال دراستهم للحالات الفصامية توصل المحللون إلى وضع وتحديد أنماط عدة ((للأم المتسببة بالفصام)). ومن أهم هذه الأنماط وأكثرها مطابقة للمنطق التحليلي نمط الأم المتزوجة من رجل (أي والد المريض) ضعيف الشخصية ولكنه سريع الغضب والانفعال. ونظراً لضعف شخصية الوالد فإن المريض يحيا طفولة تغيب عنها السلطة الأبوية أو تشوه صورة الأب (وبالتالي السلطة الأبوية) في نظر الطفل من خلال عمليات النقد والتهجم المستمرة التي تمارسها الأم على الأب (قد يحصل ذلك في غياب الأب).
ولو قمنا بتفحص المحيط العائلي لمريض الانفصام لوجدنا أن هذا المحيط قد يبدو طبيعياً دون أن تشوبه شائبة للوهلة الأولى. إلا أننا ولدى تعمقنا في دراسة أفراد هذه العائلة (وخاصة الأم والأب) نلاحظ نوعاً من القساوة والجمود العاطفي والفكري يهيمنان على أجواء هذه العائلة. كما نلاحظ انخفاض قدرة هؤلاء الأفراد على إقامة صلات عاطفية أو حتى حوارات حميمة فيما بينهم. وبمعنى آخر فإن عائلة المريض بالانفصام هي عائلة تعاني صعوبات علائقية مؤثرة في توازن المريض من الناحية النفسية على أكثر من صعيد.
وبالرغم من تحديد فرويد، والمحللين من بعده، للدور الهام الذي يلعبه الخلل العائلي في إحداث الفصام فإنه لم يتوجه للعلاج العائلي لهذا المرض. ولكن مع إرساء أسس العلاج النفسي العائلي التفت الباحثون نحو عائلة مريض الانفصام موجهين اهتمامهم نحو دراسة العلاقات العائلية للمريض وأثرها في ظهور المرض وفي تطوره أو تراجعه. (بالأحرى خموده). وقد حاول هؤلاء الباحثون علاج الانفصام عن طريق إصلاح علاقات المريض وأجوائه العائلية فلم ينجحوا. والحقيقة أن هذا الفشل لا يعود، في رأينا الشخصي، لقصور العلاج العائلي وإنما هو عائد إلى عدم قدرة المريض على استيعاب هذا العلا بطرقة فعالة. والدليل القاطع على ذلك نجده في قدرة العلاج العائلي على الحؤول دون حصول الانتكاسات المرضي أو على الأقل تأخير حدوثها. ففي دراسة للباحث Goldstein تأكدت فعالية العلاج العائلي في منع الانتكاسات لدى مرضى الفصام المعالجين دوائياً وعائلياً بالمقارنة مع المرضى المعالجين دوائياً فقط. وتشير هذه الدراسة وعديدة غيرها إلى أن العلاج العائلي يؤدي إلى تحسن جوانب نفسية عديدة في شخصية المريض لا يطالها التأثير الدوائي.
أما عن خطوات العلاج العائلي للانفصام فهي ترتكز على المبادئ التالية:
1 ـ تحديد أفراد العائلة الذين يعايشون المريض والذين يتميزون بتعابير انفعالية سلبية مبالغة (الشعور بالظلم، الكره، الحسد، الرغبة بالثأر، التدمير ... الخ). وقد أطلق الباحثون الأميركيون على هؤلاء الأشخاص تعبير الـ High E.E)) واعتبروهم مسؤولين عن المساهمة في إحداث اضطرابات الشخصية لدى المريض واستمراريته. وهذا ما يؤكده الباحث Brown الذي يشير إلى أن 92% من الانتكاسات الانفصامية تعود لوجود مثل هؤلاء الأشخاص في عائلة المريض.
2 ـ ضرورة إعادة التوازن للصورة الأبوية: وسنتبسط في شرح هذه النقطة بسبب أهميتها البالغة. فالطفل وابتدءً من سن الثالثة يبدأ باستيعاب النقاط التي تتيح للأب التفوق عليه. فإذا ما وصل الطفل إلى سن 5 ـ 6 سنوات تخلى عن الصراع الأوديبي لمصلحة والده وتحول صراعهما إلى محاولة الطفل تقليد أبيه والتماهي به. والطفل في هذه المرحلة يتخيل نفسه شبيهاً بأبيه عندما يكبر. فإذا ما تدخلت الأم وأحدثت تشويهاً في صورة الأب فإن الطفل يستشعر هذا التشويه في صورته الذاتية. ويكون هذا التشويه أولى دعائم اضطراب الشخصي لدى الطفل الانفصامي. ولذلك وجب توجيه الأم وتدريبها للعمل على تجميل الصورة الأبوية.
3 ـ تثقيف العائلة في موضوع المرض: علينا أن نعمل ومن خلال جلسات عائلية موسعة يحضرها جميع أفراد العائلة (باستثناء المريض والأطفال دون الرابعة) الذين يعيشون مع المريض. وفي هذه الجلسات علينا أن نشرح للعائلة المظاهر المرضية والاضطرابات المرافقة للمرضى، النوبات وإمكانية ظهورها، أهمية العلاج الدوائي وضرورة الإشراف الطبي، احتمالات تطورات المرض وتأثيره على حياة المريض المستقبلية. وأخيراً الأساليب الواجب اتباعها في العلاقة مع المريض.
ومناقشة مثل هذه المواضيع مع العائلة غالباً ما تكون مصدراً لعدد كبير من الأسئلة الاستيضاحية التي يطرحها أفراد العائلة التي تجب الإجابة عليها بوضوح مع إعطاء التعليمات اللازمة.
4 ـ إصلاح الجهاز العلائقي داخل الأسرة: بعد مناقشتنا للخطوات الثلاثة الأولى اصب من السهل علينا تبيين الأعطال الطارئة على جهاز العلاقات داخل الأسرة. ومن الوجهة الطبية ـ النفسية علينا أن نقوم بإصلاح هذه الأعطال اعتماداً على الطريقة التي نراها مناسبة سواءً أكانت سلوكية أم تحليلية أم إدراكية ... إلخ. فالهدف هو أولاً وأخيراً تأمين الأجواء العائلية الملائمة للمريض وإزالة التوتر والصراعات من هذه الأجواء منعاً لحدوث الانتكاسات.
5 ـ الإصرار على إقتران العلاجيين الدوائي والعائلي: رأينا أن العلاج العائلي منفرداً لا يستطيع أن يحل مكان العلاج الدوائي. لذلك فإنه من العبث القيام بالعلاج العائلي إذا ما كان المريض ممتنعاً عن تناول علاجه الدوائي. ولعل أفضل الفترات للقيام بالعلاج العائلي هي فترة وجود المريض في المصح.
وإذا كنا في مجال الحديث عن العلاج العائلي لحالات الانفصام فإننا لا نستطيع أن نتجاهل الأجواء الاجتماعية العامة للمريض ولعائلته. وهذا ما يدفعنا لطرح عدد من الأسئلة، نعرف سلفاً أن الأجوبة عليها سلبية:
1 ـ ما هي إمكانيات العلاج المتحضر لهذا المريض في مجتمعنا؟
2 ـ كم هي الحالات التي تشخص في الوقت المناسب؟
3 ـ من هي العائلات التي تتقبل بموضوعية فكرة كونها مساهمة في إحداث المرض؟ وكم عددها؟
4 ـ كم هي النسبة المئوية للمرضى الذين تم عرضهم على الطبيب؟
5 ـ ما هي نسبة العائلات القادرة مادياً على متابعة علاج من هذا النوع وعلى تحمل أعبائه؟
6 ـ هل عندنا أعداد كافية من الاختصاصيين في هذه المجالات؟
7 ـ هل سعينا أو نسعى لإعداد مثل هؤلاء الاختصاصيين.
8 ـ هل نعلم النسبة المئوية للإصابة بالانفصام في مجتمعنا؟ أو العدد التقريبي لهؤلاء المرضى؟
9 ـ هل وضعنا حداً لأساليب العلاج المتخلفة وذات الآثار السلبية على هؤلاء المرضى ... الخ.
وتطول هذه اللائحة ليس فقط بالنسبة لمرضى الانفصام ولكن أيضاً بالنسبة لسائر المرضى النفسيين والعقليين.
ــــــــــــــــــ
المقارنة بين الأبناء, تجعلهم أعداء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
تعتبر المقارنة بين الابناء امراً مزعجاً لهم فكما أن الزوجة تنزعج حين يطلب الزوج منها ان تقوم بعمل ما فتقوم به ولكن لا ينال اعجابه فيبدأ بمقارنة هذا العمل مع ما تقوم به اخته أو أمه أو جارته فهذا بكل تأكيد يزعج الزوجة ويشعرها بالاهانة لمجرد المقارنة فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب ويتوتر حين تقارنه بأخيه الاسرع منه .
أو الأذكى منه او الاهدأ منه ان مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل اضطراباً في نفسيته وضعفا في شخصيته لانه قد يكون عاجزاً أو غير قادر على القيام بنفس ما يقوم به أخوه ولكنه بالتأكيد يستطيع القيام بشيء لا يستطيع اخوه القيام به لانه لم يخلق نسخة عن اخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين وللوقوف على هذا الموضوع كان لـ «دنيا الناس» هذا التحقيق.
الطفل محمد مطر يقول: المقارنة بيني وبين اخوتي تجعلني احيانا ابذل جهداً أكبر كي اصبح مثلهم أو مثل أحدهم ولكن في كثير من الاحيان افشل ولا استطيع تحقيق ما يطلبه مني والدي واشعر أنني أقل منهم ذكاء وسبب ذلك ايضا انهم اكبر مني فلذلك فهم مجتهدون اكثر مني ويقدرون على القيام بكل ما يطلبه.
والدي منهم بشكل صحيح وانا اعرف ان والدي يقارن بيني وبينهم لانه يحب ان يدفعني اكثر للحركة وللاجتهاد في الدراسة ولكني اكره هذه الطريقة لان قدراتي غير قدرات أخي الاكبر مني وكل انسان له قدرات معينة لايستطيع تجاوزها او مضاعفتها بسهولة وفي الحقيقة انا استطيع القيام باشياء.
وأمور لايستطيع اخي القيام بها كحل المسائل الحسابية بسرعة ودون اخطاء حتى اخوتي البنات لا يستطعن القيام بنفس السرعة التي اقوم فيها بحل تلك المسائل واتمنى على والدي ان قرأ هذا الكلام ألا يعود لاسلوب المقارنة بيني وبين اخوتي من جديد.
خطأ تربوي
سهيل جواد الشواف موظف يقول: للمقارنة بين الاولا سلبيات كثيرة ومعظم شباب الجيل الحالي قد عانى من هذه المشكلة عندما كان صغيرا يتربى في احضان اهله وبين افراد اسرته حيث لم يكن يكتب التفوق لجميع افراد الاسرة في اداء واجباتهم المدرسية أو تلبية طلبات الاهل والمسألة لا تتعلق بكون العمل الذي يقوم به المتفوق صحيحاً أم خطأ فقد يكون صحيحاً .
وقد يكون خطأ كأن يطلب الاب من ابنائه القيام بأمر ما فيسرع احدهم الى تلبيته أو يحسن احدهم اداءه كما يريده الاب وليس كما ينبغي ان يكون فالمقياس هنا هو رؤية الاب أو الام لا طبيعة الامر.
ويضيف وتظهر هذه المسألة واضحة في المدرسة عندما يميز الاستاذ الفلاني بين التلاميذ فيقول هذه منطقة الكسالى أي مجموع بعض المقاعد أو هذه زاوية المجتهدين.
وكذلك في الاسرة عندما ينتهي فصل دراسي وتخرج النتائج ويرجع الابناء الى آبائهم واهلهم وبيدهم ورقة العلامات والنتائج فنسمع الاب يقول أخوك علي أخذ تسعين وانت اخذت سبعين ما الفرق بينكما؟ بماذا قصرت معكما انك تأكل كما يأكل وتعيش كما يعيش لماذا هو دائما أفضل منك في المدرسة وفي العمل وفي اداء الواجبات الاسرية ؟
هذه الكلمات تحطم الطفل وتجعله حقوداً على الطرف الآخر الافضل منه وقد يؤذيه أو يحقد عليه لأنه يرى نفسه دائماً الادنى لا لكونه كسولاً بل لأن له أخاً مجتهداً واعتقد أن الكثير من العداوات التي تقوم بين الاخوة في الكبر كان منشؤها الصغر وكانت بدايتها مقارنة الاهل لاولادهم بعضهم بعضا ولذا اتمنى من الاهل ان ينتبهوا لهذه الناحية وسأعمل جاهداً على الا اقع في الخطأ التربوي في تربية ابنائي لانني قاسيت منه عندما كنت صغيراً.
دمار للنفسية
محمد علي ـ موظف ـ يقول: ان مسألة التربية أمر عظيم لا يحسنه الكثير من الناس وخاصة مجتمعاتنا العربية بسبب عدم الوعي الكافي لدى الكثير من الآباء والأمهات وتعتبر التربية النفسية أهم وأعقد وأصعب من التربية الجسدية وتشكل السنوات السبع الأولى من حياة الطفل ركيزة مهمة في تربيته النفسية .
وما التفريق بين الابناء والمقارنة بينهم الا احدى المشاكل النفسية التي يبقى اثرها ما عاش المرء وترافقه الى شيخوخته وتؤثر على جميع نواحي حياته التي يعيشها فالمقاومة بين طفل قصر او بذل جهده في امر ما ولم يستطع بلوغ الكمال فيه مع آخر بلغ مرتبة أعلى يعني هدما ودمارا لنفسية الاول .
وهذا الخطأ ليس في هذا الطفل الذي عمل جهده وبلغ تلك المرتبة بل المشكلة في اهله الذين لم يكتشفوا نقاط النجاح في هذا الطفل او عجزوا عن جعله ينال المرتبة العليا في ذلك الامر فهم المقصرون برأيي وليس الولد.
لا تشجع أبناءك على ان يقارنوا أنفسهم بالآخرين، بل عود أبناءك ان يتقبلوا مدح الآخرين لاحدهم او مدح المدرس لأحد الطلبة دون بقيتهم وعلمهم ان يبحثوا عن أسباب المدح ليوجدوها في أنفسهم دون ان يتضايقوا أو تنبت مشاعر غيرة عدائية عندهم وهذا لن يكون إلا بالتدريب على التعامل مع هذه المشاعر داخل نطاق الأسرة ومناقشتهم فيها.
قاعدة ذهنية خاطئة
الدكتور عماد الحسيني ـ اختصاصي نفسي ـ يقول: كثيرة هي العوارض السلبية التي قد تنتج بسبب التربية الخاطئة التي يمارسها كثير من الآباء والأمهات عند حث أولادهم بنين وبنات وحفز هممهم حيث يقومون بمقارنة مجحفة بين الأولاد وأقرانهم بطريقة ترسخ فيهم الشعور بالنقص والدونية وذلك من خلال النظر الى نجاح الآخرين وتفوقهم واعتباره دليلا على قصور الأولاد وفشلهم فنجد الأب مثلا يقول لابنه ان ابن عمك فلان حصل على امتياز في مادة كذا بينما أنت لم تحصل على جيد جدا.
ويضيف: فهذا الأب رغم أنه يقصد حفز همة ابنه وحثه على المزيد من البذل الا انه ولد لدى ابنه شيئا من الشعور بالنقص والدونية في مقابل الاقران وهذا يؤدي الى ارتباط ذهني لا شعوري بين نجاح الآخرين وتفوقهم وبين فشله وقصوره فإذا تكررت مثل هذه المقارنة بهذه الطريقة الخاطئة من اكثر من مصدر .
وفي اكثر من موقف ترسخ في ذهن الشخص قاعدة خاطئة وهي «أن كل نجاح لمن حولي يستحقون الثناء عليه يعني فشلي في بلوغ هذا النجاح وقصوري في أعين الناس» ثم يمتد اثر هذه القاعدة الذهنية للتأثير في المشاعر والسلوك ويختلف هذا التأثير باختلاف الاشخاص فإن كان الشخص ضعيف العزيمة اصيبت مشاعره باحباط وأسى وحزن وألم نفسي .
وأصبح سلوكه محاصرا بطوق حديدي شائك يمنع صاحبه عن التقدم لتحقيق اي انتاج ينفعه وإن كان الشخص ذا عزيمة قوية وهمة عالية فإن مشاعره تكون حساسة جدا سريعة التأثر بمثل هذه الأمور فتجعل النفس سريعة الأنفة والاعتزاز والتعالي وتجعل الذهن كثير المقارنة بين انتاج النفس .
وانتاج الأقران ومن ناحية السلوك فإن الشخص ربما انخرط في سباقات ومنافسات متعددة مع كل من بعده من الأقران والمنافسين والهدف الوحيد لمثل هذه المنافسات هو ازالة تلك الصفة التي حوتها القاعدة المذكورة آنفاً «نجاح غيري يعني فشلي» ويؤكد:
لذا فإنه اذا ما حقق هذا الشخص تفوقاً في جانب ما على شخص آخر ادى هذا الى ارتياح نفسي وطمأنينة لانه يعمل على ستر عورة النقص الداخلي في نفسه ولكن لا تلبث العورة هذه ان تنكشف مرة اخرى بمجرد سماع ثناء جديد على شخص جديد حيث يفهم الذهن بحسب القاعدة السابقة ان هذا يعني فشلاً لي وقصوراً فتتألم مشاعره التي لا تلبث ان تستنهض الهمة .
وتحفز السلوك من جديد الى الانخراط في مشروع منافسة جديدة لا لهدف سوى ستر عورة النقص من جديد التي يؤلم انكشافها المشاعر ايلاماً شديداً وربما توسع مثل هذا الشخص في تكريس هذه القاعدة الخاطئة وبنى عليها قواعد اخرى خاطئة تجر الى سلوكيات خاطئة ايضاً مثلاً فشل غيري في امر ما يعني قصوره وكونه اقل مني.
فيذهب يلتمس فشل الآخرين وتقصيرهم ويتوقعه ويحلم به وربما قاده الى امور لا يرضاها الله تعالى من اعمال قلبية «كالغل والحسد والحقد» أو اعمال بالجوارح «كالغيبة والافتراء والخداع والغش».(54/159)
ويؤكد: وهكذا نجد ان هؤلاء الآباء رسخوا في اولادهم امرين خطيرين هما: أولاً الشعور بالنقص والدونية. وثانيا: تقويم النفس من خلال نظرة الناس ووزنها بميزان الذوق الاجتماعي السائد مما يرغبه الناس في المجتمع سواء في الامور الاجتماعية أو الثقافية أو العلمية ومن ثم البعد عن المقاييس الصحيحة والموازين الصائبة للامور.
اما العلاج فيشير الدكتور عماد الى ان اولى خطوات التغيير حسن التفسير فإن كان هذا التفسير سابق الذكر ينطبق على من يجد عنده هذه المشكلة فالعلاج يكمن في:
ـ فهم المشكلة وادراكها لجميع جوانبها ومعرفة جذورها منذ الصغر فإن الفهم السليم سيساعد كثيراً على التغيير.
ـ لا يكفي الفهم والادراك الذهني الصحيح لتعديل مسلمات ذهنية خاطئة راسخة منذ الصغر في برامج التفكير الداخلية ومتصلة اتصالاً وثيقاً بمراكز المشاعر والسلوك بل لابد من فترة زمنية كافية تبذل فيها جهداً مناسباً لتصحيح تلك المسلمات وما يتفرع عنها.
ـ ذهنك وتفكيرك بحاجة الى اعادة برمجة وفق الاسس التربوية السليمة التي نص عليها علماء النفس والسلوك والاجتماع وكذلك وفق الاسس الشرعية التي جاءت بها النصوص من القرآن والسنة وتربى عليها السلف الصالح وفيها تكون اسس بنيانك النفسي على تقوى من الله ورضوان وبذلك تتعدل وجهة قلبك من حب ثناء الناس واطرائهم والرغبة فيما عندهم الى حب الله تعالى والرغبة فيما عنده وعندها تنبت في نفسك نبتة خير اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
اثار سلبية
الشيخ أيمن السعدي ـ امام وخطيب يقول: ان الطفل بحاجة الى الاهتمام من قبل والديه وخاصة في السنوات السبع الاولى من حياته سواء كان ذكراً أو انثى ذكياً أو بليداً، جميلاً أو قبيحاً وينبغي للوالدين عدم التفريق بينهم والاصغاء اليهم حين يتحدثون واخذ مشورتهم في القضايا العائلية لاشعارهم بأهميتهم واحترام آرائهم.
ولابد ان يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الاولى من حياته فلابد ان يجد المكان المناسب له في لعبه وحركته وترتيب لوازمه دون تدخل الكبار ولابد ان يجد الحرية في الحركة دون تحذير هذا بشكل عام.
اما بخصوص المقارنة بين الابناء فهذه مشكلة منتشرة في الكثير من الاسر والمجتمعات العربية ربما بسبب التخلف الذي تعيشه مجتمعاتنا أو الجهل الذي لم تخرج من بوتقته أو سيطرة العادات والتقاليد والافكار القديمة الخاطئة في اساليب التربية التي لم نطورها حتى هذه الساعة.
ويضيف: ان كثرة الاولاد ليست سبباً في شجار الاخوة فيما بينهم كما تتصور بعض الامهات الكريمات بل المقارنة بين افعال الاولاد وسلوكياتهم احد اهم اسباب العداء بين أفراد الاسرة بسبب دافع الحسد والغيرة واستخدام الوالدين المقارنة بين الابناء اسلوب مزعج لهم فكما اننا نغضب حين يقارن احدهم عملنا بعمل الآخرين ويظهر ان عمل الآخر افضل فكذلك الطفل.
يصاب بحالة من التوتر بسبب هذه المقارنة لذلك ينبغي على الوالدين عدم استعمال المقارنة بين الابناء بالمديح أو الذم كأن تقول الأم لصغيرها لماذا لا تكون مثل اخيك الذي يحافظ على ملابسه دائماً ولا يمزقها أو يهملها أو يتلفها؟
فهي دائما تظهر له ان اخاه افضل منه حتى اذا تمكن هذا الشيء في عقله وقلبه كره اخاه وبدأ يحقد عليه ويحسده واصبحت نفسه مهزوزة وشخصيته مضطربة لا يقوى على القيام بشيء لأنه يضع نصب عينيه الفشل وكأنه سيلازمه طوال حياته.
تحقيق : محمد زاهر
* البيان
ــــــــــــــــــ
النقال لا يغني عن الحوار المباشر
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
العلاقة الزوجية علاقة خاصة جداً وقد ساهمت وسائل الاتصال الحديثة في تغيير شكل هذه العلاقة سواء أكان هذا التغيير سلبياً أو إيجابياً،
ومما لا شك فيه أن وسائل الاتصال لا علاقة لها بإيجابية أو سلبية هذه العلاقة لأنها كما قلنا وسيلة، وبالتالي فإن قيمة هذه الوسيلة تتحدد بالأسلوب الذي تستخدم فيه، فإذا كان الزوجان متفاهمين فإن هذه الوسيلة تكون حلقة اتصال جيدة فيما بينهما، تقرب المسافة وتختصر الزمن وتنقل بينهما علاقات الود الحميمة، أما إذا كانت العلاقة غير جيدة في الأصل.. فإن هذه الوسائل يكون تأثيرها في زيادة تأزم العلاقة، لأنها تساهم في التباعد وتحرم الطرفين من فرص اللقاء، وتعطي مجالاً لسوء الظن الموجود أصلا بينهما أن يتنامى ويزداد، وفي محاولة للتعرف على أبعاد هذا الموضوع كان لنا هذه الحوارات مع أساتذة مختصين في علم النفس وعلم الاجتماع والإعلام والطب النفسي للتعرف على آرائهم:
يؤكد الدكتور( محمد الحداد) أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الكويت: أن العلاقات الاجتماعية أياً كانت، سواء بين الأفراد في الأسرة الواحدة أم بين الأصدقاء والزملاء، إن لم تكن علاقات وجهاً لوجه تصبح علاقات ضعيفة، وقد حاول العلم أن يدخل إلى هذه العلاقات ويقويها عن طريق الوسائل المختلفة كالهاتف أو الإنترنت أو أي وسيلة أخرى، لكن ما حدث كان العكس، فغالباً ما لا يساعد الهاتف في حل المشكلات، فعلى سبيل المثال حين يتحدث شخص إلى شخص آخر فإن التعبير الوجهي وحركة الوجه والعين والشفاه كلها تلعب دوراً في التأثير على الطرف الآخر، فحين نتحدث بالهاتف غالباً ما نرفع الحرج في الحديث، والمفروض أن لا يُستغنى بالهاتف عن اللقاء المباشر، والهاتف لا يحل المشكلة، ولكنه في بعض الأحيان قد يساعد على تأزم بعض المشكلات، فقد يتحدث الزوج مع زوجته وهو غاضب وترى وجهه عابساً فتعرف أنه غير مستعد للتفاهم في الوقت الحالي، وتحاول من خلال خبرتها في التعامل معه تجاوز هذا الظرف بالصمت في أسوأ الظروف، أما في الهاتف فالتعبيرات الوجهية لا تظهر، ولذا فاللقاء هام لإنهاء المشكلات، ولهذا فإن علاج الحالات المشابهة بين الآباء والأبناء أو الأزواج والزوجات، يعتمد على العلاج الجماعي بالتقاء الأسرة كلها بعضها مع بعض..
الفرحة: هل يمكن أن تؤدي مناقشة المشكلات عن طريق الهاتف إلى حدوث الطلاق؟
الحديث الهاتفي يأخذ فيه المتحدث حريته والمفروض أن لا يأخذ دور اللقاءات الشخصية المباشرة
كما قلت فإن الهاتف بلا شك يرفع الحرج والكلفة، ولذا فإنه يجعل الإنسان يقول ما يشاء لأنه يتحدث بلسانه، ولا يستقبل إلا كلمات أخرى من الطرف الآخر، وهو حر في التعبير عما يشاء، لذلك نجد أنه في كثير من الأحيان يتطرف بعضهم في الحديث وقد يسيء أحدهم استخدام الهاتف كأن يغلق الخط في وجه الآخر اعتقاداً منه أنه بذلك حقق انتصاراً بإنهاء المكالمة، وهذا في حد ذاته لا يعتبر عملاً إيجابياً بل قد ينعكس سلباً على الحياة الاجتماعية بين الطرفين، والمشكلة ليست مشكلة الهاتف بل في طريقة استخدامه.
وتقول الدكتورة ( نادية الحميدان) عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس، كلية الآداب- جامعة الكويت: إننا يجب أن ندرك في البداية أن الهاتف كوسيلة ليس سبباً، ولا يمكن أن يكون سبباً، بأي حال من الأحوال، في نشوء أو تطور أو استمرار الخلافات الزوجية، لأنه وسيلة اتصال ليس إلا، والذي يقرر السلوك ويتخذه هو الإنسان نفسه، وسلوك الإنسان يرتبط بعوامل عديدة، وظروف محيطة هي التي تؤثر في مسار هذا السلوك، وهناك ظروف يوجدها الإنسان وظروف خارجة عن إرادته، ولا يمكن أن نقول بأن الهاتف عامل مؤثر في السلوك، ولكن قد تتصل الزوجة بزوجها في وقت غير مناسب، وبطريقة غير مناسبة، وقد تكون الظروف أيضاً غير مناسبة، وبالتالي فإن ردود الأفعال قد تكون سيئة للغاية..
وهذا يعتمد على طرفي العلاقة وهما الزوج والزوجة، فإذا كانت الزوجة عاقلة وواعية فإنها تعرف أن عليها أن تختار الوقت والأسلوب والوسيلة التي تناسب كل موقف، فليس من المعقول أن تتصل الزوجة بزوجها في العمل لتناقشه في موضوع كان مثار خلاف بينهما مثلاً في المنزل ليلاً أو في صباح اليوم نفسه، وقد يكون هو في ظروف غير مناسبة بسبب ضغط العمل مثلاً، أو وجود مراجعين عنده أو وجود زملائه، ويجب أن تؤجل هذه الأمور للتفاهم حولها في المنزل، وقد تتصل الزوجة أيضاً بزوجها لتخبره أنها سوف تتأخر عن البيت لذهابها مع زميلاتها إلى مكان ما، ويعترض الزوج ويطلب منها العودة إلى المنزل فترفض الزوجة، وتصر على الذهاب لأنها وعدت زميلاتها ولأنهن ينتظرنها، ويحتد النقاش وقد تقع الكارثة، وقد يكون الزوج متفهماً فيدير دفة النقاش بطريقة دبلوماسية، لتهدأ الأمور ويحاسب زوجته في البيت، لكي تدرك أن موقفها كان خاطئاً ولا تعود إليه مرة أخرى، ولو نظرنا إلى الدور الذي يلعبه الهاتف هنا فسنجد أن السلبيات التي قد تنشأ، ليس لهذا الجهاز الصغير ذنب فيها، وإنما هي جميعها سلوكيات سلبية يرتكبها الناس، ولكنهم دائماً يبحثون عن مشجب لتعليق أخطائهم عليه، ولا أعتقد أن وجود الهاتف قد ساهم بشكل أو بآخر في تعميقها أو تسطيحها، فهو وسيلة كأي وسيلة يطوعها الإنسان بالاستخدام سلباً أو إيجاباً.
الهاتف وسيلة اتصال ليس إلا ، والذي يقرر السلوك والاستخدام هو الإنسان.
كنت أتحدث مع زوجتي عبر الإنترنت.
ويقول الدكتور ( علي دشتي) أستاذ الإعلام في جامعة الكويت: إن وسائل الإعلام في حد ذاتها ليس فيها مشكلة بل هو وسيلة جيدة وفعالة في تقريب المسافات والأفكار أو يفترض أن تكون كذلك، فأنا على سبيل المثال تقدمت للزواج، وبعد ذلك سافرت زوجتي إلى أمريكا لإكمال دراستها، وخلال هذه الفترة كنا دائمي الاتصال أحدنا بالآخر عن طريق الإنترنت، وكنا نتفاهم حول أمور كثيرة من خلال هذه الوسيلة التي كانت في تصوري فعالة ومفيدة جداً، وأعتقد أن لها دوراً في تأصيل العلاقة بين الزوج والزوجة، مع أنني أفضل أن تكون العلاقة ويكون التفاهم بينهما وجهاً لوجه، لأن الإنسان لا يستطيع أن يستغنى عن هذا اللقاء، لأن الإنسان في اللقاء المباشر يستطيع أن يتعرف على وجهة نظر الطرف الآخر مباشرة أفضل من التعرف عليها من خلال الحديث الهاتفي، لأن ذلك يتم بأكثر من وسيلة للتعبير، فقد يقول أحد الطرفين رأياً ويفهمه الطرف الآخر بطريقة خاطئة، ولذا فإن هذا الأمر يوجب أن يكون الإنسان حذراً أشد الحذر في التعامل من خلال الهاتف حتى لا تحمل كلماته معنى آخر، وفي هذا جهد نفسي يصعب على الكثيرين احتماله، وقد يصيب البعض بالتوتر، وأذكر أنني يوماً مازحت أحد أصدقائي على الهاتف، وأخذ هذا المزاح على سبيل الجد واقتضي الأمر منى وقتاً بعد ذلك حتى أقنعته بأن ذلك كان مزاحاً، وهذا دفعني لأن أوصي أصدقائي حين يتحدثون في الهاتف أو عن طريق الإنترنت أن يكونوا حريصين جداً، وأذكر أيضاً أن أحد الأشخاص بث على الإنترنت نكتة أمريكية عادية لكنها أثارت غضب الكثيرين لأنهم فهموها بطريقة خاطئة.
وأستطيع القول إن وسائل الاتصال لها دور كبير في تأصيل العلاقة الزوجية، ولكنها في بعض الأحيان قد تسيء إلى هذه العلاقة.
وإن كنت لم أصادف شخصياً حالات من هذا النوع، تطورت الخلافات فيها إلى درجة مفزعة قد تصل إلى الانفصال، ولكني لا أستبعد هذا الأمر خصوصاً إذا لم يكن هناك تفاهم كافٍ بين الطرفين وخصوصاً إذا كانت قنوات الاتصال غير مفتوحة بشكل جيد فيما بينهما، ولذا فإن أحدهما قد يأخذ كل شيء من جانبه السلبي، والاتصال في هذه الحالة يكون له دور فقط وليس هو الأساس.
ــــــــــــــــــ
ست مهارات في توجيه سلوك الأبناء
أثناء تنقلي وسفري من بلد إلى بلد في وقت الصيف جلست عائلة بقربي مكونة من أم وستة أولاد وكانت الرحلة مدتها ساعتين واستغربت كثيراً من طريقة توجيه الأم لابنتاها أثناء لعبهم ومشاغبتهم في الطائرة، وكانت تتعامل معهم بطريقة عسكرية بعيدة عن الرحمة والرفق ولا تفرق بين كبير وصغير، أو ولد وبنت، أو سليم ومريض، أو جائع وشبعان، أو مجتهد ومخطئ
إن المظهر العام للعائلة بشكلها ولباسها يوحي لك أنها عائلة محافظة وملتزمة ولكن تنقصها (الثقافة التربوية الإسلامية) وهذا ما نعانيه في مجتمعنا العربي والإسلامي.
إن معالجة الخطأ من الفنون وقد علمنا رسولنا الكريم كيف نتعامل مع الأطفال إذا أخطؤوا وسأذكر ست وسائل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج بها خطأ الطفل وهي:
1- معالجة الخطأ بالتوجيه المباشر
روى البخاري ومسلم عن عمر ابن أبي سلمة - رضي الله عنهما - قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله (ص)(أي تحت رعايته)، وكانت يدي تطيش في الصحفة (أي تتحرك هنا وهناك في القصعة)، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ياغلام: سم الله، وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك.
2- معالجة الخطأ بالإشارة
روى البخاري عن ابن عباس كان الفضل رديف رسول الله (ص)فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل إليها وتنظر اليه وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت: يارسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج ادركت أبي شيخا كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم.
3- معالجة الخطأ بالعتاب
روى الطبراني عن عبدالله بن يسر - رضي الله عنه - قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقطْف من عنب، فأكلته،ٌ فقالت أمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتاك عبدالله بقطف؟ قال: لا.. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال غُدر غُدر (نوع من العقاب الرقيق).
4- معالجة الخطأ بالتعريض
روى البخاري عن أبي ذر - ضي الله عنه -قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال اقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم).
5- معالجة الخطأ بالتوبيخ
روي البخاري عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: ساببت رجلاً، فعيرته بأمه (قال له: يا ابن السوداء) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم في العمل مالا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم.
6- معالجة الخطأ بالزجر
ورد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كخ.. كخ. ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة، قل الإمام النووي وقوله: كخ.. كخ، يقال: بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن - رضي الله عنه - صبياً.
لعل القارئ تأمل معي هذه الفنون والمهارات في التعامل مع الأبناء وتغيير سلوكهم ولاشك أن هناك مهارات أكثر ولكن مساحة المقال لا تسعنا للزيادة ونسأل الله تعالى أن تنتشر مؤسسات وشركات وجمعيات هدفها توعية وإرشاد الوالدين إلى حسن التعامل مع أبنائها أثناء خطئهم.
* جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
ثقافتك واثرها في تربية اولادك..
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د. موسى الخطيب
إن الثقافة قوة أخلاقية، لا علمية وحسب، وإنا لننتفع بها كقوة أخلاقية كلما بدأنا بها مبكرين، أي إذا ملأنا وعي لاطفل بروح الثقافة وروح المعرفة، وذلك يقتضي أن نتوخى مناهج للتربية تعتمد السبل الآتية:
ـ أن يدرك الطفل أننا لا نعلّمه، وإنما نقدم إليه خبرتنا.
ـ وأننا لا نتحكم فيه بل نشير عليه.
ـ وأنه إذا كانت لنا عليه حقوق، فهي ليست على حريته، بل على علاقاتنا المشتركة لا غير.
ـ وأننا نعاونه لكي يصير ((إنساناً)) لا مجرد فرد، لكي تتجلى الشخصية الإنسانية فيه، بكل نبوغها واستقامتها وتفوقها تجلياً كاملاً.
ـ وعلينا أن ننمي حاسة الجمال في نفسه، فبقدر ما تكون حاسة الجمال نامية ونابضة، يكون ميله للعظمة، وعزوفه عن الإسفاف. وعندئذ لا نرى الكذب دبلوماسية، ولا الكبر اعتداداً، ولا السرقة ربحاً، ولا اللؤم براعة، ولا الأنانية تسامياً، ولا نرى الحب مجرد نزوة، ولا المرأة خليلة.
ـ وينبغي أن نجنبه الحظر والنهي ما استطعنا. إن كلمة ((لا تفعل)) تهبُ الطفل نشاطاً سلبياً، ولكن ((إفعل)) تروضه على النشاط الإيجابي الفعال .. فبدلاً من أن نقول له: لا تكذب، لنقل له: قل الصدق. أجل، لنجعل أساس ثقافتنا الأخلاقية ((إفعل)) بدلاً من ((لا تفعل)) ولنحذر أن نقولها جافة غليظة .. بل لتكن: ((من الخير أن تفعل)) .. وهكذا نهب أطفالنا أسمى الفضائل وأعظم الأخلاق.
زار الإسكندر، ذات يوم، الفيلسوف ((ديوجينز)) وسأله في تواضع وأدب:
أليس لسيدي الفيلسوف ما يأمر به، فيكون لي شرف تنفيذه.
فأجابه الفيلسوف الزاهد الكبير:
ـ نعم، لي حاجة واحد، أن تتنحى بعيداً، حتى لا تحجب عني ضوء الشمس.
لم تكن شخصية ((المفكر)) تختفي، لتأخذ مكانها شخصية ((الوصولي)) بل كان جلال الموهبة يملأ نفوس المفكرين فلا يسعون للملوك والسلاطين، بل هم الذين كانوا يسعون إليهم..
هذا المستوى العالي الذي تعبر عنه كلمة ((ديوجينز)) عبر عنه المفكر الإسلامي الكبير الإمام الشافعي بقوله:
أنا إن عشت لست أُعدم قوتاً وإذا مت لست أعدم قبراً
فعلام أذل للناس نفسي وعلامَ أخاف زيداً وَعمراً
والثقافة تعني دائماً التخطي والمجاوزة، أن تتجاوز الحظر الأخلاقي، والحظر السياسي، والحظر الاجتماعي.
فالثقافة إذن، لكي تؤدي وظيفتها، يجب أن تتحرر من كل تبعية للتقاليد، وهي بتحررها لن تطغى على التقاليد القائمة .. فبين الثقافة والتقاليد روابط تاريخية، تجعل كلاً منهما يعطي الآخر ويأخذ منه. وإنا لنعلم أن شر ألوان الاسبتداد هو ((استبداد الكلمة)).
إن الثقافة من عمل الإنسان .. ولابد لها من مجاوزة التقليد إلى الابتكار، والمحلية إلى الشمول، فذلك من صميم طبيعتها، وحيث يوجد ((إنسان)) فَثمّ وطنها، فليس لها وطن خاص ولا جنسية خاصة.
إن الجهل بعالمية الثقافة يحمل على التعصب الذميم والخوف الأهوج. والتعصب لثقافة ما، والخوف من ثقافة أخرى. فالثقافة ليست معرفة فحسب، بل هي كذلك نفوذ، ونفوذنا يتسع بقدر ما يكون معنا من ثقافة. والثقافة تحرير لا استعباد.
وواجبنا نحن بني الإنسان في كل زمان ومكان، أن نتعلم من جميع المعلمين دون أن نفقد في غمار عظمتهم استقلالنا الفكري، ودون أن نتحول إلى إمعات تائهة. أو على حد تعبير ((إمَرسون)): ((اشكروا الله على هؤلاء الرجال الأخيار، ولكن، ليقل كل منكم: أنا كذلك إنسان)).
ومَن ذا الذي أوتي الحكمة كلها غير الأنبياء والمرسلين؟ لا أحد .. والذي يظن أنه وعى الحقيقة كلها فهو جاهل كبير. ولقد عبر عن هذا المعنى تعبيراً سديداً، العالم الرياضي الكبير لا جرانج، حين جعل شعاره: ((لا أعرف)). وأيضاً عبر عنه العالم الرياضي ((ليبنتز)) حين قال: ((لدي الكثير من الآراء التي ربما تكون ذات فائدة يوماً ما، عندما يقيض الله لها آخرين ممن هم أذكى مني، فيفحصونها فحصاً عميقاً، ويصلون جمال عقولهم بمجهودات عقلي)). كذلك عبر عنه ((نيوتن)) في قوله المأثور: ((إذا كنت قد رأيت أبعد قليلاً مما رآه الآخرون) فما لهذا من سبب إلا أنني كنت أقف على أكتافهم)). إضافة إلى قوله الحكيم الذي تتجلى فيه عظمة التواضع وروح المعرفة: ((لا أدري كيف ينظر إلي العالم، ولكني أتراءى لنفسي كما لو كنت غلاماً يلهو على شاطئ البحر، وأسلي نفسي بين الحين والحين بالعثور على حصاة أكثر ملاسة، أو صدفة أكثر جمالاً، بينما محيط الحقيقة العظيم يمتد أمامي، دون أن أعرف عنه شيئاً)).
ــــــــــــــــــ
عندما تسرف الأم في التدليل
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمد رفعت
مثل هذا الشاب الذي تصادفه شاباً رائعاً قادراً على أن ينفذ إلى قلوب كل مَن يختلط بهم من النساء وقد يكون هذا الشاب قليل التشكي ولكنه يعاني من صداع حاد مزمن وكآبة شديدة. فإذا ما تحدث عن نفسه اعترف بأنه لا يحسن اتخاذ الأحكام الصائبة في أي شيء يمس حياته بل تراه يسلك أسهل المسالك ولكن ذلك لا ينجيه من الأسى.
مثل هذا الشاب كثيراً ما تراه في حياتك فهو يسيء اختيار الفتاة الصالحة ويتخذ الأحكام الخاطئة حول مكان معيشته ومواعيد إنجاب الأطفال.
والأشخاص من هذا النوع يشعرون بأنهم على الدوام في مصيدة من سلبيتهم الذاتية وعجزهم عن اتخاذ القرارات.
فما الذي يحمل أولئك الناس على التصرف بهذا الشكل الذي يزيد من تعاستهم؟
إن هناك تفسيرات كثيرة محتملة بالطبع ولكن معظمنا يفترض انهم في مرحلة من مراحل أعمارهم قوبلوا بالإهمال والصد أو عوملوا معاملة قاسية خالية من الرقة من قبل والديهم.
إن هذا ربما كان السبب في كثير من الحالات ولكن في حالات أخرى تكون المشكلة كامنة في الحب الزائد عن حده.
قد تعيد الأم طفلها فلا تتركه يغيب عن نظرها ولا تطيق أن تزجره مهما فعل والأم بدورها قد تكون ضحية أب خاب ظنها فيه فهو رجل ضعيف قليل الحيلة لا يكسب من المال ما يكفي حياة أسرته ميال إلى الخنوع أمام أي إنسان فلا يظفر باحترام أحد الناس، ولذلك تشعر المرأة بالوحدة والإحباط فلا تجد شيئاً يملأ حياتها غير هذا الطفل المدلل، الذي تجعله شغلها الشاغل إذ تأخذه إلى أي مكان يريد الذهاب إليه، وترافقه في غداوته وروحاته وتحرم عليه أن يلهو مع الأطفال ويمارس ألعابهم ويصير ذلك نمط حياة الطفل فيحس بشعور طاغ بالذنب كلما خطر بباله أن يبتعد عنها.
تعتبر هذه من الحالات القصوى بالطبع ولكنها تدل على المدى الذي يستطيع الوالدان المضي إليه في خنق رغبات الطفل ومنعه من تلبية الرغبة الملحة التي يشعر بها من أجل أن يجرب جناحيه ويطير. وفي كثير من الأحيان يفعل الوالدان ذلك باسم الحب للطفل.
وقد تقول الأم لصغيرها مثلاً أن عارضة الجمباز في باحة الملعب مرتفعة لا ينبغي له أن يعتليها أو أنه لا يليق به أن يلهو مع صديقه الجديد لأنه خشن العشرة أو أنه محرم عليه أن يذهب إلى نزهة خلوية مع صفه في المدرسة لأنه لا توجد رقابة كافية على المتنزهين أو أن رحلة بالدراجات مع أبناء سنه ستكون شاقة عليه بسبب طول المسافة عليه وأنه قد يصاب بالمرض لو قام بها. في أمثال هذه الحالة تبدو الاختبارات وكأنها قد اتخذت لمراعاة مشاعر الوالدين لا مشاعر الصغير وهكذا يعز على الفتى أو الفتاة في مقتبل العمر أن يختار رفيق العمر. ولذلك يقع الاختيار هذه المرة أيضاً على الزوجة أو الزوج اللذين يرضيان ذوق الوالدة.
إن من واجب الوالدين بطبيعة الحال أن يحميا صغيرهما من الأخطار الماثلة وأن يقدرا ما إذا كان الصغير قد بلغ مجال التجارب الذي يمكنه من التعرف إلى الأخطار الكامنة في كل حالة من الحالات.(54/160)
إن هناك مواقف خطرة غير مرغوب فيها وينبغي أن تهيأ للصغير سبل الحماية منها. ولكن كثيراً ما يسرف الوالدان في الحيطة فيكون سلوكهما نحوه سلوك مَن لا يحس بالراحة إلا إذا ظل الصغير طفلاً لا يملك إلا أن يبقى مطلق الاعتماد عليها.
ووالدان من هذا القبيل يرعبهما الشعور بالتخلي عن أي مقدرا من الحيطة والحذر.
وهناك عادة سببان رئيسان لهذا الإفراط في فرض الحماية. ولفرض الحماية الخائفة على حاجات الصغير الذي يريد أن يكبر وأن يجرب وأن يستقل بنفسه.
السبب الأول: هو أن الوالدة أو الوالد يستخدمان الطفل لإرضاء حاجاتهما وهكذا يصبح الصغير بديلاً يعوضهما عن جميع الوسائل العادية لإرضاء حاجاتهما فهما يريدان أن يتدخلا في أمور زواحه وعمله، وذلك لإرضاء نفسيهما متخذين الصغير ذريعة.
أما السبب الثاني: لهذا الحب الخانق فيبدو مختلفاً عن السبب الأول ولكنه نام من نفس الجذور. إن الإسراف في الحماية كثيراً ما يخفي قدراً عظيماً من العداء نحو الصغير.
ولما كانت مشاعر كهذه غير مقبولة ولما كانت تؤدي إلى الإحساس بالذنب فإنها تدفن بسرعة في العقل اللاواعي.
وهناك عدد من الآباء والأمهات الذين يشعرون بالإحباط وعدم الرضى يخافون فعلاً من أن تؤدي مشاعر العداء أو الرفض إلى إلحاق ضرر بليغ بالطفل، وهكذا فإن شعور هذه الفئة من الآباء والأمهات بالذنب يحملهم على أن يحسبوا حساب الأخطار حقيقية كانت أم وهمية.
ويكبر الصغير وقد يلازمه صداع لا يدري له سبباً ويحاول أن يحلل لنفسه لعله يهتدي إلى سبب نفساني فيتكهن بأن سبب صداعه وانقباضه راجع إلى كون أمه كراهة لحياتها فيقول في سره (إنها ذكية مقتدرة ولكنها لا تعرف شيئاً في أمور الأعمال التي أزاولها لقد كانت تعتمد على رجل لم تكن تحترمه أو تحبه ولولاي لجاز أنها كانت ستترك هذا الرجل ((أباه)) ولكنها تظن بأن شيئاً رهيباً سيحدث لي لو فعلت ذلك، وهكذا تعبر عن خيبتها وخوفها علي عن طريق منعي من مغادرة المنزل.
إننا نحن الإثنين كنسرين يتوقان إلى الخروج من الأسر والانطلاق في أجواء الفضاء ولكن بدلاً من ذلك فإننا نبقي بعضنا في قيود الأسر).
والآباء والأمهات الين يحيون مثل هذه الحياة الناقصة والذين تخطر ببالهم هذه الأفكار السيئة هم بالطبع القلة القليلة في المجتمع ولكننا جميعاً لا نخلو من مشاعر كهذه تطفو على السطح أحياناً.
إن هناك شيئاً واحداً نعرفه وهو أنه يصعب على الوالدين أن يوجدا ميزاناً يعملان بمقتضاه في أي ميدان من ميادين تربية الطفل.
وقد تشعر الأم أنه من الصعب عليها أن ترخي العنان لصغيرها وأن تتجنب المواقف القصوى إذا كانت هي نفسها قد قضت أيام طفولتها ضحية لهذا المسلك من جانب الوالدين.
أم كهذه لابد أن تكون قد كرهت حياتها وفي مثل هذه الحالة نراها تقسم الإيمان المغلظة بأنها لن تفعل شيئاً من هذا القبيل مع أطفالها. حتى إذا صار لها طفل أو طفلة سلكت معه الناحية القصوى المقابلة فأرخت لهما العنان أن يفعلا أي شيء وأن يغامرا ويتخذا القرارات بدون إرشاد. وهذا شيء ضار أيضاً لأنه يخلق طفلاً خوافاً متردداً في اتخاذ القرارات.
وهذا يعني أنه من أصعب الأمور إيجاد الميزان الذي يصلح لجميع الأحوال في ميدان تربية الطفل.
إن من الأهمية بمكان أن نريد لأطفالنا جذوراً قوية ينمون عليها، ولكن ينبغي أن ندربهم على الطيران أيضاً كي يصبحو شجعاناً كالنسور المحلقة لا كالطيور المهيضة الجناح.
ــــــــــــــــــ
دعوة الى جميع الأزواج والزوجات...
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* عبد الله باجبير
هل يمكن توجيه اللوم الى الزوجة على انصراف زوجها عنها ولجوئه الى امرأة أخرى؟.. أم ان الخيانة الزوجية يرجع سببها الى التخلي عن المبدأ وضياع القيم الدينية والاجتماعية والافتقار الى الأمانة والاخلاص في الحياة الزوجية؟
أجري في سنغافورة مؤخراً استطلاع للرأي حول الخيانة الزوجية جاء فيه انها اكثر انتشاراً بين المثقفين والحاصلين على تعليم عال. وكشف استطلاع الرأي عن ان الخيانة الزوجية تتسبب بشكل عام في مشاكل اسرية ونفسية واجتماعية، وذلك جراء ان الزوجين في بداية الزواج يقسمان على الوفاء لحبهما وعلى مشاركتهما مسؤولية الحياة الزوجية، لكن ما تلبث الخيانة ان تطل برأسها لتهدم وتحطم بيت الزوجية وتطيح بكل الأوقات السعيدة الماضية وبأحلام وأمنيات قادمة.
قدمت الهيئة المشرفة على الاستطلاع في سنغافورة بعض النصائح للزوجة التي قد تكون السبب في لجوء الزوج الى امرأة اخرى. وأول وأهم نصيحة تتركز في ضرورة اعتناء الزوجة بنفسها وبمظهرها وجمالها وأيضا بحالتها النفسية التي تؤثر بشكل سلبي على جمالها وذلك من خلال قيامها بعمل الأشياء التي تسعدها وتشعرها بالرضا الداخلي عن نفسها الأمر الذي ينعكس بالايجاب على تصرفاتها الشخصية.
كما يتعين على الزوجة ان تواجه زوجها في حالة شعورها بتغير طرأ عليه من دون ان توجه اليه اتهامات لأن الزوج لن يغفر ظلم زوجته له. ويجب ألا تدع الزوجة الغضب يسيطر عليها بل عليها ان تحاول التخلص منه قدر استطاعتها ولا تكتفي باخفاء غضبها لأن الغضب الكامن داخل النفس يؤثر بشكل سلبي على الانفعالات والتصرفات حتى يكون اشبه بقيد يعوق ردود الفعل الطبيعية من التعبير عن نفسها بسهولة ويسر.
تعرض الهيئة المشرفة على الاستطلاع للأعراض الجسدية والنفسية التي تظهر على الزوجة التي تأكدت من خيانة زوجها مثل تسارع نبضات القلب والشعور بالغضب والاحباط والاحساس بالصدمة وبعدم تصديق ما حدث. ومن المهم للزوجة التي فقدت الثقة في زوجها ان تعرف انها ستمر بحالة حزن يمكنها الا تستسلم لها وان تحرص كذلك على الا تفقد ثقتها في نفسها أو في مقدرتها على القيام بواجباتها الزوجية.
يوجه التقرير المصاحب لاستطلاع الرأي الدعوة الى جميع الأزواج والزوجات في سنغافورة بضرورة التصارح واحترام الوعود والعهود التي قام كل من الزوج أو الزوجة بقطعها على نفسه حتى يمكن لكل زوج وزوجة ان يرتقيا بعلاقتهما الزوجية الى المستوى الذي يجعل حياتهما الزوجية تنعم بالحب والاستقرار.
ــــــــــــــــــ
من الأفضل أن يكون الوقوع في الحب اختياريا من قبل الزوجين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إن المقولات القديمة تقول أن المرأة هي التي تكون مسيطرة في العلاقة طالما أن العلاقة لم تصل إلى حد الممارسة الجنسية.
إلا انه بمجرد ممارسة الجنس بين الشريكين فإن السيطرة تنتقل من يد المرأة إلى يد الرجل. إن هذه المعلومات غير مؤكدة إلا أنها تشير إلى أن المرأة بإمكانها استخدام هذه الطريقة للسيطرة على الشريك.
فهل يمكن استخدام الجنس كوسيلة لإيقاع الشريك في الحب؟
من المرجح أن هذا الكلام مستبعد أو على الأقل لا يمكن أن يدفع هذه السلاح الرجل إلى الوقوع في الحب أو لنقل ان الحب إذا حدث بهذه الطريقة فهو غير مبني على أساس صحيح وبالتالي هو ليس حبا حقيقيا. والسؤال هنا هل تريد المرأة حقا أن تجر أي رجل للوقوع في حبها؟
من الأفضل دائما أن يكون الوقوع في الحب اختياريا من قبل الطرفين.
من الأفضل ان تكون العلاقة الجنسية بين الشريكين مريحة ومرضية للطرفين فلا يجب ممارسة الجنس لإيقاع الطرف الآخر في الحب مثلا كذلك لتعويض أخطاء أو ثغرات في العلاقة. أو تأخير العلاقة الجنسية لاستخدامها كوسيلة للضغط على الزوج.
تعاملي مع الجنس كأي عنصر أخر في علاقتك بزوجك . وإذا لم يكن هناك حب وكان الحب مقدرا فإنه سوف يحصل دون لجوئك إلى أي طريقة ضغط.
ومن جانب آخر، تحصل العملية الجنسية بين الزوجين دائما كجزء من السياق العاطفي . ولذا فإذا كانت الأمور بينهما ليست على خير ما يرام بسبب مشاكل زوجية، فإن هذه المشاكل بحاجة إلى معالجة قبل توقع الشعور بالميل نحو الجنس .
ينظر الكثير من الرجال إلى الجنس على أنه وسيلة لإيصال أحاسيسهم ومشاعرهم إلى زوجاتهم حيث يتعذر عليهم التعبير عن ذلك بوسائل أخرى.
وعلى المرأة أن تسأل نفسها ما إذا كان زوجها يريد الجنس حقا أم أنه فقط يرغب فيه كطريقة تعلمها كي يشعر بأنه مقبول وكفء. ويمكن أن تكون العملية الجنسية بالنسبة له المكان الوحيد الذي يشعر بأنه المهيمن.
ومن المفارقات أن الجنس بالنسبة لبعض الرجال يعتبر طريقة للتخلص من المشاعر غير المريحة. ومن الواضح أن هناك عددا من القضايا التي تؤثر على اختلاف الرغبة الجنسية بين الزوجين ويجب بحث وحل هذه القضايا. ومن حسن الحظ أن لكل سؤال جواب يمكن أن يوضح المشكلة ولذا يؤدي إلى إيجاد حل.
وبعد بحث المشكلة يكون الوقت قد حان للعمل. ومن إحدى وسائل معالجة المشكلة البدء بالعمل فورا كشراء كتاب حول الجنس.
ومن الممكن أن تقول الزوجة لزوجها إنها مهتمة في علاقة جنسية أفضل بينما وأن الكتاب يقدم بعض الحلول. ويمكن لكلا الزوجين قراءة الفصل الذي يهمه من الكتاب أفضل بكثير من العودة إلى الخلافات وتصعيدها.
وإذا شعرت الزوجة بأن الوقت مناسب لإجراء مناقشة مع زوجها ، يمكنها أن تسأله حول شعوره حين ترفض ممارسة الجنس حين يطلب منها ذلك.
ويمكن للزوجة أن توضح لزوجها أن غضبه بسبب رفضها يمثل نقطة عليه تباعد بينهما، ويمكن لعملية المشاركة أن تحتاج بعض الوقت ولكن نتائجها جيدة. وحين يبدأ الحوار ويخف التوتر بين الزوجين، يمكن لهما أن يسعيا للحصول على معلومات من خلال الكتب، الإنترنت وغيرها.
وبمساعدة قليلة من الزوجة، يمكن للزوج أن يكون توأما للعثور على حل لأنه قد يكون غير سعيد بالعلاقة تماما مثلما تشعر به هي.
ــــــــــــــــــ
ما دور الاباء والامهات في تربية الابناء في سن ما قبل المدرسة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
تعتبر فترة الطفولة من أخطر الفترات في حياة الإنسان وفيها تتحدد ملامح رجل وامرأة الغد، ومعاملة الأبناء فن يستعصي على كثير من الآباء والأمهات، وكثيرًا ما يتساءل الآباء عن أجدى السبل للتعامل مع أبنائهم، وخاصة في مرحلة ما قبل المدرسة، حيث قمة النشاط والحيوية والرغبة في التعلم والمعرفة.
يقدم لنا الدكتور علي السيد سليمان أستاذ الصحة النفسية بجامعة القاهرة في هذا الحوار نصائح للآباء والأمهات حول تربية الأبناء في سن ما قبل المدرسة:
< مرحلة الحضانة أو ما قبل المدرسة تتميز بخصائص معينة لابد أن يعرفها الآباء والأمهات حتى يعاملوا الطفل بطريقة صحيحة، فما أهم خصائص هذه المرحلة؟ وما دور الآباء والأمهات فيها؟
<< عادة ما ينتقل الطفل إلى مرحلة رياض الأطفال، وهو مسلح بطاقة متزايدة تتمثل في سهولة حركة عضلاته الكبرى، مما يتيح له قدرًا كبيرًا من المشي والجري والتسلق، وقد يضيق الأهل بهذا النشاط الزائد من جانب الطفل، ويحاولون الحد من حركته مما يسبب ضيقًا شديدًا له، فى الوقت الذي ينبغي فيه أن توجه هذه الطاقة الحركية في اللعب المنظم، أي ينبغي ترشيد هذه الطاقة ليستفيد منها الطفل في بنائه ونموه.
كما يلاحظ أيضًا أن الطفل في هذه المرحلة يكون مسلحاً بطاقة متزايدة تتمثل في كثرة الكلام والأسئلة، وقد يضيق الأهل بهذا النشاط، وينهرون الطفل، مما يسبب إحباطًا هائلاً له، في الوقت الذي ينبغي فيه أن تستثمر هذه الطاقة اللفظية في إثراء معارف الطفل ووجدانه وإشباع حبه ونهمه للمعرفة، وبالقدر الذي يكون فيه الآباء على علم ودراسة وفهم في الرد على الطفل وإشباع استجاباته نحو المعرفة بقدر ما ينمو الطفل عقليًا، فنمو ذكائه وقدراته العقلية العليا كالتذكر والإدراك والتخيل والتفكير، يسهم في بناء العقل المفكر والمتفتح.
< وهل يؤثر اللعب في بناء الطفل النفسي والعقلي؟
<< لا يمكن أن نغفل دور اللعب في هذه المرحلة، وقد يطلق عليه اللعب الإبهامي أو الإسقاطي، والمقصود باللعب الإبهامي أن يتطابق الطفل مع أدوات اللعب المتاحة أمامه، فنرى الطفلة تحمل عروستها وتدللها وقد تنهاها عن عمل شيء وتوبخها وتضربها، وكل ذلك تعبير صريح وكشف لما تعانيه الطفلة في حياتها اليومية، ويستطيع الملاحظ الخبير أن يتعرف نوع تربية الطفل والعوامل الفاعلة في بناء شخصيته وما يحققه من إنجازات أو إحباطات أثناء متابعته للطفل وهو يلعب.
والمقصود باللعب الإسقاطي أن يسقط الطفل مشاعره وصراعاته على اللعب، ومن ثم يعتبر اللعب من أهم وسائل التنفيس عند الطفل.
كما أن اللعب مجال خصب من جانب الكبار لإرشاد الطفل وإكسابه الأنماط السلوكية المرغوبة كالنظام والتعاون وإكسابه المهارات المختلفة.
ولا نغالي إذا قلنا: إن اللعب بالنسبة للطفل هو بمثابة العمل بالنسبة للبالغ، وكما أننا لا نتخيل راشدًا بدون عمل فلا يمكن أن نتخيل أن هناك طفلاً لا يلعب.
ويخطئ الكثير من الآباء حين يظنون أن الطفل الهادئ قليل اللعب والحركة طفل مثالي، بل على العكس، فالمربون والسيكولوجيون يرونه طفلاً بائسًا ينقصه السواء النفسي.
وفي هذه المرحلة يبدأ تكوين المفاهيم عند الطفل (مفهوم الزمن، مفهوم المكان، العدد).
وينمو الذكاء ويدرك الطفل العلاقات وتزداد قدرته على الفهم، وتزداد شيئًا فشيئاً القدرة على تركيز الانتباه، أما القدرة على التذكر فإن الطفل يتذكر العبارات المفهومة وبعض أجزاء الصورة الناقصة.
ويلعب التخيل دوراً في حياة الطفل عن طريق اللعب الإبهامي، ويكون خياله خصبًا في هذه المرحلة، ويتميز التفكير بأنه ذاتي يدور حول نفس الطفل، ولكن التفكير يغلب عليه الخيال.
وعن النمو اللغوي يمكننا القول إنه يتميز في هذه المرحلة بالسرعة تحصيلاً وتعبيرًا وفهمًا، ومن مطالب النمو اللغوي في هذه المرحلة تحصيل عدد كبير من المفردات وفهمها بوضوح وربطها مع بعضها البعض في جمل ذات معنى، ويمر النمو اللغوي بمرحلتين: مرحلة الجمل القصيرة (في السنة الثالثة) ومرحلة الجمل الكاملة (تبدأ في السنة الرابعة).
صدمة الفطام
< يتعرض الطفل في بداية حياته لموقف الفطام الذي قد يسبب له بعض المشكلات النفسية، مما يؤثر على سلوكه فيما بعد في مرحلة ما قبل المدرسة، فما أثر الفطام على الطفل؟ وما الطريقة الصحيحة لفطام طفل السنتين؟
<< يعتبر الفطام أول موقف صدمي إحباطي يتعرض له الطفل في حياته، فهو قد تعود أن يحصل على غذائه من الأم، بكل ما يعنيه ذلك من ارتباطه بها سيكولوجيًا، وفجأة يجد أن هذا الوضع قد تغير وأن عليه أن يقبل وضعًا جديدًا ينطوي على ابتعاد نسبي عن الأم وانفصال عنها، بل ويكون عليه أن يتقبل أنواعًا جديدة من الطعام قد تكون غير مألوفة بالنسبة إليه.
وعملية مص ثدي الأم هي النشاط الأساسي لدى الطفل في أشهره الأولى، وهي مصدر إشباعه على المستوى النفسي، ولذا فإن موقف الفطام، أو صدمة الفطام إذا جازت تلك التسمية إنما تعني الكثير بالنسبة للطفل.
ولذلك فإن عملية الفطام يجب أن تتم تدريجيًا حتى لا يشعر الطفل بصدمة التفكير المفاجئ، كما يجب الانتقال إلى التغذية بالألبان الصناعية في إطار يتشابه إلى حد كبير مع موقف الرضاعة الأصلي، فيرقد الطفل في نفس وضع الرضاعة الطبيعية ويحصل على نفس الحنان والرعاية، كما يجب إعطاء الطفل تدريجياً بعض السوائل المختلفة المذاق والانتقال تدريجيًا إلى استخدام الملعقة، ثم إعطاؤه بعض الأطعمة الخفيفة مع بداية ظهور الأسنان.
< عندما تبدأ الأم في تعويد الطفل على الطعام، تظهر الكثير من المشكلات، منها رفض الطعام، وعدم وجود شهية، مما يقلق الأم.. فما رأيكم؟
<< قد يتساءل البعض عن العلاقة بين التغذية والمشكلات النفسية، ولكن الإجابة واضحة تمامًا إذا ما تذكرنا تلك الاضطرابات التي تصيب الجهاز الهضمي نتيجة مشاعر الخوف والغضب، وكذلك الاضطرابات الانفعالية وعدم التركيز الذي يصيب الفرد نتيجة لشعوره بالجوع أو مشاعر الضيق التي يشعر بها عند امتلاء المعدة وتعسّر الهضم.
فالعلاقة بين التغذية والانفعالات علاقة تبادلية، والفصل بين ما هو جسمي وما هو نفسي مسألة مصطنعة، فالطفل إذا غضب أو شعر بالوحدة أو انفعل لسبب أو لآخر فإنه قد يفقد شهيته للطعام، كما أن قدرة الجهاز الهضمي على الهضم والتمثيل تقل. وعملية التغذية تربط الطفل باهتمام الأم به، ولذا فإنها تكتسب دلالة انفعالية، فنجد الطفل يعبر عن غضبه برفض الطعام أو بصقه أو بعملية القيء.
وقد يستغل الطفل بطريقة لا شعورية الامتناع الجزئي عن الطعام كوسيلة لإجبار الوالدين على الاهتمام به والقلق عليه وانصرافهما إليه دون بقية إخوته.
ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى فقدان الشهية، وقد يكون دائمًا أو مؤقتًا، وقد يكون فجائيًا أو تدريجيًا، وقد يكون مصحوبًا أو غير مصحوب بأعراض أخرى مثل الاكتئاب والغضب.
وليس هناك شك في أن الطفل يتناول غذاءه بشهية أكبر عندما يكون بين مجموعة من الأطفال في المنزل أو الحضانة، بينما تضطرب شهيته إذا ما تناول الطعام بمفرده في وجود أبوين قلقين، يلاحظان كل جرعة يبتلعها.
إن الطفل عندئذ قد يستخدم رفضه للطعام كوسيلة للضغط على الوالدين وتؤدي انفعالات الآباء إلى مبالغة الطفل في رفضه للطعام.
ولذلك فإن موقف الآباء هو حجر الأساس بالنسبة لمشكلة تغذية الأبناء، فمن المشكلات التي تبرز هذه الأيام اعتقاد بعض الأمهات في تقنين كمية الطعام التي يحتاجها الطفل في سن معين، وتنشغل الأم في هذه الحالة بكمية الطعام التي ينبغي أن يتناولها، ويبدو عليها القلق إذا ترك الطفل شيئاً من طعامه، وقد تجبره على تناوله، كل هذا يربط الموقف كله بإطار انفعالي غير سار بالنسبة للطفل، كما أن تأرجح الأم بين الترهيب والترغيب قد يسبب اضطرابًا في علاقة الطفل بها، بكل ما يعنيه ذلك من فقدان الإحساس بالأمن، مما يسبب اضطراباً في شخصية الطفل.
ويعتبر الطفل موقف التغذية هو المجال الملائم للضغط على الوالدين وتحقيق رغباته، وكلما وجد قلقاً من ناحيتهما على طعامه زاد في رفضه، لشعوره بأنه يمكنه السيطرة عليهما بهذه الطريقة.
مص الأصابع والعلاج
< يشكو بعض الأمهات من أن طفلها يمص أصبعه بصورة مستمرة، وكلما حاولت توبيخه على ذلك ازداد تعلقًا بهذه العادة السيئة فما تعليقكم؟
<< يبدأ الطفل في مص أصابعه منذ الأيام الأولى من عمره، وقد تستمر هذه العادة حتى الخامسة أو السادسة من العمر، وليس هناك شك في أن الطفل يستمتع بهذه العادة، ويجد فيها نوعاً من التسلية الذاتية، وتلك مسألة طبيعية في الشهور الأولى من عمره، ولكن إذا استمرت تلك العادة فإن علماء النفس يذهبون إلى أن ذلك إنما يكون بسبب عدم إشباع حاجات الطفل النفسية وافتقاره إلى الحنان والعطف، أو عدم حصوله على قدر كافٍ من الرضاعة الطبيعية من الأم بما يمثله هذا الموقف من أهمية على المستوى النفسي.
وعلى أي حال فإن سلوك الوالدين حيال ظهور هذه العادة لدى طفلهما يلعب دورًا رئيسًا في استمرارها أو التخلص منها، فكثير من الآباء يواجهون ظهور هذه العادة لدى الطفل بقلق شديد، وقد يلجؤون إلى وسائل بدائية كطلاء إصبعه بمادة ملونة تحمل طعماً مراً ويلجأ البعض إلى التعنيف والضرب أحيانًا، وكل ذلك لا يؤدي إلى توقف العادة، بل إن الآباء ينقلون قلقهما البالغ إلى الطفل من خلال سلوكهما معه، وبالتالي يزداد توتره وإحساسه بفقدان الأمن، فيزداد تمسكًا بتلك العادة التي تعطيه إشباعًا نفسيًا مؤقتًا.
فعلى الأبوين في مثل هذه الحالة أن يشبعا أولاً حاجات الطفل، وأن يتيحا له الفرص التي يحقق فيها ذاته ويشعر فيها بالأمن ولا يشيرا إلى هذه العادة في كل مناسبة وأمام الأصدقاء حتى لا يشعر بالحرج.
أما إذا كان مص الأصابع أحد الأعراض التي تظهر لدى الطفل مصاحبة لأعراض أخرى عصبية فإنه ينبغي في هذه الحالة أن نبحث عن علاج للاضطراب العصابي ككل أولاً.
قضم الأظافر
< وهل ينطبق هذا الكلام على بعض الأطفال الذين يقضمون أظافرهم باستمرار؟
<< إذا جاز لنا القول بأن مص الأصابع سلوك سلبي استسلامي فإن قضم الأظافر وعضها يعتبر سلوكًا عدوانيًا تدميريًا، وإذا كانت السمة السائدة لدى الأطفال الذين يمصون أصابعهم هي الهدوء والتبلد، فإن ما يغلب على الأطفال الذين يقضمون أظافرهم هو النشاط الزائد والثورة، ومن هنا فإن توجيه طاقة الطفل ونشاطه إلى مجالات إيجابية كالانشغال في أعمال مناسبة أو الرياضة أو ما إلى ذلك، غالبًا ما ينتج عنه اختفاء هذه العادة.
ــــــــــــــــــ
دور العامل الديني في النجاح الأسري
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
محمد المهاجر
لكي نبني اجيالاً صالحة يجب أن نقدم من تراثنا الغني ما ينشىء يقيناً ناضجاً وسريرة ناضرة ربّانية تتعامل مع الدنيا بذكاء.
ولكي نحقق هذا الهدف الكبير علينا أن نهتم بالاسرة، فالاسرة الصالحة اساس المجتمع الصالح، وعلى أيّ حال فإننا _كمسلمين _ لا نعدم الاداة الفاعلة فإنّ نظام الاسرة الذي سنّه الاسلام يقوم على اساس من الوعي والعمق لما تسعد به الاسرة ويؤدي الى تماسكها وترابطها من الناحية الفسلجية والنفسية والاجتماعية بحيث ينعم كل فردٍ منها، ويجد في ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
إنّ الاسلام يحرص كل الحرص على أن تقوم الرابطة الزوجية _التي هي النواة الاولى للاسرة _ على المحبّة والتفاهم والانسجام، وهو الزواج المثالي الذي لا يقوم على توافق الشهوة فقط وانما ينهض على اتحاد غير شهواني اساسه مودّة عميقة تتوثق على مرّ الايام وتشمل شتى نواحي الحياة، وهو اتفاق الاذواق والمشاعر والميول، وهو اتفاق على الحياة المشتركة بما قد تلتزمه من اعباء الابوّة.
هذا ما ينشده ديننا الحنيف في الرابطة الجنسية، أن تكون مثالية وتقوم على اساس وثيق من الحب والتفاهم حتى تؤدي العمليات التربوية الناجحة اثرها في تكوين المجتمع السليم..
الاسلام شرّع جميع المناهج الحيّة الهادفة الى اصلاح الاسرة ونموها وازدهارها فعني بالبيت عناية خاصة وشرّع آداباً مشتركة بين اعضاء الاسرة وجعل لكل واحد منهم واجبات خاصة تجاه افراد اسرته، مما يدعو الى الترابط، بالأضافة الى أن لها دوراً ايجابياً في التكوين التربوي..
وهذا الذي نعرضه بأيجاز هو من صلب العقيدة _كما اكد الدارسون للشريعة الخاتمة _ ويتحقق في الواقع إذا كان هناك إمتثال للهدي الإلهي ، وهذا الإمتثال يجب أن يعتمد على معرفة شديدة الوضوح، وخضوع لا يختلف في موطن واستجابة لكل نداء، ولا يتم شيء من هذا إلا إذا كانت المشاعر الدينية جيّاشة والبواعث حيّة والنفس مكتملة القوى في ارضاء الله تعالى..
ــــــــــــــــــ
الأزواج المشغولين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة(54/161)
في البدء يجب التذكير على أن الزوج هنا لا يعني بالضرورة الرجل فطبيعة وتركيبة الحياة المعاصرة أدت إلى انشغال الأنثى أيضاً.
*متى نستطيع أن نعتبر الزوج مشغولاً؟
عندما يكون الوقت الذي يصرف على الأسرة أقل بكثير مما تحتاجه مسألة الإشباع الروحي والنفسي للأسرة واقل بكثير مما يحتاجه التكوين النفسي والتربوي للأطفال يمكننا القول أن الزوج مشغول.
*ما هي أنواع الأزواج المشغولين؟
1_ الزوج الذي يكون بطبيعته مشغولاً بجمع الأموال والدنيا.
2_الأزواج الذين يكون انشغالهم بسبب طبيعة عملهم ومسؤولياتهم كرؤوساء الدول والوزراء ورجال الأعمال وغيرهم.
3_الأزواج الذين يكونون مشغولين ذهنياً، إذ يكون جسده مع الأسرة ولكن ذهنه في مكان آخر كالكتاب والمفكرين والأدباء والشعراء.
4_وهناك من يشغل نفسه كأن يكون قد اعتاد على نمط معين من الحياة وجاءت الحياة الزوجية عليه فجأة أو قد لا يجد الجو المريح في البيت فيبقى مشدوداً بأجواء أخرى خارج البيت تؤمن له الراحة.
*ما هو الأثر الذي يتركه الزوج المشغول على الزوجة والأولاد؟
أهم مسألة هي المسألة العاطفية والتي يترتب عليها إشباع عاطفي روحي يبنى عليه علاقة سليمة بين الأزواج وبين الآباء والأبناء خصوصاً أن التعليم والتربية السليمة تأتي بصورة مستقيمة من الآباء إلى أبنائهم.
*ما هي وسائل جذب الزوج المشغول إلى البيت؟
اجعلي جو البيت أريحياً واحرصي على أن يكون زوجك سعيداً ووفري له جواً مريحاً وابتعدي عن اشغاله بالأولاد ومشاكلهم لأنه سيهرب من البيت، وكذلك على الزوجة مساعدة زوجها في العمل، وهذه هي صورة المرأة المثالية التي يريدها الرجل العربي أن تكون ناجحة في بيتها ومساعدة له في نجاحه في عمله. وبأختصار تحويل المنزل إلى جنة جاذبة وتقديم المساعدة في عمله خارج البيت وكذلك مساعدته في تكوين حياة اجتماعية متزنة.
*يتعذر الزوج أحياناً بمنطلق كسب الرزق وتأمين مستقبل الأسرة في انشغاله؟
أحد أهم الأسباب التي بينتها إحدى الدراسات في ضياع الأولاد وانجرافهم وراء المخدرات هو غياب الأب. ما الفائدة إذا كسبت المال وخسرت أولادي؟ فبهذا سيصبح المال الذي هدفه بناء الأسرة باعثاً لتدمير الأسرة. فالابن هو المستقبل والوطن والأمة.
*نصائح مفيدة لتجنب المشاكل في انشغال الأزواج؟
على الزوجة أولاً أن تتفهم عمل زوجها وبأنه هو أيضاً أي الزوج ضحية نمط معين من الحياة الاجتماعية فهو يريد تأمين نمط جيد من المعيشة ومستوى لائق للأسرة. وعلى الزوج أن يضع في برنامجه اليومي الأسرة كما يضع في برنامجه اليومي النجاح في العمل، فكما هو حريص على إرضاء المسؤولين في العمل عليه أيضاً أن يحرص على إرضاء زوجته. لأن الزوجة عندما تتزوج ستصبح شخص واحد مع الزوج وبهذا فأن كثرة غياب الزوج سيجعلها تشعر بوجود نقص في شخصها وتبحث عنه وتفتقده. أما الزوج الحديث الزواج والذي يقول دعني الآن أكون نفسي فعليه أن يعمل بأن هذا النمط من العمل والانشغال سيصبح جزءاً من حياته لذا من أول يوم يجب أن يكون لديه حالة مبرمجة وتوازن بين أسرته ونجاحه معها والعمل ونجاحه فيه. وهنا يمكننا الإشارة إلى نقطة مهمة وهي لأن الوقت أصبح عملة نادرة في هذا العصر فمن الأفضل أن يهتم الزوج بنوعية الوقت لا بكميته وأن يشرك الزوج زوجته في عمله وبهذا ستتفهم عمله.
*كيف يستطيع الزوج المشغول أن يشبع حاجات زوجته النفسية والعاطفية؟
بالبرنامج، أي عليه وضع برنامج متزن لأنه إذا لم يتم إشباع الاحتياجات العاطفية بالطريقة الصحيحة ستبحث الزوجة عن طريقة أخرى لإشباع حاجاتها المختلفة حتى لو كانت بالطفل فهذا أيضاً خطير.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الأبناء؟
ليس بالضرورة ولكنه قد يؤدي عادةً إلى ذلك.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الزوجة؟
ليس بالضرورة ولكنه ينعكس سلبياً على تصرف الزوجة وسلوكياتها معه وكذلك سيؤثر على عواطفها واحتياجاتها.
*هل غياب الأب يساوي انحراف الأب؟
إذا كان الأب مشغولاً بقضية فكرية أو بجمع المال صعب أن ينحرف ولكن إذا كان من المتشاغلين الذين يبحثون عن قضاء الأوقات السعيدة فهذا سهل جداً.
*كيف يترك الزوج المشغول بصماته التربوية على البيت؟
المنشغل بشكل جاد لابد له من وضع برنامج يستطيع من خلاله أو يعوض غيابه ولو بشكل جزئي ويكون بمثابة جسر من التفاهم مع زوجته وأولاده ولو كان بتلفون أو جلسة قصيرة وغيره
ــــــــــــــــــ
عشرون وسيلة تجعل منزلك يقول أنا أحبك
1- الاثاث
تلميع قطع الأثاث المصنوعة من الأخشاب الطبيعية ووضعها في مكان غير مزدحم بالأثاث يجعلها تعكس الضوء على نحو ناعم ودافئ.
2-إملأها بالزغب والريش
إن وجود الكثير من الوسائد المحشوة جيداً يحول الأريكة العادية إلى واحة مريحة تدعو للجلوس، وتفيد الوسائد الكبيرة ذات الشراشيب في إضفاء مزيد من النعومة والرقة.
3-مزج الألوان في غرفتك
إن وجود قطع الأثاث المتماثلة في غرفتك، تشعرك بأنك داخل غرفة في فندق. وبدلاً من ذلك امزج بين الموديلات والألوان وخامات الصنع لتجعل غرفتك أكثر حياة وانطلاقاً، ومكاناً تحب العيش فيه.
4-بعض الرقة
عندما تضع ورق حائط جديد على الجدران العارية، فإنك بذلك تضيف إليها عمقاً ودفئاً وتجعلها غنية وجذابة.
5-اخلق مساحات ذهبية من الضوء
وزود غرفتك بالدفء بتزويدها بمزيد من مصادر الإضاءة. ولا تفكر في الأباجورات العادية فقط، بل ضع المزيد من الأضواء المتألقة وكذلك الخافتة علي الصور أو الجدران وفوق الأرفف أو تحتها.
6-إفتح غرفتك لاستقبال ضوء النهار
مع وضع الستائر الشفافة يتحول ضوء الشمس الداخل إلى غرفتك إلى بريق رومانسي ناعم، كما أنها تخفف وهجه الشديد على الأعين.
7-إفخر بشخصيتك
تنم القطع الفنية والتحف عن شخصيتك، فدعها تتحدث عن أسلوبك. ركب خلف الأرفف التي تضعها عليها مرآة لتبرز جمالها أكثر.
8- جاذبية المجموعة
لا تضع التحف والقطع الفنية الصغيرة بصورة متناثرة في الغرفة، بل اجمعها معاً فوق رف أو على الحائط أو فوق سطح طاولة.
9-إجمع الأشياء الجيدة
تعتبر الطاولة المتينة بداية جيدة لشئ جميل، وللحصول على أفضل نتيجة ضع فوقها مقتنياتك المفضلة.
خذ راحتك مع أشيائك الحبيبة لقلبك، وضع الكتب والأعمال الفنية تحت الطاولة.
8-أبرز مقتنياتك على طاولتك
إذا كانت لديك مقتنيات عزيزة على قلبك، فضعها بالقرب منك وتحت مستوي نظرك فوق طاولة عرض خلف الأريكة.
9-إملأها بالمربعات
إستخدم الأقمشة مثل القماش المربعات لتغطية الأريكة مما يشكل دعوة للاسترخاء وتوديعاً للرسميات.
10- قلل من الأثاث
إن الحياة خارج البيت كلها صراع وتكدس فلماذا تعود لمنزل يتسم بنفس الصفات؟ إهدأ قليلاً وتناول طعامك في غرفة هادئة لا يتكدس بها الأثاث في كل زواية.
11-أضئ غرفتك
إسمح لأشعة الشمس بالدخول لبيتك بفتح أبواب أو نوافذ جديدة بالغرفة التي تطل على الحديقة واحصل على المزيد من أشعة الشمس بدهان حوائط غرفتك باللون الأصفر اللامع.
12-ضاعف متعتك
دائماً ما تأتى الأشياء الجميلة في شكل ثلاثيات، وهذا ما يحدث خاصة عند ترتيب الاكسسوارات وأدوات الزينة، وعلى سبيل المثال، فإن وضع ثلاثة من نوع الإصيص المملوء بنبات طبيعي مشذب يضيف لغرفتك منظراً طبيعياً جذاباً وملفتاً للنظر.
12-فكر في أشياء أكبر
بدلاً من تكديس الأشياء بغير نظام، فكر في تعليق قطعة من المغريات الفنية مما يضفي زينة ملفتة للنظر مع الاحتفاظ باتساع الغرفة.
13-أحصل على بعض الدفء
واجلس في مقعد وثير وتمتع برومانسية المصباح الموجود بجوارك وضع من خلفك حاجزاً "بارافان" لطيفاً ليزيد إحساسك بالأمان والحميمية.
14-تمتع بالأشياء القديمة
إن الأشياء القديمة التي مضى عليها الزمان مثل "البارافان" أو سجادة سوف تذكرك بالأزمنة التي مضت.
15-إستمر في التخيل
إهرب ومعك كتاب وبعض التذكارات. ضع بجانبك بعض صناديق السفر القديمة لتذكرك بأماكن بعيدة قد زرتها، أو لتجعلك سعيداً بعودتك للمنزل.
16-تنوع جميل في الألوان والتنسيق
إجعل الغرفة مشاكسة قليلاً، مما يضفي علي وجهك البسمة. كما أن الفنون الحديثة المرحة وكسوة المخدة التي عليها رسومات الأطفال تجعل الزائرين يستمتعون براحة تامة.
17-علق ستارة واحدة
ضع ستارة خفيفة شفافة لتضفي بعضاً من الترحاب للضوء كما أنها تعلق بسهولة، وإذا احتجت بعض الخصوصية ركب شيش أو حاجب للشمس
18-فكر مرتين
إصنع مكاناً لطيفاً تجتمع فيه الأسرة باستخدام المفروشات القديمة المفضلة بطريقة جديدة، على سبيل المثال، ضع مقعداً إضافياً وحقيبتك الجلدية القديمة بجوار الفراش لتزيد من بهجتك.
19-إجلب مظاهر الحياة الخارجية إلى داخل المنزل
هل غرفتك خالية من الزهور، اشتر بعضاً منها وضع كل واحدة في فازة "زهرية" صغيرة.
20-إستخدم مقتنياتك بطريقة مفيدة
لا تدع أشياءك المفضلة تذبل دون فائدة، بل اجعلها تجذب الاهتمام أكثر من جذبها للتراب، وذلك باستخدامها كتحفة مركزية عليىالمائدة أو كلوحات داخل إطار، أو كوسائل لتزيين الحديقة.
ــــــــــــــــــ
مبادئ في بناء العلاقات الأسرية
وأولو الأرحامِ بَعْضهُمْ أولى ببعضٍ في كتابِ الله ). (الأحزاب / 6) )
ولبناء الروابط والعلائق الاجتماعية المتماسكة بين ذوي الرحم والقُربى، دعا الإسلام الإنسان إلى صلة الرحم بكل ما يعزّز العلاقة، ويعمّق الرابطة النفسية والوجدانية مع رحمه وذوي قرباه، وتفقّد احوالهم، والأهتمام بشؤونهم، وحلّ مشاكلهم، وتقديم الهدية والتهنئة بما يسرّهم،والتعزية بما يؤلمهم وعيادة مريضهم، كما حثّ على الزيارة والصلة بالسلام والتحية والتواصل باطعام الطعام والدعوة إلى تناوله، كلّ ذلك، ممّا يحقّق رضى الله سبحانه، ويقوّي بُنية المجتمع الإسلامي، ويحلّ مشاكله، ويساهم في تكوين وضع نفسي سوي عند الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة والإهمال وعدم الاعتناء بشخصيّاتهم، لذلك تجد الرسول الكريم (ص) يدعونا إلى الصلة بكلّ انواعها، فقد روي عنه قوله (ص):
صلوا أرحامكم ولو بالسلام )(1). )
ويقول الإمام الصادق (ع):
صل رحمك ولو بشربةٍ من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، وصلة الرحم منسأة في ) الأجل، محبّبة في الأهل )( 2 ).
ولصلة الرحم آثار تربوية، وانعكاسات تكاملية على النفس والأخلاق البشرية، فقد تحدّث الإمام الباقر (ع) عن تلك الآثار الأخلاقية والتربوية فقال:
صلة الأرحام تحسّن الخُلق، وتسمّح الكفّ، وتطيّب النفس، وتزيد في الرزق، وتنسئ في الأجل). )
إنّ تلك الآثار السلوكية التي تنتج عن صلة الرحم والتي هي المحبّة في الأهل، وحسن الخلق، والكرم في المال، وطيب النفس، لَحَريَّةٌ بأنّ تساهم مساهمة فعّالة في تكوين الشخصية الاجتماعية السويّة، وتشارك في بناء الأخلاق الاجتماعية، وتمتين روابط المجتمع.
وتحدّث القرآن عن حقّ الجار ذي القُربى، وأكّده، وخصّه بالعناية من الحبّ والاحترام والتعاطف والزيارة والتواصل بالبرّ والإحسان.
قال تعالى:
(واعبدوا اللهَ ولا تُشْركوا بِهِ شيئاً وبالوالدينِ إحساناً وبذي القُربى واليَتامى والمساكين والجار ذي القُربى والجار الجُنُب والصاحِب بالجَنْبِ وابن السبيلِ وما مَلَكَتْ أيمانُكُمْ إنّ اللهَ لا يُحبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخوراً ). (النساء / 36)
فالقرآن في هذا البيان قد دعا إلى فعل البرّ والإحسان إلى الوالدين وذي القربى من غير فخر أو تكبّر عليهم، وثبّت حقّاً من حقوق ذوي القُربى، وهو حقّ الجوار، فثبّت له حقّين: حقّ الجوار، وحقّ القُربى بالإحسان.
وواصل بين توحيد الله وعبادته، وبين فعل البرّ وتنظيم العلائق الاجتماعية بين الناس على أساس منهما.
وقد فتح القرآن آفاق التعامل الاجتماعي بين الأرحام في دخول البيوت، وتناول الطعام، لرفع الحواجز النفسيّة بينهم، وإشعارهم بقوّة الرابطة وعمقها.
تناول الطعام في بيوت أولئك الأقارب، من غير إذن منهم ولا رخصة، قال تعالى:
(لَيسَ على الأعمى حَرَجٌ ولا على الأعرجِ حَرَجٌ ولا على المَريضِ حَرَجٌ ولا على أنْفُسِكُمْ أنْ تأكلوا من بُيوِتكُمْ أو بُيوتِ آبائكُمْ أو بُيوتِ أُمّهاتِكُمْ أو بُيوتِ إخوانِكُمْ أو بيوتِ أخواتِكُمْ أو بُيوتِ أعمامِكُمْ أو بُيوتِ عَمّاتِكُمْ أو بُيوتِ أخوالِكُمْ أو بُيوتِ خالاتِكُمْ ).(النور / 61)
وقد أوضح المفسّر الكبير الطبرسي (رحمه الله) معنى الآية في تفسيره مجمع البيان بقوله:
(وهذه الرخصة في أكل مال القرابات، وهم لا يعلمون ذلك، كالرخصة لمن دخل حائطاً، وهو جائع، أن يصيب من ثمره، أو مرّ في سفره بغنم، وهو عطشان، أن يصيب من رسله (لبنه) توسعة منه على عباده، ولطفاً لهم، ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق العطن.
والمروي عن أئمة أهل الهدى صلوات الله عليهم، انّهم قالوا:
لا بأس بالأكل لهؤلاء مِنْ بيوت مَنْ ذكر الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف)(3).
وهكذا تفتح آفاق العلائق والتفاعل النفسي والاجتماعي بين الأرحام لتوطيد روابط الودّ والمحبّة والتواصل بينهم.
ــــــــــــــــــ
الطلاق وغياب أحد الزوجين
شهاب الدين الحسيني
عند انفصال الزوجين بطلاق أو غياب أحدهما تضطرب الاسرة وتنتابها الهواجس والمخاوف، ويخيّم عليها القلق، وتنعكس اثارها على الاطفال خصوصاً، لانّ الزوجين قد يجدان السعادة في الانفصال حينما تكون الخلافات والتشنجات مستمرة ودائمة، وقد يبحث أحدهما أو كلاهما عن شريك حياة آخر يتجاوز من خلال الاقتران به حياته الماضية ليبدأ حياة جديدة، بينما يبقى الطفل في دوامة من الحرمان فهو يحب والديه بالتساوي وهو بحاجة الى حنانهما وحبهما معاً، ويبدأ الطفل يبغض أحدهما أو كليهما وخصوصاً اذا ترعرع وهو بعيد عنه، حيث يشعر بكراهية نحو ذلك الغائب الذي لم يعد، وينعكس ذلك على سلوكه حيث يشعر بعدم الثقة بالآخرين، والاخطر من ذلك احتقاره لنفسه حيث يراها غير جديرة بالحب والحنان، وإن شعوره بانّ أحد والديه لا يحبّه يجعله يحس بالنقص وبانّه غير أهل لحبّه.
وقد دلت الدراسات الميدانية على انّ (60% من أرباب الشخصيات المضادة للمجتمع، قد فقدوا أحد الابوين خلال سنوات الطفولة)(1).
ودلت ايضاً على انّ (العيادات النفسية تزدحم بالأطفال الذين لا يتكيفون مع المجتمع، وانّ من بين أسباب عدم تكيف الطفل مع المجتمع هو اختفاء الاب من حياته رغم انّه موجود) (2).
وغياب الام يمثل فقدان الامان، بينما فقدان الاب يمثل فقدان القدوة (وفقدان الاثنين يمثل فقدان القدرة على تكوين الضمير لدى الطفل، لأنّ تكوين الضمير عملية تقمص وامتصاص لقيم الوالدين وبدونهما يكون الطفل ضحية الاضطرابات النفسية والجنوح نتيجة ضعف تكوين الضمير اللاشعوري) (3).
ويواجه الطفل مشاكل عديدة في حال سكنه مع زوج الأم أز زوجة الأب وخصوصاً اذا لم يحصل على الرعاية التامة، وفي حال بقاء أحدهما بلا زواج يزيد من مشاكل الشعور بالحرمان وخصوصاً عند الانشغال عن الطفل بأعمال خارج البيت.
وبقاء أحد الوالدين بلا زواج قد يؤدي به الى الانحراف الجنسي، وهذا الانحراف لا يبقى مستوراً على الطفل وبالتالي سيكون مقدمة لانحرافه، بل انحراف المجتمع لوجود شركاء متعددين في الانحراف الجنسي مع الأب أو مع الأم أو معهما اذا انحرفا معاً.
ومن مساوىء الطلاق كشف أسرار شريك الحياة أمام الابناء أو الأقرباء أو المجتمع، وهو يقع في دائرة اشاعة الفاحشة أو البهتان أو الغيبة وجميعها ذات تأثير على النمو الخلقي للفرد والمجتمع.
والطلاق عموماً هو تهديم للاسرة وهي اللبنة الاولى في تكوين المجتمع، ويكون التهديم مضراً بالنمو العقلي والعاطفي والروحي والخلقي والاجتماعي للزوج وللزوجة وللأطفال.
ولاضرار الطلاق حذّر رسول الله (ص) منه قائلاً: "أوصاني جبرئيل (ع) بالمرأة حتى ظننت انّه لا ينبغي طلاقها الاّ من فاحشة مبيّنة" (4).
وقال الامام جعفر الصادق (ع): "ما من شيء ممّا أحلّه الله عزّ وجلّ أبغض اليه من الطلاق وانّ الله يبغض المطلاق الذوّاق" (5).
وحثّ أهل البيت (ع) على اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع الطلاق، ومن ذلك دعوتهم الى توثيق روابط المودّة والمحبّة، والعشرة بالمعروف، والحث على الاصلاح في حال الخلاف، ومراعاة الحقوق والواجبات، والتحلي بالحلم والصبر في مواجهة المشاكل، واذا لم تنفع جميع هذه المحاولات وحدث الطلاق حرّم المنهج الاسلامي كشف اسرار الزوج أو الزوجة أو اتهامها أو ما شابه ذلك، وأوجب عليهما اداء حقوق الاطفال واشعارهم بالمحبوبية ومنحهم الحب والحنان والمان، ويجب عليهما توفير جميع الظروف التي تساعد الطفل على القناعة بسلامة أخلاق والده أو والدته، وانّ الطلاق أمر طبيعي لعدم انسجام الوالدين ولا يعني بالضرورة سوء خلق أحدهما.
واذا حدث ان تزوج أحد الوالدين زواجاً ثانياً ينبغي اشعار الطفل بالمحبوبية من قبل الزوجين، وعدم مناقشة الفرق بين الزواج القديم والزواج الجديد أمامه، وهو بحاجة الى الصدق والصراحة في شرح أسباب الزواج الجديد دون الدخول في التفاصيل، وينبغي تشجيع الطفل على التعبير عن انفعالاته وأحاسيسه ومن ثم مناقشتها، والتأكيد على استمرار حب الوالدين له.
ــــــــــــــــــ
الحب والرومانسية
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
يبدو الحب كحالة ذهنية ونفسية تجمع الناس والداخلون في هذه الحالة هم الاحباء مهما كان اطار العلاقة سواءاً كانت أسرية أو أخوية أو علاقة صداقة وقبل ذلك تلك الحالة التي تجمع المحبين الى قفص الزوجية.
كما ويبدو الحب ايضاً كطاقة تغذي العلاقة بين الناس انه طاقة خيرة بمقدار ما هي قابلة للاستمرار بمقدار ما هي قابلة للنفاذ، فما هو سر الحب وكيف يمكن اعادة شحنه اذا نفذ؟
* ما هو الحب ولماذا نحب؟
الورود تعبر عنه والحيوانات تشعر به بالغريزة والانسان يقع فيه. إنه الحب وهو كلمة من حرفين ولكنه يعبر عن مشاعر جياشة معقدة أحياناً. يقال انه أعمى يجعلنا نتصرف بجنون يجعلنا تارةً نضحك وأخرى نبكي، فكيف تظهر كل هذه الاعراض؟ يقال ان العواطف هي المسؤولة عنه لذا نعتقد انها غير عقلانية. ولكن وجد العلماء ان الحب متصل بعوامل فسيولوجية لأننا بحاجة للحب والحنان والعطف وهناك عناصر كيميائية مسؤولة عنه وهي مواد الامفيتامين التي تنتشر في الدماغ وهي عناصر مسؤولة عن اعراض الحب.
وللحب جذور تاريخية، ولم يكن مفهوم الحب قبل الزواج منتشر أو معروف عند بعض الشعوب كالصينية والهندية والافريقية فلغتهم لم تكن تحوي على كلمة الحب ولم يكن هناك كلمة مرادفة للحب في اثنين من أعرق وأقدم الحضارات في العالم وهي الاغريقية واللاتينية. والحب هو محور الثقافات ووراء اجمل قصائد الغزل وأحلى الفنون ويمكن ان يدفع صاحبه الى الجنون وتشير الاحصائيات الى ان الكثير من الجرائم سببها الحب (ومن الحب ما قتل). ولكن ما هو الحب؟
* ما هو الحب وما هي الرومانسية؟
الحب: طاقة وهو ضروري للحياة، كما انه ناتج عن علاقة ناجحة بين شخصين من الناحية العملية، وهو لا يخضع لشروط لأن لكل شخصين حالة خاصة تختلف عن الاخرين.
اما الرومانسية: فهي صفة ومحاولة من البشر لتجميل الواقع وجزء من الرومانسية الخيال والحلم واضفاؤه على الحياة. وافضل شيء هو اذا مزجنا بين الحلم والحقيقة وعشنا الحقيقة كأنها حلم جميل واصبح هناك نوع من التطعيم بين الحلم والحقيقة. كما ان الرومانسية هي مزيج من الحالة السلوكية والبيولوجية والاجتماعية وهي فسحة للهروب من الواقع وتجديد الحياة لأن التجديد والتغيير في الحياة يعمل على انعاشها.
* من معوقات الرومانسية؟
الرومانسية شيء جميل ولكن هناك امور عديدة تحول دون استمرارها منها اعباء الحياة المادية والاجتماعية والسياسية ومشاكل الاطفال وقضاء ساعات طويلة في العمل وغيرها ولكن على الانسان ان يبحث دائماً عن التجديد في الحياة الزوجية وكذلك ان يبحث عن الجميل في الطرف الاخر وترك او غض البصر عن غير الجيد.
* هل لعمليات التجميل المنتشرة غالباً في الدول الغربية اثر في تجديد العلاقة الزوجية؟
عمليات التجميل لا يمكن ان تنقذ حباً أو علاقة وصلت الى طريق مسدود. لأن تغيير الشكل ليس الاساس في حل المشكلة في العلاقة الرومانسية فالاساس هو شيء آخر ولكننا نظل مع الزوجات اللواتي يفضلن الاعتناء بالشكل والاهتمام بالتجديد. وكذلك من المهم الاشارة الى ان الذي يعيد العلاقة هو الحوار بين الشخصين لمعرفة ما يحب او يرغب كلاهما وكذلك عليهما ان يتقبلا اقل من الكامل لانجاح العلاقة، اذ لا يوجد نجاح 100% في أي علاقة لذا عليهما ان يتقبلا 75% الى 80% من نجاح العلاقة فهذا جيد جداً.
* لماذا نجد المرأة دائماً هي من تهتم بنفسها وتقوم بعمليات التجميل؟
في العلاقة الطبيعية كلا الزوجين عليهما أن يعتنيا بالمظهر، فالرجل الذي يكون بحالة صحية جيدة ومظهر انيق يكون زوجاً محبوباً وأباً جيداً. أما المرأة فهي بطبيعتها تحب الالوان والجمال وذلك تبعاً لغريزتها وهي بطبيعتها تعمل هذا الشيء لنفسها وليس بالضرورة لزوجها واذا قامت به للزوج فهي بهذا تفكر في السعادة وانعاشه وكذلك تعلمه بأن يهتم هو ايضاً بنفسه.
* نصيحة لكل من يريد ان يعيش حياة يومية لا تخلو من الرومانسية.
واجب على الرجل والمرأة ان يتفاهما بجدية يومياً على ان يحافظا على علاقتهما وتجديدها باستمرار، أي بمعنى ان طقوس الحب يجب ان تستمر. وعندما يحدث فتور في العلاقة غالباً ما يكون السبب هو ان احد الطرفين او كلاهما غير قادر على انعاش العلاقة وقد يكون السبب هو توقعات غير واقعية من الطرف الآخر لذا عليه ان يعلم بأن هذا هو احساس أناني وعليه ان ينظر ايضاً الى احتياجات الطرف الآخر. فالحب هو طاقة روحية قابلة للنفاذ اذا لم تجد من يعتني بها وهي قابلة ايضاً للشحن.
ــــــــــــــــــ
وعد لهم ووعد لها(54/162)
تزوجت من فتاة تصغرني بعام واحد واشترط أهلي عند الزواج أن أبقى معهم وأن لا أكون في بيت منفصل وفي الوقت نفسه قدمت وعداً لخطيبتي بأني سأبحث عن بيت منفصل حينما امتلك القدرة.. وبعد زواجي بمدة حدثت المشاكل بين زوجتي وأهلي وأصبح الجميع بما فيهم أنا في حالة نفسية سيئة للغاية فهناك شجار على توافه الأمور وهناك توتر لأقل زيارة وحتى دق الباب يحدث معركة حادة.. أنا الآن حائر لقد وعدت أمي أن أبقى بجانبها مدى الحياة ووعدت زوجتي بأن أكون لها بيتاً خاصاً.. ولا أدري لا سيما أقدم الوفاء على حساب الأخرى فلأمي حقها وكذلك أبي وربما أنهما بحاجا إلى وجودي باعتبار الابن الأخير في عنقود الأسرة ولم يعودا شابين بل يجب أن اخفف الحمل عنهما ولزوجتي أيضاً الحق في أن يكون لها بيت خاص ولا أدري ماذا أفعل الآن. احمد شعبان_مصر
الحل:
قد يكون الخطأ منذ البداية منك أنت فكان لابد وأن تحشم الأمر مع زوجتك وأمك منذ البداية كأن توحي لأمك عبر الكلام الهادئ أن بقاءك معها لن يطول ولكنك حتى لو قررت الانفصال عنها فسيكون سكنك قريباً منها وبالتالي ستكون في خدمتها وأيضاً تقنع زوجتك بأنك لا تملك مقومات السكن الانفرادي لضيق ذات اليد مثلاً ولكن عندما تتحسن الحال ستجد البديل المناسب..ولعل السبب فيما حصل لك هو حرصك على إرضاء جميع الأطراف وأن يكون زواجك مباركاً وعلى كل حال فهذه الأمور تحل بالمواجهة الصريحة وبالتفاهم فيمكنك إقناع والدتك بأنه سيضطر إلى الانفصال الآن أو غداً وأنه سوف لن يتركها أبداً وسيحصل على بيت قريب وأن استقلاله يمكنه من الوقوف على قدميه وتأمين حياة مستقبلية افضل وأيضاً تقنع زوجتك بمسؤوليتك عن اهلك وذويك فلا يعني الزواج حرباً مع الآباء وإنما البر مطلوب معهما مؤمنين أو كافرين حيين كان أو ميتين وسلوك اللطف واللين مع كل الأطراف يمهد بالنجاح في هذه العملية.. حاول أن تفهم زوجتك أن حقها في البيت المنفصل أمر مشروع ولكن ليس على حساب معارك مع الكبار..
ــــــــــــــــــ
افكار بسيطة لمطبخك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
تظل المرأة فى المطبخ فترة ليست بالقصيرة ، مما يجعلها فى كثير من الاحيان تشعر بالملل خاصة لو كانت ديكورات المطبخ تقليدية ولا تساعد على المكوث به طويلا حتى انتهاء المهام المنزلية المتعلقة به ، لذا ابحثى دائما عن الافكار التى تكسرين بها حدة ذلك الملل .. ونحن نقدم اليك بعض من هذه الافكار:
1- الماسكات
الخامات المستخدمة
• عدد 2 قطعة احمر 15 سم ×15 سم 0
• عدد 2 قطعة لينوه اصفر 15 سم × 15 سم 0
• عدد قطعة لينوه اخضر 15 سم × 15 سم 0
• عدد 3 قطع اسفنج 15 سم × 15 سم 0
طريقة عمل المساكات :
ضعى قطعتين من القماش ليكون الوجهان من الداخل وفوقهما قطعة الاسفنج ثم خيطيها من جميع الجوانب مع ترك جزء بسيط لقلبها بعد الخياطة على الوجة ثم قومى بعمل زخرفة بماكينة الخياطة وسرجى الجزء المتبقى بالخيط والأبرة 0
ــــــــــــــــــ
كيف تكسبين حماتك
إن قصص الحموات مع زوجات الأولاد ملأت صفحات الجرائد والمجلات, وشاشات التلفزيون والسينما, وكان الهدف منها هو إثارة الضحك, وإشاعة روح الفكاهة بين الناس عن طريق المقالب التي تخترعها الحماة لزوجة ابنها.
ولم يقصر الأدباء والفلاسفة في مختلف البلدان وعلى مر العصور في تشويه صورة الحماة, وسموها حكمة, وما هي في الحقيقة إلا أقوال لم تحتكم في شيء إلى المنظور الإسلامي ومن ذلك قول الأديب أنيس منصور: ( الصحافة مهمتها البحث عن متاعب.. وكذلك حماتك ), وهناك مثل إيطالي يقول: ( يستحيل على المرأة أن تعمل بنصيحة حماتها ).
وبهذا كله انطبع في النفوس مقت الحماة وكرهها, فأصبحت العروس لا تدخل بيت الزوجية إلا وهي تضع في ذهنها الطرق التي يجب أن تسلكها مع حماتها حتى تتقي مكائدها, وكأنها ستدخل حلبة مصارعة, وتظل تترصد كل كلمة تتفوه بها حماتها, وتتصيد أي حركة تقوم بها, وتحيك حولها القصص والحكايات التي ترويها على مسامع أمها أو صديقاتها ليساعدنها في الكيد لتلك الحماة, ومن هنا تنسج خطوط الكراهية بينهن, وتترسب البغضاء في النفوس, وتزرع الحزازات في الصدور, وتحل القطيعة بين أفراد الأسرة بكاملها, وتكون نتيجتها عقوق الوالدين, ويتبع ذلك رحيل البركة والخير من البيت.
رحم الله تلك المرأة العابدة التي كانت تحث زوجها على طاعة أمه فتقول له:
( أقسمت عليك أن لا تكسب معيشتك إلا من حلال, أقسمت عليك أن لا تدخل النار من أجلي, برّ أمّك, صل رحمك, لا تقطعهم فيقطع الله بك ).
فإذا أرادت حواء أن تقي زوجها حر جهنم, وأن تأخذ بيده إلى الجنان, وتضمن لبيتها السعادة والبركة الدائمة فعليها:
أن تطرد من مخيلتها تلك الصورة المشوهة للحماة, وتضع في نفسها أن أم زوجها هي بمثابة أمها, فإن أخطأت تجاهها يوما فلتعاملها بمثل ما تعامل به والدتها إن أخطأت بحقها.
عليها أن لا تقص على زوجها كل ما يقع بينها وبين أمه وهي تتباكى وتذرف الدمع السخين حتى تستميل قلبه إليها وتكسب وده, ويصور له الشيطان أمه ظالمة مستبدة, فيزحف الجفاء إلى نفسه, ويسير في طريق العقوق.
إن رأت قصورا في معاملة زوجها لأمه, فلتكن مرشد خير له, فتحثه على طاعتها, وأن تلح عليه في زيارتها والتودد إليها.
حواء الواعية لا تتدخل فيما يقدمه زوجها لأمه وما يهبه لها, بل تساعده على أن يكثر لها العطاء, وتحاول هي أن تهديها هدايا قيمة وجميلة بين حين وآخر.
إذا ذهبت لزيارة حماتها تحرص كل الحرص على أن تأخذ معها طبقا شهيا, وترفض أن تكون ضيفة ثقيلة يتبرم من حضورها من يستقبلها.
حواء الذكية هي التي تستطيع أن تأسر قلب حماتها بحسن معاملتها وظرف أخلاقها, فإذا كان لدى حماتها مدعوون على الطعام تتفانى في مساعدتها, لا أن تجلس وكأنها ضيفة الشرف.
تحرص دائما على تعليم أولادها احترام حماتها وطاعتها, وتغرس المحبة والود لها في قلوبهم, وتعودهم على زيارتها ولا تحرمها منهم فـ ( ليس أغلى من الولد إلا ولد الولد )
تعلم أولادها آداب زيارة الجدة وخاصة إذا كانت كبيرة في السن, فلا تدعهم يزعجونها بأصواتهم وحركاتهم, وتعودهم على عدم إلقاء القاذورات وأوراق الحلوى على الأرض, أو العبث بديكورات المنزل, بل لا تدعهم يخرجون من المنزل حتى ينظفوا لها المكان ويرتبوه. فبذلك تتمنى الحماة زيارتهم كل يوم وتلح عليهم في تكرارها.
إذا اجتمع على الزوج طلبها وطلب حماتها, فما عساها فاعلة ؟؟ هل تقلب البيت إلى جحيم إلى أن يتحقق طلبها قبل طلب حماتها ؟ أم تقدم طلب حماتها على طلبها ؟؟ إن كانت حواء راجحة العقل حقا تقدم قضاء حاجة حماتها على حاجتها راضية غير متذمرة .
إياك وإشعال نار الغضب ورفع راية القطيعة بينك وبين زوجك من أجل هذا التقديم, فإن حماتك إذا رأت منك هذا التنازل, وهذا الاحترام فإنها بلا شك ستتنازل عن أشياء كثيرة فيما بعد.
ــــــــــــــــــ
دور مهم للجدة في حياة الأسرة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
في دراسة متعمقة استمرت لسنوات , ثبت أن للجدة دورا مهما وحيويا في محيط الأسرة . هذا ما أكدته الدراسة الاجتماعية التي قام بها علماء جامعة كلورادو الأمريكية , حيث خلصوا إلى أن الله قد وهب لكل أسرة طبيبا شخصيا مقيما , وهذا الطبيب هو الجدة التي تلعب دورا مهما في حالة مرض الأحفاد .
هذا ما يقوله د . برنيت تيلور أستاذ صحة الطفل بالمستشفي الملكي بلندن , الذي أكد مع د . جوناثان الين الأستاذ المساعد بكلية العلوم النفسية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ان الجدة تعد الشخص المناسب التي يمكن أن يستعان به لأخذ النصيحة , وأضاف أن الجدة تصبح بما لديها من خبرات وحضن دافيء قادرة على مساعدة الأسرة التي لديها أطفال صغار على اجتياز المشكلات الصحية التي يتعرضون لها بنصائحها المفيدة ورعايتها لهؤلاء الصغار .
أيضا أكد د . إلين في دراسته أن الجدات يلعبن دورا أساسيا وحيويا فيما يتعلق بالقرار الذي يتخذنه بشأن الأسلوب الأمثل لرعاية الأحفاد عند مرضهم , وما يتعلق بنوعية الغذاء المناسب ومتى يمكن نقل الطفل إلي المستشفى لتلقي العلاج .
كما أن الجدة لها القدرة على مد الصغار بمشاعر الحب والقدرة على معرفة احتياجاتهم في الوقت الذي ينفد فيه صبر الأمهات الصغيرات علي تفهم مشاكل الصغار وتوفير احتياجاتهم النفسية والتربوية . وهكذا فإن دور الجدة اليوم أصبح حيويا خاصة بالنسبة للأم العاملة وظروف دور مهم للجدة في حياة الأسرة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
في دراسة متعمقة استمرت لسنوات , ثبت أن للجدة دورا مهما وحيويا في محيط الأسرة . هذا ما أكدته الدراسة الاجتماعية التي قام بها علماء جامعة كلورادو الأمريكية , حيث خلصوا إلى أن الله قد وهب لكل أسرة طبيبا شخصيا مقيما , وهذا الطبيب هو الجدة التي تلعب دورا مهما في حالة مرض الأحفاد .
هذا ما يقوله د . برنيت تيلور أستاذ صحة الطفل بالمستشفي الملكي بلندن , الذي أكد مع د . جوناثان الين الأستاذ المساعد بكلية العلوم النفسية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ان الجدة تعد الشخص المناسب التي يمكن أن يستعان به لأخذ النصيحة , وأضاف أن الجدة تصبح بما لديها من خبرات وحضن دافيء قادرة على مساعدة الأسرة التي لديها أطفال صغار على اجتياز المشكلات الصحية التي يتعرضون لها بنصائحها المفيدة ورعايتها لهؤلاء الصغار .
أيضا أكد د . إلين في دراسته أن الجدات يلعبن دورا أساسيا وحيويا فيما يتعلق بالقرار الذي يتخذنه بشأن الأسلوب الأمثل لرعاية الأحفاد عند مرضهم , وما يتعلق بنوعية الغذاء المناسب ومتى يمكن نقل الطفل إلي المستشفى لتلقي العلاج .
كما أن الجدة لها القدرة على مد الصغار بمشاعر الحب والقدرة على معرفة احتياجاتهم في الوقت الذي ينفد فيه صبر الأمهات الصغيرات علي تفهم مشاكل الصغار وتوفير احتياجاتهم النفسية والتربوية . وهكذا فإن دور الجدة اليوم أصبح حيويا خاصة بالنسبة للأم العاملة وظروف الحياة العصرية التي تتطلب وجود الجدة مع أحفادها .
ــــــــــــــــــ
دقة + إنضباط أسرة سعيدة
وضعت رأسها بين يديها واستغرقت في التفكير في مستقبل ما في أحشائها ، وسمعت عقلها يقول لها : مضي على زواجك عام ، وبعده بشهور منّ الله عليك وأصبحت حاملاً ، فماذا أعددت لمستقبل الجنين بعد أن يولد ؟ .
همست في نفسها مجيبة : إن دخلي أنا وزوجي كبير ، لكننا نصرف أموالنا دون حساب أو تخطيط ، بمناسبة ودون مناسبة ، فماذا نفعل ؟ مطالبنا ستزداد وضغوطنا المالية ستتضاعف بعد الولادة .. ماذا أفعل ؟ أنا وزوجي نسير بجهل وراء المثل القائل : أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب ..
ضغوط مالية
إن كثيراً من الأسر تعاني من ضغوط مالية تؤثر في استقرارها وسعادتها ، لكن أغلب الضغوط المالية هي من صنع أيدينا ، فنحن الذي جلبناها لأنفسنا بسوء تدبيرنا للموارد المالية التي لدينا ، وبكثرة المصروفات وعدم تقديرها والتخطيط لها ، ولو دققنا في المشاكل المالية في الأسرة لوجدنا أن عدم وجود بند الميزانية أو وضوحه لدى الزوجين من أكبر أسباب تلك الضغوط ن وأنا أعرف أن هذا الأمر ثقيل علي النفس فنحن لا نحب الكتابة والتدقيق وإنما نحب الصرف متي شئنا .
قليل من الدقة :
الجدول التالي يبين كيفية وضع ميزانية الأسرة والتعامل معها ، ولكن بعد عمل الميزانية العائلية يبقي المهم أن تتقيد العائلة بها ، فلا تتجاوز بنودها حتي لا تكون حياة الأسرة فوضي غير مرتبة ، وبشيء بسيط من الدقة والانضباط ستحقق العائلة النجاح والسعادة .
أولاً : تقدير الدخل السنوي
الدخل السنوي للزوج :
الراتب ، زيادات ، إيراد استثمار ، عطايا أو هدايا ، رصيد متوافر بالبنك .
المجموع : 0000000
الدخل السنوي للزوجة
الراتب ( إذا كانت تعمل ) ، زيادات ، إيراد استثمار ، عطايا أو هدايا ، رصيد متوافر بالبنك .
المجموع : 000000000
بعد عمل الزوجين هذين الجدولين ، يجمعان المبلغ المتوافر بالإضافة إلي المبلغ المتوقع الحصول عليه خلال السنة القادمة فيكون الناتج هو ما يملكه الزوجان من رأس مال ، وقد يكون الإيراد السنوي للزوج مثلاً (10) آلاف دينار أو (15) ألف دينار ، وللزوجة مثلاً إذا كانت عاملة (8) آلاف دينار أو (12) ألف دينار ، وقد تزيد وقد تنقص ، وأول قرار يفترض أن يتخذه الزوجان هو تحديد النسبة التي تقتطع من الدخل لتوفيرها أو استثمارها أو الاحتفاظ بها لمشروع قادم سيقبلان عليه ، كشراء أرض أو بناء بين أو سفرة صيف .
ثانياً : تقدير المصاريف الثابتة :
وذلك من خلال :
إيجار المنزل ، اشتراك الهاتف المنزلي ، قسط السيارة ، قسط أو سداد دين ، التزامات اخري ( عائلية - خيرية ) ، نفقة زوجية ، عضوية اشتراك ناد ، اشتراك ( جريدة / مجلة ) التزامات للواليدين ، أخري ( يتم ذكرها وتدوينها ) .
المجموع : 0000000
وبعد كتابة بنود المصروفات الثابتة خلال السنة ينتقل الزوجان إلي كتابة بنود جدول المصروفات المتغيرة .
ثالثاً : تقدير المصروفات المتغيرة
المصروفات المتغيرة سنوياً :
أثاث وأجهزة ، كهرباء وماء ، أدوات التنظيف ، الصيانة والتصليحات ، المكالمات الدولية ، الهاتف النقال / البيجر ، المأكولات ، المشروبات ، وقود السيارة وتصليحها ، أدوية ومصاريف طبية ، مصاريف للتعليم ، مصاريف ترفيهية ، الملابس ، نفقة الأولاد ، هدايا ، وليمة ، عيدية العيدين ، سفر ، مشروع إجازة الصيف ، تبرعات ، نثريات .
المجموع : 00000000
وبعد انتهاء الزوجين من كتابة هذه الجداول يبدآن في كتابة الجدول الختامي لبيان وضع ميزانية العائلة .
رابعاً: الجدول الختامي
الدخل السنوي :
المصاريف الثابتة :
المصاريف المتغيرة :
المجموع : 000000000
ثم يبدأ الزوجان بعمل المعادلة التالية :
مجموع الدخل السنوي : 0000
مجموع المصاريف السنوية : 00000
الفرق بينهما :
يتبين معنا في النهاية بعد حسم المصاريف من مبلغ مجموع الدخل السنوي هل يتبقي عند العائلة فائض من المال يدخر ويستثمر أو أن لديها عجزاً وإفلاساً ؟ وفي الحالة الأخيرة ينبغي مراجعة المصاريف المتغيرة والتضحية ببعض بنودها أو تخفيضها ، ثم تعاد المعادلة مرة أخري حتي تستقر الميزانية ، وإن لم يصل الزوجان إلي حل ، أو لا يريدان أن يغيرا من المصاريف المتغيرة ، فليفكروا في كيفية زيادة دخلهما أو تغيير وظيفتيهما .
ــــــــــــــــــ
العائلة المتماسكة أساس التربية
إن التماسك العائلي عامل أساسي لنمو الأولاد في أجواء مناسبة تشعرهم بالإرتياح مع أنفسهم ومع المحيط. فانسجام أفراد العائلة الواحدة يساعد في تربية الاولاد تربية صحيحة, خصوصاً حين يتعلمون في إطار العائلة طرق التصرف والعيش والتعامل مع الآخرين واحترامهم. وأول ما يمكن تعلمه في هذا الاطار هو المشاركة وتقاسم الأشياء, كالطعام والثياب والمال, لحثهم على تحمل المسؤولية مع الاهل, الأمر الذي يعزز شعورهم بالحب تجاه أهلهم وأشقائهم ولاحقاً تجاه المحيط الخارجي. ويمكن اتخاذ بعض الاجراءات التي تساعد الأهل والأولاد على العيش بطريقة سليمة ومنها:
1 - أن يتعلّم الأولاد الاستفادة من خُبُرات أهلهم وأقاربهم الأكبر سناً, فضلاً عن التعرف منذ الطفولة على أقاربهم.
2 - أن يربي الأهل أولادهم على مبدأ احترام الآخرين ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
3- أن يشكل الأهل من خلال أعمالهم مثالاً نموذجياً للاولاد.
4- أن تجتمع العائلة من وقت إلى آخر, على أن يحصل الأفراد على بعض الوقت لأنفسهم.
5- أن يتكاتف أفراد العائلة في الأوقات الصعبة وأن يثق كل منهم بالآخر.
6- أن يجتمعوا ليحتفلوا في المناسبات السعيدة.
7- أن يتعلموا كيفية الإصغاء إلى الآخر وأن يتعاونوا في حل المشاكل.
8- تشجيعهم عند إنجازهم عملاً معيناً ما يدفعهم إلى المثابرة.
9- أن تترك لكل منهم فرصة التعبير عن مشاعره وأحاسيسه إلى الآخرين.
ــــــــــــــــــ
الحكمة والحذر فى التعامل مع الناشئين والمراهقين
لعل من بين اصعب المسؤوليات واخطرها شأنا واعظمها رتبة لدى الاباء هى الكيفية التى يتعامل بها هؤلاء مع ابنائهم لتوجيههم والحرص على تنشئتهم وتطويرهم، كى يكونوا اصحاء اسوياء سواء فى تفكيرهم او دراستهم او فى مجال علاقاتهم الاجتماعية.
وفى الحالة تلك سينجحون فى كسر شرك التعقيدات الطفولية والتخلص من التباساتها، التى لو وجدتْ لها موطناً فى عقليتهم لما بارحتها مطلقا ولألقت بظلاها القاتمة على حياتهم، والافلات منها والنجاح فى تجاوزها يعنى الدليل القاطع على نجاح التجربة التربوية، والبرهان الساطع على صدق التعامل الاسرى الحميمي.
الترغيب والترهيب
فالترغيب والترهيب مبدأ طبق قديما ويطبق حديثا واثبت هذا النهج جدارته وفاعليته على ارض الواقع وآتى ثماره، الا ان بعض الباحثين فى علم النفس والاجتماع نادوا بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
فالسمة الحسنة والمزية الصالحة يمتدح صاحبها ويثنى عليه للاتيان بالمزيد من امثالها ونظائرها، والمدح والثناء قد يكونان بالقول او بالفعل او بكليهما معا وهو الاجدى والاكثر نفعا، فتقديم المكافأة المادية او الهدية - مع كونها بسيطة او رمزية - اثر نجاح حققه الابن او البنت فى اجتياز مرحلة دراسية مثلاً ستكون عاملاً محفزاً ومهماً فى تغيير السلوك.
فالتوجيه الصحيح والمتابعة الدائمة والمستمرة عوامل مهمة جدا فى ارساء دعائم الكيان الاسرى وبالتالى ستعود بفائدتها العميمة على البناء الاجتماعى لتشمل المجتمع برمته وبالشكل الذى يعطى انطباعا حسنا على سلوك ابناء الفئة الاجتماعية الواحدة، اذن فالترغيب هو تشجيع كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الاسرة والنهوض بها، فالتعامل معهم يجب ان يكون مساوقاً لمستوى ادراكهم وميولهم وما تحمله عقولهم مع عدم تحميلهم مالا يطيقون، اذ ان التعامل مع الصغار يجب ان يكون مميزا بديهياً عن التعامل مع الكبار، فالكبار يعدون اكثر نضجاً ووعيا وتفهماً للظروف المحيطة ولما يجب ان يكون عليه التعامل الاسري.
الحكمة والمنطق
وبناء على ذلك يرُجح استخدام اسلوب الحكمة والمنطق وحجة الاقناع لان هؤلاء يدركون معنى (ان اللبيب من الاشارة يفهم) فالعنف واستعمال الكلمات التى تثبط العزائم اوتجرح المشاعر اوالتى توخز العواطف يجب ان تطرح جانبا من حسابات التعامل الاسرى لئلا يخلق ذلك عندهم ردود فعل سلبية معكوسة جراء خطأ ارتكبوه او هفوة بدرت منهم، على ان يكون الارشاد والنّصح مؤشرين لتصحيح مسار ما اعترى او اعترض العلاقات الحميمة من تلكؤ وفتور.
مع الاخذ بنظر الاعتبار ان النصح يتوجب ان لا يكون امام جماعة من الملأ لان ذلك سيسبب لهم انكساراً نفسيا، وكيلا يفهم الشاب او الشابة بان ذلك نوع من التأنيب والتشهير، وكما قال احد شعراء الحكمة العرب: (وجنّبنى النصيحة فى الجماعة) فان النصح بين القوم نوع من التوبيخ لا ارضى استماعه، ولو عدنا ولو بنظرة عجلى الى موروثنا المقدس لوجدنا بان سيد الخلق محمداَ صلى الله عليه وآله وسلم يقول (علموا ولا تعنّفوا) وهذا المبدأ عظيم فى اهدافه لانه تحرى المنطق فى تربية الابناء على الفضائل السامية والاخلاق الكريمة.
النشأة السوية الصالحة
فالترغيب هو تجنيب الامر الجميل والتشجيع على الاتيان باشباهه وما كان على شاكلته والحالة هذه يمكن وصفها بانها ميزان عادل للتعامل مع الجميع ذكوراً واناثاً صغاراً وكباراً، الا ان ذلك بالنسبة للاطفال يبدو اكثر حساسية لان عقل الطفل فى مرحلة النشوء صفحة بيضاء نملى وننقش عليها ما نشاء وان نأخذ بالحسبان بان ما ننقشه وما نمليه سيكون طبعا متأصلاً عند الكبر، فأيّ اعوجاج اوانحراف - لا سمح الله- يحصل فى هذه البرهة سيصعب تغييره واصلاحه. من هذه النقطة ندرك بان التعامل مع الصغير يتطلب منا ان تكون على جانب كبير من الحذر فاستعمال العنف والقسوة سيؤديان الى اختلال ميزان الاستقامة السلوكى لذا توجبت مراقبته والاطلاع على صغائر نفسيته وكبائرها والتعامل معه بوسائل تجعله سليما معافى بعيدا عن الامراض النفسية وأجوائها لينشأ النشأة السوية الصالحة وبما تجعله مستقبلا مفيدا ومستفيدا فى آن معا.
طه ياسين عيسى
المصدر : العرب اونلاين
ــــــــــــــــــ
الاسلوب الأمثل لمواجهة صعوبات التعلم لدي الاطفال
ميرفت عثمان
إدراك الوالدين للصعوبات أو المشكلات التي تواجه الطفل منذ ولادته من الأهمية حيث يمكن علاجها والتقليل من الآثار السلبية الناتجة عنها .
وصعوبات التعلم لدي الأطفال من الأهمية اكتشافها والعمل علي علاجها فيقول د . بطرس حافظ بطرس مدرس رياض الأطفال بجامعة القاهرة : إن مجال صعوبات التعلم من المجالات الحديثة نسبيا في ميدان التربية الخاصة , حيث يتعرض الاطفال لانواع مختلفة من الصعوبات تقف عقبة في طريق تقدمهم العملي مؤدية الي الفشل التعليمي أو التسرب من المدرسة في المراحل التعليمية المختلفة اذا لم يتم مواجهتها والتغلب عليها .. والاطفال ذوو صعوبات التعلم أصبح لهم برامج تربوية خاصة بهم تساعدهم علي مواجهة مشكلاتهم التعليمية والتي تختلف في طبيعتها عن مشكلات غيرهم من الأطفال .
ويضيف د . بطرس حافظ بطرس ــ مدرس رياض الأطفال أن صعوبات التعلم تعد من الإعاقة التي تؤثر في مجالات الحياة المختلفة وتلازم الإنسان مدي الحياة وعدم القدرة علي تكوين صداقات وحياة اجتماعية ناجحة وهذا ما يجب أن يدركه الوالدان والمعلم والاخصائي وجميع من يتعامل مع الطفل , فمعلم الطفل عليه أن يعرف نقاط الضعف والقوة لديه من أجل اعداد برنامج تعلميي خاص به الي جانب ذلك علي الوالدين التعرف علي القدرات والصعوبات التعليمية لدي طفلهما ليعرفا أنواع الأنشطة التي تقوي لديه جوانب الضعف وتدعم القوة وبالتالي تعزز نمو الطفل وتقلل من الضغط وحالات الفشل التي قد يقع فيها .
* دور الوالدين تجاه طفلهما ذي صعوبات التعلم :
* القراءة المستمرة عن صعوبات التعلم والتعرف علي أسس التدريب والتعامل المتبعة للوقوف علي الاسلوب الامثل لفهم المشكلة .
* التعرف علي نقاط القوة والضعف لدي الطفل بالتشخيص من خلال الاخصائيين أو معلم صعوبات التعلم ولا يخجلان من أن يسألا عن أي مصطلحات أو أسماء لا يعرفانها .
* إيجاد علاقة قوية بينهما وبين معلم الطفل أو أي اخصائي له علاقة به .(54/163)
* الاتصال الدائم بالمدرسة لمعرفة مستوى الطفل ويقول د . بطرس حافظ : إن الوالدين لهما تأثير مهم علي تقدم الطفل من خلال القدرة والتنظيم مثلا :
* لا تعط الطفل العديد من الأعمال في وقت واحد واعطه وقتا كافيا لإنهاء العمل ولا تتوقع منه الكمال
* وضح له طريقة القيام بالعمل بأن تقوم به أمامه واشرح له ما تريد منه وكرر العمل عدة مرات قبل أن تطلب منه القيام به .
* ضع قوانين وأنظمة في البيت بأن كل شيء يجب أن يرد الي مكانه بعد استخدامه وعلي جميع أفراد الاسرة اتباع تلك القوانين حيث إن الطفل يتعلم من القدوة
* تنبه لعمر الطفل عندما تطلب منه مهمة معينة حتي تكون مناسبة لقدراته .
* احرم طفلك من الاشياء التي لم يعدها الي مكانها مدة معينة اذا لم يلتزم بإعادتها أو لا تشتر له شيئا جديدا أو دعه يدفع قيمة ما أضاعه .
* كافئه اذا أعاد ما استخدمه واذا انتهي من العمل المطلوب منه
من حيث القدرة على التذكر :
* تأكد من أن أجهزة السمع لدى طفلك تعمل بشكل جيد
* أعطه بعض الرسائل الشفهية ليوصلها لغيره كتدريب لذاكرته ثم زودها تدريجيا .
* دع الطفل يلعب ألعابا تحتاج الي تركيز وبها عدد قليل من النماذج ثم زود عدد النماذج تدريجيا .
* أعط الطفل مجموعة من الكلمات ( كاشياء , أماكن , اشخاص ) .
* دعه يذكر لك كلمات تحمل نفس المعنى .
* في نهاية اليوم أو نهاية رحلة أو بعد قراءة قصة دع الطفل يذكر ما مر به من أحداث .
* تأكد أنه ينظر الي مصدر المعلومة المعطاة ويكون قريبا منها أثناء إعطاء التوجيهات
[ كالنظر الي عينيه وقت اعطائه المعلومة ] .
* تكلم بصوت واضح ومرتفع بشكل كاف يمكنه من سماعك بوضوح ولا تسرع في الحديث .
* علم الطفل مهارات الاستماع الجيد والانتباه , كأن تقول له ( اوقف ما يشغلك , انظر الي الشخص الذي يحدثك , حاول أن تدون بعض الملاحظات , اسأل عن أي شيء لا تفهمه )
* استخدم مصطلحات الاتجاهات بشكل دائم في الحديث مع الطفل امثال فوق , تحت , ادخل في الصندوق .
من حيث الادراك البصري : تحقق من قوة إبصار الطفل بشكل مستمر بعرضه علي طبيب عيون لقياس قدرته البصرية .
* دعه يميز بين احجام الاشياء وأشكالها والوانها مثال الباب مستطيل والساعة مستديرة
القدرة علي القراءة :
التأكد من أن ما يقرؤه الطفل مناسبا لعمره وامكانياته وقدراته واذا لم يحدث يجب مناقشة معلمه لتعديل المطلوب قراءته , أطلب من المعلم أن يخبرك بالاعمال التي يجب أن يقوم بها في المواد المختلفة مثل العلوم والتاريخ و الجغرافيا قبل أعطائه اياها في الفصل حتي يتسني لك مراجعتها معه .
* لا تقارن الطفل بإخوانه أو أصدقائه خاصة أمامهم
* دعه يقرأ بصوت مرتفع كل يوم لتصحح له أخطاءه وأخيرا يضيف د . بطرس حافظ بطرس أن الدراسات والابحاث المختلفة قد أوضحت أن العديد من ذوي صعوبات التعلم الذين حصلوا علي تعليم اكاديمي فقط خلال حياتهم المدرسية وتخرجوا في المرحلة الثانوية لن يكونوا مؤهلين بشكل كاف لدخول الجامعة ولا دخول المدارس التأهيلية المختلفة أو التفاعل مع الحياة العملية , ولهذا يجب التخطيط مسبقا لعملية الانتقال التي سوف يتعرض لها ذوو صعوبات التعلم عند الخروج من الحياة المدرسية الي العالم الخارجي
الخيارات المتعددة لتوجيه الطالب واتخاذ القرار الذي يساعد علي إلحاقه بالجامعة أو حصوله علي عمل وانخراطه في الحياة العملية أو توجيه نحو التعليم المهني , وعند اتخاذ مثل هذا القرار يجب أن يوضع في الاعتبار ميول الطالب ليكون مشاركا في قرار كهذا .
المصدر: موقع باب
ــــــــــــــــــ
الأب مشغول .. والأم في الأسواق!
بقلم/ عبد الملك بن محمد القاسم
لم يعد أمر تربية الأبناء ذا شأن في حياة الوالدين، على الرغم من أهميته .. بل إن الملاحظة- مع الأسف- أنه في أقصى قائمة اهتمامهم.
فالأب مشغول .. أرهقه الجري واللهث وراء حطام الدنيا، والأم تضرب أكباد الإبل للأسواق ومحلات الخياطة، ولا يجد أي منهما وقتاً للتفكير في أمر فلذات الأكباد .. سوى توفير الغذاء والكساء فيتساويان مع الأنعام في ذلك .
أما ذلك الطفل المسكين، فإنه أمانة مضيعة، ورعاية مهملة، تتقاذفه الريح وتعصف به الأهواء. عرضة للتأثيرات والأفكار والانحرافات . في حضن الخادمة حيناً وعلى جنبات الشارع حيناً آخر. وتلقى القدوة المسيئة ظلالاً كالحة على مسيرة حياته.
بعض أطفال المسلمين لم يرفع رأسه حين يسمع النداء للصلاة.. وما وطأت قدمه عتبة باب المسجد ولا رأى المصلين إلا يوم الجمعة أو ربما يوم العيد. وإن أحسن به الظن فمن رمضان إلى رمضان.
أما حفظ القرآن ومعرفة الحلال من الحرام فأمر غير ذي بال .
قد يخالفني الكثير في ذلك التشاؤم .. ولكن من رصد واستقرأ الواقع عرف ذلك ..
وهاك- أخي القارئ- مثالين أو ثلاثة لترى أين موضع الأمانة.، ومدى التفريط !!
- الأول : كم عدد أطفال المسلمين الذي يحضرون صلاة الجماعة في المسجد؟- والله- كأننا أمة بلا أطفال، وحاضر بلا مستقبل!!
أنحن أمة كذلك ؟! كلا .. هؤلاء تملأ أصواتهم جنبات الدور والمنازل والمدارس ويرتفع صراخهم في الشارع المجاور للمسجد. ولكن أين القدوة والتربية .
- الثاني: من اهتم بأمر التربية وشغلت ذهنه وأقلقت مضجعه- أو ادعى ذلك- إذا وجد كتابا فيه منهج إسلامي لتربية النشء ، أعرض عنه لأنه ثمين وغال..وهو لا يتجاوز دراهم معدودة وأخذ أمر التربية اجتهاداً وحسب المزاج وردة الفعل.
وهذه اللامبالاة نجد عكسها تماماً في واقع الحياة .. فإن كان من أهل الاقتصاد فهو متابع للنشرات الاقتصادية ويدفع مبالغ طائلة لشراء المجلات المتخصصة.. ويحضر الندوات ويستمع المحاضرات ولا تفوته النشرة الاقتصادية في أكثر من محطة إذاعية وتلفاز و..؟! وإن كان من أصحاب العقار فهو متابع متلهف لا تفوته شاردة ولا واردة ..
ولنر الأم في أغلب الأسر.. كم أسرة لديها كتاب حول التربية الإسلامية للطفل ؟!
- الثالث : يعطي الأب من وقته لبناء دار أو منزل أوقاتا ثمينة فهو يقف في الشمس المحرقة، يدقق ويلاحظ ويراقب ويتابع .. ويزيد وينقص ..
ونسي الحبيب .. من سيسكن في هذه الدار غداً؟!
أيها الأب الحبيب:
ستسأل في يوم عظيم عن الأمانة لماذا فرطت فيها؟! ولماذا ضيعتها؟!
إنهم رعيتك اليوم وخصماؤك يوم القيامة إن ضيعت، وتاج على رأسك إن حفظت
قال صلى الله عليه وسلم ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..)) الحديث
وقال أنس رضي الله عنه ((إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه))
وكما تقي فلذات كبدك من نار الدنيا وحرها وقرها عليك بقول الله جل وعلا {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة }
أصلح الله أبناء المسلمين وجعلهم قرة عين وأنبتهم نباتا حسنا.
المصدر: موقع باب
ــــــــــــــــــ
أسرار التفوق الدراسي للأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
يكتسب كتاب "دليل الآباء لتفوق الأبناء" أهمية خاصة؛ لأنه يحتوي على إجابات لعدد لا بأس به من التساؤلات التي تؤرق الوالدين فيما يخص تعليم وتفوق أبنائهم. فالكتاب يؤكد لنا مع كل دراسة أو تجربة ناجحة يسردها أن مفتاح النجاح الدراسي بيد الوالدين، فتفوق الأبناء وتميزهم دراسيًا ليس مستحيلاً إذا أدرك الوالدان أن للنجاح المدرسي "عادات" يمكن اكتسابها بغض النظر عن مستوى المدرسة ومستوى المدرسين.
النجاح.. عادة
في المقدمة يأخذنا الكاتبان: جاك ينج بلود وزوجته مارشا إلى مدارس ما وراء البحار ـ إلى الهند؛ ليقصا علينا تجربة "كيفين" ذلك التلميذ الذي فشل في ترجمة ذكائه إلى نجاح مدرسي، فقد أدرك والداه أن المدارس لا تكافئ سوى أنواع خاصة من الذكاء، مما قد يؤدي إلى الإحباط وتقويض الثقة بالنفس، فعمدا إلى تعليمه كيفية تحديد الأوقات للقيام بواجباته المدرسية، وكيف يصبر ويثابر ويبذل كل طاقة لديه. نجح الوالدان نجاحًا باهرًا، فقد تفوق "كيفين" وحقق في الجامعة أعلى الدرجات، حتى صار مطلوبًا كمهندس ومقاول مبانٍ، حتى قبل تخرجه.
وما قام به والدا "كيفين" يسمى الاستغراق أو المشاركة الإيجابية التي تعتبر بحق مفتاح النجاح، ليس الدراسي فحسب، بل النجاح في الحياة بصورة عامة، ويؤكد لنا الكاتب أنه لا يهم إن كان الوالدان من العاملين أو لا، أو إن كانت مدرسة الابن /الابنة من المدارس الذائعة الصيت أم من المدارس الحكومية المتواضعة، فعن طريق المشاركة الإيجابية، وعن طريق التزام وتكريس الوقت والطاقة عبر فترة طويلة نسبيًّا، سيكسب الابن عادات النجاح المدرسي: المثابرة والعمل الجاد، والتحديد الجيد للأوقات والأولويات، والقدرة على مواجهة المواقف الصعبة دونما ارتباك، وأهم من هذا وذاك: الثقة بالنفس.
الاستغراق الإيجابي
أما الفصل الأول؛ فيشرح فيه الكاتبان حقيقة علمية توصلت اليها الدراسات: الاستغراق، ومشاركة الوالدين الإيجابية لابنهما لها أكبر التأثير عليه، بخاصة على نجاحه المدرسي، ويسبقان في الأهمية المدرسين ومستوى المدرسة. فالرسالة إذًا واضحة؛ إن كنت ترغب في أن يمضي ابنك بطريقة جيدة في المدرسة فعليك بالاستغراق والمشاركة، بمعنى أن تمنحه الوقت الكافي كل يوم، وعليك العناية والاهتمام بواجباته الدراسية.
من بين تلك الدراسات، دراسة عن عشر عائلات أمريكية سوداء بشيكاغو، من سكان الأحياء الفقيرة متشابهة في معظم النواحي اجتماعيًّا واقتصاديًّا، إلا أن خمسًا من هذه العائلات كان لديها أطفال ضمن أفضل 20% في فصلهم الدراسي، بينما كان أطفال العائلات الخمس الأخرى ضمن أسوأ 20% في الفصل. لقد كان الفرق بين المتفوقين وغير المتفوقين هو ما أداه الوالدان مع أطفالهم، وهو ما لخصه الوالدان في النقاط التالية:
1- التحدث باستمرار مع أطفالهم.
2- التشجيع القوي لمتابعة الأداء الدراسي.
3- إقامة حدود واضحة داخل البيت.
4- خلق بيئة محفزة ومساعدة داخل البيت.
5- متابعة طريق قضاء الأطفال لأوقاتهم وتوجيههم.
وبالتالي، جاءت النتائج؛ لتؤكد أن كافة العائلات مهما كان دخلها أو مستواها التعليمي والمادي والاجتماعي تستطيع أن تتخذ خطوات محددة وواضحة من شأنها أن تساعد الأطفال على التعلم بصورة متميزة.
تعلم المشي.. نموذج يُحتذى
إلا أن السبب الرئيسي لعدم استغراق ومشاركة الوالدين لأبنائهم هو عدم معرفتهما مدى أهمية ذلك لنجاح الطفل في التعليم، فبدلاً من الاستغراق والمشاركة الإيجابية يقوم معظم الآباء بإضاعة الوقت في أعمال لا طائل منها مثل: تعنيف الأطفال، أو أداء الواجب بدلاً منهم، أو الضغط عليهم لكي يحصلوا على الدرجات المرتفعة بأي ثمن، ودفعهم إلى الشعور بالذنب، بل وعقابهم لحصولهم على الدرجات المنخفضة، وهذا أول شيء علينا ألا نقوم به.
ثم ينقلنا الكاتبان إلى الخطوة الثانية؛ ألا وهي "إحياء نموذج مشاركتنا لأطفالنا حينما كانوا يتعلمون المشي". وببساطة في الأسلوب، وبحجة علمية مقنعة للجميع يسأل الكاتبان القارئ: "هل يمكن لك أن تتصور أن تُوقف طفلاً ثم تقول له: امشِ! وعندما يقع تقوم برفعه من على الأرض وتضربه وتقول له: لقد طلبت منك أن تمشي. كلا إنك توقف الطفل إلا أنه يترنح قليلاً في اليوم الأول، فتتملكك الإثارة وتصيح: لقد وقفت لقد وقفت! ثم نقوم بمعانقته وتقبيله أيضًا! وهكذا يومًا بعد يوم، حتى يدرك الصغير أن الأمر يشكل صفقة جيدة، فيبدأ بتحريك رجله أكثر وأكثر، وإن كان يواصل التعثر إلى أن يتمكن من المشي في النهاية".
وبتذكر هذه المواقف، سوف ندرك أن العديد من الأشياء التي يقوم بها الوالدان مفيدة ومؤثرة وصحيحة بمفردات نظرية "التلقين والتعليم".
وعلى ذلك يكون المفهوم الكامل الذي على الوالدين أن يتبنياه هو تشجيع الطفل على القيام بالمجهود بصورة متكررة ومعادة، ويمكن لهذا الأمر أن يتم بطرق متعددة ومتنوعة:
1- أن يُظهر الوالدان الاهتمام والحماس لجهود أطفالهم.
2- إظهار الإثارة والإعجاب تجاه أدنى تقدم يحرزه الطفل.
3- تشجيع كافة الجهود المعادة والمتكررة، وتجاهل كافة المحاولات غير الموفقة أو الفاشلة.
ولو قام الوالدان بتشجيع أطفالهم على هذا النحو، فإنهم بذلك يمارسون عنصرين أساسين، معروفين في علم النفس التربوي:
* التدعيم.
* التخلص من سلوك ما.
4- التدعيم عن طريق الاهتمام الكامل لكل مجهود يقوم به الطفل، وإبداء الإعجاب عندما يبدي الطفل، ولو أدنى تقدم.
5- التخلص من سلوك ما، وذلك بتجاهل وعدم التعليق على إخفاقات الصغير، والنظر إلى مرات الفشل على أنها خطوات ضرورية من أجل النجاح الحقيقي. إن الآباء، بعدم إبداء اهتمامهم بالفشل، يسمحون بذلك للطفل بألا يعطي لفشله ـ هو الآخرـ أي اهتمام.
ماذا وراء إخفاق الوالدين؟
ولكن لماذا يخفق كثير من الآباء في تحقيق ذلك؟
(1) عدم وضوح أو تحديد الأهداف:
هل هدفنا تحقيق الابن لأعلى الدرجات وتفوقه الدراسي فحسب؟ أم أن هدفنا أبعد من ذلك، وهو بناء شخصية متكاملة، عندها القدرة على مجابهة الحياة، وإثبات ذاتها والتميز في حياتها العامة؟
علينا أن نخفف من اهتمامنا بالنتائج المباشرة للامتحانات، وأن نركز على قيمة "العمل" وليس الدرجات، ونعطي العمل الأولوية الحقيقية. فمجرد أن يصبح العمل الجاد عادةً راسخة لدى أبنائنا، فإن بقية الخصال الطيبة سوف تتحقق تلقائيًّا من كسب المهارة في تلقي العلم إلى زرع الثقة في النفس.
فليس المطلوب التركيز على النتائج أو على الدرجات، بل على "بذل المجهود" والتشجيع والاهتمام بأي مجهود مهما صغر.
(2) الحاجة إلى إعلاء قيمة العمل الجاد بدلاً من الموهبة:
هناك سبب ثانٍ لإخفاق الآباء في مهمتهم هذه، وذلك يكمن في رؤية الآباء لمفهوم الموهبة مقابل العمل الجاد. أظهرت الدراسات أن عددًا لا بأس به من الآباء ما يزالون يرون "الموهبة" والقدرات الشخصية هي المسئولة عن سوء أداء أبنائهم، وما يحتاجه الآباء فعلاً هو إعلاء قيمة العمل الجاد بدلاً من الموهبة. هذه هي النتيجة التي توصل إليها "بنجامين بلوم" حينما اختار 120 شابًا من أكثر الشباب تألقًا والتزامًا، من بينهم: سباحو الأوليمبياد، باحثون ذائعو الصيت، أبطال في التنس، عازفو بيانو، نحاتون حاصلون على أعلى الشهادات وبعض الجوائز.
فبالرغم من أن والديهم قد جاءوا من أوساط اجتماعية واقتصادية مختلفة؛ فإنهم تشابهوا في تقديرهم للعمل الجاد والمثابرة، وتوضيحهم لأولادهم أن المثابرة أهم من الموهبة والمقدرة الشخصية.
التوقعات الإيجابية
ثم يعود بنا الكاتبان مرة أخرى إلى "تجربة تعلم المشي"، فتوقع النجاح (والذي يسميه الكاتب الإيمان بالطفل) من قبل الوالدين، والمعتقدات الإيجابية، والتوقعات والأماني لها أهميتها في مساعدة الطفل على تعلم العمل الجاد، وهذا أحد أهم الأشياء التي على الوالدين التمسك بها؛ فالتوقعات الإيجابية بخصوص الأطفال تقوم بتشكيل الأداء بطريقة قوية وفعالة.
يقول الباحث "ألبرت مصربيان" إن 93% مما نوصله إلى الآخرين، عما نحب أو نكره، لا يكْمُن في الكلمات التي ننطق بها، ولكن في نغمة الصوت وتعبيرات الوجه، فمشاعرنا سرعان ما تصل إلى الطفل حتى دون أن نترجمها إلى كلمات منطوقة، ولكن كيف يمكن تغيير مشاعرنا وصورتنا السلبية إلى مشاعر وتوقعات إيجابية. الأمر سهل: التركيز دائمًا ودومًا بصورة علنية في أثناء حديث الذات بالتركيز على مواطن القوة في الطفل وخصاله الإيجابية. لا بد من أن يتم ذلك عن طريق تمرين جاد للتغيير (حديث النفس أو الذات) بأن يؤكد الوالدان لأنفسهما أن ابنهم طيب، عاطفي، يحبهم ، إيجابي في تعامله مع الآخرين، وأن يُقدِّروا محاولاته لاسترضائهم.
ولكي يكون لهذه الأمور أثرها وفعاليتها؛ ستحتاج إلى ترديدها مرات عديدة؛ ولذا ـ كما ينصحنا الكاتبان ـ عليك بكتابتها وتسجيلها، حتى يمكن لك تذكرها، وعليك بالاحتفاظ بها معك في داخل (جيبيك) أينما ذهبت، وعليك بوضعها في أماكن يمكن لك فيها أن تشاهدها أو تلمحها. قم بقراءتها، ورددها لنفسك. كررها بصوت مرتفع وفي صمت أيضًا، وعندما تردد هذه التوكيدات، رددها مصاحبة للمشاعر بإحساس صادق وكأنك تعنيها فعلاً. عليك ترديدها بأكثر قدر من الإحساس والاقتناع.
إننا جميعًا، كآباء وأمهات، نحتاج إلى توقعات إيجابية وحنان وحب صادق؛ كي ننجح في المشاركة الإيجابية والاستغراق مع أبنائنا، إنه جوهر العلاقة بين الآباء والأبناء
ــــــــــــــــــ
اجعل ابنك طائرة أنت قائدها!
التعامل مع الابن المراهق يشبه كثيراً التحكم بالطائرة ، فأنت مضطر دائماً إلى أن تطبق هذه التعليمات :
1- اجعل الطائرة (ابنك) في مجال رؤيتك وراقبه على شاشة الرادار.
2- عندما يكون هناك عطل ما أو تأخير في وصول الطائرة فعليك ان تصلح هذا العطل وتعيد جدولة رحلة الطيران القادمة .
3- لا تستطيع ترك عملك كمراقب ومتحكم في الطائرة (ابنك) إلا إذا سلمت هذه المأمورية لمن تثق به كي ينوب عنك.
4- عندما تتعرض الطائرة لبعض المطبات ، عليك الالتزام بعملك والقيام بواجبك ، فلا يوجد شيء آخر أكثر أهمية في هذا الموقف.
5-من اكبر الأخطار فقدان الاتصال بالطائرة (ابنك) وإذا حدث هذا لابد وأن تبذل أقصى جهدك لإعادة الاتصال به.
الآباء كمراقبي حركة الطيران في المطار يتحملون عبئاً وقدراً عاليا من الضغط، وكثيراً منهم من يتخلى عن هذه الوظيفة بسهولة اعتقاداًً منهم أنهم يتركون الفرصة لأبنائهم ليكبروا بحرية ، ولكنهم في هذه الحالة يتركون أبناءهم ( الطائرة) بدون خط سير واضح للطيران ، وكثيراً ما تحدث المشاكل بعيداً عن برج المراقبة.
وحتى لا تصادف طائرتك الكثير من المطبات تعرف على أجهزتها الدقيقة وتعرف على ما يقلق ابنك.
خمسة أشياء تقلق الشاب :
عندما يعرف الآباء ما يقلق أبناءهم ويفهمونه ، يصبحون اكثر قدرة على التعامل مع هذا الابن وتقدير مشاعره السلبية ومساعدته على التغلب عليها، ومن الأشياء الرئيسية التي تقلق الأبناء المراهقين ما يلي:
1-رأي الآخرين:
مهم جداً لدى المراهق ما سيقوله الأصدقاء عنه ، فهو دائماً يخشى نظرة الآخرين له ولذلك فهو يحاول أن يختار دائماً الأفضل من وجهة نظر الآخرين . وهنا تأتي اهمية زرع الثقة في نفس الابن من الصغر من أجل التغلب على هذه المشكلة.
2- العلامات المدرسية:
إن الأبناء في قرارة أنفسهم يعلمون أن الدرجات العالية هي طريقهم لكسب احترام الآخرين ، فإذا كنت أباً لأحد منهم فهناك الكثير من الوسائل التي تزرع بها في نفس ابنك الثقة عن طريق مساعدته للوصول إلى مستوى دراسي معين أو البحث معه عن هواية يحبها يشعر عندما يمارسها بهذا التفوق .
3-الوقت:
لابد وأن تركز على تعليم ابنك أهمية الوقت وكيفية التعامل مع الأولويات وكيفية تنظيم وقته، فالأبناء كثيرو الشكوى من ضيق الوقت .. والأفضل أن تبدأ الآن تعليمه أن الحياة بها الكثير من الأشياء التي يمكن أن يقوم بها.
4-المشاكل العائلية:
مهما حاول الآباء إخفاء مشاكلهم سواءً المالية أو العاطفية عن أبنائهم الكبار ، إلا أن الأبناء لديهم مقدرة ليستشفوا هذه المشاكل ويتأثروا بها، والأفضل هنا أن يتحدث الوالدان مع الأبناء عن هذه المشاكل بصورة بسيطة ، وأن يشعروا الأبناء أن لديهم عدداً من الحلول ، وأنهم بصدد الوصول لحل معين ، فهذا من شأنه أن يعلمهم أن لكل مشكلة حلاً إذا حاول الإنسان الوصول إليه .. كما تشعرهم بأهميتهم في المنزل.
5- المستقبل:
قلق الأبناء يبدأ عندما يشعرون بأن عليهم أن يختاروا كلية معينة لتكملة دراستهم ، ماذا سوف يدرس وما هي الوظيفة التي سيبحث عنها .
ودور الآباء في هذه الأثناء أن يخرجوا من شخصية أبنائهم الجزء الذي هم ناجحون فيه سواءً العملي أو الشخصي مثل : مقدرتهم على تحمل الضغوط أو مقدرتهم على استخدام الكمبيوتر أو حبهم للقراءة والكتابة..
ويضعوا يد الأبناء على هذا الجزء ليعرفوا إمكانياتهم ، وأنه سيكون لهم مكان في المجتمع إذا أتقنوا هذا العمل وتفوقوا فيه.
ــــــــــــــــــ
ثقافة العيب
لماذا تنظر البيوت العربية الى الثقافة الجنسية على انها عيب؟ وهل البرامج الجنسية تدمر الشباب والمراهقين أم تزيد ثقافتهم؟
نحن عندما نتخذ الجنس عيباً يجب أن لا يناقش لأن هذا تابع من خوف الوالدين على أولادهم ورؤية البعض بأن الشخص يجب ان يعلمه عندما يحتاجه وعند الوقت المناسب لممارسته وتطبيقه.
حقيقةً الجنس هو وظيفة بيولوجية تحدث لدى جميع البشر وهي وظيفة كالوظائف الأخرى مثل التنفس والعرق يجب أن نرعاها منذ البداية. كما أن الربط بين الثقافة الجنسية والأباحية مفهوم خاطىء. نعم هناك سلبية في هذه البرامج اذا لم تعد بصورة صحيحة ولم تكن من قبل متخصصين. ولكننا بحاجة للثقافة الصحيحة كي لا يبحث الشاب أو المراهق عن المعلومات من المصادر الخاطئة. ويجب أن يكون هناك موازنة داخل البيت لدى الأهل والاولاد.
*من هو المسؤول عن الثقافة الجنسية هل هو المراهق أم من يقوم بإرشاده؟
المسؤولية مشتركة، وذلك لأن الثقافة الجنسية هي نمط حياة قد يختلف من مجتمع لأخر وذلك بسبب وجود الضوابط والأنظمة المختلفة وهي ليست معلومة مجردة يكتسبها الفرد بل هي نمط حياة يكتسبها من مجتمعه وبيئته.
*هل يمكن إعتبارنا شريحة مستهدفة من قبل مؤسسات واطراف اخرى لتسويق الاباحية والامور الجنسية.
سابقاً كان طرح الثقافة الجنسية باللغة الانجليزية ولكن في الوقت الحالي يتم الطرح باللغة العربية، وذلك لأننا مستهدفين وفي الوقت نفسه مستهلكين.
*هل ننصح بأن تقوم الام بتثقيف ابنتها والاب بتثقيف ابنه أم الاثنان معاً؟
الأسلم والأفضل بأن يشارك الوالدين مع بعض في التثقيف حتى يكون الاباء وحدة واحدة وأن نحقق ثقافة الاسرة السليمة كي نصل للوقاية والعلاج السليم.
*العمر المناسب للثقافة الجنسية؟
المسألة مربوطة بالبلوغ وأفضل من يستطيع معرفة السن المناسب هم الوالدين لأنهم متابعين لطبيعة النضج الجسدي والنفسي والعقلي لاولادهم.
ــــــــــــــــــ
من قال إن الطلاق يؤدي الى السعادة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
النصيحة التي كثيرا ما يتلقاها الازواج الذين لا يشعرون بالسعادة هي الا يلجأوا الى الطلاق وان يتمسكوا برباط الزوجية .. وأكد تقرير صدر امس هذه النصيحة.(54/164)
وخلص باحثون من جامعة شيكاغو ومعاهد اخرى الى ان نفس نسبة الازواج الذين يتجنبون الطلاق رغم الزواج غير السعيد ينتهي بهم الحال بعد خمس سنوات الى نفس السعادة التي قد يشعر بها اولئك الذين وقعوا في الطلاق.
ووجدت مقابلات اجريت في الثمانينات مع 5232 من المتزوجين البالغين، ومرة اخرى بعد خمس سنوات، ان هؤلاء الذين عثروا على السعادة اكتشفوا ان مصادر المشاكل الزوجية مثل المال والاكتئاب، بل وحتى الخيانة الزوجية خفت حدتها بمرور الوقت.
وذكر آخرون انهم شعروا بتحسن بعد الحصول على المساعدة لفترة طويلة احيانا من الاقارب او من اصحاب المشورة او عن طريق التهديد بالطلاق. وعثر آخرون بأنفسهم على طرق للسعادة رغم زيجاتهم العادية.
وقالت ليندا وايت، استاذة علم الاجتماع بجامعة شيكاغو التي اعدت التقرير الذي قدم في مؤتمر في واشنطن، <<الابقاء على علاقة الزواج لا يكون فقط من اجل الاطفال. فبعض حالات الطلاق ضرورية، لكن نتائج مثل هذه توضح ان الحديث عن فوائد الطلاق مبالغ فيه>>.
(رويترز)
ــــــــــــــــــ
أسرار الحياة الزوجية الناجحة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أكد علماء النفس في جامعة واشنطن الأمريكية, أن الطريقة التي يعامل بها كل زوج زوجه في الحياة اليومية هي السر في إقامة علاقة زوجية ناجحة واستمرار الحياة السعيدة بين المتزوجين.
واستطاع الباحثون في دراسة نشرتها مجلة /العلوم النفسية العائلية/, التنبؤ بمَن مِن المتزوجين حديثا سوف يستمر زواجه ومن سينتهي بالطلاق, من خلال إجراء مقابلات مع 95 من الأزواج, خلال ستة أشهر من زواجهم, وقضاء 24 ساعة في مراقبة كل زوجين في المختبر لمعرفة كيفية التواصل بينهما.
وبعد مرور خمس سنوات, وجد الباحثون أن تنبؤاتهم باستمرار الزواج وحدوث الطلاق قد تحققت بنسبة 90 في المائة.
وقال هؤلاء إن المفاهيم التي يحملها كل زوج للآخر ولزواجهما, تدل على مدى استقرار الزواج بكل دقة, إذ اعتمد "الرباط الزوجي" في حالة الأزواج السعداء على طريقة معاملة كل منهما للآخر.
وخلص الخبراء إلى عدد من الأفكار التي تعطي لمحة عن الحياة الزوجية المستقبلية, كاستخدام كلمة "نحن" بدلاً من "أنا", عندما يكون الحديث عن الخطط المستقبلية من قبل الزوج أو الزوجة, وأن يذكر كل من الزوج أو الزوجة بعضهما بالخير ويعطيان انطباعا لمن يتحدث إليهما بأنهما فخوران بارتباطهما وزواجهما, إلى جانب تطابق وجهات النظر وتعزيز كل منهما وجهة نظر الآخر أثناء الحديث.
ويرى الباحثون أن على الزوجين أن يختزنا ذكريات واضحة عن تاريخ أول لقاء جمعهما وان يتذكرا تفاصيل اليوم الذي اتفقا فيه على الزواج, وأن لا يتصرفان بسلبية تجاه المصاعب التي تلاقيهما في حياتهما بل عليهما البقاء متفائلين وإيجابيين في السلوك والمعاملة.
--------------------------------
المصدر : واشنطن - قدس برس
ــــــــــــــــــ
حفظة القرآن من الأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
من أسباب سعادة الأسرة المسلمة والتي تبقى عادة غائبة عن الأنظار هي ارتباط هذه الأسرة بكتاب الله خصوصاً إذا كان الأبناء من حفظة القرآن الكريم.
وفي هذا المجال يمكن الحديث عن:
* دور البيئة والتنشئة الاجتماعية في تحفيظ الأبناء للقرآن الكريم:
في الحديث الشريف (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) دعوة لأن يخطط الآباء لتربية أبنائهم تربية صالحة كما يخططون لدنياهم. وأن يشجعون أولادهم على قراءة القرآن إلى جانب ممارسة الرياضة والسباحة وتعلم الكامبيوتر وغيرها من الهوايات المفضلة كي يتمتع الولد بكل حياته ولا ينسى الله ويصبح مجارياً للعصر مع قاعدة متينة تربطه بدينه.
* متى وكيف يبدأ الأهل بتحفيظ القرآن؟
تبدأ القضية بقناعة الوالدين بهذا الأمر، فالوالدين هم نماذج حية لها قوة وسلطة على الأبناء لأنهم يثيبون ويعاقبون. وأن يبدأ العمل معهم وهم صغار لأنهم يريدون رضى الوالدين بشدة في فترة صغرهم، أمام سنوات المراهقة فتتميز بالعناد والتمرد الذي قد يدفعهم لممانعة رغبة الوالدين. هذا بالاضافة إلى أن من أتقن شيئاً أحبه، فإذا علمناه القرآن من الصغر سيتقنه ويحبه ويشعر بحلاوته.
* دور الأهل في عملية تحفيظ القرآن للأبناء:
1 ـ الاتفاق بين الزوج والزوجة على تربية الأبناء تربية صالحة.
2 ـ التفرغ للأبناء بشكل مركز.
3 ـ ازالة الملهيات الغير مفيدة مع إبقاء الملهيات التعليمية.
4 ـ إيجاد الصحبة الصالحة من حفظة القرآن من الجيران وأبناء الأصدقاء.
5 ـ أن يقرأ الأهل القرآن أمام أبنائهم كي يشجعونهم.
6 ـ إذا لم يستطيع الأهل حفظ القرآن فليتعلموا التلاوة الصحيحة ويقرأوا القرآن أمام الأبناء.
7 ـ أن يركز الأهل في عملية تحفيظ الأبناء القرآن على الفهم كي يؤثر على سلوكه والفهم هو الذي يرسخ الحفظ، فالحفظ المجرد هي عملية تكرار تنتهي بانتهاء فترة التكرار ولكن الحفظ مع الفهم يرسخ المادة.
8 ـ إذا لم يجد الأهل الوقت الكافي أو القدرة على تحفيظ الأبناء فالبديل موجود، يمكنهم وضع الأولاد في مراكز ودورات تحفيظ القرآن التي تقوم بهذه المهمة بدلاً عنهم
-----------------------
المصدر: قناة اقرأ- برنامج البيوت السعيدة
ــــــــــــــــــ
ادارة الصراعات العائلية
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
الاختلاف بين البشر أمر طبيعي، أن الله سبحانه وتعالى عندما خلق البشر فرق بينهم، ولم يخلقهم سنخاً واحداً بل أوجد فيما بينهم اختلافاً من ناحية الاذواق والطباع والسلوكيات والاخلاق والمأكل والملبس وبالتالي ينشأ ثمة صراع، كما ان الاحتكاك والعمل والجهد لابد وان يولِّد الصراع.
*العوامل المؤثرة في ايجاد الصراع:
1_ عامل الناس: لأن الناس مختلفين يأتون من اسر وبيئات مختلفة.
2_ عامل العلاقات
3_ عامل التكنولوجيا
4_ عامل البيئة: وهي من أبرز وأهم العوامل المؤثرة في ايجاد الصراع
*استراتيجيات ادارة الصراع:
1_ الاستماع للمشكلة هي المقدمة لأدارة الصراع.
2_ استراتيجية تحرير الخلاف:
وهي تفريغ الخلاف عن طريق وسائل مختلفة، مثلاً الكتابة على الورق، ويتم خلالها كتابة الاسباب المهمة للخلاف وترك الامور الجانبية والتوافه، ويتم من خلال هذه الطريقة امتصاص للغضب وتهدئة الاوضاع بين الطرفين.
2_ مقاومة سايكولوجية "كلاّ":
ويتم ذلك من خلال أبدالها بسايكولوجية "نعم"، عن طريق طرح اسئلة اجابتها تكون بالتأكيد نعم.. وبذلك تخفف سايكولوجية "كلا" وهي من الامور المنطقية لأن المقابل عندما يكرر نعم.. نعم يصل الى مرحلة يقبل فيها الشيء الذي كان يقول عنه "كلا".
3_ استراتيجية المستقبل:
ترجم الماضي الى طلب، ولا تتكلم عن سلبيات الماضي، بل حولها الى طلبات.
4_ الابتعاد عن لغة العداوات:
لغة العداوات هي لغة الاوامر مثل لغة القضاة والمحامين والشرطة. وذلك لأن التأثير في الشخص بواسطة الادب والزيادة من الادب يكون أكبر من التأثير بواسطة العنف والاوامر.
5_ كسِّر الخلاف:
بأن نضع أمامنا الايجابيات والسلبيات معاً وبهذا نستطيع ان نكسر الخلاف لا أن نضع الخلاف والامور السلبية نصب أعيننا ونتناسى بقية الامور.
من افضل طرق التعامل مع الغضب والصراخ والإهانة هي السكوت في المرحلة الاولى فقط لأن السكوت يمتص من غضب الطرف المقابل، ومن ثم بعد ذلك في مرحلة الهدوء تتم مناقشة اسباب الخلاف.
*نحن نعلم بأن الاصل في الحياة العائلية هو السعادة ولكن في نفس الوقت فأن الصراع والتعب موجود، ولكن على الانسان ان يستثمر الصراع في تنمية ذاته وعلاقته بالآخرين.
عن فضائية art بتصرف
ــــــــــــــــــ
صلة الارحام مهد الحياة الهنيئة
دعم الإسلام هناءة الأسرة ، فأحكم وثاقها بمن تربطها بهم قربى ، وشد أزرها بما أوجب من تراحم الأخوة والأخوات ، وبني العمومة والعمات ومن يليهم ، فليس أرضى لله تعالى من صلة الرحم التي أمر أن توصل ، وبر الأهل والعشيرة ، الذين يزكو عندهم إسداء المعروف، وليس أجلب لسخط الله من إهدار هذه الحقوق التي يوغر إهدارها الصدور ، ويثير العداوة ويؤرث الأحقاد ، ويجعل الأسرة المتعاطفة متدابرة متخالفة .
ورعاية أولي الأرحام ، والتوسعة عليهم ، بما لا يشق إسداؤه إليهم ، هو عصام هذه الأسرة من التفكك ، وزمامها من الإنحلال والزوال ، وهو دواء أنفسٍ إن غفلت عن مغزى قول طرفة بن العبد الجاهلي :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة . . . على القلب من وقع الحسام المهند
فيما ينبغي أن تغفل عن صورة الرحم الفذة في قول المعصوم صلوات الله عليه وسلامه : أن الله تعالى خلق الخلق ، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال : نعم أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قل فذلك لك . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اقرأو إن شئتم ( فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) سورة محمد:22-23.
لقد شق الله سبحانه للرحم اسما من اسميه الرحمن والرحيم ، ومن رحمته التي وسعت البر والفاجر في هذه الحياة ، وجعلها خالصة للمؤمنين يوم يلقونه ، ليعظم حقها على العقلاء الذين يفهمون أن الحياة لا يمكن أن تصفو بغير تراحم الأقرباء، وتعاون الأحياء وذلك وحي الحياة ، وحديث الواقع قبل أن يكون وحي السماء وحديث النبوة ووصايا الآباء للأبناء .
إن في أفراد كل أسرة من الجفوة ، والشطط عن صراط الله قدراً مما شكا منه أحد صحابة الرسول (ص) : [ أن رجلاً قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن كنت كما قلت فكأنما تُسفّهم المَلّ لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ] .
ومن معاني هذا التوجيه النبوي ، أن لهؤلاء الجاحدين حقوقاً على ذوي القلوب الكبيرة ، فالإحسان إلى المسيء من أدب الاسلام الذي يقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لعقبة بن عامر وقد سأله : يا رسول الله: أخبرني بفواضل الأعمال ، فقال: [ يا عقبة : صل من قطعك وأعط من حرمك ، وأعف عمن ظلمك ] . ثم أليس هؤلاء أعضاء في جسم المجتمع الذي يمنى بتشويهٍ فادح إن نحن بترناهم من قبل أن نبلو عذراً بمحاولة إصلاحهم ، والعربي يقول :
وأمنحه مالي وودي ونصرتي وإن كان مطويّ الضلوع على بغضي
ويقول مسكين الدارمي :
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
وإن ابن عم القوم فاعلم جناحُه وهل ينهض البازي بغير جناح ؟
ويقول المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدًا
فإن أكلوا لحمي، وَفَرْتُ لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدًا
ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
ومن قبل هؤلاء قال حاتم :
شربنا بكأس الفقر يوماً وبالغنى وما منهما إلا سقانا به الدهرُ
فما زادنا بغيا على ذي قرابة غنانا ولا أزري بأحسابنا الفقر
وأين من هؤلاء الأمجاد، ذلك الذي قيل فيه :
سريع إلى ابن العم يلطم خده وليس إلى داعي الندى بسريع
ــــــــــــــــــ
هل هذا جزاء الابوين
بقلم : زينب الغزالي
يقول الله عزوجل : (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .
ويقول : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حديث معناه [ رغم أنف عبد أدرك أبويه ولم يدخلاه الجنة ] . هذه هي منزلة الآباء في عقيدة الإسلام ونظامه ، حتى إن الآيات قرنت بين توحيد الله سبحانه وتعالى وبين الإحسان إلى الوالدين والرحمة بهما ، بل إن الشقي من حرم دخول الجنة لأنه لم يحسن إلى والديه .
والكلام في هذا الموضوع كثير ولكني أتحدث الآن عن ظاهرة بدأت تنتشر في بلادنا وهي ظاهرة إقامة مؤسسات خيرية لرعاية المسنين ، فإن كان الأمر مقبولاً بالنسبة للآباء والأمهات الذين لا يجدون من يُعنى بهم ويقوم على خدمتهم من الأبناء والأحفاد ، فكيف بالآباء والأمهات الذين ضحوا وبذلوا الليالي لخدمة أبناء وبنات ، ثم يكون مصيرهم هذه المؤسسات ؟
كيف يرضى ابن بار وابنة بارة أن تلقي بأمها وأبيها في مؤسسة خيرية ، ولا تضعهما في مكانتهما الطبيعية في حبة قلبها ونبضات روحها.
إنني أرى أن ترك الآباء والأمهات الذين لهم أبناء أو بنات ، في تلك المؤسسات الخيرية عار على المجتمع المسلم ، وجريمة خلقية لا ترضاها شريعتنا وقيمنا الإسلامية وتقاليدنا التي تنبع من حضارتنا.
وأهيب بكل من له أب أو أم أن يسارع بإحاطتهما بالحنان والحب والود والرحمة فمهما فعل الأبناء ، فلن يوفوا الآباء حقوقهم، وهذا هو الخلق السامي الذي يقوم على أساسه المجتمع المسلم.
فارحموا الآباء.. أيها الأبناء.. وثقوا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .
وكما تدين تُدان.
ــــــــــــــــــ
كيف نتعامل مع كذب الاطفال ؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
من أبرز ما يزعج الوالدين هو ملاحظة الكذب على أبنائهم ، وذلك لما للصدق من أهمية كبيرة .
لماذا الكذب ؟
معظم الأطفال يكذبون بين وقت وأخر ،ولسلوك الكذب أسباب كثيرة منها:
1 - الطفل يستخدم الكذب الاستكشافي كوسيلة يتعرف من خلالها على ما يمكن أن يحدث( لقد اخذ صديقي نقوداً من محفظة والده دون علمه ) .
2 - قد يتعمد الكذب كي ينجو من العقوبة .
3 ـ- ميل الطفل للتضخيم والمبالغة بغرض التباهي .
4 - عدم القدرة على التفريق بين الحقيقة والخيال ، لاسيما في حق طفل ما قبل المدرسة .
ماذا نصنع ؟
1 - التزام الهدوء : إذ لا يحسن أن نكره الأطفال على قول الحقيقة لأن مثل هذه الطريقة تجبر الطفل على الكذب مرة أخرى لينجو من الموقف .
2 - واجه الطفل بطريقة إيجابية : بمعنى لا تطلق لفظ ( أنت كاذب) أو تنقد الطفل ، لأن مثل هذا الأسلوب يدفع الطفل إلى الانتقام ، ويقلل من التقدير ، ولكن بدلاً من ذلك تقول بكل هدوء : أنا أعرف أن الذي تقول غير صحيح ، والكذب غير مفيد ، ودعنا ننظر في الموضوع .
3 - حاول معرفة أسباب الكذب :فإذا كان الطفل يدعي التفوق في مادة هو في الحقيقة يعاني من صعوبتها تستطيع أن تستجيب لمثل هذا النوع من الكذب بالعبارة التالية : أرى أنك تبذل جهداً كبيرا ًفي هذه المادة وهي صعبة عليك ، إذا أحببت نستطيع أن نقضي وقت أطول في مذاكرتها .
4 - استخدم أسلوب التأديب المناسب : ينبغي أن يعرف الأبناء شيئين وهما : أننا نفخر بهم إذا أخبرونا الصدق . والشيء الثاني أن الكذب يترتب عليه مضاعفة العقوبة .
5 - القدوة والمكافأة على الصدق : بمعنى أن يلاحظ الطفل الصدق في تعامل والديه معه ومع الآخرين .
ــــــــــــــــــ
معالم في مسايسة أم الزوج وزوجة الابن
زينب الغزالي
أتحدث إليك اليوم بحساسية دقيقة، غير أنها ضرورية، لأنها كثيراً ما خيمت على بيوت سعيدة ، فأشقتها وكثيراً ما خيمت على بيوت فأسعدتها.. إنها الصلة بين أم الزوج وزوجة الابن .
وأم الزوج تسمى في العرف والتاريخ "الحماة" وما أجمل أن نتعامل معها على أساس الأمومة للزوجين ، لأنها الشجرة التي أثمرت الزوج، ثم حنت عليه بظلالها،' وسقته من ماء حياتها ، حتى غدا ثمرة تاقت إليها النفوس، وتمنتها القلوب، فكنت أنت يا بنتي القاطفة لها ، فهل تحبين أن تكوني القاطعة لهذه الشجرة المباركة التي أعطتك هذا الزوج الحبيب الحاني؟!
إنني أدعوك إلى أن تناجي ظلالها وتسقيها بيدك ماءً يباركها، تلك هي "حماتك" أتعلمين يا بنتي أنك لو أطعت الله فيها ماذا يكون لك من أجر عند الله ؟
إنه الأجر العظيم ، فقد أوصى سبحانه في كتابه العزيز (وبالوالدين إحسانا) . فكما أنك تحرصين على مرضاة أمك وتفعلين كل ما يسعدها، كذلك فافعلي مع أمه ، فاتقي الله فيها .
إن العقوق يا بنتي ذنب هو من الكبائر عندما قال صلى الله عليه وسلم ما معناه : [ألا أدلكم على أكبر الكبائر ؟ ] قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : [ الشرك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور.. ] [ البخاري وغيره ]
فمن المهم أ ن تساعدي زوجك على أن يكون باراً بوالديه وأن توصيه دائماً بذلك، إن برّك يا بنتي بأم زوجك هو بركة لك ، إن وجدت ابنها أغضبك ، غضبت لغضبك حتى يرضيك..
إن السعادة هي التي تشهد امتزاجاً بين أسرة الزوج وأسرة الزوجة بحب ومودة، فهل تكونين يا بنتي لحماتك الابنة والصديقة والحبيبة، فتكون لك الأم والصديقة والحبيبة ؟! أرجو أن تتفكري في كلماتي..
وأنت أيتها الحماة الحبيبة .. أرجو أن تتنبهي إلى أسباب سلامته .. فكم كانت سعادتك وأنت تزفين ابنك يوم عرسه، كم كنت موفقة وأنت تؤكدين أن زوجة ابنك ستكون كابنتك.. فماذا يا سيدتي وقع بعد الزواج.. ؟ إنها هي التي ضممتها إلى صدرك والسعادة تجري في دمائك وتملأ وجهك، ثم تابعت الحب الذي كان بين الزوجين بعد زواجهما.. فماذا أغضبك من سعادة ولدك وزوجه.. ؟
إنني يا سيدتي أعتب عليك ألا تنزليها منزلة ابنتك، فأنت تفرحين لابتسام زوج ابنتك وحنوه عليها ، أفليس من واجبك أن تغمري ولدك وزوجه بهذا الذي تغمرين به ابنتك وزوجها ؟
حبيبتي.. إن العدل شريعة الله، فراجعي نفسك في علاقتك بزوجة ابنك، واقرأي معاني الرحمة والمودة في كتاب الله، وأن ذوي القربى أولاهم بالمودة والمحبة.. فالزوج هو فلذة كبدك وأبناؤه هم أحفادك.. فاملأي قلبك بالحب للزوجة والأحفاد، حتى ينشأ البيت على أساس من النور الرباني، فالبيوت التعسة لا يصل إليها نور مرضاة الوالدين ودعواتها لأبنائهما وبناتهما.. فلا تحرمي بيت ولدك من دعواتك الحانية، ومودتك المثمرة، فالمال يفنى وتبقى المعاني الجميلة للحياة.. تراحم الأسرة وتوافقها.
لا تبحثي عن أخطاء زوجة ابنك، ولكن انصحيها، واعلمي أنها من جيل غير جيلك ومن واقع غير واقعك، فكوني لها الأم الحنون، الأخت والصديقة وثقي أنها ستعاملك كابنتك وصديقتك، فترفرف بذلك أعلام السعادة على البيت.
ــــــــــــــــــ
ماذا لو اعتذر الوالد لولده ؟
اثناء تقديمي لإحدى الدورات الخاصة بالرجال لاحظت رجلاً قد تغير وجهه، ونزلت دمعة من عينه على خده، وكنت وقتها أتحدث عن إحدى مهارات التعامل مع الأبناء وكيفية استيعابهم، وخلال فترة الراحة جاءني هذا الرجل وحدثني على انفراد قائلاً: هل تعلم لماذا تأثرت بموضوع الدورة ودمعت عيناي؟! قلت له: لا والله!! فقال: إن لي ابناً عمره سبعة عشر سنة وقد هجرته منذ خمس سنوات لأنه لا يسمع كلامي، ويخرج مع صحبة سيئة، ويدخن السجائر، وأخلاقه فاسدة، كما أنه لا يصلي ولا يحترم أمه، فقاطعته ومنعت عنه المصروف وبنيت له غرفة خاصة في السطح، ولكنه لم يرتدع، ولا أعرف ماذا أعمل، ولكن كلامك عن الحوار وأنه حل سحري لعلاج المشاكل أثّر بي، فماذا تنصحني؟
هل استمر بالمقاطعة أم أعيد العلاقة؟! وإذا قلت لي ارجع إليه فكيف السبيل؟!
قلت له: عليك أن تعيد العلاقة اليوم قبل الغد، وإن ما عمله ابنك خطأ ولكن مقاطعتك له خمس سنوات خطأ أيضاً، أخبره بأن مقاطعتك له كانت خطأ وعليه أن يكون ابناً باراً بوالديه ومستقيماً في سلوكه، فرد عليَّ الرجل قائلاً: أنا أبوه أعتذر منه، نحن لم نترب على أن يعتذر الأب من ابنه!!
قلت: يا أخي الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً وإنما على المخطئ أن يعتذر، فلم يعجبه كلامي، وتابعنا الدورة وانتهى اليوم الأول، وفي اليوم الثاني للدورة جاءني الرجل مبتسماً فرحاً ففرحت لفرحه، وقلت له: ما الخبر؟
قال: لقد فكّرت كثيراً بكلامك وطبقته البارحة، وهل تعرف ما هي النتيجة؟
قلت: أخبرني، قال: طرقت على ابني الباب في العاشرة ليلاً وعندما فتح الباب قلت له: يا ابني إني أعتذر من مقاطعتك لمدة خمس سنوات، فلم يصدق ابني ما قلت ورمى رأسه على صدري وظل يبكي، فبكيت معه، ثم قال: يا أبي أخبرني ماذا تريدني أن أفعل، فإني لن أعصيك أبداً.
وكان خبراً مفرحاً لكل من حضر الدورة، نعم إن الخطأ لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، بل إن النبي محمد (ص) في إحدى الغزوات كان يساوي بين الصفوف، فوضع عصاه في بطن أحد الصحابة ليساوي وقوفه مع بقية الصف، فطلب هذا الصحابي أن يقتص من النبي على فعلته، فكشف النبي (ص)عن بطنه وأعطاه العصا ليقتص منه ،ه ولكن الصحابي انكب على بطنه يقبله، فقال له النبي(ص): «لم فعلت ذلك»، فقال أردت أن يكون آخر عهدي بالدنيا أن يمس جلدي جلدك، واستشهد الصحابي في تلك المعركة.
إن الأب إذا أخطأ في حق أبنائه ثم اعتذر منهم فإنه بذلك يعلمهم الاعتذار عند الخطأ، وإذا لم يعتذر فإنه يربي فيهم التكبر والتعالي من حيث لا يشعر ..
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
شجار الوالدين واّثاره التخريبية على الابناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
إن حياة الكبار كما هو معروف بحر متلاطم الأمواج من مشاكل الحياة ، والشدة تؤدى طبعا إلى تزايد أسباب الخصومة بين الزوجين حتى ولو كانا سعيدين، ونزاع الوالدين يؤثر على الطفل الصغير ويحوله من طفل سعيد إلى طفل تعيس ، والكل يعرف تقريبا بان الخصومات. والمشاكل بين الزوجين تؤثر سلبيا على حياة أطفالهم ، ولا تفيد فى درء هذه الحالة محاولة الوالدين أن يبدوا أمام طفلهما ، أو طفلتهما شخصين عاديين، ويخطئ الوالدان إذا ظنا أن ذلك كفيل بخداع الطفل لأنه فى الحقيقة لا تحفى عليه خافية فهو يلاحظ الجو العام عن طريق نبرة الصوت التى يسمعها أو حدة النظرة التى يراها ، ولكنه يكتم حقيقة شعوره ، وتزداد مخاوفه لأنه قد يتوهم أن كل ما يجرى كان بسببه وأن غضب والديه موجه إليه ، لذلك فإنه يؤثر السلامة ويتقوقع على نفسه .
والطفل الصحيح العاطفة فى السنة الأولى من حياته يبدأ فى محاولة التعلم على أداء أعمال جديدة بوسائل مستقلة ، ولكنه فى نفس الوقت يظل معتمدا على والديه فى بلوغ الطمأنينة، وإذا حالت منازعات الوالدين أو قلقهما دون إحساس الطفل بأن استكشافه للحياة من حوله أمر مأمون العواقب فأنه يصبح شديد التعلق بأمه أو أبيه ولا يطيق البعد عنهما لحظة واحدة كما أنه يخاف من تجربة أمور جديدة ، فإذا ألم يتغلب على مخاوفه هذه فإنه يكف عن تعلم أمور الحياة من حوله وخاصة عندما تزداد حدة المشاكل بين الزوجين وتكون تلك هى محور حياتهم هنا سيزداد تعقد الطفل وقد يصبح طفلا غير سوى وغير قادرعلى مجاراة غيره من الأطفال الأسوياء.(54/165)
إن الأطفال الصغار ممن هم فى السنة الأولى من حياتهم يتجاوبون بطرق عدة مع مظاهر الشدة العائلية، فبعضهم ينسحب ويتراجع وغيرهم يتملكهم الانقباض وآخرون يبدون روحا عدائية وميلا للتحطيم، وفى أغلب الأحيان يفقد أولئك الأطفال شهيتهم للطعام وكثيرون منهم يعانون اضطرابات شديدة أثناء النوم.
وكثير من الأطفال الصغار يتجاوبون مع الخصومات العائلية بتقليد الأصوات الغاضبة التى يطلقها الوالدان، وهذه كلها دلائل تشير إلى وقوع الطفل فى مشكلة الأمر الذى يحتم على الأبوين ضرورة تلافى ذلك قدر المستطاع.
زيادة ثقة الطفل بنفسه
ما من إنسان يستطيع وقف كل مسببات الشدة فى الأسرة ، ولكن بوسعه التقليل من تأثير الشدة إذا طال عليها العهد ، فإذا فعل ذلك فقد قلل كثيرا من تأثيرها على الطفل ، ويمكن تعزيز الثقة بنفسه من خلال الإجراءات التالية التى يمكن أن تزيد ثقة الطفل بنفسه :
1- اظهرى له نقاط قوته: عندما يشعر الطفل بالإحباط أو بعدم الثقة بالنفس يمكن للأم أن تذكره بكل النقاط الإيجابية فى شخصيته كتسامحه وكرمه أو خفة دمه.
2- كونى قدوته: طفلك يحتاج أن يراك تحققين نجاحا ليكون لنفسه سلوكا إيجابيا والسلوك الحسن يعطى سلوكا مشابها له فإذا ما تحلى الوالدان بالخلق الإيجابى وبالهدوء وابتعدوا قدر مستطاعهم عن المشاكل استطاع الطفل أن يقتدى بوالديه وأن يتبع سلوكهما.
3- إضفاء جو من السلام فى المنزل: الأبحاث النفسية أظهرت بأن الطفل يصيح عاجزا ومحبطا إذا نشأ فى جو من الحزم والعقوبات.
4- عامليه باحترام: بعض الأمور التى يتعرض لها قد تبدو لك بسيطة نظرا لخبرتك وسنك طبعا ولكن بالنسبة له قد تكون غاية فى الصعوبة. استمعى لمخاوفه وحديثه بجديه وقدمى حلولا بإمكانه استيعابها .
5- اقترحى حلا: قدمى لطفلك أفكارا جديدة عندما يحتار ماذا يفعل. لا تحلى المشكلة بل ساعديه أن يفكر فى حل لم يفكر به من قبل.
مقترحات هامة لكل أب وأم
من المهم أن تتناقشا فى مشاكلكما ولا تظلا باردى الشعور مع استعلاء، لأن البرودة تزيد من قلق طفلكما، كما أن المشاكل تزيد من ابتعاد الطفل وتقوقعه حول نفسه، فإذا تبين لكما أن حديثا قاسيا أو مواجهة حامية يوشكان على الحدوث فأجلا النقاش إلى ما بعد راحتكما وإذا ما غضبتما فلا تسمحا للغضب بأن يفلت عقاله، ولا تدعا النقاش يخرج من حجرة النوم فالأطفال يكونون غاية فى التأثر بالصراعات القائمة بين الوالدين والتى تعود بالسلب على حياة الصغار ومن المهم التحلى بالهدوء والصبر حتى يمكن مواجهة المصاعب والمشاكل المختلفة التى تعترض حياة الأسرة لأن الأطفال حساسون جدا تجاه الصراعات القائمة بين الوالدين ولذلك من الأجدر تلافيها أو مناقشتها على حدة دون معرفة الصغار.
ــــــــــــــــــ
خيانة هاتفية.. فتش عن العله في نفسك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
دخل الزوج منفعلا وهو يردد.... أريد أن أطلق زوجتي.
فقلت له: هدئ من روعك، واجلس لنتحدث معا..
قال: أرجوك لا تناقشني في هذا الموضوع، فان الجريمة التي اقترفتها زوجتي لا تغتفر أبداً.. قلت: وهل تعني أنه لا يمكن الإصلاح بينكما؟؟!!
قال: نعم .. وان هناك سراً خاصاً لا أود أن أبوح به، فأرجوك لننته من إجراءات الطلاق في الحال.
قلت: حسن.. وبدأت أمسك بالورقة وأنا أتحدث إليه عن أثر الطلاق على نفسية الزوجين وعلى الأبناء، ثم بدأت أتحدث عن الطلاق الناجح وكيفيته...
قال: الصراحة .. إن زوجتي تخونني...
فنظرت إليه وقلت: وكيف عرفت ذلك؟!
قال: لقد رأيتها...
قلت: أستغفر الله.. وهل ارتكبت الفاحشة في بيتك؟!
قال: لا .. وإنما كانت تتحدث في الهاتف مع رجل..
قلت مستغرباً: وهل هذه هي الخيانة التي تقصدها؟!
قال: نعم..
قلت: وكم مضى على زواجك؟!
قال: خمسة عشر عاماً، وعندي منها عدد من الأطفال.
قلت: وأين زوجتك الآن؟!
قال: هي في الخارج.
قلت: هل تسمح لي أن أتحدث إليها؟!
قال: طبعاً .. لا مانع عندي بشرط أن تخلصني اليوم...
فدخلت الزوجة وجلست في المكتب وبقربها زوجها وبدأت أتحث إليها عن زوجها وماذا تحدث عنها وطلبت رأيها.
فقالت: يا حضرة القاضي...
في الحقيقة أنا أحب زوجي، ولا أريد أن أنفصل عنه فهو أبو عيالي. ولي منه أربعة من الأولاد، وإنني لم أخنه كما يدعي، بل أنا من عائلة محترمة وإنني أخاف الله تعالى.
ولكن المشكلة التي أعاني منها هي أن زوجي جاف وقاس ولم يسمعني منذ اثني عشر عاما كلمة واحدة طيبة، على الرغم من أنني لم أقصر في حقه بشيء، وهو يسمعني ويمكنك أن تسأله والله علي شاهد.
قلت: ولكنه يقول انك تحدث في الهاتف، مع رجل غريب عنك؟!
قالت : الصراحة.. نعم.. وفعلتها مرة واحدة لأنني مللت من اشباع غريزتي من خلال الأفلام وذلك بالاستماع إلى الكلام الحلو والعاطفي.
وكل الذي عملته هو أنني اتصلت برقم عشوائي بالهاتف فإذا معي على الخط شاب، فتحدثت معه لأسمع منه كلمات الغزل والحب.
ثم قالت: وأنت تعلم أننا نحن النساء بحاجة إلى من يسمعنا مثل هذا الكلام، فآذاننا تطرب إذا مدحنا الزوج أو شكرنا أو أثنى علينا.
فالتفتّ إلي الزوج قائلاً: وهل كلامها صحيح؟؟...... ما تعليقك؟
فنظر إلي قائلاً: نعم.. كلامها صحيح.. فانا رجل قاس الطباع والحقيقة إني أحبها، وأكثر من مرة طلبت مني أن أتحدث معها بكلام معسول، وأنا أحاول ولكنني لا أستطيع ذلك... فأنا لست صغيراً وقد تربيت في بيت قاس وناشف.....
قلت: نعم إن تصرف زوجتك خاطيء في حديثها مع الشاب الأجنبي، ولكنك أنت السبب في اندفاعها وتفكيرها بالخطأ لأنك لم تشبع حاجاتها النفسية.
قال: إن أبي عمره ستون عاماً، ووالدتي عمرها خمسة وخمسون عاماً ولا أذكر أن أبي قد حدث والدتي بكلمة طيبة حتى هذه الساعة، ولكن أمي لم تخنه ولم تشتك منه، فلماذا لا تكون زوجتي كذلك؟!
وحاولت الزوجة أن تتدخل فقلت لها لحظة من فضلك...
ثم قلت له: يا "أبو فلان" انك لا تستطيع أن تجبر النساء أن يكن مثل والدتك، ثم من قال لك أن أمك راضية، ولكن لعلها صابرة محتسبة الأجر عند الله. والمرأة تحتاج إلى من يتكلم معها، فالكلام بالنسبة لها رمز للتقدير والاحترام، وهو علامة من علامات الاهتمام، كما أن زوجتك ترعى شؤون منزلك وتربي أبناءك الأربعة، وحافظة لبيتك، ألا تستحق منك كلمة شكر، فيوماً أمدح فستاناً لها، ويوما آخر أثن على طعامها، وهكذا الحياة تسير فتجد للعلاقة الزوجية طعما ورائحة تستمتع بها وتستمتع هي بك.
قال: حسناً......... وما الحل الآن؟؟
قلت له: إن زوجتك وفية لك، وستعتذر لك الآن وتقبل رأسك وتعاهدك أن لا تكرر هذه الخطيئة. ولكن عليك أن تعدني بأنك ستتغير.
قال: توكل على الله.
فقامت الزوجة وقبلت رأسه واعتذرت منه... ثم أجلسته بقربي وأعطيته ورقة وقلما وقلت له
اكتب:
يوم السبت: تمدح فستانها....
يوم الأحد: تمدح ترتيب المنزل....
يوم الاثنين: تلمس شعرها.....
يوم الثلاثاء: ..........
فقاطعني قائلا: وهل كل يوم سأفعل كل هذا.
قلت له: نعم ... فضحكا وضحكت معهما وخرجا وهما فرحان.
ــــــــــــــــــ
حياتك وحيات ابنك
كنت استمع إلى أحد الآباء وهو يشتكي من ابنه المراهق الذي جرب معه كل الحلول لتقويم سلوكه وإصلاحه وإقناعه بترك معاكسة الفتيات والحرص على الصلاة وبعدما انتهى من حديثه عن ابنه.
قلت له: هل كنت فرحاً عندما أخبرتك زوجتك بأنها حامل به؟ وهل تلقيت خبر الولادة بفرح وسرور؟ وهل دعوت أصحابك وأهلك لحضور عقيقة ابنك؟
وهل.. وهل.. وكانت كل إجاباته.. نعم.
ثم سألته: وكم كنت تعطيه من وقتك لتربيته على الصلاة؟
فنظر إلي محدقاً وسكت برهة فقلت له: لماذا سكت؟
قال: لا أدري ما أجيبك؟ قلت أنا أعرف جوابك. إن ماتشاهده من ممارسات لابنك هو من كسب يدك..
قال: إن كلامك يؤلمني، ولكنه صحيح.
قلت: إن صناعة الجيل الصالح في هذا الزمان ليست بالأمر السهل، ولهذا نلاحظ أن الإسلام أوجب على الوالدين حقوقاً تجاه ابنائهم ليلزمهم بها مالياً وصحياً ونفسياً وتربوياً حتى يحفظ لهم مستقبلهم ويكونوا قيادات متميزة.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: دعني أضرب لك مثالاً على حفظ حق الجنين بالإرث وهو في بطن أمه في الإسلام، لقد اوقف الإسلام تقسيم التركة إذا مات الأب والجنين في بطن أمه حتى لايضيع حقه، فإذا لم يكن معه وارث آخر فإن التركة جميعها توقف حتى يولد الجنين، وإن كان معه وارث فيقدر له تقديران ويوقف له نصيب الأكبر، وبعد الولادة يعرف جنسه ثم تخصص له حصته ويوزع الباقي على الورثة.
قال: هذا كلام أسمعه لأول مرة.
قلت: دعني أزيدك في اهتمام الإسلام بالطفل، بل إن الإسلام منع إقامة حد الرجم على المرأة الحامل خشية أن يهلك الجنين وكذلك حرم الإجهاض واسقاط الجنين بعد حصول الحمل ورخص الإسلام للحامل ان تفطرحرصاً على صحة الطفل، وكذلك الرقه في التعامل معها، فأمر الرجل أن يراعي نفسيتها اثناء الحمل حتى أن العالم «سونتاج» لاحظ أن الأجنة التي تولد بوزن منخفض تكون أمهاتهم كثيرات الانفعال أثناء الحمل.
قال: إن كلامك جميل ولكن ما علاقة ذلك بمشكلتي.
قلت: إذا أمر الإسلام بالاهتمام بالجنين في بطن أمه ثم بعد ذلك رعايته وتغذيته وتعليمه وتربيته فهل ترى أن الإسلام أهمل تربية المراهق والاهتمام به؟
ولكن مشكلتنا للأسف، أننا نهتم كثيراً بالأطفال ثم نهملهم بعد زوال فرح قدومهم.
قال: إن علاقة الابن بأبيه تختلف عن علاقة الزوجة بزوجها، فقد سمحت الشريعة الإسلامية بطلب الزوجة للطلاق إذا حرمها زوجها من النفقة فالزوجة لها مخرج في ذلك ولكن ابنك ماهو مخرجه؟ وأين يذهب لو حرمته؟ فكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار وما أعتقه هو أن ابنك بحاجة إلى حب وحنان وعطف وجرب ما أقوله لك ثم أخبرني ماهي النتيجة؟
وأقترح عليك أن تلبس ساعتين في يدك الأولى لحياتك والثانية لحياة ابنائك.
ــــــــــــــــــ
تربية الأطفال بالوكالة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
"الدكتورة لورا" هي إحدى التربويات الشهيرات في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي تحاول بقوة إصلاح وضع العائلة الأمريكية ، تقول للناس ما لا يودون سماعه ، خصوصًا عندما يكون الحديث عن تربية أطفالهم . من خلال كتبها وبرنامجها الإذاعي (الذي سيكون تلفزيونيًا قريبًا) . تحاول الدكتورة لورا أن يعود المجتمع الأمريكي إلى القيم الأسرية التي كانت سائدة في الخمسينيات ، وهي تذم عقلية واختيارات جيل كامل - جيلنا الحالي - الذي يريد أن يحصل على كل شيء : نجاح في الوظيفة ، ونجاح عائلي وأسري في آن .
كتاب الدكتور لورا الأخير "الأبوة بالوكالة" - يؤكد أن الوالدين ينبغي أن يعنوا بتربية أبنائهم ، لا أن يكلوا ذلك العمل إلى الحاضنات ، بل لا بد من تفرغ أحد الوالدين تفرغًا تامًا حتى لو كان ذلك يعني إعاقة النجاح الوظيفي . إن أي شيء أقل من هذا التفرغ الكامل لأحد الوالدين هو أنانية وإهمال وعلى حد قول لورا التي تمقت فكرة عمل كلا الأبوين ، وتمقت وضع الأطفال في الحضانات ، وتؤكد أن أفضل الحاضنات لن تلبي احتياجات الطفل العاطفية والأخلاقية .
وبينت د . لورا أن الكثيرين قد يعتقدون أن تأجير مربية لأطفال أو خادمة مسألة تخص الخدمات الكمالية التي يحتاج إليها الإنسان مثل البستاني ومدرب الكلاب .
من أهم الأمور المستخلصة من كتاب د. لورا أنه يجب على كل المقدمين على إنجاب الأطفال أن يستطلعوا ويتفكروا في أهدافهم من التربية والإنجاب وتوقعاتهم وتطلعاتهم ويجب على الآباء الحاليين أن يراجعوا قراراتهم وأسلوب حياتهم . كما يجب على البالغين العاملين بجد في التقدم الوظيفي أن يسألوا أنفسهم : هل سأترك وظيفة عظيمة إذا ما أخذت من وقتي لأطفالي ؟ هل سأرفض الترقية إذا كانت تتطلب السفر كثيرًا ؟ هل سأصر على صاحب العمل أن يحترم وضعي كأب أو أم ؟ هل سأعمل بدوام جزئي أم أترك العمل تمامًا إذا كان ذلك في صالح أسرتي ؟ إن الآباء المنتظرين ينبغي لهم أيضاً أن يقضوا أوقاتًا كثيرة مع الأطفال ؛ لأن موهبة رعاية الأطفال وتحمل أعباء تربيتهم لا تأتي بشكل تلقائي عند الكثير ، بل تحتاج إلى الإعداد المسبق ، وحتى يعلموا حجم المسؤولية العظيمة التي ستلقى على عاتقهم .
تقول إحدى الأمهات الجدد : " عندما تحولت من الدوام الكامل إلى الدوام الجزئي مؤخرًا لأبقى مع ابنتي بعد خروجها من المدرسة ، اعتبر مديري أن ما قمت به من الإعراض عن إغراء الوظيفة ، ورفض محاولاته في استمالتي بالعلاوات المالية والارتقاء في سلم الوظيفة ، تضحية كبيرة وهنأني على هذاالقرار والتضحية من أجل ابنتي لقد وجدت أن فهمه هذا مضحك ، فمجرد أن أصبحت أمًا عوضني ذلك عن كل هذا ، ومنحني كل شيء . وما قمت به لا يعتبر تضحية ".
ــــــــــــــــــ
التغير طريق السعادة الزوجية
امرأة في العقد الرابع من عمرها قالت لي: أنا لا أريد زوجي، فكم حاولت أن أغير فيه دون فائدة، زوجي حبيب طيب ولكن فيه من العيوب ما يجعل العيش معه مستحيلاً، عندي منه خمسة أولاد أكبرهم عمره خمسة عشرة سنة، وأصغرهم له من العمر خمس سنوات، لقد صبرت عليه كثيراً وعلى سلوكه وتصرفاته، ولكني جئتك الآن لتخلصني منه، فأرجوك أن تطلقني منه في الحال .
قلت لها: متى حاولت تغيير عيوبه؟ وما هي عيوبه؟ قالت : أما السؤال الأول فجوابه: منذ تزوجنا، وأما السؤال الثاني فان عيوبه كثيرة لا تعد ولا تحصى، فهو عنيد، وكثيراً ما يخرج من البيت، وقد رمى كل مسؤوليات البيت المنزل على عاتقي وفيه عيوب كثيرة.
قلت لها: وماذا فعلت لتغيري زوجك؟
قالت: وكيف ذلك؟
قلت لها: أعني ما هي الخطة التي اتبعتيها لتعالجي كل سلوك تعتقدين أنه عيب في زوجك؟
قالت: ولماذا الخطة لهذا الأمر؟!! العيب واضح وأنا دائماً أحدثه عن عيوبه كلها، وأطلب منه التغيير ولكن دون جدوى.
قلت: وهل طريقتك هذه صحيحة في التغيير؟!
قالت : نعم.
قلت لها: يا فلانة.. إن هذا ليس هو الأسلوب الأمثل للتغيير.
ثم بدأت أشرح لها قصة ذلك الرجل الذي أراد أن يغير العالم كله ومكث عشرين سنة ن ولكن شيئا ما في العالم لم يتغير، فقال: لأغير دولتي. واستمر على ذلك عشر سنين أخرى ، ولكن دولته لم تتغير، فقال لأغير مدينتي، فاستمر على ذلك خمس سنين، فلم يتغير شيء، فقال: لأغير الحي الذي أسكن فيه. ولكنه استمر ولكن الحي لم يتغير، ثم قال لأغير بيتي واستمر ولم يتغير شيء، ثم قال أخيراً: عرفت من أين أبدأ فلأغير نفسي أولاً.
فبدأ بنفسه، وبعد أن غيرها تغير كل ما حوله، بعد أن ضيع من عمره أكثر من أربعين سنة ثم اكتشف الحقيقة، وهي ما أبلغنا به الخبير العليم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
قالت: وماذا تقصد من كلامك؟!
قلت لها: هل تسمحين لي بأن تعدّي عيوبك أنت. وكيف استطعت تغييرها؟
فسكتت ولم تتكلم. فقلت لها: لم سكت؟!
قالت: فاجأتني بالسؤال .
قلت لها: أنا أعرف ذلك ، لأن الإنسان يسهل عليه أن ينتقد الآخرين ويكشف عيوبهم، ولكنه يصعب عليه أن يلتفت لنفسه.
قالت: لقد ضاع من عمري الكثير.
قلت: ولكن أقل من الرجل الذي أراد إن يغير العالم، فتوكلي على الله وابدأي حياة زوجية سعيدة.
قالت: ولكن زوجي يعرف أنني خرجت من المنزل، وأنني حضرت إليك لتطلقنا فماذا أفعل؟!
قلت لها : وهذه مشكلة جديدة. ولكن علاجها سهل.
قالت: كيف؟ !
قلت: اذهبي إلى زوجك وأخبريه بما دار بيننا وبيني له ملاحظاتك عليه وأعلني له انك بدأت تغيرين نفسك منذ اليوم واطلبي منه تغيير نفسه.
قالت: ولكننا لم نتعود على هذا النوع من الحوار والتفكير.
قلت: إذن ستكررين تجربة ذلك الرجل الذي أراد أن يغير العالم.
قالت: سأبدأ بإذن الله كما ذكرت، ولكن أيمكن أن أحضر لك زوجي لتحدثه كما حدثتني؟!
قلت: لا مانع.
وبعد مرور ثلاثة أيام جاءت السيدة نفسها وقد أحضرت زوجها معها، فعرفتني عليه وجلست إليه نتحاور، وقال لي أن زوجته أخبرته عن الحوار الذي دار بيننا، فوجدتها فرصة لأحدثه عن كيفية التعامل مع الزوجة وتقديرها واحترامها، وتحدث عن بيته وأولاده ففهمت منه أن خروجه الدائم وعدم اهتمامه بالبيت وزوجته لأنها كثيرة الشكوى منه، ودائماً تتهمه بالتقصير فهو يخرج من البيت محبطاً ويعود إليه محبطاً، فلا يتحمس للعائلة أو البقاء معهم فزوجته لا تقدره ولا تحترمه، وشخصيتها قوية جداً، ولا تعطيه فرصة لإبداء الرأي أو اتخاذ القرار.
قلت له: وأنت كذلك ماذا فعلت لتغير ما تلاحظه على زوجتك؟
قال: في الحقيقة لم أفعل شيئاً.
قلت له: ولماذا؟!
قال: لا أعرف من أين أبدأ فعيوبها كثيرة.
وبدأت أوضح له ما أوضحته لزوجته في منهجية التغيير وأن الإنسان دائماً يحب أن يتهم الآخرين به وهو ما يسمى بمرض الإسقاط فان وقع أي تقصير لا يقول: أنا المخطئ. وإنما يقول: هذه تربيتي، معلمي هو السبب، أو مجتمعنا هو السبب، أو الحكومة هي السبب، أو السحر أو الشيطان أو العين أو الجن أو العمل....... الخ وغير ذلك من الأسباب التي دائما يحب الإنسان أن يوهم نفسه بالتعلق بها ويقنع نفسه أنها هي السبب وأنه هو الذي على صواب.
قال: والله إن كلامك لصحيح وسنبدأ من اليوم بإذن الله تعالى بتغيير أنفسنا.
جاسم المطوع
ــــــــــــــــــ
التخلص من عقد الماضي فاتوره حياه زوجيه سعيده
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
لكل شخص عقدة شخصية.. الا ان المشكلة ان هذه العقدة تتضخم بعد الزواج لأن الحياة الزوجية توفرالمناخ الذى يظهركل العقد ومركبات النقص! من الطبيعى ان يحاول اى شخص التخلص من العقدة التى يعانى منها اذا استطاع اكتشافها لان هناك اشخاصا مملوئين بالعقد دون ان يدروا عنها شيئا بل ان بعضهم يراها مزايا وحسنات يجب ان يحمدها لهم الجميع.
ولكن كل واحد حر فى عقدته الا بعد الزواج الذى يحول الحياة الى صدام بين الافكار وأساليب التربية والحياة. وكلما استطاع الانسان ان يتخلص من عقده وقبل الزواج ضمن الى حد بعيد حياة زوجية هادئة!
تقول الدكتورة نادية بناني استاذ الطب النفسى هي نوع من الخبرات والتجارب السيئة التى حصلناها ونحن اطفال وتركت اثراً ممتداً عقدة كماانعكس على اسلوب حياتنا بالشكل الذى يعوق سيرها وتدفقها بالشكل الطبيعي، لان معنى العقدة عدم قدرة الشخص على ادارة حياته بشكل سوى نتيجة عقدة مترسبة داخله لايستطيع ان يتخلص منها، مع ملاحظة ان العقدة تتكون دائما فى الطفولة وغالباً تنتج عن عدم إشباع كاف للطفل فى احدى النواحى المادية او المعنوية وشعور بالحرمان من افتقاد ذلك الشئ..
وقد يكون العكس مثل الاشباع الزائد وحصول الطفل على الاشياء بسهولة لأن المطلوب دائما هو الاشباع المتوازن، وكل ذلك يمكن ان يؤدى الى عقدة ومركبات نقص تظهر بوضوح فى الكبر، خاصة خلال ممارستنا للعلاقات الاجتماعية والانسانية ومنها طبعا علاقة الزواج باعتبار ان الانسان لايستطيع ان يخفى عيوبه وعقده الشخصية فترة طويلة، بل ان البعض لايرى ضرورة لذلك باعتبار ان الحياة الزوجية ممتدة وهي احتكاك يومي وتعامل مباشر
ولكن الاغرب ان بعض الازواج يعتبر نفسه منزها عن كل عيب ونقيصة وعلى العكس يرى شخصية الطرف الآخر مليئة بالعقد.. ويطالبه بالتخلص منها؟
الخوف من سيطرة الزوجة بسبب سيطرة الام
وبالفعل احيانا تسيطر العقد على الحياة الزوجية وتحولها الى جحيم لايطاق بالشكل الذى يمكن ان يوصلها الى طريق مسدود، وعلى سبيل المثال هذا الزوج يعانى من عقدة غريبة نتيجة خوفه الدائم من سيطرة زوجته عليه.. باعتبار انه تربى فى بيت كانت الكلمة العليا فيه لوالدته التى كانت تتحكم فى مقدرات وحياة والده من اختيار اصدقائه والانواع التى يفضلها فى الطعام الى لون جوربه وفريق الكرة الذى يشجعه، وبالتالى هو خائف من ان يكرر مأساة والده، وتحول الامر الى عقدة مترسبة فى اعماقه ولذلك فهو يواجه هذه العقدة بالقهر ومعاملة زوجته اسوأ معاملة حتى يشعر بأنه الاقوى دائما والاكثر حرية وأن زوجته لاتتحكم فيه ولا تسيطر على تصرفاته رغم ان زوجته اصلاً من النوع الهادئ والمتفتح ولايمكن ان يخطر ببالها ان تتحكم فى زوجها.
وقريب من هذه المشكلة او العقدة.. شكوى زوجة من زوجها يعانى من عقدة تفوق، فهو الوحيد فى الكون من وجهة نظره الذى يعرف كل شئ.. ولاتغيب عنه معلومة، فهو دائرة معارف متحركة.. ثم انه الفاهم الواعى وفى المقابل يعتبر زوجته نموذجا للجهل المتحرك، وزاد الطين بلة انها فعلا تعانى من عدم ثقة بنفسها ولذلك فهى تشعر بأنه يستطيع ان يدمرها يوميا باتهامها بالجهل والتخلف وانها لاتستطيع ان تجاريه فى علمه او خبرته وادارته للحياة.
المهم انها تتطوع بنفسها للكشف عن سر هذه العقدة التى يعانى منها زوجها وهى انه عندما كان طفلاً كان اهتمام اسرته يذهب لاخيه الصغير الذى كانت الاسرة تراه ذكيا وانه لامحالة سيصل الى مركز مرموق من هنا تكونت لديه عقدة التفوق ليس على اخيه فقط ولكن على اسرته وزوجته والدنيا بأسرها!
غير ان هذه الزوجة بالفعل تعانى من عقدة جهل وبدون اى ادعاء من جانب زوجها الذى يقول ان زوجته اساسا لم تنل حظاً وافراً من التعليم وان ذلك لم يكن موضع اهتمامه عند ارتباطه بها على اساس ان التعليم مسألة تختلف عن الثقافة التى يمكن ان تحصلها زوجته بجهدها الخاص.. ولكنه بدأ يشعر بالمشكلة عندما بدأت زوجته تغار من زوجات اصدقائه اللاتى اكملن تعليمهن وتبوأن مناصب مرموقة بينما هى حصلت على الثانوية العامة ولم تؤهلها لاكثر من ان تكون ست بيت من النوع العادى وبدلاً من ان تحاول اكمال دراستها او تثقيف نفسها بدأت تحاول تعويض هذه العقدة عن طريق محاولة الظهور بمظهر السيدة المتعلمة بل والمثقفة ومحاولة استعراض قدرات ثقافية خاصة غير موجودة اساساً.. مثل إلمامها باللغات عن طريق اقحام كلمة انجليزى التقطتها من مسلسل اجنبى او من احدى جارتها وطبعا طريقة نطقها للكلمة، او الموضع الذى تستعمل فيه هذه الكلمة يجعل الامر مثيراً للضحك ويدعو للسخرية بالشكل الذى يحرج مركز الزواج.
عقدة تضخيم الذات
اما شخصية هذه الزوجة فهى سر حيرة وغضب الزوج، فهى زوجة ـ كما يقول ـ تتمتع بقدر كبير من الجمال والاحترام ولكنها تعانى من عقدة غريبة اسمها عقدة تضخيم الذات او الاحترام الزائد لذاتها حتى انها تعانى من عقدة حساسية تجاه هذه الذات!(54/166)
صحيح انها بنت عائلة كبيرة في المجتمع بالاضافة الى انها تلقت تعليما راقيا ولكنها ليست الوحيدة التى صادفت هذا الحظ من التعليم اوالتربية ومع ذلك فلديها اعتزاز غريب بنفسها وتوقير زائد عن الحد لذاتها وقدرتها ووضعها الاجتماعي.. الامر الذى يجعل التعامل معها مسألة محفوفة بالمخاطر لأن اى تصرف يمكن ان تفسره بأنه اهانة لها ولتاريخها العائلى وقدراتها العملية والعلمية ويتطلب الاعتذار الفوري.
الخوف من مواجهة الاخرين وعقدة الانطواء :
اما شكوى هذه الزوجة فهى من نوع غريب حقا.. لأنها تقول ان زوجها يخاف من مواجهة الاخرين ويترك لها حرية اصدار القرارات والتعامل مع السوبر ماركت والمكوجى والزبال والمدرسين الخصوصيين، اما هو فيعانى من عقدة انطواء وخجل ويميل الى ان يعيش حياة هادئة رتيبة لايعكر صفوها الا اضطراره للتوجه الى العمل يوميا ليعود فى الظهيرة يتناول طعامه ويدخل الى نوم القيلولة ثم يصحو ليجلس امام التليفزيون وحتى برامج التليفزيون لايختار منها الا البرامج التعليمية والطبية والنشرة الجوية.. ولايتابع مسلسلات او نشرات اخبار او اى شئ يدفعه الى التفكير او اتخاذ اى مواقف!
وتعود الدكتورة بناني للتعليق على هذه الشخصية بالذات فتقول انه يعانى من عقدة اسمها عقدة المبادرة وهذه العقدة تتكون من سن 6 ـ 12 سنة نتيجة اسلوب التربية الخاطئ ومحاولة الابوين مسخ شخصية الطفل عن طريق العنف او الضرب او التخويف.
الدكتور عادل مدنى يقول: ان العقد التى تصيب الازواج والزوجات متعددة بعضها من النوع العادى الذى يمكن حله اوالتعامل معه وهناك نوعية من العقد الزوجية تحتاج الى جلسات نفسية او محاولة الغوص فى الشخصية للتوصل الى اسبابها مشيراً الى ان هناك عقداً عادية مثل عقدة الخجل عند الزوجات والتى تمنع التواصل الطبيعى والشرعى ومثل عقدة يعانى منها اغلب الازواج وهى عقدة تسمى عقدة اثبات الرجولة لان هذه العقدة مركبة ويدخل فيها اسلوب التربية والتنشئة والتجارب التى مر بها لأن بعض الازواج يظل يعيش هاجس هذه العقدة فى كل تصرفاته داخل البيت!
ويقول ان هناك عقداً اخرى مثل عقدة الشخصية النموذج مثل اعجاب الزوج بنموذج والدته، ويظل يعيش فى اسر هذه الشخصية ويطلب من زوجته ان تكون نسخة مكررة من والدته والعكس الزوجة التى تطلب من زوجها ان يكون صورة طبق الاصل من والدها.
وطبعا هناك عقد اخرى كثيرة بعضها معروف ومشهور مثل عقد الشك والغيرة والغرور والتباهي.. هى عقد لا حصر لها ولها تأثير للأسف غير مشكوك فيه على الحياة الزوجية وليس امامنا امام الرغبة فى استمرار الحياة، الا التعامل مع عقدنا او محاولة التخلص منها وهذا امر ليس بالصعب.
ــــــــــــــــــ
البس ساعتين في يدك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
كنت استمع إلى أحد الآباء وهو يشتكي من ابنه المراهق الذي جرب معه كل الحلول لتقويم سلوكه وإصلاحه وإقناعه بترك معاكسة الفتيات والحرص على الصلاة وبعدما انتهى من حديثه عن ابنه.
قلت له: هل كنت فرحاً عندما أخبرتك زوجتك بأنها حامل به؟ وهل تلقيت خبر الولادة بفرح وسرور؟ وهل دعوت أصحابك وأهلك لحضور عقيقة ابنك؟
وهل.. وهل.. وكانت كل إجاباته.. نعم.
ثم سألته: وكم كنت تعطيه من وقتك لتربيته على الصلاة؟
فنظر إلي محدقاً وسكت برهة فقلت له: لماذا سكت؟
قال: لا أدري ما أجيبك؟ قلت أنا أعرف جوابك. إن ماتشاهده من ممارسات لابنك هو من كسب يدك..
قال: إن كلامك يؤلمني، ولكنه صحيح.
قلت: إن صناعة الجيل الصالح في هذا الزمان ليست بالأمر السهل، ولهذا نلاحظ أن الإسلام أوجب على الوالدين حقوقاً تجاه ابنائهم ليلزمهم بها مالياً وصحياً ونفسياً وتربوياً حتى يحفظ لهم مستقبلهم ويكونوا قيادات متميزة.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: دعني أضرب لك مثالاً على حفظ حق الجنين بالإرث وهو في بطن أمه في الإسلام، لقد اوقف الإسلام تقسيم التركة إذا مات الأب والجنين في بطن أمه حتى لايضيع حقه، فإذا لم يكن معه وارث آخر فإن التركة جميعها توقف حتى يولد الجنين، وإن كان معه وارث فيقدر له تقديران ويوقف له نصيب الأكبر، وبعد الولادة يعرف جنسه ثم تخصص له حصته ويوزع الباقي على الورثة.
قال: هذا كلام أسمعه لأول مرة.
قلت: دعني أزيدك في اهتمام الإسلام بالطفل، بل إن الإسلام منع إقامة حد الرجم على المرأة الحامل خشية أن يهلك الجنين وكذلك حرم الإجهاض واسقاط الجنين بعد حصول الحمل ورخص الإسلام للحامل ان تفطرحرصاً على صحة الطفل، وكذلك الرقه في التعامل معها، فأمر الرجل أن يراعي نفسيتها اثناء الحمل حتى أن العالم «سونتاج» لاحظ أن الأجنة التي تولد بوزن منخفض تكون أمهاتهم كثيرات الانفعال أثناء الحمل.
قال: إن كلامك جميل ولكن ما علاقة ذلك بمشكلتي.
قلت: إذا أمر الإسلام بالاهتمام بالجنين في بطن أمه ثم بعد ذلك رعايته وتغذيته وتعليمه وتربيته فهل ترى أن الإسلام أهمل تربية المراهق والاهتمام به؟
ولكن مشكلتنا للأسف، أننا نهتم كثيراً بالأطفال ثم نهملهم بعد زوال فرح قدومهم.
قال: إن علاقة الابن بأبيه تختلف عن علاقة الزوجة بزوجها، فقد سمحت الشريعة الإسلامية بطلب الزوجة للطلاق إذا حرمها زوجها من النفقة فالزوجة لها مخرج في ذلك ولكن ابنك ماهو مخرجه؟ وأين يذهب لو حرمته؟ فكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار وما أعتقه هو أن ابنك بحاجة إلى حب وحنان وعطف وجرب ما أقوله لك ثم أخبرني ماهي النتيجة؟
وأقترح عليك أن تلبس ساعتين في يدك الأولى لحياتك والثانية لحياة ابنائك.
ــــــــــــــــــ
للمشاكل الزوجية فوائدها ... !!
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
من خلال أحدث الدراسات السويسرية يؤكد خبراء علم الاجتماع أن المشاكل الزوجية لها فوائد، لأنها من وجهة نظرهم فرصة حقيقية ليتعرف من خلالها كل من الزوجين عما يغضب الطرف الآخر ويزعجه. وهذا ما أكدته د. بديعة العباسي أستاذة علم النفس الاجتماعى فتقول:" بالفعل المشكلات لها بعض الفوائد فمن خلالها يتعرف كل طرف عما يغضب أو يفرح الطرف الآخر، ويتلمس طباعه على أرض الواقع، بل ويعرف أخطاء نفسه، فيحاول إصلاحها وتعديل مسارها وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة التى قد تكونت لديه ضد الطرف الآخر.
ومن ناحية أخرى يستطيع كلا الزوجين أن يتعرف على أفكار وطموحات وتطلعات زوجه فيشارك فى تلك التطلعات والآمال وبذلك تمتد جسور التواصل بين الطرفين.
الاعتراف بالخطأ فضيلة
وتضيف د. بديعة العباسي أن خير علاج للمشكلات الزوجية هو التعرف على أسبابها لتجنبها، وبعض المشاكل تزداد حدتها من كثرة اللوم والعتاب وهنا ينبغى على الزوجين أن يتعلما أن ينصت كل منهما للآخر، وأن يحترم رأيه، وينتظر حتى يهدأ ليعاود التحدث معه وتبرير موقفه، كما ينبغى على كلا الزوجين أن يتحلى بصفة الشجاعة الأدبية،فالاعتراف بالخطأ يساعد فى تهدئة الأمور وإنهاء الخلاف.
السعادة والطلاق!
هذا ومن جانب آخر، توصلت دراسة قام بها باحثون من جامعة شيكاغو الأميركية أن الربط بين السعادة والطلاق أمر ليس دقيقا دائما، فقد أثبتت الدراسة التى استمرت لخمس سنوات على أزواج تطلقوا حديثا فى ذلك الوقت وآخرين تزوجوا إلى أن الذين أبقوا على العلاقة الزوجية هم أكثر راحة واطمئنانا من غيرهم.
وحسب الدراسة فإن الأسباب التى يكون المال والوضع الاقتصادى محورها كأساس للطلاق لا تؤدى للسعادة، بل إن البقاء على العلاقة الزوجية رغم المشاكل وتحملها يعمل على التقريب بين الزوجين وبالتالى فإن حدة هذه المشاكل وتأثيرها يصبح أقل.
وأضافت الدراسة التى ترأستها د.ليندا وايت أن تدخل الأقارب والأصحاب الإيجابى أحيانا يسهم فى نجاح العلاقة وأن السعادة فى اجتماع الشخصين أكبر من ابتعادهما عن بعضهما. وقالت د.وايت: " الإبقاء على العلاقة الزوجية لا يكون من أجل الأطفال فقط، أحيانا لأجل الزوجين".
فوائد الزواج
وقللت الدراسة من الفوائد المعلنة من قبل الناس أحيانا كثيرة للطلاق كأن يستعيد أى طرف حريته وأن يعيش حياته بعيدا عن المنغصات، أو منح أنفسهم الفرصة للزواج من آخرين.
ويبدو أن للزواج فوائد اخرى غير متوقعة،حيث أظهرت دراسة جديدة أن (العازبين) أكثر تعرضا للأمراض والوفاة اكثر من المدمنين اوالمدخنين.
ووجد الباحثون فى جامعة وورويك البريطانية، أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم العازبين،ويعتقدون أن السبب فى ذلك يرجع جزئيا إلى الدعم الاجتماعى والعاطفى لوجود زوج أو زوجة،أو لأن العازبين من الجنسين يعيشون حياة غير صحية ولا أحد يهتم بهم أو بصحتهم.
ويتضح يوما بعد يوم أن الزواج هو السر وراء التمتع بحياة طويلة وليس المال،إذ بينت آلاف السجلات الطبية المشمولة فى مسوحات التقاعد والمسوحات المنزلية البريطانية،التى دامت سبع سنوات،أن الرجال المتزوجين أقل عرضة للوفاة بحوالى 9 فى المائة مقارنة بغير المتزوجين،حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار آثار التدخين وشرب الكحول وأنماط الحياة غير الصحية حيث قلت النسبة إلى 6.1 فى المائة،أما بالنسبة للنساء،فقد كان أثر الزواج أقل حيث انخفض خطر الوفاة بنحو 2.9 فى المائة فقط.
ووفقا لحسابات باحثى وورويك،فان خطر الوفاة عند الرجل المدخن يصل لأكثر من 5.8 فى المائة،والمرأة المدخنة إلى حوالى 5.1 فى المائة, لذلك ينصحون الرجال المدخنين بالزواج فى أقرب وقت ممكن لعكس هذا الخطر.
ويعتقد الباحثون أن انخفاض هذا الخطر يرجع إلى أن الزواج يزيد استقرار الحياة ويخفف التوتر والمشكلات المصاحبة له ،كما أنه يشجع اتباع أنماط الحياة الصحية المفيدة وتجنب السلوكيات الضارة كالشرب واستخدام المخدرات،كما أن وجود شريك الحياة يؤمن الراحة والاطمئنان والعناية الصحية للشخص وخاصة فى أوقات المرض
ــــــــــــــــــ
وصفة عبد الله بن مسعود لحماية أبنائنا!!
كنا في مجلس رجالي، وكان الحديث عن كيفية حماية أبنائنا مستقبلاً من الانحراف والسلوك السيء، وبدأ كل واحد منا يبث همومه ويبين مخاوفه من المستقبل القادم والتحديات الاجتماعية المستقبلية والتي فُقدت فيها الثقة والأمان، سواء كانت متمثلة في وسائل الإعلام والاتصال، أم المؤسسات التربوية.
ثم دار الحديث حول أزمة ضياع الوقت عند الأبناء، وأن أبناءنا من الولادة وحتى سن الزواج يكونون قد شاهدوا عشرة آلاف ساعة من التلفزيون، وهي كفيلة بأن تجعله قاضياً أو طبيباً أو عالماً، ولكنها كغثاء السيل.
ثم دار الحديث حول معاناة أخرى وأخرى، وكل هذه المخاوف تدور حول كيفية المحافظة على أبنائنا وجعلهم صالحين غير متأثرين بالفساد من حولهم.
لا شك في أن الإجابة على مثل هذا السؤال ومواجهة هذا التحدي تحتاج إلى مشاريع ضخمة، ولكني أردت أن ألفت النظر بالإضافة إلى توفير الوالدين منا الأمن للابن وتعريفه بصحبة صالحة والتميز في تربيته والتي تعتبر عوامل مساعدة للحفاظ على الأبناء، فاْن العامل الرئيسي والذي أراه يتقدم كل هذه الوسائل، هو ما أخبرنا به الصحابي الجليل "عبدالله بن مسعود" ، عندما كان يصلي في الليل، وابنه الصغير نائم، فينظر إليه قائلاً: من أجلك يا بني! ويتلو وهو يبكي قوله تعالى "وكان أبوهما صالحاً"، نعم إن هذه وصفة سحرية لصلاح أبنائنا، فإذا كان الوالد قدوة وصالحاً وعلاقته بالله قوية، حفظ الله له أبناءه، بل وأبناء أبنائه من الفتن والانحراف وإن تفنن أهل الفساد بإغواء وإغراء أبنائنا، فهذه وصفة سحرية ومعادلة ربانية، كما أنه في قصة سورة الكهف حفظ الله الكنز للوالدين بصلاح جدهما السابع، كما جاء في بعض التفاسير، ويحضرني في سياق هذا الحديث أني كنت مرة مع صديق عزيز عليّ ذو منصب رفيع ، ويعمل في عدة لجان حكومية، ومع ذلك فإنه يقتطع من وقته يومياً ساعات للعمل الخيري، فقلت له يوماً: لماذا لا تركز نشاطك في عملك الحكومي وأنت ذو منصب رفيع، فنظر إليّ وقال: أريد أن أبوح لك بسرٍ في نفسي: إن لدي أكثر من ستة أولاد وأكثرهم ذكور، وأخاف عليهم من الانحراف، وأنا مقصر في تربيتهم، ولكني رأيت من نعم الله عليّ أني كلما أعطيت ربي من وقتي أكثر، كلما صلح أبنائي، وقد تعرفت على أبنائه بعد ذلك وبان لي صدق "ابن مسعود" عندما قال: من أجلك يا بني...
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
70 % من المنحرفين .. بعيدون عن ابائهم
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
تؤدي الظروف الاقتصادية الحالية إلي غياب مشاركة الآباء الفعلية في عمليات التربية وربما إلي غيابهم تماما عن حياة أطفالهم ــ كوني ساندين , الاستشارية الأمريكية في مشاكل الزواج والأسرة أكدت أهمية مشاركة الآباء الفعلية في عمليات التربية وفي توفير الرعاية الحياتية اليومية للابناء . ولخصت كوني فوائد هذا الدور في عدة نقاط هي مكاسب تعود على الأطفال أولا , والأسرة . ثانيا والأباء أنفسهم , ثالثا وأخيرا على المجتمع .
من هذه الفوائد :
بالنسبة للأطفال الذين يشارك أباؤهم مشاركة فعلية في التوجيه والتربية فإنهم يكونون أقوي وأكثر قدرة علي التفاعل الاجتماعي الناجح وأكثر مقدرة علي مواجهة وحل المشكلات الحياتية , كما أنهم يملكون القدرة علي تكوين آرائهم بأنفسهم دون الحاجة لاستشارة الآخرين ودون التأثر بهم . وعلي العكس من ذلك فإن غياب الأب عن المشاركة في عمليات التربية سواء كان غيابا ماديا أو معنويا يؤدي لجنوح الطفل إلي العدوان والتمرد وعدم الطاعة , وتزداد مشكلاته في مرحلة ماقبل المدرسة . وتضيف المستشارة : أن دور الأب لايمكن أن يعوض غياب الأم لأن الأب يقدم عادة دورا تكميليا لأن الآباء يسمحون لابناءهم بالتحرك بحرية أكبر وبالتالي الاستعداد بصورة أكبر لمواجهة المجتمع .
وتقول الأبحاث والدراسات إن الأطفال الذين ينشأون بدون أب يكونون أكثر استعدادا للانحراف بنسبة تصل إلي 70% عن غيرهم . كما أن غياب الأب يؤثر على الطفل لذاته وثقته بنفسه .
أما غياب الأب في حياة الطفلة ا فيؤدي غالبا بالاكتئاب المبكر . وكثيرا ما يؤدي ذلك لظهور أنماط سلوكية غير سوية في حياة الفتاة حيث تعبر عن فقدانها الوجود الذكوري من خلال الميل لمصاحبة الفتيان أو يؤدي لظهور عقدة الكترا في الكبر .
وبالنسبة للفائدة التي تعود علي المجتمع : يساعد التقارب مع الابناء علي تحقيق التوازن في شخصية الأب , فتحمل مسئولية الصغار تجعله أكثر التزاما وحرصا علي النجاح , كما تحقق قدرا من الثبات المعنوي كما يقول مايكل لودنيل , مدير المركز الجنوبي الغربي للابوة كما تجعله أكثر وعيا بظروف المجتمع وأكثر تفاعلا معه .
وإذا كانت الدراسات تؤكد اختلاف المجتمع فإن هذا الاختلاف قد أدي لتعاظم أهمية دور الأب كما تقول كوني ساندين , لكن ماهي الفائدة التي تعود على الأب؟
ان وجود الأبناء في حياة الأب يمنعه من الانتحار الناتج عن الاكتئاب . كما أن احدىالدراسات قد أكدت أن قيام الآباء بالمشاركة في اداء بعض الأعمال المنزلية تجعلهم أقل توترا وأقل تأثرا بالضغوط الحياتية المختلفة . كما أن ارتباط الأب بأطفاله يؤدي إلي الحد من فرصة حدوث الطلاق .
ويقول جيمس ليفن , مدير مشروع الابوة في مدرسة مانهاتن الطبية : ان الآباء يتمكنون من التعبير عن رغباتهم الدفينة من خلال تجربة الأبوة . وبالتالي يكونون أقل تعرضا للأعباء النفسية . بفضل تخلصهم من آثارها التي قد تكون مؤلمة .
ــــــــــــــــــ
هل هذا الزوج مجنون
سأذكر لكم قصة لعل البعض يستغربها ويستغرب تصرف الزوج بشكل خاص، وقد يصفه البعض بالجنون.
والقصة هي أن زوجا يعمل في مؤسسة حكومية براتب شهري يقدر بألف دينار كويتي تقريبا، وهو مستقر مع زوجته، وقد رزق بأبناء بعضهم في سن المراهقة وآخرون أصغر من ذلك، ولديه طموح في الحصول على الترقية في عمله، كما أنه ناجح في بيته وناجح في عمله.
هل رفض المنصب ؟
إلى أن القصة ليس فيها غرابة، ولكن هذا الزوج وقد عرض عليه منصب آخر ومكان آخر للعمل، وفيه امتيازات كثيرة منها تكفل المؤسسة الجديدة بأجرة المسكن وإعطائه تسهيلات معينة سنوياً، وقد عرض عليه ضعف راتبه.
لو كنت أنت يا من تقرأ هذا المقال في مكان هذا الزوج، فكيف ستتصرف أمام هذه الإغراءات والامتيازات ومضاعفة دخلك السنوي إلى (24) ألف دينار بدلاً من (12) ألف دينار؟! لا داعي لأن تجيب على هذا السؤال، ولكن هل تصدق أن هذا الزوج بعدما استشار نفسه وفكر في هذا الإغراء واستخار ربه رفض هذا العرض.
وقد تتساءل هل هذا الزوج مجنون؟! لا يجوز أن نستعجل بإصدار الأحكام، ولو عرف السبب لبطل العجب، ولندخل إلى داخل تفكير هذا الزوج مجنون؟! لا يجوز أن نستعجل بإصدار الأحكام، ولو عرف السبب لبطل العجب، ولندخل إلى داخل تفكير هذا الزوج ونستمتع إليه، وهو يحاور نفسه وهو يقول:
• وماذا سأستفيد من زيادة دخلي وكثرة الامتيازات وطبيعة العمل الجديد.
• إنها ستجعلني مشغولاً أكثر من عشر ساعات باليوم.
• إني سأفقد جمال علاقتي بزوجتي وقطعاً سأخسرها، وان أبنائي على أبواب سن المراهقة، وهم ذكور فمن سيتابعهم ويقوم اعوجاجهم.
• أن أموال الدنيا كلها لا تفرحني فيما لوانحرف أحد أبنائي، أو خسرت علاقتي بزوجتي.
• إنها صفقة رابحة في ظاهرها وخاسرة في باطنها.
• وهل معيار المال هو المعيار الوحيد للحكم على الأشياء وجلب السعادة للدنيا؟! لا أظن ذلك.
وبدأ الزوج يفاضل بين الاستثمار البشري والاستثمار المالي، ويوازن بين وضعه الحالي والعرض الجديد إلى أن اتخذ قراراً برفضه.
ــــــــــــــــــ
هل للولد سلطة على أخته إذا غاب الأب ؟؟
قد يبدو السؤال في غير محله، لأن المعروف والسائد أن صاحب الكلمة الأولى والأخيرة هو الأب الذي له علاقة في كل صغيرة وكبيرة في الأسرة• لكن من يمثل الأب إذا غاب ؟!
في مجتمعنا العربي الذي يعلي شأن الذكور تكون الام في الغالب هي التي تحكم البيت ولكن دورها الإداري والتنفيذي يكون في الظل، حيث يبقى القرار في يد الابن الذي يعتبر هو الرجل الكبير، وأحيانا وفي ظل وجود الأب وقيامه بكل أعباء سلطته على البنات والأولاد• •يتخذ الأخ الأكبر لنفسه هامشا ما يضيق ويتسع في السلطة، إذن في معظم البيوت يتكرر هذا المشهد مرارا وتكرارا، فالبنت حبة عين أمها وأبيها تريد الخروج الى السوق أو الذهاب الى صديقتها يعترضها شقيقها الأكبر أو الأصغر• •ممنوع الخروج، تحدث مشادة كلامية بين الأخ الأكبر والبنت وأخيرا يكون القرار الأول والأخير بعدم الخروج الا بإذنه•
ياترى ماهي حدود السلطة لدى الأخ؟؟ ومتى يتدخل الآباء في سلطة الأبناء؟ تساؤلات نطرحها في هذا التحقيق•
للأخ الأكبر امتيازات
هدى العامري ـ ثاني ثانوي تقول : أشقائي الذكور كلهم أكبر مني، لذلك يفرضون علّي قيودا كثيرة، فهم يرفضون خروجي إلا معهم ويمنعوني من حضور المناسبات، لكن عندما يكون والدى موجودا لا يستطيعون فرض أية قيود لأن والدي أكثر تفهما•
وتضيف :في إحدى المرات دعتني صديقتى الى حفل زواج فمنعني شقيقي الأكبر من الذهاب، وعندما اخبر والدى وافق غير إن شقيقي حاول مناقشته فأنهى أبي الحوار بحسم مؤكدا انه هو المسؤول عني وليس مسموحا لاحد أن يفرض سلطته علي•
وتستدرك هدى : على أي حال ما يحدث هو أمر عادي ففي كل الأسرة تكون للأخ امتيازات خاصة، والتحكم في هذه الامتيازات بالزيادة أو النقصان، يرجع للأب ومقدار تفهمه لنفسيات وشخصيات بناته•
أفعاله تعكر حياتي
ومن هدى الى فاطمة بنعلي (موظفة) تقول : تحكمات أخي لا تنتهي، فبالرغم من إنني أعمل الآن الا ان شقيقي الأكبر لا يزال يأمرني بفعل ما يريده هو، فمثلا ممنوع أن أذهب الى أي مكان أريده إلا بصحبته، لا اشعر إنني حصلت على حريتي لانه يرصد خطواتي، والسبب في ذلك انه متعدد العلاقات ويظن ان كل البنات يسهل خداعهن ويخشى من أن يضحك علي أحد من الشباب، فأفعاله الخاطئة تعكر صفو حياتي• • وكلما حاولت أن أقنعه إنني كبيرة وراشدة ينفعل ويهددني بالضرب، أما والدى فيتفرج على ما يحدث مرددا عبارته الشهيرة اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24ضلع، ولكثر ما أعانيه فكرت في الموافقة على أي شخص يتقدم لخطبتي، لكن أخاف أن يكون أصعب من أخي وأن يحكم علّي بالسجن مدى الحياة•
لست صغيرة
على عكس تجربة فاطمة تقول نجاة المرابط ـ طالبة :محاولات شقيقي في التدخل بحياتي فاشلة لان والدى موجود، وهناك مواقف كثيرة يذكرني فيها بأنه الأكبر ويجب ان احترم رأيه، لكني أرد عليه بأنني لست صغيرة، وطالما إنني لا أخطئ فيما أفعله فلاداعي لفرض سيطرته علّي لأننا متساويان في الحقوق والواجبات، لذلك فأنا لا أعاني من أي تسلط أخوي لأننا متساويان في المعاملة وهذا الأسلوب الذي يتبعه والدى معنا منذ الصغر، وذلك بعكس الكثيرات من زميلاتي اللاتي يعانين من تسلط أشقائهن الذكور•
وفي السياق نفسه تقول منار البخاري :والدى وشقيقي الأكبر يعاملاني بحب واحترام، ولان أخي صغير فهو لا يملك أي سلطات في البيت، ولا أعتقد أن والدى سيسمح له في يوم من الأيام عندما يكبر بفرض أي سيطرة علينا، ولكن في المقابل لدى صديقة تعاني من هذه المشكلة حيث أن شقيقها الذي يكبرها بسنة واحدة يمنعها من الخروج أو حضور أي مناسبة، وللأسف أمه تشجعه على الاستمرار في هذه التصرفات باعتبار انه رجل البيت ان غاب الأب، في حين أن تصرفاته مع شقيقاته أبعد ما تكون عن الرجولة•
أبي صاحب السلطة
والدى مصدر السلطة هكذا بدأت بدرة إسماعيلي طالبة في المرحلة الثانوية تقول : لا نأخذ أي قرار في البيت ألا بموافقة والدي، لذلك لا توجد أي فرصة لان يمارس أخي أي سلطات، فنحن متساويان في الحقوق والواجبات، واعتقد انه إذا فكر بعد فترة في الحد من حريتي فلن اسمح له فأنا تربيت بأسلوب معين وعندي حرية في الكثير من الأشياء يصعب أن أتنازل عنها أو أن أسمح له بالحد منها، فالبنت التي تعاني من سيطرة أشقائها مسؤولة عن ذلك، لأنها لو استطاعت من البداية إجبارهم على الاعتراف بشخصيتها ما عانت من تحكماتهم فيها• •
درجة ثانية(54/167)
ـ أما (لبنى بنصالح)، ثالث ثانوي فترفض هذه السلطة سرا، وعن ذلك تتحدث قائلة :منذ صغري وأنا أعامل كمخلوق درجة ثانية، وشقيقي هو الأول في كل شيء حتى أخطاؤه يمكن التغاضي عنها• • وكنت أعتقد إن الأمر طبيعي لكن عندما كبرت وزاد التمييز بدأت أعلن رفضي وأعصي أوامر أبي وشقيقي لأنها لا تعبر عن مصلحتي وانما عن حبهما للتحكم، لذلك عندما استأذنهم في أي شئ ويرفضونه أفعله سرا لأنني لن أضيع حياتي ومستقبلي بسبب امتيازات يعطيها المجتمع دون داع، فليس ذنبي إنني أنثى وطالما لا أخطئ فلامجال لفرض السيطرة علّي، وأحمد الله إن والدتي تعرف كل شئ وتقف بجانبي•
ماذا يقول الأشقاء؟؟
إذا كانت هذه آراء الفتيات• • فما هي آراء الأشقاء والآباء والامهات؟؟
يقول محمد الإبراهيمي: للأسف أصبح هناك أخوة يمارسون سلطات وقيودا على أخواتهم، لكن بالنسبة لي أفضل كسب صداقة شقيقاتي، لأنهن يلجأن الى استشارتي في كل الأمور، وأحاول الإقناع في مناقشاتي، وإذا لم يقتنعن لا اغضب، لان ذلك سيفقدني حبهن، كذلك الوالد يحرص على غرس الاستقلال فينا جميعا ولا أفكر في سلب إرادتهن كما يفعل بعض الاخوة مع أخواتهم•
دوري إرشادي لا أكثر
ـ عبد الله العلمي يؤكد انه نادرا ما يمنع شقيقاته من فعل ما يردن، وذلك لان وجود والده يجعلهم جميعا يلجأ ون إليه•
ويتابع:دوري كأخ إرشادي أكثر منه تحكمي، لأنني إن فكرت في السيطرة فلن يسمح والدى ببذلك، بالإضافة الى إنني احبهم بشدة ولاأفكر في إجبارهم على أي شيء، وأعتقد انه من الصعب الآن أن يمارس الأخ أية سيطرة على أخوته خصوصا إن كانت أسرة متفاهمة يقوم فيها الأب بدوره على أكمل وجه•
ويختلف خالد العروي قائلا: البنت يجب أن تخاف أخاها حتى لا تفعل أي خطأ في غيابه، فالزمن الذي نعيشه الآن غير مأمون، خصوصا وان أخلاق البنت فسدت هذه الأيام، ويصعب إصلاحها بدون شدة وعنف، واذكر إن أختي خرجت الى حفل عيد الميلاد واشترطت عليها أن تعود في الساعة التاسعة والنصف، ولم تأت الا في الحادية عشرة، فلم يكن مني ألا أنني ضربتها لتدرك أن هناك رجلا بالبيت، ولتعلم إنني أحميها من نفسها•
الآباء والأمهات ما رأيهم؟؟
أما الآباء والأمهات فلهم أراء متفاوتة• •تقول مريم المسعودي يجب على الأخ الأكبر أن تكون له سلطة على شقيقاته خصوصا في حال غياب أو انشغال الأب ،وتضيف : منذ فترة قريبة مرت ابنتي بمشكلة وأصر أخوها الأكبر في التدخل، لكني رفضت لان هذا دور والدها وتدخل ضمن نطاق مسؤوليته، فالأب هو الحاكم ويجب ألا يتنازل عن سلطاته للابن، لان الابن بحكم قلة خبرته لن يستطيع التعامل مع مشكلات شقيقته بروية بل الضرب وقذف الشتائم هي الطريقة التي يتبعها معظم الاخوة•
وعلى العكس تعاني مريم الفلاحي(أم) من سيطرة ابنها الأكبر على كل من في البيت، وخصوصا على أخواته وتزداد المشكلة بموافقة الأب في كل تصرفاته وتشجيعه له على استعمال العنف مع البنات، بدعوى انه يجب أن تخاف منه شقيقاته حتى لا ينحرفن !!
وتضيف: أحاول وضع حد لعنفه مع شقيقاته لكنه لا يسمع الكلام، بل وصل الأمر به أن يفرض سيطرته علّي، وكل ما اخشاه الآن أن تكرهه أخواته، لكن ليس باستطاعتي فعل شئ، فالمجتمع يعطي الولد كل الصلاحيات•
ضد سيطرة الأخ
يقول علي بالحسين ـ رب أسرة : أنا ضد سيطرة الأخ على أخوته خصوصا إن هذا الأمر زاد عن حده في معظم البيوت، حيث يعتبر الأخ إن قسوته مع شقيقاته وتحكمه في تصرفاتهن دليل الرجولة، وتزداد المشكلة بغياب الأب وانشغاله عن أبنائه، ففي الوقت الذي يستمتع فيه الأخ بحريته خارج البيت والتصرف كما يحلو له لكنه في المقابل لا يسمح لشقيقاته بمجرد الخروج مع صديقاتهن، لذلك فأنا أرفض وصاية الأخ على اخوته، لان في ذلك خطورة على الاثنين•
ما هو المطلوب؟؟
من المعروف لدينا إن مجتمعاتنا العربية تعلي شأن الذكر وتفضله على الأنثى ومعظم الأسر تغرس هذه النظرة، مما يجعل الولد ينظر الى أخته بنفس المعيار على إنها مخلوق أدنى منه، نفس الشي لدى البنت تعتقد إنها أدنى من أخيها وانه أفضل منها هذا ما يؤكده خالد بنعمر ـ دكتورعلم نفس والاجتماع يقول: تزداد حجم السلطة مع زيادة انشغال الأب حيث يشعر الأخ هنا انه رجل ويجب أن تطيعه أخته سواء كانت أصغر منه أو أكبر منه لانه يحمل امتيازات كونه الذكر وهي الأنثى، ولذلك يمارس سلطته بنوع من الاستبداد والديكتاتورية، في حين إن البنت تسعى للتخلص من كافة الضغوط والقيود، بينما يسعى الشاب لفرض سيطرته على شقيقاته ليشعر في أعماقه بأنه كبر وأصبح رجلاً له كلمة مسموعة، وتزداد الأزمة في تدليل الوالدين لابنهما وتماديه في السلطة، كذلك لاننسى إن كان الولد لديه خبرات سيئة في تعاملاته خارج البيت، لان في هذه الحالة سيكون متشددا مع شقيقته، قاسيا معها، متشككا فيها من منطلق حرصه على الاتكون مثل الأخريات اللواتي يعرفهن، لذلك كثيرا ما ترفض البنت الإذعان وان اضطرت تحت الضغط فإنها ستفعل ما تريد في الخفاء•
لذلك نصيحة للآباء الايتخلى أحد الوالدين عن مسؤوليته ودوره، ولا يجب أن يتمادى الابن في سلطته ولا يتجاوز حده في ذلك، وإذا تجاوزها يجب ايقافه عند حده، واعطاء البنت حقها بحيث لاتكون ناقمة على الأسرة ككل لعدم تقديرهم لمشاعرها•
عن" مناره المراْه " .
ــــــــــــــــــ
معجزات الدفع بالتي هي احسن
كنت أقدم دورة تدريبية في إحدى الدول الخليجية وكان عنوان الدورة ( فن حل المشاكل الزوجية ) وكنت أقدم هذه الدورة للرجال وأحياناً للنساء، وكنا من خلال الدورة نناقش بعض المشاكل الزوجية، ونضع الحلول لها مستخدمين في ذلك النظام (شبكة المخ) في التفكير، وإذا كانت المشكلة الزوجية معقدة نستخدم نظام خيوط العنكبوت في التفكير.
شبكة المخ
وأذكر انه في إحدى الدورات النسائية، تم تقسيم الحضور إلى خمس مجموعات، وكل مجموعه فيها خمس عضوات، وطلبت من الحاضرات اختيار مشكلة (الزوج الصامت )والمجموعة الثانية (الزوج الدكتاتوري المتسلط) والثالثة (الزوج الذي لا يصلي) وهكذا.. ثم بدأت أشرح لهن طريقة (شبكة المخ) في علاج المشاكل وأعطيتهن فرصة نصف ساعة لمعالجة المشاكل التي اخترنها، ثم تابعنا الدورة في باقي مواضيعها ونقاطها، وكانت الدورة تركز على أسلوب تفكير الإنسان في تضخيم الحدث وجعله مشكلة كبيرة جداً، أو يمكنه التعامل مع الحدث بروح معنوية عالية ، فلا يوجد شيء اسمه (مستحيل) في علاج المشاكل الزوجية، وان الإنسان يستطيع بما أتاه الله من علم وإرادة أن يذلل الصعوبات ويعالج المشكلات وإذا لم يستطيع أن يعالج المشكلة من جذورها، فليحاول احتواء المشكلة واستيعابها فان ذلك يخفف عليه وطء المشكلة.
وبعد مرور شهر على انتهاء الدورة التدريبية، اتصلت إحدى المشاركات وطلبت الحديث معي لتخبرني عن نتائج إحدى الدورات التي حضرتها في العلاقات الزوجية، وبدأت تتحدث معي عن كيفية استفادتها من الدورة، وأنها وظفت المعلومات التي تلقتها في علاج مشكلتها الزوجية، والتي تنحصر في عدم أداء زوجها للصلوات المفروضة وبعده عن الله تعالى، وانشغاله الدائم في كسب الرزق والسهر مع أصحابه، وإنها استخرجت لهذه المشكلة أكثر من عشرة حلول، وكان أحد الحلول أنها استخدمت أسلوب الرسالة والهدية والمفاجأة في وقت واحد، عندما كان زوجها في إحدى سهراته اليومية المعتادة، فقد أحضرت له هدية عبارة عن علبة كبيرة وبداخلها زجاجة "دهن عود" من النوع الغالي، وطيباً اسمه "أنت عمري" ومعهما سجادة صلاة طيبتها بدهن العود، ووضعت بداخل الهدية رسالة فيها من العواطف والمشاعر الكثير، تجاه الزوج وربه وزوجته وأبنائه، وتقول إنها اختارت دهن العود هذا لأنه يفضله على باقي الأطياب والروائح، ثم تزينت له وجلست في فراشها تنتظر مجيئه، فدخل عليها بعد منتصف الليل كعادته، وقد أغمضت عينيها تمثيلاً، ثم فوجئ بالهدية الكبيرة ففتحها، وفجأة سمعت بكاءه ثم شعرت بقربه منها فقامت واحتضنته وبدأت تبكي معه، وكان في هذه الليلة أول مرة يصلي صلاة الفجر في المسجد واستمر بعد ذلك ولم تكد تصدق عينيها .
أقول: إن للنفس مفاتيح ينبغي أن يتعلمها الإنسان حتى يعرف كيفية التعامل معها، ولهذا فان في كل زوج وزوجة خيراً كبيراً، لو عرف الزوجان كيف يستثمرانه لشعرا بالسعادة والاستقرار .
جاسم محمد المطوع
ــــــــــــــــــ
إذا كانت لك زوجة نكدية
الدكتور عادل صادق
يشكو الرجل من أن زوجته نكدية. وأن بيته قطعة من الجحيم. يعود إلى بيته فتداهمه الكآبة، إذ يطالعه وجه زوجته الغاضبة الحاد النافر المتجاهل الصامت. بيت خال من الضحك والسرور ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيته فتلتهمه الأمراض. يقول في بيتي مرض اسمه النكد. ويرجع السبب كله إلى زوجته ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية لماذا تختفي الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟ ولماذا هي لا تتكلم ؟ لماذا لا ترد ؟ والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما هي تدعوه للكلام. إنها تصدر إليه رسالة حقيقية إنها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لأنهما لم يتعودا معاً - الزوج والزوجة - على طريقة أكثر إيجابية في التفاهم. ويقلق الزوج. يكتئب هو أيضاً . ثم يغلي في داخله . ثم ينفجر . وتشتعل النيران وبذلك تكون الزوجة قد نجحت فقد استفزته إلى حد الخروج عن توازنه . لإنها ضغطت على أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل . أي عدم الاعتراف بوجوده . أي اللامبالاة . ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي أيضاً لأنها غاضبة . غاضبة من شيء ما . ولكنها لا تستطيع أن تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية . ربما يتجاهلها عاطفياً ، ربما يتجاهلها فراشياً . ربما بخله يزداد . ربما بقاؤه خارج البيت يزداد من دون داع حقيقي . ربما أصبح سلوكه مريباً .. ربما وربما وربما وهناك عشرات الاحتمالات. ولكنه هو لا يدري أو هو غافل . أو يعرف ويتجاهل . وهو لا يدري أنها تتألم . أي أنه فقد حساسيته. ولكنها لا تتكلم.
لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة. وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة. ربما لأن ذلك يوجع كرامتها . ربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما. ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير. وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل. وإذا بادل الزوج زوجته صمتاً بصمت وتجاهلاً بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيداً عن القضية الأساسية لتثير زوبعة. لقد استمر في الضغط عليها حتى دفعها للانفجار.
ضغط علها بصمته وتجاهله رداً على صمتها وتجاهلها وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات فهي - أي الزوجة - تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته ليسقط ثائراً هائجاً وربما محطماً. وهنا تهدأ الزوجة داخلياً ويسعدها سقوطه الثائر ، حتى وإن زادت الأمور اشتعالاً وشجاراً تتطاير فيه الأطباق وترتفع فيه الأصوات وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب . وتتراكم تدريجياً مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق.
قد يستمر هذا الأسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر.
ويعتادان على حياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلاً قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت. وتتسع الهوة كان من الممكن ألا توجد لو كان هناك أسلوب إيجابي للتفاهم.
وتشخيصاً للموقف نستطيع أن نقول :
أننا أمام زوج لا يعرف ما يضير ويضايق ويؤلم زوجته ، وهذا الزوج يتمادى في غيه مع الوقت ، وهو أيضاً قد فقد حساسيته تجاه زوجته.
وأننا أمام زوجة تكتم انفعالاتها وتخزن أشجانها. وتحترق بالغضب. وهذه الزوجة تلجأ إلى أسلوب سلبي في الرد على زوجها وذلك بإشاعة جو النكد في البيت لتحرم زوجها من نعمة الهدوء والاستقرار والسلام ونعمة الإحساس بذاته.
وتظل الزوجة تستفز زوجها حتى يثور. ولكنهما لا يتعلمان أبداً بل يستمران في نفس أسلوب الحياة الذي يهدد بعد ذلك وبعد سنوات أمن واستقرار البيت ، واستمرار حالة الاستنفار معناه تراجع المودة والرحمة.
وهنالك ألف وسيلة تستطيع الزوجة عن طريقها استفزاز زوجها، وكذلك هناك أكثر من ألف طريقة يستطيع بها الزوج استفزاز زوجته أهمها كما قلنا الصمت والتجاهل والوجه الغاضب والكلمات اللاذعة الساخرة والناقدة والجارحة أو يتعمد أي منهما سلوكاً يعرف أنه يضايق الطرف الآخر. أو قد يلجآن إلى أسوأ أنواع الاستفزاز وهي إثارة الغيرة والشك.
والعناد هو نوع من أنواع البغي والتمادي والتحدي . والتحدي هو أسوأ سلوك زوجي والتحدي يخلق عداوة والعداوة تؤدي إلى العدوانية وبذلك يحدث تصلب وتخشب وتحجر وتفتقد المرونة وتضيع روح التسامح والتواضع والتساهل والتنازل. واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج أو معناه أن أحدهما يعاني ألماً نفسياً حقيقياً وأن الطرف الثاني يتجاهل عن عمد أو عن غير عمد هذا الألم.
وهذا معناه أننا أمام مشكلة زوجية تحتاج إلى رعاية .. فكلاهما يعاني . وكلاهما غاضب. وكلاهما خائف . وكل منهما يتهم الآخر ويحمله النصيب الأكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية . أي لا يوجد استبصار ولا يوجد بصيرة.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم من دون مواجهة. بدون توضيح بدون حوار بصوت عال هادئ بدون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولاً بأول . بدون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه .. يجب أن يرفع كل منهما شكواه إلى الآخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والإلحاح في عرض الشكوى حتى تصل إلى ضمير الطرف الآخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث. ولكن لأنه لا يعرف ، لا يعلم لأنها لم تتحدث إليه لأنها لم تعبر بشكل مباشر . ربما لأنها تعتقد بأنه يجب أن يراعي مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك. ربما تود أن يكون هو حساساً بالدرجة الكافية ربما تتمنى هي أن يترفع هو عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها. وهذا جميل وحقيقي، جميل أن يكون لديها هذه التصورات وهذه الأمنيات المثالية ولكن الأمر يحتاج أيضاً إلى تنبيه رقيق - إشارة مهذبة - تلميح راق كلمات تشح ذوقاً وحياء دون مباشرة. ولا مانع خاصة في الأمور الهامة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي . فهذا حق كل منهما على الآخر وهذا هو واجب كل منهما تجاه الآخر وهذا هو أصل المعنى في المودة والرحمة . لأن الزوجين اللذين وصلا إلى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماماً المعنى الحقيقي للمودة والرحمة. والحقيقة أن أي إنسان مقدم على الزواج - رجلاً أو امرأة - يجب أن يكون متفهماً وبعمق وبقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين : المودة والرحمة.
ــــــــــــــــــ
العلاقة والحقوق بين الآباء والأبناء
الفضائية: اقرء
الضيوف:
1 ـ د. أحمد عمر هاشم: رئيس جامعة الأزهر
2 ـ محمد الشحات الجندي: وكيل كلية الحقوق بجامعة طنطا
3 ـ علي عجوة: وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة
يقول الباري في كتابه: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، فالبنين هم أحد عنصرين زينة الحياة الدنيا وقد ركب محبة الأبناء والشفقة عليهم والحنو في طباع الآباء والأمهات، كما إن العلاقة بين الآباء والأبناء هي من أكرم صور العلاقة بين أفراد المجتمع.
* نحن بحاجة إلى إلقاء ضوء مكثف على أهم مبادئ التربية الاسلامية وما هي أهم نقاط منهج التربية الاسلامية؟
ـ أحمد عمر هاشم:
تبدء التربية الاسلامية بالمحبة والعاطفة والرسول عليه الصلاة والسلام يجسد لنا هذا في حياته العملية إذ كان يختصر في صلاته إذا سمع بكاء الطفل، وكان ينزل من المنبر عندما يرى الحسن والحسين يتعثران ويحملهما وكان يدع الحسن والحسين يصعدان على ظهره وهو يصلي هذا جانب عاطفي يجعل الأبناء في راحة نفسية وفي إقبال على الآباء، ويبدء هذا الجانب منذ نعومة أظفارهم ومنذ وعي الأبناء، إذ أنالكثير من مشاكل الآباء مع الأبناء سببها تلك القطيعة بينهم والجفاء وعدم ممارسة الحياة العملية معهم، كما إن العمل جائز للرجل والمرأة وقد يكون واجباً بشرط أن يعطيان قسطاً من وقتهم للأبناء وبهذا تكون التربية الصحيحة التي توجر جسور المحبة والعاطفة بينهم، كما إن من شروط التربية الصحيحة حق الولد على أبواه أن يعلماه قراءة كتاب الله وتعاليم الدين الصحيحة كما يقومون بإطعامه وكسوته لأن خلو الأبناء من الثقافة الاسلامية يسبب مشاكل لا حصر لها فإذا امتلأ عقل وقلب الولد بالثقافة الدينية الصحيحة لن تقتحمه تيارات العلمانية والإلحاد والتطرف أبداً وأن نقدم له الجرعة المناسبة من هذه الثقافة في الجانب النظري والتطبيقي الذي يبدء من البيت ثم المدرسة والشارع والمسجد والنادي والجامعة لصياغة شخصيته، والتركيز على الجانب التطبيقي كأن يصح الوالد ولده إلى المسجد والجلسات الدينية أو أن يطرح موضوعاً بين الأبناء ويثيرهم على النقاش والتوصل للحقائق والالتزام بالسلوكيات الدينية والمبادئ الحميدة لأن توجيه الأبناء من خلال القدوة في شخصية آبائهم أفضل مئة مرة من التكلم فقط.
كما إن التكامل والتنسيق في التربية الروحية والبدنية والنفسية معاً يؤدي إلى حلق الأبناء الأسوياء ولكننا غالباً ما نترك أحد هذه الأمور الثلاثة فإذا ركزنا على جانب أهملنا الآخر.
* دور أجهزة الإعلام في ترسيخ القيم الدينية منذ سن الطفولة إلى مرحلة الشباب؟
ـ علي عجوة:
الإعلام على مستوى العالم أصبح ظاهرة تتدفق فيها المواد الإعلامية من مجتمع إلى مجتمع آخر وتنتقل الثقافات بين المجتمعات بسهولة وفي حالة غياب الدين والثقافة وغياب المعرفة بالقيم الاسلامية يسهل تأثير التيارات القادمة من الخارج فينا.
كما إن أجهزة الإعلام تمارس هذا الدور وتعمل على ترسيخ القيم الدينية ولكن بكفاءة قليلة جداً وفي الوقت الذي تقدم فيه برامج ومسلسلات دينية عن عظمة الاسلام والقدوة الصالحة وتدعوا للسلوك القويم تقدم أيضاً مسلسلات وبرامج أجنبية ومحلية تتناقض مع هذه الدعوة ومع الأفكار النبيلة وهذا تناقض إذ لا بد أن تكون هناك سياسة ثابتة وخط واضح يلتزم به الجميع الترفية مطلوب ويدعونا له الاسلام ولكن ما ندعوا له هو الترفيه النبيل الذي لا يتناقض مع القيم ويروح عن النفس ويجعلها تقبل على الحياة وتنتج ولكن الترفيه المبتذل ممنوع ومرفوض.
* أسئلة الجمهور:
ـ أحمد مصطفى: ما هي مقومات الأب الظالم ومتى يكون الولد عاقاً وهل يحق للولد الخروج عن طاعة أبيه إذا كان ظالماً؟
ـ محمد الشحات الجندي:
مبدئياً لا يجوز للولد أن يخرج عن طاعة والده مهما كان الأب ظالماً وفي الوقت نفسه الظلم ممنوع شرعاً لأن قانون السماء هو قانون العدالة مع الأولاد بالنظرة والبسمة والمعاملة ولا يقتصر على العدل المادي، لذا فأن ظلم الأب لأبناءه هو ظلم منكر ولا يجوز شرعاً كما انه لا يجوز للأبناء أن يعوقوا الآباء. أما بالنسبة للولد الذي يقول بأن أمه أو أبيه ظالمين هل قام هو بالحقوق التي أوجبها الله عليه تجاه الوالدين؟
* وسام حمدي: هل طاعة الأبناء للآباء طاعة مطلقة وما حكم الوالد الذي يقتل ولده من أجل تأديبه؟
ـ أحمد عمر هاشم:
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحدود التأديب لا تصل إلى حد القتل أو الضرب المبرح وهذا شيء لا يقره شرع ولا دين الانسان السوي الذي يعي سلوكياته لا يصل إلى هذا الحد لأن القتل أو الضرب المبرح يعدان من الحالات المرضية التي يجب معالجتها.
مسألة الحقوق بين الآباء والأبناء هي مسألة بينها الدين الاسلامي بوضوح وهي حقوق متبادلة مثلما للآباء حقوق على الأبناء هناك حقوقاً للأبناء على الآباء أيضاً.
ــــــــــــــــــ
دور الزوج في إسعاد الزوجة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
دور الزوج في إسعاد زوجته لا يقل أهمية عن دور الزوجة في إسعاد زوجها ـ إذا صح أن نفصل بين الدورين ـ ذلك لأن للرجل دوراً أساسياً في إسعاد الأسرة كلها، بمقتضى كونه القيم على شؤونها والمدبر لأمورها. فلا غرو أن تقع عليه مسؤولية إيصالها إلى أهدافها التي رسمها الاسلام الحنيف، حيث ترمي هذه الأهداف إلى استقامة المسيرة واستقرار العلاقة.. والتي يجمعها نيل الطمأنينة والسعادة في ظل قيادة الرجل الحكيمة، كما يفترض.
وفي هذا الإطار لا بد أن يلحق الزوجة من هذه السعادة النصيب الأوفر لأنها الركن الثاني والشريك المهم الذي إن انسجم مع شريكه كان دعامة كبيرة له في النهوض بمسؤوليته.
والحقيقة أن نجاح الزوج في أداء حقوق زوجته وإسعادها دليل على سلامة شخصيته وفاضل خلقه وانسجامه مع دوره وقدرته على استكمال هذا الدور مع باقي أفراد أسرته ما دام النبي (ص) يقول: ((خيركم خيركم لأهله))، حيث لا فصل في مواقف المرء بين ظرف وآخر ما دامت الأفعال تصدر عن النفس الكريمة المعدن، الحسنة الخلق.
الواقع المؤسف:
وخلافاً لتوجه الاسلام الحنيف.. وعبر مختلف الأزمنة.. ولدى عامة المجتمعات الاسلامية.. لم تلق الزوجة الحفاوة اللازمة والتكريم الواجب والتقدير المهم، ليس فقط كزوجة.. بل كأم وأخت وبنت وعاملة، وإن كان العدوان عليها كزوجة أشد وأكبر من العدوان عليها في بقية مواقع الحياة، نظراً إلى أن المعتدي عليها إن كان أباً أو أخاً فسوف تأخذه الشفقة عليها بسبب القرابة فيتوقف أو يخفف من عدوانه، بينما هي في بيت زوجها تعيش في كنف رجل غريب قد يشتد في ظلمها بمساعدة التقاليد والأعراف الاجتماعية، من دون أمل بأن يتحسن وضعها ويخف الظلم الواقع عليها.
ويبدو أن الذي ساعد على نشوء هذه الظاهرة واستمرارها عوامل عدة:(54/168)
منها: الكثير من النصوص والأحكام الشرعية التي أسيء فهمها.. أو استخدامها، وهي التي تحث على طاعة الزوج، والتي تستنقص ـ حسب ظاهرها ـ من قيمة المرأة وتجعلها في مرتبة دون مرتبة الرجل، والقوامة التي أعطاها الشرع للزوج على زوجته.. ونحوها. علماً أن هذه النصوص ليست كما فهمت إطلاقاً.. مضافاً إلى أن الذين أساؤوا فهمها قد غضوا النظر عن كل النصوص والأحكام التي تضع المرة.. والزوجة تخصيصاً.. في الموضع الكريم اللائق..
وللإفاضة في هذا الموضوع مجال آخر قد نوفق إليه.. مع أنه لا بد أن يجرنا الكلام إلى شيء منه.
ومنها: جملة التقاليد والأعراف الشعبية المتأثرة بمفاهيم الجاهلية والمجتمعات البدائية المتخلفة، وهي التي لا تزال موجودة في المجتمعات القبلية بكل حدتها وقوتها.. والتي ترى المرأة وجوداً هامشياً جداً لا يذكر إلا في سياق شهوات الرجل وحاجاته.
وأكثر ما توجد مخلفات هذه المفاهيم في الأرياف ولدى الرجال ذويا لثقافة المحدودة.
ومنها: نزعة التسلط والاستقواء التي يبديها القوي تجاه الضعيف، وهي وإن لم تكن خاصة بالعلاقة الزوجية، غير أنها أكثر إيلاماً فيها منها في غيرها، نظراً لاستفراد الزوج بزوجته وتصفيق المجتمع له.. وخذلانها.
وهذه النزعة حالة نفسية بهيمية لا بد من تهذيبها في عموم علاقات الفرد مع المجتمع، كونها المسؤولة عن معظم حالات العدوان والظلم، وبالأخص في عالم العلاقة الزوجية، كي يستشعر المسلم المودة اللازمة لشعور الزوجة بالكرامة والسعادة.
ومن المؤسف أن هذه النزعة موجودة حتى لدى المؤمنين، ربما لأن الذي يحطمها ويقومها.. ليس الالتزام بالحكم الفقهي وحده.. بل الروحية الودودة والنزعة الأخلاقية التي تساهم في بلورة الإيمان وجعله حيوياً سامياً.
هذا هو الواقع المؤسف الذي تعيشه الزوجة المسلمة في معظم المجتمعات الاسلامية، وهو الذي يزيدنا حماسة لإيلاء هذا الموضوع أهمية مميزة كي نخرج الأسرة المؤمنة من دائرة الهيمنة، الاعتباطية إلى مستوى القوامة العادلة المسؤولة والأخلاقية.
أصول السعادة وأركانها:
إن الزوج المؤمن بمقدار ما يحرص على سعادة زوجته فإنه ـ في الحقيقة ـ يتجنب الكثير من المشكلات الزوجية التي تقع نتيجة عزوف الرجل عن إسعادها أو عجزه عن تحقيق ذلك.
وفي هذا الإطار سوف نذكر ما بدا لنا أنه ضروري لتوفير السعادة للزوجة.
الأول ـ الحقوق الواجبة:
وهي جميع الحقوق الإلزامية التي ضمنتها الشريعة للزوجة في إطار العلاقة الزوجية وهي التالية:
أ ـ أداء المهر وجميع الالتزامات المالية المنصوص عليها في عقد الزواج حيث يلاحظ عدم إيلاء هذا الأمر العناية المطلوبة، بتصور أن الوفاق ما دام قائماً فإن المرأة سوف تغض النظر عن ذلك، فيهمل الزوج هذا الأمر.. أو يتصرف بأموال الزوجة دون أن يلتفت إلى ضرورة براءة ذمته من عهدة هذا المال الذي هو حق للزوجة لا يجوز المساس به إلا بإذنها وموافقتها.
وأسوأ ما يحصل في موضوع المال.. أن الزوج عندما يمل عشرة زوجته ويريد طلاقها يتفنن في إيذائها لتترك له مهرها كي تتخلص منه ويطلقها، وهو مضافاً إلى كونه في بعض جوانبه محرماً إذا سبب تجاوزاً لحقوقها الواجبة، فإنه في معظمه أمر غير أخلاقي، وقد ورد النهي عن ذلك صراحة في قوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن)، وفي قوله تعالى: (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف)، ذلك لأن جو الخلاف والنفرة لا يبيح العدوان وتجاوز الحقوق اللازمة.
إن مراعاة الحقوق المالية للزوجة جزء مهم في حسن العلاقة معها وإدامة ثقتها بزوجها، وموجباً لاطمئنانها إلى مصيرها ومعيشتها في بحبوحة فيما لو كان لا بد من الفراق أخيراً.
ب ـ الإنفاق عليها:
وهو يتضمن تأمين المستوى اللائق من المعيشة، من المسكن والملبس والمطعم، مشروطاً بأن يكون مناسباً لوضعها الاجتماعي الذي يرفع المهانة عنها ويوفر لها الحياة الكريمة.
ويظهر من تعابير بعض الفقهاء أن نوعية الحياة المعيشية الواجبة على الزوج لزوجته يتم تحديدها على حسب حال الزوجة ووضعها الشخصي لا على حسب وضع الزوج ومستواه المادي، وبعبارة (تحرير الوسيلة): .. فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشعبها، وفي جنسه يرجع إلى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها والموالم لمزاجها وما تعودت به، بحيث تتضرر بتركه.
ج ـ الحق الجنسي:
حيث إن من الواجب على الرجل مراعاة حق المرأة الجنسي بالنحو الذي يسد حاجتها ويصون عفتها مثلما هو مقدر في الشريعة، وقد حدد في الشرع مرة في الأربعة أشهر، صيانة لحق الرجل في السفر والتغيب عن بيته لدواع كثيرة، وتفرض وضع الحد الأقصى الذي يمكن الرجوع إليه عند التنازع، ومن هنا فإن هذا الحق سوف يسير بشكل طبيعي ما دام الرجل حاضراً غير مسافر، وما دامت قدرته الجنسية سوية غير متأثرة بالعوارض الصحية أو النفسية.
والذي يؤكد عناية الاسلام العظيمة بهذا الأمر الأحاديث التي وردت في آداب النكاح والتي فيها الكثير مما يحثّ الزوج على العناية برغبة المرأة الجنسية وعلى إيلائها الاهتمام المناسب، بالنحو الذي يظهر رغبة الرجل بإسعاد زوجته من هذه الناحية، وإضفاء الحيوية المناسبة على العلاقة العاطفية التي ينبغي أن تقوم بينهما.
ولعله من نافلة القول التأكيد على أن معظم الخلافات الزوجية ناتجة عن أنانية الرجل الجنسية واهتمامه بنفسه وإهمال الحالة العاطفية لزوجته، حيث ينبغي للزوج أن يحرص:
1 ـ على التهيؤ لزوجته بالتزين ونحوه.
2 ـ على مراعاة رغبة زوجته والحرص على إشباعها.
3 ـ على توسعة ثقافته الجنسية، كي يكون دقيقاً في التعاطي مع هذه المسألة الحيوية التي يتسبب الجهل فيها بكثير من المخاطر والمآسي.
د ـ مراعاة الأحكام الشرعية:
ونقصد بها وقوف الزوج في علاقته مع زوجته عند الحدود التي وضعها الشرع لتنظيم علاقة المؤمنين ببعضهم رجالاً ونساء، فيجب عليه ترك إيذائها بالقول أو الفعل، من قبيل الشتم والضرب والغيبة، ونحوها من المحرمات والواجبات، حيث إن للمرأة على زوجها جميع ما حكم به الشرع لها كإنسانة مسلمة بغضّ النظر عن العلاقة الزوجية، علماً أن كونها زوجة يؤكد ضرورة التزام هذه الحقوق بنحو أوثق وأكبر، بسبب رباط المودة والرحمة الذي يجمع بينهما.
ومن المؤسف أن يكون الواقع على خلاف ذلك لما ذكر آنفاً من الأسباب التي خلقت واقعاً يستسهل تجاوز الحدود الشرعية مع الأهل عامة ومع الزوجة والأولاد خاصة، وجدير بالمؤمن أن يراعي هذه الأمور بكل قوة، كما أن من الجدير بغير المؤمن أن يتقي الله ويلتفت إلى ذنبه ويتوب إلى ربه تعالى.
الثاني ـ الحقوق المستحبة:
وهي الركن الثاني من أركان السعادة، والتي تعني بها جملة الأصول والقيم الأخلاقية الفاضلة التي حثّ الشرع على التزام بعضها، ودلت التجربة على أهمية بعضها الآخر في توفير السعادة للمرأة من قبل زوجها، وهي أمور لا بد من ذكرها على النحو التالي:
1 ـ إشعارها بالاحترام:
إن على الزوج أن يشعر زوجته بالتكريم والاحترام في كل شيء، فهي إنسانة حساسة تعتز بشخصيتها وقدراتها وآرائها وعلاقتها ومواقفها، ومن الضروري للزوج أن يظهر لزوجته التقدير والاهتمام بجميع ذلك بشتى الأساليب وفي مختلف الظروف.
إن الرجل ـ إذا كان مديراً ناجحاً لأسرته ـ لا يخسر شيئاً إذا قال الكلمة المشجعة والمؤيدة، وإذا أظهر العناية المعقولة بشؤون زوجته، بل إنه بذلك يساهم في بلورة شخصيتها وتعميق تجربتها وتنمية حضورها في المنزل لتكون عوناً وسنداً له في مسيرة الحياة.
إن الحديث المشهور عن علي (ع): ((المرأة ريحانة وليست بقهرمانة)) يظهر الفرق الجوهري بين اعتبار المرأة (ريحانة) وبين اعتبارها (قهرمانة خادمة)، فإن الريحانة.. محبوبة، أثيرة، مصانة، مقدرة، حاضرة في المنزل وفي القلب، تلمس برقة.. وتخاطب برقة، وتوضع في موضعها اللائق الكريم، إذ يصبح بذلك حضور المرأة الريحانة حضوراً فاعلاً ومهماً في حياة الرجل الصعبة الشائكة.
أما (القهرمانة) فهي مجرد امرأة ذات وظيفة، تؤدي دورها في خدمة المنزل وتدبيره دون أن يكون لدورها مضمون عاطفي أو أخلاقي مميز، بل إنه دور قانوني قائم على التعاقد والاستخدام.
وعلى عكس ما يتصوره الكثير من الرجال.. فإن تقدير المرأة واحترامها لن يؤدي إلى إفسادها واستبدادها، لأن ذلك إنما يترتب على إطلاق يدها في شؤون البيت.. وفي حالة جهلها وسوء خلقها، أما إذا كانت مؤمنة خلوقة ـ ولو إجمالاً ـ فإن احترامها سوف يستثير كوامن إبداعها، ويبرز تفانيها في خدمة زوجها ومودته والإخلاص له.
وإن على الرجل أن يميز بين أصول الاحترام اللازم إظهاره للزوجة وبين مقتضيات الحزم في الإشراف على شؤون الأسرة، حيث لا ينبغي أن ينافي الحزن الاحترام، ومن ثم لا تدب الفوضى في رحاب الأسرة وتوجهاتها التي أنيط أمر رسمها بالرجل القيم والرئيس.
وإن بين ن يكون الرجل مديراً ناجحاً، وبين أن يكون مستبداً غاشماً، إيمان الرجل وسلامة شخصيته وحسن خلقه، وهو الذي عناه الإمام الحسن (ق) بقوله: ((زوجها من رجل تقي فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها))، حيث يبدو أن الإكرام هو سمة العلاقة التي يقيمها المؤمن مع زوجته عندما تسود المودة بينهما، وحتى لو أبغضها فإنه يبقى (عادلاً) معها، لا يظلمها فيتجاوز حقوقها، ولا يؤذيها بقول أو فعل، .. حتى لو كانت خاتمة هذه العلاقة المفارقة.. لأنها سوف تكون بـ (إحسان).
وإن من مظاهر هذا الاحترام أن يحرص الرجل على عدم التدخل بخصوصيات زوجته ومزاجها، انطلاقاً من الحق الطبيعي لكل فرد في أن يعبر عن ذاته وينسجم مع نفسه ويبرز حضوره بالنحو الذي كون عليه، حيث العلاقة الزوجية لا تعني ذوبان الزوجة ـ كشخصية ـ في شخصية الزوج، وحيث لا تعني مصادرة هذا الحق.. إلا بالمقدار الذي ترغب الزوجة بالتنازل عنه والتضحية به، مع الاحتزاز من أن إصرارها على ذلك قد يؤدي إلى بعض المشاكل، فيصبح تنازل الطرفين عن بعض خصوصياتهما ضرورياً لحصول الانسجام بينهما، ولكن ليس للزوج أن يصادر هذا الحق اعتباطاً.. إذ أراد أن يحقق السعادة لزوجته ويراعي أصول اللياقة والاحترام.
ومن المستحسن ـ جداً ـ لسعادة الزوجة أن يجعل لها قدراً طيباً من الحرية في تدبير شؤون المنزل.. بل وغيره، احتراماً منه لحرص المرأة على الانفراد ـ نسبياً ـ بدور معين، وذلك في مقابل حرص قد يبديه الرجل على التدخل في جميع شؤون البيت.. حتى قدور الطبخ.
وجملة القول.. إن الاحترام هو الأصل الذي تقوم عليه علاقات الناس جميعاً، وتركه موجب لأذى الآخرين، وليس أولى من الزوجة بأن تصان من الأذى، وتكرم، وتحترم، لتكون سعيدة، لأن هذه السعادة ـ ولو بنظرة أنانية ـ هي أخيراً سعادة الرجل، ولكنها ـ أخلاقياً ـ هي حق (الانسان) على أخيه الانسان.
2 ـ المداراة:
تعتبر المداراة من أهم الأفعال الأخلاقية التي هي من مظاهر الصبر وضبط الانفعال أمام التصرفات الطائشة للشخصيات الضعيفة المعقدة، أو تصرفات الأشرار الذين تزيدهم المواجهة حدة وشراً، فهي بعبارة موجزة: (فن استيعاب الآخرين من خلال النجاح في التكيف معهم على علاتهم)، وليس منا من لا يواجه في حياته الكثير من الأشخاص الذين يشترى ودهم ويضمن بالبسمة أو الكلمة الطيبة أو الفعل الموافق لمزاجهم، كما أن ما من امرأة إلا وتعيش درجة من التوتر في حياتها، مع زوجها وأبنائها ومع الآخرين، فإذا أراد الزوج صيانة حياته الزوجية من التوتر.. وتوقي المشكلات وضمان سعادة زوجته، فإن عليه أن لا يتوقف أمام كثير من الأفعال والأقوال التي تصدر عن المرأة، لأن التعقيب عليها والتدقيق فيها سوف يزيد المرأة إصراراً على موقفها، أما عند مواجهة المشكلة بهدوء.. وعند المرور على موقفها مرور الكرام فسوف يضمن هدوء العاصفة تماماً.. شرط أن لا يكون في لا مبالاته شيء من الإهمال المهين.
كذلك فإن للزوجة الكثير من المطالب التي قد ترهق الزوج وتثيره، إن على الزوج في هذه الحالة أن لا يواجه المطالب حدة ورفض متعسف، بل عليه أن يعالج الموقف بروية ويحسب حسابه بدقة، فيكون مرناً في رفضه أو موافقته، واضحاً في وعده والمداراة هنا لا تعني أن يكذب.. بل تعني أن ينفس حالة اللهفة والرغبة المحتقنة بحكمة.. قد تكون كلمة طيبة أو موافقة جميلة.. أو نحو ذلك مما يقدر تأثيره كل إنسان في زوجته.
وقد يكون من المؤسف لدى عامة النساء أن يظهرن رغبة طفولية حادة بالأشياء فيحاصرن الرجل بمطالب مزعجة.. إما لأنها في غير وقتها أو لعدم القدرة على تلبيتها فيكون دور الرجل في هذه الحالة أن يداري.. أي أن لا يقمع هذه الرغبة.. بل أن يستوعبها مهدئاً من اندفاعها أو موافقاً حسبما يقتضيه المقام، وتظهر هذه الفكرة جلية في قول الإمام علي (ع)، الذي يركز فيه على وصف الصنف الأول بالمداراة من النساء: .. فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن، ولا صبر لهن عن شهوتهن، ... لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل، .. فداروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال، لعلهن يحسن الفعال.
وهكذا تبدو المداراة عنصراً مهماً في سعادة الزوجة عندما يستخدمها الزوج واقياً لتجنب كثير من المشاكل التي قد تعصف بالحياة الزوجية.
3 ـ الإشباع العاطفي:
حيث يلاحظ أن المرأة غزيرة العاطفة إلى حد بعيد، فهي تحتاج إلى الحنان وإلى المديح وإلى الرقة، بالكلمة وبالفعل، وما أكثر الرجال الذين يبخلون على زوجاتهم بذلك، فترى كثيراً من النساء.. بعد مرور مدة على حياتهن الزوجية.. يقارن بين ما كان عليه الرجل في فترة الخطوبة أو في بداية الحياة الزوجية وبين ما أصبح عليه الآن، تراه في البداية ذا بسمة عريضة وكلمة شاعرين ولمسة حانية واهتمام بالغ.. فتشعر بالامتلاء العاطفي والسعادة البالغة، بينما تراه الآن كثير العبوس مغرقاً في أعماله قليل الكلام، فيثيرها ذلك تماماً ويجعلها تشعر بالخواء والملل، الأمر الجدير بأن يثير الكثير من المتاعب للرجال.
وصحيح أن الرجل قد يكون ذا مسؤولية وتبعات ومشاغل كثيرة، ولكن المرأة ـ في الغالب ـ لن تتساهل معه عند تقصيره معها، ولن تعذره ولو كان قائداً للعالم، إن البسمة عندها في كثير من الحالات أهم من وضع خطة عسكرية و من إلقاء محاضرة.. أو من صفقة تجارية رابحة!.
إن على الرجل أن لا ينسى أن لزوجته حقاً عليه.. حتى في زحمة أعماله، فليسمعها كلمة غزل رقيقة، أو يصطحبها في نزهة جميلة، أو يبدي لها الاهتمام بأي أسلوب يقدره ناجعاً في تحقيق قدر طيب من الإرتواء العاطفي للمرأة المؤمنة التي لا ترى في عالمها غير زوجها أملاً لها.
وإن كلمة طيبة مشجعة أو مادحة تفعل فعل السحر في نفس المرأة، وعالم المنطق والموضوعية شيء جميل ولكن مضافاً إلى قدر كبير من الرقة والحنان، وإلا فإنه لا قيمة له في بعض حالات التوتر.
المصدر :مجلة نور الاسلام 9و10
بقلم محسن محمد
ــــــــــــــــــ
مجهولي الابوين والاسرالبديلة
تعد الأسر البديلة من أهم الوسائل لرعاية اليتيم من ( مجهولي الهوية ) لتعويضه عن أسرته الطبيعية وبيئتها التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية، الضرورية لتكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الأسرية، والمفاهيم العامة للمجتمع، لتصبح شخصيته مستقرة وصالحة من جميع النواحي. وما إيداع اليتيم الذي فقد أسرته في دار للحضانة، إلا كحل بديل، لابد منه في حالة عدم تيسر الأسرة المناسبة لاحتضانه، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المؤسسات الإيوائية يمكنها أن تشبع حاجاته الضرورية، ولو جزءاً يسيراً منها، في مقابل وجوده داخل أسرة بديلة، تكون بمثابة أسرته الطبيعية، التي يمكن أن توفر له أغلب الاحتياجات.
وفي ذات الوقت الذي تعد فيه الأسر البديلة من أهم برامج رعاية الأيتام (مجهولي الأبوين) فإنها لن تستطيع تحقيق النتائج الإيجابية والأهداف المرجوة لمن تحتضنهم، والاستفادة من معطياتها؛ إلا بقدر وعيها بما يواجهها من عقبات ومنعطفات حادة تعترض طريقها مع المحتضن ومحاولة تخطيها، فالأمر لا يتوقف على مجرد ضم الطفل المحتضن للعيش بداخلها، بل الأمر من أكثر الأمور تعقيداً، بالنسبة للمحتضن لا للأسرة الحاضنة فقط، حيث تواجه الأسر البديلة في فترة الاحتضان كثير من الإشكاليات الصعبة، والعقبات، التي تحتاج إلى أن تتعامل معها الأسر بعناية فائقة وبحكمة بالغة، حيث فشلت حالات احتضان؛ بسبب هذه المشاكل والعقبات التي تقع فيها الأسر البديلة، عندما لم تحسب أبعادها وحساسيتها؛ ومن هذه الإشكاليات التي تعاني منها هذه الأسر والمحتضنين ما يلي :
* كثيراً ما يشعر االمحتضن في الأسرة البديلة بحاجته إلى من يفهمه ويقدر شعوره، ويقدر موقفه الحرج؛ الناتج عن حرمانه الأصلي من الأسرة الطبيعية، لذلك هو بحاجة إلى العطف المغدق المنضبط، الذي يعوضهالحرمان العاطفي الناتج من عدم وجود أبوين حقيقيين في حياته، ويحدث العكس عندما يكون سبب إقدام الأسرة على الحضانة أنها لم ترزق بأطفال، فتغدق العطف والحنان غير الموجه على المحتضن، وتدلله وتلبي له كل طلباته، ولا تعاقبه على أخطائه وسوء تصرفاته، بدون نظر لعواقب هذا التدليل، أو يكون هذا التدليل والتغاضي بسبب الرحمة والشفقة عليه نظراً لوضعه الاجتماعي، فتسئ إليه من حيث تظن أنها تحسن، وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة تسوء أخلاقه وتصرفاته، ولا تعلم أنها السبب في ذلك، فتتخلى عنه في فترة هو أحوج ما يكون إليها.
* بعض الأسر تحتضن طفلاً لأسباب مختلفة، فتتفاعل معه في مرحلة الطفولة البريئة وتتقبله، وتشبع شيئاً في نفسها، وعندما يكبر ويصل إلى مرحلة المراهقة ويدخل مرحلة الإدراك، وتتغير نفسيته وتضطرب مشاعره وتضعف، تتخلى عنه بمبررات واهية، أو لاعتراضات من بعض أفراد العائلة، دون أن تدرك عواقب هذا الترك وأثره عليه، عندما يودع في المؤسسة الإيوائية. أو إنها تهمله بدون متابعة ولا مسئولية ضابطة، لعدم وجود ما يربطها به من أواصر النسب أو المشاعر القوية، وكان يجب أن تعلم أهمية دورها العظيم، وأثره في حاضر اليتيم ومستقبله، وخطورة التخلي عنه في الفترة التي هو أشد ما يحتاجها فيها.
* كثيراً ما يفسر سلوك هذه الفئة من الأيتام، على أساس آخر غير الأساس الذي تفسر عليه تصرفات الآخرين من الأطفال والمراهقين في بيوتهم الطبيعية، وكثيراً ما يشوب تصرف الأسر الخوف وتوقع الشر لأن الطفل ليس طفلهم، ويخشون تورطه في سلوك مضطرب، أو غير مشرف ضد نفسه أو ضد المجتمع، وذلك بسبب الفكرة السيئة غير الحقيقية عن نشأته، وعن استعداده لهدم القيم الخلقية - هذا من وجهة نظر الأسرة- كما فعل أبويه من قبل.
فتتجه الأسرة نتيجة لأفكارها وآرائها الخاصة إلى شدة الحرص على الناشئ، فيضيقون عليه الخناق، ويقيدون حريته، مما يجعله يصطدم معهم في مرحلة المراهقة، فيتأكد في ذهنهم أن ما توقعوه حدث فعلاً، ولم تعلم الأسرة الحاضنة وخاصة منها من لم ترزق بأبناء، بأن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل تربوياً وأكثرها تعقيدا، وهناك من الأسر الطبيعية التي تعاني من أبنائها الحقيقيين، وهم يعيشون في كنفها ودفئها في أفضل الحالات الأسرية والاجتماعية، تعاني هذه الأسر من أبنائها أضعاف ما تعاني الأسر البديلة من الذين تحتضنهم في وضع اجتماعي غير طبيعي، الذين مهما منحوا من رعاية لا يمكن أن تعوضهم هذه الأسر البديلة ما فقدوه من أسرهم الحقيقية.
* تعاني بعض الأسر من تصرفات من تحتضنهم فتتحملها على مضض وتخفيها عن الجهات المسئولة عن متابعة المحتضن، لانتمائه لها عاطفيا، إلى أن تظهر تلك التصرفات في الوقت غير المناسب، بعد أن وصلوا إلى حالة سيئة لا ينفع فيها العلاج بعد فوات الأوان، وذلك بسبب سوء فهم الأسرة الحاضنة وتهيبها من أن يسحب الناشئ منها في أي وقت من الأوقات، من قبل الجهات المسئولة.
* قد تفسد بعض الأسر علاقة الناشئ بالشئون الاجتماعية، عندما يهددونه من آن لآخر إذا تصرف بما يغضبهم؛ بأنهم سيقومون بتسليمه لإيداعه في المؤسسة الإيوائية، ليرهبوه بذلك، مما يشعره بعدم الأمن والاستقرار، و'يضعف مشاعره تجاه الأسرة، وأيضاً يجعله هذا لا يتقبل أي طرف من الجهات المعنية به لمتابعته في المستقبل.
* في حالات كثيرة يعير الناشئ بأهله ونشأته مما يؤلم مشاعره ويجعله ينطوي على نفس منكسرة تشعره بالنقص والذنب والنقمة على الذات، مما يشعره بعظم الفارق بينه وبين الآخرين، فينقم على الحياة وعلى الناس، بتصرفات عدوانية، والأسرة لا تعرف عن هذا السبب.
* عندما يصل الناشئ إلى درجة كافية من الوعي والتفكير في المستقبل، فإن تفكيره ينصرف إلى التفكير في نشأته وأهله وتاريخهم وتخليهم عنه، وما إلى ذلك مما يحيط بموقفه في الحياة، ويصطحب هذا التفكير قلق زائد ومخاوف متنوعة، وتزداد هذه المشاعر كلما كان هذا اليتيم غير آمن ولا مستقر، أوكان يفتقر إلى الشعور بالانتماء إلى الأسرة الحاضنة. والأسرة لم تحسب لهذه المرحلة حسابها.
* من حق الناشئ أن يعرف تاريخ حياته وأصله ونشأته وهذه هي القاعدة، وإنما لابد من اختيار الوقت المناسب لإخباره بحقائق حياته بصورة مبسطة، وبفكرة مقبولة أدبياً وتربوياً، وأنسب الأوقات ما كان توازنه العاطفي فيها غزيراً، وكان في مرحلة من الحياة لا يدرك فيها المعاني بعمق، أي في مرحلة الكمون قبل أن يكتمل نموه العقلي، ويجب إخباره بطريقة طبيعية، ولا يجب حجب هذه الحقائق عنه فإنه لابد سيكتشفها، وقد يكون هذا الاكتشاف في وقت غير مناسب، وغير معلوم، وفي حالة نفسية غير مستقرة، مما يتسبب عنه فقد الاتزان الوجداني ومواجهة صراع عنيف يؤثر في حياته تأثيراً سيئاً في حاضره ومستقبله. وليست الأسر في معظمها قادرة على القيام بعملية الإخبار بالأسلوب المناسب والصحيح، وبعضها يجتهد خطأً، فيحرص على إخفاء حقيقة وضع المحتضن عنه منذ أخذها له، رغبة منها في عدم إيذاء مشاعره أومن شدة حبها وتعلقها به، أو تعتقد بأنه إذا عرف الحقيقة ستكون سبباً في عدم تقبلها والبعد عنها والنفور منها، والمشكلة تزداد إذا أوحت له بأنها أسرته الحقيقية، ويعلم فيما بعد كذب ذلك.(54/169)
إن هذه الإشكاليات والعقبات، التي تتعرض لها الأسر مع الذين تحتضنهم، كانت سبباً رئيساً في انهيار عملية الاحتضان لدى كثير من المحتضنين، في الوقت الذي لم يوجد من يتابعها ويعمل على علاجها واستئصالها بالأسلوب الصحيح قبل أن تستشري، فكانت النتيجة: إما التخلي عن المحتضن أو تدهور حالته النفسية والسلوكية أو فشل في دراسته أو إهمال الأسرة له مما يدفعه إلى الانحراف.
ــــــــــــــــــ
موقف الاسلام من العنف الأسري في المجال التربوي
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
الكاتب: محمد علي فضل الله
في واقعنا الأسري القائم في مجتمعاتنا وأعرافنا التقليدية تتحكم بعض الأساليب التي أصبحت واقعاً حياتياً معيشاً يحكم أسلوب التعامل ب ين الرجل والمرأة، أو بين الأبوين والأبناء، ويطبع العلاقة بينهما بطابعه.. فنلاحظ مثلاً تحكم أسلوب العنف الذي تطبع به المجتمع العائلي فغدا يمثل عرفاً حتى غدا طبيعياً نحاول إعطاءه تبريراً منطقياً حين نمارسه بدعوى كونه نهجاً تربوياً يعمل على تطبيع المرأة وأسلوبها بما يتناسب مع تطلعاتنا للبيت الزوجي، أو تطبيع الأبناء بطابع حياتي معين لتحقيق حالة الاستقرار داخل إطار الأسرة من خلال الالتزام بمنهج تعاملي مطلوب، والتناهي عن ممارسة أساليب حياتية اجتماعية أو فردية مخصوصة.
فنلجأ ـ مثلاً ـ من أجل فرض واقع انضباط المرأة ـ تجاه زوجها ـ لتنضبط عملياً بشكل حاسم في تحقيق رغباته ومختلف حاجاته ومطالبه، إلى التعامل معها بأسلوب العنف المتمثل بالسب والشتم والإعراض والطرد والضرب وما إلى ذلك من وسائل الضغط التي يملكها الرجل. كما نلجأ لمثل هذا الأسلوب في التعامل مع الأبناء في مثل هذه الحالات، بل أصبحنا نلحظ تحكم هذا الأسلوب في واقع هذه العلاقة لدى بعض من يدعي الالتزام بالاسلام كمنهج وخط، وهذا يعطي الموضوع بعداً سلبياً آخر.
وهنا نتساءل ما هو نصيب هذا الاسلوب من الواقعية والمنهجية؟
أو ما هو الأسلوب الذي يفرضه الواقع التربوي المطلوب اعتماده لتحقيق سلامة الحياة المنزلية، وضبط النهج الحياتي العائلي؟ بل ما هي طريقة الاسلام التربوية لتحقيق الهدف الحياتي الذي تفرضه المصلحة العائلية؟
لو حاولنا استكشاف المنهج الاسلامي في هذا الواقع لرأينا أن الاسلام حين قوم الواقع العائلي وشرع له، نظر إليه من جانبين:
1 ـ إنسانية كل واحد من أفراد الأسرة دون استثناء.
2 ـ أخلاقية التعامل بين هؤلاء الأفراد، سواء في إطار نظرة رب البيت لمن يعول، أو في إطار نظرة هؤلاء نحوه، وطريقة تعاملهم معه، فحاول أن يرسم خطوطاً للتعامل تراعي إنسانية الانسان فيهم وأخلاقية العلاقة التي تقوم بينهم عاطفياً وسلوكياً، من جهة أخرى.
رعاية متبادلة:
فقد شجع الاسلام كل واحد من الأفراد أن يشعر بالمسؤولية تجاه الأفراد الآخرين داخل الإطار المنزلي، من خلال إمكاناته وطاقاته، ليمارس جور الرعاية التي افترضها الاسلام في كل مسلم تجاه غيره من المسلمين، كما جاء عن رسول الله (ص): ((ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم في الوقت ذاته رسم الاسلام حدوداً للتعامل وإطار للتعايش بالمعروف ـ ولا سيما في العلاقة الزوجية ـ (... وعاشروهن بالمعروف...) النساء/ 19، إن هذا يعطي صورة العلاقة التي يرسمها الله سبحانه ويريد لها أن تتحرك داخل البيت، وتحدد منهج الرجل الذي يمسك بحق القوامة على المرأة والولاية على الأبناء، في مجال التحرك لحفظ الواقع ضمن إطار الرعاية (الأخلاقية) المتوازنة البعيدة عن كل افتئات على حق هؤلاء في العيش بحرية وكرامة وسلامة، في ذات الوقت الذي يبادلونه فيه ذلك برعاية حقه واحترام وجوده وقراراته التي يحدد من خلالها إطار التحرك لها التجمع الانساني الصغير.
ولا بد لتحقيق هذا التعايش بالمعروف من التزام منهج العمل باحترام إنسانية كل واحد من هؤلاء واعتماد أسلوب التراحم ورعاية المشاعر والأحاسيس، وبناء روح المحبة والتعاطف، وحمل ما تفرضه المسؤولية الخلقية والشرعية من التزامات مادية ومعنوية وروحية، مضافاً إلى الشعور بالمسؤولية التربوية تجاههم بتصحيح مسيرتهم في الحياة بمختلف جوانبها من خلال أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة. فمهمة القوامة أو الولاية ترتب على القيم والولي مسؤولية التنظيم والتوجيه للحياة الأسرية للحفاظ على سلامة الأسرة، مما يلزمه في المقابل انضباط هؤلاء مع توجهاته، حين لا تتنافى مع واقع العدالة وسلامة الفكرة والقرار وحين لا يتم التجاوب مع الولي والقيم، فله فرض حالة الانتظام بالأسلوب المنتج الفاعل.
نظرة شرعية إسلامية
في الجانب الشرعي التكليفي، لا يفرض التشريع الاسلامي في الإطار العام على المرأة تجاه الرجل سوى ضرورة التجاوب معه في مجال الخصوصيات الزوجية المحددة، وحفظ أمانة الواقع المادي الحياتي، والتزام الضوابط في مجال مغادرة المنزل الزوجي. أما في ما عدا ذلك.. من أمثال الخدمات التي جرت طريقة العرف على أدائها لها، والالتزام بكل الأوامر الصادرة عن الزوج ـ مهما كانت ـ فهو مما لا يفرضه عليها التشريع، بل يتركه أمره لمشيئتها بالذات، ولإرادتها الحرة دون أن يسمح بفرض ذلك قسراً عليها لتمثل دور الخادمة المستأجرة. وما ذلك إلا لأن الاسلام أراد للحياة الزوجية أن تتحول إلى حياة حب وتضحية وحين يشعر الزوج بأهمية تلك التضحيات فإنه يبادلها بالشكر واللطف والمحبة.
وانطلاقاً من هذا، فإن بعض الممارسات القائمة لدى بعض الناس في مجتمعاتنا يتنافى كثيراً مع الأسلوب الانساني والشرعي الذي يفترض بنا التزامه.. فلا مجال عندها للتعامل مع الزوجة بأسلوب العنف الذي يمارس بطريقة الشتم والتحدي وصولاً إلى أسلوب الضرب، الذي يتحركون به كواقع طبيعي عادي لا مجال لتوجيه اللوم عليه وإنكاره. ومن الطبيعي أن هذا الأسلوب يمثل ظلماً يرفضه الاسلام.
مع المنهج الأجدى
لذلك، فحين يرمي الزوج إلى تطبيع واقع زوجته بالشكل المتناسب مع تطلعاته وأحلامه... حين يشعر بضرورة انسجامها وشعورها بالمسؤولية معه، لا بد له أن يستخدم منهج الرفق واللطف من جهة والحوار والإقناع من جهة أخرى فبذلك يمكن انتزاع القرار الذاتي منها في تحقيق تلك التطلعات وتجسيد تلك الأحلام. وهذا يساهم في بناء صروح الثقة فيما بين الجانبين، ويدفع الزوجة إلى تحقيق سعادة الرجل والبيت بشكل عام برغبة ومحبة. فالعنف في أكثر الحالات لا يحقق النتائج المطلوبة، بل قد ينعكس سلباً على كل واقع الحياة التي تتحول حينها إلى سجن كبير لكلا الجابنين، فيعملان عندها للتحرر منه ولو من خلال تدمير القفص الزوجي وإنهاء دوره.
من هنا فإن الأسلوب التربوي الذي لا بد أن يمارس، ينبغي أن يتحرك في أجواء الحكمة والموعظة الحسنة باستخدام الكلمة الطيبة التي جعلها القرآن: (... كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها...) إبراهيم/ 24 ـ 25، ليتم إلغاء السلبيات بهذه الطريقة، لا بطريقة القوة والعنف الذي ربما يتاح للطرف الآخر استخدامه، فتتحول الحياة إلى صراع ومشاكل تنعكس سلباً على كل واقع الحياة العائلية، إذ من الطبيعي انعكاس الصراعات الزوجية الحادة المعلنة على واقع الأبناء فتحدد من خلالها طريقة تفكيرهم وأسلوبهم الحياتي، بل قد تخلق العقد الكبيرة داخل تكوينهم النفسي، وذلك يطبعهم بطابع مشوه يقود إلى الضياع والانحراف، وهذه سلبية أخرى من سلبيات النزاعات التي تقوم بين الزوجين تدفع بنا للتروي قبل الوصول إلى هذه السلبيات.
وفي إطار الأبناء
حملنا الاسلام مسؤولية هامة في هذا المجال هي رعاية واقع أطفالنا لإخراجهم للحياة عناصر سليمة صالحة، تخدم الحياة وتبنيها بناء ثابتاً متيناً لا يتزلزل أمام أي عاصفة وطارئ. وهذا يدعونا للتفكير بجدية في طريقة التعامل معهم منذ بداية تحركهم في هذه الحياة فتتعهدهم بالرعاية الكافية لتحويلهم إلى عناصر تبني الحياة، وتتقدم بها نحو الأفضل بالاسلوب الذي أراده الله سبحانه. فنحن إذاً نتحمل مسؤولية صياغة شخصيتهم مستقبلياً، ليتحولوا إلى قوة فاعلة في مجال الإعمار.
لا بد من اعتماد منهج تربوي مركز لتحقيق هذا الهدف. ولا مجال لالتزام منهج إعطاء الأوامر والتعليمات الملكية لتوجيههم. فذلك وحده لا يعطي أثره الطبيعي المطلوب، ولا سيما حين يصل الطفل إلى مرحلة من الوعي والتفتح الذهني، لأن الأب ليس هو العامل الوحيد الذي يؤثر في الطفل، ويصوغ شخصيته ونفسيته ومسلكه، بل هناك عوامل أخرى متعددة، من غرائزه وشهواته ومتطلباته التي تتحكم بواقعه وإرادته وتكوين أهدافه، وكذلك الكلمات والأفكار التي يأخذها عن والديه وعن الناس، وكذلك الزملاء الذين يختلفون في تربيتهم وفكرهم ومزاجهم وما اكتسبوه من عادات وتقاليد وأعراف، ومن المدرسة والشارع والمجتمع إلى غير ذلك مما يعمل في طبع عقلية الطفل وعاداته...
لذلك لا بد للولي من اعتماد منهج متوازن يبدأ من إعطائه المثل الصالح، بتركيزه من خلال النهج الذي يعتمده الولي في الحياة. فلا يمارس بعض الأساليب التي ينهاه عنها حين ينهاه عن الكذب، ويكذب معه، ويمنعه عن الألفاظ الفاحشة البذيئة ويطلقها أمامه، وعن الخيانة ويخون، وعن الظلم ويظلم، وأمثال ذلك مما يرتد سلباً على أسلوب الطفل، فيتحول إلى منافق كبير. ولا بد له أيضاً من التدخل لاختيار الرفقة ليكونوا ممن عاش تربية أخلاقية سليمة، واختيار المدرسة، بل والكلام الذي يلقيه عليه، وما إلى ذلك مما له تأثير كبير في تكوين منهجه وعقليته وتفكيره وأسلوبه. ومن هنا نهى النبي (ص) إحدى النساء عن وعد طفلها بشيء لا تعطيه إياه، لأنها تكون كاذبة وتعلمه الكذب في الوقت ذاته.
سلبيات العنف
بهذا يمكن الوصول بالطفل إلى تربية هادفة، ولا يصح اعتماد أسلوب الضرب والشتم والعنف كأسلوب من أساليب منع الطفل عن عادات معينة، أو أسلوب يتنافى مع المنهج الذي يراد اعتماده..
فإن للضرب والعنف سلبيات كثير في كثير من الحالات:
فهو من جهة يطبعه بطابع العنف كأسلوب من أساليب الحلول للمشاكل التي قد يواجهها في حياته، وهذا يقوده لمواجهة الكثير من التحديات حين يتجه لعلاج أي موضوع أو قضية يفرض واقعه وحاجته علاجها. وذلك ينعكس سلباً على مختلف حالاته، وربما تكون عاملاً من عوامل الفشل في مستقبله.
وهو من جهة أخرى يبني نفسيته على الضغينة والحقد الذي يحمله تجاه من يعايشه من أهله، ولا سيما حين لا يستوعب دوافع القسوة تجاهه، أو حين يجد أن الآخرين لا يفهمون حالته ولا يستوعبون واقعه.
ومن جهة ثالثة يخلق في داخله عامل الخوف والرهبة من الآخرين، فينطلق في اتخاذ قراراته الحياتية بفعل هذا العامل الذي ربما يقوده إلى الانحراف في تبني القرارات في مستقبله.
كما ربما يقوده هذا الأسلوب لممارسة دور التحدي والتمرد برفض ما يطرحه الآخرون مهما كان موضوعياً وسليماً حين يفسح له المجال للاختيار، تنفيساً عن الضغط النفسي الذي خلفه العنف في داخله حين واجهه وعاش حالته، فيتحرك من باب الشعور بضرورة استرداد الكرامة التي امتهنت.. ولو كانت من خلال علاقته بأبويه، وأقرب الناس إليه.
من هنا لا مجال لاعتماد أسلوب العنف مع أبنائنا مهما كانت الدوافع، ففي الكثير من الحالات لا يعطي النتائج المتوخاة، بل ربما ينعكس سلباً على كل واقع حياته أو حياة الآخرين ممن يعايشه. فالعنف قد يخلق عقدة حادة في حياته تجعل كل الواقع لديه معقداً صعباً. ومن الطبيعي أن المطلوب في مجال التربية هو تحقيق النتائج من خلال الدخول إلى نفس الطفل وترويضها خلقياً، لا بطريقة العنف. وهذا ما اعتمدته الرسالة في منهجها، فقد ورد عن رسول الله (ص): ((من كانت له ابنة فأدبها وأحسن دبها وعلمها فأحسن تعليمها فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له منعة وستراً من النار) كنز العمال، خبر 45391.. وقوله (ص): ((أحبوا الصبيان وارحموهم)) البحار، ج104، ص93.. وعن عمر بن الخطاب قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي رسول الله (ص) فقلت: نعم الفرس لكما.. فقال (ص): ولنعم الفارسان هما...)) البحار، ج43، ص385.. وقوله (ص): ((أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم)) كنز العمال، خبر 49409، إلى غير ذلك الكثير من كلمات الرسول (ص) الداعية إلى الدخول إلى نفسه من خلال أسلوب المحبة والعاطفة والشعور بالمسؤولية تجاهه لا من خلال الشدة والعنف.
شواذ القاعدة
وليس معنى ذلك شمول هذا الحكم لكل الحالات. إذ قد يكون بعض الشدة علاجاً يتحقق من خلاله نتائج إيجابية، فبعض النماذج لا تستكين إلا لأسلوب الشدة من خلال واقعها وتركيبتها النفسية. لكن لا بد قبل اللجوء إلى العنف من دراسة الواقع النفسي لدى الطفل، وملاحظة واقعه العاطفي والروحي، ومدى انسجامه مع الشدة وتأثره بها من دون أن تحقق سلبيات عليه.. فإن بعض التركيبات النفسية لا مجال لانسجامه مع الفكرة إلا بهذا الطريق، وهذا يفرض اللجوء إليه، شرط أن لا ينطلق الأب أو الأم في حركتهما التربوية الحادة متأثرين بعامل الانفعال والتوتر الذي يقود غالباً إلى تجاوز الحدود المرسومة. فلا مجال شرعاً لمثل الأب الولي أن يضرب ولده أو يقسو عليه أكثر مما تفرضه الحاجة التربوية، وإلا فإنه يكون ظالماً. وقد ورد في بعض استفتاءات الإمام الخوئي (قده) عن الحدود التي تجوز ضرب التلاميذ في المدرسة؟ وهل يجب أخذ إذن ولي التلميذ؟ بأنه: ((لا يجوز ضربهم إلا لدى إيذائهم الآخرين وإخلالهم بنظام المدرسة، أو ارتكابهم محرماً، فحينئذ يجوز ضربهم بإذن الولي بمقدار خمسة أسواط أو ستة برفق، بنحو لا يستوجب الدية)) (أي لا يؤدي إلى جرح أو كسر أو إيذاء)...منية السائل، ص216.
بناء عامل الثقة
فمن أجل بناء روحية أبنائنا وتركيز واقعهم لا بد من العمل على خلق حالة الشعور بالثقة بالنفس لدى الولد، بإشعاره بالكرامة والعزة والاحترام. فلا نحاول تعنيفه وتأنيبه أمام الآخرين حتى إخوته، حين يمارس أي دور خاطئ، مع أن المفروض فيه كطفل أن يقع في ممارسة بعض الأخطاء، لأن واقعه النفسي والفكري وضيق أفقه يفرض وقوعه في مثل ذلك. ولا بد من إشعاره بأخطائه بهدوء، وحين لا يستجيب لمثل هذا التصحيح يمكن التشدد في معاملته حسب ما تفرضه الضرورة، شرط إشعاره بدوافع العنف الذي مورس معه، والإيحاء له بالضرر الذي يترتب على سلوكه الذي عوقب عليه.
ولا بد من الإشارة إلى ضرورة التعامل بصدق مع أبنائنا، فلا نمارس معهم أسلوب الغش والخداع والكذب، لأن ذلك مرفوض تشريعياً من جانبين: أحدهما حرمته في نفسه، وثانيهما تأديته إلى تربية الطفل على هذه الوسائل المنحرفة التي سيتلقنها ويتطبع بها، ولا سيما حين تصدر من أبيه الذي يعتبر مثله الأعلى. كما لا يصح تهديده بما لا ننفذه من وسائل العقاب، فإن ذلك سيفقد تأثيره عليه مستقبلاً، ويجب أيضاً أن نمتنع عن ممارسة دور الهزء والسخرية به كي لا نخلق فيه الشخصية المهتزة الضعيفة المشوهة..
باختصار
المسؤولية التي تفرضها الولاية والقيمومة ترتب على الولي القيم أن يشعر بضرورة التعامل مع من يتولى رعايته ويقوم على أموره بأسلوب الحكمة والعدالة، فلا يتجاوز الحدود التي ترسمها الانسانية، ويخطها التشريع الرسالي الذي يطبع أطر الحياة الصغيرة والكبيرة بطابع الحق والعدل والأخلاقية المتميزة، لتتحول الحياة في كل هذه الأطر إلى واقع يمثل الحنو والحب والرفق واللطف، فنعيش أجواء الرحمة ضمن واقع العدالة. هذا هو النهج الذي أراد الله سبحانه لنا أن نرسمه لواقعنا الداخلي وعلاقتنا مع الأزواج والأبناء.
-------------------------------------------
المصدر: مجلة نور الاسلام_ العددان 54_53
ــــــــــــــــــ
لكي لاتفقدي زوجك
هناك صفات لا يحبها الرجل في المرأة لذلك يجب على الزوجة الذكية تدارك هذه الحقيقة حتى لا تفقد محبة زوجها واحترامه لها
و من أبرز تلك الصفات :
1. الزوجة المسيطرة :
وهي التي تلغي وجود زوجها فلا تستشيره أو تشركه في أمور الأسرة و تقوم هي بكل شيء يخص الأسرة و البيت دون أن ترجع إليه أو تضع اعتباراً لرأيه و من هنا يشعر الرجل أن ذاته قد تلاشت و أن ما عليه إذا أراد خير البيت و الأولاد إلا أن يستسلم و يلغي وجوده و كيانه , و مثل هذا الرجل إن لم ينفصل عن تلك الزوجة فإنه ربما يجد عند إمرأة أخرى ما يعوضه عما يلقاه من الأولى .
2. عاشقة الكذب :
إن أحد ما في أخلاقيات الزواج ، هو عنصر الصدق في كل شيء فهو من أهم دعائم الاستقرار و السعادة ، وهناك من النساء من يعشقن الكذب ، إما كهواية و إما خوفاً و جبناً و في كلتا الحالتين فإن الرجل يمقت في المرأة الخداع و الكذب ، و إذا قبل الرجل الكذب لظرف أو لآخر فإن ذلك يكون مصحوباً بنظرة احتقار .
3. الزوجة الشرسة :
وهي تلك المرأة التي إذا صدر من زوجها تصرف ما فلا بد أن ينال عليه عقاباً وهي دائماً تسبب الحرج لزوجها بسبب هذه الطبيعة العدوانية فهي مع الجيران و الأصدقاء و الأهل تتحدث بلهجة حادة و جادة و لسان قاس ، وهي بذلك تسبب لزوجها الكثير من المشاكل ,, بل و لأبنائها أيضاً عندئذٍ تغرس في نفوسهم الكره و النفور .
4. الزوجة النكدية :
وهي تلك التي لا تعيش إلا في جو مليء بالزوابع و العواصف و تختلق أسباب الخلاف ففي كل كلمة من جانب زوجها معنى هام و نتائج يجب أن تصل إليها و تلك المرأة عادة تحمّل التصرفات و الأقوال أكثر مما تتحمل ، فتخلق المتاعب و تثير الخلافات بينها و بين زوجها ، وهو عندئذ يفضل الهروب من البيت أو ربما يبقى لأنه هو الآخر يشترك مع زوجته في الصفة نفسها .
5. الزوجة الانعزالية :
التي تبتعد عن كل الأمور الخاصة بزوجها ، و لا تهتم إلا بشؤونها و هوايتها ، و تتلذذ كلما استطاعت الاختلاء بنفسها و تحتفظ بكل ما تسمعه أو تراه أو تلمسه لنفسها ، و قد يكون ذلك المرض نفسياً أهمل علاجه .
6. الزوجة السلبية :
و هي تترك كل التصرفات لزوجها ليقوم هو بكل شيء و يقتصر دورها على تنفيذ الأوامر فهي تستسلم لكل شيء و كأنها تطلب من زوجها مزيداً من التحكم دون أدنى إثبات لوجودها أو لكيانها مع زوجها كشريكة لحياته
7. الزوجة العنيدة :
وهي التي تعاند في أي شيء و لا شيء لمجرد العناد تحت شعار ( خالف تعرف ) فقط ، و التي تجد كل متعتها في الإصرار على رأيها مهما كان خاطئاً ، و من ثم تركز كل اهتمامها على كيفية إثبات ذاتها عن طريق العناد ، فلو رغب زوجها مثلاً في تناول نوع من الطعام أصرت على إعداد نوع آخر حتى و لو كانت هي لا تحبه وهذا النوع من النساء من أكثر ما يكرهه الرجل .
8. الزوجة الروتينية :
وهي من تعتبر أن الزواج هو نهاية ما تحققه في الحياة فهو كل أملها و طموحها ، وبعد الزواج ليس لديها طموح أو آمال و من ثم كل يوم عندها كالذي كان عليه اليوم السابق ، كل شيء في حياتها الزوجية يتم بانتظام و رتابة .
هذه بعض الصفات التي يمقتها الرجل أي رجل لذلك يجب على كل زوجة تحقيقاً لسعادتها أن تعيد النظر في أسلوب حياتها لتبتعد عن هذه الصفات لتحقق سعادتها و هناءها .
ــــــــــــــــــ
كيف نتعامل مع الطفل البكر
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أن الأشخاص الذين يحتلون المرتبة الأولى من أبناء العائلة، أكثر عرضة للأمراض التاجية، بسبب طبيعة شخصياتهم المعروفة بـ"شخصية النوع A" التي تتميز بفرط السلوك التنافسي وسرعة الغضب والعند والنشاط.
وقال هؤلاء إن العوامل البيولوجية والاختلافات البيئة والاجتماعية وفرص التعليم تتفاوت بين الطفل البكر وأخواته الأصغر، وهو ما قد يؤثر في احتمالات إصابة بأمراض حادة ومزمنة في مراحل حياته اللاحقة.
ووجد الباحثون أثناء دراستهم للعلاقة بين الولادة البكرية الأول وأمراض القلب عند 348 شخصاَ من المصابين بمرض القلب التاجي أن 46.7% من المرضى كانوا أبناء بكريين وهي ضعف النسبة الموجودة في المجتمعات.
ويرى العلماء أن شخصية الابن البكر وطبيعة سلوكه التنافسي التي يكتسبه من طفولته بسبب ضغط الوالدين عليه لتوجيهه إلى الطريق الصحيح ودفعه إلى التقدم والفوز والتحدي وأحياناً العدوانية، تلعب دورا في زيادة خطر تعرضه لأمراض القلب التاجية.
ومن جانب آخر، يرى علماء التربية وعلم النفس، أن الثواب المعنوي افضل بكثير من الثواب المادي بالنسبة للأطفال وكيفية التعامل معهم ،حيث إن الثواب المعنوي يكوّن وجدان الطفل وضميره ويهذب مشاعره ويقوي ثقته بنفسه ويشعره انه تحسن في عمله وقادر على الإتقان والنجاح.
أما الثواب المادي، فغالبا ما يؤدي إلى النفعية وتكوين شخصية انتهازية مادية حريصة على الهدايا والمنفعة المشتركة ويعتبر النجاح وسيلة من وسائل الإكثار منهما وهكذا يخرج الثواب من وظيفته الأساسية ويصبح غاية في ذاته بعد أن كان في الأصل مجرد وسيلة للمكافأة والتهذيب. وعلينا أن نفكر مليا بالقاعدة السلوكية الصحيحة حين أثاب أطفالنا وهي:
ـ أن لا ثواب على عمل طبيعي يومي، فإذا قام الطفل بتناول طعامه أو نام في الوقت المناسب أو درس دروسه، فإنه لا يستحق ثوابا على ذلك، أما إذا قام بواجب من الواجبات الاجتماعية بكامل حريته حينها يتطلب منا أن نقدم له الثناء والثواب على سلوكه..
أما العقاب: فإنه يتضمن إيلاما جسميا ونفسيا يقصد به تقويم سلوكه وشخصيته أي حينما يقوم الطفل بسلوك منحرف أو سلوك مضاد لنظام الأسرة والمجتمع وهذا العقاب بمنزلة ردع له ورده عن هذا السلوك مهما كانت طبيعته.
وقد أجرى الباحثون التربويون بحوثا كثيرة ، تناولت أهمية الثواب والعقاب والنتائج التي توصلوا إليها هي:
ـ الثواب أقوى وأبقى أثرا من العقاب في عملية التعلم، وان المدح أقوى أثرا من الذم بوجه عام.
ـ أن الجمع بين الثواب والعقاب افضل في كثير من الأحوال، في اصطناع كل منهما على حدة فيستخدم العقاب لكف السلوك المعوج حتى يستقيم فيثاب عليه الطفل.
ـ أن يكون العقاب والثواب بعد السلوك مباشرة لانه في حال تأخر العقاب للغد أو بعد يومين نعلم الطفل بهذه الحال معنى الانتقام، وفي حال تأخر عملية الثواب تفقد جدواها وأهميتها وأثرها على النفس والسلوك عامة.
ـ أن يكون العقاب متناسبا مع حجم الخطأ ونوعه، أن يكون تقديره موضوعيا جدا، ولا ينسى الأهل أنفسهم أثناء العقاب وكأنها (فشة خلق).(54/170)
ـ أن أثر الثواب إيجابي في حين أن أثر العقاب سلبي ويبلغ أقصاه حين يعاقب السلوك مباشرة.
كما اتضح في بحث تجريبي أن الأطفال المنبسطين يضاعفون جهودهم بعد اللوم والعقاب في حين أن الأطفال الانطوائيين يضطرب إنتاجهم وسلوكياتهم بعد اللوم ..كما أن النقد وإعطاء الملاحظات والتوجيهات تجدي مع الموهوبين، أما الثناء فيجدي مع بطء التعلم.. وهكذا موضوع الثواب والعقاب حين يتم وفق سياسة تربوية مدروسة بدقة وضمن ظروف ومواقف اجتماعية ونفسية صحيحة يؤدي بلا شك إلى نتائج مجدية وصحيحة.
ــــــــــــــــــ
العادات الخاطئة في الاسر وعلاقته بمشاعر الطفل
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
من المعروف أن السنة الأولى من عمر الطفل تشهد تطورا كبيرا في تعبيراته الوجدانية المختلفة سواء كانت الخوف أو الحزن أو الفرح وتتسم تعبيراته في الشهور الأولى عادة بطابع الحدة والعنف، وعندما يبلغ سن الخامسة أو السادسة نجده يميل إلى كبت مشاعره ولا يعترف بها سوى للشخص الذي يثق فيه سواء كان الأب أو الأم أو المدرسة ،
لذلك فإن مهمة هؤلاء تقتضي مساعدة الطفل على الإفضاء عن كل مخاوفه أو مشاعره للتخفيف من حجم معاناته وإبعاد مصادر خوفه أو كشف عدم وجود أي أساس حقيقي لها ، لأنها،وحسب صحيفة الأهرام المصرية، يمكن أن تكون مجرد أوهام وتخيلات أو سوء تفسير منه لمواقف معينة داخل وخارج المدرسة.
وحول هذه الظاهرة يقول د.عادل المدني أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر " إن العادات الخاطئة التي تنتهجها معظم الأسر هي السبب وراء حدوث مثل هذه المشكلات للأبناء. فكبت مشاعر الأطفال تجعلهم غير قادرين في الكبر على التعبير عن كل ما يجول بداخلهم من انفعالات. ومن أكثر هذه العادات انتشارا أن يطلب الأبوان من الابن الولد كبت انفعالاته وعدم أزهاره لمشاعر الغضب أو الضيق أو حتى التعبير عن حبه للآخرين بحرية، لأن هذا ليس من شيم الرجال..
كما أن بعض الأسر تمنع البنت من التعبير عن انفعالاتها بوضوح أمام الآخرين حتى لا تبدو غير مهذبة.. فالبنت في نظر المجتمع تعد مؤدبة إذا ما اتسمت بالهدوء، لا تناقش، صوتها منخفض، لاتتكلم كثيرا فيكبر هؤلاء الأبناء غير قادرين على إظهار مشاعرهم للآخرين وخصوصا إذا ما تزوجوا وأنجبوا فيكون رد فعلهم لأي تصرف من الأطراف الأخرى أكبر من حجم الفعل نفسه.
والأسرة بدون شك كما يقول د.عادل تهدف إلى تهذيب انفعالات أبنائها وليس كبتهم ، ولكنها تتبع الأسلوب الخاطئ في تربيتهم.. ومن أجل الوصول للطريقة المثلى لتهذيب انفعالات الأبناء يجب اتباع ما يلي:
- ألا يتحدث الآباء مع الأبناء بصورة انفعالية شديدة اللهجة بصفة متكررة حتى لا يكتسب الأبناء هذه الطريقة في الحديث.
- من الخطأ أن يعتبر الآباء حديث الأبناء عن مشاعرهم الخاصة سلوكا سلبيا.. فلا يقال لهم مثلا لا تبك أو خليك رجل أو كوني مهذبة فهذا يرسخ في أذهانهم أن التعبير عن العواطف هو نوع من الضعف أو قيمة سلبية.
- ضرورة تشجيع الآباء لأبنائهم بالتعبير عن عواطفهم كتابة في المناسبات كأن يرسل بطاقة تهنئة إلى صديقه أو كلمة رقيقة إلى مريض.
- عدم السخرية من مشاعر الأبناء حين يعبرون عنها، كما أنه من الخطأ إعادة رواية ما حدث أمام الآخرين بأسلوب استهزائي مما يثير شجون الأبناء وضيقهم ويشعرهم بالخجل وامتهان كرامتهم، وكذلك عدم الاستهزاء من مشاعر الآخرين أمامهم.
ومن جانب آخر فان التشجيع للطفل مثل الماء للنبات ، فالنبات يذبل ويموت إذا منعنا عنه الماء ، كذلك فإن ذكاء الطفل وقدراته العقلية تذبل وتموت إذا منعنا عنها التشجيع، بينما الذكاء والقدرات العقلية تنمو إذا حرصنا على تشجيعه .
يقول كاتب أدب الأطفال يعقوب الشاروني إن علم التربية الحديث يسمي عقاب الطفل البدني بالضرب أو القرص أو اللكم أو عقابه النفسي بالألفاظ القاسية، كل هذا يسميه علم التربية الحديث إيذاء للطفل وتحطيما لقدراته.. كل هذا يصيب الطفل بالإحباط وفقد الثقة بالنفس ويجعله غير راغب في التعاون ولا في تحمل المسؤولية بل يجعله عدوانيا قلقا سريع الانفعال .
فالطفل إذا استخدمنا معه أساليب الإيذاء البدني والنفسي سيشعر بأن كل ما يقوم به لا يرضى عنه الكبار المحيطون به ، ولما كان الطفل يهتم جدا بالفوز برضاء الكبار ، فإنه سيمتنع عن كثير من الأشياء اللازمة لنموه العقلي والنفسي والبدني نتيجة أسلوب الكف أو المنع الذي يلجأ إليه الكبار في تعاملهم مع الأطفال .
ويضيف أن التنشئة الاجتماعية للأطفال تتوقف إلى حد كبير على أساليب الدعم والتشجيع أو الكف والمنع التي يمارسها الكبار مع الصغار؛ فسلوك الطفل الذي يجد تشجيعا وترحيبا وتدعيما من الكبار سيكرره الطفل ويعتاد عليه .. أما سلوك الطفل الذي تقابله بالاستنكار أو الإهمال أو العقاب فسيكف عنه .
لذلك إذا واجهنا سلوك الاستطلاع أو التساؤل بالتشجيع والدعم سيستمر فيه الطفل ويترتب على ذلك نمو معارفه وخبراته .
أما إذا واجهنا سلوك الطفل للاستطلاع أو التساؤل بالإهمال أو السخرية، فإن الطفل سيكف عن التساؤل والاستطلاع، ومعنى هذا يتوقف عقله عن العمل ومن ثم يتوقف الذكاء والقدرات العقلية عن النمو.
أما بالنسبة لاستخدام أسلوب العنف والضرب مع الأطفال يعتقد العديد من الآباء أنهم إذا ربوا أولادهم بالضرب فإنهم سيحصلون على أطفال مؤدبين يخافون الخطأ ونتائجه فيحسنون عندها التصرف، غير أن هذا الاعتقاد ثبت خطؤه إذ يؤدي ضرب الإجفال من قبل آبائهم إلى تغيير غير سار في شخصياتهم فينشأون معقدين ومشاكلهم النفسية أصعب من أن تحل بسهولة، خاصة وأن الإنسان غالبا ما يتأثر بطفولته ويبقى محتفظا بآثارها السلبية على شخصيته.
والحقيقة أنه ليس هناك أمر أصعب على الطفل من أن يصفع على وجهه من قبل أي إنسان ولكن لو كان هذا الشخص هو والده أو والدته فإن المشكلة أكبر وأعقد وذلك لأن الطفل عندها سيوجه مشاعر العداء لهما، حتى وإن نسي بعدها، إلا أن الحالة التي مر بها والخوف المصاحب سيكون لهما دورهما في شخصيته.
وقد حذر العلماء في المركز الوطني للأطفال الفقراء بجامعة كولومبيا الأميركية من أن صفع الأطفال قد يسبب آثارا مؤذية طويلة الأجل على سلوكياتهم ولا تساعد على تربيتهم وتحقيق الطاعة المطلوبة منهم لآبائهم.
وربطت الدكتورة اليزابيث جيرشوف, أخصائية العلوم النفسية بالمركز الصفع بمشكلات سلوكية سلبية تصيب الأطفال مثل العدوانية والسلوك غير الاجتماعي والانطوائي واضطرابات نفسية عديدة.
وقالت الدكتورة اليزابيث جيرشوف, أخصائية العلوم النفسية ,أن الصفع غير فعال أبدا في تقويم سلوك الطفل وتربيته ولا يساعد في تعليمه الصح من الخطأ، كما أن له دورا في عدم التزام الطفل بطاعة والديه فهو يخاف في حضورهما فقط، ولكنه يسيء التصرف في غيابهما.
وأشارت إلى أن الصفع الخفيف إلى المتوسط قد يفيد الأطفال في عمر السنتين إلى الست سنوات ولكن لا ينصح أن يحاول الآباء الذين يملكون ميولا عصبية بالصفع على الإطلاق، منوهة إلى أنه ليس جميع الأطفال الذين يتم صفعهم قد يعانون من مشكلات انطوائية أو عدوانية.
ووجدت جيرشوف بعد تحليل 88 دراسة عن العقاب الجسدي وتأثيراته أن هذا العقاب يختلف حسب طبيعة الآباء من ناحية استخدامه بصورة متكررة، والمواقف التي تجبرهم على استخدامه، والأحاسيس التي تنتابهم أثناء صفع أطفالهم، وإذا ما كانوا يستخدمونه مع وسائل تربية أخرى.
ولاحظت أن جميع هذه العوامل إضافة إلى علاقة الآباء بأطفالهم هي التي تحدد الاستجابات العاطفية والنفسية عند الطفل، مؤكدة ضرورة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الضرب لإفهام الطفل أخطاءه ومضاعفات سلوكياته السيئة، وتعليمه التصرفات الصحيحة التي يجب عليه الالتزام بها.
ــــــــــــــــــ
النتائج السلبية في المدرسة . . أرق الآباء قبل الأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المؤلف: د. محمد عباس نور الدين
إذا كانت النتائج المدرسية للابن غير ما كان يتوقعه الأبوان فإن اللوم كل اللوم غالباً ما يصب على الابن لأنه ((لم يجتهد بما فيه الكفاية، وأكثر من اللعب ومشاهدة التلفزيون والاهتمام بكل ما ليس له علاقة بالدرس))، إلى غير ذلك من الاتهامات التي تحمله المسؤولية الكاملة عن فشله، وقلما يعترف الآباء بأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية في فشل أبنائهم، على الرغم من أنهم قد يكونون ـ في بعض الحالات ـ هم السبب الرئيسي لهذا الفشل، وكمثال على هذه الحالات يورد العالم الأمريكي (بتلهايم) حالة فتاة عرفت، وبكيفية مفاجئة، تراجعا في نتائجها المدرسية. وبعد تحليل وضعيتها الأسرية تبين أن الفتاة متعلقة بوالدها المنفصل عن أمها التي تولي ابنتها عناية كبيرة، وتتمنى هذه الفتاة أن يتراجع والدها عن قراره بالانفصال عن أمها ويعود إلى أسرته ويستأنف حياته في جو من التفاهم والحب، إلا أن نجاحها في دراستها قد لا يشجع الأب على أن يعيد النظر في قراره، في حين أن فشلها في الدراسة قد يشعر الأب بأنه مسؤول عن هذا الفشل، مما قد يدفعه إلى العودة إلى منزل الزوجية والتراجع عن قراره. ويؤكد (بتلهايم) أن الفشل في مثل هذه الحالة (متعمد) ويرمي لا شعورياً إلى تحقيق هدف أهم من النجاح المدرسي ألا وهو عودة الأب إلى زوجته وأسرته، وهو نفس الهدف الذي تتمني الأم تحقيقه. ويشير إلى أن غالبية الآباء لا يدركون أن أبناءهم يشاركونهم نفس الأهداف، غلا أن التعبير عن هذه الأهداف يتم في الجانبين بكيفية مغايرة إذ قد يكون لا شعورياً لدى الأبناء وشعورياً لدى الآباء، وقد تكون حوافز الأبناء مختلفة عن حوافز الآباء إلا أنها في النهاية ترمي إلى تحقيق هدف واحد ألا وهو نجاح الأبناء وتفوقهم.
إن اهتمام كثير من الآباء بالنتائج الدراسية لأبنائهم قد يبلغ حداً ينسيهم الاهتمام بالأبناء أنفسهم كما لو كانت هذه النتائج ـ في نظرهم ـ أهم من الأبناء، حتى إن الابن، في مثل هذه الحالة، يشعر أن حب والديه له وعطفهما عليه مرهون بنتائجه الدراسية مما يجعل علاقته بوالدين معرضة دائماً للاهتزاز وعدم الثبات.
ويشعر الابن بخوف شديد من إمكان فقدانه لحب وعطف والديه بسبب عدم حصوله على النتائج الدراسية التي يتوقعها والده، وشعور الابن بالفشل والإحباط بسبب نتائجه الدراسية المتدنية قد يدفعه حتى إلى التفكير بالانتحار لكونه يعتبر أنه لم يعد يساوي شيئاً في نظر والديه، وأنهما لن يمنحاه الحب والعطف اللذين تعودا منحهما له، وبذلك تضطرب صورته عن ذاته. وقد يميل إلى تعذيب نفسه بأشكال مختلفة كأن يتظاهر بالمرض أو يفقد شهيته للطعام أو يتكاسل في أداء واجباته المدرسية، كل ذلك ليثير اهتمام والديه به شخصياً بدل اهتمامهما بنتائجه المدرسية، وقد يلجأ الطفل إلى مثل هذه الأساليب اللا شعورية عندما يتحول اهتمام والديه به إلى الاهتمام بمولود جديد لهما، بل قد تظهر لديه بعض الأعراض المرضية بسبب تحول الاهتمام عنه (التبول اللا إرادي، تساقط الشعر).
وعادة ما يصعب على الآباء قبول تدني النتائج المدرسية لأبنائهم. وليس المطلوب منهم قبول هذا الوضع باعتباره أمراً طبيعياً، وإنما المطلوب منهم أن يتساءلوا عن سبب ذلك ويحاولوا ـ بالتعاون مع الأبناء أنفسهم وبمحاورتهم ـ إيجاد الحل المناسب الذي يكون منطقياً ويقتنع به حتى الأبناء. وبلجوء الآباء إلى هذا الأسلوب الهادئ والمتفهم يمكنهم التوصل إلى فهم موضوعي لأسباب تراجع النتائج المدرسية لأبنائهم، وإلى تحفيز الأبناء على بذل ما يكفي من الجهد للحصول على نتائج أفضل. وعملية تحفيز الأبناء، يجب أن تقوم على أساس إدراك أن حوافزهم تختلف عن حوافز الأبناء، وإن الحاضر أهم من المستقبل بالنسبة للأبناء، الأمر الذي يتطلب تعديلاً للخطاب الأبوي التقليدي يأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، بحيث يغلب على الخطاب الأبوي طابع الحب والحنان والتفهم والحوار، لا طابع الزجر والتبخيس والتهديد، ومن شأن خطاب كهذا أن يعيد للابن ثقته بنفسه ويشعره بأنه لا يزال محط عناية وحب والديه، مما قد يساعده على الاهتمام أكثر بدراسته وبالتالي تحسن نتائجه المدرسية.
وقد يلجأ الآباء، عندما يفاجأون بنتائج أبنائهم الدراسية المتدنية، إلى اتخاذ موقف اللا مبالاة من الأبناء، كأن يتفادون الحديث معهم والاهتمام بهم كتعبير عن عدم رضاهم عن النتائج التي حصل عليها الأبناء في الدراسة، إن مثل هذا الموقف يماثل في سلبيته موقف الزجر والتهديد والتبخيس الذي يتخذه بعض الآباء إزاء أبنائهم، إذ إنه قد يضعف لدى الأبناء الحوافز التي تدفعهم إلى بذل أي مجهود، أو يجعل منهم أشخاصاً لا عقلانيين عديمي الثقة بأنفسهم ويميلون إلى العزلة والعنف، وبالتالي يجعلهم أكثر استعداداً للانحراف، وفي هذا يقول (إريك فروم): ((إن الفرد المعزول والعاجز تغلق أمامه أبواب تحقيق إمكاناته الحسية والعاطفية والعقلية، وهو ينقصه الأمان الداخلي والتلقائية وهما الشرطان لمثل هذا التحقيق)).
وماذا ننتظر من أبناء يواجهون بالتجريح والتهديد والزجر أو باللا مبالاة والعزلة بسبب نتائجهم المتدنية؟ إن رد الفعل المباشر للأبناء في مثل هذه الحالة هو كرههم لكل ما يتعلق بالدراسة ونفورهم منه، لأن الدراسة ارتبطت في أذهانهم بالفشل، والتحقير، والاستهزاء، والوصم بالتفاهة وغير ذلك.
يكتشف الطفل، من خلال علاقته بوالديه ونتيجة لاهتمام والديه المبالغ فيه بجهوده في المدرسة، أن النتائج المدرسية تشكل بالنسبة له سلاحاً ناجعاً يمكن له أن يستخدمه لتحقيق أغراض معينة لا يستطيع تحقيقها بكيفية عادية. كما يكتشف أن هذا السلاح يجعله على قدم المساواة مع والديه ويجعله في مستوى يؤهله لمواجهتهما والتأثير في مواقفهما نحوه، وهي مواقف غالباً ما يختل فيها التوازن لصالح الوالدين.
وهكذا قد يكون تراجع الابن في نتائجه المدرسية بمنزلة رسالة موجهة لوالديه يريد من خلالها تحقيق هدف معين، ودور الآباء في مثل هذا الموقف هو اكتشاف هذه الرسالة وإدراك مغزاها الحقيقي، والتصرف بكيفية تستجيب لرغبات أبنائهم، ليعود الوضع إلى ما كان عليه، وليسود علاقة الطرفين جو من الحب والثقة المتبادلتين.
عندما يغير الآباء موقفهم:
يخطئ بعض الآباء، نتيجة خيبة الأمل التي يشعرون بها بسبب النتائج المدرسية المتدنية لأبنائهم عندما يغيرون من أسلوب تعاملهم مع الأبناء، إذ يميل هذا الأسلوب إلى المبالغة في اللوم والنقد وعدم التسامح وضعف الحوار، إلى درجة أن بعض الآباء يصبحون أكثر عرضة للإثارة والانفعال كلما تعلق الأمر بأبنائهم. بل إن من الآباء من لا يتردد في انتقاد أبنائهم أمام الغرباء عن الأسرة وبحضور الأبناء أنفسهم، وغالباً ما يكون النقد أقرب إلى التجريح والاستهزاء منه إلى النقد الموضوعي والبناء. ويتحول النقد في مثل هذه الحالة إلى نوع من السلوك السادي الذي يشعر فيه الفرد باللذة نتيجة إيلامه للآخرين. ولا يكتفي بعض الآباء بالنقد بل ينتهزون كل الفرص لتذكير الأبناء بفشلهم وتخلفهم في الدراسة متناسين مواقف النجاح التي قد حققها الأبناء في الماضي وفي مناسبات مختلفة. وينسى الآباء وتحت تأثير شعورهم بالإحباط وخيبة الأمل، أن أقسى ما يمكن أن يتعرض له الانسان في الحياة هو أن يشعر بأنه تافه ولا قيمة له سواء في نظر نفسه أو في نظر الآخرين.
إن مثل هذا السلوك من جانب الآباء يعزز قناعة الأبناء من أن اهتمام والديهم بالنتائج المدرسية يفوق الاهتمام بهم شخصياً، وأن وجودهم ككل ليس له ما يبرره سوى أن يكون من أجل الآباء وامتداداً لهم. يحاول الآباء من خلالهم أن يحققوا ما لم يتمكنوا هم من تحقيقه في الماضي، وهكذا يصبح الابن في نظر والديه ذلك المشروع الذي لم يكتمل وينتظر التحقيق، كما ينظر إليه بمنظار الربح والخسارة كما لو كان ملكية فردية، وليس إنساناً له مشاعر وأفكار ومواقف وبالتالي شخصية متميزة ومستقلة.
إن تغير سلوك الوالدين إزاء ابنهما الذي لم يحصل على نتائج مدرسية إيجابية يجعل الابن في موقف متناقض، فهو من ناحية مطالب ـ أخلاقياً واجتماعياً ودينياً ـ بطاعة والديه وإبداء مشاعر الحب والتضحية نحوهما، ومن ناحية أخرى يشعر بالنفور منهما لكونهما يوجهان إليه النقد والتجريح والاستهزاء الأمر الذي يفرض عليه كبت موقف النفور في اللا شعور ليبقى موقف الحب (المبطن) في ساحة الشعور. والخطير في هذه العملية أن يختل التوازن بين ما يكبت في اللا شعور وما يظهر في ساحة الشعور ليجد الابن والوالدان أنفسهم في مواجهة مكشوفة لا يمكن التنبؤ بنتائجها. وما حالات تمرد الأبناء التي تنقلها إلينا من حين لآخر وسائل الإعلام إلا ظهر لهذا الاختلال في التوازن بين جانبي السلوك الشعوري واللا شعوري.
امتحان لكل الأسرة:
إن فترة الامتحانات، ولا سيما في نهاية السنة المدرسية، تجعل كثيراً من الأسر تعيش جو الامتحان ببالغ الترقب والخوف، فهي تخشى ألا ينجح الابن في الامتحان، أو لا يحصل على المعدل الذي يسمح له بدخول الكلية التي يرغب في أن يتابع دراسته فيها، مما يفرض عليها الدخول في مسلسل البحث عن كلية تقبله، وقد يدفعها ذلك إلى تحمل مخاطرة إرسال ابنها إلى بلد أجنبي ليتابع دراسته. ونعرف جميعاً المخاطر التي يتعرض لها الأبناء في مثل هذه الحالة، والمعاناة التي تعيشها أسرته سواء من الناحية المادية أو النفسية، خاصة عندما يتبين للأسرة أنها خسرت الرهان ولم يحقق الابن ما كانت تنتظره منه.
ومع الأسف أن تعليمنا مسؤول إلى حد بعيد عن هذا الموقف من الامتحان، فالتلاميذ لا يعدون لاستيعاب العلم ومواجهة الحياة بقدر ما يعدون للنجاح في الامتحان، وحتى أصبح الامتحان الهاجس المخيف الذي يسيطر على عقول تلاميذنا وطلبتنا. وإذا كان النجاح في الامتحان هو الغاية وليس العلم، فلا مانع إذن ـ في نظر التلميذ ـ من اللجوء إلى كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق هذا النجاح وانتشار ظاهرة الغش في الامتحانات، وتسرب أسئلة الامتحان، تشكل إفراز لهذا الوضع الذي ينظر إلى الامتحان كغاية في حج ذاته كما لو كان الامتحان هو الحد الفاصل بين النجاح والفشل، وهو الذي يحدد فيما إذا كان المرشح للامتحان يستحق احتراما وتقديرنا أم العكس. وكم نردد على مسامع أبنائنا العبارة الشهيرة والتي تلخص المأساة وهي: ((عند الامتحان يكرم المرء أو يهان)). فعدم النجاح في الامتحان يعني المهانة والمذلة واحتقار الذات... وغير ذلك، بل يعتبر مؤشراً على ضعف احتمالات الناجح بصفة عامة، هذا على الرغم من أن أعداداً كبيرة من حملة الشهادات العليا من مختلف التخصصات لم يجدوا العمل المناسب لهم، ويصنفون في عداد العاطلين.
ويصف أحد الباحثين العرب في مجال التربية المدرسة العربية بأنها ((حمال الوعي الزائف، وحمال ثقافة التخلف)). كما توصل باحث عربي آخر إلى أن الخطاب المدرسي يظل بوجه عام محملاً بالقيم والمفاهيم نفسها السائدة في المجتمع، أي أن المدرسة لا تحقق الدور المطلوب منها في تكريس العقلانية، إن هذين الحكمين يلخصان واقع معظم المؤسسات التعليمية في المجتمعات العربية، فعوض أن تكون هذه المؤسسات عاملاً رئيسياً في تغيير بنية المجتمعات العربية إذا بها تعكس نفس ما يسود هذه المجتمعات من مفاهيم وقيم وأنماط سلوكية سلبية.
----------------------------------
المصدر: مجلة العربي
ــــــــــــــــــ
مشاكل الولد مع ابويه
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
د. مصطفى السباعي
من مشاكل الأسرة التي تؤثر في سلوكنا الاجتماعي علاقة الآباء والأمهات ، فكثيراً ما يقع الخلاف بين الولد وأبيه ، وكثيراً ما يجر هذا الخلاف وراءه ذيولاً أخلاقية واجتماعية مؤلمة ، وقد تؤدي إلى ارتكاب جرائم القتل والعدوان . ونستطيع أن نقسم أسباب الخلاف إلى سببين رئيسيين :
سبب معقول : لا بد فيه من استعمال الحكمة .
وسبب غير معقول ولا مشروع : وهو ما يتسم بسمة العقوق من الولد نحو أبيه.
أما الأول : فهو ما ينشأ عن تحكم الأبوين في علاقة ولدهما بهما بعد الزواج أو عنده ، فهما يحرصان غالباً على زواج ولدهما بفتاة يريدانها. أو ليست له مصلحة حقيقية في الزواج منها ، بل إنهما ليرغبان في ذلك طمعاً في مال ، أو انسياقاً وراء عاطفة ، أو حرصاً على صداقة أو قرابة ، دون نظر إلى مصلحة الولد الحقيقية في هذا الزواج ، وهذا خطأ فادح يجر إلى أسوأ العواقب ، وهو تحكم من الأب أو الأم لا يبرره الشرع ولا العقل ولا الحكمة ، ومن الخير أن يؤخذ في ذلك رأي الابن ويقتنع به ، لأنه هو الذي سيتزوج الفتاة ويشترك معها في السراء والضراء ، فإذا لم يجد فيها سَكَنَه النفسي والروحي كان زواجه منها مبعث شقاء له ولها، وقد يتعدى ذلك إلى شقاء أسرتيهما معاً .
وحين يتزوج الولد يرغب الأبوان ( غالباً ) في أن يظل بجانبهما ، يسكن معهما هو وزوجه وأطفاله ، فتنشأ المشاكل بين الأم والزوجة ، وبين الأب والابن ، وكثيراً ما تكون أسباب المشاكل التافهة ناشئة عن رغبة الأب أو الأم في فرض سلطانهما على الولد بعد زواجه ، كما اعتادا ذلك أيام طفولته وعزوبته ، وقد تنشأ عن غطرسة الزوجة أو نفرتها من حماتها ، أو تدخل الأبوين في العلاقة بينها وبين زوجها ، وفي البيئات الجاهلة أو الظالمة يحمل الأبوان ولدهما على القسوة على زوجته وتعذيبها ، وأحياناً على طلاقها لأنها لأنها لا تخضع لهما أو لا تنسجم معهما ، وعادة إسكان الولد مع أبويه بعد الزواج لا تزال منتشرة في القرى وفي أكثر سكان المدن ، وهي عادة قديمة نرى آثارها في البيوت القديمة التي كانت تعد لإسكان الأولاد حين زواجهم مهما كان عددهم في البيت الواحد ، وكان الأب حين يريد تزويج ابنه يكتفي بأن يفرد له في الدار غرفة واحدة لسكنه وزوجته ، بينما يشترك مع أبويه وإخوته في غرف الأكل والجلوس والاستقبال ، وقد رأينا عدة أبناء يشتركون مع أبويهم في بيت واحد ، ويتكاثر الأولاد في هذا البيت حتى يشبه خلية من النحل تعج بالأطفال والنساء والرجال ، ولهذه العادة محاذير متعددة من جهة الشرع والأخلاق والصحة النفسية والجسمية .(54/171)
والآن وقد تطورت الحياة وتعددت مشكلاتها ومطالبها ، وتطور بناء البيوت من الأسلوب الإسلامي الشرقي إلى الأسلوب الغربي الحديث، لم يعد من المستحسن أن يتمسك الأبوان بهذه العادة ، ومن الخير لهما ولولديهما أن يهيئا بأنفسهما له سكناً خاصاً خارج بيتهما، لتظل علاقات الود والحب والاحترام قائمة بينهما وبين ولدهما وزوجه ، فيحال دون وقوع المشكلات وتجددها يوماً بعد يوم في البيت الواحد والعائلة الواحدة .
والقسم الثاني : من أسباب الخلاف هو ما يكون منشؤه العقوق والجحود ، عقوق الولد لأبويه وجحوده لفضلهما ، ويتجلى ذلك في تأففه من أوامرهما وتكاليفهما ، ومن رقابتهما لسلوكه ونصحهما له في أعماله، كما يتجلى عقوق الولد في انشغاله بنفسه وعائلته عن النظر في شؤون والديه وإعالتهما حين يحتاجان إلى إعانته وإنفاقه وقد يتطور هذا العقوق إلى الغلظة في خطابهم ، والتعدي عليهما بالضرب والإهانة. وكم رأينا أبناءً مجرمين اعتدوا على حياة آبائهم وأمهاتهم بالقتل أو الضرب المبرح الذي تنشأ عنه إحدى العاهات المزمنة .
ومن أقبح مظاهر العقوق أن يتبرأ الولد من أبويه حين يرتفع مستواه الاجتماعي عنهما ، كأن يكونا فلاحين وهو يعيش في المدن ، ويتسلم بعض الوظائف الكبيرة ، فيخجل من وجودهما في بيته بثياب الفلاحين أو الأزياء القديمة ، وقد شاهدنا من بعض هؤلاء العاقين المغرورين من زعم لزواره عن أبيه أنه خادم مستأجر لشؤون البيت ، لما يتوهم في لباسه وهيأته من حطَّة تتنافى مع وظيفته أو مقامه الاجتماعي الكبير ، وهذا بلا ريب دليل على حطة نفس ، وصغر عقل ، وحقارة شأن . والنفس العظيمة تعتز بمنبتها وأصلها ، وتفخر بأبيها وأمها ، مهما كانت حياتهما ونشأتهما وبيئتهم ، وحسبك أن القرآن الكريم - مع تشديده على الشرك والمشركين - أوصى الولد بأن يعاشر والديه المشركين بالمعروف : ( وإنْ جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعْهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ) . لقمان:15.
هذه هي بعض مظاهر العقوق من الولد نحو أبيه وأمه ، من ثم كان العقوق قبيحاً في نظر المروءة والشريعة .
أما قبحه في نظر المروءة : فلأنه مكافأة لإحسان الأبوين بالإساءة ولنعمتهما بالكفران ، فلو استحضر الولد ما عاناه أبواه منذ أن حملته أمه إلى أن وضعته وأرضعته وربته ، ومنذ أن أنفق الأب عليه جنيناً في بطن أمه حتى أصبح رجلاً ذا زوج وأولاد ، ولو تذكر فضل أبويه وكفاحهما من أجله في مراحل حياته منذ الاجتنان حتى الزواج ، لوجد أن ما يقدمه لهما بعد ذلك من بر وعون في حياته كلها لا يعادل فضل يوم واحد من أيام أبويه معه ، فكيف يكون من المروءة أن يجحد فضلهما ، ويبدلهما بالإحسان إساءة وبالشكر كفراناً ؟
ولو كان فضل الأبوين قاصراً على الإنفاق المادي لهان الأمر ، ولكن فضلهما في حياطته بالعاطفة والحب والرعاية والسهر هو أقوى وأشد تأثيراً في حياته وهو طفل صغير ، إن الطفل يعيش بعاطفة أبويه وحنانهما أكثر مما يعيش بمالهما ، ويا الله للأبوين ، ما أكبر قلبيهما ، وأنبل عاطفتيهما ، حين يسهران الليل كله لطفلهما الوليد الذي يصرخ ويبكي ، فلا يذوق الأبوان طعم المنام ولا برد الاستقرار ، يكبان عليه ساهرين جزعين وجلين على حياته وصحته ، حتى ليتمنيَّان أن يفدياه بحياتيهما ، فإذا بزغ الفجر وهدأ الألم وعاودت الطفل ابتسامته ، نسيا سهرهما وآلامهما وأكبّا عليه يقبلانه ويضمانه ؟! إن ليلة واحدة من هذه الليالي - وما أكثرها في حياة الطفل - في آلامها وأحزانها وتعبها وسهرها ، لتعدل مال الدنيا يصبه الولد حين يكبر بين قدميهما، ثم لا يكفي ذلك في جزائهما ولا شكرانهما.
فما يطيق الولد - مهما كان براً وفياً - بعض ما كان يطيق الأب من عذاب وآلام ولده الصغير حين كانت تنتابه الأوجاع والأسقام .
أفليس قبيحاً إذن في عرف المروءة والأخلاق أن يقف الولد من أبويه في كبره موقف الجحود ، وهو المدين لهما في حياته منذ ولادته وطفولته ؟
ومن هنا كان حقاً ما تقرره الشريعة من أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وأشد الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل : ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم . ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير ) . لقمان: 13-14 .
فانظر كيف قرن النهي عن الشرك بالله مع الوصية بالوالدين ووجوب الشكر لهما في آية واحدة ونسق واحد .
ــــــــــــــــــ
كيف نرغِّب أطفالنا في الصلاة؟
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
د . أماني زكريا الرمادي
منذ البداية يجب أن يكون هناك اتفاق بين الوالدين- أو مَن يقوم برعاية الطفل- على سياسة واضحة ومحددة وثابتة ، حتى لا يحدث تشتت للطفل، وبالتالي ضياع كل الجهود المبذولة هباء ، فلا تكافئه الأم مثلاً على صلاته فيعود الأب بهدية أكبر مما أعطته أمه ، ويعطيها له دون أن يفعل شيئاً يستحق عليه المكافأة ، فذلك يجعل المكافأة التي أخذها على الصلاة صغيرة في عينيه أو بلا قيمة؛ أو أن تقوم الأم بمعاقبته على تقصيره ، فيأتي الأب ويسترضيه بشتى الوسائل خشية عليه.
وفي حالة مكافأته يجب أن تكون المكافأة سريعة حتى يشعر الطفل بأن هناك نتيجة لأفعاله، لأن الطفل ينسى بسرعة ، فإذا أدى الصلوات الخمس مثلاً في يوم ما ، تكون المكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة.
أولاً: مرحلة الطفولة المبكرة (ما بين الثالثة و الخامسة) :
إن مرحلة الثالثة من العمر هي مرحلة بداية استقلال الطفل وإحساسه بكيانه وذاتيته ، ولكنها في نفس الوقت مرحلة الرغبة في التقليد ؛ فلندعه على الفطرة يقلد كما يشاء ، ويتصرف بتلقائية ليحقق استقلاليته عنا من خلال فعل ما يختاره ويرغب فيه .وفي هذه المرحلة يمكن تحفيظ الطفل سور : الفاتحة ، والإخلاص ، والمعوذتين .
ثانياً: مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بين الخامسة والسابعة ):
في هذه المرحلة يمكن بالكلام البسيط اللطيف الهادئ عن نعم الله تعالى وفضله وكرمه (المدعم بالعديد من الأمثلة) ، وعن حب الله تعالى لعباده، ورحمته ؛ يجعل الطفل من تلقاء نفسه يشتاق إلى إرضاء الله ، ففي هذه المرحلة يكون التركيز على كثرة الكلام عن الله تعالى وقدرته وأسمائه الحسنى وفضله ، وفي المقابل ، ضرورة وحتى لا تتحول الصلاة إلى عادة وتبقى في إطار العبادة ، لابد من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة ، ومن المناسب هنا سرد قصة الإسراء والمعراج ، وفرض الصلاة ومن المحاذير التي نركِّز عليها دوما الابتعاد عن أسلوب الترهيب والتهديد ؛ وأن الضرب في هذه السن غير مباح ، فلابد من التعزيز الإيجابي ، بمعنى التشجيع له حتى تصبح الصلاة جزءاً أساسياً من حياته.
ويلاحظ أن تنفيذ سياسة التدريب على الصلاة يكون بالتدريج ، فيبدأ الطفل بصلاة الصبح يومياً ، ثم الصبح والظهر ، وهكذا حتى يتعود بالتدريج إتمام الصلوات الخمس ، وذلك في أي وقت ، وعندما يتعود على ذلك يتم تدريبه على صلاتها في أول الوقت، وبعد أن يتعود ذلك ندربه على السنن ، كلٌ حسب استطاعته وتجاوبه.
ويمكن استخدام التحفيز لذلك ، فنكافئه بشتى أنواع المكافآت ، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً ،.
أما البنين ، فتشجيعهم على مصاحبة والديهم ( أو من يقوم مقامهم من الثقات) إلى المسجد ، يكون سبب سعادة لهم ؛ ويراعى في هذه المرحلة تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة مثل أهمية التحرز من النجاسة كالبول وغيره ، وكيفية الاستنجاء ، وآداب قضاء الحاجة ، وضرورة المحافظة على نظافة الجسم والملابس ، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة .
و يجب أيضاً تعليم الطفل الوضوء ، وتدريبه على ذلك عملياً ،
ثالثاً: مرحلة الطفولة المتأخرة (ما بين السابعة والعاشرة) :
في هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة ، وعدم التزامهم بها ، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها ، فيلحظ التكاسل والتهرب وإبداء التبرم ، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة : مرحلة التمرد وصعوبة الانقياد ، والانصياع وهنا لابد من التعامل بحنكة وحكمة معهم ، فنبتعد عن السؤال المباشر : هل صليت العصر؟ لأنهم سوف يميلون إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها ، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه ، أو إغفال الأمر ، بالرغم من إدراك كذبه ، والأولََى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال ، مثل العصر يا شباب : مرة ، مرتين ثلاثة ،
وفي هذه المرحلة نبدأ بتعويده أداء الخمس صلوات كل يوم ، وإن فاتته إحداهن يقوم بقضائها ، وحين يلتزم بتأديتهن جميعا على ميقاتها ، نبدأ بتعليمه الصلاة فور سماع الأذان وعدم تأخيرها ؛ وحين يتعود أداءها بعد الأذان مباشرة ، يجب تعليمه سنن الصلاة ونذكر له فضلها ، وأنه مخيَّر بين أن يصليها الآن ، أو حين يكبر.
رابعا:ً مرحلة المراهقة :
يتسم الأطفال في هذه المرحلة بالعند والرفض ، وصعوبة الانقياد ، والرغبة في إثبات الذات - حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء ، التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه ، إذا حدث أن توقُّفه عن فعله سيشوبه شائبة، أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعاً من ذاته ، وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد . ولنعلم أن أسلوب الدفع والضغط لن يجدي ، بل سيؤدي للرفض والبعد ، وكما يقولون "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه" لذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله برفق قدر الإمكان.
وفيما يلي برنامج متدرج ، لأن أسلوب الحث والدفع في التوجيه لن يؤدي إلا إلى الرفض ، والبعد ، فكما يقولون :"إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له ومضادٍّ له في الاتجاه".
هذا البرنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر، وربما أقل أو أكثر، حسب توفيق الله تعالى وقدره.
المرحلة الأولى:
وتستغرق ثلاثة أسابيع أو أكثر ، ويجب فيها التوقف عن الحديث في هذا الموضوع "الصلاة" تماماً ، فلا نتحدث عنه من قريب أو بعيد ، ولو حتى بتلميح ، مهما بعد. والهدف من التوقف هو أن ينسى الابن أو الابنة رغبتنا في حثه على الصلاة ، حتى يفصل بين الحديث في هذا الأمر وعلاقتنا به أو بها ، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة ، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بيننا وبينه ، فيستعيد الثقة في علاقتنا به ، وأننا نحبه لشخصه ، وأن الرفض هو للفعال السيئة ، وليس لشخصه.
المرحلة الثانية:
هي مرحلة الفعل الصامت ، وتستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر.
في هذه المرحلة لن توجه إليه أي نوع من أنواع الكلام ، وإنما سنقوم بمجموعة من الفعال المقصودة ، فمثلاً "تعمد وضع سجادة الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً ، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره أو في أي مكان يفضله بالبيت ، ثم يعود الأب لأخذها و هو يفكر بصوت مرتفع :" أين سجادة الصلاة ؟.... واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أن الولد قد ارتاح ، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه عليه ؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة...
المرحلة الثالثة:
قم بدعوته بشكل متقطِّع ، حتى يبدو الأمر طبيعياً ، وتلقائياً للخروج معك ، ومشاركتك بعض الدروس بدعوى أنك تريد مصاحبته ، وليس دعوته لحضور الدرس ، بقولك:"حبيبي أنا متعب وأشعر بشيء من الكسل، ولكِنِّي أريد الذهاب لحضور هذا الدرس ، تعال معي ، أريد أن أستعين بك ، وأستند عليك ، فإذا رفض لا تعلق ولا تُعِد عليه الطلب ، وأعِد المحاولة في مرة ثانية.
ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركه في كل ما تصنعه في أمور التزامك من أول الأمر، وأن تسعى لتقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما من خلال طلب رأيه ومشورته بمنتهى الحب والتفاهم
ويجب أن نلفت النظر إلى أمور مهمة جدا:
يجب ألا نتعجل الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تماما ، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما ، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بين أولادنا وبين أمور الدين ، فهذا الأمر يشبه تماما المضادات الحيوية التي يجب أن تأخذ جرعته بانتظام وحتى نهايتها ، فإذا تعجلت الأمر وأصدرت للولد أو البنت ولو أمراً واحداً خلال الثلاثة أسابيع فيجب أن تتوقف وتبدأ العلاج من البداية.
لا يجب أن نتحدث في موضوع الصلاة أبداً في هذا الوقت فهو أمر يجب أن يصل إليه الابن عن قناعة تامة ، وإذا نجحنا في كل ما سبق- وسننجح بإذن الله ، فنحن قد ربينا نبتة طيبة حسب ما نذكر، كما أننا ملتزمين، وعلى خلق لذلك فسيأتي اليوم الذي يقومون هم بإقامة الصلاة بأنفسهم ، بل قد يأتي اليوم الذي نشتكي فيه من إطالتهم للصلاة وتعطيلنا عن الخروج مثلا!
لا يجب أن نعلق على تقصيره في الصلاة إلا في أضيق الحدود ، ولنتجاوز عن بعض الخطأ في أداء الحركات أو عدم الخشوع مثلا. ولنَقصُر الاعتراض واستخدام سلطتنا على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها ، كالصلاة بدون وضوء مثلا.
استعن بالله تعالى دائما ، ولا تحزن وادع دائما لابنك وابنتك ولا تدع عليهم أبدا ، وتذكر أن المرء قد يحتاج إلى وقت ، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله ، فالأبناء في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعامَلنا معهم بمنتهى الهدوء، والتقبل وسعة الصدر والحب.
ــــــــــــــــــ
أغنياء مع فقراء في حفل زواج رائع
بعض النساء تتكلف وتقيم الأعراس والحفلات الصاخبة خوفاً من كلام الناس وطلباً لرضاءهم وإعجابهم،
اذا ترغب في إقامة عرس كبير يجمع الأقرباء والأصدقاء فلنجعله حفلاً إسلامياً خالياً من المنكرات والمخالفات.
وإليك تصور بسيط لمثل هذا الحفل. الذي سيختلف شكلاً من امرأة إلى أخرى حسب إبداعها ونشاطها.
1- وجهي دعوة الحضور إلى قريباتك وجيرانك ومن تحبين حضوره، ولا تفرقي بينهم فاحرصي وكذا الحال بالنسبة لزوجك أو أبيك مع الرجال.
2- تهيئة المكان المناسب للمدعوات مع معرفة أعدادهن حتى تتمكني من إكرامهن على أحسن وجه، وحبذا أن يكون مكان النساء بعيداً عن الرجال، وحتى لا يسمع الرجال أصواتهن، وحتى تأخذ النساء راحتهن بدون قيود.
3- إعداد مكان مريح لمن يشتكي ألماً أو به علة.. والعناية بكبيرات السن من الحاضرات أمر رائع..
4- الاستئذان من ولاة الأمر في وضع صندوق للتبرعات حتى يتسنى لمن تشتاق نفسها فعل الخير أن تمد يد العون لمن يحتاج .
5- الحرص على الأطفال ومن الأفضل أن يكون الأبناء الأولاد مع الأب، والبنات والصغار جداً يكونون مع الأم، وهذا هو الأفضل، وجذبهم إلى السماع والتجاوب أمر مطلوب.
6- المشاركة بالقصائد الجميلة والنوادر والملح والفكاهات التي لا تفسد الدين وتثري على الجو المرح والسعادة.
ثم القيام لصلاة العشاء.. وبعدها تناول وليمة العرس.. ويجب الحذر من الإسراف والتبذير أو العكس البخل والتقتير.. وإذا تبقي من الطعام والشراب.. فلتطعم المسلمة جيرانها أو بعض العمال المسلمين الذين يعرفهم الرجل.. المهم أن لا يفسد أو يرمى وهناك محتاجين،- معوزين في البلد.
بعد تناول طعام العرس.. توزع أسئلة وبطاقات وألغاز لكي تتنافس في حلها الحاضرات.
7- إتاحة الفرصة كي تنصرف المدعوات باكراً فذلك احترام لها ولأهل بيتها.. فالسهر لا يفيد الإنسان إلا إذا كان عبادة.. وبعض الناس من عادتهم عدم السهر والنوم مبكرين إستعداداً لا أعمالهم أو مدارسهم.
8- عند إنصراف الحاضرات عليكن بتقديم الأشرطة الإسلامية والكتيبات النافعة كهدية لهن، ولابد من توزيع الحلوى على أطفالهن، ولهن شخصياً .. حتى يعرفن مدى جمال الحفل الإسلامي فلا ضجيج ولا تضييق ولا تأخير.. بل إكرام ودين ويسر وسرور وخير.
9- الحرص على أن تخرج النساء بدون المرور من بين الرجال.
10- إذا كان لدى الرجال رجل علم ودين وحتى لا تمل الحاضرات.. أو محاولة سماع ولو جزء منها. إذا كان لدى الرجال أحد المشايخ أو طلاب العلم وألقى محاضرة فلا مانع من أن تسمعها النساء الحاضرات بشرط عدم خلخلة البرنامج الخاص بهن وكي لا تمل الحاضرات أو محاولة سماع ولو جزء
11- أن من تقيم حفلاً كهذا عليها أن تتحلى بالصفات الجميلة التي تجذب القلوب والعقول وأن تختار من الأخوات اللاتي يحملن مثل صفاتها الكريمة مثل الصبر، التواضع، الاحترام، السماحة، والحرص والبلاغة وحسن الاستقبال وبراعة التعامل مع الصغار والكبار.. والأخت التي يكون صبرها قليل، وفيها شيء من الدلال المغرور فلا تكن من ضمن اللاتي يساهمن معك حتى لا تحرجك مع المدعوات وكذا بقية الصفات التي تنفر الناس من بعضهم مثل الصفاقة الغلاظة وغيرها.. جنبنا الله إياها..
12- إذا كان لا بد من ضرب الدفوف.. فليتم إحضار من تتصف بالصفات الحسنة فتنشد القصائد الجميلة بصوت جميل 13- لبس الملابس الجميلة والتزين والتطيب أمر لا خلاف فيه، بل هو المفروض لمثل هذه المناسبة السعيدة لكن في اللباس احتشام وحياء.. ومن تحضر عليها الدعاء للعروسين، والمباركة وعليها احترام أهل الحفل ومن يحضره صغار كانوا أو كبار.. أغنياء كانوا أو فقراء وأن تتجنب المرور أمام الرجال وأن تكون متعاونة مع أهل الحفل وأن تساعدهم من أجل إنجاحه حتى تنال رضا الله ثم محبتهم وتقديرهم..
ــــــــــــــــــ
المراهقة ..والصرعات الحديثة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المراهقة هي السن الحرجة التي يتخوف منها كثير من الأهل لصعوبة التعامل مع الأبناء و لكثرة مطالبهم في تلك الفترة ... و كسر الجمود و الخروج عن التقليدية من أبرز سمات المراهقة و مطالبها , و هذا ينطبق بلا شك على غرف المراهقين , اختيار سمات الغرفة للمراهق لابد أن يشارك فيها بل يختارها بنفسه تحت توجيه و إشراف من والديه بحيث لا يضيقون عليه الخناق و لا يفلتونه تماماً يفعل مايشاء .
قبل عشر سنوات لم يفكر أحداً في أن المراهقين يحتاجون لديكور و أثاث خاص بهم و كان مظهر غرفهم لا يختلف عن ديكور غرف الأطفال إلا ببعض الملصقات على الحائط و ملابس و مجلات ملقاة على الأرض...
و في السنوات القريبة عندما إتسعت أسواق الأثاث الخاصة بغير البالغين تطور العديد من الأفكار الخاصة باحتياجات الأطفال في غرفهم في مختلف أعمارهم .
غالباً ما ينشد المراهقين إلى الصرعات الحديثة و الأشكال الغريبة و قد يتمسك المراهق برأيه ويطلب أن يصبغ غرفته بلون غريب قد لا يراه الأهل مناسب , أو قد يطلب سرير كبير كسرير والديه , أو مصباح غريب الشكل و غير تقليدي و غير ذلك من الأمور التي يقف أمامها الأهل في ذهول خصوصاً مع تمسك المراهق برأيه و جديته في الموضوع .
لذلك كان لابد من مسايره المراهقين في بعض مطالبهم التي لا ضرر منها و عيبها فقط أنها لا تروق للأهل و لأذواقهم .
و هنا بعض النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
- من أبرز مطالبهم في هذا السن أن يكون لهم غرفة خاصة بهم , و في حال توفر إمكانية ذلك فالغرفة الخاصة من حقهم لما يتطلبه هذا السن من خصوصية نتيجة للتغيرات العديدة التي يتعرض لها المراهق و التي جعلته يختلف عن سن الطفولة و لا بأس بدورة مياه خاصة بهم أيضاً.
- يرفض المراهق أي شيء يشعره بأنه ما زال طفل لذلك على الأهل عدم الإلحاح عليه باختيار تصميم طفولي زاهي الألوان كألعاب الأطفال أو الحيوانات أما إن أرادها بنفسه فلا تتعجب فكل شيء معقول في هذا السن .
- تميل الفتيات أحياناً إلى الرومانسية بشكل كبير و يؤثر هذا على اختيارها لألوان و أشكال غرفتها حيث يقع اختيارها على ألوان كالوردي أو البنفسجي و زخارف بأشكال كالقلوب و الأزهار و تميل للسرير المزود بستائر كأسرة الأميرات , و قد تطلب الفتاة غرفة معاكسة تماماً لذلك و لا تتوفر فيها أي صفات للأنوثة كنوع من التمرد فقط .
- قد يطلب أفكار غريبة بخصوص غرفته كأن يطلب طلائها بنفسه و بلون غريب أو يختار سريراً معلق أو أريكة غريبة الشكل أو حتى إكسسوار لم ترى مثله من قبل , و ما دام طلبه في حدود المعقول لا مشكلة في ذلك مع التأكيد عليه أنه المسؤول عن اختياره إذا أكتشف فيما بعد أنه غير مناسب .
- يحتاج المراهق في هذه المرحلة إلى مكتب كبير و مقعد مريح للدراسة كنتيجة طبيعية لتقدمه في مراحله الدراسية وأيضاً إلى مكان يتسع لجهاز كمبيوتر خاص به .
- من الأمور التي يحتاجها المراهق في غرفته المرآة حيث يهتم بشكل كبير بمظهره الخارجي و للفتيات و الصبيان على حد سواء و يمكن أن يضاف للفتيات تسريحة لترتيب و تخزين أدواتها الخاصة بزينتها .
- التخزين من الأمور التي تطور أيضاً مع تقدم سن الأبناء ففي مرحلة المراهقة تزداد الرغبة في اقتناء الأشياء بمختلف أنواعها من ملابس, إكسسوارات , كتب و مجلات ...الخ فلا بد من توفير مكان مناسب لتخزين كل ذلك بشكل جيد .
- الهاتف و الأجهزة الكهربائية الصوتية و المرئية من الأمور التي تثير اهتمام المراهقين خصوصاً الحديث منها فعلى الأهل التوصل إلى اتفاق مناسب بهذا الخصوص مرض و مقنع للجميع .
ــــــــــــــــــ
الحياة حلوة ..اذا أردت
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
قبل الزواج
هناك فئات كثيرة تفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا، ولا تتصور الحكم العظيمة التي شرع من أجلها:
- فمنهم من يرى أنه متعة وشهوة جسدية فحسب.
- ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
- ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
- ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
- ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
وقليل منهم من يرى أنه رسالة! ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
اظفر بذات الدين:
•قال النبي(ص): "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" .
• وقال النبي(ص):" أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ. وأربع من الشقاء المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق " .
الهينة اللينة السهلة:
• قال النبي (ص): "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين، قريب سهل "
إياك وهؤلاء:
قال بعض العرب: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة، ولا منانة، ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة، ولا براقة، ولا شداقة.
حسنة الخلق صابرة:(54/172)
عن ابن جعدبة قال: كان في قريش رجل في خلقه سوء، وفي يده سماح، وكان ذا مال، فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها، فخطب امرأة من قريش جليلة القدر، وبلغها عنه سوء- فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه! إن في سوء خلق، فإن كان بك صبر، وإلا فلست أغرك بي. فقالت له أسوأ خلقاً منك لمن يحوجك إلى سوء الخلق، ثم تزوجته، فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.
التكافؤ:
لا تتزوج امرأة ترى أنها تسدي إليك معروفاً بزواجها منك، واعلم أنك إذا فعلت ذلك فسوف تثحول حياتكما الزوجية إلى نكل دائم وتعاسة مستمرة. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبة المعروف والشريك الأعلى، وبذلك تفقد اعتبارك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القوامة والريادة والمسئولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتك لأنها تنظر إليك على الدوام نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامة ألا تقدم على مثل هذا الزواج.
التقارب:
لا تتزوج امرأة على نقيضك تماما في الذوق والمشارب والاهتمامات؛ لأن هذه الأشياء هي التي تكوّن حياتكما الزوجية متعتها فكلما كانت الشقة بينكما بعيدة كلما فقدت حياتكما الزوجية متعتها. وكلما تزايدت عاداتكما وصفاتكما واهتماماتكما المتشابهة كلما قويت سعادتكما وازدادت فرص نجاحكما.
لا تخفي عيوبك عمن اخترتها أن تكون شريكه حياتك، بل أطلعها على عيوبك كلها، كحدة الطبع، وسرعة الغضب، وشدة الغيرة التي تجاوز الحد المحمود، والحرص الشديد، وغير ذلك، فإن رضيت بك على ذلك فهذا شأنها، وربما استطاعت أن تغير فيك هذه الصفات السلبية وتجعل عوضا عنها صفات إيجابية. أما إذا لم تظهر سوى صفاتك الحميدة، وطباعك الرشيدة، وبالغت في كتمان العيوب، فسرعان ما سيتكشف أمرك بعد الزواج، وستظهر بصورة الكاذب المخادع أمام زوجتك، وهذا نذير بالخطر المحدق بحياتكما الزوجية.
اتفقا على كل شيء قبل الزواج حتى لا تكثر بينكما الخلافات بعد الزواج، ومن الأشياء التي يجب الاتفاق بشأنها:
• طبيعة ومكان وأثاث منزل الزوجية
• كيفية الإنفاق.
• عمل الزوجة.
• خروج الزوجة.
• نظرتكما للمناسبات والعادات الاجتماعية.
• وقبل ذلك الاتفاق على هدفكما من الزواج، بل في الحياة كلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
بعد الزواج
(1) ارض بما قسم الله لك:
إذا تزوجت امرأة فيجب عليك أن ترضى بها زوجة لك، إذ لا مفر لك من ذلك، ولن تجني من وراء بغضك لها وكرهك إياها إلا الحسرة والتعاسة والفشل في الحياة.
اعلم أن أهم ما ينبغي لك إدراكه هو أن سعادتك في الزواج تتوقف على ما تفعله بعد زواجك، فإذا كنت شخصاً متزناً عاقلاً خالياً من العقد النفسية، مستقيماً على شرع الله، ففي استطاعتك أن تحقق لنفسك السعادة في الزواج، فالزواج برغم مشكلاته ومصاعبه هو أفضل طرق الحياة وأرضاها.
جدد حبك لزوجتك:
لا يمكن أن تستمر سعادتك الزوجية إلا بتجديد حبك لزوجتك، فالحب هو الذي يصنع الزواج السعيد، بل هو الباعث على كل التصرفات الحميدة.
اعلم أن زوجتك ليست أنت:
على الرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بينك وبين زوجتك، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك زوجتك من نقاط اختلاف فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة ولابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
لا تظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف:
قد تنشأ الخلافات والمنغصات والمشكلات في أي لحظة، ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، وعند ذلك عليك أن تتقبل هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي لابد منه، وتحاول علاجها بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء فلكل داء دواء، ولكل مشكلة علاج، فلا تيأس من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلع إلى تأسيس حياة زوجية سعيدة.
اعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة.
اعرف طبيعة زوجتك:
إن جانب العاطفة لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل، وقد يطغى عليها هذا الجانب فتقوم بتصرفات خاطئة، والواجب عليك عندئذ ألا تقابل هذه الثورة العاطفية بثورة أخرى غضبية منشؤها إرادتك إظهار رجولتك، فإن الرجولة الحقيقية تعني التعقل في جميع التصرفات، ووضع الأمور في نصابها، وقيادة سفينة الحياة حتى تصل إلى بر الأمان.
لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك:
قال ابن الجوزي: "أكثر شهوات الحسن النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها، فيمل ويطلب شيئاً آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل، أو لا محبة لها أو لا تدبير، فيفوِّت أكثر مما حصل!
وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذهم تلك الساعة ثم ينتقلون إلى أخرى.
• قم باستشارتها في أمورك.
• استخدم معها الأسلوب الرقيق.
• تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
• وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
• مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
• اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
• أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
• قدم لها الهدايا.
• راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
• تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر . تخلص من القلق:القلق عدو السعادة وقاتلهاويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب .لا تكن سريع الغضب:إن التخلص من الغضب بالكلية أمر عسير، إلا أن العاقل لا يكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان، لأن الغضب إذا زاد عن حده خرج عن حدود العدل والرحمة والإنصاف، إلى الظلم والقسوة والإجحاف.
لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
قد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
(24) لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه .
اشترك مع زوجتك في الأعمال الخيرية:
إن اشتراكك مع زوجتك في أعمال خيرية تزيد المحبة بينكما، فالعطاء من الأمور الهامة التي تؤدي إلى مزيد من الترابط بين الزوجين، فعليكما أن تتناقشا بشأن يتيم تكفلونه، أو أسرة فقيرة تدعمونها، أو مشروع خيري كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو حفر بئر أو غير ذلك من المشروعات الخيرية التي يمكن أن تسهمون فيها معاً.
شارك زوجتك متعتها:
إذا كان لزوجتك هواية من الهوايات كالعناية بالزهور وزراعتها، أو القراءة، أو رسم بعض اللوحات الجميلة، أو صناعة بعض التحف البسيطة، فمن الأفضل أن تشاركها في ذلك ولو لبعض الوقت، فإن ذلك يسعدها كثيراً ويقوي ثقتها فيك وفي نفسها.
ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي
تغيب قليلاً:
قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، فهو دائماً يرى امرأته وتراه، ويخالطها وتخالطه، مما ينتج في بعض الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام .اجعل لك أهدافاً عليا في الحياة:
فإن صاحب الأهداف العليا والمقاصد السامية يعرف أن استقراره في الحياة هو السبيل الموصل لتلك الأهداف والمقاصد، وعندئذ يسعى جاهداً لكي يكون مستقراً وسعيداً في حياته.
وأخيراً: كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات.
ــــــــــــــــــ
كيف يسود الحب والود بين أبنائك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
محمد الكاتب
ما هي نقاط العداء بين الأبناء؟ وكيف نستطيع أن نقتلعها من صدورهم، ونزرع مكانها أشجار الحب والوئام؟
أي كيف تجعل ابنك يطبع قبلة على وجنتي أخيه بدل أن يوجه إليه الضربات؟
الجواب: تستطيع أن تقتلع جذور التباغض والعداء من بين أبنائك إذا ما عملت بهذه الوصايا التالية:
أولاً: اعرف متى تطبع القبلة وتوزع الحب.
جاء في الحديث أن النبي (ص) نظر إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال النبي (ص): ((فهلاً واسيت بينهما؟)).
إذاً.. لا تنس في المرة القادمة التي تريد أن تقبل فيها أحد أبنائك، أو تضمه إلى صدرك، وتعطف عليه بالحب والحنان، لا تنس أن عليك أن تفعل ذلك في وقت لا يلحظك فيه أبناؤك الآخرون، وإلا.. فإن عليك أن تواسي بين أبنائك في توزيع القبلات، ويعني ذلك إذا قبلت أحد أبنائك في محضر إخوانه الصغار حينئذ لا بد أن تلتفت إليهم وتقبلهم أيضاً، وإن لم تفعل ـ بالخصوص إذا كنت تكثر من تقبيل أحد أبنائك دون إخوانه ـ فكن على علم أنك بعملك هذا تكون قد زرعت بذور الحسد وسقيت شجرة العدوان بينهم.
وقد أكد الاسلام على هذه المسألة الحساسة، وأعار لها انتباهاً ملحوظاً.
والمطلوب ـ في الحقيقة ـ إقامة العدل بين الأبناء سواء في توزيع القبلات أو في الرعاية والاهتمام بشكل عام.
يقول الرسول الأعظم (ص): ((اعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف)).
وتحضرنا هنا بعض الأسئلة حول وضع الإخوة في الأسرة:
ـ هل الأطفال الأصغر دائماً يحمون حماية زائدة؟
ـ وهل الأطفال الأكبر يجدون قبولاً أكبر أو أقل عندما يأتي أطفال آخرون؟
ـ وهل يكون المولود الأول مفضلاً دائماً؟
ـ وما مركز الابن الأخير والابن الوحيد؟
ـ كيف يكون موقع الابن الجميل والابن القبيح؟
ـ هل هناك تفاضل بين الأبناء وعلى أي أساس يقوم؟
ـ على أساس الجمال، أم على أساس التقوى والعمل الصالح؟
ـ وإذا كان هنالك من تفاضل.. كيف يجب أن يتم إشعار الأبناء به؟
يجيب على بعض هذه الأسئلة أحد الباحثين التربويين فيقول: ((عندما يولد الطفل الثاني، ويأخذ بالنمو والكبر ويدرك ما حوله، لا يجد الوالدين من حوله فحسب، بل يجد كذلك في الميدان أخاه الأكبر الذي سبقه في الميلاد، والذي يفوقه قوة ويكبر عنه جسماً ووزناً.
وكلما كبر أدرك أنه اصبح في مرتبة ثانوية في المعاملة تتضح له من الأمور الآتية: نعطي له اللعب القديمة بعد أن يكون أخوه قد استلمها جديدة واستعملها أمامه، ونعطي له كذلك ملابس أخيه القديمة بعد أن تصبح غير صالحة للاستعمال إلا قليلاً.
والذي يزيد الطين بلة، ميلاد طفل ثالث في الأسرة يصبح موضع رعاية جديدة من الوالدين، فيقل لذلك مقدار الرعاية التي كانت توجه إليه.
وهنا يأخذ الطفل الثاني ترتيباً جديداً بين الإخوة، ويصبح طفلاً أوسط. وإن مركز الطفل الأوسط لا يحسد عليه إذ إنه يكون مهاجماً من الأمام (عن طريق الأخ الأكبر) ومن الخلف (عن طريق الأخ الأصغر).
أما عن الطفل الأخير في الأسرة، فإن مركزه تحدده العوامل التالية نجد أولاً: أن هنالك اختلافاً في معاملة الوالدين له عن بقية الإخوة والأخوات، وميلاً لإطالة مدة الطفولة، لأن الوالدين ـ حينئذ ـ يكونان غالباً قد تقدم بهما السن وأصبح أملهما في إنجاب أطفال جدد محدوداً.
وفي بعض الحالات نجد أن الطفل الصغير الأخير يكون موضع رعاية خاصة و (دلال) الوالدين أو من أحدهما، وهنا تدب نار الغيرة والحقد في نفوس إخوته وتذكرنا أمثال هذه الحالات بقصة يوسف (ع)، وما تعرض له من إيذاء نتيجة كره إخوته له، لإيثار والديه له بالعطف الزائد)).
وبالنسبة إلى مسألة التفاضل، نجد أن بعض الآباء يزدادون حباً وعطفاً على أحد أبنائهم دون إخوته اللآآخرين، ليس لأنه الأجمل أو الأكبر أو الأخير، وإنما لأنه الأفضل نشاطاً وعملاً وخدمة لوالديه.
هنا لا بأس بهذا التفاضل إذا ما كان سراً، ولكن حذار من الطريقة السلبية التي يتم إشعار الإخوان بها. والطريقة السلبية ـ التي يجب اجتنابها ـ هي: أن يقول الأب لأبنائه ـ على سبيل المثال ـ : لا بارك الله فيكم إنكم جميعاً لا تساوون قيمة حذاء ولدي فلان!! أو يقوم باحترام ابنه والاهتمام به دون إخوانه وأخواته.
بينما الطريقة الايجابية تقضي بأن يقوم الأب بمدح الصفات التي يتحلى بها ابنه الصالح دون ذكر اسمه، أو حتى إذا ما اضطر إلى ذكر اسمه فلا بد أن يقول لهم مثلاً: إني على ثقة من أنكم ستحذون حذو أخيكم فلان في مواصفاته الحميدة، ولا شك ـ يا أبنائي ـ أن لكم قسطاً من الفضل في مساعدتكم أخاكم حتى وصل إلى هذه الدرجة من الرقي والتقدم والكمال.
بالطبع ـ عزيزي القارئ ـ إنك وجدت الفارق بين الطريقتين، ففي الطريقة الأخيرة تجد أن الأب يحاول إعطاء التفاضل لأحد أبنائه بصورة فنية دون أن يحرك مشاعر الحقد والحسد في صدور أبنائه الآخرين، تجاه ابنه المتميز لديه، بل بالإضافة إلى ذلك فهو قد دفع أبناءه إلى تقليد أخيهم الصالح عبر إعطائهم الثقة في الوصول إلى مرتبته، وبصورة هادئة وحكيمة.
والتفاضل هنا لا يعني إعطاء أحد الأبناء حقوقاً أكثر، وفي المقابل سلبها من الأبناء الآخرين، كأن يعطي الابن المتميز طعاماً أكثر أثناء وجبة الغذاء أو أن تقدم إليه الملابس الأجود واللوازم الأفضل، لا.. إن هذه الطريقة هي طريقة الحمقى والذين لا يعقلون.
إذاً.. إن آخر ما نريد قوله في هذا الباب هو: المطلوب مزيد من الانتباه إلى هذه الملاحظة الهامة والتعرف ـ جيداً وبحكمة ـ على كيفية توزيع الحب بين الأبناء.
ثانياً: بيّن أهمية الأخ لأخيه.
إذا كنت ترغب في أن يسود الحب والود بين أبنائك فما عليك إلا أن تبين أهمية الأخ لأخيه، وتشرح له عن الفوائد الجمة التي يفعلها الإخوان لبعضهم البعض.
وهنا يجدر بك أن تسرد لأبنائك الأحاديث التي توضح تلك الأهمية التي يكتسبها الأخ من أخيه.
إذاً.. فالأخ هو المساعد الأيمن لأخيه، وقد تجلى ذلك أيضاً في قصة النبي موسى (ع) حينما قال: (واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري).
بهذه الطريقة تكون قد أشعرت ابنك بأهمية أخيه، وبالتالي قد شددت أواصر العلاقة والمحبة بينهم.
ثالثاً: اسق شجرة الحب بينهم..
الأب الناجح في التربية هو الذي يجسم المحبة بين أبنائه ويقوم باروائها وسقيها كل وقت. وتسأل: كيف يتم ذلك؟ والجواب يأتيك على لسان أحد الآباء، وهو يسرد تجربته مع أبنائه، حيث يقول:
لقد رزقني الله (عز وجل) الوليد الثاني بعد أن جاوز عمر الأول السنتين، وحمدت الله (تعالى) كثيراً على ذلك. وكما هو الحال عند كل الأطفال، أخذ ولدي الأول يشعر تجاه أخيه، كما يشعر الانسان تجاه منافسيه، كان ينظر إليه باستغراب ودهشة وعدم رضى، وكأن علامات الاستفهام التي تدور في مخيلته تقول: لماذا احتل هذا الغريب مكاني؟ من هو هذا الجديد؟ هل يريد أن يأخذ أمي مني؟ وبدأ الحسد والغيرة يدبان في نفسه حتى أنه تسلل إليه وصفعه وهو في مهده. لقد كانت تلك هي آخر صفعة، حيث أدركت على الفور أنه لا بد من وضع حل ناجح يمنع الأذى عن هذا الرضيع. فكرت بالأمر ملياً حتى اهتديت إلى فكرة سرعان ما حولتها إلى ميدان التطبيق، حيث جئت ببعض اللعب الجميلة والمأكولات الطيبة، ووضعتها في المهد عند طفلي الرضيع، ثم جئت بولدي الأكبر وأفهمته بالطريقة التي يفهمها الأطفال أن أخاه الصغير يحبه كثيراً وقد جاء له بهدايا حلوة وجميلة، ثم أمرته بأن يأخذها منه، فأخذها وهو فرح مسرور لا يخامره أدنى شك في ذلك. ومنذ ذلك اليوم لم أترك العملية هذه، حيث أوصيت زوجتي بأن تقدم أكثر الأشياء التي تريد تقديمها لوليدنا الأول أن تقدمها باسم الصغير وعبره، مثلما فعلت أنا في بادئ الأمر. وكل يوم كان يمضي كان ولدي الأكبر يزداد حباً لأخيه حتى وصل به الأمر إلى البكاء عليه فيما لو أخذه أحد الأصدقاء وقال له مازحاً إنني سأسرق أخاك منك!
كان ذلك بالنسبة للأطفال الصغار، بينما السؤال الآن: كيف نزرع الحب بين الأبناء الكبار؟
تستطيع أن تحقق ذلك عبر الطرق التالية:
الطريقة الأولى: ادفع أبناءك ليقدم كل واحد منهم هدية لكل أخ من إخوانه، سواء عبر إبلاغ كل واحد منهم بطريقة مباشرة أو عن طريق توجيههم إلى القيام بهذا العمل بطريقة غير مباشرة، أو من خلال الطريقتين معاً، وإن كان نفضل الطريقة غير المباشرة.
يقول رسول الله (ص): ((الهدية تورث المحبة))، ويقول (ص) أيضاً: ((الهدية تفتح الباب المصمت)).
الطريقة الثانية: ادفع أبناءك للتزاور والتواصل بينهم فإنه ليس هناك شيء يمتن العلاقة والحب بين الإخوان مثل الزيارة.
والجدير بك أن تعلمهم هذه الأحاديث الشريفة التالية حتى تدفعهم ذاتياً للقيام بالتزاور فيما بينهم:
يقول رسول الله (ص): ((من زار أخاه في بيته قال تعالى: أنت ضيفي وزائري وقد أوجبت لك الجنة لحبك إياه)).
الطريقة الثالثة: ادفعهم إلى المصالحة والمعانقة فيما بينهم.
يقول الإمام الصادق (ع): ((إن المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه، فينظر الله إليهما والذنوب تحات عنهما حتى يفترقا، كما تحت الريح الشديد الورق من الشجر)).
ويقول رسول الله (ص): ((المصافحة تذهب الغل)).
رابعاً: اقض على الظلم والحسد فيهم.
ابحث عن أسباب الشقاق وبواعث الحقد والخصام بين الأبناء ثم اقتلعها من الجذور وازرع مكانها رياحين المودة والأخاء.
ومن أسباب الخصام السيئة هي: الاعتداء والظلم والحسد.
فلو كان أبناؤك يعتدون على بعضهم البعض، ويمارسون الظلم وفي صدورهم يعشعش الغل والحسد، حينئذ فلا غرابة إذا لم تجد فيهم الحب والود والإخاء.
ترى كيف يمكن أن يحب الصغير أخاه الكبير، وهو يقاسي من مرارة ظلمه وعدوانه.
إن وجدت الكثير من الأبناء يمارسون أقسى أنواع الظلم بحق إخوانهم وأخواتهم فهم يمارسون الضرب القاسي، ويسلبون حقوق الإخوان في الأكل والمنام والملبس وكل شيء.
وأحياناً كثيرة تجد أن الأخ الأكبر في العائلة يصبح مستبداً إلى آخر حد، يقوم بأحكام سيطرته الحديدية على أخواته مكسورات الجناح، وكأنه سلطان جائر.(54/173)
هنا لا بد أن يتدخل الأب ويفك القيد ويرفع الظلم، وإلا فإن الأبناء ـ كلهم ـ سيصحبون على شاكلة أخيهم الكبير، لأن الأجواء الملتهبة تخلق من أفراد الأسرة وحوشاً ضارية، تضطر الكبير أن يستضعف الذين هم أصغر منه، وهكذا بالتسلسل حتى آخر طفل.
وهكذا الأمر تماماً بالنسبة للحسد، فالأبناء الذين ينامون على وسائد الحسد ويلتحفون بلحاف الحقد والضغينة، وتنمو في صدورهم أعشاب الغل، هؤلاء الأبناء يعيشون حياة ضنكاً، لا تجد للمحبة أثراً فيها.
فالحسود بطبعه يبغض الآخرين، ويكنّ لهم الحقد والكراهية، ولربما تسول له نفسه القضاء على من يحسده، كما فعل قابيل بأخيه هابيل من قبل.
من هنا، فإذا ما كنت تريد أن يسود الحب والود بين أبنائك، فلا مناص م رفع أي بوادر سيئة مثل الظلم والحسد من بين أبنائك.. بل ولا بد أن تقتلها وهي في المهد قبل أن تترعرع وتكبر.
خامساً: اجعل الحوار والتفاهم وسيلة لحل المشكلات.
هنالك بعض الأبناء لا يعرفون طريقاً لحل المشكلات غير طريق المشاجرة والاشتباك الحاد، وكأنهم أعداء وليسوا إخواناً!
ترى.. لماذا لا ينتهجون سبيل الحوار الهادئ بينهم؟
بالطبع إن السبب يرجع إلى الوالدين فهما المسؤولان عن خلق الأجواء والعادات والتقاليد في العائلة.
لذلك.. من المفترض أن لا ينسى الآباء تعليم أبنائهم عادة الحوار والتفاهم الرزين بدل أسلوب المناقشات العصبية والمشاجرات الصاخبة.
والمسألة لا تحتاج إلى فلسفة وتنظير، إذ يكفي لأحد الوالدين أن يستوقف أبناءه، في حالة حدوث أول صراع كلامي ويبدأ يحل لهم المشكلة بالتفاهم والسؤال الهادئ.
ونضرب مثالاً على ذلك: كثيراً ما يحدث أن يتشاجر طفلان على لعبة معينة، ويبدأ كل منهما يجر اللعبة. هنا على الأم أو الأب أن يسرع إلى ولديه، ويحاول أن يرضي أحد الطرفين بالتنازل، مثل أن يقول لهما: ليلعب كل واحد منكما بهذه اللعبة نصف ساعة.. واحداً بعد واحد.
وهكذا على أي حال فالمهم أن ينهي المسألة بالتفاهم وبمرور الزمن يتعلم الأولاد هذه العادة الحسنة في حل أي مشكلة تطرأ لهم، فيقضون بذلك على أي سبب للخصام قبل أن يفتح عينه للحياة.
سادساً: عرفهم.. حقوق الإخوان.
وهذه الحقوق يبينها رسول الله (ص) في حديثه التالي حيث قال (ص): ((للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقاً، لا براءة منها إلا بأدائه، أو العفو:
يغفر زلته، ويرحم عبرته (إن من واجب الأخ تجاه أخيه أن يخفف عنه حزنه ويهون عليه رزيته)، ويستر عورته (إذا رأى بادرة سيئة من أخيه، أن يسترها ولا ينشرها)، ويقيل عثرته (من صفات المؤمن، أن يمتلك قلباً كبيراً وصدراً رحباً يستوعب بها عثرات إخوانه)، ويرد غيبته، ويقبل معذرته.. (يقول الإمام علي (ع): اقبل عذر أخيك، وإن لم يكن له ذعر فالتمس له عذراً)، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعوده في مرضه، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويحسن جيرته، ويكافئ صلته، (فإن قدم له خدمة فلا بد أن لا ينساها حتى يقدم له خدمة مماثلة)، وأن يشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته (زوجته)، ويقضي حاجته، ويستنجح مسألة (أي يسعى لنجاح مسائله بأي شكل كانت وفي أي مجال)، ويسمت عطسته (فإذا عطس الأخ ـ أو أي أحد من الجالسين ـ لا بد أن يقول له الانسان: ((يرحمك الله)) ويدعو له)، ويرشد ضالته، ويطيب كلامه (أي يقول له: طيب الله أنفاسك)، ويوالي وليه (أي يصادق صديقه)، ولا يعاديه (لا يصبح عدواً لصديق أخيه)، وينصره ظالماً ومظلوماً (فأما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه)، ولا يسلمه (لا يتركه فريسة عند العدو، ولا يتجاهله عند الخطر)، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسهن ويكره له ما يكره لنفسه)).
بعد أن يكون أبناؤك قد تعلموا هذه الحقوق وأدوها تجاه إخوانهم ـ حينئذ ـ لا تخش على نور الحب أن ينطفئ بينهم، بل وكن على أمل كبير من ازدياد شعلة الحب والمودة بصورة مستمرة ودائمة.
------------------------------
المصدر:مجلة نور الاسلام 49 ـ 50
ــــــــــــــــــ
دور الأب في توفير الأمن للطفل
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
د. علي القائمي
يحمل الطفل غالباً انطباعاً عن والده بأنه الأقوى والأعلم والأقدر في محيط الأسرة، وهو الذي يصدر الأوامر والنواهي ويواجه مختلف الأحداث.
فالطفل يذكر عادة ما يحتاجه لوالديه حتى يقوما بتوفيره، لكنه يلجأ إلى أبيه ويعتبره مديناً له في توفير أمنه. فهو قد شاهد عدة مرات كيف أن جميع أفراد الأسرة يلجأون إلى الأب عند الحالات الصعبة والظروف الحساسة، ولا يعتقد ـ عملياً ـ بوجود من هو أكثر كفاءة أو قدرة منه.
تأثير الأمن على النمو:
ويحتاج الطفل بشدة إلى الأمن في كل أقسامه، فهو يحتاج إلى الأمن في المجال الاقتصادي، والانضباط لدى مواجهته لمختلف الحوادث، والأمن الفكري والعاطفي وغير ذلك.
ولا يمكن أن يتم نمو الطفل إلا في محيط الأسرة الآمن، ويصدق هذا حتى على النمو الجسمي أيضاً. إذ سيتوقف نمو الجسم فيما لو انعدم الأمن بالمقدار الكافي كما أشارت إلى ذلك مختلف الدراسات والبحوث. ويتسم مثل هؤلاء الأطفال بأجساد هزيلة وأجسام نحيلة ونحيفة، وإنهم ينظرون إلى عالم الوجود بنظرات موحشة، ويحملون انطباعاً لا يمكن معه الاعتماد على أي إنسان أبداً، ويشعرون بأن الظلام والبرق والرعد يهددهم ولا ملجأ لهم سوى الآباء الذين يمكنهم أن يحموهم ويطردوا عنهم الخوف، وهذا الإحساس ضروري لنمو الطفل جسدياً وعاطفياً وخلقياً.
الوظائف في هذا الطريق:
لذا يمكن القول إن وظيفة الأب لا تقتصر على توفير نفقات الأسرة وما تحتاج إليه من المأكل والملبس فقط، بل عليه إضافة إلى ذلك أن يتواجد بين أفراد أسرته، وذلك التواجد مهم لتوفير الأمن لهم.
ويمكن وصف الأب في محيط أسرته كالبطل الذي ينجز جميع المهمات، ويعوض جميع النواقص. إذ ما فائدة توفير الحاجات فيما لو لم يتمكن الأب من توفير الأمن إلى جانبها، حيث إن الطفل سيفقد قابلية الاستفادة من تلك الحاجات.
كما يعتبر الأب الرابط بين البيت وخارجه، ويمكن للحوادث التي تطرأ خارج البيت أن تأخذ طريقها إلى داخل البيت فتزرع الخوف والقلق في قلوب أفراد الأسرة، ولا يتمكن سوى الأب أن يهدئ من روع الأفراد ويحثهم على الصبر والاستقامة.
مَن الذي يدخل الاطمئنان إلى قلب الطفل عندما تمرض أمه؟
مَن الذي يشجع الطفل ويدافع عنه عندما يشعر بالخوف من الناس أو من زملائه وأصدقائه في المدرسة فيزيل عنه هذا الكابوس ويدفعه لأن يتقدم في حياته؟
خطر فقدان الأمن:
لا بد من توفير المقدمات التي يطلبها تحقيق الأمن، وينبغي على الأب أن يقوم بدوره في هذا المجال بأحسن شكل. وقد قلنا سابقاً بأن فقدان الأمن يؤثر سلباً على نمو الطفل في مختلف المجالات، وسيكون عاجزاً عن أداء دوره في المجتمع وعن أن يكون عضواً فعالاً فيه.
فقد أظهرت الدراسات العديدة التي أجريت بهذا الشأن أن فقدان الأمن يقلل من الشهية للطعام، ويصيب الطفل بعسر الهضم والهزال والمرض أخيراً، كما أنه يؤدي أيضاً إلى إيجاد الخوف والاضطراب عند الطفل مما يجعله جاهزاً لممارسة بعض التصرفات المرفوضة كالإدعاءات الكاذبة والشقاوة والعصيان، وبعض الاضطرابات السلوكية الأخرى.
وقد كشفت الدراسات أيضاً بأن الأطفال الذين لا يشعرون بالأمن إلى جانب آبائهم يتصفون بالنفاق والخوف والصمت والهدوء والكآبة أحياناً، أو يصابون بعقد نفسية في أحيان أخرى، وينصاعون إلى القوانين دون نقاش ويكونون بالنتيجة أفراداً غير أسوياء.
وأشارت دراسة أخرى إلى أن الطفل الذي يشعر بحاجته إلى الأمن يلجأ بلا شك إلى شخص أو أشخاص آخرين فيما لو قصر والده في هذا المجال، وسوف يبتعد في الحقيقة عن عائلته وأسرته وينفصل عنها، وهذا يشكل بحد ذاته الأساس للعديد من المفاسد (الأخلاقية) والسلوكية التي يصاب بها الطفل. وسوف ينظر إلى والده يائساً منه لأنه يحمل عنه انطباعاً بأنه ضعيف وغير منضبط.
الأب هو الملاذ:
فالأب هو ملاذ الأسرة وحاميها، ويجب عليه أن يترجم هذا المفهوم عملياً لأطفاله، لأن الأولاد بحاجة إلى دعمه وحمايته في جميع أمورهم، وسوف يشعرون باليأس فيما لو أدركوا بأن الأب عاجز عن تحقيق ذلك.
فينبغي على الأب أن يتصرف في محيط أسرته بصورة تسمح للطفل بأن يرتمي في أحضانه متى ما أدركه الخطر، وأن يشعر بالاستقرار عندما يكون إلى جانب أبيه، وهذا من ضروريات نمو الطفل وسلامته.
لذا حري بالأب أن يكون شجاعاً جريئاً ومقاوماً لمختلف الحوادث، فالأب الذي يعتريه الخوف والاضطراب عندما ينظر إلى مشهد مخيف أو تواجهه مشكلة معينة لا يمكنه أن يوفر الأمن لطفله، ويجب عليه أن لا يكشف عن اضطرابه أمام طفله أبداً.
فالطفل يحتاج إلى أب شجاع وقوي يقف إلى جانبه في الأزمات والمشاكل، ويكون قادراً على ممارسة وظيفته ومسؤوليته في توفير الأمن والاستقرار النفسي والخلقي، وهذا من حاجات الطفل الضرورية حتى في السنوات الأولى من عمره.
الأمن في الأسرة:
البيت هو المكان الآمن والملاذ لجميع أفراد الأسرة عندما تواجههم المشاكل. وإنه لذنب عظيم قيام الأب بتشجيع أولاده للهروب من البيت من خلال تصرفاته السيئة وشعورهم بفقدان الأمن، وسبب ذلك هو عدم وعي الأب لمسؤوليته.
فالأب هو الذي يرفع معنويات أفراد أسرته ويكون ملاذاً لأطفاله في الشدائد، ويوفر لهم الأجواء الملائمة للحركة والنشاط.
ويمكن لعامل الأمن أن يساهم في تفعيل النشاط الفكري للطفل وتوجيهه نحو مجالات مفيدة، ودفعه إلى الأمام دائماً.
وحري بالأب أن يتصرف وفق سلوك بين حتى يكون الولد قادراً على العيش مرفوع الرأس ومفتخراً، إذ لا يكفي الشعور بالجرأة والشجاعة لوحده عندما يصاب الطفل بحالات الخوف والاضطراب.
وأخيراً فإن الطفل لا يمكنه التقدم والتحلي بالصدق والأمانة إلا في ظل المحيط الآمن للأسرة.
-------------------------
المصدر: مجلة نور الاسلام 57 ـ 58
ــــــــــــــــــ
تكوين الأسرة المسلمة
د. عيسى العمري
إن الأسرة هي الخلية الأساسية التي يتركب منها جسم المجتمع الكبير، وما المجتمعات إلا مجموعة أسر تعيش معاً، ترتبط فيما بينها بقوانين وأنظمة تحكمها، وبذا تتكون الدولة ويكون الوطن.
فإذا كانت الخلية الأساسية (الأسرة) سليمة قوية كان المجتمع كله سليماً قوياً، وإذا كانت الأسرة مفككة في علاقاتها، متباينة في الفكر والسلوك، انعكس ذلك كله على المجتمع فاصبح مفككاً مهزوزاً ومهزوماً، ولقد اهتم ديننا الحنيف بمراحل بناء الأسرة حتى تستقيم مهامها وتؤتي ثمارها كخلية صالحة في المجتمع ليصلح المجتمع كله.
وأول مراحل بناء الأسرة هو اختيار الزوجة، فقد وجهنا الشرع الحنيف عند العزم على تكوين الأسرة أن نحرص على اختيار الزوجة، حيث إنها أهم ركن من أركان الأسرة، إذ أنها المنجبة للأولاد، وعنها يرثون كثيراً من المزايا والصفات، وفي أحضانها تتكون عواطف الطفل وتتربى ملكاته، ويكتسب كثيراً من عاداته وتقاليده، ويتعرف دينه، ويتعود منها السلوك الاجتماعي إلى حد كبير.
وإن رسول الله (ص) قد أرشدنا لأن ننتقي الأزواج فنختار الأفضل منهن، صاحبة الدين والخلق، قال عليه الصلاة والسلام: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
ومعنى ذلك إن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع، فاحرص أنت على ذات الدين واظفر بها واحرص على صحبتها والزواج منها.
فاختيار الزوجة الصالحة أول خطوات السير الصحيح لبناء الأسرة القوية المتحابة المترابطة، القادرة على تنشئة الأبناء نشأة سليمة، حيث تربيهم على أدب الاسلام وتصقلهم بالإيمان، وبمثل هذه الأسرة يقوم المجتمع كله على أساس كريم وبناء متين، يضطر كل من يعيش فيه أن يتخلق بعاداته ويتأدب بآدابه.
ولما كانت تربية الأطفال هي الخطوة الأولى التي تبدأ بها الأسرة مهماتها، لذا فلا بد من العناية التامة بتلك الغراس الصغيرة واللبنات اللينة حتى تشب على أساس متين وفكر سليم وسلوك قويم، وصدق رسول الله (ص) في قوله: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)).
فالطفل بجوهره خلق قابلاً للخير والشر جميعاً، وإنما أبواه يميلان به إلى أحد الجانبين.
والأولاد والزوجة إنما هم أمانة عن الآباء، وفي صحائفهم يكتب ما يفعلون، وإنهم عند الله تعالى عنهم المسؤولون، فحذار من ضياعهم وإهمالهم. قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم)) (سورة الأنفال 27 / 28).
ولكي يكون البيت مسلماً حقاً والأسرة التي تملؤه قوية متحابة، لا بد أن تكون أعمالهم نموذجاً عملياً لما يطلبه الاسلام، وقدوة حسنة لمن جولهم من الجيران، وعلى المسلم أن يستشعر عظم مسؤوليته تجاه أهل بيته وإنهم أمانة في عنقه، وعليه أن يتقي الله فيهم رعاية وعناية وتربية وسلوكاً.
وبما أن الأمر بهذه الخطورة فإليك بعض التوصيات الخاصة بالبيت المسلم في مختلف الجوانب، آملين أن يتدارسها الآباء والأبناء والأمهات بعناية ودقة، ويقوموا بالعمل على تحقيقها في بيوتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، راجين أن يكون فيها الفلاح والصلاح في الدنيا والآخرة.
ـ ففي الجانب التعبدي:
ـ أن يقوم الأفراد المكلفون بأداء الفرائض في أوقاتها، وأن تؤدي الصلوات في جماعة في بيوت الله ما أمكن، لقوله تعالى: ((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)) (التوبة آية 18).
ـ أن يخصص كل فرد في الأسرة من البالغين كل يوم وقتاً لتلاوة جزء من كتاب الله تعالى، لوصية رسول الله (ص): ((اقرؤوا القرآن في شهر)) قال رجل: يا رسول الله إني أجد قوة، قال: ((اقرأه في اسبوع...)) فعلى المسلم أن يقرأ في كل يوم جزءاً، فإذا تعسر ذل يتلو بعضه، وعلى مسمع من أهل البيت جميعاً لكسب الثواب وبركة القرآن الكريم.
ـ أن يعتاد أفراد الأسرة على صيام التطوع ولو يوماً في الأسبوع على الأقل.
ـ أن يعود الرجل أهله على قيام الليل ولو مرة في الاسبوع كذلك.
ـ أن يكون الرجل قدوة لزوجه وأبنائه وسائر أهله في الالتزام بالعبادات والمداومة عليها في أوقاتها.
ـ أن يعلم الرجل أهله وأبناءه بعض الأذكار الواردة عن رسول الله (ص) في المساء والصباح وحين الحاجة، مع صدق التوجه إلى الله تعالى عند الدعاء، والاستعانة بالله وحده لا شريك له.
ـ أما في الجانب السلوكي:
ـ فيلزم رب الأسرة أن ينفر أهله ويحذرهم من سائر العيوب الاجتماعية السارية والتي حذر منها الاسلام، كالغيبة والنميمة والشتم والسخرية من الآخرين وإيذائهم والكذب وغير ذلك، لقوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن، ولا تلموا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)) (الحجرات آية 11).
ـ إلزام أهل بيته من الاناث بارتداء الزي الشرعي الكامل والظهور بمظهر القدوة الحسنة للناس وتعويدهن على ذلك منذ الصغر، والأدلة على ذلك ظاهرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله.
ـ تعويد أهل بيته الآداب الاسلامية في الأكل والشرب، كالأكل باليمين والبدء باسم الله، لتوجيه رسول الله (ص) لأحد أصحابه: ((سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك))، وكذلك تعليمهم أدب المعاملة مع الآخرين، مثل طرح السلام والإحسان إلى الناس وصلة الأرحام واحترام الكبير والعطف على الصغير وأدب الاستماع ونحو ذلك.
ـ أن يعود أهل بيته الصدق والصراحة في القول مع مراعاة الأدب في ذلك، قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) (التوبة آية 119).
ـ أن يحذرهم المجالس المختلطة ويرشدهم إلى الابتعاد عنها ما أمكن، ويراقب سلوك الأبناء خارج البيت ويتابع تصرفاتهم ويسأل عنهم ويتعرف على أقرانهم وأصدقائهم ونوعايتهم، فيحذرهم من مخالطة الأشرار ويحثهم على مصاحبة الأخيار حفاظاً على أخلاقهم وسلوكهم.
ـ في الجانب التثقيفي:
ـ على رب الأسرة أن يعمل على تزويد بيته بمكتبة ثقافية هادفة تتناسب مع مستوى الزوجة والأبناء ما أمكن، فيحرص على تزويدهم بالمجلات الاسلامية النافعة والكتب الثقافية الهادفة، إضافة إلى كتب في الفقه الميسر والحديث الشريف والسيرة النبوية.
ـ تخصيص وقت في الاسبوع ولو مرة واحدة تلتقي فيه الأسرة على مدارسة موضوع فقهي أو تربوي هادف.
ـ أن يكون الأب ضابطاً حازماً عند استخدام جهاز التلفاز بحيث يمنع مشاهدة ما تضر مشاهدته من برامج وأفلام وأغان لا تتناسب مع أدب الاسلام وأخلاقه.
ـ أن يعود أهله على استماع الأخبار المحلية والدولية لتكوين وعي عام عندهم عما يجري في العالم، وكذلك يحثهم على سماع البرامج العلمية والثقافية الهادفة.
--------------------------
المصدر: مجلة هدي الاسلام 1 و 2
ــــــــــــــــــ
الإفراط في محبة الأولاد
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
محمدتقي فلسفي
قال الله تعالى في كتابه الحكيم: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم) آل عمران/ 188.
من عوام نشوء عقدة الحقارة، الإفراط في إبداء مظاهر الحب والحنان بالنسبة إلى الطفل. إن الأطفال الذين يبذل لهم من العناية والحب أكثر مما ينبغي ينشأون في النتيجة معجبين بأنفسهم، فيلاقون طيلة أيام حياتهم، وخاصة عند مواجهة مشاكل الحياة، والشعور بالحقارة والضعة بشدة، فيقدمون على أعمال غير مرضية... وقد يؤدي بهم الشقاء والضغط الروحي إلى الجنون والانتحار.
أن المحبة ضرورية لنمو روح الطفل كالغذاء الضروري لنمو جسمه. وإن أهمية التوازن الصحيح في كم المحبة وكيفها وأسلوب إظهارها لا تقل عن أهمية المحبة ذاتها. وكما أن لكل من التقليل من الغذاء، والإكثار منه، وتسممه، أثراً في بدن الطفل، كذلك لكل من التقليل من المحبة، والإكثار منها، والمحبة غير موضعها والتي ينحرف بها الطفل آثاراً مشومة في رح الطفل وتسبب له مشاكل كثيرة.
الاعتدال في المحبة:
الهدف من التربية الصحيحة هو أن تقرن حياة الطفل بالسعادة، وتكلل جهوده بالنجاح. إذ الحياة على طولها تتضمن صراعاً مع المشاكل وهكذا يواجه الفرد كثيراً من المنخفضات والمرتفعات والمنغصات والمصائب في مختلف أدوار حياته. والمربي القدير هو الذي يعمل على تنشئة جسم الطفل وروحه على أحسن الأساليب بحيث يعده للمقاومة والثبات أمام صعوبات الحياة.
وكما أن جسم الطفل يقوى نتيجة للمراقبة الصحية، والتوازن في أكله ونومه وحركته ورياضته، ويستطيع من مقاومة البرد والحر، والجوع والعطش، والمرض على أحسن وجه، فكذلك روحه فإنها تنمو قوية في ظل الصحة الروحية والتعاليم الخلقية، والتوازن بين أساليب العطف والحنان والشدة والخشونة... وبذلك يتمكن من الصمود أمام المصائب والمشاكل والإندحارات الروحية.
وبالعكس فإن الأطفال الذين يواجهون المحبة والرأفة الزائدتين، ويستسلم لهم آباؤهم وأمهاتهم بدون أي قيد أو شرط، ويستجيبون لجميع مطاليبهم من صالح أو طالح، وبالتالي ينشأون على الاستبداد والإعجاب بالنفس... فإنهم يحملون أرواحاً ضعيفة ونفوساً سريعة الانهزام من ساحة المعركة، ويتأثرون من دور الطفولة حتى آخر لحظة من العمر من مواجهة أبسط الأشياء، وأخف المصائب، وينكسرون أمام مشاكل الحياة بسرعة.
إن الأفراد الذين نشأوا في ظل الحنان المفرط، هم أتعس الأفراد، لأنهم يعجزون عن حل مشاكل الحياة الاعتيادية، فيلجأون في الشدائد إلى الانتحار متصورين أن النهاية الحتمية لفشلهم يجب أن تبرر بالانهزام من معركة الحياة.
خطأة تربوية:
بالرغم من أن كل أسلوب أهوج يتبعه الوالدان في تربية الأولاد يكون له الأثر السيئ، ويولد نوعاً من الانحراف، فإن الإكثار الضار من المحبة للأطفال يعد من أعظم الأخطاء التربوية. إن العواقب السيئة التي يلاقيها الأطفال بهذه المناسبة مهمة وخطرة. ولقد اهتم جميع علماء النفس بهذا الموضوع في بحوثهم التربوية، ولكل منهم حوله كلام مفصل.
ولأنقل لكم ـ على سبيل الشاهد ـ بعض النصوص لعدد من علماء الغرب:
1 ـ يقول (جلبرت روبين): ((إن تعويد الطفل على الإعجاب بنفسه يورث الغضب الشديد فيه لأبسط الأشياء، والاستبداد في الراي. وفي الغالب يدفعه إلى الرغبة في طلب الجاه، وفي النتيجة يحصل الطفل على القدرة التي تساعده على التقدم، ومع كونه ذا أعصاب هزيلة فإنه ينجح بواسطة الحيلة والشدة. إن جعل الأطفال معجبين بأنفسهم يكون منهم أفراداً تعساء، ضعفاء، عديمي الإرادة)).
((لقد كان أولئك الذين يقولون للأم العابثة بلحن مصحوب بالسخرية: ليس طفلك معجباً بنفسه، بل هو غير صالح... لم يكن كلامهم خالياً عن المبالغة فحسب، بل كان تنبؤهم صحيحاً أيضاً. هناك حالات تتقزز النفوس من مشاهدتها لعدم الالتزام في التربية، لأننا نشاهد في الحقيقة مقتولين أبرياء كان بالإمكان إنقاذهم)).
الأطفال المدللون:
2 ـ يقول (مك برايد): ((الشعور بالدل والغنج أمارة أخرى من أمارات عقدة الحقارة، ويجب البحث عن أساسه في أسلوب التربية الخاطئ المتخذ في دور الطفولة. إن الطفل الذي كان يرى نفسه قرة عين والديه، عندما يكبر ويصبح رجلاً كاملاً يجب أن يكون في جميع نواحي الحياة محبوباً من غير علة ومحترماً لدى الجميع. فعندما يرى أنه لم يعتن به، يفقد الهدوء والاستقرار، ويختل ما صفا من فكره، فإما أن يلتجئ إلى الانتحار، وإما أن يبغض الآخرين. إن عقدة الحقارة التي تنشأ في الناس بهذه الظاهرة مصيبة عظيمة للمجتمع)).
3 ـ يقول (ريموند بيج): ((يجب أن ننبه على بعض الأخطاء في السنين الأولى من حياة الطفل. وأكثرها شيوعاً هو الأسلوب الذي يؤدي إلى غرور الطفل وأنانيته إن المحبة بدون سبب في الأيام الأولى هو التي تسبب غرور الطفل وأنانيته)).
((إن الآباء والأمهات يأملون في الطفل النجاح والسعادة طبعاً، ولهذا فهم يرأفون به أشد الرأفة، ويتملقون له ويبعدون كل عقبة أو مشكلة حتى لو كانت تافهة عن طريقه... وكلما كبر الطفل حاولوا تهيئة وسائل اللعب المناسبة له. إن هذه الأعمال تستوجب الاستحسان في الظاهر. أما في الباطن فإن الخطر الكامن وراءها موحش جداً)).
((إن الفرد الناشئ في ظل الرأفة الزائدة لا يطيق المقاومة أمام تقلبات الحياة، ولا يستطيع الصراع معها)).(54/174)
4 ـ يستشهد (الفرد آدلر) العالم النفسي الشهير، وزعيم المدرسة الفردية في علم النفس بإمرأة ((انتحرت لسبب تافه هو أن جارها كان يعلي صوت المذياع، ولم يهتم باستنكارها المستمر. وأخيراً أقدمت على الانتحار وتدل التحقيقات التي أجراها (آدلر) بهذا الصدد على أن هذه المرأة نشأت منذ طفولتها على الغرور والرضا بالنفس، وكان يحضر إليها في المنزل ما تشاء من دون قيد أو شرط. ولهذا السبب فإنها لم تطق العيش في دنيا تسمع الجواب السالب على ما تطلب فيه)).
الإفراط في المحبة:
لقد حذرت الشريعة الاسلامية الغراء أولياء الأطفال في أسلوب تربيتهم من الإفراط في المحبة. إن الذين يفرطون في الرأفة بأطفالهم، ويدفعونهم بسلوكهم الأهوج هذا إلى الإعجاب بأنفسهم، ملومون من قبل الأئمة (ع). فعن الإمام الباقر (ع) أنه قال: ((شر الآباء من دعاه البر إلى الإفراط، وشر الأبناء من دعاه التقصير إلى العقوق)).
إن العواقب السيئة التي يلاقيها الأطفال نتيجة الإفراط في المحبة تجاههم مهمة جداً وخطرة. ولهذا السبب يعرف الإمام (ع) الآباء الذين يفرطون في التظاهر بالحب والحنان لأطفالهم بأنهم شر الآباء.
إن الطفل مفطور على حب الحرية... إنه يرغب في أن يعمل ما يريد، ويمد يده إلى ما يشاء، لا يمتنع أحد من تنفيذ ما يطلب، ولكن ذلك غير صالح للطفل، لأنه لا يميز الحسن من القبيح، ولا يفهم الخير من الشر. إن المربي الصالح هو الذي يسير وفق مقتضيات العقل في الاستجابة لمطاليب الطفل، فيعمل على تحقيق مصلحة الطفل مع العطف والحنان عليه، ويمنعه متى كان طلبه يخالف صالحه، بكل صرامة، متبعاً في ذلك مختلف الوسائل، من النظرة الشزراء، والإهمال الموقت وما شاكل ذلك.
العواطف التافهة:
هناك بعض الآباء والأمهات الجهلاء ليس لهم أدنى اهتمام بخير الطفل وصلاحه. هؤلاء الوالهون المفرطون في الحب والحنان، الذين أعمى الحب عيونهم، واصم آذانهم... هدفهم الوحيد هو إرضاء الطفل وتنفيذ رغباته، فيعطون المجال له بدون حساب، ويجعلون أنفسهم طائعين فعلاً وممتثلين لأوامر الطفل الصغير، منقادين له تماماً.
كل يوم يزداد من عمر الطفل يزداد إعجابه بنفسه، وتتحكم في نفسه جذور الاستبداد والتعنت بالرأي، ويعود عالة على المجتمع.
هؤلاء الآباء والأمهات، وإن تظاهروا بمظهر الحب والحنان فإنهم في الواقع يحملون معاول لهدم أساس سعادة أطفالهم، ويقودونهم بعواطفهم التافهة ومحبتهم غير المرضية إلى طريق التعاسة، والمستقبل المؤلم.
إن الأطفال الذين يتربون على هذا الأسلوب المذموم، ينشأون معجبين بأنفسهم. وهذا الخلق السيئ من الآفات الروحية الخطيرة، بحيث يترك آثاراً وخيمة على الجسم والروح، وتظهر نتائجه السيئة من خلال أقوال المصاب وأفعاله بكل وضوح.
وبهذا الصدد يقول الإمام علي (ع): ((شر الأمور الرضا عن النفس)).
----------------------------
المصدر: الطفل بين الوراثة والتربية 2 ـ 1
ــــــــــــــــــ
العلاقة بين فساد نظام الاسرة وبين اجرام الأبناء
عمر السعيد رمضان
أن فساد نظام الأسرة يرجع في الغالب إلى عدم مبالاة الآباء أو إهمالهم. ففي كثير من الأسر لا يبذل الآباء جهداً كافياً في سبيل تهذيب أبنائهم والإشراف عليهم، وبمجرد أن يصبح الأبناء قادرين بدنياً على الاعتماد على أنفسهم فإنهم يتركونهم وشأنهم دون رقابة أو توجيه. ونتيجة لذلك يجد الأبناء أنفسهم على اتصال بأشخاص خارج المنزل ويصبح صيرورتهم مجرمين أولاً متوقفاً على نوع النماذج التي يصادفونها في المجتمع الخارجي. وهذا الإهمال من الآباء في تربية أبنائهم يصاحبه في الغالب سلوك إجرامي من جانب الآباء أنفسهم، ومن المحتمل كذلك أن يتحقق هذا الإهمال في الأسر التي تنتمي إلى أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية وتقيم في المناطق الموبوءة المكتظة بالسكان أكثر مما يتحقق في عائلات الطبقة المتوسطة. وتبعاً لذلك فإن احتمال ارتباط الطفل ـ الذي يهمل آباؤه تربيته ـ بكثير من نماذج السلك الإجرامي يكون احتمالاً كبيراً.
وثمة مشكلة أخرى تنصل بنظام الأسرة وتربية الأبناء وتبدو في عائلات المهاجرين. فالآباء الذين يكونون ناجحين في معاملة أبنائهم وتهذيبهم في المجتمع الريفي، يجدون أنفسهم عاجزين عن ذلك متى هاجروا إلى مجتمع حضري. ويرجع السبب في ذلك من ناحية إلى جهل الآباء بظروف الحياة الاجتماعية في المدينة وسرعة إدراك الأبناء لهذه الظروف الأمر الذي قد يحمل الأبناء على النظر إلى آبائهم نظرة استخفاف أو سخرية. ومن ناحية أخرى إن افتقاد المهاجرين مساندة العائلة الكبيرة والجماعة التي يستعينون بها في مجتمعهم الأصيل يضعف من مدى وفاعلية رقابتهم لأبنائهم. ونتيجة لهذه الصعوبة التي تواجهها الأسرة المهاجرة في تربية أبنائها والإشراف عليهم، فإن هؤلاء الأبناء سوف لا يحظون بمساعدة فعالة في توجيه سلوكهم ويجدون أنفسهم على ارتباط بكثير من النماذج الإجرامية التي يصادفونها في المجتمع الحضري.
كذلك من المشاكل التي تتصل بتربية الأبناء مشكلة الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الرعاية كالأيتام واللقطاء. حيث أنه من بين 84 من الأطفال الذين حرموا من آبائهم في سن مبكر وبلغوا سن الثامنة عشرة دون إيداعهم في ملاجئ للأيتام لم يحظ 18% منهم فقط بتقويم كاف، في حين أن 34% من بين 96 طفلاً من نفس النوع سبق إيداعهم في ملاجئ للأيتام لمدة خمس سنوات أو أكثر لم يحظوا بهذا التقويم. والواقع أن الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الرعاية لا يكتسبون في الغالب الشعور بالطمأنينة والثقة بالنفس، كما أن الكثيرين منهم يزجون بغير تحصين كاف في ارتباط مع المجرمين والنماذج الإجرامية.
ويسود الاعتقاد كذلك بأن الأطفال الذين يحرمون من آبائهم ويتولى الغير تربيتهم يميلون إلى الإجرام أكثر من غيرهم من الأطفال. غير أنه من المتعذر التحقق من مدى صحة هذا الاعتقاد نظراً لعدم وجود المقارنات الصحيحة بين الأحداث في خصوص هذه المسألة، وقد يكون من العسير للغاية اختيار العينات الملائمة التي تجري عليها هذه المقارنات. ومن المحتمل أن يكون هذا الاعتقاد مبنياً على ملاحظات عارضة خاصة بأطفال حرموا من آبائهم وأصبحوا مجرمين.
حقيقة الدور الإجرامي للبيئة العائلية:
من التحليل السابق لظروف البيئة العائلية وعلاقتها بالإجرام يمكننا أن نستخلص خمس حقائق رئيسية في شأن الدور الإجرامي لهذه البيئة، نوجزها فيما يلي:
1 ـ إن الطفل يمكنه أن يستوعب أثناء وجوده بمنزل أسرته عن طريق ملاحظة الآباء وغيرهم من الأقارب بعض التصرفات الإجرامية ونماذج السلوك الإجرامي. وهو حينئذ يصبح مجرماً لأنه تعلم أن يكون كذلك في بيئته العائلية.
2 ـ إن الآباء يحددون على السواء الموقع الجغرافي للمنزل والمستوى الاجتماعي للأسرة.
وموقع المنزل له أهميته الكبيرة في تحديد نماذج السلوك التي قد تحيط بالطفل. فإذا كان المنزل في منطقة ترتفع فيها نسبة الإجرام فإن احتمال مواجهة الطفل لنماذج عديدة من السلوك الإجرامي يكون أكبر مما لو كان المنزل في منطقة تنخفض فيها نسبة الإجرام.
وبالمثل إن انتماء الطفل إلى أسرة ذات مستوى اجتماعي واقتصادي منخفض قد يؤثر كثيراً على إنكاره أو تقبله للقيم السائدة في المجتمع.
3 ـ إن أسرة الطفل قد تحدد له المكانة الأدبية لمختلف الأشخاص وكذلك أنماط الأشخاص الذين تربطه بهم فيما بعد علاقات وثيقة فقد يتعلم الطفل في أسرته الابتعاد عن الغرباء أو تجنب أفراد أقليات معينة أو رجال البوليس أو غيرهم. وقد يتعلم أن يقدر الناس بحسب مظهرهم وملبسهم ولهجتهم أو مهنتهم، وهذا التقدير يؤثر فيما بعد على مدى تقبله أو طرحه لنماذج السلوك التي يواجهها في المجتمع. وبتعبير آخر إن الطفل يتعلم في أسرته عدم المبالاة بما يبديه بعض الأشخاص من نماذج للسلوك إجرامية كانت أو غير إجرامية وأن يهتم بالعكس اهتماماً كبيراً بتلك النماذج التي تصدر عن أشخاص آخرين.
4 ـ إن الطفل قد يجد نفسه مضطراً إلى هجر أسرته بسبب ما يواجهه فيها من ظروف أو خبرات غير مرضية، وقد يجد نفسه رغم بقائه في منزل أسرته مضطراً إلى الانعزال عن أفرادها والانطواء على نفسه بسبب تخلف الخبرات السارة. فقد يهرب الطفل من منزل عائلته أو يبقى فيه ولكن في شبه عزلة عن أفرادها رغم استمراره في تناول الطعام والنوم معهم. وهذه العزلة عن العائلة من المحتمل أن تؤدي إلى زيادة ارتباطات الطفل بالنماذج الإجرامية وتقلل من ارتباطاته بنماذج السلوك القويم.
ومع ذلك فمن المتصور في بعض الحالات أن تؤدي هذه العزلة إلى نتيجة عكسية، فقد تكون البيئة العائلية ذات طابع إجرامي وحينئذ يؤدي انعزال الطفل عنها إلى زيادة ارتباطاته بالنماذج غير الإجرامية.
5 ـ إن الأسرة قد تفشل في تدريب أبنائها على علاج المواقف التي تواجههم في المجتمع بكيفية تتفق مع القانون. فقد لا توجد في البيئة العائلية نماذج إجرامية، ولكن تتخلف فيها في نفس الوقت النماذج غير الإجرامية. وهذا الفشل في تقديم نماذج غير إجرامية يرجع إلى نقص في الإشراف على الأبناء وتوجيههم إما بسبب عدم وجود الأبوين أو بسبب عدم اهتمامهم، وأما بسبب حمايتهم المفرطة لأطفالهم في صورة عدم إطلاع الأبناء وإفهامهم لأنواع السلوك الإجرامي التي من المتوقع أن تواجههم في المجتمع فيعملوا على مقاومتها، الأمر الذي يكون من نتيجته أن يفشل الطفل في تنمية العوامل التي تحول بينه وبين الإجرام تلك العوامل التي من المفروض أن ينميها في بيئته العائلية.
والواقع أن معظم العوامل التي تساهم في إجرام الأحداث يمكن إرجاعها إلى الحقيقتين الرابعة والخامسة السابق شرحهما. فاشتغال الأم خارج المنزل، ووفاة الأب، وعدم مصادفة الطفل للظروف الملائمة في منزل العائلة، وعدم مبالاة الآباء بسلوك أبنائهم أو صرامة النظام الذي يفرضونه عليهم وقسوته، كل هذه العوامل تدخل في إطار الحقيقتين الرابعة والخامسة. وهاتان الحقيقتان تبدو أهميتهما في أن انعزال الطفل عن أسرته أو عدم مواجهته في بيئته العائلية بقدر كاف من نماذج السلوك غير الإجرامي من شأنه أن يضاعف من احتمال اتصاله بالمجرمين والتمثل بنماذج السلوك الإجرامي. ويمكن القول بأنه إذا كانت الأسرة تقيم في وسط لا توجد به نماذج للسرقة فإن أبناءها لن يرتكبون هذه الجريمة مهما بلغ إهمال الآباء لهم وبالرغم من كون الظروف في المنزل غير مرضية. وهناك بعض الأحياء المنعزلة يهمل فيها الآباء مراقبة أبنائهم، ويسيئون معاملتهم، ويكونون في حالة فقر مدقع، ويدمنون على السكر، ورغم هذه الظروف العائلية السيئة لا يسلك الأبناء سلوكاً إجرامياً.
عقدة أوديب وعلاقتها بإجرام الأحداث:
وبالإضافة إلى الحقائق الخمس السابقة هناك حقيقة تبدو لها بعض الأهمية في تحديد السلوك الإجرامي للحدث، هي أن الطفل قد يتعود في الأسرة عدم الطاعة، والنفور من السلطة.
ويفسر علماء النفس اعتياد الطفل على عدم الطاعة بعقدة أوديب ويعتبرونها السبب الرئيسي في الإجرام. وتتكون هذه العقدة من كراهية الابن لأبيه بسبب منافسته له في محبة أمه وتودده لها وكونه السلطة العليا في المنزل. ويحول الابن كراهيته لأبيه إلى كراهية للسلطة والنفوذ وميل إلى عدم الطاعة حينما يصبح له نشاط في المجتمع الخارجي. غير أنه من العسير أن نحدد مدى التحول المذكور في إحساس الطفل، إذ من الملاحظ أن كثيراً من الأطفال الذين يعلنون التمرد والعصيان في منزل عائلتهم يسلكون سلوكاً قويماً في منازل الجيران أو في المدرسة.
التوتر النفسي والاضطرابات العاطفية:
إن التوتر النفسي والاضطرابات العاطفية في منزل العائلة تساهم في إجرام الأبناء. فمما لا شك فيه أن التوتر النفسي الذي ينتج من المحاباة أو النبذ أو عدم الطمأنينة أو الشدة البالغة في المعاملة أو الإثارة أو غير ذلك من الظروف المماثلة أمر يميز كثيراً من الأسر ويؤثر على كثير من الأطفال. ويذهب علماء النفس إلى أن المجرم مصاب باضطراب عاطفي مرجعه اضطرابات عاطفية في الأسرة، وهم بهذا الاضطراب يفسرون عادة إجرام الأحداث.
وإذا تساءلنا عن العلاقة بين التوتر النفسي للمجرم واضطرابه العاطفي وبين ارتكابه الجريمة لوجدنا الإجابة على ذلك في إطار الحقيقتين الرابعة والخامسة السابق إيضاحهما. فهذا التوتر النفسي والاضطراب العاطفي للأبناء إذا كان من المحتمل أن يدفعهم إلى الإجرام فإنما يكون ذلك في حدود ما قد يترتب عليه من انعزال الطفل عن أسرته وتبعاً زيادة ارتباطاته بنماذج السلوك الإجرامي وفشل الأسرة في إفهامه للنماذج الإجرامية التي من المتوقع أن يقاومها وتحصينه ضدها. ولكن التوتر النفسي للطفل واضطرابه العاطفي لا يؤدي بالضرورة لصيرورته مجرماً. ويكفينا تأييداً لذلك أن نلاحظ أن الفتاة التي لا تجد عطفاً وحنواً في منزل أسرتها قد تصادف هذا العطف والحنو في علاقات غير مشروعة مع الصبية. ولكنها قد تصادفهما أيضاً خلال مباشرتها لأوجه النشاط المشروع في المدرسة أو في المجتمع. وعليه نعتقد أنه إذا كان من المحتمل أن يكون للتوتر النفسي والاضطراب العاطفي الذين يصيبان الطفل نتيجة للظروف الشاذة في منزل الأسرة أهمية في تسبيب الجريمة فإن ذلك لا يكون إلا في إطار الحقيقيين الرابعة والخامسة السابق شرحهما ولكن لا باعتبارهما سببين قائمين بذاتهما.
---------------------------
المصدر: دروس في علم الإجرام
ــــــــــــــــــ
الإتفاق على نهج تربوي موحد بين الوالدين
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
نمو الأولاد نموا انفعاليا سليما وتناغم تكيفهم الاجتماعى يتقرر ولحد بعيد بدرجة اتفاق الوالدين وتوحد أهدافهما فى تدبير شؤون أطفالهم.
على الوالدين دوما إعادة تقويم ما يجب أن يتصرفا به حيال سلوك الطفل ويزيدان من اتصالاتهما ببعضهما خاصة فى بعض المواقف السلوكية الحساسة.
الطفل يحتاج إلى قناعة بوجود إنسجام وتوافق بين أبويه .
شعور الطفل بالحب والاهتمام يسهل عملية الاتصال والأخذ بالنصائح التى يسديها الوالدان إليه.
مثال على الاضطراب الانفعالى الذى يصيب الولد من جراء تضارب مواقف الوالدين من السلوك الذى يبديه:
زكريا عمره أربعة أعوام يعمد إلى إستخدام كلمات الرضيع الصغيركلما رغب فى شد إنتباه والديه وبخاصة أمه الى إحدى حاجاته فإذا كان عطشا فإنه يشير إلى صنبور الماء قائلا (امبو00امبو ) للدلالة على عطشه .
ترى الام فى هذا السلوك دلالة على الفطنة والذكاء لذا تلجأإلى إثابته على ذلك أى تلبى حاجته فتجلب له الماء من ذاك الصنبور.
أما والده فيرى الالفاظ التى يستعملها هذا الولد كريهة فيعمد إلى توبيخه على هذا اللفظ الذى لايتناسب مع عمره .
وهكذا اصبح الطفل واقعا بين جذب وتنفير بين الأم الراضية على سلوكه والاب الكاره له ومع مضى الزمن أخذت تظهر على الطفل علامات الإضطراب الانفعالى وعدم الإستقرار على صورة سهولة الإثارة والإنفعال والبكاء وأصبح يتجنب والده ويتخوف منه.
أهمية الإتصال الواضح بين الطفل والأبوين
على الوالدين رسم خطة موحدة لما يرغبان أن يكون عليه سلوك الطفل وتصرفاته.
شجع طفلك بقدر الامكان للاسهام معك عندما تضع قواعد السلوك الخاصة به او حين تعديلها فمن خلال هذه المشاركة يحس الطفل ان عليه أن يحترم ماتم الإتفاق عليه لأنه أسهم فى صنع القرار.
على الأبوين عدم وصف الطفل (بالطفل السيء) عندما يخرج عن هذه القواعد ويتحداها فسلوكه السيء هو الذى توجه إليه التهمة وليس الطفل كى لايحس انه مرفوض لشخصه مما يؤثر على تكامل نمو شخصيته مستقبلا وتكيفه الاجتماعى.
كيف تعطى الأوامر الفعالة؟
أحمد أرجوك إجمع لعبك المرمية على الأرض وإرفعها إلى مكانها عندما تخاطب إبنك بهده اللهجة فمعنى ذلك أنها طلب.
أما عندما تقول له ( أحمد توقف عن رمى الطعام أو تعال إلى هنا وعلق ملابسك التي رميتها على الأرض ) فإنك تعطيه أمرا ولاتطلب طلبا .
يتعين على جميع الآباء إعطاء أوامر أو تعليمات باتة حازمة واضحة لأطفالهم وبخاصة الصعبين منهم إزاء سلوكيات فوضوية إو منافية وليس إستجداء الأولاد والتوسل إليهم للكف عنها.
إذا قررت الأم أن تطبق عقوبة الحجز فى غرفة من غرف المنزل لمدة معينة ( وهذه عقوبة فعالة فى التأديب وتهذيب السلوك ) عليها أن تأمر الولد أو البنت بتنفيذ العقوبة فورا وبلا تلكؤ أو تردد.
الأمر الذى نعنيه ليس معناه أن تكون عسكريا تقود أسرتك كما تقود أفراد وحدتك العسكرية وانما أن تكون حازما في اسلوبك.
متى تعطى الأوامر للطفل؟
تعطى الأوامرللطفل فى الحالتين:
1- عندما ترغب أن يكف الطفل عن الاستمرار فى سلوك غير مرغوب وتشعر أنه قد يعصيك إذا ما التمست منه أن يتخلى عنه
2- إذا وجدت أن على طفلك إظهار سلوك خاص وتعتقد أنه سيعصيك لو إلتمست منه هذا اظهار هذا السلوك
كيف تعطى الأوامر للطفل؟
لنفترض أنك دخلت غرفة الجلوس فوجدت أحمد ابنك الصعب القيادة يقفز على مقاعد الجلوس القماشية قفزا مؤذيا للفراش الذى يغلف هذه المقاعد وقررت إجبار الولد على الكف عن هذا العب التخريبي.
هنا تعطىتعليماتك بالصورة التالية:
1- قطب وجهك وإجعل العبوس يعتلى أ مارات الوجه
2- سدد إليه نظرات حادة تعبر عن الغضب والاستياء
3- ثبت نظرك فى عينيه وناده بإسمه
4- اعطه أمرا حازما صارما بصوت قاس تقول فيه : ( أحمد .. أنت تقفز على المقاعد وهذا خرق للنظام السائد فى البيت .. كف عن هذا السلوك فورا ولا تقل كلمة واحدة )
5- يجب أن يكون الامر واضحا وغير غامض.
مثال:
إذا أمرت طفلك بالصيغة التالية : ( سميرة تعالى إلى هنا و ضعي هذه الالعاب على الرف ) فإنها بهذا الأمر الواضح لاعذر لها بالتذرع بأى شىء يمنعها من التنفيذ.
أما لو قلت لها : ( لاتتركي الالعاب مرمية هكذا ) فإنها ستتصرف وفق ما يحلو لها عكس مرادك ورغبتك لأن الأمر كان غير واضحا.
6- لاتطرح سؤالا ولا تعط تعليقا غير مباشر عندما تأمر ابنك او إبنتك فلا تقل له ( ليس من المستحسن القفز على المقاعد) ولا أيضا ( لماذا تقفز على المقاعد ؟ ) لأنه سيرد عليك وبذلك تعطي لطفلك الفرصة لاختلاق التبريرات فالقول الحاسم هو أن تأمر طفلك بالكف عن القفز دون إعطاء أى تبرير أو تفسير
7- إذا تجاهل الطفل امرك وتمادى فى سلوكه المخرب ليعرف إلى أى مدى أنت مصر على تنفيذ أمرك هنا لايجب عليك اللجوء إلى الضرب أو التهديد لتأكيد إصرارك على أمرك فمثل رد الفعل هذا قد يعقد الموقف ويزيد عناد الولد وتحديه لك.
الحل بسيط نسبيا .. ما عليك إلا أن تلجأ إلى حجزه فى مكان ما من البيت لمدة معينة ( وهذا موضح في قسم آخر ).
الأطفال يحتاجون الى الإنضباط والحب معاً
الانضباط يعنى تعليم الطفل السيطرة على ذاته والسلوك الحسن المقبول و طفلك يتعلم إحترام ذاته والسيطرة عليها من خلال تلقى الحب والانضباط من جانبك.
لماذا لا يتمكن الوالدين من فرض الإنضباط على الطفل؟
يجب أن يكون هناك الوعى الكافى لدى الاباء فى الاخذ بالانضباط لتهذيب سلوك أطفالهم وازالة مقاومتهم حيال ذلك.
وهذا يتحقق إذا باشروا برغبة تنبع من داخلهم فى تبديل سلوكهم.
يمكن إيجاز الاسباب المتعددة التى تمنع الأباء من تبديل سلوكهم :
1- الأم الفاقدة الأمل اليائسة :
تشعر هذه الأم أنها عاجزة عن تبديل ذاتها وتتصرف دائما تصرفا سيئا متخبطة فى مزاجها وسلوكها
مثال:
فى اليوم الاخير من المدرسة توقفت الام للحديث عن ولدها أحمد مع مدرسه .. هذه الأم تشكو من سوء سلوك ولدها أينما سنحت لها الفرصة لكل من يستمع لها إلا أنها لم تحاول قط يوما ضبط سلوك إبنها الصغير وعندما كانت تتحدث مع المدرس كان ابنها يلعب في برميل النفايات المفتوح قالت الام :- أنا عاجزة عن القيام بأى إجراء تجاه سلوك إبنى إنه لايتصرف أبدا بما يفترض أن يفغل وبينما كانت مستغرقة بالحديث مع المعلم شاهد الاثنان كيف أن أحمد يدخل إلى داخل برميل النفايات ويغوص فيه ثم يخرج توجه المعلم نحو أمه قائلا لها : أترين كيف يفعل إبنك ؟! فأجابت الأم: نعم إنه إعتاد أن يتصرف على هذه الصورة والبارحة قفز إلى الوحل وتمرغ فيه
الخطأ هنا .. ان الام لم تحاول ولا مرة واحدة منعه من الدخول فى النفايات والعبث بها ولم تسعى إلى أن تأمره بالكف عن أفعاله السلوكية السيئة حيث كانت سلبية متفرجة فقط .
2- الأب الذى لايتصدى ولايؤكد ذاته :
مثل هذا الاب لايمتلك الجرأة ولا المقدرة على التصدى لولده إنه لايتوقع من ولده الطاعة والعقلانية وولده يعرف ذلك وفى بعض الاحيان يخاف الأب فقدان حب ولده له إن لجأ الى إجباره على ما يكره كأن يسمع من إبنه : أنا أكرهك .... أنت أب مخيف ... أرغب أن يكون لى أب جديد غيرك
مثل هذه الأقوال تخيف الوالد وتمنعه من أن يفعل أى شيء يناهض سلوكه وتأديبه.
3- الام أو الاب الضعيف الطاقة:
ونقصد هنا الوالدين ضعيفى الهمة والحيوية اللذين لايملكان القوة للتصدى لولدهما العابث المستهتر المفرط النشاط وقد يكون سبب ضعف الهمة وفقدان الحيوية مرض الام والاب بالاكتئاب الذى يجعلهما بعيدين عن أجواء الطفل وحياته.
4- الام التى تشعر بالاثم :
ويتجلى هذا السلوك بالام التى تذم نفسها وتشعر بالاثم حيال سلوك إبنها أو إبنتها الطائش وتحس ان الخطيئة هى خطيئتها فى هذا السلوك وهى المسؤولة عن سوء سلوكه ومثل هذه المشاعر التى تلوم الذات تمنعها من إتخاذ أى إجراء تأديبى ضد سلوك اطفالها.
5- الام او الاب الغضوب :
فى بعض الاحيان نجد الام او الأب ينتابهما الغضب والانفعال فى كل مرة يؤدبا طفلهما وسرعان ما يكتشفا أن ما يطلبانه من طفلهما من هدوء وسلوك مقبول يفتقران هما اليه
لذلك فإن أفضل طريقة لضبط إنفعالاتهما فى عملية تقويم السلوك وتهذيبه هى أن يلجآ إلى عقوبة الحجز لمدة زمنية ردا على سلوك طفلهما الطائش.
6- الام التى تواجه بإعتراض يمنعهامن تأديب الولد :
فى بعض الاحيان يعترض الأب على زوجته تأديب ولدها أو العكس لذلك لابد من تنسيق العملية التربوية بإتفاق الابوين على الأهداف والوسائل المرغوبة الواجب تحقيقها فى تربة سلوك الأولاد ويجب عدم الأخذ بأى رأى أو نصيحة يتقدم بها الغرباء فتمنع من تنفيذ ما سبق وإتفق عليه الزوجان.
7- الزوجان المتخاصمان:(54/175)
قد تؤدي المشاكل الزوجية وغيرها من المواقف الحياتية الصعبة الى اهمال مراقبة سلوك الاولاد نتيجة الانهاك الذى يعتريهما - مثل هذه الأجواء تحتاج إلى علاج أسرى وهذه المسألة تكون من إختصاص المرشد النفسى الذى يقدم العون للوالدين و يعيد للاسرة جوها التربوى السوي.
ــــــــــــــــــ
دور الانشطة المهنية والرياضة والثقافيةفي تربية الاسرة
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
امنة اليحى
يمكن ان تلعب الممارسة المهنية الخاصة بالمحيط الاسري دورا في اشاعة مناخ ثقافي يساعد على تنمية ودعم النمط التربوي بشكل عام
1 - الأعمال الصناعية :
o توفير الأجهزة اللازمة للصيانة .
o بيات أهمية الاكتفاء الذاتي في أعمال المنزل والصيانة الخفيفة .
o إعطاء فكرة أولية عن بعض الحرف وتدريبهم عليها .
o من الممكن أن يكون كل واحد مسؤولا عن فن معين .
o تعويدهم على الفهم من الصناعيين عند استخدامهم في المنزل والانتباه لخطوات العمل .
o تعويد أهل البيت على معرفة وجه الخلل والمبادرة في اتخاذ الاحتياطات الجزئية . كمعرفة محابس المياه وقواطع الكهرباء ونحوها .
2 -الكتابة والرسم :
o محاولة احتواء البيت على مناظر طبيعية والاستفادة منها في التفكر في مخلوقات الله عز وجل .
o التدريب على الكتابة على الآلة الكاتبة والحاسب الآلي . بأخذ برنامج تدريبي على الحاسب نفسه .
o لفت النظر إلى أهمية الدقة في الرسم والخط .
o جعلهم يقومون بتقليد بعض الأعمال الموجودة .
o بيان تحريم رسم ذوات الأرواح .
o الحذر من الصور الوافدة والتي قد ترمز إلى عقائد الكفار .
3- الحاسب الآلي :
o تدريبهم على حفظ المعلومات وترتيبها وعرضها وبرمجتها بدقة.
o الاستفادة من البرامج المتاحة في السوق مثل برنامج الحديث والقران والرسم ، وأيضا برامج المسابقات التي تحتوي على تقدير للدرجات .
o يحذر من جلوس الساعات الكثيرة عنده.
4 -تربية الحيوانات والطيور والأسماك :
o بيان عظمة خلق الله .
o بيان رحمته التي وسعت كل شيء وتكفله بالرزق لها على ضعفها.
o رحمتها والعطف عليها والأجر المترتب على ذلك .
o بيان عقوبة من أساء إليها .
o تعليمهم كيفية رعاية كل صنف من أصناف الحيوان وفي أي جزء من أجزاء المنزل يمكن رعايتها .
5 -الرماية :
o بيان فضلها .
o بيان خطرها وخطر التساهل في استعمالها .
o بيان خطر وضعها في متناول الصغار والسفهاء .
o يحسن وضع هدف بعيد يقصد رميه .
o عدم الإسراف في استخدامها وتضيع الذخيرة في غير وجه
o بيان آدابها وواجباتها مثل عدم رفع السلاح على مسلم .
6-السباحة :
o بيان فضلها وآدابها .
o بيان خطرها .
o بيان مقاصدها .
o تعلم أصولها وأصول إنقاذ الغريق وإسعافه .
o تعليم الصغار وعدم التأخير في ذلك .
7 - ركوب الخيل والفروسية :
o بيان فضلها .
o بيان أهميتها وأنها من خصال الرجولة والشجاعة .
o تجنب تسخيرها للفخر والخيلاء . بل يحتسب الأجر فيها عند الله تعالى .
o إجراء مسابقات فيها .
o تعلم الكر والفر والمراوغة .
8- السباق والمشي :
o بيان أهميته للجسم .
o إجراء المسابقات فيها بين الجميع حتى النساء كما فعل صلى الله عليه وسلم .
o محاولة الإكثار من المشي وعدم التعود على السيارة في كل حال .
9 - حمل الأثقال :
o تعويد النفس والأولاد على حمل حاجياتهم وأغراضهم وعدم الاتكال على الآخرين فيها .
o مساعدة الآخرين على نقل حاجاتهم وبخاصة الجيران واحتساب ذلك .
o التعود التدريجي على حمل الأشياء كل حسب سنه وقوته .
10-الألعاب الذهنية :
o ضرورة التنوع فيها .
o من أنواعها : الحسابية ، واللغوية ، والفقهية ، والهندسية ، والأحاجي العامة .
o من الممكن استعمال حوافز تشجيعية وترويحيه .
الأنشطة الثقافية والاجتماعية 1- قراءة الكتب :
o اختيار الكتب بعناية بحيث تتناسب مع الأسرة ، ويحسن استشارة أهل التخصص والخبرة للاستعانة بهم في اختيار المهم منها ، نظرا لكثرة الكتب في الساحة .
o أن تكون ذات أسلوب شيق ، وينبغي للأب أن يقدم للكتاب ملخصا أو عرضا مشوقا عند الأسرة ، كمثل اختيار مسابقة حوله .
o يفضل التنويع في الموضوعات والأسلوب بين تلك الكتب فلا تكون على وتيرة واحدة ، ولا تكون غارقة في الهزل بمثل القصص التي لا فائدة من طرحها سوى التسلية .
o التنويع في طريقة الحث على قراءتها بين الحين والاخر، فمرة تطرح أسئلة والإجابة عليها يحال إلى الكتاب ، ومرة بذكر طرف الموضوع ، ثم يكلف بعض أفراد الأسرة بصياغة سؤال تحدي للأسرة من الكتاب ، ومرة يذكر طرف القصة والإحالة على الكتاب .
o الإجابة عن كل سؤال قد يشكل عليهم في الكتب ، إما مباشرة ، وإما بالدلالة على مظنتها .
o التنويع في طريقة الثواب عليها : فيكون بالطريقة المباشرة مثل الهدية على القراءة أو السماع ، أو الثناء والتشجيع المعنوي والرحلات والنزهة . . إلخ . وغير المباشرة مثل : بيان الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى وبيان منزلة الأخيار وتوفيق الله وتسديده لهم .
2- الكتابة والحكاية :
o تعويد أفراد الأسرة جميعا على حكاية ما شاهدوه في رحلة أو نزهة ، أو ما قراءة، أو ما مر بهم في حياتهم اليومية ، ويركز على المراحل الأولى من الأطفال .
o التعبير بالكتابة عن تلك المشاهد بالوصف . وهذه من أكبر الوسائل في رفع مستوى اللغة والأسلوب ، ولهذا أنماط متعددة منها : التلخيص - الاستدراك - ا لاستدلال - السؤال والجواب .
o التعويد على مراسلة الأقارب ونقل المشاعر والتحيات .
o ويحسن تعليمهم بعض القواعد السهلة في كتابة الرسائل .
3- البرامج التربوية والعملية :
o المشاركة في حلق تحفيظ القران الكريم مع المتابعة والتشجيع .
o المشاركة في المراكز الصيفية مع زيارتها ومتابعة برامجها .
o المشاركة في مخيمات الربيع ورحلات العمرة ونحوها بعد معرفة برامجها وأهدافها
o حضور الندوات والمحاضرات لا سيما ما يكون قريبا منه كمدرسته أو مسجده . وبخاصة الموضوعات التي تناسب مداركه. وشرح أوجه الغموض التي قد لا يدركها .
4-سماع الأشرطة ومشاهدتها :
o اختيارها بدقة مع ملاحظة تناسبها مع السن والفهم ، فلا يتساهل في الاختيار .
o اختيار الأوقات المناسبة لعرضها وسماعها .
o يجتنب عرض الفلم أو الشريط لأكثر من ساعة واحدة .
o عدم اتخاذها ديدنا في كل وقت ، فهو إما أن يشتغل بها عن ما هو أهم وأوجب أو تصبح ليست ذات قيمة فتتحول إلى عادة .
o مراقبة الأجهزة مراقبة تامة فلا تكون في متناول الجميع وتربيتهم على ذلك ، فلكل شيء وقت وحدود .
o اختبارهم في إخراج الملاحظات على الفلم أو الشريط مع التعليق عليها ، مما ينمي مرحلة النقد لدى الأسرة وعدم التسليم لكل مايقال .
5- تعليم اللغات :
o عدم الإعجاب بها أو الانبهار بأهلها وخطر ذلك في باب الاعتقاد .
o بيان المقصد من تعلمها وأعظمه الدعوة إلى الله .
o التعليق على المعاني المتعلقة بأديان أهلها ، وعدم أخذها مأخذ التسليم .
o بيان فضل لغة القرآن عليها .
6- زيارة المعارض والمكتبات :
o أن تكون بمصاحبة المربي .
o محاولة تدريبهم على الاختيار .
o التأدب في المعرض مع الجميع .
o مطالبتهم بتقويم تنظيم وترتيب المعرض .
7- ا لرحلا ت :
o اختيار المكان المناسب للرحلة بحيث يأخذ الجميع حريتهم بعيدا عن أنظار الناس. تعليل اختيار المكان للأولاد .
o يحسن ترك مجال في اختيار المكان للفائز بالمسابقة أو المستحق للتشجيع .
o ترتيب أعمال الرحلة على الجميع كل في ما يناسبه .
o برمجة الرحلة قبل الخروج مع مشاركتهم في وضع البرنا مج .
o تنمية روح التعاون والبذل والتنافس في الخدمة بين أفراد الأسرة .
8-المشاركة في أعمال المنزل :
o إشعار الجميع بالمسؤولية وتربيتهم على التعاون المباشر .
o تعريفهم بأن هذا من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه (كان في مهنة أهله ) وهو من عادة الكرام .
o تهيئتهم لتحمل المسؤولية في أي وقت يمكن أن يحتاج !ليهم .
o تحقيق خلق الجسد الواحد في المنزل .
o تقسيم أعمال المنزل بالتناوب على الجميع .
o تجسد عمل الأم وبيان مكانته وكثرته وتشعبه ومن ثم شكرها عليه إذ من لم يشكر الناس لا يشكر الله . *
o تعويد الأولاد على القيام بحاجتهم من هذه الأعمال وبيان أنه من الممكن أن تتعطل الأم في يوم ما عن مثل هذه الأعمال فمن يقوم بها ؟
o اغتفار الأخطاء للأولاد عند التدرب على عمل من أعمال المنزل .
9 - الاهتمام بالمناسبات بأنواعها :
o بيان أهميتها للأولاد في صلة الرحم وفضل ذلك عند الله .
o البدء بالسلام على الكبار وتعليمهم الأدب معهم والتقدير والتبجيل والاستفادة من خبراتهم .
o التذكير بتقلب أحوال الدنيا فأناس في فرح وآخرون في ترح ، هؤلاء يلهون ويلعبون وآخرون لا عائل لهم ولا من يواسيهم .
o الاهتمام بذكر الجوانب الحسنة والثناء عليها . والجوانب الخاطئة وتصويبها في كل مناسبة .
o القيام بخدمة الآخرين في المناسبة وعدم استخدام من هو أكبر منهم وبيان منزلة ذلك عند الله وعند الخلق .
o لفت أنظارهم للتعرف على الأقران الطيبين .
ــــــــــــــــــ
أسعد زوجتك تسعد
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.
ولإسعاد زوجتك:
• قم باستشارتها في أمورك.
• استخدم معها الأسلوب الرقيق.
• تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
• وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
• مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
• اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
• أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
• قدم لها الهدايا.
• راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
• تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
تخلص من القلق:
القلق عدو السعادة وقاتلها، ومن عاش في أسر القلق النفسي لا ترجى له سعادة وكثير من الناس ينتابهم القلق خوفاً على حياتهم الزوجية من التصدع والانهيار فينبغي على هؤلاء أن يعلموا أن القلق لا يفيد شيئاً، ولا يحل مشكلة، بل إنه على العكس من ذلك يزيد المشكلات ويشل العقل عن التفكير في الحلول الصحيحة، ولأنه مشكلة في حد ذاته فينبغي علاجه أولاً ثم علاج باقي المشكلات بعد ذلك.
ويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب، فالواجب أن يعمل الإنسان ويترك النتائج على الله تعالى، وأن يرضى بالقضاء والقدر ولا بأس أن يأخذ بالأسباب، ويدفع القدر بالقدر، مع التوكل التام على الله واللجوء والتضرع إليه، وسؤاله العفو والعافية.
لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
ابتغ الأجر من الله:
ولكي تشعر بالسعادة الزوجية عليك أن تعرف ما ينتظرك من أجر وثواب على إحسانك لزوجتك ورفقك بها، ومحبتك لها.
تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
اجتنب النقد العقيم:
هناك فرق بين النصح والإرشاد الذي تفوح منه رائحة المحبة والاحترام وبين النقد العقيم الذي هو نوع من التوبيخ والتعيير.
إن هذا النوع من النقد سهم قاتل للسعادة الزوجية إذا تكرر وانعدمت فيه اللباقة واللطف.
إن على الزوج أن يتحلى بالكياسة عند نصح زوجته وإرشادها إلى أمر ما، فمع أنها أقدر على تحمل أخطاء زوجها من الغير، إلا أنها إنسانة ذات مشاعر، فإذا ما نفر قلبها صعب رده إلى مكانه، وعندئذ تبدأ منغصات الحياة في العمل.
تقول الكاتبة دورتي ديكس الأخصائية في البحث وتقصي أسباب الطلاق: (إن أكثر من نصف الزوجات اللواتي يمكن أن يحظين بالسعادة يتحطمن في العادة على صخور محاكم الطلاق بسبب النقد وحده) وهي تعني النقد العقيم الذي يكسر القلب، ويذل النفس.
لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
قد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه .
لا تغذ نفسك بالأفكار السوداء:
بعض الناس يجاهدون ضد السعادة كما يجاهد الغريق ضد من يسعى لإنقاذه.
لا تقل إن السعادة والتفاؤل ضرب من الوهم، بل قل: إن على عينيك غشاوة تمنعك من رؤية السرور حيث هو.
ارفع هذه الغشاوة، وثق بما يساعدك على رؤية ما هو جميل وجيد في نفسك وفي غيرك وفي العالم من حولك، ولا تسترسل وراء ضلالك وأوهامك. [الموسوعة النفسية].
لمُ نفسك أولاً:
يعجبني قول أحد السلف رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.
وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!
إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيراً في حياتهم، وضيقاً في معيشتهم، وتعسيراً في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أوتوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.
ومن ذلك أنهم إذا رأوا تغييرا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي ومن ذلك:
عادة التدخين التي ثبت ضررها صحياً وحرمتها دينياً، فلماذا لا تقبل تغيير هذه العادة القبيحة بممارسة الرياضة مثلا؟!
تذكر أنك كلما ازدادت قدرتك على تغيير عاداتك السلبية كلما ازدادت فرص سعادتك وراحتك النفسية ونجاحك في الحياة.
انظر إلى من هو أسفل منك:
إذا أردت أن تدوم عليك سعادتك الزوجية فانظر إلى من يعاني فقدان هذه السعادة بصورة دائمة.
- انظر إلى من يعيش في نكد دائم وتعاسة مستمرة.
- انظر إلى من لا يستطيع توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده.
- انظر إلى أصحاب الأمراض المزمنة التي أفقدتهم الفرح والبهجة والاستمتاع بالحياة
- انظر إلى غيرك ممن تعدوا سن الزواج- رجالاً ونساء- ومع ذلك لم يجدوا طريقاً للزواج والاستقرار.
كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات
ــــــــــــــــــ
أنت وأهل زوجك
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* محمود أحمد الشامي
ـ اعلمي أن العلاقة بينك وبين أهل زوجك تحتاج إلى الكثير من حسن الظن والاستعداد للتغاضي عن الأمور الصغيرة وإلتماس العذر لهم في أي إجراء يقومون به نحوك، مما يجعلهم آخر الأمر يوقنون بأنك حقيقة جزء منهم لا دخيلة عليهم، ويكون ذلك بمحاولة نسيان ما جعلك تنفرين من التعامل معهم في أسرع وقت، وذلك بأن تكون البسمة الخانية هي أول ما يطالعهم في وجهك عند لقياك.
ـ تأكدي من أن جانباً كبيراً من عوامل نجاح حياتك الزوجية يتوقف على حسن العلاقة بينك وبين أهله.. حتى يتأكد من أنك أضفت جدياً إلى حياته بدلاً من الإحساس بأنك تحاولين القضاء على صلته الوثيقة بأهله.
ـ إذا حدث أي خلاف بينك وبين زوجك لا تذكري أي شيء يسيء إلى أهله نتيجة لتصرفاتهم معك فيشعر بأنك غريبة عنه.. في حين إنه كان يعتقد أنه بزواجك منه أصبح أهل بمثابة أهلك فلا تجعليه يأسف على ذلك.
ـ إذا حدث خلاف بينك وبين حماتك لا تجعلي الأمر يتطور إلى أن يجد زوجك نفسه إلى موقف حرج بالمفاضلة بين زوجته وأمه.. وأيهما ينصف وإلى أي جانب ينحاز.. فأمه مهما كان الأمر ومهما قست عليك فهي دائماً على حق.. من وجهة نظره ويتمنى أن تكون كذلك بالنسبة لك.
ـ تجنبي أن تتطور المجاملات بينك وبين أهل زوجك إلى الحدث الذي تشعرين فيه أنها أصبحت تشكل عبئاً نفسياً عليك.. يصعب الخلاص منه.. وإذا ما حاولت أن تتوقفي أو تضعي حداً تخشين أن تظهرين في صورة التي كانت تجاملهم من أ<ل كسب رضاهم.. ولكي تتجنبي هذا الوضع المقلق.. اعملي منذ البداية على أن تكون العلاقة بينك وبين أهل زوجك علاقة متزنة ليست بالفاترة ولا بالمبالغ فيها..
ـ الزوجة العاقلة هي من تتجنب التمسك برأيها في توافه الأمور حتى لا تتسبب في إيجاد فجوة في التعامل مع الأطراف الأخرى.. بل تجعلهم يوقنون بأنها تحرص على راحة الجميع وتتجنب ما يمكن أن يسيء إليهم.
ـ حاولي أن تكون الخلافات.. مهما صغرت بينك وبين زوجك محصورة في نطاق بيتك ولا تتعدى شخصيتكما.
ـ إذا حدث خلاف أو عتاب أمام والديه أو أحد من أفراد أسرته.. لا تظهري له اهتماماً وانهيه أمامهم حتى لا تهيئي الفرصة لتدخلهم وحتى لا تجدين نفسك منساقة للعمل بآرائهم مع إعطاء إنطباعاً بأنك تحرصين على العلاقة بينك وبين زوجك فلا تجعليه يقف منك موقف المدافع عن نفسه أو الناقد لتصرفاتك أمامهم.
ـ مهما حدث من زوجك من تصرفات لا ترضين عنها لا تحاولي الشكوى منه لأمه، فهي مهما كانت متعاطفة معك فإنها لا تنسى أنه ابنها وإنها هي المسؤولة عما وصلت إليه أخلاقه وتصرفاته ونظرته إلى الناس، فتعتقد إنك تنقدينها بطريقة خفية وبذلك تخسرين عطفها عليك وشعورها الطيب نحوك، كما أنها قد تظن إنك إذا كنت تشكين زوجك إلى أمه ـ وه يمن تكون بالنسبة إليه ـ فماذا تكون شكواك منه للآخرين.. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى غضبها عليك مما يؤدي إلى أن تقف منك موقفاً عدائياً قد يؤثر في علاقتك مع زوجك لأنها بدلاً من أن تتدخل لنصرتك ستعمل على زيادة تأثر علاقته بك.
ـ اعلمي أن الخلافات بينك وبين أهل زوجك تظل عالقة بذهنه مهما بذلت بعد ذلك من جهد لتصفية الأمور.. وهو عندما يشعر بأنك لست على وئام مع أهله ولو لفترة قصيرة يعتقد أن أي صفاء بينك وبينهما لا أساس له من الواقع.. وإلا كان من الأفضل عدم حدوث مثل هذا الخلاف حتى ولو كان بسيطاً.
ـ اعلمي أن مجاملتك الصادقة لأهل زوجك.. تعمل عمل السحر في علاقتك مع زوجك.. بل يجب أن تحثيه على الاتصال بهم من حين لآخر.. والسؤال عن المريض وزيارته إن أمكن.. وعليك أن تسهمي في هذا الشأن حتى ولو بمكالمة تليفونية ومراقبة الأحداث التي تقع في محيطهم فتتقدمين بالتهنئة في المسرات والمواساة في الملمات حتى يشعروا بأنك فرد أصيل من عائلتهم.
ـ اظهري لزوجك إن إنتماءك له.. مرتبط بإنتماءك لأسرته.. وذلك بذكر حسناتهم وحسن معاملتهم لك واهتمامك بكل شؤونهم.. كل ذلك دون مبالغة أو مغالاة حتى لا يظن إنك تظهرين غير ما تبطنين.(54/176)
ـ لا تسيئي أبداً إلى أهل زوجك حتى لو كان زوجك نفسه متبرماً منهم وصدرت منه إساءة إليهم فلا تندفعي في إخراج كل ما يعتمل في نفسك تجاههم وتأخذي في تعديد مساوئهم، فإنه لا يلبث أن ينسى إساءته لأهله ولكنه لن ينسى أبداً إساءتك لهم.. فالزوجة العاقلة هي التي تفضل بين زوجها وبين تصرفات أهله.. فهو ليس مسؤولاً عن هذه التصرفات فلا يجب معاقبته عليها.
ــــــــــــــــــ
موقف الإسلام من البنات
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* د.خير الدين عبد اللة الجابري
عندما جاء الإسلام قضى على التصورات والظلم للبنت واعتبرها أعز وأكرم الأولاد .
مسؤولية الوالدين
وحمّل الإسلام الوالدين المسؤولية الكبرى في تربية الأولاد عموماً والبنات خصوصاً وأن المسؤولية للوالدين لا تنحصر في الجانب المادي وسد حاجاتهن والإغداق عليهن ، بل هذا جزء من المسؤولية وليس هو كل المسؤولية وبقية الأجزاء لا تقل أهمية عن هذا الجزء إن لم يكن أعظم وأهم الأهداف المستقبلية للأولاد والبنات فلهذا ركز الإسلام على جانب البنات أكثر من جانب الأولاد . فقد ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قوله : ( خير أولادكم البنات ) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام : ( البنون نعيم ، والبنات حسنات ، يسأل الله عن النعيم ويثيب على الحسنات ) .
اهتمام الإسلام بالبنات لم يكن جزافاً ولم يكن ردة فعل لما حصل في الجاهلية فقط بل لما تشكله البنت في المستقبل من دور فعّال وكبير في بناء المجتمع وصلاحه بل هي أهم عنصر فيه فهي اليوم بنت وغداً زوجة وبعده أم تربي الأجيال القادمة .
وعلى هذا الأساس اعتنى الإسلام بالبنات عناية كبيرة تفوق العناية بالأولاد .
التربية الإيجابية
1- إنقاذهن من غضب الوالدين :
فقد ساد في زمن الجاهلية كراهة البنت ومجيئها - كما تقدم - وكذلك اليوم في ظل الحضارة الغربية كثير من الناس من يكره مجيئها أو أن الزوجة التي تلد الذكور تكون أعز من المرأة التي تلد الإناث . الإسلام شجب هذا التصور وأن البنت والولد جزء من الأبوين .
2- احترام البنت :
الإسلام يحبذ كثيراً احترام البنات وتقديرهن وإشعارهن بالمحبة والمودة من قبل الأبوين وبالأخص من جانب الأب . فينبغي له أن يراعي عواطفها ومزاجها ويجنبها الغضب أو ما يضايقها وهذا ما أكدته النصوص الشريفة كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) .
3- الاهتمام بتربية البنات :
الإسلام اهتم بتربية البنات وتعليمهن وتثقيفهن أكثر من أية مدرسة من المدارس الأخرى بل وأصبح ذلك حقاً من حقوقهن على الوالدين . فعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من كان له ابنة فأدبها وأحسن أدبها ، وأحسن غذاها وأسبغ عليها من النعم التي أسبغ الله عليه كانت له ميمنة وميسرة من النار إلى الجنة ) .
4- الضمان الاقتصادي للمرأة :
فهي مضمونة المعيشة في أي مرحلة من مراحل حياتها ومنها مرحلة الطفولة وقبل الزواج فالمسئول عن ذلك والدها وبعد الزواج زوجها .
5- الحث على حمايتها :
فالوالدان مكلفان بحمايتها ورعايتها في المنزل وخارجه من الأقارب والأباعد وذلك لدعم مكانتها الاجتماعية .
6- الاهتمام بعواطف البنت :
فينبغي أن يمارس الأهل وغيرهم إزاء البنات الحيطة والحذر من أن تخدش عواطفهن ، وأكثر ما يتحمل ذلك هو الأب فلا يجوز أن يجرح عواطفها ويكسر قلبها ، وإذا أراد أن يعاقبها فلابد من اتخاذ الأسلوب الذي يجنبها الأذى والاضطراب المؤدي إلى العقد النفسية .
الإسلام اهتم بعواطفها ورعاية مشاعرها من أن تجرح وربما بعض العادات بنيت على ذلك ، فمثلاً في حالة عقد النكاح تكون البنت الطرف الأول الذي يمثل الإيجاب ، والشاب هو الطرف الثاني الذي يمثل القبول .
ــــــــــــــــــ
ماذا وراء الزوجة الجميلة ..
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
المرأة الجميلة هى مطلب وأمنية كل رجل، وقد خلق الله المرأة مخلوقا جميلا يصعب مقاومة سحره وخاصة من طرف الرجال، ومهما تظاهر بعضهم بأن الجمال صفة غير ذات قيمة كبيرة بالنسبة لهم فى المرأة فإننا كثيرا ما نرى أصحاب تلك الآراء يلاحقون الفتيات الجميلات بأعينهم بطريقة تعكس تناقض آرائهم التى يتفوهون بها مع حقيقتهم التى يخفونها، ولأن المرأة الجميلة تكون محط الأنظار دائما تسلط عليها الأضواء بكمية أكبر من غيرها فإن ذلك يدفع الرجل إلى الغيرة عليها
وقد تصل هذه الغيرة إلى حد مبالغ فيه يجعل المرأة تشعر أن جمالها الذى أنعم الله عليها به لتكون أكثر سعادة فى حياتها قد عكر عليها صفو هذه الحياة بسبب غيرة الرجل الزائدة، فالرجل الغيور قد يتفنن فى اختراع طرق تعبيره عن الغيرة وقد يصل به الأمر أحيانا إلى حد منعها من الخروج من البيت أو النظر حتى من شرفة أو نافذة البيت، ليس ذلك فحسب بل إن الواقع يحمل أمثلة عن الغيرة أكبر بكثير مما يمكن أن يتصوره العقل، وقد حملت لنا المحاكم قضايا طلاق كثيرة حدثت بسبب الغيرة الشديدة على الزوجة الجميلة ونتيجة عدم احتمال الزوج تبعات جمال زوجته، وإرهاق أعصابه التى لا تهدأ يفكر فى كل لحظة فى وسائل أكثر فاعلية من سابقاتها لمدارة عيون الرجال عنها، وفى المقابل نجد عدم احتمال الزوجة دفع ضريبة جمالها الباهظة الثمن من حريتها وراحتها، ودفعها الى ملل من قائمة الممنوعات المفروضة عليها، وكأنها قد أذنبت حين جاءت الى الدنيا جميلة.
قضايا لم تحسم
ونسرد هنا إحدى القضايا المعروضة الآن أمام المحاكم لزوجة عانت كثيرا من غيرة زوجها الشديدة عليها وهذه هى حكايتها التى تقول فيها:
كنت دائما محط أنظار الجميع وخاصة الرجال، وكان الجميع يبدون إعجابهم بجمالى الذى كان وبلا غرور مميزا ولافتا للأنظار، كنت حديثة التخرج من الجامعة عندما تقدم لخطبتى شاب كان دائما يلاحقنى بنظراته أينما ذهبت، دون أن يحاول الحديث معى حتى فوجئت ذات يوم وقد حضرت والدته إلى بيتنا تخطبنى لابنها، بالرغم من أنى كنت قد رفضت قبله كثيرين إلا أن شيئا ما كان قد شدنى إليه دفعنى لقبول الخطبة، هذا إلى جانب أنه ذو مستوى اجتماعى وثقافى مميز مما شجعنى أكثر على القبول، فقد كان باختصار عريسا تتوفر فيه مواصفات متكاملة وتحسدنى عليه الكثيرات، وجعلتنى فترة الخطوبة القصيرة نسبيا أتعلق به وكان هو يغدق على بكلمات الحب والإعجاب بجمالي، ولم تكن غيرته فى فترة الخطوبة تتجاوز حدودها المتعارف عليها، ولا يمكن وصفها بالغيرة الشديدة أو المرضية إلى أن تم زواجنا، ومنذ الأسبوع الأول بدأت أشعر وكأنى أعيش داخل زنزانة معزولة عن العالم الخارجي، ممنوع على أن أفتح باب البيت، ممنوع أن أفتح نافذة أو أنظر منها، ممنوع أن أتحدث مع الجيران، حتى الهاتف غير مسموح لى بالرد عليه، عملى أجبرنى على تقديم استقالتى منه، لا يمكننى أن أذهب لشراء حاجياتى الخاصة أو حاجيات البيت، حتى زيارة أهلى لا تحدث إلا فى فترات متباعدة ولا تكون الا برفقته، معاملته لى أجبرتنى على مقاطعة أعز صديقاتي.
هذه القيود التى كبلنى بها جعلتنى أكره الحياة معه، كان يقول لى أنت جوهرة ثمينة لابد من الحفاظ عليها من أعين الناس، حتى لا يحاولون سرقتها، وكأنى امرأة ساذجة وتافهة لا عقل لها ولا تعرف كيف تتعامل مع الآخرين بطريقة توفر بها الحماية لنفسها من دون أن يعمل هو على ذلك.
قائمة الممنوعات والاوامر
وفى كل يوم تزداد قائمة الممنوعات، وتضاف إليها آوامر جديدة وكأنى أعيش داخل معسكر بل أكثر بكثير من ذلك، بدأت أكره تلك القيود وكرهت نفسى وجمالى الذى جعلنى أعيش تحت الإقامة الجبرية، وتمنيت أن أكون كأية امرأة عادية حتى أستمتع بحياتى وأحس أنى إنسان يستحق أن يمارس حياته بصورة طبيعية، وفى لحظة شجاعة طلبت من زوجى الطلاق، بعد أن سقطت كل قدراتى على الاحتمال، صدم كثيرا بقرارى ورفضه ورفض مناقشتي، فقد أوضحت له أن هذه الحياة المقيدة الحرية والغيرة الشديدة من قبلك حرمتنى من أن أكون إنسانة كاملة وجعلت حياتى هامشية لا هدف لها ولا معني.
رفض أن يمنحنى الطلاق معللا بأن كل ما يفعله من باب حبه لى والحفاظ علي، تركت البيت وذهبت إلى بيت أهلي، ثم تقدمت بطلبى الى المحكمة ولازالت انتظر القرار الذى سيمنحنى حريتى وراحتي.
ونرى رأى علماء النفس فى مسألة غيرة الزوج المبالغ فيها على الزوجة، وهل جمال المرأة الزائد يعطيه الحق فى ممارسة غيرته عليها جميلة بشكل واضح
عندما تكون المرأة جميلة بشكل واضح فإن ذلك يجعلها عرضة دائمة لإبداء الإعجاب بها، ومحاولة التقرب إليها والتعرف عليها، وهذه التصرفات تدفع الرجل إلى محاولة فرض سياج حولها لعزلها عن كل العالم المحيط بها حتى لا يرى هذا الجمال سواه، ولكن الغيرة عندما تزيد عن حدها فإنها تصبح قيدا مملا تسعى المرأة لكسره بكل قوتها، فعندما يقوم الرجل بوسائل تقيد المرأة بطريقة مبالغ فيها يدفعها ذلك إلى النفور، منه وبالتالى كراهيته والغيرة على الزوجة الجميلة يجب أن لا تتجاوز حدود الغيرة التى تعبر عن الحب لها والإعجاب بها اما منعها من مزاولة عملها أو الخروج من البيت وغيرها الكثير من التصرفات التى يقوم بها الرجال الغيورون تدل على أنانية شديدة وحب للتملك، وفى ذلك مصادرة لكل حقوقها فى ممارسة حياتها بصورة طبيعية بعيدة عن كل الأمراض النفسية التى يمكن ان تتعرض عليها نتيجة هذه التصرفات، وأول هذه الأمراض هو الاكتئاب نتيجة العزلة المفروضة لها ومنعها من الاختلاط بالآخرين ومحاولة إلغائها كانسان له كيان وفكر وعقل وليست امرأة جميلة فحسب.
كل هذا يدفعنا إلى السؤال هل جمال المرأة سبب كاف لتقييدها ومنعها من ممارسة حياتها الطبيعية؟ وإذا كان هذا الجمال نعمة قد وهبها الله لماذا يحوله الرجل إلى نقمة عليها؟ ولماذا الاعتقاد دائما بأن المرأة الجميلة لا يمكن أن تكون قادرة على تحمل مسئولية الحفاظ على نفسها بل إنها تحتاج إلى راع يرعى هذا الجمال ويحافظ عليه من أعين المعجبين؟.
وكلمة أخيرة نقولها لك أيها الرجل الغيور لديك امرأة جميلة فحافظ عليها ولا تحملها ذنب أنها قد خلقت جميلة، فقد خلقها الله ذات جمال لتسعد أنت به لا لتستقى هى به كأس العذاب.ورة كبيرة؟.
ــــــــــــــــــ
كيف تسلي افراد الأسرة في البيت
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
التعلم تشحذ الفكر وتزيد من قدرات الأبناء ، وتفرغ طاقاتهم وتكسر الملل والرتابة في حياتهم أيام الإجازة ، والتعلم متعة شتاءاً وصيفاً ، في أيام الدراسة .. وأيضاً في أيام العطلات .. ولنستمر في متعة التعلم نقدم لكم ألعاباً جميلة وطريفة
? لعبة النقاط والخطوط
- تصلح اللعبة للأطفال الأكبر من 6 سنوات .
- تحتاج إلى قلم وورقة .
- عدد اللاعبين 2 .
طريقة اللعب :
1- تحضّر ورقة بيضاء كبيرة بها عدد من النقاط على شكل صفوف وكلما كبرت الورقة زادت النقاط وتزيد مدة اللعب .
2- كل لاعب يبدأ برسم خط يوصل به بين نقطتين بالطول أو العرض وهدفه هو أن يكوِّن مربعاً ،
وآخر لاعب يرسم آخر خط في المربع يكون هذا المربع باسمه ويكتب فيه أول حرف من اسمه .
3- بعد الانتهاء من جميع النقاط يجمع كل لاعب عدد المربعات التي بها حروف اسمه والفائز هو من يحصل على أكبر عدد من المربعات .
وهذه اللعبة تعلم الابن التفكير ووضع هدف استراتيجي بسيط يحاول الوصول إليه .
? الكيس والمضرب
- تصلح اللعبة للأطفال أكبر من سنتين .
- تحتاج إلى كيس من القماش أو البلاستيك المقوي - خيط متين - أوراق جرائد - ملعقة خشبية كبيرة .
طريقة اللعب :
1- دع ابنك ذا السنتين يساعدك في تقطيع أوراق الجرائد وتحويلها إلى شكل كرات صغيرة ووضعها في الكيس .
2- عندما يملأ الكيس اربطه بالخيط بإحكام ثم اربطه في مكان ، بحيث يكون معلقاً بشكل يكون فيه بعيداً عن أي شيء يسقطه .
3- أعط ابنك ملعقة خشبية وسيجد متعة كبيرة في ضرب هذا الكيس .
هذه اللعبة تفرغ الطاقة عند الأبناء ، وخاصة الطاقة التي يستخدمها الأبناء في الشجار والعبث بالأشياء .
? الكرة والمضرب
- تصلح اللعبة للأطفال الأكبر من 6 سنوات .
- تحتاج إلى طاولة متوسطة - كتب - مسطرتين - أوراق - شريط لاصق .
طريقة اللعب :
1- تصفُّ الكتب حول حدود الطاولة على شكل سدود على أطرافها ، بحيث تترك فتحة على طرفي الطاولة تسمح بمرور الكرة .
2- تلف الأوراق على شكل كرة ثم تغطى بالشريط اللاصق .
3- يقف كل لاعب على طرف الطاولة عند الفتحة التي تركت ، ويبدأ اللعب بحيث يضرب الكرة ضربة واحدة باتجاه هدف اللاعب الآخر.
ملاحظة : يفضل وجود أحد معهم لأن الهزيمة أحياناً تدفع الأبناء للشجار .
هذه اللعبة تفيد الأطفال الذين يشعرون بالملل في أيام الصيف الطويلة .
? قاموس العائلة الخاص
- تصلح اللعبة للأبناء الذين يجيدون الكتابة .
- دفتر أقلام وألوان .
- عدد اللاعبين غير محدد .
طريقة اللعب يمكن أن تكون جدِّية أو فكاهية هزلية :
1- لكل عائلة أحياناً كلمات ومصطلحات خاصة بها ربما تكررها الأم ، أو يحرص الأب على ترديدها أو حتى الأبناء الصغار، فتقوم الأسرة بجمع هذه المصطلحات أو الكلمات في دفتر ، وتكتب فيها معانيها ، ومن قائلها ، ويمكن توضيح معاني تلك الكلمات بالرسم ، ومن الأفضل أن يتم هذا في وقت محدد في اجتماع العائلة .
2- ويمكن أن تكون مهمة أحد الأبناء هو تجميع كل الكلمات الصعبة بالنسبة له ولإخوته ، ويحاول استخراج معانيها من قاموس معين مثل مختار الصحاح ، بحيث يكون في كل يوم عدد محدد من الكلمات للبحث عن معانيها وقراءتها للأسرة ، ويمكن جمع هذه الكلمات في دفتر ملون ذي غلاف جميل يضم هذه الكلمات وصور تعبر عنها .
من فوائد هذه اللعبة هي زيادة الحصيلة اللغوية لدى الأبناء وزيادة القدرة على التعبير والكتابة .
اللعبة الليلية
- تصلح هذه اللعبة لكل أفراد العائلة .
- تحتاج إلى أوراق وأقلام .
طريقة اللعب :
1- يسلم كل فرد من أفراد الأسرة ورقة وقلم ويكون جلوس كل فرد بطريقة مريحة تمكنه من الرسم .
2- تطفأ الأنوار ويطلب من كل فرد أن يرسم شكلاً معيناً ( بيت - سيارة - شجرة ) .
3- بعد أن ينتهي الجميع من الرسم تضاء الأنوار وتشاهد إلى الرسومات التجريدية التي تم رسمها ! إنها لوحات نادرة فعلاً !!
هذه اللعبة تدخل كثيراً من البهجة على الأسرة .
ــــــــــــــــــ
انواع المكافآت
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
1- المكافأة الاجتماعية:
هذا النوع على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول والمرغوب عند الصغار والكبار معا .
ما المقصود بالمكافأة الاجتماعية؟
الابتسامة - التقبيل - المعانقة - الربت - المديح - الاهتمام - ايماءات الوجه المعبرة عن الرضا والاستحسان .
العناق والمديح والتقبيل تعبيرات عاطفية سهلة التنفيذ والاطفال عادة ميالون لهذا النوع من الاثابة
قد يبخل بعض الآباء بابداء الانتباه والمديح لسلوكيات جيدة اظهرها اولادهم اما لانشغالهم حيث لاوقت لديهم للانتباه الى سلوكيات اطفالهم او لاعتقادهم الخاطئ ان على اولادهم اظهار السلوك المهذب دون حاجة الى اثابته او مكافأته
مثال
الطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها في بعض شئون المنزل كترتيب غرفة النوم مثلا ولم تجد أي اثابة من الام فانها تلقائيا لن تكون متحمسة لتكرار هذه المساعدة في المستقبل
وبما ان هدفنا هو جعل السلوك السليم يتكرر مستقبلا فمن المهم اثابة السلوك ذاته وليس الطفل
مثال:
الطفلة التي رتبت غرفة النوم ونظفتها يمكن اثابة سلوكها من قبل الام بالقول التالي: ( تبدو الغرفة جميلة . وترتيبك لها وتنظيفها عمل رائع افتخر به ياابنتي الحبيبة ) .. هذا القول له وقع اكبر في نفسية البنت من ان نقول لها ( انت بنت شاطرة )
2- المكافأة المادية:
دلت الاحصاءات على ان الاثابة الاجتماعية تأتي في المرتبة الاولى في تعزيز السلوك المرغوب بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية , ولكن هناك اطفال يفضلون المكافأة المادية
ما المقصود بالمكافأة المادية ؟
اعطاء قطعة حلوى - شراء لعبة - اعطاء نقود - اشراك الطفلة في اعداد الحلوى مع والدتها تعبيرا عن شكرها لها - السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة - اللعب بالكرة مع الوالد -اصطحاب الطفل في رحلة ترفيهية خاصة ( سينما - حديقة حيوانات - سيرك .. الخ )
ملاحظات هامة
1- يجب تنفيذ المكافأة تنفيذا عاجلا بلا تردد ولا تأخير وذلك مباشرة بعد اظهار السلوك المرغوب فالتعجيل باعطاء المكافأة هو مطلب شائع في السلوك الانساني سواء للكبار او الصغار
2- على الاهل الامتناع عن اعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل ( اي ان يشترط الطفل اعطائه المكافأة قبل تنفيذ السلوك المطلوب منه ) فالمكافأة يجب ان تأتي بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله .
2- عدم مكافأة السلوك السيء مكافأة عارضة او بصورة غير مباشرة السلوك غير المرغوب الذي يكافأ حتى ولو بصورة عارضة وبمحض الصدفة من شأنه ان يتعزز ويتكرر مستقبلا
(مثال)
الام التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها الى النوم في وقت محدد بحجة عدم رغبة البنت في النوم ثم رضخت الام لطلبها بعد ان بكت البنت متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها
تحليل
في هذا الموقف تعلمت البنت ان في مقدورها اللجوء الى البكاء مستقبلا لتلبية رغباتها واجبار امها على الرضوخ
(مثال آخر)
اغفال الوالدين للموعد المحدد لنوم الطفل وتركه مع التليفزيون هو مكافأة وتعزيز غير مباشر من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب يؤدي الى صراع بين الطفل واهله اذا اجبروه بعد ذلك على النوم في وقت محدد
3- معاقبة السلوك السيء عقابا لاقسوة فيه ولاعنف أي عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الثواب والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل عندما يكبر
العقوبة يجب ان تكون خفيفة لاقسوة فيها لأن الهدف منها هو عدم تعزيز وتكرار السلوك السيء مستقبلا وليس ايذاء الطفل والحاق الضرر بجسده وبنفسيته كما يفعل بعض الاباء في تربية اولادهم .
وعلى النقيض نجد امهات ( بفعل عواطفهن وبخاصة اذا كان الولد وحيدا في الاسرة ) لايعاقبن اولادهن على السلوكيات الخاطئة فيصبح الطفل عرضة للصراع النفسي او الانحراف عندما يكبر
انواع العقوبة:
- التنبيه لعواقب السلوك السيء
- التوبيخ
- الحجز لمدة معينة
- العقوبة الجسدية
وسيتم شرحها بالتفصيل
يجب الامتناع تماما عن العقوبات القاسية المؤذية كالتحقير والاهانة او الضرب الجسدي العنيف لأنها تخلق ردود افعال سلبية لدى الطفل تتمثل في الكيد والامعان في عداوة الاهل والتمسك بالسلوك السلبي الذي عوقب من اجله لمجرد تحدي الوالدين والدخول في صراع معهم بسبب قسوتهم عليه
أخطاء شائعة يرتكبها الآباء 1- عدم مكافأة الطفل على سلوك جيد :
( مثال )
أحمد طالب في الابتدائي استلم شهادته من المدرسة وكانت درجاته جيدة عاد من المدرسة ووجد والده يقرأ الصحف وقال له (انظر يا ابي لقد نجحت ولاشك انك ستفرح مني). وبدلا من ان يقطع الوالد قراءته ويكافئ الطفل بكلمات الاستحسان والتشجيع قال له (انا الآن مشغول اذهب الى امك واسألها هل انهت تحضير الاكل ثم بعد ذلك سأرى شهادتك).
2- معاقبة الطفل عقابا عارضا على سلوك جيد :
(مثال )
زينب رغبت في أن تفاجئ أمها بشيء يسعدها فقامت الى المطبخ وغسلت الصحون وذهبت الى امها تقول ( انا عملت لك مفاجأة يا امي فقد غسلت الصحون) فردت عليها الام (انتي الآن كبرتي ويجب عليك القيام بمثل هذه الاعمال لكنك لماذا لم تغسلي الصحون الموجودة في الفرن هل نسيتي؟ )
تحليل:
زينب كانت تتوقع من امها ان تكافئها ولو بكلمات الاستحسان والتشجيع لكن جواب الأم كان عقوبة وليس مكافأة لأن الأم :
اولا لم تعترف بالمبادرة الجميلة التي قامت بها البنت
ثانيا وجهت لها اللوم بصورة غير مباشرة على تقصيرها في ترك صحون الفرن دون غسيل
3- مكافأة السلوك السيء بصورة عارضة غير مقصودة :
(مثال )
مصطفى عاد الى المنزل وقت الغذاء واخبر والدته انه يريد النزول في الحال للعب الكرة مع اصدقائه قبل ان يتناول غذاءه فطلبت منه الوالده ان يتناول الطعام ثم يأخذ قسطا من الراحة ويذهب بعد ذلك لاصدقائه فأصر مصطفى على رأيه وبكى وهددها بالامتناع عن الطعام اذا رفضت ذهابه في الحال فما كان من والدته الا ان رضخت قائلة له ( لك ماتريد يا ابني الجبيب ولكن لاتبكي ولا ترفض الطعام واذهب مع اصدقاءك وعند عودتك تتغذى )
4- عدم معاقبة السلوك السيء :
(مثال )
بينما كان الاب والام جالسين اندفع الابن الاكبر هيثم يصفع أخيه بعد شجار عنيف اثناء لعبهم ونشبت المعركة بين الطفلين فطلبت الام من الاب ان يؤدب هيثم على هذه العدوانية لكن الأب رد قائلا ( الاولاد يظلوا اولاد يتعاركون لفترة ثم يعودوا احباء بعد ذلك )
تحليل:
هذا الرد من الاب يشجع الابن الاكبر على تكرار اعتدائه على اخيه ويجعل الاخ الاصغر يحس بالظلم وعدم المساواة
ــــــــــــــــــ
تعرّفي على زوجك قبل أن تحكمي عليه
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* أحمد النجار
الرجال كلهم سواء ومتشابهون ,هذه العبارة غالبا ماتطلقها المرأة إذا ماثار رجل على زوجته أو هجرها أو غدر بها مع أخرى،وكذلك في حال بخل الزوج أو الأب .لكن ننصح المرأة قبل أن تحكم على الرجل وتصفة بصفات ليست فيه عليها ,دراسة تصرفاته لتعرف أي نوع هو .
أن هناك أنواعا مختلفة من الرجال ولكل نوع صفات تخصة وتميزه و تجعل كل رجل يختلف عن الآخر ونستطيع أن نعرف كل نوع من خلال التصرفات وأسلوب التحدث ومن خلال الألفاظ التي يمكن أن يتفوه بها خاصة فيما يتعلق بعلاقته مع المرأة،ولكن في الغالب لا يعرف الرجل الصفة التي تنطبق عليه ومن الرجال العصبي،و تتوفر في الزوج (العصبي) مجموعة من الصفات تدل عليه•
فالعصبي في الواقع طيب القلب ولكنه سريع الغضب وهو حاد المزاج شديد الإنفعال ويشعر بضرورة الإسراع في الهجوم على الآخرين قبل أن يباغتوه بالهجوم، ونجده لا يثق بأحد ويركز على نقاشات متصيدة•
ثم هناك الرجل (المتصيد) للأخطاء ويطلق عليه(الشكاك) وهو ضيق الأفق ولا يتورع في التعليق على أتفه الأخطاء ونجده ثائرا دائما ويلجأ للعنف عند الكلام ورغم أنه يسعى أن يكون اداؤه نموذجيا في كافة الأمور إلا أنه ينزعج من تذكيره باخطائه،ولذلك فهو يراقب الآخرين بدقة في كل تصرفاتهم•(54/177)
ومن الرجال الزوج (المؤنب الممل) وهو يجيد إشعار الطرف الآخربالذنب بصرف النظر عن الأسباب الحقيقية للأمور،ويجيد أيضا أستخدام النقد لتأكيد آرائه وأحكامه كما إنه يستغل الخطأ ويجسمه حتى يقنع غيره ويسيطر عليه عند ذلك،وبمعنى آخر هو يمسك بيديه حتى يوقعه في مصيدة الإحساس بالذنب وهو لاينسى الخطأ ودائما مايذكر الطرف الآخر به ويقدم اللوم وهو ممن يهتم بالأداء ويتناسى الولاء•
أما إن دخل حياتكم رجل أو زوج (متصلب متشدد) فإننا نلاحظ عليه إنه عنيد صاحب إرادة حديدية يتشبث بأفكاره ويفرض رأيه بقسوة وعصبية وتزمت واضح وكل مايرغب به هو تنفيذ مايطلبه بدون نقاش، وهو يهتم بالنظام والقواعد أكثر من أهتمامه بالناس ويخشى على سلطته إذا ماغير آراءه ولا يعترف بأخطائه الناجمة عن تفرده•
وأضاف: هناك الزوج (القاضي) الذي ينصب نفسه قاضيا ويوجه الحكم دون أن يعرف التفاصيل إن كان هناك مخطىء أو على صواب ولا يعترف بفشله مطلقا فهو يجيد فن الهروب من المآزق فهو أعلم الناس بقوانين اللعبةودائما لديه ضحية على خطأ،كما يجيد هذا الرجل الاحتفاظ بالسيطرة والجلوس على منصة القضاء ويلمح للخطأ ويصرح به،كما أن لديه مهارة في اتهام الآخرين واستعراض هفواتهم•
ومن الرجال الذين يحيلون حياة من حولهم إلى جحيم الزوج (الطاغية) ومن صفاته الأستبداد وهو قاس وديكتاتور عدواني، يغير ويبدل القواعد واللوائح حسب رغباته ونزواته ويمتلكه نفوذ لا سلطة ويقاوم تفويض السلطة للغير،وهو يخشى من فقدان نفوذه وتحكمه في مجريات الأمور ويحلو له دائما أستضعاف من يتعامل معه وسحق إرادته ويقاطع الحديث من منتصفه ويمزق ملاحظات المتحدث،وإن تم توجيه أي نقد له فإنه يعلن الحرب على الناقد وهو يحب طقوس الولاء•
رقيق ويحصي الخدمات
من صفاته الدقة في كل شيء وهو يحاسب نفسه كما يحاسب الغير ويحصي الخدمات التي يمكن أن تقدم له ويحب أن يتعامل على أساس تبادلية الخدمات ولا ينسى أن يجعل العلاقة كأنها تاجر وعميل•
هناك أيضا (الحانق) وهو ذلك الذي نجده غير راض عن شيء في حياته ولا عن عمله ولا حتى عن الآخرين ونجد أن تصرفاته غير مخطط لها وتنتابه نوبات غضب مفاجئه وجنون مؤقت دون سبب واضح وهو على قدر عال من الحساسية المفرطة وإذا قدمت له رأيا يظن أنك تنتقده هو شخصيا وهو كذلك دائم الأعتقاد بأن مايقوله هو السليم والصحيح وأن من يتعاملون معه ليس لديهم القدرة على أستيعاب الأمور، وهناك الزوج(مدعي الفضل) وهو ممن ينسب العمل لنفسه وبصورة فجة متغطرسة وبأنانية ويعتقد أن ذلك حق مكتسب له لأنه هو الذي يقود العمل ويوفر لك كل شيء وهو يتحسس من أي نقد أو أي ملاحظة،ويفتخر بالنجاح ويرغب في عدم مشاركته لأحد فيه، لذلك نجده متعطشاً للحصول علي ماهو جديد لينسب لنفسه الفضل والفخر•
الضبط والربط
أما الزوج (الضابط) فهو عسكري قبل أن يكون زوجا ويستخدم أسلوب الضبط والربط والسمع والطاعة العمياء ويطغي على حياته أستخدام الأسلوب البوليسي والعسكري في القول والفعل، لذلك نجده دقيقاً ومنظماً ويحول آراءه إلى أوامر، أما (التافه) فإنه يعرض رأيه بطريقة صاخبة وبصوت مرتفع ووقاحة أكثر من اللازم وهو محاط دائما حيث يحبذ الضجيج والغضب، وهو مزعج بصورة غريبة حيث يكثر من الجدال والنقاش دون معنى وإذا وجدمنك أي خطأ فقد وقعت بين فكي أسد شرس، ومن صفاته أنه يحب إشعال نار الفتنة كثيرا ويحلو له إعطاء الحكم والمواعظ ويعرض مساعدته، بل قد يفرضها عليك، وعند تحدثه للآخرين يقوم برفع صوته معتقدا ضرورة ذلك حتى يسمعه الآخرون وهو يقول( ينبغي أن أصيح كي أسمع) ويحدث أستخدام الصوت العالي لتجاوز الأكاذيب أو الفبركة•
هناك أيضا الرجل (الأبلة) وهو ذو سلوك سيء جارح للمشاعر ويبتكر من الطقوس مايجبر الطرف الآخر على الألتزام بها دون أن يلتزم هو بها ويرى الكثيرون هذا الرجل اخرقاً ومعتوهاً حتى زوجته وفي الغالب هو غير متعلم ويؤمن بالخرافات•
ويكمل الدكتور أحمد النجار بقية أنواع الرجال:
الرجل (السخيف) يرغب في إجراء التعديلات عن طريق النقد اللاذع وأمام الغرباء ويرى نفسه ظريفا وكذلك خفيف الظل ونجد أفكاره وآراءه تفصيلية تافهة وهو يحب أن يثبت وجوده من خلال النقد والتقليل من شأن الآخرين ولا يحسن التعامل ولا الحوار وأهتماماته بسيطة•
والرجل (المنشغل) هو نوع نجده كثيرا بين الرجال وهو يطلب من الجميع أن لا يزعجوه بطلباتهم المستمرة فهو منشغل في العمل ويرى أنه يستطيع أداء كل الأعمال وعلى درجة عالية من الدقة، وينغمس في أعمال كان من الممكن أن يؤديها عنه مساعدوه،ويرى أنه إذا قام بتفويض ناجح للأعمال سوف يكون بلا أهمية في العمل وهو عادة لا يخطط للمستقبل بعناية ويشعرك بالإحباط ويعتقد أن من حوله لا يدركون حجم المسؤليات والمهام الملقاة على عاتقه،ولذلك هو كثير الهموم•
ويستطيع الأنسان أياً كان أن يتعرف على الرجل (المهمل) من خلال عدم أهتمامه بما يحتاجه الطرف الآخر وبما يسببه له من متاعب ولا يقدم يد العون ولا يتدخل ولا يهتم بأي شيء ويتفرج ولا يحرك ساكنا وهو دائما لديه اهتماماته الشخصية، أما (الثرثار) فهو مريض بداء الحديث المتواصل ويحكي أمورا لا معنى لها وليست ذات صلة بما يعرض من أمور ويرغب أن تشاركه زوجته أو من يجلس معه جميع اهتماماته وخبراته،والزوجه مفروض عليها سماعه لأنه زوجها وهو يظن أن مايقوله كلام ضروري لما تقوم به من عمل ويغلب عليه طابع المرح وهو أجتماعي يحب الناس ويوقع نفسه في الحرج كما يوقع زوجته أو مرافقه بسبب ثرثرته•
عكس الرجل الثرثار هناك الرجل (الصامت) الذي لا يستجيب لماتقوله وهو يرفض أن يطلعك على سر صمته ويستخدم أيضا ذلك الصمت لخدمة أغراضه وهو يدرس الأمور بصورة أكثر تعمقا ولذلك نجده هادئاً في ردود أفعاله ويندر أن يبدي من الأفعال مايعبر عما يجول بخاطره، وفي حياتنا قد نقابل الرجل (الطيب الساذج) وهو جاد في عمله ولكنه طيب القلب يصدق كل مايقال له ولا يعتقد أن الدنيا بها شر أو كذب أو خيانة، وهو غير قادر على حسم أي نزاع ويحلل في مسارات لا وجود لها•
المتردد المتذبذب هو شخصية ضعيفة الرأي يتراجع عن كلمته بسبب عدم الإحساس بالأمان، ولذلك نجد هذا النوع من الرجال يخاف من أتخاذ قرار أويخشى نتائج أتخاذه ولذلك هو لا يثق بنفسه ويحس بالنقص وأن هناك عيبا في سلوكه أو أسلوبه،ونجده غير متأكد من أي شيء وسريع التأثر بكلام الآخرين•
محتار ومتردد
ومن الشخصيات التي تثير حنق وغضب من يتعامل معها الرجل (المسترخي) وهو من يؤجل الأعمال فربما تختفي المشكلات مع الوقت وهو محتار ومتردد وإذا أخطأ يشعر بأنه في حالة أنعدام وزن وعدم الأمان ويصاب بالإحباط والأكتئاب التام، وهو يتوقع من الآخرين القيام بأدوراه وحل مشكلاته ولا يفهم قانون الأولويات ولا يصلح مافسد ولا يرمم ماأنكسر ولا يشتري الضروري ولا يتخذ قرارا نافذاويهرب من الواجبات الأسرية•
من الملل أن نعاشر هكذا شخصيات ومنها (النمطي) وهو يطلب إتقان الأشياء التافهة وهو ضيق الخلق ويراعي ويدقق جدا في الأشياء التي لا يراها أحد ويفتقد إلى الخيال ولا يملك فهما علميا دقيقا ولا يفكر في التطوير، كذلك يدعو للملل أن نعاشر رجلا باردا، و(البارد) غير أجتماعي ولا يهتم بتبادل الأفكار مع الغير ويشبه جبل الجليد وهو لا يظهر مشاعره وكتوم يستخدم الصمت عند المناقشة والرد ولا يرغب في أن يزعجه أحد، وهناك (الروتيني) الذي يطبق القواعد واللوائح الخاصة به ويقاوم التغيير ويضع أمامه العقبات والعراقيل ويتجنب المسؤولية ولا يقوم بأية مبادرة كانت وهو جامد يعتمد على التعليمات وهو ضعيف الثقة بالنفس، أما الرجل (الموسوس) فهو ذلك المعقد المتجهم دائما وصوته تجده عاليا وهو لا يتمتع بالمرونة في حل المواقف والأزمات وهو كثير الشكوك وإنفعالاته غير متوزانة ويخاف ويتوهم المرض ودائما مايتوقع الشر، وهناك رجل ذو صفه مكروهة وهو( الكذاب) وهو كثير الخطأ وكثير التبرير،ويرجع في وعوده ويحنث إتفاقه ولا ينوي أن يفي بما وعد ابداً ولا يكف عن ألقاء اللوم على الطرف الآخر ويحلو له سحب البساط من تحت قدمك وإحراجك ولا يتعلم من أخطائه، ومن الرجال (النقال) وهو ينقل مايدور داخل بيته للخارج ويلقي اللوم على الآخرين في كل مايحصل ويحرص على تلميع صورته ويقحم ويشرك أشخاصاً غرباء في مشكلات عائلية وينكر بسهولة مافعله ويعرف أنه سلبي•
الأسوياء عادة ما يكونون طبيعيين في تصرفاتهم مع من حولهم ولا يثيرون الكثير من المشاكل ونجد بهم الكثير من الصفات التي تجعلهم محبوبين ولذلك تأتي شكاوى الناس والزوجات من الأنماط التي ذكرتها
ــــــــــــــــــ
أثر التربية السلبية على الحياة الزوجية للأبناء
لمشاهدة الصورة بحجم اكبر إضغط علي الصورة
* عبد الكريم الشيبي
الإسلام أهتم بصلاح الزوجين اهتماماً كبيراً إلى حد نظر الزوج والزوجة منذ تكون الجنين ، فوضع القواعد والأسس الأولية في اختيار أم الجنين وهي الأرضية الصالحة وفي ليلة العقد والرباط المقدس وليلة الزفاف وما يعمل فيها لحماية الطفل الآتي في المستقبل ورعاية الطفل في بطن أمه ثم بعد وضعه والاهتمام بتغذيته وتربيته التربية الصالحة وإعداده للحياة الزوجية السعيدة .
إننا في مسيرة حياتنا اليومية لا نلتفت ولا نتعمق فيما يصدر منا من هفوات وما يعكسه ذلك على تربية الأولاد والبنات ومستقبل حياتهم الزوجية وبالأخص فيما يتعلق بالبنت في الجانب العاطفي من هذه الهفوات والأمور السلبية :
1-النزاع بين الوالدين كثيراً ما يحدث نزاع ومشاجرة بين الوالدين وأمام مسمع الأطفال عموماً والبنت خصوصاً ، فهذا يسبب الأذية والعقد النفسية للبنت ويصبح ذلك درساً عملياً لحياة البنت في المستقبل .
2-عدم المحبة للآخرين :
من الأخطاء الفظيعة التي يمارسها الوالدان ؛ تربية الأطفال على عدم محبة الآخرين ولو كان ذلك من باب الغيرة أو الحسد أو الغيبة لغيرهم فإن الأولاد عموماً والبنت خصوصاً سوف يتأثرون بهذه التربية السلبية وسوف تنعكس على البنت في حياتها المستقبلية ويكون ذلك مبعداً لها عن زوجها مما يؤدي إلى تهديد حياتها الزوجية بالفشل .
3-إثارة البنت :
في بعض الأحيان يقوم الوالدان بإثارة البنت - ولو لأجل المزاح أو غيره - مما يجعلها تفقد أعصابها وتقوم بالصراخ والعويل فقد يصبح ذلك عادة لها وهذا ما يؤثر على حياتها الزوجية وسلوكها مع زوجها .
4-عدم المحبة للبنت :
إن شعور البنت بعدم المحبة من أبويها له آثار خطيرة في حياتها الزوجية فقد تكون معقدة من الطفولة إلى الكبر ويسبب لها الإرباك في الحياة الزوجية .
5-خارج البيت :
يجب على الأبوين أن يهتما بملاحظة المحيط خارج البيت فإن الآثار السلبية للمحيط خارج البيت له أثر كبير على سلوكية الأطفال وبالأخص البنت فإهمال الأبوين يسبب إخفاق الأولاد والبنات في حياتهم الزوجية .
6-لسان الكبار :
عندما يصيح الطفل ويصرخ ويحقق ما يريده ولا يتمكن الوالدان من إرضائه فإنه من الخطأ الشائع عند كثير من الآباء والأمهات أن يخاطبوا الطفل بلسان الكبار وقد يكون شبه المحاكمة وهذا غير صحيح ، بل ينبغي على الوالدين أن يخاطبا الطفل بلسان الأطفال .
7-سلاح الطفل :
إن السلاح الذي يستعمله الطفل هو الصراخ ولا يجوز أن يستسلم الوالدان للطفل بسبب صراخه ويلبيا طلبه إن كان مضراً له أو يكون عادة له .
8-التفرقة بين الأطفال :
إن التفرقة بين الأطفال وتمييز بعضهم على البعض الآخر في العطاء والمنع ، أو المدح والثناء ، بأن يعطي البعض منهم أكثر من الآخر أو يمنع أحدهم أكثر من الآخر ، أو يمدح أو يذم بعضهم أكثر من الآخر فإن ذلك مما يؤثر على الحياة الزوجية لهم ، وإذا أريد المدح أو الذم فينبغي أن يكون بحذر شديد لأجل التشويق له وحثه على مكارم الأخلاق وترك مساوئ الأخلاق .
9-غياب الوالدين :
إن ابتعاد الوالدين ومغيبهما أو أحدهما عن البيت يشكل خطراً كبيراً على تربية الأولاد والبنات وانعكاسه على الحياة الزوجية المستقبلية لهم .
10-الإفراط في العقوبة :
إن الإفراط في عقوبة الأطفال له انعكاس سلبي على حياتهم الزوجية .
11-الإفراط في المكافأة :
فكما أن الإفراط في العقوبة مضر فكذلك الإفراط في المكافأة والإغداق عليهم في الماديات مضرة أيضاً فلابد من التوازن .
12-تكرار العيوب :
إن تكرار عيوب الأطفال وعرضها في مناسبات شتى مما ينعكس على حياتهم المستقبلية .
13-التعيير بالعيوب :
كذلك من الخطأ تعيير الأطفال بعيوبهم الخَلْقِيّة أو الخُلُقيّة وأفعالهم .
14-الإفراط في الحريات :
ينبغي أن تكون الحريات مقيدة بالأحكام الشرعية ولا يجوز الإباحة المطلقة للأطفال بلا قيد ولا رادع ولا وازع ، فما يشاهده الطفل من مسلسلات أو مناظر أو في الأكل والشرب وبقية أفعاله ، يجب على الأبوين أن يخضعانها للأحكام الشرعية وإلا سوف تكون عائقاً عن الحريات الشرعية في المستقبل وتؤثر على حياتهم الزوجية .
15-الإفراط أو التفريط في الرغبات :
من الخطأ الإفراط في إرضاء رغبات الأولاد والبنات وتلبية جميع رغباتهم وعلى حساب أي طرف من الأطراف ، وكذلك من الخطأ التفريط في منعهم من رغباتهم بأن يمنعوا من كل شيء وعن حقوقهم المشروعة أو ما ينبغي أن يحقق لهم . فكل من الإفراط والتفريط في إرضاء الرغبات غير صحيح والأفضل حالة الوسطية .
ــــــــــــــــــ
كيف تحقق السعادة الزوجية ؟
النساء أقدر من الرجال على استيعاب السعادة والتعاسة في الوقت نفسه بقلم: فضيلة الشيخ
الدكتور/ سلمان بن فهد العودة *"
المرأة التي لم تدغدغ أنامل الحب عواطفها هي تربة لم يشقها المحراث، إن لم ينبت فيها الزرع والثمر، رعت فيها الحشرات والهوام".
و قد قال رسول الأمه محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أما واللهِ إِني لأخشاكم لِلهِ وأتقاكم له، لكِني أصوم وأفطِر ، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء ، فمن رغِب عن سنتِي فليس مِني".
واستجابة لنداء محمد -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشبابِ من استطاع مِنكم الباءة فليتزوج فإِنه أغض لِلبصرِ، وأحصن لِلفرجِ، ومن لم يستطِع فعليهِ بِالصومِ فإِنه له وِجاء". الزواج: من أعظم نعم الله على عباده
الزواج السعيد هو القائم على أسس صحيحة، هو قوة للأمة، وتجديد لشبابها، وتكثير لأجيالها."تزوجوا الولود الودود؛ فإِني مكاثِر بِكم". الزواج السعيد فرصة للتعارف بين الأسر
والعوائل، والمدن والبلاد. ولقد أسفرت دراسة أجراها طبيب نفسي على الرجال والنساء، في
محاولة للتعرف أي الجنسين أكثر تقبلا للسعادة؟ فوجد أن النساء أقدر من الرجال على استيعاب السعادة، وعلى استيعاب التعاسة في الوقت نفسه. فإذا أتيح للمرأة مقومات الحياة الطيبة من بيت طيب، وزوج صالح، وأطفال،فإنها تكون سعيدة. وبضد ذلك، فإن المرأة إذا
حرمت من هذه الأشياء؛ فإنها تتجشم من البؤس، والشقاء، والتعاسة، أضعاف ما يتجشمه الرجل.
والنجاح والفشل في الحياة الزوجية قضية تختلف من إنسان لآخر... فما أراه نجاحا قد يعده غيري فشلا•• ولكن ثمة أمورا ينبغي اعتمادها كأصل في مسألة النجاح والفشل، ويتفق عليها الجميع...
فالمرأة إذا لم تحترم زوجها وتحافظ على سمعته فلا يقول عاقل: إن هذا الزواج ناجح. والرجل إذا كان مهملا لبيته، تاركا لزوجته وأولاده من أجل تحقيق رغباته الخاصة؛ فلا يستطيع أحد -أيضا- أن يقول عن هذا الزواج إنه ناجح. وإن كانت هناك حقيقة تقول: إن الفشل والنجاح متقلبان في الحياة الزوجية، بمعنى أن الزواج قد يبدأ ناجحا ثم يفشل، أو يبدأ فاشلا ولكن الزوجين يتخذان الأسباب، ويعالجان الفشل؛ فتنقلب حياتهما نجاحا. وهذا هو المطلوب، العبور بالزواج إلى بر الأمان. وأعلى درجات النجاح أو السعادة في العلاقة الزوجية هي: أن يكون النجاح في الدنيا والآخرة. فدستور الحياة ثلاث نقاط: - الحوار - الحب - التضحية ويمكن تحقيق السعادة الزوجية بهذه الخطوات:
1- التعرف على عوائق الحياة الزوجية، وعوامل فشلها.. وكيفية تفاديها.
2- التوكل على الله والشعور بمعيته، فذلك من أسباب النجاة.
3- قوة الإرادة .
إن علماء النفس المحدثون يؤكِدون أن استخدام علم البرمجة العقلية أو الإيحاء الذاتي له أكبر الأثر في تقوية الإرادة. - تحويل الألم إلى سعادة، والمحنة إلى منحة؛ فالرضا بالقضاء والقدر هو الذي يحول الألم إلى سعادة . - الاستغفار والدعاء.. وكم من عائق للسعادة الزوجية قد زال بسبب الدعاء! -
النظر إلى الأمور بغير تعقيد؛ فالتجارب تدلنا على أنه كلما سهلنا الصعب وبسطنا المعقد؛ كان الأمر سهلا ميسرا، فلا نبالغ في الوصف والشكوى، ولا نظلم تاريخ العلاقة الزوجية، وما انقادت الآمال إلا لصابر - عقد جلسة مصارحة في مكان مناسب، ووقت مناسب، ونفسية متهيئة للاستماع، وكلمات رقيقة بعيدة عن الاتهام والتشهير. فكم من مشكلة تم حلها وعلاجها بسبب جلسة مصارحة ووئام!، فكل شيء يمكن إخضاعه للمناقشة، وكما قيل: "الصراحة راحة".
الحب
القلب هو مصدر سعادتك، وليس البنك ولا المعدة. إن الكوخ الذي تضحك فيه المرأة خير من القصر الذي تبكي فيه. المرأة السعيدة هي من تجد رجلا تحبه ويحبها. خير ما يكسب الرجل بعد تقوى الله - عز وجل - امرأة جميلة، والجميلة هي: الوفية المصونة الصبوره العاشقة ذات اللسان الحلو . تستطيع المرأة أن تنقل لزوجها وأبنائها الصفة المهمة، التي يقل وجودها في الجنس الخشن؛ إنها صفة الرحمة التي تملك المرأة منها ما لا يملكه الرجال.
أيتها الحسناء
أتريدين أن أدلك على البلد الذي يفوق حسنه كل حسن، ويمحو منظره كل منظر؟ ذلك يا حسناء حيث يقيم الأحبة.
أخصب أرض هي تلك التي وطئتها.. أرض الحبيب
قضية تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
قضية تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة .. ( نصرانية ترى التعدد ضرورة ) !!!
[ موضوع طويل ولكن أرجو قراءته حتى نهايته ، فقد تضمّن حقائق و.. و ... ]
أولاً :
هذه القضية أجلب عليها أعداء الإسلام بخيلهم ورَجِلِهم زاعمين أن هذا الفعل – أي التعدد – وحشية لا ترتضى وشهوانية غير مقبولة ، وانتقاص لحقِّ المرأة لا يُستساغ ، و ظُلْمٌ لها ، و ... إلخ تلك الافتراءات .
ثانياً : التعدد من منظور عصري !
"كيف يجوز أن يجرؤ الغربيون على الثورة ضد تعدد الزوجات المحدود عند الشرقيين ما دام البغاء شائعاً في بلادهم ؟ ... فلا يَصحّ أن يُقال عن بيئة : أن أهلها ( موحِّدون للزوجة ) ما دام فيها إلى جانب الزوجة الشرعية خدينات من وراء ستار!
ومتى وَزَنَّا الأمور بقسطاس مستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي الذي
يَحفظ
ويَحمي
ويُغذي
ويَكسو النساء
أرجح وَزْناً من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يَتّخِذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته ، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره "
[ ليس هذا من قول أحد دعاة الإسلام !!
إنما هو من قول ( أني بيزانت ) زعيمة التيوصوفية العالمية ، وذلك في كتابها : الأديان المنتشرة في الهند فاعتبروا يا أولي الأبصار ! ]
قال ( اليوتنان كولونيل كادي ) :
إن تعدد الزوجات تُجيزه الشريعة الإسلامية بشروط محدودة ، وبالفعل نرى العالم كله يستعمله .
وقال أيضا :
من الواضح أن الفرنسوي الثري الذي يُمكنه أن يتزوّج باثنتين فأكثر ، هو أقل حالاً من المسلم الذي لا يحتاج إلى الاختفاء إذا أراد أن يعيش مع اثنتين فأكثر وينتج عن ذلك هذا الفرق : أن أولاد المسلم الذي تعدّدت زوجاته متساوون ومُعْتَرَف بهم ، ويعيشون مع آبائهم جهرة بخلاف أولاد الفرنسوي الذين يُولدون في فِراشٍ مُخْتَفٍ فهم خارجون عن القانون .
وهذا ما دعا ( الصِّين ) أن تعتزم إدخال تعديلات على قوانين الزواج الحالية في محاولة للحدّ من ظاهرتي
: ( تنامي العلاقات غير الشرعية ، والعنف بين المتزوّجين ) .
ولذا يقول المسؤول البرلماني الصيني (هو كانج شينج ) : إن التشريع الحالي بحاجة إلى تحديث ... وأن هناك حاجة إلى إجراء تغييرات لتسهيل إيجاد علاقة زواج ونظام أسري أكثر تحضّراً في الأمة .
[ نظام أسري أكثر تحضّراً ] !!!!
ويُفيد الدّارِسُون لوضع المجتمع الصيني أن نسبة الطلاق المرتفعة في الصين قد حَفَزَتْ السلطات على اقتراح [ تجريم ! ] إقامة أي علاقة خارج الزواج ، وإرغام مرتكبي الزنا على دفع تعويضات لشركائهم في الزواج ، وإلزامهم بقضاء ثلاث سنوات منفصلين قبل إيقاع الطلاق .
نشرت صحيفة الحياة في العدد (13099) أن أستاذة " لاهوت " في جنوب أفريقيا دَعَتْ إلى السماح للبيض بتعدد الزوجات ، لمواجهة ارتفاع معدل الطلاق في البلاد ، وهو من أعلى المعدلات في العالم .
وتقول الأستاذة " لاندمان " :
ليس هناك سوى عدد محدود للغاية من الرجال في العالم ، فقد قُتِل بعضهم في الحروب ، والآن حان الوقت كي تختار المرأة زوجاً من بين الرجال المتزوجين ، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تُصبح فرداً من أفراد أسرته ... ( بتصرّف عن الصحيفة ) .
ها نحن تراهم يعتبرون التعدد حَلاًّ لارتفاع معدل الطلاق ، وقلّة الرجال !!
فأحكام الجاهلية المعاصرة مبنيّة على الفساد !
وصدق الله الذي سمّى حُكم غيره حكماً جاهلياً
فقال : ( أَفَحُكم الجاهليةيبغون ) ؟؟ ( ومن أحسن من الله حُكماً لقوم يوقنون ) ؟ [المائدة:50]
فما خالف حُكم الله فهو حُكمٌ جاهلي أيّاً كان .
ثالثاً : الإسلام والتعدد
كلمة حق في موضوع التّعدد سمعتها من أحد دعاة الإسلام
حيث قال :
الإسلام لم يُنشئ التعدد ، وإنما حَدَّده .
ولم يأمر بالتعدد على سبيل الوجوب ، وإنما رخّص فيه وقيَّدَه . اهـ .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شاء مِنْ النساء ، حتى أسلم بعض أهل الجاهلية وعنده عشر نسوة !!
فحدد الإسلام العدد بأربع نسوة فقط .
ولما حدد الله التعدد بأربع لم يُوجبه على عباده بل أباحه لهم بشروطه من العدل والاستطاعة .
إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة ، أو كانت زوجته عقيم لا تُنجب ، إلى غير ذلك ، فإن الشريعة الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح له أفاقاً ، فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين ، وما يلي ذلك من غشّ للمجتمع ، واختلاط في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير ، وتأنيب النفس اللوامة .
أو يلجأ للتخلّص من زوجته لتتاح له الفرصة بالزواج بأخرى
أيريدون أن تكون الحياة الزوجية جحيم لا يُطاق ؟؟
فيلجأ الأزواج حينئذٍ إلى قتل زوجاتهم غيلة ؟؟
وقد حدث هذا في بلاد الحضارة المادية !!
[(54/178)
في تقرير لمكتب البحث الفيدرالي الأمريكي عام 1979م قدّر أن (40% ) من النساء اللاتي يتعرضن للموت يقتلهن أزواجهن ! ]
[ وتقرير للوكالة الأمريكية المركزية للفحص والتحقيق : هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكيا ]
أيريدون ضرب وقتل الزوجات أم يُريدون أن يبقى عدد من النساء بلا أزواج ؟
فمن المعلوم أن النساء أكثر من الرجال
وأن الحروب والحوادث تطحن الرجال فتترمّل النساء
فمن للأرامل والمطلقات ؟
إن لم تكن قضية التعدد حلاً من الحلول ؟؟
ولذا لما توفِّيَ زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب جاء عمر يعرضها على أبي بكر وعثمان حتى تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري .
وهذا باب واسع للمواساة في الإسلام ، وحكمة بالغة في مشروعية التعدد .
وإن غضبت النساء !
أو زمجر أعداء دين الله !
أليست المرأة يسوؤها أن تبقى مطلقة ؟
ويَشُقّ عليها أن تظل أرملة ؟
ويعييها أن تطول أيمتها ؟
ولكنها عاطفة المرأة التي تسبق عقلها في كثير من الأحيان ، والإنصاف عزيز !
فما دام الأمركذلك إذا تأيّمت أو ترمّلت أو طُلّقت
فلماذا لا ترضى بالتعدد كحلٍّ لمشكلة اجتماعية قد تقع هي فيها يوماً من الأيام ؟
وقد تكون ضحيّتها هي فليس أحد من البشر مخلّد .
وقد قيل لِخَيْرِهم : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) [الأنبياء:34] .
إذاً لتفترض المرأة أن زوجها مات أو قُتل أو أنها طُلّقت .. فكيف يكون مصيرها ؟
أترضى أن تكون قعيدة بيتها ؟
أم يكون عرضها عرضة لكلّ لائك ؟
عندها تصيح - وقد لا تُسمع - المجتمع ظالم ظالم ظَلَمَ المُطلّقة ، ما ذَنْبُها ؟
ألا ترحمون !
ونسبة النساء أعلى من نسبة الرجال ، وسوف يأتي زمان يُصبح الرجل الواحد في مقابل خمسين امرأة .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه قال : ألا أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه ؟ : إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
إذاً هذه نتيجة حتمية للحروب وكثرة القتل التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، والتي عبّر عنها بالهَرْج ، حتى لا يدري القاتل فيما قَتَل ، ولا المقتول فيما قُتِل !
جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيم قُتِل ، فقيل : كيف يكون ذلك ؟ قال : الهرج . القاتل والمقتول في النار .
وقد حدث ما يُشبه هذا قبل أكثر من ثلاثمائة سنة !
فقد نقص عدد رجال الألمان بعد حرب الثلاثين سنة كثيراً ، فقرّر مجلس حكومة ( فرانكونيا ) إجازةَ أن يتزوّج الرجل بامرأتين !!
[ إنه لم يَقُم الدليل حتى الآن بأي طريقة مُطْلَقَة على أن تعدد الزوجات هو بالضرورة شرّ اجتماعي وعقبة في طريق التّقدّم ... وفي استطاعتنا أيضا أن نُصرّ على أنه في بعض مراحل التّطور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها – كأن يُقتل عدد من الذكور ضخم إلى حدّ استثنائي في الحرب مثلاً – يُصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية ، وعلى أيّة حال فليس ينبغي أن نَحْكم على هذه الظاهرة بمفاهيم العصور القديمة المتأخرة ، لأنها كانت في أيام محمد صلى الله عليه وسلم مقبولة قبولاً كاملاً ، وكانت مُعتَرفاً بها من وجهة النظر الشرعية ، لا بَيْنَ العرب فحسب ، بل بين كثير من شعوب المنطقة أيضا ]
(هذا نص ترجمة ما قالته الكاتبة الإيطالية " لورافيشيا فاغليري " فَلِمَ لَم تُشنّ عليها الغارات !! وتُوصم بالتّخلّف والرجعية ؟! أَلأَنَّها إيطالية ؟! ذات دمٍ أزرق وعيون زرقاء !! )
[ وإذا طرأت على الأمة حال اجتاحت رجالها بالحروب ، ولم يكن لكل رجل في الباقين إلا زوجة واحدة ، وبَقيَتْ نساء عديدات بلا أزواج ، ينتج عن ذلك نقص في عدد المواليد لا محالة ، ولا يكون عددهم مساوياً لعدد الوفيات ... وتكون النتيجة أن الأمة " الموحِّدة للزوجات " تفنى أمام الأمة المعددة للزوجات ]
[هذا ما قاله الفيلسوف الإنجليزي " سبنسر " في كتابه : أصول الاجتماع ]
فإذا كان الأمر كذلك ، فَمَنْ لامرأةِ المقتول ، خاصة إن كانت حديثة عهد بعرس !
وقد حدث هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
في قصة غسيل الملائكة ، وفي قصة الشاب الأنصاري
وإليك بيانهما :
أما قصة غسيل الملائكة حنظلة ، فقد روى الحاكم في المستدرك أن حنظلة بن أبي عامر تزوج فدخل بأهله الليلة التي كانت صبيحتها يوم أحد ، فلما صلى الصبح لَزِمَتْهُ " جميلة " فَعَادَ فكان معها ، فأجنب منها ثم أنه لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقُتِل يوم أحد وغسّلته الملائكة
وأما قصة الشاب الأنصاري فقد رواها الإمام مسلم في صحيحه من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلي ، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حيّة فوثبت لأقتلها فأشار إليّ أن اجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم ، قال : كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس قال : فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة .
فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة ، فقالت له : اكفف عليك رُمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بِحَيّةٍ عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه ، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً الحيّة أم الفتى ؟ قال : فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا ، فقال : استغفروا لصاحبكم ثم قال : إن بالمدينة جِنّاً قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
فهذه من الشواهد على أن هناك من ترمّلت في أوج سعادتها ، وأول أيامها ، وعزّ شبابها ، فَلَمْ تبقَ مع زوجها سوى ليلة أو ليالٍ
فمن لها بعد ذلك ؟؟
ماذا لو كانت ابنتك ؟
أو أختك ؟
أو قريبتك ؟
ماذا كنت تتمنّى لها ؟
ألست تطلب لها الستر ، ولو في ظل رجل مُعدِّد ؟
بلى والله .
فلماذا الاعتراض على حُكم أحكم الحاكمين ؟؟؟
وأنتِ أيّتها المرأة ماذا لو كنت أنت المترمّلة ؟
أما كنت تبحثين عن ستر الله ، ولو مع مُسنٍّ معدِّد ؟
إن لسان حال كثيرات ممن فاتهن قطار الزواج ونعق الشيب بمفارق رؤوسهن يقول مرحباً بزوج أيّاً كان ذلك الزوج ، بل إننا نسمع آهات الكثيرات منهن وقد فاتهن الزواج وهُنَّ يتحسرن على ردِّ من تقدّم إليهن ، ويشتكين هجران الناس لأبواب آبائهن ، فلا أحد يطرق الباب ولا أحد يخطبهن .
فيا ضيعة الأعمار لا تتعوّض !
ويَنْقِمن بلسان الحال أو المقال على من تتشبّث بزوجها !! ولا ترضى أن يُشاركها فيه غيرها .
فَعَلامَ عدم الرضا عن حُكمٍ شُرع لمصلحتك ، بل ولمصلحة بنات جنسك ؟؟
أمّا الغربيون فسُنّتهم التعدد ، ولكن مع العشيقات والخليلات ، فيتّخذ أحدهم عشرات الخليلات ، وربما لم يُعاشر زوجته زمَناً طويلاً فتلجأ هي الأخرى إلى تعديد الأخدان .
[ حدّثني طبيب مسلم يُقيم في فرنسا أن دار حوار بينه وبين طبيبة فرنسية حول الخيانات الزوجية ، فسألها : لو كنتِ مع زوجك فأغمضتِ عينيك ، هل تأمنيه ألاّ يخونك ؟!! فقالت : لا ، ولا هو يأمنني !! ]
فمباح لهم اتّخاذ العشرات
وحرام علينا تزوّج ثانية أو ثالثة أو رابعة !!
وهناك طائفة من الأمريكان يُسمّون "شيعة المورمون "
وهم نصارى ، ويقولون بتعدد الزوجات
ومن منسوبي تلك الطائفة من يتزوّج عشر نساء !!
بل كان لقائدهم " يونج " عشـ 20 ـرون زوجة !!!
وللرجل منهم أن يجمع بين الأخوات ، وبين الأم وابنتها ...
والسؤال : لِمَ لَمْ نسمع يوماً من الأيام مَنْ ينتقد تلك الطائفة ، أو يُشنّع عليها ؟؟؟
لِتُعلم حقيقة الهجوم الصارخ على التعدد ، وأنه جزء من الهجمة الشرسة على دين الإسلام ، لا على التعدد نفسه .
حلال للنصارى من كل جنس ، حرام على بني الإسلام !!
أو قُل : هو الكيل بمكيالين ، والوزن بميزانين .
ولا لوم على من كان أعشى البصيرة أنْ سقط في حُفَر الضلال ، أو تردّى في هوّة التّبعية ، أو خنق نفسه بِرِبقة التقليد الأعمى !
وما على العنبر الفوّاح مِن حرجٍ **أنْ مات مِن شَمِّه الزبّال والجُعَل !
طُرفة :
حدثني أخي وقد ألقى محاضرة تعريفية عن الإسلام في جامعة في فنزويلا فسألته فتاة عن الحجاب فأجابها
ثم سألته أخرى عن تعدد الزوجات ، ولماذا يكون للرجال دون النساء ؟
فأجابها على الفور : لِمَن يكون الولد ؟
فطأطأت رأسها ، وضحك عليها زملاؤها وزميلاتها !
________________________________________
(( فاتني التنبيه إلى أمر مهم
وفاتتني الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية
ذلكم هو مناقشة قضية التعدد
لا يجوز مناقشة قضية التعدد هل تؤيد أو تُعارض ؟
بل ذلك كفر بالله العظيم إذ هو متضمن لردّ ما شرعه الله العليم الحكيم
ولكن يجوز أن نُناقش هل يُناسب التعدد فلان من الناس
أي قضية شخص بعينه
فقد لا يُناسب التعدد شخصاً بعينه ، إما لعدم استطاعته القيام بحق الزوجات ، أو لعدم القدرة على العدل
وأذكر ان إحدى الأخوات سألتني سؤالاً حول هذه القضية قالت فيه :
مع علمنا ان الله سبحانه وتعالى عادل واحكم الحاكمين أود ان اقرا رأيك في التعدد بالزوجات بعد ان كنت اعلم انه لا يحق للزوج ان يتزوج بامراة أخرى الا اذا كان له سبب الإباحة وهي أسباب مختلفة اذكر منها ما التذكرة وأرجو ان تعدل علي وتخبرني الباقي :
المرض
النشوز
حال النساء المؤمنات وان زاد تعدادهم عن الرجال في زمن معين
عدم قدرة المراة على أداء واجباتها الزوجية (يتبع المرض )
اما اذا كانت المراة من اختيار الزوج ولا تقصر في واجباتها وليس بها ما بنفر فهل يحق للرجل التعدد في زمننا هذا وبالطريقة التي بات الرجال يتبعونها فلا ترى المراة الا وان أصبحت الزوجة الأخرى ويقال ان الرجل اشتهى أخرى فأين غض البصر وأين واجب الزوج في ان يقضي شهواته في بيته حتى ان غلبه الأمر ان يعود إلى بيته ....
فأجبتها :
ولا شك أن هذا خطأ في التصور وفي معرفة أحكام الشريعة
فكان أن أجبتها آنذاك
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ورزقنا وإياك الفقه في الدِّين
قضية التعدد أختي الفاضلة ليست بالصورة التي تصورتيها ، وهي تحتاج إلى تفصيل
أولاً :
ليُعلم أن هذه قضية محسومة بكتاب الله ، فلا يجوز أن يُقال : ما رأيك بقضية التعدد . هل تصلح أولا ؟
وهناك فرق بين التعدد كقضية عامة وتشريع رباني ، وبين التعدد ومناسبته لشخص بعينه .
فالأول عرضه ومناقشته كفر بالله ؛ لأنه ردّ للتشريع الرباني .
والثاني وارد ؛ إذ لا يصلح التعدد لكل إنسان
وفرق بين القضيتين .
ثانياً :
التعدد كان ولا يزال معروفاً عند أمم الأرض
وقد سمعت أحد دعاة الإسلام يقول : الإسلام لم يُنشئ التعدد ، وإنما حَدَّده ، ولم يأمر بالتعدد على سبيل الوجوب ، وإنما رخّص فيه وقيَّدَه . انتهى كلامه .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شاء مِنْ النساء ، حتى أسلم بعض أهل الجاهلية وعنده عشر نسوة !! فحدد الإسلام العدد ، ولما حدد الله التعدد بأربع لم يُوجبه على عباده بل أباحه لهم بشروطه من العدل والاستطاعة .
إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة لقضاء وطره ، أو كانت زوجته عقيم لا تُنجب ، أو اراد تكثير سواد الأمة ، إلى غير ذلك .
فإذا احتاج الإنسان إلى هذا الزواج الثاني أو الثالث أو الرابع فإن الشريعة الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح له أفاقاً ، فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين ، وما يلي ذلك من غشّ للمجتمع ، واختلاط في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير ، وتأنيب النفس اللوامة .
ودون أن يلجأ للتخلّص من زوجته لتتاح له الفرصة بالزواج بأخرى ، كما هو الحال عند النصارى .
بالإضافة إلى أن عدد النساء أكثر من الرجال في حالات الحروب – مثلاً – وفي آخر الزمان ، فإن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أخبر النبي صلى الله عليه على آله وسلم عن ذلك بقوله : إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
فالله لم يشرع التعدد عبثاً بل شرعه لعباده لحكمة ومصلحة
وليس رخصة يُلجأ إليها عند الضرورة أو الحاجة .
ولذا قال سبحانه : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )
لتتصور المرأة أنها ترمّلت أو طُلّقت . فمن لها ؟
الشاب – غالباً – يُريد شابة مثله
والمتزوّج لا تُريده زوجته يتزوّج عليها !
فمن للمطلقة ؟
ومن للأرملة ؟
وماذا لو كانت هي المطلقة أو الأرملة ؟
أليست تعتبر تمسّك الزوجات بأزواجهن أنانية ؟؟؟
إذاً فلننظر إلى التعدد من عدة جوانب .
ولا يُعكّر على قضية التعدد أن أساء استخدامها بعض أو كثير من الناس
فبعض الناس يتزوّج بأخرى ليُأدّب الأولى !
إذاً صارت الزوجة الثانية ( عصا ) !!!
وما أن تنتهي مرحلة التأديب والتلويح بالزوجة الثانية يُطلقها وتعود إلى بيت أهلها مطلقة !
أو يتزوّج ليتباهى بذلك
أو يتزوّج لمصلحة شخصية أو مقاصد مادية
أو غير ذلك من مقاصد الناس اليوم
إن مقاصد الشريعة أعظم من ذلك
إنه يجب على من أراد التعدد أن يُحسن النيّة في هذا الزواج سواء كانت الثانية أو الثالثة أو الرابعة
بأن يكون قصده :
إعفاف نفسه وأعفاف زوجاته
وتكثير سواد أمة محمد صلى الله عليه على آله وسلم القائل : تزوجوا الودود الولود فإني مُكاثر بكم الأمم .
وستر عورة
وكفالة أيتام في حجر أرملة
ونحو ذلك
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم لهذه المقاصد .
فلم يتزوّج بكراً سوى عائشة – رضي الله عنها – ولم يتزوّجها لكونها بكر ، بل جاءه الملك بصورتها في قطعة حرير ، كما في صحيح البخاري ومسلم .
فإذا تزوّج الرجل زوجة ثانية أو ثالثة فلا ينبغي للمرأة أن تُقيم الدنيا وتُقعدها على زوجها ، وإنما عليها الصبر والاحتساب .
لأن الزوج لم يرتكب أمراً مُحرّما ، بل مارس حق من حقوقه المشروعة .
وبعض النساء إن لم يكن كثير منهن تعلم بوقوع زوجها في فاحشة الزنا وربما تحمّلت وسكتت ، لكن أن يتزوّج عليها زوجها فهذه قضية لا تُغتفر !
إنه يجب أن تتحمّل وتسكت في قضية التعدد
وتُقيم الدنيا ولا تقعدها في قضية الفاحشة
وواجب على الزوج إذا عدّد العدل بين الزوجات في النفقة والمبيت .
وأما من تزوّج عليها زوجها فإنها تُنصح بالصبر
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم على زوجاته وصبرن
حتى أن سودة – رضي الله عنها – وهبت ليلتها لعائشة خشية أن تُطلّق هي – رضي الله عنها – وطمعاً أن تبقى أُمّاً للمؤمنين وزوجة للنبي صلى الله عليه على آله وسلم في الدنيا والآخرة .
وعلى هذه الزوجة التي تزوّج عليها زوجها أن تؤدي الواجبات التي عليها ، وتسأل الحقوق التي لها .
والغالب أن الزوج لا يتزوّج إلا إذا كان هناك تقصير أو نقص
وقد تقول بعض النساء :
ماذا ينقصه ؟
ما قصّرت في شيء !
ونحو ذلك .
فهل كانت تتعاهد مواضع عينه أن لا تقع على قبيح ؟
وهل كانت تتعاهد مواضع أنفه فلا يشمنّ منها إلا أطيب ريح ؟
وهل كانت تتعاهد جوعه ونومه ؟
فإن الجوع مَلهَبة ... وتنغيص النوم مَغضبة !
كما قالت تلك المرأة الحكيمة لابنتها ليلة زفافها .
والمُلاحظ أن الزوجة بعد الأطفال – خاصة مع كثرتهم – تتغيرّ ، وربما انصرفت إلى أطفالها والاهتمام بهم عن الاهتمام بنفسها أو بزوجها
والذي كان ينبغي أن توازن بين الأمور
فلا تُهمل نفسها
ولا تُهمل زوجها
ولا تُهمل أطفالها
فتُعطي كل ذي حق حقّه .
وإنما أطلت للفائدة . ))
قناع السعادة الزوجية الزائف
2004/09/28
...
** سهام عليان
السعادة الزوجية كثيرا ما تصبح مجرد قناع مزيف يرتديه الزوج أو الزوجة أمام الآخرين. وقد يحاول كل طرف إظهار الطرف الآخر في صورة مثالية أقرب إلى الخيال ليبتعد عن قسوة الواقع ومرارته، وقد تتعدد التبريرات حول لجوء الأزواج إلى التظاهر بالسعادة الزوجية، ورسم صورة خيالية للطرف الآخر أمام الناس. وإذا كانت هناك أسباب مقبولة لادعاء السعادة الزوجية المفقودة فإن هناك تساؤلات عديدة تطرح نفسها وتبحث عن إجابة:
هل هناك ضرورة فعلية لارتداء قناع السعادة المزيف، وقلب حقائق الأمور لإظهار شكل وردي للحياة على عكس الواقع المليء بالتعاسة والآلام؟!.
وإذا كانت هناك ضرورة فما هي الحدود التي يجب ألا نتعداها حتى نتجنب الأضرار التي ربما تصل إلى فقدان الإحساس بمتعة الحياة؟.
وما الحلول التي يقترحها الخبراء لإجراء مصالحة بين طرفي العلاقة الزوجية -خاصة الزوجة- مع واقعها دون اللجوء للكذب والتحايل، وادعاء سعادة مفقودة، وتأليف قصص وهمية تظهر الزوج في صورة ملائكية أمام الناس لتخفي حقيقته؟.
أضرار نفسية
لا شك أن التظاهر بالسعادة الزوجية وتحويله من مجرد تجميل مؤقت للعلاقة الزوجية في عيون الآخرين إلى منهج عام للحياة تعتاد عليه الزوجة أو الزوج يكون له أضرار نفسية واجتماعية، يصبح الإنسان معها في صراع دائم بين حلاوة الخيال وجمال السعادة المزعومة وبين قسوة الواقع وتعاسة الحياة الفعلية، ومع تكرار الاصطدام بالواقع -بعد الخروج من دنيا الخيال- يحدث شرخ في المشاعر يسبب حالات مرضية، كما يؤكد الخبراء.
فهل التظاهر بالسعادة الزوجية أمر إيجابي ومطلوب أحيانا لتسير سفينة الحياة، أم أنه أمر سلبي مرفوض نفقد معه كل إحساس بطعم الدنيا؟.
اختلفت الآراء والتبريرات والدوافع التي نرصدها في حديثنا التالي، محاولين إيجاد وسيلة لتجنب الأضرار الناتجة عن تبني ادعاء السعادة المفقودة كمنهج عام لحياتنا.
دوافع وتبريرات
تحكي سعاد.م (موظفة) قصتها في تزيين صورة زوجها، وإخفاء عيوبه عن الناس؛ فتقول: السعادة التي كنت أحلم بها بعد زواجي تحولت إلى سراب، وانقلب الحلم الجميل إلى واقع تعيس؛ فقد تحديت رفض أسرتي، وصممت على الزواج بهذا الشخص، وتبدلت أحوال زوجي، وكأني خدعت في الرجل الذي رسمت له أجمل صورة؛ مما دفعني للتظاهر بالسعادة لتحسين صورة الزوج في عيون أسرتي. وبدأت أنسج قصصا خيالية عن السعادة والزوج المثالي لكي أخفي عن الآخرين حقيقة زوجي المؤلمة؛ لأن أبسط ما ستقوله لي أسرتي إذا عرفت الحقيقة: "إنه اختيارك وتحملي نتيجته"، ولا أريد أن أقف مثل هذا الموقف.
أما هدى.ع (محاسبة) فتقول: أتعمد أن أخفي حقيقة التعاسة التي أعيش فيها مع زوجى البخيل اتقاء شماتة الشامتين، والحفاظ على كرامتي كزوجة أمام الناس؛ فأي زوجة تحب أن تظهر في عيون الناس على أنها زوجة محبوبة من زوجها، ولا يبخل عليها بأي شيء، ويحاول إرضاءها بكل الطرق، ولكي أكون كذلك فلم أخبر أحدا بحقيقة زوجي؛ بل على العكس بدأت أروي عنه حكايات وهمية من نسيج الخيال، تظهر هذا الزوج البخيل كأنه حاتم الطائي في الكرم؛ لأن ذلك ينعكس على نظرة الآخرين لشخصي، ويجنبني الشماتة.
ماء الوجه
وتشير وفاء صدقي إلى أن الزوجة التي ترتدي قناع السعادة الزوجية المزيف هي امرأة مسكينة تريد أن تحفظ ماء وجهها؛ حتى لا تتحول إلى مادة للسخرية والتعليقات الجارحة ممن حولها، لكن في حقيقة الأمر الزوجة في مثل هذه الحالة لا تجمل الحقيقة بقدر ما تكذب على نفسها؛ فيجب أن تقوم العلاقة بين الزوج والزوجة على التفاهم.
وتقول: إن قدرة المرأة على التظاهر بالسعادة قد تكون من نتائج البيئة وأسلوب التربية منذ الطفولة، وقد يكون عندها الحق في ذلك؛ صونا لكرامتها، وتحاشيا لوضع حياتها الشخصية تحت مجهر الناس، وحتى تتساوى مع الأخريات اللاتي يتظاهرن أيضا بالسعادة الزوجية؛ فهي امرأة تساير مجتمعها النسائي غير راضية بالاعتراف بفشل حياتها الزوجية، وتفضل أن تظل سجينة انفرادية في واقع زواجها التعيس.
وقد يكون حرص الزوجة على مصلحة الأبناء أهم دوافعها لهذا المنهج، مفضلة تحمل كل الأعباء، ومدعية السعادة على حساب تعاستها من أجل الحفاظ على الأطفال وكيان الأسرة.
خلل في الشخصية
ومن جانبها تؤكد سماح حلمي (محامية) أن هذه النوعية من النساء ليس لها أي مبررات مقبولة، وليس هناك دوافع لهذا الادعاء إلا الخلل في شخصية الزوجة، وإلا فلماذا تضطر المرأة السوية إلى قلب الحقائق، والكذب على الناس دون أي سبب جوهري يمنعها من قول الصدق أو على الأقل الصمت، وعدم التحدث عن حياتها بالخير أو بالشر.
وإذا كنا مع المرأة التي تضطر في بعض المواقف وفي حالات عرضية إلى مثل هذه الادعاءات وهذا التحايل؛ فإننا نرفض أن يكون ذلك الكذب منهجا عاما لحياة الزوجة؛ حيث إن ذلك يقلل من شأنها وقيمتها على عكس ما تظن.
وجهان لعملة واحدة
ولم يكن فن التظاهر بالسعادة الزوجية مقتصرا على المرأة، وإنما للرجل كذلك نصيب فيه؛ فلم يكن آدم بعيدا عن ادعاء السعادة الزوجية بين أصدقائه وفي محيط عمله.
وفي هذا الإطار يقول محمد منصور (مأمور ضرائب): إن حب المظاهر وقناع السعادة الزائف وجهان لعملة واحدة، والرجل عادة يكون غير مهتم بالمظاهر؛ لذلك فادعاء السعادة فن نسائي في المقام الأول، وهذا لا يمنع أن الرجل قد يضطر لاصطناع السعادة الزوجية في بعض الحالات ولكنها مؤقتة وعارضة.(54/179)
أما موقفه إذا ادعت زوجته ما ليس موجودا بالفعل في حياتهما الزوجية فيقول: اعتدت أن أقدر الدوافع التي تقف وراء مثل هذه الادعاءات، وأتعامل معها باعتبارها إشارة لإعادة النظر في علاقتنا وتحسينها حتى تقترب من الصورة المشرقة التي تقدمها للناس.
ويؤكد صالح عبد الحميد أنه لا يهتم كثيرا بكلام الناس ولا بتقييمهم لحياته؛ فعلاقة الرجل بالناس تختلف كليا عن علاقة المرأة بهم؛ ففي الوقت الذي تكون فيه المرأة غارقة في التكلف والتظاهر أمام صديقاتها، خاصة وهي تتحدث عن زوجها نلاحظ أن الرجل يتجنب الحديث عن بيته وزوجته، خصوصا أمام أصحابه؛ فهناك دائما خطوط حمراء لا يسمح لأحد بتجاوزها؛ باعتبارها تدخلا في خصوصيات حياته الزوجية. وانطلاقا من هذا المبدأ فإن الرجل لا يلجأ عادة إلى ادعاء السعادة الزوجية.
ويطالب بضرورة أن يتخذ الرجل موقفا حاسما من ادعاءات الزوجة أمام الناس؛ لأنها في الحقيقة تعري حقيقته أمام نفسه؛ حيث إن الكذب سيكشف حقيقة مشاعر الزوجة تجاه هذا الزوج.
ويأتي مصطفى عبد التواب (محام) ليؤكد أن ادعاء السعادة الزوجية فن يجيده الرجال أيضا؛ فالرجل بشكل عام -وإن كان لا ينقاد لتلك المظاهر- قد يرتدي هذا القناع إذا ما كان وضعه الاجتماعي يتطلب الظهور بهذه الصورة الجميلة المشرقة من أجل إبعاد كلام الناس عن حياته الخاصة؛ فهو -بلا شك- لا يقل عن المرأة مهارة وقدرة على ارتداء قناع السعادة المزيف؛ فإذا كانت المرأة ترتدي هذا القناع حتى لا تدخل دائرة التعيسات؛ فإن الزوج يرتديه خوفا على اهتزاز صورته الاجتماعية في نظر من حوله وخاصة من له مصلحة معهم.
هروب من الفشل
وعن أسباب لجوء الزوجة إلى تبني هذا المنهج تقول الدكتورة نادية رضوان -أستاذة علم الاجتماع بجامعة قناة السويس: إن ادعاء المرأة السعادة الزوجية نابع في المقام الأول من الخوف من فقدان الزوج؛ فتفعل ذلك دفاعا عن حياتها وبيتها، وكأنها تريد أن تعلن للجميع أن محاولتهم للوقيعة بينها وبين زوجها ستفشل؛ لأنها راضية كل الرضا عن زوجها، وهو كذلك راضٍ عنها كل الرضا.
وكثيرا ما يكون لأسرة الزوجة علاقة مباشرة في هذا التظاهر؛ فهي تريد أن تؤكد أمامهم حسن اختيارها لهذا الزوج، فتبالغ في ادعاء السعادة، وتصوير محبة الزوج لها؛ حتى تقطع الطريق أمام انتقاداتهم، خاصة إذا كان هناك وجه للاعتراض على الزوج من قبل الأسرة في البداية.
وقد تلجأ المرأة إلى نسج قصص كاذبة عن أوصاف ومميزات الزوج أمام الناس حتى تشعره بالحرج، وتدفعه إلى تغيير نفسه، والتخلص من عيوبه؛ لأنه يعرف تماما أنها تضعه في مكانة لا يستحقها، وتؤكد الدكتورة نادية أن التظاهر بالسعادة مرتبط فعلا بالزوجة أكثر من الزوج؛ لأن الرجل الشرقي عادة لا يهتم بكلام الناس حول سعادته أو عدمها مع زوجته، ويعتقد أن المظاهر عادة ما تقوده إلى تعقيدات كثيرة مع بيئته الاجتماعية التي قد تثير العديد من التساؤلات حول تفاصيل علاقته بزوجته؛ لذلك يتجنب الدخول في هذه المسائل، حتى لا يضطر للكذب والمبالغة في إظهار السعادة.
القيمة الكبرى
ومن جانبه يؤكد الدكتور أحمد فرج -أستاذ الطب النفسي بجامعة الإسكندرية- أن السبب الرئيسي لارتداء قناع السعادة عند المرأة يرجع إلى أن الحياة الأسرية تمثل عندها القيمة الكبرى، وبالتالي فإن النجاح أو الفشل فيها يعتبر النجاح والفشل في الحياة بأسرها، وهذا الأمر يجعلها حريصة على عدم إظهار الفشل أمام المجتمع، بخلاف الرجل الذي تتنوع اهتماماته بين أمور عديدة؛ أهمها العمل الذي يمثل القيمة الكبرى في حياته؛ لذلك إذا ما فشل في حياته الزوجية نراه يعوض ذلك بتحقيق النجاح في مجالات أخرى.
ويقول: إن الزوجة التي تبالغ في إظهار سعادة مصطنعة هي امرأة اندفاعية لا تتصف بالحكمة والصدق؛ مما يجعلها تؤلف العديد من القصص المزيفة حول واقع حياتها، ويعد ذلك إحدى الوسائل الدفاعية التي تستخدمها لكيلا تواجه المواقف الصعبة وتتغلب على مشاعر الخوف والقلق والإحباط.
الكذب مرفوض
وحول رأي الدين يقول الدكتور سيد رزق الحجر أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة القاهرة: إن الكذب ليس فيه الأبيض والأسود، وإن كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد أباح الكذب في حالات قليلة ومعروفة؛ من أهمها الإصلاح بين المتخاصمين؛ فقياسا على ذلك نقول: إذا كان التظاهر والكذب بهدف الحفاظ على كيان الأسرة ومصلحة الأبناء وحفظ الأسرار والخصوصيات؛ منعا لخلاف قد يحدث بين الزوجين أو بينهما وبين الآخرين، أو إصلاحا لخلافات قائمة بالفعل.. فإن ذلك يكون مباحا، ولكن في أضيق الحدود حتى لا تتحول إلى عادة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فالكذب مباح في حالات قليلة جدا، ويهدف إلى مصلحة ما، دون ضرر ولا ضرار، ولكنه عندما يصبح عادة ومنهجا للحياة فهذا يرفضه الإسلام، وعلاج هذه المشكلة يتمثل في العودة إلى مبادئ الإسلام الذي جعل من الزواج سكنا ورحمة ومعاشرة بالمعروف، والذي أوجب على الزوج إكرام زوجته إذا أحبها، وعدم ظلمها إذا كرهها؛ فعندما نتبع هذه القيم والمبادئ فلن تكون هناك حاجة للادعاءات والتحايل.
ويؤكد الدكتور سيد أن تحاشي الخوض في الحديث عن عيوب وأسرار الحياة أفضل بكثير من قلب الحقائق والمبالغة في إظهار عكسها، وننصح بالتمسك بتعاليم ديننا الحنيف الذي يقضي على كل هذه المشكلات، ويضمن الاستقرار والاستمرار للحياة الزوجية بعيدا عن المجاملات والادعاءات. والصبر والتحمل واجب على كل من الزوج والزوجة حتى تصل السفينة إلى بر الأمان، وإذا لم يكن هناك سبيل فقد أباح الله عز وجل الطلاق والتسريح بإحسان؛ فهذا أفضل بكثير من تربية أطفال على قيم فاسدة مثل التحايل والكذب والتظاهر والمبالغة وقلب الحقائق؛ تلك الصفات التي يرونها في الآباء، وينطبع أثرها عليهم، ومن شب على شيء شاب عليه؛ فاتقوا الله في أنفسكم وفي أبنائكم، وتمسكوا بتعاليم ديننا الحنيف الذي يضمن لكل الأطراف حقوقها في إطار من العدل والرحمة والكرامة.
قاموس السعادة الزوجية
قاموس السعادة الزوجية
حتى تحتفظي بحب زوجك وبالهدوء والاستقرار العائلي عليك بتهيئة هذا الجو بنفسك، فبإمكانك أنت وحدك بصفتك ربان سفينة الزوج أن تقودي السفينة إلى برّ الأمان. وإليك بعض الإرشادات:
ـ لا تذكري له مشاكلك حتى ينتهي من تناول طعامه.
ـ إذا كانت هناك مشاكل تريدين مناقشتها معه. فاجعلي العشاء ممتازاً بصفة خاصة.
ـ احرصي على الاهتمام بمظهرك داخل المنزل.
ـ تعلمي كيف تترجمين عبارات زوجك. فإن قال (إنك تبدين على ما يرام) فإنه قد يعني أنك تبدين رائعة الليلة.
ـ لا تطلبي من زوجك السكوت إذا كان يغني أو يقوم ببعض التهريج.
ـ لا تقولي له دائماً إنه أكبر سناً من أن يفعل بعض الأشياء التي يريد أن يفعلها.
ـ حافظي على مواعيدك عند عودتك للمنزل.
ـ لا تشتري هدية له ثم تطالبينه بثمنها، ولا تورطيه في حفلات مفاجئة.
ـ إذا كان مرتبك أكثر من مرتبه تجنبي الحديث عن هذا الموضوع فإنه قد يجرح كبريائه.
ما الذي يستطيع الزوج أن يفعله؟
ـ لا تعتقد أنك مضطر دائماً للاحتفاظ بكبريائك. إبك قليلاً، فإنها ستحب أن تعاملك بحنان الأمومة.
ـ أحضر لها هدية من حين لآخر حتى ولو كانت رمزية فإن مثل هذه الأشياء.. البسيطة تفرحها كثيراً.
ـ اطلب نصيحتها ومشورتها في بعض مشاكل أعمالك وخذ بها أحياناً.
ماذا يستطيع الزوجان أن يفعلا معاً؟د
ـ ليعامل كل منكما الآخر أحياناً كأنكما تلتقيان لأول مرة.
ـ لا تناما قط على مشكلة دون الوصول إلى حل لها أو اتفاق ما بشأنها.
ـ تفاديا الثورة المجنونة معاً في وقت واحد.
ـ ليحترم كل منكما حياة الآخر الخاصة.
مدرسة السعادة الزوجية، تجربة جديدة في العالم العربي
إخلاص الكثير من الرجال والنساء العرب يشعرون بعدم الرضا عن حياتهم الجنسية. مدرسة جديدة من نوعها في القاهرة تسعى إلى تقديم المساعدة بشكل استشارات ومحاضرات وآيات قرآنية. نيللي يوسف تعرف بهذه المبادرة
"منى" سيدة مصرية بدأت تشعر بالضيق من حياتها مع زوجها التى تزوجته منذ ثلاث سنوات والمشكلة تكمن في انها اصبحت تشعر بحالة من عدم الرضا عن حياتها الجنسية معه، الا انها تخجل وتخاف من البوح والحديث حول هذه المشكلة لان العادات والتقاليد الموروثة للمجتمع المصري تجعل الحديث في مثل هذه الامور بمثابة خرقا للاعراف و ربما للاخلاق ايضا.
تعد "منى" نموذجا للكثيرات من النساء المصريات والعربيات اللواتي يعانين من هذه المشكلة مع ازواجهن، كما انه ليس النساء فقط بل الرجال ايضا يخجلون من الحديث في مثل هذه الامور، الا ان "منى" سمعت من احدى صديقاتها عن مدرسة تعد الاولى من نوعها في مصر والعالم العربي وهي "مدرسة السعادة الزوجية" فأدركت انها الملجأ الوحيد لكسر حاجز الصمت والخجل حول مشكلتها.
"مدرسة السعادة الزوجية" قامت بتأسيسها الطبيبة المصرية هبة قطب الحاصلة على درجة الدكتوارة في الطب الشرعي والجنسي من جامعة القاهرة و دبلوم في الطب الجنسي من جامعة مايمونيدس بولاية فلوريدا الامريكية، كما انها عضوة بالاكاديمية الامريكية للطب الجنسى.
وتمارس هبة عملها من احد المقرات في وسط مدينة القاهرة و هى عيادة كبيرة تحمل اسم "مدرسة السعادة الزوجية" حيث تنظم فيها محاضرات للتعريف بالعلاقة الزوجية السليمة وفن صناعة الحب بين الازواج و كيفية اشاعة المودة بينهما.
محو الامية العاطفية
وعبرت "هبة" في حوار خاص لقنطرة ان فكرة انشاء هذه المدرسة تولدت لديها عندما بدأت تعد رسالة عن الاعتداءات الجنسية قبل خمس سنوات حيث كان عليها دراسة العلاقة الطبيعية بين الازواج لتقارن بينها و بين الاعتداءات و القيام بحوارات مع عدد من المتهمين بالاغتصاب في السجون لتتعرف على دوافعهم.
فوجدت ان معظمهم متزوجين ومن هنا علمت ان الازواج لا يعرفون الكثير عن العلاقة الجنسية الخاصة ويمارسونها بالفطرة. ولذلك معظمهم سواء من الرجال او النساء لا يشعرون بالرضا عن ممارساتهم الجنسية.
فقررت "هبة" اقتحام هذه المناطق الملغومة والمسكوت عنها دون خوف. وبدأت بإنشاء هذه المدرسة لمحو الامية العاطفية ومساعدة الازواج على العثور على مفاتيح بوابات السعادة وخاصة انه لا يوجد جهة تعلم وتدرس ذلك بالدول العربية سواء للمتزوجين او للمقبلين على الزواج.
وعبرت "هبة" عن ان الدول الاسلامية والعربية تفتقر بشدة لمثل هذه الاستشارات المتخصصة بين الازواج حول الجنس بالرغم من ان الدين الاسلامي تحدث في جميع هذه الامور بصراحة ووضوح وذلك ما قامت به في رسالتها التى قدمتها لجامعة مايمونيدس بعنوان "النموذج الاسلامي في الممارسات الجنسية".
أنانية الزوج
وأبرز مشاكل الازواج المصريين الذين يترددون على مدرسة السعادة الزوجية تكمن في ان الرجل المصري ينظر للمرأة دائما وكأنها شيئا مخصصا لارضائه من مختلف النواحي الجنسية، الاجتماعية والنفسية و ان له كل الحقوق وهي مجردة من اي حقوق ويشكو من انها قبلت ذلك من بداية زواجهما فلماذا تتمرد الان وتطالب بعكس ذلك.
المشكلة الاساسية بين الازواج المصريين هو الجهل وعدم الفهم، فالثقافة الجنسية معدمة وخاطئة تماما لديهم.
واوضحت هبة انه في البداية عندما أنشات هذه المدرسة منذ ثلاث سنوات كان يتردد عليها فئات محصورة في تعليم ومستوى عالي، لان طلب المشورة في مثل هذه الامور الخاصة داخل مجتمع، مازال مكبلا بالكثير من القيود والتقاليد الغريبة يحتاج الى افق متسع من الزوجين.
الا انه منذ حوالى عام بدأ يأتى اليها الكثيرون من الطبقات الفقيرة الى حدا ما و غير المتعلمة و آخرين من محافظات و اقاليم مصر.
الحوار علمي و ديني
وتؤكد هبة انها تجد صعوبة في التعامل مع الرجل اكثر من المراة في الدقائق الاولى للجلسة او المحاضرة. الا انه بمجرد ان يبدأ حوار علمي ومتخصص ومليء بالاحترام بصفتها طبيبة وليست مجرد امرأة وتنتحدث حديثا علميا تستخدم فيه اللغة الانكليزية ولمن لا يجيدها تستخدم الالفاظ الفصيحة، فيتخلى الرجل عن خجله وخاصة انه يفضل البوح لطبيبة عن البوح لطبيب حتى لا تنكسر رجولته امامه.
وتستخدم هبة في المحاضرات صورا للتعريف بالعملية الجنسية والشرح بأمثلة مبسطة وبآيات من القرآن، حتى مع بعض الزبائن المسيحيين. ونادرا ما تصف الادوية والكريمات الطبية لانها تعتمد على اصلاح الخلل الوظيفي للعملية الجنسية بين الزوجين. كما تعطى احيانا اسماء كتب مختلفة ليشتريها الزوجين تتعلق بمثل هذه الامور.
كما بدأت مدرسة السعادة الزوجية في الشهور الاخيرة بعمل محاضرات اخرى جديدة للمتزوجين لتصحيح الكثير من المعلومات الخاطئة والفهم الافضل للعلاقة الجنسية، وفصول اخرى جديدة للمقبلين على الزواج و اخرى للمراهقين والمراهقات لتعريفهم بالجنس من النواحى العلمية والشرعية.
بقلم نيللي يوسف، قنطرة 2004
وصية امرأة لبنتها ليلة زفافها
قوت القلوب - (ج 2 / ص 232)
أوصى أسماء بن خارجة الفزاري، وكان من حكماء العرب، ابنته ليلة زفافها فقال: يا بنية، قد كانت والدتك أحق بتأديبك مني لو كانت باقية، وأما الآن فإني أحق بتأديبك من غيري افهمي عني ما أقول: إنك قد خرجت من العش الذي فيه درجت وصرت إلى فراش لا تعرفينه وقرين لم تألفيه، كوني له أرضًا يكون لك سماء وكوني له مهادًا يكون لك عمادًا فكوني له أمة يكون لك عبدًا، لا تلحفي به فيقلاك ولا تتباعدي عنه فينساك، إذا دنى فاقربي منه وإن نأى فابعدي عنه، واحفظي أنفه وسمعه وعينه، لا يشم منك إلاّ طيباً ولا يسمع إلاّ حسنًا ولا ينظر إلاّ جميلاً وأنا الذي أقول لأمك ليلة ينائي بها:
خذي العفة مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرك الدفّ مرة ... فإنك لا تدرين ماذا المغيب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
ــــــــــــــــــ
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 2 / ص 6051)
رقم الفتوى 19892 وصية الأم لابنتها عند الزواج
تاريخ الفتوى : 15 جمادي الأولى 1423
السؤال
ما هي الوصايا العشر التي وصت بها الأم بنتها يوم زواجها؟
جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فممن ذكر هذه الوصايا السيد سابق رحمه الله في كتابه فقه السنة (2/272) قال رحمه الله: وصية الأم لابنتها عند الزواج: خطب عمرو بن حجر ملك كندة أم إياس بنت عوف بن علم الشيباني، ولما حان زفافها إليه، خلت بها أمها بنت الحارث، فأوصتها وصية تبين فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة، وما يجب عليها لزوجها، فقالت: أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلَّفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمَةً يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي له خصالاً عشرا يكن لك ذخراً:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع والطاعة.
أما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على القبيح، ولا يشم منك إلا أطيب الريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن غرائز الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
أما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء
(الرعاية) على حشمه (خدمه) وعياله، وملاك الأمر في المال: حسن التقدير، وفي العيال: حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أو أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً. انتهى
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
---------------
موسوعة المقالات والبحوث العلمية - (ج / ص 1)
وصيّة أمامة بنت الحارث لبنتها عند زواجها
"أمامة هي من بني شيبان، اشتهرت بالفصاحة والعقل وسداد الرأي.
عاشت في العصر الجاهلي، وكان زوجها -عوف بن محلمَّ الشيباني- سيداً في قومه.
ولما خطب ملك كندة: الحارث بن عمرو، ابنتها أم إياس، أوصتها أمها بوصيّة تعدّ من أفضل ما قيل في موضوعها، بيّنت فيها دعائم الحياة الزوجية الناجحة، وما يجب على المرأة تجاه زوجها".
الوصية:
أيْ بُنيّة:
إن الوصية لو تُركت لفضلِ أدب(1)، تُركت لذلك منكِ.
ولكنها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل.
ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغِنَى أبَويها، وشدّةِ حاجتهما إليها، كنتِ أغنى الناس عنه.
ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهنّ خُلق الرجال.
أي بُنيّة:
إنك فارقت الجوَّ الذي منه خرجت.
وخلّفت العُشَّ الذي فيه درجْتِ(2).
إلى وَكرٍ لم تعرفيه(3).
وقرينٍ لم تألفيه(4).
فأصبح بملكه عليك(5)، رقيباً ومَليكاً.
فكوني له أمَةً، يكن لكِ عبداً وشيكاً(6).
أي بُنية:
احملي عني عشرَ خِصال تكن لك ذُخراً وذكراً:
الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
والتعهّد لموقع عَينه.
والتفقد لموضع أنفه:
فلا تقعُ عينُه منك على قبيح.
ولا يشمُّ منكِ إلا أطيبَ ريحٍ.
والكحل أحسن الحسْن.
والماء أطيبُ الطِيب المفقود.
والتَعهد لوقت طعامه.
والهدوُّ عنه(7) عند منامه:
فإن حرارة الجوع مَلْهبَة، وتنغيصَ النوم مَغْضَبَة.
والاحتفاظ ببيته وماله.
والإرعاء(8) على نفسه وحَشَمِه وعياله:
فإن الاحتفاظ بالمال حسنُ التقدير.
والإرعاءَ على العيال والحشَم جميلٌ حَسنُ التدبير.
ولا تُفشي له سراً.
ولا تَعصي له أمراً:
فإنك إن أفشيتِ سرَّه، لم تأمنَي غَدْرَه.
وإن عَصَيْتِ أمره، أوْغَرتِ صدرَه(9).
ثم اتقي من ذلك:
الفَرحَ إن كان تَرِحاً(10).
والاكتئابَ عنده إن كان فَرحاً.
فإن الخَصلة الأولى من التقصير.
والثانية من التكدير.
وكوني أشدَّ ما تكونين له إعظاماً.
يكن أشدَّ ما يكون لكِ إكراماً.
وأشدَّ ما تكونين له موافقة.
يكن أطول ما تكونين له مرافَقةً.
واعلمي أنك لا تَصلين إلى ما تحبّين.
حتى تُؤْثري رضاه على رضاك، وهَواهُ على هواكِ، فيما أحببتِ وكرهتِ والله يَخيرُ لك(11).
الهوامش
(1) لفضل أدب: لزيادة أدب.
(2) أي تركت بين أبويها.
(3) هو بيت الزوجية.
(4) هو الزوج الذي لم تعاشره من قبل.
(5) أملكه إياها: زوّجه فملكها مِلْكاً.
(6) سريع الإجابة.
(7) أي السكون.
(8) الإرعاء: الرعاية.
(9) ملأته غيظاً وحقداً.
(10) حزيناً مكتئباً.
(11) خارَ له في الأمر، يَخير، خَيْراً، جعل له فيه الخير، أو أعطاه ما هو خير له.
مساحات مجهولة في العلاقات الزوجية
زاد القلب:
هل العلاقة بين الزوجين في فراش الزوجية هي لحظة متعة جسدية تنقضي فتنتهي المتعة الحلال، ويدير كل طرف ظهره للآخر ويغرق في نوم هادئ!
وهل المودة والرحمة هي صلة حسية وقضاء وطر وإطفاء شهوة فحسب!
قد يعرف الجميع "ما قبل" الجماع، وهو ما ذكره الله تعالى في قوله: "وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ"، لكن الكثيرين لا يعرفون مساحة "ما بعد" ذلك، تلك الحديقة الغنية بالمتعة بعد الوطر.. إنها المساحة التي ترتوي فيها الروح ويمتلئ فيها القلب بالدفء بعد أن تهدأ رعشة الجسد ويتسلل الخدر إلى البدن، ويتزود الزوجان بزاد من الرقة والمحبة الصافية.
المرحلة الثالثة في مسيرة الحب:
في مقال "التزامن الجنسي" نبَّهنا الكاتب إلى أن الإيقاع الجنسي بين المرأة والرجل متفاوت، ففي حين يعلو منحنى الشهوة عند الرجل بسرعة ويهبط بسرعة، فإن منحنى الشهوة لدى المرأة أطول أفقيًا، يرتفع في هدوء، ويستوي، ثم يهبط في هدوء. وإذا كان التوافق الجنسي يستلزم أن يتم "التقديم" بالقبلة والكلام كما علمنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كي يطول أمد الملاعبة بما يمتع الزوجين ويمهل المرأة حتى تستوفي الاستعداد للحظة المنشودة، كما علمنا المصطفى أن الرجل ينبغي ألا "ينزع" بعد الإنزال بل يُتم الوصل حتى تقضي المرأة وطرها، فإن إدراك آفاق ومتعة المرحلة الثالثة في مسيرة الحب يضيف إلى متعة الزوجين مساحة أخرى، فالتودد والملاعبة والملامسة الرقيقة الحانية بعد انقضاء "اللحظة" كلها وسائل للمتعة تمهل المرأة حتى يهبط منحنى متعتها في هدوء دون أن يتم كسره فجأة فتشعر بانقطاع اللذة الحاد والخواء فيفسد ذلك عليها مشاعر الاستمتاع، كما أن تبادل اللمسات والكلمات في فترة الخدر التي يمر بها الرجل بعد الإنزال يكون متعة صافية تحقق له سعادة هادئة لا عجلة فيها ولا فورة، بل رقة وتدليل وبث لمشاعر الحب الدافئة بالأنامل وبالكلمة شديدة الخصوصية والإسرار والسكينة.
الجهل والإجهاد:
لماذا لا يمارس الكثيرون حب ما بعد الجماع؟
الجهل هو السبب الأول، والاعتقاد بأن الجنس يتمحور حول لحظة إنزال الرجل وبعدها ينتهي كل شيء بتحقُّق هذه "الغاية الكبرى"، وغياب ثقافة أوسع لما يحيط بالعلاقة الزوجية الحميمة من مقدمات ومؤخرات وما يغلفه من آداب وسلوكيات، وينابيع هذه المعرفة في السنة والتراث ما زالت مجهولة أو مسكوتًا عنها (ليحل محلها ما هو شائع ودارج في كل ثقافة محلية).
أما السبب الثاني فهو الإجهاد، فالعلاقة الزوجية عادة ما تتم ليلاً والزوجان في حالة إجهاد بعد يوم حافل بالعمل والحركة والمسئوليات والشواغل، فضلاً عن أن ردّ الفعل العصبي عند الرجل بعد الإنزال يكون الاسترخاء العميق، فإذا اجتمع هذا مع إرهاق يوم طويل فإن النتيجة تكون السقوط نائمًا بعمق وراحة بال، في حين أن حرارة مشاعر المرأة الجنسية تأخذ وقتًا حتى تبرد كما ذكرنا فتبقى في أغلب الأحوال بعده مستيقظة وشعورها الحسي ما زال يقظًا لم يخلد للنوم بعد.
المداعبة باب لوصل ثان:(54/180)
لا تمثل المداعبة بعد الجماع فقط مساحة لاستكمال متعة المرأة، بل تكون بابًا لمتعة صافية ليس فيها توقع أداء جنسي معين من الرجل بل تلذذ بدون توقعات أو انتظار للحظة بعينها. ولا مانع أن يكون هذا التلذذ والتمتع الرقيق الذي يبث فيه كل طرف لشريكه مشاعره ويعبر له عن مكنون نفسه وخلاصة حبه بابًا لمتعة جديدة بمعاودة للقاء ثان، والتوجيه النبوي فيه للرجل أن يتوضأ تنشيطًا للعود، وبذا تكون المداعبة بعد المعاشرة الأولى مساحة راحة وتأهب لمرة ثانية قد يشتاق لها أحدهما أو كلاهما.
والمداعبة قد تأخذ أي صورة يحبها ويتفق عليها الزوجان وتحقق لهما المتعة والسعادة، ولا تقتصر على الفراش، بل قد تكون في الاغتسال معًا، أو غيره من أشكال التلطف والمداعبة التي يحبها الزوجان، وهي من أسرارهما ولهما أن يبدعا فيها كما يحبان ما دامت تحقق لهما الإحصان والسكن، وقد تفضي أو لا تفضي إلى معاشرة تالية.
عالم مغلق وسر دفين:
غني عن القول أن ما يسعد كل زوجين ويمتعهما قد يختلف من أسرة إلى أخرى، وهذا الباب سر لا مجال فيه لتبادل الخبرات، لأن الخوض فيه منهيٌّ عنه بشكل مباشر في السنة النبوية وكشف لما يجب أن يبقى مستورًا محفوظًا، كما أن الكلام فيه قد يضر ولا يفيد لأنه يخلق توقعات ومقارنات لا تجدي لاختلاف الطبائع وما يستحسنه كل إنسان وما لا يستحسنه في هذه المساحة من الذوق المتفاوت بين الناس.
إلا أن هناك خطوطًا عامة نحرص على توجيه الزوجين لها في هذه المساحة من العلاقة التي نتحدث عنها:
- أن مداعبة ما بعد الجماع قد تكون بابًا لحل مشكلات تأخر الشهوة عند المرأة أو سرعة القذف عند الرجل، مع عدم تجاهل محاولة علاج المشكلة الأصلية إذا كانت تحتاج لاستشارة نفسية أو طبية متخصصة.
- أن مداعبة ما بعد الجنس كما تحقق متعة أكيدة للمرأة فإنها قد تكون ضرورية في حالات توتر الرجل وعجزه عن المعاشرة لأسباب نفسية عارضة أو تأخره في القذف أو فشله في الولوج بشكل كامل لإجهاده أو قلقه من أمر ما خارج العلاقة الزوجية -وهو ما يحدث في بعض الأحيان– وعندئذ تكون المداعبة أداة أساسية لبث الثقة في نفسه وإشعاره بالأمان والدفء والحب واسترجاع الرغبة والقدرة وإرسال رسالة حب قوية من الزوجة.
- أن المداعبة والكلام بعد الجماع وفي مرحلة السكينة التي تعقبه هي مساحة مثالية للتعبير عن الرغبات الجنسية التي لم تتحقق أو التي قد يخجل أحد الطرفين في المطالبة بها في الأوقات العادية أو قبل اللقاء الزوجي، وبذا يكون السياق ملائمًا لمناقشة ما قد يتردد الزوجان في مناقشته في لحظات أخرى.
- أن المداعبة بعد الجماع هي وسيلة مثالية لقول الكلام الجميل والتعبير عن الحب وكل المشاعر الجميلة التي قد تؤدي الرغبة الجنسية المشتعلة إلى تجاوزها إلى "الرفث" والكلام المثير، وبعد أن تهدأ عاصفة الشهوة يفسح المجال للقلب والروح للتعبير عن دواخل النفس وتبادل العبارات واللمسات العاطفية.
لا شيء سواك!
هناك محاذير ننبه إليها هنا حتى لا يتسلل لتلك المساحة ما يعكر صفوها أو يفسد طبيعتها:
* مساحة الجنس مساحة خاصة مليئة بالإفضاء للطرف الآخر جسديًا ونفسيًا لا يجب أن تناقش فيها أية أمور مادية أو أسرية أو هموم العمل، فهي مساحة بين الزوجين يجب أن نحفظها من أية موضوعات خارجة عنهما في تلك اللحظات الخاصة جدًا.
* يجب أن يرسل كل طرف رسالة للطرف الآخر أنه لا شيء يهمّ في هذه اللحظات سواه، فلا يليق أن يقفز الرجل لكي يغتسل بعد أن يقضي وطره ثم يسارع بارتداء ملابسه والخروج لسهرة أو موعد، ولا يليق أن تفتح الزوجة التلفاز بعد أن يقوم عنها الزوج وكأن شيئًا لم يكن، فهناك سلوكيات قد تحمل رسالة سلبية للطرف الآخر، ومن المهم أن يكون هذا "الوقت" عطاءً صافيًا.
* يجب أن يأمن ويستيقن كل طرف أن الطرف الآخر لا يشي بأسرار العلاقة لأية أطراف أخرى حتى يكون على طبيعته تمامًا، وكلما زادت السرية في العلاقة كلما زادت الخصوصية وزاد الارتباط بالطرف الآخر الذي يكون هو "النصف الآخر" الذي لا يكتمل الكيان إلا به، ولا تتحقق المتعة إلا به وله.
وأخيرًا.. فإن الإفضاء للآخر في العلاقة الزوجية ليس وقته الساعات المتأخرة فقط، فقد يلتمس الزوجان ساعة مع مطلع اليوم وهما في كامل النشاط لكي يعطي كل منهما للآخر في اكتمال انتباهه وتركيزه صافي مشاعره وكامل طاقته، ولتتنوع توقيتات اللقاء.. وأشكال الاستمتاع الحلال ليقطف الزوجان فواكه المتعة الحلال من شجرة الحب الصافي وتقر عين كل منهما بالآخر.
من أجل ثقافة جنسية حقيقية
بقلم/ د.عمرو أبو خليل
أخصائي الطب النفسي - الإسكندرية
هل نحن في حاجة إلى ثقافة جنسية؟
قد يكون هذا هو السؤال المهم .. حيث إن إدراك وجود المشكلة هو نصف الحل، بينما تجاهلها يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها بصورة لا يصلح معها أي حل عند اكتشافها في توقيت متأخر ... فما بالنا ونحن نحوم حول الحمى.. و لانناقش الأمور المتعلقة بالصلة الزوجية و كأنها سر و لا يسمح حتى بالاقتراب لمعرفة ما إذا كان هناك مشكلة أم لا؟ لأن ذلك يدخل في نطاق "العيب" و"قلة الأدب"، فالمراهقين والمراهقات يعانون أشد ما يعانون من وطأة هذه الأسئلة وهذه المشاعر!!، ونحن نسأل: كيف إذن يتم إعداد الأبناء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بكل ما تحويه من متغيرات نفسية وجنسية وفسيولوجية، وحتى مظهرية؟ .. فالأم تقول: إني أصاب بالحرج من أن أتحدث مع ابنتي في هذه الأمور. وطبعًا يزداد الحرج إذا كان الابن ذكرًا.. وهكذا يستمر الموضوع سرًا غامضًا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم، وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطئ يرتكبونه بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية، وفي عالم الأسرار والغموض تنشأ الأفكار والممارسات الخاطئة وتنمو وتتشعب دون رقيب أو حسيب. ثم تأتي الطامة ويجد الشاب والفتاة أنفسهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر، ويحتاجان إلى ممارسة واقعية وصحيحة، و هما في الحقيقة لم يتأهلوا له. ويواجه كل من الزوجين الآخر بكل مخزونه من الأفكار والخجل والخوف والممارسات المغلوطة، ولكن مع الأسف يظل الشيء المشترك بينهما هو الجهل و عدم المصارحة الحلال بالرغبات و الاحتياجات التي تحقق الإحصان، ويضاف لهذا الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة، وعدم طرق أبواب المكاشفة بما يجب أن يحدث ... وكيف يحدث..!
إنني كطبيب أواجه يومياً في مركز الاستشارات النفسية و الأسرية العديد من الحالات لمراهقين أوقعهم جهلهم في الخطأ و أحياناً الخطيئة ، و أزواج يشكون من توتر العلاقة ،أو العجز عن القيام بعلاقة كاملة، أو غير قادرين على إسعاد زوجاتهم، و زوجات لا يملكن شجاعة البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن ، و غالباً لا يبالي.. ومع الأسف يشارك المجتمع في تفاقم الأزمة بالصمت الرهيب، حيث لا تقدم المناهج التعليمية -فضلاً عن أجهزة الإعلام- أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه رغم كل الغثاء و الفساد على شاشاتها و الذي لا يقدم بالضرورة ثقافة بقدر ما يقدم صور خليعة.
ويزداد الأمر سوءاً حينما يظل أمر هذه المعاناة سرًا بين الزوجين، فتتلاقى أعينهما حائرة متسائلة، ولكن الزوجة لا تجرؤ على السؤال، فلا يصح من إمرأة محترمة أن تسأل و إلا عكس هذا أن عندها رغبة في هذا الأمر( وكأن المفروض أن تكون خُلقت دون هذه الرغبة!) والزوج -أيضًا- لا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته..، أليس رجلاً ويجب أن يعرف كل شيء.. وهكذا ندخل الدوامة، الزوج يسأل أصدقاءه سرًا؛ وتظهر الوصفات العجيبة والاقتراحات الغريبة والنصائح المشينة، حتى يصل الأمر للاستعانة بالعفاريت والجانّ، لكي يفكّوا "المربوط"، ويرفعوا المشكلة.
و عادة ما تسكت الزوجة طاوية جناحيها على آلامها، حتى تتخلص من لَوم وتجريح الزوج، وقد تستمر المشكلة شهوراً طويلة، ولا أحد يجرؤ أن يتحدث مع المختص أو يستشير طبيبًا نفسيًا، بل قد يصل الأمر للطلاق من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها نصف ساعة مع أهل الخبرة والمعرفة،.. ورغم هذه الصورة المأساوية فإنها أهون كثيرًا من الاحتمال الثاني، وهو أن تبدو الأمور وكأنها تسير على ما يرام، بينما تظل النار مشتعلة تحت السطح، فلا الرجل ولا المرأة يحصلون على ما يريدون أو يتمنون، وتسير الحياة وربما يأتي الأطفال معلنين لكل الناس أن الأمور مستتبة وهذا هو الدليل القاطع- وإلا كيف جاء الأطفال!!
وفجأة تشتعل النيران ويتهدم البيت الذي كان يبدو راسخا مستقرًا، ونفاجأ بدعاوى الطلاق والانفصال إثر مشادة غاضبة أو موقف عاصف، يسوقه الطرفان لإقناع الناس بأسباب قوية للطلاق، ولكنها غير السبب الذي يعلم الزوجان أنه السبب الحقيقي، ولكنّ كلاً منهما يخفيه داخل نفسه، ولا يُحدث به أحدًا حتى نفسه، فإذا بادرته بالسؤال عن تفاصيل العلاقة الجنسية -كنهها وأثرها في حدوث الطلاق- نظر إليك مندهشًا، مفتشًا في نفسه وتصرفاته عن أي لفتة أو زلة وشت به وبدخيلة نفسه، ثم يسرع بالإجابة بأن هذا الأمر لا يمثل أي مساحة في تفكيره!
أما الاحتمال الثالث -ومع الأسف هو السائد- أن تستمر الحياة حزينة كئيبة، لا طعم لها، مليئة بالتوترات والمشاحنات والملل والشكوى التي نبحث لها عن ألف سبب وسبب ... إلا هذا السبب.
هل بالغنا؟.. هل أعطينا الأمر أكثر مما يستحق؟.. هل تصورنا أن الناس لا هم لهم إلا الجنس وإشباع هذه الرغبة؟، أم إن هناك فعلاً مشكلة عميقة تتوارى خلف أستار من الخجل والجهل، ولكنها تطل علينا كل حين بوجه قبيح من الكوارث الأسرية، وإذا أردنا العلاج والإصلاح فمن أين نبدأ؟ إننا بحاجة إلى رؤية علاجية خاصة بنا تتناسب مع ثقافتنا حتى لا يقاومها المجتمع، و أن نبدأ في بناء تجربتنا الخاصة وسط حقول الأشواك والألغام،و نواجه هذه الثقافة الغريبة التي ترفض أن تتبع سنة رسول الله في تعليم و إرشاد الناس لما فيه سعادتهم في دائرة الحلال، و تعرض عن أدب الصحابة في طلب الحلول من أهل العلم دون تردد أو ورع مصطنع،هذه الثقافة التي تزعم "الأدب" و "الحياء" و "المحافظة" و تخالف السنة و الهدي النبوي فتوقع الناس في الحرج الحقيقي و العنت و تغرقهم في الحيرة و التعاسة. وهذا يحتاج إلى فتح باب للحوار على مختلف الأصعدة وبين كل المهتمين،نبراسنا السنة وسياجنا التقوى والجدية والعلم الرصين وهدفنا سعادة بيوتنا والصحة النفسية لأبناءنا.
من أسباب السعادة الزوجية إقامة جلسة إيمانية للأسرة الصغيرة
السعادة مطلب ينشده المرء في هذه الحياة , وهو عليها في حياته الزوجية أكثرا حرصا , فمنزله الذي يأوي إليه ويبحث عن الراحة فيه لا شك أنه حريص كل الحرص على أن ترفرف عليه السعادة ويسوده الفرح والسرور .
وإن مما يزرع السعادة في البيت الزوجية وينشرها بين أفراد هذا البيت إقامة جلسة إيمانية ولو مرة كل أسبوع بحيث يكون هذا الوقت مناسبا لجميع أفراد الأسرة , وتكون هذه الجلسة جلسة إيمانية حقا يتلون فيها ما تيسر من كتاب الله سبحانه وتعالى ثم يقوم الأب أو الأم بالافتتاح تم إلقاء موعظة أو تفسير آية أو قراءة السيرة النبوية العطرة أو تفسير حديث نبوي شريف ....... المهم هو حصول الفائدة المرجوة من هذه الجلسة المباركة ودرءا للسآمة على الأبناء فيحسن توزيع الدروس على جميع أفراد الأسرة .
وإذا كانوا أطفالا صغارا يمكن أن تكلفه بدرس حسب مستواه مثلا تفسير الفاتحة .
فإن لم تتيسر فمن الممكن الإستماع إلى شريط فيه تلاوة لكتاب الله أو درس من دروس العلماء الأجلاء وثمة التعليق عليها ومحاولة فهم ما دار فيه ونحو ذلك .
ومن الممكن أن يخصص يوما لإجراء مسابقة ثقافية تثري ثقافة الأبناء وتحفزهم على الإطلاع في كتب تراثنا الإسلامي العريق , وتخصص لذلك جوائز رمزية .
ولهذه الجلسات الإيمانية فوائد عظيمة أشير إلى بعضها لا كلها :
1 – أنها جلسات يحبها الله ورسوله , تقرب العبد من ربه عز وجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه).رواه البخاري . وبيت هذا حال أهلك سيكون أسعد البيوت بلا ريب .
2 – إنها سبب لنزول السكينة على أهل البيت وسبب لأن تغشاهم الرحمة وتحفهم الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت اللّه تعالى يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم اللّه فيمن عنده".
ولا شك أن من هذا حالهم فلا طريق للشقاوة عليهم .
3 – أن هذه الجلسات ستكون سببا في طمأنينة القلوب وراحة الصدور قال الله سبحانه وتعالى ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
4 – أن هذه الجلسات المباركة ستزيل السخيمة من القلوب وتجعل هناك تقاربا ومودة ورحمة بين أفراد هذه الأسرة بفضل ما يدور فيها من الخير والذكر المبارك .
5 – أن هذا الاجتماع الأسري سوف يكسر الحواجز النفسية التي تكون أحيانا بين الأب وبعض أفراد الأسرة أو الأفراد بعضهم ببعض فكلها خير وسعادة .
وما أحوج بيوت المسلمين أخواتي الكريمات لمثل هذه الجلسات الإيمانية التي تنشر المودة وتقوي الروابط بين أفراد الأسرة وتبعث على الخير والتنافس فيه " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
من أسرار السعادة الزوجية لمن رامها وابتغاها
بسم الله الرحمن الرحيم
لا ينظر الإسلام للزواج باعتباره ارتباطاً بين جنسين فحسب، وإنما يعتبره علاقة متينة وشراكه وثيقة لا تنفصم عراها تجمع بين متعاقدين لبناء أسرة متماسكة تربطها روابط الرحم، ومن ثم فقد أكد أن قوامها الوداد والتراحم والتعايش. "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". ومثلما أن هناك عوامل وأسباباً يمكن أن تساهم في تعكير صفو هذه العلاقة، وربما تؤدي إلى هدمها، فكذلك ثمة عوامل وأسباب يمكن أن تقوي هذه العلاقة وتزيد من متانتها وتساعد على غرس وتنمية السعادة الزوجية والمحافظة عليها بين الزوجين، ولعلنا نحاول أن نصل معاً إلى أهم تلك الأسباب متمثلة في النقاط التالية:
1- التدين الراشد:
الالتزام بأوامر الله عز وجل والإكثار من ذكره والبعد عن معاصيه، به تنشرح النفوس وتطمئن القلوب. "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" وحينما نقول: إن التدين ينبغي أن يكون راشداً فليس من أجل استتباب الحياة الزوجية فقط، بل الحياة كلها، بمعنى أن يكون التدين شاملاً عاما، يشمل كافة مناحي الحياة اليومية، فالعبادات والقربات من الدين، وحسن التعامل مع الآخرين من الدين (فالدين المعاملة)، وصلة الرحم، والابتسامة، وأداء الواجبات والحقوق للناس، فكلها من أمور الدين. كما لابد أن يكون التدين متوازناً فليس من الفقه التوسع في النوافل مع إهمال حقوق الزوج أو رغباته أو العكس، ولذلك لا يشرع للمرأة صيام النفل إلا بإذن زوجها. والشيطان قرين الغافلين عن الله وشرعه، وهو من أهم العوامل المفضية لغرس الكراهية وبث البغضاء بين الزوجين وله في ذلك طرق ووسائل شتى وحيل وحبائل عديدة. بل إن أدنى أعوان إبليس إليه منزلة هو ذلك الذي يعمد إلى التفريق بين الأزواج ويفلح في إيقاع الطلاق بينهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول ما صنعت شيئاً. قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول:"نعم أنت".
2- البعد عن الروتين وضرورة التجديد
فالإنسان بطبعه يحب التجديد في كل أمر من أمور دنياه، والروتين أحد أسباب الملل وجلب الكآبة، لذلك ينبغي على الزوج والزوجة أن يضفيا على حياتهما نوعاً من التغيير وألا يعكفا على نمط واحد، كأن تجتهد الزوجة في تغيير زينتها بما يناسبها، أو تتعلم نوعاً جديداً من الأطعمة والمشهيات فتضيفه إلى مائدتهما، وعليها كذلك من وقت لآخر أن تغير من صورة بيتها بنقل الأثاث وتحويره من مكان إلى آخر. والزوج مطالب كذلك بأن يكسر الروتين بوسائل كثيرة منها على سبيل المثال الخروج مع أهله للترويح عن النفس من خلال الرحلات المشروعة من دون إفراط ولا تفريط.
3- غض الطرف عن بعض الهفوات واجب الزوجين
فالكمال ليس من سمة البشر، بل الأصل في البشر الخطأ والزلل، ولذلك فمن الحق والعدل أن يغض الزوج والزوجة طرفهما عن الأخطاء الصغيرة والهفوات العابرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه مسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر".
4- الملاطفة من أسباب دوام المحبة
فعلى كل من الزوج والزوجة أن يحرص كل واحد على ملاطفة الآخر وملاعبته والمزاح معه. فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه برغم جديته وشدته يقول: ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي فإن كان في القوم كان رجلاً. وروت عائشة رضي الله عنها: أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة وهي جارية، قالت لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال لأصحابه تقدموا، ثم قال: "تعالي أسابقك! فسابقته فسبقته، فلما كان بعد وحملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في سفر، فقال لأصحابه: تقدموا فتقدموا ثم قال: "تعالي أسابقك! ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال، فقال: "لتفعلن" فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وقال: "هذه بتلك".
5- احتواء المشاكل الطارئة وسرعة معالجتها
ومعالجتها أولاً بأول وعدم الهروب منها، فإن تراكمها وتطورها يقود إلى نتائج غير محمودة العواقب، ويجب ألا يسيطر اليأس على أحد الزوجين أو كليهما باستحالة الحل، فلكل مشكلة حل ولكل خلاف علاج، وليحرص الزوجان على المحافظة على أسرار حياتهما الزوجية وذلك من خلال الثنائية في طرق المشاكل والاتفاق على الحل وألا يوسعا دوائر الخلاف بإدخال أطراف أخرى لئلا تتسرب الأسرار وتتطور المشكلة، وإن كان لابد من مشاركة طرف آخر فليكن الوسطاء من أهل العقل والتجربة والحكمة والصلاح وممن يحفظون أسرار البيوت.
6- تبادل الهدايا تغرس المحبة في النفوس
تبادل الهدايا بين الأزواج لاسيما هدايا الزوج للزوجة، إحدى أسباب غرس المحبة بينهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا". فالهدية هي تعبير عن المودة وهي كسر لجمود ورتابة العلاقات الإنسانية فإن كانت مثل هذه الهدايا تفعل فعلها وسط الأصدقاء والمعارف. فإن تأثيرها وسط الأزواج أكثر فاعلية وأعظم أثراً. ولا يشترط أن تكون الهدايا من تلك المقتنيات الثمينة الفاخرة، لأن الغرض من الهدية هو إظهار مشاعر الود والألفة في المقام الأول، وذلك يتحقق بأي مستوى من القيمة المادية للهدية، ولكن عن كانت الهدية من النوع الثمين فإن ذلك من أسباب مضاعفة السعادة وزيادة المودة.
7- الغيرة المحمودة تؤثر على العلاقة
مع عدم المبالغة في الغيرة بل تكون باعتدال وروية، وهي بذلك تكون مؤشراً على محبة كل من الطرفين للآخر وعدم تفريطه فيه أو السماح بالنيل منه بشكل غير مشروع، فيجب على الزوج أن يعتدل في هذا الشأن، ولا يبلغ إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات النساء: "إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة" لأن ذلك من سوء الظن الذي نهانا الله تعالى عنه، فإن بعض الظن إثم. وقد قال علي رضي الله عنه: "لا تكثر الغيرة على أهلك فتُرمى بالسوء من أجلك". وأما الغيرة التي تكون في محلها فهي مطلوبة شرعاً ولابد منها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "إن الله يغار، والمؤمن يغار ... " وكان الحسن يقول:" أتدعون نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق؟" قبح الله من لا يغار. فالمطلوب إذاً هو الاعتدال بحيث يغار الزوج في المواطن التي تجب فيها الغيرة، ويُمسك فيما عدا ذلك من غير ضعف ولا تنطع.
8- العقلانية في الطلبات
بحيث لا تكلف الزوجة زوجها بطلبات ترهق ميزانيته أو وقته أو صحته وتضيف عليه أعباء جديدة خاصة إن لم يكن قادراً على توفيرها. وكذلك الزوج مطالب هو أيضاً ألا يحمل زوجته ما لا تطيق من أعباء وتكاليف، سواء كان ذلك في التعامل أو المسؤوليات أو غيره. قال تعالى في محكم تنزيله: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"
9- الاحترام المتبادل يزيد في الود والمحبة
ينبغي على الزوجة أن تحترم زوجها، وأن تعترف له بالقوامة، وعدم منازعته في الاختصاصات التي يجب أن ينفرد بها. وإنزاله منزلته التي أنزله الله إياها، من كونه رب الأسرة وسيدها وحاميها والمسؤول الأول عنها، وإذا أرادت الزوجة أن تشاركه الرأي في بعض اختصاصاته فيجب أن يتم ذلك بتلطف ولباقة واختيار الوقت والزمان المناسبين لمناقشة مثل هذه القضايا وطرح الأفكار، على ألا تصر الزوجة على رأيها أو موقفها إن وجدت منه تمنعاً، بل عليها أن تؤجل الأمر حتى تسنح الفرصة ويتهيأ بذلك المناخ لمناسب لمعاودة الطرح.
10- التشاور وتبادل الرأي
ويتم ذلك من خلال عقد جلسات عائلية داخل المنزل من وقت لآخر يتشاور فيها الزوجان عما يجب عمله في الأمور المهمة في حياتهما المشتركة، ويتم من خلال ذلك تقويم تجاربهما الماضية والتخطيط للمستقبل. وذلك عبر رؤية مشتركة. فإن القرارات إذا أُخذت باتفاق لاشك أنها أفضل من نظيراتها الفردية.
11- ضبط النفس وعدم التنابز(54/181)
يجب ضبط النفس عند وقوع الخلافات بين الزوجين، والبعد عن استخدم العبارات الجارحة أو انتهاج السلوك المؤذي بين الزوجين. كأن يعير الزوج زوجته بنقص فيها، أو أن تخدش الزوجة زوجها بنقائصه، خاصة إن كانت تلك النقائص مما لا يؤثر في الدين والخلق أو يجرح الاستقامة والسلوك، وفي ذلك يجب أن يكون النقد أو التوجيه بأسلوب رقيق تلميحاً لا تصريحاً ثم المصارحة بأسلوب المشفق الودود. وليس هناك أي مبرر مثلاً لكي يعيب الزوج على الزوجة عدم إتقانها لفن الطبخ، بل عليه بدل ذلك أن يحضر لها الكتب المتخصصة في هذا الشأن. ومن الممكن أن يوجهها بعبارات لائقة كأن يقول لها لو فعلت ذلك لكان خيراً ولو امتنعت عن ذلك لكان أفضل. فرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يصحح الأخطاء تلميحاً لا تصريحاً فكان يقولك "ما بال أقوام يفعلون كذا"، وكذلك أيضاً ما عاب طعاماً قط، فالانتقاد الحاد والهجوم الصارخ من الممكن أن يقود إلى التعنت ويؤدي إلى العزة بالإثم.
12- القناعة بمبدأ الخصوصية بين الزوجين
عدم السماح للغير (خاصة الأقربين) بالتدخل في الحياة الزوجية وتناول الأمور الخاصة بالزوجين. فأغلب هذه التدخلات لا تأتي بخير، فأهل الزوجة غالباً ما يتدخلون لصالح ابنتهم وكذلك فأهل الزوج يتدخلون لمناصرة ابنهم، الأمر الذي يعمل على إيجاد المشاكل وتأزمها بين الزوجين. وكثيراً من الخلافات الزوجية إنما تنجم بسبب تدخلات الأقارب في الشئون الزوجية، فحياة الزوجين هي ملك لهما فقط لا ينبغي أن تُعكر صفوها التدخلات الخارجية مهما كانت درجة القرابة.
13- العدل
إذا كان الرجل متزوجاً أكثر من واحدة فيجب عليه الاجتهاد أن يعدل بين أزواجه، وألا يفضل إحداهما أو إحداهن دون غيرها، فالشعور بالظلم من قبل الزوجة سيولد مشاكل ولربما يكون سبباً في هدم العلاقة الزوجية. كما انه ليس من الحكمة في شيء أن يبوح الزوج بحبه وتقديره لإحدى زوجاته دون غيرها من نسائه في وجود الضرة، ولا أن يتكلم عن محاسن وإيجابيات إحداهما في وجود الأخرى حتى وإن كان صادقاً ومحقاً في ذلك. فالغيرة تُعد طبيعة فطرت عليها النساء ولم يسلم منها حتى أمهات المؤمنين من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعائشة كانت تغار من خديجة رضي الله عنهما برغم أنها لم تدركها، وكانت تنكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم مدحه وثناءه عليها، فتقول: لقد أبدلك الله خيراً منها، فإن كان هذا هو شأن عائشة مع خديجة رضي الله عنهما، فكيف يكون الحال بالنسبة لمن عداها من النساء؟
شبكة البرق السلفية
هرشة السنة الثالثة!!
2004/03/21
...
محمد فاروق عجم
عندما يرفع المحبون الرايات البيضاء للحب معلنين الاستسلام برغباتهم لتلك الأشواق التي سلبتهم قلوبهم وعقولهم.. لا يظن أولئك المحبون أن يأتي ذلك اليوم الذي سوف يرفعون فيه الرايات السوداء التي تنذر بالخطر، وتعلن غرق هذا الحب.
هذا ما ذهبت إليه دراسة طريفة حول الحب وعدد السنوات التي يستمر خلالها الحب متوهجًا؛ حيث قدرت الدراسة أن العمر الافتراضي للحب هو ثلاث سنوات؛ حيث يقول باحث علم الاجتماع الأمريكي "وليام روبسون" بأنه عندما يصل الحب إلى نهاية عمره الافتراضي وهو ثلاث سنوات يصبح نور الحب خافتا، وقد يتطلب ذلك ما يقرب من العام حتى يدرك طرفَا علاقة الحب هذه الحقيقة المرة التي تغلفها الحياة المشتركة. وللأسف قد يتحول ذلك الحب الكبير إلى كراهية ونفور وإهمال وعدم اهتمام، وقد يحدث في أحيان كثيرة أن يحاول أحد الطرفين الخلاص من شريك حياته.
العمر الافتراضي
ويؤكد "روبسون" أن كيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب تظل تولد شحنات حب وطاقة عواطف لمدة 3 سنوات، ثم تتوقف تلك الشحنات وكأنها بطارية فرغت ولا يمكن إطلاقا إعادة شحنها، ويضيف: كان الاعتقاد السابق هو أن العمر الافتراضي للحب يبلغ 7 سنوات، لكن خبراء الزواج والعلماء الذين شاركوا "روبسون" أكدوا هذه الحقيقة بأن الحب يعيش 3 سنوات بالإضافة إلى سنة تأرجح، ثم ما يحدث بعد ذلك ينتمي إلى علاقات الدفء والإخلاص وليس للحب، ومن المطلوب عند ذلك الاستمرار في إظهار الحب، وتمثيل دور المحبين من أجل حفظ ماء الوجه، ووضع العلاقة المشتركة في إطار اجتماعي مناسب، وهذا ليس من مظاهر الحب الحقيقي بل هو عملية تجميل اجتماعي ليس إلا.
ويضيف روبسون: هذه الحقيقة العلمية تجد ما يساندها على أرضية الواقع؛ حيث إن قصص الحب الشهيرة الواقعية أو الخيالية عمرها قصير ولا تتعدى المدى الزمني من 3 إلى 5 سنوات على الأكثر.. تبدأ مثيرة.. نارية.. وتعيش فترة معقولة بعواطف ملتهبة ثم تنتهي بفعل فاعل يخرج من داخل المحبين.. ولهذا يجب توقع ذبول شجرة الحب بعد سنوات لا تزيد على 5 أعوام، ولا بد من وضع بعض الخطط التي قد تعيد للحب بعض حرارته أو تحافظ على ما بقي منه.. مع عدم التعجل وطلب الانفصال.. فهناك أبناء.. وعِشْرة وتقاليد اجتماعية وغير ذلك من مظاهر الحياة التي تحمي الزواج كنظام لا بد أن يستمر حتى مع انتهاء العمر الافتراضي للحب!
أتفق.. وأختلف
حاولنا الاقتراب من الواقع لسماع بعض الآراء حول هذه الدراسة..
تقول رشا محمد -28 سنة-: أعتقد أن ما جاءت به الدراسة صحيح؛ فأنا متزوجة منذ 5 سنوات، وفى أول سنتين للزواج كانت هناك رعاية واهتمام من قبل زوجي لي وكان يفضل ملازمة البيت، أما بعد الإنجاب فكثرت المشكلات، ولم تعد هناك أوقات للحديث عن الحب، وبدأت أشعر أن العلاقة بيني وبين زوجي مستمرة فقط من باب الإخلاص.
أما إسماعيل صادق -35 سنة- فيقول: إن الحب الرومانسي ينتهي بعد السنة الأولى أو الثانية من الزواج؛ حيث تكثر المسئوليات تجاه الزوجة من جهة وتجاه الأطفال من جهة أخرى، إلى جانب صعوبات الحياة وأعبائها التي لا تعطي للحب مكانا في الحياة!!
بينما تؤكد هبة وليد -23 سنة- أن الحب لا ينتهي أبدا بين الزوجين، ولكنه يأخذ أشكالا أخرى متعددة؛ فهو مختلف عن حب الخطوبة الرومانسي؛ حيث إنه يكون حبا أكثر نضجا ناتجا عن العشرة، وبالتالي تختلف أساليب التعبير عن هذا الحب؛ وهو ما قد يخيل للبعض أن الحب قد انتهى؛ وهو ما قد يؤدي إلى بعض الفتور في علاقة الزوجين؛ لذا فعلى الزوجين إدراك طبيعة كل مرحلة.
وترى مروة مصطفى -25 سنة- أن ما جاء به روبسون صحيح.. فالحب ينتهي بين الزوجين عندما يأتي الأطفال، ووقتها تقع على الزوجة مسئوليات الزوج والأطفال؛ وهو ما يؤدي إلى انصراف الزوجة عن اهتمامها الكامل بزوجها مثل بداية الزواج، ومن ناحية أخرى يهتم الزوج بعملة أكثر من أجل تأمين الحياة الأسرية؛ وهو ما لا يعطي أحدهما فرصة للتعبير عن مشاعره تجاه الأخر؛ وهو ما يؤدي في النهاية إلى ذبول الحب.
بينما يختلف مع الدراسة أحمد سعد -45 سنة- حيث يرى أن الحب يظل مستمرا بعد الزواج، فإذا كان الحب قبل الزواج فإنه يكون عن طريق القلب، ثم ينضج بعد الزواج ليكون عن طريق القلب والعقل معا؛ وهو ما يؤدي إلى تقوية العلاقة بين الطرفين وكأنها تدور فيما يشبه المجال المغناطيسي، فإذا غاب أحدهما عن الآخر يشعر بالفراغ من حوله ويبحث بكل لهفة عن الطرف الآخر.
الحب وتغيرات المجتمع
ويعلق على الدراسة الأستاذ الدكتور أحمد المجدوب -خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث القومية والجنائية- فيقول: ما ذهب إليه عالم الاجتماع "وليام روبسون" في دراسته هو كلام صحيح ليس فيه تناقض؛ فالحب بالفعل لا يستمر طويلا هذه الأيام، وهذا بسبب التغيرات التي تحدث في المجتمع والتي تنعكس على العلاقات بين الرجل والمرأة؛ فالعلاقة السابقة على الزواج أي فترة الخطوبة تستهلك العواطف والمشاعر الوجدانية؛ وهو ما يؤدي إلى تحول هذه العلاقة الرومانسية إلى علاقة جنسية قبل الزواج؛ وهو ما يعمل على ذبول المشاعر. فاليوم تغيرت العلاقات، وأصبح الحب مرادفا للجنس ومقترنا به؛ فالتغيرات الاجتماعية اختزلت خطوات في العلاقة؛ وهو ما أدى إلى ظهور المشكلات بين الزوجين؛ وهو ما يعمل مستقبلا على ضمور العواطف؛ فالتغير الاجتماعي -على سبيل المثال- لعب دورا في تقليل فترة "شهر العسل"؛ ففي الماضي كان شهرا حقيقيا 30 يوما، أما الآن فلا يتعدى أسبوعا واحدا!!
ويضيف: لقد أصبحت العلاقات قبل الزواج الآن عميقة، وفيها الكثير من التحرر والانفلات، وأصبح يُنظَر للمرأة على أنها جسد فقط، مقارنة بالماضي؛ حيث كانت العلاقات قائمة على العاطفة والمشاعر الراقية والاحترام المتبادل، كما كان هناك نظرة سمو للمرأة.. فكل هذه العوامل كانت تؤدي إلى دوام الحب لفترات طويلة؛ حيث يتطور طبيعيا بهدوء دون حدوث أزمة قبل الزواج، ثم يتخطى العلاقة الجنسية بعد الزواج في هدوء أيضا حتى تصبح "عادة"، يحل محلها بعد ذلك المودة والرحمة.
ويجب هنا أن نشير إلى أن المودة أشمل من الحب؛ فالحب أسرع إلى الضعف والوهن، أما المودة فهي قائمة على ارتباط وجداني معنوي.
وعن كيفية تقوية العلاقة بين الزوجين يقول: عندما يحب الرجل زوجته حبًا حقيقيا فإنه يشعر تجاهها بالرحمة ويرغب في سعادتها وراحتها، وعندما يعمل الرجل على ذلك فإن العلاقة بينه وبين زوجته تتعمق وتدخل في نطاق المودة والدفء والإخلاص، وهي أشياء -كما ذكرنا- أعلى من الحب.
وفي نهاية تعليقه على الدراسة يتوقع الأستاذ الدكتور أحمد المجدوب أن تصل فترة الحب والوئام بين الزوجين -التي أشارت إليها الدراسة بأنها 3 أعوام- إلى عام واحد فقط؛ فالحب في تراجع مستمر؛ لأن تغيرات المجتمع تفرض نفسها، وأصبح كل ما يحيط بنا هو الجنس، والانفصال عن ذلك صعب؛ لأن ظروف المجتمع أقوى من الفرد.
هل إن السعادة الزوجية مرهونة بالوضع الاقتصادي للأسرة؟
فؤاد عبد الرزاق الدجيلي:
يستند دستور الحياة الزوجية السعيدة على قاعدة أساسية هي التفاهم والمحبة، والاحترام، والصداقة وان زواجاً لاينتهي الى صداقة انما هو زواج تعيس مما لاشك فيه ان الوضع الاقتصادي للاسرة ماهو الا عامل مساعد لتمشية الحياة اليومية.
في هذا التحقيق استطلعنا عدداً من الاراء بشأن السؤال الذي طرحناه وكان رأي السيد محمد سعيد البندر الخبير في وزارة التربية اكثرها دقة وفائدة اذ يقول:
السعادة الزوجية نسبية وتقديرها يعود الى كل واحد من الشريكين ونظرته الخاصة بالسعادة واهدافه من الزواج ، فضلاً عن حدود القناعة التي يمتلكها كل من الرجل والمرأة.
من المسلم ان الوضع الاقتصادي الجيد له التأثير الكبير في علاج الكثير من المشكلات التي قد تكون سبباً مباشراً او غير مباشر في تعكير صفو الحياة الزوجية. ولكن قد يعجز المال عن تأمين الحياة الزوجية إذا جفت حياة الزوجين او احدهما من مشاعر الحب والمودة والرغبة في اسعاد الشريك. ويبدو ان توفر عامل الرضا والقبول بين الزوجين يخفف من الاثار السلبية التي تظهر نتيجة اتساع رقعة المسؤوليات والالتزامات الزوجية التي تتطلب حسن التنظيم وايجاد الاساليب الناجحة في التعامل معه مع وضع صيغ تحدد دور ومسؤولية كل من من الزوج والزوجة. اذن ، هناك ثلاثة محاور تدور حولها اجراءات وانشطة الاسرة.
ـ اجراءات يتولاها الزوج
ـ اجراءات تتولاها الزوجة
ـ اجراءات تتطلب جهوداً مشتركة بين الزوجين.
هنا تظهر المشكلات جراء تقصير احد الطرفين في اداء التزاماته ومستوى حرصه في المحافظة على مصالح الاسرة وابنائها وديمومة وجودها. اذ من المتوقع ان تتباين المواقف والدافع والرغبة في الحفاظ على عش الزوجية. ولابأس من الاشارة الى ان السعادة الزوجية تبقى مرهونة بالعديد من العوامل والمؤثرات، ويحتل العامل الاقتصادي الاولوية في تقرير مستوى السعادة الزوجية وديمومتها وبطبيعة الحال ستلعب الزوجة الدور الحيوي في الدفاع عن كيان الاسرة وسعادتها من خلال تحملها المسؤولية، والتضحية والمثابرة في التعاون والتنسيق مع الزوج في حماية هذه المؤسسة التي باركها الله حين قال: بسم الله الرحمن الرحيم” وخلقنا لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعلنا بينكم مودة ورحمة “ صدق الله العظيم.اما السيد سعد مطر عبود، معاون المدير العام لاعداد المعلمين فيقول:
ـ مما لاشك فيه ان للعامل الاقتصادي تأثيراً بالغاً في تحقيق السعادة الزوجية، لان استقرار الاسرة مرهون بذلك، فضلاً عن عوامل اخرى، وكما هو معروف ان الكثير من الفتيات يسعين للارتباط بمن هو اكثر قدرة من النادية المادية، وذلك ليتسنى لهن العيش في بحبوحة وطمأنينة، واذا ماعدنا الى المرحلة السابقة ابان العهد المباد وخاصة فترة الحصار لوجدنا ان الكثير من المشكلات الاجتماعية، كالطلاق والتفكك الاسري بسبب الازمات الاقتصادية، وكذلك عزوف الكثير من الشباب عن الزواج بسبب البطالة، اوضعف الدخل او عدم الامكانية في توفير متطلبات الزواج وخاصة في تلك الفترة اذ كانت المهور عالية، وتحول المجتمع من مجتمع تغلبت عليه القيم الاسلامية الى مجتمع تهيمن عليه النزعة المادية سواء بشكل مباشر او غير مباشر. ومن هنا ندعو الى ان ينظر المعنيون بهذا الامر سواء كانوا في السلطة ، او في مجال اخر على معالجة افرازات تلك الفترة المنصرمة ليتسنى بناء اسرة متماسكة، وتحقيق السعادة للجميع.
ومن هنا يمكننا القول: ان العامل الاقتصادي مهم للسعادة الزوجية لانه يسهم في توفير المستلزمات الضرورية للعيش الرغيد، فضلاً عن تقليله للضغوط النفسية التي تواجه الزوج او الزوجة، واذا ما كانت الظروف الاقتصادية جيدة فتنعكس كذلك على الاطفال، حيث تتم تربيتهم بالشكل الصحيح، وتهيئتهم للمستقبل المرموق.
واخيراً، نقول: ان السعادة الزوجية لاتقتصر على العامل الاقتصادي فقط بل هناك عوامل اخرى ابرزها التكافؤ في المستوى الثقافي والاجتماعي ، والتفاهم ، والود، لكن العامل الاقتصادي يؤلف الجسد بالنسبة لهذه المتطلبات. اعني اذا كانت العوامل الاخرى هي الروح، فالعامل الاقتصادي هو الجسد.
ويقول الدكتور محمد عبد الجليل، كلية العلوم / الجامعة المستنصرية
ـ ان السعادة الزوجية لاتتحقق الا بالتوافق النفسي، والعاطفي وقد يكون الوضع الاقتصادي عاملاً مساعداً لا اكثر ولا اقل.
اما السيد ليث حمودي ابراهيم / ماجستير في العلوم التربوية والنفسية فيقول:
ـ السعادة الزوجية هي بودقة محملة بكثير من العوامل المؤثرة فيها، منها التكافؤ بين الزوجين في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والاتجاهات بشأن تكوين الاسرة. فاذا كانت الاتجاهات ايجابية كان الزواج اكثر توافقاً، وكذلك مساعدة اهل الزوجين في حل المشكلات العائلية فكثير من العوائل لديها الاموال ولكن ينقصها التفاهم او التكافؤ او وجود الاطفال فلايحسون بالسعادة الزوجية اذن، السعادة هي موقف نسبي. فالانسان يرى نفسه سعيداً عندما يضحك مثلاً او يبكي، واخر يرى نفسه سعيداً عندما يجمع الاموال ، واخر يرى نفسه سعيداً عندما يكتفي بشيء قليل من الاموال، لذا يمكن تعريف السعادة على انها ارتياح نفسي سلوكي معين، وقدرة الفرد على التعامل مع مفردات هذا الموقف.اما اذا قلنا هل ان الوضع الاقتصادي يؤثر في الحياة الزوجية فيمكن ان يكون جوابنا منصفاً وموضوعياً بكلمة(نعم) وخاصة بالظروف الحالية، وله تأثير بصورة مباشرة او غير مباشرة في السعادة الزوجية لان اساسيات الحياة هي السعادة الزوجية التي تتركز على خلوها من المشكلات بين الزوجين والمبنية على ارضية اقتصادية مناسبة فضلاً عن الحالة المعيشية المناسبة للزوجين التي توفر نوعاً من الاستقرار النفسي من خلال توفير الحاجات الاساسية مثل: المأكل ، والملبس، والسكن وخاصة الظروف الحالية التي يعيشها العراقيون في الوضع الاقتصادي للاسرةارتفاع الايجار، والمواد الغذائية بشكل غير معقول)
واخيراً نقول: ان التفاهم بين الزوجين بشأن الامور الحياتية يحقق لهما السعادة الزوجية
هل عمر السعادة الزوجية قصير ؟
عشر نصائح ذهبية تجدد الحياة وتجعلها دافئة
الشائع بين الغالبية العظمى من الناس أن السعادة الزوجية عمرها قصير قد تستمر شهراً أو شهرين
وربما سنة أو سنتين لكنها بعد ذلك تتحول إلى عبء ومصدر للكآبة والضغوط خاصة مع مجيء الأطفال
وهنا نقدم عشر نصائح ذهبية تضمن الدفء والحيوية للأسرة وكذلك الحياة السعيدة .
1ــ تخلصي من الروتين :
الروتين هو العدو الأول للزوج والزوجة ولذلك عليكِ أن تكسري الروتين وإضفاء الحيوية على البيت
من خلال أشياء جديدة مثل :
ــ اصنعي صنفاً جديداً من الطعام بالإستعانة بإحدى المطابخ العربية أو الغربية أو من ابتكار أحدى صديقاتك .
ــ شاركي زوجك في تعلم مهارات جديدة مثل الكمبيوتر أو الآلة الكاتبة أو العمل على ممارسة هواية جديدة مشتركة .
ــ انطلقي مع زوجك في نزهة تلقائية بالسيارة دون تحديد مكان مسبق .
2ــ شاركيه اهتماماته :
كلما كانت نقاط الاتفاق أكثر كانت العلاقة الزوجية أكثر قوة وسعادة والمرأة الذكية هي التي تشارك زوجها اهتماماته وهواياته
فإذا كان يهوى الرياضة فشاركيه ممارستها أو متابعة أخبارها وإذا كان يحب القراءة فتابعي ما يقرأه
وناقشيه فيه فهذا يقرب المسافات جداً بينكما .
3ــ انصتي له باهتمام :
عليكِ أن تنصتي لزوجك ولا تقاطعيه أثناء حديثه وحاولي أن تتفهمي وجهات نظره وتفهميه بأنكِ تفهمين ما يدور
في رأسه وتعلمين دوافعه أكثر مما يعرف هو نفسه فربما تكونين زوجه طيبه ومخلصه ومحبوبة
ولكنكِ لستِ خبيرة في علم النفس .
4ــ كوني لبقة دائماً :
بعض الزوجات لا يعرفن كيف يطلبن أشياء معينة من أزواجهن وبعضهن يعتمد صيغة الأمر أو السخرية في الحديث
مع الزوج مما يدفعه للعناد وعدم تلبية المطالب لذلك عليكِ أن تكوني ذكية ورقيقة ولبقة في الحديث مع زوجك
وأختاري الطريقة والوقت المناسبين لطلباتك .
5ــ حافظي على جمالكِ :
الحفاظ على جمالكِ وأناقتكِ له مفعول السحر على حالتكِ النفسية الأمر الذي ينعكس على علاقتكِ بزوجكِ ورؤيته لكِ أيضاً
حاولي أن تكوني في المظهر الذي يحبكِ عليه وكأنكِ في زيارة لأحدى صديقاتكِ الأهتمام بجمالكِ أحد مفاتيح السعادة الزوجية .
6ــ ثقي به :
أوضحي لزوجكِ أنكِ تثقين به ولا تحاولي متابعة تحركاته بما يشعره بأنكِ تشكين فيه
واتركيه يفعل ما يشاء دون قيود فهذا أفضل في كل الأحوال وحتى إذا كان يتصرف بشكل لا تحبينه أحياناً
فإن ثقتكِ هي أول خطوة في طريق عودته إلى الصواب .
7ــ عبري عن مشاعركِ :
لا تفرطي في مديحكِ لزوجكِ ولا تبخلي عليه بالكلمات الحلوة ولكن عبري عن مشاعركِ تجاهه بين حين وآخر
فهذا يزيد حبه وتقديره لك ويقرب المسافات بينكما ويزيد مشاعر الحب ويجعلها دائمة
ولا تنسي أبداً المناسبات الحلوة والخاصة بينكما مثل يوم ميلاده ويوم زواجكما
واستغلي هذه المناسبات في التعبير عن مشاعركِ .
8ــ احذري انتقاده :
لا تقعي في خطأ المقارنة بين زوجكِ ومن يفوقونه مالاً أو لباقة أو تعاوناً في المنزل
ولا تلفتي نظره بشكل مباشر إلى أحد عيوبه خاصة في المظهر ولكن عليكِ إيجاد الطريقة المناسبة لتغيير سلبياته
وتحويلها إلى إيجابيات دون استفزاز أو انتقاد علني وصريح له .
9ــ هدوء البيت :
عليكِ أن تحافظي على هدوء البيت فهو أحد سمات السعادة والاستقرار وهو ما يجعل البيت المكان المفضل للزوج للراحة والاستمتاع
وأحرصي على معاملته بحفاوة مثل تلك التي تستقبلي بها ضيوفكِ وهذا بالطبع من وقت لآخر .
10ــ حافظي على خصوصياتكما :
لا تسمحي بتدخل طرف ثالث بينكما خاصة في الخلافات فكل ما يربطكِ بزوجكِ هو خاص بكما فقط
ولا تحاولي تضخيم الخلافات وتحويل الأمور التافهة والعادية إلى مشكلات ضخمة .
وصفة للسعادة الزوجية
محمود السيد
السعادة الزوجية مطلب عزيز لكل أسرة وهدف قريب المنال لكل من حرص عليه وسعى إليه .
الأسرة السعيدة مرتع العطاء والأمان وراحة البال وطريق النجاح ، ونقدم لكم وصفة نافعة بإذن الله للحياة الزوجية السعيدة فتقول:-
أولاً:- عادة الرجل هو الذي يغار على المرأة وإذ بنا نسمع عن غيرة المرأة الجنونية من أمه وأخواته ومن أمور كثيرة لا يحق لها الغيرة فيها ، يا أختاه الحكمة تقول إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع .
ثانياً:- أشعريه دائما بالأمان والثقة و بأنك تتمنين أن تطول الحياة بكما معا ومع أطفالكما وابتعدي عن الأحقاد ، لا تحقري أعماله ولا مشترواته ولا تقللي من شأنه أو من شأن وظيفته أو شهادته ، بهذا العمل سوف تنسفين كل عوامل المحبة والاحترام بينكما .
ثالثاً:- لماذا نجيد التحدث برقة وإيثار مع الناس ولا نتحدث بذلك مع أزواجنا وأولادنا؟ ليتك يا أختاه من اليوم تبدلي طريقة التحدث العدائية مع زوجك وأبنائك وخادمتك بل تحدثي بكل هدوء ومنطقية وبما يفيد ولاتكرري الكلام بدون فائدة وابتعدي عن الدعاء عليه بالسوء ومن التهديد فكلا الطريقتين لا فائدة منهما إلا زيادة الحقد والمشاكل بل أبدلي الجدل بالتفاهم وأبدلي الدعاء السيء بالنصح والإرشاد جربي ذلك وسوف تكسبين بإذن الله.
رابعاً:- مهما طالت العشرة بينكما فلا تهملي أناقتك ولا نظافة المنزل ، بالأخص غرفة النوم بل على المرء أن يهتم بغرفة النوم ففيها يولد ويتربى وفيها يتزوج وفيها يرزق بالأطفال وبالتالي عليك أن لا تجعلي شكلها يبدو قديما أو مهترئا ، وتكون أسوء ما في البيت تلك التي ندخلها ونشم روائح كريهة عالقة بالفراش والستائر والسجاد وهذا يكون بسبب عدم التهوية لذا عليك أن تعرضي بيتك للتهوية بالذات غرف لنوم واحرصي على نظافة البيت ولا تندمي على الجهد والوقت الذي سوف تبذلينه في العناية بزوجك وأبنائه وعليك مع هذا ألا تغضبي من أخطائهم المتتالية والتي أنت تظنينها جحودا ، قال الشاعر:-
كن كالنخيل إذا رميت تعطي بأطيب الثمر
خامسا:- عليك أن تكتمي جميع أسراركما وهي المشاكل التي تقولينها لهذه ولتلك صدقيني يا أختاه إن شكواك للناس لن تفيدك شيء بل إنها تقلل من شأنك ومن احترامك في نظر الغير ، وإياك والجدل معه وأمام الأطفال اتركي الغضب فجميعنا يمكنه أن يعود نفسه على قوة الاحتمال كما أرجو أن لا تحرجينه ولا أن تشكينه لأهله .
سادسًاً:- أرجو أن تمحي كلمة طلقني من قاموس حياتك فالطلاق لن يريحك ولا سيما بعد أن تنجبين الأطفال ، والزوج كثيراً ما يكون متعقلا و لا يستجيب لمواترة الزوجة لكن الحصيلة لتلك المواترات هو قلق الأبناء و زرع الخوف الدائم في حياتهم بالطلاق ، الطلاق يا أختاه هو سبب تعاسة الأبناء و انحراف البنات و تعاسة الأم و تدهور الحياة الزوجية .(54/182)
سابعًا :- لا تكذبي على زوجك أبداً و لا تعصيه في أمر من الأمور إلا في ما كان فيه معصية لله تبارك و تعالى و إن كنت تخافين جبروته لا تقولي له الذي حدث وهو غاضب ، قولي له عندما يكون هادئا سأعترف لك بشيء لكن عدني بعدم المعاقبة و لا تقسو علي حتى لا أخبأ عنك الأمور فيما بعد ، هنا حتما سيكون متعقلا و سوف يكون الموقف في صالحك بإذن الله تعالى وقتها سيصبح جميع أبنائك صادقين صرحاء لا يخافون من كلمة الحق و تذكري بأن الاعتراف بالحق فضيلة .
ثامناً :- احرصي على عمل اجتماع أسري كل أسبوعين مرة يكون الحديث لوالدهم و مرة يكون فيها الحديث لك و قدمي التوجيهات لأبنائكما على شكل طلب رقيق و حث الأبناء على النجاح بصورة أمنيات لأن نراكم بإذن الله تعالى كذا و كذا و ليس بالأسلوب القديم وهو أسلوب التقريع و التهديد و المقارنة بالآخرين مما يجعلهم يشعرون بالنقص في نفوسهم فتكون النتائج عكسية ، دائما وأبدا أسمعي زوجك و أسمعي أبنائك كلمة الحمد ، الحمد لله الذي جعلكم أسرة و عائلة واحدة و أعطاكم من نعمه العظيمة و عددي نعم الله عليكم حتى يشعر الجميع بالنعم التي تحيط بكم و يشعر الجميع بالرضى و السعادة و ذكريهم بالله تعالى و بعظيم هذه المنن التي أنعمها عليكم مع أصدق دعواتي للجميع بالتوفيق .
مدرسة للسعادة الزوجية
2003/07/17
...
عبير صلاح الدين
تُعَدّ مدرسة السعادة الزوجية والتي قامت بتأسيسها "الدكتورة هبة قطب" المتخصصة في تدريس الطب الشرعي والسموم بكلية الطب جامعة القاهرة بمصر، الأولى من نوعها في العالم العربي، فهي مدرسة بالمعنى الحقيقي لها فصول ومحاضرين وطلاب علم ، جاءت فكرتها أثناء ممارستها عملها في الكشف الطبي على ضحايا العنف المنزلي، حيث اتضح لها أن غياب العلاقة الحميمة الخاصة بين الزوجين هو أساس المشاكل الزوجية، ومن هنا أصبحت هناك ضرورة لتعليم فن صناعة الحب بين الزوجين كما تؤكد الدكتورة هبة "لحواء وآدم".
فن صناعة الحب
وعن بداية فكرة إنشاء المدرسة تقول الدكتورة هبة: كانت الشرارة الأولى للفكرة منذ خمس سنوات عندما كنت أعد رسالة الدكتوراة في الطب الشرعي، وكانت عن الاعتداءات الجنسية (الاغتصاب) فكان عليّ أن أدرس أولاً العلاقة الطبيعية بين الأزواج، ثم أقارن بينها وبين الاعتداء، ولم أجد هذا التخصص في أية جامعة في الشرق الأوسط، بالرغم من أن هذا العلم (Sexology) بدأ في أمريكا منذ أوائل الستينيات عندما كان الهدف هو كيفية الوصول بالمواطن الأمريكي لأقصى قدرة على الإنتاج، ووجد العلماء أن الفشل في العلاقة الجنسية يؤدي إلى تأثير نفسي سيئ، يؤثر بدوره على الأداء في العمل وفي معدلات الإنتاج بعد ذلك.
وتضيف.. اكتشف العلماء أيضًا أن معظم الأزواج لا يعلمون الكثير عن العلاقة الخاصة، ويمارسونها بالفطرة، ويركزون فقط على جانبها الوظيفي وليس الجانب الحسي الذي يكون له أكبر الأثر في إرساء المودة والرحمة بين الزوجين؛ فالعلم يؤكد أنه إذا كانت العلاقة الزوجية الخاصة بين الزوجين سوية وسعيدة يمكنها أن تجعل باقي الوقت العادي الذي يقضيه الزوجان في حياتهما سعيدًا، وتسوده المودة والرحمة، والعكس صحيح أيضًا، ورغم أن وقت هذه العلاقة لا يستغرق أكثر من جزء صغير من الحياة اليومية، فإنه يمكن أن يؤثر في باقي الأوقات.
** وكيف جاءت فكرة إعطاء دروس خاصة في العلاقة الزوجية؟
- كانت البداية عندما حكى لي أستاذ أمراض النساء والتوليد بالجامعة عما تشكو منه مريضاته، وأنه لا يجد الوقت الكافي لإرشادهن إلى أن أسباب شكواهن تعود لمشكلات في العلاقة الزوجية الخاصة، فعرضت عليه أن نبدأ معًا في إعطاء هذه الإرشادات لهؤلاء المريضات، وعندما نجح أول برنامج بدأت السيدات ينشرن الفكرة، وبدأنا نستقبل أزواجًا وزوجات يشكون من هذه المشكلات في جلسات خاصة، وخصصنا برنامجًا آخر مدته ست محاضرات للمقبلين على الزواج من الإناث؛ لتعريفهن بالعلاقة الزوجية الصحيحة، والأخطاء التي تقع فيها الزوجات بسبب حصولهن على معلومات خاصة من صديقات أو أمهات، ولهذا تحصل الفتاة المقبلة على الزواج محاضرة خاصة بكيفية دخول الحياة الزوجية دون ذكريات مؤلمة.
مشكلة السنة الأولى
** وما أكثر المشكلات تكرارًا بين الأزواج؟
يمكن أن نصنف المشكلات المتكررة حسب مراحل الحياة الزوجية، فمشكلات المرحلة الأولى من الزواج تتمثل في الشكوى من أعراض (الضيق العصبي للحوض أو المهبل) وهي شكوى شبه عامة؛ بسبب الهلع الذي تدخل به الفتاة للحياة الزوجية، فينعكس ذلك على عضلات الحوض لاإراديًّا بسبب اعتقاد الفتاة أنها مقبلة على شيء مؤلم حسبما قيل لها من صديقاتها أو قريباتها اللاتي عادة ما يبالغن في هذا الشيء ولا يقلن الحقيقة أحيانًا إن سارت الأمور بشكل عادي خوفًا من الحسد!.
أما المرحلة الثانية للشكاوى المتكررة فهي مرحلة ما بعد الولادة، حيث تشعر أنها لم تَعُد جذابة بالنسبة لزوجها مثلما كانت من قبل، وينعكس هذا على حالتها النفسية.
وإذا جئنا للمرحلة الثالثة فهي مرحلة التعود على العلاقة الزوجية التي قد تداهم الزوجين بعد عشر سنوات تقريبًا من الزواج، وربما أقل حسب كل حالة، حيث تتحول هذه العلاقة إلى علاقة وظيفية يؤديها الزوجان دون أي شعور بالمتعة، ومرحلة انعدام المتعة هذه مرحلة خطيرة في العلاقة الزوجية وتدق ناقوس الخطر فيها، ولأنها تشير إلى أن الحياة اليومية أخذت الزوجين بحيث لم يعودا يخصصا وقتًا خاصًّا لتبادل الكلام اللطيف الخاص بينهما، حتى إن كان الكلام يدور حول يوميات كل منهما، وما حدث لكل منهما طوال يومه أو في العمل، وعندما تصل الأمور لهذا الحدث أنصح الزوجين بتخصيص وقت خاص لهما يوميًّا لبعض الوقت لتبادل هذه المشاعر وهذا الكلام، وتخصيص يوم أسبوعي، وأنصح الزوجة التي يأخذها عملها لفترات طويلة أن تقلل من هذا الوقت وتدخره للبقاء مع زوجها لفترة أطول، وأؤكد على الزوجين أن يحاربا من أجل هذا الوقت الذي يخصص لتبادل العواطف، ومن خلال خبرتي الآن أستطيع أن أعرف من النظرات المتبادلة والحديث بين أي زوجين يجلسان في مطعم أو أراهما في أي مكان إن كانا سعيدين في حياتهما الخاصة أم لا!!
المرحلة المظلومة
** وماذا عن مرحلة سن اليأس كما يطلقون عليها؟
- هذه أيضًا مرحلة مهمة من مراحل الشكاوى المتكررة، وفكرة سن اليأس هذه نريد أن نزيلها من ذهن أية سيدة، فهي فقط مرحلة تنقطع فيها الدورة الشهرية حماية من الله سبحانه وتعالى من أن تنجب المرأة في هذه السن؛ لأن الحمل والولادة وتربية الأطفال عبء لا تقوى عليه السيدة في هذه السن، وأغلب الشكاوى في هذه المرحلة تأتي من الأزواج أي أن زوجاتهم قررن الامتناع عن العلاقة الزوجية بحجة أنهن كبرن في السن، وأنها عيب، وهذا غير صحيح. فقد أباح الله أن تستمر هذه العلاقة بين الزوجين إلى ما شاء الله، ولو كان فيها خطأ أو أية مشاكل لمنعنا الله عنها في هذه السن.
** نود التعرف أكثر على المحاضرات التي يتضمنها برنامج السعادة الزوجية.
- المحاضرة الأولى تتضمن تعريف بالعلاقة الزوجية الخاصة، ومراحل تطور جسم الرجل والمرأة حتى مرحلة البلوغ، والمحاضرة الثانية شرح لعظمة الخالق في تكامل الأعضاء بين الرجل والمرأة، والشق الوظيفي لكل منهما، أما المحاضرة الثالثة فتتضمن (فن صناعة الحب) أو كيفية ممارسة هذه العلاقة الخاصة، وهناك كتب أجنبية تحمل هذا العنوان، والفرق بين الممارسة الصحيحة والممارسة التي تعتبر مجرد وظيفة خالية من الإحساس والمشاعر، ومن (المداعبة والملامسة والتقبيل) التي شرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: "وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُم..."، وتتضمن المحاضرة كيفية وصول الأحاسيس عند كل من الرجل والمرأة إلى الدرجة المطلوبة وأهمية استمتاع كل منهما بالآخر، وهكذا فيما يسمى بالدورة الجنسية، وبعض السيدات تمر عليهن أكثر من عشر سنوات في الزواج ولا يصلن لهذه المرحلة وتكون شكواهن عند طبيب أمراض النساء من احتقان الحوض؛ لأن الممارسة دون إشباع تؤثر على الصحة الجسدية للمرأة.
ثم نتناول في المحاضرات التالية الجزء الوظيفي في العلاقة وإفرازات الغدد، ثم (المرحلة المظلومة) وهي مرحلة ما بعد انتهاء الممارسة، وعادة لا يهتم بها الكثيرون، وقد يخرج الزوجان مباشرة للحياة العادية أو الاستغراق في النوم أو الذهاب لتناول الطعام أو أخذ حمام، وهذا خطأ كبير، فالعلاقة الخاصة علاقة هرمية تتدرج إلى أعلى بالتدريج، ويجب أن تنهى بالتدرج أيضًا، حتى لا يفقد جمالها؛ ولهذا ننصح الزوجين بأن يستمرا في الحديث اللطيف لمدة ربع ساعة أو عشر دقائق على الأقل بعدها، يتبادلان فيها المشاعر الجميلة.
استشارة بالإنجليزية
** وأي الفئات أكثر ترددًا على مشورتك؟
- الفئة التي تأتي تطلب المشورة ما زالت محصورة في مستوى تعليمي معين؛ لأن طلب المشورة في هذه الأمور الخاصة يحتاج إلى أفق متسع من الزوجين، ولا أقبل أن تأتيني زوجة دون أن يكون زوجها قد وافق على مجيئها، ويفضل أن يأتي الزوجان معًا، فإذا لم يكن ذلك متاحًا فعلى الأقل يوافق الزوج.
** ألا يخجل البعض من الجلوس أمام طبيبة والحديث أمامها عن أدق الخصوصيات؟
- هذا يحدث فقط في أول ربع ساعة من أول جلسة خاصة مع الزوج (الرجل) بعدها تصبح الأمور عادية، عندما يدرك أنني طبيبة ولست مجرد امرأة، ونتحدث حديثًا علميًّا، وعادة ما أستخدم اللغة الإنجليزية في حديثي، ولمن لا يجيدها أستخدم الألفاظ الفصيحة.
** هل تستمعين لشكاوى الزوجين معًا؟
- أستمع لكل واحد منهما على حدة حتى أعرف الشكوى تمامًا؟ خلال جلسة أو أكثر، ثم أجمعهما في جلسة واحدة للمصارحة وإعطاء المشورة، بعدما يكون كل منهما قد أخرج مما في صدره ناحية الآخر، فكثيرًا ما يكون لدى كل من الزوجين بعض التحفظات على الطرف الآخر لكن لا يبوح له بها.
ومضات مضيئة للزوجة المسلمة
موسوعة الأسرة المسلمة الشاملة - (ج 1 / ص 39)
ومضات مضيئة للزوجة المسلمة
وصية أم لأبنتها عند زفافها : قالت أسماء بنت خارجة الفزاري لابنتها عند زفافها : يابنية ، انك خرجت من العش الذي فيه درجت ، فصرت الى فراش لم تعرفيه وقرين لم تألفيه ، فكوني له أرضا يكن لك سماء ، وكوني له مهادا يكن لك عمادا ، وكوني له أمة يكن لك عبدا . لاتلحفي به فيقلاك ( لاتلحي عليه فيكرهك ) ولاتباعدي عنه فينساك ، وان دنا منك فاقربي منه وان نأى عنك فابعدي عنه . واحفظي أنفه وسمعه وعينه فلا يشمن منك الاطيبا ، ولايسمع منك الاحسنا ، ولاينظر الاجميلا !! وصية من أب .. قال أبو الأسود الدؤلي يوصي ابنته : اياك والغيرة فانها مفتاح الطلاق ، وعليك بالزينة وأزين الزينة الكحل ، وعليك بالطيب وأطيب الطيب اسباغ الوضوء ، وكوني كما قلت لأمك يوما ما : خذي العفو مني تستديمي مودتي .........ولا تنطقي في ثورتي حين أغضب فإني وجدت الحب في القلب والأذى .....إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب عليك بنساء بني تميم ! ؟ قال شريح القاضي للشعبي : عليك بنساء بني تميم فاني رأيت لهن عقولا ، فقال الشعبي : وما رأيت من عقولهن ؟ قال : مررت بدورهن فاذا فتاة كأحسن مارأيت من الفتيات . فخطبتها وحدد موعد الزفاف . فلو رأيتني ياشعبي وقد أقبلت نساؤهم يزففنها حتى اذا ما ادخلت علي قالت : إن من السنة اذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلي ركعتين فيسأل الله من خيرها ويعوذ به من شرها ، فصليت وسلمت . فاذا هي من خلفي تصلي لصلاتي ، فلما خلا البيت دنوت منها ، ومددت يدي الى ناحيتها ، فقالت : لاتعجل يا أبا أمية ! ثم قالت : الحمدلله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد واله ، اني امرأة غريبة لاعلم لي بأخلاقك فبين لي ماتحب فاتيه وما تكره فأزجر عنه .. وقالت : انه قد كان لك في قومك منكح ولي في قومي مثل ذلك ، لكن اذا قضى الله أمرا كان ، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به ( امساك بمعروف أو تسريح باحسان ) أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك . قال : فأحوجتني والله يا شعبي الى الخطبة في ذلك الموضع فقلت : الحمدلله أحمده وأستعينه ، وأصلي على النبي واله وأسلم وبعد ، فانك قد قلت كلاما ان تثبتي عليه يكن ذلك حظك ، وان تدعيه يكن حجة عليك ، أحب كذا ، وأكره كذا ، ونحن جميع فلا تفرقي ، ومارأيت من حسنة فانشريها ومارأيت من سيئة فاستريها . فقالت : كيف محبتك لزيارة الأهل ؟ قلت : ما أحب أن يملني أصهاري ، فقالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك اذن لهم ، ومن تكرهه أكرهه ؟ قلت : بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء . يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي : المرأة وحدها هي الجو الانساني لدار زوجها ، فواحدة تدخل الدار ، فتجعل فيها الروضة ناضرة متروحة باسمة ، وان كانت الدار قحطة مسحوتة ليس فيها كبير شيء ، وامرأة تدخل الدار فتجعل فيها مثل الصحراء برمالها وقيظها وعواصفها ، وان كانت الدار في رياضها ومتاعها كالجنة السندسية ، وثالثة تجعل الدار هي القبر . ويقول أيضا : المرأة الكاملة المحبوبة هي التي تعطي الرجل مانقص من معاني الحياة ، وتلد له المسرات من عواطفها كما تلد من أحشائها ، فالوجود يعمل بها عملين عظيمين : أحدهما زيادة الحياة في الأجسام ، والاخر اتمام نقصها في المعاني . وقيل : المرأة ثلاث : امرأة وردة ناضجة فواحة العبير في واحة غناء مخضرة ، كلما اقتربت منها زاد حبك في الاقتراب ، وكلما ابتعدت عنها وددت العودة اليها ، فهي راحتك وواحتك ووردتك في كل حال . وامرأة هي شوكة أو سهام ضاربة ، لسانها يلوص أو يلوط أذنها ، ان اقتربت منها زاد حبك في الابتعاد عنها . وكلما ابتعدت عنها لاحقك شبحها في كل مكان واقلقتك سائر يومك ، فان حان موعد الأيلولة الى العرين فالويل ويلك . ان لم تصبك بسهامها لاطتك أو لاصتك بلسانها ، فاشحذ لسانك وحد شفرتك .. وأما الثالثة فامرأة تجعل الدار قبرا ، فاما أن تقبرها أو تقبرك فيه . إلا أن ماينبغي أن يقال : أن أحوال المرأة هذه قد تكون أحوال الرجل . يقول الشيخ جاسم محمد مهلهل في كتابه ( البيان فيما يحتاج اليه الزوجان ) : قالت سيدة تنصح الزوجات : لا يعطف قلب الرجل على المرأة سوى استمالتها أياه الى ملازمة البيت بما تستطيع أن تستجمعه فيه من الوسائل التي تجذبه الى ملازمته والتي منها :
1. أن تحافظ على مظهرها النسوي وتتجنب التشبه بالرجال لتبقى متصفة بخصائص المرأة أو مميزاتها ولتعلم أن الزوج يحب أن تكون زوجته في داره كالشمس في سمائها لايحجبها من العبوسة والتجهم سحاب قاتم لاسيما اذا دخل عليها عابس الوجه بباعث لاعلاقة لها به ، وأن تكون ملمة باداب المحادثة ، تسكت حين يجب السكوت ، ولا تقاطعه اذا تواصل حديثه ، ولا ترفع صوتها اذا حدثته ، جاعلة الصدق رائدها في كل حال فان الصدق منج لها من ورطات الشك في محبتها واخلاصها .
2. اذا أنست من نفسها تفوقا وذكاء وسعة في العلم فتكتم نصف ذكائها وعلمها مستعيضة عنه بمظاهر الاخلاص والوفاء والعطف لتكسب ميله اليها وعطفه عليها واحترامه اياها . 3. أن تعلم أن الزوج لا يطيق من زوجته أن تعامله بالفتور والتراخي وقلة الاكتراث فلتحذر هذه العادات ولتواس زوجها بكلمة سلوان تقع من قلبه موقع المرهم من الجرح .
4. أن تكون مدبرة مقتصدة فاذا وافاها بشيء من المال للانفاق منه على شئون البيت ، فمما يسره السرور كله أن يراها تحكم الروية والقصد في انفاقه بحيث لاينقص بيته شيء من حاجيات المعيشة ووسائل هنائها ، كما يسره أن يراها من الذكاء والاطلاع بحيث تفهم مايحدثها به . ان اتبعت الزوجة هذه النصائح فسوف يقضي الزوج أوقات فراغه في المنزل مع زوجته يحادثها ويؤنسها ويقاطع القهاوي والملاهي مزالق الشر ومساقط الفساد . امرأة فقيهة : نظر رجل الى امرأته وهي تصعد السلم فقال لها : أنت طالق ان صعدت وطالق ان نزلت وطالق ان وقفت . فرمت بنفسها الى الأرض . فقال لها : ( فداك أبي وأمي ، ان مات الامام مالك احتاج اليك أهل المدينة في أحكامهم ) . مقياس السعادة الزوجية : الحد الفاصل بين سعادة الزوج وشقائه هو أن تكون زوجته عونا على المصائب أو عونا للمصائب عليه . أنواع الزوجات : الزوجات ثلاثة : عاقلة كريمة المنبت فتلك أكرم الزوجات ، وصالحة رضية النفس فتلك أرضى الزوجات، وجاهلة سيئة الأخلاق فتلك أتعب الزوجات . طرفة : مرضت عجوز ، فأتاها ابنها بطبيب ، فراها الطبيب متزينة بأثواب مصبوغة ، فعرف ما بها ، فقال الطبيب : ما أحوجها الى زوج ! فقال الابن : ما أحوج العجائز للأزواج ! فقالت : ويحك الطبيب أعلم منك على كل حال !! أخيرا أختي المسلمة : أقول لك ماقاله رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ لمعاذ ، فعن معاذ بن جبل _ رضي الله عنه _ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ أخذ بيده يوما ثم قال : ( يا معاذ والله اني لأحبك ) فقال له معاذ : بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا والله أحبك ، قال : ( أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) . والسلام عليكم ،اخوكم/محمود سيد
موسوعة الأسرة المسلمة الشاملة - (ج 1 / ص 41)
ــــــــــــــــــ
مقومات السعادة الزوجية
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: (1)
فإن موضوعنا – أيها الأحبة – الذي يدور عليه حديثنا يتعلق بناحية مهمة في حياتنا الاجتماعية، ولذا فإني أقدمه هدية لكل عروسين، بل لكل واحد منكم، والهدية – كما تعلمون – تعبير صادق عن المحبة الكامنة في الفؤاد، والرّغبة في إدخال السرور على قلب كلٍّ من الزوجين، وهي وإن اعتاد الناس كونها مادية، إلا أني سأقدمها معنوية، إيثاراً لما يبقى على ما يفنى:
لا خيلَ عندك تُهديها ولا مال ... فليُسعد النطقُ إِنْ لم تُسعدْ الحَالُ
ولذا أحببت معالجة هذا الموضوع الذي يدور بِخَلَد الكثيرين ممن وقفوا على عتبة باب الزواج من فتيان وفتيات، سائلاً الله أن تكون هذه المعالجة سبيلاً إلى تحقيق السعادة لهم جميعاً في الدارين. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وقد دفعني لاختيار هذا الموضوع عدة دوافع أذكر أهمها:
أهمية هذا الموضوع، حيث إن السعادة الزوجية مطلب ضروريّ لك راغب في الزواج، ومقبل عليه، وواقع فيه.
كثرة وقوع المنازعات والخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الفرقة والشقاق، ومن ثمّ الطلاق؛ وليس هذا في مجتمعنا فحسب، بل لا يكاد مجتمع يسلم من زخم الأرقام الهائلة لحوادث الطلاق، وخير دليل نقدمه على صدق هذه الدعوى ما أثبتته الإحصائيات لنسب الطلاق على المستوى الدولي.
ففي أمريكا وصلت نسبة الطلاق إلى (48%).
بينما وصلت في ألمانيا لمن هم دون الخامسة والعشرين عاماً إلى (35%).
وفي أوربا عموماً وبعض الولايات الأمريكية وصلت إلى (62%).
وإذا انتقلنا إلى الدول العربية، وجدنا بعضها قد وصلت فيه النسبة إلى (20%).
وهذه النسب كلها مذهلة، حيث تجد نسب الطلاق تصل إلى ما فوق النصف، أو الثلث، أو حتى إلى الخمس.
فضلاً عن تلك البيوت التي تتشبث بعقد الزوجية مع ما تعيشه من اختلاف وتمزق وتعاسة.
أن الأسرة المستقرة تُخرّج الأجيال الذين يُعدون لحمل رسالة الإسلام.
فنحن بحاجة إلى الشاب الصالح والفتاة المؤمنة اللذين يتربيان في بيت ترفرف عليه السعادة؛ لا الفراق والشقاق، وهنا ينشأ الأولاد في جو نفسي رائع بعيد عن التوتر والقلق، وفي مثل هذا البيت يتخرّج الدعاة والمصلحون.
وقد استشرت في هذا الموضوع المهم وهو "مقومات السعادة الزوجية" ذوي الاختصاص، كما رجعت إلى بعض المراجع، واستفدت من ذوي الخبرة والتجربة، وخرجت من هذا كله بخلاصة تحوي (معظم) مقومات السعادة الزوجية.
ولطول الموضوع، وكثرة ذيوله، فإنّي سأذكر هذه المقومات على سبيل الإيجاز والاختصار والتركيز الشديد.
وقبل أن ألجَ في خِضَمّ الموضوع، أحب أن أشير إلى اهتمام الإسلام وعنايته البالغة بشأن الزواج، وترغيبه التام، وحَثّه المُطّرِد عليه، وذلك في آيات وأحاديث كثيرة، أشير إلى بعض منها على عجالة:
فمن الآيات:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) (النساء: الآية 1).
قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) (الروم: من الآية21).
وقوله تعالى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات: الآية 49).
ومن صفات المؤمنين التي يذكرها الله لنا في معرض المدح: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74). فهم ينشدون السعادة في أزواجهم وأولادهم، ويسألونها من القادر عليها – سبحانه -.
ومن الأحاديث:
قوله ( : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(2) الحديث.
ما رواه أنس، أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سألوا أزواج النبي صلى الله عليهم عن عمله في السرّ؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء! لا وقال بعضهم: لا آكل اللحم! وقال بعضهم: لا أنام على فراش! فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام؛وأصوم وأفطر؛ وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني"(3).
__________
(1) - أصل هذه الرسالة محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ ناصر العمر، وقد أذن لنا مشكوراً بإخراجها، ونشرها، حتى يتم النفع بها – إن شاء الله.
(2) - رواه البخاري (فتح 9/112) ومسلم (1400).
(3) - رواه البخاري (9/104) ومسلم (1401).(54/183)
أيها الأحبة إن بناء الأسرة من ضرورات قيام هذا الدين، لأن الأسرة لبنة المجتمع الأولى، وأساس هذا البناء الزواج الناجح المبني على أسس سليمة وأهداف مستقيمة، لأن اختلال الأسس، وتفاهة الأهداف تؤدي إلى انعدام الثمرة من التزاوج، وخذ على هذا مثلاً: أولئك الذين يقدمون على الزواج للمتعة، وقضاء الوطر فقط مجرداً عن المعاني العظيمة التي يُقصد الزواج من أجلها، فسرعان ما يمل أولئك الحياة الزوجية، لأنهم أخطأوا تحديد الهدف منذ البداية.
والإسلام حينما نزل هداية للبشرية، جاء بتشريع كامل شامل لجميع مناحي الحياة، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (المائدة: 3). لا تجد مسألة إلا وفي الإسلام تشريعها، ولا مشكلة إلا ولها دواؤها. يقول أبو ذر – رضي الله عنه – مترجماً هذا المعنى: "لقد تَرَكَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يتقلب في السماء طائر إلا ذكّرنا منه علماً"(1).
والحياة الزوجية حظيت كغيرها بتشريع متكامل، وعالج الإسلام جميع جوانبها مما يضمن حياة سعيدة هانئة مستقرة.
ولقد كنت أتساءل عن سر هجوم أعداء الله الشرس على الأسرة المسلمة، ومحاولتهم نصب الشباك لإيقاعها في شرَك التمزق والاختلاف؟
فكان الجواب: أن الأعداء أدركوا أن انهيار الأسرة المسلمة معناه تلقائياً: انهيار المجتمع الإسلامي بكامله؛ فمتى فرَّخت القلاقل والمشكلات في بيت، فلا تنتظر أن يتخرّج فيه جيل صالح.
لقد زرت إحدى دور الأحداث، وأذهلتني الإحصائيات المتوافرة هناك، والتي أثبتت أن ما بين 70 إلى 80% من أسباب دخول الأحداث للدار، هو وجود الخلاف الناشب بين الزوجين، أو وقوع الطلاق.
وقد قسمت إحصائياتهم حسب الأحياء، وبتتبع يسير، وجدتُ أن الأحياء التي يكثر فيها وجود الخلافات والمنازعات بين الأزواج يكثر دخول أحداثها للدار، خلافاً لتلك الأحياء التي يقلُّ في بيوتها وقوع الشقاق بين الأزواج، فإن دخول أبنائهم للدار قليل جداً.
أرأيتم – أيها الإخوة – ما تُسببه نارُ المنازعة من تصدع في كيان الأسرة، وتقطُّع لأوصال المجتمع، وانهيار ف بناء الأمة، ومن هنا فَطِنَ الأعداء لهذا المدخل الخطير، وبذلوا ما في وسعهم لهدم بنائه وتحطيم جدرانه، نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم.
ثانياً: مقومات السعادة الزوجية
بعد هذه العجالة في بيان شأن الزواج، وأهميته في الإسلام، وضرورة تحقيق السعادة في الحياة الزوجية، ودور الأسرة في بناء كيان الأمة، أنتقل إلى الحديث عن مقومات السعادة الزوجية، والتي سأحاول جاهداً – بعون الله – ربطها بالواقع، لتكون أقرب إلى الأفهام، وأدعى للقبول.
وهي تكمن إجمالاً فيما يلي:
أولاً: أمور يجب أن تراعي قبل الزواج.
ثانياً: القيام بالحقوق الزوجية.
ثالثاً: الواقعية في الحياة الزوجية.
رابعاً: معرفة كل من الزوجين نفسيّة صاحبه.
خامساً: الأولاد.
سادساً: حسن العلاقة مع الآخرين.
سابعاً: القدرة على حل المشكلات.
ثامناً: أمور متفرقة.
وسألقي الضوء على كل قضية من هذه القضايا، مع محاولة الإيجاز ما أمكن، إلا عند اقتضاء الأمر البيان والإيضاح لما يستدعي الإطالة وطول التأمل.
ثالثاً: أمور يجب أن تراعى قبل الزواج
ثمة مسائل يتعين على المقبل إلى الحياة الزوجية مراعاتها والعناية بها:
1- حسن الاختيار:
روى أبو هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " تُنْكَح المرأة لأربع: لجمالها،ولمالها، ولنسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " (2).
إن مسألة حُسن الاختيار أمر مُهم، لا يختلف فيه اثنان، ولكن الذي يدور عليه الاختلاف هو: كيف يكون الاختيار حسناً؟.
حيث نجد أنّ كثيراً من الناس يغلب على اهتماماتهم شأن الجمال، أو الحسب، أو المال، وهذا ليس خطأ في حد ذاته، ولكن الخطأ أن يتنازل الرجل عن أهمّ مواصفات الزوجة، وهو (الدين) على حساب وجود المواصفات الأخرى كلّها أو بعضها، فالدّين، الدّين، تَرِبَتْ يداك.
وكما أن الرجل مطالب أن يُحسن اختيار شريكة حياته. وأمّ أولاده. يجب على وليّ المرأة أن يُحسِنَ اختيار الرجل المناسب، ليكون زوجاً لموليته.
وإنه لمن المؤسف حقاً أن يستحوذ السؤال عن المكانة والوظيفة والمال والمنصب على ذهن الولي، ويتناسى الدِّين الذي لا يجوز التنازل عنه ألْبتة، وليس اهتمامه بالأمور الأخرى مضراً إلا إذا اقتصر عليها، وتنازل عن رأس الأمر كلِّه ألا وهو الدين، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من تِرضون دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"(3).
__________
(1) - رواه أحمد 5/162، 153.
(2) - رواه البخاري (9/132 فتح) ومسلم (1466).
(3) - رواه الترمذي (1084) وقال: حسن غريب وابن ماجه (1967) والحاكم (2ظ164) وصححه.
وحسن الاختيار لا يقتصر فيه كل من الزوجين على صاحبه فقط، بل ينبغي أن يتعداهما إلى ذويهما وأهلهما، فقد تكون أم الزوجة امرأةَ سوء، تؤثِّر على ابنتها بأخلاقها، وتزرع الشقاق بين ابنتها وزوجها. وقل مثل ذلك فيمن عداها مما يتصل ببيئة الزوجين، وإيّاكم وخضراء الدِّمَنْ.
2- رؤية الخاطب لمخطوبته:
وهذه المسألة من المسائل التي صار الناس فيها على طرفي نقيض، ما بين مُفْرِط ومُفَرِّط، وخاصة في مجتمعنا!
فمن الآباء من يعتبر رؤية الخاطب لابنته عيباً كبيراً، وأمراً عسيراً، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حثَّ عليه، ورَغَّب فيه، وأمر به، فهو يقول للمغيرة، وقد خطب امرأة: "انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤدَم بينكما"(1).
وأبو هريرة ( يقول: " مكثت عند رسول الله ( فأتاه رجل من الأنصار، فأخبره أنه تزوّج امرأة من الأنصار، فأمره الرسول ( أن يذهب وينظر إليها " (2).
والحاصل: أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أمر برؤية المخطوبة لأنه سبب في دوام العشرة، وبقاء المودة، وطول الأُلفة.
وعدم السماح بالرؤية مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم، ومجانبة لسنته، والخير كل الخير في اتّباع نهجه، واقتفاء أثره.
وفرّط آخرون ففتحوا الباب على مصراعيه، وتركوا الحبل على الغارب، فالخاطب لا ينظر فقط، بل يخلو بالمخطوبة ويحادثها ويضاحكها، وقد يصل الأمر إلى الخروج بها، واصطحابها إلى المتنزّهات والأسواق وغيرها، مما يسفر عن محاذير وفجائع، يذهب ضحيتها الفتاة المسكينة؛ والأب المخدوع.
ولا خير إلا في سلوك الصراط السوي، واتباع المنهج النبوي، حيث يُمَكّن الخاطبُ من رؤية ما يُرَغِّبه في مخطوبته، كالوجه واليدين والشعر وما إلى ذلك، بحضور أحد محارمها.
3- عدم المغالاة في المهور وحفلات الزواج:
أ- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " كان صداق النبي ( لأزواجه اثنتي عشر أوقية " (3).
ب- وقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: " ما نكح رسول الله ( نساءه، ولا أنكح بناته، على أكثر من اثنتي عشر أوقية " (4).
جـ- وقال – عليه الصلاة والسلام-: "خير الصداق أيسره"(5).
يقول أحد الكتّاب في هذه المسألة: "إن التوسط والبعد عن الإفراط والخيلاء وحب المظاهر، من أسباب السعادة الزوجية والتوفيق بإذن الله، وهو أمر مطلوب من الأغنياء والوجهاء قبل غيرهم؛ لأنهم هم الذين يصنعون تقاليد المجتمع، والآخرون يتشبهون بهم".
إن بساطة المهر، وحفل الزفاف، خطوة تحتاج إلى عزيمة صادقة، وهمّة عالية، لا تبالي بأقوال سفهاء الناس ودَهْمائهم.
وأكثر الناس في قضية المهر، طرفان:
غالٍ، وجافٍ، وكلاهما مذموم، فبينما نرى رجلاً يُبالغ في التبسيط حتى يصل مهر ابنته إلى ريال واحد، نجد آخر يغلو ويسرف حتى تبلغ نفقات ليلة الزفاف ما يكفي لزيجات كثيرة.
ولسائل أن يقول: ما علاقة بساطة المهر، وقلة نفقات الزواج بالسعادة الزوجية؟
فنقول: إن الرجل الذي أُثقِل كاهلُه بجمع الأموال الطائلة، التي قد يكون أكثرها قد تحمله دَيناً على ظهره ينوء بثقله زمناً طويلاً، إنه لا بد أن يتوقع في عروسه المثالية في الجمال والكمال وحسن الحال، وحينما ترحل الليالي الأولى بلذائذها وأفراحها، سيظهر من الزوجة مع الأيام تقصير في شأن من شئون الزوجية، مما يغضب الزوج، ويدفعه لتبكيتها: خسرتُ عليك، ودفعت فيك، وأنفقت من المال لأجلك مما أثقل الكاهل، وأنت تفعلين وتفعلين، وهكذا ديدنه عند حدوث أي مشكلة، خاصة، وإن اجتمع عليه مع ذلك ملاحقة الدائنين، وشكاوي الطالبين، فإن الأمر يتفاقم سوءاً في صدره، همٌّ في النهار، وأرقٌ في الليل، وزوجة لها حقوق، فلا خلاص إلا بالطلاق والفراق، وإن لم يكن فنزاع دائم وشقاق.
أما إن تمت مراسيم الزواج، ونفقات المهر، على ما سنّه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته، فإن الرجل وإن وجد عيباً أو رأى تقصيراً سينعقد لسانه عن ثلبها حياءً، لا محالة، وسيتذكر أن لأبيها فضلاً عليه، حين طلب مهراً مناسباً.
وهذه سعادة سببها تخفيف المهر ومعقوليته.
رابعاً: القيام بالحقوق الزوجية
أولاً: حقوق الزوج على الزوجة :
وهذه قضية طويلة ذات ذيول وشعب، لكن سنحاول المرور على أهم قضاياها بتركيز وإيجاز. علماً بأن مدارها وخلاصتها في قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء:19) وقوله – جل شأنه -: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 228).
والحقوق ثلاثة أقسام:
__________
(1) - رواه أحمد 4/246، والترمذي (1087) وحسنه، والحاكم (2/165) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
(2) - رواه مسلم (14241).
(3) - رواه مسلم (1426).
(4) - رواه أحمد (1/40، 41)، وأبو داود (2106) والترمذي (1114). وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم (2/176) وقال: "تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-".
(5) - رواه أبو داود (2117)، والبيهقي (7/232)، والحاكم (2/182) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
الأول: حقوق الزوج على الزوجة:
وأصل هذه الحقوق، قوله -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء: 34) وقوله – جل شأنه -: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (البقرة: 228).
وحقوق الزوج تتلخص فيما يلي:
أ- القوامة:
وهذا حق تنازل عنه كثير من الرجال بمحض اختيارهم، مما سبب كثيراً من المشكلات العاصفة باستقرار عش الزوجية، وقد يظن قوم أن في تنازل الرج لعن قِوامته لزوجته إسعادٌ لها، وهذا ظنٌّ خاطئ، ذلك لأن المرأة بفطرتها تحب أن تأوي إلى ركن تلجأ إليه، حتى وإن تحدثت بعض النساء أمام صويحباتها بفخر أن زوجها يطيعها، ولا يعصي لها أمراً، مما يوحي بضعف قوامته عليها، فإنها في داخل نفسها تشعر بضعف وخلل في بنية الأسرة.
وعلى العكس منها، تلك المرأة التي تظهر الشكوى من زوجها ذي الشخصية القوية، والقوامة التامة، فإنها وإن باحت بذلك، تشعر براحة توائم فطرتها، وسعادة تناسب ما جُبلت عليه.
ولعلي أوضح هذه القضية بمثالٍ يسفر عن وجه الحق فيها فبالمثال يتضح المقال:
إذا انفلت زماما الأمن في بلد ما، فإن للشعب أن يفعل ما يشاء، لكنه لا يشعر بالاستقرار النفسي، وسيلاحقه خوف مقلق، وجزع مؤرق من جراء ذلك، وقل ضد ذلك إذا ضبطت أركان الدولة، وتولى زمام الأمور رجال أقوياء، مع أنه سيضايق فريقاً من الناس، إلا أنهم سيشعرون باستقرار داخلي، وراحة وأمن وهدوء بال.
ولذلك فإن تنازل الرجل عن قوامته أمر يُشقي المرأة ولا يُسعدها، ويُسبب وهناً في بناء الأسرة، وتقويضاً في أركانها، وصدق رسول الله ( حيث يقول: " لن يُفلح قومٌ وَلّوْا أمرهم امرأةً " (1) وهذا عام حتى في أمر البيت.
وأرى من أجل استقرار الحياة الزوجية أن تُطالب المرأة زوجها بالقيام بقوامته على الأسرة كما تُطالبه بالنفقة إذا قصّر فيها.
ب- الطاعة بالمعروف:
ودليل ذلك قوله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) (النساء: 34).
ومن السُّنَّة: ما جاء في قصة عمّة حُصين بن محصن التي جاءت للرسول ( فسألها: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه - أي لا أقصر في خدمته وطاعته - إلا ما عجزت عنه" فقال لها: "انظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك"(2).
جـ- ألا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه:
ودليل ذلك، ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه"(3)الحديث.
قال النووي – رحمه الله -: "في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه، وهو محمول على ما لا تعلم رضا الزوج به، أما لو علمت رضا الزوج بذلك، فلا حرج عليها"(4). كما جرت عادته بإدخال الضيفان موضعاً معدّاً لهم، سواء كان حاضراً أو غائباً، فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاص لذلك، وحاصله أنه لا بد من اعتبار إذنه تفصيلاً أو إجمالاً(5).
د- خدمتها له:
خدمة الزوجة لزوجها حقٌّ واجب له عليها، وهذه المسألة وإن وقع فيها خلاف بين أهل العلم، إلا أن القول الصحيح، أنّ خدمة الزوجة لزوجها واجبة من مثلها لمثله، كما مرّ في قصة عمة حُصين الآنفة الذّكْر، فهي تختلف من بيت لآخر، ومن زوج لزوج، ومع ذلك نجد من النساء من ترهق زوجها، فتطالبه بخادمة مع قدرتها على القيام بشئون البيت، واستغنائها عمّن يخدمها، وما يدعوها لذلك إلا حب المباهاة والمفاخرة والتقليد الأعمى.
وهذا أحد المنغصات للحياة الزوجية السعيدة، لما فيه من كلفة على الزوج، وإدخال عنصر غرب لا حاجة له في البيت، وبقاء الزوجة في البيت بلا عمل يشغل بالها ويُولّد في نفسها أعمالاً أخرى هي ثقل على كاهل الزوج لتملأ الفراغ الذي تُحسُّ به.
ولعل الدهشة تصيبك حينما تسمع رجلاً يتحدث في مقابلة أجريت معه في الإذاعة، يحكي فيها أن مرتبه سبعة آلاف ريال، ويسكن في شقة مستأجرة، ولديه خادمتان، ويعلل هذا التصرف بأن زوجته هي التي أرادت ذلك!!
وما يقال للزوجة، يقال للزوج، إذ عليه ألا يكلّفها فوق طاقتها بل يجب أن يراعي قدرتها وطاقتها على العمل.
هـ- ألا تصوم تطوعاً وهو حاضر إلا بإذنه:
ودليل ذلك ما روته عائشة – رضي الله عنها – عن رسول صلى الله عليه وسلم : "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه"(6).
__________
(1) - رواه البخاري (فتح 8/126).
(2) - رواه أحمد (4/341)، وابن سعد 8/409، والحاكم 2/189 وصححه، وحسنه الألباني.
(3) - رواه البخاري (9/295) ومسلم(1026).
(4) - شرح مسلم للنووي 7/115.
(5) - رواه البخاري (فتح 9/295) ومسلم (1026).
(6) - البخاري: النكاح (5195) ومسلم: الزكاة (1026) وأحمد (2/316).
وذلك لأن صيام التطوع قد يُفَوِّت على الزوج كمال الاستمتاع بزوجته ويحرمه منها أثناء صيامها، فإن رضي به فقد أسقط حقّه باختياره، وهذا إنما هو في الصيام النافلة دون الواجب.
و- أن تحافظ على نفسها وماله وأولاده:
المرأة في بيت زوجها مسترعاة على ما فيه، وأنفس ما في بيت الرجل زوجته وماله وأولاده، وهي أمانة بيد المرأة يجب عليها تمام حفظها ورعايتها. فهي رعية ستُسأل عنها المرأة يوم القيامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها"(1).
وبهذا الحق نكون قد أتينا على خاتمة أبرز حقوق الزوج على زوجته.
الثاني: حقوق الزوجة على زوجها:
ويتلخص أهمها فيما يلي:
المهر:
لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) (النساء: 4).
ويُلحظ في هذا الأمر ما بينته سابقاً، فلا إفراط ولا تفريط، ولا إسراف ولا تقتير.
ب- النفقة والسكن:
لقوله -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 233).
وقوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) (*) (الطلاق: 6).
ولما روى حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق الزوجة على أحدنا؟ قال: "أن تَطعمها إذا طَعِمْتَ، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجُر إلا في البيت"(2).
وأخرج الشيخان أن الرسول ( قال لهند بنت عتبة عندما جاءت تشكو شُحّ أبي سفيان عليها وعلى ولدها، قال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(3).
جـ- المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق:
قال الله تعالى مبيِّناً هذا الحقّ: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: 19).
وقال عليه الصلاة والسلام: "خيرُكم خيرُكُم لأهله، وأنا خيركم لأهله"(4) .
ولأجل إنفاذ هذا الحق فإننا نطالب الزوج بالتزام المنهج الشرعي في معاشرة الزوجة بالمعروف، ومعاملتها بالحسنى امتثالاً لقوله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة: 229).
يقول الشاعر مصوِّراً الوُد الطبيعي والمتكلف، ومبيناً صفات كل منهما وأثره:
إذا المرء لا يلقاك إلا تكلفا ... فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة ... وفي القلب صبرٌ للحبيبِ ولو جفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ... فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خلٍّ يخون خليلَه ... ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده ... ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إن لم يكن بها ... صديق صدوقٌ صادق الوعد منصفا
وليعلم أن الناس في العشرة طرفان مذمومان.
فمنهم من لا تعرف الرحمة والعطف إلى قلبه سبيلاً.
ومنهم من يفرط في التساهل والتسامح حتى ينفلت زمام الأمور من يده، والحق وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.
د- حق المبيت والمعاشرة:
وهذا حق يجب على الزوج أن يقوم به، ويراعيه حتى لا يضطر حليلته إلى الخروج عن حيائها.
وهذا الحق من الحقوق التي يقع الخلل في أدائها من قبل بعض الأزواج، فتراه في دنياه لاهثاً أو يدمن السهرات مع الأصحاب والخلان ولا يَؤوب إلا في ساعة متأخرة من الليل، قد أرهقه التعب وأضناه اللعب، واستنفد ما في جعبته من المرح واللهو مع مسامريه، فيدخل بلا سلام ولا كلام، ويرتمي على فراشه كالجيفة، ولو قُدّر له أن يقضي وَطَرَه منها، قضاه على وجه لا تشعر معه المرأة بسعادة، وكأنها ما بقيت في البيت إلا للكنس والطبخ والخدمة وتربية الأطفال، فهي في نظره أو كما يعبر عنه واقعه معها ليست بحاجة إلى قلب يعطف عليها ورجل يداعبها ويحنّ إليها، ويروي عاطفتها، ويُشبع غريزتها. وإذا كان الرجل يُنهى عن الانهماك في العبادة لأجل إتمام هذا الحق لزوجته فكيف بإهدار الوقت وإضاعته في السهرات العابثة والليالي اللاهية؟
__________
(1) هذه الآية في المطلقة، فمن تحت عصمته من باب الأَوْلى.
(2) - رواه أحمد 4/446، وأبو داود (2142) وابن ماجه (1850) والاكم (2/187) وصححه ووافقه الذهبي.
(3) - رواه البخاري (9/507 فتح) ومسلم (1714).
(4) - رواه الترمذي (3895) وقال: حسن غريب صحيح، قال الألباني (الصحيحة 285): وإسناده صحيح على شرط الشيخين وابن حبان (1312 موارد) والحاكم (4/173) وصححه، ووافقه الذهبي.
جاء سلمان الفارسي لأبي الدرداء يزوره، وقد آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أم الدرداء مبتذلة، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك لا حاجة له في الدنيا،يقوم الليل، ويصوم النهار!! فجاء أبو الدرداء، فرحب به، وقرب إليه طعاماً فقال له سلمان: كُلْ. قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لتفطرن، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان الليل، أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنعه سلمان. وقال: إن لجسدك عليك حقاً، ولربّك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، صُم وافطر، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت، فقاما، فتوضآ ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فأتى النبي صلى الله عليه، فذكر ذلك له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان"(1).
هـ- تعليمها أمور دينها:
أهم من النفقة والمبيت أن يعلمها الزوج أمور دينها وبخاصة إذا كانت المرأة لم تأخذ من التعليم الشرعي ما يكفيها في أمور دينها ودنياها، وعلى الزوج أن يتخذ من الوسائل الشرعية ما يُكمّل به هذا الجانب، والرسول صلى الله عليه وسلم، كان يعلم تساءه أمور دينهن، وزوّج رجلاً من الصحابة امرأة على ما معه من القرآن.
وهذا الأمر تسال فيه كثير من الأزواج فالله المستعان.
و- الغيرة عليها:
من أبرز حقوق الزوجة وواجبات الزوج أن يصون كرامتها ويحفظ عِرْضها، ويَغَار عليها.
ومن المؤسف أن بعض حيوانات الغابة أكثر غِيرةً على زوجاتهن من بعض الرجال، فتراه يطلق العنان لزوجته تختلط مع الرجال وتحادثهم، وتذهب للأسواق وحدها، وقد تركب مع السائق وحده، وإذا كان الحمو(2) هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيره.
ومن ضعف الغِيرة أن ترى المرأة الرجال في آلات اللهو والفساد. ومن أشد الصحابة غيرة سعد – رضي الله عنه – حتى قال فيه صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أَغْيَرُ منه والله أغير مني". رواه مسلم.
فأدوا حقوق زوجاتكم بالغيرة عليهن، وإلا فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
الثالث: الحقوق المشتركة بين الزوجين:
هناك حقوق مشتركة تجب لكل واحد من الزوجين تجاه صاحبه، وليست خاصة بأحدهما، نلخصها فيما يلي:
عدم إفشاء السر:
كل واحد من الزوجين مطالب بكتمان ما يراه من صاحبه، أو يسمعه منه، وهذا أدب عام حثّ عليه الإسلام، ورغب فيه وبخاصة ما يقع بين الزوجين، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من أشرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يُفْضي إلى امرأته، وتُفْضي إليهن يم ينشر سرّها"(3).
يقول الشاعر:
واحفَظْ لسانَكَ واحتَرِزْ من لفْظهِ ... فالمرءُ يسلمُ باللسانِ ويعطَبُ
وزِنِ الكلامَ إذا نَطَقْتَ ولا تكن ... ثرثارةً في كلِّ نادٍ تخطُبُ
والسرّ فاكتمْهُ ولَا تنطقْ بِهِ ... فهوَ الأسيرُ لديكَ إذْ لا ينشِبُ
واحرصْ علَى حفظِ القلوبِ من الأذَى ... فرجوعُها بعدَ التنافرِ يصعُبُ
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ ودُّهَا ... مثلُ الزجاجةِ كسرُهَا لا يُشعبُ
المناصحة بينهما:(54/184)
للتناصح وبخاصة بين الزوجين دور كبير في الارتقاء بمستوى الأسرة، ورتق الفتوق الواقعة فيها، وإنارة درب السلامة من التردّي في الخطأ، بيد أن كثيراً نما لأزواج يرى من غير الطبيعي أن تؤدي المرأة دورها في نصيحة زوجها، وأن من السائغ والمعتاد أن تكون من جانبه دونها، ويصل الظنّ بجملة منهم إلى أن قيامها بالنصيحة نوع من التطاول والعجرفة، وخدش لكرامة الرجل، وقوامة الزوج، وهذا خطأ ظاهر، وهدم لعش الزوجية وسعادة الأسرة.
جـ- الشورى:
بمعنى أن يكون التشاور وتداول الرأي قائماً بين الزوجين فيما يتعلق بشئون البيت، وتدبير أمر الأسرة، ومصير الأولاد، وليس من الحكمة في شيء أن يستبد الرجل برأيه ولا يلتفت إلى مشورة امرأته، لا لشيء، إلا لأنها امرأة، ومشورتها قدح لقوامته عليها في نظره السقيم. فكم من امرأة أدلت برأي صار له أكبر الأثر في استقامة أمور وصلاح الأحوال، وخير من يقتدى به في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أن دخل على أم سلمة غاضباً مما فعل أصحابه يوم الحديبية حيث أمرهم بالحلق والتحلل فكأنهم تحرجوا وتباطؤوا، فأشارت عليه أم سلمة أن يحلق هو حتى يحلقوا، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورتها، فما كان إلا أن بادروا إلى امتثال أمره عليه الصلاة والسلام.
د- صدق المودة بين الزوجين:
مما لا تتم السعادة الزوجية إلا به، تحبب كلٍّ من الزوجين إلى صاحبه وإظهار صدق المودة، وتراشق الكلمات الحنونة، فإن ذلك أحسن ما تستقيم به أحوال الزوجين، وأفضل ما تبنى عليه حياتهما، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع أزواجه – رضي الله عنهن – ولسنا بخير منه حتى نستنكف عما فعله، ولما امتدح الله حُورَ الجنة ذكر من جميل أوصافهن كونهن (عُرُباً أَتْرَاباً) (الواقعة:37). والعروب: هي المتحببة إلى أزواجها.
__________
(1) - رواه البخاري 0فتح 4/209).
(2) - الحمو: أخو الزوج.
(3) - رواه مسلم (1437).
والحياة الزوجية التي يُفقد من قاموسها الكلمات الطيبة الجميلة، والعبارات الدافئة حياة قد أَفَلَتْ أنجُم السعادة فيها.
ولا خيرَ في وُدِّ امرئٍ مُتلوِّنٍ ... إذا الريحُ مالتْ مالَ حيثُ تميلُ
وكم من حُسْنٍ في الخُلُق غطى عيباً في الخَلْق.
خامساًً: الواقعية في الحياة الزوجية
للواقعية نصيب وافر في رَفْرَفة أجنحة السعادة على عش الزوجية، ويمكن الحديث عنها عبر المجالات الآتية:
الواقعية في المهور وحفلات الزواج والهدايا:
إن إثقال كاهل الزوج بمهر باهظ وحفلة زفاف مجحفة لا يعود على الحياة الزوجية إلا بالنكد والهم والتعب، لذا لا بد أن يكون المهر وحفلة العُرس موائمة لحال الزوج مناسبة لوضعه المادي، لنضمن – بإذن الله – هدوء نفسه، وراحة باله، وطمأنينة قلبله، حتى يستقبل حياته الزوجية بانشراح ورغبة.
ومثل ذلك يُقال، فيما تعارف الناس عليه من الهدايا في الأعراس والمناسبات. إذ يجب أن يكن بقدر حال الزوج، وليس من مصلحة المرأة أن تلحّ وتطالب بما هو أغلى ثمناً وأعلى قدراً مما لا تسمح ظروف الزوج المادية به، وكثرة ذلك مؤذنة بغياب السعادة وأفول شمسها من عش الزوجية إن لم يصل الحد إلى أمر لا تحمد عقباه.
ب- الواقعية في النفقة:
إن من خير ما تحلّت به المرأة المسلمة من الصفات مع زوجها مراعاتها لطاقته وقدرته في النفقة، فلا إلحاح في حالة العسر، ولا شراهة في وقت اليسر، بل تلبس لكل حالة لَبُوسها، وترضى منه باليسير، وشرذث ما اتصفت به المرأة الشراهة وكثرة المطالب وهذا لا يزيدها من زوجها إلا بُعداً، ولا من قلبه إلا بُغْضاً.
وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه شهراً لما سألنه في النفقة، وأكثرن عليه فيها حتى أنزل الله سبحانه قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب: 28، 29). فخَيَّرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترنه(1).
وعلى الرجل أيضاً ألا يكون شحيحاً على أهله، مقتّراً عليهم، بل ينفق عليهم من سعته ولا يكلف الله نفساً إلى ما آتاها، (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) (الطلاق: 7).
جـ- الواقعية في الصفات وتجنب المثالية:
وهذه الخصلة لا تكاد توجد إلا عند نزرٍ يسير من الناس ممن وفقهم الله، بينما غالبهم عندما يهمَُ بالزواج يرسم الزوجة في ذهنه رسماً يتواءم مع طموحاته الوهمية البعيدة عن أرض الواقع. وكأنه يصور بيده تمثالاً لامرأة وهمية، مما حدا بأحد الأذكياء، عندما أخبره صاحبه بالصفات التي ينشدها في شريكة حياته، أن قال لمحدثه: إن المرأة التي تطلب موجودة، ولكن عليك أن تنتظر إلى أن نُبعث لأن امرأة بمثل ما تذكر لا توجد إلا في الجنة.
نعم إن الاعتدال في المطالب والصفات لا بد وأن يكون مركوزاً في ذهن كل من الزوجين، ويجلي ذلك بوضوح قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر"(2).
وتلك هي سنة الله في خلقه ألا يجتمع الكمال في كل الصفات في عامة البشر، فقد تكون المرأة وسطاً في الجمال لكنها ذات دين وخلق عظيم.
ولو وقف نُشّاد الكمال مع أنفسهم وقفة تأمل ومحاسبة لوجدوا أنهم لم ينصفوا، إذ غالب ما يطلبونه قد لا يكون متوافراً فيهم، فكما أنك تريد فغيرك يطلب منك ما تريد وإلا صار مصيرُك مصيرَ ذلك الرجل الذي ظل يطلب الزوجة المثالية في نظره ردهاً طويلاً من عمره فلما وجدها وتقدم لخطبتها، رفضته، لأنها لم تجد بُغْيتها فيه، فعاد بالخيبة والحرمان.
د- الواقعية في المطالبة بالحقوق وأداء الواجبات:
ليس من حسن العشرة أن يُكلّف الزوج امرأته شططاً، وينهكها في تحقيق حقوقه تعباً، بل عليه أن يسلك هدياً قاصداً، ويتغاضى عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق المهم منها، إحساناً للعشرة، وتخفيفاً على الزوجة.
وكذا حال المرأة مع زوجها لتستديم محبته، وتكسب ثقته ومودته.
والواقعية في هذا قد نبه عليها الشاعر بقوله:
فسامح ولا تستوف حقك كله ... وأبق فلم يستوف قط كريم
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
وآخر يقول مبيناً ضرورة الواقعية في الصحبة:
سامحْ أخاك إذا خلَط ... منه الإصابة بالغلط
وتجاف عن تعنيفه ... إن زاغ يوما أو سقط
واحفظ صنيعك عنده ... شكر الصنيعة أو غمط
وأطعه إن عاص وهُنْ ... إن عز وادنُ إذا شحط
واعلم بأنك إن طلبت ... مهذبا رُمْت الشطط
من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط
سادساً: معرفة كل من الزوجين نفسية صاحبه
__________
(1) - رواه مسلم (1478).
(2) - رواه مسلم (1469).
وهذه إحدى القضايا التي لا تجد من كثير من الأزواج عناية مع أن دوام العشرة، وهناءة العيش لا تحصل على أتم وجوهها إلا عندما يدرك كل منهما نفسية صاحبه ومزاجه، وما يحبه ويكرهه، وما يرضيه ويسخطه، وما يقبله، ويرفضه، وهذه الأمور لا يتحتم إدراكها بالسؤال، بل يعرفها الفَطِن الذّكي من الحال والمقال.
وخير ما يستشهد به على هذا لبيان أثره على حياة الزوجين قصة شُريح القاضي، لما تزوج بامرأة من بني تميم، فيقول: لما دخلت عليها قمت أتوضأ، فتوضأت معي، وصليت فصلت معي، فلما انتهيت من الصلاة دعوت بأن تكون ناصية مباركة، وأن يعطيني الله من خيرها، ويكفيني شرّها، قال: فحَمِِدَت الله، وأثنت، ثم قالت: إنني امرأة غريبة عليك فماذا يعجبك فآتيه، وماذا تكره فأجتنبه، قال: فقلت: إني أحب كذا، وأكره كذا، فقالت: هل تحب أن يزورك أهلي. فقلت: إنني رجل قاضٍ، وأخاف أن أملَّهم، فقالت: من تحب أن يزورك من جيرانك، فأخبرتها بذلك.
قال شريح: فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى حال الحول، إذ دخلت البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهى، فسألتُ: من هذه؟ فقالت: إنها أمي. فسألته الأم: كيف أنت وزوجتك؟ فقال لها: خير زوجة، فقالت: ما حوت البيوت شرّاً من المدللة، فإذا رابك منها ريب فعليك بالسوط.
قال شريح: فكانت تأتينا مرة كل سنة، تنصح ابنتها، وتوصيها، ومكثتُ مع زوجتي عشرين عاماً، لم أغضب منها إلا مرة واحدة، وكنت لها ظالماً(1).
لذا فمعرفة كل من الزوجين لنفسية صاحبه قضية لها أثرها في الحياة الزوجية، وتجاهل هذا الأمر له ما بعده.
سابعاً: الأولاد
من المعلوم أن من أعظم مقاصد النكاح لب الولد، والإنجاب، وهذا المقصد يتعلق به حقوق ومستلزمات، لها أثر في السعادة الزوجية. نعرض في هذه العجالة لطرف منها، ونبين الموقف الأمثل تُجاهها. والله المستعان.
1- الإنجاب:
بعض الأزواج يطلب من زوجته التريث في الحمل باستعمال مانع له بعد الزواج مباشرة بحجة طلب المتعة، وهذا فيه ضرر بالغ على الزوجة، إذ من الثابت طبيّاً أن استعمال الحبوب المانعة للحمل من قبل امرأة لم يسبق لها الإنجاب قد يؤدي إلى عقم تحرم معه المرأة من الولد طيلة عمرها.
ومن الزوجات من تفضل الانتظار سنة أو أكثر بدعوى التأكد من توافقها مع زوجها، وهذا تشاؤم بحدوث المكروه:
احذر لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق
وقسم من الزوجات ترفض الحمل؛ لأنه يعيقها عن مواصلة دراستها، مما يسبّب سآمةَ الزوج من رتابة حياته الزوجية معها، لخلوها من مولود يجدد سعادتهما، ويملأ عاطفة الأبوّة لديهما.
وبعضهن تستمرئ هذا الرفض حتى بعد الدراسة بحجة العمل، وهي حجة عليلة خالية المضمون، قد تحدث الفرقة بين الزوجين كما حدثني بذلك أحدهم عن زوجته التي امتنعت عن الحمل بحجة الدراسة، وبعد إتمام الدراسة رفضت الإنجاب بحجة العمل، ويرى الآن أنه لا حلّ للمشكلة إلا بالطلاق، مع أن المسلم مطالب بكثرة الإنجاب – مع عدم الضرر – لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة.
ب- تربية الأولاد:
غير خافٍ أن الناس يختلفون في طرائق التربية والتوجيه، وهكذا الحال مع الزوجين، فإنهما قد لا يتفقان على منهج واحد في التربية، بسبب اختلاف طبيعة الرجل عن المرأة. إلا أنه من المتفق عليه أن ثمة مجالات تختلف باختلاف سنّ الولد وطبيعته يكون رائد التربية فيها الأب، ومجالات أخرى يكون رائد التربية فيها الأم، فعلى كل من الزوجين احترام وتقدير مجال صاحبه، وعدم التعدي عليه فيه، مع التسليم بأن القِوامة للرجل، سُنّة الله التي قد حكم بين العباد، وهذا لا يعني – ألبتّة – أن يلجأ أحدهما إلى تخطئة الآخر أمام الأولاد، وتجريحه والنيل من كرامته، أو يختلف الأبوان في الأسلوب الأمثل لحل واقعة بين الأولاد بحضورهم، فإن ذلك يؤدي إلى جرح عميق في نفوسهم، يبقى أثره أبد الدهر، وأقل ما يحصل من ذلك عقوق الأولاد لأحدهما، واستهانتهم بالمهزوم منهما، ولعلكم تُدركون هذا جيداً حينما تسمعون أن امرأة لها أربعة أبناء، كل منهم يملك سيارة خاصة، إلا أنها مع ذلك تستعمل النقل الجماعي وأحياناً تستقدم سائقاً خاصّاً؛ لرفض أولادها خدمتها. ومن أسباب ذلك تصرف زوجها الذي كان يقوم بإهانتها أمام أولادها، حتى فقدت كل مقومات التأثير عليهم، فبدر منهم هذا العقوق لها.
وإذا كان للزوج ملحوظة على زوجته بشأن تربية الأولاد، فلا يبدي هذه الملاحظة أمام الأولاد، ولكن إذا انفرد بها قال لها ما شاء، ومثل ذلك الزوجة من باب أَوْلى.
ثامناً: حُسن العلاقة مع الآخرين
__________
(1) - القصة مذكورة بطولها في العقد الفريد 6/92.
ونعني بهم والديْ كلٍّ من الزوجين وأقاربهما، وكذا جيرانهما. فعلى كل من الزوجين أن يراعي حق صاحبه في والديه وأقاربه، وألا يذكر أحداً منهم بسوء، فإن ذلك يوغر الصدور، ويجلب النفرة بين الزوجين، وكم من زوج تحدث أمام حليلته بمثالب أبيها وسقطاته – وهو مَن هو في جلالة قدره عندها – فأحدث ذلك ألماً في قلبها أطفأ شمعة السعادة المضيئة في حياتها مع زوجها، وأشد من ذلك الحديث عن أمها.
وإذا كان هذا في حق الزوج وله القوامة، فما بالك بحديث الزوجة عن والدي زوجها بسوء.
ولسنا نلزم أحداً منهما بمحبة أقارب الآخر، فالقلوب بيد الرحمن، يصرفها كيف يشاء، ولكنا نُحتِّم عليه أن يحفظ لصاحبه مشاعره، وكرامته وعرضه.
وأقارب كل من الزوجين يجب احترامهم وتقديرهم وعدم الإساءة إليهم. أما عن علاقة الزوجين بالجيران، فتختلف باختلاف الجيران، فينبغي عليهما تحديد إطار مسبق لعلاقتهما بهم.
تاسعاً: القدرة على حل المشكلات
ما من زوج ولا زوجة إلا ويريد أن يجعل من نفسه شخصاً قادراً على حل المشكلات الزوجية، والتغلب عليها، ولذا سنطيل النظر فيها لأهميتها، وعظم خطرها. ويتم ذلك في نظري بمراعاة عدة أمور.
أ- التروي والحكمة:
عندما يمعن المرء النظر في الحياة الزوجية عند عامة الناس لا يكاد يجد بيتاً يسلم من مشكلة تخْبو نارها إلى وأخرى على إثرها يتأجج أُوارُها. وليس هذا غريباً على طبائع البشر، حتى بيت النبوة لم يكن بمنأى عن تلك الخلافات لكنها حكمة الله تتجلى في وجودها، ليظهر للناس كيف يقف المصطفى صلى الله عليه وسلم منها، فتقتدي الأمة به، وتتأسى بهديه، ولو شاء الله لصفّى للمصطفى حياته من الكدر، ومشكلات البشر.
يروي أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بِصَحْفَةٍ فيها طعام، فضربت التي كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم. فسقطت الصحفة، فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: " غارَتْ أمُّكم"، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه(1).
فانظر – رعاك الله – إلى هذه الأناة وتلك الحكمة من هادي البشرية في معالجة الخلافات، واحتواء المشكلة قبل أن تكبر وتتعاظم.
إن من أعظم ما يجب الاستمساك به عند اندلاع نار الفتنة في بيت الزوجية هو أن يطفئ المرء نارها بماء الأناة والحكمة وإلا فإن النار قد تزداد اشتعالاً فتُهْلِك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد.
ولقد حدث لأحد الأزواج خلاف مع زوجته، أثار غضبها، وطلبت منه الطلاق بقوة وإلحاح، فأمرها أن تأتي بورقة وقلم ليكتب ما تريد، فجاءت بهما، فأشار عليها أن يؤجل الكتابة إلى الغد، فوافقت، فما أشرقت شمس غد حتى أشرق نور الوِفاق بينهما، بعد زوال سَوْرة الغضب، وحِدّة التّوَتّر وعلمت الزوجة أثر أناة زوجها في حل المشكلة وتلافيها.
ب- التكيف:
ونقصد به: حمل كل من الزوجين نفسه على التأقلم مع صاحبه ومراعاة اختلاف طبيعته، وطريقته في التعامل.
وهذه المسألة من أخطر المشكلات التي تواجه الزوجين في بداية الزواج، كما حدثني بذلك أحد المختصين، لأن كلاً منهما قد عاش في بيئة تختلف عن بيئة الآخر وعلى منهج مغاير، فهل ينتظر منهما أن يتوافقا في الأذواق والأمزجة والطبائع في غضون ليالٍ قليلة إن لم يحمل كلٌّ نفسه على التكيف مع صاحبه، خصوصاً في بدء حياتهما. وعندما ينعدم التكيف نسمع أن فلاناً طلق عروسه ليلة عرسه، وآخر فارقها بعد أسبوع، وأخرى طلبت الطلاق بعد شهر، وكان الأجدر بهؤلاء أن لو تريثوا وحملوا أنفسهم على الاختلاف الطارئ في التعامل.
جـ- ضبط اللسان:
حفظ اللسان من سيئ الكلام، وبذيء الحديث، والثرثرة أعظم مفتاح يمتلكه المرء لإغلاق باب المنازعات على نفسه، إذ لو تأمل العاقل في غالب منازعات الناس، فضلاً عن الزوجين، لوجدها من عثرات الألسن، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال لمعاذ – رضي الله عليه -: "وهل يكبُّ الناسَ في النار على وجوههم، أو قال على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم"(2).
نعم إن فلتات اللسان مقاتل الإنسان، وأماني الشيطان، وصدق من قال:
يُصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يُصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرة القول تُذهِبُ رأسه ... وعسرته بالرجل تبرأ على مهل
وآخر يقول:
احفظ لسانك أيها الإنسان ... لا يلدغنّك إنه ثُعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءَهُ الشّجعان
وثالث يبيّن مدى السلامة في ترك الثرثرة:
الصمت زَيْنٌ والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
__________
(1) - رواه البخاري (فتح 9/320) والصَّحْفَة: إناء يشبع الخمسة. والخادم: واحد الخَدَم يطلق على الذكر والأنثى.
(2) - رواه أحمد 5/231، 236، 237، والترمذي (2616) وقال: حديث حسن صحيح.
فلئن ندمت على سكوتك مرة ... فلتندمنّ على الكلام مرارا
ولذا فعلى كل من الزوجين حفظ لسانه وبخاصة عند حدوث المشكلات وارتفاع سَوْرَة الغضب، فمنه كلمة ومنها أخرى حتى يقع المحذور.
د- عدم نقل المشكلات خارج البيت:
إن نقل المشكلة خارج نطاق البيت يعني بقاءها، وازدياد اشتعال نارها، وخصوصاً إذا نقلت إلى أهل أحد الزوجين، لأنهم لا يدركون أبعاد المشكلة وأسبابها، وغالباً ما يسمعون القضية من طرف واحد، هو خصم، والخصم لا يسمع كلامه إلا بحضور خصمه، فيحكمون حكماً جائراً أعور، وقد تأخذهم الحمية لإنقاذ ابنهم أو ابنتهم، فيُضْرمون نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراماً يذهب بالبقية الباقية من أواصر المحبة بينهما.
وغالب ما يحدث من منازعات بين الزوجين إنما هي أمور طفيفة لأسباب تافهة، تقوم لسوء مزاج أحدهما في وقت معين أو نحو ذلك، ثم تُصور للآخرين بألفاظ أضخم من حقيقة المشكلة فيظن السامع لها الذي لم يعايشها أنها كبيرة ومستعصية، فتأتي على إثر ذلك حلول شوهاء، يذهب ضحيتها الزوجان. ولذلك كان من المستحسن أن يتواصى الزوجان، ويتعاهدا على عدم نقل مشاكلاتهما خارج عشّ الزوجية، وأن يحرصا كل الحرص على ألا تبيت المشكلة معهما ليلة واحدة.
إن عضّك الدّهر فكن صابراً ... على الذي نالك من عضّته
أو مسك الضر فلا تشتك ... إلا لمن تطمعُ في رحمته
هـ- استشارة ذوي العقول وأهل الاختصاص(1):
إن التشاور مع ذوي الشأن وأرباب الحِجى عامل مهمّ في كل ما يحدث من خلاف بين الزوجين، ذلك لأن غيرك يعرف من الحلول ما لا تعرفه، وقد يكون ممن وقع في حَدَثٍ مماثل فَوُفِّق للحل المناسب. وعادة ما يصاب المرء حين المشكلة بضيق في الرأي، وتعكير على صفو التفكير، يحتاج معه إلى الاستناد إلى آراء الآخرين، للخلاص مما هو واقع فيه.
وأعرف شابّاً وقع في بيته حدث كاد يُودِي بالحياة الزوجية إلى أمر محزن، لولا أن الله وفقه لاستشارة صاحب رأي من إخوانه، فطمأنه إلى أنه لا مشكلة فيما حدث، إن عمل بمشورته بإذن الله، وفعلاً انقلبت المشكلة إلى سعادة ورضا، وصارت الزوجة تخجل من نفسها إذا تذكرت ما حصل منها، وحمد الزوج ربّه على الأناة، وضبط اللسان، واستشارة ذوي الشأن.
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) (النساء:35).
و- الرضا بالقضاء والقدر
إن من أعظم ثمرات الإيمان بقدر الله وقضائه، الاطمئنان إلى عدل الله وحكمته، فإن أمر المؤمن كلَّه له خير، إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيراً له، والصبر على مُرِّ القضاء دليل على قوة الإيمان وهو ابتلاء من الرحمن لعبده، أيقابله بالشكر والرضا، أم بالكفر، والسخط بما قدره الله تعالى، والاعتراض على حكمته وتدبيره.
وليعلم الزوجان أن رضاهما بما قدر عليهما كعدم الإنجاب، أو ضعف الولد أو تشويهه أو نحو ذلك من أسباب المشكلات، واحتسابهما الأجر عند ربهما وصبرهما على بليتهما خيرٌ لهما في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا سعادةٌ وانشراحُ صدرٍ. وفي الآخرة جنة، ورضوان من الله أكبر.
وإنه لينقضي عجبك من قوم تسمع عن أحدهم أنه هدد امرأته بالطلاق، لأنها تنجب البنات. وكأنه لا يدري أن أمر الولد ليس موكولاً إليها، ولا إلى أحد من المخلوقين، بل هو تقدير العزيز العليم (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً) (الشورى: الآيتان 49،50). وكأنه أدرى بالحكمة وأعرف بالمصلحة من ربه – جل وعلا -، وهذا التصرف دليل على ضعف الإيمان، وقلة اليقين.
وقد روت كتب الأخبار أن رجلاً سخط على امرأته وهجرها لأنها مئناثٌ لا تَلِدُ إلا البنات، وتزوج من أخرى، فأنشأت أبياتاً تقولها وهي ترقص إحدى بُنياتها وتبين أنه لا مجال للسخط عليها:
مال أبي حمزة لا يأتينا ... يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أنا لا نلد البنينا ... تالله ما ذاك في أيدينا
وإنما نحن كالأرض لزارعينا ... ننبت ما زرعوه فينا
فأدرك الزوج خطأه، وعاد إلى زوجته، وعاشرها بالحسنى.
وقد يبتلى بعض الرجال بزوجة دميمة، فعليه أن يصبر على ما ابتلي به (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (النساء: من الآية19). وعليه ألا يُعَيّر المرأة بدمامتها، وهو أمرٌ ليس من تقدريها وخلقها، وقد يؤدي مثل هذا التعيير والتنقص إلى إثارة المرأة ومحاولتها الانتقام من زوجها، كما نشرت جريدة الرياض قصة امرأة مصرية، قتلت زوجها، وقطعته عدة قطع، لأنه كان يعيرها بقبحها، ويهددها بالزواج عليها.
__________
(1) - هذا لا يتعارض مع الذي قبله فليتأمل.
ومثل ذلك إذا أنجبت المرأة أولاداً معوقين، فعليه بالرضا بالقضاء والقدر، ولعل الله أراد به خيراً، وإذا أحب الله عبداً ابتلاه، وعليه بفعل ما يشرع من الأسباب لتلافي مثل ذلك، وقل مثل هذا إذا أصيب أحد الزوجين بمرض أو عاهة فعلى الآخر الرضا والصبر والاحتساب، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وعلى الزوجة أن تصبر إذا افتقر زوجها بعد غنى، أو ابتلي بمصيبة من مصائب الدنيا كالسّجن والتغرب وغيرها (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق: من الآية7).
عاشراً: أمور متفرقة
بقيت أمور مهمة، الحديث عنها، وإبداء الرأي فيها جزء من مقومات السعادة الزوجية، أفردتها لأهميتها في الحياة الزوجية، وهي كالتالي:
1- عمل المرأة:
مما يُحدث إشكالات في حالات كثيرة بين الأزواج، قضية عمل المرأة، والأمر فيها بيّن واضح:(54/185)
فإن كانت المرأة اشترطته على زوجها دائماً أو وقتاً معيناً، فإن عليه أن يلتزم بالشرط كما اتفقا عليه حين العقد ورضيا به، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن تُوفوا به ما استحللتم به الفروج"(1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم"(2).
وإن اشترط الزوج على زوجته ألا تعمل، أو لم يكن هناك شرطٌ سابق لكنه رفض عملها، لزمها أن تطيع وتسمع؛ لأنه بَعْلها، وطاعته واجبة عليها.
ولكن على المرأة ألا تركب رأسها حين يكون العمل مضرّاً بحياتها الزوجية مرهقاً للزوج، بل ينبغي لها أن تتنازل عن شرطها، وتتخلى عن عملها، لأن الإبقاء على الزوج، وتقدير مصلحة البيت خير لها من لزوم العمل، وهذا كله إنما يتم بطريق المفاهمة والمشاورة ومبادلة الرأي.
2-مال الزوجة:
بعض الأزواج يغلبه الطمع فيتسلط على مال زوجته بدون رضاها، وهذا ليس من حقه، بل للمرأة مالها. ولها حق التصرف فيه، دون غيرها، وعلى الزوج أن يقوم بواجبه في النفقة عليها، وإن كانت ذات مال.
ومثل هذا الجشع من بعض الأزواج يمحو المحبة، ويذيب الوُدّ من قلب الزوجة، إن لم يحملها على تصرفٍ مشين يحطِّم السلام في أمن البيت. ومن ذلك ما نشرته جريد الرياض أن امرأة أقدمت على قتل زوجها، وتقطيعه، وتوزيع قطع الجثة على مدينتين، وفي مجاري المياه، لأنه كان يضربها، ويتسلط على مالها، يقول الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (النساء:4).
3- التجمل والزينة:
للزينة دور فعّال في إعفاف كلٍّ من الزوجين وقناعته بصاحبه والرغبة فيه، ودوام العشرة بالمعروف، ومتانة سياج المودة والمحبة، ولا غرو، فالقلب مجبول على التطلع إلى الجمال ومحبته. بيد أن بعض الرجال يعتقد أن هذا خاص بالمرأة دونه، وأنه يجب عليها أن تتجمل له وتتزينن لكنه لا يقوم بدوره في التجمل لذلك الاعتقاد الخاطئ، وقد قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: من الآية228). نعم إن زينة الرجل كمالُ رجولته، وقوامته، وحسنُ عشرته، ولكن التجمل الظاهر مطلب للمرأة ترتاح له وتسرُّ به.
وقد بينت ذلك إحداهن حينما خطبها رجلٌ قد شاب شعر رأسه فأبدت موافقتها، وقالت: "أخبروه أن في رأسي شيباً"، فغير الرجل رأيه لذلك، فقالت المرأة: "والله ما في رأسي شعرة إلا وهي سوداء، ولكني أردت أن أُعلمه أن ما يحبونه فينا نحبُّه فيهم".
ومع هذا كله، تجد كثيراً من الأزواج يهمل هذا الحق لزوجته عليه.
وأكثر من ذلك، وأشدُّ قبحاً ما يقع من إهمال كثير من النساء لزينتهن أمام أزواجهن، أصحاب الحق بالزينة وقد تمرُّ بالواحدة الأيام والليالي لم تبدُ خلالها بمظهر حسن لبعلها، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى أن الزوج الذي بماله تُشترى الملابس الجميلة، والعطور، وأدوات الزينة، يحرم منها، لتعرضها المرأة أمام النساء في المناسبات والأعياد والزيجات.
أحرام على بلابله الدوح ... حلال للطير من كل جنس!!
حتى حدا هذا العمل ببعضهم أن ينتظر بفارغ الصبر قدوم مناسبة يمتع ناظريه فيها بزوجته بأبهى حلة وأحسن حال، ووصل الأمر بآخرين إلى افتعال المناسبة، واختلاق موعدها ليحظى بتجمل زوجته له. وهذا لا شك ظلمٌ من الزوجة لزوجها، وتقصير في حقه، مضر بسعادتها معه، يحمل الزوج على الانصراف عنها، والزهادة فيها، ليتطلع إلى الزواج بأخرى تروي عاطفته، وتشبع غريزته وتملأ عينه.
__________
(1) - رواه البخاري (فتح 5/323) ومسلم (1418).
(2) - رواه أبو داود (3594) والحاكم (2/49) والبيهقي (6/79) وغيرهم من حديث أبي هريرة وعائشة وأنس، وابن عمر، ورافع بن خديح وعمرو بن عوف، وهو صحيح بمجموع طرقه. انظر الإرواء (1303).
وقد تزوج أحدهم بامرأة أخرى لهذا السبب، فما كان من الأولى إلا أن تزينت وتجملت، فلما دخل الزوج عليها ظنّها امرأة أجنبية من عظم الفوارق بين حالتيها، ودهش حينما رآها بهذا التألق الذي ظن أنها تفتقده، وأخبرها أنه ما كان ليتزوج لو كانت معه على تلك الحال قبل ذلك، ولكن على نفسها جنت براقش.
4- أم الزوجة:
ترسخت لدى كثيرين مفاهيم خاطئة عن أمّ الزوجة (الحماة) استقوها من الصحف والمجلات والمسلسلات، صُوِّرت فيها على أنها امرأة شريرة، تحمل في طبعها الكيد والمكر والخداع، وأن سعادتها منوطة بشقاء زوج ابنتها، وراحتها في تعليم ابنتها أساليب ابتزاز مال الزوج، وتعب بدنه.
والحقيقة أن الواقع خلاف ذلك، فالحماة امرأة فاضلة صالحة تسهر على سعادة ابنتها مع زوجها، وتحرص على قيام ابنتها بكامل حقوق الزوج، وقد تُضَحِّي براحتها لإراحتهما، وهذا لا يعني أن كل حماة بهذه الصفات، بل قد يكون منهن من هي بخلاف ذلك، وهذا غير مستبعد على طبائع البشر، لكن أن تنقلب الأحوال فتصور على غير ما هي عليه في أعم أحوالها، فذلك ظلم لها، وهضم لجميلها، وقل مثل ذلك عن أمّ الزوج.
5- تعدد الزوجات:
تعدد الزوجات أمر مشروع، ولا مجال للنقاش في مشروعيته، وإنه ليخشى على دين من يُناقش في ذلك، ويخطئ أولئك الذين يظنون أن التعدد مباح عند الضرورة، كعقم الزوجة، أو مرضها المزمن، فذلك مما لم يرد به دليل، ولم ينزل به شرع.
ولست الآن بصدد البحث في هذا الموضوع، لكن أعرض منه ما له مساس بموضوعنا (مقومات السعادة الزوجية)وهو حث الرجال والنساء على الاعتدال في مسألة التعدد، والأمر بالتزام المنهج الشرعي فيها.
فمن الأزواج من يتعجل في التعدد، ويقدم على الزواج من غير تبصُّر وتربُّص فيقع في أخطاء فادحة، تُهَشِّم بُنيان السعادة في أسرته.
ومنهم من يجعل الحديث عن التعدد سبيلاً لإغاظة الزوجة، واستفزازها وتهديدها.
ومنهم من لا يراعي في التعدد إلا إشباع الرغبة الجنسية. صارفاً النظر عن الأغراض الشرعية السامية، التي من أجلها شرع التعدد، ومعرضاً عما ينبغي أن يقوم به من العدالة والقوامة والقدرة على القيام بالحقوق، فيكون حاله كحال هذا الشاعر الذي يقول مصوراً ما هو فيه من تعاسة ونكد عيش.
تزوجتُ اثنتين لفرطِ جهلي ... بما يشقى به زوجُ اثنتين
فقلتُ أصير بينَهما خروفا ... أنعم بين أكرم نعجتين
فصرتُ كنعجةٍ تُضحِي وتُمسِي ... تداولُ بينَ أخبثَ ذئبتين
رضا هذه يُهيّجُ سخْطَ هذه ... فما أعرَى من احدى السخطتين
وألقى في المعيشة كلَّ ضُرٍّ ... كذاك الضر بين الضَّرَّتين
لهذه ليلةٌ ولتلك أخرى ... عتابٌ دائمٌ في الليلتين
فإن أحببتَ أن تبقى كريما ... من الخيراتِ مملوءَ اليدين
فعشْ عزبا فإن لم تستطعه ... فواحدة تكفيك شرَّ الضرتين
6- ارتكاب المعاصي بحجة البحث عن السعادة:
وتلك قاصمة الظهور، وجالبة الشرور، قد سرت بين الناس سريان النار في الهشيم، وجاءت تحت قوالب ومسميات أبعد ما تكون عن الإسلام ومنهجه السوي في شأن الزواج، ومن ذلك مثلاً، ما يسمّى "بشهر العسل" تلبيساً وإيهاماً. ويرتكب الزوجان تحت مظلة هذا الشهر آثاماً من أشدها ضرراً وأخطرها شرراً قضية السفر إلى الخارج، بدعوى السياحة والتفرج، وهي بدعة غريبة يحقق عملنا بها قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلَكُوا جُحر ضبٍّ لسلكتموه"(1).
ويحدث خلال السفر ما يَنْدى له جبين المسلم من ضياع الأموال، وتبرج النساء، وارتكاب المحظورات، وهذه هي سعادتهم، شهر واحد فقط، ثم تعاسة دائمة، وبؤس مستمر. أما المسلم فحياته كلها سعادة وبهجة.
ومن ذلك، مشاهدة الأفلام الخليعة، خصوصاً في أول ليالي الحياة الزوجية، أو قراءة المجلات الماجنة، أو استماع الأغاني المحرمة المثيرة للغرائز، أو قيام الزوجة بتضييف أصدقاء زوجها، أو هتكها لحجابها، وغير ذلك من المعاصي التي لا تخفى، والتي تعود بالشؤم والبلاء العاجل والآجل على عش الزوجية (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30). وكم تفرق شملٌ، وتشتَّت جَمْع، واضطربت بيوتٌ، وطُلِّقت نساء وضيع أولاد، بشؤم المعصية، في وقت يتصور الزوجان أنهما بهذه المعاصي يحققان السعادة والهناء.
7- الهدية:
لعل خير ما يذكر في آخر هذه الرسالة لتحقيق الأهداف التي كتبت من أجلها، مسألة غفل عنها الكثير من الأزواج مع أثرها في تحقيق السعادة ودوام المحبة والألفة، ألا وهي الهدية، هدية الزوج لزوجته وهدية الزوجة لزوجها، وكذلك هدية كل من الزوجين لأهل الآخر، وبالأخص للوالدين، إن الهدية تذهب السخيمة، وتزيل البغضاء، ومهما كانت الهدية بسيطة ويسيرة فإن لها من الآثار النفسية ما يصعب حصره وتعدد مزاياها. فتهادوا تحابوا.
__________
(1) - رواه البخاري (فتح 6/495، 13/300) ومسلم (2669).
ومما يلحق بالهدية إفشاء السلام وطلاقة الوجه والبشاشة، "أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم". رواه مسلم.
و"لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق". رواه مسلم.
وجربوا الهدية والسلام والبشاشة وستجدون النتيجة بإذن الله.
الحادي عشر: الخاتمة
وبعد:
هذه أبرز مقومات السعادة الزوجية لمن أراد حياة هانئة مستقرة، لا تشوبها المشكلات والقلاقل، ولا تكدرها الخصومات والشقاق.
وفي هذا البيت السعيد تتكون الأسرة المؤمنة وتتربى الأجيال، ومن مثل هذه الأسرة يتخرج القادة والمصلحون. إن أمتنا الإسلامية بأمس الحاجة إلى الوقوف في وجه الهجمة الشرسة من أعدائنا لتقويض أركان الأسرة في مجتمعنا، عن طريق وسائل متنوعة متعددة، لا تخفى على أولي الألباب.
إن الأسرة التي تلتزم بدينها وعقيدتها، وتجعل الكتاب والسنة نبراساً لحياتها، لهي جديرة بالبقاء والهناء والسعادة (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: من الآية123).
أما من انحرف عن المنهج السوي، وابتعد عن الصراط المستقيم، ودان لأخلاق الشرق والغرب، إعجاباً وتقليداً وسلوكاً، وربّى أهله وأبناءه على هذه الطرق، فلا يلومنّ إلا نفسه، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه:124).
وعلينا أن نتذكر ما أعده الله للأزواج السعداء في الدنيا من سعادة في الآخرة (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) (يس: 56). والملائكة يدعون لهؤلاء السعداء، (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (غافر: 8).
وليحذر الزوجان أن يكونا ممن قال الله فيهم: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) (الصافات:22، 23).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــ
العلاقة الزوجية :فوائدها ومخاطرها
د.عبد الحليم سمعان
يبنى الزواج على أسس عاطفية وهو مشروع طويل الأمد ينطوي على خواص محددة: الاختيار النوعي للشريك والمثلنة والتوكيد النرجسي المتبادل للشريكين والتداخل المتبادل للرغبات اللاشعورية,الإستخدام المتبادل للعلاقة مع الموضوع كنمط دفاعي لمواجهة الرغبات قبل التناسلية وغير الخاضعة بشكل تام لأولوية أو هيمنة التناسل,أخيرا توزيع نوعي للأدوار وذلك ضمن تواطوء السيروات النفسية – الداخلية الفردية لكل شريك والتي تنظم نمطاً علائقياً,مضبوطاً ذاتياً,مع ردات فعل دورية تسمح ببعض التوازن.
الشيء المهم الذي يمكن أن يعاش ضمن إطار العلاقة الزوجية هو الإغناء النفسي والتوكيد النرجسسي لكلا الشريكين.إن التصرفات كلها تسعى لإيجاد علاقة تهدف الى توكيد الفرد وخصوصا ذلك الذي لم يتوصل أبداً الى تعويض النقص النرجسي ولا الى الأمان الذاتي أو الذي عانى من الحرمان العاطفي أو تعرض لظروف نفسية داخلية منعته من التوصل الى تحقيق وحدته الذاتية بشكل تام.
على هذا الأساس,فإن اختيار الشريك وتنظيم العلاقة معه يقوم بادىء الأمرعلى التوكيد النرجسي,هذا التوكيد النرجسي ضروري لبقاء الطرف الضعيف وهو يشكل مصدراً للسعادة واللذة ولايمكن أن يتحقق إلا عبر علاقة حبية صحيحة.هذا النوع من العلاقات,يعبر على مستوى الإستيهام عن ميل الى الإنصهار المتبادل وعن تشكيل نوع من الحدود الخارجية المشتركة لكليهما:إنه يشكل مسعى لإعادة تشكيل نمط العلاقة (أم – طفل).إنه عملية ضم جزئي يسمح بتجنب الإنفصال مع مايلازمه من قلق الهجران كما يمكن أن يعبر عن رغبة في التملك المتبادل الذي يؤمن فوائد إيروسية مرتبطة بالإنصهار :إنصهار مرغوب بحد ذاته لأنه يمثل حنيناً الى الطفولة الأولى ويمكن أن يعايش استيهامياً كالرعشة الجنسية في بعض الأوقات.
هذا الإنصهار يمكن أن يصبح خطيراً إذا بلغ حداً معيناً فيحدث نكوصا عنيفاً في زوال الفردية في اللاتمايز في العودة الى العدام الى اللازمن.إن الشخص الضعيف لايستطيع العودة الى الغموض وعدم التنظيم: تبدأ العلاقة الزوجية غالباً على هذا النوع من الإنصهار اللامتمايز – لكن المشاكل والتغيرات الحياتية بإمكانها أن تؤثر على استمرار الجو المطمئن ويظهر القلق عندما يصبح الشريك مناقضاً للصورة المتوحدة مع الذات أو يصبح شخصاً غريباً مثيراً للقلق.
يمكننا القول باختصار,أن العلاقة الزوجية هي المكان الذي يعبر فيه عن الميول اللاشعورية والأكثر طفولية للفرد.ولهذا السبب فإنها المكان الذي يكون تحديد الوضع السوي أو المرضي تعسفياً,والتعبير عن السيروات الأكثر طفولية والقديمة يمكن أن يتخذ شكلاً إيروسياً بالرغم من شدتها:فالممارسات السادية – المازوشية,الإهانات,الشتائم,الضرب,المداعبات,الإتصال الجنسي,الإباحية والإنكار يمكن أن تظهر ضمن إطار العلاقة ولايمكن التعبير عنها خارجاً – أي في المجتمع -.
يبحث الفرد إذاً,في علاقته مع شريكه عن بعض الحماية وعن إشباع بعض رغباته .إنه ينتظر من شريكه توكيداً قوياً لقيمته النرجسية واذا تبدل هذا الشريك فإن العلاقة تصبح مهددة ويمكن أن تزول مع الوقت.
يمضي الرجل والمرأة مدة نصف قرن تقريباً من الحياة المشتركة بعد أن يكونا قد اتحدا وقرارا العيش سوياً ويطلب منهما في هذه المرحلة تقديم كل ما من شأنه أن يكون موضوع رغبة على صعيد العاطفة والحب والحنان والصداقة والتآلف والتقارب الفكري وتقسيم العمل والتربية المشتركة للأطفال والتمتع الجنسي,وهذه المواضيع لايمكن إشباعها إلا ضمن إطار العلاقة الثنائية المنظمة.
يطرأ على العلاقة الثنائية في بعض الأوقات,أزمات معينة يمكن أن تؤثر على استمرار العلاقة,ويحاول الشريكان,في هذه الحال,تنظيم بعض السيروات الدفاعية كي يتجنبا الصدع الذي يهدد علاقتهما,وغالباً ما يستخدما الأطفال كوسيلة لحل المشاكل التي تعترضهما :ويتركز حول الطفل عدد من المؤثرات التي لاتسير بشكل حر بينهما.إن المحافظة على العلاقة يمكن أن تقوم في بعض الأحيان على الرفض المشترك لطفل بريء,فبدلاً من أن يعبر الشريكان عن عدوانيتهما تجاه بعضهما بعضاً فإنهما يسقطانها وخصوصاً إذا كان الطفل حساساً ولايملك الوسائل اللغوية أو الفكرية التي تمكنه من حل الرموز المتناقضة الصادرة عن الوالدين.
Balagh.com
5/2/2007
ــــــــــــــــــ
ما الذي يجعل الأسرة سعيدة؟
جورج أوشاوا
إنها الصحة العقلية والبدنية أولاً وقبل كل شيء.ونظام الماكروبيوتيك الغذائي هو الطريقة العملية والسهلة الفضلى لتحقيق هذا الشرط.وقد توصلت من خلال تجربتي ومعرفتي الى استنتاجين:
1- أن المادة الأساسية لمصنع الحياة الزوجية هي الغذاء.
2- أن المبدأ,الذي يرشدنا في التعامل مع هذه المادة وينسقها,هو "المبدأ الفريد".
ويستند المبدأ الفريد الى اتساق الكون الذي نعيش فيه.وهو مبدأ أساسي ليس للسياسة والاقتصاد والآداب فحسب,بل للفيزياء والكيمياء والصناعة والزراعة والتجارة أيضاً.
وقد قادني ارتكازي على المبدأ الفريد كقاعدة,الى الإيمان بوجوب أن تسود الحالات التالية لتكون الحياة الزوجية مصدر سعادة للرجل والمرأة:
حالة الرجل البدنية
تراوح الأعمار الأكثر ملاءمة للزواج بين سن الرابعة والعشرين وسن الثامنة والعشرين.وينبغي أن تكون حالة الرجل البدنية جيدة من وجهة نظر الماكروبيوتيك,أو أن يمتلك,على الأقل,فهماً لهذه الحكمة القديمة.واذا أرادت امرأة اختيار زوج مناسب,فمن الأفضل لها أن تختبر موقفه من نظام الماكروبيوتيك الغذائي,أو ردة فعله إزاءه.
إن أسهل الطرق لتشخيص حالة الرجل تتمثل بالأمور التالية: أولاً,النظر الى أذنيه.والأذن ليست بارومتر لوضع المرء الصحي الراهن,بل لقدره أو مصيره.فإذا كان الرجل قد نشأ وفقاً لنظام الماكروبيوتيك,تكون أذناه كبيرتين ومنبسطتين على جانبي رأسه,وتكون شحمتا الأذن لينتين.
وإذا كانتا الشحمتان طويلتين جداً,فسيكون قائداً ناجحاً أو تكون نهاية حياته سعيدة.أما الرجل الذي تكون أذناه نائيتين أو تكون شحمتاه صغيرتين,أو كان يفتقر تماماً الى الشحمتين,فسيعاني غالباً من مشاكل بدنية ونفسية في حياته والله اعلم.وتنطبق هذه القاعدة العامة على الغربيين والأفارقة,علاوة على الشرقيين.لقد اعترف بأهمية هذا الجزء من الجسم منذ زمن طويل في أنحاء العالم,ووجد تعبيراً له في عادة لبس الحلق,الواسعة الانتشار.وطالما بجلت الشعوب البدائية ذوي الأذنتين اللتين وصفناهما قبل قليل.
حالة المرأة البدينة
إن الفترة الممتدة بين سن الثامنة عشرة وسن الثانية والعشرين هي الأنسب لزواج المرأة,وإن كان هناك,بالتأكيد,العديد من اللواتي يتزوجن بعد بلوغ الثلاثين ويكن زوجات صالحات.والأذن عند المرأة بأهمية الأذن عند الرجل.
ولكن علينا,فضلاً عن ذلك,أن نأخذ في الحسبان,العينين والأنف والشفتين والأسنان أيضاً.فإذا كانت أسنان المرأة رديئة لابد من أن تكون أعضاؤها أسوا,وقد يكون الزواج منها مأساوياً,ولما كانت المرأة هي المصدر الأصلي لتغذية أطفالها,فإن مقدرتها على المضغ - الحيوية للغاية لكل امرىء – ذات أهمية مضاعفة.فالنساء,كأمهات لأبناءنا,ينبغي أن يكن أكثر صحة من أزواجهن.ولكن أرجو ألا يكون هذا مبعث للقلق والإحباط أو الشعور بأن لا أمل في تحسين الوضع,إذا كان الوصف ينطبق على إحداهن ,إذ تستطيع أن تغير كل شيء,عن طريق نظام الماكروبيوتيك الغذائي.
حالة الرجل الذهنية
إن السمة الأهم للرجل هي الشجاعة.وعلاوة على ذلك,ينبغي أيضاً أن يتمتع بالصفات التالية:القوة والجدارة والقدرة على التكيف والإقدام والتسامح.يستيقظ مثل هذا الرجل مبكراً في الصباح,صافي الذهن واضح ونظرته مشرقة.إنه ليس نهماً في أكل الحلويات أو شرب الكحول.
ينبغي أن يتمتع الرجل الشجاع بجسم متين,وينبغي أن تكون قدماه راسختين على الأرض,ويرتدي حذاءه باستواء.وإذا مال الإصبع أو عقب القدم الى الداخل أو الى الخارج,فإنه لايحقق الشروط المذكورة.
حالة المرأة الذهنية
السمات الأهم للمرأة هي نكران الذات والتسامح والعذوبة ودقة المحافظة على المواعيد,وهي,باختصار,أن تتحلى بصفات المرأة.ولاأعني أن على المراة أن تكون مطيعة,بل أعني أنها ينبغي ألا تكون عنيدة.فمن كان مهتماً بترويض امرأة عنيدة وتحويلها الى فتاة رقيقة,فسيكون زواجه مشوقاً.
وينبغي لمن يرغب في الزواج أن يدرس شخصية شريك المستقبل وشخصية الأبوين,ويتأمل في آرائهما,وفي حياة الأسرة.إن التراث الأسري والتقاليد القوية أهم بكثير من المعرفة أو العلم.والأفضل أن يكون الناس فقراء وعلى ارتباط عميق بالدين وبالتقاليد من أن يكونوا أثرياء وبلا دين أو تراث,لأنهم سيكونون على الأرجح عميقي التفكير وأكثر جدية.
وإذا قورنت الحياة برحلة,فإن الرجل هو قبطان السفينة,الذي يترتب عليه أحياناً أن يصارع عاصفة هوجاء,والمرأة هي المهندس أو الوّقاد.مهمتها تتطلب التسامح والدقة في المحافظة على المواعيد والقوة الرقيقة.
حتى إذا تم الزواج بعناية,فكثيراً ماينتهي الأمر الى الأسى بسبب سوء التقدير.فالتعاون على اساس التقديرات المشتركة للزوج والزوجة هو الذي يسهم في بناء أسرة سعيدة.والتآلف هو الأكثر أهمية,ومن خلال تعاون الزوج والزوجة وجهودهما يمكن تكوين أسرة سعيدة.قال ابيكتيثوس :"الجميع سعداء.وإذا لم يكونوا كذلك,فإن اللوم يقع عليهم".
إن أختيار المواد الخام عامل جوهري في أي بناء.والواد الخام في حالة الأسرة تتألف مما نأكل ونشرب كل يوم.
يميل الرجل الى قيادة المرأة ذهنياً ونظرياً.وتميل المرأة الى قيادة الرجل فيزيزلوجياً.وفيما ينبغي للرجل السعي ليحب,على المرأة أن تسعى جاهدة لتكون محبوبة.وفي حين أن الرجل هجومي بطبعه,فإن المرأة منكفئة أو مستكينة.
إن جعل المرء نفسه محبوباً قد يبدو بسيطاً,لكنه في الواقع أمر صعب للغاية.وتعتقد نساء كثيرات أن من واجبات الرجال أن يحبوا النساء,أي أن للمرأة حقاً طبيعياً في أن تكون محبوبة من الرجل.وهؤلاء لايأخذن في الاعتبار إن كن جديرات أن غير جديرات بالحب,ولا يبذلن أي محاولة لجعل أنفسهن محبوبات.وأعتقد أن هذا الموقف خاطىء للسبب التالي: فشرط أن تجعل المرأة نفسها جديرة بالحب,يسبق حقها في أن تكون محبوبة.فالحب يأتي فقط الى اولئك الذين يحاولون أن يكونوا محبوبين.ووحدة الغارق في التعاسة يمتنع حتى عن المحاولة.والمرأة,التي تحاول أن تكون محبوبة,ستكون سعيدة في نهاية الأمر,حتى لو تزوجت رجلاً سيئا,لأن جهدها بحد ذاته يجلب لها سعادة كبيرة.
تبدو حياتنا قصيرة أحياناً,ولكنها في الواقع مديدة.ومن يشعر,بعد عام واحد أو خمسة أعوام,بالملل من أعباء بناء زواج سعيد,فإنه لايكون متبعاً نظام الماكروبيوتيك الغذائي.
وإننا جميعاً نوافق,بلا تردد,على أن التسامح فضيلة.ولكن لما كنا بشراً ولانتحلى بسماحة الله,فإننا نجد صعوبة في أن ندير الخد الآخر,وأن نحب مابتنا نكرهه.من الصعب علينا أن نبلغ مثل هذه الدرجة من التفهم في حياتنا العملية اليومية.(54/186)
يمكن لنظام الماكروبيوتيك ان يكون عوناً كبيراً هنا.إنه يعلمنا أن الشخصية الرديئة والسلوك السيىء إنما هما مسألة سطحية,وإذا حكمنا على الانسان قياساً على هذه الصفات فإننا لانكون صورة صادقة عنه,لأن هذه الصفات هي نتاج فترة طويلة من عادات الأكل السيئة وظروف معيشية – بيئية مزرية.وإذا فهمنا ذلك نستطيع تحويل الكراهية الى تعاطف والمرارة الى شفقة.
ولبلوغ حياة سعيدة,ينبغي أن تسعى المرأة جاهدة من أجل أن تستحق الحب,وأن يسعى الرجل من أجل أن يحب
ــــــــــــــــــ
حقوق الزوجة المكرّمة في ديننا
احسان الأمين
شيّد الله تعالى بناء الأسرة على أساس المودّة والرّحمة ، فقد بيّن القرآن الكريم حقيقة أنّ الرجل والمرأة قد جُبِلا على سكون أحدهما إلى الآخر وميله وشعوره بالطمأنينة والدفء برفقته ، فقال تعالى :
(وَمِن آياتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِن أنفسِكُم أزواجاً لِتَسكُنوا إليها وجَعلَ بينكُم مَودّةً ورَحمةً إنَّ في ذلِكَ لآيات لِقَوْم يَتَفَكَّرون ). ( الروم / 21)
ولأنّ البيت لا يُبنى إلاّ بوجود المرأة ومودّتها ومحبّتها ، فقد جعل الاسلام المرأة هي التي تُنشئ عقد الزواج ، فهي طرف الايجاب : طرف إنشاء العقد وإيقاعه ، ليوضِّح بشكل متميِّز حق المرأة في اختيار الزوج ودورها في بناء الحياة الزوجية .
ويمثِّل الزوج طرف القبول ، وصحّة العقد بينهما متوقِّفة على رضاهما وقبولهما معاً ، فلا يصحّ العقد بالإكراه ، كما إنّ لها وله أن يُحدِّدا من الشروط التي يراها كل منهما ويوافقا عليها ، إلاّ ما حرّم حلالاً أو حلّل حراماً .
ولا يستحكم هذا البناء ويدوم إلاّ إذا قام على أسس عادلة تُحفَظ فيها الحقوق والواجبات ، يعزّ كل طرف الآخر ويراعي حرمته ويتعاون معه في سعادة هذه المملكة الصغيرة بحجمها ، الكبيرة بمعانيها ومضامينها .
ولذلك فإنّ الاسلام ضمنَ للمرأة حقوقها ، في مقابل ما تقوم به من دور وتنهض به من مسؤوليات ، قال تعالى :
(ولهُنّ مثل الّذي عليهنّ بِالمَعروف ). ( البقرة / 228 )
ومع كل هذه الشرائط ، راحَ الاسلام مرّة بعد مرّة يؤكِّد على ضرورة رعاية المرأة وحفظ كرامتها ومعاملتها بلطف ومحبّة ورفق ، فيؤكِّد تعالى :
(وعاشِروهنّ بِالمَعروف ... ). ( النساء / 19 )
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : (أوصاني جبرئيل بالمرأة ، حتّى ظننتُ أ نّه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة) () .
واستمراراً لهذا النهج ، فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جعل من نمط سلوك الانسان في بيته ومعاملته لزوجته ، وعموم أهله ، معياراً لشخصية الانسان وميزاناً لمقدار الخير الذي تحمله ، ممّا يدلّ على أنّ الانسان إنّما يُختبر في نفسه ويُمتحن في دينه ويُفاضل في شخصيته ابتداءً في طريقة تعامله مع نسائه وأهل بيته ، ومدى رأفته ورحمته ، ومقدار الخير الذي يوصله إليهنّ وإليهم ، لذا فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكِّد : (خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي) () .
ومن مظاهر الخير أن ينفق الانسان على أهل بيته ممّا أنعم الله عليه ، ويسعى في رفاههم وتحسين أحوالهم ، ورحمته بهم ورعايته لهم ، تديم رحمة الله به ورعايته له ، لذا قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (عيال الرجل أسراؤه ، فمَن أنعم الله عليه بنعمة فليوسع على أسرائه ، فإن لم يفعل أوشك أن تزول النعمة) () .
وما أكبر جريمة الانسان لو أ نّه أهمل رعاية أسرته وتسبّب في أذاهم ، لذا فالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : (ملعون ملعون مَن ضيّع مَن يعول) () .
لأنّ من أكبر النعم على الانسان الزوجة ، وهي تشاركه معاناة الحياة وتعاونه في نيل الأماني وتشاطره الحلو والمرّ من اللحظات ، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غابَ عنها في نفسها وماله) () .
لذا كان المتوقّع من الرجل واللاّزم منه أن يُقابل هذا الجميل بالإحسان ، والنعمة بالشكر ، فقد رُوي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : (ما أظنّ رجلاً يزداد في الإيمان خيراً إلاّ ازداد حبّاً للنساء) () .
فالنساء مظهر للخير وللرحمة ، وموطن للجمال والفتنة ، والانسان مجبول على حبِّ الجمال والميل للخير والأنس بالرحمة . .
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
تأثير عمل المرأة على الأُسرة ونمو الأطفال
احسان الأمين
تهتم معظم الاُمم والشعوب بأطفالها ، وتسعى ـ بشكل عام ـ لتوفير الأجواء الصالحة والظروف المناسبة لإعدادهم ليكونوا بناة الحضارة وقادة المستقبل .
وتتأثّر نشأة الأطفال قبل أي شيء آخر بالظروف البيتية خصوصاً السنين الاُولى من حياتهم ، ولتواجد الاُم في البيت وحسن رعايتها للطفل الأثر الكبير في السلامة النفسية والجسدية له ، ومن هذا الجانب تبرز أهمّية بحث تأثير عمل المرأة ، وبالتالي غيابها لفترة عن البيت على نمو الأطفال ورشدهم الذهني ومستقبلهم الشخصي .
ولذا حظي موضوع أثر عمل المرأة على نمو الأطفال باهتمام الباحثين ، وقد أجرى لويس هافمن (1984م ) بحثاً تابع فيه دراسات 50 عاماً مضت من تاريخه لغرض تشخيص الآثار السلبية لعمل المرأة على الطفل، وقد كان من نتائج هذا البحث ما يلي :
ـ يؤثِّر عدم اهتمام الاُم بطفلها في السنين الاُولى من عمره ، بسبب انشغالها بعملها ، وإيكال رعاية الطفل إلى دور الحضانة ، يؤثِّر سلبياً ـ إلى حدّ ما ـ على الأطفال .
ـ في المقابل فانّ بنات الاُمّهات العاملات أفضل من بنات الاُمّهات غير العاملات على صعيد الثقة بالنفس والنجاح الدراسي ومتابعة الأعمال المختلفة في الوقت الذي يبدو فيه ـ طبق دراسة گلرو آندرس (1990م ) ـ أنّ الأبناء الذكور للأزواج العاملين ـ كليهما يعملان ـ يحظون بثقة بالنفس واطمئنان أقل ـ نسبة إلى أولاد الاُمّهات غير العاملات ـ وكذلك في نموهم الدراسي واختبارات الذكاء .
ـ وكما إنّ الأولاد الذكور يقتدون بآبائهم العاملين ، فإنّ البنات يقتدين في تقدّمهنّ باُمّهاتهنّ العاملات .
ـ ولكنّ الاُمّهات العاملات اللاّتي يقمن بأعمال المنزل وإدارة شؤون الأولاد ولا يحظين بالدعم بالقول أو العمل من أزواجهنّ ، يتعرّضن بسبب تعدّد مشاغلهنّ لضغط نفسي شديد .
ـ ويعود رضا الزوج وفرحه بعمل زوجته إلى مقدار تعاون كليهما في ادارة شؤون العائلة ونظرة كل منهما إلى العمل والحياة الاُسرية ، ففي رأي الرجال التقليديين أنّ عمل المرأة يكلف الاُسرة كثيراً : فهو يقلل أوقات الفراغ ويزيد من متاعب أعمال البيت ، ويؤثِّر سلبياً على النشاط والعلاقات الجنسية بسبب التعب وقلّة الوقت ، لذا فإنّ رضا وسعادة المرأة وزوجها يعتمد بشكل كبير على نظرة كل منهما إلى دور «الجنسية» في تقسيم الأعمال وإلى قدراتهما في برمجة وتنظيم الوقت والعمل ومقدار التعاون بينهما .
ـ ورغم أنّ الاُمّهات العاملات يصرفن وقتاً أقل ـ نسبة إلى غير العاملات ـ في تربية أبنائهنّ ، إلاّ أنّ هذا الوقت من حيث الأداء والفائدة أكثر هدفية وجدية .
ـ ولنوع عمل المرأة الاُم تأثيره المباشر على أولادها ، حيث أنّ الأعمال الشاقة والمتعبة أو ذات الضغط النفسي الشديد تؤثر سلبياً على علاقة الاُم بأبنائها .
ـ ويزداد هذا التأثير في السنتين الأوليتين من حياة الطفل حيث يكون في أمسّ الحاجة لحنان ورعاية والدته ، وقد أكّدت دراسات علماء النفس على أنّ نوع علاقة الطفل بمربيه له تأثير مباشر على نموه العاطفي والاجتماعي .
ـ وتشير الدراسات إلى أنّ الاُمّهات العاملات يشعرن أكثر من غيرهنّ بالرضا والسعادة ، ويتميّزن بعلاقة متكافئة مع أزواجهنّ ، وينعمن بأولاد أكثر احساساً بالمسؤولية .
ـ كما تدل دراسات اُخرى على أنّ أولاد الاُمّهات العاملات ينظرون برؤية أحسن إلى موضوع التمييز الجنسي ودور الرجل والمرأة في المجتمع .
ـ ويستفيد أبناء الطبقات الدنيا ـ من حيث الموارد الاقتصادية ـ أكثر من غيرهم من عمل اُمّهاتهم ، حيث انّهم ينعمون بنمو ذهني وتوفيق دراسي أكثر ، فيما تنعم البنات في الطبقات الأعلى بوضع أفضل من ذكورهم .
وعلى أيّ حال فإن هذه الدراسات تشير إلى آثار إيجابية في حالات معيّنة وسلبية في حالات اُخرى ، تتعلّق بشكل كبير بنوع عمل المرأة والوقت الذي تمضيه خارج البيت ، وبدرجة تمتعها بالاستراحة والتفرغ أثناء الحمل وسنيّ الرضاعة ، والعلاقة بين الزوج والزوجة ودرجة التفاهم والتعاون بينهما .
وإذا علمنا ممّا مضى أنّ العمل بالنسبة إلى كثير من النساء ضروري لتأمين حياتهنّ ، أو للاستفادة من طاقاتهنّ ، أو لتحقيق ذاتهنّ وشعورهنّ بالأمل والرضا ووجودهنّ الحياتي النافع ... وغير ذلك من الأسباب ، وبالتالي فإنّنا نملك في سائر المجتمعات نسبة عالية من النساء العاملات ; كان لا بدّ من تنظيم الأعمال بالنسبة للنساء بشكل يحافظ على إيجابيات اشتغالهنّ ولكن يزيل أو يقلّل السلبيات إلى أقل درجة ممكنة ، خصوصاً فيما يتعلّق بالحفاظ على كيان الاُسرة ـ وبالتالي كيان المجتمع ـ وسلامة الأبناء الذين هم عماد المستقبل لأية اُمّة .
ومن الإجراءات المقترحة على هذا الصعيد ـ إضافة لما مرّ ـ :
ـ بسبب حاجة الطفل القصوى لمحبّة ورعاية الاُم وأهمّيتها الكبيرة في نشأته ، فإنّ الاُمّهات العاملات يجب أن ينعمن على الأقل بسنتين من الاجازة ليتفرّغن بشكل كامل لرعاية الطفل بعد ولادته في البيت ، مع الأخذ بنظر الاعتبار تناسب عدد الأطفال مع عمل المرأة وأوضاع المجتمع ، وتنظيم الأسرة بشكل مناسب لسلامة المرأة ومسؤولياتها .
ـ أن تسعى الاُمّهات ذوات الأطفال الصغار إلى تجنّب العمل بوقت كامل والاستفادة من فرص العمل بنصف الوقت أو بعضه .
ـ أن تتجنّب الاُمّهات ـ قدر الامكان ـ الأعمال الشاقّة والخطرة وذات الضغط النفسي الشديد حتّى لا يؤثر ذلك على دورهنّ العاطفي والتربوي في الاُسرة () .
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
أزمة الزوجية وتهديد مستقبل الأُسرة
احسان الأمين
الف ـ عوامل الأزمة :
اختلفت الاُمم والشعوب منذ القِدَم في أشكال الزواج وشرائطه ، إلاّ أ نّها تكاد تتّفق في أ نّه الوضع السوي الطبيعي لكل من الرجل والمرأة ، فالزواج يختلف عن غيره من صور العلاقة الجنسية ، بأ نّه يتمّ في أوضاع خاصّة وحدود معيّنة ترتضيها شريعة المجتمع وتقرّها تقاليده .()
أمّا العلاقات الجنسية غير المشروعة ، فهي لا تلتزم بأيّة شروط ولا حدود ، وإنّما تتمّ بحسب هوى ورغبة كل جانب ، وبالشكل الذي يرتضونه ، خصوصاً بعد ما سُمِّي بـ «التحرير الجنسي» و «إطلاق الحريات الجنسية» .
ولم تحرم الشرائع الإلهية الانسان من حقِّه في ممارسة الجنس ، ولم تُحدِّد حرِّيته إلاّ عندما تضرّ حرِّيته تلك بنفسه وبالآخرين، والزواج ما هو إلاّ شكل مسؤول ومنضبط ومنظّم من أشكال العلاقة الجنسية، تحفظ من خلاله سلامة الزوجين أوّلاً ، وحقوقهما ، وسلامة وحقوق الأولاد الذين ينتجون من هذه العلاقة ، ليكون انتسابهم محفوظاً ونفقتهم مضمونة وإعدادهم وتربيتهم سليمة، إذ غالباً ما تكون العلاقات غير المشروعة جناية على الأولاد ـ فضلاً عن النفس ـ الّذين يولدون دون جو عائلي يضمّهم ويوفِّر لهم الأمان والاطمئنان .
وقد دلّت الكثير من الدراسات على أنّ الأولاد الذين لا ينشأون في أجواء أسريّة حميمة يكونون أكثر عرضة للعصاب وغيره من الأمراض النفسية ، وأكثر استعداداً للجريمة ، والانحرافات الجنسية .()
ومن أكثر الأزمات التي جاء بها الغرب خطورة ، هي تهديده للحياة الزوجية ، سواء من داخلها بتفريغها من محتواها وزعزعة أمنها واستقرارها ، وبالتالي فقدانها لأهم معطياتها، أو المخاطر الخارجية التي تهدِّد مستقبل الحياة الأسرية، وذلك بالعزوف عن الزواج والميل للحياة الفردية، وفي ذلك تهديد لمستقبل النوع الانساني بقاءً وسلامة، حيث أنّ الزواج هو الأسلوب السليم لإنجاب الأولاد ولاستقرار الانسان روحياً وجسدياً .
ففي أميركا ، «ربع الزيجات تنتهي بالطلاق ، والشيء الرائع أنّ كبش الفداء هذه المرّة ليس الرجل بل المرأة» () .
ويمكن تشخيص أهم أسباب الأزمة الزوجية بما يلي :
أوّلاً ـ العامل السيكولوجي :
وهو ينتج عن التغيّر الذي يطرأ على شخصية المرأة ، عندما تريد أن تلعب دور الرجل ، فتضمر الصفات الأنثوية فيها لتعيش في الجزء الخلفي (المذكّر) من شخصيتها ، ممّا يسبِّب لها آلاماً نفسية . ويتأثّر عقل المرأة حين تتولّى القيام بعمل الرجل بذكوريّتها الخفيّة بطريقة لا تلاحظها على نفسها ، لكن هذا التأثير يكون واضحاً لكل شخص في محيطها ... وهو ما قد يجعلها «تغدو هوىً شيطانياً يثير الرجال ويثير فيهم الاشمئزاز ، وتلحق أكبر الأذى بالمرأة نفسها ، عن طريق خنق السحر والمعنى في أنوثتها تدريجياً وتسوقها إلى المؤخّرة . من الطبيعي أن ينتهي مثل هذا التطوّر إلى انفصال سيكولوجي عميق : باختصار ، إلى عصاب» () .
هذا التحوّل السيكولوجي في شخصيتها نحو «الرجولة» يُسبِّب لها أكثر من مشكلة ، فهو يحول «دون وصول المقاربات إلى شعورها .. قد تصبح باردة جنسياً ، كدفاع في وجه النموذج الجنسي المذكّر الذي يتطابق مع نموذجها العقلي المذكّر» .
وما يجري على المرأة في الغرب ، يجري على الرجل أيضاً ، فـ «الحياة اليومية حولنا تضجّ بالرجال (الذين يشبهون الإناث) ، وبالنساء (اللّواتي يشبهن الرجال) ، فمَن يقوم بالدور الفاعل في هذه الأسرة أو تلك ؟ المرأة ؟ الرجل ؟ مَن هو (القوي) ؟ ومن هو الضعيف ؟ وإذا أصغينا إلى الأصوات دون أن نرى الوجوه ، كم مرّة لا يقول فيها المرء أيّها السيِّد لإمرأة ، وسيِّدتي لرجل ؟ » () .
ولذا فقد حلّت «المثلية» محل الزواج .
و «قد نظنّ للوهلة الاُولى أنّ مثل هذا الرجل وهذه المرأة خليقان بأن يحقِّقا (الزواج الكامل) . في الواقع ليس الأمر هكذا ، على العكس ، سرعان ما يبدأ النزاع بينهما .
إنّ ما تريد أن تفعله المرأة ـ باتجاهها الذكوري ـ بعد أن اكتشفت الثقة بنفسها ، ليس بالأمر الذي يبعث على سرور الرجل ، بينما لا ترتاح المرأة إلى المشاعر ـ الأنثوية ـ التي اكتشفها الرجل في نفسه .
إنّ ما اكتشفه كلاهما في نفسه ليس فضيلة أو شيئاً ذا قيمة جوهرية ، بل هو عيب بالمقارنة ، وقد نشجبه لو كان ثمرة لاختيار أو مزاج شخصي .
ذكورة المرأة وأنوثة الرجل عيبان فيهما ، ومن المؤسف أن تلوّث قيمة شخصيّتهما بشيء قليل الأهمية» () .
من الجدير ذكره أنّ إحدى الدراسات التي اُجريت على خمسة آلاف زوج ، بيّنت بوضوح أنّ الأزواج يرتاحون للصفات الجسمية السلبية المضادّة لأحدهما في الآخر . وأنّ سعادة الأزواج المتضادّين في الصفات أكثر من غيرهم .
حيث وجد أنّ النساء النحيفات يرتحن للرجال البدينين ، فيما ينسجم الرجال النحيفون مع النساء البدينات ـ نسبياً ـ .
فإذا كانت هذه الحالة في الصفات الجسمية الظاهرة ، فإنّها قد تكون أكثر وضوحاً في الصفات النفسية التي يبحث فيها الرجل الصاخب عن واحة هادئة يستفيء بظلالها .
ثانياً ـ تغيّر مفهوم الزوجية :
تتجه المرأة نحو الرجل بدافع الحبّ والبحث عن الاستقرار معه بالزواج ، فإنّ النسوة «لا يشتهين خوض مغامرات جنسية ـ لا يعتقد ذلك إلاّ غبيّ ـ ، بل أن يتزوّجن ...
والزواج في نظر ـ المرأة ـ ليس مؤسّسة أبداً ، بل علاقة حب إنسانية» .
والرجل كذلك يؤمن بالزواج «لأ نّه يحبّ الراحة ـ السكون ـ ويؤمن عاطفياً بالمؤسسات التي تميل دائماً إلى أن تصبح في نظره ، موضوعات يحيطها بمشاعره» .
و «في نظر الرجل العادي ، الحبّ بمعناه الحقيقي يتّفق مع مؤسّسة الزواج» () .
لكن الوضع تغيّر الآن ، مع تغيّرات المجتمع الغربي ، عمّا سبق ، فالمرأة بدأت تفهم الحبّ على أ نّه الجنس ، وبالتالي ، فإنّ عدم الزواج ربّما يوفِّر لها فرصاً «للحبّ» أكثر ممّا لو أطّرت نفسها به .
خصوصاً أنّ حبوب منع الحمل ، والحالة النفسية الكسولة والضاجرة للإنسان الحديث ، وتهرّبه من تحمّل مسؤولية الأولاد ، قد جعلت الأمر ـ العلاقة مع الجنس الآخر ـ أشبه بالنزهة الليلية ، يقضي كلّ وطره مع الآخر ، ثمّ يفترقان دون أعباء ولا تكاليف .
والرجل كذلك ، بدا له الزواج قيداً زائداً ، لا يتناسب مع كثرة مشاغله ، وتعدّد مسؤولياته ، كما إنّ شبح «الزيجات الفاشلة» يلاحقه ، فضلاً عن أ نّه بدأ ينظر للمرأة كجسد ، لا كروح ، كشريك فراش ، لا رفيق درب وحياة ، وبالتالي فإنّ النظرة النفعية القائمة على أساس اللّذّة ، والسائدة في عقول الرجال ، تؤثِّر بدورها على فكرة الرجل عن الزواج ورؤيته لعلاقته مع «المرأة» .. المرأة الجسد لا الانسان .
فـ «الانسان الحديث لا يجد في الزواج غير إشكالية كُبرى» () .
وهذا الفهم السطحي ، هو جزء من نظرة كلِّية حاكمة على حياة الرجل والمرأة ، على السواء ، نظرة إلى الحياة ، ونظرة إلى الانسان ، ونظرة إلى الجنس الآخر .
فإذا كانت الحياة مُتعة ، والإنسان أيامه تنقضي بسرعة وعليه أن يلتذّ بها أكثر ما أمكن ، والانسان الآخر لا يعني للإنسان شيئاً إذا لم تربط بينهما المصالح أو تؤلِّف شملهما المنافع ، وإذا كانت المرأة خُلِقَت «ملهاة للرجل» كما يقول روسو ، فمن الطبيعي بمكان أن يفقد الزواج معناه ، لأنّ فيه تعهّداً والتزاماً ، وأعباء وتكاليف قد تعيق حركة الانسان المنتفع والمندفع نحو اللّذّة .
وقد يجد الانسان في ذلك إرضاءً لغرائزه ، وإشباعاً لحاجاته الجسدية ، وقد يستمتع هنا وهناك، مع ذي وتلك، ليقضي سويعات من الارضاء الجسدي .. لكن القلب سيبقى قلباً متقلِّباً ولا يستقرّ له حال، ولا يشعر بالسكون والاطمئنان إلاّ في ظلِّ الأسرة .
ثالثاً ـ التسيّب الجنسي :
في عام 1953 م ، ظهر كتاب عن السلوك الجنسي عند المرأة ، للدكتور الفرد س . كنيزي ، مدير أبحاث الجنس بجامعة أندرانا ، وممّا جاء فيه :
«68 % ممّن دون الثلاثين أقاموا علاقات جنسية قبل الزواج ، 70 % كانت لهم ـ أحياناً ـ علاقات مع العاهرات ، 40 % من المتزوِّجين عاشوا مغامرات «عاطفية» خارج نطاق الزواج» () .
وأعتقد أنّ هذه الأرقام باتت قديمة ، والمجتمع الغربي بشكل عام والأميركي على الخصوص ، يشهد اليوم قمّة التسيّب الجنسي وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأسرة .
وأبرز حالات التسيّب هو العلاقات الجنسية لكل من الزوجين مع أناس آخرين جنباً إلى جنب حياتهما الزوجية ، وهو يشمل نسبة عالية من الأزواج ، وهو ممّا يجعل من الزواج مجرّد «خدعة» ، أو قناع يستتر خلفه وجه ملبّد بالآثام .
ولسبب أو آخر ، فإنّ المرأة هي التي تتحطّم على قلبها أسطورة «الحبّ المقدّس» ، وتجنّ جنون غيرتها عندما تجد لزوجها شيئاً من العلاقات مع نساء أخريات .
إذ «تشعر المرأة هذه الأيام ألاّ وجود لأمن حقيقي في الزواج ، إذ ما معنى إخلاص زوجها عندما تعلم أنّ مشاعره وأفكاره تجري خلف نساء أخريات ، وأ نّه أجبن من أن يركض وراءهنّ ... ثمّ ما معنى إخلاصها هي عندما تعلم أ نّها لا تلتزمه إلاّ لاستغلال حقّها الشرعي في التملّك ، وتضليل روحها ؟ .. إنّ هذه خطوات تفضي إلى أحطِّ المستويات البشرية ، وتنتهي أخيراً إلى مستوى الهاوية لو تركها المرء تذهب من تميّزه الشخصي» () .
فالزواج ، وقبل كل شيء ، هو عملية اتحاد روحي ، يتزاوج فيه الروحان قبل أن يتلاقح فيه الجسدان ، لأنّ روح الرجل وروح المرأة قد خُلقتا من «نفس واحدة» ، وبالتالي فإنّ الزواج هو بمثابة معراج لهاتين الروحين المضطربتين والمنفصلتين ، ليجتمعا ويكوِّنا نفساً مستقرّة واحدة ، تنعم بالرحمة وتدوم بالمودّة .
(ومِن آياتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِن أنفسِكُم أزواجاً لِتَسكُنوا إليها وجَعلَ بينكُم مَودّةً ورَحمةً إنَّ في ذلِكَ لآيات لِقَوْم يَتَفَكَّرون ). ( الروم / 21)
أمّا عندما يكون الزواج لقاء أجساد خاوية ، تجتمع بليل وتتفرّق في نهار ، فإنّ هذا البناء الهاوي لا يستقرّ على حال ، فهو لم يُشيّد ابتداءً على أساس متين ، بل قام على أساس منافع ومصالح قد تتفق اليوم وتختلف غداً .
لهذه الأسباب وغيرها ، فإنّ مستقبل الزواج وتشكيل الأسرة في الغرب ، وكذا مجتمعات الحداثة التي تسير على نهجه ، مُهدّد بالخطر ، وبالتالي فإنّ تغييراً خطيراً سينال البنية الاجتماعية للعالم ، وبدأت بوادر هذا التغيير في بعض المجتمعات الغربية التي اتجهت إلى العائلة الأحادية الإدارة ، تتكوّن من أبناء وأم ، أو أبناء وأب ، أو «الأسر» المثلية ، نساءً أو رجالاً ، وارتفاع نسبة الذين يعيشون لوحدهم بشكل كبير يصل إلى 60 % من أفراد المجتمع ، الذين يفضِّلون حياة الوحدة على حياة الأسرة ، وهذه بدايات تنذر بتشكّل مجتمعات جديدة بمفاهيم وأخلاق مستحدثة، أو قل بمعايير وأصول اجتماعية مبتدعة .
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
أيهما أولى..أمن الدولة أم أمن الأسرة؟
الاستاذ جاسم المطوع
مما لفت نظري في أكثر الدول أنها تخصص ميزانيات ضخمة جداً للحفاظ على الأمن السياسي في البلد، ولا يختلف اثنان
على أهمية هذا الموضوع لتنعم الدول بالاستقرار، ومن ثم تجني ثمرة الإنتاج والإبداع، وبلمحة سريعة على الأجهزة
الحافظة للأمن نلاحظ توفير جهاز (الجيش، والشرطة، والتحريات، والأمن العام، وأمن الدولة، والأمن الداخلي)
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين أجهزة (أمن الأسرة) في دولنا، والتي تحافظ على رعاية الأسرة والشباب والمسنين
والأحداث والطفولة والمعاقين؟
هل أمن الأسرة من أولوياتنا اليوم؟
إن كل المشاكل التي نشاهدها في مجتمعاتنا هي نتيجة عدم استقرار الأسر وعدم تحمل الوالدين لمسؤوليتهما والضعف
التربوي في البيوت، ولو صرفنا أموالاً وأسسنا مؤسسات لذلك لما احتجنا أن ننشئ أجهزة كثيرة للأمن السياسي في دولنا.
أين أجهزة أمن الأسرة من انتشار العنف في أفلام الكارتون وأفلام الكبار؟ أين أجهزة أمن الأسرة من انتشار الزنا والخمر
والزواج غير الشرعي؟ أين أجهزة أمن الأسرة من غياب الآباء وانشغال الأمهات عن بيوتهم وتربية أبنائهم؟
وأنا أتساءل: أيهما قبل الآخر.. أمن الأسرة، أم أمن المجتمع؟
الكل يتحدث عن التطرف الديني في الخليج، وهم مجموعة من الشباب زعزعوا الأمن، ولكن أليس السؤال الأكبر هو: كم
من أسرة تمارس التطرف الديني واللاديني في بيتها من خلال التربية؟ أين نحن من هؤلاء؟
البعض يلوم الإعلام، وآخرون المدرسة، ولكن أرى اللوم على البيت، والمسؤولية يتحملها الوالدان.(54/187)
لقد كانت قريش قبلة للعرب جميعاً بسبب وجود الكعبة عندهم، وتوفر الأمن لديهم، وهو الأمن السياسي والاجتماعي، قال
تعالى: {وآمنهم من خوف} .
وهناك أمور كثيرة أصبحت تهدد أمن الأسرة حتى يصبح الواحد منا في (سربه غير آمن)، منها الفساد الفضائي، وجهل
الوالدين بمهارات التربية والثقافة الزوجية، وفهم بعض المفاهيم الشرعية فهماً خاطئاً مثل: (القوامة، والنشوز، والتعدد،
والطاعة للزوج، وبر الوالدين، وفتح الإنترنت من غير رقيب أو ضابط). إن هذه الحقائق التي أطرحها لاشك أن لها
حلولا حتى نستطيع أن نحقق أمن الأسرة، وأول هذه الحلول: وجود قناعة لدى المسؤولين والأهل بأهمية هذا الموضوع،
وإعطائه أولوية، ثم تخصيص جزء من ميزانية الدولة لعمل برامج وتأسيس مؤسسات تهتم بأمن الأسرة، ثم تشريع
قوانين مثل فرض عقوبة الإعدام على الخيانة الزوجية، كما نص الله تعالى، وإعطاء الزوجين برنامجا إرشاديا قبل
زواجهما، ومنع الأطفال من العمل، وضبط إيقاع الطلاق عند القضاء، وتقنين موضوع التعدد، وإعطاء الأولوية في سوق
العمل للمتزوجين العاطلين، وغيرها من التشريعات. كل هذه الإجراءات لاشك أنها تحفظ مجتمعنا لو أعطيناها أولوية
واهتمام.
ــــــــــــــــــ
أختبر حرارة الحب في بيتك
عزيزي الزوج عزيزتي الزوجة لا شك في أن كلاً منكما يحب أن يكون محباً وأن يكون محبوباً ، لا ضمن نطاق الحياة الزوجية فقط ، بل علي نطاق الحياة الاجتماعية عامة .
ولكن الحب الزوجي هو حب من نوع خاص ، وله نكهة خاصة ، فهو روح الزواج ومداد حياته التي من دونها تصبح العلاقة الزوجية جافة ناشفة كأوراق الخريف اليابسة .
وقد وضعنا هنا هذا الاختبار الذاتي ليستطلع كل منكما حقيقة مشاعره تجاه شريك حياته ، ولنثير لديه التساؤلات التي يجب أن يسألها لنفسه دوماً ويتحقق من موقفه منها ليعرف هل هو محب حقاً ؟ وهل ما يقوم به من تصرفات وما يتحلي به من مشاعر وسلوكيات هي الحب ؟ أم هي في الواقع شئ قريب من ذلك أم غيره تماماً .
أقرآ هذه الأسئلة أو النقاط ،وضع إشارة (صح) أمام النقاط التي تختارانها ،ويمكن اختيار أكثر من نقطة في الفقرة الواحدة .
1- الحب الزوجي : ( البدايات )
أ-يبتدئ من أيام الخطوبة .
ب-يتحقق تدريجياً بعد الزواج .
ج- تفرضه العلاقة الزوجية .
د- نوع من المجاملة بين الزوجين .
2- الحب الزوجي : ( حقيقته )
أ-هو الحياة الزوجية السعيدة نفسها .
ب-ليس ضرورياً دائماً لحياة زوجية سعيدة .
ج- لا يحقق السعادة الزوجية .
د- قيد علي حرية الزوجين وشخصيتها .
3- الحب الزوجي : ( نموه )
أ-ينمو ويزداد رسوخاً مع مرور الأيام .
ب-ينمو ببطء مع مرور الأيام .
ج- يتناقص باستمرار مع تقدم الزوجين في العمر .
د- عمره قصير كالزهور ،فلا يعيش بعد شهر العسل ن وما يبقي منه هو المجاملة .
4- الحب الزوجي يقتضي :
أ-أن أحب ما تحبه زوجتي / زوجي ، ومن ذلك أهلها / أهله .
ب- أن أكون وزوجتي / زوجي علي اتفاق وتفاهم .
ج- أن ينحاز كل من الزوجين للآخر دائماً دون تفكير .
د- أن لا يخالف أحد الزوجين الآخر في رأي أو تفكير.
5- عندما أعلن الحب علي زوجتي / زوجي :
أ-أدرك أن ذلك اختيار شخصي حر ألتزم به .
ب-أعرف أن ذلك مسؤولية وتضحية .
ج- أري أنه وسيلة لإرضاء الطرف الآخر .
د- أشعر أنه جنون لذيذ .
6- هل يبوح كل منكما بحبه للآخر .
أ-بالقول والعمل دائماً .
ب-بالقول أحياناً .
ج- كنت أقول ذلك في بدايات الزواج أما الآن فلا .
د- لا أقول ذلك أبداً مع أنني أحب زوجي/ زوجتي .
7- عندما يقول لي ( زوجي / زوجتي ) : أحبك كثيراً
أ-أشعر بسعادة غامرة وأقول : وأنا أيضاً .
ب-يسعدني ذلك إلي حد ما .
ج- أقول : ( خلك من هالسوالف ، وقللي إش قصدك ؟) .
د- أقول : ( كبرنا علي ها الحكي ) .
8- عندما تنصرف ( زوجتي / زوجي ) إلي تدليل الأولاد والعناية بهم ورعايتهم واللعب معهم :
أ-أفرح كثيراً ، وكأنني واحد منهم .
ب-أري أن ذلك أمر عادي .
ج- أشعر بالغيرة والانزعاج .
د- أشعر أنني مهمل / مهملة .
9- قدم لك زوجك / زوجتك هدية رمزية في مناسبة ما :
أ – أقابلها بالشكر وفرح حقيقي وقبلة أيضاً .
ب-أخذها دون أن أفتحها وأقول : شكراً .
ج-آخذها وبعد أن أفتحها أقول ( ما كان في لزوم ).
د- آخذها وأفتحها وإن لم تعجبني لا أكترث بها .
10 – عندما اختلف مع زوجتي / زوجي وأشعر إنني أخطأت :
أ – أبادر إلي حل النزاع والاعتذار .
ب – أعترف بخطئي ، ولكنني لا أعتذر .
ج – لا أعتذر لأنني لا أحب أن أبدو ضعيفاً / ضعيفة أمام زوجتي / زوجي.
التقويم والإجابات :
- لكل اختيار للإجابة (أ) – (3) درجات .
- لكل اختيار للإجابة (ب) – درجتان .
- لكل اختيار للإجابة (ج) – (0) لا شئ .
- لكل اختيار للإجابة (د) – (-1) ناقص درجة .
وبذلك يكون مجموع الدرجات الكامل : ( 50 ) درجة .
التقديرات :
عزيزي القارئ عزيزتي القارئة
نترك لكما تقدير مستواكما لمعرفة المدى الذي يمكن فيه اعتبار كل منكما ( محباً حقيقياً ) في نطاق العلاقة الزوجية الطيبة .
1- ونشير هنا إلي أنه: كلما اقتربتما من الدرجة الكاملة (50) كان ذلك أفضل ، وكلما ابتعدتما عنها كان تقديركما اضعف ،وبذلك تحددان أنتما الامتياز والضعف .
2- من المهم أن تراجعا الأفكار السلبية التي تختارانها وتسبب تناقص تقديركما ،وتعيدا النظر فيها .
ــــــــــــــــــ
الحب والطلاق تحت سقف واحد
خولة القزويني
الحب توأم الحياة الزوجية,هو الذي ينعش شريان العلاقة بين الطرفين,فلماذا لانغذيه دائماً بالبسمة,والمعاملة الطيبة,والاقتراب النفسي قبل الجسدي,فيشع العش الزوجي بالدفء والحنان بدلاً من الجفاء تحت سقف واحد؟حينما تذبل العلاقة الزوجية وتخبو من عشها جذوة الحب ندرك أننا أمام مؤشر خطير له تبعات نفسية واجتماعية كثيرة.فالشكوى,والتذمر,والصراخ,والبكاء,والعنف في التعامل مع الناس والاشياء,وإثارة قضايا تافهة وتضخيمها,ثم صعوبة التكيف مع الطرف الآخر,ونوازع غضب ومشاعر قلق تصرخ في الوجدان,كلها معان واضحة لانفصال نفسي بين الزوجين,فثمة غاية جوهرية لرابطة الزوجية المقدسة قائمة على السكن والمودة وذوبان طرفي الزواج في كيان واحد,ليصبحا نفساً واحدة تتألم لآلام الآخر وتفرح لافراحه.ففي مجتمعنا تبرز ظاهرة غير صحية قد يتجاهلها البعض,أو يظنها أمراً لاقيمة له بينما هي في الحقيقة تعكس صورة مشوهة لوضع فطري طبيعي بين الرجل والمرأة.وقد يتساءل البعض:ماالسبب في هذا التداعي المستمر لصرح الرباط المقدس وانحراف الاتجاه الطبيعي الذي خطه الله سبحانه للبشرية(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).نجد أن التصور الفكري الخاطىء للعلاقة الزوجية يدفع كلا الطرفين الى
الانغماس الذاتي المتضخم في مساحة خاصة بعيدة عن الطرف الآخر,فالنظرة المادية والبعد الاجتماعي للزواج جعلا الرجل والمراة يتحركان ضمن هذا المنظور الضيق,فهو يتزوج لأنه يحتاج اجتماعياً الى هذه المؤسسة,وتعلن هي موافقتها كي لا يفوتها قطار الزمن وتسقط الثمرة ذابلة,والمجتمع يشير دوماً باصابع قاسية الى العزاب وكأنهم فئة منبوذة,فيندفع هؤلاء الى الزواج المندفع والاختيار المتهور,دون التروي والتدبر في هذا الأمر.قد لايكون رأي البعض على هذه الشاكلة,لكن هناك فلسفة الاختيار وتحديد الهدف والغاية,ثم الاسلوب الواعي والمتفهم في اختيار شريك الحياة والنظرة الموضوعية لظروف الطرفين.فلم يفكر الرجل كيف يحب المرأة ويسعدها!ولم تفكر المرأة كيف تكسب قلب الزوج وتحتفظ به حبيباً للأبد,يضمهما عش جميل وبيت فاره مؤثث بأفخر الأثاث,لكنه مبني على الحقوق والواجبات المفروضة بواقع الحياة المعيشية,دون أن يحركهما الحب والرغبة في كسب قلب الآخر,فقلباهما متباعدان.متنافران,الوسادتان معرضتان عن بعضهما,نبرة القسوة تفوح من سلوكهما,كأنه مفروض عليها وكأنها عبء عليه,وهذا الاتجاه النفسي غير صحي,إذ ينبغي أن تذوب المشاعر في بعضهما,لتصبح الأمور المعيشية طريقاً
لاستمرارية هذا الحب,لأنه يتم برغبة وعطاء واقبال مفعم بالأمل,حينذاك سيتسامى الزوجان عن المنغصات القليلة,ويستبشران بلقائهما اليومي صباحاً ومساءً!قد لاتوجد هناك حلول ثابتة أو قاطعة,فكل علاقة باردة لها أسبابها,لكن يمكن أن نقول :إنه مازال في الزمن بقية ليدفع الزوجان عن حياتهما شبح الرتابة والملل,لتدب في أوصال علاقتهما المقدسة دماء حارة جديدة فيقطفان ثمار الأمل من جديد تحت اشعاع شمس مشرقة بالنور والتفائل,فلتفكر الزوجة لماذا أصبح همسها صراخاً,ومرحها عبوساً؟فالشجرة اليابسة قد يدب في أغصانها الاخضرار من جديد لو سقيت ماءً وضوءاً وحباً.النفس البشرية قادرة أن تتغير (إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).قلب الإنسان قابل للتشكيل من جديد,حينما ينزع غشاوة الوهم عن البصيرة وتلتقط محاسن الطرف الآخر وصورته المشرقة وملامحه الرائعة في بواكير الزواج,فتحرك شعوراً ضامراً دفيناً مغروساً في الأعماق,تنفض الغبار عن التقاطيع الباهتة ليسطع بريقها مجدداً,ناهيك عن الحوار الهادىء الذي يتوهج حساً وشعوراً,يدفع الطرف الآخر الى تقبل شريكه وتفهم نفسيته.الترنم "بلغة الحنان",تلك اللغة بالغة الأثر في النفس,فهي بلسم الجروح,قد تتفجر من معاملة قاسية أو تصرف جاف,فالمريض يحتاج الى علاج وفيتامينات ليشفى,هكذا الزواج حينما تمرض فيه المشاعر والعواطف,تستطيع تطبيبها بفيتامين الحب والتودد الرقيق ثم التغاضي عن الأخطاء العارضة.لماذا نحصر جل اهتمامنا بالاولاد ونظنهم الثقل الأكبر الذي يحفظ للعلاقة الزوجيو استمراريتها,لابد أن يكون دافع الاستمرارية وغاية تربية الأولاد الحب,وقناعة الطرفين ببعضهما,إيمان كل منهما بالآخر,والاعجاب بمواقفه واحترامه,والتضحية من اجله كأعز حبيب,هذه النزعة المتضخمة عند الزوجين لتناسي حاجتهما الى الاقتراب النفسي لاالجسدي المكاني متعللين بالاولاد,بالرغم من أن توطد حبهما سينعكس على الاولاد,فيزداد التلاحم والتجاذب,فتشع في البيت انفاس هادئة ملؤها التوازن والقوة والعطاء,بينما تنافر الزوجين يعني حياة مضطربة,اجواء قلقة,نفوساً وعذبة,أرواحاً واهنة يمزقها الجفاء والجفاف,فيصبح الزوجان كالمطلقين تحت سقف واحد لاتجمعهما إلا ورقة الزواج القانونية والصيغة الشرعية.المهم هو جوهر العلاقة,الحس النابض بالحياة يتسلل الى عروق الزواج فيثير فيها مشاعر تطهر الطرفين من جراثيم الكره والحقد والنفور,فالحب توأم الحياة,بل اكسير الزواج يحافظ على صحة الزوجين الجسدية
والنفسية ويضفي رغبة طافحة بالعطاء والتجديد,سواء داخل البيت أو خارجه.
ــــــــــــــــــ
الدوافع والنوازع الفطرية في تكوين الأسرة
ويتكامل القانون الاسلامي مع الدوافع والنوازع الفطرية والغريزة والحاجة الفعلية للانسان في مجال تكوين الأسرة ..
فالرسالة الاسلامية قامت بتنظيم الأسرة على أسس قانونية وأخلاقية، وبشكل يتوافق ويتناغم مع الفطرة، ودوافع الغريزة الطبيعية ..
فالاسلام ينظر إلى الجنس والعلاقة الجنسية نظرة إيجابية بنّاءة ويفتح لها المجال الطبيعي للإشباع .. مقدراً أهمية الغريزة الجنسية، والأحاسيس الجنسية في حياة الانسان .. لذا شرع الزواج، ووضع له أسسه القانونية والأخلاقية.
وحثّ عليه واعتبره من الحاجات الأساسية للانسان .. إنّ الأسرة تقوم على أساس نظام الزوجية بين رجل وامرأة محللة .. والزوجية تقوم على أساس (العقد) .. وهكذا فإن أساس بناء الأسرة هو الأساس العقدي .. أي تطابق الإرادات على الاقتران الزوجي بين رجل وامرأة محللة .. وتوافق اختيار الطرفين .. وبالعقد يباح لكل من الرجل والمرأة الاستمتاع بالآخر .. فالعقد يبيح لكل منهما ما كان محرماً من أنواع الاستمتاع، وتترتب على عقد الزوجية آثار قانونية وأخلاقية كثيرة، كالنفقة على الزوجة والتوازن بينهما والبنوة، وحرمة الزواج من بعض أقارب الزوجين .. الخ.
وبعد أن اتّضح لنا مفهوم الزوجية في القرآن .. وأنّ الزواج والاقتران العقدي المقنن بين الرجل والمرأة المحللة هو الطريق في الاسلام لانشاء الأسرة .. ونظراً لأهمية الأسرة في بناء المجتمع فلنستقرئ منهج الاسلام في بناء الأسرة وصيانتها وتنظيمها ..
إنّ بناء الأسرة في الاسلام يبدأ من الحث على الزواج والتشجيع عليه، وتسهيل طرق الاقتران بين الزوج والزوجة، ورفع العقبات التي تحول دون انشاء الزوجية، أو القضايا التي تمنع من سير الحياة الزوجية وفق روح المحبة والاحترام والتعاون بين شركاء الحياة في الأسرة: الزوج وزوجته .. فالاسلام يعتبر رابطة الزوجية رابطةً مقدّسةً، فهي شركة الروح والمشاعر والعواطف والمصير، كما هي شركة الحياة الغريزية والمادية والاجتماعية ..
من هنا كان الاهتمام بها وصيانتها بالغاً .. ولتسهيل إيضاح الفكرة نثبت الخطوات الآتية:
1 ـ الحث على بناء الأسرة.
2 ـ رفع الموانع والعقبات وتسهيل بناء الأسرة.
3 ـ تحديد المواصفات الجيدة للزوج والزوجة.
4 ـ اعتبار رضى الطرفين ركناً أساساً في عقد الزوجية، وانشاء العقد على هذا الأساس.
5 ـ فسح المجال أمام كل من الطرفين أن يضع أي شرط على الطرف الآخر، ما لم يخالف حكماً من أحكام الشريعة، القائمة على الحق والعدل ومصلحة العباد ..
6 ـ توصيف الأسس النفسية والعاطفية،وتثبيت قواعد العلاقة الأخلاقية والروحية بين الزوجين ..
7 ـ دعوة كلٍّ من الزوجين إلى العناية بالمظهر وبالجانب الجمالي والاهتمام بالعلاقة الجنسية بينهما ..
8 ـ تشريع الأحكام والقوانين العادلة لتنظيم الأسرة وبيان الحق والواجب فيها ..
9 ـ دعا الاسلام كلاً من الزوج والزوجة إلى بناء حياتهما وتنظيمها على أساس المنهاج الأخلاقي والقانوني والنفسي المبرمج لبناء الأسرة ..
ليعرف كل منهما حقّه وواجبه، ويتعامل مع الآخر في إطار تلك الأخلاقية والقانونية ..
10 ـ حدّد الاسلام لكل من الزوجين مسؤوليته تجاه الأبناء، وأسلوب التعامل معهم.
11 ـ ولكي يكون القانون والأخلاق الأسرية واقعية، وضع الاسلام الأسس الكفيلة بمعالجة المشاكل الأسرية، وحلّها وفق الخطوات الآتية:
أ) التفاهم والحوار لحل المشكلة.
ب) الصبر على الآخر.
ج) العفو والتسامح.
د) التحكيم والرجوع إلى القضاء.
هـ ) الطلاق.
انطلقت الرسالة الاسلامية في مشروع بناء الأسرة والمجتمع من نظرتها العامة للنوع الانساني ومهمته على هذه الأرض واستمرار وجوده خليفة عليها، ليعمرها بالعلم والعمل والعبادة والحضارة الربّانية، ويحمل الأمانة كاملة .. قال تعالى موضحاً ذلك:
(وإذ قال ربُّك للملائكة إنِّي جاعل في الأرض خليفةً قالوا أتجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدِّماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك قال إنِّي أعلم ما لا تعلمون ) (البقرة/ 30).
(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثمّ توبوا إليه إنّ ربِّي قريب مجيب ) (هود/ 61).
(إنّا عرضنا الأمانة على السّموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنّه كان ظلوماً جهولاً )(الأحزاب/ 72).
(إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكرون ) (النحل/ 90).
والخطاب في هذه الآيات يتحدّث عن الانسان كانسان رجلاً كان أو امرأة فهو خُلق خليفة في هذه الأرض، وكلف بإعمارها، ورضي بحمل الأمانة، وإقامة العدل والإحسان، ونُهي عن البغي والفحشاء والمنكر .. وعلى هذه الأسس تبنى الأسرة والمجتمع والدولة، ولذلك سمى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الحياة الزوجية بناء، ووصفها بأنّها أحب بناء إلى الله سبحانه في هذه الحياة .. جاء ذلك بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وما بني بناء في الاسلام أحبّ إلى الله من التزويج».
ولكي يشيَّد هذا البناء بدأ بالحث على إقامته،والتثقيف على أهميته .. لذا نجد القرآن يحث على الزواج ويأمر به .. (وخلق منها زوجها ليسكن إليها ) وتتضح أهمية الزواج من تفسير الحديث النبوي الشريف بأن نصف سلوك الانسان تقف خلفه دوافع الجنس .. جاء ذلك في قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «مَن تزوج فقد أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر».
«مَن أحبّ أن يتبع سنتي فإن من سنتي التزويج».
بل ويصف حياة العزوبة بأنها رذيلة، ليكرهها للانسان، ويكوِّن رؤية سلبية تجاهها.
نقرأ ذلك في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «رذّال موتاكم العزاب»، لما في العزوبة من مساوئ، وآثار سلوكية سلبية، وخروج على قانون الفطرة التي فطر الله الناس عليها ..
إنّ الميل للزواج والإقبال عليه،والاقتران بزوج، هو مسألة غريزية، ودافعها غريزي .. إلا أنّ الحالة الانحرافية تدفع الكثير من الرجال والنساء بصورة عامة، إلى اللجوء للعلاقات الجنسية المحرمة (الزنا) أو (اللواط) .. الخ، بدلاً من الزواج .. لذا قام الاسلام بعملية التوعية والحث على الزواج، ودعا لتسهيل مسلتزماته .. فهو يعتبره أحب بناء في الحياة إلى الخالق العظيم .. وتارة أخرى يعتبره صيانة للاستقامة السلوكية، وثالثة يعتبره سكناً وطمأنينة واستقراراً .. كما يصف حياة العزوبة بأنّها حياة رذيلة، والفضيلة في التخلص منها بالزواج ..
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
12نصيحة لتحافظي على التوازن خلال العيد
يمكن أن يؤثر الإجهاد والكآبة على مشاعرك هذا العيد. بالنسبة لبعض الناس، تجلب الأعياد ضيوف غير مرغوب فيهم – وإجهاد، وكآبة، وكوارث مالية. فبالإضافة إلى الإعداد للعيد، يأتي العمل، والحفلات، والتسوق، وخبز الكعك، وتنظيف المنزل، والاهتمام بالأطفال، وكبار السن، ومائة واجب أخر يجب إتمامه قبل العيد.
في الحقيقة، مع بعض النصائح العملية، يمكنك أن تقللي الإجهاد والكآبة اللذان يرافقا الأعياد في أغلب الأحيان وتستمتعي بعطلة مريحة وممتعة.
حددي النقاط التي تسبب لك الإزعاج:
غالباً ما يأتي الشعور بالإجهاد والكآبة نتيجة 3 نقاط رئيسية. وتحديدها يمكن أن يقلل من مواجهتك لها.
العلاقات الاجتماعية:
يمكن أن تسبب العلاقات الاجتماعية اضطرابات أو نزاعات في أي وقت. ولكن يتصاعد التوتر في أغلب الأحيان أثناء العطل. ويمكن أن تشتد مشاكل سوء التفاهم والنزاعات العائلية- خصوصاً إذا كنتم ستمضون العيد سوية لعدة أيام. وحتماً ستبرز النزاعات مع زيادة الاحتياجات. من ناحية أخرى، إذا كنت ستمضي العيد دون شريك، فعلى الأغلب ستجد نفسك وحيداً و حزيناً.
المال:
مثل العلاقات، يمكن أن تسبب حالتك المالية الإجهاد في أي وقت خلال السنة. إلا أن الإسراف أثناء العطل على الهدايا، والسفر، والطعام، والترفيه يمكن أن يزيد من الإجهاد.
المتطلبات الجسدية:
يسبب التسوق، والتحضير للاحتفالات، وطعام العيد المزيد من الإجهاد. أن الشعور بالتعب والإرهاق يمكن أن يزيد من نسبة الإجهاد.
واليك 12 نصيحة للحفاظ على توازنك والاستمتاع بالعيد:
1. الإقرار بالمشاعر:
إذا فقدت شخص قريب مؤخراً أو لم تكن مع عائلتك، اعلم بأن إحساسك بالحزن أمر طبيعي. ولا بأس من البكاء أو التعبير عن مشاعر الحزن. ليس من الضروري أن تشعر بالفرح خلال هذا العيد، ولكن تذكر بأن الوقت يخفف الألم وبأن هناك متسعاً للأمل والتفاؤل.
2.اطلب المساعدة:
إذا شعرت بأنك وحيد وحزين هذا العيد، أذهب إلى عائلتك وأصدقائك، أو توجه إلى المكان الذي تجتمع فيه جاليتك، أو احضر مراسم العيد الدينية أو تطوع في مراكز الخير، أن مساعدة الآخرين سترفع معنوياتك وتوسع دائرة علاقاتك الاجتماعية.
3. كن موجوداً:
بينما تتغير العائلات والعادات والتقاليد، تمسك ببعض التقاليد العائلية، أتصل بأهلك وتواصل معهم، أرسل لهم بطاقات المعايدة وصور أو فيديو عن تحضيراتك للعيد كن معهم ودعهم يشعرون بك.
4. ضع الخلافات جانباً:
حاول تقبل أفراد العائلة والأصدقاء كما هم ولا تتوقع أن يتغيروا خلال العام. تغاضى عن هفواتهم، وضع الخلافات جانباً واستمتع بالعيد، فقد تزول الخلافات بطريقة سحرية.
5. تمسك بميزانية محددة للتسوق:
لا تضغط على نفسك هذا العيد، حدد ميزانية لكل شيء، ولا تحاول أن تزيف الحقائق، إذا كنت غير قادراً على شراء الهدايا الثمينة، اقتصد واشتري ما تستطيع تحمله، يمكنك أن تخطط مسبقاً إذا أردت ولن تشعر بالضغط عندها.مثلاً اشتري صناديق صغيرة واكتب أسماء الأشخاص الذين ستشتري لهم الهدايا في موسم الأعياد وقم بوضع النقود في الصناديق خلال العام، وهكذا تكون قد وفرت ثمن الهدايا دون أن تشعر ودون أن تضغط على نفسك.
6. خطط للمستقبل:
تسوق قبل أزمة العيد، حضر الكعك، أو اطلب من المخبز المختص أن يحضر لك كمية الكعك التي تحتاجها. احجز تذاكر السفر مسبقاً وحضر حقائبك لا تدع الوقت يسرقك.
7. تعلم قول لا استطيع:
لا تدع الآخرين يحملونك فوق طاقتك، قل لا استطيع إذا طلب أحدهم منك البقاء في العمل لانجاز بعض الإعمال الإضافية.
8. لا تتخلى عن العادات الصحية:
تناول كميات قليلة من الطعام خلال فترة الأعياد، ولا تحول العيد على مظاهرة لتناول الطعام الدسم، والإفراط في شرب الكحول، والتخلي عن النوم. حافظ على نظامك وستتجنب الوقوع في شرك التخمة، والأرق والشعور بالذنب عند انتهاء العيد.
9. خذ وقتاً مستقطعاً:
في خضم هذه الاستعدادات المرهقة والمتعبة، ضع شخص أخر بديلا ً لك، وخذ حماماً منعشاً لمدة 15 دقيقة، أو تنزه لوحدك في السيارة أو استلقي على السرير، قد يبدو هذا الوقت قليلاً ولكن 15 دقيقة كل 3 ساعات ستعيد لك النشاط والمرح.
10. حدد قراراتك:
ضع قرارات بسيطة وأهداف يمكن تحقيقها للعام المقبل، لا ترهق نفسك بالأهداف الصعبة التي ستجعلك تشعر بالإحباط مع حلول العيد المقبل.
11. أنسى الوصول إلى الكمال:
قد توهمك بعض الأفلام والمسلسلات بالنهايات السعيدة والأعياد الكاملةـ ولكن كن واقعياً، وتوقع أن يحترق الكعك، ويضيع بعض الضيوف، وتنقطع الكهرباء، كل هذا محتمل ولكن إذا كن مستعداً فستضحك عند حدوث هذه المشاكل الطارئة ولن تشعر بالقلق لأنك ستكون قد حضرت بدائل أخرى لتفادي الإحراج.
12. اطلب مساعدة الخبراء:
إذا كنت لا تزال تشعر بالسوء والإحباط، استشر طبيبك النفسي، فقد يصف لك مهدئاً للأعصاب.
وأخيرا تذكر بأن الطريقة المثلى لتفادي التوتر والإجهاد والكآبة خلال الأعياد هي معرفة أنها محتملة الحدوث وهكذا سيقل شعورك بالمفاجأة بها وقد تتمتع فعلاً هذا العام بعيد مليء بالتوتر ولكن بالاستعدادات الكاملة لمواجهتها.
ــــــــــــــــــ
الأسرة في الرؤية الاسلامية(54/188)
روي عن الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «ما بني بناء في الاسلام أحبّ إلى الله من التزويج».
من أبرز الظواهر الاجتماعية: ظاهرة الزواج، وظاهرة الأسرة .. ـ وفق المفهوم القرآني ـ إنّ الزوجية والأسرة هما العنصران الأساسان في بناء المجتمع ..
وفي هذا البحث نريد أن نُعرِّف ـ وبشكل موجز ـ بنظام الأسرة، وأسس بنائها، والروابط القائمة فيها .. فإن صلاح الأسرة هو صلاح الفرد والمجتمع والدولة .. وفسادها فساد للفرد والمجتمع والدولة .. فقد دلّت الدراسات والأبحاث العلمية التي أجراها المختصون في علم النفس والاجتماع والطب والإجرام والقضاء والاقتصاد والتربية أن للأسرة الدور الكبير في بناء شخصية الفرد الناشئ في محيطها، وأثر ذلك على سلوكه الاجتماعي والأمني والسياسي والأخلاقي والاقتصادي، ووضعه النفسي ..
ومن ثمة نستطيع القول أنّ الأسرة الصالحة تنشئ فرداً صالحاً، ومجتمعاً صالحاً، ودولة صالحة ..
والأسرة المنحطة المنحلة، لا تجلب على المجتمع والفرد الناشئ في أحضانها، وعلى الدولة، إلاّ الجرائم والأزمات النفسية والأمنية، والتبعات الاقتصادية، والتشرد، والسلوكية المرضية .. وواضح أن صلاح الأسرة هو بصلاح أفرادها أولاً .. وهم في الدرجة الأولى الزوج والزوجة .. وصلاح النظام والقانون والقيم التي تنظم حياة الأسرة ثانياً ..
تحدّث القرآن عن أسس بناء الأسرة «الدوافع وقانون التنظيم» وثبت أحوالها، كما قامت الأبحاث والدراسات التي أجراها علماء الاجتماع والنفس والانثروبولوجيا والقانون بدراسة الأسرة دراسة علمية ميدانية، فاستطاعت أن تكتشف الكثير من أسس البناء الأسري السليم .. إنّ الفكر الاسلامي، وتتطابق معه الدراسات الميدانية، يؤكِّد أنّ الأسرة تقوم على أسس ودوافع وروابط تنظيمية عديدة تتفاعل فيما بينها فتنتج البناء الأسري والحياة الأسرية ..
إنّ التحليل العلمي الذي عرضه الاسلام، وتتطابق معه العديد من الدراسات، تؤكِّد أنّ هناك دوافع واستجابات عديدة تدفع الانسان إلى تكوين الأسرة هي:
أ) الغريزة الجنسية.
ب) غريزة حبّ الاجتماع.
ج) غريزة الأمومة والإنجاب.
د) الرابطة النفسية بالجنس الآخر، رابطة الحب والشعور بالحاجة النفسية للجنس الآخر.
هـ ) الرابطة الاقتصادية.
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
مفهوم الزوجية في عالم الطبيعة والمادة
القرآن يزيدنا وعياً وإدراكاً لمفهوم الزوجية .. إنّه يحدثنا أنّ العالم الطبيعي والحياتي بأسره قائم على نظام الزوجية .. وما نظام الزوجية الانساني المتمثل في العلاقة بين الرجل والمرأة إلاّ أحد مصايق هذا النظام الكوني العام .. وبذا يعطي مفهوم الزوجية الانساني بُعداً واقعياً آخر، قال تعالى: (ومِن كلِّ شيء خَلَقنا زوجين لعلّكم تذكَّرون )(الذاريات/ 49).
(وهو الّذي مَدَّ الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومِن كلِّ الثمرات جعل فيها زوجين إثنين يُغشي اللَّيل النَّهَار إنَّ في ذلك لآيات لقوم يتفكَّرون ) (الرعد/ 3).
(فاطرُ السَّموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤُكُم فيه ليس كمثله شيءٌ وهو السَّميع البصير )
(الشورى/ 11).
(وانّه خلق الزوجين الذَّكَر والأُنثى ) (النجم/ 45).
(واللهُ خلقكم من تُراب ثمّ من نطفة ثمّ جعلكم أزواجاً وما تحمل من أُنثى ولا تضع إلاّ بعلمه وما يُعَمَّرُ من مُعَمَّر ولا يُنقصُ من عمره إلاّ في كتاب إنّ ذلك على الله يسير ) (فاطر/ 11).
وتأتي الدراسات والأبحاث العلمية في عالم الطبيعة والنبات والحيوان فتكشف لنا عن قانون الزوجية .. في تركيب الذرّة .. في السالب والموجب .. في النبات .. في الحيوان .. في الإنسان .. في الأضداد والمتماثلات كلّها .. الخ.
وباعتبار اللغة الأداة الدالة على المعنى في الخطاب فلنراجع أحد المصادر اللغوية المعتمدة في تفسير القرآن، قال الراغب الاصفهاني: «زوج: يقال لكل واحد من قرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينى فيها وفي غيرها زوج، كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاد زوج. قال تعالى: (وجعل منه الزوجين الذَّكَر والأنثى )، قال: «وزوجك الجنة» وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات».
وهكذا يتضح لنا مفهوم الزوجية، فهو نظام تكاملي في المجالات المادية الطبيعية والحياتية، والتكوين النفسي الذي يحمله الانسان .. وإذاً فهناك فرق بين مفهوم الزوجية، ومفهوم الإشباع الجنسي، والإباحية ..
إنّ الزوجية هي الطريق الطبيعي للإشباع الجنسي والتكاثر الحيواني .. ومن خلال التفسير اللغوي لمعنى الزوجية يتضح لنا أنّ القرآن يسمي الرجل زوجاً، والمرأة زوجاً; لأنهما فردان متقارنان، ومتماثلان في الإنسانية، ومتكاملان في الوظيفة والأداء عندما يقترنان معاً .. فأداؤهما الحياتي زوجي، وليس فردياً .. ويشعر كل زوج بالحاجة النفسية والبايولوجية للآخر، ويشعر بالنقص الانفرادي، عندما يفقد الاقتران الزوجي .. لذا تمتلئ نفس كل منهما شوقاً وحباً للآخر، وبحثاً عن الاقتران الارادي والواعي، بل واللاشعوري في بعض دوافعه مع الزوج الآخر ..
لذا يأتي تنظيم الشريعة للزوجية على أنّها حقيقة تكوينية في فردية المرأة، وفي فردية الرجل .. فقد خلق كل منهما ليكون زوجاً للآخر .. لذا كان الشذوذ الجنسي (الجنسية المثلية) حالة مرضية شاذة عن قانون الطبيعة .. ومثلها الزنى والإباحية الجنسية لأنهما هدم لقانون الزوجية .. ويوضح القرآن هذه الحقيقة في حديثه عن حالة الشذوذ الجنسي الذي اعترى قوم لوط .. وهو من أمراض الجاهلية
البغيضة والظاهرات الانحرافية في المجتمع الجاهلي .. لذا نشاهدها بأوسع وأبشع صورها في الحضارة المادية الحديثة .. نرى الجاهلية الحديثة تتبناها كسلوك اجتماعي مقنن، ومُقر من الناحية القانونية، وكبديل للحياة الزوجية بين الذكر والأنثى، كما في بعض بلدان أوربا والأمريكتين، وبلدان أخرى .. إنّ القرآن يكشف عن هذا الانحراف بقوله: (إنّكم لتأتون الرِّجال شهوةً مِن دون النِّساء بل أنتم قوم مُسرفون ) (الأعراف/ 81).
وكما سمّى القرآن هؤلاء المنحرفين بالمسرفين فإنّه يسمي ظاهرة الشذوذ الجنسي والشاذين بالمفسدين أيضاً على لسان لوط بقوله: (قال ربِّ انصُرني على القوم المفسدين ) (العنكبوت/ 30).
وتتطابق نظريات علم النفس والطب والاجتماع والدراسات الإحصائية للأمراض الجنسية الفتاكة والتمزق الأسري، لا سيما مرض الايدز .. تتطابق مع تشخيص القرآن بأن ممارسة الشذوذ الجنسي اعتداء على قانون الطبيعة، وجهل وإسراف شهواني منحرف وإفساد للحياة الانسانية .. وهكذا يخلص التحليل القرآني لهذه الظاهرة بأنها جهل وإسراف وعدوان، وفساد في الأرض بما تجلبه على البشرية من وبال وكوارث .. يُذكر أن آخر إحصاءات الأمم المتحدة تفيد أن خمسة وعشرين مليون انسان قد لقوا حتفهم بسبب مرض الايدز الذي يتسبب بشكل أساسي عن الإباحية الجنسية، وأن سبعة وستين مليوناً سيلقون حتفهم خلال العقدين القادمين.
وكما يحارب القرآن ظاهرة الزنا والإباحية الجنسية، فإنّه يحارب ظاهرة الانحراف الجنسي، كاللواط والمساحقة، ويعاقب عليها، حفظاً للوجود البشري، وسلامة المجتمع، وسعادة الانسان.
بلاغ كوم
ــــــــــــــــــ
كيفية التعامل مع الزوج المسجون
الشيخ حسان عبد الله
بالنسبة الى المسجونين أمرهم سهل وليس هناك أي أزمة في التعامل مع هذه القضية الى النهاية والوصول الى موضوع الطلاق لو أصرت الزوجة عليه,طبعاً لا بد من التمييز بين الجرائم الكبيرة والجنح الصغيرة وبين وجود أولاد وعدم وجودهم فهذه حالات أربع سأحدد باختصار كيفية التعامل معها:
1- الزوج مرتكب لجنحة صغيرة ولديه أولاد من زوجته فإننا في هذه الحالة نعمل جاهدين على إقناع الزوجة بالصبر والتحمل وتجاوز هذا الخطأ من زوجها حماية للإسرة مع طلب تغيير مكان السكن إبعاداً للسمعة السيئة عن العائلة وفتح صفحة جديدة.
2- الزوج مرتكب لجريمة كبيرة وسيسجن لفترة طويلة ولديه أولاد فإذا كانت الزوجة مصرة في هذه الحالة على الطلاق ولا تريد تحمل وزر جريمة زوجها الشنيعة,فإننا لانضغط عليها في هذه الحالة خاصة إذا ما كانت شابة في ريعان شبابها ونساعدها في محاولة الحصول على الطلاق.
3- الزوج مرتكب لجنحة ولا أولاد لديهما أو كانت المسألة مجرد عقد شرعي وحصلت الجريمة قبل الزفاف اليه فهنا ندرس الظروف الموضوعية مع الزوجة,وأنها هل تتحمل أن تعفو عنه وتصفح مقابل وعد منه بالتغير؟ وإذا ما أصرت فلا ضير بمساعدتها في الحصول على الطلاق.
4- الزوج مرتكب لجريمة كبيرة ولا أولاد لديهما أو كان الأمر مجرد عقد شرعي ولا دخول فإننا في هذه الحالة ننصحها بالحصول على الطلاق إذ لا مجال في هذه الحالة لانتظاره هذه الفترة الطويلة من الزمن إذا لم يكن إلزامها بذلك نوعاً من الظلم.
ــــــــــــــــــ
ما علاقة الحب براتبك الشهري؟
كلاوديا انكلمان
الحب,ليس مصدراً للقوة فحسب,فهو يمهد الطريق أيضاً للوصول الى أهدافك المهنية بشكل أكثر سرعة وفعالية,وهذا يؤدي بدوره لنمو رصيد حسابك المصرفي بشكل أسرع!
إنه لنجاح باهر أن يستمر سر حياتك في تشجعيك,وتقبل المهام الملقاة على عاتقك,والمساهمة في إنجاز تلك المهام الملقاة على عاتقك,والمساهمة في إنجاز تلك المهام ودعمها قرر مستطاعه.هذا لا يسري لطرف واحد فقط,وإنما لكلا الطرفين معاً!
تصور نفسك,وأنت تمضي بمفردك الى حفل ما.هل ستستمتع بذلك؟هل سيعجبك ذلك؟ بالتأكيد لا,فلن يكون بمقدورك حينذاك على الإطلاق ,التفاعل بتلك اللياقة التي تتفاعل بها,وأنت مع من تحب.
نصيحة للنجاح:
* ليس من ثمة شيء أجل أو أكثر إثارة من حياة ثنائية مشتركة يحياها شخصان,يعشقان بعضهما,ويثقان ببعضهما.إنها لحياة رائعة ينطلق فيها الاثنان بمنتهى البهجة والسرور نحو المستقبل!
* ستكون حياتك الزوجية,يوماً بعد يوم,أكثر قيمة وأكثر إثارة,حينما تبدي أنت وزوجك استعداكما لدعم بعضكما بعضاً,والاستمتاع بصبر وأناة لبعضكما.
أثبتت الدراسات أن المتزوجين عموماً أكثر سعادة من غير المتزوجين.
ويتمتع المتزوجون عموماً بشخصيات أقوى من شخصيات غير,فضلاً عن كونهم أكثر تفاؤلاً وأكثر نجاحاً من غير المتزوجين.
الزواج ليس سجناً,أو معسكر اعتقال.إنه مجرد حيلة لطيفة,وذكية لصهر الناس في فرق ومجموعات متآلفة فيما بينها,ومحبة لبعضها البعض.لقد استطاع الإنسان عبر الآف السنين,من خلال ذلك الاتحاد بين المرأة والرجل,الاستمرار في البقاء,ولولا ذلك لكان مصيره الانقراض كما كان الكثير مما لا يحصى من أنواع الحيوانات والكائنات الأخرى التي زالت وانقرضت عبر الزمن.
إن العلاقة المستقرة تولد القوة,وتسهم في إزالة الإرهاق.هذه العلاقة الزوجية العاطفية تعمل على بعث روح القوة والجرأة والطمأنينة لمواجهة مصاعب الحياة بكل حزم وثبات.
مزايا العلاقات السعيدة
الأزواج السعيدون :
أكثر رضاً وثقةً بأنفسهم.
أقل هماً وغماً.
أكثر صحة وأطول عمراً.
أكثر تمتعاً بحياتهم.
لديهم مزيداً من الوقت ومزيداً من السكينة الداخلية.
أكثر استرخاءً وأقل توتراً.
حياتهم الجنسية أكثر لذة وسعادة.
ينامون أطول وبشكل أمثل.
أكثر إبداعاً.
أكثر تنظيماً واشد وفاءً وإخلاصاً.
يتعاملون مع المشاكل والنزاعات بشكل أكثر حكمة ولباقة.
أشد تركيزاً وأكثر كفاءة في مجالات أعمالهم المختلفة.
إرتقاءاتهم أكثر وأسرع.
أوقات إجازاتهم أكثر وأطول.
قادرون على إزالة بواعث الإرهاق بشكل أسرع.
يصلون عموماً لمناصب أعلى في مجالات المهنة والعمل.
ميسورون أكثر.
يضحكون أكثر.
لن أتطرق,في هذا السياق,للمخاطر والنقائص الكثيرة جداً الكامنة في حياة العزوبية.حيث يكفي القول هنا أن المزايا التي تحملها معها العلاقات الزوجية السعيدة تكفي تماماً لأن تغطي تلك العيوب والنقائص وتزيلها.العزاب يعانون أكثر بكثير,وذلك على الرغم من كونهم يتوقون دوماً لحياة الحب والشغف والهوي.
نصيحة للنجاح :
إنه شعور رائع فعلاً أن تعرف أن شريك حياتك يدعمك ويؤازك ويواسيك باستمراركلما دعت الضرورة لذلك.سينعكس ذلك إيجابياً على عملك,وعلى نجاحك,وعلى تفكيرك عموماً!
ــــــــــــــــــ
هل تملكين فن الحوار وإدارته ؟
قبل أن تلومي زوجك على الصمت القائم بينكما ، اسألي نفسك أولاً، هل تملكين فن الحوار وإدارته .
عزيزتي .. خبراء الاستشارات الزوجية يؤكدون أن غالبية حالات الخرس الزوجي في المنازل بسبب عدم انتقاء الزوجة للوقت والكلامات المناسبة للحوار ، والنتيجة الطبيعية لذلك انتهاء أي حوار بمعركة كلامية بين الزوجين ، ومن ثم اضراب الزوج عن الحديث داخل المنزل إلا للضرورة وتجنبه فتح أية مواضيع مع زوجته .
لذا أساتذة الطب النفسي وعلماء الاجتماع يشددون في معظم أبحاثهم، على ضرورة أن تكون طبيعة الحوار بين الزوجين بعد الزواج أكثر إيجابية، عما كانت عليه أيام الخطبة، حتى تستمر الحياة من دون ملل، فالحوار هو الجسر الذي تنتقل عبره الكلمات الحلوة والمعاتبات، ومعها الاستشارات والملاحظات.
وإن كان الأغلبية من المتزوجين يتغير حوارهم إلى الأسوأ بعد الزواج!، بحجة انشغالهم وخفوت وهج الحب بينهم، والاعتقاد بأن الأفعال تغني عن الأقوال، إضافة إلى شيء مهم لا يدركه المتزوجون، وهو وصول الحب بينهم إلى درجة الإحساس بالملكية، وضمان الاستحواذ الكامل على شريك الحياة!، وهم في ذلك ينسون أن الحب شجرة ترتوي بالحوار والكلام الجميل وتبادل الآراء، وتنمو بالمشاركة الوجدانية الصادقة، يدعمها الأخذ والعطاء.
اجذبيه بالحنان
وضع جموعة من أطباء النفس المتخصصين لغة تفاهم تساعدك على جذب زواجك، ظاهرها مفردات قصيرة، ناعمة، وباطنها حنان وحب ورغبة في الوصال، قولي له على سبيل المثال :
> تذكر: سوف ننتظرك أنا والأبناء على الغداء حتى الساعة الرابعة.
> لا تنس، سوف نشاهد الفيلم الأجنبي معاً على القناة الثانية.
> أبناؤنا يكبرون، هل لاحظت كيف طالت قامة أحمد، وكم زاد وزن علي؟!
> غداً سأعد لكم «البتزا» التي تحبونها، لا تتأخر!
> ضع في جدولك أننا سنزور أختك هذا الأسبوع، وتذكر أن والدتك قد اتصلت بك بالأمس، وعليك زيارتها.
> سأنتظرك، وانظر في ساعتي، وسوف أرتدي الثوب الأخضر من أجلك.
أولادنا، بيتنا، غرفتنا، مفتاح شقتنا، ويقول هو: ما أجمل كاف الخطاب التي تخصّينني بها في كلماتك، وما أروع الجمل التي ترددين فيها ـ نا الفاعلين ـ و ـ نحن ـ فهي تشعرني بجو الأسرة.
> جميل منك وممتع أن توقظني بكلمة حب تناديني بها.
> ما زلت أتذكر كلماتك الحلوة «حبة القلب، حبة العين»! هل نسيتها؟
> أقرأ كتاباً جميلاً سأنتهي منه، وأعطيه لك!
> لا تنس الساعات التي وعدت بها أبناءك يوم نجاحهم.
لغة مرفوضة
خبراء الحياة الزوجية يحذرون من لغة التباعد ، لأنها تبني جسوراً بينك وبين التواصل مع زوجك ، فإياك والقول له :
> صديق لك اتصل بك مرتين، وعفواً لا أتذكر اسمه!
> سوف نذهب إلى النادي أنا والأبناء عند الخامسة، فهل تأتي معنا؟
> عمل، سهر، تعبان، أشعر بالزهق، غير قادر، لا استطيع!، كلمات لا أحب سماعها.
> ألم أخبرك؟ لقد التقيت صديقتي أمس، واتفقت معها على النزول لشراء كذا وكذا، لا تنس اترك لي المال.
> عفواً! مشاكل عملك تخصك وحدك، فلا تشغلني بها أرجوك.
> أعجبني طقم ذهبي بأحد المحلات، ليتك تراه، اترك لي نقوداً لشرائه!.
> لا تضعني في حسبانك عند الذهاب إلى أحد أقاربك، فأنا لا أطيق الجلوس بينهم ساعات طويلة!
> لا أفضل هذا النوع من الحلويات، لا تشتره مرة ثانية، أو كله وحدك.
> أصبحت أضيق بكثرة مكالمات أصدقائك وأقاربك، لن أرد عليهم بعد ذلك!
> أختك قالت لي (...)، وأمك تنظر إليّ، من أين أتت ابنة خالتك بكل هذا المال الذي تنفقه على أبنائها؟
اختلاف الطبيعة
نظراً لاختلاف الميول بين الرجل والمرأة ، كشفت الأبحاث والدراسات أن الموضوعات التي يحب الرجل الحديث عنها مختلفة عما تحب المرأة الكلام فيها، حيث نجد أن 60% من الرجال يتحدثون عن الرياضة والسياسة والقضايا الثقافية، بينما 18% فقط من المشاركين يتحدثون عن أنفسهم وحياتهم الخاصة. أما النساء، فـ41% يفضلن الحديث عن المشاعر والعلاقات الإنسانية.
وعن لغة المرأة ولغة الرجل في الحديث والحكي، أجرى باحث اجتماعي في جامعة «تريستيه» الإيطالية، بحثا أثبت فيه - حسب ما ورد بمجلة " سيدتي " - أن اللغة مختلفة بين الرجل والمرأة، وربما كان هذا سبباً رئيساً للتباعد بينهما، فالمرأة بطبيعتها العاطفية تفضل استرجاع المواقف الرومانسية الحالمة، وتحب الحديث عنها مع الرجل ـ الزوج ـ الذي تحبه!. عكس الزوج، الذي يجد صعوبة في تذكر التفاصيل التي تشكل الصورة في حياة المرأة، مثل شكل الأثاث، ألوان المفروشات، نوع الزهور الذي كان يزين المائدة في ذلك اللقاء.
نصائح للزوجة الذكية
يؤكد الدكتور فكرى عبد العزيز، استشاري الطب النفسي، أن الزوجة الذكية هي التي تستطيع أن تفتح مجالات متعددة للحوار مع زوجها من خلال:
< التحاور في كل شيء مهما كان صغيراً، مما يزيد من التقارب والحب.
< المحاورة في كل ما يخص الزوج، وكل ما يخص حياة الزوجة.
< أن تعلن الزوجة بذكاء عن الراحة والرضا والشعور بالأمان، بعد انتهائها من الحديث والفضفضة مع زوجها.
< ممارسة هواية واحدة مشتركة أحد الدوافع لأن يكون هناك حوار مشترك بينكما، ولتكن القراءة أو متابعة أفلام نجم ما.
< السفر معاً في نزهة داخل البلد أو خارجه، ولو مرة كل 15 يوما.
< استثمار مشاكل الأبناء في الصبا وبراءة الطفولة، ومرحلة المراهقة، خير حقل لجذب الزوج الأب إلى الحوار.
< على الزوجة انتقاء الكلمات الرقيقة الجميلة والموضوعات الإنسانية كبداية لفتح مجال للحديث وجذب الزوج، بعدها رصي ما تشائين له من حكايات.
< الإصرار على الاجتماع وتناول الوجبات معاً بصحبة الأبناء، فهي فرصة للحوار وتبادل الآراء.
من أجل حوار أفضل
وحتى يكون منطلق الكلام من قلب محب متفهم، يمتلئ بالعواطف والثقة في الشريك، يضع الدكتور محمود عبد الرحمن، الباحث بالمركز القومي للبحوث مجموعة من الأسس:
> أن يكون هدف الزوجين واحداً، وهو تربية الأبناء ومناقشة أفضل السبل لضمان تعليمهم وصحتهم.
> تغيير صورة الروتين داخل العائلة، بالخروج في نزهات، أو تناول بعض الوجبات في مطاعم خارج المنزل، وهذا من شأنه تنشيط الفكر والعقل والجسد.
> الابتعاد عن الغيرة المدمرة، والتعامل مع الغضب بطريقة صحيحة، وأن يسود الاحترام المتبادل وعدم توجيه كلمات لاذعة، نابية، للآخر مهما بلغت الخلافات.
> المحافظة على خصوصية كل طرف، مع تجنب الاستحواذ على أي شيء من دون الطرف الآخر.
> أشعري زوجك بقبولك له، كما هو من دون تغيير، وأعطيه الإحساس برضاك عنه وقبولك له بدلاً من أن يشعر بالفشل في علاقتك معه.
> تفهمي مشاعر زوجك، ولا تقللي من أهميتها تجاهك، التي يعبّر عنها بألفاظ خاصة به.
> لا تلوميه من قريب أو بعيد على عدم سعادتك، وبأنه لم يعد فارس أحلامك.
> لا تذكريه دائماً بكم المسؤوليات والأعباء الملقاة عليك، وكأنه لا يقدر ما تقدمينه.
> أشعريه بأنك لبيبة وبالإشارة تفهمين كل كلمة يقولها، وكل تصرف يفعله.
ــــــــــــــــــ
مهارات الابناء في التخطيط لإجازة العيد
أيام قليلة ويهل علينا عيد الفطر بالفرحة والبركة ، حيث ينتظره الأطفال بفارغ الصبر ، فالعيد يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لهم ، فيرتبط بأذهانهم على الفور ببعض الطقوس كالملابس الجديدة ، العيدية ، الرحلات ، اللهو واللعب وتناول الحلوي ، لذلك على الأم أن تنتهز فرصة العيد لتنمي فى طفلها الشخصية المستقلة ، بجانب الحصول على قسط وافر من المتعة والمرح .
وتعتبر ملابس العيد الجديدة أهم مظهر من مظاهر فرحة العيد بالنسبة للطفل ، لذا يمكنكِ انتهاز هذه الفرصة لتعلمي طفلك أثناء شراء ملابس العيد كيف يكون أنيقاً، وكيف يختار ملابسه وكيف ينسق ألوانها، فهذه المهارات لا ترقي بذوق طفلك فحسب بل تطور شخصيته أيضاً.
فملابس طفلك هي جزء من صورته الخارجية التي من خلالها يمكن للمحيطون به فهم شخصيته، ورغم أن طفلك في سن الثالثة أو الرابعة أو أكبر قد يبدو لك أنه غير قادر على انتقاء ملابسه إلا ، إنك تفاجئين بقدرته على ذلك ورغبته في ارتداء ملابس معينة دون غيرها في مناسبات عديدة.
ولكن عليكِ عزيزتي الأم أن لا تتركي له الحرية المطلقة فى الاختيار ولكن يمكنكِ مساعدته قليلاً ، فيمكنك على سبيل المثال أن تضعي له ثلاث خيارات من الملابس لينسق بينها ويختار المناسب من الخيارات الثلاث ، فمثلاً ما يناسب كل شورت مع قميص ، أو فستان مع جورب مناسب ، ومتناسق في ألوانه مع توجيهات منك بسيطة، وكذلك عند شراء الملابس لابد من تعليمه كيفية تنسيقها ومناسبتها للأنشطة التي تستخدم فيها.
ويمكن قبل النوم في ليلة العيد أن تتعاونا معاً لإعداد الملابس التي سيرتديها الطفل في أول يوم العيد وتجهيزها ، وضعي في اعتبارك أن الطفل سيقوم بارتدائها بمفرده ، لذلك يجب عند شراء ملابس الطفل أن يتوافر بها الأربطة المطاطية والسوستة ليستطيع الطفل نزعها وحده وخصوصاً لو كان سيقضي يومه بعيداً عنكِ .
ولمزيد من المهارات فى اختيار الملابس يمكنكِ تنمية تناسق الألوان لدي طفلك من خلال الرسم والتلوين ، وكذلك من خلال صنع ملابس للدمى من بقايا القماش على أن تكون الألوان في ذلك متناسقة ومتناغمة
فرحة أخري تهم الطفل ، وهي "العيدية" التي يأخذها من الأم والأب والأهل والأقارب ، من خلال العيدية علمي طفلك التوفير والإدخار ، وذلك عن طريق شراء حصالة قبل العيد لتوفير جزء من المال ، مع شرح أهمية التوفير وإظهار أهمية قيمة المال ، وفي العيد شجعي طفلك على أن يضع عيديته وجزء من مصروفه أيضاً بعد العيد ، حتى يتجمع لديه مبلغ من المال يشترى به ما يحتاج إليه من لعب وملابس ، وكلما رأى الطفل صدق الكبار فى وعودهم ، بإعطائه حصيلة ما ادخر ، اقتنع بالفكرة واستمر فى تنفيذها.
جانب آخر من فرحة العيد وهي رحلات العيد سواء كانت في السفر أو النزهات ، فطفلك فرد من أفراد الأسرة يجب أن يكون له ميول لهذه الرحلة فعد التخطيط لقضاء أجازة العيد يجب أن تكون ممتعة لكل فرد فى الأسرة ، لذا على الأب والأم أن يجلسا مع الأطفال ويقررون معاً المكان الذى يناسب الجميع.(54/189)