فالتفقد لوقت طعامه ..
والهدوء عند منامه ..
فإن حرارة الجوع ملهبة ..
وتنغيص النوم مكربة ..
وأما السابعة والثامنة ..
فالعناية ببيته وماله ..
والرعاية لنفسه وعياله ..
أما التاسعة والعاشرة ..
فلا تعصين له أمرا
ولا تفشين له سرا ..
فإنك أن عصيت أمره أوغرت صدره
وإن أفشيت سره لم تأمني غدره ..
ثم بعد ذلك .. إياك والفرح حين اكتئابه
والاكتئاب حين فرحه ..
فإن الأولى من التقصير
والثانية من التكدير ..
وأشد ما تكونين له إعظاما ..
أشد ما يكون لك إكراما ..
ولن تصلي إلى ذلك
حتى تؤثري رضاه على رضاكي ..
وهواه على هواكي ..
فيما أحببت أو كرهت ..
والله يصنع لك الخير
واستودعتك الله
موقع طريق الإسلام
ـــــــــــــ
كيف تكون الحياة الزوجية هنيئة ؟
محمد الدويش
أولا : حسن الاختيار:
قال صلى الله عليه وسلم: ( تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ويكون ذلك بمعرفة سيرة المرأة والسؤال عن أحوالها ممن عاشرها عن قرب.
ثانيا: التوافق بين الزوجين :
وذلك باختيار الزوجة من نفس البيئة أو المجتمع الذي يعيش فيه الزوج والبعد قدر الإمكان عن المجتمعات التي تخالف في العادات والأوضاع الاجتماعية.
ثالثا: الواقعية والبعد عن المثالية :
فيكون الزوجان على حال من الواقعية وتفهم وضعهم وحياتهم ولا يغترون بما يعرض في الشاشات فهو لا يمثل الواقع ولا يمت له، إنما هو تصَنّع، يزيده إثارة خدع التصوير وفن الإخراج.
رابعا: تقبل كل من الزوجين للآخر واليقين بأنه لن يجد شخصا تتحقق فيه كل الصفات التي يريد:
قال صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).
خامسا: إقامة العلاقة الزوجية على أساس الصلة الشرعية التي بينها الله عز وجل في كتابه: ومن ذلك أن تكون القوامة للزوج، ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) والنظر لذلك يعين على الاعتدال لا غلو ولا جفاء.
سادسا: أن ينظر كل منهما إلى حقوقه وواجباته، لا أن يركز على حقوقه وينسى واجباته.
سابعا: فتح قنوات من الحوار والأخذ والعطاء، والسعي دوما لحل المشكلات وهي في بدايتها قبل أن تتفاقم : مع العلم بأننا حين نريد حل مشكلة بين طرفين دون أن يقدم كل منهما تنازلات فنحن نطلب مطلبا صعبا.
موقع صيد الفوائد
ـــــــــــــ
إلى العروسين قبل فوات الأوان
صالح بن مقبل العصيمي
جاءني على استحياء وقال: أرجو أن تبحث لي عن عروس أتمّ معها نصف ديني، ففتشت له، واقتنع بها واقتنعت به، وتمّ الزفاف، وبعد مضيّ ثلاثة أيام جاءني والحزن يلفّه، فقال لي على استحياء: أرجو أن تعذرني فقد أتعبتك في البداية، وأنا الآن على وشك إحراجك.
فقلت له: ولِمَ؟ فقال: لقد قررت أن أطلق زوجتي، فأنا أشعر بضيق وقلق وعدم ارتياح. فنصحته بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وألا يفكّر في مثل هذا الموضوع، فقال لي: إن الأمر قد انتهى، ولا مجال للتراجع، فرجوته بعدما رأيت إلحاحه بأن يمكث معها ـ مراعاة لخاطري؛ لأنني أنا الذي دللته عليها، وأثنيت عليه ـ شهراً، فقبل على مضض.
ومضى الشهر ثم الشهور، بل السنون، ولله الحمد، وهو يعيش معها بأفضل حال، وأنجبت منه بضع أطفال..!
وهنا يحسن أن يطرح سؤال: لماذا يستعجل الشباب بطلب الطلاق؟
ولماذا نلحظ أن نسبة كبيرة من المتزوجين يبادرون بالطلاق خلال الستة أشهر الأولى؟
فتش عن السبب!
قلّة الوعي عند الشباب في مسألة الزواج، حيث إن النسبة الكبيرة من الشباب يقدم على الزواج لهدف واحد فقط وهو الإشباع الغريزي، وعندما يقضيه خلال الأسابيع الأولى يشعر بأنه لم يعد بحاجة إلى الزوجة ويشعر بأنها حمل ثقيل عليه، فلا يجد وسيلة أفضل لإزالة هذا الحمل غير الطلاق، وهذا الشاب لو كان واعياً لعلم أنّ الإشباع ليس هو الهدف الوحيد للزواج، كما أنه لو علم بأن الإشباع مؤقّت، ولو أنّه فارق الزوجة، ومضت أيام، لعادت إليه الرغبة أكثر من ذي قبل، لما تسرّع بقراره الجائر.
كثير من الشباب يريد أن يأخذ محاسن الزواج، ولا يريد سلبياته، فهو يريد مثلاً تلك المرأة المطيعة المنفِّذة للأوامر المنظّمة للوقت المهيّئة للطعام المشاركة في الفِراش، بدون أن تكون لهذه المرأة احتياجات ورعاية وحقوق وقوامة، فهو يريد خيرها، ويتخلّى عن مسؤوليته تجاهها، ويريد أن يجمع إلى محاسن الزواج محاسن العزوبية التي تجعله حرًّا طليقاً، يبيت كلّ يوم في مكان، ويسافر كل يوم إلى مكان، دون قيود أو أسرة يسعى لأن يقوم بتدبير شؤونها قبل سفره.
إن الزواج الناجح هو الذي يعي فيه الزوج النقلة التي يعيشها، ومن أهمّها: أن ينسى حياة العزوبية بحلوها ومرّها، وإيجابياتها وسلبياتها، وأن ينتقل إلى الزواج بحلوه ومرّه، وسلبياته وإيجابياته. أما الجمع بين مزايا العزوبية، ومزايا الزواج، ورفض مساوئ العزوبية ومساوئ الزواج، فهذه أنانية مفرطة، وتحقيقه يحمل صورة من صور الاستحالة، وهذا ينطبق أيضاً على من يتزوّج للمرّة الثانية، وغالباً ما يكون فشله أنه يريد مزايا الزواج الأوّل ومزايا الزواج الثاني، وينجو من سلبيات الزواجين.
بعض الشباب يعاني من اضطرابات وقلق قبل الزواج، وهذا يؤثر على نفسيته، وخاصة إذا كان الزوج لم يرَ زوجته، فإن التوتر عنده يزداد ليلة الزفاف ممّا يؤثر على قدرته الجنسية، فيؤدي هذا إلى فشله، فيزداد اضطرابه، ويعاود الكرّة فيجد أن الفشل أشد، وعندئذ يشعر بالخجل، ويحسّ بأن رجولته ناقصة، ويريد أن يهرب من الواقع حتى لا يوصف بالنقائص، فيتسرّع بالطلاق!
ولو علم الشاب أن هذا الأمر طبيعيّ ويحصل لعشرات الآلاف من الشباب، بل إنّ الفشل قد يقع من المتزوّجين، وهو كسلٌ مؤقت، يزول بزوال آثاره.
وهذا الجانب يتحمله أولياء الأمور والمربّون الذين عليهم أن يقوموا بتوعية الشاب وتنبيهه، إلا أن هذه من الأمور الطبيعية التي على الشاب أن يعيها جيّداً.
هناك حقائق ثابتة من وقائع التجارب، ولو أن الكثير من المدارس الطبية لا تؤمن بها، فإن التجارب حقائق يجب أن توضع في الاعتبار، وذلك أن بعض النساء تصاب بما يسمّى بالوحم عند حملها، وقد يشتد الوحم عندها فترفض الزوج وتكره رائحته والاقتراب منه، وقد يحدث الحمل عندها في الأيام الأولى من الزواج دون أن تشعر أو يشعر الزوج ثمّ تبدأ بإعلان رفضها لزوجها، وتصارحه بأنها لا تطيقه ولا تطيق رائحته، فيصدم بذلك ويبادر بتحقيق طلبها ثم يقوم بتطليقها. فلابد للشباب أن يعي هذه الأمور، وأن يثقف نفسه بها.
استعجال المودة والرحمة والمحبة ظاهرة في قضايا الزواج، حيث إن الكثير من الشباب يريد أن ينال محبة زوجته بين يوم وليلة، والمحبة قطعاً لابد أن تكون تراكميّة، والمودة لا تنال إلا بعد طول عشرة، قال - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَل بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، فالمودة يجعلها الله بين الزوجين، وقد لا تكون إلا بعد مدّة.
التأثر بالفضائيات التي تبرز الحياة الزوجية بأنها وردية مليئة بالحب والرومانسية والاشتياق، وتبرز الزوجين بكامل زينتهما لا يتحدثان إلا بأرق الألفاظ وأجملها، وخاصة المسلسلات التي تستمر أكثر من مئتي حلقة.. كل حلقة أكثر من ساعة، فتتغلغل الأفكار والأيدلوجيات إلى أذهان وقلوب من يتابع هذه المسلسلات، فإن رأى أحد الزوجين من الآخر قصوراً ـ وهو من لوازم الزواج، وقد حصل في أشرف البيوت بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كره الآخر وظن أن الأزواج كلهم سعداء إلا هما. وهذا من الوهم الذي تبثه الفضائيات.
عدم التأهيل قبل الزواج؛ فلابد أن يدرك الزوجان ما في الزواج من المسؤوليات وتغير الحال.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
مساحات مجهولة في العلاقات الزوجية
زاد القلب:
هل العلاقة بين الزوجين في فراش الزوجية هي لحظة متعة جسدية تنقضي فتنتهي المتعة الحلال، ويدير كل طرف ظهره للآخر ويغرق في نوم هادئ!
وهل المودة والرحمة هي صلة حسية وقضاء وطر وإطفاء شهوة فحسب!
قد يعرف الجميع "ما قبل" الجماع، وهو ما ذكره الله - تعالى - في قوله: "وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ"، لكن الكثيرين لا يعرفون مساحة "ما بعد" ذلك، تلك الحديقة الغنية بالمتعة بعد الوطر.. إنها المساحة التي ترتوي فيها الروح ويمتلئ فيها القلب بالدفء بعد أن تهدأ رعشة الجسد ويتسلل الخدر إلى البدن، ويتزود الزوجان بزاد من الرقة والمحبة الصافية.
المرحلة الثالثة في مسيرة الحب:
في مقال "التزامن الجنسي" نبَّهنا الكاتب إلى أن الإيقاع الجنسي بين المرأة والرجل متفاوت، ففي حين يعلو منحنى الشهوة عند الرجل بسرعة ويهبط بسرعة، فإن منحنى الشهوة لدى المرأة أطول أفقيًا، يرتفع في هدوء، ويستوي، ثم يهبط في هدوء. وإذا كان التوافق الجنسي يستلزم أن يتم "التقديم" بالقبلة والكلام كما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كي يطول أمد الملاعبة بما يمتع الزوجين ويمهل المرأة حتى تستوفي الاستعداد للحظة المنشودة، كما علمنا المصطفى أن الرجل ينبغي ألا "ينزع" بعد الإنزال بل يُتم الوصل حتى تقضي المرأة وطرها، فإن إدراك آفاق ومتعة المرحلة الثالثة في مسيرة الحب يضيف إلى متعة الزوجين مساحة أخرى، فالتودد والملاعبة والملامسة الرقيقة الحانية بعد انقضاء "اللحظة" كلها وسائل للمتعة تمهل المرأة حتى يهبط منحنى متعتها في هدوء دون أن يتم كسره فجأة فتشعر بانقطاع اللذة الحاد والخواء فيفسد ذلك عليها مشاعر الاستمتاع، كما أن تبادل اللمسات والكلمات في فترة الخدر التي يمر بها الرجل بعد الإنزال يكون متعة صافية تحقق له سعادة هادئة لا عجلة فيها ولا فورة، بل رقة وتدليل وبث لمشاعر الحب الدافئة بالأنامل وبالكلمة شديدة الخصوصية والإسرار والسكينة.
الجهل والإجهاد:
لماذا لا يمارس الكثيرون حب ما بعد الجماع؟
الجهل هو السبب الأول، والاعتقاد بأن الجنس يتمحور حول لحظة إنزال الرجل وبعدها ينتهي كل شيء بتحقُّق هذه "الغاية الكبرى"، وغياب ثقافة أوسع لما يحيط بالعلاقة الزوجية الحميمة من مقدمات ومؤخرات وما يغلفه من آداب وسلوكيات، وينابيع هذه المعرفة في السنة والتراث ما زالت مجهولة أو مسكوتًا عنها (ليحل محلها ما هو شائع ودارج في كل ثقافة محلية).
أما السبب الثاني فهو الإجهاد، فالعلاقة الزوجية عادة ما تتم ليلاً والزوجان في حالة إجهاد بعد يوم حافل بالعمل والحركة والمسئوليات والشواغل، فضلاً عن أن ردّ الفعل العصبي عند الرجل بعد الإنزال يكون الاسترخاء العميق، فإذا اجتمع هذا مع إرهاق يوم طويل فإن النتيجة تكون السقوط نائمًا بعمق وراحة بال، في حين أن حرارة مشاعر المرأة الجنسية تأخذ وقتًا حتى تبرد كما ذكرنا فتبقى في أغلب الأحوال بعده مستيقظة وشعورها الحسي ما زال يقظًا لم يخلد للنوم بعد.
المداعبة باب لوصل ثان:
لا تمثل المداعبة بعد الجماع فقط مساحة لاستكمال متعة المرأة، بل تكون بابًا لمتعة صافية ليس فيها توقع أداء جنسي معين من الرجل بل تلذذ بدون توقعات أو انتظار للحظة بعينها. ولا مانع أن يكون هذا التلذذ والتمتع الرقيق الذي يبث فيه كل طرف لشريكه مشاعره ويعبر له عن مكنون نفسه وخلاصة حبه بابًا لمتعة جديدة بمعاودة للقاء ثان، والتوجيه النبوي فيه للرجل أن يتوضأ تنشيطًا للعود، وبذا تكون المداعبة بعد المعاشرة الأولى مساحة راحة وتأهب لمرة ثانية قد يشتاق لها أحدهما أو كلاهما.
والمداعبة قد تأخذ أي صورة يحبها ويتفق عليها الزوجان وتحقق لهما المتعة والسعادة، ولا تقتصر على الفراش، بل قد تكون في الاغتسال معًا، أو غيره من أشكال التلطف والمداعبة التي يحبها الزوجان، وهي من أسرارهما ولهما أن يبدعا فيها كما يحبان ما دامت تحقق لهما الإحصان والسكن، وقد تفضي أو لا تفضي إلى معاشرة تالية.
عالم مغلق وسر دفين:
غني عن القول أن ما يسعد كل زوجين ويمتعهما قد يختلف من أسرة إلى أخرى، وهذا الباب سر لا مجال فيه لتبادل الخبرات، لأن الخوض فيه منهيٌّ عنه بشكل مباشر في السنة النبوية وكشف لما يجب أن يبقى مستورًا محفوظًا، كما أن الكلام فيه قد يضر ولا يفيد لأنه يخلق توقعات ومقارنات لا تجدي لاختلاف الطبائع وما يستحسنه كل إنسان وما لا يستحسنه في هذه المساحة من الذوق المتفاوت بين الناس.
إلا أن هناك خطوطًا عامة نحرص على توجيه الزوجين لها في هذه المساحة من العلاقة التي نتحدث عنها:
- أن مداعبة ما بعد الجماع قد تكون بابًا لحل مشكلات تأخر الشهوة عند المرأة أو سرعة القذف عند الرجل، مع عدم تجاهل محاولة علاج المشكلة الأصلية إذا كانت تحتاج لاستشارة نفسية أو طبية متخصصة.
- أن مداعبة ما بعد الجنس كما تحقق متعة أكيدة للمرأة فإنها قد تكون ضرورية في حالات توتر الرجل وعجزه عن المعاشرة لأسباب نفسية عارضة أو تأخره في القذف أو فشله في الولوج بشكل كامل لإجهاده أو قلقه من أمر ما خارج العلاقة الزوجية -وهو ما يحدث في بعض الأحيان وعندئذ تكون المداعبة أداة أساسية لبث الثقة في نفسه وإشعاره بالأمان والدفء والحب واسترجاع الرغبة والقدرة وإرسال رسالة حب قوية من الزوجة.
- أن المداعبة والكلام بعد الجماع وفي مرحلة السكينة التي تعقبه هي مساحة مثالية للتعبير عن الرغبات الجنسية التي لم تتحقق أو التي قد يخجل أحد الطرفين في المطالبة بها في الأوقات العادية أو قبل اللقاء الزوجي، وبذا يكون السياق ملائمًا لمناقشة ما قد يتردد الزوجان في مناقشته في لحظات أخرى.
- أن المداعبة بعد الجماع هي وسيلة مثالية لقول الكلام الجميل والتعبير عن الحب وكل المشاعر الجميلة التي قد تؤدي الرغبة الجنسية المشتعلة إلى تجاوزها إلى "الرفث" والكلام المثير، وبعد أن تهدأ عاصفة الشهوة يفسح المجال للقلب والروح للتعبير عن دواخل النفس وتبادل العبارات واللمسات العاطفية.
لا شيء سواك!
هناك محاذير ننبه إليها هنا حتى لا يتسلل لتلك المساحة ما يعكر صفوها أو يفسد طبيعتها:
* مساحة الجنس مساحة خاصة مليئة بالإفضاء للطرف الآخر جسديًا ونفسيًا لا يجب أن تناقش فيها أية أمور مادية أو أسرية أو هموم العمل، فهي مساحة بين الزوجين يجب أن نحفظها من أية موضوعات خارجة عنهما في تلك اللحظات الخاصة جدًا.
* يجب أن يرسل كل طرف رسالة للطرف الآخر أنه لا شيء يهمّ في هذه اللحظات سواه، فلا يليق أن يقفز الرجل لكي يغتسل بعد أن يقضي وطره ثم يسارع بارتداء ملابسه والخروج لسهرة أو موعد، ولا يليق أن تفتح الزوجة التلفاز بعد أن يقوم عنها الزوج وكأن شيئًا لم يكن، فهناك سلوكيات قد تحمل رسالة سلبية للطرف الآخر، ومن المهم أن يكون هذا "الوقت" عطاءً صافيًا.
* يجب أن يأمن ويستيقن كل طرف أن الطرف الآخر لا يشي بأسرار العلاقة لأية أطراف أخرى حتى يكون على طبيعته تمامًا، وكلما زادت السرية في العلاقة كلما زادت الخصوصية وزاد الارتباط بالطرف الآخر الذي يكون هو "النصف الآخر" الذي لا يكتمل الكيان إلا به، ولا تتحقق المتعة إلا به وله.
وأخيرًا.. فإن الإفضاء للآخر في العلاقة الزوجية ليس وقته الساعات المتأخرة فقط، فقد يلتمس الزوجان ساعة مع مطلع اليوم وهما في كامل النشاط لكي يعطي كل منهما للآخر في اكتمال انتباهه وتركيزه صافي مشاعره وكامل طاقته، ولتتنوع توقيتات اللقاء.. وأشكال الاستمتاع الحلال ليقطف الزوجان فواكه المتعة الحلال من شجرة الحب الصافي وتقر عين كل منهما بالآخر.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج المعاق .. !
خديجة علي موسى
الزواج حق لكل بني آدم، ولا فرق في ذلك بين سوي ومعاق، ما دامت الاستطاعة حاصلة والقدرة حاضرة.. فما المانع؟
ولاشك أن المعاق يصطدم بعوائق كثيرة في حياته تجعله إما طموحا يتحدى العقبة ويصل إلى المبتغى، أو يائسا مهزوما مدحورا عازفا عن الزواج.
يحدثنا "أحمد الإدريسي أزمي" (30 سنة)، وهو خريج الكراسي العلمية بمسجد السنة، يعاني إعاقة حركية. يتحدث بنفس قوية وراضية بقضاء الله وقدره:
"الله - عز وجل - لم يخلق الإنسان عاجزا، وكيف ما كان هذا الإنسان فإن الله جعل له أسبابا للعيش، مبدئي شخصيا أن الله لن ينسى عبده، وخلق الإنسان ليؤدي وظيفة ما، شققت الطريق لأجل العلم، حاولت أن أدرس العلوم الشرعية بمؤسسة بوجدة، حصلت على نتائج مميزة، تتلمذت على يد جل علماء المغرب، ربطت علاقات اجتماعية مميزة مع أناس مختلفين».
ترى كيف تصرف هذا الرجل يوم فكر في الزواج؟ وأية عقبات وقفت في وجهه؟ وما صبره عليها؟
يقول عن ذلك: «لما طرحت مشكلة الزواج انتصبت أمامي عوائق كثيرة، نظرا لأن المجتمع ليس ذا وعي كامل، ونظرا لأن زواج المعاق وسط الأسرة يعد صعب المنال، مع ذلك واسيت نفسي بعد معاناة دامت ثلاث سنوات في البحث عن زوجة، حتى تعرفت على زوجتي خديجة. في مرحلة وجيزة جدا عوضتني عن جميع تعبي، إضافة إلى ذلك غيرت مكونات حياتي، لم أشعر يوما أنها تشفق علي أو تحسن إلي، بقدر ما كانت تعتبرني زوجا كفؤا لها، ورزقنا بأطفال، لحد الآن لا أجد أدنى مشكلة، وأخلاق زوجتي منبعثة من روح الإسلام، وأتمنى أن تسود هذه العلاقة داخل المجتمع كله».
"الإدريسي أزمي" امتهن التجارة، ولا يمد يده للصدقات أو الإعانات، بل اتخذ أسباب الرزق متوكلا على الله.
حديثه عن زوجته جعلنا نسألها عن هذا الزواج الناجح تقول "خديجة إبراهيمي" عن تجربتها التي مرت عليها تسع سنوات قائلة: «إن الحديث عن الشخص المعاق وما يعانيه، ليس لكونه إنسانا غير ذي كفاءة أو غير ذي طموح، أو أنه غير منتج وغير صالح للمجتمع، بل النظرة الخاطئة اتجاه الشخص المعاق، نظرة الاحتقار والشفقة، وأن ليس له الحق في تكوين أسرة، في هذه النظرة تكمن المشكلة. فإذا وقف المعاق أمام أي كان، ينظر إليه على أنه متسول، وتمد له الصدقات دائما.
التقيت بزوجي وأنا في سن الثانية والعشرين، كان طموحه أن يجد الزوجة المثقفة المتدينة، قصد الاستمرار في الحياة، فكان الرفض من قبل الأسرتين، قبلت التحدي رغم أن العوائق كانت عويصة جدا، خاصة أنه كان لا يزال يدرس، وأنا لا أتوفر على مهنة، والمشكل أن العائلتين لم تثمنّا هذا الزواج، بل ظلت هواجس فشل زواجنا تطاردهما رغم أننا أنجبنا ثلاثة أطفال أسوياء».
تلك كانت تجربة رجل معاق مع امرأة غير معاقة (جسديا)، توجت بأسرة مستقرة.
تجربة أخرى مقابلة، فيها المرأة هي المعاقة ومتزوجة برجل سوي(جسديا). وتحدثنا عنها "حياة النفوس خروبي"، معاقة حركيا (في رجليها): «لم تشكل لي الإعاقة حاجزا أمام الزواج، فكنت أؤدي كل واجباتي كزوجة، وامتهنت الصناعة التقليدية، وحاولت أن أتحدى كل الصعاب، والحمد لله، رغم أن المعاق مازال ينظر إليه داخل المجتمع بنظرة ازدراء ونقص، ولكن لا يجب أن ننسى أن كل واحد قد يتعرض للإعاقة في أي لحظة من اللحظات».
ولا ينبغي أن تكرس النظرة بأن المرأة المعاقة لا تستطيع أن تؤدي وظيفتها، أو أنه لا يمكنها أن تتزوج من إنسان سوي، خاصة في وقت أصبحت بعض شروط الزواج تعجيزية، ولا ننسى أنه يوجد في البر ما لا يوجد في البحر، فكم من أشخاص معاقين أثبتوا قدرات عالية لا يملكها السوي.
تفكير أسري معاق:
الإعاقة التي وصف هذا أو ذاك، وهذه أو تلك، للدلالة على نقص جسدي موروث أو مكتسب، توجد أيضا على مستوى نفسي وفكري واجتماعي عند الأسر؛ ففي كثير من الحالات تكون الأسرة أول من يتصدى لمشاريع الزواج بين الراغبين والراغبات. فمن هو المعاق إذن؟ لننظر في هذه الحالة التي يرويها لنا السيد مصطفى الأشقر، المكفوف (32 سنة)، فيقول: «انطلاقا من تجربتي، فإن الشخص المعاق يصطدم بعقلية يخفيها الطرف الآخر، هي عقلية الإعاقة، وأسرة المعاق لا تخرج عن دائرة تفكير المجتمع، كقولهم إنه لا وجود لزوجة تقبل بإعاقتك، وهذا التفكير يحطم أكثر مما يبني. وبالعكس فالحياة الزوجية حياة مشتركة بين الزوج والزوجة، ولا أحد يشكل ثقلا على الآخر، والإعاقة قد تصيب الإنسان في أي عضو من جسمه وفي أي وقت، ولا أتفق مع تسمية "المعاق" بقدر ما يجب أن نقول إن هناك "حالة إعاقة"، والمعاق هو من شلت حركته كليا. وإن كان التراضي بين معاقة وشخص سوي على الزواج، فهم يصطدمون بالوسط الأسري الذي لا يثمّن الخطوة، وكل ما في الأمر أن الله - عز وجل - يسر لي أنا وزوجتي أسرة متفهمة لا تشكل لها الإعاقة حاجزا، ونسأل الله أن تدوم النعمة والصلاح.
والعائق الآخر هو المشكل المادي الذي يطرح عند الكل وليس عند الشخص المعاق وحده، وأصبح منطق المادة هو الأصل، وسأضرب لكم مثالا عن زواج أحد الأساتذة الذي كان يدرس لي التربية الإسلامية، لم يمنعه يسره المادي من أن تشكل إعاقته (أعمى) حاجزا أمام الزواج بسبب النظرة القاصرة للمجتمع، لما تقدم لفتاة للزواج ولم تمانع، ووجدت صعوبات من والديها اللذين اعتبرا زواجها من أعمى قيدا لها؛ لأنها سوف تلازمه حيثما حل وارتحل، وهذه عقلية غير سليمة؛ لأنها تلغي المقاصد السامية للزواج. والمجتمع يجب أن يعي هذه الأمور، فلم تقف الإعاقة يوما ما أمام بناء أسرة متماسكة تنطلق من هويتنا الإسلامية السمحة».
مصطفى هذا يسافر لوحده متنقلا بين المدن دون حاجة إلى سند أو رفيق، بيد أن الأسر تحاول تكريس واقع يمكن تجاوزه، فبدلاً من أن تزرع في نفس المعاق بوادر الطموح والآمال، تحاول إحباط النفوس وعرقلة سير الأمور.
زوجتي تعيرني بـ "العوج" :
أما "عبد الله" الذي يفوق سنه ستين سنة، فقد آثر أن يعيش وحيدا داخل مقر جمعية عاملة في مجال الإعاقة، بعد أن تزوج الزواج الأول وتوفيت زوجته بعد ثلاث سنوات تاركة له ابنا، تزوج ثانية وأنجبت له سبعة أبناء، أصيب بإعاقة في رجله منذ أن كان يبلغ الخامسة من عمره، حيث لدغته حية لدغة تسببت في بتر رجله من طرف الأطباء.(52/47)
يحكي عن معاناته مع زوجته الثانية التي لا تتوانى عن سبّه بإعاقته، خاصة بعد مجموعة من الخلافات التي تدور حول الأبناء، يقول عبد الله: "عشت يتيما ووحيدا منذ بلوغي السابعة من عمري، عانيت صعوبات جسيمة، احترفت مهنا كثيرة من خياطة وتجارة وغيرها، واستقر بي الحال في مهنة الإسكافي، وبجد واجتهاد، اشتريت مسكنا ووفرت مدخلا للرزق، غير أن زواجي من زوجة جاهلة نغّص على حياتي، فمنذ ما يزيد على خمس سنوات وأنا أعيش بعيدا عن أبنائي بعدما تركت لهم البيت، ورفض القاضي أن أطلق زوجتي، فاكتفيت بالعيش في مقر الجمعية، وتركت منزلي وأثاثه. وسبب خلافنا كان حول ابني حيث تشبثت زوجتي بأن لا يتم دراسته، قائلة: عاش أبوه الذي لا يملك سوى رجل واحدة، فما بال ولدي الذي هو في صحة جيدة؟! والنتيجة أن ابني الآن لا يفارق السجن بعد أن أصبح لصا ويتعاطى كل أنواع المخدرات».. ويضيف عبد الله أن زواجه كان برضا زوجته ورغبتها، وبعد مرور سنوات أصبحت تضغط عليه في طريقة تربية أبنائه، كما أنها لا تفتؤ تسبه وتشتمه بعبارات جارحة لا ترضاها النفس السوية من قبل "العوج" "السلعة الناقصة". هذه حياة عبد الله التي ابتدأها يتيما ووحيدا، وكانت الخاتمة مثل البداية. ورغم أن عدد أبنائه سبعة، فهم يكتفون بزيارته بين الفينة والأخرى، وآثر الحياة وحيدا هروبا من عناد زوجته ومشاكل ابنه التي لا تنتهي.
لا أريد زوجة تشفق علي:
أما نظرة المعاقين في سن الزواج، فتختلف حسب الذكر والأنثى، فمن الإناث من لا تجد نفسها مؤهلة للزواج، وتعتبر الإعاقة حاجزا أمام تحقيقه، تحدثنا الآنسة رقية (29 سنة): «الزواج أضحى معضلة كبرى في صفوف الأسوياء، فبالأحرى الأشخاص المعاقين، فقد أضحت نسبة العنوسة مرتفعة في مجتمعنا المغربي، ولا يمكن أن يقبل إنسان بمعاقة إلا إذا كان معاقا، هذه نظرتي للزواج، فلم أحلم يوما أنني سأتزوج، وإن حصل فسيكون من معاق»..
وتضيف الآنسة سلوى (معاقة في رجليها): «يتقدم لخطبتي شباب، غير أن أسر الخطاب ترفض وتستنكر هذا النوع من الزواج، وتقول لابنها: «هل النساء قليلات؟ ألم تجد سوى "عرجة" أو "عوجة"؟ ورغم ذلك فأنا دائما أؤمن بالقضاء والقدر.
في حين يرى بعض الشباب المعاق أن من حقه أن يتزوج ويكون أسرة، وأنه لا فرق بينه وبين سوي، فكل إنسان خلق للقيام بوظيفة محددة.
يقول يونس (28 سنة) معاق: «النظرة السلبية التي ينظر بها إلى الشخص المعاق يجب تجاوزها، وإذا أردت الزواج فلن أسعى لإنسانة تشفق علي، بل أريدها مقتنعة بي زوجا يستطيع تأدية حقوق وواجبات الحياة الزوجية، ولم لا فقد يتحقق التوافق الاجتماعي والعاطفي والاقتصادي».
ويشاطره الرأي محمد (29 سنة): «المشكل الذي يمكن أن أصطدم به في الزواج هو أسرة الفتاة، فقد يحصل التوافق بيني وبينها، غير أن أهل الفتاة يرفضون، ولكن هذا لا يعني خلو المجتمع من نماذج تقدر الشخص المعاق».
تختلف النظرات إلى الشخص المعاق من فرد إلى فرد ومن أسرة إلى أسرة، غير أن الغالب هو الدونية والإشفاق البارد في أحسن الأحوال، ونادرا ما يقفز الناس فوق الحواجز الوهمية وتكريم المعاقين كما كرم الله - تعالى - كل بني آدم وحملهم في البر والبحر وفضلهم على كثير مما خلق تفضيلا. والأسر يجب أن تساهم بشكل كبير، في مساعدة المعاق لتحدي كل العراقيل التي تحول دون تحقيق حقه في الزواج؛ لأن المعاق إنسان خلق لأداء رسالة الاستخلاف في الأرض، ولم يخلق عبثا، ولابد من نبذ عقلية التصنيف والتفرقة بين "السوي" و"المعاق".
وفي هذا الصدد يوجه "الإدريسي أزمي" نداء لكل فرد معاق قائلا: «يجب أن يعلم المعاق أنه لم يخلق عبثا، بل لأداء وظيفة ما، والشخص المعاق لا يبحث عن إدماج؛ لأنه مدمج أصلا. ولنا مثال في السيرة النبوية وهو عبد الله بن أم مكتوم الذي استشهد في القادسية، وهو يحمل الراية، ولم يكن للمعاق برنامج خاص به، بل إنه ابن المجتمع، وعليه أن يؤدي وظيفة تليق به، فاليد العليا خير من اليد السفلى، وبعزة النفس يعيش محترما».
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
سنة أولى محبة
فوزية الخليوي
يخطو كلٌّ من الزوجين، خُطا متثاقلة إلى منزل الزوجيّة! بعد انشغال طال أمده، بأعباء وتكاليف الزواج: من تجهيز ملابس، وإقامة حفل، إلى تأثيث منزل الزوجيّة، ورصيد شبه خاو عن الطرف الآخر... فما أن يقضيا أيامهما الأولى حتى يتفاجئا بجهلهما بطبيعة بعضهما النفسيّة!! وكيفيّة التعامل مع بعضهما البعض! فيهرعا إلى الاستعانة بآراء الآخرين من أصدقاء وأقارب، هي في مجموعها حصيلة من تجارب منتهية الصلاحية، أو لا تنطبق على شخصيتهما؟!
فتارة نجد الشاب ينساق إلى التعامل باللين، وتارة بالشدة منذ البداية!!، كما حدث مع هند بنت معاوية بن أبي سفيان: فقد تمنعت على زوجها فضربها، فصرخت فلما سمعت الجواري صوتها صرخن، وعلت أصواتهن!! فسمع معاوية، فدخل عليه وقال: ويحك!! مثل هذه تضرب في مثل هذه الليلة؟!
عندها تقع الزوجة حديثة العهد بالزواج بحيرة شديدة، وخاصة أنها قدِمت من بيئة محافظة، الأحاديث الزوجية فيها ضرب من المُحال؟!
ولعل هذا يفسر سبب ارتفاع نسبة الطلاق في المملكة: ففي الشرقية 60% وفي الرياض 52% أي أن نسبة الطلاق في الشرقية تصل إلى ست حالات طلاق من كل عشر حالات زواج، وحالة طلاق من كل حالتي زواج في الرياض؟! (مجلة حياة 20).
ولأن نسبة كبيرة من الطلاق تقع في السنة الأولى للزواج، ولأسباب غير مقبولة!! فضّلت أن أذكر شيئاً من الأساسيّات في المعاملة الزوجيّة:
(1) اعرفا بعضكما:
يجب أن يتفرغ كل من الزوجين للحديث عن طبيعتهما، وآمالهما وتطلعاتهما المنشودة من وراء الزّواج!
فهذا الفعل يوفّر عليهما الكثير من المجهود المستقبلي، ويجعل حياتهما الزوجية تنساب بهدوء!! فهذا القاضي شريح يحكي عن زوجته: ليلة تزوّجت بها قامت فحمدت الله، وقالت: إنني امرأة غريبة عليك!! فما يعجبك فآتيه، وما تكره فأجتنبه!! قال: فقلت: إنني أحب كذا وأكره كذا! قال: فعشت معها في أرغد عيش وأهنئه!!
(2) لا تختلفا:
يجب أن يسعى كلا الزوجين عند حدوث أي مشكلة إلى تضييق دائرة الخلاف، وعرضها بهدوء، دون نقلها إلى أهليهما!! فكم من المشاكل انتهت بالطلاق على بساطتها بسبب تضخيمها من جانب أهل الزوجين، ولكن ليس معنى هذا عدم أخذ المشورة بتاتاً!!
بل متى ما رأى الزوجان تعسّر الفهم والإصلاح نتيجة إصرار كل منهما على موقفه فلهما ذلك! كما جاء في الأثر أن زوجة عبد الله بن عمرو بن العاص شكت إلى والد زوجها إهمال زوجها لها، وانشغاله بالعبادة! لما قال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال من رجل لم يفتش لنا كنفاً، ولم يقرب لنا فراشاً؟! فكلّمه وعنّفه!!
(3) لا تُسِئْ للآخرين:
بألاّ يذكر الزوج أهل زوجته وخاصّتها إلا بخير!! وهى كذلك!! فهذا مما يوغر الصدور، ويثير الأحقاد!! فقد ذكرت عائشةُ خديجةَ زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ما تريد من عجوز حمراء الشّدقين أبدلك الله خيراً منها!! فغضب منها وقال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها!!
فأهله وأصدقاؤه هم بوابة احترامه وتقديره!! فبتحمّلهم والتجاوز عن أخطائهم يكون ذلك سبباً لتحقيق السعادة، وإغلاقاً لباب دلف منه العديد من الأزواج، وخرجوا منه منفصلين؟!
(4) تحمّل التقصير:
نتيجة للحياة المترفة التي تعيشها بعض النساء، كوْنها مخدومة في منزل أهلها!! لا تستطيع هذه الزوجة استيعاب هذا الزخم الهائل من العناية بمرافق المنزل، وشيئاً فشيئاً تستطيع تقبّل الوضع!! فلا بأس إذن من مساعدة الزوجة كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فكان يخيط ثوبه ويخصف نعله!! مع صغر الغرف التي كانت تؤوي نساءه، وخلوّها من الأثاث.
هبيني امرأً إنْ تحُسني فهو شاكر ٌ *** لذاك، وإن لم تحُسني فهو صافحُ
(5) اقنع بها:
القناعة هي خير ما يجلبه الرجل معه إلى منزل الزوجيّة، فقبوله بهذه الزوجة وقناعته بها وبهيئتها!! هو الأمر الذي سيحفظ المودة والمحبّة في قلبه لها، وكم أضاع كثير من الرجال حياتهم في الحسرة والندم على حظه العاثر بزعمه! فلا هو كسب ودّ زوجته ولا حصّل غيرها!
جُنِنّا بليلى وهي جُنّت بغيرنا *** وأخرى بنا مجنونةٌ لا نُريدها
(6) كنّ ايجابياً:
ضع الصفات الإيجابية بين عينيك، فإن كانت الزوجة محدودة الجمال انظرْ إلى تفانيها في خدمتك، وإن كانت غير مثقّفة فانظر إلى احترامها وتقديرها لعلمك... ودلالته حديث" لايفرك مؤمنٌ مؤمنة إنْ كره منها خلقاً رضي منها آخر".
فها هي خديجة زوج الرسول - صلى الله عليه وسلم -، عندما تزوجت به كان فقيراً، ومع هذا كانت لا تكُفّ عن ترديد صفاته الإيجابيّة!! فبعد نزول الوحي عليه ودخوله عليها خائفاًً قالت له: والله لا يُخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق!
وهذا علي بن أبي طالب يذكر شيئاً من صفات زوجته فاطمة الإيجابية، وكانت من أحب الناس إليه! إنها جرّت بالرحى حتى أثّرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثّرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها!
ومن فوائد ترديد الصفات الإيجابيّة قناعة الطرف الأول بقيمة الآخر والسعي لتقديره!! و أيضا يعزّز الثقة عند الآخر!
(7) كُنّ أماناً:
يجب أن يتيقن الزوج عظيم مكانته في نفس المرأة، وأنه ملاذها الآمن من شرور الأيام ونكبات الزمان، ولم تخطئ الصحابية حمنة بنت جحش عندما نُعِيَ لها أخوها وخالها فقد استرجعت واستغفرت!! ثم نُعِيَ لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنّ زوج المرأة منها لبمكان"
فعليه أن يلتزم بهذه القِوامة الرّبانية!! لا أن يقوم بإذلالها من منطلق أنه الأقوى!! فيأمر وينهى لا لشيء إلا لإخضاعها!
ولا ضير إن كرّر على أسماعها حرصه عليها، وغِيرته على عِرضها!
وقصة المرأة التي اشتكت زوجها عند القاضي مدّعية على زوجها بصداقها، وأتت بشهود فقالوا: نريد أن تسفر عن وجهها حتى نعلم أنها الزوجة أم لا!! فلما صمّموا على ذلك، قال الزوج: لا تفعلوا هي صادقة فيما تدّعيه؟!! ليصون زوجته عن النظر إلى وجهها، فقالت المرأة حين عرفت أنه أقرّ إنّما ليصون وجهها عن النظر: هو في حلّ من صداقي في الدنيا والآخرة!!
(8) دعِ الكبرياء:
على كلٍّ من الزوجين أن يخلعا ثوب الكبرياء والتحدي والكرامة المزعومة!! لأنها مصطلحات قابله للانفجار في أي لحظة!
واعتبر بقصة لبابة بنت الحسين عندما رمى لها هشام بن عبد الملك بتفاحة بعدما عضّها وهو خليفة!! فدعت بسكين لتقطعها! فسألها: فقالت: أميط عنها الأذى!! فطلّقها!
فما أجمل أن نتفقد الآخر دون مقدمات، كما كانت تفعل زوجة طلحة بن عبيد الله، عندما دخل عليها وهو خاثر النفس قالت: مالك! أَرابك مني شيء؟ قال: لا، ونعم حليلة المسلم أنت!!
ولا بأس من العِتاب بالتلميح دون التصريح كما كانت تفعل فقيهة الأمة عائشة - رضي الله عنها -، في هذا ا لحوار العاطفي عندما قال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأعلم إذا كنت عنّي راضية، وإذا كنت عليّ غضبى!! إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد!! وإذا كنت عني غضبى تقولين: لا ورب إبراهيم!!
قالت: أجل، والله ما أهجر إلا اسمك!!
(9) غضّ الطّرف:
لقد حكى الشارع عن طبيعة متأصلة في المرأة، وهى غلبة العاطفة، حتى إذا غضبت لم تعِ أقوالها فقال: " لعلّ إحداكن تغضب الغضبة فتكفر فتقول: ما رأيت منك خيراً قط"!
ومن هذا المنطلق ساس الرسول الكريم نساءه التسع، غاضاً الطّرف عمّا يدور بينهن من خصومة، فها هي عائشة تقول: ما علمت حتى دخلت عليّ زينب بغير إذن، وهى غضبى، تجادل عائشة! فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: دونك فانتصري؟! فأقبلت عليها.. فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهلّل وجهه؟!! فهذا هو الهدي النبوي في بيته، فاجعل منه قدوة لك، ولا تستنكف من التبسّط مع زوجتك والتودّد لها، فقد تلجأ المرأة للزوم الصّمت، وعدم إظهار المحبّة بسبب جفائِك لها وغِلظتك معها؟!
إنّ النساءَ رياحينٌ خُلِقْنَ لنا *** وكلّنا يشتهي شمَّ الرياحينِ
23/8/1425
07/10/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــ
أحكام الخُلْع في الإسلام
صفاء الضوي العدوي
كراهية الخلع للمرأة:
روى أبو داود من حديث ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" ورواه عنه أحمد والترمذي وابن ماجة. وهو صحيح.
الخلع: قال ابن الأثير في النهاية (2/65): أن يُطلِّق زوجته على عِوَض تَبْذُله له، وفائدتُه إبطال الرَّجْعة إلا بعَقْد جديد، وفيه عند الشافعي خلافٌ؛ هل هو فَسْخ أو طلاق؟ وقد يُسمَّى الخُلْع طلاقاً. أهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/395): هو فراق الزوجة على مال، مأخوذ من خلع الثوب لأن المرأة لباس الرجل معنى. وقال: ويسمى أيضاً فدية وافتداء. اهـ
حكمه: أجمع أهل العلم على مشروعية الخلع إذا وجد مقتضاه، مثل أن تبغض المرأة زوجها لسوء خُلقه، أو دمامته، أو كبر سنه أو ضعفه أو نحو ذلك، وتخشى - والحال هذه - ألا تؤدي حق الله - تعالى - في طاعة زوجها، فيجوز لها أن تخالعه بمال تفتدي به نفسها منه.
قال الله - تعالى -: [فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به] أما إذا لم يكن ثَم سبب يقتضي ذلك فلا يحل للمرأة أن تخالع زوجها؛ فتهدم بيدها بيت الزوجية، وتعطل بهذا الخلع مصالح النكاح ومقاصده ومنافعه.
قال الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (2/90): وهذا الخوف من ترك إقامة حدود الله على وجهين: إما أن يكون أحدهما سيء الخلق أو جميعاً فيفضي بهما ذلك إلى ترك إقامة حدود الله فيما ألزم كل واحد منهما من حقوق وإما أن يكون أحدهما مبغضاً للآخر فيصعب عليه حسن العشرة والمجاملة؛ فيؤديه ذلك إلى مخالفة أمر الله في تقصيره في الحقوق التي تلزمه، وفيما ألزم الزوج من إظهار الميل إلى غيرها في قوله - تعالى -: [فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة] فإذا وقع أحد هذين، وأشفقا من ترك إقامة حدود الله التي حدها لهما، حلّ الخلع. اهـ
وذكر الموفق ابن قدامة في المغني (8/177): حديث ثوبان هذا، وقال: وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة ولأنه إضرار بها وبزوجها وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة محرم لقوله - عليه السلام -: " لا ضرر ولا ضرار". اهـ
وإلى كراهية الخلع من غير سبب ذهب الإمام البغوي، فقال في شرح السنة (9/195): والخلع المباح بلا كراهية: أن تكره المرأة صحبة الزوج، ولا يمكنها القيام بأداء حقوقه فتتحرّج فتخلع نفسها، ولو اختلعت نفسها بلا سبب فجائز مع الكراهية لما فيه من قطع سبب الوصلة. اهـ
المختلعة تردّ ما أعطاها:
وروى البخاري من حديث ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ".
فيجوز للزوج أن يأخذ من زوجته إذا اختلعت منه أكثر من الصداق الذي أصدقها، وإليه ذهب الجمهور، مالك والشافعي، واستدلوا بقول الله - تعالى – [فلا جناح عليهما فيما افتدت به].
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها ليخالعها واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث " أتردين عليه حديقته؟ " وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد.
قال البغوي في شرح السنة (9/195): وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز للزوج أن يخالعها على جميع ما أعطاها، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه جائز على ما تراضيا عليه قلّ ذلك أم كثر، وذهب قوم إلى أنه لا يزيد على ما ساق إليها، وقال سعيد بن المسيب: لا يأخذ منها جميع ما أعطاها، بل يترك شيئاً. اهـ
قال الخرقي في مختصره: " ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها ".
وقال ابن قدامة في المغني (8/175) في شرح قول الخرقي: هذا القول يدل على صحة الخلع بأكثر من الصداق، وأنهما إذا تراضيا على الخلع بشيء صح، وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقبيصة بن ذؤيب والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، ويروى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا: لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها كان ذلك جائزاً وقال عطاء وطاووس والزهري وعمرو ابن شعيب: لا يأخذ أكثر مما أعطاها. اهـ
وهذا ما قرره أيضا ابن المنذر في الإشراف (1/195) وقال: وبالقول الأول أقول أي جواز أن تفتدي نفسها بأكثر مما أعطاها للآية التي احتج بها قبيصة ين ذؤيب. اهـ
يعني قول الله - تعالى -: [فلا جناح عليهما فيما افتدت به].
وقال القاضي عبد الوهاب من كبار المالكية في كتابه المعونة (2/869): ويجوز أن يخالعها على الصداق وأقل وأكثر خلافاً لمن ذهب إلى منع الزيادة عليه لقوله - تعالى -: [فلا جناح عليهما فيما افتدت به] فعمّ. اهـ
ونقل الحافظ في الفتح (9/397): عن مالك قوله: لم أر أحداً ممن يُقتدى به يمنع ذلك، لكنه ليس من مكارم الأخلاق. اهـ
وروى ابن ماجة من حديث عبادة بن الصامت عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء قال قلت لها حدثيني حديثك قالت اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألت ماذا عليّ من العدة فقال لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين عنده حتى تحيضين حيضة قالت وإنما تبع في ذلك قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مريم المغالية وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه "وهو حديث حسن صحيح، ورواه عنه النسائي في كتاب الطلاق.
اختلف أهل العلم في عدة المختلعة، هل تعتد كما تعتد المطلقة بثلاثة قروء أم تعتد بحيضة تستبرىء بها رحمها من الحمل، فبالأول قال جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، وبالثاني قال بعض أهل العلم مستدلين بهذا الحديث وبآثار عن الصحابة رضى الله عنهم.
قال أبو عيسى الترمذي: (عارضة الأحوذي (3/132): واختلف أهل العلم في عدة المختلعة فقال أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم إن عدة المختلعة عدة المطلقة؛ وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة وبه يقول أحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: إن عدة المختلعة حيضة، قال إسحاق: وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي. اهـ
ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية في اختياراته (ص/282) فقال: والمختلعة يكفيها الاعتداد بحيضة واحدة، وهو رواية عن أحمد، ومذهب عثمان بن عفان وغيره. اهـ
وتبعه تلميذه العلامة ابن القيم فقال في زاد المعاد (5/670): إن الشارع جعل عدة المختلعة حيضة، كما ثبتت به السنة، وأقر به عثمان بن عفان وابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -، وحكاه أبو جعفر النحاس في ناسخه ومنسوخه إجماعَ الصحابة، وهو مذهب إسحاق وأحمد بن حنبل في أصح الروايتين عنه دليلاً.
فلما لم يكن على المختلعة رجعة لم يكن عليها عدة بل استبراء بحيضة، لأنها لما افتدت منه وبانت ملكت نفسها فلم يكن أحق بإمساكها فلا معنى لتطويل العدة عليها بل المقصود العلم ببراءة رحمها فيكفي مجرد الاستبراء. اهـ
وبالقول الأول وهو أن عدتها عدة المطلقة قال ابن عبد البر المالكي ونسبه إلى الأئمة الأربعة فقال في الاستذكار (17/193) بعد أن أورد طائفة من الآثار التي احتج بها القائلون بأن عدتها حيضة واحدة. قال: وليست هذه الآثار بالقوية.
ثم قال: وقال مالك، وأبو حنيفة، و الشافعي، وأصحابهم عدة المختلعة كعدة المطلقة إن كانت ممن تحيض بثلاثة قروء وإن كانت ممن لا تحيض، بثلاثة أشهر.
وقال: وبه قال سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل وأبو عبيد ورواية عن اسحق. اهـ
وترجم البخاري في صحيحه "باب الخلع وقوله وكيف الطلاق" وشرحه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/395) فقال: قوله (وكيف الطلاق؟) أي هل يقع الطلاق بمجرده أو لا يقع حتى يذكر الطلاق أما باللفظ وأما بالنية؟ وللعلماء فيما إذا وقع الخلع مجرداً عن الطلاق لفظا ونية ثلاثة آراء: وهي أقوال للشافعي أحدها: ما نص عليه في أكثر كتبه الجديدة أن الخلع طلاق وهو قول الجمهور.
والثاني: وهو قول الشافعي في القديم ذكره في أحكام القرآن من الجديد أنه فسخ وليس بطلاق وصح ذلك عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق وعن ابن الزبير وروي عن عثمان وعلي وعكرمة وطاووس وهو مشهور مذهب أحمد.
والثالث: إذا لم ينو الطلاق لا يقع به فرقة أصلاً ونص عليه في الأم وقواه السبكي من المتأخرين وذكر محمد بن نصر المروزي في كتاب اختلاف العلماء أنه آخر قولي الشافعي.
وترجم البخاري أيضاً في نفس الباب " وأجاز عمر الخلع دون السلطان وقال الحافظ: قوله "وأجاز عمر الخلع دون السلطان" أي بغير إذنه، وصله ابن أبي شيبة من طريق خيثمة بن عبد الرحمن قال أتى بشر بن مروان في خلع كان بين رجل وامرأة فلم يجزه فقال له عبد الله بن شهاب الخولاني قد أتى عمر في خلع فأجازه وأشار المصنف إلى خلاف في ذلك.
وترجم - رحمه الله - " وأجاز عثمان الخلع دون عِقاص رأسها " وقال الحافظ: العقاص جمع عقصة وهو ما يربط به شعر الرأس بعد جمعه وأثر عثمان هذا رويناه موصولاً في أمالي أبي القاسم بن بشران من طريق شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان. أخرجه البيهقي من طريق روح بن القاسم عن بن عقيل مطولاً وقال في آخره فدفعت إليه كل شيء حتى أجَفْتُ الباب بيني وبينه، وهذا يدل على أن معنى دون سوى أي أجاز للرجل أن يأخذ من المرأة في الخلع ما سوى عقاص رأسها.
قال ابن بطال: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها.(52/48)
قوله: "ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي أكره إن أقمت عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر، وكأنها أشارت إلى أنها قد تحملها شدة كراهتها له على إظهار الكفر لينفسخ نكاحها منه وهي كانت تعرف أن ذلك حرام لكن خشيت أن تحملها شدة البغض على الوقوع فيه ويحتمل أن تريد بالكفر كفران العشير إذ هو تقصير المرأة في حق الزوج، وقال الطيبي: المعنى أخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي حكمه من نشوز وفرْك وغيره مما يتوقع من الشابة الجميلة المبغضة لزوجها إذا كان بالضد منها فأطلقت على ما ينافي مقتضى الإسلام الكفر، ويحتمل أن يكون في كلامها إضمار أي أكره لوازم الكفر من المعاندة والشقاق والخصومة.
قوله: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ": هو أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن الشقاق إذا حصل من قِبل المرأة فقط جاز الخلع والفدية ولا يتقيد ذلك بوجوده منهما جميعاً، وأن ذلك يشرع إذا كرهت المرأة عشرة الرجل ولو لم يكرهها ولم ير منها ما يقتضي فراقها.
وفيه أن المرأة إذا سألت زوجها الطلاق على مال فطلقها وقع الطلاق فإن لم يقع الطلاق صريحاً ولا نوياه ففيه الخلاف المتقدم من قبل، واستدل لمن قال بأنه فسخ بما وقع في بعض طرق حديث الباب من الزيادة ففي رواية عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس عند أبي داود والترمذي في قصة امرأة ثابت بن قيس فأمرها أن تعتد بحيضة.
قال الخطابي: في هذا أقوى دليل لمن قال أن الخلع فسخ وليس بطلاق إذ لو كان طلاقاً لم تكتف بحيضة للعدة اهـ، وقد قال الإمام أحمد أن الخلع فسخ.
وفي مرسل أبي الزبير عند الدار قطني والبيهقي "أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟، قالت: نعم وزيادة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الزيادة فلا ولكن حديقته، قالت: نعم، فأخذ ماله وخلى سبيلها" ورجال إسناده ثقات وقد وقع في بعض طرقه سمعه أبو الزبير من غير واحد، فإن كان فيهم صحابي فهو صحيح وإلا فيعتضد بما سبق لكن ليس فيه دلالة على الشرط فقد يكون ذلك وقع على سبيل الإشارة رفقا بها، وأخرج عبد الرزاق عن علي لا يأخذ منها فوق ما أعطاها، وعن طاوس وعطاء والزهري مثله وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق، وأخرج إسماعيل بن إسحاق عن ميمون بن مهران: من أخذ أكثر مما أعطى لم يسرح بإحسان.
ومقابل هذا ما أخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال: ما أحب أن يأخذ منها ما أعطاها، ليدع لها شيئاً، وقال مالك لم أزل أسمع أن الفدية تجوز بالصداق وبأكثر منه لقوله - تعالى -: [فلا جناح عليهما فيما افتدت به] ولحديث حبيبة بنت سهل، فإذا كان النشوز من قبلها حل للزوج أن يأخذ منها برضاها وإن كان من قِبله لم يحل له، ويُرد عليها إن أخذ، وتمضى الفرقة، وقال الشافعي: إذا كانت غير مؤدية لحقه كارهة له حل له أن يأخذ، فإنه يجوز أن يأخذ منها ما طابت به نفساً بغير سبب، فبالسبب أولى. وقال إسماعيل القاضي: ادعى بعضهم أن المراد بقوله - تعالى -: [فيما افتدت به] أي بالصداق وهو مردود لأنه لم يقيد في الآية بذلك، وفيه أن الخلع جائز في الحيض لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصلها أحائض هي أم لا لكن يجوز أن يكون ترك ذلك لسبق العلم به، أو كان قبل تقريره، فلا دلالة فيه لمن يخصه من منع طلاق الحائض، وهذا كله تفريع على أن الخلع طلاق، وفيه أن الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن بسبب يقتضي ذلك لحديث ثوبان أيما امرأة سألت زوجها الطلاق فحرام عليها رائحة الجنة رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان. اهـ
وقال الخرقي في مختصره (8/392): الصحيح من المذهب أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق. اهـ
لا يجوز الخلع إلا بتراضيهما:
قال ابن حزم - رحمه الله - في المحلى (10/235): فخافت أن لا توفيه حقه أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها فلها أن تفتدي منه، ويطلقها إن رضي هو وإلا لم يجبر هو، ولا أجبرت هي، إنما يجوز بتراضيهما.
ولا يحل الافتداء إلا بأحد الوجهين المذكورين أو باجتماعهما فإن وقع بغيرهما فهو باطل ويرد عليها ما أخذ منها وهي امرأته كما كانت ويبطل طلاقه ويمنع من ظلمها فقط.
ولها أن تفتدي بجميع ما تملك وهو طلاق رجعي إلا أن يطلقها ثلاثا أو آخر ثلاث أو تكون غير موطوءة. فإن راجعها في العدة جاز ذلك أحبت أم كرهت ويرد ما أخذ منها إليها.
وفي المدونة (5/340) قال ابن قاسم قلت: أي لمالك: هل يحل للزوج أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها في الخلع؟ قال مالك: نعم.
وقال ابن عبد البر المالكي في التمهيد (22/368): وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرّاً بها وخافا ألا يقيما حدود الله، واختلفوا في الخلع على أكثر مما أعطاها فذهب مالك والشافعي إلى جواز الخلع بقليل المال وكثيره وبأكثر من الصداق وبمالها كله إذا كان ذلك من قبلها قال مالك: لم أزل أسمع إجازة الفدية بأكثر من الصداق لقول الله U]فلا جناح عليهما فيما افتدت به[ولحديث حبيبة بنت سهل مع ثابت بن قيس، قال فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع وإن كان أكثر من الصداق إذا رضيت بذلك وكان لم يضر بها فإن كان لخوف ضرره أو لظلم ظلمها أو أضر بها لم يجز له أخذه وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه رده ومضى الخلع عليه.
وقال الشافعي: الوجه الذي تحل به الفدية والخلع أن تكون المرأة مانعة لما يجب عليها غير مؤدية حقه كارهة له فتحل الفدية حينئذ للزوج. قال الشافعي: وإذا حل له أن يأكل ما طابت به نفسا له على غير فراق جاز له أن يأكل ما طابت له به نفسا وتأخذه بالفراق إذا كان ذلك برضاها ولم يضرها. اهـ
الخلع دون السلطان:
وقال الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (2/95): ولا خلاف بين فقهاء الأمصار في جوازه دون السلطان وكتاب الله يوجب جوازه وهو قوله - تعالى -]فلا جناح عليهما فيما افتدت به[وقال - تعالى -: ]ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلاّ أن يأتين بفاحشة مبينة[فأباح الأخذ منها بتراضيهما من غير سلطان وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لامرأة ثابت بن قيس " أتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم، فقال للزوج: خذها وفارقها"، يدل على ذلك أيضاً لأنه لو كان الخلع إلى السلطان شاء الزوجان أو أبيا إذا علم أنهما لا يقيمان حدود الله لم يسألهما النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ولا خاطب الزوج بقوله اخلعها بل كان يخلعها منه ويرد عليه حديقته وإن أبيا أو واحد منهما كما كانت فرقة المتلاعنين إلى الحاكم لم يقل للملاعن خل سبيلها بل فرق بينهما كما روى سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين كما قال في حديث آخر "لا سبيل لك عليها" ولم يرجع ذلك إلى الزوج فثبت بذلك جواز الخلع دون السلطان ويدل عليه أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يحل مال امرئ إلا بطيبة من نفسه". اهـ
ذو الحجة 1420 / مارس (آذار) 2000
http://www.alsunnah.org المصدر:
ـــــــــــــ
نصائح اقتصادية للعروسين ..
د / زيد بن محمد الرماني
لما كان الزواج أساس بناء الأسرة ولا يمكن أن تقود أسرة بدون زواج شرعي.. وجب أن يقوم الزواج على الرغبة والاختيار والرضا المشترك، ومن ثم فلا عجب أن يجمع علماء الاجتماع على إن الأسرة عماد المجتمع وأنها إذا قامت على أسس ودعائم قوية استقرت أحوال المجتمع و توطدت أركانه فإذا وهنت قواعد الأسرة ولم يتحقق لها أسباب القوة على اختلاف أشكالها اظطربت حياة المجتمع واختل توازنه إن أهم ما ينبغي توجيهه للزوجين من نصائح اقتصادية، وهما في مقتبل حياتهما الزوجية ما يلي..
أولا: الاقتصاد.. إن على الزوجة الواعية أن تكون أول من يحافظ على ميزانية الأسرة و تحاول الاقتصاد في المصروفات و الاعتدال في النفقات.
وان مبدأ الرشادة الاقتصادية يستلزم الاعتدال في الأكل والشرب واللباس و السكن و النقل والأثاث و تكاليف الزواج والمهور..
ثانيا: تيسير المهور وتكاليف الزواج، ذلك لان المبالغة في المهور المتمثلة في الشروط الثقيلة جعلت من العروس سلعة تجارية وميدانا للتفاخر والمزايدات.
وإذا كانت المغالاة في المهور قبل الزواج سببا لإعراض الكثير من الرجال والشباب عن الزواج، فإنها بعد الزواج ربما تكون سببا للمشاكل والشقاق و الخلافات الزوجية.. وربما جرت إلى الطلاق و مشاكل الانفصال..
ثالثا: تجنب الإسراف في حفلات الزفاف بإقامة الأفراح في البيوت أو صالات الأفراح المناسبة دون اللجوء إلى الفنادق و الصالات غالية الثمن، فقد أصبحت للأسف صالات الأفراح و الفنادق ميدانا للسرف و البطر و المباهاة..
و مازلنا نجد عند بعض الأسر حتى ذوات الدخل المحدود تصرفات لا مبرر لها سوى العادات والتقاليد، احتفالات مكلفة.. وملابس غالية الأثمان.. وبنود استهلاكية تثقل كاهل الزوجين والأسرة المستقبلية..
رابعا: الحذر من حمى الشراء والتسوق.. وان اخطر ما يمر على الزوجين ما يعرف بـ" حمى الشراء والتسوق " والاستجابة للاستهلاك المظهري والمبالغة في الأزياء والموضات والانسياق وراء الدعايات والإعلانات الخادعة دون تحكيم دقيق للعقل و تقدير للعواقب و النتائج
خامسا: ميزانية رشيدة للأسرة.. إن الزوجة الرشيدة هي التي تلعب دورا فريدا في إسعاد زوجها وذلك بإرادتها الحكيمة لشؤون المنزل و تدبير مصروفاته.
ويا ليت لو اهتم الزوجان بتخصيص مبالغ مالية للتوفير والادخار لوقت الحاجة والطوارئ المفاجئة..
ختاما: فإني أرى لزاما علي إلى جانب تلك النصائح أن أشير لمجموعة من التوجيهات العامة التي تعتبر رائد الحياة الاقتصادية الأسرية الهانئة، ومن ذلك..
1- ضرورة تقدير الزوجة لما يبذله زوجها من جهود و عمل لقاء الحصول على الأموال اللازمة والتي ينفق أجزاء منها على شراء الاحتياجات والسلع الضرورية للأسرة.
2- أهمية معرفة أن المعيشة الهانئة والسعيدة وسعة العيش قد لا يدوم ذلك كله، وقد تمر بالأسرة أيام صعبة يحتاجون إلى كل ما انفق دون حساب.
3- ضرورة توفير مبالغ كافية لتنشئة الأطفال و تحقيق الحياة الكريمة لهم، مصداقا لوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لئن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ".
4- ينبغي التخلص من القيم الاستهلاكية السيئة الضارة، حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في وجود لفقر وسط الرخاء.
5- حبذا أن نكبح انفعالاتنا العاطفية المتعلقة بالكميات المطلوبة و مستوى الاستهلاك.
6- من الضرورة أن تقوم وسائل الإعلام ووكالات الدعاية والإعلان بدور مهم في تنمية الوعي الاقتصادي والاستهلاكي لدى أفراد المجتمع.
وقد آن أوان ذلك..
مجلة حياة ربيع ثاني 1423هـ
http://mag.ma3ali.net المصدر:
ـــــــــــــ
لماذا الزواج ؟
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أما بعد:
فإن الزواج يعني إضافة لبنة جديدة من لبنات المجتمع المسلم، ودعامة جديدة من دعائمه، فحق على هذا المجتمع أن يحتفل ببناء هذه اللبنة، ويبارك وجودها ويسر لها، ويحوطها بمظاهر الفرح والابتهاج، ويقدم لها القواعد والآداب التي لابد أن تلتزم بها قبل، وبعد، وفي أثناء بنائها، حتى تكون لبنة قوية، مشاركة في تكوين الإسلامي المنشود.
وفي هذه الصفحات وضعت لك خطوطاً عريضة لهذه القواعد والآداب، التي ينبغي أن يلتزم بها الزوجان قبل، وبعد، وفي أثناء زواجهما، أقدمها هدية لكم مع خالص الدعاء بالتوفيق للجميع.
* لماذا الزواج
سؤال غريب، وقل أن يفكر أحد فيه، وذلك لظن الكثيرين أن الإجابة عليها سهلة ميسورة، إلا أن القارئ لهذه الأسطر سيجد فيها ما هو جدير بالتأمل، وإعادة التفكير جدياً، لأن الإجابة مهمة، وعليها تنبني صياغة الأسرة التي ينشد أعضائها السعادة في الدارين.
- وإليك الإجابة عن لماذا الزواج؟
أولاً: أنه امتثال لأمره - سبحانه وتعالى-: [فانكحوا ما طاب لكم من النساء] وقوله: [وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم].
ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى).
وسعادة المؤمن وقرة عينة في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ثانياً: حفظ النسل البشري ليعمر الأرض، ويحقق الهدف الذي من أجله خلقه الله، وهو العبادة.
ثالثاً: لأن في الزواج تلبية مأمونة لحاجة الغريزة بين الرجل والمرأة، التي إن توفرت حصلت العفة، وإن لم تتوفر حصلت الخيانة التي فيها دمار الأمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الزواج (إنه أغض للبصر وأحصن للفرج).
رابعاً: المحافظة على الأسباب، ولولا ذلك لعج المجتمع بالأولاد غير الشرعيين، الذين بهم تضيع الأخلاق الكريمة الفاضلة، وتزرع وتنشر الرذيلة والفساد.
خامساً: لأنه بالزواج تكون الأسرة التي تحضن الأطفال، وتربيهم وتعلمهم التعليم الذي لا غنى لهم عنه، ويعرفون بها الحنان والألفة والمودة والرحمة، التي إن فقدوها في نشأتهم تسبب عن فقدهم لها خلل يصاحب الإنسان في جميع مراحل حياته، فيصبح مخلوقاً لا يعرف الرحمة والألفة ن وبذلك تكثر الجرائم وينتشر الفساد.
سادساً: حصول السكن النفسي الذي يسعى له كل إنسان، وإلا أصبح قلقاً مضرباً، لا يعرف الاستقرار، قال - تعالى -: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.
سابعاً: الإكثار من عدد أفراد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى تكون لهذه الأمة هيبتها وعزتها، التي أرادها الله لها، وحتى تحصل المباهاة التي أحبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم).
ثامناً: أنه حماية للمجتمع من الأمراض الخلقية، والأمراض الجنسية التي يعاني منها المجتمع الدولي، يوم أن ترك الاهتمام بأمر الزواج، وفرط في نظامه.
فإذا نوى الرجل والمرأة الزواج فعليهما أن ينويا بزواجهما هذه الأمور التي ذكرت، أو بعضها، حتى يؤجر لك منهما على زواجه، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
وقال - صلى الله عليه وسلم -:(وفي بضع أحدكم صدقة).
http://dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــ
معشر الشباب.. في النكاح مصالح دينية ، ومصالح دنيوية
أولاً: أنه وقاية للدين من غائلة الشهوة، ليغض المسلم بصره ويحفظ فرجه لقوله - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).
ثانياً: في النكاح التسبب بالتوصل إلى الولد، وذلك قربة وطاعة لله تعال، وتكثيراً للمؤمنين بالله. لما روى أبو داود، والنسائي عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: "لا". ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم).
ثالثاً: في النكاح الطمع في دعاء الولد الصالح في الحياة وبعد الممات؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
رابعاً: في النكاح خير متاع الدنيا، وحتى يتفرغ الرجل للعلم والتعليم والعمل. لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) رواه مسلم.
وروى ابن ماجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) ولأحمد نحوه.
خامساً: النكاح سبب من أسباب الغنى ورفع الفقر والحاجة. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عجبت لمن ابتغى الغنى بغير النكاح والله - عز وجل - يقول: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(32) النور}.
وقال الصديق أبو بكر - رضي الله عنه -: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة حق على الله عونهم -وذكر منهم- الناكح الذي يريد العفاف).
ففي هذا قطع لحجة الأولياء الذين يرفضون تزويج الفقير خشية أن يزيده النكاح بؤساً إلى بؤسه، وهذه النظرة المادية يكذبها الواقع أيضاً فكم من فقير أصبح بعد زواجه موفور النعمة، قرير العين.
وروى مسلم وأحمد - واللفظ لأحمد- عن أنس، قال: (خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على جُليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى استأمر أمها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فنعم إذاً"، فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها فرفضت. وفي رواية عند أبي يعلى قالت: لا لعمر الله لا تزوجه إذا ما وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا جليبيباً، وقد منعناها من فلان وفلان. قال والجارية في سترها تستمع. قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه فكأنها جلت عن أبويها (أي كشفت وأوضحت أمراً خفي عليهما) وقالا: صدقت، فذهب أبوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن كنت قد رضيته فقد رضينا قال: فإني قد رضيته فزوجها. ثم فزع أهل المدينة - نادى منادي الجهاد لأحد معارك المسلمين - فركب جليبيب، فوجدوه قد قتل، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم.
وعن مسلم: "فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف ثم قال: "قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني، وأنا منه هذا مني وأنا منه)، قال فوضعه على ساعديه ليس له سرير إلا ساعدا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فحُفر له، ووضعه في قبره، قال أنس: فلقد رأيتها - مراءه جليبيب - وإنها لمن أنفق بيت في المدينة.
وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتاً: قال هل تعلم ما دعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: (اللهم صب عليها الخير صباً، و لا تجعل عيشها كدّاً كدّا). قال: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها.
سادساً: من ذلك أن النكاح من سنن المرسلين عن الحسن، عن سعد ابن هشام. أنه قال لعائشة - رضي الله عنها - إني أريد أن أسألك عن التبتل فما ترين فيه؟ قالت: فلا تفعل، أما سمعت الله - عز وجل - يقول: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً (38)الرعد} فلا تبتل.
وروى البخاري عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: تزوج فإن خير هذه الأمة كان أكثرهم نساءً، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فاتقوا الله عباد الله وكونوا من أولي الألباب الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والذين أثنى عليهم في محكم كتابه إذ يقول: {فَبَشِّرْ عِبَادِي(17)الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ (18)الزمر}
بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم...أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين.
http://www.khayma.com المصدر:
ـــــــــــــ
الوفاء الزوجي
د. مصطفى أبو سعد
إن الثبات على صدق الوفاء من أفضل ما تتحلى به النساء، ولهذا (درجت المرأة المسلمة على مواتاة زوجها ومصافاته، واستخلاص نفسها له، واحتمال نبوة الطبع منه، وأكثر ما كان صفاء نفسها، وسماح خلقها وعذوبة طبعها، إذا استحال الدهر بالرجل فرزأهُ في ماله، أو نَكَبَهُ في قُوَّته، بدَّله بكرم المنصب، وروعة السلطان، أعرافاً من السجن، وأصفاداً من الحديد.
بل لقد كان وفاؤها له بعد عفاء أثره، وامِّحاء خبره، عديل وفائها له وهي بين أفياء نعمته، وأكناف داره، وكان إيثار الإِسلام له بمَدِّ حدادها عليه أربعة أشهر وعشرة أيام، لا تتجمل في أثنائها؛ ولا تزدان؛ ولا تفارق داره إلى دار أبيها - سُنَّةً من سنن هذا الوفاء، وآية من آياته.
لذلك كانت المرأة المسلمة ترى الوفاء لزوجها بعد الموت، آثر مما تراه لأبيها وأمها وذوي قرابتها، فكانت تؤثر فضائله، وتذكر شمائله في كل موطن ومقام، بل ربما عرض ذكره وهي بين خليفته من بعده، فلا تتحرج في ذكر فضائله وتفضيله إن كانت ترى الفضل له).
و من حديث ذلك أن أسماء بنت عُميس كانت لجعفر بن أبي طالب، ثم لأبي بكر من بعده، ثم خلفهما عليٌّ رضي الله عنه، فتفاخر مرة ولداها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر، كل يقول: "أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك"، فقال لها عليٌّ: "اقضي بينهما يا أسماء"، قالت: "ما رأيت شابّاً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر"، فقال عليٌّ: "ما تركتِ لنا شيئاً، ولو قلتِ غير الذين قلت لمَقتُّكِ! " فقالت أسماء: "إن ثلاثاً أنت أَقَلُّهم لخيار".
و أوصى أبو بكر رضي الله عنه أن تُغَسِّلَه أسماء بنت عميس - رضي الله عنها -، ففعلت، وكانت صائمة، فسألت من حضر من المهاجرين: وقالت: "إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عَلَيَّ من غُسل؟ "، فقالوا: "لا"، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد عزم عليها لمَّا أفطرت، وقال: "هو أقوى لك"، فذكرت يمينه في آخر النهار، فدعت بماء، فشربت، وقالت: "و الله لا أُتْبِعُهُ اليومَ حِنْثاً".
و من ذلك أيضاً ما رُوِيَ من أن النساء قُمْنَ (حين رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أُحُد يسألن الناس عن أهلهن، فلم يُخْبَرْن حتى أتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا تسأله واحدة إلا أخبرها، فجاءته حَمْنَةُ بنت جحش، فقال: "يا حَمْنَةُ، احتسبي أخاك عبد الله بن جحش"، قالت: "إنا لله وإنا إليه راجعون، - رحمه الله -، وغفر له"، ثم قال: "يا حمنة، احتسبي خالك حمزة بن عبد المطلب" قالت: "إنا لله، وإنا إليه راجعون، - رحمه الله -، وغفر له"، ثم قال: يا حمنة احتسبي زوجك مُصعب بن عمير"، فقالت: "يا حَرَباه"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن للمرأة لشُعبة من الرجل ما هي له في شيء")، ولعمرك إن في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلاغاً لما أوثرت المرأة به، وأَبَرَّتْ فيه من فرط الحنو على زوجها، وفضل الوفاء له بعد موته.
المصدر:عودة الحجاب ... . الكاتب/إسماعيل المقدم)(52/49)
http://mag.ma3ali.net المصدر:
ـــــــــــــ
سبيل انتشار الزواج
عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى.
عباد الله، ثبتَ في السنن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((ثلاثة حقٌّ على الله عونُهم: المتزوِّجُ يريد العفافَ، والمكاتب يريدُ الأداء، والمجاهدُ في سبيل الله))[1].
أيها المسلم، هذا إخبارٌ من نبينا وهو الصادق المصدوق فيما يقول، إخبارٌ عن ربنا - جل وعلا - أنه - تعالى - وَعَد أولئك الثلاثةَ بالعون والتأييد، فقال: ((ثلاثة حقّ على الله عونُهم)) حقٌّ تفضَّلَ به ربُّنا، فضلاً منه وكرماً، ((حقٌّ على الله عونهم: المتزوِّج يريد العفاف)).
أيها الشاب المسلم، الزواجُ من الأمور المهمّة التي رغَّب الشارع فيها وحثَّ عليها، والله يقول: وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ [النور: 32]، ويقول: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَواحِدَةً [النساء: 3]، ورسول الله يوجِّه خطاباً لشبابِ الأمة المسلمة بقوله: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج؛ فإنّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنّه له وجاء))[2]، ويخبر أن الزواجَ من سنتِه، فيقول لأولئك الذين قال قائلهم: أنا لا أتزوَّج النساء، قال: ((ولكني أتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))[3].
والزواجُ من هدي المرسلين - عليهم السلام -، قال - تعالى -: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً [الرعد: 38]، ويذكرُ ربنا - تعالى - من دعاء نبيه زكريا أنه قال: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ [الأنبياء: 89، 90].
فالنكاح ـ أخي المسلم ـ فيه الفوائد الكثيرة، فهو طاعة لله وطاعة لرسوله، وهو من هدي المرسلين، وبه يحصلُ الولد، وبه غضُّ البصر وكذا تحصينُ الفرج، وبه طمأنينةُ النفس وسكون القلب، وبه القيامُ بما أوجب الله من الطاعات، فهو عونٌ على كلّ خير في الدنيا والآخرة، قال - تعالى -: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف: 189]، فهي سكنٌ للرجل، وعون له على كلّ خير. هذه سنة الله، هذه شريعة الله وسنة محمد.
أيها الشاب المسلم، قد يفكِّر الشابُّ أحياناً في الزواج، ولكن يأتي نصبَ عينيه عقباتٌ كثيرة، يفكِّر فيها ويتأمل: كيف يتخطَّى تلك العقباتِ؟ كيف يجاوز تلك الصِّعاب؟ كيف يتغلّب على هذه المشاكل؟ ينظر: المهرُ أين يجدُه؟ ينظر ما بعد الزواج وكيف يُؤمِّن معيشته وزوجته؟ ينظر وينظر، وتأتيه الخواطر من كلّ جانب، فيبقى حائراً، مَن له والتغلُّب على تلك العقبات؟ من يؤيِّدُه ويشدّ أزره؟ من يقف بجانبه؟ من يعينه؟ ومن ومن؟ ثم إذا فكّر ربّما يغلب اليأس والقنوط عليه، فيعدّ نفسَه في جملة العزّاب إلى قيام الساعة، ويكون التفكير قاصراً، والرأي غيرَ صواب؛ لأنه نصَب نصْب عينيه أموراً كثيرة؛ هو يراها كالجبال لا يستطيع تعدِّيها، يراها أموراً صعبة شاقّة ومتعِبة، ولكن لو عاد إلى رشده ونظر وتأمَّل لوجد أن الله - جل وعلا - قد تكفّل له بالعون، تكفّل له بالتأييد، تكفّل له بتيسير كلّ الأمور، تكفّل له بأن تكون الأمور ميسّرة، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح: 5، 6].
إذاً فهذا وعدٌ من ربّ العالمين، حقٌ ألزمه الله نفسَه، وهو أصدق القائلين، وهو - جل وعلا - لا يُخلف الميعاد، ((ثلاثة حقٌّ على الله عونُهم))، وإذا كان الله وعدك بالعون ووعدك بالتأييد، فما عليك إلا أن تبذلَ السبب الذي تتوصّل به ليتحقق لك هذا الوعد الصادق.
أخي المسلم، إن ربَّنا - جل وعلا - بيَّن في كتابه أنَّ الفقرَ ليس أمراً دائماً، والدنيا تأتي وتروح، المال يغدو ويروح، وليس الفقر ملازماً للإنسان مدةَ حياته، فالله - جل وعلا - يغني ويفقر، ويعزّ ويذلّ، وبيده ملكوت السموات والأرض، اسمع ربَّك يقول: وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور: 32]، فلا تقل: أنا الفقير المدقع، وأنا المعدم، وأين وأين؟ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ، بمعنى أن هذا النكاح هو سبب للخير، وسببٌ للرزق، وسبب لحلول البركة، بأيّ سبب شاء الله أن يتحقّق لك ذلك، إذاً فلا يأسَ ولا قنوط، ولكن أسبابٌ تُبذل مع الاستعانة بربّنا - جل وعلا - على كلّ ما أهمَّ الإنسانَ وأعجزه، ولكن لا بد من عفَّةٍ عن محارم الله، لا بد من صون النفس عن المعاصي حتى يكون السببُ مؤثراً بتوفيق الله، ولذا قال الله: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور: 33]، ليعُفُّوا من محارم الله، ويصونوا نفوسهم عن ذلك، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3]، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه - في هذه الآيات: (إن الله جعل النكاح سبباً للغنى)[4]، ويقول أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -: (عجبتُ ممن يزهد في الزواج والله يقول: إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)[5].
إذاً فالوعد حقّ لمن أخذ بأسبابه النافعة، تعلّقَ قلبه بالله، بذلَ جهدَه وطاقته مستعيناً بالله معتمداً عليه متوكّلاً عليه، عالماً وموقناً أن الله يفعل ما يريد، وأنه الفعال لما يريد، لا يعجزه شيء، لّتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلّ شَىْء قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلّ شَىْء عِلْمَا [الطلاق: 12]، يزرق من يشاء بغير حساب، فالنفقة في هذا الباب نفقة مخلوفة إذا قُصِد بها الخير، والتُزم فيها الأدب الشرعي.
أيها المسلم، لا شكَّ أن العقباتِ كثيرة، ولا شكّ أن المعوِّقات متعدّدة، لكن المسلم إذا استقبلها بقوَّة إيمانٍ ويقين، وتحقَّق بوعد الله، وصدَّق الله في وعده، وأخذ بالأسباب النافعة، فالله ييسِّر أمورَه ويعينه. والمجتمع المسلم مطلوب منه تذليلُ الصعاب، مطلوب منه العون والتأييد للعاجزين، مطلوبٌ من المجتمع المسلم أن تكون لهم يدٌ بيضاء في إعانة أولئك وتسهيل مهمَّاتهم. إنها مشكلة يعاني الكلّ منها، فالشابّ يعاني من عدم الزواج، وأبو الأولاد يعاني ذلك، ومن عنده بناتٌ عانسات يعانين ويعاني الأب من ذلك، فلو عاد الناسُ إلى رشدهم، وفكّروا في واقعهم، وتعاون الجميع على البر والتقوى، وذلَّلوا الصعاب، لكان انتشار النكاح كثيراً جداً، وعمَّ الخير والبركة، وتقلَّصت الجريمة بتوفيق من الله.
أيها المسلمون، إذاً على المجتمع المسلم واجبٌ، أن يكون أمرُ المهور وتكاليف الزواج يُسْعى في تقليلها، يُسعى في عدم التوسُّع فيها، يُسعى في أن لا يحمَّل الشابُّ ما لا يطيق وما لا قدرةَ له عليه، يُسعى بأن لا تكون مجالات الزواج مجالاتِ الفخر وإظهار القدرات، وكلٌّ يحبّ أن يكون سابقاً لغيره بما يُحدثه من حفلات توسّع فيها، وولائم توسّع فيها، وأمور كثيرة، حتى يستمرئ الناس هذا التوسّع الشديد.
المجتمع مطلوب منه التعاون فيما بين أفراده على البر والتقوى، وأن يُحرَص كل الحرص على تذليل الصعاب أمام شبابنا، لكي يخطوا الخطواتِ النافعة، فيجدوا في مجتمعهم تعاوناً والتحاماً، وأن يمدَّ بعضهم بعضاً، فهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وكالبنيان يشدّ بعضه بعضاً، هذا واجب المسلمين، لكن إذا كنّا نغضُّ الطرفَ عن حفلات زواجنا وولائم زواجنا، وأصبحت الأمور تخرج عن السيطرة، وكلٌّ يظهر قدرته وقوتَه، وكلٌّ لا يبالي بمصالح إخوانه، إن يكن ذا مال أسرف في ولائمه وحفلاته، ولا ينظر أن هناك شباباً بحاجة إلى شيء من هذا. فلو أن المسلمين تعاونوا فيما بينهم، وتساعدوا فيما بينهم، وحرصوا وتواصوا بالبر فيما بينهم والتعاون على الخير، لأدَّى ذلك إلى كثرة الزواج في الشباب وقلة العنوسة في النساء.
هذه أمورٌ ينبغي أن نتعاون فيها، فيما يصلح شأنَ الجميع، فإنَّ فشوَّ الزواج وكثرته سببٌ ـ بتوفيق الله ـ لصيانة المجتمع، وحفظه من الانزلاق في الرذيلة، ولهذا قال الله: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور: 33]، وعدٌ لهم أن من عفَّ عن محارم الله وصان نفسه عن قاذورات المعاصي، فإن الله سيؤيِّده، وإن الله سيغنيه، وإن الله سيسدِّد حاله، فهذا وعدُ الله، وربُّك لا يخلف الميعاد.
فعلى الجميع الثقة بالله، والتصديق بوعد الله، والأخذ بالأسباب النافعة، وعلى المجتمع المسلم أن يظهرَ منهم شيء من التعاون في هذا المجال، فعسى الله أن يمنَّ بتوفيق من الله لشيوع الزواج في شبابنا، وقلة الجرائم، وحرص الجميع على الخير، وفَّق الله الجميع لما يرضيه، وأعاننا وإياكم على كل خير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] أخرجه أحمد (2/251، 437)، والترمذي في فضائل الجهاد (1655)، والنسائي في الجهاد (3120)، وابن ماجه في الأحكام (2518)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن الجارود (979)، وابن حبان (4030)، والحاكم (2678)، وحسنه الألباني في غاية المرام (210).
[2] أخرجه البخاري في النكاح (5065)، ومسلم في النكاح (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
[3] أخرجه البخاري في النكاح (5063)، ومسلم في النكاح (1401) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
[4] أخرجه ابن جرير في تفسيره (18/126) بلفظ: (التمسوا الغنى في النكاح يقول الله: إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ).
[5] أخرجه عبد الرزاق في المصنف (10393)، وعبد بن حميد ـ كما في الدر المنثور (6/188) ـ عن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر قال، وذكره بمعناه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - حق التقوى.
عباد الله، إن الله - جل وعلا - جعل من جملة الأصناف المستحقين للزكاة الغارمين، فقال: وَالْغَارِمِينَ [التوبة: 60]، والغارم عند العلماء على قسمين:
أولاً: غارمٌ تحمَّل لمصلحة غيره، كالذي يتحمَّل الديونَ للإصلاح بين المتنازعين، وكفِّ الشرور، فهذا يُعطى ولو كان غنياً؛ لأن ما بذله مصلحة عامة.
وثانياً: غارمٌ لمصلحة نفسه، تحمَّل ديناً لمصلحة نفسه وذاته، فهذا يعطى من الزكاة ما يكون سبباً لقضاء دينه.
قال العلماء: إنَّ الشاب الذي يريد الزواج وهو فقير قليلُ ذات اليد يُعطى من الزكاة ما يعينه على زواجه، لكن يُعطى ما يعينه على الزواج بغير سرف ولا تبذير. فيعطى من الزكاة، ولا شك أن إعطاءَه من الزكاة أولى من إعطاء كثير ممن يتسوّلون والله يعلم أنهم أغنياء، أو يدعون الإعسارَ ويحملون صكوكاً قد يكون كثيرٌ منها مزوَّراً أو مزيدًا فيه بلا سبب، لكن شابٌ مسلم علمتَ ظروفه، علمتَ حاله، علمتَ قدرتَه المالية، علمت ضعفه وعجزَه، فإنك إن أعطيته من الزكاة أعنته على غضِّ بصره وتحصين فرجه، وسعيتَ في إيجاد صلاح للمجتمع.
إذاً فإعطاء الشباب ما يعينهم على زواجهم ويهوِّن أمورَهم ويذلل الصعاب أمامهم، إعطاؤهم من الزكاة خير كثير وعمل صالح، يرجو العبدُ به ثوابَ الله، وهو يعلم حقاً أن هذا المال، وُضع موضعَه، وأصاب مكانه، فإعطاء الشباب ما يعينهم على الزواج عمل صالح، من الزكاة أو صلة الرحم إذا كانوا أقرباء والله مغنيك، فصلتهم بإعطائهم ما يعينهم أمرٌ مشروع وعمل صالح، وهو خير من كثير من أموال قد تذهب لغير مستحقيها، لمن يأخذها وليس ذا حاجة، لكن شابٌّ مسلم علمت ظروفه وأدركتَ حاله وتصورته التصورَ الصحيح، فإنك إن أعطيتَه من زكاة مالك أرجو الله أن تكون زكاةً مقبولة، وإن وصلته بإحسان ومعروف فأرجو الله أن يعوِّضك عما أنفقت خيراً، وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]، وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً [المزمل: 20].
إنك تعطيه ليتزوَّج، وليبنيَ بيتاً سعيداً بتوفيق الله، ولينشأَ ذريةٌ صالحة بتوفيق الله، فأنت ساع في الخير حاضراً ومستقبلاً، فلتطِب النفوس بهذا للشباب المسلم، ولنشدَّ أزرهم، ولنقف في صفهم، فإننا بذلك نكون من المحسنين، والله يقول: وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195].
أمَّا أن نتركهم لكي يقتنصهم من يريد إقراضَهم إقراضاً ثقيلاً يشقّ عليهم قضاؤه، يأخذون السيارات وأمثالها، فيحمِّل نفسه ديوناً لا طاقة له بوفائها، ولا قدرةَ له بتحمّلها، ولا شك أن الله وعده بالعون، لكن يجب أن يكون أيضاً منَّا عون، حتى لا نتركه يتحمَّل هذه الديون الطائلة، بل نسعى في التخفيف من التبعات قدرَ المستطاع، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه، وأن نكون جميعاً أعوانًا على البر والتقوى، وأن لا نكون أعواناً على الإثم والعدوان.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
وصلوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال - تعالى -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين...
9/5/1423
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
حاجة المجتمع إلى الزواج
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى
معاشر المسلمين: لقد كتب المصلحون ونادوا، بأعلى صوت وأوضح بيان، داعين إلى تقويم الأخلاق، ومحو الفساد، وقهر الشهوات؛ حتى كلت منهم الأقلام، وملت الألسنة، ومع ذلك لم يصنعوا شيئاً، ولم يستأصلوا منكراً، بل إن المنكرات لتزداد، وإن الفساد لينتشر، والسفور والحسور والتكشف تقوى شرته، وتتسع دائرته، ويمتد من بلد إلى بلد، حتى لم يبق بلد إسلامي في نجوة منه، حتى هذه البلاد التي كانت تبالغ في حفظ الأعراض، وستر العورات؛ انتشر فيها كثير من اللمم، وخرج البعض من النساء حاسرات سافرات كاشفات السواعد والنحور.
ما نجحنا أيها الإخوة، وما أظن أننا سننجح إذا لم نهتد إلى بوابة الإصلاح وطريقه، وباب الإصلاح أمامَنا، ومفتاحه بأيدينا، فإذا آمنا بوجوده، وعملنا على دخوله، صلحت حالنا، وتحسنت مسيرتنا.
إن بوابة الإصلاح هي في علاج مشكلة من أعقد المشاكل وأعمقها أثراً في حياة الأمة.
ولعلي أبادر فأقول: إن نتائج هذه المشكلة هي هذا الفساد الأخلاقي الذي يشتكي منه كل بلد من البلدان، وهذا التفسخ الخلقي الذي يعج منه هذا الزمان.
إن المشكلة تتلخص في جملة واحدة مفادها، أن فينا فئاماً من البنات يملأن البيوت وينتظرن الزواج، وفئاماً من الشباب يجوبون الطرقات ويطلبون الزواج.
ولكنَّ.. بين الفريقين سداً منيعاً يمنعهما من الاتصال، وهذا السد المنيع هو: عادات المجتمع وتقاليده، وشريحة من المجتمع لم تدرك إلى الآن، أن في المجتمع وباء فتاكاً، يدمر الأخلاق، ويبدد الأعراض، وأنه لا دواء له، ولا منجى منه، إلا بعلاج المشكلة وهو الزواج.
ولست أدري من سيتولى علاج المشكلة غيرَنا؟؟؟، هل ستحلها مراكز الدراسات الغربية؟؟؟ أو منظمات حقوق الإنسان؟؟؟؟ أو هواة الثرثرة والتشدق من المتاجرين بالكلمة والمسترزقين بالأقلام؟؟؟.... فمن غيرنا يعنى بأمرنا؟؟؟ ومن للشباب غير آبائهم وإخوانهم؟؟؟؟؟.
لا بد أن نسعى جميعاً في علاج المشكلة، ونعلم علم اليقين أن كل من يمنع الزواج، أو يضع في طريقه العراقيل، أو لا يسهله وهو قادر على تسهيله أنه يكون عاملاً على زيادة هذا الوباء ونشره.
وإن خطر عرقلة الزواج على الجنسين جميعاً ولكنه على البنات أشد، ذلك أن الشاب يجني جنايته ويمضي، والبنت هي التي تحمل العواقب.
ولأن المجتمع يغتفر للشاب ويقول: ولد أثم وتاب، ولكنه لا يغفر للمرأة أبداً، ولا يقبل لها توبة، وإن والد البنت لو عقل لسعى هو في زواجها.
إخوة الإسلام، ولقد شرع الزواج لمصالح عظيمة زيادة على كونه عصمة للمجتمع من الانحلال والتفسخ والمجون.
فالزواج: يصون النظر عن التطلع إلى ما لا يحل ويحصن الفرج ويحفظه كما قال: ((يا معشر الشباب من استطاع منك الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) متفق عليه.
كما أن الزواج يبعث الطمأنينة في النفس ويحصل به الاستقرار والأنس.
وبالزواج تحصل الذرية الصالحة التي ينفع الله بها الزوجين وينفع بها مجتمع المسلمين قال: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) رواه أبو داود والنسائي والحاكم.
ولما كان الزواج بهذه الأهمية في الكتاب والسنة وفيه هذه الفوائد العظيمة وجب على المسلمين أن يهتموا بشأنه ويسهلوا طريقته ويتعاونوا على تحقيقه ويمنعوا من أراد تعويقه من العابثين والسفهاء والمخذلين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
وأنتم يا شباب الإسلام من استطاع منكم الزواج فليعجل به، فإنكم لا تطيعون الله بعد إتيان الفرائض وترك المحرمات بأفضل من الزواج تصونون به أخلاقكم وتحفظون به دينكم.
معاشر المسلمين، ولقد تحمل الشاب الراغب في النكاح آصاراً وأثقالاً بسبب إعراض المسلمين عن سنة سيد المرسلين، قيود فوق قيود، وآصار فوق آصار.
في مجتمعنا في هذه البلاد يحاط بستان الزواج بحيطان شاهقة ثم بأسلاك شائكة ووضعه الناس فوق جبل وعر بعدما صيره غثاً، وألقوا العثرات في طريق ارتقائه والتمتع بأفيائه، حتى ليظن الظان أن سبيل الحرام أسهل من سبيل الحلال لما يرى من هذه العراقيل التي ما أنزل الله بها من سلطان.
فهذه التكاليف الباهظة من ارتفاع المهور والمباهاة في إقامة الحفلات واستئجار القصور مما لا مبرر له إلا إرضاء السفهاء ومجاراة المبذرين والسخفاء: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبّهِ كَفُورًا [الإسراء: 27].
ولقد استنكر النبي المغالاة في المهور كما روى أبو هريرة أن النبي قال لرجل: ((على كم تزوجت؟)) قال: على أربع أواق، فقال: ((على أربع أواق؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل)).
قال عمر بن الخطاب: (لا تغلوا في ُصُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي ما أصدق - عليه الصلاة والسلام - امرأة من نسائه، ولا أُصْدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتا عشرة أوقية) أي مائة وعشرين ريالا. رواه الخمسة وصححه الترمذي.
أيها المسلمون، وفي الشباب اليوم رغبة في الزواج ولكن من يستطيع أن يتكلم قبل أن يتخرج ويتعين؟!
لقد وضع الله الغريزة في نفس الشاب والشابة، وقدر لظهورها سن الخامسة عشرة أو نحوها، فإذا بلغها الولد أو البنت تنبه في نفسه ما كان غافلاً وتيقظ ما كان نائماً.
ونظام التعليم يوجب على الشاب أن يبقى في الدراسة إلى سن الثالثةَ والعشرينَ وما بعدها........ وهو مضطر بحكم هذا النظام أن يبقى بلا كسب ولا مورد، ويبقى عالة على والده حتى يبلغ هذه السن، ثم بطبيعة الحال يبقى بعد ذلك بضع سنين لكي يجمع تكاليف الزواج الباهظة ؛ فيتأخر زواجه جداً.
ويا ليت شعري، ما هي حال الشباب فيما بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين؟
الشباب منهم الصالحون ومنهم دون ذلك...... فمنهم من يعمل بالوصية النبوية من الصوم وغض البصر مع التقوى والعفة والصلاح.
ومنهم من لا يفعل شيئاً من ذلك..... بل زيادة على العزوبة يقرؤون الروايات ويشاهدون الفضائيات وليس لهم همٌ إلا أن يتطيبوا ويتعطروا ويتبختروا في عشيات الصيف، في الأسواق ونواصي الطرقات، يراقبون المارين والمارات.
منعهم المجتمع بعوائده المقيتة من الزواج، ثم لم يترك وسيلة لزيادة نار الشهوة فيهم إلا عمد إليها....... يغريهم بالرذيلة بالصور العارية والعورات البادية والفضائيات والمقاهي المنتشرة.
ونحن نوجب عليهم أن يتحملوا ذلك العبء عشر سنواتٍ أو تزيد ونقول لهم بعد ذلك: انصرفوا إلى دروسكم وإلى مطالعاتكم، وإياكم أن تفكروا في الفاحشة أو تقربوا منها.
والحق أن هذا أمر مقارب للمستحيل، فلا شك أن كثيراً منهم سيقع في غائلة الرذائل، وسنكون جميعاً بتواطئنا المقيت على هذه العوائد سببًا في فساد المجتمع وإفساده.......
وليست الملامة على الشباب وإنما اللوم علينا جميعاً إذا لم نتدارك الوضع ونبدأ في العلاج.
ألا إن العلاج يكمن في الاقتناع بتبكير الزواج في وقت الحاجة إليه، ثم التعاون على تسهيل تكاليفه التي جَعلتْ كثيراً من المقدمين عليه لا يستطيعه إلا بمساعدة أهل الخير ومال الزكاة،أو الدَّيْن وإثقال الكاهل، وانتشرت مشاريع مساعدة الشباب الراغب في الزواج، ومع ذلك لم يتفهم المجتمع قضيته، ولم يعرف مصلحته.
حق على أصحاب القدوة من الوجهاء والعلماء، والرموز والأغنياء، أن ينشروا في الناس خلق القناعة بما يسر الله ورزق، ويرسموا ذلك بفعالهم قبل أقوالهم فإن تأثيرهم عظيم، والناس لهم تبع، بدل أن يكونوا مصدر فتنة وكسر لقلوب الفقراء الذين يتطاولون بدورهم حفظاً لماء وجوههم من هذا المجتمع الذي لا يرحم، والدين مقض لمضاجعهم هماً، وفي نهارهم مورثهم ذلاً.
أيها المسلمون، وبعضل بعض الآباء حرم الكثير من الفتيات من الزواج؛ فإذا تقدم لها خاطب كفءٌٌٌ منعت منه، وتمحل الأب شتى الحيل لرده......(52/50)
فهذا ضيق ذات اليد، وذاك جاهل، والآخر من أسرة مجهولة، وهذا مقطوع ليس له أحد، وهذا كثير الأهل له أم وأخت وامرأة أخ، فهو يخشى أن يظلمن ابنته، وإذا جاء خاطب لم يجد له علة أغلى عليه المهر وأرهقه بالتكاليف حتى يهرب ويفر.
والرسول يقول: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
ولربما كان العضل بسبب دريهمات يتقاضاها الأب من مرتب ابنته غير مبال بمستقبل هذه الفتاة وما تتعرض له من الفتنة وما يفوت عليها من المصالح العظيمة.
يا أيها الأب: ليس من مؤهلات القبول للشاب الخاطب أن يكون (ابن حمولة)، أو أبوه رفيقًا لك، أو أمه إحدى محارمك فابنتك لن تتزوج الحمولة، أو الأب أو الأم، إنما ستعاشر الشاب، وإن غنى النفس مقدم على غنى المال، والعبرة كل العبرة في كريم الخصال، لا في زين الأجسام وكثرة الأموال.
ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أنه لا يَصْلُح ما نشكو من الفساد إلا بتسهيل الزواج والتبكير به.
وإن من يسعى في زواج ويعمل على إتمامه يكون ساعياً في خير وبر وعاملاً لمكرمة وفضيلة، وقائماً بطاعة الله وخدمة مجتمعه.
فيا من عندهم بنات، لا تردوا الخاطب الصالح إذا جاءكم ولا ترهقوه بالمطالب.
ويا أيها الشباب، عجلوا بالزواج.
ويا أيها الآباء: أعينوا أبناءكم.
ويا عقلاء الحي ويا دعاة الإصلاح ويا أصحاب النفوذ، اجعلوا الزواج من أول ما تعملون له وتسعون لتيسيره، واللهَ أسأل أن يوفقكم ويجزل ثوابكم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الروم: 21].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة وعصيان فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
من عوائق الزواج
حسين غنام الفريدي
الخطبة الأولى:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وأطيعوه واجتنبوا نهيه ولا تعصوه.
عباد الله، تحدثت في الخطبة الماضية عن الزواج وعظم أمره والأمر بتيسيره والترغيب في تعجيله، وذكرت بعض عوائقه، وأذكر في هذه الخطبة بقية ما أعلم من العوائق لنسعى جادين للقضاء عليها، نحث بذلك أهل النخوة والعفة والرجولة والغيرة أن يسارعوا إلى نبذها وازدراء أهلها والتشنيع عليهم، والأخذ على أيدي سفهاء القوم حتى لا يخرقوا سفينة المجتمع فنغرق فيها جميعاً، فليس في الأمر حريات شخصية أو خصوصيات ذاتية بل هو أمر يهم الجميع ممن يقدرون الأمور قدرها ويحسبون لها حسابها.
عباد الله، من هذه العوائق تأخر كثير من الشباب عن الزواج بحجة أنه لم يكوّن نفسه على حد تعبيرهم، فنقول لهؤلاء: إن البركة إنما تأتي مع الزواج، لأنه طاعة لله ورسوله وطلبٌ للعفة، والله - تبارك و تعالى - يقول: "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا " [هود: 6]، فالذي ييسر لك الزواج سييسر لك الرزق لك ولأولادك " نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ "[الأنعام: 151]، " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" [الطلاق: 2، 3]، وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)) أخرجه أحمد والترمذي[1].
ويقول الله - تبارك و تعالى -: " وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ "[النور: 32]، ويقول الصديق - رضي الله عنه -: (ابتغوا الغنى بالزواج).
أيها الأخوة، وإني لأعرف جملة من الشباب تزوجوا قبل إتمام دراستهم وقبل أن يتوظفوا وهم ـ بحمد الله ـ ناجحون في زواجاتهم، فالأرزاق ليست محصورة في الوظائف، بل إنها في غير الوظائف مهيأة بلا حدود، ولكنها تحتاج إلى سعي واجتهاد وحسن تفكير وتدبير، ويبعد أن يحصل عليها شعب أَلِفَ البطالة وركن إلى الخمول، شعب خيراته بيد غيره من خارج بلاده، بل ممن ليسوا على دينه " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " [الملك: 15].
ومن العوائق أن يشترط بعض الرجال مميزاتٍ لا تكاد تجدها إلا في نساء الجنة، يجنح إلى المثاليات ويرسم في ذهنه صوراً من التخيلات، ونحن لا نلوم من يطلب مطالب معقولة ويكون نسبياً في رغباته، فالمرأة تنكح لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك[2].
فعليك أن تجعل جل اهتمامك بالمتدينة فهي خير لك لو كنت تعلم، واحذر من خضراء الدِّمَن وهي المرأة الحسناء في مَنْبِتِ السُّوء[3]، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تتزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء مثقوبة الأذن سوداء ذات دين أفضل)) رواه ابن ماجه[4].
ثم تأتي من بعد ذلك المميزات الأخرى، فعناية الإسلام إنما هي بذات الدين، لأنها سوف تكون حاضنة أبنائك.
فالأم أستاذ الأساتذة الأُلى شغلت مآثرهم مدى الآفاق
ومن العوائق لجوء كثير من الرجال للزواج من خارج البلاد من نساء لا يعلم عن أسرهن ولا عن نشأتهن شيئاً، وربما يكن في بيئات بالغة الأسون والعفن، وهم بذلك يتذرعون بكثرة مهور بنات البلد، وهذا أمر صحيح ولكنه لا يُسَوّغ أن يضحي الإنسان بنفسه ويتزوج امرأة تكون أماً لأولاده لا يتحقق منها على الوجه المطلوب، ولأن الزواج من بنات بلدك ممن عرفت عاداتهن وأخلاقهن وأسرهن أقرب للوئام والاتفاق، أما الزواج من الخارج ففيه بعض المضار التي تعود على الزوجين معاً، ولعله لا يخفى عليكم كثرة مشكلات تلك الزواجات، وإني لأعجب أشد العجب من الذين يشددون في مسألة الحسب والنسب، والذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا تزوج واحد منهم بمن تكون دونه في النسب ولا يلومونه إذا تزوج من خارج البلاد ممن لا يعرف لها نسب أصلاً.
أليس في ذلك تناقض عجيب، وأعوذ بالله أن أدعو بذلك إلى عصبية مذمومة، ولكن السعي إلى أن يكون الزواج موفقاً مطلب سديد، ونحن نبحث عن الوسائل المعينة على ديمومة الزواج وبعده عن المشكلات والمعوقات.
ومن معوقات الزواج: تأخير زواج الكبيرة من البنات، هو في الغالب مؤثر على زواج أخواتها، وهذا مما لا ينبغي. فمن أتى نصيبها وجب تزويجها وعدم تأخيرها لأجل أختها، فليتق الله الأولياء وليعلموا أن هذا ليس من الدين في شيء، فلا يكونوا سبباً في حرمان جميع بناتهم من الزواج لأجل واحدة منهن لأن في ذلك ظلماً عظيماً.
ومن المعوقات من قبل النساء: ترك العِنان لهن في فرض ما يشأن من الطلبات على الزوج من ذهب ومبالغ نقدية باهظة، مما يثقل كاهل الزوج المسكين، فاتقوا الله في ذلك وخذوا على أيدي سفهائكم حتى لا يكن سبباً لانتشار الفاحشة في مجتمعاتنا، لأن ذلك مما يسر سبيل الحرام وانتشار الزنا خاصة في هذا الزمان الذي سود الناس صحائفهم بشرورهم وفسادهم إلا من رحم ربك.
ومن المعوقات ما يبتجح به كثير من الناس من إكمال الدراسة بالنسبة للمرأة أو الرجل، وهو عذر غير مقبول خصوصاً بالنسبة للمرأة كما سبق بيانه، أما بالنسبة للرجل فنقول له إنك تستطيع أن تكمل دراستك وأنت متزوج، وقد يكون الزواج سبباً في تفوقك لحصول السكون والطمأنينة والاستقرار وراحة البال وقرة العين، وهذا مما يساعد الطالب على استجماع الفكر والتحصيل في الطلب لأنه إذا صفا ذهنه من الشواغل والقلاقل ساعده ذلك على مواصلة سيره، أما غير المتزوج فيكون مشوش الفكر مضطرب الضمير، لا يتمكن من التحصيل العلمي خاصة في هذا العصر الذي كثرت ملهياته ومغرياته ومثيراته، وجل تفكير الشباب إنما هو في قضاء الشهوة، والزواج يلبي لهم هذا المطلب.
وتصور الكثير أن الزواج عائق عن الدراسة إنما هو من تزيين الشيطان وتوهيمه، والتجربة خير برهان واسألوا أصحاب هذه التجربة فلا ينبئك مثل خبير، وإن كان الخوف من النفقة الزوجية والمطالب المالية فإن لذلك حلولاً كبيرة أشرت إلى بعضها في مقدمة الخطبة ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، والزواج لا يزيد الجاد إلا نجاحاً وجدية، وهو كذلك لا يجعل من الغبي ذكياً.
وأما العراقيل التي تكون من قِبَل الأسرة فهي تعنت الكثير من الناس في عدم تزويج بناته إلا من أبناء عمومتهن وأقربائهن وربما أنه بذلك يرغمها على من لا ترغب فيه ولا تنسجم معه وفي ذلك ظلم وعضل.
فحجر البنت على ابن عمها قد يكون إضراراً بها، وربما أن القريب ليس كفئاً لها من حيث الدين والخلق، ولا كفاءة إلا بهما ولا اعتبار لغير ذلك من أمور الجاهلية، فلا يجوز إرغامها عليه، وقد جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنه عنها: (أن فتاة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي زوجني من ابن أخيه، ليرفع بي.. وأنا كارهة، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبيها فجاءه فجعل الأمر إليها فقالت: يا رسول الله إني قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء) أخرجه النسائي[5].
ومعلوم أن التزاوج بين القبائل مما يؤلف بينهم ويبعد عنهم نعرات الجاهلية، ولاشك أنه قد ثبت طبياً أن الزواج من القريبات مظنة للأمراض وعدم اكتساب صفات جديدة وجيدة وهو كذلك مظنة لقطع الأرحام فيما لو حصل طلاق بين الزوجين.
وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رأى أن السائب قد ضعفت أجسامهم، فقال: مالكم؟ قالوا: نحن قوم لا نتزوج إلا من بعضنا، فقال: (يا آل السائب اغتربوا لا تضووا)[6].
وكما قال الشاعر في مدح رجل:
رُبَّ فتى نال العلا بهمة ليس أبوه بابن عم أمه
ومن الظلم العظيم الواقع على النساء زواج الشَّغَار أو البدل، فهو نكاح باطل بإجماع أهل العلم لنهي الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنه[7].
فاتقوا الله ـ أيها الأولياء ـ وزوجوا بناتكم من الأكفاء، وأنتم أيها المقتدرون زوجوا أبناءكم واسعوا في زواجهم فلا خير في أموالكم إن لم ينتفع بها أولادكم في حياتكم.
وأنتم أيها الشباب يا من تجاوزتم العشرين بل منكم من أشرف على الثلاثين ومنكم من تجاوزها إلى متى وأنتم في حسرات العزوبة ومصارع الشهوات، جدوا في الأمر واعلموا أن مركب أول كل أمر عسير ثم يتيسر.
تبدو الأمور على الثواني صعبة وإذا ولجت وجدت أمراً هيناً
اعلموا أن هناك من الأولياء من ينتظرونكم بفارغ الصبر لتعفوا بناتهم، ابحثوا عنهم تجدوهم ولا تسوفوا فإن العمر يذهب وزهرة الشباب تذبل، وإياكم وأن يعرف اليأس إلى قلوبكم طريقاً، فاتقوا الله، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً.
بارك الله لي ولكم...
----------------------------------------
[1] حسن، مسند أحمد (2/437)، سنن الترمذي: كتاب فضائل الجهاد باب ما جاء في المجاهد والناكح... حديث (1655)، وأخرجه أيضاً النسائي: كتاب النكاح باب معونة الله الناكح... حديث (3218)، وصححه ابن حبان (4030)، والحاكم (2/161)، والسيوطي: الجامع الصغير (3497)، وحسّنه الألباني، صحيح سنن الترمذي (1352).
[2] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين، حديث (5090)، ومسلم: كتاب الرضاع باب استحباب نكاح ذات الدين، حديث (1466).
[3] ضعيف، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (957)، والرامهرمزي في (أمثال الحديث) في (أمثال الحديث) رقم (84)، قال العراقي في (تخريج الإحياء): رواه الدارقطني في الأفراد، والرامهرمزي في الأمثال من حديث أبي سعيد الخدري، قال الدارقطني: تفرد به الواقدي وهو ضعيف، تخريج إحياء علوم الدين، رقم (1342). وقال الحافظ ابن حجر فيه: متروك. كما في التقريب، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (14).
[4] ضعيف، أخرجه ابن ماجه: كتاب النكاح باب تزويج ذوات الدين، حديث (1859)، وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وهو ضعيف في حفظه، كما ذكر الحافظ في التقريب. وانظر: مصباح الزجاجة للبوصيري (2/97)، والسلسلة الضعيفة للألباني (1060).
[5] إسناده صحيح، أخرجه أحمد (6/136)، وابن ماجه: كتاب النكاح باب من زوج ابنته وهي كارهة، حديث (1874) واللفظ لهما، وأخرجه أيضاً النسائي: كتاب النكاح باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، إلا أن عنده: ((ولكني أردت أن أعلم أللنساء من الأمر شيء؟)). وحكم عليه الألباني بالضعف لشذوذه. انظر غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، رقم (217)، ضعيف سنن النسائي (208).
[6] الاغتراب: افتعال من الغربة، وأراد: تزوجوا إلى الغرائب من النساء غير الأقارب فإنه أنجب. (النهاية لابن الأثير، مادة غرب).
[7] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب النكاح باب الشغار، حديث (5112)، ومسلم: كتاب النكاح باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، حديث (1415): عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ليس بينهما صداق).
16/2/1416
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج
عبد الله الهذيل
الخطبة الأولى
أيها الأحبة في الله، أرأيتم هذه الحياة وما فيها من شمس وقمر وجبال وشجر ودواب، وما سخّر في برها وبحرها.
ما شأن الناس فيها لو كانوا رجالاً بلا نساء، أو نساء بلا رجال!
هل تستقيم لهم حياة؟!
وهل تصلح لهم حال؟!
لذا كان من أعظم النعم التي امتن الله - تعالى - بها على عباده أن جعلهم أزواجاً يسكن بعضهم إلى بعض، كما قال - سبحانه وتعالى-: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف: 189].
وقال - عز وجل -: وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيات لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].
فالزواج من أعظم النعم التي يتنعم بها البشر، وهو أساس في بقاء الحياة، وبناء المجتمعات، والرغبة عنه رغبة عن خيرٍ وهدى، فإن الله - تعالى - أخبر عن المرسلين فقال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً [الرعد: 38].
وقد قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزواج من سنته، وذلك حين جاءه الرهط الثلاثة وكان منهم من قال: أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً، فغضب - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) رواه البخاري.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحث أمته على الزواج ويقول: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم)) رواه أبو داود والترمذي.
أيها الأحبة في الله، ومن هنا، فلابد من حديث نتدارس به بعض ما يتعلق بهذا الشأن العظيم ـ أعني شأن الزواج ـ
وخاصة أننا في أيام نشهد فيها كثرة الزواج، وهذه نعمة نتحدث بها، ونحمد ربنا - سبحانه وتعالى- عليها.
فإليكم الحديث، وقفات نصح ومحبة، ورسائل إخاء، أسطر فيها أحرفاً إلى الشباب بعامة وإلى كل واضع قدمه على عتبة الزواج، إلى كل أب، وكل قائم على فتاة بلغت سن الزواج، وإلينا جميعاً في أفراحنا وولائمنا.
وإلى كل عروسين لبناء أسرة مسلمة تحفها أنوار الإيمان من كل جانب.
فالرسالة الأولى:
إلى كل شاب، وقد بلغ سن الزواج، وأراه مع هذا يعرض عنه كثيراً، ويجعل بينه وبينه عوائق مظنونة وحواجز وهمية، فترى سنين زهرة العمر تمضي عليه سريعة وهو في سبات التسويف يوماً بعد يوم.
فإليك أيها الشاب هذا الخطاب، ممن لن تجد من الخلق أرأف بك منه، ولا أنصح لك منه، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).
فأجب النداء ما دامت الاستطاعة في يديك، وبخاصة أنك ترى الفتن تسارع في الناس بأنواع شتى، وتمد حبائلها، لتتصيد بها الفُرَانِس.
فاقطع الطريق عليها أن تصل إليك، وتعفف بالحلال الطيب، الذي يرضاه ربك، لتذوق اللذتين، وتعيش الحلاوتين في حياة طيبة في الدارين.
الرسالة الثانية:
إلى ذاك الذي يريد أن يبدأ خطوته الأولى في الزواج.
فإليه أقول: من تخيّرت لتكون رفيقة دربك وسكينة نفسك؟
وبأي ميزان وزنت حالها؟
أبجمالها؟
أم بمالها؟
أم بدينها وخلقها؟
اسمع إلى نبيك - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
هذا هو الميزان الحق الذي يجب أن تبدأ به.
فالمرأة الصالحة تعينك على طاعة ربك وترعاك في بيتك، وتحفظك في نفسها، وهي يدٌ أمينة على ذريتك بأن تنشئهم النشأة الطيبة.
قال - تعالى -: وَالطَّيّبَاتُ لِلطَّيّبِينَ وَالطَّيّبُونَ لِلْطَّيّبَاتِ [النور: 26].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك)) الحديث أخرجه الحاكم وصححه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة)) أخرجه مسلم والنسائي وأحمد.
وقد قيل في هذا المعنى:
مِنْ خير ما يَتّخِذ الإنسان في *** دنياه كيما يستقيمَ دينُه
قلب شكور ولسان ذاكر *** وزوجة صالحة تعينُه
فليكن الصلاح هو ميزانك الأول في اختيار زوجتك.
ثم إني أعلم أن في نفسك مطالبَ ومواصفات ترغبها فيمن تريد زواجها، وهذا مما لا جناح عليك فيه، بل هو من الأمور المعتبرة، ولكن لا يقدّم على الدين والخُلق.
ثم لتكن واقعياً في تلك الرغبات، ولا تُغرق في المواصفات، فتريدها كذا وكذا وكذا، حتى يعيى أهلك أن يجدوا لك مطلبك.
فإن الجمال حقيقة هو جمالُ الدين والخلق والمنطق الحسن، فإنه لا يزيد مع الأيام إلا حسناً.
أما جمال الظاهر، فسرعان ما يتبلد الحسّ بتكراره، وإن اجتمع هذا وهذا، فذاك خير على خير.
ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا لا بارك الله في دنيا بلا دين
وكن كذاك الذي بذلت أمه الجهد أن تجد له ذات الدلال والجمال، فلما وجدتها جاءت تزف إليه البشرى:
جاءته بعد الجهد قائلة له *** أبشر بنيّ ظفرت بالمتعلمهْ
شقراء أجمل ما رأت عين امرئ *** وقوامها يا حسنه ما أقومهْ
عينان ضاحكتان ما أحلاهما *** سبحان من صاغ الجمال وتممهْ
ما أروع الحلي المضاعف حسنها *** ويزيد سحر الحسن وهي مهندمهْ
أغلى المراكب تستقل وتكتسي *** أغلى الثياب وفي الثراء مقدَّمتهْ
فلكل ما تبغي تقدم مالها *** بذلاً، ودوماً بالنفائس متخمهْ
والأم مذ عرفت مرادي تمتمت *** وأنا الذي أدري بتلك التمتمهْ
ما لي أراك وأنت تطرق صامتاً *** هل يرضِيَنَّك أن أظل محطمهْ
أماه، ما يرضيك روحي دونه *** هيهات قلبك أن أعُق وأظلمَهْ
أماه شوقي لا يحن لزوجة *** إن همت أو قصّرت كانت ملهمهْ
هي للثراء وفي الثراء وما تريـ *** ـد سوى بأن تبقى الزمان منعمة
أماه لي أمل وما أملي سوى *** جيل يعيد لنا حياة المكرُمَهْ
أماه ما أرجو وترجو أمتي *** ما كان إلا في زواج المؤمنهْ
ثم اعلم أنك في حياتك الزوجية تزيد عليك المسؤولية، فإن قمت بها خير قيام كانت الأجور تأتيك مضاعفة، بل إن في شهوتك التي تقضيها مع زوجتك يكتب لك الأجر، وفي اللقمة تضعها في فم امرأتك يكتب لك فيها الأجر.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه...)) الحديث وفيه: ((ولك في جماع زوجتك أجر)) قال أبو ذر: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أرأيت لو كان لك ولد، فأدركَ، ورجوت خيره، فمات، أكنت تحتسب به؟)) قال: نعم.
قال: ((فأنت خلقته؟)) قال: بل الله خلقه.
قال: ((فأنت هديته؟)) قال: بل الله هداه.
قال: ((فأنت ترزقه؟)) قال: بل الله كان يرزقه.
قال: ((كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء أماته ولك أجر)).
الرسالة الثالثة:
إلى كل أب وإلى كل ولي على فتاة بلغت سن الزواج، أن يرعوا تلك الأمانة التي بأيديهم، وأن يقوموا بالحق الذي عليهم تجاهها، ومن ذلك:
أولاً: أن يتخيروا لمن تحت أيديهم الزوج الصالح، وأن يحفظوها من كل من ضيع الخلق والدين، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)).
وإن من المؤسف أن تجد بعض الآباء ينظرون إلى كل جانب ماديّ فيمن خطب منهم، ويربطون به القبول أو الردّ.
أما إذا قيل: إنه لا يصلي، أو أنه يتعامل بالربا، وأنه يفعل كذا وكذا، لم يجد ذلك في قلوبهم نفوراً فيزوجونه على هذه الحال.
ثانياً: التيسير في أمر المهور، ليكون ذلك مُنزلاً للبركة في حياة بناتهم.
وإن المغالاة في المهور سنّة سيئة، تجعل أمام الزواج العقبات المتراكمة، حتى يرى الشاب أن أمام زواجه بحراً من الديون لابد أن يركبه، ولا يدري أيقطعه بأن يكون غريق مطالبة فلان وفلان.
ألا فبأي مفخرة يفخر المغالون؟
وبأي سُنة يقتدون؟
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خير النكاح أيسره)) أخرجه أبو داود عن عقبة بن عامر.
وروى الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من يمن المرأة: تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمِها)).
ثالثاً: السماح لمن تقدَّم للخطبة وجزم على ذلك أن ينظر إلى المخطوبة، وتلك رخصة رخصها له الشارع، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لرجل أراد أن يتزوج امرأة: ((هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)).
فلا نُحَكِّم عادات وتقاليد على شرع الله - تعالى -، فلن نجد أحكم منه أبداً.
أما الرسالة الرابعة:(52/51)
فإلينا جميعاً في أفراحنا بأن نحيي فيها سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في إعلان النكاح، وأن نجعلها ليالي نيّرة بالمحافظة على أمر الله - تعالى - والوقوف عند حدوده، وأن نصون نقاءها من كل كدر يعكّر صفوها من الغناء الماجن، والتقاليد الغربية العمياء، والسهر المضيع للصلوات، ودخول الرجال على النساء، ونحو ذلك مما يحيلها ليلة كدر وإن ضحك أصحابها.
ولننظر في زواج بنت خير البشر - صلى الله عليه وسلم - فاطمة - رضي الله عنها -، فقد قال جابر رضي الله عنه: حضرنا عرس فاطمة، فما رأينا عرساً أحسن منه، حشونا الفراش ليفاً، وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا وكان فراشها ليلة عرسها إهاباً (أي جلداً).
فماذا يقول بعد هذا أولئك الذين يتفاخرون بالإسراف والبذخ المفرط في أعراسهم؟!
الخطبة الثانية
الرسالة الخامسة:
إلى كل عروسين جمعتهما كلمة الله، بأن يبدآ مسيرة الحياة الزوجية بخطى حثيثة السعي في صراط مستقيم، ونظرة سامية إلى أعلى المطالب، وليَبْنِيا هذه اللبنة في المجتمع على تقوى من الله ورضوان، ويغرسا بذور اجتماعهما بأرض الطاعة والانقياد، ليكون الإثمار أطيبه وأزكاه.
ولله ما أجمل البيوت الزوجية التي تحف بها معاني الإيمان والتقى، وتضيء من جنباتها أنوار الصلاح والإصلاح!
فوالله إنها لحياة، لو يعلم عنها أرباب الأموال والمناصب لجالدوا عليها بالسيوف.
7/3/1418
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
صفات الزوج المثالي
- يتميز الزوج المثالي بالصدق والصراحة منذ الوهلة الأولى، فلا يخفي على المرأة شيئا عند الخطبة.
- هو تقي - نقي - ورع يخاف الله ويخشاه في السر والعلن، فلا يخاطب زوجه إلا سلاما ولا يعاملها إلا إكراما ولا يطعمها ويكسوها إلا حلالا.
- هو الذي يجعل مقياس اختياره الدين والخلق فنراه يهتم بما في جوهر المرأة قبل مظهرها.
- هو الذي يكون منطقيا في متطلباته فلا يرهق زوجه بالعمل داخل البيت وخارجه، فإذا اتفق معها على العمل خارج البيت عليه أن يساعدها في أعمال المنزل.
- هو الذي يمتلك الحكمة والمقدرة على فض المنازعات ولا يفتش بيديه عن المشكلات المدفونة.
- يهتم بمظهره ونظافته الداخلية والخارجية ويعرف أن هذا واجب ديني عليه وليس هذا أمرا خاصا بالمرأة متعلقا بها.
- يحب النظام فيقسم ساعات يومه بين عمله وزوجه وأولاده، ويسهم في تربية الأولاد والاستذكار لهم، فليست المرأة وحدها المسؤولة عن ذلك.
- لا يكثر السفر من غير زوجه وأولاده بلا داع، فإن اضطره عمل إلى السفر لفترات طويلة أصر على أن يصحب عائلته.
- يساعد زوجه على الاستعداد ليوم الميعاد فيحثها على حضور مجالس الذكر، ويساعدها على ذلك ويذلل لها كل الصعاب.
- يثق في زوجه وفي عفتها وأخلاقها فلا يسيء الظن بها لأتفه الأسباب، ولا يجعل الشك أساس المعاملة.
- يحفظ أسرار الزوجية فلا يتحدث بشيء منها فتنتهبه الأسماع والأقوال.
- يبتعد عن ضرب زوجه أو سبها أو شتمها.
- ينفق على زوجه وأولاده من غير إسراف ولا تقتير.
- يحسن الحديث مع زوجته بأسلوب رقيق مهذب فالكلمة الطيبة لها أثر في النفس، كما يحسن الاستماع إلى حديثها ويقدر رأيها.
http://mawada20.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــ
تأكد من حسن اختيار زوجتك
محمد المنجد
قال - تعالى - (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية:
• " تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه ورواه البخاري انظر فتح الباري 9/132.
• " الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة " رواه مسلم 1468.
• "ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة " رواه أحمد 5/282 والترمذي وابن ماجه عن ثوبان صحيح الجامع 5231.
• وفي رواية "وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ماكتنز الناس " رواه البيهقي في الشعب انظر صحيح الجامع 4285.
• " تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة " رواه أحمد 3/245 عن أنس وقال في إرواء الغليل صحيح 6/195.
• "عليكم بالأبكار فإنهن أنتق أرحاما وأعذب أفواها وأرضى باليسير " رواه ابن ماجه رقم 1861 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 623 وفي رواية " وأقل خبا " (أي خداعا).
• وكما أن المرأة الصالحة واحدة من أربع من السعادة فالمرأة السوء واحدة من أربع من الشقاء كما جاء في الحديث الصحيح وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - " فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب غنها فتأمنها على نفسها ومالك ومن الشقاء المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك رواه ابن حبان وغيره وهو في السلسلة الصحيحة رقم 282.
• وفي المقابل لابد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة والموافقة عليه حسب الشروط التالية:
• " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " رواه ابن ماجه 1967 وهو في السلسلة الصحيحة 1022.
• ولابد في كل ما سبق من حسن السؤال وتدقيق البحث وجمع المعلومات والتوثق من المصادر والأخبار حتى لايفسد البيت أو ينهدم. وذكرنا طرفا من ذلك في محاضرة بعنوان: المرأة المسلمة على عتبة الزواج.
والرجل الصالح مع المرأة الصالحة يبنيان بيتا صالحا لأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
الخلافات الزوجية ! أسبابها وعلاجها
د. صالح بن عبد الله بن حميد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلم- وفقك الله- أن مِن أعظم نعم الله وآياته أن البيت هو المأوى والسَّكَن؛ في ظله تلتقي النفوس على المودة والرحمة، والحصانة والطُّهر، وكريم العيش والسِّتر.. في كنَفَه تنشأ الطفولة، ويترعرع الأحداث وتمتد وشائج القربى، وتتقوَّى أواصر التكافل.
ترتبط النفوس بالنفوس.. وتتعانق القلوب بالقلوب: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن {البقرة: 187}.
في هذه الروابط المتماسكة، والبيوتات العامرة، تنمو الخصال الكريمة، وينشأ الرجال الذين يُؤتمنون على أعظم الأمانات، ويُرَبَّى النساء اللاتي يَقُمن على أعرق الأصول.
من أسباب الخلاف بين الزوجين
غير أن واقع الحياة وطبيعة البشر- كما خلقهم الله - سبحانه -، وهو أعلم بمن خلق- قد يكون فيها حالات لا تؤثِّر فيها التوجيهات، ولا تتأصَّل فيها المودَّة والسَّكَن، مما قد يصبح معه التمسُّك برباط الزوجية عَنَتًا ومشقةً، فلا يتحقق فيه المقصود ولا يحصل به صلاح النَّشء؛ وهذه الحالات من الاضطراب، وعدم التوافق، قد تكون بواعثها داخلية أو خارجية. فقد ينبعثُ من تَدَخُّلٍ غير حكيم من أولياء الزوجين أو أقاربهما، أو تَتَبُّعٍ للصغير والكبير من أمورهما، وقد يصل الحال من بعض الأولياء وكُبَرَاءِ الأسرة إلى فرض السَّيطرة على من يَلُونَ أمرهم؛ مما قد يقود إلى الترافع إلى المحاكم؛ فتفشو الأسرار وتنكشف الأستار، وما كان ذلك إلا لأمرٍ صغيرٍ أو شيء حقير؛ قاد إليه التدخُّل غير المناسب، والبعد عن الحكمة، والتعجل والتسرُّع، وتصديق الشائعات وقالة السوء. وقد يكون منبع المشكلة: قلة البصيرة في الدين والجهل بأحكام الشريعة السمحة، وتراكم العادات السيئة والتمسك بالآراء الكليلة.
فيظن بعض الأزواج - مثلاً- أن التهديد بالطلاق أو التلفظ به هو الحل الصحيح للخلافات الزوجية والمشكلات الأسرية، فلا يعرف في المخاطبات سوى ألفاظ الطلاق، في مدخله ومخرجه، وفي أمره ونهيه، بل في شأنه كله، وما درى أنه بهذا قد اتَّخَذ آيات الله هزوًا؛ يأثم في فعله ويهدم بيته ويخسر أهله.
إن طلاق السُّنَّة الذي أباحته الشريعة لا يُقصد منه قطع حبال الزوجية، بل قد يقال إنه إيقاف لهذه العلاقة ومرحلة تريُّثٍ وتدبر ومعالجة: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا (1) فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف {الطلاق: 1، 2}.
هذا هو التشريع، بل إن الأمر ليس مقتصرًا على هذا، إن طلاق السُّنة هو الوسيلة الأخيرة في المعالجة وتسبق ذلك وسائل كثيرة.
من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين
حينما تظهر أمارات الخلاف وبوادر النشوز أو الشقاق فليس الطلاق أو التهديد به هو العلاج.
إن أهم ما يُطلب في المعالجة: الصبر والتحمُّل، ومعرفة الاختلاف في المدارك والعقول، والتفاوت في الطباع. مع ضرورة التسامح والتغاضي عن كثير من الأمور، ولا تكون المصلحة والخير دائمًا فيما يحب الزوج ويشتهي، بل قد يكون الخير فيما لا يحب ولا يشتهي: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء: 19}.
ولكن حينما يبدو الخلل ويظهر في الأواصر تحلل، ويبدو في المرأة نشوز وتَعَالٍ على طبيعتها وتوجهٍ إلى الخروج عن وظيفتها، حيث تَظْهر مبادئ النفرة، ويتكشَّف التقصير في حقوق الزوج والتنكر لفضائل البعل، فعلاج هذا في الإسلام صريح، ليس فيه ذكر للطلاق لا بالتصريح ولا بالتلميح. يقول الله - سبحانه - في محكم التنزيل: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا {النساء: 34}.
يكون العلاج: بالوعظ والتوجيه وبيان الخطأ، والتذكير بالحقوق، والتخويف من غضب الله ومَقْتِه، مع سلوك مسلك الكَيَاسة والأناة ترغيبًا وترهيبًا.
وقد يكون الهجر في المضجع والصدود، مقابلاً للتعالي والنشوز، ولاحظوا أنه هَجْرٌ في المضجع وليس هجرًا عن المضجع، إنه هَجْرٌ في المضجع وليس هجرًا في البيت، ليس أمام الأسرة أو الأبناء أو أمام الغرباء.
الغرض هو المعالجة وليس التشهير أو الإذلال أو كشف الأسرار والأستار، ولكنه مقابلةٌ للنشوز والتعالي بهجر وصدود يقود إلى التضامن والتساوي، وقد تكون المعالجة بالقصد إلى شيء من القسوة والخشونة، فهناك أجناس من الناس لا تغني في تقويمهم العِشرة الحسنة والمناصحة اللطيفة، إنهم أجناس قد يبطرهم التلطُّف والحلم، فإذا لاحت القسوة سكن الجامح وهدأ المهتاج.
نعم، قد يكون اللجوء إلى شيء من العنف دواءً ناجعًا، ولماذا لا يلجأ إليه وقد حصل التنكُّر للوظيفة والخروج عن الطبيعة؟
ومن المعلوم لدى كل عاقل أن القسوة إذا كانت تعيد للبيت نظامه وتماسُكه، وتردُّ للعائلة أُلفَتَها ومودَّتها فهو خير من الطلاق والفراق بلا مِراء؛ إنه علاج إيجابي تأديبي معنوي، ليس للتشفِّي ولا للانتقام، وإنما يُسْتَنْزل به ما نشز، ويُقَوَّم به ما اضطرب، وإذا خافت الزوجة الجفوة والإعراض من زوجها فإن القرآن الكريم يرشد إلى العلاج بقوله: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير {النساء: 128}، العلاج بالصلح والمصالحة، وليس بالطلاق ولا بالفسخ، وقد يكون بالتنازل عن بعض الحقوق المالية أو الشخصية محافظةً على عقدة النكاح، والصلح خير... الصلح خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق.
هذا عرضٌ سريعٌ، وتذكير موجزٌ، بجانب من جوانب الفقه في دين الله والسير على أحكامه، فأين منه المسلمون؟ أين تحكيم الحَكَمين في الشقاق بين الزوجين؟ لماذا ينصرف المصلحون عن هذا العلاج؟ هل هو زُهد في إصلاح ذاتٍ، أو رغبةٌ في تشتيت الأسرة وتفريق الأولاد؟ إنك لا ترى إلا سفهًا وجَوْرًا، وبعدًا عن الخوف من الله ومراقبته، وهجرًا لكثير من أحكامه وتلاعبًا في حدوده.
أخرج ابن ماجه وابن حبان وغيرهما عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما بال أحدكم يلعب بحدود الله؛ يقول: قد طلّقت قد راجعت؟ أيُلعب بحدود الله وأنا بين أظهركم". {سنن ابن ماجه 2017، صحيح ابن حبان 4265}.
الوسيلة الأخيرة في معالجة الاختلاف
عندما تفشل جميع الوسائل في علاج الاختلاف، ويصبح الإبقاء على رباط الزوجية شاقًا وعسيرًا بحيث لا يتحقق معه الأهداف والحكم الجليلة التي أرادها الله - تعالى -، فمن سماحة التشرع وتمام أحكامه أن جعل مخرجًا من هذه الضائقة، غير أن كثيرًا من المسلمين يجهلون طلاق السُّنَّة الذي أباحته الشريعة، وصاروا يتلفَّظون بالطلاق من غير مراعاة لحدود الله وشرعه.
إن الطلاق في الحيض محرَّمٌ، وطلاق الثلاث محرَّمٌ والطلاق في الطهر الذي حصل فيه وطء محرَّم، فكل هذه الأنواع طلاقٌ بدعيٌّ محرَّم يأثم صاحبه، ولكنه يقع طلاقًا في أصح أقوال أهل العلم.
أما طلاق السنة الذي يجب أن يفقهه المسلمون فهو: الطلاق طلقةً واحدة، في طُهر لم يحصل فيه وطء، أو الطلاق أثناء الحمل.
إنَّ الطلاق على هذه الصفة علاجٌ؛ حيث تحصل فتراتٌ يكون فيها التريُّث والمراجعة.
والمطلِّق على هذه الصفة يحتاج إلى فترة ينتظر فيها مجيء الطُّهر، ومَن يدري... فقد تتغير النفوس، وتستيقظ القلوب، ويُحدث الله من أمره ما شاء.
وفترة العِدَّة- سواءً كانت عِدَّةً بالحيض أو الأشهر أو وضع الحمل- فرصةٌ للمعاودة والمحاسبة قد يُوصل معها ما انقطع من حبل المودة ورباط الزوجية.
ومما يجهله المسلمون: أن المرأة إذا طُلقت رجعيًا فعليها أن تبقى في بيت الزوج، لا تَخْرج ولا تُخرج.
بل إن الله جعله بيتًا لها: لا تخرجوهن من بيوتهن تأكيدًا لحقهنَّ في الإقامة. فإقامتها في بيت زوجها سبيلٌ لمراجعتها، وفتح أملٍ في استثارة عواطف المودة، وتذكير بالحياة المشتركة، فالزوجة في هذه الحالة تبدو بعيدةً في حكم الطلاق، لكنها قريبة من مرأى العين.
وهل يراد بهذا إلا تهدئة العاصفة، وتحريك الضمائر، ومراجعة المواقف، والتأنِّي في دراسة أحوال البيت والأطفال وشئون الأسرة: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا {الطلاق: 1}.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وحافظوا على بيوتكم، وتعرَّفوا على أحكام دينكم، وأقيموا حدود الله ولا تتجاوزوها، وأصلحوا ذات بينكم.
http://www.altawhed.com المصدر:
ـــــــــــــ
حكاية زواج
في بيت يعطره حب الدعوة، وتمتليء قلوب ساكنية بالإيمان والقيم الإسلامية، فترفرف السعادة بأجنحتها عليهم، جلست أرتشف رحيقًا إيمانيًا أهداه لي حوار ممتع مع علم من علماء الأزهر الشريف، وهو الدكتور محمد عبد المنعم البرى - عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ورئيس جبهة علماء الأزهر الشريف سابقًا - الذي تحدث عن أسرته.. زوجة صالحة، وأبناء بارين، فاكتشفت أنه لا حدود داخله بين الداعية ورب الأسرة، إنه يتعامل مع أسرته بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة، ويعتبر كل من يدعوهم أبناءه.
استقبلني د. البرى بحفاوة وكرم بالغين في منزله بحدائق القبة، وقام بإعداد وتقديم المشروبات والحلوى بنفسه، فشعرت أنني أمام مسلم يتمثل بسنة المصطفى (- صلى الله عليه وسلم -) مع أهل بيته، وانسابت الأسئلة والأجوبة في سلاسة وطلاقة فلم أشعر بأنني أجرى حوارًا صحفيًا، وإنما أقطف ثمارًا حلوة لخبرة عمر من العطاء الأسرى الجميل، ولنتذوقها معًا.
زواج بلا تكاليف
اثنان وثلاثون عامًا هي عمر زواج د. البرى ويحكى قصته من البداية فيقول:
في عام النكسة (1967) هاجر معظم أهل منطقة القناة، وكان لوالدي منزل كبير به أكثر من طابق فاستضاف بعض أقاربنا من سكان مدينة الإسماعيلية، وكانت لديهم ابنة طيبة مهذبة، وكنت أنا في مرحلة أتهيأ فيها للزواج، فرشح والدي هذه الفتاة، فوافقت بعد أن وجدت فيها التدين وحسن الخلق، وبالفعل تمت الخطبة وعقد الزواج في الإسماعيلية موطن زوجتي، وكان والد زوجتي رجلاً عاقلاً حكيمًا، فعندما أوضحت له ظروفي المتواضعة وافق على أن أتزوج ابنته بأبسط التكاليف على أن نستكمل بيتنا على المدى البعيد، فلم يأخذ منى سوى 150 جنيهًا مهرًا، وقام بتأثيث أربع حجرات، وكان مقدم الزواج جنيهًا والمؤخر خمس جنيهات، وتكفل والدي (- رحمه الله -) بمصاريف الفرح، وتم الزفاف في جو عائلي بعد مرور ثلاثة أشهر على الخطبة.
وعلى الرغم من غنى والدي كنت أدفع له ربع مرتبي شهريًا من باب {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}، ولقد فتح الله عليّ، بعد مرور عام على زواجي بعقدين أحدهما للسعودية والآخر للإمارات، وهذا جزاء الصابرين، وكان مرتب عقد الإمارات أربعة أضعاف مرتب السعودية، ولكني آثرت السعودية حتى أتمكن من أداء العمرة، وأكون بالقرب من المسجد الحرام، وبالفعل سافرت إلى السعودية لأعمل أستاذًا للحديث الشريف والتوحيد بدار التوحيد الثانوية بالطائف، وبعد ذلك شرفني الله (- عز وجل -) بإلقاء دروس في المسجد الحرام، وجاء ذلك بمرسوم ملكي وهذا من عطاء الله وفضله.
الزوجة - ربة منزل - أليس كذلك؟
يرد د. البردي بحسم: أنا لا أحب العاملات ويبتسم.. "عمومًا زوجتي موظفة عندي" وأنا أهييء لها كل الأسباب التي تساعدها على أداء رسالتها كربة أسرة، فوضع الطفل في حضانة في سني عمره الأولى يجعله يفتقد لرعاية أبويه وبخاصة أمه فينشأ صنمًا مجردًا من العواطف والمشاعر الإنسانية، ولا زال يدمى قلبي مقتل أو استشهاد وكيلة الإذاعة المصرية السيدة سعاد على حسن وزوجها أستاذ القلب المعروف الدكتور محمد عبد العزيز، وهما ساجدان لله برصاص ابنهما الوحيد الذي كتبت له أمه وهو طفل أغنية "إلهي يحرسك من العين وتكبر لي يا محمد" حيث نشأ الطفل في حضن المربيات، وتوفرت له الإمكانات المادية المترفة، ولكنه افتقد لروح الأمومة فهربت عنه الروحانيات وتحول إلى قاتل، ولمن؟ لوالديه!!
شروط عمل المرأة
دون أن أسأله عن موقفه من عمل المرأة يجيبنى د. البرى:
لا بأس بعمل المرأة ومرحبًا به بشرط الحفاظ على الشرف والعفاف وعلى ألا تظلم أطفالها، فعندما أنجبت التوأم عبد الله وآلاء أرادت زوجتي أن تودعهما حضانة مجاورة لنا، وكان عمرهما آنذاك عامين ونصف، فوافقت على الرغم من رفضي الداخلي لهذه الفكرة، ولكني لا أحب أن أكون شريكًا مخالفًا، وقلت في نفسي اتركها تكتشف الخطأ بنفسها، وبالفعل تراجعت عن الفكرة في بدايتها حينما وجدت الأطفال يُهمَلُون في الحضانة، ويُتَرَكُون في حالة يرثى لها من الجوع وعدم النظافة.
ثم ينتقل د. البرى إلى محطة أخرى من محطات حياته الأسرية فيقول: لقد منّ الله عليّ بالذرية فرزقني البنين والبنات، فاتبعت سنة الهادي المصطفى (- صلى الله عليه وسلم -) في تربيتهم واجتهدت في ذلك من الأسبوع الأول للولادة، فالرسول علمنا حمل الأطفال أثناء الصلاة، لذا كنت أحمل ولدى وأنا أصلى، وعندما يبدأ في المشي أعلمه الصلاة.
القدوة الحسنة:
وهنا توجهت إلى فضيلة د. البرى بسؤال: هل تربية البنت تختلف عن تربية الولد؟
فأجاب: بالطبع نعم، فالبنت أرهف حسًا وأرق شعورًا بدليل أنها أسرع على البكاء من الولد، لذا يجب أن تراعى هذه الخصائص، فعلاج الخطأ برفق ورقة يجدي مع البنت عن الولد، ولابد أن أغرس لدى البنت الثقة، أشعرها بمكانتها العالية، مما يجعلها تترفع عن الوقوع في الخطأ، وخصوصًا إذا وجدت من والديها قدوة حسنة.
لقد كنت دائمًا أقول لبناتي: إن زنا البنت في مكان مستتر أخف ضررًا من أن تتبرج، فالتبرج يدمر مجتمعًا بأكمله، أما جريمة الزنا فهي محصورة بين اثنين، لذا فالفساد الاجتماعي أكثر ضررًا من الفساد الشخصي، وبهذا تستشعر الفتاة عظمة جرم الخروج على طاعة الله.
ويضيف: إن استعمال العصا والضرب لابد منه في مرحلة ما قبل المراهقة (السبع الثانية في عمر الطفل)، وأنا تركت هذا الأمر للحاجة أم أيمن لأنها ألصق بالأبناء، أما أنا فالحزم والمهابة لي، فالأولاد يجب أن يستشعروا قوة الأب ومهابته، وفى الأمور الحياتية العادية تقف الأم موقف الشدة والعقاب، ويقف الأب موقف الحسم الذي يمنع الرجوع إلى الخطأ.
أما في الأمور الجسيمة - عافانا الله منها - فالأب يتصدى لها أولاً وأخيرًا، وأنا بين حين وآخر أعد لقاء روحيًا داخل الأسرة نجلس فيه وأتحدث مع أبنائي بما يفتح الله عليّ، وأجيبهم على أي تساؤل، ولقد اعتدت أن أصلى النوافل في البيت لكي أؤم الأبناء، وعندما أكون غائبًا ينوب عنى ابني الأصغر عبد الله.
الصديق القوى.
وعن مرحلة المراهقة في حياة أبنائه يقول د. البرى: يجب أن تحترم مشاعر الولد أو البنت في هذه المرحلة، وأنا تعاملت مع أبنائي بلغة الصديق القوى إلى جانب أنني هيئت لهم الصياغة النفسية الأولى منذ مرحلة الحضانة، فالأم والأب يجب أن يلازما الطفل حتى تختفي ظاهرة أطفال المفاتيح، (حيث كل طفل يكون لديه مفتاح للشقة يدخل ويخرج كيفما شاء، ومن هنا يحدث الخلل، إذن البيوت الملتزمة المؤمنة تمر فيها مرحلة مراهقة الأبناء دون أن يشعر بها الوالدان، فالصورة المثالية الأخلاقية تغرس في الصغر بطريقة غير مباشرة إما بالسلوك، أو من خلال اصطحاب الطفل إلى مجالس العلم والدين ليتعرف على الصحبة الصالحة.
وأذكر أنني في مرحلة الشباب كان لدى صديق في عمر والدي، وهذا جعلني أنضج بسرعة ولا أعبث مثل الشباب، وأود أن أذكر في هذا المقام واقعة حدثت لأحد أبنائي في مرحلة المراهقة، حيث جاءني صديق مخلص وأخبرني أنه شاهد ابني يجلس مع فتاة على أريكة خشبية بالشارع، وهنا كان على أن أعالج الأمر بحكمة، فسألت ابني عن مدى صحة ذلك فأجاب: لقد كنت أقوم بدور المصالحة بين هذه الفتاة وأحد أصدقائي بناءً على طلبه، فقلت له: هل تعجبك هذه الفتاة لو كانت تصلح لك زوجة أخطبها لك اليوم؟ وهنا أكد لي ابني أنه لا يفكر في ذلك وأن الواقعة كما شرح لي، فقمت بتوجيهه بحكمة، وأعلمته أن إن ما قام به خطأ، وعاهدني على ألا يرجع لمثل هذا الأمر.
وانتهى الموضوع بمودة ودون عقاب، وكانت الفائدة أعظم، وأصبح ابني هذا من أصلح وأتقى أبنائي، وأذكر أنني عندما كنت في الإمارات كان ابني الأكبر أيمن في الجامعة بمصر، وأردت أن أطمئن عليه فقيل لي: إنك بسفرك قطعت درس الفجر عنا ولكن ابنك أيمن وصله بعد ذلك فحمدت الله.
اصطبر
داعية مثلكم لابد أن له منهجه في التعامل مع شريكة حياته حال حدوث خلافات أليس كذلك؟(52/52)
يجيب د. البرى باسمًا: هو ليس منهجي الخاص إنه ما علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، فعقد الزواج من أسمى وأشرف العقود الذي تهتز السماء إذا طاله سوء، وعندما أختلف مع زوجتي أنهى المناقشة وأترك لها حرية أن تفعل ما تريد على ألا يكون في ذلك معصية أو خروجًا على القيم والأخلاق، وهذا لا يمنع تمسكي برأيي في المواقف الحاسمة والفاصلة، وبتجربتي أنصح الأزواج والزوجات بالترفع عن الصغائر عند حدوث خلافات، والتحلي بالصبر والحلم، وعلى الرجل أن يحترم موقعه "كقوام" على الأسرة فيعف لسانه عن الخطأ، ويصطبر على امرأته تنفيذًا لقوله - تعالى -: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}.
ويقول العلماء: إن زيادة المتن في (اصطبر) تدل علي زيادة المعنى، إذن الزوج يحتاج إلى أكثر من صبر، فلا ينفعل، فالانفعال لا يوصل إلى النجاح، ولكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها.
المهر جنيه واحد
وبسؤال د. البرى عن مشاركته في اختيار أزواج بناته وزوجات أبنائه يقول: في الحقيقة أنا أخذت بمبدأ "اخطب لابنتك ولا تخطب لابنك"، لأن البنت أغلى، والذي علمنا ذلك المصطفى (- صلى الله عليه وسلم -)، ولقد وهبني الله ملكة فرز المعادن، فالرسول يقول: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"، فمن خلال اشتغالي كمربي روحي أعرف معدن الإنسان من أول لقاء به، ولقد تزوجت أولى بناتي من أحد تلاميذي في المسجد، وحينما طلب منى أن نكتب قائمة للأثاث، ونحدد مؤخر الصداق قلت له: أنا لا أمضى على قوائم وحددت له المقدم جنيه والمؤخر جنيه، وربنا رزقه بخالد ومحمد، فاختيار الأزواج لبناتي يكون عن طريق تقييمي لمعدنهم، وبعد ذلك تعلن البنت رأيها، إما بالقبول أو الرفض، أما بالنسبة لأبنائي الذكور فلا أتدخل في اختيارهم سوى بالنصح والمشورة.
01/07/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
مقدمة
شرع الإسلام الزواج لمقاصد سامية ولتحقيق غايات عظيمة جليلة، منها على سبيل الذكر لا الحصر أنه وسيلة من وسائل العفاف والإحصان والعفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ثم أن من أهداف الزواج أنه سبب لبقاء النوع البشري والإنساني، ثم أنه وسيلة إيجابية لتحقيق الأمومة والأبوة وصناعة الأجيال المتلاحقة لإقامة المجتمع المسلم، هذه الأهداف وهذه الغايات السامية إذا تعطل هذا الزواج ولم يتم فإنه يحدث فيها خلل كبير.
وسنناقش في هذه الحلقة خطر يهدد الزواج ويهدد هذه الأهداف السامية، تعطل الزواج أو ما يسمى بظاهرة العنوسة وهو تأخر الفتاة عن سن الزواج وبقاءها في بيت أهلها هذه الظاهرة تكاد تكون ظاهرة عامة في بلاد العالم الإسلامي والعربي وكان لابد لنا من وقفة معها مع الأسباب وكيفية حل هذه المشكلة والحد من هذه الظاهرة.
المقدم:
شيخنا الكريم.. يقول الإمام ابن المنظور في لسان العرب في تعريف مادة "عَنَسَ" يقول أنها هي الجارية إذا طال وقتها في بيت أهلها بعد إدراكها ولم تتزوج، هذا المصطلح هل هو وارد من الناحية الشرعية وما هي الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الفتاة عن الزواج؟
القرضاوي:
لا شك أن العنوسة هي إحدى المشكلات الكبيرة التي تعانيها مجتمعاتنا العربية والإسلامية عامة ومجتمع الخليج بصفة خاصة، وهي مكملة لمشكلة أخرى هي مشكلة العزوبة بالنسبة للرجال، هما مشكلة واحدة تأخر الزواج بالنسبة للفتاة وبالنسبة للفتى، والفتى الذي يتعزب أو يتعذب إذا لم يتزوج وهذا أيضاً موجود، وأيضاً الفتاة وإن كانت ظاهرة العنوسة تأخر الفتاة في بلاد الخليج أكثر منها بالنسبة للبنين الذكور، والواقع أن لها أسباباً كثيرة في الواقع من أسبابها أن الزواج أصبح يكلف كثيراً جداً، ولا يستطيع الشاب في بدء حياته العملية حينما يخطو الخطوات الأولى في السلم الوظيفي عندما يتخرج من الجامعة ثم يتسلم عمله لا يستطيع أن يتحمل أعباء الزواج وحده، والواقع أن الناس هم الذين عسروا ما يسَّر الله - عز وجل -، وعقَّدوا ما سهله الشرع، الزواج في الشرع أمر سهل ويسير ولكن الناس هم الذين عسَّروه وصعَّبوه بما وضعوا من عقبات وما وضعوا من تكاليف، فأصبح الشاب لا يستطيع ذلك فيتأخر الزواج وربما فكر أن يتزوج من الخارج، قد يكون يدرس في الخارج ويتزوج أجنبية، طبعاً البلاد هنا لا تجِيز الزواج من أجنبية إنما يتزوج ويبقى مدة حتى يسهّل الله أمر إدخالها، فهذا هو أول الأسباب، كثرة الأعباء والتكاليف التي ترهق الشاب، وتحمله ما لا يطيق فيتأخر عن الزواج، هناك أيضاً أشياء وهي بعض الآباء يشدد فيمن يأتي ويتزوج ابنته، يشترط شروطاً معينة فكثيراً ما يأتي الخُطَّاب لابنته ويردهم، هذا لأنه من قبيلة دون قبيلته، القبائل مصنفة رقم 1، ورقم 2، فهذا يقول لك نحن رقم 1 وهؤلاء رقم 4، أو نحن رقم 2 وهذا رقم 4، يعني تصنيفات ما أنزل الله بها من سلطان، وقد يكون الشاب لونه أسمر وهذا عنده غير مقبول وهو مثلاً إنسان ذو دين وذو خلق، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" هناك بعض الأمهات تأتيني رسائل كثيرة وهواتف من فتيات، حتى الأم نفسها تقف ضد زواج بناتها وبعض الأمهات عندهن عُقَد معينة فكلما يأتي لابنتها عريس تطفشه لا تفتح له صدرها ولا بابها فهذه من الأسباب هناك أيضا بعض الأعراف مثلاً إن البنت لازم تتزوج ابن عمها، ونفرض أن ابن عمها لا يريد أن يتزوج الآن، فتظل محجوزة له فقط وهو لا يريدها وهي لا تريده، وهذا موجود في بلاد كثيرة، حتى في مصر القبائل العربية في الصعيد لا تقبل إن يتزوج البنت إلا واحد من أبناء القبيلة ويسمون كل من هم خارج القبيلة فلاحين فعندهم مثل يقولون "يأكلها تمساح ولا يأخذها فلاح"، وقد يكون هذا الفلاح أستاذ جامعي ومعه دكتوراه وقد يكون وكيل وزارة وله من العلم والعمل مرتبة عظيمة إلا أنه ليس من القبائل فهو فلاح ولازال في بلاد الخليج إن البنت مرهونة ومأسورة لابن عمها، وابن عمها أحياناً لا يفك أسرها وأحياناً لو هو قبل فأسرته لا تقبل بينما هو قد يتزوج من قبيلة أخرى ولكن هي لا تستطيع أن تتزوج إلا من ابن العم وقد يتزوجها عدة أشهر ثم إما أن يتركها معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، وإما أن يطلقها ويتزوج من يشاء وتظل هي مسكينة أصبحت مطلقة، والمطلقات في مجتمعنا كأنها ارتكبت جريمة وربما ليس لها أي ذنب في الطلاق هي ضحية في ذلك.
المقدم:
ألا ترى أن حجة بعض الفتيات هي إكمال الدارسة والوظيفة والعمل، فنحن أحياناً نرمي مشكلة العنوسة على الآخرين، أحياناً تكون من الفتاة نفسها هي التي تكون سبباً في تأخيرها وبقائها في بيت أهلها.
القرضاوي:
الحقيقة أن هناك مشكلة عامة في المجتمع، هي تأخير الزواج، المسلمون في العصور الماضية كان الزواج عندهم يبدأ مبكراً، سواء بالنسبة للفتى أو بالنسبة للفتاة، أنا عندما نشأت في القرية كان الشبان في عمر الـ 18 يتزوج والفتاة تصل لـ 16 سنة وتتزوج وأحياناً أقل، ولكن جاء القانون بعد ذلك منع الزواج قبل سن الـ 16 سنة فكانوا يتحايلون على هذا بالتسنين، الطبيب يسننها ويقول هي 16 سنة وهي قد تكون 15 أو أقل والقانون الآن جعله 18، أما الآن الشاب يتخرج من الجامعة عمره 24 ولا يتزوج، 25 ولا يتزوج، 28 ولا يتزوج، 30 ولا يتزوج، والفتاة تتأخر بحجة أنها تكمل الدراسة ثم تريد أن تدرس الماجستير، فبعض الفتيات وهذا نادر تضيع على نفسها الفرصة إنما الواقع أن كثيراً من الفتيات تقبل وخصوصاً إذا انتهت من المرحلة الثانوية، فالمفروض أن الفتاة بعد الثانوية قابلة للزواج، فهي في سن معقول وتكمل الدراسة ولا يتعارض إكمال الدراسة مع الزواج، وأنا أنصح الشباب ألا يمنعوا هؤلاء الفتيات الراغبات في استكمال دراستهن لأننا نحن في عصر أصبح العلم فيه فريضة وضرورة وأصبحت الفتاة تحتاج إلى أن تسلح نفسها بالثقافة والعلم وهو ضروري لها وضروري لمساعدة أولادها، نحن نعلم الآن أن التعليم ليس مهمة المدرسة فقط لابد أن يتعاون البيت والمدرسة ولابد أن يعاون الأب والأم والآباء كثيراً ما يكونوا مشغولين في أعمالهم، فالأم عليها العبء الأكبر ولذلك الأم المثقفة مهمة ومن هنا أنا أنصح الشاب الذي يتزوج فتاة أنهت المرحلة الثانوية يسمح لها بإكمال الدراسة وخصوصاً إذا كانت الجامعة في نفس المدينة لا تحتاج إلى السفر أو خلافه، فيسمح لها بهذا الأمر فهذه كلها من الأسباب التي تؤخر الزواج وتسبب هذه المشكلة التي يعانيها بناتنا، فأنا كنت أستاذ في الجامعة وأدرس البنات وأحياناً يكون 30 أو 40 طالبة في القاعة وأسألهن من منكن متزوجة، فيطلع منهن مثلا 2 أو 3 بنات متزوجات، إذن من منكن مخطوبة يطلع أيضاً 3 أو 4 طالبات وحوالي 30 من الأربعين لا هن متزوجات ولا هن مخطوبات، ولا أجد أي عيب فيهن، بنات عائلات في الجامعة على قدر من الثقافة وحسب الظاهر لي في غاية من الأدب، ومن ناحية الشكل مقبولات جداً، ومع هذا فهن غير متزوجات، فهذه ظاهرة لاشك تحتاج منا إلى علاج، كل يدلي بدلوه حتى لا تبقى الفتاة محرومة من حق الفتاة أن تكون زوجة، ومن حق الفتاة أن تكون أما فهذه أمور فطرية، الله - سبحانه وتعالى- أقام هذا الكون على ظاهرة الزوجية، أي الازدواج كما جاء في القرآن الكريم (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون) وأيضاً في الآية الأخرى (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)، (خلقنا زوجين) أي أن هناك ذكر وأنثى في الحيوان والإنسان وحتى في النبات هناك حبوب التذكير وحبوب التأنيث، وحتى الكهرباء فيها موجب وسالب، وحتى الذرة فيها إلكترون وبروتون، شحنة كهربائية سالبة وشحنة كهربائية موجبة، أساس البناء الكوني هذا الازدواج، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده لذلك ربنا لما خلق آدم لم يدعه وحده خلق له من نفسه زوجاً ليسكن إليها، تسكن أنت وزوجك الجنة إذ لا معنى أن يعيش الإنسان في الجنة وحيداً فريداً فمن أجل هذا لابد أن نساعد على أن تستكمل الحياة الزوجية مقوماتها بهذا الاقتران بين الذكر والأنثى في ظل الشرع وتحت أحكام الشريعة الغراء وذلك بالزواج.
مشاهد من جدة (السعودية):
السؤال الأول: بالنسبة للزواج من الأجنبيات المسيحيات أو اليهوديات هل يستطيع الإنسان أن يتزوجها وتبقى هي على دينها وتربي أطفاله؟
السؤال الثاني: إذا كان الإنسان مديون ديون كبيرة وحاول أن يسددها بكل الطرق المشروعة ولكن لم يتسنى له ذلك وليس له أملاك يمتلكها والبنك يعطي له قرض بتيسير كبير جداً وهو بنك ربوي يعطي تسهيلات كبيرة جداً، فهل يجوز الاقتراض من هذا البنك لتسديد الديون ثم إن البنك بعد ذلك يستقطع من راتبي مبلغ شهري بدون أن يؤثر عليّ؟ فأنا عليّ ديون كبيرة جداً، ولأكثر من جهة فأنا أستفيد من هذا أجمع ديوني في منطقة واحدة وهي البنك.
القرضاوي:
بالنسبة للسؤال الأول وهو الزواج من نصرانيات أو يهوديات أولاً في عصرنا هذا لا يجوز الزواج من يهودية لأنه كما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه لا يجوز الزواج من أهل الحرب، لأن أهل الحرب ليس بيننا وبينهم صلة ولا مودة، كما قال الله - تعالى - (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله) أي حارب الله ورسوله، فالزواج من شأنه أن يقيم مودة بين الزوجين (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فلا مودة بين الإنسان وبين من يحارب الله ورسوله، ولذلك اليهود في عصرنا هذا لا يجوز الزواج منهم لأنك لو تزوجت يهودية فكأنك تزوجت جاسوسة لإسرائيل وتدخلها بيتك، فلا يجوز الزواج من يهودية وإن كانت كتابية، الزواج من نصرانية يجوز في رأي جمهور المسلمين ما عدا عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - إنه ما كان يجيز الزواج من نصرانية وكان يقول: إن الله يقول (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ) وأي شرك أكبر من أن تقول إن ربها عيسى وهو عبد من عباد الله فكان يراها مشركة ولكن جمهور الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين خالفوا ابن عمر وأجازوا الزواج لقول الله - تعالى - (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) لكنني وضعت عدة شروط للزواج من كتابية خصوصاً الكتابية من خارج المجتمعات الإسلامية مثل الذي يتزوج أوروبية أو أمريكية، أولاً لابد أن تكون كتابية، فقد يتزوجها على أنها مسيحية وهي غير مؤمنة بأي كتاب وبأي رسول وبأي دين، ملحدة أو شيوعية، شخص تزوج من واحدة على أساس أنها كتابية وقال وجدتها بهائية، فهي ليست كتابية، الأمر الآخر أن تكون محصنة أي عفيفة شريعة لا تبيع جسدها لأي إنسان، ولو حدث منها هذا سابقاً تكون قد تابت.
المقدم:
بالمناسبة فضيلة الشيخ، هناك ظاهرة بدأت تنتشر عند البعض وهي الزواج من روسيات بعد الانفتاح الذي حدث الآن في روسيا، فهو يتزوج من روسية وتقول له أن أصولها مسيحية فهل هذا الزواج شرعي وصحيح؟
القرضاوي:
إذا لم تكن مسيحية بمعنى أنها كتابية ومحصنة فلا يجوز الزواج منها فهذان شرطان الكتابية والإحصان، الشرط الثالث ألا يكون هناك مضرة على المسلمات من هذا الزواج، فالآن نحن نتكلم عن عنوسة بناتنا فعندما تذهب وتتزوج واحدة من الخارج معناها أنك عطلت زواج إحدى بناتنا المسلمات، فهذا من أسباب العنوسة، إن الشخص يذهب ويتزوج روسية أو يتزوج واحدة من أي ملة ويترك بنات بلده فلا يجوز، ولذلك سيدنا عمر لما سمع أن سيدنا حذيفة بن اليمان ـ وهو من خيار الصحابة ـ تزوج من يهودية فأرسل يطلب إليه أن يطلقها، فبعث إليه سيدنا حذيفة يقول: يا أمير المؤمنين أحرام هو؟ فقال: لا، ولكن أخشى أن يكون في ذلك فتنة على نساء المسلمين، فلعل الواحد ينظر إلى هؤلاء الفتيات فيجدهن شقراوات فيتزوجوهن ويدع المسلمة فيكون في ذلك فتنة وفي بعض الروايات قال: أخشى أن تواقعوا المومسات منهن، يعني لا تتحرى من شرط الإحصان فتتزوج واحدة لا تعلم هل هي محصنة أم لا، أيضاً من أخطر الأشياء، الخطر على الذرية الأولاد خصوصاً ممن يتزوج مثلا من أمريكية وهو يعيش في المجتمع الأمريكي وهو يدرس أو يتاجر أو يشتغل وزوجته هي التي تنشئ وتربي هؤلاء الأولاد، فعلام تنشئهم؟ تنشئهم على دينها وعلى قيمها وعلى أخلاق قومها وعلى تقاليد قومها، وينشأ هؤلاء بعيدين كل البعد عن الإسلام، حتى قال لي بعض الأخوة أنه ذهب يدرس في الخارج فخاف على نفسه فتزوج من واحدة من هؤلاء وخلّف منها 3 بنات، فسألته كيف هم؟ قال هن مسلمات اسما، قال نحن خفنا من خطأ فوقعنا في خطيئة، أي وقعنا في خطأ أكبر وضيعنا أولادنا فهذه عملية في غاية الخطورة.
بالنسبة لسؤاله الثاني: والله أنا لا أرى فائدة من هذه العملية فبدلاً من أن يدفع للبنك يدفع لأصحاب الديون مباشرة، ولكن يبدو أن البنك يعطيه كل المبلغ فيدفع لكل هؤلاء مرة واحدة، يدفع لهم ويقسط له الدين على 5 سنوات، والدائنين لا يمهلونه كما يفعل البنك، المفروض المسلم رفيق بأخيه المسلم، أولاً المفروض الإنسان المسلم بقدر الإمكان لا يستدين إلا لحاجة، الناس تستسهل الديون والنبي - عليه الصلاة والسلام - استعاذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، وكان يستعيذ بالله في دبر صلاته من المأثم والمَغْرَم فقيل له: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، يا رسول الله ـ المغرم هو الدين ـ، فقال: إن الرجل إذا غَرِم حدَّث فكذب ووعد فأخلف، هذا حديث للبخاري. وورد أيضاً: إن الدَين هم بالليل ومذلة بالنهار. فلماذا يغرق الإنسان نفسه في الدَين، بعض الناس تتوسع أحياناً وتستدين وترهق نفسها ثم تقع في هذه الضائقة. على كل حال قد يكون الدَين في تجارة خسرت أو نحو ذلك ولا يد له فيه المفروض أيضاً إسلامياً أن يُعان المدين، فإن الإسلام جعل من مصارف الزكاة مصرف (والغارمين) الغارمين هم المدينون، فالمدين يعطَى من الزكاة ما يساعده على التحرر من رقة الدين، والوقوف على القدمين، إذا لم يجد هذا وكان الدائنون راكبين على أنفاسه ولا يستطيع الفكاك ولا يجد أحداً يقرضه قرضاً حسنا ليسدد لهؤلاء وليس عنده شيء يبيعه ليسدد لهم وضاقت به الأسباب وتقطعت به الأسباب وسُدت في وجهه الأبواب هنا يلجأ إلى البنك الربوي من باب الضرورة، فهو يفتي نفسه في هذه الحالة هل هو واقع في الضرورة أم لا، إذا وقع في الضرورة فالضرورة تُقدَّر بقدرها، يعني لو كان يحتاج إلى 10 آلاف لا يأخذ 12 ألف، إذا كان محتاجهم لمدة 5 سنين لا يأخذهم لمدة 6 سنين، إنما على أقل ما يمكن وأضيق ما يمكن (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم).
مشاهد من العين (الإمارات):
هل هناك علاج للعنوسة في الإسلام؟ وهل عولجت العنوسة في أيام الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -؟
القرضاوي:
في الواقع أنه في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن الناس يشكون لا من عنوسة الإناث ولا من عزوبة الشباب، لأن الزواج كان سهلاً وميسراً والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ولم يكن الناس يعسِّرون في هذه الأمور، النبي - عليه الصلاة والسلام - زوَّج سيدة نساء العالمين فاطمة - رضي الله عنها - لعلي بن أبي طالب بمهر عبارة عن درع اسمه "الحطمية" فالمرأة ماذا تفعل بالدرع ولكنه أشبه بشيء رمزي، فهل تبيعه! أو تتزين به! كانت الأمور ميسرة والإنسان كان يعرض أحياناً ابنته، فسيدنا عمر عرض على سيدنا أبي بكر حينما أصبحت حفصة بغير زوج فقال له: هل لك في حفصة ابنتي ـ أي هل تتزوجها ـ فلم يرد عليه، ثم ذهب إلى عثمان وسأله: هل لك في حفصة؟ فلم يرد عليه، وذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال له يا رسول الله عرضت حفصة على كل من أبي بكر وعثمان فلم يردا علي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يزوج الله حفصة خيراً من عثمان ويزوج الله عثمان خيراً من حفصة"، وفعلا تزوج عثمان ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الثانية، فكان الأمر سهلاً لم يكن الناس يعسرون، الآن نحن عندما نريد أن نتزوج اخترع الناس هدية أو شيء سموها الشبكة ثم يعمل حفلة للخطوبة، ثم حفلة عقد القِران، وحفل الزواج ويا ليته مثل السابق، كان الشخص يذبح خروفين ويدعي عليه الناس، إنما الناس الآن أصبحت تعمل حفلات زواجها في الشيراتون أو الهيلتون أو الفنادق الأخرى، وتتكلف أضعاف مضاعفة، والهدايا في فترة ما قبل الزفاف والولائم والأثاث، تأثيث البيوت والمفاخرة والرياء الاجتماعي، كل واحد يحب أن يباهي الآخرين ويكلِّف نفسه ما لا يقدر عليه لماذا كل هذا؟ المفروض كما يقولون "على قدر لحافك مد رجليك" (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) إنما الشخص يريد أن يفاخر ويباهي ويشتري من الأثاث ما لا يستطيع فكل هذه التكاليف تعرقل الزواج وتعوق خطواته، في عصر النبي - عليه الصلاة والسلام - كان الأمر سهلاً وما كانوا ينظرون إلا إلى دين الشخص وخلقه "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وبالنسبة للمرأة أيضا "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" فقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نهتم ونركز على الدين والخلق سواء بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لمن يريد أن يخطبها ويتزوجها وكانوا يقولون إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فهي كسبانة كسبانة، ويقول الإمام الشعبي وهو من أئمة التابعين: من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها. فهذه كانت أمور الزواج في الحياة النبوية، وكانت المرأة تتزوج بسهولة والرجل يتزوج بسهولة مثلاً الرجل استشهد ونحن نعرف أن عصر النبوة عصر جهاد فالنبي - عليه الصلاة والسلام - غزا سبعاً وعشرين غزوة شهدها بنفسه وبعث بضعة وخمسين سرية بعث فيها الصحابة وكان هذا في تسع سنوات فكانت الحياة بهذه الصورة، وهذه الحروب أدت إلى شهداء والشهداء وراءهم أرامل، هؤلاء الأرامل كن يتزوجن بسهولة بعد استشهاد أزواجهن أحياناً، الآن نجد أن المرأة إذا مات زوجها لا تتزوج وكأن الزواج عيب، أضرب لكم مثلاً أسماء بنت عميث - رضي الله عنها - كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ولقد استشهد زوجها في مؤتة وهو أحد القواد الثلاثة الذين استشهدوا في مؤتة فانتهت عدتها وتزوجها أبو بكر - رضي الله عنه -، وبعد أبو بكر الذي عاش بعد جعفر سنتين ونصف، عندما توفي أبو بكر فخطبها علي بن أبي طالب وتزوجها وكان عندها أولاد من جعفر وأولاد من أبي بكر وأولاد من علي وكان أولادها يأتي كل واحد يقول للآخر: أنا أبي خير من أبيك، وحينما تحتد بينهم المنافسة يحتكمون إلى الأم فكانت تحل المشكلة بفطنة وحكمة تقول لهم: أبو بكر سيد الشيوخ، وجعفر سيد الكهول، وعلي سيد الشباب وترضي الجميع، فأنا أقول أن الحياة كانت فطرية والأمور سهلة ولذلك لم تكون العنوسة مشكلة ولا العزوبة مشكلة في هذا المجتمع المسلم الذي يعتبر نموذج المجتمعات.
مشاهد من عجمان (الإمارات):(52/53)
أنا أب وعندي مشكلة عندي بنت وحسب عاداتنا في بلادنا خطبت فكتبنا كتابها وكانت تستعد للزواج ولكن لظرف أو لآخر تأخر الزواج لمدة 4 أشهر في هذه الأثناء كانت تخرج مع خطيبها بما أنها كتبت كتابها، وبعد ذلك ومع الوقت بدأ الشاب يظهر على حقيقته ولم نكن نعرف عنه شيئاً فكانت أخلاقه لا تُحتمل فكانت البنت صامتة لمدة طويلة بدون أن تخبرنا أي شيء حتى بعد 4 أشهر فاض بها الكيل ولم تستطع السكوت فأصبحت تخاف أن تخرج معه فعرضت علينا الأمر وأنها لا تريد أن تتزوج هذا الشاب فرفعنا قضية طلاق فطلقتها المحكمة الابتدائية خُلع على أساس أننا نرد المهر وكل الأشياء التي أحضرها أهل الشاب، ولكن الأهل رفضوا هذا الطلاق، ورفضوا أخذ كل ما أحضروه فرفعوها للاستئناف، وقد حكمت محكمة الاستئناف بالطلاق أيضاً فرفعوها لمحكمة النقض ورفضت محكمة النقض القضية والسبب أن الضرر لن يتكرر، فكيف الضرر لن يتكرر بل سيتكرر، المهم أننا رفعنا قضية ثانية أريد من فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي أن يوضح لنا هذا الموضوع، بالرغم من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة متزوجة وكل الذي قالته له هو أنني لا أحب زوجي فقال لها الرسول: ماذا قدم لك؟ قالت له: بيعة، قال لها: أعيديها له، فأعادتها له وطلقها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد كانت متزوجة، فكيف بشابة لم تدخل بعد؟
القرضاوي:
أولاً الحقيقة أنا لا أحب أن أعلِّق على الأمور التي قضى فيها القضاء، فليس من أدب المفتي أن يعلِّق على حكم المحاكم، حكم المحاكم يجب أن يُحترم لأن الأمور الخلافية إذا حكم فيها الحاكم رُفِع الخلاف، قال العلماء: حكم الحاكم يرفع الخلاف، وهذه قضايا اجتهادية ممكن أن يختلف الناس فيها فإذا قضى فيها قاض ففتوى المفتي لا ترفع حكم القضاء، لأن قضاء القاضي ملزم وفتوى المفتي غير ملزمة، ولذلك أنا عادة الحقيقة الأمور التي تُنظر في المحاكم لا أفتي فيها حينما يأتي أحد ويقول لي أنا لي قضية رفعتها إلى المحكمة أقول له لا تسألني فيها ما دمت رفعتها إلى المحكمة وحكمت فيها المحكمة، على كل حال هذه هي درجات الحكم في القضاء هناك محكمة ابتدائية وهناك استئناف وهناك نقض فالنقض هو الدرجة العليا، إذا حكمت المحكمة العليا بهذا الأمر فيجب أن يُحترم ولا مانع أن تجرب الفتاة حظها مع هذا الرجل لعل الله يصلحه بعد ذلك، وقضية الخُلع مشروعة في الإسلام، ولكن هناك بعض المذاهب لا تلزم الزوج بالخُلع، وترى أن الخُلع من حقه، اقبل الحديقة وطلقها، فإذا لم يقبل الحديقة فما الحكم في هذه الحالة فهناك كلام كثير في هذه القضية لا يتسع المجال لذكره.
مشاهد من الكويت:
أنا عندي بنت عندما كان عمرها 5 سنوات مرضت مرضاً في اللثة واضطرت إلى خلع كل الأسنان طبعاً ركبت طقم أسنان، هذه العملية سببت لها مشكلة نفسية وكلما تقدم لها عريس للزواج ترفضه خوفاً من أن ينكشف أمرها ونحن بصراحة كنا متخوفين من ذكر هذا الشيء لمن يتقدم لها خوفاً من أن يرفضها وينشر هذا الشيء عنها بين كل الناس، فلن يتقدم لخطبتها أحد أبداً، فهذا منعنا من أن نقول الصراحة حتى جاء لها عريس ديِّن، وقد توخينا فيه الأمانة فقلت لها: يا ابنتي اقبلي الخطبة وبعد الخطبة عندما تطمئني إليه قولي له هذا الأمر، وقد كان عمرها 32 عاما، وبالفعل قبلت الخطبة وبعد مرور عدة أشهر على ذلك عندما حصل تجاوب ومحبة بينهما قلت لها: لابد أن تقولي له الحقيقة قبل عقد القِران أم أقول له أنا فأنا أريد أن أُرضي ضميري فقالت لي أنها ستقول له ذلك ولم أسألها بعد ذلك وكنت أثق في ذلك، وعلى ذلك عُقد القِران وتم الزواج وبعد عدة شهور فوجئت بالطلاق، جاء زوجها وقال لي لقد كذبت عليّ ولم تخبرني بحقيقتها من البداية، وحصل الطلاق وحتى الآن وقد أصبح عمرها 38 عاماً كل ما جاء لها عريس مازالت المشكلة قائمة وأنا لا أدري كيف أتصرف، فترفضهم خوفاً من تكرر المشكلة، أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله خيراً.
القرضاوي:
الواقع أن الزواج لابد أن يُبنى على الصدق والمصارحة والمكاشفة وكما قال الشاعر:
وإن خالها تخفى على الناس تُعلِم ومهما تكن عند امرئ من خليقة
فالإنسان لا يستطيع أن يخبئ ما عنده مهما طال الزمن خصوصاً مثل هذه الأشياء فالمصارحة قبل الزواج مطلوبة، لاشك أن الفتاة أخطأت خطأً كبيراً في إخفاء هذا الأمر عن خاطبها، وكان على الأب أن يحسم الأمر مبدئيا ويصارح من أول الأمر ولا ينتظر عليه مدة حتى يصارحه بالحقيقة بل يجب عليه من أول الأمر أن يقول له أن في الفتاة كذا، وهناك بعض الناس عقلاء وواقعيين ويقول لك نحن في النهاية ننتهي إلى هذا ما دام الطقم مركب بطريقة جيدة فلا يهم هذا، فبعض الناس قد يقبل هذا إنما إخفاء الأمر والخوف من انتشار الخبر هو لا بد أن يُعرف هذا الأمر التكتم على هذا الأمر لا فائدة منه، لابد إن الفتاة تواجه الحقيقة ويواجه أباها الحقيقة وسيأتيها ما قُدِّر لها إن شاء الله، ولعل فيها أشياء تعوض هذا العيب وربنا إذا أخذ من ناحية يعطي من ناحية أخرى، الله عدل وحكيم فهو لا يأخذ من الإنسان كل شيء بل يأخذ من ناحية ويعطي من ناحية أخرى، فلعل فيها مميزات لا توجد عند غيرها، أنا على العموم ما أنصح به أنه لابد من المكاشفة في هذه الأمور ولا يقلق الأب ولا البنت إن شاء الله سيأتيها نصيبها وربنا يهيئ لها ابن الحلال الذي يعوضها عما فاتها إن شاء الله.
المقدم:
فضيلة الشيخ أحياناً من مخاطر العنوسة ومن الآثار السلبية أنها قد تصيب بعض الفتيات بعقدة، وبالنظرة التشاؤمية للمجتمع وأن هذا المجتمع ظلمها أنها بقيت إلى 35 سنة أو 36 سنة أو تعداها كما يقال قطار الزواج فتصاب بإحباط ويأس وكأن هذا الأمر توقف عند هذا الحد، فما هي كلمتك وتوجيهك إلى هؤلاء الفتيات وإلى من وصلت منهن إلى هذا السن؟
القرضاوي:
هناك كلمة للفتيات وأخرى للمجتمع، أنصح الفتيات أولاً ألا ييأسن أبداً، المؤمن لا ييأس من روح الله (إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون) وكثير من النساء تزوجن بعد أن فاتهن القطار ويسَّر الله لهن زواجاً طيباً ومباركاً وسعدن فيه لأن الله يعوِّض فالإنسان لا يدري أين الخير (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم) فالفتاة التي لم تتزوج في السن المبكرة فإن هذا لا يعني أنه قد انتهت حياتها، الحياة لازال فيها أمل، ومادام الإنسان حياً لا ينبغي أن يقلق أبدا (فإن مع العسر يسراً) وإن بعد الليل فجراً، فلابد أن تصبر الفتاة وتأمل الخير إن شاء الله، وإن غداً لناظره قريب.
ـــــــــــــ
الرؤية المتوازنة: التعدد بين العواطف والمواقف.. في حياة المرأة المسلمة
وفاء عبد الله الشرماني
لقد شوهت وسائل الإعلام ( الدش، التلفاز، المجلات الهابطة وغيرها ) فكرة التعدد، فجعلها أعداء الإسلام معنى لعدة أفكار سيئة منها: (بيع العواطف، هدم البيوت، تشريد الأولاد وتفكك الأسر، الإفلاس)، جعلوها معنى للحسد والحقد، والبغض والكراهية بين الضرات، وما هذا وذلك إلا لتشويه الإسلام ومعالمه السمحة التي أتى بها.
أيضاً واقع بعض الأزواج المعددين - هداهم الله - الذين نرى بأعيننا، ونسمع بآذاننا قصصهم المؤلمة مع نسائهم، وذلك لبعدهم عن تعاليم الإسلام أو الجهل بها.
ولكننا نحن معشر المسلمين ما ظننا بدين رباني مصدره كتاب الله (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ))، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – ((تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)).
فلو تمسكنا بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – لهدينا، ولكانت حياتنا ملؤها السعادة والطمأنينة، ولكننا ابتعدنا عن الحق فكانت النتيجة أن...؟!
فإليك أختي الحبيبة أهدي بعض زهرات نصائحي، والتي قطفتها لك من بستان التجربة والحقيقة، لا من نسيج الخيال، وزائف الآمال وهي:
1- يقول الله - عز وجل – ((وجعل بينكم مودة ورحمة))، فمهما قسى قلبك على زوجك، ومهما شعرت أنه قد انقطعت أواصر الحب بينك وبينه؛ إلا أنه تبقى المودة، وتبقى الألفة والرحمة، وما تحمل هذه الكلمات في طياتها من معاني نبيلة، فاحرصي أختي الحبيبة على بقاء تلك المعاني بينك وبين زوجك، بل واحرصي على تقوية العلاقة بينكما أكثر من ذلك.
ولا أقول علاقة أكل وشرب ونوم وعاطفه فقط؛ لا بل العلاقة الإيمانية والروحانية فعليك:
* أن تحفزي زوجك على صيام النوافل، وتشاركيه في ذلك، فإذا صام أعددت له أطيب الطعام إن استطعت، وتذكريه بين الحين والآخر بفضل الصيام حتى لا يصيبه الملل والسآمة، ولعل الله أن يدخلكما الجنة من باب الريان، وأنكما قد فعلتما أحب الأعمال إلى الله "فإنه لي وأنا أجزي به".
* إيقاظه لصلاة قيام الليل، وتذكيره بالأجر والمثوبة عند الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء".
* حثيه على صلاة الضحى ولو ركعتين، وعلى صلاة النوافل، وصلاة الوتر، وأعينيه على ذلك محتسبة الأجر عند الله.
* عوديه دائماً على الكلام الطيب، وحذريه من الغيبة والنميمة، والسب والمزاح الذي فيه كذب.. الخ، وأن يحرص على أن لا يكون مأكله ومشربه وملبسه حرام.
* أن لا يكون لقائك معه وجلوسك معه كله كلام عاطفي، ولغو في أمور الدنيا، بل امزجيه بكلام الله - تعالى -، وكلام رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - أو القراءة مثلاً في كتاب نافع.
* التسابق فيما بينكما والتنافس في حفظ سورة أو حديث أو قصيدة شعر هادفة تتناول جانب من جوانب الدين.
* ذكريه بالزكاة، وحثيه على البذل والعطاء والصدقات؛ فإنها تطفئ نار الخطيئة.
إذن فلا تجردي حياتك من الإيمانيات لأنها سبب في حصول السعادة والتي منها حب الزوج، إذا فعلت ذلك أخيتي ثقي كل الثقة أنك سوف تنالي رضى الله - تعالى- ثم رضى زوجك عنك، وسوف تنقلب حياتك من الشقاء إلى السعادة، ومن التعاسة إلى السرور والفرحة.
2- أعينيه على العدل بينك وبين ضراتك، وحسسيه بالأمان والرضى إذا ذهب إلى إحداهن، وإذا أتاك غاضباً من إحداهن أوصيه بألا يجعل للشيطان سيلاً في الدخول بينه وبينها، وإذا أراد أن يفضلك على إحداهن بنفقة أو سكن أو أي أمر فذكريه بالله، وأن هذا يسخط الله - تعالى - وهو حرام ولا يجوز فعله، وأن يعطيك مثل ما يعطيهن سواء بالنفقة أو السكن أو غير ذلك سواءً بسواء، وإذا أخطأ وذكر إحداهن عندك بسوء أوقفيه عن الكلام، واجعليه يستغفر الله فوراً.
3- لقد جعل الله للزوج مميزات وخصائص أكثر من المرأة، كما جعل له حقوقاً وواجبات على المرأة القيام بها، إذن فيجب على المرأة أن تقوم بحق زوجها كاملاً، وأن تحاول بقدر ما تستطيع أن تنال رضاه، وتتجنب سخطه، ولكن لماذا؟! هل من أجله؟ أم استجابة لأمر الله ورسوله الكريم.
والجواب هو: أنه يجب على المرأة أن تطيع زوجها تلبية لأمر الله، واحتكاماً لشرع الله ونيل رضاه - تبارك وتعالى -، لأنها تعتبر طاعة لله أولاً، ثم طاعة للزوج ومحبة له.
واعلمي أختي الحبيبة أنك إذا أطعت زوجك لأنك تحبيه فقط فإنه لا بد أن يأتي يوم من الأيام ويتخلل حياتك الزوجية عواصف مزعجة، فكثير من النساء إذا تزوج عليها زوجها تقول منفجرة: "أنا أطيعه، وأخلص له في حبي وطاعتي، وأطبخ له ألذ الطعام، وأربي أولاده أحسن تربية، وأضحي من أجله، وهو يذهب ويتزوج علي"، فتتأثر، وتهمل زوجها وبيتها، وتقتصر في تربية أولادها، وقد تركتهم ضحية انصدامها في حبها لزوجها، وهذه هي النتيجة في أقل الأحوال!! فعليك أختي الحبيبة أن تطيعي زوجك كما أمرك الله محتسبة الأجر عنده – تعالى -.
4- وفي أثر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، موقوفاً عليه (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما).
فانطلاقاً من هذا أوصي أختي الحبيبة بأنه لا بأس عليها أن تحب زوجها وتتودد له بكل شيء، ولكن لا تعلق قلبها فيه، فيحول حبها ذلك - والعياذ بالله - إلى شرك دون أن تشعر ((يحبونهم كحب الله))، الزوج له حقه وله حبه الذي يستحقه، فهو حبيبك وزوجك، ولكن كما يرضى الله – تعالى -، وحتى إذا ما حدث لهذا الزوج في يوم من الأيام مكروه فإن الزوجة لا تنصدم وتتأثر فيحصل لها أمر ما يهلكها.
ونقيس على ذلك إذا حدث وأن هذا الزوج تزوج على زوجته في يوم من الأيام فإن الزوجة قد تبكي وتحزن وتتألم، وقد تمرض وتنقل إلى المستشفى، أو تصاب بحالة نفسية سيئة تؤثر عليها وعلى حياتها، ومن ثم تؤثر على أولادها، أو قد تطلب الطلاق، فيكون الضحية هم الأولاد.
ولكن إذا تزوج عليها زوجها وهي غير متعلقة به وفي نفس الوقت تحبه فإنها ستكون معتدلة في رد فعلها تجاه ذلك الحدث، ولن تتأثر ذلك التأثر السيئ الذي يؤدي بها إلى التهلكة.
5- إن زواج الرجل على زوجته أمر قد شرعه الله، ويجب على الزوجة:
أ - التسليم لشرع الله وحكمه ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)).
ب - الرضا من صميم القلب – فإن من نواقض الإسلام العشرة: بغض أي شيء جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو عمل به، ومن شروط الإسلام القبول بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال - صلى الله عليه وسلم -: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءاً ولا تنبت كلاً فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
ت - الإيمان بقضاء الله وقدره، فالله قدر عليها أن يتزوج زوجها بأخرى، وكما نعلم أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، ومن أخل بركن من أركان الإيمان كان كافراً - والعياذ بالله من ذلك - قال تعالى: "وكان أمر الله قدراً مقدوراً".
ونحن هنا لا نتحدث عن الغيرة، فنحن مسلمين بأن الغيرة فطرة في النساء جبلن عليها، فالتسليم لحكم الله في جواز التعدد أمر، والغيرة التي تأبى المرأة أن تشاركها أي امرأة في زوجها أمر آخر، بدليل أن المرأة تجتهد في تطبيق أحكام التعدد من العدل، ومن القبول بحكم الله مع أنها تكون في نفس الوقت متضايقة في نفسها للمشاركة في الزوج، وقد تكون متضايقة لأمور غير شرعية.
وإذا نظرنا إلى واقع مجتمع نساء الصحابة وأمهات المؤمنين فإننا سنلاحظ أنه لم يكن هناك أي اعتراض على التعدد، ولا توجد حادثة رفض لهذا المبدأ، وإنما كانت القضية فقط هي: البحث عن مكانة المرأة عند الزوج، والمطالبة بالعدل، ولربما حصل انقسام لنساء الرجل الواحد، فهذه تؤيد هذه، وهذه تؤيد هذه كالأحزاب، مثل نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن حزبين حزب عائشة، وحزب زينب بنت جحش - رضي الله عنها -.
6- اضبطي أعصابك وانفعالاتك، وسيطري على ردود أفعالك، ولا تتركي حياتك للآخرين يعبثون بها.
7- اتخذي لك صديقة حميمة عاقلة متزنة مربية تأخذي منها المشورة.
8- ثقي في حب زوجك، ولا تكوني رهينة أوهامك.
9- لا تجعلي (المكياج) و(الموديل) والذهب والإكسسوار مقياساً لحب زوجك.
10- كوني متفائلة دائماً بالخير، ولا تتوقعي الفشل.
11- شجعي نفسك وحفزيها على الاهتمام بمعالي الأمور، وترك سفاسفها.
12- لا تكوني سريعة الغضب، فالغضب سلوك سلبي لا يحل مشكلة، ولكنه يزيد الأمور تعقيداً.
13- تغاضي عن زلات زوجك، واعرضي عنها، ولا تجعلي من الحبة قبة.
14- لا تظهري أمام أولادك والأهل أي مشكلة تحصل بينك وبين زوجك ليسود بيتك الهدوء والسكينة والمحبة.
15- لا تخرجي أسرار بيتك خارج البيت، ولا ترخي سمعك للنساء الغير واعيات.
أسأل الله لك السداد والتوفيق في الدنيا والآخرة.
المصدر :http://www.islamselect.com
ـــــــــــــ
مطلقات قبل الزفاف
ازدادت في الفترة الأخيرة حالات الطلاق بين الأزواج من الشباب قبل الزفاف وذلك لأسباب كثيرة، منها المغالاة في المهور وتأثيث مسكن الزوجية. وأزمة الإسكان، وأيضا غياب الدين والاختلاط الزائد عن الحد مما يؤدى إلى فتور العاطفة وتفكير الشاب في الارتباط بأخرى. وفى هذا التحقيق نناقش هذه الظاهرة.
يؤكد د. أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع: إن الزواج في عصرنا الحالي قائم على أسس خاطئة، فلا يتحرى أهل الفتاة عن العريس، ولا يبحثون عن أصله ونسبه أو عن خلقه ودينه، وإنما أصبح التركيز على المادة هو الأساس، فبقدر ما يحقق الرجل مطالب أهل العروس من مسكن مؤثث بأحدث الكماليات وسيارة فارهة، ومهر مغالى فيه إلى حد كبير، بقدر ما يلاقي من القبول والاستحسان.
ويضيف د. المجدوب: كما أن البعد عن الدين هو أهم أسباب ازدياد الطلاق قبل الزفاف، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وضع المبادئ الأساسية للزواج وجعل الدين والخلق هما الأساس لبناء الأسرة المسلمة، فقال - عليه الصلاة والسلام -: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وكان المجتمع المصري في الماضي شأنه شأن المجتمعات الإسلامية فيه تضامن أسرى، والزواج كان مشروعاً عائلياً وليس فردياً، ولذلك كان الزواج مستقراً، ولم نكن نسمع عن أية حالات طلاق بكثرة لأن الأسر كانت تختار صاحب الدين والخلق، كما أن الأم كانت تربى ابنتها تربية إسلامية وتعرفها بحقوقها وواجباتها تجاه زوج المستقبل، ولا شك أن البعد عن الدين وراء كل الكوارث التي نعاني منها الآن ولابد أن نعود إلى الدين مرة أخرى لنضمن السعادة الزوجية.
وأنصح البنات والشباب بأن يتقوا الله ويختاروا طبقاً للمبادئ والقواعد التي وضعها الإسلام، وأن يلتزموا بما أمر الله - عز وجل - به وبما أمر رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -، لضمان حياة زوجية مستقرة قائمة على المودة والرحمة.
البعد عن المظهرية:
أما الدكتورة آمنة نصير عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية: فترى أن المظهرية والمباهاة أصبحتا من مقتضيات الأسرة المعاصرة رغم علم هذه الأسر بضيق حال الشباب.
وتقول: انتشار الطلاق المبكر قبل الزفاف يأتي نتيجة للعسر المالي أو عدم توفر المسكن وما يتبعه من أثاث حسب ما تهوى العروس والأسرة، وهى مسألة نعتبرها رغبة إنسانية لا حرج فيها إذا لم تزد عن الحد المعقول، وأقول لهذه الأسر لابد من بساطة البداية فلا تتشبثوا بالشقة الواسعة أو بالأثاث المغالى فيه، وإنما نعود إلى بساطة الإسلام، فعندما يتقدم من نرضى دينه وسمعته فعلى الأسرة أن تستوعب هذا الدرس الحكيم في تبسيط المطالب والبعد عن المغالاة، سواء في المظهر أو في إعداد الأفراح أو في تكوين البيت، فالأهم من كل هذه الأمور هو صيانة بناتنا و شبابنا وإعادة السكينة والاستقرار لهذه الأسر بشئ من الرضا، والقناعة وعدم المغالاة، حتى لا يهتز المجتمع بأكمله.
ونحن في حاجة ملحة لإعادة الثقافة الإسلامية الحقيقية في بساطة تكوين البيت، ونترك لشبابنا الصعود في تكوينه درجة درجة، والمسألة تحتاج كما قلت إلى إعادة الوعي والمسئولية والثقافة الإسلامية الحقيقية،.. مع بث الوعي لدى المجتمع بأن المغالاة في المظهرية في تكوين بيوت أولادنا مرض عضال علينا أن نتفاداه قبل فوات الأوان وضياع أولادنا ومستقبلهم المستقر.
فيسروا ولا تعسروا لبناء مستقبل سعيد لأولادكم.
أزمة السكان:
ويوضح د. محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن أزمة الإسكان الحادة التي يعانى منها مجتمع المدن الآن، من أهم أسباب الطلاق قبل الدخول. ويقول: كثير من الشباب يحتاج للحصول على مسكن الزوجية إلى سنوات طويلة، وفى هذه الفترة يحدث الملل بين الزوجين مما يؤدى إلى التفكير في عدم إتمام مشروع الزواج. كما أن الاختلاط الزائد بين الرجل والمرأة يؤدى إلى فتور العاطفة بين الطرفين خصوصاً من ناحية الرجل، وقد يدفعه إلى التفكير في الانفصال والارتباط بفتاة أخرى.
وعلاج هذه المشكلة هي عدم إطالة فترة الخطبة، وأن تعمل الدولة على تيسير حصول الشباب على المسكن الملائم لدخولهم، وذلك بتشجيع الاستثمار في مجال الإسكان المتوسط لمحدودي الدخل.
ويجب ألا يبالغ الأهل في مطالبهم بالنسبة لتأثيث بيت الزوجية، ويجب أن يدرك ولى أمر المرأة أن مصلحة الفتاة في أن يدخل الزوج في مشروع الزواج وهو مستريح مادياً وليس مثقلاً بالديون.
حقوق المطلقة وعن حقوق المطلقة قبل الدخول:
يقول د. عثمان: لها نصف المهر فقط، فإذا كان الزوج قد دفع المهر كاملاً، فله الحق في استرجاع نصف ما قدمه وإذا كانت الزوجة لم تحصل على المهر فلها أن تطالبه بنصف المهر الذي اتفق عليه، ويجب أن يلاحظ أن المهر يشمل المقدم والمؤخر لقول الله - تبارك وتعالى - وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى، أما عن حكم الطلاق في هذه الحالة، فالطلاق قبل الزفاف يعتبر طلاقاً بائناً بينونه صغرى، بمعنى أنه ليس طلاقاً رجعياً يحق للزوج أن يرجعها إلى عصمته في أثناء العدة، وإنما الطلاق قبل الدخول لا يوجب عدة على المرأة، لقول الله - عز وجل -:(( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً)).
الثلاثاء:08/06/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
فانكحوا ما طاب لكم
قال - تعالى -: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء)) [النساء: 1].
وقال - تعالى – (( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)) [الأعراف: 189].
وقال - سبحانه - )) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً(([الرعد: 38].(52/54)
وقال - تعالى -: ((وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ))[النحل: 72].
وقال - سبحانه – (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) [الروم: 21].
وقال - سبحانه - )) خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)) [الزمر: 6].
والزواج غنى، قال الله - تعالى -: ((وانكحوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [النور: 32].
وعلاج من لا يملك نفقة الزواج، قال الله - تعالى - ((وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)) [النور: 33].
ونهى الله - تعالى - عن الانقطاع عن الزواج للقادر عليه، قال الله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) [المائدة: 87].
وأباح الله - تعالى - التعدد إلى أربع زوجات بشرط العدل في المسكن والكسوة والنفقة والمبيت، قال الله - تعالى - )) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)) [النساء: 3].
وقال: {ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف} [رواه الترمذي].
وقال: {لم ير للمتحابين مثل النكاح} [صحيح الجامع: 5200].
وعن عائشة - رضي الله عنها -: {تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء} [رواه ابن ماجه].
وقال رسول الله: {تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة} [صحيح الجامع: 2940].
ولما تزوج جابر بن عبد الله ثيّباً قال له رسول الله: {هلا تزوجت بكراً تلاعبها وتلاعبك} [متفق عليه].
وفي الأمثال: (إن المناكح خيرها الأبكار).
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة أُكل منها، ووجدت شجراً لم يؤكل منها، في أيها كنت تُرتعُ بعيرك؟ قال: {في التي لم يُرتع فيها} [أخرجه البخاري]. تعني أن رسول الله لم يتزوج بكراً غيرها.
وقال: {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء} [البخاري ومسلم].
وقال: {إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض} [صحيح الجامع].
وقال: {تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى} [السلسلة الصحيحة: 1782].
وقال: {حُبّب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة} [رواه أحمد والنسائي].
ونهى عن التبتل والانقطاع عن الزواج، عن سعد بن أبي وقاص قال: {ردّ رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له، لاختصينا} [البخاري ومسلم].
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لو لم يبقى من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها، ولي طول النكاح فيهن، لتزوجت مخافة الفتنة).
وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى).
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (أكثروا من العيال فإنكم لا تدرون بمن ترزقون).
كان ابن عباس يجمع غلمانه لما أدركوا، ويقول: (إن أردتم النكاح أنكحتكم، فإن العبد إذا زنا نُزع الإيمان من قلبه).
قال الأعمش: (كل تزويج يقع على غير نظر، فآخره هم وغم).
وقال عمر لأبي الزوائد: (إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور).
وقال ابن عباس: (لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج).
وقال الإمام أحمد بن حنبل: (لو كان بشر تزوج لتمّ أمره). ويقصد الإمام بشر بن الحارث أبا نصر المروزي.
وقيل لأحمد: مات بشر، قال: (مات والله وما له نظير، إلا عامر بن قيس، فإنّ عامراً مات ولم يترك شيئاً)، ثم قال أحمد: (لو تزوج).
قال ابن سيرين: (تزوج الحسن امرأة، فأرسل إليها مائة جارية، مع كل جارية ألف درهم).
قال: فوائد النكاح خمسة: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة العشيرة، ومجاهدة النفس بالقيام بهن.
وقال في الإحياء: (الخصال المطيبة للعيش التي لا بدّ من مراعاتها في المرأة ليدوم العقد وتتوفر مقاصده ثمانية: الدين، والخلق، والحسن، وخفة المهر، والولادة، والبكارة، والنسب، وأن لا تكون قرابة بعيدة).
يروى عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (إنما النكاح رق، فلينظر امرؤ من يرقّ كريمته) [الكامل في الأدب].
وخطب أبو طالب بن عبد المطلب لرسول الله في تزوجه خديجة بنت خويلد رحمة الله عليها، فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلداً حراماً وبيتاً محجوباً، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن محمداً بن عبد الله ابن أخي، من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه براً وفضلاً وكرماً وعقلاً ومجداً ونبلاً، وإن كان في المال قلّ، فإنما المال ظلّ زائل، وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك، وما أحببتم من الصداق فعليّ).
قال ابن القيّم: (محبة النساء من كمال الإنسان، قال ابن عباس: خير هذه الأمة أكثرها نساء) [الداء والدواء: 29].
عن طاووس قال: (لا يتمّ نسك الشاب حتى يتزوج) [نزهة الفضلاء].
وقال سعد بن أبي وقاص: (رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا) [رواه البخاري].
أي: لو أذن له بالتبتل لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء.
قال الطبري: (التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذذ به لهذا نزل في حقه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [المائدة: 87]).
تزوج علي بن الحسين أم ولد لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك في ذلك، فكتب إليه: (إنّ الله رفع بالإسلام الخسيسة وأتمّ النقيصة، وأكرم به من اللؤم فلا عار على مسلم، هذا رسول الله قد تزوج أمته وامرأة عبده)، فقال عبد الملك: إنّ عليّ بن الحسين يتشرّف من حيث يتضع الناس. [عيون الأخبار].
قالت هند بن عتبة بن ربيعة، أم معاوية بن أب سفيان: (إنما النساء أغلال، فليختر الرجل غلاً ليده) [أعلام النساء: 5250].
وكان يقال: (البكر كالذرة تطحنها وتعجنها وتخبزها، والثيّب عجالة راكب تمر وسويق) [عيون الأخبار: 47].
لقد تزوج الإمام أحمد بن حنبل في اليوم الثاني من وفاة أم ولده عبد الله، وقال: (أكره أن أبيت عزبا! ).
وقال الإمام الشافعي: (إن الزواج مباح لأنه قضاء لذة، ونيل شهوة، فهو كالأكل والشرب) [عيون الأخبار: 28].
وقالت هند بنت المهلب: (ما رأيت لصالحي النساء وشرارهن خيراً من الحاقهن بمن يسكنّ اليه من الرجال، ولرب مسكون إليه غير طائل والسكن على كلّ حال أوفق) [روضة المحبين].
يقول الغزالي: (ومن بدائع ألطافه أن خلق من الماء بشراً، فجعله نسباً وصهراً، وسلّط على الخلق شهوة اضطرهم بها إلى الحراثة جبراً، واستبقى بها نسلهم إقهاراً وقسراً.. وندب إلى النكاح وحثّ عليه استحباباً وأمراً.. فإنّ النكاح معين على الدين، ومهين للشيطان، وحصن، دون عدو الله حصين وسبب للتكثير الذي به مباهاة سيد المرسلين لسائر النبيين.. ).
قال القاسم بن عبد الرحمن: كان عبد الله بن مسعود يقرأ القرآن، فإذا فرغ قال: (أين العزّاب؟ فيقول: ادنوا مني ثم قولوا: اللهم ارزقني امرأة إذا نظرت إليها سرّتني، وإذا أمرتها أطاعتني، وإذا غبت عنها حفظت غيبتي في نفسها ومالي).
روى محكول عن عطية بن بشر، عن عكاف بن وداعة الهلالي، أن رسول الله قال: {يا عكاف، ألك امرأة؟ } قال: لا، قال: {فأنت إذاً من إخوان الشياطين، إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم، وإن كنت منا فانكح، فإن من سنّتنا النكاح} [العقد الفريد: 776].
عن ضمرة بن حبيب أنه قال: (كان أشياخنا يستحبون النكاح يوم الجمعة) [عيون الأخبار].
وقال بعض العلماء: (سمعت من يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوله في النكاح) [عيون الأخبار].
خطبة النكاح
خطب محمد بن الوليد بن عقبة إلى عمر بن عبد العزيز أخته، فقال: (الحمد لله ذي العزة والكبرياء، وصلى الله وسلم على محمد خاتم الأنبياء، أما بعد: فقد حسن ظن من أودعك حرمته، واختارك ولم يختره عليه، وقد زوجناك على ما في كتاب الله إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان) [عيون الأخبار].
انكحك الصدق
خطب بلال على أخيه امرأةً بني حسل من قريش، وقال: (نحن مَن قد عرفتم، كنا عبدين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وفقيرين فأغنانا الله، وأنا أخطب على أخي خالد فلانة، فإن تُنكحوه فالحمد لله، وإن تردّوه فالله أكبر، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: هو بلال، وليس مثله يُدفع، فزوجوا أخاه. فلما انصرفنا، قال خالد لبلال: يغفر الله لك! ألا ذكرت سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله! قال بلال مَهْ! صدقت فأنكحك الصدق) [عيون الأخبار].
وصايا لزوج البنت
خطب عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان إلى عتبة بن أبي سفيان ابنته، فأقعده على فخذه، وكان حدثاً فقال: (أقرب قريب، خطب أحبّ حبيب، لا أستطيع له رداً، ولا أجد من إسعافه بُداً، وقد زوجتكما وأنت أعز عليّ منها، وهي ألصق بقلبي منك، فأكرمها يعذُب على لساني ذكرك، ولا تُهنها فيصغر عندي قدرك، وقد قرّبتك مع قربك، فلا تبعد قلبي من قلبك) [العقد الفريد].
استخيروا الله وردوا خيراً
كان الحسن البصري يقول في خطب النكاح بعد حمد الله والثناء عليه: (أما بعد، فإن الله جمع بهذا النكاح الأرحام المنقطعة، والأسباب المتفرقة، وجعل ذلك في سنة من دينه، ومنهاج واضح من أمره، وقد خطب إليكم فلان وعليه من الله نعمة، وهو يبذل من الصّداق كذا، فاستخيروا الله وردّوا خيراً يرحمكم الله) [عيون الأخبار].
هاتوا نثاركم
وجدت أبو عثمان فقال: (مررت بحاضر وقد اجتمع فيه، فسألت بعضهم: ما جمعهم؟ فقالوا: هذا سيّد الحيّ يريد أن يتزوج منا فتاة، فوقفت أنظر، فتكلم الشيخ فقال: الحمد لله، وصلى الله على رسول الله، أما بعد ذلك، ففي غير ملالة من ذكره والصلاة على رسوله، فإن الله جعل المناكحة التي رضيها فعلاً وأنزلها وحياً سبباً للمناسبة، وإن فلاناً ذكر فلانة وبذل من الصداق كذا، وقد زوجته إياها، وأوصيته بوصية الله لها، ثم قال للفتيان على رأسه: هاتوا نثاركم، فقلبت على رءوسنا غرائز التمر) [عيون الأخبار].
هاتوا خبيصكم
وقال شبة بن عقال: (ما تمنيت أن لي بقليل من كلامي كثيراً من كلام غيري إلا يوماً واحداً، فإنا خرجنا مع صاحب لنا نريد أن نزوّجه، فمررنا بأعرابي فأتبعنا، فتكلم متكلم القوم فجاء بخطبة فيها ذكر السموات والأرض والجبال، فلما فرغ قلنا: من يجيبه؟ قال الأعرابي: أنا، فجئنا لركبته، ثم أقبل على القوم فقال: والله ما أدري ما تحتاطك وتلصاقك منذ اليوم! ثم قال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خير المرسلين، أما بعد، فقد توسلت بحرمة، وذكرت حقاً، وعظمت عظيماً، فحبلك موصول، وفرضك مقبول، وقد زوّجناها إياك، وسلمناها لك، هاتوا خبيصكم) [عيون الأخبار].
فمن رغب عن سنتي فليس مني
وفي الحديث الصحيح عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي، فلما أخبروا، كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي؟ فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم، أما أنا، فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله فقال: {أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني} [البخاري ومسلم].
وروي في الخبر أن رجلاً من بني إسرائيل قال: لا أتزوج حتى أشاور مع مائة إنسان، فشاور مع تسعة وتسعين وبقي واحد، فعزم أن أول من لقيه غداً يشاور ويعمل برأيه، فلما أصبح وخرج من منزله لقي مجنوناً راكباً قصبة فاغتمّ لذلك ولم يجد بدّاً من الخروج من عهده فتقدم إليه، فقال له المجنون: احذر فرسي كي لا تضربك، فقال له الرجل: احبس فرسك حتى أسألك عن شيء، فأوقفه، فقال: إني قد عاهدت الله - تعالى - أن أستثير أول من يستقبلني وأنت أول من استقبلني، فإني أريد أن أتزوج؟ فقال له المجنون: النساء ثلاثة: واحدة لك، وواحدة عليك، وواحدة عليك أو لك، ثم قال: احذر الفرس كي لا تضربك ومضى، فقال الرجل: إني لم أسأله عن تفسيره فلحقه فقال: يا هذا، احبس فرسك، فحبسه، فدنا منه وقال: فسّره لي، فإني لم أفهم مقالتك، فقال: أما التي لك فهي المرأة البكر، فقلبها وحبها لك ولا تعرف أحداً غيرك، وأما التي عليك فالمتزوجة ذات ولد تأكل مالك وتبكي على الزوج الأول، وأما التي لك أو عليك فالمتزوجة التي لا ولد لها، فإن كنت خيراً لها من الأول فهي لك وإلا فعليك، ثم مضى فلحقه الرجل، فقال له: ويحك تكلمت بكلام الحكماء وعملت عمل المجانين؟ فقال: يا هذا، إن بني إسرائيل أرادوا أن يجعلوني قاضياً فأبيت، فألحوا عليّ، فجعلت نفسي مجنوناً حتى نجوت منهم. [بستان العارفين].
قال أبو عمرو بن العلاء: (قال رجل: لا أتزوج امرأة حتى أنظر إلى ولدي منها، قيل له: كيف ذاك؟ قال أنظر إلى أبيها وأمها، فإنها تجرّ بأحدهما) [عيون الأخبار].
وقال الأصمعي وذكر النساء: (بنات العم أصبر، والغرائب أنجب، وما ضرب رؤوس الأبطال كابن الأعجمية) [العقد الفريد].
وقال عبد الملك بن مروان: (من أراد أن يتخذ جارية للمتعة فليتخذها بربرية، ومن أراد أن يتخذها للولد فليتخذها فارسية، من أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية).
اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــ
40 وسيلة لتيسير الزواج
عبد الكريم بن عبد المحسن التركي
1.تفعيل قرار هيئة كبار العلماء رقم (52) وتاريخ 4/4/ 1397 هـ المتضمن تحديد مهور النساء وفتاوى أصحاب الفضيلة في هذا الشأن.
2. العمل على تقليل المهور وتيسيرها وتسهيل إجراءات وحفلات ومظاهر الزواج ووضع سقف أعلى لها بما يتناسب ووضع الشباب في بداية حياتهم.
3. المساهمة الفعلية من إمارات المناطق والمحافظات ومشايخ القبائل والوجهاء والأعيان والتجار في وضع أطر لأمور الزواج ومراسمه تتجنب التكاليف الباهظة التي لا داعي لها ويكون علية القوم ووجهاء المجتمع قدوة حسنة في ذلك.
4. وضع قروض خاصة بالزواج وجعلها ميسرة السداد بشرط أن يكون الشاب قد عقد زواجه وكذلك مساعدة من تحملوا ديوناً جراء الزواج.
5. وضع صالات أفراح خيرية في كل المدن وفي المحافظات والمراكز تؤجر بأسعار رمزية تغطي خدمات وصيانة الصالة فقط.
6. دعم المشاريع الخيرية الأهلية لتيسير الزواج بالمال والأثاث والمواد الغذائية ونحو ذلك.
7. التوعية والتوجيه لها دورها في ذلك عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمقرؤة والمسموعة ويحدد ذلك نوعاً ووقتاً حتى لا يكون فترة وينقطع وعن طريق وزارة الشؤون الإسلامية بالخطب والمحاضرات والندوات المتواصلة في جميع مناطق المملكة وعلى مدار السنة والتوعية كذلك في دور التعليم والتربية بالحث على الزواج بيسر وسهولة.
8. عمل أسبوع للزواج قبل الإجازة الصيفية يركز فيه على التوعية والإرشاد في تيسير الزواج من جميع الجهات الحكومية والأهلية والحث على الزواج المبكر وطباعة الكتيبات والمطويات والأشرطة في الحث على ذلك وتوزيعها على الناس.
9. وضع جمعية خيرية أو هيئة أو صندوق لتيسير الزواج تتولى الإشراف والتنسيق لما يتعلق بذلك وتتولى ضم الجهود السابقة تحت لوائها في جميع مناطق المملكة.
10. العمل على سرعة توظيف الشباب وإيجاد عمل لهم كل بما يناسب سواءً في القطاع العام أو الخاص ودعم مشروع السعودة المباركة.
11. تشجيع التعدد وبيان فوائده للمجتمع من إعفاف النساء والأرامل والمطلقات وكفالتهن لمن تتوفر فيه شروط التعدد شرعاً.
12. وضع مساعدات خاصة للزواج من المطلقات والأرامل وذوات الإعاقة ونحو ذلك تشجيعاً للزواج بهن.
13. وضع مكاتب استشارية خيرية وأخرى في المحاكم الشرعية للإصلاح الاجتماعي والأسري والتوفيق بين الطرفين للزواج والتقليل من الطلاق الذي أصبح ظاهرة مزعجة وضارة جداً ويوضع له ضوابط ويعين فيه من ذوي الاختصاص الأمناء الثقات الحريصين على إصلاح ذات البين.
14. حث الموسرين على الصرف من الزكاة للمتزوجين المحتاجين.
15. العمل الجاد على إيجاد أوقاف خيرية ثابتة يصرف ريعها على مساعدة الزواج.
16. حث وتشجيع الذكور والإناث وأولياء الأمور على الزواج المبكر لما في ذلك من الخير العميم على الجميع.
17. منع الاختلاط بين الرجال والنساء في حفلات الزواج بجميع أشكاله وصوره بما في ذلك دخول على النساء غير المحارم.
18. منع التصوير في الحفلات رجالاً ونساء لما ينتج عنه من أضرار ومشاكل كثيرة
19. منع السهر في حفلات الزواج بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً.
20. منع الغناء ذكوراً أو إناثاً أومن مسجل ومنع مكبرات الصوت.
21. منع مشاركة المطربين والمطربات في حفلات الزواج وغيرها منعاً باتاً.
22. إقراض المتزوج من بنك التسليف وإن زاد راتبه عن ثلاثة آلاف ريال.
23. إعطاء أولوية للشباب والفتيات المتزوجين في القبول في الجامعات كميزة تشجيعية.
24. إعطاء أولوية للشباب والفتيات المتزوجين في التوظيف في القطاع العام والخاص.
25. إعطاء أولوية للمدرسين والمدرسات المتزوجين في النقل حسب طلبهم.
26. منح المتزوجين ذكوراً وإناثاً علاوة سنوية خاصة بالزواج.
27. منح كل مولود إعانة شهرية حتى يبلغ عشرين عام.
28. منح المتزوج قطعة أرض ما لم يسبق منحه.
29. يعطى المتزوج قطعة الأولوية في منح قرض الصندوق العقاري ويقدم على الأعزب.
30. التأكيد على جميع وسائل الإعلام بعدم نشر أي مادة إعلامية تنقد الزواج المبكر أو تعدد الزوجات وحثها على نشر ما يؤيد ويشجع على الزواج المبكر وعلى تعدد الزوجات للقادرين عليه والإشادة بمن يساعد على ذلك ومن يسهل الزواج بتكاليف بسيطة لا ترهق الزوج ويشرف على ذلك مسئول من قبل اللجنة أو الجمعية أو أحد المسئولين في المنطقة وفق نموذج يعد لذلك.
31. تحديد عقوبات على من يخالف الضوابط والقواعد المنظمة لتيسير الزواج.
32. تكليف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهات الأمنية بالرقابة ومنع الإخلال بذلك.
33. تشكيل لجنة في كل مدينة ومحافظة من الأمارة أو المحافظة والهيئة والشرطة لمتابعة تطبيق الضوابط ومن يزيد في المهر عن المحدد والرفع بذلك للمسئولين.
34. زيادة التشديد ووضع الضوابط والشروط اللازمة لتقليل الزواج من الخارج لما له من سلبيات كثيرة على الزوجين والأولاد والمجتمع والتجارب الحالية خير شاهد ودليل على كثرة مشاكله وسلبياته مع هذا يلاحظ أنه في زيادة مع الأسف رغم ما يخلفه في الغالب من طلاق ومشاكل أسرية واجتماعية وظلم.
ومن الملاحظ أنه كلما زادت المعاصي والمخالفات الشرعية وزاد الإسراف والتبذير في حفلات الزواج كلما زادت نسبة الفشل والطلاق فالمشاهد من الواقع أن مثل هذا الزواج سرعان ما ينتهي بالطلاق في الأشهر الأولى بل أحيانا في الأيام الأولى لكن أين المعتبر نسأل الله العافية والهداية للجميع.
35. السكن مع الوالدين وسكن مجموعة من الإخوة في مسكن واحد مادام المنزل يسمح بذلك فالاجتماع كله خير وبركة وفيه توفير كبير على الشباب غير القادرين مالياً حيث سيوفر مبالغ كبيرة من أجرة السكن والتأثيث والمصاريف اليومية وقيمة الخدمات العامة وإلى وقت قريب كان السكن الجماعي للأسرة سمة طيبة من سمات هذا المجتمع وسبب رئيس من الأسباب المعينة على صلة الأرحام وخدمة الوالدين والتآلف والمحبة وينبغي عدم قبول الزواج ممن يشترط أهلها أو هي بيت مستقل ما دامت ظروف الزوج لا تسمح بذلك فعدم زواجه ممن لا ترضى السكن مع أهله خير من تحمله للديون المرهقة مالياً ونفسياً وسوف يجد ولله الحمد من يؤيده ويشجعه على ذلك ومن لا تريد أهله فعدم الزواج منها خير مادام ستبدأ حياتها معه بعدم رغبتها في قرب أهله وخدمتهم.
36. عدم المبالغة في نوع السكن والأثاث والمستلزمات الأخرى فليس عيباً أن يستأجر منزلاً صغيراً ويؤثثه بشكل متواضع في حدود قدراته وأن لا ينظر إلى غيره ممن هو أعلى منه وليس ذلك والله عيباً وإنما العيب ونقص العقل في المباهاة بالديون والأقساط على حساب ذمته وصحته وعلى المرء أن ينظر إلى هو من أعلى منه في الدين وإلى من هو أقل منه في الدنيا وزواجه بهذا التواضع خير له من البقاء أعزباً أو تحميل نفسه ما لا يطيق من أجل التقليد ومحاكاة الآخرين والسعادة الزوجية والراحة النفسية لا تبنى على مثل هذه المظاهر الزائفة وعلى الإنسان أن يحكم العقل السليم لا العواطف والغيرة والرأي غير السديد.
37. طرح فكرة الزواج الجماعي داخل الأسرة الواحدة ثم القرية والقبيلة.
38. تفعيل دور مشاريع الإسكان الخيري لتوفير إسكان مناسب للمتزوجين حديثاًً ممن لا يتوفر لديهم إسكان أو لا يستطيعون تحمل نفقات إيجاره حتى تتحسن ظروفهم أو يتم منحهم أراضي للبناء.
39. التربية الهادفة للشباب وتعويدهم على تحمل المسؤولية منذ الصغر تشجيعاً لهم على الزواج المبكر وتحمل مسؤوليات الزواج فإننا في الواقع نرى كثيراً من الشباب يتهربون من الزواج ومن مسؤولياته.
40. العمل على إيجاد الوعي الإعلامي الذي يمثل حضارة الإسلام وفكره لمواجهة ما تبثه وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التي تدعو إلى السفور وتسخر من نظام الأسرة وتعدد الزوجات وغير ذلك.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
يريدك عروبا !!
أ. مريم الناجم(52/55)
الزواج من أجمل متع الحياة الدنيا وألذها وأطيبها لا سيما إذا وفق طرفاه في اختيار الشريك، ففيه يجد كل من المرأة والرجل الاستقرار العاطفي والإشباع النفسي والجسدي، وخاصة إذا نجح كل منهما في تلبية حاجاته وقام بمتطلباته التي يحددها دوره الجديد في الحياة الزوجية.
ولعل من أهم تلك الحاجات: الحاجة الوجدانية للحب الصريح بكل ما تعنيه هذه العبارة من معنى، والذي نقصده بالحب الصريح هو الذي يعبر عنه اللفظ والحركة وكافة وسائل التعبير وبشكل واضح جدا بحيث يحقق هدفه بشكل مباشر دون غموض أو شك في صدقه. والأساس الذي تقوم عليه هذه الحاجة هو أن كلا من الزوجين لديه حاجه مستمرة للحب الصريح الذي يكشف عن نفسه دون حياء أو خجل، وفي كل المواقف سواء خلال المعاشرة اليومية أو أثناء العلاقة الحميمة بينهما. وأي قصور أو خلل في هذا الحب سوف يؤثر سلبا على العلاقة الزوجية وربما أدى إلى حدوث الانفصال!!
وبالرغم من ضرورة إشباع الحاجة إلى الحب لدى الزوجين وأهميتها لاستمرار حياة زوجية سعيدة إلا أنها لا تأخذ حقها من قبل الزوجين في كثير من الأحيان، ولأسباب عديدة منها على سبيل المثال: أن الزوج يحجم عن الإفصاح الصريح عن هذا الحب لأنه حسب رأيه يقلل من هيبته كرجل وصاحب سلطة بالأسرة، أو أنه يخشى أن يتجاوز حدود موروثه الاجتماعي الذي يجعل من العيب أن يعطي اهتماما خاصا بهذا الموضوع.
ومن الجانب الآخر نجد أن المرأة مع أنها كتلة متأججة من العواطف تقع في نفس الخطأ نتيجة للشعور بالحياء الشديد الناتج عن التنشئة الأسرية الخاطئة التي لا تفرق بين الحياء المرغوب والحياء غير المرغوب الذي قد يعيق تحقيق الشعور بالبهجة والمتعة الحسية بين الزوجين. أو قد يكون السبب في هذا الخطأ اعتقادها أن هذه الطريقة في التعبير عن المشاعر لا تتناسب مع وقارها وسمتها وشخصيتها بشكل عام. لتكون النتيجة في النهاية حياة زوجية مصابة بالفقر العاطفي والجفاف الوجداني حياة رتيبة تتكرر أحداثها بنمطية مملة لأنها خالية من المواقف الشاعرية والعاطفية التي تمد حياة الزوجين المشتركة بالغذاء النفسي الوجداني الذي يضمن لها الاستمرارية والبقاء.
أن كلا من الزوجين مسئول عن إشباع حاجة الآخر للحب، بل وعليه أن يبدع في استخدام الأساليب المحققة لإشباع الحاجة للحب الصريح. وكما أن المرأة بطبيعتها الرقيقة والحساسة والعاطفية تحتاج إلى مفردات الحب والغزل والدلال والتي تشعرها بخصوصيتها في قلب الزوج الحبيب؛ كذلك أيضا الرجل والذي قد يكون أكثر طلبا وأشد حاجة إلى هذا النوع من الحب من المرأة نفسها وهذا أمر يسعد المرأة لأنها كما تريد هذه العاطفة من الرجل فهي أيضا بحاجة إلى أن تقدمها له وبالتالي يوجد حاجتان متكاملتان: الأولى: الحاجة لإشباع الرغبة في الحب الصريح، والثانية: الحاجة إلى تقديم هذا الحب للطرف الآخر.
وعدم تحقيق الإشباع لكلتا الحاجتين معا قد يكون سببا في حدوث المشكلات النفسية والتوافقية بين الأزواج.
ومما يؤكد أهمية هذا الحب وخاصة للرجل أن الله - تعالى - وصف نساء أهل الجنة بأنهن "عربا" كما في قوله - تعالى -: (إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا لأصحاب اليمين) سورة الواقعة: آية 38- 35.
والعرب: جمع "عروب"، وهو اسم يخص المرأة. وقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الصفة عددا من الأقوال منها أنهن: "العواشق"، "الغنجات"، "المغنوجات"، "الشكلات"، "الغلمات".
و"العاشقة" المرأة المتحببة لزوجها، و"الغنجة" و"المغنوجة" حسنة الدلال والتدليل، و"الشكلة" هي حسنة الكلام ذات الدلال والغزل، و"الغلمة" التي لها رغبة جنسية قوية في زوجها.
ويذكر العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير "العروب": بأنها المرأة المتحببة إلى زوجها، وهي إن تكلمت سبت ا لعقول، وود السامع أن كلامها لا ينقضي خصوصا عند غنائها بتلك الأصوات الرخيمة، و النغمات المطربة. وإن نظر إلى أدبها وسمتها ملأت قلب زوجها فرحا وسرورا. ويدخل في المعنى الغنجة عند الجماع.
إذاً المرأة العروب هي التي تجمع كل هذه الصفات، فهي تعبر عن محبتها لزوجها صراحة دون حياء وفي كل الأحوال، حتى في أثناء اللقاء الزوجي الحميم، فهذا يزيد من الإحساس بالمتعة، ويضفي على هذا اللقاء الشعور بالرضا المتبادل.
وقد تظن المرأة أن الغنج واللطافة والتحبب أمر لا داعي له وأنها سعيدة مع زوجها بدون كل هذا؛ ولكن هذا تصور غير سليم؛ إذ لولا أن هذا الجانب يهم الرجل ويجلب السرور الى قلبه لما خصه الله - تعالى - بالذكر في كتابه الكريم من باب الترغيب بما أعده للمؤمنين بالآخرة. وبالتالي فان كتمان مشاعر الحب وترك الحديث العذب والكلام الرقيق مع الزوج الحبيب شيء لا يتلاءم مع رغباته وحاجاته وتفضيلاته السلوكية. بل وربما قاده الحرمان من هذه المعاملة الخاصة إلى البحث عن البديل الذي يشبع حاجته النفسية الى الحب والتحبب.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
زواج خارج الحدود ..!!
فوزية الخليوي
برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج بغير السعوديات؟!! وقد كان ينحصر في السابق على بعض الطلبة المبتعثين للدراسة بالخارج أو المنتدبين للعمل وبعض كبار السن على اعتبارها زوجة ثانية!!
ولكن مع الانفتاح الإعلامي عبر الفضائيات والتوسع المادي لأكثرية الشباب الذين أصبحوا يفضّلون قضاء إجازاتهم في الخارج ساعد عليه العروض الميسرة بمبالغ زهيدة من وكالات السفر والسياحة!!
فتغيرت على إثر ذلك نظرة الشاب الخليجي العازب إلى التفكير الجدّي في الزواج من غير السعودية سواء من دولة عربية أو أجنبية؛ وخاصة من دول شرق آسيا؟!!
فكان حال المواطنة كما قال الشاعر:
وإذا تكون كريهة أُدعى لها
وإذا يُحاس الحيس يُدعى جندبُ
هذا على اعتبار كونها مسلمة؛ أما في حال كونها كتابية! فهناك عدّة تساؤلات تطرح نفسها وبقوة، وهي: هل هذه الكتابية عفيفة، محصنة؟؟! وهل هي من قوم لا يُعادون المسلمين ولا يحاربونهم؟ وهل أُمِن حدوث الفتنة أو الضرر المحقق؟! وهل ستقدّر الحياة الأسرية وتكون جادة في تحمل مسؤولياتها؟!!
تبدأ الكتابية الأجنبية حياتها الزوجية مندفعة بالعلاقة العاطفية! ومن ثم تصطدم هذه العلاقة بمطالبة الزوج لها بارتداء الحجاب واتباع التقاليد والعادات!! (كأخذ إذن الزوج عند خروجها، و...) وقد لا تظهر المشكلات على السطح إلا بعد الإنجاب مبتدئة باختيار اسم المولود، ومنتهية بطريقه التربية والتي تمثل نزاعاً هائلاً بين ثقافتين مختلفتين تماماً!
مثاله: ما أثار تفاعل الأوساط السويدية حينما قتل رجل تركي كردي ابنته بسبب رغبتها في الزواج من سويدي، وكذلك فعل رجل فلسطيني مسيحي؛ وكان كلاهما متزوج بامرأة سويدية ونصّت د. آن صوفي عن وقوع حالات كثيرة مشابهة (في مقابلة لها مع قناة الجزيرة)!!
وقد لا يقف النزاع عند هذا الحد؛ بل يمتد حين ترفض الزوجة غير السعودية السكنى في موطنه، مما يمثل للمبتعث الطامة الكبرى، حيث انقطاع مصدر رزقه!!
ويعزو الكثير من الباحثين ذلك إلى عدة أسباب:
(1) غلاء المهور.
(2) قلة المساكن المناسبة.
(3) ارتفاع تكاليف الزواج: من مصروفات حفل الزواج، وتأثيث بيت الزوجية مما يقارب مبلغ 250 ألف ريال.
(4) تشدد أهل الفتاة في المواصفات المطلوبة في الزوج: (كالشهادة الجامعية، الراتب المناسب، الجذور العائلية..)
(5) زهد التكلفة؛ فمتوسط المهر للزوجة المواطنة 40-50 ألف ريال، أما غير السعودية فلا يزيد مؤخر الطلاق عن 2000 ريال مع تذكرة السفر التي تعادل المبلغ ذاته، وهذا لا يكلف الزوج بمجموعه سوى راتب شهر واحد!!
(6) قد يدخل عامل نفسي في الزواج، وهو الهروب من سيطرة الزوجة المواطنة بسبب مجاراتها لمتطلبات العصر.. وإخضاعًا لغير السعودية التي يرى فيها الطائعة العمياء؛ نظرًا لفقرها ووحدتها، وخوفها من التسفير أو الطلاق.
السلبيات:
(1) انتشار العنوسة:
عدّ إبراهيم الضبيعي في كتابه (تعدد الزوجات):
1- العنوسة في مصر:
ذكرت جريدة المسلمون عدد (335) عدد الشباب والشابات الذين في سن الزواج يقدر بحوالي 470ألف لم يتزوجوا، وأن هذه النسبة تزداد في المدن وتقل في الأرياف.
2- العنوسة في السودان:
في تحقيق لجريدة "المسلمون" عدد (330) كان بعنوان (قطار الزواج متوقف.. من المسؤول؟) ذكرت فيه معاناة الفتيات بسبب العنوسة!
3- العنوسة في المغرب:
ذكرت الجريدة السابقة، اتجاه الشباب للزواج بأجنبيات بغية كسب العيش في بلادهن!!
4- العنوسة في الأردن:
بسبب سفر الكثير من الشباب للخارج طلباً للرزق، ازدادت نسبة العنوسة، في حين اقتصرت نسبة الزواج من ثانية على 10 %.
(5)العنوسة في عُمان:
تفاقم الأمر، مما استدعى أن تصدر السلطات أمراً بمنع الزواج من غير العمانيات إلا في حالات محدودة؛ بل وصل إلى سحب الجنسية العمانية ممن يخالف!!... [إلى هنا من كتاب تعدد الزوجات للضبيعي].
(6) العنوسة في الكويت:
" بلغت نسبة العنوسة في الكويت 30% حسب الإحصائيات الرسمية، كما أن الشباب الكويتي بدأ يتأخر في الزواج نظراً للأعباء الاقتصادية الباهظة. [عن موقع إسلام أون لاين].
(7) العنوسة في الإمارات:
يجري حالياً التحضير في الدولة على إبراز قانون جديد، نظراً للإقبال الشديد من الزواج بأجنبيات، وذلك بأن تكون الزوجة عربية مسلمة، ولا يكون المتقدم متزوجاً بأكثر من واحدة، ولا يكون طلق أكثر من مرة، ولا يزيد الفارق العمري بين الاثنين عن 25 عاماً [جريدة السياسة 28 -3 204].
(8) -العنوسة في السعودية:
جاء في إحصائية لوزارة التخطيط أن العنوسة شملت ثلث عدد الفتيات، وجاء فيها أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج الاجتماعية (30) عاماً حتى نهايه1999مليون و529 ألف و 418 فتاة.
وأن عدد المتزوجات في السعودية بلغ: مليونين و 638 ألف و 574 أنثى.
من مجموع عدد الإناث البالغ 4 ملايين و 572 ألف و231 أنثى.
ويقول الشيخ عبد الله الكثيري القاضي في المحاكم الشرعية إن عدد زواج السعوديين من فتيات غير سعوديات بلغ العام الماضي 1200 حالة، وقد سجلت مكة المكرمة أعلى نسبه عنوسة تليها الرياض ثم المنطقة الشرقية!!
وأن عدد غير السعوديات اللاتي حصلن على الجنسية السعودية خلال الخمس سنوات الماضية9000زوجة.
(2) الانفلات الأخلاقي
حث الشارع الحكيم على اختيار الزوجة الصالحة وهي ذات الدين كما جاء في الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم.
ولهذا يجب أن يضع في اعتباره قبل الاختيار، بيئة بعض الزوجات والتي تتميز بالانفلات الأخلاقي، مما سيكون مسبباً للطلاق، ولكن بعد ماذا؟!!
تحكي إحداهن عن أخيها (م) الذي بدأ حياته باكراً بالزواج من فتاة، من إحدى الدول العربية، وأسفر عن إدمانه على المخدرات، والتي كان يتناولها بصحبة أقاربها في بلدها، ومن ثم حدث الطلاق وأسفر عنه خمسة من البنات، قامت بتربيتهن والدته الكبيرة في السن، والتي سرعان ما توفيت كمداً على ابنها الذي أصبح عمره الآن 45 سنة، ويعيش مدمناً، منبوذاً، وحيداً في أحد أحياء الرياض الفقيرة.
(3)تذبذب نفسية الأبناء:
يعيش الأبناء في صراع بين هويتين، مختلفتين!! تحمل كل هوية في طياتها كمًّا من السلبيات والإيجابيات!! فيتذبذب الابن في أيهما يتبع، وعلى هدي من يسير؟! ومن الملاحظ غالباً طغيان هوية الأم على الأبناء سواء باللهجة، أو بالسلوك، مما يسبب عدم شعورهم بالاستقرار، أو الانغماس كليهٌ في المجتمع!!
أما في حال انفصال الزوجين، فقد أجرت جريدة الرياض تحقيقاً العدد (12800) عن معاناة المواطنين المنقطعين في الخارج من أمهات غير سعوديات بعد أن تركهم آباؤهم يعانون في الغربة دون الوقوف معهم، (كعدم ضمهم لجنسياتهم، وانقطاع الاتصال، عدم الإنفاق عليهم،....)
(4) الرفض الاجتماعي:
ويتمثل في رفض الزوجة الأجنبية الاندماج في المجتمع الجديد، بكل تقاليده وعاداته، وإصرارها على الاحتفاظ بهويتها!! ومن طرف آخر تصطدم بقلة الترحيب من الأسر الخليجية، نظراً لعدم التمسك الديني والأخلاقي في بعض الجنسيات!! مما يفرض عليها نوعا ًمن العزلة والوحدة، وشعوراً بالخيبة والعجز على الزوج!! من جّراء زوجة مرفوضة اجتماعياً،، وبين عاطفة احترامه لنفسه!!
(5) انعدام الثقة بين الزوجين:
نظراً لما تتميز به الزوجات الأجنبيات من جمال ظاهري؛ كان هو الدافع الأساسي لاختيارها من قبل الزوج؟!!!
سرعان ما تساوره الظنون والشكوك، في ماضي زوجته، خاصة ما تتميز به بعض البيئات من اختلاط بين الجنسين في جميع المراحل التعليمية، والعملية، وسرعان ما تشتد ذروة هذه الشكوك مع إصرار الزوجة في قضائها للإجازات بقرب أهلها!!
وبدلاً من أن يعمل جاهداً لحل المشكلة، إذ به يلجأ إلى أساليب معوّجة تنقذه مما يكابده من توتر وتأزم نفسي، من إدمان للخمر أو المخدرات أو الإصابة بمرض نفسي!!
وفي (مجلة اليمامة، 1769) هذه القصة، عن المهندس محمد عيد39 عاماً، والذي تزوج بفتاة ألمانية وخلال خمس سنوات أنجب منها 3 أطفال، ثم فوجئ بعلاقة خاصة لزوجته مع شابين ألمانيين!! وعندما حاول محاسبتها على ذلك ردّت بأنهم أصدقاؤها منذ عهد بعيد!! حتى قبل أن تعرفه، وان هذا ليس جرماً في عرفها وتقاليدها!! وان كل صديقاتها هكذا؟!!! ثم تساءل عن حكم الشرع في هؤلاء الأطفال، الذين يشك في انتسابهم له ولا يعرف إن كانوا أبناءه أم لا؟!!
(6) ارتفاع نسبة المطلقات والأرامل المواطنات:
فعلى سبيل المثال ذكرت أن نسبة الطلاق في الكويت بلغت 35%
وفي تحقيق نشرته (مجلة حياة العدد 22) عن الطلاق إذ أن أعلى نسبة طلاق كانت في الشرقية تصل إلى 6 حالات من عشر حالات زواج، وحالة طلاق من كل حالتي زواج في الرياض، وتحدثت عن أسباب الطلاق غير الوجيهة!! والتي تدل على عدم الخلفية الثقافية بين الزوجين، وخاصة أن غالبيته يتم في السنة الأولى من الزواج!! مما يترك شريحة كبيرة من المطلقات الصغيرات في السن!!
أما بالنسبة عن عدد الأرامل في المملكة، فقد حذّر إبراهيم الضبيعي في كتابه (تعدد الزوجات) من خطورة ارتفاع أعدادهن فقال: نتيجة لكثرة حوادث الطرق في المملكة، تشير الإحصائيات أن حوادث الطرق في المملكة عام 1417 بلغ24ألف توفي منها 3آلاف رجل، وعلى هذه النسبة يكون عندنا بعد عشر سنوات ما يقارب 35 ألف أرملة!! هذا بالإضافة إلى من يترملن بسبب الأمراض والحروب والكوارث الطبيعية؟!!
الحلول:
(1) عدم المغالاة في المهور.
(2) تشجيع الزيجات الجماعية.
(3) إطلاق حملة توعوية في جميع وسائل الإعلام، لتسليط الضوء على الزواج من أجنبيات، وقد أجرت وزارة الداخلية السعودية دراسة اتضح فيها حدوث مشاكل، بعد الإقبال الذي لاحظته من المواطنين (جريدة الرياض 12800)
(4) قيام جمعيات لتيسير الزواج، ففي مصر (جمعيه تدعيم الأسرة) وفي جدة (جمعيه تيسير الزواج) بعناية الشيخ الغامدي، وفي القصيم توجد مجهودات فرديه للتوفيق بين الأزواج.
(5) العمل على نشر إيجابيات التعدد للزوجات.
(6) إلقاء الدروس والمحاضرات في الجامعات النسائية، في التشجيع على الزواج المبكر.
(7) حثّ رجال الأعمال على التبرع دعماً لتخفيف العبء على المقبلين على الزواج.
ولا يعني هذا عدم وجود بعض الإيجابيات للزواج من الأجنبية، لبعض الفئات من المجتمع، وتحت ظروف خاصة، قد لا تقبل المواطنة بهم (كزواج الذي يعاني من بعض الأمراض النفسية كالعته، والرهاب،..) مع قبول الأجنبيات بوضعه رغبه منها في تحسين وضعها المادي، وزواج كبار السن الذين يحتاجون للرعاية، ورب العائلة صاحب الأطفال الفاقد لزوجته بالوفاة مثلاً.
6/3/1425
25/04/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
-ـــــــــــــ
دنيا الزواج
أخواتي الحبيبات.. أسعد الله أوقاتكم، أرى أن هناك من مقبل على حياة زوجية جديدة، خاطرتني نفسي.. أن اكتب إليك تلك النصائح، مع أن المشوار أمام بناتي طويل بعض الشيء، ولكن.. من واقع الخبرة والتجربة، أرى أن هناك بعض الأمور واجب على الأم أن تنصح ابنتها.. ولكن، بانشغال الأم فترة تجهيز ابنتها،
للأسف... تنسى الأم أن تقوم بجلسة لطيفة ودية تخبرها عن الزواج وخلافه..
بالطبع، لا نلوم الأم.. لأنها تكون في وادي آخر...
فهي قلقة على ابنتها.. هل ستكون سعيدة أم لا!
هل ستسعد زوجها أم لا..!
هل ستنجب أم لا... هل سيكون لديها ذكورا أم إناثا!!!
هل حياتهم ستكون مستقرة أم لا!!
وهل سيكونوا ميسورين الحال أم لا!!
تساؤلات كثيرة تشغل الأم، وتنسى أن تقوم بوصية لابنتها..
سأبدأ معك عزيزتي ما قبل الزواج...
كما تعلمون أن الزواج.. عبارة عن عقد قران بين الرجل والمرأة، ويكون هناك شاهدان ومهر وإيجاب وقبول.. ويكتمل بالإشهار،
حبيبتي.. لا تخرجين معه إلا ومعك محرم، هذا أن تمت الموافقة المبدئية.
اجعلي حياؤك يلازمك دوماً، ولا تخلعيه أبدا..
كوني صريحة معه، وأخبريه أن احترام الأهل واجب، كما أن الاحترام بينكم ضروري لاستمرار الحياة الزوجية.
وما أن تم عقد القران (كتب كتاب)، إياك وإياك أن تعطيه شيئا، إن كان الاتفاق على أن يكون هناك حفلة زفاف..!!
حافظي على نفسك إلى ليلة الدخلة، أحذرك يا حبيبتي من الوقوع بهذا الخطأ الكبير؛ لأن ما أن وصل الرجل لك قبل ليلة الدخلة، سيتركك حتما ويرميك وممكن أن يطعن بشرفك.. واعلمي انه لا يصح لك.. لأنه لا يخاف عليكِ..
إننا مؤمنون بالقضاء والقدر.. ولكن سأخبركم لماذا أطلب منكم أن لا يدخل العريسان.. إلا في الوقت المناسب.. أو (ليلة الدخلة).
أعرف بنت.. ولم أكتب مقالتي إلا بعدما باحت لي.. ما لديها، وطلبت مني أن اذكر موضوعها أو اسمها.. ولكن، لا داعي لهذا.. ولتكون عظة لكم يا عزيزاتي..
ماذا لو... أتى الرجل، بعد كتب الكتاب، ولكن لم يحدد موعد الدخلة بعد..
كان يطلبها، وهي ترفض وتؤجل.. لحين موعد زفافها.. فإذا... في يوم دخل بها، وبعدها.... طلقها!!!!!!!!
قصة صغيرة مشابه حدثت أيضا.. قبل موعد الزفاف بأسبوع.. وأيضا كان مكتوب الكتاب وإذا... دخل العريس بها/ ولكن.... سبحان الله، توفى بعدها.. وكانت حامل.
لم ينتظروا ليوم الزفاف...!!
كل شيء نصيب، وطبعا... حلاله.. ولكن، مجرد همسة لك يا عزيزتي..
وإننا نتعلم من أخطاءنا وأخطاء غيرنا..
حبيبتي... ما أجمل أن يطلب منك قبلة بريئة (وقت كتب الكتاب)، فتكوني حلاله..
ولكن.... الأجمل أن ترفضي وقتها.. إلى ليلة الدخلة..
صدقيني.. ستتذكرين كلامي لاحقا، وستفتخري بأنه لم يحصل على شيء منك حتى قبلة بريئة، وهذا فخر لك يا حبيبتي.
إن كلام الحب ليس بالضرورة، الحب يعرف بالإحساس والمشاعر المتبادلة، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل والخوف على مشاعر الغير.
ومع العشرة يكبر الحب بينكما.. وليس بالضرورة أن يكون الحب قبل الزواج.
ستكون.. أجمل في أول يوم فيها.. يغلق الباب عليكم.
ابدئي ليلتك الأولى.. بصلاة ركعتين لله - تعالى -، لتكون ليلة مباركة عليكما..
اجعلي ليلتك الأولى... هي ذكراكِ..
عزيزتي... يقول الله - تعالى - في سورة البقرة: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (222).
نهى الله - تعالى - عن الإتيان للجماع في وقت الحيض، ونهانا بالإتينان في الدبر..
(وهي منطقة الشرج) هذا مهم جدا أن تعرفيه، وللأسف الأمهات تخجل من هذه النصيحة، حيث تكون الأم مطمئنة من أن الزوج لن يأتي بابنتها من تلك المنطقة.. ومن الرجال من يستهين بجهل زوجاتهم ويفعلن ما يغضب الله - عز وجل -..
حذاري يا أختاه، مهما أغراك أو حاول إقناعك..
فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق...
اجعلي الحلال طريقك كي تسلمين، وحتى تنالي رضا الله - تعالى -..
(حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدقة بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد).
أنصحك بان ترجعي إلى أمور الفقه في الطهارة، ويستحسن الغسل بين الجماعين..
(حديث: إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليتوضأ بينهما وضوءاً.. وفي رواية.. وضوءه للصلاة.. وغيرهما.)
أطيعي زوجك ولا تعصيه، قومي على خدمته واحرصي على رضاه، إن حدث بينكما خلاف حتى لو كان هو المخطئ.. عليك بالذهاب إليه ليلتها، وتسأليه.. إن كان لديه حاجة منك قبل نومك/ وان شاء الله يكون ثوابها كبير.. لكِ.
أتدرين أن الحور العين يدافعن عن الرجل الصالح، فإياك أن تؤذي زوجك..
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تؤذين امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه.. قاتلك الله! هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا!!
لا تجعلي الشيطان يؤثر على حياتكما، حاولي أن تحدي الخلاف دائما، إن غاية الشيطان أن يفرق بينكما.. والعياذ بالله.
عندما ترين زوجك غاضبا، لا تحادثيه كثيرا.. اتركيه ينفس عما في داخله وعندما يعود إلى حالته الطبيعية، ناقشيه فيما قال..
لا تلوميه أو تعاتبيه، اكسبي زوجك بالكلمة الحلوة والحكمة تكون طريقتك.
اعرفي طريقة زوجك واسلكيها معه..
حياؤك لا تخلعيه أيضا.. يحب الزوج أن يرى فيك حياؤك.. وهذا سر انجذاب الزوج لزوجته..
اللبس والتزين، يهم الزوج.. حاولي أن تجددي نفسك بين حين وآخر..
اجعلي بيتك راحة له... زينيه بالنباتات المنزلية والورود الطبيعية أو المجففة.. وليكون بيتك جنة لكما..
احرصي على الزيارات العائلية والسؤال عن أهلك وأهله.. لا تقطعي صلة رحمك..
وان حدث خلاف بين زوجك وأحد أقربائه، حاولي أن تصلحي بينهما.. بكلمة منك وتذكرة.. لأن صلة الرحم من صلة الرحمن..
حبيبتي.. هو حاضرك ومستقبلك، هذه هي أسرتك التي شاركتما- أنت وزوجك في صنعها.. أما أبواك فهو ماضي... إنني لا أطلب منك أن تنسي أباكِ وأمك وأخواتك؛ لأنهم لن ينسوكِ أبداً يا حبيبتي....
وكيف تنسى الأم فلذة كبدها، ولكنني أطلب منكِ أن تحبي زوجك وتعيش له وتسعدي بحياتك معه.
المرأة تحن دائماً إلى أسرتها.. إلى بيتها الذي وُلدت فيه.. ونشأت فيه.. وكبرت وتعلمت فيه... ولكن، لابد لها أن تعود نفسها على هذه الحياة الجديدة.. لابد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجا وراعياً وأبا لأطفالها..
هذه هي دنياك الجديدة.
أسعدك الله في الدنيا والآخرة.... يا حبيبتي.(52/56)
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
على أبواب الزواج
شيماء الغامدي
نصائح للفتاة المسلمة المقبلة على الزواج:
مقدمة:
من فضل الله - تعالى - وتكريمه لبني آدم أن شرع لهم الزواج وجعله من نعمه - سبحانه - على عباده {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة}[الرعد: 38]، فذكر ذلك في معرض الامتنان، وإظهار فضله - سبحانه - عليهم... وقد رغَّب الإسلام في الزواج وحثّ عليه فعدَّه آية من آياته - سبحانه -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
على عتبة الزواج:
أولا - اختيار الزوج المسلم الصالح، فقد حضَّ الإسلام على حسن اختيار الزوج من ذوي الأخلاق والصلاح والدين والعفة... قال - تعالى -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، وقال - سبحانه - {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(النور: 32)، فلا تغترّي بالمال أو بالجاه أو غيرهما واحرصي أولاً على الاستقامة في الدين و حسن الخلق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [الترمذي]
ثانيا - إياك أن تتزوجي من الزاني، قال - تعالى -: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (النور: 3) قال الإمام ابن كثير: "أي حرم تعاطي الزنا والتزوج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار".
ثالثا - يستحسن أن يكون الزوج من الحريصين على تعلم العلم ومطالعة الكتب -ونحسبك كذلك- ليسهل التفاهم والتواصل بينكما ولتتعاونا على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ولك في أمهات المؤمنين و نساء السلف الصالح أسوة حسنة.
رابعا - احذري أن يتم زواجك ممن لا يحل لك، سواء كان سبب التحريم القرابة أو الرضاع أو غيرهما. فتحري جيداً قبل فوات الأوان!!
مرحلة الخطبة:
أولا - بعض الفتيات يترددن كثيراً في أخذ قرار الزواج وحسم أمرهن فيطلبن من الخاطب مدة للتفكير، فتبدأ في وزن المفاسد والمصالح والإيجابيات والسلبيات، وهذا أمر مقبول إذا لم يتجاوز الحد المعقول فتطول المدة، وإن سُئلت أو استُعجلت، ردّت في دلال - مفرط-: " عليه أن يصبر لازلت أفكر... " وهذا تصرف غير لائق، خذي مهلة محددة وصل صلاة الاستخارة واقرئي الدعاء كما علّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما ندم من استخار الخالق وشاور المخلوقين المؤمنين ثم سَلِ الله التوفيق..
ثانيا - من المستحب أن تنظري إلى خطيبك أثناء اللقاء. لكن احرصي على احترام الضوابط الشرعية، احذري الخلوة أو المصافحة، وحافظي على لباسك الشرعي.
ثالثا - بعض العائلات تقيم حفلاً مختلاطاً يوم الخطبة، فيدخل الخاطب على مخطوبته وهي متزينة - وإن كانت تغظي رأسها - ليجلس إلى جانبها أو ليلبسها عقداً أو سواراً... وهذا غير جائز شرعاً لأنه لم يعقد عليها بعدُ. فاحترسي ولا تتساهلي!
رابعا - إياك و الخروج أو كثرة الحديث مع الخطيب - ولو بالهاتف - قبل العقد... لا تنسي، إن مما حبا الله به المرأة وكرمها به أن فاقت الرجل بالحياء ولذلك يُقال في شدة الحياء "أشد حياءً من العذراء في خدرها". وإنما يهتك ستر الحياء التوسع في الأمور على غير بصيرة. فتنبّهي!
خامسا -يفضل الفحص الطبي قبل الزواج وقاية واستدراكاً لما يمكن تدراكه.
من حقوقك قبل الزواج:
أولا - أن يستأذنك وليك ولك الحق في قبول الزوج أو رفضه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال أن تسكت. فالولي مأمور من جهة الثيب، ومستأذن للبكر. لكن احذري من الاستسلام إلى العواطف الهوجاء واختاري الزوج الصالح المتحلي بالأخلاق الحسنة...
ثانيا - جواز عرض الرجل مولّيته على أهل الخير والصلاح: اعلمي أن الرعيل الأول من أصحاب سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - كانوا يجتهدون في تحري الصالحين لبناتهم أو أخواتهم، بكل صراحة في العرض وعدم تحرج في القبول أو الرفض. فلا تستنكري على وليك إن تصرف كذلك، ولا تظني أنه يعرضك لترويج بضاعة كاسدة!! حشا وكلا! فقد فعل ذلك عمر - رضي الله عنه - وغيره من السلف الصالح..
ثالثا - لا يحق لوليك أن يمنعك من الزواج بحجة استكمال التعليم أو الحصول على الشهادة والوظيف، بل يمكن الجمع بين الأمرين إن أحببت وتيسّر لك ذلك. لا تنسي أن وظيفتك الأولى هي البيت والزوج ورعاية الأولاد.
رابعا - إياك أن تشترطي لزواجك بالرجل أن يطلّق امرأته - إن كان متزوجاً - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها، لتستفرِغ صحفتها، فإنما لها ما قُدِّر لها "[البخاري].
أركان الزواج الصحيح:
أولا - أولها الولي: عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي " [أبو داود]
ثانيا- الشاهدان: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" [ابن حبان]
ثالثا - المهر: أوجبه الشرع الشريف على الزوج وجعله هدية تكريم للزوجة، قال - تعالى -: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة}[النساء: 4]، إلا أنه حث على يُسره وخفته، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير النكاح أيسره".. فاحذري المنافسة في مغالاة المهر.
حفلة الزفاف:
أولا - كوني حريصة على حفلة زفاف إسلامية خالية من المنكرات، واحذري الاختلاط غير المشروع بحجة أنه عائلي، و"النصة أو المنصة" صعود العريس مع العروس أمام النساء، والتعاقد مع المغنيات والمطربات أو وضع أشرطة الغناء عبر مكبرات الصوت و السهر في ليلة الزفاف حتى ساعات الفجر الأولى، والتصوير بالفيديو لمحذورات شرعية كثيرة...
ثانيا - يجوز إعلان النكاح بدف وغناء مباح، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين الحلال والحرام، الدف والصوت"[أصحاب السنن]
ثالثا - احذري من العادات والتقاليد المنكرة، كدبلة أو دبلتي الخطوبة التي يضعها العريس في خنصر يد العروس اليسرى فإنها من عادة النصارى ولها أصل عقدي عندهم. كما يجب أن تحذري التغالي بملابس ليلة الزفاف أو التشبه بزي العروس الكافرة!
الدخلة:
أولا - اقرأي عن" فن" الحياة الزوجية الإسلامية - إن صح التعبير- لتكوني على بينة من أمرك. الكتب متعددة ومتيسرة، نقترح عليك كتاب: "لقاء الزوجين"، أو "تحفة العروس"
ثانيا- لا تصغي إلى من يُهوّل لك أمر هذه الليلة من الصديقات أو غيرهن.
ثالثا - إياك ومطالعة مجلات أو كتب الجنس الساقطة البعيدة عن الهدي الإسلامي.
رابعا - اسألي عمّا يشكل عليك مَنْ تثقين بها من قريباتك لترتاحي ولتُحْسِنى التصرف مع زوجك، واعلمي أن هذه الليلة من الأهمية بمكان لك ولزوجك.
خامسا - تزينى لزوجك وتطيبي وهيئي نفسك له، وإياك والنمص أو الوصل أو قص الشعر على طريقة الرجال، فكل ذلك منهي عنه شرعاً.
سادسا - من الأفضل أن تدخل أمك أو أم زوجك أو غيرهما معك مخدعك حتى تستأنسي وتزول وحشتك.
سابعا - صلّ ركعتين وراء زوجك. ففي هذه الصلاة ما يوحي لك ولزوجك أن الغاية من هذا الزواج الذي بدأ في هذه الليلة ليست المتعة فقط بل أداء واجب ديني أيضا وإنجاب أطفال يكثرون سواد المسلمين وينصرون الدين.
ثامنا - نعم، إن الحياء من الإيمان، لكن لا تبالغي كي لا تُنفّري زوجك منك.
تاسعا - اختاري ألفاظك وكوني رقيقة واحذري أن تجرحيه بكلمة أو تصرف يمس رجولته...
عاشرا - احذري بعض العادات المخالفة للأعراف والدين كإثبات العذرية للناس...!! احسمي أمرك ولا تطاوعي الناس في ذلك الفعل المنكر.
حقوق الزوج على زوجته
الأول - رغّب الشرع الحنيف في طاعة الزوج وإرضائه في غير معصية لله - تعالى -، وذلك من أعظم الحقوق على المرأة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلّت المرأةُ خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أيّ أبواب الجنة شئت". [صحيح ابن حبان]، "كوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً".
الثاني - احذري أن تكوني مقلقة لزوجك إذا أراد منك حاجته الزوجية، أو تتبرمي بالأعذار الواهية، فقد جاء الوعيد الشديد في ممانعة المرأة لزوجها إذا طلبها لفراشه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح" [البخاري]
الثالث - كوني ودودة لطيفة مطاوعة حتى يشعر زوجك بالسكينة، قال - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21]، "تفقدي وقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغص النوم مغضبة" كما جاء في وصية الأعرابية لبنتها. إياك وكثرة الشكوى والضجر من متاعب البيت أو من الضيوف، فقد يكون ذلك سبباً في نفوره منك ومن البيت، واصبري فإنك مأجورة إن شاء الله.
الرابع - "عليك بالكحل فإنه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء وإسباغ الوضوء"، واظبي على النظافة، تعطري وتزيني لزوجك وهيئي نفسك له. وتأكدي أن هذا يجذب إليك زوجك ويغض من بصره عن التطلع إلى الحرام. لكن لا تبالغي حتى لا يضيع الوقت أمام المرآة! قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خيرٌ؟ قال: "التي تسُرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره" [أبو داود].
الخامس - خدمة الزوج واجب، وأول ذلك الخدمة في المنزل وما يتعلق به من تربية الأولاد، وتهيئة الطعام والفراش ونحو ذلك، واقتدي ببنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و بأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهم - أحمعين...
السادس - يجب عليك حفظ أسرار زوجك، وخاصة ما يجري بينكما في الخلوة من الرفث والشؤون الخاصة بالزوجية. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه، ثم ينشر سرهما"[مسلم]، فإفشاء سرّ الزوج ينافي طاعته وإرضاءه.
السابع - احفظي نفسك وعرضك في غياب زوجك، وإياك وما يخدش حياءك وشرفك، قال - تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}[النساء: 34]، قانتات أي مطيعات لله - تعالى -. {حافظات للغيب} أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب، تحفظ بعلها بنفسها وماله. " فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله. وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير"، كما جاء في وصية الأم لبنتها.
الثامن - إياك والغيرة الزائدة فإنها مفتاح الطلاق! تجنبي كثرة الأسئلة المريبة ولا تكوني من اللواتي يفتشن الجيوب ويتنصتن على المكالمات ويتصيّدن الهفوات، خصوصاً إن كانت لك ضرّة أو ضرّات... كل ذلك مذموم وعواقبه وخيمة.
التاسع - من حق الزوج عليك المتابعة في المسكن، وإلا دخلت في حكم الناشز المتمردة على واجبتها الزوجية والعياذ بالله!
العاشر - من حق زوجك عليك إرضاع الأطفال وحضانتهم، فاجعلي ذلك عبادة سامية واستحضري النية الصالحة لتجنين ثمارها. قال - تعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: الآية 233]
الحادي عشر - كوني أمينة على مال زوجك وما يودعه في البيت من نقد أو مؤنة أو غير ذلك فلا يجوز لك أن تتصرفي فيه بغير رضاه، وفي الحديث الشريف: "والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها". ولا تُخرجي من ماله إلا بإذنه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها"[أخرجه أبو داود]...
الثاني عشر- لا تأذني لأحد في بيته إلا بإذنه: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه... "[متفق عليه]. "معناه أن لا تأذن الزوجة لأحد يكرهه الزوج في دخول البيت والجلوس في المنزل سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة، أو أحداً من محارم الزوجة، فإنه يتناول جميع ذلك". ومرجع النهي أن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه...
الثالث عشر- استأذنيه في صيام النافلة إن كان حاضراً غير مسافر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه"[متفق عليه]، قالت عائشة: "إن كان ليكون عليَّ صيام من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان" [البخاري]
الرابع عشر- لا تخرجي من بيتك إلا بإذنه، ولا تخرجي إلا لحاجة أو مصلحة شرعية وتعبّدي الله بقوله - عز وجل - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب: 33].
الخامس عشر- غضي الطرف عن الهفوات والأخطاء: وخاصة غير المقصود منها السوء في الأقوال والأفعال، "كل بني آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون"[أخرجه الترمذي]. وإياك وكثرة العتب فإنه يورث البغضاء.
السادس عشر- تجنبي الاستمرار في النقاش حالة غضبه، من الأفضل ألا تقاطعيه واستمعي جيداً حتى تهدأ أعصابه ثم تفاهما. حاولي أن تتجنبي كلما يسخطه لكي تنالي رضا ربك، لا تنسي هو جنتك ونارك. أسرعي في إرضائه بكل وسيلة شرعية قال - صلى الله عليه وسلم - "نساؤكم من أهل الجنة: الودود، الولود، العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها، وتقول: لا أذوق غُمضاً حتى ترضى".
السابع عشر-كوني صادقة معه خصوصاً فيما يحدث في غيابه، وابتعدي عن الكذب، فإن الأمر إن انطلى مرة فلن يستمر لفقد الثقة، وإذا فقدت الثقة ساءت العلاقة.
الثامن عشر- المشاركة الوجدانية في الأفراح والأحزان من أعظم أسباب المودة: إياك والفرح بين يديه إن كان مغتما، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً. فإن المشاركة في الأفراح تجعلها مضاعفة، والمواساة في المصائب تكسر حدّتها، والمصيبة إذا عمّت خفّت. قفي إلى جنبه وأمدّيه بالصبر والرأي.
التاسع عشر- إكرام أهل زوجك وأقاربه - خصوصا والديه- خلق إسلامي أصيل فهما في سن والديك كما أن إكرامهما إكراما له، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يُجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه " [أحمد]
العشرون -كوني قنوعة واشكري زوجك على ما يجلبه لك من طعام وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته، واجتنبي جحده، فإن هذا من موجبات دخول النار. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُرِيتُ النار، فإذا أكثر أهلها النساء يَكفُرْنَ" قيل: أيكفُرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، ولو أحسنت إلى إحداهُنّ الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيراً قطُّ". لا تنسي أن تدعي له بالعوض والإخلاف.
الحادي والعشرون - الزوجة الصالحة لا تسأل زوجها الطلاق من غير سبب يلجئها إليه-وإن استُفزّت- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة"[أصحاب السنن].
الثاني والعشرون - إذا لم تكن هناك حاجة إلى وظيفتك فاتركيها.. ولا تصغي لمن زعموا أن المرأة داخل بيتها خالية فارغة، هذه نظرة باطلة مناقضة للحقيقة، فلك في بيتك وظيفة مقدسة ورسالة سامية ألا وهي حسن التبعل وصناعة الأبطال وإعداد أمهات المستقبل...
هذه حقوقك فاعرفيها
أولا - المهر: هو عطية فرضها الله لك ليست مقابل شيء يجب عليك بذله إلا الوفاء بحقوق الزوجية، قال - تعالى -: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}[النساء: 4] فلا حق للزوج أن يجبرك أن تتجهزي له بشيء من الصداق إلا أن تطيبي أنت له نفسا بشيء من ذلك. كما أن الشريعة حرمت على أي إنسان أن يتصرف في مهرك بغير إذنك الكامل ورضاك الحقيقي قال - تعالى -: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} أي من غير إكراه ولا إلجاء بسبب سوء العشرة ولا إخجال {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}.
ثانيا- النفقة: وقد دل على وجوب هذه النفقة: قوله - تبارك و تعالى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء: الآية 34] و تشمل الطعام، والشراب، والملبس، والمسكن بالمعروف. وهي واجبة علي الزوج وإن كانت الزوجة موسِرة. وينبغي أن يطعمها وأولادها حلالاً لا إثم فيه. ولكن على الزوجة ألا تحمّله ما لا يطيق من النفقات.
ثالثا - من حقك على زوجك أن يغار عليك ويصونك من كل ما يلمّ بك من أذى في نظرة أو كلمة.. فالزوجة أعظم ما يكنزه المرء.
رابعا - المعاشرة بالمعروف: قال - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: 19] من حسن المعاشرة أن يتصنّع الزوج لزوجته كما تتصنع له، وأن يطيّب أقواله وألا يكون فظا غليظا وألا يعبّس في وجهها بغير ذنب.
- ومن المعاشرة بالمعروف: القسم بالعدل إن كان للزوج نساء غيرك، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له امرأتان يميل لإحداهما عن الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً" [الترمذي]
- ومن المعاشرة بالمعروف إكرام أهلك بمبادلة الزيارات، ودعوتهم في المناسبات، وبذل الإحسان لهم...
- ومن المعاشرة بالمعروف معالجتك ومداواتك إذا مرضت وأن يباشر رعايتك بنفسه إذا استطاع وتيسّر له ذلك..
خامسا - لا يجوز لك أن تطيعي زوجك فيما لا يحل له، بل يجب عليك مخالفته حينئذ، وذلك مثل أن يطلبك زمان الحيض والنفاس، أو في غير محل الحرث، أو وأنت صائمة صيام فريضة كرمضان، وذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف"[البخاري].
سادسا - إذا انحرف زوجك عن جادة الحق عليك أن تنصحيه وإن أصرّ فمن واجبك في هذه الحال مفارقته، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تبقى عند كافر.
سابعا - يحرم عليه كذلك أن يتعمد هجرك، فهو مأمور بأداء حقك بقدر حاجتك وقدرته ومطالبٌ أن يؤدي إليك حقك ويعفك ويغنيك لقوله - تعالى -: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة}[النساء: 129]
http: //www.khayma.com المصدر:
-ـــــــــــــ
أسرة غائبة وإعلام فاسد فزواج عرفي
محمد ربيع زيان
انتشرت ظاهرة الزواج العرفي في كثير من البلدان العربية، مما يشكل خطراً فادحاً على الأخلاق ونظام الأسرة المسلمة.
حول هذه القضية عقدت جمعية (حواء المستقبل) لتنمية الأسرة والبيئة ندوة في القاهرة مؤخراً.. وأجمع المتحدثون فيها على أن أسباب تفشي ظاهرة الزواج العرفي تتلخص في:
1 المغالاة في المهور.
2 البطالة.
3 التسلط من الوالدين تجاه الفتاة.
4 الرغبة في المتعة السهلة.
5 الفراغ الثقافي عند الشباب.
6 الاختلاط في المرحلة الجامعية.
7 ضعف الرقابة على الأبناء والتفكك الأسري.
8 صعوبة الحصول على مسكن الزوجية.
9 الأفلام والمسلسلات المثيرة للشباب.
10 الجهل بأمور الدين الصحيح.
11 غياب القدوة والمثل الأعلى.
وفيما يتعلق بأساليب مواجهة هذه الظاهرة قالت الصحفية سوسن الدويك إن هناك أكثر من عنصر تتداخل مع بعضها لتكوين هذه الظاهرة المرضية، وتتداخل أيضاً لحل المشكلة، وعلاج الظاهرة، فهناك:
1 دور الدولة: وضرورة وجود عقاب رادع للزواج العرفي.
2 دور الأسرة: المتابعة والحوار الهادئ الخالي من التسلط.
3 دور المجتمع المدني ومؤسساته: التوعية والندوات.
4 دور الإعلام: تقديم الأعمال التي تحذر من الزواج العرفي والتوعية بأخطاره.
أما الدكتور إلهامي عبد العزيز أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، فقد أكد أن الأسرة هي النواة الأولى لمحاربة الزواج العرفي من حيث التربية الأخلاقية السليمة والمتابعة، والحوار الهادف، مشيراً إلى أهمية وجود إعلام إسلامي هادف يسعى إلى حل مشكلات الشباب، وليس تعقيدها.
وأشار الدكتور محمد فاروق عضو الشبكة الثقافية لأطفال العشوائيات والأسرة، إلى دور الدولة في ذلك، مستشهداً بما تفعله بعض الدول من زيادة الضرائب لتوفير نفقات تربية أبناء الزواج غير الشرعي، مما جعل دافعي الضرائب أنفسهم يشكلون قوة ضغط لمواجهة ظاهرة الأطفال غير الشرعيين.
http://www.almujtamaamag.com المصدر:
ـــــــــــــ
موقف الشريعة الغراء من نكاح المتعة
الشيخ محمد علي الصابوني
مقدمة:
الحمد لله يحق الحق ويزهق الباطل، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة، القائل: " لقد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، مصابيح الدجى، وشموس الهدى والعرفان، الذين تطهروا من دنس القبائح والرذائل، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
ففي زحمة الأحداث، التي يشهدها العالم الإسلامي، من التشتت، والتمزق، والجهل بأحكام الشريعة الغرّاء.. وفي غياب العلماء الناصحين، المتفقهين في الدين، المتمكنين من علوم الشريعة.. تنطلق أصوات منكرة (مأفونة) تدعوا إلى مقارفة الفاحشة والرذيلة، باسم الدين وباسم الإسلام.. وتحت ستار الحفاظ على الفضيلة.. وذلك بترويج هذه الإشاعة الكاذبة "زواج المتعة" وأنه نكاح شرعي يقرّه الإسلام.. فيه تحصين لأبناء المسلمين من الوقوع في "الزنى" ومقارفة الفاحشة!!............(52/57)
أساليب خبيثة ماكرة إنهم بأكاذيبهم وألاعيبهم الماكرة.. يصورون للناس أن "نكاح المتعة" هو العلاج الواقي والشافي.. لمن أراد أن يعيش حياة الطهر والعفة.. وهو السياج المانع، من التردي في "مستنقع الرذيلة" وبؤرة الفساد.. وبدون إباحته نعرّض أبناءنا وشبابنا للخطر، بمقارفة "جريمة الزنا" المحرّم بالنص القرآني القاطع (ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا) الإسراء 32............. هل نكاح المتعة علاج؟ وهذا الذي يروج له المفتونون اليوم، ممن استحوذ عليهم الشيطان بوساوسه، ومكره، وخبثه.. أنه لا حل لهذه المشكلة العويصة.. التي تواجه شبابنا إلا بإباحة "زواج المتعة" وبخاصة بالنسبة لأولئك الذين يدرسون في البلاد الأوروبية أو الأمريكية.. ويعيشون في ذلك الجحيم، والأتون اللاهب، وما يواجهونه من أنواع الشهوات والمغريات.. فليس أمامهم إلا أحد أمرين:
1. إما الوقوع في الزنى.
2. أو التحصن بنكاح المتعة.
ولهذا يرون أن العلاج الوحيد، لتحصين الشباب، هو في إباحة "نكاح المتعة" الذي حرمته الشريعة الغراء، وجعلته ضربا من ضروب الفاحشة.. وهو لا يختلف عن الزنى، إلا في الصورة والاسم فحسب، أما في الحقيقة، فهو الفاحشة بعينها، ولهذا قال الفاروق عمر - رضي الله عنه - وأرضاه " لا أوتى برجل محصن نكح لمتعة، الا غيبته تحت الحجارة" سنن ابن ماجه رقم 1972 وهذا لفظه " لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال: ان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أذن لنا في المتعة ثلاثا، ثم حرمها.. والله لا أعلم أحدا تمتع وهو محصن، الا رجمته بالحجارة، الا ان يأتي بأربعة يشهدون أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أحلها بعد أن حرمها"............. تحريم الامام جعفر الصادق للمتعة ونقل الامام البيهقي عن جعفر الصادق ابن محمد الباقر من ائمة أهل البيت النبوي " انه سئل عن نكاح المتعة، فقال: هو الزنى بعينه" فهذا قول امام من أئمة أهل البيت، فكيف يزعمون أنها حلال!؟ والعجيب في أمر هؤلاء المبتدعة، الذين يرغبون في "زواج المتعة" ويدعون الناس اليه.. أنهم يحتجون بأدلة هي أوهى من بيوت العنكبوت، لا تستند الى شرع ولا عقل.. انما هي مجرّد الهوى والهوس، كما سنوضحه عند ذكر أدلتهم والرد عليها!. انهم بهذا المنطق الغريب الشاذ، يريدون مداواة الرذيلة، برذيلة أقبح وأشنع، ألا وهي "الزنى المنظّم" الذي يكون الاستمتاع فيه، باسم الشريعة والدين، والدين منه براء!! وما مثلهم الا كمثل الذي يغسل الدم، الذي يصيب الثوب، بالبول ليزيل به أثر النجاسة، وهو رجس على رجس، أو كمثل الذي يضع العمامة على رأس الحاخام أو القسيس ليوهم أنه شيخ من شيوخ المسلمين............. نكاح المتعة ليس طريقا للعفة ان نكاح المتعة ليس طريقا للعفاف.. لأن الشخص المتمتع، يقضي وطره مع المرأة، لبضعة أيام، او لبضع ساعات.. فكيف يحصن نفسه من الفاحشة والشهوة فيه متجددة؟ هل كلما اشتهى الجنس، جدد عقد النكاح على فتاة ليستمتع بها؟ أليس في هذا هتك لأعراض الفتيات!؟ ان الشهوة في الرجل متأججة، ولا يطفئ نيرانها الاستمتاع بالمرأة لساعات، أو لأيام، وحتى لسنوات، فكيف يزعمون أنه بلسم وعلاج لتحصين الشباب؟ ما الفارق بين أن يزني الشاب بفتاة، وبين أن يعقد معها عقدا مؤقتا، لمدة يوم أو يومين، أو أسبوع أو أسبوعين؟ ثم يمضي بعد أن ينال شهوته، ويحقق هدفه، خفيف الظل، هانئ البال، ولا يفكر أحملت منه هذه الفتاة، أم حملت من غيره؟ وبمن سيلتحق هذا المولود؟ أليس هذا جناية على المرأة، والضحية فيه انما هو هذا الطفل الذي تولّد في الأحشاء؟ ان الزواج الشرعي من شروطه الأساسية، أن يحمل صفة التأبيد والدوام والاستمرار، وكل توقيت له يبطله! فلو تزوج انسان بامرأة لخمسين سنة، وحدد المدة، فان النكاح باطل، لأنه فقد عنصر الدوام والاستمرار، ولا يعفيه من البطلان أن المدة طويلةّّ!!............ الرابطة الزوجية هي الميثاق الغليظ وقد أكد القرآن الكريم، على هذه الرابطة الزوجية الدائمة، وسماها بالميثاق الغليظ. الذي يكون بين الزوجين، لأنه عقد قائم على أساس دوام الحياة الزوجية، ولهذا أصبح ميثاقا، كسائر العهود والمواثيق، ينبغي عدم الاخلال بمضمونه، تدبر قول العزيز الحكيم (وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا واثما مبينا() وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم الى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) النساء 2021. قال ابن عباس: الميثاق الغليظ: هو عقد النكاح الشرعي الذي يربط بين الزوجين، وهو الذي أشار اليه الحديث الشرسف في حجة الوداع في قوله - صلى الله عليه و سلم -: واستوصوا بالتساء خيرا، فانكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله...)طرف من حديث رواه الامام مسلم. فهل يكون هذا الميثاق الغليظ لقضاء شهوة أيام أو ساعات؟ وهل يدفع الانسان لهذه الساعات، هذا القدر الكبير من المال، الذي أشارت اليه الآية الكريمة؟ أم هو في النكاح الدائم؟ ثم في قوله - تعالى -: (وقد أفضى بعضكم الى بعض) أي استمتع بعضكم ببعض بالمعاشرة الزوجية، وبالاتصال الجنسي أعني الجماع فهل هذا يكون لساعات، أو لأيام معدودات، حتى يأمر الله بأداء جميع المهر، حتى ولو بلغ القنطار من المال!؟ أم هو تبصير وتذكير، بطول المدة بين الزوجين، بعد أن قضى كل منهما وطره مع الآخر، ونال مشتهاه؟ ولو اكتفى كل انسان بنكاح المتعة، ولم يقترن بزوجة على الدوام، فمن أين يستمر دولاب الحياة، بامداد الكون بالذرية والبنين؟............ الزواج لبقاء النوع الانساني وقد جعل الباري - جل وعلا - بقاء "النوع الانساني" مرهونا بالتصال الجنسي، بين الذكر والأنثى، وجعله بدافع الشهوة، حفاظا على بقاء النسل.. ولولا هذه الشهوةالكامنة المتأججة في النفس لما فكر أحد في الزواج!. وليس الغرض من الزواج، قضاء الشهوة فحسب، كما يطبل ويزمر لنكاح "المتعة" بعض الجهلاء،
انما هو لبناء الأسرة، وانجاب الأولاد.. وهذا ماقرره القرآن الكريم في آياته البينات، حيث يقول ربنا - عز وجل - في آيات الصيام، موضحا الحكمة منه: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم، هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم...)البقرة 187. أي استمتعوا بهن بطريق الجماع، في ليالي رمضان، واطلبوا بنكاحهن الذرية والبنين، ولايكن غرضكم الشهوة فقط، وهذا معنى قوله - - سبحانه - و - تعالى - -: (وابتغوا ما كتب الله). أي أطلبوا الولد الذي هو ثمن المعاشرة، وهو الغاية من هذا النكاح الذي شرعه الله لكم. قال اين عباس ومجاهد: (ما كتب الله لكم...) هو الولد والنسل. تفسير ابن كثير1277 وزاد المسير لابن الجوزي 1190. وسبب نزول هذه الرخصة، في معاشرة النساء في ليالي رمضان وهو شهر العبادة والانقطاع عن الشهوات مارواه البخاري في كتاب التفسير 8181 عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "لما نزل صوم رمضان، كانوا لا يقربون النساء رمضان كله.. وكان رجال يخونون أنفسهم أي لا يستطيعون الانقطاع عن شهوة النساء فيقربوهن في الليل فأنزل الله (علم الله أنكم تختانون أنفسكم فتاب عليكم..). كما وضح - صلى الله عليه و سلم - الغرض من الزواج، وهو الاكثار من النسل والذرية، ومباهاة الرسول - صلى الله عليه و سلم - بكثرة أتباعه يوم القيامة بقوله: "تزوجوا الولود الودود أي المتوددة لزوجها المنجبة للأولاد فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" أخرجه أبو داود في سنته 666. والحاكم قال صحيح الاسناد. فالرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، يباهي ويفاخر بمن نكح لاكثار الذرية، ولا يفاخر بمن نكح للمتعة، لقضاء الوطر، واشباع الشهوة البهيميةّ!! فهل يدرك الجاهلون هذا الغرض النبيل، الذي قررته الشريعة الغراء، لامداد المجتمع بالنسل الصالح!! ان الحيوانات تسعى بدافع الغريزة لبقاء نوعها، عن طريق اتيان الذكر للأنثى، لئلا ينقرض نسلها، فكيف بالانسان الذي كرّمه الله، وميزه عن سائر البهائم بالعقل؟ هل يكون أقل بصرا من الحيوان!؟............ وقفة تأمل عند سورة البقرة ولنقف وقفة تأمل وتدبر، عند آية الصيام التي أباح الله - تعالى - فيها الاستمتاع بالنساء في ليالي رمضان، فقد عبّر تبارك و - تعالى -، عن العلاقة الجنسية التي تكون بين الزوجين، بتعبير سام مهذب لطيف، يفوق الخيال في روعة الجمال، لتعليمنا الأدب في التعبير عن الأمور التي تتعلق بالجنس (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فقد شبه المرأة باللباس، الذي يزين الانسان ويستر قبحه، ولولا اللباس لظهرت سوءة الرجل، فكان منظره قبيحا، تنفر منه الطباع، فالمرأة ستر للرجل، تزينه وتجمله، وتكمله، والرجل ستر للمرأة، يزينها، ويجملها، ويسترها.. وكل منهما بدون الآخر، كأنه بادي السوءة، مكشوف العورة.. وهما حالة المعاشرة الزوجية الجماع كأنهما روحان حّلا في جسد واحد، بلباس واحد، وثوب واحد، فكل منهما لاشتماله على صاحبه، في العناق، والتقبيل، والملاعبة، كالثوب ولابسه، كل منهما يستر الآخر، ويخفي معايبه، وهو له متعة وجمال، كما تشتمل الثياب على الأجسام، والثمار على الأشجار!. فانظر الى روعة البيان في تعبير القرآن، والى ذلك الأدب السامي الرفيع، الذي أرشدنا اليه الكتاب العزيز، وهو أن لا نذكر الشيئ الفاحش باسمه الصريح، بل نكنّي عنه بلطيف الكناية، أدبا وعفة، ولهذا قال ابن عباس في تفسير الآية: " انما أراد الله - عز وجل - بقوله: (هن لباس لكم) الجماع، ولكن الله - عز وجل - حليم، كريم، يكني" أي يأتي بالكناية بدل اللفظ الصريح. تفسير ابن كثير 1226............. ما هو نكاح المتعة والآن يجب أن نعرف ما هو نكاح المتعة؟ وما شكل هذا النكاح؟ تعريف المتعة: المتعة في اللغة معناها: التلذذ والاستمتاع بالشيء، وما ينتفع به الانسان من أنواع الطعام، والشراب، والنساء. قال في المعجم الوسيط: المتعة والتمتع: كل ما ينتفع به سرغب في اقتنائه، وزواج المتعة: أن يتزوج امرأة يتمتع بها وقتا ما ولا يريد ادامتها لنفسه. المعجم الوسيط 2853 وكذا في لسان العرب. وفي الشرع: هو: أن يستأجر امرأة، بمال معلوم، الى أجل معين، ليلة،أو أسبوعا، أو شهرا، أو أقل أو أكثر، بشهود أو غير شهود، ويقضي منها وطرا، ثم يتركها بدون طلاق، ومن غير وجوب نفقة، ولا سكن، ولا توارث يجري بينهما، ان مات أحدهما قبل انتهاء المدة. ومن هنا يظهلر لنا بجلاء، أن المقصود من نكاح المتعة "التلذذ المجرّد" دون الارتباط الزوجي الشريف، الذي يربط بين أفراد المجتمع، برباط المحبة والوئام، عن طريق المصاهرة بين الأسر، الذي أشارت اليه الآية الكريمة (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) الفرقان 54............ حكم نكاح المتعة ان نكاح المتعة محرّم في الشريعة الغرّاء، بالنصوص القطعية التي لا تحمل الشك
والجدل.. وما يثيره البعض من القول بحلّه، فانما هو محض سفه وجهل وبهتان.. ولهذا أجمع المسلمونمن أهل السنة والجماعة على تحريمه دون تردد.. وانما أباحه شرذمة الرافضة، الذين لا يدركون مقاصد الشريعة الغراء، ولا يعلمون ما يترتب عليه من مفاسد ومصائبلو عقلوها لكانوا أول المنادين بتحريمه ولما كان بين أحد من المسلمين، من يرفع عقيرته بالقول بحله، فضلا عن ترغيب الناس فيه والتشجيع عليه!! ويكفينا أن نعرف أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قد نص على تحريمه، في محفلين عظيمين، من أشهر المحافل، في جمع غفير من أصحابه، ليكون التحريم قاطعا باتا، على رءوس الأشهاد، هما: 1 يوم غزوة خيبر. 2 ويوم الفتح الأكبر "فتح مكة". حدث هذا وتكرر، لينبه صلوات ربي وسلامه عليه، على عظيم خطر هذا الدنس والرجس، الذي يشجع عليه بعض المبتدعة اليوم، ويصورونه بصورة "نكاح شرعي" أباحه الاسلام، وما هو الا أخو الزنى وشقيق السفاح............ المتعة اسم على مسمى ويكفي أن نعرف من اسمه "المتعة" شهادة رجسه ودنسه!! فان لفظ المتعة، لا يراد بها الا الاستمتاع الجسدي بالمرأة، دون الارتباط برباط "الزوجية المقدس" الذي يمد المجتمع بالذرية والبنين!! ونحن هنا نتساءل؟ هل يراد من نكاح المتعة بناء الأسرة الفاضلة؟ هل يكون بين المتعاقدين نفقة وتوارث؟ هل يقصد منه الألفة والمحبة، التي ربط - تعالى - بها بين الزوجين بقوله: " وجعل بينكم مودة ورحمة " أم أن هذا النكاح لمجرد قضاء الشهوة والوطر؟ لا شك أنه لا يحمل في مضمونه الا قضاء الشهوة البهيمية، التي يسعى اليها الحيوان!! انه رجس ودنس، وانحطاط عن درجة الانسانية، الى مستنقع الشهوة الرذيلة(قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون) المائدة 100. ان هذا الزواج لا يراد منه الا قضاء الوطر، فهو لا يحصن الرجل، ولا يعف المرأة عن الحرام!! المرأة تكون فيه دمية بين أفخاذ الرجال، يتلهون بها ويتسلون، كما يتلهى الأطفال بكرة القدم ويلعبون!. ويقول العلامة الألوسي في تفسيره روح المعاني عند قوله - تعالى - (محصنين غير مسافحين) أي أعفّاء غير زناة، وفي الآية اشارة الى أن القصد من الزواج ليس مجرد قضاء الشهوة، وصب أوعية المني، فبطلت بهذا القيد المتعة لأن المقصود المتمتع، ليس الا ذاك، دون الارتباط الشريف بالتأهل، أي التزوج، والاستيلاد، وحماية العرض... ولذا نجد المرأة المستمتع بها، في كل شهر تحت صاحب، وفي كل سنة بحجر أي حضن ملاعب، والاحصان غير حاصل في امرأة المتمتع، غير الناكح. تفسير روح المعاني 57. وما أجمل ما قاله الامام جعفر الصادق من أئمة أهل البيت حين سئل عن نكاح المتعة، فقال هو الزنى بعينه!! ألا فليهنأ الناكحون للمتعة، والمشجعون عليه، بهذا الرجس والدنس، الذي ينادون به، ويفخرون بأنهم يطبقون الشريعة الغراء، ويكرهون الفاحشة والبغاء، وهم غارقون في أوحال هذه الرذيلة!؟............ تحريم المتعة في خيبر حين فتح رسول الله - صلى الله عليه و سلم - خيبر، أعلن على رؤوس الأشهاد، تحريم نكاح المتعة، تحريما جازما قاطعا، ليكون بمحفل من الناس، حتى لا يرتاب أحد في تحريمه، فيقول البعض: ما سمعنا هذا الحديث، وما بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -. والدليل على تحريمه ما رواه البخاري ومسلم عن "علي بن أبي طالب " - رضي الله عنه - قال: ان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل الحمر الأهلية. أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر 7481، وفي النكاح باب نهي النبي عن نكاح المتعة أخيرا، ومسلم في النكاح رقم 1407، والترمذي 1121 باب ما جاء في تحريم المتعة، والنسائي 6125 ومالك في الموطأ 2542 تحريم نكاح المتعة. والمراد بالحمر الأهلية التي يركبها الناس، وتعيش معهم في المدن، فهذه يحرم أكلها، وأما الحمر الوحشية التي تعيش في البراري والقفار، فهي من نوع الصيد ويحل أكلها، كما وردت بذلك في الأحاديث الصحيحة. والذي يلفت النظر، أن راوي الحديث المحرّم لنكاح المتعة هو "علي بن أبي طالب" من أهل البيت، - رضي الله عنه - وأرضاه، فكيف يزعم اباحته من ينتسب الى آل بيت النبي - صلى الله عليه و سلم -. ثانيا: وفي رواية الترمذي عن علي بن أبا طالب - رضي الله عنه - " أن النبي - صلى الله عليه و سلم - نهى عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر. سنن الترمذي 3430 وقال حسن صحيح. ثالثا: وروى الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "انما المتعة كانت حلال أول الاسلام.. كان الرجل يقدم البلدة، ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم.. فتحفظ له متاعه، وتصلح له أشياءه، حتى اذا نزلت الآية (الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين) قال ابن عباس: (فكل فرج سوى هذين فهو حرام) سنن الترمذي 1122 باب ما جاء في تحريم نكاح
المتعة. يريد ابن عباس أن المنكوحة لمتعة، ليست بزوجة حقيقية، لأن الزواج يجب أن لا يحدد له مدة، فهو زواج مؤقت، وليست مملوكة بملك اليمين، والله - عز وجل - انما أباح الزوجات والمملوكات بملك اليمين، فيكون زواج المتعة محرما وباطلا. فاذا كان هذا قول ابن عباس في نكاح المتعة، فكيف ينسبون اليه أنه كان يبيح مثل هذا النكاح.وهو يعلن أن نكاح غير الزوجات والمملوكات المسترقات حرام وباطل؟ قال الترمذي: وما روي عن ابن عباس من الرخصة في المتعة، رجع عنه، حيث أخبر عن النبي بتحريمه.سنن الترمذي 3430............ المتعة كانت في أول الاسلام ثم نسخت ونكاح المتعة كان مباحا في صدر الاسلام، وفي بدء الدعوة ثم نسخ، لأن الناس كانوا في جاهلية، فلم يفطمهم الاسلام عن عاداتهم الجاهلية دفعة واحدة، وانما مشى معهم بسنة التدرج، كما هو الحال في شأن تحريم الخمر، لم يحرمه الله - عز وجل - من أول الأمر، بل تدرج معهم في تحريمه، فنفّر منه وبين مضاره هو والميسر بقوله - سبحانه -: (قل فيهما اثم كبير) البقرة 219. ثم نهى عنه وقت الصلاة بقوله جل ثناؤه) يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)النساء 43. فصار المسلمون لا يشربونها طيلة النهار، فاذا صلوا العشاء، شربها من شربها منهم، حتى اذا كان وقت الفجر، يكون الواحد قد صحا من سكره وشرابه، ثم نزل التحريم في المرحلة الأخيرة بقوله - جل وعلا -: (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون() انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون) المائدة 9091. فقالوا: انتهينا ربنا انتهينا، وأراقوا ما كان عندهم من الخمور، حتى جرت بها سكك المدينة كأنها سيل دافق، فكان ذلك من حكمة التشريع الآهي!............ حكمة التدرج في التشريع والى هذه الحكمة العظيمة "حكمة التدرج" يشير قول أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فيما رواه عنها الامام البخاري في صحيحه حيث تقول: " أول ما نزل من القرآن آيات من المفصل قصار السور فيها ذكر الجنة والنار، حتى اذا ثاب الناس الى الاسلام أي رجعوا الى الاسلام وتمكن من قلوبهم نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول ما نزل: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا." فكان من حكمة التشريع الآهي، أن ينقلهم - تعالى - من تلك الأمراض الاجتماعية، والقذارات الخلقية، بسنة التدرج في الأحكام.. وهكذا كان الأمر بالنسبة لنكاح المتعة، كان في صدر الاسلام حلالا، ثم حرم الى الأبد تحريما قاطعا، في غزوة خيبر وعند فتح مكة، يوم الفتح الأكبر............ المتعة كانت في المغازي والأسفار والمتتبع لأحاديث اباحة المتعة، يرى أن تلك الاباحة، لم تكن حال استقرارهم في الوطن والدار، انما أحلت في الأسفار، في الغزو البعيد والسفر الطويل، اذ يشتد الشبق الحاجة الى النساء ويقل الصبر، وتخشى الفتنة، وهم حديثو عهد بالجاهلية، وبالاباحية، والفجور، فكان من الحكمة فطمهم عن الفاحشة تدريجيا، كما حرمت الخمر بسنة التدرج. يقول العلامة ابن الهمام في كتابه فتح القدير ما نصه: انه - صلى الله عليه و سلم - لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم.. وانما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات، حتى حرمها عليهم في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد، لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار، الا طائفة من الشيعة المبتدعة، 3246. ويقول الامام النووي في شرحه على صحيح مسلم: " روى أحاديث المتعة جماعة من الصحابة، وليس في هذه الأحاديث كلها وانما كانت في الحضر، وانما كانت في أسفارهم في الغزو، عند ضرورتهم، وعدم النساء، مع أن بلادهم كانت حارة، وصبرهم عن النساء قليل، وقد جاء في حديث ابن عمر، أنها كانت رخصة في أول الاسلام، لمن اضطر اليها كالميتة، والدم، ولحم الخنزير للمضطر. شرح صحيح مسلم للنووي 9180............. تحريم نكاح المتعة في غزوة الفتح وكما حرمت المتعة في غزوة خيبر، كذلك حرمت في غزوة الفتح الأكبر، يوم "فتح مكة" عندما دخلها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فاتحا منتصرا، أعلن تحريمها على رؤس الأشهاد، ليكون تأكيدا لما سبق من تحريمها يوم خيبر. 1 فقد روى مسلم في صحيحه عن "سبرة الجهني" أنه قال: " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه و سلم - عام الفتح الى مكة، فرأيته قائما بين الركن والباب وهو يقول: يا أبها الناس، اني قد كنت أذنت لكم الاستمتاع من النساء، وان الله قد حرم ذلك الى يوم القيامة، فمن كان عنده شئ منهن، فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا." أخرجه مسلم في باب النكاح 1406. 2 وروى مسلم أيضا عن الربيع بن سيرة عن أبيه قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج منها جتى نهانا عنها." صحيح مسلم 21022 وحاشية الامام النووي(52/58)
عليه. قال النووي (اني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع) في هذا الحديث التصريح بالناسخ والمنسوخ في حديث واحد من كلام رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، كحديث "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وفيه التصريح بتحريم نكاح المتعة الى يوم القيامة، وقد اتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا الى أجل، لا ميراث فيها، وفراقها يحصل بانقضاء الأجل¸ووقع الاجماع على تحريمها الا الروافض. هذا وقد ترجم الامام مسلم لأحاديث الباب بقوله: "باب تحريم نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ، واستقر تحريمه الى يوم القيامة". 3 وقال ابن أبي عمرة: انها كانت رخصة في أول الاسلام لمن اضطر اليها، كالدم، والميتة، ولحم الخنزير، ثم أحكم الله الدين ونهى عنها. صحيح مسلم 21072 شرح النووي 9180. فهذه النصوص كلها تدل دلالة واضحة، كالشمس في رابعة النهار، على أنها كانت في أول صدر الاسلام جائزة للضرورة، ثم نسخ حكم الاباحة، وأصبحت محرمة الى يوم البعث والنشور............ المتعة هي الزنى المقنع وهنا نتساءل: من منا يرضى أن يزوج ابنته أو أخته ليوم أو يومبن، أو ساعة أو ساعتين، أو أقل من ذلك أو أكثر؟. أليس هذا ما يشابه الزنى، حتى ولو كان هناك عقد وشهود؟. ما الفرق بين أن يزني الرجل بامرأة مرات، برضاها وبموافقتها، وبين أن يعقد عليها عقد زواج ليلتين أو ساعات؟. أليس هو الزنى المقنع تحت ستار الفضيلة، والبعد عن الفاحشة؟ والأنكى من ذلك والأخزى، أن يحمل معه باسم الدين "شهادة شرعية" على أنه عقد شرعي، يبيحه الاسلام، وتقرّه الأديان!!. يا للعار والشّنار!! يا للخزي والمهانة!! أرأيت لو أن أحدا من الناس، جاءك يريد أن يعقد عقد الزواج على ابنتك لبضعة أيام، أو لشهر، تصفعه على وجهه بيدك، وتطرده من منزلك؟ لأنه لص أعراض، لا يريد الزواج، وانما يريد قضاء الشهوة!!. فكيف نقول: ان نكاح المتعة لأيام أو لساعات "عقد شرعي" يتفق مع مقاصد الشريعة الغرّاء؟ أليس هو الفاحشة بعينها؟ والله - تعالى - يقول: " ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا"............ الرسول هو الذي حرم المتعة وليس عمر ومن هذه النصوص الي أوردناها، يتضح لنا بجلاء، أن الرسول - عليه الصلاة و السلام -، هو الذي حرم المتعة وليس عمر بن الخطاب، كما يزعم المرجفون،حيث يقولون: كانت المتعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه و سلم - جائزة، وعمر هو الذي حرّمها، ولا يعتد بتحريمه انما بتحريم الرسول!!. ونقول لهؤلاء المفترين على شريعة الله: ألا تكتفون بالنصوص الصريحة، الواضحة القاطعة، على تحريم الرسول لنكاح المتعة؟ وعلى اجماع السلف والخلف على تحريم هذا النكاح!؟ اذا كان الرسول قد أعلن تحريمها على رؤوس الأشهاد في "خيبر" ثم يوم "فتح مكة" فكان ذلك تجديدا وتأكيدا لتحريم هذا النكاح، فكيف يتجرّأ أحد بعد ذلك أن يقول: أن عمر هو الذي حرّم نكاح المتعة؟. فالأحاديث الصحيحة الصريحة، قاطعة بتحريم نكاح المتعة، وصرّح - صلى الله عليه و سلم - بأن ذلك دائم الى يوم القيامة، كما ثبت في صحيح مسلم. "فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" النساء 78. وكيف يجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - على التحريم، ثم يقول الرافضة: ان المتعة جائزة، وحكمها ثابت بالسنة، هل يجتمع كل الصحابة الكرام على جهل مثل هذا الحكم الخطير؟. ان في اباحة نكاح المتعة عدوانا على شريعة الله، وردّا لأحاديث سيد المرسلين، واستحلالا للفروج بالحرام، وقد أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه و سلم - الذي لا ينطق عن الهوى، عن هذا الصنف من البشر، ممن ينتسب للاسلام ويستحلّ أعظم المحرمات والكبائر وهذا من معجزاته الغيبية حيث قال - صلى الله عليه و سلم - فيما رواه عنه البخاري: "ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر أي الفرج والحرير، والخمر، والمعازف... ولينزلنّ أقوام الى جنب علم أي جبل يروح عليهم بسارحة لهم أي يرعى لهم الراعي أغنامهم يأتيهم الفقير لحاجة له، فيقولون: ارجع الينا غدا، فيبيّتهم الله ويضع العلم أي يهلكهم الله ويدك عليهم الجبل ويمسخ آخرين قردة وخنازير". أخرجه البخاري في كتاب الأشربة 151. قال الحافظ ابن حجر: "يستحلّون الحر" بالحاء المهملة المكسورة وهو الفرج، والمعنى، يستحلون الزنى. فتح الباري على شرح البخاري 155. وهذا ما يشيعه الظالمون في عصرنا، من اباحة المتعة، وما هي الا الزنى المقنّع، المتستر بجلباب العقد الشرعي، وما هو الا رجس ودنس.. كما سمعنا في زماننا طوائف تعبد الفرجوالعياذ بالله ويسمونه "مسعود" ويقولون " يا مسعود منك خرجنا، واليك نعود"، ونعوذ بالله من الكفر والضلال............ شبهات المبيحين للمتعة والرد عليها استدل الرافضة المبيحون لنكاح المتعة، على جواز هذا النكاح، بأدلة ساقطة واهية، هي أوهى من بيوت العنكبوت، "وانّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون" العنكبوت 41. قالوا: دلّ على جواز هذا النكاح الكتاب العزيز، وهو قوله - تعالى -: " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" النساء 24. الآية فحملوا لفظ "استمتعتم" على أن المراد به نكاح المتعة.. وقالوا ذكر الأجور يدل على أن المراد به "المتعة" لأن المتعة هي عقد استئجار لمدة معلومة، وليس عقد نكاح دائم. و الجواب على هذه الشبهة أن نقول: ان هذا التفسير للآية الكريمة، خطأ جسيم، وفهم سقيم، وهو مخالف لجميع أقوال المفسرين.. فان المراد بالاستمتاع هنا: التلذذ بالجماع، انتفاعا وتمتعا، لا "نكاح المتعة" ولو كان نكاح المتعة هو المراد لقال: فما نكحتموهن لمتعة، ولم يأتي التعبير بقوله - - سبحانه - و - تعالى - - " فما استمتعتم به منهن" فتفسيرها بنكاح المتعة خطأ، كمن يفسّر آية الزكاة "والذين هم للزكاة فاعلون" المؤمنون 4. أن المراد بها تزكية النفس بالأعمال الصالحة، لا دفع الزكاة للفقراء والمساكين، وهذا تأويل باطل ترده اللغة والدين. لماذا حكمنا بأن هذا التفسير خطأ؟ لأن الله - تعالى - ذكر قبل هذه الآية المحرمات من النساء " حرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت..." النساء 23. الآية ثم أتبعه قول الله - تعالى -: " وأحلّ لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة..." النساء 24. فالمراد بالآية: النكاح الشرعي الصحيح، لأنه هو الذي يحصن الانسان عن الوقوع في فاحشة الزنى، لا نكاح المتعة المؤقت، وقد جاء هذا الشرط واضحا في الآية: "محصنين غير مسافحين" والمتعة ليست مانعا من السفاح. والمراد بالأجور هنا: المهور، لأنها مقابلة بالاستمتاع الذي هو التلذذ بالجماع، ولهذ عقّبها بقوله: "أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين...". ودعواهم أن المهر لا يسمى أجرا باطل، لأن الله - - سبحانه - و - تعالى - - سمى المهر أجرا في نصوص قاطعة ومتعددة في كتابه العزيز، فقال - سبحانه -: " يا أيّها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الاتي آتيت أجورهن" الأحزاب 50. أي مهورهن، لأن المستمتع بها لا تسمى زوجة، باتفاق أهل السنة، ومخالفيهم من الشيعة، والله - تعالى - انما صرّح بلفظ "أزواجك" وهو نص قاطع في الزواج الشرعي. وهناك نص آخر يراد به المهور بلا نزاع، وهو قوله جلّ ثناؤه: فانكحوهن باذن أهاهن وءأتوهن أجورهن..." النساء 25. أي مهورهن في النكاح. ومثله قول الله - تعالى - عن الزواج بالكتابيات العفيفات: " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم اذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين..." المائدة 5.الآية. فكيف يقولون ان لفظ الأجور خاص بالمتعة، لا يطلق على المهور؟! فهل زوجات الرسول - صلى الله عليه و سلم - كنّ منكوحات بالمتعة؟ أم هو الجهل بكتاب الله - عز وجل -؟ والآن نعرض لأقوال أساطين علماء التفسير حول الآية الكريمة............ تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري قال ابن جرير الطبري - رحمه الله - في قوله - تعالى - " فما استمتعتم به منهن": " والصواب في تفسير الآية تأويل من تأوله بأن المراد: فما نكحتموه منهن فجامعتموه، فآتوهن أجورهن، لقيام الحجة بتحريم الله "متعة النساء" على غير وجه النكاح الصحيح، أو الملك الصحيح، على لسان رسول الله - صلى الله عليه و سلم -. وقد دللنا أن المتعة، على غير النكاح الصحيح، حرام، في غير هذا الموضع من كتبنا." جامع البيان لابن جرير الطبري 58. وقال الحسن البصري في الآية: أراد ما انتفعتم به، وتلذذتم بالجماع من النساء، بنكاح صحيح، ولا يراد بها المتعة............. الآية في تفسير ابن الجوزي وابن الجوزي يرى في تفسيره لهذه الآية، أن لا علاقة لها بنكاح المتعة، وأن اباحتها ثم تحريمها كان بالسنّة فقط، حيث قال في زاد المسير: "وقد تكلّف قوم فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة ثم نسخت بما روي عن النبي - صلى الله عليه و سلم - أنه نهى عن متعة النساء!!. وهذا تكلّف لا يحتاج اليه، لأن النبي - صلى الله عليه و سلم - أجاز المتعة، ثم نهى منها، فكان قوله منسوخا بقوله، وأمّا الآية فانها لم تتضمن جواز المتعة، لأنه - تعالى - قال: " أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين" فدل ذلك على النكاح الصحيح، قال الزجّاج: المراد فما نكحتموه على الشرط المذكور، أي متعففين غير زناة، فآتوهن أجورهن أي مهورهن، ومن ذهب في الآية الى غير هذا، فقد أخطأ، وجهل اللغة. زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 254............. الآية في تفسير روح المعاني وكذلك قال العلامة الألوسي في تفسيره روح المعاني أن الآية لا علاقة لها بنكاح المتعة حيث قال: " وهذه الآية لاتدل على الحل، والقول بأنها نزلت في المتعة غلط، وتفسير البعض لها بذلك مرفوض غير مقبول،لأن نظام القرآن الكريم يأباه، حيث بيّن - سبحانه - أولا المحرّمات،ثم بيّن ما يحل نكاحهن من النساء بقوله: " وأحلّ لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا
بأموالكم " وفيه شرط، فيبطل تحليل الشرط واعارته، وقد قال بهما الشيعة. ثم قال - جل وعلا -: "محصنين غير مسافحين" وفيه النهي عن كون القصد، مجرّد قضاء الشهوة، فبطلت المتعة بهذا القيد، لأن مقصود المتمتع، ليس الا ذاك، دون التزوج، والاستيلاد، وحماية الزمّار يعني الآهل والعشيرة والعرض والشرف، ولهذا نجد المستمتع بها في كل شهر تحت صاحب، وفي كل سنة في حجر، أي حضن ملاعب، والحصان غير حاصل في المتمتع غير الناكح. تفسير روح المعامي للألوسي 57............. الأية في أضواء البيان للشنقيطي وقال العلامة الشنقيطيفي تفسيره أضواء البيان: "والآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة، كما قال به من لا يعلم معناها، فان قيل: التعبير بلفظ الأجور، يدلّ على نكاح المتعة، لأن الصّداق لا يسمى مهرا!! فالجواب أن القرآن سمّاه أجرا، في موضع لا نزاع فيه، وذلك في قوله - تعالى -: " فانكحوهن باذن أهلهن وءاتوهن أجورهن" أي مهورهن بلا نزاع، فاتضح أن الآية في النكاح، لا في نكاح المتعة............. هذا غيض من فيض من أقوال أئمة علماء التفسير، ولو استعرضنا جميع آرىء المفسرين، لرأيناها كلها متفقة، على أن الآية في النكاح الشرعي الصحيح، لا في نكاح المتعة، كما يزعم دعاة اباحة الأعراض، ممن أشاعوا هذا اليلاء المستطير، بين شباب المسلمين، ويكفي أن نتذكر ما قاله الامام جعفلر الصادق حين سئل عن المتعة فقال: هي الزنى بعينه. ذكره البيهقي، و كذا في شرح العلامة القسطلاني على صحيح البخاري. وقال الشيخ السايس - رحمه الله - في كتابه تفسير آيات الأحكام: ان المعنى الذي من أجله شرع النكاح، لا يتحقق في نكاح المتعة لما يأتي: 1 انه لم يقصد منه الولد. 2 ولا يترتب عليه ثبوت النسب. 3 وقد طلب الشارع من عقد النكاح، أن يكون عقدا للألفة والمحبة!!. 4 وأي ألفة وشركة تجيئ من عقد لا يقصد منه الا قضاء الشهوة على سبيل التوقيت!؟. 5 والزنى كيف يكون ان لم يكن هذا النوع من النكاح زنى؟. 6 أليس الزنى يقع بالتراضي بين الزانيين على قضاء الوطر!؟. 7 وهل عقد النكاح المتعة الا على هذا؟! 8 واذا أبيح نكاح المتعة، ألا يكون ذلك مطيّة يركبها الناس، ليتقوا بها رباط الزوجية الصحيحة؟. 9 واذا أبيح فكيف يعرف الناس أبناءهم؟ ومن ينفق على هذا الجيش الجرّار الذي ينتجه نكاح المتعة؟. 10 ولا يمكن أن نقول أن الأولاد يلحقون بالعاقدين، اذ يجوز للمرأة أن تعقد العقد كلّ ساعة.. ومن أجل هذا اتفق فقهاء الأمصار، على تحريم نكاح المتعة، والسلف جميعا على تحريمه. نقلا عن تفسير آيات الأحكام للسايس، وأنظر كتاب (نكاح المتعة حرام) للشيخ محمد الحامد - رحمه الله - - تعالى - فقد أجاد فيه وأفاد............. الرّد على الشبهة الثانية أما دعوى المبيحين لنكاح المتعة، بأنه كان مباحا في صدر الاسلام ثم أن "عمر" هو الذي حرّمه، ونهى عنه، وأنه لا يجوز لأحد، أن يحرّم ما أحلّه الله!!. فالجواب عنه أن نقول: نعم انه كان كان مشروعا فيأول الاسلام، لقرب عهدهم بالجاهلية، ولكنّ الاسلام حرّم هذا النكاح بعد ذلك، فلا يجوز أن نتمسّك بحكم نسخه بالشارع، والمعتبر في الأحكام هو الناسخ لا المنسوخ!!. لقد كان المسلمون في بدء الدعوة، يصلّن الى جهة بيت المقدس، وكانت هي قبلة المسلمون الأولى، ثم نسخ هذا الحكم، وأمروا أن يتوجهوا الى الكعبة المشرّفة: (قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره...) الآية البقرة 144. فهل يجوز لانسان بعد نسخ هذا الحكم، أن يصلّي الى " بيت المقدس" ويزعم أنها القبلة الأولى للمسلمين، لا ينبغي التحول عنها؟. الله - عز وجل - أمر المسلمين، أن يتوجهوا في صلاتهم الى بيت المقدس، ثم هو - جل وعلا - الذي نسخ الحكم، وأمر بأن تكون القبلة هي البيت الحرام!! وكذلك هنا، الرسول - صلى الله عليه و سلم - أذن لهم بالمتعة في السفرات والغزوات، لا في الحضر، ثم هو - عليه السلام - الذي حرّم المتعة، ومنع منها، فلا يجوز الاحتجاج، بأن المتعة كانت مباحة في أول الاسلام، وينبغي أن تستمر الاباحة!! لأن ما حرّمه الرسول هو المعوّل عليه، وهو الذي يجب الاعتصام به، والعمل به............. اجماع الصحابة على تحريم المتعة ودعوى أن عمر - رضي الله عنه -: هو الذي حرّم المتعة، ومنع منها، دعوى غير صحيحية، لأن الذي حرمها هو رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يوم خيبر، ويوك فتح مكة عام الفتح، على رءوس الأشهاد. ولنفرض جدلا أن عمر هو الذي منع من المتعة، وهو الذي حرّمها على المسلمين!! أفلسنا مأمورين باتباع سنة الخلفاء الراشدين، بأمر رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضّوا عليها بالنواخذ..." طرف من حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم (4607) في السنة، والترمذي في العلم رقم (2678)، وأنظر تمامه في جامع الأصول لابن الأثير 1278.
ثم ان اجماع الصحابة على تحريم "نكاح المتعة" أليس دليلا شرعيا على حرمة هذا النكاح، يجب التمسك به والاعتماد عليه، فكيف نضرب بكل هذا عرض الحائط، ولا نعتمد عليه؟!. ان عمر - رضي الله عنه - لم يكن متسلقا سور الشريعة، يقول فيها برأيه وهواه كما يشاء، وانما هو متمسك بالأحكام، متقيد بما سمعه وباغه عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، بل هو من أشد الناس تحرّيا للحق، وقبولا له، وقد أثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بقوله: " ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه". أخرجه الترمذي في المناقب رقم 3683، وأحمد في المسند 253. ورأى الرسول في منامه أن الناس يعرضون عليه، وعليهم قمص أي ثياب منها ما يبلغ الركبة، ومنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما هو دون ذلك، ومر عليه عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره، قالوا بما أوّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدّين" أي قوة الايمان وصلابة الدين. البخاري 377، ومسلم 14594. فهل يعقل أن يخالف عمر شريعة الله، وقد شهد له رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بصلابة الدين؟!. ان ادّعاء أن عمر رضي الله عنه، حرّم ما أباحه الله - تعالى - على المسلمين، من نكاح المتعة، هراء وافتراء، لا وزن له عند أهل العلم والنظر، فالنصوص الشرعية الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، هي الحكم الفاصل بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وقد وردت بتحريم نكاح المتعة تحريما قاطعا، لا مجال للشك فيه، وبعد كلام سيد المرسلين عليه صلوات الله نقول كما يقال في الأمثال "لا عطر بعد عروس"!!............ نكاح المتعة محرّم باجماع الصحابة ثم ان عمر رضي الله عنه، منع من نكاح المتعة في مجمع من الصحابة، وما أنكر أحد عليه ذلك، لأنهم كانوا عالمين بحرمة المتعة، ولو كانت مباحة كما يزعم الزاعمون، لكانوا أول من ينكر عليه، فاجماعهم وسكوتهم على ما قاله عمر، من أظهر الدلائل على حرمة المتعة، ولا يمكن أن يسكتوا على ذلك مداهنة، لأن ذلك يوجب تكفيرهم، لأن من حرّم ما أحل الله فهو كافر، فيستلزم تكفير الصحابة بسكوتهم على عمر، وهذا ما لا يخطر على بال!!. ومخالفة جمهور الأمة الاسلامية، أمر خطير، واباحة نكاح المتعة شذوذ، وقد قال - صلى الله عليه و سلم -: " عليكم بالجماعة وايّاكم والفرقة، فان الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد.. من أراد بحبوحة الجنّة أي نعيمها وخيرها فليلزم الجماعة.." أخرجه الترمذي في الفتن رقم(2166)، وأحمد في المسند رقم(114) والحاكم من طرق صحيحة. وفي حديث آخر: " انما يأكل الذئب من الغنم القاصية.. ومن شذّ شذّ الى النار."............ بين النكاح الصحيح ونكاح المتعة ولعلنا ندرك المفرقة الواضحة، بين النكاح الشرعي الصحيح، وبين نكاح المتعة، الذي حرّمته الشريعة الغرّاء، فان بينهما فرقا كبيرا، وبونا شائعا، كالفارق بين اللحم المزكّى، ولحم الخنزير، وذلك للأسباب التي نوضّحها باجاز واختصار. أولا: ان النكاح الشرعي يراد منه الدوام والاستمرار، لبناء الأسرة الشريفة الفاضلة، التي تعمر الدنيا بطاعة الله، ونكاح المتعة لا يراد منه الا قضاء الشهوة، ونيل الوطر. ثانيا: النكاح الشرعي يجب فيه الاشهاد على العقد، ورضى الولي ولي أمر المرأة لقول النبي - صلى الله عليه و سلم -: " لا نكاح الا بولي وشاهي عدل" الترمذي رقم 1101 وأبو داود 2088في كتاب النكاح. ثالثا: شرط وجود الولي ورضاه، ثابت بالكتاب والسنّة، لقوله - تعالى - "وانكحوهن باذن أهلهن"، وقوله - صلى الله عليه و سلم -: " أيّما امرأة لم ’ينكحها الولي، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل،فنكاحها باطل.." أخرجه أبو داود 1080، والترمذي 453، وابن ماجه 1605. رابعا: نكاح المتعة ليس فيه ميراث بين الزوجين، اذا مات أحدهما لا يرثه الآخر، فكيف يكون زواجا شرعيا كالنكاح؟!. خامسا: عند انتهاء المدة، لا يحتاج الرجل الى تطليق المرأة فيحق لها بعد أن تستبرئ منه بحيضة، بخلاف النكاح الشرعي. سادسا: لا نفقة لزوجة الناكح للمتعة، ولا عدة عليها، وهو وهو مخالف للنص القرآني (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا...) البقرة 234. فان العدة واجبة في الطلاق والوفاة. هذه بعض الوجوه التي يختلف فيها نكاح المتعة عن النكاح الأصلي الشرعي، وقد روى الامام الدارقطني عن "علي بن أبي طالب" - رضي الله عنه - أنه قال: ط نهى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - عن المتعة، وانما كانت لمن لا يجد النفقة، فلما نزل النكاح، والطلاق والعدة، والميراث بين الزوج والمرأة نسخت." هذا كلام أحد أكابر أثمة آل بيت النبي - صلى الله عليه و سلم - سيدنا علي - رضي الله عنه - وأرضاه، فكيف يزعمون أن المتعة جائزة باتفاق عند الشيعة، وسيّد آل البيت علي - رضي الله عنه - يروي لنا التحريم............ مناظرة بين القاضي يحي والخليفة المأمون وقعت مناظرة بين القاضي "يحي بن أكثم" وأمير المؤمنين "المأمون" فان الخليفة(52/59)
المأمون، كان قد حسّن له بعض حاشيته، أن نكاح المتعة حلال، فنادى باباحة المتعة، وأمر باجراء عقودها. فدخل عليه القاضي يحي وكان متغيّر اللون، بسبب اباحة الخليفة لذلك، وجلس عنده، فقال له المأمون: ما لي أراك متغيّر اللون، حزين الفؤاد؟. قال: لما حدث في الاسلام من أمر خطير!!. قال: وماذا حدث؟ وما الذي جرى؟. قال: من تحليلك المتعة يا أمير المؤمنين، وقد حرّمها الله - تعالى - بكتابه، وحرّمها الرسول بسنّته!!. قال: وما دليلك على تحريمها من كتاب الله وسنة رسوله؟. قال: أمّا من الكتاب فمن قول الله - عز وجل -: { والذين هم لفروجهم حافظون L الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومينL فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العادون} فهل زوجة المتعة يا أمير المؤمنين زوجة؟ ترث وتورث، ويلتحق بها الولد؟ قال: لا. قال: فهل هي ملك يمين؟ قال: لا!!. قال: فقد صار الناكح للمتعة من العادين أي المعتدين على محارم الله بالنص القاطع الصريح!!. وأمّا السنّة يا أمير المؤمنين فقد روى الزهري بسنده الى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أن أنادي بالنهي عن نكاح المتعة، وحرّمها بعد أن كان قد أمر بها وأباحها!!. فالتفت المأمون للحاضرين وقال: أتحفظون هذا من حديث الزهري؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، انه ثابت!!. فقال المأمون: أستغفر الله من ذنبي وخطيئتي، نادوا بتحريم المتعة. السيرة الحلبية للشيخ برهان الدين الحلبي، وأنظر نكاح المتعة حرام للشيخ محمح الحامد ص 55. وقد أكدنا ما نقله الامام البيهقي عن جعفر بن محمد أعني جعفر الصادق من أئمة أعلام أهل بيت النبوة أنه سئل عن نكاح المتعة فقال: " هو الزنى بعينه"!!. هذا ما روي عن علي وجعفر الصادق، فهل بعد كلام الأعلام من آل البيت كلام لأحد من الناس!؟ نسأله - تعالى - الهداية، وأن يردنا الى شريعته الغرّاء، النقيّة الصافية، التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك، كما قال الصادق المصدوق سيد ولد آدم، عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم!!............. الآثار الوخيمة المترتبة على نكاح المتعة ان لنكاح المتعة عواقب خطيرة، وآثارا وخيمة، نوجزها فيما يلي: 1 اشاعة الفاحشة بين شباب المسلمين. 2 توهين عرى الروابط الزوجية. 3 عدم تحصين الشباب والفتيات بسبب هذا الرجس. 4 تهديم بنيان الأسرة الذي هو النواة الأساسية للمجتمع. 5 مخالفة اجماع الأمة وعلمائها التي أجمعت على تحريمه. 6 المعارضة الصريحة للكتاب والسنّة. وبعد: فان اشاعة الفاحشة بين الأمة الاسلامية، باسم نكاح المتعة في زمن كثرت فيه الموبقات والآئام، وانتشرت فيه الرذيلة، انما هو رجس على رجس، ولا يمكن أن نقاوم الرذيلة "فاحشة الزنى" برذيلة أشنع منها باسم الدين، فالمتعة والزنى صنوان لا يفترقان، وكل دعوة الى اباحة مثل هذا النكاح، خروج على الدين، وكذب وبهتان على الشريعة الغرّاء، واستحلال للفروج التي حرّمها الله بنص الكتاب العزيز. { والذين هم لفروجهم حافظون L الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم..} ونكاح المتعة خارج عن الزوجية، وملك اليمين، فهو العدوان بعينه الذي أشارت اليه الآية الكريمة {فمن ابتغى ورآء ذلك فأولئك هم العادون} والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. مكة المكرّمة خادم الكتاب والسنة غرة شهر رمضان المبارك سنة 1418ه الشيخ محمد علي الصابوني
http://www.alahbab.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج السري باطل ... باطل
محمود محمد البحيري
ظاهرة جديدة وخطيرة تتشكل حالياً في بعض مجتمعات المسلمين وخطورتها أنها تتشكل في الخفاء، فلم يعلم بها أكثر الناس الذين من الممكن أن تأخذهم على غرة، وتنالهم من حيث لا يحتسبون في أعز ما يملكون، فهي تختص بالأعراض المصونة والحرمات المكنونة، والأشد خطورة أنها تتم بالمكر والخداع والتحايل على الشرع وتحاول إضفاء صفة الشرعية على ما ليس كذلك، وسبب ذلك الجهل بأحكام الدين الحنيف أو الجرأة على حدوده، ومع الجري وراء قناع زائل وشهوة مؤقتة، والفرار من مسؤوليات اجتماعية مقدمة يتم إلباس الباطل ثوب الحق للتوصل إلى المحرمات باسم ما شرع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
زواج شرعي أم بغاء
هذه الظاهرة الخطيرة يقوم بها العديد من الشباب جهلاً بالدين أو تجرؤأ عليه، وإقناع الشابات بالزواج سراً سببه الاختلاط الذي يعيش فيه كثير من الناس في أماكن التعليم والعمل والتثقيف والترفيه، يسعى كثير من شياطين الإنس إلى التغرير بالبنات، فيترصد الشاب للشابة كما يترصد السبع لفريسته، ويوهم الشاب الفتاة أنه يحبها ويريد أن يتزوجها، وأن ما يمنع من ذلك هو ضيق ذات اليد عن أن يتقدم في الحال لأهلها طالبًا إياها.
ومع اللقاءات المتكررة يؤثر الشاب على عواطف من يوقعها سوء حظها فريسة في طريقه، ويتفنن في إثارتها وما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، ويدعي لها أنه يمكن أن يتزوجها في السر زواجًا عرفيًا - كما يسمى في بعض الأقطار العربية - أي بلا وثيقة رسمية مسجلة، وعلى هذا يتم العقد دون علم من أهل الفتاة أو من أهل الفتى، ولا يجري أي إعلان أو إشهار، وقد لا يحدد مهر، ولا يقام حفل زفاف ولا وليمة، أو مسكن للزوجين ولا أثاث!
وسبب ذلك خديعة البنات في هذا الأمر هو أن الشاب يقنعها بأنه زواج شرعي لا شبهة فيه، وأنهما سيظلان على هذه الحال حتى تيسر له مؤونة النكاح، فيتقدم لأهلها رسميًا، ويتم الزواج رسميًا دون أن يدري الأهل بما سبق وجرى من عقد.
ويتوصل الشاب بهذا إلى معاشرة الفتاة وكأنها زوجة، حيث يلتقيان في أماكن مخصوصة وأوقات معلومة، ويحرصان مع ذلك على الاحتياط حتى لا يتم حمل يكشف للأهلين الخديعة التي تجري من وراء ظهورهم، وهم عنها غافلون.
ولم يقف الأمر عند هذا، فمع اعتقاد بعض الشباب أن زواجه هذا شرعي، يبقى يغرر بمزيد من الفتيات، فيتزوج في السر مثنى وثلاث ورباع، وكل واحدة منهن لا تدري من الأخرى شيئًا، فإذا ما عرف هذا المجترىء على دين الله فتاة جديدة، سرح إحداهن بغير إحسان ليعقد على الجديدة، وربما تجرأ بعضهم فعقد بهذه الطريقة على ما هو أكثر من أربع، ما دام الأمر لا يكلفه إلا دراهم معدودات.
وماذا يحدث بعد ذلك؟ إن غالب هؤلاء الشباب لا يصدق في وعده، ولا يأتي اليوم الذي يتقدم فيه لأهل الفتاة، وهنا تصير هي رهينة لهذه العلاقة الآثمة، وإذا رأت أن الشاب قد خدعها، وحطم حياتها، فإنها ستجد نفسها مدفوعة إلى درك أكثر سوءاً وربما تنتقل العدوى إلى أخرى بالطريقة نفسها، ويستمر منحدر السقوط حتى يعتاد هذا الفريق من الناس أن يعقد كل سنة، بل كل شهر أو أسبوع زواجًا سريًا جديداً، ويحسبونه هينًا، وهو عند الله عظيم.
وقد فتح هذا الزواج السري الباب واسعًا أمام بعض البنات الصغيرات اللواتي هنّ في سن لا يكاد يصدق، سن ما قبل السادسة عشرة أو ما بعدها، يستمرىء هؤلاء الزواج السري مرات ومرات جريًا وراء الشهوات والأموال، فإذا تركها واحد من أخدانها بحثت هي عن آخر، دون أن تسمع عن شيء اسمه عدة المطلقة، وكيف تسمع والزواج بالأصل باطل، والأهل عنها لاهون، على حين أنها تمتهن كرامتها وكرامتهم، وتصير مضغة في الأفواه، وتعتاد هذا النوع من الزواج البغائي، مما يستوجب من أولي الأمر سن قانون يعاقب على هذه الجريمة التي لم تعرفها مجتمعاتنا من قبل.
وأن بعضهم قد وقع في براثن هذا الزواج السري بحسن نية، وبعضهم يمكن أن يقع فيه بحسن نية كذلك، لذا يجب أن نتفرغ وسعنا لكي نبين لماذا لا يعد هذا الزواج السري زواجًا شرعيًا؟.
الزواج نظام اجتماعي:
إن الزواج في روحه نظام اجتماعي يرقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية والشهوات المادية إلى العلاقة الروحية، ويرتفع به من عزلة الوحدة والانفراد إلى أحضان السعادة وأنس الاجتماع، وهو عقد ارتباط مقدس بين رجل وامرأة يمضيه الشرع ويباركه الله - تعالى -، ولا ينبغي أن يصير مادة للعبث أو المخاطرة والمغامرة، واللعب بالدين والشرع، بل الواجب أن يؤدي إلى حياة استقرار ومعاشرة بالمعروف، وبناء أسرة بالمودة والرحمة، وتأسيس بيت مسلم يقوم على تربية ذرية مسلمة تعبد الله - سبحانه - وتحفظ حدوده، وتنصر دينه.
ولكنا لا نجد شيئًا من ذلك في الزواج السري، فلا ألفة بين أسرتين، ولا إذن لولي، ولا مهر ولا نفقة، ولا مسكن ولا متاع، ولا أسرة ولا أولاد، ولا حياة مشتركة ولا قوامة للرجل، ولا طاعة من المرأة، ولا علم بين الناس، ولا يجري التوارث بين الخليلين... مما يجعلنا نجزم بأن هذا لا يعد زواجًا عرفيًا كما يدعون، ولا شرعيًا كما يريد الله - تعالى -.
لقد أمر الله - سبحانه - في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء، فقال - تعالى -: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) [النساء: 25]، وقال جل شأنه: (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) [المائدة: 5]، فأمر بالولي والشهود والمهر والعقد، والإعلان، وشرع فيه الضرب بالدف والوليمة الموجبة لشهرته.
لا نكاح إلا بولي:
ليس للمرأة أن تنفرد بتزويج نفسها من دون رأي أهلها، وليس لولي المرأة أن يتولى إتمام العقد وإنجازه دون استشارتها، فالإسلام يتوسط في ذلك، فيحرص على المشاركة بين المرأة ووليها وأهلها، فللمرأة أن تعرب عن رغبتها ولا تكره على الزواج أبداً، وولي المرأة يتولى إبرام العقد وإتمامه بعد إذنها، وبذلك لا يستقل أي منهما بالعقد، فالمرأة لا تنفرد بتزويج نفسها دون أهلها، ولا وليها ينفرد بتزويجها دون رأيها، وليس في هذا حجر على حرية المرأة في الاختيار، ولكنه حرص على تحقيق الاطمئنان الكامل في الحياة الزوجية وضمان المشاركة والمصاهرة بين أسرتين بعلائق قوية ودية يشهدها ويباركها.
والزواج ليس علاقة بين الرجل والمرأة تنشأ في فراغ اجتماعي، ولكنه علاقة بين أسرتين وعائلتين قائمة بالمودة والرحمة والتناصر، فيكون منع المرأة من الاستقلال بالعقد رعاية لحق أسرتها في أن تكون العلاقة الزوجية سببًا في توطيد أواصر المودة بين أسرة الرجل وأسرة المرأة، ويضاف إلى هذا أن النصوص عن الكتاب والسنة لا تدل قطعًا على حق المرأة في الاستقلال بالعقد، إن من تكريم الإسلام للمرأة منحها حقها في اختيار زوجها، ولكن ليس ذلك في السر أو من وراء أسرتها، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - تبين كيف تكون المشاركة في الاختيار، ومن ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن] قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت].
وإذا رفضت المرأة رجلاً فليس لوليها أن يكرهها على الزواج منه لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما
رواه مسلم: [الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها] وليس معنى أنها أحق بنفسها أن وليها لا حق له، بل له حق، ولكنها أحق عند المفاضلة إذا تعارضا بالقبول والرفض.
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة، فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والسنة تبيّن أن النكاح بلا ولي باطل قطعًا، ومن ذلك ما رواه ابن حبان والحاكم وصححاه عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا نكاح إلا بولي] وروى ابن حبان والحاكم أيضًا وغيرهما عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، بنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له].
ومنه أيضًا ما روه ابن ماجه والدار قطني بإسناد رجاله ثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها] وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان".
الإشهاد والإعلان:
الغرض من الإشهاد في الزواج هو الإشهار، فإذا اتفق من يريدان الزواج مع الشهود على كتمان أمر زواجهما يقضي ذلك على العقد بعدم الصحة؛ لأن كتمان الزواج قام مقام عدة الشهادة، أو ألغى الهدف منها.
وأوجب الإسلام إعلان النكاح، وندب إلى إشهاره بالضرب على الدفوف وإظهار الفرح والسرور، والإحتفال به ومشاركة كل من أسرتي الزوج والزوجة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف].
ومن الأحاديث التي تنص على وجوب الإعلان كذلك ما رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أعلنوا النكاح]، وما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح].
ويفرّق الإمام ابن القيم بين الزواج الشرعي والزوج الباطل بقوله: "وشَرَط في النكاح شروطًا زائدة على مجرد العقد، فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها، كاشتراط إعلانه، إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما معًا، واشترط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وأوجب فيه المهر، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - وسر ذلك: أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، كما في الأثر: "المرأة لا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، فإنه لا تساء زانية تقول: زوجتك نفسي بكذا سراً من وليها، بغير شهود ولا إعلان، ولا وليمة، ولا دف، ولا صوت، إلا فعلت، ومعلوم قطعًا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها: أنكحتك نفسي، أو زوجتك نفسي، أو أبحتك مني كذا وكذا، فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل، فعظم الشارع أمر هذا العقد، وسد الذريعة إلى مشابهة الزنى بكل طريق" أ. هـ.
عقد مؤقت وزنى مقنع:
يتفق الطرفان في هذا النكاح وقت إبرامه على أنه مؤقت إلى حين أن يتيسر للرجل التقدم لأهل المرأة، وليتم الزواج رسميًا بمعرفتهم، وبهذا تعد نية الزواج الأول مؤقتة، وكثيراً ما يعرض للطرفين عارض يحول دون نية الإعلان الرسمي للزواج مستقبلاً، فلا يتقدم الرجل للمرأة.
وكثير من الشباب المخادع استغل جهل البنات وهو لا يقصد زواجاً، ولا هو في نيته بل يريد أن يعقد عقداً لا يقصده ليتمكن من الإستمتاع بالفتيات دون أن يتحمل مسؤوليات الزواج الشرعي، وهذا نكاح لا يقع لأنه ليس مقصوداً ولا معقوداً في النية مثل نكاح المحلل حيث المحلل عقد عقداً لا يقصده ولا ينتويه حقيقة لذا حكم الشرع ببطلانه.
بل إن هذا الزواج طريقة خفية يتوصل بها إلى ما هو محرم في نفسه، وهو الزنى، ولأن المقصود بها محرم باتفاق المسلمين، فهي حرام كذلك، وسالكها فاجر ظالم آثم، وكونه يسعى إلى ذلك متخفيًا مخاتلاً أشد ظلمًا وإثمًا، فشره يصل إلى الأسر الآمنة، ويضر الأعراض المصونة من حيث لا تشعر، ولا يمكن الاحتراز عنه، ولهذا أمر الشرع بقطع يد السارق لأنه يستخفي بجرمه، على حين لم يأمر بقطع يد المنتهب والمختلس، ولذلك أيضًا من قتل غيلة يقتل، وإن قتل من لا يكافئه، وكذلك من جحد شيئًا استعاره وأنكره، تقطع يده لعدم إمكان التحرز منه، ولأنه يعد سارقًا.
وهذا النكاح الغريب لم يعرفه العرب في الجاهلية لأنهم كانوا أهل نخوة ورجولة، ولم يشرع في الإسلام ولا وجود له في حياة المسلمين، ولم نر قبل اليوم أناساً يسعون للزواج سراً وخفية، بل يطلب الناس الزواج إعلانًا وإشهاراً، واجتماعًا ومصاهرة، ولا نظن أحداً يرضى هذا النكاح لا أخته، أو لإبنته ولا حتى لإبنه، لأنه خروج على الفطرة السليمة، ومقاصد الاجتماع الإنساني، ومحادة للدين والأخلاق القويمة، بل هو مكر وخداع واستهزاء بآيات الله، ولعب بالشريعة، وتحليل للمحرمات، وانتهاك للمحرمات يأباه العقلاء، ويتخذه غير المسلمين موجبًا للطعن في الدين الحنيف والنيل منه، ومن البيّن أن الإسلام بريء من كل هذه المحدثات التي تشبه حيل اليهود في تحليل الحرام، ولأننا نرى كثيراً من الشباب والشابات يقعون في هذه الشراك المنصوبة، لذا كان واجبًا أن يبذل الدعاة والمربون والعلماء جهودهم لبيان وجه الحق، وللإنكار على المجترئين والمخادعين والضالين، ولمعالجة الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة.
http: //www. islamweb. net المصدر:
ـــــــــــــ
السؤال
1-السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تزوج ابني من امرأة كتابية وهو يعلم أنها عاشرت رجلين بدون زواج وهي التي أخبرته بذلك
ما حكم الشرع في هذا الزواج؟
أنا ووالده رفضنا هذا الزواج وهو لم يخبرنا
بل أخبر أخته
نفعنا الله بعلمكم ولكم الشكر الجزيل
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما حكم الزواج بالكتابية وما يشترط لصحته، فسبق الجواب عنه في الفتاوى رقم:
5315 ورقم: 323 وهذه المرأة الكتابية زانية -كما ورد في السؤال- ولا يجوز الزواج بها ما دامت كذلك، وسبق بيان حكم الزواج بالزانية في الفتاوى رقم: 9644 ورقم: 11295
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــ
الزواج .. عادات من هنا وهناك
عز الدين فرحات
تختلف عادات الزواج باختلاف المجتمعات والبلدان الإسلامية، بل قد تختلف من منطقة لأخرى في البلد الواحد. فبينما نجد متوسط سن الزواج بالنسبة للفتاة في موريتانيا يتراوح بين 16 - 18 سنة؛ نجد أنه في السودان بين 25 - 27 سنة، وقد يقترب من الثلاثين في مصر، أما في تشاد فمتوسط سن الزواج للفتاة ما بين 15 - 20 سنة والشاب من 18 - 25 سنة.
الخطوبة:
- وتتم الخطبة عن طريق الأهل في كثير من الدول العربية والإسلامية، أو عن طريق الوسطاء (الخاطبة) كما في السعودية وتشاد وموريتانيا، وقد تكون عن طريق التعارف بين الطرفين في كثير من الأحيان في دول مثل مصر وماليزيا والسودان.
- وتتراوح فترة الخطوبة بين ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، ولا يسمح في هذه الفترة بالخلوة بين الخاطب والمخطوبة كما يقول علي إسماعيل - من الأردن - وذلك طبقاً للأعراف الاجتماعية السائدة، ويؤكد على ذلك محمد حسن أوكرا – من تشاد - حيث يمنع خلوة الخاطب بالمخطوبة؛ لأن العادات والتقاليد لا تسمح بذلك.
أما محمد إبراهيم – سعودي -؛ فيفرق بين فترة الخطوبة وما بعد العقد، حيث لا يسمح بالخلوة قبل العقد أم بعده فالمخطوبة في حكم الزوجة.
وفي سوريا كما يقول منصور اللبان - من دمشق -: إن السماح بالخلوة لا يحدث إلا بعد العقد.
وفي اليمن يقول عبد الفتاح الشهاري: إن التقاليد الاجتماعية صارمة في هذا الأمر، وإن كانت تخف قليلاً في بعض المدن كالعاصمة، حيث يمكن الخلوة بشكل محدود في إطار الأسرة.
التكلفة:
- وتتفاوت تكلفة الزواج من بلد لآخر، فبينما تتراوح في الأردن بين ما يعادل 3 آلاف إلى خمسة آلاف دولار كما يقول خالد – أردني –، نجدها تتجاوز 10 آلاف دولار في سوريا على حسب قول منصور اللبان، شاملة تأثيث بيت الزوجية، أما في السعودية؛ فتتراوح في الغالب ما بين 9 آلاف دولار إلى 17 ألف دولار، ويشترك أهل الزوج معه في تكلفة الزواج غالباً في كثير من الدول.
أما عن تجهيزات بيت الزوجة وتأثيثه؛ فغالباً ما تكون على الزوج كما في السعودية والسودان وسوريا والأردن، وقد يشترك أهل الزوجة في التجهيزات كما في موريتانيا وتشاد ومصر.
ليلة العمر:
- وعن حفل العرس يقول أحمد ذو النورين – من موريتانيا -: يأتي العريس مع أصدقائه ليلة العرس إلى أهل العروس الذين سبق ونصبوا مجموعة من خيام وذبحوا الذبائح، ويجتمع الناس حتى وقت المغرب، يتوجه الجميع إلى المسجد حيث يتم العقد، ثم تقرع الطبول ويطلق الرصاص وينتقل العروسان إلى خيمة خاصة أعدت لهما إن كانا من أهل البادية. أما إن كانا من أهل المدينة فينتقل الحفل إلى أحد الفنادق..
وفي السعودية – يقول محمد إبراهيم – يتم حفل الزواج في بيت أهل الزوجة، أو أحد قصور الأفراح، ويكون هناك مجلس للرجال وآخر للنساء، حتى يأتي وقت العشاء فيدخل المدعوون للعشاء ويذهب العريس إلى العروس مع والدها أو أخيها فيجلس معها حتى ينتهي العشاء، وبعد انصراف الضيوف ينتقل العريس بعروسه إلى بيت الزوجية.
وفي اليمن يتم اصطحاب العروس إلى الحمام قبل العرس بيوم، ثم يقام لها حفل يسمى (اليوم الأخضر) ترتدي فيه العروس ملابس خضراء من رأسها وحتى قدمها، ولا يكشف وجهها حتى وهي بين النساء، ويتم حفل العرس في مكانين مختلفين؛ أحدهما للرجال والآخر للنساء.
- ماذا بعد العرس:
- بينما يسافر العروسان لقضاء شهر العسل خارج البلاد أو داخلها في بعض البلدان كما في السعودية والأردن؛ نجد أنه في تشاد لا يخرج العروسان من بيت الزوجية لمدة 40 يوماً.
وفي موريتانيا يرسل الزوج مبلغاً لأهل الزوجة بعد الزواج، وترسل الزوجة بعض الهدايا لأهل الزوج، أما في الأردن فتقام وليمة للعروسين في بيت أهل الزوجة.
كما يقام في اليمن حفل في منزل العروس أو أحد أقاربها في اليوم الثالث، تجتمع فيه النساء مع العروس، وفي اليوم السابع يقدم العريس لأهل الزوجة ذبيحة تذبح عند دارهم.
وفي مصر يقوم أهل العروس بزيارة العروسين في اليوم الثاني للعرس مع تقديم بعض الهدايا والحلويات والأطعمة فيما يسمى (بالصباحية)، وفي اليوم السابع يجتمع أهل الزوجين والأقارب في بيت الزوجين لإقامة حفل ما يسمى ب"السبوع".
هذه جولة سريعة بين عادات وتقاليد الزواج في بعض البلدان الإسلامية فمن أي البلاد تريد أن تتزوج وعلى أي طريقة؟.
http://www. islamtoday. net المصدر:
ـــــــــــــ
فروقات كبيرة بين زواج المسيار و متعة الشيعة
زواج المسيار لم يكن اسمه معروفاً في السابق والعبرة بحقائق الأمور ومقاصدها لا بمعانيها وأسمائها والزواج فيه أركان هي القبول والرضا من الطرفين (العقد) والإذن من الولي إن كانت المرأة بكراً..(52/60)
وهناك المهر بين الطرفين، لوجود النص القرآني في هذا الأمر من أين أتى الخلاف في هذا الزواج؟ المقصد من الزواج هو الاستقرار وتعمير المجتمع بالأسرة الصالحة والأبناء ويحصل الإنفاق والود والحب والتمتع بين الطرفين إما عن زواج المسيار فنجد البعض يشترط شروطاً تُخرج الزواج عن مقاصده من ذلك: لا نفقة ولا أبناء ولا سكن فقط التمتع وإشباع الحاجة، فلما انتفت المقاصد أفتى بعض العلماء بتحريمه لأن العبرة بالمقاصد لا بالأسماء وإلا فهو صحيح بالأركان، فاسد بالمقاصد والشروط .
والأمر ليس بهذه الصورة من الانتشار، وإن وجدت فربما يتفق الزوج مع زوجته على بعض الشروط كتأخير الإنجاب وما شابه بعد العقد ولا أحد ينكر عليهما وهذا بينهما والله العليم وقد طعن البعض في هذا المسيار وساووه بالمتعة التي عند الرافضة وهذا يرد عليه من عدة وجوه:
1-زواج المسيار هو زواج شرعي تتوفر فيه كل الشروط الشرعية للزواج الشرعي ولكن الفرق بينه وبين الزواج العادي هو أن في زواج المسيار تنازل من المرأة عن بعض حقوقها الشرعية كالمبيت والنفقة ومن هنا وقع الاختلاف فيه.
2- زواج المسيار غير محدد بزمن بل هو زواج دائم وليس كالمتعة عند الشيعة المحدد بزمن ينفسخ العقد بانقضائه.
3- زواج المسيار يشترط له الولي أي إذا لم يكن هناك ولي للمرأة فيبطل الزواج أما المتعة عند الشيعة فلا يشترط لها ذلك.
4- زواج المسيار يشترط له الإعلان كالزواج الشرعي أما المتعة عند الرافضة فلا يشترط لها ذلك.
المقصد قبل أن أختم أحب أن أنبه على قضية خطيرة عند الشيعة وتطبيقهم للمتعة هو أن نسبة كبيرة منهم تطبق المتعة بدون أي من شروطهم المعتمدة في مذهبهم ككتابة العقد لتثبيت أبوة الزوج في حال حصول حمل حيث أن هناك نسبة كبيرة من اللقطاء أي غير معروفي الآباء والسبب للمتعة العابرة وبدون توثيق وهو الأمر الذي تنبهت له السلطة الإيرانية. ولكن لم يكن هناك التزام به! وأيضاً الطلبة الشيعة في أمريكا وأوربا وغيرها يتزوجون المتعة بدون علم الطرف الآخر بأمر الزواج وهو في الغالب ما يكون من مومس (زانية) غير مسلمة أو من خليلة.
وأمر الزانية معروف أما الخليلة فيحتار الشيعي بكيف يعطيها المال الأمر الذي تستنكره بعض الخليلات فمن هنا يجد المخرج بتقديم قطعة شوكولاته أو وجبة في أحد المطاعم تحل المشكلة بدل المهر.
والحقيقة أن الطرف الآخر لا يعلم شيئاً وهذا هو الزنا بعينه.
والله أعلم،،
http://www.sahab.ws المصدر:
ـــــــــــــ
نكاح المتعة عند الشيعة والدليل من الكتاب والسنة على تحريمه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الخيرين الطاهرين، وعلى صحابته النجباء الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
قال الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)). [الروم: 21].
كتبت مجلة (الشراع) الشيعية العدد (684) السنة (الرابعة) الصفحة الرابعة: أن رفسنجاني أشار إلى ربع مليون لقيط في إيران بسبب زواج المتعة!!!.
وقد وُصفت مدينة (مشهد) الشيعية الإيرانية حيث شاعت ممارسة المتعة بأنها: (المدينة الأكثر انحلالاً على الصعيد الأخلاقي في آسيا). انتهى، بتصرف عن المجلة الآنفة الذكر.
فأنت ترى أخي الكريم أن الجماعة التي تنطلق منها الشهوات بغير حساب ولا خوف من القهار الجبار، جماعة معرضة للخلل والفساد، لأنه لا أمن فيها للبيت، ولا حرمة فيها للأسرة.
والشيعة لا يرون بأساً من أن يُعين الأب ابنته على أن تجد من (يتمتع بها) لبضع ساعات أو على أحسن تقدير أياماً معدودات!!، لأنه تعاون على البر والتقوى!!، ومساعدة على إقامة شعيرة من الدين شرعية!! فسبحان الله أي عقيدة تلك التي من أصولها التحايل على الدين والتمتع بألف امرأة تحت سقف واحد، مبيحين الزنا باسم الدين أو العقيدة الشيعية، أي عقيدة هذه التي بها من الجنس ما لم ينادي به الإباحيين في أوروبا ... فمهما بلغ دعاة الجنس في أمريكا من إعلان ودعاية لن يصلوا إلى وضع شرع مشروط لممارسة الزنا فهم يزنون، ويعلمون انه خطأ و عار على من يقوم به ... أما الشيعة فأصبح الجنس عقيدة و يثاب فاعلها ... سبحان الله.
إخواني في الله لقد أراد العزيز الحكيم من عقد النكاح الشرعي الصحيح، أن يكون عقداً للألفة والمحبة والشراكة في الحياة. لكن أيّة ألفة وشركة تجيء من عقد لا يقصد منه إلا قضاء الشهوة على شرط واحد أو على عدد واحد ... ، وإذا فرغ فليحول وجهه؟!! والله إنه لأمر في غاية السخافة، قبل لحظات استباح منها كل شيء، وبعد أن أشبع شهوته البهيمية صار أتقى الأتقياء وحوّل بصره عنها؛ لأنه يجب غض البصر عن عورات الأجنبيات؟! أي دين وأي شرع هذا الذي يحل الزنا الساعة الثامنة ثم يحرمه في العاشرة؟!!
كيف يقع الزنا إذا لم يكن هذا النوع بالذات من النكاح (زنا)؟!! أليس الزنا يقع بالتراضي بين الطرفين على قضاء الوطر؟ وهل تقل المفاسد التي تترتب على الزنا عن المفاسد التي تترتب عن المتعة إذا أبيح مثل هذا النوع من النكاح؟!! فكيف يعف الناس أبناءهم؟ ومن ذا الذي يضمن استبراء المرأة رحمها بحيضة أو حيضتين أو 45 يوماً ... أو ... بعد مفارقة المتمتع لها، لتعرف نفسها هل هي حامل أم حائل؟ وإذا لم يعرف الناس أبناءهم فمن الذي ينفق على هذا الجيش الجرار نتيجة المتعة؟!! وأين العاقدون وقد قضى كل منهم وطره ومضى لسبيله؟!
واقرأ هذه الأحكام التي يشيب منها الولدان، أحكام مزورة تكشف عن سر وقبح ما يسمى بزواج (المتعة)، وكيف أن المرأة التي سما بها الإسلام، حُطت في دركات المجون والفحش، وصارت مجردة من الحقوق الإنسانية فضلاً عن حقوقها الربّانية.
وأحكام امرأة المتعة كما شرّعها أئمة الشيعة وأتباعهم هي كالتالي:
1 - امرأة المتعة ليست زوجة حرة أو زوجة أمة ولا ملك يمين وإنما هي مستأجرة؟!
2 - عدم ثبوت الميراث لها.
3 - المتمَتَّع بها تبين بانقضاء المدة أو بهبتها، ولا يقع بها طلاق وأنه يجوز للمتمتِّع بالمرأة الواحدة مراراً كثيرة، ولا تحرم في الثالثة ولا في التاسعة كالمطلقة! بل هي كالأمة.
4 - المتمتَّع بها لا تحل لزوجها الذي طلقها ثلاثاً، بعد ذلك التمتع.
5 - لا مودة ولا رحمة في المتعة، بل يتزوجها متعة كذا، وكذا يوماً، بكذا وكذا درهماً.
6 - من تمتع امرأة ثم وهبها المدة قبل الدخول أو بعده، لم يجز له الرجوع، وان انتهاء المدة أو هبتها غير بائن، فهي مستأجرة وباب جواز حبس المهر!! عن المرأة المتمتع بها بقدر ما تخلف.
7 - عدم وجوب العدة، وإن المتمتع بها الغير مدخول بها لا عدة لها، قياساً بالدائم.
وإن عدة المدخول بها التي تحيض ثلاثة أشهر، وعدة المتمتع بها المدخول بها التي لا تحيض، وعدة المتمتع بها، إذا هلك رجل المتعة.
8 - لا سكن في المتعة.
9 - يجوز أن يتمتع بأكثر من أربع نساء!! وإن كان عنده أربع زوجات بالدائم!!.
10 -تصديق المرأة عند نفي الزوج والعدة ونحوهما، وعدم وجوب التفتيش والسؤال ولا حتى منها!!.
11 - عدم ثبوت اللعان بين الزوج والمتعة!!.
12 - عدم الظهار في المتعة.
13 - أنه لا نفقة ولا قسم ولا عدة على الرجل في المتعة.
14 - عدم الخلع في المتعة.
15 - جواز اشتراط الاستمتاع بما عدا الفرج في المتعة، فيلزم الشرط!!.
16 - عدم الإيلاء في المتعة.
17 - عدم ثبوت الإحصان الموجب للرجم في الزنا! بأن يكون له فرج حرة أو أمة، يغدو ويروح بعقد دائم!!، أو ملك يمين، مع الدخول وعدم ثبوت الإحصان بالمتعة!!.
18 - جواز المتعة مع اليهودية والنصرانية بل و المجوسية.
19 - عدم تحريم التمتع بالزانية، وإن أصرت.
20 - يجوز العزل في المتعة دون إذن امرأة المتعة.
فبالله عليكم يا من تقرؤون هذه القواعد العشرين الملفقة الشاذة والتي تمخضت عن إحلال الزنا الذي حرمه رب العالمين، هل بقي من فرق بين الزنا و المتعة؟
و كلنا يعرف أن الأمم الصالحة تقتدي بصالحيها في فعل الخيرات، والصالحون فيها هم الأولون في العمل المحافظون عليه، السبّاقون له، فهل لي بأسماء بعض أئمة الشيعة المتقدمين ممن صنع زواج المتعة الذي تدّعون، تزوّج عملياً علنياً، ليقتدي به الناس، أو زوج بناته متعة؟! وانتبه! أقول عملياً، وليس نصاً عنه في حلّ المتعة!!. إن النظرية الفقهية القائلة بأن المتعة حرمت بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب يفندها عمل الإمام علي الذي أقر التحريم في مده خلافته ولم يأمر بالجواز و في العرف الشيعي. وحسب رأي فقهاء الشيعة عمل الإمام حجة و لا سيما عندما يكون مبسوط اليد و يستطيع أظهار الرأي و بيان أوامر الله ونواهيه. فإذن إقرار الإمام علي للتحريم يعني أنها كانت محرمة منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولولا ذلك لكان يعارضها ويبين حكم الله فيها. فلماذا ضرب فقهائكم برأي الإمام علي عرض الحائط؟
ويستدل الشيعة الأمامية على مشروعية نكاح المتعة بما يلي:
1. القرآن الكريم: فقد قال الله – تعالى -:"فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" [النساء 24]
فقد عبر - جل شأنه - بالاستمتاع دون الزواج وبالأجور دون المهور وهو ما يدل على جواز المتعة؛ لأن الأجر غير المهر وإتيان الأجر بعد الاستمتاع. وقالوا أيضاً قرأ ابن مسعود: "فما استمتعتم به منهن إلي أجل" وهو ما يفيد التنصيص على ثبوت المتعة.. ويمكن مناقشة هذا الدليل بأنه إعتساف من الشيعة وتحميل للنص بأكثر مما يحتمل، واحتجاج به في غير ما وضع له، فالآية في صدرها تتحدث عمن يباح نكاحهن من النساء المحصنات. وذلك بعد أن سرد القرآن الكريم في الآية التي قبلها المحرمات من النساء فكأن الآية أذن في النكاح، ومعناها فإذا حصل لكم الاستمتاع بنكاح النساء ممن يحل نكاحهن فادفعوا إليهن مهورهن والمهر في النكاح يسمى أجراً قال – تعالى -: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن" أي مهورهن ولا صله لها إطلاقاً بالمتعة المحرمة شرعاً، وكون المهر إنما يكون قبل الاستمتاع لا يعارضه باقي النص؛ لأنه على طريقة التقديم والتأخير وهو جائز في اللغة ويكون المعنى فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم بهن أي إذا أردتم ذلك كما في قوله – تعالى -: "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ... " أي إذا أردتم القيام للصلاة، وأما قراءة ابن مسعود فهي شهادة لا يعتد بها قرآناً ولا خبراً ولا يلزم العمل بها.
2. السنة النبوية: بما ثبت في السنة في حل المتعة وأباحتها في بعض الغزوات ففي صحيح مسلم عن قيس قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: كنا نغزو مع رسول الله _ صلى لله عليه وسلم _ ليس لنا نساء، فقلت: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله بن مسعود: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" الآية وعن جابر _ رضي الله عنه _ قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله _ صلى لله عليه وسلم _ وأبي بكر حتى نهى عنه عمر بن الخطاب في شأن عمرو بن حربث، وعن سلمه بن الأكوع قال: رخص رسول الله _ صلى لله عليه وسلم _ عام أوطاس في المتعة ثلاثاً بالمتعة فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكر عبطاء (الفتيه من الإبل الطويلة العنق) فعرضنا عليها أنفسنا فقالت: ما تعطي فقلت: ردائي وقال: صاحبي ردائي وكان رداء صاحبي أجود من ردائي، وكنت أشب منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها وإذا نظرت إلي أعجبتها ثم قالت: أنت وردائك يكفيني، فمكثت معها ثلاثاً ثم أن رسول الله _ صلى لله عليه وسلم _ قال: من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها، وعن الربيع بن سبره أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله _ صلى لله عليه وسلم _ فقال: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً... ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال من السنة على حل المتعة في بعض الغزوات بأنه كان للضرورة القاهرة في الحرب كما نص على ذلك صراحة الإمام ابن قيم الجوزيه في زاد المعاد ولكن الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ حرمها تحريما أبدياً إلي يوم القيامة كما جاء في الأحاديث ففي حديث سبره "أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ نهى يوم الفتح عن متعة النساء.. وعن علي - رضي الله عنه _ أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خبير.. وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يجيزها للمضطر فقط فقد روى عنه سعيد بن الجبير أن ابن العباس قال: سبحان الله ما بهذا أفتيت و إنما هي كالميتة والدم و لحم الخنزير فلا تحل إلا للمضطر، وعن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس فيها معزمة فيتزوج المرأة بقدر ما يدري أنه يقيم، فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم"قال ابن عباس: فكل فرج سواها حرام، وأما أذن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فيها فقد ثبت نسخه، وقد رجع ابن عباس عن فتواه بإباحة المتعة في حالة الضرورة لما رأى الناس قد أكثروا منها وتمادوا فيها.
أدلة الجمهور على تحريم نكاح المتعة (الزواج المؤقت):
إضافة إلى ما تقدم من مناقشة أدلة الشيعة فإن الجمهور يستدلون على مذهبهم في تحريم نكاح المتعة بالقرآن الكريم في قوله – تعالى -: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" [المؤمنين (7.5)] قال ابن العربي قال قوم: هذه الآية دليل على تحريم نكاح المتعة؛ لأن الله حرم الفرج إلا بالنكاح أو بملك اليمين، والمتمتعة ليست بزوجة ولا ملك يمين فتكون المتعة حراماً، وهي ليست كالزواج فهي ترتفع من غير طلاق ولا نفقه فيها ولا يثبت بها التوارث... ومن السنة بالأحاديث الكثيرة التي تدل على تحريم المتعة منها ما تقدم ومنها في سنن ابن ماجه إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع إلا أن الله قد حرمها إلى يوم القيامة.
والحمد الله رب العالمين.
http://arabic.islamicweb.com المصدر:
ـــــــــــــ
معتقدات الشيعة في زواج المتعة مع ذكر المراجع
1 – الإيمان بالمتعة أصل من أصول الدين، ومنكرها منكر للدين.
(المرجع: كتاب من لا يحضره الفقيه 3:366،تفسير منهج الصادقين 2:495).
2 – المتعة من فضائل الدين وتطفئ غضب الرب.
(المرجع: تفسير منهج الصادقين للكشاني 2:493).
3 – إن المتمتعة من النساء مغفور لها.
(المرجع: كتاب من لا يحضره الفقيه 3:366).
4 – المتعة من أعظم أسباب دخول الجنة بل إنها توصلهم إلى درجة تجعلهم يزاحمون الأنبياء مراتبهم في الجنة.
(المرجع: كتاب من لا يحضره الفقيه 3:366).
5 – حذروا من أعرض عن التمتع من نقصان ثوابه يوم القيامة فقالوا: (من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجذع - أي مقطوع العضو).
(المرجع: تفسير منهاج الصادقين 2:495).
6 – ليس هناك حد لعدد النساء المتمتع بهن، فيجوز للرجل أن يتمتع بمن شاء من النساء ولو ألف امرأة أو أكثر.
(المرجع: الاستبصار للطوسي 3:143، تهذيب الأحكام 7:259).
7 – جواز التمتع بالبكر ولو من غير إذن وليها ولو من غير شهود أيضاً.
(المرجع: شرائع الأحكام لنجم الدين الحلي 2:186، تهذيب الأحكام 7:254).
8 – جواز التمتع بالبنت الصغيرة التي لم تبلغ الحلم وبحيث لا يقل عمرها عن عشر سنين.
(المرجع: الاستبصار للطوسي 3:145، الكافي في القروع 5:463).
9 – جواز اللواطة بها بأن تأتى من مؤخرتها.
(المرجع: الاستبصار للطوسي 3:243، تهذيب الأحكام 7:514).
10 – يرون انه لا داعي لسؤال المرأة التي يتمتع بها إن كانت متزوجة أو كانت عاهرة.
(المرجع: الاستبصار للطوسي 3:145، الكافي في القروع 5:463).
11 – ويرون أيضاً أن الحد الأدنى للمتعة ممكن أن يكون مضاجعة واحدة فقط ويسمون ذلك (إعارة الفروج).
(المرجع: الاستبصار للطوسي 3:151، الكافي في القروع 5:460).
12 – امرأة المتعة لا تَرِث ولا تُوَرِّث.
(المرجع: المتعة ومشروعيتها في الإسلام - لمجموعة من علماء الشيعة 116 - 121، تحرير الوسيلة - للخميني، الجزء الثاني، صفحة 288).
http://arabic.islamicweb.com المصدر:
ـــــــــــــ
تعريف المتعة عند الشيعة
ويسمى النكاح المنقطع، وهو أن يتعاقد الرجل مع امرأة على أن يتزوج بها بأجر معين إلى أجل مسمى ويكون غالباً بدون ولي و لا شهود، و هذا النكاح لا توارث بسببه بين الزوجين، لأنه مؤقت ينتهي عند انتهاء أجله وأما إن حدث ولد فنسبه ثابت ويرث.
ولا حاجة في هذا النكاح إلى الشهود ولا طلاق ... و العدة في المتعة حيضتان لمن تحيض وخمسة وأربعين يوماً لمن لا تحيض ... ولا حد لعدد النساء المتمتع بهن ... فله أن يتمتع بما شاء.
فسبحان الله أي عقيدة تلك التي من أصولها التحايل على الدين والتمتع بألف امرأة تحت سقف واحد، مبيحين الزنا باسم الدين أو العقيدة الشيعية، أي عقيدة هذه التي بها من الجنس ما لم ينادي به الإباحيين في أوروبا ... ومهما بلغ دعاة الجنس في أمريكا من إعلان ودعاية فلن يصلوا إلى وضع شرع مشروط لممارسة الزنا فهم يزنون ويعلمون انه خطأ و عار على من يقوم به ... أما الشيعة فأصبح الجنس عقيدة و يثاب فاعلها ..فسبحان الله.
لماذا أبيحت المتعة عند الشيعة:
إن إباحة القوم لهذا النوع من الزنا بل وادعاء أن الرسول اقره حتى عهد عمر – رضي الله عنه - لطعن بحياء الرسول ودعوته بل وطعن بالعقيدة الإسلامية، هذه الأمور لم تخطر على بال من أسس المذهب الشيعي ولكن كان همه الوحيد أن يلتف حوله أكبر جمع من الناس ومحاولة نشر الديانة الشيعية بين العامة فلم يجد طريقاً أسهل وأسرع من طريق الشيطان و لذلك حلل المتعة مدعياً أن الرسول أقرها ... وفعلاً لقد حقق ابن سبأ ما أراد فالتف حوله كل من غلبه هواه من الرجال والنساء وبصورة كبيرة جارين وراء الجنس ووراء الشهوة ...
نعم إن ابن سبأ لم يستطع أن يطلب من الناس ممارسة الجنس فهو منبوذ بصوره الحيوانية فغلف هذا الزنا بغلاف المتعة والشهوة والتقرب لله وإعفاف البنات والشباب ... وسبحان الله كيف يكون إعفافهم من الجنس بالجنس.. وسار القوم على نهجه في أبشع صورة و ألفوا الأحاديث والروايات عن الأئمة والصحابة، ليقنعوا الناس بهذا الفعل الحيواني ... فأي دين يبيح الجنس كأساس لعقيدته ثم يدعي الكمال.
ومن ناحية أخرى فإن اليهود يبيحون الزنا مع نساء غير اليهود والتمتع بهن دون أدنى ضرر ففي عقيدتهم أنهن خلقن لمتعة اليهود ... وجاء ابن سبأ بنفس المبادئ للشيعة فهم يتمتعون بالنساء دون محرم ودون عقد ودون شهود ودون ولي ودون أخلاق ودون حياء سوى الشهوة والشهوة فقط ... ومن يعرف معنى للشرف لا يرضاه لأهله ولكن يطالب به لأهل غيره... فسبحان الله.
تحريف المتعة:
إن الشيعة وقعوا في مأزق بسبب المتعة التي لا يقرها عقل ناهيك عن دين، فبدأ القوم يغيرون بعض أساسيات المتعة فتجد في كتبهم الحديثة محاولات من علمائهم حينما واجهوا سؤال من الفطرة "هل ترضاه لأهلك؟" فأخذ علماء الشيعة الجدد في نص بعض المجملات للمتعة من باب تزيين الباطل وإلباسه ثياب الحق ... ولكن هيهات ... فذهب بعض علمائهم إلى القول بوجود عقد لزواج المتعة واعتراف الأب بالابن إن ولد والصرف على الأم، بل ذهب بعضهم إلى أن المتعة أول طريق للزواج الصحيح ... وهم بذلك وقعوا في أزمة أكبر فخالفوا كتابات علمائهم ... فهم بذلك لم يتمسكوا بمتعة الجاهلية كأسلافهم، ولم يردوا المتعة كالسنة ولكن وقفوا في المنتصف لعلهم يجدوا فرجة لهذا المأزق ... بل وحاولوا وضع شروط مطابقة للزواج الإسلامي وجاء السؤال الذي هز باطلهم "إن كان الأمر كذلك فما الفرق بين المتعة والزواج الإسلامي؟"، وحينها بدأ علماء الشيعة إعادة أوراقهم، وبعد حين من التفكير قرروا أن الفرق هو المدة فالمتعة لها مدة معينة،ولم يعلموا أنهم بذلك خالفوا المتعة التي يحتجون بها في زمن الرسول والتي حرمها الرسول ونبذها من عادة الجاهلية ... فسبحان الله الذي أخرجهم من ظلام لآخر ومن بحر لآخر دون أي شط، والكذب لا شاطئ له.
ولا نعلم الآن من يدافع عن المتعة هل يدافع عن المتعة الجاهلية والتي ردها الرسول، أم المتعة التي زخرفها علمائهم؟ والله قد أفرحت اليهود هذه العقيدة الداعية للزنا والجنس ... فرغم نشر اليهود للرذيلة إلا إنهم لم يفكروا بكونها عقيدة من دين.
فظاعة المتعة في المجتمع:
لقد سعى العالم الشيعي السيد محسن الأمين العاملي في محاولة منه لتغطية فظاعة الأمر وتقليل وقعته على المجتمع قال: "إذا كانت المتعة أمراً مباحاً فلا يلزم أن يفعلها كل أحد فكم من مباح ترك تنزهاً وترفعاً" سبحان الله إن عالمهم يدعوهم للترفع عن الرذيلة وهم ينسبونها للرسول – صلى الله عليه وسلم- ... .. بل الغريب أن طلب المتعة من بعض الشيعة يعتبر طعناً في كرامتهم سواء داخل إيران أو في البلاد العربية، فكيف يدعو الرسول – صلى الله عليه وسلم - لأمر بهذه الإهانة والشناعة.
وقد زاد القوم فادعوا على الصادق كذباً عندما قيل له إن فلاناً تزوج امرأة متعة "فقيل له: إن لها زوجاً فسألها، قال: ولم سألها..لا حد لعدد المتعة" فسبحان الله كيف يدعون النساء لخيانة أزواجهم علناً وباسم الدين، فأي زوج سيثق بعدها بزوجته، وقد ادعوا على أبي الحسن قوله: "إن الرجل يتزوج الفاجرة متعة ويحصنها به ليس عليه من إثمها شيء" فأين قوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة" فسبحان الله أي عقيدة هذه.
والجدير بالذكر أن علي- رضي الله عنه - والذي يدعون أنهم شيعته قال: "حرم النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة" والشيعة لا ينكرون هذا الحديث ... ولكن عقيدة إبليس أقوى من أي قول حتى ولو قول علي- رضي الله عنه -.
والغريب أنهم بهذا النكاح يجوزون وطء المرأة في دبرها فأين ذلك من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" بل ويقولون بجواز وقف فرج الأمة أي أنه يجوز عند الشيعة أن يوقف الرجل فرج الأمة أي أنها تخرج إلى الناس ليستمتعوا بها وأجرها لمن أوقفها لذلك، فبالله عليكم أي دعوة للزنا أكثر من هذا، بل أي شهوة تحكم القوم.
الرد على دعوى الشيعة:(52/61)
إن القوم حين تسألهم عن دليل على المتعة يسرعون إلى قوله – تعالى-: "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن"والله إن اللغة العربية وأدب اللغة العربية يأبى أن تكون قد نزلت في المتعة ... بل ولم تثبت رواية واحدة في كتب التفسير كلها عن نزول هذه الآية في متعة النساء ... فسبحان الله ... بل إن كلمة المتعة في القرآن لم ترد في القرآن متعة النساء ولا مرة واحدة ... فسبحان الله الذي جعلهم يفسرونها بالمتعة لسيطرة شهوتهم على كل شيء حتى قراءتهم للقرآن.
أخيراً في المتعة:
إن الحياء والرجولة بل كل ما عرفته الدنيا ترفض هذه الصورة الحيوانية للجنس، وأمر المتعة أبسط من ذلك بكثير فأي رجل "غير الديوث" يأبى على أهله ونفسه المتعة، بل وما فائدة تحديد الزواج بأربع نساء إن لم يكن للمتعة عدد محدد؟
وما أردنا من هذه الكلمات إلا تبيين الحق، وهو بيِّن ولكن القوم كعادتهم أقفلوا كل وسائل التعليم والتفكير، وساروا على نهج ابن سبأ لا يحيدون عنه حتى لو وصل الأمر إلى تحقير ذاتهم بذاتهم. فسبحان الله من يطلب لنفسه المذلة والعار.
ولو لم يكن للشيعة خطأ سوى المتعة لكان كافياً لرد دينهم، ومعرفة عقولهم، وفي أمثالهم قال – تعالى -: "وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون".
أخي تفكر فالحق أحق أن يتبع ومهما كنت في الظلمات فلا بد من نور للحق يبحث عن الساعي إليه.
_______________________
المصادر:
1-الشيعة بين الحقيقة والأوهام.
2-زاد المعاد في هدي خير العباد.
3-تاريخ التشريع الإسلامي.
4-التآلف بين الفرق الإسلامية.
5-التهذيب.
6-مختصر التحفة الاثنى عشرية.
7- الوشيعة في نقد عقائد الشيعة.
http://www.alsaha.com المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج.. أصول وغايات
أسامة طه حمودة
لا شك أن رقيّ الجماعات، وتماسك الحضارات، يتناسبان مع ما تحرزه الأسرة فيهما من قوة تماسك وحسن إدراك..
إن قطب الأمة الأصيل، ومحور ارتكازها، هو الأسرة المتكاملة نفسياً وخلقياً - فإنه يستحيل بناء أمة راشدة على أُسرٍ ضعيفة أو جاهلة أو معلولة...
فليس للأسرة موضع لذاتها، بل موضعها لاتصالها بسائر المجتمع كمنزلة الخلية بين آلاف الخلايا في جسم واحد، لا يقوم إلا من جميعها، ولا يصلح إلا بصلاحها..
لأجل ذلك نرى سورة في القرآن الكريم - على طولها - تتحدث عن المجتمع الكبير - وهي الأمة - وفي الوقت ذاته تتحدث عن المجتمع الصغير – ألا وهي الأسرة..
فسورة النساء مثلاً، بحر متلاطم من التوجيه والتشريع، ولا يكون الأمر كذلك إلا لعناية الإسلام الفائقة بالأسرة، وضبط شؤونها الخاصة والعامة بحدوده..
فمجموع الأُسر هو مجموع اللبنات، والبناء إنما يستمد قوته أو ضعفه من مجموع لبناته.. فإن وهنت اللبنات، هان المجتمع، وإن قويت وصلحت، صلح بصلاحها المجتمع..
لذلك كان من التجنّي على الأمة كلها – ترك أمر الأسرة دون حياطة ورعاية ودون تأديب وتثقيف!
ولأجل ذلك كانت حماية الأسرة وتعريفها بغاياتها من أعظم الواجبات، وأفضل القربات..
فالغاية العظمى من الزواج ليست مجرد إجابة الرغبات - وإن كانت إجابتها مشروعة ومطلوبة - وليست كذلك مُنشأة " لتنمية الثروة الحيوانية" كما عبّر بذلك الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -!
بل الغاية من الزواج هي إيجاد المأوى الطبيعي لكلا الجنسين ليعيشا حياة راقية في ظل الصحبة القائمة على الود والتآلف، ومن ثم إيجاد بيئة سوية لتربية الأولاد وتنشئتهم على معالم العقيدة، ومكارم الأخلاق.
فكما نشعر بالفخر عندما نقوم بافتتاح ميناء، أو تدشين مصنع، يجب أن يكون شعورنا كذلك حينما نفتتح بيتاً ونكوّن أسرة..
ولمّا كانت بيئاتنا بعيدة عن ثقافة القرآن وروحه، فقد تشعبت بنا السبل، وانحرفت بنا الغايات، "فثقافة المادة" طغت على كل شيء في أمور الزواج وشئون الأسرة، فلا حديث للناس إلا عن المهور والجهاز، وتمجيد المظاهر والظواهر، مع نسيان تام للقيم والبواطن!
إن أحوال الناس في أمور الزواج معوّجة مضطربة، لا تستقيم مع عقل ولا مع شرع! إنها أحوال تثير من التأمل والأسى، بقدر ما تثير من الدهشة والاستهجان!
فحين نوّه القرآن بالعلاقة الزوجية - أشار إلى سمو المعاني والأدبيات التي من المفروض أن تكون للزوجين: محور ارتكازهما...
وأن تكون لكل أسرة قطبها الأصيل..
قال - تعالى -: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لستكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". (الروم: الآية 21).
هنا تنويه بسمو العواطف والمشاعر الوجدانية التي غرسها الخالق - سبحانه - في كلا الجنسين، لتكون الحياة بينهما إحياءً للجَنان،(1) وإلهاماً للوجدان..
يقول الفخر الرازي:
يقال سكن" إليه" للسكون القلبي، ويقال سكن " عنده " للسكون الجسماني، لأن كلمة " عند " جاءت لظرف المكان وذلك للأجسام، و" إلى" للغاية وهي للقلوب! لذا جاء الآية " ليسكن إليها " وليس: ليسكن " عندها ".
ثم يقول:
وذكر هاهنا أمرين أحدهما: يفضي إلى الآخر فالمودة تكون أولاً ثم إنها تفضي إلى الرحمة، ولهذا فإن الزوجة قد تخرج عن محل الشهوة بكَبر أو مرض ويبقى قيام الزوج بها وبالعكس!
وقوله: "إن في ذلك " يحتمل أن يقال المراد إن في خلق الأزواج لآيات، ويحتمل أن يقال في " جعل المودة بينهم " آيات..
أما الأول: فلا بد له من فِكر لأن خلق الإنسان من الوالدين يدل على كمال القدرة ونفوذ الإرادة وشمول العلم لمن يتفكر.. ".... لآيات لقوم يتفكرون ".
وأما الثاني: فكذلك لأن الإنسان يجد بين القرينين - الزوجتين - من التراحم ما لا يجده بين ذوي الأرحام! وليس ذلك بمجرد الشهوة فإنها قد تنتفي وتبقى الرحمة فهي من الله ولو كان بينهما مجرد الشهوة - والغضب كثير الوقوع وهو مبطل للشهوة، والشهوة غير دائمة في نفسها - لكان كل ساعة بينهما فراق وطلاق فالرحمة التي بها يدفع الإنسان المكاره عن حريم حَرَمِه هي من عند الله، ولا يُعلم ذلك إلا بفكر ". (2)
لكن وا أسفاه.. كثيراً ما تُنسى المعاني الجميلة، وتُدفن " الغايات النبيلة" تحت ركام المادة، والمغالاة بالمظاهر، والتفاخر بالترّهات!.
سنة الإسلام.. البساطة!
فمع أن سنة الإسلام دائماً هي الاعتدال والبساطة في كل شيء، إلا أننا جعلنا من مناسباتنا وأعراسنا مزيجاً من الإسراف والمعصية!.
وتلك أول المعوقات التي تنحرف بفطرة الناس وسمو أمر الزواج عن طريقهما، فأول العقبات التي تقف للشباب بالمرصاد.. تلك المهور الباهظة،(3) والغلو والتكلف الأرعن في بيت الزوجية، وتلك أمور أنتجت الحزن والأسى:
- فالعنوسة والعُزوبة، أصبحتا سمةً من سمات عصرنا!
- نتج عن هذا - بالضرورة - كثرة ضروب الفوضى والخيانة الفاجرة حتى يتيسّر المهر المطلوب!
- تراكم الديون كذلك - إن تم الزواج - وتعقيد شئون الحياة بعد الزواج لتسديد المغارم التي جلبها هذا الزواج المشؤوم، حتى يكره الرجل المرأةَ والظروف التي جلبتها عليه!
لقد كان المسلمون الأوائل - تمشياً مع تربيتهم - من أبعد الناس عن تلك الماديات التي اخترعناها، والشكليات التي ابتدعناها...
لقد كان لهم في رسولهم - صلى الله عليه وسلم - الأسوة والقدرة، فقد زوّج ابنته فاطمة - رضي الله عنها - وهي الذروة في الشرف والحسب والنسب - زوّجها علياً - رضي الله عنه - بأيسر المهور، ودعا بطبق من بُسر(4) لإطعام المدعوين!.
وليس معنى هذا أن نبخل ونقدّم الرخيص للناس! بل المعنى ألا نتصنّع أو نتكلّف أو نستدين لصيانة التقاليد وإرضاء المجتمع ثم تنسى روح المناسبة!
في هذا المعنى يقول أستاذنا الغزالي - رحمه الله -:
" للمسلمين في أفراحهم عادات رديئة.. فهم ينزعون إلى الغلوّ والتكلف، وقلّما يجنحون إلى البساطة والاعتدال، فهم يستغلون إباحة الإسلام للطيبات، فيتوسعون في انتهابها ويبلغون في الإسراف حداً لا يصل إليه أتباع الديانات الأخرى!.
ويمكن القول بأن الأجانب أدنى منا إلى الرشد في هذه الأمور..
فالمرأة الأجنبية تكتفي بملبس رخيص أنيق، والمرأة المسلمة لا ترضى حتى تضع على بدنها أغلى الأنسجة!
وهذه النقائص تقع في عصر سقطت فيه دولة الإسلام، وذهبت ريحه، وديست أرضه، ومشى الغاصبون في أرجائها يزأرون زئير الآساد الكاسرة القاهرة!.
وكان حريّاً بالمفهوم أن يصدّ عن المباحات الميسّرة، إذا أقبل المنتصر عليها يتشبع وينتشي.. أما أن يعتدل المنتصر، ويفرط المنهزم، فهذه هي المأساة!!". (5)
ولما كان للسفه والتكلّف عواقبهما الاجتماعية الخطيرة، فقد جعل الإسلام البساطة سنته، وطريقته..
فإن اضطراب المجتمعات يرجع في الغالب إلى اختلال موازينها وتنافسها في المظاهر الكاذبة، لذلك كان الاعتدال والبساطة هما الدواء الشافي الذي لا يعني إلا إعطاء المجال المناسب " للذات الإنسانية" كي تعرف حقيقتها وغايتها بلا زيف ولا تحريف!!
الفراغ المروّع..
إن طغيان المادة قبل أن يكون داءً اجتماعياً، فهو داء نفسيّ!!
لقد جعلنا الوسائل: المهور والأثاث و.... جعلنا تلك الأشياء هي جوهر الموضوع وغاية المراد، فانقلبت الوسيلة إلى غاية، وهنا انقطع حبل التوازن بين الأفكار والأشياء " لصالح الأشياء طبعاً ".
وبداية كل إفلاس تكون من هنا " طغيان المادة والحواس "..
إن المادة شيء لا بد منه.. لكنها حينما تتضخم وتتورم، فإنها تطرد الفكرة من موطنها!!
فقد يسر الله - تعالى - لنا الكون وجعل لنا نصيبنا من " التنعيم المادي" بَيْدَ أن هذا التنعيم لا بد أن يقترن " بالتكريم المعنوي " فالإنسان إنما كُرّم لأن فيه نفخة من روح الله - تعالى - ، فإذا حصر الناس أنفسهم في إطار المادة – فلا بد أن يختنقوا بهذا الإطار! ذلك حتى يعود إليهم التوازن المطلوب، أو بالأحرى حتى يعودوا هُم إلى التوازن المطلوب..
فلو أننا بذلنا معاشر جهدنا السابق وكرّسناه لخدمة " عالم القيم والأفكار " لاختزلنا متاعبنا، ولاستطعنا تحويل فشلنا إلى نجاح، ومتاعبنا وأحزاننا إلى أفراح، أعني الأفراح الحقيقية، لا الأفراح المدوّية الخالية من الحب والفعالية!!
إن ألوفاً مؤلفة من الفتيان والفتيات - يكتبون بنار التقاليد البالية - التي تحول دون إحصانهم، واستقرارهم..
فتعقيد شئون الحياة - ولن نمل من التكرار - هو الذي يقف بالمرصاد في طريق إحصان هؤلاء الفتيان وتلك الفتيات..
ففي الإسلام يسمى الزواج إحصاناً، والزوج يسمّى مُحصناً، والزوجة مُحصنة.. ذلك للدلالة على القيمة الخُلقية لأمر الزواج، فحين نبني بيتاً فكأنما نقيم " حصناً " أو قلعة للأخلاق!.
فالغرائز التي تمشي في دماء الناس، لا يمكن أن نقتلها بالرهبانية، أو أن نطلقها بالإباحية، إن الصراط المستقيم هنا – هو الزواج - الذي يجمع بين الشريدين، ويضم شمل المتباعدين..
ولئن قال الفقهاء في القديم أن أمر الزواج للندب، فإنه أمسى في عصرنا أمراً للوجوب - كما قال بعض العلماء - بوصفه وسيلة من وسائل الوقاية والتطهير، خاصة أمام الفتن الزاحفة من كل مكان، والفضائيات الهاجمة دوماً على الشباب، والقذارة الداخلة من كل باب!
نعم لا بد من الإحصان.. ثم نستديم ذلك السكن: بالمودة والرحمة وهنا تكتمل المعادلة.. وبغير ذلك فلن نجني إلا " الفراغ المروّع" - أعني فراغ الذات، وما يتبعه من فراغ المجتمعات!.
إن شرع الله هو الحل الأوحد لمعضلاتنا الاجتماعية وغيرها بلا شك، وما حُرم الناس سلسبيل الدّعة والراحة إلا حين افترسهم الجهل، ولعب بزمامهم الشيطان.
إننا نستطيع أن نلمح في هذا الحديث بساطة الإسلام ورحمته السابغة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يرشد الأمة بقوله:
"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومَنْ لم يستطعْ فعليه بالصوم فإنه له وجاء ٌ ". (رواه الستة واللفظ للإمام مسلم).
و"الباءة" كما عرّفها العلماء هي: " تكاليف الزواج والقدرة عليه " هكذا بلا تكلّف ولا تعقيد!
" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمآئكم إن يكونوا فقراء يُغنيهم الله من فضله... ". (النور: الآية 32).
فكم من إنسان - بعد الزواج - عاد باليسر بعد العسر، والغنى بعد الفقر؟!
وبالمقابل كم من بُيوت ملئت تُحفاً وأثاثاً، لكن واأسفاه - لغياب الأفكار، وللشؤم البادي من رتابة المادة - تفرق الزوجان.. وتشرد الأولاد، أي أن آلية الاستقرار النفسي والعاطفي حينما تتعطل وتُطرد من البيت، فإنه حينئذ يُمسي مأوًى لنعيب الغِربان تؤنس أطلال البيت الوثير!.
إننا نحاول - في عصور التخلف - أن نستر إفلاسنا في عالم الأفكار، بالتنافس في عالم الأشياء والمظاهر.. وهيهات أن نعوض هذا بذاك..
نعم.. نستطيع تعويض ما نقص من الماديات بالرسوخ في عالم الوجدان والأفكار، وليس العكس صحيحاً!!
ونعود إلى سيدة نساء العالمين، إلى فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - (6) فحين جاءت تشكو إلى أبيها - صلى الله عليه وسلم - مشقة العمل وطلبت خادماً، دلّها - عليه السلام - على ما يعوضها عن الماديات - إنها الطاعة وما تمثله من مشاعر الراحة والطمأنينة والاستقرار، ونص الحديث ما يلي:
" حدّث ابن أبي ليلى قال: حدّثنا علي أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من أثر الرّحا فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سبيٌ فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلمّا جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته عائشة بمجيئ فاطمة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبتُ لأقوم فقال:" على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت بردَ قدميه على صدري وقال ألا أعلّمكما خيراً مما سألتماني؟ إذا أخذتما مضاجعكما: تكبّرا أربعاً وثلاثين وتسبّحا ثلاثاً وثلاثين وتحمدا ثلاثاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم ". (رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وأحمد واللفظ للبخاري).
نفهم من هذا التوجيه النبوي: أن المرء يستطيع جبر ما فاته من أشياء بقوة الإيمان وزيادة اليقين.. أما إذا فات الإيمان وتبخرت معانيه، فلن نستطيع جبر ذلك ولو بملء الأرض ذهباً!
إن الناس – في كل العصور - إذا انسلخوا من الإيمان، وأفلسوا في المشاعر، ماجت حياتهم بالشر، فإن أظهر آثار الإيمان هو تحديد الغايات الإنسانية الراقية والعيش في إطارها، فهذا نستطيع أن ننعم بالراحة والرضى – ولو من قِلة – أما حين يتعامى الناس عن الغايات النبيلة لا بد أن تستعبدهم " الغايات العليلة " وهنا الخلل الصارخ الذي نبدأ به حياتنا الأسرية.. إنها المعادلة السهلة:
غاية راقية.. تعني حياة راقية...
وغاية سيئة... تعنى حياة أشدّ سوء!
فهل نلقى نظرة خلفنا؟ أم نكون من الذين لا يروقهم ذلك؟
ـــــــــــــــــــــــ(52/62)
(1) الجنان بالفتح: القلب.
(2) التفسير الكبير.
(3) بهظَه الحمل: أثقله وعجز عنه فهو مبهوظ وأمر باهظ أي: شاق (مختار الصحاح).
(4) البسر هو ضرب بين البلح والرّطب.
(5) ليس من الإسلام.
(6) يشير إلى الحديث الذي يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنته:.. " أما ترضيْنَ أنْ تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين ". (رواه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد).
المراجع أسامة طه حمودة، سلوكيات مرفوضة، ص 121 - 129
http://www. tarbawi. com المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج بين الكلفة والألفة
علي بن عبد الله الشهري
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم،واشهد أن لا إله إلا الله رب الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمد رسول الله سيد الأنبياء والمرسلين،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، فإن في تقواه السعادة في الدنيا، والفلاح في الأخرى، فاتقوا الله - تعالى - في أنفسكم وأهليكم (وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
عباد الله:
السعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل حي، ينشدها بكل وسيلة، ويطلبها في كل سبيل، غير أن السعادة والطمأنينة في هذه الحياة لا تحصل إلا بما شرع الله - عز وجل - لعباده، وما أرشدهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذ بما وضع الحق - جل وعلا - من سنن، وما شرع من أسباب.
وإن مما شرع الله - عز وجل - من أسباب السعادة وجبل النفوس عليه الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكتب التوفيق لهما، ولذا امتن الله - تعالى - على عباده بهذه النعمة فقال سبحانه: (وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
وفي الحديث عند الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أربع من السعادة)) وعدّ منها - صلى الله عليه وسلم - ((الزوجة الصالحة)) وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة). فالنكاح من سنن المرسلين، وهدي الصالحين، وقد أمر به ربنا - جل وعلا - في كتابه بقوله: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَواحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذالِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) [النساء: 3]، كما رغب فيه سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - بفعله، وحث عليه بقوله: ((وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))، ووجه - صلى الله عليه وسلم - شباب الأمة إلى المبادرة بالزواج حيثما يجد أحدهم القدرة على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الحياة الزوجية، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) رواه البخاري ومسلم.
وأرشد - صلى الله عليه وسلم - مريد النكاح إلى اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين القويم، والخلق الكريم، والمنشأ الطيب، الودود الولود، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) أخرجاه في الصحيحين.
وروى أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار - رضي الله عنه -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)).
وما عناية رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -، وحثه على اختيار المرأة الصالحة إلا لما يؤمل منها من قيام بالحقوق الزوجية، ورعاية شؤون الزوج، وتربية الأولاد، وبناء الأسرة على أسس من التقوى والإيمان.
أما حين تكون الزوجة ضعيفة الديانة، سيئة الخلق، فإنه لا يؤمَّل منها بناء أسرة صالحة، ولا يتحقق بسببها هناءٌ ولا سعادة، بل قد تكون سبب عناء وبلاء على الزوج، ولذا جاء التحذير من الانخداع بجمال المرأة الظاهر، دون نظر إلى الجمال الحقيقي، والمتمثل في الدين ومكارم الأخلاق، وطيب المعشر، وقد ورد في الأثر: ((لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين)) رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهم.(وقال الألباني:ضعيف جدا).
فما هذه التوجيهات ـ يا عباد الله ـ إلا مظهر من مظاهر العناية بأمر النكاح، وتوجيه الزوج نحو ما يحقق له حياة هنيئة، وسعادة زوجية.
أما فيما يتعلق بالزوجة فإن من عناية الإسلام بأمرها ما وجه إليه أولياء أمور النساء من ترغيبهن في النكاح، والحرص على تزويجهن بالأكفاء، وقبول الخاطب إذا خطبهن، والحذر من ردّه متى كان صالحًا في دينه، مستقيمًا في أخلاقه، فقد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك هو المعيار للقبول أو الردّ، دون اعتبار لغير ذلك من معايير تواطأت عليها بعض المجتمعات، وتعارف عليها بعض الناس، مما لا أصل له في دين الإسلام، بل ربما ترتب عليها من المفاسد والأضرار ما لا يعلمه إلا الله، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) رواه الترمذي وابن ماجه وإن مما يُؤسَى له ـ يا عباد الله ـ أن يَعمَد بعض الأولياء إلى عَضْل من تحت ولايته من النساء، من بنات وأخوات، لأطماع مادية، أو لعادات اجتماعية، لا أصل لها في شريعة الإسلام، فيلحق بمولياته من عظيم الضرر، وشديد الحسرة والألم ما الله به عليم.
ألا يتقي الله أولئك الأولياء بهذا الصنيع الذي يستوجب غضب الله - تعالى - عليهم، ومساءلتهم عنه يوم القيامة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)).
أيها المسلمون:
لقد شرع الله - عز وجل - النكاح لمصالح الخلق، وعمارة هذا الكون، ففي النكاح مصالح عظمى، ومنافع كبرى، وإنه بقدر عناية المجتمع وحرص الأمة على أمر النكاح، والسعي في تزويج الناشئة، وتسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، يتحقق للأمة ما تؤمل من سعادة أبنائها، وحصول الأمن والطمأنينة في مجتمعاتها.
غير أن الواقع المؤلم أن كثيرًا من المجتمعات المسلمة اليوم قد ابتعدت عن هدي الإسلام، وتشريعاته الداعية إلى تسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، حيث يغالي البعض في طلب المهور العالية، والتكاليف الباهظة، ويسرفون في إقامة الولائم والحفلات، ويبذلون في سبيل ذلك الأموال الطائلة، التي تبدد مال الأغنياء وتثقل كاهل الفقراء، مما كان عائقًا لكثير من الشباب عن الإقدام على الزواج، لعجزهم عن أعبائه وتكاليفه، ومما ترتب عليه أيضًا حرمان كثير من الفتيات عن حقهن المشروع في الزواج، وعضلهن عن النكاح بالأكفاء، فكم في المجتمعات المسلمة ـ يا عباد الله ـ من فتيان وفتيات قد حيل بينهم وبين ما جبلوا عليه من الرغبة في النكاح، وبناء الأسرة، والعيش تحت ظلها الوارف، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، أو بسبب ما للعوائق من العادات والتقاليد الاجتماعية المخالفة لهدي الإسلام وتعاليمه، مما أدى إلى مفاسد وأضرار عظمى في بعض المجتمعات المسلمة، وانحراف بعض الناشئة عن طريق العفاف والفضيلة.
وأني لأدعو من هذا المنبر أن تتضافر منكم الجهود، ولا سيما من ذوي التأثير في القبلية من وجهاء، ومصلحين، وذوي الحكمة، في الحث على تسهيل أمور النكاح، وتيسير أسبابه ووسائله، ونشر الوعي العام بذلك، تحقيقًا لمصالح الأمة، ودرءًا للأضرار والأخطار عنها، فقد قال الله - عز وجل -: (وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور: 32].
فما الذي يمنع أن تتفق قبيلتنا على ما اتفقت عليه بعض القبائل من حولنا، من تحديد للمهور على وجه يراه الجميع مناسباً، مع تحديد للتكاليف وعدم قصم ظهر الزوج أو أب الزوجة بما يكون عائقاً عن تسهيل الزواج.ولا يضرنا أن نندب مجموعة منا – تكون هي داعية لهذا وتأخذ أجر البدء فيه بين بقية قرى القبيلة – ومن سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، قتنسق بين القرى مع مشورة كل ذي لب من عقلائهم عسى أن يصل الأمر إلى اتفاق على خير.. وإني وكل منصف في القبيلة لأرقب من الذي سيعلق الجرس..??
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
فيا عباد الله، اتقوا الله - تعالى - في كل ما تأتون وتذرون، وتلمسوا أسباب الخير والبركة في كل ما تريدون وتقصدون.
ولتعلموا أن أقوى الأسباب في حلول البركة في الزواج، وحصول التوفيق فيه صلاح الزوجين واستقامتهما على طاعة الله ومرضاته، وتحليهما بآداب الإسلام وشمائله، وتيسير مؤونة النكاح وتكاليفه، والبعد عن مظاهر الإسراف فيه، فذلك كله من أقوى العوامل، وأجدى الوسائل في حصول السعادة والتوفيق في الحياة الزوجية، فقد روي عن نبيكم أنه قال - صلى الله عليه وسلم - في معرض التوجيه للأمة للأخذ بأسباب البركة والتوفيق في النكاح: ((أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة)) رواه الإمام أحمد وغيره.
روى أهل السنن عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -أنه قال: (ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله لكان أولاكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
فاتقوا الله عباد الله، ولتعلموا على العناية بتزويج الناشئة، وتيسير أسباب النكاح عليهم، كي يقدموا عليه بارتياح وطمأنينة، ويقيموا أسرًا صالحة، تكون لبنة عاملة في الأمة، إذ بهذا تصلح المجتمعات وتسعد الأمة، ويتحقق لها ما تؤمل من عزّ أبنائها، ورقي مجتمعاتها، واستقامة شؤونها وصلاح أحوالها.
ألا وصلوا وسلموا على محمد بن عبد الله.... الخ.
http://www.alahbab.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج المسيار بين الشرع والعرف
السؤال:
ما حكم الدين في زواج المِسيار، وهل تنازل المرأة فيه عن حقوقها يبطله؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
فللزواج شروط، وهي الرضا الكامل من الزوجين، والصيغة التي تدل على التأبيد، والوليّ من قِبَل الزوجة، والشهود الذين تتوافر فيهم أهلية الشَّهادة، والإشهار والإعلان، فإن تحققت هذه الشروط في زواج المِسيار فهو زواج صحيح ما دام غيرَ مُحَدَّد بمدة، أياً كان اسمه.
وأما تنازل المرأة عن حقوقها المُقَرَّرة لها شرعاً، كالنفقة والمسكن والقَسْم في المبيت ليلاً فهو جائز، فالسيدة سَودة وهبت يومها للسيدة عائشة - رضوان الله عليهما -.
فكل شرط لا يؤثر في الغرض الجوهريّ والمقصود الأصليّ لعقد النكاح فهو شرط صحيح، ولا يُخلّ بعقد الزواج ولا يُبْطِله، ومع هذا فلا ينبغي انتشار هذا النوع من الزواج.
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر:
الزواج في شريعة الإسلام من أقدس العلاقات الإنسانية والبشرية والاجتماعية، التي راعاها وحافظ عليها وأمر باتخاذ كل السُّبُل لتيسيره بين بني الإنسان الذكر والأنثى، وحمايته بميثاق غليظ بَيِّنِ الحقوق والواجبات الزوجية والأسرية، مُبارَكاً بكلمة الله – تعالى - ومأموراً به في كتابه الكريم بقوله - سبحانه وتعالى -: (وأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ والصالحينَ مِن عِبادكم وإمَائِكُمْ إنْ يَكونوا فقراءَ يُغْنِهُمُ اللهُ مِن فضلِه واللهُ واسعٌ عليم) (النور: 32) وقوله – تعالى -: (ومِن آياتِه أنْ خَلَقَ لكم مِن أنفسِكم أزواجاً لتَسْكُنوا إليها وجَعَلَ بينَكم مودةً ورحمة) (الروم: 21). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "النِّكاحُ سُنَّتِي ومَن رَغِبَ عن سُنَّتِي فليس مني".
وبالنكاح يتحقق الاستخلاف الشرعيّ الذي أراده الله للإنسان في هذه الحياة في قوله – تعالى -: (إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة) وبهذا الاستخلاف تتم العبادة التي أرادها الله وأمر بها في قوله – تعالى -: (وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلا ليَعْبُدون. ما أريدُ مِنْهم مِن رزقٍ وما أريدُ أنْ يُطْعِمون. إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوةِ المتين) (الذاريات: 56 ـ 58).
والزواج الذي يُحقق هذه الغاية النبيلة والكريمة هو الزواج المشروع الذي توافرت فيه أركانه وشروطه الشرعية التي أمر بها الله ورسوله في الكتاب والسنة، وأجمع عليها فقهاءُ الإسلام في كل العصور والأزمان؛ لأن هذه الأركان والشروط هي التي تُفَرِّق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حَرَّمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة.
ودار الإفتاء ترى أن زواج المِسْيار إنْ تحققت فيه هذه الشروط والأركان، وهي الرضا الكامل من كلا الزوجين، والصيغة التي تدل على التأبيد، والوليّ من قِبَل الزوجة، والشهود التي تتوافر فيهم الأهلية الكاملة للشهادة، والإشهار والإعلان بشتى الطرق ـ فهو زواج صحيح بصرف النظر عن مسماه ما دام أنه غيرُ مُحَدَّد بمدة، لِما يأتي:
1 ـ لقد جعل الله الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات، وأنزل على رسولها دستوراً فيه سعادةٌ للبشرية إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها، وجعلها تساير كلَّ زمان وكلَّ مكان، وما يَعِنُّ للبشرية من شيء إلا وجدَتْه في كتابها الكريم (ما فَرَّطْنا في الكتابِ مِن شيء).
ولفظ المِسْيار له أصل في التاريخ قديماً وحديثاً، فمن يتابع تاريخَ الرّحّالة الأوائل من المسلمين يجد أن بعضَهم قد يَحِلُّ ببلدة طلباً للعلم أو المال، ويمكث بها فترة تَطول أو تَقْصُر، ويتزوج من هذا البلد، ويُوْلَد له، ثم بعد ذلك يتابع هجرته، ويرحل إلى بلد آخر إكمالاً لمسيرته تاركاً زوجتَه وأولادَه إما بطلاق أو بغيره، وتوافق زوجته على ذلك.
2 ـ هناك طريق واحد لا ثانيَ له يَسمح بالغريزة الجنسية أن تنطلق وتتحرك من مكانها، هذا الطريق هو الزواج الشرعيّ، وكل ما عداه منعته شرائع الله في جميع الأديان وعَدَّتْه من المسالك المُنْكَرة.
ولقد بَيَّنَ القرآن الكريم ذلك في قوله – تعالى -: (والذينَ هُمْ لفُروجِهم حافِظون. إلا على أزواجِهم أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهم فإنَّهم غيرُ مَلومين. فمَن ابْتَغَى وراءَ ذلك فأولئك هم العادون) (المؤمنون: 5 ـ 7). فبينت الشريعة الإسلامية أن الزواجَ الشرعيَّ هو الذي يَجمع بين الذكر والأنثى بكلمة الله على عقد دائم وميثاق غليظ، وكل وَطَر يُقْضى بعيداً عنه فهو عِصيانٌ لله واعتداءٌ على حدوده - سبحانه وتعالى -.
3 ـ من حق المرأة في الإسلام أن تتنازل عن حقوقها المُقَرَّرة لها شرعاً، ومنها النفقة والمسكن والقَسْم في المَبيت ليلاً، فلقد ورد في الصحيحين أن السيدة سَودة وَهَبَتْ يومَها للسيدة عائشة، ولو كان هذا غيرَ جائز شرعاً لَمَا أقره الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكل شرط لا يُؤثر في الغرض الجوهريّ والمقصود الأصليّ لعقد النكاح فهو شرط صحيح، ولا يَخِلُّ بعقد الزواج ولا يبطله.
هذا، ودار الإفتاء لم تَقْصد من كل هذا أن تَحُثَّ الناس على مباشرة هذا النوع من الزواج، وإنما تَعمل جاهدةً على بيان الحكم الشرعيّ الصحيح فيه بناء على دليل من الكتاب والسنة، وما ثَبَتَ لديها من فقه الأئمة الأعلام أصحاب المذاهب الفقهية الإسلامية قديماً وحديثاً.
ندعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يفقهَنا في أمور ديننا ودنيانا وينفعَنا بما علمنا، إنه على ما يشاء قدير، وهو بالإجابة جدير.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
زواج المسيار زواج طبيعي عادي، فالعبرة بالمسميات والمضامين وليس بالأسماء والعناوين، هناك قاعدة فقهية تقول: (العبرة في العقود المقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني) فلا نركض وراء الأسماء والمصطلحات، قد يسميه بعض الناس اسماً آخر، ونحن نعرف من قديم أن الناس يتزوجون، منهم من يتزوج ولا يخبر امرأته الأولى بهذا الزواج، فهو قريب من الزواج العرفي إن لم يكن مثله تماماً، وبعض الفقهاء قالوا: بجواز أن تشترط الزوجة أن يكون الزواج ليلياً أو نهارياً تتنازل عن هذا، فروح هذا الزواج موجودة منذ القديم، وهذا الزواج يقضي حاجة بعض النساء، فالمرأة إن يسر الله - تعالى - لها المال ولم تتح لها فرصة الزواج في سن معقولة، يمكن أن تقبل بهذا، أنا أحب أن أقول أنا لست من محبذي زواج المسيار فأنا لم أخطب خطبة أدعو الناس فيها لزواج المسيار، ولم أكتب مقالاً أدعوهم فيه لهذا الزواج، وإنما سألني صحفى عن رأيّي في زواج المسيار، وهنا لا يسعني إلا أن أجيب بما يفرضه علي ديني، لا أستطيع أن أحرّم شيئاً أحله الله، فإن سألني أحد ما رأيك في زواج المسيار؟ سأقول له أنا لا أعرف ما هو زواج المسيار، بل قل لي ما هو نوع هذا الزواج! فيقول لي هذا زواج فيه العقد والإيجاب والقبول والشهود (الحد الأدنى في الإشهار في الإسلام)، فيه المهر (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) حتى إن كان 10 ريالات، وفيه الولي أيضا؛ فهو زواج مستكمل لشروطه وأركانه، فكيف يسع فقيه أن يقول عن هذا الزواج أنه حرام؟ قد لا يقبله المجتمع، ففرق بين أن يكون الزواج مقبولاً اجتماعياً وبين أن يكون مباحاً شرعاً، فهناك زواج غير مقبول اجتماعياً، مثلاً أن تتزوج مخدومة خادمها أو السائق، هذا اجتماعياً مرفوض ولا نحبذه، ولكن إن حدث بإيجاب وقبول وباقي الشروط وسؤلت أنا فيه سأبيحه وإن كنت لا أحبذ هذا.
زواج المرأة من رجل مثل جدها لأنه غني فقط، لا نحبذ هذا، إنما لو سئلت هل أقول حرام؟ لا بل أقول:إن هذا مستنكر اجتماعياً، هل هو حلال أم حرام، هذه قضية في غاية الخطورة، مسألة حلال وحرام؛ ينبغي للعالم الذي يخشى الله ويحرص على دينه ولا يهمه إرضاء الناس، ألا يقول أن هذا حرام إلا إذا كان لديه من الأدلة ما يجعله يقول إن هذا الأمر حرام.
ويقول الدكتور علي جمعة أستاذ الأصول بجامعة الأزهر:
الزواج أركانه القبول والإيجاب والخلو من الموانع الشرعية لكل من الزوجين والولي والشاهدين فإذا توفرت هذه الأركان بالعقد بين الرجل والمرأة عقد شرعاً وإذا اختل ركن منها فالعقد باطل والمسلمون عند شروطهم ويجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في المبيت عندها لأن سودة بنت زمعة قد تنازلت عن ليلتها لعائشة ويجوز أن تتنازل عن مهرها أو نفقتها لأن الله يقول: "وإن طبن لكم عن شيء منه نفس فكلوه هنيئا مريئاً" وللمرأة أن ترجع فيما تنازلت عنه في أي وقت.. والله أعلم.
http://members.lycos.co.uk المصدر:
ـــــــــــــ
دبلة الخطبة
دبلة الخطوبة
يلبسُ الرجال تشبُهاُ بأعداء الله دبلة تسمى دبلة الخطوبة وكثير من الناس يعتقد أن العقد مرتبط بهذه الدبلة خاصة إذا كانت من الذهب.
وقد حُرم لبس الذهب على الرجال لأدلة كثيرة نذكر منها:
1- نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن خاتم الذهب
رواه البخاري ومسلم
2- عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال [يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده]. فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك وانتفع به قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
رواه مسلم وغيره
وعادة لبس دبلة الخطوبة عادة قديمة.
يقول الشيخ ناصر في آداب الزفاف ص 212- ما نصه: فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضاً لأن هذه العادة سرت إلى المسلمين من النصارى، ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم عندما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول باسم الأب ثم ينقله واضعاً له على رأس السبابة ويقول باسم الابن ثم يضع على رأس الوسطى ويقول باسم الروح القدس وعندما يقول آمين يضعه أخيراً في البنصر حيث يستقر.
وقد وجه سؤال إلى مجلة المرأة (WOMEN) التي تصدر في لندن في عدد 19 آذار 1960م ص8 وأجابت عنه (انجلا تلبوت) محررة قسم هذه الأسئلة:
السؤال: هو لماذا يوضع خاتم الزواج في بنصر اليد اليسرى؟
والجواب: يقال إنه يوجد عرق في هذا الأصبع يتصل مباشرة بالقلب وهناك أيضاً الأصل القديم عندما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروسة اليسرى ويقول باسم الأب فعلى رأس السبابة ويقول باسم الابن فعلى رأس الوسطى ويقول باسم الروح القدس وأخيراً يضعه في بنصر حيت ستقر ويقول آمين ا.هـ
ويقول الشيخ أحمد الحصين في كتابه المرأة المسلمة أمام التحديات ص 140:
نرى اليوم بدعه خبيثة منتشرة في أنحاء العالم الإسلامي وهى خاتم الخطبة وهى أن الرجل إذا خطب فتاة يُلبسها خاتماً من ذهب في اليد اليمنى وهذه عادة كانت تستعمل عند النصارى في كنائسهم وإذا ادخل عليها ينقل الخاتم من اليمنى إلى اليد اليسرى ويقولون الخاتم هو الرباط المقدس إلى أن قال:
لقد إنتشرت هذه البدعة فنرى اليوم المسلم يفعل هذا العمل الخبيث ونرى من يتشدق بهذا الفعل فنرى الخواتم الذهبية وغير الذهبية في أيدي الرجال فإذا سألت أحدهم هل أنت متزوج؟ قال نعم ورفع يده وقال أنظر إلى الخاتم إنه في يدي اليسرى وهكذا الآخر إذا سألته هل أنت متزوج؟ قال لا ورفع يده وقال أنظر إلى الخاتم في اليد اليمنى فأنا خاطب. ا. هـ
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
درس عظيم للأزواج
أخرج الإمام أحمد - رحمه الله - عن النعمان بن بشير - رضي الله - عنه قال:(أستأذن أبو بكر الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عائشة ترفع صوتها عليه فقال: يا بنت فلانة ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها. ثم خرج أبوبكر, فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها.. وقال:ألم تريني حلت بين الرجل وبينك? ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى فسمع تضاحكهما فقال: أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما).
حديث عظيم, وموقف نبوي تربوي مشرق, وكذا هي كل المواقف النبوية المشرقة.. تربية حينا .. وتشريعاً حينا آخر..(52/63)
) في هذا الموقف الرائع تبين لنا من خلال تأمله فوائد جليلة وعبر ودروس للحياة الأسرية.. إذ لا يخلو بيت أو أسرة من مشادات واختلاف وجهات النظر, وما ينجم عن ذلك من كيفية التصرف واحتواء المشاكل..
وحتى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم لم تسلم من ذلك ولعله حكمة ربانية.. فالله جل جلاله قادر على أن يجعل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم صافيا دائم الأنس والسعادة لا يكدره شيء.. لكنه أوجد مثل هذه الأمور تربية للأمة وتعليما لها.. لأن التربية بالقدوة من أبلغ وسائل التربية.
ولعلنا نقف مع هذه الزاوية عدة وقفات:
1- يجب أن نتيقين أن الحياة الزوجية الأسرية لا يمكن أن تخلو من المشكلات والخلافات.. بل هي كالملح في الطعام لكن المطلوب هنا هو كيفية احتواء المشكلة.. وحسن التصرف وإنهاء الأمر بالتفاهم, والخروج منها بطيب نفس من كلا الأطراف دون استبداد برأي أو إصرار على طريقة.
2- على المرأة المسلمة والزوجة الصالحة أن تحذر أشد الحذر من رفع صوتها على زوجها أو محاولتها تغليب رأيها على رأيه وفرضه عليه, بل لتكن المرأة هينة لينة مطيعة قانتة.. ولا يعني ما ورد في الحديث من أمر عائشة - رضي الله عنها - أن في ذلك رخصة وعذرا للنساء مع أزواجهن.
3- لقد كان إمام المسلمين وقدوة الناس أجمعين نبينا صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس مع أهله وأطيبهم عشرة مع زوجاته رغم تعددهن وتعدد مسؤولياته.. فها هو صلى الله عليه وسلم جعل يترضى عائشة - رضي الله عنها - ويطيب قلبها, بل إنها - رضي الله عنها - لما دخل عليها أبو بكر اختبأت خلف النبي صلى الله عليه وسلم مع أنها كانت تخاصمه لكنها ولعلمها ومعرفتها بزوجها صلى الله عليه وسلم لجأت إليه هربا من أبيها.. والنبي صلى الله عليه وسلم في حسن أدب وحكمة في الأسلوب بادر هو أولًا بإنهاء المشكلة وحل الأمر فجعل يترضى ويدافع ويحمي ويحن ويعطف صلى الله عليه وسلم . وفي هذا درس عظيم للأزواج ألا يستبد برأيه ويصر على موقفه.. فهذا سيد العالمين صلى الله عليه وسلم يترضى ويرضي زوجه رضي الله عنها ولم ينقص ذلك من قدره أو يحط من قيمته أو شخصيته.. وإن كان الأولى بالزوجة أن تعتذر وتصلح وتترضى زوجها.
4- يشير هذا الموقف الرائع إلى لفتة مهمة على الزوجة ألا تغفل عنها فنرى كثيراً من النساء إذا وقع أي خلاف بينها وبين زوجها تبادر بإخبار والديها أو أحدهما.. فيحزنا ويغتما لذلك بينما ترجع هي وتصلح مع زوجها وتعود الأمور إلى مجاريها ويبقى الوالدان في حزنهما على ابنتهما.. فعلى المرأة الحصيفة أن تشارك والديها في أفراحها.. ليفرحوا لفرحها.. ولكن عليها أن تجتهد في عدم إخراج الخلافات الزوجية خارج البيت حتى للوالدين إلا في حالات لا بد منها كمشورة أو صلح أو نحوه..
فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - ينبه إلى هذه النقطة فيقول أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.
5- عظم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه وتقديمهم إياه على أنفسهم وأهليهم.. فلما دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة لم ينتصر لابنته, بل بادر بلومها وعتابها, وإن كان لا يعلم عن أصل القصة, بل جعل اللوم عليها في كلا الأمرين سواء كانت على صواب أم لا.
موقع مجلة الدعوة
ـــــــــــــ
الزوج الصالح
في حديث ابن عمر رضي الله عنهما المتفق عليه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «... والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته...» ومن رعيته زوجته، ومما تتطلبه رعاية الزوجة:
أولاً: النفقة.
وتقدر بالمعروف لقوله تعالى: ]لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله[ (الطلاق/7). وقوله تعالى : ]وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف[ (البقرة/233). وفي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة». وفي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت». وفي رواية مسلم: «كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته». وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً». وعن أبي هريرة عند البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عند ظهر غنى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله». وفي الحديث المتفق عليه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك». وعند مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك». وعند مسلم من حديث ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله». وفي الصحيح عند الحاكم وابن حبان وأحمد وغيرهم عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت». ومن حديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه عند الترمذي وقال حسن صحيح أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: «... وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن». والنفقة تشمل المأكل والملبس والمسكن والخادم ومواد الزينة والتطبيب وفي كل هذا تفصيل ليس هنا موضعه. ومن أحب أن يبلغ الذروة في النفقة وحسن العشرة إن استطاع فليكن مثل أبي زرع لأم زرع الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح لعائشة: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع». وهو حديث طويل فيه ألفاظ غريبة فليرجع إليه في كتب الشروح. ويجوز له أن يحبس لأهله قوت سنة ويعتبر من الادخار الجائز لما رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم.
ثانياً: العشرة الحسنة.
عن أبي هريرة عن ابن حبان في صحيحه والترمذي وقال حسن صحيح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً». وعند الترمذي وقال حديث حسن وعند الحاكم وقال صحيح على شرطهما عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله». وعنها عند ابن حبان في صحيحه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، وأخرجه ابن ماجة بنفس اللفظ عن ابن عباس والحاكم عن ابن عباس أيضاً إلا أنه قال: «خيركم خيركم للنساء».
ثالثاً: المداراة.
أخرج ابن حبان في الصحيح عن سَمُرَة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها». وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء». وفي رواية لمسلم: «إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها».
رابعاً: المبيت.
إن كان الرجل متفرداً أي ليس تحته إلا امرأة واحدة فعليه، وهو مقيم أن لا يقل مبيته عندها عن ليلة من كل أربع ليالٍ، والدليل على أن المبيت الواجب ليلة من كل أربع الإجماع فقد أخرج عمر بن شبه عن الشعبي أن كعب بن سوار كان جالساً عند عمر بن الخطاب فجاءت امرأة فقالت يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلاً قط أفضل من زوجي والله إنه ليبيت ليله قائماً ويظل نهاره صائماً فاستغفر لها وأثنى عليها واستحيت المرأة وقامت راجعة فقال كعب يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها؟ فجاء فقال لكعب اقض بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم قال فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن فأقضي له بثلاث أيام ولياليهن يتعبد فيهن ولها يوم وليلة فقال عمر والله ما رأيك الأول بأعجب إلي من الآخر اذهب فأنت قاضٍ على أهل البصرة وفي رواية فقال عمر نعم القاضي أنت. وهذه القضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعاً. وإن كانت له زوجتان أو أكثر لزمه التسوية بينهن لحديث أبي هريرة المروي في السنن وغيرها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط». وفي رواية: «وشقه مائل» والميل المنهي عنه هو ما ورد في قوله تعالى: ]فلا تميلوا كل الميل[ (النساء/129) وكل الميل هو الفعل مع الهوى، أما الهوى وحده في القلب دون أن يظهر فمما لا يملك الإنسان، لما أخرجه أصحاب السنن من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».
خامساً: أن يعطيها حقها بالمعروف.
لقوله تعالى: ]ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف[ (البقرة/228) والمعروف هو إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب النفس لا بصيرورته إلى طلبه، ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته.
سادساً: الدفاع عنها كعرض.
إذا تزوج الرجل المرأة أصبحت عرضه فيجب عليه الدفاع عن هذا العرض ولو أدى إلى قتله لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون عرضه فهو شهيد». وهذا إخبار أريد به الطلب، وهو طلب جازم.
سابعاً: لا يفشي سر المرأة.
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها». وروى ابن قدامة في المغني عن الحسن قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء فأقبل على الرجال فقال: «لعل أحدكم يحدث بما يصنع بأهله إذا خلا» ثم أقبل على النساء فقال: «لعل إحداكن تحدث النساء بما يصنع بها زوجها» قال فقالت امرأة إنهم ليفعلون وإنا لنفعل فقال: «لا تفعلوا فإنما مثل ذلكم كمثل شيطان لقي شيطانه فجامعها والناس ينظرون». وروى أبو داود مثله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثامناً: لا يعاقب إلا عقوبة مشروعة.
والعقوبات المشروعة مذكورة في قوله تعالى: ]واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن[ (النساء/34) وللزوج أن يقتصر على واحدة من هذه العقوبات وله أن يجمعها لأن الواو لمطلق الجمع. والوعظ أن يخوفها بالله عز وجل وبما يلحقها من الضرر بسقوط النفقة والقسم. والهجر يكون في المضجع ويكون بهجر الكلام، فإذا كان بالكلام أي هجر كلامها فلا يحل له أن يزيد عن ثلاث لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». أما هجر المضجع فيجوز أن يزيد عن ثلاث أما الضرب المرخص فيه فهو الضرب غير المبرح كما ورد في حديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه عند الترمذي وقال حسن صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: «ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح...» الحديث، ومعنى عوان أي أسيرات، والفاحشة المعصية، والضرب المبرح هو الشاق الشديد. وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بعرفة: «فاضربوهن ضربا غير مبرح». ويكره ضرب الوجه لما رواه أبو داود بإسناد حسن عن معاوية بن حبدة القشيري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت». والتقبيح هو أن يقول قولاً قبيحاً أو يشتمها أو أن يقول قبحك الله. أما لعنها أو لعن أهلها أو غيرهم فهو حرام. وإذا ضرب بالسوط أو نحوه فلا يزيد على عشر جلدات لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله».
تاسعاً: لا يبغضها.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر أوقال غيره». "لا" في الحديث ناهية لا نافية والمعنى أنه لا ينبغي للمؤمن أن يبغض زوجته المؤمنة لأنه إن وجد فيها خلقاً يكرهه وجد فيها خلقاً يرضاه، كأن تكون بخيلة أو فيها حدة لكنها صادقة عفيفة مطيعة، ووجود الصفات الحسنة المرضية ينبغي أن تكون مانعة من البغض.
عاشراً: تأديبها وتعليمها.
قال تعالى: ]قوا أنفسكم وأهليكم ناراً[ (التحريم/6) قال علي t في تفسيرها علموهم أدبوهم. ومقتضى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المتفق عليه: «والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته» يوجب على الرجل أن يأمر أهله وينهاهم وأن يحرص على وقايتهم من النار .
موقع مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/home/issue/178/doc/178w08.doc
ـــــــــــــ
الزوجة الصالحة
سمية عبد العزيز
الزوجة الصالحة مفتاح السعادة، ونعمة الله الكبرى على زوجها، ومتعته التي لا تدانيها متعة، فهي تنفض عنه غبار الهموم، وتغمره بالسعادة والحنان، وتجعل من نفسها ركناً هادئاً لأجل راحته وهنائه.
فالحياة الزوجية حياة المشاركة وليست حياة التباعد.. وهي حياة الاقتراب والالتصاق وليست حياة الاستغلال، وهي حياة التعبير الحر الصادق التلقائي وليست حياة الانغلاق على الداخل.
فالزواج يعني أنكما معاً في قارب واحد في مواجهة البحر بكل تقلباته، وعلى الزوجين معاً أن يتحبب كل منهما للآخر.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر".
ولتعلم الزوجة أن قناعتها ورضاها سبب من أسباب رضوان الله عليها، وإذا ماتت الزوجة وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة.
ولنتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما سبب فحرام عليها رائحة الجنة".
لقد سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ فقال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره" (سنن النسائي).
ويوضح هذا الحديث سائر الواجبات المنوطة بالمرأة إزاء زوجها، فالرجل يعود إلى البيت آخر النهار بعد أن يكون قد واجه قسوة الأحداث في الخارج، والزوجة الصالحة تخفف عنه وتغمره بالحنان.
والزوجة المخلصة تصبح مؤتمنة لزوجها في شؤونه كافة، وتصون نفسها لأجل زوجها فقط، إلى جانب سهرها على سائر أمور البيت ومصالحه، وهي التي تهيئ أجواء الراحة النفسية للرجل، بل تتمتع بوضع النائب داخل البيت.. وأفضل النساء هي التي تقدر هاتين المسئوليتين حق قدرهما، وهي القادرة على احتواء الزوج بالحنان والاهتمام، وتدرك احتياجاته ومتطلباته، كما أنها ثرية العقل غنية الروح، تعيش الحياة بفهم.. يكمن جمالها في جمال عقلها ورونق روحها.. هي الزوجة التي تملك طباعاً هادئة، ونفساً طيبة.. تحرص كل الحرص على مشاعر زوجها من خلال سلوكها العاطفي الراقي تستند حياتها كلها إلى قيم عليا رفيعة من صدق وأمانة وتواضع وتسامح، كما أنها زوجة تقية مؤمنة بالله، فالرجل يحتاج إلى أن تشعر زوجته بأهميته وتقدر عمله، وتفخر به، ويحتاج كذلك إلى إعجابها، وتشجيعها.
والمرأة تحتاج إلى أن تشعر بأن زوجها يقف بجانبها بكل طاقاته وإمكاناته لحمايتها، والدفاع عنها، وتوفير الحياة الآمنة لها.
ولكي تكون من أنجح الزوجات إن شاء الله ستوضح لك نقاطاً صغيرة فيها خلاصة السعادة الزوجية:
فليكن اعتمادك أولاً وآخراً على الله سبحانه وتعالى.
احفظي الله يحفظك واشكريه يزدك.
حافظي على زوجك فهو الآن أقرب إليك من والدك ووالدتك.
حافظي على صورتك الجميلة في عينيه دائماً.
حافظي على رائحتك الطيبة في أنفه دائماً.
حافظي على شرفك وشرفه فإنهما شرفٌ واحد.
لا تبدي جمالك وزينتك لغيره.
كوني دائماً صريحة في القول والفعل.
لبي له جميع رغباته مادامت في حدود الشرع.
الطريق إلى قلب الرجل ليس الطعام دائماً بل أسلوب الكلام الجيد.
لا داعي للعصبية.
بيتك هو مملكتك.. وأنت والبيت ملك لزوجك.
حافظي على نقوده، وكوني وسطاً لا إسراف ولا بخل.
رتبي وقتك لتكوني معه حينما يستيقظ وحينما ينام.
لا تحبي ما يكرهه ولا تكرهي ما يحب.
أشعريه بالرجولة يشعرك بالأنوثة.
الاحترام المتبادل بينكما أمام الناس يزيد الحب بينكما في المنزل.
البساطة في التعامل تسهل جميع الأمور.
الصبر دائماً مفتاح الفرج.
إذا قست عليكما الدنيا يوماً فتوجهي إلى الله.
لا تفضلي أبناءك على زوجك.
لقني أبناءك الحب، والاحترام والتفاؤل.
استقبلي زوجك بوجه باش، وودعيه بتشوّق إلى لقائه.
لا تطرحي عليه مشكلاتك وهو مرهق.. بل انتظري حتى يستريح.
موقع الصحوة
http://www.sahwah.net/Nuke/sections.php?opviewarticle&artid299
ـــــــــــــ
" زواج فريند " : تقليد للغرب .. أم محاولة لـ " مداوة " آهات العوانس
مصطفى عبد الجواد
• لم تشهد قضية من قضايا الفقه شدا وجذبا ، وحوارا وجدلا مثلما حدث ويحدث فيما يتعلق بالزواج والطلاق ، فمن الزواج السرى والعرفي والمسيار ، ومرورا بـ " زواج الكاسيت " و " زواج الدم " و " زواج نهاية الأسبوع " ، ومع الآخذ في الاعتبار الخلع وطلاق الإنترنت وطلاق الجوال ، تحولت أمور الطلاق والزواج إلى ما يشبه " البورصة " أو " السوق " . وكانت أخر صيحات هذا السوق ما أطلق عليه " زواج فريند " ، وهو محاولة لإيجاد صيغة إسلامية للعلاقة التي تنشأ بين المراهقين والمراهقات في الغرب ، وتسمى " بوي فريند أو جيرل فريند " ، ولكنه هذه المرة بـ " ولي وشاهدي عدل وإيجاب وقبول ومهر " ، وعلي سنة الله ورسوله . .
والصيحة الجديدة ، التي أطلقها الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان الإسلامية في اليمن ، وبعيدا عن الجدل المثار حول مدى اتفاقها مع المقاصد الإسلامية من الزواج ، فإنها تعد محاولة للتخفيف من كابوس " العنوسة " الذي يعاني منه ملايين الشباب والشابات في الوطن العربي ، تارة بسبب المغالاة في المهور ونفقات الزواج ، وتارة تحت وطأة أزمة السكن ، وتارة أخرى بسبب البطالة وعجز الشباب عن إيجاد فرصة عمل تكفل له إعالة أسرة وتوفير حياة كريمة لها .
والفتوى ، هي محاولة من الشيخ الزنداني ، المعروف بفتاويه المثيرة للجدل ، لإيجاد مخرج شرعي لآلاف الأسر المسلمة التي تعيش في الغرب ، ولديها شباب وشابات في سن المراهقة ، حيث تنتشر في المجتمعات الغربية علاقات الصداقة بين الشباب والشابات " بوي فريند " و " جيرل فريند " ، وهذه العلاقة أشبه ما تكون بالزواج ، حيث يعاشر الشباب صديقته معاشرة الأزواج ، ولكن دون التزامات قانونية أو مالية من أي طرف تجاه الأخر . وتتقبل الأسر الغربية هذه العلاقة بشكل طبيعي ، ومن المعتاد أن يلتقي الشاب بصديقته في منزلها أو منزله دون أي اعتراض أو ممانعة من الوالدين ، بل أن بعض الأسر تلجأ لاستشارة الطبيب النفسي إذا ما تأخر الفتى أو الفتاة في تكوين هذه العلاقة .
وفي مقابل ذلك فان الأسر المسلمة ، بحكم تعاليمها الدينية ونشأتها الاجتماعية ليست على استعداد للقبول بمثل هذا النمط من العلاقات ، وينتج عن هذا مشكلات عديدة مع الأبناء الذين يريدون الاندماج مع المجتمع الذي يعيشون فيه ، ويرفضون الانعزال عن أقرانهم بسبب تعاليم وتقاليد لا تمثل لديهم نفس الأهمية التي لدى والديهم ، خاصة وان الكثير من الأسر المسلمة التي هاجرت إلى للعيش في الغرب تهمل كثيرا في تربية أولادها من الصغر على التعاليم الإسلامية ، ولكنها مع ذلك ليست مستعدة للقبول بعلاقة البوي فريند أو الجيرل فريند .
زواج شرعي
وكشف الزنداني أن فتواه موجهة في الأساس للاقليات المسلمة في الغرب ، الذين شكوا للشيخ من انهم لا يستطيعون التحكم في أبنائهم وبناتهم.. فالبنت تأتي بصديقها إلى منزل عائلتها والولد يأتي بصديقته.. دون أن يملك الأهل الاعتراض علي ذلك أو حتى يستطيعون الاعتراض ، وهو ما يؤرقهم ويهدد بتدمير حياتهم ، وسألوه كيف يفعلون لمواجهة هذه المشكلة؟ .
وكان الحل الذي تفتق عنه ذهن الزنداني هو "زواج الفريند " ، والذي يعد من وجهة نظره ، زواج شرعي كفيل بحل هذه المشكلة ، حيث أن الزواج لا يتم شرعاً في الإسلام ويصبح محققاً – إلا بوجود ولي – والأباء هناك مستعدون أن يعقدوا لبناتهم – ويشترط وجود الشاهدين – وهما موجودان ، والإيجاب والقبول ، وكذا المهر - ولو كان خاتماً من حديد - وهذه هي الشروط الواجب توفرها حتى يصبح الزواج شرعياً.
ثم له بعد ذلك أن يخلو بها فهي زوجته وهو زوجها ، وقبل ذلك يجب إشهار الزواج ، ويكون هذا بعقد القران أمام مجموعة من المسلمين في المسجد أو في مكان عام ، ليعلم الجميع إذا جاء ولد من هو أبوه، فما يحدث في أوروبا والغرب أن الفتاة تحمل ولكثرة من يمرون عليها من (boy friend) لا تعلم من والد ذلك الطفل . أما بالنسبة لهذه التسمية المثيرة للجدل ، فيقول الزنداني " قصدت أن اصف لهم هذا الزواج باسم زواج فريند - وذلك حتى اسهل لهم الموضوع ، واصل لأذهانهم وأخاطب العقلية التي يعرفونها " ...
ويرفض الزنداني ، رغم تأكيده على توفر الضوابط الشرعية في صيغة الزواج فريند ، تعميم الفتوى على المسلمين في الدول العربية والإسلامية ، مشيرا إلى أن الفتوى تختلف كما يقول العلماء زماناً ومكاناً.. فقد يفتي العالم في مكان بما لا يفتي به في مكان أخر نتيجة لاختلاف الظروف. فالمسلمون المتواجدون في أوروبا وأمريكا هم أقليات داخل مجتمعات غير إسلامية ولا يستطيعوا أن ينسلخوا عنها أيضا.. وهم في هذه الحالة بين خيارين : أما أن يتركوا بناتهم وأبناءهم يسيرون في طريق الزنا والفجور أو أن يعقدوا لهم بالعقد الشرعي الذي يوجبه الشرع ويتحقق بذلك الزواج ويخففوا من الأعراف التي يصنعونها.(52/64)
وأما في بلاد المسلمين فهناك عادات وأعراف سائدة ويمكن أن نطالب بالزواج المبكر وعدم المغالاة في المهور وتيسير الزواج فالمطالبة بالعلاج في هذا الموضوع تكون بصورة أخرى وبصيغة تتناسب مع ظروفنا وأحوالنا.
نسخة معدلة
وفي نظر الكثيرين يعد زواج فريند مجرد صيغة معدلة من زواج المسيار الذي احله الكثير من الفقهاء ، والتشابه يأتي من كونه يتضمن تنازلا من الزوجة عن حقها في السكن المستقل والإقامة الكاملة ، كما أن الصيغتين تحملان ، أيضا ، شبهة التاقيت ، وهو ما يجعل البعض يشبهما بزواج المتعة ، الذي يجمع أهل السنة على تحريمه ، فيما يحله الشيعة .
ويرى المؤيدون لزواج المسيار انه زواج عادي استوفى أركانه وشروطه فيه مهر وفيه التزامات، إلا أن الزوجة أسقطت بمحض اختيارها بعض حقوقها مثل الإذن للزوج بأن يبيت أين شاء، فأسقطت حقها في المبيت، وتنازلت عن حقها في النفقة من زوجها وذلك لغناها وفقره مثلا ، وغير ذلك مما لا يؤثر على أركان صحة الزواج الشرعية .
ويعتبر الشيخ يوسف القرضاوي من ابرز مؤيدي زواج المسيار ، معتبرا أن العبرة في الأحكام الشرعية للمسميات والمضامين وليس للأسماء والعناوين، فهذا الذي يسمى زواج المسيار ليس زواجا جديدا فهو زواج معروف قديم من القرون الماضية وهو الزواج الذي يقوم فيه الزوج بالتوجه إلى بيت المرأة وليست المرأة التى تتوجه إلى بيت الرجل، وهنا المرأة تكون باحثة فقط عن السترفي ظل رجل ولا ظل حيط حسبما يقول المثل الدارج وهى في هذه الحالة لا ترغب في أن ينفق عليها الرجل أو يوفر لها سكنا وإنما تريد رجلا يستر عليها فتتزوج من هذا الرجل.
ويشير القرضاوي إلى انه في عصرنا الراهن هناك نساء بعضهن مطلقات ، وكذلك هناك أرامل مات عنهن أزواجهن، وهناك عوانس فاتهن قطار الزواج بفعل التعقيدات التى ادخلها الناس وعسروا بها ما يسر الله، وكثيرات من هؤلاء موظفات لديهن المال والبيت تريد رجلا متزوجا من قبل، والرجل لا يريد أن ينقلها إلى زوجته لأنه في عصرنا - للأسف - أصبح تعدد الزوجات وكأنه جريمة منكرة وكأنه حكم بالإعدام على الزوجة الأولى فلذلك فان الرجل يتفق مع المرأة على الزواج بها ويأتي إليها في منزلها من خلال عقد شرعى، وبشهود وبقبول وإيجاب وهو عقد غير مؤقت ويتسم بالديمومة وليس كزواج المتعة والمحدد بفترة زمنية ، وهو عقد كذلك تترتب عليه آثاره. .
معارضة عنيفة
وفي الوقت الذي لقيت صيغة "زواج فريند " ، مثلها في ذلك مثل زواج المسيار ، تعضيدا وتأييدا من جانب بعض العلماء ، الذين يركزون على ضرورة توفر الشروط الشرعية الشكلية للزواج من إيجاب وقبول وولي وشاهدين عدل وإشهار ، وهو الأمر المتوفر في كلا الصيغتين . إلا أن فتوى الزنداني قوبلت بمعارضة عنيفة من جانب قطاع أخر من الفقهاء رفض التوقف عن الضوابط الشكلية للزواج ، وأصر على ضرورة الالتزام بالحكمة التي أكدها القران وشدد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم من الزواج ، باعتباره المؤسسة الاجتماعية الرئيسية التي يتوقف على صلاحها سلامة بنيان المجتمع الإسلامي من عدمه .
ورأى الدكتور عبد الصبور شاهين المفكر الإسلامي في فتوى الزنداني محاولة لاستلهام زواج المتعة عن الشيعة ، مؤكدا أن هذا الزواج ( زواج فريند ) باطل عند أهل السنة ، وتساءل : كيف بالرجل أن يدعو أولادنا وبناتنا إلي الخواجة زواج بدعوي التيسير علي شباب وبنات المسلمين ووقايتهم من الانحراف .
ومن جانبه دلل الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق علي بطلان تلك الفتوي بقوله تبارك وتعالي : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " ، مشيرا إلى أن الله شرع الزواج ليكون رباطا وثيقا بين الرجل والمرأة يقوم علي المودة والرحمة ، ويراد به الدوام والاستقرار ، ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين ،فإذا لم تتحقق هذه المقاصد فقد الزواج قيمته الأساسية ، وأصبح مجرد شهوة يتساوى فيها الإنسان والحيوان .
وأشار الدكتور واصل إلى أن الشريعة الإسلامية نظمت العلاقة الزوجية نظاما دقيقا فبينت ما يجب علي كل منهما نحو الآخر ، فالمرأة متي تزوجت أصبحت شريكة لزوجها في الحياة ، وصار
لزوجها عليها حقوق يجب أن تؤديها ولا تقصر فيها ، وإلا كانت آثمة ومسئولة عنه شرعا أمام الله .. وللزوجة أيضا حقوق علي زوجها نظمها الإسلام وأوضحتها الشريعة الإسلامية .
ورفض الدكتور واصل أستاذ الفقه المقارن والمتخصص في فقه الأسرة إباحة مثل هذا الزواج ضمن ما يسمى بفقه الأقليات المسلمة في الخارج ، مؤكدا أن ذلك يقتصر على المعاملات الإسلامية كالبنوك وأكل الذبائح التي لم يذكر اسم الله عليها أو خلع الحجاب إذا كانت قوانين تلك الدول تمنع ذلك ، أما مثل هذا الزواج الذي تدعو إليه الفتوي فهو لا يحقق المقاصد الشرعية من الزواج ويؤدي إلي الإفساد وخلط الأنساب ، وقد يكون بابا للكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية .
تشريع حيوانات تجارب
ويتفق الدكتور عبد المعطي بيومي ـ عميد كلية أصول الدين السابق مع الدكتور واصل في افتقاد صيغة " زواج فريند " عن الحكمة التي يبتغيها الإسلام من الزواج ، مشيرا إلى أن القرآن نص علي أن الزواج ميثاق غليظ ، ونص أيضا علي أن الزواج ليسكن الرجل والمرأة كل منهما إلي الآخر ، ومثل هذا الزواج لا يحقق السكن والمودة والرحمة ولا يحقق إلا إعطاء شرعية للاتصال الجنسي بين الشاب والفتاة . أما الرجل الذي يقصد الزواج فعلا ، والبنت التي تقصد الزواج فعلا فإنهما لا يقبلان بمثل هذا العقد وإن كان صحيحا شرعا ، فالزواج له معني شرعي لا يكتفي فيه بإضفاء الشرعية علي العلاقات الجنسية .
وفند بيومي الرأي الذي يؤيد الفتوى باعتبارها حلا لأزمة العنوسة ، معتبرا انه من الأفضل البحث عن حل حقيقي للأزمة بتيسير الزواج وتخفيف شروط أهل الزوج والزوجة والبعد عن المظهرية ، بدلا من إطفاء النار بالزيت ، فمثل هذه الحلول تنتج المشكلات ، وهذا الزواج سيترتب عليه إنجاب أولاد لا يعيشون في ظل بيت زوجية ولا يتمتعون بحضانة الأبوين المشتركة ولا يتلقون القيم الأساسية الأولي التي يتلقاها الطفل في حياته الأولي من أبويه ، ولا يحقق سوي الالتفاف علي الشريعة الإسلامية لقضاء الحاجة والرغبة الجنسية ، ومثل تلك الفتوي لا تتجاوز كونها تشريعا أقرب إلي تشريع حيوانات التجارب أكثر منه تشريعا للإنسان والحياة الإنسانية !! .
تحفظات نسائية
ومن جانبها ، أبدت الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه بجامعة الأزهر تحفظا كبيرا عل هذا الزواج ، مقرة بأنه شرعي ، إلا أن سلبياته اكثر من إيجابياته، فهو لا يحقق كل المقاصد الشرعية المرجوة من عقد الزواج ، مثل التناسل والتكاثر ، تنفيذاً لقوله تعالى "وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "تناكحوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة" ، كما انه لا يقوم على المشاركة بين الزوجين في أعباء الحياة لأن عقد الزواج مؤبد وليس مؤقتاً وهذا منطلق من قوله تعالى "وجعل بينكم مودة ورحمة" ، فضلا عن انه يتجاهل قضية تربية الأجيال الجديدة وحفظ الأنساب.
واعتبرت أن هذه الصيغة الجديدة لا تحقق عدة أهداف عليا للزواج جاءت في قوله تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " وقوله "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" وقوله "... وقد أفضى بعضكم إلى بعض" وقوله "وعاشروهن بالمعروف" فهذا الزواج يحمل في داخله عوامل فشله حتى لو كان صحيحاً شرعاً وهو صورة أخرى من زواج المسيار الذي عليه التحفظات السابقة رغم أنه صحيح شرعاً.
وتعرب الدكتورة سعاد عن خشيتها من أن تكون هذه الفتوى مفتاحأً للتراخي في حل المشكلات التي تحول دون زواج متكامل شكلاً وموضوعأً وخاصة أن الزوجين المتباعدين قد ينحرفان أثناء التباعد وعدم مراقبة أحدهما للأخر في سلوكياته لان اللقاء بينهما لا يزيد على لقاء جنسي فقط ثم يذهب كل منهما إلى حال سبيله وقد تزيد المشكلة مع إحساس المرأة بالندية والاستقلالية عن الرجل في الغرب لهذا يكون الزواج محفوفاً بالمخاطر ومحكوماً عليه بالفشل مستقبلاً لينتج عنه مطلقات وأطفال يفتقدون للرعاية. .
معارضة اجتماعية
وإضافة إلى المعارضين للفتوى من الناحية الشرعية ، فان هناك من يرفضها لأسباب اجتماعية تتعلق بالمضاعفات الأسرية الخطيرة التي قد تترتب عليها . ويلفت هؤلاء المعارضون بداية إلى أن الزنداني خلط بين نوعين من العلاقات السائدة في الغرب وهما " بوي فريند وجيرل فريند " و " العلاقات الاجتماعية خارج مؤسسة الزواج " . فالنمط الأول يتعلق بعلاقة بين مراهقين تتراوح أعمارهم ما بين 12 إلى 22 عاما بحد أقصى . ورغم أن هذه العلاقة تتضمن معاشرة كاملة بين طرفي العلاقة ، إلا أن كل منهما يعيش في منزل أسرته ، ولا توجد أي التزامات مالية أو اجتماعية بين الطرفين .
أما النمط الثاني ، فيتعلق بشخصين ناضجين ، في الغالب يتملك كل منهما مصدر دخل وحياة خاصة ، ويعيشان معا حياة الأزواج ، وفي منزل خاص بهما أو بأحدهما ، ولكنهما وبسبب التعقيدات التي تتعلق بالزواج في الغرب ، يفضلان الحفاظ على علاقتهما بعيدا عن أي ارتباط رسمي ( وثيقة زواج ) ، قد يعوق انفصالهما في حالة حدوث خلاف بينهما. وواضح أن هذا النمط من العلاقات ابعد ما يكون عن الاستفادة بفتوى الزنداني ، فالأمر يتعلق بثقافة وقيم مختلفة .
ويرى المعارضون أن فتوى الزنداني إذا ما كانت تتعلق بالنمط الأول ، فإنها ستكون محاولة لإضفاء شرعية دينية على سلوك خاطئ ، فلا يعقل أن يطالب أحد بتزويج المراهقين من طلاب المدارس لمنعهم من معاكسة الفتيات في الشوارع .
فالزنداني يري انه ليس هناك ما يمنع من تزويج الفتى أو الفتاة ما داما قد وصلا سن البلوغ ، وهذا يحول الزواج من كونه مؤسسة اجتماعية وعلاقة وصفها الإسلام بـ " الميثاق الغليظ " ، إلى مجرد علاقة بيولوجية حيوانية ، يقضى فيها الرجل وطره ، ثم يذهب لحاله ، دونما تفكير في إنفاق أو مسئولية أو نسل قد يترتب على هذه العلاقة .
ويطالب هؤلاء بضرورة التركيز على التربية والتنشئة الإسلامية باعتباره العلاج الأكثر فاعلية لإبعاد الشباب والشابات عن الانخراط في مثل هذه العلاقة المرفوضة أخلاقيا وشرعيا . أما الدخول في دوامة زواج محكوم عليه مسبقا بالفشل ، مع الأخذ في الاعتبار ما يترتب عليه من مشكلات اجتماعية خطيرة ، فهذا ما لا يقبله عقل ولا يقره دين . خاصة وان علاقات المراهقة هذه ، دائمة التغير والتبديل ، ونادرا ما تستمر في فترة النضج ، فضلا عن أن تتحول إلى زواج وأسرة مستقرة ..
القشة والغريق
وبعيدا عن الجدل الفقهي بين المعارضين والمؤيدين للفتوى ، ومع أن الزنداني نبه إلى أن صيغة زواج فريند ليست هي الأنسب بالنسبة للدول الإسلامية ، وخاصة العربية منها ، إلا أن الكثيرين اعتبروها بمثابة " القشة " التي ستنقذ ملايين الشباب والشابات من الغرق في " بحور " العنوسة المظلمة . وذلك ليس لأنها ستعالج ظاهرة " البوي فريند والجيرل فريند " ، فهي أصلا غير موجودة في المجتمعات الإسلامية والعربية ، وإنما لكون الفتوى تشجع على التنازل عن شرط السكن المستقل الذي تضعه معظم الأسر العربية لإتمام زواج بناتها ، وهو الأمر الذي لم يعد في استطاعة معظم الشباب في ظل ارتفاع أسعار السكن .
وتعد الفتوى ، في نظر البعض ، عودة مرة أخرى إلى الزمن الجميل في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي ، حيث لم يكن الزواج يحتاج لأكثر من تجهيز غرفة في منزل أو شقة العائلة ، وغالبا ما تكون هي نفسها غرفة الشباب في أيام العزوبية ، ولكن يتم إعادة طلائها ، وشراء غرفة نوم جديدة .
عنوسة متفشية
وتكشف نظرة سريعة على إحصائيات العنوسة التي نشرت مؤخرا في بعض الدول العربية ، أن الأمر وصل إلى مرحلة حرجة للغاية ، ولم يعد مقبولا الاكتفاء بالجهود الذاتية من جانب بعض جمعيات تيسير الزواج ، إنما يحتاج الوضع إلى تدخل قوى من جانب الجهات الرسمية وعلماء الدين ، لوضع حد للعادات التي انتشرت بين الكثير من الأسر العربية ، مع أنها بعيدة كل البعض عن تعاليم الإسلام السمحة ، مثل المغالاة في المهور و حفلات الزفاف باهظة التكاليف .
وفي دراسة أصدرها مؤخرا الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر ، اتضح أن عدد الشبان والشابات العوانس الذين تعدوا سن الـ 35 عاما ولم يتزوجوا وصلوا إلى 9 ملايين نسمة من تعداد السكان البالغ 64 مليون نسمة . يضاف إلى هذه الرقم ، 364 ألفا من المطلقين والمطلقات ، و371 ألفا من الأرامل نساءً ورجالاً .
وفي دراسة مماثلة أجريت في الجزائر ، تبين أن نسبة العنوسة بين فتيات الجزائر تصل إلى 31.1% فيما تبلغ نسبة المطلقات 36.9% .
وعلى الرغم من الجهود المكثفة لصناديق تيسير الزواج في الإمارات ، فان نسبة العنوسة في تصاعد متزايد ، وقدرت دراسة أجريت في عام 1995 عدد الشابات ، ممن في سن الزواج ولم يتزوجن بـ 32 % ، فيما تصل النسبة وسط الرجال إلى 30 % . وتوقعت الدراسة أن يرتفع عدد العانسات في الإمارات بحلول عام 2010 إلى 76 ألف فتاة ، ويرتفع العدد في عام 2015 إلى 88 ألف عازبة . أما بالنسبة للرجال فيتوقع أن يصل العدد عام 2010 إلى 97 ألف رجل ، ويصل إلى 110 ألف عازب عام 2015 .
وأشارت الدراسة إلى أن ارتفاع تكاليف الزواج ، خاصة المغالاة في المهور ، وعدم قدرة الشباب على إيجاد مسكن مستقل للزوجية، يعدان من ابرز أسباب العنوسة . ولكن هذه المغالاة ، دفعت الكثير من الإماراتيين ، والخليجيين بشكل عام ، إلى تفضيل الزواج من الأجنبيات ، على اعتبار أنهن يقبلن بأقل القليل ، وأدى ذلك لمضاعفة مشكلة العانسات في الخليج بشكل عام ، واضطرت الحكومات لوضع قيود على زواج مواطنيها من أجنبيات ، وذلك للحفاظ على نسيجها الاجتماعي من الذوبان .
والعنوسة في الإمارات لا تخرج عن كونها جزء من الصورة العامة لباقي دول الخليج ، ففي الكويت أشارت إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط الكويتية، إلى أن هناك نحو 75 ألفا كويتيا أعزب في مقابل 70 ألفا كويتية آنسة ، وهذا الرقم بالنسبة لتعداد الكويتيين - الذي لا يتعدى 852 ألفا - يمثل وجود مشكلة لا بد من حلها.
أما في السعودية ، فأكدت إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط السعودية أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات في سن الزواج، وأن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن ، رغم تجاوزهن سن الزواج اجتماعيًا وهو 30 عامًا ، قد بلغ حتى نهاية 1999 حوالي مليون و529 ألفًا ، من مجموع عدد الإناث في المملكة والبالغ 4 ملايين و572 ألفًا امرأة .
ولا تقتصر معاناة المرأة الخليجية على تأخر سن الزواج فقط ، إذ كشفت الإحصائيات عن ارتفاع عدد حالات الطلاق بشكل مثير للقلق ، حيث وصلت نسبة الطلاق في البحرين إلى 34% وفى الكويت 29% وقطر 38% والإمارات 37% .
آهات امرأة عانس وعلى الرغم من أن الأرقام هي " سيدة " الأدلة في عالم الصحافة ، إلا أن الرسالة التي نشرتها مؤخرا صحيفة الشرق الأوسط اللندنية لامرأة سعودية فاتها قطار الزواج قد تكون أقوى تأثيرا.
فسطور الرسالة تقول : " فقدت الإحساس بجمال الحياة.. لم يعد شيء يسعدني.. بعدما فقدت الأمل في أن أكون زوجة وأما.. وأصبحت مشاعر الأمومة تتأجج في قلبي.. بعدما تجاوزت السادسة والثلاثين.. أموت غيظا وكمدا عندما أرى أمًا تحمل طفلها وأخرى تداعبه أو ترضعه " .
وتمضي كاتبة الرسالة مضيفة " للأسف الشديد أننا لا نجد من ينصرنا أو ينصفنا، الأهل يتفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم.. لماذا لا يخطبون لبناتهم ويسعون لسترهن وإسعادهن.. بدلا من ركنهن على الرف.. متى سنعيش.. متى سنسعد.. ومتى ومتى إلى آخر الآمال والأحلام التي اندثرت مع كبوات حظوظنا العاثرة.. إني أتألم في اليوم مليون مرة.. وأقلب الأمر في رأسي فلا أجد به مخرجا.. عزفت عن الناس والحياة.. وأصبحت شخصيتي محطمة ومهزوزة.. ومقهورة.. أصبحت أرى عنوستي في الطبق الذي آكل فيه..! ساءت علاقتي بمن حولي.. وأصبحت أكن حقدا وكراهية لأهلي وللعالم بأسره " .
وتحاول المرأة إيجاد حل لمشكلتها " أتمنى أن أكون زوجة لرجل تشاركني فيه ثلاث زوجات.. أتمنى أن أجد "الحاج متولي" في الواقع كما رأيناه على الشاشة.. إنه منقذ النساء من بئر الأحزان.. والأمراض النفسية التي باتت قاب قوسين أو أدنى.. ما الحل قبل أن يفلت الزمام..! " . .
المصدر:http://us.moheet.com
ـــــــــــــ
حقوق الزوجين و أساليب السعادة الزوجية
للزواج آثار مهمة ومقتضيات كبيرة. فهو رابطة بين الزوجين يلزم كل واحد منهما بحقوق للآخر:
فهناك حقوق بدنية. وحقوق اجتماعية.. وحقوق مالية.
فيجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما الآخر بالمعروف، وأن يبذل الحق الواجب له. بكل سماحة وسهولة من غير تكره لبذله، ولا مماطلة، قال الله - تعالى -: {وعاشروهن بالمعروف} (النساء: 19) وقال - تعالى -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} (البقرة: 268)، كما يجب على المرأة أن تبذل لزوجها ما يحب عليها بذله، ومتى قام كل واحد من الزوجين بما يجب عليه للآخر كانت حياتهما سعيدة، ودامت العشرة بينهما، وإن كان الأمر بالعكس حصل الشقاق والنزاع، وتنكدت حياة كل منهما.
ولقد جاءت النصوص الكثيرة التي توصى بالمرأة وتراعي حقها وأن كمال الحال من المحال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وأن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوجاً، فاستوصوا بالنساء».. وفي رواية: «إن المرأة خلقت من ضلع ولن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها. طلاقها».. وقال - صلى الله عليه وسلم - «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر» ومعنى لا يفرك: لا يبغض، ففي هذه الأحاديث إرشاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - أمته كيف يعامل الرجل المرأة. وأنه ينبغي أن يأخذ منها ما تيسر: لأن طبيعتها التي خلقت عليها أن لا تكون على الوجه الكامل، بل لابد فيها من عوج، ولا يمكن أن يستمتع بها الرجل إلا على الطبيعة التي خلقت عليها، وفي هذه الأحاديث أنه ينبغي للإنسان أن يقارن بين المحاسن والمساوئ في المرأة، فإنه إذا كره منها خلقاً فليقارنه بالخلق الثاني الذي يرضاه منها. ولا ينظر إليها بمنظار السخط والكراهية وحده.
وإن كثيراً من الأزواج يريدون الحالة الكاملة من زوجاتهم وهذا شيء غير ممكن، وبذلك يقعون في النكد، ولا يتمكنون من الاستمتاع والمتعة بزوجاتهم. وربما أدى ذلك إلى الطلاق، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها» فينبغي للزوج أن يتساهل ويتغاضي عن كل ما تفعله الزوجة إذا كان لا يخل بالدين أو الشرف.
ومن حقوق الزوجة على زوجها: أن يقوم بواجب نفقتها من الطعام والشراب والكسوة والمسكن وتوابع ذلك: لقوله - تعالى -: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} (البقرة: 223)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، وسُئل ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت».
ومن حقوق الزوجة على زوجها: أن يعدل بينها وبين جارتها (الزوجة الثانية) إن كانت له زوجة ثانية، يعدل بينهما في الإنفاق والسكنى والمبيت، وكل ما يمكنه العدل فيه، فإن الميل إلى أحداهما كبيرة من الكبائر، قال النبي - صلي الله عليه وسلم –: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» وأما مالا يمكنه أن يعدل فيه كالمحبة وراحة النفس فإنه لا إثم عليه فيه، لأن هذا بغير استطاعته قال الله - تعالى -: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} (النساء: 129). وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك».
ولكن لو فضل إحداهما على الأخرى في المبيت برضاها فلا بأس، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة حين وهبته سودة لعائشة وكان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يسأل وهو في مرضه الذي مات فيه: «أين أنا غداً. أين أنا غداً؟ «فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات.
أما حقوق الزوج على زوجته: فهي أعظم من حقوقها عليه: لقوله - تعالى -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} (البقرة: 228)، والرجل قوّام على المرأة. يقوم بمصالحها وتأديبها وتوجيهها، كما قال - تعالى -: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} (النساء: 34).
فمن حقوق الزوج على زوجته: أن تطيعه في غير معصية الله، وأن تحفظه في سره وماله، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمر ت المرأة تسجد لزوجها»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح».
ومن حقوقه عليها، أن لا تعمل عملاً يضيع عليه كمال الاستمتاع، حتى لو كان ذلك تطوعاً بعبادة: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه».
ولقد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضا الزوج عن زوجته من أسباب دخولها الجنة، فروى الترمذي من حديث أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة».
http://www.lahaa.net المصدر:
ـــــــــــــ
الأسرار الزوجية عامل سعادة أم شقاء ؟!
الدكتورة ليلى بيومي
العلاقة الزوجية سر حرم الله إفشاءه.
كلما زال السر بين الزوجين كان ذلك مؤشراً على السعادة الزوجية.
ماضي الزوجة أمر حساس بالنسبة للرجل.
الأسرار بين الزوجين ... موضوع قد يكون فيه شيء من الحساسية ... فما هي حدود الأسرار بين الزوجين؟ وهل لكل منهما أن يخفي سره عن الآخر؟ وما الأسرار التي يجب إخفاؤها؟ وهل الوصول إلى الشفافية يقتضي المصارحة المطلقة بين الزوجين؟
في السطور القادمة يجيب الخبراء وعلماء الإسلام على هذه الأسئلة ...(52/65)
تقول الدكتورة نادية هاشم أستاذة الفقه بجامعة الأزهر: لا أسرار بين الزوجين ... فأسرار الزوجة هي أسرار الزوج وأسرار الزوج هي أسرار الزوجة فهما كالعقل الواحد في الجسد الواحد، هذا إذا اتبع كل منهما سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في اختيار صاحبه ووفقه الله في الاختيار. أما إذا جانبه التوفيق في ذلك فعليه أن يصبر فيما ابتلى به في صاحبه.
أما هل يحق له كتمان أسراره حفاظا على استقرار الأسرة وصوناً لكرامته فهذا على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الأسرار التي تتعلق بالعلاقة الزوجية بين الزوجين وهذه وجب سترها ولا يجوز إفشاؤها للحديث الشريف: (إن شر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها وتنشر سره) والحديث دليل على ما يدور بين الزوجين من أمور العلاقة الزوجية.
الأمر الثاني: إذا كانت الأسرار تتعلق بالأسرة نفسها كتربية الأبناء أو قلة النفقات أو ما شابه ذلك فهو شركة بينهما فإذا استطاع أحدهما أن يمر بالأزمة وحده تخفيفاً عن صاحبه مع قدرته على الوصول بالأسرة إلى بر الأمان فلا حرج في ذلك. فإذا ترتب على ذلك ضرر فيحرم على أحدهما أن يكتم الأمر على صاحبه كأن تكون الفتاة معوجة وعجزت الأم عن إصلاحها، أو فسد خلق الابن وخرج عن الجادة وعجز الأب عن تقويمه فقد يكون في المصارحة والمشاركة الوصول بالأسرة إلى بر الأمان.
أما الأمر الثالث: فهو إذا كانت الأسرار تتعلق بالعلاقات الاجتماعية وعلى رأسها علاقة أحدهما بأهله من حيث الصلة المعنوية أو المادية ... وكان إفشاء هذه العلاقة يهدد كيان الأسرة بالانهيار فيباح لأحدهما أن يكتم عن صاحبه بره بأهله. والمرأة كالرجل في ذلك باعتبار أن الشرع أباح لها حرية إطلاق اليد فيما تملك.
أما ما روى في الحديث الشريف: (لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها) وفي لفظ (لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها) فيحمل على حسن العشرة واستطابة النفس وتهديد كيان الأسرة بالانهيار خارج عن ذلك.. كما يمكن حمله على غير الرشيدة.
المصارحة الزوجية:
يرى الدكتور أحمد عبد الرحيم أستاذ علم الاجتماع: إن أفضل شيء في الزواج هو المصارحة الكاملة حتى في الأمور التي حدثت قبل الزواج مثل الخطوبة أو عقد القران.. فإذا خطب كل منهما أو عقد قرانه قبل ذلك فعليه ألا يخفي هذا عن صاحبه فهذا أمر رسمي يعرفه الناس وربما عرف الطرف الآخر ذلك عن طريق آخر بينما كان الزوج أو الزوجة تخفيه فهنا تهتز الثقة، أما إذا كانت هناك علاقات عاطفية فقط فالأفضل إخفاؤها، كما يجب على كلا الزوجين الإحاطة بكل المشكلات العلمية والنفسية والاجتماعية لزوجه.
وإذا ساعدت الزوجة أهلها فعليها أن تخبر زوجها بذلك وتقول له إن أهلها ضعفاء وتشركه في ذلك، ولها أيضًا أن تعرف دخل الزوج بالتفصيل حتى لا تتفق على أشياء غير هامة فربما تكون معتقدة أن دخل زوجها أكبر مما تتصور ويجب أيضًا أن تعرف إذا كان عليه ديون وما هو حجمها، أما إذا كان الزوج مسرفاً ومبذراً فعليها أن تستخدم أسلحتها النسائية ومع الصبر والإلحاح يمكنها أن تغير سلوكه وهذا أفضل من أن تخفي عليه شيئًا.
بينما يرى الدكتور عبد السلام عزت أستاذ علم النفس: أن الأسرار إذا كانت تتعلق بأهل الزوج أو الزوجة أو بأصدقاء أحد الطرفين وفي نفس الوقت لا تهم الطرف الآخر وغير مرتبطة بلب الحياة الزوجية وفيها أسرار لا تمس الأسرة فيمكن إخفاء هذه الأسرار، فالزوجة إذا كان لها صديقة منحرفة وشعرت أن ذلك قد يهدد علاقتها بزوجها فعليها أن تصارحه وتخبره بذلك.
كما أن على كل طرف قبل الزواج وبعده أن يكون على علم كامل بالمشاكل الصحية والمالية للطرف الآخر ففي المصارحة والمشاركة تخفيف من المشاكل.
والأسرة التي تتمتع بقدر جيد من الاستقرار النفسي وثقة كل من الطرفين في الآخر نتيجة التكافؤ وحسن الاختيار تختفي فيها تقريباً الأسرار ويحدث نوع من الانصهار والتوحد أمام الظروف والمشاكل وتدريجياً نجد الزوجين يفكران بطريقة واحدة تقريباً.
ثم إن هناك نقطة أخرى وهي أن هناك أزواجاً وزوجات ليس لديهم القدرة على إخفاء الأسرار فهو لا يستطيع نتيجة لتركيبته النفسية أن يحتفظ بالسر ولا يرتاح إلا إذا أخرجه من قلبه. والنساء أكثر شهرة في هذا الخصوص.
الشك وراء إخفاء الأسرار:
بينما يرى الدكتور أحمد المجدوب المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنه لا يوجد إنسان ليس له سر.. فالزوجة مثلاً إذا كان لها أخ فقير وساعدته مادياً فهذا سر ومن الأفضل أن تستر عليه. كذلك لو تعرضت الزوجة لمضايقات بسيطة لا ينبغي أن تخبر بها زوجها حتى لا تثير لديه الحساسيات والقلق أما إذا كانت هذه المضايقات تمس أموراً حيوية فيجب أن تخبر زوجها بما حدث.
أما ما حدث للزوجة قبل الزواج من أسرار فالأفضل عدم ذكرها، فمثلاً لو تكررت الخطوبة لها قبل الزواج وهي تخشى لو علم زوجها بذلك أن يتغير فالأفضل في هذه الحالة إخفاء ذلك.
لكن على العموم هذا متوقف على شخصية الزوج وطريقة تفكيره فهناك زوج واسع الأفق يتمتع بطريقة علمية في تفكيره ولا يقف أمام الأمور الصغيرة، وهذا الزوج يساعد زوجته على أن تبوح بكل أسرارها وهي تضمن عدم تغيره. لكن على الجانب الآخر هناك زوج يقف عند الأمور الصغيرة ويفسرها تفسيرات غير علمية فالأفضل حجب الأسرار الصغيرة عنه.
والأمر مرتبط أيضا بنوع السر فإذا كان السر لا يمس الشرف والاعتبار ولا ينقص من الإخلاص الزوجي فإن الاحتفاظ به وعدم البوح به للزوج ليس أمراً سلبياً. وبالنسبة للزوج فإن من حقه أن يعرف كل صديقات زوجته ومستواهن الأخلاقي حتى إذا وجد في إحداهن شيئًا قد يضر بزوجته وبالتالي بأسرته فإن من حقه أن يتدخل ليحمي الأسرة ويمنع هذه العلاقة.
ثم إن هناك قضية أخرى في هذا الخصوص وهي أن الشك بين الزوجين يولد إخفاء الأسرار.. فالزوجة إذا شكت في زوجها ستخفي أسرارها عنه وكذلك الزوج إذا شك في زوجته فسوف يخفي أسراره عنها.
وإخفاء الأسرار هو الآخر يولد الشك بين الطرفين ... فالمصارحة والشفافية المستمرة تقتل الشكوك في مهدها فالزوج إذا أخفى سراً بسيطاً عن زوجته فقد يصل إليها هذا السر من طرف آخر بطريقة مشوهة ومع هذا التراكم يحدث الشك وعدم الثقة.
المرأة تحفظ سر زوجها:
الدكتور حلمي عبد المنعم صابر الأستاذ بكلية الدعوة بجامعة الأزهر يستشهد بالآية الكريمة: [ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون] ويقول: إن هذه الآية الكريمة دلالة على أن الله - عز وجل- جعل بين الزوجين من التراحم ما لا نجده بين ذوي الأرحام. فهذه أخص علاقة في الوجود وهي سبب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة أو شقاؤه فيها.
فالمرأة التي تطيع زوجها وتحفظ سره وتصون عرضه وبيته سعيدة في الدنيا والآخرة وكذلك الرجل.
والسر بين الزوجين يجب ألا يخرج بأي حال من الأحوال حتى للأقارب المقربين، فكلما تلاشى السر قويت العلاقة لأن المفترض أن كلا منها مرآة لصاحبه. لكننا للأسف نجد زوجات يحفظن أسرارهن عند زميلاتهن وصديقاتهن وهؤلاء بدورهن لا يحفظن السر.. في الوقت الذي تضن فيه الزوجة بذلك عن زوجها.
بل الأعجب من ذلك أن كثيرات من النساء العاملات يبحن بأسرارهن إلى زملائهن الرجال في العمل، والعكس صحيح فالرجال يفعلون نفس الشيء. وهذا أمر خطير وحرام ولا يرضاه الله، فيجب أن يكون الزوج مستودعاً لأسرار زوجته وكذلك الزوجة لزوجها، وعلى كل منهما أن يتفهم ذلك ويتفاعل معه وطالما أنه رضي برفيقه وقبله فليقبله على ظروفه وعيوبه وليصبر على ذلك ويحتسب الأجر عند الله.
وعلى الزوج الذي يعلم أن زوجته تساعد أهلها أن يبادر هو بهذه المساعدة إذا كانت في استطاعته..
http://www.al-eman.comالمصدر:
ـــــــــــــ
العلاقات الزوجية مهارات ولباقة
الحياة الزوجية والأنماط الاجتماعية.
الحياة الزوجية أساسها التعارف والتفاهم والتضحية.
عندما نتحدث عن هذا المثلث بمعنى أن يكون هناك تعارف، فيجب أن يعرف كل طرف في الأسرة الطرف الآخر: ميوله، هواياته، إمكاناته، قدراته، عندما يكون التعارف موجوداً فسيترتب عليه تلقائياً تفاهم ، في قضية الطعام، في قضية المعاملة، في قضية المعاشرة.. إلى غير هذه الأمور التنظيمية أو الإدارية داخل البيت. لكن هذا يوصلنا للسؤال: هل هنالك بعض الجوانب التي لن يتنازل عنها الزوج؟ ويكون فيها تضحية.
لكننا نجد أن كثيراً من الأزواج يتأخرون عن العودة للمنزل حتى ساعات متأخرة من الليل، كما يتأخرون في أوقات يكون البيت في حاجة لهم فيها، ولا نتهم الزوج، فقد تكون الزوجة خارج البيت أيضاً، لنفترض أن الطلب هذا واقعي، إننا نريد من الزوج أن يكون في البيت الساعة (9) مساء، هذا يحتاج إلى أمرين: أن لا أتجاهل العادات الاجتماعية في المجتمع، ومنها:(الديوانية، الربع، الشاليه، البر)، وهي أنشطة تكون في الليل – الأمر الآخر هو: هل توجد هناك أمور تجذب الزوج لأن يكون موجوداً في البيت؟
هل هناك نشاط بالفعل هو بديل عن الخروج من البيت- هذا ما يجب أن تفكر فيه الزوجة تفكيراً جيداً أو بالعكس إذا كانت الزوجة هي التي تخرج فليفكر في ذلك الزوج.
لو رجعنا للجانب الأول: الأنماط الاجتماعية فيجب أن نسلم بها، ولا مانع أن يكون للزوج ديوانية يرتادها وأن يكون له أنشطة دورية يخرج إليها مثل البر أو الشاليه ولكن يجب أن تكون بقدر محدد. هنالك نمط من التفكير سائد في مجتمعاتنا وهو (أن الرجل خارج البيت والمرأة داخل البيت)، هذا النمط الاجتماعي جاء من أصل تربية الآباء والأجداد، فمثلاً في مجتمع الكويت لأنهم كانوا أصلاً يقعدون ثمانية أشهر خارج البلد، منها 4 في الغوص و4 في التجارة، فصار النمط السائد أن الرجل يخرج لكسب الرزق، والمرأة تبقى في البيت تربي الأولاد، فيسافر الزوج، والزوجة حامل، ثم يرجع وعندها ولد، فصار النمط أن الأم تبقى في البيت والزوج يكون خارج البيت، وجرى علينا هذا حتى هذا الوقت، رغم عدم وجود الدواعي الأولى، فنحتاج إلى أن نغير المفهوم. بمعنى آخر فالزوج عندما يخرج من البيت فليس ذلك لأنه لا يريد البيت بل هو يخرج لأن الكل يخرجون، وهذا نمط موجود، فعلى الزوجة أن تتقبل هذا إلى أن يحدث تغيير في المجتمع كله، لأن من غير الصحيح أن يقعد الزوج في البيت- يبقى إذن أن نعود لنفس النقطة وهي أن هناك أنماطاً سلوكية اجتماعية قد تكون مسلمة لدى كثير من الأزواج، لكن إذا أردنا أن يكثر هذا النمط فإما أن يصير توجهاً في المجتمع كله، وهذا صعب، أو أن يكون توجهاً داخل البيت.
• الزوجة وعوامل جذب الزوج للبقاء في البيت:
ونعنى بهذا أن تتفنن الزوجة في إيجاد نشاط بديل داخل البيت يجعل الزوج ينجذب إليه ويحب البقاء في البيت، وبعض الأزواج يحبون البقاء في البيت لأن الزوجة أعدت شيئاً من النشاطات أو البرامج أو من المعاملة التي يسعد بها الزوج داخل البيت، ولنفكر في البدائل التي يمكن أن تعوض عن ذلك.
على الزوجة أن تقترح على الزوج كبداية:
- أن يذهبوا معاً والأولاد إلى نزهة أو مطعم مرة في الأسبوع، وأن يتناول العشاء أو الغداء معهم في البيت.
- أن يكون هناك لقاء للأسرة يومي الخميس والجمعة ونشاط مشترك ويفضل أن يكون جزء كبير منه خارج البيت.
- أن يخصص الزوج وقتاً للجلوس مع أولاده الكبار وتفهم مشاكلهم، وتترك له اختيار الوقت المناسب. ويمكنها بعد ذلك أن تطلب أوقاتاً أخرى لأمور أخرى أساسية في البيت، ولاشك في أن الزوج سيوافق إذا وجد في هذه اللقاءات والأوقات ما يسعده فعلاً.
ولا ننصح الزوجة بأن تطلب منه أن لا يذهب إلى الديوانية وأن تحدد له وقت العودة إلى البيت الساعة الفلانية، بل عليها أن تجعله يرجح أن يبقى في البيت لما يجده من المسرة والراحة، وكثير من الأزواج يهربون من البيت من كثرة الطلبات والنكد.
- وعلى الزوجة أن تكون طيبة الحديث حلوة المعشر. وأن لا تفاجئ زوجها عند دخوله إلى البيت بالأخبار السلبية والطلبات الملحة، وأن تشعر الزوج بأن طلباتها ليست مادية فقط والمصروف فحسب، بل أن تشعره بأن بقاءه في البيت ووجوده مع الأولاد ينشران في البيت السعادة والأمان النفسي.
• الأزواج الجدد:
ندعو الأزواج الجدد إلى تفهم حاجات الزوجات الجدد وبعد أن أصبح على الزوجة حالياً مسؤوليات كثيرة وليست كالسابق وأصبحت موظفة، فهي تحتاج إلى المعاملة الطيبة والترفيه.
ولابد من التفاهم بين الزوجين، فلا يبقى الأمر شكوى من الزوج وشكوى من الزوجة، بل لابد من التضحية والتفاهم، وعليهما أن يتشبعا بالفكر السليم الذي يتضمن المعنى الاجتماعي والقيم الاجتماعية الصحيحة.
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــ
أسس الحياة الزوجية السعيدة
أوصت أعرابية ابنتها ليلة زفافها فقالت:-
أي بنية:- إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت للغافل ومعونة للعاقل.
ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية:- إنك فارفت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً، واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً......
أما الأولى والثانية:-
فالخضوع له بالقناعة، وحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة:-
فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح..!
وأما الخامسة والسادسة:-
فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
فأما السابعة والثامنة:-
فالاحتراس لماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير...!
وأما التاسعة والعاشرة:-
فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت سره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــ
55 - طريقة لكسب السعادة الزوجية
أبو عبد الله الذهبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-
فهذه ( 55 نصيحة من المجربين والخبراء وعلماء النفس لكسب السعادة الزوجية )..
أخي الزوج.. أختي الزوجة:-
1- تذكر أن الغياب القصير عن الزوجة قد يقوي الرابطة الزوجية، لكن الغياب الطويل قد يكون معول هدم لها.
2- عليك أن تفهم طبيعة المرأة حتى يمكنك فهم ووعي التعامل الصحيح معها من غير تطرف ولا شطط.
3- لا تدع أي خلاف بينكما يستمر إلى اليوم التالي.
4- تجنب الحديث عن التجارب السابقة أو عن الماضي المرتبط بامرأة أخرى، سواء كانت خطيبة أو زوجة سابقة.
5- ابتعد عن المثالية، وعش حياتك بطريقة طبيعية، ولا تتوقع المعجزات.
6- أعرب لزوجتك عن حبك كلما سنحت لك الفرصة.
7- حارب في نفسك الاستسلام للهم والقلق، وكن دائماً بشوش طلق الوجه متفائلاً.
8- إياك والنقد اللاذع، أو المستمر مع كل صغيرة وكبيرة.
9- حاول دائماً حصر النزاع في دائرة ضيقة، ولا تجعلها تتسع، وسيطر أنت على المشكلة قبل أن تفلت من يدك.
10- الغيرة والشك والشبهات أعداء، فتعامل مع الوقائع ولا تتعامل مع الظنون والأوهام.
11- اغرس في شريك حياتك الثقة في نفسه وفيك، وثق أنت فيه، وابعث فيه الرضى عن النفس.
12- لا يكفي أن تتزوج شخصاً مناسباً حتى تكون سعيداً في زواجك، ولكن يجب أن تكون أنت أيضاً الشخص المناسب.
13- النظافة عنوان الإيمان ودليل الحب.
14- تنازل بعض الشيء عن أشياء تعتبرها جزء من شخصيتك، حتى يتسنى لك التمتع بما تحب من صفات شريكك في الحياة.
15- اهتم بشريك حياتك كما تهتم بنفسك، وأحب له ما تحب لنفسك.
16- الأخذ والعطاء.. تعود كل منهما على التفاهم، ولا تكن أنانياً تريد أن تأخذ أكثر مما تعطي، أو تأخذ كل شيء ولا تعطي شيئاً.
17- الرجل يريد من المرأة أن تكون زوجة مثالية تحسن التصرف في كل شيء، وتمده بالحب والرعاية والحنان، والمرأة تريد من زوجها أن يكون الشخصية القوية التي يمكن الاعتماد عليها، والذي يقدر على سد احتياجاتها، وأن توقن بأنها آخر امرأة في حياته.
18- لا تسارع باتهام شريكك في الحياة عند كل مصيبة، بل لننظر إلى الموضوع نظرة منصفة ولا تسبق الأحداث.
19- عش يومك ولا تفكر بهموم الغد الذي لم يحن بعد، وتصرف في حدود إمكانياتك.
20- عليك أن تفهم قدسية الرابطة الزوجية وأنها ميثاق غليظ، ففكر ألف مرة قبل أن تتخذ خطوة بعدها لا ينفع الندم.
21- لا تعتمد على الحب فقط، وإن كان الحب مهماً وضرورياً في الحياة الزوجية.
22- أعط القدوة من نفسك لشريكك في الحياة، ودع أفعالك تتحدث وتنبئ عن شخصيتك.
23- لا تدع الفرصة لأقاربك وجيرانك في التدخل بينكما، واحرص على حل مشاكلكم بنفسك قدر الاستطاعة.
24- لا تعجل بصحيح ما تراه خطأ من شريكك في الحياة، فهناك عادات لن تتغير إلا بعد زمن بعيد، ولا تضخم الصغائر.
25- لابد من تقبل تبعات الزواج ومسؤولياته بنفس راضية وقلب مطمئن.
26- تجنب قدر المستطاع أسباب الخلاف بينكما، وابتعد عن إحراج شريكك في الحياة.
27- اعمل مع زوجك على القيام بأعمال مشتركة، فسوف تمثل لكما ذكريات سعيدة فيما بعد، وتقرب أكثر بينكما.
28- أتح لزوجك الفرصة بكل حرية للتعبير عن نفسه والعمل على تنمية مواهبه، ولا تسخر من قدراته.
29- الحقوق المالية لابد أن تحترم، ولا يتم التساهل فيها، فهي من أكبر أسباب الخلاف.
30- لا تشرك زوجك في أحزانك، وحاول جاهداً أن تتغلب عليها وحدك، ولكن لا تنساه في أفراحك.
31- احذري أيتها الزوجة صديقاتك اللاتي يتدخلن في حياتك الخاصة، وهن يلبسن ثوب النصح والإرشاد.
32- أشعري زوجك أيتها الزوجة بأنه الشخص المثالي الذي كنت تودين الارتباط به، وأنك فخورة به وبشخصيته.
33- تذكر حسنات زوجك عند نشوب أي خلاف بينكما، ولا تجعل مساوئه تسيطر على عقلك فتنسيك حسناته ومزاياه.
34- اسأل نفسك هذه الأسئلة، حتى تدرك مزايا شريكك في الحياة وتتغلب على مشاكلك بنجاح:-
- ما الذي يعجب كل منكما في الآخر؟!
- ما الخبرات السعيدة التي مرت بكما؟!
- ما النشاط المشترك السار الذي تستمتعان به حقاً؟!
- ماذا يفعل كل منكما ليظهر اهتمامه بالطرف الآخر؟!
- ماذا تنتظر من شريكك لتشعر أنه يحبك ويقدرك؟!
- ما أحلامكما المشتركة للمستقبل؟!
35- في الخلافات الزوجية احذري أيتها الزوجة استخدام الألفاظ الجارحة حتى لا تخسري زوجك.
36- تهادوا.. تحابوا.. ليكن ذلك شعار الحياة الزوجية عند كل مناسبة سارة وسعيدة.
37- الزوجة الذكية هي التي تختار الوقت المناسب لطلباتها وطلبات الأولاد وتختار الوقت المناسب أيضاً لإبداء ما تريد من ملاحظات على سلوك الزوج، أحياناً يكون الوقت المناسب الذي تختارينه ليس هو الوقت المناسب حقاً.. فكري مرة وأخرى.
38- كرامتي.. كبريائي.. كلمات للشيطان ينفث بها في قلب الزوجين عند نشوب الخلاف ويحاول بهما جاهداً أن يبرر لكل منهما الخطأ والبعد عن التصالح.. فهل يصح هذا بين الزوجين؟!!
39- لا تلغي وجود زوجك.. ولا تلغي وجود زوجتك.. فالشورى مهمة في الحياة الزوجية، ولابد أن يشعر كل واحد بأنه مشارك في الحياة الزوجية وأنه غير مهمل.
40- لا تهرب.. ولا تهربي من المنزل عند نشوب المشكلات، فالهروب ليس وسيلة للعلاج، ولامانع من الهدوء قليلاً ثم العودة لحل الخلافات.
41- لا تضايقي زوجك بكثرة أسئلتك فيما لا يخصك، أو تحاولي التطلع على أسرار لا يريد كشفها لك، عندئذ سيترك الزوج المنزل ويمضي إلى مكان آخر يستريح فيه.
42- لا تبتعدي عن زوجك وتجعلي لنفسك قوقعة تجلسي فيها وحدك، ولكن شاركيه بقدر الحاجة.
43- إذا كنت امرأة عاملة فتذكري أن بيتك هو مسؤوليتك الأولى، فحاولي التكيف مع ظروف العمل وواجبات البيت.
44- لا تتجهمي إذا حضر أهل زوجك إلى البيت، ولكن كوني مثال للترحاب وحسن الضيافة والكرم، واعلمي أن زوجك يشعر بك عندها ويتعرف على انطباعاتك.
45- أكرمي حماتك وناديها بأحب الأسماء إليها حسب عادة العائلة، ولا تحاولي الاختلاف معها، واذكري ابنها بالخير أمامها.
46- الجار ثم الجار.. فقد وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإحسان إليه وعونه على الطاعة ومشاركته في الأفراح والأتراح، مما وصى به ديننا الحنيف.
47- الاختلاف الدائم في الرأي يؤدي غالباً إلى اختلاف القلوب، فوافقي زوجك أحياناً حتى وإن كنت غير مقتنعة. واعلمي أن الطاعة في غير معصية الله، وأنها في المعروف.
48- الهدوء الذي يحتاج إليه الزوج في البيت يمكن أن تحصلي عليه عن طريق شغل الأولاد في نوع من الألعاب الذي يحتاج إلى شحذ الذهن، مثل ألعاب الفك والتركيب.. وغيرها.
49- أبناؤك نعمة كبرى، فلا تجعليهم نقمة بإهمالك لهم وسوء تربيتهم، والانشغال عنهم بأي شيء.
50- اقرئي عن مراحل نمو الطفل، وكيف يمكن التعامل معه حتى تحسني تعامله وتتجنبي ما يمكن أن يؤثر على صحته النفسية، ويقيه من الصراعات النفسية فيما بعد.
51- كوني عوناً لزوجك على الطاعة، واطلبي الآخرة كما تطلبي الدنيا.
52- الإسراف مفسد للحياة الزوجية، مضيع لنعمة الله تعالى، والله لا يحب المسرفين، فعليك بالقصد لا تشعرين أبدأ بالحاجة.
53- سعادتك الزوجية لا تعني خلو الحياة الزوجية من المشاكل، وإنما تعني قدرتك على حل تلك المشاكل وحصرها، وألا تؤثر في العلاقة بينك وبين زوجك.
54- احذري الاختلاف مع الزوج أمام الأولاد، أو علو الصوت أمامهم، فهم يتعلمون أولاً بالقدوة والتقليد قبل أي شيء آخر ؛ لأن هذه المشكلات ستحضر في ذهن الطفل وتؤثر عليه فيما بعد.
55- لا تسمح لأحد بالتدخل في حياتك، ولا تكن أنت سبباً في ذلك فلا تحكي أسرار بيتك لصديق أو قريب.
وإلى هنا نصل إلى نهاية هذه الطرق وهذه الأساليب.. لا يعني أنها قد حصرت في هذه النقاط، بل هناك الكثير والكثير من هذه الطرق والأساليب..
http://www.saaid.net بتصرف من:
ـــــــــــــ
لا يسخر أحد الزوجين من هوايات الآخر
أبو عبد الله الذهبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد:-(52/66)
لاشك أن كل إنسان له طريقة في تسلية نفسه، وفي قضاء أوقات فراغه واستراحته.. فهناك من يهوى الشعر.. وهناك من يهوى الرياضة.. وآخر من يهوى القراءة.. الخ. وللناس فيما يعشقون مذاهب.. ومن حكمة الله - سبحانه وتعالى - هذا التنوع والاختلاف، حتى يثري الجميع الحياة، ويعمروا الكون..
وفي يوم كنت أتصفح في كتاب بعنوان (أخطاء شائعة تقع فيها الزوجات وطرق علاجها) للكاتب المبدع الأستاذ: عادل فتحي عبد الله.. فاستوقفتني فقرة تحمل عنوان (السخرية من هوايات الزوج) قرأتها فوجدتها فقرة ممتازة، لكن المؤلف أهمل ذكرها في كتابه الآخر، و الذي يحمل عنوان (أخطاء شائعة يقع فيها الأزواج وطرق علاجها)، ولو أنصفنا فإن للزوجة أيضاً حق في ممارسة هواياتها الخاصة بشرط أن لا تكون على حساب الزوج والبيت والأولاد..
وبعد الاستعانة بالله قمت بإعادة صياغة ما كتبه الأستاذ بأسلوبي الخاص، مع إضافات أخرى تناسب كلا الجانبين (الزوج والزوجة) والله الموفق..
قلت: ومن الأخطاء الجسيمة والغير ملتفت إليها؛ أن يسخر أي إنسان من آخر، فقط لأنه يعمل عملاً لا يروق له.. أو يمارس هواية لا تستهويه أو لا يحبذها أو يستهين بها.. وهذه السخرية مما يبعث على الكراهية لأي شخص، فما بالك بالزوجين اللذين يسخر كل منهما من هوايات الآخر أو اهتماماته؟! مهما تكن هذه الاهتمامات تافهة بالنسبة للآخر..
فلا ينبغي لأحدهما أن يتحدث عنها للآخر بطريقة تضايقه، هذا إن أرادا أن يكسب كل منهما قلب صاحبه..
يقول صاحب كتاب (كيف تكسب الأصدقاء): أول ما ينبغي أن تتعلمه في فن معاملة الناس، هو ألا تعترض الطريق التي يستمدون منها السعادة.
ولاشك أن الحياة اليوم متشعبة ومعقدة بدرجة كبيرة، والرجل بخلاف المرأة.. يعمل ويكد ويجتهد، ويذهب هنا وهناك، ويكون مثقلاً بالهموم والمشاكل..
والمرأة أيضاً بخلاف الرجل.. تعمل وتجتهد في المنزل.. تنظف البيت وتطبخ الطعام و تعتني بالأولاد وتقوم بالكثير من الأعباء المنزلية.. فتكون مثقلاً متعبة وجهدة أيضاً..
وحين يخلو كل منهما بنفسه.. ويحب أن يمارس الشيء الذي يسعده من الهوايات (قراءة.. رياضة.. رسم.. سماع الأشرطة النافعة.. الخ) وطالما أن هذا الشيء في حدود ما أحل الله.. ودون أن يكون على حساب الآخرين.. فيجب أن يترك كل منهما الآخر لحاله – هذا إن كانت الهوايات مختلفة، أما إن كانت الهوايات مشتركة، وهذا غالباً ما يحدث بعد الزواج؛ لأن الزوجة بطبيعة الحال تحرص على أن تسعد زوجها فتحاول أن تتأقلم مع اهتماماته وما يسعده، ومع مرور الوقت لا تشعر الزوجة إلا وقد اندمجت مع هوايات الزوج واهتماماته - يفعل ما يشاء في حدود الشرع، وأما إن كان في ذلك إثم أو كان أحد الزوجين يرتكب ما حرم الله، فإنه على أحدهما أن ينصح الآخر لله، وينهاه عما يفعل بأسلوب حسن، ويدعو الله له، ولا يقره على هذه المعصية أبداً.. فإنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، والطاعة فيما أحل الله فقط بالمعروف، أما الحرام فلا، ولا يجوز لأحدهما بحال أن يرغم الآخر على الحرام – وغالباً ما يكون هذا الإرغام من قبل الزوج – وإن وصل الأمر للطلاق..
والله أعلم..
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
الحياة الزوجية في كلام الناس من الألف للياء..
1- إذا تزوجت الفتاة وهي ما زالت تدرس قالوا: المفروض أنها لا تتزوج الآن!! فالزواج مع الدراسة متعب جداً، ولن تستطيع أن توفق بينهما.
2- و إذا تزوجت بعد الحصول على الشهادة الجامعية قالوا: ذهبت نضارة شبابها، وهي تدرس ومن ثم تزوجت وهي كبيرة, ومن حسن حظها أنها لقيت من يتزوجها.
3- إذا سكنت مع أهل زوجها بعد الزواج قالوا: مسكينة! ضغط جسمي ونفسي، وما تقدر تأخذ راحتها في حياتها.
4- إذا سكنت في بيت لحالها قالوا: مسئولية كبيرة وبتتعب، وبتشعر بالملل لوحدها.
5- إذا كانت تذهب لزيارة أهلها باستمرار قالوا: هي المسيطرة على زوجها، ومخليته مثل الخاتم بإصبعها.
6- وإذا كانت ما تخرج من بيتها إلا شوي قالوا: زوجها معقد وعيشتها معه صعبة؛ الله يعينها.
7- إذا حملت بعد الزواج مباشرة قالوا: لم تشعر بالاستقرار بعد في حياتها، وحتى بعض ثياب جهازها ما بعد لبستها بسبب حملها.
8- وإذا ما حملت بعد زواجها مباشرة قالوا: أكيد فيها مرض، أو إنها ما سعيدة مع زوجها.
9- إذا وضعت بنت قالوا: لازم تحمل مرة أخرى بسرعة لتنجب ولداً.
10- إذا وضعت ولداً قالوا: لازم تحمل مرة أخرى بسرعة، لتنجب آخراً يؤنس وحدة أخيه.
11- إذا حملت مرة أخرى قالوا: ليس عندها إلا الحمل كأنها قطة تنجب أطفالاً كثيرة حتى تربط زوجها بها.
12- إذا لم تحمل ثانية قالوا: أكيد إنها غير سعيدة أو إن زوجها ما ينفق عليها، ويمضي عمرها وهي على طفل واحد.
13- إذا تزوجت الأرملة قالوا: كيف تتزوج هي نسيت زوجها السابق وخانت ذكرياته؟!
14- وإذا ما تزوجت قالوا: ليه ما تتزوج من سيحميها ومن سيصرف عليها وعلى أبنائها ومن سيربيهم؟!
http://www.muslema.com بتصرف يسير من :
ـــــــــــــ
المصارحة بين الزوجين - فوائد وآداب
كتبه : الشيخ مازن الفريح
المصارحة بين الزوجين من أعظم أسباب سعادتهما وأنجع العلاج لحل المشكلات بينهما
فمن فوائدها:
1. إخراج مكنونات النفس وعدم تراكمها مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى الانفجار أو النفرة.
2. تقرّب بين الزوجين، فيشعر كل واحد منهما أنه قريب من الآخر.
3. تُشعر الزوجين بالثقة المتبادلة بينهما فتغمرهما السعادة، ويشعران بالطمأنينة والسكينة.
4. تحل الكثير من المشكلات لاسيما في بداية نشوئها، إذا يعرض كل طرف الأسباب ويقدم الاعتذار.
5. تُقرّب وجهات النظر ويحصل التقارب الفكري في الآراء والتوجيهات لاسيما مع استمرارها.
6. تشعر الزوجة بمكانتها وأهميتها عند زوجها. فتأنس وتفرح تزداد في حبها لزوجها.
أما آدابها: حتى تؤتي المصارحة ثمارها لابد من مراعاة ما يلي:
1. أن تكون بألفاظ وعبارات لا تؤدي إلى جرح المشاعر فلا يصارح الزوج زوجته بعدم محبته لها ولكن يخبرها عن الطرق التي تصل بها إلى حبه.
2. أن يحتفظ كل طرف بالأسرار التي قد يهدم الكشف عنها الحياة الزوجية، فليس من الحكمة في شيء أن تصارح الزوجة زوجها بما وقعت فيه من الذنوب والمعاصي وقد ستر الله عليها فتذهب تكشف ستر الله عليها. وكذلك بالنسبة للزوج.
3. أن تكون المصارحة في أمورهم الأسرية، فليس من المصارحة في شيء أن تكشف الزوجة أسرار صديقاتها وأخواتها لزوجها مما ليس له علاقة بحياتهم الزوجية. وكذلك بالنسبة للزوج.
4. أن لا تتحول إلى مجادلات ثم تتطور إلى مشاحنات تنتهي إلى منازعات.
وفي ضوء تلك الآداب أو الضوابط يمكن أن يجني الزوجان من المصارحة ثمرات يانعة يسعدون بها في حياتهم الزوجية.
http://www.naseh.net المصدر :
ـــــــــــــ
أفكار ذكية في .. تربية أبنائنا على احتواء المشاكل الزوجية
يعود كثير من المشاكل الزوجية إلى الأصول التربوية لكل من الزوجين وبيئة العلاقات الاجتماعية والإنسانية والدينية التي نشأوا فيها. فإذا كان الولد ينشأ على ما تلقاه وتربى عليه في طفولته وشبابه من مبادئ وأخلاقيات وسلوكيات , فإن ذلك ينعكس بالتالي على حياته الزوجية, في طريقة تعامل الزوج مع زوجته ومقدار اهتمامه بها وتقديره لها, وفي طريقة تعامل الزوجة مع زوجها وتقدير رسالتها كزوجة وأم ..
ولذلك فإن المشاكل الزوجية ليست وليدة الصدفة أو وقتها فقط, بل إن لها أصولاً وجذوراً تهيئ لها وتغذيها وتساعد على تفاقمها أو معالجتها بكل حيوية وحكمة.
كيف نهيئ أبناءنا لاحتواء المشاكل الزوجية ؟
يستطيع الوالدان أن يضمنا نجاح زواج أبنائهما إذا أحسنا التربية والتهيئة, ودربا أبناءهما منذ الصغر على كيفية التعامل مع المشاكل في الحياة, بمفهومهم البسيط والمتواضع, فينشأ الابن وعنده عقلية تحليلية يستثمرها إذا كبر عند مواجهة مشاكله الزوجية, وهذه نسميها التربية اللؤلؤية, ولهذا فإننا نقسم التعامل مع الأبناء في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام : مرحلة الطفولة وهي أولها, ثم مرحلة ما قبل الزواج, ثم مرحلة الزواج وما بعدها, وللوالدين دور في المراحل الثلاث, فهما مسؤولان مسؤولية تامة عن أبنائهما, وخير مادة يستعينان بها هي الفقه في الدين, فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
ولنتناول الآن المراحل الثلاث بشيء من التفصيل:
1- مرحلة الطفولة :
لكي لا يقع أبناؤنا في الحفر التي وقعنا بها, فلابد من استثمار أخطائنا الماضية في توجيه أبنائنا نحو المستقبل, فإن كنا نحنا تلقينا تربية القمع والإحجام وتربية الكبت والتحجيم, وعدم إطلاق خيالنا والتعبير عما في نفوسنا بحرية, سواء أكانت هذه التربية في مدارسنا أم في بيوتنا, فلا يجدر بنا أن ندع أبناءنا يسمعون 'سكوت يا أولاد' و 'اسكت ولا كلمة' فإنه منهج عقيم يدمر النفوس والعقول, فإذا كبر هذا الولد وتعرض لمشكلة زوجية, فإنه لا يحسن التعامل معها ولا يرى إلا حلاً واحداً هو الطلاق, ليهرب من مواجهة الواقع, لأنه قد تربى على منهج السكوت وعدم التفكير, ومثال آخر دائماً نراه لو أن الولد جاء إلى أمه يبكي شاكياً من زميله الذي ضربه في المدرسة فتكون ردة فعل الوالدين كالتالي :
- يا ابني اللي ضربك اضربه وتنتهي المشكلة, ففي هذه الحالة : الوالدان يربيان أبناءهما على منهج الحل الواحد للمشكلة, فيعطونه حل العقوبة الفورية, علماً بأن لهذه المشكلة حلولاً كثيرة أخرى, وإن كنت أفضل أن تكون ردة فعل الوالدين تجاه ابنهما الذي جاء وهو يبكي, أن يسألاه السؤال التالي:
ماذا تقترح للتعامل مع زميلك الذي ضربك في المدرسة ؟؟
ولنستمع بكل اهتمام وحيادية لاقتراحاته, ونعلق عليها بشكل غير مباشر, فقد يقول:
- الحل الأول : أن أضربه .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل الثاني : أبلغ عنه المدرس .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل الثالث : أن أسامحه .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل الرابع : أخذ أغراضه .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل الخامس : أكلم زميلي الآخر لمقاطعته .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل السادس : لا أدعوه لحفلتي القادمة .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
-الحل السابع : أقاطعه ولا أكلمه .. فنسأله هل لديك حل آخر؟
- الحل الثامن .. وهكذا ..
وبهذه الطريقة فإننا نسمح لتفكير الولد وخياله أن ينطلقا في اختيار الحلول والإبداع في علاج المشكلة, وبذلك يتعلم أبناؤنا كيفية التعامل مع مشاكلهما الزوجية عندما يكبرون, وهذا هو منهج وقائي والوقاية خير من العلاج.
وإليك قارئنا العزيز بعض الأفكار والبرامج, لدفع أبنائك لمهارة فن احتواء المشاكل في مرحلة الطفولة.
1- تشجيع الأبناء عند مبادرتهم لأي عمل أو قولهم لأي فكرة.
2- دعم الأبناء على الإبداع وفتح آفاق الخيال لديهم .
3- مساعدة الأبناء عند خوضهم لتجربة جديدة في حياتهم .
4- رصد جوائز معينة يأخذها من يحاول علاج مشكلة عائلية .
5- مكافأة من يكتب أكثر الاحتمالات الواردة لعلاج مشكلة معينة.
6- تشجيع الأبناء على المجازفة المعقولة.
7- إشعار الأبناء بالاستقلالية, وتحمل المسئولية عند اتخاذ القرار.
8- نسمح لهم بارتكاب الأخطاء في سبيل الإبداع والتجديد.
9- نشترى لهم الألعاب التي فيها عقد وحلول وتخلق جو التنافس فيما بينهم.
10- نشركهم في المشاكل العائلية ونأخذ رأيهم فيها.
11- نهيئ لهم جو التعلم من الكبار وسماع رأي أهل التجارب والخبرة.
هذه الطرق وغيرها كثير, يمكن للوالدين أن يبتكراها ويستخدماها من أجل تربية أبنائهما على حسن التفكير وسلامة التدبير, فيكون الابن مهيأ لاستقبال أي مشكلة في الحياة وحسن التعامل معها .
2- مرحلة ما قبل الزواج :
ونعني بها المرحلة التي يكون فيها الأبناء مهيئين للزواج , ففي هذه الحالة يكون موقف الوالدين مختلفاً عن مرحلة الطفولة , ففي هذه المرحلة يتوقف دورهما على التوجيه والإرشاد أكثر منه على التدريب , لتصحيح الصور الذهنية والمطبوعة في أذهانهم عن الزواج, والأحلام الوردية, حتى إذا واجهتهم مشاكل مع شريك حياتهم فلا يصدمون بها أو لا يعرفون كيف يتصرفون, وإنما يتلقون المشكلة بصدر رحب ويحسنون التعامل معها, وذلك لأنهم تلقوا تربية متميزة في مرحلة الطفولة, وتلقوا دعماً معنوياً وثقافياً قبل الزواج أهلهم للوقوف على أقدامهم.
ويمكن للوالدين أن يتبعاً البرامج التالية لتأهيل أولادهم قبل الزواج وهي:
1- جلسات الحوار : أن يجلس الوالد أو الوالدة مع الابن أو البنت, ويتحاوروا في الحياة المستقبلة, وغالباً ما يكون هذا الحوار في مرحلة الخطوبة أو قبلها بقليل.
ومن الأسئلة المهمة للحوار والنقاش مع الابن:
س1- كيف ترى نفسك مع شريكة حياتك مستقبلاً .
س2- هل تتوقع أن تواجهك مشاكل في حياتك الجديدة ؟
س3- كم عدد المشاكل التي تتوقعها ؟
س4- ما هي أسباب المشاكل في نظرك ؟
س5- كيف ستتعامل مع المشاكل لو حدثت ؟
س6- هل عندك شخص تستعين به وقت الحاجة ؟
س7- .. وغير ذلك من الأسئلة التي يراها الوالدان ضرورية للحوار والنقاش .
ولا مانع من أن يتحدث الوالدان عن تجاربها الخاصة, وكيف استطاعا أن يتجاوزا الخلاف في بعض المواقف, ويفضل أن لا يكون هذا البرنامج في جلسة واحدة, وإنما يقسم على عدة جلسات.
2- اسأل مجرب: وهي فكرة جميلة نفذها أكثر من صديق لي, وكانت نتائجها مثمرة فعلاً, وملخص الفكرة أنها عبارة عن سؤال يطرحه والد الابن المقبل على الزواج على أصحابه في المجلس أو في وليمة غداء, أو أي مناسبة, ويقول الوالد لأصحابه ماذا يقدم كل واحد منكم من التجارب الزوجية لابني المقبل على الزواج .
إن مثل هذه الكلمات والعبارات إذا سمعها الابن وهو محتاج إليها في هذا الوقت فإنها ستنطبع في ذاكرته, وتفيده مستقبلاً في توسيع دائرة تفكيره مع شريك حياته وتهيئته للحياة الجديدة.
3- مرحلة الزواج:
وهي من أهم المراحل التي يحتاج فيها الأبناء المساعدة لكي نجعلهم يتعاملون مع مشاكلهم الزوجية بمهارة, ويمكن للوالدين الاستعانة بالمؤسسات الاجتماعية من المؤسسات التي تهدف إلى المحافظة على العلاقة الزوجية, والسؤال عن حال الولد وحياته الجديدة مع شريك الحياة بين فترة وأخرى. كل ذلك يحافظ على العلاقة الزوجية ويهيئ أبنائنا للتعامل مع المشاكل بمهارتي الاحتواء والعلاج.
وأقول للوالدين : إذا بقيتم على الدوام تتعاملون مع أبنائكم على اعتبار أنهم أقل كفاءة منكم, فسوف تصبحون مؤسسة عائلية من الأقزام, و إلا فطريق المؤسسة العائلية المتميزة والعملاقة هو من خلال تدريبهم على المهارات الزوجية ومساندتهم عند تطبيقها .
بتصرف من :http://198.169.127.218/kashaf/one_news.asp?IDnews253
ـــــــــــــ
العلاقات الزوجية.. أيام الامتحانات
عبير صلاح الدين
بعض البيوت أو الكثير منها يعلن حالة الطوارئ أيام الامتحانات وما يسبقها من أيام قد تصل شهرين أو ثلاثة أو تمتد إلى العام كله، عندما يكون لديها طالب سيؤدي الامتحان في شهادة تؤهله للدراسة الجامعية.. ويغالي البعض في ذلك وقد يرفعون أجهزة التليفزيون من المنزل ويمنعون حتى الحديث بين أفراد الأسرة في غير وقت الطعام أو للضرورة القصوى، حتى المكالمات الهاتفية تُختصر لأقصى درجة، وتختفي الزيارات العائلية أو زيارات الأصدقاء، بل إن تلك الزيارات قد تقابل بعدم اللياقة عند هؤلاء.
توترات زوجية:
ومن آثار هذا المناخ الأسري شديد التوتر أن العلاقة بين الزوجين تأخذ في التوتر هي الأخرى، فالأب يريد الابن أو الابنة أن يذاكرا عدد ساعات أطول والأم تشفق وتتدخل فيصرخ الأب فترد الأم وتدافع، أو أحيانًا يحدث العكس، فتواكب الأم الأولاد طيلة اليوم في شَدٍّ وجذب في حين يأتي الأب فيريد أن يجلس مع أولاده، فتقول أنه لا وقت لديهم وأنه يدلِّلُهم، ومرة أخرى تنشب المنازعات التي قد تثير مشاكل بين الزوجين تصل أحيانًا للهجر في الفراش، وهكذا تتحول أيام الامتحانات لأيام نكد في الحياة الزوجية.
? ماذا نفعل في أولادنا ؟!
ويبقى السؤال..كيف ينعكس هذا التوتر الزوجي على الحياة الأسرية؟
الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يرى أن تهيئة الجو الأسري في مرحلة ما قبل الامتحان يتطلب توازنًا صعبًا في الأمور الحياتية والترفيهية والدراسية وضبط للعلاقات وفصل التعامل مع الأبناء واستذكارهم عن العلاقة الزوجية الخاصة حتى لا تكون فترة الامتحانات موسم للنزاعات الزوجية. وينبغي أن يكون هذا التوازن والفصل في الأسرة مبنيًّا على أساس أن الطالب أو الابن يجب أن يعرف مسئولياته ويتعلم كيف يقوم بها في اعتدال،وأن الابن أو الابنة هو المفضل لدى الأسرة وليست الشهادة أفضل منه، حيث إن بعض الأسر قد تخطئ بإصرارها وحرصها الشديد على المذاكرة فتُوَصِّل لابنها الطالب رسالة مؤداها أن الشهادة ودرجات النجاح أهم منه، حينئذ يكون موقف الطالب إما كراهية المذاكرة ورفضها وعدم الاهتمام بما عليه من واجبات دراسية، أو يكون موقفه هو الخوف الشديد من المذاكرة ويصاب بالإحباط وعدم تحمل الجلوس إلى الكتاب فنراه يستمتع ويحصل (أي يفهم) ما يقرأه عندما يمسك بإحدى المجلات بينما يصيبه الارتباط والتوتر والصداع وقلة التركيز عندما يمسك بالكتاب المدرسي، وهنا خطأ الأسرة بل قد يصل إلى دائرة المرض سواءً كان هذا المرض بأعراض جسدية أم بأعراض نفسية، وقد يدفع به هذا الصراع إلى ارتكاب أخطر ما يمكن أن يصل إليه إنسان وهو الانتحار، كما قرأنا عن بعض الحالات في الصحف، ومن ذلك يتضح أن موقف الأسرة من المذاكرة ومن توجيه أبنائها وتحفيزهم للدراسة في غاية الخطورة، حيث يترتب عليه نتائج خطيرة قد لا تقف عند المستقبل الدراسي، ولكن تصيب حياة الطالب في مقتل.
? ونسأل الدكتور محمود: لكن كيف يمكن للأسرة أن تحقق هذا التوازن؟
- يجيب: المفروض أن تكون الحياة في الأسرة متوازنة فليُعْطَ التشجيع على المذاكرة في نفس الوقت الذي يتاح فيه للزوجين والأبناء أن يمارسا أمورهم الحياتية بشكل فيه درجة من الراحة والطمأنينة، فيُسْمَح للطالب وللزوجين بنوم ساعات كافية لراحته البدنية والذهنية، كما يسمح للأسرة بأن تتناول طعامها في هدوء و تتجاذب أطراف الحديث في وُدٍّ ورحمة، وأن يستريح الطالب من المذاكرة كلما شعر بالإجهاد.
ومن المفروض أن يكون هناك ترفيه جماعي أسري في صورة يومية ربما يصل إلى ساعة أو أقل خلال اليوم يجدد فيه الطالب نشاطه ويخرج من دوامة الاستذكار إلى عالم الترفيه ويرتاح فيها الزوجين من متابعة الطالب والجدل حول مذاكرته، مثل أن تشاهد الأسرة معًا التلفزيون عندما ينتهي الطالب من مذاكرته لمدة نصف ساعة إلى ساعة، أو تستمع إلى موسيقى هادئة في الشرفة أو تخرج الأسرة للتريُّض أو السير سويًّا في مكان مفتوح.
وهناك ترفيه أسبوعي يمتد من نصف يوم إلى يوم كامل كل أسبوع يُغَيِّر فيه الطالب – وكذلك الوالدان - ممارساتهم اليومية وروتين الحياة الذي مع نهاية الأسبوع يكون قد وصل بهم إلى حالة من الملل والرتابة؛ ولذا فهذا اليوم الترفيهي يجدد النشاط ويشحذ العلاقات داخل الأسرة ،وبين الزوجين، بشحنة جديدة .
ويجب أن يدرك الزوجين أن استقامة العلاقة بينهما تنعكس على روح الأسرة برمتها، وأن تلك الأيام بخيرها وشرها ستمضي ولكن العلاقة الزوجية هي الباقية، ومناخ التفاهم في الأسرة يجب المحافظة عليه في ظل ..عواصف الامتحانات.
المصدر: http://www.islamonline.net
ـــــــــــــ
اللغات السحرية في الحياة الزوجية
الشيخ مازن الفريح
في الحياة الزوجية لغات عديدة يتفاهم بها الزوجان ويتحاور عبرها الحبيبان ولكل لغة أثرها وسحرها ولكل مقام لغة قد لا يصلح فيه غيرها فايكم يجيد هذه اللغات ؟؟؟ومن منا يحسن توظيفها لتقوية المحبة وتوثيق الصلة ؟؟
انها لغات تنعش الحياة الزوجية و تسعد الزوجين في حياتهما الأسرية ومن هذه اللغات المؤثرة ،والتي هي للكثير من المعاني معبرة
لغة النظرات ..
تتكلم فيها العيون فتعبر عما في القلب من شوق ومحبة وانس والفة
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت *************عيني في لغة الهوى عيناك
وتتنوع مفرداتها بحسب بواعثها وغاياتها
فالنظرة الحانية ليست كالنظرة الدافئة الناعسة
ونظرة الاعجاب بالجمال تختلف عن نظرة التعبير عن الشوق الى الوصال
وهناك نظرة العبارة ونظرة الاشارةيتحاور بها الزوجان وهم بين الابناء فلا يفهمها سواهما !!!انها لغة صامتة ولكنها مؤثرة !!هادئة ولكنها مجللة !!! تحرك المشاعروتطرب لها الضمائر سعادة وسروراً وحباً وحبوراً وقد اشار صلى الله عليه وآله وسلم الى هذه اللغة وجعلها من خير متاع الدنيا فقال (اذا نظر اليها _ اي الزوجة الصالحة_سرته)انها نعمة الهية ومسرة زوجية ..
والى جانب هذه اللغة الصامتة لغة أخرى (لامسة )
مفرداتها أكثر من ان تحصر... انها لغة تداوي الجروح
وتطيب بها الروح
وتمسح الأحزان
ويطرب لها الجنان
وتغمر القلب بأُنس القرب ونعيم الحنان ..
ولم تكن السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام لتغفل هذه اللغة من دعوة
تؤكد أثرها بين الزوجين فقال صلى الله عليه وسلم في وصف المرأة الودود التي حصل
بينها وبين زوجها ما يكدر هذا الود بأنها لا تستطيع ان تنام (حتى تضع يدها على يده
وتقول لا اذوق غمضاً حتى ترضى) فهناك تغتفر الزلات
وتنسى الخلافات
وترتسم الابتسامات
وربما حولت لغة اللمس المشاجرة الى معانقة
تفيض فيها العيون فرحاً
ويرقص لها القلب طرباً ..
ومن ابجديات هذه اللغة لمسة الحنان ،ولمسة الاغراء والاثارة ،ولمسة الاعتذار التي
جاء ذكرها في حديث سيد الاخيار صلى الله عليه وسلم.
وهناك لغة ثالثة تتحرك لسحرها العجماوات فكيف بمن فضّله الله وكرمه ؟؟
فقد وجدوا ان أُنثى الحيوان التي تتمتع برائحة أقوى
تكون أقدر على اجتذاب الذكور من الاناث الأخرى
انها لغة العطر لغة (الشم ) ....
لغة حروفها تجري مع النسمات
وتحرك المشاعر والخلجات
لغة ينتشر أريجها
في اجواء البيت المسلم فيحصل التجاذب
وتزيد من التقارب
وللمرأة في هذه اللغة شأن عظيم ..
ولا أحسبكما تظنان ان اللغات السحرية في حياتنا الزوجية تقتصر على ما
ذكرنا فان أنواعها كثيرة ولكن حسبنا الاشارة ويكفينا من العقد ما أحاط بالعنق
.......والله أعلم.
المصدرhttp://www.naseh.net
ـــــــــــــ
وصفة للسعادة الزوجية
سعاد عثمان علي
السعادة الزوجية مطلب عزيز لكل أسرة وهدف قريب المنال لكل من حرص عليه وسعى إليه .(52/67)
الأسرة السعيدة مرتع العطاء والأمان وراحة البال وطريق النجاح ، ونقدم لكم وصفة نافعة بإذن الله للحياة الزوجية السعيدة فتقول:-
أولاً:- عادة الرجل هو الذي يغار على المرأة وإذ بنا نسمع عن غيرة المرأة الجنونية من أمه وأخواته ومن أمور كثيرة لا يحق لها الغيرة فيها ، يا أختاه الحكمة تقول إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع .
ثانياً:- أشعريه دائما بالأمان والثقة و بأنك تتمنين أن تطول الحياة بكما معا ومع أطفالكما وابتعدي عن الأحقاد ، لا تحقري أعماله ولا مشترواته ولا تقللي من شأنه أو من شأن وظيفته أو شهادته ، بهذا العمل سوف تنسفين كل عوامل المحبة والاحترام بينكما .
ثالثاً:- لماذا نجيد التحدث برقة وإيثار مع الناس ولا نتحدث بذلك مع أزواجنا وأولادنا؟ ليتك يا أختاه من اليوم تبدلي طريقة التحدث العدائية مع زوجك وأبنائك وخادمتك بل تحدثي بكل هدوء ومنطقية وبما يفيد ولاتكرري الكلام بدون فائدة وابتعدي عن الدعاء عليه بالسوء ومن التهديد فكلا الطريقتين لا فائدة منهما إلا زيادة الحقد والمشاكل بل أبدلي الجدل بالتفاهم وأبدلي الدعاء السيء بالنصح والإرشاد جربي ذلك وسوف تكسبين بإذن الله.
رابعاً:- مهما طالت العشرة بينكما فلا تهملي أناقتك ولا نظافة المنزل ، بالأخص غرفة النوم بل على المرء أن يهتم بغرفة النوم ففيها يولد ويتربى وفيها يتزوج وفيها يرزق بالأطفال وبالتالي عليك أن لا تجعلي شكلها يبدو قديما أو مهترئا ، وتكون أسوء ما في البيت تلك التي ندخلها ونشم روائح كريهة عالقة بالفراش والستائر والسجاد وهذا يكون بسبب عدم التهوية لذا عليك أن تعرضي بيتك للتهوية بالذات غرف لنوم واحرصي على نظافة البيت ولا تندمي على الجهد والوقت الذي سوف تبذلينه في العناية بزوجك وأبنائه وعليك مع هذا ألا تغضبي من أخطائهم المتتالية والتي أنت تظنينها جحودا ، قال الشاعر:-
كن كالنخيل إذا رميت تعطي بأطيب الثمر
خامسا:- عليك أن تكتمي جميع أسراركما وهي المشاكل التي تقولينها لهذه ولتلك صدقيني يا أختاه إن شكواك للناس لن تفيدك شيء بل إنها تقلل من شأنك ومن احترامك في نظر الغير ، وإياك والجدل معه وأمام الأطفال اتركي الغضب فجميعنا يمكنه أن يعود نفسه على قوة الاحتمال كما أرجو أن لا تحرجينه ولا أن تشكينه لأهله .
سادسًاً:- أرجو أن تمحي كلمة طلقني من قاموس حياتك فالطلاق لن يريحك ولا سيما بعد أن تنجبين الأطفال ، والزوج كثيراً ما يكون متعقلا و لا يستجيب لمواترة الزوجة لكن الحصيلة لتلك المواترات هو قلق الأبناء و زرع الخوف الدائم في حياتهم بالطلاق ، الطلاق يا أختاه هو سبب تعاسة الأبناء و انحراف البنات و تعاسة الأم و تدهور الحياة الزوجية .
سابعًا :- لا تكذبي على زوجك أبداً و لا تعصيه في أمر من الأمور إلا في ما كان فيه معصية لله تبارك و تعالى و إن كنت تخافين جبروته لا تقولي له الذي حدث وهو غاضب ، قولي له عندما يكون هادئا سأعترف لك بشيء لكن عدني بعدم المعاقبة و لا تقسو علي حتى لا أخبأ عنك الأمور فيما بعد ، هنا حتما سيكون متعقلا و سوف يكون الموقف في صالحك بإذن الله تعالى وقتها سيصبح جميع أبنائك صادقين صرحاء لا يخافون من كلمة الحق و تذكري بأن الاعتراف بالحق فضيلة .
ثامناً :- احرصي على عمل اجتماع أسري كل أسبوعين مرة يكون الحديث لوالدهم و مرة يكون فيها الحديث لك و قدمي التوجيهات لأبنائكما على شكل طلب رقيق و حث الأبناء على النجاح بصورة أمنيات لأن نراكم بإذن الله تعالى كذا و كذا و ليس بالأسلوب القديم وهو أسلوب التقريع و التهديد و المقارنة بالآخرين مما يجعلهم يشعرون بالنقص في نفوسهم فتكون النتائج عكسية ، دائما وأبدا أسمعي زوجك و أسمعي أبنائك كلمة الحمد ، الحمد لله الذي جعلكم أسرة و عائلة واحدة و أعطاكم من نعمه العظيمة و عددي نعم الله عليكم حتى يشعر الجميع بالنعم التي تحيط بكم و يشعر الجميع بالرضى و السعادة و ذكريهم بالله تعالى و بعظيم هذه المنن التي أنعمها عليكم مع أصدق دعواتي للجميع بالتوفيق .
المصدر : http://www.islamweb.net
ـــــــــــــ
معالم في طريق السعادة الزوجية
أيمن أسعد عبده
بعد أن انتهت مراسم حفل الزفاف الذي كان متميزاً في كل شيء: متميزاً في بساطته وبعده عن التكلف والإسراف، وفي خلوه من منكرات الأفراح، اختلى العروسان في غرفتهما الخاصة، وما هي سوى لحظات حتى مد الشاب يده ووضعها على رأس عروسه، ثم دعى بالدعاء المأثور: (اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه)(1)، ثم توضأ وصلى بها ركعتين، وبعدها رفعا أيديهما بالابتهال إلى الله (تعالى) أن يوفقهما في حياتهما الجديدة، وأن يحفظ بيتهما الصغير من كل شر، وأن يجمع بينهما في خير.
بعدها جلسا يحددان الأسس التي سوف يقوم عليها بناء حياتهما الزوجية، والمعالم التي سوف يستضيء بها زورقهما الصغير وهو يسلك طريقه عبر الأمواج إلى بر الأمان. فكان مما اتفقا عليه:
أولاً: سلامة النية: فالنية هي أساس الأمر ولبه، وهي التي تتفاضل بها الأعمال، وبصلاحها يتحول العمل من عادة إلى عبادة، يأجر الله عباده عليها. فاتفقا على أن يعقدا قلبيهما على نية صالحة في زواجهما؛ بأن ينطلقا في حياتهما الزوجيه من المنطلقات التالية:
الاستجابة لأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- لشباب أمته بالمبادرة إلى الزواج في مثل قوله: (يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..)(2).
احتساب إحصان الفرج وغض البصر وإعفاف النفس، وبهذه النية يحصل الزوجان على عهد من الله (تعالى) بالعون والتوفيق، قال: (ثلاثة حق على الله (تعالى) عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)(3)، ومن أوفى بعهده من الله!.
احتساب أجر إقامة البيت المسلم وفق منهج الله (تعالى).
احتساب إنجاب الذرية الصالحة التي توحد الله؛ وتكثّر سواد الأمة التي يباهي بها النبي-صلى الله عليه وسلم- الأمم يوم القيامة، واحتساب تربيتهم التربية الإسلامية؛ لعل الله أن يخرج منهم من يحمل همّ هذا الدين، ويقوده إلى النصر والتمكين، أو لعل الله يوفق بعضهم ليكونوا علماءً أفذاذاً أو مجاهدين أبطالاً.
احتساب أجر النفقة على الزوجة والعيال، قال: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة)(4).
فإذا عقد الزوجان قلبيهما على هذه النية: صارت كل لحظة من حياتهما الزوجية عبادة يؤجران عليها، فيا لها من أجور عظيمة.
ثانياً: التعاون على الطاعة: بأن يحض كل منهما الآخر على عمل الخير ويشجعه عليه، قال: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلي فأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(5)، فإن لم يكن التشجيع على الطاعة فلا أقل من عدم الوقوف عقبة في سبيلها، فكم من زوجة وقفت في طريق زوجها للعبادة أو طلب العلم أو الجهاد أو الدعوة بكثرة طلباتها وعدم استعدادها للتضحية بشيء يسير من حقوقها، والعكس صحيح، قال الله (تعالى): ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ)) [المنافقون: 9]، والأسوة الحسنة في ذلك هن أمهات المؤمنين والصحابيات (رضي الله عنهن) اللاتي كن يقلن لأزواجهن في الصباح حين يودعنهم على الباب: يا فلان اتق الله فينا، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام!.
ثالثاً : إقامة البيت المسلم والأسرة المسلمة وفق شرع الله وسنة نبيه-صلى الله عليه وسلم-: فلا يقْدِمان على خطوة إلا بعد أن يعلما حكم الله ورسوله فيها، فإن علماه لم يُقَدّما عليه شيئاً أبداً: عرفاً، أو عادة، أو هوى، ويستعليان بعقيدتهما، ويقفان بصلابة أمام التيار المضاد، يضربان المثل والقدوة فيما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المسلمة والبيت المسلم بقدر استطاعتهم ، فياله حينذاك - من بيت مبارك تعبق أنحاؤه بآيات الذكر الحكيم، ويفوح من جنباته أريج سنة خير المرسلين.
رابعاً : بناء حياتهما على المحبة والرحمة والمودة والعشرة الحسنة، امتثالاً لأمر الله ورسوله: فالميثاق غليظ عقده الله (عز وجل) ورتب عليه الثواب والعقاب، ولا يمكن - في التصور الإسلامي - أن يكون بين الزوجين حقد أو بغضاء أو حسد، كيف وقد أفضى بعضهم إلى بعض، يقول سيد قطب (رحمه الله) في تفسير قوله (تعالى): ((وَكَيْفَ تَاًخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً)) [النساء: 21]: (لا يقف لفظ (أفضى) عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل المشاعر والعواطف والوجدانات والتصورات والأسرار والهموم، يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمتهما فترة من الزمان، وفي اختلاجة حب إفضاء، وفي نظرة ود إفضاء، وفي كل لمسة جسم إفضاء، وفي كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء...)(6).
والأحاديث الصحيحة تكاد لا تحصى في الحض على حسن العشرة بين الزوجين، كما أن السيرة العطرة مليئة بالنماذج العملية من حياة النبي-صلى الله عليه وسلم- على الحياة الزوجية الهانئة الجميلة في البيت النبوي الكريم.
خامساً : لا تمنع المحبة والعشرة بالمعروف بين الزوجين من أن يكونا حازمين مع بعضهما في التربية والتوجيه: وخاصة من ناحية الزوج، فمحارم الله (عز وجل) لا مداهنة فيها، والتقصير في الأمور الشرعية لا يمكن السكوت عنه، فها هو النبي-صلى الله عليه وسلم- يدلل زوجاته أرق الدلال، فكان يدلل عائشة (رضي الله عنها) بقوله: (يا عائش)(7)، (يا حميراء)، وكانت تشرب من الإناء وهي حائض، فيأخذه النبي-صلى الله عليه وسلم- فيضع فاه على موضع فيها(8)، وكان يقبّل نساءه وهو صائم(9)، ولكنه مع هذا كله لم يقم لغضبه شيء إذا انتهكت حرمات الله، قالت عائشة (رضي الله عنها): (حشوت وسادة النبي-صلى الله عليه وسلم- فيها تماثيل كأنها نمرقة، فقام بين البابين وجعل يتغير وجهه، فقلت: ما لنا يا رسول الله؟ قال: ما بال هذه الوسادة؟ قالت: وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها، قال: أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة...)(10).. وغير ذلك كثير.
سادساً: أن يكونا لبعضهما كما كان أبو الدرداء وأم الدرداء (رضي الله عنهما): كانت إذا غضب سكتت واسترضته، وإذا غضبت سكت واسترضاها، وكان هذا منهجاً انتهجاه من يوم زواجهما، وياله من منهج حكيم، فكم من البيوت هدمت، وكم من الأسر انهارت بسبب غضب الزوجين معاً وعدم تحمل أحدهما للآخر.
سابعاً: الزوجان بشر: ومن طبيعة البشر الخطأ والنقص، فإن وقع الخطأ والتقصير من أحد الزوجين في حق الطرف الآخر - إذا كان من الأمور الدنيوية - فعلى الطرف الآخر الصفح والعفو، فلا ينسى حسنات دهر أمام زلة يوم، وعليهما أن يغضا الطرف عن الهفوات الصغيرة مع التنبيه بأسلوب لطيف ليس فيه جرح للكرامة أو إهانة، ولهذا نهى النبي-صلى الله عليه وسلم- أن يطرق الرجل أهله ليلاً، وأن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم(11)، وكان هذا أسلوب النبي-صلى الله عليه وسلم-، فعن أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها): أنها أتت بطعام في صحفة لها إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فجاءت عائشة مئتزرة بكساء، ومعها فِهْر (12)، ففلقت به الصحفة، فجمع النبي-صلى الله عليه وسلم- بين فلقتي الصحفة وهو يقول: (كلوا، غارت أمكم) مرتين (13). فيا له من معلم حكيم صبر على هذا الخطأ العظيم من عائشة، وعالجه بالصفح والحلم والتماس العذر.
ثامناً: المشكلات والعيوب والنقائص تبقى بين الزوجين فلا يطلع عليها الأهل والأقارب: لأن هذه الحياة حياة سرية ولا بد أن تبقى بين الزوجين، فالغالب على هذه المشاكل أنها إذا خرجت عن نطاق الزوجين فإنها تتطور وتتعقد، إلا إن وجد الزوجان أن الحياة بينهما أضحت مستحيلة، فإن لهما أن يشركا بعض المقربين من ذوي الدين والعقل للمساعدة في حل هذه المشكلات.
تاسعاً: أن يوضح كل منهما للآخر من أول يوم أهدافه في الحياة على المدى البعيد والقريب والوسائل التي يستخدمها للوصول إلى هذه الأهداف: فيكون لهما أهداف مشتركة يتعاونان عليها، كما يكون لكل منهما أهداف خاصة به، ولا بأس من أن يطلع زوجه عليها لكي يساعده عليها؛ ولا يقف حائلاً بينه وبين تحقيقها.
إذا وضع الزوجان المباركان هذه الأسس نصب أعينهما، وسجلاها في ورقة يكون مع كل واحد منهما نسخة منها، بحيث تكون ميثاقاً بينهما يراجعانه بين الحين والحين، واتفقا بأن لا تكون هذه الأسس والمعالم حبراً على ورق، بل تتحول إلى واقع يحاولان تطبيقه قدر المستطاع، ويذكر أحدهما الآخر بأن المسألة صعبة تحتاج إلى مجاهدة وصبر وتربية، وتعاهدا على المحاولة الجادة لتنفيذها.. فهذه معالم مباركات لكل زوجين وكل شاب وشابة مقبلان على الزواج، ينشدان السعادة الزوجية.. والله الموفق.
الهوامش :
1) رواه البخاري
2) رواه مسلم.
3) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، وحسنه الألباني.
4) متفق عليه.
5) رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح.
6) في ظلال القرآن لسيد قطب.
7) كما في صحيح البخاري.
8،9) كما في صحيح مسلم.
10) أخرجه البخاري.
11) رواه البخاري.
12) الفهر : حجر ناعم صلب.
13) رواه النسائي في عشرة النساء.
Cd مجلة البيان
ـــــــــــــ
مشكلات بين الزوجين
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ قَالَ فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا قَالَ فَقَالَ لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتْ النَّاسَ وَأَمَّا قَوْلُهَا يُفَطِّرُنِي فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ
رواه أبو داود 2459
( وَيُفَطِّرنِي ) : بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يَأْمُرنِي بِالْإِفْطَارِ ( فَإِنَّهَا تَقْرَأ بِسُورَتَيْنِ ) : أَيْ تَقْرَأ بِسُورَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ فِي رَكْعَة أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ ( وَقَدْ نَهَيْتهَا ) : أَيْ عَنْ تَطْوِيل الْقِرَاءَة وَإِطَالَة الصَّلَاة قَالَ: أَبُو سَعِيد ( فَقَالَ ) : رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَوْ كَانَتْ ) : اِسْمه يَعُود إِلَى مَصْدَر تَقْرَأ أَيْ لَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة بَعْد الْفَاتِحَة ( سُورَة وَاحِدَة ) : أَيْ سُورَة كَانَتْ وَلَوْ أَقْصَرهَا . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : لَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَة سُورَة وَاحِدَة وَهِيَ الْفَاتِحَة ( لَكَفَتْ النَّاس ) : أَيْ لَأَجْزَأَتْهُمْ كَفَتْهُمْ جَمْعًا وَأَفْرَادًا كَذَا فِي الْمِرْقَاة ( فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ لَا تَصُوم اِمْرَأَة إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجهَا ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه أَنَّ مَنَافِع الْمُتْعَة وَالْعِشْرَة مِنْ الزَّوْجَة مَمْلُوكَة لِلزَّوْجِ فِي عَامَّة الْأَحْوَال , وَأَنَّ حَقّهَا فِي نَفْسهَا مَحْصُور فِي وَقْت دُون وَقْت , وَفِيهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح إِذَا اِمْتَنَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ إِيفَاء الْحَقّ وَإِجْمَال الْعِشْرَة , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهَا لَوْ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ كَانَ لَهُ مَنْعهَا وَحَصْرهَا ; لِأَنَّ حَقّه عَلَيْهَا مُعَجَّل وَحَقّ اللَّه مُتَرَاخٍ , وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , وَلَمْ يَخْتَلِف الْعُلَمَاء فِي أَنَّ لَهُ مَنْعهَا مِنْ حَجّ التَّطَوُّع ( فَإِنَّا أَهْل بَيْت ) : أَيْ أَنَا أَهْل صَنْعَة لَا نَنَام اللَّيْل ( قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَلِكَ ) : أَيْ عَادَتْنَا ذَلِكَ وَهِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْقُونَ الْمَاء فِي طُول اللَّيَالِي ( لَا نَكَاد نَسْتَيْقِظ ) : أَيْ إِذَا رَقَدْنَا آخِر اللَّيْل ( قَالَ فَإِذَا اِسْتَيْقَظْت فَصَلِّ ) : ذَلِكَ أَمْر عَجِيب مِنْ لُطْف اللَّه سُبْحَانه بِعِبَادِهِ وَمِنْ لُطْف نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِفْقه بِأُمَّتِهِ , وَيُشْبِه أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى مَعْنَى مَلَكَة الطَّبْع وَاسْتِيلَاء الْعَادَة فَصَارَ كَالشَّيْءِ الْمَعْجُوز عَنْهُ , وَكَانَ صَاحِبه فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُغْمَى عَلَيْهِ , فَعُذِرَ فِيهِ وَلَمْ يُثَرَّبْ عَلَيْهِ . وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ يُصِيبهُ فِي بَعْض الْأَوْقَات دُون بَعْض , وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يُوقِظهُ وَيَبْعَثهُ مِنْ الْمَنَام فَيَتَمَادَى بِهِ النَّوْم حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس دُون أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْهُ فِي عَامَّة الْأَحْوَال فَإِنَّهُ يَبْعُد أَنْ يَبْقَى الْإِنْسَان عَلَى هَذَا فِي دَائِم الْأَوْقَات وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَد لَا يُصْلِح هَذَا الْقَدْر مِنْ شَأْنه وَلَا يُرَاعِي مِثْل هَذَا مِنْ حَاله وَلَا يَجُوز أَنْ يُظَنّ بِهِ الِامْتِنَاع مِنْ الصَّلَاة فِي وَقْتهَا ذَلِكَ مَعَ زَوَال الْعُذْر بِوُقُوعِ التَّنْبِيه وَلِإِيقَاظِ مِمَّنْ يَحْضُرهُ وَيُشَاهِدهُ وَاللَّهُ أَعْلَم
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَتَتْ سَلْمَى مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْذِنُهُ عَلَى أَبِي رَافِعٍ قَدْ ضَرَبَهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رَافِعٍ مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَبَا رَافِعٍ قَالَ تُؤْذِينِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ آذَيْتِيهِ يَا سَلْمَى قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آذَيْتُهُ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ أَحْدَثَ وَهُوَ يُصَلِّي فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا رَافِعٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمْ الرِّيحُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَقَامَ فَضَرَبَنِي فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ وَيَقُولُ يَا أَبَا رَافِعٍ إِنَّهَا لَمْ تَأْمُرْكَ إِلَّا بِخَيْرٍ
المختار الإسلامي
ـــــــــــــ
فيروسات الحياة الزوجية
أسبابها والقضاء عليها
الحياة الزوجية معرضه للإصابة بفيروسات؛ نعم هي عرضة لذلك. واليك قائمه بالفيروسات وطريقه التخلص منها.
الفيروس الأول: الغيرة تصنيفه : فتاك
أسبابه :
1/ الرغبة بالامتلاك 2/ الشك بالشريك الآخر
3/ الافتقاد إلى الصراحة
طريقه العلاج:
1/ احترام حرية وخصوصية الشريك الآخر 2/ الصراحة التامة والمناقشة الهادئة الموضوعية
3/ الابتعاد عن الاختلاط.
الفيروس الثاني: الكذب تصنيفه : قاتل
أسبابه:
1/ الخوف 2/ التقصير
3/ الهروب وعدم المواجهة
طريقه العلاج:
1/ تجاوز الأخطاء البسيطة للشريكين 2/ معرفه الوجبات والمسؤوليات لكليهما
3/ الاعتراف بالأخطاء ببساطه حين حدوثها
الفيروس الثالث: العنف تصنيفه : خطير جداً
أسبابه:
1/ العناد والتحدي والجدال الاستفزازي 2/ ضعف الشريك الآخر وعدم التكافؤ
3/ بعض الفيروسات في هذا الموضوع
طريقه العلاج:
1/ الصبر.المسايرة .التسامح.القناعة 2/ العطف والحميمة في العلاقة الزوجية
3/ الصدق والصراحة في كل الأحوال
الفيروس الرابع: تدخل الأهل تصنيفه : خطير جداً
أسبابه:
1/ تسرب المشاكل الشخصية خارج المنزل
2/كثره الزيارات للأهل و إطلاعهم على تفاصيل خاصة وبدون مبرر
طريقه العلاج:
1/ المحافظة على سرية وخصوصية العلاقة الزوجية والاعتدال في الزيارات والاهتمام في شوؤن المنزل والعائلة أولاً.
الفيروس الخامس: الأنانية تصنيفه : خطير
أسبابه:
1/ حب الذات 2/ عدم الشعور بالمسؤولية
طريقه العلاج:
1/ احترام حاجات ورغبات الطرف الآخر 2/المشاركة بين الطرفين في السراء والضراء
الفيروس السادس : البخل تصنيفه : خطير
أسبابه:
1/ طبع سيء وصفه منفرة
طريقه العلاج:
1/ الحمد والشكر على عطاء الله والتمتع بالرزق الحلال واليقين بأن الموت قريب دائماً.
الفيروس السابع: الملل تصنيفه : خطير
أسبابه:
1/ روتين الحياة 2/ الافتقار إلى التجديد في الأمور اليومية
3/ الفراغ
طريقه العلاج:
1/ السعي إلى التجديد حتى في أبسط الأمور 2/ قليل من التغير وخلع ثوب المثالية قد يفيد
3/ ملأ الفراغ بأشياء مفيدة وأفكار متجددة.
الفيروس الثامن: الكسل تصنيفه : خطير
أسبابه:
1/ منشأ ذاتي 2/ الاتكالية
طريقه العلاج:
1/ تنظيم الحياة اليومية 2/ الاعتماد على الذات قدر الإمكان
3/ الإحساس بالمسؤولية
وأرجو أن تكون مناعتكم قويه من كل هذه الفيروسات، ولكم منى أطيب تحية.
http://mawada1.tripod.com المصدر :
ـــــــــــــ
الآثار المترتبة على غلاء المهور
إن في هذا العصر وفي مناطق عديدة من العالم الإسلامي أصبحت لدى الناس ما يسمى بعقدة غلاء المهور وقد تكون من الجانبين وقد يكون من جانب واحد أي "والد الفتاة" والمتزوج، والقصد عن المتزوج هو يطالب بالزيادة رغبة منه في المفاخرة.(52/68)
ومن المؤسف حقاً أن نرى ولي الفتاة والتي ستكون زوجة المستقبل ينتظر ما يدفع في ابنته أو أخته، ومن المؤسف أيضاً أن يقابله المتزوج الغني بالموافقة بكل ما يطلبه، هذا مع عرض لما سيقوم به يوم الزواج من استئجار قصور أفراح أو جناح في فندق مع المظاهر الكذابة الأخرى كالذهب والعشرات من الذبائح والتي يحتاج إلى مثل هذه النعمة الكثير من الناس والذين لم يذق بعضهم طعم اللحم من أشهر أو أكثر، هذه المفاخر والمغالاة لا يقرها الإسلام وقد قال – تعالى-: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) صدق الله العظيم. وقال - صلى الله عليه وسلم-: (إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة) [رواه أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها-].
ويروي مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: (إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي: هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً؟ فقال: نظرت إليها. قال - صلى الله عليه وسلم-: على كم تزوجتها؟ قال: أربع أواق. فقال الرسول: أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل.
وقد يقول بعض الآباء - هدانا وهداهم الله -: إن زوجتها بمهر قليل قد يقول البعض إن بها عيباً ولو لم يكن فيها ذلك لما زوجها بهذا المهر. فأنت يا أخي المسلم لن يضرك وابنتك كلام الناس بشيء طالما أنك تعرفها، والذي طلبها راضٍ بها. زوجها لرجل تعرف أنه يتمتع بأخلاق فاضلة ودين وتأكد أنه هو الذي سيخاف الله في نفسه وابنتك.
وآثار غلاء المهور يا أخي المسلم لو تفكر فيها والد الفتاة لما تردد في تزويجها بأقل قليل.
وسأطرح يا أخي المسلم بعضاً منها لعلك عند قراءتها تتراجع عما تنوي عليه ومنها:
1- سيدنا وأبونا آدم عليه السلام أخرجه الشيطان من الجنة بعد التحذير الذي تلقاه من ربه فما يدريك ما يحدث لابنتك في حالة تأخيرها عن الزواج، وبعدها لا سمح الله تقلب كفي الندم على ما فات.
2- دعوة المظلوم - ولو كان كافراً - ليس دونها ودون الله حجاب فما يدريك قد تدعو عليك هذه المسكينة بدعوة لا تحمد عقباها، والبنت نادراً ما تصارح أباها وإبداء رغبتها في الزواج.
3- ستبقى مكروهاً عند أهلك وأصدقائك عندما تتشدد في المهر وتطلب الزيادة.
4- ما هو ذنب ابنتك المسكينة عندما ترى رفيقاتها ومن يساويها سناً قد أكرمهن الله بالزواج، ستجدها دائماً تشعر بالخجل والحسرة.
5- ما ذنب ذلك الشاب المسكين والذي حاول بكل ما يملك من وسائل لكي يكمل نصف دينه الباقي. وأكثر العزاب قد ينحرف عن دينه إلا من هداه الله وقد روي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه- (قد ماتت له امرأتان في الطاعون وكان هو مطعوناً أيضاً فقال: زوجوني فإني أكره أن ألقى الله أعزب). وقال ابن مسعود - رضي الله عنه- (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة) فأين شباب هذا اليوم من ابن مسعود وغيره.
6- إن في حالة قبول الزوج لشروطك الثقيلة ستبقى ابنتك في عيشة تعيسة نظراً لانشغال زوجها بتسديد الديون التي استدانها من أجل زواج ابنتك.
http://www.muslimat.net بتصرف يسير من :
ـــــــــــــ
غلاء المهور .. قضية تحتاج إلى حل
أحمد بن حمدان الحراصي
كلنا يعلم عن ظاهرة غلاء السيارات الجديدة في الوكالات غلاء لا يمكن معه الشراء النقدي عند معظم فئات المجتمع الأمر الذي جعل أغلب المشترين يلجئون إلى التعامل بالأقساط ليحصلوا على بغيتهم المنشودة وضالتهم المفقودة.
هذه ظاهرة، تشابه في جهة أخرى ظاهرة ثانية لها نفس الأسعار وعليها نفس الإقبال إن لم يكن أشد، إلا إنها تختلف من حيث التعامل النقدي، فهناك يصح الأقسام وهنا ينعدم، ولو ترك الأمر للشركات لاتحدت الصور في كل المعاملات.
إنها ظاهرة غلاء مهور النساء! القضية الشائكة التي باتت تؤرق مضجع الشباب وهي تحتاج إلى حل فوري.
لقد تضاربت الأفكار والآراء عند الشباب بين مشجع على الزواج قبل شراء السيارة وبين متحمس على الشراء قبل الإقدام على الزواج، ومنهم من يرى أن السعي في بناء بيت أمر مقدم على سابقيه، ولكل فريق حجته التي يستند عليها.
النتيجة هي أن الطبقة الناضجة والفئة المنتجة ستبقى مشتتة الأفكار تعيش في دوامة التيه والاضطراب، وهذا عامل من العوامل الكثيرة التي تؤدي إلى غياب المواهب وفقدان الطاقات، والذي سيزج بمستقبلنا في قعر الخمود وحب التقليد والاتباع.
وأيضا هو عامل من عوامل عدم توحد الفكر الإسلامي في المبادئ والمسالك فكل يسعى إلى مسلك يتناسب وحياته الأسرية ومعيشته الاقتصادية.
كم وجدنا أباء يبالون بمن يزوجون بناتهم ـ ولو بسكير عربيد جبار ـ، المهم عندهم أن يدفع المبلغ الباهض والثمن المرتفع لكي ينال الجائزة المعروضة.
من الأباء من يعلل سبب شطحاته في تزوج بناته بغلاء الذهب والحلي وكأن الزواج لا يصح إلا بأن تكسى المرأة العقود والسلاسل الذهبية وكأن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أخطأ عندما قال لذلك الصحابي ـ الذي أراد أن يمهر زوجته ولم يكن معه شيء ـ: (التمس ولو خاتما من حديد).
ومنهم من يفرق عند التزويج بين الخاطب الذي يتقاضى مرتبا مرتفعا وبين من مرتبه ضعيف، فالأول يكال له الصاع بصاعين، والثاني يورط بأخف الضررين. وفي هذا خروج عن القاعدة الإسلامية الصحيحة التي يتم بها المفاضلة بين الأزواج عندما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ:
(إذا جاء كم من ترضون دينه وأمانته فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
فالخلق والدين يرفعان من مكانة حاملهما ولو كان فقيرا معدما، ويحققان السكينة والاستقرار للأسر المسلمة، (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).
ولعل بعضهم جعل سلعا متفاوتة تتفاوت قيمتهن حسب المؤهل الدراسي والدرجة الوظيفية، فبنت الثانوية أغلى من بنت الإعدادية وبنت الكلية أغلى من بنت الثانوية.. ومن تتقاضى مرتبا عاليا أغلى ممن تتقاضى مرتبا ضئيلا.
والضحية في كل ذلك الزوج الذي سيسعى إلى القرض من أي جهة كانت حلالا أم حراما. لقد انتهج بعضهم نهجا آخر عندما اشترط جزءا ماليا من المهر بحجة جواز العلماء لذلك، فزاد من قيمة البنت حتى يحقق صفقته الثمينة وتجارته الرابحة، وليته إذ عمل بقول العلماء قلل من القيمة.
أيا ولي الأمر: أما علمت أنك بفعلتك الشنيعة ستحطم مستقبل ابنتك، عندما تمر عليها ـ مع زوجها ـ الشهور والسنون وهما يعيشان هموم الديون المتراكمة والقروض المرتفعة.
إن كثيرا من الشباب يرغبون بالزواج ولكن لا يستطيعون الوصول إليه بسبب ما يكتنفه من مخاطر الغلاء مع قلة المال عند أغلبهم وندرته عند فئة منهم، فيلجئون إلى قضاء مآربهم الجنسية بطريقة غير مشروعة، وفي الأخير يتحصل لدينا شرائح كبيرة مصابة بأمراض خطيرة فتاكة تعمل في جسم الأمة الإسلامية عمل معاول الهدم.
وهذا الاحتكار أيضا هو سبب رئيسي من أسباب خروج طائفة من الفتيات إلى أماكن اللهو والمجون حيث يلتقين بالفتية ويجعلن أعراضهن سلعة رخيصة لمن أراد الشراء.
لقد جاء الإسلام ورفع من مكانة المرأة، فكرمها أما وبنتا وأختا وزوجة، وطرد من قاموسها وصمة الفضيحة والعار، وجعل قيمتها في المجتمع مثل الرجل ترتفع بقدر تقواها وتنزل بقدر انحطاطها.
(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) آل عمران: 195، (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) (النساء: 124).
ليست البركة في غلاء المهور بل في قلتها ويسرها فاليسر مبدأ رئيسي تدور عليه جميع الأحكام التشريعية والقواعد الفقهية.
(أقلهن مهرا أكثرهن بركة)، (خير نساء أمتي.. أقلهن مهرا) روى أحمد والحاكم والبيهقي عن عائشة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: (إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها).
http://www.alwatan.com المصدر:
ـــــــــــــ
التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج
الآثار المترتبة على غلاء المهور:
إن في هذا العصر وفي مناطق عديدة أصبحت لدى الناس ما يسمى بعقدة غلاء المهور وقد تكون من الجانبين وقد يكون من جانب واحد أي والد الفتاة والمتزوج والقصد عن المتزوج هو يطالب بالزيادة رغبة منه في المفاخرة.
ومن المؤسف حقا أن نرى ولي الفتاة والتي ستكون زوجة المستقبل ينتظر ما يدفع في ابنته أو أخته، ومن المؤسف أيضا أن يقابله المتزوج الغني بالموافقة بكل ما يطلبه، هذا مع عرض لما سيقوم به يوم الزواج من استئجار قصور أفراح أو جناح في فندق مع المظاهر الكذابة الأخرى كالذهب والعشرات من الذبائح والتي يحتاج إلى مثل هذه النعمة الكثير من الناس والذين بعضهم لم يذق طعم اللحم من أشهر أو أكثر، هذه المفاخر والمغالاة لا يقرها الإسلام وقد قال - تعالى - إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا صدق الله العظيم وقال - صلى الله عليه وسلم - إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة رواه أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها -.
ويروي مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئا؟ فقال نظرت إليها قال - صلى الله عليه وسلم - على كم تزوجتها؟ قال أربع أواق فقال الرسول أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل
وقد يقول بعض الآباء هدانا وهداهم الله إن زوجتها بمهر قليل قد يقول البعض إن بها عيبا ولو لم يكن فيها ذلك لما زوجها بهذا المهر. فأنت يا أخي المسلم كلام الناس لن يضرك وابنتك بشيء طالما أنك تعرفها والذي طلبها راضيا بها. زوجها لرجل تعرف أنه يتمتع بأخلاق فاضلة ودين وتأكد أنه هو الذي سيخاف الله في نفسه وابنتك وآثار غلاء المهور يا أخي المسلم لو تفكر فيها والد الفتاة لما تردد في تزويجها بأقل من قليل.
وسأطرح يا أخي المسلم بعضا منها لعلك عند قراءتها تتراجع عما تنوي إليه ومنها:
1- سيدنا وأبونا آدم - عليه السلام - خرجه الشيطان من الجنة بعد التحذير الذي تلقاه من ربه فما يدريك ما يحدث لابنتك في حالة تأخيرها عن الزواج، وبعدها لا سمح الله تقلب كفي الندم على ما فات.
2- دعوة المظلوم ولو كان كافرا ليس دونها ودون الله حجاب فما يدريك قد تدعو عليك هذه المسكينة بدعوة لا تحمد عقباها والبنت نادرا ما تصارح آباها وإبداء رغبتها في الزواج وخاصة في هذا البلد الطاهر.
3- ستبقى مكروها عند أهلك وأصدقائك عندما تتشدد في المهر وطلب الزيادة.
4- ما هو ذنب ابنتك المسكينة عندما ترى رفيقاتها ومن يساويها سنا قد أكرمهن الله بالزواج، ستجدها دائما تشعر بالخجل والحسرة.
5- ما ذنب ذلك الشاب المسكين والذي حاول بكل ما يملك من وسائل لكي يكمل نصف دينه الباقي. وأكثر العزاب قد ينحرف عن دينه إلا من هداه الله وقد روي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - (قد ماتت له امرأتان في الطاعون وكان هو مطعونا أيضا فقال زوجوني فإني أكره أن ألقى الله أعزب) وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوما ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة) فأين شباب هذا اليوم من ابن مسعود وغيره.
6- إن في حالة قبول الزوج لشروطك الثقيلة ستبقى ابنتك في عيشة تعيسة نظرا لانشغال زوجها بتسديد الديون التي استدانها من أجل زواج ابنتك.
حالة الزوج والزوجة بعد زواجهما:
إن في تنازل والد الفتاة عن هذه المبالغ الباهظة ستعود بالنفع على الزوجين أنفسهما وسيكون شغلهما الشاغل التفكير في مستقبل الأبناء بعد رضاهما عنك أنت أيها الأب وما قدمته لهما من تسهيل ومساعدة وجعلته يفكر في تكوين أسرة تغمرها السعادة والراحة.
بالإضافة إلى ما يكنه لك صهرك من احترام وتقدير وستكون طلبات ابنتك مجابة في معظم الأحيان حيث إن المعاناة التي يعانيها الزوج من غلاء المهر تنعكس حتما على ابنتك التي لا حول لها ولا قوة.
موقف الأغنياء من غلاء المهور:
مشكلتنا في ارتفاع المهور هم الأغنياء الذين حباهم الله بالمال فأنفقوه في الزواج بدون حدود ومتجاهلين من ليس لديه المقدرة في الزواج وذلك يلاحظ عليهم عند قبولهم الفوري لما يطلبه والد الفتاة، وتجد الأعزب الذي لا يستطيع دفع المطلوب إما أن يرضخ لما يطلب منه أو أن يحجم عن الزواج حتى يبلغ من العمر عتيا وقد توافيه المنية قبل أن يتزوج.
أعود فأقول ألا يخاف هؤلاء الناس الذين أكرمهم الله بنعمته أن يمحق الله أموالهم التي في دفعها ضرر بالآخرين، ألا يعلم هؤلاء الناس أنهم سيسألون عن هذا المال من أين اكتسبه وفيم أنفقه. أسأل لنا ولهم الهداية كما أطلب من الله أن يكن الرأفة في قلوبهم إنه سميع مجيب.
موقف العلماء والوعاظ شباب الإسلام في محاربة غلاء المهور:
الحمد لله الذي كرمنا بالعلم وجعله لنا سراجا منيرا، ففي هذه الأيام والحمد لله لا يكاد يخلو بيت من المتعلمين فواجبهم نصح آبائهم وأقاربهم وقريباتهم حيث قد لا يعرف البعض ما هي الآثار السلبية لغلاء المهور، كما على الأئمة في المساجد مسئولية تجاه هذا الموضوع فيا حبذا لو كل إمام يخصص له وقتا بعد صلاة الجمعة أو خطبة الجمعة نفسها من أجل التطرق لهذه المشكلة فإنهم مطالبون يوم القيامة عن علمهم وقد قال - صلى الله عليه وسلم - من كتم علما يعلمه ألجمه الله بلجام من نار
وكذلك إقامة المحاضرات في هذا الموضوع. فاحرص أخي المسلم من عذاب الله ومن المسئولية الملقاة على عاتق كل متعلم كتم علمه. والله ولينا وصلى الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
http://mawada20.tripod.com :المصدر
ـــــــــــــ
ملخص أحكام النكاح في القرآن
قد أمر الله بالنكاح في عدة آيات فقال تعالى : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا وءاتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " النساء : 4 ، " وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا " النساء : 20-21 ، وقال : " أن تبتغوا بأموالكم " النساء : 24 ، وذكر قصة تزوج موسى لابنة صاحب مدين على أن يأجره ثماني أو عشر حجج ، وقال : " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " النساء : 19 ، " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " البقرة : 228 الآية .
فدلت هذه الآيات على الأمر بالتزوج وجوبا أو استحبابا بحسب الأحوال ، وحث على تخيّر النساء الكُمّل ، " فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله " النساء : 34 . وقال صلى الله عليه وسلم : " تُنكح المرأة لأربع : لمالها وجمالها وحسبها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يمينك " ، وذلك لنفعها زوجها في دينه ودنياه ، وحفظها نفسها وماله وحسن تدبيرها ونفعها للعائلة وتربية الأولاد تربية دينية .
وأباح للرجل أن يتزوج أربعة من الحرائر ، ومن الإماء ما شاء بملك اليمين ، وحث على الاقتصار على واحدة عند الخوف أو الظلم .
وأمر بإيتاء النساء صَدُقاتهن ، وأن المهر يصلح بالقليل والكثير والأموال والمنافع ، وأمر من عنده يتيمة وهو وليها أن لا يظلمها ، وأنه إن رغب في نكاحها فعليه أن يقسط لها في مهرها فلا ينقصه عما تستحقه ، ومن رغب عنها أن لا يعضلها ويمنعها الزواج حتى تعطيه شيئا من مالها ، أو حتى يُعطى من صداقها فإن هذا ظلم ، بل عليه أن يجتهد في مصلحتها كما يجتهد لبناته ، وأن المرأة إذا كانت رشيدة وطابت نفسها له بشيء من صداقها ، فله أكله بلا حرج إن لم يكن ذلك بسبب عضله لها ، فإن عضلها ظلماً لتفتدي منه بما آتاها أو ببعضه ، فقد أتى إثما عظيما . وبيّن تعالى أن الحكمة في ذلك أنه كيف يأخذه وقد استوفى المنفعة وأفضى بعضهم إلى بعض ، ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا ) النساء : 12 وهو التزام الزواج المتضمن للقيام بجميع الحقوق التي أولها إيفاء الصداق ، وإنما ينتصف الصداق إذا طلق قبل الدخول وقد فرض لها مهرا ، فلها نصف ما فرض إلا إن عفا أحدهما عن نصفه فيكون للآخر . ففي هذه الآيات أن الصداق ملك للزوجة ، وأنه يتقرر كله بالدخول وكذلك بالموت لتمام وقته .
وأمر تعالى كلا من الزوجين أن يُعاشر الآخر بالمعروف من الصحبة الجميلة اللائقة بأحدهما وكف الأذى ، وأن لا يمطل كل منهما بحق الآخر ، ولا يتكره لبذله ويدخل في المعاشرة بالمعروف أن النفقة والكسوة والمسكن وتوابع ذلك راجع إلى العرف إذا اختلفا في تقديره وتحديده ، وأنه تابع ليسر الزواج وعسره ، قال تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته ومن قُدِر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها " الطلا ق : 7 وقد أرشد الله وحث على الصبر على الزوجات ولو كرهها الزوج ، فعسى أن يكون منها خير كثير يبدل الله الكراهة بالمحبة ، وتتبدل طباعها أو يرزق منها أولاداً أو يكون له من مقارنته وصحبتها وتوليها لماله مصالح كثيرة .
وقوله : " وءاتيتم إحداهن قنطارا " النساء : 20 ، يدل على جواز كثرة المهر ، مع أن الأولى السهولة فيه وفي غيره فخير النساء أسهلهن مؤنة .
وقد حرم تعالى من الاقارب سبعا : الأمهات ، وهن كل أنثى لها عليك ولادة ، والبنات وهن كل أنثى لك عليها ولادة ، والأخوات من كل جهة ، وبناتهن وبنات الإخوة وإن نزلن ، والعمات وهن كل أنثى أخت لأبيك أو لأحد أجدادك ، والخالات وهن كل أنثى أخت لأمك أو لأحد جداتك ، وما سواهن من الأقارب حلال ؛ كبنات العم وبنات العمات وبنات الأخوال وبنات الخالات ، ويحرم من الرضاع نظير ما يحرم بالنسب من جهة المرضعة ، ومن جهة زوجها الذي له اللبن ، وأما من جهة الطفل الراضع فلا ينتشر التحريم في الرضاع إلا عليه وعلى ذريته .
وحرم تعالى من الصهر أربعا : ثلاث بمجرد العقد وهن أمهات زوجاتك ، وحلائل أولادك ، وحلائل آبائك ، وبنات الزوجات إذا دخل بأمهن ، فإن لم يدخل بها فلا جناح عليه في الربائب .
وحرم تعالى الجمع بين الأخوات ، وحرمت السنة الجمع بين المرأة وعمتها ، وبينها وبين خالتها ، وحرم المملوكة على الحر إلا إذا عدم الطول وخاف العنت وهي مسلمة .
وحرم على المسلم نكاح الكافرة والإمساك بعصمتها إلا المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى ، وحرم إنكاح المسلمة للكافر ، وحرم نكاح الزانية حتى تتوب ، ومن طلقها ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره نكاحاً صحيحاً ويطأها ويطلقها وتنقضي عدتها .
وقوله تعالى : " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين " الأحزاب : 50 ، صريح على أنه ليس للمؤمنين أن ينكحوا إلا بمهر مسمى أو مفروض بعد ذلك ، وأنه إذا شرط نفيه لغى الشرط ، وهل يبطل مع ذلك النكاح أو يجب مهر المثل مع صحة العقد . فيه قولان لأهل العلم ، وهذا أيضاً يدل على تحريم نكاح الشغار بأن يزوج كل واحد الآخر موليته ، ومهر كل واحدة بضع الأخرى .
وقد ذكر الله أنه لو تزوجها ولم يفرض صداقا ثم يطلقها قبل المسيس ، أن لها المتعة على الموسع قدره وعلى المقتر قدره .
وأما متعة الزوجة المطلقة في غير هذه المسألة فإنها سنة مؤكدة كما قال تعالى : " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " البقرة : 241 .
وقد ذكر الله خطاب الأولياء في شأن النساء في عدة مواضع ، مثل قوله : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " البقرة : 232 ، وذلك دليل على اعتبار الولي في النكاح ، كما أن قوله : " وأخذن منكم ميثاقا غليظا " النساء : 21 ، دليل على الإيجاب والقبول ، لأن من جملة الميثاق الغليظ إيجاب النكاح وقبوله المتضمن للقيام بجميع حقوق الزوجية ومنه المهر وتوابعه . وفي قوله : " إذا تراضوا بينهم بالمعروف " البقرة : 232 ، دليل على اعتبار رضى الزوجين وأن ذلك التراضي مقيد بالمعروف ، فلو رضيت غير كفو لها فلأوليائها منعها من تزوجه .
وقد أمر الله الزوج إذا نشزت زوجته أن يعظها ويهجرها في المضجع ، فإن لم تعتدل أن يضربها ، وأنه إذا خيف الشقاق بينهما وخيف ألا تقبل الحالة الاتئام أن يجتمع حكمان : واحد من أهل الزوج ، وواحد من أهل الزوجة ، فينظران في الاجتماع بينهما إن أمكن بطريقة من الطرق ، إما ببذل عوض أو إسقاط حق من الحقوق أو بغير ذلك ، فلا يعدلا عن ذلك وإلا فلهما التفريق بينهما بخلع أو بتطليق بحسب ما تقتضيه الأحوال . والله أعلم
فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأخلاق والأحكام المستنبطة من القرآن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص 144 .
موقع لجنة المطبوعات
http://www.lajna.net/modules.php?nameNews&filecategories&opnewindex&catid25
ـــــــــــــ
زواج المتعة أحد أسباب الإيدز
مطيع الله تائب
أعلن نائب وزير الصحة الإيراني د."علي سياري" أن عدد المصابين بفيروس الإيدز HIV تجاوز 15 ألف شخص، وهو ما يمثل ستة أضعاف عدد المصابين بالمرض قبل خمس سنوات.
وقال سياري لهيئة الإذاعة البريطانية BBC الأحد 9-12-2001: "إن تقنين زواج المتعة جعل مكافحة هذا المرض صعباً حيث يجيز القانون للرجال الزواج من أكثر من امرأة ولأوقات مختلفة وهو ما يساعد على انتشار الأمراض التناسلية، ومنها الإيدز".
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC فإن العدد المعلن للمصابين بهذا الفيروس في إيران كان يبلغ حوالي 3100 شخص، غير أن الإعلان عن الرقم الجديد جعل العديد من المراقبين يرون أن العدد الحقيقي ربما يفوق العدد المعلن، وهذا بحد ذاته تحد كبير في مجتمع يسعى للتمسك بقيم أخلاقية ودينية عالية.
يشار إلى أن زواج المتعة هو زواج مؤقت يتم تحديد مدة له كأسبوع أو شهر أو سنة أو ما إلى ذلك؛ لقاء أجر معين، ويحرّم الإسلام مثل هذه الزيجات ويُعتبرها كالزنا.
من جهة أخرى ذكرت جهات مسؤولة في الحكومة الإيرانية أن استخدام إبر مشتركة بين المدمنين تعد أحد أكبر أسباب انتشار الإيدز في إيران.
وكان رئيس جمعية المساجين الإيرانيين قد أشار مؤخرا إلى أن الإيدز ينتشر بين المساجين المدمنين، وطالب الحكومة باتخاذ ترتيبات وقائية واهتمام بأحوال هؤلاء المساجين.(52/69)
ويصل عدد سكان إيران 70 مليون نسمة، وتصل نسبة البطالة فيها 25% (عام 1999) ونسبة التضخم 30% (عام 1999) كما يعيش أكثر من 53% من السكان تحت خط الفقر (1996). ويتوقع أن تواجه الأجيال الشبابية في إيران أزمات اجتماعية في العقد الجاري؛ نظراً للبطالة والتضخم المستشريين في البلد.
المصدر: http://www.islamonline.net
ـــــــــــــ
الزواج تاج الفضيلة
بكر بن عبدالله أبوزيد
الزواج سنة الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية [الرعد: 38] .
وهو سبيل المؤمنين، استجابة لأمر الله سبحانه: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم. وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنهم الله من فضله [النور: 32-33].
فهذا أمرٌ من الله عز شأنه للأولياء بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامي -جمع أيم- وهم من لا أزواج لهم من رجال ونساء، وهو من باب أولى أمر لهم بإنكاح أنفسهم طلباً للعفة والصيانة من الفاحشة .
واستجابة لأمر رسول الله فيما رواه ابن مسعود أن رسول الله قال: (( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء )) متفق على صحته.
والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة من غريزة النكاح -الغريزة الجنسية- بطريق نظيف مثمر .
ولهذه المعاني وغيرها لا يختلف المسلمون في مشروعية الزواج، وأن الأصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة، لا سيما مع رقة الدين، وكثرة المغريات، إذ العبد ملزم بإعفاف نفسه، وصرفها عن الحرام، وطريق ذلك: الزواج.
ولذا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة، وصيانة دينه وعرضه، ولهذا نهى الله سبحانه عن العَضْلِ، وهو: منع المرأة من الزواج، قال الله تعالى: ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن [البقرة: 232] .
ولهذا أيضاً عظَّم الله سبحانه شأن الزواج، وسَمَّى عقده: ميثاقاً غليظاً في قوله تعالى: وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً [النساء: 21] .
وانظر إلى نضارة هذه التسمية لعقد النكاح، كيف تأخذ بمجامع القلوب، وتحيطه بالحرمة والرعاية، فهل يبتعد المسلمون عن اللقب الكنسي (العقد المقدس) الوافد إلى كثير من بلاد المسلمين في غمرة اتباع سَنَن الذين كفروا ؟!!
فالزواج صلة شرعية تُبْرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعاً، ولأهميته قَدَّمه أكثر المحدِّثين والفقهاء على الجهاد، ولأن الجهاد لا يكون إلا بالرجال، ولا طريق له إلا بالزواج، وهو يمثل مقاماً أعلى في إقامة الحياة واستقامتها، لما ينطوي عليه من المصالح العظيمة، والحكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها :
1 ـ حفظ النسل وتوالد النوع الإنساني جيلاً بعد جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامة الشريعة وإعلاء الدين، وعمارة الكون، وإصلاح الأرض، قال الله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً الآية [النساء: 1] ، وقال الله تعالى: وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً [الفرقان: 54].
أي: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الآدمي من ماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقين ومجتمعين، والمادة كلها من ذلك الماء المهين، فسبحان الله القادر البصير .
ولذا حثَّ النبي على تكثير الزواج، فعن أنس أن رسول الله قال: (( تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة )) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وهذا يرشح الأصل المتقدم للفضيلة: (( القرار في البيوت )) لأن تكثير النسل غير مقصود لذاته، ولكن المقصود -مع تكثيره- صلاحه واستقامته وتربيته وتنشئته، ليكون صالحاً مصلحاً في أمته وقُرَّة عين لوالديه، وذِكراً طيباً لهما بعد وفاتهما، وهذا لا يأتي من الخراجة الولاجة، المصروفة عن وظيفتها الحياتية في البيت، وعلى والده الكسب والإنفاق لرعايته، وهذا من أسباب الفروق بين الرجل والمرأة .
2 ـ حفظ العرض، وصيانة الفرج، وتحصيل الإحصان، والتحلي بفضيلة العفاف عن الفواحش والآثام .
وهذا المقصد يقتضي تحريم الزنى ووسائله من التبرج والاختلاط والنظر، ويقتضي الغيرة على المحارم من الانتهاك، وتوفير سياجات لمنع النفوذ إليها، ومن أهمها: ضرب الحجاب على النساء، فانظر كيف انتظم هذان المقصدان العمل على توفير أصول الفضيلة -كما تقدم- .
3 ـ تحقيق مقاصد الزواج الأخرى:
من وجود سكن يطمئن فيه الزوج من الكدر والشقاء، والزوجة من عناء الكد والكسب: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [البقرة: 228] .
فانظر كيف تتم صلة ضعف النساء بقوة الرجال، فيتكامل الجنسان .
والزواج من أسباب الغنى ودفع الفقر والفاقة، قال الله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم [النور: 32] .
والزواج يرفع كل واحد منهما من عيشه البطالة والفتنة إلى معاش الجد والعفة، ويتم قضاء الوطر واللذة والاستمتاع بطريقه المشروع: الزواج .
وبالزواج يستكمل كل من الزوجين خصائصه، وبخاصة استكمال الرجل رجولته لمواجهة الحياة وتحمل المسؤولية .
وبالزواج تنشأ علاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة والعطف والتعاون، قال الله تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [الروم: 21].
وبالزواج تمتد الحياة موصولة بالأسر الأخرى من القرابات والأصهار، مما يكون له بالغ الأثر في التناصر والترابط وتبادل المنافع .
إلى آخر ما هنالك من المصالح التي تكثر بكثرة الزواج، وتقل بقلته، وتفقد بفقده.
وبالوقوف على مقاصد الزواج ، تعرف مضار الانصراف عنه؛ من انقراض النسل، وانطفاء مصابيح الحياة، وخراب الديار، وقبض العفة والعفاف، وسوء المنقلب.
ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: ضعف التربية الدينية في نفوس الناشئة، فإن تقويتها بالإيمان يكسبها العفة والتصون، فيجمع المرء جهده لإحصان نفسه ومن يتق الله يجعل له مخرجاً [الطلاق: 2] .
ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: تفشي أوبئة السفور والتبرج والاختلاط؛ لأن العفيف يخاف من زوجة تستخف بالعفاف والصيانة، والفاجر يجد سبيلاً محرماً لقضاء وطره، متقلباً في بيوت الدعارة.
نعوذ بالله من سوء المنقلب .
فواجب لمكافحة الإعراض عن الزواج: مكافحة السفور والتبرج والاختلاط، وبهذا يُعلم انتظام الزواج لأصول الفضيلة المتقدمة .
من كتاب حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد
موقع صيد الفوائد
ـــــــــــــ
وفي الزواج عشرون فائدة
الشيخ محمد الدويش
نصيحة للأيامى من الجنسين: لاتسمعوا لكلام من يخوِّفكم من الزواج ويعدد مشكلاته، توكلوا على الله وأقدموا على نصف دينكم.
روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت لا. قال: فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً.
روى ابن أبي شيبة عن شداد بن أوس رضى الله عنه- وكان قد ذهب بصره- قال: زوجوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني ألا ألقى الله عزباً.
وروى عن معاذ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: زوجوني إني أكره أن ألقى الله عزباً.
وروى عن ميسرة أنه قال: قال لي طاووس: لتنكحن أو لأقولن لك ماقال عمر لأبي الزوائر: مايمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
وروى عن طاووس أنه قال: لايتم نسك الشاب حتى يتزوج.
وروى عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال: لو لم أعش أو لم أكن في الدنيا إلا عشراً لأحببت أن يكون عندي فيهن امرأة.
ونقل ابن قدامة عن الإمام أحمد أنه قال: «من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام». وتزوج الإمام أحمد في اليوم الثاني لوفاة أم ولده عبدالله
.وكان يعقوب يدخل على المهدي ليلاً ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمر الثغور، وتقوية الغزاة، وتزويج العزاب.
وقال عبدالمؤمن المغربي: «ورجل بلا بعل كرجل بلانعل، والعزوبة مفتاح الزنى والنكاح ملواح الغنى، ومن نكح فقد صفد بعض شياطينه، ومن تزوج فقد حصن نصف دينه، ألا فاتقوا الله في النصف الثاني، فإن خراب الدين بشهوتين: شهوة البطن وهي الصغرى، وشهوة الفرج وهي الكبرى، فاعمر الركنين وأحكم الحصنين.
ومن المنافع المهمة للزواج:
1- أن الله قد امتن بالزواج على عباده فقال: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}. وكما جعل الزوجة سكناً فقد جعلها لباساً، قال تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}، وجعلها حرثاً فقال: {نساؤكم حرث لكم}.
2- أن الزواج من سنن المرسلين، فقد ذكر الله تبارك وتعالى ذلك عنهم فقال: {ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم وجعلنا لهم أزواجاً وذرية}وذكر الله تبارك وتعالى عن نبيه موسى أنه بقي سنين يرعى الغنم مهراً للزواج.
وذكر صلى الله عليه وسلم عن سليمان عليه السلام أنه كان له نساء عدة؛ فعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه (أي الملك): إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئاً إلا واحداً ساقطاً أحد شقيه» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو قالها لجاهدوا في سبيل الله» متفق عليه.وحين جاء طائفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عن عبادته، فاعتقدوا أن له شأناً ليس كشأنهم، فمنهم من اعتزل النساء، أخبر صلى الله عليه وسلم أن الزواج من سنته وهديه، ففي الصحيحين عن أنس رضى الله عنه أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم: لاأتزوج النساء، وقال بعضهم: لاآكل اللحم، وقال بعضهم: لاأنام الليل على فراش، فحمد الله وأثنى عليه فقال: «مابال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».فإذا كان المرسلون قد جعل الله تعالى لهم أزواجاً، وكان الزواج من سنتهم، وهم أعبد الناس وأعلم الناس، وأكثر الناس شغلاً، فلامناص ولامجال لأحد بعد ذلك أن يعتذر عن الزواج إلا أن يكون قد خالف سنة المرسلين، أو يكون فيه مايمنعه من النكاح
3- .أن الله قد أمر الأولياء- وهو أمر للمجتمع- بتزويج الأيامى، وهم من لاأزواج لهم من الرجال والنساء- ماسبق بيانه- {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم}
4- لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمراً عاماً لأمته يخاطب فيه كل شاب على مدى عمر هذه الأمة الزمني: «يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» والخطاب الذي للرجال تدخل فيه النساء.
5- الزواج فيه تحصيل لخير متاع الدنيا؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة». رواه مسلم. وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة، قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، وزوجة لاتبغيه حوباً في نفسها وماله«
5- الزواج فيه إكمال لشطر الدين؛ فقد روى الحاكم عن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي»، وفي رواية للبيهقي: «إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي«
6- وإنما كان الزواج نصف الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الآخر: «من يضمن لي مابين لحييه ومابين رجليه أضمن له الجنة» رواه البخاري من حديث سهل بن سعد، فإذا تزوج أعف مابين رجليه.
7- وكما أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بالزواج وحث عليه، فقد نهى عن التبتل والانقطاع، فعن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا.
8- نهى صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في التعبد على حساب حق الأهل والزوجة، فقال لعبدالله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما-: ياعبدالله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقلت- عبدالله بن عمرو- بلى يارسول الله، قال: «فلاتفعل، صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا..» فدل ذلك على أن الزواج أفضل من التفرغ للعبادة، فكيف بغيرها.
9- أن النكاح سبب لعون الله وتوفيقه؛ فعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
10- أن ذلك سبب لزيادة عدد الأمم، ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم» رواه أبوداود والنسائي.
11- الزواج له أثر صحي، فقد أجرى عالمان نفسيان في جامعة شيكاغو إحصاءات دقيقة عن حالات من الجنون التي قاما بفحصها بين من يعالجونهم فوجدا أن بين كل مائة مجنون ومجنونة 83 مريضاً من العزاب و17 من المتزوجين والمتزوجات. كما أن معدل الإجرام أكثر عند العزاب منه عند المتزوجين. حيث بلغ في إحدى الإحصائيات 38 مجرماً أعزب مقابل 17 متزوجاً.
12- ومن أهم مقاصد النكاح وفوائده تحصين النفس، وحمايتها من الوقوع في الفاحشة، وهو ماأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..» وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ماتركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، وإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء«ويتأكد ذلك في العصر الحاضر الذي انتشرت فيه فتنة النساء وعمت بلاد المسلمين
11- .الزواج يتيسر فيه للرجل والمرأة أنواع من العبادة والقرب لاتتيسر في غيره من حسن العشرة، والصحبة بالمعروف، وقضاء حق العيال والرحمة بهم، والانشغال بمصالحهم، كل ذلك قربة إلى الله عز وجل. بل إن اللقاء بينهما وتحصيل الشهوة أمر يثابان عليه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «وفي بضع أحدكم صدقة»، قالوا: يارسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر».
ماذا نجني من الزواج المبكر؟حين يبادر الشاب والفتاة بالزواج المبكر فإنهم يجنون ثمرات عدة، 1- تحصيل منافع الزواج وفضائله التي سبق الحديث عنها.
2- أن الشباب والفتيات اليوم يعانون من المغريات والمثيرات التي تبدو أمامهم في كل موطن، فهو حين يتأخر في الزواج بين أمرين لاثالث لهما: إما أن يقع في الحرام فيشعر بالألم والندم- وهذا المؤمل فيه-، وإما أن يحميه الله عز وجل؛ فينتصر على شهوته ونفسه الأمارة بالسوء،فيعيش في حيرة وخوف على نفسه ومعاناة.
3- الاستقرار النفسي والراحة؛ فالزواج سكن كما أخبر تبارك وتعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
وقد دلت الدراسات المعاصرة اليوم على أثر الزواج على الاستقرار النفسي والاجتماعي على صاحبه، يقول أحد الغربيين: «إن العزوبة الدائمة تعرض صاحبها إلى اضطراب نفسي مختلف الأنواع والصفات، فيفسد النفس، ويجعلها مجبولة تتحلى بعدم الرحمة والقسوة والخفة والطيش، وعدم الاتزان». ويقول جورج انكتيل: «منذ مطلع القرن العشرين والعزوبة تمثل على مسرح هذه الحياة شقاء ينتهي غالباً بالانتحار والجنون«
وحين يتأخر الشاب والفتاة في الزواج فإنهما يفوتان على أنفسهما فرصة تحصيل الاستقرار في هذه المرحل المهمة من مراحل العمر.
4 الشعور بالمسؤولية: فالتعليم والتربية في هذا العصر صاغ حياة الشاب والفتاة بصورة تجعل الفرد يعتمد على غيره، ولايتحمل المسؤولية، فهو يسير في الدراسة ستة عشر عاماً أو أكثر، وخلال فترة الدراسة ليس له دخل ثابت؛ فهو يعتمد على أهله في الأغلب، والحاجة للمسؤولية حاجة مهمة للشاب، ومن ثم فالتبكير في الزواج ينمي هذه الحاجة لديه.
5- التربية السليمة للأبناء والبنات، فهو حين يتزوج في وقت مبكر ستكون الفجوة بينه وبين أولاده- وبالأخص الكبار منهم- غير واسعة، فسوف يبلغ ولده الأكبر سن التكليف والأب دون الأربعين، وهذا له أثره في سهولة تعامله معه، واستيعابه لمشكلاته، وقدرته على تربيته.
6- وجود من يقوم بأعباء المنزل للوالدين، فحين يتزوج الشاب والفتاة في سن مبكرة فما أن يبلغا الأربعين إلا وقد وجد من يقوم بأعباء المنزل من البنين والبنات، وهذا له أثره في تحقيق قدر من الفراغ يمكن أن يثمر فيه الأب وينتج نتاجاً يتناسب مع فترة الرشد والنضج التي يعيشها.
7- الزواج المبكر مدعاة لحصول الأبوين على الولد الصالح، فهو أدعى لحسن تربيته كما سبق، وهو أدعى لكثرة الولد، والولد الصالح امتداد للمرء بعد موته، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
8- نجابة الولد: الزواج المبكر سبب في الأغلب للإنجاب المبكر، وهذا له أثره على نجابة الولد، قال الماوردي: «إن أنجب الأولاد خَلقاً وخُلقاً من كان سن أمه بين العشرين والثلاثين».
توصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن الأمهات دون العشرين وفوق الخامسة والثلاثين يزيد احتمال إنجابهن للأطفال المتأخرين عن الأمهات اللاتي تقع أعمارهن فيما بين العشرين والخامسة والثلاثين. وتوصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن نسبة الأطفال المشوهين والمعتوهين تزداد تبعاً لعمر الأب، وخاصة بعد الخامسة والأربعين.
http://www.bab.comالمصدر
ـــــــــــــ
العمل بعد الزواج
السؤال:
أنا مخطوبة منذ ثلاث سنوات ، وخلال تلك السنوات تطورت الخلافات بيني وبين خطيبي مع أن أغلبها أشياء بسيطة ، ولكن هناك مشكلة دائماً نتشاجر عليها وهي عملي بعد الزواج ، يصر خطيبي أنه يحرم على المرأة أن تعمل بعد الزواج فقط لرغبة في العمل وليس للحاجة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا بد من التنبيه إلى قول الأخت السائلة أنها " مخطوبة " ومنذ ثلاث سنوات ، والذي يظهر أنها تجلس مع خطيبها وتحادثه ولعله يختلي بها ، وأنها قالت إنها تتشاجر معه على عملها بعد " الزواج " .
وقد انتشر بين الناس كلام المخطوبين معا وخروجهم سويّاً قبل إتمام عقد الزواج ، وهذا لا شك أنه محرَّم ، فلم يُؤذن للخاطب أكثر من رؤية مخطوبته ، وحرم عليه خلوته بها ومصافحته لها ، فهي أجنبية عنه إلا أن الشرع أباح له النظر حتى يعزم الخطبة .
وبعض الناس يطلق على الزواج الذي عقد على زوجته ولكنه لم يدخل بها أنه " خاطب " فإنه كان الأمر كذلك ، فأنتما زوجان ولزوجك مصافحتك والخلوة بك والسفر معك ، فإن لم بينكما عقد فهذه اللقاءات محرمة .
ثانياً :
إن وظيفة المرأة التي تليق بها وتتناسب مع طبيعتها هي أن تقرَّ في بيتها , وتقوم بشؤونه وشؤون زوجها وأولادها إذا رزقها الله تعالى بأولاد ، وهو عمل عظيم ليس بالهيِّن ، أما العمل خارج البيت فلا يتناسب مع طبيعتها أصلاً , ولكن إذا احتاجت إليه فلها أن تمارس منه ما كان أقرب لطبيعتها وأليق بحالها , مع الالتزام بشرع الله تعالى في التستر وحفظ البصر وعدم الاختلاط المحرم بالرجال ونحو ذلك .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
من المعلوم بأن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط المذموم والخلوة بهن , وذلك أمر خطير جدّاً له تبعاته الخطيرة , وثمراته المرة , وعواقبه الوخيمة , وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها و القيام بالأعمال التي خصها وفطرها الله عليها مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال .
والأدلة الصريحة والصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تحمده عقباه , منها قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا } وقال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } ، وقال الله جل وعلا : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن } .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إياكم والدخول على النساء " - يعني الأجنبيات - قيل : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ فقال : " الحمو الموت " ، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق وقال : " إن ثالثهما الشيطان " ، ونهى عن السفر إلا مع ذي محرم سدّاً لذريعة الفساد وغلقاً لباب الإثم , وحسماً لأسباب الشر , وحماية للنوعين من مكائد الشيطان , ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كان في النساء " ، وقال عليه الصلاة والسلام " ما تركت بعدي في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
وهكذا الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد , وتقويض الأسر , وخراب المجتمعات ، وعندما ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية نجدها أصبحت مهانة مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تقوم في غير وظيفتها , لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركبها عليه جسميا وعقليا , ولكن بعد ما فات الأوان .(52/70)
وفي ميدان عمل النساء في بيوتهن وفي التدريس وغيره مما يتعلق بالنساء ما يغنيهن عن التوظيف في ميدان عمل الرجال .
عن كتاب " الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة " الرد رقم ( 22 ).
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك , وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها , ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وأن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ، فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 981).
ونود من الأخت السائلة النظر في جواب الأسئلة التالية لتزداد علماً وبصيرة : ( 6666 ) ، و ( 1200 ) ، و ( 22397).
والله أعلم .
المصدر الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــ
الزواج مثنى وثلاث ورباع
د. مازن مطبقاني
إن الحكمة من إباحة الإسلام لتعدد الزوجات يمكن أن نجدها في معرفة البناء العقدي والأخلاقي للإسلام، فهل يرضى أحد من المسلمين لأمه أو أخته أو ابنته أو عمته أو خالته أن تكون زانية؟ هل يرضى مسلم أن تصبح مهنة الخنا والفجور مهنة رسمية تصرح بها الحكومات وتفرض عليها الضرائب؟ هل يرضى مسلم لابنه أن يكون من رواد مثل هذه الأماكن القذرة؟ هل ترضى مسلمة أن تعيش هانئة سعيدة وترى حولها نساء لا يجدن فرصة لدخول أبواب الحياة الزوجية؟ ألا يخالف موقف المرأة الرافضة لمشاركة أخرى لها حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
لا شك أن التربية العقدية والأخلاقية للمسلم تجعله ينفر من الزنا والخنا والفجور لأنه يسأل ربه دائماً أن يرزقه العفاف والغنى، كما أن التربية العقدية في الإسلام لا تركز على الجانب الفردي على حساب الجماعة بل المسلم بطبيعته صاحب نظرة شاملة يهمه دائماً أمر الإسلام والمسلمين.
بالرغم من هذا الوضوح في تشريعات الإسلام العقدية والأخلاقية إلاّ أنه ظهر من المسلمين وغير المسلمين من أثار الشبهات حول إباحة التعدد، وليس الزواج بأكثر من واحدة مسألة جديدة فقد حاربته أوروبا في عصر "النهضة الحديثة" حينما اتفق رجال الدين عندهم مع رجال القانون المدني الوضعي على إلغاء حق الرجل في الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت الأسباب والدوافع خرجت أوروبا من نطاق حدودها الجغرافية لتهيمن رجاء العالم الإسلامي مبتدئة بالسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث سلبت الشعوب الإسلامية قدرتها على حكم نفسها واستغلال ثرواتها. وتحول الاستعمار فيما بعد إلى سيطرة على شؤون الحياة حينما استسلم العالم الإسلامي لحالة التبعية المطلقة ورضي أن يكون في وضع ((المغلوب المغرم دائماً بتقليد الغالب)).
وهذه هي المرحلة التي تكون فيها الأمة مغزوة في عقيدتها وفكرها.وكان مما تأثرنا به أن أصبحنا نستهجن تعدد الزوجات كم يستهجنونه، وأن نأكل الربا كما يأكلونه، وأن نستخف بالزنا والخنا كما يفعلون إلا من رحم الله.
اعلم أن موضوع تعدد الزوجات ليس جديداً في تناوله من وجهة النظر الإسلامية، فثمة عشرات الكتب التي تناولته، لمنها اختلفت مس بالإنفاق على العديد من أولاده وزوجاته في الوقت الذي ازدادت فيه مطالب كل فرد وقلت الموارد المالية
الرد على هذه الشبهات:
إن معرفة الإسلام صحيحة كفيلة بالرد على هذه الشبهات فالزعم بأن التعدد كان في بداية الإسلام منتشر في العالم حيث كان ينظر إلى المرأة نظرة دونية. فإذا كان الإسلام قد جاء في القرن السادس الميلادي فلماذا استمر نظام التعدد معمولاً به في جميع أنحاء العالم حتى القرن السادس عشر؟ فأي مغالطة هذه؟ أما المغالطة الثانية فهي ربط التعدد باحتقار المرأة، ألا يكفيه أن يعرف حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)، وحديث (إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثاً ... ) ()، أو حديث (من كان عنده ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة)، بالإضافة إلى التشريعات الإسلامية كلها التي تساوي بين المرأة والرجل في التكاليف والأجر والثواب إلا ما كان من اختلاف في الخلقة والتكوين بين المرأة والرجل لا شك أن إباحة الزواج بأكثر من زوجة سيعطي الفرصة للكثير من النساء للنجاة من براثن العنوسة بل ولعله يعطيهن الفرصة ليصبحن أمهات ويجدن من يبرهن حين نعلم توجيه رسولنا - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله: أي الناس أحق بحسن صحابتي؟ فقال له: (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك..)
أما الادعاء بالمحافظة على شعور المرأة من أن تشاركها زوجة أخرى في زوجها فأمر نرد عليه بأن نسأل هؤلاء: هل الأولى أن تشاركها امرأة أخرى شريفة عفيفة ذات خلق إسلامي أو ترضى لنفسها أن تستقبل زوجاً يعاشر الساقطات؟ إن المرأة تقبل راضية أو كارهة أن ينشغل عنها زوجها بأعماله الكثيرة وسفره المتواصل والتقائه مع النساء سواء في محيط عمله أو خارجه ولا ترضى أن يكون لها ضرة. ويبدو لي أن كثيراً من النساء يفضلن زوجة أخرى على مثل هذا العمل الذي يساوي أكثر من عشرات النساء!.
وحين يزعمون بوجود الخصومة والشقاق بين أبناء الرجل من زوجات مختلفات، فنذكر هؤلاء بأن الإسلام حريص جداً على تماسك المجتمع الإسلامي الأباعد منهم والأقارب، وفيما يأتي بعض التوجيهات القرآنية التي تؤكد ذلك(إنما المؤمنون إخوة)، وقوله - تعالى –: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، هذا بين من تجمعهم كذلك أخوة النسب بانتمائهم إلى أب واحد. إن المغالاة في تصوير النزاعات المتوهمة بين أبناء العلات قد سيقت للتشكيك في إباحة تعدد الزوجات، بل جعلهم ذلك يركبون الصعب للعبث بالشريعة الإسلامية. فماذا عليهم لو حكموا عقولهم ونظروا في أحوال البلاد التي قيدت الزواج وقيدت الطلاق كيف أصبح حال شبابها ونسائها، إن الدعاة قد أصبحت في هذه البلاد مؤسسة ضخمة تدر مئات الملايين من الدولارات شهرياً أو سنوياً، وأصبح عدد اللقطاء قريباً من عدد الأبناء الشرعيين، بل إن الأبناء الشرعيين توشك شرعيتهم أن تضيع لما أصاب النساء والرجال من الانحراف والفساد.
ويمكن أن نضيف التساؤل حول الأرامل والمطلقات ولا سيما ذوات الأبناء هل يحرمون من الزواج من رجل متزوج من أجل هذه النزاعات والشقاقات المتوهمة أو المتوقعة؟ أما التاريخ فيقول عن أبناء الرجال الذين تزوجوا زوجتين وأكثر هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا وأناروها بالإسلام فلو كانوا حقاً في شقاق ونزاع لما خرجوا من جزيرة العرب بل هم لم يخرجوا من الجزيرة حينما كانوا يعددون الزوجات بلا حدود ولا قيود وكانوا لا يقيمون للمرأة وزنا.
وللرد على مسألة الاحتياجات الاقتصادية فنقول بأن الأرض لم تضق يوماً برزق من عليها والله - عز وجل - يقول: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) ويقول – سبحانه –: (وما من دابة إلا على الله رزقها ) وقد قسمت الكرة الأرضية بعد سيطرة الغرب وهيمنته إلى قسمين؛ مجتمعات الوفرة والفائض التي تحارب التعدد، ومجتمعات الجوع والفقر، وليس سبب هذا التقسيم أن الفقراء لا يملكون بل هم يملكون ولا يعرفون كيف يستغلون ما عندهم فيقعون ضحية لقوة الغرب الذي يأخذ ما عندهم، ألا ترى الدول الصناعية تأخذ الخامات من الدول الفقيرة لتصنيعها فإذا ما صنعتها أعدتها منتجات (أوهموا العالم بأنها ضرورية) وبيعت بأسعار تفوق قيمتها الحقيقة عشرات المرات بل بلغ من جشع هذه الدول أنها تلقي بفائض إنتاجها في البحر أو تحرقه أو تتلفه بأي وسيلة حتى لا يتدنى سعره في الأسواق فأي حضارة هذه تموت فيها الملايين من أجل ترف المترفين. ولابد أن نذكر أن المرأة حين تتزوج بصفتها ثانية أو ثالثة فهي تأتي برزقها ذلك أن كل مولود يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد قبل أن يولد. فهي من مخلوقات الله التي تكفل برزقها كما أن هذه المرأة قد تكون صاحبة فكر وتدبير أو صنعة أو مهن قد تعين الرجل في عمله فينتقل من حالة الفقر والعوز إلى الغنى.
ويزعمون أيضاً أن التعدد برهان على تمكن الغريزة البهيمية من الرجل، فهل يقولون هذا من علم وبينة؟] قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[، هل الدين الذي يأمر بالعفة وغض البصر وحفظ الفرج ويعاقب على الزنا ـ متى توفرت شروط العقوبة ـ بالجلد أو الرجم هل مثل هذا الدين يسمح بالبهيمية؟ أم أن البهيمية تتمثل في الاختلاط والتبرج والسفور ووسائل الفن الداعية إلى الرذيلة بما تعرضه من مفاتن المرأة؟.
ولكن لنرد بأسلوب آخر فالمسلم يتحمل أضخم مسؤولية عرفها الإنسان لأن أمته هي الأمة الوسط وهو المسؤول عن دعوة البشرية جمعا إلى الدين الحق وإقامة شرع الله فيها فالرسل قبل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة وهم يتحملون مسؤولية الدعوة جميعها، أما أتباع سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أمروا أن يبلغوا فيشاركوا الرسول في مهمته (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)، وجاء عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قوله (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما وعاها فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)، فكيف لمن حمل هذه الدعوة والمسؤولية أن يكون بهيمياً؟ كيف لمن حثه الإسلام على قيام الليل والغزو في سبيل الله، ولمن دعاه الإسلام إلى التقلل من متع الدنيا (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) أن يكون بهيميناً؟ كيف لمن يؤمن بالإسلام الذي جاء من عند الله - عز وجل - القائل في كتابه(زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) كيف لهذا أن يكون بهيميناً؟ المسلم الحق لا تسيطر عليه الشهوانية والبهيمية إن سيطرت على غيره، فهذه الصفة لو لم تكن حقاً مسيطرة على المجتمعات الغربية لما امتهنت المرأة هناك امتهاناً مزرياً بها وأصبحت تمتهن البغاء أو تمارسه دون أن تمتهن غيره من عشرات المجالات. ثم متى كانت المرأة محترمة إذا أوقفت في شباك زجاجي لتتلوى كالثعبان تعرض الأزياء؟ أو تظهر في شتى الصور المثيرة التي تعرض فيها منتجات هذه الحضارة من الأحذية إلى الإطارات إلى الخطوط الجوية إلى أغلفة المجلات والكتب وغيرها.
وثمة جانب آخر فالإسلام حين أباح التعدد راعى أن للمرأة غريزة مثل الرجل، وفي ذلك يقول محمد قطب:"ولكن حاجتها الطبيعية كيف تقضيها؟ وما لم تكن معصومة فهل أمامها سبيل إلا الارتماء في أحضان الرجال لحظات خاطفة في ليل أو نهار؟ ثم حاجتها إلى الأولاد ... كيف تشبعها؟ والنسل رغبة لا ينجو منها أحد"()، ولكنها لدى المرأة أعمق بكثير من الرجل، إلى أن يقول:"فهل من سبيل إلى قضاء تلك الحاجات بالنسبة للمرأة بصرف النظر عن حاجة المجتمع إلى أخلاق نظيفة تحفظه من التحلل الذي أصاب دولاً كثيرة فأزالها من قائمة الدول التي كان لها دور في التاريخ ـ هل من سبيل إلى ذلك غير اشتراك أكثر من امرأة في رجل واحد علانية وبتصريح من الشرع) .
إن شرع الله لا يسأل فيه البشر أيرضونه أم لا؟ أيحبونه أم لا؟ ولكن متى كان دعاة ما يسمى بتحرير المرأة والنساء القاصرات النظر اللاتي تطغى عليهن غريزة حب التملك أو المتغربون الذين باعوا عقولهم للغرب يسألون عن شرع الله؟ إن الغرب نفسه كما ذكرنا يشكو من مشكلة اللقطاء والبغا وبيع الأطفال وقتل الأطفال المتسكعين بلا مأوى، هذا الغرب لا يمكن أن ينظر إلى رأيه، ثم هل درسنا التاريخ الإسلامي دراسة اجتماعية؟ هل سألنا النساء اللاتي شاركن غيرهن في رجل يلتزم بقيم الإسلام وأخلاق؟ لا شك أننا لو استقر أنا التاريخ استقراء صادقا ولو التزم المسلمون بالإسلام لما ظهرت مشكلة يطلق عليها تعدد الزوجات.
http://www.islamword.com المصدر:
ـــــــــــــ
الدليل الكامل للدخول إلى قلب الزوج
1 ـ أن تناديه بأحب الأسماء إليه:
كل إنسانٍ يحب اسمه أو اسماً أو كنية يشتهر بها، ويحب كذلك أن ينادى بها وبأحب الأسماء إليه، وقد جاء في الحديث: {ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه}.
وهذا سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول لأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: {إني أعرف عندما تكوني غاضبة مني تقولي ورب إبراهيم، وعندما تكوني راضية عني تقولي ورب محمد}.
2ـ أحسني اللقاء عند دخوله المنزل:
اللحظات الأولى لدخول الزوج المنزل يكون لها أبلغ الأثر في سلوكه بقية الوقت، وحين تلقى المرأة زوجها متهللة الوجه مرحبة، تهون عليه التعب والكدح خارج البيت، وتأملي أيتها الزوجة الكريمة حال امرأة من أهل الجنة كيف أحسنت لقاء زوجها عند رجوعه ولم تشأ أن تعكر عليه صفو فرحه بعودته إلى داره، ألا وهي أم سليم بنت ملحان - رضي الله عنها -.
فقد مرض ابنها أبو عمير، وحضر زوجها أبو طلحة سفراً مفاجئاً اضطر أن يغادر المدينة، فتطمئن زوجها أن ابنها بخير حتى لا يتعطل عن سفره، ويسافر الزوج ويشتد المرض على الوليد فيُسلم روحه لباريها، ويحكي ابنها أنس فيقول: قالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، فجاء فقربت إليه العشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت إليه أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة، لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، قال: غضب أبو طلحة، وانطلق حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره بما كان، فقال - صلى الله عليه وسلم -: {بارك الله لكما في غابر ليلتكما} قال أنس: فحملت وأنجبت بعد ذلك عشرة أولاد كلهم يقرأون القرآن.
3 ـ أن يراكِ في أحسن صورة:
أوصت أم إياس بنت عوف ابنتها ليلة زفافها وكان مما قالت: (فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح).
وأوصى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ابنته فقال مما قال: (وعليك بالكحل، فإنه أزين الزينة، وأطيب الطيب الماء).
وقالت إحداها لابنتها: (عطري جلدكِ وأطيعي زوجك واجعلي الماء آخر طيبِكِ).
والرجل حين يرى زوجته في هيئة تعجبه يزداد حبه لها وقربه منها.
وكيف تبدوا الزوجة في أحسن صورة؟
أ ـ الابتسامة: كم يشرق الوجه حين تعلوه البسمة، وكم يشعر المرء بالسرور حين تقابله زوجته بابتسامة رقيقة تزيل عنه همَّ الطريق وعناء المسير، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وتبسمك في وجه أخيك صدقة}.
ب ـ العطر: حين يدخل الرجل بيته فيرى زوجته في أحسن هيئة مبتسمة يسبقها عطر جميل ورائحة زكية، حينذاك ترتاح نفسه ويهدأ باله ويحمد الله على نعمه، وقد كان - عليه الصلاة والسلام - يحب الطيب، ويضع أحسن الروائح، وقد أوصى بالعطر، فالرائحة الزكية لها أثر السحر على النفس الإنسانية.
ج ـ إكرام الشعر: وإكرامه تصفيفه، وتسريح الرأس سنة حسنة، ومأمور بها الرجال قبل النساء فكيف بالزوجة؟.
قال - صلى الله عليه وسلم -: {إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرقن أهله ليلاً} وفي رواية: {نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً كي تمشط الشعثه وتستحد المعينة}.
د ـ نظافة الثوب: ألا تقابل زوجها بثياب المطبخ أو بثياب كانت تلبسها أثناء تنظيف البيت، فلذلك أبلغ الأثر عند الزوج، ولبس اللون الذي يحبه الزوج من الثياب يحبب فيك زوجك ويقربك من قلبه.
هـ ـ نظافة الأسنان: الفم مكان تنمو فيه البكتريا بسرعة، إن لم تتم العناية به وتنظيفه من بقايا الطعام، وقد أوصى الإسلام باستعمال السواك، وكان يستعمله - صلى الله عليه وسلم - ويوصي بها أصحابه وزوجاته - رضوان الله عليهم جميعاً -.
حاولي أيتها الزوجة أن تحافظي على السواك، ولا بأس باستعمال فرشاة الأسنان والمعجون، حتى يطهر الفم وتزكوا رائحته وتصبح الأسنان لامعة ناصعة، فكم تعطي جمالاً للوجه؟
4 ـ أحبي ما يحبه:
إن حبك لما يحب زوجك من أنواع الطعام والشراب وغيرها له أكبر الأثر في التقارب الوجداني بينكما وله أكبر الأثر في زيادة حب زوجك لكِ.
5 ـ لابد من المجاملة:
تعلمي كيف تتوددي إليه وتجامليه وتمدحينه، فالرجال يحبون المديح والثناء كما يحبه النساء، فقولي له مثلاً: إنني فخورة بك، أنت عندي أغلى إنسان في الدنيا، وأحب إنسان إلى قلبي، أنت صديقي وحبيبي وزوجي الغالي.... الخ.
ولا أقصد من قولي أن تجامليه أنك غير مقتنعة بتلك الكلمات التي ذكرتها، وإنما يجب أن يكون لك زوجك كما تقولين، ولكن الكلام نفسه يأخذ شيئاً من المبالغة، فلا بأس من ذلك.
6 ـ احذري وقت النوم ووقت الجوع:
عندما يريد الإنسان أن يخلد إلى النوم يكون قد بلغ منه التعب مبلغه، وتقل قدرته على التركيز، وتضيق أخلاقه، فإياك أن تختلقي مواضيع للمناقشة في هذا الوقت ـ وتلحين عليه أن يسمع لك ويدلي يرأيه، كذلك وقت الجوع، فيكون كل همه أن يأكل ويسد جوعته، ويذكر علماء النفس أن الإنسان حال جوعه يفسر ما يراه على أنه يشبه كذا من أنواع الطعام، وكذلك ما يشمه من روائح، فالجائع تنطلق مشاعره كلها نحو الطعام، وصدقت أم أمامة بنت الحارث حين قالت: (فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة).
7 ـ لا تعكِّري أوقات الصفا:
يقول الأستاذ / محمد حسين في كتابه (العشرة مع الرجل): (والعتاب في أوقات الصفاء من الجفاء، فقد تعمد الزوجة إلى عتاب زوجها عند قدومه من خارج البيت لتأخره أو لعدم إحضار المطلوب... الخ، وهذا من تعكير الصفو، وسوء الفهم، لقد أوصدت هذه الزوجة بسلوكها أبواب القبول والرضا عند الزواج).... (كما تظن زوجة حريصة أن أوقات الصفاء مع الزوج هي المناسبة لمعاتبته على أمورٍ أخَّرتها بحرص حتى ذلك الوقت المناسب، وهذا خطأٌ شائع تقع فيه الزوجات، فعليها أن تعلم أن أوقات الصفاء مع قلتها فرصة للهناء والسرور والبهجة، وليست فرصة للكدر وتعكير الصفو وتغيير النفس).
أيتها الزوجة المخلصة: إن كثرة العتاب تورث البغض، ويجب عليك أن تتنازلي قليلاً وتقبلي لزوجك بعض العثرات، وتذكري حين قال أحد السلف لأخيه: تعال يا أخي نتعاتب، فرد عليه قائلاً: بل قل يا تعال أخي نتغافر، فليغفر بعضنا لبعض ولنتسامح، ولنعش لحظات الحب بكل الحب والسعادة
8 ـ إياكِ أن تَمُنِّي عليه:
قد تكون الزوجة عاملة، وتدخل البيت مقدراً من المال، وربما يصدر منها بقصد أو بغير قصد ما يدل على أنها تمُنُّ عليه بهذا، وهذا فيه من الإساءة للرجل ما فيه، وقد يكون معسراً لا يكفي وحده حاجاتها، بخاصة إذا كانت ترهق نفسها وبيتها بالكماليات، ومنُّ المرأة على زوجها بمساعدتها في المنزل يسيء للزوج ويؤذي مشاعره، ويحدث شرخاً في العلاقة الزوجية لا يلتئم، وجرحاً لا يندمل، ولتعلم الزوجة أنها ووقتها كله ملكاً لزوجها، وله في ذلك المال حق، ولا يجوز أن تمُن عليه بذلك، وقد كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تضع مالها كله تحت يده - عليه الصلاة والسلام -، فكان مما قاله في حقها: {وواستني بمالها إذ حرمني الناس}.
9 ـ لا تذكري دائماً حالك في بيت أبيك قبل الزواج ممتنة على زوجك:
بعض الزوجات تعمد دائماً أن تقول: لقد كنت ألبس في بيت أبي كذا، وآكل كذا، وكنا نفعل كذا،... وهي تقصد بذلك أنها بعد زواجها منه تغير حالها إلى الأسوأ، وهذا فيه نوع من عدم الرضا بالواقع الذي تعيشه، وهذا أخطر شيء على استقرار الحياة الزوجية.
أقول لها: أين أنت أيتها الأخت الفاضلة من نساء السلف الصالح حين كانت توصي الواحدة منهن زوجها عند خروجه من بيته طالباً رزق ربه، فتقول له: يا فلان، اتق الله فينا ولا تطعمنا إلا حلالاً، فإنا نصبر على الجوع في الدنيا ولا نصبر على النار يوم القيامة.
ولتعلمي أيتها الزوجة المسلمة أنكِ بعدم رضاك عن عيشتك وكلامك ذاك، قد تدفعين زوجك لأن يسلك غير سبيل المؤمنين فيقبل الحرام فيخسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، واعلمي أن الأيام دولٌ بين الناس، من سرَّه يومٌ ساءته أيام، وأن السعادة في النفس وفي الرضا والقناعة.
10 ـ عليكِ بالقصد ولا تسرفي:
قال - صلى الله عليه وسلم -: (ما عال من اقتصد).
ومعناه ما افتقر من اقتصد في عيشه وحياته، ولم يسرف فالله لا يحب المسرفين، والإسلام لا يحض على الفقر وترك زينة الحياة الدنيا، قال - تعالى -: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}.
ولكنه في الوقت ذاته لا يريد منهم أناساً متخمين ممتلئة بطونهم بكل ما لذ وطاب ويركنون إلى الدنيا ولذَّاتها، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: {أكثر الناس شبعاً أطولهم جوعاً في يوم القيامة}.
إن الرجال الذين يتمتعون في التشبع والامتلاء، ويبتكرون في وسائل الطهي وفنون التلذذ، لا يصلحون لأعمالٍ جليلة، ولا ترشحهم هممهم القاعدة لجهادٍ أو تضحية.
وقد ابتلينا بأناسٍ كل همهم الطعام والشراب واللباس والزينة، فهم يفتخرون بأنهم يأكلون ألواناً من الطعام لا يعرفها كثيرون غيرهم، ويتكلمون باستعلاءٍ على الخلق، وبعض النساء يكلفن أزواجهن بشراء العديد من الكماليات، ويرهقن البيت المسلم بتحميله فوق طاقته، قال عليه الصلاة والسلام: {السَّمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد جزء من أربع وعشرين جزءاً من النبوة}.
11 ـ أكرمي ضيفه فهو إكرام له:
قال - صلى الله عليه وسلم -: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه}.
إكرام الضيف والسرور بلقاءه والترحيب به كل ذلك من الإيمان، وأن يقدم المرء للضيف أحسن ما عنده من غير تكلفٍ ولا إسراف، قال - تعالى -: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام ٌ فم لبث أن جاء بعجلٍ حنيذ}.
وانظري أيتها الأخت الفاضلة إلى قوله - تعالى -: {فما لبث} فهو الأسرع بإكرام الضيف وعدم التباطؤ حتى لا يقلق ذلك الضيف.(52/71)
حقاً ما أجمل وأروع ذاك الكرم، أين نسوة الدنيا يأتين فيشهدن أم سليم، وهي تطفيء السراج، وتبيت طاوية وتعلل الصبيان ليناموا، ثم تعطي الضيف طعامها وطعام زوجها وأبناءها إكراماً لهذا الضيف، بينما تقيم المرأة الدنيا وتقعدها على زوجها إن أحضر الضيف دون سابق إخبارٍ أو إنذار وتُحيل البيت جحيماً.
أفلا ترضين برضى زوجك ثم برضى ربك، وذلك بإكرامك لضيوف زوجك وإحسانك إليهم؟
12 ـ لا تكثري جداله:
هناك نوع من الزوجات لا تطيع الزوج في أمر إلا بعد أن يتنفس الصعداء من جراء جدالها معه ومناقشتها إياه، والحياة بهذه الطريقة لا تستقيم، فالجدال يعمل على اختلاف القلوب، وكثرته تؤدي إلى النُّفرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: {لا تختلفوا فتختلف قلوبكم}.
ومع كثرة الاختلاف تختلف القلوب ولا يعرف الحب طريقه إليه، ولا يكون عناك معنى للطاعة إذا كانت الزوجة لا تطيع زوجها في أي أمر إلا بعد نقاشٍ أو جدال.
قيل: يا رسول الله، أي النساء خير؟ قال: {التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها، ولا في ماله بما يكره}.
13 ـ احذري أن تسأليه الطلاق لخلاف شجر بينكما:
الرجال فيهم صفة العناد ربما أكثر من بعض النساء، وقد تظن الزوجة في لحظة غضب وطيش أنها حين تسأل زوجها الطلاق، فسوف يخاف ولن يفعل!!.
إنها بذلك تتحداه لأنها تعلم أنه سوف يفكر ألف مرة قبل أن يفعل هذا الأمر، لكن الذي لا تعلمه أنه ربما يأخذه العناد ويطلقها بالفعل، ويكون هذا القاصمة للعلاقة الزوجية، وقد يراجعها الزوج بعد هدوء الأعصاب، لكن هل ستصبح العلاقة بينهما كما كانت من قبل؟!!
لذلك كان تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من عاقبة ذلك الأمر، في الحديث الصحيح: {أيما امرأة طلبت من زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة}.
14 ـ احفظي سره تأمني شره:
قال - عليه الصلاة والسلام -: {إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه}.
وحفظ السر يشمل حفظ أسرار علاقات الفراش بين الرجل وزوجته، وكذلك حفظ أسرار العلاقات الاجتماعية العامة داخل الأسرة، قال - صلى الله عليه وسلم -: {لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها؟} فأرمَّ القوم، فقالت امرأة: أي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن، وإنهم ليفعلون، فقال: {فلا تفعلوا، فإن ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون}.
فنشر أسرار الفراش يمثل فضيحة للأسرة، وكأن الرجل غشي زوجته أمام الناس، والإسلام يحمي المجتمع من مثل هذه الفضائح لأنها لا تليق بالمسلم، وينبغي على المرأة أن تحفظ سر بيتها في معيشتها وأكلها وشربها.. الخ.
وسر الزوج أمانة عند زوجته، وإفشاء السر فيه ضياع للأمانة، وهو عند الله عظيم، قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}.
ولكل أسرة أسلوبها في الحياة، ولكل زوج طريقته في التعامل والعيش مع زوجته وأولاده، فينبغي أن تصان تلك الأسرار ولا يطلع عليها أحد حتى لايؤذَى البيت من قِبل الناس، فهذا أمن وأمان للأسرة، وكذلك ينبغي حفظ أسرار من اطلعت الزوجة عليهم من جيرانها وعرفت شيئاً عنهم.
15 ـ أعيني زوجك على بر والديه:
يحدث كثيراً أن تغضب الزوجة لكلام أم زوجها، وربما يحدث هذا لشدة حساسيتها تجاهها، وربما تطور الأمر إلى حدوث مشكلات بينهما، ويقع الزوج في موقف لا يحسد عليه، فهذه أمه وهذه زوجته، وقد تكون أوجه الخلاف سطحية وتافهة ولا تستدعي ما يحدث.
وقد تكون طلبات أم الزوج في كبر سنها كثيرة ولديها حساسية شديدة من معاملة الزوجة (زوجة الابن) فعلى الزوجة أن تحلم معها وتعتبرها مثل والدتها فتحترمها وتقدرها وتصبر عليها، ولتعلم أن كل ذلك مدخر أمام الله – عز وجل -، وأنها بذلك تحسن الطاعة لزوجها بإحسانها لأمه، وحسن معاملة الزوجة لأم زوجها سوف يعود علها بالحب من قبلها ومن قبل الزوج، كيف لا؟ وبر الوالدين من أجلِّ القربات عند الله – عز وجل -، وهذه الزوجة الفاضلة في كل يوم لا تفتأ تعينه على هذا البر فيصبح بذلك الحب لها أعظم والقرب منها أكثر.
16 ـ لا تنظري إلى غيرك في أمور الدنيا:
بعض النساء همها الأكبر أن تقتني كل ما هو جديد، وتنظر لغيرها في تلك الأمور المادية، فهذه صديقتي قد اشترت هذا الشيء وأنا أريد أن أشتريه، فليست هي أفضل مني في شيء، ولست أقل منها.
اعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن التسابق يجب أن يكون في أمور الآخرة، وليس في أمور الدنيا، قال الله - تعالى -: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.
بينما في أمور الدنيا يسير المرء على قدر حاجته، ولا ينظر إلى من سبقه فيها، قال - صلى الله عليه وسلم -: {انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم}.
ولا يقصد من ذلك أن لا يسعى المرء إلى وضع أفضل مما هو فيه إن كان معسراً، وإنما لا يكن همه الدنيا والنظر إلى غيره، والأجدر أن ينظر إلى من هو أصلح منه، فيبتغي الصلاح والمسارعة لإرضاء الله – عز وجل - حتى يفوز بنعيمي الدنيا والآخرة،وأن يطلب العبد الدنيا للآخرة، فإذا رزقه الله تصدق وعمل بحق الله فيه، قال - صلى الله عليه وسلم -: {ويل للنساء من الأحمرين: الذهب والفضة}.
والمعنى أن الواجب على المرء أن يكون الشاغل إصلاح نفسه وتربيتها على الفضائل ثم يأتي إصلاح حاله الدنيوي في الطريق، لا أن يكون شغله الشاغل ما يأكل وما يلبس وما يسكن مهملاً حقيقته ونفسه وروحه.
17 ـ شكر الزوج شكر:
كلمة الشكر والثناء محببة للنفس، مزيلة للهم، مفرجة للكرب، وكم يشعر الزوج بالسعادة لشكر زوجته إياه، وربما تقول الزوجة: وهل أشكر الزوج على واجبه نحوي؟
فأقول لها: نعم، وما المانع أن تشكري زوجك على واجبه نحوك!! أليس لو قصَّر في واجبه يكون مُلاماً؟! إذن فإن أدى واجبه فهو مشكور، ثم إن الشكر يزيد المودة والنعمة والحب، وهو واجب في حق الزوجة لزوجها، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله كما جاء في الحديث الصحيح.
والشكر لا يكون باللسان فقط، بل بالفعل والعمل، والإخلاص للزوج، ومن شكر الزوج ألا تعيب زوجته شيئاً فيه، في أخلاقه مثلاً أو صفاته، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى الرجل بألا يقبح زوجته، فمن بابٍ أولى أن المرأة لا يجوز لها أن تعيب شيئا في زوجها، ففضله عليها كبير، وحقه عليها عظيم، قال - صلى الله عليه وسلم -: {حق الزوج على زوجنه أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت حقه}.
كذلك على الزوجة ألا تعيب شيئاً اشتراه زوجها فإن ذلك يحزنه، بل يمكن أن تخبره بما تحب بتجمل في الأسلوب من غير أن تسبب له إحراجا.
18 ـ تعلمي فن التعامل مع الواقع:
إذا كانت السياسة هي (فن الممكن لا فن المستحيل) فلتكن هذه سياسة الزوجة في بيتها، ولتحاول الزوجة أن تتعامل مع متغيرات المنزل ومع ظروف الزوج، الظروف المادية والنفسية، واعلمي أن الحياة كفاح، فالنعمة لا تدوم لأحد، والأيام تتقلب تقلب المِرجل إذا استجمع غليانه.
فإذا تقلبت بك الأيام فأبشري ولا تجزعي، وكوني عوناً لزوجك على نوائب الدهر، ولا تكوني عوناً لها عليه، ولا تطلبي من زوجك دائماً إمدادك بوسائل الرفاهية أو الراحة، وانظري إلى من سبقك من جيل الأمهات القدامى كيف كنَّ في قوة، وكانت الواحدة منهن تقوى على ما تقوى عليه عشرة من نساء اليوم اللائي تعوَّدن الركون إلى الدعة والراحة، فخارت عزائمهم من بعد ما خارت قواهم، واذكري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين طلبت منه ابنته فاطمة وزوجها علياً - رضي الله عنهما -، أن يمدهما بخادم، وكانت يد فاطمة - رضي الله عنها - قد تورَّمت من قسوة الشغل بها في البيت، فما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن أمرها بالذكر، ولم يمدهما بخادم.
19 ـ اعلمي أن الصبر ضياء:
تتعرض الحياة الأسرية لنكبات، وهذه سنة الحياة، قال - تعالى -: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: {الصبر ضياء}.
ولتعلم الزوجة أن الصبر بالتصبر، وأنها حين يراها الزوج صابرة صامدة، تقوى عزيمته، ويقوى على مواجهة الحياة، ويزداد حبه وإعزازه لها، قال - صلى الله عليه وسلم -: {من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءاً خيراً وأوسع من الصبر}.
والمرأة لما جبلها الله عليه من عاطفة جياشة فهي أسرع للجزع من الرجل، وقد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على امرأة مريضة فوجدها تلعن الداء، فكره منها هذا وقال: {إنها ـ يعني الحُمة ـ تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد}.
وبعض الزوجات يكثرن الشكوى عند كل مُلِمة، وبعضهن يتمارضن كثيراً وتشتكي بين لحظة وأخرى من أي شيء بسيط، وهذه الشكوى أيتها الزوجة تقلق الزوج، أفلا تكوني صبورة؟! ألا تستطيعين تحمل ما يُلِم بك بصبر جميل من غير أن تكثري الشكوى للزوج؟!
فما أجمل الصبر عند الزوجات.
20 ـ أعيني زوجك على طاعة الله:
نعمت الحياة الزوجية حين تعين الزوجة زوجها على طاعة الله – عز وجل، وتذكره بالآخرة وبالجنة والنار وبالنية الحسنة عند كل عمل، وبالإخلاص لله ومراقبته في كل حال.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {رحم الله رجلاً قام من الليل، فصلى وأيقظ أهله، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء}.
وأخيراً: تلك كلمات نابعة من القلب لتلك الزوجة الصالحة والتي أسأل الله أن يزيدها نفعاً وبركة بعد قراءتها لهذا الموضوع وتطبيقه في واقعها وحياتها الزوجية، فليس أجمل من أن تستضيء المرأة بنور الكتاب والسنة، ولله الحمد أولاً وآخرا.
http://gesah.net المصدر:
ـــــــــــــ
حتى يكون الزواج سكناً (1)
الحياة الزوجية جانب مهم في حياة الإنسان بل هي أهم جوانب حياته حيث يبدأ معها حياة مختلفة عن أي حياة عاشها من قبل، لذلك يجب علينا أن نتعرف على هذه الحياة قبل نشأتها وبدايتها؛ لأننا عندما نهتم بالحياة الزوجية نكون قد وضعنا لبنة قوية تقف شامخة في وجه الزوابع والأعاصير التي قد تتعرض لها، وهذه اللبنة القوية تشد من بناء المجتمع، وكلما ساد الحياة الزوجية الود والتفاهم كلما كانت الأسرة مترابطة قوية ويعود ذلك كله بالخير على قوة المجتمع ككل، فالمجتمع يقوى بالأسرة القوية والأسرة تقوى بالحياة الزوجية والحياة الزوجية تقوى عندما نهيئ لها الجو الملائم، ونعد لها الإعداد الجيد قبل الاقتران، منذ بداية الخطبة، وذلك يكون باختيار الزوج المناسب ديناً وخلقاً، والزوجة المناسبة ديناً وخلقاً، وبذلك نكون قد أسسنا أسرة مترابطة قوية البنيان، أما إذا كان الأمر على عكس ذلك، وكان الاختيار عشوائياً دون تمحيص ودراسة، وكان الزوجان على طرفي نقيض، فلا شك أن الحياة الزوجية سوف تتعرض لتصدعات تؤثر في استمرارها وقد تصبح مستحيلة، لذلك نطرح هذا السؤال لعلنا من خلال الإجابة عليه نتعرف على جوانب الحياة الزوجية بإيجابياتها وسلبياتها، والسؤال هو:
هل للتدين أثر على العلاقة الزوجية؟
لاشك أن الإجابة ستكون نعم له أثر قوي، وقد يكون أثراً إيجابياً فعالاً يقوي العلاقة الزوجية، ويسمو بها إلى الأفضل ويكون نتاج ذلك أسرة متماسكة، تنتج أجيالاً من الأقوياء يشاركون في الرقي بالمجتمع إلى الأفضل والأحسن، فإذا كان الزوج متديناً وكذلك كانت الزوجة فلا شك أنه سيحل الوفاق بينهما والتفاهم والانسجام، فتصبح العلاقة الزوجية بينهما جنة على الأرض كلها حب وود وتقارب ووئام، ولن يكون هناك مجال لبروز مشاكل تزعزع علاقتهما، وإن وجدت فإنها مشاكل بسيطة لا تلبث أن تختفي.
أما إذا كان التدين من طرف واحد فمثلاً إذا كان الزوج متديناً والزوجة غير متدينة، فلا شك أنه حينئذ سيتولد من هذا الاختلاف تباين في السلوك، ولكن باستطاعة الزوج أن يعمل على حل هذا الإشكال ويقف في وجه المشاكل، ويأخذ بيد زوجته رويداً رويداً فيرقى بها إلى الأفضل، وذلك بأن يبدي لزوجته حبه لها وإعجابه بها وأنها هي الغالية عنده والعزيزة عليه، وأنه يحبها في كل الظروف والمناسبات، ولنقرأ بتدبر وإمعان هذا الحديث الذي ترويه لنا السيدة عائشة - رضي الله عنها- قائلة: كنت أشرب وأنا حائض ثم أناول النبي - صلى الله عليه وسلم- فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرق العرق.. والعرق هو العظم فيضع فاه على موضع فيَّ" رواه مسلم.
درس عظيم:
أي درس عظيم نتعلمه من هذا الحديث وأي وسيلة تعليمية مفيدة يعلمنا إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في كيفية زرع الثقة في نفس الزوجة، فعندما يعامل الزوج زوجته بمثل هذه الأخلاق، ويتبع معها مثل هذه الوسائل فلن تشك في حبه لها، ولن تتطرق الغيرة إلى قلبها فإن هو تودد إلى زوجته بمثل هذه الأخلاق وأحاطها بحنانه وعطفه وغمرها بحبه، وثقت الزوجة من حب زوجها لها، وإذا وثقت من حبه لها أخلصت له وأطاعته في كل ما يأمرها به، وتفانت في مرضاته فصارت طوع بنانه، لأن سلوكه القويم وخلقه السليم أثرا في نفسية زوجته فأحبته، وأحبت كل عمل يقوم به فصار قدوة طيبة، فبعد أن كان يرجوها ويتودد إليها ويرغبها في قيام الليل وهي تماطل وترفض، صارت الآن هي التي تحثه وتعينه على قيام الليل وعلى جميع أعمال الخير كصيام النوافل وإيتاء الصدقات وصلة الرحم لأنها شعرت أن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة، ويكون من ثمرة هذا التقارب والتفاهم بين الزوجين ترابط الأسرة واستقرارها فيتربى الأبناء تربية صالحة طيبة ويكونون قرة عين لوالديهم وأفراداً صالحين في المجتمع.
مسؤولية صعبة:
أما في حالة كون الزوجة متدينة والزوج غير متدين فلا شك أن المسؤولية ستكون على الزوجة صعبة وشائكة، ولكن يجب أن تتحمل وتصبر وتكثر من الدعاء، وتحاول ولا تيأس ولا تستسلم فلعل الله – تعالى- يهدي زوجها، فإن كان زوجها لا يقوم بواجباته الدينية، فإنه يجب على الزوجة أن تعامل زوجها بالحكمة واللطف ولا تواجهه بأخطائه، فتأخذه العزة بالإثم فتنقلب حياتها بؤساً وشقاءً أكثر ما هي عليه.
إن على الزوجة أن تنتهز الأوقات المناسبة لتسدي فيها النصح لزوجها وتذكره بعواقب أعماله فإذا جلست معه ورأت منه هدوء نفس يكاره رغبته بالعادات الحميدة، وشرحت له عاقبة استمراره في ارتكاب المعاصي ويكون ذلك بأسلوب لطيف رقيق لكي تستطيع أن تصل إلى قلبه فتؤثر في إحساسه وتحرك وجدانه، وعليها أن تبتعد كل البعد عن الزجر والصراخ واللوم والعتاب.
نتائج سلبية:
الآن نتطرق للنتائج السلبية التي قد تؤثر على العلاقة الزوجية فتؤدي في النهاية إلى الانفصال، فمثلاً إذا كان الزوج متديناً ولكنه حادّ الطبع صعب الأخلاق عبوس الوجه لا يعرف من أمور دينه إلا الشدة والصرامة وإصدار الأوامر العسكرية، ما أن يدخل البيت حتى ينزوي كل فرد في غرفته خوفاً منه، فإذا أراد أن يدعو زوجته إلى بعض الأعمال فإنه يأمرها زجراً وبشدة مما يؤدي إلى نفورها وبغضها لما يدعوها إليه، وإن قامت بما أمرها انصياعاً لأوامره قامت به مكرهة. هذه الأخلاق التي يتبعها البعض جهلاً منهم بسماحة الإسلام وتعاليمه التي تحث على الرفق واللين حتى مع الكفار، فما بالك مع أقرب الناس وأحبهم إلى قلب الزوج وهو الزوجة التي هي سكن ورحمة والله - عز وجل- يقول:(ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
إن هذه الأخلاق السيئة والأسلوب الصعب الذي يستخدمه البعض في معاملة الزوجة والأولاد أيضاً لحثهم على التمسك بالأخلاق الإسلامية، لا شك أنه أسلوب خاطئ منفّر يؤدي إلى مردود عكسي، فلو أن الزوج جاء زوجته باللين والرفق والحنان والكلمة الطيبة وذكرها بآيات الله – تعالى- وأحاديث رسوله - صلى الله عليه وسلم- وبين لها أن ذكر الله ينير قلبها وتهدأ به نفسها وتصفو روحها، ويسعد به البيت وذكرها بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت. رواه مسلم.
بهذا الأسلوب يجب أن تكون الدعوة لا بالعبوس والصراخ خاصة مع الأقرباء، كما أن بعض الأزواج بسبب ادعائه التدين يهمل زوجته وبيته وأولاده بحجة الانشغال بالدعوة، فيقضي جُلّ وقته خارج البيت في رحلات وسفر ودروس ومحاضرات، ويترك عبء إدارة الأسرة على الزوجة، ولا يدري أنه بتصرفه هذا قد ترك فراغاً كبيراً لا تستطيع الزوجة أن تملأه مما يؤثر على سلوك الأولاد وعلى العلاقة بين الزوجين، وقد يؤدي إلى التفكك الأسري، ويكون الزوج قد أهمل أهم شيء لديه وهو رعاية أسرته، فالأسرة وقبل كل شيء هي التي يجب أن تحظى برعاية الزوج لأنه المسؤول عنها فكل راع مسؤول عن رعيته، ثم تأتي بعد ذلك الأمور الأخرى وقد يطرأ التدين على حياة الزوج وبعد أن كان يعيش هو وزوجته جواً مختلفاً وعادات مختلفة عن العادات الإسلامية ينقلب فجأة ويحاول أن يغير زوجته أيضاً تغييراً جذرياً وسريعاً دون أن يتبع أسلوب التأني والصبر وأخذ الأمور بتؤدة وروية، مما يستحيل على الزوجة معه أن تغير من عاداتها بهذه السرعة مما يؤدي إلى التنافر والفراق.
واجبات المنزل أولاً:
وقد تكون الزوجة متدينة وتنشغل عن واجباتها الزوجية والبيئية فتترك البيت دون رعاية واهتمام وتهمل القيام بمسؤولياتها بحجة حضور الدروس الدينية، أو الاشتراك ببعض الأنشطة الدينية مثل الأسواق الخيرية والمسابقات وغيرها، وتهمل بيتها فيأتي الزوج فلا يجد من يستقبله أو يجهز له حاجياته أو يكلمه أو يسكن إليه، فيحس بالفراغ والوحشة مع أنه في بيته فيهجر البيت وقد يهجر الزوجة، وقد يجر هذا التصرف الخاطئ من قبل الزوجة إلى عواقب وخيمة، وهذا الأسلوب لا شك أنه خطأ ترتكبه بعض الزوجات، فطاعة الزوجة من العبادة وفيها الأجر العظيم، ولنتأمل في هذا الحديث النبوي ففيه فوائد عظيمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) رواه أحمد.
وهكذا فإن المرأة المتدينة العارفة بأمور دينها هي التي تسعى وتعمل في سبيل إسعاد زوجها لأنه أهم إنسان لديها، وأهم مكان تعتني فيه هو بيتها، فهو مملكتها فتجعل منه جنة، إذا دخله الزوج شعر بالراحة والسكينة وما أن يبتعد عنه لحظات إلا ويشعر بالشوق إليه، ولا بأس أن تؤدي الزوجة واجباتها الدينية وتحضر الدروس وتتفقه ولكن لا يكون ذلك على حساب سعادتها الزوجية وحقوق زوجها، فقيام المرأة بواجباتها الزوجية وهي ترجو بذلك وجه الله أفضل من كنوز الدنيا.
وختاماً لا يغيب عن بالنا أن الحياة الزوجية شركة، فيها مصاحبة وفيها ملاطفة وفيها أولاد وفيها تعاون على تذليل صعاب الحياة وفيها أمل في المستقبل، فإذا عرف كل من الزوج والزوجة حقوقهما وواجباتهما وأدياها كما يجب، فلا شك أن الحياة الزوجية تكون سعيدة تحيطها البهجة ويغمرها السرور، ولا شك أننا نكون بذلك قد أنشأنا أسرة خالية من الأمراض النفسية قوية بأفرادها تؤثر في تطور المجتمع وترقى به إلى الأفضل.
http://www.al-eman.comالمصدر:
ـــــــــــــ
تأخر سن الزواج.. خطر يهدد استقرار الأسر العربية!!
أحمد شمس الدين
الاكتئاب والعزلة.. أبرز المشكلات الصحية التي تصيب الفتيات بسبب تأخر الزواج.
عزة كريم: تأخر سن زواج الفتيات في بعض البلاد العربية تسبب في كارثة اجتماعية.
تأخر سن الزواج بالنسبة للفتيات وعزوف الشباب عن الزواج خطر يهدد المجتمعات العربية ويؤثر سلبيا على استقرار الأسر العربية، والسبب مخالفة المنهج الإسلامي والظروف الاقتصادية السيئة وإصرار الآباء على المغالاة في المهور وتكاليف الزواج التي جعلت من الزواج أمرًا يصعب تحقيقه..
مخاطر عدة لتلك الظاهرة؛ فقد أكد أساتذة الطب وعلم النفس وعلم الاجتماع أن الفتاة التي تخطت سن الزواج تكون أكثر انعزالية وانطوائية، كما تكون عرضة للإصابة بأمراض الاكتئاب والقلق والمرض النفسي، بالإضافة إلى مخاطرها الاجتماعية العديدة.
أضرار صحية
فيرى الدكتور (محمد يوسف) الاستشاري بمستشفى الجلاء للولادة بالقاهرة أن الزواج في سن متأخرة يجعل حدوث الحمل في مثل هذه السن خطرًا ويكون له بعض المضاعفات المترتبة عليه، كزيادة في نسبة حدوث ارتفاع ضغط الدم، وحدوث مرض السكر المصاحب للحمل، وزيادة احتمالات حدوث العيوب الخلقية في الجنين، كأن يكون مثلاً الطفل المغولي؛ بالإضافة إلى ما قد تتعرض له من احتمالات متزايدة لحدوث الولادة المتعثرة والاحتياج إلى إجراء ولادة قيصرية، ورغم أن تأخر سن الزواج لا يسبب للفتاة العقم؛ إلا أنه قد يؤدى في بعض الحالات إلى زيادة في نسبة إفراز هرمون الاستروجين، وبالتالي إلى زيادة في نشاط الخلايا المبطنة للرحم.
فقدان نضارة الوجه
أما الدكتور (خالد الظواهري) المدرس بطب عين شمس يقول: إن الفتاه في مثل هذه السن لا تعاني أساسًا من مشكلات صحية بقدر ما تعانى من ضغوط اجتماعية تجعلها في حالات نفسية سيئة، فهي إزاء ذلك إما أن تندمج في عملها بصورة نشطة للغاية حيث يستغرق عليها حياتها، وإما أن تصاب باكتئاب نفسي حاد يقلل من همتها ونشاطها وحيويتها وينعكس ذلك على بشرتها. خصوصًا إذا كانت بشرة دهنية حيث يزيد نشاط الحبوب الدهنية ذات الرؤوس السوداء، كما يزيد لديها نمو الشعر في الوجه والجسم ويكثر تساقط شعر الرأس، ويستمر الحال كذلك إلى أن يفقد الوجه نضارته.
تشوهات جنينية
ويحدد الدكتور محمد العشماوي - استشاري طب الأطفال حديثي الولادة والمبتسرين - السن التي قد يتعرض لها الطفل باحتمالات التشوه عند زواج الفتاة في سن متأخرة أي بعد سن الخامسة والثلاثين، حيث إن طفلها قد يصاب ببعض العيوب الخلقية كأن يولد مثلاً الطفل المنغولي، مما يؤدي، إلى ضعف ذكائه وتعاني الأم من وجود طفل معاق ذهنيًا وبدينًا، كما أنه يحتاج إلى رعاية خاصة ولا يتعامل مع المدرسة بصورة طبيعية أو أن يولد لها طفل مبتسر لعدم اكتمال شهور الحمل، أو على الأقل يولد ضعيفًا يكون عرضة للعديد من الأمراض، كما قد يتسبب مرضها النفسي في عدم ولادة غير طفل واحد ينعكس كل اهتمامها عليه مما يؤثر بدوره على نموه النفسي ويؤدي إلى إصابته بأمراض نفسية.
أضرار فادحة(52/72)
وتعترف الدكتورة (عزة كريم ) أستاذ علم الاجتماع والمستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بوجود مشكلة تأخر سن زواج الفتيات حاليًا بصورة ملموسة للغاية وأن هذا أدى إلى أضرار ليست للفتاة فقط؛ بل وأيضًا للفتى وللأسرة والمجتمع ككل، مشيرة إلى أن الفتاه قد ترفض الزواج عندما تكون في مرحلة عمرية مناسبة إما لإحساسها بأنها لديها امتيازات تجعلها تبالغ في شروطها ومتطلبات ومواصفات الزوج المطلوب أملاً في أن تجد الشخص الذي يمكن أن تقتنع به، وتظل على حالتها من الرفض حتى يتقدم بها العمر ويفوتها سن الزواج المناسب.
وإما أنها تريد أن تحقق طموحاتها الشخصية أولاًً وقبل كل شيء، سواء في المجالات العلمية أو العملية مما يجعلها دائمًا تؤخر فكرة الارتباط والزواج، ثم إن هناك بعض الفتيات اللاتي يرسمن صورة معينة لفتى الأحلام وزوج المستقبل ولا يرضين عن غيره بديلاً، ولأنهن لا يجدنه في الواقع؛ فإنهن يؤخرن سن الزواج، وبتأخير مثل هذه النماذج لسن الزواج فإنهن يتعرضن لأحاسيس يشعرن فيها أن المجتمع، قد ظلمهن وبالتالي يكن أكثر عدائية وعدوانية تجاه المجتمع ويمارسن نوعاً من الانتقام تجاه الآخرين حتى ولو حققن طموحاتهن في الحصول على المراكز العلمية والعملية، ويصبح إحساسهن بعقدة عدم الزواج والإنجاب ملازمًا لهن مما يجعلهن يمارسن الانتقام المباشر وغير المباشر حتى بالنسبة لذواتهن فيكن غير راضيات عن أي شيء يصلن إليه، ويكن في صراع دائم مع النفس لتحقيق طموحات أكبر وأكبر مما يعرضهن للصدام مع من يتعامل معهن، ثم في النهاية يقدمن تنازلات كبيرة في سبيل الحصول على لقب متزوجة دون اقتناع بالزواج أو بالزوج نفسه.
ولحل هذه المشكلة التي تعد خطيرة؛ فإن على المجتمعات العربية ككل أن تتكاتف معًا لخفض سن الزواج، حيث إن تعديل القوانين لرفع سن زواج الفتيات في بعض البلاد العربية تسبب في كارثة اجتماعية، كما لابد من التغلب على العقبات الاقتصادية التي تعوق الزواج، وتيسيرها على الشباب الراغبين في الزواج.
انطوائية واكتئاب
وتذكر الدكتورة (منى منصور) أستاذ الطب النفسي المساعد بجامعة عين شمس أن الأبحاث قد توصلت في هذا المجال إلى أن الفتاة التي تخطت سن الزواج تكون أكثر انعزالية وانطوائية، كما تكون عرضة للإصابة بأمراض الاكتئاب والقلق والمرض النفسي؛ فالاكتئاب يحدث في غياب الوعي الإسلامي والمساندة الاجتماعية، وهو ما يحدث في حالة تأخر سن الزواج عند بعض الفتيات، ويحدث أيضا عند تقدم سن المرأة وانقطاع الطمث بسبب التغيرات الهرمونية المصاحبة في هذه الفترة لتقدم سن المرأة، وبالتالي فإن الفتاة التي يتأخر سن زواجها تكون عرضة لهذه التغيرات بصورة أكثر وإلى حدوث الأمراض النفسية.
وبطبيعة الحال فإن الأثر النفسي لتأخير سن الزواج ينعكس على حالة الجنين إذا ما تزوجت مثل هذه الفتاه وحملت وقد يعرض لتشوهات جنينية كما يؤثر عليه نفس الأثر إذا ما أنجبت حيث يرتبط الجنين أو الطفل بأمه ارتباطا شديدا ويتأثر بها نفسياً ووجدانياً، ولذلك فإن على كل فتاه مقبلة على الزواج في سن متأخرة أن تستشير الطبيب الخاص بالوراثة قبل حدوث الحمل.
تعدد الزوجات
ويؤكد الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن تأخير سن الزواج عن السن الطبيعي يعتبر خطرًا كبيرًا على الأسرة والمجتمع ككل لأنه قد يتسبب في حدوث انحرافات كثيرة خاصة في ظل الانفلات الأخلاقي في كثير من المجتمعات العربية فمن الأفضل التبكير في زواج الشباب والفتيات فيكون من المناسب أن يتزوج الرجل في سن الرابعة والعشرين أما المرأة فتتزوج في سن العشرين وهو السن الطبيعي ، فالإسلام رغب المسلمين في تيسير الزواج على الشباب وعدم المغالاة في المهور والحرص على اختيار صاحب الدين والخلق حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أكثر النساء بركة أيسرهن مهرًا ".
إن الإسلام لم يشرع تعدد الزوجات لمجرد قضاء الشهوات؛ بل لغاية سامية وهو حفظ المجتمع وتجنيبه الفواحش والقضاء على مشكلة العنوسة حيث تزيد أعداد النساء عن الرجال خاصة أوقات الحرب، وهناك أسباب أخرى مثل مرض الزوجة وعدم قدرتها على القيام بواجباتها الزوجية أو عقمها بشرط أن يكون تعدد الزوجات قائمًا على العدل والرحمة.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج أحكام وعقبات
د. خالد بن عبدالله القاسم
حديثنا هذا يتناول تشريعاً ربانياً حكيماً، وسنةً من سنن المرسلين، وآيةً من آيات الحكيم الخبير.
إنه الزواج... وما أدراك ما الزواج.
إنّه من آيات الله ـ تعالى ـ الدالة عليه، فبه تحصل المودة والمحبة والرحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21 وبه دوام النسل واستمرار الحياة: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً)النساء: 1. وهو سنة الأنبياء والمرسلين: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً) الرعد: 38.
إنّ الزواج أمرُ تقتضيه الفطرة، وتحث عليه الشرائع، فبه تكوين الأسر، وتربية الأبناء، وقضاء الأوطار في الحلال، وفيه راحةٌ وسكينةٌ للنفس، وفيه رحمة وألفة، وفيه تحصيل للأجر العظيم، وهو ضرورة لدوام الحياة واستمراريتها، وهو من أسس إقامة أوثق العلاقات الاجتماعية: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) الحجرات:13.
إضافة إلى ما سبق من الآيات القرانية فقد جاء الثناء على الزواج والأمر به في السنة النبوية، ففي الحديث الصحيح:( عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قَالَ: ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )) رواه البخاري رقم(4678) ومسلم (4285 ).
كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعايير اختيار الزوجين، وبيّن أن الاعتبار والمقياس في المقام الأول إنما هو لمسألة الدين والخلق، فقد قال - عليه السلام-: ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (4700) ومسلم (2661).
إذن فالدين والخُلُق مقدمان على الأنساب و الأموال و الجمال.
ومما أرشد - صلى الله عليه وسلم- وحثّ عليه، أن يتزوج المسلم من الودود الولود ففي الحديث: ( عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) روه أبودود (1754).
وتعرف الولود بالنظر إلى أسرتها. و أمّا الودود فهو إشارة إلى الحنان والعطف وحسن العشرة.
وقال - صلى الله عليه وسلم-: ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ). رواه مسلم (2668).
ومع حثّ الشرع على اختيار الزوجين وفقاً للمعايير المذكورة، فلا مانع من النظر إلى الاعتبارات الأخرى التي تعين على بناء الزوجية كالجمال، وتقارب الطباع، وتقارب الأعمار والأنساب.
لقد حثّ عليه الصلاة والسلام على اختيار الأسر الكريمة الصالحة فقال - عليه السلام-: ( تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ).ابن ماجة (1958).
إنّ على أولياء البنات اختيار الزوج الصالح، وقبوله إذا تقدم لخطبة أحد كريماته، فإنّ أول اعتبار في الشرع إنما هو للدين والخلق. وقد قال - صلى الله عليه وسلم-:( إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَالَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ). رواه الترمذي (1005) واللفظ له ، وابن ماجة (1957)
ومما يجدر التنبيه إليه أن مقصود الزواج في الإسلام هو إنشاء الأسرة الصالحة و بقاء الزوجية، لذا حُرِّمَ زواج المتعة وأمثاله.
إنّ كثيراً من الزيجات المبنية على الشهوة فحسب، لا يحالفها النجاح بل يكتب لها الفشل، ومثال ذلك: الزواج مع تباعد الأعمار، أو الزواج من خارج الديار والأوطان من أجل معيار الجمال فحسب.
وليت الأمر يقتصر على فشل الزواج فحسب، لكن الأمر يتجاوز ذلك فتزداد المصيبة إذا ما كان الزوج قد أنجب ذرية ثم فشلت الحياة الزوجية، وهو ما يحصل غالباً كما دلت عليه الإحصائيات نتيجة لتباين الطبائع واختلاف العادات.
إنّ أمثال هذه الزيجات الفاشلة قد يترتب عليها أن ينشأ الأولاد بعيداً عن أحد والديهم.
إذن فالأولى أن يتزوج المرء من نفس مجتمعه.
إن البعض – للأسف - لا يهتم بمعيار الدين والخلق عند تزويج بناته، وهذا يترتب عليه فساد كبير. وكذلك الحال بالنسبة للرجال ممن ينوي الزواج فبعضهم لا يفكر إلا في الجمال متناسياً ما يجب أن تكون عليه أمُّ أولاده من استمساك بالدين وحسن الأخلاق.
وللأسف فإن بعض الآباء يمنع الأكفاء ذوي الدين والخلق طمعاً في أصحاب الأموال، فربما زوج بعض بناته بكبار السن، وهو أمر قد لا تحصل معه الألفة والمودة بين الزوجين.
إنّ هذا الصنف من أولياء الأمور إضافة لكونه أجحف في حق ابنته فإنه قد خان الأمانة لأنه ردّ الأكفاء من أصحب الخلق والدين بسبب طمعه في المال. وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم- على هذا الاعتبار فإنه لما خطب أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- فاطمة - رضي الله عنها - قال - عليه السلام- إنّها صغيرة، فلما خطبها عمر - رضي الله عنه- قال: إنها صغيرة، فلما خطبها علي - رضي الله عنه- وكان مقارباً لها زوجه إياها. ففي الخبر: ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَاطِمَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهَا صَغِيرَةٌ فَخَطَبَهَا عَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ) رواه النسائي (3169)
إنّ ظاهرةَ العنوسة وتأخر الزواج وما ينتج عنها من أخطار إنّما نتجت بفعل أسباب من صنع أنفسنا، فإننا نرى بعض الشباب يؤخر الزواج سنوات وسنوات وهي معدودة من عمره، وما ذاك إلا لأنه يواجه شروطاً تعجيزيةً عندما يهم باختيار الزوجة، أو أنه يؤخر هذا الأمر من أجل تجميع الأموال، مع قدرته على الزواج: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ) رواه البخاري رقم(4678) ومسلم (4285 ). إنها وصية سيد المرسلين.
تزوجوا أيها الشباب وأبشروا بعون الله ـ تعالى ـ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ). راوه الترمذي (1579).
ومن أسباب العنوسة تأخير زواج البنات بحجة مواصلة الدراسة، ولهذا نرى بعض أولياء أمور البنات يكثر من رد الأكفاء، وهو لا يدري أنه بذلك يجني عليها.
إنّ الزواج أهم من الدراسة و أضف لهذا أنه لا يعيقها.
و للأسف فإنّ البعض الآخر - وهم بحمد الله قلة - يرد الأكفاء طمعاً في راتب ابنته إذا كانت عاملة في وظيفة، وهذا والله لؤم في الطبع، وخيانة للأمانة.
ألم يسمع هؤلاء ما قالته أولئك الفتيات اللائي حرمن الزواج بفعل هذه التصرفات؟
ألم يروا ما سطرنه بدموعهن من جراء خيانة آبائهن؟
وكل هذا يحدث بفعل الأخلاق الرديئة المتمثلة في الجشع والطمع، الذي يقود هؤلاء الآباء ليجعلوا بناتهم وسيلة للاتجار وسلعة للكسب.
إنّ العبرة من الولاية مراعاة مصلحة المرأة لا مصلحة وليها، وإنّ العبرة في التزويج أن يتم برضاء المرأة، إذا تقدم لخطبتها كفءٌ من أصحاب الدين والخُلُق، وإنما كانت الولاية لمراعاة ذلك.
يقول سبحانه وتعالى محرماً عضل المرأة وهو عدم تزويجها: ( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة: 232. فكما أنه يمنع حبسها ومنعها من الزواج ممن تريد فكذلك لا يجوز إجبارها على الزواج ممن لا تريد، فكيف وقد جاءت امرأة لرسول الله تشتكي أن أباها زوجها وهي كارهة فرد - عليه الصلاة و السلام- نكاحها، فعن عائشة ( أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ وَأَنَا كَارِهَةٌ قَالَتْ: اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ أَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ) رواه النسائي (3217).
أيها الآباء اعملوا بالنصيحة النبوية ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ويقول سبحانه وتعالى:( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور:32.
تزوجوا أيها الشباب؛ وزوجوا أيها الآباء؛ واهتموا بأمر الدين والأخلاق، ولا تؤخروا هذا الأمر رغبة في الكمال والتعلق بالأوهام، فإنه لأمر مؤسف أن يصل سن الشباب إلى الثلاثين وأكثر دون زواج.
إنّ العنوسة وعزوف بعض الشباب عن الزواج له مضاره الخطيرة وآثاره الوخيمة سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو الأخلاقية، فتأخير الزواج قد يفتح باباً عظيماً من الفتن والفساد، أمّا تعجيل الزواج ففيه حصول الراحة والاستقرار: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21.
إنّ هناك معوقات تقف في طريق الامتثال لهذا الأمر العظيم الذي أمر الله به ورسوله. مما صدّ كثيراً من الشباب عن الزواج وحمَّل البعض الآخر جبالاً من الديون والهموم. فقد أصبح بعض الآباء والأمهات يشترطون شروطاً ثقيلة على من تقدم خاطباً لابنتهم، ومن أقرب الأمثلة على ذلك المغالاة في المهور.
نعم إنّ المهر دلالة على صدق النية في الاقتران، ودليل على الكفاءة لتحمل المسئولية وهو برهان على صدق الرغبة في الزواج، وإضافة لذلك فهو أمر أوجبه الإسلام: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) النساء:4.
إنّ المهر بكل تأكيد ليس ثمناً للمرأة، ولا يمكن أن يمثل إهانة لها إذ أنها ليست سلعة تباع وتشترى، فهو عطية افترضها الله - سبحانه وتعالى-، و قد جعل حق التصرف فيها راجعاً للمرأة، وليس لوليها.
إنّ الإسلام لم يحدد قيمة للمهر وإنّما ترك الأمر لاختلاف المستويات والتفاوت في الاستطاعة بين الناس، ولما رأى عمر - رضي الله عنه - مبالغة الناس في هذه الأمر ومخالفتهم لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم- القائمة على التيسير ورفع الحرج، أراد تحديد قيمة المهور فأعلن ذلك في الخُطبة، ولكن عزمه توقف لما نبهته إحدى النساء وذكرته بآية من كتاب الله العزيز، فعن أبي عبد الرحمن السلمى قال: قال عمر بن الخطاب: لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر؛ إن الله يقول: ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً مِنْ ذَهَبٍ ) قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله ( فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ) فقال عمر: إنّ امرأة خاصمت عمر فخصمته) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه رقم ( 10420) والبيهقي في السنن الكبرى رقم (14113)، (14114).
ومع أنّ هذا الدليل القرآني يدل على عدم تحديد حدّ معين للمهر، وأنّه أمر منوط بقدرة الرجل وما عنده من سعة أو ضيق، فإنّ كثرة المهر لا تُعدُّ كرامةً للمرأة و كذلك فإنّ قلته لا تشكل إهانة لها، فالأمر ليس كما يظن بعض أصحاب الأفهام القاصرة.
فمن كان ميسوراً فأعطى وأغدق في عطائه فهو مثابٌ، ومن كان معسراً فلا يجوز التشديد عليه، فإنّ الاتجاه العام في الشريعة يقضي بتيسير الأمور لا سيما على من لم يستطع، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: ( أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي وَلَهَا نِصْفُهُ، قَالَ سَهْلٌ: وَمَا لَهُ رِدَاءٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ فَرَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَعَاهُ أَوْ دُعِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ: مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ) أخرجه البخاري (4727)، وبهذا يكون النبي - صلى الله عليه وسلم- قد زوج هذا الرجل بما معه من العلم.
وعَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قَالَ: ( خَطَبَنَا عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ- فَقَالَ: أَلَا لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً). رواه أبوداود (1801) والنسائي (3297)
إنّ على الآباء أنّ ييسروا أمر المهور ولا يبالغوا فيها، فإنّ من يَسَّرَ يَسَّرَ الله عليه، ولنعلم أنّ البركة في التيسير وعدم الاشتراط فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً ). رواه أحمد (23388) وقال - صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا). رواه أحمد (23338)
إنّ على الآباء أن ييسروا أمر الزواج إذا أتاهم من يرضون دينه وخلقه. و عليهم ألا يبالغوا في اشتراط النفقات الإضافية على الزوج كالهدايا أو نحوها لأن هذا مما يعيق الزواج أو يكلفه ما لا يطيق.
وعلى الآباء أن يحذروا من الإسراف والتبذير في حفلات الزواج التي أحدثها الناس من باب التفاخر والمباهاة، وربما تحمل بعضهم ديوناً أو تكلف ما لا يطيق إرضاء للنساء، أو تقليداً للغير. وقد نهى سبحانه وتعالى عن ذلك وغلّظ النهي فقال: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) الإسراء: 27
إنّ كل هذه المخالفات سببها ضعف الإيمان، وقلة العلم، وذهاب هيبة الرجال، والاهتمام بالمظاهر الكاذبة.
و من المخالفات التي أحدثها البعض في هذه المناسبات أن يختلط الرجال بالنساء و أن يدخل الزوج على النساء وهن بكامل زينتهن.
إنّ الزواج شريعة ربانية وسنة نبوية فلا يجوز أن ترتكب باسمها أمثال هذه المنكرات والمخالفات التي تُغضب الله ـ جلّ وعلا ـ، وتفرح الشيطان وحزبه.
فعلى الأزواج أن يحرصوا على بداية هذه العلاقة الطيبة بتقوى الله ـ تعالى ـ ورضوانه، حتى يوفقهم ويبارك لهم في مقبل حياتهم.
و لنا بإذن الله ـ تعالى ـ حديث قادم عن حقوق وأسس العلاقة الزوجية السعيدة.
نسأل الله الكريم أن يجعل زيجاتنا موفقة، وأن يلهمنا رشدنا.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وآخر الدعاء أن الحمد لله رب العالمين
http://www.almurabbi.com المصدر :
ـــــــــــــ
الزواج المدني مشروع فتنة
الشيخ فيصل مولوي
الزواج هو أهم ظاهرة في الحياة الإنسانية على الإطلاق. هو محور الحياة الفردية للرجل والمرأة على السواء. وهو أساس الحياة الاجتماعية والخلية الأولى لها. وهو الملهم الأول لكل طموح إنساني. من أجل ذلك أحاطه الإنسان بهالة من القداسة، واهتمت جميع الشرائع والأديان بتنظيمه وتحديد شروطه.
والأحكام الشرعية الإسلامية نوعان:
منها ما هو ثابت بأصوله وفروعه في القرآن الكريم والسنة المطهرة وبالتالي يكون مجال الاجتهاد فيه ضيقاً ومحصوراً بفهم النصوص الواردة وكيفية تطبيقها على الواقع.
ومنها ما هو ثابت بأصوله في القرآن الكريم، وقد ترد بعض النصوص التي تتناول بعض فروعه، لكن مجال الاجتهاد هنا واسع خاصة حين حصول وقائع جديدة بحسب تطور المجتمعات البشرية، ويكون من واجب العلماء الاجتهاد لمعرفة حكم هذه الفروع الجديدة بناءً على الأصول الثابتة.(52/73)
وأحكام الزواج في الإسلام من النوع الأول، فقد ورد كل ما يتعلق به في نصوص قطعية في كتاب الله أو في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن ظاهرة الزواج في الحياة الإنسانية لم تتغير منذ وجد الإنسان، ومن الطبيعي أن يكون تشريعها ثابتاً لا يتأثر بتطورات المجتمعات المختلفة. والمسلم ليس مخيراً في قبولها أو رفضها، وهو إذا رفض أي حكم شرعي واستبدله بحكم آخر عن قناعة أو رضى فقد أخرج نفسه من ربقة الإسلام. قال - تعالى -: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
والزواج المدني المطروح في لبنان ليس القصد منه إجراءات عقد الزواج فهذه بالنسبة للإسلام إجراءات مدنية، وليس شرطاً وجود أحد المشايخ عند عقد الزواج. ولكن المقصود من الزواج المدني هو شروط عقد الزواج وخاصة المحرمات التي لا يجوز العقد عليها، ورفض بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الخصوص. والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك إعطاء حق التشريع في هذا الموضوع لمجلس النواب وسحبه من خصوصيات الطوائف التي حفظها الدستور. ومجلس النواب يمكن أن يعدل قوانينه حسب قناعة الأكثرية فيه أو أهواءها فيحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، وليس على المسلم إلا أن يطبق هذه القوانين.
إن الزواج المدني يطرح في لبنان من قبل العلمانيين منذ الخمسينات، والقصد منه تعميق الوحدة الوطنية وإزالة الحواجز الطائفية بين المواطنين وجعل الانتماء للوطن مقدماً على الانتماء للطائفة، وقد تبنى كثير من زعماء النصارى هذه الدعوة من قبيل الالتفاف ضد إلغاء الطائفية السياسية.
إن لبنان يتكون من سبع عشرة طائفة وهي تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين: الطوائف المسيحية والطوائف الإسلامية، وبينها اختلافات كثيرة في العقائد والعبادات والشرائع، ولذلك فقد تم التوافق بين الجميع في إطار الدستور اللبناني على احترام خصوصيات الطوائف وأنظمة أحوالها الشخصية، وأن التشريع اللبناني الموحد يبقى خارج إطار الأحوال الشخصية، أما في المجال السياسي فقد نص الدستور على أنه إلى أن يتم إلغاء الطائفية يجري توزيع الوظائف بين الطوائف بالعدل. مما يعني أن إلغاء الطائفية السياسية ليس مرتبطاً بقوانين الأحوال الشخصية.
إن القول بأن الزواج المدني يعمق الوحدة الوطنية ويجعل الانتماء للوطن مقدماً على الانتماء للطائفة لا يمكن أن يكون صحيحاً في لبنان.
* فكل بلاد العالم التي شرّعت الزواج المدني تعتبر نسيجاً واحداً تقريباً، فإما أن تكون أكثرية مواطنيها مسيحيين ـ كما في أوروبا ـ أو أن يكونوا مسلمين كما في تركيا وتونس، وفي هذه الحالة يمكن إقامة نظام واحد للزواج المدني وهو بطبيعة الحال يراعي توجهات الأكثرية.
* أما لبنان فمواطنوه منقسمون بين مسيحيين ومسلمين، وبالتالي فإن أي نظام موحد للزواج المدني إذا تبنى أحكام المسيحيين فسيشعر المسلمون أنهم يخالفون دينهم باتباعه، وإذا تبنى أحكام المسلمين سيشعر المسيحيون أنهم أرغموا عليها.
* وبالنسبة للمسلمين فإن أحكام الزواج عندهم في أكثرها لا تقبل الاجتهاد وهي نصوص إلهية ملزمة. ولا يمكن لأي نظام موحد للزواج المدني أن يأخذ بهذه الأحكام وإلا كان مرفوضاً من غير المسلمين وهذا حقهم. وإذا قام مثل هذا النظام وتبنى أحكاماً مخالفة للأحكام الشرعية فإن المسلم سيقع في تنازع بين الولاء للوطن والولاء للدين. إن أكثر المسلمين في هذه الحالة سيفضلون الولاء للدين، فهل يكون هذا الأمر تعميقاً للوحدة الوطنية أو تهديماً لها؟
إن الذين يطرحون الزواج المدني في لبنان يتصورون أن المسلمين سيتخلون عن أحكامهم الشرعية كما تخلى كثير من المسيحيين عن أحكام الكنيسة، ولا يلاحظون الفرق بين الحالتين:
* فأحكام الكنيسة حول الأحوال الشخصية أكثرها اجتهادات بشرية، والقليل منها في الإنجيل ولذلك فإن المسيحيين قد يقبلون بالزواج المدني؛ لأنه في مجمله اجتهادات بشرية يقوم بها المجلس النيابي بدل رجال الكنيسة وكلهم بشر.
* أما بالنسبة للمسلمين فإن أحكامهم حول الزواج أكثرها كما قلت نصوص إلهية ملزمة سواء في القرآن الكريم أو في السنة المطهرة، وبالتالي فليس سهلاً على المسلم أن يقبل استبدالها بأحكام بشرية، فضلاً عن أن من يفعل ذلك راضياً مقتنعاً فقد أخرج نفسه من الإسلام. ولا يقال إن المسلمين قبلوا الزواج المدني في تركيا وتونس؛ لأن المسلمين هناك لم يستشاروا بل فرض عليهم ذلك فرضاً من قبل الأنظمة المستبدة. ورغم ذلك فإن نظام الزواج المدني هناك يتبنى أكثر الأحكام الشرعية؛ لأن مواطنيه مسلمون فيقلّ الحرج على الناس في التزامه، أما في لبنان فلا بد من اختلاف أكبر يجعل المسلم في تناقض بين الولاء للوطن والولاء للدين.
* وما هي المصلحة في إقحام المسلمين في هذا الموقف الحرج، وهل الوحدة الوطنية في لبنان لا تقوم إلا على حساب الإسلام، وإذا قامت على هذا الأساس فهل يمكن أن تدوم، بل هل يبقى لبنان وطناً لجميع أبنائه مسلمين ونصارى إذا قُهر المسلمون بمثل هذا النظام؟ إن طرح الزواج المدني في لبنان يعتبر في نظرنا مشروع حرب أهلية جديدة، ومؤامرة لتهديم لبنان وتمزيق الوحدة الوطنية فيه.
* نحن مسلمون ديناً ولبنانيون وطناً ولا نشعر بأي تناقض في هذا طالما أن لبنان الوطن يحترم نظام الأحوال الشخصية لكل طوائفه، ويتيح الحريات لجميع أبنائه، وسنظل نطالب بإلغاء الطائفية السياسية من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الجميع لا من أجل تغليب طائفة على أخرى.
* إننا نعتقد أن صون لبنان وحماية الوحدة الوطنية فيه لا يتحقق إلا بأمرين:
1. احترام الطوائف وأحوالها الشخصية.
2. ثم المساواة التامة بين جميع اللبنانيين في الحقوق والواجبات.
أما طرح المشروع ليكون اختيارياً فهو هرطقة قانونية..
* أولاً: لأنه لا معنى للقانون إلا أن يكون ملزماً للجميع.
* وهل يمكن أن يختار المواطن المسلم بعض الأحكام من القانون المدني باعتباره لبنانياً ويختار أحكاماً أخرى من الشريعة باعتباره مسلماً؟
* وإذا كان من غير الممكن عملياً الاختيار في مفردات الأحكام (كأن يختار مثلاً أحكام الطلاق من القانون المدني وأحكام العدة من القوانين الشرعية) فإن الاختيار يقع إذن على القانون بجملته أي أن المسلم إذا اختار القانون المدني وجب عليه الالتزام بكل فقراته. وإذا اختار القوانين الشرعية وجب عليه الالتزام بها كلها.
* وهل يمكنه أن يغيّر اختيار قانونه كما يغيّر دينه أو طائفته عندما يريد؟ إن كان هذا ممكناً فإنه يفتح باب التلاعب بالقوانين على مصراعيه، ولا يعقل أن يكون مطلوباً. وإن كان غير ممكن أصبح القانون الاختياري أكثر إلزاماً من الانتماء الطائفي وهو أيضاً غير معقول.
* لذلك يبقى اقتراح أن يشكل المواطنون الراغبون في الزواج المدني طائفة جديدة ويخرجون من طوائفهم السابقة إن أرادوا، ويوضع لهم قانون إلزامي للزواج المدني والأحوال الشخصية، يبقى هذا الاقتراح أكثر جدية من قانون اختياري يميّع مسألة الالتزام بالطوائف أو بالقوانين.
* أو يمكن قبول اقتراح قانون موحّد للأحوال الشخصية لا يخضع له المسلمون كما هو الحال في عدة قوانين لبنانية وكما اقترحت الكتلة الوطنية.
http://www.mawlawi.net المصدر:
ـــــــــــــ
د. الخضيري: زواج المسيار تحكمه أخلاقيات الناس في التعامل
محمد الغنيم
حذر الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض من السلبيات الكثيرة الناجمة عما يسمى "بزواج المسيار" مؤكداً أن مشاكل هذا النوع من الزواج لن تظهر على السطح حالياً ولكنها تحتاج لفترة طويلة حتى تظهر بوضوح في المجتمع.
وقال د. الخضيري في تصريح لـ"الرياض" إن زواج المسيار زواج شرعي والأصل أنه مباح وسبق أن بُحث من عدة أوجه شرعية، كما أنه معروف في منطقة نجد قبل أكثر من (50) سنة ويسمى في القصيم بزواج "الضحوية" وتكمن ضرورته في زمننا هذا لكثرة الرجال الذين سيطرت عليهم نسائهم إضافة لوجود نساء لهن ظروف خاصة أو"ترجّلن"وأصبحن لا يردن الرجل إلا لقضاء رغباتهن بالحلال وهذا معروف منذ القدم، ولكن تبقى قضية أخلاقيات الناس في التعامل مع هذا الزواج ضرورية في هذا الجانب الهام.
وأكد: د. الخضيري على ضرورة أن يكون هذا الزواج موثقاً بالبينة الشرعية وأن يكون الزوج كريماً وملتزماً بالقيود الشرعية وكذلك المرأة، داعياً الجميع إلى التأسي بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته المؤمنات الكريمات ليعرف الجميع قيمة الحياة والزواج ويستشعروا عظم المسؤولية في ذلك، حيث ظهرت في هذا حكمة (التعدد) التي شرعها الله - عز وجل - وقيمه الإسلام في تعاليمه النبيلة رغم ما يظهره الإعلام السلبي في بعض المجتمعات عن التعدد واصفاً إياه بالجريمة وبرغم ما يحصل من البعض من نظرة قاصرة وضيّقة عن الزوجة الثانية التي يرى 90% أنها عدو للأسرة و10% فقط يرونها بنظرة صحيحة وأن لها حقوقها ومكانتها وقيمتها في الأسرة والمجتمع.
وعدّد د. الخضيري في تصريحه بعض سلبيات زواج المسيار فذكر من بينها فقد الرجل لكرامته على المرأة، واعتبارها إياه كعابر السبيل الذي يأتي لقضاء حاجته ثم يخرج، وكذلك من سلبيات هذا النوع من الزواج تضرر الأبناء بإهمال أبيهم أو من إنكاره لهم.
ولفت الخضيري في نهاية تصريحه إلى عدم وجود قضايا ومشاكل في المحكمة الكبرى بالرياض حول هذا الزواج؛ لأن الزوجة متى ما نفرت من زوجها تغلق الأبواب في وجهه بكل بساطة فيرسل لها ورقة طلاقها.
http://www.alriyadh.com.sa المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج المدني
الشيخ فيصل مولوي
السؤال:
أنا فتاة لبنانية أبلغ من العمر 23 سنة مقيمة في دولة الإمارات مع عائلتي أرغب في الزواج من زميل لي في العمل دون علم أهلي وذلك لأنه متزوج ولديه ولد ولكنه يرغب في الزواج مني لوجود بعض المشكلات مع زوجته الأولى. أنا لا أمانع ولكن أتوقع ممانعة والدي لأنه متزوج. سؤالي هو: هل يمكن لي أن أتزوج به من دون استشارة والدي علماً بأن زميلي سيطلبني من والدي رسمياً لاحقاً بعد أن يرتب موضوع زواجه مني ويستعد له؟ نحن نرغب في الزواج الآن لعدم رغبتنا في الوقوع بالحرام.أنا أعلم أن مذهب الإمام أبي حنيفة لا يمنع زواج البنت دون إذن وليها. وفي حال كان حلالاً أن أتزوج به فإن قانون الدولة يمنع ذلك. كيف لي أن أجد مأذوناً شرعياً يعقد لنا؟ وهل يمكن أن أعقد من خلال الانترنت حيث سمعت بهذا في السنوات الماضية؟ وفي حال أنه جائز العقد من خلال الانترنت، هل يمكن أن تدلني على مأذون شرعي على الانترنت يزوجني منه؟ جزاك الله ألف خير.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
قد يفهم كثير من الناس نصوص الفقهاء على إطلاقها، وهي في الحقيقة تكون مقيدة بقيود من جهات أخرى تحفظ حقوق الناس ولا تضيع مصالحهم. والولاية عند الأحناف، كما ورد عن الإمام أبي حنيفة وصاحبه زفر أن ولاية الاختيار هي حق الولي في تزويج المولى عليه بناء على اختياره ورضاه، وهي مستحبة في تزويج المرأة الحرة البالغة العاقلة، سواء كانت بكراً أم ثيباً، مراعاة لمحاسن العادات والآداب التي يراعيها الإسلام. وفي هذه الحالة إذا زوجت المرأة نفسها بغير كفء فلوليها حق الاعتراض على الزواج ويفسخه القاضي، فهذا شرط لصحة زواجها وهو الكفاءة. بينما يرى جمهور العلماء أن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها.
على أي حال أختي الكريمة في مثل حالتك عليك أن تتريثي وتحاولي أن تتدبري الأمر باتباع خطوات تمهيدية تهيئ الجو لقبول هذا الزواج أو تقّرب إلى الحل شيئاً فشيئاً، ثم إن المسلم في هذه الحالة ملزم شرعاً باتباع القوانين المرعية في البلد الذي يعيش فيه، وحكم القضاة في الإمارات يستند إلى مذهب الإمام مالك كما أظن وليس إلى مذهب الإمام أبي حنيفة، وحفظاً لحقك ومراعاة مصلحتك أقترح أن لا تكون المبادرة منك، ولا تسعي أنت في الموضوع حتى لا يهضم حقك وقد تندمين على ما فعلت، وإنما دعي الرجل هو يبحث عن حل مناسب للقضية ويجد لها مخرجاً لا تفريط فيه بحق أحد منكما.
ثم موضوع الزواج عبر الإنترنت إن كان العاقدان حاضرين معاً في مجلس العقد وكانا قادرين على النطق: فلا يصح باتفاق العلماء الزواج بينهما بالكتابة أو الإشارة، ولو كانت الكتابة بينة واضحة؛ لأنه لا يتيسر على الشهود سماع كلام العاقدين في حال الكتابة، وحتى مع وجود الصوت والصورة عبر الانترنيت، فإن ذلك أيضاً لا يسوغ العقد والعاقدان حاضران معاً، ثم إن الزواج عبر الإنترنت ليس إبرام عقود، وإنما هو وسيلة تعارف تقرّب الراغبين بالزواج من بعضهم عبر التعارف، ومعرفة صفات كل واحد منهما للآخر، ثم بعد ذلك يتم العقد بعد اللقاء وحضور الشاهدين والمأذون المكلف بتوثيق العقد وتدوين الشروط إن وجدت وكتابة المهر وغير ذلك.
أما عن وجود مأذون شرعي يزوجك منه، فالمأذون هو الذي يأذن له ولي الأمر بإجراء عقود الزواج، وبالنسبة إليك فالمأذون يجب أن يؤذن له من الإمارات – حيث تقيمين – والقانون الشرعي في الإمارات لا يسمح بذلك. أو يكون من لبنان – باعتبارك لبنانية – وإذا تم الاتفاق بينكما على عقد الزواج في لبنان، لكن في هذه الحالة لن تجدي مأذوناً شرعياً، رغم أن القانون الشرعي المعمول به في لبنان يعتمد مذهب الأحناف، إلا أنه يوجب عليك أن تطلبي من القاضي الزواج، وهو يبلغ والدك بالأمر، فإذا لم يعترض، أو كان اعتراضه غير مقبول، فإن القاضي يأذن لك بالزواج. وبغير ذلك لن تجدي مأذوناً. وبناء على ذلك لا يوجد مأذون شرعي رسمي يجري لكم هذا الزواج لا من الإمارات ولا من لبنان. والمخرج لمشكلتك في رأيي ومن باب النصيحة أن تهيئا للأمر خطوة خطوة حتى يتم لكما المراد. وفقاً لحكم الشرع وحفظاً لحق كل منكما ومراعاة لأحكام البلد الذي تعيشان فيه، وأن تستشيري والدك في الموضوع وتحاولي إقناعه، أو تقتنعين برأيه، فالوالد عادة أحرص على راحة ابنته ومستقبلها منها.
http://www.mawlawi.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج بنية الطلاق وزواج المسيار
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1. الزواج بنية الطلاق:
وهو مما انتشر في هذا الزمان بين الشباب المسلم وخاصة من ابتلي بالهجرة إلى بلاد الكفر، وصورته: أن يضمر في نيته طلاق من يرغب زواجها بعد انتهاء دراسته أو عمله، وهو الأمر الذي سبّب مشاكل كثيرة وردة فعل عكسية وخاصة عند النصارى ولا سيما من أسلم منهم حديثاً، لذا كان من المناسب عرض هذا الموضوع:
أ- سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل "رَكَّاضْ" يسير في البلاد، في كل مدينة شهراً أو شهرين ويعزل عنها، ويخاف أن يقع في المعصية، فهل له أن يتزوج في مدة إقامته في تلك البلدة، وإذا سافر طلقها وأعطاها حقها أولاً؟ وهل يصح النكاح أم لا؟
فأجاب:
له أن يتزوج، لكن ينكح نكاحاً مطلقاً لا يشترط فيه توقيتاً بحيث يكون إن شاء أمسكها، وإن شاء طلقها، وإن نوى طلاقها حتماً عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك (1) وفي صحة النكاح نزاع. ولو نوى أنه إذا سافر وأعجبته أمسكها وإلا طلقها: جاز ذلك..
وأما أن يشترط التوقيت فهذا "نكاح المتعة" الذي اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمه.
وأما إذا نوى الزوج الأجل ولم يظهره للمرأة فهذا فيه نزاع، يرخص فيه أبو حنيفة والشافعي، ويكرهه مالك وأحمد وغيرهما. كما أنه لو نوى التحليل: كان ذلك مما اتفق الصحابة على النهي عنه وجعلوه من نكاح المحلل.
لكن نكاح المحلل شر من نكاح المتعة، فإن نكاح المحلل لم يبح قط، إذ ليس مقصود المحلل أن ينكح، وإنما مقصودة أن يعيدها إلى المطلق قبله فهو يثبت العقد ليزيله. وهذا لا يكون مشروعاً بحال، بخلاف المستمتع فإن له غرضاً في الاستمتاع، لكن التأجيل يخل بمقصود النكاح من المودة والرحمة والسكن، ويجعل الزوجة بمنزلة المستأجرة، فلهذا كانت النية في نكاح المتعة أخف من النية في نكاح المحلل، وهو يتردد بين كراهة التحريم وكراهة التنزيه.أ.هـ." [مجموع الفتاوى"(32/107-108)].
ب- قال النووي رحمه الله:
قال القاضي: وأجمعوا على أن من نكح نكاحاً مطلقاً ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها فنكاحه صحيح حلال، وليس نكاح متعة. وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور. ولكن قال مالك: ليس هذا من أخلاق الناس. وشذ الأوزاعي فقال: هو نكاح متعة ولا خير فيه.أ.هـ." [شرح مسلم"(9/182)].
ج- وقال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -:
وإن تزوجها بغير شرط، إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم، إلا الأوزاعي قال: هو نكاح متعة. والصحيح: أنه لا بأس به، ولا تضر نيته، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته، وحسبه إن وافقته وإلا طلقها.أ.هـ." [المغني"(7/573)].
قلت:
ويظهر أن المراد من قول ابن قدامة - رحمه الله -: "أنه لا بأس به، ولا تضر نيَّتُه"إنما هو في صحة العقد، فإن أراد أنه لا شيء عليه من الإثم: فلا يظهر أنه صواب، ومثله قول من قال إنه"نكاح متعة"، لكن الأظهر أنه غير جائز لما فيه من خداع ولي أمر المرأة، وإفساد علاقة الناس بعضهم ببعض، وهو ما سيأتي - إن شاء الله - في كلام الشيخ ابن عثيمين - حفظه الله - والشيخ رشيد رضا - رحمه الله -.
د- وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين - رحمه الله -:
لو نوى زوج "المتعة" بدون شرط يعني: نوى الزوج بقلبه أن يتزوج هذه المرأة لمدة شهر، ما دام في هذا البلد فقط، فهل نقول إن هذا حكمه حكم المتعة أم لا؟ في هذا خلاف، فمنهم من قال "إنه في حكم نكاح المتعة" لأنه نوى وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(2). وهذا الرجل قد دخل على نكاح مؤقت"المتعة"، فكما أنه إذا نوى التحليل وإن لم يشترطه: صار حكمه حكم المشترط، فكذلك إذا نوى المتعة وإن لم يشترطها، فحكمه كمن نكح نكاح متعة، وهذا القول - كما ترى - قول قوي.
وقال الآخرون: إنه ليس بنكاح متعة، لأنه لا ينطبق عليه تعريف "نكاح المتعة" فنكاح المتعة أن ينكحها نكاحاً مؤقتاً إلى أجل، ومقتضى هذا النكاح المؤجل: أنه إذا انتهى الأجل انفسخ النكاح ولا خيار للزوج فيه ولا للزوجة، وهو أيضاً: ليس فيه رجعة؛ لأنه ليس طلاقاً، بل هو انفساخ النكاح، وإبانة للمرأة، فهذا هو نكاح المتعة، لكن من نوى هل يلزم نفسه بذلك إذا انتهى الأجل؟ الجواب: لا، لأنه قد ينوي الإنسان أنه لا يريد أن يتزوجها إلا ما دام في هذا البلد، ثم إذا تزوجها ودخل عليها رغب فيها ولم يطلقها، فحينئذ لا ينفسخ النكاح بمقتضى العقد، ولا بمقتضى الشرط لأنه لم يشرِط ولم يُشترَط عليه. فيكون النكاح صحيحاً وليس من"نكاح المتعة".
وشيخ الإسلام - رحمه الله - اختلف كلامه في هذه المسألة، فمرة قال بجوازه، ومرة قال بمنعه. والذي يظهر لي أنه ليس من نكاح المتعة، لكنه محرم من جهة أخرى، وهي خيانة الزوجة ووليها. لأن الزوجة ووليها لو علما بذلك: ما رضوا وما زوجوه. ولو شرطه عليهم صار نكاح متعة.
فنقول: إنه محرم لا من أجل أن العقد اعتراه خلل يعود إليه، ولكن من أجل أنه من باب الخيانة والخداع. فإذا قال قائل: إذا هم زوجوه، فهل يلزمونه أن تبقى الزوجة في ذمته؟ إذ من الممكن أن يزوجوه اليوم ويطلق غداً؟
قلنا: نعم. هذا صحيح. فالأمر بيده إن شاء طلق وإن شاء أبقى، لكن هناك فرق بين إنسان تزوج نكاح رغبة، ثم لما دخل على زوجته ما رغب فيها، وبين إنسان نوى من الأصل نكاح متعة بنيته، فهو ما قصد إلا أن يتمتع هذه الأيام ثم يطلقها، فبينهما فرق.
ولو قال قائل: إن قولكم إنه خيانة للمرأة ووليها غير سديد، وذلك لأن الرجل في اختياره أن يطلق متى شاء، فهم داخلون على مغامرة ومخاطرة، فهم لا يدرون متى يطلق؟
قلنا: هذا صحيح. لكن هم يعتقدون وهو أيضاً يعتقد - إذا كان نكاح رغبة - أن هذا النكاح أبدي، وإذا طرأ طارئ لم يكن يخطر على البال: فهذا أمر وارد لكنه على خلاف الأصل. ولهذا فإن الرجل المعروف بكثرة الطلاق: لا ينساق الناس إلى تزويجه.
فإذا تزوج الرجل على هذه النية فعلى قول من يقول إنه من"نكاح المتعة" - وهو المذهب- فالنكاح باطل. وعلى القول الثاني - وهو الذي نختاره - أن النكاح صحيح، لكنه آثم بذلك من أجل الغش، وهو مثل ما لو باع الإنسان سلعة - بالشروط المعتبرة شرعاً - لكنه غاش فيها: فالبيع صحيح، والغش محرم. أ.هـ. من"شريط رقم 9 - كتاب النكاح". شرح"زاد المستقنع".
هـ- وقال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله -:
هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع "المتعة" يقتضي منع النكاح بنية الطلاق، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد. ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشاً. وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها. ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات، وما يترتب على ذلك من المنكرات. وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة. أ. هـ نقلاً عن"فقه السنة" للسيد سابق (2/39).
2. زواج المسيار:
انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى"زواج المِسيار"وصورته، أن يتزوج رجل امرأة مطلقة أو أرملة - في الغالب - على أن يأتيها مرة أو أكثر في الشهر، وغالباً ما تكون في منطقة بعيدة عن سكنه الأصلي، ويكون ذلك برغبة منها فتتنازل عن حقها في العدل بينها وبين زوجته الأولى.
وصورة هذا العقد شرعية (3) لا غبار عليها لذا أفتى العلماء بجوازها، فلما تجاوز الناس بها الحد، واستُغل هذا الأمر من قبل ضعاف النفوس، وتبنته مكاتب حدّدت أسعاراً!! لهذا الزواج"عمولة"، توقف بعض العلماء عن القول بالجواز ومنهم الشيخ محمد الصالح بن عثيمين - رحمه الله -.
ثم التقيت بشيخنا الألباني - رحمه الله - في 17 محرم /1418هـ في بيته وطرحتُ عليه بعض المسائل من هذا الكتاب، ومنها هذه المسألة، فأفتى بحرمة هذا الزواج (4) لسببين:(52/74)
الأول: أن المقصود من النكاح هو "السكن" كما قال – تعالى-: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم/21]. وهذا الزواج لا يتحقق فيه هذا الأمر.
والثاني: أنه قد يقدَّر للزوج أولاد من هذه المرأة، وبسبب البعد عنها وقلة مجيئه إليها سينعكس ذلك سلباً على أولاده في تربيتهم وخلقهم.أ.هـ.
قلت: لذا ينبغي أن تكون الفتوى خاصة لبعض من يريد العفة والستر ممن عرف عنه دين وخلق، أما أن تكون عامة، فإنها قد تكون مفتاح شر لباب يصعب سدُّه.
والله أعلم
ـــــــــــــ
(1) وفي"مجموع الفتاوى"(32/147) القول بالجواز، وسيأتي الإشارة إلى اختلاف كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة عند نقل كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.
(2) رواه البخاري (1/11). مسلم (13/53).
(3) أي: من حيث توفر الأركان وتحقق الشروط.
(4) وهذه الحرمة لأمرٍ خارجٍ عن (العقد) ومثله تماماً "الغش في البيع" أو "الصلاة بأرضٍ مغصوبة" فإنه لا يقال ببطلان البيع ولا الصلاة، لكن بحرمتهما.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج المسيار.. مفهومه وحكمه
الشيخ عبد الباري الزمزمي
عضو رابطة علماء المغرب
السؤال:
سمعت لأول مرة خلال هذه السنة من بعض وسائل الإعلام الوطنية والخارجية مصطلح (زواج المسيار) وقد درسنا الأحوال الشخصية بكلية الشريعة ولم نعرف هذا المصطلح، وزيادة على ذلك لم يتعرض له الفقهاء القدامى والمعاصرون في مؤلفاتهم، فما هو زواج المسيار؟ وهل كان في عهد الرسول والصحابة والتابعين؟ وهل زواج المسيار هو زواج المتعة؟ وما مصير أبناء هذا النوع من الزواج؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
زواج المسيار هو زواج اكتملت جميع شروطه، غير أن الزوجة فيه تتنازل عن بعض حقوقها كالنفقة والسكن، وهو زواج صحيح مشروع، ما دامت الزوجة قد تنازلت عن حقوقها بمحض إرادتها دون إكراه.
فزواج (المسيار) مصطلح حديث وأسلوب جديد في العلاقة بين الزوجين لم يكن معروفاً على هذه الشاكلة من قبل، وإن كان له أصل في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويراد به أن يتزوج رجل امرأة دون أن يكون لها حق عليه، فلا تطالبه بالنفقة ولا بالإقامة عندها ولا بالسكنى وإنما يأتيها متى شاء ويعطيها إذا شاء لا تلزمه بشيء من ذلك، وهذا التنازل يتم باختيار المرأة ورضاها وطيب نفس منها لرغبتها في الزواج وحاجتها إلى رجل يقوم برعايتها ويكون مسئولاً عنها، وهو زواج صحيح؛ لأنه يتم بعقد شرعي مستوف لشروط صحته ويتميز بتنازل المرأة عن حقوقها بطيب نفس منها لزوجها، وهو أمر مشروع في الإسلام إذ يجوز لكل من الزوجين أن يتنازل عن بعض حقه وعن حقه كله لصاحبه وليس في الإسلام ما يمنع أحدهما من ذلك، بل في القرآن والسنة ما يجعل ذلك مشروعاً لهما، كقوله - عز وجل -:"وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً".
فجعل سبحانه للمرأة حق التنازل عن بعض الصداق لزوجها، وقال - عز وجل -: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ"، قالت عائشة في هذه الآية: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر فيها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل فنزلت هذه الآية (رواه البخاري)، وقد تنازلت سودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يومها لعائشة وذلك لما كبرت فقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ذلك (رواه الشيخان)، وقال السيوطي في الإكليل: الآية أصل في هبة الزوجة حقها من القسمة وغيرها، يعني لزوجها.
وزواج المسيار ليس هو زواج المتعة الذي كان معروفاً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان مباحاً في أول الإسلام ثم حرمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مذكور في كتب السنة والفقه، وحقيقته أنه زواج إلى أجل معلوم متفق عليه بين الزوجين، وتفاصيله مبسوطة في محلها، أما زواج المسيار فليس كذلك، فإنه يقوم ـ فقط ـ على تنازل المرأة عن حقها كما مضى ذكره.أ.هـ
والله أعلم.
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج المسيار ومقاصد الزواج
أ.د. وهبة الزحيلى
أستاذ الشريعة بالجامعات السورية
السؤال:
نسمع عن زواج المسيار، فهل يجوز مثل هذا الزواج، مع أنه لا يحقق كثيراً من مقاصد الزواج؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
زواج المسيار تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها، وهذا الزواج وإن لم يحقق كثيراً من مقصود الزواج، لكنه مباح مع الكراهة، ولا يلجئ إليه إلا في بعض الحالات الخاصة.
فشرع الله الزواج لأهداف متعددة، منها تكاثر النسل والحفاظ على النوع الإنساني وإنجاب الذرية، ومنها تحقيق العفاف وصون الإنسان عن التورط في الفواحش والمحرّمات، ومنها التعاون بين الرجل ولامرأة على شؤون العيش وظروف الحياة والمؤانسة، ومنها إيجاد الود والسكينة والطمأنينة بين الزوجين، ومنها تربية الأولاد تربية قويمة في مظلة من الحنان والعطف.
وزواج المسيار يحقق بعض هذه الأهداف لا كلها، فالزوجة تتنازل عن حقها في النفقة وفي المبيت إن كان للزوج امرأة أخرى، والغرض الظاهر منه هو الاستمتاع إما بسبب واضح من الرجل لزيادة رغبته في المتعة، وإما من المرأة التي فاتها قطار الزواج لأسباب عديدة.
وحكم هذا الزواج في تقديري أنه صحيح لاستكمال أركانه وشرائطه المطلوبة شرعاً من رضا الولي والشهادة والإعلان. فإن فقد أحد هذه الشروط لم يصح عند جماعة من الفقهاء.
ولكن ضماناً لمصلحة الزوجة وحقوقها على المدى البعيد ينبغي أن تحرص المرأة على تسجيله في سجلات الدولة الرسمية. إذ أنه قد يموت الزوج فيطلب منها العدّة، وتستحق الميراث. وقد تغيِّر رأيها فتطالب بحقها في النفقة أو القَسْم الواجب. ومادام كون هذا الزواج لا يحقق جميع مقاصد الزواج الشرعية والإنسانية والاجتماعية على النحو الصحيح أو الأفضل، فإني أحذِّر منه ولا أرغِّب فيه، وأكرهه، فإن التزام أهداف الزواج الذي هو ميثاق غليظ، أي شديد الحرمة ومؤكد التعظيم والمبرة، لا تظهر فيه بنحو واضح. فإن أصرّ الزوجان عليه جاز وتحملا آثاره، وربما وقع أحد الزوجين بظلم في رعاية الحقوق والقيام بالواجبات وأخصها العشرة الزوجية التي قد تحتجب أو تغيب فترة بعيدة، فيصبح ذلك حراماً وإن كان العقد صحيحاً.
والله أعلم
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج "فريند" رؤى متعددة
السؤال:
نشرت الصحف والمجلات دعوة الشيخ الزنداني إلى زواج"فريند"بدلاً من"بوي فريند"، و"جيرل فريند " وهو شكل جديد لم يعرف في الفقه الإسلامي، فما حكم فقهاء الشريعة في هذا النوع من الزواج؟ من حيث كونه حلاً لعلاقات الانحراف؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فزواج الأصدقاء، أو ما يعرف بـ"زواج فريند"؛ وهي الدعوة التي أطلقها الشيخ عبد المجيد الزنداني من كبار علماء اليمن، اختلف الفقهاء المعاصرون فيها، بين مبيح لها ومحرِّم، حيث نظر المبيحون إلى توافر أركان الزواج من الإيجاب والقبول والمهر والولي والإشهاد، بينما ارتكز المحرمون على أن هيئة الزواج تتناقض مع مقصود الشارع من تشريع الزواج في الإسلام، من السكن والمودة، وقيام الأسرة على أسس من الاستقرار الاجتماعي، وهذا ما يغيب عن هذه الصورة من صور الزواج. وهذا النوع من الزواج يحتاج إلى رؤية متأنية..
وإليك بيان آراء العلماء:
آراء المبيحين:
يقول الشيخ عبد المحسن العبيكان من علماء السعودية:
إذا كان الزواج مستكملاً لشروط النكاح المعتبرة شرعاً: (الولي والشاهدان، والإيجاب والقبول) فإن النكاح صحيح بغض النظر عن كونه يتم تحت سقف منزل واحد يجمع الأسرة أو لا يتم.
وإن المرأة من حقها أن تتنازل عن حقها في المبيت والنفقة، وكذلك عن المأوى ما دامت تستطيع أن تلبث إلى جانب أبيها وأسرتها، ولكن يشترط لجواز ذلك ألا يكون مؤقتاً ولا بنية الطلاق. انتهى.
ويقول الدكتور سليمان عبد الله الماجد القاضي في محكمة الإحساء بالسعودية:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني ستكون بمثابة (فتح) في علاج مشكلة كبيرة وهي: تجاوز تكاليف الزواج قدرة الشباب والفتيات، مع أنه يحقق مقصد من مقاصد النكاح وهو (العفة).
و(صورة الزواج) جائزة شرعاً، ولا تحمل أي محظور شرعي بالصفة التي دعا إليها العالم اليمني (الزنداني).
ولكن يجب دراسة الفكرة من جوانب (اجتماعية) فربما يكون الزواج جائزاً من الناحية الشرعية، ويكون مضراً على الصعيد الاجتماعي.
والفكرة ليست جديدة حيث دعا إليها من قبل شيخ في جامعة الأزهر، فطالب المجتمع ـ في حينه ـ بتيسير أمور الزواج، والإذن بزواج الفتى للفتاة، يلتقيان في الجامعة، وفي الأماكن العامة، ويستأجرون شقة حين يرغبان ذلك، ويكون مقرهما للإقامة الدائمة بيت والديهما.
ويمكن أن تطبق في كل مكان، فالفكرة جيدة على اعتبارها مسعى جديداً للحد كثيراً من المخالفات الشرعية في جانب العلاقات بين الجنسين. انتهى.
ويقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف السابق:
إن الفكرة التي دعا إليها الزنداني هي الحل الأمثل لاختفاء الرقم الأخير من الملايين التسعة الذين بلغوا سن الثلاثين، ولم يتزوجوا بعد في مصر وحدها ، فضلاً عن قوائم شبيهة من الشباب والفتيات الذين فاتهم القطار في جميع الدول العربية والإسلامية بسبب البطالة وارتفاع تكاليف الزواج وفشل الشباب في توفير بيت الزوجية .
وما دام هناك عقد زواج صحيح وبشهود وولي ، وتم الإعلان عنه ، فما المانع في أن يأوي كل منهما إلى بيت أبيه، ويكون اللقاء في أي مكان ، أليس في ذلك حل لمشكلة الصداقات وانحراف الشباب والفتيات ، واختلاط الأنساب ، والزواج العرفي ، وغيره مما نسمع عنه هذه الأيام؟ وإذا تنازلت الزوجة عن حق السكن فهل يعني ذلك أن الزواج باطل؟ هذا غير صحيح والفتوى صحيحة وهي كزواج المسيار ، وإذا ما تنازلت الزوجة عن حقوقها في السكن والملبس والمأكل والمشرب، وأقامت مع أهلها . ثم كان اللقاء بينهما بعد عقد صحيح مكتمل الشروط فلا حرمة في ذلك.
والسكن لا يعني الإقامة ، لكنه بمعنى السكون والراحة والمودة ، بمعنى أن الزوج يسكن إلى زوجته، ولا يفكر في غيرها ، ولا يمكن الاعتداد بعدم توافر منزل الزوجية شرطاً من شروط صحة الزواج ، فالآية الكريمة وهي قوله – تعالى -: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21) تخضع للاجتهاد ، وهذا ليس نصاً صريحاً ينقض أو يبطل فتوى الزنداني ، والأمر هنا مثله مثل زواج المسيار الذي أباحه الشيخ القرضاوي وغيره من علماء المسلمين . انتهى.
آراء المانعين:
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق:
شرع الله الزواج ليكون رباطاً وثيقاً بين الرجل والمرأة يقوم على المودة والرحمة ، ويراد به الدوام والاستقرار ، ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين ، فإذا لم تتحقق هذه المقاصد فقد الزواج قيمته الأساسية ، وأصبح مجرد شهوة يتساوى فيها الإنسان والحيوان .
فالشريعة الإسلامية إذن كاملة ومتكاملة في أوامرها وأحكامها ، فلا يصح أن يؤخذ من هذه الأحكام الشرعية جانب ويترك الآخر ، وليس فيها استثناء، حيث جاءت صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان ، وقد نظمت الشريعة الإسلامية العلاقة الزوجية نظاماً دقيقاً فبينت ما يجب على كل منهما نحو الآخر ، فالمرأة متى تزوجت أصبحت شريكة لزوجها في الحياة . وصار لزوجها عليها حقوق يجب أن تؤديها ولا تقصر فيها ، وإلا كانت آثمة ومسئولة عنه شرعاً أمام الله ، وفي ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها .. وللزوجة أيضاً حقوق على زوجها نظمها الإسلام وأوضحتها الشريعة الإسلامية ، وفي ذلك أيضاً ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".
ولا يجوز للمسلم أو المسلمة التخلي عن فرائض ديننا الإسلامي الحنيف حتى ولو كانوا يقيمون ببلد غير إسلامي إلا في حالة الإكراه على ذلك ، خاصة إذا كان التمسك بها سيعرض حياتهم للخطر أو إلى الضرر ، قال – تعالى -: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه " أما ترك فرائض وتعاليم الدين الإسلامي بالاختيار فهذا لا يجوز شرعاً؛ لأن أركان الإسلام يجب علي المسلم الالتزام بها أينما كان ، وما يعرف بـ"فقه الأقليات"فهو يتوقف عند حدود المعاملات الإسلامية كالبنوك وأكل الذبائح التي لم يُذكر اسم الله عليها أو خلع الحجاب إذا كانت قوانين تلك الدول تمنع ذلك ، وكل ذلك جائز بشرط أن يفعل المسلم ذلك وقلبه منكر لهذا الفعل !
أما مثل هذا الزواج الذي تدعو إليه الفتوى فهو لا يحقق المقاصد الشرعية من الزواج ويؤدي إلى الإفساد وخلط الأنساب . ومخالفة الشرع وارتكاب الفواحش وكثير من الجرائم والمفاسد الاجتماعية والأخلاقية . انتهى.
وتقول الدكتورة سعاد صالح ـ أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف:
لا يوجد في الإسلام ما يسمى بزواج موصوف بصفة خاصة ، وإنما ورد لفظ الزواج في القرآن الكريم وفي السنة النبوية غير مقيد بأي صفة كقوله – تعالى -: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا"(النساء: 3)، وقوله – تعالى -: "وَاَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ" (النور: 32).
وقد اهتم الإسلام بعقد الزواج أكثر من اهتمامه بأي عقد آخر؛ لأنه أقرب إلى العبادة منه إلى العادة . وما يطالب به من زواج الأصدقاء مع وقف آثار الزواج من حيث الإنجاب والنفقة والسكنى ، فهو يتعارض مع المقصد الأصلي للزواج وهو بقاء النسل والمحافظة على النفس وإعفافها ، ويتعارض كذلك مع التشريع الإلهي لعقد الزواج والأهداف والمقاصد المرجوة منه، ويعرض هذا الميثاق الغليظ للامتهان والاستهتار.
وهذه الأنكحة المستحدثة بكافة صورها، تشبه نكاح المتعة الذي نهى عنه الرسول نهياً قطعياً، حيث المقصود الأصلي منها هو مجرد قضاء الوطر دون الاستمرار في السكنى والمودة والرحمة.
وعقد الزواج الأصل فيه الاستمرارية والاستقرار، ولذلك،فإن كل عقد مقيد بمدة معينة، هو عقد باطل، والعقد الصحيح مطلوب فيه تحقيق الآثار الشرعية المترتبة عليه في الحال، فلا يوجد في الإسلام زواج موقوف،ولكن زواج نافذ وجائز مستمر.
والله أعلم.
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــ
زواج"فريند"نظرة متأنية
السؤال:
أثارت دعوة الشيخ عبد المجيد الزنداني إلى زواج الأصدقاء، أو زواج فريند جدلاً كبيراً بين العلماء بين محرم ومبيح، وأصبحنا في حيرة، فما الحكم القاطع في المسألة؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
للحكم على زواج الأصدقاء، أو ما أطلق عليه الشيخ الزنداني "زواج فريند" يجب أن ينظر إلى ما يلي:
1- مقصد هذه الصورة من صور الزواج.
2- ومطابقتها لأركان الزواج الشرعي في الإسلام، وهل الحكم على الشيء يرجع إلى المقصد منه، وتحقيق حِكَمه، أم أنه ينظر إليه من حيث استيفائه لأركان الزواج وشروطه؟
3- ومدى جواز تقييد المباح في مثل هذه الحالة؟
4- وما الفرق بين إطلاق الدعوة إلى هذا الزواج بشكل فردي، وبين إطلاقها بشكل جماعي؟
ويمكن تفصيل الموضوع على النحو التالي:
المقصد من زواج الأصدقاء:
الفكرة في نشأتها تنبني على تحويل العلاقات الاجتماعية بين الجنسين من علاقات محرمة شرعاً، إلى شكل مشروع، وهو الزواج، فتحول الصداقة المجردة إلى زواج مشروع مستوفي الأركان.
وهذا يعني أن الفكرة مشروعة من حيث القصد، وإن لم تأخذ الشكل الكلي لنظام الأسرة في الإسلام.
والزواج يُعرف بأنه عقد بين الزوجين يحل به الوطء، ويطلق على العقد والجماع كما رجحه كثير من الفقهاء، لقوله – تعالى -: "فانكحوهن بإذن أهلهن" وبالتالي فما دام العقد صحيحاً، حل الجماع.
استيفاء صورة الزواج للأركان:
أما من حيث استيفاء صورة الزواج للأركان والشروط، ففي هذا الزواج يتوافر جميع الأركان التي وضعها الفقهاء للحكم على صحة الزواج، وهي: العاقدان، والإيجاب والقبول، وموافقة الولي، والمهر، والإشهاد، فإن توافرت هذه الشروط في عقد الزواج، حُكم عليه بالصحة، وعلى هذا، فزواج الأصدقاء من حيث استيفاء الأركان صحيح شرعاً.
والحكم على الشيء لا يرتبط بالحكمة منه، ولكن باستيفاء أركانه.
وما يقال من فساد هذا الشكل من الزواج استناداً لقوله – تعالى -: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21)، فإن الرحمة والمودة من مقتضيات الزواج، فالزواج يحصل به هذه المودة والرحمة، وكون الزوج لا يَقَرُّ في بيت، لا ينفي وجود هذه العاطفة القلبية.
يقول الإمام ابن كثير:
ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك. انتهى.
وقد فسر ابن عباس ومجاهد: المودة بأنها الجماع، والرحمة بأنها الولد.
وقال ابن عباس أيضاً: المودة حب الرجل امرأته، والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء.
والسكن حق للمرأة، وللمرأة أن تتنازل عن حق من حقوقها، وقد أباح الشرع تنازل المرأة عن المهر، وهو حق لها، مع كونه ركناً من أركان النكاح، قال – تعالى -: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً".
غير أنه من المشقة على النفس أن تظل المرأة بلا سكن طوال عمرها، قد يكون هذا في فترة من الفترات حتى تتحسن الظروف، ثم يشتري الزوج سكناً لزوجته، أو يؤجر سكناً، حتى تكون الأسرة أكثر استقراراً.
تقييد المباح:
أما تقييد المباح، فهو باب من أبواب الاجتهاد، لا تصلح له فتوى فردية، بل لا بد فيه من فتوى جماعية، إن لم تصل إلى حد الاتفاق أو الإجماع.
ولا بد للنظر في هذا الشأن مما قد ينجم عن هذا الزواج - المباح شرعاً من حيث الأركان والشروط - من آثار اجتماعية قد تضر بنظام الأسرة في الإسلام، وهل يؤدي هذا الزواج إلى انفراط العقد الأسري، وهل سيؤدي إلى تسرع الشباب إلى الزواج في فترة الدراسة، وقد يهربون من المسئولية الاجتماعية بعد الانتهاء من فترة الدراسة؛ وهو ما قد يؤدي إلى كثرة الطلاق، وإن كان يمكن اشتراط بعض الشروط التي قد تجعل الزوج لا يمكن له الإسراع في الطلاق، من كتابة مؤخر صداق كبير أو ما شابه هذا.
مناقشة الدعوة بين الفردية والجماعية:
ولو أن المسألة نوقشت بشكل فردي، من كون شاب يحب فتاة، ووافق والدها على الزواج مع توافر جميع الشروط والأركان، لما كان يمكن الحكم عليها بالحرمة والمنع، ولكن أخذ صورة زواج الأصدقاء شكلاً جماعياً، يجعل هناك نوعاً من التردد في إطلاق الحكم الشرعي إلا بعد تقديم بحوث ودراسات متعمقة، حتى يخرج علماء الأمة بفتوى جماعية توضح الحكم في المسألة.
وفي هذا الصدد يجب على المسلمين أن يرجعوا إلى منهج الإسلام في تيسير الزواج، وألا يُكلف الزوج فوق طاقته، وأن يتخير لابنته من يعرف لها حقها، ويحفظ لها دينها، ويسعى لإسعادها في حياتها.
ولعل في الرجوع إلى منهج الإسلام في تيسير الزواج غناء عن هذه الصورة وغيرها.
ويمكن اقتصار زواج الأصدقاء ساعتها إلى تحويل الصداقة بين الجنسين إلى الطريق المشروع وهو الزواج الشرعي مع تيسيره بما لا يشق على شباب المسلمين.
والله أعلم.
http://www.islamonline.net المصدر
ـــــــــــــ
:(52/75)
دائرة معارف الأسرة المسلمة - الزوج والزوجة
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود(53/1)
من الشبكة الإسلامية
الباب الأول- زوج .. وزوجة
احذر المشاعر الزائفة.. فإنها نار تحرق
يخطئ من يبحث عن السعادة بعيدًا عن دفء الأسرة والأولاد، لعارض طرأ على علاقته بشريك حياته، أو لمجرد أنه عومل بلطف ورقة من امرأة أخرى (أو رجل آخر) فى وقت افتقد فيه هذه المشاعر من أقرب الناس إليه.
وحتى إذا شعر الزوج (أو الزوجة) بميل تجاه هذا الشخص الجديد - رجلاً كان أم امرأة - فهل يعتبر هذا الميل حبًا حقيقيًا يستحق التضحية بحياة زوجية قائمة، أم أنها مجرد مشاعر زائفة لا تلبث أن تتلاشى وتختفى؟ وإلى أى مدى تؤثر هذه المشاعر على نفسية الأبناء ومستقبلهم؟ وكيف يحاصر الزوجان هذه المشاعر، ولا يسمحان لها بأن تخرب البيت الآمن؟
هذا ما يجيب عنه د. عمرو رفعت - أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة بور سعيد - فى السطور التالية:
قد يميل قلب الزوج أو الزوجة لشخص آخر، فمتى يحدث هذا التحول؟ وهل له علاقة بعدم التوافق بين الزوجين؟
إن الزواج ينبغى أن يقوم على رضا اجتماعى، وتوافق بين الأسرتين، ومباركة لهذا الزواج، فإن لم تتحقق هذه الأمور فإن الزواج يفتقد للحماية الاجتماعية التى تصونه وتحفظ تماسكه.
فإذا ما أضيف إلى ذلك عدم التوافق النفسى بين الزوجين، يصبح الزواج شركة ضعيفة البنيان والأركان، فإذا جاء الأولاد أصبح الارتباط بين الزوجين قائمًا من أجل هؤلاء الأبناء، حرصًا من الزوجين على أن يشب أبناؤهما فى ظل أسرة متماسكة ولو ظاهريًا، إلا أنه فى لحظة ما قد يظهر فى حياة الأسرة شخص جديد يحدث تحولاً فى حياة الزوج أو الزوجة بعد أن يزيل الغطاء الهش الذى يغلف زواجهما، فإذا لم يكن هناك إطار دينى، وإيمان داخلى يحمى الزوجين؛ يصبح المناخ مهيأً للنظر إلى غير الزوجة، والبحث عن سعادته مع هذا الشخص الجديد أو غيره.
وفى البداية قد يخيل إليه أن هذا هو الحب، وفى الواقع هى مشاعر زائفة لا أساس لها، خاصة وأن هذا التحول قد يكون بعد فترة قصيرة أو حتى طويلة من الزواج، مثلما يحدث مع بعض الرجال بعد سن الأربعين الذين يمرون بمرحلة مراهقة متأخرة؛ حيث لا يشعرون أن لديهم أدوارًا اجتماعية يؤدونها.
كما ذكرت آنفًا؛ فإن الإطار الدينى المتين هو الذى يحمى الزوج، وكذلك الزوجة من مثل هذه الأفكار أو المشاعر الزائفة خارج البيت ، وأن يفكر كلا الزوجين فيما يريده من الطرف الآخر، ومن حياته معه، ويتصارحان من أجل تحقيق حياة أفضل وأسعد، ويشغلان حياتهما باهتمامات مشتركة تحقق التقارب والتواصل بينهما، وعلاقات اجتماعية واسعة، بحيث لا تدع لهما مجالاً للتفكير فى هذه المشاعر أو غيرها؛ لأنها توفرت فى نطاق الأسرة .
لكن ماذا يفعل الزوج أو الزوجة إذا انزلقا فى هذه المشاعر بالفعل ؟(53/2)
- إذا تمادى الشخص فى هذه المشاعر، ولم يدرك مدى خطورتها فى تهديد أسرته، بل وحدث الانفصال بين الزوجين، وتزوج بمن شعر نحوه بهذه المشاعر الزائفة ، فلن يشعر بالسعادة؛ لأنه لم يسلك الطريق الصحيح فى إصلاح أسرته، واستسهل الزواج بآخر، وقد يتكرر نفس السيناريو، ويشعر بالندم بعد ذلك.
وهذا المصير يفرض على الزوجة وكذلك الزوج التحلى بالعقل والحكمة فى معالجة الموقف، وتجنب المواجهة التى قد تحدث فى حالة ثورة أى من الطرفين، فتكون سببًا فى خراب البيت، بل لا بد من توفير مناخ جديد يعيد الطرف النافر إلى بيته وأولاده.
ـ فى رأيك.. هل يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى علاج نفسى؟
- هذه المشاعر لا تعد مرضًا نفسيًا، وبالتالى فهذا الشخص لا يحتاج إلى علاج نفسى، ولكن كل ما يحتاجه هو زيارة متخصص فى الإرشاد الأسرى، وهم موجودون فى مراكز الإرشاد الأسرى، فهؤلاء المتخصصون يساعدونه فى اتخاذ قرار صائب بشأن ما يشعر به تجاه شريك الحياة، أو تجاه الشخص الآخر.
ـ إلى أى مدى تؤثر هذه التحولات النفسية لأحد الزوجين على أولادهما؟
- قد لا يبدو تأثر الأبناء واضحًا فى سن 12 - 15 سنة، فقد تتولد لديهم حالة من اللامبالاة والسلبية مبعثها أنهم يشعرون بالاكتفاء والاستقلالية فى غرفتهم، ومصروفاتهم، وجميع متطلباتهم، فلا يشعرون أصلاً بوجود المشكلة، أما فى سن 20 سنة، فقد يتعرض الأبناء لمشكلات نفسية كثيرة، وخاصة فى حال الانفصال بين الزوجين؛ حيث يضع الابن فى حيرة، هل ينضم نفسيًا للأم أم للأب، وتزداد المشكلة إذا كانت بنتًا، فقد تتعاطف مع الأب، وقد تتزوج سرًا، إذا كانت أمها هى التى تركته، أما إذا كانت أمها متفانية فى خدمة والدها، وترى أن والدها لا يقدرها ولا يشعر بجهودها فقد يسبب لها الوضع أزمة نفسية، فقد تقرر ألا تتزوج بعد أن تأثرت بمشكلة أمها مع والدها
ـــــــــــــــــ
الحياة مع الحماة وعودة إلى الحضن الدافئ !!
تخرَّج الشاب وعقد العزم على إتمام نصف دينه، وذهب لخطبة العروس.. لكنه فوجئ بالرفض.. لماذا؟؛ لأنه سيعيش مع أمه المسنة فى بيتها.. كانت صدمة أعقبها تساؤل: إلى من أترك أمى وأنا وحيدها أو آخر أبنائها؟ وهل من البر أن أترك أمى فى آخر عمرها وحيدة، بينما أسعد أنا فى حياتى مع عروس؟ وهل كل من لديه أم فى مثل ظروف أمى يعزف عن الزواج، ويُعرض نفسه للفساد والانحراف؟
هذه التساؤلات تدور فى عقول كثير من الشباب الذين يسعون للزواج فى حضن العائلة وحنان الأم برًا بأمهاتهم، وتكيفًا مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع تكاليف الزواج، وهذا التحقيق دعوة للبر، وإجلاء لمخاوف الفتيات من العيش مع الحماة، وتصحيح للصورة المشوهة للحماة التى أسهمت وسائل الإعلام فى تعميقها لديهن.
تزين المنزل لاستقبالى(53/3)
تقول أم أسماء (حماة لأربع أزواج وزوجات): حينما أجلس مع صديقاتى وأتحدث عن زوجات أبنائى يقلن: إننى أعيش فى عالم غير عالمهن، فزوجات أبنائى طيبات، وأحس أنهن مثل بناتى، ولأن لى ابنتين متزوجتين؛ فإنى أعلم ما يضايقهن من تصرفات الحموات، فلا أفعله معهن، ولذلك فنحن نعيش فى انسجام بفضل الله تعالى، وبفضل المعاملة الطيبة؛ فإحدى زوجات أبنائى تسكن معى، والأخرى مع زوجها خارج مصر، وأذكر أننى حين سافرت مرة لزيارة ابنى فى أمريكا فوجدت زوجته قد زينت المنزل لاستقبالى، كما لو كانت تستقبل العيد.
كلهن بناتى
تقول أم مدحت (حماة لستة أزواج وزوجات): تزوجت مع حماتى التى أذاقتنى المر، ورغم ذلك عاهدت نفسى ألا أكون كما كانت، وأنا لى ثلاثة أبناء متزوجون، وثلاث بنات متزوجات أيضًا، وأعتبر أن الله رزقنى بثلاث بنات أخريات هن زوجات أولادى، وكذلك أزواج بناتى فكلهم طيبون، وأحبهم جميعًا كما أحب أولادى، ولا أفرق بينهم، وهم أيضًا يتمنون راحتى، ويحاولون إسعادى قدر استطاعتهم.
الحاجة سناء محمد (أم لأربعة أولاد متزوجين): أحب زوجات أولادى كثيرًا ومكانتهن فى قلبى مثل ابنتيَّ، ونحن نعيش كأسرة واحدة، فما ينفعهن ينفعنى، وما يضرهن يضرنى، نحن نعيش فى منزل واحد، ولكن كل أسرة فى شقة منفصلة، مما يتيح الاستقلالية لكل طرف بشكل يريحه فى التعامل مع الآخر، ويحافظ على الود بشكل دائم، وأكثر ما يحافظ على حب الحماة لزوجة ابنها مراعاتها لها، وخاصة فى حالة مرضها أو حاجتها للحنان والحب، ومساعدتها فى شئونها، وعلى الطرفين - زوجة الابن والحماة - أن يراعيا الله فى تصرفاتهما، وأن تتخذ زوجة الابن حماتها أمًا لها، سواء كانت بعيدة عنها أو تسكن معها.
داليا بدوى (زوجة منذ 10 سنوات): تزوجت فى شقة منفصلة عن حماتى، وهى أم فاضلة، زوجى ولدها الوحيد، ولكننا منذ أن تزوجنا كنا نأتى بشكل شبه يومى لزيارة حماتى والجلوس معها من أول النهار، ونعود إلى بيتنا ليلاً، وبعد أن أنجبت شَقَّ الأمر عليَّ؛ لأننا نسكن بعيدًا عنها، فقررت أن أستقر مع حماتى بعد زواج آخر بناتها وأنتقل للإقامة الكاملة معها، وأذكر أن حماتى ساعدتنى فى تربية أبنائى الثلاثة، وتعتبرنى ابنتها الرابعة، وتحبنى وتدافع عنى، فحماى وحماتى كأبى وأمى، وأحس أنى فى بيتى ولست فى بيت حماتى.
أم ثانية
سحر عثمان (زوجة منذ 7 سنوات): حينما خطبنى زوجى أخبرنى أنه سيعيش مع أمه فى شقتها، وقبلت بذلك؛ لأنه إنسان طيب وعشنا 5 سنوات مع حماتى، وكنت أعاملها كأمى وتعاملنى كابنتها، واعتبرت أنى فى بيتى، ولأنى موظفة كنت أذهب إلى عملى وأترك أبنائى فى رعايتها بدلاً من الذهاب بهم إلى الحضانة فى سن مبكرة، وسارت الأمور على ما يرام، ولم نترك حماتى إلا بعد أن جاءت إحدى بناتها للعيش معها، نظرًا لظروف طرأت عليها، فبحثنا عن شقة أخرى وانتقلنا.
عايدة محمد (زوجة منذ 17 سنة): تزوجت فى نفس المنزل الذى تعيش فيه حماتى، وكان لأخى زوجى الأكبر شقة فى الدور الأول، وتعيش والدته معه، ولكن بعد(53/4)
زواجنا انتقلت حماتى للعيش معنا، نظرًا لارتباطها الشديد بابنها (زوجى)، ورحبت بها كأمى، وارتاحت هى للعيش معى، وفى بداية زواجنا كانت حماتى تتضايق من كثرة خروجى، ولكن باتفاقى مع زوجى أفهمتها أننى أخرج للضرورات، ومع ذلك كنت أراعى كل طلباتها واحتياجاتها، وبعد فترة تعودت على الوضع، ولم تعد تتضرر.
ميزات عديدة
الدكتور إلهام فرج - أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنى سويف - تحدثنا عن الحماة والعيش فى دفء العائلة فتقول: منذ فترة لا تزيد عن 50 سنة كان نظام الأسر فى الريف المصري هونظام الأسرة الممتدة، والتى تعنى معيشة الجد والجدة وأبنائهما وأحفادهما فى بيت واحد، ومعيشة واحدة، أما الآن فقد اتجه المجتمع إلى نظام الأسرة النووية الصغيرة، ولكل نظام عيوبه ومميزاته، ولكن نظرًا لظروف المجتمع الاقتصادية قد لا يجد الشاب مسكنًا غير بيت أمه، وقد لا يكون للأم أبناء غيره، فهل يتركها ويتخلى عنها، أم يظل بلا زواج؟
وأقول لكل فتاة ترفض المعيشة مع الحماة أو تبالغ فى الأمر، فترفض مجرد العيش فى منزل واحد ولو بشكل مستقل، أقول لها: إن المعيشة فى أحضان العائلة لها ميزاتها، فهى توفر - إلى حد كبير - الأمان المعنوى والسند الاجتماعى القريب، وقد يكون هناك حل وسط إذا كان هناك مجموعة من الإخوة يعيشون فى عمارة واحدة، وللأم والأب أو كلاهما شقة فيها، فيكون هذا شكل وسط بين النظامين المعروفين للأسرة سابقى الذكر، أما إذا لم يكن هناك سوى العيش مع والدته؛ فإن لذلك أيضًا ميزاته، فالأم تمثل خبرة سنوات وعطاء عمر بالنسبة لولدها وزوجته، كما أنها فى بعض الأحيان هى التى تستضيف الابن وزوجته فى شقتها، إذ لولاها ما استطاع الابن الزواج؛ لأنه ليس لديه شقة، كما أنها فى أحيان أخرى يكون لها معاش خاص، وتساعد فى نفقات المنزل، بل والأجمل والأهم من ذلك أنها تساعد كثيرًا فى تربية ورعاية الأبناء، ويعرف قيمة هذه النعمة من حرم منها.
حلول ممكنة
كما تؤكد د. إلهام على أهمية وعى الفتاة والعروس ومرونتها فى التعامل مع الحماة، سواء كانتا فى مسكن واحد أو فى مساكن مستقلة، وأن يكون لديها قدرة على التكيف مع الواقع وتحمل المسئولية، وأن تساير أمورها مع حماتها، وتحاول إرضاءها، وكذلك الزوج عليه إرضاء الطرفين دون ظلم لإحداهما، وكلمة مهمة أقولها للحماة: إذا كنت ستعيشين مع ابنك فاعلمى أن دورك الآن ليس قياديًا، ولكنه استشارى، فقد تخطيت هذه المرحلة فاتركيها لزوجة ابنك.
وتشير د. إلهام إلى نقطة مهمة، وهى أن وجود الحماة فى نفس المكان ليس هو المشكلة، ولكن المشكلة إذا كانت الشخصية صعبة، فهناك الكثير من الحموات اللاتى يدرن حياة أبنائهن من بعيد، رغم بُعد المسافة وأخريات فى داخل البيوت، ولا يتدخلن فى حياة الأبناء، والمهم أن يتفاهم الزوجان منذ البداية على خصوصيتهما ولا يسمحان بتدخل أحد من عائلتهما فى خلافاتهما إلا عند الضرورة للإصلاح.(53/5)
وتضيف أن السبب الرئيسى للخوف من الحماة يرجع إلى تصوير وسائل الإعلام للحماة على أنها عدو لدود، وشخص يريد الاستبداد بالسلطة منذ أيام «مارى منيب»، كما أن هناك مثلاً فى تراثنا الشعبى يقول «الحمى عمى»، ولكن على كلا الطرفين الحماة وزوجة الابن أن يقدمان الحب والمودة، وأن يعتبران نفسيهما أسرة واحدة، وأم وابنتها، ولا تبالغان فى توقعاتهما عن بعضهما حتى لا يخالف الواقع هذه التوقعات، فتبدأ المشكلات
ـــــــــــــــــ
أنت وأهل زوجك: نحو خارطة طريق !!!
تعد علاقة الزوجة مع أهل زوجها تحديًا كبيرًا لمعظم الزوجات الجديدات – وكثير من القديمات أيضًا – فهذه العلاقة غالبًا ما تخضع لشد وجذب وتوتر وهدوء قبل أن يفهم كل منهما الطرف الآخر ويتوصل إلى الأسلوب الأمثل للتعامل معه.
تبدأ نقطة التوتر مع شعور الزوجة – صدقًا أو توهمًا – أن سلوكها وتصرفاتها وحركاتها وأسلوبها موضع مراقبة أو نقد من أهل زوجها، وشعور أهل الزوج أن هذه العروس جاءت لتخطف ابنهم منهم وتقطع صلته بأهله.
فكثير من الأمهات يشعرن مع زوجات أبنائهنَّ بأنهن قد فقدنهم، وكثيرًا ما يتحول هذا الشعور إلى سلوك مرضي، وقصص الأمهات في ذلك كثير، فبعضهنَّ تدعي المرض للإبقاء على الابن قريبًا، وبعضهن تحرص على عدم تزويج الابن من فرط شعورها بالفقد لو تزوج.
أيا كانت مخاوف الأهل – لاسيما الأمهات – من فقد ابنهن بعد الزواج واستئثار الزوجة به ، حقيقية كانت أم متوهمة، فلابد أن تتعاملي معها بجدية، وأن تشعريهم أن زواج ابنهم أضاف للأسرة ابنة جديدة ولم يخطف منها شابًا.
الاختلاف من سنن الحياة
أما شعورك بأنك تحت المراقبة من قبل أهل زوجك فلا يجب أن يدفعك إلى الارتباك، بل إلى الحذر لا أكثر بأن تفكري في فهمهم لهذا السلوك أو ذاك، أو حتى تبادري بشرحه لهم، وليس ذلك تقليلاً من شخصيتك أو انتقاصًا من استقلالك بقدر ماهو محاولة منك ليفهموك على حقيقتك ولا يسيئوا تفسير بعض ما يرونه منك من تصرفات، وفي كل الأحوال لا تتوقعي منهم أن ينظروا للأمور كما ترينها أنت، واقبلي الاختلاف بينكم في ذلك، فهذا من سنن الحياة.
إذا كنت تسكنين مع أهل زوجك فاحرصي على الإحسان إلى أمه وصداقة أخواته والتقرب منهنَّ وإشعارهنَّ بأنك قد أصبحت واحدة من العائلة، أما إذا كنت تعيشين في سكن مستقل فاحرصي على مداومة الزيارة بصفة منتظمة وليس في المناسبات فقط، حتى لا يشعر أهل زوجك أنك خطفت ابنهم، وفي مناسبات العائلة احرصي أنت وزوجك على أن تكونا أول الحاضرين والمشاركين في السراء والضراء.
حتمية الخلاف
مهما كانت علاقتك بأهل زوجك من حيث المودة والمتانة فلابد أن يقع بينكم خلاف، إذا عرفت ذلك واستعددت له أمكنك معالجة الأمر بهدوء وعقلانية، أما إذا كنت ممن(53/6)
يعتقدن أن علاقتها بأهل زوجها أصبحت سمنًا على عسل ولن تعرف المشكلات لها طريقًا، فإن ذلك قد يربكك مع أصغر مشكلة تظهر لك على الطريق.
إن معاناتنا في الحياة لا تتوقف على المشكلات التي تواجهنا، بل على طريقتنا في معالجة تلك المشكلات وأول ما يجب عمله في مواجهة أية مشكلة تظهر مع أهل زوجك أن تستبعدي مبدأ الاستقواء بزوجك على أهله أو تحريضه عليهم، حتى ولو كانت حجتك قوية، وخطؤهم ظاهر، إذ يجب أن يكون منهجك في التعامل مع المشاكل هو حلها لا إدانة الطرف الآخر فيها، فتلك الإدانة أو السعي إليها غالبًا ما تزيد الطين بلة وتزيد المشكلة تعقيدًا.
إما أنا أو أهلك !!!
وإذا كان عليك ألا تسعي إلى إدانة أهل زوجك وتخطئتهم في أي مشكلة تظهر بينكم فمن باب أولى ألا تلومي زوجك لتصرف صدر من أهله، أو تضعيه أمام الاختيار المر الذي تلجأ إليه كثير من الزوجات الحمقاوات (إما أنا أو أهلك)، وفي المقابل إذا حدث خلاف بين زوجك وأهله فاحرصي على أن تكوني رسول سلام بينهم، ولا تستغلي الفرصة لتوغري صدره تجاه أهله أو تؤكدي صدق شكواك منهم، فخلاف زوجك مع أهله سيزول آجلاً أم عاجلاً، ويبقى في ذهنه سلوكك أنت أثناء ذلك الخلاف.
وأخيرًا ضعي نفسك مكان أم زوجك وعامليها كما تودين أن تعاملك زوجة ابنك في المستقبل.
إن كثيرًا من الزوجات لا يعترفن بخطأهنَّ تجاه أم الزوج إلا بعد أن يتزوج أبناؤهنَّ ويعشن التجربة بأنفسهنَّ فيدركن أنهنَّ قسون على أم الزوج التي تكون غالبًا في عداد الأموات وتنقطع الفرصة في التكفير عن الأخطاء.
ـــــــــــــــــ
مطلقات ... تحت العشرين في العالم العربي
لا شك أن الطلاق تجربة مؤلمة للمرأة، خاصة في مجتمعاتنا العربية التي تفرض العديد من القيود علي السيدة المطلقة , فما بالك لو كانت شابة تحت العشرين أو تجاوزتها بقليل؟
نشير هنا إلي انتشار ظاهرة الطلاق السريع بعد أيام قليلة أو فترة قصيرة من الزواج، وهي بلا شك فترة غير كافية لاعتبارها مؤشرًا لحدوث عدم التوافق بين الزوجين، وإنما تبدو كما لو كان الرجل اتخذ قرار الطلاق قبل أن يشرع في الزواج أصلا .
وهذه الظاهرة تشمل عدة دول عربية ، حيث أكد الدليل الإحصائي لوزارة العدل السعودية أن مجموع عقود الزواج بالمملكة العربية السعودية بلغت 64.339 عقدا خلال العام الحالي، يقابلها 15.697 حالة طلاق مما يعني أن نسبة الطلاق في المملكة تبلغ 24% ، بمعني أن كل ثلاث حالات زواج يقابلها حالة طلاق.
أما الكويت فتشهد وصول نسبة الطلاق إلي 35% أي يحدث طلاق كل ساعتين و 45 دقيقة .(53/7)
ويكشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري عن ارتفاع عدد المطلقات إلى مليون و 495 ألف مطلقة بنسبة 5.34% في السنة الأولي من الزواج، و 5.12% في السنة الثانية.. وأكد أن مصر تشهد حاليا حالة طلاق كل ست دقائق بمعدل 240 حالة طلاق يوميا .
وأكدت دراسة تناولت الطلاق في المجتمع القطري وجود 319 حالة طلاق مقابل 978 حالة زواج، وأن أكبر نسبة من المطلقات حوالي 34.72% تتركز في الفئة العمرية من 20 إلي 24 عاما .
كما أوضحت الإحصاءات أن حالات الطلاق بمدينة الرباط المغربية تصل إلي 23% من حالات الزواج وترتفع هذه النسبة قليلا في مناطق أخري بالمغرب . والأمر لا يختلف كثيرا في الإمارات أو المملكة الأردنية .
فماذا أصاب مجتمعنا العربي ولماذا تزايدت حالات الطلاق بين الشباب؟
الدكتور محمود عبد الرحمن أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، يوضح أن السبب الأول لازدياد حالات الطلاق في مجتمعاتنا العربية هو البعد عن الدين، فكثير من شباب الجنسين لا يلتزم عند اختيار شريك حياته بالضوابط التي حثنا عليها رسولنا - صلي الله عليه وسلم - حيث يقول: ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها . فاظفر بذات الدين تربت يداك ). متفق عليه.
وكذلك بالنسبة لأولياء الزوجة لم يعد لدين الخاطب مقامه الذي أراده الإسلام بقول الرسول الكريم "إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير" رواه الترمذي وأبو حاتم.
وكذلك غياب الدور التوجيهي للآباء والأمهات، حيث يظن بعض الآباء أن دوره التربوي أو التوجيهي ينتهي بزواج ابنه أو ابنته، علاوة على غياب هذا الدور عند حصول مشكلات بين الزوجين، بالإضافة إلي ترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة لدي الأبناء التي تهدم وتحرض أحد الطرفين علي مشاكسة الأخر خلافا لما أمرنا به ديننا .
كما أن وسائل الإعلام المختلفة كالإعلام المرئي مثلا، ينقل في كثير من الأحوال صورا خيالية وغير واقعية للحياة الزوجية: فالزوج شاب وسيم أنيق مترف يغدق الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة، والزوجة جميلة حسناء جذابة متفرغة للعواطف والحفلات والنوادي هي وزوجها، وكأن هذه المرأة لا تعرف حملا ولا وضعا ولا رضاعة ولا تربية أبناء ولا ترتيب شؤون المنزل، فهي فقط للشهوة واللذة؛ فترسم صورة حالمة واهمة للحياة الزوجية من خلال هذه المشاهد الخيالية وسرعان ما يصطدم الخيال بالواقع .
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الأزمات الاقتصادية لها دور كبير في الشقاق الأسري الذي يصل ببعض الأسر إلي الطلاق، حيث لا تقف متطلبات بعض النساء عند حد وتدعو المباهاة والمظاهر الكاذبة لدى بعضهن إلي إجهاد الزوج بما لا قبل له به ولا قدرة له عليه .
ومن أسباب الطلاق أيضا : الملل الزوجي بسبب رتابة الحياة اليومية وتكرار نفس السيناريو كل يوم، وأيضا يمكن للشك والغيرة المَرَضية التي تكون عند بعض(53/8)
الأزواج أو الزوجات أن تكون سببا في فساد العلاقة الزوجية وتوترها واضطرابها .
ونأتي هنا إلي سبب مهم من أسباب الطلاق وهو عدم التوافق بين الزوجين، ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام الروحي والعاطفي .
ويترتب علي ذلك أن نجد عددا من الأشخاص تنقصه الحساسية لرغبات الآخر ومشاعره أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخرين وذلك بسبب تكوين شخصيته وجمودها أو لأسباب تربوية وظروف قاسية .
قد تكون هناك أسباب أخرى تزيد من سعار هذه المشكلة وترفع من عدد المبتلين بها، ولكن في النهاية سنجد أن ثلث بناتنا أو نسائنا يوصفن بوصف المطلقات ويعانين أشد المعاناة مع صغر السن وصعوبة الحياة مما يوجب على كل غيور أن يبحث عن علاج شامل لهذه المشكلة أو بمعنى أدق لهذه الظاهرة .
ـــــــــــــــــ
حتى يحبك الله ثم زوجتك كن كريمًا
والزوجة تكره الزوج البخيل، وتتمنى الانفصال عنه، ولكن خوفها على أولادها، وحرصها على بيتها يحملانها على الصبر.
فماذا تقول الزوجات وهن يجأرن بالشكوى من بخل أزواجهن:
صابونة فى كيس
تقول السيدة/ زينب أحمد: تزوجت من رجل بخيل لدرجة الشح، كان يستولى على راتبى أول الشهر، وبرغم ذلك كان يطالبنى بالاقتصاد الشديد فى النفقات فى الأكل والشرب، ومن شدة بخله كان يأمرنى بوضع الصابونة فى كيس حتى لا تبلى بسرعة.
لم أستطع الحياة معه، وفى أقل من سنة تم الانفصال.
علقة ساخنة
آمال حنفى - ربة بيت - تقول: لى صديقة ضربها زوجها ضربًا مبرحًا من شدة بخله؛ لأنها عادت إليه من عملها، ومرتبها ينقص جنيه اشترت به إفطارًا، وعاشت معه سنوات صابرة ومحتسبة أجرها عند الله، ولكن صبرها نفذ نتيجة بخله الشديد، وانفصلت عنه.
غياب العاطفة
وتحكى أخرى أن زوجها يأخذ راتبها كله، ويحرمها من أبسط الأشياء، ويعد عليها قطع اللحم، وثمرات الفاكهة، ويحرم طفله الصغير من شرب اللبن، وهى أحيانًا تشترى طعامًا بدون علمه، ثم ترمى الورق، وأى أثر للطعام حتى لا يراه الزوج، كما تشترى الخضر والفاكهة آخر النهار حتى تكون بسعر أرخص، وتأخذ فرق السعر لشراء ما يلزمها.
الكريم حبيب الرحمن
تقول سامية كمال : بخل الزوج يمكن تعديله بالالتزام بالدين فعلى الزوجة أن تذكر زوجها بأن الكريم حبيب الرحمن عكس البخيل الذى يبغضه الله، ويبغضه الناس،(53/9)
وبالإقناع ممكن أن يتغير الزوج ولو قليلاً، ولا داعى للانفصال؛ لأن ذلك له آثار سيئة على الأطفال.
تقول أمانى عبد الله: إن أصعب شيء فى الحياة هو البخل، والزوجة تستطيع أن تتحمل الفقر ولا تتحمل بخل الزوج، ونصيحتى للزوجة أن تلجأ للتقشف، وتقلل من نفقاتها، وتعيش على الأشياء الضرورية، وعليها أن تنسى أنها زوجة وتتذكر فقط أمومتها، وتعطى كل مشاعرها لأولادها تعويضًا عن بخل الأب.
- أين يقف الشرع الحنيف من بخل الزوج؟
تقول الداعية الإسلامية منى صلاح - رئيسة جمعية منابر النور - البخل لا يجتمع مع الإيمان، وأكثر ما يهدد الأسرة البخل؛ لأنه يترتب عليه بخل فى المشاعر، والبخيل لا يتغير؛ لأن هذا طبع فطره الله عليه، ولكن لابد أن يستعيذ البخيل بالله من البخل، قال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «البخيل بعيد عن الله، بعيد عن الناس، بعيد عن الجنة، والكريم قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة»
فالزوج البخيل يدفع زوجته للكذب، فهى تشترى الأشياء بثمن وتخبر زوجها بغير الحقيقة، كذلك تحاول عدم طلب أى طلبات منه حتى لا يغضب، ولكى تحافظ على بيتها، والزوجة الصالحة تعلم جيدًا أن الصبر على الزوج السيئ أجره الجنة.
ولما جاءت امرأة أبى سفيان إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) تشكى له بخل زوجها فقال لها: «خذى ما يكفيك أنت وولدك بالمعروف»
ويقول الله عز وجل فى حديثه القدسى: «يا ابن آدم أنفق أنفق عليك».
تربية خاطئة
ويقول د. محمد حسن غانم - أستاذ علم النفس بجامعة حلوان - الرجل البخيل نتاج لتربية أبوية خاطئة فهو لم يولد بخيلاً، ولكنه اكتسب هذا السلوك أثناء فترة الطفولة، فهذه الصفة الذميمة وليدة تربية طويلة، وليست وليدة لحظة فيبقى حبه الأول وانتماؤه للمال.
ويضيف: أن البخيل ليس فى المال فقط، ولكنه فى المشاعر أيضًا، فهو يحسبها بالقلم والمسطرة، وربما فى فترة الخطوبة يكون كريمًا فى إنفاقه، وفى مشاعره، ولكن يظهر مشاعره الحقيقية بعد الزواج.
وبدون شك فإن الزوجة ترفض فى البداية وتشعر بالصدمة، وإذا كانت أسرتها ترفض هذا الوضع فهى تقف بجانبها حتى يتم الطلاق ويوافق الزوج البخيل على الطلاق، ولكنه يشترط أن يكون بدون أى خسارة أى لا يغرم نفقة أو مؤخرًا.
وأحيانًا ونظرًا لظروف الزوجة واقتناعها وأهلها بأن الطلاق شيء بغيض فإنها تعيش معه، وتصبر وتشعر أنها فى سجن، ويشعر أطفالها بالاضطراب النفسى.
ـــــــــــــــــ
كيف تجددين حياتك الزوجية أيتها الزوجة !!
الزوجة الذكية هي التي تبقي شعلة الحب مشتعلة في بيتها، وأواصر العاطفة متأججة دائمًا مع زوجها، ورغم أن هذا مطلب لكل الزوجات، لكن الساعيات(53/10)
لتحقيق هذا المطلب قليلات، إذ ربما يرونه جاهزًا يتسلمنه كما يتسلمن وجبة غداء من مطعم!
هذا المطلب صناعة مشتركة بين الزوجين، لا يقل دور الزوجة في تحقيقه عن دور الزوج، هذه السطور قد تساعدك في ذلك:
(1) إذا كنت تشتكين من غياب زوجك كثيرًا عن المنزل بسبب أعماله ومشاغله فخير لك أن تتعلمي هواية تقضين بها وقت فراغك بدلاً من أن تشتكي لزوجك كلما عاد إلى المنزل خصوصًا إذا كان غيابه لأسباب حقيقية وضرورية ليس من بينها طبعًا السهر الزائد مع الأصدقاء.
(2) أكثر ما ينفر الأزواج من بيت الزوجية كثرة المشاكل وشعورهم بالعجز عن حلها، فلا تشعري زوجك بذلك ولا تكثري من الشكوى إليه في كل صغيرة وكبيرة، وتجنبي إثارة المشاكل معه قدر الإمكان.
(3) احذري أن تقدمي قائمة بطلباتك في لحظات الود والصفاء بينك وبين زوجك، ولا تكوني متسلطة في طلباتك وتفهمي قدراته المالية وأولوياته، فما ترينه أنت أولوية أولى قد لا يكون كذلك إذا عرفت بقية الالتزامات التي ينبغي عليه أن يؤديها.. هذه اللحظات أولى بأن تملئيها بكلمات الحب والملاطفة والتدليل لزوجك.
(4) احذري أن يساورك شعور بالوحدة والافتقاد لمن يساندك ويستمع إليك، وإذا حدث ذلك فأخبري زوجك.
(5) احرصي على التجديد في البيت وفي ملابسك وعطرك وزينتك بما يضفي على البيت مناخًا من البهجة والسعادة ويجعله مرفأ لزوجك يرسو إليه ويأنس إليه ويستريح فيه.
(6) في بداية الزواج وفي فترة الملكة ( بعد العقد وقبل الدخول ) كان زوجك هو الذي يبادر بالاتصال بك والسؤال عنك والتودد إليك، أي أنه كان يقوم بدور الطالب وأنت المطلوبة، الآن وبعد مدة من زواجكما إذا شعرت بأنك لم تعودي مطلوبة لديه كما كنت فلا ضير أن تغيري الأدوار وتقومي أنت بدور الطالب الذي يسعى ليتقرب من المطلوب.
(7) في النقاش بينكما تجنبي الصوت المرتفع، وأسلوب السخرية، وتجنبي أن تكوني سلبية أي يقتصر دورك على مجرد الاستماع بلا تعليق أو إضافة.
(8) احذري من التذمر المستمر من كل نقص ترينه في البيت والشكوى من كثرة الأعمال التي تؤدينها، فرعايتك لزوجك وأطفالك وواجباتك المنزلية حق عليك وليس تفضلاً منك، وتذمرك المستمر يجعل زوجك ييأس من رضاك فلا يحرص عليه.
تجملوا وتهادوا وتجنبوا الجدال
هناك عدة أسباب تمثل عوامل رئيسية في فتور الحب بين الزوجين بعد مرور بضع سنوات على زواجهما وإنجاب الأطفال وانشغال الزوجة بأولادها تنظيفًا وتربية ورعاية مما يبعدها على ملازمة زوجها ورعايته ويحدَّ من وقتها المخصص له، بل ربما تسبب الأطفال باضطرار الزوج للنوم في غرفة أخرى خصوصًا إذا كان موظفًا تتطلب وظيفته النهوض مبكرًا كما هو شأن غالب الموظفين، وقد تكون(53/11)
رعاية الأطفال وتربيتهم سببًا في اختلاف وجهات النظر بين الزوجين، وبالتالي وجود المشادة الكلامية بينهما مما ينعكس سلبًا على الدفء العاطفي بينهما.
كما لا يخفى أن إنجاب الأطفال يؤثر على قوام المرأة ورشاقتها، وهي عوامل ذات تأثير كبير على جذب الزوج لزوجته..
ومن المؤسف أن الكثير من النساء تغفل هذا الجانب المهم فيترهّل جسمها وتفقد جمال قوامها ورشاقتها بعد الإنجاب وكان من الممكن تفادي هذه المشكلة المؤرقة بالحفاظ على التمارين الرياضية عبر الوسائل المختلفة.
ومن الأهمية المصارحة بين الزوجين فيما يتأذى منه الآخر كرائحة الفم أو العرق أو رائحة أثار الطبخ في الملابس أو الجسم خصوصًا مع وجود أسباب التغلب على هذه المؤثرات كالأدوية الطبية وأدوات التجميل والعطور المفيدة في القضاء على هذه المنغصات.
ومن العوامل أن إهمال الزوجة لنفسها في مظهرها وزينتها ورائحتها معول هدم للحب والألفة والتقارب بين الزوجين .. فالمرأة الفطنة هي من تحرص على أن لا يشم منها زوجها إلا ما يحب وأن يراها بشكل يسرّه ويبهجه وتخطئ بعض الزوجات بتخصيص ملابس مشابهة لملابس الخادمة تستخدمها في البيت بينما تلبس الملابس الجميلة في الذهاب للمناسبات والزيارات بما يثير حفيظة الزوج ويعكس عدم اهتمامها به في حياتهما العادية.
ـــــــــــــــــ
إهمال الزينة بعد الزواج و آثاره !
في بداية الحياة الزوجية تحرص الزوجة على التزين لزوجها، لكن مع مرور الوقت قد تعتقد أن الكلفة بينهما زالت فتهمل زينتها، ومن المؤلم أن هذا الإهمال يقتصر على الزوج، إذ أنها تحرص على الزينة عند زيارة صديقاتها أو قريباتها.
ليس مطلوبًا منك أن تقضي جل يومك أمام المرآة لتتزيني لزوجك، فأساس الزينة المحافظة على النظافة مع لمسات بسيطة تعرفها كل امرأة.. تزيّنك لزوجك حق له وواجب عليك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته".
وقديمًا قالت اُمامة بنت الحارث في وصيتها المشهورة لابنتها قبل زفافها: "...التفقد لموضع أنفه، والتعهد لموضع عينه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وإن الكحل أحسن الموجود، والماء أطيب الطيب المفقود". ولا يعني التزين للزوج إرهاقه ماديًا بشراء المزيد من وسائل الزينة الحديثة.
حب التزين فطرة
ورغم أن حب الزينة من فطرة النساء، أقرها الله تعالى بقوله: {أوَ مَن يُنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}[الزخرف:18] ، فإن اهتمام المرأة بالزينة كثيرًا ما يتأثر بمرحلتها العمرية، ففي مرحلة (الملكة أي بعد العقد ) تحرص الفتاة على أن تكون الأجمل والأحلى في عين خاطبها، لكن أهمية هذا الحرص تتراجع بعد الزواج وتعدد المسئوليات.(53/12)
يقول أحد الشباب بعد 3 سنوات من زواجه: "هذه ليست الفتاة الجميلة التي تزوجتها". وترد الزوجة بأنها تدون كل يوم الأعمال التي يجب عليها أن تنفذها، فتجد نفسها في نهاية اليوم في غاية الإرهاق والتعب، ولا وقت لديها للزينة.
لكن إحدى النساء تلقي باللائمة على هذه الزوجة وتعتبرها مقصرة في حق زوجها وحق نفسها، فأدوات الزينة الحالية تجعل المرأة لا تحتاج لأكثر من نصف ساعة لتبدو في أبهى صورة، وحب التجمل غريزة في المرأة لا يجب أن تلغيه أي مشاغل.
دور الزوج
ويمكن للزوج أن يلعب دورًا مهمًا في حرص زوجته على الزينة أو إهمالها لها، فقد يتجاهل زينتها أو يكثر من انتقاده لها فيحبطها، وقد يتجاهل زينة نفسه بينما تحرص هي على زينتها، ومثل هذا الزوج ينسى هدي النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: "حبب إليَّ من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة" [رواه النسائي].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت أُرَجّل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض". والترجيل تسريح الشعر واللحية ودهنه.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان له شعر فليكرمه".
لا نستطيع أن نلقي بالمسؤولية التامة على الزوج في إهمال زوجته للزينة، فأكثر ما تتحجج به الزوجات في إهمال زينتهن هو كثرة المشاغل، ولذلك تدعو الاختصاصية الاجتماعية نورة سليمان إلى تدريب الفتيات قبل الزواج على تعدد المسئوليات لتكون كل واحدة منهن مسئولة عن أبناء وزوج وبيت وزينة نفسها، لا تطغى مسئولية على أخرى، وتقول: للأسف نحن لا نربي أبناءنا على حسن استغلال الوقت وتقسيمه بين المسئوليات ولذلك كثيرًا ما تفشل الزوجة في تقسيم وقتها بين بيتها وزوجها وأولادها.
كبرنا على ذلك !!!
وبعض النساء يهملن زينتهن بعد الزواج انطلاقًا من فهم خاطئ لوظيفة هذه الزينة، فبعض الفتيات يعتقدن أن الخطوبة والأيام أو السنوات الأولى من الزواج هي فترة التجمل والتزين، وإذا حدثتهن عن ان الزينة من حسن التبعل للزوج أجبن: "كبرنا على ذلك".
هؤلاء ينسين أن تزين المرأة لزوجها يجب ألا يصرفها عنه صارف إلا ما أقره الشرع (كالحداد على قريب) فهذه أم سليم رضي الله عنها تتزين لزوجها في يوم عصيب، عن أنس رضي الله عنه قال: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم، فقالت لأهلها: "لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه". قال: فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها. فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قومًا أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. قال: فاحتسب ابنك. فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لكما في غابر ليلتكما".(53/13)
ـــــــــــــــ
مجلة الأسرة العدد 156
ـــــــــــــــــ
من أخطاء الأزواج
يعتبر صلاح البيوت صلاحًا للأمة، وصلاح الأمة هو السبب الأعظم لعزتها وكرامتها، ولا تصلح أمة إلا بصلاح البيوت، ولا تصلح البيوت إلا بصلاح الزوجين واستقامتهما على أمر الله تعالى.
وفي البيت الإسلامي يتخرج رجالات الأمة ونساؤها وعظماؤها، ذلك أن رابطة الزوجية من أعظم الروابط، فمتى سارت هذه الرابطة على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظم شأن الأمة، وهيب جنابها، ومتى أهملت هذه الحقوق تفصمت تلك الرابطة، فشقيت البيوت وحل بالأمة التفكك والدمار، والذي يتأمل في حياة الناس يرى خللاً كبيرًا وتفريطًا كثيرًا في شأن تلك الرابطة ، مما يفقد الحياة الزوجية سعادتها وأنسها والخلل الحاصل من الأزواج في الجانب كبير نذكر بعضًا من هذه الأخطاء راجين أن يكون في ذكرها تنبيه لبعضنا عن تكرار الخطأ في حياته المستقبلية.
أولاً: الشك في الزوجة وسوء الظن بها:
فمن الأزواج من هو ذو طبيعة قلقة، ونفس متوترة، فتراه يغلب جانب الشك، ويجنح كثيرًا إلى سوء الظن، ويفسر الأمور على أسوأ الاحتمالات، فقد يسيء الظن بالزوجة في أمانتها المالية، فربما اتهمها بأنها تسرق من ماله وقد يتمادى سوء الظن ببعضهما إلى عرض زوجته فيتهمها في حشمتها من خلال تصرفات يراها عليها ، وتجد بعض الأزواج يكثر الاتصال بالمنزل كلما خرج منه، وإذا كان الهاتف مشغولاً وقع في الشك والريبة، وبعضهم يخرج من عمله بين الفينة والأخرى، وفي أوقات غير متوقعة ليراقب منزله.
وكل هذا من غير برهان وبينة، وإنما هو تسويل لبعض النفوس الجاهلة، فكم وقع من قتل وطلاق وأذى بسبب سوء ظن لا يثبت له قدم بعد التثبت والتحقيق.
ولا يعني حسن الظن بالزوجة قلة الغيرة، وإلقاء الحبل على الغارب، وإنما المطلوب الاعتدال في الغيرة، فلا يتغافل عما تخشى عواقبه، ولا يبالغ في إساءة الظن، وبالجملة فالتحسس والمبالغة في الغيرة أمر لا يقره دين ولا عقل.
ولهذا عقد الإمام البخاري في صحيحه بابًا قال فيه: لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم، ثم ساق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً".
ثانيًا: الاستهانة بالزوجة:
فمن الأزواج من يستهين كثيرًا بزوجته فلا يراها إلا هملاً مضاعًا، فلا يعتد بكلامها ولا يستشيرها في أي شيء من أمره، ولا يأخذ برأيها، وربما احتج على هذه الأفعال بأن القوامة للرجل، وبأن المرأة ناقصة عقل ودين!
ومن صور الاستهانة بالزوجة أن يحقرها أمام أبنائها ويصفها بسوء التدبير، وأن يذم أهلها أمامها، وهذا المسلك خطأ كبير، فالمرأة إنسان مكرّم لها عقل ورأي.(53/14)
ثالثًا: التخلي عن القوامة:
كما أن هناك من لا يعتد بالمرأة، فيهضم حقها ولا ينظر إليها إلا بازدراء، فهناك من تخلى عن قوامته، وأسلم قيادته لزوجته، فقولها هو القول ورأيها هو الفصل والذي يدفعها لذلك دافع الغرور بالمال أو الجمال أو المستوى التعليمي.
وإذا اجتمع إلى ذلك ضعف الزوج واهتزاز شخصيته، فقد وافق شن طبقة، لذلك تخرج متى شاءت، وتلبس ما شاءت، ولو كان لباس شهرة أو تبرج أو تشبُّه بالكافرات.
وما عجب أن النساء ترجّلت ولكن تأنيث الرجال عجيب
رابعًا: قلة الحرص على تعليم الزوجة أمر دينها:
فهذا من مظاهر التقصير في حق الزوجة، وقد يكون الرجل ذا صلاح وتقى وعلم ودعوة، ومع ذلك لا يحرص على إيصال ذلك الخير لزوجته وأهل بيته، ولذلك من الواجب للزوجة على زوجها أن يعلمها أمور دينها، ويرسخ في قلبها حب الله، وخوفه ورجاءه، ومراقبته، والتوكل عليه.
ـــــــــــــــــ
مفاتيح القلوب
الزواج ليس بيتًا صغيرًا ينعزل فيه العروسان عن العالم، إنه ارتباط أسرتين، كما هو رباط بين فردين، وحتى ينجح هذا الارتباط؛ هناك عدة مفاتيح ومهارات إذا أتقنها كل عروسين.. ظللتهما الدعوات الصالحة من أهليهما، وأغلقا بابًا واسعًا؛ تتسلل منه الخلافات والمنغصات.
خبراء فنون التعامل وكسب الآخر يرشدون الأزواج والزوجات إلى هذه المهارات:
نسيان الإساءة:
نسيان الإساءة من فضل الله على عباده، وهى نعمة رزقهم الله إياها، فعلى العروسين أن ينسيا أى إساءة، فينسى الإنسان إساءة المسيئين، وجفوة الجافين، ويسمو ليصل إلى أمر أعظم من النسيان، وهو الصفح والغفران.
ومن أراد راحة البال وحُسن العاقبة والمآل، فليحاول نسيان ما يلقاه من الآخرين، وليبدأ صفحة جديدة مع من قصروا فى حقه.
المرونة والحكمة:
أجواء الأسرة الجديدة غريبة عليكما، لذا يجب أن يكون التعامل مع أفراد الأسرة فيه ذكاء وفطنة؛ حتى لا تتوتر العلاقات وتنقطع، ولتحافظا دائمًا على شعرة معاوية ، كما تقول الحكمة «لو كان بينى وبين خصومى مقدار شعرة؛ ما انقطعت أبدًا، فإن هم شدوا أرخيت، وإن هم أرخوا شددت».
فن « لا»
إن قضاء حاجات الآخرين وتلبية مطالبهم، ومجاملتهم فى المواقف والمناسبات، وحُسن ضيافتهم، كلها أمور مطلوبة، ولكن لكل شيء حدودًا لا ينبغى تجاوزها، وحتى لا تكلفى نفسك ما لا تطيقين؛ تعلَّمى فن الاعتذار وقول كلمة (لا)، ولكن بتأدب فى قولها، فلا تقوليها وأنت غاضبة، أو بصوت مرتفع، أو منفر، بل قوليها(53/15)
وأنت مبتسمة، وبأسلوب رقيق مؤدب، وأشعرى من قلت له: (لا) بأنك متألمة؛ لأنك لم تستطيعى تلبية المطلوب.
الهدية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تهادوا؛ فإن الهدية تذهب وحر الصدور» (رواه الترمذى)، فالهدية تؤلف القلوب، وتعمق أواصر المحبة والمودة بين الناس، وكلما كانت الهدية بلا مناسبة، ومما يرغب فيه المهدى إليه ويحبه كانت أوقع، فاجعلا الهدية رسول حب بينكما وبين أسرة كل منكما، جربا ولن تندما.
الآباء جسر إلى الأبناء
حماتك وحموك أقصر طريق إلى قلب زوجك والعكس، فالإنسان يعتبر إكرام والديه إكرامًا له، وإهانتهما إهانة له، فإذا أراد كل زوج وفاقًا مع شريكه، فليحب أبويه ويحترمهما، ولا يتحدث عنهما بسوء مهما كانت الأسباب حتى لا يدق مسامير فى نعش الزواج.
نحلة لا ذبابة
تقف النحلة على الزهور لتمتص الرحيق وتخرج العسل، ولا تقف الذبابة إلا على القاذورات، وكأنها تتتبع زلات الناس وعوراتهم وتتصيد أخطاءهم، ولو أراد الإنسان إحصاء عيوب أى شخص لوجد العديد من الأخطاء، ولكن هذا ليس شيم الكرام - والانشغال بعيوب النفس أولى لإصلاحها وإعفائها من عقوبة الغيبة وتتبع العورات.
حفظ الأسرار
حفظ السر أهم ما يحقق الثقة بين الناس، وإفشاؤه يهدم جسور هذه الثقة، فليكن كل من الزوجين مستودع سر أسرة الآخر، خاصة الأب والأم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حدث الرجل رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة»، وجملة «السر فى بئر» التى نرددها جميعًا من مفاتيح القلوب.
القناعة
ولماذا أنا ؟ تساؤل يجب ألا يردده الزوجان أبدًا، وهما يقارنان نفسيهما بالآخرين، فلماذا شقتى غرفتان، وشقة فلان ثلاثة ؟
ولماذا أركب «الميكروباص» وسيارة فلان أحدث طرازًا ؟ وغير ذلك أسئلة تتردد فى النفس، ولكن آثارها تبدو فى التعامل مع الآخرين، وفى نظرات الحسد وعباراته التى تنطلق رغمًا عن قائلها.
القناعة مع الأخذ بأسباب الارتقاء بعيدًا عما لدى الآخرين سر من أسرار السعادة والوفاق.. جرباه.
ابتسامة النقد
بعض الناس يعتبرون أنفسهم آلهة لا يراجعون ولا ينقدون - هؤلاء يخسرون الكثير فى علاقاتهم الاجتماعية، وينفرون الناس منهم، والفطن هو من يعتبر النقد دفعة والمعارضة - مكسبًا حتى لو صدرت عن نفس حاقدة.. المهم موضوع النقد والمعارضة، فقد يكون صاحبه محقًا، فابتسما فى مواجهة النقد، ووسعا صدريكما له، فلا معصوم سوى النبى صلى الله عليه وسلم ، وملاطفة الحماة أو معارضة(53/16)
أخت الزوج - أو والد الزوجة ليست جرائم إلا إذا أراد الزوجان اعتبارها كذلك - وهما فى هذه الحالة خاسران.
نقد السلوك لا نقد الشخص
شتان بين «أنت أخطأت» و«ما فعلته ليس مقبولاً»، فنقد السلوك لا الشخص فن ورسالة موجزة توصل معانى إيجابية للمنقود، أهمها: «إننى أحبك وأحترمك، ولا أرفضك، بل لى تحفظ على سلوك صدر منك»،
فالآخرون يصبحون أفضل إن لم يشعروا برفض غيرهم لهم، ويجدون فى إرشادهم إلى السلوك الصائب، بدلاً من صب نيران النقد الهدام على رءوسهم، أفضل حافز للتغيير.
ـــــــــــــــــ
الزوج المثالى
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «خيركم خيركم لأهله» فهل أنت من خيار الناس؟ وهل تعرف ما لزوجتك عليك من حقوق وتسعى لأدائها فتكون بذلك زوجًا مثاليًا؟
وهل تحل خلافاتك الزوجية بالرجوع للقرآن والسنة أم تفكر بالزواج من أخرى كلما ضقت بزوجتك؟
للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها اقرأ معنا نصائح غالية للدكتور محمد رشيد العويد ، يقدمها لكل زوج يسعى لحياة سعيدة فى الدنيا والآخرة.
الزوج المثالى
ـ من هو الزوج المثالى؟
- لقد شرحت صفات الزوج المثالى مفصلة فى كتابى (الزوج المثالى )، وأوجزها فى هذه الإجابة، فأقول: إنه الزوج الذى يكرم زوجته ولا يهينها، ويكثر من إسماعها كلمات طيبات، ويستر أخطاءها، ويغار عليها، ويتغافل عن كثير مما يصدر منها، ويصبر عليها، ويزيد صبره فى أيام حيضها، ويطيّب خاطرها، ويدعو لها، ويكتم سرها، ويوفر لها سكنًا مستقلاً، ويعينها فى بيتها ما استطاع، ولا يبخل عليها ولا على أولادها، ويتنظف لها ويتزين، ويسامرها ويمازحها، ولا يأخذ حقًا من حقوقها إلا بإذنها .
ـ هل تأثر دور الزوج ومسؤولياته فى المجتمع العربى بالتغيرات الاجتماعية فى العقود الأخيرة؟ وكيف كان شكل هذا التأثر؟
- لا شك فى أنه تأثر، وتأثر كثيرًا، ذلك أن تعدد الحاجات مع قلة الدخل، وزيادة الأعباء مع ضيق الأوقات، أثقلت كاهل الزوج، وكانت سببًا فى إحداث ضغط نفسى كبير عليه، سلبه كثيرًا من صبره وحلمه. وانعكس هذا بدوره على صلته بزوجته وحسن معاملته لها.
يضاف إلى هذا خروج المرأة من بيتها بعد أن كانت قارة فيه، سواءً أكان هذا الخروج للعمل إعانة للزوج أم لغيره.(53/17)
هذا الخروج الكثير أطلع المرأة على ما لم تكن تطلع عليه جدتها، وجعلها تقارن نفسها بغيرها، وزاد من طموحها المادى، وهذا جميعه دفعها لمواجهة زوجها فصارت ندًا له، ومن ثَمَّ لم تعد مطواعة له لينة كما كانت جدتها.
القوامة
ـ ما تقييمكم لرؤية الزوج العربى للقوامة، وهل تلمسون من واقع قربكم من واقع الأسرة العربية فهمًا سليمًا، ومن ثَمَّ ممارسات رشيدة فى التعامل مع القوامة؟
- أكثر الأزواج يرى فى القوامة ما له، ولا يرى ما عليه، يرى ما تمنحه القوامة من قيادة ولا يرى ما تلزمه به من نفقة ورعاية. وعليه فإننا نحتاج إلى تبصير الزوج بما توجبه القوامة عليه من حقوق للزوجة، ينبغى أن يؤديها قبل حصوله على ما تعطيه إياه من قيادة.
يقول القرطبى (رحمه الله) فى قوله تعالى {الرجال قوامون على النساء} أى قوامون بالنفقة عليهن، والذب عنهن (حمايتهن).
وإذا لم يقم الرجل بالإنفاق على المرأة لم يكن قوامًا عليها، ولزوجته حق طلب الطلاق عند ذلك.
يقول القرطبى: فهم العلماء من قوله تعالى {وبما أنفقوا من أموالهم} أنه متى عجز (الزوج) عن نفقتها لم يكن قوامًا عليها، وإذا لم يكن قوامًا عليها كان لها فسخ العقد؛ لزوال المقصود الذى شُرع لأجله النكاح، وفيه دلالة واضحة على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة.
ويعرف الرازى القوامة بقوله: القوامة اسم لمن يكون مبالغًا فى القيام بالأمر، يقال هذا قيم المرأة وقوامها للذى يقوم بأمرها ويهتم بحفظها.
إذن فإنه ينبغى أن يتعلم الزوج أن من أهم ما تعنيه القوامة أن عليه أداء ما لزوجته من حقوق: ينفق عليها، ولا يمنّ عليها بهذا الإنفاق، ويوفر لها الأمن النفسى والروحى والمادى.
التخصص
ـ هل أنتم مع المنطق السائد بأن على الزوجة قسطًا أكبر مما على الزوج من مسؤوليات، أم ترون الأمر شركة وشورى، ولا يستقيم بتحميل طرف من الأعباء والمسؤوليات أكثر، مما يتحمل الآخر؟
ـ أرى الأمر من منظور التخصص، فكثير مما يعمله الرجل خارج بيته لا تقدر المرأة عليه، أو لا تجد فطرتها فيه، وكثير مما تعمله المرأة فى بيتها من تربية لأولادها ورعاية لهم لا يقدر عليه الرجل أو لا يجد فطرته فيه.
مثل المهندس والطبيب ؛ فليس من المنطق أن ينتقص الطبيب من عمل المهندس ولا المهندس من عمل الطبيب ، فكل منهما يعمل فى تخصص يحتاجه المجتمع ولا يستغنى عنه ، ولا يستطيع كل منهما أن يقوم بما يقوم به الآخر ، فلا الطبيب قادر على بناء جسر أو عمارة ، ولا المهندس يستطيع علاج مريض .
وتخلى المرأة عن مهامها الجليلة فى بيتها، وحسبانها أنها أقل شأنًا من عمل الرجل خارج بيته، أسهما فى اختلال الأسرة، ثم اختلال المجتمع.
آثار خروج المرأة للعمل(53/18)
ـ كيف انعكس خروج المرأة للعمل على قيام الرجل بدوره الأسرى: هل إيجابيًا فى صورة مزيد من المشاركة إعذارًا للزوجة وتعاونًا معها أم سلبًا فى صورة التخلى عن مسؤولية الإنفاق، أو بعضها اعتمادًا على دخل الزوجة؟
ـ للإجابة عن هذا السؤال أحب أن أذكر ما يلى:
1 - تعبير (عمل المرأة ) أو (المرأة العاملة)، حين يطلق فإن الأذهان تنصرف إلى المرأة التى تعمل خارج البيت، وكأن المرأة التى ترعى زوجها، وتلبى حاجاته وترعى أولادها وتربيهم وتلبى حاجاتهم امرأة عاطلة لا تعمل، وهذا خطأ بليغ ينبغى تصحيحه بقولنا ((المرأة العاملة خارج بيتها))، مؤكدين بهذا أن هناك ((امرأة عاملة داخل بيتها ))، ولعل الثانية تقوم بأعمال أجل، وأخطر وأهم من أعمال الأولى.
2 - حين عملت المرأة خارج بيتها، وحملت أعباء غير قليلة عن الرجل، فإن هذا الأخير لم يقابل مشاركتها له خارج البيت بمشاركته لها داخل البيت؛ فقليل من الرجال يعينون زوجاتهم فى أعمال البيت، وحتى أولئك الذين يشاركونهن ويعينونهن لا يقومون إلا بأعمال هينة يسيرة ليس فيها تخفيف حقيقى من أعبائها.
3 - قدر غير قليل مما تكسبه المرأة من عملها خارج بيتها تنفقه على مظهرها فى عملها، وعلى مواصلات تنقلها إليه، وعلى خادمة لم تحضرها إلا لترعى أولادها وتعينها فى بيتها بسبب عملها خارجه.
4 - مطالبات الرجل لزوجته بالإنفاق على البيت ومشاركته فى هذا الإنفاق كانت وراء خلافات زوجية كثيرة.
5 - لو وضع ما تكسبه المرأة من عملها خارج بيتها فى كفة، وما تخسره مع زوجها وأولادها بسبب خروجها من بيتها وغيابها عنه فى كفة أخرى، لوجدنا أن ما تخسره أكثر مما تربحه.
6 - كثير مما تدخره الزوجة من عملها خارج بيتها يأخذه زوجها منها ليستثمره لها، فيضيع فى تجارة خاسرة أو غيرها.
على هذا كله فإنى أقول: إن عمل المرأة خارج بيتها خسارة كبيرة لها ولأسرتها ولمجتمعها.
ـ هناك مقولات وأمثال سائرة ومتوارثة تعكس نظرة تشاؤمية للخلافات الزوجية مثل: (ما انكسر لا يمكن إصلاحه)، أو (النسب كاللبن إذا تعكر لا يصفو أبدًا)، فما تقييمكم لها؟
- إذا صدقت هذه الأمثال فى بعض الحالات فإنها تخيب فى كثير منها. لقد وجدت أزواجًا وصل بينهم الخلاف إلى حدود الضرب والشتم، وفصلت فى بعض نزاعاتهم المحاكم، ورغم هذا عادوا للعيش معًا، وواصلوا حياتهم بنجاح طيب.
ولقد وفقنى الله فى الإصلاح بين أزواج وزوجات وصل بهم الخلاف إلى مستويات يكاد من يطلع عليها أن يرى عودتهم للعيش معًا تحت سقف واحد مستحيلة، لكن توفيق الله كان قريبًا حين توفرت إرادة الإصلاح لدى كل من الزوجين، كما قال تعالى: {إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما}.
لكن هذا لا ينفى أن هناك حالات أرى أن استمرار الزوجين فيها معًا صعب، ويكون الحل عندها هو انفصالهما بالطلاق.(53/19)
اذكرها بخير
ـ فى حالة مرور الحياة الزوجية بمنعطف خطير بم تنصحون الزوج ؟ وماذا تقولون لمن يتجه تفكيرهم إلى التعدد دون بذل جهد حقيقى فى عبور هذا المنعطف ؟
ـ أنصحه بما يلى:
1 - احرص أولاً على إبعاد الإحساس بالصدمة، وقل لنفسك: هذا ما كنت أتوقع حدوثه.
2 - لا تشاور إلا من تكون واثقًا من حكمته ومحبته وإخلاصه لك؛ ولا توسع دائرة من تستشيرهم.
3 - استحضر ما يأتيك من أجر فى صبرك على ما تلقاه فى ذلك المنعطف من عنت ومعاناة وهم وضيق.
4 - اذكر زوجتك بخير أمام من يسعى للإصلاح بينكما، وقل له أنا أعذرها، وأقدر أن ما تحمله من أعباء جعلها تفعل ما فعلت، أو تقول ما قالت.
5 - لا تدع الدعاء وأنت فى ذاك المنعطف: اللهم أصلحنى لزوجتى، وأصلحها لى، وأصلح ما بيننا.
مشكلات زوجية مصدرها الزوج
ـ من خلال خبرتكم وقربكم من واقع الأسرة العربية ما أهم المشكلات الزوجية التى يكون الزوج مصدرًا لها؟
ـ المشكلات الناتجة عن بخل الزوج، وهى كثيرة؛ إذ يتنازع الزوجان حين تطالبه الزوجة بشراء ما تحتاجه هى وأولادها، فيمسك يده عنها ويبخل فى الإنفاق عليها.
ـ المشكلات التى تحدث بسبب جهل الزوج طبيعة المرأة المختلفة عن طبيعة الرجل. فالمرأة أكثر عاطفة وأشد رهافة وأرق إحساسًا من الرجل.
ـ المشكلات التى تنشأ نتيجة كثرة غياب الزوج عن البيت، وعدم حمله لمسؤولياته كلها، فترهق الزوجة من تحملها مسؤوليات زوجها مع مسؤولياتها، فتضيق به وتثور عليه.
كيف تدمر حياتك الزوجية ؟!!
ـ كما وصفتم الزوج الأقرب إلى المثالى ماذا تقولون لزوج ما تحت عنوان: كيف تدمر حياتك الزوجية ؟
- أقول لكل زوج: أنت تدمر حياتك الزوجية حين تؤثر أصدقاءك على زوجتك وأولادك، وحين تنفق بسخاء على نفسك ومتعك وهواياتك، وتبخل على بيتك وأهلك، وحين تبش فى وجوه من هم خارج بيتك، وتعبس فى وجوه من هم داخله.
أنت تدمر حياتك الزوجية حين تصرخ فى وجه زوجتك، وتقذفها بشتائم مقذعة تحفظها ولا تنساها أبدًا، وأنت تدمر حياتك الزوجية حين تمد يدك على زوجتك ضاربًا لها دون أن تبدأ بالموعظة والهجر، وأنت تدمر حياتك الزوجية حين تتعامل مع زوجتك محاولاً تغيير طبيعتها التى خلقها الله تعالى عليها.
ــــــــــــــــ
مركز الإعلام العربي
ـــــــــــــــــ(53/20)
وصفة سحرية للسعادة الزوجية
السعادة الزوجية مطلب عزيز لكل أسرة وهدف قريب المنال لكل من حرص عليه وسعى إليه .
الأسرة السعيدة مرتع العطاء والأمان وراحة البال وطريق النجاح ، ونقدم لكم وصفة نافعة بإذن الله للحياة الزوجية السعيدة فنقول:-
أولاً:- عادةً الرجل هو الذي يغار على المرأة وإذ بنا نسمع عن غيرة المرأة الجنونية من أمه وأخواته ومن أمور كثيرة لا يحق لها الغيرة فيها، يا أختاه الحكمة تقول: إذا أردت أن تطاع فمر (فأمر) بما يستطاع .
ثانياً:- أشعريه دائما بالأمان والثقة وبأنك تتمنين أن تطول الحياة بكما معا ومع أطفالكما، وابتعدي عن الأحقاد، لا تحقري أعماله ولا مشترواته، ولا تقللي من شأنه أو من شأن وظيفته أو شهادته، فهذه الأعمال إن وقعت فيها سوف تنسفين كل عوامل المحبة والاحترام بينكما.
ثالثاً:- لماذا نجيد التحدث برقة وإيثار مع الناس ولا نتحدث بذلك مع أزواجنا وأولادنا؟
ليتك ياأختاه من اليوم تبدلين طريقة التحدث العدائية مع زوجك وأبنائك وخادمتك، بل تحدثي بكل هدوء ومنطقية وبما يفيد، ولاتكرري الكلام بدون فائدة، وابتعدي عن الدعاء عليه بالسوء ومن التهديد فكلا الطريقتين لا فائدة منها إلا زيادة الحقد والمشاكل.. بل أبدلي الجدل بالتفاهم وأبدلي الدعاء السيء بالنصح والإرشاد جربي ذلك وسوف تكسبين بإذن الله.
رابعاً:- مهما طالت العشرة بينكما فلا تهملي أناقتك ولا نظافة المنزل، بالأخص غرفة النوم، فهي أحب الغرف إلى قلب الزوج فعلى المرأة أن توليها عناية خاصة.. فمن خلالها يمكن أن ينسى الزوجان الهموم وترتفع غيوم الخلافات ونكد المعايش وصعوبات الحياة.. وبالتالي عليك أن لا تجعلي شكلها يبدو قديما أو مهترئا، بل احرصي على تجديدها ودوام تنظيفها وتغيير ترتيبها بين الحين والآخر.. واحرصي على دوام تعطيرها وتزيينها في حدود طاقة البيت المالية وإياك وإهمالها فهي مدخل الشقاق وعدم الوفاق.
واحرصي على نظافة البيت ولا تندمي على الجهد والوقت الذي سوف تبذلينه في العناية بزوجك وأبنائه، وعليك مع هذا ألا تغضبي من أخطائهم المتتالية والتي أنت تظنينها جحودا ، قال الشاعر:-
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا ترمى بصخر فتعطي أطيب الثمر
خامسا:- عليك أن تكتمي جميع أسراركما وإياك ونشر مشاكلكما بين الصديقات ولو بدعوى البحث عن حل، صدقيني يا أخيتي إن شكواك للناس لن تفيدك شيء بل إنها تقلل من شأنك ومن احترامك في نظر الغير، مع تعريض بيتك للفضائح ونشر ما ينبغي ستره.. وإياك والجدل معه وأمام الأطفال، اتركي الغضب فجميعنا يمكنه أن يعود نفسه على قوة الاحتمال كما أرجو أن لا تحرجيه ولا أن تشكيه لأهله.
سادسًاً:- أرجو أن تمحي كلمة طلقني من قاموس حياتك فالطلاق لن يريحك ولا سيما بعد أن تنجبي الأطفال، والزوج كثيراً ما يكون متعقلا ولا يستجيب لمهاترة(53/21)
الزوجة، لكن الحصيلة لتلك المهاترات هو قلق الأبناء وزرع الخوف الدائم في حياتهم بالطلاق.. الطلاق يا أختاه هو سبب تعاسة الأبناء وانحراف البنات وتعاسة الأم وتدهور الحياة الاجتماعية .
سابعًا :- لا تكذبي على زوجك أبداً، ولا تعصيه في أمر من الأمور إلا فيما كان فيه معصية لله تبارك وتعالى؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن كنت تخافين جبروته لا تقولي له الذي حدث وهو غاضب، أخبريه عندما يكون هادئا متعقلا متقبلا، وسوف يكون الموقف في صالحك بإذن الله تعالى وقتها سيصبح جميع أبنائك صادقين صرحاء لا يخافون من كلمة الحق وتذكري بأن الاعتراف بالحق فضيلة.
ثامناً :- احرصي على عمل اجتماع أسري كل أسبوعين مرة يكون الحديث لوالدهم ومرة يكون فيها الحديث لك وقدمي التوجيهات لأبنائكما على شكل طلب رقيق وحث الأبناء على النجاح بصورة أمنيات لأن نراكم بإذن الله تعالى كذا وكذا وليس بالأسلوب القديم وهو أسلوب التقريع والتهديد و المقارنة بالآخرين مما يجعلهم يشعرون بالنقص في نفوسهم فتكون النتائج عكسية.
دائما وأبدا أسمعي زوجك وأسمعي أبنائك كلمة الحمد، الحمد لله الذي جعلكم أسرة وعائلة واحدة وأعطاكم من نعمه العظيمة وعددي نعم الله عليكم حتى يشعر الجميع بالنعم التي تحيط بكم و يشعر الجميع بالرضى والسعادة، وذكريهم بالله تعالى وبعظيم هذه المنن التي أنعمها عليكم. مع أصدق دعواتي للجميع بالتوفيق .
ـــــــــــــــــ
تاءات السعادة الخمسة
هل الزواج يقتل الحب ؟ يتردد هذا السؤال على ألسنة بعض الأزواج والزوجات بعد مرور سنوات من الزواج، وبعد أن تحولت حياتهم الزوجية إلى علاقة روتينية رتيبة يظللها الملل والكآبة.
هذا الاستطلاع يؤكد أن الزواج يحيى الحب ويروى شجرته، ويطمئن كل عروسين على سعادتهما وحبهما اللذين بوسعهما الحفاظ عليهما مهما مر من سنوات زواجهما كما حافظ عليهما هؤلاء الأزواج والزوجات.
تاءات السعادة
تعلن الحاجة قوت القلوب - 50 سنة زواجًا - فتعلن أن سر سعادتها الزوجية يكمن فى خمس تاءات حافظت عليها منذ زواجها فى علاقتها بزوجها هى: ( التفاهم/ التسامح/ التفاؤل/ التزين/ التجديد ) فتقول: أنا بطبعى متسامحة مع الآخرين وزوجى أولى بالتسامح وأولى بالابتسامة والزينة، خاصة عندما يكون هذا الزوج رجلاً كريمًا محبًا وبحكم عمله كتاجر ترك لى مسئولية تربية الأولاد، فلم أشغله بمشاكلهم بل كنت أظهر لهم حبى لوالدهم، وهو كذلك حتى يعتادوا على هذه المشاعر الحميمة فى أسرتهم وبعد زواجهم، وكذلك فإنى حرصت أن أبدو أمام زوجى عروسة دائمًا حتى إن زوجى مازال يدعو لى بالعمر الطويل، وبأن يسبقنى هو إلى الموت.
ومن جميل طباع زوجى التى جعلتنى أقدره إلى جانب حبى له، أنه لم يقف بينى وبين أهله، رغم أنى أقمت معهم ست سنوات صعبة، تحملت فيها كثيرًا، فإنه كان يطيب خاطرى ويخفف عنى ويهون عليَّ.(53/22)
وكان يطعمنى أحلى طعام، ولم يكن يأكل طعامًا خارج البيت، إلا ويأتى لى بمثله؛ لذلك فأنا الآن أرد له الجميل فى مرضه ولا آكل إلا معه، وأخدمه بحب فى كبره كما عاملنى بحب وأنا شابة.
الصدق والصراحة
ـ الحاجة أم ياسر أكثر من ثلاثين سنة زواجًا تقول: الصدق والصراحة أهم أسس بناء الأسرة السعيدة من أول يوم فى الزواج، والتوفيق أولاً وأخيرًا من الله تعالى، فأنا أم لولدين وثلاث بنات، أعيش أحلى أيام العمر مع زوجى الحبيب، فهو واسع الأفق، يتفهم، يستوعبنى فى كل حالاتى، مما يسهل عليَّ مصارحته بكل مشكلة فى بدايتها فيساعدنى فى حلها قبل أن تتفاقم، كما أن وجود الأولاد يخلق فرصًا أكبر للاستقرار الأسرى والتضحية، والتنازل من أجل سعادتهم ولو على حساب احتياجات الأب والأم، فالشعور بالمسئولية يولد حرصًا لدى الطرفين على نجاح الزواج، واستمرار العشرة.
وأتصور أن نجاح زواجى من بدايته كان بفضل الله، ثم بنصائح والدتى وتوجيهاتها لى بطاعة زوجى والحرص على بيتى لأنه أصبح مملكتى، وأننى أصبحت ضيفة على أهلى ووالديَّ، وكذلك بحسن صلتى بأهل زوجى، وبرى بهم فهما مفتاح قلب زوجى، وهذه النصائح أوجهها أنا بدورى لأبنائى وبناتى حتى تستمر المودة والرحمة والسكن والعشرة الطيبة بين الزوجين.
النجاح هدف
أما السيدة راوية متولى محمود متزوجة منذ 24 عامًا فتقول: منذ بداية زواجى وضعت نصب عينيّ هدفًا ساميًا، وهو إنجاح هذه الأسرة التى أصبحت مسئولة عنها؛ لذا فإنى لا أطيق المبيت بعيدًا عن زوجى أو بيتى، ثم جاء الأولاد برباط متين عمق علاقتى بزوجى وزاد حبى له؛ لأنه كان سببًا بعد الله تعالى فى إشباع غريزة الأمومة عندى، فضلاً عن أن عقل زوجى الكبير وسعة أفقه جعلاه مرجعًا لى فى كل أمورى، مما يشعرنى بالأمان والطمأنينة حينما ألجأ إليه وألوذ بعقله فى كل صغيرة وكبيرة.
ست البيت
مفرح عباس - مدرس - 39 سنة زواجًا: زوجتى هى سيدة البيت، فهى مازالت أنيستى وحبيبتى، إنها أم أولادى، وسكنى بعد زواج الأولاد، ففيها كل سمات الزوجة الصالحة والحبيبة الرقيقة، لا أذكر يومًا أنها أغضبتنى، أو طلبت منى ماهو فوق طاقتى، كما أنها تعمل ولها دخل خاص تضعه كله فى البيت، وفى تلبية طلبات الأولاد دون أن تجرحنى أو تشعرنى أنها تساعدنى.
والأهم من ذلك كله أنها دائمًا جسر التواصل بينى وبين أهلى، فهى دائمًا تحثنى على بر إخوتى وزيارتهم برغم أنهم فى محافظة أخرى، ولذلك أنا أقدر لها هذا الصنيع، وأرده إليها بالترحيب بأهلها فى كل وقت، ومساعدتها فى رعاية والدها المريض بسماحة ورضا.
وهى كذلك امرأة فاضلة، دائمة الذكر لله وقراءة القرآن، وتحسن معاملة الجيران، إنها كلمة السر فى سعادتى فى هذه الدنيا.(53/23)
ليس تنازلاً مهينًا
أم عبد الرحمن 12 سنة زواجًا: عندما اخترت زوجى توسمت فيه حسن الخلق، وطيبة القلب، والالتزام الدينى، وكان بالفعل كذلك طوال فترة زواجنا، فهو يتقى الله فيَّ، ويسارع باسترضائى إذا أغضبنى، ويكفى أنه آوانى وأصبح لى سكنًا وملجأ بعد الله تعالى.
لذا فأنا أسعى الآن إلى إرضائه، حتى وإن كان هو المخطئ بعكس بداية الزواج؛ إذ تغيرت المفاهيم، وبالعشرة واستمرار الحياة اقتنعت أن مبادرة الزوجة بإرضاء زوجها ليس تنازلاً يقلل قدرها أو يهين كرامتها، بل يزيدها قربًا من الله ويبارك لها فى كل شئون حياتها.
أما محمد عبد الحميد - موظف فيقول: تعرفت على زوجتى عندما كانت تعمل قريبًا من محل عملى، وكنت أراقبها عن بعد لأتأكد من أخلاقها قبل الارتباط، وهى بعد سنوات من زواجنا والحمد لله عند ظنى بها، فهى إنسانة فطرية وربة بيت منظمة ونظيفة ومهتمة بنفسها وبزينتها داخل البيت، رغم أن تعليمها محدود، لكن التعليم ليس كل شيء، فصفات الإنسان الطيبة تجعله محبوبًا ومتفوقًا على المتعلمين، ومما زاد حبى لها مع مرور الوقت جودها وكرمها، وحسن صلتها بأهلى جميعًا، حتى إن أمى كانت تعاتبنى من أجلها، وتوصينى بها دائمًا؛ لذلك فأنا أنفذ وصية أمى حتى بعد موتها، وما زلت أحب زوجتى وأم أولادى لحب أمى لها.
عامليه بمثل ما تحبين أن يعاملك
د. ج. محرم - طبيبة - 15 سنة زواجًا - تقول: إنها لم تفكر من قبل فى الوقوف أمام هذا السؤال، كيف يستمر الحب بعد الزواج؟ وإذا كان القول بأن وجود القبول قبل الزواج عامل مهم فى استمرار الحب بعد الزواج قد يحبط بعض الزوجات اللاتى لم يمررن بتجربة الزواج بعد حب، فإن هناك عدة ملامح يمكن أن تولد الحب، وتعمق بين الزوجين حتى مع مرور سنوات وسنوات على الزواج أهمها:
- أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، فأنا أعامل زوجى بمثل ما أحب أن يعاملنى، وهذه القاعدة تجعلنى أعدِّل كثيرًا من مواقفى معه، وعندما أستحضر الإخلاص والدفع بالتى هى أحسن، تمر المشاكل بسهولة ولا يهم من المخطئ، ومن يبدأ بالصلح.
- أن أعتبر أن نجاحى فى حياتى الزوجية، وخاصة مع صعوبة طباع زوجى، واختلافه عنى، نوعًا من التحدى ومعيارًا لنجاحى فى المعاملات الاجتماعية مع الآخرين، والقدرة على ضبط نفسى، والتحكم فى مشاعرى وانفعالاتى، وأنا أتصور أن التنازل عن الرأى أحيانًا قد يكون عنصر نجاح فى إدارة الخلافات وتجاوزها، المهم أن أعرف متى أتنازل؟ وإلى أى درجة يكون هذا التنازل، وأن تكون عندى القدرة على توصيل مشاعرى لزوجى، واحترامه ومكانته عندى وإلا فهناك خلل فى شخصيتى أنا وليس فى زوجى.
- من المهم مراعاة الاستمرارية والنفس الطويل فى العطاء حتى وإن كان زوجى لا يبادلنى نفس العطاء، وهنا نعود لقاعدة الإخلاص والتجارة مع الله، وهذه مجاهدة تجيدها المرأة التى لديها إصرار على نجاح أسرتها وعلاقتها بزوجها.(53/24)
- النظر إلى سلبيات الزوج فى إطارها وحجمها الطبيعى، فأكره فيه هذه الصفة فقط، ولا أكره شخصه نفسه، وأحاول التكيف والتعامل الذكى مع هذه السلبيات إن لم أستطع دفعه إلى الإقلاع عنها؛ لأن الطباع لها بعد تربوى متجذر فى شخصية المرء من الصعب التخلى عنها.
شهر عسل دائم
وتتحدث د. ماجدة هزاع بعد عشرين سنة من الزواج عن علاقتها بزوجها د. عبد الفتاح إدريس وكأنهما مازالا فى شهر العسل، فتقول: مازال الحب ينبض بيننا كأننا عاشقان، وبرغم أن الحياة ليست كلها حبًا، وكلامًا حلوًا، فإن هناك مواقف صعبة يتم التغلب عليها بالمودة والرحمة، وحسن التفاهم.
ولقد تزوجت د. عبد ا لفتاح إديس خلال (40) أربعين يومًا بما فيها الخطبة والعقد والبناء، ومن يومها لم أغضب عند أهلى يومًا؛ لأننى أشعر أن قلب د. عبد الفتاح فى يدى وقلبى، وقلبى معه فلا أستغنى عنه أبدًا، وعندما يسافر أودعه بدموع عينى وقلبى، وبرغم مشاغلى الجامعية فأنا أقوم بكل واجباتى الزوجية بحب وحسن تبعل، وجاء الأولاد فزاد الحب وتوثقت رابطتنا خاصة أننا نعمل فى مجال واحد «أستاذ فقه فى جامعة الأزهر».
وأنا أتعامل مع زوجى بسماحة وبلا تعصب للرأى، أو تمسك بالموقف، وعندما تحدث مشكلة لا نسمح لها أن تتمكن منا بل نناقشها بالحب والتراحم والمعاملة بالحسنى، انطلاقًا من القاعدة النبوية «تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، «وخيرهما من يبدأ بالسلام»، هذا فى عموم علاقة المسلمين فما بال الزوج إذا عفا وغفر لزوجته وكذلك الزوجة.
ومن تجربتى أنصح كل فتاة مقبلة على الزواج أن تعالج مشاكلها مع زوجها داخل بيتها، فإذا تفاقمت المشكلة واستعصت على الحل فلا مانع من استشارة العقلاء، وذوى الخبرة والتجربة «فلا خاب من استشار»، فالميثاق الغليظ الذى يربط بين الزوجين يستأهل الحفاظ عليه، بما يرتبه من حقوق للزوجين والأبناء وعشرة بالمعروف تولد الحب وتوثق عراه.
بدأنا اثنين وسنعود اثنين
وتعطى الأستاذة فتحية على - 23 سنة زواجًا - معنى جديدًا للحب بعد الزواج فتقول: لقد تحول حب المشاعر والعواطف الجياشة فى السنوات الأولى من الزواج إلى ذوبان كلينا فى الآخر، فأنا الآن أبحث عما يرضيه ويسعده، وأوثر أولوياته على أولوياتى، فبالإيثار يحلو طعم الحياة، وتصبح أكثر يسرًا، وعندما جاء الأولاد أصبحت العلاقة أكثر توطيدًا وقوة، فتعددت أهدافنا وتشعبت اهتماماتنا وقربتنا دوامة الحياة، ومتاعبها وتبعاتها، وزادت مساحة التفاهم، ووحدة الهدف بيننا حتى إننى أستشعر لذة وطعمًا جميلاً للمشكلات فى ظل وجود الحب؛ لأن الحب يقدم حلولاً سريعة لهذه المشكلات.
ويكفى أننى لا أتخيل وجودى بعيدًا عن بيتى وزوجى وأولادى، بل أشعر بالغربة والوحدة بعيدًا عنهم، والحمد لله فأنا وزوجى متفقان على أننا بدأنا اثنين وسنعود اثنين بعد زواج أبنائنا لنبدأ رحلة حب وحياة جديدة.(53/25)
حب وعبادة
أما الداعية الإسلامى الشيخ مسعد أنور فيرى أن الحب بعد الزواج يستمر ويزداد إذا قامت الحياة الزوجية من البداية على الدين، وعامل الزوجان بعضهما على قاعدة الدين، وإذا كانت الزوجات وكذلك الأزواج يشتكون من تغير معاملة أزواجهم أو زوجاتهم بعد أعوام من الزواج، وأن الحب لم يعد موجودًا بعد أن حل محله الجفاء والروتين الممل، فهل فتش كل منا فى نفسه؟ وهل فتشت كل منكن فى نفسها لتعرف كيف تكسب قلب وحب زوجها بعد الزواج؟ ويهمس فى أذن كل زوجة بأنها هى مفتاح سعادة بيتها، وحب زوجها، إذا راعت فى علاقتها بزوجها:
- الإخلاص بحيث تتحول كل معاملاتها مع زوجها حتى زينتها له إلى عبادة تؤجر عليها.
- الاستعانة بالله تعالى بأن يثبت قلبيهما ويؤلف بينهما.
- وحسن الاستقبال وطلاقة الوجه والكلمة الطيبة والاعتدال فى مطالب الحياة، وحفظ سره، ونشر حسناته، وستر سيئاته، واحترام مشاعره وتقدير غيرته.
ـــــــــــــــــ
مجمع الفقه الإسلامي واختلافات الزوج والزوجة الموظفة
أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي (دولة الإمارات العربية المتحدة) ــ من 9 إلى 14 أبريل الحالي ــ قرارا وفتوى عن اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، وعن انفصال الذمة المالية بين الزوجين ، جاء فيه :
أولاً : انفصال الذمة المالية بين الزوجين
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع مما تكسبه من عملها، ولها ثروتها الخاصة، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها.
ثانيا: النفقة الزوجية:
تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف، وبحسب سعة الزوج، وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعا، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز.
ثالثا: عمل الزوجة خارج البيت:
(1) من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعا، بشرط الالتزام بالأحكام الدينية والآداب الشرعية ومراعاة مسؤوليتها الأساسية.
(2) إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعا، وفق الضوابط الشرعية، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المسقط للنفقة.
رابعا : مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة:(53/26)
(1) لا يجب على الزوجة شرعا المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء، ولا يجوز إلزامها بذلك.
(2) تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعا لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين.
( 3) يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة.
(4) إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات.
خامسا: اشتراط العمل:
(1) يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به، ويكون الإشتراط عند العقد صراحة.
(2) يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد.
(3) لا يجوز شرعا ربط الإذن (أو الاشتراط) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءا من راتبها وكسبها.
(4) ليس للزوج أن يجبر الزوجة على العمل خارج البيت.
سادسا: اشتراك الزوجة في التملك :
إذا أسهمت الزوجة فعليا من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به.
سابعا: إساءة استعمال الحق في مجال العمل:
(1) للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين، وهي محددة شرعا وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم، والخروج عليها يعد محرم شرعا.
(2) لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار أو ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة.
(3) ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه.
توصيات:
• يوصي المجمع بإجراء دراسات اجتماعية واقتصادية وطبية لآثار عمل الزوجة خارج البيت على الأسرة وعلى الزوجة نفسها لما لهذه الدراسات من أثر في تجلية حقائق الموضوع، وتكون عينات الدراسة من مجتمعات مختلفة.
• يؤكد المجمع على وجوب غرس مفهوم التكامل بين الزوجين وحرص الإسلام على أن تكون العلاقة بينهما قائمة على المودة والرحمة.
• يوصي المجمع بعقد ندوة متخصصة تتناول شؤون المرأة المسلمة بعامة، ودورها في تنمية المجتمع الإسلامي بخاصة، بما يواكب مسيرة التطور الحضاري، وفق(53/27)
المعايير الشرعية، ليصار إلى اعتماد قرارات المجمع وتوصياته، لدى جميع الحكومات والهيئات الإسلامية أمام المؤتمرات الدولية بشأن المرأة والسكان
ـــــــــــــــــ
زوجكِ لا يشاركك المسئولية .. فهل أنتِ السبب؟
هل فكرت يومًا في أن تجبري زوجك على ممارسة أبوته، وأداء واجبه تجاه أولاده؟ هل عانيت من إهماله لهم؟ هل جربت أيضًا أن تشركيه معك في تحمل المسئولية وجعلتيه أول من يعلم؟
الأستاذة حنان زين - مديرة مركز السعادة للاستشارات الزوجية - تساعدك لكي تجعلي من زوجك ربًا لأسرته وأبًا مثاليًا.
وإليك بعض الأساليب البسيطة التي يمكنك بها أن تحببي زوجك في القيام بدوره الأبوي، وتشجيعه على الاستمرار فيه، ومنها:
- الزوج أول من يعلم، التزمي بهذه المقولة ليكن على علم بكل ما يخص الطفل، وما يجرى في المنزل.
- كوني صبورة مع زوجك، فمسئولية الأبناء ليست بالأمر الهين، فلا تسخري منه إذا أخطأ، بل اجعلي الأمر يبدو كمزحة.
- اسألي نفسك وأجيبي بصراحة: هل تشعرين أن الطفل ابنكما معًا، أم أنك أكثر امتلاكًا له؟
- ربما يمارس الأب دوره بشكل مختلف حسبما يراه هو، فتقبلي طريقته الخاصة دون تذمر، ولا تنتقديه، ولا تظهري اهتمامك الشديد بالأبناء، فاهتمامك الشديد لا يعطى فرصة للزوج للتدخل.
- احرصي على تنمية حبك لزوجك، وأعطيه الفرصة للشعور بذلك، فلهذين الأمرين الأثر الكبير في تنمية دوره الأبوي.
- احرصي أيضًا على تنمية علاقة الأبناء بوالدهم، وهو كذلك عن طريق:
1 - استخدام الكلمات والتعبيرات التي تربى فيهم الاعتزاز والحب له، وتشعره هو بذلك مثل تقبيل يديه عند قدومه، وعند ذهابهم للنوم، استخدام كلمات مثل حضرتك، يا والدي الحبيب، وغيرهما.
2 - ممارسة بعض الألعاب مع زوجك وأولادك، واللهو سويًا يضفي جوًا من الألفة والمتعة المتبادلة.
3 - الخروج من المنزل لفترة بسيطة، وترك الطفل مع الأب وحدهما يكسب الأب الثقة في قدرته على تحمل مسؤولية تربية ولده.
- حاولي إشعاره دائمًا بأن ابنك هو ابنكما معًا، وذلك بإشراكه معك في بعض المسئوليات المتعلقة به مثل اختيار المدرسة المناسبة، أو دفع المصروفات الدراسية، أو المشاركة في بعض المواد الدراسية، أو الذهاب للطبيب، وإن لم تستطيعي لظروفه أو لرفضه الذهاب، فعلى الأقل تخبريه بكل ما حدث، وتسأليه عن رأيه.
- عند شعورك بالإرهاق والتعب من كثرة أعبائك كأم، فلا تعبري عن ذلك بأسلوب انفعالي عصبي حتى لا تستثيري عناد زوجك، ولكن اطلبي منه العون بكلمات رقيقة تشعره باحتياجك إليه.(53/28)
- الحديث بين الأب والأم عن تربية الطفل، ورسم خريطة تربوية يشارك فيها الطرفان يكون محيطًا عائليًا سعيدًا، وآمنًا للطفل، فاحرصي على هذا الأسلوب مع زوجك (أكثري من ذكر المواقف أو الأشياء الجميلة عن الأولاد وما فعلوه وما قالوه و...).
- عند دخوله المنزل لا تبادريه بمشاكل الطفل.
أولاً: حتى يكون على استعداد لمشاركتك الحديث والمناقشة.
ثانيًا: حتى لا تثيري عداوته لطفله، ولكن أمهليه حتى يستطيع مناقشة المشكلة، والبحث معك عن حل تربوي لها، ولا تبادري بذكرك للحل حتى يشعر بقيمة رأيه.
- حذار أن ينسيك اهتمامك بطفلك اهتمامك بوالده حتى لا تتحول علاقتهما إلى نوع من الغيرة.
- أظهري لزوجك دائمًا تقديرك لدوره العظيم، وامتنانك وشكرك له على كل ما يبذله لك ولأسرتك، وأعلني ذلك، وكرريه على أولادك ليفعلوا هم أيضًا ذلك.
- اتركي لزوجك فرصة ليقضى وقتًا خارج المنزل (خاصًا به) مع أصدقائه أو في ممارسة بعض هواياته، حتى يستطيع الاستمرار في أداء دوره بكفاءة.
وفى وسط ذلك كله:
لا تنسى أن تعيشي مع زوجك بعض الوقت بعيدًا عن شخصية الأب والأم، بل بشخصية الزوج والزوجة والحبيب والحبيبة، فهذه الأوقات تعين بالتأكيد على القيام بدوركما على أكمل وجه.
ـــــــــــــــــ
مراهق فوق الخمسين !
شاهدنا في الفترة الأخيرة كثيرًا من البرامج التي تتحدث عن «أزمة منتصف العمر للرجل»، وماذا يحدث فيها من تغيرات في شخصية الرجل؛ إذ قد تنقلب حياته رأسًا على عقب بسبب بعض التصرفات التي قد لا يعي أنها طائشة، ويبرر ذلك بأنه يريد أن يعيش حياته، ويستمتع بها، فقد يلجأ للزواج بأخرى من وراء ظهر زوجته الأولى، وقد يقوم بإجراء بعض التغيرات في شكله، محاولة منه ليبدو أصغر سنًا، ويوهم نفسه بأنه مازال مرغوبًا.
لماذا تحدث هذه التحولات ؟ وكيف تساعد المرأة زوجها على تجاوزها ؟ وهل هي تغير طبيعي مقبول أم تعبير عن أزمة حقيقية ؟
في التحقيق التالي محاولة للإجابة:
طقوس شبابية
يشير الدكتور فكرى عبد العزيز - استشاري الطب النفسي - إلى أن الشخصيات التي تمر بهذه المرحلة شخصيات غير ناضجة انفعاليًا ووجدانيًا، ولم تمر بمراحل النمو النفسي السوية المتوالية، بل كانت فاقدة للترابط الأسرى، ولا تتمتع بالقدرة على التعبير عن ذاتها منذ بداية (مرحلة المراهقة) ، ويمكن أن تحدث هذه التحولات نتيجة فرط حماية أو قسوة زائدة، وبالتالي يظهر التعويض في صورة جذب الانتباه من خلال ممارسة طقوس شبابية، وقد يلجأ الرجل إلى عمل علاقات، أو يتزوج من(53/29)
هى أصغر منه سنًا بمراحل كثيرة ، أو الحديث المفرط المبالغ فيه عن أنه ما زال مرغوبًا من الجميلات.
وعن دور الزوجة في هذه المرحلة يقول الدكتور فكرى إن عليها أن تكون متفهمة ومتواجدة وبجانب زوجها دائمًا ، وأن تبرر ما يقوم به، وتحسن من مظهرها وجوهرها، وعلاقتها بزوجها، حتى يعود إلى حياته السابقة، فالزوجة عليها عامل كبير في استيعاب تلك المرحلة التي مر بها بعض الرجال، وليس كل الرجال.
ويوضح الدكتور فكرى أنه على الرجل أن يعلم أن لكل مرحلة سنية سلوكها ومشاعرها اللائقة بها، وأن هذه المرحلة قد يصاحبها تذبذب، وتردد، ومحاولة لإثبات الذات، وعليه أن تكون لديه القدرة والدوافع الطيبة لاستكمال مسيرة الحياة مع شريكته، ويؤكد أن الإيمان هو أفضل سلاح لمواجهة تقلبات هذه المرحلة، فوجود الإيمان يعزز من قدرة الشخص على المرور بهذه المرحلة بسلام دون حدوث مشكلات أو منعطفات خطيرة في حياته الأسرية.
ويلفت د. فكرى - في ختام رأيه - نظر كل رجل يشعر بتقلبات وتحولات المراهقة الثانية، ولا يستطيع مقاومتها إلى استشعار مسئولياته كأب وقدوة لأبنائه الذين إن رأوا منه غير ذلك أو لمسوا ضعفه الإنساني قد يصابون هم أيضًا بتقلبات عاطفية أو بالاكتئاب والحزن نتيجة اهتزاز صورة المثل الأعلى عندهم.
استرخاء عاطفي
ويقول الدكتور سمير القاضي - طبيب ممارس عام - إنه في بداية الزواج يكون الزوج محور اهتمام زوجته، ثم تمر السنوات ويجد الزوج نفسه خارج دائرة الاهتمام؛ لأن الزوجة أصبحت مسئولة عن أعباء إضافية تفوق طاقتها، فيتراجع دور الرجل في قائمة أولويات زوجته.
وتحدث حالة استرخاء عاطفي بين الزوجين، فقد تهمل الزوجة زينتها، وتفقد أناقتها، وقد يكون هذا سببًا من أسباب هروب الزوج، أيضًا في هذه المرحلة قد يصاب الزوج ببعض الأمراض المزمنة مثل: السكر، والضغط، وأمراض البروستاتا، وقد يعانى من بعض الضغوط النفسية والعصبية والنفسية، مما يؤثر على كفاءته، وبدلاً من عرض نفسه على الطبيب فإنه يخطط للزواج بأخرى تأكيدًا أنه مازال بكامل الصحة والعافية.
ومن التقلبات التي تصيب بعض الرجال في هذه السن ارتداء الملابس الشبابية ذات الألوان الصارخة التي لا تناسبه، وقد يجد الزوج امرأة أخرى تحاول إغراءه، وتبدأ في نسج خيوطها حوله حتى يقع في شباكها، ويعتقد الزوج أن المرأة الأخرى تمثل له طوق النجاة ؛ لأنها يمكن أن تعيد إليه شبابه ، وتحل عقدته إذا ارتبط بها، والزوج في هذه الحالة يتغاضى تمامًا عن جميع الفروق في السن والمستوى الاجتماعي والثقافي بينه وبين المرأة الأخرى.
ويشير الدكتور سمير إلى أن هذا يفسر لنا سر تورط كثير من الأزواج في علاقات طائشة رغم أنهم متزوجون ، مما يتسبب في تدمير حياتهم الزوجية، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: زواج طبيب متزوج من ممرضته رغم فارق السن بينهما، ارتباط(53/30)
مدير متزوج بسكرتيرته، زواج أستاذ جامعى بإحدى طالباته، تورط زوج بالارتباط بالخادمة.
ويوضح أنه في معظم الحالات يفاجأ الزوج بفشله أيضًا مع الزوجة الثانية، ولكنه لا يعترف بالواقع، وتتكرر المأساة عندما يتهور الزوج، ويفكر في الزواج مرة أخرى.
وهنا يجب على الزوجة انتشال زوجها، وإشعاره بالاهتمام والاحتواء حتى لا يواصل الانزلاق فيما لا تحمد عقباه.
صورة مشوهة
وحول دور الإعلام في ترويج صورة المسن المراهق، وإظهار هذا الأمر على أنه شيء متوقع وطبيعي، ومن لوازم هذه الفترة يقول د. عرفة - أستاذ الإذاعة بجامعة الأزهر:
إن الإعلام يستخدم أسلوبًا غير علمي في معالجة الظواهر الاجتماعية، فهو يبالغ في عرض هذه الظواهر، فيأتي الأمر بنتيجة عكسية، كما في حالة الإدمان مثلاً، والذي تعلم بعض الشباب أساليبه من خلال الأفلام والمسلسلات، وكانت حجة القائمين على الجهاز الإعلامي أن المشاهد يرى نهاية البطل، فيتجنب ما أوصله لهذه النهاية، وقد أثبت عدد من الدراسات أن التليفزيون ساهم في انتشار الجريمة، ويسهم في انتشار الأشياء التي يدعى أنه يحاربها.
ومن منطلق هذه الارتجالية يروج الإعلام لما يسمى بمراهقة الرجال بعد الخمسين «أزمة منتصف العمر» وهى المراهقة التي لم نسمع عنها من قبل لولا الإعلام، فقد كنا شبابًا وكان لنا أعمام وآباء مروا بهذه المرحلة، ولم نجد من مر بهذه المرحلة منهم فتصابى، أو تزوج بأخرى دون مبرر مقبول.
ويشير د. عرفة إلى الصورة التي تظهرها المسلسلات والأفلام للأثرياء الذين كسبوا بسهولة في عصر الانفتاح، وكونوا ثروات استخدموها في الإيقاع بالجميلات، والزواج منهن، فنرى البطل في المسلسلات له في كل بلد يزورها زوجة، أو له علاقة ما مع أى فتاة.
وهذا الطرح مبالغ فيه؛ حيث يفترض في الإنسان أن يستغل هذه المرحلة في العطاء، ومراجعة النفس، والإنتاج، وتربية الأولاد لا مطاردة النساء، ومحاولة إعادة الزمن إلى الوراء.
فيشير الدكتور عرفة أنه على التليفزيون أن يعرض القضايا طبقًا لما لها من وزن واعتبار في المجتمع، ولا يختلق قضايا غير موجودة بالفعل؛ إذ إنه أيضًا كثرة تكرار عرض قضية معينة قد يحولها إلى ظاهرة، ويقنع المشاهدين بأن هذا ما يجب أن يحدث، وأن كل رجل في هذه المرحلة لابد له من مراهقة جديدة.
وأخيرًا يطالب الدكتور عرفة الإعلام بأن يعرض نماذج رجال الأعمال الشرفاء الذين كونوا ثرواتهم من الحلال، وينفقون أموالهم في أشياء تفيد مجتمعهم، وينشغلون بأشياء مفيدة، ويطالب أيضًا القائمين على هذا الجهاز الخطير بألا يشغلوا المجتمع بقضايا لا وزن لها.
ـــــــــــــــــ
فلسفة الزواج السعيد(53/31)
الزواج كيان أسرى محكوم «بفلسفة» معينة، وكلما كانت هذه الفلسفة مستندة إلى مرجعية ثابتة حكيمة كانت السعادة من نصيب الزوجين، وكان الاستقرار والصلاح من نصيب المجتمع.
ويتفرد الإسلام بامتلاكه فلسفة معجزة للزواج تجمع بين الواقعية والسمو.. ولا تتصادم مع الفطرة البشرية.
حول هذه الفلسفة يتحدث د. أبو اليزيد زيد العجمى - أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة - فيقول:
إن الإسلام رغب فى الزواج لبناء الأسرة المسلمة بناء صحيحا قائما على رعاية الحقوق والواجبات، فنظرة الإسلام للزواج نظرة خاصة تقوم على رؤية فلسفية للكون والحياة.
ذلك أن الإسلام دين جماعة وليس دين أفراد، وهذا بنص القرآن الكريم حين تحدث عن الأمة الوسط، واعتبر أن نواة هذه الجماعة أو الطائفة أو الأمة هى رجل وامرأة، وهذه طبائع الأشياء ؛ لأن الله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى، وخلق التزاوج بين كل زوجين حتى على مستوى النبات والحيوان، ولكن فقط كان الزواج أو التزاوج بالنسبة للإنسان أمرًا مميزًا ، لأنه يحقق فلسفة وجود الأمة التى تحمل الدين الخاتم.
والزواج بين الرجل والمرأة يبنى كيانًا معينًا، هذا الكيان عليه أن يحمل عبء الدين الخاتم الذى استوعب كل الأديان ، وأضاف إليها مقتضى الخاتمية ومقتضى العالمية ، والأسرة هى النواة التى تحقق لهذا الدين حماية وانتشارًا ووجودًا واستمرارًا ، ومن هنا كان اهتمام الإسلام بقضية الزواج والرجل والمرأة، وفى كل المجتمعات ينظر إلى الإعراض عن الزواج من جانب بعض الأفراد على أنه شكل من أشكال عدم السواء السيسيولوجى وهذا حقيقى ، بل إنه من الناحية العقلية والدينية مرفوض ؛ لأنه تعطيل لرسالة الله التى خُلق الإنسان من أجلها.
من أنفسكم
وقد أعلى الإسلام من علاقة الرجل بالمرأة، فحينما عبر عن العلاقة بينهما استخدم تعبيرًا لا يقف الناس أمامه كثيرًا فى معظم الأحيان وهو كلمة «من أنفسكم» فى قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} نحن نقف دائمًا عند المودة والرحمة كثمرة ومحصلة للزواج، ولكن ماذا عن أنفسكم ؟
إن الله خلق حواء من ضلع آدم ، ومقتضى ذلك أن تكون المرأة بعض الرجل، وأن يكون الرجل الكل الذى انبثقت منه المرأة ، فهذا هو ما يُولد المودة والرحمة ؛ لأن الكل ينبغي أن يعطف على الجزء وأن يحتويه ، والجزء ينبغى أن يطيع الكل، فالمنطق أن اليد تطيع الجسد، والمخ يصدر أوامره فيعمل الجسم كله، وعليه فينبغى أن يكون فى وعى الرجل والمرأة عند التعامل فى نطاق العلاقة الزوجية جزئية «عدم الاستغناء» فلا يستطيع أحدهما الاستغناء عن الآخر ، حتى لو اتخذ قرارًا بالاستغناء فإنه يكون قد اتخذ قرارًا يعذب به نفسه، ويضاد به فطرته، ويخالف به دينه.(53/32)
الجزئية الثانية فى الحياة الزوجية والتى قررها القرآن أيضًا فى قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} وقد أسماها بعض العلماء بأنها «كالاتفاق الصامت»، ومعناها أن كل طرف فى الحياة الزوجية يترك أو يتنازل عن جزء من حقه لكى نلتقى فى نقطة سواء؛ لأن الإصرار على الحقوق كاملة لن تحقق العشرة بالمعروف، وإنما التقدير المتبادل، ومراعاة كل طرف لظروف الطرف الآخر.
ويثير البعض مسألة القوامة فى الأسرة على أنها ظلم وقهر للمرأة وسلطة تحكمية فى يد الرجل يفعل بها ما يشاء ، وفى هذا مغالطة شديدة لمبدأ العشرة بالمعروف، فمسألة القوامة تعرضت لمغالطات شديدة، فالقوامة ليست سوى صلاحية من الصلاحيات يأخذها المدير، وليس من العدل أن تطالب إنسانًا بإدارة مؤسسة ثم تغل يده وتقول له «كن مديرًا ولكن لا تعاقب فلانًا ولا تفعل كذا..» فلأن الله حمَّل الرجل مسئولية البيت ، وجعل له هذه الصلاحية، وهو فى الوقت نفسه لم يحرم المرأة من وجودها، بل أوصى الرجل بها خيرًا، فقد قال الله تعالى: {ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف}، {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}، وقال (صلى الله عليه وسلم): «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره فيها خلقًا رضى منها آخر»، فصلاحيات الإدارة هنا تتضح معناها فى أنه ليس معنى القوامة أن الرجل أفضل من المرأة، أو أن المرأة أقل من الرجل، ولكن شاء الله سبحانه أن يخلق الرجل رجلاً، والمرأة امرأة لكى يعمر الكون، وهذا الفهم الصحيح سيلزم الرجل بأن يفرق فى معاملة زوجه بين التقاليد الموروثة وبين الدين الصحيح، فمثلاً إذا قالت المرأة رأيًا وكان فيه الصواب، وتملك معه من الحجج ما يؤيده كان على الرجل أن يقف موقف عمر ويقول: «أصابت امرأة وأخطأ عمر».
فلسفة الأسرة السعيدة
وعن السعادة الزوجية فى ظل القواعد التى وضعها الإسلام لبناء الأسرة أكد الدكتور أبو اليزيد العجمى أن الأسرة السعيدة لا نقصد بها أسرة بدون مشكلات، لأنها فى الحقيقة أسرة ليس لها وجود، فالزوجان ليسا ملكين وإنما بشران لهما نوازع تتلاقى أحيانًا ، وتتضارب أحيانًا أخرى، والشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم.
ولكننا نقصد بالأسرة السعيدة، الأسرة التى تملك فلسفة لحل المشكلات، وتتم هذه الفلسفة بتحديد المرجعية، فعندما يعلن الزوجان عن بدء حياتهما أن اختيار كل منهما للآخر كان وفق مقياس إسلامى، وأن رسالتهما فى الحياة تتفق ومنهج الله، فلابد أن تكون مرجعيتهما عند حل المشكلات تتوافق وما سبق ، أى متفقة وشرع الله ، ولكن هناك نقطة مهمة فى هذا الصدد وهى مدى الالتزام بذلك، فهناك فارق جوهرى بين المرأة المسلمة قديمًا، والمرأة المسلمة الآن، فالمسلمة قديمًا كانت لا تعلم فإذا علمت التزمت، أما المسلمة الآن فهى قد تعلم ، وإذا علمت جادلت.
وجزء كبير من مشكلاتنا يكون بسبب عدم تحديد المرجعية مما يعرضنا للوقوع فى أغلاط المفاهيم ، فنخلط التقاليد بالإسلام ونجعل من الإسلام اجتهادًا ، فيفهم الرجل أن الرجولة «قهر» وتفهم المرأة أن الأنوثة «لعب على عقل الرجل ومكر به» ولذا(53/33)
نفقد روح التناصح فلا نجد امرأة كالمرأة العربية القديمة التى كانت تنصح ابنتها «كونى له أمة يكن لك عبدًا».
والنقطة الثانية لتحقيق السعادة الزوجية بعد تحديد المرجعية هى تحديد الهدف فى الحياة الزوجية، فتحديد الهدف يجعلنا نعلو فوق المشكلات، مما يخفف من غلوائها، فنحافظ على سعادة الأسرة، لأن الكل يعمل لأجل تحقيق هدف متفق عليه سلفًا.
لذا فأحد أسباب سعادة الأسرة أن يكون هدفها البعيد واضحًا، وأن تفكر ليل نهار فى وسائل تحقيقه، ومن الممكن أن نختلف - والخلاف فى الإسلام أمر واقع - ولكن ينبغى أن يكون شعارنا: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».
السعادة فى الواقعية
والنقطة الثالثة لتحقيق السعادة هى واقعية الأسرة، بمعنى قبول الخطأ، فكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
فعندما يطلب الرجل من زوجته تضحية، إذا بها تراها أحيانًا إجحافًا، ولكن بدلاً من أن يكون المحك هو العقاب واللوم الشديد ينبغى أن يصبح التسامح والتغافر هما عنوان الأسرة، ولو نظرنا إلى تاريخنا الإسلامى نجد السيدة عائشة كانت تتدلل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولكن الرسول كان إنسانًا وزوجًا واقعيًا مدركًا للمرحلة العمرية التى كانت فيها عائشة ، وهى فى ذلك تختلف عن أم سلمة المرأة الثيب التى تزوجت من قبل وكبر سنها، فهو يعامل كلاً بما يناسبه
ـــــــــــــــــ
هكذا يصبح عدم الانسجام ثالث الزوجين!
فى دنيا الزواج يصارع الواقع الأحلام الوردية، وتزاحم المسئوليات مشاعر البداية الرومانسية، وتدريجيًا، تتقلص مساحات الدفء، وتتسلل البرودة إلى البيت المشترك الذى كان سعيدًا، ويتربع عدم الانسجام على عرش الحياة الزوجية.
لماذا يحدث هذا التحول وكيف يسود التفاهم والانسجام أقدس العلاقات ؟
اقتربت من أطراف القضية مباشرة ، وسألتهم وأجابوا .
فاتن منير عطية - ربة بيت - ولديها طفلان: في فترة ما قبل الزواج يرى المرء أجمل الأشياء والصفات في الطرف الآخر، وفجأة يهرب الانسجام تدريجيًا بين الزوجين لأسباب عديدة منها أن الإثنين أصبحا جسدًا واحدًا وروحًا واحدة، فلا يحتاج كل طرف لإظهار مشاعره تجاه الطرف الآخر، مع أن الكلمات الرقيقة اليى تخاطب الوجدان لها تأثير السحر على المرأة ، خاصة إذا كانت حياتها خاوية من الهواية أو الاهتمامات، وأهم عنصر يعمل على هروب الانسجام الروتين اليومي؛ يصبح الزوج كالآلة يقضى معظم ساعات يومه في العمل من أجل الأسرة، فينسى الهدف الأساسي الذي يعمل ويكد من أجله وهو الأسرة وواجباته المعنوية نحوها، والزوجة أيضًا تنسى الاهتمام بمظهرها من أجل شريكها فيضيع الانسجام ويحل محله الروتين الممل بسبب عدم اهتمامها بمظهرها، كما كانت تهتم من قبل الزواج.
غياب الصدق(53/34)
ويدعو المحاسب مصطفى إبراهيم صوفي إلى أن يكون الإنسان على طبيعته لا يتجمل ولا يكذب قبل الزواج وبعد الزواج تسقط الأقنعة، ويظهر كل واحد للآخر بالصورة الحقيقية، ويكون هذا سببًا من أسباب هروب الانسجام بينهما.
نجاح مصطفى حسنين - سائق: يهرب الانسجام بين الزوجين بسبب غياب الصدق بين الطرفين، وغياب الكلمة الحلوة التي تضفي جواً من السعادة، بالإضافة إلى الروتين القاتل للحب والسعادة الزوجية، ولكي نحافظ على الانسجام لابد من اهتمام الزوجة بمظهرها وبطريقة حديثها، واختيار الكلام المناسب في الوقت المناسب حتى لا يمل الزوج من حياته معها، ولابد أن يكون الزوج هو الصديق والحبيب ؛ لأن الزوجة في حاجة إلى من ترمى بهمومها وأعبائها ومشاكلها بين يديه، ولابد من معالجة كل المشاكل الزوجية بالعقل، وبمنتهى الهدوء وعدم إشراك أي طرف آخر في حلها، ويجب أن يشعر كل طرف أنه في أمس الحاجة لشريك حياته وأن الحياة لن تستقيم بدونه، وأن قيمته تكتمل معه وبه، وأن يُشعر كل طرف الآخر أن سعادته في وجوده وليس في غيابه؛ لأن كل منهما من الآخر وله.
محمد محيى الدين لولى - مدرس اللغة العربية - : يهرب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج بسبب عدم تفهم الحياة الزوجية من قبل الطرفين، ولكي نحافظ على هذا الانسجام يجب عدم إلقاء أحدهما بالمسئولية كلها على الطرف الآخر، فكل طرف مسئول بذات القدر عن تأمين الحياة الزوجية والحفاظ عليها، ويجب ألا يتعالى أحدهما على الآخر، فبعض الأزواج يفخر و يتعالى على زوجته؛ لأنه يوفر كل الاحتياجات المادية، في حين نجد الزوجة تمن بأنه بفضلها ويفضل تعبها وكدها يستقر البيت دون ذكر لأي دور يقوم به الزوج فلا يجب أن تعقد المقارنات بين الزوجين، ويجب أن يعترف كل طرف بفضل الآخر عليه وعلى بيته وعلى حياته.
أشرف عبد القادر على - مدرس إنجليزي : المسؤول عن هروب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج الزوجة والزوج فكل طرف منهما مسؤول تجاه الآخر؛ لأنه لابد من تلاشى الروتين في حياتهما ومحاولة التجديد دائمًا ، فمثلاً لابد من احترام يوم الإجازة الأسبوعية واستغلالها استغلالاً جيدًا ، وأيضًا محاولة الحفاظ على أسلوب الحوار بين الطرفين وسماع كل طرف باهتمام وصراحة تامة مع مناقشة جميع المشاكل الزوجية بمنتهى الحكمة ومحاولة معالجتها بهدوء ، أما المسؤولية الكبرى للحفاظ على الانسجام فهي على الزوجة ؛ لأنها التي تقوم باستقبال الزوج بعد رجوعه من العمل المفروض أن يجد في بيته كل راحة وبشاشة.
هموم المعيشة
ويقول المتخصصون فى شئون الحياة الزوجية : إن الزوجين كثيرًا ما ينسيان أو تأخذهما هموم المعيشة فيهملان التعامل، والتحدث مع بعضهما وقد علق أحد أساتذة علم النفس بأن الخطيبين يحلمان بتكوين البيت وشكل ترتيبات الفرح وملابس العروسين ورحلة شهر العسل ، وما يتبع هذه الفترة من نزهات ومباركة الأهل والأصدقاء، ثم تقف الأحلام عند هذا الحد ، وحينئذ يجد الزوجان الشابان أنهما لا يعرفان كيف يتعاملان مع بعضهما في حياتهما اليومية الروتينية، ثم يصفان بعد ذلك(53/35)
الحياة الزوجية بأنها مملة وروتينية وكل واحد منهما في واد مكتفٍ بدوره الذي حدده لنفسه.
ويرى الداعية إبراهيم المرسى السيد : أن على الزوجين أن يتأملا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1)
وأن يبتعدا عن التشاؤم ويتقبلا الواقع بنفس راضية بالالتزام بأوامر الله تعالى الذي أمر بالحرص على حقوق العشرة وأن يخلعا رداء الكبر والتعنت ، ويرجعا إلى الله لحل الخلاف ويتفنن كل منهما في خلق جو من التراحم والتواد والألفة، والأهم من ذلك أن يتشاركا في تلاوة القرآن والأذكار لتطمئن القلوب.. ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )(الرعد: من الآية28)
ـــــــــــــــــ
أين تقف أيها الزوج في مجتمع الأخيار ؟
الرسول (صلي الله عليه وسلم) حدد معيارًا واضحًا للخيرية ، ومقياسًا عمليًا يعرض عليه الزوج نفسه ويقيمها .
كلمات الحب والمشاركة فى الأعباء ووضع الزوجة على رأس قائمة الأولويات مظاهر للخيرية فى رأى الزوجات ، كان النبى (صلى الله عليه وسلم) متعاونًا مع زوجاته المتفرغات فما بال رجالنا لا يتعاونون مع نسائهم العاملات ؟
هل تريد أن تكون الأفضل ؟ هل تريد أن تكون الأخْْيرَ ؟ لن تجيب إلا بنعم ، لكن كيف ستكون كذلك ؟ وأى الطرق ستسلك فى مسعاك للأفضلية والخيرية ؟ كى لا نختلف فى تقديرنا للأمر ، أو نختلف فى تحديد المعايير وجه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أنظار المؤمنين إلى ميزان التفاضل الذى يرضاه الله ورسوله فقال عليه الصلاة والسلام: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى»، وكان عليه الصلاة والسلام فى هذا المضمار، كما كان فى كل وجوه الخير، القدوة السامية والنموذج الراقى.
تقف الزوجات مواقف متباينة فى خيرية أزواجهن، لكن المطلب الذى يجتمعن عليه هو الكرم العاطفى، والمشاركة فى أمور الحياة، استطلعنا آراء زوجات كثيرات، وكانت محصلة آرائهن.
خيرية المشاركة
أم خالد: زوجى يرى أن الحب ليس كلمة تقال، لكنه الترجمة العملية لكل معانى الحب، والاهتمام والمسارعة فى تلبية احتياجاتى أنا والأبناء، والتخفيف عنى باعتبارى امرأة عاملة، كما أنه يقوم ببعض الأعمال المنزلية عندما أكون متعبة أو فى حالة وضع، وكلما شكرته أو أثنيت عليه قال لى: إن الإسلام ليس دين شعارات لكنه دين عملى.
فى الدنيا والآخرة
أم مريم : فى رأيى أن الخيِّر لأهله هو الذى يسعى لإسعاد أهله فى الدنيا والآخرة، ففى الدنيا يسعدهم بحبه ورعايته وطموحه لدفعهم إلى الأمام ماديًا ، واجتماعيًا،(53/36)
وعلميًا، وفى الآخرة بمتابعتهم فى الأخلاق والعبادات والمعاملات والسعى لتعليمهم الدين وتحفيظهم القرآن الكريم.
أفضلية وإنفاق
هدى على : يرتبط مفهوم خيرية الزوج بالقوامة، فكلما كان قوامًا بحق زاد اقترابه من دائرة الخيرية التى يقصدها عليه الصلاة والسلام فى حديثه.
فالزوج الخير هو الذى يوظف ما منحه الله من طاقات فى إسعاد أسرته، وتحمل المسؤوليات التى يثقل على الزوجة وحدها تحملها مثل: التعاون فى التسوق، متابعة الأبناء دراسيًا، القيام بالواجبات الاجتماعية تجاه أسرتى الزوجين، وبإيجاز شديد فإن الزوج الذى تشعر زوجته بأنها عاجزة عن الاستعانة به فى المهمات الثقيلة ؛ لأنه خذلها أكثر من مرة أو لأنه يستسهل إلقاء العبء عليها هو رجل يغامر برصيده عندها الذى يقل ويتراجع.
إسعاد الأهل
آمال عبد السلام: أرى أن الزوج الخيِّر هو الذي لا يدخر وسعًا فى سبيل إسعاد أهله، ولا يبخل بأى شيء يستطيع تقديمه سواء ماديًا أو معنويًا وحتى وقته لتتوازن الحياة وتتحقق السعادة فى الدنيا والآخرة.
أهم أولوياته
أمينة عثمان : أعتقد أن اختصاص الخيرية للأهل لأن الإنسان لا ينتظر من الأهل شكرهم، ومن يقوم بالأعمال الخيرة للآخرين وينسى أهله فهو منافق، زوجى إنسان خير يهتم ببيته وأمه وإخوته، ويهتم بى لكنه أحيانًا يشعرنى أنى فى آخر القائمة ، لذا أتمنى أن يشعرنى بأننى أهم أولوياته، ولو لم تكن هذه هى الحقيقة، وأن يكون هناك مبرر عند رفضه طلباتى على أن يكون الرفض بمنطقية ولطف.
محمد عليه الصلاة والسلام أفضل الأزواج
هذه كانت صورًا مختصرة لنظرة الزوجات لملامح الزوج الخير، فكيف كان محمد (عليه الصلاة والسلام) أفضل الأزواج، كما كان خير البشر، يقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد - وكيل وزارة الأوقاف للمساجد وشؤون القرآن سابقًا - الإسلام دين رحمة وحب وتسامح ومعاملة باللطف والإحسان، وكان الرسول (عليه الصلاة والسلام ) هو النموذج البشرى الذى طبق هذه الأخلاقيات، وحوّلها إلى الواقع العملى، كان عليه الصلاة والسلام رحيمًا محسنًا رؤوفًا، وكانت فيه كل المعانى التى تؤصل العلاقة الطيبة بينه وبين جميع الناس ابتداءً بأهله عليه الصلاة والسلام، فالإنسان بلا أسرة لا يشعر بالانتماء إلى مجتمعه، لأنه يستمد القيم من قيم أسرته، وعندما يكبر الإنسان، ويبدأ فى بناء أسرة يقول له الإسلام قف واسمع لزوجتك شريكة حياتك، واعلم أنكما معًا تبنيان المستقبل، وتحلقان في المجد، إذا ركبتما موجة الحب والتفاهم، ومن هنا وضع الرسول عليه الصلاة والسلام المبدأ الكريم «خيركم خيركم لأهله» ذلك لأن الأسرة السليمة المتماسكة التى يغلفها الحب يعمّ ذلك كله على الوجود من حولها؛ لأن الرحمة تبدأ صغيرة فى قلب الإنسان، ثم تكبر لتسع الدنيا .(53/37)
وقد عقب رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) على جملته «خيركم خيركم لأهله» بقوله: « وأنا خيركم لأهلى» ليعلم كل من يبحث عن الخيرية أن ما عليه إلا أن يتبع خطى نبيه عليه الصلاة والسلام، وقد سئلت السيدة عائشة (رضى الله عنها): ماذا يصنع الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته؟ قالت: كان إذا دخل بيته بسّامًا ضحاكًا، يرفع هذا، ويحط ذاك، يقم بيته «يكنس»، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه ويخدم أهله ، وما قال لشيء «أف» قط. فلننظر إلى ما يفعله رسولنا الكريم فى بيته، وهو الإمام والقائد والمصلح، وحامل أعباء الأمة لكنه إذا ما دخل بيته ترك كل ذلك وراء ظهره، ودخل على أهله بسامًا ضحاكًا، فمن منا عنده من الأعباء ما يوازى أو يقارب ما كان عند رسولنا الكريم.
لذا أيها الزوج المسلم «إذا كان بيتك فى حاجة إلى عطف ورعاية وحنان، فابدأ به أولاً ولا تصنع الخير للناس وبيتك أحوج إليك، ولتلاحظ أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، كان على ذلك المستوى الراقى من التعامل الطيب مع أهله، والتعاون المطلق، وقد كانت زوجاته ملازمات للمنزل، فما بالك تهمل التعاون مع زوجتك، و قد تكون امرأة عاملة تشقى خارج المنزل لتقود معك سفينة الحياة فى هذه الظروف الصعبة، فكن لها نعم السند والمعين فى كل صغيرة وكبيرة، ولتتذكر دائمًا قوله عليه الصلاة والسلام: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله
ـــــــــــــــــ
أين تقف أيها الزوج في مجتمع الأخيار ؟
الرسول (صلي الله عليه وسلم) حدد معيارًا واضحًا للخيرية ، ومقياسًا عمليًا يعرض عليه الزوج نفسه ويقيمها .
كلمات الحب والمشاركة فى الأعباء ووضع الزوجة على رأس قائمة الأولويات مظاهر للخيرية فى رأى الزوجات ، كان النبى (صلى الله عليه وسلم) متعاونًا مع زوجاته المتفرغات فما بال رجالنا لا يتعاونون مع نسائهم العاملات ؟
هل تريد أن تكون الأفضل ؟ هل تريد أن تكون الأخْْيرَ ؟ لن تجيب إلا بنعم ، لكن كيف ستكون كذلك ؟ وأى الطرق ستسلك فى مسعاك للأفضلية والخيرية ؟ كى لا نختلف فى تقديرنا للأمر ، أو نختلف فى تحديد المعايير وجه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أنظار المؤمنين إلى ميزان التفاضل الذى يرضاه الله ورسوله فقال عليه الصلاة والسلام: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى»، وكان عليه الصلاة والسلام فى هذا المضمار، كما كان فى كل وجوه الخير، القدوة السامية والنموذج الراقى.
تقف الزوجات مواقف متباينة فى خيرية أزواجهن، لكن المطلب الذى يجتمعن عليه هو الكرم العاطفى، والمشاركة فى أمور الحياة، استطلعنا آراء زوجات كثيرات، وكانت محصلة آرائهن.
خيرية المشاركة
أم خالد: زوجى يرى أن الحب ليس كلمة تقال، لكنه الترجمة العملية لكل معانى الحب، والاهتمام والمسارعة فى تلبية احتياجاتى أنا والأبناء، والتخفيف عنى باعتبارى امرأة عاملة، كما أنه يقوم ببعض الأعمال المنزلية عندما أكون متعبة أو(53/38)
فى حالة وضع، وكلما شكرته أو أثنيت عليه قال لى: إن الإسلام ليس دين شعارات لكنه دين عملى.
فى الدنيا والآخرة
أم مريم : فى رأيى أن الخيِّر لأهله هو الذى يسعى لإسعاد أهله فى الدنيا والآخرة، ففى الدنيا يسعدهم بحبه ورعايته وطموحه لدفعهم إلى الأمام ماديًا ، واجتماعيًا، وعلميًا، وفى الآخرة بمتابعتهم فى الأخلاق والعبادات والمعاملات والسعى لتعليمهم الدين وتحفيظهم القرآن الكريم.
أفضلية وإنفاق
هدى على : يرتبط مفهوم خيرية الزوج بالقوامة، فكلما كان قوامًا بحق زاد اقترابه من دائرة الخيرية التى يقصدها عليه الصلاة والسلام فى حديثه.
فالزوج الخير هو الذى يوظف ما منحه الله من طاقات فى إسعاد أسرته، وتحمل المسؤوليات التى يثقل على الزوجة وحدها تحملها مثل: التعاون فى التسوق، متابعة الأبناء دراسيًا، القيام بالواجبات الاجتماعية تجاه أسرتى الزوجين، وبإيجاز شديد فإن الزوج الذى تشعر زوجته بأنها عاجزة عن الاستعانة به فى المهمات الثقيلة ؛ لأنه خذلها أكثر من مرة أو لأنه يستسهل إلقاء العبء عليها هو رجل يغامر برصيده عندها الذى يقل ويتراجع.
إسعاد الأهل
آمال عبد السلام: أرى أن الزوج الخيِّر هو الذي لا يدخر وسعًا فى سبيل إسعاد أهله، ولا يبخل بأى شيء يستطيع تقديمه سواء ماديًا أو معنويًا وحتى وقته لتتوازن الحياة وتتحقق السعادة فى الدنيا والآخرة.
أهم أولوياته
أمينة عثمان : أعتقد أن اختصاص الخيرية للأهل لأن الإنسان لا ينتظر من الأهل شكرهم، ومن يقوم بالأعمال الخيرة للآخرين وينسى أهله فهو منافق، زوجى إنسان خير يهتم ببيته وأمه وإخوته، ويهتم بى لكنه أحيانًا يشعرنى أنى فى آخر القائمة ، لذا أتمنى أن يشعرنى بأننى أهم أولوياته، ولو لم تكن هذه هى الحقيقة، وأن يكون هناك مبرر عند رفضه طلباتى على أن يكون الرفض بمنطقية ولطف.
محمد عليه الصلاة والسلام أفضل الأزواج
هذه كانت صورًا مختصرة لنظرة الزوجات لملامح الزوج الخير، فكيف كان محمد (عليه الصلاة والسلام) أفضل الأزواج، كما كان خير البشر، يقول الشيخ منصور الرفاعى عبيد - وكيل وزارة الأوقاف للمساجد وشؤون القرآن سابقًا - الإسلام دين رحمة وحب وتسامح ومعاملة باللطف والإحسان، وكان الرسول (عليه الصلاة والسلام ) هو النموذج البشرى الذى طبق هذه الأخلاقيات، وحوّلها إلى الواقع العملى، كان عليه الصلاة والسلام رحيمًا محسنًا رؤوفًا، وكانت فيه كل المعانى التى تؤصل العلاقة الطيبة بينه وبين جميع الناس ابتداءً بأهله عليه الصلاة والسلام، فالإنسان بلا أسرة لا يشعر بالانتماء إلى مجتمعه، لأنه يستمد القيم من قيم أسرته، وعندما يكبر الإنسان، ويبدأ فى بناء أسرة يقول له الإسلام قف واسمع لزوجتك شريكة حياتك، واعلم أنكما معًا تبنيان المستقبل، وتحلقان في المجد، إذا ركبتما(53/39)
موجة الحب والتفاهم، ومن هنا وضع الرسول عليه الصلاة والسلام المبدأ الكريم «خيركم خيركم لأهله» ذلك لأن الأسرة السليمة المتماسكة التى يغلفها الحب يعمّ ذلك كله على الوجود من حولها؛ لأن الرحمة تبدأ صغيرة فى قلب الإنسان، ثم تكبر لتسع الدنيا .
وقد عقب رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) على جملته «خيركم خيركم لأهله» بقوله: « وأنا خيركم لأهلى» ليعلم كل من يبحث عن الخيرية أن ما عليه إلا أن يتبع خطى نبيه عليه الصلاة والسلام، وقد سئلت السيدة عائشة (رضى الله عنها): ماذا يصنع الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته؟ قالت: كان إذا دخل بيته بسّامًا ضحاكًا، يرفع هذا، ويحط ذاك، يقم بيته «يكنس»، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه ويخدم أهله ، وما قال لشيء «أف» قط. فلننظر إلى ما يفعله رسولنا الكريم فى بيته، وهو الإمام والقائد والمصلح، وحامل أعباء الأمة لكنه إذا ما دخل بيته ترك كل ذلك وراء ظهره، ودخل على أهله بسامًا ضحاكًا، فمن منا عنده من الأعباء ما يوازى أو يقارب ما كان عند رسولنا الكريم.
لذا أيها الزوج المسلم «إذا كان بيتك فى حاجة إلى عطف ورعاية وحنان، فابدأ به أولاً ولا تصنع الخير للناس وبيتك أحوج إليك، ولتلاحظ أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، كان على ذلك المستوى الراقى من التعامل الطيب مع أهله، والتعاون المطلق، وقد كانت زوجاته ملازمات للمنزل، فما بالك تهمل التعاون مع زوجتك، و قد تكون امرأة عاملة تشقى خارج المنزل لتقود معك سفينة الحياة فى هذه الظروف الصعبة، فكن لها نعم السند والمعين فى كل صغيرة وكبيرة، ولتتذكر دائمًا قوله عليه الصلاة والسلام: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى
ـــــــــــــــــ
هل تسقى زوجتك أيها الرجل؟
تتحمل المرأة فى زمننا المعاصر كثيرًا من المسئوليات والأعباء التى تشكل عليها ضغوطًا نفسية وبدنية، من عمل خارج المنزل يبدأ بشقاء المواصلات، وتحكم الرؤساء، وينتهى بتحمل مسئولية العمل نفسه، وما يتطلبه من جهد ذهنى وبدنى، ثم يأتى دورها وعملها الأساسى الذى خلقت من أجله، والتى لا يمكنها الفكاك منه أو الإخلال به، ولو قيد أنملة، وهو تحمل مسئولية وأعباء الزوج والمنزل والأولاد، وما يتطلبه ذلك من جهد وصبر وقوة تحمل لترعى أولادها دراسيًا، وبدنيًا، ونفسيًا، وترعى بيتها، وزوجها نفسيًا، وبدنيًا أيضًا، وتحت كل هذا الضغط تنظر الزوجة إلى زوجها، وتأمل فيه أن يشعر بآلامها، وتطلب منه أن يسهم معها فى بعض أعبائها، ويتحمل معها بعض مسئولياتها.
ويأبى كثير من الرجال أن يساعد زوجته فى الأعمال المنزلية، فتتساءل المرأة المسكينة المضغوطة: وهل يمكنها أن تطلب تلك المشاركة كحق من حقوقها ؟، يجب على الزوج أن يقوم به أم لا ؟
وتشرد بعض النساء، فتظن أن الغرب أعطى للمرأة تلك الحقوق، وسلبها عنها الإسلام، وتنظر إلى الرجل الغربى الذى يشارك زوجته فى كل الأعمال المنزلية(53/40)
على أنه رمز للتحضر، وتنظر للرجل المسلم نظرة سيئة على أنه رمز للتخلف، وهذه النظرة تسيء كثيراً للرجل المسلم.
ولو نظرت هى ونظر هو إلى رسولنا الكريم وصحابته الكرام، لوجدا لديهم الأسوة الحسنة التى يمكن للمرأة أن تطلب من زوجها أن يتمثل ويتشبه بها، ويتأسى بهؤلاء فى بيوتهم ومع زوجاتهم، وهذا من وجهة نظرى أوقع وأقرب إلى نفس الرجل المسلم، من التشبه بالرجل الغربى، فقد ضرب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته (رضوان الله عليهم) أمثلة عملية فى إعانة الزوجة، وتحمل الأعباء معها.
وها هو رسولنا الكريم (عليه الصلاة والسلام) يقول: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى»، ولكن كيف كان الرسول خير الرجال فى بيته وبين أهله ؟
تحكى لنا السيدة عائشة (رضى الله عنها)، أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان فى مهنة (خدمة) أهله، فإذا سمع الأذان خرج.
وما خدمة أهل بيته تلك التى تحدثنا عنها السيدة عائشة؟
لقد كان رسولنا الكريم يخصف النعل (أى يصلح ما فسد من أحذية)، ويقمُّ البيت، أى يكنس البيت، ويخيط الثوب، ويحلب الشاة، أى أنه يعاون زوجاته فى كل أعمالهن المنزلية.
يا لروعة هذا النبى العظيم، لقد كان متزوجًا من تسع نساء، ولو أنه أمر سيطاع، ولن يكلف زوجاته عبئًا، فخياطة ثوبه، أو خصف نعله، أو حلب شاته، لو أن كل واحدة من زوجاته قامت بواحد منها لما تكلف شيئًا، لكنه أعفاهن من هذه الأعباء رحمة وتحببًا.
لكم أوصى النبى بالنساء فقال (صلى الله عليه وسلم): «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى».
فالرسول لى الله عليه وسلم يشجع الرجال على معاونة النساء، و يذكر لهم أن ذلك العمل يؤجر الرجل عليه، إذا قام به من أجل زوجته، ويسمع منه الصحابة فيستجيبون .
فهل يسقى الرجل العصرى زوجته، كما كان يفعل الصحابة اقتداءً بنبيهم (صلى الله عليه وسلم)؟
ـــــــــــــــــ
من ثمرات الزواج
للزواج ثمرات عديدة ، منها : سكن كل من الزوجين إلى الآخر، التعارف والتعاون بين الناس، العفة وإشباع الغريزة، ابتغاء النسل الصالح، وفيما يلي أبين ذلك:
الثمرة الأولى : سكن كل من الزوجين إلى الآخر:
وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21].
قال الإمام الشوكاني: أي من جنسكم في البشرية والإنسانية. (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) أي تألفوها وتميلوا إليها، فإن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ولا يميل قلبه إليه. (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) أي ودادًا وتراحمًا بسبب عصمة النكاح(53/41)
يعطف به بعضكم على بعض من غير أن يكون بينكم قبل ذلك معرفة فضلاً عن مودة ورحمة.[انظر فتح القدير 4/312].
وقال الإمام ابن كثير: خلق لكم من جنسكم إناثًا يكن لكم أزواجًا (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنس آخر إما من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهنَّ مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إنما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجه إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك.[تفسير ابن كثير 3/568].
ولا يتحقق هذا إلا بالتزام كل من الزوجين بشرع الله تعالى وهدى نبيه، وذلك بالقيام بواجباتهما.
الثمرة الثانية : التعارف والتعاون بين الناس:
شاء الله تعالى أن يخلق الإنسان مدني الطبع، يميل إلى الجماعة ويكره العزلة، وخلق الناس ذكرانًا وإناثًا وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، كما جاء في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات:13].
قال ابن كثير: جعلهم شعوبًا وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك. (لِتَعَارَفُوا) أي ليحصل التعارف بينهم.[انظر تفسير ابن كثير 4/277].
ولا شك أن الزواج هو أهم أسباب التعارف بين العائلات والأسر ويقوي أواصر الود بينها. والعرب كانوا يقدرون أثر الزواج في هذه الناحية، وزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض زوجاته كان لهذا الغرض، فاستعان النبي صلى الله عليه وسلم به على توطيد دعائم السلم من ناحية ونشر الدعوة من ناحية أخرى، ولا أدل على هذا من قصة جويرية بنت الحارث التي وقعت في الأسر بعد مقتل أبيها وهزيمة قومها (بني المصطلق) فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق الصحابة – رضوان الله عليهم – مائة أهل بيت من قومها، وقالوا أصهار رسول الله! فأمن النبي صلى الله عليه وسلم مكرهم ووضعت الحرب أوزارها بينه وبينهم بإسلامهم والسبب زواجه من ابنة سيدهم الذي قتل في غزوة بني المصطلق.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس - أو لابن عم له - وكاتبته على نفسها". قالت: فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني ما لم يخف عليك، فجئتك أستعينك على كتابتي. قال : فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله(53/42)
عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم. قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"[رواه أحمد].
هذا عن التعارف، أما التعاون فهو واضح، إذ تقوم الزوجة بنصف أعباء الحياة ويقوم الرجل بالنصف الآخر، فالزوجة تهيئ للزوج ما يحتاج إليه ويسعده بالإضافة إلى تربية الذرية ، والزوج يسعى ويكدح لطلب الرزق الحلال لنفسه ولأهل بيته، وتتعاون الأسر مع بعضها البعض لتيسير الزواج لأبنائها.
الثمرة الثالثة: العفة وإشباع الغريزة في الحلال :
وهذا مفهوم قول الله تعالى: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)[البقرة:187]، فمعنى قوله تعالى: (وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) يعني الجماع، كما قال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم.
وفي الزواج إعفاف النفس عن الحرام وكبح جماحها حتى لا تورد صاحبها مواد الهلكة، ولعل هذا مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"[متفق عليه].
وأمر الرجل أن ينظر إلى مخطوبته ليطمئن إلى أن هذه هي التي تسره إن نظر إليها وتكون سببًا في أن يغض بصره ويحص فرجه، فقال صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".[أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي].
فالإسلام دين الفطرة، وهو فقط ينظم ما فطر عليه الإنسان، ولا يمنعه من ممارسة ما يتفق مع فطرته، بل يرفض الإسلام أن يمتنع المسلم عن ممارسة ما تقتضيه الفطرة بهدف التعبد، ولما ذهب ثلاثة نفر إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أنا أصوم الدهر لا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل ولا أرقد، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء. وقف النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وقال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".[ أخرجه البخاري وأحمد].
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم قضاء الوطر (جماع الزوجة) صدقة، فعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يصبح كل يوم على كل سلامى من ابن آدم صدقة". ثم قال: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتسليمك على الناس صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك أهلك صدقة". قال: قلنا: يا رسول الله! أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟ قال: نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه ألم يكن عليه وزر؟ قلنا: بلى. قال: فإنه إذا جعلها فيما أحل الله عز وجل فهي صدقة".[أخرجه أحمد وأبو داود وأصله في مسلم].
الثمرة الرابعة: ابتغاء النسل الصالح والولد المبارك:
والتناسل هو النتيجة الطبيعية لالتقاء الزوجين الذكر والأنثى، وهو حتمي لاستمرار حياة الكائنات، ويعتبر التناسل أهم ثمرات الزواج، ولقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى فقال سبحانه: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)[البقرة:187]. قال(53/43)
ابن عباس ومجاهد والحكم بن عيينة والحسن والسدي والربيع والضحاك: معناه ابتغوا الولد، ويؤكد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم"[أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي].
والتناسل يمثل غريزة فطرية عند الإنسان كغيره من الكائنات؛ لأن الله تعالى قدر أن يكون البقاء بالتزاوج ومن ثم التناسل، قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ)[آل عمران:14].
أنبياء الله تعالى والذرية :
الأنبياء بشر لهم من الآمال مثل ما لباقي البشر، لكنهم يتميزون بأنهم يريدون من كل شيء أكمله وأحسنه وغايتهم نبيلة فيطلبون من الله تعالى الذرية لكنهم يقيدون طلبهم بالذرية الطيبة الصالحة التي تكون امتدادًا لهم وسببًا في انتشار دعوتهم، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)[الصافات:100]. وهذا زكريا عليه السلام يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)[آل عمران:38].
مما ينبغي أن نقف أمامه في دعاء النبيين الكريمين عليهما السلام هو طلب الذرية الطيبة الصالحة وليس مجرد الذرية، ولئن قلنا إن من ثمار الزوج ابتغاء الأولاد الذين هم زهرة الحياة الدنيا، فبهم تسعد النفس، وبسببهم ينشرح الصدر، لكن يجب أن ندرك أن الإسلام في نظرته إلى الأولاد لا يهتم بالكم (العدد) ولا بالنوع (الذكر والأنثى) ولكن بالكيف، فمريم عليها السلام امرأة لكنها أفضل من ملايين الرجال، ووضعت للدنيا بفضل الله أحد أولى العزم من الرسل.
ولهذا يجب على المسلم أن يعني بأبنائه وأن ينشئهم على تعليم الدين، وأن يعلمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وأن يعدهم لمسايرة ركب التطور السريع في الحياة حتى ننشئ نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه وحتى نكون أكثر قوة وقدرة على تحمل تبعات مجتمعنا في مسيرته الصاعدة نحو المعالي.
وليكن قدوتنا أنبياء الله – صلوات الله وسلامه عليهم – أنهم حينما طلبوا الذرية لم يطلبوا مطلق كثرة العدد، لكنهم طلبوا ذرية طيبة وصالحة كما سبق فأجيب إبراهيم بإسماعيل وإسحاق، وأجيب زكريا بيحيى – عليهم جميعًا من الله السلام – فالقضية ليست في الكم لكنها في الكيف، وعباد الرحمن الذين توجهوا إلى الله في دعائهم بطلب الذرية طلبوا منه سبحانه أن يرزقهم الذرية التي تقر بها أعينهم وتدخل السرور على نفوسهم، ولا يتم ذلك إلا بالذرية الصالحة القوية، التي يرجى خيرها ويؤمن شرها ويكون جودها مصدر سعادة وقوة للأسرة والأمة جمعاء.
إننا نريد ذرية ذات علم وذات خلق وذات منعة؛ حتى يرهبها أعداؤها، تنتج أكثر مما تستهلك، نريد ذرية متكاملة ومتماسكة، وغير ممزقة ولا متفرقة ولا منقسمة على نفسها.
الذرية المذمومة :
إن الإسلام في الوقت الذي حث فيه على تكثير النسل، وعده نعمة عظيمة وامتن بها على الآباء فقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ(53/44)
وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[النحل:72] قضى بصيانة هذه الكثرة من عوامل الضعف وبواعث الوهن، فالإسلام لا يريد نسلاً كثيرًا يملأ الأرض ضعفًا وجهلاً ومرضًا، ولكنه يريد نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه، لا أن يكون غثاء كغثاء السيل المشار إليه في الحديث الشريف لا قيمة له ولا وزن؛ قال صلى الله عليه وسلم: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قال قائل: أوَ مِنْ قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".[أخرجه أحمد وأبو داود ورواته ثقات].
وإذا كان الإسلام يطلب من الأمة أن تكون ذات كثرة قوية، فإنه لا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق العمل على تنظيم الأسرة تنظيمًا يحفظ للأسرة قوتها، وقدرتها وطاقتها، وحسن أدائها وقيامها بواجبها، ويحفظ للنسل قوته ونشاطه..
ـــــــــــــــــ
انتبهي لزوجك بعد الأربعين
شاع عند الكثيرين أن الرجل عندما يكثر السفر ويترك أبناءً مراهقين - لا أحد يرعاهم أو يهتم بهم - أن ذلك يعد مراهقة.
أيضًا عند البعض عندما يلحظ تغيرًا في ملبس الأربعيني أو في شكله العام بما يوحي له أنه تخلَّى عن الوقار المعهود فيحكم عليه بأنه مراهق مثلاً. ومنهم من كان يحب الرياضة ثم لا يلبث أن يتركها إلى الحرص على الاستراحات. منهم كذلك من يحكم بمراهقة أربعيني من خلال حرصه على قوام جسمه إلى درجة أنه يهتم بمقاييس جسده ويتبع حمية خاصة.
ومنهم من يحكم على الرجل الأربعيني بمراهقة متأخرة حينما ينتهي من مشاكل الأبناء أو حين خروج الأبناء من المنزل إما لزواجهم أو لعملهم خارج المدينة ويبدأ في التفكير "بالزواج"؛ حيث يستنكر البعض زواجه..
أيضًا البعض منهم يحكم على مراهقة متأخرة عن الرجل الأربعيني أو الخمسيني عندما تختلف مواعيد العودة للمنزل بعد أن كانت عودته محددة ومعروفة لدى أفراد أسرته.
كثيرة هي المشاهدات والصور التي يحكم الناس عليها بأنها مراهقة متأخرة لدى رجل في سن الأربعين أو الخمسين أو الستين.. وأنا أخالفهم في بعضها وأوافقهم في البعض الآخر.. إذ إننا لا يمكن أن نُعمم مثل هذه الصور كظاهرة متفشية.
إلا أننا نقف أمام بعض الصور الشاذة.. بأن نهيب إلى قضية القدوة الحسنة والتي يجب أن يقوم بأمانتها ابن الأربعين أو الخمسين.. نعم فهو القدوة لأبنائه.. وحري به أن يتوقى التصرفات الحسنة والبعد عن كل ما فيه مساس لسنٍّ وقورة كسنه.
حقيقة أذكر لكم صورة نقلها لي أحد الأخوة تبين لنا تجاهل البعض في مواقفهم لمبدأ القدوة الحسنة من ذلك حيث كان هذا الأخ يستقل سيارة فارهة عند إحدى الإشارات وصوت التسجيل يرنُّ بذلك الصوت والضجيج الصاخب، وإذا بسيارة أخرى تقف بجواره يستقلها رجل مسن يبدو أنه في سن الأربعين.. فما إن رآه ذلك الشاب حتى(53/45)
قام بخفض صوت التسجيل احترامًا لهذا الرجل.. التفت الرجل إلى الشاب وقد رفع السيجارة بيده، فما كان من هذا الشاب إلا أن رفع صوت التسجيل كردة فعل بعد تلك الصورة المخجلة.
إن المراهقة المتأخرة حينما تكون في سن الأربعين تجدها مكشوفة لدى المرأة بشكل واضح خصوصًا الزوجة فهي ترقب هذا التغير وتظل في حيرة من أمرها حيال زوجها والذي يعيش مرحلة مراهقة.. ليس لها حد معين فقد تكون في سن الأربعين أو الخمسين أو الستين.. وقد تسأل كل زوجة كيف هو الدور الواجب علنيا القيام به؟
إن المرأة قد تخسر زوجها وعليها أن تسرع بانتشاله من هذا المأزق قبل أن يقع في فخ هذه المراهقة ووحلها ويكون ذلك حسب الآتي:
1- الارتباط القوي بزوجها منذ السنين الأولى من الزواج. وفي ذلك لا تغفل الزوجة قضية جدُّ مهمة ألا وهي عدم نسيان الزوج في زحمة تربية الأولاد، إذ ينبغي مشاركة الزوج في هواياته.. فما الذي يمنع المرأة من الاقتراب لزوجها وتقريب وجهات النظر بينهما.. وحتى لا تتسع الفجوة بينهما مع مرور الأيام والسنين ويحدث ما لا تحبذه المرأة!! ولتعلم أن الزوج كالزرع إذا لم تعتنِ به يجف ويموت.
2- ثقتها في نفسها وبزوجها.. فإذا شعرت بالرضا والثقة بالنفس فإن ذلك ينعكس على بيتها وحياتها.. أما إذا لم تثق بنفسها فإن كل شيء في بيتها سيتحول إلى نار!! إذن لتعلم أن جمالها ليس في حفاظها على وجهها ورشاقتها، بل في ثقتها بنفسها، فكم من امرأة محت التجاعيد من وجهها ومحت بذلك ثقتها بنفسها باحثة عن الجمال مهملة الثقة بالنفس ولا تقرأ المرأة نظرات زوجها.
3- حاجة الرجل إلى مشاعر العطف والحنان ومشاعر الحب العميق حتى لو كان في هذه السن المتأخرة. إذن لا تهملي تلك الاتصالات العاطفية والمعرفية فيما بينكما فهي حتمًا ستضيف إلى حياتكما نوعًا من التعاون. أدرك أن ظروف السن أجهزت على مثل هذه المشاعر أن يلفظها اللسان، ولكن قد تنجب جفاف العاطفة.. وقد ينتج عنها طلاق عاطفي!!
نعم قد يخجل أحد الطرفين عن إظهار تلك المشاعر لأسباب - كوجود الأولاد.. أو كبر السن - لكن لتكون الحياة سعيدة لابد من البوح بها ولو بكلمة طيبة عابرة.. أو الثناء على عمل أنجز من الطرفين أو الإعجاب بأسلوب أحد الطرفين، فمثل ذلك أجزم أنه سيكون له مردود إيجابي في إشاعة الحب وإشباع الجوانب العاطفية والنفسية المطلوبة، وبدونها تصبح الحياة جافة سطحية. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21].
وفي نظري لو تنوَّعت الاهتمامات وتمايزت بين الزوجين لما بحث الرجل عمَّن تكون منه أقرب لذاته! فالاقتصار على مطالب الجسد في الحياة يدفع الرجل إلى هذه المراهقة السنية المتأخرة، وذلك عندما يجد فراغًا في الوقت أو لنقُل الفراغ المعنوي، الأمر الذي يجعله ينكص على عقبيه مرتدًا إلى مرحلة لا تتناسب مع عمره.. وهنا يصبح محطًا لأنظار وحديث المجالس.. وقد يتندر البعض منه ومن تصرفاته وسلوكياته..(53/46)
إذن عليك أيتها الزوجة قتل الروتين الممل بينكِ وبين زوجك عن طريق إهداء الهدايا بينكما مثلاً، واجلسي مع زوجك، وأزيلا ما بينكما إن كان هناك من ترسبات ولدها سوء الفهم بينكما. وعالجا اضطرابات حياتكما بالمصارحة.
أيضًا لا ننسى الرجل.. حينما ينسى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله". أما أن يعيش الأب في جو من اللامبالاة وعدم استشعار المسؤولية.. والركون إلى الأصدقاء والاستراحات وقلة الوعي في ظل عدم اهتمامه بأبنائه وأسرته ؛ فهذا يعني ضياع أسرته. وهذه اللامبالاة يكون علاجها التربية - فردية أو اجتماعية -.
وختامًا أؤكد أن الحل في هذه القضية الاجتماعية يكمن في زوجة هذا المراهق من حيث ثقتها بنفسها وبمقدرتها الشخصية والفعلية ، ومتابعة ردود أفعاله الحقيقية، وبتحقيق ذلك ستتربعين على قلب زوجك.
ـــــــــــــــــ
هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟
سؤال شائك يحتاج إلى إجابة متأنية ، لهذا أولا وقبل كل شيء : إذا كنت لن تقرأ / تقرئي الموضوع إلى نهايته ، فأرجو ألا تتسرع/ي بالحكم عليه من عنوانه ، فما نريد أن نصل إليه ، هو مجمل المقال ، لا فقرة منه .
كثيرا ما نسمع عن مبدأ ( الحب ، العشق ، الهيام ) ، ونسمع أيضا عن ( المحبة بين الزوجين ، العشق بين الزوجين ) ، وكثيرا ما يقال لنا ( الحب من أول نظرة ) ( الحب يصنع المعجزات ) ( الحب أعمى ) ( الحب عذاب ) . وكثيرا ما تقوم الحرب العالمية الثالثة بسبب كلمة قالها الزوج ، اكتشفت منها الزوجة عبر الحاسة السادسة أن زوجها لا يحبها ، أو أن حبه قد قل تجاهها .
لا أريد أن أعلق على ما سبق ، فهو موضوع طويل ، لكن ما أريد أن أصل إليه ، هو : هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟ وهل قلة الحب في فترة ما ، أو انعدامه أحيانا في أسرة ما سبب كاف ومبرر مقنع لإنهاء العلاقة الزوجية ؟؟ .
وللإجابة على هذا السؤال ، يجب أن نفرق بين أوقات الحب في مراحل الزواج المختلفة ، ولدينا هنا أربع مراحل :
المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل الخطبة .
المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد الخطبة وقبل عقد القران ( الملكة ) .
المرحلة الثالثة والرابعة : مرحلة ما بعد عقد القران ثم مرحلة ما بعد الزواج .
أما الحب قبل الخطبة وتبادل كلمات الغرام فإنه محرم شرعا وعقلا ، أما من الناحية الشرعية فلا أطيل في التدليل على أن الرجل الخاطب أجنبي عن تلك المرأة ، ولا يحق لهما تبادل كلمات الحب والغرام ما لم يكن بينهما رباط الزواج الشرعي ، ولهذا قال تعالى لخير نساء المؤمنين { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا } ، وإذا كانت عادة الحب قبل الزواج منتشرة في بعض المجتمعات العربية المسلمة ، فإن ذلك يرجع إلى التأثر بما يقذفه لنا الغرب الكافر من أفكار وسلوك ، لتعيش المجتمعات الإسلامية حياة بهيمية ، لا ترى فيها إلا شهواتها ونزواتها وغرائزها فحسب ، وإذا جئنا من ناحية العقل ، فإن فتح هذا الباب(53/47)
- باب الحب وتبادل الغرام قبل الخطبة والزواج - يعني أن كل نساء العالمين زوجات لنا ، وزوجاتنا زوجات لكل رجال العالمين !!! .
أما الحب بعد الخطبة ، فقد تنشأ مرحلة ما تسمى بقبول كل طرف للآخر ، حيث إنه في الغالب لا يعرف أي من الطرفين الآخر ، ولهذا جاءت الشريعة بإباحة نظر الخاطب إلى المخطوبة وفق ضوابط معينة ، وقد جاء في تعليل هذا الحكم قوله صلى الله عليه وسلم ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) ومعناه أن يؤلف بين قلب الخاطب والمخطوبة ، بحيث تصير هناك راحة بين كلا الطرفين ، وقد يحصل نفور بينهما ، لا سبب له إلا أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .
ثم نأتي للحب بعد عقد القران أوالحب بعد الزواج ، فنقول : إن من أهم المقاصد الشرعية أن يكون بناء الأسرة المسلمة متينا قويا ، بحيث يصمد أمام الأعاصير العاتية ، وصعاب الحياة المتكاثرة ، ومن أهم الأسس التي تجعل بناء الأسرة قويا ، هو الحب والمودة بين الزوج وزوجته ، ولهذا قال تعالى { ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } ، فإذا ما وجد هذا الحب ، وحصلت تلك الألفة ، تمكن الزوجان من ترسيخ دعائم الأسرة ، وتقوية بنيانها ، ولهذا نجد عددا من الأحاديث النبوية الشريفة جاءت بالحرص والحض على تقوية جانب المودة والمحبة بين الزوجين بطرق مختلفة ، فمن ذلك ما جاء في الحديث ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) ، ويشير الحديث السابق إلى ألا يبغض الزوج زوجته لدرجة أن يطلب فراقها ، بسبب كرهه لخلق سيء فيها ، وإذا ما حصل هذا فليتذكر الخلق الحسن الذي سر به من قبل ، وبهذه الطريقة تزول الشحناء والبغضاء ، وتبقى المودة والمحبة .
إذا ، نحن متفقون على أن ( من ) أهم أسس الحياة الزوجية الود والسكن بين الطرفين ، لكن ليس الود هو كل شيء ، فقد بينت الآية السابقة أن الحياة تقوم على أمرين ( مودة ، رحمة ) فإذا كانت المودة والرحمة متواجدتان ، فهذا هو الكمال المنشود ، وتلك هي الحياة الأسرية التي يطلبها كل أحد ، لكن إن فقدت المودة ، فهناك الرحمة ، وإن فقدت الرحمة فهناك المودة ، فكلاهما عامل من عوامل قيام الأسرة .
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة :" فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد ، أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك "
إن الحياة الزوجية ليست عشقا وحبا وهياما فحسب ، إنها احترام متبادل ، ومراعاة للمصلحة ، وتربية للأجيال ، إضافة إلى عامل السكن والمودة ، لهذا قد يضطر الزوج إلى البقاء مع زوجة لا يحبها تلك المحبة ، وذلك لحسن خلقها ، أو لوجود أطفال بينهما ، وكذلك قد تضطر الزوجة إلى البقاء مع زوج لا تحبه ذلك الحب ، إما لحسن خلقه ، أو لوجود أطفال بينهما ، فالحياة الزوجية كما نفهمها من الآية السابقة هي ( مودة ، ورحمة ) ، وليست مودة وحبا فقط .(53/48)
إن الذي جعل تصور بعض الناس للحياة الزوجية أنها العشق والهيام ، والرومانسية الحالمة بكافة أشكالها وفنونها ، والحصان الأبيض ، والبساط السحري .... الخ ، الذي جعل تصور الناس للحياة الزوجية بهذا الشكل هو الإعلام الغربي والغربي – يعني العربي الذي أصبح في صورة الغربي – ، حيث تتنافس وسائل الإعلام في تصوير أنه لا يمكن للمرأة أن تتحمل زوجا لا تحبه إلى درجة الهيام والعشق ، ولا يمكن أن تبقى ساعة مع زوج لا ( تموت فيه ) كما يقولون ..... وفي المقابل تصور وسائل الإعلام للرجل ، أنه لا يمكن له البقاء مع امرأة لا تجتمع فيها أعلى مواصفات الجمال مع أرقى مواصفات الأدب ، مع غاية مواصفات الأنوثة ، إضافة إلى تملكها لقلب زوجها ، كيف تعيش يا حبيبي مع امرأة لا تعشقها كعشق قيس لليلى ؟؟!! إما أن تملك قلبك حتى الثمالة ، أو النساء غيرها كثير !!
ولو أردنا المقارنة بين فهمنا للحياة الزوجية وفهم من سبقنا ، فيكفي أن نروي قصة تبين كيف كان السابقون يفهمون الحياة الزوجية ، ولماذا كانت معدلات الطلاق بينهم معدودة على الأصابع ، بخلاف نسب الطلاق في عصرنا ، والتي قاربت أو تخطت نصف حالات الزواج .
يكفينا أن نروي قصة واحدة لنستخلص منها العبر ، والقصة مذكورة في كتب الآثار ككنز العمال وذكر طرفا منها البيهقي في سننه :
كان هناك رجل يقال له ( أبو غرزة ) يعيش في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان متهما – أي الرجل - بأنه يكثر من تطليق نسائه ، بسبب وبدون سبب ، وفي يوم من الأيام أخذ ( أبو غرزة ) بيد صديق له يدعى ( ابن الأرقم ) ، وجعله يستمع إلى الحوار الذي دار بينه وبين زوجته .
دخل ( أبو غرزة ) على امرأته ، فقال لها : أنشدك بالله هل تبغضيني ؟ قالت : لا تنشدني ، قال ( أبو غرزة ) : فإني أنشدك الله ، هل تبغضيني ؟ قالت : نعم ، فقال ( أبو غرزة ) لابن الأرقم : هل تسمع ؟ ثم انطلقا إلى عمر ، فقال ( أبو غرزة ) له : إنكم لتحدثون أني أظلم النساء وأخلعهن ، فاسأل ابن الأرقم ، فسأله عمر ، فأخبره بالذي سمعه من زوجة ( أبي غرزة ) ، فأرسل عمر إلى امرأة ( أبي غرزة ) ، فجاءت هي وعمتها فقال : أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه ، فقالت : إني أول من تاب وراجع أمر الله تعالى ، إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب ، أفأكذب يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم فاكذبي ، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك ، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب ، وفي رواية أخرى قال لها عمر : بلى فلتكذب إحداكن ولتجمل ، فليس كل البيوت تبنى على الحب ، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام .
إن القصة السابقة تدلنا على أن ( من ) أسس قيام الحياة الزوجية ( الحب ) ، ولكن ليس هذا هو كل شيء ، فهناك الاحترام المتبادل بين الطرفين ، وهناك معرفة الحقوق الشرعية للزوج والزوجة على حد سواء .
ولأننا في عصر جعل الحياة الزوجية هي الحب ، والحب هو الحياة الزوجية ، من أجل ذلك فإننا كثيرا ما نرى أنه غضبت فلانة من فلان ، فإن أول شيء تقوم به ، أن تضاره في حقوقه الشرعية ، فلا احترام ، ولا قيام بحقه ، وفي المقابل إذا(53/49)
غضب فلان من فلانة ، فإن أول شيء يقوم به ، أن يضار بها في حقوقها الشرعية ، ويقصر في واجباته الأسرية ، ولو فهمنا ( الحب ) على أنه من أسس الحياة الزوجية ، وليس هو الحياة كلها ، فإننا سندرك أن قلة ( الحب ) في فترة من الفترات ، لا يعني بحال أن يقصر طرف في واجباته تجاه الطرف الآخر ، فهناك دعائم أخرى للحياة غير الحب ، وهي ما سبق أن أشرنا إليه في قصة الرجل مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفي قوله تعالى { مودة ورحمة } .
إن الحب ( المستورد ) هو الحب المجنون ، الذي يصل بصاحبه إلى درجة العشق الأعمى ، بحيث لا يعرف إلا محبوبه ، ولا يرى إلا به ، ولا يسمع إلا به ، ولهذا تجد صاحب العشق لا ينكر على معشوقه منكرا ، فلو عشق رجل امرأة ، ورآها على منكر ، فإن عشقه يمنعه من الإنكار ، لأنه يخشى أن يقل الحب بينهما ، أو يزول الود .
أما الحب الإسلامي العفيف ، فهو الحب المتبادل ، الذي يولد ويتوالد ، ويكبر ويكثر بمرور الأيام والسنين ، إنه الحب الحقيقي الذي تنقيه الأيام ، وتثبته المواقف ، وليس الكلمات المعسولة التي تقال قبل الزواج .
إن الحب الحقيقي لا يؤثر فيه موقف أو عشرة ، لأنه حب مرتبط بحياة أسرية ، كان غرض الطرفين فيه إقامة أسرة إسلامية سعيدة ، وليس حبا مرتبطا بالهوى والميل والعشق والجنس .
الحب المستورد هو ما نبحث فيه عن جواب سؤال ( كيف لا يموت الحب بين الزوجين ؟؟ ) ، والحب المستورد هو الذي ننعق فيه ونقول ( الزواج مقبرة الحب ) ، إنه حب الشهوة فحسب ، فإذا قضيت شهوتك ، فمن أين تأتي بالحب ؟؟؟
يقول سيد قطب رحمه الله :" وما أعظم قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجه ، لأنه لا يحبها : ويحك ! ألم تبن البيوت إلا على الحب ؟ فأين الرعاية وأين التذمم ؟ ، وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم "الحب" وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة ، ويبيحون باسمه - ليس انفصال الزوجين وتحطيم المؤسسة الزوجية فحسب - بل خيانة الزوجة لزوجها ! أليست لا تحبه ؟ ! وخيانة الزوج لزوجته ! أليس أنه لا يحبها ؟ !
وما يهجس في هذه النفوس التافهة الصغيرة معنى أكبر من نزوة العاطفة الصغيرة المتقلبة ، ونزوة الميل الحيواني المسعور . ومن المؤكد أنه لا يخطر لهم أن في الحياة من المروءة والنبل والتجمل والاحتمال ، ما هو أكبر وأعظم من هذا الذي يتشدقون به في تصور هابط هزيل ." أ.هـ
ويقول رحمه الله : "وإذا كانت غاية الميل الجنسي في الحيوان تنتهي عند تحقيق الاتصال الجنسي والتناسل والإكثار ، فإنها في الإنسان لا تنتهي عند تحقيق هذا الهدف ، إنما هي تمتد إلى هدف أبعد هو الارتباط الدائم بين الذكر والأنثى - بين الرجل والمرأة - ليتم إعداد الطفل الإنساني لحماية نفسه وحفظ حياته ، وجلب طعامه وضرورياته ، كما يتم - وهذا هو الأهم بالنسبة لمقتضيات الحياة الإنسانية - تربية هذا الطفل وتزويده برصيد من التجارب الإنسانية والمعرفة الإنسانية يؤهله(53/50)
للمساهمة في حياة المجتمع الإنساني ، والمشاركة في حمل تبعته من اطراد الترقي الإنساني عن طريق الأجيال المتتابعة .
ومن ثم لم تعد اللذة الجنسية هي المقوم الأول في حياة الجنسين في عالم الإنسان إنما هي مجرد وسيلة ركبتها الفطرة فيهما ليتم الالتقاء بينهما ويطول بعد الاتصال الجنسي للقيام بواجب المشاركة في اطراد نمو النوع . ولم يعد "الهوى " الشخصي هو الحكم في بقاء الارتباط بين الذكر والأنثى . إنما الحكم هو "الواجب" . . . واجب النسل الضعيف الذي يجيء ثمرة للالتقاء بينهما ، وواجب المجتمع الإنساني الذي يحتم عليهما تربية هذا النسل إلى الحد الذي يصبح معه قادرا على النهوض بالتبعة الإنسانية ، وتحقيق غاية الوجود الإنساني .
وكل هذه الاعتبارات تجعل الارتباط بين الجنسين على قاعدة الأسرة ، هو النظام الوحيد الصحيح . كما تجعل تخصيص امرأة لرجل هو الوضع الصحيح الذي تستمر معه هذه العلاقة . والذي يجعل "الواجب" لا مجرد اللذة ولا مجرد الهوى ، هو الحكم في قيامها ، ثم في استمرارها ، ثم في معالجة كل مشكلة تقع في أثنائها ، ثم عند فصم عقدتها عند الضرورة القصوى .
وأي تهوين من شأن روابط الأسرة ، وأي توهين للأساس الذي تقوم عليه - وهو "الواجب" لإحلال "الهوى " المتقلب ، و"النزوة " العارضة ، و "الشهوة " الجامحة محله ، هي محاولة آثمة ، لا لأنها تشيع الفوضى والفاحشة والانحلال في المجتمع الإنساني فحسب ، بل كذلك لأنها تحطم هذا المجتمع وتهدم الأساس الذي يقوم عليه .
ومن هنا ندرك مدى الجريمة التي تزاولها الأقلام والأجهزة الدنسة ، المسخرة لتوهين روابط الأسرة ، والتصغير من شأن الرباط الزوجي ، وتشويهه وتحقيره ، للإعلاء من شأن الارتباطات القائمة على مجرد الهوى المتقلب ، والعاطفة الهائجة ، والنزوة الجامحة . وتمجيد هذه الارتباطات ، بقدر الحط من الرباط الزوجي !
كما ندرك مدى الحكمة والعمق في قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجته ، معللا ذلك بأنه لم يعد يحبها : " ويحك ! ألم تبن البيوت إلا على الحب ؟ فأين الرعاية ؟ وأين التذمم ؟ " . . مستمدا قولته هذه من توجيه الله سبحانه وتربية القرآن الكريم لتلك الصفوة المختارة من عباده : ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) . . وذلك للإمساك بالبيوت - ما أمكن - ومقاومة نزوات القلوب ، وعلاجها حتى تفيء ، وعدم بت هذه الصلة إلا حين تفلس المجادلات كلها ، رعاية للجيل الناشيء في هذه البيوت وصيانة لها من هزات العاطفة المتقلبة ، والنزوة الجامحة ، والهوى الذاهب مع الريح !
إن أقلاما دنسة رخيصة وأجهزة خبيثة لئيمة توحي لكل زوجة ينحرف قلبها قليلا عن زوجها أن تسارع إلى خدين ويسمون ارتباطها بخدينها هذا "رباطا مقدسا ! " بينما يسمون ارتباطها بذلك الزوج "عقد بيع للجسد" ! " أ.هـ
لابد أن نصحح نظرتنا لبناء الأسرة المسلمة ، لابد أن يكون الرباط متينا قائما على أوامر الله تعالى ، لا على رباطات غربية ، هي أوهى من بيت العنكبوت .(53/51)
إن من ينظر إلى الأسرة على أنها جنس فحسب ، أو هيام فحسب ، أو عشق فحسب ، إنما هو يسكن في بيت العنكبوت .
لهذا ، حدثونا عن بناء الأسرة القوية المتينة ، قبل أن تحدثونا عن مقبرة الحب !!!!!
ـــــــــــــــــ
الزواج السري و آثاره الخطيرة
ظاهرة جديدة وخطيرة تتشكل حاليًا في بعض مجتمعات المسلمين وخطورتها أنها تتشكل في الخفاء ، فلم يعلم بها أكثر الناس الذين من الممكن أن تأخذهم على غرة ، وتنالهم من حيث لا يحتسبون في أعز ما يملكون ، فهي تختص بالأعراض المصونة والحرمات المكنونة ، والأشد خطورة أنها تتم بالمكر والخداع والتحايل على الشرع وتحاول إضفاء صفة الشرعية على ما ليس كذلك ، وسبب ذلك الجهل بأحكام الدين الحنيف أو الجرأة على حدوده ، ومع الجري وراء قناع زائل وشهوة مؤقتة ، والفرار من مسؤوليات اجتماعية مقدمة يتم إلباس الباطل ثوب الحق للتوصل إلى المحرمات باسم ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
زواج شرعي أم بغاء
هذه الظاهرة الخطيرة يقوم بها العديد من الشباب جهلاً بالدين أو تجرؤأ عليه ، وإقناع الشابات بالزواج سراً سببه الاختلاط الذي يعيش فيه كثير من الناس في أماكن التعليم والعمل والتثقيف والترفيه ، يسعى كثير من شياطين الإنس إلى التغرير بالبنات ، فيترصد الشاب للشابة كما يترصد السبع لفريسته ، ويوهم الشاب الفتاة أنه يحبها ويريد أن يتزوجها ، وأن ما يمنع من ذلك هو ضيق ذات اليد عن أن يتقدم في الحال لأهلها طالبًا إياها .
ومع اللقاءات المتكررة يؤثر الشاب على عواطف من يوقعها سوء حظها فريسة في طريقه ، ويتفنن في إثارتها وما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما ، ويدعي لها أنه يمكن أن يتزوجها في السر زواجًا عرفيًا - كما يسمى في بعض الأقطار العربية - أي بلا وثيقة رسمية مسجلة ، وعلى هذا يتم العقد دون علم من أهل الفتاة أو من أهل الفتى ، ولا يجري أي إعلان أو إشهار ، وقد لا يحدد مهر ، ولا يقام حفل زفاف ولا وليمة ، أو مسكن للزوجين ولا أثاث !
وسبب ذلك خديعة البنات في هذا الأمر هو أن الشاب يقنعها بأنه زواج شرعي لا شبهة فيه ، وأنهما سيظلان على هذه الحال حتى تيسر له مؤونة النكاح ، فيتقدم لأهلها رسميًا ، ويتم الزواج رسميًا دون أن يدري الأهل بما سبق وجرى من عقد .
ويتوصل الشاب بهذا إلى معاشرة الفتاة وكأنها زوجة ، حيث يلتقيان في أماكن مخصوصة وأوقات معلومة ، ويحرصان مع ذلك على الاحتياط حتى لا يتم حمل يكشف للأهلين الخديعة التي تجري من وراء ظهورهم ، وهم عنها غافلون .
ولم يقف الأمر عند هذا ، فمع اعتقاد بعض الشباب أن زواجه هذا شرعي ، يبقى يغرر بمزيد من الفتيات ، فيتزوج في السر مثنى وثلاث ورباع ، وكل واحدة منهن لا تدري من الأخرى شيئًا ، فإذا ما عرف هذا المجترىء على دين الله فتاة جديدة ، سرح إحداهن بغير إحسان ليعقد على الجديدة ، وربما تجرأ بعضهم فعقد بهذه الطريقة على ما هو أكثر من أربع ، ما دام الأمر لا يكلفه إلا دراهم معدودات .(53/52)
وماذا يحدث بعد ذلك ؟ إن غالب هؤلاء الشباب لا يصدق في وعده ، ولا يأتي اليوم الذي يتقدم فيه لأهل الفتاة ، وهنا تصير هي رهينة لهذه العلاقة الآثمة ، وإذا رأت أن الشاب قد خدعها ،وحطم حياتها ، فإنها ستجد نفسها مدفوعة إلى درك أكثر سوءاً وربما تنتقل العدوى إلى أخرى بالطريقة نفسها ، ويستمر منحدر السقوط حتى يعتاد هذا الفريق من الناس أن يعقد كل سنة ، بل كل شهر أو أسبوع زواجًا سريًا جديداً ، ويحسبونه هينًا ، وهو عند الله عظيم .
وقد فتح هذا الزواج السري الباب واسعًا أمام بعض البنات الصغيرات اللواتي هنّ في سن لا يكاد يصدق ، سن ما قبل السادسة عشرة أو ما بعدها ، يستمرىء هؤلاء الزواج السري مرات ومرات جريًا وراء الشهوات والأموال ، فإذا تركها واحد من أخدانها بحثت هي عن آخر ، دون أن تسمع عن شيء اسمه عدة المطلقة ، وكيف تسمع والزواج بالأصل باطل ، والأهل عنها لاهون ، على حين أنها تمتهن كرامتها وكرامتهم ، وتصير مضغة في الأفواه ، وتعتاد هذا النوع من الزواج البغائي ، مما يستوجب من أولي الأمر سن قانون يعاقب على هذه الجريمة التي لم تعرفها مجتمعاتنا من قبل .
وأن بعضهم قد وقع في براثن هذا الزواج السري بحسن نية ، وبعضهم يمكن أن يقع فيه بحسن نية كذلك ، لذا يجب أن نتفرغ وسعنا لكي نبين لماذا لا يعد هذا الزواج السري زواجًا شرعيًا ؟ .
الزواج نظام اجتماعي
إن الزواج في روحه نظام اجتماعي يرقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية والشهوات المادية إلى العلاقة الروحية ، ويرتفع به من عزلة الوحدة والانفراد إلى أحضان السعادة وأنس الاجتماع ، وهو عقد ارتباط مقدس بين رجل وامرأة يمضيه الشرع ويباركه الله تعالى ، ولا ينبغي أن يصير مادة للعبث أو المخاطرة والمغامرة ، واللعب بالدين والشرع ، بل الواجب أن يؤدي إلى حياة استقرار ومعاشرة بالمعروف ، وبناء أسرة بالمودة والرحمة ، وتأسيس بيت مسلم يقوم على تربية ذرية مسلمة تعبد الله سبحانه وتحفظ حدوده ، وتنصر دينه .
ولكنا لا نجد شيئًا من ذلك في الزواج السري ، فلا ألفة بين أسرتين ، ولا إذن لولي ، ولا مهر ولا نفقة ، ولا مسكن ولا متاع ، ولا أسرة ولا أولاد ، ولا حياة مشتركة ولا قوامة للرجل ، ولا طاعة من المرأة ، ولا علم بين الناس ، ولا يجري التوارث بين الخليلين ... مما يجعلنا نجزم بأن هذا لا يعد زواجًا عرفيًا كما يدعون ، ولا شرعيًا كما يريد الله تعالى .
لقد أمر الله سبحانه في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء ، فقال تعالى : (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) [النساء:25] ، وقال جل شأنه : (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) [المائدة:5] ، فأمر بالولي والشهود والمهر والعقد ، والإعلان ، وشرع فيه الضرب بالدف والوليمة الموجبة لشهرته .
لا نكاح إلا بولي(53/53)
ليس للمرأة أن تنفرد بتزويج نفسها من دون رأي أهلها ، وليس لولي المرأة أن يتولى إتمام العقد وإنجازه دون استشارتها ، فالإسلام يتوسط في ذلك ، فيحرص على المشاركة بين المرأة ووليها وأهلها ، فللمرأة أن تعرب عن رغبتها ولا تكره على الزواج أبداً ، وولي المرأة يتولى إبرام العقد وإتمامه بعد إذنها ، وبذلك لا يستقل أي منهما بالعقد ، فالمرأة لا تنفرد بتزويج نفسها دون أهلها ، ولا وليها ينفرد بتزويجها دون رأيها ، وليس في هذا حجر على حرية المرأة في الاختيار ، ولكنه حرص على تحقيق الاطمئنان الكامل في الحياة الزوجية وضمان المشاركة والمصاهرة بين أسرتين بعلائق قوية ودية يشهدها ويباركها .
والزواج ليس علاقة بين الرجل والمرأة تنشأ في فراغ اجتماعي ، ولكنه علاقة بين أسرتين وعائلتين قائمة بالمودة والرحمة والتناصر ، فيكون منع المرأة من الاستقلال بالعقد رعاية لحق أسرتها في أن تكون العلاقة الزوجية سببًا في توطيد أواصر المودة بين أسرة الرجل وأسرة المرأة ، ويضاف إلى هذا أن النصوص عن الكتاب والسنة لا تدل قطعًا على حق المرأة في الاستقلال بالعقد ، إن من تكريم الإسلام للمرأة منحها حقها في اختيار زوجها ، ولكن ليس ذلك في السر أو من وراء أسرتها ، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين كيف تكون المشاركة في الاختيار ، ومن ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن] قالوا : يا رسول الله ! وكيف إذنها ؟ قال : [أن تسكت] .
وإذا رفضت المرأة رجلاً فليس لوليها أن يكرهها على الزواج منه لقوله صلى الله عليه وسلم فيما
رواه مسلم : [الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ، وإذنها سكوتها] وليس معنى أنها أحق بنفسها أن وليها لا حق له ، بل له حق ، ولكنها أحق عند المفاضلة إذا تعارضا بالقبول والرفض .
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم .
والسنة تبيّن أن النكاح بلا ولي باطل قطعًا ، ومن ذلك ما رواه ابن حبان والحاكم وصححاه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [لا نكاح إلا بولي] وروى ابن حبان والحاكم أيضًا وغيرهما عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال [أيما امراة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، بنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له] .
ومنه أيضًا ما روه ابن ماجه والدارقطني بإسناد رجاله ثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها] وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه قال : "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها ، أو ذي الرأي من أهلها ، أو السلطان" .
الإشهاد والإعلان(53/54)
الغرض من الإشهاد في الزواج هو الإشهار ، فإذا اتفق من يريدان الزواج مع الشهود على كتمان أمر زواجهما يقضي ذلك على العقد بعدم الصحة ، لأن كتمان الزواج قام مقام عدة الشهادة ، أو ألغى الهدف منها .
وأوجب الإسلام إعلان النكاح ، وندب إلى إشهاره بالضرب على الدفوف وإظهار الفرح والسرور ، والإحتفال به ومشاركة كل من أسرتي الزوج والزوجة ، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [أعلنوا النكاح ، واجعلوه في المساجد ، واضربوا عليه بالدفوف] .
ومن الأحاديث التي تنص على وجوب الإعلان كذلك ما رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [أعلنوا النكاح] ، وما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن محمد بن حاطب الجمحي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح] .
ويفرّق الإمام ابن القيم بين الزواج الشرعي والزوج الباطل بقوله "وشَرَط في النكاح شروطًا زائدة على مجرد العقد ، فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها ، كاشتراط إعلانه ، إما بالشهادة ، أو بترك الكتمان ، أو بهما معًا ، واشترط الولي ، ومنع المرأة أن تليه ، وندب إلى إظهاره ، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة ، وأوجب فيه المهر ، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي صلى الله عليه وسلم وسر ذلك : أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح ، كما في الأثر : "المرأة لا تزوج نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها" ، فإنه لا تساء زانية تقول : زوجتك نفسي بكذا سراً من وليها ، بغير شهود ولا إعلان ، ولا وليمة ، ولا دف ، ولا صوت ، إلا فعلت ، ومعلوم قطعًا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها : أنكحتك نفسي ، أو زوجتك نفسي ، أو أبحتك مني كذا وكذا ، فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل ، فعظم الشارع أمر هذا العقد ، وسد الذريعة إلى مشابهة الزنى بكل طريق" أ . هـ .
عقد مؤقت وزنى مقنع
يتفق الطرفان في هذا النكاح وقت إبرامه على أنه مؤقت إلى حين أن يتيسر للرجل التقدم لأهل المرأة ، وليتم الزواج رسميًا بمعرفتهم ، وبهذا تعد نية الزواج الأول مؤقتة ، وكثيراً ما يعرض للطرفين عارض يحول دون نية الإعلان الرسمي للزواج مستقبلاً ، فلا يتقدم الرجل للمرأة .
وكثير من الشباب المخادع استغل جهل البنات وهو لا يقصد زواجًا ، ولا هو في نيته بل يريد أن يعقد عقداً لا يقصده ليتمكن من الإستمتاع بالفتيات دون أن يتحمل مسؤوليات الزواج الشرعي ، وهذا نكاح لا يقع لأنه ليس مقصوداً ولا معقوداً في النية مثل نكاح المحلل حيث المحلل عقد عقداً لا يقصده ولا ينتويه حقيقة لذا حكم الشرع ببطلانه .
بل إن هذا الزواج طريقة خفية يتوصل بها إلى ما هو محرم في نفسه ، وهو الزنى ، ولأن المقصود بها محرم باتفاق المسلمين ، فهي حرام كذلك ، وسالكها فاجر ظالم آثم ، وكونه يسعى إلى ذلك متخفيًا مخاتلاً أشد ظلمًا وإثمًا ، فشره يصل إلى الأسر الآمنة ، ويضر الأعراض المصونة من حيث لا تشعر ، ولا يمكن الاحتراز عنه ،(53/55)
ولهذا أمر الشرع بقطع يد السارق لأنه يستخفي بجرمه ، على حين لم يأمر بقطع يد المنتهب والمختلس ، ولذلك أيضًا من قتل غيلة يقتل ، وإن قتل من لا يكافئه ، وكذلك من جحد شيئًا استعاره وأنكره ، تقطع يده لعدم إمكان التحرز منه ، ولأنه يعد سارقًا .
وهذا النكاح الغريب لم يعرفه العرب في الجاهلية لأنهم كانوا أهل نخوة ورجولة ، ولم يشرع في الإسلام ولا وجود له في حياة المسلمين ، ولم نر قبل اليوم أناسًا يسعون للزواج سراً وخفية ، بل يطلب الناس الزواج إعلانًا وإشهاراً ، واجتماعًا ومصاهرة ، ولا نظن أحداً يرضى هذا النكاح لا أخته ، أو لإبنته ولا حتى لإبنه ، لأنه خروج على الفطرة السليمة ، ومقاصد الاجتماع الإنساني ، ومحادة للدين والأخلاق القويمة ، بل هو مكر وخداع واستهزاء بآيات الله ، ولعب بالشريعة ، وتحليل للمحرمات ، وانتهاك للمحرمات يأباه العقلاء ، ويتخذه غير المسلمين موجبًا للطعن في الدين الحنيف والنيل منه ، ومن البيّن أن الإسلام بريء من كل هذه المحدثات التي تشبه حيل اليهود في تحليل الحرام ، ولأننا نرى كثيراً من الشباب والشابات يقعون في هذه الشراك المنصوبة ، لذا كان واجبًا أن يبذل الدعاة والمربون والعلماء جهودهم لبيان وجه الحق ، وللإنكار على المجترئين والمخادعين والضالين ، ولمعالجة الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حيّ عن بينة .
ـــــــــــــــــ
حكاية زواج
فى بيت يعطره حب الدعوة، وتمتليء قلوب ساكنيه بالإيمان والقيم الإسلامية، فترفرف السعادة بأجنحتها عليهم، جلست أرتشف رحيقًا إيمانيًا أهداه لى حوار ممتع مع علم من علماء الأزهر الشريف، وهو الدكتور محمد عبد المنعم البرى - عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ورئيس جبهة علماء الأزهر الشريف سابقًا - الذى تحدث عن أسرته .. زوجة صالحة، وأبناء بارين، فاكتشفت أنه لا حدود داخله بين الداعية ورب الأسرة، إنه يتعامل مع أسرته بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة، ويعتبر كل من يدعوهم أبناءه.
استقبلنى د. البرى بحفاوة وكرم بالغين فى منزله بحدائق القبة، وقام بإعداد وتقديم المشروبات والحلوى بنفسه، فشعرت أننى أمام مسلم يتمثل بسنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) مع أهل بيته، وانسابت الأسئلة والأجوبة فى سلاسة وطلاقة فلم أشعر بأننى أجرى حوارًا صحفيًا، وإنما أقطف ثمارًا حلوة لخبرة عمر من العطاء الأسرى الجميل، ولنتذوقها معًا.
زواج بلا تكاليف
اثنان وثلاثون عامًا هى عمر زواج د. البرى ويحكى قصته من البداية فيقول:
فى عام النكسة ( 1967 ) هاجر معظم أهل منطقة القناة، وكان لوالدى منزل كبير به أكثر من طابق فاستضاف بعض أقاربنا من سكان مدينة الإسماعيلية، وكانت لديهم ابنة طيبة مهذبة، وكنت أنا فى مرحلة أتهيأ فيها للزواج، فرشح والدي هذه الفتاة، فوافقت بعد أن وجدت فيها التدين وحسن الخلق، وبالفعل تمت الخطبة وعقد(53/56)
الزواج فى الإسماعيلية موطن زوجتى، وكان والد زوجتى رجلاً عاقلاً حكيمًا، فعندما أوضحت له ظروفى المتواضعة وافق على أن أتزوج ابنته بأبسط التكاليف على أن نستكمل بيتنا على المدى البعيد، فلم يأخذ منى سوى 150 جنيهًا مهرًا، وقام بتأثيث أربع حجرات، وكان مقدم الزواج جنيهًا والمؤخر خمس جنيهات، وتكفل والدى (رحمه الله) بمصاريف الفرح، وتم الزفاف فى جو عائلى بعد مرور ثلاثة أشهر على الخطبة.
وعلى الرغم من غنى والدى كنت أدفع له ربع مرتبى شهريًا من باب {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}، ولقد فتح الله عليّ، بعد مرور عام على زواجى بعقدين أحدهما للسعودية والآخر للإمارات، وهذا جزاء الصابرين، وكان مرتب عقد الإمارات أربعة أضعاف مرتب السعودية، ولكنى آثرت السعودية حتى أتمكن من أداء العمرة، وأكون بالقرب من المسجد الحرام، وبالفعل سافرت إلى السعودية لأعمل أستاذًا للحديث الشريف والتوحيد بدار التوحيد الثانوية بالطائف، وبعد ذلك شرفنى الله (عز وجل) بإلقاء دروس فى المسجد الحرام، وجاء ذلك بمرسوم ملكى وهذا من عطاء الله وفضله.
الزوجة - ربة منزل - أليس كذلك؟
يرد د. البردى بحسم: أنا لا أحب العاملات ويبتسم .. "عمومًا زوجتى موظفة عندى" وأنا أهييء لها كل الأسباب التى تساعدها على أداء رسالتها كربة أسرة، فوضع الطفل فى حضانة فى سنى عمره الأولى يجعله يفتقد لرعاية أبويه وبخاصة أمه فينشأ صنمًا مجردًا من العواطف والمشاعر الإنسانية، ولا زال يدمى قلبى مقتل أو استشهاد وكيلة الإذاعة المصرية السيدة سعاد على حسن وزوجها أستاذ القلب المعروف الدكتور محمد عبد العزيز، وهما ساجدان لله برصاص ابنهما الوحيد الذى كتبت له أمه وهو طفل أغنية "إلهى يحرسك من العين وتكبر لى يامحمد" حيث نشأ الطفل فى حضن المربيات، وتوفرت له الإمكانات المادية المترفة، ولكنه افتقد لروح الأمومة فهربت عنه الروحانيات وتحول إلى قاتل، ولمن؟ لوالديه!!
شروط عمل المرأة
دون أن أسأله عن موقفه من عمل المرأة يجيبنى د. البرى :
لا بأس بعمل المرأة ومرحبًا به بشرط الحفاظ على الشرف والعفاف وعلى ألا تظلم أطفالها، فعندما أنجبت التوأم عبد الله وآلاء أرادت زوجتى أن تودعهما حضانة مجاورة لنا، وكان عمرهما آنذاك عامين ونصف، فوافقت على الرغم من رفضى الداخلى لهذه الفكرة، ولكنى لا أحب أن أكون شريكًا مخالفًا، وقلت فى نفسى اتركها تكتشف الخطأ بنفسها، وبالفعل تراجعت عن الفكرة فى بدايتها حينما وجدت الأطفال يُهمَلُون فى الحضانة، ويُتَرَكُون فى حالة يرثى لها من الجوع وعدم النظافة.
ثم ينتقل د. البرى إلى محطة أخرى من محطات حياته الأسرية فيقول: لقد منّ الله عليّ بالذرية فرزقنى البنين والبنات، فاتبعت سنة الهادى المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فى تربيتهم واجتهدت فى ذلك من الأسبوع الأول للولادة، فالرسول علمنا حمل الأطفال أثناء الصلاة، لذا كنت أحمل ولدى وأنا أصلى، وعندما يبدأ فى المشى أعلمه الصلاة.(53/57)
القدوة الحسنة
وهنا توجهت إلى فضيلة د. البرى بسؤال: هل تربية البنت تختلف عن تربية الولد؟
فأجاب: بالطبع نعم ، فالبنت أرهف حسًا وأرق شعورًا بدليل أنها أسرع على البكاء من الولد، لذا يجب أن تراعى هذه الخصائص، فعلاج الخطأ برفق ورقة يجدى مع البنت عن الولد، ولابد أن أغرس لدى البنت الثقة ، أشعرها بمكانتها العالية ، مما يجعلها تترفع عن الوقوع فى الخطأ، وخصوصًا إذا وجدت من والديها قدوة حسنة.
لقد كنت دائمًا أقول لبناتى: إن زنا البنت فى مكان مستتر أخف ضررًا من أن تتبرج، فالتبرج يدمر مجتمعًا بأكمله، أما جريمة الزنا فهى محصورة بين اثنين، لذا فالفساد الاجتماعى أكثر ضررًا من الفساد الشخصى، وبهذا تستشعر الفتاة عظمة جرم الخروج على طاعة الله.
ويضيف: إن استعمال العصا والضرب لابد منه فى مرحلة ما قبل المراهقة (السبع الثانية فى عمر الطفل)، وأنا تركت هذا الأمر للحاجة أم أيمن لأنها ألصق بالأبناء ، أما أنا فالحزم والمهابة لى، فالأولاد يجب أن يستشعروا قوة الأب ومهابته، وفى الأمور الحياتية العادية تقف الأم موقف الشدة والعقاب، ويقف الأب موقف الحسم الذى يمنع الرجوع إلى الخطأ.
أما فى الأمور الجسيمة - عافانا الله منها - فالأب يتصدى لها أولاً وأخيرًا، وأنا بين حين وآخر أعد لقاء روحيًا داخل الأسرة نجلس فيه وأتحدث مع أبنائى بما يفتح الله عليّ، وأجيبهم على أى تساؤل، ولقد اعتدت أن أصلى النوافل فى البيت لكى أؤم الأبناء، وعندما أكون غائبًا ينوب عنى ابنى الأصغر عبد الله .
الصديق القوى
وعن مرحلة المراهقة فى حياة أبنائه يقول د. البرى: يجب أن تحترم مشاعر الولد أو البنت فى هذه المرحلة، وأنا تعاملت مع أبنائى بلغة الصديق القوى إلى جانب أننى هيئت لهم الصياغة النفسية الأولى منذ مرحلة الحضانة، فالأم والأب يجب أن يلازما الطفل حتى تختفى ظاهرة أطفال المفاتيح، (حيث كل طفل يكون لديه مفتاح للشقة يدخل ويخرج كيفما شاء، ومن هنا يحدث الخلل، إذن البيوت الملتزمة المؤمنة تمر فيها مرحلة مراهقة الأبناء دون أن يشعر بها الوالدان، فالصورة المثالية الأخلاقية تغرس فى الصغر بطريقة غير مباشرة إما بالسلوك، أو من خلال اصطحاب الطفل إلى مجالس العلم والدين ليتعرف على الصحبة الصالحة.
وأذكر أننى فى مرحلة الشباب كان لدى صديق فى عمر والدى، وهذا جعلنى أنضج بسرعة ولا أعبث مثل الشباب، وأود أن أذكر فى هذا المقام واقعة حدثت لأحد أبنائى فى مرحلة المراهقة، حيث جاءنى صديق مخلص وأخبرنى أنه شاهد ابنى يجلس مع فتاة على أريكة خشبية بالشارع، وهنا كان على أن أعالج الأمر بحكمة، فسألت ابنى عن مدى صحة ذلك فأجاب: لقد كنت أقوم بدور المصالحة بين هذه الفتاة وأحد أصدقائى بناءً على طلبه، فقلت له: هل تعجبك هذه الفتاة لو كانت تصلح لك زوجة أخطبها لك اليوم؟ وهنا أكد لى ابنى أنه لايفكر فى ذلك وأن الواقعة كما شرح لى، فقمت بتوجيهه بحكمة، وأعلمته أن إن ما قام به خطأ، وعاهدنى على ألا يرجع لمثل هذا الأمر.(53/58)
وانتهى الموضوع بمودة ودون عقاب، وكانت الفائدة أعظم ، وأصبح ابنى هذا من أصلح وأتقى أبنائي، وأذكر أننى عندما كنت فى الإمارات كان ابنى الأكبر أيمن فى الجامعة بمصر، وأردت أن أطمئن عليه فقيل لى: إنك بسفرك قطعت درس الفجر عنا ولكن ابنك أيمن وصله بعد ذلك فحمدت الله .
اصطبر
داعية مثلكم لابد أن له منهجه فى التعامل مع شريكة حياته حال حدوث خلافات أليس كذلك ؟
يجيب د. البرى باسمًا: هو ليس منهجى الخاص إنه ما علمنا رسول الله (صلى الهل عليه وسلم) حين قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى" ، فعقد الزواج من أسمى وأشرف العقود الذى تهتز السماء إذا طاله سوء، وعندما أختلف مع زوجتى أنهى المناقشة وأترك لها حرية أن تفعل ما تريد على ألا يكون فى ذلك معصية أو خروجًا على القيم والأخلاق، وهذا لا يمنع تمسكى برأيى فى المواقف الحاسمة والفاصلة، وبتجربتى أنصح الأزواج والزوجات بالترفع عن الصغائر عند حدوث خلافات، والتحلى بالصبر والحلم ، وعلى الرجل أن يحترم موقعه "كقوام" على الأسرة فيعف لسانه عن الخطأ، ويصطبر على امرأته تنفيذًا لقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}.
ويقول العلماء: إن زيادة المتن فى (اصطبر) تدل علي زيادة المعنى، إذن الزوج يحتاج إلى أكثر من صبر، فلا ينفعل، فالانفعال لا يوصل إلى النجاح، ولكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها.
المهر جنيه واحد
وبسؤال د. البرى عن مشاركته فى اختيار أزواج بناته وزوجات أبنائه يقول: فى الحقيقة أنا أخذت بمبدأ "اخطب لابنتك ولا تخطب لابنك"، لأن البنت أغلى، والذى علمنا ذلك المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ولقد وهبنى الله ملكة فرز المعادن، فالرسول يقول: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة"، فمن خلال اشتغالى كمربى روحى أعرف معدن الإنسان من أول لقاء به، ولقد تزوجت أولى بناتى من أحد تلاميذى فى المسجد، وحينما طلب منى أن نكتب قائمة للأثاث، ونحدد مؤخر الصداق قلت له : أنا لا أمضى على قوائم وحددت له المقدم جنيه والمؤخر جنيه ، وربنا رزقه بخالد ومحمد، فاختيار الأزواج لبناتى يكون عن طريق تقييمى لمعدنهم، وبعد ذلك تعلن البنت رأيها، إما بالقبول أو الرفض، أما بالنسبة لأبنائى الذكور فلا أتدخل فى اختيارهم سوى بالنصح والمشورة.
ـــــــــــــــــ
زواج موسى عليه السلام وما فيه من دروس وعبر
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد :
آداب خروج المرأة
خرج نبي الله موسى - عليه السلام - من مصر خائفاً يترقب، خوفاً تمهدت أسبابه ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(53/59)
)[القصص: 23]. فالمرأتان ذكرتا السبب الذي لأجله خرجتا، فلابد من السقيا، والأب كبير السن لا يقوي على ذلك، وعلى الرغم من ذلك، فقد تباعدتا عن مكان السقاة، وذلك لأن المرأة لا ينبغي أن تكون خراجة ولاجة، وإذا احتاجت للخروج لا بد من التأدب بالآداب الشرعية، والتباعد عن مواطن التهم والرب والشكوك، والنصوص في حقها تأمرها بالصبانة والتحفظ والتحجب والتستر، قال تعالى: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى )[الأحزاب: 33]. وقال: (وَإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )[الأحزاب: 53]. وقال: ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً )[الأحزاب: 32]. وقال: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ )[النور:31].
وقالي تعالي مخاطباً نبيه الكريم والأمة في شخصه الكريم: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )[الأحزاب: 59].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها " فحدد بذلك مكانها , فإذا احتاجت للخروج فعليها أن تأخذ حواف الطريق , وتغض بصرها , وترتدى زيها الشرعي بحيث يضرب من الرأس حتى القدم , ويكون فضفاضا غير ضيق لا يصف حجم العظام ولا يشف ما تحته من البدن ولا يكون ثوب شهرة ولا زينة ولا يشابه مثل الرجال ولا مثل الكافرات, والمرأة لا تختلط بالرجال حتى في أماكن العبادة , فهي تطوف بالكعبة من خلف صفوف الرجال , وخير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها , وخير صفوف النساء أخرها وشرها أولها وذلك في الصلاة، فالمباعدة بين الرجال والنساء من جملة المطالب الشرعية التي ينبغي أن نحافظ عليها في دور العلم ووسائل المواصلات .... وهي لمصلحة الرجال والنساء , إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك فتنة أضر على الرجال من النساء , وثبت الخبر أن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء ولا شك أن بليه هذه الأمة بالمرأة المتهتكة المتبرجة غاية في الخطر , لذا يحرص أعداء الإسلام على استدراجها إلى حتفها لتكون فتنة لنفسها وفتنة لغيرها وبزعم المطالبة بحريتها وبحقها في أن تكون رئيسة وقاضية.
ورفعت من أجل ذلك الشعارات مثل مشاركة المرأة للرجل في جميع ميادين الحياة , والمرأة نصف المجتمع , وإنصاف المرأة ....
وتنادى بعض هؤلاء بأنه لابد وأن نجعل المرأة رسولا لمبادئنا التحررية ونخلصها من قيود الدين , لقد أراد هؤلاء للمرأة أن تكون سلعة رخيصة معروضة على الملأ وأن تكون أداة لتحلل الأمة وانسلاخها من دينها بمثل هذه الشعارات البراقة المعسولة وإلا فهل ضاعت المرأة مع شرعة ربها , حتى يحفظ حقها الملاحدة الخبثاء !! وما كان ربك نسيا , فهو سبحانه البر الرحيم بالمرأة وبخلقه وبعباده , وليس الذكر كالأنثى , فالمرأة تحمل وترضع وتحيض وتنفس , وهي نصف المجتمع وتلد النصف الأخر , فلها دورها ومكانها ومكانتها المناسبة في الحياة , والحرية الحقيقية للرجل والمرأة في إقامة واجب العبودية والاستقامة على كتاب الله(53/60)
وعلي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلا حاجه لنا في استيراد الحريات العفنة المدمرة من الشرق أو الغرب ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)[المائدة: ] إن جمال المرأة في حيائها لا في إبتذالها، والحياة خير كله ولا يأتي إلا بخير، والحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر، وإن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستحي فافعل ما شئت "
وكانت المرأة لربما خرجت تسال عن صغيرها وهي منقبة، فّا روجعت في ذلك قالت ولأن أرزأ في ولدي خير من أرزأ في حياتي، فلذلك تباعدت المرأتان في مكان الرجال مع الحاجة لسقيا الماء .
أهمية التضرع والدعاء
ويحكي لنا القرآن ما كان من نبي الله موسي - عليه السلام: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إلى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)[القصص: 24 : 25]، مروءة وشهامة ورجولة من نبي الله موسي، وما ضاع العبد ولا خاب بطاعة الله، فقد تمت المصلحة، وقضي الأمر، دون مخالفة، سقي لهما نبي الله موسي، ثم أرجع حاجته لله ( تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير)[القصص: ] استشعر فقره، واشنكي حاله لخالقه ومولاه وهو الغني الحميد، الذي يجبر الكسير ويرحم الكبير ويقيل العثرات ويكشف الكربات ويقضي الحاجات، والإنسان لا يحتاج فقط لمطعم وملبس ومشرب ومسكن، فقد ابتلي بشهوة وغريزة يحتاج إلى تصريفها في الحلال، الرجل بحاجة لزوجه يسكن إليها لتعينه على نوائب الحق، والمرأة بحاجة لزوج تأنس به ليكون عوناً لها على طاعة الله، وحوائجنا جميعاً عنده سبحانه ففي الحديث القدسي: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" .
وسواء امتلك العبد معونة الزواج أو افتقدها فعليه أن يصنع صنيع نبي الله موسي، ويظهر فقره وضعفه إلى الله فمن الثلاثة الذين يعينهم الله، الناكح يبتغي العفاف، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه . يقول " عجباً لمن لم يلتمس الغني في النكاح والله يقول ( إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور : 32].
وانظروا لقيمة الدعاء في جلب الخيرات وتحقيق المطلوبات فما كاد نبي الله موسي يفرغ من قوله : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)[القصص: ]
عرض شعيب على موسى الزواج بابنته
قص نبي الله موسي على شعيب والد الفتاتين، ما كان منه بمصر فقال: (قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فقالت إحدى الفتاتين: ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )، وقال:( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ(53/61)
سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص: ]. عرض الرجل موليته أو ابنته على من يتوسم فيه الصلاح . وهو سنة الصالحين، وقد عرض عمر ابنته على أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهم أجمعين - ولا بد من التدقيق في من يقع عليه اختيارنا، ولما سئل الحسن : من أزوج ابنتي ؟ قال : زوجها التقي النقي، فانه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يهنها " والكفاءة في الرجل معتبرة للصلاح والحرص على طاعة الله، وقد أدخل جمهور العلماء النسب والحرفة والغني والسلامة من العيوب ..
إن قوامة الرجل على المرأة ليس معناها التسلط والقهر، بقدر ما هي قوامة شفقة ورحمة وقيام على مصلحة المرأة .
لقد وقع اختيار الفتاة على القوي الأمين، وهو أحد أولي العزم من الرسل، واستن شعيب بسنة الصالحين، فمثل نبي الله موسي لا يفرط فيه حتى وإن كان فقيراً، فكان العرض، الذي لاقي قبولاً وارتياحاً من نبي الله موسي، فلا كبر ولا عجب ولا غرور، كما يفعل بعض من لا تقوي عنده، إذا تم عرض الابن عليه، وشأن المرأة أن تكون مطلوبة، فلا بد من المحافظة على هذا الأمر أثناء العرض أو التوفيق في الزواج، والمرأة لا تستكره على الزواج ممن لا تحب، وفي ذات الوقت لا تستقل هي في النظر، إذ لا بد من موافقة الولي، ففي الحديث " لا نكاح إلا بولي "، وأيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، وهذا هو قول جماهير العلماء سلفاً وخلفاً، وبل لو زوج الأبعد في وجود الأقرب لم يصح تزويجه، إلا إذا عضلها ومنعها الأقرب من زواج الكفؤ، والمرأة لا تزوج نفسها، فالزانية هي التي تزوج نفسها، بل المرأة لا تزوج المرأة وإنما يزوجها الولي، وفي ذلك محافظة على حقوقها وماء وجهها، ومن هنا تدرك خطأ وخطر الزواج العرفي، التي تزوج المرأة فيه نفسها دون الرجوع للأولياء، وفي قصة نبي الله موسي رد بليغ على دعاة الحب والعشق والغرام قبل الزواج واعتبار ذلك مسألة لا يتم الزواج بدونها، وقد يترتب على ذلك معاشرة كمعاشرة الأزواج، وفضائح تزكم الأنوف قيل الخطوبة وبعدها !!! والكثرة من هؤلاء لم تتزوج وفق الهدي النبوي، وإنما جرياناً مع الأفلام وقصص العشق ووفق الحياة الغربية التعيسة .
أجري عميد أحد المعاهد الاجتماعية إحصائية على 1500 حالة زواج مبنية على الحب فوجدها فاشلة، ولا يتعجب من ذلك، ففساد الانتهاء من فساد الابتداء، والعبد إذا فسدت بدايته فسدت نهايته، وإذا فسدت نهايته فربما هلك إلا أن يتوب إلى الله والعلاقات الغرامية التي تحدث تقوم في الغالب على الغش والتكلف والتجمل والتزين بالباطل بل والكذب، ثم مع الوقوف على أرضية الواقع بعد الزواج تنتهي خياليات العشاق، حيث تنهمك الزوجة في الطبخ والكنس والاعتناء بالأولاد وقد تهمل نفسها وزينتها لزوجها، ويصبح المنزل بالنسبة للرجل عبارة عن فندق للأكل والنوم !!!! نعم لم ير للمتحابين مثل النكاح، ولكن لا بد من إعمال الضوابط الشرعية، فإن لم يتم الزواج فلا يصح التجني على الأطلال والهيام على الوجه(53/62)
والإنشاد في كلب الحارة التي تسكنها المحبوبة فهذا ضيع أصحاب القلوب الفارغة من محبة الله وذكره .
ولكي يكون الزواج مباركاً فلا بد من بدايات صحيحة فالمرأة تنكح لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك، " وإذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " فما خاب من استخار الخالق واستشار المخلوق وينظر الرجل للمرأة إذا أراد خطبتها، وهي تنظر إليه لأنه أحرى أن يؤدم بينهما - أي يتم الوفاق - وتطلب من وليها، والخطوبة علاقة أجنبي بأجنبية، أي أنها مجرد وعد بالزواج، فإذا تم القبول عادت الحرمة كما كانت فلا يحق له النظر -إلا إذا كان لم يتحقق منها أول مرة - ولا يخلو بها ولا تخضع معه بالقول ولا تظهر زينتها له ...... ثم العقد بعد ذلك زواج إلا انه يفترق على البناء ( الدخول ) فالمعقود عليها لها طلقة واحدة - إذا وقعت تحتاج لمهر جديد وعقد جديد - أما المدخول بها فلها ثلاث تطليقات .
والمعقود عليها لها نصف المهر أما المدخول بها فلها المهر كاملاً، والمعقود عليها لا عدة عليها - أما المدخول بها فعليها العدة .
والدخول بالمرأة كحق في مقابله النفقة والسكنة، وهاأنت تري كيف تم زواج نبي الله موسي من ابنة شعيب، حيث آجر نفسه لإعفاف نفسه، وحسن الاختيار من الطرفين، وحدث التراضي بينهما وتم تحديد المهر، وانتفت المشقة والمغالاة والحرج، ووثقا الأمر والله على ما نقول وكيل ونحن نحتاج في زواجنا لشهادة وإعلان، إذ قد يخون الأمين، أو قد يموت ويأتي من بعده من لا يعرفون للأمانة طعماً، وتوثيق العقود اليوم - عند المأذون - هو لضمان وإثبات الحقوق ليس أكثر وإلا فالعقد يصح بدونه شرعاً- وقد ورد في الخبر إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج .
وأحياناً يطلب الإنسان حقاً في الوقت الذي لا يؤدي الواجب عليه كمن يطلب الدخول بالمرأة بعد العقد في الوقت الذي لا ينفق عليها ولا يسكنها ويخل بالميعاد الذي اتفق عليه مع وليها في الدخول والبناء، ثم قد يموت عنها أو يطلقها ويتكتم أمر البناء، وقد تحمل منه ولا يجد مسكناً لها، ويتم إعلان البناء بعد أربعة أشهر مثلاً من الحمل ويفاجأ الناس بالوضع والولادة بعد خمسة أشهر مما يترتب عليه أذى ومضرة وعدم قدرة على رفع الرأس في وجوه المدعوين والخلق ويصيرون فتنة لكل مفتون فلا بد من مراعاة للضوابط والآداب الشرعية ومراعاة العرف الذي لا يصطدم بالشرع
الوفاء بشروط الزواج
طوي عنا القرآن ما حدث بعد الاتفاق بين موسي عليه السلام وشعيب وانتقلت بنا الآيات إلى هذا المشهد ( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُون ) القصص :29 فقد وفي عليه السلام لأبيها بما قطعه على نفسه والمسلمون عند شروطهم وبني بامرأته وتلمس من خلال العرض مدي شفقته وحرصه على أهله وفي الحديث : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله " إن الزواج من أعظم الآيات ومن ثماره حصول المودة والرحمة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ(53/63)
لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم : 21 وهذا هو الزواج المبارك المبني على السنن وعلى تعظيم شعائر الله حتى وإن افتقد العلاقة والمحبة قبل الزواج فبإذن الله تتحقق الخيرات والبركات ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ) مريم : 96 أي مودة يقذفها لهم سبحانه في القلوب ويبقي النظر في عواقب الأمور وتقدير المصالح التي تنجم من وراء الزواج وحتى إن لم تكن المحبة كهذه التي تحصل في القصص الغرامية
أتي رجل لعمر بن الخطاب يقول له إني أريد أن أطلق امرأتي قال له عمر ولما ؟ قال له لأني لا أحبها فقال عمر : وهل كل البيوت بني على الحب ؟ فأين الرعاية والتذمم.
ليس من المعاشرة بالمعروف كثرة التلويح بالطلاق، فالطلاق أحياناً يجب وأحياناً يستحب وقد يحرم أو يكره ولا يكون مباحاً مستوي الطرفين وورد في خبر ضعيف أبغض الحلال إلى الله الطلاق وقد يستنفذ الرجل الطلقات الثلاث فتبين منه زوجته بينونته الكبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره فلابد من تقوي الله في هذا الميثاق الغليظ والبعض لا يجد وسيلة لتأديب امرأته إلا تهديدها بالزواج عليها بأخرى حتى أصبح التعدد أمراً مخيفاً من جراء سوء السلوك والتصرف إن لنا في رسول لله أسوة حسنة فهو خير الأزواج لنسائه صلي الله عليه وسلم ورضي الله عنهن ما مست يده امرأةً ولا خادماً ولا دابة إلا أن تنتهك محارم الله، كان في خدمة أهله يسابق أم المؤمنين عائشة ويعدل بين نسائه في النفقة والسكني والمبيت- .... نحتاج لبيوت تؤسس على تقوي الله وعلى معاني الإيمان في الغضب والرضا والعسر واليسر، فهنا ينشأ ويترعرع الأبناء فتتواصل معاني الهداية ويظهر أشباه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد والمقداد والقعقاع وصلاح، يجدد بهم سبحانه دينه ويعلي بهم كلمته ويملئون الأرض عدلاً بعد أن ملأت ظلما ًوجوراً ويتم على أيديهم فتح بيت المقدس والانتصار على اليهود وما ذلك على الله بعزيز، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين
ـــــــــــــــــ
أيتها الزوجة .. لا تجمعى السيئتين
كانت الدموع المحبوسة، والصوت المرتجف، والأسنان المصطكة هى إجابات الزوجة عن تساؤلات الموظف الحكومي الذى استدعاها بشأن نشاط تجارى مسجل باسمها، وقد ورثته عن أبيها، أشفق الموظف عليها، وحاول تهدئتها، فقالت بعد أن تمالكت أعصابها:
أرجوك لا تسألنى إن كل المعلومات عند زوجى، وأنا لا أعرف شيئًا، رد الموظف: ولكن النشاط باسمك، وأنت المسئولة عنه، وأردف: ثم إن لك ذمة مالية مستقلة، رفعت رأسها، وبدت على ملامحها علامات الدهشة، والاستنكار، وقالت: ذمة مالية مستقلة عن زوجى، لا .. عيب.
عيب لفظ واحد، يلخص موقف كثيرات من حقوقهن التى كفلها لهن الإسلام، فمراجعة الزوج عيب، والمطالبة بحسن العشرة عيب، والتمسك باستقلالية الذمة المالية عيب، وإنكار ظلم الزوج عيب، وسؤاله النفقة الشخصية عيب، تتحول(53/64)
الحقوق إلى عيوب، وتصبح المطالبة بها تبجحًا، وسوء أدب، وتصرخ المرأة من فرط شعورها بالمهانة والدونية، وتحتج على ضياع حقوقها، وتتهم الرجل بأنه يتآمر عليها، ويتربص بهذه الحقوق، وتنسى أو تتناسى أنها أول المتآمرين والمتربصين، وأن جهلها بحقوقها أو عدم اكتراثها بها هو أول أسباب إهدارها، فحين يفرط صاحب الحق فى حقه ليس له أن يلوم غيره إن كرس هذا التفريط، وبنى عليه ودعمه واستمرأه، ووجد فيه ضالته.
إن البيت المسلم الذى يضم رجلاً يتشبث بما ليس له، وامرأة تفرط فيما لها، هو بيت متهاوى الأركان، يفتقر إلى عمودى الفهم والوعى اللذين يتصدع أى بيت إن انهدما فيه أو على الأقل يبقى قائمًا شكلاً، بينما العلاقات داخله مهلهلة ومنهارة.
وفارق شاسع بين من تضيع حقوقها جهلاً أو تفريطًا أو مسايرة لعرف يستقبح أن تكون المرأة واعية بما لها، متمسكة به، حريصة عليه، وبين من تعرف حقوقها، ولكنها تتسامح فيها، وتتنازل عن بعضها طوعًا وقربى لله، ثم لشريك حياتها، الأولى يحركها إلف العادة، وتكتم فى نفسها إحساسًا جارفًا بالقهر تتعايش معه ولا تملك له دفعًا، والثانية تستمتع بعزة الوعى، وتستشرف الأجر من الله، ولا تشعر بالظلم، بل تجد فيما اختارته منتهى الإنصاف والكرامة.
إن المرأة التى استنكرت أن تكون لها ذمة مالية مستقلة، لا تفرط فقط فى حقها، وإنما تنكره أيضًا فتجمع بين سيئتين: اعتبار حقوقها المشروعة منكرًا، وإعلاء العرف عليها، وإهدار هذه الحقوق.
ومن ثم فإن على حركات تحرير المرأة الإسلامية أن تضع ضمن أولوياتها توعية النساء بحقوقهن ليكن نصيرات لها لا متآمرات عليها، وليكنَّ دلائل حية على عظمة الإسلام، وريادته الإنسانية.
حقوقنا - نحن النساء - كما أهداها لنا ديننا ليست عيوبًا نتبرأ منها، ولا وصمات عار ننكرها، إنها أكاليل عزة، وتيجان تشريف، لا يقلل من قدرها أن ننزلها من فوق رؤوسنا، ولكن المأساة أن الرؤوس التى نزعت من فوقها هذه الأكاليل والتيجان جهلاً أو قسرًا، هى أمضى سلاح نمنحه لأعدائنا ليسددوا به الطعنات فى قلب العقيدة.
ـــــــــــــــــ
حتى يكون رمضان موسمًا للسعادة الأسرية
يأتى رمضان فتسرى روح إيمانية فياضة فى الفرد المسلم، ويتسابق الجميع فى الطاعات من قراءة قرآن، وصلاة، وقيام، وصدقة، وهذا جميل وطيب.
وهناك صورة أخرى لزوجة تقضى نهارها فى المطبخ تعد الإفطار، وترعى شئون البيت، وزوج منكب على المصحف لا يتركه، وكلاهما مثاب، ولكن ماذا لو ترك الزوج مصحفه ولو لنصف ساعة، وساعد زوجته ليعودا سويًا يقرآن ويدرسان؟ لابد أن الصورة ستكون أجمل حين يجتمعان على الطاعة، ويجمعان الأولاد من حولهما فحينها سيؤجر الزوج على إعانة أهله، وستجد الزوجة وقتًا لتتنسم نفحات الإيمان العطرة، ومعها نفحات السعادة الزوجية، والتضافر على الطاعة.
تسابق وتنافس(53/65)
يقول الدكتور إبراهيم محمد قنديل - أستاذ الحديث بجامعة الأزهر - إن المشاركة فى الطاعات تولد المودة والحب بين الزوجين والأبناء، وتدعم أواصر القربى والصلة، وما أجمل، وما أروع أن ترى الأسرة المسلمة وهى تتوجه إلى المسجد بأبنائها وأحفادها بملامح مستبشرة وخطوات ساعية إلى رضوان الله,.
وقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم): "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل، فتوضآ، فأسبغا الوضوء، ثم صليا ركعتين لله كتبا عند الله من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات" وهذا يوضح مدى أهمية الاجتماع على الطاعة، وحرص رب الأسرة على هذا الاجتماع.
مشيرًا إلى أسرة خصصت جائزة لأول شخص يختم قراءة القرآن، وفازت بها البنت الصغرى التى سبقتهم بثلاثة أجزاء، وذلك لأنها كانت تقرأ فى الحصص التى تتغيب فيها المدرسات، وفى كل وقت فراغ لديها.
ويدعو د. قنديل أرباب الأسر آباء وأمهات أن يخصصوا جزءًا من الوقت لمدارسة القرآن تلاوة وتفسيرًا مع أبنائهم، والحرص على تعليمهم مبادئ الدين، وليكن من رمضان بداية لهذا المنهج الإيمانى الجميل.
ملاذ المؤمن
ويستهل د. صلاح الدين السرسى - كبير الباحثين بمركز دراسات الطفولة، جامعة عين شمس - رأيه بقوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم:21].
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء" ويشير هذا الحديث النبوى الشريف أن الله (سبحانه وتعالى) خلقنا بجبلة اجتماعية، وجعل منا الشعوب والقبائل لنتعارف، ولنتعاون، وليعضد بعضنا البعض فى وجوه البر والتقوى، والذى يتأمل العبادات الإسلامية يجدها اجتماعية الطابع، والروح، والخصائص.
فإذا كان الإنسان المسلم يمارس عباداته فى دوائر اجتماعية إسلامية، فإن الدائرة الأهم دائرة الأسرة المسلمة التى يجد فيها ما لا يجده فى غيرها، ويشبع من خلالها حاجاته الإنسانية من خلال الزوج أو الزوجة.
فهو يستمد منها الطاقة الوجدانية حبًا، ومودة، وحنانًا، وتعاطفًا، وتفهمًا، يرتاح فيها مما يكابده من تعب، ويستعيد فى فيء تراحمها نشاطه، ويشحذ بتشجيعها همته، ويستعيد من حنوها شحن إرادته، إن خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة، أو الزوج الصالح، والصلاح هنا هو الشرط الوحيد ليجد كل منهما بغيته الإيمانية لدى الآخر، فكلاهما يمثل مرآة الآخر، فإذا قصر أحدهما لقى من رفيقه ما يعيد له قوته وعزيمته، إذا لم يستيقظ أحدهما لصلاة الفجر أيقظه رفيقه، وإذا ما استشعر أحدهما الخوف أمنَّه شريكه، وإذا خشى الفقر طمأنه قرينه بما عند الله من نعم، وخيرات لا تحصى، رغبه فى عمل الخير، وحبب إليه التعبد، والتصدق، والتواصل، والصبر على الشدائد ، منها يستمد كل منهما الزاد المادى والروحى ليكون فى الحق قويًا،(53/66)
وأمام المخاطر صلبًا، ومنها تتفجر ينابيع الحب الإنسانى فياضة بالخير، وهى مقياس خيرية المرء كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى"، هى ملاذ المؤمن اليوم بعد ما فسدت الكثير من الدوائر الأخرى، ومنها تنبع المحبة، والتواصل مع الله ورسوله، ومع طرفى هذه العلاقة: الزوج والزوجة، ومع بعضنا البعض، هى الآن مصدر الطاقة، وشحذ الهمم، وفيها نقتدى بسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسيرة الصحابة (رضوان الله عليهم) والسلف الصالح، فهم القدوة، والأسوة، والمثل الأعلى الواجب علينا احتذاؤه.
ـــــــــــــــــ
هؤلاء اكتشفن أسرار السعادة الزوجية
لو سئلت فتاة لم يسبق لها الزواج عن أسرار السعادة الزوجية لاستغربت السؤال لأنها لم تتزوج بعد، أو لأجابت إجابة رومانسية حالمة تجسد أحلامها هى وما تريده لا ماهو واقع بالفعل.
ولذلك إذا أردنا اكتشاف هذه الأسرار فإن علينا أن نسأل المجربات، ونقترب ممن دخلن فى معترك الحياة الزوجية، وغادرن موقع الحلم إلى الواقع الفسيح؛ لأن إجاباتهن ستكون أصدق، وأكثر عملية، وواقعية، وستمثل ومضات على طريق من لم يتزوجن، ودعوة للمراجعة لكل زوجة لم تهتد بعد إلى هذه الأسرار.
جاملى زوجك
- تنصح راندا أحمد - متزوجة منذ 17 عامًا - كل فتاة مقبلة على الزواج فتقول:
- لكى تعيشى حياة زوجية سعيدة، ومستقرة عليك بحب زوجك، وعليك بفهم طبيعته، فمن خلال فهمك لطبيعة زوجك تستطيعين إرضائه، وهذا بالطبع لا يأتى مرة واحدة إنما يأتى مع العشرة.
- كما إنه من المهم أن تتواضعى له، بل وفى بعض الأحيان تجاملينه، وبهذا تستطيعين إسعاده والعيش معه حياة سعيدة ومستقرة.
نقطة ضعفه
- أما سامية أحمد - ربة منزل (25 سنة زواج) فتقول لكل فتاة أو زوجة:
- تعرفى على نقطة ضعف شريك حياتك وراعيها، محافظة على مشاعره، واستقراره النفسى.
- فإذا كان يحب الطعام، فتعلمى فن الطهى، وقومى بطهى أشهى المأكولات، وإذا كان يحب عائلته،، فاهتمى بهم أكثر منه... وهكذا.
وتقدم السيدة مدينة راشد - ربة منزل 57 سنة زواج - ثمرة تجربتها الطويلة فتقول:
عيشى مع زوجك على الحلوة والمرة، واحترمى كلمته، وأقيمى علاقة طيبة مع أهله خصوصًا أمه هكذا تكسبينه بسهولة.
قل أحبك
أما منيرة عبد الحميد - موظفة 30 سنة زواج:
- الحوار والتفاهم والحب والثقة، فتقول لكل زوج تستطيع أن تجعل زوجتك طوع بنانك إذا قلت لها أحبك، إنك بهذه الكلمة، فتعطيك كل ما لديها من حب وحنان واهتمام.(53/67)
وتقول السيدة أم يوسف - ربة منزل 20 سنة زواج:
- عليك أولاً أن تدركى أن الحياة الزوجية ليست شهر العسل فقط فالزواج مسئولية صعبة يجب التخطيط لها جيدًا، والمرأة الذكية هى التى تدرك طباع زوجها، وتتصرف على أساس هذه الطباع مع مشاركته في طموحاته، وهواياته، ولكن بحدود، أى دون أن تتطفلى عليه.
التمسك بالإسلام
وتقول أمينة التركى - أندونيسية 15 سنة زواجًا - على الزوجة أن تعرف حقوقها وواجباتها تجاه زوجها من خلال تعاليم الإسلام، ومن خلال ما وصى به الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعليها أن تضع أمام عينيها قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
وتقول السيدة وداد القصير - 45 سنة زواجًا - أمى كانت تقول لى دائمًا: "من نظر إلى عيشة غيره حرمت عليه عيشته"، وها أنا أقول لكل فتاة هذا المثل فحتى تعيشى سعيدة مع زوجك، فعليك أن ترضى بنصيبك الذى قسمه الله لك، حتى ترى مقدار نعمة الله عليك، وبدون ذلك لن تسعدى مهما حاول زوجك إرضاءك.
اسألى زوجك
وتقول نوال محمد - سعودية ربة منزل 17 سنة زواجًا - الطاعة مفتاح قلب الرجل، ثم الصدق معه لأن الصدق يولد الثقة بينك وبينه، والثقة تعتبر ركنًا أساسيًا من الأركان التى تقوم عليها السعادة الزوجية.
واهتمى بنفسك وما بين فترة وأخرى اسألى زوجك، ما الذى يريده منك؟ وما الذى ينبغى أن تفعليه؟ بذلك تعرفي ما الذى يسعده، وما الذى يكره منك.
أما السيدة جميلة محمد على - ربة منزل متزوجة منذ 20 سنة - فتقول لكل شابة: الرجال كلهم سواء تنحصر احتياجاتهم وطلباتهم فى أكل شهى، وبيت نظيف، وهدوء، وزوجة مطيعة ومهتمة به، ومهتمة بنفسها، فما عليك إلا خلق هذا الجو داخل بيتك حتى تنعمى بالسعادة معه، إضافة إلى ذلك لا تنسى أهمية الصبر على زوجك فى وقت غضبه، والوقوف بجانبه عند الشدائد.
أهل زوجك
أما عايدة حنفى 37 سنة زواجًا تقول: حافظى على ماله، ولا تخرجى أسراره حتى لأقرب الناس إليك، وعاملى أمه وكأنها أمك.
وتتفق معها ابنتها ناهد محمد - مدرسة زوجة من 13 سنة - حيث تقول: أظهرى زوجك بأحسن صورة أمام أهلك، ولا تخرجى يومًا لفظًا مسيئًا لزوجك والتزمى دائمًا الأدب والهدوء فى التعامل معه حتى فى المواقف التى يحتدم فيها النقاش أو الخلاف يجب أن يكون لديك ذكاء التعامل كى تحصلى على حب زوجك واحترامه.
- وتلقى "آى نور" - جزائرية ربة منزل وزوجة من 30 سنة - الضوء على عامل القدوة المهم فتقول أقدم نصيحتى للأهل، وليس للفتاة أو الفتى المقبلين على الزواج، وأقول لكل أم عليك بتعليم ابنتك كيف تكسب زوجها، اجعليها تنظر إليك كقدوة من خلال طريقة معاملتك لأبيها والعكس، لا تتدخلى فى حياة أبنائك بعد الزواج، بل عليك بتركهم يعيشون حياتهم، ويمرون بتجارب الحياة حتى يتعلموا منها.(53/68)
- نادية عبد المجيد - 18 سنة زواجًا - وتنصح كل زوجة: لا تقللى أبدًا من شأن زوجك، واحترمى رغباته، واعطيه الحرية فى التصرف، والخطأ أن تحاولى مناقشة زوجك أثناء غضبه، أو أن تحكى له عن مشكلات البيت والأولاد عند رجوعه مباشرة من العمل، بل عليك اختيار الوقت المناسب لكل شيء، اجعليه ينظر إليك باحترام، وحافظى على كرامتك معه، ولا تجعليه يرى دموعك إلا قليلاً حتى تؤثر فيه.
شهادة التخرج فى المطبخ
تقول الكاتبة الصحفية الأمريكية المعروفة نورمان فنست بيل - مديرة مجلة جايد بوستس - وهى زوجة وأم لثلاثة، وجدة لسبعة:
لكى تصل الفتاة إلى السعادة الزوجية يجب أن تقتنع بأن الزواج سنة الحياة، وبهذه الروح تنجح محاولات الزوجة للتكيف بما يتفق مع احتياجات زوجها، فكل الأزواج يهمهم أن يروا البيت نظيفًا منسقًا، والمائدة عامرة بما يشتهون، وملابسهم النظيفة جاهزة فى أى وقت، وأشياء شخصية كجريدة الصباح ، والزوجة البارعة تراعى هذه الاحتياجات، فتحافظ على ابتسامة زوجها.
بعض الأزواج يحبون أن تبدو الزوجة لهم فى أبهى زينة، وأكمل أنوثة، والبعض الآخر يفضلون الاقتصاد فى الزينة، والمرأة الذكية تعرف ما الذى يريده زوجها، وتتصرف على أساس ما يريده، وعلى الزوجة أيضًا أن تضع أسرتها فى المقام الأول فى حياتها، فيهون أى منصب أو عمل فى سبيل زوجها وأبنائها، زرت صديقة فوجدتها قد علقت شهادتها فى المطبخ، وعندما سألتها: لماذا فعلت هذا؟ قالت لى: ذلك أفضل مكان للبكالوريوس لأنى أستخدم كل ما تعلمته لأتقن واجباتى كأم وزوجة مثالية
ـــــــــــــــــ
ادفعي زوجك نحو النجاح
يقولون: "وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة" هل فكرت يومًا أن تكونى تلك المرأة العظيمة التى تجعل من زوجها رجلاً عظيمًا؟ كثيرات يتمنين ذلك، لكن فئة قليلة منهن من سعين لتحقيق تلك الأمنية الغالية بشكل عملى، ونحن نأخذ بيدك على طريق النجاح لك ولزوجك عبر السطور القادمة، ونقدم لك أسرار النجاح، وما هو دورك المنتظر لتيسير تلك الأسرار أمام زوجك، كما عرضها الأستاذ: عادل فتحى عبد الله، فى كتابه "ادفعى زوجك نحو النجاح".
ـ ذكرى زوجك دائمًا باستحضار النية الصالحة فى كل عمل، ولا تدفعيه لشيء فوق طاقته، فيلجأ لطريق حرام، أو فيه شبهة لتلبية طلبك، ولتكن وصيتك دائمًا له كوصية تلك المرأة الصالحة التى قالت لزوجها: "اتق الله فينا، ولا تطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع فى الدنيا، ولا نصبر على النار فى الآخرة".
- اقتربى من الواقعية فى وضع الأهداف، فإذا رأيت أن زوجك يضع أهدافًا خيالية فاجذبيه إلى الواقعية برفق وهدوء، واتبعى المرحلية فى وضع الأهداف وتحقيقها، فالهدف الكبير يمكن أن ينقسم إلى عدة أهداف جزئية، كلما تحقق هدف منها كونى عونًا كزوجك على تحقيق الثانى وهكذا ، ولا تتعجلى فى تحقيق تلك الأهداف، ولا(53/69)
تترددى فى التنازل عن بعض الأشياء التى تريدينها لنفسك فى سبيل مصلحة الأسرة.
ـ طالما حدد الإنسان أهدافه، لابد من التخطيط السليم المنضبط لتحقيق تلك الأهداف، ويحتاج التخطيط السليم إلى المعرفة التامة بالعمل، فعليك إذًا توفير الجو الملائم للزوج لمساعدته على إنجاز مهمة التخطيط للعمل، وهو هادئ النفس ، مرتاح البال ، ساعديه فى حصر كل ما يحتاج إليه لإنجاز العمل الذى يقوم به، وشاركيه فى وضع خطة خمسية يتم فيها إنجاز شيء مهم للأسرة كل خمس سنوات.
ـ أمر الله (سبحانه وتعالى) بإحسان العمل وإتقانه فى كل الظروف والأحوال، وقد قال الرسول (عليه الصلاة والسلام): "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، فساعدى زوجك على الإتقان، وشجعيه على ذلك.
ـ أكسبى زوجك الثقة بالنفس، فامتدحى فيه الصفات الحسنة، وذكريه بنجاحاته السابقة التى حققها فى حياتك معه، أو قبل زواجكما، اكتشفى مواهبه، فكثير من الناس لا يدرك حقيقة مواهبه، ويدله عليها الآخرون، شاركيه فى الوقوف على سلبياته ومحاولة مناقشتها وعلاجها؛ لأنك أقرب الناس إليه، ولا تنسى أن تبدى له النصيحة فى ثوب جميل رقيق.
ـ لا تغفلى أبدًا عن أن الوقت هو الحياة، وحسن استغلال الوقت مهمة أكيدة من مهماتك، ومما يعينك على ذلك تحديد الزيارات للأقارب والأصحاب قبلها بوقت كافٍ، وعدم اتخاذها مجالاً لإضاعة الوقت، ومحاولة حل المشاكل الداخلية للأسرة مثل مشكلات الأولاد البسيطة دون إضاعة وقت الزوج فى مثل هذه الأمور، يمكنك أن تقومى ببعض الأعباء التى يقوم بها الزوج مثل شراء احتياجات المنزل حتى توفرى له الوقت لاستئناف عمله أو للراحة، واستبدلى الأوقات المهدرة فى المكالمات الهاتفية، ومشاهدة التلفاز بمساعدة زوجك قد استطاعتك.
ـ إن أى نجاح فى الدنيا مبتور إذا لم يتصل بفعل الخيرات، ولا نعنى الفروض التى فرضها الله تعالى علينا، فأمرها مفروغ منه، بل نعنى ما يتقرب به الإنسان المسلم من النوافل والصدقات وأعمال البر، ويُقر علماء النفس حتى الغربيين ما لفعل الخيرات من أثر عظيم على النفس يدفعها للنجاح؛ حيث يترك فعل الخيرات فى النفس راحة واطمئنانًا، وسعادة لا يعادلها أى أثر ، لذا ادفعى زوجك دفعًا حنونًا نحو كل الخيرات.
ـ كثير من الناس يسعى فى مجالات عديدة، ويعمل أعمالاً كثيرة لكنها لا تكون ذات قيمة فيضيع وقته هباء لسبب بسيط هو أنه لم يمض فى تلك الأعمال حتى النهاية، إن هناك أعمالاً كثيرة، إما أن تكون كاملة أو لا تكون، من أجل ذلك ساعدى زوجك على أن يكون من أصحاب النفس الطويل بعدم الإلحاح عليه بطلباتك التى تفوق قدرته، فيضطر لترك عمله للانتقال إلى آخر دون أن يحقق شيئًا فيه، فيفقد التفوق فى كليهما.
ـ لا تخلو الحياة أبدًا من العقبات والعراقيل، ولكن العقل الواعى السائر نحو النجاح يعتمد دائمًا على همة عالية تدفعه لتخطى العقبات، والصبر عند الملمات، وهذا سيد الخلق (عليه الصلاة والسلام) يخاطبه ربه (عز وجل) قائلاً: {يا أيها المدثر قم فأنذر(53/70)
وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر} إنها دعوة لنفض غبار النوم، وخوض معترك الحياة لإعمار الكون، ولكى يكون زوجك عالى الهمة يجب أن تكونى أنت كذلك أولاً.
ـ اعلمى أن الإنسان لا يحتاج فى حياته شيئًا أكثر من الصبر، وفى الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "واعلم أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا"، فالصبر هو السبيل إلى الغاية المنشودة، ولا يقصد بالصبر احتمال الشدائد فحسب، بل هو الصبر الجميل الذى لا تصاحبه الشكوى إلا لله، ولا يخالطه الجزع والسخط، صبر يقترن دائمًا بالرضا بالقضاء والثقة فيما عند الله، وأنه خير وأبقى.
نجاح فاشل
ـ أخيرًا، يجب أن توقنى بالحقيقة التى تقول ليس كل الناجحين سعداء، بل هناك ناجحون نظنهم فى قمة السعادة، وهم تعساء يتمنون زوال تلك النجاحات، فالنجاح الذى يأتى على صحة الإنسان الجسمية والنفسية والأخلاقية هو فى الحقيقة نجاح مدمر ، والفشل خير منه، فاحذرى من دفع زوجك للنجاح فى أمر يعانى منه أكثر من معاناته فى الفشل.
إن الحياة توازن بين أشياء عديدة، الإخلال بشيء منها يدفع الحياة نحو الكدر والفشل والخسارة، ذلك التوازن لن يوضحه أروع ولا أجمل من حديث رسولنا الحبيب (صلى الله عليه وسلم): "إن لربك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، فأعط كل ذى حق حقه".
ـــــــــــــــــ
لا تضطر زوجتك للتسوُّل
كل إنسان بحاجة لأن يحس بالتقدير، ولدى كل إنسان حاجة إلى الحب والتعبير عنه بكافة الأشكال، وفى كافة المواقف، وليس أجمل ولا أعذب من كلمة حب بين زوجين جمع الله قلبيهما على الحلال، فيغنى الله كلاً منهما بالآخر ويملأ فراغه، ولكن أن يهمل الزوج زوجته ولا يشبع عاطفتها، فهذه مشكلة، والكارثة أن يكون هناك من يرصد هذا الفراغ، ويحاول أن يسده بشكل غير مشروع.
وإن كنا نعذر الزوج حين يتزوج بأخرى، ونقول: لابد أنه لم يجد ضالته فى الأولى، فكيف تتصرف الزوجة حين تفتقد تقدير زوجها وحبه؟ إنها رسالة إلى كل زوج يرى الحب ضعفًا.. وتقدير الزوجة رعونة، والكلام الحلو تضييع وقت!
شكاوى الزوجات
خديجة عبد الله (موظفة) زوجى يخاصمنى بالأيام ونحن نعيش مع الأسرة الكبيرة فى بيت العائلة، والجميع يلاحظ ذلك فيكلم الجميع إلا أنا، ودائمًا يتهمنى بعدم النظافة والإهمال فى بيتى، رغم أنى أعمل أكثر من نصف اليوم وأرجع مرهقة ولا يساعدنى وراتبى يذهب إلى العائلة.
أميمة عابد (مدرسة) تزوجته وهو طالب، وعملت وكنت أنفق عليه وعلى أخواته البنات، وأول ما توفرت له فرصة عمل تركنى وسافر وتزوج من ممرضة،(53/71)
ويعطينى فتات وقته وماله، والعلاقة بيننا شبه مقطوعة، فأين التقدير وأين العرفان بالجميل.. ناهيك عن الحب؟
بسمة أحمد (موظفة) أسهمت مع زوجى حين كان موظفًا صغيرًا لا يملك شيئًا، وأعطيته مالاً بدأ به مشروعًا صغيرًا، وبارك الله فيه، وكان قبل ذلك يأخذ برأيى ونعيش حياة سعيدة، وحينما اغتنى بخل علينا، ويعطينا بالكفاف ويفضل أهله ويعطيهم، ثم تزوج من أخرى، مما جعلنى أكره الحياة، وأرى أنه لا وجود للإخلاص فيها فما بالك بالتقدير.
أما نسيبة عبد الرحمن (ربة منزل) فتقول: زوجى يحرص على مشاعرى، وخاصة أمام أهله ويساعدنى فى المنزل، ودائمًا ما يدافع عن حقى، وذلك يجعلنى ازداد حبًا له وتقديرًا ففاقد الشيء لا يعطيه، وأنا أستمد حبى لزوجى من حبه لى.
خطأ التربية
وعن أثر التربية على إهمال الرجل لتقدير زوجته يحدثنا د. أحمد العمرى - أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة - فيقول الخطأ الذى نقع فيه، ونحن نربى أولادنا أننا نعلى من قيمة الذكر، ونفرق فى التربية بين الولد والبنت، فالبنت تقوم بخدمة الولد، الولد يأكل والبنت تجمع الأطباق، ويوم الإجازة الولد ينام وتساعد البنت أمها فى أعمال البيت، هو يلقى ملابسه وأخته تجمعها وتنظمها، تعود الولد على أن يأمر البنت (المرأة)، ورُبِّى على أنه الأفضل وأنها الأدنى، ثم إن الابن الذى يرى أمه مهانة، وهى النموذج والمثل، يتعود على هذا، ويكبر وتتحول البنت الأخت الصغيرة إلى الزوجة، فتصبح أيضًا محل الإهانة والتحقير، ونحن نخطئ فى حق أبنائنا وأنفسنا وفى حق آخرين حينما نربى أولادنا بهذه الطريقة، ولذا نجد الولد حينما يصبح رجلاً يعتمد الشدة والقوة أسلوبه فى التعامل مع الآخر (الزوجة)؛ لأنه لم يرب على أن روح الود والأمان تسود الأسرة، وأن التعبير عن الحب والامتنان ليس نقيصة فى حق الرجل، أو تهمة يتهم بها، فإذا ما نشأ على هذا نجده حريصًا على التعبير لزوجته عن امتنانه وشكره لشيء طيب قدمته، أو إعجابه بثوب جميل ترتديه، أو ثنائه على جهد قدمته، مما يشعرها بالتقدير ويجعل حياتهما أفضل وأجمل.
ويحدثنا د. يوسف قاسم - أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة - عن النبى (صلى الله عليه وسلم)، وكيف كان خُلقه مع زوجاته رضى الله عنهن وتقديره لهن فالزوجة أقرب شخص إلى الإنسان، فيجب أن تعامل معاملة كريمة، وقد ورد عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "خيركم خيركم لأهله"، والأهل تعنى الزوجة، فالقرآن الكريم يقول: { قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(يوسف: من الآية25)
وفى كلام أنس بن مالك: "قال خدمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عشر سنين، فما قال لى عن شيء فعلته لم فعلته، وما قال لى عن شيء لم أفعله لِمَ لم تفعله"، فإذا كان هذا خلقه (صلى الله عليه وسلم) مع الخادم، فكيف به مع الزوجة، وللنبى (صلى الله عليه وسلم) مواقف مع زوجاته توضح مراعاته لشعورهن، فحينما عايرت زوجاته السيدة صفية بنت حيى بأنها ابنة يهودى - نتيجة لغيرتهن - من(53/72)
جمالها، طيب النبى خاطرها وقال لها: ردى عليهم بأنى زوجة نبى ، وأبى نبى ، وعمى نبى (إشارة لسيدنا موسى وهارون).
وكان إذا غضبت إحداهن من الأخرى أخذ الحق لصاحبته فى لين، وحينما كسرت السيدة عائشة إناء للسيدة حفصة أمرها برد مثله، حتى فى مرض الوفاة فقد استأذن بقية زوجاته فى أن تمرضه السيدة عائشة فى حجرتها، وكان هذا خلقه (صلى الله عليه وسلم) مع زوجاته وحرى بكل مسلم أن يقتدى به، فهو المثل الأعلى لكل مؤمن، وفى ديننا الكلمة الطيبة صدقة، والزوجة أولى بصدقة زوجها.
برواز
- أرجوك. لا تفعل
• تتعب الزوجة فى إعداد طعام شهى للزوج متمنية أن تسمع كلمة شكر فتكون الإجابة: أمى تطبخ أفضل منك.
• تنتظر زوجها فى أبهى زينة فيدخل وكأنه لم ير شيئًا ولا تعليق.
• وآخر يهين زوجته ولا يجبر كسرها أمام عائلته، ويتحدث عنها باشمئزاز.
• وآخر يبخل على زوجته بكلمة حب، أومدح .
ـــــــــــــــــ
من أهداف الزواج
قضت الحكمة والإرادة الإلهية، والفطرة التي فطر الله الناس عليها بضرورة الاجتماع والاتصال بين الرجل والمراة حتى يكون من ذلك ذرية تتوالد وتتناسل وتعبد الله، وتعمل في عمارة الكون واستغلال ثرواته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
وكرم الله الإنسان، فلم يترك ذكره وانثاه يجتمعان كما يجتمع ذكر الحيوان بأنثاه، بل شرع الزواج وسيلة إلى ذلك ورتب عليه حقوقاً وواجبات ليتحقق من الاجتماع بينهما مودة ورحمة واعفاف، وليكون من ذلك ذرية طيبة وقوية تجد في كنف الوالدين الرعاية الكاملة ولو أن أمر الإنسان في ذلك ترك بلا ضابط ولا نظام لترتبت مفاسد لا تحصى، ولما وجدت الذرية المشتركة الشائعة التي تتوالد عن هذه الفوضى كامل الرعاية والعناية، فشأن الاشتراك ضعف الشعور بالمسؤولية ومحاولة كل شريك إلقاء العبء على غيره وتقصير كل منهم اعتمادًا على قيام الآخر بواجبه مما يترتب عليه الضياع والفساد، فضلاً عن تفكك المجتمع واختلاله، وانعدام العواطف وروح التعاون التي ينميها نداء القرابة ووحدة الدم في نظام الأسرة.
يقول الشيخ شلتوت رحمه الله: "وما الزواج في واقعه إلا ظاهرة من ظواهر التنظيم لفطرة أودعت في الإنسان كما أودعت في غيره من أنواع الحيوان، ولولا الزواج الذي هو تنظيم لتلك الفطرة المشتركة بين الإنسان والحيوان لتساوى الإنسان مع غيره من أنواع الحيوان في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوضى والشيوع، وعندئذ لا يكون الإنسان ذلك المخلوق الذي سواه الله ونفخ فيه من روحه، ثم منحه العقل والتفكير وفضله على كثير من خلقه، واستخلفه في أرضه، وسخر له عوالم كونه، ثم هيأ له مبادئ الروابط السامية التي يرتفع بها عن حضيض الحيوانية(53/73)
البحتة، وتدعوه إلى التعاون مع بني نوعه في عمارة الكون وتدبير المصالح وتبادل المنافع".
ويمكن أن نلخص أهداف الزواج في الإسلام ومقاصده بالأمور الآتية:
1- إشباع الغريزة الجنسية على نحو يحقق العفة والحفاظ على الأعراض، والسكن النفسي ، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)[الروم:21]. فالسكون النفسي الجنسي هو تعبير بليغ عن شعور الشوق واللذة والحب يجده كل منهما باتصالهما والملابسة بإفضاء أحدهما إلى الآخر، الذي به تتم إنسانيتهما وتكون نتيجته أناسًا مثلهما، وبه يزول أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل، ولا ترتاح النفس وتطمئن في سريرتها بدونه، وإنما تكون المحافظة على هذا الركن بما أرشد كتاب الله تعالى إليه من قصد الإحصان في النكاح، وهو أن يقصد به كل من الزوجين إحصان الآخر، أي إعفافه وحفظه من صرف داعية النسل الطبيعية إلى المسافحة أو اتخاذ الأخدان لأجل اللذة فقط. وقصارى هذا الإحصان أن يقصر كل منهما هذا الاستمتاع على الآخر، ويقصد حكمته كوسيلة للنسل وحفظ النوع البشري على أسلم وجه وأفضله.
2- نقاء النسل وصيانة الأنساب من الاختلاط.
3- إيجاد جو صالح لضمان النشأة السوية للكائن الإنساني.
4- صيانة المجتمع من التحلل والفساد.
5- المودة والرحمة ، أي المحبة التي يظهر أثرها في التعامل والتعاون، وهو مشترك بين الزوجين وأسرة كل منهما، والرحمة التي لا تكمل للإنسان إلا بعواطف الأمومة والأبوة ورحمتهما لأولادهما.
هذه المقاصد الخمسة متداخلة ومتلازمة، ولعلنا إذا أدركنا حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة أو بأسلوب آخر الطريق الذي يسلكه كل منهما في إشباع غريزته الجنسية، ونظرة كل منهما للآخر، تحقق أمامنا الاتجاه الذي سينتهي إليه المطاف وتتبعه نتائجه، فأما أن يكون الطريق سليمًا بأن يؤدي إلى نقاء النسل والحفاظ على العرض والأنساب، وإما أن يكون الطريق معوجًا ومنحرفًا فيؤدي إلى الزنا، ومن ثم يقود سالكيه إلى إيلاد اللقطاء والأبناء غير الشرعيين، وما يستتبع ذلك من النشأة غير السوية والانحراف الخلقي، إلى غير ذلك من الثمرات المُرَّة والنتائج المفجعة التي حدثت وتحدث في الغرب .
من كتاب " تنظيم الإسلام للمجتمع "
ـــــــــــــــــ
دعائم الحياة الزوجية
قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم:21].
من آياته تبارك وتعالى أن خلق للناس من أنفسهم أزواجًا، ليجدوا فيها سكنًا للنفس والأعصاب، وراحة للجسم والقلب، واستقرارًا للحياة والمعاش، وأنسًا للأرواح والضمائر، واطمئنانًا للرجل والمرأة على السواء.(53/74)
والأصل في كل رجل سويٍّ أن يكون زوجًا وكذلك المرأة؛ لأن أيًّا منهما لا غنىً له عن هذه الصفات المثلى التي يسعى إليها كل مخلوق من السكن والرحمة والمودة ، وذكر تبارك وتعالى أنَّ في ذلك آيات لمن يتفكر ويتدبر.
يقول سيد قطب: "فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقًا للآخر، ملبيًّا لحاجته الفطرية : نفسية وعقلية وجسدية، بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار؛ ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء والمودة والرحمة؛ لأن تركيبهما النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ فيه تلبية رغائب كل منهما في الآخر، وائتلافهما وامتزاجهما في النهاية لإنشاء حياة جديدة تتمثل في جيل جديد" .
ولقد جرى على هذه السنة البشرية الأصيلة الصالحون والأنبياء ومنهم نبينا محمد صلوات الله عليهم أجمعين، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة)[الرعد:38].
وأما حكمه الشرعي فلنستمع إلى الحديث الصحيح الشريف. يقرره بأبلغ بيان: قال صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوّجْ، فَإِنّهُ أَغَضّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصّوْمِ، فَإِنّهُ لَهُ وَجَاءٌ".[رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود].
وفي هذا الحديث وغيره من الأحاديث ترغيب في الزواج وندب إليه، وقد ذهب العلماء إلى أن الزواج يكون واجبًا إذا كان المرء قادرًا وخشي على نفسه العنت ، أما إذا لم يكن قادرًا فعليه أن يستعف حتى يغنيه الله من فضله، وقد دل الحديث على وسيلة ناجعة لتحقيق العفة وهي الصيام ، قال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)[النور:32]. يأمر الله الجماعة المسلمة أن تعين من يقف المال في طريقهم إلى النكاح الحلال.
وفي الآية مجال لأن يُفهم أن المرء إذا أغناه الله من فضله فعليه أن يتزوج ، والإسلام في موقفه هذا من الزواج ينسجم مع نهجه الرباني الكريم من حرصه على عدم مصادمة الفطرة، وتصعيد الغرائز حتى تؤدي غرضًا نظيفًا بناءً.
بينما هناك في عالمنا اليوم مذاهب علمانية تعزف عن الزواج وتجده لا يرضى به إلا السخفاء، ومذاهب دينية ترى أن الزواج تدنس لا يتفق والارتقاء في سلم الروح، كما تذهب إلى ذلك النصرانية الكنيسة، التي تشترط في رجال الكهنوت عدم الزواج لينالوا الرتب العالية.
أين هذا السلوك المصادم للفطرة والغريزة، ممن يجعل الزواج سنته ويبرأ ممن يريد أن يمتنع عن الزواج؟ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أرادوا أن يقوموا الليل ويصوموا الدهر ويمتنعوا عن الزواج. قال: "أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنّي أُصَلّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوّجُ النّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنّتِي فَلَيْسَ مِنّي".
وأين هذا السلوك المصادم للفطرة ممن يجعل الاستمتاع بالحياة الزوجية الحلال صدقة؟ كما قال صلوات الله وسلامه عليه: "وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ" قَالُوا: يَا(53/75)
رَسُولَ اللّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ".
دعائم الحياة الزوجية في الإسلام
أما دعائم الحياة الزوجية في الإسلام فسأذكر أهمها فيما يأتي:
1- تحكيم دين الله في الحقوق والواجبات لكل من الزوجين:
وهذا يقطع دابر الخلاف، ويتيح للسعادة أن ترفرف بأجنحتها على بيت الزوجية، ذلك لأن الاحتكام إلى مقاييس ربانية وضعها رب العالمين يجعل في النفس راحة في الأخذ بها والوقوف عند حدودها، ولن يكون هناك نكد ولا خصام ولا خلاف إذا روعيت من الطرفين كليهما.
2- حب ومودة ورحمة وسكن للزوجين:
هذه الصفات الثلاث الحب والمودة والرحمة، وإن كانت متقاربة في المعنى لكن نلمس بينها شيئًا من الفروق الدقيقة.
فالحب عاطفة تعمر جوانب القلب، وتقوم في داخل النفس، والمودة قد تكون مظهر هذا الحب ويسلك الزوجان للتعبير عنها سبيل المؤانسة والملاطفة والهدية.
وأما الرحمة فهي فيض من المشاركة الصادقة في الفرح والحزن، والإشفاق المخلص، والمعونة الظاهرة فيما يستطيع الإنسان أن يفعله، وقد تكون بالنظرة الحانية والابتسامة المشرقة، والكلمة الطيبة، والمساعدة المادية، وذكر تبارك وتعالى المودة والرحمة فقال: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)[الروم:21]. وينتج عن ذلك كله السكن النفسي الذي تتجمع فيه السعادة كلها ، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)[الروم:21] ، وقال عز من قائل: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[الأعراف:189].
3- تعاون بين الزوجين في الحياة المشتركة تحت شعار الإيثار والتضحية:
فالزوجان يعملان في بناء أسرة إنسانية، ولا يمكن أن يتم البناء إلا بأن يكون عملهما مُتَّصفًا بالتضحية والإيثار والتسامح والتحمل، وإن غاب الإيثار والتسامح والتضحية من جو الأسرة فلن تجده في جوٍّ آخر.
4- العدالة والإنصاف في كل شأن من شؤون الحياة والتكافل التام في أحداثها:
نعم ينبغي أن يكون لك منهما عادلاً مع الآخر، فالظلم محرم بين المسلمين عامة. والحرص على العدل والتكافل من الطرفين ينفي وجود الإحساس المرير بالظلم. والعدالة التي نريدها دعامة من دعائم الحياة الزوجية عامة، تشتمل الموقف والكلمة والطلب والنفقة والثقة.
- فمن العدالة اجتناب اللجاجة في الخصومة والإساءة في الكلمة.
- ومن العدالة ألاَّ يحمل أحد الزوجين صاحبه ما لا يطيق.
- ومن العدالة الاقتصاد في النفقة واجتناب الشح.
- ومن العدالة ألاَّ يصغي أحدهما لوشاية الوشاة ولا لسعي النمامين ولا لهدم الهدامين.
والتكافل هو السبيل الوحيد الذي يجعل سفينة الحياة الزوجية تسير على طريق البناء والخير والسعادة والفلاح.(53/76)
ولن تكون هناك سعادة في أسرة تقوم على الاستغلال والتقصير والتواكل والظلم.
إن بيتًا تقوم دعائم الحياة فيه على هذه الأسس المذكورة لجدير أن يقدم للأمة من تحتاجه من الأفراد الصالحين الأصحاء المستقيمين، ومازالت الأسرة في بلادنا ولله الحمد هي اللبنة الأولى التي تزخر بقيم أصيلة، يصلح بصلاحها المجتمع، فلنعمل على تسهيل الزواج، ولنهيئ الظروف والأسباب، لتقوم دعائم الحياة الزوجية كما أرادها الإسلام ، لنسعد في مجتمعنا، ولنقدم للإنسانية كلها نموذج الحياة الصالحة النظيفة السعيدة.
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)[الفرقان:74].
" من كتاب نظرات في الأسرة المسلمة
ـــــــــــــــــ
تعلمي فن الإتيكيت مع زوجك
الحياة بلا دستور ومجموعة من القوانين والأنظمة تحترم وتطبق ، حياة جاهلية فوضوية متخلفة .
والبيت الذي يؤسس على الغرائز تهدمه الغرائز.. والمنزل الذي يبنى على الماء يغرقه الماء.. والدار التي تشيد في مجرى السيل يهدمها السيل.. والأسرة التي تتكون على تقوى وطاعة الله لا تقلعها الريح مهما كانت..
ابن بيتك على صخرة.. تلك نصيحة الأجداد للأحفاد.
ما أجمل النظام وما أروعه في داخل الأسرة.. والمدرسة.. والمصنع. والمسجد والشارع. وما أقبح الفوضى وما أفظعها في البيت والمدرسة والنادي والميادين. ومن مهام الأنبياء العظيمة التي خصهم الله تعالى بها : تعليم الناس مكارم الأخلاق. ويطلق بعض الناس على الفضائل ومحاسن الأخلاق لفظ الإتيكيت. ومن يطبق هذه القواعد فإنه رجل عالم بالإتيكيت وأصوله . ومن يخالف هذه اللوائح يسمى رجلاً جاهلاً بالإتيكيت وفنونه .
وكثيراً ما يراعي كل إنسان مشاعر الطرف الآخر الغريب عنه ، حتى يكتسب ثقته واحترامه وتقديره .
ونحن غالباً لا نلقي بالاً لطريقة تعاملنا مع إنسان عزيز علينا ، يعيش بيننا - مثل شريك الحياة - وقد نجرح مشاعره دون قصد غالباً (أو بقصد أحياناً) لأننا نعتقد أن أصول الإتيكيت تطبق فقط حين نتعامل مع الغرباء.. أما الجفاء والغلظة وقلة الذوق تستعمل مع الأقرباء .
ومن هنا وجب على كل عروسين جديدين أن يتفقا سوياً على قواعد ، تكتب في شكل وثيقة أو اتفاق ، تشمل كل ما تثرى به الحياة ، ويوفر المتعة فيها من أنشطة وهوايات مختلفة وقراءات وزيارات وتأملات ورحلات .. إلخ . وذلك ليحترم كل شريك شريكه ويشعره بقيمته ، ويقلل مخالفاته وسوء معاملاته .
وليكن هناك نوع من الجزاء أو التأديب المناسب للمخالفة مثل خصام يوم أو يومين فقط ، والاعتذار لمن أخطأنا في حقه ، أو دفعُ مبلغ من المال للإرضاء ، أو شراء هدية معقولة..إلخ .(53/77)
وبعد ذلك يوقع الطرفان على الوثيقة برضا كامل . وقد تضاف بنود جديدة مع مرور الوقت وتحذف بنود ، ولكن يظل النظام قائماً والاحترام متواصلاً.
من قواعد الأخلاق :
ومن قواعد الأخلاق التي يحث عليها الإسلام وأصحاب العقول المستنيرة والتي يسميها البعض إتيكيتاً :
1. قبل أن ندخل على أحد في غرفته نستأذن ونطرق الباب.
2. عند الدخول إلى البيت أو الغرفة أو السيارة نلقي السلام.
3. الخروج من الغرفة نسأل من فيها: هل يريد شيئاً قبل الانصراف؟
4. لا نقرأ خطاباً أو شيكاً أو ورقة لا تخصنا.
5. عندما نستعير قلماً أو كتاباً أو مسطرة نعيدها إلى مكانها.
6. إذا كسرنا شيئاً أو أفسدناه اشترينا بديلاً له.
7. عندما نقلب شيئاً أو نغير موضعه مما يخص شريكنا نعيده إلى وضعه الأول.
8. إذا أخطأ أحدنا في حق الآخر فليعتذر له.
9. إذا اعتذر أحدنا وهو مسيء فليقبل الثاني اعتذاره ، ولا يكثر في اللوم.
10. الحديث بيننا يجب أن يكون هادئاً ومحترماً ، وليس فيه سباب.
11. نقول الحق ولو كان مراً ، ولكن بطريقة لطيفة غير جارحة.
12. من يحتاج إلى نصيحة ، نقدمها له بحب وبلا تعالٍ.
13. عندما يفرح أحدنا فليفرح الآخر ، وإذا بكى أحدنا فليحزن الثاني معه ، وليبك أو يتباكَ.
14. إذا حلّت مناسبة سعيدة لأحدنا فلنشارك جميعاً فيها دون اعتذار.
15. نحترم هوايات كل منا ونقدرها ، ونثني عليها ، وكأنها هواياتنا.
16. لا نقابل عصبية واندفاع أحدنا بعصبية مماثلة.
17. إذا عجز أحدنا عن أداء مهمة واحتاج للعون فلنعاونه دون إبطاء.
18. لا داعي لخلق المشكلات والنبش في الماضي حتى لا تتجدد الآلام والأحزان.
19. التسامح والعفو عند المقدرة من شيم الأكرمين.
20. فلنقسم العمل فيما بيننا ، وليؤد كل منا ما عليه ، قبل أن يطلب ما له.
21. لا نكذب مهما كان الأمر والخطأ فالكذب أبو الخطايا ، ولا يدخل كذاب الجنة.
22. ولا يكذّب أحدنا الآخر إذا تحدث أمام الناس ، وروى قصة شاهدناها معاً فنقص منها شيئاً أو زاد ، بل ندعه يكملها كما أراد.
23. لا نسرق مهما كان احتياجنا للمال.
24. فليحب كل منا لزوجه ما يحبه لنفسه وليعمل على راحته قدر استطاعته.
25. الصبر على الشدائد عبادة .. وشكر الله دوماً واجب.
26. الصلاة عماد الدين ، والثقة بالله هي أساس النجاح واليقين.
27. فلينادِ كل منا صاحبه بلقب يحبه ، ولا يرفع الكلفة في الحوار والمزاح سراً أو جهراً
ـــــــــــــــــ
فن الاستماع والتفاهم وأثره بين الزوجين(53/78)
لا تخلو أي أسرة من مشكلات ، وسوء تفاهم ، وقلة استماع من كلا الطرفين للآخر، لسبب أو لغيره، لكن ذلك درجات، منها ما يطاق، ويعد طبيعيا في كل الأسر، ومنها ما لا يطاق ولا يعد طبعيًّا، مما يؤدى إلى تفكك الأسرة، وانفراط عقدها المنظوم، وهو موجود في أسر دون أخرى.
ولاشك أن خلف كل دخان نارًا، ولكل داء دواء، فإذا تم تشخيص الداء سهل علينا وصف الدواء.
فللتفاهم دوره الكبير في استقرار الحياة الزوجية، وأثره الخطير في تجفيف منابع المشكلات اليومية من جذورها بين الزوجين، وإلا استفحلت المشكلة، وتضخمت، واستعصت على الحل، مما يؤدى إلى ما لا يحمد عقباه.
ومطلوب من الزوجين كليهما المصارحة والوضوح، وإفضاء كل منهما بما يختلج في صدره للآخر، وأن يكون كل منهما على درجة عالية من التفاهم والتواضع، وصفحة مفتوحة وواضحة لشريك حياته.
ولا أستطيع أن أحدد هنا على من يقع الجزء الأكبر من المسئولية في هذا الموضوع؟
الزوج يخرج من بيته، ويعود آخر اليوم وذهنه مليء بالمشاغل بعيدًا عن بيته، ويدور في عقله أكثر من أمر يرتبط بعمله وعلاقاته المتشابكة التي ليست للمرأة.
والزوجة عندها كذلك ما يكفيها من مهام بيتها، وحقوق زوجها، وما تلاقيه من عنت مع أبنائها، يضاف إلى ذلك طبيعة تكوينها التي تتغلب فيها العاطفة على العقل، وبالتالي يؤثر في نفسها أقل شيء، ومن هنا كانت وصية النبي بحسن معاملتهن في غير موضع.
فالحق أنها قضية تقع على عاتق الزوجين كليهما، وأن يُعنى كل طرف منهما بها إن كانا يريدان للسفينة أن تسير، وللحياة أن تستقر.
وهو نوع من العشرة بالمعروف، ولو تعلم الزوجة ما يدور بعقل زوجها وهو قادم من عمله، ومدى ما يعانيه من استفراغ للطاقة، واستهلاك للقوى البدنية لاستقبلته استقبالاً حسنًا، ومسحت بيديها على هذا التعب وتلك المشقة، وفتحت له صدرها لتحتضن متاعبه وآلامه، فيستعيد قواه، وينسى ما مر به من تعب، وما بذل من جهد، فيرتد قويًّا تتجدد فيه دماء الحياة كأنما نشط من عقال.
ولكن الذي يحدث أنها تعاجله بما حدث من الأحداث، وما حدث من الجارات، وربما تعدى الأمر إلى حكاياتها مع الأهل، وغير ذلك من آمال المستقبل.
وليس من العشرة بالمعروف أن تكون الزوجة كذلك، ولا من الحكمة أن تسارع إليه بحديث في وقت يحتاج فيه للصمت والهدوء، بل تحسن الاستماع لكل ما يقول، وتبدى اهتمامًا بالغًا لكل ما يتحدث به، فإذا أخذ قسطه من الراحة وحظه من الود والحب، ونصيبه من الأنس والقرب، فلا بأس أن تبوح له بما تريد إن رأت في عينيه القبول، حينئذٍ ستجد صدرًا منشرحًا وآذانًا مصغية، ومن الحكمة ألا تتكلم الزوجة حيث يجب الصمت، ولا تصمت حيث يجب الكلام.(53/79)
ولتكن قدوتها في ذلك أم المؤمنين خديجة (رضى الله عنه وأرضاها) التي لم ترَ النبي مهمومًا في وقت من الأوقات إلا سرَّت عنه، وأذهبت ما به من قلق، وبعثت فيه القوة والحماس.
روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عائشة أم المؤمنين أنه لما نزل جبريل بمطلع سورة العلق على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجع بها "يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها) فقال: زمِّلونى زملونى، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن عم خديجة " الحديث.
وقال ابن حجر: "وفى هذه القصة من الفوائد استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه، وتهوينه لديه، وأن من نزل به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه".
والزوجة التي تعلم أن زوجها هو جنتها ونارها، كما روى الحاكم عن حصين ابن محصن قال حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في بعض الحاجة فقال: "أي هذه! أذات بعل أنت؟ قلت نعم. قال: كيف أنت له؟ قالت: ما ألوه إلا ما عجزت عنه. قال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك".
الزوجة التي تعلم ذلك إذا غضبت من زوجها، أو أساء إليها، أو عصته قالت: "هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى".
تسارع إليه إن كان هناك غضب، ولا تنتظر أو تبحث عن المخطئ؛ لأن الأمر أكبر من ذلك، إنه جنتها ونارها.
ومن ناحية الزوج ينبغي أن يقدر ما تعانيه المرأة طوال النهار من عنت في البيت، ومع الأبناء، ويتسع صدره لحديثها، ويدرك أنها تنتظره طول اليوم حتى تفضي له بمكنون نفسها، ويحسن الاستماع إليها، ويبدى اهتمامه لما تهتم به، فإذا أدرك الزوج طبيعة النساء علم أن الكلام عندهن شهوة، فضلاً عن أن يكون هناك شيء يتصل بالحياة بينه وبينها، وهى مع ذلك غسالة لثيابه، طاهية لطعامه، مربية لولده، مطفئة لشهوته.
وقدوته في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي أوصى بالنساء خيرًا في مواضع كثيرة، حتى في خطبة الوداع، وهى آخر ما ألقاه النبي (صلى الله عليه وسلم) من نصح لأمته، فكأن الذي يفرط في ذلك يكون قد فرط في آخر وصايا رسول الله.
وقد ضرب لنا المثل حينما جلس إلى السيدة عائشة (رضى الله عنها) وهى تحكى على مسامعه حديث أم زرع الذي يحتوى على حال إحدى عشرة امرأة مع أزواجهن، وقد استغرق الحديث في صحيح مسلم ست صفحات كاملات.
وقال لها في النهاية - وكأني به يتبسم (صلى الله عليه وسلم) - "كنت لك كأبى زرع لأم زرع"، ومع طول الحديث، وجزالة ألفاظه لم يمل الرسول (عليه السلام) من(53/80)
الحديث، بل قال في النهاية ما يسعد زوجته، ويدخل السرور عليها، وهو ما يدل أن الرسول لا يتكلف هذا الخلق إنما هو من سجاياه.
وما أجمل ما قاله الأستاذ سيد قطب، وهو يفسر قوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}: "والإسلام الذي ينظر إلى البيت بوصفه سكنًا، وأمنًا، وسلامًا، وينظر إلى العلاقة بين الزوجين بوصفها مودة ورحمة وأنسًا، ويقيم هذه الآصرة على الاختيار المطلق، كي تقوم على التجاوب والتعاطف والتحاب، هو الإسلام ذاته الذي يقول للأزواج {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} كي يستأنى بعقدة الزوجية، فلا تُفصم لأول خاطرة، وكي يستمسك بعقدة الزوجية فلا تنفك لأول نزوة، وكي يحفظ لهذه المؤسسة الإنسانية الكبرى جديتها، فلا يجعلها عرضة لنزوة العاطفة المتقلبة، وحماقة الميل الطائر هنا وهناك".
فعندما يتوافر التفاهم بين الزوجين، والاتفاق على طريقة معينة لهذا التفاهم، ويُحسن كل طرف منهما الاستماع للآخر، ويبدى اهتمامه لما يهتم به صاحبه - عندها فقط - تسير الحياة هادئة هانئة، تغشاها الرحمة، وتتنزل عليها السكينة، وتحيط بها المودة، ويلمؤها الحب والوفاق
ـــــــــــــــــ
قبل فوات الأوان !!
لم يكن هناك ما ينبئ بأن شيئا غير عادي قد يحدث.. أو بأن أقسى ابتلاء سيواجه ابنة خالتي الشابة الدمثة.. أو بأن طفليها الصغيرين سيصيران في أقل من لحظة يتيمين!
فقد تناول زوجها طعامه كالمعتاد، وصلى العشاء في بيته بعد أن عاد مرهقا من عمله المسائي وقال لها وهو يطوي سجادة الصلاة: ربنا يسامحني.. اندمجت في العمل ولم أصل اليوم في المسجد حملت هي الصحون وتوجهت إلى المطبخ.. وقبل أن تضعها في الحوض سمعت صوت ارتطام بالأرض.. هرولت لتجد شريك حياتها ممددا بلا حراك.. في دقائق كان الطبيب بالبيت.. قلَّب كفيه وقال في استسلام: "شدي حيلك.. البقاء لله!"
قبلها بأيام عزيت صديقتي في وفاة زوجها الذي سقط على أرض الحمام أثناء وضوئه وترك طفليه، الكبير ذا السنوات الثلاث والصغير الذي لم يكن قد مر على ولادته أيام .
بعد أقل من شهر صلى زوجي الجنازة على جاره الذي التقاه في الصباح وحياه على السلم والاثنان متوجهان إلى عملهما.
كان السؤال الذي يدق رأسي عقب كل عزاء، ماذا كان آخر ما قاله الزوج لشريكة حياته قبل أن يسلِم روحه لبارئها؟ هل مات راضيا عنها أم غاضبا منها ؟
اندهشت من نفسي وصارحت زوجي بما يشغلني فابتسم قائلا : فضول صحفي!
ولم يكن الأمر مجرد فضول، كانت أسئلتي مشفوعة بخوف وتوجس شديدين.. ويقين أشد.. عرفت لماذا حذر الرسول (صلى الله عليه وسلم) الزوجة من أن يبيت زوجها غاضباً عليها ، وعرفت لماذا بشر من تموت وزوجها راض عنها بالجنة.. وانقبض صدري وأنا أتخيل أن نختلف أنا وزوجي.. نحتد.. يمضي من أمامي(53/81)
ويسحب الغطاء على رأسه وينام ، ولا يصحو ويصبح من المحال أن أسترضيه أو أرى ابتسامة الصفح على فمه، ونظرة التسامح في عينيه.
لم أسأل أيا ممن عزيتهن عما يشغلني، احتفظت لنفسي بالحيرة واستعذت بالله من أن أتدخل فيما لا يعنيني وحدث بعدها تغيير غريب في حياتي، صرت إذا نام زوجي وأنا مشغولة ببعض أعمال المنزل أترك ما في يدي وأذهب إلى فراشه وأراقب أنفاسه لأتأكد من أنها تصعد.. وتهبط بانتظام.. أصبحت إن تأخر قليلا عن موعد عودته من عمله أجلس مرتجفة بجوار باب الشقة وكأنني أنتظر من ينقل إلى ما لا أتمنى أن أسمعه.. وصارت دعابة زوجي المفضلة كلما هممت بالحديث معه أن يضع يده على فمي، ويقلدني قائلا :
"راض عني يا حبيبي.." ويغرق في الضحك فقد صرت ألح عليه بهذا السؤال كثيرا منذ عشت مشاعر الصدمة بعد وفاة ثلاثة أزواج في غضون شهر، وهم لا يشكون من شيء، أو تستشعر زوجاتهم دنو الأجل.
وكانت الحسنة الوحيدة في هذه المشاعر القاسية أنها نبهتني إلى حكمته وبلاغته (صلى الله عليه وسلم) وجعلتني أكثر حرصا على إرضاء زوجي.. وخلصتني من بقايا كبرياء كانت تدعوني أحيانا للمكابرة حين أخطئ في حقه دون أن أشعر بأنني وقتها قد ارتكبت جرما ، أو أتخيل أنه قد يلقى ربه غاضبا على .
صار الاعتذار يسيرا بعد أن كان يتعثر على لساني ويضل طريقه.. أصبح استرضاء زوجي متعة بعد أن كان مجرد واجب.. أصبح استيقاظ زوجي من نومه.. وعودته من عمله سالما أروع لحظات حياتي بعد أن كانا موقفين عاديين أعيشهما بمشاعر محايدة وبشكل روتيني ولسان حالي يقول: طبيعي أن يستيقظ وطبيعي أن يرجع إلى بيته بعد انتهاء عمله.
صار صوته أحب إلى أذني من ذي قبل ، وأصبحت كلما رتبت مكتبه أو أعددت طعامه أو ملابسه أدعو الله ألا يحرمني هذا الجهد الجميل.. الجهد الرائع الذي يدل على أن زوجي ما زال معي.. وما زالت أنفاسه تتردد في صدره وما زال يروح ويجيء.
مشاعر لم أشأ أن أحتفظ بها لنفسي، بل اعتبرت نقلها إلى كل زوجة أمانة ومسئولية، فما أروع أن تبيت المرأة كل يوم وزوجها قرير العين بها وراض عنها، حتى إذا اختاره الله كان رضاؤه عنها تخفيف ا لقليل من أحزانها، وما أجمله ألا يكون آخر إحساس في صدر الزوج قبل أن يحين أجله غضب ا من زوجته أو ضيقا من بعض تصرفاتها!
وما أجدر كل زوجة مسلمة.. عرفت طريقها بأن تتوقع كل لحظة أن زوجها سيفارقها فلا تستسلم لمشاعر التوجس ولا تسأل نفسها: كيف سأتصرف من بعده، بل تحبه أكثر، وتبذل أقصي جهدها لكي تملأ نفسه بأحاسيس الرضا والسعادة ، وتستصغر الخلاف، وتجمد لحظات الود والصفاء ولا تدعها تمر.. تتحري إرضاءه وتخاصم كل ما يسيئه منها.
كثيرات شقيات مع أزواجهن وبهم.. نعم ، وقد لا يستطعن إلا أن يتمنين أن يفرق الموت بينهم ولكنني أوقن أنهن يندمن بعد أن تتحقق الأمنية ويشتقن إلى أيام الرفقة(53/82)
ويرددن بصوت حزين مثلا شعبيا لم أدرك بلاغته إلا مؤخرا ؛ " جفاؤه ولا خلو داره"، كما لم أدرك كم كنت متسرعة حين اتخذت موقفامعاديا من قولهن: ؛ظل رجل ولا ظل حائط"، واعتبرته مثلا مهينا.. محقرا للمرأة.. فظل الحائط لا يمنح الإحساس بالأمان، ولا يمتع بالأنس، ولا يزيل مشاعر الوحدة والسكون القاتلين، ظل الحائط ليس كائنا تنتمي المرأة إلى بيته وتصبح معه عضوة في أسرة وليست شيئا معلقا في الفضاء.. ظل الرجل شريك والمرأة الغبية هي التي تفرط فيه ولا تحتمي به من هجير الوحدة والندم بعد فوات الأوان، حتى لو كان شريكا مخالفا
ـــــــــــــــــ
ذهبيات السعادة الزوجية
هل أغمضت عينيك يوما، ووضعت كفيك خلف رأسك، وسرحت في عالم الخيال، وقلت لنفسك هل هذا ممكن؟
هل قلتها وأنت تحلم بأقصى درجات السعادة الزوجية، ووجدت نفسك تستبعد تحقيق الحلم، فاكتفيت به وعشته بديلا عن واقع اعتبرته مفروضا عليك؟
- إذا كنت غارقا في دنيا الخيال الزوجي السعيد فإن الأستاذ محمد رشيد العويد الخبير الأسري الاجتماعي، ورئيس تحرير مجلة النور الكويتية التي تقدم ملحقا أسريا بعنوان: "مؤمنة" يرشدك إلى واقع أحلى، وأيسر، وأكثر أجرا.
فيقول: السعادة الزوجية تتأتى من خلال أمور بسيطة، وهي ليست مقتصرة على الرجال، بل النساء أيضا مع اختلافات بسيطة بعضها تطبيقه سهل والبعض الآخر صعب، ويحتاج لجهد ومثابرة ، واحتمال طويل ، ولكي تصبح هذه النصائح طبعا وخلقا، بعضها أكثر أهمية وهذه الأهمية تختلف من شخص لآخر، وهذه النصائح إنما أتت من سيد المرسلين، فلماذا لا ندور حول النبي زوجا، كما يدور التربويون والعسكريون حول النبي قائدا، ومعلما؟ فهو الأول في كل شيء، يظهر ذلك في حياته (صلى الله عليه وسلم) مع زوجاته مارسها وطبقها، وكانت له خلقا، والآن في الأبحاث العالمية يصلون إلى ما فعله الرسول منذ ألف وأربعمائة عام، وهذه الذهبيات هي بمثابة نصائح للرجال.
- أسمعها كلمة طيبة، فالكلمة الطيبة تكفي دون باقي الذهبيات يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تستطيعوا فبكلمة طيبة، فالكلمة الطيبة صدقة".
إحدى المؤسسات الأمريكية في نيويورك قامت بإجراء دراسة استفتائية واستطلاع للرأي لعدد 14000 زوج وزوجة لمن مضى عليهم خمس سنوات، وسنهم من 25 - 45 سن النضج فطرحت عليهم سؤالا :
اذكر ثلاثة أسباب تراها ضرورية للسعادة الزوجية ؟ فكانت غالبية الإجابات هي أهمية التعبير عن الحب والعاطفة والمشاركة الوجدانية بين الحين والآخر.
والإسلام أباح الكذب في المشاعر والعواطف لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) فلم يرخص الكذب إلا في ثلاث منها: الرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها.
ويضيف أ. محمد رشيد العويد:(53/83)
لي تجربة شخصية استطلعت فيها رأي نساء متزوجات عن رأيهن في أزواجهن عندما يكون الزوج في يوم إجازته، ويطلب منها فنجان شاي أو قهوة وهي تقوم بكل شيء، ولا يفكر في أن يساعدها في أي شيء، فمنهن من وصفته بالأناني، ومنهن من قالت أنا لست امرأة فوق العادة "سوبر".
-استمع لزوجتك ولشكواها، واهتم بها ولا تنصرف عنها، وخصص نصف ساعة لتحدثك فيها زوجتك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول لعائشة:" إني لأعرف متى تكونين على غاضبة، ومتى تكونين راضية عني فتقول: كيف عرفت؟ فيقول: إذا كنت غاضبة تقولين ورب إبراهيم، وإذا كنت راضية تقولين ورب محمد"، والسيدة صفية زوجة الرسول (عليه الصلاة والسلام) عندما قالت لها حفصة:" أنت بنت يهودي!" ولما شكت رسول (صلى الله عليه وسلم) قال لها بما تفخر عليك حفصة، فأنت بنت نبي وهو موسى، وعمك نبي وهو هارون، وأنت تحت نبي وهو الرسول المصطفى، ففيما تفخر عليك؟ وقال لحفصة اتقي الله يا حفصة.
فلا تستهن في الاستماع إلى زوجتك، وقلل من المقاطعة لزوجتك أثناء الاستماع إليها.
-احترم خصوصيتها: فإذا وجدتها تريد وقتا لحالها فساعدها على ذلك، ولا تتابعها، فحالتها النفسية تختلف من يوم لآخر.
- لا تتردد في الاعتذار إليها: ولا تقل هذا ينقص من مهابتي، فإذا أخطأت لا بأس من الاعتذار والمشكلة الإصرار على القسوة والكلمة الجارحة، فكلمة الاعتذار تغلق الباب أمام إبليس اللعين، والقرآن يقول:" ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم... " الآية. وكن مغلوبا لزوجتك، وتبسم لها، وأدخل شيئا من المرح في حوارك معها.
- احرص على الحلال: فالحلال له شأن كبير، فإن العبد ليرى أثر الذنب في تعثر دابته وزوجته.
- كن تاجرا: فكل ما تنفقه عليها، وعلى أولادك هو تجارة مع الله ، وأعظم أجرا من النفقة على الأرملة والمسكين وفي سبيل الله ، وفي بضع أحدكم صدقة فكم من أجر وثواب وحسنات تتأتى من وراء ذلك.
انتبه: لقد اكتشفوا في الغرب أن 70% من حالات الطلاق تتم أيام حيض الزوجة في الستة أيام الأولى، فتهيأ لأيام دورة زوجتك ، واستعد لحالة غير طبيعية منها، واصبر عليها، فلقد عافاها الله من الصلاة أيام الدورة، فعافها أنت من طلباتك وجدالاتك، وتذكر نهيه صلى الله عليه وسلم عن الطلاق في أيام الحيض.
- قلل من اللوم: أنس بن مالك خدم الرسول عشر سنوات، فلم يقل له الرسول (صلى الله عليه وسلم) في شيء فعله لما فعلت ذلك، وفي شيء لم يفعله لِمَ لَمْ تفعله ، فزوجتك أولى من الخادم في تقليل اللوم لها.
- تغافل وتغاضى: ما استقصى كريم قط فلا تحاول أن تعرف كل شيء، الحسن البصري يقول: مازال التغافل من فعل الكرام، ولا تكره زوجتك :" فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" ونزلت الآية في الزوجات.
-وأخيرا لا تنس أن تدعو لزوجتك لينشرح صدرها.(53/84)
ـــــــــــــــــ
أحسني استقبال الضيف العزيز
شهر رمضان نفحة من نفحات الدهر من اغتنمها فاز وفرح، ومن فاتته خسر وندم، وعلى المرأة أن تقوم بما لم يتمكن الرجال من القيام به وهو إعداد البيت لشهر رمضان، وهناك بعض الوصايا التي يمكن أن تستعين بها في إعداد أسرتها لشهر الصيام ومنها:
1 - أن تعد منزلها ماديا لاستقبال الشهر الكريم بأن تهتم بنظافة البيت وترتيبه وتنسيقه، وأن تعد المصاحف وتظهرها حتى تشعر أهل البيت بأن ضيفا عزيزا نزل عليهم وعليهم استقباله والاهتمام به.
2 - أن تختار كتابا بالاشتراك مع زوجها تتدارسه الأسرة خلال شهر رمضان، ويا حبذا لو كان في الفقه، ومن كتب الفقه التي يمكن الاستعانة بها: ؛كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق.
3 - أن تقوم بتحفيز الأطفال الصغار على الصيام بأن تقول لهم مثلا : من سيصوم سأوقظه من السحور، وسيصلى معي الفجر وغيرها من الجمل التشجيعية حتى يتعود الصغار على الصيام، وخاصة ونحن في الشتاء.
4 - أن تصل رحمها وخاصة الوالدين ووالدي الزوج سواء كان ذلك في صورة مادية (في شكل هدايا) أو بكثرة الزيارات.
5 - توطيد العلاقة مع الجيران وخاصة إذا كانوا من ذوى الرحم والتناصح معهم، وإزالة أية مشاحنات بينهم - إذا وجدت.
6 - أن تضع خطة لشهر رمضان بأن تحدد وردا معينا من القرآن، وليكن جزءا يوميا، وتحاول تذكير الأسرة به والحفاظ عليه، وأن تتفق مع زوجها على المسجد الذي ستصلى فيه الأسرة ، ويا حبذا لو كان به مصلى للنساء حتى تستطيع الأسرة كلها أنت تصلى في جماعة، وأن تصلى صلاة التراويح.
7 - أن تجعل من رمضان درسا لأسرتها في التعاون بأن تجعل الجميع يتعاونون معها في تجهيز السحور أو الإفطار، وفى باقي الأعمال المنزلية.
8 - وأخيرا على الأم أن تعود أطفالها وأسرتها على ترديد الدعاء عند كل شيء على الإفطار وعند الخروج من المنزل والدخول، وعند دخول المسجد و الخروج منه فكل هذه حسنات يجعلها الله في ميزان حسناتها.
ـــــــــــــــــ
حتى تمر العاصفة
كان صوته عاليا إلى حد أن وصل إلى سمعي عبر النوافذ المفتوحة في ليلة صيفية قائظة، بينما كان صوت امرأته ضعيفا خافتا مبهم العبارات، قال بحدة: هيا اجمعي ملابسك واغربي عن وجهي، وليسعك بيت أهلك أنت وهؤلاء العفاريت أطفالك.
مر وقت قليل وعلا صوته مرة أخرى قائلا: أما زلت هنا، أين كرامتك يا امرأة?! والله أنت عديمة الإحساس.(53/85)
لم أعرف تفاصيل شجارهما، ولم أسمع بدقة كيف كانت ترد جارتي الصبور على رجلها الثائر، ولكنني في اليوم التلى رأيتهما يصطحبان صغارهما ويسيران سعيدين كأن شيئا لم يكن، وكأن اللذين كانا متخاصمين بالأمس هما زوجان آخران سواهما.
هكذا مرت العاصفة، ومرت عواصف كثيرة في حياة جارتي الراحلة التي سألتها على استحياء يوما ما: بماذا كنت تردين على زوجك حين ينفعل عليك، أو يطردك من بيتك? فابتسمت ووضعت كفها على كفي وكأنها تنصحني - فقد كنت وقتها مخطوبة - قالت: كنت أنسحب من أمامه، وأدخل غرفة أخرى، فيطرق الباب بعنف ويقول لي مستهزئا: أتظنين أن تلك الغرفة بيت أبيك هيا اخرجي، وإلا .. فأواصل الصمت لأجده هو بعد دقائق قد نسي إصراره على خروجي من البيت، وحينئذ أقول له بهدوء: لعلمك يا حبيبي، لو دفعتني إلى الخارج بحقيبة ملابسي، سأنتظر على الباب حتى تسمح لي بالدخول مرة أخرى، بيتي هذا لن أخرج منه غاضبة أبدا، وأهلي الذين استأمنوك على لن أدخل بيتهم إلا ويدي في يدك، فينظر إلى بامتنان، ونتعاتب ويعود كل شيء إلى طبيعته.
الزوجة الذكية تمتص غضب زوجها وتعينه على عمله وتعذره، ولا تتصيد له الأخطاء، وحينئذ سيضعها في عينيه، وقد ماتت جارتي الأثيرة بعد مرض قصير تاركة وراءها سيرة طيبة، وزوجا لا يزال حتى اليوم، وبالرغم من زواجه بشقيقتها يقول كلما جاءت سيرتها: ولا يوم من أيام المرحومة الغالية.
وتزوجت، ومرت بحياتي لحظات خلاف، ومواقف فاصلة كنت غالبا ما أتذكرها خلالها، وإذا نسيت طالت اللحظات وقست المواقف وتعقدت، وصارت العاصفة الصغيرة إعصارا، فأدركت حكمتها وعمق إدراكها، وهي السيدة البسيطة التي تفك الخط بالكاد، ولكن خبرتها الحياتية أعمق بكثير من خبرات نساء وصلن إلى أعلى مراتب العلم، ولكنهن لا زلن أميات في علاقاتهن الزوجية، يؤججن نيران الخلاف مع رجالهن بالتحفز والاستفزاز والتمسك بشعارات الندية.
ومن هؤلاء عرفت كثيرات حقيبة ملابسهن معدة سلفا لمغادرة المنزل عند أي بادرة خلاف، وألسنتهن مشحوذة دوما لمنازلة الزوج كلمة بكلمة، وحرفا بحرف، ورؤوسهن منتصبة تأبي الانحناء أمام العاصفة لكي تمر، بل يتصدين لها، ويغلقن في وجهها نوافذ الحكمة والصبر، فتقبع في البيت مستعدة للهبوب هادرة في أي وقت.
علمتني جارتي الراحلة أنه لا بيت يخلو من الاختلاف والخلاف، ولكن بيوتا كثيرة تخلو من زوجات وأزواج يتعاملون بحكمة ووعي مع الشقاق، ويعرفون كيف يتركون العاصفة تمر دون خسائر تذكر في بنيان حياتهما المشتركة.
وإذا كان الانحناء في عرفنا ذلا ومهانا، فإن الانحناء الكريم الذي يرفع القدر ويحفظ الكرامة هو انحناؤنا أمام عواصف حياتنا المشتركة; لتمر غير آسفات علىها، إنه انحناء يجعل الرأس أكثر ارتفاعا، فمنتهي العزة أن تظل بيوتنا متماسكة صامدة، وغاية المذلة أن تصبح هشة ضعيفة مسكونة بعواصف أبينا الانحناء أمامها بدعاوي الكبرياء، فحاصرتنا وخنقتنا حتى تصلبت الرقاب، وصارت عاجزة حتى عن هذا الانحناء الذي نحاوله كثيرا بعد فوات الأوان.(53/86)
ـــــــــــــــــ
زوج لا يعدل
ن الله عز وجل عندما أباح للرجل الزيادة على واحدة قيد ذلك بالعدل، إذ قال تعالى في كتابه العزيز: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم).
ومن الناس من يحتاج إلى التعدد فيتزوج اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، والتعدد مشروع ، وله حكمه المتنوعة، وفوائده المتعددة، لكن المصيبة أن يحيف الزوج في معاملته لزوجاته، فلا يلزم العدل ولا يقوم بما أوجب الله عليه، فالرجل راع في أسرته وهو مسؤول عن رعيته، وسياسة الراعي وعدله في رعيته هو الحد الفاصل بين فطنته وحماقته، فإذا ترك الرجل العدل بين زوجاته ثارت المشكلات وثارت الخلافات.
أنواع ظلم الزوج لزوجته
وأنواع الظلم الواقع على الزوجات عديدة وأشكالها متنوعة عند من ابتعد عن نور الهداية، ومنها هجر الرجل إحدى زوجاته لخلاف يسير دون أن يسبق هذا الهجر تحذير، وقد لا يقتصر في هجره على مجرد التأديب والتأنيب، بل يتجه في هجره إلى الإضرار بالزوجة، ثم لو قامت زوجة أخرى من زوجاته بمثل ما قامت به تلك التي هجرها لغض الطرف عنها، ولم يفعل معها ما فعل مع الأولى، فتراه يقسو مع الواحدة ويضعف أمام الأخرى، وكذلك نرى الظلم في ترك العدل في المبيت، فقد يبيت بعض الأزواج عند بعض الزوجات أكثر مما يبيت عند الأخرى، وقد يمكث الوقت الطويل عند إحداهن ولا يأتي عند الأخرى إلا لماماً، وقد يدعها شهوراً وربما أعواماً وربما علقها دون أن يطلقها، أو يعاشرها بالمعروف.
يجب على الزوج أن يساوي بين زوجاته في المبيت، فإذا بات عند إحدى زوجاته ليلة بات عند غيرها مثلها، فكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين زوجاته، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه قال أين أنا غداً؟ أين أنا غداً ؟ يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها.
قالت عائشة: فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه في بيته، وقبضه الله وكان رأسه بين نحري وسحري، وخالط ريقه ريقي.
وقال ابن حجر - رحمه الله - في شرح الحديث والغرض منه: إن القسم لهن يسقط بإذنهن في ذلك، فكأنهن وهبن أيامهن تلك التي هي في بيتها. وفي صورة أخرى لظلم الرجل غير العادل نراه يصطحب إحدى زوجاته في أسفاره دون أن يكون لغيرها نصيب، فإذا أراد السفر ورغب أن تصحبه إحدى زوجاته، فلابد أن يرضين كلهن، وإلا فالقرعة بينهن، ومثالنا على ذلك فعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه.
وأكثر ما يلاحظ في سلوك الزوج غير العادل هو المبالغة في الاهتمام بالزوجة الجديدة، وربما كان ذلك على مسمع من الأخرى بما يزيد في إغاظتها واشتداد غيرتها، دون أية مراعاة لمشاعرها، وذلك من الخطأ والجهل، وكذلك نرى أن(53/87)
الزوج غير العادل يميل في الهبة لإحدى زوجاته الكثير من أمواله، ويحنو كثيراً على أولاده منها، بينما يهمل الأخرى ويحرمها مما يعطيه لغيرها، وقد يقسو على أولاده منها، إذ لابد من العدل في النفقة والكسوة والعطية وغيرها، فيعدل بينهن من كل جهة وبكل ما استطاع وبكل ما يليق بكل منهن دون تفضيل إحداهن على الأخرى، فإذا وفى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك.
ولأجل ذلك كله، ولرفع الضيم عن الزوجة من ظلم الزوج غير العادل شَرط الدين الإسلامي في إباحة التعدد إمكان القدرة على النفقة، والقيام بأعباء الزوجية كاملة، وقيده بقيد، هو ضرورة العدل في المعيشة والمعاشرة، إذ قال تعالى في كتابه العزيز: "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة". وبهذا الشرط والقيد تصان الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال، ومن الجور والظلم وتحفظ كرامة المرأة حتى لا تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملحة واحتياط كامل.
العدل مشروط بالاستطاعة
والعدل المشروط هنا هو العدل المادي في المعاشرة والمعاملة والنفقة وفي كل ما يمكن تحقيق العدل فيه، ويدخل تحت طاقة الإنسان وإرادته بحيث لاتبخس زوجة حقها ولاتؤثر واحدة دون الأخرى بشيء.
أما فيما يتعلق بالمشاعر والقلوب وأحاسيس النفوس فذلك خارج عن إرادة الإنسان واستطاعته، ولا يطالبه بالعدل فيه أحد، وإلى هذا المعنى جاءت الإشارة في قول الله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)
ومع أن نبي الإسلام كان يعدل بين نسائه كأرفع ما يكون وأنبل ما يكون، إلا أنه مع ذلك كان يحب السيدة عائشة رضي الله عنها أكثر منهن، وكان يقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).
فرسول الله صلى الله عليه وسلم عدل بينهن في كل شيء، أما المحبة القلبية والميل النفسي فهذا من الله ، ولا يملك فيهما شيئاً.
والعدل الذي نفيت استطاعته في هذه الآية هو العدل المعنوي المتمثل في المحبة والميل النفسي، لذلك يقول سبحانه تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيما)
وبهذا قرن الشرع العدل في الآية الكريمة بقوله: (فلا تميلوا كل الميل) أي أنكم إذا لم تستطيعوا تحقيق العدل بالمحبة والميل النفسي فلا تتركوا من تكون في درجة أقل من هذه المحبة كالمعلقة، بل اعدلوا بينهن في كل شيء، وحاولوا قدر الاستطاعة في المحبة أيضاَ. والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين أن الرجل إذا مال لإحدى زوجتيه أثم، وعوقب في الدار الآخرة، حيث قال: "من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً" والزوج الذي يعرف واجباته الدينية تجاه زوجاته، على وعي تام بأهمية العدل بينهن، وإذا كان العدل بين الزوجات قد فرض على الزوج كأمر واجب القيام به فما ذلك إلا لأن(53/88)
المسؤولية والتبعة يتحملها الرجل، الذي هو راع في بيته، والمسؤول عن رعيته، كما أنه قد افترض فيه أنه أبعد نظراً وأوسع أفقاً، والزوج العاقل هو الذي يقوم بالعدل بين زوجاته، ويحاول دائماً التوفيق، حتى يتهيأ لأفراد الأسرة أجواء الأمان والحماية والاستقرار والمودة، وليكونوا أعضاء أسوياء داخل المجتمع.
ـــــــــــــــــ
القوامة وأثرها في استقرار الأسرة والمجتمع
ينطلق المنهج الإسلامي في بناء الأسرة من خلال نظرة الإسلام لها؛ لأنها الأساس في بناء المجتمع واستقراره؛ فالأسرة كما نعلم هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع؛ إذا صلحت صلح المجتمع بأسره، وإن فسدت فسد كله.
ولقد أحاط الإسلام الأسرة بسياج من النظم والتشريعات حدد بموجبها الحقوق والواجبات لكل من الزوجين، ووزعت الاختصاصات بما يتفق مع القدرة الجسمية والحاجة النفسية لكل منهما. فهذه النظم والتشريعات تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تصلح ولا تفسد، وبذلك يتحقق للمجتمع المسلم الطمأنينة والاستقرار والنأي عن التفكك والانهيار.
وإن من القواعد المهمة التي يستقر عليها بناء الأسرة مسألة القِوامة التي أوكلها الله ـ سبحانه وتعالى ـ للرجل بقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، هذه القِوامة التي حاول أعداء الإسلام ودعاة التغريب من أبناء جلدتنا استغلالها في تحريض المرأة المسلمة عليها مُدَّعين أن المرأة المسلمة تعيش حياة قهر واستبداد وذل وخضوع واستغلال من قِبَل الرجل، وأنها مقيدة لا تستطيع الحراك إلا بإذنه وبأمره. فحرضوها وشجعوها على التمرد بدعوى رفع الظلم عنها، وإطلاق حريتها، ومساواتها بالرجل سواء بسواء.
لقد أصبح واضحاً ومكشوفاً ولم يعد خافياً على أحد ـ اللهم إلا على ذي بصيرة عمياء أو ذي قلب قد ختم الله عليه ـ أن هذا التحريض ما هو إلا دعوة للتمرد على أحكام الدين وتشريعاته لتحطيم قواعد المجتمع الإسلامي وأسسه الثابتة، وتدميره من خلال تقويض دعائمه التي من أهمها على الإطلاق الترابط الأسري والاجتماعي.
نحن نرى أنه لابد للمؤسسات والشركات التجارية من وجود مدير أو رئيس لها يدير شؤونها، وما على العاملين بها إلا السير وفق توجيهاته الإدارية. والأسرة في حقيقتها هي الأخرى مؤسسة، وبحاجة إلى رئيس يقوم بالإشراف عليها؟ وكيف يمكن للأسرة أن تستقيم ولها رئيسان يتنازعان أمرها؟ ومن أحق بهذه الرئاسة: المرأة أم الرجل؟ وهل قوامة الرجل على الأسرة إلغاء لشخصية المرأة كما يدَّعي المنحرفون؟
إن الخصائص التي منحها الله ـ سبحانه ـ للرجل من قوة وشجاعة ورباطة جأش وتحمل للمشاق والصعاب وثبات عند النوازل والزلازل تتناسب وهذه المهمة التي أوكلها الله إليه؛ فهي تجعله أقدر على القوامة وإدارة الأسرة والسير بها إلى بر الأمان. أما المرأة فهي تفتقد لتلك الخصائص الموجودة عند الرجل وهو ما يجعلها غير مؤهلة للقوامة؛ لأنها زُوِّدت بخصائص تتناسب ومهمتها في هذه الحياة وهي حضانة النشء وتربيته ومنحه ما يحتاجه من رقة وعطف ولين، وغير ذلك مما(53/89)
تتميز به المرأة عن الرجل. فالله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق المرأة والرجل، وزودهما بالصفات الجسمية والنفسية التي تتناسب ومهمة كل منهما.
يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «إن هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة وصيانتها وحمايتها».
فمسألة القوامة مسألة خطيرة لا يجوز أن تتحكم بها أهواء البشر ونزواتهم، ولها من الأهمية ما يدعو إلى الإصرار عليها من قِبَل الرجل وعدم التفريط بها؛ فهي مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقه وسيُسأل عنها يوم القيامة. يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يَحُطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة .
وقال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..».
فلا يجوز للرجل المؤمن المسلم أن يخضع لدعوات التغريب وأعداء الإسلام الحاقدين والاستجابة لهم ليثبت أنه رجل عصري ومتحرر، وأنه من أنصار المرأة والحفاظ على حقها؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الذي شرع القوامة هو الخالق سبحانه وتعالى، وهو أعلم بمن خلق وما يصلح لهم وما لا يصلح: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] .
إن أكثر المشكلات والخلافات الأسرية والعائلية والاجتماعية تنشأ بسبب تنازل الرجل عن حقه في القوامة وتسليمها للمرأة. وما نشاهده اليوم من نشوز كثير من النساء وتمردهن ما هو إلا نتيجة لسلبية الرجل وتخاذله في هذه المسألة.
فلو أدرك الرجل خطورة تخليه عن القوامة ونتائجها السيئة التي ستعود عليه في المستقبل وعلى أسرته لعض عليها بالنواجذ.
كم نرى من رجال ملتزمين دينياً إلاَّ أن زوجاتهم أو بناتهم سافرات متبرجات كاسيات عاريات. يقول صلى الله عليه وسلم: «سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المسجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن؛ فإنهن ملعونات».
كم من الرجال من نجده يعيش همّاً بالليل وذلاً في النهار نتيجة تراكم الديون عليه من جراء طلبات زوجته التي لا تنتهي ولا تتناسب مع دخله المادي؛ وذلك لإسكاتها وإرضائها أو خوفاً منها؛ فمن الذي دفعها إلى هذا؟ أليس هو تخلي زوجها عن حقه في القوامة؟
وكم مِن النساء مَنْ حاولت أن تسلخ زوجها عن والديه وتخلق الفتنة وتزرع الفرقة بينه وبين أشقائه لتبعده عنهم وتلصقه بوالديها وإخوتها وأقاربها؛ تسلط الأضواء على كل خطأ يصدر عن أهل زوجها وتغض الطرف عن محاسنهم. ولو كان الأمر يتعلق بأهلها لانعكس الأمر تماماً. ومن المؤسف حقاً أن مجتمعنا يعاني الكثير من هذه الأمور. إن السكوت عن هذه الأمور وتجاهلها دون السعي لإيجاد حل لها سيؤدي حتماً إلى العداوة والبغضاء بين أفراد العائلة الواحدة. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس في هذه المسألة يعود إلى سلبية الرجل وضعف شخصيته وتنازله عن حقه في القوامة.(53/90)
إن المرأة إذا كانت تعاني من ضعف الوازع الديني ولا تعي ما لها من حقوق وما عليها من واجبات سوف تحاول إخضاع زوجها لها بشتى الطرق والأساليب؛ فإذا وَجَدَت تنازلاً واحداً منه سعت إلى المزيد حتى تتم لها السيطرة التامة والتحكم فيه كما تشاء، ثم تفرض سيطرتها على المنزل بكامله ويصبح الزوج المسكين عندها مجرد بنك لا أكثر ولا أقل.
فمن المسؤول عن ذلك؟! واللهِ إنه الرجل وليس أحداً غيره. يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ـ: «لعل من الدلائل ما أصاب الحياة البشرية من تخبط وفساد ومن تدهور وانهيار، ومن تهديد بالدمار والبوار في كل مرة خولِفَتْ فيها هذه القاعدة فاهتزت سلطة القوامة في الأسرة، واختلطت معالمها، أو شذت عن قاعدتها الفطرية الأصلية».
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل هناك دور للمرأة في استقرار الأسرة؟
نعم ! إن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل؛ لأنه مكمل له؛ وينجلي دورها هنا في طاعة الزوج في المعروف، ولو لم يكن لطاعة الزوج أثر إيجابي بالغ لما حض عليه وأرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ فقد وردت أحاديث كثيرة تحض على هذا الأمر ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام -: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».
وقال أيضاً: «أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة».
وفي المقابل إذا باتت المرأة وزوجها غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح .
وطاعة الزوج تكون في غير معصية الله سبحانه وتعالى؛ إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» .
وتكون طاعته في حضوره وفي غيابه؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
إن طاعة الزوج واحترامه وتقديره يساعد على تنمية المحبة في قلبه لزوجته، والعطف والحنان عليها مما يشعرها بالاطمئنان والأمان الذي سينعكس على أفراد الأسرة جميعهم مما يساعد على تماسكها ويبعدها عن التفكك والانهيار.
ولتعلم المرأة المسلمة أنه ليس من مصلحتها إطلاقاً ولا من مصلحة أبنائها، بل ولا من مصلحة ذويها أن تحاول سلب زوجها القوامة؛ فإن تمادت في ذلك واستطاعت السيطرة والتحكم في طفولة الأبناء فسوف تتلاشى سيطرتها عليهم في عمر المراهقة، هذا العمر الذي يتميز بالتمرد والعصيان؛ فهم في حاجة ماسة إلى سلطة قوية وحازمة وهذا ما تفتقده النساء عموماً؛ لأنه ليس من طبيعتهن القوة والحزم وإنما اللين والعطف والحنان.
فلتعد المرأة المسلمة إلى ظلال الشرع الحنيف الذي يحميها وأسرتها من تلك الفتن التي عصفت بالمجتمع الإسلامي تحت مسمى حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وتمردها على كل القيم والأخلاق الفاضلة الكريمة.(53/91)
وليعلم كلٌّ من المرأة والرجل أن الأساس الذي يقوم عليه التشريع للناس وتحقيق مصالحهم وسعادتهم في هذه الحياة هو ما أمر الله به ـ سبحانه وتعالى ـ وأذن به، وليس ما أمر به أعداء ديننا الحنيف. قال ـ تعالى ـ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]. فلا بد من تعاون المرأة والرجل سوياً للحفاظ على كيان الأسرة وأمنها؛ وذلك من خلال سد كل الثغرات التي تؤذيها؛ ولا يتحقق هذا الأمر إلا بالالتزام الكامل بما أمر به الشرع وأرشد إليه حتى يكونا القدوة الحسنة والمحضن الآمن والمستقر لأبنائهما؛ لأن القدوة الحسنة الصالحة هي الأساس المتين لتربية جيل فاعل وبنّاء في المجتمع؛ فإن فَعَلا ذلك يكونا قد قاما بأداء ما عليهما من الحقوق والواجبات التي أوجبها عليهما الإسلام، ويكونا قد شاركا بجهدهما في تكوين الأسرة الصالحة بكل الخصائص والمقومات التي دعا إليها ديننا الإسلامي الحنيف مما يسهم في بناء مجتمع متميز بآدابه وسلوكه وقيمه ومبادئه العظيمة، وتكون القدوة الصالحة لباقي المجتمعات ويتحقق فينا قوله ـ تعالى ـ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: 110] .
ولا بد من كلمة أخيرة أود أن أوجهها إلى الرجل وهي أن مفهوم القوامة في البيت ليس معناها إلقاء الأوامر والتحكم الجائر أو القهر والاستبداد أو الظلم أو الاستعباد لمن تحت رعايته.
يقول ـ تعالى ـ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [النساء: 19]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله».
وقال ـ تعالى ـ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}. [الأحزاب: 21] .
فمن الواجب على الزوج المسلم أن يكون عطوفاً حنوناً ومحباً لأسرته، ليِّناً في المواقف التي تتطلب اللين، حازماً في المواقف التي تستدعي الحزم.
ومن مستلزمات القوامة أن يكون الزوج قدوة حسنة في التزامه الشرعي وسلوكه حتى يستطيع أن يؤثر فيمن تحت رعايته. يقول ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}. [الصف: 2 - 3] .
ويقول ـ تعالى ـ أيضاً: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
فإن استطاع الرجل أن يحقق تلك الصفات فإنه - بإذن الله- يتمكن من الوصول بأسرته وبمجتمعه إلى بر الأمان.
وعندئذ يظهر للجميع أثر القوامة الشرعية التي كلَّفَ الله - سبحانه وتعالى - بها الرجل لتحقيق استقرار الأسرة الذي ينعكس أثره على المجتمع الإسلامي كله.
ـــــــــــــــــ
رشوا عليها .. السكر
"ستكون أطول أهلك عمرا" هكذا قال أحد الصالحين ممن رزقهم الله علم تأويل الأحاديث لمن سأل أن يفسر له رؤيا، رأى فيها أن كل أسنانه قد وقعت، وكان(53/92)
تأويلها أنه سيفقد كل أهله، وسيشهد مماتهم، ولم يشأ الرجل الصالح أن يصدم صاحب الرؤيا بهذا التفسير الصريح، فعبر عنه بطريقة أخرى حولته من صدمة إلى بشرى، ومن أمر مقلق إلى شيء مبهج سار.
كلما تذكرت هذه الواقعة تساءلت: وأين كثير من بيوتنا وعلاقاتنا الاجتماعية من هذا الفقه الرائع في التعامل؟ أين هي من "بشروا ولا تنفروا" كما قال (صلى الله عليه وسلم)؟
فكم من زيجات تجرع أطرافها مرارة الفشل والتعاسة لمجرد أنهم لا يجيدون فن التعبير عن إحباطاتهم أو مخاوفهم، أو حتى شكوكهم بشكل طيب لا يرفع بينهم وبين شركائهم حواجز الاستفزاز والعناء، وكم من زيجات أيضا عرف أصحابها كيف يعبرون فوق الخلافات بكلمة حلوة، وجملة منتقاة بعناية، وألفاظ تحمل من حسن الظن أكثر مما تحمل من اليأس وسوء الفهم.
ومجرد إتقان أي من الزوجين أو كليهما لفن حسن التعبير يعني امتلاك مفتاح أوسع أبواب السعادة، والتوافق وإغلاق الباب في وجه ريح الشقاق والتنافر، وليس هناك مقابل يتكبده الزوجان ليفوزوا باقتناء هذا المفتاح السحري سوى بعض التصبر، وكثير من الحب، وكثير جدًا من حسن الظن، وربما قليل من البلاغة اللفظية، القليل الذي يربيه الله، ويصبح سخيا غنيا إن كان مزدانا بالإخلاص، وصدق الرغبة في الاستمرار.
ولنتأمل كيف يمكن التعبير عن ذات المشاعر والمواقف بطريقتين، وحجم الفارق الشاسع بينهما، الفارق بين الذكاء والرعونة، بين الحرص والغفلة، بين الحب والبغض، بين التماس الأعذار وتصيد الأخطاء.
الموقف:
- كانت الزوجة مريضة، وتوقعت من زوجها مساندة، وعونا، وحنانا إضافيا، ولكنه لم يفعل.
التعبير السلبي:
- لم يهدر صحتي إلا خدمتك، وخدمة أولادك، ومع ذلك لا أجد منك سوي النكران، والخذلان عموما الأيام دول، ولست محصنا ضد المرض!
التعبير الإيجابي:
- وصلني دعاؤك لي بظهر الغيب يا حبيبي، ولذلك تعافيت بسرعة والحمد لله، ولكنني كنت أتمني أن أسمع منك ما يعجل أكثر بشفائي، وبابتسامة واسعة: لا تنس الكلمة الحلوة في مرضي القادم بعد الشر!
الموقف:
- فتح الزوج الدولاب لاختيار قميص، ففوجئ بأن كل ملابسه تحتاج للغسيل، غلت الدماء في رأسه، وبخطوات متحفزة اتجه إلى زوجه في المطبخ، وقال بحدة: ما الذي يشغل الهانم عن أبسط واجباتها؟ ويجعلها تنسى غسل ملابس زوجها، كان الله في العون يا سيادة الوزيرة؟
وعندما فرغ الزوج شحنة غضبه جلس إلى نفسه، وتذكر أن الزوجة تتحمل أعباء خمسة أطفال، وأنه لا يتحمل معها سوى العبء المادي، وأن الغسالة ظلت أسبوعا(53/93)
معطلة، والأهم أن بعض القمصان كانت بحالة تسمح بارتدائها، ولكنه هو الذي يحب ألا يرتدي القميص سوى مرة واحدة، وحينئذ ندم على سخريته من شريكة حياته، وتمنى لو أنه قال لها برفق وحنو: ليست هذه عادتك يا حبيبتي، لقد عودتيني على أن أجد كل ملابسي مغسولة ومكوية، فماذا حدث؟ لعل المانع خير، أعانك الله، وأرجو ألا يتكرر هذا الموقف مرة أخرى.
- وما أكثر المواقف والمنعطفات التي نواجهها كل يوم في بيوتنا، ومع جيراننا، وفي أعمالنا، وإما أن يحسمها رد الفعل أو يزيدها وطأة، وحين ننظر بعيدًا، ونستشرف العواقب لن نثبت قدمينا على أرض اللحظة والموقف، بل سنتجاوزهما إلى أفق التغافر، وتدريب نفوسنا وألسنتنا على الرفق واللين، وحينئذ إن لم نعبر المواقف والإحباطات، فعلى الأقل سنفوز بأجر كظم الغيظ، ولن ننقل عدوى إحباطنا إلى شركائنا وأولادنا، فكثير ممن كان يتوقع لهم مستقبل طيب، فشلوا لأن آباءهم وأمهاتهم لم يحسنوا التعبير عما يضايقهم في أبنائهم فأسرفوا في اللوم، وضنوا بالتشجيع.
هيا نتمرن منذ اللحظة على فن تحلية ألسنتنا ورش سكر الكلام الطيب عليها.
هيا نتقن ذكاء اختيار الألفاظ، وليكن شعارنا في بيوتنا وخارجها "أنت أطول أهلك عمر ا".
ـــــــــــــــــ
وجهك المتوضئ
وجه غاضب، عبوس، مكفهر، وجه هادئ، بشوش، مبتسم، شتان بينهما، أليس كذلك؟
وربما تندهشين إذا عرفت أن هذا الفارق الكبير الذي بين الوجهين - لم يصنعه سوى الماء - الماء فقط، ولكن ليس أي ماء، إنه ماء الوضوء، فنبينا (صلى الله عليه وسلم) حين أوصانا بألا نغضب، وحين أشفق علينا من أن نعجز عن مقاومة نوازع وأسباب الغضب، فدلنا على أنجح وأنجع أساليب المواجهة؛ "الوضوء" كان أرفق بنا من أنفسنا، وكان يدرك تمامًا أن المشاعر والملامح تتغير كلية من الغضب إلى السلام النفسي بعد الوضوء، وأن المتوضئين والمتوضئات أوضأ وجوهًا، وأصفى نفوسًا، وأرق شعورًا، وأرقى أخلاقًا.
وقد أثبت العلم الحديث كثيرًا من الفوائد العضوية للوضوء.. أيضا، فالمسلم حين يتوضأ يلمس مراكز حس معينة، ومناطق محددة في جسده بينها صلة توافق وتكامل، مما يؤدي في النهاية إلى الإحساس بالراحة الجسدية، ودعم القدرة على مقاومة الأمراض.
فما أجمله من دين! يمنح المنتمين والمنتميات له انتماءً صادقا، صفاء النفس، وجمال الملامح، وقوة البدن بشعيرة الوضوء وحدها، فما بالك بباقي أحكامه وسننه؟!
لذلك حين تغضبين وقبل أن تغضبي، وحتى لا تغضبي فقط توضئي.
ـــــــــــــــــ
من الرجولة .. ليس من الرجولة
من الرجولة(53/94)
- أن تعلو الابتسامة وجهك في بيتك.
- ألا تحول بين زوجتك وأسرتها بأن تمنعها من زيارتهم.
- ألا تسيء استقبال والديها وإخوتها وأقاربها عندما يزورونك.
- أن تعفي زوجتك - خاصة إذا كانت عاملة - من مهمة التسوق والشراء، أو على الأقل تحمل عنها المشتريات بمجرد وصولها إلى البيت وتساعدها في تنظيمها وحفظها.
- ألا تنقاد لآراء زملاء دراستك أو عملك دون تفكير، أو تفرض عليهم وجهات نظرك قسرًا.
- أن يكون الحوار منهجك مع أبنائك، وأن تصل معهم إلى مرحلة يشعرون فيها بأنهم يحترمونك ويحبونك أكثر مما يخافونك.
- أن تأخذ بزمام المبادرة بين جيرانك عندما يتطلب الأمر إصلاحات عامة ((المصعد، موتور المياه)) وغير ذلك، وأن تكون إيجابيا فيما يتعلق بالصالح العام في بيتك ومنطقتك وعملك.
- ألا تترك زوجتك تذهب إلي الطبيب بمفردها مكتفيا بإعطائها مصروفات العلاج، فالحنو والمشاركة في حالة المرض أعمق أثرًا من مجرد العطاء المادي.
- أن تشارك في الأعمال المنزلية، وتتفقد أحوال أبنائك الدراسية غير مكتف بدور الممول فقط.
- ألا تبخل على زوجتك باحتياجاتها الشخصية بدعوى أنها تعمل ولها دخل مستقل.
- أن تغمر زوجتك بالحب في علاقتكما الخاصة، وألا تعتبر هذه العلاقة فرصة لإظهار الرجولة الجسدية وحدها.
ليس من الرجولة
- أن تتحين كل أول شهر؛ لتستولي على راتب زوجتك العاملة، وتستحل تعبها.
- أن يسبقك ((شخطك ونطرك)) قبل دخولك البيت، بحيث تنزوي زوجتك وأولادك في ركن خوفًا منك.
- أن تسخر من آراء زوجتك، وتتهمها بالتفاهة، وتعتبر كل نقاش بينكما فرصة لاستعراض عضلاتك الثقافية على حساب شريكة حياتك.
- أن تتفاهم مع أولادك بالعصا والصوت العالي، فيسمعون كلامك، وهم غير مقتنعين به، ويبحثون عن فرصة لعمل ما يريدون، حتى ولو من وراء ظهرك.
- ألا تمل من ترديد جملة ((أنا الرجل)) في كل مناسبة نقاش من زوجتك، أو خلاف في وجهات النظر بينك وبين شقيقتك، فمع التكرار ستفقد الجملة معناها.
- أن تستلقي في استرخاء لتقرأ الصحيفة، أو تشاهد برامجك المفضلة، بينما زوجتك تدور كالنحلة في البيت بعد عودتها من عملها، وأنت تستعجل الغداء أو تتهمها بالتلكؤ، وتستهين بإرهاقها.
- ألا تسمح لزوجتك بإبداء رأيها في موضوع ما، وتعتبر مجرد استفسارها عن ملحوظة معينة، أو أمر وجهته إليها خروجًا علي حق الطاعة.
- أن تتبسط في الحديث مع زميلات العمل أو الدراسة، وترفع الكلفة بينكم.(53/95)
- أن تتعلل بانشغالك، فتقصر في بر والديك وصلة رحمك، وتحمل زوجتك عبء القيام بالواجبات الاجتماعية وحده
ـــــــــــــــــ
زوجتي.. لم تعد زوجة
في بداية زواجنا.. كنت أرى زوجتي أجمل النساء، فهي تتقن فن التزين، ولديها ذوق رائع في اختيار الألوان وتنسيقها.. وتدريجيا بدأت تهمل هذا الأمر، حتى صار الوضع الطبيعي أن أراها منسقة الشعر.. نظيفة الملابس - طيبة الرائحة - وفقط ـ دون اهتمام بالتفنن في تصفيف شعرها أو تزيين وجهها، أو ارتداء ملابس تبرز جمالها، وبعد عشرة دامت تسع سنوات، وأسفرت عن ثلاثة أبناء .. لم أعد أجد في زوجتي ما كنت أجده من قبل، ووجدت نفسي أنظر إلى غيرها من النساء وأقارنها بهن، وأشعر أن زميلات عملي أجمل منها، وأن النساء اللاتي أقابلهن بحكم عملي العام أكثر منها اعتناء بمظهرهن وجمالهن.
لقد صرت أخشى الوقوع في الحرام ، وأستعظم النظرة الخاطئة، ولكنني لا أستطيع الكف عنها، بل كلما أعجبتني واحدة وشعرت بالذنب، وذهبت إلى بيتي فوجدت زوجتي على حالها، أشعر بأنني مظلوم ومحق فيما أفعله.
إن زوجتي امرأة فاضلة، وربة بيت رائعة، وتعمل بوظيفة قيادية أثبتت فيها كفاءتها ومقدرتها، ولكنني محتاج إلى "الزوجة" ولا أجدها فيها، فهل الزواج الثاني - مع قدرتي عليه - يمكن أن يحل مشكلتي؟
ف. ر - القاهرة
من حقك أن تجد في شريكة حياتك "الزوجة" الجميلة، والمتزينة دائما.
ولكن هل هذه الزوجة نبت بلا بذور؟ وهل يمكن أن تجدها دون بذل أي جهد أو تقديم أية أسباب؟
لم تذكر في رسالتك موقفك من أعباء زوجتك المتعددة، فهي أم وامرأة عاملة، وربة بيت رائعة - بشهادتك - فماذا فعلت أنت لتعينها على كل هذه المهام؟ وهل من المنطقي أن تتحمل الزوجة كثيرًا من الأعباء على حساب صحتها وراحتها طوال اليوم، ثم يطلب منها أن تكون - في الوقت نفسه - عروسا متزينة لزوجها، وهو جالس واضعا ساقا على ساق، ينظر بلا مبالاة إلى تلك المسكينة التي تدور كالنحلة في أرجاء البيت، وينتظر فراغها من مهامها، لتتفرغ له!
إنني لا أجادل - إطلاقا - في حقك على زوجتك .. ولكنني أجد رسالتك فرصة لأقول لكل زوج مسلم طيب: أعن شريكتك على حسن التبعل لك .. ساعدها لتوفر وقتا تستطيع فيه أن تكون لك زوجة.. زوجة فقط متفرغة.. ومحبة وغير مثقلة بالهموم، وثق تماما أنك لن تكون سعيدًا وأنت تتأمل زوجة جميلة، ولكنها مرهقة ومتعبة، تجلس معك بجسدها، ولكن عقلها وروحها منهكان من التفكير فيما عليها من أعباء.. وفي المسئوليات التي تنتظرها.
وهي فرصة أيضا لأهمس في أذن كل زوجة محبة "الأجر على قدر المشقة"، وكلما تعبت لأجل إسعاد زوجك زاد قدرك عنده، وعند الله سبحانه وتعالى قبله، وتأكدي(53/96)
أن رعايتك لبيتك وأولادك لا تساوي شيئا في ميزان زوجك، إن كان مقابلها إهمالك لشؤونه الخاصة، وحاجاته الفطرية، وحقوقه عليك.
أعود إلى رسالتك أيها الأخ الفاضل وأقول لك: إنني لا أشجعك ـ في وقتنا الحاضر ـ على الزواج الثاني قبل أن تأخذ بما عليك من أسباب.. أعن زوجتك، وخفف عنها أعباءها - ما استطعت - وألمح لها من بعيد وبلطف شديد بما يضايقك، وانتظر النتيجة التي أتوقع أنها ستكون مرضية لكما معا - إن شاء الله.
ـــــــــــــــــ
رفقا بالقوارير
موقفه (صلى الله عليه وسلم) مع السيدة صفية (رضي الله عنها) دستور ومنهج للحياة الزوجية السعيدة.
النبي (صلى الله عليه وسلم) يثني ركبتيه لتركب زوجته الناقة، وبسبب دموع السيدة صفية (رضي الله عنها) يوقف قافلة الحجاج.
يظن بضع الرجال أن احترامه لزوجته أمام الآخرين، وتقديرها، والنزول على رغبتها تقلل من شأنه، وينقص من رجولته، وتفقده قوامته.
والعكس صحيح فاحترام الزوجة ، وتقديره مشاعرها يجعلها تكن لزوجها في نفسها كل حب، واحترام، وتقدير، واعتراف بفضله وكرمه.
ولنا في رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) خير قدوة، فقد كان يعيش بين أزواجه رجلا ذا قلب وعاطفة ووجدان، حياته مليئة بالحب، والحنان، والمودة، والرحمة.
ويذكر لنا الأستاذ جاسم المطوع - خبير العلاقات الزوجية - قصتين للرسول (صلى الله عليه وسلم) مع زوجته السيدة صفية (رضي الله عنها) يبين فيهما مدي احترامه (صلى الله عليه وسلم) لمشاعر زوجته.
مسح دموع صفية (رضي الله عنها)
تحكي صفية بنت حيي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حج بنسائه، فلما كان في بعض الطريق نزل رجل فساق بهن فأسرع، فقال النبي كذلك، سوقك بالقوارير - يعني النساء - فبينما هم يسيرون برك لصفية بنت حيي جملها، وكانت من أحسنهن ظهرًا، فبكت وجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين أخبر بذلك، فجعل يمسح دموعها بيده، وجعلت تزداد بكاء وهو ينهاها.
إنه لموقف جميل من الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) مع زوجته حين مسح دمعتها بيده، ثم أمر الناس بالوقوف والنزول، علما بأنه لم يكن يريد أن ينزل.
ففي هذه القصة فوائد جمة وكثيرة، يستطيع كل زوجين أن يتعاملا مع هذا الموقف كدستور، ومنهج لحياتهم الزوجية، حتى تصبح سعيدة وجميلة.
فمسح الدموع بيد الزوج نفهمه نحن مواساة ودعما لعواطف ومشاعر الزوجة، علما بأن سبب البكاء قد ينظر إليه الزوج من ناحيته على أنه سبب تافه، فالدموع والبكاء من أجل بروك جمل يعد من أحسن الجمال، هذا هو السبب، ومع ذلك لم يحقر النبي (صلى الله عليه وسلم) مشاعر صفية وعواطفها، بل احترمها ودعمها وأنزل القافلة كلها من أجلها.(53/97)
إن الدموع تكون غالية وثمينة إذا عرف كل طرف قدرها. وكم رأيت في المحاكم دموعا تنهمر من أزواج ومن زوجات، والطرف الآخر لا يقدر هذه الدمعة ولا يحترمها، بل ويتمني لو تنهمر من غير توقف.
إلا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مسح الدمعة بيده، ولكنا نعرف أثر تمرير اليد على الخد، ففيه معان كثيرة على الرغم من أنه مسافر، وذاهب إلى الحج، ونفسية المسافر دائما مستعجلة حتى يصل إلى مراده، ومع ذلك تريث النبي (صلى الله عليه وسلم) في التعامل مع عواطف المرأة ومشاعرها.
الاحترام الزوجي
أما الثانية: عن أنس (رضي الله عنه) قال: خرجنا إلى المدينة "قادمين من خيبر" فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يحوي لها (أي لصفية) وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب عليها..
ففيه بلاغة عظيمة في الاحترام، وإن الغرب اليوم يتفاخرون في احترام المرأة، فيفتح لها الرجل باب السيارة، بينما حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وضع ركبته لزوجته، وهو أعظم من تصرفهم وأبلغ.
فحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يعلم البشرية أسس الاحترام وآدابه، وليس هذا خاصا بالإنسان، بل حتى مع الحيوان. فالاحترام منهج وسلوك يعمل به الشرفاء
ـــــــــــــــــ
قبل أن يغرق
في الزواج السوي ليس مهما لمن يكون القرار بل أن يكون القرار في مصلحة الأسرة، من حق من يستطيع تنفيذ القرار أن ينفرد باتخاذه ، ولكن في إطار الشورى مع الطرف الآخر حين يحكم الفضل والإيثار مؤسسة الزواج تتلاشى الخلافات حول القرار لمن؟
توترات العلاقة الزوجية الخاصة تتخفى وراء الصراع بين الزوجين على إدارة المنزل.
"المركب التي لها رئيسان تغرق" .. مثل شعبي رددته جداتنا، وأمهاتنا، وهمست به الأمهات "العاقلات" في آذان بناتهن يوم زواجهن، فعرَّفن هؤلاء البنات وعلمنهنّ الفارق بين أن يكون لهن رأي في إدارة بيوتهن وبين أن يتشبثن بهذا الرأي ويقاتلن دونه، بين أن يشاركن في صنع القرار الأسري، وأن يرفعن شعار "أنا ومن بعدي الطوفان" ويصممن على أن يكن صاحبات القرار.
المركب ذات الرئيسين تغرق؛ لأنهما سيتنازعان الرئاسة، وسيختلفان على من منهما يمسك بالدفة، وستسقط هذه الدفة من أيديهما معا وتغيب المركب في قاع البحر وهما على سطحها.
في كثير من بيوتنا يتعرض الزواج لخطر الغرق؛ حيث يصبح السؤال: لمن القرار في البيت بلا إجابة أو تضيع إجابته بين الزوجين.
"من صاحب القرار في البيت؟!" سؤال يجب أن يبحثه الزوجان معًا، لا ليصرّ كل منهما على أن يكون هو صاحب القرار، ولكن لتسير حياتهما وفق اتفاق مسبق واضح، وما كان أوله شرطٌ فآخره نور كما يقولون.(53/98)
انفراد بالقرارات المصيرية
على عينة مكونة من عشرين زوجا أجرينا استبيانا كانت نتيجته كالآتي:
- معظم الرجال يقررون أنهم أصحاب القرار، ولكن بالشورى مع الزوجات، وليس استبدادا بالرأي ولا تسلطا بنسبة 74% ، مع إضافة أن رأي الزوجة مجرد رأي استشاري غير ملزم. وبعض الرجال قالوا: إنهم يتركون المسئولية للزوجات ، ليس إهمالاً أو تقصيرًا، وإنما بسبب الانشغال بكسب الرزق، وقال 25% ممن قابتلهم: إن القرارات المصيرية في الأسرة تصدر عنهم وحدهم. بينما قال زوج واحد: أنه لا يأمن أن يترك أولاده لزوجته، فهو الذي يتولى كل مسئولياتهم، ومسئوليات البيت، فيما عدا بعض الأعمال المنزلية النسائية التي لا يجيدها.
من يستطيع تنفيذه
بعد استطلاع رأي عدد من السيدات المتزوجات كان إجماع السيدات على أن صاحب القرار هو من يستطيع تنفيذه، سواء كان الزوج أو الزوجة، وليس بالضرورة أن يكون أحدهما هو صاحب القرار على طول الخط، وأن الشورى بين الزوجين لازمة في كل الأمور، فالزوج هو الذي يحدد نوع تعليم الأبناء؛ لأنه هو الذي سينفق على تعليمهن، ولكن ليس معنى ذلك أن يوفر على حساب مستقبل أولاده.
أما عن مسئولية المرأة، فإنها تتركز في موضوع الميزانية، وتحديد احتياجات البيت المادية، ولكن بمشاركة الرجل بالمال فقط وليس بالرأي.
عدد كبير من الزوجات يعانين من عدم المشاركة الفعلية للزوج في اتخاذ القرار، وتهرب بعض الأزواج من هذه المسئولية بسبب عدم إلمامهم بكل ظروف المنزل.
إحدى الزوجات وهي صباح صالح - موظفة - تقر أن القوامة لا تعني الاستبداد، بل المشاركة، وتحمل بعض المسئوليات، وليس كل مسئوليات البيت.
فالزوجة يمكن أن تقوم بإدارة البيت بمفردها؟
- ممكن ولكن المشاركة في الرأي تكون أفضل؛ لأن الزوج مهما ترك المسئولية دائما هو المرجع الأول ، وذلك مع مراعاة أن لكل من الزوجين تخصصه ونطاق مسئولياته، وهناك أشياء يمكن الاختلاف عليها، والرأي لمن يستطيع إقناع الآخر برأيه، وليس الرأي القاطع لأحدهما على طول الخط.
يؤكد يحيي سعد عوض - المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة - أنه من خلال خبرته في قضايا الأسرة يلاحظ أن معظم المشكلات التي تصل إلى حافة الطلاق تنتج عن عدم مراعاة حالة الزوجة النفسية خاصة في حالات الحيض والنفاس والحمل، لما ينتابها من قلق وتوتر واضطرابات، ومن ثم يلزم معاملتها بشيء من المرونة واللين، حتى تستقر حالتها تماما، كما أن توترات العلاقة الزوجية الخاصة تنعكس على كل نواحي الحياة ومن بينها الاختلاف من يتخذ القرار خاصة في بداية الزواج، والمراحل الأولى منه؛ حيث يتطلع كلاهما إلى تلك العلاقة، فإذا تحققت على أرض الواقع، وأشبع كل طرف رغبته بنجاح، فلابد أن يؤدي ذلك إلى نجاح الحياة الزوجية كلها.(53/99)
وينصح يحيي سعد كل زوجين بتجنب العناد فهو أهم أسباب الفشل بالنسبة للحياة الزوجية; لأن الأمر في إدارة الحياة الزوجية شوري بين الزوجين، وإقناع واقتناع، فإن فشل طريق الشورى، فالأمر موكول للزوج، وتكون على الزوجة الطاعة بعد أن تقوم بواجبها من نصح وإرشاد.
داخل الإدارات المنزلية
على اعتبار الأسرة مؤسسة ووحدة إدارية مصغرة متعددة، الزوج هو رئيس مجلس إدارتها، فكيف يمكن توزيع المهام داخل تلك المؤسسة؟
يجيب الدكتور سعيد عبد العال - أستاذ إدارة الأعمال بجامعة الأزهر - فيقول: إن عملية توزيع المهام بين الزوجين تعتمد على شخصية كل منهما، ودرجة التفاهم بينهما على ضرورة المشاركة. كما تعتمد على العوامل المؤثرة في التربية، ومنها عوامل وراثية وعوامل مكتسبة.
ولكن بصفة عامة يمكن القول: بأن الزوج غالبا هو صاحب الموقع الاستراتيجي، وهو صاحب القرار، ولكن هذا لا ينفي أهمية الدور الذي تقوم به الزوجة، خاصة في بعض الأمور التي لا يستطيع الزوج متابعتها، مثل: الميزانية، فالزوجة أفضل من يدبر عملية الإنفاق؛ لأن الزوج مهمته العمل لكسب الرزق، وليس لديه الوقت الكافي لمتابعة أوجه الإنفاق.
ولكن لابد أن ننظر إلى الأسرة على أنها مؤسسة إنسانية تجارية همها الربح والمنفعة، فهي مؤسسة حياتية رأس مالها الأول هو العاطفة القوية بين الزوجين، والتي ولا شك لها تأثيرها القوي في تربية الأبناء.
وأهم قواعد تلك المؤسسة "الإيمان" الذي يزيد الثقة المتبادلة بين الزوجين، وفي النهاية، فليس هناك أفضل من التعبير القرآني الذي عبر عن الحياة الأسرية بالسكن والمودة، ومن القاعدة القرآنية التي تصلح بها حياة المسلمين لا الزوجين فقط "وأمرهم شوري بينهم" .
صراع أم مودة
يندهش الدكتور حسن عبد السلام - الأستاذ بجامعة الأزهر - من أن عالم الكائنات الحية من غير الإنسان لا توجد فيه مشكلة الصراع على اتخاذ القرار، ففي عالم الطير والحيوان ـ مثلا ـ لا نجد صراعا بين الذكر والأنثي، بل نجد تكاملاً من أجل المحافظة على النوع.
من هنا كان حرص الإسلام على أن تكون العلاقة الزوجية محكومة بضوابط شرعية وقيم أخلاقية تؤدي في النهاية إلى سيادة الرحمة والود في جميع المعاملات، وفي كل المواقف والحالات. والآية القرآنية التي تشير إلى هذه العلاقة- تدل على هذا المعني قال الله (عز وجل): "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " [الروم:21]. فالسكن لا يكون إلا في وجود الرحمة والمودة، ولا يتصور السكن - ومن معانيه الهدوء والطمأنينة والراحة وغيرها من المعاني التي يحتاجها الزوج، وتحتاجها الزوجة ـ إذا تعامل الزوجان مع الحياة الزوجية بمنطق الصراع، واكتساب أحد الطرفين ميزات على حساب الطرف الآخر.(53/100)
وفي ضوء هذا الطرح تتجاوز المعاملة بين الطرفين حدود العدل إلى دائرة الفضل، فكل طرف يحاول أن يبذل ما في وسعه لإسعاد الطرف الآخر، وإشعاره بمعاني السكن والمودة والرحمة المشار إليها في الآية. فتكون العلاقة بينهما علاقة تكاملية، وليست صراعًا وتفاضلاً.
وعلى هذا النحو كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) في خدمة أهله، وكانت زوجاته الطاهرات (رضي الله عنهن) يقدرن ذلك، ويبادلن الرسول (صلى الله عليه وسلم) المشاعر الراقية بالسمع والطاعة والإخلاص.
كما كانت بيوت الصحابة (رضي الله عنهم) تعيش في ظلال التوجيهات القرآنية، والقدوة النبوية.
من القيم التي تنمو بها الحياة وتتجمل - كما يقول د. حسن عبد السلام - : التعاون، وإذا كان الناس جميعا يحتاجون إلى التعاون والبر فيما بينهم، فالمؤسسة الأسرية أولى بهذا التعاون وأحوج إليه بطبيعة الحال، حتى يتحقق لها أكبر قدر من السعادة والخير والبر.
أما الإيثار، ومعناه إنكار الذات وتفضيل الغير على النفس وأداء الواجب، دون النظر إلى المقابل والسماح والتنازل بطيب خاطر عن بعض الحقوق، فهو طوق النجاة الذي يصل بكل أفراد الأسرة إلى شاطئ السعادة، فليس مهما من يتخذ القرار، المهم هل هذا القرار في مصلحة الأسرة أم لا؟
كما أن الزوج حين يعبر لزوجته عن امتنانه لآرائها الطيبة ، حتى لو لم يأخذ بها ، فإنه يؤجر على ذلك.
وينتقد د. حسن عبد السلام غفلة كثير من الناس عن قيمة الكلمة وأثرها، وينتج عن هذه الغفلة كثير من المشكلات التي تؤدي إلى انهيار الحياة الزوجية في بعض الأحيان. وإذا كانت الكلمة الطيبة صدقة، فأحق الناس بها الزوجة من زوجها والعكس تحقيقا لقاعدة الأقربون أولى بالمعروف.
ولنا أن نتوسع في مفهوم الأسرة لتشمل الزوجين والأبناء، وعائلة الزوجين، فالكلمة الطيبة على كل هذه المستويات، يمكن أن تكون مفتاحا لأبواب كثيرة من الخير، ومغلاقًا لأبواب كثيرة من الشر.
ويشير د. حسن إلى أنه إذا لم يستطع الزوجان الوصول إلى مرتبة التطوع والفضل فلتكن الحقوق والواجبات التي جاء بها الشرع الحدود التي ينبغي الوقوف عندها، فيؤدي كل منهما ما عليه تجاه الآخر قربى لله أولا.
ـــــــــــــــــ
أيتها الزوجة .. طاعة الزوج مفتاح الجنة
قررت الشريعة الإسلامية بجميع مصادرها حق الزوج على الزوجة بالطاعة، إذ عليها أن تطيعه في غير معصية، وأن تجتهد في تلبية حاجاته، بحيث يكون راضياً شاكراً.
ونجد ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها ".(53/101)
وفي قول الله سبحانه وتعالى: "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"
فمن أول الحقوق التي قررها الدين للرجل هي أن تطيعه زوجته في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه، إذ ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
بالتالي عليها أن تأتمر بأمره، إن نادى لبت، وإن نهى أطاعت، وإن نصح استجابت، فإذا نهى أن يدخل قريب أو بعيد محرم أو غير محرم إلى بيته في أثناء غيابه أطاعت.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حق، فأما حقكم على نسائكم ألا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون".
الطاعة تعدل الجهاد
وقد ورد في تعظيم حق الزوج عليها أخبار كثيرة، إذ روى ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني رسولة النساء إليك والله ما منهم امرأة علمت أو لم تعلم إلا وهي تهوي مخرجي إليك ، الله رب النساء والرجال وإلههن وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء ، كتب الله الجهاد على الرجال فإن أصابوا أجروا وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون فما يعدل ذلك من النساء ؟ قال : طاعتهن لأزواجهن والمعرفة بحقوقهم وقليل منكن تفعله. (رواه الطبراني و عبد الرزاق في مصنفه ).
وهنا نجد أن رسول الله يساوي بين أجر الجهاد في سبيل الله وأجر طاعة الزوجة لزوجها .
زوجات مطيعات
والزوجة التي تعرف واجباتها الدينية تجاه زوجها، على وعي تام بأهمية طاعة الزوج، وتقول السيدة مها جابر: إن على الزوجة أن تسلس قيادها لزوجها فيما يفيد وينفع، حتى تهيئ لأفراد الأسرة أجواء الأمان والحماية والاستقرار والمودة ، وليكونوا أعضاء أسوياء تمضي بهم سفينة الحياة بعيداً عن الهزات التي قد تتعرض لها، وفي المقابل فإن الإسلام قد أعطى المرأة حقها كاملاً وأوجب على الرجل إكرام زوجته وصيانة حقوقها، وتهيئة الحياة الكريمة لها لتصبح له طيعة ومحبة ".
أما السيدة منى المؤذن فتقول: "إذا كانت طاعة الزوج قد فرضت على الزوجة كأمر واجب القيام به فما ذلك إلا لأن المسؤولية والتبعية يتحملها الرجل ، والرجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته، كما أنه قد فرض فيه أنه أبعد نظراً وأوسع أفقاً، وأنه قد يعلم أموراً لا تعلمها الزوجة بحكم اتساع دائرته، أو يرى بحكم تجاربه وخبرته ما لا تراه هي ، والزوجة العاقلة هي التي تقوم بطاعة زوجها وتنفيذ أوامره، وتستجيب لآرائه ونصحه برغبة وإخلاص ، فإذا ما رأت فيه ما هو خطأ في نظرها تبادلت معه وجوه الرأي ، وأرشدت إلى موضع الخطأ بلين ورفق واقتناع ، فالهدوء والعبارة اللينة تفعل فعل السحر في النفوس".(53/102)
وقد تجد آفة الغرور و الاستعلاء طريقها إلى المرأة ، وهنا تقول السيدة عبير مرشد: " في حال وصلت هذه الآفة إلى قلبها فقل على الدنيا السلام ، إذ تصبح الشركة الزوجية مهددة بأخطر أنواع المشاحنات والمنازعات ، فإن الرجل قوام الأسرة بحكم وظيفته التي وهبها الله له، إذا حاولت الزوجة أن تغير من خلق الله وسنته فإن ذلك لن يعود عليها إلا بأضر النتائج ".
وعن طريقة تعامل السيدة لينا الغضبان مع زوجها تقول: " إذا دعاني زوجي إلى طاعة الله والرسول فاستجيب لدعوته من غير تضرر، ففي ذلك النجاة والغفران ، وإذا طلب مني الاحتشام وعدم التبرج فأطيع أمره ، ففي ذلك الفوز والرضوان من الله، ولا يهمني ما درج عليه المجتمع فالله يقول :" وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ". وإذا طلب مني الاعتدال في نفقات البيت أكون معه بقلبي وحبي وإخلاصي فتلك هي أصول الحياة الزوجية التي وضعها الله بالمودة والرحمة، وأعلم أنه عندما يغضب زوجي من أفعالي بعد نصح وتوجيه فإن السماء تغضب لغضبه".
تقول السيدة خديجة حجازي: "إن الطاعة ربما تكون ثقيلة على النفس ، وبقدر استعداد الزوجة للقيام بها والإخلاص في أدائها كان الجزاء بقدرها، فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم النساء بخير وبين أنهن يؤدين خدمات لا يمكن لغيرهن القيام بها ويقدمن تضحيات من أعصابهن وأجسامهن ينوء غيرهن بها، فقد خلقن لأداء رسالة سامية ومهمة، ولهن عند الله الأجر وعظيم الثواب، ولن يكمل هذا الأجر إلا بطاعة الزوج وإرضائه وعدم الإتيان بشيء يكرهه.
أما هناء الصالح فتقول :" إن الرجل قوام على الأسرة فهو راعيها ومراقب أخلاقها وشؤونها ، فواجب على جميع أفراد الأسرة طاعته، ثم هو مكلف بأعباء الأسرة والسعي للإنفاق عليها وقضاء حاجاتها، وهكذا نظمت الأسرة على أن يكون لها راع وصاحب أمر مطاع ورعية تسمع وتطيع".
حدود الطاعة
على أن هذه الطاعة المفروضة على المرأة لزوجها ليست طاعة عمياء وليست طاعة بدون قيد أو شرط أو حدود، وإنما هي طاعة الزوجة الصالحة للزوج الصالح النقي، التي تعتمد على الثقة بشخصه والإيمان بإخلاصه والصلاح في تصرفاته ، والطاعة المبنية على التشاور والتفاهم تُدعم من كيان الأسرة وأحوالها وتزيد من أواصرها وقوتها، فالمشاورة بين الزوجين واجبة في كل ما يتصل بشؤون الأسرة ، بل إنها يجب أن تمتد إلى كل ما يقوم به الرجل من عمل، فليس هناك كالزوجة المخلصة الصادقة مستشار، تعين زوجها وتهديه بعواطفها وتحميه بغريزتها وتغذيه برأيها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته ويأخذ برأيهن في بعض الأمور الهامة.
وقد استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته أم سلمة في أحرج المواقف فكان لمشورتها ورأيها الثاقب أثر كبير في انفراج الأزمة وعودة الأمور إلى مجراها الطبيعي .(53/103)
وفي النهاية نجد أن الإسلام قد نظم الحقوق الممنوحة لكل من الزوجين، بحيث لو قام بها كل واحد خير قيام لسعد هو وأسعد من حوله، أما إذا أساء أحدهما استخدام هذا الحق فشلت الحياة الزوجية.
فالحياة الزوجية شركة بين الزوجين، وكما قرر الإسلام حقوقاً للزوج قرر أيضاً حقوقاً للزوجة وبين كذلك الواجبات المفروضة على كل منهما ، فإن هما قاما باتباعها خير قيام وعرف كل منهما حقوقه وواجباته كما جاءت في الإسلام سعدت الأسرة وأظلتها السكينة وغمرتها رحمة الله.
ـــــــــــــــــ
طريق السعادة.. يبدأ بالرضا
طريق السعادة يبدأ بالرضا ..كتاب يقدم أفكارًا عملية للحصول على السعادة
- الرغبة.. العقل.. تحمل المسئولية.. النبع الداخلي.. أعمدة السعادة الأربعة
- برنامج يومي لإسعاد النفس يبدأ بالصلاة، وينتهي بالعفو عن الآخرين
- الناجحون السعداء.. في الدنيا والآخرة هم المؤمنون الفطنون.. فكيف تكون منهم؟
..............
السعادة.. والشقاء لفظان على طرفي نقيض، والذين عرفوا الشقاء هم أكثر من يقدرون لحظة السعادة، تلك التي لا تحصل إلا بجهد، ولا ينالها إلا من أرادها وسعي إليها.. واجتهد في الحفاظ عليها.. إذ لا يحرص المرء غالبا إلا على ما بذل فيه جهدًا، أما الذي يأتيه بسهولة فمن الممكن أن يفرط فيه بسهولة أيضا، وحين أخبر النبي صلىالله عليه وسلم بأن المرء يقدرله في الأزل أشقي هو أم سعيد، لم يعن ألا نأخذ بأسباب نيل السعادة، فنحن لا نعرف ما قدر لنا..
وأعلى درجات تلك السعادة أن يستشعر الإنسان الرضا في الدنيا، وينال الجنة في الآخرة، مصداقا لقوله تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}.
كيف نحقق السعادة؟
سؤال يصلح لأن يكون هدفًا لحياة كل منا، على أن يحيطه بسياج من المشروعية والضبط العقائدي بحيث لا يكون الإحساس بالسعادة مرادفاً لمتعة تتعارض مع ثوابت الدين، أو للذة لحظة يدفع المرء من عقيدته مقابلاً لها.
أصناف الناس
هذا السؤال.. حاول الإجابة عنه د. صلاح صالح الراشد - رئيس مركز الراشد للتنمية الاجتماعية والنفسية بالكويت، والحاصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية، ودكتوراه في علم النفس - في كتيبه: "100 فكرة للحصول على السعادة الحقيقية.. منهج حياتي مختصر لمن أراد العيش بسعادة ونجاح" الكتاب ليس مكونا من فصول، وإنما من مجموعة أفكار.. لكل فكرة عنوان.. وبكل صفحة فكرة، وفي مقدمة الكتاب يشرح المؤلف للقارئ كيفية يحقيق أقصى استفادة منه، وذلك بالتهيؤ لاستقبال الأفكار الجديدة فيه، ومناقشة من يثق فيهم في أفكاره، والقراءة بتمهل وإمعان وتطبيق الأفكار العملية في الكتاب، والتركيز في التطبيق على الأفكار التي(53/104)
يشعر القارئ بأنها أقرب إلي عقله، وقبل كل ذلك ينصح المؤلف قراءه بصلاة ركعتين لله، والدعاء بأن يوفقهم في تطبيق ما في هذا الكتاب من أفكار مفيدة.
يعرف المؤلف السعادة بأنها: شعور بالرضا داخل النفس، ولا يشترط أن تقترن بالنجاح، ولكن حبذا لو كان الناجح سعيد ا أو السعيد ناجح ا.. والسعادة والنجاح مع ا يجب أن يكونا هدف كل منا.
ويصنف د. الراشد الناس إلى:
1 - سعيد في الدنيا والآخرة.. فذلك المؤمن الفطن، وهو خير الناس.
2 - سعيد في الآخرة غير سعيد في الدنيا، وهو مؤمن غير فطن.
3 - سعيد في الدنيا.. غير سعيد في الآخرة.. وهو غير المؤمن.. الفطن.
4 - غير سعيد في الدنيا ولا الآخرة.. أي غير مؤمن وغير فطن، وذلك هو الخسران المبين.
والذي لا يحاول أن يحقق السعادة لابد أن يعرف ماذا سيخسر؟.. ستصيبه المشاعر السلبية، والأمراض الجسدية والنفسية، ويغرق في المشاكل الأسرية، ويورث لأسرته التعاسة، ويشارك في صنع مجتمع مضطرب وغير منتج.
ويحدد المؤلف للسعادة شروطا أربعة:
- أن تنبع من رغبة أكيدة في تحقيقها، فالذي يريد السعادة سيحققها - إن شاء الله - بل سيمنحها للآخرين، فقمة السعادة أن يكون الإنسان قدوة لغيره مني البشر، وأن يكون عطاؤه للآخرين متصلاً ، ولو كان قليلاً ، وخير عطاء هو نشر السعادة أينما حل.
- أن يتعلم الإنسان السعادة وطرقها ومهارات اكتسابها.
- ألا يسقط الإنسان إحساسه بالتعاسة على الآخرين، بل يحدد مسئوليته عن هذا الإحساس.
- أن يكون الداخل منبعاً للسعادة، فغير السعيد داخليا لن تسعده أية مظاهر خارجية.
- ومن استقراء أفكار الكتاب يمكن أن نتلمس إلى السعادة سبع خطوات هي:
الخطوة الأولى على طريق السعادة أن يسأل الإنسان نفسه.. ما السعادة؟ 10 أو 20 مرة، ويكتب تعريفاته وقناعاته، ثم يستعرض الإجابات حتى يعرف سبب سعادته أو تعاسته، ويكتشف موضع الخلل، وليجرب كل منا أن يقلب أفكاره السلبية عن السعادة إلي إيجابية، فإذا كان يري أن السعادة صعبة فليحولها إلى "هي ليست سهلة، ولكنها شعور أنا مصدره، وإذا اعتقد أن السعادة لمن يملك مالا، فليحول اعتقاده إلى.." السعادة مصدرها الداخل.. وهكذا.
الخطوة الثانية.. استشعار المتعة في السعادة، وذلك بتسجيل آثار عدم السعادة في ورقة وآثار السعادة في أخرى، والمقارنة بين الورقتين، فهذا يقوي الرغبة في السعادة.
الخطوة الثالثة: اقنع نفسك بالقدرة على إسعادها، وقل لنفسك: "لقد نجحت في التغلب على غضبي.. وسأنجح في الحصول على السعادة إن شاء الله".
الخطوة الرابعة: تحل بصفات السعيد، ومنها: "الاستفادة من الماضي.. والتحمس للحاضر.. والتشوق للمستقبل".(53/105)
- مواجهة الأحداث على أنها تحمل رسالة، والنظر إلى المشاكل على أنها فرص للتغيير.
- حسن التعامل مع النفس والآخرين.
- الإيجابية والتطور وحب التعلم.
- عدم استنكار القليل من مشاعر القلق والشك والاضطراب ما دامت القاعدة هي التوازن واليقين.
الخطوة الخامسة: حقق محاور السعادة، فللحياة أربعة جوانب: الروحاني والاجتماعي والنفسي والجسدي. والسعيد هو من يعطي لكل جانب حقه بتوازن، وإن لم يكن يفعل ذلك، فليحلل وضعه، ويكمل نفسه، تطبيقا للقاعدة النبوية "أعط كل ذي حق حقه".
ارتق روحانيا
الخطوة السادسة: أحسن الظن.. واجتذب السعادة، فالإنسان حين يتشبث بفكرة صائبة مبشرة.. يحققها ويؤيد ذلك قول الله - سبحانه وتعالي - في حديث قدسي على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم): "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء".
وقد قال ابن القيم الجوزية: "إن الله لا يضيع عمل عامل ولا يخيب أمل آمل".
ومن باب اجتذاب السعادة.. مصاحبة السعداء، وطرد الأفكار التعيسة.. واختيار اللفظ الحسن.
الخطوة السابعة: فكر فيما تريد.. لا ما لا تريد.. فبدلا من أن تقول: أنا لا أريد القلق والتوتر، قل: أنا أريد الطمأنينة.. اجعل أهدافك وأفكارك إيجابية.
هذه الخطوات السبع.. تسير بالتوازي مع تطبيقات عملية يومية للحصول على السعادة.. يستعرضها المؤلف في:
- الالتزام بالصلوات الخمس يومياً حفاظاً على الحبل المتين الذي يربطنا بالله.
- الدعاء.. وبإلحاح، وأيضا بيقين.. وبصدق توجه لله.. ويحسن طلبها للنفس والغير وبتحر لأوقات الإجابة، وأيضا بإتيان العمل الصالح الذي ييسر إجابة الدعاء.
- الحفاظ على الورد القرآني، ولو كان ربع حزب يوميًا مع تعلم التجويد.
- تحصين النفس ضد الوساوس يوميا بقراءة المعوذتين والإخلاص ثلاث مرات صباحا ومساء، والدعاء بـ "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" ثلاث مرات أيضا مع عدم المبالغة في التحصين حتى لا تتعزز الوساوس.
- رفع مستوى الوعي الروحاني بحضور مجالس العلم، وسماع الأشرطة، وقراءة كتب الرقائق.
- الاسترخاء ولو لدقائق يوميا، وممارسة التأمل والتفكر في خلق الله.
- بر الوالدين حيين، والدعاء لهما ميتين.
- صلة الأرحام، كفريضة إسلامية.
- مصاحبة من يتحلون بالإيجابية والسعادة.
- تخصيص يوم للعائلة.. يعطي فيه المرء لأهله حقهم عليه، وليكن هذا اليوم محددا سلفا لا يخضع للظروف.(53/106)
- الانخراط في نشاط اجتماعي تطوعي، بنية خالصة تورث الكثير من الحسنات.
- الحفاظ على صحة الجسد من خلال "طعام صحي، ماء نقي، رياضة يومية، تنفس هواء نقي، الاهتمام بالفحص الطبي الدوري".
معوقات السعادة
ثم يرصد المؤلف معوقات السعادة التي يجب أن يتغلب عليها المرء فينصح بـ:
- التغلب على القلق.. بالصبر، وتأجيل ردود الفعل السلبية، وتفسير الأحداث تفسيرا إيجابيا، وحسن التوكل على الله.
- مواجهة المخاوف.. بتحليلها لمعرفة حجمها الحقيقي، واستشعار محبة الله.
- التفاؤل.. فكل سعيد متفائل، وهذا من الإيمان، ويمكن اكتسابه بالتعلم والمران.
واقعية وموازنة
- مقاومة اليأس.. بالتصبر والرضا والتحكم في ردود الأفعال.
- الإيجابية.. بالعمل والحركة، وعدم تعجل النتائج.
- العزلة.. والخلطة بتوازن، فلا مخالطة الناس باستمرار وبذلة وتضييع للحقوق مطلوب، ولا الانشغال بالنفس، والترفع عن الخلطة مطلوب أيضا.
- تحليل الأمور بواقعية.. والطموح إلى تغيير السيء ببعض الخيال.
- الموازنة بين العلم والعمل، فالانقطاع للأول مضر.. والمبالغة في الثاني من دون زاد من العلم معيق للسعادة.
- الثقة بالنفس دون غرور.
- التسامح والتغافر.. فقد روي عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "يدخل عليكم رجل من أهل الجنة الآن فدخل رجل لم ير فيه الصحابة تميزا فلحقه عبد الله بن عمرو (رضي الله عنه) فمكث عنده ثلاثة أيام فلم ير منه شيئا مميزا، فقال له ما سمعه من النبي (صلى الله عليه وسلم) وسأله عن أفضل عمل يرجوه فقال الرجل: إنه لا يجد عملاً غير أنه إذا ذهب إلى فراشة قال: اللهم أيما امرئ شتمني أو آذاني أو نال مني، اللهم إني قد عفوت عنه اللهم فاعف عن
ـــــــــــــــــ
تدخل الآخرين دون وجه حق يصدع الحياة الزوجية
إن كلا منا عندما يقدم على الزواج تملؤه الأحلام بحياة سعيدة ، يكتنفها الأمان والاستقرار، ولكن هذا الكيان الذي يباشر ببنائه أكثر من طرف، غالباً ما يقع تحت وطأة التدخل الذي يفضي إلى مشاكل أو حتى مآس لاتحمد عقباها ، فالأسرة الشرقية محكومة بعوامل عدة تغيب عنها الاستقلالية لأسباب مباشرة أو غير مباشرة، وليس من الحكمة عزل الأسرة عن محيطها ، ولكن هذا لايمنع من أن تترسخ لدينا أساسيات في التعامل الصحيح مع تدخل الآخرين في الحياة الزوجية.
تقول السيدة سناء محمد (معلمة) عن تجربتها في تدخل الآخرين في حياتها مع زوجها والمشاكل التي سببها لهما:" اشتدت الخلافات وتراشقت الاتهامات مع أهل زوجي، فصار كل منا يتسقط هفوات الآخر، وانتقلت العدوى لنا أنا وزوجي، فزادت الشكوى والتذمر وصارت الخلافات زاداً يومياً بعد أن كان الحب والوئام قاسمنا المشترك، وأصبح كل منا ضيق الصدر تجاه شريكه، يثور لأتفه الأسباب(53/107)
حتى حدثت بيننا مشادة تشنجت معها الأعصاب والعبارات، تركت أثرها البيت وذهبت إلى أهلي الذين زادوا الموقف حدة ، وبما أن زوجي يسكن أقصى الجنوب وأهلي في مكان آخر تعذرت علي معرفة أخباره وطالت فترة التغاضب إلى ستة أشهر أرسل خلالها أكثر من وساطة للصلح ولكن الأهل رفضوا ، وطلبوا أن يحضر بنفسه للحساب، وحرضتني النساء المحيطات بي على أن لا أتنازل ولا أطأطئ رأسي وأبقى على كرامتي، ولن يكون ذلك إلا بأن يأتي صاغراً ويعتذر، علماً أننا نحن الاثنين قد أخطأنا بسبب الضغوط الكثيرة من حولنا ، وفي أحد الأيام جاءني صوت إحدى صديقاتي عبر الهاتف ، فأخبرتني أن أهل زوجي يسعون لتزويجه، وقد اختاروا الفتاة، وحتى أنهم أقنعوه، ووبختني إذ تركت البيت هذه الفترة كلها ، وذكرتني بمزايا زوجي وأن الكثيرات يتمنين زوجاً مثله. وقالت عن أية كرامة وكبرياء تتحدثين ... ؟ ستخسرين بيتك ويضيع أطفالك من أجل كلام وأوهام ، ونظمت لي لقاء مع زوجي بعيداً عن أهلي وأهله، فنظر كل منا إلى الآخر بخجل وعتاب صامت..
متطلبات أخرى للزوج
وليس الأهل والأقرباء فقط من يتدخلون في الحياة الزوجية المعاصرة، إذ هنالك أنماط جديدة من التأثير الخارجي لازالت الإحساسات تجمعها ، ولم تدرك إلى الآن، أو تصنف وفق مسمياتها ، ومنها هذه المشكلة، المشهد الذي قيل على لسان زوج واع لكنه يتأثر بمشاهد تختزنها ذاكرته، وتتفجر في لحظة ما لتعبر عن وجودها بصفعة، أو بما يحدث خللاً أو إرباكاً أو جرحاً يقال أنه عميق.
يقول المهندس علي عيسى (38) عاماً يقول عن تجربته الخاصة: "مغريات كثيرة تحيط بنا ، لانستطيع أن نصرف النظرعنها، فهي تجذبنا وبشدة، ومشاهد يومية من الأناقة والذوق الرفيع، واللباس القليل الحشمة، وكل ما هو ملفت للانتباه ، وأمام ذلك تشتعل في داخل كل زوج الرغبة في أن تكون زوجته مثالاً للرقة والأنوثة، وزوجتي منشغلة في تربية الأولاد، وتدبير شؤون المنزل، متناسية وجودي، وهذا يزعجني كثيراً، وألمحت لها مراراً بضرورة الاهتمام أكثر بمظهرها ، لكنها لم تصغ إلي ولم تعط بالا لكل ما أقول ، فكبت غضبي في داخلي وسخطي إلى أن دخلت ذات يوم المنزل، وكانت منهمكة كعادتها بمتابعة ما بدأته، فجرت مشاحنات كلامية، وتطورت إلى الكلام الجارح بيننا ، ولم أتمالك نفسي رفعت يدي وصفعتها على وجهها، فتسمرت أمامي ثم تركت الغرفة ، وذهبت إلى الغرفة المقابلة، وبدأت تجهش ببكاء صامت، ومنذ ذلك اليوم أشعر أن شيئا انكسر في داخلها ، اعتذرت مراراً وشرحت موقفي، وقالت أنها سامحتني، لكن أعلم أنني جرحتها من الداخل.
انتهاك حرمة الحياة الزوجية
وبالتأكيد يقوم المجتمع الشرقي على حميمية العائلة الكبيرة التي تقدس الروابط الأسرية، مما يعطي مساحة أوسع للأقرباء بالتدخل بطريقة غير صحيحة، وإن كانت مبررة اجتماعياً وعاطفياً.
يقول الدكتور عزت شاهين في علم الاجتماع: إن تدخل الآخرين في الحياة الزوجية غالباً ما يؤدي إلى نتائج سلبية تنعكس على الزوجين، ولاسيما تدخل كلا الطرفين(53/108)
من أهل الزوجين، بصورة تعطي حقا للوالدين في التدخل مثلاً بشؤون الأبناء الذكور والإناث، ويكون هذا التدخل بدءاً من اختيار الزوج أو الزوجة لأولادهم ، وحتى في حال كان الاختيار ذاتياً يطلب من الخاطب رضى الأبوين وموافقتهم ، وتجبرهم العادات المرعية على مباركة مراسم الزواج من قبل الأهل، وهذا مايؤكد تدخل الأهل الكبير بحياة أبنائهم الزوجية.
وفيما بعد تتدخل أم الزوج انطلاقاً من أنها المربية لابنها ولسنوات طويلة، وأمنت له حاجاته، وهو لا يزال يحتاج إلى الرعاية، فالزوجة لن تستطيع أن تتفهم حاجاته لصغر سنها وقلة خبرتها ، وفي الوقت نفسه تريد أن تعيد تشكيل الكنة بما يتلاءم مع رغباتها ، وتتم هذه التدخلات بأشكال عديدة منها لباسها وتصرفاتها واستقبالها للضيوف وطريقة اهتمامها بزوجها وأولادها ، وبمصروف المنزل وإدارته ...
و التدخل يكون أيضاً من قبل أم الزوجة ظناً منها أن خبرة ابنتها قليلة في التعامل مع الرجال، وهي تريد أن يكون بيت ابنتها مملكة سعيدة، من باب الحرص على أن يكون لابنتها شخصيتها القوية داخل بيتها فلا يطمع بها زوجها.
وفي الحقيقة تدل الإحصائيات أن التدخلات هذه في البداية تكون بنوايا خيرة ، لكنها سرعان ما تنعكس سلباً عليهما ، وتؤدي إلى خلق الحساسية بين الأهل والزوجين، وبين الزوج وزوجته.
وهنالك أمر لابد من الإشارة إليه وهو عامل المقارنة الذي يلجأ إليه الزوج عند أي تقصير يذكر من قبل زوجته، وبالمقارنة تكون غالباً بوالدته التي تعتبر المثل الأعلى في الصورة التي يرتجيها لزوجته في معاملتها معه وحسن تدبيرها لشؤون المنزل، وهذا يولد الكثير من الحساسيات التي تؤدي إلى تفكيك الأسرة. ونتيجة الازدواجية التي تحكم العلاقات داخل المجتمع، يعاني كلا الزوجين من إحباطات شتى، فكل واحد يريد أن يظهر للآخرين على أنه يعيش حياة زوجية مثلى إضافة إلى الإصرار الدائم على المقارنة مع الآخرين المعتقد بأنهم أفضل سواء من الناحية المادية أو غيرها، فمثلاً الزوجة تطالب أن يتصرف زوجها بالطريقة التي يتصرف بها زوج صديقتها ، من تكفله بأعباء تربية الأولاد مع زوجته ، أو لسبب آخر أنها تغار وتريد تقليدها وتفشل في ذلك لأن زوجها لا يؤمن لها المال، وهذا ينطبق على أسلوب الزوج بمقارنة زوجته بأخريات، كل ذلك يخلق وضعاً متوتراً نتيجة المقارنة غير المنصفة، التي تحكمها الغيرة أو عدم وجود الفهم لمشكلات الحياة الأساسية.
متى يكون تدخل الأهل إيجابياً ؟
طبعاً نحن نتحدث عن التدخل السلبي، هذا لا يعني أن الشاب أو الفتاة بالزواج يجب أن يلغيا أي دور للأهل في حياتهما ، ففي المجتمع الشرقي يبقى للأهل دور كبير في حياتنا ، وتدخلهم يأخذ جانبا إيجابيا في حال وقوع الزوجين في ضائقة مالية، حيث يكونون السند الأساسي لهم ، كما أن مسألة رعاية الأطفال خاصة إذا كانت الزوجة عاملة، تكون حاجتها ملحة للاعتماد على الجد والجدة ، كملاذ أمين لأطفالهم ، وفي التخفيف أيضاً من حدة التوتر الذي يحدث كما هو طبيعي بين أي زوجين.
مراعاة أحكام الإسلام هي الحل(53/109)
جعل الدين الإسلامي العلاقة بين الزوجين متينة ومحكمة بضوابط وقواعد إذا ما وجدت وتم الاختيار بين الزوجين على أساسها، سيكون حتماً الزواج ناجحاً ومحققاً للأغراض المقصودة منه .
و مراعاة أحكام الإسلام يضيق كل أشكال الخلاف والتنازع في الأسرة لأبعد الحدود ، فإذا كان الاختيار صحيحاً فهذا أدعى لاستمرار الحياة الزوجية، ويقلل فرص الخلاف والشقاق بين الزوجين، لتكون حياة سعيدة ورغيدة.
وأن وجد خلاف بينهما لابد من التدخل للتوفيق وإصلاح الزوجين لاسيما إذا لم يستطيعا أن يحلا المشاكل العالقة بينهما، لكن إذا استطاعا أن يحلا المشاكل فهذا يكون أفضل وأبقى، وأصفى للقلوب بينهما، ومن الحكمة عدم إثارة النزاع وتصعيده فيما بينهما بعرضه على الآخرين، وأن يحرصا على إبقائه بينهما، ويبرر لهما أن يحدثا الآخرين، من أخ أو أب أو أم عندما يعجزان عن الإصلاح، وحل الخلاف في تلك الحالة أن يشاورا، فالمشورة فيها خير، وهنا أنبه إلى قضية هامة إذ لابد من مشورة من هو كفء لهذه المشاورة حتى تثمر، وإلا لن يكون من ورائها جدوى، فإذا قامت الفتاة بمشورة أمها وهي مدركة بأنها ليست ذات رأي سديد ما الذي سيفيدها ذلك، كذلك الزوج عليه أن يشاور من ينصحه ويستفيد من رأيه في إصلاح الخلل.
وفي حال وجد خلاف بين الزوجين فإن الإسلام وضع قواعد للقضاء عليها، ومنها إعطاء القوامة للرجال، ولا يقصد منها كما يفهم البعض إعطاء حق الاستبداد بالزوجة، بل القوامة معناها الإدارة والمشاورة مع الزوجة في اتخاذ القرار والسير بهذه الأسرة نحو الحياة المثلى، وهذا في الحقيقة من اختصاص الرجل الذي هو أشد صلابة من المرأة التي توصف بالرقة وبالانفعال، لذلك تكون في الغالب قراراته هي الأصوب، والوظائف المطلوبة من الإنسان تتناسب مع الفطرة التي فطر عليها سواء أكان رجلاً أو امرأة
والشيء الآخر المعاشرة بالمعروف، إذ أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يعاشروا أزواجهم بالمعروف، بقوله: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا". ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله "، وبالتالي يجب أن نحافظ على حياة الأسرة ونحميها من أي تدخلات أو عوائق تؤدي إلى الإخلال بتوازنها.
ولابد لي من الإشارة إلى أن هنالك تأثيرات واضحة على حياة الزوجين ناجمة عن وسائل الإعلام ، وبسبب رؤية كلا الزوجين لبعض المشاهد التي حرمها الله في الأفلام والمسلسلات المثيرة ، وقد لا يوجد عند الزوج أو الزوجة الوعي الكامل، فيتأثر بذلك مما ينعكس بصورة أو بأخرى على حياته وعلاقاته مع زوجته.
ـــــــــــــــــ
المرأة المسلمة وهم الدعوة إلى الله
لا شك أن للمرأة دورا هاما في إصلاح المجتمع وتوجيهه، ولذا فإن الإسلام أكد على أهمية إصلاح المرأة وتأهيلها لهذا الدور العظيم ، ثم بث فيها هذه الروح الطيبة التي تدفعها إلى العمل، وذلك في عدة نصوص مثل قوله صلى الله عليه وسلم"(53/110)
النساء شقائق الرجال" وغير ذلك من النصوص التي تبين أن للمرأة دورا في المجتمع لا بد أن تؤديه وتحرص عليه.
والدعوة إلى الله جل وعلا من أعظم الأمور التي يجب على المرأة العناية بها ورعايتها، خاصة في هذا العصر الذي طغت فيه الفتن وتجاوزت الحد وابتعد كثير من الناس عن الدين الصحيح وانفتحوا على الغرب بما فيه من انحرافات وفساد في العقيدة والأخلاق والقيم وغيرها.
في لقائنا معه يحدثنا الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد قاسم (الأستاذ بكليات البنات بالدمام) فيقول: إن دور المرأة في الدعوة دور عظيم وجدير بالمرأة المسلمة العناية به والحرص عليه، إذ أن المرأة أدرى وأعرف بنفسيات النساء من الرجال، وبالتالي تستطيع الوصول إليهم بسهولة ويسر ويكون عادة تأثيرها أنفع من تأثير الرجل إذا استخدمت الوسائل المعينة على ذلك.
ثم إن مجال الدعوة بالنسبة لها رحب وواسع ذلك أن تواجدها مع بنات جنسها واختلاطها بهن بشكل مباشر لا شك أنه يسهل عملية الدعوة ويضفي عليها نوعا من المحبة والإخاء ، ولذا كان ضروريا على المرأة المسلمة أن لا تحتقر نفسها ولا تضيع مثل هذه الفرص.
المرأة المسلمة وأماكن الدعوة
وإذا كان من الملاحظ أن مجتمعات النساء لا تخلو عادة من اللغط والقيل والقال، وخاصة في المناسبات والأفراح وغيرها حيث تكثير المحاذير ا لشرعية، فإنه يدور في أذهان الكثيرات سؤال هام وهو كيف يمكن للمرأة الداعية أن تقوم بالدعوة في ظل هذه الظروف؟ وهل الأفضل أن تتجنب حضور مثل هذه اللقاءات وتعتزلها ، أو أن يكون لها دور في تغيير هذه المنكرات وتبصير النساء بأمور دينهن ونصحهن وتوجيههن؟
وبعد التأمل يتضح أن مما يقف حائلاً أمام الأخوات الداعيات في حضور بعض تلك المجالس أمران أساسيان هما:
أولا : قلة العلم الشرعي الذي يعينهن على مواجهة المنكرات بالحجج والأدلة الشرعية
ثانيا : حياء مذموم وخوف من المواجهة وشعور بالنقص يمنع المرأة الداعية من أداء مهمتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصح الآخرين.
وربما يكون هناك سبب ثالث وهو اليأس واعتقاد عدم جدوى حضور مثل هذه اللقاءات ومحالة التأثير فيها.
وتجاه هذه التساؤلات والأسباب يبين الدكتور إبراهيم قاسم أن دور المرأة الداعية لا يقتصر على إلقاء الكلمات وإنكار المنكر في المناسبات العامة فقط بل بإمكانها القيام بالعمل الدعوي تجاه قريباتها وصويحباتها وجيرانها قدر المستطاع، فلا تقتصر على صنف دون آخر وإن كان للقريبات حق أعظم بسبب القرابة، ولتكن الدعوة مستمرة في المدرسة والمناسبة والسوق والمستشفى وغير ذلك كلما دعت الحاجة لذلك، وتستخدم في كل حالة الأسلوب الذي تراه مناسباً.(53/111)
ومن جهة أخرى فإن عدم حضور الداعيات لمثل هذه المناسبات يعطي فرصة أكبر لأصحاب الأهواء والانحرافات لبث سمومهم بين نساء جاهلات غافلات، وكثيرا ما تكون المرأة ا لداعية سببا في انتشار بعض هذه الأمور نتيجة لإعراضها عن حضور هذه المناسبات والتجرؤ فيها على الكلام والنصح والتوجيه.
والحقيقة أن حضور مثل هذه المناسبات فرصة حقيقية للمرأة الداعية ينبغي عدم تضييعها ذلك أنه قد لا يتيسر لها مثل هذا العدد مجتمعا في مكان واحد، والمرأة في هذه المناسبات تتصل وتتعرف على مجموعة من النساء ربما لا تستطيع الوصول إليهن أو التعرف عليهن إلا في مثل هذه المناسبات.
وأمر آخر وهو أن غالب هذه النوعيات من النساء لا يحضرن إلا مثل هذه اللقاءات، أما لقاءات الدعوة والمذاكرة ومجالس العلم فهن في الغالب بعيدات عنها، لا يتحمسن لحضورها ، وبعضهن لا يطلعن على مثل هذه المجالس لذا كانت هذه اللقاءات فرصة سانحة للوصول إلى قلوب النساء اللاتي لا يعرفن عن مجالس الخير شيئاً.
وعلى المرأة الداعية أن تفكر في الأسلوب المناسب للدعوة في مثل هذه ا لمناسبات، فليكن كلامها عاما ولائقا وبعيدا عن تفصيلات قد تثير أمورا لا داعي لها، ولتحرص في مثل هذه المناسبات على أن تتكلم في الأمور والقواعد العامة دون الفرعيات.
وأما خجل بعض ا لنساء من الدعوة خاصة في مثل هذه المناسبات فإن الإسلام يستنكر مثل هذا الخجل السلبي المذموم الذي لا يعود على صاحبه بخير، بل ربما عاد عليه بالشر، والمرأة إذا علمت واستشعرت قيمة ما تحمله من معاني الإسلام ومبادئه السامية، وتذكرت ما وعد الله به عباده الصالحين الداعين إليه من الثواب الجزيل يوم القيامة دعاها ذلك إلى التخلص من هذا الحياء المرذول، ودفعها ذلك إلى الانطلاق في الدعوة بجرأة وشجاعة.
ومع ذلك فإن الدكتور إبراهيم يحذر النساء المسلمات من حضور المناسبات التي تشتمل على منكرات واضحة، إذا كانت المرأة تعلم أنها لن تستطيع تغيير المنكرات الحاصلة، حتى لا تقع في الإثم ولكي تكون قدوة صالحة لغيرها من النساء.
المرأة الداعية وأسس الدعوة إلى الله
وعندما تمضي المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله فإنها لا بد أن تتعرف على بعض الأسس الهامة والعامة في دعوتها لتكون دعوتها على منوال الشرع .
الدكتور خالد بن عبد الرحمن القريشي (الأستاذ المشارك بكلية الدعوة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) يقول: إن من أهم الأسس في الدعوة إلى الله جل وعلا الدعوة إليه بالقرآن الكريم فإن الله سبحانه وتعالى قد أيد رسوله صلى الله عليه وسلم بالقرآن، وأمره أن يدعو به ، ويعتمد عليه، فهو حبله المتين، وصراطه المستقيم ، جعله الله هدىً للناس، وحجة عليهم، وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فلذا جاءت النصوص الشرعية الكثيرة التي تأمر بالدعوة بالقرآن الكريم ، وتحثُّ عليه، فمن القرآن الكريم :(53/112)
أولاً - قول الله سبحانه وتعالى: (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ)، فالله سبحانه وتعالى يخبر أن هذا القرآن أوحي لمنفعة الناس ومصلحتهم ، إذ فيه النذارة لكم ، أيها المخاطبون ، وكل من بلغه القرآن إلى يوم القيامة ، ولذا كان مجاهد - رحمه الله تعالى - يقول: حيثما يأتي القرآن فهو داعٍ ، وهو نذير، ثم قرأ: (لأنذركم به ومن بلغ) ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى: (كتاب أُنزل إليك فلا يكن في صدرك حرجٌ منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين). فهذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لينذر الكافرين بالقرآن، ويذكر به المؤمنين، لأنه حوى كل ما يحتاج إليه العباد ، وجميع المطالب الإلهية ، والمقاصد الشرعية.
وعندما يقوم الداعية إلى الله سبحانه وتعالى بذلك الأمر - أي الدعوة بالقرآن للقرآن - فعليه أن لا يكون في صدره حرج، أي ضيق وشك واشتباه ، لأنه كتاب الله سبحانه وتعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلينشرح به صدره، ولتطمئن به نفسه، وليصدع بأوامره ونواهيه، ولا يخش لائماً أو معارضاً.
ويبن الدكتور القريشي أن الدعوة بالقرآن الكريم هي الميزان الذي يعرف به صلاح الداعية وصدقه وسلامة منهجه ، قال الشيخ ابن باديس -رحمه الله تعالى: (عندما يختلف عليك الدعاة الذين يدعي كل منهم أنه يدعوك إلى الله تعالى، فانظر من يدعوك بالقرآن إلى القرآن - ومثله ما صح من السنة، لأنها تفسيره وبيانه - فاتبعه؛ لأنه هو المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم في دعوته وجهاده بالقرآن، والمتمثل لما دلت عليه أمثال هذه الآية الكريمة من آيات القرآن.
السنة النبوية والعلم الشرعي ركيزتان أساسيتان في الدعوة
ويضيف الدكتور إبراهيم قاسم بأن على المرأة الداعية إلى الله أن تحرص على تعلم العلم الشرعي وخاصة السنة النبوية، وليكن لها تركيز خاص على ما يتعلق بأمور النساء وما يخصهن من أحكام ، فالعلم الشرعي من الأسباب المعينة على الدعوة إلى الله ، وهو يعطي ثقة في النفس وقدرة على ربط الدعوة بمسائل الشرع مما يكون له وقع في نفوس السامعات .
أضف إلى ذلك أن المرأة تستطيع أن تبلغ الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء إليهن دون حرج أو حياء بخلاف غيرها من الرجال.
فإذا أضافت إلى ذلك اطلاعها على السيرة النبوية وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم لكان في ذلك خير عظيم ، فالسيرة النبوية وسيرة السلف ما هي إلا تطبيق عملي لما جاء به الإسلام ويستطيع المرء من خلالها أن يتطلع على أحوال ومشاكل وأمور واقعية لا يستطيع الوصول إليها عن طريق النصوص المجردة.
هذا مع قراءتها المستمرة لكتب الدعوة وما فيها من أفكار وطرق ووسائل فإن ذلك يفتح لها أفاقا كثيرة للدعوة إلى الله مع ضرورة الإلمام بواقعها الذي تعيشه.
لا بد من التقيد بالشرع في الدعوة وعدم الحيد عنه
ومن الأسس التي ينبغي على المرأة الداعية مراعاتها ضرورة التقيد بمنهج الإسلام في الدعوة إلى الله وعدم الحيد والميل عنه أو الاستعاضة عنه بغيره، فإن الخير كل الخير في شرع الله وطريقته، يقول الشيخ محمد بن عبد الله الدويش "إن البشر مهما علا شأنهم وارتفع قدرهم ، ومهما بلغوا المنازل العالية من الصلاح والتقى فلن(53/113)
تكون أعمالهم حجة مطلقة، بل لا بد من عرضها على هدي النبي صلى الله عليه و سلم; كما يروي بعضهم في مقام الصبر أن شيخاً قام يرقص على قبر ابنه حين توفي رضًى بقدر الله على حد زعمه, وخير من ذلك هدي النبي صلى الله عليه و سلم الذي تدمع عينه ويحزن قلبه, ولا يقول إلا ما يرضي ربه, وهديه صلى الله عليه وسلم القولي والعملي في النوم والقيام خير مما يروى عن بعضهم أنه صلى الفجر بوضوء العشاء كذا وكذا من السنوات, وهديه في تلاوة القرآن خير مما يروى عن بعضهم أنه يختم القرآن كل ليلة, مع التماسنا العذر لمن كان له اجتهاد من سلف الأمة في ذلك.
وسائل ومقترحات للدعوة
وإذا كانت تلك هي أسس الدعوة إلى الله عز وجل فإن من المشكلات التي يعاني منها الدعاة في خطابهم الدعوي كما يقول الشيخ محمد بن عبدالله الدويش ( عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود سابقا) هي سيطرة أساليب محددة ، وغياب الإبداع والابتكار.
وأكثر ما يبدو فيه هذا النمط من العمل النشاط الموجه للمرأة من المرأة بل حتى من قبل الرجال، وحين يتحدث أحد الدعاة أمام النساء فالغالب أن هناك مجالات محدودة لا يتجاوزها ، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة الداعية مع النساء.
والجميع رجالاً ونساءً بحاجة ماسة إلى إحداث نقلة وتطوير في خطابنا الدعوي وإلى أن نتخلى عن الاقتصار على أساليب محدودة ولغة واحدة.
ومن الوسائل المناسبة التي يمكنك أن تسلكها المرأة الداعية إلى الله ما يلي:
- محاولة التأثير على الصديقات في المدرسة أو من الجيران والأقارب بالكلمة الطيبة والخلق الحسن.
- إقامة بعض البرامج المشتركة بين مجموعة من زميلاتك كإقامة درس يقرأ فيه بعض الكتب في أساسيات الدين كتعليم العقيدة وأحكام الصلاة ونحو ذلك.
- إعداد بعض المسابقات الثقافية ونشرها في أوساط الطالبات أو حتى بين الأقارب والجيران في البيوت.
- كتابة بعض النصائح والرسائل التوجيهية سواء للبنات المقصرات في نصحهن وتوجيههن أو للبنات الصالحات في حثهن للقيام بواجبهن.
- التفاعل والمشاركة مع المواقع في الشبكة العالمية والبرامج الإذاعية المتميزة الخاصة بالنساء بالكتابة فيها والتواصل معها ومحاولة تطويرها ونشر عناوينها بين الفتيات وتبقى هذه مجرد أمثلة ليست للحصر.
ويؤكد الشيخ محمد الدويش على ضرورة استخدام القصة في الدعوة إلى الله فإن هذا من أساليب القرآن في الدعوة، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم اعتنى بشأن القصص لما لها من تأثر ووقع في نفوس الناس، وحفظت لنا دواوين السنة طائفة من قصه صلى الله عليه وسلم عليهم من قصص الأمم الماضية وأخبارهم ، ولم تكن قصص القرآن أو السنة قاصرة على أنباء الصالحين وأخبارهم, بل شملت مع ذلك قصص المعرضين والفجار للاعتبار بما أصابهم. وليكن هذا الاستخدام بالقدر(53/114)
المعقول فلا تكون هي اللغة الوحيدة أو تكون على حساب غيرها وبالضرورة لا بد أن يكتفى بالقصص الصحيح عن غيره.
أمور تهم المرأة الداعية
ولعلنا نختم حديثنا هذا بذكر بعض الأمور التي يجب على المرأة الداعية مراعاتها حتى يكون لها تأثير حقيقي في الدعوة إلى الله ونتبع ذلك بذكر بعض صفات الداعية الناجحة.
فنقول يجب على ا لمرأة الداعية تقوية إيمانها بكثرة التقرب إلى الله بالصيام والقيام وقراءة القرآن والتصدق وغير ذلك فإن هذا من أسباب إعانتها على الدعوة إلى الله ومن أسباب احتساب الأجر فيها.
ثانيا : ضرورة اطلاعها بالإضافة إلى العلم الشرعي على بعض القراءات التربوية والتي تساعدها على الدعوة بثبات ووضوح وحكمة وقوة في العرض والاستدلال.
ثالثا : عليها الاهتمام بأولادها وتعليمهم وتربيتهم فإنهم سيصبحون قدوة في يوم من الأيام ، ولا يؤدي بها دعوة الأخريات إلى إهمال أهل بيتها وأولادها.
رابعا : لتبذل وتعرض مساعدتها لمن تقدر عليه وتحاول الوقوف مع قريباتها في أزماتهن، وتقدم لهن يد العون والمساعدة فإن ذلك مما يحببها لهن، وبالتالي يجعل لها أثرا واضحا في توجيههن.
صفات الداعية الناجحة
ومما تجد الإشارة إليه أن للداعية الناجحة صفات ومميزات وعلى المرأة المسلمة أن تتطلع على تلك الصفات لتتحلى بها وتمسك بها.
- فهي تلك التي تعرف فضل الله عليها بالهداية والتوفيق وبالتالي فهي في تواضع وخفض جناح مع المحافظة على العزة والكرامة، ولمعرفتها بنعمة الله عليها لا تحتقر امرأة عاصية أو متبرجة أو نحو ذلك بل ترجو لها الهداية والتوفيق وتحاول فيما بينها وبين نفسها أن تفكر في تقصيرها وضرورة إصلاح نفسها ويكون لسان حالها دائما "اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
- الداعية الناجحة هي التي توفق بين بيتها وزوجها وأولادها وتعلم أن ممارسة الدعوة إلى الله لا يتعارض مع ذلك كله ، لكن فقط يحتاج إلى تنظيم وحسن تدبير واستغلال الفرص والأوقات في النافع المفيد
- ومن صفات الداعية الناجحة حرصها على متابعة من هداهم الله على يدها وبث روح الدعوة في نفوسهن وتشجيعهن على المضي في هذا الطريق وتفقد أحوالهن بحيث لا يتقاعسن عن العمل شيئا فشيئا ويؤدي ذلك إلى ضياعهن.
ثم هي أيضا لا تكتفي بوعظ ا لناس وتذكيرهن، بل إنها تسعى ليكون حالها وواقعها وتصرفاتها كلها نابعة من شريعة الله فهي في كلامها داعية وفي صمتها داعية وفي حضورها داعية وفي غيابها داعية يصدق قولها فعلها.
- والداعية الناجحة هي التي تحاول ابتكار الأساليب الشرعية والطرق الحكيمة لدعوة غيرها وتحاول التفكير في كيفية ا لوصول إليهن، هذا مع إبداعها في مشاريع الخير التي تنفع الناس وتوجههم.(53/115)
- الداعية ا لناجحة هي التي تسخر إمكاناتها لخدمة هذا الدين سواء كان ذلك عن طريق الدروس أو المحاضرات أو المسابقات أو ا لمشاركة في الصحف والمجلات ونحو ذلك مما هو مضبوط بالشرع المطهر.
- الداعية الناجحة لا تخلو أبدا من محاسبة نفسها ومعرفة جوانب القصور فيها ثم هي تنقد منهجها في الدعوة نقدا بناء لتتعرف على مواطن الضعف والخلل فتحاول إصلاحها وتعرف مواطن القوة والفائدة فتكثر منها وتطورها ، محتسبة في ذلك كله الأجر عند الله غير آبهة ولا مبالية بمدح أحد من الناس فهي ترجو الأجر والثواب من الله وحده.
- إن الداعية الناجحة هي التي تتخذ من الوسطية منهاجا لها في كل أمورها وجميع أحوالها في ملبسها ومسكنها ومأكلها وحياتها كلها فلا إسراف ولا تبذير وفي نفس الوقت لا تقتير وتضييق فهي تخرج بلباس لائق بها كداعية غير متبرجة ولا مغالية فيها وفي نفس الوقت لا تكون متبذلة مهملة.
تلك أمور سريعة متعلقة بالمرأة المسلمة الداعية إلى الله فهل يعي نساؤنا قيمة هذا الأمر ويحرصن عليه؟.
ـــــــــــــــــ
الزوج البخيل.. ونفور الزوجة والأبناء!!
" يقال عني أنني زوج بخيل ، هذا أمر غير مقبول مطلقاً ، فأنا لا أملك المال الوفير ، وما أخفيه هو مؤونة أدخرها للأيام القادمة، الحرص الذي أمارسه ما هو إلا خوف من الحاجة، هل تعطيني أنت المال في حال أصبحت في سن التقاعد، المثل يقول (احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود)، وهذا ما أعمل به، أنا لست بخيلاً والناس يريدونني أن أكون مبذراً، هذا لا يناسبني مالهم ومالي، أنا لا أتدخل بهم ليريحوا أنفسهم ويريحوني من انتقاداتهم".
هذا ما قاله (علي. ج) عندما ذكر موضوع الزوج البخيل أمامه ، والروايات كثيرة حول البخلاء وفصولهم ، إذ يقال أن أحدهم رفض شراء فاكهة الموز والبطيخ ، لأن قشرتها سميكة وتحمل وزناً ، في حين قام بخيل بعد أن أكل الدجاجة المشوية بسحب عظامها ، ووزنها كي يعرف كم خسر منه مقابل ثمنه، وآخر يسير مسافة طويلة ليس بهدف ممارسة هواية رياضة السير، وليس لعدم وجود المال، إنما ليوفر أجرة سيارة النقل، فهو يذهب ويعود يومياً من عمله سيراً على الأقدامى، أخرى نقبت في أكياس القمامة بحثاً عن بقايا الطعام ، أما المشاركة في مشروع خيري فهو جنون مطبق، والهدايا هي ترف لا مبرر له، والقصص كثيرة أبطالها يعيشون فقراء ويموتون أغنياء.
ابنة أحد البخلاء (ح . ن) تقول: والدي مقصر في كل شيء، العيش معه يكاد لا يطاق، يحرمنا من أبسط الحقوق، ويتهمنا دائماً بالإسراف، دائما يفتش في جيوبنا بحثاً عن المال، أو حتى حبة سكر. هي قصص حقيقية كثيرة ، قد تكون للسامع مضحكة، لكن من يعيش مع الزوج البخيل يجد نفسه في مأزق.
الدخل والإنفاق(53/116)
يقول الدكتور عبد الكريم الأمير حسن بأنه : ليس هنالك مفهوم واضح تبناه الباحثون والاخصائيون حول تعريف الزوج البخيل، وكل مجتمع ينظر إلى الأمر من منظوره الخاص، فمن نصفه بالبخيل في مجتمع ما يصفه آخر بالسخي أو غير المقصر، فهذا أمر مرتبط ببنية الأسرة وبتركيبة المجتمع، وبالنظام الاقتصادي القائم من حيث القدرة على تامين المستوى المعيشي الجيد للأسرة ، ومن حيث وضوح حقوق الأسرة داخل المجتمع في الحياة الهانئة أو ذات المستوى المحدود، فمن يطلب العمل ولايجده ، وإن وجده كان دخله منه محدوداً وغير كاف لن يستطيع أن ينفق بالشكل المطلوب، وهنا يظهر على أنه بخيل أومقنن في المصروف، والأمر هو أنه لا يعيش في بحبوحة يستطيع من خلالها أن ينفق كما يشاء، فالأمر إذاً يتعلق بالدرجة الأولى بالمستوى الاقتصادي العام من حيث الدخل والإنفاق، لكننا نستطيع أن نحدد متى يكون الزوج بخيلاً من خلال تحديد الحقوق والواجبات على كل من الزوج والزوجة، فمن واجبات الزوج تأمين الحاجات الأساسية لأفراد أسرته منها المادية كالطعام والسكن واللباس والعلاج في حال المرض، وأيضاً من واجبه
تأمين الحاجات المعنوية بحدودها الدنيا ، و ذلك بتأمين علاقات اجتماعية سليمة داخل الأسرة الكبيرة ، ومع الأصدقاء والجيران ، من حيث السماح بإقامة علاقات اجتماعية والقيام بالواجبات تجاههم ، ومن حيث الاهتمام بالنشاطات الثقافية والفنية المختلفة التي بمجملها تؤمن الغذاء الروحي للأسرة، ومن هذا المفهوم نقول إن الزوج البخيل هو من يمتلك الدخل المرتفع وحالته المادية جيدة ولا يقدم المطلوب من تلك الحاجات المادية والمعنوية لأفراد أسرته.
وطبعاً مشكلة الزوج البخيل تتشعب لتصل بكل تأكيد إلى علاقة الأسرة بالأسر المحيطة من أهل الزوج والزوجة، وهنالك أزواج وإن امتلكوا المال الوفير هم غير قادرين على بسط ذات اليد ، وهم يرزحون تحت تأثيرات نفسية تدفعهم إلى الشح والبخل بمالهم وعواطفهم ، وهم في جانب والعطاء في الجانب الآخر، وأنا أعتبرهم مشكلة بحد ذاتهم ، يؤثرون على المحيطين بهم ، ولابد من إجراء دراسات وأبحاث ميدانية اجتماعية ونفسية موسعة ومعمقة لدراسة الأسباب التي تؤدي بهم إلى هذا السلوك، ولنصل إلى نتائج تقدم لهم الحلول وتساعدهم على تجاوز هذا السلوك، فالكثير منهم يتملكهم البخل دون رغبة منهم ، وإنما الأمر ناتج عن التربية الخاطئة التي تلقاها منذ الصغر، ونحن نعلم أن المجتمع الشرقي بالذات يستنكر تصرف البخيل ويعده إحدى الصفات غير المرغوب بها ، لا بل المجتمع الشرقي يطلب الكريم ويفاخر به على أنها إحدى صفات الرجولة الحقة. بالتالي هو شخص غير مرغوب فيه اجتماعيا ، وفي كثير من الأحيان قد يتعرض للتقريع والتجريح، لذا لابد من مساعدته.
والزوج البخيل بالتأكيد يغرق حياة الأسرة في مشكلات اجتماعية تكاد لا تنتهي. فمثلاً عملية التربية للأولاد مبنية على مبدأ الثواب والعقاب، وغالباً يقوم على تقديم المكافأة المادية للأبناء، فإذا بخل الأب بتقديمها سيؤثر ذلك على نفسية الطفل وسيشعر بالفرق في التعامل بينه وبين أقرانه من قبل ذويهم.(53/117)
وهنالك أبناء قد يقدمون إلى ارتكاب جنحة السرقة ليحصل على المال، وقد يتطور الأمر بهم إلى تعاطي المخدرات، وقد تودي بالفتاة إلى مهالك لاتناسبها طلباً للمال أيضاً ، أما الزوجة فإن بخل الزوج ينعكس عليها بشكل مباشر، فهي يقع عليها الغرم الأكبر، فهي المسؤولة أيضاً عن الأسرة، وعدم تأمين المصروف اللازم يوقعها في قلة الحيلة، وتبدأ مشاعر الاحترام والمحبة تجاه هذا الزوج بالتلاشي لتحل مكانها مشاعر النفور والبغضاء، وفي كثير من الأحيان قد يؤدي بخل الزوج إلى حدوث الطلاق.
البخيل لايدخل الجنة
أما من وجهة نظر الدين يقول أ د. حسن البغا: إن حقوق الزوجية متعددة ، ومنها ماهو مالي كالنفقة والسكن ومنها ماهو معنوي ... ، ومنها ما يلزم كلا الزوجين، أو يلزم أحدهما كالنفقة الواجبة على الزوج (في رأي الجمهور)، استدلالاً بقوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) 0 (البقرة:233) وغيره، ويعني وجوبها على الأب، لأن النفقة مقابل قيامهن بحق الوالد والولد، ولايمكنهن أن يقمن بذلك ويتكسبن في الأعم والأغلب، واستدلالاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) لهند، بعد قولها إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني (أخرجه البخاري 5364 ومسلم 1714 )، فلها النفقة ولو أخذتها دون إذنه إن كان يمنعها مقدرًا بحد الكفاية عرفاً بحسب حال الزوج.
إذا تبين هذا فلابد وأن يعلم الزوج أنه إن قام بهذا الحق فليس له منّة ولا فضل، وإنما يقوم بأداء واجب عليه، وحسبنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ) (أبو داود 1692 ) وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك ). (أخرجه البخاري1695) وحديث : ( لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً ) (أخرجه النساني 3110ـ 3112 )
فالتقصير في النفقة يعتبر إثماً من أشد الآثام ، وهو من الكبائر حالة القدرة عليها ، كما أن القيام بها يعتبر قربة من القرب التي يتقرب بها إلى الله تعالى، ويثاب عليها المسلم ، فإذا هو قصر فليعلم أن إيمانه مايزال ناقصاً مضطرباً ، لأن الرازق هو الله تعالى دون سواه ، بل قال تعالى: (نحن نرزقهم وإياكم) . (الإسراء 31) فإنما يرزق المرء برزق من يقوته ويعوله إذ قدم تعالى أولاد الشخص وأهله عليه، فتكون النتيجة أن الرزق يكون لكم أيضاً بعدهم ، فهم سبب رزقكم ، فكيف ببخل الشخص وامتناعه عن أداء حق من يلوذ به، ويركن إليه، بل ومن لاحول ولاقوة له من أطفال صغار يبكون لقمة سائغة هنيئة، بل وإن البخيل لا يدخل الجنة دون أن يحاسب على بخله وشحه ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة خب ولامنان ولابخيل) (أخرجه أبو داود 1964) فماذا تراه أسوأ من هذا المصير الذي يتوعد عليه البخيل، ثم يتجرأ بعض الأزواج على البخل !! إن هذا لعمري في غاية التقصير، وهو لم يكن إلا لنقص في الإيمان وسوء في الخلق، فكان ذلك مستحقاً لعقوبة تأجيل دخوله الجنة، وهو عذاب ليس بالتقصير فربما يدوم ألف سنة إلى أن يعفو الله تعالى، قال تعالى: (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون) (الحج 47)(53/118)
وينبغي أن يعلم البخيل أنه مكروه ممقوت من أهله ، وذووه يرغبون له كل سوء ، ويصفونه بما لا يحبه ولايرضاه ، فيؤدي شحه إلى أن يوصف بكل سوء.
بل إن الشحيح يضيع على نفسه أجراً وثوابًا ، ويضيع على نفسه تكفير ذنوبه ومعاصيه وجرائمه ، لأن السعي على العيال فيه أجر وأيما أجر لقوله صلى الله عليه وسلم: (ماأنفق الرجل على أهله فهو صدقة) . (متفق عليه )
ولم يترك الفقهاء الزوج البخيل دونما مساءلة فقد ذهب الجمهور إلى جواز طلبها طلاق نفسها من القاضي رغماً عنه إن لم يدفع نفقتها ، وذهب الحنفية إلى سجنه.
فكم هو تقصير البخيل في حق زوجه وأهله، وكم هو مساءل ومحاسب وكم عرض نفسه للعقوبة من الله تعالى أولاً، ومن القضاء والناس ثانياً، وكم هو ناقص الإيمان مضطرب العقيدة، بل هو أتعس الناس وأشقاهم .
أنجانا الله تعالى من كل سوء ومكروه وجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــ
وصايا للزوج قبل عقد الزواج
إذا هممت بأمر ما فعليك بصلاة الاستخارة واللجوء إلى الله كي يختار لك ما هو أصلح ، ولك في رسولك أسوة ، فقد استخار الله وبيَّن صحابته كيف يستخيرون.
والاستخارة لا ترجع إلى الزواج ذاته فهو خير محض ، ولكن ترجع تعود إلى أمور :
منها وقت الزواج والزوجة التي اخترتها ، ومكان الزواج ، ما يفعل فيه وينُفق عليه وغير ذلك مما يطلب فيه من الله الخير .
والله تعالى سيختار لك ما تحب سواءً رأيت ذلك بعينك أم لم تره .
الاستشارة :
وهي طلب المشورة والرأي السديد ، فيا من تريد الزواج ، عليك استشارة من تثق بعلمه وأمانته في كل ما تحتاجه في هذا المشروع الطيب ، ولك في رسولك قدوة حسنة ، فالله يقول له : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)(آل عمران/159) .
ومما قيل : " الاعتصام بالمشورة نجاة " ، وقيل : " إذا استشرت الناس شاركتهم في عقولهم " .
فالمشورة ليست عيبًا ولا ضعفًا ، بل تفتح لك أبوابًا لم تكن تدري كيف ؟؟؟ ، وهي من شيم العقلاء ، ومن جانبها فقد استبد برأيه ، وقد قيل : إذا أراد الله لعبدٍ هلاكًا أهلكه برأيه .
والاستشارة والاستخارة ينبغي أن تجعلهما نصب عينيك دائمًا حتى تكون خطاك مسددة بإذن الله تعالى وهما مما هجره أكثر الناس ، يقول ابن تيمية - رحمه الله - : " ما ندم من استشار وما خاب من استخار " ، ويقول أحدهم : " ما خاب من استخار الخالق وشاور المخلوقين " .(53/119)
الدعاء :
لا تغفل جانب الدعاء فهو خير ما يوصي به مع الاستخارة والاستشارة ، والإلحاح فيه من أعظم العبادات ، لذلك ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ((الدعاء هو العبادة)) .
فارفع يديك إلى من يستحي أن يرد يدي عبده صفرًا إذا سأله ، وهو الذي يقول : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ( غافر/60) .
وتحيَّن مواطن الإجابة وهي كثيرة أهمها :
- جوف الليل الآخر ووقت السحر .
- دبر الصلوات المفروضة .
- بين الأذان والإقامة .
- عند نزول المطر .
- آخر ساعة من عصر يوم الجمعة قبل الغروب .
- في السجود في الصلاة .
- بعد التشهد الأخير في الصلاة .
- شهر رمضان والليالي التي ترجى فيها ليلة القدر .
اختيار الزوجة :
الحياة الزوجية ليست ميدان تجارب ولا حقل تذوق ، ولا يلام الرجل إذا أخذ يبحث عن شريكة حياته ، وإذا قلبت بصرك وجدت أن من أعظم مشكلات الزواج وصعوباته وانحلاله ناجم عن التسرع في اختيار الزوجة دون بحث وتدقيق ، فبعضهم يختار زوجته بمجرد نظرة جمال ساحرة ، أو طمعًا في مالها ، أو غير ذلك ، والعلاقة التي يكون المقصد منها ذلك توشك أن تزول وتنتهي .
الصفات الحسنة في المرأة
أول ما يتبادر إلى الذهن عند طرق هذا الموضوع هو حديثه - صلى الله عليه وسلم - : ((تنكح المرأة لأربع ، لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) .
وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - : أي النساء خير ، قال : ((التي تسره إذا نظر ، وتطيعه إذا أمر ، ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره)) .
وقد ورد : أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء .
يقول الغزالي - رحمه الله : " وليس أمره - صلى الله عليه وسلم - بمراعاة الدين نهيًا عن مراعاة الجمال ، ولا أمرًا بالإضراب عنه ، وإنما هو نهي عن مراعاته مجردًا عن الدين ، فإن الجمال في غالب الأمر يرغب الجاهل في النكاح دون الالتفات إلى الدين ، فوقع في النهي عن هذا " .
لكن الجمال ليس في العيون الزرقاء ولا الخضراء ولا السوداء ، ولا العسلية ، ولا الكبيرة أو الصغيرة ، ولا ذات الرموش الطويلة أو القصيرة ، إنما الجمال في العيون التي إذا ما نظرت إليك وأنت غاضب لم تعد غاضبًا .(53/120)
عرضت على المأمون جارية بارعة الجمال ، فائقة الكمال ، غير أنها كانت تعرج برجلها ، فقال لمولاها : خذ بيدها وارجع ، فلولا عرج بها لاشتريتها ، فقالت الجارية : يا أمير المؤمنين إنه في وقت حاجتك لن تنظر إلى العرج ، فأعجبه سرعة جوابها وأمر بشرائها .
ومن الصفات المرغوبة : أن تكون الزوجة ولودًا - أي ليست عقيمًا - فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) .
وتعرف المرأة الولود من قرائن الحال في أسرتها وقريباتها ، وهذا شيء ظني ، ولكن لابد أن يضع الزوج ذلك في باله .
أما الزواج من العقيم فهو نزوة عابرة أو مصلحة مؤقتة وسرور بزواج من غير تبعات ، فعن معقل بن يسار قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني اصبت امرأة ذات حسب وجمال ، وإنها لا تلد أفاتزوجها ؟ قال : ((لا )) ثم أتاه الثانية فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أتاه الثالثة ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((تزوجوا الودود الولود)) .
ومن الصفات الحسنة : أن تكون الزوجة بكرًا ، فقد حث الإسلام على البكر ، وهي التي لم توطئ بعد ؛ لأن البكر تحب الزوج وتألفه أكثر من الثيب ، وهذه طبيعة جُبِل الإنسان عليها - أعني الأنس بأول مألوف - .
وفي الحديث عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((عليكم بالأبكار ، فإنهنَّ أنتق أرحامًا ، وأعذب أفواهًا ، وأقل خبًا ، وأرضى باليسير)) .
وتزوج جابر - رضي الله عنه - ثيبًا ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك)) .
وقد مدح الله الأبكار وجعل هذه الصفة من صفات نساء الجنة قال تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً)(الواقعة/35 ، 36) .
يقول الغزالي - رحمه الله - : في البكر خواص لا توجد في الثيب ، منها : أنها لا تحن أبدًا إلا للزوج الأول ، وأكد الحب ما يقع في الحبيب الأول .
ومنها إقبال الرجل عليها ، وعدم نفوره منها ، فإن طبع الإنسان النفور عن التي مسها غيره ويثقل عليه ذلك .
ومنها : أنها ترضى في الغالب بجميع أحوال الزوج ؛ لأنها أنست به ولم تر غيره ، وأما التي اختبرت الرجال ومارست معهم الأحوال فربما لا ترضى بعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته .
ولا يعني كل ما سبق أن الثيب مذمومة - إطلاقًا - وليس حسنًا أن نبالغ في ذمها إلى درجة التنفير منها ، فكم من ثيب خير من بكر ، وخير مثال زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين ، كلهنَّ ثيبات ما عدا عائشة - رضي الله عنهنَّ جميعًا - والله تعالى يقول : (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً)(التحريم/5) فقد قدم الثيب في هذه الآية على البكر .(53/121)
وقد بارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجابر - رضي الله عنه - لزواجه من الثيب بعد أن علم - صلى الله عليه وسلم - أنه تم الزواج لتقوم الزوجة برعاية أخوات جابر - رضي الله عنه - التسع .
ومن الصفات الحسنة في الزوجة الصغيرة ، ألا تكون صغيرة صغرًا مفرطًا ، ولعل ما يخطر بالبال أن يقول الزوج : لماذا لا أتزوج الصغيرة ؟ فيقال : المقصود عدم الزواج بالصغيرة صغرًا يظهر فيه الفرق الشاسع في العمر كمن يكون عمره فوق الخمسين ، فيتزوج بنتًا دون الخامسة عشرة مثلاً لما قد يؤدي إليه من محاذير ومساوئ كثيرة خاصة في هذا الزمان الذي ضعف فيه الوازع الديني عند الكثيرين .
قال ابن الجوزي - رحمه الله - : " وأبله البله الشيخ الذي يطلب صبية ، ولعمر الحق إن كمال المتعة ، إنما يكون بالصبا ، ومتى لم تكن الصبية بالغة ، لم يكمل بها الاستمتاع ! فإذا بلغت أرادت كثرة الجماع ، والشيخ لا يقدر ! فإن حمل على نفسه ، لم يبلغ مرادها وهلك سريعًا " .
فإن قيل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - وعمرها ست سنوات وبنى بها وعمرها تسع سنوات ، وكان عمره ثلاثة وخمسين ؟ فنقول : إن هذه الحال تخرج عن القاعدة لأسباب منها :
أولاً : أن شخصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن مقارنتها بأي شخصية أخرى ، ولذلك كانت عائشة سعيدة بهذا الزواج ، وقد خيرت قبل ذلك فاختارت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ثانيًا : أن غاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الزواج هي زيادة الروابط بينه وبين أبي بكر - رضي الله عنه - .
ثالثًا : قوة دين عائشة وعفتها ، فلا يمكن تصور وقوع محظور من هذا الزواج .
وسئل أعرابي عن النساء ، فقال : " أفضل النساء أطولهنَّ إذا قامت ، وأعظمهنَّ إذا قعدت ، وأصدقهنَّ إذا قالت ، التي إذا غضبت حلمت ، وإذا ضحكت تبسمت ، وإذا صنعت شيئًا جودت ، التي تطيع زوجها وتلزم بيتها ، العزيزة في قومها ، الذليلة في نفسها ، الودود الولود ، التي كل أمرها محمود " .
ومن الصفات الحسنة في الزوجة ما ذكرته عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - عندما سئلت أي النساء أفضل ؟ فقالت : " التي لا تعرف عيب المقال ، ولا تهتدي لمكر الرجال ، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها ، ولإبقاء الصيانة على أهلها " .
ـــــــــــــــــ
قبل أن تتساءلي: ماذا حدث؟
لا ليس هذا هو الوجه الطيب الخاشع الذي أغمض عيني عليه، وأفتحهما عليه، وأستمد منه - بعد الله - الإحساس بالأمان والثقة.
هل قلتها لنفسك؟ ربما والمؤكد أن كثيرات قلنها، وهن يفتحن حدقاتهن اندهاشا وانزعاجا مما حدث.(53/122)
فقد تحولت العلاقة الزوجية إلي روتين يومي ممل، أصبح الزوج مجرد واحد من الناس يقيم معك في بيت واحد، وأحيانا تتناولان الطعام معا، صار الأبناء عذابا يوميا من المسئولية، واحتلتك حالة من الرفض والتمرد.
تتأملين واقعك، وتتذكرين أيام الزواج الأولى، وتشتاق كفك المتعبة إلي رتبة كفه التي تزيل الشقاء، وتضمد جرح العناء.
تشتاقين إلى أن يضع في فمك اللقمة، كما كان يفعل من قبل، إلى تعاونه معك.
إلى الابتسامة المشرقة التي يلقاك بها ، وتلقينه بها حين يعود من عمله، ويأخذ شهيقا طويلا يتشمم به رائحة طعامك، ويمتدح طهيك قبل أن يتذوق .. إلى أحاديث المساء الودود واللهفة الصادقة حين تشكين من مجرد ارتفاع في درجة الحرارة .. إلى نظرة الانزعاج في العينين المحبتين حين تسعلين، إلى القسم بأغلظ الأيمان عليك لتستريحي، ويكمل هو ما تفعلين.
وقبل أن تتنهدي إشفاقا على نفسك، تذكري أنه هو أيضا يشتاق ويحن، إلى الوجه المزين والشعر المصفف، والملابس التي تزيدك جمالا .. إلي الصوت الناعم ، واللمسات الحانية والبيت الهادئ.
إلي الروح التي تنصت حيث يتحدث ، وتبتسم حين يبتسم ، وتحترق حزنا حين يصيبه بعض القلق.
إلى انقباضة الوداع صباحا .. ولهفة اللقاء عصرا.
إلي القناعة والتماس الأعذار، والمبادرة بالمصالحة عند الخلاف، والتغاضي دون منّ أو معايرة.
إلي مراجعة الهندام قبل الخروج ، ورشات العطر الدافئة على ياقة القميص ، وانحناءة العشق لوضع الحذاء أمام القدمين، ولفظة التوديع المشحونة بالحب: سأفتقدك.
كل شيء تبدل صارت الهفوة جريمة، والسهو البريء مؤامرة، ودقائق التأخير في إعداد الطعام لا مبالاة متعمدة، والشكوى من عناء البيت والأولاد تمارض، والنوم بعد العودة من العمل استسهالا وإلقاء للعبء كله على رأس العابدة لله المسكينة.
أصبحت المطالب الصغيرة ورطات اقتصادية، واقتراح المذاكرة للأولاد عدم تقدير للظروف، والإفصاح عن الرغبة في نزهة قصيرة دلعا.
تكومت أدوات الزينة في درج مهمل، وأخرج المشط الوحيد لسانه لمن صار لا يري إلي كومة من الشعر مربوطة بإهمال بشريط لا يتغير لونه، وعبث الصغار بزجاجة العطر الغالية، فأضاعوا غطاءها ، وتبخر العطر لتنضم الزجاجة إلي سلة لعب الأطفال.
صار سوء الفهم ، وسوء الظن دفتي قارب الحياة المشتركة ، وأصبح للكلمة البريئة ألف معني غير برئ ، وأصبح النوم بعد تراشق لفظي حاد دستورا يوميا، ورؤية الوجه العابس عند اليقظة فاتورة صباحية لا مفر من دفعها كل يوم.
هكذا قفز الواقع على كتفي الحلم ، واستقرت فوق الصدور جبال من الهم ، وفر الرضا من قاموس الحياة ، وصار الخروج من فخ التعاسة مرفأ بعيدا ، النفس أقصر من أن يتحمل مشقة السياحة نحوه.(53/123)
وقبل أن تتكرر التنهيدة الحزينة أبشرك المخرج أقرب مما تتصورين أمام عينيك، وفي مخدعك وعلى رف مكتبتك، بل وداخلك أنت نفسك.
المنقذ صلاة ليل مشتركة في غرفة النوم ، ومصحفا لقراءة الورد اليومي، وبحث في المكتبة عن جديد تتدارسانه معا، ولحظات تفرغ تذكران فيها الله معا.
كان أبو هريرة (رضي الله عنه) يقسم الليل بينه وبين زوجته وابنته، فلا تنقطع الصلاة من بيته الفقير .. فماذا كانت ثمرة الدنيا؟
واللذان يصليان الليل معا، محال أن يتشاجرا في الصباح، واللذان يتلوان أذكار الصباح معا - أيضا - لا يمكن أن يفسد الشيطان أحدهما على الآخر، واللذان يقرآن القرآن معا، لن يكون في صدريهما مكان إلا للحب واستشراف اللقاء الأبدي في الجنة.
جربي وجرب كما فعل كثيرون وكثيرات يتذكرون اليوم سنوات الفتور والمعاناة، ويقولون بصوت نادم ، وشاكر في الوقت نفسه: ليتنا بدأنا منذ زمن بعيد!
ـــــــــــــــــ
ظلم الأزواج للزوجات حقيقة أم خيال
قلّ أن تخلو المجتمعات من بعض الظواهر الاجتماعية السيئة حتى في الأزمنة الطاهرة أزمنة النبوات ، ومن هذه الظواهر السيئة على سبيل المثال المشاكل الأسرية والخلافات الزوجية ؛ حيث وقوع الظلم من الزوج للزوجة أو العكس ، أو وقوع الظلم على الأولاد من الزوجين أو العكس ، أو وقوع الظلم بين الأولاد أنفسهم .. وهكذا ، ولكن من خلال متابعتي للصحافة منذ مدّة رأيت تركيزًا على قضية ظلم الأزواج للزوجات سواء من قبل الكتاب أو الكاتبات أو رسّامي الكاريكاتير ، حتى خيّل لبعض القراء أنه لا يمكن أن يوجد بيت في بلدان المسلمين يعيش الحياة الزوجية المستقرة المطمئنة ، فأحببت أن أبدي وجهة نظري حيال هذا الموضوع فأقول :
1- إن من الثوابت التي ينبغي أن يفهمها ويحرص عليها المسلم المحب لمجتمعه وأمته المسلمة هو مفهوم (الأمن الاجتماعي) ومن متطلباته الاجتماع والوئام ووحدة الكلمة ، ومن متطلبات ذلك الكف عن إثارة الصراعات والنزاعات لتقوم الحياة على المودة والرحمة ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )(الروم/21) ، وعلى التكامل والتداخل والتشاور والتناصح ،وعلى المولاة الإيمانية والتعاون على مكارم الأعمال : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(التوبة:71) .
2- إن ظلم بعض الأزواج للزوجات ووجود الصراع فيما بينهم أمر وارد ، بل هو موجود ؛ لكن بنظرة العقلاء المنصفين المتجردين من الهوى ، هل هو يشكل ظاهرة في مجتمعاتنا الإسلامية تستحق هذا الزخم من الطروحات ؟ أظن أن جواب المنصف المتجرد : (لا) بملء فيه .
3- إن عرض صور المجتمعات الغربية فيما يحدث بين الأزواج والزوجات هناك من الصراعات كأنموذج لمجتمعنا المسلم المحافظ أمر مرفوض من قبل العقلاء(53/124)
الصالحين ؛ لأن المجتمع هناك غالبه مبني على الخيانة والضياع الشقاق ، وما حادثة رئيس أكبر دولة في العالم منا ببعيدة ، وإليك بعض الإحصائيات مما تعانيه المرأة هناك ؛ فمثلاً في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنويًا من نساء يضربهن أزواجهن ، على مدار السنين الخمس عشرة الماضية ، وأن 79% من الأمريكيين يضربون زوجاتهم ، و 83% دخلن المستشفى سابقًا مرة واحدة على الأقل للعلاج من أثر الضرب ، وإن مائة ألف ألمانية يضربهن الرجال سنويًا ، ومليوني فرنسية يضربهن الرجال سنويًا .
كل هذا في أرقى المجتمعات كما يُزعَم ؛ فما بالك في المجتمعات الغربية الضعيفة والجاهلة ؟ بعد هذا ؛ هل يعقل أن تقاس مجتمعاتنا المسلمة الواعية بتلك المجتمعات التائهة الضائعة ؟
4- إن تكرار مثل هذه المعاني عبر الصور الكاريكاتيرية والكتابات والتحقيقات يحكي التعميم على كل طبقات المجتمع ، والتعميم في الأحكام دون علم وتدقيق أمرٌ نهى عنه شرعنا الحكيم ؛ فما بالك في التعميم في أمر يخل بأمن البيوت ومن ثم أمن المجتمعات الإسلامية كلها ؟
5- إن الخلافات الزوجية سنّة إلهية قديمة قدم البشرية يمتحن فيها الزوجان ، وقد نزلت آيات عديدة من أجلها ، بل سميت سور بها كسورة الطلاق مثلاً ، فهل تضيق المجتمعات الإسلامية ذرعًا بكل مؤسساتها وأفرادها ببعض هذه الخلافات الطبيعية التي لها حل في شرعنا الكامل الشامل الموافق للفطرة حتى تعلن هزيمتها أمام الملأ ؟
6- إن الذين ينظرون هذه القضية " ظلم الأزواج للزوجات ووجود المشكلات والنزاعات " سواء من الكتّاب أو الكاتبات أو رسّامي الكاريكاتير لا يخرجون عن أحد صنفين :
أ - إما عن حسن نية وقصد للإصلاح وتنبيه بعض الأزواج لفداحة ما يقعون به ؛ فهم مأجورون إن شاء الله .
ب - أما الصنف الثاني فهم الذين يتخذون أفعال الخصومة والنزاع فيما بين النساء والرجال مطية ووسيلة إلى هدف آخر ممقوت وهو مناداة المرأة لإعلان التمرد على الأزواج ، ونفي القوامة الشرعية ! فهذه دعاية تصادم الشرع من أدعياء تحرير المرأة .
7- أقول لكل مسلم رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا ، وبمحمدٍ نبيًا : قد كفيت همّ حقوق المرأة ؛ فشرعك قد تكفّل للمرأة بكامل حقوقها ؛ فما عليك سوى الاطلاع على شرعك والنهل من معينه الصافي العذب ، فستجد فيه الدواء الشافي والجواب الكافي ، وإليك مثالاً واحدً يبين قدر تحميل الإسلام الرجل مسؤولية المرأة : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما صح عنه : " اللهم إني أحرّج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة " .
ولو أن المجال يتسع لذكرت من الآيات والأحاديث الشيء الكثير ، وحسبي أن الجميع يعرف مثل هذه الأمور في مجتمعاتنا الإسلامية والحمد لله
ـــــــــــــــــ
هي وهو(53/125)
هي : زوجي صامت
شكوى متكررة في كثير من الأحيان من الزوجات ، وعادة ما يصاحبها شكوى من صمت الزوج ، فيزيد الحياة مللاً فوق ملل ، ولن يتم حل هذه الشكوى إلا بتجديد الحياة الزوجية ودفع الملل ، فالملل شيء يأتي غالبًا من داخل الإنسان لانتصار الظروف السيئة وكثرة المشاغل والأعباء والضغوط ولكي ينجو الزواج من مصيدة الملل ، يجب الاهتمام به ورعايته ، فالزواج مثل الكائن الحي يظل متمتعًا بالحياة ما دام هناك الجديد ، ولن يتم قهر الملل إذا لم يكن لدى الإنسان غاية في هذه الحياة ، فالزواج بحد ذاته ليس غاية ، بل هو وسيلة لحفظ النوع الإنساني وحفظ المجتمع من الانحراف ، وتربية النشء على الخلق القويم الراسخ ، كما على الزوجة أن تشارك المجتمع في مسراته وأحزانه ، فتشارك جيرانها على قاعدة "أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم" فمشاركة الزوجة في أعمال الخير والبر وحضور دروس العلم وحلقات القرآن الكريم خير معين لها على دفع الملل .
كما على الزوجة مساعدة الزوج في تجديد أسلوب الحياة اليومي ، وفي طريقة العيش ، كما على الزوج أن يقوم برحلات للراحة والاستجمام مع عائلته ، فمن لا يحسن فن الراحة لا يحسن فن العمل ، ويمكن كذلك ترتيب الزيارات العائلية وصلة الأرحام .
وليكن للزوجة والزوج ورد يومي من القرآن ، فالقرآن الكريم أنيس يزيل كل وحشة وهم ، وعلى الزوج أن لا ينسى زوجته من كلمات الحب والثناء ، وأن يشعرها بأهميتها في حياته ومدى مساندتها له في مواجهة الحياة وظروفها المتقلبة ، وأن يحاول قدر الإمكان العمل على سعادة أسرته وزوجته ، وأن لا تجعل الأنانية تسيطر عليه ، فيذهب للتسلية مع أصدقائه بشكل مبالغ فيه ، مع إهمال تام للزوجة والأولاد .
هو : زوجتي متمارضة
كثير من الزوجات يشتكين من التعب والمرض ، وبشهادة الكثير من الأطباء فإن أغلب النساء اللاتي يعرضن عليهم لا يشتكين من أي مرض عضوي ، ولكن صحتهم النفسية على غير ما يرام .
والزوجة المتمارضة هي في الغالب عصبية ، ومدللة أحيانًا ، وهي غالبًا الأخت الكبرى في أسرتها ، تحملت الكثير ، وقاست في الحياة ، فلازمها الشعور بالتعب ، حتى وهي مستريحة ، والمرأة في كثير من أطوار حياتها يصيبها التعب والإرهاق ، وهي بنت يصيبها تعب الدورة وآلامها ، وهي متزوجة وحامل يصيبها آلام الحمل ، والوضع عند الولادة ، والسهر والتعب بعد الولادة والإرضاع وخدمة الأطفال .
والنساء تختلف بطبائعهن ، فهناك الشديدة القوية الصابرة ، وهناك الضعيفة القليلة العزيمة ، والزوج الذكي هو الذي يخفف عن زوجته ، ولا يتأفف من كلامها وطريقتها ، ويحاول أن يخرجها من آلامها بالحديث والمسامرة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يداعب عائشة حتى وهو مريض ليخفف عنها عندما وجدها تشكو من الصداع .(53/126)
كما على الزوج أن لا يستنكف في المساعدة ببعض أعمال البيت حين يرى زوجته مرهقة ومريضة ، وليحتسب عند الله الأجر في ذلك ، وفي مقابل هذا فإن على الزوجة أن لا تكثر من الشكوى حتى لا تضايق الزوج ، وأن تسارع بالكشف الطبي وتداوم على العلاج حتى يكتب الله لها الشفاء ، وأن تستعين بخبرات والدتها أو أم زوجها في القيام بأعمال المنزل بأقل المجهودات الممكنة بلا كبير عناء أو تعب .
ـــــــــــــــــ
صفات الزوج المثالى
- يتميز الزوج المثالي بالصدق والصراحة منذ الوهلة الأولى، فلا يخفي على المرأة شيئا عند الخطبة.
- هو تقي - نقي - ورع يخاف الله ويخشاه في السر والعلن، فلا يخاطب زوجه إلا سلاما ولا يعاملها إلا إكراما ولا يطعمها ويكسوها إلا حلالا .
- هو الذي يجعل مقياس اختياره الدين والخلق فنراه يهتم بما في جوهر المرأة قبل مظهرها.
- هو الذي يكون منطقيا في متطلباته فلا يرهق زوجه بالعمل داخل البيت وخارجه، فإذا اتفق معها على العمل خارج البيت عليه أن يساعدها في أعمال المنزل .
- هو الذي يمتلك الحكمة والمقدرة على فض المنازعات ولا يفتش بيديه عن المشكلات المدفونة.
- يهتم بمظهره ونظافته الداخلية والخارجية ويعرف أن هذا واجب ديني عليه وليس هذا أمرا خاصا بالمرأة متعلقا بها.
- يحب النظام فيقسم ساعات يومه بين عمله وزوجه وأولاده، ويسهم في تربية الأولاد والاستذكار لهم، فليست المرأة وحدها المسؤولة عن ذلك.
- لا يكثر السفر من غير زوجه وأولاده بلا داع ، فإن اضطره عمل إلى السفر لفترات طويلة أصر على أن يصحب عائلته.
- يساعد زوجه على الاستعداد ليوم الميعاد فيحثها على حضور مجالس الذكر، ويساعدها على ذلك ويذلل لها كل الصعاب.
- يثق في زوجه وفي عفتها وأخلاقها فلا يسيء الظن بها لأتفه الأسباب، ولا يجعل الشك أساس المعاملة.
- يحفظ أسرار الزوجية فلا يتحدث بشيء منها فتنتهبه الأسماع والأقوال.
- يبتعد عن ضرب زوجه أو سبها أو شتمها.
- ينفق على زوجه وأولاده من غير إسراف ولا تقتير.
- يحسن الحديث مع زوجته بأسلوب رقيق مهذب فالكلمة الطيبة لها أثر في النفس، كما يحسن الاستماع إلى حديثها ويقدر رأيها.
ـــــــــــــــــ
يوم الخميس ... اجعليه مختلفا
إنه يوم الخميس، هو نهاية الأسبوع، هو المحطة التي تمسح عناء وشقاء الأسبوع لكليكما، فاجعليه الواحة الظليلة التي يستظل تحتها زوجك من رمضاء العمل والتعب، والنهر العذب الصافي الذي يغسل نفوسكما من أدران المشاكل والهموم .(53/127)
ولا تنسي حبيبتي أنه أيضا يوم ترفع فيه الأعمال إلي الرحمن، فأحسني فيه الأداء، ولا تنسي تجديد نيتك قبل كل عمل تقومين به.
فإذا أشرق يوم الخميس فعليك بـ:
(1) إعداد وجبة الغداء أو العشاء، وبها الأصناف التي يفضلها زوجك وأولادك، ولا تنسي طبق الحلو.
(2) إنهاء أعمالك كلها قبل عودته، واعتذري عن أي مواعيد قد تعطلك عن هذا لتكوني في انتظاره بشوق.
(3) البسي وتزيني بأفضل ما لديك، وتعطري له بالعطر الذي يفضله، وتخيلي أنك حورية من الجنة تستقبل خاطبها، فكيف سيكون اللقاء؟
(4) اشتري هدية رمزية لك ولأولادك في حدود إمكاناتك طبعا، لتقدموها لزوجك وأشعريهم بأن هذا اليوم هو عيد الأسرة، وليحرص كل منهم على إبداء مشاعره نحو الآخرين في عبارات رقيقة ومعبرة.
(5) شجعي أولادك على النوم مبكرا في هذا اليوم بعد أن تغمريهم بحنانك وحبك الذي لابد أن يكون مختلفا عن باقي أيام الأسبوع ، ولابد أن يشعروا هم بذلك أيضا.
(6) والآن تفرغي للحبيب بعد أن تكوني طبعا وجهت اهتمامك إلى غرفة نومك، وحرصت على أن تجعليها كما كانت يوم زفافك، وقد عطرت أيضا الفراش بالعطر الذي يحبه وقدمي له وجبتك الدسمة من العواطف.
(7) قبل أن تناما لا تنسي أن تصليا معا ركعتين في الليل، ولتدعوا بما شئتما لتكتبا في الذاكرين والذاكرات ولا تنسينا من دعائك.
أختي الحبيبة :
اجعلي زوجك وأولادك في شوق ولهفة في انتظار يوم الخميس، وجربي هذه الطريقة ولن تندمي إن شاء الله ، ولتحتسبي كل التعب والمشقة في ذلك اليوم عند ال له، والله سوف يبدلك حلاوة تجدينها في قلبك تمسح عنك كل عناء، بل وتستعذبين الألم في سبيله، وإن كان بينك وبين زوجك أية مشاكل فانسيها في ذلك اليوم وسترين النتيجة، وحاولي ولا تيئسي، واستخدمي سلاحك البتار .. الدعاء.
ـــــــــــــــــ
الزوجة الصالحة رأسمالها الحياء
إن حياء المرأة المسلمة هو رأسمالها فيه عزها ، وبه تحفظ كرامتها، وشرف أهلها، وليس هناك زوجة صالحة لا يزين الحياء خلقها.
حياء في كل شيء .. في الملبس ، في الحركة والكلام ، في المعاملة والسلوك ، وحياء المرأة المسلمة يجعلها أكثر التزاما بزيها الإسلامي حجابا أو نقابا ، ولا ترتدي شفافا ولا مجسدا، ولا ما يشبه لباس الرجل، ولا ثياب الشهرة، ولا الثياب المعطرة أو المثيرة، وكيف لا تفعل ذلك كله وهو فرض عليها تأثم بعدم فعله، وقد أمر الله به في كتابه (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) [النور:31]، ويقول سبحانه وتعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين) [الأحزاب:59].(53/128)
وكيف لا تفعله وفي القرآن (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)، وكيف تكون المتبرجة صالحة، وهي تعرض مفاتنها لكل عين، باحثة عن نظرات الإعجاب وما يليها؟ وماذا تبقي لزوجها؟ فأي حياء لمثل هذه ، والرسول يقول: "الحياء والإيمان قرناء جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر"؟ وكيف تكون المتبرجة حيية وقد تجردت من خلق الإسلام "لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء" ؟
وحياء المسلمة يفرض عليها غض بصرها؟ لذا يقول الله (سبحانه وتعالى) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) [النور:31]، فالمؤمنة الصالحة تعلم قول نبيها (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه عن ربه "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه" .
هذا وإن إرسال الطرف هنا وهناك لا يجلب إلا شرا، ولا يأتي معه خير.
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
فالنظرة بذرة لكل الشرور ومدخل إليها وباب من أبواب دخول الشيطان.
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك دوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
والصالحة لا تتهاون في هذا الأمر، فقد قال (صلى الله عليه وسلم) لأم سلمة وميمونة (رضي الله عنهما) أو عمياوان أنتما؟ أو لستما تبصرانه؟ وما كانتا تنظران إلا إلى عبد الله بن أم مكتوم الكفيف، وقد قال الشاعر:
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
والصالحة تعلم أن بعد ذلك
موت فقيامة فحساب فجهنم وعذاب وشقاء
وحياء الصالحة يظهر أيضا على أسلوبها في الكلام يقول تعالى مرشدا لها (ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).
وحياء الصالحة ينطق به سلوكها وحركتها ومشيتها.
كأن مشيتها من بيت جارتها مشي الحمام لا كد يعاب ولا بطء به بأس
فيا كل مسلمة كوني كيانا من الحياء، أنت الحياء، والحياء أنت، ونعم الحياء حياء صاحبتي موسى فهو حياء منعهما من الاختلاط بالناس، ومزاحمتهم عند ماء مدين (لانسقي حتى يصدر الرعاء) فتلك هي المرأة الصالحة حقا، لا تغادر بيتها وإن غادرته فلضرورة ملحة متحلية بالحياء .
ـــــــــــــــــ
تسع وسائل للحب الدائم
ان من صفات الأزواج والزوجات الحاصلين على درجة عشرة على عشرة أنهما يحافظان على حبهما الزوجي ويحرصان على تنميته وتطويره ليكون متوقدا دائما، لأن هناك كثيرا من الزيجات تفاجأ "بموت الحب" بين الطرفين فتصبح علاقتهما الزوجية علاقة جافة قاتلة، ولولا الأبناء لما استمرا في زواجهما، ولكن هناك صنف آخر يشع الحب من نفسيهما من خلال العبارات والنظرات والإشارات، ولهذا فإننا ننصح كل من أراد حبا دائما أن يتبع التعليمات التالية:(53/129)
1- رددا معا : عسى الله أن يجمعنا في الدنيا والآخرة: إن مثل هذه العبارة وغيرها تزيد من بنيان العلاقة الزوجية وتقوي الحب بين الزوجين حتى يدوم ولا يموت ومن أمثلتها (لو عادت الأيام لما قبلت بزوج غيرك).
2- الإكثار من تصرفات التودد والمحبة : وهي تصرفات صغيرة وبسيطة ولكنها ذات قيمة كبيرة وثمن غال ومنها أن يضع أحد الزوجين اللحاف على الآخران رآه نائما من غير لحاف، أو أن يناوله المسند إذا أراد الجلوس أو أن يضع اللقمة في فيه، أو أن يربت على كتفه عند رؤيته لفعل حسن، أو أن يحضر الشاي ويقطع الكيكة ويقدمها له، وكل هذه التصرفات إذا صدرت عن الزوجة لزوجها أو عن الزوج لزوجته فإنها تؤكد معاني الحب بين فترة وأخرى.
3- إيجاد وقت للحوار بين الزوجين بين فترة وأخرى : فلا يشغلهما شاغل ويشاهد كل واحد بريق عيون الثاني ويلمس دفء يديه ويتحدثان عن ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما فيكونان صديقين أكثر من كونهما زوجين، فكلمة من هنا وقصة من هناك، وضحكة من هنا ولمسة من هناك، تجدد الحب بينهما وتعطيه عمرا أطول .
4- التعبير عن رغبة كل واحد منهما للآخر: في الذهاب إلى غرفة النوم وتناول الأحاديث الخاصة في هذا الموقع وللتقارب الجسدي أثره النفسي على الزوجين، كما أن له أثراً كبيرا على زيادة الحب بينهما .
5- تأمين المساندة العاطفية عند الحاجة إليها: مثلا إذا كانت الزوجة حاملا فان زوجها يقف بجانبها ويعيش معها آلامها ومشاعرها أو إذا كان الزوج مريضا فتسانده الزوجة بعاطفتها وهكذا فان الدنيا كثيرة التقلب تحتاج من كل طرف أن يقف مع الآخر ويسانده عاطفيا حتى يدوم الحب.
6- التعبير المادي بين حين وآخر: فيهدي الزوج زوجته هدية سواء أكانت في مناسبة أومن غير مناسبة، ودائما للمفاجآت أثر كبير لأنها غير متوقعة، وكذلك تهدي الزوجة زوجها، فان الهدايا تطبع في الذاكرة معنى جميلا وخصوصا إذا كانت مشاهدة دائما، كساعة أو خاتم أو قلم يكثر استخدامه، فانه يذكر بالحب الذي بينهما ويعطر أيام الزواج ولياليه، وهنا نشير إلى أن الهدية يكون لها أثر أكبر إذا كانت توافق اهتمام الطرف الآخر، فالنساء بطبيعتهن عاطفيات يملن للهدايا التي تدغدغ مشاعرهن وأما الرجال فعقلانيون ويميلون للهدايا المادية كثيرا.
7- الإكثار من الدعاء بعد كل صلاة وفي أوقات الإجابة: كالثلث الأخير من الليل، أو بعد الانتهاء من الوضوء أو بين الأذانين أو يوم عرفة أو أثناء السفر بأن يديم لله تعالى الحب بين الزوجين ولا يميته فيكون حيا دائما وما ذلك على لله بعزيز .
8- أن يتعامل كل واحد منهما مع الآخر بروح التسامح وحسن العشرة والتغافل عن السلبيات: والتركيز على الايجابيات وان يتعاملا فيما بينهما كما يحبان لا كما يريدان فإن ذلك يعزز الحب بينهما ويجعله دائما.
9- أن يعلما أبناءهما كيف يحترمان والديهما : بالتقبيل والمساعدة والتضحية والتقدير، فعندما يقف الزوج مع أبنائه وقفة تقدير لأمهم فأنها تشعر بالفرح والسرور، ولا تنسى تلك المواقف فيتجدد حبهما من جديد وكذلك الزوجة مع أبنائها تجاه أبيهم.(53/130)
فليجرب القارئ والقارئة هذه الوسائل التسع للحفاظ على الحب والدعاء باستمراره بإذن الله تعالى فيجتمعان في الدنيا ويلتقيان في الجنة بإذن الله.
ـــــــــــــــــ
نحو بيت سعيد
إن البيت المسلم السعيد هو الدعامة الأساسية لقيام المجتمع المسلم الرشيد وإن الأسرة المسلمة الآمنة المستقرة ضرورة لابد منها لصلاح المجتمع وتماسكه وشرط لا مفر منه إذا ما أريد لأمة أن تعز وأن تنتصر وتسود ولهذا كانت عناية الإسلام كبيرة بالأسرة فأقام على الحق والعدل بناءها وثبت بالود قواعدها وقوى بالخوف من الله عُراها .
ولهذا بذل أعداء الإسلام جهوداً مضنية لتدمير الأسرة المسلمة وتفكيك أواصرها ، وسلكوا إلى ذلك سبلاً شتى ، فحرضوا الزوجات على التمرد على أزواجهن، وزينوا للنساء سبيل هجر البيوت
والانطلاق إلى الشوارع والطرقات في ظل شعارات زائفة. ونشأت من جراء ذلك مشاكل لم تكن لتوجد أصلاً لو أن الأمور سارت وفق ما أمر الله .
وعمل أعداء الإسلام كذلك بما يملكون من وسائل الإعلام وغيرها على تخريب علاقات الحب والاحترام بين الآباء والأبناء وبين الأمهات والبنات وبين الشيوخ والشباب تحت ستار مبادئ اخترعوها مثل ضرورة الاختلاف بين الأجيال وما إلى ذلك من الأباطيل والأقوال .
وإذا كان أتباع الباطل جادين في نصرة باطلهم فأولى بأتباع الحق أن ينصروا حقهم، لكن ذلك يقتضي عملاً دؤوبا وجهاداً مستمراً في جميع المجالات وعلى كل المستويات حتى يتحقق الأمل وتجنى الثمار ، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم:4،5].
كيف تتحقق السعادة في البيت ؟
البيت المسلم يتكون من رجل وامرأة جمع بينهما الزواج الشرعي المعلن ، والزواج ـ الذي هو أصل الأسرة في الإسلام ـ تنظيم لفطرة أودعها الله في الإنسان ، به يتميز عن الحيوان ، وهو إشباع لهذه الفطرة بطريقة كريمة تناسب الإنسان الذي كرمه الله سبحانه واستخلفه في الأرض لعمارتها .
يقول الله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [الإسراء:70].
وإذا تصورنا أن عقد الزواج بين رجل وامرأة هو عقد شركة بين طرفين كل منهما كامل الأهلية ، فإن كل شركة قابلة للربح والخسارة، تربح إذا نظمت تنظيما سليماً وأديرت إدارة رشيدة وأدى كل شريك واجبة على الوجه الأكمل ، وسادتها روح التفاهم والمودة وتوافرت فيها الأمانة والإخلاص بين طرفيها .
يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما ).( رواه أبو داود ).
والإسلام يبغي لشركة الزواج التي تنشأ بين رجل مؤمن وامرأة مؤمنة أن تنجح وتربح وتثمر أطيب الثمرات، ذرية طيبة تجاهد في سبيل الله وترفع راية الحق(53/131)
وتنشر العدل والسلام في الأرض ، ومن أجل ذلك رسم الإسلام طريقاً واضح المعالم ميمون الخطوات .
أولاً : اختيار طرفي الشركة :
وحتى لا نخدع بالمظاهر أو نتأثر بالأهواء فنقع في الخطأ أرشدنا الإسلام إلى الطريقة المثلى لاختيار شريك الحياة .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ". متفق عليه .
فمن استطاع الحصول على امرأة ذات خلق ودين تشاركه الحياة في بيته زوجة صالحة فقد ظفر وانتصر . وذلك لا يعني أن الجمال مرفوض فإن وجوده من أسباب السعادة بلاشك وكذا بقية الصفات المذكورة في الحديث غير أنه ينبغي ألا يكون هو الهدف ، وعليه فيجب أن تتوافر في المرأة مع الدين صفات :
1. الجمال : لقوله صلى الله عليه وسلم : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه .
2، 3. ـ أن تكون ودوداً ولوداً . لقوله صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الودود الولود" .. رواه أبو داود والنسائي .
4. ويستحب أن تكون قليلة المهر لقوله صلى الله عليه وسلم :" أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً " ( رواه الإمام أحمد والبيهقي )،
5 . أن تكون بكراً لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وقد تزوج ثيباً فقال رسول الله صلى عليه وسلم : " هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك " (متفق عليه) .
أما أهم الصفات التي ينبغي أن تتوافر في الزوج فهي الدين والخلق . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " . (رواه الترمذي وأحمد) .
وقال رجل للحسن : إن لي بنية فمن ترى أن أزوجها ؟ فقال : زوجها ممن يتقي الله تعالى فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .
ثانياً : إدارة الشركة :
لابد لنجاح أية شركة من وجود إدارة تقوم بشأنها وتحفظ أمرها ، وأن تكون لهذه الإدارة صلاحيات البت في كل ما يطرأ من مشاكل أو يستجد من أحوال ، ولا يقبل أبداً أن تترك هذه المسألة دون تحديد واضح لئلاً يتنازع الطرفان الرئاسة ويتجاذبا القيادة فيقع الخلاف وتدب الفوضى ويحل الشقاء .
وبنظرة موضوعية نتساءل : أي الطرفين مؤهل للقيادة في شركة الأسرة الرجل أم المرأة ؟ لقد أنعم الله تعالى على النساء بقسط وافر من جيشان العاطفة ونبل المشاعر ورهافة الإحساس ، وفي مقابل ذلك أنعم سبحانه على الرجال بنصيب أوفر من حسن التبصر ودقة التفكر وعظيم الروية والنظر في عواقب الأمور دون تسرع أو انفعال ، ولا ينكر ذلك إلا جاحد ومكابر .(هذا هو الغالب المشاهد ولا يعني هذا أن المرأة قليلة التبصر، وأن الرجل خال من العاطفة)
إن من مصلحة هذه الشركة ومن أجل سعادة طرفيها المؤسسين ومن يعيش في ظلالها من بنين وبنات أن يسلم زمام الإدارة إلى الزوج ، رب الأسرة وعمادها(53/132)
ومثلها الأعلى . وهذا ما جاء به القرآن الكريم وأمر به الله العلي الحكيم بقوله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )[النساء:34].
ثالثاً : التشاور :
ومادامت القوامة حكماً ورياسة ؛ فإن كل حاكم في الإسلام ليس مطلق الصلاحيات وإنما هو محكوم بشرع الله مسؤول بين يديه سبحانه عن رعيته التي استرعاه ، حفظهم أم ضيعهم ؟ عدل فيهم بمقتضى أمر الله ونهيه أم ظلمهم ؟
والشورى شرعة شرعها الله في دينه لتقوم عليها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ولا يظن أحد أن ذلك خاص بحكام الأمة وأمرائها وإنما هو عام يشمل كل حاكم وكل قائد على أي مستوى وفي أي موقع .
رابعاً : توزيع الأعمال والاختصاصات:
في كل شركة لابد أن يكون لكل شريك حقوق وعليه واجبات حتى تستقيم الأمور، وكذلك فعل الإسلام بالنسبة للبيت؛ فقد جعل لكل من الزوجين حقوقاً ورتب عليها واجبات ، لن تتحقق السعادة إذا أهمل أحد الطرفين أداء واجبه وراح يطالب الآخر بحقوقه عليه، وإنما ينبغي لكل منهما أن يبادر بتأدية ما عليه من واجبات، رغبة في إسعاد شريكه وإدخال السرور على نفسه، وعلى الآخر مثل ذلك .
فقد تكفل الله سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين بتحديد تلك الحقوق والواجبات حتى لا يتظالم الشريكان فتتبخر السعادة ، ووفق قاعدة متوازنة دقيقة من صنع العليم الحكيم تقرر الأمر على أساس العدل يقول سبحانه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[البقرة: من الآية228].
خامساً : حقوق الزوجة :
قرر الإسلام للزوجة حقوقاً طالب بها الزوج وحثه على القيام بها بحكم ولايته للأسرة ورياسته لها ومسؤوليته عنها ، منها .
1. أن يكون حسن الخلق في معاملتها : وليس حسن الخلق معناه أن يكف الأذى عنها فحسب ، ولكن معناه أن يتحمل ما قد يبدر منها وأن يكون حليماً عند غضبها ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
2. المداعبة والمزاح والملاعبة : فإنه بهذا تطيب قلوب النساء ويغشاهن السرور والحبور ويأنسن بالزوج ويسعدن بقربه، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقد روى أنه كان صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة رضي الله عنها فسبقته مرة وسبقها أخرى فقال ".. هذه بتلك " (رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه) .
وهو صلى الله عليه وسلم القائل :" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله " . (رواه الترمذي والنسائي والحاكم ).
3. أن يغار عليها : وغيرة الرجل على امرأته من ثمرات الإيمان ومن دلائل المروءة وأمارات الحب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتعجبون من غيرة سعد ؟ أنا والله أغير منه والله أغير مني "( متفق عليه) .
وغيرة الله أن يأتي الرجل المؤمن ما حرم الله عليه ، والغيرة المحمودة هي الغيرة المعتدلة ، أما الغيرة المفرطة والتي لا يوجد لها مبرر فهي مذمومة قال رسول الله(53/133)
صلى الله عليه وسلم : " إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل ، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة ". (رواه أبو داود والنسائي ابن حبان) .
حقوق الزوج :
وكما أن على الزوج حقوقاً لزوجته، فكذلك للزوج حقوق على امرأته ، وقاعدة الإسلام العادلة أنه لا حق إلا في مقابلة واجب ، ونذكر من هذه الحقوق ما يلي:
1. الطاعة : فلا يجوز للمرأة عصيان زوجها أو مخالفة أمره إلا فيما حرم الله وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها " رواه الترمذي وابن ماجه.
2. التجمل : على المرأة أن تتجمل لزوجها وأن تتزين له بحيث لا يقع نظره عليها إلا وهي في أحسن حالاتها بهاء .
3. أن تكون بارة بزوجها : ومن البّر به ألا توقعه في الحرج والإثم بعنادها وإصرارها على خلاف ما يطلب، وعمل ما لا يرغب ، خاصة إذا أقسم عليها أن تفعل شيئاً ما أو أقسم عليها ألا تفعل.
والمرأة الصالحة تبر زوجها إذا أقسم ولا تضطره للتكفير عن يمينه بعد الحنث فيها؛ لأنها تخشى الله وترعى حق زوجها ولاتضطره لتحمل المشقات، فضلاً عما يسببه هذا التصرف من انعكاسات تعود على البيت .
4. الرعاية التامة : وتعني أن على المرأة أن ترعى حق زوجها غائباً وحاضراً فيجب ألا تدنس عرضه ولا تبدد ماله، وأن تبتعد عن كل ما يسوءه أو ينال من سمعته، وأن ترحم أبناءه وبناته سواء كانوا أبناءهما معاً أم لا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة ، إن أمرها أطاعته ، وإن نظر إليها سرته ، وإن أقسم عليها أبرته ، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله " (رواه الإمام أحمد) .
5. القناعة : يجب على الزوجة العاقلة ألا ترهق زوجها بكثرة المطالب وأن تكون قانعة راضية بما قسم الله لها، فإن كثرة مطالب المرأة ربما تدفع زوجها إلى السعي في كسب الحرام وفي ذلك شقاء الأسرة كلها في الدنيا والآخرة، وأيضاً فإن كثرة مطالب الزوجة تجعل الزوج يعيش مهموماً مغموماً عندما لا يستطيع تلبية مطالبها، وهمه وغمه لابد أن ينعكس عليها وعلى البيت كله ، وفي الكتاب العزيز : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) [ الطلاق : 7].
6. الوعظ والتهذيب : قرر الله تبارك وتعالى هذا الحق ليستعان به على حفظ دعائم البيت كيلا تعصف به رياح الغضب أو تدمره عواصف الخلاف .
ولأن الرجل هو المسؤول عن حفظ البيت ورعايته والدفاع عنه ضد الأنواء والأعاصير فقد كلفه الله تبارك وتعالى بذلك في قوله الحكيم : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) [النساء:34].
فإذا ظهرت على المرأة أعراض النشوز ـ وهو التمرد والعصيان ـ فإنه يحق للزوج أن يقوم بنصحها ووعظها حيث يذكرها بالله سبحانه ويخوفها من غضبه وعقابه ، ويذكرها كذلك بحقه عليها ، وبأن الله تعالى فرض عليها طاعته ، على أن يكون(53/134)
ذلك بطريقة حكيمة مؤثرة، وليس له أن يزيد على ذلك، نحو سب أو شتم أو كلام مكروه ، فإن لم ينفع هذا العلاج كان له أن ينتقل إلى ما بعده وهو الهجر بأن يعرض عن كلامها وليس له أن يزيد في ذلك على ثلاثة أيام ، وأن يعتزل فراشها ولا يزيد ذلك على شهر وقوفاً عند حدود ما ورد في ذلك ، فإذا لم ينفع هذا العلاج أيضاً انتقل إلى الأمر الثالث وهو الضرب ، وكان صلى الله عليه وسلم يكرهه وما فعله قط .
وبعد :
فإن البيت السعيد يزهى بالمرأة الصالحة الحافظة لزوجها ، ونفسها ، وبيتها ، القائمة على رعاية ما استرعاها الله ـ سبحانه ـ وهي التي يبارك لها ويتم بها الخير والسعادة.
ـــــــــــــــــ
"الرسول صلى الله عليه وسلم كان أكرم زوج وأحناه"
الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاً :
- كان يحب المرأة .. إنسانا ً.. وأُمّا ً.. وزوجة .. وبنتاً.. وشريكة في الحياة .
- سئل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال :[ أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك] .
وقال : [ من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله ] .
وأمر الذين سألوه .. أن يزوجوا ابنتهم للفقير الذي تحبه ، لا للغني الذي يريدونه.
وكان صلوات الله عليه يقبّل عائشة ، وإذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب .. وكان يتكئ في حجرها ، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وكان يقبلها وهو صائم .. وزاحمته على الخروج من باب المنزل .
وغضب مرة مع عائشة فقال لها: هل ترضين أن يحكم بيننا أبوعبيدة بن الجراح ؟ فقالت: لا .. هذا رجل لن يحكم عليك لي ، قال: هل ترضين بعمر؟ قالت: لا.. أنا أخاف من عمر .. قال : هل ترضين بأبي بكر ( أبيها )؟ قالت : نعم ..
فجاء أبو بكر ، فطلب منه رسول الله أن يحكم بينهما.. ودهش أبو بكر وقال :
أنا يا رسول الله ؟ ثم بدأ رسول الله يحكي أصل الخلاف .. فقاطعته عائشة قائلة :
( اقصد يا رسول الله ) أي قل الحق .. فضربها أبو بكر على وجهها فنزل الدم من أنفها ، وقال : فمن يقصد إذا لم يقصد رسول الله ، فاستاء الرسول وقال : ما هذا أردنا .. وقام فغسل لها الدم من وجهها وثوبها بيده .
وكان إذا غضبت زوجته وضع يده على كتفها وقال : [ اللهم اغفر لها ذنبها وأذهب غيظ قلبها ، وأعذها من الفتن ] .
وتغضب عمر على زوجته ، فتراجعه ، فأنكر أن تعارضه ، فقالت زوجته : ( لماذا تنكر أن أراجعك ، فو الله إن زوجات النبي _صلى الله عليه وسلم _ ليراجعنه ، وتهجره إحداهن إلى الليل ) .
وكان إذا دخل على أهله ليلاً سلم تسليماً لا يوقظ النائم ويسمع اليقظان .
وكره أن يفاجئ الرجل زوجته إذا عاد من السفر فجأة .. بل يبعث لها من يبلغها بوصوله .(53/135)
دخل أبو بكر عليه وهو مغطَّى بثوبه ، وفتاتان تضربان بالدف أمام عائشة فاستنكر ذلك ، فرفع النبي الغطاء عن وجهه وقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنها أيام عيد .
واتكأت عائشة على كتفه تتفرج على لعب الحبشة بالحراب في مسجد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ حتى سئمت .
وهو القائل صلى الله عليه وسلم : [ من عال جاريتين جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين ] وضم أصابعه أي متساويين أو متجاورين .
رفض أن يعزل إلا بموافقة المرأة ، فليس من حق الرجل أن يتخذ هذا القرار بمفرده، ولا له أن يتصور المرأة مجرد أداة لإشباع رغبته الجنسية ، وليس ثمّة إهانة لامرأة أكبر من رجل لا يريدها أن تحمل منه وهي تريد .
- و قال :[ الدنيا متاع .. وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ] وقال : [ إن أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي اإليه ثم ينشر سرها] .
ـــــــــــــــــ
جناية (الموضة) على المرأة
معظم الذين يتحكمون في بيوت الازياء العالمية من اليهود الذين لا خلاق لهم، وأهدافهم ليست تجارية بحتة فقط، ولكنها تمتد الى ما هو أسوأ من ذلك، وتتعمق الى ما هو أقسى على الأسر.. والمجتمعات.. والأمم.. عن طريق نشر التحلل بوجه براق.. وتجذير الفساد بشكل خدّاع.. وجعل المرأة مجرد سلعة في يد اليهود.. وتشكيلها على ما يريدون.. ودفعها الى تحقيق اهدافهم التي يقصدون.. والسيطرة من خلالها على الرجال.. وعلى الاجيال القادمة.. وعلى القيم السائدة.. وعلى اكبر مصدر للقوة وهو (الثروة).
فمن المعلوم أن أكبر مستهلك على وجه الأرض.. وفي كل بلد.. هو المرأة.. خاصة ما يتعلق بأزيائها.. وجمالها.. وشكلها.. ومواكبتها للعصر.. وحداثتها في كل شيء..
واليهود أنفسهم.. الذين يسيطرون على بيوت الأزياء التي تصنع (الموضة).. هم الذين يسيطرون على منابع لاعلام العالمي.. إلا القليل.. ومن خلال الاعلام بمختلف قنواته الهائلة.. مرئية.. ومقروءة.. ومسموعة.. يمارسون عملية (غسل دماغ) كاملة للنساء.. إلا القليل منهن..
من خلال وسائل الاعلام الهائلة التي يمتلكها اليهود، والتي تشبه البحار العاتية.. العالية الامواج.. يلعبون بمعظم النساء كما شاءوا.. يرفعونهن مع الموج.. ويخفضونهن.. ويتحكمون في رغباتهن لأنهم هم الذين يصنعون تلك الرغبات.. ويصنعون عندهن إحساساً بأنهن ناقصات.. متخلفات.. وقبيحات.. إذا لم يسايرن آخر صيحات.. ومما يؤسف له ان وسائل الاعلام في اكثر الدول العربية، والاسلامية، والنامية، تسير على نهج بيوت الازياء العالمية في هذا المجال، وتقلدها تقليد الأعمى، ويكون فخر كثير منها بالإمعان في تلك التبعية والتقليد حتى إننا لنجد معظم مجلات المرأة العربية تتبارى في تقديم آخر صيحات الموضة، على أجمل الورق وأفخره، وبأبهى الألوان، وتقدم عارضات الأزياء على انهن النموذج الأرقى(53/136)
في الأناقة، والرشاقة، والقدوة المثلى في طريقة المشي بما فيها من تخلع، وتدلع، وميوعة، وهز لمواضع الانوثة في المكان العام، وإبراز لمواطن الفتنة بين الرجال..
وفوق هذا تغرق بيوت الموضة للأزياء ــ وتتبعها معظم مجلات المرأة العربية وبرامجها في الفضائيات ــ النساء بالإسراف الحاد، والتبذير السفيه، وإشغال كل وقت المرأة بما تلبس في الصباح، وفي الظهيرة، وفي المساء، وماذا تضع على وجهها من أصباغ، وألوان، وكريمات حسب إضاءة الكون من صباح ساطع الشمس، او أصيل بادي الشحوب، او ليل مخملي أسود تتلوى فيه الإضاءة الصناعية، وتبرق معها الفساتين العارية الكاسية، وتتلوى معها الأجسام الغضة البضة، وتتمايل فوق الكعوب العالية، ويغرق الجميع في شهوة الجنس، وفتنة النساء، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ."
وصيحات الموضة التي يطلقها الصهاينة من خلف الأستار، وخطوط الأزياء النسائية التي تحركها أصابعهم الخفية ـ إلا ما ندر ـ حريصة على إغراق العالم ـ الرجال والنساء على حد سواء ـ في ملاذ الشهوات، وبحار الجنس، وإغواء الفتنة الصارخة التي تذهب بعقل الحليم، وتلعب بمشاعر الرجل الثقيل الرزين، وتأتي على القيم، وتلتهم جلائل الأمور، وتشغل الرجال والنساء بشهوات الجسد، وتشعل فيها نيران اشتهاء لا تنتهي، بل هم يوقدونها كل يوم بالمزيد من الاختراعات الفاتنة التي تميس على قدود النساء صارخة جائعة، كاسية عارية، بل هي ما تكاد تكسو جزءاً إلا لتبرز مفاتن ما حوله، ولتغلفه هو بما يشعل نار الخيال..
تقول نازك الملائكة :
"... لننظر في المجلات التي تسمي نفسها "نسائية".. فماذا سنجد فيها؟.. إنها في أغلب الحالات مجلات أزياء.. لا تجعل للمرأة هدفاً أبعد من ملابسها وحقائبها وأحذيتها.. وهذه المجلات تعامل المرأة الحديثة معاملة جواري ألف ليلة وليلة.. فتكتب لهن أمثال هذه العناوين المهينة:
"سيدتي، ماذا تلبسين في رحلة بحرية؟".. أو: "فساتين للصباح.." أو: "تسريحات للشعر بعد الظهر".. أو: "بأي ملابس تظهرين في حفلة العشاء؟"
فما تلبسه المرأة في الصباح يختلف عما تلبسه في المساء.. وما تلبس في حفلات الرياضة يختلف عما يلبس بعد الظهر.. وثياب المنزل تختلف عن ثياب الخروج.. ولضفاف البحر ملابس خاصة.. وعلى المرأة المتوسطة ان تكون لها ملابس لكل المناسبات!! مع الالتفات أن لكل ثوب عقداً خاصاً به.. وأقراطاً.. وأحمر شفاه ينسجم معه.. وحذاء وحقيبة!..
واختصارًا للموضوع تجد المرأة أنها إذا أرادت أن تكون أنيقة ـ كما تدعوها المجلات والإذاعات ـ فسوف تدرك أن الحياة كلها لا تكفي للإناقة.. أما العقل فيتقاعد منسياً تحت الغبار الكثيف.. وأما الروح فينحط مستواه ويقتله المظهر فلا يبقى منه إلا خواء فارغ.."
قلت :(53/137)
هذه شكوى امرأة عاقلة من مجلات النساء ـ معظمهن ـ ومن بيوت الأزياء.. ذلك أن الشر يطال المرأة والرجل معاً وبالتالي الأسرة.. والأطفال.. والمجتمع.. والأمة.. فتفريغ المرأة وجعل جل اهتمامها في ثيابها.. يصرفها عن تربية أولادها.. ويجعلها تهمل بيتها.. وعقلها.. فضلاً عن مجتمعها.. وأمتها.. بل إن المرأة إذا استسلمت تماماً لبيوت الأزياء والموضة (وهي صهيونية في معظمها) تصبح وبالاً حقيقياً على مجتمعها فهي فتنة تسير على الأرض، وقنبلة تنفجر في صروح القيم، و(بالوعة) تبتلع أموال الأمة وتحولها إلى تلك البيوت العالمية المشبوهة.. ولا يعني هذا بأي حال من الاحوال أن كل من تسير على خطوط الموضة العالمية بذلك الشكل، او انها سيئة السلوك أو النية، فهناك من يتبعن تلك الخطوط بتمييز شديد وعقل ووعي ومعرفة بما يناسب وما لا يناسب، وما يليق وما لا يليق، وتأخذ من تلك المبتكرات ما يصلح وتنبذ ما لا ينفع..
المشكلة الحقيقية هي في الوضع العام لسيطرة بيوت الازياء والموضة على عقول الكثير من النساء بلا تفكير ولا مراجعة ولا تمييز وكأنهن مخدرات او منومات مغناطيسياً ترى الواحدة منهن أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان سواء أقدرت على اقتناء تلك الموضات والأزياء أم لم تقدر فإن لم تقدر ظلت غصة في قلبها وإحساساً بنقصها.
وهناك ناحية اخرى يجني بها تجار الموضة والأزياء على معظم النساء وخاصة المراهقات والشابات.. وهي جعل (النموذج الجميل) لجسم المرأة هو (جسم عارضة الازياء) وهو جسم نحيف مخيف في نحافته (عظم على وضم)
إن هناك مراهقات وشابات في انحاء العالم يعذبن انفسهن أشد العذاب لكي تصل الواحدة منهن إلى ذلك الجسم النحيف المخيف في نحافته معتقدة أنه القدوة المثلى والنموذج الأعلى في الجمال، وهو في الواقع نموذج القبح والهزال والضعف ومسخ الأنوثة وتدمير الصحة وسلب المناعة وكأنه الايدز أو مقدمة الإيدز..
نساء في أنحاء الدنيا ـ وخاصة المراهقات ـ يتبعن ريجيماً مخيفاً خطيراً بل مهلكاً لكي يفسدن أجسامهن والواحدة منهن تحسب أنها تحسن صنعاً ومادرت أنها تقتل جمالها وتهلك صحتها وتفسد نضارتها وتمحق أنوثتها وتعذب نفسها وأهلها وتحيل جمالها إلى قبح بنفسها وهي لا تشعر
وإذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
وبيوت الازياء !!!
ـــــــــــــــــ
الثأر الجميل-
كم أحب قسوتها .. وأسعد بسوء معاملتها لي .. وأتلقى فظاظتها وعبوسها في وجهي بسعادة من جاءته هدية غالية أو تحققت له أمنية طالما انتظرها حتى يئس فإذا بها تتحقق بغتة !
لقد فهمت متأخرة جداً ما كان يجب أن أفهمه ، وكان الأوان قد فات وصار الندم تحصيل حاصل فتمنيت أن يحدث ما يخفف عني وطأة الندم ويجلو عن قلبي سواداً ران عليه سنوات طوال ويخلص عقلي من أسر العناد والغباء .. وحدث ما تمنيته(53/138)
..وأرسل الله لي هذه السيدة لتقتص مني وتأخذ بثأر الطيبة الراحلة وعجل لي العقاب على يديها في الدنيا .. ولعله غفر لي ذنبي ولذلك أسعد بالقصاص وأهنأ بالثأر !
فمنذ ثلاثين عاماً كنت فتاة غريرة وزوجة حديثة ترفع شعارات تحرير المرأة وتتبنى نظرة مشوهة إلى الزواج فتراه مجرد إجراء اجتماعي يكمل صورة الإنسان ولا يترتب عليه أية واجبات . وشاء الله أن أقيم مع حماتي بعد أن اضطر زوجي لبيع معظم أثاثنا ليمول مشروعاً خاصاً ووعدني أن يوفر لي سكناً مستقلاً بمجرد أن يدر المشروع ربحاً ، طلبت من زوجي سكناً بشروط خاصة مما حمله - وهو الذي كان يحبني كثيراً - على محاولة توفير هذا المسكن ولم يكن هذا ميسوراً في بداية حياتنا ولذلك عشنا بضع سنوات مع أمه .. سنوات أستطيع أن أجزم أنها أسوأ ما عاشته هذه السيدة الصابرة .. وكنت أنا للأسف سر هذا السوء فقد فتحت أذني لنصائح الصديقات بأن أظهر لها العين الحمراء منذ البداية حتى لا تتدخل في حياتي وتحرض عليّ زوجي وكن يرددن على مسامعي دائماً أن " الحماة حمى " ولذلك قررت أن أحدد إقامة حماتي داخل حجرتها وأتسيد على بيتها وأعاملها كضيفة ثقيلة !.
لا أعرف كيف زين لي الشيطان وقتها هذاالجرم وأقنعني بأنني إنما أحافظ على حياتي وأن الغاية تبرر الوسيلة .
كنت أضع ملابسها في آخر الغسيل فتخرج أقذر مما كانت وأنظف حجرتها كل شهر مرة ولا أهتم بأن أعد لها الطعام الخاص الذي يتناسب ومرضها ، وكانت كجبل شامخ تبتسم لي برثاء وتقضي اليوم داخل حجرتها تصلي وتقرأ القرآن ولا تغادرها إلا للوضوء أو أخذ صينية الطعام التي أضعها لها على منضدة بالصالة وأطرق بابها بحدة لتخرج وتأخذها !.. وكان زوجي مشغولاً إلى قمة رأسه في مشروعه ولذلك لم يلحظ شيئاً ولم تشكُ هي إليه بل كانت تجيبه حين يسألها عن أحوالها معي بالحمد وهي ترفع يديها إلى السماء داعية لي بالهداية والسعادة و كنت كلما صحا ضميري وتأثرت بصبرها ردتني صديقات السوء إلى ساحة الدهاء وأكدن لي أن هذه السيدة داهية خبيثة " تتمسكن حتى تتمكن " فأظل على عهدي القبيح مع شيطاني وأتفنن في الإساءة إليها وهو لاترد سوى بالدعاء وابتسامة الرثاء التي كانت تغيظني وتستفز عنادي .
ولم أجهد نفسي كثيراً في تفسير صبرها وعدم توجيهها حتى مجرد اللوم لي وعدم شكايتها مني لزوجي بل أعمتني زهوة الانتصار عن رؤية الحقيقة وظننت أنني امتلكت زمام الأمر كله وصار البيت وصاحبته تحت ضرسي حتى اشتد عليها المرض ، وأحست هي بقرب الأجل فنادتني وقالت لي وأنا أقف أمامها متململة : لم أكن أرد لك الإساءة بمثلها حفاظاً على استقرار بيت ابني وأملا في أن ينصلح حالك ، وكنت أتعمد أن أسمعك دعائي بالهداية لك لعلك تراجعين نفسك دون جدوى وأؤكد لك يا ابنتي أن معاملتك لي لم تضايقني بقدر ما أشعرتني بالخوف عليك ولذلك أنصحك - كأم - بأن تكفي عن قسوتك ، على الأقل في أيامي الأخيرة لعلي أستطيع أن أسامحك .(53/139)
قالت كلماتها وراحت في غيبوبة الموت ، فلم تر الدموع التي أغرقت وجهي ولم تحس بقبلاتي التي انهالت على وجهها الطيب .. ماتت قبل أن أريها الوجه الآخر وأكفر عن خطاياي نحوها .. ماتت وزوجي يظن أنني خدمتها بعيني .
وكبر ابني وتزوج ولم يستطع توفير سكن خاص فدعوته للعيش معي في بيتي الفسيح الذي أعيش فيه وحدي بعد وفاة أبيه وزواج شقيقاته ، فاستجاب وأدارت زوجته عجلة الزمن فعاملتني بمثل ما كنت أعامل حماتي من قبل ، فلم أضجر لأن هذا هو القصاص العادل والعقاب المعجل بل ادخرت الصبر ليعينني على الإلحاح في الدعاء بأن يغفر لي الله ويكفيني شر جحيم الآخرة لقاء الجحيم الذي أعيش فيه مع زوجة ابني ويجعلني أتحمل غليان صدري بسؤال لا أستطيع له إجابة : هل سامحتني حماتي الراحلة أم أنها علقت هذا السماح على تغيير معاملتي لها هذا التغيير الذي لم يمهلني الله لأفعله .
فهل تكفي النية بديلا عن العمل أم أن الراحلة ستأخذ حسناتي يوم الحساب لأطرح في النار ؟
وكل ما أدريه أن الله يمهل ولا يهمل وأن التاريخ يعيد نفسه وأن المثل الشعبي القائل " مصيرك يا زوجة الابن أن تصبحي حماة " هو أبلغ ما سمعت
ـــــــــــــــــ
اختيار الزوجة
دعا الإسلام أتباعه إلى الزواج ، وحرّم الرهبانية ، وجعل التزوج سنة من سننه ، وأباح الزواج من الكتابية ، وسهل أمور الزواج ولم يعقّدها. ورغّب ترغيباً شديداً في حسن الاختيار ، وأن يكون التخير من المسلمات ، وجعل الأساس الأفضل والقياس المفضل هو التديُّن .
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أنه قال :
[ تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين . تربت يداك ] متفق عليه .
لقد ذكر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مرغباتِ الزواج من المرأة عادةً فقرر أنها أربعة : وهي المال والحسب والجمال والدين .
وحضَّ على أن يكون المقياس المرغِّب في الزواج هو الدين . ولعمري إن ذلك هو الحق الذي تعضِّده أحداث الحياة في واقع الناس .
• فالمال عَرَضٌ زائل ، وعارية موقوتة .. فكم من الأغنياء أصبحوا فقراء بين عشية وضحاها ، وكم من الفقراء أصبحوا أغنياء بين طرفة عين وانتباهتها ، إنّ المال يتهدده الزوال السريع .
هذا وما علاقة السعادة بالمال ؟ إن هناك وهماً كبيراً يسيطر على كثير من الناس ، يحسبون السعادة قائمة على الغِنى والمال .والحقيقة أن المال لا يوجد السعادة .. بل قد يعين على تحقق السعادة إن كانت هي موجودة .
إنها إن لم تكن نابعةً من أعماق النفس بسبب الرضى والقناعة والمعاشرة الحلوة فإنّ المال لا يوجدها أبداً .(53/140)
• والجمال مهما كان رائعاً فهو موقوت بالصحة والشباب ، وسرعان ما يذبل ويذوي مع تقدم السن ، وطروء المرض ، وتكرار الحمل والولادة .
تصور يا سيدي أنك تزوجت ملكة جمال الكون ، وليس بينك وبينها تفاهم : فماذا أنت مستفيد من هذا الجمال ؟ إن الجمال ربما يعرض صاحبته إلى الغرور والفتنة والتعالي وشراسة الخلق .. ليس الجمال بحد ذاته عيباً ولا نقيصه ، وهو إن اجتمع مع الخلق والدين كان خيراً إلى خير ، ولكنه وحده لا يحقق السعادة بل ولا المتعة . ولله درّ القائل :
إذا أخو الحسن أضحى فعلُه سمِجاً رأيتَ صورتَه من أقبح الصورِ
وَهبْهُ كالشمس في حُسن ألم تَرَنا نفرّ منها إذا مالت إلى الضررِ؟!
والحسب أمر عرفي .. فالوجيه في قوم ربما كان في نظر آخرين وضيعاً ، وهو لا يغني عن العمل الصالح ولا الخلق شيئاً ، [ ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ] . والحسب لا يتغير في ذاته كما يتغير المال والجمال ، ولكنه يتغير في نظر الآخرين
- كما أشرنا إلى ذلك آنفاً - فما كان مزيَّة في الحسب عند إنسان قد يكون نقيصه في نظر آخرين .
والحسب الرفيع إن اجتمع مع الخلق السمح ، والتدين الصادق ، كان خيراً وبركة . ورسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يقول : [ الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ] .
أما التدين بالإسلام - التديّن الحق - فهو أمر لا يتغير ولا يختلف .
إن التدين الحق من الزوجة لا يعرض الزوج إلى الأزمات بكل أنواعها.. إنها تحفظه في عِرضها ، وفي ماله ، وفي أولاده ..
إنها تشجعه على كل أنواع البر والصلاح والتقوى .. إنها تكون عوناً له على بر والديه.. وعلى بذل النفقة للمحتاجين والمعوزين .. إنها تنظر إليه نظرة ملؤها الحب والرحمة والمودة والحنان .. إنها تطيعه في كل ما يأمر به -إلا أن يأمر بمعصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وتكون عوناً له على ما يلقى من الشدائد والصعوبات ، والأزمات والعقبات .. إنها تحسّ بأن الذي يتعرض له من الضيق أمر يهددها هي بالذات ، وتشعره بأنه ليس وحده يعاني ما يعاني .. وكم يخفف من وقع المصيبة أن يرى المصاب من يشاركه شعوره نحوها بصدق وأمانة ، وأن يرى أنّ معه من يقف موقفه تثبيتاً وتأييداً ودعماً ومشورة .
وتكاد تختفي من حياة زوج ذات الدين المشكلات تماماً ، ذلك لأنه ما من مشكلة إلا ولها حل في الإسلام ، فإذا كانت تقوم بواجبها بصدق وحماسة خيمت على البيت سحائب السعادة والسرور .
والناس يحيون بالمعاني .. ويلتذون بالعواطف .. ويسعدون بالمشاعر أكثر من الأمور المادية الحسية .
إن هذا كله يدعو العاقل من المسلمين ألاَّ يُقدِّم على الدين في المرأة عاملاً آخر
ـــــــــــــــــ
للأزواج فقط !!(53/141)
إذا شكّت المرأة بحب زوجها لها فإنها قد تفقد الثقة في نفسها : جمالها .. وحديثها .. ومعاملتها .. وأسلوب حياتها .. فلماذا لم يحبها .. يقودها ذلك إلى الشك في زوجها ، والشيطان الذي عجز عن دفع زوجها إلى تطليقها لن ييأس منها .. فتشك أنه متزوج بأخرى أو ينوي ذلك .. فيطال الشك دخوله وخروجه .. واتصالاته وسائر معاملاته .. وأيُّ حياة يملؤها الشك تصبح مرهقة نفسيًا مما يتعب الجسد فتصاب بالأمراض المختلفة .
والزوج هو الآخر يعاني من كل ما سبق .. يجد من زوجته ما يكدر صفو حياته وحياة أبنائه .
فما الخلاص إذن ، كيف الفرار من هذا الجحيم الذي أساسه مجرد شك ؟ ما كان الشك ليقوى لولا وجود ما يدعمه ولو كان بدون قصد .. إن سلوكيات بسيطة يهملها بعض الأزواج كفيلة بإقناع الزوجة بحب زوجها لها ، وقطع الطريق أمام أي شك وطرد سحابة أي سوء ظن ، لعله من المهم أن نذكر أن الحياة الزوجية قد تكون سعيدة حتى
وإن لم يكن هناك حب حقيقي بين الزوجين ، وذلك بمحاولة كل منهما إعطاء الآخر حقوقه التي منها إشعاره بمحبته واحترامه ، فعدم حب الآخرين لا يعني التنصل من الواجبات وسوء المعاملة ، وعدم الاحترام ، فهذه الأعمال اليسيرة تحقق السعادة بإذن الله للزوجين ، وإن لم يكونا متحابين .. ولسوف تجد أيها الزوج من النتائج بإذن الله ما يبهرك .. وكنت تظنه ضربًا من الخيال .
فتحيَّن فرص هدوء نفسك وانشراح صدرك ، وقم بما تستطيع منها ، وحاول بما لا تحسنه ، لا تمكن الشيطان منك فيوسوس لك تفاهة هذه الأعمال وقلة نفعها ، أو أن أداءك لها يفقدك هيبتك لدى زوجتك ويفتح عليك باب " تمردها " وأنت في غنى عن ذلك .
احذر الشيطان ، فأعظم أعوانه وأقربهم إليه من يفرق بين زوجين ، فاستعذ بالله منه دائمًا ، وأرض الله عنك بتكوين أسرة سعيدة مترابطة متحابة ، ففي هذه الأسرة إعفاف لك ولزوجك وقطع للطريق أمام أبواب الفساد التي يفتحها الشيطان وتربية لأبنائك في الحضن المناسب .
حقق ما تستطيع من رغباتها :
تعرف على ما تحبه زوجتك فجاهد لتحقيقه ، وعلى ما تكره فابتعد عنه ، وابعدها عنه ، كم من الرغبات تحقق قمة سعادة الزوجة ، ولكن كيف يعرف الزوج وقد تراكمت فما عادت الزوجة تدري أيها تبدي ، ومتى وكيف .. ؟ ، وكم من المشاكل أساسها عدم فهم أحد الزوجين للآخر .
هناك سؤال بسيط لكنه يصنع في قلب زوجتك الكثير ، وسوف تلاحظ على الفور مدى سعادتها على وجهها ، إنه سؤالك : ماذا تتمنين ؟ " اطرحه وأنت مبتسم صادق وبنبرة محبة ، لعلها لا تجيبك منذ البداية ، ربما لأنها غير مصدقة للسؤال ظانة أنه مزحة ثقيلة أو نوع من الاستهزاء ، خصوصًا من الأزواج الذين لم يسبق لهم أن طرحوا مثل هذا السؤال ، أو كانت علاقتهم مع زوجاتهم متوترة "(53/142)
لا تيأس أخي الزوج ، اصبر وكرر السؤال محافظًا على ابتسامتك بتواضع ، فمن تواضع لله رفعه ، لا يمكن أن أصور لك مدى مكانتك في عين زوجتك وارتفاع شأنك عندها بهذا السؤال ، فكرر حتى تجيبك ، وثق أنها كلما أخرت الجواب وتظاهرت بأنها لا ترغب شيئًا أو لا تريد إلا سلامتك وسعادتك ، بقدر ما يدعو قلبها أن تصر أكثر في طلبها الإجابة ، وكن فطنًا فما تأخرها إلا لتستيقن صدقك ، أو تمارس دلالها عليك ، وهو سلوكٌ تحب أن تمارسه المرأة ، فأعطها المجال ، فمن لها غيرك .. ؟!!
انتهز لحظات الصفاء والخلوة
اسأل بين الفينة والأخرى وانتهز لحظات الصفاء والخلوة ، ومن الأفضل أن تسألها ثلاث أمنيات لتحقق لها واحدة حسب ما تستطيع منها ، إن هذه الطريقة تتيح لك الفرصة لاختيار ما تقدر عليه من بين الأمنيات الثلاث ، كما تتيح لك التعرف على رغبات زوجتك فتحققها لها على شكل مفاجآت فيكون لها وقع أكبر ، مع ملاحظة أننا لا نعني فقط الرغبات الحسية بل حتى المعنوية .
وسوف تُفاجأ بأمور لا تخطر لك على بال ، فلا تهمل ما لا تراه هامًا أو ما تعده تافهًا ، وتذكر أنك تلبي ما تريده هي ، لا ما تريده أنت ، وأن طبيعتك وتكوينك يختلف عنها ، وأن من أهم المشاكل الزوجية تلك الأنانية التي تجعل كلاً من الزوجين يحقق للآخر ما يريد هو ، وما يراه هو ، ويهمل رغبات الآخر .
لا تنهرها !
من أعظم ما يثير غضب المرأة ، ويجعلها تصدر تصرفات لا عقلانية استشعارها بإذلال زوجها لها ، وكثيرًا ما يفعل ذلك بعض الأزواج ، فإذا ما أمرها بشيء وطاوعته قال ممازحًا : رغمًا عنك ، بعض النساء تعاند وتترك ما كانت تنوي فعله .
فمن أراد الحد من مشاكله الزوجية ، والعيش عيشة هنية ، فليلتزم عدم إشعار زوجته بأنها مهانة لديه ، بل يشعرها أنها معززة مكرمة ، فهي محبوبته وقرة عينه ، وهي أنيسته في حياته ورفيقته في دربه ، حتى وإن ترك شيئًا تحبه فهو بعذر كاره لتركه مرغمٌ على ذلك .
وكما يكون الإكرام قولاً فهو كذا فعلاً ، فتلبية احتياجاتها وعدم تأخيرها إلا بقدر يشعرها بقيمتها لديك ، ثم الثناء عليها ، وما أدراك ما الثناء ، وفعله في قلبها ، إن الثناء من الأزواج له مذاق آخر ، لا يقاوم ، كالمغناطيس يجذبها إليك .. ؟
ولا تنسَ الثناء عليها بين الفينة والأخرى أمام ذويها وذويك ، في حضرتها وغيابها ، وما أجمل أن تسمعها ثناءك عليها حيث لا توجد ، كأن يكون أهلك حاضرين لزيارتكم فتطلب منها كأس ماءٍ ، وعند قيامها وبعد أن تخرج بحيث لا تراها وتسمعك هي تثني عليها كقولك : الحمد لله الذي رزقني زوجة رائعة ، لا حرمني الله منها ، وما شابه من ألفاظ .. افعلها ولن تندم بإذن الله .
سحر الكلمات الجميلة(53/143)
أكثر من الكلمات الجميلة المحببة إلى نفس كل زوجة مثل " أبقاك الله " ، " لا فجعني الله بك " ، وتفنن في إخراج تلك الكلمات بقوة وصدق ، لا تكن باردًا ، إن تصرفًا كهذا يسعد المرأة .
أصغ إليها
استمع إليها عندما تتحدث .. خصوصًا إذا كان حديثها عن مشكلةٍ تمر بها ترغب منك مشاركتها الرأي والمشورة ، استمع إليها بكل جوارحك ، فالمرأة حساسة في مثل هذه المواقف ، وضح لها مهما كان موقفك من المشكلة وقوفك معها ومؤازرتك بها ، حتى ولو كانت مخطئة ، نعم بين لها خطأها مع إشعارك بحزنك وتألمك لوقوعها فيه ، وتفاؤلك بانفراج المشكلة ، لا تغضب منها فبعض الأزواج تأخذه الحمية لزوجته وخوفه عليها من المشاكل فيصدر ما يجرحها ، وما ذاك إلا لحبه لها ، لكن هذه الطريقة لن تنفع لا في حل المشكلة ، ولا في علاقتك مع زوجتك ، ثق أن الحب أمر خفي مواقفك تظهره ، وأهم موقف تتخذه عندما تتحدث زوجتك هو أن تستمع لها ، مجرد استماعك لها يريحها ، ولا تعجّل بالحل حتى تطلبه منك ، اعلم أن طبيعتك تكره تفصيلاتها المملة للحادثة وتفسيراتها الدقيقة ، لكن لا بأس اصبر ، فهكذا هي طبيعتها ، فارض بها .
تزين لها
تزين لها دائمًا ، وتزين لها بين الفنية والأخرى ، اجعلها تقف أمامك مندهشة ترخى طرفها حياءً منك ، ولا أظنك تعجز عن ذلك ، فكم لهذه الزينة من أثر فعَّال على حياتكما الزوجية ، فسوف تجاهد زوجتك لتكون أفضل منك ، والله تبارك وتعالى يقول : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )[البقرة/من الآية :228] ، والأهم أنك سوف تعف زوجتك في وقتٍ أصبحت فتنة الرجال أشد فتكًا من فتنة النساء ، ألا تتساءل ما سر مبالغة النساء في إبراز جمالهنَّ عبر ذلك الحجاب الذي يطلق عليه زورًا مسمى " حجاب " فيتفنن في ارتداء ما يثير الناظر ، إنها الرغبة في الفوز بإعجاب الآخرين بها .
فعندما تتزين أنت فإنك تكون قد تجاوزت مرحلة الإعجاب بزوجتك والرغبة فيها إلى محاولة كسب إعجابها هي ، مما سيصرفها وبسهولة عن محاولة جذب اهتمام الآخرين ، إن كانت من المبتلين بذلك ، فقط عندما يكون تزينك لها ، وحسب .
ـــــــــــــــــ
المرشد النفيس إلي الزواج التعيس
خلاصة خبرات بعض الزوجات النكديات :
إذا أردت أن تجعلي زواجك نموذجا في التعاسة والشقاء وتفقدي حب زوجك واحترامه فافعلي ما يأتي:
- استقبلي زوجك بلهفة لتحاصريه بالأسئلة والاستجوابات، وتنتزعي منه اعترافات غير صحيحة، وتصدعي رأسه بالشكوي من الأبناء، وتغرقيه في تفاصيل حياة الجارات.
- تعطري له، بالبصل والثوم والزيت المقدوح، وعرق اليوم الطويل، أما زجاجة العطر التي أهداها لك فستنفعك في يوم ما، حين تهدينها مثلا لصديقة في أية مناسبة.(53/144)
- تفقدي مواعيد راحته، لتقومي بالتنظيف الكامل للبيت، وشغلي الغسالة والمكنسة في وقت واحد، وتصرخي في الأولاد، وتطلبي منه تغيير المكان الذي يجلس فيه أكثر من مرة لتنظيفه.
- أعطيه قدره من وجهة نظرك من خلال مقارنته دائما بأزواج شقيقاتك وقريباتك وصديقاتك، وإشعاره بأنه لا يساوي شيئا وندب حظك معه في كل مناسبة.
- توددي إلي أمه، حتي ترعي لك الأطفال أثناء وجودك في عملك، وتقف في صفك حين تختلفان، فإذا اعتلت صحتها، أو شهدت شهادة حق ذات مرة، فكشري عن أنيابك ولا تتهاوني في إسماعها وصلة من التحقير، وانسي تماما أنها أم صاحب بيتك وجدة أولادك.
- احرصي علي ماله بالادخار منه قدر ما تستطيعين دون علمه وبمفاجأته بين الحين والآخر بطلبات لايتوقعها لتحصلي منه علي المزيد، ولا تتوقفي عن الطلب بإلحاح حتي يصرخ في وجهك ويقلب جيوبه، ويخرج ويغلق الباب وراءه بعنف وغضب.
- تزيني له، حين يكون لك عنده مطلب، وبالغي في تدليله وإسعاده حتي إذا تحقق لك ما تريدين، أظهري وجهك الآخر، وعودي إلي سابق عهدك من الإهمال والبهدلة، واجعليه يشعر بأنه أفاق من حلم سعيد قصير علي كابوس مزعج .
- اعتني بملابسه بتفتيش جيوبه بدقة بحثًا عن أية نقود ربما يكون قد نسيها، أو عن أية ورقة تدينه وتمثل بالنسبة لك ورقة ضغط تبتزينه بها، واهتمي أيضا بنظافتها إلي حد غسل الملابس الملونة بسائل التبييض لإزالة البقع وأنت تعرفين ما سيحدث بعد ذلك.
- اخفضي صوتك، وأنت " تقطعين فروته " مع أمك، أو صديقتك حتي لا يسمعك، أما وأنت تتحدثين معه اجعلي صوتك أعلي من صوته، وليكن شعارك في التعامل مع زوجك : " خذوهم بالصوت " .
- ذكريه بأيامكما السعيدة في بداية الزواج، قبل أن تفاجئيه بقائمة أعددتها سلفا بعيوبه التي ظهرت لك مع العشرة، وتتهميه بأنه كان يخدعك وبأنه تمسكن حتي تمكن، فإذا حاول الدفاع عن نفسه أسكتيه بإشارة منك، وقولي له بحدة ؛ لو حلفت لي أن الماء يتجمد لن أصدقك، وتمسكي بموقفك حتي لو شعرت بأنك تظلمينه.
- تعرفي علي هواياته حتي تنغصي عليه وقت ممارستها وتغرقيه في بحر من المشكلات، والخلافات، وتجعليه يشعر بالندم; لأنه اختارك من بين كل النساء زوجة له.
- إذا اشتري لك أو للأولاد شيئا فابتسمي ابتسامة سخرية واستهزاء واسعة، وقولي له بلا تردد: " ياما جاب الغراب لأمه ".
- ساعديه في الإنفاق حتي تكسري أنفه وتعيريه وتضمي أولادك إلي صفك حين يحدث بينكما خلاف بتذكيرهم بما تشترينه لهم، وابتزاز مشاعرهم بالملابس واللعب ليعادوا أباهم ويؤيدوك في خلافاتك معه.
- أظهري انزعاجك الشديد حين يمرض; لأن معني ذلك أنه سيأخذ أجازة من عمله، وستضطرين لخدمته، وحبذا لو أشعرته بذلك حتي يضاف الألم النفسي إلي ألمه الجسدي.(53/145)
- اصنعي له ما يحبه من طعام بعد فاصل من الشكوي من قلة المصروف والبكاء علي الحظ الضائع، وترديد المثل الشعب: اطبخي يا جارية كلف يا سيدي.
- أحسني معاملة أهله أمامه فقط، وبمجرد انصرافكما من زيارتهم ابدأي في الثرثرة، والحديث عن عيوبهم وتصرفاتهم التي لا تعجبك، وإذا كانوا هم في زيارتكما فأكثري من الشكوي بعد انصرافهم من الفوضي التي أحدثوها في البيت، ومن طريقتهم في تناول الطعام، وقارني بين سلوكهم الهمجي وسلوك أهلك المتحضر، ولا تصمتي إلا إذا ترك المكان وانصرف غاضبًا.
- ودعيه وهو ذاهب إلي عمله بقائمة من التحذيرات من التأخير أو التحدث مع الزميلات، ودسي في كفه ليس كفك الدافئة لتشجيعه وتحفزيه، وإنما ورقة بالطلبات التي يجب أن يشتريها في طريق عودته.
- إذا استشعرت من تصرفاته ونظراته أنه يرغب في دعوتك للفراش، فتمارضي، واستعيني بكل الوسائل حتي يظل الأولاد مستيقظين واخترعي أسبابا تدعوك لعدم النوم عندما يدخل هو إلي غرفتكما، ولا تنامي قبل أن يستغرق هو في النوم يائسا محبطا.
- اجعلي أهلك يعرفون قدره، وذلك بأن تحكي لهم تفاصيل حياتكما، وتقحميهم في كل خلاف يحدث بينكما وتنتهزيها فرصة للحط من قدره، وكشف عيوبه، وهز مكانته وتحقيره، بحيث تدرك أسرتك أنك تزوجت أسوأ رجل وأن حظك العاثر أوقعك فيمن لا يستحقك.
- إذا دعاك زوجك للصلاة أو لقراءة ورد قرآني، فتعللي، وإن أصر قولي له بسخرية: لن آتي، و" ابقي خذنا على جناحك ".
ـــــــــــــــــ
كيف تسرقين قلب زوجك
كانت صديقتي علي سفر .. اتخذت كل احتياطات تأمين شقتها، مزاليج تستعصي علي الفتح، نوافذ حديدية، وسافرت للمصيف مع أسرتها مطمئنة، وعندما عادت فوجئت بسرقة كل ما خف حمله وغلا ثمنه من بيتها، انهارت، ومن وسط دموعها لم أستطع التقاط سوي عبارة واحدة كانت ترددها طوال نحيبها: كيف دخلوا شقتي؟ كيف فتحوها رغم كل ما اتخذناه من حيطة وحذر؟ أي مفاتيح استخدمها هؤلاء الشياطين..؟
واسيتها .. ودعوتها للاسترجاع، وقلت لها صادقة إن عودتها وأسرتها بسلامة الله من سفر بعيد نعمة جزيلة لايضاهيها شيء، وتركتها داعية لها بالخلف والعوض.
في طريقي رددت ذات السؤال المحير الذي رددته: كيف فتحوا المزاليج القاسية .. وألانوا النوافذ الحديدية؟، ووجدتني أتخيل بيت صديقتي الموصد المحصن كقلعة حربية، قلب رجل تجتهد شريكته أن تفتحه ، وتسكنه ملكة متوجة، وسألت نفسي ، هل يمكن أن يكون اللصوص أمهر وأذكي من زوجة محبة متفانية معطاءة حانية؟ وهل تلك الشريكة التي تفني نفسها ليل نهار من أجل زوجها وأبنائها يمكن ألا تمتلك بجوار صبرها وتحملها واحتسابها مفاتح قلب زوجها؟(53/146)
وهل يمكن أن تذوب الزوجة كشمعة وهي تعطي ، وتعطي ، ومع ذلك يوصد دونها قلب رجلها لمجرد أنها تقبض علي مفاتيحه، أو كانت طوع يمينها وأضاعتها هي غفلة أو استهتارًا؟
كثيرات من نسائنا يعيش معهن أزواجهن بحكم الإلف والعشرة لا بدافع الحب، وعدم القدرة علي الاستغناء، اعتادوا عليهن ، وقد لا يصعب عليهن حين تقع الفأس في الرأس أن يعتادوا علي غيابهن، فالقلوب مغلقة، والمشاعر محايدة، والنبض لا يهتف باسم شريكة الحياة، والشوق لا يحفز رب البيت لكي يهرول إلي عشه بعد يوم عمل طويل لينعم بصحبة شريكة كفاحه.
قد أظن ، ويظن معي كثيرون وكثيرات أن ولوج قلب الزوج أو الزوجة مغامرة شاقة ومهمة عسيرة، ولكن عن خبرة شخصية وسماعية ، بوسعي أن أؤكد لكن أن الأمر أيسر مما تتخيلن وتحكمه معادلة حب + صبر + دأب سعادة في الدنيا ، إن لم تكن فأجر في الآخرة.
وكلما كان النظر بعيدًا كانت الجهود أهون والمحاولة أنجح، وأثمر التحبب حبا، والتودد ودا، وتدفقت الكلمة الحلوة أنهارا من عسل السعادة والاستقرار والوفاق.
لذلك أدعو كل زوجة محبة لأن تجرب تلك المفاتيح، ولن تندم.
حين ينفعل زوجك ويغضب ويحتد، عليك بمفتاح الصمت والابتسامة الودود، ثم الربتة الحانية حين يهدأ، والسؤال المنزعج بلسان يقطر شهدا : مالك يا حبيبي ؟.
- حين يقصر في العبادة ، وتشعرين بفتوره عليك بمفتاح التذكرة غير المباشرة بجمل من قبيل : سلمت لي فلولا نصحك ما حافظت علي قيام الليل، سأنتظرك حتي تعود من المسجد لنصلي النوافل، هل تذكر جلسات القرآن في أيام زواجنا الأولي، كانت أوقاتا رائعة، وكل وقت معك رائع ، جزاك الله خيرا، فمسارعتك إلي الصلاة بمجرد سماع النداء تشعرني بالمسئولية والغيرة، جمعنا الله في الجنة ورزقنا الإخلاص والمداومة علي الطاعة.
- وإن لمست منه نشوزا، فلن تجدي أروع من مفتاح الإصلاح الذي ينصحك به الله سبحانه وتعالي، توددي، واقتربي، وراجعي تصرفاتك، تزيني ، ورققي الصوت الذي اخشوشن من طول الانفعال علي الصغار، وصففي الشعر الجميل الذي طال اعتقاله في شكل واحد ، وتحت منديل رأس لا تخعلينه إلا عند النوم.
- حين تحدث له مشكلة في عمله جربي مفتاح بث الثقة، واسيه وشجعيه، قولي له بصدق: والله لو لفوا العالم ما وجدوا في كفاءتك وإخلاصك، هون علي نفسك مادمت ترضي الله، الفرج قريب، وبالدعاء تزول كل الكرب.
- أما وأنتما مع أولادكما فلا تنسي مفتاح زرع الهيبة أشعريه بأنه محور حياتكم، إن عاد بشيء مهما كان قليلا فأجزلي له الشكر، وقولي لأولادك بفرحة حقيقية: انظروا ماذا أحضر لنا بابا، أبقاه الله وحفظه.
إياك أن تسمحي لأحد الأولاد يخاطبه بأنت دون أن تنظري إليه بعتاب، وتحذريه من أن يكررها ويخاطب أباه بغير أدب ، علي مائدة الطعام(53/147)
- احرصي علي ألا يضع أحد في فمه لقمة قبل أن يجلس هو ويبدأ الأكل، وحين يخلد للراحة والنوم، حولي بيتك إلي واحة من الهدوء، والزمي وصغارك غرفة واحدة دون أصوات عالية، أو تحركات مزعجة.
- أمام أهله وأهلك ، اصطحبي مفتاح الاحترام، وأنتما وحدكما استخدمي مفتاح الأنوثة والجاذبية، وهو يتحدث افتحي مغاليق نفسه بمفتاح الإنصات، والاهتمام، وإظهار الإعجاب بما يقول وتأييده فيه .
وفي أوقات الخلاف استعيني بمفاتيح التفاخر والتماس الأعذار، وحسن الظن، والرغبة في التصافي والصلح.
- إن كنت تحبين زوجك، وتريدين أن تمضي عمرك معه، فستجدين - بعون الله - لكل موقف مفاتيحه، ولكل باب مغلق عصي ما يجعله طوع يمينك، ومهما كان زوجك عمليا غير رومانسي فإن قلبه الذي أمن علي اختيار دينه وعقله لك لن يكون أكثر تحصينا من بيت صديقتي الذي فتحه اللصوص ، وأنت لست لصة، بل صاحبة حق، وليس من الحكمة أن يسرق قلب زوجك سواك .
ـــــــــــــــــ
أسس الاختيار الصحيح للزوجة والزوج
الأساس الأول - الدين:
إن أول أساس وضعه لك الإسلام، لاختيار شريكة العمر، أن تكون صاحبة دين، ذلك أن الدين يعصم المرأة من الوقوع في المخالفات، ويبعدها عن المحرمات، فالمرأة المتدينة بعيدة عن كل ما يغضب الرب، ويدنس ساحة الزوج.
أما المرأة الفاسدة المنحرفة البعيدة عن هدى دينها، وتعاليم إسلامها، فلا شك أنها تقع في حبائل الشيطان بأيسر الطرق، ولا يؤمن عليها أن تحفظ الفرج، أو تصون العرض، بل إن الخطر يشتد إذا كان مع الفساد جمال، ومع الجمال مال.
من أجل ذلك بالغ الإسلام في حَثَّك على اختيار ذات الدين، وحضك على البحث عنها في كل بيت مسلم أمين.
فها هو ذا رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، يبين لك أصناف الناس في اختيار المرأة، ثم يدلك على الصواب فيقول: [تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك] ( رواه البخاري )، فإذا صرفت نظرتك عن الدين، ورحت تنشد الجمال وحده أو الحسب والنسب، والجاه والمال، فاعلم أنك مغبون، وهمتك قاصرة.
وينصح صلى الله عليه وسلم آمراً ناهياً في قوله: [لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة سوداء خرماء، ذات دين أفضل] (رواه ا بن ماجه ). فلم يضع الإسلام مقياساً "لملكة جمال العالم" لأنه لا يوجد بعد من تتمتع بإجماع آراء الرجال وإنما اكتفى بأن يكون جمال منظرها نسبياً بالنسبة لك، وخلاصة القول أنه إذا لم يكن إلا الجمال، من غير دين... فلا.
وإذا لم يكن إلا المال، من غير دين... فلا.
وإذا لم يكن إلا الحسب، من غير دين... فلا.(53/148)
ذلك أن:
جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديلٍ على قبر المجوسي
أما إذا كان مع الدين، جمال، ومال وحسب فبالأولى، ولكن مع ذلك يستهدف الدين أولاً.
وقد كان أسلافنا الصالحون حِرَاصاً على ابتغاء ذات الدين، مهما تكن عاطلاً من حلية الحسب والنسب، والمال والجمال. وآية ذلك، صنيع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إيثاره ابنة بائعة اللبن زوجاً لابنه عاصم، وقد كان - رضي الله عنه - يتمنى أن تكون زوجة له لو كانت به حاجة إلى زواج، على ما روى الثقات من المؤرخين وفي طليعتهم الإمام ابن الجوزي في تأريخه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب حيث يقول:
(روى ابن زيد عن جد "أسلم" قال: بينما كنت مع عمر بن الخطاب - وهو يعّس بالمدينة - إذا هو قد أعيا فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل فإذا امرأة تقول لابنتها: يا بنتاه قومي إلى اللبن فامذقيه (أي اخلطيه) بالماء، فقالت لها ابنتها: يا أُمتاه، أما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم، ألا يُشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك في موضع لا يراك فيه عمر ولا منادي عمر، فقالت البنت لأمها: والله ما كنت لأطيعه علانية وأعصيه سراً، وكان أمير المؤمنين - في استناده إلى الجدار - يسمع هذا الحوار فالتفت إليّ يقول: يا أسلم، ضع على هذا الباب علامة، ثم مضى أمير المؤمنين في عسه، فلما أصبح، ناداني: يا أسلم امض إلى البيت الذي وضعت عليه العلامة، فانظر من القائلة، ومن المقول لها؟ انظر هل لهما من رجل؟ يقول أسلم: فمضيت، فأتيت، الموضع فإذا ابنة لا زوج لها، وهي تقيم مع أمها وليس معهما رجل، فرجعت إلى أمير المؤمنين عمر فأخبرته الخبر، فدعا إليه أولاده، فجمعهم حوله ثم قال لهم: هل منكم من يحتاج إلى امرأة فأزوجه؟ لو كان بأبيكم حركة إلى النساء، ما سبقه أحد منكم إلى الزواج بهذه المرأة التي أُعرف نبأها، والتي أحب لأحدكم أن يتزوجها. فقال عاصم يا أبتاه تعلم أن ليس لي زوجة فأنا أحق بزواجها، فبعث أمير المؤمنين من يخطب بنت بائعة اللبن لابن أمير المؤمنين عاصم، فزوجه بها، فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له خامس الخلفاء الراشدين الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليهم أجمعين.
كان من يمن هذا التصرف الكريم أن جاءت ثمرة هذا الزواج، خليفة لا تعرف الإنسانية له نظيراً في عدالته، وزهادته، وسعادة رعاياه به، - رضي الله عنه - وتسألني الآن عن صفات ذات الدين من النساء؟
وأجيبك بما قاله صفوة البشر صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر اليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته].
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل، خيراً له، من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته،(53/149)
وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله] . (رواه ابن ماجه ).
وإذا كان هذا هو وصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للمرأة الصالحة المتدينة فإنه ولا شك أنها موجودة في البيئة الصالحة الطيبة، فإن كان رب البيت من الصالحين الأتقياء فلا بد من أن تكون بنياته من العفيفات المتدينات، ولهذا نصح الشاعر المسلم بقوله:
وإن تزوجت فكن حاذقاً واسأل عن الغصن وعن منبته
واسأل عن الصهر وأحواله من جيرة وذي قرابته
الأساس الثاني: الخلق:
أما الأساس الثاني لاختيار شريكة الحياة فهو أن تكون صاحبة خلق، والحقيقة أن هذا العنصر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الأول الذي هو الدين، ذلك أن المتدينة لا بد من أن تكون صاحبة خلق، لأن دينها سيمنعها من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن المرأة، وصدق لقمان الحكيم عندما قال لولده يا بني اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل المشيب، يا بني استعذ بالله من شرار النساء، واسأله خيارهن، فاجهد نفسك في الحصول على الصالحة الطيبة تلق السعادة أبد الحياة.
الأساس الثالث - أن تكون بكراً:
ثم إن الإسلام طالبك ورغبك بأن تكون امرأتك التي تريد الزواج بها بكراً، وما رغب في ذلك إلا لأن طبعك الإنساني يألف الجديد، وينفر من امرأة مسها واحد قبلك، ولهذا قال نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم لصاحبه الجليل جابر بن عبدالله عندما علم أنه تزوج ثيباً: [هلا بكراً تلاعبك وتلاعبها] ، فعلل الصاحب الجليل زواجه بالثيب بأن أباه قد مات وترك له أخوات صغيرات يحتجن إلى الرعاية والعناية، وأن الثيب في هذه الحالة أقدر على رعاية البيت، ولولا هذا الذي قدره الله وقضاه لكانت بكراً، وفي المرأة البكر فوائد جليلة، ومحاسن وفيرة، حيث إنها تجعل كل حبها لهذا الذي اختارها من بين آلاف النساء، وما الحب إلا للحبيب الأول، ثم إنها لم تجرب الرجال من قبل فلا شك في أنها ستمنح من يتزوج بها جميع ما تملك من مودة وحنان، ولذلك قال حبيب الطائي:
نقل فؤادك حيث شئت الهوى ما الحبُّ إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل
الأساس الرابع : أن تكون ولوداً:
ومن الأسس التي وضعها لك الإسلام، أن تختار المرأة الولود.
والولود تعرف بشيئين:
الأول: خلو جسدها من الأمراض التي تمنع الحمل، ويرجع في هذا إلى المتخصصين من الأطباء الذين هم أهل الذكر في هذا الشأن، وهو ما رأته بعض الدول من ضرورة العرض على الأطباء قبل الزواج.
الثاني: أن ننظر في حال أمها وعشيرتها، وأخواتها المتزوجات، فإن كنَّ من الصنف الولود فهي ولود في الغالب - إذا أراد الله - ذلك أن للوراثة من الأدوار ما(53/150)
لا يخفى، ومن أجل ذلك أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بالبحث عن المرأة الولود.
فعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول: [تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة]. رواه أبو داود والنسائي .
وعن معقل بن يسار، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسن وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: "لا"، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: [ تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ] (رواه النسائي وأبو داود ).
الأساس الخامس : التقارب في السن والثقافة.
ومن الأسس التي فصل الإسلام فيها القول عند اختيار شريكة الحياة هو أن يكون هناك تقارب في السن والثقافة، والنسب، وهذا هو ما يطلق عليه في فقهنا الإسلامي باسم (التكافؤ بين الزوجين)، وذلك لحفظ مستوى الحياة الزوجية، والإنسجام بين الزوج وزوجه، وقد اختلف العلماء في هذا العنصر، فمنهم من قال بضرورة هذا الأساس استناداً إلى بعض النصوص التي جاءت على لسان نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: [زوجوا الأكفاء، وتزوجوا الأكفاء، واختاروا لنطفكم] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: [تَخَيَّروا لُنطفكم وانكحوا الأكفاء وأَنكحوا إليهم] . (رواه ابن ماجه).
ولكن بعضاً من العلماء لم يأخذ بهذا بحجة أنه غير صالح للحجة. وذهبوا إلى أن المسلمين بعضهم لبعض أكفاء مطلقاً، وهناك أحاديث وردت في الكتب الصحيحة المعتبرة، تدعم ما ذهب إليه هؤلاء العلماء، من ذلك ما روى البخاري عن سهل قال: مرّ رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما تقولون في هذا] ؟ قالوا: حريّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع ثم سكن فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: [ما تقولون في هذا] ؟ قالوا: حري إن خطب ألا ينكح وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يُسمع، قال صلى الله عليه وسلم: [هذا خير من ملء الأرض مثل هذا] .
وظاهر هذا النص أن الفقير كان أحسن ديناً وخلقاً من الأول.
ـــــــــــــــــ
مشروع حب
من أعظم النعم الإلهية بعد نعمة الإيمان والتقوى أن أنعم الله تعالي على عباده بنعمة الزوجية ، وفيها ما فيها من معانى الألفة والود والتراحم ، مما يساعد على سير الحياة سيرًا طبيعيًا كما أرادها الله تعالى ؛ لتكون معبرًا إلى دار القرار ، وطريقًا معبدًا يسلكه السائر حتى يصل إلى مراده ومقصوده ، وليس أبلغ من التعبير القرآنى العظيم فى وصف علاقة الزوجية بكونها (الميثاق الغليظ) ، وبما تعنيه الكلمة القرآنية من بلاغة وروعة من العهد والقوة والتأكيد الشديد لأهمية الحفاظ عليه والوفاء به، وقلة قليلة تفهم هذا المعنى وتحافظ عليه ، وتحوطه وتحميه، فما يزال(53/151)
كثير من الأزواج يظن أن الحياة الزوجية ليست إلا تصريفا لطاقة مخزونة تريحه بين حين وآخر ،
وهى - لعمر الله - نظرة سطحية بليدة باردة يولدها شعور باهت وإحساس ميت ليعيش هذه المشكلة جمع غير قليل من النساء الفضليات المرهفات الحس اللاتى صادفن فى حياتهن هذه القلوب العليلة والظلال الكئيبة ، والشخوص الباهتة التى ترقص على جراح القلوب النازفة.
وليس من نافلة القول أن نكثر الحديث عن المشاعر ، أو نتحدث عن الأشواق التى تختلج فى الصدور ، فتجعل منها بركانًا يتقد أو منجاة يسمع لها دوى يفطر القلوب الحية، وهل بقى للناس غير المشاعر ؟ وقلما تصفو الحياة بغيرها،
وليس من الغرابة أن نذكر - وبحق - بأن هناك لغة راقية سامية، حروف هذه اللغة أحاسيس معبرة ومشاعر مؤثرة غير أنها تحس ولا ترى ، تلك هى لغة المشاعر وصياغتها، وكيفية التعامل معها والأنس بها بما يملأ الزمان والمكان، وقليل هم أولئك الذين يحسنون التعامل مع هذه القلوب وتلك الأرواح فيبلغون فيها عبقرية جادة فيهنؤون بعيش كريم ويسعدون غيرهم بجمال الكون وما فيه.
وشر البلية أن يرزأ المرء فى عواطفه ، وأن يصاب بعقم مشاعره ، وما حلو العيش ولذة الحياة إن فقدت معناها الجميل ؟ وهل يحمد العيش بغير هذا النغم ؟!
وماذا لو أن امرأة تزوجت رجلاً فإذا هو بليد المشاعر ، رتيب الحس ، فقير الشعور ، فج العبارة ، ثقيل الظل ، قليل العطاء ، تراه فى البيت مكومًا كما لو كان جزءًا من أثاث البيت وبقية من متاعه ؟
ألا ينفطر قلبها، وتشقي نفسها، ثم تذبل وتنكمش فتموت فى اليوم مرات ومرات ، كالوردة التى لا تجد من يسقيها فتذبل وتنتهى؟
وإنه مما يتميز به هذا الدين تلك المرونة والوسطية والبساطة ، فليس هو جامدًا أو حديدًا ، وإنما هو دين الرفق واللين والملاطفة ، والرقة والبلاغة ، ينهى عن الغلظة ، ويعيب على الفظاظة.
وإن الزوجة هى رفيقة الدرب ، وشريكة الحياة ، والمؤنس فى الوحدة ، وقد خلقت ليسكن الرجل إليها، والمرأة - بحكم ما أودع الله فيها من أسرار - مخلوق وديع ، وجنس لطيف تحبه النفس وتتعلق به، وتأنس إليه ، وتهشّ له لكونه مخلوقًا راقيًا يحمل من المشاعر الدافقة ، والعواطف الكامنة ، والأحاسيس الدافئة ، والعطاء المتجدد الذى لانهاية له ، مما يجعل الكون جميلاً ولطيفًا فى أجوائه وآفاقه ، فإذا ما التقت والرجل فلم تجده سوى غصن يابس ، أو غرس شائك لا طعم ولا لون ولا رائحة نفرت منه ، ورغبت عنه، وندمت أشد الندم على أنها رزئت فى شبابها، وأصيبت فى مقتل ! ولم هذا ؟! أليست هى امرأة ؟ أليست هى سرًا من أسرار هذا الكون الفسيح ؟!
من وسائل زيادة الحب بين الزوجين :
* إنَّ كلامًا جديدًا يخرج من بين ثناياك لكاف - بتوفيق الله - لأن يذيب الجليد ، ويلين الحديد ، ويقيم الجسور.(53/152)
* أن تسأل عنها حال مرضها أو عافيتها يشعرها بوافر السعادة ، وعظيم الامتنان لشعورها بالاهتمام بها والحب لها.
* أن تشاركها الحديث ، وتحسن الإصغاء إليها من غير أن تقاطعها يشعرها بوجودها وقيمتها.
* أن تربت على كتفها وتضغط على يدها بين حين وآخر.
* أن تشيع فى البيت جوًا من الأنس والبهجة والمرح ، فإن ممازحتها ومضاحكتها وإدخال السرور عليها أمر منصوص عليه مرغوب فيه.
* الاعتزاز بخبراتها والثناء عليها يعود عليها بنضارة فى الوجه والبدن.
* لفت الانتباه باحتياجك إليها أكثر من احتياجها إليك ، وبأنها لك حسنة الدنيا التى وهبها الله لك مما يزيد من ثقتها بأنها مرغوبة محبوبة.
* الرفق بها ومعاونتها فى خدمة البيت، ورعاية الأبناء يخفف الكثير من آلامها.
* تجنب العبارات المؤذية، والجمل الفجّة والكلمات القاسية ، فربما جرح لم يفلح في تضميده شىء على الإطلاق .
وذلك الذى ذكرناه لن يؤتى ثماره إلا إذا كان ينبوعًا حقيقيًا يصدر عن القلب والنفس والروح .
ومما يعين على ما ذكرنا أن ينظر الزوج بين الفينة والأخرى فى:
1 - سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه خير القرون ، وسيرة التابعين والتأسّى بهم فى معاملتهم لزوجاتهم.
2 - كثرة تلاوة القرآن الكريم الذى يرقق القلب، ويقوّم اللسان ويثرى به العقل بعظيم المعنى والمبنى.
3 - السير فى الأماكن التى تنشط الذهن، وتوحى بالتأمل والنظر كالحقول والبساتين، والليالى القمرية، والنظر إلى الجبال الشاهقة، والأمواج المتلاطمة كل ذلك يزيد من إحساس الفرد، ويدربه على استثمار العاطفة وتنشيط الخيال وإثرائه.
4 - أن يمسح بيده رؤوس اليتامى لعلّ قلبه أن يلين كما جاء فى الحديث الصحيح.
5 - أن يدعو ربه الكريم الجواد بأن يطلق عقله بالمعرفة ولسانه بالجميل ، وفؤاده بالنظر والتأمل، وأن تدعو له زوجه بظهر الغيب أن يكون خير زوج لها، ويأنس كل منهما بصاحبه، وكلا الزوجين مطالب بأن يحصِّن الآخر فيسكن القلب وتستريح النفس، وليس المقصود بالإحصان إفراغ ما فى الجسد من شدة فوران الشهوة واتقّادها بل هو أعم من ذلك ، وأوسع لما يشتمل عليه من المناغاة، والمناداة، والملاعبة والمؤانسة، والتواصل والقرب والعطاء، وارتباط القلوب بعضها ببعض، بإشارات ولمحات بما يبين المعنى ويفسر المقصود، ويحقق المراد من اللباس المشتمل على صاحبه فى قوله تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن.
فما الفائدة من لباس لايستر صاحبه ولا يقيه عوارض الحر والقر؟! وما المعنى من لباس لايحس صاحبه فيه بدفء أو قرار؟!
ولهذا أقام علماء الشريعة بالدخول بالزوجة قرينة على تحقيق الإحصان كشرط من شروط إقامة الحد على الزانى، ومن ثم كانت الألفة أقوى من المحبة وأحكم لاستدامة العشرة الزوجية لما فيها من القرب والوصل ما ليس فى المحبة المجردة،(53/153)
ولذا كان فى مفارقة الأحبة من عظيم الكدر الذى يصيب النفس ، ويهلك البدن ما فيه، وسر ذلك أن المحبة المجردة يهيج شوقها الخيال المجرد بعيدًا عن الواقع ، لكن (المعايشة الصادقة) وفيها من الجوار والقرب واللطف مافيها تسعد القلب وتحرّك الشجن ، وتؤنس الجارحة فيتبدد ليل القلق ، ويسعد الحال ، ويروق البال ، وتلك حسنة الدنيا التى وعدها أهلها.
فيا قوم : من قبل أن تظلل بيوتنا كآبة لازمة ، ومن قبل أن نسح الدموع المدرارة التى لا تجف ، أو ينهار البيت على ساكنيه : أقيموا فى بيوتكم مشروعًا صغيرًا للحب ينمو مع الأيام، ويثرى حصاده عقولاً سليمة، وأبدانًا ندية، ووجوهًا سمحة كريمة..
فهلا وافقتمونى؟
ـــــــــــــــــ
بالإرادة والإيمان سن النضج منحة لا محنة !
قلق ، توتر ، زيادة في الوزن ، هبات حرارية ، انخفاض في الرغبة الجنسية، كلها عوارض لسن اليأس - كما يطلق عليه الغرب - لكننا كمسلمين نسميه سن النضج ، فلا يأس مع الإيمان - وما يصاحب هذه السن من تغيرات جسمانية ونفسية يمكن أن تتغلب عليه المرأة بإرادتها وإيمانها.
لا شك أن سن النضج مرحلة صعبة علي الصعيد النفسي، فهي تعني لكثير من النساء نهاية الشباب، ونهاية القدرة علي العطاء.
وتحدد ماري كلود - الأستاذة بجامعة بيارو ماري كوري في باريس - العوامل التي تؤثر في توقيت سن النضج ، فمنها ما هو وراثي ، فأي امرأة يمكنها معرفة السن التقريبي ليأسها إذا عرفت في أي سن يئست والدتها، بالإضافة إلي عوامل غير وراثية منها:
- التغذية غير المتوازنة.
- الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة.
- الضغوط النفسية.
- التدخين، فالتبغ يمكن أن يسرع تناقص إنتاج الأستروجين.
أما عن التغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث في هذه المرحلة فتقول ماري كلود: إن هذه الاضطرابات تعتبر مرحلة انتقالية ستتكيف الأعضاء بعدها علي فقد الهرمونات المهمة وتمتلك توازنا جديدا، ومن هذه التغيرات :
1 - الهبات الحرارية :
التي تصيب ثلاث نساء من كل أربع، وتتجلي من خلال إحساس بالحرارة يصاحبه أو لا يصاحبه احمرار الوجه لدي 10% من النساء، تكون الهبات قوية يصاحبها حالة مزعجة من تصبب العرق في الليل.
الحل:
ينبغي تجنب المنبهات التدخين، والأطعمة المضاف إليها بهارات.(53/154)
وكذلك يجب تناول بعض المسكنات إضافة إلي العلاج الهرموني لما تسببه هذه الهبات من معاناة فعلية.
كذلك ينصح بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين C و E وهما موجودان بوفرة في الثمار الطازجة والخضراوات.
2 - زيادة الوزن:
إذ تميل المرأة إلي الإكثار من السكريات.
وترتبط هذه الزيادة بعوامل هرمونية كما ترتبط بعامل التقدم في السن.
الحل
- لتفادي هذه السمنة يجب اتباع نظام صحي في التغذيةاعتبارا من سن الأربعين.
- تجنبي عادة تناول لقمة من هنا ولقمة من هناك طوال النهار وخارج أوقات الوجبات الضرورية.
- أبعدي الحلويات عن متناول يدك فهذه السكريات سريعا ما تتحول إلي شحم .
- خففي من تناول الدهنيات ذات المصدر الحيواني .
- فضلي الأسماك والخضار والفواكه الطازجة .
- أكثري من تناول الماء الذي يساعد علي طرد الفضلات وعلي ترطيب الجلد .
- مارسي رياضة منتظمة وخاصة المشي ربع ساعة في اليوم كحد أدني ضروري .
3 - انخفاض الشهوة الجنسية :
بعد بضع سنوات من النضج يطرأ علي الأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية تراجع صحي ناتج عن غياب الأستروجين .
الحل :
إن الاستمرار النشط المنتظم في العلاقة الزوجية يكفي غالبا للحفاظ علي طراوة ونداوةالخلايا ويمكن استعمال المستحضرات التي تعمل علي ترطيب المهبل ، واستخدام مراهم مهبلية أساسها الأستروجين الذي يزيل الجفاف.
4 - جفاف الجلد :
إن نقص الاستروجين يؤدي إلي نقص في ترطيب الجلد، بذلك يصبح الجلد أكثر رقة وجفافا وأقل طراوة ، وبالتالي أكثر استعدادا للتجعد ، واضطراب عمل الخلايا يسمح بظهور بقع باهتة علي الجلد .
الحل :
- تجنبي التعرض الطويل للشمس.
- أكثري من شرب الماء وتناولي الثمار الطازجة.
- استخدمي مرهما خاصا للجلد يحتوي علي مادة الأستروجين.
هذا هو الرأي العلمي الذي يعد أخذًا بالأسباب ، أما الأهم منه فهو الاستعانة بالله علي مصاعب هذه السن واحتسابها عنده ( سبحانه وتعالي ) والانشغال عنها بالطاعة والعبادات والذكر .
جربي وستتحول هذه السن إن شاء الله إلي منحة لا محنة .
ـــــــــــــــــ
مفهوم الحب بين الثقافة الإسلامة والثقافة الغربية(53/155)
يأخذ الحب مساحة كبيرة في الثقافة الغربية ، ويكاد يقتصر على الصلة الخاصة بين الرجل والمرأة ، وقد توسعوا فيه توسعاً شمل جميع النواحي ، وساعد على نشر هذه المفاهيم أجهزة الإعلام بكل أنواعها - حتى تحول الحب إلى تجارة تربح المليارات ، وانتشرت المثيرات الخارجية التي تخصصت في ذلك ، مثل بيوت الأزياء العالمية ، والمجلات الجنسية ، والأفلام التي دمرت القيم والحياة ، ووضعت العقبات أمام الشباب في الزواج المبكر ، ووجد الفراغ الفكري والعقلي ، وضعفت الأسرة
وقد لاحظ ذلك الطبيب الانجليزي ترومان - ل - بريل ( مدير مستشفى لندن النفسي ) فقال :
" لعل أغرب تجارة كسب منها التجار الألوف من الملايين تجارة الحب وصناعة السينما ونحوها - لقد ساعدوا في إفساد عواطف هذا الجيل من الشباب الذي ولد بعد الحرب ، وقالوا له إن الحب جميل وساحر ، وأصبحت كلمة الحب صورة خيالية لا يستطيع الإنسان أن يصل إليها ، فيعجز عن ممارسة الحب وعن الرضا العاطفي ، وذلك يختلف عن أفكاره لأن الواقع يصدمها " .
الحب في الثقافة الإسلامية
القرآن الكريم هو المصدر الأول للثقافة الإسلامية ، وعلى أساسه ربى النبي صلىالله عليه وسلم الصحابة الذين قاموا بأكبر انقلاب في تاريخ البشرية حيث أخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ، وربوا الناس على الأخلاق الإسلامية ، وقد وردت كلمة الحب في القرآن الكريم (88) مرة ، لم يرد فيها الحب الخاص بالصلة بين الرجل والمرأة إلا مرة واحدة وذلك في قوله تعالى في سورة يوسف : ( وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين ) ( يوسف : 30) .
أما ماعدا ذلك فقد ذكر القرآن الكريم الذين يحبهم الله والذين لا يحبهم ، ونحو ذلك من المعاني التي تبني المجتمعات البناء السليم ، وتحقق وظيفة الإنسان على الأرض - فالذين يحبهم الله تعالى هم الذين يطيعونه ، ويسيرونه على منهاجه ، والذين لا يحبهم هم الذين لا يسيرون على طريق الاستقامة فيؤثرون تأثيراً سلبياً في هذه الحياة .
ومن آيات القرآن الكريم ( إن الله يحب المحسنين ) ( البقرة : 195) ( والله يحب الصابرين ) ( آل عمران : 46) ( إن الله يحب المتوكلين ) ( آل عمران : 159) ( والله يحب المطهرين) ) ( التوبة : 108) ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً) ( الصف : 4) .
ومن آيات القرآن الكريم ( والله لا يحب الفساد) ( البقرة : 205) ( إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً) ( النساء : 107) (إن الله لا يحب المعتدين ) ( المائدة : 87) ( إنه لا يحب المسرفين ) (الأعراف : 31) .
ويمثل هؤلاء الصحابة الذين رباهم نبي الإسلام على مبادئ الإسلام التربية الكاملة المتكاملة ، التي تظهر في وصف الشيخ أبي الحسن الندوي لهم في كتابه ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) ؟ (حتى إذا خرج حظ الشيطان من نفوسهم - وأنصفوا من أنفسهم إنصافهم من غيرهم ، وأًصبحوا في الدنيا رجال الآخرة ، وفي(53/156)
اليوم رجال الغد ، لا تجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة ولا يشغلهم فقر ولا يطغيهم غنى ، ولا تلهيهم تجارة ولا تخيفهم قوة ، ولا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً - وأصبحوا للناس الصراط المستقيم ، قوامين بالقسط ، شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين - وطأ لهم أكناف الأرض وأصبحوا عصمة للبشرية ووقاية للعالم ، ودعاة إلى دين الله واستخلفهم الرسول صلى الله عليه وسلم في عمله ولحق بالرفيق الأعلى قرير العين من أمته ورسالته " .
المؤمن يحب الله تعالى
الحب لله تعالى هو حب الطاعة والانقياد لكل ما جاء بالقرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والالتزام بمنهج الله تعالى ، والسير على رضاه يقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ] (رواه الطبراني والبيهقي) ، ويقول الله تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) (البقرة : 165) وقد طلب الله تعالى من نبيه أن يقول للمؤمنين ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) (آل عمران : 31) فليس الحب كلمة تقال ، وإنما هي عاطفة واتجاه وطاعة وسلوك .
وقد نبه الله سبحانه وتعالى أبا بكر الصديق والمسلمين إلى مثل ذلك ، بعد براءة عائشة رضي الله عنها من حادثة الإفك ، فقد قال أبو بكر : والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال في عائشة ، وأدخل عليها ما أدخل ، فأنزل الله تعالى : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) (النور : 22) .
وقال أبو بكر : والله إني لأحبُ أن يغفر الله لي ، وأرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفقها عليه ، وقال : ( والله لا أنزعها عنه أبداً ) وهذه السرعة في الاستجابة تبين مدى حب أبي بكر لخالقه سبحانه وتعالى .
اليهود والنصارى وادعاؤهم أنهم أحباء الله
وقد ظن اليهود والنصارى أن الله يحبهم ، وسيعاملهم معاملة خاصة ، مع أنهم لا يطيعون أوامره ولا يستجيبون لعمل الخير - وهذا لون من الغرور ، وقد رد القرآن الكريم عليهم رداً يبين لهم أنهم لا يتميزون على غيرهم من مخلوقات الله : ( وقال اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فَلِمَ يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشرٌ ممن خلق ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) (المائدة : 18 ) .
وبعض المسلمين يظنون أن مجرد أداء الشعائر بدون الإلتزام الكامل بمنهج الله تعالى هو مقياس الحب لله تعالى ، وقد تنبهت لذلك رابعة العدوية فقالت :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيعٌ
ماذا يحب الله؟(53/157)
لقد كان الدخول في الإسلام نقطة تحول رائعة في حياة المسلمين ، فلم يعد يهمهم المال ولا الجاه ولا الولد ولا القبيلة - لكن أصبح يهمهم إرضاء الخالق سبحانه وتعالى - وكانوا دائماً يسألون عن الأشياء التي يحبها الله حتى يفعلوها ويلتزموا بها ، والأشياء التي لا يحبها حتى لا يقاربوها - فعن عبد الله بن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : [ الصلاة لوقتها ] - قلت : ثم أي ؟ قال : [ بر الوالدين ] قلت : ثم أي ؟ قال : [ الجهاد في سبيل الله ] (البخاري ومسلم ) .
وعن أبي العباس الساعدي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال : [ ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس ] (ابن ماجه) .
ماذا يحب الناس ؟
الناس بصفة عامة يحبون الحياة الدنيا وما فيها من زينة ومال وجاه ونساء ، وقد بين القرآن الكريم ذلك فقال : ( زُينَ للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب . قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله..) (آل عمران : 14 و 15) .
ويوجه القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى أن من أزواجهم وأولادهم عدواً لهم وعليهم أن يحذروهم ويمكنهم أن يصفحوا عن أبنائهم وأزواجهم إذا ما حاولوا التأثير عليهم في أي شيء يغضب الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم . إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم . فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوقَ شُح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ( التغابن : 14 ، 16)
وقد نعى القرآن الكريم على الذين يجعلون الدنيا أكبر همهم ، ولا يلتزمون بالمنهج الإلهي ترى ماذا يفعلون يوم القيامة : ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يومًا ثقيلاً ) (الإنسان : 27)
ولكن الذين يؤمنون بالله لا يحبون إلا ما يحبه الله ، ويضحون في سبيل ذلك بكل شيء ، ومن هؤلاء يوسف عليه السلام الذين خُير بين الاستجابة لرغبات امرأة العزيز أو السجن فقال في إصرار :
( رب السجن أحبُ إليَّ مما يدعونني إليه ) (يوسف : 33) .
وامرأة فرعون التي آمنت بالله وأًصرت على ذلك وعذبها فرعون بكل ما استطاع فقالت :
( ربِ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القومِ الظالمين ) ( التحريم : 11) .
والأنصار هاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فارين بدينهم ، تاركين أموالهم وأولادهم فاستقبلوهم بالترحاب وآثروهم على أنفسهم ومدح الله تعالى عملهم(53/158)
هذا وسجله في القرآن الكريم في قوله تعالى : ( والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شُح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ( الحشر : 9) .
نظرية كأس الماء الشيوعية
في الغرب تنتشر الفلسفات البشرية وهي بطبيعتها قاصرة عن فهم الإنسان من جميع جوانبه ، وعن إدراك حاجاته الكاملة ، وبالتالي هي قاصرة عن ادراك المجتمعات البشرية كلها - ولذلك فإن كل الفلسفات البشرية ينكشف ما فيها من قصور عند التطبيق وذلك يكون بعد وقوع الكارثة .
قد نادى الشيوعيون بمبدأ المساواة في مجال الجنس وأباحوه لتحطيم نظام الزواج . باعتباره من إرث البرجوازية وأطلقوا عليه نظرية كأس الماء .
و ذلك يعني إمكانية ممارسة الجنس كما يتناول الإنسان كأس الماء ، واعتبروا الزواج مغمرة جنسية لا إلزام فيها من حيث نتائجها من أبناء وغير ذلك ، ولكن الشيوعيين عانوا من ذلك ، ثم أحسوا بالخطر الذي يهدد كيانهم ويحطم شبابهم حتى إن زعيمهم " لينين " وصف تلك النظرية بأنها حطمت الشباب وجعلتهم متهورين مجانين ، وقال بعد ذلك " إن النظرية ضد المجتمع ، وهذا النظام أنتج أطفالاً بلا أسر وعاهرات غير محترفات ، وأظهر ظاهرة " البغاء الوحشي " وأوجد متطوعات في زمن الحرب ، ومما يلاحظ أن فرنسا كرمت النساء المتطوعات اللاتي ولدن أولاداً لا يُعرف آباؤهم ولقبن :" بأمهات زمن الحرب " .
في أمريكا
وقد أصبح الأدب المكشوف يغرق أمريكا ، وقد بلغ حجم تجارته عشرين مليار دولار من الصور الإباحية فقط ، ففي كل يوم يوزع أكثر من نصف مليون نشرة تعرض كل الإنتاج الفاحش للبيع ، في المدن والقرى وترسل بالبريد ، وثلاثة أرباع هذا الانتاج القذر يوجه بمهارة إلى أطفال المدارس ، الذين تبدأ أعمارهم من الحادية عشرة ، وحتى طلبة المدارس الثانوية - والضحايا موجودون في أكثر البيوت احتراماً فهي كما يقول الصحفي الأمريكي " هولمان هارفي " :
" سم قاتل لأنها لفتيات ورجال عراة منفردين ومختلطين في صورة خليعة والنساء في أغلب الحالات من البغايا " ولذلك فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي يؤكد : أن الشباب في سن الثامنة عشرة يرتكبون الآن جرائم الاغتصاب أكثر مما يرتكب أي فريق من الذكور في الأعمار الأخرى .
وقد اكتشف رجال الشرطة أن تجار الأدب المكشوف يجمعون قوائم بأسماء الأحداث ، ثم يرسلون إليهم إنتاجهم بالبريد ، وطالما شكا الآباء والأمهات من ذلك .
انتشار الاغتصاب
وترتب على ذلك ظهور الاغتصاب بصورة واضحة وقد أعد الدكتور أحمد المجذوب الخبير الاقتصادي الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة دراسة عن الجرائم في 14 دولة أوروبية ، وعدد من دول العالم الثالث بما(53/159)
فيهم مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة ، وقد نشر ملخصها في صحيفة الصباحية السعودية بتاريخ 18 من مارس سنة 1992م وجاء فيها :
" إن الأبحاث قد كشفت عن أن 27 سيدة من كل خمسين سيدة تتعرض للاغتصاب ، منها ثلاث حالات شروع و 12 يتعرضن لاعتداءات جسيمة ، و 12 يتعرضن لاعتداءات طفيفة " .
ولاحظ الباحث أن السيدات لا يبلغن الشرطة تجنباً للفضيحة ، والخوف من الإهمال والانتقام إلى جانب جرائم أخرى مثل السطو والاتجار في الأطفال وفي الأعضاء البشري
ـــــــــــــــــ
عوائق الزواج
تمهيد في الترغيب بالزواج :
إن الزواج مما رغب فيه الكتاب والسنة ، قال تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسعٌ عليم ، وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم :[ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ] . متفق عليه .
وعن ابن عباس في تفسير الآية المتقدمة :[ رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه بالغنى ] .
ويروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى: (إنْ يكونُوا فُقراء يُغنهم الله من فضله) .
والزواج يحقق للمجتمع الإسلامي الاستمرار والبقاء ، وهو يحقق مقصداً من مقاصد الشريعة التي جاءت لإقامتها في الحياة وهو حفظ النسل .
قال شيخنا الأستاذ محمد الخضر الحسين :[ ... فالإسلام أصلح الصلة بين الرجل والمرأة ، وجعلها بمأمن من أن يلحقها وهن ، أو يعلق بها كدر ، وبعد أن أحكم صلة الزواج وهذّب حواشيها حثَّ على الزواج وجعله من سننه .. وإذا نظرت إلى أن حكمة الله تعالى قد اقتضت بقاء النسل لإقامة الشرائع وعمران الكون وإصلاح الأرض ، وأن النسل الصالح لا يبقى إلا بالزواج رأيت كيف كان الزواج وسيلة إلى تحقيق أمور عظيمة أحبّ الله أن تكون، وحبّب للناس القيام عليها. وإذا كنت من علماء الأخلاق ونظرت إلى أن هناك فضيلة يقال لها العفاف ، وعرفت أن الزواج مما يعين على التحلي بهذه الفضيلة ، ظهر لك أن الزواج وسيلة من وسائل الفضائل، وكثيراً ما تأخذ الوسائل حكم المقاصد في نظر الشارع وفي عرف الناس .. أو ليس الزواج يكسب الرجل رفيقة تخلص له ودّها ، وتشمل منزله برعايتها ، ومثل هذه الرفيقة التي تحمل حبه الطاهر ، وتعمل لتدبير منزله في غير مَنٍّ ولا تباطؤ ، ولا تتمثل إلا فيمن تربطه بها صلة الزواج .. والزواج يكسب الرجل ولداً إنْ يُحسن تربيته كان له قرة عين في حياته ، وذكراً طيباً بعد وفاته .. ومن ذا ينكر(53/160)
أن الولد المهذب من أجَلِّ النعم في هذه الحياة؟ فللزواج مصالح تكثر بكثرته ، وتقل بقلته ، وتفقد بفقده ].
وإذا نظرنا في واقعنا وجدنا معوقات عدة تصدُّ الشباب عن الزواج لعل من أهمها المغالاة في المهور .. هذه المغالاة التي بلغت حداً لا يطاق في هذه الأيام وبالنسبة لشباب ناشئين .. وتحديد المهور أمر ربما كان نافعاً في بعض المجتمعات، ولكنه ليس كافياً وحده، إنه في أغلب الحالات غير مجدٍ ، ذلك لأن التفاخر في الهدايا والملابس والحليّ يضحى عائقاً أشدّ وأقسى ، فقد يكون المهر بضع مئات من الريالات ، ولكن الهدايا والحلي قد تبلغ مئات الألوف .
إذن لا بدّ من عملية توعية وإقناع في أن مصلحة الأمة وأخلاقها ومستقبلها في رفع كل الحواجز والعوائق التي تقوم في وجه الزواج .. لا بد أن يعلم الناس أن هذا الوضع الرهيب إن استمر سيهدد أعراضهم وكراماتهم ومستقبل أمتهم .
ولو نظرنا في الواقع العملي للمسلمين في عهد السلف لوجدنا أن الأمر كان أيسر بكثير مما هو موجود الآن .
الصداق في الواقع العملي للسلف
فقد روى مسلم وأبو داود عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال : سألتُ عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم : كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشاً . قالت: أتدري ما النشّ ُ؟ قلت : لا. قالت : نصف أوقية ، فذلك خمسمائة درهم .
وعن أنس بن مالك : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية بنت حيي ، وجعل عتقها صداقها ) أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وهو طرف من حديث طويل أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج البخاري بسنده إلى سهل بن سعد الساعدي قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسي ، قال: فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر فيها وصوَّبه. ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست . فقام رجل من أصحابه فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها . فقال : وهل عندك من شيء ؟ قال : لا والله يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً ؟ فذهب ، ثم رجع فقال : لا والله ما وجدتُ شيئاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انظر ولو خاتماً من حديد. فذهب ، ثم رجع فقال : لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد . ولكن هذا إزاري - فقال سهل : ماله رداء - فلها نصفه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تصنع بإزارك ؟ إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسَته لم يكن عليك شيء . فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً ، فأمر به ، فدعي فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن ؟ قال : معي سورة كذا وسورة كذا ، عددها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:تقرؤهن عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم . قال : اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن .(53/161)
وأخرج البخاري أن أنساً حدّث بحضور ابنته فقال: جاءت امرأة إلى رسول الله تعرض عليه نفسها قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها .. وأسوأتاه .. وأسوأتاه .. قال : هي خير منك ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها .
إن هذه الآثار لتدل على أن الزواج في عهد السلف لم يكن على صورته المعقدة التي جعله فيها الناس اليوم .
الزواج في واقع المسلمين اليوم :
إن الزواج أصبح بالنسبة إلى الشاب الناشىء في كثير من بلاد المسلمين ضرباً من المستحيل ، وقد أثّر هذا الوضع أثراً سيئاً على المجتمع .. إذ جعل نسبة العوانس ترتفع ، وجعل الفساد ينتشر ، والانحلال يتفاقم ، ورغّب كثيراً من الشباب عن الزواج . إنها لمشكلة لا بد أن يعمل لها الداعون، ويواجهها المصلحون .
وليس تحديد المهور وحده كافياً .. لا بد من القدوة الحسنة من أولى الجاه والعلم في الأمة .. يخطون الخطوة المتقدمة .. والناس أبداً يقلدون الكبراء والوجهاء ..
لا بد من القدوة في إيثار البساطة والتخفيف في الحلي والهدايا والملابس والمهور .
وليعلم الآباء الذين يرون أن في رفع المهور ضماناً لبناتهم أن الذي يكره زوجته ويريد طلاقها لا يمكن أن تقف في وجهه مشكلة المال ، لا سيما إذا عرفنا أن المال الآن ميسور .
أجل إن الناس بجهلهم وخضوعهم إلى عادات ما أنزل الله بها من سلطان وضعوا العوائق والحواجز في وجه الزواج حتى غدا صعباً ، وهذا خطركبير. ولا بد لرجال الفكر من أن ينبهوا إلى المخاطر المذهلة إن استمرت هذه العوائق .
إن كيان المجتمع معرض إلى الانهيار بسبب الفساد العريض الذي يتعاظم يوماً بعد يوم ، وليس الموضوع موضوع المهور .. إن المغالاة في المهور عائق من أشد العوائق في وجه الزواج ، ولكنه ليس وحده المسؤول عن مصاعب الزواج وعزوف الشباب عنه .
عوائق الزواج :
إن علينا أن ندرك أن كل العقبات التي تقوم في وجه الزواج هي معاول هدامة في صرح الفضيلة والخلق والاستقامة والصحة النفسية ، ويستتبع هذا أن نقوم بدراسة الوسائل التي توصلنا إلى إزاحة هذه العوائق جميعاً،فإنّ حل المشكلة يكمن في إزاحة العوائق والاقتناع بضرورة تيسير أسباب الزواج وتسهيلها.
وقد يكون من المفيد أن نعدد أهم هذه العوائق وهي:
1- المغالاة في المهور :
ولقد أدرك سلفنا الصالح خطورة تفاهم هذه العوائق .. فهذا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، يدرك بثاقب نظره ما يمكن أن يهدد المجتمع من المخاطر والشرور بسبب المغالاة في المهور ، فلقد جاء عنه (رضي الله عنه) أنه قال :" ألا لا تغالوا في صَدُقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية " .(53/162)
ويحسن أن نقف عند أمرٍ أشار إليه سيدنا عمر، وهو ما يحمل كثيراً من الناس على المغالاة في المهور .. هذا الأمر هو التوهم بأن غلاء مهر المرأة مكرمة لها في الدنيا ، فقال : لو كان ذلك كذلك لكان أحق الناس بهذه المكرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي تزوج وزوج بمهر لا يتجاوز اثنتي عشرة أوقية .
وأما قصة ردّ المرأة على عمر فهي ضعيفة، أخرجها الزبير بن بكار من وجه منقطع كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح ، والمؤسف أن هذه القصة استغلت استغلالاً سيئاً في وجه دعوة إصلاحية تدعو إلى معالجة الوضع الشاذ .. وهي قصة شائعة جداً ، ويبدو أن للقصاص والوعاظ دوراً في إشاعتها ونشرها ، كما يبدو أن هناك جانباً مشوّقاً فيها وهو الموقف البطولي في القصة سواء من جانب المرأة إذ ردت امرأة على الخليفة ، وإنها لجرأة عظيمة ، أم من جانب الخليفة إذ رجع عن رأيه وأعلن ذلك على الناس وهو لو صح أمر عظيم ، وكذلك فإن لكتب التفسير التي أوردتها دون تعليق عليها دوراً في إشاعتها ونشرها .
وإن كانت المغالاة في المهور غير محظورة لأدلة ذكرها الفقهاء والمفسرون ، من ذلك أن الله تبارك وتعالى مثّل بالقنطار في المهر ( وآتيتم إحداهن قِنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [النساء:20] . قال القرطبي في تفسير هذه الآية :[ فيها دليل على جواز المغالاة في المهور لأن الله لا يمثل إلا بمباح ] ، أقول : وليس كل جائز مستحسناً ، ولا كل مباح مُرغَّباً فيه بل لقد رأينا أن سيدنا عمر (رضي الله عنه) ذهب إلى منعه لأن فيه ضرراً واضحاً . وإذا تحوّل الأمر المباح إلى شيء ضار أضحى غير مباح كما هو مقرر عند العلماء .
إن هذه المغالاة تحمل معنى غير كريم بالنسبة للمرأة ، إن المرأة ليست سلعة تباع وتشرى ، والمهر أمر رمزي قرره الإسلام وأوجبه لمصالح عدة ليس المجال الآن مجال بحثها .. وقد سمعت طرفة أكدها من رواها لي ، وفحواها أن رجلاً خطبت بنته ، ووافق على الخاطب لأنه مناسب ، وأبدى الخاطب استعداده لدفع مبلغ معقول معتدل مهراً ، فإذا الأب يعترض ويرفض هذا المبلغ ، فظن أنه استقل المبلغ وأنه يريد أكثر .. ولكنه تبيّن أن الأب يرى أن هذا المبلغ كبير ، وأنه يرضى بنصف ما دفع وقال مفسراً له موقفه المستغرب هذا: يا بني إن المرأة إنسان كريم لا يباع ولا يشرى ثم أردف قائلاً : وأنا يا بني عندي عدة بنات ، فإذا تسامع الناس الطيبون المقلون بهذا المهر ابتعدوا عني ولم يأت إلا الموسرون، وربما كان فيهم من لا أرضاه زوجاً لبنتي. وهذا موقف العقل والحكمة والدين .
2- المبالغة في الهدايا والحلي والثياب والولائم :
فإنك لترى الزوج يتفاخر بالمبالغة بالهدايا ، فقد يقدم عدة هدايا تبلغ كل واحدة منها عشرات الألوف أو مئات الألوف . وكذلك الملابس فبعض الناس يشتري ثوباً بستين ألفاً ، وربما لا يلبس إلا مرة أو مرتين، وكذلك الولائم التي تذبح فيها الذبائح الكثيرة ولا ينتفع من لحومها وطعامها إلا قليل من الناس وتلقى بعد ذلك في القمامة .
لا بد من فصل هذه الأمور عن الزواج ولا بد من التقليل فيها ؛ لأنها سرف منكر بل ربما كانت سفهاً ملوماً .(53/163)
3- سيطرة العادات البالية والأعراف الباطلة على الناس ، وذلك مما يعوق الزواج ويكبل كلاً من الفتى والفتاة ، كأن يحمل العرف الفتى على الزواج ممن لا يحب رعاية لأقوال الناس وكلامهم .
4- تحكم النزعة المادية : فلا يزوج الرجل إلاّ إن كان غنياً موسراً ، ولا يرغب بالفتاة الفقيرة .وكم سمعنا من أنباء إخفاق الزواج الذي يقوم على المصلحة ، وكم رأينا ناساً تزوجوا فقراء فأغناهم الله من فضله .
5- طول مدة الدراسة التي تصرف الشباب والشابات عن الزواج، والعجب كل العجب أننا نمشي وراء الغرب في بعض الأمور ، ونرفض السير وراءه في أمور أخرى نافعة ، إنه شركة إذا تم الاتفاق على إقامتها فليس للسفاسف أن تحد منها. إني أعرف حادثة بطل الزواج فيها من أجل المهر بعد أن اتفق الطرفان الطيبان على كل شيء .
فإلى إصلاح هذه المفاسد ندعو العلماء والوجهاء والآباء والأمهات والله يتولى الجميع بالتوفيق والسداد
ــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب (( نظرات في المرأة المسلمة )) بتصرف
ـــــــــــــــــ
عشر وسائل لتنمية الحب بين الزوجين
إن من أراد زيادة رأس ماله في حسابه بالبنك ، يبحث عن وسائل لتنمية المال وزيادته ، وكذلك من أراد تنمية المودة والمحبة مع زوجته ؛ فعليه البحث عن وسائل مناسبة لزيادة درجة المحبة والوفاء بينهما ، وسنذكر بعض هذه الوسائل :
1. تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية ، فوردة توضع على مخدة الفراش قبل النوم ، لها سحرها العجيب ، وبطاقة صغيرة ملونة كتب عليها كلمة جميلة لها أثرها الفعال ، والرجل حين يدفع ثمن الهدية ، فإنه يسترد هذا الثمن إشراقًا في وجه زوجته ، وابتسامة حلوة على شفتيها ، وكلمة ثناء على حسن اختيارها ، ورقة وبهجة تشيع في أرجاء البيت ، وعلى الزوجة أن تحرص على إهداء زوجها أيضًا .
2. تخصيص وقت للجلوس معًا والإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم ، وقد تعجَّب بعض الشرّاح لحديث أم زرع من إنصات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الطويل وهي تروي القصة .
3. النظرات التي تنم عن الحب والإعجاب ، فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلها عن طريق أداء الواجبات الرسمية ، أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط ، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرة الوجه ، ونبرة الصوت ، ونظرات العيون ، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي ، فهل يتعلّم الزوجان فن لغة العيون ؟ وفن لغة نبرات الصوت وفن تعبيرات الوجه ، فكم للغة العيون مثلاً من سحر على القلوب ؟ .
4. التحية الحارة والوداع عند الدخول والخروج ، وعند السفر والقدوم ، وعبر الهاتف .
5. الثناء على الزوجة ، وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها ، وعدم مقارنتها بغيرها .(53/164)
6. الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة كالتخطيط للمستقبل ، أو ترتيب المكتبة ، أو المساعدة في طبخة معينة سريعة ، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد ، أو كتابة طلبات المنزل ، وغيرها من الأعمال الخفيفة ، والتي تكون سببًا للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة .
7. الكلمة الطيبة ، والتعبير العاطفي بالكملات الدافئة والرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلاً ، وإشعارها بأنها نعمة من نعم الله عليه .
8. الجلسات الهادئة ، وجعل وقت للحوار والحديث ، يتخلله بعض المرح والضحك ، بعيدًا عن المشاكل ، وعن الأولاد وعن صراخهم وشجارهم ، وهذا له أثر كبير في الأُلفة والمحبة بين الزوجين .
9. التوازن في الإقبال والتمنع ، وهذه وسيلة مهمة ، فلا يُقبل على الآخر بدرجة مفرطة ، ولا يتمنع وينصرف عن صاحبه كليًا ، وقد نُهِيَ عن الميل الشديد في المودة ، وكثرة الإفراط في المحبة ، ويحتاج التمنع إلى فطنة وذكاء فلا إفراط ولا تفريط ، وفي الإفراط في الأمرين إعدام للشوق والمحبة ، وقد ينشأ عن هذا الكثير من المشاكل في الحياة الزوجية .
10. التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات ، كأن تمرض الزوجة ، أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية ، أو يتضايق الزوج لسبب ما ، فيحتاج إلى عطف معنوي ، وإلى من يقف بجانبه ، فالتألم لألم الآخر له أكبر الأثر في بناء المودة بين الزوجين ، وجعلهما أكثر قربًا ومحبة أحدهما للآخر
ـــــــــــــــــ
المرأة باعتبارها زوجة
كانت بعض الديانات والمذاهب تعتبر المرأة رجساً من عمل الشيطان، يجب الفرار منه واللجوء إلى حياة التبتل والرهبنة.
وجعل الإسلام الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة يكتنزها من دنياه - بعد الإيمان بالله وتقواه - وعدها أحد أسباب السعادة، وفي الحديث: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر اليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله] . (رواه ابن ماجه) .
وقال عليه الصلاة والسلام: [الدنيا متاعٌ وخيرُ متاعها المرأة الصالحة]. (رواه مسلم).
وقال: [من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح] . (رواه أحمد) .
ورفع الإسلام من قيمة المرأة باعتبارها زوجة، وجعل قيامها بحقوق الزوجية جهاداً في سبيل الله ، جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله، إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأة - علمت أو لم تعلم - إلا وهي تهوى مخرجي إليك، ثم عرضت قضيتها فقالت: الله رب الرجال والنساء وإلههم ، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء ، كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أجروا، وإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، فما يعدل ذلك من أعمالهم من الطاعة ؟ قال: [ طاعة أزواجهن والقيام بحقوقهم ، وقليل منكن من يفعله]. رواه الطبراني).(53/165)
من حقوق الزوجة
وقرر الإسلام للزوجة حقوقاً على زوجها، ولم يجعلها مجرد حبر على ورق، بل جعل عليها أكثر من حافظ ورقيب: من إيمان المسلم وتقواه أولاً، ومن ضمير المجتمع ويقظته ثانياً، ومن حكم الشرع وإلزامه ثالثاً.
وأول هذه الحقوق هو "الصَّدَاق" الذي أوجبه الإسلام للمرأة على الرجل إشعاراً منه برغبته فيها وإرادته لها. قال تعالى: (وآتُوا النساءَ صَدقاتهنَّ نحلة ، فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا).
فأين هذا من المرأة التي نجدها في مدنيات أخرى : تدفع هي للرجل بعض مالها مع أن فطرة الله جعلت المرأة مطلوبة لا مطالبة ؟!
وثاني هذه الحقوق، هو "النفقة" فالرجل مكلف بتوفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج لامرأته ، قال عليه الصلاة والسلام في بيان حقوق النساء: (ولهنَّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) والمعروف هو ما يتعارف عليه أهل الدين والفضل من الناس بلا إسراف ولا تقتير ، قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قُدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ، لا يكلف الله نفسها إلا ما آتاها) . (الطلاق:7).
وثالث الحقوق، هو "المعاشرة بالمعروف". قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) . (النساء:19 ).
وهو حق جامع يتضمن إحسان المعاملة في كل علاقة بين المرء وزوجه، من حسن الخلق، ولين الجانب، وطيب الكلام، وبشاشة الوجه ، وتطيب نفسها بالممازحة والترفيه عنها ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً والطفهم بأهله] . رواه الترمذي.
وروى ابن حبان عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي] وقد أثبتت السيرة النبوية العملية لطفه عليه الصلاة والسلام - بأهله ، وحسن خلقه مع أزواجه ، حتى أنه كان يساعدهن في أعمال البيت أحياناً، وبلغ من ملاطفته لهن أن سابق عائشة مرتين، فسبقته مرة وسبقها أخرى، فقال لها: [هذه بتلك] . (رواه أبو داود وأحمد).
وفي مقابل هذه الحقوق أوجب عليها طاعة الزوج - في غير معصية طبعاً - والمحافظة على ماله ، فلا تنفق منه إلا بإذنه، وعلى بيته ، فلا تُدخل فيه أحداً إلا برضاه ولو كان من أهلها.
وهذه الواجبات ليست كثيرة ، ولا ظالمة في مقابل ما على الرجل من حقوق ، فمن المقرر أن كل حق يقابله واجب ، ومن عدل الإسلام أنه لم يجعل الواجبات على المرأة وحدها ، ولا على الرجل وحده ، بل قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) (البقرة:228). فللنساء من الحقوق مثل ما عليهن من الواجبات.
ومن جميل ما يروى أن ابن عباس وقف أمام المرآة يصلح من هيئته ، ويعدل من زينته، فلما سئل في ذلك قال: أتزين لامرأتي كما تتزين لي امرأتي ، ثم تلا الآية الكريمة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . وهذا من أظهر الأدلة على عميق فهم الصحابة رضي الله عنهم للقرآن الكريم.
استقلال الزوجة(53/166)
لم يهدر الإسلام شخصية المرأة بزواجها ، ولم يُذِبْها في شخصية زوجها ، كما هو الشأن في التقاليد الغربية ، التي تجعل المرأة تابعة لرجلها ، فلا تُعرف باسمها ونسبها ولقبها العائلي ، بل بأنها زوجة فلان.
أما الإسلام فقد أبقى للمرأة شخصيتها المستقلة المتميزة ، ولهذا عرفنا زوجات الرسول بأسمائهن وأنسابهن، فخديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر ، وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حيي ، وكان أبوها يهودياً محارباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
كما أن شخصيتها المدنية لا تنقص بالزواج ، ولا تفقد أهليتها للعقود والمعاملات وسائر التصرفات ، فلها أن تبيع وتشتري ، وتؤجر أملاكها وتستأجر ، وتهب من مالها وتتصدق وتوكل وتخاصم.
وهذا أمر لم تصل إليه المرأة الغربية إلا حديثا ً، ولا زالت في بعض البلاد مقيدة إلى حد ما بإرادة الزوج.
من كتاب (ملامح المجتمع المسلم
ـــــــــــــــــ
المرأة في القصة الإسلامية المعاصرة
إن القصة الإسلامية المعاصرة لم تقصر دور المرأة على تربية الأبناء والاهتمام بشؤون البيت وإن كانت هذه المهمة من أعظم المهام التي لا تصلح لها إلا المرأة، وهي بحد ذاتها لا يجيدها غيرها، وتتناسب مع ما خصها الله تعالى به، ومع فطرتها التي فطرها عليها، "ونحن بتأثير الفكر الغربي، والفلسفة المادية نستنقص من دور اجتماعي لحساب دور اجتماعي آخر، فالذي يُصلح سيارة أو يقيم بناء نُجِلُّ دوره بالقياس إلى دور الأم التي تعكف على طفل صغير تربيه، وتهبه المشاعر الإنسانية لترفعه من مرحلة الحيوان إلى مرحلة البشرية كياناً بشرياً، متوازن العقل والعواطف والمدارك".
والمرأة في القصة الإسلامية ليست بالطبع هي فتاة الغلاف التي يرى منها الناس مظهر للأنوثة الصارخة، ولا هي أيضاً المرأة التي أنتجوا لها الألوان والأصباغ والأزياء - وحتى القيم - إلى حد يستهلك وقتها، ويقتل عمرها!! ولا هي التي وضعوا لها قواعد تجميل الوجه، وجمال الأنف، وتصفيف الشعر وصبغ الأظافر، وتذجيج الحواجب!!
سر الاشتغال المشبوه بقضايا المرأة
إن الذين وراء الاشتغال المشبوه بقضايا المرأة - كما حدد أستاذنا الأديب الإسلامي إبراهيم عاصي في كتابه "همسة في أذن حواء" - واحد من اثنين:
"الأول: تاجر لا يبتغي إلا الترويج لبضاعته، فيتخذ من المرأة وسيلة للدعاية لها، وهو تاجر متطور يتاجر بها صحفياً على أوراق المجلات والجرائد، أو يتاجر بها أدبياً في القصص والروايات، أو يتجار بها شهوانياً في كثير من الأفلام والمسرحيات، أو يتاجر بها إعلانياً، وفي عروض الأزياء!
والآخر: فاجر يسعى عن سابق تصميم وتصور، وذلك بتحطيم القيم، وقلب المفهومات، وإشاعة الفاحشة، وفضح المستور.(53/167)
والحقيقة أن التجار والفجّار - على حد سواء - ماضون قدماً بعناد ودأب في تنفيذ خططهم، في اتخاذ المرأة أداة للإثراء الفاحش الحرام، أو وسيلة لتمرير الأفكار والآراء الخبيثة إلى عقول الناس!
وأن المرأة هي التي تدفع الثمن باهظاً قبل غيرها! عنوسة وبواراً، وهبوطاً في القيمة على مبدأ "العرض والطلب" من الناحية المعنوية - بشكل خاص - وذلك كله نتيجة حتمية لسباحتها مع التيار دون أية مقاومة تُذكر، ودون أي حساب للعواقب.
وأن المجتمع برمته - رجالاً ونساء - يدفع الثمن أيضاً: انهياراً أخلاقياً، وقلقاً، وضياعاً، وتفككاً أسرياً، وخواء روحياً".
وما حال المرأة الأوروبية، ومن سارت على نهجها منا ببعيد! وحتى هذه المرأة بدأت تحس بعبء الضياع، وتبحث عن الخلاص، فقد خرجت أعداد كبيرة من الفتيات وطالبات الجامعة في مظاهرة نسائية ضخمة اخترقت شوارع كوبنهاغن عاصمة الدانمارك منذ سنوات هاتفة:
نرفض أن نكون أشياء
نرفض أن نكون سلعاً لتجارة الإباحية
سعادتنا لا تكون إلا في المطبخ
نريد أن تبقى المرأة في البيت
أعيدوا لنا أنوثتنا
إننا نرفض الإباحية
والمرأة في منظار القاص المسلم ليست تلك التي تجوب الشوارع والطرقات، ولا التي تعرض مفاتنها في المجامع والمهرجانات لانتخابها ملكة لجمال الكون أو لجمال الحي والقرية!!
ولا التي تترك بيتها وزوجها وأولادها لتلتحق بعالم الفن أو الوسط الفني - كما يسمونه - لتؤدي رسالة !! (..)هز البطن، أو محادثة الرجال - ولو على الشاشة وأفلام الفيديو- إنها - وبكلمة واحدة - المرأة الإنسان!
الإنسان بنوازعه وعواطفه، بسموه وتدينه، باستعلائه وهبوطه...
ليست مَلَكاً، إنها صنو الرجل، يشتركان أحياناً في كثير من القضايا! أو أحياناً يفترقان كل حسب خصائصه؟! وبذلك تكتمل الحياة. إنه في واقع الحياة من الممكن أن تنحرف المرأة أو تسقط، ولكن القاصّ المسلم لا يتلذذ بهذا الانحراف فيذهب به الخيال ليصورها متنقلة من فراش إلى فراش، ومن حضن إلى حضن، أو يتمادى به التشفي - كما يفعل المعقدون نفسياً وجنسياً من الدخلاء على الأدب والفن والرواية - فيمرغها بوحل الرذيلة، ويلبسها أثواب الدنس.
إنها تسقط، ولكن لحظات السقوط ليست هي مجال الحديث للاسترسال في مسارب الجنس والإثارة!! وابتزاز المراهقين، وإنها لتصحو وقد تكون صحوتها أشد من صحوة الرجل، فيتعلم منها الرجل كيف يكون السمو! وصفحات التاريخ والواقع مليئة بهذه النماذج - وفي كل يوم أفواج جديدة من العائدات إلى الله، وقد عرفن أن الحياة قضايا أهم من الزينة واللباس والتبرج بأنواعه.(53/168)
في القصة الإسلامية نجد المرأة مهتدية وداعية ومجاهدة مع الرجل، دمها على كفها، كما دمه.. تعرفها ساحات القتال ودروب الجهاد والهجرة..!!
في القصة الإسلامية تواجهنا المرأة دون خداع أو زيف لنسمع منها حديث الفطرة.. الحنين الدائم.. الأنين الذي يمزق القلوب.. لقد تركت الوظيفة العظيمة التي خلقها الله تعالى لها، فوظّفها شياطين الإنس من أبالسة هذا العصر فيما يعود عليهم بالنفع العاجل، ويحقق شهواتهم - وكانت هي الخاسرة!!
تواجهنا المرأة في القصة الإسلامية المعاصرة لتحدثنا عن المعاناة التي مرت بها قبل أن تصل إلى شاطئ الهداية دون أن تجلس على "كرسي الابتذال" كما يريد لها الدخلاء على الأدب فتنشر خطاياها، وتفضح خباياها، أو تسترسل في وصف هدر أنوثتها وكرامتها.
في القصة الإسلامية المعاصرة تلقانا المرأة صاحبة الموقف، الملتزمة بالمبدأ، المدافعة عن عقيدتها، تدعو وهي واثقة مما تدعو إليه، وهي تحس بمسؤولية التبليغ وأداء الأمانة.
نلقاها وهي تواجه التنصير، وتتعرض لشراسته فتجوع وتتشرد أو تموت.. ونذكر أن سمية "المرأة" كانت أول من استشهد في الإسلام.
القصة الإسلامية المعاصرة عالجت مشكلة الفقر.. وانعكاسها على حياة المرأة.. ولكنَّ الحرة تموت، ولا تأكل بثدييها.
وأخيراً فإن من القضايا التي تطرقت لها القصة الإسلامية مشكلة العنوسة التي حاول القاص الإسلامي أن يرصدها من خلال انعكاسها على اللواتي فاتهنَّ قطار الزواج لسبب أو لآخر، مبيناً النتائج التي تحصدها المرأة عندما تكون هي السبب، وغالباً ما نجد تشابهاً إلى حد التطابق الكامل بين واقع العوانس كما هو في الحياة، وبين تصوير القصة الإسلامية لهذه الظاهرة، وتُثبت هذه الحقيقة، وغيرها من الحقائق: أن القاص الإسلامي أكثر معرفة بقضايا الحياة التي تختص بها المرأة، وأصدق تصويراً لها، لأنه يتحدث عنها حديث الإنسان الذي يحترم الإنسان، ويعلم أن المخلوق المكرم بتكريم الله تعالى لها، مثلها كمثل الرجل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) (الإسراء:70)
من كتاب (المرأة وقضايا الحياة في القصة الاسلامية المعاصرة)
ـــــــــــــــــ
الحقوق المتماثلة للزوجين والوصايا النبوية الموجهة إليهما
تتضح مكانة المرأة في الأسرة من خلال عرضنا للحقوق المتماثلة والمتبادلة بين الزوجين .. إنها مكانة رفيعة يصونه،ا ويحكمها ذلك الميثاق الذي ذكره الله جل وعلا في محكم كتابه حيث قال : ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) .
تمهيد :
سوف يلحظ القارىء الكريم أن الحقوق المتماثلة للزوجين ، ورد فيها مجموعة من النصوص الكلية ومعها أحياناً نصوص تفصيلية، ونحب أن نبيّن أن العبرة بالنصوص الكلية التي تصون حقوق الرجل والمرأة على السواء ، إذ أن النصوص التفصيلية متضمنة في النصوص الكلية . والنصوص الكلية هي الحاكمة ، فلا ينبغي(53/169)
الغفلة عنها والوقوف عند النصوص التفصيلية ، وكأنها وحدها هي الشريعة ، ونحن إذا تحرينا النصوص الكلية تحرياً دقيقاً وتعمقنا في مضمونها، أرشدتنا إلى حقوق كثيرة لم ترد بها نصوص تفصيلية .
أما النصوص التفصيلية إن كثرت في مجال من المجالات ، فلا بد أن يكون ذلك لسبب يتصل بذلك المجال ، ففي مجال طاعة المرأة زوجها، نرجح أن كثرة النصوص ترجع إلى ظاهرة كانت سائدة في مجتمع المدينة ، وهي شدة وطأة نساء الأنصار التي يقول فيها عمر بن الخطاب : "قوم تغلبهم نساؤهم" ، وما دام الأمر كذلك ، فلا عجب أن يلح الرسول صلى الله عليه وسلم - بكل سبيل - في حض النساء على الطاعة.
حقوق متماثلة:
قال تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجةٌ والله عزيز حكيم ) سورة البقرة: 228. إن الآية الكريمة تقرر أن للنساء حقوقاً مثل ما عليهن من واجبات ، وهذا يعني أن كل حق للمرأة يقابله حق للرجل ، فالحقوق إذن متماثلة ، وسيتضح بإذن الله وعونه مدى التماثل عند بحث كل حق من تلك الحقوق .
وقد أورد الطبري في تفسيره عدة روايات في تأويل هذه الآية:
قال بعضهم : ( ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن ، مثل الذي عليهن لهم من الطاعة ، فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها ).
فعن الضحّاك : ( إذا أطعن الله وأطعن ازواجهن ، فعليه أن يحسن صحبتها ويكف عنها أذاه ، وينفق عليها من سعته ).
وعن ابن زيد : ( يتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيهم ).
وقال آخرون : ( ولهن على أزواجهن من التصنع والمواتاة مثل الذي عليهن لهم من ذلك ).
فعن ابن عباس : إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي ، لأن الله تعالى ذكره يقول : (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف).
والذي اختاره الطبري من تلك الروايات: (أن الذي على كل واحد منهما لصاحبه من ترك مضارته مثل الذي له على صاحبه من ذلك). ، ثم قال : ( وقد يحتمل أن يكون كل ما على كل واحد منهما لصاحبه داخلاً في ذلك .. فلكل واحد منهما على الآخر من أداء حقه إليه مثل الذي عليه له ، فيدخل حينئذ في الآية ، ما قاله الضحّاك وابن عباس وغير ذلك).
وقال الإمام محمد عبده في تفسير هذه الآية : (هذه كلمة جليلة جداً ، جمعت - على إيجازها - ما لا يؤدي بالتفصيل إلا في سفر كبير ، فهي قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق ، إلا أمراً واحداً عبّر عنه بقوله تعالى : (وللرجال عليهن درجة) - وسيأتي بيانه - وقد أحال في معرفة ما لهن وما عليهن من المعروف بين الناس في معاشراتهم ومعاملاتهم في أهليهم، وما يجري عليه عرف الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم ، فهذه الجملة تعطي الرجل ميزاناً يزن به معاملته لزوجه في جميع الشئون والأحوال ، فإذا همّ بمطالبتها بأمر(53/170)
من الأمور ، يتذكر أنه يجب عليه مثله بإزائه ، ولهذا قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : " إنني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي ، لهذه الآية ".
وليس المراد بالمثل ، المثل بأعيان الأشياء وأشخاصها ، وإنما المراد أن الحقوق بينهما متبادلة ، وأنهما أكفاء ، فما من عمل تعمله المرأة للرجل إلا وللرجل عمل يقابله لها ، إن لم يكن مثله في شخصه ، فهو مثل له في جنسه . فهما متماثلان في الحقوق والأعمال ، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل ، أي أن كلاً منهما بشر تام له عقل يتفكر في مصالحه ، وقلب يحب ما يلائمه ويسر به ، ويكره ما لا يلائمه وينفر منه . فليس من العدل أن يتحكم أحد الصنفين بالآخر ، ويتخذه عبداً يستذله ويستخدمه في مصالحه ، ولا سيما بعد عقد الزوجية والدخول في الحياة المشتركة ، التي لا تكون سعيدة إلا باحترام كل من الزوجين للآخر والقيام بحقوقه ).
وأورد الطبري عدة روايات في تأويل قوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة) ، قال :
( قال بعضهم : معنى الدرجة : الفضل الذي فضلّهم الله عليهن في الميراث والجهاد وقال آخرون : تلك الدرجة الإمرة والطاعة ، وقال آخرون : تلك الدرجة التي لها عليها ، إفضاله عليها ، وأداء حقها إليها ، وصفحه عن الواجب له عليها أو عن بعضه .. فعن ابن عباس قال : ما أحب أن استنطف أي آخذ جميع حقي عليها لأن الله تعالى ذكره يقول : (وللرجال عليهن درجة) .
ثم قال الطبري : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس ، وهو أن "الدرجة" التي ذكر الله تعالى ذكره في هذه الموضع ، الصفح من الرجال لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه .
وذلك أن الله تعالى ذكره قال : (وللرجال عليهن درجة) عقيب قوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) .. ثم ندب الرجال إلى الأخذ عليهن بالفضل ، إذا تركن أداء بعض ما أوجب الله لهم عليهن .. وهذا القول من الله تعالى ذكره ، وإن كان ظاهره ظاهر الخبر ، فمعناه معنى ندب الرجال إلى الأخذ على النساء بالفضل ، ليكون لهم عليهن فضل درجة .
وقال الأستاذ محمود محمد شاكر محقق تفسير الطبري: ولم يكتب أبو جعفر الطبري ما كتب ، على سبيل الموعظة .. بل كتب بالبرهان والحجة الملزمة واستخرج ذلك من سياق الآيات المتتابعة .. ( ففيها بيان ) تعادل حقوق الرجل على المرأة وحقوق المرأة على الرجل ، ثم أتبع ذلك بندب الرجال إلى فضيلة من فضائل الرجولة، لا ينال المرء نبلها إلا بالعزم والتسامي، وهو أن يتغاضى عن بعض حقوقه لامرأته ، فإذا فعل ذلك فقد بلغ من مكارم الأخلاق منزلة تجعل له درجة على امرأته ، ومن أجل هذا الربط الدقيق بين معاني هذا الكتاب البليغ ، جعل أبو جعفر هذه الجملة حثاً وندباً للرجال على السمو إلى الفضل ، لا خبراً عن فضل قد جعله الله مكتوباً له ، أحسنوا فيما أمرهم به أم أساءوا .
وصايا متكافئة:(53/171)
ثم إن الشارع الحكيم شفع تقرير الحقوق المتماثلة بوصايا متكافئة للزوجين ، كل ذلك لتسود المودة والرحمة بينهما ، وليرعى كل منهما صاحبه أجمل رعاية وأكمل رعاية :
من الوصايا الموجهة للرجال:
قوله تعالى : (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) . [سورة النساء:19] .
- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ واستوصوا بالنساء خيراً ] .- عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ] . [رواه مسلم].
- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ إني أُحرج عليكم حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة ] . [رواه الحاكم] .
- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ] . [رواه ابن ماجه].
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[خياركم خياركم لنسائهم ] . [رواه ابن ماجه] .
وقد روى معنى الحديث الأخير عدد من الصحابة الكرام منهم عائشة ، ومعاوية ، وأبو كبشة .
من الوصايا الموجهة للنساء:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده ] . [رواه البخاري ومسلم].
- عن أبي أذينة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :[ خير نسائكم الولود الودود المواسية المواتية] . [رواه البيهقي].
- عن عبد الله بن سلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ خير النساء من تسرك إذا أبصرت ، وتطيعك إذا أمرت ، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك] [رواه الطبراني] .
- عن حصين بن محصن أن عمَّةً له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم . قال : فأين أنت منه؟ قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه قال : فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. [رواه أحمد].
- عن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا تؤدّى المرأة حق ربها حتى تؤدّي حق زوجها ] . [رواه ابن ماجه].
- عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت الجنة ] . [رواه البّزار].
- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما : ...، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع] . [رواه الحاكم](53/172)
عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ، فإنما هو عندك دخيل ، يوشك أن يفارقك إلينا ] . [رواه أحمد].
الإطار العام لأداء الحقوق:
قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون) . [سورة الروم : الآية 21] .
وهذا يعني أنه ينبغي أداء جميع الحقوق بين الزوجين في إطار من المودة والحب ، فإن ضعفت المودة لأمر ما ، بقيت الحقوق محفوظة ، ولكن في إطار من الرحمة ، أي التعاطف والوفاء للعشرة ، وليتذكر كل من الزوجين قول رسولنا صلى الله عليه وسلم : [ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ] . رواه البخاري ومسلم . وإذا كان هذا هو حق أخوة الإسلام بصفة عامة ، فحق الزوجين المسلمين أعظم ؛ فقد ضيفت إلى رابطة الإسلام رابطة الزواج ، وهي رابطة متينة قال بشأنها جلّ وعلا : ( وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ). فعلى الزوجين أن يراقبا الله تعالى في أداء الحقوق ، ولينظر كل منهما هل قدم لصاحبه ما يحب لنفسه؟ إن كان قد فعل فقد أحسن ، وإن لم يفعل فليصدق العزم وليستعن بالله ولا يعجز ، والله مع الصادقين .
ـــــــــــــــــ
من أنواع الأزواج
1. زوج مثالي : يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يرفق بالنساء ويقول : [ استوصوا بالنساء خيرًا ، فإن المرأة خُلقت من ضِلعٍ ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه : فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ] فيرحم ضعفها ، ويكرمها فإن في إكرامها إكرام لنفسه ، ويصبر على أذاها [وإن كره منها خُلقًا رضي منها آخر] " رواه مسلم، ويعاملها بالإيثار .
-ويقول صلى الله عليه وسلم [ أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا ، وخياركم خيارك لنسائهم ] "رواه الترمذي" ، وهو يعلم أن الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة فيعينها على طاعة الله ويطلب قبل ذلك التزوج من المؤمنة الصادقة فإذا تزوجها وظفر بها عاملها بما يليق بها ، وهو مع ذلك يوجه ويرشد ، يأمر وينهى ، يربي ويعلم كمثل حال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو صاحب القوامة التي اكتسبها عن جدارة من استناده للشرع ، كما أنه صاحب الغيرة المحمودة الذي يبعد الفتنة وأسبابها من غير تخوين ولا اساءة ظن .
2. زوج واقعي : يعطي زوجة حقها ويطلب حقه ونهذا لا لوم عليه لكن الأول أفضل وأكرم وعن معاوية ابن حيده رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : ما حق زوجة احدانا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت .
فهذا قد يضرب مثلا - بضوابط الشرع ولكنه لا يضرب الوجه ، والأول يصبر ويستوحي خيرًا ويظهر الفرق في الحديث عن إياس بن عبد الله بن أبي ذياب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] لا تضربون إماء الله فجاء(53/173)
عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ذئرنَ النساءُ على أزواجهن ، فرخص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولقد أطاف بآل بيت محمدٍ نساءٌ يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ، رواه أبو داود باسناد صحيح وذئرن : اجترئن . وفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين خيار الناس وغيرهم في هذا الأمر .
3. زوج ذو ريبة : ولا نقصد بها الغيرة المحمودة المنضبطة بضابط الشرع وانما نشير إلى ذلك الزوج الذي يخونن من غير بأس ويضيق على أهله من غير سبب حتى صار اسمه كذلك فيلهب جو المنزل بما لا ينبغي فالغيور الذي نذمه هو ذلك الأناني الذي لا يريد من المرأة أن تهتم إلا به فهو يغار حتى من أبنائه ، إذا دخل بيته فليسكت الجميع ولتتوجه الأنظار إليه .
- وهو لا يتورع عن تتبع عورة امرأته وإساءة الظن بها وتجسس بواطنها وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتبع عورات النساء في رواية أن تبغت النساء ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره قبل دخول المدينة قال : لا تطرقوا النساء ليلاً .
- وفي رواية حتى تستمد المغيبة وتمتشط الشعثة - مخالفة رجلان مسبقًا فرأى كل واحد في منزله ما يكره .
- وضابط الأمر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من الغيرة غيرةً يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة] "رواه مسلم" .
- أما الغيرة المحمودة ، فتكون في البعد عن مواطن الريبة وتكون في عدم رضا الزوج عن التبرج والاختلاط والتكشف ومنع أهله من ذلك وتكون في حراسة بيته من المنكرات التي تعج بها وسائل الاعلام .
4. زوج ديوث ، ذلك اليذي لا يغار مطلقًا فهو ترك الغيرة المذمومة والمحمودة أيضًا ، لا يبالي بمن دخل على أهله ، ولا من خالطهم ، يسمح في بيته بدخول الرجال الأجانب في غيبته ، ويترك زوجه تكشف ما حرم الله عليها أمام الرجال فتخرج من بيتها متبرجة أو متعطرة من غير أن يمنعها .
والديوث الذي يرضى السوء على أهله لا يرى الجنة ولا يشم ريحها ، كما أنه يخون الأمانة التي خولها الله إياه فإن الرجل في بيته راعٍ ومسؤول عن رعيته ، على ذلك فإن ما نراه من الحفلات المختلطة والاستقبالات المنفردة للرجال ومن غير المحارم وغير ذلك وأشباهه من الدياثة المحرمة .
5. زوج مهمل : تلك نوعية من الأزواج انتشرت في تلك الأيام يهمل رعيته يترك صغاره وزوجه لا يعبأ بهم ، إما لإنشغاله بشهواته ولذاته وإما بظنه أنه ينشغل بأعمال يعود نفعها عليهم ، ويظن أنه لكونه قد هيأ لهم سكنًا واسعًا ومركبًا طيبًا وطعامًا هانئًا أنه قد أدى ما عليه وللإنصاف فإن تلك النعم التي أشرنا إليها هي بلا شك من أسباب السعادة بيد أن أهم أسباب السعادة الأسرية هي رعاية الزوج النفسية لزوجه وأبنائه فماذا تفيد تلك المظاهر الفارغة إذا أحس الأبناء بالفراغ العاطفي وعدم توجيه آبائهم وماذا تجدي تلك المساكن الجميلة عن زوجة وحيدة لا ترى(53/174)
زوجها إلى لُماما وقد قال تعالى : (قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة ) ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : [ كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته] .
فأي رعاية يوفرها ذلك المهمل لزوجه وأبنائه وأي توجيه ووقاية من النار سيمنحهم إياها وهو لا يراهم ولا يجالسهم .
ـــــــــــــــــ
أجل متى سابقت زوجتك آخر مرة ؟
إذا أحببت أن تبتسم ساخراً ، أو تبتسم ضاحكاً ، أو تبتسم مستنكراً .. فإن السؤال يبقى: لأنه دعوة لك لتطبيق سنة من سنن المصطفى في إحسانه إلى زوجاته
فإذا كنت تقتفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في إطلاق اللحية ، واستعمال السواك ، وتقصير الثوب.. فإنك مدعو أيضاً إلى اقتفاء سنته صلى الله عليه وسلم في معاملته زوجاته رضي الله تعالى عنهن .
لا بل إن رِفقه - عليه الصلاة والسلام - بنسائه ، ورحمته بهن ، وصبره عليهن ليس سنة فحسب ، بل هو فرض واجب أكدته آيات كثيرة في القرآن الكريم ، مثل قوله تعإلى : ( وعاشروهن بالمعروف ) ،ومسابقتك زوجتك من هذه المعاشرة بالمعروف ، ومن سنن النبي صلى الله عليه وسلم في ملاطفته نساءه ، ورفقه بهن.
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وهي جارية ( صغيرة ) ، قالت : " لم أحمل اللحم ، ولم أبدن ".
فقال لأصحابه : تقدموا ، فتقدموا ، فقال تعالي أسابقك ! فسابقته فسبقته على رِجلَيّ .
فلما كان بعد - وفي رواية - فسكت عني ، حتى إذا حملت اللحم ، وبدنت، ونسيت ، خرجت معه في سفر ، فقال لأصحابه : تقدموا ، فتقدموا. ثم قال: تعالي أسابقك ، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم ، فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله ، وأنا على هذه الحال ؟ فقال: لتفعلن. فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وقال: هذه بتلك السبقة .
وقد يتعلل بعض الأزواج - في اعتذارهم عن مسابقة زوجته - بكثرة الانشغال ، وزيادة الأعباء ، وتعدد المسؤوليات . فنرد عليه بالقول: لن تكون أكثر انشغالاً من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمل رسالة الله تعالى يعلمها الناس ويقود الغزوات، ويؤدي حقوقاً مختلفة نحو أهله وبيته .. ومع هذا لم يمنعه هذا من مسابقة السيدة عائشة مرتين .
وقد يعتذر غيره بأن الشوارع ليست مكاناً ملائماً للمسابقة .. فنقول له: لن تعدم فرصة خروج مع زوجتك إلى البر.. تبتعدان فيها عن أعين الناس .. ثم لماذا تقصر المسابقة على الجري ؟ لماذا لا تسابق زوجتك في البيت في لعبة إلكترونية مباحة .. أو في مبارزة ثقافية مفيدة.. فتسألها وتسألك.. وتسجلان الدرجات لكل من يجيب إجابة صحيحة .
وقد يرى زوج ثالث أن مثل هذه المسابقات تذهب برجولته، وتنزع المهابة من قلب زوجته، ومن ثم لا تطيعه فيما يأمرها به، وهذا غير صحيح على الإطلاق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، وفعلُه سنة يُقتدى بها ، والاقتداء بسنته مع زوجاته لا يمكن أن يأتي إلا بخير . وهذا ما أكدته الدراسات الحديثة في العلاقات الزوجية ،(53/175)
حين بينت بأن ملاطفة الزوجة وملاعبتها يجعلها أقرب إلى طاعة الزوج ، ويسلس قيادها له .
والآن .. ماذا يحمل هذا الحديث الشريف الذي نقلت فيه السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ؟
أولاً : الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أم المؤمنين السيدة عائشة إلى مسابقته في المرتين.. وهذا توجيه للرجل بأن المبادرة إلى أمثال تلك المسابقات يحسن أن تصدر عنه ، فالزوجة قد تخشى صد زوجها ، وقد يشغلها عملها عن المبادرة .. إضافة إلى أن ما طبعها الله تعالى عليه يجعلها تستحي من عرض المسابقة على زوجها.وإن كان هذا لا يمنع من أن تبادر الزوجة فتدعو زوجها إليها .. إن رأت استعداده النفسي وفراغ وقته .
ثانياً: يحسن ألا يظهر الزوج تفوقه الدائم على زوجته .. فيسبقها دائماً .. فقد لاحظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق السيدة عائشة في الثانية .. وسبقته في الأولى.
ثالثاً: لكن ما سبق لا يعني أن يجعل الزوج نفسه خاسراً دائماً من أجل إرضاء زوجته .. فهذا الأمر يفقد المسابقة حقيقتها .. وينزع منها الندية .. فقد وجدنا النبي صلى الله عليه وسلم تسبقه السيدة عائشة في المرة الأولى لأنها كانت نحيفة صغيرة ، بينما سبقها صلى الله عليه وسلم في الثانية بعد أن سمنت وزاد وزنها فصار جريها أبطأ .
رابعاً : ينبغي أن ينتبه الزوج إلى أن هذه المسابقة يجب أن تبقى في إطار المودة والمرح ، فلا غضب ولا هياج ، حتى لا تنقلب إلى الشجار ، فتحقق عكس الغاية المرجوة منها .
وهذا ما يوجهنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ونفهمه من قول السيدة عائشة رضي الله عنها : " فجعل يضحك صلى الله عليه وسلم " .
ـــــــــــــــــ
هاكم أقرب طريق لقلب الرجل - لو أطاعتني النساء .. لم تطلّق واحدة !
ملّت النساء من كثرة الحديث عن " حقوق الزوج " وضجت بالصياح : أليست للزوجة حقوق ؟ ولماذا كل حديثكم عن حقوق الزوج ؟ وأين حقوق الزوجة؟ .
ولكن أرجو أن تسمح لي أخواتي الكريمات (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض) (التوبة: 71) ، وآمل أن يتلقين ما أقول هنا لا باعتباره حديث رجل عن حقوق الزوج .. كلا والله ثم كلا .. ولكن باعتباره نصيحة مسلم لأخت مسلمة ، يعلم أن أخته المتزوجة قد صمّت أذناها من الأحاديث عن واجباتها وتقصيرها وعن حقوق زوجها ، ويعلم أن لها حقوقًا كبيرة على الزوج إن لم تأخذها في الدنيا فستأخذها في الآخرة أحوج ما تكون إليها ، ويعلم أنها مسكينة مستهدفة مظلومة تصبح وتمسي بين أعداء يسومونها سوء الخطط لإهلاكها وتحطيمها وزوج لا يفهم من معاني الزوجية إلا حقوق الزوج وواجبات الزوجة أو لا يريد أن يفهم غير ذلك ولا يرى لها رأيًا فضلاً عن أن يرى لها حقًا فقد تحبه جدًا وتتعلق به أشد التعلق ، ثم يطلقها وهو يعلم وقد تكرهه جدًا وتصارحه فيجبرها على نفسه وهو يعلم ، وقد(53/176)
ترضي منه بالقليل لو بذله ولكنه لا يبذله لها وأنواع أخرى من الأزواج يجعلون الرجل يحمد الله أنه لم يكن امرأة عند واحد منهم ، أعان الله عليهم أخياتنا وصبّرهن وما صبرُهن إلا بالله .
لكن الحديث هنا عن نقطة محددة جدًا ولها أثر كبير في استمرار العلاقة وبقاء الأسرة ونجاح الزوجة إذا كانت في حال الرخاء واليسر تريد زوجها أو ترضاه على الأقل ، أما إن كانت خلاف ذلك فلكل حادث حديث .
بداية نقول إن أختنا المتزوجة حين قبلت من تقدم إليها لم تكن تريده زوجًا مؤقتًا ، وليست مستعدة أن تخسره لأدنى سبب ، ولم ترد بالعيش معه امتحان حلمه وصبره حتى تفاجئه بما يحتمل وما لا يحتمل ، ولم تكن تريد الدخول معه في مسابقة تحقيق الكرامة وإظهار أيهما أعز وأكرم ! ولم تكن تريد أن يحقق أحلامها الوهمية كما دندن المفسدون في الأرض بوصفه " فتى الأحلام " ولا أن تغلق عليه دنياه بأقفالها كما دندنوا بوصف الزواج بـ " القفص الذهبي " ولم ترد أن يكون العسل شهرًا واحدًا وبعده المرّ كما يدندنون .. ولم ترد أي مراد يفضي إلى الفراق أبدًا .. أبدًا ، إنما أرادت حين قبلته أن يأخذ بيدها ليحفظها قدر استطاعته وهي على أتم الاستعداد أن تحافظ عليه قدر استطاعتها مهما حصل منه إلا ما لا يمكن الصبر عليه وأجرها على الله وهي بذلك تعدل كل ما فضلت به الرجال النساء من الحج والجهاد والصلاة جماعة وشهود الجنائز وغير ذلك .
من هذه الإرادة ، وهذه المنطلق نحدث أخياتنا المتزوجات حديث مشفق ينكسر قلبه إذا قيل طلقت فلانة ويهش ويبش إذا قيل استرجعها زوجها فنقول : تعالين يا أخايتنا المسلمات إلى كلمة سواء :
أما من كانت إرادتها غير ما حددنا حين قبلت الزواج فليس حديثنا إليها (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)(البقرة: 148) ، وأما من كانت إرادتها المحافظة على زوجها وبيتها غاية ما في استطاعتها فلتسمع وتطع ولتبشر بخيري الدنيا والآخرة ، وذلك أن تنظر ما قاله أبر الخلق بها وأنصحهم لها وأعلمهم بما ينفعها ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأن الرجل لا يريد من النساء صديقًا ولا شريكًا كما يدندن المفسدون في الأرض ، وإنما يريد منهن زوجة موافقة ، وأسعد النساء بقلوب الرجال وطول العيش معهم ليست أجملهن كما يتخيل العزاب والشهوانيون وقليلو التجارب ، وليست أغناهن كما يتخيل الفقراء والجشعون ، وإنما أسعدهن بمحبة الرجال وطول العيش معهم من علمت أن الزوجات مع أزواجهن مثل ندماء الملوك وجلسائهم سواء بسواء ، وإذا ألم يكن الرجل ملكًا أو كالملك في بيته ومع زوجته فماذا تريده أن يكون ؟ خادمًا أو أخًا أو شريكًا كما زعموا ؟ وإذا لم يكن ملكًا أو كالملك في بيته ومع زوجته فهل يطمع في ذلك عند رؤسائه أو أصدقائه ؟ وإذا لم تكن الزوجة مع زوجها مثل نديم الملك فماذا تكون معه ؟ هل تكون معه صاحبة الجلالة وهي تعطيه من نفسها ما تعطيه وتبذل له ما تبذل أم هل تكون كنديم الملك مع أخواتها وصديقاتها ؟
إنه أحق الناس بها وأنفعهم لها وأقربهم إليها وأقدرهم على ما شاء منها لو كانت تعلم ، ولذلك قال أنصح الناس لها وأعلمهم بما ينفعها ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( لو(53/177)
كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها )) وإنها لتبذل له من نفسها وجسدها وكرامتها بكل رضًا وسرور ما لا تبذل شيئًا منه لغيره ، فكيف تستكثر عليه ما دون ذلك بكثير .
كم جميلة خسرت بيتها وزوجها وهي تحبه ويحبها ؛ لأنها لم تحسن أن تكون معه كنديم وتشعره بذلك بلطف وشفافية دون إثقال ولا إملال .. وكم قليلة جمال أو عديمة جمال استطاعت أن تزرع في قلب زوجها حبها حتى صارت من أحب الناس إليه وحتى لا يمكنه أن يستغني عنها ، وهذا هو ما يدندن حوله بعضهم بما يسميه " جمال الروح " وتفصيل ذلك يطول جدًا ولا حصر له ولكن جماعه وأساسه ومنتهاه هو ما قلت في وصفه " ندماء " وأكثر ما تبرز الحاجة لذلك حينما نعرض بوادر الخلاف بين الزوجين ، فيجب على الزوجة الصادقة الذكية أن تحاذر غضبه ومخالفته ، وتعلم أن كثيرًا من الرجال يغضبون ويرضون ، وأن زوجها ليس بذلك العاقل الحصيف الحليم فتكسبه بهدوء مهما بذلت ولها أعظم الأجر في ذلك بإذن الله ، ثم تجعله يخجل منها تمامًا وتكون كما قالت أسماء بنت خارجة لابنتها : " كوني له أمة يكن لك عبدًا " ، ولا تزعجه بكثرة مخالفاتها ، فهو أهم عندها من قضية الخلاف مهما كانت والخلاف ينبت البغضاء في القلب كما قال المثقب :
فإني لو تخالفني شمالي خلافك ما وصلت بها يميني
وكما قال ابن الرومي مشتكيًا متضجرًا مالاً منها :
مشغوفة بخلافي لو أقول لها يوم الغدير لقالت ليلة الغار
وهذا بإذن الله أقرب طريق إلى قلب الرجل ، وليس كما زعموا أن أقرب طريق إلى قلبه معدته ، ولكن طباع النساء غالبة عليهن إلا من رحم الله ، وعسى الله أن يوفق أخياتنا للمحافظة على أزواجهن وبيوتهن ، وأن يجعل لهن في ذلك بغية صالحة ترفع درجاتهن في جنات النعيم .
أرجو ألا يكون في هذا إغضاب لمن ملّت من زوجها ومن الحديث عن حقوق الزوج وواجبات الزوجة ، فالمقصود حفظ البيوت والأسر والسير بتلك السفن إلى بر الأمان ولتكن المبادرة من الزوجات الكريمات وسيجنين ثمرات ذلك في الدنيا والآخرة إن شاء الله .
ـــــــــــــــــ
كلمة إلى العرس والعرائس
قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون) [الروم:21] .
إنّ هذه المودة والرحمة اللتين تقررهما الآية لا بد لتحقيقهما من اصطناع الأسباب التي تؤدي إليهما من الكلمة الحلوة ، والبذل السخي، والعشرة اللطيفة، والسلوك الحسن ، والفعل الطيب ، وليس ذلك كائناً إلاّ بأن
يتعاون الزوجان على فهم كل منهما للآخر، وبأن يخطو كل منهما الخطوة الإيجابية في طريق المحبة، ويبادل صاحبه العاطفة الكريمة بمثلها .
وهذا كلام يفيد الإخوة والأخوات من الأزواج سواء أكانوا حديثي عهد بالزواج أم كانوا ممن مضى عليهم في هذه التجربة حين من الدهر . ولكنَ الكلام الآتي خاص(53/178)
بالزوجين في بدء حياتهما الزوجية السعيدة ، ذلك لأن هذه المرحلة مرحلة خطيرة لها آثارها الضخمة على حياتهما المقبلة . وقد يكون كثير من الشباب والشابات على معرفة يسيرة بحقيقة الحياة ، وخبرة محدودة بعلائق الناس ومعاملتهم ، فإلى هؤلاء أوجه هذه الكلمة لنعيش معهم في جو المودة والرحمة الذي يشع من الآية الكريمة.
أيها العُرُس والعرائس!
إنّ هناك أفكاراً مغلوطة تقوم في أذهان كثير من عامتنا رجالاً ونساءً ، وهذه الأفكار الخاطئة ربما أودت بالحياة الهادية السعيدة، والعيشة الراضية الرخيّة التي تطلع إليها كل عروس:
فمن ذلك ما يشيع عند نفرٍ من العامة أن العنف الشديد ينبغي أن يكون في الأيام الأولى للزواج .
ومن ذلك ما بدأنا نسمع به ونراه من التكلف الزائد والتصنّع الواضح في أيام العرس ، وتحميل الإنسان نفسه من النفقات ما لا يطيق ، وإظهار نفسه على غير حقيقتها.
وهذا وذاك خطأ بيّن ، وخطر ماحق ، يتهدد السعادة البيتية ، ويقضي على الحياة الزوجية .
يا أبنائي وبناتي إنّ المودة لا تهبط علينا هبوطاً ، ولا تنبع من تحت أرجلنا نبعاً .. إننا إن لم نسعَ إليها ، ونأخذْ بما يوصلنا إليها لم نبلغها. فاستفيدوا يا أيها الأحبة من خبرة أهل العلم والتجربة التي توصلوا إليها بعد أن أمضوا عقوداً عديدة من السنين في دراسة مشكلات الناس ومحاولة التوفيق بين المختلفين منهم .
في كل بلدٍ تقوم أمثال شعبية تعبّر عن آراء أهل ذاك البلد ، وهذه الآراء منها الصحيح ومنها المغلوط ، فمن الأمثال الشعبية الهدامة التي تهدد سعادة الأزواج بالانهيار مثل يردده الناس في بلدنا وهو قولهم : ( اقطع رأس القط في ليلة العرس ) وهذا المثل مبنيّ على أسطورة تدّعي أن رجلاً مقبلاً على الزواج أتى بقط وجعله في غرفة العروس ، وخبأ تحت الوسادة سكيناً ، فلما دخلت العروس أمسك بالسكين وعمد إلى القط فقطع رأسه ، فراع دم الهرّ البريء المرأة الغريبة الوافدة ، وجزعت أشدّ الجزع وأحسّت أنها إن خالفت أمر هذا الزوج الوحش ربما تعرّضت إلى عقوبة تقرب من عقوبة ذاك القط البريء ... ولذلك فقد انقادت لزوجها انقياداً تاماً وأطاعته طاعة عمياء . إنّ هذه الفكرة الخاطئة توقع النفور بين الزوجين في وقت هما في أشد الحاجة إلى الألفة والمودة والانسجام .. إنّ بدء الحياة الزوجية في جو يقوم على الإرهاب والدم والتهديد يذهب بكل إمكانات الوفاق في المستقبل ، ويجعل الحياة إن استمرت قائمة على الخوف والحقد، والكراهية والكيد إنّ الأيام الأولى في الزواج مرحلة من أدق المراحل في حياة الإنسان .
نعم .. هناك ضرورة ماسة إلى أن يروض كل من الزوجين نفسه وصاحبه على الحياة الجديدة ، وقد تتداخل بعض المعاني في بعض عند كثير من الشباب فيقعون في أغلاط مدمرة .. إن ترويض العروسين نفسيهما وصاحبيهما على بعض العادات والأخلاق والأعراف ينبغي أن يكون مغموراً بندى المودة ، وشذا المحبة ، ونسيم التفاهم .. أما العصا والسوط والسكين والمعاندة والمخالفة فسلاح مغلول، إن صلح لدى بعض الأمزجة المريضة النادرة فلن يصلح في أكثر الحالات .(53/179)
إن الزوج الناجح هو الذي يستطيع أن يمتلك قلب زوجته في الأيام الأولى ، وإن الزوجة الناجحة هي التي تستطيع أن تحظى بإعجاب الزوج ومحبته في هاتيك الأيام السعيدة ، ذلك لأنّ الإحسان يقود إلى الإحسان ، وقيامُ مثل هذا الوضع من الطرفين يعينهما على إفراز المحبة والعطف والحنان والتقدير والاحترام، وعلى مرور الأيام كلما قامت عوامل جديدة تربط بين الزوجين نجد أنّ هذه المعاني قد زادت توثقاً ورسوخاً ونمت نمواً كبيراً.
ولو نظرنا يا سادتي في أحكام الشريعة السمحاء لوجدنا ما يؤيد هذا المنطق السليم ويدعمه ، فلقد ندب الشارع الحكيم الزوج أن يقيم مع عروسه سبعة أيام إن كانت بكراً ، وألا يشرك معها غيرها.
روى البخاري ومسلم عن أنس أنه قال : " من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندهم سبعاً وقسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ".
ولقد ندب إلى إقامة الوليمة ، وفي ذلك تطييب لخاطرها وإشعار لها بالاهتمام البالغ لا سيما في الأزمان التي يكثر فيها الفقر، وتشح فيها الموارد.
والناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأزواجه يعلم حقّ العلم أن الفكرة القائلة باستخدام العنف في الأيام الأولى أو في الحياة الزوجية مرفوضة رفضاً تاماً ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" ، وكان صلى الله عليه وسلم يُعنى بملاطفة أهله والتودد إليهن وممازحتهن .
والمروءة تقضي بذلك أيضاً ، فهذه البنت الغريبة التي تركت أهلها ، وجاءت إلى بيت لم تألفه ، وإلى قرين لم يسبق لها به خلطة ، جديرة بأن تكرم ؛ حتى تزول وحشتها ، وتشعر أنها انقلبت إلى جو مفعم بالحب والحنان والمؤانسة والاحترام ، يجب أن يشعرها الزوج الذي ارتضاها بأن تكون شريكة عمره وأم أولاده أن يشعرها أن بيت الزوجية ليس قفصاً ولا سجناً ولا أتوناً ، وإنما هو واحة عامرة بالودّ والنعيم ، وأنها في أفراح متواصلة ، لا في معارك ساخنة .
وعليها هي أيضاً أن تبادله هذه العواطف بمثلها ، وتروّض نفسها على قبول الحياة الجديدة ، ويتنازل كل منهما عن العادات التي كان يحياها فيما قبل الزواج ، إنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شأنه ، فالعنف من أحد الزوجين أو كليهما ينمي فيهما الحقد ، ويحملهما على العبوس الدائم ، وقد يصيبهما ببعض الأمراض النفسية ، التي تسيء إليهما مدة حياتهما ، وإلى أولادهما من بعدهما ، وقد يعرضهما إلى الجنون أو الإجرام ، وقد تتقوض الحياة الوليدة وتنتهي إلى الفراق الفاجع .
وكذلك فإن التكلف الزائد ، وإرهاق المرء نفسه بالنفقات في أيام العرس لون من الخداع يكون أثره سيئاً على الحياة الزوجية، وحماقة تؤذي مصلحة الأسرة لجديدة.
أيها السادة:
لنتقِ الله في بيوتنا ، ولنتخلق بالأخلاق الإسلامية، ولنلقِ وراء ظهورنا كل العادات السخيفة البالية والمستحدثة ، ولنستمسك بما جاء في ديننا ففيه - والله - السعادة(53/180)
الحقة ، ولنسعَ إلى المودة والرحمة باتخاذ أسبابهما لعلنا نوفق إلى إقامة الأسر المتراحمة المتوادة ، التي تحتاج إليها أمتنا في نهضتها المقبلة إن شاء الله .
ـــــــــــــــــ
أساليب عملية في حل الخلافات الزوجية
ينبغي أن ينظر الزوجان نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذ إنها من الممكن أن تكون عاملاً من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه وإما يضخمه ويوسع نطاقه.
ضوابط لا بد منها:
لا شك أن الكلمات الحادة، والعبارات العنيفة لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس.
فلزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه، وعند أدنى اصطدام، فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى بذلك. وإما أن تطرح للحل.
ولا بد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.
البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو الإنكار والرفض، أو التشبث بالكسب.
روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: [إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً] .
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (السام عليكم)، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم، قال: [مهلاً يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش] قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: [أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في] .
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره] .
وروى الترمذي سُئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: (لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح).
وقول أنس: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي يوماً لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء تركتُه لم تركتَه). (رواه أحمد) .
• الوعي بأثر الخلاف وشدة وطئه على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره، يسبب لها كثيراً من الإرباك والقلق والإزعاج، وخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.(53/181)
• البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين: [الكبر بطر الحق وغمط الناس] . (رواه مسلم)
• عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا، أو نعم، ثم بعد الإلحاح يغير القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى اللجاج والمخاصمة.
خطوات حل الخلافات:
1. تفهم الأمر هل هو خلاف أو أنه سوء تفاهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنماء سوء تفاهم.
2. الرجوع إلى النفس ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها مع ربها الذي هو أعظم وأجل. وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك.
3. معرفة أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب وأن من البلاء الخلاف مع من تحب، وقد قال محمد بن سيرين إني لأعرف معصيتي في خلق زوجتي ودابتي.
4. تطويق الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن.
5. تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
6. أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صواباً غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش، فإن هذا قتل للحل في مهده.
7. في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس، قال تعالى: (ولا تَنْسَوا الفضل بينكم) البقرة:237. فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا، فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور.
8. لا تجعل الحقوق ماثلة دائماً أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق، أو المطالبة بحقوق ليست واجبة أو المطالبة بالحقوق وتناسي الواجبات.
9. الاعتراف بالخطأ عند استبانته، وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك، وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل)، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب، فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط، بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
10. الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة، كما قال صلى الله عليه وسلم: [غارت أمكم] (رواه البخاري) ، وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم(53/182)
أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال، ومعرفة طبائع النفوس، وما لا يمكن التغلب عليه.
روى النسائي وابو داود عن عائشة رضي الله عنه قالت: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرته، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته فقال: [إناء كإناء وطعام كطعام ] .
11. الرضا بما قسم الله تعالى فإن رأت الزوجة خيراً حمدت، وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا، وأن يعلم الرجل أنه ليس هو الوحيد في مثل هذه المشكلات واختلاف وجهات النظر.
12. لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب، وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس، وتبرد الأعصاب، فإن الحل في مثل هذه الحال كثيراً ما يكون متشنجاً بعيداً عن الصواب.
13. التنازل عن بعض الحقوق، فإنه من الصعب جداً حل الخلاف إذا تشبَّت كل من الطرفين بجميع حقوقه.
14. التكيف مع جميع الظروف والأحوال، فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر، فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
15. يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبباً للسعادة، وليس النجاح بالسكن في الدور والقصور، والسير أمام الخدم والحشم، وإنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة عن الطمع.
16. غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود.
ـــــــــــــــــ
دعوة أمريكية لكل امرأة : استسلمي فوراً لزوجك !
" الزوجة المستسلمة " هي آخر صيحة اجتماعية ، دعت إليها الكاتبة الأمريكية لورا دويل ، في كتابها الذي يحمل العنوان ذاته ، والذي صدر مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية .
كل كلمة في هذا الكتاب " التعليمي " تدعوا بجلاء إلى تحرير الرجل ، وتقييد المرأة ، بل تحرض النساء على العودة إلى عصر غسل أقدام الرجال والسهر على راحتهم ، وعدم استثارة غضبهم ، وعمل كل شيء لجعلهم كائنات لطيفة لأن الرجل حين يكون لطيفًا فإنه " أحن " من المرأة و " أنعم " في مشاعره !
الزوجة المستسلمة ليست بالضرورة هي الزوجة المقهورة ، بل أن تعبير الاستسلام سوف يقضي عليه ويقهر معنى القهر ، إذ كيف يكون هناك قهر بعد استسلام ؟! ... لقد انتهى الموقف بالرضوخ وبالاستجابة الكاملة لآراء الطرف الآخر ، ومعنى هذا أنه لاقهر ولاضغط بل حب وتفان ، ورغبة في إسعاد الزوج بكلمة " حاضر " وعيوني ... و " طبعا طبعا يا حبيبي " .
الزوجة المستسلمة لا تتأفف ولا تتبرم ولا تشخط ولا تزعق ولا تصرخ ولا تتذكر أيام العيش الجميلة في بيت أمها و أبيها .(53/183)
والزوجة المستسلمة في المفهوم الأمريكي الجديد هي التي لا تحاسب زوجها عند الرجوع متأخراً وهي التي لا تسأله كم صرف وكم ادخر ، وعلى من صرف ، ولماذا أسرف في الصرف ، ولا تطارده بأسئلة من نوع :
ـ ذهبت لأمك ؟!
ـ ماذا أخذت لأخوتك ؟
ـ لماذا كل هذا البذخ على أهلك والتقتير على أهلي ؟ !
ـ لماذا تشتري أغلى الملابس لك .. وتضن على بتايير شيك ؟!
هي لا تسأله ولا تطارده ولا تحقق معه ، بل تتركه يفعل ما يشاء ... وسوف ترى العوائد والفوائد التي سوف تجنيها من سياسة الحرية كل الحرية للرجل والاستسلام كل الاستلام من المرأة !
المؤلفة لورا دويل لا تمانع من أن تعبر المرأة المستسلمة عن رأيها لزوجها :
ولكن في هذه الحالة عليها أن تستخدم لفظة " أشعر وأحس.. وعندي كلام " بدلا من أعتقد أو في الواقع ...
فتلك البدايات ليست ألفاظًا بل ألغاما تنفجر عند بدء النقاش أو فتح حوار بين طرفين هما بطبيعة الموقف لا ينقصهما التحفز والتورم الداخلي ، ثم إن استعمال هذه المفردات يعطي الشعور للرجل بأنه في مواجهة مع رجل آخر ، وليس مع امرأة ، مما يجعله في حالة استنفار داخلي لكل قواته وحشوده وأسلحته ، وهكذا تشتعل معركة غير متكافئة ، تنتهي بدموع المرأة ، وباعتذار الرجل إذا كان عنده بقية من ذوق ورومانسية ، أو يهجر الاثنين للبيت وسط صراخ الأطفال .
يثير الكتاب حتى الوقت الحاضر جدلا واسعًا في بيئة متحررة بالغريزة مثل المجتمع الأمريكي ، وتتناوله وسائل الإعلام بالعرض والنقد ، وقد احتل الكتاب رأس قائمة أحسن عشرة كتب ، وقد تباينت وجهات النظر حوله فبينما وصفه البعض بأنه كتاب " عملي وقيم " وصمته جامعة أوكلا بأنه " مدمر، ومتخلف ولا يحمي النساء " .
والمؤلفة لورا دويل تبلغ من العمر 33 عاما وقد نشأت في بيت يضرب فيه الأبوان بعضهما البعض ، وكان كل منهما يقول لها من وراء الآخر :
ـ الزواج شركة متكافئة .. متعادلة .. أي يريد كل من الأب والأم أن يؤكد لابنته :
ـ رأسي برأسها ... أو رأسي برأسه .
وبالطبع لا يصلح بيت فيه رأسان !
والظاهر أن لورا تشربت بأفكار والديها فهدمت زواجها هي الأخرى من رجل يزيد عنها بـ 11 عاما فقد دأبت على محاسبته وضبط أفكاره الداخلية والتفتيش في مشاعره وحتى محاصرة خيالاته التي لو تولد بعد ...
وبعد خراب بيتها لجأت إلى استشارة صديقات مخلصات سعيدات وظهر لها أنهن مستسلمات تماما ، وأن أية واحدة منهن لم تظهر قط نقدًا أو سخرية للزوج أو استهتارًا أو تهوينا من شأنه وقالت واحدة : أعطه حرية التصرف في النقود !(53/184)
ومن مجموع هذه المقابلات الموسعة ، ومع تراكم خبرة " النقار " في حياتها مع زوجها أسست لورا مفهوم " المرأة المستسلمة لبناء البيت السعيد " ... وهي تشرح هذا المفهوم :
مهمتي هي تعليم النساء قوة الاستسلام ! إنني أشن حملة سلام عالمية داخل بيوت تشتعل فيها الحروب الزوجية .
تنصح لورا المرأة التي ترى أنها زعيمة في مكتبها وفي مشروعها التجاري وفي أية شركة عمل بأن تنسى تماما هذا الدور ، أن تخلع حذاء الزعامة بمجرد دخولها منزلها ، فليس البيت هو الشركة ، وليس هو المكان الذي يتصارع فيه الزوجان .
وعليها ألا تسفه رأيه ولاتحقر من أفعاله ، وأن تظهر الاهتمام بآرائه ومشاعره ، وبعمله وبحروبه الصغيرة الخارجية مع زملاء عمله .
* سياسات عملية لإرساء السلام في بيوت الأزواج المتحاربين :
وقد حددت لورا سياسات عملية لإرساء السلام عن طريق الاستسلام في بيوت الأزواج المتحاربين :
1ـ إعلان الاعتذار الفوري عن أي خطأ صغير ، تكدرت معه أو بعده صفحة وجه الزوج أو مشاعره .
2ـ ترك الموقف وإعلان الرغبة في الانسحاب من المكان ومغادرة البيت أو الغرفة .
3ـ تجنب التصعيد المتبادل .
4 ـ أن تركز المرأة على بناء اهتمامات موازية وبديلة من التركيز على الرجل وجعله محور حياتها ، الأمر الذي يخنق الرجل ويجعله يفكر في الفرار .
تعرضت المؤلفة بطبيعة الحال لنقد عنيف ، خصوصا في دعوتها إلى منح الرجل حرية التصرف في أموال الأسرة ، بغض النظر عن حقه في أموالها ، فقد تكون المرأة أكثر دخلا منه ، فكيف يجوز له أن ينفق أموالها مع أمواله ؟
ـــــــــــــــــ
ثلاثون وصية تسعد بها زوجتك
السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان ، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه ، وكثيرون يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم ، ولماذا يفشلون في تحقيق هناءة الأسرةواستقرارها .
ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين ، فلا بد من وجود المحبة بين الزوجين. وليس المقصود بالمحبة ذلك الشعور الأهوج الذي يلتهب فجأة وينطفئ فجأة ، إنما هو ذلك التوافق الروحي والإحساس العاطفي النبيل بين الزوجين .
والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها ، بل لا بد أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين ، والتسامح لا يتأتى بغير تبادل حسن الظن والثقة بين الطرفين .
والتعاون عامل رئيسي في تهيئة البيت السعيد ، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح . والتعاون يكون أدبياً ومادياً . ويتمثل الأول في حسن استعداد الزوجين لحل ما(53/185)
يعرض للأسرة من مشكلات ، فمعظم الشقاق ينشأ عن عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر ، أو عدم إنصاف حقوق شريكه .
ولا نستطيع أن نعدد العوامل الرئيسة في تهيئة البيت السعيد دون أن نذكر العفة بإجلال وخشوع ، فإنها محور الحياة الكريمة ، وأصل الخير في علاقات الإنسان .
وقد كتب أحد علماء الاجتماع يقول : " لقد دلتني التجربة على أن أفضل شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادي الشقاق ، هو أنه لا يوجد حريق يتعذر إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء .. ذلك لأن أكثر الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها " وتقع المسؤولية في خلق السعادة البيتية على الوالدين ، فكثيراً ما يهدم البيت لسان لاذع ، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام ، وكثيراً ما يهدم أركان السعادة البيتية حب التسلط أو عدم الإخلاص من قبل أحد الوالدين وأمور صغيرة في المبنى عظيمة في المعنى .
وهاك بعضاً من تلك الوصايا التي تسهم في إسعاد زوجك :
1. لا تُهنْ زوجتك ، فإن أي إهانة توجهها إليها ، تظل راسخة في قلبها وعقلها . وأخطر الإهانات التي لا تستطيع زوجتك أن تغفرها لك بقلبها ، حتى ولو غفرتها لك بلسانها ، هي أن تنفعل فتضر بها ، أو تشتمها أو تلعن أباها أو أمها ، أو تتهمها في عرضها .
2. أحسِنْ معاملتك لزوجتك تُحسنْ إليك ، أشعرها أنك تفضلها على نفسك ، وأنك حريص على إسعادها ، ومحافظ على صحتها ، ومضحٍّ من أجلها ، إن مرضتْ مثلاً ، بما أنت عليه قادر .
3. تذكر أن زوجتك تحب أن تجلس لتتحدث معها وإليها في كل ما يخطر ببالك من شؤون. لا تعد إلى بيتك مقطب الوجه عابس المحيا ، صامتا أخرسا ، فإن ذلك يثير فيها القلق والشكوك .!!
4. لا تفرض على زوجتك اهتماماتك الشخصية المتعلقة بثقافتك أو تخصصك ، فإن كنت أستاذا في الفلك مثلا فلا تتوقع أن يكون لها نفس اهتمامك بالنجوم والأفلاك !!
5. كن مستقيما في حياتك ، تكن هي كذلك . ففي الأثر : " عفوا تعف نساؤكم " رواه الطبراني . وحذار من أن تمدن عينيك إلى ما لا يحل لك ، سواء كان ذلك في طريق أو أمام شاشة التلفاز ، وما أسوأ ما أتت به الفضائيات من مشاكل زوجية !!
6. إياك إياك أن تثير غيرة زوجتك ، بأن تذكِّرها من حين لآخر أنك مقدم على الزواج من أخرى ، أو تبدي إعجابك بإحدى النساء ، فإن ذلك يطعن في قلبها في الصميم ، ويقلب مودتها إلى موج من القلق والشكوك والظنون . وكثيرا ما تتظاهر تلك المشاعر بأعراض جسدية مختلفة ، من صداع إلى آلام هنا وهناك ، فإذا بالزوج يأخذ زوجته من طبيب إلى طبيب !!
7. لا تذكِّر زوجتك بعيوب صدرت منها في مواقف معينة ، ولا تعيِّرها بتلك الأخطاء والمعايب ، وخاصة أمام الآخرين .
8. عدِّل سلوكك من حين لآخر ، فليس المطلوب فقط أن تقوم زوجتك بتعديل سلوكها، وتستمر أنت متشبثا بما أنت عليه ، وتجنب ما يثير غيظ زوجتك ولو كان مزاحا .(53/186)
9. اكتسب من صفات زوجتك الحميدة ، فكم من الرجال ازداد التزاما بدينه حين رأى تمسك زوجته بقيمها الدينية والأخلاقية ، وما يصدر عنها من تصرفات سامية
10. الزم الهدوء ولا تغضب فالغضب أساس الشحناء والتباغض . وإن أخطأت تجاه زوجتك فاعتذر إليها ، لا تنم ليلتك وأنت غاضب منها وهي حزينة باكية . تذكَّر أن ما غضبْتَ منه - في أكثر الأحوال - أمر تافه لا يستحق تعكير صفو حياتكما الزوجية ، ولا يحتاج إلى كل ذلك الانفعال . استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وهدئ ثورتك ، وتذكر أن ما بينك وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة ، أو ثورة انفعال طارئة
11. امنح زوجتك الثقة بنفسها . لا تجعلها تابعة تدور في مجرَّتك وخادمة منفِّذةً لأوامرك . بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها وتفكيرها وقرارها . استشرها في كل أمورك ، وحاورها ولكن بالتي هي أحسن ، خذ بقرارها عندما تعلم أنه الأصوب ، وأخبرها بذلك وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى رأيك برفق ولباقة .
12. أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " رواه الترمذي .
13. توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ ، ولا تقارنها بغيرها من قريباتك اللاتي تعجب بهن وتريدها أن تتخذهن مُثُلاً عليا تجري في أذيالهن ، وتلهث في أعقابهن
14. حاول أن توفر لها الإمكانات التي تشجعها على المثابرة وتحصيل المعارف . فإن كانت تبتغي الحصول على شهادة في فرع من فروع المعرفة فيسِّرْ لها ذلك ، طالما أن ذلك الأمر لا يتعارض مع مبادئ الدين ، ولا يشغلها عن التزاماتها الزوجية والبيتية . وتجاوبْ مع ما تحرزه زوجتك من نجاح فيما تقوم به
15. أنصتْ إلى زوجتك باهتمام ، فإن ذلك يعمل على تخليصها مما ران عليها من هموم ومكبوتات ، وتحاشى الإثارة والتكذيب ، ولكن هناك من النساء من لا تستطيع التوقف عن الكلام ، أو تصبُّ حديثها على ذم أهلك أو أقربائك ، فعليك حينئذ أن تعامل الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة
16. أشعر زوجتك بأنها في مأمن من أي خطر ، وأنك لا يمكن أن تفرط فيها ، أو أن تنفصل عنها
17. أشعر زوجتك أنك كفيلٌ برعايتها اقتصاديا مهما كانت ميسورة الحال ، لا تطمع في مالٍ ورثتْهُ عن أبيها ، فلا يحلُّ لك شرعاً أن تستولي على أموالها ، ولا تبخل عليها بحجة أنها ثرية ، فمهما كانت غنية فهي في حاجة نفسية إلى الشعور بأنك البديل الحقيقي لأبيها .
18. حذار من العلاقات الاجتماعية غير المباحة . فكثير من خراب البيوت الزوجية منشؤه تلك العلاقات
19. وائم بين حبك لزوجك وحبك لوالديك وأهلك ، فلا يطغى جانب على جانب ، ولا يسيطر حب على حساب حب آخر . فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى ، والقسطاس المستقيم
20. كن لزوجك كما تحب أن تكونَ هي لك في كل ميادين الحياة ، فإنها تحب منك كما تحب منها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إني أحب أن أتزين للمرأة كما(53/187)
أحب أن تتزين لي 21 . أعطها قسطا وافرا وحظا يسيرا من الترفيه خارج المنزل ، كلون من ألوان التغيير ، وخاصة قبل أن يكون لها أطفال تشغل نفسها بهم .
22 . شاركها وجدانيا فيما تحب أن تشاركك فيه ، فزر أهلها وحافظ على علاقة كلها مودة واحترام تجاه أهلها
23. لا تجعلها تغار من عملك بانشغالك به أكثر من اللازم ، ولا تجعله يستأثر بكل وقتك، وخاصة في إجازة الأسبوع ، فلا تحرمها منك في وقت الإجازة سواء كان ذلك في البيت أم خارجه ، حتى لا تشعر بالملل والسآمة .
24. إذا خرجت من البيت فودعها بابتسامة وطلب الدعاء . وإذا دخلت فلا تفاجئها حتى تكون متأهبة للقائك ، ولئلا تكون على حال لا تحب أن تراها عليها ، وخاصة إن كنت قادما من السفر .
25. انظر معها إلى الحياة من منظار واحد ..وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء بقوله:" أرفق بالقوارير " رواه أحمد في مسنده ، وقوله : " إنما النساء شقائق الرجال " رواه أحمد في مسنده ، و قوله : " استوصوا بالنساء خيرا " رواه البخاري
26. حاول أن تساعد زوجك في بعض أعمالها المنزلية ، فلقد بلغ من حسن معاشرة الرسول صلى الله عليه وسلم لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن المنزلية . قالت عائشة رضي الله عنها : " كان صلى الله عليه وسلم يكون في مهنة أهله -يعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " رواه البخاري
27. حاول أن تغض الطرف عن بعض نقائص زوجتك ، وتذكر ما لها من محاسن ومكارم تغطي هذا النقص لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم " لا يفرك ( أي لا يبغض ) مؤمنٌ مؤمنة إن كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر "
28 . على الزوج أن يلاطف زوجته ويداعبها ، وتأس برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك : " فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ؟ " رواه البخاري ، وحتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو القوي الشديد الجاد في حكمه - كان يقول : " ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي ( أي في الأنس والسهولة ) فإن كان في القوم كان رجلا " .
29. استمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب ، فقد كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه في الرأي ، فلا يغضب منهن
30 . أحسن إلى زوجتك وأولادك ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم خيركم لأهله " رواه الترمذي ، فإن أنت أحسنت إليهم أحسنوا إليك ، وبدلوا حياتك التعيسة سعادة وهناء ، لا تبخل على زوجك ونفسك وأولادك ، وأنفق بالمعروف ، فإنفاقك على أهلك صدقة . قال صلى الله عليه وسلم : " أفضل الدنانير دينار تنفقه على أهلك ... " رواه مسلم وأحمد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ(53/188)
دائرة معارف الأسرة المسلمة - السعادة الزوجية
أسباب إعراض الزوج
تشكو إحدى الزوجات من إعراض زوجها عنها وتجاهله لها مما أدى إلى سوء العشرة بينهما وتسأل كيف يمكن لها معالجته ومعاملته بطريقة تعيده لها، وماذا تفعل إن لم تستطع إصلاحه؟
إلى جانب نصائح الكثيرين لها باتباع طريق الدجالين ربما أصابه مس من الجن!1
لم يغفل المنهج الإسلامي ذكر الوسائل التي ينبغي اتخاذها في حالة جفاف منبعي المودة والرحمة بين الزوجين، وبالتالي ظهور التصدع في الأسرة سواء أكان مجرد بوادر أو إمارات أو إذا استفحل إلى درجة المشاقة وسوء الخلافات، فرسم في منهجية الواقعية الطرق التي يجب اتخاذها في حال ظهور بوارد النشوز من قبل الزوجة أو من قبل الزوج فقال تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صالحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} (النساء: 128)ويستحسن في علاج هذه المشكلة قبل اللجوء إلى المصارحة من قبل الزوجة ومن ثم المصالحة من قبلهما أن تراجع المرأة نفسها في حال ظهور بوارد النشوز أو الإعراض من قبل زوجها لاسيما إذا كانت لا تزال مقبولة شكلاً وعمراً وطيب نفس فقد تكون هي وراء ذلك بسبب تغير معاملتها أو سوء في خلقها أو تقاعس عن أداء واجباتها.. وفي محاسبة النفس تتكشف للإنسان أمور كثيرة وبالتالي يمكن تفادي الأخطاء لتعود المياه إلى مجاريها، وعلى الزوجة معالجة الموقف ودراسته من كافة الوجوه واستعمال ذكائها وحكمتها في ذلك بحثاً عن مصلحتها الحقيقية وتخطئ الكثيرات من الجاهلات ممن يلمسن تغيراً في معاملة أزواجهن في الاعتقاد أنه على حد تعبيرهن هناك من عمل له عملاً، يصدا سحراً، ويقمن بمعالجة الموضوع بأسلوب غبي لا يقره العقل السليم ولا الشرع القويم، وحبذا لو عرف هذا الصنف من النساء أنه إن كان هنالك (عمل) قد عمل لزوج إحداهن فقد يكون من كسبها وسوء تصرفها مما يؤدي إلى نفوره منها وأن اللجوء إلى السحر والشعوذة لا يزيد الأمر إلا تعقيداً والنشوز شقاقاً بالإضافة إلى حرمتها الكبرى
من كتاب/ السعادة الزوجية
55 - طريقة لكسب السعادة الزوجية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
وكما وعدتكم في الحلقة الأخيرة من سلسلة ( أزواج وزوجات في قفص الاتهام ) ، والتي كانت تحمل عنوان : ( زوجتي نكدية ) ، فهذه ( 55 نصيحة من المجربين والخبراء وعلماء النفس لكسب السعادة الزوجية ) ..
أخي الزوج .. أختي الزوجة :-
1- تذكر أن الغياب القصير عن الزوجة قد يقوي الرابطة الزوجية ، لكن الغياب الطويل قد يكون معول هدم لها .
2- عليك أن تفهم طبيعة المرأة حتى يمكنك فهم ووعي التعامل الصحيح معها من غير تطرف ولا شطط .
3- لا تدع أي خلاف بينكما يستمر إلى اليوم التالي .
4- تجنب الحديث عن التجارب السابقة أو عن الماضي المرتبط بامرأة أخرى ، سواء كانت خطيبة أو زوجة سابقة .
5- ابتعد عن المثالية ، وعش حياتك بطريقة طبيعية ، ولا تتوقع المعجزات .
6- أعرب لزوجتك عن حبك كلما سنحت لك الفرصة .
7- حارب في نفسك الاستسلام للهم والقلق ، وكن دائماً بشوش طلق الوجه متفائلاً .
8- إياك والنقد اللاذع ، أو المستمر مع كل صغيرة وكبيرة .
9- حاول دائماً حصر النزاع في دائرة ضيقة ، ولا تجعلها تتسع ، وسيطر أنت على المشكلة قبل أن تفلت من يدك .
10- الغيرة والشك والشبهات أعداء ، فتعامل مع الوقائع ولا تتعامل مع الظنون والأوهام .
11- اغرس في شريك حياتك الثقة في نفسه وفيك ، وثق أنت فيه ، وابعث فيه الرضى عن النفس .
12- لا يكفي أن تتزوج شخصاً مناسباً حتى تكون سعيداً في زواجك ، ولكن يجب أن تكون أنت أيضاً الشخص المناسب .
13- النظافة عنوان الإيمان ودليل الحب .
14- تنازل بعض الشيء عن أشياء تعتبرها جزء من شخصيتك ، حتى يتسنى لك التمتع بما تحب من صفات شريكك في الحياة .
15- اهتم بشريك حياتك كما تهتم بنفسك ، وأحب له ما تحب لنفسك .
16- الأخذ والعطاء .. تعود كل منهما على التفاهم ، ولا تكن أنانياً تريد أن تأخذ أكثر مما تعطي ، أو تأخذ كل شيء ولا تعطي شيئاً .
17- الرجل يريد من المرأة أن تكون زوجة مثالية تحسن التصرف في كل شيء ، وتمده بالحب والرعاية والحنان ، والمرأة تريد من زوجها أن يكون الشخصية القوية التي يمكن الاعتماد عليها ، والذي يقدر على سد احتياجاتها ، وأن توقن بأنها آخر امرأة في حياته .
18- لا تسارع باتهام شريكك في الحياة عند كل مصيبة ، بل لننظر إلى الموضوع نظرة منصفة ولا تسبق الأحداث .
19- عش يومك ولا تفكر بهموم الغد الذي لم يحن بعد ، وتصرف في حدود إمكانياتك .
20- عليك أن تفهم قدسية الرابطة الزوجية وأنها ميثاق غليظ ، ففكر ألف مرة قبل أن تتخذ خطوة بعدها لا ينفع الندم .
21- لا تعتمد على الحب فقط ، وإن كان الحب مهماً وضرورياً في الحياة الزوجية .
22- اعط القدوة من نفسك لشريكك في الحياة ، ودع أفعالك تتحدث وتنبئ عن شخصيتك .
23- لا تدع الفرصة لأقاربك وجيرانك في التدخل بينكما ، واحرص علىحل مشاكلكم بنفسك قدر الاستطاعة .
24- لا تعجل بصحيح ما تراه خطأ من شريكك في الحياة ، فهناك عادات لن تتغير إلا بعد زمن بعيد ، ولا تضخم الصغائر .
25- لابد من تقبل تبعات الزواج ومسؤولياته بنفس راضية وقلب مطمئن .
26- تجنب قدر المستطاع أسباب الخلاف بينكما ، وابتعد عن إحراج شريكك في الحياة .
27- اعمل مع زوجك على القيام بأعمال مشتركة ، فسوف تمثل لكما ذكريات سعيدة فيما بعد ، وتقرب أكثر بينكما .
28- أتح لزوجك الفرصة بكل حرية للتعبير عن نفسه والعمل على تنمية مواهبه ، ولا تسخر من قدراته .
29- الحقوق المالية لابد أن تحترم ، ولا يتم التساهل فيها ، فهي من أكبر أسباب الخلاف .
30- لا تشرك زوجك في أحزانك ، وحاول جاهداً أن تتغلب عليها وحدك ، ولكن لا تنساه في أفراحك .
31- احذري أيتها الزوجة صديقاتك اللاتي يتدخلن في حياتك الخاصة ، وهن يلبسن ثوب النصح والإرشاد .
32- أشعري زوجك أيتها الزوجة بأنه الشخص المثالي الذي كنت تودين الارتباط به ، وأنك فخورة به وبشخصيته .
33- تذكر حسنات زوجك عند نشوب أي خلاف بينكما ، ولا تجعل مساوئه تسيطر على عقلك فتنسيك حسناته ومزاياه .
34- اسأل نفسك هذه الأسئلة ، حتى تدرك مزايا شريكك في الحياة وتتغلب على مشاكلك بنجاح :-
- ما الذي يعجب كل منكما في الآخر ؟!
- ما الخبرات السعيدة التي مرت بكما ؟!
- ما النشاط المشترك السار الذي تستمتعان به حقاً ؟!
- ماذا يفعل كل منكما ليظهر اهتمامه بالطرف الآخر ؟!
- ماذا تنتظر من شريكك لتشعر أنه يحبك ويقدرك ؟!
- ما أحلامكما المشتركة للمستقبل ؟!
35- في الخلافات الزوجية احذري أيتها الزوجة استخدام الألفاظ الجارحة حتى لا تخسري زوجك .
36- تهادوا .. تحابوا .. ليكن ذلك شعار الحياة الزوجية عند كل مناسبة سارة وسعيدة
37- الزوجة الذكية هي التي تختار الوقت المناسب لطلباتها وطلبات الأولاد وتختار الوقت المناسب أيضاً لإبداء ما تريد من ملاحظات على سلوك الزوج ، أحياناً يكون الوقت المناسب الذي تختارينه ليس هو الوقت المناسب حقاً .. فكري مرة وأخرى .
38- كرامتي .. كبريائي .. كلمات للشيطان ينفث بها في قلب الزوجين عند نشوب الخلاف ويحاول بهما جاهداً أن يبرر لكل منهما الخطأ والبعد عن التصالح .. فهل يصح هذا بين الزوجين ؟!!
39- لا تلغي وجود زوجك .. ولا تلغي وجود زوجتك .. فالشورى مهمة في الحياة الزوجية ، ولابد أن يشعر كل واحد بأنه مشارك في الحياة الزوجية وأنه غير مهمل .
40- لا تهرب .. ولا تهربي من المنزل عند نشوب المشكلات ، فالهروب ليس وسيلة للعلاج ، ولامانع من الهدوء قليلاً ثم العودة لحل الخلافات .
41- لا تضايقي زوجك بكثرة أسئلتك فيما لا يخصك ، أو تحاولي التطلع على أسرار لا يريد كشفها لك ، عندئذ سيترك الزوج المنزل ويمضي إلى مكان آخر يستريح فيه .
42- لا تبتعدي عن زوجك وتجعلي لنفسك قوقعة تجلسي فيها وحدك ، ولكن شاركيه بقدر الحاجة .
43- إذا كنت امرأة عاملة فتذكري أن بيتك هو مسؤوليتك الأولى ، فحاولي التكيف مع ظروف العمل وواجبات البيت .
44- لا تتجهمي إذا حضر أهل زوجك إلى البيت ، ولكن كوني مثال للترحاب وحسن الضيافة والكرم ، واعلمي أن زوجك يشعر بك عندها ويتعرف على انطباعاتك .
45- أكرمي حماتك وناديها بأحب الأسماء إليها حسب عادة العائلة ، ولا تحاولي الاختلاف معها ، واذكري ابنها بالخير أمامها .
46- الجار ثم الجار .. فقد وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالإحسان إليه وعونه على الطاعة ومشاركته في الأفراح والأتراح ، مما وصى به ديننا الحنيف .
47- الاختلاف الدائم في الرأي يؤدي غالباً إلى اختلاف القلوب ، فوافقي زوجك أحياناً حتى وإن كنت غير مقتنعة . واعلمي أن الطاعة في غير معصية الله ، وأنها في المعروف .
48- الهدوء الذي يحتاج إليه الزوج في البيت يمكن أن تحصلي عليه عن طريق شغل الأولاد في نوع من الألعاب الذي يحتاج إلى شحذ الذهن ، مثل ألعاب الفك والتركيب .. وغيرها .
49- أبناؤك نعمة كبرى ، فلا تجعليهم نقمة بإهمالك لهم وسوء تربيتهم ، والانشغال عنهم بأي شيء .
50- اقرئي عن مراحل نمو الطفل ، وكيف يمكن التعامل معه حتى تحسني تعامله وتتجنبي ما يمكن أن يؤثر على صحته النفسية ، ويقيه من الصراعات النفسية فيما بعد .
51- كوني عوناً لزوجك على الطاعة ، واطلبي الآخرة كما تطلبي الدنيا .
52- الإسراف مفسد للحياة الزوجية ، مضيع لنعمة الله تعالى ، والله لايحب المسرفين ، فعليك بالقصد لا تشعرين أبدأ بالحاجة .
53- سعادتك الزوجية لا تعني خلو الحياة الزوجية من المشاكل ، وإنما تعني قدرتك على حل تلك المشاكل وحصرها ، وألا تؤثر في العلاقة بينك وبين زوجك .
54- احذري الاختلاف مع الزوج أمام الأولاد ، أو علو الصوت أمامهم ، فهم يتعلمون أولاً بالقدوة والتقليد قبل أي شيء آخر ؛ لأن هذه المشكلات ستحضر في ذهن الطفل وتؤثر عليه فيما بعد .
55- لا تسمح لأحد بالتدخل في حياتك ، ولا تكن أنت سبباً في ذلك فلا تحكي أسرار بيتك لصديق أو قريب .
وإلى هنا نصل إلى نهاية هذه الطرق وهذه الأساليب .. لا يعني أنها قد حصرت في هذه النقاط ، بل هناك الكثير والكثير من هذه الطرق والأساليب ..
وأرى أنه لزاماً علي أن أبين أن المنهج الذي سرت عليه في طرح هذه الأساليب .. أو ما سبق طرحه من سلسلة حلقات أزواج وزوجات في قفص الاتهام : هو المنهج الوسط بين علماء النفس الذي تحدثوا عن الزواج والمشكلات الزوجية والصراع الزوجي وعرّفوا ذلك بأنه : ( مشكلة أو أزمة ) ، وبين الذين نسجوا الخيالات وصوّروا الحياة الزوجية على أنها جنة خضراء لا مشاكل فيها ولا خلاف .. وأن الزوج عبارة عن فارس يمتطي جواداً أبيض .. الخ .. فكان لابد من فهم المشكلات والخلافات وعرضها على ميزان الشرع مع تأصيل للمفاهيم ، ورد الأمور إلى أحكام الشريعة حين يحدث شطط أو غلو ..
وإلى اللقاء في حلقات أخرى .. وقضايا أخرى ..
أبو عبدالله الذهبي
أخطاء صغيرة..لكنها تقتل السعادة الزوجية
تحتاج السعادة الزوجية إلى جهد دؤوب من الزوجين، وقد يفعل الزوجان ذلك، ويبذلان قصارى جهدهما لتحقيق سعادتهما, لكن أخطاء صغيرة أو هفوات غير مقصودة تذهب بهذا الجهد أدراج الرياح. وحتى تتجنبي هذه الأخطاء وتحرصين على البعد عنها عليك أولا بالتعرف عليها
تجنبي كثرة السخط وقلة الحمد
فكثير من النساء إذا سئلت عن حالها مع زوجها أبدت السخط، وأظهرت الأسى واللوعة, وتبدأ عملية المقارنة بينها وبين أختها أو جارتها أو صديقتها، وهي لا تدري مدى تأثير ذلك على مشاعر الزوج.
وعلى المرأة أن تدرك بأن شكر زوجها والثناء عليه في حضوره وفي غيابه يزيده إعزازاً لها، وفي كتمان الشكر جحود ودخول في كفر النعم، وليعلم الأزواج، أن كلمات الشكر والتقدير بينهما تؤثر على أبنائهما، فيعتادونها في البيت وخارجه عند تقديم أي كلمة طيبة أو مساعدة لهم من أحد، فاعتياد التقدير وشكر الصنيع عادة تتكون داخل البيت، وتمتد إلى كل مسائل الحياة.
تجنبي كثرة المن
أيضا من النساء من تقوم على خدمة زوجها وأهله، وتقدم كل ما تستطيع تقديمه مادياً ومعنويا،ً ثم بعد ذلك تمن على زوجها وتذكره بأياديها السالفة وأفضالها، فتؤذيه بذلك.
إياك وإفشاء الأسرار
كلا الزوجين مطالب بكتمان أسرار زوجه وبيته، وهذا أدب عام حث عليه الإسلام ورغب فيه، سواء كانت تلك الأسرار خاصة بالعلاقة الزوجية أو بمشكلات البيت، فخروج المشكلة خارج البيت يعني استمرارها واشتعال نارها، خصوصاً إذا نقلت إلى أهل أحد الزوجين حيث لا يكون الحكم عادلاً لأنهم يسمعون من طرف واحد، وقد تأخذهم الحمية تجاه ابنهم أو ابنتهم
آراء في السعادة الزوجية
الدكتور حسان المالح
استشاري الطب النفسي / جدة
director@hayatnafs.com
السعادة الزوجية مفهوم نسبي لا يسهل قياسه وتعميمه .. وهو يعني فيما يعني رضا الزوجين عن حياتهما الزوجية بشكل عام وبدرجة عالية ..
وتقييم العلاقات الزوجية بأنها سعيدة أو غير ذلك لابد له أن يرتبط بمرحلة زمنية معينة تمر فيها هذه العلاقة .. وبعض العلاقات تكون في قمة السعادة الزوجية في فترة معينة .. ثم تتغير الأمور والأحوال .. وهناك لحظات سعيدة جداً .. أو ساعات ، أو أيام ، أو أسابيع ، أو سنوات .. أو العمر كله ... وبالطبع كلما طالت المدة السعيدة كلما كان ذلك أفضل .
وترتبط السعادة الزوجية بنجاح العلاقة الزوجية في وظائفها ومهماتها والتي تتمثل في الجوانب التالية :
تأمين العيش المشترك ، والسكن والحب ، وتلبية الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للطرفين ، وفي إنجاب الأطفال وتربيتهم ، وفي تلبية متطلبات المنزل والمعيشة ، وفي تحقيق المتطلبات والأدوار الاجتماعية المتنوعة ، وغير ذلك .
وتتأثر السعادة الزوجية بالنجاح أو الفشل ( النسبي ) في تحقيق الوظائف السابقة بالنسبة للزوج أو الزوجة أو كليهما وبشكل مرض ومقنع .. وبعض العلاقات تنجح في تحقيق عدد من الوظائف الزوجية ، ولكنها تفشل في بعضها الآخر .. ولا بد من القول بأن العلاقة الزوجية هي مشروع طويل الأمد يتطلب الإعداد والجهد والجد وفيه مسؤوليات متنوعة .. وكلما أنجزت مهمات معينة ظهرت مهمات ومسؤوليات أخرى يجب إنجازها ..
وتتأثر السعادة الزوجية بعدد من المشكلات الحياتية مثل عدم الإنجاب ، والضعف الجنسي عند الرجل أو البرود الجنسي عند المرأة ، ويمكن لكل ذلك أن يخلق زواجاً تعيساً مضطرباً ..
وأيضاً فإن الشخصية النكدية ، أو الشخصية الأنانية، أو الشخصية العدوانية المضطربة ، أو الشخصية ضعيفة المهارات .. يمكن لها إذا كانت تنطبق على أحد الزوجين ، أن تحول الحياة الزوجية إلى جحيم وإلى مشكلات لا تنتهي .
ويلعب الملل الزوجي أو الفتور الزوجي دوراً كبيراً سلبياً في التعاسة الزوجية .. وأسبابه متنوعة ، وبعض أسبابه ترتبط بالمجتمع وثقافته ، وتكوين الزوجين وثقافتهما وعقدهما النفسية وتاريخهما الأسري ..
وفي حالات الملل الزوجي تزداد المشكلات الزوجية ويزداد الخصام والصراخ والسلبية وابتعاد كل طرف عن الآخر في نشاطاته وأهدافه اليومية.. ويلجأ البعض إلى الاستغراق في العمل أو في هوايات أو نشاطات خاصة يهدف من خلالها أن يثبت نفسه وأن يخفف من إحباطاته وأن يعطي نفسه شيئاً من التوازن والمتعة والتجديد ، ولكنه يضيف بذلك مزيداً من الضغوط على علاقته الزوجية ويساهم بزيادة تسميم أجوائها. ومن الممكن أن يتورط أحد الزوجين في علاقة عاطفية فاشلة أو مزيفة أو متسرعة .. يمكنها أن تضيف إلى مشكلات العلاقة الأصلية المضطربة ، وربما تؤدي إلى مرحلة اللا عودة أو الطلاق .
ومن الممكن بالطبع حدوث الترميم أو الإصلاح أو التجدد خلال مرحلة الملل الزوجي .. وربما يكون الملل والروتين والجمود دافعاً طبيعياً إلى تجدد العلاقة وإلى اقتراب الزوجين من بعضهما في كثير من الحالات ..
وأخيراً .. لا بد من التأكيد على أن السعادة الزوجية والعلاقة الزوجية الناجحة ترتبط مفاتيحها بعدد من الأمور والصفات والسلوكيات ، ومنها : المسؤولية ، والتفاعل ، والتعاون ، والمشاركة ، والحوار ، و الصداقة ، والحب ، والحساسية للطرف الآخر ، وعين الرضا ، والتكيف ، والتوافق ، والتكامل ، والمرونة ، والواقعية ..
وأيضاً فإن العلاقة الزوجية تبدأ وتكبر وتنضج وتشيخ وتموت .. ولابد من التنبه لهذه الدورة الطبيعية والتدخل المستمر لرعايتها وتصحيح أخطائها ومشكلاتها وضمان حياتها لسنوات طويلة ..
ولا بد من تقديم كل العون للعلاقة الزوجية ومساعدتها على الاستمرار في تحقيق أهدافها وسعادتها من قبل أطراف العلاقة أولاً ومن قبل الأهل والأصدقاء والمجتمع ثانياً .. ولابد من وجود خدمات متخصصة لرعاية الأسرة والزواج وتقديم الدعم والنصح والعلاج في حالات المشكلات الزوجية والأسرية .
والكلمة الطيبة لها دورها دائماً .. وكذلك الحوار والتفاهم ورفع الظلم وتعديله وأخذ كل ذي حق حقه .. وتبقى السعادة الزوجية مطلباً وحلماً يسعى الجميع نحوه .
ali a l i U n k n o w n 43
أسهل الطرق إلى السعادة الزوجية
47 نصيحة للرجال
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: كثير من الأزواج يشتكون ويكثرون الشكوى: لا نشعر بسعادة في حياتنا الزوجية.. زوجتي لا تبادلني الشعور بالحب.. زوجتي سريعة الغضب.. زوجتي لا تهتم بمظهرها أمامي.. زوجتي أنانية.. زوجتي كثيرة الطلبات.. زوجتي لا تهتم بالفرائض الدينية.. زوجتي ليست على قدر من العلم والثقافة.. زوجتي تفتعل المشكلات.. زوجتي كثيرة الشكوك والظنون.. زوجتي تتأخر في تلبية طلباتي.. زوجتي لا تهتم إلا بأبنائها.. زوجتي تكره عائلتي... وهكذا دواليك.. سلسلة من الأسباب التي يجعلها الأزواج سبباً في فشلهم وفقدانهم السعادة الزوجية التي كانوا ينشدونها..
ولو نظرنا في واقع الأمر لوجدنا أن الخطأ ابتدأً هو من الأزواج أنفسهم، إذ لم يحسنوا الاختيار ولم يدققوا في صفات من ستشاركهم حياتهم، وستتحمل مسئولية تنظيم حياتهم وتربية أبنائهم.
قال الشاعر:
فكيف نظن بالأبناء خيراً *** إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟!
وهل يرجى لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟!
لا تصنع الأخطاء ولا تضخمها
* وقد تكون أخطاء الزوجة من صنع الزوج نفسه، بحيث يكون هو المتسبب في حدوث تلك الأخطاء وافتعال تلك المشكلات.
* وقد يكون الزوج من النوع الذي يضخم الأخطاء وينسى المحاسن، فيجعل من الحبة قبة، ويبني من التصرفات العادية تلالاً من الأوهام والظنون الفاسدة والشكوك المدمرة، وعلى من هذا حاله أن يعيد النظر في نفسه أولاً، ويقوم بإصلاحها وتقويمها حتى تكون جديرة بالحكم على الآخرين، فمن لم يستطع قيادة نفسه أنىّ له أن يتمكن من قيادة غيره!
* وعلى كل الأحوال فالصبر على أخطاء الزوجة وهفواتها أمر مطلوب، وكل إنسان معرض للخطأ والزلل والنسيان.
قال الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط؟
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن النقص والاعوجاج من طبيعة المرأة، وأن المتعامل معها ينبغي ألا يجهل هذه الطبيعة فيحسن إليها مهما كانت تصرفاتها، قال صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا" [متفق عليه].
وفي رواية لمسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها،. وكسرها طلاقها".
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث: ملاطفة النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها، والله أعلم. [شرح صحيح مسلم]
دليلك إلى السعادة الزوجية
كثير من الناس يشعرون أنهم كانوا في عزوبيتهم أسعد حالا منهم بعد زواجهم، ويكفي أن نعرف أن زيجتين من كل ثلاث تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل وبعد الزواج، وإن الزيادة المتنامية في نسب الطلاق- ناهيك عن الخيانات الزوجية- لتدل بوضوح على تعاظم هذه المشكلة وحاجتنا جميعا- رجالا ونساء- إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية.
وهذه بعض الخطوات العملية- أقدمها للأزواج- أرجو أن تكون معينا لهم على نجاحهم في حياتهم الزوجية، هاديا لهم السعادة الزوجية التي طالما كانوا ينشدونها
قبل الزواج
(1) حدد هدفك من الزواج:
هناك فئات كثيرة تفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا، ولا تتصور الحكم العظيمة التي شرع من أجلها:
- فمنهم من يرى أنه متعة وشهوة جسدية فحسب.
- ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
- ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
- ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
- ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
وقليل منهم من يرى أنه رسالة! ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
(2) اظفر بذات الدين:
* قال النبي صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " [متفق عليه].
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم].
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ. وأربع من الشقاء المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق " [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني].
(3) الودود الولود العؤود:(54/1)
* وقال صلى الله عليه وسلم :"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا طلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى" [رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الالباني].
(4) الهينة اللينة السهلة:
*قال صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين، قريب سهل " [ أخرجه الترمذي وصححه الألباني ].
(5) العابدة المطيعة:
* قال صلى الله عليه وسلم : "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [رواه ابن حبان وصححه الألباني].
(6) الطاهرة العفيفة:
قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أي النساء أفضل؟ فقالت: التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
(7) إياك وهؤلاء:
قال بعض العرب: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة، ولا منانة، ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة، ولا براقة، ولا شداقة.
*والأنانة: هي التي تكثر التشكي والأنين، وتعصب رأسها كل ساعة.
* المنانة: التي تمن على زوجها فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا.
*والحنانة: التي تحن إلى زوج آخر، أو ولدها من زوج آخر.
* والحداقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه، وتكلف الزوج شراءه.
* والبراقة: تحتمل معنيين:
أحدهما: أن تمضي معظم وقتها في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع.
والثاني: أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل نصيبها من كل شيء.
*والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام.
(8) حسنة الخلق صابرة:
عن ابن جعدبة قال: كان في قريش رجل في خلقه سوء، وفي يده سماح، وكان ذا مال، فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها، فخطب امرأة من قريش جليلة القدر، وبلغها عنه سوء- فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه! إن في سوء خلق، فإن كان بك صبر، وإلا فلست أغرك بي. فقالت له أسوأ خلقاً منك لمن يحوجك إلى سوء
الخلق، ثم تزوجته، فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.
(9) التكافؤ:
لا تتزوج امرأة ترى أنها تسدي إليك معروفاً بزواجها منك، واعلم أنك إذا فعلت ذلك فسوف تثحول حياتكما الزوجية إلى نكل دائم وتعاسة مستمرة. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبة المعروف والشريك الأعلى، وبذلك تفقد اعتبارك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القوامة والريادة والمسئولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتك لأنها تنظر إليك على الدوام نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامة ألا تقدم على مثل هذا الزواج.
(10) التقارب:
لا تتزوج امرأة على نقيضك تماما في الذوق والمشارب والاهتمامات؛ لأن هذه الأشياء هي التي تكوّن حياتكما الزوجية متعتها فكلما كانت الشقة بينكما بعيدة كلما فقدت حياتكما الزوجية متعتها. وكلما تزايدت عاداتكما وصفاتكما واهتماماتكما المتشابهة كلما قويت سعادتكما وازدادت فرص نجاحكما.
(11) لا تخف عيوبك عمن اخترتها أن تكون شريكه حياتك، بل أطلعها على عيوبك كلها، كحدة الطبع، وسرعة الغضب، وشدة الغيرة التي تجاوز الحد المحمود، والحرص الشديد، وغير ذلك، فإن رضيت بك على ذلك فهذا شأنها، وربما استطاعت أن تغير فيك هذه الصفات السلبية وتجعل عوضا عنها صفات إيجابية. أما إذا لم تظهر سوى صفاتك الحميدة، وطباعك الرشيدة، وبالغت في كتمان العيوب، فسرعان ما سيتكشف أمرك بعد الزواج، وستظهر بصورة الكاذب المخادع أمام زوجتك، وهذا نذير بالخطر المحدق بحياتكما الزوجية.
(13) اتفقا على كل شيء قبل الزواج حتى لا تكثر بينكما الخلافات بعد الزواج، ومن الأشياء التي يجب الاتفاق بشأنها:
* طبيعة ومكان وأثاث منزل الزوجية
* كيفية الإنفاق.
* عمل الزوجة.
* خروج الزوجة.
* نظرتكما للمناسبات والعادات الاجتماعية.
* وقبل ذلك الاتفاق على هدفكما من الزواج، بل في الحياة كلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
من صور الإتفاق
روي أن شريحاً القاضي قابل الشعبي يوماً، فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي!
قال له: وكيف ذلك؟
قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسناً فاتناً، وجمالاً نادراً، قلت في نفسي: سوف أتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله، فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي. فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية، كما أنت، ثم قالت الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، أما بعد: إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه، وقالت: إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولك.
قال شريح: فأحوجتني- والله- يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدّعيه يكن حجة عليك. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له، ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.
بعد الزواج
(1) ارض بما قسم الله لك:
إذا تزوجت امرأة فيجب عليك أن ترضى بها زوجة لك، إذ لا مفر لك من ذلك، ولن تجني من وراء بغضك لها وكرهك إياها إلا الحسرة والتعاسة والفشل في الحياة.
أين نحن من هؤلاء؟
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟
قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها، وكان فقيراً فزوّجني منها، وفرح بذلك.
فلما دخلت إليّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة!! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئا. فبقيت هكذا خمس عشر حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها. [صيد الخاطر].
(2) اعلم أن أهم ما ينبغي لك إدراكه هو أن سعادتك في الزواج تتوقف على ما تفعله بعد زواجك، فإذا كنت شخصاً متزناً عاقلاً خالياً من العقد النفسية، مستقيماً على شرع الله، ففي استطاعتك أن تحقق لنفسك السعادة في الزواج، فالزواج برغم مشكلاته ومصاعبه هو أفضل طرق الحياة وأرضاها.
(3) جدد حبك لزوجتك:
لا يمكن أن تستمر سعادتك الزوجية إلا بتجديد حبك لزوجتك، فالحب هو الذي يصنع الزواج السعيد، بل هو الباعث على كل التصرفات الحميدة.
(4) اعلم أن زوجتك ليست أنت:
على الرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بينك وبين زوجتك، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك زوجتك من نقاط اختلاف فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة ولابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
(5) لا تظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف:
قد تنشأ الخلافات والمنغصات والمشكلات في أي لحظة، ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، وعند ذلك عليك أن تتقبل هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي لابد منه، وتحاول علاجها بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء فلكل داء دواء، ولكل مشكلة علاج، فلا تيأس من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلع إلى تأسيس حياة زوجية سعيدة.
(6) حاول تحاشي إثارة الموضوعات التي تثير حساسية زوجتك، وتستدعي غضبها، واجتنب القيام أمامها بعمل شيء تعرف سلفاً أنها لا ترضى عنه.
(7) لا تكن معارضاً لكل اقتراح أو رأي يصدر عن زوجتك، فإن ذلك يؤلمها ويفقدها الإحساس بقيمتها عندك، مما يؤثر على سعادتكما الزوجية، وعليك- بدلاً من ذلك- أن
تشجعها على إبداء رأيها، وتحمد الصواب من آرائها، ولا تظهر المعارضة لأمور تعرف أنها محبوبة ومرغوبة لديها إلا ما كان فيه محذور شرعي، وفي هذه الحالة عليك التوجيه بلطف ولين ورفق.
(8) اعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة. [انظر الخلافات الزوجية في ضوء الكتاب والسنة].
(9) اعرف طبيعة زوجتك:
إن جانب العاطفة لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل، وقد يطغى عليها هذا الجانب فتقوم بتصرفات خاطئة، والواجب عليك عندئذ ألا تقابل هذه الثورة العاطفية بثورة أخرى غضبية منشؤها إرادتك إظهار رجولتك، فإن الرجولة الحقيقية تعني التعقل في جميع التصرفات، ووضع الأمور في نصابها، وقيادة سفينة الحياة حتى تصل إلى بر الأمان.
(10) أشعر نفسك بالرضا والسعادة:
لا تكن كهؤلاء الرجال الذين لا يرون ما عند زوجاتهم من الإيجابيات والفضائل ولا ينظرون إليهن إلا بعين التقصير والانتقاص
قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر:
نظروا بعين عداوة لو أنها *** عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
(11) لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك:
قال ابن الجوزي: "أكثر شهوات الحسن النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها، فيمل ويطلب شيئاً آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل، أو لا محبة لها أو لا تدبير، فيفوِّت أكثر مما حصل!
وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذهم تلك الساعة ثم ينتقلون إلى أخرى.
فليعلم العاقل أن لا سبيل إلى! مراد تام كما يريد: { وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } (267) سورة البقرة وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة وعيب الخلق معنى، فليقنع بما باطنه
الدين وظاهره الستر والقناعة، فإنه يعيش مرفه السر طيب القلب. ومتى استكثر فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه "[صيد الخاطر].
(12) لا تفتش عن العيوب الخفية:
قال ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش، ليطيب له عيشه، وينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا، فلا تحضره إلا على أحسن حال، وبمثل هذا يدوم العيش.
فأما إذا حصلت البذلة بانت بها العيوب، فنبت- أي نفرت- النفس وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية مثل ما يقع في الأولى.
وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له ليدوم الود بحسن الائتلاف.
ومتى لم يجر الأمر على هذا في حق من له أنفة من شيء تنبو عنه النفس، وقع في أحد أمرين: إما الإعراض عنها، وإما الاستبدال بها.
ويحتاج في حالة الإعراض إلى صبر عن أغراضه. وفي حالة الاستبدال إلى فضل مؤنة، وكلاهما يؤذي.
ومتى لم يستعمل ما وصفنا لم يطب له عيش في متعة، ولم يقدر على دفع الزمان كما ينبغي.
(13) أسعد زوجتك تسعد:
أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.
ولإسعاد زوجتك:
* قم باستشارتها في أمورك.
* استخدم معها الأسلوب الرقيق.
* تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
*وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
* مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
* اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
* أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
* قدم لها الهدايا.
* راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
* تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
(14) اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
الإسلام دين النظافة
قال ابن الجوزي: ((تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه بغسلهما من الزهم- رائحة اللحم والدهون- ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، ومنهم من لا يراعي الإبط إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف والاغتسال للجمعة لأجل اجتماعه بالناس،ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم، أمر الشرع بتنقية البراجم وقص الأظفار والسواك والاستحداد (حلق العانة) وغير ذلك ا لآداب.
و أما الدنيا(( فإني رأيت جماعة المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار- المناجاة عن قرب- والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر يمكن أن أصدف عنهم، لأنهم يقصد السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم.
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك الرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه.
وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس، وكان يكره أن يشم منه ريح ليست طيبة.
وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله.
ثم إنه يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه.
ثم إنه يؤنس الزوجة بتلك الحال، النساء شقائق الرجال، فكما أنه يكره الشيء منها، فكذلك هي تكرهه، وربما صبر هو على ما يكره وهي لا تصبر" [ صيد الخاطر باختصار ]
(15) تخلص من القلق:
القلق عدو السعادة وقاتلها، ومن عاش في أسر القلق النفسي لا ترجى له سعادة وكثير من الناس ينتابهم القلق خوفاً على حياتهم الزوجية من التصدع والانهيار فينبغي على هؤلاء أن يعلموا أن القلق لا يفيد شيئاً، ولا يحل مشكلة، بل إنه على العكس من ذلك يزيد المشكلات ويشل العقل عن التفكير في الحلول الصحيحة، ولأنه مشكلة في حد ذاته فينبغي علاجه أولاً ثم علاج باقي المشكلات بعد ذلك.
ويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب، فالواجب أن يعمل الإنسان ويترك النتائج على الله تعالى، وأن يرضى بالقضاء والقدر ولا بأس أن يأخذ بالأسباب، ويدفع القدر بالقدر، مع التوكل التام على الله واللجوء والتضرع إليه، وسؤاله العفو والعافية.
(16) لا تكن سريع الغضب:
إن التخلص من الغضب بالكلية أمر عسير، إلا أن العاقل لا يكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان، لأن الغضب إذا زاد عن حده خرج عن حدود العدل والرحمة والإنصاف، إلى الظلم والقسوة والإجحاف.
قال النبي صلى الله عليه : "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [متفق عليه].
إن كثيراً من حالات الطلاق تقع تحت تأثير الغضب، ولذلك فإن الرجل إذا هدأت ثورة غضبه ندم على هذا التصرف الذي وقع منه وقد يكون طلاقاً بائناً فلا ينفع ندمه حينئذ ويخسر زوجته التي يحبها، ولا يمكن استدراك أمره إلا أن ينكحها رجل آخر وطلقها، وهذا من أشق الأمور على ذي الأنفة.
(17) لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
(18) ابتغ الأجر من الله:
ولكي تشعر بالسعادة الزوجية عليك أن تعرف ما ينتظرك من أجر وثواب على إحسانك لزوجتك ورفقك بها، ومحبتك لها؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أجراً في اللقاء بين الزوجين، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" [رواه مسلم].
قال الإمام النووي: "وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه، أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة". وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "... ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك " [متفق عليه].
(19) تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
(20) لا تنتظر السآمة والفشل:
هناك أناس كان يمكنهم أن يكونوا في قمة السعادة مع زوجاتهم لولا اعتقاد خاطئ يملك عليهم تفكيرهم، وهو أنه سيأتي اليوم الذي ستتمكن فيه المشكلات من الوصول إلى هذه السعادة وتدميرها، وستحصل يومئذ السآمة والملل من هذه الحياة.
والحقيقة أنه ليس حتماً أن يأتي ذلك ليوم، فهناك نماذج كثيرة من البشر ظلت على سعادتها إلى أن فرق بينهما الموت، ولم يسمحوا لشيء ذي بال أن يعكر عليهم صفو حياتهم أو يفقدهم بريق سعادتهم.
(21) عليك بالصمت:
قد ينشأ بينك وبين زوجتك خلاف ما فيعلوا صوتكما وتلجآن إلى الصياح، ويضيع الحق وسط صراخكما، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون هناك حل لتلك المشكلة وحسم لذاك الخلاف، والحل الأمثل للخروج من هذه الورطة أن تقترح هذا الاقتراح:
لنحاول الصمت لحظة بدلاً من الاسترسال في هذا الصراخ. وسترى مفعول هذه اللحظات من الصمت، إنه مفعول عظيم، أما إذا استطعت أن تحول الصمت إلى ابتسام فتكون قد بلغت غاية الأمل.
إن الصمت علاج فعال يهيئ الإنسان للتفكير السليم والحكم الصحيح على الأحداث، وقد يكون سببا في اعتراف المخطئ بخطئه وإنهاء المشكلة قبل تطورها .
(22) اجتنب النقد العقيم:
هناك فرق بين النصح والإرشاد الذي تفوح منه رائحة المحبة والاحترام وبين النقد العقيم الذي هو نوع من التوبيخ والتعيير.
إن هذا النوع من النقد سهم قاتل للسعادة الزوجية إذا تكرر وانعدمت فيه اللباقة واللطف.
إن على الزوج أن يتحلى بالكياسة عند نصح زوجته وإرشادها إلى أمر ما، فمع أنها أقدر على تحمل أخطاء زوجها من الغير، إلا أنها إنسانة ذات مشاعر، فإذا ما نفر قلبها صعب رده إلى مكانه، وعندئذ تبدأ منغصات الحياة في العمل.
تقول الكاتبة دورتي ديكس الأخصائية في البحث وتقصي أسباب الطلاق: (إن أكثر من نصف الزوجات اللواتي يمكن أن يحظين بالسعادة يتحطمن في العادة على صخور محاكم الطلاق بسبب النقد وحده) وهي تعني النقد العقيم الذي يكسر القلب، ويذل النفس. [انظر كيف تكسب الأصدقاء دايل كارنيجي]
(23) لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
لقد أعلنت الدكتورة (كاترين ديفيز) السكرتيرة العامة لمكتب الصحة الاجتماعية أن أهم أسباب الطلاق في أمريكا هو عدم التوافق الجنسي بين الأزواج.
وقد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
(24) لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه ، وما أجمل هذه الحكاية التي يروى فيها أن زوجا قبض على طائر صغير، وأخذ يتأمله مع زوجته، ثم قال: ما أجمل هذا العصفور! فأجابت الزوجة: عفواً إنها عصفورة.
فقال الزوج: عصفور.
فقالت الزوجة: عصفورة.
وتشبث كل منهما برأيه، واحتدم الجدال، وتحول إلى مناقشة، فمشاجرة لم تهدأ نارها إلا بعد وقت طويل.(54/2)
وبعد مضي سنة تذكر الزوج هذه الحادثة فقال لزوجته ضاحكاً: أتذكرين تلك المشاجرة البلهاء بخصوص العصفور؟
قالت: نعم أذكر، وقد فكرت بالطلاق يومذاك، ولكنني أشكر الله على النهاية السعيدة، وأعترف لك يا عزيزي أنك كنت على خطأ في إحداث كل هذه الأزمة بسبب عصفورة.
فقال الزوج: عصفورة! ولكنه عصفور
قالت: كلا! بل عصفورة.
واحتدم القتال من جديد!!
كم هناك من عصفور وعصفورة وراء المشاجرات!
حاول ألا تفرض رأيك، وإذا رأيت عدم استعداد الطرف الآخر لقبوله فاسكت لتوفر على نفسك متاعب لا حاجة لك بها. [انظر الموسوعة النفسية].
(25) لا تغذ نفسك بالأفكار السوداء:
بعض الناس يجاهدون ضد السعادة كما يجاهد الغريق ضد من يسعى لإنقاذه.
لا تقل إن السعادة والتفاؤل ضرب من الوهم، بل قل: إن على عينيك غشاوة تمنعك من رؤية السرور حيث هو.
ارفع هذه الغشاوة، وثق بما يساعدك على رؤية ما هو جميل وجيد في نفسك وفي غيرك وفي العالم من حولك، ولا تسترسل وراء ضلالك وأوهامك. [الموسوعة النفسية].
(26) لمُ نفسك أولاً:
يعجبني قول أحد السلف رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.
وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!
إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيراً في حياتهم، وضيقاً في معيشتهم، وتعسيراً في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أوتوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.
ومن ذلك أنهم إذا رأوا تغييرا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
(27) اشترك مع زوجتك في الأعمال الخيرية:
إن اشتراكك مع زوجتك في أعمال خيرية تزيد المحبة بينكما، فالعطاء من الأمور الهامة التي تؤدي إلى مزيد من الترابط بين الزوجين، فعليكما أن تتناقشا بشأن يتيم تكفلونه، أو أسرة فقيرة تدعمونها، أو مشروع خيري كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو حفر بئر أو غير ذلك من المشروعات الخيرية التي يمكن أن تسهمون فيها معاً.
(28) شارك زوجتك متعتها:
إذا كان لزوجتك هواية من الهوايات كالعناية بالزهور وزراعتها، أو القراءة، أو رسم بعض اللوحات الجميلة، أو صناعة بعض التحف البسيطة، فمن الأفضل أن تشاركها في ذلك ولو لبعض الوقت، فإن ذلك يسعدها كثيراً ويقوي ثقتها فيك وفي نفسها.
وإذا اشتركتما في قراءة كتاب وتناقشتما حول قضاياه كان ذلك جيداً، وكذلك إذا اشتركتما في حفظ بعض سور القرآن وتسابقتما فيمن يسبق الآخر بالحفظ ازدادت سعادتكما، مع ما ستحصلان عليه من فائدة وأجر كبير.
(29) ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
(30) كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي ومن ذلك:
عادة التدخين التي ثبت ضررها صحياً وحرمتها دينياً، فلماذا لا تقبل تغيير هذه العادة القبيحة بممارسة الرياضة مثلا؟!
تذكر أنك كلما ازدادت قدرتك على تغيير عاداتك السلبية كلما ازدادت فرص سعادتك وراحتك النفسية ونجاحك في الحياة.
(31) مارس السعادة الزوجية:
إن معرفة كل شيء عن قيادة الطائرات لا يؤهل المرء لكي يقود طائرة، ولكن عليه أن يتدرب على ذلك ويطبق ما تعلمه نظرياً. كذلك الأمر في جانب السعادة الزوجية، حيث لا يكفي معرفة قوانين هذه السعادة في حصولها، والمفيد في ذلك لمن ينشد السعادة الزوجية أن يمارس بصورة فعلية هذه السعادة، وذلك بتطبيق قواعدها وتنفيذ قواعدها بصورة فعلية في حياته الزوجية.
(32) انظر إلى من هو أسفل منك:
إذا أردت أن تدوم عليك سعادتك الزوجية فانظر إلى من يعاني فقدان هذه السعادة بصورة دائمة.
- انظر إلى من يعيش في نكد دائم وتعاسة مستمرة.
- انظر إلى من لا يستطيع توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده.
- انظر إلى أصحاب الأمراض المزمنة التي أفقدتهم الفرح والبهجة والاستمتاع بالحياة
- انظر إلى غيرك ممن تعدوا سن الزواج- رجالاً ونساء- ومع ذلك لم يجدوا طريقاً للزواج والاستقرار.
(33) تغيب قليلاً:
قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، فهو دائماً يرى امرأته وتراه، ويخالطها وتخالطه، مما ينتج في بعض الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام، يسافر خلالها لأمور تجارية، أو يذهب إلى مكة لأداء العمرة، أو يترك زوجته عند أهلها يومين أو ثلاثة، فهذه الغيبة- بلا شك- سوف تشعره بالاشتياق إلى زوجته، وسوف تشتاق هي أيضاً إليه، وعندئذ سيكون اللقاء بينهما متجدداً، كأنه أول لقاء بينهما!!
(34) اجعل لك أهدافاً عليا في الحياة:
فإن صاحب الأهداف العليا والمقاصد السامية يعرف أن استقراره في الحياة هو السبيل الموصل لتلك الأهداف والمقاصد، وعندئذ يسعى جاهداً لكي يكون مستقراً وسعيداً في حياته.
(35) وأخيراً: كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات.
أسأل الله أن يرزقنا السعادة في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسهل الطرق إلى السعادة الزوجية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: كثير من الأزواج يشتكون ويكثرون الشكوى: لا نشعر بسعادة في حياتنا الزوجية.. زوجتي لا تبادلني الشعور بالحب.. زوجتي سريعة الغضب.. زوجتي لا تهتم بمظهرها أمامي.. زوجتي أنانية.. زوجتي كثيرة الطلبات.. زوجتي لا تهتم بالفرائض الدينية.. زوجتي ليست على قدر من العلم والثقافة.. زوجتي تفتعل المشكلات.. زوجتي كثيرة الشكوك والظنون.. زوجتي تتأخر في تلبية طلباتي.. زوجتي لا تهتم إلا بأبنائها.. زوجتي تكره عائلتي... وهكذا دواليك.. سلسلة من الأسباب التي يجعلها الأزواج سبباً في فشلهم وفقدانهم السعادة الزوجية التي كانوا ينشدونها..
ولو نظرنا في واقع الأمر لوجدنا أن الخطأ ابتدأً هو من الأزواج أنفسهم، إذ لم يحسنوا الاختيار ولم يدققوا في صفات من ستشاركهم حياتهم، وستتحمل مسئولية تنظيم حياتهم وتربية أبنائهم.
قال الشاعر:
فكيف نظن بالأبناء خيراً *** إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟!
وهل يرجى لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟!
لا تصنع الأخطاء ولا تضخمها
* وقد تكون أخطاء الزوجة من صنع الزوج نفسه، بحيث يكون هو المتسبب في حدوث تلك الأخطاء وافتعال تلك المشكلات.
* وقد يكون الزوج من النوع الذي يضخم الأخطاء وينسى المحاسن، فيجعل من الحبة قبة، ويبني من التصرفات العادية تلالاً من الأوهام والظنون الفاسدة والشكوك المدمرة، وعلى من هذا حاله أن يعيد النظر في نفسه أولاً، ويقوم بإصلاحها وتقويمها حتى تكون جديرة بالحكم على الآخرين، فمن لم يستطع قيادة نفسه أنىّ له أن يتمكن من قيادة غيره!
* وعلى كل الأحوال فالصبر على أخطاء الزوجة وهفواتها أمر مطلوب، وكل إنسان معرض للخطأ والزلل والنسيان.
قال الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط؟
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن النقص والاعوجاج من طبيعة المرأة، وأن المتعامل معها ينبغي ألا يجهل هذه الطبيعة فيحسن إليها مهما كانت تصرفاتها، قال صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا" [متفق عليه].
وفي رواية لمسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها،. وكسرها طلاقها".
قال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث: ملاطفة النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها، والله أعلم. [شرح صحيح مسلم]
دليلك إلى السعادة الزوجية
كثير من الناس يشعرون أنهم كانوا في عزوبيتهم أسعد حالا منهم بعد زواجهم، ويكفي أن نعرف أن زيجتين من كل ثلاث تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل وبعد الزواج، وإن الزيادة المتنامية في نسب الطلاق- ناهيك عن الخيانات الزوجية- لتدل بوضوح على تعاظم هذه المشكلة وحاجتنا جميعا- رجالا ونساء- إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية.
وهذه بعض الخطوات العملية- أقدمها للأزواج- أرجو أن تكون معينا لهم على نجاحهم في حياتهم الزوجية، هاديا لهم السعادة الزوجية التي طالما كانوا ينشدونها
قبل الزواج
(1) حدد هدفك من الزواج:
هناك فئات كثيرة تفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا، ولا تتصور الحكم العظيمة التي شرع من أجلها:
- فمنهم من يرى أنه متعة وشهوة جسدية فحسب.
- ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
- ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
- ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
- ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
وقليل منهم من يرى أنه رسالة! ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
(2) اظفر بذات الدين:
* قال النبي صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " [متفق عليه].
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم].
* وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ. وأربع من الشقاء المرأة السوء، والجار السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق " [رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني].
(3) الودود الولود العؤود:
* وقال صلى الله عليه وسلم :"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا طلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى" [رواه الدارقطني والطبراني وحسنه الالباني].
(4) الهينة اللينة السهلة:
*قال صلى الله عليه وسلم : "ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غداً؟ على كل هين لين، قريب سهل " [ أخرجه الترمذي وصححه الألباني ].
(5) العابدة المطيعة:
* قال صلى الله عليه وسلم : "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " [رواه ابن حبان وصححه الألباني].
(6) الطاهرة العفيفة:
قيل لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أي النساء أفضل؟ فقالت: التي لا تعرف عيب المقال، ولا تهتدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لبعلها، ولإبقاء الصيانة على أهلها.
(7) إياك وهؤلاء:
قال بعض العرب: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة، ولا منانة، ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة، ولا براقة، ولا شداقة.
*والأنانة: هي التي تكثر التشكي والأنين، وتعصب رأسها كل ساعة.
* المنانة: التي تمن على زوجها فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا.
*والحنانة: التي تحن إلى زوج آخر، أو ولدها من زوج آخر.
* والحداقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه، وتكلف الزوج شراءه.
* والبراقة: تحتمل معنيين:
أحدهما: أن تمضي معظم وقتها في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع.
والثاني: أن تغضب على الطعام، فلا تأكل إلا وحدها، وتستقل نصيبها من كل شيء.
*والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام.
(8) حسنة الخلق صابرة:
عن ابن جعدبة قال: كان في قريش رجل في خلقه سوء، وفي يده سماح، وكان ذا مال، فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها، فخطب امرأة من قريش جليلة القدر، وبلغها عنه سوء- فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه! إن في سوء خلق، فإن كان بك صبر، وإلا فلست أغرك بي. فقالت له أسوأ خلقاً منك لمن يحوجك إلى سوء
الخلق، ثم تزوجته، فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت.
(9) التكافؤ:
لا تتزوج امرأة ترى أنها تسدي إليك معروفاً بزواجها منك، واعلم أنك إذا فعلت ذلك فسوف تتحول حياتكما الزوجية إلى نكل دائم وتعاسة مستمرة. فإما أن ترضخ لزوجتك باعتبارها صاحبة المعروف والشريك الأعلى، وبذلك تفقد اعتبارك وإحساسك بالأهمية، وإما أن تطالب بحقك في القوامة والريادة والمسئولية، وعند ذلك لن تخضع لك شريكتك لأنها تنظر إليك على الدوام نظرة الشريك الأدنى، ففي كلا الحالين سوف تنشأ المشكلات، والسلامة ألا تقدم على مثل هذا الزواج.
(10) التقارب:
لا تتزوج امرأة على نقيضك تماما في الذوق والمشارب والاهتمامات؛ لأن هذه الأشياء هي التي تكوّن حياتكما الزوجية متعتها فكلما كانت الشقة بينكما بعيدة كلما فقدت حياتكما الزوجية متعتها. وكلما تزايدت عاداتكما وصفاتكما واهتماماتكما المتشابهة كلما قويت سعادتكما وازدادت فرص نجاحكما.
(11) لا تخف عيوبك عمن اخترتها أن تكون شريكه حياتك:
بل أطلعها على عيوبك كلها، كحدة الطبع، وسرعة الغضب، وشدة الغيرة التي تجاوز الحد المحمود، والحرص الشديد، وغير ذلك، فإن رضيت بك على ذلك فهذا شأنها، وربما استطاعت أن تغير فيك هذه الصفات السلبية وتجعل عوضا عنها صفات إيجابية. أما إذا لم تظهر سوى صفاتك الحميدة، وطباعك الرشيدة، وبالغت في كتمان العيوب، فسرعان ما سيتكشف أمرك بعد الزواج، وستظهر بصورة الكاذب المخادع أمام زوجتك، وهذا نذير بالخطر المحدق بحياتكما الزوجية.
(13) اتفقا على كل شيء قبل الزواج حتى لا تكثر بينكما الخلافات بعد الزواج، ومن الأشياء التي يجب الاتفاق بشأنها:
* طبيعة ومكان وأثاث منزل الزوجية
* كيفية الإنفاق.
* عمل الزوجة.
* خروج الزوجة.
* نظرتكما للمناسبات والعادات الاجتماعية.
* وقبل ذلك الاتفاق على هدفكما من الزواج، بل في الحياة كلها: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات
من صور الاتفاق
روي أن شريحاً القاضي قابل الشعبي يوماً، فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له: من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي!
قال له: وكيف ذلك؟
قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسناً فاتناً، وجمالاً نادراً، قلت في نفسي: سوف أتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله، فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي. فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية، كما أنت، ثم قالت الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، أما بعد: إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأتركه، وقالت: إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولك.
قال شريح: فأحوجتني- والله- يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدّعيه يكن حجة عليك. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له، ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.
بعد الزواج
(1) ارض بما قسم الله لك:
إذا تزوجت امرأة فيجب عليك أن ترضى بها زوجة لك، إذ لا مفر لك من ذلك، ولن تجني من وراء بغضك لها وكرهك إياها إلا الحسرة والتعاسة والفشل في الحياة.
أين نحن من هؤلاء؟
قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟
قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبي. فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها، وكان فقيراً فزوّجني منها، وفرح بذلك.
فلما دخلت إليّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة!! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني الخروج فأقعد حفظا لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئا. فبقيت هكذا خمس عشر حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها. [صيد الخاطر].
(2) اعلم أن أهم ما ينبغي لك إدراكه هو أن سعادتك في الزواج تتوقف على ما تفعله بعد زواجك، فإذا كنت شخصاً متزناً عاقلاً خالياً من العقد النفسية، مستقيماً على شرع الله، ففي استطاعتك أن تحقق لنفسك السعادة في الزواج، فالزواج برغم مشكلاته ومصاعبه هو أفضل طرق الحياة وأرضاها.
(3) جدد حبك لزوجتك:
لا يمكن أن تستمر سعادتك الزوجية إلا بتجديد حبك لزوجتك، فالحب هو الذي يصنع الزواج السعيد، بل هو الباعث على كل التصرفات الحميدة.
(4) اعلم أن زوجتك ليست أنت:
على الرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بينك وبين زوجتك، فينبغي عليك أن تقدر ما تنفرد به عنك زوجتك من نقاط اختلاف فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة ولابد أن يكون كل منهما متفرداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
(5) لا تظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف:
قد تنشأ الخلافات والمنغصات والمشكلات في أي لحظة، ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، وعند ذلك عليك أن تتقبل هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي لابد منه، وتحاول علاجها بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء فلكل داء دواء، ولكل مشكلة علاج، فلا تيأس من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلع إلى تأسيس حياة زوجية سعيدة.
(6) حاول تحاشي إثارة الموضوعات التي تثير حساسية زوجتك، وتستدعي غضبها، واجتنب القيام أمامها بعمل شيء تعرف سلفاً أنها لا ترضى عنه.
(7) لا تكن معارضاً لكل اقتراح أو رأي يصدر عن زوجتك، فإن ذلك يؤلمها ويفقدها الإحساس بقيمتها عندك، مما يؤثر على سعادتكما الزوجية، وعليك- بدلاً من ذلك- أن
تشجعها على إبداء رأيها، وتحمد الصواب من آرائها، ولا تظهر المعارضة لأمور تعرف أنها محبوبة ومرغوبة لديها إلا ما كان فيه محذور شرعي، وفي هذه الحالة عليك التوجيه بلطف ولين ورفق.
(8) اعلم أن قوامة الرجل على زوجته لا تعني البطش والتعالي والتكبر، وإنما تعني الرعاية والحفظ والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً، ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى نقيض السعادة. [انظر الخلافات الزوجية في ضوء الكتاب والسنة].
(9) اعرف طبيعة زوجتك:
إن جانب العاطفة لدى المرأة أقوى منه لدى الرجل، وقد يطغى عليها هذا الجانب فتقوم بتصرفات خاطئة، والواجب عليك عندئذ ألا تقابل هذه الثورة العاطفية بثورة أخرى غضبية منشؤها إرادتك إظهار رجولتك، فإن الرجولة الحقيقية تعني التعقل في جميع التصرفات، ووضع الأمور في نصابها، وقيادة سفينة الحياة حتى تصل إلى بر الأمان.
(10) أشعر نفسك بالرضا والسعادة:
لا تكن كهؤلاء الرجال الذين لا يرون ما عند زوجاتهم من الإيجابيات والفضائل ولا ينظرون إليهن إلا بعين التقصير والانتقاص
قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر:
نظروا بعين عداوة لو أنها *** عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
(11) لا تتخيل أن امرأة أحسن من زوجتك:
قال ابن الجوزي: "أكثر شهوات الحسن النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج والتسري، فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر في عيوب الحاصل التي ما كان يتفكر فيها، فيمل ويطلب شيئاً آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل، أو لا محبة لها أو لا تدبير، فيفوِّت أكثر مما حصل!
وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش، لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذهم تلك الساعة ثم ينتقلون إلى أخرى.
فليعلم العاقل أن لا سبيل إلى! مراد تام كما يريد: { وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } (267) سورة البقرة وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة وعيب الخلق معنى، فليقنع بما باطنه
الدين وظاهره الستر والقناعة، فإنه يعيش مرفه السر طيب القلب. ومتى استكثر فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه "[صيد الخاطر].
((54/3)
12) لا تفتش عن العيوب الخفية:
قال ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه، ثم يغمض عن التفتيش، ليطيب له عيشه، وينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا، فلا تحضره إلا على أحسن حال، وبمثل هذا يدوم العيش.
فأما إذا حصلت البذلة بانت بها العيوب، فنبت- أي نفرت- النفس وطلبت الاستبدال، ثم يقع في الثانية مثل ما يقع في الأولى.
وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له ليدوم الود بحسن الائتلاف.
ومتى لم يجر الأمر على هذا في حق من له أنفة من شيء تنبو عنه النفس، وقع في أحد أمرين: إما الإعراض عنها، وإما الاستبدال بها.
ويحتاج في حالة الإعراض إلى صبر عن أغراضه. وفي حالة الاستبدال إلى فضل مؤنة، وكلاهما يؤذي.
ومتى لم يستعمل ما وصفنا لم يطب له عيش في متعة، ولم يقدر على دفع الزمان كما ينبغي.
(13) أسعد زوجتك تسعد:
أعط لتأخذ، هذا هو أحد قوانين الحياة، فإذا أعطيت لزوجتك السعادة حصلت عليها، واعلم أن المستفيد الأول من سعادة زوجتك هو أنت، لأنك إذا نجحت في إسعادها فسوف لا تدخر وسعاً لإسعادك ورد الجميل إليك، فإحساس المرأة المرهف يأبى أن يأخذ ولا يعطي؛ لأنها بطبيعتها تحب العطاء والبذل والتضحية من أجل من تحب.
ولإسعاد زوجتك:
* قم باستشارتها في أمورك.
* استخدم معها الأسلوب الرقيق.
* تلطف في الأوامر ولا تقرن أوامرك بالتعالي والتكبر.
*وفر لها ما يلزمها من نفقة وما تحتاجه من أجهزة منزلية.
* مازحها ولاعبها وضاحكها في بعض الأوقات.
* اجعل لها جزءاً من وقتك، ولا تجعل عملك يلهيك عن إيناسها.
* أعلمها بحبك لها وغيرتك عليها.
* قدم لها الهدايا.
* راع توترها صحياً ونفسياً واجتهد في حل مشكلاتها.
* تجاوز عن هفواتها ولا تكثر عليها الطلبات.
(14) اهتم بالنظافة:
من أهم الأمور التي يسعد بها الرجل مع المرأة وتسعد بها المرأة مع الرجل النظافة، وإن إهمال هذا الجانب يوجب نفور كل من الطرفين من الآخر، وقد نشأت خلافات زوجية ومشكلات أدت إلى الطلاق بسبب إهمال الرجل تنظيف فمه أو بدنه أو إبطه أو إصراره على التدخين، أو تركه تنظيف الحمام بعد قضاء حاجته، أو غير ذلك من الأمور التي تدل على عدم اكتراث الرجل بأمر النظافة.
الإسلام دين النظافة
قال ابن الجوزي: ((تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه بغسلهما من الزهم- رائحة اللحم والدهون- ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، ومنهم من لا يراعي الإبط إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف والاغتسال للجمعة لأجل اجتماعه بالناس،ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم، أمر الشرع بتنقية البراجم وقص الأظفار والسواك والاستحداد (حلق العانة) وغير ذلك ا لآداب.
و أما الدنيا(( فإني رأيت جماعة المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار- المناجاة عن قرب- والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر يمكن أن أصدف عنهم، لأنهم يقصد السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم.
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك الرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه.
وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس، وكان يكره أن يشم منه ريح ليست طيبة.
وقد قالت الحكماء: من نظف ثوبه قلّ همه، ومن طاب ريحه زاد عقله.
ثم إنه يقرب من قلوب الخلق، وتحبه النفوس لنظافته وطيبه.
ثم إنه يؤنس الزوجة بتلك الحال، النساء شقائق الرجال، فكما أنه يكره الشيء منها، فكذلك هي تكرهه، وربما صبر هو على ما يكره وهي لا تصبر" [ صيد الخاطر باختصار ]
(15) تخلص من القلق:
القلق عدو السعادة وقاتلها، ومن عاش في أسر القلق النفسي لا ترجى له سعادة وكثير من الناس ينتابهم القلق خوفاً على حياتهم الزوجية من التصدع والانهيار فينبغي على هؤلاء أن يعلموا أن القلق لا يفيد شيئاً، ولا يحل مشكلة، بل إنه على العكس من ذلك يزيد المشكلات ويشل العقل عن التفكير في الحلول الصحيحة، ولأنه مشكلة في حد ذاته فينبغي علاجه أولاً ثم علاج باقي المشكلات بعد ذلك.
ويكون القلق المرتبط بالحياة الزوجية عادة بسبب ما يلي:
أ- الخوف من عدم القدرة على الإنفاق.
ب- الخوف من حدوث مشكلات مالية.
ج- الخوف من تغيير سلوك الزوجة وحدوث ما يوجب الشقاق.
د- الخوف من عدم القدرة على التوافق الجنسي وإشباع حاجة الزوجة في هذا الجانب.
هـ- الخوف من حدوث وفاة مفاجئة فتضيع الأسرة.
فهذا النوع من القلق لا داعي له وهو يصيب أولئك المذبذبين الذين يعتمدون على الأسباب ولا يتوكلون على مسبب الأسباب، فالواجب أن يعمل الإنسان ويترك النتائج على الله تعالى، وأن يرضى بالقضاء والقدر ولا بأس أن يأخذ بالأسباب، ويدفع القدر بالقدر، مع التوكل التام على الله واللجوء والتضرع إليه، وسؤاله العفو والعافية.
(16) لا تكن سريع الغضب:
إن التخلص من الغضب بالكلية أمر عسير، إلا أن العاقل لا يكون سريع الغضب بحيث يستفزه أي تصرف، وكذلك فإنه لا يسيطر عليه الغضب بحيث يصبح من سماته، فإنه إذا كان كذلك فقد السعادة، وامتلأت حياته بالنكد والأحزان، لأن الغضب إذا زاد عن حده خرج عن حدود العدل والرحمة والإنصاف، إلى الظلم والقسوة والإجحاف.
قال النبي صلى الله عليه : "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [متفق عليه].
إن كثيراً من حالات الطلاق تقع تحت تأثير الغضب، ولذلك فإن الرجل إذا هدأت ثورة غضبه ندم على هذا التصرف الذي وقع منه وقد يكون طلاقاً بائناً فلا ينفع ندمه حينئذ ويخسر زوجته التي يحبها، ولا يمكن استدراك أمره إلا أن ينكحها رجل آخر وطلقها، وهذا من أشق الأمور على ذي الأنفة.
(17) لا تحتفظ بذكريات الآلام:
بعض الرجال يجعلون لأخطاء زوجاتهم وهفواتهن وسوء تصرفاتهن خزانة في صدورهم، ويظلون يجمعون هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحوا تلك الخزانة وأخرجوا ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف.
ولا يمكن لهؤلاء أن يسعدوا في حياتهم الزوجية طالما أنهم يحتفظون بهذه الذكريات المؤلمة، والواجب عليهم أن يفتحوا تلك الخزانة ويلقوا ما بداخلها ولا يحتفظوا إلا بالذكريات السعيدة، والأيام الجميلة، والليالي الرائعة التي قضوها مع زوجاتهم،فالحر من راعى وداد لحظة!!
(18) ابتغ الأجر من الله:
ولكي تشعر بالسعادة الزوجية عليك أن تعرف ما ينتظرك من أجر وثواب على إحسانك لزوجتك ورفقك بها، ومحبتك لها؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أجراً في اللقاء بين الزوجين، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" [رواه مسلم].
قال الإمام النووي: "وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه، أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة". وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "... ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك " [متفق عليه].
(19) تخلص من التصورات الخاطئة عن النساء:
بعض الرجال يعاملون زوجاتهم من خلال تصورات خاطئة توارثوها عن آبائهم، مثل اعتقاد البعض أن المرأة لا وفاء لها ولا أمان أو أنها تأخذ ولا تعطي، أو أنها تتمتع بقدر كبير من الحقد والكراهية، وتصور مثل هذه الأمور وجعلها مقياساً للتعامل بين الزوجين كفيل بإفساد الحياة الزوجية وإفشالها.
(20) لا تنتظر السآمة والفشل:
هناك أناس كان يمكنهم أن يكونوا في قمة السعادة مع زوجاتهم لولا اعتقاد خاطئ يملك عليهم تفكيرهم، وهو أنه سيأتي اليوم الذي ستتمكن فيه المشكلات من الوصول إلى هذه السعادة وتدميرها، وستحصل يومئذ السآمة والملل من هذه الحياة.
والحقيقة أنه ليس حتماً أن يأتي ذلك ليوم، فهناك نماذج كثيرة من البشر ظلت على سعادتها إلى أن فرق بينهما الموت، ولم يسمحوا لشيء ذي بال أن يعكر عليهم صفو حياتهم أو يفقدهم بريق سعادتهم.
(21) عليك بالصمت:
قد ينشأ بينك وبين زوجتك خلاف ما فيعلوا صوتكما وتلجآن إلى الصياح، ويضيع الحق وسط صراخكما، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون هناك حل لتلك المشكلة وحسم لذاك الخلاف، والحل الأمثل للخروج من هذه الورطة أن تقترح هذا الاقتراح:
لنحاول الصمت لحظة بدلاً من الاسترسال في هذا الصراخ. وسترى مفعول هذه اللحظات من الصمت، إنه مفعول عظيم، أما إذا استطعت أن تحول الصمت إلى ابتسام فتكون قد بلغت غاية الأمل.
إن الصمت علاج فعال يهيئ الإنسان للتفكير السليم والحكم الصحيح على الأحداث، وقد يكون سببا في اعتراف المخطئ بخطئه وإنهاء المشكلة قبل تطورها .
(22) اجتنب النقد العقيم:
هناك فرق بين النصح والإرشاد الذي تفوح منه رائحة المحبة والاحترام وبين النقد العقيم الذي هو نوع من التوبيخ والتعيير.
إن هذا النوع من النقد سهم قاتل للسعادة الزوجية إذا تكرر وانعدمت فيه اللباقة واللطف.
إن على الزوج أن يتحلى بالكياسة عند نصح زوجته وإرشادها إلى أمر ما، فمع أنها أقدر على تحمل أخطاء زوجها من الغير، إلا أنها إنسانة ذات مشاعر، فإذا ما نفر قلبها صعب رده إلى مكانه، وعندئذ تبدأ منغصات الحياة في العمل.
تقول الكاتبة دورتي ديكس الأخصائية في البحث وتقصي أسباب الطلاق: (إن أكثر من نصف الزوجات اللواتي يمكن أن يحظين بالسعادة يتحطمن في العادة على صخور محاكم الطلاق بسبب النقد وحده) وهي تعني النقد العقيم الذي يكسر القلب، ويذل النفس. [انظر كيف تكسب الأصدقاء دايل كارنيجي]
(23) لا تكن زوجاً جاهلاً:
إن الجاهل بالحياة الجنسية بين الزوجين يؤدي إلى النفور المتبادل بينهما، وقد يتعذر مع ذلك استمرار تلك الحياة الزوجية، فيلجأ الزوجان إلى الانفصال.
لقد أعلنت الدكتورة (كاترين ديفيز) السكرتيرة العامة لمكتب الصحة الاجتماعية أن أهم أسباب الطلاق في أمريكا هو عدم التوافق الجنسي بين الأزواج.
وقد بحث الدكتور "بول بوبينو" مدير معهد الصلات العائلية في لوس أنجلوس آلافاً من الزيجات، وخرج من بحثه الواسع بأربعة أسباب رئيسية للإخفاق في الزواج ؟ هي على هذا الترتيب:
أ- عدم التوافق الجنسي.
ب- تضارب الآراء والمشارب.
ج- المشكلات المادية.
د- الشذوذ العقلي، أو العاطفي، أو الجثماني.
فالناحية الجنسية- بلا شك- من أهم الأمور التي تجعل الزواج ناجحاً أو مائلاً إلى الفشل. فعلى الزوجين أن يدرسا الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الناحية، ولا يهملا كذلك الجوانب النفسية لهذه العلاقة حتى يسعدا في زواجهما ويظلل حياتهما المودة والرحمة.
(24) لا تحاول فرض رأيك بالقوة:
إن الإقناع شيء وفرض الرأي بالقوة شيء آخر، ولا يلجأ إلى هذا الأخير إلا من قصر رأيه، وضعفت حجته، وزل منطقه ، وما أجمل هذه الحكاية التي يروى فيها أن زوجا قبض على طائر صغير، وأخذ يتأمله مع زوجته، ثم قال: ما أجمل هذا العصفور! فأجابت الزوجة: عفواً إنها عصفورة.
فقال الزوج: عصفور.
فقالت الزوجة: عصفورة.
وتشبث كل منهما برأيه، واحتدم الجدال، وتحول إلى مناقشة، فمشاجرة لم تهدأ نارها إلا بعد وقت طويل.
وبعد مضي سنة تذكر الزوج هذه الحادثة فقال لزوجته ضاحكاً: أتذكرين تلك المشاجرة البلهاء بخصوص العصفور؟
قالت: نعم أذكر، وقد فكرت بالطلاق يومذاك، ولكنني أشكر الله على النهاية السعيدة، وأعترف لك يا عزيزي أنك كنت على خطأ في إحداث كل هذه الأزمة بسبب عصفورة.
فقال الزوج: عصفورة! ولكنه عصفور
قالت: كلا! بل عصفورة.
واحتدم القتال من جديد!!
كم هناك من عصفور وعصفورة وراء المشاجرات!
حاول ألا تفرض رأيك، وإذا رأيت عدم استعداد الطرف الآخر لقبوله فاسكت لتوفر على نفسك متاعب لا حاجة لك بها. [انظر الموسوعة النفسية].
(25) لا تغذ نفسك بالأفكار السوداء:
بعض الناس يجاهدون ضد السعادة كما يجاهد الغريق ضد من يسعى لإنقاذه.
لا تقل إن السعادة والتفاؤل ضرب من الوهم، بل قل: إن على عينيك غشاوة تمنعك من رؤية السرور حيث هو.
ارفع هذه الغشاوة، وثق بما يساعدك على رؤية ما هو جميل وجيد في نفسك وفي غيرك وفي العالم من حولك، ولا تسترسل وراء ضلالك وأوهامك. [الموسوعة النفسية].
(26) لمُ نفسك أولاً:
يعجبني قول أحد السلف رحمه الله : إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وزوجتي.
وقال آخر: نظرت نظرة محرمة فنسيت القرآن بعد أربعين سنة!
إن هؤلاء العقلاء إذا رأوا تغيراً في حياتهم، وضيقاً في معيشتهم، وتعسيراً في أمورهم ألقوا باللوم على أنفسهم وحاسبوها محاسبة الشريك الشحيح لشريكه، ورأوا أنهم ما أوتوا إلا من قبل التفريط في طاعة الله وركوب معصيته.
ومن ذلك أنهم إذا رأوا تغييرا في سلوك زوجاتهم قاموا بإصلاح ما بينهم وبين ربهم، وطلبوا منه تعالى أن يصلح زوجاتهم وذرياتهم، وهؤلاء حقيقة هم السعداء في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
(27) اشترك مع زوجتك في الأعمال الخيرية:
إن اشتراكك مع زوجتك في أعمال خيرية تزيد المحبة بينكما، فالعطاء من الأمور الهامة التي تؤدي إلى مزيد من الترابط بين الزوجين، فعليكما أن تتناقشا بشأن يتيم تكفلونه، أو أسرة فقيرة تدعمونها، أو مشروع خيري كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو حفر بئر أو غير ذلك من المشروعات الخيرية التي يمكن أن تسهمون فيها معاً.
(28) شارك زوجتك متعتها:
إذا كان لزوجتك هواية من الهوايات كالعناية بالزهور وزراعتها، أو القراءة، أو رسم بعض اللوحات الجميلة، أو صناعة بعض التحف البسيطة، فمن الأفضل أن تشاركها في ذلك ولو لبعض الوقت، فإن ذلك يسعدها كثيراً ويقوي ثقتها فيك وفي نفسها.
وإذا اشتركتما في قراءة كتاب وتناقشتما حول قضاياه كان ذلك جيداً، وكذلك إذا اشتركتما في حفظ بعض سور القرآن وتسابقتما فيمن يسبق الآخر بالحفظ ازدادت سعادتكما، مع ما ستحصلان عليه من فائدة وأجر كبير.
(29) ثق بزوجتك:
إن أولى الناس بثقتك فيهم هي زوجتك لأنكما ترتبطان برباط قوي هو رباط الزوجية، فلا ينبغي عليك أن تترصد كل تصرفات زوجتك وترتاب في أفعالها، طالما أنها من أهل الصيانة والتدين ولم يصدر منها ما يخالف ذلك، فقد أساء كثير من الناس ظنونهم بزوجاتهم ولم يجنوا من وراء ذلك إلا نكد العيش والتعاسة المستمرة.
(30) كن متقبلاً للتغيير:
من المهم دائماً أن تقبل التغيير، وإذا نظرت حولك فسوف ترى أن كل شيء يتغير، أطفالك يكبرون، وآباؤك يموتون، وأنت نفسك تتغير، واهتماماتك تتغير بمرور الوقت، وهذا يساعدك على أن تتقبل تغيير كل سلوك سلبي لديك واستبداله بسلوك إيجابي ومن ذلك:
عادة التدخين التي ثبت ضررها صحياً وحرمتها دينياً، فلماذا لا تقبل تغيير هذه العادة القبيحة بممارسة الرياضة مثلا؟!
تذكر أنك كلما ازدادت قدرتك على تغيير عاداتك السلبية كلما ازدادت فرص سعادتك وراحتك النفسية ونجاحك في الحياة.
(31) مارس السعادة الزوجية:
إن معرفة كل شيء عن قيادة الطائرات لا يؤهل المرء لكي يقود طائرة، ولكن عليه أن يتدرب على ذلك ويطبق ما تعلمه نظرياً. كذلك الأمر في جانب السعادة الزوجية، حيث لا يكفي معرفة قوانين هذه السعادة في حصولها، والمفيد في ذلك لمن ينشد السعادة الزوجية أن يمارس بصورة فعلية هذه السعادة، وذلك بتطبيق قواعدها وتنفيذ قواعدها بصورة فعلية في حياته الزوجية.
(32) انظر إلى من هو أسفل منك:
إذا أردت أن تدوم عليك سعادتك الزوجية فانظر إلى من يعاني فقدان هذه السعادة بصورة دائمة.
- انظر إلى من يعيش في نكد دائم وتعاسة مستمرة.
- انظر إلى من لا يستطيع توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده.
- انظر إلى أصحاب الأمراض المزمنة التي أفقدتهم الفرح والبهجة والاستمتاع بالحياة
- انظر إلى غيرك ممن تعدوا سن الزواج- رجالاً ونساء- ومع ذلك لم يجدوا طريقاً للزواج والاستقرار.
(33) تغيب قليلاً:
قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، فهو دائماً يرى امرأته وتراه، ويخالطها وتخالطه، مما ينتج في بعض الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام، يسافر خلالها لأمور تجارية، أو يذهب إلى مكة لأداء العمرة، أو يترك زوجته عند أهلها يومين أو ثلاثة، فهذه الغيبة- بلا شك- سوف تشعره بالاشتياق إلى زوجته، وسوف تشتاق هي أيضاً إليه، وعندئذ سيكون اللقاء بينهما متجدداً، كأنه أول لقاء بينهما!!
(34) اجعل لك أهدافاً عليا في الحياة:
فإن صاحب الأهداف العليا والمقاصد السامية يعرف أن استقراره في الحياة هو السبيل الموصل لتلك الأهداف والمقاصد، وعندئذ يسعى جاهداً لكي يكون مستقراً وسعيداً في حياته.
(35) وأخيراً: كن دائم الاتصال بربك:
إن دوام الاتصال بالله تعالى كفيل بإسعادك، وإن انقطاع صلتك بالله عز وجل كفيل بشقائك، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 128]. ولكي تكون دائم الصلة بالله عز وجل:
أ- حافظ على الصلوات الخمس في جماعة .
ب- اجتهد في أداء النوافل.
ب- أكثر من ذكر الله عز وجل.
د- عليك بكثرة الدعاء والثناء والتضرع إلى الله.
هـ- أكثر من الاستغفار.
و- أكثر من تلاوة القرآن.
ز- أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ح- التزم التزاماً كلياً بأداء الفرائض وترك المحرمات.
ط- صاحب من يذكرك بالله.
ي- احضر مجالس العلم والذكر.
ك- طهر بيتك من المنكرات.
أسأل الله أن يرزقنا السعادة في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إطلالة السعادة الزوجية
أثبتت العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية والصحية عن وجود علاقة طردية بين السعادة الزوجية والتمتع بصحة جيدة، فمثلا كلما ازدادات الضغوط والتوترات الزوجية كلما ارتفعت احتمالات الإصابة بمرض السكري وضغط الدم لأن الطريقة التي يتم بها التعبير عن هذه الضغوط من الممكن أن تتحكم في النواحي الجسمية والنفسية.
في حين ان العكس يحدث تماما في الحياة الزوجية السعيدة، ففي حالة الأزواج الذين يتمتعون بحياة زوجية سعيدة، يكون جدار القلب أقل سمكا من جدار القلب لدى الأزواج الذين لا ينعمون بحياة سعيدة، وبالتالي تزيد مناعة أجسامهم وتقل فرصة الإصابة بأمراض القلب بسبب انخفاض نسبة هرمونات التوتر في الجسم.
كما أن هناك فوائد صحية عقلية وجسمانية للحياة الزوجية السعيدة تتمثل في انخفاض حالات الاكتئاب والقلق والاضطرابات العقلية والذهنية، إلا أن كل ذلك يتحول إلى العكس تماما عندما تتأزم الحياة بينهما.
وبما أن الزواج يقدم العديد من الفوائد الصحية فإنه من الأفضل أن يتقرب الزوجان إلى بعضهم البعض ما أمكن كأن يتحدث كل طرف إلى الآخر يوميا لمعرفة أخباره والاطمئنان عليه، وبهذه الطريقة يعبر كل فرد للآخر عن مدى اهتمامه.
أو أن يحدث كل طرف الآخر بما يحب أن يسمعه شريطة أن يكون هناك مساحة من المرونة وتقبل الرأي الآخر وإن اختلف معه، ولابد من الاهتمام بالطرف الآخر ومراعاته وعدم تجاهله، ومحاولة تطوير السلوكيات والعادات الشخصية.
فالزواج بطبيعته هو العطاء والأخذ المستمر لكل من الزوج والزوجة والشيءالوحيد الذي لابد ان نفهمه هو كيفية العطاء وكيفية الأخذ.. فإذا ما أعطيت الهدية بضجر أو استقبلت بدون تقدير فإنها تفقد قيمتها.
والزواج الناجح السعيد لا ينبغي أن يكون أساسه القسمة بحساب النصف تماما ولكن ينبغي أن يكون الأساس فيه دائما العطاء الكامل قدر ما يستطاع.
البسمة سر السعادة الزوجية
إن أي حياة زوجية تخلو من التجديد والبسمات كبيت يعاني من السوس يتفتت هيكله ببطء، ومن الخارج يبدو كل شيء حسنا لكن هناك شيئا قد أفلت ولا أحد يدري بفقدانه.
وعن حالة النكد الملازمة لبعض المتزوجين وأسبابها وعلاجها يوضح مختصو علم النفس أن الحياة الزوجية تحتاج إلى دعائم لاستمرارها وللأسف البعض يعتبر الحياة الزوجية أمرا خطيرا كثير الجدية مليئا بالهموم والواجبات حتى نسوا الضحكات ودب الملل في حياتهم.
ويقول الأطباء النفسيون إن الأزواج لو اقتطعوا وقتا خاصا بهم لكان أنفع للأولاد الذين يهمهم صمود نواة الزواج مع ضرورة التخلص من الإحساس بالذنب بأن الأولاد أحق بالوقت كاملا أو بتلك النزهة التي جمعتك بزوجك لتتحررا من الرسميات والقيود ولتنطلق ضحكاتكما التي اختفت خلف الهموم .
وللمرأة دور كبير ومهم في بعث التجديد في حياتها بداية من فكرها وحتى مظهرها العام فالملل يقتل الحب والزواج ويخلق المشكلات بعد ذبول المشاعر الجميلة أمام صراعات الحياة فعدم قول الرجل لزوجته كلمة أحبك كل يوم لا يعني كراهية لها إنما عمل الزوج قد يحمله بالأعباء فاتركي له حرية التحرك ولقاء الأصدقاء وممارسة هواياته فهذه أمور تملأ ثغرات شخصيته وتصقلها فيشعر بالأمور بصورة أفضل .
ولا تحرمي نفسك من الاجتماع بالأهل والمعارف ففي تلك اللقاءات قد تعودين بفكرة جديدة واحتفظي بآرائك لنفسك دون تهميش لوجود الزوج ، فالزوجات الفاشلات يعتبرن أنفسهن مراكز استقبال الحب دون منحه ، فالاهتمام بالزوج بكلمة رقيقة أو هدية بسيطة يعني له الكثير وذلك أفضل من تصعيد المناقشة لمشاجرة ثم خلاف وقطيعة.
البيوت تُبنَى على الحُب
بقلم/ محمد الغزالي
من المشكلات المضنية للبشر أن الغريزة الجنسية تُولد وتتحرك وتقوى في سِنّ اليافعة، أي حوالي الخامسة عشرة من العمر، أي قبل اكتمال القدرة العقلية، واستطاعة النهوض بأعباء الزواج، ورعاية الأسرة، ومعاملة الصاحب الآخر بعدالة وشرف.(54/4)
إن الزواج ليس تنفيسًا عن ميل بدني فقط ! إنه شركة مادية وأدبية واجتماعية تتطلب مؤهلات شتى، وإلى أن يتم استكمال هذه المؤهلات وضع الإسلام أسس حياة تكفل الطهر والأدب للفتيان والفتيات على سواء.
وأرى أن شغل الناس بالصلوات الخمس طول اليوم له أثر عميق في إبعاد الوساوس الهابطة، ينضم إلى ذلك منع كل الإثارات التي يمكن أن تفجّر الرغبات الكامنة. إن الحجاب المشروع، وغَضّ البصر، وإخفاء الزينات، والمباعدة بين أنفاس الرجال وأنفاس النساء في أي اختلاط فوضويّ، وملء أوقات الفراغ بضروب الجهاد العلمي والاجتماعي والعسكري -عند الحاجة-؛ كل ذلك يؤتي ثمارًا طيبة في بناء المجتمع على الفضائل.
ثم يجيء الزواج الذي يحسن التبكير به، كما يحسن تجريده من تقاليد الرياء والسرف والتكلف، التي برع الناس في ابتداعها فكانت وبالا عليهم.
إن من غرائب السلوك الإنساني أنه هو الذي يصنع لنفسه القيود المؤذية، وهو الذي يخلق الخرافة ثم يقدسها!!
إن الإسلام الحق هو الدواء الناجع، والعناصر التي يقدمها لقيام مجتمع طاهر، تصان فيه الأعراض، وتسود أرجاءه العفّة وتبدأ من البيت، فالصلوات تنتظم أفراده كلهم الصبية والرجال، ويُراقَب أداؤها بتلطف وصرامة، وتراعي شعائر الإسلام في الطعام واللباس والمبيت والاستئذان، واستضافة الأقارب والأصدقاء..
إن جوانب الحياة العامة كثيرة، وهي مسئولة عن صون البيت وإشاعة الطهر، وإنشاء أجيال أدنى إلى الاستقامة.
هناك معالم ثلاثة ينبغي أن تتوفر في البيت المسلم، أو أن تظهر في كيانه المعنوي ليؤدي رسالته ويحقق وظيفته، هذه الثلاثة هي: السكينة والمودة والتراحم..
وأعني بالسكينة الاستقرار النفسي، فتكون الزوجة قرة عين لرجلها، لا يعدوها إلى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته، لا تفكر في غيره..
أما المودة فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضا والسعادة.. ويجيء دور الرحمة لنعلم أن هذه الصفة أساس الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء على سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.."(آل عمران:159)، فليست الرحمة لونا من الشفقة العارضة، وإنما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الخلاق وشرف السيرة..
وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والود المتصل، والتراحم الحاني فإن الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثرا ...
وسوف يتغلب على عقبات كثيرة، وما تكون منه إلا الذُّريات الجيدة، لقد شعرت أن أغلب ما يكون بين الأولاد من عُقَد وتناحر يرجع إلى اعتلال العلاقة الزوجية، وفساد ذات البين.
إن الدين لا يكبت مطالب الفطرة، ولا يصادر أشواق النفس إلى الرضا والراحة والبشاشة، وللإنسان عندما يقرر الزواج أن يتحرّى عن وجود الخصال التي ينشدها وأظن ذلك حق المرأة أيضا فيمن تختاره بعلاً.
فإذا صدَّق الخُبْر الخَبر صحَّ الزواج وبقى، وإلا تعرض مستقبله للغيوم.
وهناك رجال يحسبون أن لهم حقوقًا، وليست عليهم واجبات، فهو يعيش في قوقعة من أنانيته ومآربه وحدها، غير شاعر بالطرف الآخر، وما ينبغي له. والبيت المسلم يقوم على قاعدة عادلة "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة"(البقرة:228)، وهي درجة القوامة أو رياسة هذه الشركة الحيّة.. ! وما تصلح شركة بدون رئيس.
وبديهي ألا تكون هذه الرياسة ملغية لرأي الزوجة، ومصالحها المشروعة أدبية كانت أو مادية..
إن الوظيفة الاجتماعية للبيت المسلم تتطلب مؤهلات معينة، فإذا عَزَّ وجودها فلا معنى لعقد الزواج.
وهذه المؤهلات مفروضة على الرجل وعلى المرأة معًا، فمن شعر بالعجز عنها فلا حقَّ له في الزواج..
إذا كانت المرأة ناضبة الحنان قاسية الفؤاد قوية الشعور بمآربها بليدة الإحساس بمطالب غيرها فخير لها أن تظل وحيدة، فلن تصلح ربة بيت، إن الزوج قد يمرض، وقد تبرّح به العلّة فتضيق به الممرضة المستأجرة. المفروض أن تكون زوجته أصبر من غيرها وأظهر بشاشة وأملاً ودعاء له..
ولن نفهم أطراف هذه القضية إلا إذا علمنا بأن البيوت تبنى على الحب المتبادل، "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"(البقرة:187) كما قال تعالى
التدين إكسير الحياة الزوجية
إعداد: نطاق تزكية**
خلق الله لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا مودة ورحمة، غير أن هذه العِشرة الطويلة بين الأنفس، قد تعتريها صعوبات، وتنغص على صفوها مشكلات الحياة وضغوطاتها، وعدم تفهم البعض لمشاعر شريك الحياة، وللوسائل المعينة على التقارب والتراحم.
وتشير الأبحاث والدراسات الاجتماعية المعاصرة إلى غياب مفاهيم أخلاقية وسلوكية كثيرة في تعامل الزوجين مع بعضهما البعض، وغياب مراعاة الله والاحترام المتبادل بين الزوجين، حتى صار "السكين" و"الأسلحة الحادة" هي الوسائل العملية في النقاش بينهما، وشهدت محاضر الشرطة، وصفحات الجرائد مشاهد كثيرة، هي في واقع الأمر أدلة على انتشار "العقوق بين الزوجين".
ولكن، الوضع يختلف إذا ما تدبر الزوجان في بداية حياتهما الزوجية، واتفقا على أن يكون التدين حبل الله المتين الذين يقرب بينهما، ويحمي الأسرة من شر التشرذم، ويرمم الود إذا ما غاب الحب، ويوجب الاحترام إذا ما تحتم الخلاف.
وتؤكد على قيمة حسن الخلق والتدين في جلب السعادة الزوجية؛ تلك البيوت التي طرقنا أبوابها، لنستقي منها نماذج في البر والرحمة، فقد وجدناها عامرة بذكر الرحمن، هادئة بآداب القرآن، تقف أمام الأزمات صامدة صمود الشجعان.
فقد وضع الكثير من الأزواج والزوجات؛ حسن الخلق والبر أمام عينيه قبل بداية الشراكة الزوجية. فاتفقت إيمان حسين مع زوجها د. مجدي وهبي- مصريان- قبل الزواج على منهج رباني في بناء الأسرة؛ لكي تعيش أسرتهم في سعادة حقيقية، وأن يتقي كل منهما الله في الآخر، ويلتزمان الوضوح والصراحة في كل الأحوال؛ من منطلق أن الصدق صفة من صفات المسلم.
الصبر على البلاء
وللإيمان دور هام في الرضا والصبر على البلاء بين الأزواج، وهو ما تمثله قصة طاما ـ مغربية ـ التي ابتلى الله تعالى زوجها بمرض بدا في أول وهلة مرضا طارئا، إلا أنه كان أخطر من ذلك بكثير؛ إنه السل القاتل.
ولكنها اعتبرت مرض زوجها ابتلاء وتمحيصا من الله، وعكفت على خدمته متفائلة بعودته إلى البيت ذات يوم معافى، غير أن الله عز وجل اختار للزوج نهاية أخرى، فقد توفاه الله وهو راضٍ عن زوجته؛ لما قامت به من بر عجيب نحوه، وما زالت بارة له حتى بعد موته.
وقد تعرضت زوجة أحمد ـ من المغرب ـ لحادثة، أدت إلى قطع رجلها، وإصابتها بشلل نصفي أقعدها بالفراش. فاحتسب ذلك لله وصبر؛ وعزم الزوج على أن يكون لها نعم الأب والزوج والأخ، وشمر عن ساعد الجد، وصار قائما بكل أغراض البيت.
وعندما يُسأل عن ذلك؛ كان الزوج البار يرد عن فوره: "إن لي في رسول الله صلى الله عليه وسلم، العبرة والمثل، فقد كان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، وكان في خدمة أهل بيته...".
وظل أحمد وفيا لزوجته المقعدة؛ إلى أن شاء الله أن تتشافى بعد عرضها على أطباء في فرنسا، وقد ابتاع كل ما يملك من أجل شفائها، ليضرب لنا بذلك أروع المثل، ويعزف لنا لحن الوفاء.
إصلاح بالإيمان
وقد يصلح بر أحد الزوجين سوء خلق الآخر، وهو ما تدلل عليه قصة خديجة – من المغرب-، فتذكر أن زوجها كان يعاملها معاملة سيئة، وكان رجلا سكيراً يكيل لها السباب والشتائم، ولا يحترم مشاعرها ولا مشاعر طفلتهما، وكانت تستعين في مواجهة ذلك بالدعاء والصبر.
وبعد أن مرت الأيام والشهور على هذا المنوال، تورط الزوج مظلوما في قضية جنائية، ولم تلقِ خديجة بالا لما يقال عنه، ولا بتحريض صديقاتها على طلب الطلاق والخلاص منه، بل وقفت بجواره، وكانت تزوره في السجن، وتحمل معها الأكل كما تحمل مشاعرها الرقيقة، وكانت نتيجة هذا البر بعد خروجه من السجن؛ أن حمل جميلها وبرها وأحسن معاملتها.
وفي نموذج الصبر على الزوجة سيئة الخلق؛ يضرب لنا "م. ع " - مصري- أروع مثال؛ لأنه تزوج من زوجة لا تصبر على الشدائد، وتنظر لما في يد غيرها، وكانت تكذب ولا تقدر ضغوط الحياة، وقد عاملها وفق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر".
وقد تعودت "دلال" – فلسطينية- على الحياة المرفهة في بيت أهلها، وظلت تنعم بالرفاهية في أولى أعوام زواجها، إلى أن فقد الزوج عمله، وشرع في البحث عن عملٍ آخر. وبرغم صعوبة الوضع الجديد؛ فقد منعها خُلقها ودينها من الشكوى، وابتغت مرضاة الله فصبرت، وما تزال صابرة، تعيش مع زوجها وأبنائها على القليل.
كما قرب الدين بين قلب مهند – فلسطيني- وزوجته؛ بعدما كادت تستحيل الحياة بينهما في بداية الزواج، ولكن ميثاق الله الغليظ قد عضد من علاقتهما، ووقف بالمرصاد أمام همزات الشيطان، حتى عادت سفينة الحب إلى شط الأمان.
التدين.. ضمان
حول أهمية التدين في نجاح الزواج؛ يشير د. محمد علي الزغول- عميد كلية الشريعة بجامعة مؤتة بالأردن- إلى أن هناك قاعدة أثبتتها الحياة وهي أن: "التدين ضمانة السعادة الزوجية". إذ يجلب الدينُ السكينة؛ يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
ويشير الزغول إلى نجاح العلاقات الزوجية التي يحكمها حسن الخلق، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم"، موضحاً أن حسن الخلق له أيادٍ على العلاقات الزوجية، وصاحب الخلق إذا كره من زوجته خلقا، رضي منها آخر.
ويزخر التاريخ الإسلامي بنماذج خالدة لبر الزوجين، وهذا ما ذكره د. الزغول عن قصة الصحابية التي مرض أبوها، وكانت تريد استئذان زوجها لزيارة أبيها؛ ولكنه لم يكن موجودا.
ورغم أنها علمت أن المرض قد اشتد بأبيها، لكنها لم تخرج لأن زوجها غير موجود ولم يأذن لها، فبلغها بعد ذلك أن والدها قد توفى -رغم جواز خروجها شرعا- فكان هذا من باب البر بالزوج.
ويقص د. الزغول قصة الصحابية أم طلحة الأنصارية؛ فعن ثابت، عن أنس. قال: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم. فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه. قال فجاء فقربت إليه عشاء. فأكل وشرب. فقال: ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك. فوقع بها.
فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة! أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. قالت: فاحتسب ابنك. قال فغضب وقال: تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني! فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخبره بما كان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بارك الله لكما في غابر ليلتكما". (صحيح مسلم).
ويصف د. الزغول "روشتة" الأخلاق الصالحة التي ينبغي أن يتعامل بها الزوج في التعامل مع شريك حياته:
1 – التناصح: فإذا رأى أحدهما من الآخر سلوكا غير مناسب؛ فعليه أن ينصح الطرف الآخر ويذكره بما ينبغي أن يكون عليه المسلم في البيت المسلم.
2 - محاولة إظهار المحاسن الفردية للطرف الآخر: ومن ذلك تحذير أم لابنتها عند زواجها، من أن تقع عينيه على قبيح.
3 - تقويم السلوك بشكل لطيف: فإذا بدر من الزوج أمورا تسوء المرأة؛ لا بد أن تحاول أن تقومه، والعكس صحيح.
4 - النظر إلى العلاقة الزوجية على أنها شراكة وليس تمكينا: بمعنى أن يكون هناك تحديد من الذي يقود الأسرة. والتدين يقتضي أن يكون هناك مجال واسع في مبادلة القيادة والمشاركة فيها؛ لأن الرسول لم يكن مع أهل بيته مستبدا برأيه.
خشية الله.. اللبنة الأولى
ويلتقط أطراف الحديث د. أحمد العسال- مستشار رئيس الجامعة الإسلامية بباكستان؛ موضحا أن خشية الله عز وجل يجب أن تكون في قلب الزوجين، وتظهر في التعاملات بينهما؛ لأن الإنسان إذا خشي الله استقام، وحافظ على حقوق من معه، فعن مُعَاذٍ "أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ أو أَيْنَمَا كُنْتَ. قَالَ زِدْنِي قَالَ: أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. قَالَ زِدْنِي. قَالَ: خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".
وينبه د. العسال إلى عدد من الصفات التي ذكرها القرآن الكريم حتى يكون الزوج- أو الزوجة- على خلق قويم مع شريك حياته، أولها الاهتمام بتكامل الشخصية، وتنمية السلوك الإيماني، ومراعاة الله في الكلمة والنظرة، وتحقيق صفة المؤمنين في قوله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
ولا تخلو الرؤية الإسلامية من مقومات أساسية للبيت المسلم الناجح، وفي هذا يبين د. العسال أن أهمها: قيام الزوجين برعاية البيت ماديا ومعنويا؛ من خلال المودة والرحمة المتبادلة، وأن تكون هناك نوع من الشراكة بينهما لسد احتياجات البيت.
كما يعد التدين سياج أمان بين الزوجين ضد تطور الخلاف بينهما؛ حيث يؤكد د. العسال أن المؤمن الصادق دائما يغفر السيئة ويعفو عن المظلمة، وبالتالي في نطاق الزوجية يصفح سريعا، وينهي خلافاته بشكل يرضي الله ورسوله.
حب الله كفيل
وتعرفنا د. سهير عبد العزيز- عميدة كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر سابقا- على أثر التدين في الحياة الزوجية؛ مبينة أن الإيمان بالله يكسب الإنسان إنسانية التعامل مع الآخرين، ويوجه علاقاته معهم، ومنها العلاقة الزوجية. إذ تقوم علاقة المؤمن مع شريك حياته على الأخلاق العليا؛ والتي تزيد من المحبة والقرب بين الطرفين.
وتذكر د. سهير أن بريق المودة والرحمة الذي قد ينطفئ مع التعود والعشرة، ما يلبث أن يتجدد مع الأزواج المتدينين؛ لأن الطامع في رضا الله لا يسيء إلى شريك حياته. وهناك بعض الدراسات التي أثبتت استقرار الأسر التي يحفها الإيمان؛ عن الأسر التي يسكنها الشيطان. فالحب في الله كفيل بحفظ علاقتنا مع أهلينا وذوينا، والقلب الذي يسكنه الحب، لا يقبل الخصام، ولا يرضى للمحبين الهجر أو القسوة".
** شارك في إعداد التحقيق عدد من الصحفيين وهم: (صبحي مجاهد- مصر)، (شيماء فايد- مصر)، (عبد الله التفراوتي- المغرب)، (علا عطا الله- فلسطين)؛ يمكنكم التواصل معهم أو مراسلتنا بآرائكم وخواطركم الإيمانية؛ عبر بريد الصفحة: tazkia@iolteam.com.
الحب في القلب والزواج في المنزل!
2004/08/01
...
** فلسطين - علا عطا الله
بالعقل أو القلب نختار شريك العمر، ونبدأ في رسم صورة وردية ورائعة لهذا الشريك ربما تصل إلى حد المثالية، ثم تأتي المفاجأة على أرض الواقع حين نقف أمام صورة أخرى عكس ما كنا نعتقد ونتخيل! فنُصاب بالحيرة والألم، ونشعر بالمرارة التي تجعلنا نتساءل: ماذا نفعل؟ هل نمضي في حياتنا أم نتوقف ونعيد حساباتنا؟؟
وسقط القناع
ما قبل الزواج يرى الرجل في شريكة دربه زوجة مثالية؛ فهي صادقة ومخلصة وحنونة ومثقفة.. باختصار: هي كل شيء. ونفس الصورة تتكرر في عيون المرأة؛ حيث ينسج خيالها الأحلام، وتسهر الليالي في انتظار اليوم الذي يجمعها مع شريك العمر تحت سقفٍ واحد، ولكن بعد الزواج تنعكس الصورة ويحكي الواقع كلمته.
بدأنا جولتنا مع الأزواج الذين وقعوا ضحايا "الصورة المثالية"، بصوت تعلو نبراته الأسى والحسرة يحكي لنا "سامي.ن" تجربته: "بعد زواجي بأشهر انصدمت بامرأة أخرى؛ فالتي أمامي عصبية، متقلبة المزاج، تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، وحاولت جاهدًا أن أتحملها علّها تتحسن وتعود إلى طبيعتها، ولكن الأمور كانت تزداد سوءا، فأيقنت أن الصورة التي رسمتها في خيالي صورة مزيفة".
لا للنساء
التجربة التي مر بها "جمال.ع" جعلته يرفع شعار "لا للنساء"، ويروي لنا السبب: "في فترة الخطبة عشت أجمل أيام عمري؛ فقد تجسدت أمامي امرأة مثالية؛ كانت رقيقة المشاعر، حنونة، ومحبة. ببساطة: كانت حلمًا رائعًا، ولكنه تحول بعد الزواج إلى كابوس؛ فالرقة غابت، وانطفأ الحب والحنان، وتحول بيتنا إلى جحيم، ولم أعد أحتمل، فانفصلت عنها بعد أربع سنوات من القهر والعذاب، وخرجت من هذه التجربة وأنا أكره النساء جميعهن".
ويرى "خالد حمدان" أن الرجل حين يكتشف أن زوجته عكس الصورة التي عرفها عليها قبل الزواج؛ فإن ذلك يعرضه للصدمة والتدمير النفسي.. ويستدرك: "ولكن على الرجل أن يتروى؛ فقد يكون هناك ثمّة صفات إيجابية لم يكتشفها بعد، ولا يوجد ما يسمى بالصورة المثالية؛ فالكمال لله وحده عز وجل".
ويؤكد "ياسر العف" أنه في فترة الخطبة تبالغ الفتاة بمظهرها وسعادتها الخارجية على حساب أي شيء آخر، في حين يُعطي الشاب أفضل ما عنده، وبعد الزواج يظهر كل طرف على حقيقته.
ومن جهته يدعو "سيف الدين شرف" الأزواج إلى ضرورة تحمل الزوجات؛ لأن المرأة هي الطرف الأضعف دومًا، وهي من تحتاج إلى مسايرة حتى لو اختلفت الصورة؛ فهناك أخطاء من الممكن معالجتها.
ورطة العمر
يستطيع الرجل بسهولة أن يستبدل بالصورة أخرى لو اكتشف زيفها، وربما بصور، إلى أن يحصل على ما يريد، ولكن الأمر يختلف تمامًا بالنسبة للمرأة التي ما إن تكتشف أنها أمام زوج مختلف عن الذي تعرفه حتى تصبر وتحتسب وتتألم بصمت، اقتربنا من الزوجات المخدوعات بحذر، سألناهن عن المعاناة التي تعتصر قلوبهن؛ فماذا كانت الإجابة؟؟
بعد شهر واحد من الزواج اكتشفت "رشا.م" أن الصورة التي رسمتها لفارس أحلامها خاطئة، وتقول: "صار يعاملني بقسوة وأنانية، ويغضب لأتفه الأمور، ويشتمني، ويضربني رغم أنني لم أفعل شيئًا أستحق عليه هذه المعاملة. ومع ذلك لم أفكر ولن أفكر في التخلي عنه؛ فلقد صار زواجي به واقعًا، وعليّ أن أتحمل وأصبر".
وتعاني "سهام.ل" من زوجها الذي اختلف كليًّا، وتقول: "كان رومانسيًّا هادئًا قبل الزواج، أما الآن فلقد أصبح جافًّا عصبيًّا، وحاولت تقويمه بكل السبل، لكنني فشلت، ولم أجد أمامي خيارًا سوى قبوله على علاته".
المرأة والألم
وتفسر "سلمى الشرفا" تمسك الزوجة بزوجها حتى لو اكتشفت أنه الشريك غير المناسب، قائلة: "المرأة بطبيعتها حين تتألم تتحمل، كما أن الظروف الاجتماعية التي نحياها لا تسمح للمرأة بأن تشكو، بل إن المجتمع يضعها في دائرة الاتهام دومًا، ويطالبها بأن تكون الطرف الذي يقود العلاقة الزوجية نحو النجاح".
ولكن "شيماء.ر" اتخذت قرارًا بالانسحاب، ووضعت حدًّا لحياتها الزوجية، وتعترف: "شعرت بأني وقعت في ورطة العمر؛ حيث وجدت نفسي أمام صورة مزيفة، ولما شعرت بالألم والعذاب طلبت الانفصال لأرتاح".
وبلهجة حاسمة غير مترددة تقول "سناء دلول": "إذا حدث واكتشفت الزوجة أنها أمام زوج تغيرت صورته إلى الأسوأ فعليها ألا تستمر في الحياة معه؛ فلا سبب يدعوها إلى البقاء مع الشخص غير المناسب".
دومًا هناك صورة مشرقة لا ينطفئ بريقها، وهناك أحلام لا تتبدل، تحتفظ بصدقها حتى لو اختلف الزمان والمكان. وهذا ما انطبق على الثنائي محمد الحلبي وزوجته رانيا، وعن هذه الصورة يتحدث لنا الزوج محمد: "زوجتي متدينة، وهذا أهم شرط وضعته عندما فكرت في الارتباط، والحمد لله رزقني الله بها. وأؤكد لكم أن تكون المرأة متدينة يعني أنها مثالية في تفاصيل حياتها، وعندما نعود إلى الدين نجد الحلول لكل مشكلاتنا اليومية التي نواجهها".
وتلتقط زوجته رانيا طرف الحوار لتكمل قائلة: "لم أصدم بزوجي بعد الارتباط به، ولم أكتشف فيه أية عيوب؛ ربما لأنه كان صريحًا وواضحًا معي قبل الزواج، وأنا لا أنكر أن هناك مشاكل تواجهنا، ولكننا بتبادل الحوار الهادئ والنقاش المتروي نصل إلى حلول وقرارات ترضيني وترضي زوجي، والأهم أنها ترضي الله عز وجل، وأنا أنصح الفتاة بأن ترتبط بالشاب المتدين الذي لن يظلمها، وكذلك الشاب عليه أن يظفر بذات الدين؛ فللأسف معظم شبابنا وشاباتنا يرسمون في خيالاتهم صورة لشريك حياتهم كالنماذج التي تعرضها الفضائيات، وهي نماذج لا تمُت لديننا ولا لأخلاقنا بصلة".
اختيار شريك العمر
ما المعايير الواقعية والعقلانية في اختيار شريك العمر؟؟ وكيف يؤثر اختلاف الصورة التي نسجها الأزواج والزوجات في خيالاتهم على الحياة الزوجية؟
أسئلة بسطناها على طاولة الأستاذ "درداح الشاعر" -المحاضر بقسم علم النفس بجامعة الأقصى بغزة- الذي استهل حديثه قائلا: "الاختيار السليم من البداية يجنب الأزواج والزوجات الوقوع في الخطأ، وأهم معيار يجب أن يضعه الشخص عندما يختار شريك حياته هو: الدين والأخلاق؛ فصاحب الدين سيتعامل مع الطرف الآخر باعتباره إنسانًا يصيب ويخطئ، يبكي ويفرح، يغضب ويهدأ، ولا وجود للصورة المثالية الكاملة، ومن هنا لا بد أن يكون الاختيار شرعيًّا، وإذا انحرف الشباب إلى معايير أخرى فسيعاني الزوج وستعاني الزوجة".
وفيما يختص بالصورة التي يرسمها الأزواج ومدى تطابقها أو اختلافها مع الواقع يؤكد "الشاعر" على أن الإنسان يجد نفسه أمام 3 احتمالات: الأول أن يجد ما يصبو إليه بدرجة أو أخرى، وهذا الأمر نادر الحدوث. والثاني أن يجد ما هو قريب مما رسمه. والثالث وهو محور حديثنا حيث الواقع مختلف كل الاختلاف عن الخيال؛ الأمر الذي قد تتولد عنه مشكلات كبيرة بين طرفي العلاقة؛ حيث تُصاب الروابط الأسرية بالتوتر النفسي والقلق الدائم، وربما تتدهور إلى درجة قد تصل إلى الطلاق".
تضحية وموازنة
"الحالة تحتاج إلى تضحية وتقديم قدر من الموازنة والمسايرة؛ فالحياة الزوجية أمان وسكينة، وعلى الشخص أن يكون واقعيًّا؛ فلا يمكن أن تتطابق صفات ما قبل الزواج مع ما بعده، فإذا اكتشف الزوج أن ثمة فجوة ما اجتماعية أو فكرية أو ثقافية في زوجته فعليه أن يبذل قصارى جهده، ويسخر كل مساعيه من خلال التفاهم والتحاور؛ لسد الهوة المتشكلة بين الواقع وبين ما هو متخيل، ونفس الأمر ينطبق على الزوجة؛ فعدم التغلب على هذه الحالة يخلق الشعور بالإحباط واليأس والكآبة وفقدان التوازن، خصوصًا إذا انعدم الأمل في حدوث تغيير؛ وهو ما يخلق بيئة خصبة لكل أنواع الخلاف والمشاكل.
وأخيرًا.. نصح "الشاعر" من يقفون على عتبة اختيار شريك العمر أن يسلكوا الأسس الصحيحة، وهي موجودة في الثقافة الزوجية الإسلامية التي تكفل لهم حياة زوجية صحيحة ناجحة يغلفها المودة والرحمة.
الرجال.. وفن مداراة الزوجة!!
العدد 175 ـ ذو القعدة 1426هـ
إعداد: منى السعيد الشريف(54/5)