القادحة، والعالمان الجليلان (ابن القيم والقرضاوي) لا يخفى عليهما هذا الشأن، ومثل هذا الأثر ما ذكره ابن القيم من قوله: "وقال الزهري: أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم وبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- فثبتَا على نكاحهما".
فليس في هذا الأثر جواز بقاء الزوجة، إذا أسلمت عند زوجها غير المسلم، بل يُستدل به على إقرارهما على نكاحهما الأول إذا أسلم قريبًا من إسلامها.
أما ما ذكر ابن القيم عن ابن شبرمة من قوله: "كان الناس على عهد رسول -صلى الله عليه وسلم- يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء العدة فهي امرأته فإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما".
فهو مثل ما تقدم عن مالك عن ابن شهاب، وعن الزهري، فيه دليل على صحة العقد الأول ما لم تنقضِ العدة.
ونحن لا ننازع الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي في صلاحية عقد النكاح الأول للاستمرار؛ بل في إباحة إقامة المرأة إذا أسلمت دون زوجها ببيت أسرة الزوج غير المسلم، وكانت هذه الإباحة هي موضوع الفتوى، التي أصدرها أخونا الجليل الدكتور يوسف القرضاوي.
هذا، وقد سرد الإمام ابن القيم روايات أخرى كثيرة، مضمونها هو مضمون ما ذكرناه سابقًا، نختار من هذه الروايات رواية واحدة؛ لأنها مهمة، وتحتاج فعلا إلى وقفة كاشفة، ثم نعود، فنذكر كلاما نفيسًا للإمام ابن القيم يُعتبر حسمًا لكثير من مسائل الجدل في هذا الموضوع الذي نحن بصدده، ونضرب صفحًا عن سرد كل ما قال توخيًا للإيجاز.
والرواية التي نريد أن نخصها بالذكر هي ما يثار حول موضوع زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها الربيع بن العاص.
وصفوة القول في هذا الموضوع أن الربيع بن العاص زوج زينب تأخر إسلامه عن دخولها هي في الإسلام، والربيع هذا قدم المدينة في العام السادس للهجرة في الهدنة التي تم الاتفاق عليه بين المسلمين ومشركي العرب من قريش، وقد ورد أن زينب رضي الله عنها سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ينزل الربيع بن العاص (زوجها في الجاهلية) في دارها؛ فقال لها صلى الله عليه وسلم: "إنه زوجك، ولكن لا يصل إليك" هكذا ورد.(51/135)
ثم إن الربيع بن العاص (زوجها) لمّا أسلم قال فريق: إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقرهما على نكاحهما الأول، وقال فريق: بل إنه عقد لهما عقد نكاح جديد. هذه هي خلاصة القصة، ونقف أمامها وقفتين:
الوقفة الأولى: حول نزوله عندها في دارها بإذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنقول: إذا صحت هذه الرواية فإن هذا كان ـ قطعًا ـ قبل نزول قوله تعالى: "فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ" أما بعد نزولها فمحال؛ إذ كيف يأذن لها ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالنزول عندها، مختليًا بها مع وجوب قوله تعالى: "لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ"؟ وإذا كان الرسول قد قال لها: "إنه زوجك" إذا كان هذا القول قبل نزول "فلا ترجعوهن إلى الكفار" فكيف يقول لها: "ولكن لا يصل إليك" إن هذا يتنافى تمامًا مع قوله لها: "إنه زوجك".
ومن موانع أن يكون هذا بعد نزول "فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ... " أن الإسلام حرم الخلوة بالأجنبية، وآيات الحجاب وآداب النظر نزلت في السنة الخامسة الهجرية. أما آيات "فلا ترجعوهن إلى الكفار" فقد نزلت في السنة السادسة الهجرية بعد صلح الحديبية".
الوقفة الثانية: فهي أمام: هل أقرهما الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أسلم الربيع بن العاص على نكاحهما الأول؟ أم جدد لهما عقد النكاح؟ شيخ الإسلام ابن تيمية نصر الأول، وحكم على الثاني بالضعف، وهذه المسألة لا تدخل معنا في مشروعية الفتوى موضوع الدراسة أم عدم مشروعيتها؛ لأنها تتعلق بمسألة سريان العقد الأول أم عدم سريانه، وهدفنا من هذه الدراسة منع إقامة المرأة إذا أسلمت دون زوجها في بيت هذا الزوج غير المسلم، ووجوب التفريق المكاني بينهما بمجرد إسلامها إذا علم هو -زوجها غير المسلم- بإسلامها ولم يسلم، وأنها صارت محرمة عليه حتى يسلم، كما قال الله تعالى: "ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ... "
كلام نفيس لابن القيم:
أما الكلام النفيس الذي ذكره الإمام ابن القيم الذي يُعتبر حسمًا لما ورد من روايات وآراء فقد قال فيه: "وبالجملة ـ فتحديد رد المرأة على زوجها بانقضاء العدة لو كان هو شرعه، لكان هذا مما يجب بيانه للناس من قبل ذلك الوقت، فإنهم أحوج ما كانوا إلى بيانه، وهذا كله ـ مع حديث زينب ـ يدل على أن المرأة إذا أسلمت وامتنع زوجها عن الإسلام، فلها أن تتربص وتنتظر إسلامه، فإذا اختارت أن تقيم منتظرة لإسلامه، فإذا أسلم أقامت معه، فلها ذلك كما كان النساء يفعلن، كزينب ابنته وغيرها، ولكن لا تمكّنه من وطئها، ولا حكم له(51/136)
عليها، ولا نفقة ولا قسم، والأمر من ذلك إليها لا إليه، فليس هو في هذا الحال زوجا لها مالكا لعصمتها من كل وجه، ولا يحتاج إذا أسلم إلى ابتداء عقد يحتاج فيه إلى ولي وشهود ومهر". ومؤدى هذا الكلام يتلخص في الآتي:
1.
إن وطء التي تسلم دون زوجها محرم تحريمًا قاطعًا على الزوج غير المسلم.
2.
إن الزوج غير المسلم في هذه الحالة لا يملك من أمرها شيئًا.
3.
لا نفقة ولا سكنى ولا قسم يجب لها عليه.
فهي ـ إذن ـ بمجرد إسلامها تصبح أجنبية عنه؛ فلا يجوز له أن يخلو بها بأي وجه من الوجوه. هذا ما يدل عليه هذه الكلام النفيس من هذا الإمام الجليل. وما دام الأمر كذلك فإن التفريق المكاني بينهما واجب، لأن الخلطة وسيلة لوقوع المحظور المحرم عليهما معًا. والوسيلة التي تؤدي إلى محرم حرام؛ لأن الوسائل تأخذ حكم الغاية المترتبة عليها، وهذا موضوع اتفاق عند الأصوليين. وهذا هو ما نلح عليه في موضوع الفتوى؛ فوجوب التفريق المكاني بين من تسلم من الأوروبيات دون زوجها واجب شرعًا، لا يجوز التهاون فيه تحت أي اعتبار. ويبين الخلاف بين العلماء في مسألة واحدة هي:
هل يجوز للرجل غير المسلم إذا أسلم بعد إسلام امرأته أن يعود إليها بعقد النكاح الأول؟ ومتي يكون ذلك: قبل انقضاء العدة أم بعدها؟ أم لا يجوز إذا تأخر إسلامه عن إسلامها وعليه إن أرادها أن يجدّد عقده عليها؟
هذه هي المسألة التي كثر حولها الكلام، أما قولهم: إن لها أن تنتظر وتتربص إذا طمعت في إسلامه، فإن معنى التربص والانتظار هنا أن لا تقبل زواجًا من غيره، وأن يكون انتظارها في غير داره فإن تقدم للتزوج منها فهو أحق وأولى بها من أي خاطب آخر، وهذا هو معنى العبارة السوية للإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وما أشبهها من المنسوب إلى غيره من العلماء.
ويمكن فهم هذه الأمور من عبارة ابن القيم نفسه التي ذكرها الشيخ الجليل القرضاوي، وهي "وسر المسألة أن العقد في هذه المدة جائز لا لازم، ولا محذور من ذلك، ولا ضرر على الزوجة فيه؟ أي: إذا اختارت هي التربص والانتظار في دارها هي لا في دار هو مقيم فيها.
وينبغي أن نعلم أن هذا التربص والانتظار لا يلزمها به أحد من العلماء، ولا ينبغي لهم، وإنما هو أمر يرجع إليها، ولذلك فإن لم تتربص ولم تنتظر فهو من(51/137)
حقها، فلها أن تتزوج من غيره بعد انقضاء عدتها منه، إذا رأت في ذلك مصلحة لها، أو لدفع ضرر يقع عليها من انتظار إسلامه، وهو احتمال قد يطول، أو لا يقع أبدًا، فكيف إذن تلزم به من جهة الشرع، وقد أجاز الشرع لزوجة الغائب الذي انقطعت أخباره مدة أربع سنين أن تطلب التطليق منه أمام القضاء لدفع الضرر عنها وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وبخاصة إذا كانت الزوجة شابة؟!.
ويؤيد هذا قوله تعالى في شأن زوجات الكفار اللاتي هاجرن مؤمنات: " فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنْفَقُوا وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ" ولو كان التربص والانتظار واجبًا لما أباح الله نكاحهن لغير أزواجهن، وحكم الله هذا لا يمكن تجاهله بل الإذعان له واجب على الأمة: علماء وأمراء وأفرادًا وجماعات.
هذا الذي قدمناه لم ينازع فيه أحد، حتى ابن القيم نفسه، وآية "الممتحنة" قد نقل ابن القيم كلامًا فيها بين فريقين من العلماء، ولكنه أخذ بدلالتها من وجوب تحريم النكاح بين المؤمنات والكفار، وكل نزاعه كان على فورية التفريق بين من يسلمن من نساء الكفار، وأزواجهن الذين ظلوا كفارًا.
ابن القيم يرى أن الآية ليس فيها دليل قاطع على فورية التفريق ومنع الانتظار والتربص، ونقول: إن هذا خلاف على مسألة فرعية، واجتهاد في فهم النص بعد التسليم بأصل دلالته.
ونقول للإمام ابن القيم: إن الآية إذا خلت من الدلالة على فورية التفريق، فقد خلت كذلك من الدلالة القاطعة على جواز التربص والانتظار، ومع هذا فإنها إلى منع التربص والانتظار أقرب منها إلى جوازه، ودليلنا على هذه "الأقربية" قوله تعالى: "ولا جناح عليكم أن تنكحوهن" لأن إباحة نكاحهن لغير أزواجهن الكفار دليل على "انعدام" التربص والانتظار.
عودة لأسانيد الفتوى
يقول الشيخ القرضاوي: "وهذا ما دفعني إلى أن أرجع إلى المصادر الأساسية، التي استمد منها ابن القيم هذه الأقوال، وهي الأصول والمصنفات، التي عنيت بنقل أقوال الصحابة رضي الله عنهم، وتابعيهم بإحسان، وتلاميذهم من سلف الأمة. وهذه الأصول، مثل مصنف عبد الرزاق الصنعاني (ت 211هـ) ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235هـ) ومؤلفات أبي جعفر الطماوي (ت 321هـ) والسنن الكبرى للبيهقي (ت 456هـ)". هذه هي الأصول التي نقل عنها الإمام ابن القيم تلك الأقوال، بما فيها من صحيح وسقيم. وأبرز ملاحظة(51/138)
تبدو حول هذه المصادر أنها تأتي من حيث الرتبة في الدرجة الدنيا. والأقوال التي ترويها يصفها بعض أهل العلم بأنها آثار، إما مقاطيع أو مراسيل. والإمام ابن القيم نفسه أشار إلى هذا فيما نقله عنه الدكتور القرضاوي. أي أن مصادر ابن القيم لم ترقَ إلى رتبة الصحاح أو المسانيد والسنن، وهذا حق لا نزاع فيه؛ إذ لم يُنقل أي أثر مما اعتمد عليه الشيخ القرضاوي في فتواه موضوع هذه الدراسة، لا عن البخاري أو مسلم أو النسائي أو الترمذي أو غيرهم من المصادر الموثوق بها.
كذلك فالملاحظ أن ما نقله ابن القيم مجرد آثار أو أخبار معزوّة إما لبعض الصحابة كالإمام علي رضي الله عنه أو التابعين، وليس من بينها حديث نبوي واحد صحيح، أو حسن، أو ضعيف.
ولقائل أن يسأل، ثم يترك سؤاله بلا جواب: لماذا خلت المصادر الإسلامية الموثوق بها، أو التي تغلب عليها الصحة من هذه الأقوال، التي مهدت للفتوى بجواز إقامة المرأة إذا أسلمت دون زوجها، عند زوجها غير المسلم في داره؟
ثم عاد الشيخ إلى ذكر ما سبقت نسبته إلى الإمام علي رضي الله عنه، في شأن امرأة اليهودي أو النصراني إذا أسلمت: "كان أحق ببضعها؛ لأن له عهدًا". وفي رواية: "هو أحق بها ما داما في دار الهجرة". والروايتان واردتان في مصنف ابن أبي شيبة. وقد تقدم لنا مناقشة هاتين العبارتين بما يتفق مع كتاب الله العزيز، ونضيف هنا: لماذا أهملت كتب الحديث والسيرة هذه الرواية عن الإمام علي رضي الله عنه؟ ولماذا لم يذكرها أئمة المذاهب الفقهية الكبرى، وهم يعالجون هذه المسألة، وقد سبق أن ذكر الإمام ابن القيم عنهم أحكامًا فقهية في المسألة تخالف ما روي عن الإمام رضي الله عنه؟
كما ذكر رواية أخرى في مصنف عبد الرزاق عن الإمام علي مثل روايتيْ ابن أبي شيبة المتقدم ذكرهما. وذكر الشيخ عن مصنف عبد الرزاق رواية قال فيها: "إن هانئ بن قبيعة الشيباني –وكان نصرانيًا- كان عنده أربع نسوة فأسلمن، فكتب عمر بن الخطاب أن يقررن عنده". وهذه الرواية لا تصح عن عمر –رضي الله عنه-؛ لأن فيها مخالفة صريحة لحكم الله عز وجل، الذي بينه بكل وضوح في آيتين محكمتين: الأولى: قوله تعالى: "ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" (البقرة: 221)، والنهي فيها عن إنكاح المسلمة غير مسلم قطعي الدلالة. والثانية: قوله تعالى: "فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" (الممتحنة: 10).(51/139)
وإباحة عمر ما حرّمه الله مستحيل؛ لأن النسوة الأربع اللاتي أسلمن –كما جاء في الرواية- وظل زوجهن على نصرانيته، معناه إباحة نكاحهن له ومخالفة مذاهب الأئمة الأعلام لهذه الرواية دليل آخر على عدم صحتها.
كما ذكر الشيخ روايتين أخريين، وعن مصنف عبر الرزاق أن عمر كتب مرة "يخيرن" وأنه كتب في شأن امرأة أسلمت دون زوجها فقال –يعني عمر-: "خيروها، فإن شاءت فارقته وإن شاءت قرت عنده".
وهاتان الروايتان لا تصحان عن عمر رضي الله عنه، لأنهما مخالفتان للآيتين السابقتين، اللتين حرم الله فيهما –صراحة- نكاح المسلمة لغير المسلم، ولأنها مخالفتان لآية ثالثة هي قوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" (الأحزاب: 36) فقد قضى الله ورسوله تحريم نكاح المسلمات على غير المسلمين، وهاتان الروايتان تفيدان أن الخيار بيد المرأة التي أسلمت دون زوجها، إن شاءت أحلت نكاحها وهي مسلمة لغير المسلم، وإن شاءت حرمته عليه؟!
كما نقل الشيخ القرضاوي عن مصنف ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي أنه قال في المرأة تسلم دون زوجها: "يقران على نكاحها" وهذه الرواية إن صحت عن النخعي، فهي سهو عظيم منه.
كما نقل قول ابن شهاب الزهري: "هما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان". وهذه فتوى معلولة؛ لأنها جعلت حل نكاح غير المسلم للمسلمة أو تحريمه بيد السلطان، مع أن الله عز وجل قضى بتحريمه قطعًا؟
هذا بعض ما ذكره الشيخ الجليل يوسف القرضاوي في آخر بحثه الذي أصدر هذه الفتوى.
نتائج هذه الدراسة
*
إن أمس المذاهب رحما بالتشريع الإسلامي هو المذهب الأول، القاضي بوجوب التفريق في الحال بين المرأة إذا أسلمت دون زوجها، لاستناد هذا المذهب إلى صريح ما ورد في كتاب الله العزيز. وليس في ذلك قسوة؛ لأن زوجها إذا أسلم بعدها فله أن يجدد عقده عليها بمهر رمزي، أو تهب له هذا المهر. وإذا لم يسلم أبدًا، فهي محرمة عليه أبدًا بإجماع علماء الأمة.
*
أما المذهب الثاني الذي يرى سريان العقد الأول حتى انقضاء عدتها، فإن انقضت عدتها ولم يسلم بانت منه بينونة صغرى؛ فإن القائلين به قد شبهوا(51/140)
التفريق بينها وبين زوجها إذا أسلمت دونه شبهوه –وإن لم يصرحوا بذلك- بالطلاق المرجعي، الذي تصح الرجعة فيه في أثناء العدة، وهذا اجتهاد يمكن قبوله ولا يتعين رفضه وإن ترجح المذهب الأول عليه.
*
المذهب القائل بجواز التربص والانتظار ولو لمدة سنين عبروا عن هذا بقولهم "أقامت عليه" يعني ليس عنده في مأوى واحد، وهم يوجبون هذا الانتظار طال أم قصر، وإنما جعلوه تابعًا لإرادتها، وأباحوا لها أن تتزوج ولا تنتظر، وهذا لا محظور شرعًا فيه ما دام الانتظار في دارها لا في داره؛ لأنه لا عصمة لها عليها، وإذا كان لها أولاد منه فلا مانع شرعًا أن تقوم –إن كانوا دون سن الرشد- بتربيتهم ورعايتهم في غير دار أبيهم، سواء تطوعت أم تقاضت أجرًا، وله أن يزورهم زيارة الضيف دون أن يختلي بها، أو يرى منها غير الوجه والكفين. وإذا مكثت تنتظره سنين حتى أسلم، فإن تجديد العقد هو الراجح ولا ضير في ذلك عليه ولا عليها.
*
الروايات المنسوبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أنه خيَّر المرأة التي أسلمت دون زوجها بين القرار عنده وبين مفارقتها إياه، أو أنه قضى بقرارها عند الزوج غير المسلم، هذه الروايات لا تصح عن عمر -وإن رجحها الإمام ابن القيم- لمخالفتها لما ورد صريحًا في كتاب الله تعالى. أما الرواية المسندة إليه بأنه خيَّر الزوج غير المسلم بين الإسلام وإبقاء زوجته عنده، وبين نزعها منه إذا لم يسلم، فلما أبى أن يسلم نزعها منه، هذه الرواية تصح نسبتها إلى عمر -رضي الله عنه- -وإن رفضها الإمام ابن القيم-؛ لأنها موافقة لكتاب الله عز وجل.
*
ما ورد عن ابن شهاب الزهري "هما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان".
*
وما روى عن إبراهيم النخعي "هما على نكاحهما".
إن أرادا من النكاح "العقد" فالخطب في قوليهما يسير، أما إذا أرادا من النكاح "الوطء" فقولاهما مردودان قطعًا، لشدة مخالفتهما: لكتاب الله أولاً، وللإجماع ثانيًا.
*(51/141)
العواطف مهما كانت نبيلة، فياضة بالخير وحب الإسلام لا يمكن اعتبارها من أدلة الأحكام، وقد عبر عنها القرآن بـ "الهوى"، وحذر من اتباعه مرات، كما في قوله تعالى: "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله" (ص: 26) والترغيب في الإسلام يكون بمبادئ وقيم الإسلام ومحاسنه لا بالمساس بأحكامه وشريعته، فنحن لا نصنع الإسلام وإنما هو أمانة في أعناقنا تلقيناها عن كتاب الله وسنة رسوله، وهذا هو صراط الله المستقيم، الذي قال الله ناصحًا ومحذرًا: "وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" (الأنعام: 153). وقال لرسوله الكريم: "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يُغنوا عنك من الله شيئا" الجاثية (18 – 19).
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب. والله من وراء القصد، والحمد لله في الأولى والآخرة.
ــــــــــــــ
الفتوى : ... الزواج من نصرانية
تاريخ الفتوى : ... 01 رمضان 1423 / 06-11-2002
السؤال
هل يوجد كتب تعلم دخول الإسلام باللغه الفلبينية أرجو المساعدة هل يمكن الزوج من نصرانية وهي تريد دخول في الإسلام وتتعلمه؟
شكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما أكثر الكتب التي ألفت باللغة الفلبينية للتعريف بالإسلام، ويمكنك البحث عنها في المكتبات الإسلامية، أو في مراكز الدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، أو في دولة قطر، وكذلك في مركز قطر للتعريف بالإسلام قسم الجاليات، أو في المراكز الإسلامية في الدول الغربية.... إلخ.
وأما بخصوص الزواج من نصرانية، فراجع الفتاوى: 16502، 5315، 5315، 7807، 8679.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(51/142)
يجب على المسلم أن يلزم زوجته النصرانية بالاحتشام
تاريخ الفتوى : ... 24 شعبان 1423 / 31-10-2002
السؤال
هل يجوز للمسلم أن يترك زوجته النصرانية تلبس الثياب الخليعة؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة مسلمة تلبس ثياباً خليعة فضلاً عن أن يتزوج نصرانية تفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى إنما أباح الزواج من الكتابية إذا كانت عفيفة، كما قاله جمهور المفسرين في قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة:5]. يعني: العفيفات.
وعلى هذا، فيجب على المسلم أن يلزم زوجته النصرانية بالاحتشام، فإن لم تلتزم فليفارقها، ولعل الله يرزقه امرأة مسلمة يأمن على عرضها ودينها.
ويجب التنبه إلى أنه ليس للمسلم المتزوج من الكتابية أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 323.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم نكاح صاحبة المعتقد الفاسد
تاريخ الفتوى : ... 21 شعبان 1423 / 28-10-2002
السؤال
أنا شاب مسلم سني أحببت فتاة تنتمي لمذهب يعتقد أهله اعتقادات مناقضة للإسلام كاعتقاد أن الله حل في علي بن أبي طالب وأن علياً خلق محمداً صلى الله عليه وسلم، واعتقاد تناسخ الأرواح هل يجوز الزواج منها مع العلم أنها لاتصلي وتتبرج
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك الزواج من هذه الفتاة إذا كانت على ما ذكرت إلا أن تتبرأ من هذه الاعتقادات وتلتزم بالإسلام، وتؤدي الصلوات الخمس، فإن فعلت ذلك جاز لك الزواج بها.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم علاقة حب مع امرأة لا تحل له، وأن يحذر من ذلك أشد الحذر، فإن هذا باب من أبواب الفجور.(51/143)
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زنا بنصرانية فما حكم الولد، وهل يتزوجها.
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
فتاة نصرانية حملت من شاب مسلم ووضعت طفلة هل يلزم الشاب المسلم بالزواج بها ونسب الطفله إليه علما أنه يوجد احتمال دخول الأم النصرانية في الإسلام وماذا عن نسب الطفله ؟ وجزاكم الله خيراً......
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [المائدة:5].
والمراد بالمحصنات هنا: العفيفات، يقول الشعبي : إحصان الذمية ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. تفسير ابن عطية 4/321
وبلغ عمر أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خلّ سبيلها، فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأُخلي سبيلها ؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهنَّ. الطبري 2/378
وعلى هذا.. فلا يجوز لهذا الشاب نكاح هذه الفتاة النصرانية التي زنى بها، وهذه الطفلة التي ولدت عن طريق السفاح تنسب إلى أمها، ولا يحل أن ينسبها إلى نفسه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم إنكاح الدرزي، وذريته لمن تنسب
تاريخ الفتوى : ... 24 جمادي الثانية 1423 / 02-09-2002
السؤال
ما هو حكم امرأة سنية تزوجت من رجل درزي وأنجبت منه ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(51/144)
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من درزي، وانظر الفتوى رقم:
2354، وإن وقع ذلك وجب على المرأة المسلمة فراقه بدون طلاق لأن الطلاق لا يكون إلا من زواج صحيح، وإذا كانا أقدما على هذا الزواج يظنان صحته فإن الأولاد ينسبون إلى أبيهم إن وجدوا.
قال ابن تيمية : فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطىء فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك باطلاً في نفس الأمر باتفاق المسلمين سواء كان الناكح كافراً أو مسلماً، واليهودي إذا تزوج بنت أخيه كان ولده منها يلحقه نسبه ويرث باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلاً باتفاق المسلمين. انتهى
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
من مفاسد الزواج بالكتابيات
تاريخ الفتوى : ... 04 جمادي الثانية 1423 / 13-08-2002
السؤال
السلام عليكم
لدي قريب كان قد تزوج من امرأة إيطالية وأنجب ابنتين وانفصل عنها عندما كبرت البنتان وعندما ذهبت الفتاتنان لزيارة أمهما هربتا ولم تعودا حتى الآن(الفتاتان تمتلكان الجنسية الإيطالية) والأب الآن متعذب لأن الفتاتين لا تعيشان كمسلمتين حيث أتى عنهما أخبار بأنهما ضائعتان المهم أن قريبي يتعذب ويشعر بالذنب رغم أنه لم يبعثهما إلا للزيارة رأفة بهما وهو الآن متعب نفسيا ويشعر بأن لا صلاة له مقبولة ولا صيام أفيدوني أرجوكم هل قريبي مذنب وما يجب عليه كمسلم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يخلف على قريبك بخير وأن يهدي بناته وأن يردهنَّ إليه .
واعلم أخي السائل أن ما ذكرت يعد من مفاسد الزواج بالكتابيات، لذا فإن الذي ننصح به جميع المسلمين أن يبتعدوا عن ذلك.
أما بالنسبة لقولك: إن قريبك يشعر بأن صلاته وصيامه وأعماله غير مقبولة، فإننا نقول: إنها مقبولة إن شاء الله، وما دام الذي حصل كان خارجًا عن إرادته، وقد بذل وسعه لتفاديه، فإنه لا شيء عليه، ويمكن عليه الآن أن يجتهد(51/145)
في البحث عنهما ونصحهما وتوجيههما، ولو بالمراسلة أو بالتليفون إذا لم يستطع أن يذهب إليهنَّ، وعليه بكثرة اللجوء إلى الله والدعاء بهدايتهما .
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... نكاح الكافر المسلمة حرمته محل إجماع
تاريخ الفتوى : ... 19 جمادي الأولى 1423 / 29-07-2002
السؤال
تزوجت بنت أختي الكبيرة رجلا نصرانيا في بريطانيا منذ ثلاث سنوات وهي الآن تعيش في لندن أنا لم أكلمها إلا مرة واحدة بالهاتف ولكن لا أجد فائدة أن أظل غاضباً فإن تكلمت عن الإسلام قد أكون سببا لإسلامه فما رأيك يا أستاذي؟ وكيف أعاملهما؟
أرجو الإجابة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من كافر نصرانياً كان أو يهودياً أو غير ذلك، لقوله تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة:221].
وقوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء:141].
وهذا محل إجماع لا خلاف فيه بين الأمة سلفاً أو خلفاً.
والواجب عليك أن تنصح بنت أختك، وتبين لها حكم الله تعالى بوجوب مفارقة هذا الرجل الكافر، وأن علاقته بها ما دام كافراً تعتبر زنا محضاً والعياذ بالله، وإذا أسلم فلها أن تتزوج به مثل ما فعلت أم سليم رضي الله عنها لما خطبها أبو طلحة وقالت: والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر، وأنا مسلمة، ولا يحق لي أن أتزوجك، فإن تسلم، فذلك مهري، ولا أسألك غيره، والقصة في النسائي عن أنس رضي الله عنه.
وعليك أنت أن تدعوه إلى الإسلام، فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف شاء، فربما تقول له كلمة خالصة يفتح الله صدره، فيسلم على يدك، وفي هذا من الخير ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحد خير لك من حمر النعم".
وفي رواية: "خير لك من الدنيا وما فيها".(51/146)
والدعوة إلى الله تعالى واجبة على العموم، ولكنها تتأكد في بعض الأوقات والأحوال، ولا شك أنها في حال هذا الرجل الذي ابتليت به ابنة أختك آكد وأوجب.
أما معاملة بنت أختك، فيجب أن تكون منحصرة في طريقة تقلع بها عن هذه الكبيرة، وأنت الذي تقدرها، لأنك أدرى بظروفها، فإن كانت النصيحة والمواصلة أجدى، فواصل معها في ذلك المجال، وإن كانت مقاطعتها وهجرانها أجدى، فاسلك ذلك السبيل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يجب فعله في زواج بنت بأوربي
تاريخ الفتوى : ... 19 ربيع الثاني 1423 / 30-06-2002
السؤال
أعرف رجلاً مسلماً كان متزوجا من أجنبية (أوروبية) وقد أنجب منها بنتا وهي الآن فتاة عمرها 23 سنة وقد تزوجت من رجل أوروبي مثلها وأنجبت طفلاً وحيث إننا سنسأل عن أولادنا وكيف رعيناهم ماهي أفضل طرق التوجيه والنصيحة نحو هذا الرجل المسلم وابنته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زواج المسلم من الأوربيات الكتابيات العفيفات وإن كان جائزاً من حيث الجملة، إلا أنه اليوم من جملة المصائب التي نزلت بالمسلمين، لما فيه من الآثار والعواقب الوخيمة على الزوج وعلى الأولاد والأسرة.
وأخطر ما في هذا الزواج تأثيره على الأطفال، فالأم هي المحضن الأول للطفل بعد ولادته وفي سنين نشأته الأولى، وفي هذه السن تتكون شخصيته، ويكتسب العادات والسلوك، فحينما تكون الأم أوربية على عقيدة غير عقيدة الإسلام، فإنها تصبغ الولد بصبغتها وتُخرج مسخاً أبعد ما يكون عن دينه وتقاليد مجتمعه، ويكون تأثير هذه الأم في بناتها أشد لتعلق البنت بأمها عادةً، فتكتسب من أخلاقها وتميل إلى قومها، كما رأينا في هذه الحالة الواردة في السؤال.(51/147)
والآن وقد وقع المحذور، فالذي يجب فعله في زواج البنت بالأوربي إن كان كافراً أن يفرق بينهما فوراً، فإنه لا يحل لمسلمة أن تكون تحت كافر بإجماع العلماء، لقوله تعالى: (وَلا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة:221].
يقول الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه، لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام. (3/72).
ولا يجوز لهذه البنت أن تمكنه من نفسها، لأن هذا زواج غير شرعي، والطفل الذي أنجبته منه يتبعها وينتسب إليها وعلى دينها، لأن الأولاد يتبعون خير الزوجين ديناً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... اشتراط إسلام الكافرة بعد العقد عليها...رؤية فقهية
تاريخ الفتوى : ... 15 ربيع الثاني 1423 / 26-06-2002
السؤال
حكم الزواج من هندوسية بشرط تسلم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الزواج بامرأة هندوسية إلا بعد أن تدخل في الإسلام، أما قبل دخولها فيه فإن العقد عليها باطل؛ وإن شرَط عليها الإسلام بعد العقد باتفاق العلماء، فالله يقول:وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة: من الآية221]. فشرط لجواز نكاحها والعقد عليها دخولها في الإسلام بالفعل، وليس مجرد العزم على الدخول كافياً. وانظر الفتوى رقم:
2779.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا ينصح شباب اليوم بنكاح الكتابيات لهذه الاعتبارات
تاريخ الفتوى : ... 01 ربيع الثاني 1423 / 12-06-2002
السؤال(51/148)
أنا شاب في مقتبل عمري أعيش في ضياع وعذاب شديد أحب فتاة قبطية بالأصح غير مسلمة فهل يجوز الزواج منها ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أيها الشاب أن تنتبه لنفسك وتتوب إلى ربك وتفزع إليه وتستعيذ به من الشيطان ونزغاته ومن الهوى ونزواته.
واعلم أن الضياع الحقيقي والعذاب الشديد العاجل والآجل هو ذلك الذي يحصل لمن عصى الله تعالى وخالف أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
واحذر عقاب ربك وسوء عاقبة معصيته، ولا تدفعك طاعة هواك وتزيين الشيطان إلى ما تندم عليه في الدنيا والآخرة، ثم إن الأولى بالمسلم أن يتزوج من مسلمة للتناسق الذي بينهما في العقيدة والثقافة والهدف مما يعين على أن يحفظ كل واحد منهما على الآخر دينه ويعينه على بناء بيت مسلم ينتج جيلاً مسلماً يربيانه على الإسلام عقيدة وعبادة ومنهجاً للحياة من غير شوائب ولا معوقات.
ولم يبح الله تعالى للمسلم أن يتزوج من الكافرات؛ إلا الكتابيات فقط، بشروط مبينة في الفتوى رقم:
10253 والفتوى رقم: 8674.
هذا من حيث الحكم العام بالنسبة لزواج المسلم من الكتابية، أما بالنسبة لك أنت خاصة فلا ننصحك بالزواج من هذه المرأة نظراً لما ذكرت من أنك في مقتبل عمرك لم تجرب الأمور بعد، والغالب أنك ستكون غير مسلح ومحصَّن بما يكفي من العلم الشرعي، إضافة إلى ما ذكرت من حبك الشديد لهذه المرأة وتعلقك بها، مما يجعلنا نخشى أن تفتنك عن دينك وتجرك إلى ماهي عليه من ضلالٍ وباطل بحكم طاعة المحب لمن يحب، فقد قيل قديماً:
(إن المحب لمن يحب مطيع) وقيل أيضاً ( وعين الرضا عن كل عيب كليلة).
ومما يجعلنا أيضاً ننصحك بعدم الزواج من هذه المرأة أن هذا النوع من الحب والتعلق قد يعقبه غالباً فتور وزهد في المحبوب إذا قدر المحب عليه وقضى منه شهوته وظهرت له عيوبه، لذلك نخشى أن يحصل ذلك لك بعدما تتزوج بهذه المرأة، فإن تركتها وقد أنجبت منك فستكون بذلك قد ضيعت ولدك عند(51/149)
امرأة لا تؤمن على دينه ولا على خلقه، ولا يخفى ما في ذلك من المفسدة الظاهرة والخطر العظيم.
وبالجملة: فإننا نحثك على تقوى الله تعالى ومراقبته وتقديم مراعاة مرضاته على كل ما سوى ذلك.
ولا تحملنك الرغبة في قضاء شهوة عابرة على المغامرة بمستقبلك ومستقبل ولدك، نسأل الله لنا ولك التوفيق لما يحبه ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... أهل كتاب زماننا
تاريخ الفتوى : ... 24 ربيع الأول 1423 / 05-06-2002
السؤال
هل يجوز الزواج بالكتابيات ؟ وهل يطلق على نصارى ويهود زمننا الحالي "أهل كتاب"؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما عن حكم الزواج بالكتابيات فانظر الفتوى رقم:
8674 والفتوى رقم:
5315
والأصل في اليهود والنصارى في كل الأزمنة -بما فيها زماننا هذا أنهم من أهل الكتاب- إلا أن الكثير منهم قد اعتنقوا المذاهب الإلحادية التي تخرجهم عن كونهم من أهل الكتاب. وانظر الفتوى رقم:
2547 والفتوى رقم:
2924.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
الزواج من غير مسلمة... الجائز والممنوع
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1423 / 29-04-2002
السؤال(51/150)
السلام عليكم, لي ولد عمره 6 أشهر من بنت كافرة كندية, وهذا بعدما زنيت بها فهو ابن زنى. ما الذي يجب أن أفعله. وهل يجوز لي أن أتزوجها. وماهي الشروط ليغفرالله لي؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ولد الزنا مقطوع النسب من أبيه، وقد سبقت الإجابة على حكمه في الجواب رقم:
6045 والجواب رقم: 9625 أما التزوج بالزانية فهو أمر غير مشروع حتى تتوب إلى الله تعالى، ويتوب الزاني بها.
وعليه؛ فإذا كانت هذه الكندية مسلمة أو كتابية وتابت إلى الله تعالى من زناها توبة صادقة فلا حرج عليك أن تتزوج منها، كما لا حرج عليها هي في زواجها منك إن تبت، أما إن كانت غير مسلمة و لا كتابية فلا يجوز لك التزوج بها.
وعليك أخي الكريم أن تبادر إلى الله تعالى بالتوبة من هذه الفاحشة الكبيرة قبل أن يغلق باب التوبة. وراجع الجواب رقم:
1095
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الزواج بالكتابية وما يترتب عليه من ذرية مباح
تاريخ الفتوى : ... 03 صفر 1423 / 16-04-2002
السؤال
بخصوص زواج المسلم من أهل الكتاب وفي حالة إتمام الزواج ما هي الاحتياطات الواجب إتباعها لإنجاب الأبناء ذكوراً وإناثاً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكتابية هي التي تؤمن بدين سماوي -يهودياً كان أو نصرانياً- وأهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل، لقوله تعالى: ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ) [الأنعام: 156] وقد اتفق العلماء على أنه يجوز للمسلم أن ينكح المرأة الكتابية الحرة، وقد ذكر الاتفاق على هذا ابن حجر في الفتح و ابن رشد في بداية المجتهد عن ابن المنذر ، وكذا ذكره ابن قدامة في المغني، وذلك(51/151)
لقوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة:5] والمراد بالمحصنات في الآية: العفائف، وما روي عن عمر بن الخطاب من أنه كان ينهى عن التزوج بهن فهو نهي إرشاد ومصلحة، لئلا يفتتن بهن رجال المسلمين، ويدَعون نساءهم دون زواج، كما ذكره الجصاص في تفسيره، و ابن القيم في أحكام أهل الذمة، وقال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو اليهودية؟ فقال: (ما أحب أن يفعل ذلك، فإن فعل، فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) ذكره ابن القيم في أحكام أهل الذمة.
هذا هو حكم الزواج بهن إجمالاً وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 323 3648 10253 8674
وليست هناك احتياطات معينة في الإنجاب يفرضها عليك الشرع، فالأمر متروك لك.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
معيار اختيار الزوجة
تاريخ الفتوى : ... 06 محرم 1423 / 20-03-2002
السؤال
أنا شاب من الجزائر أعيش في بريطانيا أحببت فتاة من انجلترا ورغبت في الزواج منها لأ ن
لها عملاً شريفاً مع العلم أنها لبنانية الأصل وأنها نصرانية؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة نصرانية إذا كانت عفيفة غير عاهرة. مع أن الزواج بها فيه بعض الأخطار على المرء في دينه وفي ذريته، وراجع الأجوبة التالية أرقامها:
10253 8846
على أننا ننبه السائل إلى أن المعيار الذي ينبغي للمسلم أن يختار على أساسه شريكة حياته، وركن بيته هو: الدين و الخلق، وليس العمل ولا المال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(51/152)
-ــــــــــــــ
نكاح الزانية التائبة بقصد إعفائها فيه ثواب
تاريخ الفتوى : ... 06 محرم 1423 / 20-03-2002
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله
أنا شاب متزوج 32 سنة أب لطفلة أعمل موظفا في إدارة ومعي موظفة 36 سنة غير منزوجة تكثر الخلوة بيننا في مكان العمل بحيث عصينا الله لكننا لم نزن بفروجنا ثم ندمنا على أفعالنا وقررنا أن نتوب وأن نحول علاقتنا الى أخوة وتناصح في الدين وتعاهدنا أن نبتعد عن الزنا فنصحتها أن تحتجب وتلتزم بالصلاة وفعلا تغير حالها إلى أحسن وقالت لي بأنها تتمنى أن تتزوج ونستقر لكن مشكلتها أنها غير عذراء فرق قلبي لحالها وتمنيت في نفسي أن أساعدها ولو بالزواج منها مع العلم أن زوجتي تؤمن بالتعدد ويمكن أن توافق عن طيب خاطر,سؤالي هو هل في زواجي بها أجر وثواب؟؟؟وما هي نصيحتكم لي؟؟؟وماهو الحل الإسلامي للفتيات التائبات غير العذراوات؟؟؟و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته جازاكم الله عنا أوفى الجزاء
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية محرمة وذريعة للوقوع في الزنى، فالواجب عليكما أن تبتعدا عن الخلوة وسد جميع ذرائع الفساد المفضية للوقوع في الزنى كالنظر وتبادل الحديث ونحوهما. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم 10164 ونصيحتنا للمرأة الثيب التائبة من الحرام أن تستمر في توبتها وتسعى للحصول على الوسائل المعينة لها على امتثال أوامر الله والابتعاد عن نواهيه، ولا بأس أن تعرض نفسها أو يعرضها وليها على رجل صالح للزواج منها وتحصينها عن الحرام.
ولا شك أن زواجك بهذه المرأة لتحصينها ودفع ما قد يقع بينكما من أمور محرمة تغضب الله سبحانه وتعالى فيه أجر وثواب بهذه النية الصالحة.
نسأل الله للجميع التوبة والثواب.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز لكافر التزوج بمسلمة بإجماع العلماء(51/153)
تاريخ الفتوى : ... 06 ذو الحجة 1422 / 19-02-2002
السؤال
خالتي تزوجت من رجل إيطالي و لم ترنا العقد الشرعي علما أنه تختم لكنه لا يصلي ولا يصوم أماالتوحيد فلا ينطق بالشهادة ويتكلم عن المسيح كثيرا أفتونا مأجورين
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل لم ينطق بالشهادتين ولم يصل، فإنه لم يدخل في الإسلام، ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج بالكافر، لقول الله تبارك وتعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة:221].
ولقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) [الممتحنة:10].
وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز لغير المسلم أن يتزوج بمسلمة.
وعليه، فيجب عليكم إنكار هذا الزواج، والسعي الحثيث في إبطاله، وبذل الوسع في ذلك بكل ما أتيح لكم من وسائل، بما في ذلك رفع أمر هذه المرأة إلى المحاكم الشرعية عندكم.
وراجع الجواب رقم: 8832.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
استقبال الأهل لابنتهم المتزوجة من كافر من عدمه يخضع للمصلحة الشرعية
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
السلام عليكم ما حكم الاسلام في فتاة مسلمة هربت وتزوجت بمسيحي وأنجبت منه فتاة هل يجوز لأهلها أن يسامحوها ويستقبلوها مع الرجل وماذا تعتبر الطفلة في الدين الاسلامي وإذا سامحها أهلها إلا أختها الأكبر منها لا تريد مسامحتها ولا رؤيتها ولا استقبالها في منزلها هل ما تفعله صحيح أو تعتبر قد(51/154)
قطعت صلة الرحم نتمنى أن تجيبوا عن هذا السؤال من كل جوانبه الإسلامية ولكم التوفيق
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج بكافر نصرانياً كان أم يهودياً أم غيرهما من أهل ملل الكفر وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
1800 ورقم:
والله أعلم. 4114 وعلى وليها أن يسعى بكل الوسائل لنزعها من هذا الكافر، فإن كان في بلد مسلم يحكم بالشريعة فعليه أن يرفع أمرها إلى القضاء، وإن كان في بلد لا يحكم بالشريعة فيلزمه نصحها وتذكيرها حتى تقلع عن هذه العلاقة الآثمة، والبنت تلحق بأمها في الدين، فهي مسلمة يجب رعايتها وتربيتها على الإسلام. وانظر الفتوى رقم:
11506
أما استقبال هذه الفتاة من قبل أهلها فيخضع للمصلحة الشرعية، فإن كان في استقبالها تأليف لقلبها وعون لها على مفارقة هذا الرجل فلا بأس بذلك، وإن كان هجرها قد يؤثر عليها فيدفعها إلى التفكير في مفارقة الرجل المذكور فيجب هجرها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
تنقطع العلاقة بين الزوجين بارتداد أحدهما
تاريخ الفتوى : ... 14 شوال 1422 / 30-12-2001
السؤال
1-زوجة جديدة العهد في الاسلام تعيش في بلد غير مسلم و زوجها في بلد آخر غير مسلم , تسافر إليه في العطل,... بدأ يعاملها بشكل قاس, و يخونها , بدأ يمنعها من الصلاة و أحرق لها مصحفها( أستغفر الله العظيم )... قررت الزوجة ألا تعودإليه... سؤالي : هل تعتبر هذه الزوجة طالقة منه لأن الزوج أصبح كافرا بحكم ما صدر منه(اختصرت قدر الإمكان لأن القصة طويلة وتثير المشاعر)
الفتوى
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(51/155)
فإذا كان الأمر كما ذكرت من أن هذا الرجل يمنع زوجته من الصلاة وكان ذلك استخفافاً بها أو جحوداً بهذا العمل يكون مرتداً عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، والمرتد عن الإسلام تبين زوجته منه وتنقطع العلاقة بينهما. وعليه، فلا يجوز لها أن تعود إليه، ولا أن تتخذه زوجاً بعدما صدر منه هذا العمل المكفر. هذا بالإضافة إلى ما ذكر من خيانته، إن كان القصد بالخيانة أنه يرتكب الفواحش.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج بمن وعد بالإسلام
تاريخ الفتوى : ... 17 رمضان 1422 / 03-12-2001
السؤال
شاب أمريكي يريد الزواج مني في البداية قال لي إذا اقتنع بالدين الإسلامي فسوف يصبح مسلماً وإذا لم يقتنع فسيظل كما هو. الآن هو مقتنع ولكن أنا أريد أن أعرف هل من يجوز للفتاة المسلمة أن تتزوج شخصاً كان مسيحياً وأسلم أم لا؟ وما حكم الدين في هذا الزواج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجرد الاقتناع بالدين الإسلامي، والاعتراف به، لا يكفي في الدخول فيه، ولا يسمى صاحبه مسلماً، فقد كان عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب معترفا بصدق الرسالة المحمدية، وأمانة حاملها، ولكنه لما لم يصدق ذلك بأعماله وأقواله ظل على كفره، والعياذ بالله تعالى.
والحاصل أن هذا الرجل إذا اعتنق الدين الإسلامي فإنه تجري عليه أحكامه، ويصبح من أهله، له ما لهم وعليه ما عليهم، فيتزوج المسلمة بدون حرج، أما إذا ظل على نصرانيته مع قوله إنه مقتنع بالإسلام فهو لا يزال كافراً، ولا يجوز زواجه من المسلمة بأي وجه، لأن الله تعالى يقول: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)[البقرة:221]
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
المتزوجة من نصراني هل تعتبر مرتدة(51/156)
تاريخ الفتوى : ... 25 شعبان 1422 / 12-11-2001
السؤال
لي ابنة عم تربت ونشأت في فرنسا وقد كانت أمها مسيحية مما أدى إلى اختلال في تربيتها ومن بعد ذلك طلق عمي تلك المرأة وأخذ معه ابنته وعاد إلى بلاده وبعد مرور عدة سنين جاءت أمها إليها كي تزورها ولكنها في تلك الزيارة أدخلت في عقل ابنتها الحقد على الإسلام وحب النصارى فهربت البنت إلى فرنسا وتزوجت أو بالأحرى زوجتها أمها من شاب نصراني ومازالت معه حتى الآن وقد مر على غيابها ما يقارب الخمس أو عشر سنوات وقد غضب عليها والدها إلى يوم الدين وسؤالي هل تعتبر البنت مرتدة إذا كانت تعلم بالحكم الشرعي وهل تعتبر غير مرتدة إذا كانت لا تعلم؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن زواج المسلمة من النصراني باطل، ولا ينعقد أصلاً بإجماع العلماء، ومستند هذا الإجماع قول الله جل وعلا: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة:221].
وحكم هذا الزواج حكم الزنى، كما يجب أن يفرق بينهما في الحال، ومن استحل ذلك كان كافراً بشرط أن يكون عالماً بالتحريم، كما أن مجرد زواجها بالنصراني لا يعد - بحد ذاته - كفراً ما لم تستحله، هذا إذا كانت ملتزمة بالإسلام وشعائره الظاهرة، وأهمها الصلاة، وغير واقعة في ناقض من نواقض الإسلام.
أما إذا كانت تحقد على الإسلام، وتحب النصارى وتواليهم، فتعد بذلك مرتدة عن الإسلام، وكذا إذا كانت واقعة في ناقض من النواقض الأخرى، وللمزيد راجع الفتوى رقم: 7386، ورقم: 8106، ورقم: 4114.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا يصح الزواج من نصراني نطق بالشهادتين دون عمل
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1422 / 11-09-2001
السؤال
هل يمكن لي أن أتزوج من مسيحي قد دخل في الإسلام بدون أن يقوم بالطهارة والصلاة؟(51/157)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكافر إذا نطق بالشهادتين ، وعلم شرائع الإسلام فلم يعمل بها ، مع تمكنه من العمل ، لم يحكم بإسلامه ، لتخلف شرطٍ من شروط صحة إسلامه ، وهو العمل الصالح. فقد جاء يهوديان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن مسائل ، فأجابهما ، فقالا: نشهد إنك نبي، قال:" فما يمنعكما من اتباعي؟" فقالا: إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي ، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا يهود. رواه البيهقي في السنن الكبرى.
فلم يحكم صلى الله عليه وسلم لهذين اليهوديين الذين شهدا له بالرسالة بحكم الإسلام ، لأن مجرد الإقرار والإخبار بصحة رسالته لا يوجب الإسلام ، وبهذا يعلم أنه لا يصح الزواج من الشخص المذكور في السؤال. لأنه لم يدخل في الإسلام حقيقة ، على أننا ننبه السائل إلى وجوب نصح الداخل في الإسلام ، وتعليمه أحكامه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم الزواج من فتاة أمريكية
تاريخ الفتوى : ... 22 جمادي الثانية 1422 / 11-09-2001
السؤال
ما حكم الزواج من فتاة أمريكية - ليست مسلمة - في الإسلام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة الأمريكية على دين أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وكانت عفيفة، فإنه يجوز الزواج منها شرعاً، لقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة:5].
وإن كانت غير كتابية أو غير عفيفة، فلا يجوز الزواج منها، لقول الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة:221].
ونلفت انتباه الأخ السائل إلى قول الله تعالى: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ(51/158)
وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) [البقرة:221].
فالمؤمنة مهما كانت خير من المشركة و الكتابية.
وفي الجواب رقم: 5315 مزيد فائدة، فليراجع.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
حكم بقاء المسلمة في عصمة الكافر
تاريخ الفتوى : ... 16 جمادي الثانية 1422 / 05-09-2001
السؤال
هل يجوز أن تمكث المرأة المسلمة عند الكافر؟
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فيحرم على المرأة المسلمة الخلوة بالرجل الأجنبي عنها ، ولو كانت الخلوة لعبادة كالصلاة ، وقراءة القرآن ونحوهما. لما في ذلك من المفاسد الكبيرة ، منها حضور الشيطان ووسوسته لهما ، وسعيه لإيقاعهما في المعصية. وقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة محرمة لذلك. ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والدخول على النساء " فقال رجل من الأنصار أفرأيت الحمو؟ قال:" الحمو الموت" وما روياه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم ، فإن ثالثهما الشيطان". وإذا كان هذا في مجرد خلوة قد تكون عابرة ، فإن سكن المسلمة مع الأجنبي عنها أولى بالتحريم ، بل إن السكن يكون محرماً ، -وإن كان معها محرم- إذا لم يكن السكن واسعاً بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر. قال زكريا الأنصاري: " عُلِم جواز خلوة الرجل بالأجنبية مع المحرم ، وامتناع مساكنته إياها معه ، إلا عند تعدد الحجر ، أو اتساعها بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر" انتهى.
فإذا كان سكنها مستقلاً عن سكن الأجنبي وإن لاصقه فلا حرج في ذلك ، لكن بشرط عدم اتحاد المرافق بينهما ، كالممر والمطبخ أو الخلاء ونحو ذلك ، قال ابن حجر الهيثمي : " فإذا سكنت المرأة مع أجنبي في حجرتين ، أو في علو(51/159)
وسفل ، أو دار وحجرة ، اشترط أن لا يتحدا في مرفق ، كمطبخ ، أو خلاء ، أو بئر ، أو ممر ، أو سطح ،أو مصعد ، فإن اتحدا في واحد مما ذكر حرمت المساكنة ، لأنها حينئذ مظنة الخلوة المحرمة ، وكذا إن اختلفا في الكل ولم يغلق ما بينهما من باب أو يسد ، أو أغلق لكن ممر أحدهما على الآخر ، أو باب مسكن أحدهما في مسكن الآخر " انتهى.
وإذا كانت المسلمة يحرم عليها الخلوة بالمسلم الأجنبي عنها ، وكذلك مساكنته إلا بما ذكر ، فكيف بالكافر؟! فلا شك أن الخلوة به ومساكنته أعظم حرمة ، وأكبر جرماً ، إلا إذا كان هذا الكافر محرماً لها من جهة النسب ، فيجوز لها ذلك ، لكن لا ولاية له عليها ، هذا إذا كان القصد من السؤال هو ما ذكرناه.
أما إذا كان القصد منه هو بقاء المرأة بعد إسلامها مع زوجها الباقي على كفره ، فالجواب هو: أنه إن كان إسلامها قبله وقبل أن يدخل بها تعجلت الفرقة ، سواء كان زوجها كتابياً أو كان غير كتابي. إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر : "أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، وإن كان إسلامها بعد أن دخل بها ، فقال أبو حنيفة ومالك: عرض الإسلام عليه فإن أبى وقعت الفرقة. وقال أبو حنيفة: إن كانا في دار الحرب وقف ذلك على انقضاء عدتها.
أما الشافعي وأحمد فيوقعان الفرقة بمجرد إسلامها.
ولا نعلم أحداً من أهل العلم أجاز أن تبقى المرأة المسلمة في عصمة الكافر.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
مراحل إباحة نكاح الكتابيات، والحكمة من الزواج بهن
تاريخ الفتوى : ... 06 جمادي الثانية 1422 / 26-08-2001
السؤال
لقد سمح الله عز وجل للمسلمين بالزواج من الكتابية (النصارى واليهود) وفي القرآن الكريم قال الله عز وجل: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وأتنمى أني ذكرت الآية بصورة صحيحة. فكيف يكونون كفاراً ويسمح الله عز وجل من زواج المسلمين بهن ؟ أرجو توضيح هذه السألة فالموضوع ملتبس علي وشكراً لكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(51/160)
فقد مر حكم نكاح الكتابية (اليهودية والنصرانية) بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: منذ بداية الدعوة إلى صلح الحديبية في سنة ست من الهجرة، ففي هذه المرحلة أقر المسلمون على أنكحتهم، فكان من المسلمين من لم تؤمن زوجته، وكان من المسلمات من لم يؤمن زوجها، فأقروا على ذلك، والحكمة من هذا الإقرار أنها كانت مرحلة ابتداء الدعوة في قومٍ لم تكن لهم معرفة سابقة بها، ومنها: أن السلطان في مكة كان بيد أئمة الكفر، وأما سلطان المسلمين في المدينة فيما قبل الحديبية فكان في بدايته، وبحاجة إلى زيادة تثبيت، ومنها: أن تفاصيل علاقة المسلم بالكافر لم تكن قد تمت بعد.
صحيح أن ولاية القلب بين المؤمن والكافر قد قطعت، منذ أوائل مراحل الدعوة الإسلامية في مكة، إلا أن قطع مظاهر الولاية والأسباب المؤدية إليها، إنما يكون على التدريج، وبحسب ما يمكن الله عز وجل.
المرحلة الثانية: ابتدأت في السنة السادسة للهجرة، وهي سنة صلح الحديبية، وامتدت إلى نزول بعض آيات سورة المائدة في حجة الوداع في سنة عشر للهجرة، وفي هذه المرحلة حرم نكاح كل كافرة أو مشركة، لا فرق بين كتابية أو وثنية.
قال تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة:10].
وقال تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة:221].
والحكمة من تحريم نكاح كل كافرة بما فيها الكتابية: أن تلك المرحلة كانت مرحلة بناء سلطان الإسلام في المدينة، وهذا يقتضي تربية الصحابة رضوان الله عليهم على معرفة جميع أوجه الولاية وأسبابها وقطعها جميعاً بينهم وبين ملل الكفر، فكان يخشى أن يكون نكاح الكتابية ذريعة إلى موالاة الكفار، لأن مظاهر الولاية وأسبابها، لم تكن قد قطعت كلها في ذلك الوقت، وهذا يناسب منع نكاح الكتابية، لأن نكاحها قد يكون مانعاً من التوغل في قطع أوجه الولاية، وأيضاً عقد الجزية، وشروط عقد الذمة لم تكن قد شرعت بعد، وهذه الشروط تسد الذرائع إلى الموالاة في حالة نكاح الكتابية، فلما لم يكن يعمل بها في تلك المرحلة، كان المناسب تحريم نكاح الكتابية لأجل التوغل في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين.
المرحلة الثالثة: وفيها أحل نكاح المحصنات من أهل الكتاب، وبقي سائر الكوافر على التحريم، وابتدأت هذه المرحلة من سنة حجة الوداع، وهي سنة عشر من الهجرة.(51/161)
قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة:5].
قال الإمام القرطبي رحمه الله: قالت طائفة حرم الله نكاح المشركات في سورة البقرة، ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب، فأحلهن في سورة المائدة، وروي هذا القول عن ابن عباس، وبه قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن عمر، والأوزاعي. اهـ من القرطبي في تفسير آية البقرة 221.
وإنما أبيح نكاح الكتابيات في آخر الأمر، لأن المسلمين قد وصلوا إلى الغاية في قطع أوجه الولاية بينهم وبين الكافرين، فلا ضرر على المسلم في نكاح الكتابية، وهو لا يحل أن يسكن معهم، ولا أن يبدأهم بالسلام، ولا أن يتشبه بهم، ولا أن يتخذهم بطانة ووليجة وأولياء! فمثل هذا النكاح لا يضر المسلم في الغالب، فجانب الضرر على عقيدة المسلم مأمون، مع ما فيه من مصلحة للطرف الآخر، وذلك أن يبعد الكتابيات عن ملة الكفر، ويمنعهن من إظهار الكفر في بيوت أزواجهن، ويفرض عليهن إسلام الأبناء والبنات من الأزواج المسلمين، مع ما أوجبه الله على الأزواج المسلمين من إحسان عشرتهن ومعاملتهن بالمعروف، فيكون هذا وسيلة لاستدراجهن وأقربائهن إلى الإسلام. ومن الحكم أيضاً في تخصيص حلَّ نكاح نساء أهل الكتاب دون غيرهم من الكفار إيجاد أرضية مشتركة ببيننا وبينهم من الإيمان بالله وبرسله وكتبه على وجه الإجمال، فكان هذا عاملاً محفزاً لدعوتهم، ليبين لهم الهدى فيما ضلوا فيه.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
ما يشترط في نكاح الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 06 ربيع الثاني 1422 / 28-06-2001
السؤال
هل يجوز الاستغناء عن شرط أن تكون المرأة الكتابية التي أريد الزواج منها محصنة علما بأن هذا الشرط صعب تحقيقه هنا ؟(51/162)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى إنما أباح نكاح الكتابيات بشرط الإحصان وهو العفة، فقال : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة:5) قال ابن القيم: ومن أقبح القبائح أن يكون للرجل زوج بغي، وقبح هذا مستقر في فطر الخلق، وأيضاً فإن البغي لا يؤمن أن تفسد على الرجل فراشه، وتعلق عليه أولاداً من غيره، والتحريم يثبت بدون هذا، وأيضاً فإن مرثد بن أبي مرثد الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج (عناق) وكانت بغياً، فقرأ عليه صلى الله عليه وسلم آية النور وقال: " لا تنكحها" أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، ولتمام الفائدة ينظر الجواب رقم 8674
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج المسلم بغير المسلمة ... العنوان
ما قولكم في زواج المسلم بغير المسلمة ؟ ... السؤال
11/01/2007 ... التاريخ
شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فزواج المسلم من كتابية مختلف فيه بين علماء الإسلام، منهم من أباحه ومنهم مَن منعه، لكن الأصل الذي لا خلافَ فيه أن الرجل هو صاحب القِوامة والسلطان على المرأة والأبناء، فإذا انسلخ الرجل عن حقِّه في القوامة إلى زوجته الكتابية فغير جائز باتفاق، ووجب منعه من التزوج بالكتابية حِفْظَا لمبادئ الدين .
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :(51/163)
إن أفضل أنواع الزواج ما تلاقتْ عليه الرغبات، وخلُصت له القلوب وتناجَتْ به الأرواح، ومِن ضرورة ذلك أن تتَّفق العقيدة وتتناسَب الأخلاق، وتتَّحد الأهداف. وفي ظل ذلك التناسُب يَبْسط الزواج على الحياة الزوجية نَسيج السكن والمودة والرحمة، فتَطيب الحياة، وتُسعد الأبناء والأسرة، ولا يتحقَّق ذلك على الوجه الأكْمل في نظر الإسلام إلا إذا اتَّفق الزوجانِ في الدين والعقيدة، وكانَا مسلمينِ يأتمرانِ بأمر الإسلام، ويَنتهيانِ بِنَهْيِهِ، ويشدُّ الإسلام ما بين قلبيْهما مِن رباط.
أما إذا كان الزوج غير مسلم والزوجة مسلمة، أو كانت الزوجة غير مسلمة والزوج مسلمًا، فإن الحُكم في الإسلام له وجهٌ آخر. فهو بالنسبة للفرْض الأول، وهو أن يكون الزوج غير مسلم والزوجة مسلمة، الحُرْمة القطعيَّة والمنْع الباتُّ، وهو من الأحكام التي أجمعتْ عليها الأمة من عهد الرسول إلى يومنا هذا، وصار منْعه في الإسلام مِن الأحكام التي يقول عنها الفقهاء: "إنَّ العلْم بها ضروريٌّ" يُحكم على مَن أباحه بالخُروج عن الدين، وهذا ليس موْضع حديث اليوم، ولا ممَّا يتعلَّق لنا غرْض الآن ببحْثه.
وإنما غرضنا الكلام على الفرْض الثاني وهو تزوُّج المسلم بغير المسلمة.
ولبيان الحُكم في هذا الفرض يجب أن نُفرق أوَّلاً في غير المسلمة بين المُشركة التي لا تُقِرُّ بإِلَهٍ، ولا بكتاب سماويٍّ، والكتابيَّة التي تُقِرُّ بالأُلُوهِيَّة وتعترف بمبدأ رسالاتِ الله إلى خلقه، وتُؤمن بيوم البَعْث والجزاء.
والإسلام يرى بالنسبة للمشركة أن زواجها باطل، ولا يَحِلُّ لمسلم أن يبني معها حياة زوجية، وقد جاء ذلك المنْع في صريح القرآن الذي لا يحتمل أفهامًا ولا آراء، ومن هنا كان محلَّ إجماعٍ ـ أيضًا ـ بين علماء الإسلام، ولم يُعرف لأحدٍ منهم رأيٌ بحِلِّهِ، وذلك قوله ـ تعالى ـ: (ولا تَنْكِحُوا المُشركاتِ حتَّى يُؤْمِنَّ ولَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ ولوْ أَعَجَبَتْكُمْ). (الآية 221 من سورة البقرة).
التزوُّج بالكتابية:
أما تزوُّج المسلم بالكتابية، ذات الدين السماوي، والكتاب الإلهي ـ وهو موضع حديثنا اليوم ـ فقد اختلف فيه علماء الإسلام، فمنهم من أباحه مستندًا إلى ظاهر قوله ـ تعالى ـ: (والمُحْصَنَاتُ مِن المُؤمناتِ والمُحْصَناتُ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكتابَ مِن قَبْلِكُمْ). (الآية: 5 من سورة المائدة). قالوا: فرَّقت هذه الآية بين المشركة التي حَرَّمَ التزوُّج بها قوله ـ تعالى ـ: (ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حتَّى يُؤْمِنَّ). وبيْن الكتابية، فأباحت التزوُّج بها.(51/164)
ومنهم مَن طرَد المنْع ورأي حُرمة التزوج بالكتابية، شأنها شأن المشركة، ونسب ذلك الرأي إلى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وبعض التابعين، ودرج عليه بعض الأئمة، وحُجتهم في ذلك أن الكتابية إذا غَيَّرت وبدلت وأنكرت رسالة محمد ـ عليه السلام ـ كانت داخله تحت عنوان: "المُشركات" وإيمانها بالله فقط لا يُخرجها عن دائرة الشرك، فإن الله يقول: (وما يُؤْمِنُ أكْثَرُهُمْ باللهِ إلاَّ وهُمْ مُشْرِكُونَ). (الآية: 106 من سورة يوسف).
ويستندوا ـ أيضًا ـ في هذا المنع إلى الآيات الدالة على وُجوب المُباعدة عن الكفَّار كقوله ـ تعالى ـ: (يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تَتَّخِذُوا اليهودَ والنَّصارَى أولياءَ بعضُهمْ أولياءُ بعْضٍ). (الآية: 51 من سورة المائدة). (لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِن دُونِكُمْ). (الآية: 118 من سورة آل عمران) (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعدُوَّكُمْ أوْلياءَ تُلقونَ إليهمْ بالمَوَدَّةِ وقد كَفَرُوا بمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ). (الآية الأولى: من الممتحنة) ولهم في تخريج قوله ـ تعالى ـ: (والمُحْصَنَاتُ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكتابَ مِن قَبْلِكُمْ). وُجوهٌ وآراءٌ ليس هذا الحديث مَوْضِعًا للكلام فيها.
الأصل الذي لا خلافَ فيه:
وسواء أصحَّ رأي هؤلاء بالحُرمة والمنع، أم صحَّ رأي الأولين بالإباحة والجواز من وجهة النظر في مصادر التشريع، فإن رأي الذين أباحوا مبنيٌّ على القاعدة الشرعية الطبيعية وهو أن الرجل صاحب القِوامة على المرأة، وصاحب السلطان والتوجيه في الأسرة والأبناء، ومن شأن الزوج المسلم أن يُنشِّئ ـ بما له من قوامةٍ ـ أبناءه وأسرته على الأخلاق الإسلامية، وقد أُبيح له أن يتزوَّج بغير المسلمة الكتابية، ليكون ذلك التزوُّج بمَثابة رسول من رُسل المحبة والأُلْفة؛ فيزول ما في صدرها للإسلام من جَفْوَةٍ؛ وتتلقى مِن حسن مُعاملة زوجها المسلم لها ـ وهي كتابية تُخالفه في دينه ـ محاسنَ الإسلام وفضائله عن طريقٍ عملي مباشر، تجد أثره في راحتها وحريتها الدينية وحصولها على حقوق الزوجية كاملة غير منقوصة، وهذا هو حُكمة الإسلام في إباحة التزوُّج بالكتابية على رأي هؤلاء الذين يَرون إباحته من جهة المصادر التشريعية.
المنْع المُتَّفق عليه:
أما إذا انسلخ الرجل المسلم عن حقِّه في القوامة، وألقى بمقاليد نفسه وأسْرته وأبنائه إلى زوجته الكتابية، فتصرَّفتْ فيه وفي أبْنائه بمُقتضَى عقيدتها وعادتها، ووضع نفسه تحت رأيها واتخذها قُدوة له يتبعها، وقائدًا يسير خلفها،(51/165)
ولا يَرى نفسه إلا تابعًا لها، مُسايرًا لرَأيها ومَشورتها، فإن ذلك يكون عكْسًا للقضية وقلبًا للحكمة التي أحلَّ الله لأجلها التزوُّج من الكتابيات.
وهذا هو ما نراه اليوم في بعض المسلمين الذين يرغبون التزوُّج بنساء الإفرنج، لا لغايةٍ سوى أنها إفرنجية تنتمي إلى شعب أُوروبي، بزعم أن له رُقِيًّا فوق رُقيِّ المسلمين الذين ينتسب هو إليهم، ويَعُدُّ نفسه واحدًا منهم. فيتركها تذهب بأولاده إلى الكنيسة كما تشاء، وتُسميهم بأسماء قومها كما تشاء، وتربطهم في صدورهم شعار اليهودية أو النصرانية، وترسم في حِجْر منزلها وأمام أعيُن أولادها ما نعلم وما لا نعلم، ثم بعد ذاك كله تُنشئهم على ما لها من عادات في المأكل والمشرب والاختلاط وغير ذلك ممَّا لا يعرفه الإسلام ولا يرضاه،أو ممَّا يعتبر الرضا به والسكوت عليه كُفْرًا وخُروجًا عن المِلَّةِ والدِّينِ.
إذا ضعُف الرجال وَجَبَ المنْع
إذا كان الله قد حرَّم على المسلمة أن تتزوج بالكتابي، صوْنًا عن التأثُّر بسلطان زوجها وقِوامته عليها، فإن الإسلام يرى أن المسلم إذا شذَّ عن مركزه الطبيعي في الأسرة ـ بحُكم ضعفه القومي، وألْقَى بمقاليد أمره بين يدي زوجته غير المسلمة ـ وجب منعه من التزوج بالكتابية، ويُوجب في الوقت نفسه على الحكومة ـ التي تَدِينُ بالإسلام ومبادئه في الزوجية، وتَغار على قوميتها وشعائرها في أبنائها ـ أن تضع لهؤلاء، الذين ينسلخون عن مركزهم الطبيعي في الأسرة، حدًّا يردُّهم عن غيهم، ويكفي في المنع العام أن ترى الحكومة أكثريةَ الذين يتزوَّجونَ بأجنبيات يضعون أنفسهم من زوجاتهم هذا الوضع الذي يُفسدون به أُسَرَهُمْ وقوْمِيَّتَهُم.
إن حِفْظَ مبادئ الدين، وحفظ سِياج القومية، لمِن أوجب الواجبات على الحكومات الإسلامية، وما ضعُف المسلمون وانحلَّت روابطهم إلا بهذا الذوبان الذي كثيرًا ما كان مَنْشَؤُهُ الافتتان برُقِيِّ الأجنبية وتقدمها في تنظيم البيوت وتربية الأبناء، وهي في الواقع تعمل على هدْم الكيان وتقويض القومية وقد كاد يتمُّ لها الأمر على أيدي هؤلاء السفهاء، ضِعاف الإيمان والقومية، يُؤازرهم في ذلك مَن يقرءون عليهم ـ مِن غير فهْم ولا تدبُّر، ولا إدراك لحكمة التشريع ـ قوله ـ تعالى ـ: (والمُحْصِنَاتُ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكتابَ مِن قَبْلِكُمْ). وكم لعبت الزَّوجة الكتابية من أدوار في خِدمة أُمَّتِهَا وحكومتها، وهي مُقيمة في بلاد الإسلام، تُرزق بخيراتها، وتنعم بحياتها تحت رجل مسلم غِرٍّ، خَدَعْتَهُ واتَّخذت منه جِسْرًا تخطو على ظهره إلى نَكْبَةِ بلاده، والعمل على تركيز قومها فيها.
التقييد أو المنْع لازم:(51/166)
إن العمل على تقييد هذاالحُكم في التشريع الإسلامي أو منْعه منعًا باتًّا لأَلزمُ وأوجب ممَّا يُنادي به بعض المسلمين ويَرجون تشريعه مِن تحديد سِنِّ الزواج للفتاة، وتقييد تعدُّد الزوجات وتقييد الطلاق، والحديث اللَّغْو فيما لا يفهمون من كلمةِ: "بيت الطاعة"، وما إلى ذلك من النداءات النادرة التي ينشط لها كثيرٌ من أبناء المسلمين سَيْرًا وراء مدنيَّة الغرب المُظلمة.
ألَا إن انحلال الكثْرة الغالبة ممَّن يَميلون إلى التزوُّج بالكتابيات لممَّا يُوجب الوقوف أما هذه الإباحة التي نتلقاها مُطْلَقًة جهْلًا بغير علم، والتي أصبحت حالتنا تُنادي بإلغائها وأنها لا تتفق والغرض المقصود منها، ولا تتناسب مع نهضتنا الحالية التي قِوامها الاحتفاظ بالقومية الإسلامية وصوْنها عن عبث العابثين، وهدف المُغرضين الكائدين.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
حكم المتزوجة من رجل دخل في الإسلام ولم يلتزم بشئ منه
تاريخ الفتوى : ... 11 ربيع الثاني 1422 / 03-07-2001
السؤال
امرأة مسلمة متزوجة منذ سنوات من رجل إنجليزى أشهر إسلامه قبل زواجه منها، ولكنه لم يلتزم بتعاليم الإسلام ولم يصل ولو مرة واحدة بل لم يدخل مسجداً فى حياته ويرفض مصاحبتها للحج، فهل هذا الزواج حلال أم حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكافر إذا نطق بالشهادتين، إما أن يكون ذلك على سبيل الإخبار، أو على سبيل الالتزام بالإسلام وشرائعه، ولا شك أن الشهادة على سبيل الإخبار لا تنفع صاحبها، ولا تثبت له حكم الإسلام في الدنيا، ولا النجاة في الآخرة، لأنها مجرد إخبار لا فائدة منه.
وقد شهد كثير من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمشركين للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، لكنهم لم يتبعوه، فلم تنفعهم هذه الشهادة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (زاد المعاد): ( ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط، ولا المعرفة، والإقرار(51/167)
فقط، بل المعرفة والإقرار، والانقياد، والتزام طاعته ودينه ظاهراً وباطناً). (3/638).
وقال ابن القيم بعدما ذكر شهادة بعض المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وشهادة هرقل بذلك، وبعض اليهود حينما سألوه صلى الله عليه وسلم عن التسع آيات البينات، فأخبرهم بها فقبلوا يده، وقالوا: نشهد إنك نبي!. قال: "فما يمنعكم من أن تتبعوني؟" قالوا: إن داود عليه السلام دعا أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا يهود (فهؤلاء قد تحققوا نبوته، وشهدوا له بها، ومع هذا فآثروا الكفر والضلال، ولم يصيروا مسلمين بهذه الشهادة ...) إلى أن قال: ( وعلى هذا فإنما لم يحكم لهؤلاء اليهود الذين شهدوا له بالرسالة بحكم الإسلام، لأن مجرد الإقرار والإخبار بصحة رسالته لا يوجب الإسلام، إلا أن يلزم طاعته ومتابعته، وإلا فلو قال: أنا أعلم أنه نبي، ولكن لا أتبعه، ولا أدين بدينه كان من أكفر الكفار كحال هؤلاء المذكورين وغيرهم. وهذا متفق عليه بين الصحابة والتابعين، وأئمة السنة أن الإيمان لا يكفي فيه قول اللسان بمجرده، ولا معرفة القلب مع ذلك، بل لابد فيه من عمل القلب، وهو حبه لله ورسوله وانقياده لدينه، والتزامه طاعته ومتابعة رسوله، وهذا خلاف من زعم أن الإيمان هو مجرد معرفة القلب وإقراره، وفيما تقدم كفاية في إبطال هذه المقالة... إلخ) مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/93).
وبناءً على ما تقدم فإننا نقول: هذا الزواج باطل لأنه تم بين امرأة مسلمة ورجل كافر لم يدخل الإسلام أصلا بل هو ما يزال على كفره وضلاله حيث لم يلتزم بأحكام الإسلام وفرائضه ، ويجب على هذه المرأة مفارقته فورا ؛ لإجماع المسلمين على بطلان زواج المسلمة من كافر ، كما يجب عليها عدم تمكينه من نفسها وإلا وقعت في الزنا عياذا بالله ، وعليها أن تستعين بمن يستطيع تخليصها من الزواج الباطل.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الابتعاد عن نكاح الكتابيات أفضل لعدة أمور
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الأول 1422 / 18-06-2001
السؤال(51/168)
إذا تزوج المسلم من فتاة من أهل الكتاب، هل يجوز لها أن تبقى على دينها، وإذا توفي الزوج فهل ترث، وإذا توفيت أين تدفن، وهل تجوز الصلاة عليها والدعاء لها بالرحمة؟
جزاكم الله كل خير
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أحل الله تعالى للمؤمن نكاح المؤمنة المحصنة العفيفة، وبين تعالى أن المؤمنة ولو كانت أمة خير من المشركة ولو أعجبت الناس. قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة:221 ].
والعلة في ذلك ذكرها الله تعالى بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) [البقرة:221 ].
واستثنى الله تعالى من المشركات الكتابيات (النصرانيات واليهوديات)، حيث إن الكتابيات يشتركن مع المسلمات في بعض العقائد، كالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب والعقاب ونحو ذلك، مما عساه أن يكون مساعداً في هدايتهن إلى الإسلام.
وقيد سبحانه جواز نكاح الكتابية بأن تكون محصنة (عفيفة)، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) [المائدة: 5].
فإن كانت غير محصنة (غير عفيفة) فلا يحل نكاحها. ولذلك كان عمر رضي الله عنه يمنع من ذلك، ونهى الصحابة عنه.
والأولى للمسلم أن يتزوج بمسلمة لعدة أمور، منها:
- أن المسلمة تربي أولاده على الإسلام، وليس هناك خلاف بينهما لاشتراكهما في دين واحد، فلا يضر بقاء الأولاد معها في حال المفارقة بموت أو طلاق.
- أنه لا يأمن المسلم من أن تؤثر الكتابية على أولاده فينشئوا متأثرين بعقيدتها وسلوكها.
- أن الغالب على هؤلاء ـ لا سيما الأوروبيات ـ ترك الدين الذي ينتسبون إليه إلى مذاهب وملل أخرى، كالوجودية والإلحاد، ولا ارتباط لهن بدينهن. فهن في الحقيقة لا دين لهن. كما أن الغالب عليهن عدم العفة وهو شرط معتبر في(51/169)
جواز نكاحهن. ومع ذلك فإن وثق من الكتابية في عفتها، وأنها باقية على دينها فإن الأصل جواز نكاحها.
لكن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج منهن إلا في أضيق نطاق لما ذكرنا. وليعلم أن التحريم ليس وحده هو الحاجز، بل هناك مفاسد ومشاكل تنشأ من مثل هذه الزيجات، تجعل تركها أحمد في العاقبة، وأهنا للعيش.
ويزداد الأمر خطورة بالنسبة لليهوديات في الوقت الحاضر لأن اليهود قوم بهت ماكرون، وقد يستعملون لصالح حربهم المعلنة على المسلمين بعض نسائهم في جلب الشر إلى المجتمعات الإسلامية والتجسس عليها، وهذا أسلوب معلوم عندهم في حرب من يعاودونهم.
هذا من حيث مبدأ الزواج من الكتابيات، فإذا حصل الزواج، فإنه في حال الوفاة لا يرث أحدهما الآخر، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً" متفق عليه.
وإذا توفيت فإنها تدفن في مقابر الكافرين، ولا تدفن في مقابر المسلمين، فإن لم يكن للكافرين مقبرة يدفنون فيها دفنت في موضع منفرد، ولا تجوز الصلاة عليها، ولا الدعاء لها بالمغفرة، لأنها ماتت على الشرك قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113]. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إذا أسلم الزوج ، واستمرت الزوجة على دينها
تاريخ الفتوى : ... 20 ربيع الأول 1422 / 12-06-2001
السؤال
أنا امرأة من فلسطين ، أدخل الى ساحة الحوار في مواقع انجليزية وأحاول نشر الاسلام وتعريف الأجانب عليه ، ومن الذين حاورتهم رجل هندي كان هندوسيا ولكنه ذو فطرة سليمة ، وهداه الله إلى الاسلام بعد عدة حوارات معي، وهذا الرجل متزوج من امرأة هندوسية من حوالي 15 سنة ، وهو يحبها،
والآن هو أصبح مسلما وهي ما تزال على دينها وهو يحاول دعوتها إلى الإسلام ، ولكن الله لم يشرح صدرها إلى الآن، لأن لديها بعض الاعتراضات على أمور مثل الحجاب وتعدد الزوجات ، وأنا أعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يتزوج من مشركة ، ولكنني لم أخبره بذلك لأنني أرجو أن يهديها الله للإسلام على يديه .(51/170)
سؤالي هو: هل عليه إثم بالبقاء معها الآن وهي على دينها؟ وهل يجب علي أن أخبره بأنه لا يجوز له البقاء معها إذا طال عنادها ورفضها للإسلام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يأجرك على ما قدمت في دعوة هذا الرجل إلى الإسلام، وأن يثبته ويقوي إيمانه، وأن يكرم أهله وولده بالإسلام.
وينبغي أن يجتهد في دعوة أهله إلى الإسلام، وأن يبن لهم أن الدخول في الإسلام لا يتوقف على لبس الحجاب، فعليها أن تدخل في الإسلام، وتتعلم أحكامه وآدابه، ثم تتخذ قرارها بعد في لبس الحجاب أوعدم لبسه، وأن يطمئنها في أمر تعدد الزوجات، بأن يعدها ويلتزم لها بأنه لن يتزوج عليها، ويخبرها بأن كثيراً من المسلمين لا يعددون الزوجات مع إيمانهم بجواز ذلك.
والذي نراه لك أن تسعي في ربطه بجماعة مسلمة تقيم في بلده، فهذا خير معين له على الثبات والاستقامة، وأن تتولى هذه الجامعة إخباره بشأن علاقته مع زوجته وليكن كل ذلك بأسرع ما يمكن فلا شك أن بقاءها - كافرة - في عصمته - وقد أسلم - غير جائز.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
التوفيق بين تحريم المرأة على الكافر وبقاء زوجة أبي طالب في عصمته
تاريخ الفتوى : ... 05 ربيع الأول 1422 / 28-05-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ:
هل مات أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم كافرا أم مسلما وكيف ذلك؟ علماً أن زوجته فاطمة بنت أسد من أوائل الداخلين في الإسلام وكيف سمح الرسول صلى الله عليه وسلم ببقائها على ذمته لحين وفاته. والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أبا طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مات كافراً، لا يوجد في ذلك خلاف معتبر بين أهل العلم، وقد روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي(51/171)
والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين).
وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب، حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله.
وروى البخاري من حديث عباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: "هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه".
وفي رواية: "تغلي منه أم دماغه".
وروى مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".
وأما سماحه صلى الله عليه وسلم ببقاء فاطمة بنت أسد في عصمة أبي طالب، فإن ذلك كان قبل تحريم بقاء المؤمنات تحت الكفار، لأن أبا طالب مات عام الحزن، وهو قبل الهجرة بثلاث سنين، وتحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار نزل في صلح الحديبية عام ستة من الهجرة.
أخرج الشيخان عن المسور ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءت نساء من المؤمنات، فأنزل الله: (يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات...) إلى قوله تعالى: (... ولا تمسكوا بعصم الكوافر)، وأخرج الواحدي عن ابن عباس قال: إن مشركي مكة صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى من أهل مكة من أصحابه فهو لهم، وكتبوا بذلك كتاباً وختموه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، فأقبل زوجها وكان كافراً، فقال: يا محمد رد علي امرأتي، فإنك قد شرطت علينا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فأنزل الله هذه الآية.(51/172)
فوفاة أبي طالب، ونزول تحريم بقاء المؤمنات في عصم الكفار بينهما تسع سنين. والعلم عند الله تعالى.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... السنة التي نزل فيها تحريم التزاوج بين المشركين والمسلمين
تاريخ الفتوى : ... 04 ربيع الأول 1422 / 27-05-2001
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ هل كان تحريم الإسلام لزواج المشرك من المسلمة والمسلم من المشركة في أول ظهور الإسلام.
وشكراً
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يكن تحريم زواج المشرك من المسلمة، والمسلم من المشركة محرماً في ابتداء الإسلام، وإنما حرم بقوله تعالى: (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهم) [الممتحنة: 10].
قال الحافظ ابن كثير: هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزاً في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة. والآية المذكورة من سورة الممتحنة، وهي قد نزلت بعد صلح الحديبية، وكان هذا الصلح في السنة السادسة من الهجرة، إذا فتحريم المسلمة على المشرك، والمشركة على المسلم كان سنة ست في أثنائها أو بعدها. والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــــــــــــــــ
شروط صحة الزواج من الكتابية
تاريخ الفتوى : ... 05 صفر 1422 / 29-04-2001
السؤال
أنا رجل مسلم أتيت إلى رومانيا من أجل العمل وتزوجت من امرأة رومانية وذلك كان قبل 9 سنوات، لم تسلم زوجتي وبقيت على دين النصرانية، منذ شهرين طلبت مني زوجتي الطلاق وتم ذلك في المحكمة الرومانية، علماً بأن العقد الأول أيضاً كان في المحكمة الرومانية و لم يتم عمل عقد إسلامي. الآن عادت المرأة حيث تطلب الزواج مرة أخرى. علمت من صديقتها أنها خلال(51/173)
الفترة التي قد طلقتها بها قد مارست الزنى مع رجلين أعرفهما، سألتها عن ذلك فلم تنكر و قالت إن هذه غلطة قد ارتكبتها، السؤال هو هل أستطيع أن أتزوج منها بعد هذا الفعل، و إذا جاز ذلك فمتى يمكن ذلك، علماً بأني أحبها كثيراً، وعندما تزوجتها لم تكن عذراء، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الزواج بأي امرأة - مسلمة أو كتابية- إلا بموجب عقد شرعي يستوفي أركانه، كوجود المتعاقدين، وولي الأمر، والمهر، وتتوفر فيه الشروط الشرعية اللازمة. فإذا كان زواجك من المرأة المذكورة بموجب عقد لم تتوفر فيه الأركان أو الشروط الشرعية فإنه عقد باطل ومعاشرتك لها بموجب ذلك العقد تعتبر سفاحاً لا نكاحاً، ولا يعتبر العقد المدني الوضعي في عقود النكاح لأن الفروج لا تستحل إلا بكلمة الله، وتلك العقود ليست من كلمة الله في شيء، كما أنه يشترط أيضاً في الكتابية المراد الزواج منها بموجب عقد شرعي أن تكون محصنة -أي عفيفة- ولا يجوز الزواج بغير المحصنة. والمعروف الآن في دول الغرب أن وصف الإحصان يكاد يكون معدوماً، كما أن نساء الغرب أكثرهن لم يبق لهن من النصرانية إلا الاسم، والواحدة منهن في حقيقة الأمر: إما ملحدة شيوعية أو غيرها، وإما وثنية، إلى غير ذلك من العقائد التي تخرجها عن كونها كتابية. ومعلوم أن الزواج من المشركات محرم.
فعليك بالتوبة إلى الله على ما بدر منك، كما أنه لا يجوز لك الزاوج منها لما عرفت من فجورها وعدم إحصانها والله يقول: ( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) [النور:3] وأنى لمسلم أن يرضى بمثل هذه زوجة؛ بل الأولى للمسلم حتى وإن وجد الكتابية المحصنة العفيفة أن يتزوج بالمسلمة، فإن ذلك خير له. وانظر أيضاً جواب رقم 5315.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
غير المسلمين في المجتمع المسلم ... العنوان
من المعروف لدى المتدينين عامة، بأي دين كان، أن كل دين يطلب من أتباعه الاعتزاز به، والولاء له، والمودة لكل من آمن به، والكفر بكل ما سواه، واعتقاد أنه وحده على الحق، وكل ما سواه هو الباطل، والإسلام أحد هذه الأديان ولا شك.(51/174)
وربما زاد هذا الأمر حدة عند بعض المتدينين، فانتهت به غيرته على دينه إلى معاداة كل المخالفين له، وإضمار الكراهية لهم، والحقد عليهم، بل قد يتفاقم ذلك إلى حد الاعتقاد باستباحة أموالهم ودمائهم، ولا يرى في ذلك إثمًا ولا حرجًا، بل قد يظن أنه يتقرب بذلك إلى الله تعالى!!.
وهذا ـ ولا ريب ـ أمر في غاية الخطورة عندما يكون المخالفون أخوة في الوطن وجزءًا من شعب واحد يضم المسلمين وغير المسلمين، فهنا يتمزق الصف، وتتفرق الكلمة، ويتعامل الجميع من خلال سوء الظن والخوف، ويزداد الأمر سوءًا وشرًا إذا تنبهت لذلك القوى الأجنبية الماكرة، فزادت من أسباب الفرقة ونفخت في الجمرة حتى توقد وتحرق الجميع وهي تتفرج.
لهذا نرجو من فضيلتكم إلقاء الضوء على هذه القضية، وبيان موقف الإسلام من غير المسلمين وخصوصًا إذا كانوا أقلية في وسط أكثرية مسلمة، وذلك حتى لا يساء فهم الإسلام، أو يظلم بتصرفات بعض أبنائه، الذين لم يحسنوا فقهه ولا العمل به.
نفع الله بكم، وزادكم توفيقًا. ... السؤال
07/01/2007 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فهذه القضية ــ موقف الإسلام من غير المسلمين ــ من أهم القضايا التي يجب أن توضح فيها الحقائق، وتزال الشبهات، وتصحح الأفهام، من أهل العلم الراسخ، حتى لا ينسب إلى الإسلام ما هو براء منه، وحتى لا يقع بعض أبنائه في أخطاء أو انحرافات يرفضها الإسلام، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
وقد كتبت في ذلك كتابًا نشر في عدة أقطار، وطبع عدة مرات، وترجم إلى عدة لغات، وهو: "غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ".
حقائق يجب التنبيه عليها:
وخلاصة ما يحسن قوله هنا ـ قبل بيان موقف الإسلام ـ نركزه في الحقائق التالية:
أولا:لا يجوز أن تحمل تصرفات بعض المسلمين ـ ممن ضاق أفقهم أو ساءت تربيتهم ـ على الإسلام.(51/175)
فمن المقطوع به: أن الإسلام حجة على المسلمين. وليس المسلمون حجة على الإسلام.. وكم ابتلي الإسلام بأناس ينسبون إليه، ويحسبون عليه، ولكنهم يؤذونه بسلوكهم أكثر مما يؤذيه أعداؤه الذين يكيدون له خفية، أو يقاتلونه جهرة، وقديمًا قالوا: عدو عاقل خير من صديق أحمق،وقال الشاعر:
لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها
ثانيًا :إن هؤلاء الجهال والحمقى ممن يتعصبون ضد مخالفيهم في الدين، ويسيئون التعامل معهم بلا مبرر، وينتهي ببعضهم الغلو إلى استباحة أموالهم أو دمائهم، هؤلاء لم يسلم من أذاهم أيضًا إخوانهم في الدين من المسلمين، بل هم يبدأون بالتطاول عليهم، والاتهام لهم في إيمانهم وتدينهم، إلى حد قد ينتهي بتكفيرهم وإخراجهم من الملة والتقرب إلى الله باستباحة حرماتهم، وهذا ما يفعله الغلو والتنطع بأهله. وهذا ما رأيناه في الخوارج قديمًا، ولمسناه في خلفائهم حديثًا، ومبعث ذلك هو الغرور الخفي، والعجب القاتل، الذي يجعل صاحبه ينظر إلى نفسه أنه مَلَك، وأن الآخرين كلهم شياطين. والإعجاب بالنفس أحد المهلكات.
ثالثا: إن هذا التعصب الذي نراه ونلمسه عند بعض المتدينين، كثيرًا ما تكون أسبابه غير دينية، وإن لبس لبوس الدين، بل قد تكون أسبابه ـ عند الدراسة والتعمق ـ أسبابًا اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، ولهذا تراه يظهر في بعض المناطق دون بعض؛ لأن الظروف الاجتماعية بملابساتها وتعقيداتها الموروثة، هي التي بذرت هذه البذرة وساعدت على نموها، فمن الظلم للحقيقة أن يتهم الدين بأنه وراء هذه السلوكيات المتطرفة.
رابعا:إن بعض ما نراه من التعصب لدى بعض المسلمين، قد يكون رد فعل لتعصب آخر من إخوانهم ومواطنيهم من غير المسلمين، وليس من الإنصاف أن نتهم الأكثرية دائمًا بالتعصب ضد الأقلية، فكثيرًا ما تندفع الأقلية أو أفراد منها تحت تأثير مشاعر الخوف ـ وإن لم يكن له أصل ـ والشائعات والمبالغات إلى تصرفات تتسم ـ أو تفسرـ بالكيد للأغلبية، وفي هذا الجو الذي تتزلزل فيه الثقة بين عناصر الوطن الواحد، تروج الشائعات، وتصبح الحبة قبة، ولا يجرؤ أحد على مواجهة الأمر بصراحة، وعلاجه من جذوره.
موقف الإسلام من غير المسلمين :
في ضوء هذه الحقائق التي لا ينبغي أن تغفل أود أن أبين بإيجاز موقف الإسلام من المخالفين ـ أو من غير المسلمين من أصحاب الأديان الأخرى:
من المعروف: أن أصحاب الأديان المخالفة للإسلام صنفان:(51/176)
1ـ صنف هم أصحاب الديانات الوثنية أو الوضعية. مثل: المشركين عباد الأوثان، والمجوس عباد النار، والصابئين عباد الكواكب.
2ـ وصنف هم أصحاب الديانات السماوية أو الكتابية، وهم الذين لهم دين سماوي في الأصل، ولهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى، وهم الذين يسميهم القرآن "أهل الكتاب" تلطفًا بهم، وإيناسًا لهم:
وهؤلاء الكتابيون لهم معاملة متميزة في الإسلام. فقد أباح مؤاكلتهم واعتبر طعامهم حلالاً طيبًا، كما أباح مصاهرتهم والتزوج منهم، كما قال تعالى في سورة المائدة : (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ...). (المائدة: 5).
والمصاهرة أحد الرابطين الأساسيين اللذين يربطان البشر بعضهم ببعض. كما قال تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا). (الفرقان: 54).
كما أن الزواج في نظر الإسلام يقوم على السكون والمودة والرحمة، وهي دعائم الحياة الزوجية في القرآن: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة). (الروم: 21).
ومعنى زواج المسلم من كتابية أن يكون أصهاره وأجداد أولاده وجداتهم، وأخوالهم وخالاتهم، وأولاد أخوالهم وخالاتهم من أهل الكتاب، وهؤلاء لهم حقوق صلة الرحم وذوي القربى التي يفرضها الإسلام.
ولا نجد في السماحة مع المخالف في الدين أرحب ولا أعلى من هذا الأفق الذي وجدناه في شريعة الإسلام.
وهناك تقسيم آخر للمخالفين في الدين، من حيث موقفهم من دولة الإسلام وأمة الإسلام.. فهم إما محاربون، وإما مسالمون معاهدون.
فالمحاربون هم الذين يعادون المسلمين ويقاتلونهم، وهؤلاء لهم أحكامهم التي تنظم العلاقة بهم، وتفرض أخلاقًا وآدابًا معينة في معاملتهم حتى في حالة الحرب، فلا عدوان، ولا غدر، ولا تمثيل بجثة، ولا قطع لشجر، ولا هدم لبناء، ولا قتل لصبي ولا امرأة ولا شيخ، وإنما يقتل من يقاتل.... إلخ ما هو مقرر ومتصل في كتب "السير" أو "الجهاد" في الفقه الإسلامي.
والمسالمون أو المعاهدون، يوفى لهم بعهدهم، ويعطون حقهم من البر والقسط والصلة.(51/177)
ومن الخطل والخطر هنا: الخلط بين الصنفين على اعتبار أنهم جميعًا كفار، لا يؤمنون برسالة محمد خاتم رسل الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يصدقون بالقرآن آخر كتب الله.
وقد فرق القرآن بين الصنفين تفريقًا واضحًا، في آيتين كريمتين تعتبران دستورًا محكمًا في تحديد العلاقة بغير المسلمين. يقول تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولَّهم فأولئك هم الظالمون) (الممتحنة: 8،9). والبر هو: الخير، والقسط: هو العدل، وقد نزلت هاتان الآيتان في شأن المشركين، كما دلت على ذلك أسباب نزول السورة. فأهل الكتاب أولى بالبر والقسط.
ثم إن المعاهدين صنفان :
أ ـ من لهم عهد مؤقت، وهؤلاء يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم.
ب ـ والثاني من لهم عهد دائم ومؤبد وهم الذين يسميهم المسلمون "أهل الذمة" بمعنى أن لهم ذمة الله تعالى، وذمة رسوله ص، وذمة جماعة المسلمين. وهم الذين قال فيهم الفقه الإسلامي: لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، أي في الجملة إلا ما اقتضته طبيعة الاختلاف الديني.
وأهل الذمة يحملون "جنسية دار الإسلام" وبتعبير آخر : هم مواطنون في الدولة الإسلامية. فليست عبارة "أهل الذمة" عبارة ذم أو تنقيص، بل هي عبارة توحي بوجوب الرعاية والوفاء، تدينًا وامتثالا لشرع الله. وإذا كان الإخوة المسيحيون يتأذون من هذا المصطلح، فليغير أو يحذف، فإن الله لم يتعبدنا به، وقد حذف سيدنا عمر رضي الله عنه ما هو أهم منه، وهو لفظ "الجزية"، رغم أنه مذكور في القرآن، وذلك استجابة لعرب بني تغلب من النصارى، الذين أنفوا من هذا الاسم، وطلبوا أن يؤخذ منهم ما يؤخذ باسم الصدقة، وإن كان مضاعفًا.. فوافقهم عمر، ولم ير في ذلك بأسًا، وقال: هؤلاء القوم حمقى، رضوا بالمعنى، وأبوا الاسم. (انظر: كتابنا "فقه الزكاة" 2/708).
وهذا تنبيه من الفاروق على أصل مهم، وهو النظر إلى المقاصد والمعاني، لا إلى الألفاظ والمباني، والاعتبار بالمسميات لا الأسماء ومن هنا نقول : إنه لا ضرورة للتمسك بلفظ "الجزية" الذي يأنف منه إخواننا النصارى في مصر وأمثالهم في البلاد العربية والإسلامية، والذين امتزجوا بالمسلمين، فأصبحوا(51/178)
يكونون نسيجًا قوميًا واحدًا.. فيكفي أن يدفعوا "ضريبة" أو يشتركوا بأنفسهم في الدفاع عن الأمة والوطن فتسقط عنهم.
وقد بينت في كتابي الآنف الذكر حقوق المواطنين من أهل الذمة من وجوب المحافظة على دمائهم وأعراضهم وأموالهم ومعابدهم، وجميع حرماتهم، واحترام عقائدهم وشعائرهم، والدفاع عنهم تجاه كل عدوان من الخارج وتجنب كل ما يوغر صدورهم، أو يؤذيهم في أنفسهم أو أهليهم وذراريهم.
حتى إن القرآن ليرتفع بأدب الحوار مع أهل الكتاب إلى أفق رفيع، حين يقول : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون). (العنكبوت: 46).
فإذا كان هناك طريقتان للحوار أو للجدال إحداهما حسنة، والأخرى أحسن منها، فالمطلوب هو الحوار بالتي هي أحسن.
ويركز القرآن هنا على ذكر مواضع الاتفاق بين المسلمين وأهل الكتاب لا على نقاط التمايز والاختلاف: (وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد).
وأهل الذمة من أهل الكتاب لهم وضع خاص، والعرب منهم لهم وضع أخص، لاستعرابهم وذوبانهم في أمة العرب، وتكلمهم بلغة القرآن، وتشربهم للثقافة الإسلامية، واشتراكهم في المواريث الثقافية والحضارية للمسلمين بصورة أكبر من غيرهم، فهم مسلمون بالحضارة والثقافة، وإن كانوا مسيحيين بالعقيدة والطقوس، وهذا ما قلته منذ سنوات للدكتور لويس عوض حين زار قطر واشترك في ندوة في "نادي الجسرة" الثقافي، وطلب مني التعقيب عليها.
والحقوق التي قررها الإسلام ليست مجرد حبر على ورق، بل هي حقوق مقدسة قررتها شريعة الله، فلا يملك أحد من الناس أن يبطلها، وهي حقوق تحوطها وتحرسها ضمانات متعددة: ضمانة العقيدة في ضمير كل فرد مسلم، يتعبد بامتثال أمر الله، واجتناب نهيه، وضمان الضمير الإسلامي العام، الذي يتمثل في المجتمع كله، وخصوصًا الفقهاء والأصلاء من حراس الشريعة، والقضاة العدول الأقوياء، الذي رأينا منهم من حكم على الأمراء والخلفاء لحساب من ظلم من أهل الذمة.
وقد رأينا الإمام الأوزاعي يقف مع جماعة من أهل الذمة في لبنان ضد الأمير العباسي قريب الخليفة.(51/179)
وقد رأينا الإمام ابن تيمية يخاطب تيمور لنك في فكاك الأسرى عنده، فيفرض عليه أن يفك أسرى المسلمين وحدهم، فيأبى إلا أن يفرج عن أهل الذمة معهم.
أعلى درجات التسامح عند المسلمين وحدهم.
ثم إن التسامح الديني والفكري له درجات ومراتب:
فالدرجة الدنيا من التسامح : أن تدع لمخالفك حرية دينه وعقيدته، ولا تجبره بالقوة على اعتناق دينك أو مذهبك، بحيث إذا أبى حكمت عليه بالموت أو العذاب أو المصادرة أو النفي، أو غير ذلك من ألون العقوبات والاضطهادات. فتدع له حرية الاعتقاد، ولكن لا تمكنه من ممارسة واجباته الدينية التي تفرضها عليه عقيدته، والامتناع مما يعتقد تحريمه عليه.
والدرجة الوسطى من التسامح: أن تدع له حق الاعتقاد بما يراه من ديانة ومذهب، ثم لا تضيق عليه بترك أمر يعتقد وجوبه أو فعل أمر يعتقد حرمته. فإذا كان اليهودي يعتقد حرمة العمل يوم السبت، فلا يجوز أن يكلف بعمل في هذا اليوم؛ لأنه لا يفعله إلا وهو يشعر بمخالفة دينه. (في غاية المنتهى وشرحه من كتب الحنابلة: "ويحرم إحضار يهودي في سبته، وتحريمه باق بالنسبة إليه، فيستثنى شرعًا من عمل في إجارة، لحديث النسائي والترمذي وصححه: "وأنتم يهود عليكم خاصة ألا تعدوا في السبت" 2/604).
وإذا كان النصراني يعتقد بوجوب الذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد، فلا يجوز أن يمنع ذلك في هذا اليوم
والدرجة التي تعلو هذه في التسامح : ألا تضيق على المخالفين فيما يعتقدون حله في دينهم أو مذهبهم، وإن كنت تعتقد أنه حرام في دينك أو مذهبك.
وهذا ما كان عليه المسلمون مع المخالفين من أهل الذمة. إذ ارتفعوا إلى الدرجة العليا من التسامح.
فقد التزموا احترام كل ما يعتقد غير المسلم أنه حلال في دينه، ووسعوا له في ذلك، ولم يضيقوا عليه بالمنع والتحريم، وكان يمكنهم أن يحرموا ذلك، مراعاة لشريعة الدولة ودينها، ولا يتهموا بكثير من التعصب أو قليل؛ ذلك لأن الشيء الذي يحله دين من الأديان ليس فرضًا على أتباعه أن يفعلوه.
فإذا كان دين المجوسي يبيح له الزواج من أمه أو أخته فيمكنه أن يتزوج من غيرهما ولا حرج، وإذا كان دين النصراني يحل له أكل الخنزير، فإنه يستطيع أن يعيش عمره دون أن يأكل الخنزير، وفي لحوم البقر والغنم والطير متسع له.(51/180)
ومثل ذلك الخمر، فإذا كان بعض الكتب المسيحية قد جاء بإباحتها، أو إباحة القليل منها لإصلاح المعدة، فليس من فرائض المسيحية أن يشرب المسيحي الخمر.
فلو أن الإسلام قال للذميين : دعوا زواج المحارم، وشرب الخمر، وأكل الخنازير، مراعاة لشعور إخوانكم المسلمين، لم يكن عليهم في ذلك أي حرج ديني؛ لأنهم إذا تركوا هذه الأشياء لم يرتكبوا في دينهم منكرًا، ولا أخلوا بواجب مقدس، ومع هذا لم يقل الإسلام ذلك، ولم يشأ أن يضيق على غير المسلمين في أمر يعتقدون حله، وقال للمسلمين: اتركوهم وما يدينون.
روح التسامح عند المسلمين:
على أن هناك شيئًا آخر لا يدخل في نطاق الحقوق التي تنظمها القوانين، ويلزم بها القضاء، وتشرف على تنفيذها الحكومات.
ذلك هو "روح السماحة" التي تبدو في حسن المعاشرة، ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وسعة المشاعر الإنسانية من البر والرحمة والإحسان، وهي الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، ولا يغني فيها قانون ولا قضاء.. وهذه روح لا تكاد توجد في غير المجتمع الإسلامي.
تتجلى هذه السماحة في مثل قول القرآن في شأن الوالدين المشركين اللذين يحاولان إخراج ابنهما من التوحيد إلى الشرك: (وصاحبهما في الدنيا معروفًا) (لقمان: 15).
وفي ترغيب القرآن في البر والإقساط إلى المخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين كما في آية الممتحنة (الممتحنة: 8).
وفي قول القرآن يصف الأبرار من عباد الله: (ويُطْعِمُون الطعام على حبِّهِ مسكينًا ويتيمًا وأسِيرًا) (الإنسان: 8) ولم يكن الأسير حين نزلت الآية إلا من المشركين.
وفي قول القرآن يجيب عن شبهة بعض المسلمين في مشروعية الإنفاق على ذويهم وجيرانهم من المشركين المصرّين : (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تُنْفِقُوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله) (البقرة: 272).
وقد روى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ومدون مذهبه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث إلى أهل مكة مالاً لما قحطوا ليوزع على فقرائهم (شرح السير الكبير: 1/144)، هذا على الرغم مما قاساه من أهل مكة من العنت والأذى هو وأصحابه.(51/181)
وروى أحمد والشيخان عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهدوا، (تعني فترة في صلح الحديبية) فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول اله، إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها ؟! قال : "نعم، صلي أمك" (تفسير ابن كثير 4/249).
وتتجلى هذه السماحة كذلك في معاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأهل الكتاب يهودًا كانوا أو نصارى، فقد كان يزورهم ويكرمهم، ويحسن إليهم، ويعود مرضاهم، ويأخذ منهم ويعطيهم.
وذكر ابن إسحاق في السيرة: أن وفد نجران ـ وهم من النصارى ــ لما قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، دخلوا عليه مسجده بعد العصر، فكانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعوهم" فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
وعقب المجتهد ابن القيم على هذه القصة في "الهدي النبوي" فذكر مما فيها من الفقه: (جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين .. وتمكين أهل الكتاب من صلاتهم
بحضرة المسلمين، وفي مساجدهم أيضًا، إذا كان ذلك عارضًا، ولا يمكنون من اعتياد ذلك). (زاد المعاد جـ3، ط مطبعة السنة المحمدية).
وروى أبو عبيد في "الأموال" عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود، فهي تجري عليهم (الأموال ص 613).
وروى البخاري عن أنس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد يهوديًا، وعرض عليه الإسلام، فخرج وهو يقول: "الحمد للّه الذي أنقذه بي من النار".
وروى البخاري أيضا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله، وقد كان في وسعه أن يستقرض من أصحابه، وما كانوا ليضنوا عليه بشيء، ولكنه أراد أن يعلم أمته.
وقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- الهدايا من غير المسلمين، واستعان في سلمه وحربه بغير المسلمين، حيث ضمن ولاءهم له، ولم يخش منهم شرًا ولا كيدًا.
وتتجلى هذه السماحة كذلك في معاملة الصحابة والتابعين لغير المسلمين.
فعمر يأمر بصرف معاش دائم ليهودي وعياله من بيت مال المسلمين ثم يقول: قال اللّه تعالى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) (التوبة: 60).وهذا من(51/182)
مساكين أهل الكتاب (الخراج لأبي يوسف/26. انظر كتابنا: فقه الزكاة 2/705، 706).
ويمر في رحلته إلى الشام بقوم مجزومين من النصارى فيأمر بمساعدة اجتماعية لهم من بيت مال المسلمين.
وأصيب عمرْو بضربة رجل من أهل الذمة ــ أبي لؤلؤة المجوسي ــ فلم يمنعه ذلك أن يوصي الخليفة من بعده وهو على فراش الموت فيقول: "أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرًا، أن يوفي بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وألا يكلفهم فوق طاقتهم" (أخرجه البخاري في الصحيح، ويحيى بن آدم في الخراج ص 74، والبيهقي في السنن 9/206 باب الوصاة بأهل الكتاب).
وعبد الله ابن عَمْرو يوصي غلامه أن يعطي جاره اليهودي من الأضحية، ويكرر الوصية مرة بعد مرة، حتى دهش الغلام وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودي؟ قال ابن عَمْرو: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". (رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي المرفوع عنه).
وماتت أم الحارث بن أبي ربيعة وهي نصرانية، فشيعها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ذكر ذلك ابن حزم في المحلى 5/117).وكان بعض أجلاء التابعين يعطون نصيبًا من صدقة الفطر لرهبان النصارى ولا يرون في ذلك حرجًا، بل ذهب بعضهم ـ كعكرمة وابن سيرين والزهري ـ إلى جواز إعطائهم من الزكاة نفسها.
وروى ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد: (أنه سئل عن الصدفة فيمن توضع؟ فقال: في أهل ملتكم من المسلمين، وأهل ذمتهم ...). (انظر: فقه الزكاة الأسبق).
وذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك(قال: حديث الدارقطني أن القاضي إسماعيل بن إسحاق (من أعلام المالكية، وقاضي قضاة بغداد توفي سنة 282هـ. انظر: ترجمة في "ترتيب المدارك 3/166 – 181، ط. دار الحياة، بيروت تحقيق الدكتور أحمد بكير محمود) دخل عليه الوزير عبدون بن صاعد النصراني وزير الخليفة المعتضد بالله العباسي، فقام له القاضي ورحب به. فرأى إنكار الشهود لذلك، فلما خرج لا ينهاكم اللّهLالوزير قال القاضي إسماعيل: قد علمت إنكاركم، وقد قال اللّه تعالى عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تَبَرُّوهُم وتُقْسِطُوا إليهم) (الممتحنة: 8) وهذا(51/183)
الرجل يقضي حوائج المسلمين وهو سفير بيننا وبين المعتضد ... وهذا من البر) (المرجع السابق ص 174).
وتتجلى هذه السماحة بعد ذلك في مواقف كثير من الأئمة والفقهاء، في الدفاع عن أهل الذمة، واعتبار أعراضهم وحرماتهم كحرمات المسلمين، وقد ذكرنا مثلاً لذلك موقف الإمام الأوزاعي، والإمام ابن تيمية.
ونكتفي هنا بكلمات نيرة للفقيه الأصولي المحقق شهاب الدين القرافي شارحًا بها معنى البر الذي أمر اللّه به المسلمين في شأنهم. فذكر من ذلك: (الرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم ـ على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة ـ واحتمال أذايتهم في الجوار ـ مع القدرة على إزالته ـ لطفًا منا بهم، لا خوفًا ولا طمعًا، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم، في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم، إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم إلى جميع حقوقهم ... إلخ (الفروق: 3/15).
الأساس الفكري لتسامح المسلمين:
أساس النظرة المتسامحة التي تسود المسلمين في معاملة مخالفيهم في الدين يرجع إلى الأفكار والحقائق الناصعة التي غرسها الإسلام في عقول المسلمين وقلوبهم، وأهمها:
1ـ اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان، أيًا كان دينه أو جنسه أو لونه. قال تعالى: (ولقد كَرَّمْنا بني آدم) (الإسراء: 70) وهذه الكرامة المقررة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية.
ومن الأمثلة العملية ما ذكرناه من قبل، وهو ما رواه البخاري عن جابر بن عبد اللّه: أن جنازة مرت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام لها واقفًا، فقيل له: يا رسول اللّه إنها جنازة يهودي ! فقال: "أليست نفسا؟!".بلى ولكل نفس في الإسلام حرمة ومكان، فما أروع الموقف، وما أروع التفسير والتعليل !
2ـ اعتقاد المسلم أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة اللّه تعالى، الذي منح هذا النوع من خلقه الحرية والاختيار فيما يفعل ويدع : (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (الكهف: 29). ـ (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين). (هود: 118).(51/184)
والمسلم يوقن أن مشيئة اللّه لا راد لها ولا معقب، كما أنه لا يشاء ما فيه الخير والحكمة، علم الناس ذلك أو جهلوه، ولهذا لا يفكر المسلم يومًا أن يجبر الناس ليصيروا كلهم مسلمين، كيف وقد قال اللّه تعالى لرسوله الكريم.
(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين). (يونس: 99).
3ـ إن المسلم ليس مكلفًا أن يحاسب الكافرين على كفرهم، أو يعاقب الضالين على ضلالهم، فهذا ليس إليه، وليس موعده هذه الدنيا، إنما حسابهم إلى اللّه في يوم الحساب، وجزاؤهم متروك إليه في يوم الدين، قال تعالى : (وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون.. اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) (الحج: 68،69) وقال يخاطب رسوله في شأن أهل الكتاب : (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتاب وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير). (الشورى: 15).
وبهذا يستريح ضمير المسلم، ولا يجد في نفسه أي أثر للصراع بين اعتقاده بكفر الكافر، وبين مطالبته ببره والإقساط إليه، وإقراره على ما يراه من دين واعتقاد.
4 ـ إيمان المسلم بأن اللّه يأمر بالعدل، ويحب القسط، ويدعو إلى مكارم الأخلاق، ولو مع المشركين، ويكره الظلم ويعاقب الظالمين، ولو كان الظلم من مسلم لكافر. قال تعالى : (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى). (المائدة: 8).
وقال -صلى الله عليه وسلم- : "دعوة المظلوم ـ وإن كان كافرًا ـ ليس دونها حجاب" (رواه أحمد في مسنده).
إن سماحة الإسلام مع غير المسلمين سماحة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، وخصوصًا إذا كانوا أهل كتاب، وبالأخص إذا كانوا مواطنين في دار الإسلام، ولا سيما إذا استعربوا وتكلموا بلغة القرآن.
وصايا نبوية بأقباط مصر خاصة:
أما أقباط مصر فلهم شأن خاص ومنزلة متميزة، فقد أوصى بهم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وصية خاصة، يعيها عقل كل مسلم، ويضعها في السويداء من قلبه.
فقد روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- أوصى عند وفاته فقال: "الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم،(51/185)
ويكونون لكم عدة وأعوانًا في سبيل اللّه" (أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/62 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح).
وفي حديث آخر عن أبي عبد الرحمن الحبلي ـ عبد الله بن يزيد ـ وعمرو بن حريث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "... فاستوصوا لهم خيرًا، فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله" يعني قبط مصر.(رواه ابن حبان في صحيحه كما في المورد (2315) وقال الهيثمي 10/64: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح).
وقد صدق الواقع التاريخي ما نبأ به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد رحب الأقباط بالمسلمين الفاتحين، وفتحوا لهم صدورهم، رغم أن الروم الذين كانوا يحكمونهم كانوا نصارى مثلهم، ودخل الأقباط في دين اللّه أفواجًا، حتى إن بعض ولاة بني أمية فرض الجزية على من أسلم منهم، لكثرة من اعتنق الإسلام. وغدت مصر بوابة الإسلام إلى إفريقيا كلها، وغدا أهلها عدة وأعوانًا في سبيل الله.
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنكم ستفتحون أرضًا يذكر فيها القيراط، (القيراط: جزء من أجزاء الدرهم والدينار وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به، بل هم لا يزالون كذلك بالنسبة للمساحة وللصاغة وغيرهما، وكل شيء قابل لأن يقسم إلى 24 قيراطًا)، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا"
وفي رواية: "إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما" أو قال : "ذمة وصهرا". (الحديث بروايته في صحيح مسلم رقم (2543) باب وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بأهل مصر، وفي مسند أحمد 5/174).
قال العلماء: الرحم التي لهم: كون هاجر أم إسماعيل عليه السلام منهم، والصهر: كون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم (ذكر ذلك النووي في رياض الصالحين، حديث (334) ط. المكتب الإسلامي).
ولا غرو أن ذكر الإمام النووي هذا الحديث في كتابه: "رياض الصالحين" في باب "بر الوالدين وصلة الأرحام" إشارة إلى هذه الرحم التي أمر الله ورسوله بها أن توصل بين المسلمين وبين أهل مصر، حتى قبل أن يسلموا.(51/186)
وعن كعب بن مالك الأنصاري قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا، فإن لهم دمًا ورحما"، وفي رواية: "إن لهم ذمة ورحما" يعني أن أم إسماعيل منهم (أورده الهيثمي 10/62 وقال: رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، كما رواه الحاكم بالرواية الثانية وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي 2/753 وعند الزهري: الرحم بأن أم إسماعيل منهم).
والرسول يجعل للقبط هنا من الحقوق أكثر مما لغيرهم، فلهم الذمة أي عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين، وهو عهد جدير أن يرعى ويصان. ولهم رحم ودم وقرابة ليست لغيرهم، فقد كانت هاجر أم إسماعيل أبي العرب المستعربة منهم، بالإضافة إلى مارية القبطية التي أنجب منها عليه الصلاة والسلام ابنه إبراهيم.
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
شروط الزواج بالكتابية
تاريخ الفتوى : ... 01 صفر 1422 / 25-04-2001
السؤال
ماهى الشروط الواجب مراعاتها عند الزواج من غير مسلمة تدعي أنها مسيحية ، وهل يجب مرضاة أهلها وهل تصدق باستبراء رحمها وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالزواج بالكتابية يشترط له ما يشترط للزواج بالمسلمة من الولي والصداق والشهود.
ويلي الكتابية وليها الكافر، فإن اعترض على زواجها من مسلم - لكونه مسلماً- فإنه يعتبر عاضلاً لها عمن هو كفؤ لها، فتنتقل الولاية عنه إلى غيره من الكفار ولو بَعُدَ، ولا يصح النكاح إلا بولي، ولا يلي الكافرة إلا من هو على دينها.
أما عن تصديق الكتابية فيما تدعيه من براءة رحمها، فالجواب عليه هو أنه يشترط للزاوج منها أن تكون محصنة (عفيفة) -كما تقدم- وإذا كان هذا هو الظاهر من حالها فلا داعي لاستبرائها، وإلا فلا يجوز نكاحها أصلاً.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه(51/187)
ــــــــــــــــــــــــــــ
ذبائح أهل الكتاب في عصر التنزيل ... العنوان
هل يوجد نقل صحيح يفيدنا بكيفية ذبح أهل الكتاب أو قتلهم لما يريدون أكله في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟ فإن وجد فهل يجب قصر حكم الحِلّ على ما كان لأنه المفهوم، ويكون ما توسعوا به بعد ذلك من بدعهم فلا يفيد الحِلّ؟ فلأهل الكتاب في عصرنا كيفيات في الذبح تختلف عن عصر التنزيل. ... السؤال
17/12/2006 ... التاريخ
الشيخ محمد رشيد رضا ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فالمحرم من ذبائح أهل الكتاب هو الإهلال بالذبيحة لغير الله تعالى أما غير ذلك فحلال على إطلاقه، والحكمة في حِل طعامهم هي مجاملتهم ومحاسنتهم لا كونهم يذبحون على وجه مخصوص أو يطبخون بكيفية مخصوصة .
فيقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
مسألة طعام أهل الكتاب ليست من المسائل التعبدية ، وأنه لا شيء من فروعها وجزئياتها يتعلق بروح الدين وجوهره إلا تحريم الإهلال بالذبيحة لغير الله تعالى ؛ لأن هذا من عبادات الوثنيين وشعائر المشركين فحرم علينا أن نشايعهم عليه أو نشاركهم فيه، ولما كان أهل الكتاب قد ابتدعوا وسرت إليهم عادات كثيرة من الوثنيين الذين دخلوا في دينهم لا سيما النصرانية ، وأراد تعالى أن نجاملهم ولا نعاملهم معاملة المشركين استثنى طعامهم فأباحه لنا بلا شرط ولا قيد كما أباح لنا التزوج منهم مع علمه بما هم عليه من نزغات الشرك التي صرح فيها بقوله : [ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون ] ( يونس : 18).
على أنه حرم علينا التزوج من المشركات بالنص الصريح ولم يحرم علينا طعام المشركين بالنص الصريح بل حرم ما أُهلّ به لغير الله، فأمر الزواج أهم من أمر الطعام في نفسه ، والنص فيه عام قطعي في المشركين وهو لم يمنع من التزوج بالكتابية، ولأجل كون حِل طعام أهل الكتاب ورد مورد الاستثناء من المحرمات المذكورة بالتفصيل في سورة المائدة صرح بعض أئمة السلف بأن النصراني إذا ذبح لكنيسته فإن ذبيحته تؤكل مع الإجماع على أن المسلم إذا(51/188)
ذبح وذكر اسم النبي أو الكعبة فإن ذبيحته لا تؤكل ، وترى هذا في تفسير الإمام ابن جرير الطبري ، وقد رأيت في التفسير من هذا الجزء النسبة بيننا وبين أهل الكتاب ، وما ورد فيهم وما أرشدنا إليه سبحانه من مجاملتهم ومحاسنتهم فهذه هي الحكمة في حِل طعامهم لا كونهم يذبحون على وجه مخصوص أو يطبخون بكيفية مخصوصة .
ولو كان يجوز لنا أن نقيد نصوص الكتاب المطلقة بمثل هذا التقييد لكان يجب علينا أن ننظر في كل حكم فنقول: إن إحلاله أو تحريمه مقيد بما إذا كان على الكيفية التي كانت في ذلك العصر فنتقيد بما كان عليه أهل العصر الأول في جميع عاداتهم وأحوالهم ؛ لأنهم خوطبوا بالأحكام وهم على ذلك وهذا حرج عظيم وتحكُّم لم يقلْ به أحد ، بل قال أهل الأصول : حكم المطلق أن يجري على إطلاقه ، ومن ثم نقول : إنه لا وَجْه للبحث عن عدد الذين أقيمت بهم الجمعة أو صلاة العيد ولا عن كيفية المسجد أو المصلى الذي صليا فيه عند التشريع والحكم بأن ذلك شرط لصحة الصلاة .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
حكم إبقاء الزوجة المرتدة.
تاريخ الفتوى : ... 13 ربيع الثاني 1422 / 05-07-2001
السؤال
بسم الله الرحمان الرحيم
تزوجت منذ سنة من امرأة أجنبية كانت حديثة العهد بالإسلام وكانت محجبة وبعد فترة قصيرة قالت لي إن في الإسلام أخطاء فهي لا تؤمن بأن خروج الهواء من الإنسان يبطل الوضوء، وأن المرأة لا يجب أن تصلي بالحجاب لأن الله ليس برجل لينظرإليها و أن الرسول أضاف بعض الأمور من عنده إلى القرآن.
سؤالي هو: هل يجوز شرعًا أن أبقيها كزوجة مع العلم أنها تقول بأنها تؤمن بوحدانية الله و أنها تؤمن بالأديان الثلاثة و لكن هذه الأديان حرفت بما فيها الإسلام.
جزاكم الله خيرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(51/189)
فإن هذه المرأة مادامت اعتنقت الإسلام، وعرفت ما يجب على المسلم تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء به هو من عند الله، وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فإن ما صدر منها يعتبر ردة وخروجاً على الإسلام. وعليه فلا يجوز إبقاؤها كزوجة لقوله تعالى: ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) [الممتحنة: 10] ولقوله: ( و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) [البقرة:221] وقول هذه المرأة: إنها تؤمن بالأديان الثلاثة لا يفيدها شيئاً، لأن الإيمان كما هو معروف ليس مجرد قول باللسان مع التمسك بما يناقضه من عدم الانقياد والتسليم لأحكامه تعالى، واعتقاد أنه صلى الله عليه وسلم زاد في الشريعة من عند نفسه أو نقص، هذا كله يناقض الإيمان بالله وبرسوله، وقد قال تعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) [النساء: 65] ثم إن الإيمان بالأديان الثلاثة إنما ينفع من جزم بأن الإسلام ناسخ للدينين اللذين قبله، ومهيمن عليهما فالإيمان بهما على غير هذا الوجه لا ينفع صاحبه. قال تعالى: ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).[آل عمران:85].
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... إنكاح الكتابي المسلمة لا يجوز
تاريخ الفتوى : ... 27 ربيع الأول 1422 / 19-06-2001
السؤال
هل يجوز زواج المسلمة بالكتابى فى بلاد الغرب؟ علما بما يلي:
هناك الكثير من المسلمات اللاتي ولدن فى بلاد الغرب لايجدن أحدا يتقدم للزواج منهن من الشباب المسلم، لأن عدد الذكور المسلمين مقارنة بالإناث يعتبر قليلاً جدا فى بلاد الغربة، كما أن الكثير منهم يتزوج من بنات كتابيات من أهل تلك البلاد، إضافة إلى أن قانون تلك البلاد يجرم الجمع بين زوجتين. أفيدونا بحل عاجل لهذة المشكلة، لأن عدد المسلمات اللاتي يقدمن على الزواج من غير المسلمين يزداد كل يوم، وإذا حاولت نصحهن بالصوم قلن لي: إنت لا تشعرين بما نشعر به، لأنك متزوجة، كما أن انتشار الرذيلة فى هذه البلاد يجعل الصوم حلا غير عملي، وكل واحدة منا تحلم بالأسرة والأولاد، كما أننا بزواجنا بالكتابي يكون حالنا أفضل من الشباب المسلم الذى يتزوج من كتابية(51/190)
ثم يطلق زوجته، لأنه يفقد أبناءه وقد يفقدون دينهم. أما نحن المسلمات فلو تعرضت واحدة للطلاق فأولادها لها بالقانون والأبناء يتبعون دين الأم، وإذا لم يحدث الطلاق فمن المعروف أن الأولاد أكثر تأثراً بالأم لطول الوقت الذى يقضونه معها. أرجو الرد على ذلك ووضع حل للمسلمات فى الغرب للحد من إقبالهن على الزواج بغير المسلمين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فزواج المسلمة بالكتابي لا يجوز بحال من الأحوال، ولم يقل به أحد من الأئمة والعلماء، لأنه يخالف صريح القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى: (ولن يجعل لله للكافرين على المؤمنين سبيلا) [النساء: 141].
فالمسلمة بحكم كونها زوجة يجب عليها الطاعة للكافر والخضوع له، والكافر لا يحترم دينها، بل يذلها في دينها ويقول تعالى: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) [البقرة: 221]، فهي تضحي بدينها في سبيل شهوة عابرة، وذلك لا يمكن إقراره في دين الإسلام.
أما أن شباب المسلمين يتزوجون ببنات الكافرين ويتركون المسلمات فعلى المسلمين أن يكونوا أعلى همة من غيرهم فيتحدوا في سبيل مواجهة هذه الأخطار، وعليهم أن يستعينوا بالمسلمين في بلاد الإسلام لزواج بناتهم، فإن معظم المسلمين المقيمين في الغرب لهم أقارب وأصدقاء في العالم الإسلامي، لئلا يقعوا في هاوية الفجور والزنا مع الكافرين، وأن يكبحوا شهواتهم بالصوم، أو بتناول بعض الأدوية القاطعة للشهوة، ومن استطاع ترك تلك البلاد وجب عليه ذلك، فراراً بدينه وعرضه.
والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
زواج المسلم من الكتابية جائز ولا يخلو من مفاسد
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز زواج المسلم من الكتابية فى بلاد الغرب علما بما يلي:
1- عند حدوث طلا ق بين الزوجين فإن القانون يعطي الأولاد للزوجة مما يترتب عليه اعتناق الأولاد لغير الدين الإسلامي .
2-التاثير القوى للمجتمع على عقيدة الابناء.(51/191)
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم أما بعد:
1ـ أباح الله جل وعلا للمسلم أن يتزوج بالكتابية ـ المسيحية أو اليهودية ـ شريطة أن تكون محصنة غير زانية. والزواج من المسلمة أولى صيانة للمؤمنات، وتجنباً لكثرة العنوسة بين المؤمنات.
2ـ وإذا خاف المسلم على الذرية من الوقوع في شباك الكفار عند الفراق يمكنه أن يكتفي بالعشرة المجردة دون طلب الذرية، فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يعزلون خوفا على الولد من الغيلة.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
... يجوز الزواج بالكتابية ويحرم بالملحدة الكافرة
تاريخ الفتوى : ... 19 ذو الحجة 1424 / 11-02-2004
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولا نهنئكم على هذه البادرة الطيبة والتي بفضلها وبإذن الله أصبح بإمكان المسلمين في بلاد الاغتراب الاهتداء إلى ما فيه خيرهم في أمور دينهم وبعد: أنا متزوج من امرأة روسية منذ ستة أعوام ولي منها ولدان وموضوعي هو الآتي: عند عقد قراننا طلب الشيخ من زوجتي أن تنطق بالشهادتين لكنها رفضت وحجتها في ذلك أنها تجهل الدين الاسلامي وأنها ستنطق بها حال اقتناعها به. (علماً أنها تؤمن بوجود الله جل جلاله) سؤالي هو هل عقد قراني منها شرعي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد أحل الله للمؤمن أن يتزوج المؤمنة المحصنة أي العفيفة، وكذلك أحل له الزواج من عفيفات أهل الكتاب قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم..) [المائدة: 5]. والزواج من الكتابيات المحصنات العفيفات مستثنى من عموم الزواج من المشركات الذي حرمه الله على عباده قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤْمِنَّ ولأَمَةٌ مؤمنةٌ خير من مشركة ولو أعجبتكم) [البقرة: 221]. فإذا لم تكن هذه المرأة على دين أهل الكتاب كأن تكون شيوعية ملحدة فلا يجوز الزواج منها ويعتبر العقد باطلاً، ويجب عليك أن تفارقها لبطلان العقد، وأولادك منها ينسبون إليك(51/192)
لجهلك بتحريم هذا عند العقد، ولا يكفي اعترافها بوجود إله، أو اعترافها بالأديان إلا أن تعتنق دين الإسلام أو دين أهل الكتاب، وأما إن كانت على دين أهل الكتاب وأبت عند العقد الدخول في الإسلام فالزواج شرعي صحيح، وعليك أن تستمر في دعوتها إلى الإسلام وترغيبها فيه، وأن ترى من افعالك ومواقفك ما يرغبها فيه، ويعظمه في عينها.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
لا يجوز إعطاء الزوجة الكتابية فرصة لتؤثر على دين الأولاد
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
زوجتي أجنبية متدينة في الديانة المسيحية(لكننا نعيش في بلدي) ولقد عرفت أنها تدعوا صديقاتها الى الدين المسيحي(صديقاتها من أهل ملتها) مع العلم أننا لسنا مختلفين في أغلب المواضيع من الناحية الدينية وجه الخلاف أنها لا تؤمن بديننا و برسولنا.فما حكم الدين في ذلك مع العلم أنها تقول لي أيضا إن دينها يحتم عليها أن تقول لأولادها عن دينها؟ وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
كان الأولى بالسائل الكريم أن يتزوج بامرأة مسلمة يبني من خلال الزواج بها أسرة توحد الله وتطبق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث يلحقه أجر عمل هذه الأسرة في حياته وبعد مماته كما ثبت ذلك عن نبينا صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها (ولدً صالحً يدعو له). والمسؤولية الآن تتحملها أنت أخي السائل في تربية أولادك والمحافظة عليهم من تأثير أمهم خاصة وقد تبين أنها تدعوا النساء ممن هن على دينها ، وكأنك تقلل من شأن خلاف هذا حجمه، ونحن نؤكد لك أنها ما دامت تعتقد أن دينك باطل وأن ما أنت عليه ضلال مبين فلن تدخر جهداً في جرك وجر أبنائك إلى دينها، فلا محيد لك عن التخلص منها بأن تطلقها وتأخذ منها أبناءك ما دمتم في دولتك قبل أن تذهب إلى مكان لا يمكن فيه أخذهم منها. والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ(51/193)
الفتوى : ... لا يصح نكاح كتابية غير محصنة
تاريخ الفتوى : ... 29 ذو القعدة 1424 / 22-01-2004
السؤال
سألني مسلم عادي كان قد تزوج بيهودية في جاهليته دون أي عقد شرعي أو عرفي وعاش معها حياة زنى أنجب منها ثلاثة أولاد ،السؤال: يريد أن يعقد عقدا شرعياً ما حكم الأولاد والحياة الزوجية المستقبلية؟افيدوني بارك الله فيكم...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: على هذا المسلم أن يعلم أن الزنا ذنب عظيم فقد قال عنه الله جل وعلا " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " ، فأول واجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله جل وعلا، وأن يكثر من أفعال الخير فبقاؤه هذه المدة الطويلة على ممارسة فاحشة الزنى مع هذه المرأة أمر خطير. أما عن زواجه من هذه المرأة في المستقبل ـ فهذا غير جائز له ـ وإن كانت كتابية(يهودية) لأن شرط زواج المسلم من الكتابية أن تكون محصنة والمحصنة هي العفيفة وما دامت قد رضيت أن تقيم معه على ممارسة الفاحشة فترة تنجب فيها ثلاثة أولاد فهي أبعد ما تكون عن الإحصان. فعليه أن يبتعد منها. وأما عن الأولاد فلا علاقة له بهم لأنهم أبناء زنى فلا يرثونه ولا يرثهم ولا ارتباط له بهم في الشرع ولا ينسبون إليه ما دام لم يرتبط بأمهم بعلاقة شرعية. والله أعلم
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
يجوز نكاح الكتابية بشروط
تاريخ الفتوى : ... 26 ربيع الأول 1422 / 18-06-2001
السؤال
أريدالزواج من امرأة كتابية. ماهي الشروط ؟ وهل يجب عليها ارتداء الحجاب الإسلامي إذابقيت على دينها؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
1 - اختلف الأئمة في شرط جواز نكاح الكتابية فقال بعضهم : يشترط شرطان: أ : أن يكون أصلها منتميا إلى بني إسرائيل . ب: أن تكون محصنة غير زانية ولا متخذة أخدان . وأكثر العلماء على أن شرط نكاحها أن تكون(51/194)
محصنة ، أي عفيفة غير زانية ولا فاجرة . وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصارى ولم يروا في ذلك بأساً . وكان ابن عمر يمنع من ذلك ، وروي عن عمر نفسه رضي الله عنه. 2 - ويقتضي الإحصان ، أن تكون غير متبرجة على شكل أهل الفجور لأن ذلك ليس لباس أهل العفة والاحصان ، والله أعلم .
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
الفتوى : ... لا تتزوج ممن تسب الصحابة
تاريخ الفتوى : ... 16 صفر 1420 / 01-06-1999
السؤال
هل يجوز الزواج بامرأة تعتقد جواز سب الصحابة أو بعضهم وقد تفعل ذلك هي أحياناً وكذا العكس، أعني تزويج امرأة من رجل يعتقد ذلك أو يفعله؟
الفتوى
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن سب الصحابة رضوان الله عليهم منكر عظيم وإثم كبير، ومخالفة لصريح القرآن والسنة المشتملين على عظيم الثناء وكبير الحفاوة بأمر الصحابة الكرام، حملة القرآن ودعاة الإسلام، وهداة الأمم. ومن جمع بين سب الصحابة ودعوى ردة كثير منهم عن الإسلام، أو اعتقد جواز ذلك ولو لم يفعل، فهذا كافر مرتد عن الإسلام. ومن سب الشيخين أبا بكر وعمر أو سب أم المؤمنين عائشة ونسب إليها ما برأها القرآن منه، أو سب جميع الصحابة الذين رضي الله عنه ورضوا عنه. فهذا كافر أيضا وكفره في بعض هذه الصور محل إجماع. إذا تقرر هذا فليعلم أنه لا يجوز زواجك ممن قد ذكرت وصفها وكذا العكس، والله تعالى أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ــــــــــــــ
منع سيدنا عمرالزواج بنساء أهل الكتاب ... العنوان
هل عطل سيدنا عمر بن الخطاب الأحكام الشرعية القطعية؟ سمعت أن سيدنا عمر منع الصحابة من الزواج بغير المسلمات لما ظهر له من مصلحة في ذلك، أليس هذا معناه أنه عطل الشريعة لمصلحة رآها؟
... السؤال
13/06/2006 ... التاريخ(51/195)
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:-
إن سيدنا عمر منع كبار الصحابة من الزواج بغير المسلمات مخافة أن يواقعوا منهن غير المحصنات ، وحتى لا يتأسى بهم المسلمون فيرغبوا بهن عن المسلمات فتكون من ذا فتنة ، وهذا التدخل منه – رضي الله عنه- "تقييد للمباح". ومثل هذا التقييد للمصلحة من حق ولي أمر المسلم، وهو تقييد مؤقت ومُعَلَّل، والصحابة الكبار يُعْتَبَرُون أسوة لعامة الناس، ومثل هذا يُشَرَّع للإمام العادل أن يلجأ إليه في سياسة الرعية. ولهذا نظائر في فقه عمر، مثل منعه الذبح في بعض أيام الأسبوع، ليتوافر اللحم لعامة الناس بقية الأيام.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-
هذا شاهد آخر، مما يستشهد به المُشَوِّشُون على تحكيم الشريعة، والداعون إلى تعطيل نصوصها باسم المصالح، وهو: ما يَتَعلَّق بزواج المسلم من الكِتَابية، وموقف عمر من حذيفة بن اليمان، حين تَزَوَّجَ يهودية بالمَدَائن، فكَرِه له ذلك فكتب إليه يقول: أحرام هو يا أمير المؤمنين؟ فرد عليه يقول لا، ولكن أخشى أن تُواقِعوا المُومِسَات منهن (رواه الطبراني في تفسيره ج 4 الأثر 4223 بتحقيق آل شاكر، ونقله عنه ابن كثير "1/257" وصحح إسناده، ورواه عبد الرزاق في المصنف ج "7/176" الأثر "12668" كما رواه سعيد بن منصور في "السنن" ـ باب نكاح اليهودية والنصرانية. الأثر رقم "715" بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمى، ورواه البيهقي في السنن الكبرى "7/172" وذكره الجصاص في أحكام القرآن "1/333"). يعني العَوَاهِر.
وفي بعض الروايات أن عمر كتب لحذيفة: أعزم عليك أن لا تضع كتابي هذا، حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لِجَمَالِهِن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين (انظر: الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ص 75، نقلاً عن "تعليل الأحكام" للدكتور محمد مصطفى شلبي ص 43 ـ 44).
وقد روي أن طلحة بن عبيد الله تزوج يهودية، فأنكر عليه عمر أيضًا (رواه عبد الرزاق في مصنفه ج 7 الأثر "12672) ودُعاة تعطيل النصوص يرَوْن:(51/196)
أن عمر بموقفه هذا اجتهد في نص قطعي الثبوت والدلالة، فغير حكمه باجتهاده، نتيجة لتغير الظروف.
والواقع أن عمر لم يغير حكمًا ثَبَت بنص قطعي الدلالة بحال، فالنص قوله تعالى: (وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ منْ قَبْلِكُمْ) (المائدة: 5).
وعمر خشي أن يتهاونوا في شرط "الإحصان" المذكور في القرآن ويتزوجوا منهن غير المحصنات.
كما خشي أمرًا آخر وهو: أن يَتَمادَوْا في الزواج من الكتابيات، ويَعْزِفوا عن المسلمات، وفي ذلك فتنة أي فتنة، لِبَنَاتِ المسلمين، وكساد سُوقهنَّ.
وهنا يكون موقف عمر هو التدخل لـ "تقييد المُباح". ومثل هذا التقييد للمصلحة من حق ولي أمر المسلم، وهو تقييد مؤقت ومُعَلَّل، والصحابة الكبار يُعْتَبَرُون أسوة لعامة الناس، ومثل هذا يُشَرَّع للإمام العادل أن يلجأ إليه في سياسة الرعية. ولهذا نظائر في فقه عمر، مثل منعه الذبح في بعض أيام الأسبوع، ليتوافر اللحم لعامة الناس بقية الأيام.
وقال الإمام الطبري: وإنما كره عمر لطلحة وحذيفة ـ رحمة الله عليهم ـ نكاح اليهودية والنصرانية، حذارا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك، فيزهدوا في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، فأمرهما بتخليتهما (تفسير الطبري "4/336" ط. المعارف).
ولي فتوى مطولة في زواج المسلم من الكتابية في عصرنا ـ وبخاصة الكتابية الأجنبية كالأوروبية والأمريكية يتزوجها المسلم العربي أو الشرقي ـ مِلْتُ فيها إلى المنع، أو التقييد على الأقل، حتى تتوافر شروط أربعة لابد منها. وقد بَنَيْتُ ذلك على نصوص الشريعة وقواعدها، ومقاصدها العامة ( طالع هنا نص الفتوى ... الزواج من الكتابيات.. حقائق وضوابط)وهو تحريم غير عام ولا دائم، بل موقوت ومرهون بسببه.
وفي عصرنا نجد كثيرًا من الدول تُحَرِّمُ على أبنائها العاملين في السلك الدبلوماسي، والسلك العسكري ـ في مستوى مُعَيَّن ـ الزواج بالأجنبيات؛ حرصًا على أبنائها، وحفاظًا على أسرارها.
المهم أنه لا يوجد معنا نص قطعي الثبوت والدلالة، اجتهد فيه عمر اجتهادًا يغايِر ما دل عليه بطريق القطع.
بل روى البخاري عن نافع مولى ابن عمر: أنه كان إذا سُئِل عن نكاح النصرانية واليهودية، قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنات، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد الله(51/197)
(انظر: البخاري مع الفتح "9/416" حديث "5285" باب قول الله تعالى: (ولا تُنْكِحُوا المشركاتِ حتى يُؤْمِنَّ..) من كتاب الطلاق، وانظر: تفسير ابن كثير "1/258"، ط الحلبي. وتفسير القرطبي "3/68" ط. دار الكتب).
وهو مذهب الإمامية (انظر: شرائع الإسلام للحِلِّي "2/294"). ومال إليه في عصرنا شيخنا الشيخ عبد الحليم محمود ـ شيخ الأزهر السابق (انظر: فتاوى الشيخ عبد الحليم محمود "2/128")، كما مال إليه الشهيد سيد قطب في تفسيره لآية البقرة (انظر: في ظلال القرآن "1/241،242" ط. دار الشروق).
فكيف يكون النص قطعيًّا، وهو يحتمل مثل هذا الخلاف؟.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
قرار المجلس الأوروبي للإفتاء في الزواج بغير المسلمة ... العنوان
ما حكم الزواج من غير المسلمة خاصة في دول الغرب؟
... السؤال
03/03/2005 ... التاريخ
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
استعرض المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث موضوع "الزواج من غير المسلمة" والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:-
أولاً: الكتابية، هي: من تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
وقد ذهب جمهور علماء المسلمين إلى إباحة الزواج من الكتابية، لقوله تعالى في سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم: (اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان)[المائدة: 5].
وذهب بعض السلف إلى كراهة أو منع الزواج من الكتابية كعبدالله بن عمر من الصحابة، والصواب رأي الجمهور لصراحة الآية.
ثانياً: ضوابط يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:(51/198)
الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" على المعنى المتقدم ذكره.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
الثاني: أن تكون عفيفة محصنة، فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان. والإحصان هو العفة عن الزنا كان ذلك أصالة أو بتوبة.
الثالث: ألا تكون من قوم معادين للإسلام وأهله ما لم يثبت أنها ليست على موقف قومها. قال تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة: 22]، والزواج يوجب المودة كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21].
الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" .
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها: أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج. ومنها: أن يتساهل بعض الناس في مراعاة شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، ومنها: الخوف على الذرية من الانحراف، وما يلحق من عواقب في حق الزوج في حياته بتأثره بما عليه زوجته غير المسلمة، والتصرف ببدنه وتركته بعد موته.
والله أعلم .
ــــــــــــــ
زواج المسلمة من البهائي .. حكمه وآثاره ... العنوان
خرجت علينا إحدى الفضائيات في برنامج ظهر فيه بعض من ينتسبون إلى البهائية وكان البرنامج يناقش معتقداتهم والذي أدهشني هو أن مذيع الحلقة استضاف أحد الآباء الذين غرر بهم وتقدم إليه أحد البهائيين وتزوج ابنته وهو لا يعلم عقيدته ، ثم بعد ذلك اكتشف حقيقة الأمر، فما حكم زواج المسلمة من(51/199)
البهائي ، وما حكم زواج المسلم من البهائية؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟
... السؤال
25/05/2006 ... التاريخ
الشيخ عصام الشعار ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج من البهائي لأن ؛ البهائي كافر بإجماع علماء الأمة ، وقد أجمعت الأمة سلفا وخلفا على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من غير المسلم ، وكذلك الحال بالنسبة للمسلم لا يحل له أن يتزوج من البهائية لأنها مشركة وقد حرم الله سبحانه وتعالى نكاح المشركات غير الكتابيات العفيفات، ومتى ثبت هذا فلا يجوز للمسلمة أن تَبْقى في عصمة بهائي ، ولا يجوز للمسلم أن يُبقِي في عصمته بهائية بل يجب التفريق بينهما ، ويترتب على كون العقد باطلا أن من أقدم عليه إما أن يكون عالما بالحكم الشرعي أو جاهلا ، فمن كان جاهلا الحكم الشرعي فهذا لا إثم عليه ويثبت النسب -إن حدث وطء نتج عنه ولد- ، ولا يقام الحد ، أما من تزوج مع علمه بالتحريم فعليه الإثم ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى بلا خلاف، أما وجوب الحد وثبوت النسب ففيه خلاف بين الفقهاء والراجح أنه يقام عليه الحد ولا يثبت النسب..
يقول الشيخ عصام الشعار – الباحث الشرعي بالموقع-:
معرفة حكم زواج المسلم من البهائية ، وزواج البهائي من المسلمة يتوقف على معرفة حكم البهائية؟
موقف الشرع من البهائية:
انعقد إجماع الأمة على كفر البهائية ، وأنها ليست دينا ، وإنما هي وثنية تعبد من دون الله ، فلا فرق بين بهائي وبين عابد للأوثان وعابد للشيطان، ولم يبق على وجه الأرض دين سماوي يقر الإسلام أهله عليه إلا اليهودية والنصرانية ، وقد جاءت شريعة الإسلام خاتمة ومهيمنة على ما سبقها من الشرائع ، قال تعالى "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ"–المائدة: 48- ، أي أن القرآن صدق لا ريب فيه ومصدق لما بين يديه(51/200)
من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكْرَه ومَدْحَه، وأنه شهيد وحاكم على ما قبله من الكتب وأمين عليها، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه منها فهو باطل، وقد جعل الله هذا الكتاب العظيم، الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، وأشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلها. وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة، فقال –تعالى- { إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر:9].
ويمكن مطالعة هذه الفتوى لمعرفة أسباب كفر البهائية: لماذا كفر العلماء البهائيين؟
ومعرفة موقف الشرع من البهائية تقودنا إلى معرفة المسؤول عنه وتفصيل القول في المسألة على النحو التالي:
أولا: حكم زواج المسلمة من البهائي:
لما كانت البهائية كفرا وإلحادا فإن من ينتسب إليها لا يوصف بأنه صاحب عقيدة أو شريعة ، فعقيدتهم مخترعة وشرعتهم مبتدعة ، وأتباعها كفرة وملاحدة ، وبناء على ذلك فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج من بهائي، فقد انعقد إجماع الأمة سلفا وخلفا على أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من كافر نصرانياً كان أو يهودياً أو غير ذلك، لقوله تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا- (البقرة:221-.
وقوله تعالى: ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً- (النساء:141.- والمسلمة التي تتزوج الكافر جعلت له عليها سبيلا بحكم الزواج والطاعة والخضوع.
وفي قصة أبي طلحة مع أم سليم فيما أخرجه النسائي وصححه عن أنس - رضي الله عنه- قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت (والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر، وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم، فذلك مهري، ولا أسألك غيره فكان ذلك مهرها) .
ثانيا:- حكم زواج المسلم من البهائية:
لا يحل للمسلم أن يتزوج من البهائية لأنها مشركة وقد حرم الله تعالى نكاح المشركات بقوله سبحانه (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة:221]، ولقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)[الممتحنة:10].، ويستثنى من تحريم الزواج بالمشركات الزواج من الكتابيات (اليهودية أو النصرانية)(51/201)
بشروط وضوابط يمكن الوقوف عليها من خلال فتوى العلامة فضيلة الدكتور القرضاوي –حفظه الله- : زواج المسلم من الكتابيات.. حقائق وضوابط
وقال صاحب المغني : لا خلاف في حرمة زواج الكافرة غير الكتابية ، أما النساء المحصنات من أهل الكتاب، فيجوز للمسلم أن ينكحهن، لم يختلف العلماء في ذلك.
قرار المجمع الفقهي –بمكة المكرمة- :
المجمع الفقهي الإسلامي –بمكة المكرمة- في الدورة الرابعة قرر بالإجماع ما يلي:
أولاً:إن تزوج الكافر للمسلمة حرام لا يجوز، باتفاق أهل العلم، ولا شك في ذلك لما تقتضيه نصوص الشريعة؛ قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة: 221]. وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا)[الممتحنة:من الآية10]. والتكرير في قوله تعالى: (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) بالتأكيد والمبالغة بالحرمة، وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك، وقوله تعالى: (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) أمر أن يُعطَى الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت، فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية، فإذا كانت المرأة المشركة تحت الزوج الكافر تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك.... فكيف يقال: بإباحة ابتداء عقد نكاح الكافر على المسلمة؟ بل أباح الله نكاح المرأة المشركة بعد ما تسلم– وهي تحت رجل كافر- لعدم إباحتها له بإسلامها، فحينئذ يجوز للمسلم تزوجها بعد انقضاء عدتها، كما نص عليه قوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: 10].
ثانيًا:وكذلك المسلم لا يحل له نكاح مشركة لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)[البقرة:221]، ولقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)[الممتحنة: من الآية10].
وقد طلق عمر، رضى الله عنه، امرأتين له كانتا مشركتين، لما نزلت هذه الآية.
وحكى ابن قدامة الحنبلي: أنه لا خلاف في تحريم نساء الكفار غير أهل الكتاب على المسلم.
أما النساء المحصنات من أهل الكتاب، فيجوز للمسلم أن ينكحهن، لم يختلف العلماء في ذلك، إلا أن الإمامية قالوا بالتحريم.(51/202)
والأولي للمسلم عدم تزوجه من الكتابية مع وجود الحرة المسلمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكره تزوجهن مع وجود الحرائر المسلمات.
قال في الاختيارات: وقاله القاضي وأكثر العلماء؛ لقول عمر، رضي الله عنه، للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلِّقوهن. فطلَّقوهن إلا حذيفة امتنع عن طلاقها، ثم طلقها بعد، لأن المسلم متى تزوج كتابية، ربما مال إليها قلبه ففتنته، وربما كان بينهما ولد فيميل إليها. انتهى ..
ثالثا: ما يترتب على تحريم زواج المسلمة من البهائي:
يترتب على حرمة زواج المسلمة من البهائي ، وحرمة زواج المسلم من البهائية أن عقد النكاح يكون باطلا ، ولكن الأمر لا يتوقف على الحكم ببطلان العقد فحسب ، ولكن الحكم بالبطلان تترتب عليه آثار فيما يتعلق بإقامة الحد ، وثبوت النسب، والقول بوجوب الحد وثبوت النسب يختلف باختلاف الحال، فإما أن يقدم المسلم على مثل العقد وهو عالم بالتحريم ، أو جاهل.
ما يترتب على العقد عند الجهل بالتحريم:
من أقدم على العقد وهو جاهل بالتحريم فلا حد عليه لوجود الشبهة وكل نكاح درأ فيه الحد فينسب الولد للواطئ ، فقد رفع إلى عمر بن الخطاب امرأة تزوجت في عدتها , فقال: هل علمتما؟ فقالا : لا . قال : لو علمتما لرجمتكما . فجلده أسواطا , ثم فرق بينهما .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اتفق الفقهاء على وجوب العدة وثبوت النسب في النكاح المجمع على فساده بالوطء كنكاح المعتدة , وزوجة الغير والمحارم إذا كانت هناك شبهة تسقط الحد , بأن كان لا يعلم بالحرمة ; ولأن الأصل عند الفقهاء : أن كل نكاح يدرأ فيه الحد فالولد لاحق بالواطئ . انتهى.
ما يترتب على العقد عند العلم بالتحريم:
إذا تزوج المسلم بهائية أو تزوجت المسلمة بهائيا مع علمهما بالتحريم فعليهما الإثم ويجب التوبة إلى الله تعالى من هذا الكبيرة ، أما فيما يتعلق بتطبيق الحد ونسب الطفل ، ففي وجوب إقامة الحد وثبوت النسب خلاف بين الفقهاء، فعند جمهور الفقهاء – خلافا لأبي حنيفة - يجب إقامة الحد ، ولا يثبت النسب، أما أبو حنيفة فيرى أن مجرد العقد شبهة يدرأ بها الحد ، ومتى درأ الحد بالشبهة فإنه يثبت النسب للواطئ.
والراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وهو أنه لا شبهة مع العلم بالتحريم فالإقدام على العقد مع العلم بتحريمه لاغ وكأنه لم يكن، وإذا كانت الشريعة(51/203)
ترغب في الستر وتضيق من مساحة تطبيق الحدود إلا أنه يجب مع ذلك أن نراعي مقصود الشارع من تشريعه للحدود ، فالحدود شرعت لتطهر العبد من الذنب إذا وقع فيه ؛ ولتكون رادعة لمقترفه عن العود إليه ورادعة لمن تسول له نفسه بالإقدام على المعصية، والتوسع في معنى الشبهة لهذا الحد يقضي على الحكمة التي من أجلها شرع حد الزنا ، بل يمكن القول بأنه يستحيل أن يطبق حد الزنا إذا ثبت بأي طريق غير الإقرار ، فتخريجا على ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة أن من زنا بامرأة متزوجة -وهي لا تزال في عصمة زوجها- ، ثم ضبطا متلبسين بالزنا فيكفيهما للإفلات من العقوبة أن يقر الزاني بأنه قد عقد عليها فهذا كاف لإسقاط الحد عنه حتى وإن كان يعلم بأنها لا تزال زوجة، ومثل هذا المنطق لا يقبله أحد، ومع هذا يبقى الفيصل في الأمر لحكم المحاكم الشرعية في البلاد فحكمها يرفع الخلاف وواجب النفاذ.
يقول ابن قدامة في المغني:
وإذا نكح رجل امرأة نكاحا متفقا على بطلانه , مثل أن ينكح ذات محرمه , أو معتدة يعلم حالها وتحريمها , فلا حكم لعقده , والخلوة بها كالخلوة بالأجنبية , لا توجب عدة , وكذلك الموت عنها لا يوجب عدة الوفاة. وإن وطئها , فعليه الحد . في قول أكثر أهل العلم ; منهم الحسن , وجابر بن زيد ومالك , والشافعي , وأبو يوسف , ومحمد , وإسحاق , وأبو أيوب , وابن أبي خيثمة.
وقال أبو حنيفة , والثوري : لا حد عليه ; لأنه وطء تمكنت الشبهة منه , فلم يوجب الحد , كما لو اشترى أخته من الرضاع ثم وطئها . وبيان الشبهة أنه قد وجدت صورة المبيح , وهو عقد النكاح الذي هو سبب للإباحة , فإذا لم يثبت حكمه وهو الإباحة , بقيت صورته شبهة دارئة للحد الذي يندرئ بالشبهات .
ولنا , أنه وطء في فرج امرأة , مجمع على تحريمه , من غير ملك ولا شبهة ملك , والواطئ من أهل الحد , عالم بالتحريم , فيلزمه الحد , كما لو لم يوجد العقد , وصورة المبيح إنما تكون شبهة إذا كانت صحيحة, والعقد هاهنا باطل محرم , وفعله جناية تقتضي العقوبة , انضمت إلى الزنى , فلم تكن شبهة.
اعتدت لوطئه بثلاثة قروء منذ وطئها , سواء فارقها , أو مات عنها , كما لو زنى بها من غير عقد .
والأنكحة الباطلة , كنكاح المرأة المزوجة أو المعتدة , أو شبهه , فإذا علما الحل والتحريم , فهما زانيان , وعليهما الحد , ولا يلحق النسب فيه . انتهى..
والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــ(51/204)
الحكمة من تحريم زواج المسلمة بغير المسلم ... العنوان
بسم الله الرحمن الرحيم ،أنا أعمل في بلد أوربي و كنت في نقاش مع أحدهم ، أحدثه عن سماحة الإسلام وعن نظرة الإسلام لجميع الناس بمساواة ، فقال لي ماذا تفسر تحريم زواج المسلمة بغير المسلم ألا يُعد نزعة عنصرية ؟ فبماذا أجيبه ؟
وجزاكم الله خيراً
... السؤال
14/05/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا أمر تعبدي، وإذا أردنا أن نلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، ولا يؤمن بنبيها مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي عليها قوام البيوت، فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: -
المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالى يقول (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقال (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) ثم استثنى فقال :( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال من نساء المسلمين.
وحكمة ذلك: أن المسلم يؤمن بكل الرسل بما فيهم موسى وعيسى عليهم السلام. وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل. بينما لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسولهم وكتابهم. وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد ، بينما لا يجيز هؤلاء الكتابيين للمسلمة ـ لو تزوجوها ـ أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام.(51/205)
والأهم من ذلك: أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، والزواج ولاية وقوامة ، فيمكن أن يكون المسلم وليا وقواما على زوجته الكتابية ، بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم وليا أو قواما على المسلمة، فالله تعالى يقول: ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا).
والزوجة عليها طاعة زوجها ، فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولعل هناك حكما أخرى كامنة فى منع زواج المسلمة من غير المسلم ، يعلمها الله تعالى ، العليم بما يصلح العباد ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)؟
وما على المؤمن بالله تعالى وبحكمته وعلمه ؛ إلا أن يقول:( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)
أهـ
ويقول الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ :
رب البيت المسلم يستحيل أن يمر بخاطره أن يهين موسى أوعيسى ، إنه يحترمهما كما يحترم نبيه محمدا ، ويصفهما بالوجاهة والرسالة وقوة العزم وصدق البلاغ!
وهذا معنى يلقي السكينة في نفوس أتباعهما.
أما اليهود والنصارى فإن ضغائنهم على محمد أعيت الأولين والآخرين، وقد استباحوا قذفه بكل نقيصة.
وفي عصرنا هذا منحت إنجلترا أعظم جائزة أدبية لكاتب نكرة ،كل بضاعته شتم محمد والولوغ في عرضه والتهجم عل حرمه ! فكيف تعيش مسلمة في بيت تلك بعض معالمه؟
إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى !!إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعي، في إطار محكم من الإيمان بالله، والعيش وفق هداياته، والعمل على إعلاء كلمته، وإبلاغ رسالاته. أهـ
وهذا الذي ذكر ما هو إلا محاولات لاستنباط الحكمة من المنع ، ويبقى الكثير الذي لا يدركه إلا الله ، على أن الفيصل في المسألة أنه أمر تعبدي محض.
وجاء في فتاوى الأزهر الشريف:
صحيح أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة (مسيحية أو يهودية) ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم. وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة ، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى العجب ، وزال وَهْمُ انعدام المساواة. فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في(51/206)
ذلك. وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
الزواج في الإسلام يقوم على " المودة والرحمة " والسكن النفسي . ويحرص الإسلام على أن تبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية . والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعًا جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية. وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها ، ولا يجوز له ـ من وجهة النظر الإسلامية ـ أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها. وفى ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار.
أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا. فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة ، وبأنبياء الله السابقين ، ويحترمهم ويوقرهم ، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام، ولا يعترف به ، بل يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق ـ في العادة ـ كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب ، وما أكثر ما يشاع.
وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها. وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة. فالقضية قضية مبدأ. وعنصر الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية.
وقد كان الإسلام منطقيًّا مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية ، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم.
فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أديانًا بشرية. فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة ـ بعيدًا عن المجاملات ـ يكون مفقودًا. وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية ، ولا يحقق " المودة والرحمة " المطلوبة في العلاقة الزوجية أهـ
ــــــــــــــ
الجنس الإلكتروني: حكمه وعواقبه ... العنوان(51/207)
نسمع عن انتشار الكلام الجنسي عبر الشات، أو ما يعرف بالجنس الالكتروني، أو السيبرسكس شات، وأنه يلجأ إليه بدلا من الزنى أو العلاقة الجنسية الفعلية المحرمة ،فما حكم هذا الأمر، وأليس هو أخف ضررا على المجتمع من العلاقات الجنسية المباشرة ؟ ... السؤال
04/02/2006 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الجنس الالكتروني من الأمور التي انتشرت مع انتشار الإنترنت، وخاصة في أوساط الشباب غير القادرين على الزواج، كما أنه تعدى إلى المتزوجين الذين قد لا يجدون المتعة مع أزواجهم، بل يسعى البعض إليه من باب الترفيه عن النفس وإشباع الغريزة الجنسية، ظنا أن فيه استمتاعا بلا مشاكل حقيقة كالزنى، أو الارتباط الحقيقي بين شاب وفتاة، أو ما قد ينجم عن العلاقة المباشرة من حالات الإجهاض أو فقد عذرية الفتاة، أو انتقال بعض الأمراض كالإيدز أو السيلان أو غيرهما من الأخطار التي تنجم عن العلاقة الجنسية المباشرة بين الجنسين .
وقد نظم الإسلام العلاقة بين الجنسين، وجعل العلاقة الجنسية مصونة بسياج الزواج، فكل علاقة جنسية بين الجنسين محرمة إلا الزواج.
كما أمر الإسلام الجنسين بالابتعاد عن كل ما يثير الغرائز، بل جاء الأمر لأمهات المؤمنين:"فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " فلا يجوز الحديث بلين الكلام ولو كان بعيدا عن الكلام الجنسي، فكان الكلام الجنسي محرما من باب أولى، لما قد يترتب عليه من أضرار جسيمة .
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " فلا تخضعن بالقول " قال السدي وغيره يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال ولهذا قال تعالى : " فيطمع الذي في قلبه مرض " أي دغل " وقلن قولا معروفا " قال ابن زيد قولا حسنا جميلا معروفا في الخير ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها. انتهى
وقال الإمام القرطبي :
أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانت الحال عليه في نساء(51/208)
العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريبات والمومسات . فنهاهن عن مثل هذا .
وعلى الجملة فالقول المعروف : هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس .انتهى
وفسر البعض قوله تعالى :"فيطمع الذي في قلبه مرض"، : أي يحدث تشوف للفجور، وهو الفسق والغزل لمن تتحدث إليه النساء.
إن الالتجاء إلى الجنس الالكتروني قد يفضي إلى ما يخشاه من يلجأ إليه،لأن إثارة الشهوة قد تفضي إلى العادة السرية، أو السحاق أو اللواط، أو الزنى، فتأثيره لا يقف عند حد الخيال،وإنما قد يترجم إلى الواقع بما هو محرم شرعا .
إن المجتمع المسلم يقوم على العفة وصيانة المحارم،والبعد عن الرذائل، بل قد جاء الإسلام ليحارب تلك الرذائل،فكل ما أفضى إليه،حرم شرعا .
كما أن كل ما أفضى إلى الحرام فهو حرام، وقد حرم الله تعالى كل الوسائل المفضية إلى الزنى، ولم يجعل الزنى وحده محرما،فقال تعالى :"ولا تقربوا الزنى " فحرم أسبابه والدواعي التي تؤدي إليه، من النظرة والكلام وغير ذلك.
كما أن الكلام الجنسي قد يفضي إلى خراب البيوت، وطلاق بعض النساء من أزواجهن، كما هو الحال المشاهد، ولا يجوز تخبيب المرأة على زوجها، ولو بحجة أنه يريد طلاقها من زوجها،ويتزوجها، فمثل هذا يحرم أيضا .
ويقول الشيخ القرضاوي حفظه الله في الحديث بين الجنسين:
الكلام بالمعروف لا ينكر شرعًا، والله تعالى قد قال: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض ... "، فما دام الكلام مشروعًا، وليست هناك خلوة، وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين، كأن يكونا مشغولين في الأدب فيتحدثا فيها أو في شؤون المسلمين، وغيرها إذا لم يُخْشَ من وراء ذلك فتنة، وكل إنسان أدرى بنفسه، لا ينبغي أن يكون همُّ الشاب الحديث مع الفتيات فقط، ولا يتحدث مع مثله من الشباب، وكذلك لا يكون همُّ الفتاة أن تتحدث مع الشباب، ولا تتحدث مع مثيلاتها من الفتيات، فهنا ينبغي التفتيش في دخائل النفس؛ ليعرف الإنسان حقيقة اتجاهاتها، ولا يخدع نفسه بما يعلم أنه يخالف الحقيقة، وإذا انتهت هذه العلاقة بالزواج فلا بأس بذلك .انتهى
وعلى الأمة أن تسعى لتوعية الشباب والفتيات والرجال والنساء لخطر هذا الأمر، وأن يقوم علماء النفس وعلماء الاجتماع مع علماء الشريعة ببيان خطره وأضراره .(51/209)
ويجوز للحاكم المسلم أن يعزر كل من قام بمثل هذا الفعل بعد معرفة خطرها وضررها، لأنه هدم لأخلاق المجتمع بما يعود بالضرر على المسلمين جميعا، بل على الإنسانية كلها، لأن الإنسانية في حاجة إلى حياة نظيفة لا يشوبها التفكك الاجتماعي.
وما توصل أعداء الإنسانية والإسلام إلى درجة تفكك المجتمعات وانحلالها إلا من خلال العلاقة الجنسية المحرمة .
والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
هل يشترط الولي في الزواج من الكتابية؟ ... العنوان
السؤال: أنا مهندس موفد إلى رومانيا للدراسة، وأنا شاب أعزب عمري 32 سنة، وأنا والحمد لله أقيم الصلاة ومحافظ على ديني قدر استطاعتي. وأجد عنتاً شديداً، فلو أني تزوجت امرأة من بلدي الذي قدمت منه فإن السلطات الرومانية ترفض منح الزوجة تأشيرة للإقامة معي مدة دراستي، والحصول على زوجة مسلمة صالحة في رومانيا أمر في غاية الصعوبة، وقد خطبت امرأة مسلمة هنا ولكن أوضاعي المالية كانت سبب رفض تزويجي، ولا أحتمل البقاء أعزب، والمغريات حولي كبيرة. سؤالي هو: هل يجوز لي الزواج من فتاة رومانية خلال مدة دراستي؛ علماً بأن الفتيات الرومانيات على الأغلب لا يحتفظن ببكارتهن بعد سن الخامسة عشرة، ونيتي استمرار الزواج إذا صلح أمرها والتزمت؟ وهل يمكن أن أتزوج منها بغير إذن وليها، حيث إن أباها يرفض تزويجها من عربي أو مسلم؟ ... السؤال
12/12/2005 ... التاريخ
المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فجمهور الفقهاء يشترطون الولي في النكاح سواء كانت الزوجة مسلمة أم كتابية، وفقدان هذا الركن يؤدي إلى بطلان عقد النكاح، وإذا كان الحال ما ذكره السائل فلا حرج عليك أن تتزوج من هذه الفتاة دون حاجة إلى إذن وليها بناء على رأي الأحناف ولكن بشرط أن يكون قانون البلد يسمح بذلك ..
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ما يلي:(51/210)
أباح الله تعالى الزواج من الكتابية المحصنة بقوله عز وجل: {وَالمحصَناتُ من المؤمِناتِ، والمحصَناتُ من الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ ..} الآية [المائدة: 5}.
والمرأة المحصنة هنا هي العفيفة غير الزانية، كما يقول جمهور المفسرين، والله تعالى نهى عن الزواج بالزانية ولو كانت مسلمة. واتفق الجمهور على أن الزانية المسلمة إن تابت يجوز نكاحها، ويظهر أن الزانية الكتابية كالزانية المسلمة في هذا الحكم، فيجوز الزواج منها إن أقلعت عن الزنا.
أما إذا كانت مصرة عليه فلا يجوز الزواج منها. فإن كان الحرج الذي تتعرض له بسبب الإقامة في رومانيا وصعوبة الزواج كما ذكرت، فلا بأس من اختيار فتاة رومانية كتابية، بشرط إقلاعها عن الزنا وأن تستبرئ رحمها بحيضة.
أما الزواج من الفتاة بغير إذن وليها، فهو غير صحيح عند جمهور العلماء إذا كانت مسلمة ووليها مسلم، كذلك جمهور الفقهاء يراعون هذا الشرط في الكتابية عند زواجها من مسلم، وذلك راجع إلى أن موافقة ولي الزوجة كانت عرفاً حتى في غير المجتمعات الإسلامية.
وإن كان الحال قد اختلف في المجتمعات المعاصرة لغير المسلمين فصارت أكثر قوانينهم لا تعتبر موافقة الولي شرطاً لصحة النكاح، وعقد الزواج الذي تعقده على رومانية يخضع للقانون الروماني، فإن كانت موافقة وليها ليست شرطاً في ذلك القانون فلا بأس بذلك، وإلا وجب عليك الالتزام به.
وفي جميع الأحوال فالنصيحة لك أن تحرص على موافقة أهلها ما أمكن فذلك أولى لدوام الصلة.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
زواج المسلم من الكافرة: الحكم والحكمة ... العنوان
اعتاد بعض المسلمين الزواج من النساء في غير بلاد المسلمين دون النظر أو التأكد من أنها كتابية أو مشركة أو بهائية أو غير ذلك ويقولون مادام الإسلام قد أجاز الزواج بالكتابية فلا فرق فما حكم الإسلام في هذا الصنيع؟؟ ... السؤال
05/06/2005 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(51/211)
فقد حرم الإسلام على المسلم الزواج من الكافرة والمرتدة والملحدة وكل من على شاكلتهما لعدم إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به، فهي والإسلام على طرفي نقيض .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
أما المشركة - والمراد بها: الوثنية - فالزواج منها حرام بنص القرآن الكريم . قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) وقال تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وسياق الآية والسورة كلها - سورة الممتحنة - وسبب نزولها يدل على أن المراد بالكوافر: المشركات: أعني الوثنيات.
والحكمة في هذا التحريم ظاهرة، وهي عدم إمكان التلاقي بين الإسلام والوثنية، فعقيدة التوحيد الخالص، تناقض عقيدة الشرك المحض، ثم إن الوثنية ليس لها كتاب سماوي معتبر، ولا نبي معترف به، فهي والإسلام على طرفي نقيض . ولهذا علل القرآن النهي عن نكاح المشركات وإنكاح المشركين بقوله: (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه) ولا تلاقي بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة.
أيها المنكح الثريا سهيلاً عمرك الله كيف يلتقيان ؟!
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان
وهذا الحكم - منع الزواج من المشركات الوثنيات - ثابت بالنص، وبالإجماع أيضًا، فقد اتفق علماء الأمة على هذا التحريم، كما ذكر ابن رشد في بداية المجتهد وغيره.
بطلان الزواج من الملحدة: وأعني بالملحدة: التي لا تؤمن بدين، ولا تقر بألوهية ولا نبوة ولا كتاب ولا آخرة، فهي أولى من المشركة بالتحريم، لأن المشركة تؤمن بوجود الله، وإن أشركت معه أندادًا أو آلهة أخرى أتخذتهم شفعاء يقربونها إلى الله زلفى فيما زعموا.
وقد حكى القرآن عن المشركين هذا في آيات كثيرة مثل: (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن: الله)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
فإذا كانت هذه الوثنية المعترفة بالله في الجملة قد حرم نكاحها تحريما باتًا، فكيف بإنسانة مادية جاحدة، تنكر كل ما وراء المادة المتحيزة، وما بعد الطبيعة(51/212)
المحسوسة، ولا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا بالملائكة ولا الكتاب ولا النبيين ؟.
إن الزواج من هذه حرام بل باطل يقينًا.
وأبرز مثل لها: الشيوعية التي تؤمن بالفلسفة المادية، وتزعم أن الدين أفيون الشعوب، وتفسر ظهور الأديان تفسيرًا ماديًا، على أنها إفراز المجتمع، ومن آثار ما يسوده من أحوال الاقتصاد وعلاقات الإنتاج.
وإنما قلت: الشيوعية المصرة على شيوعيتها، لأن بعض المسلمين والمسلمات قد يعتنق هذا المذهب المادي، دون أن يسبر غوره، ويعرفه على حقيقته، وقد يخدع به حين يعرضه بعض دعاته على أنه إصلاح اقتصادي لا علاقة له بالعقائد والأديان . . . إلخ . فمثل هؤلاء يجب أن يزال عنهم اللبس، وتزاح الشبه، وتقام الحجج، ويوضح الطريق حتى يتبين الفرق بين الإيمان والكفر، والظلمات والنور، فمن أصر بعد ذلك على شيوعيته فهذا كافر مارق ولا كرامة، ويجب أن تجري عليه أحكام الكفار في الحياة وبعد الممات.
المرتدة: ومثل الملحدة: المرتدة عن الإسلام والعياذ بالله ونعني بالمرتدة والمرتد كل من كفر بعد إيمانه كفرًا مُخرجًا من الملة، سواء دخل في دين آخر أم لم يدخل في دين قط.
وسواء كان الدين الذي انتقل إليه كتابيًا أم غير كتابي . فيدخل في معنى المرتدين ترك الإسلام إلى الشيوعية، أو الوجودية، أو المسيحية، أو اليهودية، أو البوذية، أو البهائية، أو غيرها من الأديان والفلسفات، أو خرج من الإسلام ولم يدخل في شيء، بل ظل سائبًا بلا دين ولا مذهب.
والإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه، حتى إنه لا يعتبر إيمان المُكْرَه ولا يقبله، ولكن من دخل فيه بإرادته الحرة لم يجز له الخروج عنه.
وللردة أحكام بعضها يتعلق بالآخرة وبعضها بالدنيا.
فمما يتعلق بالآخرة: أن من مات على الردة فقد حبط كل ما قدمه من عمل صالح واستحق الخلود في النار، قال تعالى: (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
ومن أحكام الدنيا: أن المرتد لا يستحق معونة المجتمع الإسلامي ونصرته بوجه من الوجوه، ولا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم ومرتدة، أو بين مرتد ومسلمة، لا ابتداء ولا بقاء، فمن تزوج مرتدة فنكاحه باطل، وإذا ارتدت بعد الزواج فرق بينهما حتما، وهذا حكم متفق عليه بين الفقهاء، سواء من قال(51/213)
منهم بقتل المرتد رجلاً كان أو امرأة وهم الجمهور، أم من جعل عقوبة المرأة المرتدة الحبس لا القتل، وهم الحنفية.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن الحكم بالردة والكفر على مسلم هو غاية العقوبة . لهذا وجب التحري والاحتياط فيه، ما وجد إليه سبيل، حملاً لحال المسلم على الصلاح . وتحسينًا للظن به، والأصل هو الإسلام، فلا يخرج منه إلا بأمر قطعي، واليقين لا يزال بالشك.
بطلان الزواج من البهائية: والزواج من امرأة بهائية باطل، وذلك لأن البهائية إما مسلمة في الأصل، تركت دين الله الحنيف إلى هذا الدين المصطنع، فهي في هذه الحال مرتدة بيقين، وقد عرفنا حكم الزواج من المرتدة.
وسواء ارتدت بنفسها أم ارتدت تبعًا لأسرتها، أو ورثت هذه الردة عن أبيها أو جدها، فإن حكم الردة لا تفارقها.
وإما أن تكون غير مسلمة الأصل، بأن كانت مسيحية أو يهودية أو وثنية أو غيرها، فحكمها حكم المشركة، إذ لا يعترف الإسلام بأصل دينها، وسماوية كتابها، إذ من المعلوم بالضرورة أن كل نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة، وكل كتاب بعد القرآن باطل، وكل من زعم أنه صاحب دين جديد بعد الإسلام فهو دجال مفتر على الله تعالى . فقد ختم الله النبوة، وأكمل الدين، وأتم النعمة: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين).
وإذا كان زواج المسلم من بهائية باطلاً بلا شك، فإن زواج المسلمة من رجل بهائي باطل من باب أولى، إذ لم تجز الشريعة للمسلمة أن تتزوج الكتابي، فكيف بمن لا كتاب له ؟.
ولهذا لا يجوز أن تقوم حياة زوجية بين مسلم وبهائية أو بين مسلمة وبهائي، لا ابتداء ولا بقاء . وهو زواج باطل، ويجب التفريق بينهما حتمًا.
وهذا ما جرت عليه المحاكم الشرعية في مصر في أكثر من واقعة.
وللأستاذ المستشار علي علي منصور حكم في قضية من هذا النوع قضى فيه بالتفريق، بناء على حيثيات شرعية فقهية موثقة، وقد نشر في رسالة مستقلة، فجزاه الله خيرًا.
والله أعلم
ــــــــــــــ
ولاية الكتابي في تزويج ابنته من المسلم ... العنوان(51/214)
أنا شاب أريد أن أتزوج من فتاة مسيحية، وسنها لا يسمح أن تزوج نفسها ، فلابد من موافقة الولي ، فهل يشترط في الإسلام الولي للمرأة الكتابية، ولو كان غير مسلم؟ ... السؤال
21/05/2005 ... التاريخ
مجموعة من الباحثين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد اشترط الإسلام الولي في الزواج ، و جعله من الأمور اللازمة له ، مع بقية الشروط من الإيجاب والقبول والمهر ،وغيرها ، حتى يأخذ الزواج شكله الاجتماعي في إطار ما وضع الشارع الحكيم للناس .
وبالنظر إلى شروط النكاح وأركانه، يلحظ كل ذي عقل، ما للزواج من مكانة في الإسلام، وكيف أنه وضعه موضع الاحترام والتقدير، فالزواج ليس نزوة عابرة ، أو استمتاعا مؤقتا ، بل هو ميثاق غليظ كما سماه الله تعالى في كتابه .
و ذلك أن بناء المجتمع يرجع إليه، وهو سبب في خلافة الله تعالى في الأرض ، وذلك حين قال تعالى :" إني جاعل في الأرض خليفة".
وقد أباح الإسلام أن يتزوج المسلم من نساء أهل الكتاب إن كانت عفيفة شريفة ، لما لأهل الكتاب من أواصر مع المسلمين ، وتقديرا من الإسلام للأديان التي تتفق معه في أصلها قبل التزوير والتصحيف ، وهي دعوة لمعرفة الإسلام من خلال التشابك الاجتماعي والترابط الأسري بين أبناء الديانتين ذات الأصل الواحد.
وإن كان الإسلام قد اشترط في نكاح المسلم من المسلمة الولي ، فإن تزوج المسلم من مسلمة ، وكان وليها من أهل الكتاب لم تصح ولايته ، لأنه لا ولاية مع اختلاف الدين ، وهو رأي الأئمة الأربعة ، ويستشهدون على هذا بقوله تعالى :" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " ، وبقوله تعالى :" والذين كفروا بعضهم أولياء بعض"، وهذا يدخل تحت كون نفي الولاية بين المسلم وغير المسلم ، ولا يعني هذا انتقاص حق الوالد غير المسلم تجاه ابنته ، فله من التقدير والتوقير والبر، غير أنه لا ولاية له في النكاح عليها ، لأنها ارتفعت عنه بالإيمان بالله تعالى وبخاتم رسله صلى الله عليه وسلم ، واتباع الدين الحق، فكان ولاؤها للدين أعلى قدرا من ولائها لوليها غير المسلم.(51/215)
و إن كانت المرأة التي سيتزوجها المسلم كتابية ، فوليها يكون من أهل الكتاب ، وهو رأي أبي حنيفة والشافعي وجمهرة الحنابلة وجمهور الأئمة الفقهاء.
وبنى الجمهور فتواه على أنه لما اتحد الدين ، كان له عليها ولاية ، لأنه يكون وليها ، فلا يسلبه الإسلام ولايته من ابنته التي على دينه ، وكما أنه لما كان عليه ولاية إن تزوجها كتابي ، كان له عليها ولاية إن تزوجها مسلم.
ويرى بعض الحنابلة أنه يزوجها الحاكم المسلم ،وليس للأب ولاية على ابنته الكتابية إن تزوجت من مسلم ، حكى ذلك القاضي أبو يعلى ، مستشهدا بقول الإمام أحمد : لا يعقد يهودي ولا نصراني عقدة نكاح لمسلم ولا مسلمة.
ومستند هذا الرأي أنه عقد افتقر إلى شهادة رجلين مسلمين ، فلم يصح بولاية كافر.
ولكن كثيرا من الحنابلة يذهبون إلى رأي الجمهور ، وقد نصر رأي الجمهور الإمام ابن قدامة الحنبلي ، وجعله أصح ممن قال بنفي ولاية الوالد الكتابي لابنته الكتابية في الزواج من مسلم.
وقال منصور بن يونس البهوتي من علماء الحنابلة :
ويلي كتابي نكاح موليته الكتابية فيزوجها من مسلم وذمي ويباشره ؛ لأنه ولي مناسب لها فجاز له العقد عليها ومباشرته.انتهى
والخلاصة أن الولي الكتابي يتولى عقد نكاح ابنته الكتابية إن تزوجت من مسلم ، وما استدل به بعض الحنابلة من كون العقد يحتاج إلى شاهدي عدل ، فإنه لا ارتباط بين كون الولي كتابيا ، وبين كون الشاهدين مسلمين ، لأنه لما جاز أن تكون الزوجة كتابية مع اشتراط الشاهدين المسلمين ، ولأنه هناك اختلاف في وظيفة كل منهما ، فلا يصح القياس عليه .
ويتضح من كلام الفقهاء أن القول بتولي الولي الكتابي نكاح ابنته الكتابية من مسلم هو أصوب الآراء وأقربها إلى روح الشرع .
والله أعلم
ــــــــــــــ
هل يجوز الزواج من اليهوديات الإسرائيليات ؟ ... العنوان
هل يجوز للمسلم أن يتزوج من اليهوديات اللاتي يعشن في إسرائيل الآن على أساس أنهن أهل كتاب وقدأجازت الشريعة الإسلامية الزواج من الكتابيات ؟ ... السؤال
30/12/2004 ... التاريخ
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ... المفتي(51/216)
... ... الحل ...
...
... بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالزواج من أهل الكتاب جائز من حيث المبدأ ، غير أن الزواج من الكتابية التي يحارب قومها المسلمين، وهي تقرهم على هذا سيوقع المسلم في كثير من المتناقضات، وربما يترتب عليه من الشر ما يجعله محرما من إفشاء سر المسلمين ، والتجسس على عوراتهم ، وغير ذلك من المفاسد.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في فتوى مطولة عن ضوابط الزواج من أهل الكتاب:
الأصل في الزواج من نساء أهل الكتاب عند جمهور المسلمين هو الإباحة.
فقد أحل الله لأهل الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم في آية واحدة من سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم . قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان)...
ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود من أهمها:
ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم . ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية . فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية . وقد جاء هذا عن ابن عباس فقال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهم من لا يحل لنا . ثم قرأ: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية . . . .) فمن أعطى الجزية حل لنا نساؤه، ومن لم يعط الجزية لم يحل لنا نساؤه.
وقد ذكر هذا القول لإبراهيم النخعي - أحد فقهاء الكوفة وأئمتها - فأعجبه (تفسير الطبري، جـ9، ص. 788 بتحقيق شاكر). وفي مصنف عبد الرزاق عن قتادة قال: لا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد . وعن علي رضي الله عنه بنحوه.
وعن ابن جريج قال: بلغني ألا تنكح امرأة من أهل الكتاب إلا في عهد.
وفي مجموع الإمام زيد عن علي: أنه كره نكاح أهل الحرب . قال الشارح في " الروض النضير ": والمراد بالكراهة: التحريم ؛ لأنهم ليسوا من أهل ذمة المسلمين . قال: وقال قوم بكراهته ولم يحرموه، لعموم قوله تعالى:(51/217)
(والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فغلبوا الكتاب على الدار (الروض النضير، جـ 4، ص. 270 - 274). يعني: دار الإسلام . والذي من أهل دار الإسلام بخلاف غيره من أهل الكتاب.
ولا ريب أن لرأي ابن عباس وجاهته ورجحانه لمن يتأمل، فقد جعل الله المصاهرة من أقوى الروابط بين البشر، وهي تلي رابطة النسب والدم، ولهذا قال سبحانه: (وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا) (سورة الفرقان). فكيف تتحقق هذه الرابطة بين المسلمين وبين قوم يحادونهم ويحاربونهم وكيف يسوغ للمسلم أن يصهر إليهم، فيصبح منهم أجداد أولاده وجداتهم وأخوالهم وخالاتهم ؟ فضلاً عن أن تكون زوجه وربة داره وأم أولاد منهم ؟ وكيف يؤمن أن تطلع على عورات المسلمين وتخبر بها قومها ؟.
ولا غرو أن رأينا العلامة أبا بكر الرازي الحنفي يميل إلى تأييد رأي ابن عباس، محتجًا له بقوله تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) والزواج يوجب المودة، يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) (سورة الروم).
قال: فينبغي أن يكون نكاح الحربيات محظورًا ؛ لأن قوله تعالى: (يوادون من حاد الله ورسوله) إنما يقع على أهل الحرب، لأنهم في حد غير حدنا. (أحكام القرآن، جـ 2، ص. 397، 398).
يؤيد ذلك قوله تعالى: (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون). (سورة الممتحنة: 9).
وهل هناك تول لهؤلاء أكثر من أن يزوج إليهم، وتصبح الواحدة من نسائهم جزءا من أسرته بل العمود الفقري في الأسرة ؟
وبناء على هذا لا يجوز لمسلم في عصرنا أن يتزوج يهودية(تقيم على أرض فلسطين وراضية بما يفعله قومها بالمسلمين)، ما دامت الحرب قائمة بيننا وبين إسرائيل ...
ــــــــــــــ
الزواج من شيوعية وممن زنى بها ... العنوان
مسلم تزوج من روسية غير مسلمة، ثم وقع في الفاحشة مع امرأة أخرى ثم تاب واعتنقت المرأة الإسلام ولم يتم الزواج بينهما، وهي الآن حامل، فكيف(51/218)
يتصرف مع زوجته الأولى وهي الزوجة المعترف بها حسب القانون الروسي؟ ... السؤال
15/10/2003 ... التاريخ
أ.د. عجيل النشمي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فالزواج من المشركة التي لا دين لها لا يجوز شرعا، أما الزواج من الكتابية فهو جائز وفق شروط محددة تكفل للزوج قوامته، وللأولاد معيشة إسلامية طيبة.
وبالنسبة للأولاد فمن جاء من علاقة غير مشروعة فهم غير شرعيين ولكن لا يعني هذا أن يتركوا، بل يجب إحسان تربيتهم .
ويجوز – على خلاف فقهي – أن يتزوج الرجل ممن زنى بها كما يجوز له أن ينسب أولاده ممن زنى بها أو يستلحقهم به.
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:</<B>
إذا لم تكن المرأة الروسية التي تزوجها من أهل الكتاب فالعقد باطل، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج المشركة أو المجوسية أو غيرهما من غير أهل الكتاب، والقانون الروسي لا يحل زواجه منها، فيجب مفارقتها، أو تسلم.
وأما وقوعه في الزنى والعياذ بالله مع المرأة الثانية، ففعل من الكبائر يستحق عليه عقوبة الزنى، فإذا تاب فلعل الله أن يتوب عليه.
وما بينهما من أولاد قبل أن تسلم ويعقد عليها هم أولاد غير شرعيين، وهم أبناء زنى لا ذنب عليهم، والذنب على الزاني والزانية، وأما ما يُرزقانه بعد إسلامها وإبرام عقد زواج شرعي صحيح، فهم الأبناء الشرعيون.
وعليه أن ينتظر حتى تضع المرأة حملها لأنه لا يجوز أن يتزوج المسلم المرأة الحامل من الزنى حتى تضع حملها، وهذا ما نص عليه المالكية والحنابلة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع" (أبو داود 2-614 والبيهقي 7-449 قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم)، وهذا الحكم يشمل الزاني بها نفسه أو غيره.
وذهب الشافعية والحنفية إلى جواز نكاحها لأنه لا حرمة لماء الزنى، وبدليل أنه لا يثبت به النسب، والقول الأول بالحرمة أولى لقوة العلة.</<B>(51/219)
وأما بالنسبة لزوجته الأولى، فيمكنه أن يجمع بينها وبين الثانية، إذا لم يمنعه القانون ويرتب عليه عقوبات يستطيع تحملها، وهو حينئذ بالخيار بين الثنتين، هذا إذا عرض عليها الإسلام فأسلمت، فإن لم تسلم فعليه أن يفارقها ويتزوج الثانية المسلمة زواجاً صحيحاً بشروطه وأركانه.
وأما الأولاد من الثنتين؛ إن وجدوا قبل العقد فهم غير شرعيين كما سبق، وعليه أن يحسن تربيتهم، وينشئهم على الإسلام، ويتحمل نفقتهم لئلا تسوء أحوالهم وينحرفوا عن السلوك السليم.أ.هـ
ــــــــــــــ
زواج الزانيين ونسبة الولد للزاني ... العنوان
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أما بعد/ يشرفني أن أتقدم بسؤال هذا ، وهو كالتالي : ماحكم الشرع في رجل اقترن بامراة بطريقة غير شرعية فأنجب منها أولادا في الغربة ثم بعد ذلك تاب، هل يستطيع أن يتزوج تلك المرأة ويصبح الأولاد ذريته وينسبون إليه أم أن هذا حرام؟ ... السؤال
13/03/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
...
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
بداية لابد أن ننصح هذا الرجل وهذه المرأة بالتوبة، فإن الزنا جريمة منكرة تستوجب التوبة والندم، والتصميم على عدم العود للمعصية، والضراعة إلى الله عز وجل ليغفر لهما زلاتهما فإنه سبحانه يحب التوابين، ويغفر الذنوب جميعا، ثم بعد توبتهما يكون زواجهما صحيحا بإجماع المسلمين .
أما زواجهما قبل التوبة ففيه خلاف، وأما نسبة هذا الولد الناتج عن الزنا منهما فجمهور الفقهاء يرى أنه لا ينسب للزاني، ولكنه ينسب لأمه فقط فيكون ولد زنا، وقد رجح جواز نسبته إلى الزاني أئمة من أهل التحقيق مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام ابن القيم ، ومن المعاصرين الدكتور القرضاوي ، وهو قول عملي له وجاهته وقوته، وعليه الفتوى، أي يجوز أن تنسبه إليك وإلى زوجتك.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في فتوى له سابقة :-(51/220)
الزاني والزانية إذا تابا إلى الله تعالى، وأرادا أن يخرجا من الحرام إلى الحلال، ومن حياة التلوث إلى حياة الطهارة، وأرادا تغيير حياتهما من زنى محرم ليعيشا في الحلال، فزواجهما صحيح بالإجماع.
وجمهور الفقهاء لا يشترطون التوبة لصحة النكاح من الزانية، كما روي أن عمر رضي الله عنه ضرب رجلاً وامرأة في الزنى، وحرص على أن يجمع بينهما.
والحنابلة هم الذين اشترطوا التوبة، لقوله تعالى:{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين} النور: 3.
ويقول فضيلته أيضا في مسألة استلحاق الزاني ولده من الزنا:-
جاء عن عَدَد من فقهاء السلف: عروة بن الزبير، والحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، أنهم أجازوا استلحاق ولد الزنى إذا لم يكن فراش، أي لم تكن المرأة متزوجة ـ بأن لم تتزوج قَطُّ، أو كانت مُطلَّقة، أو أرملة ـ وادَّعى مُدَّعٍ أن هذا ولده، جاز أن يُستلْحَق ولد الزنى، ورَجَّح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
قال ابن القيم بعد أن ذكر حديث "الولد للفراش وللعاهر الحَجَر" قال:
(فإن قيل: فقد دل الحديث على حُكم استلحاق الولد، للفراش فما تقولون لو استلحق الزاني ولدًا لا فراش هناك يُعارِضه، هل يُلْحِقَه نَسبَه، ويُثبِت له أحكامَ النسبِ؟ قيل: هذه مسألة جليلة، اختلف أهل العلم فيها، فكان إسحاق بن راهويه يذهب إلى أن المولود من الزنى إذا لم يكن مولودًا على فراش يَدَّعيه صاحبه، وادَّعاه الزاني أُلحِقَ به، وأوَّلَ قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "الولد للفراش" على أنه حُكِم بذلك عند تنازُع الزاني وصاحب الفراش.
وهذا مذهب الحسن البصري رواه عنه إسحاق بإسناده في رجل زنى بامرأة فولدت ولدًا، فادَّعى ولدَها، فقال: يُجلَد ويَلزمه الولد، وهذا مذهب عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار ذكر عنهما أنهما قالا: أيَّما رجل أتى إلى غلام يَزعُم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه، ولم يَدَّعِ ذلك الغلام أحد، فهو ابنه .
واحتج سليمان بأن عمر بن الخطاب كان يُليط أولاد الجاهلية بمن ادَّعاهم في الإسلام، وهذا المذهب كما تراه قوة ووضوحًا، وليس مع الجمهور أكثر من "الولد للفراش" وصاحب هذا المذهب أول قائل به، والقياس الصحيح يقتضيه؛ فإن الأب أحد الزانيين، وهو إذا كان يُلحَق بأمه، ويُنسَب إليها وتَرِثه ويَرِثها، ويَثبُت النسب بينه وبين أقارب أمة مع كونها زَنَتْ به، وقد وُجِد الولد من ماء(51/221)
الزانيين، وقد اشتركا فيه، واتَّفَقا على أنه ابنها، فما المانع مِن لُحوقه بالأب إذا لم يَدَّعِه غيره؟ فهذا مَحْضُ القياس .
وقد قال جريج للغلام الذي زَنَتْ أمه بالراعي: من أبوك يا غلام؟ قال فلان الراعي، وهذا إنطاق من الله لا يُمكن فيه الكذب"
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: "... وكان جريج رجلاً عابدًا فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتتْه أمه وهو يُصلي فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفتْ، فلما كان من الغَدِ أتتْه وهو يُصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تُمِتْه حتى يَنظر إلى وجوه المُومِسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته، وكانت امرأةٌ بَغِيّ يُتَمثَّل بحُسنها، فقالت: إن شئتم لأفْتِنَنَّه لكم، قال: فتعرضتْ له فلم يلتفتْ إليها، فأتتْ راعيًا كان يَأويْ إلى صومعتِه فأمكنتْه من نفسها، فوقَعَ عليها، فحملتْ، فلما ولدتْ قالت: هو مِن جريج.
فأتوه فاستنزلوه وهدمُوا صومعتَه وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟! قالوا: زنيتَ بهذه البغي فولدتْ منك! فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به. فقال: دعوني حتى أصلي، فصلَّى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه ـ وفي رواية: أنه مَسَحَه على رأسه ـ وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يُقبِّلونه ويَتَمسَّحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذَهَب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا ".
فابن القيم يستدل بهذا على أنه قال: مَنْ أبوك؟ قال فلان الراعي، وطبعًا الذي أنطقه هو الله، لأنه نطق خارق للعادة، كرامة من الله لهذا الرجل الصالح، فلا يمكن الكذب فيه، فنَسَبَه إلى هذا الأب، والأصل أنَّ شَرْع من قبلنا شَرْعٌ لنا ما لم يُخالِف شرعَنا ـ على رأي جمهور الأصوليين (ذهب إلى هذا أكثر الحنفية، وأكثر المالكية، وأكثر الشافعية، وهو الذي صار إليه الفقهاء، كما نقل ذلك الشوكاني في "إرشاد الفحول: 2/ 257 ـ 258 بتحقيق د. شعبان محمد إسماعيل) .
فهنا استدل ابن القيم ـ ومِن قَبلِه ابن تيمية (انظر: الاختيارات العلمية لابن تيمية: ص 165، ضمن المجلد الخامس من الفتاوى الكبري، ط. فرج الله الكردي) ـ بهذا الحديث على أنه إذا استلحق ولدَه من الزنى ولا فراش، لَحِقَه، وهذا مذكور في كتب الحنابلة المتأخرين مثل (الفروع) (انظر كتاب "الفروع" لأبي عبد الله شمس الدين بن مفلح: ج5 ص 526، ط2، 1383هـ ـ 1963م.(51/222)
وكذلك كتاب "المبدع في شرح المقنع" لأبي إسحاق برهان الدين بن مفلح: ج8 ص106، ط المكتب الإسلامي) وغيره .
والله أعلم .
ــــــــــــــ
تأثير الرجل على شخصية المرأة
لا شك أن للرجل تأثيراً واضحاً على شخصية المرأة سلباً وإيجاباً، بل على دينها ومعتقدها، لذا أباح الله زواج المسلم من الكتابية غير المسلمة ، وحرّم زواج المسلمة من الكتابي غير المسلم ، وما ذاك إلا لأن المرأة في الغالب تتأثر بزوجها، فيجذبها إلى دينه .
نعم ، هناك نساء أفذاذ كان لهن التأثير البالغ على شخصيات أزواجهن ؛ لكنّ ذلك نادر، والنادر لا حكم له .
أما المقولة الشهيرة : ( وراء كل عظيم امرأة ) فهي وإن لم تكن وحياً منزلاً أو قولَ معصومٍ ؛ فإن لها نصيباً من الصحة كما تدل على ذلك سير العظماء .
لكن هذه المرأة في الغالب هي الأم، إذ هي مربية الأجيال ، وصانعة الرجال والأبطال .. نعم، قد تشاركها الزوجة فيما بعد ، لكن يبقى دور الأم وتأثيرها هو الأساس وهو الفاعل .
وكما أن وراء كل عظيم امرأة بالمفهوم الذي ذكرت؛ فإن وراء كل امرأة ناجحة رجل واع ومتفهم من أب أو أخ أو زوج .
ولا أعني بالمرأة الناجحة تلك المرأة المتمردة السافرة ، التي تقدم عملها خارج منزلها على تربية أولادها والعناية بزوجها وبيتها ، فإن ذلك لا يعد نجاحاً إلا عند المخدوعين بالشعارات الزائفة التي يرفعها بعض المستغربين حتى قالوا في بعض مجلاتهم : (غيرة الرجل تعرقل تقدم المرأة) ، وتقدم المرأة عندهم : تبرجها وسفورها وتقليدها للغرب .
إن النجاح الحقيقي للمرأة هو أن تبدع أولاً في بيتها وتربية أولادها ، وتهيئة الجو المناسب لزوجها، ليقوم بما كلفه الله به من القوامة على أتم وجه، ثم بعد ذلك لا مانع أن تعمل خارج منزلها في عمل مباح يناسب طبيعتها، ولا يتعارض مع قيمها ومبادئها وتعاليم دينها، لا من أجل تحقيق ذاتها كما يقولون، ولا لمجرد إزجاء الوقت أو الوجاهة، وإنما لسد ثغرة لا تسد إلا بها ، وذلك كله لا يكون إلا بوجود رجل واع ومتفهم لدور المرأة في هذه الحياة .
ونحن نرى في مجتمعنا هذا نماذج لنساء داعيات واعيات، جمعن بين مسؤولياتهن الزوجية ، وبعض الجهود الدعوية المباركة، إلقاءً أو كتابة، وما(51/223)
كان ذلك ليتحقق لولا توفيق الله أولاً، ثم تفهم أزواجهن للدور الذي يقمن به مما كان له أكبر الأثرعلى شخصياتهن وثقتهن بأنفسهن .
وفي الجانب الآخر، نجد أن انحراف الزوج له أثر كبير على شخصية المرأة، فكم من امرأة صالحة عاقلة ، ابتليت بزوج غير صالح ، فجرّها معه إلى مهاوي الردى والرذيلة، وصنع منها شخصية شهوانية أو مادية، أو على الأقل شخصية محطمة تائهة، لا تعرف استقراراً .
وكذا حين يكون الرجل جامداً مغالياً في التحفظ على المرأة حتى عن مجالات الخير وما فيه نفع للأمة، ومعاملتها كخادمة في البيت أو لمجرد قضاء الوطر، فإن لذلك أثره على شخصية المرأة، وثقتها بنفسها إلى درجة الإحباط وفقدان الشخصية، مما يؤدي إلى خلق أجيال ضعيفة مهزوزة، لا تقوى على حمل المسؤولية
ــــــــــــــ
الزواج فترة الدراسة في الغرب ... العنوان
أنا إنسان متمسك بتعاليم دينى والحمد لله ، واضطرتنى الظروف إلى السفر للخارج وهناك تعرفت على إحدى الفتيات واتفقت معها على عقد زواج عرفى فى فترة مكوثى فى الخارج وقد تم الزواج العرفى وبعد ذلك عدت إلى بلدى وأنهينا الزواج بانتهاء فترة مكوثى فى الخارج فهل هذا حرام أم حلال ؟
... السؤال
10/06/2006 ... التاريخ
مجموعة من المفتين ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالزواج لابد فيه من استيفاء شروطه من الإيجاب والقبول والولي والشاهدين ، فإن توافرت تلك الشروط، صح الزواج وإن لم يوثق ، وإن كان التوثيق واجبا، أما الاتفاق على أن يكون الزواج لفترة معينة ، فلا يجوز شرعا ، والزواج حرام ، ويجب فيه التوبة أو ترك الشرط المنافي لصحة الزواج.
أما إن كان الزواج عرفيا بمعنى الزواج بين الرجل والمرأة فحسب ، فهو زواج باطل ، وهو زنى مقنع .
يقول فضيلة الدكتور أحمد الطيب مفتي مصر السابق:(51/224)
الزواج الشرعي هو الذي يتم بالإيجاب والقبول والشهود والمهر والولي فإذا تم الزواج بهذه الكيفية كان زواجا حلالا شرعا سواء كتب في وثيقة رسمية أو لم يكتب ، فإن كان زواجك تم مستوفيا الشروط المشار إليها كان زواجا حلالا شرعا وإن لم يتم كان زواجا باطلا شرعا ، وكذلك لو حدث اتفاق بينكما على أن هذا الزواج مؤقت بوقت مكوثك في الخارج ، فهذا الزواج باطل أيضا عند جميع أئمة أهل السنة ، ويكفى فيه الآن التوبة والندم .انتهى
و يقول الدكتور خالد محمد عبد القادر أستاذ الشريعة بالجامعات اللبنانية :
جاء في شرح الموطأ للزرقاني : (وأجمعوا على أن من نكح نكاحًا مطلقًا، ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها، أنه جائز ليس بنكاح متعة). وقال الأوزاعي : (هو نكاح متعة ولا خير فيه.. قاله عياض) .
وقول الجماهير فيما إذا لم تفهم المرأة المراد نكاحها مقصود الرجل، فإن فهمت مراده فعند المالكية قول بالبطلان.
قلت : لا يضر علمها بالنية، سواء كان قبل النكاح أم بعده، بشرط ألا يصرح لها، لأن الرجل قد ينكح ونيته أن يفارقها، ثم يبدو له فلا يفارقها.
وعند الشافعية : (وإن قدم رجل بلدًا، وأحب أن ينكح امرأة ونيته ونيتها أن لا يمسكها إلا مقامه بالبلد، أو يومًا أو اثنين أو ثلاثة، كانت على هذا نيته دون نيتها، أو نيتها دون نيته، أو نيتهما معًا دون نية الولي، غير أنهما إذا عقدا النكاح مطلقًا لا شرط فيه، فالنكاح ثابت ولا تُفسد النية من النكاح شيئًا، لأن النية حديثُ نفسٍ، وقد وُضع عن الناس ما حدّثوا به أنفسهم) .
وفي المذهب عند الشافعية : كراهة ذلك، لأنه لو صرح لبطل النكاح.
وفي المغني : (وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم وأنه لا بأس به، ولا تضر نيته)(282).
وقد ذهب إلى القول بالكراهة المالكية والشافعية.
قال مالك : (ليس هذا من الجميل ولا من أخلاق الناس) .
قلتُ : ويؤكد هذه الكراهة ما يترتب على العقد من غش للمرأة التي جهلت نية الرجل، وخداعها، ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول : (من غش فليس مني) ، وكان سفيان بن عُيينة يكره تفسير الحديث، ويقول : (نمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر) .(51/225)
فهل يرضى هذا العمل أحدٌ لبناته أو أخواته أو... فإذا كنا لا نقبله لأنفسنا فكيف نقبله لغيرنا، وقد جاء لفظ النبي صلى الله عليه و سلم : (من غش) على سبيل العموم، فشمل كل غش، وقد أجمع العلماء على تحريم الغش.
ثم إن عملاً كهذا يضر بسمعة الإسلام في مجتمعات مخالفيه، فيُشاع عن المسلمين أنهم قوم لا أخلاق لهم، وفي هذا من الضرر بالدعوة ما لا يخفى على كل ذي لب.
وإذا خشي المرء على نفسه الضياع، فلينو الدوام وهذا الأصل، فإن طرأ بعد ذلك طارئ شرعي فليلجأ إلى التسريح بإحسان.
والله أعلم
ــــــــــــــ
الزواج من غير المسلمة الراغبة في الإسلام ... العنوان
قررت امرأة غير مسلمة الزواج من شاب مسلم بعد أن أحبته، ليس لديها مانع من أن تسلم، هل يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة غير مسلمة من آسيا؟ مع العلم أن كليهما يحب الآخر كثيراً ولا يستطيعان العيش بعيدين عن بعضهما، ما الذي يجب فعله؟ كيف ومتى يمكن أن تسلم؟. ... السؤال
18/05/2003 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد ذكر العلماء أن الشريعة الإسلامية لا تقيم عائقا أمام من يدخل فيها ، والدخول في الإسلام يكون بنطق الشهادتين، ومن أرادت أن تسلم وتتزوج مسلما فالشريعة ترحب بها.
ومن لم ترد الإسلام ولكن تريد الزواج من مسلم، فيفرق الإسلام بين الكتابية وبين الملحدة، فيحرم الزواج من الملحدة التي لا دين لها، ويبيح الزواج من الكتابية، بشروط منها أن تكون عفيفة، ذات أخلاق، ليست من قوم محاربين للمسلمين، كاليهود مثلا.
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية:
أولاً : نوجه رسالة إلى هذه المرأة – غير المسلمة – وغيرها بأن الحياة الحقيقية والسعادة القلبية والطمأنينة لا تحصل لأحد إلا إذا آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ، فالكون كله مخلوق ، وخالقه هو الله ، فهو الذي رفع السماء بلا عمد ، وبسط الأرض وجعل فيها الوتد وأجرى البحر والنهر "(51/226)
آلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" )الأعراف)، فإذا تبين ذلك فليُعلم بأن الله قد أرسل رسلاً إلى عباده ، ليدلوهم ويعلموهم ويهدوهم إلى طريق النجاة "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" (البقرة)، وختم رسالاته بمحمد صلى الله عليه وسلم "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين" (الأحزاب)، فأرسله الله بدين الإسلام الذي لا يُقبل من أحد ديناً سواه "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" (آل عمران).
ثانياً : وأما متى وكيف تسلم:
فالأمر يسير جداً ، فما عليها إلا أن تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد عبده ورسوله .
فإذا قالت ذلك صارت مسلمة ، وعليها أن تبادر بذلك فإن الموت يأتي بغتة ، والإنسان لا يدري هل يعيش إلى الغد أم لا ؟
ونرحب بها أختاً لنا في الله ، ونسأل الله أن يلهمها رشدها ويوفقها لما فيه سعادتها في الدنيا والآخرة .
ثالثاً: الذي ورد في السؤال أن المرأة " غير مسلمة " وهذا اللفظ محتمل لأن تكون كتابية – يهودية أو نصرانية – ومحتمل لأن تكون غير ذلك – كأن تكون بوذية أو مجوسية أو شيوعية - ، فإن كانت المرأة الراغبة بزواج المسلم كتابية : فلا مانع شرعاً من هذا الزواج إذا تحققت الشروط الشرعيَّة فيها مثل أن تكون محصنة عفيفة ، وعلى الزوج المسلم أن يحرص على دخول زوجته في الإسلام لينقذها من الخلود في النار ، وليحقق لنفسه وأولاده بيتاً قائماً على الإسلام .
وأما إن كانت المرأة الراغبة في الزواج من مسلم غير كتابية : فإنه لا يحل للمسلم الزواج منها .
قال تعالى : "وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (البقرة)
قال ابن كثير : هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عمومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله :(51/227)
"وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ".
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : "وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ، وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم ، وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .
ومع القول بالجواز إلا أن الشرع المطهر رغَّب بالزواج من مسلمة ذات دين ؛ لأن حياة المسلم مع زوجته حياة كاملة وشاملة ففيها العفاف وغض البصر وحفظ البيت والأولاد ورعايتهما وهذه الأشياء ومثيلاتها لا تتحقق إلا من امرأة متدينة . أ.هـ
ــــــــــــــ
محبة المسلم لزوجته الكتابية
المفتي ... الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر البراك
رقم الفتوى ... 18602
تاريخ الفتوى ... 11/1/1428 هـ -- 2007-01-30
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
هل يصح الاستدلال على جواز محبة الكفار بقول الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} حيث قالوا: إنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية ,وهي كافرة , والمودة لازمة الحصول بينهم ؟ هل المودة تعني الحب ؟ .
الجواب ...
الحمد لله ، قد فرض الله موالاة المؤمنين ، وحرم مولاة الكافرين قال الله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(71) سورة التوبة]
وقال تعالى {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [(73) سورة الأنفال](51/228)
وقال تعالى {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} [(28) سورة آل عمران]
وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ .. الآية } [(22) سورة المجادلة]
والود ، والمودة بمعنى المحبة ، والمحبة نوعان : محبة طبيعية كمحبة الإنسان لزوجته ، وولده ، وماله .
وهي المذكورة في قوله تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [(21) سورة الروم]
ومحبة دينية ؛ كمحبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله ، ورسوله من الأعمال ، والأقوال ، والأشخاص .
قال تعالى { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [(54) سورة المائدة]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد .. الحديث ".
ولا تلازم بين المحبتين بمعنى : أن المحبة الطبيعية قد تكون مع بغض ديني ؛ كمحبة الوالدين المشركين فإنه يجب بغضهما في الله ، ولا ينافي ذلك محبتهما بمقتضى الطبيعة ، فإن الإنسان مجبول على حب والديه ، وقريبة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عمه لقرابته مع كفره قال الله تعالى : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء } [(56) سورة القصص]
ومن هذا الجنس محبة الزوجة الكتابية فإنه يجب بغضها لكفرها بغضا دينيا ، ولا يمنع ذلك من محبتها المحبة التي تكون بين الرجل وزوجه ، فتكون محبوبة من وجه ، ومبغوضة من وجه ، وهذا كثير ، فقد تجتمع الكراهة الطبيعية مع المحبة الدينية كما في الجهاد فإنه مكروه بمقتضى الطبع ، ومحبوب لأمر الله به ، ولما يفضي إليه من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } [(216) سورة البقرة] .
ومن هذا النوع محبة المسلم لأخيه المسلم الذي ظلمه فإنه يحبه في الله ، ويبغضه لظلمه له ؛ بل قد تجتمع المحبة الطبيعية ، والكراهة الطبيعية كما في الدواء المر : يكرهه المريض لمرارته ، ويتناوله لما يرجو فيه من منفعة .(51/229)
وكذلك تجتمع المحبة الدينية مع البغض الديني كما في المسلم الفاسق فإنه يحب لما معه من الإيمان ، ويبغض لما فيه من المعصية .
والعاقل من حكّم في حبه ، وبغضه الشرع ، والعقل المتجرد عن الهوى ، والله أعلم .
ــــــــــــــ
الولد يتبع خير الأبوين دينا ... العنوان
إذا كانت امرأة كتابية وتزوجت بمسلم ـ وقد أباح الإسلام للرجل أن يتزوج كتابية ـ وبقيت على دينها فكيف تكون عقيدة الأولاد ، حيث إنها أكثر ملازمة لهم في المنزل من الأب. فهل يكونون على دين أبيهم أم على دين أمهم ؟
... السؤال
03/04/2002 ... التاريخ
لجنة تحرير الفتوى بالموقع ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فالولد يتبع خير الأبوين دينًا ، فمن كان أبوه مسلما وأمه كتابية فهو مسلم ، ومن أجل الحفاظ على دين الأبناء وضع الإسلام ضوابط للتزوج بالكتابية ، بحيث يأمن عليهم منها ، فإن خيف على الأولاد وعقيدتهم وأخلاقهم منها فلا يجوز للمسلم أن يقدم على التزوج بها.
وإن كان متزوجا منها وخاف على نفسه أو أولاده منها الفتنة في الدين وجب عليه طلاقها والبعد عنها .
ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.
يقول الدكتور القرضاوي :
من المقرر فقها أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين دينا .
والزواج من الكتابية يجوز بشروط :(51/230)
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. ( انتهى).
ويقول الدكتور عبد الفتاح عاشور ، الأستاذ بجامعة الأزهر :
أباح الله سبحانه وتعالى الزواج من الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات)، والدليل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، والمقصود بالمحصنة هي المرأة العفيفة، فالزواج من المرأة الكتابية إذا كانت عفيفة، ليست لها تجارب سابقة على الزواج ،أي لا ترتكب الفاحشة ، فإن هذا أمر مشروع، كما قال الحق سبحانه وتعالى.
وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة يهودية، ومن امرأة نصرانية، فأما اليهودية فهي: صفية بنت حيي بن أخطب، وأما النصرانية فهي: مارية القبطية، وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كانت الكتابيات عفيفات، لا خطورة منهن على المجتمع المسلم، ولا على الذرية.
أما الآن فإن الزواج من الكتابية (اليهودية والنصرانية) فيه محاذير إسلامية، سواء فيما يتعلق بالتربية أو بالسلوك أو نحو هذا. (انتهى).
وجاء في كتاب " رد المحتار على الدر المختار" لابن عابدين الحنفي :
الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وهذا يتصور من الطرفين في الإسلام العارض ، بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر ، والتفريق أو بعده في مدة يثبت النسب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما . وأما في الإسلام الأصلي فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلما فتح ونهر .(51/231)
ويشعر التعبير بالأبوين إخراج ولد الزنا . ورأيت في بعض الفتاوى الشهاب : مسلم زنى بنصرانية فأتت بولد فهل يكون مسلما ؟ أجاب بعض الشافعية بعدمه وبعضهم بإسلامه . وأفتى قاضي القضاة الحنبلي بإسلامه أيضا .
ويظهر لي الحكم بالإسلام للحديث الصحيح { كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه } فإنهم قالوا إنه جعل اتفاقهما ناقلا له عن الفطرة ، فإذا لم يتفقا بقي على أصل الفطرة أو على ما هو أقرب إليها ، حتى لو كان أحدهما مجوسيا والآخر كتابيا فهو كتابي ، وهنا ليس له أبوان متفقان فيبقى على الفطرة ولأنهم قالوا إن إلحاقه بالمسلم أو بالكتابي أنفع له ، وذكر البعض أن الصغير تبع لأبويه أو أحدهما في الدين فإن انعدما فلذي اليد فإن عدمت فللدار ويستوي فيما قلنا أن يكون عاقلا أو غير عاقل لأنه قبل البلوغ تبع لأبويه في الدين ما لم يصف الإسلام.(انتهى مختصرا)
والله أعلم.
ــــــــــــــ
حكم مراسلة الكتابية واستضافتها والاستمتاع بها على أنها ملك يمين
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 9907
تاريخ الفتوى ... 16/10/1425 هـ -- 2004-11-28
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
تنشر بعض المجلات المحلية والدولية عناوين لأشخاص من الذكور والإناث لمن يرغب في مراسلاتهم، وفعلاً تتم المراسلة ويتم التعارف بين المرسل والمرسل إليها ـ إذا كانت أنثى ـ عن طريق الخطابات، وأحيانًا يحدث أن يدعو المرسل المرسل إليها إلى بلده يستضيفها في منزله، وهو مسلم من بلد إسلامي،وهي من بلد أهل الكتاب، وقد تستمر الضيافة لمدة أيام طويلة، والسؤال المرجو من فضيلتكم الإجابة عليه وهو: هل هذا العمل ـ أعني: الاستضافة ـ عمل صحيح شرعا؟ وهل يجوز له أن ينظر إليها باعتبار أنها كتابية وغير ذمية فلا حرمة لها؟ وقد قال بعض من يتناول العلوم الشرعية والقرآن: إنه يجوز لهذا الشخص أن يستمتع بها كملك يمين إذا كانت دعيت إلى الإسلام ولم تدخل فيه. وهل إذا وقع بها هذا الشخص فهل عليه الإثم أم هو نكاح شهبة بسبب القول السابق بأنها ملك يمين؟
الجواب ...(51/232)
إذا كان الواقع كما ذكرت فالمراسلة بينهما على الوجه المذكور، واستدعاء كل منهما الآخر واستضافته حرام، وأشد من ذلك تحريمًا استمتاعه بها؛ لأنه زنًا وليس وطئًا بملك اليمين، ولا شبهة في ذلك.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 68) [ رقم الفتوى في مصدرها: 8718]
ــــــــــــــ
شرط الزواج من غير المسلمات ... العنوان
هل هناك شروط للزواج من غير المسلمات في العصر الحاضر ؟
... السؤال
11/12/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يجوز الزواج من الكتابية بشروط:ـ
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.ـ
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين ؛ فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.ـ
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات.ـ
وأما غير الكتابيات فلا يجوز الزواج منها لقوله تعالى:( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) أي الوثنيات وأولى منهن بالمنع الملحدات اللاتي لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بالآخرة.
والله أعلم
ــــــــــــــ
حكم إشهار الزواج من الكتابية في الكنيسة
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء(51/233)
رقم الفتوى ... 5706
تاريخ الفتوى ... 12/9/1425 هـ -- 2004-10-26
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
هل يجوز للمؤمن إشهار زواجه من الكتابية في الكنيسة وعلى يد قسيس بعد الزواج بها على سنة الله ورسوله في مكاتب الزواج الإنكليزية؟
الجواب ...
لا يجوز للمؤمن أن يشهر زواجه من مسلمة أو كتابية في الكنيسة ولا على يد قسيس، ولو كان ذلك بعد الزواج بها على سنة الله ورسوله؛ لما في ذلك من مشابهة النصارى في شعار زواجهم، وتنظيم مشاعرهم ومعابدهم، واحترام علمائهم وعبادهم، وتوقيرهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج18/ص 118) [ رقم الفتوى في مصدرها: 1113]
ــــــــــــــ
حضانة الأم غير المسلمة ... العنوان
ما مدى حق الأم غير المسلمة في حضانة الولد ، ومدى ولاية الأب عند انفصالهما واختلاف دولة كل منهما ؟
... السؤال
09/09/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أعطى الإسلام حقَّ حَضانة الطفل لأمه سواء أكانت زوجيتها لأبيه قائمة أم لا ؛ لأنها امتدادٌ لحياته الأولى التي عاشها بين أحشائها وتغذى من دمائها ، ولا يَشترط الإسلام في الأم الحاضنة أن تكون مسلمة، فلو كانت كتابية كان لها حق الحَضانة؛ لأن الشفقة الطبيعية لا تختلف بالإسلام وغيره.(51/234)
ويبقى الولد في حَضانة الأم الكتابية حتى يبلغَ سِنَّ التمييز والإدراك، والتي يحتاج بعدها إلى رعاية الأب ، ويستمر حقها مع اختلاف الدين، إلا أن يَضُرَّ ذلك بدِين الطفل فيُنزَع من يدها.
وإذا كانت الحاضنة أمًّا فلها أن تَخرج إلى بلدها الذي يكون أهلها فيه وقد عُقِد زواجها فيه؛ لأن رضا الأب بالعَقْد فيه دليل ضمنيّ على أنه يَرضى لنفسه ولولده الإقامة فيه.
ومن المصلحة تغليبَ حق الطفل في الحياة الصحيحة، لأنه هو المقصود الأساسيّ من تشديد الرابطة الزوجية المقدسة.
كما أن الصغير يتبع في الدين خيرَ الأبوين دينًا عند اختلافهما في الدين.
يقول الدكتور نصر فريد واصل ، مفتي مصر :
من المُقَرَّر شرعًا أن الإسلام أمر بالاهتمام بتنشئة الطفولة التنشئة الصالحة؛ لأن حياة الطفل في عمره الأول هي التي تُحَدِّد شخصيتَه، فأعطى حقَّ حضانته لأمه، سواء أكانت زَوْجِيَّتُها لأبيه قائمة أم لا، ولأنها امتداد لحياته السابقة التي عاشها بين أحشائها وتغذى من دمائها، ولأن الطفل في حياته الأولى يحتاج إلى خدمة النساء.
ولا يُشترط في الأم الحاضنة أن تكون مسلمة، فلو كانت كِتابية كان لها حق الحَضانة؛ لأن الشفقة الطبيعية لا تختلف بالإسلام وغيره، فيبقى الولد في حَضانتها حتى يبلغ سِنَّ التمييز والإدراك، والتي يحتاج بعدها إلى رعاية الأب لتعليمه وتهذيبه واختيار أحب الأعمال إليه إن كان ذكرًا، أو صيانتها ورعايتها وتزويجها إن كانت أنثى، ولا يُنزَع منها الحَضانة إلا إذا خيف عليه أن يتأثر بدينها إن كانت غيرَ مسلمة؛ لأن الطفل قبل البلوغ يَتْبَع خيرَ الأبوين دينًا، فهو مسلم بإسلام أبيه، وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه".
فيستمر حق الحَضانة ثابتًا لها مع اختلاف الدين إلا أن يَضرّ ذلك بدين الطفل فيُنزَع من يدها، ويتمثل في حالتين:
أولاً: إذا كان الطفل في سن التمييز ويَعقل الأديان ويَفهمها ويُخشى مِن تأثره بدينها إذا رآها تقوم بصلواتها وطقوسها الدينية غير الإسلامية.
ثانيًا: إذا ثَبَتَ أنها تحاول تَلْقينَه دينَها غيرَ الإسلاميّ وتعويدَه عاداتِه وتنشئتَه عليه، فيُنزَع في هذه الحالة من يدها، إذ تصبح غير أمينة عليه، والأمانة شرط من شروط الحَضانة.(51/235)
ومن حق الأب عند ذلك أن يَرفع أمرَه إلى القضاء حتى يحصل عن طريقه على حقه في ضم الصغير بمُوجَب ما بين الدولتين من علاقات في مجال التعاون القضائيّ.
والأصل فيه ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثَدْيِي له سِقاءً ، وحِجْري له حِوَاءً، وإن أباه طلَّقني وأراد أن ينتزعَه مني! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتِ أحقُّ به ما لم تُنْكَحي".
ويُروى أن أبا بكر الصديق حكم على عمر بن الخطاب بعاصمٍ لأمه أم عاصم وقال: رِيحُها وشَمُّها ولطفُها خيرٌ من الشَّهْد عندك". رواه سعيد في سننه، ولأنها أقرب وأشفق عليه، ولا يشاركها في القرب إلا أبوه، وليس له مثل شفقتها، ولا يتولى الحَضانة بنفسه وإنما يدفعه إلى امرأته، وأمه في هذه الحالة أولى به من امرأة أبيه. المُغْني (9 / 299)
كما أن ولاية الأب لا تتعارض مع حَضانة الأم، فلكل منهما دوره المُكَمِّل للآخر، فعلى الأب يقع عبء الإنفاق على الصغير عندما يكون في حِجْر أمه لقوله تعالى: (فإنْ أَرْضَعْنَ لكم فآتُوهُنَّ أُجورَهُنَّ) (الطلاق: 6) وعلى الأم أن تعطيَه من حنانها وعُمْق مشاعرها ودفء عاطفتها والعناية بشؤونه ما يُنَشِّئُه النشأة السوية الصالحة، وما يجعله نافعًا لدينه ودنياه ويبتعد به عن التعقيدات النفسية والرواسب المعنوية.
ولا ينبغي أن يُحْتَجَّ بحق الأب على حق الأم؛ لأن لكل منهما ولايةً لها مجالها واختصاصها ونطاقها التي تَعمل فيه، فلا تَعارُضَ بينهما، فالحَضانة امتزاج واتصال ومعايشة بين الأم ووليدها، والولاية على النفس امتداد بالوسائل التي فيها قِوام الحياة وإشراف وملاحظة بما للأب من قدرات تُخَوِّل له ذلك، فضلاً عن أن الحَضانة تكون في السنين الأولى التي تَعْقُب الولادة فهي تكون في سِنِّ الطفولة، والولاية وإن تزامَنَت معها فإنها تمتد إلى سنّ النمو البدنيّ والعقليّ حتى تنتهيَ بالطفل إلى سن البلوغ والرشد، فبينهما تَوَاصُل وتَكَامُل لا تباعُد وتنافُر، فليست إحداهما في مواجهة الأخرى بحيث لا يتأتى القيام بإحداهما إلا بالتضحية بالأخرى.
وإذا كانت الحاضنة غيرَ مُعْتَدَّة من طلاق ولا زَوْجِيَّتُها قائمة فإن الحاضنة إذا كانت أمًّا فلها أن تَخرج إلى بلدها الذي يكون فيه أهلها وقد عُقِدَ زواجها من أبي الطفل فيه؛ لأن رضاه بالعقد فيه دليل ضمنيّ على أنه يَرضى لنفسه ولولده الإقامة فيه.(51/236)
وبما أنه قد ارتضى الإقامة في وطنها ووقر في ذهنه ما يترتب على ذلك من آثار، وهَيَّأ نفسَه معنويًّا لذلك، وافترض كلَّ احتمال، كتَمَسُّك الزوجة بمُوجَب عقد الزواج بعدم تركها لوطنها والنزوح إلى بلد زوجها، فإذا امتنعت عن إجابة مَطلبه من الإقامة في وطنه هي وأطفالها كان لها الحق في ذلك، وليس لها أن تنتقل إلى بلد لم يكن عقد زواجها فيه، أو لم يكن بَلَدَها إلا برضا الأب وليّ الصغير، كذلك ليس لها أن تنتقل به إلى بلدها إذا لم يكن عُقِدَ عليها فيه، ولا إلى البلد الذي عُقِدَ عليها فيه إذا لم يكن في الأصل بلدها "الأحوال الشخصية للإمام أبي زهرة ص 412".
وإذا كان الذي يريد أن يسافر بالصغير أباه، فإن كانت حاضنته هي أمه أو غيرها فليس له أن يخرج به عن البلد الذي تقيم فيه حاضنته؛ لأن في خروجه بالصغير من بلد الحاضنة تفويتَ حقها في حضانته وتفويتَ حق الصغير بحرمانه من حنان الحَضانة.
نعم، لو سقط حق أمه في حضانته، بأن تزوجت أجنبيًّا عنه، أو زالت عنها الشروط الشرعية للحَضانة، ولم يكن في البلد الذي تقيم فيه امرأة من محارم الصغير تَصْلُح للحَضانة، كان لأبي الصغير أن يخرج به من البلد الذي تقيم فيه أمه إلى البلد الذي تقيم فيه مَن ينتقل إليها حق حضانته شرعًا.
ومتى زال السبب الذي من أجله سَقَطَ حقُّ أم الصغير في حَضانته وجب على الأب أن يُعيدَه إليها في المكان الذي تقيم فيه "الأحوال الشخصية، محيى الدين عبد الحميد ص 405".
وفي موضوع السؤال، بما أن الخلاف قد دَبَّ بين طرفي هذه الأسرة واستمسك كلُّ طرف بمبادئه ولم ينزل أي منهما على رأي الآخر، فلا يجوز شرعًا للأب الافتياتُ والتعدّي على حق الأم الحاضنة وسَلْبُ حضانتها عن مَحْضونها الشرعيّ بأية وسيلة من الوسائل غيرِ المشروعة، كالهرب به من موطن الزوجة إلى بلد آخر غيره أو خطفه، لأن هذا المسلك المَعيب لا يقوم عليه دليل ولا تقوم به حُجَّة، ولأن فيه إهدارًا لحق مُقَرَّر من قِبَل الشرع للحاضنة والطفل على حد سواء لقوله تعالى: (لا تُضَارَّ والدةٌ بولدِها.. ) (البقرة: 233) ولأن الطفل في مراحل عمره الأولى من حق أمه حتى بلوغه سِنَّ التمييز والإدراك. كما لا يجوز للحاضنة أن تَحْرِمَ الأب من حقه في رؤية طفله والتردد عليه لمتابعة شؤونه والاطمئنان على حُسْن تنشئته واستقامته على الطريق السليم وعدم تلقينه مبادئَ تُناقض تعاليمَ دينه، لقوله تعالى: (لا تُضَارَّ والدةٌ بولدِها ولا مولودٌ له بولدِه) (البقرة: 233).(51/237)
وبناء على ما سبق فإنه لا يمكن مصادرة حق الأم في الحَضانة لحساب الأب في الولاية على النفس؛ لأن هذه الولاية هي التي يمارسها الأولياء في شأن الصغار ليُتَمِّموا بها أعمالاً بدأتها الحاضنة من النساء في مجال رعايتهم.
ولأن من المصلحة تغليبَ حق الطفل في الحياة الصحيحة؛ لأنه هو المقصود الأساسيّ من تشديد الرابطة الزوجية المُقَدَّسة لعدم الحرمان أو التِّيه والضياع، وهذا هو المُعَوَّل عليه والمعمول به في الفقه الحنفيّ في الإفتاء.
ولأن الطفولة أو الصِّغَر في مرحلة ما قبل التمييز هي المَناط في استحقاق الأم للحَضانة وحماية الطفل في التنشئة، فلا يجوز للأب الاعتداء على حقها وسلب حضانتها إلا إذا أثبت الوليُّ بالبينة الشرعية خروجَ الحَضانة عن حدود ولايتها الشرعية إلى الدرجة التي يتحقق منها الإضرار بالصغير المحضون ضررًا مُحَقَّقًا يَتعلق بذاته أو بدينه أو بخُلُقه الذي يُوجِبه الإسلام وتشريعه خير الأديان السماوية جميعًا وخاتمها، والمُتَمَّم بكل مكارمها الدينية والدنيوية على حد سواء.
والقاعدة الشرعية والفقهية أن الصغير من حيث الدين يَتْبَع خيرَ الأبوين دينًا عند اختلافهما في الدين.
وهذا بطبيعة الحال مُتَصَوَّر مع الأب المسلم والأم غير المسلمة، وليس العكس بالإجماع والاتفاق بين فقهاء المذاهب الفقهية الإسلامية.
وفي هذه الحالة يكون من حق الوالد أو الوليُّ الشرعيّ الاعتراضُ على طلب تنفيذ حكم الضَّمِّ إلى الأم الحاضنة الصادر من الدولة الأجنبية؛ لأن الضَّمَّ في هذه الحالة سوف يؤدي إلى الإضرار بالمحضون بناءً على التنشئة الشرعية التي أبانت هذا الضرر، ومصلحة المحضون الشرعية يجب مراعاتها في جميع الأحوال حتى يستقلَّ بنفسه وتزول عنه ولاية غيره بتمام البلوغ الشرعيّ عاقلًا.
فإذا لم يُثْبِت الأب أو الوليُّ بالطرق الشرعية والقانونية خروجَ الأم عن ولايتها الشرعية للصغير المحضون فلا حقَّ له في الاعتراض أو المنع، وعلى الجهات المختصة إجابةُ الأم إلى طلبها في الحَضانة وتمكينُها من مَحضونها شرعًا وقانونًا، وإجابةُ طلبها بتذييل الحكم الأجنبيّ بالصيغة التنفيذية التي تُمَكِّنُها من ضمِّ وليدها ومغادرةِ البلاد بصُحْبة أطفالها المشمولِين بولايتها وحضانتها الشرعية، وذلك مع مراعاة المعاملة بالمِثْل ووضع القواعد القانونية والضوابط والاتفاقات الدولية التي تُنَظِّم ذلك من الناحية الشرعية والقانونية والموضوعية والإجرائية والتنفيذية.(51/238)
والله أعلى وأعلم.
ــــــــــــــ
أكْلُ لُحوم أهل الكتاب والزواج منهم ... العنوان
أعيش في إيطاليَا، وفي هذا البلد لا يُوجد لحْمٌ مَذبوح على الشريعة الإسلامية، فهل يَجوز أكْلُ هذه اللحوم التي لا تذبح على الشريعة الإسلامية؟ وهل يَجوز لي الزواج من بنات هذه البلد؟ وما هي الكيفية ؟ وأعيش أيضا مع مجموعة من المسلمين الذين لا يُقيمونَ الصلاةَ ويُفطرونَ رمضان، فماذا أفعل معهم ؟ ... السؤال
26/06/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نصَّ الفقهاء على أن ذَبيحة أهل الكتاب حلالٌ لنا سواء كان الذابح رجلًا أو امرأةً، وأنه يجوز الزواج من أهل الكتاب يَهوديةً كانت أو نصرانيةً، ويكون الزواج بها كالزواج بالمسلمة في كيفيته ، ولها ما للزوجة المسلمة من حقوقٍ وعليها ما عليها مِن واجبات.
يقول الأستاذ الدكتور / نصر فريد واصل ، مفتي مصر :
في سؤال السائل أنه يعيش في بلد غير إسلاميٍّ، فإنه بالنسبة لأكْلِ اللحوم المذبوحة على غير الشريعة الإسلامية قال تعالى في كتابه الكريم: (وطعامُ الذينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلٌّ لكمْ وطعامُكمْ حِلٌّ لهمْ) (المائدة: 5).
والمقصود بطعام أهل الكتاب ذبائحهم. ونصَّ الفقهاء على أن ذبيحة أهل الكتاب حلالٌ لنا، وكلُّ ما أمكَنه الذبْحُ من أهل الكتاب حلَّ أكْلُ ذَبيحته رجلًا كان أو امرأة بالغًا كان أو صبيًّا، ولا يُعلم في هذا خِلاف.
أما عن كيفية الزواج من أهل هذه البلاد، فإنه يجوز إذا كانت المرأة كِتابيةً؛ يهوديةً أو نصرانيةً، فإنه يجوز الزواج من نساء أهل الكتاب بأركان الزواج الشرعية؛ وهي الإيجاب والقبول والصداق والشهود، ويكون لها ما للزوجة المسلمة من حُقوق وعليها كل ما عليها من واجبات.
وأمّا كوْنَه يعيش مع مجموعة من المسلمين الذين لا يُقيمون الصلاة ويُفطرون في رمضان فإنه إذا استطاع في هذا البلد أن يَنفرد عن هذه الجماعة ويعيش بعيدًا عنهم ليَستطيع أن يُؤديَ ما عليه من فرائض لله فذلك أفضل أن يَبتعد عنهم، وأما إن كان لا يَستطيع في هذه البلد أن يَتركهم أو كان هناك ضررٌ(51/239)
عليه فلا شيء في البقاء معهم، وليَنصحهم بالحُسنى لعلَّ الله يَتقبَّلُ توْبتَهم ويَهديهم إلى العمل الصالح وإقامة شعائر الدِّين. ( انتهى)
ولكن لجواز التزوج بالكتابيات ضوابط وشروط ، ذكرها الدكتور القرضاوي فقال:
يجوز الزواج من الكتابية بشروط :
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. (انتهى).
ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية.. مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.
والله أعلم.
ــــــــــــــ
ضوابط الزواج من نساء أهل الكتاب ... العنوان
هل يجوز الزواج من المسيحية ،فقد سمعناأنه يجوز الزواج من أهل الكتاب؟ ... السؤال
24/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
...
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:(51/240)
الزواج من أهل الكتاب مباح شرعًا بشروط ،ومع كون الزواج مباحًا ،لكنه مكروه ،وخاصة في البلاد الغربية ،خشية تأثر المسلم بزوجته ،ولكن لانستطيع التحريم ،ولو ادعى البعض أن أهل الكتاب اليوم غير أهل الكتاب قديمًا.
ويباح الزواج من المسيحية خاصة ،وقد منع كثير من الفقهاء المعاصرين الزواج من اليهودية الإسرائيلية خاصة .
وفي شروط النكاح من أهل الكتاب يقول الدكتور القرضاوي:
يجوز الزواج من الكتابية بشروط :
أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات.
وأما غير الكتابيات فلا يجوز الزواج منهن لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) أي الوثنيات وأولى منهن بالمنع الملحدات اللاتي لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بالآخرة.انتهى
ويقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الازهر رحمه الله:
يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في الآية الخامسة من سورة المائدة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ، وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي اْلآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الآية:5).
ويُستفاد من هذه الآية أنه يُباح للمسلم الزواج من نساء أهل الكتاب ما دامت المرأة صالحة لذلك. وحكمة إباحة الزواج للمسلم من الكتابية غير المسلمة هي إتاحة الفرص لحسن المخالطة والمعاشرة، ومن وراء ذلك يمكن لغير المسلمة أن تطلع بإرادتها واختيارها على ما في الإسلام من تعاليمَ كريمةٍ ومبادئَ سليمةٍ.(51/241)
ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية.. مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.
ويجب أن نفرق هنا بين الكتابية والمشركة، فالكتابية مَن لها دين سماوي نزل في أصله من عند الله ـ عز وجل ـ وإن حدث فيه تحريف منهم بعد ذلك، وأما المشركة فهي التي لادين لها، ولذلك فرق القرآن الكريم بين أهل الكتاب والمشركين، فقال في أول سورة البينة?لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)0 فقد عطف المشركين على أهل الكتاب، فكأنهما صِنفانِ لا صنف واحد، لأن ظاهر العطف بالواو بين أهل الكتاب والمشركين يقتضي المغايرة، فهؤلاء غير أولئك. ولذلك قال بعض العلماء في الإفتاء: "ذهب بعض السلف إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير المسلمة مطلقًا، ولكن الجمهور من السلف والخلف على حِلِّ الزواج بالكتابية، وحُرْمَةِ الزواج بالمشركة... وأحل بعضهم المجوسية أيضًا، ويريدون بالمشركة الوثنية مطلقًا، بل عَدُّوا جميع الناس وَثَنِيِّينَ ما عدا اليهود والنصارى، ومن الناس من قال إنهم من المشركين، ولكن التحقيق أنهم لا يطلق عليهم لقب المشركين، لأن القرآن عندما يذكر أهل الأديان يَعُدُّ المشركين أو الذين أشركوا صنفًا، وأهل الكتاب صنفًا آخر، يعطف أحدهما على الآخر، والعطف يقتضي المغايرة كما هو مقرر".
وليس هناك فرق في هذا الحكم بين أهل الكتاب في الزمن القديم، وأهل الكتاب في الزمن الحديث، فالكل أبناء دين واحد، فليس هناك مانع شرعي يلزم المسلم بعدم الزواج من نساء أهل الكتاب الآن، ولكن ينبغي للمسلمين أن لا يسيئوا استغلال هذا الحكم، فيقبلوا على التزوج من نساء أهل الكتاب، فيصبحوا بذلك عُرضة للتأثر بأحوالهم وعاداتهم وتقاليدهم وشعائرهم ومعتقداتهم، وخاصة في البلاد التي يكون فيها المسلمون أقلية.
ولا يليق بالمسلمين أن يتجهوا إلى الزواج من نساء أهل الكتاب ويتركوا بنات المسلمين، وإذا تعوَّدَ المسلمون التزوج من نساء أهل الكتاب، فماذا يكون المصير لبنات المسلمين؟ أيبقينَ بلا زواج ولا رهبانية في الإسلام؟ أم يقترفْنَ الفاحشة وهذا أمرٌ حرام؟ أم يتزوجن من غير المسلمين وهذا أمر لا يبيحه(51/242)
الإسلام بحالٍ من الأحوال؟ فليتذكر المسلمون ذلك جيدًا والله الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم
ــــــــــــــ
حب الزوج لزوجته الكتابية ... العنوان
قد أباح الإسلام للمسلم أن يتزوج الكتابية والعلاقة الزوجية تقوم على الحب والمودة فكيف يتصور الحب بين أهل ديانتين مختلفتين ؟ ... السؤال
10/05/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء
إنّ الله عزّ وجلّ أباح للمسلمين الزواج بالكتابيات كما هو معروف. وقد خلق الله تعالى نوعاً من الحبّ والمودة بين الزوجين تكفل استمرار الحياة الزوجية، رغم كل الإشكالات. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون}.
فالرجل المسلم يحبّ زوجته الكتابية، والله تعالى هو الذي خلق هذه المحبة في قلبه، فهل يجوز أن ينهاه عنها؟ أعني هل يمكن أن يباح للمسلم الزواج من كتابية ثم يطلب منه أن لا يودّها ويحبّها؟ هذا غير معقول، فلو كان لا يجوز له مودّتها، لنهاه عزّ وجلّ عن الزواج منها.
إذاً يمكن أن تكون هناك مودّة بين المسلم وغير المسلم، ولكن ليس لكفره وضلاله _ معاذ الله _ ولكن لاعتبارات أخرى مشروعة، منها رابطة الزوجية، فإن الزوجة ولو كانت كتابية تشارك زوجها في كثير من المشاعر، ويمكن أن يتفاهما فيها معاً.
كما يمكن أن تكون هناك مشاعر فطرية وروابط اجتماعية بين المسلم وغير المسلم، إذا وجدت مثل هذه الاعتبارات المشروعة كالعهد والجوار والتعامل وغيرها. إنه إذا لم يكن هناك نوع من المحبّة أو نوع من الاحترام أو الخلق الطيّب بينك وبين غير المسلم، فلا يمكن أن تنجح في دعوتك أبداً. قال تعالى: {أدع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن..}.(51/243)
هذا أساس من أسس الدعوة، وهو أن يكون هناك حوار بالتي هي أحسن، وأن تكون هناك حكمة، وموعظة حسنة. هذه كلها لا تتوفّر إلاّ بوجود مشاعر بين الداعي والمدعو، قد تسميها حباً باعتبار، وقد تسميها مودة باعتبار آخر. وليس هو بلا شكّ من الحب في الله، وليس من المودة التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها في كتابه الكريم.
والله أعلم
ــــــــــــــ
شروط عقد الزواج ... العنوان
ما هي شروط عقد الزواج ؟ ... السؤال
30/04/2001 ... التاريخ
... ... الحل ...
...
... بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
التراضي و الولي بالنسبة للمرأة والشهادة والمهر والعفة (الإحصان) والكفاءة، والصيغة الدالة على النكاح، هي أهم شروط عقد النكاح مع الاختلاف في ثبوت بعضها ضمن شروط العقد
يقول الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق :
مفهوم العقد:
العقد اتفاق ما بين طرفين يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة ولكل من الطرفين حقوق لدى الطرف الآخر ولكل عقد آثار تترتب عليه. فعقد البيع مثلاً يترتب على حصوله استمتاع المشتري بالسلعة، وانتفاع البائع بالثمن.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.. الآية.
مفهوم الشرط:
والشرط في اصطلاح العقود ولغة التشريع هو (الشيء) الذي لا بد من وجوده لصحة العقد. فإذا انتفى بطل العقد. كما سنعلم أن التراضي مثلاً بين الزوجين شرط لصحة العقد.. وكما نقول الوضوء شرط لصحة الصلاة.
و شروط العقد سبعة، وإليك تفصيلها وبيانها:
أولاً: التراضي:
عقد الزواج اختياري ولا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الزوجين (الرجل والمرأة) ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز أن يدخل طرف من طرفي العقد مكرهاً. أما بالنسبة للرجل فهذا مما لا خلاف فيه.(51/244)
وأما بالنسبة للمرأة فالأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: [الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها]. رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس. وفي رواية لأبي هريرة: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن]. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت] رواه الجماعة.
وعن عائشة قالت يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: [نعم]، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: [إذنها صماتها]. (رواه البخاري ومسلم).
وهذه الأدلة جميعها نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً، وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [تستأمر] أي يطلب أمرها. وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها ، فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
ولقد خالف في هذا الحكم بعض الأئمة والفقهاء مستدلين بزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بعائشة وهي ابنة ست سنين ولا تعي مثل هذا الإذن، ولا دليل في ذلك لاختصاص النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج بخصوصيات كثيرة كالزيادة على أربع، والزواج بغير ولي وشهود من أي امرأة تهب نفسها له لقوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين..} الآية. وهذا الزواج بعائشة على هذا النحو من جملة خصوصياته جمعاً بين الأدلة.
واستدلوا كذلك بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن ، وقالوا : إنه يجوز إجبار البكر على الزواج، وهذا خطأ فاحش لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضى والإذن فقط. ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).
وكذلك ما رواه ابن عمر قال: "توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبدالله: وهما خالاي. فخطب إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت(51/245)
إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: [هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها]. قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. (رواه أحمد والدارقطني).
وهذه جميعها أدلة صحيحة واضحة أنه لا يجوز الإجبار مطلقاً وخاصة مع اليتيمة التي قال الله في شأنها: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع..} الآية. أي إن خفتم أن لا تعدلوا عند زواج اليتيمة في المهر وغيره فاتركوها إلى غيرها. وهذا حتى تنصف المرأة وتوضع حيث تريد لا حيث يشاء من يتولى أمرها ويتسلم ولايتها.
ثانياً: الولي:
ولاية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، ووسيلة إلى الفساد والزنى باسم النكاح، ولذلك جاء الشرع باشتراط مباشرة عقد النكاح بواسطة ولي المرأة: أبوها، أو أخوها أو الأقرب بها، فالأقرب، ولا يكون ولياً للمرأة إلا أقرب الناس الأحياء إليها ، فالأب أولاً ثم الأخ وهكذا..
والأصل في اشتراط الولي قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا نكاح إلا بولي] وقوله: [أيما امرأة نكحت (أي تزوجت) بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له] (رواه الخمسة إلا النسائي).
واشتراط الولي يقول فيه ابن المنذر: إنه لا يعلم مخالفاً من الصحابة له، وذهب أبو حنيفة من الفقهاء إلى عدم اعتبار الولي في النكاح.
والأحاديث السابقة ترد على هذا القول. واعتبر الإمام مالك رحمه الله الولي شرطاً في الرفيقة من النساء (ذات الشرف والمنصب) دون الوضيعة (التي تكون من ضعفة الناس وسقطهم) وهذا التفريق لا مسوغ له. بل قد يكون الاشتراط في الوضيعة ألزم منعاً للزنى والفساد..
ثالثاً: الشاهدان:
لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان، وقد جاء في هذا أحاديث لا يخلو واحد منها من مقال وضعف، ولكن عامة أهل العلم من المسلمين على العمل بذلك ، وبهذا أفتى ابن عباس وعلي وعمر رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن المسيب والأوزاعي والشعبي، ومن الأئمة الأربعة أحمد والشافعي(51/246)
وأبوحنيفة. وهذا القول هو الموجب لحفظ الحقوق عند كل من الرجل والمرأة، وضبط العقود، ومن ألزم العقود بالضبط عقد النكاح ووقوعه بغير شهود مدعاة للفساد والتلاعب أو النسيان وضياع الحقوق ، ولذلك أصبح وكأنه معلوم من الدين بالضرورة، ولا نرى أن يخالف في هذا أحد من أهل العلم..
رابعاً: المهر (الصداق):
اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجل للمرأة. ولا يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا. ويهمنا الحكمة العظيمة منه فهو هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه لزوجها كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} وهذه الآية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي هدية وعطية كما نقول نحلت فلاناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له. وهي نحلة واجبة للأمر الصريح بذلك في هذه الآية، وقد جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شيء منه ، ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها.
والنظر إلى المهر على هذا الأساس أكرم من النظر إليه على أنه ثمن لبضع المرأة، فالزواج ليس بيعاً وشراءً ولكنه رباط مقدس لاستمرار الحياة وتبادل المنافع وللتراحم والتآلف والحب، والبيع والشراء محله المشادة والغش والمناورة ، ولا يجوز أن يكون عقد الزواج كذلك ،ولذلك كان النظر إلى المهر على أنه نحلة وهدية هو الواجب لأن الهدية والعطية تكون بين الأحباب بعكس البيع والشراء.
ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد لأقله وأكثره وإنما ترك للمقدرة والأريحية وقد زوج الرسول رجلاً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القرآن الكريم وذلك لما لم يكن عنده شيء يصلح أن يكون مهراً حتى أن الرسول قال له: [التمس ولو خاتماً من حديد]، فلم يجد فزوجه إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن.
وبالرغم من أن الشارع لم يحدد نهاية للمهور إلا أنه حبب للمسلمين الاقتصاد فيها ونهى عن المغالاة التي تؤدي إلى أوخم العواقب.
وقد جاوز الناس في زماننا حد المعقول في المهور ، وأصبح ينظر إلى المهر على أنه ثمن وغنيمة وصفقة يكسب من ورائها آباء البنات ، وبهذا عظمت(51/247)
المصيبة ووضع أمام الزواج عقبة تعسر عليه أمر زواجه الذي هو في أصله مبني على التيسير.
والمهم هنا بيان أن المهر شرط في صحة عقدة النكاح وأنه حق المرأة الخالص ولا يجوز لأبيها أن يأخذ منه إلا بإذن ابنته وكذلك لا يجوز للزوج أن يسترد شيئاً من المهر إلا بسماح زوجته، وأن المهر هدية ومنحة وليس ثمناً وعوضاً كما ذكر بعض الفقهاء ذلك وأن خير المهر ما كان أيسره وفي حدود الطوق والوسع.
خامساً: الإحصان:
اشترط الله سبحانه وتعالى على المسلم أن لا ينكح (يتزوج) إلا العفيفة المسلمة، والعفيفة الكتابية كما قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} والنكاح هنا بمعنى الزواج بدليل الحديث الآتي:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرتد بن أبي مرتد الغنوي كان يحمل الأساري بمكة (أي يفر بهم إلى المدينة) وكان بمكة بغي يقال لها عتاق، وكانت صديقته (أي في الجاهلية) قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عتاقاً؟ قال: فسكت عني فنزلت {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فدعاني فقرأها علي وقال: [لا تنكحها]. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
وكذلك الأمر في الكتابية (اليهودية والنصرانية) كما قال الله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}.. الآية. وهذا نص في أنه لا يجوز إلا المحصنة المؤمنة والمحصنة الكتابية، والمحصنة هنا يعني العفيفة، سميت بالمحصنة كأن بينها وبين الفاحشة حصناً يمنعها عنها.
وهذا يعني أن المرأة المشهورة باقتراف الفاحشة أو الدعوة إليها لا يجوز لمسلم الزواج بها حتى على أمل أن تهتدي أو تتحصن بالزواج ، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل الزاني المشهور بالفاحشة لا يجوز لمسلمة أن ترضى به زوجاً أو تسعى للزواج به.
سادساً: الكفاءة:
الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الكفاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساساً، وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها.(51/248)
فمن الأمور التي جعلها الشارع شرطاً في الكفاءة اتفاق الدين بين الرجل والمرأة وذلك أن الدين هو المعيار الأساسي الذي يقدم به البشر في ميزان الله سبحانه وتعالى ولذلك كان النظر الأول في الكفاءة إليه وكان الشرك مانعاً إذا وجد في أحد الزوجين كما قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}.. الآية.
إلا أن الله سبحانه وتعالى استثنى من هذا الحكم جواز نكاح الرجل المسلم بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية كما قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} فعلم بهذا النص المتأخر عن آية البقرة السابقة أن الكتابية مستثناة من جملة المشركين شريطة أن تكون عفيفة (محصنة) كما قدمنا والحكمة من هذا هو استمالة أهل الديانتين للدخول في الإسلام، وقد كان لها أكبر الأثر في دخول شعوب الشام ومصر في الإسلام وذلك بزواج العرب المسلمين من نسائهم ونشأة أولادهم على الإسلام.. وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم وآثاره. والمهم أنه حكم ثابت بالكتاب والسنة وباق إلى يوم القيامة مع وجوب معرفة محاذيره، وهي أن لا يتحول الأبناء إلى دين الأم بسبب ضعف شخصية الزوج أو سكنه في غير بلاد المسلمين، وقد أصيب المسلمون من جراء هذا بشر مستطير، ومن الأمور التي اعتبرها الشارع أيضاً في الكفاءة الحرية.
فالعبد لا يتزوج إلا أمة مثله، وكذلك الحر لا يتزوج إلا حرة. ولكن الله استثنى من هذا أيضاً زواج الأمة المسلمة وهذا شرط بالحر المسلم إذا خشي العنت على نفسه ولم يستطع الزواج بمسلمة حرة. قال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} ثم قال تعالى في آخر هذه الآية: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فعلم من هذه الآية جواز زواج الحر المسلم بالأمة المسلمة فقط في حالة الإعسار ولا يخفى أن علة هذا الحكم هو رفع الحرج عن بعض الذين ما كانوا يجدون ما يتزوجون به الحرائر وكذلك كره الله هذا الأمر لما فيه من اشتغال الزوجة(51/249)
بسيادة مالكها، واسترقاق أولادها أيضاً ، لأن الأولاد تبع للأم (وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم).
وأما الأمة الكتابية والمجوسية فلا يجوز الزواج بها قطعاً ولذلك لما قيل للإمام أحمد إن أبا ثور يجيز ذلك قال: (هو كاسمه) أي ثور.
وأما الأمور التي أهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والجنس والقبيلة والمنزلة الاجتماعية فكل هذه الاعتبارات مهدرة، ولا تخدش عقد الزواج.
سابعاً: الصيغة:
اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على الإيجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى الإيجاب: طلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ومعنى القبول: رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلت. وشط بعض العلماء فجعل العربية شرط في الصيغة وأن الزواج لا يعقد إلا باللغة العربية. وشبهتهم في هذا أنه عبادة فاشترط ما ليس في كتاب الله فالزواج معاملة فيجوز عقده بالعربية وغيرها. وكذلك هو عقد اختياري فيجوز بكل ما تتم به العقود وما يدل على الرضا بالزواج وكل لفظ يدل على الزواج الشرعي ويحصل به إيجاب وقبول بين طرفي العقد فإنه يعتبر صيغة صحيحة لأن يعقد العقد بها.
وبهذا نكون قد أنهينا الشروط اللازمة لصيغة عقد النكاح.
ــــــــــــــ
الزواج من غير المسلمات ... العنوان
هل يجوز نكاح غير المسلمين ؟ ... السؤال
... ... الحل ...
...
... أعتقد أن الأخ يسأل عن زواج غير المسلمات، ولنا فتوى مفصلة في ذلك خلاصتها أنه يجوز الزواج من الكتابية بشروط أولها: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الشرط الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الشرط الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين كاليهودية في عصرنا.ـ
الشرط الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.ـ(51/250)
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات.ـ
وأما غير الكتابيات فلا يجوز الزواج منها لقوله تعالى:( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) أي الوثنيات وأولى منهن بالمنع الملحدات اللاتي لا يؤمن بالله ولا برسله ولا بال
ــــــــــــــ
العقد على أهل الكتاب ... العنوان
قدمت إلى نيوزيلندا منذ سنوات قليلة ماضية، وأريد أن أتزوج من فتاة أعجبت بها، وسألت الإمام الموجود هنا لكنه قال لي بأن ذلك لا يجوز؛ لأنها نصرانية وأدركت أن ذلك غير صحيح؛ حيث أجاز القرآن الكريم الزواج من النصرانية واليهودية، فسألت شيخا بالكويت عن هذه المسألة وأجاز لي، فتزوجت هذه الفتاة وأنجبت منها ستة أولاد، وقال لي بعض الناس أنه يجب علي أن أعقد عليها من جديد. فما رأيكم في ذلك؟ وشكرا. ... السؤال
أ.د.عبد الستار فتح الله سعيد ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، الجواب، إذا كنت تزوجت هذه الفتاة بعقد شرعي صحيح، وهو الذي يقوم على الإيجاب والقبول والشهود العدول من المسلمين، وأن يوافق وليها إن كان مسلمًا، فإن لم يكن مسلمًا فمطلوب موافقته إلا إذا تعنت ورفض، فإذا استوفى العقد الأول الذي تزوج به السائل، إذا استوفى هذه الشروط فزواجه صحيح، فإنه يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية، أي من اليهود والنصارى، والإمام الذي أفتى بعدم جواز ذلك، لم يكن يتكلم عن الحل والحرمة، وإنما كان ينصح السائل بعدم الزواج منها؛ لكثرة المشكلات التي ستترتب على ذلك، ومنها أنها تنصر الأبناء إذا وقع خلاف بين الزوجين، فإذا كانت زوجتك قد عقدت عليها عقدًا إسلاميًا صحيحًا، وهي تعيش معك على النصيحة والوضوح، وإذا كان أولادك منها مسلمين، فلا معنى لتجديد العقد مرة أخرى، ولكنا ننصح السائل الكريم أن يتودد إلى زوجته غاية التودد، لكي يدخلها في الإسلام، فإن في هذا نجاة لها في الدنيا والآخرة من الخلود في النار والعياذ بالله. والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــ
الزواج من أهل الكتاب ... العنوان(51/251)
السلام عليكم لي صديق أخبرته بأن لا يجوز الزواج من يهودية في هذا الزمان فأخبرني بألم يكن يعلم الله بأن اليهود يحتلون فلسطين فلماذا لم يحرم؟ ملاحظة لا أريد فتوى وإنما كيف أرد على قوله بأن الله يعلم أن اليود سيحتلون فلسطين. ... السؤال
أ.د محمد السيد الدسوقي ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم
أريد أن أقول لك أيها الأخ احتلال اليهود لفلسطين كان نتيجة مؤامرة دولية على الإسلام والمسلمين، في عصر ضعفت فيه الأمة وتفرقت واحتلت فمكنت دول العالم للصهيونية من أن تهاجر إلى فلسطين وتطرد أهلها، لتكون الدولة العبرية شوكة في ظهر الأمة الإسلامية تحول بينها وبين أن تستعيد قوتها وهيبتها، إنه الصراع بين الحق والباطل، والعبرة في النهاية، وسيكون الحق هو المنتصر بإذن الله، أما الزواج من الكتابية يهودية أو مسيحية فقد أبيح للضرورة وليس هو الأصل في بناء الأسرة المسلمة، والأمر المباح قد يصبح حراما إذا ترتب عليه من الأضرار والأخطار ما يهدد الأمة في حاضرها ومستقبلها؛ ولهذا ذهب كثير من الفقهاء المعاصرين، إلى تحريم الزواج من الكتابية الآن؛ لأنها مهما أخلصت لزوجها فلن تنسى عقيدتها التي نشأت عليها ولا جنسيتها التي تنتمي إليها ولا لغتها التي عرفتها منذ الصغر والحوادث كثيرة تؤكد هذا فضلا عن أن في زواج الكتابية إضرارا بالمرأة المسلمة، وقد روي أن عمر بن الخطاب منع أحد الولاة من زواج يهودية، ولما استفسر هذا الوالي منه هي حرام أم حلال؟ قال له عمر: فمن لنساء المؤمنات، بمعنى إذا تزوج الرجل المسلم امرأة كتابية فقد عطل زواج امرأة مسلمة؛ لأن المسلمة لا تتزوج إلا مسلما، وأقول لك أخيرا إن صاحبك هذا يغالط ولو
درس التاريخ لعرف أن الأمة الإسلامية ضحية مؤامرة عالمية الآن.
ــــــــــــــ
الزواج من غير المسلمة
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم ما حكم الزواج من اجنبية صفاتها جيده جدا غير انها تشرب الخمر و غير مسلمه و كررت طلب الزواج مني اكثر من مره ... مع العلم اني تقدمت لخطبة فتيات كثيرات مصريات مسلمات اقل منها جمالا(51/252)
بمراحل و كان سبب رفضي لكوني شاب بسيط و جامد الملامح ( هكذا خلقني الله و لا اعترض على ذلك ) و لكني و الحمد الله كل يوم يغيرني الى الاحسن مع العلم اني ملتزم جدا و رايك ستكون القرار النهائي في هذا الموضوع . شكرا لكم و ااسف على الاطالة و لكني لاول مرة لا استطيع ان اخذ قرارا بمفردي . جزاكم الله خيرا السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المفتى أ\ مسعود صبري ...
الرد
استعرض المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث موضوع "الزواج من غير المسلمة" والأبحاث التي تناولته، وبعد المداولة والنظر قرر ما يلي:-
أولاً: الكتابية، هي: من تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة - في الجملة - بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.
وقد ذهب جمهور علماء المسلمين إلى إباحة الزواج من الكتابية، لقوله تعالى في سورة المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم: (اليوم أحل لكم الطيبات، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان)[المائدة: 5].
وذهب بعض السلف إلى كراهة أو منع الزواج من الكتابية كعبدالله بن عمر من الصحابة، والصواب رأي الجمهور لصراحة الآية.
ثانياً: ضوابط يجب مراعاتها عند الزواج من الكتابية:
الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية" على المعنى المتقدم ذكره.
ومن المعلوم في الغرب الآن أنه ليست كل فتاة تولد من أبوين مسيحيين مثلاً مسيحية. ولا كل من نشأت في بيئة مسيحية تكون مسيحية بالضرورة. فقد تكون شيوعية مادية، وقد تكون على نحلة مرفوضة أساسًا في نظر الإسلام كالبهائية ونحوها.
الثاني: أن تكون عفيفة محصنة، فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان. والإحصان هو العفة عن الزنا كان ذلك أصالة أو بتوبة.
الثالث: ألا تكون من قوم معادين للإسلام وأهله ما لم يثبت أنها ليست على موقف قومها. قال تعالى: (لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) [المجادلة: 22]، والزواج يوجب المودة كما قال تعالى:(51/253)
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21].
الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًا منعت منعًا عامًا، أو ضررًا خاصًا منعت منعًا خاصًا، وكلما عظم الضرر تأكد المنع والتحريم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" .
والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها: أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج. ومنها: أن يتساهل بعض الناس في مراعاة شرط الإحصان - العفاف - الذي قيد به القرآن حل الزواج منهن، ومنها: الخوف على الذرية من الانحراف، وما يلحق من عواقب في حق الزوج في حياته بتأثره بما عليه زوجته غير المسلمة، والتصرف ببدنه وتركته بعد موته.
والله أعلم .
»»فتاوى أخرى من أ\ مسعود صبري
ــــــــــــــ
الزواج بالكتابية ...
لماذا يسمح في الإسلام بالزواج بالكتابيات مع أنهن في هذا الزمان لا يلتزمن بأخلاق ويعشن حياة قذرة، ومثل هذا الزواج تسبب في بقاء كثير من المسلمات بدون زواج، بل إنني أجد أنه ليس من المنطق بل وأعجب من العلماء الذين يبيحون مثل هذا الزواج، وأنا أعيش في هذه البلاد منذ سبع سنوات ولم أجد بين نساءهم امرأة واحدة طاهرة
... السؤال
أ.د. عبد الفتاح إدريس ... المفتي
... ... الحل ...
...
... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أباح الله سبحانه وتعالى الزواج من الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات)، والدليل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"،(51/254)
والمقصود بالمحصنة هي المرأة العفيفة، فالزواج من المرأة الكتابية إذا كانت عفيفة، ليست لها تجارب سابقة على الزواج مما ذكرت فإن هذا أمر مشروع، كما قال الحق سبحانه وتعالى.
وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة يهودية، ومن امرأة نصرانية، فأما اليهودية فهي: صفية بنت حيي بن أخطب، وأما النصرانية فهي: مارية القبطية، وكذلك فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أن كانت الكتابيات عفيفات، لا خطورة منهن على المجتمع المسلم، ولا على الذرية.
أما الآن فإن الزواج من الكتابية (اليهودية والنصرانية) فيه محاذير إسلامية، سواء فيما يتعلق بالتربية أو بالسلوك أو نحو هذا.
وأما بالنسبة للمشركة التي لا تدين بدين سماوي، فإنه لا يحل لمسلم أن يتزوج منها بحال، والدليل على هذا قول الحق سبحانه وتعالى: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمةٌ مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم"، وأكثر اليهوديات والنصرانيات في أيامنا هذه منحرفات، يعاقرن الخمر، ويتخذن أخلاء، وقد يمارسن المعاشرة الجنسية مع من لا يحل لهن.. كل ذلك على سبيل اللهو والعبث وعدم الاكتراث بالمبادئ التي نزلت بها الشرائع السماوية؛ ولهذا فإنه لا يليق بالمسلم في أيامنا هذه أن يتزوج من واحدة منهن؛ لخطورتها على دينه وعلى ذريته وعلى مجتمعه أيضًا.
ــــــــــــــــــــــــــــ(51/255)
دائرة معارف الأسرة المسلمة
الزواج والطلاق عام
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الشيء الذي تخجل العروس من طلبه.. !!
لو سألت معظم الزوجات ممن لهن خبرة في عالم الزوجية..
ما هو أكثر شيء كنت تخجلين من أن تطلبيه من زوجك في بداية حياتكما معاً.. لقالت بلا تردد..
’’الفلوس‘‘!!
نعم..
هذه مشكلة الكثيرات من العرائس الجدد.. إنهن يشعرن بالحرج من طلب النفقة من الزوج في بداية الحياة الزوجية.. لأنهن لم يتعودن على ذلك..
ويشعرن وكأنهن يطلبن إحساناً أو صدقة من رجل غريب!!
والمشكلة أن معظم الرجال لا يشعرون بذلك.. ولا يبادرون بتقديم المال لزوجاتهم ما لم تطلب مهما كان ذلك الزوج سخياً وكريماً.. والسبب بكل بساطة أنه هو أيضاً لم يتعود على ذلك من قبل!
ويعتقد أنها لو أرادت فستطلب ببساطة!..
تقول صفية:
حين تزوجت وسافرت لشهر العسل.. شعرت بالحرج لأنني لم أستطع أن أطلب منه مالاً لشراء هدايا لوالدي وأهلي.. حاولت عدة مرات التلميح له دون جدوى.. ولم أستطع مواجهته بما أريد..
وحين عدت شعر أهلي بخيبة أمل كبيرة وتساءلوا ما إذا كان زوجي بخيلاً؟.. لكنه لم يظهر لي كذلك فقد كان يغدق علي الهدايا الفاخرة.. ولم يقصر علي بشيء بل ربما كان مبذراً..
وبعد إلحاح من أمي وبعد ثلاثة أشهر بالتمام.. استطعت أخيراً أن أنطق وأطلب منه مالاً لأني سأخرج للسوق فإذا به يمد يده إلي بمبلغ جيد دون أن يسأل أو يستفسر.. ومن يومها كسرت الحاجز ولله الحمد..
أما عالية فتقول:
تصوروا أني كنت أدعى لمناسبات كثيرة بعد زواجي مباشرة، وغالباً ما تكون من أجلي، وأحتاج أحياناً لتصفيف شعري لدى الكوافيره، فلا أجد معي المال وأخجل من طلبه من زوجي.. فأطلب من أمي..
وكانت تغضب مني وتأمرني أن أطلب من زوجي لكني كنت أرجوها أن تتحملني لأني أستحي منه..
وأذكر أني نمت عدة ليال وأنا أبكي لأني محتاجة للمال وأخجل من طلبه منه وهو لم يكن يشعر أبداً بذلك..
وبعد فترة أخبرت أمي والدته، فأخبرته بدورها، فجاء إلي مستغرباً وهو يقول لماذا لم تخبريني؟؟
وناولني مالاً بكل سخاء وطيبة..
وفي المقابل فإن سجى كان لها تصرف آخر..
لم أشعر بأي خجل من هذا الأمر، على العكس منذ سفرنا في شهر العسل كنت أشتري كل ما أريده وأتركه يدفع، حتى أني اشتريت فستاناً وتركته يدفع وخرجت من المحل دون أن أعرف سعر الفستان فإذا بزوجي يفاجأ بأن قيمته وصلت لعشرة آلاف ريال.. وبسبب خجله مني دفع الثمن على مضض! ولم يخبرني بذلك إلا فيما بعد..
والآن زوجي يصارحني بأنه كان يستغرب من مدى إسرافي وجرأتي في تلك الفترة رغم أني كنت لا أزال عروساً.. أي المفروض أن أستحي منه.. لكني لا أرى في ذلك حرجاً!!
والآن دعونا من صفية وعالية وسجى ودعونا
نرى ما هو الوضع الصحيح والأفضل لكلا الزوجين.. ؟
من الأفضل أن تكون مسألة النفقة واضحة جداً بين الزوجين منذ بداية حياتهما الزوجية، وعلى الزوجة أن تعرف أنها لا تطالب بصدقة أو إحسان بل بحق من حقوقها.. لكن في نفس الوقت عليها مراعاة وضع زوجها المادي، وعدم الإسراف والإثقال عليه، وكما أن من الأجمل لها أن تتميز بغلالة من الحياء تمنعها من مطالبته بما يفوق طاقته.. ويمكن لها في أول أيام زواجها أن تأخذ معها احتياطاً مبلغاً من المال (بالطبع توفره من مهرها أو غيره) للأيام الأولى لعلها تحتاج لشيء ما أو شراء شيء خاص.. لكن بالطبع هذا لا يعني أن تستمر في الدفع من مالها أو مال أهلها..
بل يمكنها بكل بساطة أن تطلب من زوجها مباشرة ما تريده من المال موضحة له السبب..
فالرجال لا ينفع معهم ’’حركات‘‘ النساء.. من تلميح أو ’’زعل‘‘ وغيره..
أيتها العروس.. مهما كان الزوج كريماً وطيباً ومحباً.. فعليك أن تطلبي منه نفقتك بصراحة وبساطة..
* *
المرجع: مجلة حياة العدد 74 جمادى الآخر 1427هـ
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
النكاح وعوائقه
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديهِ اللهُ فلا مُضل له، ومن يُظلل فلا هادي له.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- تسلمياً كثيراً.
أيُّها المسلمون:
لقد أقامَ الإسلامُ بناءَ الأسرةِ على دعائمَ ثابتةٍ، وأسسٍ مُتقنةٍ، من الخُلقِ الرضي، والسلوكِ النقي، والدينِ الخالص، والمصلحةِ العامةِ للأمةِ، والنفعِ المحققِ لكلِّ فردٍ من أفرادِ المجتمع، فهاهُو الإسلامُ يندُبُ الناسَ إلى الزواجِ، ويجعلُهُ من سُنِنهِ، ويُحذِرُ من الرغبةِ عنهُ أعظمَ تحذير، بل وصلَ الأمرُ إلى أن يجعَلَهُ علماءُ الإسلامِ من الضروراتِ الخمس، التي جاءتِ الأديانُ لتحقيقها، تحتَ ضرُورةِ حفظِ النسل، قال - تعالى -: ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [32: النور].
ويقولُ اللهُ - عز وجل - في معرضِ وصفِ الرسلِ ومدحِهم، بأنَّ لُهم أزواجاً وذرية: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا)) [38: الرعد].
وأثنى اللهُ - تعالى - على عبادهِ الصالحينَ حين قالوا: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)) [74: الفرقان].
ويقولُ- عليه الصلاة والسلام -: ((يا معشرَ الشبابُ من استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوج، فإنَّهُ أغض للبصر، وأحصن للفرج)) الحديث رواهُ البخاري ومسلم.
أيُّها المسلمون: إنَّ هذا الموقف - أعني الحضُّ على الزواج - يُحقِقُ غرضينِ جليلين:
أما أولهما:
فهو مُسَايَرَةُ الفطرةِ الإنسانيةِ التي فطرَ اللهُ الخلقَ عليها، وتصعيدُ الغريزةِ على وجهٍ يُحقِقُ الخيرَ والفضيلة، بل إنَّ الإسلامَ ليعدُّ ممارسةَ العملِ الغريزي في نطاقِ الحلالِ المشروعِ صدقة، يستحقُّ صاحِبها الثواب، لأنَّهُ امتثلَ أمرَ اللهِ في التزامِ الحلالِ والوقوفِ عندَ حُدودَ اللهِ، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوتَهُ ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) رواه البخاري ومسلم.
وأما ثانيهما:
فهو استمرارُ وجودِ الجنسِ البشري على ظهرِ هذهِ الأرض، حتى يأذنَ اللهُ بأمرٍ آخر، إنَّ الحياةَ البشرية لا يتحققُ فيها الوفاءُ إن لم تستمرَّ الأجيالُ في عمليةِ عمارةِ الأرض، وتحقيقِ الخلافةِ، بل إنَّها تكادُ تفقدُ قيمتها عندما يحسُّ المرءُ أنَّهُ نبتةً وحيدةً لا امتدادَ لها في هذا الوجود، من أجلِّ ذلكَ كُلِّهِ كان الزواجُ من سُنةِ المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) رواهُ البخاري ومسلم.
أيُّها الأخوةُ في الله:
وإذا نظرنا في واقعنا وجدَنا مُعوقاتٍ عدَّة، تصدُّ الشبابَ عن الزواجِ لعلَّ من أهمِهَا وأبرزِها المغالاةُ في المهور، هذهِ المغالاةُ التي بلغت حداً لا يُطاق، وبالنسبةِ لشبابٍ ناشئينَ، فترى بعضُهم إذا خطبَ إليهِ رجلٌ ابنتهُ أخذ يُحدُ شفرتهِ، ليفصلَ ما بينَ لحمهِ وعظمه،
فإذا قطعَ منهُ اللحم، وهشَمَ العظمَ، وأخذَ منهُ كلَّ ما يَملك، سَلَمَها له، وهو في حالةِ بؤسٍ شديدين، مُثقلاً بأوزارِ الديون، التي تُكدِرُ عليهِ صفوهُ، وتجلبُ هُمَهُ وغمَّه، فتذلَهُ بالنهار، وتقضُّ مضجعهُ بالليل، ويغلي بنَارِها قلبه، إنَّ الزواجَ أصبحَ بالنسبةِ إلى الشابِ الناشئِ ضرباً من المستحيل، ولقد أثَّر هذا الوضعُ أثراً سيئاً في المجتمع، إذ جعلَ نسبةَ العوانسِ ترتفعُ، وجعلَ الفسادَ ينتشر، والانحلالَ يتفاقم، وانصرفُ الكثيرُ من الشبابِ عن الزواج، ولذا غضبَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من كثرةِ المهرِ، فقد جاءَ رجلٌ من الصحابةِ يستعينه، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((على كم تزوجتها؟ قال: على أربعِ أواقٍ، فقالَ لَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: على أربعِ أواق؟ كأنَّما تَنحِتُونَ الفضةَ من عَرْضِ هذا الجبلِ، مَا عندنَا ما نُعطِيك)) الحديث رواه مسلم.
وهذا عُمرُ الفاروقِ يُدركُ بثاقبِ نظرهِ ما يُمكنُ أن يُهددَ المجتمعُ من المَخاطرِ والشرورِ بسببِ المغالاةِ في المهور، فلقد جاءَ عنه أنَّهُ قال: ((ألا لا تغالوا صدُقات النساء فإنَّها لو كانت مكرمةً في الدنيا، أو تقوى عندَ اللهِ لكانَ أولاكُم بها نبيُّ الله، ما علمنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نكحَ شيئاً من نسائهِ ولا أنكحَ شيئاً من بناتِهِ على أكثرِ من اثنتي عشرةَ أوقية)) رواه الترمذي وقال حسن صحيح،.
قال شيخُ الإسلامِ- رحمه الله -: والمستحبُ في الصداقِ - مع القُدرةِ واليسار - أن لا يزيدَ على مهرِ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا بناتِهِ، وكانَ ما بينَ أربعمائةِ إلى خمسمائة، بالدرَاهِمِ الخالصةِ، نحواً من تسعةَ عشرَ ديناراً، فهذهِ سُنةُ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، من فعلَ فقد استنَّ بسنةِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الصداقِ، قال أبو هريرةَ - رضي الله عنه -: (كانَ صداقُنا إذ كانَ فينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عشرَ أواق، وطبقَ بيديهِ، وذلكَ أربعمائة درهم، إلى أن قالَ: (فمن دعتهُ نفسُهُ إلى أن يزيدَ صداقَ ابنتهِ على صداقِ بناتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اللواتِي هُنَّ خيرُ خلقِ اللهِ في كُلِّ فضيلة، وهُنَّ أفضلُ نساءِ العالمينَ في كلِّ صفةٍ، فهُو جَاهِلٌ أحمق، وكذلكَ صداقُ أُمهات المُؤمنينَ، وهذا مع القدرةِ واليسار، فأمَّا الفقيرُ ونحوهُ فلا ينبغي لهُ أن يُصدق المرأةَ إلاَّ ما يقدِرُ على وفائهِ من غَيرِ مشقة) أ هـ
ولو نظرنا أيُّها المُسلمُونَ في الواقعِ العملي للمسلمينَ في عهدِ السلفِ، لوجدنا أنَّ الأمرَ أيسرَ بكثيرٍ ممَّا هُو موجودٌ الآن، فقد تَزوجَ عبدُ الرحمن بن عوفٍ على وزنِ نواةٍ من ذهب، قالوا ووزنها ثلاثةُ دَراهمَ وثُلث، وهذا سعيدُ بن المسيب- رحمه الله - يُزوجُ ابنتهُ على دِرهَمَين، وهيَ من أفضلِ بناتِ قُريشٍ بعدَ أن خَطَبها الخليفةُ لابنهِ، فأبى أن يُزوِجَها به، وهذهِ أمُّ سُليم، جعلت مَهرها أسلام أبِّي طلحة، فزوجَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على ما شرطت.
هكذا كانت سيرةُ السلفِ الصالحِ y في شأنِ المهرِ، ولا يظنُ ظانٌ أنَّ ذلكَ كانَ من أجلِ شَظفِ العيشِ وقلةِ ذاتَ اليد، فقد كانَ كثيرٌ من الصحابةِ من الأثرياءِ، فهذا أَبو بكر - رضي الله عنه - من أتجرِ قُريشٍ كما تقُولُ عائشةَ، وهذا عُثمانَ - رضي الله عنه - يتصدقُ في مجلسٍ واحدٍ بثلاثِ مائةَ بعير، بأحلاسها وأقتابها، وكانت تركتهُ - رضي الله عنه - كما قالَ الحافظُ ابن سعد: ثلاثونَ ألف ألفَ درهم، وخمسُمائةَ ألفَ دِرهمَ وخُمسُونَ ألفَ دِينار، وتركَ ألفَ بعيرٍ، وتركَ صدقاتٍ تصدقَ بها قِيمتَهُ مائتي ألفَ دِينار، وهذا طلحةَ بن عُبيد اللهِ - رضي الله عنه - تركَ كما قالَ والدُهُ محمد ألفي ألف دِرهم، ومائتي ألفَ درهم، ومائتي ألفَ دينار، وهذا الزُبيرُ بن العوام - رضي الله عنه - تركَ خمسةً وثلاثُونَ ألفَ ألفَ، ومائتا ألف، أي ما يزيدُ على الخمسينَ مليون، وغيرِهم كثير، ولكن هُو الامتثالُ والانقيادُ لأمرِ نبيِّهم محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وليعلمَ الآباءُ الذين يرونَ أنَّ رفعَ المُهُورِ ضماناً لبناتهم، أنَّ الذي يكرَهُ زوجَتَهُ ويريدُ طلاقَها لا يُمكِنُ أن تقفَ في وجهِهِ مُشكلةَ المال، بل على النقيضِ من ذلكَ، فلَرُبما أبغضَ الرجلُ زوجتهُ فضارَّها حتى تفدي نفسَها منهُ، فلا تستطيعُ إلى ذلكَ سبيلاً، فتبقى المِسكِينَةُ تحتَ وطأةِ ذلكَ الرجلُ واضطهاده.
فاتقوا اللهَ يا مُسلِمُون: واعلموا أنَّكُم مَوقُفُونَ في يومٍ مهُول، ومسئولون عَمَّا استرعيتم من الأمَانة، فأعدُّوا للسؤالِ جواباً، وللجوابِ صوابا.
أيُّها المُسلمون: وعقبةٌ أُخرى، تلكَ التكاليفُ التي ابتدعَها حفنةٌ من الناسِ، وتمالئُوا بها، حتى أثقلت كاهلَ الزوج، ونفرت من الزواجِ، ذلكَ الإسرافُ المُهين، والتبذيرُ الرهيب، في شِراءِ الأقمشةِ المُرتفعَةِ الأثمان، وأدواتِ التجميلِ الباهظةِ الأسعار، والمُبالغةِ الضَخمةِ في تأثيثِ قفصِ الزوجية، ناهيكَ عن إقامةِ الولائمِ في الفنادقِ وغيرها؟ ولنا أن نتساءَل: من المستفيدُ من هذا كُلهِ يا مُسلِمُون؟ إنَّها أموالٌ تذهبُ هَدراً، وتُضاعُ سُدى، وتكونُ حَجرَ عثرةٍ لشبابنا، ولقد كانَ أمرُ الزواجِ أيسرَ بكثير، ولكنَّ الناسَ أنفُسَهُم يظلمُون، فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الرحمن بن عوفٍ ردع زعفران، فقال: ((مهيم؟ قال يا رسولَ الله تزوجتُ امرأةً، قال ما أصدقتَها؟ قال وزنَ نواةٍ من ذهب، قال فباركَ اللهُ لك، أولم ولو بِشَاة)) رواه البخاري ومسلم، وقالت عائشة: ((أولمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على بعضِ نسائهِ بِمُدَين من شعير)) رواه البخاري.
فهذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أكرمُ البشريةِ وأزكى البريةِ هذه أقواله، وهذهِ أفعاله، فلماذا نضربُ بها عرضَ الحائطِ ونستمعُ لثرثةِ فلانٍ وعلان، هذا عارٌ وهذا شنار، كيفَ تُزوج ابنتكَ ولم تضع لها حفلةً تُكتبُ في التاريخ، أهيَ أقلُ من غيرها، فإلى أولئكَ البائسينَ نُذكِرِهُم بقولِ الله - تعالى -: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (سورة النور: 63).
ألا فليتقِ اللهَ أولئكَ ويعُودُوا إلى رُشدِهم، ويتمسكوا بسنةِ نبيهم، فبها النجاةُ والله، والسلامةُ والعافية.
عباد الله: وعقبةً أُخرى، تلكَ التي يُردِدُها أربابُ الأفكارِ المُسمَومة، الذين ينفُثُونَ سُمُومَهم عبرَ قَنواتٍ مُتعددة، يُقرِرُونَ من خِلالِها أنَّ التبكيرَ في الزواجِ عملٌ غيرُ صالح، وضربٌ من التغريرِ بالمُراهقين، وما عَلِمَ هؤلاءِ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ألجمَهُم بقوله: ((يا معشرَ الشبابَ من استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوج، فإنَّهُ أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطيع فعليهِ بالصومِ فإنَّهُ لهُ وجاء)) رواهُ البخاري ومسلم.
خطابٌ عظيم، يُوجِهُهُ صاحبَ الشريعةِ، الخبيرُ بأحوالِ أُمته، العليمُ بطبَائعهم المختلفة، إي الشباب، يُرشِدُهُم فيهِ، ويعِظُهم إلى فضيلةِ النكاحِ الذي يقعُ بهِ غضُّ البصرِ، وحفظُ الفرجِ، فهل يفقهُ هذا التوجيهُ النبويُّ الكريمِ الذينَ اغتروا بتلكَ العباراتِ الرنانة، والدعايةِ الباطلةِ في دعوى تأخيرِ الزواجِ، أسأل الله ذلك.
ومن تلك العقباتِ التي تحدُّ من الزواجِ، الاحتجاجُ بفقرِ الزوجِ وعدمِ استلامهِ لوظيفة، فإلى أولئكَ نُوجِهُ لهم قولَ اللهِ - تعالى -: ((إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) (سورة النور: 32).
روى عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنَّهُ قال: ((أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاحِ يُنجز لكم ما وعدَكم من الغنى.
قال - تعالى -: ((إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)).
وروى الإمامُ أحمد في مسندهِ عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونُهم: الناكحُ يُريدُ العفاف)).
الحديثُ هذا هُو منطقُ الإيمانِ وليسَ ما يسُودُ اليومَ في بعضِ الأوساطِ من المُنطلقِ المادي، الذي يحكُمُ تصرفاتِ الناسِ بعيداً عن التوكلِ على اللهِ والاعتمادِ عليه، وقد نسيَ هؤلاءِ أنَّ اللهَ هُو الرزاقُ ذُو القُوةِ المتين، وأنَّ كثيراً من الأغنياءِ كانُوا بالأمسِ القريبِ فُقراءَ لا يملِكُونَ نقيراً ولا قطميراً.
بارك الله لي ولكم
الخطبة الثانية
أيُّها المسلمون:
وإذا تأملتَ في واقعِ بعضِ المُعرضِينَ عن الزواجِ تلحظُ أنَّهم يتحجَجُونَ بحججٍ داحضةٍ، تتساقطُ تدريجياً وبتلقائيةٍ تامةٍ قبلَ أن يُسقطَها النقدُ والتمحيص، فبعضُ أُولئكَ الذين يَدعُونَ عدم استطاعَتهم للزواجِ لما فيهِ من تكاليفَ ماديةً، يُكذِبُونَ أنفسَهم بأنفسهم، عبرَ سَفرَاتِهم المُتكررةِ إلى خارجِ البلاد، ليتمتعُوا بالحُريَّةِ البهيميةِ في بلادٍ كافرة، لا تحلُ حلالاً ولا تُحرمُ حراماً، أو بالأصحِ تُحلُ الحرامَ، وتُحرمُ الحلال، أو في بلادٍ تُشابِهُ بلادَ الكفرةِ في إباحةِ الزنا، والدعوةِ إليهِ وحراسَتِهِ وتنظيمه، وإنَّكَ لتراهُ مجيباً للسفر، مُنفقاً على المُومِساتِ إنفاقاً كبيراً، مع تقتيرهِ على نفسهِ وأهلهِ إذا عادَ إلى بلادهِ لأجلِ جمعِ المالِ والعَودةِ بهِ إلى الخارجِ مرةً أُخرى.
وأنتَ ترى بعضَ الذين يتحجَجُونَ بتكاليفَ الزواج، تراهُم يركبُونَ السياراتِ الفاخرة، بل وغيرَ الفاخرةِ، لا يعملون، ولا هَمَّ لهم إلاَّ مُطاردةِ النساءِ في الأسواقِ، لم ذلكَ كُلَّهُ؟ لأجلِ الشهوةِ، فكيفَ يمنعُ نفسَهُ عن الزواج؟ يقولُ: لا أستطيع، إنَّ المهورَ غاليةً؟ كلمةُ حقٍّ أُريدَ بها باطل؟ أين أنت؟ أين عملُك؟ أم تريدُ أن تُعطى المرأة لك على طبقٍ من ذهب، وأنتَ مُتكلٌ على أبيكَ، تنامُ النهار، وتسهرُ الليل، وتقولُ: زَوجُوني زوجوني، أو اترُكُوا لي الحبلَ على الغارب، أُعَاكِسُ النساءَ في الأسواق، وأسعى للحُصولِ منهنَّ على موعد.
ألا فليتقِ اللهَ أولئكَ وليخشوا غضبَ الجبارِ ونكاله، وجحِيمهِ وناره، وكفى سفاهةً ومُراهقةً، فالعمرُ قصير، والحسابُ عسير، والموقفُ مهول، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم: ((يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)).
هذا وصلُوا رحمَكُم اللهُ على أفضلِ الخلقِ كَما أمرَكُمُ اللهُ بذلك.
29/5/1426 هـ
6/7/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
عزوف الشباب عن الزواج
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديهِ اللهُ فلا مُضل له، ومن يُظلل فلا هادي له.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - تسلمياً كثيراً.
عباد الله:
إنَّ في البلادِ المسلمةِ اليومَ، مشكلةً من أعضلِ المشاكل، وأعمقها أثراً في حياةِ الأمةِ المسلمة، أنَّها مشكلةُ عزوفِ الشبابِ عن الزواج، والتي تتلخصُ في كلماتٍ، وهي أنَّ في المسلمينَ آلافاً مؤلفةً من البناتِ في سنِّ الزواج، لا يجدنَ الخاطب، وآلافاً مُؤلفةً من الشبابِ لا يُريدُونَ الزواجَ أو لا يجِدُون البناتِ هذه المشكلةَ الظاهرة، إن لم يتنبه إليها المُسلمون، ويفتحُوا لها طرقَ العلاجِ بالحلالِ، فإنَّهُ لن يجدَ الشبابُ للوصولِ إلى حاجاتهم الغريزيةِ إلاَّ سلوكَ طريقِ الحرام، لأنَّ من النتائجِ الحتميةِ الظهور، والتي لا يُنكِرها عاقلٌ مسلم، إنَّ الفسادَ الخُلقي سببٌ في قلةِ الزواج، وقلةِ الزواجِ سببٌ في الفسادِ الخلقي.
عباد الله:
مشكلةَ عُزوفِ الشبابِ عن الزواجِ ما هيَ أسبابهُ وأضراره.
إنَّ من أسبابِ عُزوفِ الشبابِ عن الزواجِ تلك العاداتَ الشنيعةِ التي القصدُ منها الفخرُ والخيلاء، والتسابقُ إلى التبذيرِ والإسراف، ولو سُئلَ كثيرٌ من العزابِ اليومَ ما منعكم من الزواج؟ لكانَ جوابُ الكثيرِ منهم في صوتٍ واحدٍ غلاءُ المهورِ غلاءُ المهور، لقد صارَ بعضُ الناسِ الآنَ يزيدُ في تطويرِ هذا الأمرِ ويدخلُ في المهرِ أشياءَ جديدة، تزيد الأمرَ كُلفَةً ومشقة، حتى أصبحَ المهرُ في الوقتِ الحاضرِ مما يتعسرُ أو يتعذرُ على الكثيرِ من الناس، فتجدُ الشابَ يُتعِبُ نفسهُ في عنفوانِ شبابه، ولا يكادُ يُدرِكُ ما يحصلُ به المرأة التي تحصنهُ، كل هذا بسببِ هذا التصاعدِ الذي لا داعيَ لهُ في المهورِ، جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ فقال إنِّي تزوجتُ امرأةً من الأنصار، فقال له النبي: على كم تزوجتها؟ قال على أربع أواقٍ ((يعني مائةً وستينَ درهما " فقال له النبيُّ على أربعٍ أواق!! كأنَّما تَنحتُونَ الفضةَ من عُرْض الجبل ما عندنا ما نعطيك)) رواه مسلم.
وقال عمر: ((لا تُغْلوا صُدُق النساءِ، فإنَّها لو كانت مكرُمةً في الدنيا أو تقوى في الآخرةِ، كانَ أولاكُم بها النبي)) رواه الخمسة وصححه الترمذي
فيا أيُّها الأبُ المبارك:
لقد رضيتَ بالله رباً وبالإسلامِ ديناً، وبمحمدٍ نبياً، وإنَّ من دين الإسلامِ وشريعةِ ربنا، ومنهجِ نبينا التيسيرَ في المهورِ، هاهو ذا- صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أعظمُ النكاحِ بركةً أيسرُهُ مؤنة)).
فإن كنتَ صادقاً في دعواكَ فهات برهان ذلك بالإتباع!؟
وسببٌ آخر للمشكلةِ وهو التعذرُ بمواصلةِ الدراسة، إنَّ الكثيرَ من الشبابِ لا يرغبُونَ في الزواجِ بحجةِ أنَّ الزواجَ يحولُ بينهم وبين مواصلةِ الدراسة، وهذهِ حجةٌ داحضة، بل الصحيحُ العكس، لأنَّهُ ما دام أنَّ الزواجَ تحصلُ به مزايا كثيرة، منها السكونُ والطمأنينةُ وراحةُ البال، وقُرةُ العين، فهذا مما يساعدُ الطالب على التحصيل، لأنَّهُ إذا ارتاحت نفسُهُ وصفا فكرهُ وهدأ بالُهُ، ساعدَ ذلكَ التحصيلُ العلمي لدى الطالب، أمَّا عدمُ الزواجِ فإنِّهُ في الحقيقةِ هو الذي يحولُ بينهُ وبينَ من يُرِيدُ التفوقَ العلمي، لأنَّهُ مشوشُ الفكر، مضطربُ الضمير، قلقُ النفس، إن فتحَ كتاباً ليقرأ بدأ يقرأ في بحرِ أفكارهِ وخطرا تهِ وهوا جيسه.
سببٌ ثالث: وهُو ما يُردِدُهُ بعضُ أربابِ الأفكارِ اللقيطة، الذينَ ينفثُونَ سُمُومَهم عبرَ قنواتٍ مُتعددة، كالمقالاتِ والقصصِ الأدبية، والمسلسلات التلفازية، التي يُقررون من خلالِها مُشكلاتِ الزواجِ وسلبياتهِ التي يزعمون. فالشابُ إذا قرأ أو شاهدَ مثل هذه الأخبارُ والمشاهد، لسانُ حالهِ يقول: لماذا أقحمُ نفسي في مثلِ هذا؟ أنا غنيٌّ عن ذلك؟(52/1)
لكننا نقولُ: إنَّ للزواجِ مزايا وحسناتٍ ترجح على ما ذكروهُ من مشاكلٍ وسلبيات، وليس في الدنيا شيءٌ إلاَّ ويقابلهُ شيءٌ، نحنُ لا نقولُ إنَّ الزواجَ لا مشاكل فيه كلا، فهذا بيتُ خير الخلق وصفوةُ الأمة- صلى الله عليه وسلم - لم يخلو بيتهُ من ذلك، ولو كانت الدنيا تصفُو لأحدٍ لصفت لأنبيائهِ ورسله، لكن في الزواجِ مصالحَ ومنا فعَ ترجحُ على هذهِ المشاكلِ والسلبيات، وبالتالي تُنسيها.
أين هؤلاءِ الذين أغفلوا منافعَ الزواج ومصالحهِ عندما يعودُ الإنسانُ إلى بيتهِ وهو مثقلُ الجسمِ من التعبِ والنصب، ويستقبلهُ أهلهُ باستقبالٍ كُلَّهُ فرحٌ واستبشارٌ بقدومه، فينسى الإنسانُ تعبهُ ونصبه، أينَ هُم من سُرورِ القلبِ، وفرحَ النفس؟ أينَ هُم من تحصينِ الفرجِ وقضاءِ الوطرِ وحمايةَ العرض، هل اغفلُوا ذلك كلهُ وغيرهُ كثيرٌ من أجلِ مُشكلةٍ تزولُ في يومها، فليعتبر المؤمنُ من ذلكَ، والتجربةُ خيرُ برهان.
وسببٌ رابع: وهُو عدمُ الرغبةِ في تحملِ المسؤولية: يعزفُ بعضُ الشبابِ عن الزواجِ لأنَّهُ مسؤوليةٌ عظيمة، وارتباطٌ وقيد، نعم إنَّ الزواجَ مسؤوليةً لابدَّ من مُراعاتها، وكيانٌ لابدَّ من تلبيةِ رغباته، كما أنَّهُ ارتباطٌ لكنهُ ارتباطٌ من نوعٍ آخر، ارتباطٌ يشعرُ الإنسانُ من خلالهِ بأنَّ لهُ سكنٌ يسكنُ إليه، وبيتٌ يتوددُ إليه، يجدُ فيه الأنس والألفة، يجدُ فيه الاستقرارَ والسكينة، يجدُ فيه الأبناءَ والأحفاد، يجدُ فيه الطاعةَ والإتباعَ وغيرُ ذلك، أضف إليها أنَّهُ قُربةٌ وأجر، قربةٌ إذا أراد الإنسانُ به إحصانَ فرجهِ عن مُحرماتِ الله، وأجرٍ إذا وضعَ نطفتهُ فيما أحلهُ الله.
أيُّها الشاب:
قارن بينَ هذا الذي تحملَ المسؤوليةَ لكن وجدَ لهذه المسؤوليةَ لذةٌ وسعادة، مع ذلك الذي لا زوجةَ له ولا ولد، فراراً من المسؤولية، إنَّ رحمتهُ بالناسِ مفقودة، وشفقتهُ عليهم غيرَ موجودة، لا يهمَهُ إلاَّ بطنهُ وظهره، ولا يجمعُ من المالِ إلاَّ ما يكفيهِ لحياته، هو عالةٌ على أهلهِ في صغره، وغيرَ مأمولٍ في كبره، إذا طالَ عُمرهُ فغيرَ مُلتفتٍ إليه، وإذا ماتَ فغيرَ مبكيٍّ عليه! كيفَ به إذا اشتعلَ الرأسُ شيباً، وبلغَ من العُمرِ عتياً، فمن يُعينَهُ ويقضي حوائجهُ، لا تغتر الآنَ بزهرةِ الشبابِ، لكن تأمل مستقبلَ حياتِكَ كيف تكون؟ وقارن ذلك بمن رضيَ بشيءٍ من المسؤولية، وأصبحَ قريرُ العينِ في شبابهِ وشيبه!! أرادَ ابن عُمر أن لا يتزوجَ، فقالت له حفصة: يا أخي لا تفعل تزوّج، فإنَّ وُلدَ لك ولدٌ كانوا لكَ أجراً، وأن عاشوا دعوا الله لك،
وسببٌ خامس: وهو الاستغناءُ بالحرامِ عن الحلال: يلجأ بعض الشبابِ هداهم الله إمَّا إلى طُرقٍ سريِّةٍ خفيةٍ لإبرازِ ضرامِ الشهوة، التي حرمها جمهورُ أهل العلم، عملاً بقولهِ - تعالى -: ((فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)) (سورة المؤمنون: 7).
وإما الاغترافُ من حمأةِ اللذةِ المحرمة، وسلوكِ سبلَ الضلالِ، لتُبذلَ فيها الصحةُ والشبابُ في لذةٍ عارضةٍ، ومتعةٍ عابرة، ثم هو لا يشبعُ، بل كُلما واصلَ واحدةً زادهُ الوصالُ نهماً، كشَّاربِ الماءِ المالح، لا يزدادُ شرباً إلاَّ ازداد عطشا، فيستغني بذلك عن ما أحله الله لهُ وأباحهُ، لكن لو تأملَ المسكينُ حالهُ لعلمَ أنَّهُ قد جلبَ العارُ والشنارُ على نفسهِ في الدنيا والآخرة.
هذه بعض أسبابِ عزوفِ الشبابِ عن الزواجِ، ولهذه المشكلةِ أضرارٌ وأضرار، فمن ذلك: بقاءُ الكثيرِ من النساءِ عوانسَ في البيوت، مما يترتبُ على ذلكَ قلةَ النسل، ومن أضرارهِ انتشارُ الزنا، لأنَّ الشابَ لا يجدُ للوصولِ إلى قضاءِ حاجتهِ الغريزيةِ إلا سلوك الحرام، ومن أضرارهِ انطواءُ الشابِ على نفسه، وعلى أوهامِ شهوته، والتفكيرِ فيها وتغذيتها بالرواياتِ الرخيصة، والأفلامِ الساقطة، والمجلاتِ الماجنة، وأحلامِ اليقظةِ، ورؤى المنامِ حتى ينتهي الحالُ به إلى الهوس، أو انهيارِ أعصابه، وهذا كُلَهُ نتيجةَ ما نحسُّهُ اليومَ من جُمودٍ في حركةِ الزواج، حتى أصبحت العزوبةُ الممقوتةُ أصلاً لدى عددٍ من الشبابِ ليس بالقليل، فاتقوا الله يا عباد الله، وتجاوزوا تلك العقباتِ، ويسِّروا الزواج، و إلاَّ بيقت بناتُكم في بيوتِكم بلا أزواج، وبقيَ أبنائَكم في منازلكم بلا زوجاتٍ، أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم ((وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) (سورة النور: 32).
بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
عباد الله:
إننا نستطيعُ أن نُقسِمَ الشبابَ بالنسبةِ إلى الزواجِ والباءةِ إلى قسمين:
قسمٌ صادقٌ وهو من يعجزُ عن الإتيان بشروطِ الآباءِ المعجزةِ لزواج بناتهم، فيضعونَ العراقيلَ تلو العراقيلَ في سبيلِ ذلك، وهُو قد بذلَ جُهدَهُ، وسخَّرَ طاقَتهُ في محاولةِ الزواجِ، فهذا لا كلامَ لنا فيه، إلاَّ أن نسألَ اللهَ له أن يسر له الزوجة الصالحة التي تقر عينه.
وإمَّا القسمُ الثاني من الشبابِ وهُم المُعرضينَ عن الزواجِ بأسبابٍ تتساقطُ تدريجياً، وبتلقائيةٍ تامةٍ قبل أن يسقطها النقدُ والتمحيص، فإذا ادَّعى وتحججَ بغلاءِ المُهور، وهُو حقٌّ أريدَ به باطل، فتجدهُ يُكذِّبُ نفسهُ بنفسه، عبرَ سفرَاتهِ المتكررة، إلى خارج البلاد، ليتمتع بالحرية البهيمية، وإنَّكَ لتراهُ مجيباً للسفر، منفقاً على المومساتِ مع تقتيره على نفسه، وإذا عادَ إلى بلادهِ عاد إلى جمعِ المالِ والعودةِ به إلى الخارج مرةً أخرى، وأنتَ ترى بعض الزاعمينَ بتكاليفِ الزواج، تَراهم يركبُون السيارات الفاخرة، والملابس الرائقة، يصرفُ أموالهُ ويبددها في سبيلِ ذلك، وإذا ناقشتهُ في الزواجِ قال إنَّ المهور غالية، والبعضُ من هؤلاءِ الشبابِ عاطلٌ باطل، لا همَّ له إلا مطاردة النساءِ في الأسواق، والحديثِ عبر الهاتفِ ليلاً ونهاراً؟ لم ذلك كله؟ لأجلِ الشهوة، فلماذا لا يتزوجُ ويمنعُ نفسه منه؟ يقول لا أستطيع أن المهور غالية؟ فأين أنتَ؟ أينَ عملك؟ أم تريد أن نعطيكَ المرأةَ على طبقٍ من ذهب، تنامُ بالنهارِ وتسهرُ بالليل، وتقولُ زوجوني زوجوني أو اتركوا لي الحبلَ على الغارب، أعاكس الفتيات وأسعى للحصول منهنَّ على موعد، وما أكثر المواعيد؟ وما أكثر اللقاءات؟
نسألُ الله أن يعصم ذريتنا من الزلل.
30/5/1426 هـ
7/7/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
ظاهرة خطيرة
محمد بن عبد العزيز المسند
تزوج فلان فلم يوفق في زواجه، وطلق امرأته بعد أيام من عقد قرانه، وتزوجت فلانة لم يحالفها التوفيق وعادت إلى بيت أهلها بعد أيام من زواجها، وتزوجت فلانة، مرتين وفي كل مرة تعود إلى بيت أهلها ويطلقها زوجها.
ظاهرة خطيرة، تستحق الدراسة والبحث، لمعرفة الأسباب المؤدية إلى فشل الحياة الزوجية بين الشباب والفتيات، لا سيما في الآونة الأخيرة،
لقد كان الرجل في الماضي يَعقد له على امرأةٍ لم يرها قط، ولا يعرفُ عنها أيِّ شيء، ومع ذلك تنجح الزيجة، ويسعد كل واحدٍ منهما بالآخر مهما وجد فيه من العيوب، واليوم لا يدخل الشاب على امرأته إلاَّ وقد رآها وعرف عنها كل شيء، بل رُبما كان على اتصالٍ بها قبل الزواج بأشهرٍ أو سنوات - مع أنَّ ذلك لا يجوز - ومع ذلك سرعان ما ينهارُ عش الزوجية في أيامٍ معدودة، فما هو السر يا ترى.
لقد تأملت في هذه الظاهرة كثيراً وقد تبين لي أنَّ من أسبابها ما يلي.
أولاً: ضعف الوازع الديني لدى الطرفين أو أحدهما.
ثانياً: عدم القدرة على تحمل المسؤولية نتيجةً لسوءِ التربية.
ثالثاً: ضعف الصبر والتحمل والاستعجال في اتخاذ القرار.
رابعاً: إطلاق النظر في ما حرم اللهُ من الصور الجميلة الفاتنة، من الرجال والنساء، سواءً مباشرةً، أو عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، مما يزهد كل طرف في الآخر.
خامساً: تدخل طرف خارجي في حياة الزوجين، كأهل الزوج أو الزوجة، خاصة إذا كان الزوج ضعيف الشخصية.
سادساً: استعمال السحر، ومنهُ ما يُسمى بالصرف للتفريق بين الزوجين، والحيلولة دون انسجامهما، ويمكن الاحتراز من ذلك بالتحصن بالآيات والأذكار الشرعية، والمداومة عليها.
سابعاً: الحرب التي تشنها بعض وسائل الإعلام على الأسرة المسلمة، ودعوة المرأة إلى التمرد على زوجها، وقد نشرت إحدى المجالات النسائية مقالاً بعنوان: كيف تنكدين على زوجك؟ كما نشرت صحيفة أخرى تحقيقاً بعنوان "عشر طرق لقتل الزوج"!!
هذه بعض أسباب هذه الظاهرة، ولا شكَّ أنَّ هناك أسباباً أخرى كثيرة، والعلاج يمكنُ في تلافي هذه الأسباب وغيرها.
والله الموفق.
7/4/1426 هـ
2005-05-16
http://www.islamlight.net المصدر:
-ـــــــــــــ
انتبه عندما تريد الزواج
إيمان الشرقاوي
هل مررت يوماً بصحراء قاحلة، لا زرع فيها ولا ماء، تعصف بك الريح تارة، والجوع تارة أخرى، وتتعثر بك الخطى حيناً من الوقت، وبينما أنت على تلك الحال إذ بفرج الله يأتي، ويمنّ الله عليك فينتهي بك المطاف إلى واحة خضراء مليئة بخيرات الله تسر الناظرين، وتبهج السائرين، ومنها يتبلغ المسافرون إلى ما شاء الله، بعد أن يتركوا خلفهم أثراً يدل على سيرهم في هذا الطريق يوماً ما...؟
وهل تذوقت حلاوة الشبع ولذته بعد أن كابدت مرارة الجوع والحرمان، فسكنتْ نفسك بعد اضطراب، واطمأنت روحك بعد خوف وشتات، وهدأت فرائصك واستقرت بعد طول ارتعاد؟
كذلك هو الزواج.. سكينة للنفس وراحة للفؤاد.. سكن للروح وحياة طيبة للأجساد.. وهو الواحة الخضراء في صحراء الحياة، يتمتع فيها المحبون فتمتزج أرواحهم بحب ووداد، بعد أن أخذوا على أنفسهم العهد والميثاق أن يعيشوا معاً على كلمة سواء، لا اعوجاج فيها ولا التواء، وتعاهدوا معاً على رعاية تلك الواحة الغنّاء لتستمر خضرتها وتورق أشجارها، وتخرج ثماراً وبذوراً طيبة، وغراساً صالحة تثقل في الميزان وتجود بالربح الوفير.
مآرب وأهداف:
نعم.. إنها آية الزواج.. قارب العبور في خضم الأمواج.. إنه المودة.. الرحمة.. السكن.. التآلف.. المشاركة بالقلب والجسد، ألا ما أعظمها من حياة بعيدة عن حياة العبث والحرام، تتحقق فيها تلك المآرب والأهداف، ومع ما فيه من تضحية وإيثار، وحبس للنفس عن التفلت من تبعاته ومسؤولياته، فإننا نقول لكل من يريد الزواج: انتبه عندما تريد أن تدخل من ذلك الباب! فهو أشبه بالقفص الذهبي الذي يغري بريقه الداخلين، لكن محبسه ليس كأي حبس وإنما هو حبس محبب إلى القلوب، وتشتاق إليه الأنفس وتحنّ! لذلك فإن لهذا الدخول تبعات، كما أن ذلك القفص الجميل محوط بقيود، وإن كانت ذهبية! فانتبه.. لأن لداخله حقوقاً، وعليه واجبات! ولا بد من دفع رسوم الدخول!
وحين تحسن النوايا وتتحابّ القلوب، وتكون المشاركة الوجدانية في الأفراح والأحزان، في الرخاء والشدة، في اليسر والعسر.. وحين يصبح التأني والحلم والأناة، وحسن الظن والتماس الأعذار، والعمل لوجه الله - تعالى -شعاراً لنا في الحياة.. تسير سفينة الزواج بأمان، فإذا ما اعترضها عارض وتلاطمت الأمواج، وتعالت الصيحات ظهر الربّان الحكيم الذي يعرف فنّ القيادة وأصولها، وكيفية إدارة الدفة في اتجاهها الصحيح، فيأخذ بأسباب الأمان ويصل إلى الشاطيء بسلام.
القوامة على الأسرة
وما أحسن القيادة التي تؤتي أكلها وتثمر ثمارها غضة طرية في كل حين، وما أعظمها إن كان التكليف بها من لدن رب حكيم عليم، رحيم بعباده، وهنيئاً لمن قام بما كلف به دون تقصير، ويا لخزي وندامة من لم يقم بما عليه حق القيام في يوم يشيب من هوله الولدان، والجزاء من جنس العمل، والله - تعالى - لا يضيع أجر المحسنين.
لقد كلّف الله - سبحانه - الرجال بقيادة دفة الأسرة، وخصّهم بدرجة القوامة، قال - تعالى -: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على" بعض وبما أنفقوا من أموالهم) (سورة النساء: 34). وهي ليست قوامة تشريف بقدر ما هي تكليف وتبعات ومسؤولية، وليست قوامة تسلط وتعنت وجبروت، بل رعاية وعناية وإحسان، لا ضرر فيها ولا ضرار.. قال {: "من ضارّ ضارّه الله، ومن شاقّ شق الله عليه".. وقال: "لا ضرر ولا ضرار" (رواه ابن ماجه).
اجتياز البوابة
ومن هذا المنطلق ننطلق معا ونجتاز تلك البوابة لندخل ذلك القفص الذهبي الذي من حرم دخوله تمنى لو عاد قطاره إلى محطته السابقة ليحطّ برحاله هناك أمام ذلك الباب ليصبح آمناً في حصن حصين من الشيطان الرجيم... لذا فقد قال رسولنا : "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني". (رواه الحاكم).
وقديما قالوا: من خير ما يتخذ الإنسان في دنياه: كي ما يستقيم دينه، قلب شكور ولسان ذاكر: وزوجة صالحة تعينه.
حقوق وواجبات:
إنه الزواج.. العفة والطهارة والإحصان.. المودة والرحمة والأمان.. السكن والأنس والاطمئنان.. من رُزقه ووُفق إليه نال من الخير الكثير، وهو أخذ وعطاء.. حقوق وواجبات.. إيثار وإنكار للذات.. وقبل ذلك طاعة وعبادة وقربة من أجلّ القربات.. به تُطلب الرحمات وترفع الدرجات. قال رسول الله : "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله - تعالى -إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما". (رواه ميسرة بن علي ورمز له السيوطي بالصحة).
تُرى أخي الزوج.. أختي الزوجة.. متى نظر كل منكما للآخر نظرة الرحمة تلك؟! ومتى أخذ كل منكما بكف شريكه أخذ عطف ورعاية ومحبة ليكون جزاؤه عند الله من جنس عمله؟ قد يكون ذلك العمل هامشياً في نظر البعض لا أثر له في موازينهم، لكنه نظر في غير موضعه، فكل ما من شأنه جلب رحمة الله فهو عند الله عظيم.. هي نظرة ولمسة تنزل الرحمات، فما أعظم تلك النظرة، وما أروع تلك اللمسة!!
قيد حديدي:
وإن كان الأمر كذلك فما بال أقوام جعلوا من ذلك القفص الذهبي المليء بالرحمات قيداً حديدياً تُكبّل به الأيدي، وتُهان بسببه النفوس، وربما تمله وتتمنى الفكاك منه بأي سبيل كان وبأي ثمن يُدفع؟! ما الخلل إذن؟ وما الداء؟ وأين نجد الدواء؟ فوالله إنه لشيء عجاب أن تنقلب الموازين وتتحول جنبات البيت الآمن الذي يريده الله كروضات الجنات إلى أرض مستعرة تقذف حمماً بركانية ثائرة تأكل الأخضر واليابس من أمن الدار، وإلى نار تلظّى تتأجج بالليل والنهار! تُرى ما السبب؟ وكيف نتحول بالزواج وبالبيت إلى ما يتمناه كل إنسان سليم الفطرة سويّ التفكير، فيصبح روضة تسر الناظرين، وبستاناً يضم أحسن
الورود وأطيب الرياحين بدلاً من أرض جدباء لا تأتي إلا بالأشواك والهشيم..
الصحبة الطيبة
لقد أوصى الصحابي الجليل أبو الدرداء - رضي الله عنه - زوجته فقال لها: "إذا رأيتني غضبت فرضني، وإن رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".. نعم.. إنها الصحبة الطيبة التي تعرف أن لها حقاً، وللآخرين حقوقاً.. فتعطي قبل أن تأخذ، وتعرف لكل ذي حق حقه.. الحياة شركة مشتركة، والحقوق والواجبات فيها كثيرة.
إصلاح النواة:
ولمّا كان البيت المسلم هو النواة في الأمة المسلمة، ومتى صلح قويت الأمة، فجدير بنا أن نصلح النواة ونحيطها بسياج الرعاية والريّ والإهتمام، بعيداً عن الآفات التي تحد من صلاحيتها أو تؤثر فيها. ولما كان الزوج هو رب الأسرة وقيّمها كما أوضحنا، وبه يقتدي أهل بيته ومنه يتعلمون، فلا بد أن يكون على عاتقه الحمل الأكبر من الرعاية والمعرفة التامة بالحقوق والواجبات، وإذا علم ذلك أتبع علمه بالعمل... لذا سنقدم لكم إن شاء الله سلسلة القفص الذهبي، يكون مسيرنا فيها معاً على الطريق من أجل أسرة مسلمة سعيدة مستقرة، بعيداً عن آفات الجهل بالحقوق والواجبات، نتطرق معاً لبعض المؤثرات على تلك الأسرة سلباً وإيجاباً، من أجل بناء أقوى وزواج أبقى.
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــ
شعرة الأسد
الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند
يحكى أن امرأة حديثةَ عهدٍ بزواج، أتت أحد الحكماء تطلب منه نصيحة لكسب ود زوجها، والوصول إلى قلبه، فما كان من ذلك الحكيم إلا أن طلب منها أن تأتيه بشعرة أسد! فتعجبت من طلبه! وقالت: أنَّى لي بشعرة أسد، وأنا المرأة الضعيفة!! فقال لها: ما أجد لك حلاً غير هذا.
فانطلقت المرأة إلى أقرب غابة لتبحث عن أسد، وما إن وجدته حتى باتت تقترب منه شيئاً فشيئاً، وتعتني بطعامه وشرابه، وتوليه جل اهتمامها ورعايتها في حنان وعطف بالغين، حتى إذا ما ألفها وألفته، وصار ينام بين يديها قرير العين، وهي تمسح على رأسه ـ نزعت شعرة من رأسه، وأتت بها مسرعة إلى ذلك الحكيم ليحقق لها ما تريد.
فتعجّب الحكيم من صبرها ومثابرتها، وقدرتها على إخضاع ذلك الأسد الغضنفر، وقال لها ـ بعد أن ألقى الشعرة تحت قدمه ـ: فكذلك فافعلي بزوجك، تكسبي وده.
إن هذه الحكاية وإن كانت أقرب إلى الرمز منها إلى الحقيقة؛إلا أن لها دلالتها الواضحة في وصف العلاج الناجع لكثير من المشكلات الزوجية، والتي تبدأ ـ في الغالب ـ منذ الأيام الأولى للزواج..حيث تنهال النصائح من بعض الأقارب والأصدقاء لكلا الزوجين مذكرة إياهما بضرورة إثبات الشخصية، وأن (العود من أول ركزة)، وإذا كانت هذه النصيحة في الماضي توجه للزوج وحده، فإنها الآن توجه للزوجة كذلك، فلا بد أن تثبت شخصيتها من أول يوم، حتى يكون زوجها ـ كما يقال ـ كالخاتم في يدها أو رهن إشارتها، وكم جرّت هذه النصيحة من متاعب، وجلبت من مصائب بين الزوجين، والنتيجة: إما شقاق دائم وعدم وفاق، أو طلاق بائن وفراق.
وقد جرّب ذلك كثيرات، فهذه امرأة غربية كافرة، تحكي قصتها مع زوجها، وأنها كانت كالند له على مدى اثنتي عشرة سنة من بداية زواجهما، وأنها لم تجن من ذلك إلا الشقاء، والهم، والقلق الدائم، وبعد هذه السنوات الطوال قررت أن تخضع له في كل شيء، وتلبي كل رغباته دون اعتراض، فإذ بحياتها تنقلب إلى سعادة لا توصف كما صرحت بذلك في كتابها الذي أصدرته مؤخراً في هذا الشأن، فهي تدعو بنات جنسها أن يحذين حذوها، إن أردن السعادة في حياتهن الزوجية.
ونساؤنا المؤمنات لسن بحاجة ـ ولله الحمد ـ إلى نصائح الكافرات، ففي كتاب ربهن وسنة نبيهن - صلى الله عليه وسلم -، ما يغنيهن عن مثل هذه النصائح، وإنما أسوق هذه النصيحة لبعض النساء اللاتي اغتررن بنساء الغرب، فرحن يقلدنهن في كل شيء، حتى سمعنا من تطالب بأن تكون القوامة للمرأة على الرجل إذا كانت هي المنفقة، بل من تطالب بتعدد الأزواج للمرأة كما للرجل، ومن تأمل أحوال أولئك النسوة اللاتي يزعمن التحرر، وجد أن الفشل والشقاء، وعدم الاستقرار هو عنوان حياتهن الزوجية، هذا إن صبر عليهن أزواجهن، وإلا فإنهن في عداد المطلقات المنبوذات، وربما بعد عدة زيجات فاشلة، وهذا هو جزاء من تنكب الصراط المستقيم.
14/12/1425 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
ورد .. وشوك
صعقت رباب عندما واجهها زوجها بنيته الزواج للمرة الثانية، لم تصدقه، بل ربما لم تشأ أن تصدق،
قالت له: أنت لا شك تمزح، تريد أن تثير غيرتي لا غير، وأضافت كمن تتمنى أن يوافقها، بل ترجوه أن يفعل، حتى لو كان كاذباً، فيقول إنه يمزح، لكنه أطرق قليلاً ثم قال بهدوء: لم أكن جاداً من قبل كما أنا الليلة.
استشاطت غضباً، وطرحت نفس السؤال الذي كان هو يوجهه لنفسه، كان يعلم يقيناً أنها ستطرحه ويحاول تحضير إجابة ما تقنعها أو تقنعه، كان سؤالها المتوقع: وماذا ينقصك لتتزوج من امرأة أخرى، حار في أمره، فسألت سؤالاً آخر: بماذا قصرت معك؟ ازداد حيرة، وسؤال ثالث كررته كثيراً في مرارة وألم: لماذا؟؟! أخذ يدها وقال محاولاً تهدئتها: يا عزيزتي... ثارت ثائرتها ونزعت يدها من يده وهي تقول في تهكم وأسى: عزيزتك؟! قاطعها محاولاً الاحتفاظ بهدوئه وهو يقول: هل قلت إنك قصرت معي في شيء؟ لم أقل ذلك أبداً، كما لم أقل بأنه ينقصني شيء! صرخت قائلة: فلماذا إذن، لماذا؟ أخذ يتلفت حوله كأنه لم يطرح هذا السؤال على نفسه عشرات المرات، وكأنه لم يحضر إجابات منمقة فيها اعتراف بفضل زوجه ووقوفها معه دائماً في السراء والضراء، وفيها شكر عميق على حسن اهتمامها بالأولاد وتربيتهم التربية المثلى.....
سكت حيرة فهو يعلم أنه لن يقنعها بشيء، مهما حدثها عن دوافعه ومقاصده، واستمدت هي من سكوته قوة وعادت تطرح نفس الأسئلة: لماذا؟
حاول جاهداً استيعاب ثورتها، وأكد لها حرصه الشديد على استمرار العلاقة بينهما، وأنها ستحتفظ دائماً بمكانتها في قلبه وحياته، وأخذ يشكر فضلها على ما قدمت في السنوات الطويلة التي قضياها معاً، لكن ثورتها كانت تتجدد مرة بعد مرة، وتسمع كأنها لا تستمع شيئاً مما يقول، وتعود لطرح أسئلتها ثانية وثالثة، أدرك أنه لن يستطيع إرضاءها أبداً، إلا إذا تراجع عن نيته وهو لا ينوي التراجع مطلقاً مهما كانت النتيجة، ولذلك قال في حزم: لقد فكرت طويلاً، وقد عزمت على ما أبلغتك به، وهأنا أخبرك بنفسي، فلأن تعلمي مني خير من أن تعلمي من غيري، فانظري أمرك، وقام يغادر المكان حتى لا يسمع أسئلتها من جديد.
لكنها لحقت به وسألت سؤالاً آخر هذه المرة وقد أدركت أن الأمر جد لا هزل، قالت: فمن هي تلك المرأة؟ سكت ملياً ثم قال: هذه ليست قضيتك. قالت: أهي أجمل مني؟ هل هي أصغر مني؟ هل هي..... ؟
قاطعها قائلاً: وهذه ليست قضيتي، حدق في عينيها مكرراً: تعلمين جيداً أن هذه ليست قضيتي، وغادر الغرفة ولم يلتفت.
أما هي فقد قضت ليلتها تبكي حتى الصباح، وتجتر ذكرياتها ما حلا منها وما مر، وأرقها بشكل خاص ما سيقوله الناس في شأنها، سوف يتساءلون، سيلوكون قصتها بلا شك، وسيقولون الكثير، فماذا وراء الناس غير الكلام في الناس؟
تبث همومها لصديقتها(52/2)
في صباح اليوم التالي، دعت صديقتها المقربة سحر لزيارتها في منزلها، وخفّت الأخيرة إليها وقد أقلقتها هذه الدعوة الصباحية المفاجئة، فتحت الباب لصديقتها وما إن رأتها حتى أكبت عليها وأخذت تبكي، حاولت سحر التماسك، لاشك أن داهية حلت بصديقتها الليلة الفائتة، ساعدتها حتى أجلستها على أريكة قريبة، وهي تقول: خيراً إن شاء الله، ما الذي حدث؟ تنظر يمنة ويسرة لعل أحداً يخبرها لماذا انخرطت صاحبة الدار ببكاء يكاد يقطع نياط قلبها حتى لا تستطيع الكلام، أمسكت بكتفي صديقتها وهزتهما بشيء من العنف وهي تقول: أرجوك، أخبريني ماذا حدث؟ هل حدث مكروه لأحد الأولاد لا سمح الله؟ ردت: بل لأبيهم يا سحر.. لأبيهم، ربتت سحر على كتف رباب وهي تحوقل وتسترجع، ولكن متى حدث ذلك وكيف؟ قالت رباب وهي لا تزال تبكي: لم يحدث بعد ولكنه سيحدث، سيحدث.
حارت سحر وقالت: ماذا تقولين؟ ما هذا الذي سيحدث؟
ردت وهي تظن أنها تفجر قنبلة: سيتزوج بامرأة أخرى.
المعالجة الحكيمة
ارتخت سحر في جلستها، وقالت وهي تحاول التقليل من حجم المسألة: سامحك الله يا رباب، أهكذا تفعلين بي؟ تأتين بي على وجهي قبل موعد المدرسة وأنت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار كل ذلك لأنه سيتزوج؟!! وماذا إذا تزوج؟! أهي نهاية العالم؟؟
ردت: نهاية عالمي أنا على الأقل، نهاية حياتي، نهاية نجاحي، نهايتي أنا. تبلع سحر غصتها، هي حزينة جداً لحزن صديقتها، لكنها تتجلد أمامها، لئلا تزيدها لوعة، قالت محاولة التخفيف عنها: فليتزوج، فماذا سيحدث؟! هو وحده من سيتحمل مسؤولية جديدة، بيت آخر وأسرة أخرى ومسؤولية العدل في النفقة والمبيت، أما أنت فستبقين سيدة بيتك ولديك أولادك وعملك، وأضافت مازحة: بل ستقل مسؤولياتك وسيكون لديك فراغ أكبر مع الوضع الجديد وستنتجين أكثر، هنا غضبت رباب وقالت: أتسخرين مني؟ كنت أظنك ستشاطرينني مصيبتي وتبكين معي، أقول لك سيتزوج، سأخسر كل شيء، كل شيء.
تصنعت سحر مزيداً من الجدية وقالت: حسن، هذا قرارك أنت، إن شئت استسلمت وخسرت كل شيء، زوجك وبيتك وأولادك وأحلامك وأذهبت نفسك حسرات. هدأت رباب وأخذت تستمع لكلام صديقتها، التي أردفت بقولها: وإن شئت صمدت وحافظت على مكانتك وأسرتك، بل واستثمرت ما تسمينه مصيبة في صالحك، في أن تعملي شيئا لنفسك.
إنه حديث جديد يا سحر، كيف؟ ماذا تقصدين؟
قالت سحر: أنت معلمة ناجحة، هل فكرت في عمل بحث في تخصصك؟ واستطردت تقول وقد لاحظت اهتمام صديقتها:، ولغتك الإنجليزية جيدة هل فكرت في ترجمة بعض الكتب المفيدة؟ هناك الكثير لتفعليه، وأنت لديك إمكاناتك، قلت لك ذلك مراراً لكنك كنت دائماً تقولين: الزوج والبيت والأولاد......... وضيق الوقت.
قالت معترضة: هل كان خطأ إذن اهتمامي بالبيت والزوج والأولاد؟ قالت سحر: من قال ذلك؟ فكرت ملياً ثم قالت، بل ربما كان خطأ، لاشك أن هناك خطأ ما، أضافت كمن تحدث نفسها: هو خطأ وهو صواب، المسألة نسبية.
قالت رباب: بدأت تتحدثين بالألغاز، أي خطأ وأي صواب؟ أليست كل واحدة منا غاية أحلامها أن يكون لها بيت وزوج وأولاد؟
قالت كأنها عثرت على ضالتها: هذا هو الخطأ بعينه، نعم الطبيعي أن نحلم بأن يكون لنا ما ذكرت لكن الخطأ أن نعتبره المحطة الأخيرة في أحلامنا فيكون هو كل حياتنا فإذا ما هدُد بشيء كانت نهايتنا، ألا تظنين أنه ينبغي أن يكون إحدى محطاتنا على الطريق؟ ردت الأخرى: ربما كنت على حق! شدت سحر على يد رباب وقالت وهي تودعها: اصمدي أرجوك.. ولتكن هذه بداية جديدة.
الحل المريح
تجاوزت سحر محنتها واستفادت من نصائح صديقتها، بل وأعادت النظر في كل شؤونها، ومضت تترقى في وظيفتها وتزيد إنتاجها مع الفراغ الجديد الذي أتاحه زواج زوجها من أخرى، حتى لقد قال لها زوجها مداعباً ومباركاً بطباعة كتابها الأول: هل كان يجب أن أتزوج لتعرفي إمكاناتك، وتحسني استغلالها؟ قالت: تنسب الفضل في نجاحي لنفسك؟
قال: أبداً لكني سعيد بنجاحك، وأبارك لك من كل قلبي.
بعد عدة سنوات من زواجه جاء إليها زوجها في ليلة تشبه كثيراً تلك الليلة التي صعقها فيها بنبأ زواجه، وهو يظن أنه إنما يزف إليها نبأ سعيداً، أخبرها أن زوجته حصلت على بعثة دراسية، وسوف تسافر لإكمال تعليمها مع بعض أهلها، ردت في غير مبالاة: وما علاقتي أنا بهذا الأمر؟
قال: كل العلاقة يا سيدتي، ألا ترين أن سفرها سوف يجعلني متفرغاً لك وحدك ويعود حالنا إلى ما كان عليه؟ ابتسمت وقالت: أما أنا فقد رتبت أمري على ما تعلم، ليلة لك وليلة لعملي وإنتاجي وتحقيق طموحي ولا أرغب بالتغيير، فانظر أمرك:
قال: فماذا أفعل إذن؟ ابتسمت في ثقة وقالت:الأمر إليك، ربما تستطيع أن تتزوج بأخرى!
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــ
خطبة النساء بين يسر الماضي وعسر الحاضر
د. نهى قاطرجي
تأخذ المواضيع الاجتماعية في هذا العصر حيزاً مهماً من اهتمامات المسلمين على مختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية. لما يحصل فيه من تجاوزات في هذه المجالات لم تكن تحصل في العصور الإسلامية السابقة. حيث بدأت تظهر في المجتمع الإسلامي عادات اجتماعية بعيدة عن الإسلام وتعاليمه.
ومن هذه العادات تلك المتعلقة بالعائلة وبكيان الأسرة الإسلامية. كعادة تأخير الزواج. وعادة إطالة الخطبة ثم فسخها بعد فترة زمنية غير قصيرة. لدرجة أنه أصبح من الأمر العادي أن يمر كل من الفتاة والشاب بتجربة خطبة أو أكثر دون أن يشكل هذا الأمر أي إحراج لهما أو للمحيطين بهما!
وفي محاولة لدراسة أسباب هذه الظواهر. لا بد في البداية من تحليل بسيط لأسباب نجاح الزواج قديماً ومقارنة هذه الأسباب بالأوضاع الحالية.
والواقع أن الأمر جد بسيط ويمكن تلخيصه بجملة واحدة هي: " تمسك الأوائل بدينهم وتطبيقهم لتعاليمه ". فقد قام هؤلاء بالالتزام بأحكام الشرع دون الالتفات إلى الشعارات وباليقين بصلاحية هذه الأحكام. فالفرق إذاً واضح بين القدامى والمعاصرين. إذ أن الأمر يتعلق بالإيمان وضعف الإيمان. بالعقيدة والتسليم هناك. وبالضعف والانهزام هنا.
وقد كان من أثر تمسك هؤلاء الأوائل بدينهم أن أدركوا كل ما يتعلق بهذا الدين في مختلف نواحي الحياة الدنيوية والأخروية. فكان مما أدركوا من الناحية الدنيوية دور مؤسسة الزواج في تأمين سعادة الفرد والمجتمع. وتكون سعادة الفرد في إشباع الشهوة عن طريق الحلال و في الحصول على السكن والمودة. كما تكون سعادة المجتمع في استمرار النسل وبقاء النوع البشري. وفي حفظ أمن المجتمع من التعديات وخلط الأنساب ونشر الأمراض والجرائم. التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " إذا أتاكم من تَرْضَوْنَ خلقه ودينه فزوجوه. إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " رواه الترمذي.
هذا باختصار أهم أهداف الزواج كما وردت في الإسلام. وقد ورد ذكرها هنا كمقدمة قبل الانتقال إلى ذكر أسباب تيسير الخطبة في العصر القديم وتعسيرها في العصر الحديث.
يسر الخِطبة في العصر القديم:
أدرك المسلمون الأوائل ارتباط الزواج بالشرع فلم يفصلوا بينهما كما يفعل بعض المعاصرين الذين يدعون إلى فصل الدين عن الدولة. إذ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل من الزواج نصف الدين فقال: " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين. فليتق الله في النصف الباقي " رواه البيهقي.
لهذا كان هؤلاء يسارعون إلى تزويج أبنائهم إكمالاً لنصف دينهم. وتنفيذاً لأوامر الله - عز وجل - واتباعاً لسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - الذي جعل مسؤولية فساد الولد تقع على الأهل في حال إخلالهم بواجباتهم تجاه أبنائهم. فقال - عليه الصلاة والسلام -: " من بلغ ولده النكاح وعنده ما يُنكحه فلم يُنكحه ثم أحدث حدثاً. فالإثم عليه " رواه الديلمي عن ابن عباس.
وقد كان لهؤلاء الأوائل معاييرهم الإسلامية في اختيار الزوج وفي تيسير أمر زواج بناتهم. ومن هذه المعايير:
-1- الإسراع في تزويج المرأة الخالية من الزوج. تنفيذاً لأمر رسول الله - عليه الصلاة والسلام - الذي قال لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: " ثلاث يا علي لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت. والأيِّم إذا وجدت كفؤاً" رواه الترمذي.
-2- البحث عن التقوى. فلم يرغب الصحابي لابنته إلا في الزوج التقي. لعلمه أن التقي لا يظلم. فقد قال رجل للحسن - رضي الله عنه -: " قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله. فإن أحبها أكرمها. وإن أبغضها لم يظلمها " الإمام الغزالي. احياء علوم الدين. ج2. ص41.
-3- تخفيف المهور. حيث كانوا يتبعون سنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - في هذا الأمر. فهو القائل: " خير الصَّداق أيسره " رواه الحاكم.
-4- عَرْضُ الصحابة والتابعين بناتهم للزواج على من يجدون فيه خيراً وصلاحاً. وعدم اعتبار هذا الأمر مشيناً بكرامة الفتاة. وكرامة الوالد. وهذا الأمر لم يفعله صغار القوم. كما قد يتراءى لبعض الناس. بل فعله كبارهم. كعمر بن الخطاب وسعيد بن المسيِّب - رضي الله عنهما -.
-5- عرض المرأة نفسها على من ترى فيه صلاحاً. وعدم استهجان الرجال الصالحين هذا الأمر. فقد ورد في صحيح البخاري عن ثابت البناني أنه قال:
" كنت عند أنس وعنده ابنة له. قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعرض عليه نفسها قالت: يا رسول الله. ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها. واسوأتاه. قال: هي خيرٌ منك. رغبت في النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضت عليه نفسها " رواه البخاري.
-6- إعانة طالبي الزواج التزاماً بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال:
" ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب الذي يريد الأداء. والناكح يريد العفاف. والمجاهد في سبيل الله " رواه النسائي وابن ماجه.
لهذه الأسباب ولأسباب أخرى لا يمكن حصرها في هذه العجالة. كان الزواج في تلك العصور زواجاً ميسراً ومباركاً. لأن من كان مع الله فإن الله معه وهؤلاء رجال قال فيهم الله - عز وجل -: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه " سورة الأحزاب. آية 23.
عسر الخِطبة في العصر الحالي:
يستطيع المتتبع لأحوال المسلمين اليوم أن يلحظ الفشل والتراجع الذي طال حياتهم الدينية، والاجتماعية والاقتصادية. وقد تفاقم هذا الفشل حتى أصبح من السهل على الإنسان العادي أن يلحظه ويبدي تخوفاً من تفاقمه.
وقد حصر رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أسباب التراجع والضلال في حياة المسلم بسببين هامين فقال - صلى الله عليه وسلم -: " تركت فيكم شيئين. لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي. ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض " رواه الحاكم.
وقال - عليه الصلاة والسلام -: " لتتبعن سُنَنَ من قبلكم. شبراً بشبر. أوذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه. قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ " رواه احمد.
ففي هذين الحديثين يلخص الرسول - عليه الصلاة والسلام - سبب الضلال والشقاء الذي يعاني منه المسلمون اليوم. إذ أنهم يواجهون صعوبات ما كانت لتكون لو أنهم التزموا بكتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام -. وما كانت لتكون لو أنهم تركوا اتِّباع غير المسلمين والتزموا بمنهج الله - عز وجل -.
ومن آثار هذا التراجع ما يشهده المجتمع الإسلامي من فشل في الزواج. بل وفشل في مقدمة الزواج وهي الخِطبة. وما يرافق هذا الأمر من فساد أخلاقي واجتماعي واسع حيث بدأ يرافق الخِطبة في بعض الحالات اختلاط وإباحية قد تصل في بعض الأحيان إلى الزنا والفجور.
وفي محاولة لمعرفة أسباب تعسير عملية الزواج. و فشل الخِطبة بين الشباب. يمكن ملاحظة الأسباب التالية:
أولاً: ترك كثير من الأهل اتباع سنة الإسراع في تزويج الفتاة والشاب التي دعا إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حيث أصبح سن الزواج في هذا ا العصر يبدأ بمنتصف العشرينيات بالنسبة للفتاة ومنتصف الثلاثينيات بالنسبة للشباب.
ودوافع هذا التأخير متنوعة أبرزها:
-1- طمع الأهل في راتب الفتاة العاملة. أو الطمع في الزوج الغني صاحب المنصب والجاه.
-2- فرض نظام التعليم المعاصر. الذي يفرض إطالة فترة الدراسة إلى منتصف العشرينيات كحد أدنى وإلى منتصف الثلاثينيات في حال كانت الدراسة " دراسة عليا ".
وللتعليم الجامعي تأثير آخر على تأخير سن الزواج وفشل الشباب في اختيار الشريك الصالح، وذلك بسب اشتراط المماثلة في المستوى الجامعي عند اختيار الشريك. أو بسبب نفور بعض الشبان من الفتاة الجامعية وذلك خوفاً من التكبر وكثرة المناقشة والتمسك بالرأي التي تميز الفتاة الجامعية عن غيرها.
-3- الوضع الاقتصادي وما ينتج عنه من نقص في الأجور. وغلاء في المساكن. وغلاء في المهور.
-4- العجز عن إيجاد الشريك المناسب الذي يتمتع بالمستوى الاجتماعي والأخلاقي. وفقدان هذا الأمر يعود لأسباب عديدة منها:
- غياب دور الخاطبة الذي كان معروفاً فيما مضى. وانتشار الفتور في العلاقات بين كثير من الأسر والعائلات. نتيجة ضعف شديد في الصلات. حيث قد لا يعرف الجار جاره إلا بالشكل.
ثانياً: الجهل بأحكام الخِطبة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وذكرها الفقهاء في كتبهم. والتي منها:
-1- البحث عن الصلاح والتقوى والكفاءة عند إرادتهم تزويج بناتهم. وأن تكون هذه العوامل هي المعايير السليمة في البحث.
-2- ترك الاستفسار والسؤال عن الخاطب. هذا الأمر الذي أباحه الشارع وجعله السبيل الوحيد لمعرفة أخلاق الخاطب وخصاله وتدينه. فقد ذكر الإمام الغزالي في الأعذار المرخصة للغيبة: "وكذلك المستشار في التزويج وإيداع الأمانة. له أن يذكر ما يعرفه على قَصْدِ نُصح المستشير لا على قصد الوقيعة. فإن علم أنه يترك التزويج لمجرد قوله: لا تصلح لك. فهو الواجب وفيه الكفاية. وإن علم أنه لا ينزجر إلا بالتصريح بعيبه. فله أن يصرح به " الإمام الغزالي. إحياء علوم الدين. ج3. ص 153. الوقيعة: غيبة الناس.
-3- المعرفة بأحكام الخطبة. وبالحدود التي أباحها الشرع وحرمها في العلاقة بين الخطيبين، حيث أباح الإسلام نظر الخطيبين إلى بعضهما قبل الخِطبة. على أن لا يتعدى هذا النظر الوجه والكفين لقول الجمهور: " لا ينظر إلى غير وجهها وكفيها " ابن حجر العسقلاني. فتح الباري. ج9. ص88.
وحرم الخَلوة والاختلاط والخروج معاً.لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له.فإن ثالثهما الشيطان إلا المحرم " رواه احمد.
كما أن في فعل هذا الأمر تدمير ذاتي للفتاة التي تُعَرِّضُ نفسها لمثل هذه التجربة. وقد تحدثت إحدى الفتيات عن تجربتها بنفسها فقالت: " رفضت الزواج بالطريقة التقليدية وصممت على معرفة شريك حياتي معرفة تامة قبل الزواج. وفعلاً تعرفت على عدد لا بأس به من الشباب في محاولة مني لاختيار الشاب المناسب الذي لم أجده. وكانت النتيجة أنني كَسَبْتُ سمعة لا يحسدني عليها أحد. والآن الجميع يخاف الاقتراب مني " د. عبد الرب نواب الدين آل نواب. تأخر سن الزواج. ص94.
ولا بد من التذكير أن في الزواج ستراً للمرأة، وعلى المسلمة أن تراعي ظروفها وأن تعمد في حال أرادت الزواج إلى عدم الاستسلام لأحلام اليقظة في رسم مواصفات العريس. ولا تجعل ذلك سبباً لرفض العرسان رغبة وأملاً في الأفضل والأحسن. فالعمر يمضي والأجل يدنو. والعاقل هو الذي يستفيد من الفرصة قبل فواتها وقبل انقضاء أوانها ...
" ومما يذكره الظرفاء في مثل هذه الحال أن الفتاة ذات العشرين ربيعاً إذا خطبها خاطب تعللت فقالت: ما شكله؟ ما لونه؟ كم طوله؟ ما لون شعره؟ ... وترى أن هذا هو عماد الحياة الزوجية. حتى إذا بلغت الثلاثين وجاءها خاطب قالت: كم راتبه؟ ما مركزه؟ لتحسُّن إدراكها عن ذي قبل. ومن كان فيها حمق أو ألجأتها الظروف ترفض الخطّاب حتى وهي في سن الثلاثين. حتى إذا بلغت الأربعين وخطبها خاطب قالت: وأين هو؟ ". تأخر سن الزواج. ص92-93.
أما إذا تأخر زواج الفتاة لأسباب خارجة عن إرادتها. كعدم وجود الخاطب. أو عدم وجود الشخص الكفؤ. وهذا الأمر كثير الحصول. فما على مثل هذه المرأة إلا أن ترضى بقضاء الله، ولا تتسرع في قبول الزواج ممن لا يصلح لها خوفاً من البقاء عانساً. وقد وردت في إحدى الصحف عبارة جميلة في هذا المجال تقول: " إذا كنت تريد أن تتزوج خوفاً من الوحدة. فإن الزواج مرعب". (أي في حالة اختيار الشريك غير المناسب).
ولقد جعل الله - عز وجل - للشباب الذي يعجز عن الزواج سبيل الاستعفاف فقال - تعالى -:
" وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " سورة النور، آية 33.
وأما وسائل الاستعفاف التي جاء بها الشرع فعديدة. منها:
-1- الصوم. لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء" رواه البخاري.
-2- الابتعاد عما يثير الشهوات. كالاختلاط المحرم. والنظر إلى المشاهد المثيرة المنتشرة على الطرقات. وفي وسائل الإعلام.
-3- الابتعاد عن رفاق السوء واختيار الرفقة الصالحة لما تؤدي إليه عشرتهم من إصلاح للنفس. وحث على الطاعة. وتذكير بالله وتخويف من عقابه.
-4- استغلال وقت الفراغ بما ينفع ويفيد. والالتجاء إلى العلم والانشغال بنوافل العبادات. والتفكر بآلاء الله - تعالى -. واستحضار خشية الله - تعالى -في النفس لما في هذا الأمر من ردع عن القيام بالمحرمات.
وفي الختام لابد من التذكير بأهمية الزواج كنظام اجتماعي يؤمن الاستقرار للفرد والمجتمع. ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة المسلم العامة. فلا يمكن فصله عن أحكام الدين. ولا يمكن التهاون في تنفيذ الأحكام الشرعية المتعلقة به. وذلك كي لا تصبح الأمة المسلمة أمة مقلدة لأمة الغرب فتستحق بذلك العقاب الذي لا بد أن يصيب هؤلاء القوم الذين نبذوا الدين وراء ظهورهم وعاثوا في الأرض فساداً.
وعلى هذا الأمل نرفع أكف الضراعة بالدعاء إلى المولى - عز وجل - أن يحمي أمة الإسلام من أعدائها في الداخل قبل الخارج وأن يقيِّد لها من يدافع عن قِيَمِها وأعراضها. كما ندعو الله أن ينير طريق الفتاة المسلمة وأن يبصرها بما فيه صلاحها في الدنيا والآخرة. اللهم آمين.
27-ذو القعدة-1426 هـ
27-ديسمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
عقبات في طريق الزواج
الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد،،،
أخي المسلم: إن من سنن الله - تعالى -التي فطر الناس عليها أن كلاً من الجنسين مفتقر إلى الآخر، وأن أحدهما مكمل لصاحبه، وباجتماعهما تحصل السعادة، ويتحقق الخير والصلاح والسرور، ولكن وللأسف الشديد إن من عباد الله من يقف حجر عثرة في طريق هذه السنة الربانية، ويكون عقبة كؤود أمام الراغبين في تحقيق تلك المنحة الإلهية، ويكون معول هدم للأمة شعر بذلك أو لم يشعر، فهو يساعد بفعاله تلك الحملات المسعورة من قبل الأعداء لصرف الشباب عن الزواج بوسائلهم المختلفة من صحف ومجلات وأفلام ومسلسلات وغيرها ليكيدوا لهم كيدا وإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الرجل فهو رب الأسرة قال - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راع ومسؤول عن رعيته..والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته " كما أن المرأة أيضاً تتحمل مسؤولية، قررها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها "
وإذا نظرنا في واقعنا وجدنا معوقات عدة تصد الشباب عن الزواج لعل من أهمها وأبرزها:
أولاً: المغالاة في المهور
هذه المغالاة التي بلغت حداً لا يطاق، وبالنسبة لشباب ناشئين..فترى بعضهم إذا خطب إليه رجل ابنته أخذ يُحد شفرته ليفصل ما بين لحمه وعظمه، فإذا قطع منه اللحم، وهشم العظم، وأخذ منه كل ما يملك، سلمها له، وهو في حالة بؤس شديدين، مُثقلاً بأوزار الديون، التي تكدر عليه صفوه، وتجلب همه وغمه، فتذله بالنهار، وتقض مضجعه بالليل، ويغلي بنارها قلبه، إن الزواج أصبح بالنسبة إلى الشاب الناشئ ضرباً من المستحيل، ولقد أثر هذا الوضع أثراً سيئاً في المجتمع.. إذ جعل نسبة العوانس ترتفع.. وجعل الفساد ينتشر.. والانحلال يتفاقم.. وانصرف الكثير من الشباب عن الزواج. ولذا غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كثرة المهر، فقد جاء رجل من الصحابة يستعينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على كم تزوجتها. قال: على أربع أواق، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عُرْض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك.. " الحديث رواه مسلم
وهذا عمر الفاروق يدرك بثاقب نظره ما يمكن أن يهدد المجتمع من المخاطر والشرور بسبب المغالاة في المهور، فلقد جاء عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا صدُقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله، ما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية " رواه الترمذي وقال حسن صحيح. قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: (والمستحب في الصداق ـ مع القدرة واليسار ـ أن.. لا يزيد على مهر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بناته، وكان ما بين أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة، نحواً من تسعة عشر دينارا، فهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعل فقد استن بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصداق، قال أبو هريرة - رضي الله عنه- : " كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر أواق، وطبق بيديه، وذلك أربعمائة درهم " إلى أن قال: (.. فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق، وكذلك صداق أمهات المؤمنين وهذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة)أ هـ (1)(52/3)
ولو نظرنا في الواقع العملي في عهد السلف الصالح لوجدنا أن الأمر أيسر بكثير مما هو موجود الآن.. فقد تزوج عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - على وزن نواة من ذهب، قالوا ووزنها ثلاثة دراهم وثلث، وهذا سعيد بن المسيب - رحمه الله - يزوج ابنته على درهمين وهي من أفضل بنات قريش بعد أن خطبها الخليفة لابنه، فأبى أن يزوجها به، وهذه أم سليم جعلت مهرها إسلام أبي طلحة فزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما شرطت.
هكذا كانت سيرة السلف الصالح - رضي الله عنهم- في شأن المهر، ولا يظن ظان أن ذلك كان من أجل شظف العيش وقلة ذات اليد، فقد كان كثير من الصحابة من الأثرياء فهذا أبوبكر - رضي الله عنه- من أتجر قريش كما تقول عائشة، وهذا عثمان - رضي الله عنه- يتصدق في مجلس واحد بثلاث مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وكانت تركته - رضي الله عنه- كما قال الحافظ ابن سعد ثلاثون ألف ألف درهم، وخمسمائة ألف درهم وخمسون ألف دينار.. وترك ألف بعير.. وترك صدقات تصدق بها قيمته مائتي ألف دينار.. وهذا طلحة بن عبيدالله - رضي الله عنه- ترك كما قال والده محمد ألفي ألف درهم، ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار.. وهذا الزبير بن العوام - رضي الله عنه- ترك خمسة وثلاثون ألف ألف ومائتا ألف.. أي ما يزيد على الخمسين مليون وغيرهم كثير ولكن هو الامتثال والانقياد لأمر نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -
وليعلم الآباء الذين يرون أن رفع المهور ضماناً لبناتهم، أن الذي يكره زوجته ويريد طلاقها لا يمكن أن تقف في وجهه مشكلة المال.. بل على النقيض من ذلك فلربما أبغض الرجل زوجته فضارها حتى تفدي نفسها منه فلا تستطيع إلى ذلك سبيلا فتبقى المسكينة تحت وطأة ذلك الرجل واضطهاده.
ثانياً: الإسراف والتبذير:
ومن العقبات تلك التكاليف التي ابتدعها حفنة من الناس، وتمالئوا بها حتى أثقلت كاهل الزوج، ونفرت من الزواج، ذلك الإسراف المهين، والتبذير الرهيب.. في شراء الأقمشة المرتفعة الأثمان، وأدوات التجميل الباهظة الأسعار، والمبالغة الضخمة في تأثيث قفص الزوجية، ناهيك عن إقامة الولائم في الفنادق وغيرها؟ ولنا أن نتساءل: من المستفيد من هذا كله؟ إنها أموال تذهب هدرى، وتضاع سدى، وتكون حجر عثرة لشبابنا.. ولقد كان أمر الزواج أيسر بكثير ولكن الناس أنفسهم يظلمون فقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الرحمن بن عوف ردع زعفران، فقال مهيم؟ قال يا رسول الله تزوجت امرأة، قال ما أصدقتها؟ قال وزن نواة من ذهب، قال فبارك الله لك، أولم ولو بشاة " رواه البخاري ومسلم وقالت عائشة أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعض نسائه بمدين من شعير " رواه البخاري. فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرم البشرية وأزكى البرية هذه أقواله، وتلك أفعاله، فلماذا نضرب بها عرض الحائط ونستمع لثرثة فلان وعلانه هذا عار وهذا شنار، كيف تزوج ابنتك ولم تضع لها حفلة تكتب في التاريخ؟، أهي أقل من غيرها.. فإلى أولئك البائسين نذكرهم بقول الله - تعالى – ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
ثالثاً: تربية الأولاد على عدم تحمل المسؤولية:
إن كثيراً من أجيال المسلمين اليوم لم يجدوا من والديهم إلا الحنان المحض أو الإهمال اللامبالي، ومن أجل ذلك تجد في صفات كثير من أبناء المسلمين اليوم الميوعة والضعف فلا تكاد تتجاوز هموم الواحد منهم حدود مطعمه ومشربه وكرته وملعبه.
إن علماء التربية يؤكدون على وظيفة الأسرة في تربية الناشئة على المسؤولية، وقوة الإحساس بها، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائد البشرية الأسوة الحسنة في ذلك، فقد كان يربي أصحابه على تحمل المسؤوليات فقد اختار - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد - رضي الله عنه- وهو في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة ليقود جيشاً جنوده كبار الصحابة، ثم يأتيه خليفة المسلمين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه أن يبقى معه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- ، وهذه السن هي التي يقضيها الشاب في مجتمعاتنا بين الثانوية والجامعة لاهياً عابثاً يحرق نفسه وراء شهواته ونوازع نفسه، فهو لا يزال في حضيض طبعه محبوسا، وقلبه عن كماله الذي خلق له مصدودا منكوسا، قد أسام نفسه مع الأنعام، راعياً مع الهمل، واستطاب لقيمات الراحة والبطالة، واستلان فراش العجز والكسل.
فما عسانا أن نجد من شباب عقولها في أقدمها!! شباب لا يتجاوز هم الواحد منهم حدود المطعم والمشرب!! أيصلح أن يكون هذا رب أسرة يتحمل مسؤولياتها؟
أترضى أن يتقدم مثل أولئك لابنتك؟ أوجه هذا الأسئلة إليك أيها الأب اللبيب أو الأخ الحبيب.
أخي رعاك الله: إن تربية الشباب على المسؤولية من أوّل واجبات الأسرة، والمسؤولية التي يتربى الشباب عليها هي التي تشمل الحياة كلها، والنشاط كله، وأعظمها: مسؤولياته أمام ربه الذي أوجده لهدف، وسخر الحياة له لغاية، ثم مسؤولياته إزاء أمته، ثم مسؤولياته أمام أسرته ونفسه وحياته، ولكي يمارس الشباب مسؤولياته في الحياة فلا بد بعد التربية النظرية أن يعطى فرصة الممارسة في الحياة، وأن توكل إليه المهام التي تصقل تجربته وتثري خبرته، عند ذلك يحس للحياة طعما، وللمعاناة في سبيل الواجب متعة، وعند ذلك يكون مؤهلا ليكون رب أسرة.
رابعاً: جشع بعض الأولياء في رواتب بناتهم
ومن أولئك من فقد الحياء، وانسلخ من الكرامة والشهامة فوصل به الأمر إلى أن يمنع بناته من الزواج من أجل أن يستولي على رواتبهن، تلك الفعلة الشنعاء، والجريمة النكراء، ولكن ما الحيلة والله إذا استولى حب المال على قلب المرء فأصبح لا يرى إلا ما يحقق شهوته ويشبع نهمته، وتبقى المسكينة تمنع من أغلى وأعز شيء، تمنع من الحب الحلال، الحب الذي أباحته شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، تمنع من الحياة السعيدة، تمنع من حنان وعاطفة الأمومة فتعيش في صراع نفسي، تعيش في هم وقلق بالنهار، وحزن وأرق بالليل كل ذلك خوفاً على مستقبلها فالعمر يتقدم بها في كل يوم، بل في كل لحظة،
ألا فليتق الله أولئك وليكفوا عما هم فيه من ظلم لبناتهم وليعلموا أنهم موقوفون ليوم عظيم، كل واحد منهم يقف وحيدا فريدا، طريدا شريدا، مسلوبا من كل قوة، محروماً من كل نصرة، فما لك من الله من عاصم، وليس لك من دونه راحم، يوم تبلا السرائر، وتمتحن الضمائر، وينكشف المغطى، ويظهر المخبأ.
خامساً: إكمال الدراسة
ومن تلك العقبات قول البعض من الناس البنت لا تزال صغيرة.. دعها تكمل تعليمها ثم تتزوج، فإذا أكملت التعليم إذا بالقطار قد فات، والطيارة أقلعت.. ! وشواهد هذا كثيرة، ومن نظر نظرة سريعة في المستشفيات والمدارس والجامعات علم صدق ما قلناه بوضوح وجلاء، إن الإسلام حث على تعليم المرأة وتعلمها ولكن إذا جاء من يرضى دينه وخلقه فلابد أن يزوج طاعة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " رواه الترمذي وابن ماجه. ويمكن إن تشترط المرأة مواصلة الدراسة، فإن رغب الزوج بذلك فبها ونعمت وإلا فالزوج أولا بها إن رفض هذا الشرط.
سادساً: تشويه صورة الزواج من قبل الأعداء
ومن تلك العقبات ما يتلقفه الناس والشباب من معلومات وتصورات في المقالات والمسلسلات والصحف والإذاعات بطريق مباشر أو غير مباشر، له أثره البين في اختلال النظرة إلى الزواج على أنه شبح ومسئولية عظيمة، وارتباط وقيد، وما يذكرونه من مشكلات الزواج وسلبياته التي يزعمون، ولا يتطرقون إلى محاسنه ومنافعه، وهذا الطرح من التصورات، قَلَب المفاهيم، وأفسد الأمزجة ... ألا شاهت تلك الوجوه.
لقد علم أولئك أن في الزواج دفعاً لكيدهم، وإبطالا لشرهم وحصناً حصينا لدفع الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج، فكادوا له كيدا كبرا، فإن الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز وأعنفها، وهي تُلحُّ على صاحبها دائماً في إيجاد مجال لها، فما لم يكن ثمة ما يشبعها، انتاب الإنسان الكثير من القلق والاضطراب، ونزعت به إلى شر منزع، وإليه أشار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " والزواج هو أحسن وضع طبيعي، وأنسب مجال حيوي لإرواء الغريزة وإشباعها، فيهدأ البدن من الاضطراب، وتسكن النفس من الصراع، ويكف النظر عن التطلع إلى الحرام، وتطمئن العاطفة إلى ما أحل الله، روى جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ... فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ " رواه مسلم، أضاف إلى ذلك أن بالنكاح تحصل الذرية التي تنسي المرء نصب الحياة وأرق العمل حينما يدخل بيته فيقابله أطفاله ويرى بهجتهم وفرحتهم بقدومه يشعر عند ذلك بقيمته وأهميته، فما أجملها من حياة، يقول - رضي الله عنهم- ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )دخل الأحنف بن قيس على معاوية، ويزيد بين يديه، وهو ينظر إليه إعجاباً به فقال: يا أبا بحر ما تقول في الولد؟ فعلم ما أراد، فقال: يا أمير المؤمنين، هم عماد ظهورنا، وثمر قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نصول على أعدائنا، وهم الخلف منا لمن بعدنا، فكن لهم أرضاً ذليلة، وسماء ظليلة.. إلى آخر ما قال - رحمه الله -، ثم إن غريزة الأبوة والأمومة تنمو وتتكامل في ظلال الطفولة، وتنمو مشاعر العطف والود والحنان، وهي فضائل لا تكمل إنسانية إنسان بدونها، لذا تحركت في نفس زكريا - عليه السلام -، الشيخ الذي لم يوهب ذرية، تحركت تلك الرغبة الفطرية القوية في النفس البشرية، ( هناك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء )وقال أيضاً( رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين )إنها الفطرة التي فطر الناس عليها لحكمة عليم في امتداد الحياة وارتقائها.
فالزواج راحة واستقرار وسكينة ومودة ورحمة وألفة وأبناء وأحفاد وطاعة واتباع، وقربة وأجر وليس بعد قول أصدق القائلين قول؛ حيث يقول - رضي الله عنهم- ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) كل ذلك مشروط بالتزام حدود الشرع المطهر، وامتثال أوامره ووصياه.
سابعاً: فقر الزوج وحاجته:
ومن تلك العقبات التي تحد من الزواج الاحتجاج بفقر الزوج وعدم استلامه لوظيفة فإلى أولئك نوجه لهم قول الله - تعالى -( أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله )روى عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- أنه قال: " أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال - تعالى -: ( أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله )وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف.. " الحديث هذا هو منطق الإيمان وليس ما يسود اليوم في بعض الأوساط من المنطلق المادي الذي يحكم تصرفات الناس بعيداً عن التوكل على الله والاعتماد عليه.. وقد نسي هؤلاء أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأن كثيرا من الأغنياء كانوا بالأمس القريب فقراء لا يملكون نقيرا ولا قطميرا.
وقفة تأمل
أخي العزيز: دعني أصارحك، فالصراحة كما يقولون (صابون القلوب) ما تقدم هو حقيقة عقبات وضعت في وجهك ولكن لك أنت أيضا نصيب من هذه العقبات وقد تتساءل كيف ذلك؟ و أقول إجابة لك:
إذا تأملت معي يا أخي في واقع بعض المعرضين عن الزواج تلحظ أنهم يتحججون بحجج داحضة تتساقط تدريجيا وبتلقائية تامة قبل أن يُسقطها النقد والتمحيص، فبعض أولئك الذين يدعون عدم استطاعتهم للزواج لما فيه من تكاليف مادية يكذبون أنفسهم بأنفسهم عبر سفراتهم المتكررة إلى خارج البلاد، ليتمتعوا بالحرية البهيمية في بلاد كافرة، لا تحل حلالا ولا تحرم حراما، أو بالأصح تحل الحرام، وتحرم الحلال، أو في بلاد تشابه بلاد الكفرة في إباحة الزنا والدعوة إليه وحراسته وتنظيمه.. وإنك لتراه مجيباً للسفر، منفقاً على المومسات إنفاقا كبيرا مع تقتيره على نفسه وأهله إذا عاد إلى بلاده لأجل جمع المال والعودة به إلى الخارج مرة أخرى.
وأنت ترى بعض الذين يتحججون بتكاليف الزواج تراهم يركبون السيارات الفاخرة، بل وغير الفاخرة، لا يعملون، ولا هم لهم إلا مطاردة النساء في الأسواق! لم ذلك كله؟ لأجل الشهوة، فكيف يمنع نفسه عن الزواج.. ؟ يقول: لا أستطيع، إن المهور غالية؟ كلمة حق أُريد بها باطل؟ أين أنت؟ أين عملك؟ أم تريد أن تعطى المرأة لك على طبق من ذهب، وأنت متكل على أبيك تنام النهار، وتسهر الليل، وتقول: زوجوني زوجوني، أو اتركوا لي الحبل على الغارب، أعاكس النساء في الأسواق وأسعى للحصول منهن على موعد.
وعلاج ذلك: أن يتقي الله ويخشى غضبه ونكاله، وجحيمه وناره، وأن يعلم أن العمر قصير، والحساب عسير، والموقف مهول، وكفى سفاهة ومراهقة وليتذكر قول الله جل جلاله: ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(24)يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ(25))
أسأل الله - تعالى -أن يحفظ شباب المسلمين وفتياتهم من كل سوء وأن ييسر لهم أمرهم ويفرج لهم همهم وأن يحفظهم بالإسلام وأن ييسر لهم سبل الزواج وطرق السعادة والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى (32/194، 195) بتصرف
29/7/1425 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
الفتور في الحياة الزوجية
هل ستنام يا حبيبي؟
نعم يا حبيبتي، هل تريدين شيئاً؟
لا يا حبيبي..سلامتك ... تصبح على خير.
وأنتِ من أهله.
وبعد دقائق يرتفع صوت الغطيط معلناً نوم الزوج العميق؛ بينما تتشاغل الزوجة الأم مع الأطفال وقد شرد ذهنها بعيدًا مع تساؤلات كثيرة:
هل ما نحن فيه هو شيء طبيعي؟..
هل هذا المشهد المتكرر في غرف النوم بين زوجين بعد سنوات قليلة من الزواج مشهد عادي لا يثير الانتباه ولا يستحق التوقف؟
إن الحياة الزوجية تسير على وتيرة هادئة، والعلاقة الزوجية لا يكاد يوجد ما يعكرها إلا الاحتكاكات البسيطة والنقاشات العادية التي سرعان ما يتم تجاوزها لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويسودها الحب المتبادل والاحترام والتقدير.
نعم إن الزوج قد أصبح مثقلاً بالأعباء والمشاغل حتى يوفر لأسرته النامية متطلباتها وهو سعيد بهذا الدور لا يشكو، بل يعود متعبًا مرهقًا والابتسامة على وجهة يداعب أولاده ويحاول أن يقضي معهم ما يستطيعه من وقت، ويتحدث إلى زوجته يبث إليها مشاكله ومتاعبه، ويحاول أن يشركها معه في آماله وأحلامه.
وعلى الجانب الآخر نجد الزوجة مرهقة مكدودة بفعل الأولاد العفاريت الذين لا تتوقف مطالبهم ونشاطهم، وتتفانى في خدمتهم، حتى ولو كانت عائدة من عملها متعبة -إن كانت تعمل- وهي أيضا راضية سعيدة، وتحاول إسعاد زوجها وتقدر مجهوده من أجلهم، ويسعدها منه كلمة حلوة إذا سمعتها رضيت..
ولكن الشيء الذي تغيّر بصورة واضحة العلاقة الخاصة أو العلاقة الجنسية.. نعم لقد تغيّرت أشياء كثيرة، ولكن: هل هذا الأمر أيضاً يتغير، وهل هو طبيعي -عدنا إلى السؤال الأول الذي بدأنا به- الواقع أن هذا الموضوع ينظر له من أكثر من زاوية ويتحمل أكثر من تفسير، هل نقول: إن رغبة الزوج قد قلّت أو فترت لأن حبه لزوجته قد قلّ؟ أو لأن الزوجة قد أهملت ولم تعد تهتم بنفسها؟ أم أن ما حدث للزوجة كان ردّ فعل لإهمال زوجها وعدم اكتراثه؟ حيث انشغل ولم يعد يهتم بها، بالرغم مما تبذله من زينة واستعداد، ولا تجد من الزوج حتى تعليقا مريحا أو ملاحظة جميلة حتى ملت الزوجة هي الأخرى وزهدت وأهملت، أم هي مسئولية مشتركة من الطرفين؟ بمعنى أنها دائرة مغلقة أدى فيها إهمال كل طرف للآخر لهذه النتيجة بغض النظر عمن بدأ بالإهمال والتجاهل، فربما تكون نقطة البداية مشتركة ومتزامنة حتى لا يستطيع أحدهما أن يعفي نفسه من المسئولية. وهل الانشغال وكثرة الأعباء تكفي لتفسير ذلك؟
ثم أليست هذه اللحظات الجميلة التي يقضيها الزوجان معًا كفيلة بإزالة التعب والهموم وتجديد الحب والنشاط والحيوية إن أُحسن استغلالها.. أم هو منهج حياة في النظر إلى لحظات الاسترخاء والراحة والاستمتاع نظرة عديمة الأهمية أو نظرة التحسينات أو الكماليات الزائدة التي يمكن الاستغناء عنها.
في الحقيقة نحن لا نجيد فن الترويح عن النفس، ولا الاستمتاع بإجازاتنا أو أوقات فراغنا، ونظل ندور في الساقية لا نلوي على شيء حتى تضجر نفوسنا وتمل؛ ونصل لدرجة الانكسار النفسي حيث نسقط ولا نستطيع القيام والمقاومة، ونسأل أنفسنا: لماذا حدث ذلك؟ لأننا لم نعط أنفسنا فرصة لالتقاط الأنفاس، ويمتد ذلك ليشمل كل حياتنا ويصير النكد وكأنه شيء مفروض علينا لا نستطيع الفكاك منه أو لا نحاول ذلك، ويصبح أمرًا واقعًا في حياتنا.
نعم قد يكون للسن حكمه وقد تكون نظرتنا للأمور أصبحت أكثر نضجاً، وقد تصبح العلاقة الجنسية جزءاً من منظومة متكاملة من التفاهم والود والرحمة حتى يتأخر ترتيبها ودورها في الحياة الزوجية واستقرارها، ولكن هناك فرقاً بين أن يحدث ذلك بوعي ورضا واقتناع مع استمرار إعطاء هذه العلاقة مكانتها ودورها فذلك أمر مقبول، أما أن يهمل الأمر حتى نجد أنفسنا وقد أُصبنا بالفتور فذلك أمر غير مقبول.
ومن المهم أن نعلم أن للفتور الجنسي أسبابًا مختلفة، بعضها ناتج عن التوتر والملل والإرهاق والانشغال الذهني، وبعضها اجتماعي مثل توتر العلاقة بين الزوجين والخلافات بينهما أو الضغوط الاجتماعية حولهما، وهناك أيضًا أسباب عضوية يمكن أن تؤدي للفتور قد لا يلتفت لها الكثيرون وأبرزها:
* تأثير بعض الأدوية التي قد تؤدي إلى ضعف الرغبة الجنسية؛ ومنها أدوية الضغط ومضادات الاكتئاب. فإذا لاحظ أحد الزوجين تغيرًا في السلوك الجنسي والعلاقة الجنسية بعد تناول دواء معين فإنه تلزم في هذه الحالة استشارة الطبيب.
* وجود خلل في الهرمونات وهو ما ينعكس على الرغبة الجنسية ولا بد من إجراء تحليل للهرمونات واللجوء للطبيب.
* التقدم في السن ووجود مشكلات صحية بشكل عام؛ إذ قد يصرف هذا أحد الزوجين عن النشاط الجنسي خاصة إذا كانت هناك ثقافة شائعة تستهجن هذا النشاط وممارسته بمعدلات متكررة في السن المتقدمة؛ مما قد يشكل أيضًا حائلاً نفسيًا لدى أحد الطرفين ويرى في إقبال الطرف الآخر أمرًا غريبًا.
إن الكثير من الناس يرون أن العلاقة الجنسية يجب أن تحل مشكلاتها بين الزوجين، لكن علينا أن ندرك أن هناك مشكلات نفسية مرضية وعضوية فسيولوجية قد تكون هي السبب وراء الفتور الجنسي، وأن طلب الفحص الطبي أو اللجوء للطبيب النفسي قد يكون لازمًا وضروريًا، وهو ما نحتاج إلى نشره والتوعية به حتى تستقيم العلاقة الجنسية التي هي بُعد من الأبعاد الهامة في العلاقة الغنية بين الزوجين، وأحد أبرز مقومات السكن والمودة والرحمة.
فيا كل زوجين: تحدّثا ... تناقشا ... انفتحا ... ليخرج كل منكما ما في نفسه للآخر حتى لا تداخل أياً منكما حيرة أو تساؤل أو شك أو اتهام للآخر، وليقرأ كل منكما صاحبه، ويفهم دوافعه وانفعالاته ومشاعره تجاه هذه المشكلة حتى تصلا إلى تصور ورؤية ترضيكما وتريحكما معا، لتعود هذه العلاقة لصورتها الصحيحة، لحظة صفاء ونسمة ترويح وإن تباعدت أوقاتهما قليلاً ولكن ليس أبداً قنبلة موقوتة
http://www.sst5. com المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج النفسي أولاً
يدخل بعض الأزواج الحياة الزوجية.. باحثاً عن المتعة الجسدية.. !!
من أجلها ينام ولأجلها يأكل ويشرب.. ويتخيّر المقويّأت والمنشّطات!!
حتى حواراتهم..
نواديهم..
رسائلهم..
بل وتوصيات الأصحاب ليلة الزفاف !!!
كيف تصل إلى المتعة؟!!
من غير أن تسكب دمعة!!!
على أن الوصول إلى المتعة سهل.. !!
لكن الأصعب هو بقاء هذه المتعة ودوامها!!
ولذلك كان من أهم المهارات في الحياة الزوجية هو أن يحافظ الزوجان على هذه المتعة..
وتلك لن تدوم في لحظة سكرة.. !!
إن اللقاء الجسدي كجزء من الزواج إذا لم يتم بين النفوس والقلوب أولاً فسيتحول إلى عذاب متبادل يعذب فيه كل طرف الآخر بدلاً من أن يمتعه؛ لأن تزاوج القلوب والنفوس يحول هذا التواصل الجسدي إلى لغة للتعبير عن الحب بين الزوجين يعبر فيها كل طرف للآخر بلغة الجسد عن حبه عندما تعجز لغة الكلمات عن التعبير أو استكمالاً للغة العيون، أو تسهيلا للغة الآمال والأحلام والأفعال.
- اللقاء الجسدي - هنا ليس وظيفة أو أداءً لواجب أو تخلصا من احتقان أو من رغبة جسدية فائرة..
بقدر ما هو أثر حقيقي (مثالي) لتوحّد الأرواح في مشاعرها وعواطفها!!
إنه ما يكاد ينفصل الزوجان عن بعضهما بعد اللقاء.. حتى تجدهما يتعانقان في لحظة تالية في شعور غريب بالارتياح ناتج عن هذا الحب الذي شعر به كل منهما ناحية الآخر.
إن دوام اللذة والمتعة هو بدوام الحب وتجدده في نبض العرق!!
وإن حياة سعيدة بين زوجين اثنين لن تدوم بغير الحب..
الحب الذي به:
تدوم العشرة..
وتحلو الحياة..
الحب...
صمام الأمان..
ودافع العطاء..
أكسير الحياة..
به تتلاشى ذكريات الآلام...
بحقائق الأيام...
ولن تفور العاطفة...
وتنفض عنها لبوس الفتور...
إلا حين يفور بين الجوانح هذا (الحب)!!
وحتى يرتفع رصيد الحب بينكما:
* صارح زوجتك / صارحي زوجك: بالحب!
عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش وفيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -، فلمّا رجعت قلت: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟
قال: " وما تريد؟ "
قلت: أحب أن أعلم!!
قال: " عائشة "!!
قلت: إنما أعني من الرجال؟!
قال: " أبوها "
ومرة يُرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه فدخلت وهو مضطجع مع عائشة في مرط لها فقالت: يا رسول الله إن أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة!!
فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: " ألست تحبين ما أحب؟ " قالت: بلى!!
قال: " فأحبي هذه " وأشار إلى عائشة - رضي الله عنها -.(52/4)
المقصود أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصرّح بحبه لزوجته عائشة - رضي الله عنها -....
فهل تذكر أيها المبارك: أنك أخبرت يوماً أباك بحبك لزوجتك؟!
أو أخبرت أمك بذلك؟!
أو حدّثت أبناءك بمثل هذا وأنك تحب أمهم!!
فضلا عن أن تتجرأ على ذكر ذلك أمام إخوانك وخلاّنك!!!
بل فضلاً عن زوجتك.. !!
هل صارحتها بالحب...
وشوقك..
وعاطفتك نحوها من غير أن تكونا على الفراش؟؟!!
من خلال:
1- رسالة جوال.
2 - بطاقة الكترونية.
3 - رسالة صوتية عبر صحيفة أو إذاعة أو فضائية.
4 - ورقة صغيرة تعلقها على المرآة مكتوب عليها (أحبك يا زوجتي)!!
5 - عند اتصالك بها (هاتفياً).
6 - أو تبعث لها سلاماً عاطراً من خلال أهلك (والدك - والدتك - أخواتك)!!
7 - هدية صغيرة تغلفها بكلمات دافئة تعبّر فيها عن نبض مشاعرك نحوها!!
إن إعلان الحب لزوجتك بالكلام والمصارحة من أعظم ما يديم العشرة ويقر العين...
وخاصة إعلان ذلك أمام أهلك وأهلها وإخوانها وأقاربها بشكل لا يزري!!
إنه يرفع من رصيد الحب بينكما!!
إن ذلكم هو (الرسول) بين الزوجين!!
جاء في بعض الآثار: " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول " قيل: وما الرسول؟
قال: " القبلة والكلام. "
وهو المعنى الذي أراده - صلى الله عليه وسلم - في وصيته الذهبية لكل من أراد الزواج في الحديث الصحيح: " هلاّ بكراً تلاعبها وتلاعبك "!!
فإن الوصية بالقُبلة والكلام والمداعبة أوسع من أن تكون في لحظات... ثم تخبو حتى تحين ذات اللحظات في مرة أخرى!!
إنها ليست هي لغة (المساء) فحسب!!
إنما هي وصية تشمل كل لحظة في الحياة الزوجية...
لغة تحفّ كل الحياة الزوجية في كل حرفها ومصطلحاتها...
لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يبيّن لنا هذا الشمول في سيرته العملية فقد ثبت في الصحيح عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّل زوجاته وهو صائم!!
إن فتور الشهوة لا يعني فتور الحب!!!
وحين تكون القبلة والكلام هي لغة (المساء) فحسب..
فإن ذلك يولّد عند الطرفين شعوراً بـ (مصلحيّة) الآخر منه فقط..
الأمر الذي ينغّص العيش ويكدره...
ويصهر حلاوة اللقاء...
ليصبح لقاء (ميكانيكياً) ينتهي بانتهاء ضجيجيه!!!
لقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعبّر عن هذا الحب ولا يجعله مكتوماً بين جنبيه..
لما في إظهار هذا الحب ومشاعره من دوام للألفة...
ودوام للحياة الزوجية في خضم هذا الهيجان المستعرّ من الشيطان وجنده لتقويض هذا الحصن الوديع!!
فاجعل بينك وبين زوجتك (رسول)..
واجعلي بينك وبين زوجك (رسول)..
http://www.sst5.com المصدر:
ـــــــــــــ
الحياة الزوجية .. بين السعادة والشقاء
سعد بن محمد الموينع
يُعتبرُ الزواجُ من آياتِ اللهِ التي امتنَّ بِها على عبادهِ المؤمنينَ، كما قال في كتابه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21)(الروم).
وإنّ الشابَ والفتاةَ يرغبُ كلُ واحدٍ منهما في الاقتران بإنسانٍ يُقدرُ الحياة الزوجية، وتبدأُ سعادتهما من حين توفيق الزوجِ في الاختيار المناسب لزوجته، وكذلك توفيق الزوجةِ في اختيار شريكِ حياتها، لذا ينبغي عليهما الدقة في الاختيار، وقبل الزواجِ ينبغي عليهما وضع خطةٍ مناسبة لمعاملة الآخر لكي لا تكون هناك فرصة للقراراتِ الاجتهادية غير المدروسة التي تؤثرُ على سير العلاقات الزوجية سِلباً.
وينبغي لكلِ زوجٍ أن يكون لديه إدراك ووعي وثقافة واسعة في العلاقات الزوجية وأسرارها، وأن تكون تلك العلاقة منبعها الكتاب والسنة لا الأفلام المتلفزة والروايات الهابطة التي لها فلسفة منحرفة فيما يتعلق بالحياة الزوجية.
إنّهما يستطيعانِ أن يجعلا حياتهما كُلها سعادة متى ما أدى كلُ واحدٍ منهما دوره المطلوب منه في الحياة الزوجية، وإذا قَصّرَ أحدُهُما في الواجبات الزوجية فإنّ حياتهما تنقلبُ رأساً على عقب وتتحول من السعادة إلى الشقاء ومن النعيم إلى الجحيم.
إنّ من أسباب دوام السعادة للزوجين معاملة كلٍ منهما الآخر بلطفٍ مُستمد من الرحمة والمودة وعدم استخدام الأساليب العنيفة سواءً كانت تلك الأساليب لفظية أو نظراتٍ بالعينِ تُعبرُ عنْ الغِلظةِ والقسوة من قِبلِ صاحبها، وإنّ المتتبع لهدي الرسول {مع زوجاته يجدُ أنّه أجمل الهدي وأحسنه وأكمله؛ فالمودةُ في تعامله مع زوجاته واضحةٌ والرحمة ظاهرة.
وبعض الرجال يُحطمُ طموحَ زوجتهِ ولا يُقابلُ محاولاتها لنيلِ إعجابه وكسبَ رِضاه إلا بعباراتٍ أو تصرفاتٍ سيئة، فبعض النّساء تحاولُ أن تُغيّرَ الروتين القديم والمُشاهد والمألوف فمثلاً نجدُ أنّ بعضهنّ تحاول أن تلبس لزوجها لِباساً جديداً مُميّزاً فيواجهها زوجها بعدم الاكتراث ولا تُقابلُ منه ثناءً ولا مدحاً، بل إنّ بعض الأزواجَ يُقابلُ زوجته متى ما رأى منها محاولة التغيير في الملبس بالذمِ والتحطيم، وإليكم مثالاً حدث به أحدُ الرجالِ أنّهُ دخلَ البيتَ فرأى زوجته لأولِ مرةٍ تلبس بنطالاًًً فضحكَ منها وقال لها: والله كأنّك بهذا البنطال "جِندي أول من جنود الحرس الوطني"، يقول فانكسر خاطِرها وقامتْ بتغيير ملبسها بعد ما رأت هذا التحطيم لها من زوجها الكريم.
ورجلٌ آخر قال: إنّ زوجته "البدينة كما يُسميها" سَمعتْ أنّ بعضَ النساء تكسب وِدَ زوجها ببعض الأمور ومنها الرقص، فقامت بتعلم حركات الرقص المعتادة، ولمّا حضرَ زوجها بدأتْ بالرقص له وأخذتْ تجتهدُ بعملِ بعض الحركات المعتادة، فقال لها: ذكر تيني بغسالةَ خالتي الأتوماتيكية عندما تهتز، فانكسر خاطرها بعد هذا التشبيه.
وكذلك بعض النّساءِ عندها أساليب متعددة في تحطيمِ زوجها، وحدث عن ذلك ولا حَرج، ومن ذلك أنّه عندما يُحضرُ بعضُ الرجال أغراضاًً للمنزلِ أو هديةً من الهدايا لزوجته فيُفاجأُ بردة فعلٍ ليستْ في محلها عندما يجدُ أنّها لا تشكُرهُ على هذه الهدية بل تُبدي عيوباً فيها فيتفاجأُ الرجلُ بموقفِ زوجته ويتمنى لو أنّه كان وفّر قيمة الهدية.
ومن الأسبابِ التي تجلبُ المحبة بين الزوجين تسمية كلِ واحدٍ منهما بأحب الأسماء والألقاب، فإنّ لذلك أثراً عظيماً في حصول المحبة والألفة، وبالعكس من ذلك فإنّ تلقيب أحد الأزواج بلقبٍ مكروهٍ تتسبب في الكره، ولا بأس ببعض الألقابِ التي ليس فيها انتقاص ولا سخرية وتأتي على سبيل المزاحِ والطرفة المعقولة والمقبولة.
ومن عوامل السعادة اتفاقِ الزوجينِ على عدم تدخل أطراف أخرى من أقاربهما في الأمور التي تخص الزوجين.
وكذلك تجلي معاني الرحمة بينهما، فلها مدلولات عديدة ومنها: تقدير كل زوجٍ للآخر، وللأسف نجد بعض الزوجات إذا حضرَ زوجها للمنزل وأبدى مرضه تُقابله بالتكذيب وتقول له: "والله ما فيك إلا العافية"، ولو رأته يتوجعُ ويتألم لا تُقدر مرضه وتقول له: "إذا ذهبت لأصحابك لا تشتكي من أي تعبٍ وإذا حضرتَ إلى المنزل دائماً ما تشتكي"، فيزدادُ ألمُهُُ ومرضُه.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــ
صفات شريكة الحياة المناسبة
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
إِنَّه ينبغي لنا أَن نحرص على اختيارِ الشَّاب المُستقيم في الزَّواج ممن مَلكنَا اللهُ أَمرها، فَإِنَّ الرجل الذي يُريدُ الزَّواج أَيضاً لابُدَّ أَن يختَارَ المرأة المُستقيمة الحصينةَ العَفيفة، فَفي الحديث الذي رواهُ البُخاري ومُسلم، أَنَّ النَّبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قَال: ((تُنْكحُ المَرأَةُ لأَربعْ: لِمالِهَا ولِحَسبهَا ولِجَمالِهَا ولِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَربتْ يَداَكْ))، وروى مُسلم أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((الدُّنْيَا مَتاعٌ وخَيرُ مَتاعِهَا المَرأَةُ الصَالحَةْ))، فالمرأَة ذات الدِّين لا تنخدع لهواها ولا تُرَخِّصُ لنفسهَا، ولا تهمل شَأْن بيتها، ولا تَغفل عن تربية أَبنائِها وتأديبِهم، وإِصلاحِ شَأنِهم، ولا تُهمل حُقوقَ زَوجها، فَالدِّين يَحُدُّ من قُوتَي الغَضب والشَهوة، ويكفي أَنَّه علاجٌ ناجحٌ لشفَاءِ النِّفوس، ووَاقٍ لَها من فَساد الخُلق والتَردِّي في هاويةِ الرَّذائل، ورَغبات الرجالِ في النسَاء تَختلف من شَخصٍ لأَخر، وعلى كل شَيءٍ يَقعُ شَكلهْ، ويَميلُ إِليهِ مثلهُ، والأَرواحُ جُنودٌ مُجندة، ما تعارف مِنها ائتَلف، وما تنَافَر منها اختلف، والمَرأة لا تُحَبُ ولا تُخْطَبُ إلاَّ لخصلةٍ من أَربعِ خِصال هُنَّ جِمَاعُ الشَّرف ومُلتَقَى العِزِّ، ومنتهى الكرامة، وهي المالُ والجمالُ والحَسبُ والدين، وكم نُكحت من فَتاةٍ لا تَصلح أَن تكون زوجة، ولا يستعانُ بها على خَير، وإِنَّما هي ذات مال تملك به نفس اللئيم، وتتخذهُ ذلولاً يسرُ في الأَرض ويسقي الحرث، وتَحسبُهُ خادماً وزوجاً في آنٍ واحد، وقد يكونُ لَهُ مالٌ يُغنيهِ ويستطيعُ به أَن يتزوج مَن تسرهُ إِذا حضر، وتُعجبهُ إِذا نَظر، ولَكنهُ يترفعُ عن التَّزوج بالفقيرة، ويَرى في ذلك مَنقصةً عليه، ويتَّقي قول من يَنسبهُ إِلى البُخل، ويُعيرهُ بمُصاهرةِ الفُقراء، فكم من فَتاةٍ لا تملكُ شيئاً تزوجَت فكانت سبَباً فِي سعادةِ الرَّجل، ومفتاحاً لبابِ رِزقه.
وذات الجمال التي تَرى نفسها قُطعت من الشمس، أَو صِيغت من القمر، تَفرضُ إِرادتها على الرجال، وتَنتعلُ وجُوه خُطَّابها، وتهزأُ بعُشَّاقِها، وإِذا تَزوجت فهي الحاكمُ المُطلق، وهي الآمرة النَاهية، تقولُ: أُريدُ ولا أُريد فيقولُ: أَنتِ السَّيدة المالكة، ونحنُ كُلنا عبيد، تَتدللُ عليه بجمالها وتَقُولُ لهُ: سُبحان مَن أَعطاك مَالا تَستحقه ومثلكَ في الرجالِ كَثير، ومثلي في النِّساء قَليل فَلا يَملأُ عينها، والحَسينةُ المُفتخرةُ بآبائِها، والمُعتزة بقومها وعشيرتها، تحتقرُ مَن لا يُدانيها، وتفتخِرُ على من لا يُضاهيها، وأَقَل ما يسمعُ منها التعاظُم، وفعل أَبي وصَنع جَدي، وإِذا غضبت عليه قالت:
وما هندُ إِلا مُهرة عربيَّةٌ *** سُلالة أَفراسٍ تحللها بغلُ
فإِن ولدت فحلاً فمن طيبِ أَصلهَا *** وإِن ولَدت بَغلاً فَمن ذَلك البَغلُ
وذات الدين هي الزوجةُ الصالحة، والتجارةُ الرابحة، تَعرفُ ما لها فتَطلُبهُ بالمعروف، لا تتجاوزهُ ولا تَتَعداه، بل قد تُسامحُ زوجها إِذا قعدَ فيما عليه لها، وتَغُضُّ طَرفها عن تَتبُّع هفَواتِهِ وزَلاته، ولا تُحاسبهُ على كُل شيءٍ يقعُ منه، وتَعرف حَقَّهُ عليها، فَلا تسُوءهُ إِذا حَضر، ولا تَخونهُ إِذا غاب، وهي قُرة عينِه، تَقومُ بتربية أَولادهِ، والعِناية بشأنهم، فهي أُمٌ شفيقة، وزوجةٍ صَالحة، وأُسْتَاذٍ حَكيمْ، ورَاعٍ يقوم بحق الرعاية، ومن هي هذه الزوجةُ غير التي يحثُّ الشارعُ الحكيمُ على تَحصِيلِها، ويَدعوا على من أَرادَ غيرها، وطلب سواها؟ هِي ذات الدِّينِ لا بَارك الله لمن يزهد فيها ويرغَبُ عنها، ويَراها غير صَالحة.
وليس معنَى ذلكَ أَنَّ مَطلب الجَمالِ ليس مقصُوداً، وإِنَّما المُرادُ ألاَّ يقتصر عليه الزَّوجُ في طلب الزَّواج، أَو أَن يَجعلهُ أَكبر هَمه، وإلاَّ فَإِنَّ للجَمالِ اعْتِبارُهُ كَما يَتَّضحُ من حَديث ((انْظرْ إِليهَا فَإنَّهُ أَحرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَينكُمَا)).
13/5/1426 هـ
2005-06-20
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج من الخارج الآثار والسلبيات
فهد عبد العزيز الشويرخ
الجميع يريد السعادة، والسعادة لها أسباب، ومن أسبابها الارتباط بالحياة الزوجية متى تحقق الوئام بين الزوجين، وكُتب التوفيق لهما، يقول الله - عز وجل -: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين (189) يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "يسكن إليها: أي: يألفها ويسكن بها فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين"(1)، والزواج من نعم الله على عباده وقد شرع لأهداف سامية وغايات نبيلة، ومصالح عظيمة، منها:
1- إعفاف الزوجين:
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..." متفق عليه(2). فالزواج يساعد على غض البصر عن المحارم، وبالتالي يحصن الفرج من الوقوع في الفواحش.
2- حصول الذرية:
فلا ذرية إلا بزواج والذرية لها فوائد عديدة منها:
- أنها سبب للتكثير الذي تحصل به مباهاة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - لسائر النبيين - عليهم السلام - يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" (3).
- أنها من زينة الحياة الدنيا يقول الله – عز وجل -: المال والبنون زينة الحياة الدنيا 46 {الكهف: 46}.
- دعاء الولد الصالح لوالديه بعد الموت، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " أخرجه مسلم(4).
3- يحصل به الراحة والاستقرار:
يقول - جل وعلا -: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 21 {الروم: 21} "سكن للنفس والعصب، وراحة للجسم والقلب، واستقراراً للحياة والمعاش، وأنس للأرواح والضمائر، واطمئنان للرجل والمرأة على السواء" (5).
4- الأجر والثواب من الله - تعالى -:
يترتب على الزواج جماع الزوجة والإنفاق عليها، وفي ذلك أجر وثواب من الله - تعالى -، يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" أخرجه مسلم(6). ويقول - عليه الصلاة والسلام -: "إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقه" متفق عليه(7).
هذه بعض فوائد الزواج؛ ولذا فإن من الخطأ البين حصر فوائده في قضاء الوطر، وتصريف الشهوة فقط، ويترتب على هذه النظرة الخاطئة الإقدام على الزواج على هذا الأساس.
أسس اختيار الزوجة:
عندما يقدم المسلم على الزواج يقدم طالباً للسعادة، وملتمساً للراحة، وناشداً للاستقرار؛ ولذا فإن عليه أن يراعي الأسس التي تجعل هذا الزواج يثمر الثمرة المقصودة من تشريعه، ومن أهم تلك الأسس:
الأساس الأول: أن تكون الزوجة مسلمة عفيفة:
فالزوجة غير المسلمة لا يخلو حالها إما أن تكون مشركة أو لا دين لها فهذه لا يجوز الزواج بها أبداً، يقول الله – عز وجل -: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون 221 {البقرة: 221}، يقول العلامة ابن كثير - رحمة الله - في تفسير هذه الآية " هذا تحريم من الله – عز وجل - على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان " (8).
أو تكون كتابية، يهودية كانت أم نصرانية، فهذه يجوز الزواج بها لقول الله - عز وجل -: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين {المائدة: 5} فالكتابية يهودية كانت أو نصرانية يجوز الزواج بها إذا كانت عفيفة، يقول العلامة السعدي - رحمة الله -: "وأما الفاجرات غير العفيفات فلا يباح نكاحهن سواء كن مسلمات أو كتابيات"(9) ومع جواز الزواج بالكتابيات فإن الأولى عدم الزواج بهن، يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي العام السابق للمملكة - رحمه الله تعالى -: "ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمؤمنات أولى وأفضل؛ لما ورد عن عمر وابنه عبد الله وجماعة من السلف الصالح - رضي الله عنهم -؛ ولأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر، ولاسيما في هذا الزمان الذي استحكمت فيه غربة الإسلام، وقلّ فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين، وكثر فيه الميل إلى النساء، والسمع والطاعة لهن إلا ما شاء الله، فيخشى على الزوج أن تجره زوجته إلى دينها وأخلاقها كما يخشى على أولاده منها كذلك "(10).
إن مما يخشى منه حين الزواج بالكتابيات أن الرجل المسلم بحكم زواجه من الكتابية، ومعاشرته لها، ومخالطته لأهلها، وذوي دينها؛ قد يميل قلبه إليها، وإلى قومها، والنتيجة لهذا الميل: أن تفتنه عن دينه، فيصبح هذا الزواج على حساب عقيدته الإسلامية، كما أن للأم أثراً كبيراً على أولادها فهي المحضن الأول لهم، وهي المربي الأول الذي يفتحون أعينهم فيه؛ لهذا كان الاحتمال كبيراً أن يميل الأولاد إلى أمهم، فيأخذون عاداتها، ويعتنقون معتقدها، كما أن الاحتمال كبير بأن يبقى الأولاد معها في ديار الكفار، ولا يصحبوا أباءهم إلى ديار الإسلام لو حدث بين الأبوين خلاف؛ لأن قوانين بلادهم تحكم بحضانة الصغير للأم، وتكون النتيجة أن يتنصر أو يتهود الأولاد، إلا ما شاء الله - تعالى - وأن يصطبغوا بصبغة القوم الكافرين، وأن يتخلقوا بأخلاقهم، ولا شك أن الأب المسلم مسئول مسئوليه كاملة عن تربية أولاده، وتنشئتهم التنشئة الصالحة، وتلقيهم العقيدة الصحيحة "(11) يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"(12).
الأساس الثاني: أن تكون الزوجة ذات دين:
يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه(13). لأن ذات الدين تقوم بواجبها الكامل في حق الزوج والأولاد والبيت على وفق تعاليم الإسلام فيكون لهذا فائدة كبرى في نجاح الزواج.
الأساس الثالث: أن تكون الزوجة من أسرة عرفت بالأصالة والشرف:
الحكمة من كون هذا أساساً من أسس نجاح الزواج واستمراره أن الزوجين يهمهما أن ينجبا أولاداً متصفين بخصال الخير مفطورين على معالي الأمور مطبوعين على العادات الحميدة، وهذا لا يكون في الغالب إلا حين يكون كل واحد من الزوجين من أسرة عرفت بهذه الصفات؛ ولهذا حض النبي - صلى الله عليه وسلم - كل راغب في الزواج أن يتخير لنطفته البذر الصالح فقال - عليه الصلاة والسلام -: "تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم"(14).
هذه الأسس الثلاثة للزواج الذي يرجى استمراره ينبغي أن تكون نصب عيني كل من يريد الزواج من الداخل عموماً ومن الخارج خصوصاً؛ وذلك لكثرة المشاكل المترتبة على الزواج من الخارج لأسباب منها إهمال مراعاة هذه الأسس حين الزواج من الخارج.
هل الزواج من الخارج يشكل ظاهرة أم أنها حالات قليلة؟
يقول مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية "إن الإدارات المختصة في وزارة الداخلية لاحظت الإقبال المتزايد على طلب الزواج من الخارج"(15) إذن نحن أمام ظاهرة تتزايد.
هل للزواج من الخارج سلبيات وأضرار؟!
يقول فضيلة الشيخ- مساعد بن معتق المعتق: " وإني بحكم عملي ومعرفتي بكثير من المشكلات في هذا المجال اتفق معه فيما ذكر من مضار الزواج بالأجنبيات " (16).
ويقول سفير خادم الحرمين الشريفين في إندونسيا: " إن الزواج من الخارج له سلبياته الكثيرة جداً... ونحن في سفارة المملكة بإندونسيا نعاني من هذه الحالات " (17).
ويقول مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية: " إن الوزارة أجرت دراسة عن المشكلات المترتبة على زواج المواطنين السعوديين بزوجات غير سعوديات اتضح فيها مشكلات كثيرة " (18).
فما هي أهم تلك المشكلات والأضرار؟ إن من أهمها الآتي:
أولاً: الأضرار الشرعية والأخلاقية:
وهي أضرار كثيرة، منها:
1- نكاح البغايا:
يقول الله – عز وجل -: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين {النور: 3} أي: تعاطيه والتزوج بالبغايا، فلا يجوز زواج الرجل العفيف بالبغي حتى تتوب من زناها؛ لقوله - تعالى -: وحرم ذلك على المؤمنين يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - " وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب " (19).
بعض من يتزوج من الخارج، وخاصة أصحاب الزواج السريع يتزوجون بغايا وهم لا يعلمون ذلك حيث يوجد عصابات لتزويج البغايا يعمل بها سماسرة موجدون في البلدان المقصودة للزواج في كل مكان: المطار، الفنادق، الشقق، المطاعم، الأماكن التي يتردد عليها السعوديون وهؤلاء السماسرة يديرون أوكاراً للدعارة والفساد تحت مسميات مختلفة يكون ضحيتها راغب الزواج من الخارج، خصوصاً راغبي الزواج السريع والمؤقت، حيث يقوم هؤلاء السماسرة بطرق الأبواب على السعوديين عارضين عليهم الزواج من فتيات يدعون أنهن مستقيمات، وهن في الواقع من البغايا والزواني، يقول مدير عام العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية في معرض حديثه عن أضرار الزواج بأجنبيات: "وجد البعض من الأزواج السعوديين أنهم أصيبوا بأمراض... لزواجهم السريع من زوجات أجنبيات... يمارسن الرذيلة وأسماؤهن على قائمة محترفات الرذيلة دون أن يعلموا ذلك"(20).
2- نكاح المرأة في عدتها:
يقول الله - عز وجل -: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله 235 {البقرة: 235} يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: " يعنى ولا تعقدوا العقد بالنكاح حتى تنقضي العدة وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح العقد في مدة العدة " (21) وبعض من يتزوج من الخارج يتزوج نساء وهن في العدة من أزواج آخرين وهم لا يعلمون بذلك ويترتب على هذا إذا كانت الزوجة حاملاً من الزوج الآخر اختلاط المياه، أي: ماء المتزوج بماء الواطئ الأول، واشتباه الأنساب، فينسب الابن من الزوج الأول إلى الزوج الثاني، وهو لا يشعر بذلك.
3- نكاح امرأة متزوجة:
يقول – عز وجل -: والمحصنات من النساء أي: من النساء اللائي يحرم الزواج بهن: زوجة الغير ومن أضرار زواج السعودي بزوجة من الخارج: أنها ربما تكون متزوجة من آخر، وعلى ذمته، والزوج السعودي لا يعلم بذلك، يقول مدير العلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية: " أورد البعض من الأزواج السعوديين ممن قام بالارتباط بتلك الزوجات الأجنبيات أن البعض منهن في الأصل متزوجات وعلى ذمم أزواج آخرين " (22).
ثانياً: الأضرار الاقتصادية:(52/5)
الزواج من الخارج هو شبيه بنظام التقسيط الذي لا يحس أو يشعر به الشخص إلا بعد مضي فترة من الزمن فقد يستسهل الشخص المقدم على الزواج من الخارج في البداية تكاليف الزواج ولكن مع مرور الأيام يشكل هذا الزواج عبئاً مالياً على الزوج ويتمثل ذلك في الأمور التالية:
1) مقدم ومؤخر الصداق يصل لمبالغ كبيرة تصل أحياناً إلى نفس الصداق الموجود في المملكة.
2) وجد في البلدان التي يكثر فيها زواج السعوديين أن أولياء الزوجة يشترطون شقة سكنية للزوجة في بلدها.
3) قيمة التذاكر السنوية للزوجة ولأولادها حينما يريدون الذهاب لزيارة أهليهم و أقاربهم في تلك البلدان.
4) قيمة الهدايا مما خف وزنه، وغلا ثمنه لأهل الزوجة و أقاربها.
5) استقدام أقارب الزوجة على حساب الزوج الخاص إما للعمرة المتكررة، أو الحج، أو الزيارة، أو العمل، وفي معظم الأحيان لجميع ما سبق.
6) استقطاع مبلغ من دخل الزوج شهرياً، أو دورياً؛ ليرسل لأهل الزوجة لمساعدتهم على تكاليف المعيشة في بلدانهم.
7) الابتزاز في البداية من قبل الخاطبات والسماسرة والمحامين وفي أثناء الزواج من قبل أهل الزوجة.
ثالثاً: الأضرار الاجتماعية:
للزواج من الخارج أضرار اجتماعية من أهمها ما يلي:
1) بقاء الفتيات السعوديات عوانس بدون زواج.
2) اختلاف القيم والعادات والتقاليد بين بيئة الزوجة من الخارج وبيئة الزوج في السعودية، مما يؤدي إلى عدم الوفاق والانسجام بين الزوجين بسبب اختلاف العادات، ومن ثم يقع الطلاق.
3) ضياع الأولاد وتشردهم بعد انفصال الزوجين بالطلاق.
4) يعاني أطفال تلك الزوجات بعد وفاة آبائهم من عدم وجود عائلٍ لهم حتى من أقاربهم من جهة الأب الذين لا يبدون أي اهتمام نحوهم، مما يجعلهم يقدمون على أعمال غير سوية من التسول والسرقة والنصب والاحتيال.
5) كثرة الطلاق في تلك الزيجات من الخارج؛ لأن غالبها مبنى على طمع مادي، سرعان ما يظهر للزوج فتكون النتيجة الطلاق.
6) تخلخل بيئة وتركيبة المجتمع السعودي " حيث لاحظ كثير من الأزواج السعوديين أن الكثير من زوجاتهم الأجنبيات اللاتي ساعدوهن في الحصول على الجنسية العربية السعودية يتغير سلوكهن وتصرفاتهن بعد الحصول على الجنسية السعودية بهدف أرغام أزواجهن السعوديين على الطلاق وبالتالي يتزوجن أزوجاً من أبناء جلدتهن لأنهن سعوديات " (23).
رابعاً: الأضرار الصحية:
في رصد وزارة الداخلية للأضرار المترتبة على الزواج بزوجات من الخارج " وجد البعض من الأزواج السعوديين أنهم أصيبوا بأمراض معدية، والبعض منها أمراض مستعصية مثل التهاب الكبد الوبائي " (24) نتيجة قلة الرعاية الصحية في بلادهم، كما أن بعض هؤلاء الأزواج أصيبوا بأمراض جنسية نقلوها لزوجاتهم السعوديات رغم تحفظ البعض واشتراطهم وجود تقارير وشهادات طبية تثبت خلو الزوجة التي سوف يتزوجها من أي أمراض جنسية ومع ذلك أصيبوا بأمراض جنسية؛ لأن سماسرة الزواج في الخارج يقومون وخلال ساعات قليلة باستخراج تقارير طبية تفيد بخلو الزوجة من الأمراض الجنسية، وهي في الواقع مصابة بها نتيجة ممارستها للرذيلة من قبل، كما يتم إجراء عملية ترقيع للبكارة المنتشرة بكثرة في معظم الدول.
خامساً: الأضرار التربوية والنفسية للأطفال:
الأطفال الذين يولدون لآباء سعوديين من أمهات غير سعوديات يصابون بجملة من الأضرار التربوية والنفسية تزداد وتتفاقم في حالة انفصال آبائهم عن أمهاتهم ومن أهم تلك الأضرار ما يلي:
1) " اختلاف القيم والعادات والتقاليد بين الأزواج وزوجاتهم وذلك ينعكس على تربية الأطفال الذين يعانون من ذلك الاختلاف في العادات والتقاليد بين أمهاتهم وآبائهم، فلا يدري الأطفال أي ثقافة يتبعون ثقافة الأم أم ثقافة الأب، وهو ما يطلق عليه علماء الاجتماع (صراع الثقافات)"(25).
2) في حالة انفصال الزوجين، وذهاب الأم لبلدها لا تتمكن الأم من رؤية أطفالها في المملكة بشكل مستمر؛ مما يجعل الأطفال يفقدون رعاية وحنان الأم، فيوجد لديهم مشكلات مرضية ونفسية لا حصر لها.
3) يعاني الأطفال الذين تزوج آباؤهم من أمهات غير سعوديات بعد وفاة آبائهم وذهابهم مع أمهاتهم لبلد الأم أنهم يعاملون كأجانب مقيمين إقامة غير نظامية، مما يؤثر على نفسياتهم.
4) " فيعاني هؤلاء الأطفال من عدم دخولهم للمدارس في بلدان أمهاتهم بعد وفاة آبائهم، أو انفصال وطلاق أمهاتهم عن آبائهم بسبب عدم وجود مبالغ مالية لدفع الرسوم الدراسية مما يضطرهم إلى عدم الذهاب إلى المدارس، والبقاء بجانب أمهاتهم في المنازل، مما يؤثر عليهم ويدفع بهم إلى الانحراف بأشكاله المتعددة " (26).
هذه بعض من الأضرار الشرعية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية والنفسية المترتبة على الزواج من الخارج، يحسن بمن يفكر في الزواج من الخارج أن يضعها نصب عينيه، وبالتالي يفكر كثيراً قبل الإقدام على الزواج من الخارج.
_____________
الهوامش:
1- تفسير القرآن العظيم لابن كثير- رحمه الله - (2-275).
2- أخرجه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: البخاري (1806) ومسلم (1400).
3- أخرجه من حديث معقل بن يسار}: أبو داود (2050) وصححه ابن حبان (4056).
3- أخرجه من حديث أبي هريرة}: مسلم (1631).
5- في ظلال القرآن لسيد. قطب (5-2763).
6- أخرجه من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: مسلم (1006).
7- أخرجه من حديث أبي مسعود}: البخاري (5036) ومسلم (1002).
8- تفسير القرآن العظيم للعلامة ابن كثير - رحمه الله - (1-402).
9- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي - رحمه الله - (1-458).
10- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله جمع د سعد الشويعر (4-274).
11- الزواج الناجح لفضيلة الشيخ د عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة ص 28.
12- أخرجه من حديث أبي هريرة}: البخاري (1292).
13- أخرجه من حديث أبي هريرة}: البخاري (4802) ومسلم (1466).
14- أخرجه عن عائشة - رضي الله عنها -: ابن ماجه (1968) وصححه الحاكم (177/2).
15- صحيفة الجزيرة بتاريخ 13- 8 -1424 ه.
16- الزواج الناجح ص 9.
17- صحيفة الرياض العدد: 12531 في 9- 8 - 1423 ه.
18- صحيفة الجزيرة بتاريخ 13- 8 -1424 ه.
19- تيسير الكريم الرحمن للسعدي (3-382).
20- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
21- تفسير القرآن العظيم (1/450).
22- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
23- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
24- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
25- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
26- صحيفة الجزيرة 13- 8 -1424 ه.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
ـــــــــــــ
علاقة الزواج
أمين حسن أحمد يس
ضمّني مجلس أُنس في ساعةِ صفاءٍ مع الدكتور جعفر شيخ إدريس، وكان من المواضيع التي طرقناها موضوع (الزواج)؛ فحدثني عن أحد الأزواج أنه تزوّج؛ ليس لرغبة في الزواج، وإنما حمله على ذلك أن الناس يتزوّجون!!..
ما أكثر أولائك الذين يقدمون على الزواج كمظهر اجتماعي، وشكل يظهرون به للناس؛ دون أن يدرون به حقيقة أو معنى؛ يأتي أحدهم وقد اختزل وجوده في جانبه الغريزي؛ معرضاً في ذلك عن إنسانيّته وعن وجوده كرجل يبحث عن امرأة، وزوج يسعى في تكوين أسرة، وأبٍ يتحمّل تكاليف الأبوّة؛ فما أن يفيق من سكرة الشهوة إلا ويفجأه أمر لم يُعِدّ له عدّته؛ ويصطدم بواقع ليس هو فيه مستعد.. أراد المسكين أن يداري فشله كإنسان بالزواج فافتضح كزوج.. وما تزايُد نسبُ الطلاق إلا مؤكداً ودليلاً على ذلك الإخفاق الكبير الذي مُني به كثير من الأزواج؛ فلم يتتطلقا طلاق الأجساد؛ وإنما تطلقا طلاق الأرواح؛ فهام الجسد بلا روح؛ ليشبع غرائزه كيفما اتفق له؛ لأنه لم يكن قد التقى بإنسانة ليكن بينهما العفة والأمانة والوفاء والصيانة..
والذي لم يفعل هذا ولا ذاك فرَّ خارج البلاد لعشرات السنين تاركاً زوجه وولده..
والذي لم يهرب إلى الخارج هرب إلى النوادي، وجلسات السمر، و...، و... ؛ ليعود آخر الليل إلى البيت الذي لا يراه بيتاً؛ فينوم نوم الجيف..
أقل القوم شراً من يعترف أنه أخطأ بإقدامه على هذه الخطوة؛ ويكتفي بإرجاع الأم وأطفالها إلى بيت أبيها؛ لأنه عجز أن يوفر لها الجوَّ الأسري الذي كانت تعيشه؛ ليتفرغ هو لحياة التشرد والتسكع التي كان عليها!!.. المسكين لم يُعدَّ ليكون أباً؛ ولا يعرف معنى أن يكون له بيت وأسرة!!.. إن هذا الفشل أدى بدوره إلى خروج أجيال مهزوزة؛ لا طموح لها في الحياة، ولا رغبة!!.. وليس على المجتمع إلا أن يرجع خطوات إلى الخلف باستيعابه - طائعاً أو مكرهاً - لهذه الأجيال التي تقلص في أذهانها مفهوم الأسرة؛ جراء ما لقيته إِبَّان طور نشأتها الأولى في البيوت التي كان لها جدران ولم يكن لها وجدان!!.. تنشأ أجيال مهزوزة لا طموح لها في الحياةولا تعرف معنى البيت أو الأسرة.
وما عزوف الشباب عن الزواج إلا أثراً من آثار تلك النشأة، مع عوامل أخرى!!..
ما الذي يدفعه للرغبة في الزواج وقد وجد والداه يعيشان بلا فرح ولا معنى؟!، أم كيف يجد الزواج مكاناً في نفسه ونفسه غائبة عنه؟!؛ أنّى له أن يبني بيتا في حياة لا يعرف من معانيها شيئاً؟!!..
ماذا سيبقى له بعد ذلك إلا الغريزة؛ فلا يرى في المرأة إلا الشهوة، وهي لاترى فيه غير ذلك!!.. فلماذا يقدم على الزواج إذاً؛ وفي كل يوم وليلة هو عروس يدخل على عروس؟!.. وبالمفهوم الغريزي هو أفضل ممن له عروس واحدة!!.. وإذا ما أراد الشباب تبريراً لهذا الوهم غلّفوه وزوّقوه بالحقيقة؛ ليسرقوا من الإنسانية أول رباط مقدس؛ فيقولون هو الزواج (العرفي)!!..
ولكن يكفيك لأن تتأكد أنها ليست علاقة إنسانية: ان تنتظر حتى يولد بينهما إنسان؛ لترى على الفور: كيف يقذفون به بكل قسوة؛ ويرمونه في العراء؟!؛ ليواجه بذلك مصيراً أسوأ مما صاروا إليه!!.. وملجأ (المايقوما) على ذلك شاهد..
دَرَجْتُ في كثير من الأحيان أن أسال الأزواج السابقين منهم واللآحقين عن المعاني التي خرجوا بها من الزواج!؛ حتى قال لي أحدهم: هل أنت قيّم على مشاعر الآخرين؟!..
إن الذي أراه هو أن معاني الحياة الزوجية لن تحصل إلا بين رجل وامرأة فَهِمَا معنى وجودهما كرجل وامرأة!!.. وغياب هذان المعنيان الأصليان هو العامل الأساس والسبب الرئيس في فشل الحياة الزوجية!!..
قال أحد الأزواج مخبراً عن علاقته بزوجه: (أنا لا أراها امرأة، وهي لا تراني رجلاً، والذين أنجبْتُهم منها لا أحس بأنهم أولادي)!!..
امرأة ظلّت تبحث عن الرجل في ثلاثة أزواج كانت تجد مع كل واحد منهم مسحة من رجل ومسحة من إنسان وبقايا من إرث آدمي غابر، مع خصال كثيرة لا تمت إلى الرجولة بصلة قريبة ولا بعيدة ولا تنتمي إلى حقيقتها!!.. وهكذا كانت تتطلق من هذا؛ لتتزوج من ذاك؛ آملة الحصول على رجلها!!..
قلتُ: لو اجتمعتت في شخص واحد صفات الرجولة التي وجدتها لَتَكَوَّن منها الرجل الذي كانت تفتش عنه؛ ولم تحتج مع المسكينة إلى تلك التجربة المريرة التي عاشتها!.
(((الرجل))) كلمة لا تزال تحتفظ بسحرها وجمالها الذي لا يبلَى مع الأيام، ولكن لا يُرى ذلك السحر والجمال إلا بعين أبصرت معنى الرجولة.
إن الله - سبحانه وتعالى - خص هذا الإنسان من بين خلقه؛ بأن خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأودع فيه إبداعه وجماله؛ ليتجلّى هذا الإبداع والجمال في رجل؛ منتصب القوام، حسن الخلقة؛ ليدل ذلك على أن الرجولة هي أجمل ما في الإنسان، وأكمل ما في الكون!!..
والمرأة لا تفتتن ببنات جنسها قدر افتتانها بالرجل؛ لأنها تعلم في قرارة نفسها أنه أجمل منها وإن بدى في صورة ليست جميلة، وإن كانت في صورتها أجمل الجميلات..
ولو أن الجمال الذي في الرجل هو الجمال نفسه الذي في المرأة لتعاملت معه المرأة بالنّدّية كما تتعامل مع بنات جنسها!!.. تفتتن المرأة بالرجل لأن حلة جمالها المعنوي تحاك خيوطها في قلبه.
إن غياب معنى الرجولة لم يخلق أزمة بين الرجل والمرأة فحسب؛ بل تعداه ليخلق أزمة بين الرجال أنفسهم!!.. قلت لأحدهم: إن علاقتنا!!.. ؛ فانبرى يقاطعني؛ قائلاً: عن أي علاقة تتحدث؟!.. ألا تجد أمرأة تحبَّها فتريد أن تحبني؟!.. قلت: إن في الرجولة من الجمال ما يكفي لأن يُفْتَتَنَ به كرجولة..
وفي سياق ذلك دخلت في وساطة لإصلاح ذات البين فقلت لأحدهم: ما الأمر؟!.. فقال: لا يسأل عني، ولا يهتم لأمري، ثم سألني قائلاً: هل الحب للمرأة فقط؟!؛ فقلت: لا؛ ولكن الكثيرين علاقتهم بهذه الكلمة معقدة!..
قال لي أحد الأزواج: إنه مكث شهرين لا يدري أيعيش مع رجل أو امرأة؟!..
ولعل هذا ما حملني أن أسأل بعض النساء عدة أسئلة تتعلق بهذا الشأن؛ هل تمنيتِ أن تكوني رجلاً؟!؛ ولماذا؟!.. ماذا تعني لك الصورة والقوام الذي في جسدك؟!.. الإجابة على السؤال الأول كانت مرضية نواعاً ما، ولكنها لم تبلغ كل الرضى.. تراوحت الإجابة الأولى بين من قالت: (إنه اختيار الله لي وهو المناسب)، ومن قالت (إنها لم تتمن أن تكون رجلاً؛ لاعتزازها بوجودها كامرأة)، أما بالنسبة للسؤال الثاني فقد كانت كل إجاباته تقول: (إنها هي الصورة والقوام نفسها)!!.. لم تقل واحدة منهن: (إنني إنسانة؛ قبل أن أكون في هذا القالب المادي!، وإنما أعطاني له ربي لأعيش به إنسانيتي في الأرض، وأحافظ عليه محافظتي للإنسان الذي فيه)!!..
لقد اقتضت المشيئة الإلهية ألاَّ يكتشف المرأة إلا الرجل، وألاَّ يعرف قدر الرجل إلا المرأة!!.. فالرجل الحقيقي هو من يفتش في النساء عن المرأة، ويفتش في المرأة عن المرأة تلك التي تولد فيه من جديد؛ فيرى فيها ما لا يراه الآخرون!!..
لا أدَلَّ على معرفة قدر الرجل من قول ملكة سبأ: (يا أيها الملأ إني أُلقي إلي كتاب كريم).. فقدر الكتاب من قدر الكاتب!!.. ولقد عرفت حواء قدر آدم حين صار بها أبا للبشرية، وخليفة في الأرض.
يبقى نجاح الحياة الزوجية في الأرض مرهون بنجاح الرجل والمرأة؛ لأنه بهما تتحقق آية الله: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومم يتفكرون).. عندها تلتقي الأرواح؛ ويتحول الجسد بفعل روحه إلى روح!!.. ولقد تحقق هذا في حياة المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - مع زوجاته.
هذا هو الزواج، وتلك هي معانيه!!..
الزواج الناجح يسير وفق هذه المعاني!!..
وإن الحياة البشرية سترجع القهقرى إن لم تلد هذه المعاني من رحمها ولادة طبيعية!!..
http://www.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــ
جواز سفر لفعل الممنوع ..
الحمد لله رب العالمين القائل: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
... والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين..
شرع الله - عز وجل - الزواج لهدف أسمى، وغاية عظمى...
الزواج.. ذلك الميثاق الذي تسعى إليه كل فطرة سوية... يبعث على طمأنينة النفس والاستقرار والأنس.
الأسرة هي الركيزة الأولى في بناء المجتمع. والأسرة المتماسكة المترابطة هي التي يقوم عليها صلاح المجتمع.
لذلك علينا من المنطلق التربوي أن نعتني ببناء هذه الأسرة منذ بداية تكوينها حتى تتأسس لدينا بيوت صالحة.
لأن آثار الزواج في الغالب تتعدى الزوجين إلى الأسرة.
إن على الوالدين أن يثقفوا أبنائهما بالهدف الأساسي من الزواج.. لكن للأسف بعض الوالدين يربي في نفوس أبنائه أن الزواج (جواز سفر لفعل الممنوع)..
مثلا: الشاب... يريد السهر خارج المنزل، يريد السفر، يحرص على أصحابه وشلته وهذا كله ممنوع في قاموس الأهل فيكون التوجيه المناسب له من وجهة نظر الأهل (إذا تزوجت افعل ما تريد).
وفي المقابل الفتاة... تريد زيارة صديقاتها، تريد لباسا حسب الموضة بغض النظر عن مدى شرعيته، تريد سفريات معينة فيكون التوجيه المناسب
لها من قبل الأهل (إذا تزوجتي خلي زوجك يذهب بك).
هذا الدور السلبي للأهل يأتي في الوقت الذي لابد أن يربى فيه الطرفان على أن الزواج رباط وميثاق، وليس بوابة لعبور الممنوعات.
والبعض ليس بينه وبين أبنائه تواصل، مع التجاهل التام للأسئلة المتعلقة بالحياة الزوجية الخاصة. فيكتفي الطرفان بالمعلومات التي يتحصل عليها من وسائل الإعلام، أو من المجتمع المحيط به.
فهنا جعل الأهل بينهم وبين أبنائهم حواجز ورادارات لعدم تجاوز نقطة (العيب).
وبما أن الشاب والفتاة يقدمون على الزواج في سن لا تتوافر فيه التجربة الكافية.. فأنا أقترح هنا بتأسيس دورات تثقيفية وتأهيلية وفق خطة مدروسة لإعداد الشاب والفتاة للحياة الزوجية وتكون إلزامية.. تماما مثل الفحص الطبي الذي يسبق الزواج.
الهدف منها أن يدرس الطرفان النواحي الاجتماعية والنفسية والعاطفية والظروف الملائمة لتكوين أسرة ناجحة. وسد الخلل الحاصل من الأهل في تنشئة وتأهيل الزوجين.
وبعض الشباب والفتيات يكونون على مستوى عالي من الإعداد المسبق للزواج سواء عن طريق الأهل أو الثقافة الجيدة من خارج محيط الأسرة...
هنا يجرى لهم اختبار فإذا تم اجتيازه تمنح لهم شهادة بذلك.
أما المطلِقين والمطلَقات يلزمون بدورة تدريب مكثفة. مع تناول أسباب طلاقهما بعناية فائقة لتجاوز هذه المرحلة.
وللأسف فإن من بين دول الخليج تأتي السعودية في المرتبة الأولى من حيث معدلات الطلاق بنسبة 45%.
وفي دراسة أجراها أحد الباحثين من جامعة الملك سعود أن المحاكم الشرعية السعودية تستقبل يوميا 30 ــ 35 حالة طلاق.
وهذه النسبة توضح مدى الخلل في فهم الشاب والفتاة لمفهوم الزواج.
http://www.ma3ali.net المصدر:
ـــــــــــــ
سبب الزواج من ثانية
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
إن قيل لنا: لم تتزوجون من أخرى؟
قلنا: للسبب نفسه في زواجنا الأول الخدمة وإحصان الفرج والولد.
فإن قيل: ألا ترون أن من تزوج الثانية فإنه يظلم الأولى غالباً؟
قلنا: ألا ترون أن كثيراً ممن تزوج واحدة فقط قد ظلمها وهضمها حقها؟ فهو بين "عمله" و"ديوانيته" أو "مزرعته" أو في "الصيد" أو في "السفر" بل إن بعض من تزوج من ثانية تراه نساؤه أكثر من الذي في عصمته واحدة، وانظر حولك.
ثم: هل كان الحكم الشرعي - وهو إباحة الزواج - هو السبب في هذا الظلم، أم هي أخلاق هذا المتزوج ووقوعه في حبائل الشيطان؟
فإن قيل لنا: إن امرأتك الأولى متدينة وجميلة وقائمة بحقوقك وليست مريضة ولا مقعدة ولا عاقراً حتى تتزوج عليها، فلم فعلت هذا؟
قلنا: وهل إذا كانت عاقراً أو مقعدة أو مريضة تستحق الظلم؟ بل هي أولى - على زعمك - أن لا يتزوج عليها حتى لا تزيد إلى همها هماً آخر، وأما صاحبة الدين والأولاد فعندها ما يمنعها من الاعتراض على حكم الله وعندها ما يشغلها في غياب زوجها عنها.
ثم: إن من كان عنده خير ونعمة فيحب أن يزيدهما ويكثر منهما، ولو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى لهما ثالثاً.
ونحن نريد أن نسأل هؤلاء سؤالاً، وهو: أننا نجد بعض الناس يعمل في منطقة بعيدة ولا يرجع إلى أهله وأولاده إلا يومي الخميس والجمعة. وبعض الناس يعمل في دولة أخرى غير بلده ولا يرجع إلى أهله وولده إلا شهراً أو شهرين في السنةفلم تمنعون مثل هؤلاء الناس من الزواج من أخرى تقوم على شأنه وتعفه ويعفها؟ ولم لا تسمون هؤلاء ظلمة لنسائهم وأولادهم؟ بل على العكس تسمونهم "مجاهدين" في سبيل الرزق وهل هؤلاء يبقون في نظركم مخلصين جيدين حتى يتزوجوا فيرتفع عنهم كل مدح ويلصق بهم كل ذم ونقص؟
فما الجواب؟ أنبئونا بعلمٍ إن كنتم صادقين.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
مخالفات تتعلق بمبدأ الزواج
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: العزوف عن الزواج:
فمن المنكرات العزوف عن الزواج بدون عذر شرعي. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عمن ترفض الزواج بحجة الدراسة. فأجاب - رحمه الله - بقوله: حكم ذلك أنه خلاف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه)، وقال - صلى الله عليه وسلم - (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج). وفي الامتناع عن الزواج تفويت لمصالح الزواج. فالذي أنصح به إخواني المسلمين من أولياء النساء وأخواتي المسلمات من النساء ألا يمتنعن عن الزواج من أجل تكميل الدراسة. على أن كون المرأة تترقى في العلوم مما ليس لنا به حاجة أمر محتاج إلى نظر، فالذي أراه أن المرأة إذا أنهت المرحلة الابتدائية وصارت تعرف القراءة والكتابة بحيث تنتفع بعلم هذا في قراءة كتاب الله وتفسيره وقراءة أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرحها، فإن ذلك كاف، اللهم إلا أن تترقى لعلوم لابد للناس منها كعلم الطب وما أشبهه، إذا لم يكن في دراستها شيء من محذور من اختلاط أو غيره. انتهى كلام الشيخ العثيمين.
ثانيا: تأخير تزويج البنات والأخوات:(52/6)
وفي هذه القضية المهمة كتب سماحة الشيخ - رحمه الله - قائلا: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يبلغه هذا الكتاب من المسلمين، سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم وجعلنا جميعا من حزبه المفلحين، آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فإن الله - سبحانه وتعالى - قد أوجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله والتواصي بالحق والصبر عليه، ورتب على ذلك خير الدنيا والآخرة وصلاح الفرد والمجتمع والأمة، وقد بلغني أن كثيرا من الناس قد يؤخرون تزويج مولياتهم من البنات والأخوات وغيرهن لأغراض غير شرعية كخدمة أهلها في رعي أو غيره، وكذلك من يؤخر زواجها من أجل أن يأخذ بها زوجة له. وتأخير زواج المولية لهذه الأسباب ونحوها من الأمور المحرمة ومن الظلم للموليات من البنات وغيرهن، قال - تعالى -: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور: 32 والأيامى: جمع أيّم، يقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، يقال: امرأة أيم ورجل أيم. قال ابن عباس: رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى فقال: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) وروى الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، وروى الترمذي أيضا عن أبي حاتم المزني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا: يا رسول الله! وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، ثلاث مرات). وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعيذنا جميعا من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه جواد كريم. مجلة البحوث 2/267 العدد الأول 1400هـ.
مخالفات في الخطوبة والعقد:
أولا: عدم تمكين الخاطب من الرؤية الشرعية:
يقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: فالخاطب يستحب له أن يرى ما يظهر غالبا من المرأة كالوجه واليدين، ويتأمل فيها وفي ما يدعوه إلى نكاحها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن عقد على امرأة أو أراد الزواج: (انظر إليها) رواه مسلم وروى أحمد بإسناد صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم) ولا يسوغ للرجل أن ينظر لمن لم يرد خطبتها، وكذلك لا ينظر إليها في خلوة أو مع ترك الحشمة، إنما يباح له النظر إليها مع عدم علمها أو مع علمها وأهلها إذ كانت رؤيته لهذا ممكنة، وأما عرض الأهل بناتهن بحجة الخطبة فهذا مما لا يسوغ ولا يفعله أهل الغيرة، وإنما يباح النظر لمن علم منه الصدق في الزواج، أو بعد الخطبة، والله أعلم. (المنظار إلى بيان كثير من الأخطاء الشائعة، ص 141، 142)
ثانيا: الزيادة في المهور بما لا يطاق:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: والمشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل وتيسر فهو أفضل، اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتحصيلا للبركة، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، روى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (إني تزوجت امرأة قال: كم أصدقتها؟ قال: أربع أواق (يعني مائة وستين درهما) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل!! ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه) وقال عمر - رضي الله عنه -: (ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما أصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية) والأوقية: أربعون درهما. ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء، وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها: أولا: تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح. ثانيا: أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة، فالمهر عند كثير منهم: هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأتهم، فإذا كان كثيراً زوجوا ولن ينظروا للعواقب، وإن كان قليلا ردوا الزوج، وإن كان مرضيا في دينه وخلقه! ثالثا: أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة، وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان، بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها، ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها. ولو أن الناس اقتصدوا في المهر، وتعاونوا في ذلك، وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير، وراحة كبيرة، وتحصين كثير من الرجال والنساء، ولكن مع الأسف أن الناس صاروا يتبارون في السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها، فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل، ولا ندري إلى أي غاية ينتهون. الزواج، ص34، 35
ثالثا: دبلة الخطوبة:
يلبس الرجال تشبها بأعداء الله دبلة تسمى: دبلة الخطوبة، وكثير من الناس يعتقد أن العقد مرتبط بهذه الدبلة خاصة إذا كانت من الذهب. وقد حرم لبس الذهب على الرجال لأدلة كثيرة منها حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده! فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ خاتمك وانتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) رواه مسلم يقول الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - في آداب الزفاف ص212 ما نصه: (فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضا لأن هذه العادة سرت إلى المسلمين من النصارى، ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم عندما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الرب، ثم ينقله واضعا له على رأس السبابة ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول: باسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعه أخيرا في البنصر حتى يستقر) انتهى كلامه - رحمه الله - فنعوذ بالله من مشابهة الكفار وأهل النار
مخالفات في الأفراح والولائم من منكرات الأفراح:
أولاً: التشريعة عند الزواج:
وهي أن تلبس المرأة ثوبا أبيضا كبيرا لا تستطيع المشي به حتى يحمله معها عدد من النساء أو الأولاد، وتلبس معه شرابا أبيض وقفازين أبيضين كذلك، ثم توضع في مكان فسيح وعلى ملأ من الناس، ثم يدخل عليها الزوج ويسلم عليها أمامهم ويعطيها التحف والهدايا ويتبادل معها أطراف الحديث، وربما شاركه في هذا أقرباؤه كما هو حاصل في بعض البلاد. وفي هذا عدة محاذير منها: أولا: أن ذلك ليس من عادات المسلمين بل هو من عادات بعض الكافرين ثانيا: كما أن فيه إسرافا وبذخا وفخفخة ورياء وسمعة، والله - تعالى -يقول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف: 31
ثانيا: المنصة
وهو دخول العريس والعروس وجلوسهما في مكان عال بمرأى من جميع الحاضرين. وفي هذا يقول الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر) الرسائل والأجوبة النسائية، ص44
ثالثا: خروج النساء متطيبات:
ومن منكرات الأفراح خروج النساء من بيوتهن متطيبات، وهن في طريقهن إلى العرس يتعرضن للمرور على الرجال، وهذا بلا شك حرام. عن أبي موسى الأشعرى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)
رابعا: الاختلاط:
يحدث الاختلاط عند دخول الزوج وأقاربه وأقارب الزوجة من الرجال عند وقت المنصة، وهو كذلك منكر، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والدخول على النساء فقال رجل: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت) رواه البخاري ومسلم. الحمو أخو الزوج. يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين مبينا آثار هذا الاختلاط وما يجنيه فاعله من سيئات: (أيها المؤمنون! تصوروا حال الزوج و زوجته حينئذ أمام النساء المتجملات المتطيبات ينظرن إلى الزوجين ليشمتن فيهما - إن كانا قبيحين في نظرهن- ولتتحرك كوامن غرائزهن - إن كانا جميلين في نظرهن- تصوروا كيف تكون الحال والجمع الحاضر في غمرة الفرح بالعرس وفي نشوة النكاح؟ فبالله عليكم ماذا يكون من الفتنة؟ ستكون فتنة عظيمة، ستتحرك الغرائز، وستثور الشهوات. أيها المسلمون: ثم تصوروا ثانية ماذا ستكون نظرة الزوج إلى زوجته الجديدة التي امتلأ قلبه فرحا بها إذا شاهد في هؤلاء النساء من تفوق زوجته جمالا وشبابا وهيئة؟ إن هذا الزوج الذي امتلأ قلبه فرحا سوف يمتلئ قلبه غما، وسوف يهبط شغفه بزوجته إلى حد بعيد فيكون ذلك صدمة وكارثة بينه وبين زوجته) من منكرات الأفراح، ص8.
خامسا: التصوير:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: (فإني أضيف إلى ما سبق من المحاذير التي تقع ليلة الزفاف هذا المحذور العظيم: لقد بلغنا: أن من النساء من تصطحب آلة التصوير لتلتقط صور هذا الحفل، ولا أدري ما الذي سوغ لهؤلاء النساء أن يلتقطن صور الحفل لتنشر بين الناس بقصد أو بغير قصد؟! أيظن أولئك الملتقطات للصور أن أحدا يرضى بفعلهن؟! إنني لا أظن أن أحدا يرضى بفعل هؤلاء، إنني لا أظن أن أحداً يرضى أن تؤخذ صورة ابنته، أو صورة زوجته، لتكون بين أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئن متى ما أردن!! هل يرضي أحد منكم أن تكون صور محارمه بين أيدي الناس، لتكون محلا للسخرية إن كانت قبيحة، ومثالا للفتنة إن كانت جميلة؟! ولقد بلغنا: ما هو أفدح وأقبح: أن بعض المعتدين يحضرون آلة الفيديو ليلقطوا صورة الحفل حية متحركة، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التمتع بالنظر إلى هذا المشهد!! ولقد بلغنا: أن بعض هؤلاء المصورين يكونون من الشباب الذكور في بعض البلاد يختلطون بالنساء أو يكونون منفردين، ولا يرتاب عاقل عارف بمصادر الشريعة ومواردها أن هذا أمر منكر ومحرم وأنه انحدار إلى الهاوية في تقاليد الكافرين المتشبهين بهم) من منكرات الأفراح، ص11
من منكرات الوليمة:
أولا: دعوة الأغنياء وذوي الجاه، وترك الفقراء:
وهذا لا يجوز لقوله - صلى الله عليه وسلم - (شر الطعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) رواه مسلم وقال - صلى الله عليه وسلم - (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) رواه أبو داود، وإسناده صحيح
ثانياً: الإسراف:
ولقد ذم الله الإسراف في اثنتين وعشرين آية من القرآن، وعاب فاعله، قال - تعالى -: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) الفرقان: 67 وقال - عز وجل -: (يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف: 31
ثالثا: إحضار المغنيين والمغنيات والأشرطة التي فيها غناء وموسيقى واستخدام المكبرات:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: (إن بعض الناس - ليلة الزفاف - يجمع المغنيات بأجور كثيرة ليغنين. والغناء ليلة الزفاف ليس بمنكر، وإنما المنكر الغناء الهابط المثير للشهوة، الموجب للفتنة. وقد كان بعض المغنيات يأخذن الأغاني المعروفة التي فيها إثارة للشهوات، وفيما إلهاب للغرام والمحبة والعشق، ثم إن هناك محذورا آخر يصحب هذا الغناء، وهو ظهور أصوات النساء عالية في المكبر. فيسمع الرجال أصواتهن ونغماتهن فيحصل بذلك الفتنة لا سيما في هذه المناسبة، وربما حصل في ذلك إزعاج للجيران لا سيما إن استمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل. وعلاج هذا المنكر أن يقتصر النساء على الضرب بالدف وهو المغطى بالجلد من جانب واحد، وعلى الأغاني التي تعبر عن الفرح والسرور دون استعمال مكبر الصوت، فإن الغناء في العرس والضرب عليه بالدف مما جاءت به السنة) من منكرات الأفراح، ص5
وأخيرا: تنبيه على عادتين جاهليتين:
الأولى: تهنئة الجاهلية:
فمن العادات المنكرة تهنئة العروسين بقولهم: (بالرفاء والبنين) يقول الدكتور صالح السدلان: (وهذه الضلالة الشائنة والعادة السيئة شاعت في عصر الجاهلية وهي تهنئة جاهلية ... ولعل الحكمة في النهي عن استعمال هذا الأسلوب في الدعاء للمتزوج بالرفاء والبنين هي: مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية لأنهم كانوا يستعملون هذا الدعاء، ولما فيه من الدعاء للزوج بالبنين دون البنات، ولخلوه من الدعاء للمتزوجين، ولأنه ليس فيه ذكر اسم الله وحمده والثناء عليه). وإنما الوارد في السنة أن يقال للعروسين: (بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) الأحكام الفقهية للصداق ووليمة العرس، ص112 بتصرف
الثانية: شهر العسل:
شهر العسل من العادات المنكرة والظواهر السيئة، وهو أن يصحب الزوج زوجته ويسافر بها قبل أو بعد الدخول عليها إلى مدينة أو بلد آخر. وهو من عادات الكفار، ويزيد هذا السفر قبحا إذا كان إلى بلاد الكفار إذ يترتب عليه مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزوج والزوجة معا، إذ قد يتأثر الزوج بمظاهر الكفار من تبرج واختلاط وإباحية وشرب خمور وغيرها فيزهد في دينه وعاداته الطيبة، وتتأثر المرأة كذلك فتخلع تاج الحياء وتنجرف في تيار الفساد. وليس قليلا إذا قلنا إنه من التشبه بالكفار المنهي عنه شرعا. نسأل الله - تعالى -أن يقي المسلمين شر هذه المنكرات، ويهدينا جميعا إلى سواء الصراط، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
30-4-1426 هـ
http://www.zzrz.com المصدر:
ـــــــــــــ
خطبوها تعززت تركوها تندمت
حازم بن أحمد الهاشمي
4/6/1426هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين:
مع نهاية كل موسم من مواسم الزواج نبارك للأقارب والأصدقاء الذين تزوجوا، ونهنئهم على إكمال نصف دينهم، ونذكرهم بتقوى الله لما روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ( إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله فيما بقي ) رواه الطبراني وحسنه الألباني.
ولكن ما يزال الكثير من إخواننا وأخواتنا تحت " باب ما جاء في الأيامى "، وقد يفوق عددهم أعداد من تزوجوا بكثير، مع العلم أن الإحصائيات والدراسات تشير إلى وجود عدد كبير من الشباب والشابات والرجال والنساء بدون نكاح مع أنهم بأمس الحاجة إليه في زمن الفتن والمغريات، حيث الشهوات والمفسدات، مما يجعل العفة بدون الزواج أمراً صعباً وعسيراً إلا لمن عصم الله.
والامتناع عن تزويج هؤلاء والتقصير في ذلك مخالف لأمر الله - تبارك وتعالى - الذي قال في محكم التنزيل: (( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))[سورة النور الآية 32]، وأيامى: مقلوب أيايم وهو العزب ذكراً كان أو أنثى، بكراً كان أو ثيباً، وتخصيص الصالحين في هذه الآية لأن إحصان دينهم والاهتمام بشأنهم أهم كما قال بعض المفسرين ولله الحكمة البالغة، وذهب طائفة من العلماء إلى وجوب النكاح على كل من قدر عليه، ولهم في ظاهر حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حجة قوية حيث قال - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام -: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )[ أخرجه البخاري (1905) ومسلم(1400) ]، وفي قوله - تعالى-: (( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) رد لما عسى يمنع من النكاح، والمعنى كما قال بعض المفسرين: " لا يمنعن فقر الخاطب أو المخطوبة من المناكحة، فإن في فضل الله غنية عن المال فإنه غاد ورائح، أو وعد من الله بالإغناء وقد جاء في الأثر: " اطلبوا الغنى في هذه الآية "، لكنه مشروط بالمشيئة كقوله - تعالى-: (( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ))، ويؤيد ذلك ما جاء في السنة أن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ )( رواه الترمذي برقم(1004)، وقال الألباني: حسن ) وهكذا حذرنا - صلى الله عليه وسلم - بكلام واضح معناه: "إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوا مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، وَتَرْغَبُوا فِي مُجَرَّدِ الْحَسَبِ وَالْجَمَالِ، أَوْ الْمَالِ؛ سيحدث َفَسَادٌ عَرِيضٌ أَيْ كَبِيرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلَّا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ, ورُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلَا أَزْوَاجٍ, وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلَا نِسَاءٍ, فَيُكْثِرُ الِافْتِتَانُ بِالزِّنَا, وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الْأَوْلِيَاءَ عَارٌ فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ, وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ، وَقِلَّةُ الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ " ا.هـ بتصرف واختصار من كلام المباركفوري - رحمه الله - في تحفة الأحوذي.
وليس هذا محل بسط المخاطر التي قد يؤدي إليها تأخير هذا الأمر المهم، والتي لا تخفى على أولي الألباب، ومنها ما نلاحظه الآن من انتشار الفواحش، وما أعقبته من انتشار الأمراض المؤلمة والخطيرة، ومفاسد عظيمة لا تعد ولا تحصى والله المستعان على أحوال كثير من الإخوان.
وصحيح أن عدم إقدام الشباب على النكاح بسبب أعذار كثيرة واهية، وحجج أغلبها داحضة، مما يجعل عليهم نسبة كبيرة في تحمل الخطأ بالتساوي مع أولياء أمورهم في هذه المشكلة، ولكن في الحقيقة الواقع يثبت بأن الفتاة وأهلها يتحملون حملاً أكبر من الخطأ لأسبابٍ كثيرة من أبرزها: الشروط التعجيزية، وكثرة الطلبات المرهقة، وعدم الواقعية، وهنا وقفة وتساؤل؟ لماذا نضع العقبات في وجه الزوج أو الزوجة، ولماذا تكون الزوجة التي تتوق إلى الزوج وتنتظره كل يوم وليلة أول من يؤدي إلى هروبه وشروده، كما قالوا في المثل: "لا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجاً فإذا جاء الزوج طلبت منه كل شيء"، وهكذا يبدأ مسلسل الطلبات، وقائمة الشروط والمواصفات والمقاييس العجيبة والغريبة التي يلوحون بها قبل أن يأتي الخاطب ويلج باب الدار، فإذا تجرأ وطرق الباب انهالت عليه كالسيل الجارف، وهذا الخاطب المسكين كالعطشان لا يدري هل يرد هذا السيل ويشرب منه، أم ينجو بحياته من الجرف، فإذا تجرأ واقتحم وذانك هو البطل توالت عليه طلبات المخطوبة وأهلها، واختباراتهم وشروطهم التعجيزية كالقذائف من كل حدب وصوب، حتى إذا ظفر بها صدق به قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُنَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ لَكُمْ عِلْقَ الْقِرْبَةِ " رواه أحمد والنسائي، وقال أحمد شاكر إسناده صحيح، فلسان حاله تَحَمَّلْت لِأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى عِلْق الْقِرْبَة وَهُوَ حَبْلهَا الَّذِي تُعَلَّق بِهِ، أو كسَيَلَان مَائِهَا، أو عَرَق حَامِلهَا مِنْ ثِقَلهَا وفعلت، وهكذا يتذكر في وجهها مذلة الديون التي تحملها على ظهره، والتعب الذي بذله حتى يحصل عليها.
والحكمة ضالة المؤمن، ونحن لا نريد أن نصل إلى هذه الحالة من الأنانية التي قال عنها بارناردشو: " تقلق المرأة على المستقبل حتى تجد زوجاً، ولا يقلق الرجل على المستقبل إلا بعد أن يجد زوجة "، ويقول هربرت سنبنسر: الزواج حفلةٌ يوضع فيها خاتمٌ في إصبع العروس، وآخر في أنف العريس"، وهناك تساؤل نطرحه على أهل الإيمان بالله واليوم الآخر وهو: "إذا كنا نعلم أن الحياة الدنيا اختبار وابتلاء من العزيز الحكيم، وأنها بما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأن كل من عليها فان، وأن الأموال تجيء وتذهب... إلى غير ذلك من حقيقة الدنيا، فلماذا تشدد المخطوبة وأهلها على الأزواج وكأنهم في صفقة تجارية؟ وللشاعر المصري محمد عثمان جلال (1826 – 1898 م ) قصيدة جميلة يصف حال الفتاة المسكينة التي تمنعت عن الخطّاب، وتكبرت عليهن حتى صدق فيها المثل الذي ذكره في آخر الآبيات.. حيث قال:
إِنَّما البنتُ إِن نَمَت بِزَواجٍ تَرنَّمَت
وَاِبتَغَت زَوجَها فَتى عَينه إِن رَنَت
رَمَت ذا مزاح مُداعِبا لَم يَكُن دبَّ في الفَلَت
كَيِّساً وابنُ سادة ذا فُنونٍ تَكمَّلت
فَإِذا جاءَ راغِبٌ في سَما كبرها سَمَت
وَرَأَت ذاكَ دونها وَبسخرٍ تَبَسَّمَت
وَاِختَفَت في خبائها وَعَن الرُشد أحجمت
وَلَئن طابَ نهدها وَبِسِنٍّ تَقَدَّمت
خَرَجَت مِن قبابها وَعَلى الناسِ سَلَّمت
وَإِذا ما رَأَت فَتى أَحدَقت ثُمَ هَمهَمَت
وَلمرآةِ دارها إِن رَنت عَينُها هَمَت
وَالتَجَت مِن ضَرورة لِزَواج وَأَقدَمت
وَاِستَراحَت بِزَوجِها وَلَهُ الأَمرَ سَلَّمت
وَعَلى قبح ذاته سَكَتَت ما تَكَلَّمت
وَهيَ في طيِّ سِرِّها مِن أَذاه تَأَلَّمت
فَلَقد صَحَّ ها هُنا قَول مَن قالَ في النُكَت
خطبوها تَعزَّزت تَرَكوها تنَدَمت(52/7)
وقلوب العذارى في تقلب دائم، وحيرة واضطراب في الأمر، وزعم أحدهم أن فتاة قالت لأخرى: "لا مانع عندي من قبوله زوجاً لي لو كان غنياً، أو أطول قامةً، أو أبهى طلعةً، أو.. طلب يدي"، لذا فإنه ليس من الصحيح أيضاً وضع اللوم عليها بشكل كامل، بل إن على وليّها أن يربيها على القناعة، ويجنبها موارد المجون والخلاعة، وأهدي كلماتي لقَلْبِ الفقيرِ الحطيم الكسيرِ، ودَمْعِ الأَيامَى السَّفيحِ الذَّريفْ، وأقول لهم: "لا تيأسوا واصبروا، وأبشروا ببشرى النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ( ثلاثة حق على الله عونهم: [ وذكر على رأسهم ] الناكح الذي يريد العفاف... الحديث )(قال الألباني: حسن)( غاية المرام / 210) فمن يأنس بالله، ويرجو عظيم فضله بصدق وإخلاص فليبشر بفرج الله، وتيسير مؤونة الزواج، وليصبر وليحتسب حتى لا يهلك مع الهالكين، وينال رفعة الدرجات من رب العالمين.
وإعفاف النفس حتى يتم هذا الأمر في الشريعة مطلوب، وانتظار الفرج من الله عبادة امتثالاً لقول الباري - جل في علاه - آمراً من لا يجد تزويجاً بالتعفف عن الحرام: (( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ))[سورة النور: من الآية 33]، نسأل الله أن يرزقنا وجميع أيامى المسلمين الهدى والتقى، والعفة والعفاف والغنى، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه، ويغنينا بفضله عمن سواه، وأن يطهر قلوبنا، ويسدد ألسنتنا، ويشرح صدرونا، ويحفظ فروجنا، إنه سميع مجيب قريب الدعاء.
http://www.islamselect.comالمصدر :
ـــــــــــــ
من يتقدم إليها
عبد الملك القاسم
امرأة مسلمة تفرح بالحياة وتسر بها..لكنها فقدت الزوج والصاحب في بحر متلاطم من الفتن..يتقدم إليها؟!
أخرى.. فتاة متوسطة الجمال وقد يكون بها بعض النقص لكنها مصلية صائمة عابدة مؤمنة! أتٌترك لقصر في طولها أو لسواد في بشرتها أو لطول في أنفها! شابة في مقتبل العمر قدر الله - عز وجل - أن تتزوج برجل يطلقها في زمن يسير.. يا ترى لمن تترك.. ألوحشة الطريق أم للزمن المهلك أم للهموم والغموم! أين من يحتسب الأعمال الصالحة عند الله - عز وجل -.. إن التقدم إليهن من أعظم الأعمال وأرفعها عند الله - عز وجل - ففيها إعفاف مسلمة وتفريج كربة ورعاية أسرة (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)(النساء: من الآية19)
يا شباب الإسلام.. لا تحرموا أنفسكم جمال الروح وصفاء النفس وحسن الأخلاق وطيب المعشر.. على لحظات فانية وشهوة زائلة..
قال ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر: قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟ قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزج فآبى، فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرتٌ أباها وكان فقيراً فزوجني منها، وفرح بذلك. فلما دخلت إليَّ رأيتها عوراء عرجاء مشوهة! قال: وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج، فأقعد حفظاً لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئاً، وإني على جمر الغضى من بغضها. قال: فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما من عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي لقلبها.
فمن يحفظ القلوب ويتقدم لهن!
11/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
ـــــــــــــ
هل في الزواج مكان للصداقة ؟!
إبراهيم الزعيم
العلاقة الزوجية أساس متين من أسس الحياة أرسى قواعده الإسلام العظيم؛ فقد جعل المودة والرحمة عنواناً لهذه العلاقة التي تميزت عن غيرها من العلاقات التي قد تنشأ بين أي طرفين، ولكن السؤال الذي أحببنا إثارته هو: إلى أي مدى يمكن أن يعد كل من الزوجين زوجه صديقاً له؟
حول هذه القضية كان لنا هذا التحقيق.
أساسها تقوى الله وطاعته
نادر شبلاق (48 عاماً) قال: إن الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة؛ فالزوجة سكن لزوجها والزوج سكن لزوجته، فإذا ما عد كلا الزوجين الآخر شريك حياته في حلوها ومرها فإن العلاقة الزوجية تتطور إلى أرقى مستوياتها، وتذوب معها كل الخلافات التي قد تعكر صفو الحياة.
ويضيف شبلاق " إذا بنى الزوجان حياتهما على تقوى الله - سبحانه وتعالى -- وطاعته، فإن الصداقة والشراكة ستكون عنوان حياتهما، الأمر الذي سيمنحهما السعادة والطمأنينة؛ لذلك أدعو الأزواج إلى تطبيق هذا الأساس العظيم؛ لأنه ركن مهم في صداقة أي اثنين، وخاصة إذا كان هؤلاء الصديقان هما الزوجين".
وأكد أن المصارحة بين الزوجين تُعد بداية لصداقة وشراكة بين الأزواج؛ إذ إنها تقرب القلوب من بعضها، مضيفاً " إذا كانت البداية كذلك فإن الفوارق النفسية والفكرية بينهما ستزول، وترفرف عليهما السعادة والطمأنينة والراحة النفسية".
اعتبار كل من الزوجين زوجه صديقاً له يعد عاملاً رئيساً من عوامل استمرار الحياة الزوجية، فهو يساعدهما على الاقتراب من بعضهما أكثر فأكثر، بحيث تزول كل الحواجز التي كانت بينهما في السابق، بهذه الكلمات بدأ محمد الأستاذ (22 عاماً) حديثه معنا، مضيفاً " إنني أعد زوجتي صديقة لي وشريكة حياتي، لذلك أصارحها في كل ما يخصنا، وأسعى دائماً لاستشارتها".
ليس في كل الأحوال
أما محمد (27 عاماً) فقد خالف رأيه رأي سابقيه؛ إذ يرى أنه لا يمكن اعتبار الزوجة صديقاً في كل الأحوال، ويفسر محمد -الذي تزوج منذ عامين- رأيه هذا فيقول: " الكذب هو سر نجاح الزوجين؛ لأن النساء عندهن حساسية من تصديق الصدق، فطالما أن الزوج صادق فيجب أن يكذبوه، الزوج حتى ينجح في حياته، وخاصة بعد مرور سنوات على الزواج يحتاج إلى نفاق زوجي أحياناً، فأحياناً يكون غير راغب في الجلوس مع زوجته ويضطر أن يحدثها قليلاً حتى تتركه وشأنه".
أم عبد الله (32 عاماً) ترى أن اعتبار كل من الزوجين الآخر صديقه أمر يقزم العلاقة الزوجية، مشيرة إلى أن الصداقة لا تنطبق على العلاقة الزوجية؛ إذ إنها تُعدّ أعم من هذا الوصف، إلا أنها استدركت قائلة: " إذا عددنا المصارحة والمشورة صداقة فقد يكونان صديقين، إلا أن العلاقة في المجمل لا يمكن حصرها في هذه الكلمة".
في الحياة العامة
أم أحمد (20 عاماً) قالت لنا: إنه من الممكن أن يكون الزوجان صديقين، إلا أنها بينت أن ذلك ليس حالة عامة؛ إذ إن هناك أموراً لا يمكن أن يكون فيها الزوجان أصدقاء.
وبينت لنا ذلك بقولها: " في الحياة العامة من الممكن أن يكونوا أصدقاء من خلال نقاشهم في القضايا التي تهم المجتمع بشكل عام، أما في القضايا التي تتعلق بحياتهما الخاصة فإن الصداقة ستكون جزءاً بسيطاً من حياتهما".
أما زوجها أبو أحمد (26 عاماً) فقال: إن الزواج نعمة من الله - سبحانه وتعالى -- وهذه النعمة تُعدّ مثلاً يحتذى في العلاقة، فهي جامعة لكل الأوصاف الحسنة التي قد تجمع اثنين.
ويضيف أبو أحمد -الذي أبدى إعجابه بهذا الموضوع الذي نناقشه على بساط البحث- أن الصداقة حب وإخلاص ومودة ورحمة، مؤكداً أن هذا ما يفتقده الكثير من الأزواج في هذه الحياة.
مكمّل للآخر
الشيخ علي غراب - الداعية الإسلامي قال: إن المشاركة بين الزوجين يجب أن تكون من الناحية النفسية والإنسانية التي أمر بها الشارع الحكيم؛ إذ قال - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. فهذه الرحمة لا تتم إلا عبر تآلف الزوجين، بحيث يشعر كل منهما أنه مكمل للآخر، فلا يكون الزوج متسلطاً على زوجته، ظاناً أن له اليد الطولى في الإنفاق والقوامة، فالأمور لا تتم على هذا النحو، ولكن وفق منظومة إسلامية أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "رفقاً بالقوارير".
وأضاف الداعية الإسلامي أن الإسلام اعتنى عناية فائقة بالعلاقة الزوجية، وغلفها بغلاف الرحمة والرأفة والمودة، مؤكداً أن الغرب الذي يتشدق بحرية المرأة ويزايد على الإسلام لم يصل إلى ما وصل إليه الإسلام في احترامه وتقديره لهذه العلاقة.
ويوضح أنه من خلال هذه العلاقة التي تربط الزوجين ببعضهما تنبع أهمية مشاركة كل منهما الآخر في تطلعاته وهمومه، وهو الأمر الذي لربما لا يوجد بين اثنين آخرين، فالحب والرحمة والصداقة لابد أن يدفع كلاً منهما إلى إفشاء أسراره للآخر، ليس من باب الفضيحة، وإنما من باب النصيحة، حتى تُبنى الأسرة على لبنة متينة، بحيث يُعرف من خلالها مواطن الضعف فتقوى، ومواطن القوة فتصبح أشد قوة.
شراكة لا تنتج سلعاً
أما محمد السويركي - باحث فلسطيني ومهتم بشؤون التنمية البشرية فقال: إن العلاقة الزوجية من الأمور التي حيّرت الكثيرين، فهي وعلى الرغم من كونها في ظاهرها علاقة شراكة إلا أن طبيعتها مختلفة، فهي من ناحية علاقة بين طرفين، وفق شروط معينة تخص مصالح الطرفين يمثلها عقد الزواج، لكنها من الناحية الأخرى (وعلى العكس من الشراكات العادية) يمكن أن تختل، بل ويمكن أن تستمر في حالة الخلل دون احتجاج من الطرف الآخر (المرأة في الغالب الأعم)، ذلك أن ما ينتج عن هذه الشراكة شيء مختلف عما تنتجه الشراكة العادية، فهي شراكة لا تنتج سلعاً، أو تحقق أرباحاً يمكن اقتسامها، بل تكون نتيجتها أسرة وأبناء لا يمكن اقتسامهم، أو إعطاؤهم لفريق دون الآخر؛ لأن البناء الأسري ساعتها سيختل من أساسه، موضحاً أنه من هنا يجب رؤية الأمر من خلال نظرة صحيحة، وهي أن الزواج مؤسسة قائمة على الشراكة، لكن شراكة مرنة من نوع خاص، ومرونة هذه الشراكة تنبع بشكل أساس من الطبيعة اللطيفة للمرأة، ومن الحرص الذي ميزها الله به على المحافظة على بنيان الأسرة.
ويضيف الباحث الفلسطيني متسائلاً: " فما هي طبيعة هذه العلاقة؟ وما هي الأشكال التي يمكن أن تتخذها؟ ". ويجيب قائلاً: " العلاقة الزوجية - وبلا مبالغة - يمكن أن تبين لنا نوعية المجتمع الذي نحن بصدد دراسته، فكلما اختلت العلاقة بين الرجل والمرأة نمّ ذلك عن اختلال في القيم المجتمعية، لذا لن نجد مجتمعاً يحترم نفسه يقبل على نفسه أن يظلم المرأة، ونحن في منطقتنا العربية نجد هذا الأمر واضحاً؛ ففي الوقت الذي اختلت فيه موازين المجتمع؛ إذ ابتعد الناس عن دينهم، وجدناهم - والرجال تحديداً- يصبحون أكثر جرأة على اقتراف الظلم بحق المرأة، والعكس صحيح، فكلما لمسنا آثار عودة الشباب إلى دينهم وإلى ربهم وجدنا أن تلك العلاقة تعود إلى شكلها الصحيح الذي أراده الله لنا، ولا ننسى أن ننوه إلى ما للعلم وانتشار التعليم من أثر إيجابي في زيادة ثقة الرجل بنفسه، مما يمكنه من أن يكون طرفاً فاعلاً في علاقة زوجية سليمة.
وحول وصف العلاقة الزوجية بالصداقة أشار إلى أن كلمة "صداقة" هي كلمة جميلة، لكن العلاقة الزوجية يمكن أن تكون أجمل، فبينما نتعامل مع الأصدقاء على قاعدة الندية، فإن علاقة الرجل بالمرأة يجب أن تكون أكثر رقياً، بحيث يمكن للرجل أن يكون أكثر استيعاباً لزوجته، وللمرأة أن تكون أكثر انحيازاً لزوجها دون أن ترى فيه خصماً كما يحاول البعض أن يقنعنا، وقد وصف الله - عز وجل - الحياة الزوجية بأنها بنيان قائم على أساس من "المودة" و "الرحمة" (وجعل بينكم مودة ورحمة)، والمودة والرحمة هما أجمل وأرق وألطف المشاعر الإنسانية التي يمكن أن تقوم عليها شراكة، مضيفاً أن علاقة الزوج بزوجته يمكن أن تقترب من شكل الصداقة إذا ما توفر بين الطرفين مجموعة من الأخلاق ومنها: الاحترام المتبادل، حصر الخلافات الزوجية في أضيق نطاق، الفخر بالطرف الآخر أمام الآخرين، حسن الإنصات للآخر، الشكر الدائم كل للآخر على ما يقدمه من جهد. وهي أخلاق إذا ما تم التعامل وفقها، فإنها تفرض على الزوجين احترام كل منهما للآخر، وهو الأساس الطبيعي لعلاقة زوجية سليمة.
مفاهيم مغلوطة:
د حمدان الصوفي -أستاذ مساعد في قسم أصول التربية بالجامعة الإسلامية قال: لو قلنا إن الزواج في الإسلام يُعدّ صداقة وشراكة لكانت التسمية دقيقة جداً، والسبب في ذلك أنها تشبه الشراكة من ناحية المصالح المشتركة والضريبة المطلوبة من كل طرف؛ إذ يتصف الزواج بعدة أوصاف وهي أنه حقوق وواجبات، ورعاية ومسؤولية، فعلى كل من الزوجين أن يقدم الرعاية للحياة الزوجية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، بالإضافة إلى أنه يتطلب تحمل الأذى والصبر عليه، فالصداقة لا يمكن أن تتم بدون صبر وتحمل، والله يقول: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا...)[طه: من الآية132]، كما أن الخطاب موجه إلى المرأة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت آمر أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، موضحاً أن النصوص القرآنية توضح هذا المعنى بشكل كبير، وذلك من خلال قوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].فهذه الآية توضح أن هذه النفس مشتركة - وهي نفس آدم - عليه السلام - وخلق الزوجين منها، مضيفاً أن التسمية ذاتها (الزوجان) توضح مدى حقيقة الشراكة والصداقة الزوجية.
وحول طبيعة الرابطة بين الزوجين يقول د. الصوفي: إن الله - سبحانه وتعالى - وضح هذه العلاقة من خلال العديد من الآيات، منها قوله - تعالى -: (... وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) [النساء: من الآية21]، فطبيعة العلاقة قوية، والإسلام أضفى عليها نوعاً من القدسية والاحترام، مشيراً إلى أنه إذا كانت طبيعة الرابطة بهذه القوة فإن طبيعة العلاقة كذلك تتجاوز حد الصداقة، فإذا قلنا: إنه صداقة، فإنه من خلال وجه من وجوهه صداقة، لكنه أعمق من الصداقة والشراكة؛ إذ إن الصداقة والشراكة والتكافل كل واحدة منها تعدّ وجهاً من وجوه العلاقة الزوجية"، كما يتضح ذلك من قوله - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]. فطبيعة العلاقة الزوجية تشمل السكن والطمأنينة والمحبة والرحمة التي تظهر على الجوارح، كما يقول - سبحانه وتعالى -: (... هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ... ) [البقرة: من الآية187]، وهذه الكلمة فيها معاني تربوية كثيرة، فكلمة اللباس توحي بمعاني كثيرة وهي: الستر؛ فالزوجان كل منهما ستر للآخر: ستر مادي ومعنوي. والزينة؛ فالزواج زينة. والحماية؛ فالزواج يحمي الزوجين من الوقوع في المهالك. والقرب والالتصاق؛ فالزوجان كل منهما قريب من الآخر نفسياً وعقلياً. والإمتاع؛ فالحياة الزوجية فيها متعة عقلية وجسمية ووجدانية.
وأضاف أن الحديث عن الصداقة والشراكة لا يلغي شخصية أحد الزوجين؛ إذ إن هناك استقلالاً كاملاً لكل منهما، كما أن العلاقة بين الزوجين ليست قائمة على التنافس وتنازع الأدوار، مضيفاً أن الزواج قائم على تكامل الأدوار والوظائف.
وأشار إلى أن هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة حول العلاقة الزوجية، مثل الخلط بين الاستبداد والتحكم والقوامة؛ إذ يحرم الزوجة من إبداء الرأي والتصرف بحجة أن له القوامة، وبين المشاورة والرضوخ؛ إذ إن البعض يعتقد أن من يشاور زوجته يُعدّ محكوماً لزوجته أو راضخاً لها، و من المفاهيم المغلوطة الخلط بين العنف والرجولة؛ إذ يعد بعض الأزواج أن الرجل هو "العنيف" مع زوجته وأبنائه، والليّن هو الضعيف.
27/8/1426
01/10/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــ
كوني مثل أم سليم
عبد الملك القاسم
للزواج شأن عظيم في الإسلام، فهو ركن الأسرة المسلمة وسبيل استقرارها وسعادتها وطريق إنجاب الأبطال والنساء المصونات عبر زمن طويل من القدوة الحسنة والتربية السليمة! وقد جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - شرطين لمن قدم طارقاً بيت ولي الزوجة، فقال:"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" رواه الترمذي وعلى هذا التوجيه النبوي سار صدر الإسلام الأول! خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم، قالت: ما مثلك يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره. فأسلم وتزوجها. وفي رواية قال له: ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد خشبة تنبت من الأرض نجرها حبشي بني فلان؟ قال: بلى، قالت: أفلا تستحي أن تعبد خشبة من نبات الأرض نجرها حبشي بني فلان!؟ إن أنت أسلمت لم أرد منك صداقاً غيره.
قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله. فقالت لا بنها: يا أنس، زوج أبا طلحة. وفي رواية قال ثابت: فما سمعنا بمهر كان أكرم من مهر أم سليم فما هو؟ إنه (الإسلام). وفي رواية قال لها: يا رميصاء وأين الصفراء والبيضاء يعني الذهب والفضة-؟ فقالت: لا أريد صفراء ولا بيضاء، لا أريد غير الإسلام، لا أرضى مهراً سواه!!
فقال: ومن أين لي بالإسلام؟
قالت: دونك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اذهب إليه وأعلن إسلامك أمامه.
فانطلق أبو طلحة، فلما رآه رسول الله مقبلاً قال: (أتاكم أبو طلحة غرة الإسلام بين عينيه). ثم أخبر خبره مع أم سليم فزوجه رسول الله على ما اشترطت من المهر.
فيا ابنة الإسلام..عليك ألا يغيب عن بالك التوجيه النبوي في اختيار الزوج ولا تخدعك المظاهر ولا تغرك زهرة الحياة الدنيا!
ولكل أب وأخ أقول: اتق الله في أمر من تحت يدك واحذر خيانة الأمانة بتزويج رجل لا يتوفر فيه الشرطان الأساسيان: الدين والخلق..! وعليك بأهل الخير والصلاح تبرأ ذمتك وتسعد موليتك.
قضى الله - تعالى -وقدر أن يظل الصراع بين الحق والباطل قائماً، وأن الكفار لا يزالون يكيدون لأهل الإسلام ((نَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً)) (الطارق: 15) ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ)) (الأنفال: 30).
وهذه الحقيقة يجب أن يعتقدها المسلم وأن ترسخ في ذهنه ليعلم حينئذ حجم الصراع وحقيقة المواجهة.
وقد سلك هؤلاء الأعداء من كفار ومنافقين شتى الطرق واتخذوا كل أسلوب ووسيلة من أجل التشكيك في هذا الدين، والطعن في تشريعاته وأحكامه، وفي هذا العصر خصوصا اتسعت دائرة الطعن والتشكيك فصار الإعلام يقذف كل آونة بشبهة حول التشريع الإسلامي ليتلقفها الجاهل والمنافق ويبثها في المجالس والمنتديات.
ومن تلك التشريعات التي بثت حولها الشبهات والطعون:
"مشروعية التعدد" وسألقي على أسماعكم بعض هذه الشبه مع الجواب عليها لتستبين سبيل المجرمين: فمن هذه الشبه:
* شبهة أن في التعدد ظلما للمرأة وهضما لحقوقها:
وهذه التهمة الباطلة نسمعها ونقرؤها بين الفينة والأخرى وهي حلقة من سلسلة طويلة من دعاوى تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها.
وللجواب على هذه الشبهة نقول: أولاً: إن هذه المقولة كفر بالخالق الحكيم جل جلاله، وطعن في الشرع.
وقد قال الله - تعالى -: ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً)) (النساء: 65).
وقال - تعالى -: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِم)) (الأحزاب: 36).
ومن أحسن من الله حكماً؟ وإذا تقرر هذا فإن الظلم إن وجد فليس في أصل التشريع - تعالى -الله عن ذلك [1].
وإنما هو في خطأ الناس في تطبيقه، وإلا فهو مقيد في الشرع بالعدل وغيره من الشروط.
ثم إنك لتعجب حين ترى أمم الكفر- التي تخرج منها تلك الشبهات.
قد تنادى فيها العقلاء إلى الأخذ بشريعة التعدد.
وأقوالهم في ذلك بل وأقوالهن كثيرة أكتفي منها بشهادة أحدهم وهو الدكتور غوستان لوبون صاحب الكتاب المشهور" حضارة العرب" يقول: (لا أريد أن أبين هنا الأسباب التي جعلت الشرقيين يقولون بتعدد الزوجات، وأن أذكر أن تعدد الزوجات الشرعي عند الشرقيين خير من تعدد الزوجات الخبيث المؤدي إلى زيادة اللقطاء في أوربا) [2]
وقد تنادى أهالي "بون" عاصمة ألمانيا عام 1949م وخرجوا يطالبون أن ينص الدستور على إباحة تعدد الزوجات [3]
وخرجت إحدى الغربيات بعد أن أظهر تألمها وحسرتها من حال البنات المشردات في أوربا صرخت تقول: (البلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوربي على الاكتفاء بامرأة واحدة) [4].
وهل الأفضل التعدد أم 70% نسبة الخيانة في أمريكا.
هذه بعض شهاداتهم..والأول يقول:
ومحاسن شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء.
* شبهة أن القرآن جاء بمنع التعدد:
وهذه الدعوى تنطلق بها حناجر بعض المتعالمين والمثقفين، ويحتجون على ذلك بقوله - تعالى -: ((وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ)) (النساء: 126).
قالوا: إذا جمعنا هذه الآية إلى الآية الأخرى: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)) (النساء: 3).
ظهر من ذلك أن التعدد ممنوع بنص القرآن لأنه متعذر فيه العدل.
هكذا نطقت ألسنتهم كذباً على الله - تعالى -وقولا عليه بغير علم وخرقاً لإجماع المسلمين على مر العصور.
ولتوضيح هذا الأمر نقول: إن العدل المنفي في الآية الأولى: هو العدل من جميع الوجوه وهذا لا يمكن، وليس بمقدور الإنسان أن يعدل في محبته وما لا يملك العدل فيه، ولذلك قال الله - تعالى -في الآية نفسها: ((فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ)) (النساء: 129).
وأما العدل في الآية الأخرى وهو قوله - تعالى -: ((فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) (النساء: 3).
فالمراد به: العدل الذي يقدر عليه الإنسان من الأمور الظاهرة وسيأتي بيانها إن شاء الله - تعالى -.
هذا الذي ذكره المفسرون بل حكى الأمام النووي الإجماع عليه [5]، وهو الذي فهمه الصحابة والتابعون ومن بعدهم إلى يومنا هذا، فهم لا يزالون يعددون بناء على هذا الفهم.
نقتصر على هاتين الشبهتين لأنهما أبرز الشبه، وإلا فالشبه كثيرة، والأمر كما قال الشاعر:
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار(52/8)
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - مبينا شيئا من واقع أولئك المنادين بمنع التعدد: (إن هؤلاء القوم الذين يدعونكم إلى منع تعدد الزوجات لا يتورع أكثرهم عن اتخاذ العدد الحجم من العشيقات والأخدان، وأمرهم معروف مشهور بل إن بعضهم لا يستحي من إذاعة مباذلته وقاذوراته في الصحف والكتب، ثم يرفع علم الاجتهاد في الشريعة والدين ويزري بالإسلام والمسلمين) [6].
----------------------------------------
[1] عن حقوق النساء في الإسلام "للشيخ محمد رشيد رضا (ص/82).
[2] عن حقوق النساء في الإسلام "للشيخ محمد رشيد رضا (ص/82).
[3] فقه السنة (ص/253/2).
[4] المرأة بين الفقه القانون (ص/82)، وانظر للأهمية (تعدد الزوجات إعجاز تشريعي) د. محمد شتا أبو سعد.
[5] شرح مسلم (15/205).
[6] (عمدة التفسير) للشيخ أحمد شاكر (3/108). وانظر حول بعض الشبة والجواب عنها:
(المرأة بين الفقه والقانون) (ص/99 - 102)، تعدد الزوجات للعطار (ص/48)، فقه تعدد الزوجات لمصطفى العدوى (ص/125)، وإتحاف الخلان (ص/323)، عقبات في طريق المرأة المسلمة للجلالي، تعدد الزوجات للظبيعي (ص/69)، وغيرها.
8/9/1426 هطويل أم قصير .. من هو الرجل المناسب ؟!
سلام نجم الدين الشرابي
أريده طويلاً يا أمي، أستظل بطوله من عيون الناس، وأفتخر بقامته وأنا أمشي إلى جانبه..
طول القامة عند الرجال مطلب مهم وأساسي عند كثيراً من الفتيات، وقد ترفض الفتاة شابً متقدماً لخطبتها رغم توفر كل الصفات الجيدة فيه فقط لأنه قصير القامة.
وقد حدثت بعض حالات الطلاق عندما تغاضت الفتاة عن هذا المطلب، إذ طلبت زوجة من المحكمة الطلاق من زوجها "قصير القامة" بعد 20 سنة من الزواج، لأن هذا يضايقها أمام المعارف.
نيرمين هذه كانت تعمل في أحد فنادق القاهرة الكبرى، تقدمت إلى محكمة استئناف القاهرة، بدعوى تطليق من زوجها عامر" مدرس التربية الفنية"، لأنه قصير، مشيرة في دعواها إلى أن هذا يسبب لها الحرج الشديد، عند الخروج معه في الحفلات والأماكن العامة.
المحكمة المصرية رفضت طلبها لعدم القناعة بأسباب الزوجة، كونها تقدمت بالدعوى بعد 20 عاماً من الزواج.
وعدا عن رغبة الفتاة بالارتباط برجل طويل القامة فقد أكدت بعض الدراسات مدى نجاح الزوج طويل القامة في الحياة الزوجية؛ إذ ذكرت دراسة حديثة أجريت في العاصمة الفرنسية باريس أن الرجال الذين يزيد طولهم على ستة أقدام يرجح أن يعيشوا حياة زوجية سعيدة وطويلة الأجل بنسبة 50 بالمائة عن أقرانهم قصار القامة.
وقالت الدراسة إن الطول يلعب دوراً في إمكانيات الكسب حيث إن المديرين والمحترفين الناجحين، يتمتعون بزيادة في الطول مقدارها بوصة في المتوسط عن الموظفين العاديين من أصحاب الياقات الزرقاء.
وضمت الدراسة عينة نموذجية لما يربو على ألفي رجل، واتضح أن الرجل القصير يعمد إلى التعويض ببذل جهد أكبر في العمل ليبرهن على كفاءته أمام الجنس الآخر، كما أنه يتأخر في الزواج، لذا يحرص على أن تبدو علاقاته الزوجية على درجة من النضج وفي وضع مالي مريح.
وحيث يجد الرجل قصير القامة نفسه بين فكي كماشة ممثلاً بإعراض الفتيات عنه من جهة والدراسات والأبحاث التي تشيد بإيجابيات الرجل طويل القامة من جهة أخرى صدرت دراسة جديدة تنصف هذا الرجل ــ قصير القامة ــ وتعيد له جاذبيته إذ أكد باحثون بولنديون أن قصار القامة ينجحون في الزواج أكثر من الطوال، حيث بينت الدراسة الجديدة أن الرجال قصار القامة أفضل بوصفهم أزواجاً من أقرانهم الطوال، في اعتراض شديد على المقولة المتداولة "من قرب إلى الأرض كثر شرّه"!
ووجد الباحثون في جامعة وروكلاو جنوب غرب بولندا، أن السيدات هناك يجدن الرجال الطوال جيدين لعلاقة عابرة أو مؤقتة، بينما يرين الرجال القصار أفضل باعتبارهم شركاء مثاليين للحياة، وأكثر قدرة على توفير الأمان والاستقرار للعائلة.
وأشار الباحثون في دراستهم التي نشرتها مجلة "علم النفس البيولوجي" إلى أن النساء يرغبن في الرجال طوال القامة بصورة أكبر عند البحث عن علاقات عابرة، أو يرغبن في إنجاب طفل، لاعتقادهن بأن طول الرجل إشارة لشخصيته الرجولية وخصوبته وقدرته على إنجاب أطفال أصحاء، وتكوين أسرة سليمة، ولكن هذا الإعجاب الأولي سرعان ما يخبو ويتلاشى، بسبب سعي نساء أخريات وراء الرجل الطويل والوسيم، مما يجعله غير مستقر عاطفياً وعائلياً، الأمر الذي يلهيه عن زوجته وأطفاله.
وأوضح الباحثون أن الرجل الطويل والوسيم والجذاب غالباً ما يحصد اهتمام الكثير من النساء اللاتي يتنافسن على الفوز به، لذا فهو محط العلاقات العابرة، ولا يكون مثالياً لتكوين عائلة مستقرة.
أما للعلاقات الدائمة التي تهدف إلى تكوين أسرة وإنجاب أطفال وتنشئتهم بصورة صحية وسليمة، فإن الرجال الأقصر هم الأنسب لذلك، لأنهم يتميزون بالطيبة والحنان ويمنحون عائلاتهم اهتماماً أكبر، فضلاً عن نقص الاهتمام بهم من قبل نساء أخريات، مما يجعلهم أكثر استقراراً مع زوجاتهم.
ونبه الخبراء إلى أن المرأة عندما تريد الزواج تنظر للرجل نظرة شمولية، بمعنى أنها تهتم بطوله وهندامه وطريقة كلامه ومستوي تعليمه وعمله وشخصيته وسلوكه عند سعيها للزواج، ولا تقتصر على طوله أو شكله فقط، أما للعلاقات العابرة فهي تهتم بالوسامة والجاذبية فقط، وتركز عليها، وتهمل الصفات الشخصية الأخرى!
ومن جهة أخرى قد تنظر المرأة إلى الجوانب الإيجابية في طول قامة زوجها وتنسى أن لهذه القامة سلبيات عرضها أحد الكتاب ساخراً: «لماذا تفضل المرأة هذا النوع الطويل من الرجال.. ألا تعرف أنه سيكون عليها بذل المزيد من الجهد في كي بنطلوناته، فضلاً عن أنها سوف تحظى بمساحة أقل في فراشها؟.. ألا تدري أنها في اللحظات الرومانسية عندما ترقص مع الرجل الطويل فإنه لن يتسنى لها النظر في عيني حبيبها كما يفعل المحبون لأنها ستكون منشغلة بالنظر إلى أزرار قميصه التي تقع في مستوى نظرها؟! ».
هل هذا هو المهم فعلاً؟!
هل لطول الرجل أو قصره علاقة حقيقية بمدى نجاح العلاقة الزوجية، وهل هذا الطول يحدد مدى السعادة التي يمكن أن تعيشها المرأة مع زوجها..
من المفترض أن تختار المرأة المسلمة العاقلة زوج المستقبل وفق أسس وأولويات أكثر أهمية من مسألة الطول.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه. قيل: يا رسول الله وإن كان دنيئاً في نسبه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
كما يجب أن نتذكر أن الله عز وجل لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسامنا بل ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، وأنه لا فضل لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، فإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وقد روى الترمذيّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً، وكان يُهدي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم هديّةً من البادية، والنبيّ كما علّمنا كان يقبل الهديّة ويرُدُّ عليها، فيُجهّزه النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج إلى البادية، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ زاهراً باديتُنا ونحن حاضره، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحبّه، وكان زاهرٌ رجلاً دميماً فأتاه النبيّ يوماً وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال زاهر: من هذا؟ أرسلني، فالتفت زاهر فعرف النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره في صدر النبيّ، فقال: من يشتري هذا العبد؟ فقال: يا رسول الله إذا تجدُني كاسداً لا أساوي شيئاً، رجلاً قصيراً دميماً فقيراً من يشتريني؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ولكنّك عند الله لست بكاسد.. أنت عند الله غالٍ.
هذا هو الميزان الحق...
19ــ رجب ــ 1426 هـ:: 23 ــ أغسطس ــ 2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
وصية أم لابنها قبل عقد قرانه
كثيرون هم أولئك الذين يوصون الفتاة ليلة زفافها، ولقد علمونا وحفظونا ذلك في المرحلة المتوسطة فقرأنا سطورًا بعنوان: 'وصية أم لابنتها ليلة زفافها'. لكن للأسف تجاهلت الأم أن توصي ابنها، وكأنه خلق وهو يحسن فن التعامل مع زوجته.
وها نحن نسمع عن زوجات مظلومات ومهانات ومحطمات من قبل الأزواج، دون أن ينصفها أحد، وكلما شكت حالها على والديها قالا لها: اصبري..اصبري..أولادك.. طلاقك.. المجتمع.
والآن وبعد أن وصل ابني لسن الزواج، ها أن أكتب وصية له، سطورًا منثورة، وعظات حية لنميط اللثام عن المواقف والخلال المكدرة وسميتها: وصية أم لابنها قبل عقد قرانه.
اعلم بني الحبيب أنك ستأخذ هذه الفتاة من بين أهلها، بيت نشأت فيه عشرين سنة أو أقل أو أكثر، من بين والديها الحبيبين، وإخوتها، وشقيقات روحها، فهذه أول صدمة تصدم بها الفتاة حيث تنتزع من بين أهلها إلى رجل لم تُخلق بطباعه، ولم يُخلق بطباعها فأول ما تبادر به ألا تحرمها من أهلها، فأشرعها بالأمان فمتى رغبت في زيارة أهلها فلا تمانع من ذلك.
ثم ضع في بالك أمرًا غفل عنه كثير من الرجال وهو وصية الحبيب - صلى الله عليه وسلم - لكم خاصة 'اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم' [رواه مسلم في صحيحه].
فالزوج المؤمن يرى أنه مجازى بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. فلا يحيا لطبائع الأثرة والاستعلاء.
اعلم يا بني أن الزوجة ليست أمة وأنت السيد، بل أنتما شريكان ستديران المركب بمجدافين، عليك مسؤوليات، وعليها مسؤوليات، فرحم الله زوجًا سهلاً رفيقًا لينًا رؤوفًا.
انتبه عزيزي من لحظات الغضب، فإنه يمهد النفس لقبول شتى الوساوس، ومتى صحا الغضوب من نزوته راح يندم إلى ما فرط منه.. فلا تدع النزاع يستفحل ولا تدع الحرب تنشب.
واحذر من إسقاط الإهانات فتكون كوخز الإبر، ولا ترسل الكلام على عواهنه فتقذف بألفاظ جارحة تظل تبعاتها على مر السنين، فالمرأة يا بني لا تنسى أبدًا، وستظل جروح كلماتك تنزف في قلبها على مر الأيام والسنين، مهما أحسنت معاملتها، فلا تدع لسانك حبلاً مرخيًا في يد الشيطان، عود لسانك الجميل من القول فإن ثماره حلوة يانعة، والكلمة الطيبة غذاء الروح.
ليكن قدوتك الحبيب - عليه الصلاة والسلام - فما انتقم لنفسه قط، بل كان يعالج الأخطاء بالرفق.
فلا تستخفنك التوافه، واحتفظ برجاحة فكرك، وابن حياتك على فضيلة الصبر، فإن أساسه متين.. فالعشرة والمودة والإغضاء عن الهفوات خصال تعتمد على الصبر الجميل، فالمؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات، كن من المحسنين الذين قال الله فيهم: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
عليك أن تدرك أن المرأة تحتاج إلى الاحترام والتقدير أشد من حاجتها إلى العطف والحنان، فالطابع على أغلب الرجال تملكه الأنفة والشموخ أمام أهله بعد الزواج، فيظهر لأهله أنه البطل المغوار الذي قطع رأس الثعلب ليلة الزفاف، فربما تنازل عن نبل خصاله وخاصة أمام أهله: هاتي، أحضري، افعلي، وقد يتعرض لها بألفاظ محرجة، ونقد قاس.
اعلم يا قرة العين أن احترامك لها أمام أهلك سيجعلها تعطيك أضعافًا من الاحترام، وهذا ما يتمناه الرجل، فإن أشد ما يؤلم المرأة تعنيفها أو لومها أمام الآخرين، فالمرأة فياضة الحنان والعاطفة، فإذا وجدت منك احترامًا وجدت عندها السلوى والراحة والمتاع، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: 'الدنيا متع وخير متاعها المرأة الصالحة' [رواه مسلم]، ومتى جفوت عليها فستجفو عليك ربما ليس في الظاهر، بل تغور في جذور قلبها فتخفيها رغبة منها في استمرار حياتها، فقدم لتستمع بهذا المتاع.
هناك أمر مهم: لا تدع حياتك معها عسكرية تحتوي على الأوامر والنواهي، فإن استطعت أن تتناول كأس الماء بنفسك فافعل، فإنك كنت في الغالب تأخذ بنفسك في بيت والدتك، وكنت أحيانًا ربما صنعت طعامك بنفسك، بل وخطر على بالك مرة أن تصنع عصيرًا مكونًا من الحليب والموز، فلماذا الآن تتحكم في كل صغيرة وكبيرة، ما الذي يمنعك من مساعدتها في تحضير سفرة الطعام، فلست أنت خير من الحبيب - صلى الله عليه وسلم - الذي كان في خدمة أهله حتى تحضر الصلاة.. تقول عائشة - رضي الله عنها -: 'كان بشرًا من البشر: يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه' [رواه البخاري في الأدب].
وكان صحابته يقتدون به، فمثلاً كان - عليه الصلاة والسلام - يحب التطيب، واستعمال السواك، وها نحن نسمع ابن عباس يقول: 'إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف [آخذ] كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها علي، لأن الله - تعالى -يقول: {... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. }[البقرة: 228].
تمر على المرأة أمور بعد زواجها عسيرة كالحمل مثلاً، تتغير فيها نفسيتها، فجهز نفسك لهذا الأمر وحاول أن ترفع درجة العناية بها، فالله - تعالى -يقول: {... حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14]، والرجال يقولن: [دلع وميوعة].
ليكن لديك رحمة تجعلك ترق لآلامها، فإنه يمر عليها أمور من الوحم والثقل والخوف، مما يجعلها ربما تقصر تجاهك، أو تجاه منزلها، فلا تكلفها من الأمر شططًا، التمس لها العفو والحرمة والمعونة، فهي تحتاج إلى من يبعث الطمأنينة في نفسها وأنت أقرب الناس إليها..
لا تكرر عليها الكلمات المألوفة التي لا تغير من الأمر شيئًا، أمي كانت جدتي كانت أم جدتي كانت، كل جيل يا عزيزي يختلف عن الجيل الذي يليه، فأنت لست كأبيك، ولا مثل جدك.. ها أنت أحيانًا تشكو من مفاصلك لكثرة تناولك للبيبسي مثلاً.
إذا كانت يا حبيب ممن يفضلون تناول الإفطار في الصباح، فلا داعي لأن توقظ زوجتك على جميع الأحوال، تنازل عند تعبها أو سهرها مع طفلها، فها أنت الآن تحب كثيرًا تناول فطورك في [الكافتيريات]. إذا جاءت طبخة الطعام على غير مزاجك فالتزم الصمت، فأنت لا تعلم كم نبذل من المجهود لإعداد الطعام وتزيينه لكم معشر الرجال، ليكن لديك مصفاة تحجز الأكدار وتخفي العيوب فإذا اليابس يخضر، والكدر يصفو.
حاول أن تمتدحها غالبًا فلا تكون الحياة مملة وعلى وتيرة واحدة، تحسس مواضع الجمال فيها فمثلاً: ابتسامتك جميلة، هذا الإكسسوار رائع، ما تكلفة ذلك؟ إنك بهذا سترفع ثقتها بنفسها وستجعلها دائمًا تهتم بزينتها ولباسها وخاصة لك.
لا تفكر في السفر وحدك دون اصطحاب زوجتك إلا إذا كانت هناك ضرورة قصوى، واحذر من أن تثير غيرتها بذكر محاسن امرأة أخرى ولو كانت أختك.
ثم هناك عقدة كبيرة تعانيها غالبية النساء، وهي أن الرجل بعد زواجه بشهر أو شهرين يبدأ بتهديد زوجته بالزوجة الثانية، ولو على سبيل المزاح، فيجعله كابوسًا يؤرق حياة المرأة، وهناك مثل يقول: 'ذبابة لا تقتل ولكنها تكدر النفس'، وربما جعله سيفًا يشهره على زوجته كلما حصل بينهما سوء تفاهم، فاعلم أيها الغالي أن الله عنده كل شيء بمقدار، فأرديك أن تكون مثاليًا بين الرجال، فامح هذا التهديد من قاموس حياتك الزوجية ولا تتطرق له أبدًا.
هناك صفة دنيئة موجودة في بعض الرجال وهي التنقيص من شأن أهلها، فدائمًا يحقر من شأن أبيها أو أخيها فيسلط عليهما موجة عاتية من التفاهة والتسطيح. احترم شعورها لتحترم شعورك بالمقابل.
وإني أرى فيك نضوج العقل، وبك ذكاء، فضلاً من الله ونعمة، ولا أظنه إلا سيتحول إلى وسيلة جيدة لتحقيق أغراض السعادة بإذن الله. فنحن قد نحسن أو نسيء في استخدام المفاتيح التي يسرت لنا.
ما أجمل أن تكون زوجتك صديقتك تسد خللها وتستر زللها وتتجاوز عن هفواتها! فهي صديقة العمر التي تخالطك في السراء والضراء وسط زحام الحياة وتطاحن الأزمات، فلا شيء يخفف أثقال الحياة عن كاهل الزوجين كمثل أحدهما للآخر.
عودها في الغالب على أن تنجز ما وعدتها به، فضعف الذاكرة، وضعف العزيمة عائقان كثيفان عن الوفاء بالواجب، ولا تقارن نفسك بالنماذج المنتشرة بين الرجال، ولتتطلع نفسك إلى المثل العليا، والنماذج المتميزة.
فالأخلاق الزكية إنما تنبجس من قلب مؤمن يعرف الله ويتهيأ للقائه، ويرجو وعده، ويخشى وعيده والشمائل الرقيقة طريق الفلاح في الدنيا والآخرة.
يقول مريد الخبر 'أصبحت أحب الخير وأهله ومن يعمل به فإن عملت به أيقنت ثوابه، وإن فاتني منه شيء حننت إليه'.
لتعلم يا بني أن بر والديك واجب عليك، فلا تكلف زوجتك به، ولتكن منصفًا تعطي كل ذي حق حقه، لا تدع الخيط مشدودًا بين زوجتك ووالدتك فتنقل عن هذه أو تنقل إلى هذه، فلو دققت النظر في كثير من المشكلات لرأيت التطاحن المر بين الزوجة ووالدة الزوج، والذي يعود سببه إلى عدم حسن إدارة الزوج.. فكن شديد الحذر من عواقب الفرقة والاعتزال.
ونهاية المطاف: أكثر من شكر الله فلقد وهبك زوجة حيية، عفيفة، ملتزمة ناضجة فهي جوهرة مكنونة يندر وجودها في هذا الزمان والله - تعالى -يقول: {.. لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، وكن من القليل الذين قال الله فيهم: {... وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: 13].
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــ
منكرات أفراح الزواج
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
إنَّ الحمدَ لله نحمدهُ، ونستعينهُ، ونستغفرهُ ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالنا. من يهدهِ الله فهو المهتدي، ومن يُظلل فلن تجدَ لهُ ولياً مرشدا. وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسولهُ- صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبه، الذين هُم بهديهِ مُستمسكون وسلم- تسليماً كثيراً. أمَّا بعدُ أيُّها الناس: فهُناكَ عقباتٌ كثيرةٌ تحولُ دُونَ الزواج، وتُساعِدُ في النفورِ منه، ومنها غلاءُ المُهورِ، وسبقَ الكلامُ عنهُ. ويلحقُ بهِ الإسرافُ والمبالغةُ في تكاليفِ الزواج، بحيث يُعتبرُ مهراً آخر أو أكثر.
فالزواجُ مناسبةً كريمةً لتدعيمِ الصلات، وتقويةِ الروابطِ، وتدعيمِ المحبة، ولهذا تُسنُ الوليمةُ فيه بما تيسرَ من الطعام. غير أنَّ المُلاحظَ الآن أنَّ أهلَ الزوجِ والزوجةِ يدعُو كلَّ منهم جمعاً كبيراً، يحضرُ منهم من حضر، ويتخلفُ من تخلف، وأكثرُ من يحضرُ لا يحضرُ إلاَّ مجاملة، أو قياماً بالواجبِ الذي أوجبَ اللهُ عليهِ من الحضورِ إذا دُعي، لِما روى مسلمٌ في صحيحهِ أنَّهُ- صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دعي أحدكم فليجب، وإن كان صائماً فليدع، وإن كان مفطراً فليطعم)). وفي الصحيحين عنهُ- صلى الله عليه وسلم - قال: ((ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله)). والدعوةُ لهذا العددِ الكثيرِ تَفرضُ على القائمِ على الوليمةِ صُنعَ طعامٍ يكفِيهم وزيادة. فإذا ما انفضَّ الجمعُ تراكمَ من نعمِ اللهِ شيءٌ كثير، مصيرُهُ الرمي في البراري، أو في أماكنِ جَمعِ الفضلات، وهذا جميعُهُ من الإسرافِ الذي نهى عنهُ اللهُ ورسولهُ، وفاعلِهُ مُعرضٌ نفسهُ لعدمِ محبةِ اللهِ لهُ كما قال - تعالى -: ((وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) (سورة الأنعام: 141). فهل ترضى يا عبدَ اللهِ إلى أن تفعلَ شيئاً لا يُحبُكَ اللهُ من أجله؟ هل ترضى أن تخرجَ بعملكَ هذا عن طريقِ عِبادَ الرحمنِ الذين إذا أنفقُوا لم يُسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. إنَّ هذا الإسرافُ خروجٌ عن آدابِ القرآنِ حيثُ يقولُ اللهُ - تعالى -: ((وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)) (سورة الإسراء 29). وكما أنَّ هذا الإسرافُ محظورٌ شرعاً، فهو ممقوتٌ بها عادة، فإنَّ الناسَ يَلُومُونَ من يسرفُ هذا الإسراف، ويُنظُرُون إليه نظرةَ ازدراء، لأنَّ هذا لا يفعلَهُ إلاَّ ناقصٌ، يُحَاوِلُ تكملةَ نقصهِ بمثلِ هذه الأعمال، وكما أنَّ هذا الإسرافُ محظوراً شرعاً، وممقوتٌ عادةً، فهو سفهٌ عقلاً، لما فيهِ من إتلافِ المالِ، وإضاعةِ الوقتِ، وشُغلِ البالِ وإتعابِ الأبدان، وفوقَ هذا كُلَّهُ فهو كفرٌ لنعمةِ الله، وخروجٌ عن سنةِ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - فإنَّهُ- صلى الله عليه وسلم - سَنَّ الوليمةَ في الزواجِ، ففي الصحيحينِ حينما رأى على عبد الرحمن بن عوفٍ أثرَ صُفرة، فقال: ما هذا؟ فقال تزوجتُ امرأةً على وزنِ نواةٍ من ذهب، فقال: باركَ اللهُ لكَ، أولِم ولو بشاة. وفي الحديثِ الذي أخرجهُ الإمامُ أحمد وغيره، عن بريدة بن الحصين، قال لمَّا خطبَ عليٌّ فاطمةَ- رضي الله عنهما- قال رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّهُ لا بدَّ للعرسِ من وليمة، فقالَ سعد: علي كبشٌ وقال فلان: علي كذا وكذا من الذرة)). وفي رواية: جمعَ لهُ رهطٌ من الأنصارِ أصواعاً من ذرة، والوليمةُ تكونُ بالقدرِ المُستطاع، ويسنُ إعانةَ المتزوجِ عليها، كما فعلَ الصحابةُ مع عليٍّ ابن أبي طالب، وفي الصحيحينِ في قصةِ زواجِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - بصفيَّة، يقولُ أنسُ بن مالكٍ- رضي الله عنهُ-: حتى إذا كانَ بالطريقِ جَهزتها لهُ أم سليم، فأهدَتها لهُ من الليلِ، فأصبحَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - عروساً، فقال: من كانَ عندهُ فضلُ زادٍ فليأتِنا به، فجعلَ الرجلُ يجيءُ بفضلِ التمرِ وفضلِ السويق، حتى جعلوا من ذلكَ سَواداً حيسَا (والحيس هو الطعامُ المُتخذُ من التمرِ والأقط والسمن)، فجعلوا يأكلون من ذلك الحيسِ ويشربُونَ من حياضٍ إلى جنبهم من ماءِ السماء. قال أنس: فكانت تلكَ وليمةُ رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -. وإذا دُعي أحدٌ إلى وليمةٍ فإنَّ عليهِ إجابةُ الدعوةِ، إلاَّ أن يكونَ معذُوراً، أو يكونَ في الوليمةِ معصيةٌ لا يستطيعُ تغييرِها. فقد أخرجَ البيهقي عن ابن مسعودٍ أنَّ رجلاً صُنعَ لهُ طعاماً، فدعاهُ، فقال: أفي البيتِ صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخلَ حتى كَسرَ الصورة، ثُمَّ دخلَ.(52/9)
وأخرجَ الطبراني وغيره، عن سالمِ بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: أعرستُ في عهدِ أبي، فآذنَ أبي الناس، وكانَ أبو أيوب فيمن آذنَّاه، وقد ستَّروا بيتي بنجادٍ أخضر، فأقبلَ أبو أيوبٍ فدخل، فرآني قائماً، واطَّلع فرأى البيتَ مستتراً بنجادٍ أخضر، فقالَ يا عُبيدَ الله، أتستُرون الجدر؟! فقالَ: من كُنت أخشى عليه أن تغلبهُ النساء، فلمَ أن أخشى عليكَ أن تغلبك. ثُمَّ قال: لا أطعمُ لكم طعاماً، ولا أدخلُ لكم بيتاً، ثم خرج. ويسنُ في الوليمةِ أن يُدعى إليها الفقراءُ ليطعموا منها، ففي الصحيحين عنهُ- صلى الله عليه وسلم - قال: ((شرُّ الطعامِ طعامُ الوليمةِ، يُدعى إليها الأغنياءُ، ويمنعها الفقراء)). وعلى الداعي أن يحرصَ على دعوةِ الصالحينَ من الناسِ دُون سِواهم، لقولهِ- صلى الله عليه وسلم - في الحديثِ الحسنِ الذي رواهُ الإمامُ أحمد وغيره: ((لا تُصاحب إلاَّ مؤمناً، ولا يأكلُ طعامكَ إلاَّ تقي)). ويسنُّ الدعاءَ للزوجِ بقوله: باركَ اللهُ لكَ وباركَ عليكَ وجمعَ بينكما في خير، وأن يدعي لصاحبِ الوليمةِ بقولهِ: اللهمَّ بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم. أو: اللهمَّ أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، أو أكلَ طعامُكُم الأبرارَ، وصلت عليكمُ الملائكة، وأفطرَ عندَكُم الصائمون. فجميعُ هذه أدعيةً صحيحةً وردت عنهُ- صلى الله عليه وسلم -.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العامين- والصلاةُ والسلام- على رسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلم تسليماً كثيراً. فإنَّ الزواجَ نعمةٌ من نعمِ الله، وإذا أحسنَ الإنسانُ به النيةَ فإنَّهُ يكونُ عبادةً يُؤجرُ عليها. كما جاءَ في الحديثِ الذي رواهُ مسلم أنَّهُ- صلى الله عليه وسلم - قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسولَ الله، أيأتي أحدُنا شهوتَهُ ويكونُ لهُ فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعَها في حرام، أكانَ عليهِ وزراً؟ فكذلكَ إذا وضعَها في الحلالِ كانَ لهُ أجر)). غيرَ أنَّ نعمةَ الزواجِ هذه قد أُحيطت وللأسفِ بمفاسدَ عظيمةً، وأساءَ الناسُ إليها إساءةً بالغة، فأُدخلت فيها المُنكراتُ والأخلاقُ والعاداتُ المستوردةِ من الغربِ، وأشباهَهَم، فمن ذلكَ أنَّ المرأةَ يُسنُ لها أن تتزينَ لزوجِها بالزينةِ المباحةِ وبالأخصِ ليلةَ الزفاف.
غيرَ أنَّ الناسَ بالغوا في هذهِ الزينةِ إلى أن ارتكبوا ما حرَّمَ اللهُ عليهم. فالمرأةُ ليلةَ زِفافِها يُذبُّ بها إلى محلِّ التزيينِ الذي يُسمى عندهم (الكوافير) حيثُ يجري تزيينَها بما فيهِ عُدوانٌ على فطرتِها ممَّا حرمهُ اللهُ عليها.
وهذهِ الأماكنُ يجبُ على المرأةِ المسلمةِ البعدَ عنها، لأمورٍ عديدة، من أهمِّها: أنَّ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - تهددَ من وضعت ثيابها في غيرِ بيتِ زوجها، ففي الحديثِ الصحيحِ الذي رواهُ الإمامُ أحمد وغيره عن عائشةَ- رضي الله عنها- قالت قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: ((أيُّما امرأةٍ وضعت ثيابها في غيرِ بيتِ زوجها، فقد هتكت سترَ ما بينها وبينَ الله - عز وجل -)).
وأخرجَهُ أيضاً عن أمِّ سلمة- رضي الله عنها- قالت قالَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: ((أيُّما امرأةٍ نزعت ثيابها في غيرِ بيتها، خرقَ اللهُ - عز وجل - عنها ستره)).
وأماكنُ الزينةِ هذهِ إن كانَ يعملُ فيها رجالٌ فالمصيبةُ أعظمُ، والخطرُ فيها أشد. ومع ذلكَ فهي أماكنُ يكثُرُ فيها الفساد، ولا أظنُّهُ يُخفى على أحدٍ ما يُحكى عنها. وليسَ بمستبعدٍ أن يوضعَ فيها جهازٌ لتصويرِ المرأةِ وهي عاريةً أو شبه عارية، وهي لا تشعرُ، بل قد فعلوا ما هُو أشدُّ من ذلك، وحتى لو كانَ المُباشِرُ للعروسِ امرأة، فإنَّهُ لا يجُوزُ لها أن تطَّلعَ منها على العورةِ المغلظة، لقولهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((لا تباشر المرأة المرأة)). كما أنَّ في الذهابِ إلى هذهِ الأماكنِ زيادةً في تكاليفِ الزواجِ ونفقاته، وإهداراً للمالِ الذي استخلفَ اللهُ - عز وجل - عليهِ ابنُ آدم، وسيُسألُ عنهُ يومَ القيامة، كلُّ هذا مع ما في هذهِ الزينةِ من أشياءٍ مُحرمةٍ سيأتي الكلامُ عنها بإذنِ الله - تعالى -.
29-5-1426 هـ
http://www.abowab.com المصدر:
ـــــــــــــ
أفراحنا عادة أم عبادة
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى، وبعد:
فإن الزواج من أعظم نعم الله - تعالى - على عباده، فهو طريق المحبة، وسبيل السعادة، وعنوان الاستقرار، وهو آية من آيات الله - تعالى - الدالة على عظمته، قال - تعالى -: "ومن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم: 21].
وهو نداء الفكرة التي فطر الله الناس عليها، وسنة من سنن الأنبياء والمرسلين، وطريق شرعي حلال لقضاء الوطر وتصريف الشهوة، وعصمة للشباب والفتيات من الفتن والانحراف، وسبيل سهل وميسر لاكتساب الأجر والمثوبة من الله - عز وجل - بدون تعب ولا نصب، ووسيلة لتكثير الأمة المسلمة وزيادة قوتها وتجديد شبابها وإرهاب أعدائها، وباب يتم به التعارف بين المسلمين فتنتشر المحبة والألفة بينهم.
وبالزواج أيضاً تحصل لذة النفس وسكينتها، وبقيامه تنتظم الحياة، ويحفظ الحياء، وينعم البال، ويستقيم الحال، ويتحقق العفاف، وتكون الذرية، ويسلم المجتمع من الانحلال والأمراض.
من أجل كل هذه الأمور - وغيرها كثير - شرع ربنا الزواج وحثنا عليه ورغبنا فيه، ويسر لنا سبله، فقال - تعالى -: "وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [النور: 32]. وقال – صلى الله عليه وسلم - حاثاً الشباب على الزواج: {يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء} [متفق عليه].
ولا شك أن للزواج فرحته وبهجته وأن النفوس مجبولة على حب ما يدخل السرور عليها، ولذلك فقد أباح الإسلام الفرح والسرور في حدود الآداب العامة والقيود الشرعية؛ لأن ذلك مما تنشرح إليه النفوس وتشتاق إليه بحكم الفطرة.
وإذا كان من حق المسلم أن يفرح ويبتهج ويسر إذا حصّل نعمة أو تحققت له أمنية في دينه أو دنياه كالزواج مثلاً، فإن فرحه هذا يتجلى في شكر المنعم - عز وجل - الذي لولاه ما تحقق له فرح، أو حلت به البهجة، والشكر يحمل الشاكر على ضبط فرحه بالضوابط الشرعية، وألا يتخذ هذه النعمة وسيلة للوقوع فيما حرم الله.
ولا ينسى المسلم أثناء فرحه هذا أن هناك فرحاً حقيقياً ليس بعده فرح، هذا الفرح هو الفرح بطاعة الله - تعالى - والاستبشار بفضله ورحمته "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس: 58] هو فرح القلوب التي يحدوها الشوق، فتعمل لما يقربها من بلاد الأفراح في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، الفرح الذي يكون في مقابل طاعة من الطاعات أو قربة من القربات، يقول علي رضي الله عنه: (اليوم الذي لا أعصي الله فيه فهو عيد). أما الفرح بالدنيا وتحصيل متاعها الزائل والحصول على زخارفها الفانية فليس بفرح على الحقيقة، قال - تعالى -: "وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ" [الرعد: 26].
أفراحنا عادة أم عبادة؟
المسلم مطالب أن تكون حياته كلها لله - عز وجل -، لا يفعل فعلاً، ولا يقول قولاً، ولا يتحرك خطوة إلا بهدي من كتاب الله وسنة رسوله مصداقاً لقول الله: "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" [الأنعام: 162] فهو في كل حالاته مأطور بإطار الشرع لا يتعداه، في فرحه وحزنه، يفرح كما أراد الله له أن يفرح، فلا يقول إلا ما أحله الله له، فلا يبطر ويطغى، ولا ينحرف عن الصواب، بل يعمر فرحه بذكر ربه الذي أتم عليه نعمة الزواج، ورزقه من الطيبات، وهيأ له أسباب البهجة والسرور. وعند الحزن أيضاً لا ينطق بما يسخط الله ويغضبه، ولا ييأس ويقنط من رحمة ربه، وإنما يرضى بما قدر الله له ويصبر، فهو في كل أحواله ومواقفه وسلوكه متبع لشرع الله منقاد له.
ومن تمام حكمة الله ورحمته بعباده أنه لم يتركنا هملاً، بل حدد لنا كيف نفرح وكيف نحزن؟ ولم يتركنا في أفراحنا وأحزاننا لمشاعرنا وعواطفنا، ونفرح كيفما نشاء، ونحزن كيفما نشاء، ولم يتركنا للعادات والتقاليد نتخبط فيهما كيفما نشاء ويتلاعب بنا الشيطان كيفما نشاء.
إلا أن كثيراً من الناس في هذه الأيام التي ضعف فيها الإيمان، وقل فيها الخوف من الله - تعالى -، وكثر الجهل بأحكام الدين، حادوا عن هدي الله ورسوله في الأفراح، فأصبحت أفراحهم تقام حسب العادات والأهواء، فكثرت فيها المخالفات والمنكرات الأخطاء، وقلت فيها الطاعات والبركات، وأصبح الزواج شؤماً، وتبدلت السعادة إلى شقاء، والحب إلى كره.
وسوف نشير فيما تبقى من هذه الرسالة إلى جملة من العادات والتقاليد التي انتشرت في أفراحنا، والتي حُدنا فيها عن شرع ربنا، وخالفنا بها هدي نبينا، وهدفنا من هذا نصح المسلمين وتحذيرهم من هذه العادات والمخالفات حتى لا تنقلب النعمة إلى نقمة، والأفراح إلى أحزان.
عادات وتقاليد تخالف الشرع في الأفراح والأعراس:
(1) اختلاط الرجال بالنساء الأجانب: وصوره كثيرة منها دخول الزوج وأقاربه وأقارب الزوجة من الرجال عند وقت المنصة، ومنها دخول عمال الفنادق وقصور الأفراح في بعض الأماكن على النساء، ومنها دخول المصورين على النساء لتصوير الحفل، إلى غير ذلك من صور الاختلاط في الأعراس، وهي - للأسف - كثيرة. ولا شك أن الاختلاط بين الرجال والنساء الأجانب محرم، إذ هو من أكبر الوسائل الميسرة للفاحشة، وقد حذر منه النبي – صلى الله عليه وسلم - فقال: {إياكم والدخول على النساء}، فقال رجل: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: {الحمو الموت} [متفق عليه] ومفاسد الاختلاط على الجميع معلومة وكثيرة، نسأل الله العافية.
(2) تبرج النساء وخروجهن إلى الأفراح بكامل زينتهن: وصور التبرج في الأعراس وغيرها كثيرة أيضاً، منها لبس الملابس القصيرة أو الشفافة المظهرة للمفاتن أو الضيقة التي تجسد العورة وتحدد الجسم، ولبس العباءات المزركشة، بل قد تجاوزت كثير من النساء كل المقاييس الأخلاقية، وتجاهلن كل العادات والتقاليد الطيبة، فأصبحن كالدمى، عبثن بوجوههن، وارتدين ملابساً لا تستر إلا القليل من أجسادهن، وصبغن شعورهن بالأصفر والأحمر، ولبسن ملابس مشقوقة وشفافة تظهر العورة، ولبسن الشعور المستعارة، ونمصن شعر وجوههن، إلى غير ذلك مما هو معلوم ومشاهد في أفراحنا، فأين هؤلاء النسوة من قول الله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ" [الأحزاب: 59] وقوله: "وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب: 33] ألا يخفن من قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: {صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا} [رواه مسلم].
(3) خروج النساء من بيوتهن متطيبات متعطرات: ومرورهن على الرجال مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: {أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية} [رواه أحمد وحسنه الألباني].
(4) استعمال آلات الطرب ومكبرات الصوت واستقدام المطربين والمطربات والراقصات والدقاقات حتى إن بعض الناس أصبح يتباهى بذلك ويكتب على بطاقات الدعوة يحي الحفل الفنان الفلاني أو الفنانة الفلانية، ولا شك أن هذا اللهو المقترن بآلات الطرب والمشتمل على الأغاني الخليعة، والذي يساعد على نشر الفواحش والرذائل في صفوف الشباب والشابات، ويهدم القيم ويغير السلوك، ويهيج النفوس، ويترك آثاراً سيئة في القلوب، لا شك أن هذا اللهو محرم، والأدلة على تحريمه كثيرة منها قول الله - تعالى -: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [لقمان: 6] ولهو الحديث كما قال ابن مسعود وغيره هو الغناء.
وقال: {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف... } [رواه البخاري تعليقاً].
أما ما عدا ذلك من اللهو المباح الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح لمحرم، والمشتمل على الكلمات الطيبة والعبارات التي تدعو إلى العفاف مع الدف لا الطبل، وبشرط أن يكون ذلك للنساء خاصة دون الرجال، وألا يحصل من وراء ذلك فتنة كظهور الأصوات للرجال، وألا يكون فيه اختلاط الرجال بالنساء، لاشك أن هذا النوع من اللهو مباح، وهو من إعلان النكاح والتفريق بينه وبين السفاح.
(5) التصوير سواء كان فوتوغرافياً أو عن طريق الفيديو وهذا من أعظم المنكرات التي تحدث في الأفراح لما يترتب عليه من مصائب جليلة لكثير من الناس، فكم من أسر مترابطة قد تشتت شملها بسبب التصوير، وكم من فتيات عفيفات قد تلطخت سمعتهن بسبب وقوع صورهن في أيدي رجال لا يخافون الله، هذا مع أن التصوير منكر بل من كبائر الذنوب، ولو لم يكن فيه إلا لعنة الرسول للمصورين وأنهم أشد الناس عذاباً يوم القيامة لكفى.
(6) منصة العروسين (الكوشة): حيث يجلس العريس إلى جوار العروس على المنصة أمام الناس، وهذا منكر لا يجوز، يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: (ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء، وبجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسماً لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر) ا.هـ.
(7) التشريعة: وهي أن تلبس المرأة ثوباً أبيض كبيراً، وتلبس معه شراباً أبيض وقفازين أبيضين، وهي من العادات السيئة والأعراف الفاسدة التي تسربت إلى مجتمعنا من الكافرين، وفيها تشبه بالكفار، وهي عادة لا أصل لها في القرآن ولا في السنة، ولم يفعلها النبي – صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته ولا سلف هذه الأمة، ولو كان فيها خيرٌ لسبقونا إليها، كما أن فيها إسرافاً وتبذيراً وبذخاً حيث تشترى التشريعة هذه بمبالغ كبيرة ولا تُلبس إلا مرة واحدة، والله - عز وجل - يقول: "وََلا تُسْرِفُواْ إنَهُ لَا يُحِبُ اْلْمُسّرِفِينَ" [الأعراف: 31].
(8) الإسراف والتبذير في حفلات الأفراح: وصوره كثيرة منها الإسراف في الوليمة وتكثير الطعام بدون حاجة مما يترتب عليه إلقاء المتبقي فى النفايات مع وجود الفقراء الذين هم في حاجة ماسة لهذه الأطعمة، ومنها استئجار قصور وصالات لإقامة الحفلات بمبالغ باهظة مما يثقل كاهل الزوج، وقد يضطره ذلك إلى الاستقراض والدين، ومنها ما يُعرف بـ " النثار" وهو ما يطرح من النقود والجوز واللوز والسكر والحلوى، ومنها إحضار المطربين والمطربات والدقاقات مع ما فيه من الحرام... وكل هذه الأمور أدت بكثير من الشباب إلى العزوف عن الزواج لعدم قدرتهم على دفع تكاليفه الباهظة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(9) شهر العسل: حيث يصحب الزوج زوجته ويسافر بها قبل أو بعد الدخول بها إلى بلاد الكفر، وهو من العادات المنكرة والظواهر السيئة التى دبّت في مجتمعات المسلمين، كما أن فيه تقليداً أعمى للكفار، ناهيك على ما فيه من مفاسد جمة وفتن عظيمة وآثار سلبية تعود على الزوج والزوجة معاً، فقد يتأثر الزوج بعادات الكفار وتقاليدهم فيزهد في دينه وعاداته الطيبة، وتتأثر الزوجة بالكافرات فتخلع ربقة الدين وتاج الحياء، وتزهد في أخلاق وعادات أهلها الطيبة، وتنجرف في تيار الفساد والخلاعة والتبرج.
(10) السهر إلى وقت متأخر والتأخر في الخروج من الحفل، مما يؤدي إلى تضييع صلاة الفجر جماعة بالنسبة للرجال، وإرهاق الجسد والإضرار بالأطفال وأهل البيت وإغضاب الزوج بالنسبة للنساء، وهذا السهر محرم كما قال سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله -.
كلمة أخيرة:
رأيت أخي المسلم وأختي المسلمة بعض العادات والتقاليد التي تعج بها أفراحنا وأعراسنا، والتي تخالف شرع الله وهدي رسوله، وكلها بسبب التقليد الأعمى لأهل الكفر والضلال، وبان لكم الجواب على سؤال: أفراحنا عادة أم عبادة؟ وأنها للأسف تسير حسب الأهواء لا حسب الشرع والدين، ثم نتساءل بعد ذلك عن سبب كثرة الخلافات الزوجية والمشاكل العائلية وكثرة وقوع الطلاق، ولم ندرِ أننا السبب في ذللك، فقد بدأنا حياتنا بالمنكرات ومخالفة الشرع ومبارزة الله بالمعاصي بل والمجاهرة بها، فكانت النتيجة فقدان الراحة النفسية والسعادة الزوجية والاستقرار العائلي.
ولا طريق للحصول على السعادة والاستقرار والبركة في الحياة كلها إلا بالتخلص من هذه العادات الدخيلة، والتقاليد الباطلة، والسير على هدي الكتاب والسنة ليس في أفراحنا فحسب بل في كل حياتنا، قال - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" [الأنفال: 24].
نسأل الله - تعالى - أن يجعل أيامنا كلها فرحاً وسروراً، وأن يطهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://www.kalemat. org المصدر:
ـــــــــــــ
ظاهرة تنذر بشيخوخة الوطن
شابات المغرب بلا أزواج..لماذا؟
عبد الغني بلوط
ما زال شبح العنوسة يواصل مطاردته للشابات والشبان في المغرب، محققاً أكبر حصيلة منذ الستينيات بالعام الماضي، استناداً إلى عدد عقود الزواج المنجزة بين الفئات العمرية الشابة خلال العام المنصرم.
ولم يخف أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط في المغرب عجبه من تنامي الظاهرة، خلال ندوة عقدت بمراكش المغربية مؤخراً حول الإحصاء الأخير الذي صدر بالمغرب في شهر سبتمبر 2004 المجتمع، مشيراً إلى أن نسبة العازبات والعزاب في الفئات العمرية 15 - 19 سنة و20 - 24 سنة أصبحت تناهز 100%.
وأضاف لحليمي أن ذلك أثر في معدلات الخصوبة لدى النساء، مشيراً في زلة لسان إلى أن سياسة المغرب في تعميم "وسائل منع الزواج" يقصد "وسائل منع الحمل"، ساهمت أيضاً في انخفاض معدلات الخصوبة.
وأكد الدكتور عزيز أجبيلو من مركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية أن السنوات الأخيرة سجلت تحولات يمكن اعتبارها جذرية فيما يتعلق بسن الزواج في المغرب، مضيفاً أنه إذا كان المغرب في فترة الستينيات قد تميز بالزواج المبكر عند الشبان، حيث كانت الفتيات يتزوجن في المتوسط عند سن 17 سنة والذكور عند 24، فإن الوقت الراهن ارتفع فيه هذا السن ليصبح 28 سنة عند النساء و31 سنة عند الرجال، وساهم في ذلك تعميم وسائل التخطيط العائلي الذي أصبح أكثر انتشاراً إذ إن نسبة النساء اللواتي يستعملن وسائل منع الحمل أصبحت تناهز 63% (65 في الوسط الحضري وحوالي 60 % في الوسط القروي) بعدما كانت النسبة لا تتجاوز 8% خلال الستينيات.
وأضاف أن تأخر سن الزواج أثر بشكل كبير في معدلات الخصوبة عند النساء؛ حيث إن الخصوبة بلغت أعلى مستوياتها خلال الستينيات بمعدل سبعة أطفال لكل امرأة، في حين لا يتعدى هذا المؤشر 2. 5 طفل لكل امرأة سنة 2004 المجتمع، مما يعني أن المغرب يسير في اتجاه شيخوخة مبكرة.
وأظهرت دراسات اجتماعية أخرى أن العنوسة باتت ظاهرة اجتماعية تؤرق الشباب ذكوراً وإناثاً الذين قد يتعرضون لها إجبارياً في غالب الأحيان بسبب ظروف المعيشة والوضع الاقتصادي الصعب الذي ينتج عن بطالة الخريجين وهيمنة بعض اللوبيات على وحدات الإسكان.
حتى إن البعض وصف العنوسة بالطاعون الذي لا يترك أخضر ولا يابساً، مذكرين بأن سياسة الدولة لم تعد تستجيب لحاجات شبابها، كما أن انتشار العلاقات غير الشرعية قد تدفع البعض إلى العزوف عن الزواج.
وأمست بعض الشابات يرفضن الزواج المبكر، ويعتبرنه مانعًا لتحقيق طموحاتهن في الحياة العامة بسبب انتشار التعليم وإمكانية تبوئهن مناصب عليا في الإدارة، كما يتعللن بأن كثيراً من الشبان أصبح يفضل الفتاة الموظفة التي تعينه على القيام بأعباء الحياة، إلى جانب أن إكمال الدراسة يجعل الفتاة واعية ومدركة لحقوقها وواجباتها. لكن مرور الزمن لا يتوقف، ويتناسى كثير من الفتيات المتعلمات أن قطار الزواج قد يفوتهن.
ومن المثير أيضاً أن بعض الفتيات في المغرب يفضلن الزواج بالأجنبي سواء من أوروبا أو من دول الخليج، حيث كشفت إحدى الإحصاءات التي أجرتها إحدى اللجان الخيرية بدولة عربية على الرسائل والمكالمات الهاتفية الواردة من المغرب أن أكثر من 99% من طلبات الزواج التي تأتي من المغرب لنساء، وأكثر من نصف هذه الطلبات تريد صاحباتها عرساناً يعيشون خارج المغرب، ولا يشترطن شروطاً معينة مثل الجنسية، أو كون الشاب لم يسبق له الزواج، أو صغر السن.
وتدل هذه الرسائل على أن صاحباتها على درجة جيدة من التعليم، بالإضافة إلى ثقافة عالية وخلق طيب، ومن عائلات كريمة بعضها ذو مستوى مادي لا بأس به، فتيات في سن الزواج وآنسات فوق الأربعين، ومنهن المطلقات والأرامل، والجميع يعرضن أنفسهن للزواج بدون شروط مجحفة أو مبالغ فيها.
ويطرح أكثر من سؤال عن اتجاه المغرب نحو شيخوخة مبكرة تضعف من قدراته التنافسية في الإنتاج على الصعيد العالمي، وعن العنوسة التي تنذر بأمراض مجتمعية خطيرة قد لا ينفع معها أي علاج بعد فوات الأوان.
http://www.almujtamaamag.com المصدر:
ـــــــــــــ
كيف تمدح زوجتك ؟؟(52/10)
المدح والثناء من الأخلاق التي تجمل الحياة الزوجية، وتعطيها طعما طيبا كلما مدح الزوج زوجته على عمل قامت به لأجله أو لأجل أبنائه، أو امتدحت الزوجة زوجها في موقف وقفة من أجل العائلة، فالمدح مكافأة نفسية لكلا الطرفين والحياة الزوجية تكون جافة وروتينية لم يتخللها المديح والثناء. والإنسان بفطرته يحب أن يمتدح إذا قام بعمل أو أدى حقا، ولكن الذي يحجب كلا الطرفين عن مدح الآخر هو الخوف من الغرور والتكبر، هذا ما قاله لي أحد الأزواج عندما قلت له لماذا لا تمدح زوجتك؟ فقال: أخاف إن مدحتها أن ترى نفسها أفضل مني. فقلت له: أن فهمك لمعنى المدح خاطئ، وان علينا أن نفرق بين مدح الذات و مدح الصفات، فزوجتك تتكبر عليك إن كنت تمدح ذاتها، ولكنها لا تتكبر عليك عندما تمدح صفاتها ومواقفها الطيبة، بل على العكس إنها تشجع وتستمر في العطاء لأن المدح يعتبر مكافأة نفسية للزوجين...
مواقف لا أثر للمدح فيها
هناك عدة مواقف لا يكون للثناء والمدح بين الزوجين فيها أثر على حياتهما الزوجية، منها:
1- ما إذا كانت علاقة أحد الزوجين بالآخر قائمة على عدم الاحترام والتقدير، والتجريح الدائم، فان المدح في هذه الحالة لا يكون له قيمة، لأن الحياة الزوجية أصبحت صبغتها الأعراض من كل طرف عن الآخر وعدم احترامه، وفي هذه الحال تفقد الحياة الزوجية رونقها وحيويتها.
2 - و الحالة الثانية التي لا يكون فيها للمدح أثر، فهي عندما يفقد كل طرف الثقة بالطرف الآخر، وهذا ما شاهدته مرة في المحكمة، عندما امتدح الزوج زوجته وقد انعدمت الثقة بينهما، فنظرت إليه الزوجة نظرة استغراب، وكأنها تقول له: لا قيمة لمدحك هذا عندي.
3 - وأما الحالة الثالثة فهي إذا كان الزوجان، كثيرا المدح أحدهما للآخر بحيث يصعب أن يفرق الواحد منهما بين الجد والهزل فيه وأن يميز بين المدح الصادق والكاذب، فهنا لا يكون للمدح أثر على العلاقة الزوجية وكذلك إذا كان في المدح تكلف، وتستخدم فيه العبارات المنمقة، والتي يعرف أحد الزوجين أنها ليست من بنات أفكار شريكه ولا من عباراته أو أسلوبه. ومثل ذلك إذا كان المدح في ظاهره المدح ولكنه يحمل في باطنه الاستهزاء والنقد، فهذا أيضا لا يكون له أثر ايجابي على العلاقة الزوجية، كأن تقول الزوجة لزوجها:
((أشكرك على العمل الجميل الذي قمت به، وأخيرا فكرت بنا.. )) مثل هذه العبارات قد يكون في ظاهرها المدح، ولكن في باطنها يوحي بالتقصير الزوجي.
4 - وأخيرا لا يكون للمدح أثر إذا كان العمل الذي يقوم به أحد الزوجين عملا عاديا يقوم به كل يوم.....
كيف تمدح؟؟
يكون المدح بين الزوجين مؤثرا وفعالا، إذا ركزنا في مدحنا على مدح الأعمال والصفات بين الزوجين، وهناك أمور يحب الرجل أن يمدح فيها، كأن تمتدح الزوجة زوجها على المشتريات التي اشتراها للبيت والأولاد، من الطعام والشراب والملابس وغيرها، فالرجل يحب أن يمدح إذا سعى لتأمين مستقبل العائلة، أو أن تمدح رجولته وشجاعته وإقدامه في المواقف الصعبة، فان مثل هذه العبارات تعزز فيه صفة الرجولة فتشعره بإشباع حاجته النفسية واثبات رجولته، فيفرح بالمدح وتزداد طاقة عمله وإنتاجه للبيت والأسرة، وأما المرأة فتحب أن تمدح زينتها وعطرها وجمالها وأنوثتها وحيائها، فهذه من الصفات التي تشبع حاجتها النفسية، وتثبت أنوثتها، فيمدح الرجل زوجته بأنها ذات لمسة حانية، وبأنه يستقر عندها وإنها سكن له وراحة، كما تحب المرأة أن تمتدح لأعمالها وتعبها الذي بذلته راضية النفس تعطي من غير حساب، وأكثر ما يسعد الزوجة في المدح إذا أثنى عليها زوجها أمام الآخرين. سواء الأصدقاء أم أهله أم أهلها أم أمام أولادهما، فإنها تشعر بالراحة، وأن العطاء الذي تبذله لم يذهب سدى.
فقر التعبير عن الشكر
إن المدح في العلاقة الزوجية يعطي معنى جديدا للحياة، ورائحة زكية للعلاقة الزوجية، وأما من حرم المدح والثناء فقد حرم الخير وحرم أن يتذوق معنى الحياة، والذين ينشأون في بيئة تفتقر إلى العلاقات الإنسانية، يجدون صعوبة في التعبير عن شكرهم للآخرين. وهذا ما تعيشه أكثر البيوت في الخليج، فلذلك نرجو أن يربي الوالدان أبنائهما منذ الصغر على المدح والثناء في الوقت المناسب والمكان المناسب، وأن يبدأ الزوجان حياتهما بتذوق لذة المدح في حياتهما الزوجية، فقد مدح الحبيب محمد - عليه الصلاة والسلام -، زوجاته ومنهن زوجته السيدة عائشة - رضي الله عنها -، عندما قال: ((فضلت عائشة على النساء كتفضيل الثريد على باقي الطعام))
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
إعلانات الزواج في الصحف والإنترنت في عيون الشباب والبنات
ولاء الشملول
انتشرت منذ سنوات إعلانات أريد عريساً، وأريد زوجة بوسائل الإعلام في الصحف والمجلات، ومع ظهور الإنترنت بدأت هذه الإعلانات بالانتشار في هذه الوسيلة الجديدة علينا في العالم العربي، ومعها زادت الإعلانات إلى تطلب زوجة أو زوجاً بشكل كبير وملحوظ في السنوات القليلة الماضية، مما جعلنا نتساءل لماذا انتشرت هذه الظاهرة بهذا الشكل الملفت؟ وهل يقبل الشباب على الزواج بهذه الطريقة الحديثة؟
السطور القادمة تكشف لنا إجابة السؤالين وتوضح رأى الشريعة وعلم النفس وعلم الاجتماع في القضية..
العمر يمضي
التقينا بـ ع.أ 34 سنة من القاهرة وحاصلة على ليسانس آداب وتعمل سكرتيرة، قامت بنشر العديد من الإعلانات بالصحف والمجلات تحت عنوان: أريد عريساً، وتقوم بهذا منذ ثلاث سنوات، وحول سبب قيامها بهذا تقول لـ" لها أون لاين": "فكرت في نشر إعلان طلب عريس في الصحف بعد أن اكتشفت أن دوامة الحياة بدأت تجرفني، والعمر يمضي سريعاً، خصوصاً أنني أدرك تماماً أن الحياة لا تستقيم بالعمل فقط، فهناك دور آخر أساسي خلقنا الله من أجله، فمن حقي أن أكون حبيبة وزوجة وأماً بجوار عملي، فالعمل وحده لا يكفي كي أشعر بكياني وذاتي".
وحول مدى موافقة أو معارضة أسرتها لهذا قالت إن أسرتها في البداية استنكرت هذا، لكنها أقنعتهم بأن الكثيرات يفعلن هذا، خصوصاً أن هذه الوسيلة تتناسب مع طبيعة الحياة على حد قولها، والتي أصبحت تغلب عليها المادية والسرعة وضيق الوقت، مما يعني قلة فرص التعرف على الآخرين، فهي ترى أن العمل يطغى على الحياة بشكل كبير.
ليس عيباً
وعما إذا كان نشر إعلان صريح تقول فيه أريد عريساً يسيء لها أم لا تقول ع. أ: "أرى أن طلب الزواج المنشور يجعلني أقرر مواصفات شريك الحياة التي أريدها، وهذا يعني توفير الكثير من الوقت من البداية، كذلك يعني الوضوح والصراحة، ولا أرى أن هناك سبباً لاستنكار المجتمع أو اتهامي بأنه ليس هناك من يتقدم للزواج مني، فهذا ليس دائماً السبب في نشر إعلان الزواج، علاوة على أن هناك شباباً يطلب عروساً أيضاَ، ولا مجال هنا للخجل أو العيب، لأن الموضوع كله يتم بمعرفة الأهل، بل أعتقد أنه مثل طريقة الزواج التقليدية أو المعتادة، كل ما هنالك أن هناك إعلاناً مسبقاً، لأن الزواج والتعارف الأولي يتم بنفس مراحل التعارف التقليدية، كما أرى أن هذه الطريقة تختصر الكثير من الوقت، وتعني أن الفتاة لا تريد إضاعة المزيد من الوقت".
لن أكرر التجربة
أما هـ. س 28 سنة فكانت لها تجربة أخرى في مجال إعلانات الزواج على الإنترنت فتروى لنا القصة: "شجعني على إرسال إعلان الزواج ببياناتي الشخصية أن موقعاً إسلامياً معروفاً يقدم هذه الخدمة مجاناً، فوثقت فيهم بناء على السمعة المعروفة للموقع، خصوصاً أن البيانات التي نرسلها لا يطلع عليها إلا الجادون فعلاً ممن أرسلوا بدورهم لطلب الزواج، وليس مشاعاً للجميع، وفعلاً بدأت في مراسلة أحد الشباب الذي راسلني بادئاً ووجدت فيه الشروط المناسبة لي، وتم تحديد موعد للقاء وسط العائلة، وتمت المقابلة فعلاً، ولكن ما تم بعدها هو ما أقلقني وجعلني لا أكرر هذه التجربة ثانية أبداً، فاستمرت المراسلات بيني وبين هذا الشاب وبدأ في حديث لم أستطع فهمه هل هو موافقة أم رفض، فقررت الانسحاب من هذه القصة تماماً، بل أصبت بالإحباط لأن الطرف الآخر لم يكن جاداً بالدرجة المطلوبة".
ضد العادة والطبيعة
أما مريم حسين 20 سنة آنسة فترى أن إعلانات الزواج هذه شيء ضد العادة خاصة بالنسبة للفتاة، ومتعب نفسياً لها على حد قولها، وتكمل قائلة: "إعلانات الزواج في وسائل الإعلام لا تجعل الفتاة معززة مكرمة كما يجب أن تكون، فأشعر أن الفتاة لا بد أن يكون هناك من يتقدم لها، لا أن تتخذ هي الخطوة الأولى، فهي لا تبحث لأن هناك من يبحث عنها، فهذا قلب للأدوار، وأنا لا أقبل هذه الطريقة للزواج أبداً حتى لو أقدم الشاب وأعلن هو في وسائل الإعلام لا أجد هذا شكلاً مناسباً للزواج".
ليست مواصفات شكلية
ومن زاوية أخرى تبدأ يارا عثمان 29 سنة آنسة حديثها قائلة: إن الزواج ليس مجرد خطوة يقدم عليها الإنسان كسد خانة أو لأنه سُنَّة الحياة فقط، - والكلام على لسان يارا- بل إن الزواج هو الوسيلة التي يمكن من خلالها أن يتحد شخص مع آخر كي يقدم شيئاً لدينه ومجتمعه، وتكوين أسرة وتربية أطفال، وهنا يصبح أهم ما في الشخص الذي ترتبط به شخصيته وأفكاره، وليس محددات شكلية، أو مواصفات يتم الإعلان عنها في وسائل الإعلان من الصحف والمجلات والإنترنت، فهدفها من الزواج يجعلها ترفض تماماً هذه الطريقة في الزواج، بل لا تجدها وسيلة جادة من الأصل.
فكرة كوميدية
والتقينا بمصطفي كريم (25 سنة) موظف أعزب، والذي ضحك من الفكرة من بداية طرحها عليه قائلاً: "فكرة إعلانات الزواج عبر المجلات والصحف والإنترنت فكرة كوميدية لطيفة، ولا يمكن تطبيقها في الواقع والاستفادة منها، وكلما قرأت هذه الإعلانات في الصحف أضحك وأشعر أنها نكتة وليست حقيقية. ولا يمكن أن أقدم على هذه الخطوة، ولا أن أسعى لفتاة أعلنت تحت عنوان أريد عريساً.
فرصة أخيرة
وعلى العكس منه يرى مسعد بنداري مهندس ديكور 37 سنة أعزب يقول: "هذه الوسيلة تساعد على زيادة معارف الشخص خصوصاً الفتاة لو كانت محدودة العلاقات والمعارف، وقد ألجأ لهذه الوسيلة من خلال إعلانات الزواج إذا لم أجد فرصة مناسبة للزواج أو تأخرت بي سن الزواج أو انقطعت الفرص المتاحة أمامي تماماً".
ويعترض محمد سعيد 28 سنة محاسب أعزب على هذه الإعلانات إلى تنشر في الصحف والمجلات والإنترنت قائلاً إنها ربما تكون وسيلة للنصب والخداع والكذب في غالبية الأحوال لأن من يعلن في هذه الوسائل كما يقول لديه مشكلة ما أو ما يعيب ويريد إخفاءه لهذا يلجأ للزواج من وسط بعيد عنه لا يعرفه من البداية.
يرفضنه بشدة!
وفي موقع لها أون لاين أجري استفتاء حول هذه الطريقة من الزواج، وكان السؤال الموجه للمتصفحات كالتالي:
(الزواج من خلال المجلات والصحف والإنترنت) ووضعت عدة خيارات هي: أؤيده، لا أؤيده، أرفضه بشدة.
وقد بلغ عدد المصوتات على هذا الاستفتاء 835 صوتاً، وقد جاءت النتائج كالتالي: 500 صوت بمعدل 59. 9% يرفضنه بشدة، 245 صوتاً بمعدل 29. 3% لا يؤيدنه، و90 صوتاً بمعدل 10. 8% فقط يؤيدنه.
شروط محددة
وعن رأي الدين والشريعة في هذه القضية سألنا الأستاذ الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة يضع شروطاً واضحة ومحددة للقول بصحة وفعالية زواج وسائل الإعلام والإنترنت فيقول: (الإنترنت وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة التي جعلت العالم كأنه قرية صغيرة متواصلة البيوت، والأركان، وبالتالي إذا توفر عبر الإنترنت أركان الزواج الشرعية، بمعنى أن يكون الخاطب أو المخطوبة من بلد والطرف الآخر من بلد آخر واجتمع أولياء الطرفين أو أقاربهما حول الجهاز، ويتم الإيجاب والقبول، بحضور الجميع وشهود عدول على ذلك فلا بأس من ذلك، مع استيفاء المهر والإشهار، كما يتم الزواج عن طريق التوكيل أو العريس المسافر أو يتم الزواج من الفتاة عبر وليها وتوكيلها له).
ويكمل د. محمد حديثه قائلاً: (أما ما يحدث من اتصالات عبر الشاب والفتاة فقط وحدهما دون علم الأهل، وما يتم في هذا الاتصال من دردشة وتسالٍ وألفاظ ومناظر منافية للآداب، فكل ذلك لا يمت للزواج بصلة، فضلاً عن أنه حرام وارتكاب للكثير من الكبائر والذنوب).
عدم الثقة
في حين يرى الدكتور صلاح الفوال أستاذ علم الاجتماع أن وسائل الإعلام والإنترنت لا يمكنها أن تقيم علاقة زواج سليمة ويكمل حديثه بقوله: "من المعروف أن المرأة تنكح إما لمالها أو جمالها أو حسبها ونسبها أو لدينها والدين هو الأهم، ولكن في حالة الإنترنت مثلاً لا نعرف إذا كان الدين هو كما يريد الشاب أم لا، وهل الفتاة فعلاً متدينة أم تدعي هذا، وهذه الطريقة لا تقبل في نظر غالبية أفراد المجتمع، وينظرون لها بشك، ففي هذه الوسيلة المستحدثة نأخذ المعلومات من الطرف الآخر، ونحن ليس لدينا مصدر للتأكد من صحة المعلومات فنضطر لتصديقه سواء كان صادقاً أو كاذباً، ولا ضمان هنا لأخلاق الشخص وشخصيته، كما أن هناك بعداً آخر للتعارف من خلال الإنترنت؛ أنها قد تغري لتجاوز حدود الأدب والدين المطلوب الحفاظ عليها، مما يتنافى مع أبسط قواعد الزواج المقامة على الاحترام المتبادل بين الطرفين، وأنا لا أنصح أبداً بالاعتماد على وسائل الإعلام في الزواج لخطورتها ولعدم الثقة بين الطرفين".
أسباب نفسية
والتقينا بالدكتور أحمد كامل أستاذ الطب النفسي وخبير العلاقات الإنسانية الذي يقول عن انتشار ظاهرة إعلانات الزواج من خلال وسائل الإعلام والإنترنت: على الرغم من التقدم الذي نعيشه إلا أننا أصبحنا منغلقين على أنفسنا فلا توجد علاقات اجتماعية سليمة، وفي نفس الوقت يعزف الشباب عن الزواج لخوفه من تحمل المسئولية، وهذا جعل بعض الفتيات تلجأ لهذه الوسائل الحديثة خوفاً من الوقوع في دائرة العنوسة، ولكن غالبية الشباب لا يثق في الفتيات التي تعلن في الصحف في باب أريد عريساً ولا يثق في الكلام المنشور عنها، ويتجه للاقتران بأحد الأقارب أو معارف العائلة".
أما عن احتمالات النجاح في هذا الزواج لو تم فيرى د. أحمد كامل أن ما ينطبق عليه ينطبق على غيره من الزيجات الأخريات فنجاحه يعتمد على الأشخاص أنفسهم.
19-رجب-1426 هـ 23-أغسطس-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
الأيامى يشتكون ... الزواج حلم ليلة صيف !!
القفص الذّهب
أن تضيء شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة، وأن تأخذ بيد الناس إلى الحلال خير من أن تكتفي بالقول هذا حلال وهذا حرام، فالناس بحاجة إلى حلول عملية واقعية ناجعة أكثر من حاجتهم إلى الكلام النظري.كلنا يعرف أهمية الزواج في استقامة الشباب وعفته، لكن قليلون من سعوا إلى تيسير هذا الطريق أمام الشباب.
وفي كل عام ينضم إلى فئات الأيامى مئات الآلاف من الشباب والفتيات الذين حالت ظروفهم أو ظروف مجتمعهم دون زواجهم، حتى أصبح الزواج حلماً لملايين الشباب في مجتمعاتنا بل حلم ليلة صيف سرعان ما ينجلي عن واقع مؤلم يضع العراقيل أمام حاجات الشباب الفطرية. هذه المشكلة ألقت بظلالها على واقعنا الاجتماعي وشمر كثير من المؤسسات والأفراد عن سواعدهم للمساهمة في حل تلك المشكلة في أكثر من بلد وبأكثر من أسلوب.
أصبح شعار (اشتر اثنتين وخذ الثالثة مجاناً) أو (اشتر واحدة وخذ الثانية مجاناً) منتشراً بشكل كبير في العديد من دول العالم بسبب حالة الكساد الاقتصادي التي جعلت التجار يلجأون لوسائل دعائية من هذا النوع لترويج بضائعهم وهزيمة الكساد.
وقد «تعولمت» هذه الفكرة سريعاً- أي أصبحت عالمية- حتى إن إحدى شركات توريد الخادمات الأجنبيات في قطر نشرت إعلاناً في جريدة الشرق القطرية تقول فيه: «اطلب خادمة واحصل على الثانية مجانا». !!
كذلك نشرت فرقة أفراح مصرية إسلامية- إعلاناً في صحيفة (آفاق عربية) المصرية تقول فيه: «ادفع ثمن حفلين للأفراح وخذ الحفل الثالث مجاناً» حتى أن البعض يسأل: هل هذه دعوة لزواج الرجل ثلاث مرات.
وقد وصلت السخرية بالبعض لحد رفع شعار مشابه- كحل لمواجهة العنوسة المستشرية في العالم العربي- يقول فيه: «اهزم العنوسة.. تزوج اثنتين وخذ الثالثة مجاناً».. ليس بمعنى السخرية من النساء ولكن كتعبير مجازي عن تخفيف المهور وتكاليف الزواج، كأن تقبل عروس الزواج، من رجل معدد وتخفف مصاريف الزواج.
بل إن الداعين لهذه الفكرة (التعدد مع تخفيف نفقات الزواج)، أشادوا بدعوة الرئيس السوداني في منتصف أغسطس الماضي السودانيين إلى تعدد الزوجات لحاجة بلاده لسكان يعمرون البلاد.
ولكن المشكلة الحقيقية أن هناك تأخر في سن الزواج بشكل خطير في العالم العربي والإسلامي يترتب عليه أمراض اجتماعية خطيرة، وبعد أن كان الشاب يتزوج في سن 16 عاماً أصبح يتأخر إلى 40 أو 45 بسبب تكاليف الزواج والظروف الاقتصادية الصعبة، أما الفتاة فتأخر سنها أيضاً إلى 30 و35 و40 أحياناً.
وحتى إذا توافر للشباب تكاليف الزواج في بعض الدول مثل دول الخليج فهم قد يلجأون إلى غير بنات أقطارهم بسبب المغالاة في المهور في بلادهم، ولهذا كان الوجه الآخر للعنوسة هو الأعراس الجماعية التي أصبحت تنتشر في العديد من الدول وأصبح يرعاها المسؤولون أحياناً.
تونس: ظاهرة في ازدياد
وحتى نبين خطورة القضية نشير إلى أن آخر عملية مسح للسكان في تونس عام 2000 كشفت عن أن نسبة الرجال غير المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و29 سنة زادت من 71% خلال عام 1994م، إلى81% عام 2000، وأن نسبة الإناث غير المتزوجات، واللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و40 سنة، وصلت إلى79. 7% من مجموع هذه الفئة العمرية.
أما الإناث اللاتي يتراوح سنهن بين 25 و29 عاماً، فبلغت نسبة العازبات منهن 47. 3% بعد أن كانت 37. 7% فقط في عام 1994م أي أنه خلال ست سنوات فقط تعززت ظاهرة العنوسة بإضافة 10% من الفتيات التونسيات، وتأخر سن الزواج عند الشبان إلى حدود 32 عاماً، وعند الإناث إلى 29 عاماً.
ومع أن الأرقام تشير إلى استفحال الظاهرة، إلا أن الحلول الجدية والعاجلة للتخفيف من هذه المشكلة مازالت قليلة، والأخطر أن مقلدي الغرب وحضارته يتزايدون وهؤلاء لايهمهم الزواج من الأصل.
أين صندوق الزواج؟
مع زيادة تعداد سكان مصر بشكل كبير وزيادة المشاكل الاقتصادية والبطالة تزايدت أيضاً العنوسة ليس فقط بين الفتيات ولكن بين الشباب أيضاً، إذ يشير إحصاء السكان الأخير لعام 2000 أن عدد العزاب قد تجاوز تسعة ملايين شاب، إضافة إلى ارتفاع سن الزواج، سواء بين الشباب أو الفتيات؛ نظراً للحالة الاقتصادية السيئة، وارتفاع المهور، فضلاً عن أزمة السكن.
وزاد من حجم المشكلة أن نظام (الخاطبة) انقرض، مما دفع العديد من الشركات لعمل نظام جديد للتقريب بين المتزوجين عبر الإنترنت.
كما دعا عدد من نواب البرلمان المصري إلى إنشاء صندوق للزواج في مصر، على غرار صندوق الزواج الذي تم إنشاؤه بكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، مما يسهم في حل مشكلة العنوسة في مصر.
العنوسة تهدد فتيات لبنان
وفي لبنان ارتفع سن الزواج لدى الذكور إلى 32 عاماً ولدى النساء إلى 29 عاماً.
وقد أجُرِي مسح (في جامعة سيدة اللويزة عام 1997م) لمجموعة مؤلفة من 400 شخص، أظهر أن العمر المثالي للزواج الأول يتراوح بين 30 و33 سنة من العمر للذكور وبين 22 و25 سنة للإناث. والعامل الأهم وراء ظاهرة قلة الزواج، هو النقص في عدد الذكور، بسبب الهجرة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات التي ساهمت في هجرة ثلث الشباب اللبناني أو أكثر مما يهدد الكثير من فتيات لبنان بالعنوسة ويزيد من العلاقات غير الشرعية خارج الزواج.
سوريا.. أعراس جماعية
وقد دفع ارتفاع نسبة العنوسة الكبيرة في العديد من الدول العربية إلى تنشيط ظاهرة الزواج الجماعي حتى في الدول التي لم تظهر فيها هذه الظاهرة من قبل مثل سوريا، فنصف الشبان السوريين في سن الزواج- وفق الإحصاءات- عاجزون عن الزواج بسبب ضعف قدراتهم المادية وعدم توفر المساكن. وأصبح موضوع الزواج في سوريا صعباً للغاية بسبب ارتفاع أسعار الشقق السكنية قياساً بدخل الفرد الذي يبلغ 42 دولار شهرياً ولا يتجاوز أعلى راتب شهري في الدولة 210 دولارات شهرياً.
أما أسعار الشقق فقد حلقت عالياً ليصل سعر المنزل المتواضع في وسط دمشق إلى حوالي20.000 دولار، الأمر الذي من شأنه أن يرتب الديون على العريس لسنوات طوال ثمنا للشقة ولفرشها وللهدايا التي يتوجب عليه تقديمها للعروس من حلي ومجوهرات.
وقد أقيم آخر هذه الأفراح الجماعية في سوريا منتصف أغسطس 2001 وشارك فيه 23 شاباً وفتاة في عرس جماعي أقيم برعاية وزارة الثقافة في أول بادرة من نوعها في البلاد لتشجيع الشباب على الزواج بعد ازدياد ظاهرة العنوسة في سوريا.
أقيم الحفل، الذي بلغ تكلفته حوالي 30.000 دولار، في مدينة اللاذقية التي تبعد 350 كم شمال غرب سوريا.
ومن المقرر إجراء عرس جماعي مماثل في دمشق لخمسين شاباً في أحد الفنادق «الذي سيستضيف العرسان لليلة واحدة وسيقدم لهم هدية عبارة عن ثلاثة أيام يقضونها خارج دمشق بالإضافة إلى تقديم معظم الأدوات الضرورية لبناء الأسرة مجاناً مثل الأدوات الكهربائية واللباس.
الإمارات: العنوسة تزيد الخلل
عزوف كثير من الشباب عن الزواج في الخليج ربما لعجزهم عن دفع المهور الغالية أدى إلى تفاقم مشكلة العنوسة وارتفاع سن الزواج بين البنات، وأثر على الخلل السكاني في البلاد التي تعاني من زيادة العمالة الأجنبية في بعض الدول بشكل أكبر من عدد السكان أحياناً.
وفي محاولة من دولة الإمارات العربية المتحدة لمعالجة جذور هذه المشكلة، سعى المسؤولون فيها إلى تشجيع الشباب على الزواج من بنات بلدهم، وحث الأهالي على عدم المغالاة في المهور وتكاليف الزواج. ومن أهم الخطوات التي اتخذتها الإمارات لرفع معدلات الزواج بين المواطنين، إنشاء (صندوق الزواج) كمؤسسة تتولى متابعة هذه المسألة وتضطلع بالخطوات اللازمة لتشجيع زواج المواطنين، والحد من ظاهرة الزواج من غير الإماراتيات.(52/11)
ويقوم هذا الصندوق- الذي بدأ نشاطه عام 1993م- بتقديم منح مالية لراغبي الزواج وصلت حالياً إلى 70 ألف درهم للفرد الواحد، كما يقدم الصندوق منحاً للزيجة الثانية. وفي خط آخر مواز، ينظم الصندوق برعاية وتشجيع المسؤولين وحكام الإمارات، حفلات زواج جماعي، مما يوفر مبالغ ضخمة تتكلفها كل حالة زواج، وتمثل هذه المبالغ سبباً رئيساً في عزوف آلاف الشباب عن زواج المواطنات واللجوء إلى بنات بلدان عربية أخرى على رأسها مصر وسوريا. بل وصل الأمر بالمحاكم الإماراتية لابتكار طرق وأساليب لتشجيع أهالي العرسان على خفض المهور التي تسبب غلاؤها في عزوف الشباب الإماراتي عن الزواج، وبروز ظواهر اجتماعية سلبية في المجتمع، أبرزها ظاهرة العنوسة، والزواج من أجنبيات.
في هذا الإطار اختارت محاكم دبي زوجين شابين من بين 160 زيجة جرت خلال شهر مارس 2001 وكافأت العروس (فوزية) برحلة لأداء العمرة مع زوجها محمد عبدالله، وعقدٍ من الذهب مطعماً بالألماس ومجموعة من العطور، بالإضافة إلى ساعة يد فاخرة لوالدها، والسبب أن عقد زواج فوزية من محمد عبدالله هو الأقل من حيث المهر بين 160 عقداً حررتها المحاكم.
فحسب دائرة محاكم دبي التي أطلقت «مشروع التآلف» كان مهر فوزية ألف درهم مقدماً و5 آلاف درهم آجل في حين التزمت بقية عقود الزواج التي تمت بالحدود العليا للمهور التي حددها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة للحد من غلاء المهور، وهي 20 ألف درهم مقدماً و30 ألف درهم مؤخراً.
ويقول العريس «محمد عبدالله» زوج فوزية: إن والد العروس أصر على مهر ألف درهم فقط رغم قدرتي على دفع أكثر وذلك عملاً بحديث رسول الله - عليه الصلاة والسلام -: «أقلهن مهراً أكثرهن بركة».
كما احتفلت منطقة (حتا) بدبي مساء الخميس 6-7/2001 بزواج 33 شاباً وفتاة من أبنائها في عرس جماعي أقيم على نفقة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- ولي عهد دبي، وزير دفاع الإمارات- في منطقة شعبية المصلى.
كما نظمت مؤسسة صندوق الزواج مع قبيلة الجابري بـ «أبو ظبي» عرساً جماعياً كبيراً ، شارك فيه أكبر عدد من شباب القبيلة والقبائل الأخرى بـ « أبوظبي » وذلك في الأول من أغسطس الماضي بنادي ضباط القوات المسلحة.
وفي إمارة الشارقة أقيم عدد من الأعراس الجماعية (حوالي 19) نظمته مؤسسة صندوق الزواج بالإمارة، بحضور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي- ولي العهد، نائب حاكم الشارقة.
الكويت: ثلث الفتيات عانسات
نسبة العنوسة بين الفتيات الكويتيات تقترب من 30% حسب بعض الإحصاءات الرسمية، لأن الشباب الكويتي بدأ يتأخر في الإقدام على الزواج؛ بسبب الأعباء الاقتصادية الباهظة التي تترتب عليه. هذا الأمر دفع مجموعة من رجال الأعمال، ومسؤولي الجمعيات الأهلية والخيرية، إلى تأسيس صندوق للزواج يستهدف التوفيق بين الراغبين من الجنسين في الزواج، وتقديم القروض المالية اللازمة لهم بدون فوائد، وعلى أقساط قليلة ومريحة.
وقد تشكلت لجنة تأسيسية للصندوق، وأُعلن أن الصندوق سيبدأ عمله برأسمال قدره خمسة ملايين دينار، تزيد مستقبلاً لتصل إلى 10 ملايين دينار (أكثر من 30 مليون دولار)، كما سيستقبل الصندوق طلبات الراغبين في الزواج من المطلقين والأرامل من الجنسين (نسبة الطلاق في الكويت 33%).
قطر: القبيلة ترفض الحل
بالرغم من وجود مئات الطلبات أمام الجمعيات الأهلية والخيرية في قطر تطلب جميعها المساعدة في التخفيف من تكاليف الزواج الباهظة فإن فكرة الزواج الجماعي التي تحل جزءًا كبيراً من تلك المشكلة على وجه التحديد غير مقبولة في المجتمع القطري، ولم تخفف السلفة الحكومية للزواج التي تمنحها الدولة للشباب والتي تقدر بـ 15 ألف ريال قطري كحد أقصى (4 آلاف دولار تقريباً) من حدة هذه المشكلة.
رفض فكرة الزواج الجماعي ترجع إلى أن المجتمع القطري تغلب عليه قيم وعادات قبلية تنظر إلى فكرة إقامة حفل جماعي أو الإعلان عن مساعدة جمعية خيرية في زواج فلان ابن فلان نظرة مستهجنة، ولذلك وبعد حفلة الزواج الجماعي الوحيدة التي نُظمت في قطر قبل خمس سنوات لم تتكرر هذه التجربة.
يقول عبدالرحيم مختار المسؤول بجمعية قطر الخيرية بالدوحة إنهم يتلقون مئات الطلبات من القطريين وغير القطريين كلها بحاجة إلى مساعدات مالية إلا أن فكرة مساعدتهم بصورة جماعية كإقامة حفل زواج جماعي أو ماشابه ذلك أمر غير مقبول ولا يزال المجتمع القطري يتحفظ على هذا الأمر، إلا أننا بصدد تنشيط مساعدات الجمعية في زواج غير القطريين المقيمين بالبلاد إضافة إلى المساهمة في زواج بعض الشباب في بلدان أخرى. وبسؤاله عن كيفية إقناع القطريين بأخذ هذه المسألة بدون حساسية قال: الأمر يحتاج إلى شخصيات جريئة تأخذ زمام المبادرة وتقوم بهذا الأمر مع تغطية إعلامية جيدة تساهم في تغيير هذا المفهوم لدى الناس.
ويبدو بالفعل أن الأمر بحاجة إلى الجرأة والإقدام في مجمتمع كالمجتمع القطري خاصة إذا عرفنا أن مشكلة الزواج في قطر تعتبر واحدة من أهم المشكلات الاجتماعية التي تؤرق الشباب، سواء في اختيار الزوجة أو في التكاليف الباهظة المصاحبة للزواج.
فالعادات القبلية تنظر إلى الشخص الذي يتلقى مساعدات من الجمعيات الخيرية لإتمام زواجه نظرة ازدراء تقف عائقاً أما تنشيط دور هذه الجمعيات في نشر العفاف والفضيلة بتيسير أمور الزواج والحث عليه الأمر الذي يستوجب جهوداً فكرية ودعوية لتغيير هذه القيم.
مصر: الأيامى 10 ملايين
طبقاً لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر فقد بلغ عدد الفتيات اللائي بلغن سن الثلاثين أو تجاوزنه ولم يتزوجن بعد ثلاثة ملايين فتاة، وإذا أضفنا إليهن الشباب في السن نفسه يصل العدد إلى عشرة ملايين شاب وفتاة، ناهيك عن أعداد الأرامل والمطلقات.
هذه الخريطة الاجتماعية جعلت الزواج حلماً يراود ملايين الأيامى في مصر، لكنه حلم تجهضه عراقيل وعقبات شتى على رأسها الجانب المادي.
بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية شمرت عن ساعدها للمساهمة في حل هذه المشكلة أما الجمعيات النسائية التي تحتكر التعبير عما يسمى المجتمع المدني فقد آثرت أن تخوض معركة أخرى تجلب لها الأضواء والأموال؟ إنها معركة المساواة بين الرجل والمرأة!
سعت بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية في مصر إلى التخفيف من حدة أزمة الزواج التي وصلت إلى ذروتها، فقدمت المساعدات المالية للكثير من الشباب ووفرت مساكن مناسبة لهم، وكذلك الأثاث والمفروشات الرخيصة، بل دبرت حفلات الزواج الجماعي لتوفير نفقات مايسمى بـ «ليلة العمر» التي تتكلف وحدها ميزانية تصلح للتخفيف من حدة الأزمة على كثير من الشباب. بعض الجمعيات الأخرى أسست بعض المكاتب لحل المشاكل والخلافات الزوجية وخاصة بين حديثي الزواج!
محاولات للحل
من أبرز النماذج الإيجابية لحل مشكلة الزواج ماتقوم به الجمعية الشرعية لاتحاد العاملين بالكتاب والسنة حيث يشير الدكتور فؤاد مخيمر- رئيس الجمعية- إلى الدور الذي تقوم به المساجد التابعة للجمعية في جميع محافظات مصر في هذا الصدد إذ تتولى الجمعيات الشرعية الفرعية بشكل منظم إعانة المقبلين على الزواج من الشباب والفتيات غير المقتدرين سواء بتقديم قروض لهم لتدبير الشقة والأثاث أم عبر الاتفاق مع بعض صناع الأثاث وتجار الأجهزة المنزلية لتدبير الاحتياجات الضرورية بالقليل من الأرباح وبالتقسيط لمن يريد منهم بدلاً من الاستغلال الذي يتعرض له الشباب الذين يشترون الأثاث بالتقسيط من الشركات التي تعلن في الصحف ووسائل الإعلام وتقدم لهم سلعاً رديئة بأقساط كبيرة طويلة المدى.
ويضيف د. فؤاد مخيمر: إن مشروعات مساعدة الشباب على الزواج تزدهر في أيام الصيف وتشهد نشاطاً كبيراً، فمن المعروف أن أغلب المصريين يفضلون الزواج في العطلات الصيفية وبخاصة المدرسين وكذلك تشهد المساجد ازدحاماً كبيراً لهذه المشروعات أيام الأعياد.
وعن كيفية توفير الأموال اللازمة لتقديم هذه القروض للشباب المقبلين على الزواج يقول رئيس الجمعية الشرعية: إن ذلك يتم عن طريق جمع الاشتراكات من المشتركين في صناديق الزواج وكذلك التبرعات من أهل الخير.
وبالإضافة للجمعية الشرعية هناك جمعيات خيرية أخرى تعمل في نفس النشاط- تيسير زواج الشباب-حيث تقوم بتأمين الشقق البسيطة للفقراء والأيتام وتقدمها لهم وتلقى هذه المشروعات إقبالاً كبيراً ولكن هناك بعض المعوقات التي تقف في طريق تنفيذها على أكمل وجه بحيث نستطيع مساعدة كل من يتقدم إلينا من الفقراء والأيتام حيث يقف حائلاً أمام ذلك توفير المبالغ المالية الكبيرة التي يتطلبها ذلك، ونحن دائماً نعلن عن ذلك في المساجد التابعة للجمعية ونتلقى تبرعات من أهل الخير للمساهمة في تزويج الشباب.
جمعيات فاشلة
في مقابل جهود الجمعيات الإسلامية لحل مشكلة الزواج يرتفع صوت كثير من الجمعيات النسائية ذات التوجهات التغريبية مطالبة بالدفاع عن حقوق المرأة السياسية والاجتماعية ومساواتها بالرجل لكنها تقف عاجزة أمام حل مشكلة زواج الشباب ولا تفكر في مجرد المساهمة في حلها.
التقينا بـ (عزة سليمان) مديرة مركز قضايا المرأة التي تعترف بذلك وتقول إنها أجرت دراسة لحل مشكلة الزواج عن طريق توفير مساكن بسيطة تناسب المقبلين على الزواج إلا أنها لاتستطيع تطبيقها في الواقع العملي لأن ذلك يحتاج إلى أموال كثيرة لاتتوافر لدى المركز ولاغيره من الجمعيات النسائية. وبدلاً من إعادة المحاولة والتفكير في أساليب جديدة لمساعدة الشباب والفتيات على الزواج إلا أن الجمعيات النسائية فضلت بدل ذلك التركيز على قضية المساواة بين الرجل والمرأة، تلك القضية التي جلبت إليها المساعدات الأوربية والأمريكية.
زفاف جماعي للمعاقين
صور أخرى من صور مساعدة الشباب على الزواج بدأت في بعض المحافظات وبتمويل من بعض رجال الأعمال حيث نظمت حفلات زفاف جماعي للمعاقين. محافظة الإسماعيلية بدأت هذه التجربة حيث نظمت حفل زفاف جماعي لمعاقين في يوليو الماضي ضم 30 عريساً وعروساً مختلفة.
وتقول ماجدة عطا- مقررة لجنة الزفاف الجماعي بمحافظة الإسماعيلية التي نظمت الحفل- إن التجربة لم تقتصر على مجرد تحمل نفقات حفل الزفاف ولكن كان هناك عدد كبير من المتبرعين من رجال الأعمال والشركات الخاصة الذين شاركوا في تجهيز وتأثيث عش الزوجية للأزواج الجدد.
وقالت إن هذا الزفاف هو الثاني من نوعه الذي تقوم به المحافظة للمعاقين، وقد لاقى استحسان المنظمات المصرية لمتحديي الإعاقة التي طالبت بأن تمتد إقامة مثل هذه الحفلات الجماعية لزفاف المعاقين لتشمل بقية أقاليم مصر.
وعلى الرغم من هذه الجهود إلا أن الزواج في مصر يظل مشكلة كبيرة تواجه الشباب الذين يقفون أمامها عاجزين لأن هذه الجهود الخيرية لا تستطيع أن تلبي احتياجات الشباب الراغبين في الزواج وغير القادرين على أعبائه في الوقت نفسه.
http://www.bab.com المصدر:
ـــــــــــــ
ظاهرة العنوسة تجتاح قطاعات الشباب
موضة الإضراب عن الزواج لدى الشباب ما يزال يلفها الكثير من الغموض فالعديد من الشباب وخصوصاً الذكور يخشون الإفصاح عن قناعاتهم بعدم الزواج أو حتى التفكير الجاد به تحسباً من أن يتهموا بالانحلال أو الانحراف عن العلاقة الطبيعية التي ينبغي أن تسود بالزواج بين الرجل والمرأة.
في مصر صدرت إحصائية حديثة أنجزها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء جاء فيها: (إن أكثر من (9) ملايين شاب وفتاة دخلوا مرحلة العنوسة بمصر) والمشكلة في بلدان أخرى في العالم العربي بدأت تبرز منذ عدة سنوات و(قطار الزواج) الذي كان يحذر منه أن لا يفوت الشباب قد أصبح من مقولات الماضي. ففي دراسة اجتماعية بهذا الصدد تم التوضيح: (إن 26%) من حالات العنوسة ترجع تماماً إلى انعدام رغبة الشاب نفسه في الزواج..وأن عدداً من الشباب والفتيات لم يعد يقلقهم الاستمرار في حياة العزوبية ولا سيما في ظل ظروف تردي الأوضاع الاقتصادية أو استحالة توفير الإمكانات المادية التي تتيح التهيئة لمشروع الزواج).
والرأي العام وهو أمر مهم في كل مجتمع أصبح يتقبل دوافع تأخر الزواج عند بعض الشباب فإذا كان موضوع الإضراب عن الزواج يمكن وصفه بأنه (أزمة هذا الجيل) إلا أن مشاهدة إتمام زيجات الآخرين تشكل اليوم كما كانت دوماً حافزاً كي لا يضع الشباب في أذهانهم محو موضوع الزواج عن مشاريعهم الحياتية وبعض الشباب لهم أفكارهم الخاصة التي تبدو مبهمة أحياناً فهناك العديدون من الشباب الذكور الذين تجاوزت أعمارهم الثلاثين ولكنهم لم يتزوجوا ولم يخطبوا ود فتاة ولا يتجرأون في كثير من الأحيان على طرق باب عائلة فتاة.وبعض الرجال يقضون الكثير من أوقات المساء في المقاهي الشعبية ومع مضي الأيام والأشهر والسنين يرون أنفسهم فجأة وقد أضحوا في أعمار كبيرة دون زواج وهذه هي من أكثر الظواهر لدى العانسين الذكور.
وحيث أن أمر العنوسة لا يقتصر على موضوع الرغبة بالزواج أو رفضه بشكل نهائي فإن أي تحول نحو الزواج من قبل العانسين والعانسات أمر متوقع، إذا ما توفر ولو شرطه الأولي في إمكانية إنجاز المقدمات الأولى للزواج إذا ما وجد الطرف الآخر المناسب رغم أن البعض يدعي بإصرار خافت بأن البقاء بلا زواج أفضل من الزواج في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية التي تواجه المجتمع. أي إن التمرد على الزواج حقيقة ليس وارداً عند غالبية العانسين.
ومما لا يمكن إغفاله أن العديد من الفتيات اللائي تجاوزت أعمارهن الثلاثين سنة يشعرن بالأسى لعدم الزواج خصوصاً من لم تتح لهن الفرص للزواج. أما التي تشعر أنها لا تشكل ثقلاً على كاهل أسرتها ولديها وظيفة تدر منها راتباً شهرياً محترماً فتنظر إلى الزواج على كونه حالة ليس من الضروري أن تكون الأمل الأخير لها وبعض أولئك الموظفات سيرحبن بالعريس المناسب إذا ما تقدم لطلب يدها، وإذا لم يأت بحسب قول أخريات (فليذهب إلى الجحيم)! وأخيراً ففي الحياة دروس وعبر وقناعات لا يدركها الجميع بدرجة واحدة.
4/ صفر/1424
6/4/2003
http://annabaa.org المصدر:
ـــــــــــــ
العنوسة .. قدر تختاره بعض المجتمعات
هل يمكن أن تكون (العنوسة) قدر المجتمع العربي الإسلامي أو العربي المسيحي؟ وهل أن العنوسة كانت ظاهرة اجتماعية في المنطقة العربية الإسلامية كما هي اليوم؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها يقف الذهن عاجزاً أن يقول شيئاً يمكن أن يكون حافزاً للتفكير بكيفية التصدي للعنوسة القاتلة لمعنويات المرأة والرجل.
تسير العنوسة وارتفاع نسبة الفراق بين الزوجين على سكتين متوازيتين ورغم رصد هاتين الظاهرتين وتأثيرهما السلبي على استقرار الأسرة العربية فإن تفاوتاً نسبياً متواضعاً هو الذي يفرق بين حجم العنوسة هنا وهناك ففي مصر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء مؤخراً عن ارتفاع نسبة العنوسة إذ وصلت إلى (9) ملايين شاب وفتاة ممن تجاوزا سن الخامسة والثلاثين من دون زواج من أصل مجموع النفوس البالغ زهاء (70) مليون نسمة.
وما يزيد التقديرات حيرة أن عدد وثائق الطلاق الرسمية المسجلة خلال السنة الماضية 2002م وصل إلى (75) ألف وثيقة طلاق وتقول إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في القاهرة: (إن ألف حالة زواج عرفي قائمة الآن بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم وأن (5) آلاف مصري متزوج من (4) نساء ومن بين هؤلاء من يحمل درجة الدكتوراة أو درجات علمية مرتفعة وليس أصحاب المهن أو الكبار وحدهم في حين زاد من يجمعون بين (2) زوجتين فقط إلى قرابة مليون مصري.
كما أظهرت دراسة حديثة عن وجود نوع جديد من الطلاق أصبح متعارف عليه بـ(الطلاق العاطفي) وهذا النوع غير مسجل حيث يطلق على وضع زوجي يقوم به الرجل بأخذ زوجة ثانية ويختار إحداهن فقط على حساب العلاقة الزوجية مع الأخرى أو أن يتركهما معاً ويمارس البغاء مع الساقطات ممن هن خارج جدار المنزل. وهذا ما جعل إمكانية القول أن العنوسة أحياناً تطال حتى المتزوجات من حيث غياب العلاقات العاطفية أو الالتقاء العاطفي مع أزواجهن.
إن ظاهرة العزوف عن الزواج موجودة في كل المجتمعات وقد أمتدت من زمن لآخر ووصلت إلى عصرنا الراهن وظاهرة العنوسة في العالم الغربي هي إخفاق من النساء والرجال مما هو عليه الحال في البلاد العربية بسبب النظرة المتسامحة في المجتمعات الغربية للعلاقات الجنسية الأباحية التي من نتائجها ولادة الأطفال غير الشرعيين الذين ترعاهم الدول الغربية مقابل اعتبار ذلك من الممنوعات الضميرية والدينية الإسلامية والمسيحية في العالم العربي الذي ينظر إلى علاقات المرأة والرجل خارج حدود الزوجية هي مسائل لا أخلاقية والمرأة العربية المسلمة والمسيحية في البلاد العربية والإسلامية ترفض مثل هذا التوجه.
طبيعي أن هناك جهوداً تبذل على الصعيد الاجتماعي لدى بعض المهتمين الرسميين وغيرهم لخلق رابطة مودة تجمع رأسين بالحلال ضمن أسرة جديدة ففي الأمارات العربية لوحدها توجد حالياً (170) ألف فتاة عانس وفي السعودية زهاء (529) ألف فتاة أي ما يعادل ثلث نساء السعودية لذلك تنشط هذه الأيام محاولة إيجاد شريك أو شريكة حياة عبر الانترنيت وإعلانات المجلات إلا أن هذا المجال غير مشجع لإقامة زيجات ناجحة.
ويوجد إقرار بأن سهم العزوبية على مستوى العالم هو في حالة صعود وهو مؤشر خطر على تفشي سلوكيات ممكن أن تجعل من الرغبة بعدم الزواج مبدأً ربما يأخذ حالة التأييد لدى مجتمع ما ففي فرنسا مثلاً يوجد (14) مليون عازب ويذهب البعض لتسمية عدم الراغبين بالزواج بأن في توجههم نوع من الانتحار البطيء للأجيال.
أما عن عدم القدرة المالية على الزواج فهي مسألة مقرة على المستوى العربي الرسمي والاجتماعي وهذا ما يعتبر خطراً على مسيرة التحولات النفسية والمجتمعية في معظم البلاد العربية. لهذا انتهجت (جمعية العفاف الخيرية) في الأردن إلى ضرورة العمل للمساهمة الإيجابية في حل جزء مما يعانيه المتطلعون والمتطلعات إلى الزواج في المجتمع الأردني إذ نظمت حفل الزفاف الجماعي الذي جمع (474) عريساً وعروساً وهذه السنِّة الخيِّرة قد بدأت منذ بداية سنة 1995م.
وكحل يمكن أن يكون أكثر تناسباً لحل بعض مشاكل النساء العانسات فإن الرجال في موريتانيا قد جعلوا من تعدد الزوجات في بيوتهم الزوجية ظاهرة منتشرة رغم أن الزواج لدى المواطنين الموريتانين العرب يأخذ طابع الزواج السري هناك الذي يكون في بعض الأحيان مجرد زواج لقضاء الرغبة أي الزواج الخالي من مرتكزاته الإنسانية الشاملة في تأسيس أسرة سوية تتساوى فيها النساء المتزوجات من رجل واحد بنفس الحقوق العادلة بين واحدة وأخرى بحسب شريعة الإسلام.
11/6/2003
10/ ربيع الثاني/1424
http://annabaa.org المصدر:
ـــــــــــــ
لماذا نتجاهل هذه الكارثة الإنسانية
( مليون ونصف مليون عانس )
عبد الله بن ثاني
آلمني ما صدر من إحصائية من وزارة التخطيط قبل ثلاث سنوات تفيد أنّ هناك مليوناً ونصف المليون من بناتنا تجاوزن سن الزواج، وتألمت لحرمانهن من نعمة الأُمومة، إذ يحكى لي أنّ الفتاة لا يعتصر فؤادها إلاّ أمام منظر أُمٍّ تقود طفلها، وتقبِّله حيناً وتحضنه حيناً آخر، وهذه نعمة أدرك مرارة فقدها سيدنا زكريا - عليه السلام - في قوله حينما طلب الولد {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}، ولن تنال الأنثى شرف أن تكون الجنة تحت قدميها إلاّ إذا كانت أُمّاً، وهي وحدها تدرك قيمة معنى الأُمومة وما يترتب عليها من لذة في كلِّ ذلك التعب والنَّصب والجهد، ابتداء من الحمل ومروراً بالولادة والمخاض، وانتهاءً بالحرص على ولدها من كلِّ شيء، فوصى بها الرسول ثلاثاً مقابل ذلك، ووصى بالأب مرة واحدة، فقال لمن سأله من أحقّ الناس بصحبتي يا رسول الله، فقال: (أُمك، قال: ثم من؟ قال: أُمك، قال: ثم من؟ قال: أُمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك)، ومما يدلُّ على ذلك أيضاً جواب هند ابنة الخس حينما سألها أبوها بضعة أسئلة، وكانت مشهورة برجحان عقلها وزيادة ذكائها، قال: فأيُّ النساء خير؟ قالت: التي في بطنها غلام، تقود غلاماً، وتحمل على وركها غلاماً، ويمشي وراءها غلام. وهذا ما أدركت سرّه العرب من أمثال عبد المطلب حينما نذر أن يذبح واحداً من أبنائه إن رزقه الله عشرة من الأولاد بعد أن قال له عدي بن نوفل أنت فذٌّ لا ولد لك.(52/12)
إنّ الألم كلّ الألم فيما تعانيه العانس الصابرة المحتسبة حماية لنفسها من السقوط استجابة لنداء الإسلام ورعاية للعادات والتقاليد، واستحضاراً لشرف الأهل والأُسرة، واللوم كلُّ اللوم عليها حين لا ترغب في العفاف بإرادتها، أو الولي الذي لا يرغب نكاحها ممن هو كفء، ويصغر عقل تلك العانس التي بلغت سناً متقدمة ولم تتنازل عن عرشها وتنزل عن برجها العاجي، حين لا ترضى أن تنال شرف الأُمومة بحجج واهية وشروط قاسية، وتفضِّل البقاء عالة على أهلها، مثيرة للشفقة من أفراد المجتمع، متحمِّلة سهام الازدراء من قِبل المغرضات ممن لا يفهم معنى القضاء والقدر، ولا يدرك معنى القسمة والنصيب، وأعني بذلك مَن لا تقبَل التعدُّد وتضع العراقيل أمام أخواتها العوانس ببث أفكار تحارب هذا الحل الشرعي، فاختارت الحرمان من نعمة الولد بإرادتها وشروطها المتعسِّفة والمستحيلة، حتى تركها الزمان بلا عائل ولا نصير، متجاهلة زيادة هذه النسبة في العنوسة، ونحن في مجتمع إسلامي متكافل، لم يترك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - له شاردة ولا واردة إلاّ وضع لها حلاً وعلاجاً، ولم يغادرنا بأبي هو وأُمي حتى علَّمنا كيف نتعامل مع قضايانا السهلة فضلاً عن المستعصية، ولا عجب في ذلك لأنّه وصف لنا الطريق الصحيح لكثير من جوانب حياتنا المختلفة، وهي أسهل من هذه الكارثة مثل وصفه الطريقة التي يقضي المسلم بها حاجته، وأكله، ونومه، وحلّه وترحاله، صدقاً تأمَّلت العدد المخيف فوجدت الأسباب يشترك فيها الجميع، ابتداءً من الأُسرة التي تشترط شروطاً يصعب توافرها في المتقدمين، ولا تتنازل فيما لا يتعارض مع ثابت أو مبدأ رحمة بالبنت التي تأمل منذ أن تفتَّحت عيناها على الدنيا أن تلج ذلك البيت المبني على أساس المودة والرحمة والسكن، فكم سافر بها الخيال وكم جنحت بها الرغبة والشوق للزوج والأطفال والأُسرة، تسافر في كنفهم وتعود في موكبهم، تضحِّي من أجلهم وتتنازل عن حياتها لحياتهم، وكلُّنا يعرف أنّ الطفلة تشترط على أبويها أن تكون هديتها في أي مناسبة عروسة صغيرة، ترعاها كما ترعى الأُم وليدها، استجابة لنداء الفطرة التي حرمناها منها، وتلك والله اللذة التي تجد فيها النساء حلاوة المسؤولية والرعاية والتربية، محقِّقة الالتزام الإيجابي في منح زوجها الاحترام والتقدير، والالتزام السلبي في منع نفسها من اقتراف كلِّ المؤثِّرات التي تعصف بأركان بيتها، وهذا الجانب النفسي يغفل عنه كثير، وهو السبب الأول في ضبط المسار الصحيح للحياة، فكلُّ فتاة تحلم بزوج يملأ عليها وحدتها، ويهوِّن عليها غربتها، ويعطف عليها في مرضها، ويرعاها في صحتها، وتكمل هذه العلاقة المقدَّسة بعد ذلك بالأطفال، فيسهران عليهم إذا مرضوا، ويفرحان بهم إذا نجحوا، ويرسمان لهم مستقبلهم يوماً يوماً، ويبنيان أحلامهم حلماً حلماً، وحينها يشعر الإنسان بآدميته وأهميته واستمراره في أسباب الحياة، والحفاظ على النوع الإنساني {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، ولن يكون إدراك هذه المعاني للعلاقات الزوجية السامية في الإسلام، إذا غابت الأُسرة عن التأثير في أفرادها من خلال صياغتهم وتربيتهم على مبادئ الدين العظيمة، التي تدعوهم لتحمُّل المسؤولية والفهم الصحيح لمعنى الارتباط الأُسري، وزاد من أهميتها طمس الآثار التي غرستها بعض وسائل الإعلام والثقافة، من أغاليط تتعلق ببناء الأُسرة إذ صوَّرت العامل الرئيس في علاج العنوسة، وهو التعدُّد، جريمة وهو بلا ريب يحتاج إلى استراتيجية، تحقق على الواقع ما جعله الله بين الزوجين من الميثاق الغليظ، فبثّت مسلسلات ومقالات لمدة عقود تُظهر الجانب السلبي، وركّزت على الأخطاء التي لا تتخذ مقياساً تضبط عليه الحياة، مع أنّني لا أنكر وجود من أساء في وهم الرغبة وتجاهل ما يجب عليه من حقوق، وما على الآخر من واجبات، فساعد في غرس هذا التصوُّر المخيف من التعدُّد في صورة تخالف ما أمر به الإسلام من العدل والمساواة في كلِّ شيء، واحترام الذات في ذلك الجسد، وما يتعلق بها من علاقات اجتماعية أخرى كالأهل والأصدقاء والأقارب..إنّ الجهل بحقيقة الزواج والارتباط وشرعيته وأحكامه وأصوله، حينما يمارس المتعدِّد الظلم تجاه الأنثى، ينافي ما أمرنا الله به من الالتزام (قل يا عبادي إنِّي حرَّمت الظُّلم على نفسي، وجعلته بينكم محرّماَ، فلا تظالموا)، وذلك دأب قليل الشرف والمروءة والأمانة والكرامة، وحال قليل الحظ من الدين والمعرفة بالحلال والحرام، فأصل الزواج الإباحة، وأساسه الحكمة والنُّضج والتوازن والاستطاعة، وهو حق مشروع لكلِّ إنسان قادر عليه، حتى أنّ ابن حزم في كتابه المحلى يراه فريضة على القادر ويمنع ضبط النسل مطلقاً، وربما كان ذلك لظروف المسلمين في الأندلس إذ يريد أن يكثر عدد العرب، ولا يمكن تجاهل أسباب زيادة تلك
المعدَّلات في مجتمعنا من مثل التكاليف المرتفعة للزواج، من مهور تثقل كاهل الشاب ومناسبات لا تتم إلاّ بديْن يشغل الزوجين عن الاستمتاع بأيامهما، وشروط ليست أساسية في ظل ازدياد معدَّلات البطالة والحاجة، وربما كانت هذه الشروط حجر عثرة تصرف الراغب، وتبعد الخاطب، ولا يعني هذا أن نحرم الأنثى من حقوقها، بل على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، إذ الأهم بناء أُسرة سعيدة تحفُّها السكينة والرحمة، ولا أدري لماذا يجهل الناس أنّ ساعة مودة بين كائنين يتضاءل أمامها الزمان وتختصر من دهشتها المكان، في ظل بيت صغير تعدل ما في الأرض من مغريات مادية، وأنّ وجود الأنثى في بيت تخفق الرياح فيه، تكتال في كنف زوجها الريح، ترعى طفلها، وتنتظر زوجها عند الباب، يعدل شهوات الدنيا من الأرصدة المتورمة والقصور وتذاكر العبور والحفلات والفرق الموسيقية باهظة الفواتير، ومحطات الاستجمام والسكن في الفنادق التي استعارت النجوم من فضاءاتها لتعلِّقها على أبوابها، ولذلك يجب على الفتيات الصبر والاحتساب، والانشغال بالطاعة، والبعد عن مَوَاطن الريبة والعبث والتسلية، حتى يأتي من يستحق كلَّ الحب والاحترام، احتراماً لبيتها القادم، وتقديراً للرجل المنتظر، ولا يفرِّطن في مشاعرهن مع ذئاب لا ترعى ذمَّة، ولا ترقب حياءً، فكثير من الشباب يتحرّى في الاختيار بعد أن زادت النسبة، وأصبح العرض أكثر من الطلب، إذ لا يخلو بيت من بنت أو أكثر، فيبحث عمن تتوافر فيها مقوّمات النجاح الأُسري حتى وإن كان غير صالح، لأنّ العادات السيئة، والمسالك الرخيصة، يصعب التخلُّص منها بسهولة، بعدما نكتت في القلب نقاطاً سوداء، وستكون نذير شؤم، ومعول هدم يهدد كيان الزوجية، ويسقط أُسس الأُسرة المنتظَرة، ومن ابتليت بشيء من هذا تبادر إلى التوبة والاستغفار، حتى تؤهِّل نفسها للاستقرار العاطفي، ببيت يتعادل فيه عقل رجل هو رحمة مع قلب فتاة هي سكنى، وبهما يتحقق الصَّلاح والعفاف لبناء حياة مشتركة، فكم من بنت جميلة تحاشاها الرجال لخلل في سلوكها، وكم من بنت دميمة كثر خطّابها لحسن أخلاقها حتى أصبحت معروفة بهذا عند الجميع.
إنّها دعوة صادقة للنظر الصحيح والتحكُّم بالمشاعر في ظلِّ انتشار وسائل الفضيحة على يد هذه التكنولوجيا، التي حوَّلت القضايا الخاصة والذنوب الخافية، إلى قضايا للرأي العام، يتناقلها الناس في مجالسهم ومنتدياتهم، وما أقسى أن يكون الأمر كذلك، مثلما هي دعوة للدولة أن تعطي هذا الجانب اهتماما بالغاً من خلال دعوة القطاع الخاص والشخصيات الوطنية والجمعيات الخيرية، للمشاركة في تقديم ما يمكن تقديمه من تنازلات، معنوية ومادية، للوقوف أمام زحف هذه الظاهرة، ومن خلال قيام وسائل الإعلام المختلفة بوظيفتها الأساسية في توعية الأُسر المتشنِّجة، وبيان ما يترتب على العنوسة من كوارث أخلاقية وصحِّية ونفسية، تهدِّد الفرد والمجتمع بالانهيار الإنساني، عن طريق المشايخ والمصلحين، ورجال الفكر والإعلام، والمدرسات والداعيات، والمجتمع بمؤسساته الحكومية والخاصة، ومنتدياته ومجالسه، في بث ما يمتص هذا الرفض من النفوس ويطرح العلاج الناجع، بمساعدة الشباب على تجاوز ما يختلج في صدورهم من خوف تجاه الزواج وتحمُّل تبعاته وتكاليفه، خروجاً بفئة عزيزة على أكبادنا من مأزق العنوسة والحرمان الإنساني المؤلم.. ولا يقتصر الأمر على هذا بل يتجاوزه إلى عقد مؤتمرات في المؤسسات الأكاديمية والتربوية، والوزارات المعنيَّة، وتشكيل دراسات شرعية واجتماعية واقتصادية، تستفيد منها الأجهزة الرسمية التي تهتم ببناء الإنسان أولاً.. والله من وراء القصد.
http://www.suhuf.net.sa المصدر:
ـــــــــــــ
اعترافات العوانس
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
(أفكر في إحراق شهاداتي )
ظاهرة العنوسة أصحبت في هذه الأيام شحباً مخيفاً يهدد كثيراً من الفتيات، لا سيما العاملات منهن، الجامعيات اللواتي رفضنَ الزواج في وقته بحجة الدراسة والعمل، فكانت النتيجة القاسية أن بقينَ بغير زواج.
وفيما يلي نستمعُ إلى اعتراف بعضهن.
تقول إحداهن: (لقد كنت في مقتبل عمري، أحلم بذلك القدر العالي من التعليم، ولا أنكرُ أنني كنت أحلم بالرغبة في أصبح أماً وزوجةً في المستقبل، ولكن كان التعليم عندي يسبقُ كل الأهداف، لدرجة أنني كُنتُ أرفضُ الاعتراف برغبتي في الزواج.
وبقيَ الحال كذلك حتى حصلتُ على الماجستير، وانتهت رحلة المعاناة الدراسية، وبدأ الفراغ يتسرب إلى الأعماق، واستيقظتُ على الحقيقة، وهي أنني أصبحتُ أكثر رغبةً في الزواج.
وفتح والدي الباب للخُطّاب، وكلما تقدم شاب فرَّ مدبراً، لما وضعناه أنا وأبي من شروطٍ ومواصفاتٍ قياسية، وإحقاقاً للحق، فقد كان والدي أكثر تعاطفاً معي، ولا يريد إرغامي على شيءٍ لا أريده.
ومضت ست سنوات بعد تخرجي، حتى تجاوزت الثلاثين من عمري، وهنا كانت الصدمة عند ما جاء آخر خطّابي، والذي أنشد فيه مواصفاتي، ولكنَهُ احتفظ لنفسه بهذا الحق، حق وضع الشروط والمواصفات، وقد جمع حقائبهُ وانسحب حينما علم بعمري الحقيقي، بل قالها صريحة: (لا حاجة لي بامرأةٍ لم يعد بينها وبين سن اليأس سوى القليل).
سمعت هذا لأدرك الهزيمة المُرة، وأيقنتُ أنني دخلتُ في زمن العنوسة الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام من حين لآخر.
واليوم، وبعد أن كُنت أضعُ الشروط والمواصفات والمقاييس في فارس أحلامي، وكنتُ أتعالى يوم ذاك اليوم، بدأوا هم يضعون مقاييسهم في وجهي، وهو ما دفعني أن أفكر كثيراً في أن أشعل النار في جميع شهاداتي التي أنستني كل العواطف، حتى فاتني القطار.
بدأتُ أحمل في نفسي الحسرةَ على أبي الحنون، الذي لم يستعن بتجاربه في الحياة في تحديد مساري حياتي.
نعم، إنَّ تعليمي قد زادني وعياً وثقافة، ولكن كُلما ازددتُ علماً وثقافةً ازددتُ رغبةً في أن أكونَ أماً وزوجة، لأنني أولاً وأخيراً إنسانة، والإنسان مخلوقٌ على فطرته "
ثم تقول: " إنني أروي ذلك لكم للعبرةِ والعظة فقط، ولأقول:
نعم، من أجل الحياة، من أجل الزواج، لا للعنوسة، متجاوزةً بهذا كلهِ زمن الصمت، فمن هو فارس أحلامي يا ترى؟ الذي نتنازل أنا وهو معاً عن بعضِ شروطنا، حتى نمضي مسيرةَ حياتنا "
19/5/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
ـــــــــــــ
البورصة والانترنت سببان لتأخر سن الزواج
وفاء زايد
ما السبب في تأخر سن الزواج؟ ولماذا زادت الظاهرة بروزا ووضوحا على السطح؟ وما هي الحلول الناجحة للتخلص من الارتفاع المستمر لحالات التأخر زواجيا؟ وهل الانفتاح والعولمة هما السبب؟ وكيف ينظر الاختصاصيون إلى الحلول للقضاء على تفشي الظاهرة؟
تساؤلات عديدة حملها الوطن والواطن إلى اختصاصي علم النفس والتربية لتسليط الضوء على الأسباب المعاصرة لتأخر سن زواج الشاب أو الفتاة لأن غلاء المهور لم يعد المتهم في هذه الظاهرة‚ فقد أكد عدد منهم ضرورة تكاتف المؤسسات المجتمعية للحد من تفاقم ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج لأن السبب صار بأيدي الشباب والفتيات أنفسهم وأصبح القضاء عليها مستحيلا إنما تحتاج إلى رؤية مستقبلية تشخص الواقع وترسم الخطط‚ محاولة الإجابة على هذه التساؤلات فيما يلي ‚ ظاهرة تراجع التهافت على الزواج تأخذ شكلا متناميا فلم يعد السعي للزواج لدى الكثيرين والكثيرات هدفا بل استبدل التهافت التقليدي على الزواج بما يمكن تسميته: « العنوسة الاختيارية » ‚
بل إن بعضا من مراقبي هذه الظاهرة صاروا يشبهونها بظاهرة « التوحد » في عالم الأطفال فأصبح هناك أيضا ما يشبه التوحد في عالم الكبار وبمقتضاها لا يرغب الشاب أو الفتاة في الزواج ولا يكترث للتأخر في البحث عن شريك الحياة ‚
في السابق كان هذا التأخر في الزواج يحدث قسريا أما حاليا فان هذه الظاهرة صارت لدى كثيرين اختيارية بمحض الإرادة ومن دون أن يداخل أصحابها قلق أو توجس ومن دون أن يطلق عليهم العبارات والتسميات ذاتها التي كانت تطلق على من يتأخرون في زواجهم مثل وصف: العنوسة‚ أو يقال أن فلان أو فلانة قد فاته قطار الزواج‚
والجديد اللافت للنظر أن البعض صار لا يكترث أن كان قطار الزواج قد فاته أو لم يأت بالأصل !!
الأسباب في ذلك غائرة في تلافيف الحياة الاجتماعية فهي تركيبة من الأسباب الاجتماعية النفسية التي تتضافر في تسببها تأخر سن الزواج‚‚ العيش بدون زواج على الإطلاق‚
ولأن مثل هذه الظاهرة حديثة ولم تعد بحجمها الضئيل سابقا فلا بد أن أسبابها مرتبطة بمستحدثات زمنية ولا بد أن وراءها في الحاضر ما يفوق أسبابها في الماضي ولا بد أيضا إن العازفين عن الزواج وغير المتهافتين عليه لديهم أسبابهم وربما أن هذه الأسباب ليست واضحة لهم وليس بوسعهم تجريدها من الواقع لذا فليسوا مكترثين لما يصفه الآخرون فيهم انه غريب أو غير مألوف‚
ولأن مثل هذه الظواهر الاجتماعية يرصدها عادة الاجتماعيون ويضعونها في إطارها الاجتماعي السليم ويجدون لها تفسيرا كما أنهم أيضا يحذرون من عواقبها أن كانت لها عواقب أو يقولون لنا أنها لا تشكل خطرا إن كانت كذلك فإننا قصدنا في هذا التحقيق بعض الاجتماعيين‚
فالاجتماعيون لديهم قدرة على سبر أغوار الواقع‚ ولديهم أيضا قدرة على ربط الأسباب بعضها ببعض ليمكن منها توفير ما يقنع العقل بها‚
تغير ملحوظ في التعليم
وعلل الدكتور ظاهر شلتوت استشاري الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية تأخر سن الزواج بأنه تغير ملحوظ في نسب التعليم بين الفتيات والشباب واختلاف هذا المستوى يؤدي إلى تغير في أنماط التفكير والاختيار‚
وقال: إن الدرجات العالية بين الشاب والفتاة في المستوى التعليمي سببت فجوة بينهما وحتى في حالة حدوث ارتباط فإنه سيؤدي إلى نوع من الخلافات والمشاحنات يفضي إلى الطلاق وهذه ليست دعوة إلى تحجيم الزواج إنما إلى زيادة الطاقة الإنتاجية في الجد والاجتهاد حتى يتساوى الجنسان‚
وأضاف أن ظاهرة العنوسة ملحوظة وليست على مستوى محدود‚ وزادت انتشارا في مجتمعاتنا الخليجية وحتى العربية‚
وذكر إن الحلول المقترحة على مستوى المجتمع القطري في التعامل مع هذه الظاهرة من خلال تحديد المظاهر والأسباب وإيجاد قنوات صحيحة وواضحة يمكن من خلالها التواصل مع الآباء الذين يتعنتون في رفض تزويج بناتهم لأسباب اجتماعية أو عرفية مثلا‚
وأضاف أنه لا توجد جهات شرعية وتوفيقية اجتماعية تساعد على توصيل الحقائق وتسهم في حسن اختيار الشباب وتفتح أمامهم فرص الزواج أو عمل مجموعات مساندة لأصحاب هذه المشكلات تقوم بدراسة أحوالهم وتبحث عن حلول وتقترح كل ما هو مفيد للحل‚
واقترح د‚ شلتوت القيام بدور اجتماعي ونفسي كبيرين‚ لمقاومة المشكلات الاجتماعية التي من الممكن أن تنجم عن شعور هؤلاء الفتيات والشباب بالنقص من عدم الزواج اذ على الجميع توسيع مفهوم الظاهرة ليشمل المجتمع بأكمله ولا تشعر كل فتاة أنها في المشكلة بنفسها‚
وأشار إلى أن مسؤولية المجتمع هي العلاج التأهيلي أو التعويضي لبعض المشكلات وإذا كان المجتمع نفسه لم يصل إلى الحل بعد فلا بد من بحث عواقب المشكلة ولا تترك الفتيات بعيدا عن باقي أمور الحياة المختلفة كما انه يقع على أفراد المجتمع إعطاء دور اكبر لاحتياجاتهن من العمل والدراسة والمساهمة التطوعية حتى يتحولن إلى شريحة منتجة‚
وعن اختلاف نمط الحياة قال د‚ طاهر شلتوت: أن نمط المجتمع الجديد عمل على صعوبة التواصل والالتقاء بين الأسر والأفراد بعكس ما كان سائدا في المجتمع القديم من التقاء وزيارات ولقاءات تعارف‚
وأضاف أن الأفراد ينظرون اليوم إلى قيم مختلفة مثل المكاسب والمال والوظيفة والعمل بالإضافة إلى الغزو الثقافي والاجتماعي الذي بدأ يغزو المجتمعات‚
وأشار إلى أن المصطلحات الكثيرة التي ظهرت في العصر الحديث مثل حرية المرأة وحرية الزوجة أثرت كثيرا وجعلت المجتمع غير مهيأ لمثل هذه الأمور مما أدى إلى تعقد الحياة بين الأفراد‚ وعدم التواصل ويضاف إلى ذلك أن الحياة اختلفت عن الماضي‚
وذكر د‚ شلتوت إن بعض أسباب رفض الزواج من شاب أو شابة يعود إلى أمور غريبة مثل انطواء الرجل أو عدم قيامه بعلاقات اجتماعية أو صداقاته الكثيرة وهي سلوكيات اعتيادية ويمكن للفتاة أو الشاب أن يتأقلما معها‚
حالة غير توافقية
من جانبه أوضح الدكتور عمر الفاروق استشاري نفسي وتربوي أن تأخر الزواج من الناحية النفسية يعني الحالة الوجدانية غير التوافقية التي يكون عليها تأخر الزواج لفترة طويلة وهذا ينعكس سلوكيا على الشاب أو الفتاة‚ وكذلك على البيئة التي يعيش فيها‚
وذكر أن العادات والتقاليد تسهم في تأخر سن الزواج ولو بشكل جزئي‚ ولكن ممارسة بعضها في المنطقة الخليجية ليست من التعاليم الإسلامية وهي تكتسب صفة القانون الاجتماعي‚ الذي يبقى ملزما للناس‚ ولا يمنعها الدين لأنها تعبر عن التطور والتفاعل‚ مبينا أنها هي المشكلة الأساسية‚ إذ لا قرار بإلغائها سوى تجنب الضار منها‚وحرصا على السير الأمثل لسلوكيات المجتمع‚
وأشار إلى أن بعض العادات والتقاليد تظل جامدة وغير مرنة ويصعب تغييرها وأن التربية والتنشئة الاجتماعية هي التي تغيرها في الأجيال القادمة‚ منوها بضرورة إعداد الفتاة والشاب من الناحية النفسية والاجتماعية حتى يصلح دورها في المجتمع‚ وتعطي شكلا أكبر وأشمل من كون النظر إليها كأنثى‚ وأنه إذا أحسنت تربية الفتاة نفسيا واجتماعيا فهي قادرة على فهم الحياة أكثر‚ ومواجهة الحالات الحرجة التي يمكن أن تتعرض لها في فترة العنوسة‚
وأكد أن الدور الإعلامي يكون له أعظم الأثر في توجيه القضية نحو هدفها‚ ولكن ما نقرأه من طرح في وسائل الإعلام هو التهكم البالغ على حالات العنوسة وخصوصا في الأعمال الفنية كالأفلام والمسرحيات والمسلسلات وكأن العانس أتت بجريمة والحياة أوسع من ذلك بكثير‚
ويجب على الإعلام المرئي والمسموع والمقروء أن يراعي مثل هذه الأمور‚ ويشارك في الطرح بفعالية دون مبالغة أو تسطيح للقضايا الاجتماعية‚ وفيما يتعلق بجانب الفتاة قال د‚ الفاروق: إن دور الفتاة في التأخير كبير جدا‚ لأنها تنتظر سنوات طوالا قبل أن تفكر في مستقبلها حتى يفوتها القطار‚ وهي التي توصل نفسها لهذه المرحلة‚ كما أن بعضهن يشعرن بالغرور الزائد‚ ويرفضن كل من يتقدم إليهن‚ ويضعن لأنفسهن نماذج لفرسان الأحلام‚ ولا يلبثن إلا أن يفوتهن قطار الزواج‚
وأضاف أن الفتاة تتأثر كثيرا بالاحباطات النفسية من حولها على الرغم من أن الحياة من حولها مليئة بالمتغيرات الجذابة مثل التعليم والعمل مثلا‚ كما يجب على الفتاة التي يفوتها قطار الزواج أن تبحث عن النجاح في أحد مجالات الحياة‚ ولا يعني ذلك أن الحياة توقفت‚
وأكد أن الحل في أيدي الفتيات أنفسهن‚ وعليهن اللجوء إلى التعويض الإيجابي لظروفهن الاجتماعية وأهمها الإيمان بالله والتمسك بسنته‚ وعن دور الشاب في تأخر زواجه أوضح الدكتور عمر الفاروق أن نظرة الشاب للفتاة تغيرت عن السابق‚ وأصبحت يشوبها الريبة والشك‚ وذلك بسبب متغيرات العصر‚ ودخول عصر العولمة والبورصة والفضائيات والانترنت‚ فقد أثرت كثيرا على رؤيته لزوجة المستقبل كما أن بعض المظاهر الزائفة وسوء استغلال طرق الحياة الحديثة أثرت كثيرا على الاختيار‚
وذكر أن العنوسة اختلفت في الحياة العصرية عن السابق‚ بسبب التسهيلات التي حملتها الظروف اليومية‚ ولذلك يقع على المؤسسات الاجتماعية دور أكبر في إثراء الحياة بالنصح والإرشاد‚
وقال: إنني لا أفضل تسمية تأخر سن الزواج بالعنوسة‚ وهذا ليس عيبا‚ إنما هي حالة اجتماعية عادية تحدث في كل مكان وزمان‚
الفارق المادي
وفي لقاء لـ الوطن والمواطن مع الآنسة موزة الساعي موظفة علاقات عامة بمركز الشفلح حول ظاهرة تأخر سن الزواج قالت: إن الفارق المادي اختلف كثيرا بين الشاب والفتاة‚ وصارت المرأة تتقاضى راتبا أعلى من الشاب بحكم مستواها التعليمي‚ وهذا بالتالي يؤثر على رغبته في الارتباط بها اضافة إلى غلاء المهور‚
وأضافت إن الإمكانات المادية قد تكون متاحة للجنسين‚ ولكن العاطفة التي تربط بينهما هي التي أصبحت مفقودة‚ فقد يتزوج الشاب انطلاقا من رغبته في تكوين أسرة وليس لرباط وجداني فقط‚
وذكرت أن فرص الاختيار اختلفت عن السابق‚ إذ بمقدور الشاب أن يختار شريكة حياته بنفسه‚ لأن المجال متاح أمامه‚ وفي الوقت ذاته قلت الفرص أمام كل امرأة بسبب رغبتها في اكمال دراستها أو مواصلة تعليمها للحصول على درجات علمية عالية‚
أما السيدة رهف شماس إعلامية بإذاعة قطر قالت: إن نظرة الرجل للمرأة تغيرت‚ وهذا بسبب إقبالها على العلم والعمل‚ ومن هنا صار من المفترض أن تتغير سن العنوسة من الثلاثين إلى مابعد ذلك‚ نظرا لتغير طبيعة الحياة‚
هل العلم سبب
السؤال الذي يطرح نفسه على أثر هذه الآراء التي استعرضناها: هل أن العلم والتعلم وفتح العقل على نوافذ تطل على عوالم غزيرة المعلومات تتولى شغل العقل‚ وإضعاف العاطفة‚ ومن ثم إصابة الرغبة بالزواج بحالة من الوهن بعكس التهافت الذي عادة يكون عليه الشباب والشابات الذين تلقوا قسطا أضعف من التعليم؟
فهل إن العلم وأدواته ووسائله‚ وكذلك متطلبات الحصول عليه وتحويل العقلية وذهنية المرء إلى عقلية منهجية تتولى إضعاف الرغبة في الزواج؟
ربما أن الإجابة عن هذه التساؤلات يتناقض تماما مع السير الذاتية لكثير من العلماء وكبار المفكرين‚ فلم يستدعيهم نبوغهم العلمي أن يعيشوا حياة اجتماعية ضعيفة أو نحيفة أو بلا شريكة حياة‚(52/13)
ولكن الحياة المعاصرة بشكلها الراهن صار الحصول فيها على شهادات علمية واستكمال التعليم الجامعي حافزا يتطلب تأجيل قرار الزواج‚ بل ويتطلب أرجاء الانخراط في حياة اجتماعية‚
وتقول إحدى الجامعيات: إنني لا استطيع الآن الزواج بينما أنا مقبلة على الانتهاء من الماجستير ثم الدكتوراه ذلك لأنني حينما أتزوج لن يكون بوسعي مطالبة زوجي بتأجيل الإنجاب لأن الإنجاب سيعطلني عن مواصلة تحقيق هدفي للحصول على الدكتوراه‚ ومن ثم فسوف تحدث خلافات‚ فهو سيرغب أن يكون أبا‚ولكني أرفض أن أكون أُمّاً الآن‚ بل الأفضل لي أن أؤجل أمومتي‚ وهذا التأهيل سوف يتسبب في مشاكل واستباقا لحدوث مثل هذه المشاكل يمكنني أن أؤجل الزواج ذاته‚ فإنني لست قلقة أن يفوتني القطار‚ بل وحتى إن حدث ذلك و فاتني قطار الزواج فعلا فما الذي سيجعلني أغضب أو أزعل ‚ إذ أن الزواج هذه الأيام لا تدفع صوره الإنسانية على التهافت عليه‚
وتضيف: انظر إلى معدلات الطلاق؟ وانظر أيضا إلى ارتفاع معدلات المشاكل الزوجية؟ وانظر إلى عدد القضايا المرفوعة أمام المحاكم والتي يختصم فيها أزواج وزوجات؟ وبعد ذلك قل لي هل أن الزواج بصوره البغيضة التي نراها يدفعني أو يدفع غيري للتهافت عليه‚
هذا الكلام قد لا تسمعه فقط من جامعية تدرس الماجستير وتستعد لفصل دراسي آخر لدراسة الدكتوراه‚ فهل إن الصور السالبة للحياة الزوجية صارت عاملا إضافيا وضاغطا يضاف للعوامل التي تؤدي إلى تأخير الزواج ‚
إن الأسئلة كثيرة والأشكال التي تعبر عن الظاهر أكثر‚ فأين الاجتماعيون من أسئلة كهذه‚
وأين كذلك الأطباء البشريون الذين يحذرون من التداعيات الطبية والإنجابية التي تترتب على تأخير سن الزواج‚ ألا يستدعي ذلك الشرح هؤلاء الذين شاحوا بوجوههم صوب اللازواج‚ تاركين هذه العلاقة الدافئة والمقدسة إلى بدائل لا يكتشفون سلبية تأثيراتها إلا حينما تعتري الوجوه التجاعيد وتصبح الندوب غائر في قسمات الوجه‚ ويبهت بريق العيون‚ ويبدأ الشباب في الانسحاب تاركا الفرصة لخريف العمر أن يحل دون الالتفات لأوراقه وهي تتساقط هدرا!؟
http://www.al-watan.com المصدر:
ـــــــــــــ
حائرات بين الجامعة والزواج
ظاهرة مقلقة يعيشها مجتمعنا في السنوات الأخيرة، وهي تردد الطالبات الجامعيات بين دراسة جدية للحصول على شهادة عليا وبين الزواج المبني على قناعة من رجل مناسب. والشائع أن الفتاة في مقتبل العمر، مهما حققت من نجاحات في حياتها العملية، تظل تحلم دائماً بالزواج والفستان الأبيض الذي ترتديه ليلة الزفاف. وتشجع المجتمعات على اختلافها الشباب والشابات على الزواج كوسيلة للعيش المستقر وتنشئة أجيال جديدة سليمة التربية والتركيب النفسي، وكطريقة لمكافحة أمراض المجتمع الصحية والسلوكية، فلا يوجد مجتمع يفضل أن تكون هناك فتيات عازبات أو فتيان عزاب لأن في زواجهم صيانة للقيم ومكافحة للسلبيات.
فقد قال البعض ممن التقيناهم من الشباب الجامعيين أن الفتاة الجامعية غير مرغوب فيها لأنها "لا تسمع الكلام" و"متحررة أكثر من اللازم" و"تنفق مرتبها على مظهرها" ولا تقبل النقاش وتعتبر أنها مثقفة وفوق النقد والمساءلة. أما الفتيات فيجمعن على أن الشهادة هي الأساس وأن لا بديل عن العمل.
تقول الطالبة ريم إبراهيم: "الزواج يقدّم الاستقرار للفتاة على عكس الدراسة التي تسبب لها قلقاً مستمراً لن يهدأ إلا بعد الحصول على الشهادة، وهذا يكون بعد سنوات كثيرة تكون فيها الفتاة قد كبرت، ويظهر جيل جديد من الفتيات الصغيرات اللواتي يفضلهن الرجل الشرقي، فيذهب للزواج منهن. لذلك أفضّل الزواج على إتمام دراستي.
لماذا التعب إذا كانت النتيجة هي العنوسة؟!
وتؤيدها غادة بقولها: "كل ما يهم الرجل أن تعرف المرأة كيف تطبخ وتنظف المنزل، وكيف توفر له كل متطلبات الراحة، وهذه الأمور تجيدها الفتاة العادية، وربما أكثر من الجامعية. لذلك فالجامعة لن تقدم لي فرصتي في الزواج الناجح.
تقول الطالبة ميادة خلف: "الرجل في مجتمعنا الشرقي يبحث عن زوجة صغيرة لا تناقشه، يستطيع أن يسيرها كيفما يشاء ويجعلها تلبي أوامره دون اعتراض، فالرجل يسعى دائماً للسيطرة على زوجته. من الممكن في البداية أن يكون راضياً عن دراستها، وذلك ظاهرياً فقط، أما بعد الزواج فغالباً ما يغير رأيه. لذلك نجد في مجتمعنا حالات كثيرة من الطلاق المبكر بعد الزواج. وأنا أبحث عن الدراسة والثقافة اللذين سأجدهما -حتماً- في الجامعة، التي تساعدني وتجعلني إنسانة متزنة، والتي تشعرني بكياني. أما الزواج فيأتي في المرتبة الثانية."
أما الطالبة زينة درويش فتتحدث عن إمكانية الزواج أثناء الجامعة، وتقول: "أنا مع الجامعة، ومع أن تكمل الفتاة دراستها. ولكن من الممكن أن يتقدم للفتاة في هذه المرحلة زوج، وفي حال رفضها تكون قد أضاعت على نفسها فرصة من الممكن ألا تعوض. فارتباطي بشخص مناسب لن يكون عائقاً أمام الحصول على شهادة، لأن شرطي الأول سيكون إكمال دراستي. ولكن لا بد أن يرافق هذا الزواج في هذه الحالة بعض التقصير في الدراسة".
وتؤيدها ميساء بقولها: "رأيي أن الزواج لا يمنع من إكمال الدراسة، ولكن هذا الرأي نسبي؛ فإذا كان الزوج واعياً ومثقفاً ومتفهماً سيقبل الأمر، وإن لم يكن كذلك فأنا حتماً لن أقبل به.
ورنا تقول: " لن أتزوج مطلقاً في هذه السن لأنني لست مدركة بعد لحجم المسؤولية. فالجامعة هي التي تعطيني فكراً واعياً وثقافة عميقة. وكل ما يقال عن عنوسة الفتاة المثقفة لا أهتم به لأنه لا أساس له، فهي أقوال صادرة عن أناس لا يستطيعون التمييز بين العنوسة وتأخر سن الزواج".
http://www.damascus-online.com المصدر:
ـــــــــــــ
زوجة وطالبة في آن واحد
الزواج مطلب فطري وشرعي دعا إليه الإسلام، وشرع ما ينظمه، فهو السبيل لإعمار الأرض وعبادة الله جيلاً وراء جيل، وظلت مجتمعاتنا المسلمة على وعي بأهمية الزواج ـ باعتباره الخطوة الأولى في بناء المجتمع المسلم ـ تيسر السبيل إليه وتسرع الخطى نحوه ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
ومع التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي طرأت على المجتمعات المسلمة، أعملت هذه التغيرات أثرها على الزواج فأصبح حلماً يراود ملايين الشباب في ديار المسلمين بعد ما تفننت كثير من مجتمعاتنا في تعسير السبيل ووضع العراقيل أمام الزواج!
لكن بقيت مجتمعات تسارع بتزويج الشباب والفتيات ضاربة عرض الحائط بدعوات المنظمات الدولية لتأخير سن الزواج وبحملات وسائل الإعلام الداعية إلى ذلك.
ولم يقف تعليم البنات حائلاً دون زواجهن، لاسيما في منطقة الخليج التي عرفت ظاهرة الطالبة الزوجة..غير أنه يلاحظ أن تلك الظاهرة الإيجابية تشهد تراجعاً كمياً في السنوات الأخيرة، ففي السعودية مثلاً لا تتجاوز نسبة الطالبات المتزوجات بالجامعة من 10% إلى 15% من إجمالي طالبات الجامعة.
سعت إلى سبر أغوار تلك الظاهرة من خلال استبانة أجريت على 200 طالبة، نصفهن متزوجات، والنصف الآخر ليسوا متزوجات، فماذا كانت النتيجة؟
52% من إجمالي العينة (104 طالبات) وافقن على إمكانية الجمع والتوفيق بين الدراسة والزواج، ومن الملاحظ أن نسبة كبيرة ممن وافقن على هذا الرأي (8%) كن من غير المتزوجات، وهذا يعني أن الزواج ما زال يحتفظ بصورته الذهنية الإيجابية لدى الفتيات.
غير إن إمكانية التوفيق والجمع بين الدراسة والزواج ارتبطت بضرورة توافر شروط معينة من وجهة نظر الفتيات، منها:
* وجود زوج يقبل الوضع من البداية ويقدر ظروف زوجته، ويبدي روح التعاون والتفاهم.
* ضرورة تنظيم الوقت من قبل الزوجة بحيث تعمل على تحقيق التوازن بين متطلبات الزوج والبيت ومتطلبات الدراسة؛ حتى لا يكون هناك تقصير في أي منهما.
* حرص الزوجة على تلبية طلبات الزوج أولاً فلا تقدم الدراسة عليه.
* أن يكون التخصص الدراسي للزوجة سهلاً ولا يتطلب منها بذل جهد كبير، أما إذا كان التخصص صعباً ويحتاج إلى تفرغً فمن الأفضل تأجيل الزواج لما بعد الدراسة.
* توافر بعض الإمكانات كوجود خادمة (بالضوابط) مثلاً.
وقد فضلت الطالبات الجمع بين الدراسة والزواج للأسباب التالية:
* في الزواج راحة نفسية للفتيات وستر لهن.
* الزواج يجعل الفتاة تدرك قيمة الوقت، فتحرص على تنظيمه بدلاً من ضياعه في السرَحان والتفكير في فارس الأحلام.
* تحصيل العلم لا ينتهي عند المرحلة الجامعية أو الثانوية، فالإنسان قد يواصل دراسته العليا وسيظل يتعلم حتى الموت.
* ما تحصله الفتاة من الثقافة سيفيدها في حياتها الزوجية وفي تربية أبنائها.
* الزواج يوفر الرفيق الذي يعين على تحمل المسئولية ويساعد في أداء الواجبات وإكمال الدراسة ومواجهة الأزمات.
* المرأة الخليجية تستطيع التوفيق بين الدراسة والزواج مع توافر الإمكانيات.
ومن الملاحظ أن نسبة كبيرة (88%) من المؤيدات للجمع بين الدراسة والزواج كن خائفات من شبح العنوسة، إذ أكدن أن تأجيل الزواج لما بعد الدراسة يعد من أهم أسباب العنوسة، وذكرن ما يلي:
* كثير من الشباب يفضلون الزواج من فتاة تحت سن العشرين، أما بعد الدراسة فتكون الفتاة كبيرة على الزواج من وجهة نظرهم.
* بعض الشباب متعجل ولا يستطيع الانتظار، وغالباً ما يفضلونها من طالبات الثانوي.
* بعض الفتيات اللاتي رغبن في إكمال دراستهن وبخاصة الدراسات العليا - ضاعت عليهن كثير من فرص الزواج.
48% من الطالبات بالعينة رفضن الجمع بين الدراسة والزواج (90% منهن متزوجات) وقد أرجعن سبب رفضهن للأسباب الآتية:
* من الصعب التوفيق بين مسؤوليتين كبيرتين تتطلب كل منهما تفرغاً تاماً.
* كلاهما (الزواج والدراسة) مسؤولية، ويصعب على الفتاة تحملهما معاً وستضطر إلى التقصير أو التنازل عن إحداهما، وغالباً ما يكون ذلك على حساب الدراسة.
* الزوج الخليجي غير متعاون ولا يراعي الظروف.
* كثرة الضغوط على الزوجة مما قد يصيبها بحالات نفسية وعصبية وقلق دائم، خصوصاً مع وجود الأطفال.
* لوحظ أن نسبة كبيرة من المعارضات لفكرة الجمع بين الدراسة والزواج رأين أن تأخير الزواج لما بعد الدراسة لا يعد سبباً من أسباب العنوسة، وحجتهن في ذلك:
* كثير من الشباب أصبح يفضل الفتاة الموظفة التي تعينهم على القيام بأعباء الحياة.
* كثير من العائلات يفضلون زوجة متعلمة ومتخرجة؛ حتى تكون ناضجة ومتفرغة لمسؤوليات الزوج والبيت والأولاد.
* إكمال الدراسة يجعل الفتاة واعية ومدركة لحقوقها وواجباتها.
* العنوسة لا تبدأ بسن 23 سنة عند الفتيات.
* بعض أسباب العنوسة قد يرجع للعادات والتقاليد أو والد الفتاة.
* قد تضع الفتاة شروطاً معينة لفارس الأحلام مما قد يطيل عليها فترة الانتظار.
* بعض الشباب يضعون مواصفات معينة لزوجة المستقبل لا توجد إلا في قلة من النساء؛ وذلك بسبب الانفتاح على الفضائيات.
عرضنا نتائج الاستبيان على الدكتورة "رقية المحارب" ـ مديرة إدارة التوجيه والإرشاد بالرئاسة العامة لتعليم البنات ـ وسألناها عن تفسيرها لتراجع نسبة الطالبات المتزوجات بالجامعة، فقالت:
منذ خمسة عشر عاماً تقريباً كانت نسبة الطالبات المتزوجات بالجامعة حوالي 60% من مجموع الطالبات، أما وقد وصلت هذه النسبة اليوم إلى 15% فإن هذا يعني تراجع تلك الظاهرة بالفعل، غير أنه لا يمكن تفسير ذلك بسبب واحد، فهناك عدد من العوامل التي دفعت إلى تراجع تلك الظاهرة، ومنها:
* زيادة تكاليف الزواج التي لا يستطيع كثير من الشباب الراغبين في الزواج توفيرها، الأمر الذي يعني تأخير سن الزواج لدى الشباب والفتيات. ويرتبط بهذا العامل رغبة كثير من الشباب والفتيات في الاستقلال الأسري، وهو ما يعني زيادة الأعباء المالية المطلوبة لإتمام الزواج.
* تغير كثير من التقاليد نحو الزواج المبكر، فبعد أن كان أولياء الأمور حريصين على تزويج بناتهن بعد البلوغ أصبحوا الآن أكثر حرصاً على تعليم الفتاة، بل وتوظيفها قبل الزواج.
وقد دعمت وسائل الإعلام النظرة الاجتماعية السلبية للزواج المبكر، وربطت بينه وبين المشكلات الأسرية والصحية، بل إن وسائل الإعلام ساهمت في الترويج لمفاهيم كثيرة خاطئة تجاوزت التنفير من الزواج المبكر إلى التركيز على المظاهر السطحية للزواج، كالحفلات والملابس والكماليات وغيرها، كما روجت وسائل الإعلام لمواصفات الزوجين بعيداً عن الخلق والدين، فالزوج لا بد أن يكون غنياً ووسيماً، أما الزوجة فيجب أن تكون جميلة وموظفة، الأمر الذي كان له أثره في تغير نظرة الشاب والفتاة للزواج، الأمر الذي أدى إلى تراجع الزواج المبكر، ومن ثم تناقص عدد الطالبات المتزوجات بالجامعة.
وتفسر "د. رقية المحارب" تحفظ بعض الطالبات المتزوجات على زواج الطالبة بأنه يرجع إلى وجود بعض المشكلات لديهن، كقيامهن بأعباء البيت والدراسة في آن واحد، وعدم تعاون أزواجهن معهن.. وغير ذلك، لكنهن ربما لا يدركن المشكلة الأكبر التي كان من الممكن أن يعانينها بعد الدراسة وهي عدم وجود زوج أو قلة فرص الاختيار في الزواج، وهي تسأل الطالبة: أيهما تتحملين: أعباء الزواج ومشكلاته أثناء الدراسة، أم قلة فرصتك في اختيار الزوج بعد الدراسة؟
وفي دراسة للدكتور"فهد السنيدي" ـ أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ أشار إلى أن الجمع بين الزواج والدراسة يحقق مطلبين شرعيين في آن واحد، فالزواج رغب فيه الشارع وحث عليه، فهو حاجة فطرية للإنسان، كما أن تحصيل العلم مطلب شرعي، ولم يأت من الشارع ما يمنع الجمع بينهما طالما اتسع الوقت لهما معاً، فهما كأداء الصلاة والزكاة والصيام في الوقت المتسع لهم جميعاً.
ولعل في الجمع بين الدراسة والزواج استغلالاً لأفضل مراحل العمر في تحقيق ما لا بد منه على أفضل وجه ممكن، وكذلك توظيف لقدرات الشخص الجسمية والعقلية والفكرية في آن واحد، وإشباع كل منها في مجالاتها.
ويرى د. فهد السنيدي أن من إيجابيات الجمع بين الزواج والدراسة ما يلي:
* الزواج معين على الدراسة ومهيئ لها؛ لأنه سبب الاستقرار والسكن.
* لا دراسة بلا مطعم ومسكن وملبس، والحياة الزوجية وما يسودها من تكاتف مما يعين على توفير هذه المطالب.
* النساء شقائق الرجال، فكلا الزوجين يشجع الآخر على الدراسة والتفوق؛ لأن المودة والإيثار من سمات الزوجية.
* التفرغ الحقيقي للدراسة لا يحصل بترك الزواج، وإنما بالتجرد من المشاغل الأخرى وإضاعة الوقت سدى.
* الوقت ثمين في حياة المسلم، وحسن الاستفادة منه أثمن وأغلى، وبتنظيم الوقت يحصل الزواج ولا تفوت الدراسة.
* قوة الإرادة وصدق العزيمة وحسن النية أمور مطلوبة في نجاح كل أمر ذي بال، والزواج مع الدراسة من أولى الأمور بذلك، بل هما محك التربية على الصبر والجلد.
يرى العلماء أن الزواج أولى بالتقديم في الجملة، متى كان الشخص متمكناً منه راغباً فيه، وذلك للأمور التالية:
ـ قوله - تعالى -: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم... } (النور: 32)، ولو كان طلب العلم معتبراً لتأخير الزواج لما أمر بالنكاح ودفع التأيم مطلقاً.
ـ ما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج... " الحديث، وهنا علق النكاح بوصفين، مرحلة الشباب والاستطاعة، ولم يضم إليهما وجود الدراسة لتعد مسوغاً شرعياً لتأخير الزواج.
* الزواج أمر فطري ومطلب شرعي، يخشى من تركه أو تأخيره الفتنة، بخلاف الدراسة فلا ضرر في تأخيرها، ولا شك أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
* القوة الجسمية والاستعداد البدني أمور ترغّب في النكاح، وأوان تكاملها مرحلة الشباب، وكلما تقدم العمر قلت العوامل الفطرية الدافعة إلى النكاح، بينما الدراسة تمتد من المهد إلى اللحد؛ لأنها تعتمد على الاستعداد العقلي، وهذا مما يتكامل ويزداد مع تقدم العمر. وإن كان الحال كذلك فالنكاح حري بتقديمه على الدراسة.
ويستثنى مما تقدم الدراسة فيما قبل مرحلة البلوغ، والعلم الضروري، مثل تعلم ما لا يعذر المسلم بجهله مما هو ضروري لأداء العبادة صحيحة، كتعلم الصلوات الخمس وما يلزم لأدائها صحيحة وفق مطلوب الشارع.
تقول "عائشة الدوسري" ـ هي زوجة وطالبة بكلية الشريعة ـ: واجهت صعوبة في بداية الأمر، حيث أنجبت طفلي الأول، الأمر الذي زاد المسؤولية الملقاة على كاهلي، لكنني لم أستسلم للعجز والفشل، وإنما توكلت على الله - تعالى -وأخذت بالأسباب، ومع الإصرار والعزيمة والطموح وتنظيم الوقت حطمت كل الصعوبات، واستطعت تحقيق النجاح والتفوق.
وأنصح كل طالبة عندما تتهيأ لها فرص الزواج وهي ما زالت طالبة ألا تتردد، بل تتزوج وتكمل دراستها، فالحياة الزوجية ليست عائقاً عن إكمال الدراسة، والتوفيق بين الدراسة والزواج أمر سهل.. إذا أحسنت تنظيم وقتك وكانت همتك عالية وطموحاتك كبيرة.
وتروي "لينا قاضي" ـ خريجة كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ تجربتها في الجمع بين الدراسة والزواج، فتقول: تزوجت في السنة الأولى بالجامعة، وكانت تجربة جيدة تعلمت فيها كثيراً من الخبرات، ورغم الضغوط الكثيرة كنت أشعر باستقرار نفسي كبير، واستطعت بفضل الله أن أكمل سنوات الدراسة من غير تأخير أو رسوب، وكنت طالبة وزوجة ناجحة من وجهة نظر زوجي، وقد هيأ الله لي العوامل التي ساعدتني على ذلك، منها:
* رغبة زوجي في إكمال دراستي، خصوصاً أنه هو أيضاً كان يدرس، مما جعله أكثر مراعاة لظروفي، ولاسيما في أيام الاختبارات، حيث كان حريصاً على توفير الجو المناسب للدراسة.
* مساعدة أهلي في توفير المواصلات وشؤون المنزل، وبخاصة أيام الاختبارات.
*عدم الإنجاب إلا في السنة الأخيرة من الدراسة، وقد كانت أم زوجي ترعى طفلي، مما كان له أثره الإيجابي على نفسيتي فلم أشعر بالذنب.
وأنصح الفتيات بالزواج المبكر إذا أتاهن من يرضين دينه وخلقه، فبالزواج تحفظ الفتاة نفسها وتستقر نفسياً. كما أن الفتاة في هذا السن تكون مرنة وتقبل الطاعة والانقياد للرجل، وتتأقلم مع التغيرات الجذرية التي تحدث في حياتها وتتعايش مع الظروف المختلفة، أما كبيرات السن فتكون قد حددت أهدافها مسبقاً، ولها نظرة ثابتة في الحياة مما يشكل عائقاً في تأقلمها مع حياتها الجديدة، كما أن الزواج المبكر يتيح فرصة أكبر للحمل والولادة وتنظيم الأسرة؛ لإعطاء كل طفل حقه في الرعاية والاهتمام، حيث تكون الفتاة في قمة نشاطها البدني والعقلي وتكون قدرتها على التحمل أكبر.
وفيما تتراجع ظاهرة الزواج أثناء الدراسة في المجتمعات الخليجية، بدأت هذه الظاهرة تأخذ طريقها إلى مجتمعات لم تكن تعرفها على الأقل في السنوات الأخيرة.
ففي فلسطين ورغم كل الصعاب تتعدد التجارب الناجحة للطالبات المتزوجات، وهاهي "ناهد علم الدين الخطيب" طالبة مثالية ومتفوقة في قسم أساليب تدريس العلوم بكلية التربية في جامعة النجاح الوطنية، وأم للطفلة "رزان" ابنة الثمانية أشهر وزوجة للأستاذ "صالح الشعراوي" الذي يعمل مدرساً في الصباح، وبعد الظهر يكمل دراسة الماجستير بجامعة القدس.
فكيف استطاعت "ناهد" أن تجمع بين مسؤوليتين كبيرتين وسط الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟
تقول ناهد: إنني أبذل قصارى جهدي للتوفيق بين مسؤولياتي وبفضل الله - تعالى -هناك أربع شخصيات في حياتي تساعدني على تحمل تلك المسؤوليات، فوالدي أستاذ جامعي ويدعمني على الصعيدين المعنوي والأكاديمي، فأجدني أنظر إلى كل الصعاب والمشكلات على أنها ثمن بخس لما سأحصده فيما بعد من نجاح لخدمة ديني ووطني إن شاء الله، أما والدتي فهي تساعدني في تربية ابنتي وترعاها في غيابي، وأحمد الله أن وهب لي زوجاً مشجعاً لي ومتعاوناً ومقدراً للظروف، غامراً إياي بكل عطف ومحبة.
ـــــــــــــ
العانس •• معاناة مسكوت عنها
ماجد الحاج
يرى الكثيرون أنها ظاهرة تندرج في مجال ''المسكوت عنه''•• فهي ليست للتداول العلني، مع أنها، شئنا أم أبينا، واحدة من ظواهر هذا المجتمع التي غالبا ما يتم تداولها سراً بين أفراده، وخصوصاً النساء•• في المجالس الخاصة والمنتديات الإلكترونية•• فهي القضية التي يخجل الكل من طرحها علانية، مع أنها تعيش وتتنفس معنا وتنام وتستيقظ مع بعضنا.
العنوسة هي القضية التي لا ذنب للفتاة فيها وربما لا ذنب للرجل، وربما يكون الاثنان مذنبين•• فهي ذلك البعبع الذي يتراءى للفتاة ليل نهار ليقض مضجعها، وهي الظاهرة التي يقلق منها كل فرد من أفراد المجتمع: الفتاة والأم والأب الذي لديه فتيات في سن الزواج، فهل للمجتمع والانفتاح والتواصل ما بين الشعوب دور في تفاقم هذه الظاهرة أم أن الرجل أصبح تفكيره مختلفا ولم يعد يكترث بشأن الزواج لوجود البدائل؟ أم أن المرأة أصبحت تنتقي الرجل حسب رغباتها وأهوائها؟ أم أن القضية طبيعية بسبب ازدياد عدد النساء على الرجال؟ أم ما هي الحكاية بالضبط؟ هذا ما نحاول أن نصل إليه في هذا التحقيق من خلال لقائنا بعدد من أفراد المجتمع والمختصين لمناقشة هذه الظاهرة على العلن، بعد أن أصبح الخوض في هذا الموضوع نوعا من المحظورات•
تؤكد مريم عبد الله باحثة اجتماعية ومن المتخصصات في مناقشة الظواهر الاجتماعية، أن الرجل في الإمارات هو سبب انتشار العنوسة وازديادها وربما ليس الرجل وحده بل العولمة والمجتمع، مشيرة إلى أن البدائل أصبحت متوفرة ولذلك لن يفكر كثير من الرجال - أبناء الوطن - في الزواج من المواطنة أو حتى غيرها، وتكوين أسرة صالحة تنفع المجتمع•
وقالت مريم: إن بعض الفتيات لا يبحثن عن رجل لأن الرجال متوفرون في بلادهن، ولكن المال هو الذي تبحث عنه هذه المرأة، والمتمثل في الرجل المواطن، الذي يمكن له أن يدفع حسب الطلب• وأشارت مريم وفي جرأة غير معهودة، إلى أن المواطنة لن تستطيع أن تفعل ما تفعله غيرها، فقد تربت على الالتزام والاحتشام والدين، ولذلك هي مرفوضة في كثير من المواقع، ومن ضمن هذه المواقع الزواج، مشيرة إلى أن كثيرا من الرجال وهم أصحاب مراكز مرموقة، هجروا أولادهم وزوجاتهم ووجدوا سبيلهم في أماكن أخرى• وقالت: إن كثيرا من السيدات المواطنات أصبحن يتمتعن بلقب ''السيدة الثانية'' بعد أن كانت هذه المواطنة هي الأولى•(52/14)
وتوضح مريم أن الزواج من المواطنة دائماً يكون مكلفا و''غالي الثمن'' عند المواطن وهي الحجة التي يتحجج بها هذا الرجل، ولكن الأمر يكون سهلاً وميسراً عندما يشتري المواطن سيارة فاخرة ربما يصل ثمنها إلى أضعاف أضعاف ما سينفقه على زواجه من ابنة بلده، مؤكدة أن هذا سبب من أسباب العنوسة وعزوف الشباب عن الارتباط ببنات البلد، بالإضافة إلى أسباب أخرى كثيرة ومتعددة.
الهوى والعنوسة:
حمد الشامسي أحد المهتمين بهذا الموضوع وله آراؤه وكتاباته المتعددة، أكد أن ظاهرة العنوسة لها جوانب متعددة منها الفتاة نفسها والشاب ورب الأسرة، مشيراً إلى أن العنوسة مرض داهم مجتمعنا المحلي فنال فئة من فتياتنا اللواتي يعتبرن نورإشراق في نواة المجتمع، الأمر الذي يستدعي المواجهة والمصارحة لحل هذه المعضلة التي بدأت تتفاقم.
وأوضح الشامسي: أن أسباب العنوسة الحقيقية تتمثل في عدة نقاط بطلها الشاب أهمها: سيطرة الهوى على النفس، والميول إلى التصرفات غير المسؤولة، ومجاراة العادات الخارجية على حساب قيمنا وعاداتنا، واتخاذ الفتاة ''الصديقة'' دون الارتباط، حيث تنتفي الحاجة إلى هذا الارتباط أو الزواج، أيضاً سهولة الزواج من الأجنبية بعيداً عن أي تعقيدات، الأمر الذي يستسهله الشاب بعيداً عن التقليدية والتعقيدات في الزواج، كما أن الشاب يعتقد أن الحرية التي ينعم بها والانطلاق وسعة الوقت وعدم الالتزام، أمور سيفتقدها في حالة الزواج، ومن أجل ذلك يفضل أن يكون عازباً في ظل المغريات الكثيرة.
كلنا ضحايا:
علي جوكه، أكد أن آثار العنوسة على الذكور كثيرة ومتنوعة منها: الهروب من المجتمع والانصراف في بناء علاقات خارجية والوقوع في المعصية والانحراف وارتفاع الحوادث والجرائم والاعتداء على حرية الآخرين وسلب حقوقهم والعزلة والانفراد وعدم إشاعة الروح الاجتماعية وعدم وجود الدافع للإخلاص في العمل وضياع الهدف والعيش دون رسم خطة للحياة• أما آثارها على الفتيات فهي: الانتظار لفترة طويلة لحين تحقيق الحلم في الزواج مما يؤدي إلى التأخير في الإنجاب والمشاركة في إمداد المجتمع بأفراد صالحين، وتكدس أعداد الأسرة الواحدة في البيت، وكثرة المصاريف على معيل الأسرة• وهناك أيضا الاضطرابات النفسية والعصبية للفتاة مما يجعلها كثيرة الانفعال، وتعمل على إثارة المشاكل في مجتمع الأسرة والعمل، فضلا عن الجنوح إلى الانعزالية وعدم المشاركة في قضايا الأسرة• كما أن الفتاة العانس تعتبر عضواً غير فاعل في المجتمع مما يؤدي إلى فقدان دورها ووجودها• أما آثار العنوسة على الأسرة فتتمثل في قلة عدد الأسر الناشئة في بناء المجتمع وتطوره ومجاراته لروح العصر والتطور والحضارة، وتدني المستوى المعيشي، وقلة دخل الأسرة، وكثرة العاطلين عن العمل الأمر الذي يعيق عجلة الحضارة المعاصرة؛ كما تساهم العنوسة في زيادة التفكك الأسري بين أسر العائلة الواحدة مما يؤدي إلى انحطاط الرقي الاجتماعي.
أرقام
من المتوقع أن يبلغ عدد العوانس في عام 2010 نحو 160 ألف فتاة مع استمرار ظاهرة الزواج من أجنبيات، خصوصاً أن 30 بالمئة من المواطنين تزوجوا من أجنبيات وأن 60 بالمئة من هؤلاء طلقوا زوجاتهم المواطنات بعد زواجهم من الأجنبيات.
لهذا السبب!
الباحثة مريم عبد الله:
إن المواطنة لن تستطيع أن تفعل ما تفعله غيرها، فقد تربت على الالتزام والاحتشام والدين، ولذلك هي مرفوضة في كثير من المواقع، ومن ضمن هذه المواقع الزواج.
أسباب حقيقية:
أسباب العنوسة الحقيقية تتمثل في عدة نقاط بطلها الشاب وأهمها: الميول إلى التصرفات غير المسؤولة، ومجاراة العادات الخارجية على حساب قيمنا وعاداتنا، واتخاذ الفتاة ''الصديقة'' دون الارتباط، حيث تنتفي الحاجة إلى هذا الارتباط أو الزواج، أيضاً سهولة الزواج من الأجنبية.
آثار مؤلمة:
تترتب على العنوسة آثار سلبية مؤلمة تعاني منها الفتاة، منها: التأخر في الإنجاب والمشاركة في إمداد المجتمع بأفراد صالحين، وتكدس أعداد الأسرة الواحدة في البيت، وكثرة المصاريف على معيل الأسرة• وهناك أيضا الاضطرابات النفسية والعصبية.
http://alittihad.ae المصدر:
ـــــــــــــ
د عوة للعقل
السيد عبد الرءوف
كانت عقيدتي في مقدمة وسائل الإعلام التي انتبهت ونبهت لمشكلات الأسرة المصرية. وكان في مقدمة هذه المشكلات اثنتان في غاية الخطورة والتأثير السلبي علي كيان المجتمع واستقراره.
أما المشكلة الأولى فهي مشكلة العنوسة أي تأخر زواج الشباب وهي مشكلة يتساوي فيها الرجال والنساء علي حد سواء. وأسباب المشكلة كثيرة ولكن أسبابها الاقتصادية والاجتماعية أهم. والسبب الاقتصادي الأول هو البطالة التي تأخذ بخناق ملايين الشباب والتي لا تمثل سببا لظاهرة العنوسة فقط بل هي في الواقع سبب لكثير من جرائم وانحرافات الشباب وكثير من الجرائم والاعتداءات الجنسية.
والسبب الاقتصادي الثاني هو انخفاض مستوي الدخل بما لا يقارن بمتطلبات الحياة. وهو سبب يجعل الكثير من الشباب يترددون في تكوين أسر يخشون من العجز عن الوفاء بمتطلباتها. وإذا كان حظ بعض الشباب جيدا فإنهم يتمكنون من الالتحاق بأكثر من عمل أحدهما أساسي والآخر إضافي مما يشغلهم لفترات قد تطول عن الزواج.
أما الأسباب الاجتماعية فمنها المبالغة في تكاليف ومتطلبات الزواج بما لا يتناسب مع امكانيات الشباب ويتجاوز قدراتهم المالية بل ويتجاوز القدرات المالية للأسر مما يؤدي بهذه الأسر أحيانا إلي الاستدانة والدخول في دوامات الديون. وهذه المبالغة تأتي إما من عدم إدراك لطبيعة الظروف ولضرورة التخفيف عن الشباب وإما من التقليد الأعمى للأسر الأخرى والرغبة في المباهاة وإما بسبب الإغراءات القاهرة التي تخلقها الاعلانات الجذابة والتي تدعو لاقتناء أشياء قد لا تكون ضرورية خصوصا في بداية الحياة الزوجية.
وبالطبع فإن تأخر الشباب في الزواج وتلبية مشاعر الأمومة والأبوة لديهم وإيجاد مخرج شرعي محترم لطاقاتهم الجنسية يؤدي إلي الانحرافات والاعتداءات الجنسية. وفي محاولة للخروج من دائرة الحرام بحث الكثيرون عن مخرج شرعي أو يبدو شرعيا. وكان هذا المخرج هو الزواج العرفي وهو المشكلة الثانية التي تصدت لها عقيدتي بالتنبيه والتحليل والتحذير.
والزواج العرفي معروف من قديم. وهو صيغة كان تطبيقها متعارفا عليه اجتماعيا قبل ظهور ضرورة التوثيق وإنشاء السجلات الرسمية وصدور قوانين ولوائح منظمة لتسجيل الزواج والطلاق وواقعات المواليد والوفيات وغيرها مما يخص الأسرة والمجتمع.
ومع ظهور هذه التنظيمات والقوانين واللوائح بقي الزواج العرفي في أضيق الحدود. ولم يكن يلجأ له إلا أفراد قلائل يجدون حرجا لأسباب اجتماعية في إعلان وإشهار هذا النوع من الزواج. ولكن الفترة الأخيرة شهدت انتشارا وبائيا للزواج العرفي بين طلبة الجامعات والمدارس. وتعددت صوره وأشكاله ولم يعد في الواقع زواجا عرفيا قابلا لأن يكون شرعيا بتوافر شروطه بل صار زواجا سريا لا تتوافر له الشرعية. بل صار بالصور التي يتم بها مجرد غطاء وهمي لعلاقات غير شرعية يقيمها الشباب ويتوهمون أنهم يمارسون علاقة حلالا. وتورط بعض المحامين في إعداد أوراق خاصة بإنشاء مثل هذه العلاقة.
والأخطار والمفاسد المترتبة علي شيوع هذا النوع من الزواج إن جازت تسميته كذلك لا حصر لها. ولكن أهمها وفي مقدمتها تهديد كيان الأسرة واعتماد هذا الشكل من العلاقة بديلا للزواج الشرعي الرسمي بكل تعقيداته وتكاليفه الباهظة. ومنها اختلاط الأنساب بسبب تكرار الارتباط بأكثر من واحد أو أكثر من واحدة بهذه الصور غير الشرعية. ومنها انتشار الأمراض التناسلية لنفس الأسباب. وسجلات أقسام الشرطة والنيابة العامة صارت تعج بالجرائم التي تعود لأسباب جنسية ولأسباب متعلقة بهذا النوع من العلاقة.
وقد أثارت هذه المشكلة اهتمام كثير من العلماء وأجريت حولها دراسات متعددة سواء من قبل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أو غيره. وقامت عقيدتي وتبعتها وسائل إعلام أخرى بالتنبيه للظاهرة.
وكانت عقيدتي أكثر ايجابية في التعامل معها. فإن ما يتعلق بالعنوسة والزواج العرفي كان بندا رئيسيا في القوافل الدينية والندوات التي تعقدها ويحضرها نخبة من علماء الشريعة والاجتماع لتوعية الشباب والآباء والأمهات وتنبيه المسئولين علي حد سواء.
ولكن التوعية وحدها لا تكفي. والتنبيه والتحذير لا يحلان المشكلة ولا يغيران أنماط التفكير الاجتماعي المتخلفة السائدة. وإنما المطلوب تحرك اجتماعي عام تشارك فيه الحكومة ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والإعلام لحل مشكلات الشباب وإيجاد أعمال ومساكن لهم والتخلي عن المبالغات المعجزة والمظاهر الكاذبة في الزواج.
***
مسك الختام:
قال الله تعالي: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون" "سورة الأنعام:آية 151".
http://www.algomhuria.net.eg المصدر:
-ـــــــــــــ
تحرر المرأة في تونس يسفر عن تزايد ظاهرة العنوسة
آخر الإحصائيات الرسمية للتعداد العام للسكان في تونس يظهر أن نسبة العنوسة في تونس بلغت 38 بالمئة عام 2004...
رويترز
لم يعد غريبا أن تجد في تونس أحد أكثر المجتمعات العربية انفتاحا على الغرب، نساء تجاوزن العقد الرابع ومازلن عانسات، في وقت أصبح فيه العمل والدراسة من أولويات المرأة في تونس.
وكشفت آخر الإحصائيات الرسمية التي وردت في التعداد العام للسكان الذي أجرته الحكومة في أواخر عام 2004، أن نسبة العنوسة في تونس بلغت 38 بالمئة عام 2004 ليرتفع عدد العازبات إلى أكثر من مليون و300 ألف امرأة من مجموع نحو أربعة ملايين و900 ألف أنثى في البلاد، مقارنة مع نحو 990 ألف عازبة عام 1994.
وتأتي المرأة التونسية على رأس النساء العربيات من حيث التحرر والمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث تشغل نحو 20 بالمئة من المقاعد في البرلمان التونسي الذي يهيمن عليه أنصار الحكومة، إضافة إلى أنها ستحظى بداية من الانتخابات البلدية القادمة في مايو / أيار المقبل بنسبة 25 بالمئة من المقاعد، هذا إلى جانب أن حقيبتين وزاريتين في الحكومة من نصيب النساء.
وفسر باحثون في علم الاجتماع تفاقم ظاهرة العنوسة بتفتح المرأة التونسية أكثر من أي وقت مضى على المجتمعات الغربية، وميلها إلى تحقيق استقلالها المادي والمعنويين إضافة إلى سعيها للتحرر الاجتماعي، هذا إلى جانب تفضيل فئة منهن العيش خارج الروابط الزوجية التقليدية.
وقال المهدي بن مبروك، وهو باحث اجتماعي تونسي، لرويترز: "هناك تحولات قيمية في المجتمع حيث برزت إشكال جديدة للإشباع العاطفي وتراجعت قيمة الأسرة والزواج مقارنة بالأنماط الأخرى من العيش".
وأضاف: "إن نسب الطلاق المرتفعة جعلت هناك حذرا وعزوفا متزايدا لدى الفتيات والفتيان على حد سواء هذا إلى جانب التفتح الكبير على حضارات غربية مما جعل الزواج يتراجع في أولويات الفتاة في تونس لحساب الدراسة والتحرر المادي والمعنوي".
وأشارت دراسة حكومية نشرتها وزارة العدل إلى أن عام 2004 سجل نحو 16 ألف قضية طلاق في تونس، من بينها عشرة آلاف قضية صدرت بشأنها أحكام. في المقابل تؤكد أطراف أخرى أن خروج المرأة للعمل وتحملها مسؤوليات مهمة جعل سن الزواج يتأخر اضطرارا أو اختيارا أو يفوتهن نهائيا. وقدر التعداد العام للسكان في أواخر 2004 عدد النساء العاملات بنحو 733 ألف امرأة مقارنة بنحو 500 ألف امرأة عاملة سنة 1994.
وتقول سلوى التي تجاوزت 39 من العمر ولم تتزوج بعد، وهي موظفة في بنك: "إن تأخر سن الزواج متفش خصوصا في المدن الكبرى، حيث تفضل اغلب الفتيات هنا بناء مستقبلهن قبل أي ارتباط خوفا مما قد يخفيه الزمن من مفاجآت". وتضيف سلوى بحسرة غير خافية: "أنا غير محظوظة.. لو يعد بي الزمن لن اختار نفس الطريق سأفضل الرجل على العمل.. في هذه السن المتأخرة نكتشف نحن الفتيات أهمية وجود الرجل في حياتنا وينتفي أي شيء مقابل الإحساس بالدفء الأسري".
وفسرت دراسة أعدها الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري الحكومي، التحولات التي طرأت على أنماط الزواج في تونس بأنها تعكس في حد ذاتها العديد من التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي طرأت على حياة السكان في تونس. وأضافت أن ارتفاع نسب غير المتزوجات في الفئات المتقدمة نتج عن تغير وضع المرأة تبعا لتحسن وضعها القانوني باكتسابها حقوقا إضافية.
غير أن تكاليف الزواج المرتفعة وشروط العائلات المجحفة وتفضيل عديد من الفتيات مواصلة دراستهن الجامعية، أسباب لا يمكن تجاهلها في تراجع إقبال الذكور على الزواج وتفضيلهم حياة العزاب في مواجهة تحديات المستقبل. وتدفع فتيات أخريات بأن اختيار نمط عيش يتسم بالتحرر والسعي للزواج بعد قصص حب هي أحد أهم أسباب تفشي العنوسة والزواج المتأخر لدى عدد كبير من التونسيات.
وتقول نادية، وهي عاملة بإحدى الإدارات في العاصمة وعمرها 34 سنة: "اخترت أن أتزوج عن حب ورفضت العديد ممن تقدموا لي غير أن الرجل الذي امتدت علاقتي به نحو سبع سنوات اختار أن يتزوج قريبته في الأخير، وان يرضي عائلته وتركني أتخبط في وحدتي وعنوستي". وأضافت: "لقد ندمت لأني اخترت هذه النمط من العيش وأضعت سنوات غالية من عمري".
ويحذر علماء اجتماع ورجال دين من انعكاسات هذه الظاهرة التي قد تنتج تهرما في المجتمع وتجعل تجدد الأجيال غير مضمون، إضافة إلى ما قد ينجم عنها من انحرافات في سلوك الشبان.
http://www.arabynet.com المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج من المتزوج أفضل من العنوسة
علي بن عبد الله الحسين
إن الزواج مسؤولية وارتباط أُسري واللبنة الأولى لتكوين الأُسرة، فالاختيار الجيد المبني على أسس دينية واجتماعية تتكوّن من خلاله الأُسرة المبنية على أساس قوي يسودها الحب والترابط لمواصلة المشوار في الحياة البشرية.
العنوسة شبح مخيف أمام الفتاة، فإذا تجاوز عمرها خمساً وعشرين سنة تكون قد وصلت إلى مرحلة قد تفقد فيها زواجها من شاب، وعندما يزيد عمرها وتصل الثلاثين سنة..عندئذ ماذا تعمل؟ وبماذا تفكر؟ وماذا تتخذ من قرارات؟
الزواج قسمة ونصيب!! والغيبيات لا يعلمها إلا الله..لذا يجب على الفتاة أن تعرف أولاً أهداف الزواج فلا يمكن أن تغالط على حساب حياتها ومصلحتها!! ولا يجب أن تكون إمعة تسير وراء تلك التيارات التي تنادي بعدم الزواج من المتزوج!!
وهل الزوجة ضامنة عدم زواج زوجها مستقبلاً بزوجة ثانية؟ فقد تتزوج بزوج متعلّق قلبه بحب النساء والتّعدد، ففي بداية الحياة تكون الزوجة هي الأولى وفي الأخير تكون هي الزوجة الرابعة!!
فالشراكة في الحياة الزوجية ليست مضمونة فالنساء لهن كيد عظيم والرجال لهم مكر شديد!
إن نصيحتي هي في وجهة نظري أنه إذا تقدَّم للفتاة زوج متزوج وعلى خُلق ودين وسمعة طيبة ومكانة اجتماعية ولديه القدرة البدنية والمالية ويستطيع توفير كافة الخدمات وتهيئة الجو المناسب فعليها أن تقبل به زوجاً، فالزواج من المتزوج أفضل من أن تعيش الفتاة عانساً؟ وإن ماتت على هذه الحياة انتهى ذِكرها ! لأن الأولاد هم الذين يحملون ذكرى الإنسان حياً وميتاً !
المرأة إذا تزوجت من المتزوج؟ ماذا تخسر بذلك؟ وهل يوم وليلة يؤثران على حياتها؟.. أم أنها تعاند وتكابر فتعيش أيامها ولياليها لوحدها!! الفتاة لا يمكن أن تكون سعيدة في هذه الحياة إلا بزوج تعيش معه ويعولها.
إن لدى المرأة أجهزة جسمية وغرائز خلقها الله - سبحانه وتعالى - تريد منها أن تعايش الزوج حتى تقوم هذه الأجهزة بدورها كاملاً!! أما كبتها فهذا بلا شك سيكون له تأثيرات صحية ونفسية!
كما يجب على الفتاة إذا تقدَّم أحد لطلب يدها أن تستخير والخيرة فيما اختاره اله.. لأن ما كتبه الله في اللوح سوف يظهر وهذه سنَّة الحياة!! والحياة الزوجية ليست تملُّكاً.. إنما هي شراكة تنتهي في وقت محدد!!
كما أختم مقالي بنصيحتي للزوجة المتزوِّج عليها زوجها بأن تستقبل هذا الزوج بصدر رحب ونفس طيبة، وأن تستقبل الضيفة الجديدة بعقلية متزنة فتكسب رضا زوجها وأن تعيش في ظله.. أفضل من أن تهدم بيتها وتفرِّق أولادها، وتعيش بحسرة وندامة، وينتهي الأمر بعد تولد المشاكل واستفحالها إلى أبغض الحلال إلى الله، ثم تدور الدائرة وفي آخر الأمر تنتهي المقاومة وتعود بعد رضاها إلى حياة زوجية مماثلة!
رجال يخافون التّعدد
فئة من الرجال لا يرغبون ولا يؤيدون التّعدد وهم فئات مختلفة!! وفيهم من هو على حق لأن التعدد له أسبابه ومسبباته، فالتعدد أحياناً يهدم بيت الأسرة كاملاً!!
لكن ما يؤثر في نفسي رجال يخافون التّعدد إذا تحدثت معه يلتفت يميناً ويساراً ويقول لك بصوت خافت (اسكت لا تسمعك أم العيال) نهايتي أقول:(خوش رجل).
http://www.al-jazirah.com.sa المصدر:
ـــــــــــــ
استطلاع للرأي حول الزواج المبكر
لا شك أن ظاهرة الزواج المبكر وإنتشارها في المجتمع الفلسطيني تأثرت بعوامل وظروف عززت من تواجدها وساهمت في ترسيخها، فنسبة الزواج المبكر (أقل من 15 سنة)، كما أشارت إليه إحصائيات عام 1996 بلغت 16.6% وحسب إحصاءات العام 1996 تبين أن عدد السكان يبلغ 1571572، وعدد الإناث هو 777935 وكان عدد المتزوجات اللواتي يقل عمرهن عن 15 سنة 6223 من مجموع عدد الإناث. وتدور العوامل المؤثرة في إنتشار هذه الظاهرة في حلقة مغلقة، منها عوامل إجتماعية وسياسية وأمنية وإقتصادية، والعرف والتقاليد. هذا ما أكده إستطلاع للرأي أجرته الهيئة العامة للإستعلامات في محافظات الضفة الغربية.
أسباب إنتشار ظاهرة الزواج المبكر.
38.5% من أفراد العينة يرون أن عدم وجود وعي كافي لدى المواطنين هو السبب الرئيسي وراء إنتشار ظاهرة الزواج المبكر بينما يرى 17.8% من أفراد العينة أن السبب هو " العادات والتقاليد " في حين أكد 16.6% من أفراد العينة أن السبب هو الحفاظ على الشرف " والسترة "، وأشار 15.9% من أفراد العينة أن السبب هو " الخوف من العنوسة "، وأجاب 8.6% من أفراد العينة أن السبب هو " تردي الأوضاع الإقتصادية "، وأرجئ 2.6% من أفراد العينة إلى أسباب أخرى. وحول مكان إنتشار هذه الظاهرة بينت النتائج أن 72.2% يعتقدون أن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر بكثرة في القرى، في حين يرى 17.9% أنها تنتشر بكثرة في المخيمات، مقابل 9. 9% أشاروا أنها تنتشر بكثرة في المدن.
الآثار المترتبة على الزواج المبكر:
وبين الإستطلاع أن 84.1% من أفراد العينة يرون أن الزواج المبكر له تأثيرات سلبية على الزوجين مستقبلاً، مقابل 15.9% من أفراد العينة يعتقدون عكس ذلك. وأظهرت النتائج أن 82.8% من أفراد العينة يعتقدون أن الزواج المبكر يؤدي إلى إزدياد حالات الطلاق، بينما يرى 17.2% من أفراد العينة عكس ذلك. وأشار 76.8% أن الزواج المبكر ينعكس سلباً على سلوك وتربية الأطفال مقابل 23.2% من أفراد العينة يرون غير ذلك.
الظروف الاجتماعية والاقتصادية:
أكد حوالي 88.1% أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لبعض الأسر تقف عقبة أمام الفتاة لمواصلة تعليمها، وهذا يؤدي بدوره إلى زواجها في سن مبكر، مقابل 11.9 % من أفراد العينة يعتقدون عكس ذلك. من جهة أخرى أشار حوالي 70.9% أن لديهم فكرة عن المخاطر الصحية الناجمة عن الزواج المبكر، مقابل 29.1% ليس لديهم أية فكرة عن المخاطر الصحية الناجمة عن الزواج المبكر.
ظاهرة الزواج المبكر في عهد السلطة:
51.6% من أفراد العينة أكدوا أن هذه الظاهرة إزدادت في عهد السلطة مقارنة بعهد الاحتلال، مقابل 48.4% يعتقدون أن هذه الظاهرة تراجعت في عهد السلطة مقارنة بفترة الاحتلال.
الحد من الظاهرة:
وأكد 85.4% على ضرورة قيام حملة شعبية منظمة تشارك فيها جميع المؤسسات والفعاليات السياسية والوطنية للحد من ظاهرة الزواج المبكر، مقابل 14.6% لا يؤيدون ذلك. هذا وأيد 75.5% من أفراد العينة سن قانون يرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاماً، مقابل 24.5% من أفراد العينة لا يؤيدون ذلك.والجدير ذكره بأن الإستطلاع شمل عينة عشوائية مكونة من 450 شخصاً، موزعة على جميع محافظات الضفة الغربية من قرى ومدن ومخيمات، حيث بلغت عينة الذكور 52.3%، والإناث 47.7%.
27/2/2000
http://www.sis.gov.ps المصدر:
ـــــــــــــ
الصداقة بين الزوجين
كان يحدثني بينما كنا معا في العمل: ' خرجت أنا وصاحبتي وتمشينا على شاطئ البحر طويلا فلم نشعر بالوقت يمر علينا ثم انطلقنا إلى أحد المطاعم لنتعشى ثم ذهبنا مسرعين إلى البيت لننعم بالدفء سويا وقضينا الليل حتى ظهرت أول أنوار الصباح متقاربين نتحادث ونتسامر ونتطلع إلى النجوم....... ' وبينما كان صاحبي يصف جمال ليلته الماضية حانت منه التفاتة إلى وجهي فوجدني مشدوها مسبهلا فاغرا فمي مندهشا من جرأته فتوقف ليسألني: ماذا هناك؟ ماذا بك؟ فقلت: أنت الرجل الحريص على رضا ربك المجانب لكل ما حرم تفعل كل هذا ثم لا تستحي أن تذكره للآخرين قال: وما الحرام في صحبة زوجتي وأم أبنائي وقضاء بعض الوقت الحسن بصحبتها ............ ؟
إن العلاقة بين الزوجين لها خصائص كثيرة، ولكن إذا أردنا اختيار خاصية واحدة تضفي على علاقتهما دوام المتعة والحيوية على مر السنين فلن تكون سوى أن يعامل كل منهما الآخر معاملة الصديق الحميم.
فما أكثر أن نجد زوجين مخلصين لبعضهما ومع هذا تراهما وقد احتدم النقاش بينهما ولن يدوما على وفاق طويلاً، وكثيرًا ما نجد أزواجًا رائعين ومتفانين ويشتركان في نفس الهوايات والاهتمامات ومع هذا يسيطر التوتر على علاقتهما.
أما عندما يكون الزوجان أصدقاء في المقام الأول فإن الأمور تسير طبيعية من تلقاء نفسها، فالصداقة تحتم على كل صديق أن يدعم صديقه وأن يحتمله ويعطف عليه، ويلتمس له العذر، كما أن الصداقة تسهل عملية التواصل، والصداقة تمهد الطريق للضحك والمرح كما أنها أيضًا تعني التزام الجدية إذا تطلب الأمر ذلك والصديق على اتصال دائم بصديقه يجده وقت الرخاء، ولا يفتقده وقت الشدائد.
أي الناس أحبُّ إليك؟
سؤال وُجّه للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فردّ أمام الناس وقال اسم امرأة، قال: عائشة. فسأله السائل مِن الرجال؟ قال: أبوها.(52/15)
يمكننا أن نفهم من هذه المصارحة أن السيدة عائشة هي الزوجة الصديقة في المنزل، وأبا بكر هو الصديق الحميم من الرجال.
وما أكثر ما ذُكر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حبه للسيدة عائشة، وما روي في صحيح مسلم والبخاري من أشكال الصداقة بينهما لعب وضحك وجري وملاطفة وحوار وحديث واستماع، وكلنا يعرف القصة المشهورة قصة 'أم زرع' الطويلة التي حكتها السيدة عائشة للرسول صلي الله عليه وسلم، وعلى طولها كان يستمع إليها ويشاركها الحديث، وكانت - رضي الله عنها - تغارُ عليه، وتغضب وغير ذلك من مشاعر البشر، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحترم ذلك ويقول في رواية للسيدة عائشة: 'إني لأعلم إذا كنتِ عني راضية وإذا كنتِ عليّ غضبى؟ قالت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: أما إذا كنتِ عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم. قالت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك'.
فإذا أردت أن تكسب زوجتك وتحول الزواج إلى سعادة تلو سعادة فلابد أن تعامل زوجتك معاملة البشر فتستشيرها في أمورك وتشركها في قراراتك، وتجلس معها لتبث لها همومك، وتسمع منها همومها، تمزح معها وتمزح معك، وتشعرها بأنها صديقتك وتعف عن التحقير وتعتذر إن أخطأت بحقها، وتخبرها إن تأخرتَ خارج المنزل، وتقدم لها الهدية بين فترة وأخرى، وتحترم آراءها واقتراحاتها وتناديها بأحب الأسماء إليها، وتتودد إليها كما تتودد إليك، ولا يظنن أحد أن في ذلك إهانة للرجل أو انتقاصا من قدره أو تنازلاً عن قوامته، بل هذا جزء أصيل من الرجولة والقوامة، فلا خير في رجولة لا تراعي طبيعة المرأة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: 'خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي'.
وكم نسمع من تقول:
'زوجي هو أفضل أصدقائي' ولكن أفكارهم ومشاعرهم وتصرفاتهم تناقض هذا، فتراهم على عكس ما يقولون، يغارون من أزواجهم ويطالبونهم بما لا يطالبون به صديقًا، وإلى جانب هذا تراهم لا يقدرونهم حق التقدير ولا يحترمونهم كما يجب ولا يلتزمون اللطف في التعامل معهم.
وأفضل طريقة للإبقاء على علاقة الصداقة بين الزوجين هي أن تعرف فائدة الصداقة في هذه العلاقة فالصداقة هي أفضل طريقة للحفاظ على العلاقة الزوجية.
وعليك أن تذكّر نفسك بأن هدفك هو أن تعامل زوجتك بعطف وتقدير واحترام تمامًا كما تعامل أقرب أصدقائك، وعندما لا تعرف ماذا تفعل اسأل نفسك: 'إذا كان هذا الشخص صديقي فكيف سيكون سلوكي معه ورد فعلي تجاهه؟ ' إنه من الأهمية بمكان أن تتذكر كيف يتعامل الأصدقاء مع بعضهم ثم تحاول تطبيق هذا في علاقتك مع شريكة الحياة.
كوني صديقة لزوجك
لماذا لا تكونين صديقة لزوجك؟
لماذا لا تكونين له واحدة من هذه الأنواع من الصداقة؟
الصديقة المنعشة: التي يأخذ من نشاطها وحماسها ويتعلم منها كل ما هو حديث وجديد.
الصديقة المماثلة: لها نفس اهتمامات زوجها، قادرة على فهم وجهة نظره وأفكاره عندما يحتاج إلى من يشكي إليه همومه.
الصديقة الحكيمة: التي لديها خبرة في أمور كثيرة، ووجودك في حياته يشعره بالأمان تمدين له يد العون والمشورة والنصيحة.
الصديقة المرحة: تنسيه مشاكله وقلقه عندما يتحدث إليك، فتكونين قادرة على تخفيف الحزن عنه وإضحاكه وتوسعة صدره.
الصديقة الذاكرة: فتذكريه بمواعيده ولقاءاته الهامة والمناسبات العائلية وغير ذلك من يوميات الحياة.
وهنا نقف ونتساءل: كيف تصبحين صديقة لزوجك؟ وهل هذا ممكن أم مستحيل تحقيقه؟
هذا ما سنعرض له في لقاء آخر من خلال نافذتنا إن شاء الله - تعالى -فتابع معنا عزيزي القارئ الباحث عن السعادة الزوجية الحقيقية.
وإلى لقاء آخر لكم منا خالص التحية والاحترام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
6 ذي الحجة 1425هـ - 16 يناير 2005 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــ
استراتيجية لدعم العلاقة الزوجية
'يا عائش' هكذا كان رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - يداعب السيدة عائشة أم المؤمنين ويلاطفها بترخيم اسمها فيقول: 'يا عائش' كما جاء في رواية البخاري ومسلم.
استراتيجية اللطف في المعاملة
عليك أن تتبنى هذه الاستراتيجية السحرية في المعاملة مع شريك حياتك وهذه الاستراتيجية هي 'اللطف في المعاملة' واجعل تطبيق هذا يوميًا في قمة أولوياتك، ولتبدأ من المنزل حيث علاقتك مع شريك حياتك.
إن اللطف في المعاملة هو واحد من المكونات الرئيسية لنمو أي مشاعر دافئة بين شخصين وفي الحقيقة قد يكون اللطف في المعاملة هو مركز العلاقة الزوجية.
وللكرم في المعاملة فوائد كثيرة بداية من حرص الشريك على حميمية العلاقة مع شريكه واهتمامه به عندما تكون الأمور على ما يرام، وحتى حفظ المناقشات من التحول إلى شجار.
وليس معنى أن تكون لطيفًا في معاملتك، أن تبتسم حين لا تشعر بالميل للابتسام أو أن تتصرف بتفاؤل في حين أنك تشعر باكتئاب، ولكن اللطف في المعاملة هو أن 'تعامل شريكك بما تحب أن يعاملك به'.
وأفضل الطرق لتعليم الآخرين فن اللطف في المعاملة إنما يكون من خلال ابتدائهم باللطف أولاً فإن اللطف في المعاملة شأنه شأن العدوى ينتقل سريعًا بين الأشخاص.
ونحن نعجب أشد العجب عندما نرى الزوجة تتلطف مع كل خلق الله وهي مع زوجها صلبة قاسية كالحجارة، إنها فنانة مبدعة ولكن في التعامل مع الآخرين، ومع زوجها سليطة اللسان مثيرة للقلاقل مختلقة للنكد.
وأيضًا نعجب من الزوج تراه ألطف ما يكون وألين ما يكون مع جميع الناس إلا أهله وزوجته يمتلئ وجهه عبوسا وروحه ضيقا وقد أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجال فقال: 'خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي' [صحيح الجامع].
ووجه الخطاب للنساء فقال - صلى الله عليه وسلم -: 'لو كنت آمرًا عبدًا أن يسجد لعبد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها' [صحيح الجامع].
وما عليك إلا أن تبدأ بالأشياء الصغيرة:
إنه من الأهمية بمكان أن تعامل شريكك بنفس اللطف في المعاملة التي تعامل بها أعز أصدقائك وما عليك إلا أن تبدأ بالأشياء الصغيرة..فكيف ذلك؟
1ـ بأن تستمع من القلب وأن تتسم بالاحترام والمراعاة لمشاعر الآخرين.
2ـ اللطف في المعاملة يعني أن تستأذن عندما يتطلب الأمر ذلك.
3ـ وأن تعتذر عندما تخطئ.
4ـ ويعني أيضًا التزام الأدب.
5ـ وأن تحاول معرفة شريكك ثم تسأل نفسك: ما الذي يمكن أن يدخل عليه السعادة الآن؟
وفي واقع الأمر فإن اللطف في المعاملة يرتبط في الأساس بالأشياء الصغيرة.
كيف تكون لطيفًا وأنت مشغول؟
ليست مهمة الزوج توفير الحياة المادية الكريمة للزوجة فحسب، وليس الزواج أداء للحقوق بطريقة فجة جامدة، وإنما الزواج تآلف وتآزر، ومحبة وود ورحمة ومعاشرة بالمعروف وملاطفة وممازحة، فالمرأة كما تحتاج إلى الطعام والشراب والمسكن وغيرها من الأمور المادية تحتاج إلى الكلمة الحانية والنظرة الرقيقة والقبلة العطوف، والمداعبة والمؤانسة.
ولنضرب مثالاً كيف يكون الرجل لطيفًا وهو مشغول:
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم كثرة أعبائه الدعوية وازدحام أمور الدولة عليه إلا أنه كان يعطي كل ذي حق حقه، وكان يلاطفه أهله.
قال ابن كثير - رحمه الله -: 'وكان من خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جميل المعشر دائم البشر يداعب أهله ويتلطف بهم ويوفهم نفقتهم ويضاحك نساءه، حتى أنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين يتودد إليها بذلك.
قالت - رضي الله عنها -: سابقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعدما حملت اللحم فسبقني فقال: 'هذه بتلك'......
وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - تعالى -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 2]. ' انتهى كلامه - رحمه الله -.
هكذا كان حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - رغم وقاره وهيبته وكثرة أعبائه إلا أنه كان - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا بنسائه ضحوكًا معهن، متواضعًا أشد التواضع لطيف المعشر عطوفًا عليهن ممازحًا لهن.
وقد كثرت الأخبار عن مداعبته لعائشة ـ - رضي الله عنها - ـ لأنها كانت صغيرة السن، وكان يقدر حاجتها للعب واللهو والمداعبة وحسن الملاطفة وهذا من فطنته - صلى الله عليه وسلم -.
وفي ذلك قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: 'كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع في فيشرب وأتعرق العرق [أي اللحم المختلط بالعظم] وأنا حائض ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع في' [رواه مسلم].
فلم يجعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هيبة النبوة ووقارها سدا منيعًا بينه وبين زوجاته رضي الله عنهن بل آنسهن بمرحه وملاطفته.
فالزوج المثالي هو الذي يداعب زوجته ويلاطفها ويعطيها حقها في اللهو والمرح البريئين، وذلك بوسائل متعددة تتماشى مع استطاعته وإمكاناته إما بسمر أو برحلة أو بزيارة أو بحضور مناسبة تتفق والمنهج الإسلامي.
وأعلم أيها الزوج الكريم أن من يزرع الود لا يجني إلا الورود.
والناس بمثابة المرآة لبعضهم البعض وغالبًا فإننا نحصد ما نزرعه، وعندما تجد من تحب ليس على ما يرام جرب القيام ببعض الأشياء المختلفة انظر إلى عينيه وابعث له ابتسامة تحمل رسالة مفادها 'لا عليك فأنا أحبك دائمًا حتى عندما تكون مكتئبًا'. وإذا فعلت هذا فغالبًا ما سيرد عليك شريكك بابتسامة أيضًا ونحن نعتقد أنك تتفق معنا أن اللطف في المعاملة حينما يكون سلوكًا يوميًا يكون عنصرًا أساسيًا لدعم علاقتك الزوجية على مدى الحياة.
وإذا قالت المرأة لزوجها:
يا مقيمًا في خاطري وجناني *** وبعيدًا عن ناظري وعياني
أنت روحي إن كنت لست أراها *** فهي أدنى إلي من كل داني
فسيرد عليها الزوج بأحسن منها ويقول:
خيالك في عيني وذكراك في فمي *** وهواك في قلبي فأين تغيبي
فلتتفنن المرأة وليتفنن الرجل في بث استراتيجية اللطف في المعاملة.
وعلي كل منكما أن تبدءا بالعمل بهذه الاستراتيجية لدعم علاقتكما الزوجية.
9 ذي القعدة 1425هـ - 21 ديسمبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
ـــــــــــــ
قالوا في الزواج
*قال عبد الله بن جعفر لأبنته يا بنيه: إياك والغيرة، فإنها مفتاح الطلاق، وإياك والمعاتبة فإنها تورث الضغينة، وعليك بالزينة، واعلمي أن أزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب الماء.
*الزواج هو الشفاء لكل أمراض المراهقة.
*تقول إحدى الأديبات: الحمد لله أنني لم أخلق رجلاً لكي لا أتزوج امرأة.
خذي العفو مني تستديمي مودتي *** ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
فإني رأيت الحب في القلب والأذى *** إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
*يقول نابليون: الذي يدع امرأته تحكمه، لا هو رجل ولا هو امرأة، إنه لاشيء.
*أنت تسب امرأتك إذا امتدحت امرأة أخرى أمامها.
*تكمن السعادة في بيتك، فلا تبحث عنها في حديقة الغرباء.
*يقول برناردشو: المرأة ظل الرجل عليها أن تتبعه، لا أن تقوده.
*يقول كابو: أذكى الأزواج وألطفهم معشراً، هو الذي ينادي زوجته مهما بلغ بها العمر يا صغيرتي.
*يقول السباعي - رحمه الله -: رب نزهة قصيرة مع عائلتك تحل لك الكثير من المشكلات.
*يقول شكسبير: لا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجا، فإذا جاء طلبت منه كل شيء.
*الزوج كالمصور، يريد من زوجته أن تبتسم.
*يقول المثل الصيني: إذا نجح زواج ابنتك، فقد كسبت ابنا، و إذا فشل فقد خسرت بنتا.
يقول بارناردشو: تقلق المرأة على المستقبل حتى تجد زوجا، ولا يقلق الرجل على المستقبل إلا بعد أن يجد زوجته.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
تقاليد الزواج في المجتمع الأردني
هديل الصفدي
قال - تعالى -: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاَ لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
الزواج سنةٌ من سنن الله الحكيمة في هذا الكون غايتها الاستقرار ونشوء الأجيال والتآلف والتراحم، لذلك وجدت هذه السنًة في كافة المجتمعات البشرية وجميع الفترات التاريخية.
ولا شك أن للزواج أعرافاً وتقاليد وعادات تختلف من مجتمع لآخر تغذيها القيم، وتحكمها المعايير والأديان.
موقع (الإسلام اليوم) التقى الكثير من الأشخاص الذين تحدّثوا عن أبرز وأهم تقاليد هذه السنة الإلهية في المجتمع الأردني..
اختيار شريكة الحياة
تقول أم أسعد إن عملية الزواج تبدأ عندما يفكر الشاب في الارتباط بإحدى الفتيات، وتتم عملية اختيار هذه الفتاة بطرق مختلفة تقليدية، وتكون إما عن طريق الأهل الذين يقومون بسؤال الأقارب والمعارف، أو بطريقة أخرى، وهي أن يختار هذا الشاب شريكة حياته من خلال دراسته أو عمله، وبعد أن يتم الاختيار يقوم الشاب وأهله بزيارة أهل الفتاة للتعريف بنفسه والتقدم بطلب الفتاة، ثم يقوم بعدها أهل الفتاة بالسؤال عن هذا الشاب، فإذا تم القبول، تُعقد جلسات أخرى بين الطرفين يتعرف فيها الشاب والفتاة على بعضهما البعض بصورة أكبر
اتفاق العائلتين
وتضيف أم أسعد أنه بعد موافقة كلا الطرفين تتوجه "جاهة" العريس-وهي مكونة من كبار أقاربه من الرجال- إلى بيت العروس الذي يتواجد فيه كبار عائلتها أو وجهاء ممن اختارهم أهل الفتاة ليكونوا في انتظار جاهة الشاب، التي تقوم بطلب الفتاة بشكل رسمي، ويتم خلال هذه الجلسة الاتفاق على موعد كتب الكتاب (عقد الزواج) وتحديد موعد حفلة الخطوبة، وحفلة الزواج التي تكون عادة بعد سنة من حفلة الخطوبة، كما يتم تحديد المهر وتوابعه مما يتفق عليه الطرفان، وتُحدد في هذه الجلسة أيضاً ما يسمى بتلبسية العروس، وهي الحلي التي يلبسها العريس لعروسه في حفل الخطوبة.
الفحص الطبي قبل الزواج
أقر في الأردن منذ عام قانون يفرض على أي اثنين يرغبان بالزواج أن يقوما بإجراء فحص طبي في أحد المراكز الطبية لمعرفة مدى التطابق الجيني بين هذين الشخصين وخلوهما من أمراض جينية قد ينتج عنها نتائج سلبية على الأطفال في حال ارتباطهما.
ويجبر هذا القانون الشيخ الذي يعقد الزواج أن يتأكد من وجود نتيجة هذا الفحص الطبي ومنحه حق رفض كتب الكتاب إذا كانت النتيجة سلبية أو إذا لم تكن نتيجة الفحص موجودة.
كتب الكتاب
وتشير إيمان عبد الرحيم إلى أنه في حال التأكد من نتيجة الفحص الطبي الإيجابية يتم كتب كتاب العروسين حسب الموعد المحدد بين الطرفين بحضور الشيخ وأربعة من الشهود وأهل العروسين، ويتم هذا العقد يوم الخطوبة أو قبلها بأيام قليلة، ويُدعى لحفلة الخطوبة أقارب ومعارف العروسين، وتُقام هذه الحفلة عادة في بيت العروس أو في صالة للأفراح.
فترة الخطوبة
يقول إبراهيم حسن: إن الهدف من فترة الخطوبة هي تعرّف العروسين على بعضهما البعض بصورة أكبر، ويتم خلالها الاتفاق فيما بينهما على الأمور المتعلقة بحياتهما الزوجية، ويقوم العريس في هذه الفترة بتجهيز بيت الزوجية بما يحتاجه بمتابعة مباشرة من العروس، وتقوم العروس بتجهيز نفسها وشراء كل ما تحتاجه لهذه الحياة الجديدة.
ويضيف إبراهيم أن العروسين يقومان مع أهلهما بتحديد مكان إقامة حفل الزواج، والذي يكون عادة في صالات خاصة بالأفراح أو في أحد الفنادق، ويساعد العروسين الأهلُ في توجيه الدعوات الخاصة بحفل الزفاف إما بطريقة شفهية أو ببطاقات الدعوة.
سهرة الشباب وليلة الحناء
تقول غادة يونس: إن من العادات الأردنية إقامة كلا العريسين حفلاً خاصاً به قبل ليلة الزفاف بيوم، فيدعو كل من العروسين أصدقاءه وأقاربه، وتكون حفلة الشباب في بيت والد العريس وتسمى "سهرة الشباب"، وتكون الحفلة الخاصة بالعروس في بيت والدها وتسمى "حفلة الوداع" أو حفلة ليلة الحناء والتي كانت سابقاً حفلة تحني بها العروس يداها بحضور قريباتها وصديقاتها إلا أن هذه العادة اندثرت في أيامنا هذه.
حفل الزفاف
في يوم الزفاف يقوم العريس بتجهيز سيارة الزفاف وتزيينها بالورود، ويقيم أهل العريس وليمة غداء للمدعوين لحفل الزواج ظهر هذا اليوم، ومن ثم يقوم مجموعة من الشباب من أصدقاء وأقارب العريس بزف العريس ببعض الأغاني الفلوكلوريّة الخاصة بهذا التقليد.
وبعد الانتهاء من ذلك يخرج المدعوون بسياراتهم في موكب تتقدمه السيارة المزينة التي جهّزها العريس ويذهبون إلى بيت العروس لاصطحابها إلى صالة أو قاعة الاحتفال، وعند وصولهم إلى موقع أو مكان القاعة يُزف العروسان إلى القاعة بأغاني تقليدية عن طريق فرق فلوكلورية عربية، ويرتدي العريس في هذه المناسبة بدلة رسيمية وترتدي العروس فستاناً أبيض، وبعدها يتم الاحتفال. ويقوم أهل العروسين بإيصالهما إلى منزلهما أو إلى أحد الفنادق.
شهر العسل
وفي اليوم التالي تقوم والدة العريس بزيارة العروسين وتحضر معها طعام الإفطار، وفي ليلة هذا اليوم يقوم أهل العروس بزيارة ابنتهم وهم يحملون الحلوى. ويقوم بعض الأزواج بالسفر خارج البلاد لقضاء شهر كامل يسمى "بشهر العسل".
25/5/1426
02/07/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــ
الشكوك والوهم .. والتجسس تقود إلى انهيار الثقة بين الزوجين
- الزوجة التي تحقق مع زوجها في كل شيء تعكس عدم ثقتها به.
- الغيرة في أصلها محمودة بشرط ألا تتحول إلى سوء ظن.
استشاري نفسي:
- إذا وصلت المسألة إلى (التجسس) و(التنصت) فالشك حل محل الثقة.
- كم من (وهم) قاد إلى الطلاق ولم ينفع معه الاعتذار أو محاولة الترميم.
أخصائية اجتماعية:
- الموضوع ليس حربا معلنة كما يتصورها البعض، بل هي نتاج متغيرات وأنماط اجتماعية وانفتاح إعلامي
- الزوج أحيانا بتصرفاته المريبة وعدم وضوحه يقود زوجته إلى أساليب تجسسية..
الزوجات:
- الحوار الملتهب والعصبية لا تقود إلى حلول.
- (العنف الزوجي) يسقط الاحترام المتبادل.
- نعترف بأن أكثر اتهاماتنا لأزواجنا كانت مجرد وهم.
الأزواج:
- الخلافات الزوجية..منشطات منعشة للحياة الزوجية.
- خلافات تخرج عن السيطرة تفجر صمام الأمان.
- التكنولوجيا والتطور الإلكتروني فجر المزيد من الخلافات.
تحقيق - فوزية المحمد
العلاقة الزوجية تتميز عن سائر العلاقات البشرية بكون أساسها المودة والتفاهم المتبادلان بين الزوجة وزوجها، والخطورة تكمن في أن يمعن أحدهما في محاولاته لتدمير الآخر، فالحب المفرط الذي ينتج الغيرة المفرطة أساسه يسبب انهيار الثقة بين الزوجين، وعدم الثقة تحيل الحب بينهما لوهم، فالزوجة التي تحقق مع زوجها في كل شؤونه وتصرفاته وصداقاته تعكس عدم ثقتها به ثانيا وبنفسها أول.
بعض الزوجات تكون الغيرة العمياء لديهن بابا من أبواب الوهم الذي تعيشه.
والغيرة في أصلها محمودة لكنها إذا تحولت إلى سوء الظن فقد تخرج من الحق المكتسب إلى التعدي على حقوق الآخرين، وسوء الظن إذا تحكم بين الزوجين فتح باب التمزق في الأسرة.
ولا أنكر أن للزوج دورا في قلقها من تصرفاته المثيرة للشك حين يضع نفسه موضع الشبهات، ولا يكون واضحا معها، كما هو حالها معه، فغالبا الرجل يعرف أين تذهب زوجته صباحا ولو خرجت مساء تخبره أين أو عند من، ولو قررت السفر فسيعلم لأين؟ ولماذا؟ ولمن؟ بيد أن بعض الرجال يحبون إحاطة حياتهم بالغموض: أين يقضي أمسياته؟ أين يذهب هذه الليلة؟، سفرته الأخيرة لماذا وأين؟ وببعض تصرفاته المريبة يحق لها أن تشك، والزوجة الحريصة على بيتها تتدخل عند الضرورة بلطف وحب، فالرجل لا يمتنع عن مصارحة زوجته بكل حيثيات حياته لو كان السؤال ينم عن خوف عليه واهتمام به وحب له وفي وقت مناسب، لا بالصراخ والعويل وبمبدأ النبرة الحمراء التي تعلن أنت خائن غير موثوق بك دافع عن نفسك وبرر تصرفاتك الآن!!
المستجدات والتكنولوجيا:
عادة المواقف التي تثير غضب المرأة نابعة من ألمها، فتترجمها أفعالا أو ردودا عندما يأتي بأفعال وحركات وأدوار يستهجنها مجتمعنا ولا تتفق مع العادات السائدة، وكل هذا نابع من قلة أو انعدام الثقة بين الزوجين، وخصوصا من الزوجة التي تنتهج منهاجا متهاويا في التعامل مع أقرب الناس إليها وأكثرهم اهتماما بها وبمصلحته. البعض يضع المسؤولية على عاتق هذا الزمن ومستجداته السلبية أو حتى الشاذة في بعض الأحيان، غير أن التفاهم والصراحة وتقسيم الواجبات والمسؤوليات وإيفاء كل طرف منهما الآخر حقه وحق عائلته وبيته هو خير الحلول. ولا بد من الثقة في الزوجة، فمرض الوهم يدمر أسرة بكاملها، الاستجواب وسياسة التحقيق من الزوجة لن يقابلها حل المشكلة إن كانت قائمة وهي هنا تفقد المصداقية في التعامل مع زوجه.
الشك والمصارحة:
يجب إعادة الثقة بين الزوجين متى عولجت أسباب الوهم والشك عن طريق المصارحة بين الزوجين، وأما التجسس فليس بخلق المسلم العاقل وليس حلا لأن من شأنه زيادة الشك في الغالب وبهذا نهى الله عنه بقوله - تعالى -: {.. ولا تجسسوا.. } [الحجرات: 12]، والأصل في النهي التحريم.
عند سؤالي ومناقشة الموضوع كانت المحصلة دفاعا وهجوما حامي الوطيس، رغم أن أول مبادئ الحياة الزوجية الهدنة والمرونة والتسامح وصولا للاستقرار المنزلي.
منشطات عائلية:
عبد الإله- مدرس - يطرح وجهة نظره بواقعية فيقول:
الخلافات الزوجية منشطات منعشة للحياة الزوجية، وللعلاقة بين الزوجين، فالخلافات بين الرجل والمرأة موجودة منذ أن خلق الله عباده، وقد تمر بالخلافات مرور الكرام عاصفة من المشاحنات ليحل الحب والوئام بعد ذلك، وقد تخرج الخلافات عن السيطرة مفجرة صمام الأمان، فيبدأ الهجوم ويقابله الدفاع ويتصدع بنيان الأسرة حتى يتهدم لاحقا، من يبدأ هجومه، هل المرأة هي المهاجمة دوما أم الرجل يا ترى؟ أم هي المدافعة التي تأتيها المصائب أم لعله هو؟ أهما يتعادلان بتبادل الأدوار؟ ولنعد لمن سبقنا من جيل والذي يؤكد بالمجمل أن التفاهم هو أساس الحياة الزوجية السليمة، التي وإن عركتها الخلافات تعود لسابق عهدها من التفاهم والحب والود والاحترام، لا بد من توافق في معنويات الأمور كالتوافق العقدي والعلمي والاجتماعي.
سحقا للتكنولوجيا:(52/16)
عبدالله محمد يوجه لومه للتكنولوجيا الآنية والانفتاح الذي فتح عيون النساء على فضائيات ومجلات وجمعيات وبرامج لحقوق المرأة دفعتها لترى نفسها على حساب الرجل، مضيفا أرى بعض النساء لا يعرفن حقوقهن الحقيقية التي تبدأ من البيت ثم للمجتمع الخارجي، وأن فكرة الحرية والتخصصات من داخل البيت مطبقة على أزواجهن.. وأنا من هنا أؤكد أن الزوجة وبحكم تكوينها وطبيعتها قوية الملاحظة، وإبصارها الحسي يعلو عن أي رادار في العالم، وحاستها السادسة حادة، لذا تجدها ترصد وتهاجم. وهناك من الأزواج من يعرف حجم خطئه فيبدأ بالهجوم كخير وسيلة للدفاع كي يغطي فعلته، وهنا ينقلب السحر على الساحر، ومن واقع تجربتي الشخصية أرى أن المرأة اللحوحة كثيرة السؤال الفضولية الطبع تدفع بالزوج للهرب من البيت، والرجل الفاشل الضعيف هو من يواجه الإلحاح بالضرب والعنف، فيما عليه ترك البيت لها لساعات حتى تهدأ، ثم يعود لها مقنعا إياها بأسبابه، وبرغم عصبية المرأة تجاه هذه المواضيع إلا أنها ذات قلب أبيض متسامح وقلبها كقلب طفل تغضبها كلمة وترضيها أيضا كلمة صغيرة، ليس غباء منها، بل طيبة وتسامح.
أليس من حقها سؤال شريك حياتها؟
عبدالمجيد: لا يرى في سؤال الزوجة زوجها غضاضة ولا يرى من حق الرجل الامتعاض لو سألته عن برنامج يومه وعن سبب تأخره ومتى؟ وكيف؟ وأين؟ ما دامت شريكة حياته وما دامت من تقاسمه حلو أيامه ومرها، فالزواج مشاركة وثقة وطمأنينة، والأمر متوقف على درجة التفاهم بين الزوجين منذ البداية، وعلى الزوج أن يراعي مشاعر زوجته ويجعلها تشعر باهتمامه واحترامه لها، وبالمثل عليها احترامه والاهتمام به، بدل تصيد الأخطاء كل للآخر والتعمق في المشاكل من أثر ذلك.
سوء الظن من حسن الظن:
ترى عواطف - مدرسة - أن بعض الأزواج لا يتورعون من وجود علاقة مع أخريات والإتيان بسلوكيات لا تمت للدين الإسلامي بصلة، مما يثير حفيظة الزوجة ويغذي شكوكها وغيرتها، وهنا ينطلق خيالها بكل الأفكار الصائب منها والخائب، ومن هنا أيضا يبدأ ألمها وما أن يعود للبيت حتى تفرغ فيه شحنات الغضب والشك والقلق فتنهال عليه بالأسئلة والتهم والتساؤلات، وسواء كان مخطئا أم لا فهذه الطريقة العصبية الصبيانية لا تأتي من ورائها الحلول، وإن كانت الزوجة كثيرا في هذه الحالات تتمنى أن ينفي الزوج التهم عن نفسه، مؤكدا أنها الوحيدة في حياته، متمنية أن تكون كل ظنونها خيالات متضخمة وأن تكون الوحيدة في قلبه، والغالب أن الزوج لا يقول ذلك ولا ينفي مزاعمها وظنونها، بل يقابل الغضب والصراخ بغضب وصراخ أكبر منه، وقد يتطور الأمر لعنف زوجي يتهاوى أثره عامل الاحترام بينهما، ومن هنا نفهم أن الزوجة ليست معلنة أو قاصدة للحرب، بل هي تريد أن تفهم وتزيل مسببات الشك، فزوجها عزيز عليها، ليت الرجل يعي حقيقة تفكير زوجته في هذه الأمور وأن الحب هو محرك الموضوع من أساسه وليس ما عداه.
الوهم يقضي على الحياة الزوجية:
وهنا تحدثنا الأخت هيفاء حيث تقول: أنا متزوجة منذ 10 سنوات ولدي أربعة أطفال وفي الفترة الأخيرة بدأت ألحظ على زوجي بعض التغيرات التي أدخلت الريبة في نفسي، فدائما عندما يدخل البيت يلزم السكوت والسرحان الدائم وخروج متكرر من المنزل، كل هذا دفعني للتفكير في أمره، فكنت أسأله ويرد على أنه لا يوجد شيء، فأصبح يسيطر علي وهم أن ما تشغله ويشغل تفكيره ليس إلا امرأة أخرى في حياته أو موضوع زواج يفكر به.
وما أقلقني أكثر المكالمات التي كانت تأتيه على الجوال بكثرة وعندما يرد على المكالمة يحاول أن ينهيها بسرعة ويعد من معه على الخط أنه سيكلمه لاحق.
حاولت أن أعرف في ماذا يفكر ومن الذي يتصل عليه؟ ولكن لم استطع، فأخبرت صديقة لي فنصحتني بشراء جهاز صغير الحجم يباع في الأسواق للتصنت حيث يقوم بالتسجيل وفعلا فعلت هذا الشيء ووضعت هذا الجهاز في سيارته دون أن يعلم.
وليتني لم أفعل؟ لأنني اكتشفت أن زوجي مثقل بالهموم بأسباب الديون التي على عاتقه ولكنه يحاول ألا يشركني في الموضوع لكي لا أتضايق أو تتأثر نفسيتي.
فلمت نفسي كثيرا على هذا الوهم الذي أعيشه والذي اعتبره يقضي على الثقة بين الزوجين. ولحسن حظي أن زوجي لم يعلم بما فعلت و إلا كانت نهاية حياتي الزوجية!!
والأخت أم عبد الرحمن تشاطرها الرأي في أن الوهم الذي لا أساس له يقضي على الحياة الزوجية فتقول: حياتي مع زوجي كانت على خلاف مستمر للعديد من الأسباب واختلاف وجهات النظر بيننا، فكان دائما يصفني بالإهمال في حقه وحق البيت والأولاد وأنني لست مثل باقي النساء، وكان دائما يندب حظه لأنه لم يوفق في زوجة تأخذ بخاطره وتنسيه همه وتكون حنونة رحيمة به، وبعد فترة لاحظت عليه أنه لم يعد يلومني مثل الأول، بل أصبح كثير الخروج من المنزل بالإضافة لعمله المسائي الجديد لدرجة أنه لم يعد إلى المنزل إلا في وقت متأخر لينام فورا، وأصبح سلبيا جدا معي ومع أولاده، فأصبح الوهم يسيطر علي أنه لا بد أنه تزوج وأن هذا العمل المسائي ليس إلا زوجة أخرى يذهب إليه.
فعندما صارحته بما يجول في خاطري، ابتسم وقال لي: ريحي بالك أنا لا أفكر في الزواج ولكن ما يقلقني ويشغل تفكيري هو تأمين منزل لي ولأولادي من بعدي، ولهذا أحاول أن أعمل لأجلب المال الذي يساعدني في بناء منزل العمر.
الوهم يذيب الحب:
والأخت مها تقول: نعم، أعترف أنني أحب زوجي حبا شديدا وأوصلني الحب إلى غيرة لا حدود لها حتى أصبحت أتوهم أنه يفكر في غيري. فكان دائما يقول لي: إنني الأولى والأخيرة في حياته وأنه يحبني وأعلم بذلك، ولكن تمر بي لحظات أصبح فيها كالمجنونة من شدة الغيرة عليه.
فقبل فترة أصبحت تأتيه مكالمات على الجوال وكان إما أنه لا يرد على من يتصل به بعد أن يرى الرقم أو أنه يرد بأسلوب واحد متكرر: (أنا في البيت بعدين اتصل عليك). أو أنه يقوم بالاتصال بالهاتف الثابت ويتكلم بصوت خافت وقد يأخذ التليفون لغرفة أخرى ويتحدث قليلا ثم يخرج من المنزل.
فتقول: نفد صبري من هذه التصرفات الغريبة التي لم أعهدها عليه، وأعترف أنها كانت فترة محددة ولكنني استعجلت وقد دفعني سلوكه هذا إلى شراء جهاز التنصت الذي يمكن بواسطته تسجيل أي مكالمة بمجرد رفع سماعة الهاتف وليتني لم أفعل؟ لأنني اكتشفت أنه يكلم مرة أخته ومرة أخاه وأن بينهم خلافا في العائلة ولم يحب أن يطلعني عليه، فندمت لتصرفي غير الأخلاقي مع زوجي الذي يكن لي كل حب وتقدير، فأنا أعترف أننا معشر النساء أو الغالبية العظمى منا تعيش وهما في حياتها بسبب الغيرة وتوجد شيئا من لا شيء.
الوهم يوصل الشك:
ويضيف أحد الأزواج وهو أبو محمد، أن الوهم عند بعض النساء يسيطر عليهن حتى يتخطى مرحلة الوهم ويصل إلى الشك وتبدأ المرأة تنسج خيوط الشك حول هذا الزوج، في تصرفاته ومكالماته وعزوفه عن البيت وعن أولاده وسرحانه الدائم، كل هذا في نظر هذه الزوجة ليس له مبرر إلا أن امرأة أخرى في حياته وتبدأ الزوجة في حالة الاستنفار القصوى وتهيئ جميع أجهزتها، من سمع وبصر وإحساس للتفتيش عن حقيقة شكوكه.
وهذا حصل معي أنا شخصيا حتى أن زوجتي من شدة شكوكها التي لا أصل لها تتنصت على كل مكالمة تأتيني، بل تعدى الموضوع إلى أن تقتحم الجوال لتعرف المكالمات الصادرة والواردة التي تأتيني أو أقوم به.
وقد اكتشفت هذا الموضوع بنفسي أكثر من مرة، لدرجة أن الحياة أصبحت بدون ثقة وأنا أعتبر هذا الموضوع وهذا الوهم الذي تعيشه بعض النساء مرض نفسي يجب أن تعالج نفسها منه، لأن الرجال ليس على درجة واحدة لردة الفعل.
فمنهم من ينهي هذه الحياة بمجرد اكتشافه لتنصت زوجته عليه وشكها به، فيجب أن تنتبه المرأة أن هذا ليس بالموضوع الهين!!
الطبع يغلب التطبع:
وتؤكد الأخصائية الاجتماعية لطفية المسعودي أن الواقع يفرض نفسه على معادلة الزواج واستقراره اليوم، في ظل الأوضاع المتوترة والصراعات الحادة التي لا حصر لها، خاصة وأكثر نساء الأرض عاملات وهن يرين ما يجري حولهن للأخريات، ما ترى وما تسمع من تجارب الأخريات يجعلها كثيرا ما تجلس مع نفسها متخيلة كل ما سمعت في شخص زوجها والنائمات على أذانهن في شخصها هي!! والرجل على ما أرى مخلوق يغار بالفطرة (على البيت، أمه، أخوته، ثم زوجته وبناته.. عرضه)، وقول إن المرأة رادار يرصد تحركات الزوج فمردود على قائليه كون غيرتها تطفو على السطح لو رأت الحدود تتجاوز المرسوم لها، وإلا لما أحل الله الزواج للرجل بأربع نساء فالله - عز وجل - أدرى بخلقه، الصفة مكتسبة ونابعة من عدم الثقة بالزوج أو حتى بالنفس أو نتيجة تربية ما أو تجارب أخريات أو المحيط العائلي قبل الزواج أو حتى حب التملك، وكلها أمور مفروضة على الإنسان بطبيعة حياته العملية المعاصرة بما فيها من عولمة قد لا تلائم خصوصية كل بلد.
الثقة بالآخر وبالنفس.. تحقق السلام:
وتضيف الأستاذة لطيفة المسعودي، مؤكدة على أن الموضوع ليس حربا معلنة كما يتصورها أو يصورها البعض، ولن تكون كذلك يوما من الأيام، فالموضوع ببساطة يعكس المتغيرات والأنماط الاجتماعية والاقتصادية ومدى الانفتاح الإعلامي غير المحدود الذي نعانيه نحن في بلدنا، واختلاف وجهات النظر، مما أدى بطبيعة الحال للاختلاف والتباين بينهما، وكل ذلك دخيل على مجتمعنا المحافظ البسيط، وطالما كل من الزوجة والزوج يؤدي واجبه تحت مظلة الاحترام والحب والثقة بالآخر والنفس، فلا مجال للهجوم والدفاع كون ذلك يضعف بنيان الحياة الزوجية وتأثيره السلبي ظاهر للعيان، ومن المهم ألا تتحول المرأة لستلايت يلتقط كل لفتة يأتيها الزوج أو نظرة وألا يتحول الرجل أىضا لذات الرادار!!
ولكن ليطمئن قلبي:
العلاقة الزوجية ليست حربا بين اثنين، بل حب وتفاهم بين الاثنين، والبيت ليس ساحة حرب واستعراض عضلات أحدهما على الآخر، ويبدو أن الصائدين في المياه العكرة قد حولوا هذه الخلافات المتداولة منذ عصور، في أغنى البيوت وأفقرها حالا إلى حرب كبيرة، وهذا في رأيي مؤشر خطير وانحدار قاسي المنحى، لعلاقة المفروض أن تكون الأرقى بين العلاقات الإنسانية والأكثر تفهما وتوددا خصوصا أن طرفيها لم يرتبطا قسرا، بل هما من اختار أحدهما أو كلاهما الآخر وإليه انجذب، إذن علاقة لا بد أن تتفوق على سائر العلاقات الأخرى من حيث المفهوم والمبدأ والتفاهم، ولا بد من إفهام المترسبين بقيعان المفهوم الخاطئ أن الهدف من الزواج أعمق وأكبر وأنضج من كل ذلك، والرجل الذي يقف أمام زوجته مدافعا عن نفسه مبررا تصرفاته وتحركاته تاركا لزوجته دور المهاجم، يعطي الدلائل كونه غير أهل للثقة، وبأنه ارتكب فعلة خاطئة، وهذا يفسد التفاهم والود والصفاء بين الزوجين، وما الذي يدفع الزوج لكل ذلك الوجع الرأسي؟ أهي نزوة أم البحث عن التعب بعيدا عن الراحة والتفاهم، وليس تبرير التصرفات حلا للإنسان كي يفهمه الآخر ما دامت الثقة قد فقدت، بل لا بد من وجود حد فاصل للاحترام والثقة بينهما، ومن حق المرأة في كل الأحوال أن تتحرى بسؤال زوجها لو تأخر زيادة عن العادة أو خرج في وقت غير معتاد أو جاءته مكالمة في وقت مريب أو لو تكلم بالهاتف في الخفاء أو لو سافر وحيدا دون مبرر قوي، لماذا الرجل دوما يجعلها تتحير وتتجسس لماذا لا يفهمها ما تشاء أن تعرفه هي بلا رتوش خوفا عليه وطمأنة على حاله، والبحث عما ينغص حياته للمساعدة بالتخفيف عنه؟ لم يتجه فكره دوما نحو الجانب الأسوأ من الموضوع لم يعمد للسواد في حين ساحة الموضوع تتسع للبياض؟ ثم هي أساس من أساسات البيت وكما له حقوق عليها ومن حقه التعرف على حيثيات حياتها، هي الأخرى لها حقوق عليه ومن حقها التعرف على خطوط حياته العريضة على الأقل، كي تطمئن عليه وعلى بيتها وأبنائها ونفسه.
الثقة المفرطة:
وقد أكد لنا أستاذ علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز أن العلاقة بين الزوجين إذا وصلت إلى مستوى تنصت أحدهما على الآخر فإن ذلك يعني أن الثقة بينهما مفقودة أو فقدت وأن الشك حل محل الثقة التي هي أساس العلاقة بين الزوجين ويفضل الدكتور الفراق بينهما متى ما كان الشك مكان الثقة لاستحالة العشرة الطيبة بينهما حينئذ.
ولا يتفق الدكتور مع من يربط أسباب الوهم والشك بوسائل الاتصالات الحديثة فمن كانت في نفسه بذور الشك فهو يحملها معه وتظل تفور في داخله إلى أن يجد لها متنفسا يؤدي إلى نتائج خطيرة على الأسرة وطريقة المواجهة بين الزوجين أفضل الطرق حتى تبرأ النفس من علاقته.. وتعد ظاهرة تنصت الأزواج على بعضهم البعض إن وجدت كظاهرة فهي نشاز ومعارضة لتعريف العلاقة الأسرية والعلاقة بين الزوجين، لأن المتوقع أن تكون العلاقة الزوجية مبنية على الود والاحترام والشفافية المتبادلة وإذا انعدمت هذه الأمور فإنها تصبح علاقة غير سليمة ولا يقبل كل طرف بقيام العلاقة.
وفي مثل هذه الظروف تدخل العلاقة في مرحلة شائكة، إذ عادة ما يكون الشك من طرف واحد، ولذلك تصبح هناك مفارقة وهي أن كل تصرفات الطرف الغافل ستكون في نظر الطرف المتربص كما لو كانت مزيدا من الأدلة القطعية على عدم الثقة مما يؤدي إلى انعدام العلاقة وتدهوره.
وأود هنا أن أهمس في آذان بعض النساء والرجال أن الشك الذي يصيب الحياة الزوجية ويوصلها إلى الحضيض بدايته وهم كانت تعيشه الزوجة أو الزوج لتصرفات أحدهما وبعد أن يكتشف الزوج أو الزوجة أنهما مخطئان لا ينفع الندم، لأن مصير حياتهما إلى الطلاق والشتات وفرقة للأطفال وكل هذا سبب وهم لا أساس له.
http://www.aldaawah.com المصدر:
ـــــــــــــ
المودة لا تشترى .. !!
خالد عبد اللطيف
لا يحتاج الزوجان إلى جهد كبير للإحساس بالرحمة والمودة فيما بينهما؛ فقد تكفَّل الحكيم الخبير بمنحهم هذه العطية الكريمة من غير عناء ومشقة، فجبل قلوبهم عليها..{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
قال القرطبي - رحمه الله - في معنى المودة والرحمة:
"وقيل: المودة والرحمة: عطف قلوبهم بعضهم على بعض. وقال السُدِّي: المودة المحبة، والرحمة الشفقة. وروي معناه عن ابن عباس قال: المودة: حب الرجل امرأته، والرحمة: رحمته إياها أن يصيبها بسوء.. ".
وقال السعدي- يرحمه الله -:
{لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}: بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة، فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها؛ فلا تجد بين اثنين في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة.. "!
فرصيد الفطرة وما جُبِلت عليه النفوس مكفول من رب العالمين، وليست المودة والرحمة - وسائر المشاعر الإنسانية - مما يُباع ويُشترى، لكن ما تفتقر إليه بعض البيوت بحق هو تنمية هذه النعمة والحفاظ عليها من تقلبات النفوس والأحوال.. !
حاول جهدك أن تخلع همومك عند عتبة الباب، وادخل إلى بيتك وزوجك وصغارك باسماً هاشاً؛ وتذكَّر لهفتهم إلى لقائك، وترقبهم مجيئك.. !
وأنتِ أيتها الزوجة الربَّانية كوني عوناً لزوجك على الشيطان؛ فإذا اعتراه ما يعتري الناس من الضيق والهم، التمسي له العذر وقابليه بالإشفاق عليه، وامسحي همه بكلمة حنون عند أول نظرة إلى وجهه..
ولكِ عليه بدوره إذا لقيك مهمومة عند ولوجه إلى البيت أن يلتمس العذر؛ مما يعلمه من مشكلات الصغار وأعباء المنزل، فيفاجئك بابتسامة ودعابة تملأ البيت سروراً وانشراحاً!
فقط.. بقليل من التماس العذر.. وإحسان الظن.. والعطف والشفقة؛ تصلح البيوت وتستقيم الحياة على منهاج الشرع الحكيم، وهدي النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -.
ما أحوج مَنْ بداخل بيوتنا إلى كثير من أخلاقياتنا مع آخرين خارجها.. !
http://www.asyeh.com المصدر :
ـــــــــــــ
من أجل غد أفضل
.. أسرة تعيش في جو من المحبة.. جو من المودة.. جو من التفاهم.. جو من التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر في غير معصية.. طاعة.. عبادة.. روحاينة.. إيمان يخيم على سماء هذه الأسرة.. أفبعد كل هذا.. نستغرب إن قال الزوجان أنهما يعيشان السعادة الزوجية الحقيقية..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: مع كل فجر يوم جديد.. يوقظنا الأذان بصوته الندي الذي يصفّي النفوس.. ويوقظ الهمم.. ويطرد الشيطان.. ويحل العقد.. يشع نور الإيمان من قلب الزوجين.. فيتفاعلان مع هذه المعاني الرفيعة وهما يرددان كلمات الأذان.. يتفاعلان معها استعداداً لإحياء يوم جديد بإحياء الإيمان في القلوب.. والسكينة في النفوس.. وقبل هذا كانا قد رددا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور). البخاري (8 / 85).
قلت: زوجان يحييان يومهما بتلك المشاعر الجياشة.. ألا تصفو النفوس بعدها وتطمئن الأفئدة والأرواح؟؟!! بلى.
إن في الدنيا جنة من لم يدخلها.. لا يدخل جنة الآخرة.. فالحياة مع الله سعادة لا تنتهي.. ولذة لا تنقطع.. حياة كلها لله..
حياة: الإيمان فيها يلامس أوتار القلب.. يبث في الجوارح لذة السعادة.. وتتردد في جنباتها مناجاة الساجدين ودعاء المحبين..
أسرة تعيش مثل هذه المعاني.. تتقلب في جنة العبادة.. لاشك أن الله يسبغ عليها نعمه الظاهرة والباطنة..
نعمه الظاهرة: بإشاعة السعادة والراحة النفسية بين الزوجين.. صلاح الأبناء والذرية.. التوفيق في العمل.. القبول في الأرض.. الخ.
ونعمه الباطنة: بالرضى.. القناعة في الرزق.. القبول بقضاء الله وقدرة.. والتسليم لأمر الله.. الخ.
قالت (أميرتي) أم عبد الله: وبانعدام الإيمان في القلب.. يختفي النور من الأسرة.. وتختفي السعادة معها.. تزداد الخلافات الزوجية لأتفه الأسباب.. يتشتت الأبناء.. وفي النهاية تنهار البيوت..
قلت: ومن هنا كان السلف يفسرون سبب المشاكل بين الزوجين.. و سوء خلق الزوجة.. و سوء معاملتها.. على أنها من كثرة الذنوب والمعاصي ومخالفة أمر الله..
إننا كثيراً ما ننسى الآخرة في خضم أمواج الحياة الهادرة.. نحن لا ننسى شراء الملابس الجديدة كل عيد.. لا ننسى شراء ألوان الأطعمة والشراب استقبالاً لشهر كريم.. لا نفوت فرصة التخفيضات (التنزيلات) السنوي..
نحن نتسابق ونتنافس في أن تظهر بيوتنا في أبهى صورها وهذا شيء طيب ومطلوب لكن هل نتسابق بنفس الدرجة في أعمال الآخرة؟؟!!
أيها الزوجان الكريمان: انظرا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يطرق باب ابنته فاطمة وزوجها علي - رضي الله عنهما - ليلاً وهو يقول لهما: (ألا تصليان).. إنها دعوة إلى التنافس في الخير.. وإلى الخلوة مع الله.. حتى تصفوا الأرواح وتحل البركة.. وفي الحديث (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء) صحيح الجامع برقم (3494).
ولا أظن أن أسرة هذه حالها، يمكن أن ترقى إليها مشكلات أو تحدث بينها فجوات.. بل الخير كل الخير في بيت تعلوه الطاعة والحض على الخيرات..
فعندما يعود كل من الزوجين إلى الله.. تعود الحياة إلى طبيعتها.. فالمحبة الحقيقية تنبع من قلب يقظ يغمره الإيمان.. وطاعة الله تضفي على البيوت السرور..
أحبتي في الله: إنه من المتعارف لدى الجميع.. ولعلها تكون معلومة عند أغلب النساء: (أن أقصر أو أقرب طريق لقلب الزوج، هي المعدة!! ).. ولكن هل حقاً المعدة طريق من الطرق الموصلة إلى قلب الزوج؟؟!!
إن مما لاشك فيه أن الجوع يُحدث خللاً من نوع خاص في أجهزة الجسم.. فيضطرب الفكر.. وربما يضيق الخلق.. خاصة إذا جاء الرجل إلى بيته بعد يوم شاق ولا يجد الطعام قد أعد.. أو أنه أعد بطريقة غير سليمة كأن يجد فيه رائحة احتراق مثلاً..
هنا نجد أن النفس الإنسانية وخاصة عند الجوع، كثيراً ما تشتاق إلى ألوان الطعام والشراب الشهي، وتسعد بذلك وتحب من صنع لها هذا الطعام.. وكذلك يكون العكس..
وفي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها عند الزواج: (التفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة).
والمرأة التي تحترم مواعيد الطعام الخاصة بزوجها.. وفي المقابل تتفنن في إعداد أجود أنواع الأطعمة بحسب ما يتاح لها.. جديرة بأن تكسب ود الزوج واحترامه.. بل ربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك عند بعض الأزواج، فنجده يشكر ويمتدح جودة طعامها وخبرتها الكبيرة في إعداد الأطعمة، عند أقاربه وزملائه..
ولا يعني هذا أن تضيع المرأة الساعات الطوال في إعداد الطعام والتبذير والإسراف.. بل تصنع ما يحب زوجها من غير أن يطغى ذلك على واجباتها الأخرى..
فإذا ما عاد الزوج من عمله والجوع يلهبه.. وجد الطعام معداً، والبيت نظيفاً.. والروائح الزكية تعم المكان.. ووجد زوجته وأميرته تنتظرة حتى تشاركه الطعام.. عندها يبارك الله هذه الأجواء الإيمانية.. وتلك الأسرة الكريمة..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن علاقة المرأة مع زوجها ليست متعلقة فقط بالاهتمام بطعامه وإهمال حقوقه الأخرى، بل على العكس فإن علاقة المرأة مع زوجها فن.. وذوق.. وتجديد.. وابتكار.. يقابلها من الطرف الآخر، تلك الكلمات الجميلة التي يعجز اللسان عن وصفها والتعبير عنها.. فالدنيا متاع.. وجنة تحوي بين حناياها زوجة صالحة.. فيتفيء الرجل ظلالها.. ويتنفس من عبيرها..
هل تعلمين أيتها الزوجة الصالحة أن جمال الحياة يكون في يدك أنتِ؟؟!! ولكن كيف ذاك؟!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: أختي الزوجة.. كوني فنانة في بيتك!! نعم كوني فنانة، ولا أقصد بالفنانة تلك التي تمثل وترقص أو تغني أو.. أو.. وإنما قولي بأن تكوني فنانة، أي أن تكوني فنانة في إدراة بيتك و ترتيبه وتزيينه..
قلت: إذا كان مفهوم الفن، هو البحث عن الجمال الذي يثير الإعجاب في النفس، فيملؤها بهجة وسعادة.. فالمطلوب من كل زوجة أن تكون طبقاً لهذا المفهوم (فنانة في بيتها)..
ونؤكد على ذلك فنقول: البيت السعيد هو الذي يشرق بالنظافة ويروع بالتنسيق، ويضيء بالفن صوراً ولوحات، وينفح بالعطر، وتكملة ذاك الفن وجود المكتبة..
فإن نظافة بيتك تعلن عن نظافتك، وتنسيقه يومئ إلى ذوقك، وضبط أموره يدل على شخصيتك، (فكوني فنانة في بيتك)..(52/17)
قلت: إن الرجل عند عودته من عمله، يعود منهكاً.. فما الذي يعيد إليه نشاطه وحيويته؟!! إنها الزوجة التي تخرجت من كلية الجمال والفن، فتسحره بعطرها الفواح.. وتحفّه بأجنحتها الدفيئة، وتبهره بتنسيقاتها اللطيفة و ترتيباتها العجيبة.. فينشرح صدره.. ويطمئن فؤاده.. وتسكن جوارحه.. فينطلق لسانه بكل ما يحفظ من كلمات الإعجاب والتقدير والثناء.. فيزيد كل ذلك من قربها منه، فينسى كل ما يكدر صفوه..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن لمستكِ الرقيقة تجعل من جدران منزلك الجامدة، مرتعاً للحب والدفء، وثقي بأن باقة صغيرة من الزهور أو إصيصاً هنا وهناك يفيض على عشك بالجمال والعطر، ويهدئ النفوس المتعبة..
وإن مجرد لوحة طبيعية للشروق أو الغروب ترتفع ببيتك درجات لتقول في صمت: هنا إنسانة رفيعة الحس تقدر الفن والجمال..
هنا تبدو الحياة جديدة وكأنها محفوفة بالزهور والورود والياسمين.. فإذا تجمل القمر (الزوج) بنوره.. والشمس (الزوجة) بإشراقها.. والنجوم (الأبناء) بلمعانها.. تجملت الحياة للزوجين..
قلت: وثقي أيتها الزوجة أن وجود مكتبة بسيطة وصغيرة في بيتك، تعلن أنه توجد حياة في نسقها الأعلى.. توجد أشياء أخرى غير الطعام والشراب والنوم تهتم بها الزوجة.. وبمثل هذه الأشياء تسمو المنازل وتطيب الحياة..
وأعود وأقول: ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها.. وتكون أكثر سعادة إن كانت مبنية على طاعة الله..
عندما يأتي المساء.
قلت: عندما يأتي المساء.. احرص عزيزي الزوج على إسعاد زوجتك.. مهما كانت الظروف.. خاصة بعد عناء يوم كامل من العمل والكد.. وسواء كان هذا العمل عادياً أم شاقاً.. فلا بد من السكون.. ولابد من الراحة.. الراحة والاستمتاع، بالكلمة الطيبة.. واللفتة الإنسانية الخلابة.. وحديث القلب والروح.. وهمس المشاعر.. ولمسات الحب الحانية.. كل هذه وأكثر هو ما يسعد كل زوجة.. وسواء انتهى ذلك باللقاء، أم اقتصر المساء على اللفتات واللمسات والهمسات..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: وفي المساء يكون الهناء.. وكثير من الزوجات تنتظر حلول المساء لتنعم بالسعادة الزوجية.. وما أكثر ما ينسى الأزواج أن زوجاتهم تلتمس الحب من الزوج أكثر من اهتمامهن باللقاء.. ولذلك تشتهي الزوجة من زوجها دائماً أن يقدم اللقاء مصحوباً بمظاهر الحب ملفوفاً بدلائل الإعزاز والتكريم والتدليل.. بل ترى كل زوجة أن تقديم الحب أولاً شرط أساسي لنجاح اللقاء..
قلت: وأكثر ما يسعد الزوجة، هو سلوك الزوج الحنون معها.. وتفانيه في البذل والتضحية من أجل سعادتها.. كما وأن استغلال المساء لللقاء فقط دون الجانب الإنساني والعاطفي.. يجعل الزوجة تشعر بأن زوجها لا يحبها لنفسها، بل لمتعته فقط..
عندما يأتي المساء اجعل قلبك مفتوحاً لزوجتك.. اجعل مشاعرك مُلكاً لها.. شاركها الإحساس بالحب وبالمشاعر المتدفقة.. فالزوجة مهما طالت سنوات زواجها تسعد حين تشعر بأن زوجها يحبها ويرغب فيها لشيء أسمى من متعة الجسد..
فإذا عسعس الليل.. وتلامست الأجساد.. وآوى كل حبيب إلى حبيبه.. ولبس كل زوج لباس زوجه {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.. لبس الليل ثوبه المزخرف بلونه البهي لينساب في الحياة.. ويبث السعادة في الوجود..
فعندما يتستر الليل بثوبه الأسود.. يتستر الزوجان.. فتتعانق الأرواح في جو مشحون بالمودة والرحمة.. فهدوء الليل يسكن كل ما في وجداننا من شجون وحنان.. و الأزواج كالأرواح.. جنود مجندة.. ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: والحقيقة التي يجب أن يعرفها كل زوج يرغب في اكتساب قلب زوجته ويصبح زوجاً ناجحاً، أن الزوجة تهتم بالمشاعر أكثر من المتعة الجسدية، وأن كثيراً من الزوجات تشكو من أن الحب عند أزواجهن يبدأ وينتهي في الفراش..
قلت: إنه ينبغي على كل زوج ألا ينسى أن يسمع زوجته بين الفينة والأخرى أعذب الكلمات وأصدق العبارات.. خاصة تلك التي تمتدح جمالها وأناقتها، أو حسن ذوقها.. لماذا؟!! حتى لا يتسرب إلى نفسها تلك المشاعر التي ذكرتها (أميرتي)..
وليعلم الجميع أن التفاهم والحب والحنان والمودة واستمرار كل ذلك، يجب أن يكون على الدوام وليس فقط عندما يأتي المساء..
يوم في حياة أسرة.
ما أجملها من حياة.. وما أجمله من يوم.. يوم في حياة أسرة مسلمة.. يستيقظ الزوج من نومه قبل صلاة الصبح فيوقظ زوجته التقية الصالحة ليصليا معاً قيام الليل.. ثم يذهب ليصلي الصبح في المسجد.. وبعد الصلاة يجلس الزوج يذكر الله - تعالى -حتى تطلع الشمس، والزوجة كذلك.. ثم يصلي ركعتين ويرجع إلى بيته ليجد زوجته قد جهزت له طعام الإفطار.. حضر الزوج وجلس بجانب زوجته، وبدأ يبادلها نظرات الإعجاب والابتسامة لا تفارق محياه.. فيأكلا سوياً ويدعو لها بكل خير.. وبين لحظة وأخرى يرفع لقمة إلى فيّ زوجته.. ثم تحضر له ملابسه فيذهب إلى عملة.. فإذا بها تقول له: (يا زوجي الحبيب اتق الله فينا ولا تُطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع ولانصبر على نار جهنم).. وقبيل خروجه يطبع قبلة على خدها ويودعها..
فيخرج الزوج بعد أن يلقي - عليها السلام - بأحب أسمائها.. فإذا ذهب إلى عمله وبعد ساعتين أو أكثر وفي فترة الراحة، يتصل عليها ويقول لها: (كيف حالك يا حبيبتي ويا زوجتي الغالية.. ) فتسأله الزوجة هل تريد شيئاً؟ فيقول: أبداً سلمك الله، ولكنه الشوق.. هل تريدين أن أحضر شيئاً معي أثناء عودتي؟ فيا لها من مكالمة تبعث في قلبها الحب والحنان.. وفي جسدها الطاقة لخدمة زوجها طوال عمرها..
ثم إذا انتهى عمله يأيتها كل يوم وبحسب القدرة والطاقة بهدية وردة مثلاً أوشريط إسلامي أو كتاب صغير أو كارت فيه أذكار الصباح والمساء.. فهي هدية وإن كانت رخيصة، لكنها غالية في قلب الزوجة..
فإذا دخل الزوج بيته فإنه يذكر ربه أولاً حتى لا يدخل الشيطان بيته أبداً.. ثم يبتسم الزوج في وجه زوجته فإن له بذلك صدقة.. ثم يعطي الزوج الهدية لزوجته، ويجلس ليتناول معها الطعام.. فيعطيها الطعام بيده وهي تفعل معه كذلك.. ويجعلها تشعر معه بالأنس ويتبادل معها الأحاديث الشيقة.. والذكريات الغالية الممتعة.. و الأخبار الطيبة.. ويسألها عن الذي قرأته أوسمعته في هذا اليوم..
كما أنه يكلفها بحفظ جزء يسير من القرآن ويساعدها على الحفظ والمدارسة لكي تصبح أماً صالحة لتربية الأجيال ولصناعة الرجال والأبطال..
ويجعلها في كل يوم تشعر أنها أغلى عنده من أي يوم مضى.. ويجلس يشاورها في أمور الحياة المشتركة بينهما حتى لا تشعر بأنه ليس لها مكانة في هذا العش الجميل ولامنزلة في قلب صاحب هذا العش..
فيعيشون في جنة الدنيا التي تجلب لهم بعد ذلك جنة الآخرة.. فيصبح زوجها الذي أسعدها في الدنيا هو نفس الزوج الذي يشاطرها السعادة في الجنة.. (فيالها من جنة يدخلها المؤمن في الدنيا قبل الآخرة)..
كوني معي وليس عندي.
فرق كبير بين معيشة الزوجة عند زوجها.. أو معه.. فالمعيشة عند الزوج للأكل والشرب والإنفاق عليها فقط.. وإنه لشيء صعب أن تكون الزوجة هكذا.. وهو غير مقبول..
ولكن العيش مع الزوج، يعني أن الزوجة تشارك زوجها وتعيش معه بكيانها وشخصيتها وفكرها.. تشاركه أفراحه وأتراحه.. تتناقش معه في مشكلاته الشخصية.. تشترك معه في تحمل أعبائه.. ويكفي الرجل أن يجد زوجة تمنحه شحنات الحب والمشاركة.. وتخفيف الأعباء، فتنسيه همومه..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: كوني عزيزتي الزوجة دائماً مع زوجك وشاركيه المشاعر.. كوني صديقته وزوجته وحبيبته في آن واحد.. كوني ذكية وتعرفي على ما يجذب انتباهه وعلى ما يعجبه في أي امرأة يراها.. وكوني له كل النساء اللاتي يعجبنه.. وبذلك الذكاء تستطيعين بسهولة ودون مشقة أن تكسبي قلب زوجك وعقله.. عندها يشعر الرجل أن زوجته تعيش معه عن حب ومودة.. وليس عنده على كره و مضد..
سأل أحد الأزواج حكيماً قائلاً: كيف أعرف أن زوجتي تحبني؟ وتعيش معي وليس عندي؟!!
فأجابه الحكيم: إذا فعلت أربعة عشر فعلاً، ثق أنها تحبك وتعيش معك وليس عندك..
1- إذا كانت تحب سيرتك، و تحب من يحبك.
2- إذا لم تغضب إن خالفتها في الرأي.
3- إذا كانت تتأثر بغضبك أو حزنك.
4- إذا كانت تحاول دائماً خلق موضوعات لتحدثك.
5- إذا كانت تستشيرك كلما حاولت الإقدام على فعل أو اتخاذ قرار.
6- إذا كانت تبتهج لهديتك، مهما كانت بسيطة.
7- إذا كانت تحاول التخفيف عنك أو التبرع بالقيام ببعض مهامك.
8- إن كان يقلقها غيابك.
9- إذا كانت تحرص على عملِ كل ما يرضيك، ولا تكرر عملاً يغضبك.
10- إذا كان لا يزعجها ضعف دخلك.
11- إذا كانت تتحمل الأذى في سبيلك.
12- إذا كانت تحاول مشاركتك أفكارك واهتماماتك والدخول إلى عالمك، والاهتمام بهواياتك وعملك.
13- وإذا كانت لا تشعر بالخجل من عملك مهما كان.
13- إذا كانت تحرص دائماً على إبلاغك بالأخبار السارة بنفسها.
قلت: إنها صفات الزوجة الناجحة التي تعيش مع زوجها في سعادة، وليست الزوجة التي تعيش عند زوجها، هي في واد وهو في واد آخر.. وثقي إذا أحسنت فنون التبعل لزوجك.. فزت بسعادة الدنيا وسعادة الآخرة إن شاء الله..
كوني أفضل زوجة..
هل تريدين أن تكوني أفضل زوجة؟ لاشك أن الجواب وبلا تردد (بلى) أود أن أكون أفضل زوجة وبلا منازع..
قلت: إن كنت تريدين أن تفوزي بالدارين، وتكوني أفضل زوجة: فكوني عفيفة طائعة لله.. ولزوجك صابرة وقانعة باليسير.. كوني ذات حياء.. وإن غاب عنك زوجك حفظت نفسك وماله.. إن حضر زوجك أمسكت عنه لسانك..
كوني صادقة.. حليمة عند الغضب.. إذا ضحكتِ تبسمتِ.. وإذا صنعت شيئاً جودتِ.. طائعة لزوجك ملتزمة لبيتك.. عزيزة في أهلك.. ذليلة في نفسك - بمعنى التواضع وعدم التكبر أو الغرور -.. ودودة - أي محبوبة ولطيفة -.. احتفظي بأسرار زوجك.. وتناسي كل ما يدور بينكما من نقاش أو خلاف.. وإياك أن تنقلي إلى أقرب المقربين لك ولو كانت أمك شيئاً مما يدور بينك وبين زوجك..
قلت أيضاً: وتأكدي أن أثقل كلمة على مسمع الزوج كلمة (هات) أو (أعطني).. !! لاشك أنه ملزم بك وبكل ما تطلبين.. ولكن لابد من أن يكون طلبك في الوقت المناسب.. وبطريقة ودودة لا بالأمر المباشر.. ولا تندفعي في غيرتك على زوجك، وإلا تكوني باندفاعك هذا تفسدين حياتك.. فإن فعلت كل ذلك.. كنت أفضل زوجة وبلا منازع..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: بعض الزوجات يعتقدن أن الزواج نهاية مطاف لهن.. لذا يهملن العناية بتجميل أنفسهن، فلا تسريحة شعر جميلة للزوج.. ولا ثوباً أنيقاً خاصاً بالنوم.. ولا أسلوب جميل ولطيف في الحديث.. ولا.. ولا.. وثقي أن فعل هذه الأشياء ممالا يجعل الزوج سعيداً نفسياً.. وإياك أن تسلكي سلوك هؤلاء.. وثقي أن الزوجة الفاضلة العاقلة هي التي تستطيع أن تطالع زوجها كل يوم بموضعة جديدة وجمال جديد..
قلت: إن هذه الأعمال الصالحة من حسن المعاشرة.. وخدمة الزوج.. والتفنن باستخدام إبداعاتها الأنثوية.. تبسط كل مغريات المحبة والمودة بين الزوجين.. فهي عندما تصلح هندامها ببراعة وفن.. وتختار الألوان الجذابة.. وتتجمل بالحلي.. وتصفف شعرها.. وتقوم بإيماءات وإيقاعات مدروسة، فإنها بكل ذلك تشوّق الزوج، وتوقظ ما فيه من مشاعر وأحاسيس يضطرم بها فؤاده وتموج بها عواطفه..
وتأكدي أن مثلث السعادة الزوجية، تتكون أضلاعه من (الحب والتوافق.. الإشباع العاطفي.. الصفات الفاضلة) وهي التي يجب أن يتحلى بها الزوجان.. فكوني (زوجة فاضلة.. تكن حياتك الزوجية سعيدة هانئة)..
حتى لا يضيع الحب!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد: -
ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها من حياة.. حياة الحب.. حياة السعادة.. الكل يطلبها ويتمناها.. وحتى لا يموت الحب و يضيع!! ويذوب مع إشراقة كل شمس.. خاصة بعد مرور عام أو عامين على الأكثر.. تأملي معي هذه الإشارات..
تقول إحدى الزوجات: أحب زوجي كثيراً.. ولكن جميع من حولي قد اتفقوا على أن هذا الحب لن أجد له أثراً بعد عام أو أكثر.. وأن الذي يدوم بعد تلك السنين هي العِشْرة التي بيننا.. وأما الحب فسيذوب مع إشراقة كل شمس بعد انتهاء ما يسمونه بشهر العسل!! ماذا أفعل كي لا يضيع الحب؟!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إنه ليس المهم أنك تحبين زوجك كثيراً كما تقولين!! ولكن الأهم هو أن يكون زوجك هو الذي يحبك بنفس القدر تقريباً.. وأكثر..
قلت: إن من واجب المرأة أن تكون محبوبة من زوجها.. وأن تتعهد هذا الحب في قلبها وتنميه.. وثقي أن الحب واجب!! وليس حقاً.. لأن طبيعة الرجل التقلب، وأن يخبو حبه إذا لم يجد من يتعهده.. حتى لا يموت الحب..
وإياك أن تكوني يوماً ما مثل كثير من الزوجات اللاتي يهملن أزواجهن بعد الزواج.. حتى يموت في قلوبهم الحب.. ثم بعد ذلك يتعجبن من هذا الحب كيف مات؟!!!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: في أيام الزواج الأولى نجد الزوجة تلبس أحلى ما عندها وتتحلي بأحسن ما لديها وتتحرى النظافة في ملبسها وفي جسدها.. والسلامة في ذوقها والسلاسة والعذوبة في حديثها.. ولا ترضى مطلقاً أن يرى زوجها غرفة ليست على أتم ما تكون من الترتيب والتنظيم.. وتتجنب أن تقول لزوجها أو أمامه كلمة حادة، وإذا قابلت زوجها تحييه بوجه بشوش وابتسامة تذوب فيها الرقة والحنان.. ولاتتورع بأن تخبره كيف أنها كانت تعد الدقائق منذ أن غاب عنها وذهب إلى عمله حتى يعود..
قلت: ما أجمل تلك الحياة وتلك اللحظات.. لو تدوم.. إجابة سمعتها من زوج هارب من بيت الزوجية بعد أن ذاق فيه كل ألوان السعادة في شهر العسل وبعد السنة الأولى من الزواج فقط..
يقول ذاك الهارب: سرعان ما زال كل ذلك الحب.. وانقلبت زوجتي من إنسانة تحبني وتعشقني وتهتم بي أكثر من اهتمامها بنفسها، إلى إنسانة أخرى.. تريد مني أن أحبها فقط لا غير.. أما أنا وحقي فلا تسل..
قلت: هل بعد ذلك نتسائل ونقول لماذا يموت الحب بين الأزواج بعد مرور عام أو أكثر على زواجهما؟!!
الجواب: إن أهمل كل منهما الآخر.. وغرقا في مشاكل الحياة.. مات الحب وضاع..
هل سمعت أخي الزوج / أختي الزوجة: عن زوج مصاب بالخرس الزوجي؟!! وهل شاهدت زوجة مصابة بنفس الفيروس؟!!
الجواب: نعم وهم كثيرون جداً.. فإذا شاهدت رجلاً وامرأة يسيران في الشارع لفترة طويلة دون أن ينطق أحدهما بكلمة واحدة.. فثقي أنهما زوجان مصابان بالخرس الزوجي!!
يقول أحد الأزواج المصابين بهذا الفيروس العجيب!!: إنه ليس مرض على الإطلاق.. بل هو علاج فعّال لتجنب المشاكل والاختلافات!! فبدلاً من التحدث والمعارضة والمناقضة والقيل والقال الذي قد ينتهي بالمشاجرة.. فالأفضل هو السكوت، فينطبق علينا المثل القائل (إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب)..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن ما يحدث لذلك الزوج ولتلك الزوجة، ليس أكثر من هروب من الواقع.. زائد التعرض لمرض أكثر خطورة وهو الملل الزوجي، الذي يعد الآفة الحقيقية لتلك الحياة التي يتحدث عنها ذلك الزوج..
قلت: إن هذا الملل (الخرس) الزوجي الذي ينتاب أحد الزوجين أو كليهما، سببه ودوافعه نفسية كامنة في أغلب الأحيان.. وهي في أساسها الرغبة في التجديد وتغيير الروتين اليومي بسبب تكرار ما يحدث كل يوم من أفعال وتصرفات.. وقد يكون تكرار نفس الحوار بنفس الكلمات، فلا يوجد تجديد أو تغيير في الأسلوب أو الموضوع.. وماذا تكون النتيجة؟!
الجواب: جفاف عاطفي و تباعد وجداني.. ولن أكون مبالغاً إن قلت أن المل (الخرس) الزوجي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى طلاق روحي بين الزوجين!!! وإن استمرا في العيش معاً.. فنجد كلاً من الزوج والزوجة يعيشان تحت سقف واحد ولكنهما منفصلان معنوياً وعاطفياً..
ولكن هل لهذا الفيروس وهذا الداء من علاج؟؟
الجواب: إن مما لاشك فيه أن مثل هذه الأمراض وهذه الأسقام، نكون نحن السبب في وقوعها شعرنا بذلك أم لم نشعر.. لهذا فعلاج هذه الأمراض في أيدينا نحن أيضاً.. وهذه بعض الوصايا والنصائح القيمة والمقتبسة من واقع الحياة..
ـــــــــــــ
من أجل غد أفضل
.. أسرة تعيش في جو من المحبة.. جو من المودة.. جو من التفاهم.. جو من التنازل عن بعض الحقوق للطرف الآخر في غير معصية.. طاعة.. عبادة.. روحاينة.. إيمان يخيم على سماء هذه الأسرة.. أفبعد كل هذا.. نستغرب إن قال الزوجان أنهما يعيشان السعادة الزوجية الحقيقية..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: مع كل فجر يوم جديد.. يوقظنا الأذان بصوته الندي الذي يصفّي النفوس.. ويوقظ الهمم.. ويطرد الشيطان.. ويحل العقد.. يشع نور الإيمان من قلب الزوجين.. فيتفاعلان مع هذه المعاني الرفيعة وهما يرددان كلمات الأذان.. يتفاعلان معها استعداداً لإحياء يوم جديد بإحياء الإيمان في القلوب.. والسكينة في النفوس.. وقبل هذا كانا قد رددا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور). البخاري (8 / 85).
قلت: زوجان يحييان يومهما بتلك المشاعر الجياشة.. ألا تصفو النفوس بعدها وتطمئن الأفئدة والأرواح؟؟!! بلى.
إن في الدنيا جنة من لم يدخلها.. لا يدخل جنة الآخرة.. فالحياة مع الله سعادة لا تنتهي.. ولذة لا تنقطع.. حياة كلها لله..
حياة: الإيمان فيها يلامس أوتار القلب.. يبث في الجوارح لذة السعادة.. وتتردد في جنباتها مناجاة الساجدين ودعاء المحبين..
أسرة تعيش مثل هذه المعاني.. تتقلب في جنة العبادة.. لاشك أن الله يسبغ عليها نعمه الظاهرة والباطنة..
نعمه الظاهرة: بإشاعة السعادة والراحة النفسية بين الزوجين.. صلاح الأبناء والذرية.. التوفيق في العمل.. القبول في الأرض.. الخ.
ونعمه الباطنة: بالرضى.. القناعة في الرزق.. القبول بقضاء الله وقدرة.. والتسليم لأمر الله.. الخ.
قالت (أميرتي) أم عبد الله: وبانعدام الإيمان في القلب.. يختفي النور من الأسرة.. وتختفي السعادة معها.. تزداد الخلافات الزوجية لأتفه الأسباب.. يتشتت الأبناء.. وفي النهاية تنهار البيوت..
قلت: ومن هنا كان السلف يفسرون سبب المشاكل بين الزوجين.. و سوء خلق الزوجة.. و سوء معاملتها.. على أنها من كثرة الذنوب والمعاصي ومخالفة أمر الله..
إننا كثيراً ما ننسى الآخرة في خضم أمواج الحياة الهادرة.. نحن لا ننسى شراء الملابس الجديدة كل عيد.. لا ننسى شراء ألوان الأطعمة والشراب استقبالاً لشهر كريم.. لا نفوت فرصة التخفيضات (التنزيلات) السنوي..
نحن نتسابق ونتنافس في أن تظهر بيوتنا في أبهى صورها وهذا شيء طيب ومطلوب لكن هل نتسابق بنفس الدرجة في أعمال الآخرة؟؟!!
أيها الزوجان الكريمان: انظرا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يطرق باب ابنته فاطمة وزوجها علي - رضي الله عنهما - ليلاً وهو يقول لهما: (ألا تصليان).. إنها دعوة إلى التنافس في الخير.. وإلى الخلوة مع الله.. حتى تصفوا الأرواح وتحل البركة.. وفي الحديث (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء) صحيح الجامع برقم (3494).
ولا أظن أن أسرة هذه حالها، يمكن أن ترقى إليها مشكلات أو تحدث بينها فجوات.. بل الخير كل الخير في بيت تعلوه الطاعة والحض على الخيرات..
فعندما يعود كل من الزوجين إلى الله.. تعود الحياة إلى طبيعتها.. فالمحبة الحقيقية تنبع من قلب يقظ يغمره الإيمان.. وطاعة الله تضفي على البيوت السرور..
أحبتي في الله: إنه من المتعارف لدى الجميع.. ولعلها تكون معلومة عند أغلب النساء: (أن أقصر أو أقرب طريق لقلب الزوج، هي المعدة!! ).. ولكن هل حقاً المعدة طريق من الطرق الموصلة إلى قلب الزوج؟؟!!
إن مما لاشك فيه أن الجوع يُحدث خللاً من نوع خاص في أجهزة الجسم.. فيضطرب الفكر.. وربما يضيق الخلق.. خاصة إذا جاء الرجل إلى بيته بعد يوم شاق ولا يجد الطعام قد أعد.. أو أنه أعد بطريقة غير سليمة كأن يجد فيه رائحة احتراق مثلاً..
هنا نجد أن النفس الإنسانية وخاصة عند الجوع، كثيراً ما تشتاق إلى ألوان الطعام والشراب الشهي، وتسعد بذلك وتحب من صنع لها هذا الطعام.. وكذلك يكون العكس..
وفي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها عند الزواج: (التفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة).
والمرأة التي تحترم مواعيد الطعام الخاصة بزوجها.. وفي المقابل تتفنن في إعداد أجود أنواع الأطعمة بحسب ما يتاح لها.. جديرة بأن تكسب ود الزوج واحترامه.. بل ربما يصل الأمر إلى أكثر من ذلك عند بعض الأزواج، فنجده يشكر ويمتدح جودة طعامها وخبرتها الكبيرة في إعداد الأطعمة، عند أقاربه وزملائه..
ولا يعني هذا أن تضيع المرأة الساعات الطوال في إعداد الطعام والتبذير والإسراف.. بل تصنع ما يحب زوجها من غير أن يطغى ذلك على واجباتها الأخرى..
فإذا ما عاد الزوج من عمله والجوع يلهبه.. وجد الطعام معداً، والبيت نظيفاً.. والروائح الزكية تعم المكان.. ووجد زوجته وأميرته تنتظرة حتى تشاركه الطعام.. عندها يبارك الله هذه الأجواء الإيمانية.. وتلك الأسرة الكريمة..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن علاقة المرأة مع زوجها ليست متعلقة فقط بالاهتمام بطعامه وإهمال حقوقه الأخرى، بل على العكس فإن علاقة المرأة مع زوجها فن.. وذوق.. وتجديد.. وابتكار.. يقابلها من الطرف الآخر، تلك الكلمات الجميلة التي يعجز اللسان عن وصفها والتعبير عنها.. فالدنيا متاع.. وجنة تحوي بين حناياها زوجة صالحة.. فيتفيء الرجل ظلالها.. ويتنفس من عبيرها..
هل تعلمين أيتها الزوجة الصالحة أن جمال الحياة يكون في يدك أنتِ؟؟!! ولكن كيف ذاك؟!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: أختي الزوجة.. كوني فنانة في بيتك!! نعم كوني فنانة، ولا أقصد بالفنانة تلك التي تمثل وترقص أو تغني أو.. أو.. وإنما قولي بأن تكوني فنانة، أي أن تكوني فنانة في إدراة بيتك و ترتيبه وتزيينه..
قلت: إذا كان مفهوم الفن، هو البحث عن الجمال الذي يثير الإعجاب في النفس، فيملؤها بهجة وسعادة.. فالمطلوب من كل زوجة أن تكون طبقاً لهذا المفهوم (فنانة في بيتها)..
ونؤكد على ذلك فنقول: البيت السعيد هو الذي يشرق بالنظافة ويروع بالتنسيق، ويضيء بالفن صوراً ولوحات، وينفح بالعطر، وتكملة ذاك الفن وجود المكتبة..
فإن نظافة بيتك تعلن عن نظافتك، وتنسيقه يومئ إلى ذوقك، وضبط أموره يدل على شخصيتك، (فكوني فنانة في بيتك)..(52/18)
قلت: إن الرجل عند عودته من عمله، يعود منهكاً.. فما الذي يعيد إليه نشاطه وحيويته؟!! إنها الزوجة التي تخرجت من كلية الجمال والفن، فتسحره بعطرها الفواح.. وتحفّه بأجنحتها الدفيئة، وتبهره بتنسيقاتها اللطيفة و ترتيباتها العجيبة.. فينشرح صدره.. ويطمئن فؤاده.. وتسكن جوارحه.. فينطلق لسانه بكل ما يحفظ من كلمات الإعجاب والتقدير والثناء.. فيزيد كل ذلك من قربها منه، فينسى كل ما يكدر صفوه..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن لمستكِ الرقيقة تجعل من جدران منزلك الجامدة، مرتعاً للحب والدفء، وثقي بأن باقة صغيرة من الزهور أو إصيصاً هنا وهناك يفيض على عشك بالجمال والعطر، ويهدئ النفوس المتعبة..
وإن مجرد لوحة طبيعية للشروق أو الغروب ترتفع ببيتك درجات لتقول في صمت: هنا إنسانة رفيعة الحس تقدر الفن والجمال..
هنا تبدو الحياة جديدة وكأنها محفوفة بالزهور والورود والياسمين.. فإذا تجمل القمر (الزوج) بنوره.. والشمس (الزوجة) بإشراقها.. والنجوم (الأبناء) بلمعانها.. تجملت الحياة للزوجين..
قلت: وثقي أيتها الزوجة أن وجود مكتبة بسيطة وصغيرة في بيتك، تعلن أنه توجد حياة في نسقها الأعلى.. توجد أشياء أخرى غير الطعام والشراب والنوم تهتم بها الزوجة.. وبمثل هذه الأشياء تسمو المنازل وتطيب الحياة..
وأعود وأقول: ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها.. وتكون أكثر سعادة إن كانت مبنية على طاعة الله..
عندما يأتي المساء.
قلت: عندما يأتي المساء.. احرص عزيزي الزوج على إسعاد زوجتك.. مهما كانت الظروف.. خاصة بعد عناء يوم كامل من العمل والكد.. وسواء كان هذا العمل عادياً أم شاقاً.. فلا بد من السكون.. ولابد من الراحة.. الراحة والاستمتاع، بالكلمة الطيبة.. واللفتة الإنسانية الخلابة.. وحديث القلب والروح.. وهمس المشاعر.. ولمسات الحب الحانية.. كل هذه وأكثر هو ما يسعد كل زوجة.. وسواء انتهى ذلك باللقاء، أم اقتصر المساء على اللفتات واللمسات والهمسات..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: وفي المساء يكون الهناء.. وكثير من الزوجات تنتظر حلول المساء لتنعم بالسعادة الزوجية.. وما أكثر ما ينسى الأزواج أن زوجاتهم تلتمس الحب من الزوج أكثر من اهتمامهن باللقاء.. ولذلك تشتهي الزوجة من زوجها دائماً أن يقدم اللقاء مصحوباً بمظاهر الحب ملفوفاً بدلائل الإعزاز والتكريم والتدليل.. بل ترى كل زوجة أن تقديم الحب أولاً شرط أساسي لنجاح اللقاء..
قلت: وأكثر ما يسعد الزوجة، هو سلوك الزوج الحنون معها.. وتفانيه في البذل والتضحية من أجل سعادتها.. كما وأن استغلال المساء لللقاء فقط دون الجانب الإنساني والعاطفي.. يجعل الزوجة تشعر بأن زوجها لا يحبها لنفسها، بل لمتعته فقط..
عندما يأتي المساء اجعل قلبك مفتوحاً لزوجتك.. اجعل مشاعرك مُلكاً لها.. شاركها الإحساس بالحب وبالمشاعر المتدفقة.. فالزوجة مهما طالت سنوات زواجها تسعد حين تشعر بأن زوجها يحبها ويرغب فيها لشيء أسمى من متعة الجسد..
فإذا عسعس الليل.. وتلامست الأجساد.. وآوى كل حبيب إلى حبيبه.. ولبس كل زوج لباس زوجه {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.. لبس الليل ثوبه المزخرف بلونه البهي لينساب في الحياة.. ويبث السعادة في الوجود..
فعندما يتستر الليل بثوبه الأسود.. يتستر الزوجان.. فتتعانق الأرواح في جو مشحون بالمودة والرحمة.. فهدوء الليل يسكن كل ما في وجداننا من شجون وحنان.. و الأزواج كالأرواح.. جنود مجندة.. ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: والحقيقة التي يجب أن يعرفها كل زوج يرغب في اكتساب قلب زوجته ويصبح زوجاً ناجحاً، أن الزوجة تهتم بالمشاعر أكثر من المتعة الجسدية، وأن كثيراً من الزوجات تشكو من أن الحب عند أزواجهن يبدأ وينتهي في الفراش..
قلت: إنه ينبغي على كل زوج ألا ينسى أن يسمع زوجته بين الفينة والأخرى أعذب الكلمات وأصدق العبارات.. خاصة تلك التي تمتدح جمالها وأناقتها، أو حسن ذوقها.. لماذا؟!! حتى لا يتسرب إلى نفسها تلك المشاعر التي ذكرتها (أميرتي)..
وليعلم الجميع أن التفاهم والحب والحنان والمودة واستمرار كل ذلك، يجب أن يكون على الدوام وليس فقط عندما يأتي المساء..
يوم في حياة أسرة.
ما أجملها من حياة.. وما أجمله من يوم.. يوم في حياة أسرة مسلمة.. يستيقظ الزوج من نومه قبل صلاة الصبح فيوقظ زوجته التقية الصالحة ليصليا معاً قيام الليل.. ثم يذهب ليصلي الصبح في المسجد.. وبعد الصلاة يجلس الزوج يذكر الله - تعالى -حتى تطلع الشمس، والزوجة كذلك.. ثم يصلي ركعتين ويرجع إلى بيته ليجد زوجته قد جهزت له طعام الإفطار.. حضر الزوج وجلس بجانب زوجته، وبدأ يبادلها نظرات الإعجاب والابتسامة لا تفارق محياه.. فيأكلا سوياً ويدعو لها بكل خير.. وبين لحظة وأخرى يرفع لقمة إلى فيّ زوجته.. ثم تحضر له ملابسه فيذهب إلى عملة.. فإذا بها تقول له: (يا زوجي الحبيب اتق الله فينا ولا تُطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع ولانصبر على نار جهنم).. وقبيل خروجه يطبع قبلة على خدها ويودعها..
فيخرج الزوج بعد أن يلقي - عليها السلام - بأحب أسمائها.. فإذا ذهب إلى عمله وبعد ساعتين أو أكثر وفي فترة الراحة، يتصل عليها ويقول لها: (كيف حالك يا حبيبتي ويا زوجتي الغالية.. ) فتسأله الزوجة هل تريد شيئاً؟ فيقول: أبداً سلمك الله، ولكنه الشوق.. هل تريدين أن أحضر شيئاً معي أثناء عودتي؟ فيا لها من مكالمة تبعث في قلبها الحب والحنان.. وفي جسدها الطاقة لخدمة زوجها طوال عمرها..
ثم إذا انتهى عمله يأيتها كل يوم وبحسب القدرة والطاقة بهدية وردة مثلاً أوشريط إسلامي أو كتاب صغير أو كارت فيه أذكار الصباح والمساء.. فهي هدية وإن كانت رخيصة، لكنها غالية في قلب الزوجة..
فإذا دخل الزوج بيته فإنه يذكر ربه أولاً حتى لا يدخل الشيطان بيته أبداً.. ثم يبتسم الزوج في وجه زوجته فإن له بذلك صدقة.. ثم يعطي الزوج الهدية لزوجته، ويجلس ليتناول معها الطعام.. فيعطيها الطعام بيده وهي تفعل معه كذلك.. ويجعلها تشعر معه بالأنس ويتبادل معها الأحاديث الشيقة.. والذكريات الغالية الممتعة.. و الأخبار الطيبة.. ويسألها عن الذي قرأته أوسمعته في هذا اليوم..
كما أنه يكلفها بحفظ جزء يسير من القرآن ويساعدها على الحفظ والمدارسة لكي تصبح أماً صالحة لتربية الأجيال ولصناعة الرجال والأبطال..
ويجعلها في كل يوم تشعر أنها أغلى عنده من أي يوم مضى.. ويجلس يشاورها في أمور الحياة المشتركة بينهما حتى لا تشعر بأنه ليس لها مكانة في هذا العش الجميل ولامنزلة في قلب صاحب هذا العش..
فيعيشون في جنة الدنيا التي تجلب لهم بعد ذلك جنة الآخرة.. فيصبح زوجها الذي أسعدها في الدنيا هو نفس الزوج الذي يشاطرها السعادة في الجنة.. (فيالها من جنة يدخلها المؤمن في الدنيا قبل الآخرة)..
كوني معي وليس عندي.
فرق كبير بين معيشة الزوجة عند زوجها.. أو معه.. فالمعيشة عند الزوج للأكل والشرب والإنفاق عليها فقط.. وإنه لشيء صعب أن تكون الزوجة هكذا.. وهو غير مقبول..
ولكن العيش مع الزوج، يعني أن الزوجة تشارك زوجها وتعيش معه بكيانها وشخصيتها وفكرها.. تشاركه أفراحه وأتراحه.. تتناقش معه في مشكلاته الشخصية.. تشترك معه في تحمل أعبائه.. ويكفي الرجل أن يجد زوجة تمنحه شحنات الحب والمشاركة.. وتخفيف الأعباء، فتنسيه همومه..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: كوني عزيزتي الزوجة دائماً مع زوجك وشاركيه المشاعر.. كوني صديقته وزوجته وحبيبته في آن واحد.. كوني ذكية وتعرفي على ما يجذب انتباهه وعلى ما يعجبه في أي امرأة يراها.. وكوني له كل النساء اللاتي يعجبنه.. وبذلك الذكاء تستطيعين بسهولة ودون مشقة أن تكسبي قلب زوجك وعقله.. عندها يشعر الرجل أن زوجته تعيش معه عن حب ومودة.. وليس عنده على كره و مضد..
سأل أحد الأزواج حكيماً قائلاً: كيف أعرف أن زوجتي تحبني؟ وتعيش معي وليس عندي؟!!
فأجابه الحكيم: إذا فعلت أربعة عشر فعلاً، ثق أنها تحبك وتعيش معك وليس عندك..
1- إذا كانت تحب سيرتك، و تحب من يحبك.
2- إذا لم تغضب إن خالفتها في الرأي.
3- إذا كانت تتأثر بغضبك أو حزنك.
4- إذا كانت تحاول دائماً خلق موضوعات لتحدثك.
5- إذا كانت تستشيرك كلما حاولت الإقدام على فعل أو اتخاذ قرار.
6- إذا كانت تبتهج لهديتك، مهما كانت بسيطة.
7- إذا كانت تحاول التخفيف عنك أو التبرع بالقيام ببعض مهامك.
8- إن كان يقلقها غيابك.
9- إذا كانت تحرص على عملِ كل ما يرضيك، ولا تكرر عملاً يغضبك.
10- إذا كان لا يزعجها ضعف دخلك.
11- إذا كانت تتحمل الأذى في سبيلك.
12- إذا كانت تحاول مشاركتك أفكارك واهتماماتك والدخول إلى عالمك، والاهتمام بهواياتك وعملك.
13- وإذا كانت لا تشعر بالخجل من عملك مهما كان.
13- إذا كانت تحرص دائماً على إبلاغك بالأخبار السارة بنفسها.
قلت: إنها صفات الزوجة الناجحة التي تعيش مع زوجها في سعادة، وليست الزوجة التي تعيش عند زوجها، هي في واد وهو في واد آخر.. وثقي إذا أحسنت فنون التبعل لزوجك.. فزت بسعادة الدنيا وسعادة الآخرة إن شاء الله..
كوني أفضل زوجة..
هل تريدين أن تكوني أفضل زوجة؟ لاشك أن الجواب وبلا تردد (بلى) أود أن أكون أفضل زوجة وبلا منازع..
قلت: إن كنت تريدين أن تفوزي بالدارين، وتكوني أفضل زوجة: فكوني عفيفة طائعة لله.. ولزوجك صابرة وقانعة باليسير.. كوني ذات حياء.. وإن غاب عنك زوجك حفظت نفسك وماله.. إن حضر زوجك أمسكت عنه لسانك..
كوني صادقة.. حليمة عند الغضب.. إذا ضحكتِ تبسمتِ.. وإذا صنعت شيئاً جودتِ.. طائعة لزوجك ملتزمة لبيتك.. عزيزة في أهلك.. ذليلة في نفسك - بمعنى التواضع وعدم التكبر أو الغرور -.. ودودة - أي محبوبة ولطيفة -.. احتفظي بأسرار زوجك.. وتناسي كل ما يدور بينكما من نقاش أو خلاف.. وإياك أن تنقلي إلى أقرب المقربين لك ولو كانت أمك شيئاً مما يدور بينك وبين زوجك..
قلت أيضاً: وتأكدي أن أثقل كلمة على مسمع الزوج كلمة (هات) أو (أعطني).. !! لاشك أنه ملزم بك وبكل ما تطلبين.. ولكن لابد من أن يكون طلبك في الوقت المناسب.. وبطريقة ودودة لا بالأمر المباشر.. ولا تندفعي في غيرتك على زوجك، وإلا تكوني باندفاعك هذا تفسدين حياتك.. فإن فعلت كل ذلك.. كنت أفضل زوجة وبلا منازع..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: بعض الزوجات يعتقدن أن الزواج نهاية مطاف لهن.. لذا يهملن العناية بتجميل أنفسهن، فلا تسريحة شعر جميلة للزوج.. ولا ثوباً أنيقاً خاصاً بالنوم.. ولا أسلوب جميل ولطيف في الحديث.. ولا.. ولا.. وثقي أن فعل هذه الأشياء ممالا يجعل الزوج سعيداً نفسياً.. وإياك أن تسلكي سلوك هؤلاء.. وثقي أن الزوجة الفاضلة العاقلة هي التي تستطيع أن تطالع زوجها كل يوم بموضعة جديدة وجمال جديد..
قلت: إن هذه الأعمال الصالحة من حسن المعاشرة.. وخدمة الزوج.. والتفنن باستخدام إبداعاتها الأنثوية.. تبسط كل مغريات المحبة والمودة بين الزوجين.. فهي عندما تصلح هندامها ببراعة وفن.. وتختار الألوان الجذابة.. وتتجمل بالحلي.. وتصفف شعرها.. وتقوم بإيماءات وإيقاعات مدروسة، فإنها بكل ذلك تشوّق الزوج، وتوقظ ما فيه من مشاعر وأحاسيس يضطرم بها فؤاده وتموج بها عواطفه..
وتأكدي أن مثلث السعادة الزوجية، تتكون أضلاعه من (الحب والتوافق.. الإشباع العاطفي.. الصفات الفاضلة) وهي التي يجب أن يتحلى بها الزوجان.. فكوني (زوجة فاضلة.. تكن حياتك الزوجية سعيدة هانئة)..
حتى لا يضيع الحب!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد: -
ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها من حياة.. حياة الحب.. حياة السعادة.. الكل يطلبها ويتمناها.. وحتى لا يموت الحب و يضيع!! ويذوب مع إشراقة كل شمس.. خاصة بعد مرور عام أو عامين على الأكثر.. تأملي معي هذه الإشارات..
تقول إحدى الزوجات: أحب زوجي كثيراً.. ولكن جميع من حولي قد اتفقوا على أن هذا الحب لن أجد له أثراً بعد عام أو أكثر.. وأن الذي يدوم بعد تلك السنين هي العِشْرة التي بيننا.. وأما الحب فسيذوب مع إشراقة كل شمس بعد انتهاء ما يسمونه بشهر العسل!! ماذا أفعل كي لا يضيع الحب؟!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إنه ليس المهم أنك تحبين زوجك كثيراً كما تقولين!! ولكن الأهم هو أن يكون زوجك هو الذي يحبك بنفس القدر تقريباً.. وأكثر..
قلت: إن من واجب المرأة أن تكون محبوبة من زوجها.. وأن تتعهد هذا الحب في قلبها وتنميه.. وثقي أن الحب واجب!! وليس حقاً.. لأن طبيعة الرجل التقلب، وأن يخبو حبه إذا لم يجد من يتعهده.. حتى لا يموت الحب..
وإياك أن تكوني يوماً ما مثل كثير من الزوجات اللاتي يهملن أزواجهن بعد الزواج.. حتى يموت في قلوبهم الحب.. ثم بعد ذلك يتعجبن من هذا الحب كيف مات؟!!!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: في أيام الزواج الأولى نجد الزوجة تلبس أحلى ما عندها وتتحلي بأحسن ما لديها وتتحرى النظافة في ملبسها وفي جسدها.. والسلامة في ذوقها والسلاسة والعذوبة في حديثها.. ولا ترضى مطلقاً أن يرى زوجها غرفة ليست على أتم ما تكون من الترتيب والتنظيم.. وتتجنب أن تقول لزوجها أو أمامه كلمة حادة، وإذا قابلت زوجها تحييه بوجه بشوش وابتسامة تذوب فيها الرقة والحنان.. ولاتتورع بأن تخبره كيف أنها كانت تعد الدقائق منذ أن غاب عنها وذهب إلى عمله حتى يعود..
قلت: ما أجمل تلك الحياة وتلك اللحظات.. لو تدوم.. إجابة سمعتها من زوج هارب من بيت الزوجية بعد أن ذاق فيه كل ألوان السعادة في شهر العسل وبعد السنة الأولى من الزواج فقط..
يقول ذاك الهارب: سرعان ما زال كل ذلك الحب.. وانقلبت زوجتي من إنسانة تحبني وتعشقني وتهتم بي أكثر من اهتمامها بنفسها، إلى إنسانة أخرى.. تريد مني أن أحبها فقط لا غير.. أما أنا وحقي فلا تسل..
قلت: هل بعد ذلك نتسائل ونقول لماذا يموت الحب بين الأزواج بعد مرور عام أو أكثر على زواجهما؟!!
الجواب: إن أهمل كل منهما الآخر.. وغرقا في مشاكل الحياة.. مات الحب وضاع..
هل سمعت أخي الزوج / أختي الزوجة: عن زوج مصاب بالخرس الزوجي؟!! وهل شاهدت زوجة مصابة بنفس الفيروس؟!!
الجواب: نعم وهم كثيرون جداً.. فإذا شاهدت رجلاً وامرأة يسيران في الشارع لفترة طويلة دون أن ينطق أحدهما بكلمة واحدة.. فثقي أنهما زوجان مصابان بالخرس الزوجي!!
يقول أحد الأزواج المصابين بهذا الفيروس العجيب!!: إنه ليس مرض على الإطلاق.. بل هو علاج فعّال لتجنب المشاكل والاختلافات!! فبدلاً من التحدث والمعارضة والمناقضة والقيل والقال الذي قد ينتهي بالمشاجرة.. فالأفضل هو السكوت، فينطبق علينا المثل القائل (إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب)..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن ما يحدث لذلك الزوج ولتلك الزوجة، ليس أكثر من هروب من الواقع.. زائد التعرض لمرض أكثر خطورة وهو الملل الزوجي، الذي يعد الآفة الحقيقية لتلك الحياة التي يتحدث عنها ذلك الزوج..
قلت: إن هذا الملل (الخرس) الزوجي الذي ينتاب أحد الزوجين أو كليهما، سببه ودوافعه نفسية كامنة في أغلب الأحيان.. وهي في أساسها الرغبة في التجديد وتغيير الروتين اليومي بسبب تكرار ما يحدث كل يوم من أفعال وتصرفات.. وقد يكون تكرار نفس الحوار بنفس الكلمات، فلا يوجد تجديد أو تغيير في الأسلوب أو الموضوع.. وماذا تكون النتيجة؟!
الجواب: جفاف عاطفي و تباعد وجداني.. ولن أكون مبالغاً إن قلت أن المل (الخرس) الزوجي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى طلاق روحي بين الزوجين!!! وإن استمرا في العيش معاً.. فنجد كلاً من الزوج والزوجة يعيشان تحت سقف واحد ولكنهما منفصلان معنوياً وعاطفياً..
ولكن هل لهذا الفيروس وهذا الداء من علاج؟؟
الجواب: إن مما لاشك فيه أن مثل هذه الأمراض وهذه الأسقام، نكون نحن السبب في وقوعها شعرنا بذلك أم لم نشعر.. لهذا فعلاج هذه الأمراض في أيدينا نحن أيضاً.. وهذه بعض الوصايا والنصائح القيمة والمقتبسة من واقع الحياة..
1- قالت (أميرتي) أم عبد الله: الزوجة الذكية الناجحة هي التي تحرص كل الحرص على ألا تقع في فخ الملل (الخرس) الزوجي.. عليها أن تكون في نفسها أربع زوجات!! وذلك أن تكون كل يوم متجددة، ليس في المظهر فحسب، ولكن في كل شيء، قادرة دائماً على خلق جو متجدد دائم في المنزل، تظهر دائماً لزوجها بمظهر لائقع جذاب متغير ومتجدد من ناحية الملبس وشكلها العام وطريقتها في التجمل وتصفيف شعرها وتجديد وتنويع الرتوش الإضافية وأنواع المكياج والعطور.. وتشعر زوجها بأنها دائماً عروس متجددة..
2- والزوج أيضاً له أن يكون متجدداً ومتغيراً.. فكما يحب من زوجته أن تتجمل له، عليه أن يجيد الطرق التي يتجمل فيها لزوجته..
3- كما ويمكن استخدام اللباقة في الحديث الجذاب، الذي يضفي جو المرح المهذب، وإثارة الموضوعات الشيقة وعرضها بصورة لطيفة لا تثير الجدل..
4- التجديد في المنزل.. من ترتيب للأثاث وتغيير لأماكنها وتنويع في الديكورات.. الخ، كل ذلك له دور في علاج هذا المرض..
5- زيارة الأهل والأصدقاء..
6- الخروج من المنزل والمشي على شاطئ البحر، أو في الحدائق العامة ولو مرة واحدة في الأسبوع.. فما أجمل تلك اللحظة حين تتشابك الأيادي، وأنت قابض على كفها الرقيق بكل حنان وحب، وكلمات الحب كالشلال المتدفق تخرج من فيك.. تتذاكران اللحظات الجميلة..
7- الابتعاد الجسدي ولو لفترة مؤقتة ليتم الاشتياق.. كأن تذهب الزوجة في بعض الأيام إلى بيت أهلها.. وخلال هذه الفترة يكون الاتصال الهاتفي والسؤال عن الصحة والتلميح الظاهر والخفي.. تجد مؤشر الحب عند كليهما قد وصل ذروته..
8- أثناء الخروج في نزهة أو في سفر بالسيارة، وقد يستغرق هذا الخروج بعضاً من الوقت.. فمن الأفضل أن يقوم أحدهما باصطحاب أحد الموضوعات التي قرأها في كتاب ليتم مناقشتها بشكل شيق.. فذلك له دور كبير في إثراء الجلسة..
9- خططا لوجبة تصنعانها معاً.. أو أي عمل في المنزل تقومان به.. لزيادة العلاقة الحميمة بينكما.. ولامانع من أن تفاجئ جوزتك يوماً بأن تستيقظ قبلها في يوم إجازة وتقوم بتحضير الإفطار لها.. فما أجمله من تصرف وما ألطفه من شعور..
10- المرح والمزاح بين الزوجين سبب وعلاج لكثير من المشاكل الزوجية ومن أهمها الملل (الخرس) الزوجي.. فالرجل يعشق المرأة المرحة التي تتمتع بروح الدعابة وخفة الدم..
11- كن على اتصال دائماً بها.. كلمها في اليوم أكثر من مرة.. قل لها بصدق إنك مشتاق جداً لها وللعودة إلى البيت ورؤيتها.. اتصل بها فقط لتقول إنك كنت تفكر فيها..
12- قد تكون المفاجآة الرومانسية بسيطة.. ولكنها لها أثر جميل على من تحب..
13- الدعاء وذكر الله في جميع الأوقات.. فذكر الله يريح النفس ويشعرها بالطمأنينة..
فن السعادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد: -
ما أجمل الحياة الزوجية وما أسعدها من حياة.. لكن هل السعادة الزوجية حقيقة أم أكذوبة؟؟!!
سؤال طرح على فتاة متزوجة منذ عامين.. وكانت الإجابة غير متوقعة على الإطلاق.. فقد بادرت الفتاة مؤكدة أن الزواج أمر مؤلم وحقيقة صعبة يصطدم بها من جربها وعاش لحظاتها!! وأن كل ما يكتب أو يقال عن السعادة الزوجية هو من قبيل الدعاية في قضايا العلاقات الزوجية!!
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن تلك النظرة للحياة الزوجية من هذه الفتاة، صادرة عن شخص لم يعرف فن السعادة الزوجية.. وبالتالي أخفقت وفشلت في الوصول إلى تلك السعادة أو تذوق حلاوتها، فأصبحت لاترى في الزواج إلاواقعاً مؤلماً وحقيقة صعبة الاحتمال على حد قولها..
قلت: إن السعادة الزوجية ليست حلماً صعب المنال.. وفي نفس الوقت ليست مواصفات ومقاييس يتم اتباعها.. أو جرعات كالدواء يتم تناولها فتتحقق لهم السعادة..
إن السعادة الزوجية فن يجب أن تتقنه كل زوجة.. ويجب أن تؤمن بأن هناك شيء اسمه فن السعادة زوجية.. وتجتهد في سبيل إتقانه.. لتتحقق لها السعادة المنشودة..
إن الحب وحده لا يكفي.. خاصة عند من يدعون إلى الحب قبل الزواج.. وليس الزواج بالطرق التقليدية يعد سبباً في فشل هذه العلاقة.. بل هناك حالات كثيرة تم فيها الزواج بالطرق التقليدية والتي ترفضها الفتاة العصرية حالياً، ومع ذلك استطاعت الزوجة بحنكتها وحكمتها وحنانها ورجاحة عقلها أن تسعد زوجها وتكسب قلبه وعقله، وتواجه كل العواصف الزوجية بشجاعة وثقة.. إذاً المشكلة ليست في طريقة الزواج.. ولكنها في أسلوب التعامل بين الزوجين..
قالت (أميرتي) أم عبد الله: إن تحقيق السعادة الزوجية ليس مرهوناً بأحد الشريكين دون الآخر.. بل هو حصيلة دور مشترك وتفاعل وتفاهم في كل شؤون الحياة.. ولكن الحقيقة التي لاجدال فيها ولامراء أن السعادة الزوجية يقع العبئ الأكبر في تحقيقها على الزوجة!! نعم الزوجة..
قد تقولين لماذا أنا وليس هو؟ لماذا كل شيء على رأس الزوجة؟
الجواب: إن الزوجة هي الطرف الأقدر على إضفاء السعادة على جو الأسرة، بما أوتيت من قدرات على التحمل و الصبر.. وبما تحمله من مشاعر رقيقة وإحساس بالعطف والحنان والحب.. فالمرأة بطبيعتها أكثر رقة من الرجل.. وهي القادرة على أن تكسب قلب زوجها بسهولة إذا عرفت كيف تتعامل معه.. وإذا أتقنت فن السعادة الزوجية.. وإذا نجحت في أن تراعي ما يجب أن تفعله وأن تتجنب ما يكرهه..
فالرجال.. معظم الرجال في داخلهم طفل صغير!! يحتاج إلى التدليل والمداعبة.. يأسره الحب والحنان.. تذيبه اللمسة الرقيقة.. وهو ما تستطيع الزوجة الذكية عمله بسهولة.. لذلك نؤكد على أن مفتاح السعادة الزوجية وفنها في يدك أنتِ..
قلت: الزوجة التي تستطيع أن تبعث الطموح في نفس زوجها وتحمل عنه أعباء الأسرة ومشاكل الأولاد وتشاركه همومه وتسعى جاهدة على إرضائه.. هي الزوجة التي أتقنت فن السعادة الزوجية..
والزوج تسعده الزوجة المطيعة الحنونة.. الزوجة التي تعرف كيف تحب زوجها وكيف تمنحه الحب.. الزوجة القادرة فعلاً على إسعاده..
وفي الختام.. وعند مفترق الطريق.. لكِ هذه الهمسة..
أيتها الزوجة المؤمنة.. كل الناس يرنوا إلى السعادة.. ولكن قلّ من يصيبها أو ينالها.. فأغلبهم يخطئ طريقها.. ونحن المسملون نعلم أن السعادة الحقيقية تنبع أولاً من إيمان الفرد بربه - سبحانه وتعالى - وطاعته وتطبيق منهجه في حياته..(52/19)
وإذا أردت أيتها الزوجة الفاضلة تحصيل السعادة الزوجية.. فإن عليك تصحيح الوجهة.. وذلك يعني أن طاعتك لزوجك يكون منبعها طاعة الله - سبحانه وتعالى -.. وإرضاؤك له غايته إرضاء الله عزوجل..
وهذا يجعلك تغفرين له الزلات وتنظرين إلى ثواب الله في الآخرة قبل ابتغاء الأجر في الدنيا.. وتقابلين الإساءة بالإحسان امتثالاً لقوله - تعالى -{ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}[فصلت/34].. هذا بالنسبة لمن بينك وبينه عداوة!! فكيف بالذي بينك وبينه محبة ومودة ورحمة؟؟!!
وتقبلوا تحيات أخوكم: أبو عبد الله الذهبي.. وأميرتي أم عبد الله..
ملحوظة: لعله إن كان لنا بقية عمر وفسحة في الأجل..أن نكمل المشوار معكم في حلقات أخرى ومواضيع شيقة تحت عنوان (ويبقى الأمل)..والحمد لله رب العالمين..
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
أيهما أولى .. الزواج من بنت البلد أو العربية أو الأجنبية؟
كنت في مجلس مع بعض الأصدقاء والأحباب، ودار الحوار حول أيهما أولى: الزواج من القريبة أم البعيدة، ومن بنت البلد أم الأجنبية؟ ولحسن الحظ أن المجموعة التي تناقش الموضوع لديهم كل هذه التجارب، فأحدنا متزوج من ابنة عمه، والآخر من بنت البلد، والثالث معدد، وإحدى زوجاته أجنبية، والرابع متزوج من عربية من بلد آخر. وكان حواراً جميلاً وغنيَّا بالمعلومات والحقائق التي ربما لا تظهر في الدراسات أو في المقابلات.
وقد شغلنا الموضوع كثيراً لأننا لم نحسم القضية في الجلسة الأولى، ولكني بدأت أبحث فيها وتوصلت إلى حقائق عدة وهي:
1- إن الإسلام دين عالمي مفتوح على الجميع ويسمح بالزواج من الآخر وفق ضوابط وشروط.
2- النبي [تزوج من أقربائه ومن بنات بلده، ومن أجنبية وحيدة، وهي مارية القبطية.
3- الأصل أن يحقق الزواج أهدافه وهي العفة والتناسل وبناء أسرة متماسكة وتحقيق التوازن النفسي.
4- إعطاء الأولوية لصاحب الدين والخلق، سواء أكان قريباً أم بعيداً، وبنت البلد أو الأجنبية وحتى الكتابية ينبغي أن تكون محصنة، أي عفيفات طاهرات.
5- الإسلام حذر من زواج الأقارب لأن هذا الزواج يتسبب في أمراض وراثية قد أثبتها العلم، ولكنه لم ينه عن الزواج من بنات الوطن.
6- هناك قواعد فقهية عدة تساعدنا على اتخاذ القرار مثل: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمصلحة العامة تقدم على الخاصة، وهذا ما قاد عمر الفاروق إلى منع المسلمين من الزواج بأجنبية على الرغم من جوازه.
والآن وبعد هذه الحقائق، وبالنظر إلى الدراسات الاجتماعية والواقع الذي نعيشه، يتأكد لنا أولويات عدة كالتالي:
- الزواج من فتاة بنت البلد أولى من فتاة عربية.
- الزواج من فتاة عربية أولى من فتاة أجنبية.
- الزواج من فتاة أجنبية مسلمة أولى من فتاة أجنبية كتابية.
- الزواج من فتاة أجنبية كتابية شرقية أولى من فتاة أجنبية كتابية غربية.
- الزواج من فتاة أجنبية كتابية غربية والإقامة معها في الوطن أولى من فتاة كتابية غربية والإقامة معها في بلد المهجر.
وهذا ما خلصنا إليه من حيث الأولويات كقاعدة عامة، ولكن كل حالة لها حكمها الخاص، لأننا نعرف أن أكثر حالات الزواج التي حصلت مع أجنبية كانت أثناء دراسة الشباب في الغرب أو وجود المغترب في بلد الاغتراب وأحياناً يكون الدافع لحماية نفسه من الانحراف أو الحصول على جنسية البلد، وكلما اقتربت الدائرة إلى أن يتزوج الشاب من بنت بلده فيكون الانسجام الثقافي والتربوي والبيئي أقرب، مما يشجع على نجاح الزواج، بالإضافة إلى تقليل نسبة العنوسة في البلد نفسه.
ففي السعودية مثلاً أكثر من أربعة ملايين عانس، ولو فتحنا الزواج من الأجنبية على إطلاقه فإننا سنواجه مشكلة اجتماعية كبيرة، وهذا ما فعله عمر الفاروق في زمانه - رضي الله عنه -.
ولو تأملنا في زواج النبي لوجدنا أن نساء النبي كلهنَّ كنَّ من مكة ومن المدينة والجزيرة العربية إلا زوجة واحدة وهي مارية القبطية، وكذلك كان الصحابة.
والمسألة تحتاج إلى تفاصيل كثيرة ربما المقال لا يسعها، ولكني اقترح عمل حملات توعوية إعلانية وإعلامية من أجل اهتمام بناتنا بالجمال الشكلي والجوهري، مما يساهم في زيادة نسبة حالات الزواج من بنت البلد، بالإضافة إلى تشريع القوانين (والناس على دين ملوكهم).
http://www.almutawa.info المصدر:
ـــــــــــــ
هكذا يصبح عدم الانسجام ثالث الزوجين !
فى دنيا الزواج يصارع الواقع الأحلام الوردية، وتزاحم المسئوليات مشاعر البداية الرومانسية، وتدريجيًا، تتقلص مساحات الدفء، وتتسلل البرودة إلى البيت المشترك الذي كان سعيدًا، ويتربع عدم الانسجام على عرش الحياة الزوجية.
لماذا يحدث هذا التحول وكيف يسود التفاهم والانسجام أقدس العلاقات؟
اقتربت من أطراف القضية مباشرة، وسألتهم وأجابوا.
فاتن منير عطية - ربة بيت - ولديها طفلان: في فترة ما قبل الزواج يرى المرء أجمل الأشياء والصفات في الطرف الآخر، وفجأة يهرب الانسجام تدريجيًا بين الزوجين لأسباب عديدة منها أن الاثنين أصبحا جسدًا واحدًا وروحًا واحدة، فلا يحتاج كل طرف لإظهار مشاعره تجاه الطرف الآخر، مع أن الكلمات الرقيقة التي تخاطب الوجدان لها تأثير السحر على المرأة، خاصة إذا كانت حياتها خاوية من الهواية أو الاهتمامات، وأهم عنصر يعمل على هروب الانسجام الروتين اليومي؛ يصبح الزوج كالآلة يقضى معظم ساعات يومه في العمل من أجل الأسرة، فينسى الهدف الأساسي الذي يعمل ويكد من أجله وهو الأسرة وواجباته المعنوية نحوها، والزوجة أيضًا تنسى الاهتمام بمظهرها من أجل شريكها فيضيع الانسجام ويحل محله الروتين الممل بسبب عدم اهتمامها بمظهرها، كما كانت تهتم من قبل الزواج.
غياب الصدق:
ويدعو المحاسب مصطفى إبراهيم صوفي إلى أن يكون الإنسان على طبيعته لا يتجمل ولا يكذب قبل الزواج وبعد الزواج تسقط الأقنعة، ويظهر كل واحد للآخر بالصورة الحقيقية، ويكون هذا سببًا من أسباب هروب الانسجام بينهما.
نجاح مصطفى حسنين - سائق: يهرب الانسجام بين الزوجين بسبب غياب الصدق بين الطرفين، وغياب الكلمة الحلوة التي تضفي جواً من السعادة، بالإضافة إلى الروتين القاتل للحب والسعادة الزوجية، ولكي نحافظ على الانسجام لابد من اهتمام الزوجة بمظهرها وبطريقة حديثها، واختيار الكلام المناسب في الوقت المناسب حتى لا يمل الزوج من حياته معها، ولابد أن يكون الزوج هو الصديق والحبيب؛ لأن الزوجة في حاجة إلى من ترمى بهمومها وأعبائها ومشاكلها بين يديه، ولابد من معالجة كل المشاكل الزوجية بالعقل، وبمنتهى الهدوء وعدم إشراك أي طرف آخر في حلها، ويجب أن يشعر كل طرف أنه في أمس الحاجة لشريك حياته وأن الحياة لن تستقيم بدونه، وأن قيمته تكتمل معه وبه، وأن يُشعر كل طرف الآخر أن سعادته في وجوده وليس في غيابه؛ لأن كل منهما من الآخر وله.
محمد محيى الدين لولى - مدرس اللغة العربية -: يهرب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج بسبب عدم تفهم الحياة الزوجية من قبل الطرفين، ولكي نحافظ على هذا الانسجام يجب عدم إلقاء أحدهما بالمسئولية كلها على الطرف الآخر، فكل طرف مسئول بذات القدر عن تأمين الحياة الزوجية والحفاظ عليها، ويجب ألا يتعالى أحدهما على الآخر، فبعض الأزواج يفخر و يتعالى على زوجته؛ لأنه يوفر كل الاحتياجات المادية، في حين نجد الزوجة تمن بأنه بفضلها ويفضل تعبها وكدها يستقر البيت دون ذكر لأي دور يقوم به الزوج فلا يجب أن تعقد المقارنات بين الزوجين، ويجب أن يعترف كل طرف بفضل الآخر عليه وعلى بيته وعلى حياته.
أشرف عبد القادر على - مدرس إنجليزي: المسؤول عن هروب الانسجام بين الزوجين بعد الزواج الزوجة والزوج فكل طرف منهما مسؤول تجاه الآخر؛ لأنه لابد من تلاشى الروتين في حياتهما ومحاولة التجديد دائمًا، فمثلاً لابد من احترام يوم الإجازة الأسبوعية واستغلالها استغلالاً جيدًا، وأيضًا محاولة الحفاظ على أسلوب الحوار بين الطرفين وسماع كل طرف باهتمام وصراحة تامة مع مناقشة جميع المشاكل الزوجية بمنتهى الحكمة ومحاولة معالجتها بهدوء، أما المسؤولية الكبرى للحفاظ على الانسجام فهي على الزوجة؛ لأنها التي تقوم باستقبال الزوج بعد رجوعه من العمل المفروض أن يجد في بيته كل راحة وبشاشة.
هموم المعيشة
ويقول المتخصصون فى شئون الحياة الزوجية: إن الزوجين كثيرًا ما ينسيان أو تأخذهما هموم المعيشة فيهملان التعامل، والتحدث مع بعضهما وقد علق أحد أساتذة علم النفس بأن الخطيبين يحلمان بتكوين البيت وشكل ترتيبات الفرح وملابس العروسين ورحلة شهر العسل، وما يتبع هذه الفترة من نزهات ومباركة الأهل والأصدقاء، ثم تقف الأحلام عند هذا الحد، وحينئذ يجد الزوجان الشابان أنهما لا يعرفان كيف يتعاملان مع بعضهما في حياتهما اليومية الروتينية، ثم يصفان بعد ذلك الحياة الزوجية بأنها مملة وروتينية وكل واحد منهما في واد مكتفٍ بدوره الذي حدده لنفسه.
ويرى الداعية إبراهيم المرسى السيد: أن على الزوجين أن يتأملا قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1)
وأن يبتعدا عن التشاؤم ويتقبلا الواقع بنفس راضية بالالتزام بأوامر الله - تعالى -الذي أمر بالحرص على حقوق العشرة وأن يخلعا رداء الكبر والتعنت، ويرجعا إلى الله لحل الخلاف ويتفنن كل منهما في خلق جو من التراحم والتواد والألفة، والأهم من ذلك أن يتشاركا في تلاوة القرآن والأذكار لتطمئن القلوب..(أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد: من الآية28)
13/02/2005
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
من ثمرات الزواج
د. سالم عبد الجليل
للزواج ثمرات عديدة، منها: سكن كل من الزوجين إلى الآخر، التعارف والتعاون بين الناس، العفة وإشباع الغريزة، ابتغاء النسل الصالح، وفيما يلي أبين ذلك:
الثمرة الأولى: سكن كل من الزوجين إلى الآخر:
وفي هذا المعنى يقول الله - تعالى -: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم: 21].
قال الإمام الشوكاني: أي من جنسكم في البشرية والإنسانية. (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) أي تألفوها وتميلوا إليها، فإن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ولا يميل قلبه إليه. (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) أي ودادًا وتراحمًا بسبب عصمة النكاح يعطف به بعضكم على بعض من غير أن يكون بينكم قبل ذلك معرفة فضلاً عن مودة ورحمة. [انظر فتح القدير 4/312].
وقال الإمام ابن كثير: خلق لكم من جنسكم إناثًا يكن لكم أزواجًا (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، ولو أنه - تعالى -جعل بني آدم كلهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنس آخر إما من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهنَّ مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إنما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك. [تفسير ابن كثير 3/568].
ولا يتحقق هذا إلا بالتزام كل من الزوجين بشرع الله - تعالى -وهدى نبيه، وذلك بالقيام بواجباتهما.
الثمرة الثانية: التعارف والتعاون بين الناس:
شاء الله - تعالى -أن يخلق الإنسان مدني الطبع، يميل إلى الجماعة ويكره العزلة، وخلق الناس ذكرانًا وإناثًا وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، كما جاء في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات: 13].
قال ابن كثير: جعلهم شعوبًا وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك. (لِتَعَارَفُوا) أي ليحصل التعارف بينهم. [انظر تفسير ابن كثير 4/277].
ولا شك أن الزواج هو أهم أسباب التعارف بين العائلات والأسر ويقوي أواصر الود بينها. والعرب كانوا يقدرون أثر الزواج في هذه الناحية، وزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعض زوجاته كان لهذا الغرض، فاستعان النبي - صلى الله عليه وسلم - به على توطيد دعائم السلم من ناحية ونشر الدعوة من ناحية أخرى، ولا أدل على هذا من قصة جويرية بنت الحارث التي وقعت في الأسر بعد مقتل أبيها وهزيمة قومها (بني المصطلق) فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتق الصحابة رضوان الله عليهم مائة أهل بيت من قومها، وقالوا أصهار رسول الله! فأمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكرهم ووضعت الحرب أوزارها بينه وبينهم بإسلامهم والسبب زواجه من ابنة سيدهم الذي قتل في غزوة بني المصطلق.
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس - أو لابن عم له - وكاتبته على نفسها". قالت: فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني ما لم يخف عليك، فجئتك أستعينك على كتابتي. قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج جويرية بنت الحارث فقال الناس: أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلوا ما بأيديهم. قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"[رواه أحمد].
هذا عن التعارف، أما التعاون فهو واضح، إذ تقوم الزوجة بنصف أعباء الحياة ويقوم الرجل بالنصف الآخر، فالزوجة تهيئ للزوج ما يحتاج إليه ويسعده بالإضافة إلى تربية الذرية، والزوج يسعى ويكدح لطلب الرزق الحلال لنفسه ولأهل بيته، وتتعاون الأسر مع بعضها البعض لتيسير الزواج لأبنائها.
الثمرة الثالثة: العفة وإشباع الغريزة في الحلال:
وهذا مفهوم قول الله - تعالى -: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)[البقرة: 187]، فمعنى قوله - تعالى -: (وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) يعني الجماع، كما قال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم.
وفي الزواج إعفاف النفس عن الحرام وكبح جماحها حتى لا تورد صاحبها مواد الهلكة، ولعل هذا مفهوم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"[متفق عليه].
وأمر الرجل أن ينظر إلى مخطوبته ليطمئن إلى أن هذه هي التي تسره إن نظر إليها وتكون سببًا في أن يغض بصره ويحص فرجه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". [أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي].
فالإسلام دين الفطرة، وهو فقط ينظم ما فطر عليه الإنسان، ولا يمنعه من ممارسة ما يتفق مع فطرته، بل يرفض الإسلام أن يمتنع المسلم عن ممارسة ما تقتضيه الفطرة بهدف التعبد، ولما ذهب ثلاثة نفر إلى بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أنا أصوم الدهر لا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل ولا أرقد، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء. وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وقال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". [أخرجه البخاري وأحمد].
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قضاء الوطر (جماع الزوجة) صدقة، فعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصبح كل يوم على كل سلامى من ابن آدم صدقة". ثم قال: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتسليمك على الناس صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك أهلك صدقة". قال: قلنا: يا رسول الله! أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟ قال: نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه ألم يكن عليه وزر؟ قلنا: بلى. قال: فإنه إذا جعلها فيما أحل الله - عز وجل - فهي صدقة". [أخرجه أحمد وأبو داود وأصله في مسلم].
الثمرة الرابعة: ابتغاء النسل الصالح والولد المبارك:
والتناسل هو النتيجة الطبيعية لالتقاء الزوجين الذكر والأنثى، وهو حتمي لاستمرار حياة الكائنات، ويعتبر التناسل أهم ثمرات الزواج، ولقد أشار الله - تعالى -إلى هذا المعنى فقال - سبحانه -: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)[البقرة: 187]. قال ابن عباس ومجاهد والحكم بن عيينة والحسن والسدي والربيع والضحاك: معناه ابتغوا الولد، ويؤكد هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم"[أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي].
والتناسل يمثل غريزة فطرية عند الإنسان كغيره من الكائنات؛ لأن الله - تعالى -قدر أن يكون البقاء بالتزاوج ومن ثم التناسل، قال - تعالى -: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ)[آل عمران: 14].
أنبياء الله - تعالى -والذرية:
الأنبياء بشر لهم من الآمال مثل ما لباقي البشر، لكنهم يتميزون بأنهم يريدون من كل شيء أكمله وأحسنه وغايتهم نبيلة فيطلبون من الله - تعالى -الذرية لكنهم يقيدون طلبهم بالذرية الطيبة الصالحة التي تكون امتدادًا لهم وسببًا في انتشار دعوتهم، فهذا إبراهيم - عليه السلام - يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)[الصافات: 100]. وهذا زكريا - عليه السلام - يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)[آل عمران: 38].
مما ينبغي أن نقف أمامه في دعاء النبيين الكريمين - عليهما السلام - هو طلب الذرية الطيبة الصالحة وليس مجرد الذرية، ولئن قلنا إن من ثمار الزوج ابتغاء الأولاد الذين هم زهرة الحياة الدنيا، فبهم تسعد النفس، وبسببهم ينشرح الصدر، لكن يجب أن ندرك أن الإسلام في نظرته إلى الأولاد لا يهتم بالكم (العدد) ولا بالنوع (الذكر والأنثى) ولكن بالكيف، فمريم - عليها السلام - امرأة لكنها أفضل من ملايين الرجال، ووضعت للدنيا بفضل الله أحد أولى العزم من الرسل.
ولهذا يجب على المسلم أن يعني بأبنائه وأن ينشئهم على تعليم الدين، وأن يعلمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وأن يعدهم لمسايرة ركب التطور السريع في الحياة حتى ننشئ نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه وحتى نكون أكثر قوة وقدرة على تحمل تبعات مجتمعنا في مسيرته الصاعدة نحو المعالي.
وليكن قدوتنا أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أنهم حينما طلبوا الذرية لم يطلبوا مطلق كثرة العدد، لكنهم طلبوا ذرية طيبة وصالحة كما سبق فأجيب إبراهيم بإسماعيل وإسحاق، وأجيب زكريا بيحيى عليهم جميعًا من الله السلام فالقضية ليست في الكم لكنها في الكيف، وعباد الرحمن الذين توجهوا إلى الله في دعائهم بطلب الذرية طلبوا منه - سبحانه - أن يرزقهم الذرية التي تقر بها أعينهم وتدخل السرور على نفوسهم، ولا يتم ذلك إلا بالذرية الصالحة القوية، التي يرجى خيرها ويؤمن شرها ويكون جودها مصدر سعادة وقوة للأسرة والأمة جمعاء.
إننا نريد ذرية ذات علم وذات خلق وذات منعة؛ حتى يرهبها أعداؤها، تنتج أكثر مما تستهلك، نريد ذرية متكاملة ومتماسكة، وغير ممزقة ولا متفرقة ولا منقسمة على نفسها.
الذرية المذمومة:
إن الإسلام في الوقت الذي حث فيه على تكثير النسل، وعده نعمة عظيمة وامتن بها على الآباء فقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[النحل: 72] قضى بصيانة هذه الكثرة من عوامل الضعف وبواعث الوهن، فالإسلام لا يريد نسلاً كثيرًا يملأ الأرض ضعفًا وجهلاً ومرضًا، ولكنه يريد نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه، لا أن يكون غثاء كغثاء السيل المشار إليه في الحديث الشريف لا قيمة له ولا وزن؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قال قائل: أوَ مِنْ قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت". [أخرجه أحمد وأبو داود ورواته ثقات].
وإذا كان الإسلام يطلب من الأمة أن تكون ذات كثرة قوية، فإنه لا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق العمل على تنظيم الأسرة تنظيمًا يحفظ للأسرة قوتها، وقدرتها وطاقتها، وحسن أدائها وقيامها بواجبها، ويحفظ للنسل قوته ونشاطه..
25/10/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
كيف يستمر الحب بين الزوجين أكثر من ربع قرن ؟
جاسم المطوع
عند دراستنا لسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجه خديجة - رضي الله عنها - نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو في الخامسة والعشرين، وكانت خديجة - رضي الله عنها - في الأربعين، واستمر الزواج 25 سنة، 15 سنة قبل البعثة، و10 سنوات بعدها.
والذي يراقب حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة خديجة يلاحظ مدى الحب والمودة التي كانت مكنونة في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - تجاه خديجة - رضي الله عنها -.
ولهذا انطلقت من هذه العلاقة قاعدة مهمة جداً وهي أن الحب من مظاهر الإيمان.(52/20)
فالإسلام عندما جاء أراد نشر رسالة الحب بين الناس، ونجد أن الألفاظ التي فيها شدة ذكرت قليلة في القرآن الكريم مثل ذكر أن الله جبار وردت مرة واحدة، أما الألفاظ التي فيها السلام والمحبة والرحمة فذكرت بشكل كبير في القرآن الكريم.
فالإسلام يدعم علاقة المحبة في كل الاتجاهات وكل الأصعدة، ويعلمنا الحب وإشاعة الحب.
والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - جالساً مع الصحابة، فمر صحابي، فقال رجل: إني أحبه في الله، فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يذهب إلى ذلك الرجل ويقول له: إني أحبك في الله، فذهب وقال له ذلك،...فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يدعم إشاعة الحب بين الناس.
وهذه المفاهيم والقيم إذا استطعنا أن نستثمرها استثماراً حسناً لتغيرت صورة الإسلام على مستوى العالم.
المودة أكبر من الحب
وكلمة الحب لم تذكر حرفياً في القرآن عند الحديث عن القضية الزوجية، وإنما ذكرت كلمة المودة، فهل ذكر المودة نفي للحب؟
والجواب: لا.
فالقرآن ذكر الحب كمصطلح، فالإعجاب أول مراحل الحب، وذلك وضح في قصة موسى - عليه السلام - مع الفتاتين، والذي جعل موسى ينفق 10 سنوات من وقته وجهده لدفع مهر الفتاة.
كما نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حث على الزواج من الودود، فهي الحبيبة بكلماتها وعلاقتها.
اطلعت على دراسات غربية توضح أن عمر الحب 3 سنوات، وفي تعريفهم للحب قالوا: إنه الرومانسي.
لذلك نرى الإعجاز القرآني في ذكر شيء أكبر من الحب في العلاقة الزوجية وسماها المودة.
ومن الممكن أن تستمر العلاقة الزوجية دون حب لكن مع وجود المودة.
أما إذا توفر الحب مع المودة فهذا هو الزواج المثالي.
ربع قرن حب في بيت النبوة
وإذا عدنا لقصة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع زوجه خديجة - رضي الله عنها - وجدنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتذكرها بعد وفاتها بسنوات عديدة، وكان يكرم صديقاتها ويزورهن.
فالوفاء من الصفات النادرة على مر التاريخ وديننا يشجعنا على هذه القيمة.
ولكن كيف استمرت المحبة في بيت النبوة ربع قرن؟ وللإجابة عن ذلك نرجع إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خديجة:
1- آمنت بي حين كذبني الناس.
2- أشركتني في مالها حين حرمني الناس.
3- رزقني الله منها الولد.
فالدعم المعنوي والمادي والوقوف بجانب الزوج والصبر... كل هذه الأمور تدعم الحب.
وهناك أربعة أسباب لاستمرار الزواج:
الحب الصداقة التواصل الاحترام المتبادل فكل سبب من ذلك عمود من أعمدة العلاقة الزوجية.
فالأطفال قد يحلون محل الحب، بينما الصداقة تستمر مهما صعدت العلاقة الزوجية أو هبطت.
أما الطلاق في الإسلام فهو تسريح بإحسان لا حقد فيه ولا انتقام.
مفاهيم خاطئة
وهناك مفاهيم خاطئة في الزواج مثل: أوله عسل وآخره بصل، والزواج مثل البرميل أوله ربع عسل والباقي زفت "مثل صيني"، الزواج مقبرة الحب، الزواج سجن الحياة.
لكننا نجد أن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت كلها عسلاً على الرغم من أنه تزوج 11 امرأة.
وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة: إني رزقت حب خديجة، مما يعني أن الحب يأتي من عند الله مثل المال وغيره.
علامات الحب
وهناك علامات للمحبة منها:
التقدير والاحترام.
اللمسات الحانية.
العطاء والتضحية.
الحديث عن المستقبل.
الاهتمام.
حفظ الأسرار.
التعبير عن الحب.
الدعم وقت البلاء.
وفي دراسة ميدانية حول الحب عند الأزواج بالكويت قال الأزواج: الحب يعني الحنان، واتباع الأمر، ومشاركة الحديث، وألا تحقق معي، وأن تصدق ما أقول، ولا تشك في، وأن تلبس اللباس الجميلة، استشارتي أمام أهلي، لا تنافسني في إدارة البيت، إكثار الوجبات، إشعاري بالأمان.
وقالت الزوجات:أن يحترمني، يشعرني بأني أحسن زوجة، احترام قراراتي، عدم مضايقتي، الكلمات الطيبة، شراء ما يعجبني.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
ـــــــــــــ
فلسفة الزواج السعيد
نور الهدى سعد
الزواج كيان أسرى محكوم «بفلسفة» معينة، وكلما كانت هذه الفلسفة مستندة إلى مرجعية ثابتة حكيمة كانت السعادة من نصيب الزوجين، وكان الاستقرار والصلاح من نصيب المجتمع.
ويتفرد الإسلام بامتلاكه فلسفة معجزة للزواج تجمع بين الواقعية والسمو..ولا تتصادم مع الفطرة البشرية.
حول هذه الفلسفة يتحدث د.أبو اليزيد زيد العجمى - أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة - فيقول:
إن الإسلام رغب في الزواج لبناء الأسرة المسلمة بناء صحيحا قائما على رعاية الحقوق والواجبات، فنظرة الإسلام للزواج نظرة خاصة تقوم على رؤية فلسفية للكون والحياة.
ذلك أن الإسلام دين جماعة وليس دين أفراد، وهذا بنص القرآن الكريم حين تحدث عن الأمة الوسط، واعتبر أن نواة هذه الجماعة أو الطائفة أو الأمة هي رجل وامرأة، وهذه طبائع الأشياء؛ لأن الله - تعالى -خلق الزوجين الذكر والأنثى، وخلق التزاوج بين كل زوجين حتى على مستوى النبات والحيوان، ولكن فقط كان الزواج أو التزاوج بالنسبة للإنسان أمرًا مميزًا، لأنه يحقق فلسفة وجود الأمة التي تحمل الدين الخاتم.
والزواج بين الرجل والمرأة يبني كيانًا معينًا، هذا الكيان عليه أن يحمل عبء الدين الخاتم الذي استوعب كل الأديان، وأضاف إليها مقتضى الخاتمية ومقتضى العالمية، والأسرة هي النواة التي تحقق لهذا الدين حماية وانتشارًا ووجودًا واستمرارًا، ومن هنا كان اهتمام الإسلام بقضية الزواج والرجل والمرأة، وفى كل المجتمعات ينظر إلى الإعراض عن الزواج من جانب بعض الأفراد على أنه شكل من أشكال عدم السواء السيسيولوجى وهذا حقيقي، بل إنه من الناحية العقلية والدينية مرفوض؛ لأنه تعطيل لرسالة الله التي خُلق الإنسان من أجلها.
من أنفسكم:
وقد أعلى الإسلام من علاقة الرجل بالمرأة، فحينما عبر عن العلاقة بينهما استخدم تعبيرًا لا يقف الناس أمامه كثيرًا في معظم الأحيان وهو كلمة «من أنفسكم» في قوله - تعالى -: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} نحن نقف دائمًا عند المودة والرحمة كثمرة ومحصلة للزواج، ولكن ماذا عن أنفسكم؟
إن الله خلق حواء من ضلع آدم، ومقتضى ذلك أن تكون المرأة بعض الرجل، وأن يكون الرجل الكل الذي انبثقت منه المرأة، فهذا هو ما يُولد المودة والرحمة؛ لأن الكل ينبغي أن يعطف على الجزء وأن يحتويه، والجزء ينبغي أن يطيع الكل، فالمنطق أن اليد تطيع الجسد، والمخ يصدر أوامره فيعمل الجسم كله، وعليه فينبغي أن يكون في وعى الرجل والمرأة عند التعامل في نطاق العلاقة الزوجية جزئية «عدم الاستغناء» فلا يستطيع أحدهما الاستغناء عن الآخر، حتى لو اتخذ قرارًا بالاستغناء فإنه يكون قد اتخذ قرارًا يعذب به نفسه، ويضاد به فطرته، ويخالف به دينه.
الجزئية الثانية في الحياة الزوجية والتي قررها القرآن أيضًا في قوله - تعالى -: {وعاشروهن بالمعروف} وقد أسماها بعض العلماء بأنها «كالاتفاق الصامت»، ومعناها أن كل طرف في الحياة الزوجية يترك أو يتنازل عن جزء من حقه لكي نلتقي في نقطة سواء؛ لأن الإصرار على الحقوق كاملة لن تحقق العشرة بالمعروف، وإنما التقدير المتبادل، ومراعاة كل طرف لظروف الطرف الآخر.
ويثير البعض مسألة القوامة في الأسرة على أنها ظلم وقهر للمرأة وسلطة تحكمية في يد الرجل يفعل بها ما يشاء، وفى هذا مغالطة شديدة لمبدأ العشرة بالمعروف، فمسألة القوامة تعرضت لمغالطات شديدة، فالقوامة ليست سوى صلاحية من الصلاحيات يأخذها المدير، وليس من العدل أن تطالب إنسانًا بإدارة مؤسسة ثم تغل يده وتقول له «كن مديرًا ولكن لا تعاقب فلانًا ولا تفعل كذا.. » فلأن الله حمَّل الرجل مسئولية البيت، وجعل له هذه الصلاحية، وهو في الوقت نفسه لم يحرم المرأة من وجودها، بل أوصى الرجل بها خيرًا، فقد قال الله - تعالى -: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}، وقال (- صلى الله عليه وسلم -): «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره فيها خلقًا رضي منها آخر»، فصلاحيات الإدارة هنا تتضح معناها في أنه ليس معنى القوامة أن الرجل أفضل من المرأة، أو أن المرأة أقل من الرجل، ولكن شاء الله - سبحانه - أن يخلق الرجل رجلاً، والمرأة امرأة لكي يعمر الكون، وهذا الفهم الصحيح سيلزم الرجل بأن يفرق في معاملة زوجه بين التقاليد الموروثة وبين الدين الصحيح، فمثلاً إذا قالت المرأة رأيًا وكان فيه الصواب، وتملك معه من الحجج ما يؤيده كان على الرجل أن يقف موقف عمر ويقول: «أصابت امرأة وأخطأ عمر».
فلسفة الأسرة السعيدة:
وعن السعادة الزوجية في ظل القواعد التي وضعها الإسلام لبناء الأسرة أكد الدكتور أبو اليزيد العجمي أن الأسرة السعيدة لا نقصد بها أسرة بدون مشكلات، لأنها في الحقيقة أسرة ليس لها وجود، فالزوجان ليسا ملكين وإنما بشران لهما نوازع تتلاقى أحيانًا، وتتضارب أحيانًا أخرى، والشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم.
ولكننا نقصد بالأسرة السعيدة، الأسرة التي تملك فلسفة لحل المشكلات، وتتم هذه الفلسفة بتحديد المرجعية، فعندما يعلن الزوجان عن بدء حياتهما أن اختيار كل منهما للآخر كان وفق مقياس إسلامي، وأن رسالتهما في الحياة تتفق ومنهج الله، فلابد أن تكون مرجعيتهما عند حل المشكلات تتوافق وما سبق، أي متفقة وشرع الله، ولكن هناك نقطة مهمة في هذا الصدد وهى مدى الالتزام بذلك، فهناك فارق جوهري بين المرأة المسلمة قديمًا، والمرأة المسلمة الآن، فالمسلمة قديمًا كانت لا تعلم فإذا علمت التزمت، أما المسلمة الآن فهي قد تعلم، وإذا علمت جادلت.
وجزء كبير من مشكلاتنا يكون بسبب عدم تحديد المرجعية مما يعرضنا للوقوع في أغلاط المفاهيم، فنخلط التقاليد بالإسلام ونجعل من الإسلام اجتهادًا، فيفهم الرجل أن الرجولة «قهر» وتفهم المرأة أن الأنوثة «لعب على عقل الرجل ومكر به» ولذا نفقد روح التناصح فلا نجد امرأة كالمرأة العربية القديمة التي كانت تنصح ابنتها «كوني له أمة يكن لك عبدًا».
والنقطة الثانية لتحقيق السعادة الزوجية بعد تحديد المرجعية هي تحديد الهدف في الحياة الزوجية، فتحديد الهدف يجعلنا نعلو فوق المشكلات، مما يخفف من غلوائها، فنحافظ على سعادة الأسرة، لأن الكل يعمل لأجل تحقيق هدف متفق عليه سلفًا.
لذا فأحد أسباب سعادة الأسرة أن يكون هدفها البعيد واضحًا، وأن تفكر ليل نهار في وسائل تحقيقه، ومن الممكن أن نختلف - والخلاف في الإسلام أمر واقع - ولكن ينبغي أن يكون شعارنا: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيري خطأ يحتمل الصواب».
السعادة في الواقعية:
والنقطة الثالثة لتحقيق السعادة هي واقعية الأسرة، بمعنى قبول الخطأ، فكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
فعندما يطلب الرجل من زوجته تضحية، إذا بها تراها أحيانًا إجحافًا، ولكن بدلاً من أن يكون المحك هو العقاب واللوم الشديد ينبغي أن يصبح التسامح والتغافر هما عنوان الأسرة، ولو نظرنا إلى تاريخنا الإسلامي نجد السيدة عائشة كانت تتدلل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الرسول كان إنسانًا وزوجًا واقعيًا مدركًا للمرحلة العمرية التي كانت فيها عائشة، وهى في ذلك تختلف عن أم سلمة المرأة الثيب التي تزوجت من قبل وكبر سنها، فهو يعامل كلاً بما يناسبه.
10/03/2005
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
رأس مال الزواج الناجح
فاطمة دعلوش
مما لا شك فيه أنا المتأمل في كل زواج ناجح، يتبادر إلى ذهنه أول وهلة أن رأس ماله مكلف، يتطلب من كلا الطرفين جهودا مضنية لا يتمكن من الظفر بها غير فئة قليلة جدا، ممن يملكون التميز في الصفات والسلوك، لكن الأصل في المسألة غير ذلك وعكس ما نتصور.
فرأس مال الزواج الناجح يمكن تلخيصه في كلمة واحدة قد نطبقها دون أن نعي للفعل معنى ألا وهو المودة.
مفهوم المودة شرعا:
فسر مفهوم المودة بالحب والإحترام معا، من غير انفصال أو اقتصار على أحدهما دون الآخر، وهو شرط أساسي لبناء صرح حياة زوجية ناجحة بمعنى الكلمة، يحب ويحترم كل من الزوجين بعضهما البعض، ساعين معا إلى تحقيق السكن الذي هو رهين بتوفر المودة والرحمة، ويتمثل ذلك في قوله - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)
ولعل معلم الخلق قدوتنا وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - كان له السبق في تحقيق ما تقدم ذكره قال - عليه السلام -: [خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي] حديث صحيح.
والسيرة مليئة بالعبر حول تعامله - عليه السلام - مع أزواجه.
خطوات عملية للحفاظ على المودة الزوجية:
1. يقول حبيبنا المصطفى (تهادوا تحابوا) هذا بشكل عام له أثر بين الناس فكيف تكون درجة أثره على الأزواج، فتبادل الهدايا تعد منهجية ناجحة ورابحة، تعود بالأثر على الزوجة إن هي أهدت ففرح زوجها من فرحها، وإن أهدي لها فرضاها سينعكس خيرا على شكل زيادة اهتمام بزوجها وإكرامه على النحو الذي يهواه.
2. إياك والخجل من البوح بمشاعرك تجاه شرك الحياة، فإن ذلك يزيد من أواصر المحبة ويقوي العواطف ويؤججها لتترجم عبر أشكال مختلفة ومتنوعة.
3. هناك من يعتقد بأن كلمات الحب تبلى ولا يصبح لها معنا- بتقدم السن- فيتم الإستغناء عنها، لكن العكس من ذلك فالحب كلما تجدد يلبس ثوبا جديدا ويأخذ حلة مختلفة تختلف بمدى إبداع الطرفين ولو كانت الكلمة تتكون من حرفين فقط.
4. التنافس على السبق للقيام بالأفعال التي ترضي الطرف الآخر دون تسويف أو انتظار واتكال أحدهما على الآخر، فكم هو جميل أن يعبر الزوج أو الزوجة عن أحساسيه ليفاجأ بنصفه الثاني يرد عليه " سبقتني إلا أنني سأسعى جاهدة أو جاهدا- لأفوز عليك المرة القادمة " فتقوى المنافسة ومن تم الإجتهاد للإتيان بفعل يحبه الطرفين.
5. لا تنس أن نيل حقك الشرعي ليلا يصبح بمثابة اغتصاب إذا لم تتقدمه المودة باقي النهار.
6. استخدام إيماءات العيون و تعابيرها أو ما يصطلح على تسميتها لغة العيون بين الزوجين، فالعيون قد توصل إلى القلوب والأفهام ما لا يقدر اللسان على إيصاله وما تعجز الكلمات على ترجمته.
7. فاقد الشيء لا يعطيه: فكم مرة تنتظر الزوجة أو الزوج مبادرة الآخر سواء في البوح بالمشاعر أو الود على صعيد الأقوال أو الأفعال على أساس الاعتقاد أن من يفتقد للحب من الصعب عليه إشعار الآخر به، وهذا عكس التنافس الذي سبق ذكره، فالطريقة الأمثل هو حسن التعامل ولين الجانب لبعضهما ومبادرة أحدهما إن حس في نفسه شيئا، وسينهل بذلك فاقد المودة، ومن المؤكد أن كل من نهل سيعطي على قدر ما أخذ.
8. التغاضي عن الأخطاء والتماس العذر ولا بأس من فتح نقاش كي تصفى القلوب ولا نترك مجالا للضغينة وبذلك نسد كل منافذ الشيطان، ولابد لهذا النقاش والمصارحة من التسامح القبلي ليبقى هدفه محدد بعيدا عن العتاب الذي قد يستحضر أخطاء الطرف الآخر السابقة، فتجري بذلك الرياح بما لا تشتهيه السفن.
9. مشاركة الزوجين بعضهما البعض في التخطيط لمستقبلهما والتشاور حتى حول المسائل الخاصة لأحدهما، فكم من فكرة أضافها طرف للآخر، تسببت في نجاح الزوج أو الزوجة وتركت بذلك بصمات دائمة فكان لصاحبها الفضل، ومن تم زيادة مكانته عنده وعدم الرغبة في التخلي عنه.
10. لا بد من التزام أدبيات الإسلام - في كل ما سبق ذكره من دعاء ولين جانب وغيره، مع التأكيد أولا وأخيرا على القيام وأداء واجبات كل طرف تجاه سكنه قدر المستطاع والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
لمن يعتبر:
من المؤكد أن العبر كثيرة في كل زواج ناجح مبني على رأس مال مثين، إلا أنه لا يتسع المقال لسرد نماذج زواج موفقة بل يكفي توجيه انتباه القاريء إلى البحث جاهدا عن رأس مال هذا الزواج، ولا محالة سيجد أن سر نجاحه هو المودة الصادقة التي تضفي على العش الأسري أريجا ونسيما زكي يجلب كل من الزوج والزوجة إلى العيش في طمأنينة وهناء، ويخلق لهما الرغبة الكاملة للحفاظ على عشهما وعدم تحطيمه لأسباب واهية كدعوى الرجولة أو بالأحرى التسلط بالنسبة للزوج، وحفظ الكرامة و ماء الوجه أو بالأحرى التكبر بالنسبة للزوجة.
لذا فليتق الله كل من الزوج والزوجة في نفسيهما وفي بعضهما البعض وليسع كل منهما إلى شكر نعمة الميثاق الغليظ الذي وهبهم الله إياه بصونه وعدم تضييعه.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
30 وصية تسعد بها زوجتك
حسان شمسي باشا
السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه. وكثيرون يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم، ولماذا يفشلون في تحقيق هناءة الأسرة واستقرارها.
ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين فلا بد من وجود المحبة بين الزوجين. وليس المقصود بالمحبة ذلك الشعور الأهوج الذي يلتهب فجأة وينطفئ فجأة، إنما هو ذلك التوافق الروحي والإحساس العاطفي النبيل بين الزوجين.
والبيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها، بل لا بد أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين. والتسامح لا يتأتى بغير تبادل حسن الظن والثقة بين الطرفين. والتعاون عامل رئيسي في تهيئة البيت السعيد، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح. والتعاون يكون أدبياً ومادياً. ويتمثل الأول في حسن استعداد الزوجين لحل ما يعرض للأسرة من مشكلات. فمعظم الشقاق ينشأ عن عدم تقدير أحد الزوجين لمتاعب الآخر، أو عدم إنصاف حقوق شريكه.
ولا نستطيع أن نعدد العوامل الرئيسة في تهيئة البيت السعيد دون أن نذكر العفة بإجلال وخشوع، فإنها محور الحياة الكريمة، وأصل الخير في علاقات الإنسان.
وقد كتب أحد علماء الاجتماع يقول: "لقد دلتني التجربة على أن أفضل شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادي الشقاق، هو أنه لا يوجد حريق يتعذر إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء..ذلك لأن أكثر الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور تدريجياً حتى يتعذر إصلاحها".
وتقع المسؤولية في خلق السعادة البيتية على الوالدين، فكثيراً ما يهدم البيت لسان لاذع، أو طبع حاد يسرع إلى الخصام، وكثيراً ما يهدم أركان السعادة البيتية حب التسلط أو عدم الإخلاص من قبل أحد الوالدين وأمور صغيرة في المبنى عظيمة في المعنى.وهناك بعضاً من تلك الوصايا التي تسهم في إسعاد زوجك.
1. لا تُهنْ زوجتك، فإن أي إهانة توجهها إليها، تظل راسخة في قلبها وعقلها. وأخطر الإهانات التي لا تستطيع زوجتك أن تغفرها لك بقلبها، حتى ولو غفرتها لك بلسانها، هي أن تنفعل فتضر بها، أو تشتمها أو تلعن أباها أو أمها، أو تتهمها في عرضها.
2. أحسِنْ معاملتك لزوجتك تُحسنْ إليك. أشعرها أنك تفضلها على نفسك، وأنك حريص على إسعادها، ومحافظ على صحتها، ومضحٍّ من أجلها، إن مرضتْ مثلاً، بما أنت عليه قادر.
3. تذكر أن زوجتك تحب أن تجلس لتتحدث معها وإليها في كل ما يخطر ببالك من شؤون. لا تعد إلى بيتك مقطب الوجه عابس المحيا، صامتا أخرسا، فإن ذلك يثير فيها القلق والشكوك. !
4. لا تفرض على زوجتك اهتماماتك الشخصية المتعلقة بثقافتك أو تخصصك، فإن كنت أستاذا في الفلك مثلا فلا تتوقع أن يكون لها نفس اهتمامك بالنجوم والأفلاك!!
5. كن مستقيما في حياتك، تكن هي كذلك. ففي الأثر: " عفوا تعف نساؤكم " رواه الطبراني. وحذار من أن تمدن عينيك إلى ما لا يحل لك، سواء كان ذلك في طريق أو أمام شاشة التلفاز، وما أسوأ ما أتت به الفضائيات من مشاكل زوجية!!
6. إياك إياك أن تثير غيرة زوجتك، بأن تذكِّرها من حين لآخر أنك مقدم على الزواج من أخرى، أو تبدي إعجابك بإحدى النساء، فإن ذلك يطعن في قلبها في الصميم، ويقلب مودتها إلى موج من القلق والشكوك والظنون. وكثيرا ما تتظاهر تلك المشاعر بأعراض جسدية مختلفة، من صداع إلى آلام هنا وهناك، فإذا بالزوج يأخذ زوجته من طبيب إلى طبيب!!
7. لا تذكِّر زوجتك بعيوب صدرت منها في مواقف معينة، ولا تعيِّرها بتلك الأخطاء و المعايب، وخاصة أمام الآخرين.
8. عدِّل سلوكك من حين لآخر، فليس المطلوب فقط أن تقوم زوجتك بتعديل سلوكها، وتستمر أنت متشبثا بما أنت عليه، وتجنب ما يثير غيظ زوجتك ولو كان مزاحا.
9. اكتسب من صفات زوجتك الحميدة، فكم من الرجال ازداد التزاما بدينه حين رأى تمسك زوجته بقيمها الدينية والأخلاقية، وما يصدر عنها من تصرفات سامية.
10. الزم الهدوء ولا تغضب فالغضب أساس الشحناء والتباغض. وإن أخطأت تجاه زوجتك فاعتذر إليها. لا تنم ليلتك وأنت غاضب منها وهي حزينة باكية. تذكَّر أن ما غضبْتَ منه في أكثر الأحوال أمر تافه لا يستحق تعكير صفو حياتكما الزوجية، ولا يحتاج إلى كل ذلك الانفعال. استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وهدئ ثورتك، وتذكر أن ما بينك وبين زوجتك من روابط ومحبة أسمى بكثير من أن تدنسه لحظة غضب عابرة، أو ثورة انفعال طارئة.
11. امنح زوجتك الثقة بنفسها. لا تجعلها تابعة تدور في مجرَّتك وخادمة منفِّذةً لأوامرك. بل شجِّعها على أن يكون لها كيانها وتفكيرها وقرارها. استشرها في كل أمورك، وحاورها ولكن بالتي هي أحسن. خذ بقرارها عندما تعلم أنه الأصوب، وأخبرها بذلك وإن خالفتها الرأي فاصرفها إلى رأيك برفق ولباقة.
12. أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " رواه الترمذي.
13. توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ، ولا تقارنها بغيرها من قريباتك اللاتي تعجب بهن وتريدها أن تتخذهن مُثُلاً عليا تجري في أذيالهن، وتلهث في أعقابهن.
14. حاول أن توفر لها الإمكانات التي تشجعها على المثابرة وتحصيل المعارف. فإن كانت تبتغي الحصول على شهادة في فرع من فروع المعرفة فيسِّرْ لها ذلك، طالما أن ذلك الأمر لا يتعارض مع مبادئ الدين، ولا يشغلها عن التزاماتها الزوجية والبيتية. وتجاوبْ مع ما تحرزه زوجتك من نجاح فيما تقوم به.
15. أنصتْ إلى زوجتك باهتمام، فإن ذلك يعمل على تخليصها مما ران عليها من هموم ومكبوتات، وتحاشى الإثارة والتكذيب، ولكن هناك من النساء من لا تستطيع التوقف عن الكلام، أو تصبُّ حديثها على ذم أهلك أو أقربائك، فعليك حينئذ أن تعامل الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة.(52/21)
16. أشعر زوجتك بأنها في مأمن من أي خطر، وأنك لا يمكن أن تفرط فيها، أو أن تنفصل عنها.
17. أشعر زوجتك أنك كفيلٌ برعايتها اقتصاديا مهما كانت ميسورة الحال. لا تطمع في مالٍ ورثتْهُ عن أبيها، فلا يحلُّ لك شرعاً أن تستولي على أموالها. ولا تبخل عليها بحجة أنها ثرية، فمهما كانت غنية في حاجة نفسية إلى الشعور بأنك البديل الحقيقي لأبيها.
18. حذار من العلاقات الاجتماعية غير المباحة. فكثير من خراب البيوت الزوجية منشؤه تلك العلاقات.
19. وائم بين حبك لزوجك وحبك لوالديك وأهلك، فلا يطغى جانب على جانب، ولا يسيطر حب على حساب حب آخر. فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى، والقسطاس المستقيم
20. كن لزوجك كما تحب أن تكونَ هي لك في كل ميادين الحياة، فإنها تحب منك كما تحب منها. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي
21. أعطها قسطا وافرا وحظا يسيرا من الترفيه خارج المنزل، كلون من ألوان التغيير، وخاصة قبل أن يكون لها أطفال تشغل نفسها بهم.
22. شاركها وجدانيا فيما تحب أن تشاركك فيه، فزر أهلها وحافظ على علاقة كلها مودة واحترام تجاه أهلها.
23. لا تجعلها تغار من عملك بانشغالك به أكثر من اللازم، ولا تجعله يستأثر بكل وقتك، وخاصة في إجازة الأسبوع، فلا تحرمها منك في وقت الإجازة سواء كان ذلك في البيت أم خارجه، حتى لا تشعر بالملل والسآمة.
24. إذا خرجت من البيت فودعها بابتسامة وطلب الدعاء. وإذا دخلت فلا تفاجئها حتى تكون متأهبة للقائك، ولئلا تكون على حال لا تحب أن تراها عليها، وخاصة إن كنت قادما من السفر.
25. انظر معها إلى الحياة من منظار واحد.. وقد أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنساء بقوله: " أرفق بالقوارير " [1] وقوله: " إنما النساء شقائق الرجال " [2] و قوله: " استوصوا بالنساء خيرا " [3]
26. حاول أن تساعد زوجك في بعض أعمالها المنزلية، فلقد بلغ من حسن معاشرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن المنزلية. قالت عائشة - رضي الله عنها -:
" كان - صلى الله عليه وسلم - يكون في مهنة أهله يعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " [4]
27. حاول أن تغض الطرف عن بعض نقائص زوجتك، وتذكر ما لها من محاسن ومكارم تغطي هذا النقص لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم " لا يفرك (أي لا يبغض) مؤمنٌ مؤمنة إن كرِهَ منها خُلُقاً رضي منها آخر ".
28. على الزوج أن يلاطف زوجته ويداعبها، وتأس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: " فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟ " [5]. وحتى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو القوي الشديد الجاد في حكمه كان يقول: " ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي (أي في الأنس والسهولة) فإن كان في القوم كان رجلا ".
29. استمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب، فقد كان نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - يراجعنه في الرأي، فلا يغضب منهن.
30. أحسن إلى زوجتك وأولادك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: " خيركم خيركم لأهله " [6]. فإن أنت أحسنت إليهم أحسنوا إليك، وبدلوا حياتك التعيسة سعادة وهناء. لا تبخل على زوجك ونفسك وأولادك، وأنفق بالمعروف، فإنفاقك على أهلك صدقة. قال - صلى الله عليه وسلم -: " أفضل الدنانير دينار تنفقه على أهلك ... " [7].
http://www.naseh.net المصدر :
ـــــــــــــ
حينما يطرق المرض بيت الزوجية ( 1 )
فيصل بن سعود الحليبي
حُلُمٌ وادع يأسر مخيلة العروسين، تحلق أطياره الجميلة في سماء فكرهما العابق بالحب والأمل، وترقب أرواحهما إشراقة اللقاء، اللقاء الهانئ الذي لا يكدره تعب ولا ينغصه نصب! به تسافر النفوس بمن أحبت سفر الألفة والمودة، والحنان والرحمة ... يا له من حُلُمٍ تتكرر فصوله في أمسيات الانتظار، على مسرح الخيال، وخلف ستار السعادة..
وكم هي الأحلام الجميلة كثيرة، غير أننا لابد أن نصارح أنفسنا بأن هذه الدنيا مهما أسرّتنا فلابد أن تحزننا، ومهما أسعدتنا فلابد أن تشجينا، وأنه لا سعادة تامة إلا بلقاء الله في جنته، هناك تكمل الفرحة، وتتم البهجة.
والفأل بحياة زوجية طيبة من أروع وسائل نجاحها وبركتها؛ لأن الفأل كله خير، غير أن معرفة الواقع أمر ينبغي ألا نجهله أو نتناساه، حتى تكون النفوس أكثر استعدادًا لتقبله والتعامل معه، فإن من الأمور التي قد تغيب عن العروسين أن الحياة التي ينتظرانها بكل الشوق لابد أن يعتريها النقص والتعب، والمرض والنصب، ولا يعني هذا أبدًا أن يضع الزوجان هذه الهموم الملازمة لحياة كل إنسان نصب أعينهما، فتتراجع خطواتهما عن الفرح والحبور.. كلا.. وإنما لابد من الاستعداد النفسي لكل طارئ أو عارض.
والمرض واحد من نقائص هذه الدنيا وابتلاءاتها، فكيف لو طرق المرض باب الزوجية، كيف سيكون حالهما؟
نعم.. سيقل الأنس.. وتتضاءل المتعة.. غير أن المرض وإن كان سببًا في ذلك إلا أنه وسيلة للألفة مغبون فيها كثير من الأزواج والزوجات على سواء!!
إنني أجدها فرصة ثمينة لتدفق مجرى الحنان بين المحبين، فكم تخفف الشكوى بينهما فيه وجع المرض وآلامه، وكم تتحول الآلام بينهما إلى جسر من العطف والسكن.
وهاهي ذي عائشة - رضي الله عنها - ألمّ برأسها ألمٌ فصاحت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قائلة:
(وَارَأْسَاهْ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وكان قد أرهقه مرض الموت ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ ... فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ ... ) رواه البخاري.
فتأمل كم تخفف كلمات الشكوى من وجع المصاب، لتترك بعدها أثر العافية إن كان فيها رجاء، إنها تنقش في القلوب الصافية أجمل عبارات الوفاء في وقت البلاء.
ويالها من لفتة حانية مغرقة في الحب والرحمة حينما تفيض مشاعر الحبيب على حبيبه في مصابه ليضع يده على مكان الألم ليتمتم بكلمات الله فيتلوها عليه، وليلهج بأدعية النبي - صلى الله عليه وسلم - لحبيبه بالشفاء، فقد قالت عائشة - رضي الله عنها -: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي؛ لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه مسلم.
والزوجان حينما يتبادلان الحنان والعطف في رخائهما تحن أرواحهما لبعضهما في الشدائد والملمات، فلا تجد نفسيهما الأمان إلا حينما يجمعهما ظل واحد، فلا أعلم والله كيف أصف نداءات النبي - صلى الله عليه وسلم - بنبراته المؤثرة وهو يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: (أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا، يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ) رواه البخاري.
وحينما حانت ساعة الوداع لم تملك عائشة - رضي الله عنها - إلا أن ترد للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من حنانه عليها؛ فإنه حينما مَرِضَ مَرَضَ موته وثقل أخذت بيده لتصنع به مثلما كان يصنع بها في مرضها، لكن لقاء الله كان أحب إليه من كل شيء، حتى حكت عائشة - رضي الله عنها - منظر الوفاء هذا فقالت: فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى) رواه مسلم.
والمرض في بيت الزوجية منحة في ثوب محنة، تفوز فيها النفس الطيبة بين الزوجين بالمآثر الرائعة التي لا تنسى، والمواقف الحنونة التي لا تمحى، وتأملا أيها الزوجان الكريمان غبطة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بهذه المآثر لما كانت أكثر حنانًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بها ألصق وأحب، فقد روى البخاري بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُالرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ فَأَمَرَّهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ) رواه البخاري.
إنه في مرضه يحنُّ إليها، وتحنُّ إليه، وتجعله بين سحرها ونحرها، وتشعر بما في نفسه، وتسأله عما في خاطره، لتلبيه له حتى تمزج ريقها بريقه، إنه رسمٌ إبداعي جذّاب للوحة المرض الأليمة ولكن بريشة الحنان وألوان الألفة.
ولندلف إلى بيت الصبر، بيت نبي الله أيوب - عليه السلام - المبتلى بمرضه، لا لنقف على صبره، فذاك صبر ضرب به المثل، ولكن لنرى كيف صبرت زوجته على بلائه، فإنه حينما طال مرضه عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأُخرج من بلده، وأُلقي على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، حتى ضعف حالها، وقلّ مالها فصارت تخدم الناس بالأجر، لتطعمه وتقوم بأوده، وهي صابرة معه على ما حلّ بهما من فراق المال والولد، وما آل إليه حالها في مصيبة مرضه، وضيق ذات اليد وخدمة الناس، بعد السعادة والنعمة والخدمة، ولمّا أنف الناس من خدمتها خوفًا على أنفسهم من بلاء زوجها ولم تجد من تخدمه باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب - عليه السلام -، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناسًا، فلمّا كان من الغد ولم تجد أحدًا تخدمه، باعت ضفيرتها الأخرى بطعام فأتته به، فأنكره وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقًا قال في دعائه: {رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}.
فأي زوجة هذه التي تضحي بحياتها كلها من أجل زوجها المريض، إنها كما قال ابن كثير: امرأة صابرة محتسبة مكابدة صديقة بارة راشدة - رضي الله عنها -.
غير أن الزوجة لمّا كانت أكثر تعرضًا للمرض سواء كان حيضًا أو نفاسًا أو أعراضًا لهما فإنني أجد أن الزوج له النصيب الأوفر من مراعاة زوجته في تعبها ونصبها، ولو لم يكن عليها إلا وهن الحمل لكفاها نصبًا وإرهاقًا.
فإلى كل من ضاق بمرض شريك حياته، أو ملّ من طول انتظار العافية، أو تردد في نشر جناح العطف على حبيبه.. تذكر أن الحياة مواقف فاكسبها لنفسك، أو لحبيبك، أو لكما معًا.
-------------------------------------------
(1) شر في مجلة الأسرة في عدد محرم 1424هـ.
16/4/1423هـ
http://saaid.net المصدر :
ـــــــــــــ
الزواج السري وآثاره الخطيرة
محمود البحيري
ظاهرة جديدة وخطيرة تتشكل حاليًا في بعض مجتمعات المسلمين وخطورتها أنها تتشكل في الخفاء، فلم يعلم بها أكثر الناس الذين من الممكن أن تأخذهم على غرة، وتنالهم من حيث لا يحتسبون في أعز ما يملكون، فهي تختص بالأعراض المصونة والحرمات المكنونة، والأشد خطورة أنها تتم بالمكر والخداع والتحايل على الشرع وتحاول إضفاء صفة الشرعية على ما ليس كذلك، وسبب ذلك الجهل بأحكام الدين الحنيف أو الجرأة على حدوده، ومع الجري وراء قناع زائل وشهوة مؤقتة، والفرار من مسؤوليات اجتماعية مقدمة يتم إلباس الباطل ثوب الحق للتوصل إلى المحرمات باسم ما شرع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
زواج شرعي أم بغاء:
هذه الظاهرة الخطيرة يقوم بها العديد من الشباب جهلاً بالدين أو تجرؤأ عليه، وإقناع الشابات بالزواج سراً سببه الاختلاط الذي يعيش فيه كثير من الناس في أماكن التعليم والعمل والتثقيف والترفيه، يسعى كثير من شياطين الإنس إلى التغرير بالبنات، فيترصد الشاب للشابة كما يترصد السبع لفريسته، ويوهم الشاب الفتاة أنه يحبها ويريد أن يتزوجها، وأن ما يمنع من ذلك هو ضيق ذات اليد عن أن يتقدم في الحال لأهلها طالبًا إياها.
ومع اللقاءات المتكررة يؤثر الشاب على عواطف من يوقعها سوء حظها فريسة في طريقه، ويتفنن في إثارتها وما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، ويدعي لها أنه يمكن أن يتزوجها في السر زواجًا عرفيًا - كما يسمى في بعض الأقطار العربية - أي بلا وثيقة رسمية مسجلة، وعلى هذا يتم العقد دون علم من أهل الفتاة أو من أهل الفتى، ولا يجري أي إعلان أو إشهار، وقد لا يحدد مهر، ولا يقام حفل زفاف ولا وليمة، أو مسكن للزوجين ولا أثاث!
وسبب ذلك خديعة البنات في هذا الأمر هو أن الشاب يقنعها بأنه زواج شرعي لا شبهة فيه، وأنهما سيظلان على هذه الحال حتى تيسر له مؤونة النكاح، فيتقدم لأهلها رسميًا، ويتم الزواج رسميًا دون أن يدري الأهل بما سبق وجرى من عقد.
ويتوصل الشاب بهذا إلى معاشرة الفتاة وكأنها زوجة، حيث يلتقيان في أماكن مخصوصة وأوقات معلومة، ويحرصان مع ذلك على الاحتياط حتى لا يتم حمل يكشف للأهلين الخديعة التي تجري من وراء ظهورهم، وهم عنها غافلون.
ولم يقف الأمر عند هذا، فمع اعتقاد بعض الشباب أن زواجه هذا شرعي، يبقى يغرر بمزيد من الفتيات، فيتزوج في السر مثنى وثلاث ورباع، وكل واحدة منهن لا تدري من الأخرى شيئًا، فإذا ما عرف هذا المجترىء على دين الله فتاة جديدة، سرح إحداهن بغير إحسان ليعقد على الجديدة، وربما تجرأ بعضهم فعقد بهذه الطريقة على ما هو أكثر من أربع، ما دام الأمر لا يكلفه إلا دراهم معدودات.
وماذا يحدث بعد ذلك؟ إن غالب هؤلاء الشباب لا يصدق في وعده، ولا يأتي اليوم الذي يتقدم فيه لأهل الفتاة، وهنا تصير هي رهينة لهذه العلاقة الآثمة، وإذا رأت أن الشاب قد خدعها، وحطم حياتها، فإنها ستجد نفسها مدفوعة إلى درك أكثر سوءاً وربما تنتقل العدوى إلى أخرى بالطريقة نفسها، ويستمر منحدر السقوط حتى يعتاد هذا الفريق من الناس أن يعقد كل سنة، بل كل شهر أو أسبوع زواجًا سريًا جديداً، ويحسبونه هينًا، وهو عند الله عظيم.
وقد فتح هذا الزواج السري الباب واسعًا أمام بعض البنات الصغيرات اللواتي هنّ في سن لا يكاد يصدق، سن ما قبل السادسة عشرة أو ما بعدها، يستمرىء هؤلاء الزواج السري مرات ومرات جريًا وراء الشهوات والأموال، فإذا تركها واحد من أخدانها بحثت هي عن آخر، دون أن تسمع عن شيء اسمه عدة المطلقة، وكيف تسمع والزواج بالأصل باطل، والأهل عنها لاهون، على حين أنها تمتهن كرامتها وكرامتهم، وتصير مضغة في الأفواه، وتعتاد هذا النوع من الزواج البغائي، مما يستوجب من أولي الأمر سن قانون يعاقب على هذه الجريمة التي لم تعرفها مجتمعاتنا من قبل.
وأن بعضهم قد وقع في براثن هذا الزواج السري بحسن نية، وبعضهم يمكن أن يقع فيه بحسن نية كذلك، لذا يجب أن نتفرغ وسعنا لكي نبين لماذا لا يعد هذا الزواج السري زواجًا شرعيًا؟.
الزواج نظام اجتماعي:
إن الزواج في روحه نظام اجتماعي يرقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية والشهوات المادية إلى العلاقة الروحية، ويرتفع به من عزلة الوحدة والانفراد إلى أحضان السعادة وأنس الاجتماع، وهو عقد ارتباط مقدس بين رجل وامرأة يمضيه الشرع ويباركه الله - تعالى -، ولا ينبغي أن يصير مادة للعبث أو المخاطرة والمغامرة، واللعب بالدين والشرع، بل الواجب أن يؤدي إلى حياة استقرار ومعاشرة بالمعروف، وبناء أسرة بالمودة والرحمة، وتأسيس بيت مسلم يقوم على تربية ذرية مسلمة تعبد الله - سبحانه - وتحفظ حدوده، وتنصر دينه.
ولكنا لا نجد شيئًا من ذلك في الزواج السري، فلا ألفة بين أسرتين، ولا إذن لولي، ولا مهر ولا نفقة، ولا مسكن ولا متاع، ولا أسرة ولا أولاد، ولا حياة مشتركة ولا قوامة للرجل، ولا طاعة من المرأة، ولا علم بين الناس، ولا يجري التوارث بين الخليلين... مما يجعلنا نجزم بأن هذا لا يعد زواجًا عرفيًا كما يدعون، ولا شرعيًا كما يريد الله - تعالى .
لقد أمر الله - سبحانه - في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء، فقال - تعالى -: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) [النساء: 25]، وقال جل شأنه: (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) [المائدة: 5]، فأمر بالولي والشهود والمهر والعقد، والإعلان، وشرع فيه الضرب بالدف والوليمة الموجبة لشهرته.
لا نكاح إلا بولي:
ليس للمرأة أن تنفرد بتزويج نفسها من دون رأي أهلها، وليس لولي المرأة أن يتولى إتمام العقد وإنجازه دون استشارتها، فالإسلام يتوسط في ذلك، فيحرص على المشاركة بين المرأة ووليها وأهلها، فللمرأة أن تعرب عن رغبتها ولا تكره على الزواج أبداً، وولي المرأة يتولى إبرام العقد وإتمامه بعد إذنها، وبذلك لا يستقل أي منهما بالعقد، فالمرأة لا تنفرد بتزويج نفسها دون أهلها، ولا وليها ينفرد بتزويجها دون رأيها، وليس في هذا حجر على حرية المرأة في الاختيار، ولكنه حرص على تحقيق الاطمئنان الكامل في الحياة الزوجية وضمان المشاركة والمصاهرة بين أسرتين بعلائق قوية ودية يشهدها ويباركها.
والزواج ليس علاقة بين الرجل و المرأة تنشأ في فراغ اجتماعي، ولكنه علاقة بين أسرتين وعائلتين قائمة بالمودة والرحمة والتناصر، فيكون منع المرأة من الاستقلال بالعقد رعاية لحق أسرتها في أن تكون العلاقة الزوجية سببًا في توطيد أواصر المودة بين أسرة الرجل وأسرة المرأة، ويضاف إلى هذا أن النصوص عن الكتاب والسنة لا تدل قطعاً على حق المرأة في الاستقلال بالعقد، إن من تكريم الإسلام للمرأة منحها حقها في اختيار زوجها، ولكن ليس ذلك في السر أو من وراء أسرتها، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - تبين كيف تكون المشاركة في الاختيار، ومن ذلك مارواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن] قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت].
وإذا رفضت المرأة رجلاً فليس لوليها أن يكرهها على الزواج منه لقوله - صلى الله عليه وسلم – فيما رواه مسلم: [الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها] وليس معنى أنها أحق بنفسها أن وليها لا حق له، بل له حق، ولكنها أحق عند المفاضلة إذا تعارضا بالقبول والرفض.
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة، فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والسنة تبيّن أن النكاح بلا ولي باطل قطعًا، ومن ذلك ما رواه ابن حبان والحاكم وصححاه عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا نكاح إلا بولي] وروى ابن حبان والحاكم أيضًا وغيرهما عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال [أيما امراة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، بنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له].
ومنه أيضًا ما روه ابن ماجه والدارقطني بإسناد رجاله ثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها] وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب، - رضي الله عنه -، أنه قال: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان".
الإشهاد والإعلان:
الغرض من الإشهاد في الزواج هو الإشهار، فإذا اتفق من يريدان الزواج مع الشهود على كتمان أمر زواجهما يقضي ذلك على العقد بعدم الصحة، لأن كتمان الزواج قام مقام عدة الشهادة، أو ألغى الهدف منها.
وأوجب الإسلام إعلان النكاح، وندب إلى إشهاره بالضرب على الدفوف وإظهار الفرح والسرور، والإحتفال به ومشاركة كل من أسرتي الزوج والزوجة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف].
ومن الأحاديث التي تنص على وجوب الإعلان كذلك ما رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أعلنوا النكاح]، وما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح].
ويفرّق الإمام ابن القيم بين الزواج الشرعي والزوج الباطل بقوله "وشَرَط في النكاح شروطًا زائدة على مجرد العقد، فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها، كاشتراط إعلانه، إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما معًا، واشترط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وأوجب فيه المهر، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - وسر ذلك: أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، كما في الأثر: "المرأة لا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، فإنه لا تساء زانية تقول: زوجتك نفسي بكذا سراً من وليها، بغير شهود ولا إعلان، ولا وليمة، ولا دف، ولا صوت، إلا فعلت، ومعلوم قطعًا أن مفسدة الزنى لا تنتفي بقولها: أنكحتك نفسي، أو زوجتك نفسي، أو أبحتك مني كذا وكذا، فلو انتفت مفسدة الزنى بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل، فعظم الشارع أمر هذا العقد، وسد الذريعة إلى مشابهة الزنى بكل طريق" أ. هـ.
عقد مؤقت وزنى مقنع:(52/22)
يتفق الطرفان في هذا النكاح وقت إبرامه على أنه مؤقت إلى حين أن يتيسر للرجل التقدم لأهل المرأة، وليتم الزواج رسميًا بمعرفتهم، وبهذا تعد نية الزواج الأول مؤقتة، وكثيراً ما يعرض للطرفين عارض يحول دون نية الإعلان الرسمي للزواج مستقبلاً، فلا يتقدم الرجل للمرأة.
وكثير من الشباب المخادع استغل جهل البنات وهو لا يقصد زواجًا، ولا هو في نيته بل يريد أن يعقد عقداً لا يقصده ليتمكن من الاستمتاع بالفتيات دون أن يتحمل مسؤوليات الزواج الشرعي، وهذا نكاح لا يقع لأنه ليس مقصوداً ولا معقوداً في النية مثل نكاح المحلل حيث المحلل عقد عقداً لا يقصده ولا ينتويه حقيقة لذا حكم الشرع ببطلانه.
بل إن هذا الزواج طريقة خفية يتوصل بها إلى ما هو محرم في نفسه، وهو الزنى، ولأن المقصود بها محرم باتفاق المسلمين، فهي حرام كذلك، وسالكها فاجر ظالم آثم، وكونه يسعى إلى ذلك متخفيًا مخاتلاً أشد ظلمًا وإثمًا، فشره يصل إلى الأسر الآمنة، ويضر الأعراض المصونة من حيث لا تشعر، ولا يمكن الاحتراز عنه، ولهذا أمر الشرع بقطع يد السارق لأنه يستخفي بجرمه، على حين لم يأمر بقطع يد المنتهب والمختلس، ولذلك أيضًا من قتل غيلة يقتل، وإن قتل من لا يكافئه، وكذلك من جحد شيئًا استعاره وأنكره، تقطع يده لعدم إمكان التحرز منه، ولأنه يعد سارقًا.
وهذا النكاح الغريب لم يعرفه العرب في الجاهلية لأنهم كانوا أهل نخوة ورجولة، ولم يشرع في الإسلام ولا وجود له في حياة المسلمين، ولم نر قبل اليوم أناسًا يسعون للزواج سراً وخفية، بل يطلب الناس الزواج إعلانًا وإشهاراً، واجتماعًا ومصاهرة، ولا نظن أحداً يرضى هذا النكاح لا أخته، أو لابنته ولا حتى لابنه، لأنه خروج على الفطرة السليمة، ومقاصد الاجتماع الإنساني، ومحادة للدين والأخلاق القويمة، بل هو مكر وخداع واستهزاء بآيات الله، ولعب بالشريعة، وتحليل للمحرمات، وانتهاك للمحرمات يأباه العقلاء، ويتخذه غير المسلمين موجبًا للطعن في الدين الحنيف والنيل منه، ومن البيّن أن الإسلام بريء من كل هذه المحدثات التي تشبه حيل اليهود في تحليل الحرام، ولأننا نرى كثيراً من الشباب والشابات يقعون في هذه الشراك المنصوبة، لذا كان واجبًا أن يبذل الدعاة والمربون والعلماء جهودهم لبيان وجه الحق، وللإنكار على المجترئين والمخادعين والضالين، ولمعالجة الأسباب التي أوجدت هذه الظاهرة، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بينة.
19/08/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
أم زرع عام 2004
غادة أحمد
منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، و بعد أن استمع الحبيب - صلى الله عليه وسلم - إلى حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن نسوة اجتمعن، وتحدثت كل واحدة منهن عن زوجها، وكان من بينهن من تُدعى "أم زرع"، والتي أثنت كثيرًا على زوجها، وعلى الرغم من طول الحديث، وثقل المسؤوليات الملقاة على عاتق الحبيب - صلى الله عليه وسلم -؛ إلا أنه أعطاها من وقته، وفي نهايته قال لها: ألم أكن لك خير من أبي زرع لأم زرع؟
وفي ليلة شاتية من ليالي هذا الزمان ذهبت ببردها آهات دفينة وزفرات حارة انبعثت من صدور نسوة جمعهن حديث أجبر قلمي على تسطير مكنونات نفوسهن....
تساءلت والحيرة بادية على نبرات صوتها: كان في الماضي وفي بداية زواجنا يستوعب أخطائي، ويرشدني بكل الحب والحنان، ويوصيني دومًا بالهدوء والصبر حيال الأولاد وكل من أتعامل معهم، ومرت الأعوام وكبر الأولاد، وأصبحوا على مشارف الجامعة، وتوفر لي من الوقت ما أتاح لي كثرة الاطلاع والقراءة ومتابعة الأخبار، في الوقت الذي أصبح فيه مكتفيًا بما عنده من معلومات قديمة، ورغمًا عنه ولظروف عمله لا يستطيع أن يطور نفسه؛ فإذا دار بيننا حوار أو نقاش حاولت فيه إقناعه بفكرة جديدة، أو رأي آخر أجده ضيق الصدر غير صبور على الحوار، لا يقبل آراءً غير آرائه؛ بل ربما تطور الأمر لأكثر من ذلك وبخاصة إذا كان النقاش حول ما يخص البيت والأولاد، فإذا به يتهمني بمحاولة الانفراد بالقرار داخل الأسرة، و السيطرة عليها...
استشعر توقفًا في النمو الفكري بدأ في الزحف على عقول الرجال، ربما لطحنهم في لقمة العيش، أو للوسط المحيط في العمل والذي لا يشجع على الثقافة والاطلاع..
توقفت عن الحديث ولفها صمت طويل وكأنها تبحث عن الإجابة...
قطع صمتَها تنهُد الثانية؛ فقالت: أما أنا وتحت مسمى القوامة... تلك القيمة السامقة والتي شُوَّهت كثيرًا يريدني أن أتقبل تدخله في كل ما أسمع وأقرأ وأن كل ذلك لابد أن يمر من خلاله أولاً.. أبعد كل هذه السنوات؟ أين الثقة إذًا؟ ومن قال له أن ذلك يدخل في قوامته؟ إن هذا الأسلوب يحق له ممارسته مع أولاده، أما أنا وهو يعلم تمامًا أني لا أخفي عنه شيئًا فهلاّ كان أسلوبه أرق من ذلك؟ ليته حاول إقناعي بدلاً من إصدار الأوامر!!
أما الثالثة بدت وكأن الكلمات تستعصي عليها للدهشة التي أصابتها، وللذهول الذي أخذ منها كل مأخذ عندما تشاجرت معه في إحدى المرات، وهل تخلو أي حياة زوجية من مشاحنات من حين لآخر؟!، فإذا به يفاجئها بقوله: لقد قلت نفس الكلمة التي تلفظت بها منذ ستة أعوام، وأنا احتفظ بالتاريخ عندي باليوم والشهر والسنة.
انعقد لساني ولم أدر بماذا أجيبه، ولكنني عندما هدأت قليلاً تعجبت.. إن من عادة الناس أن يحتفظ الكثير منهم بكل ما يذكرهم بالأوقات والمناسبات السعيدة في هذه الحياة.. فماذا يفعل هو؟
هلاّ تبصر بحقيقة نفسه وأحصى عيوبه وأخطاءه ليحاول إصلاح نفسه بدلاً من أن يرد عليّ بقوله: انصحي نفسك، أنا أعرف نفسي جيدًا؟!
وهل يتصور أنني وبعد علمي بذلك سأكون على طبيعتي وغير متكلفة في حديثي معه؟ لقد كسر شيئًا ما بداخلي!
وتبسمت الرابعة، ولكنها كانت ابتسامة حزينة انسابت من خلالها كلماتها: نعم هو طفلي الأكبر، نعم هو صاحب الحق الأول في حبي وحناني، وله أوفر الحظ والنصيب من مشاعري... قبل أولادي وقبل الناس جميعًا، هكذا من المفترض أن أكون؛ لكنه لم يكلف نفسه مشقة السؤال يومًا: لماذا أبخل عليه بتلك المشاعر والأحاسيس... لم يفطن يومًا لهذا الحاجز النفسي الذي وضعه بإحكام واقتدار بيني وبينه بسبب كلماته الجارحة وانتقاصه مني كلما أخطأت - ومن منا لا يخطئ؟! - وهل أخطائي تبيح له تجريحي إهانتي؟ ثم يعود ويلومني أنه ما عاد يجد حتى الابتسامة، تلك التي صهرها تمامًا في أتون مفرداته اللاذعة ونقضه الملتهب...
لا.. والله.. لست جامدة المشاعر ولا بليدة العواطف. إن بداخلي الكثير من الحب والرغبة في العطاء، ولكن كيف لهذه الأحاسيس أن تنبت، وتتطاول فروعها وتزهو ثمارها، وقد خنقتها أنت بدخان غضبك المتهور ورذاذ سخريتك المتبعثر؟
أما الخامسة فكانت أكثر انفعالاً، فلم يكن وقع الكلمات عليها هينًا عندما أخبرها أن القرار فيما يخص الصغار من شأنه وحده... لم أستطع أن أتقبل ذلك منه، وعندما سألته: أين الشورى، والتي ذكرها القرآن فيما هو دون ذلك، عند فطام الطفل؟ وعندما ضربت له المثل باستشارة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - للسيدة أم سلمة في ما يخص سياسة الدولة؛ إذا به يرد و بهدوء شديد - أحرق أعصابي- هذه (اليفط) لا أعرفها... من الممكن أن أستمع فقط.... مجرد استماع إن كان عندك شيء، ولن يزيد الأمر عن ذلك، ثم تركني.. فمن أتحدث معه سواه؟
وتسللت الضحكات الخافتة على حياء عندما تحدثت السادسة زوجي عند خروجه من بيتي أراه عريسًا يزف إلى حسناء جميلة تنتظره، فما أبهى حلته! وما أرقى عطره! وما أروع سمته وأناقته!، أما عند مكوثه معي فما...، وما....، وما.... !!!
وجاء دور السابعة؛ فقالت: أعلم أنه لم يقصر في حقي إلا قليلاً ورغمًا عنه، ولا أنكر ذلك أبدًا، ولكن لا أدري لماذا يتركني في فترات مرضي وعند ولادتي لغيره يمرضونني؟، مهما كان عطف صديقاتي علي و تفانيهم في خدمتي، إلا أنني أشد ما أكون احتياجًا إليه في هذا الوقت، و ليست حاجتي فقط في توفير الدواء ونفقات العلاج، وقوفه بجانبي وعطاؤه لي من وقته واهتمامه ألا يكون ذلك من حقي عليه؟
وتحدثت الثامنة قائلة: مثل كل الزوجات أنتظر قدومه بشوق ولهفة، و يعلم الله كم اجتهد لحسن لقائه، ولا أذكر أنني أخبرته بشيء يزعجه بمجرد دخوله البيت، واحرص على تناوله قسطًا من الراحة، وأحاول أن أتلمس مداخل لطيفة لأستشيره وأخبره بما في بيتنا من مشاكل الأولاد المعتادة، أو ما يعرض لنا عمومًا، فلا أجد إلا مفردات ثابتة غير قابلة للتجديد:
أنا ليس عندي وقت.. عندي ما يكفيني.. أنا مرهق نفسيًّا وعصبيًّا.. مشاكل البيت والأولاد يمكنك تحملها والعمل على حلَّها... المشاكل الخارجية لن يحلها غيري... ألا يوجد رحمة في هذا البيت؟! طاقتي محدودة... ارحميني...
ومع ارتفاع نبرات صوته انتبهت على إغلاق باب البيت بشدة وعنف... !!
ودق الجرس بعد فترة قليلة وأخبرني الأولاد بمجيء إحدى صديقاتي و نسيت أنني على موعد معها، استقبلتها وبي من الهمَّ ما لا يعلمه إلا الله... كانت مسترسلة في حديثها، ولكني كنت سارحة بعيدًا عنها بما أثقل رأسي من أسئلة كثيرة، أما آن لهذه الطاقة التي يدعي زوجي فناءها أن تستحدث؟ ماذا أفعل معه؟ و إذا بي أفيق على كلماتها...
والله إن زوجي يمدح كثيرًا في زوجك، تعلمين بالطبع أن عملهما سويًا جعل كل منهما يقترب من الآخر ويعرفه أكثر، ولكم أثنى زوجي على صبر زوجك وما يلاقيه من مشاكل العمل ومع إخوانه، وعلى حكمته في توجيه من حوله، وقدرته على تحكمه في أعصابه، وتميزه بالهدوء الشديد!!
ألجمتني كلماتها فلم أدر جوابًا، وعندما واجهته قائلة (خيركم خيركم لأهله)؛ قال ومن قال لك أنني منهم؟!
وسيطر الغضب على التاسعة إلى حد كبير... مع طول العشرة أصبح شحيحًا في كلمات المدح والإطراء.. متصورًا أنني ما عدت بحاجة إليها، في الوقت الذي حرص فيه -وبدون حكمة- منه على نقل كل ما يقال في حقي من ثناء حسن يتردد على ألسنة أقاربه أو أصدقائه بسبب طعام طيب مثلاً تناولوه عندي أو أي تصرف حسن صدر عنى وسمعوا به (ربما منه هو شخصيًّا!) ودون أي قصد مني، في الوقت الذي افتقرت فيه للمثل منه مما جعلني أعيش في صراع مرير مع نفسي، ولا أدري لماذا حصرنا فهمنا للحصانة في زاوية واحدة فقط، فهلاّ انتبه زوجي لحصانتي النفسية؟
أما العاشرة وعلى غير ما عرفناها وألفناها كانت غير مكترثة بهيئتها ولباسها وزينتها؛ فقد كنا نضرب بها المثل في حفاظها على رشاقتها و بهاء طلعتها داخل البيت وخارجه أيضًا... لاحظت علامات الاستفهام على وجوهنا، قالت: أعلم ما يدور في أذهانكن، و كن ما حيلتي بعد ما سمعته منه عندما دخل البيت يومًا وهو غاضب ورغمًا عني وبسبب كثرة الأعمال الملقاة على عاتقي وعلى غير عادتي لم أكن وقتها في هيئة حسنة، وكنت منهكة القوى، فلم أستطع التجاوب معه على ندرة مني، فإذا به يصدمني وبكل تهكم: أنا لا أدري لماذا لا تكونين مثل فتيات (... ) ألا تتعلمين، ألا كنت عونًا لي على العفة وغض البصر؟ حسنًا.. هنيئًا لك بسخط الله عليك ولعن الملائكة لك....
كدت أبكي من قسوة كلماته، ولا أدري والله ماذا كنت أفعل فيما مضى من زواجنا، حاولت أن أتمالك نفسي، وقلت له لقد استمعت لتعليق أحد العلماء على هذا الحديث، وأن الذي يتسبب في إغضاب صاحبه هو الذي يحمل الوزر؛ فرد بقوله (أنت تسمعين الفتاوى على مزاجك)....
خرج وتركني بين دموعي... كيف هان عليه وبعد كل هذه السنوات أن يقارن بيني و بين هؤلاء اللاتي لا يعرفن أي قيمة للزواج ولا البيت ولا تربية الأولاد؟! وهل أستطيع أنا أن أتفوه بكلمة واحدة بمثل ما شنَّف به سمعي، لماذا لم يضع نفسه مكاني؟ ماذا سيكون شعوره لو قارنته بغيره مثل ما فعل معي؟ أم يحسب الرجال أنا لا أعين لنا نبصر بها، أو آذان نسمع بها؟
وألقت الحادية عشرة سؤالاً يشبه الفوازير: من منكن تستطيع أن تخبرني ماذا تعني كلمة (الحرملك)؟
فأجابت إحدانا.. هذا مصطلح ولّى زمانه وانتهى، وكان يطلق على مكان تتجمع فيه الحريم.. أقصد النساء، ولكن في الماضي كانت تطلق عليه هذه التسمية...
قالت أمّا عندي فلا يزال المعنى يتردد على مسامعي، إذا أخطأت قال لي زوجي هذا شغل (حريم) إذا لم أضبط موعدًا لي من عدة مواعيد منضبطة... ها هي مواعيد الحريم)... حتى أصبحت هذه الكلمة تشعرني بالانتقاص والمهانة، كنت أظنها مشتقة من الحرمة... فهل يحل له همزي ولمزي بدعوى إصلاح أخطائي؟
تساءلت الأخيرة... لا أدري لماذا لا يكون صادقًا مع نفسه... هل يريدني رجلاً أم امرأة؟
كنت كلما ثقلت على مسؤولية الأولاد، أو آلمني شيء، أو ازدادت معاناتي مع أهله، أتيته والدموع في عينيّ، أخفف عن نفسي بحديثي معه، وأنتظر كفه الحانية لتمسح دموعي، وتحتوي لحظات انفعالي، ولكنه كثيرًا ما نصحني؛ بل وطالبني بالصبر التجلد والشدة وعدم الضعف، فأجدني مضطرة أن أكتم ذلك الفيض الغامر من مشاعري فتغيب عنى الابتسامة، ونضرة الوجه وطلاقته أيامًا، فلا أراه يتحمل ذلك، ويتساءل في دهشة يشوبها الكثير من الاستنكار:
أين ابتسامتك الرقيقة، وكلماتك العذبة؟، أين سحر الأنثى بداخلك، ودلالك ورقتك في تعاملك معي؟
ألا يرى أنه ما أفسح لها مكانًا في نفسي بعد ما أجبرني على ملء المساحة المخصصة لها بما طالبني به ؟
ألم أكن أنثى حين أتيته أشكو إليه؟
أم أنه أرادني وقتها رجلاً، والآن يريدني امرأة ؟
ولا يزال حديثهن يتدفق، تسمعه أذناي، ويجري به القلم رغمًا عني، ولكن عقلي ذهب بعيدًا، أسائل نفسي: أليس من بينهن أم زرع كالتي حكت لنا عنها السيدة عائشة، أين ذهبت؟ أتراها خشيت على نفسها (العين) فتوارت بعيدًا؟
أم أن أبا زرع هو الذي ندر وجوده في هذا الزمان؟!
فهلاّ عدت إلينا يا أبا زرع... هلاّ عدت زوجًا حنونًا هادئًا وصبورًا؟! هلاّ عدت صديقًا وحبيبًا؛ لتخرج لنا من بين حناياك وأضلعك أم زرع، وأبناء أبي زرع؟ فما أحوج أمتنا الإسلامية لهم اليوم!!
هلاّ عدت لتقول لزوجتك بكل الحنان والثقة... ألم أكن خيرًا لك من هؤلاء الذين تحدثت عنهم زوجاتهم؟
هيا يا أبا زرع... ألست صاحب القوامة والدرجة ملك لك، خذ بزمام المبادرة.. واجه نفسك.. لا تنهك قوى الوقت معك في التفسيرات والتبريرات... كن واثقًا أنك عندما تتخذ قرارك بالتغيير؛ فلن يطول بك الوقت في البحث عن أم زرع، فسرعان ما ستعود إليك وبأفضل مما كانت...
وما أعظم أجرك وثوابك حين تعود الابتسامة إلى ثغرها، وتهدأ بعذب كلماتك نفسها، وتملأ السكينة والمودة جنبات البيت، وترفرف أجنحة الحب على عش لم تجد يومًا أفضل من أم زرع لتبنياه سويًّا.
فجدد البناء...وأكمل.
22/2/1425
12/04/2004
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــ
سر : تفشين سرك ، ينهار بيتك !
أحلام علي
- لو واجهت الزوجة مشكلة من مشاكل الحياة الزوجية فلمن تحكي أسرارها؟
وهل الزوجة هي التي تثرثر بأسرارها أم الزوج أيضًا؟
وهل هناك حالات يصبح فيها إفشاء الأسرار الزوجية ضرورة؟
وهل يقتدي الأبناء بالآباء في إفشاء الأسرار؟
وما الرؤية الإسلامية لهذه القضية؟
أسئلة محيرة ومتعددة، نحاول أن نسلط الضوء عليها من خلال التحقيق التالي:
- تقول إيمان الكردي (شاعرة إسلامية):
إن إفشاء الأسرار الزوجية في جلسات النساء انتهاك لكثير من الأعراض وتجاوز للحدود في غيبة وبهتان وغيبة تتفكه بها كثير من النساء (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم)..فيجب أن تربأ المرأة بنفسها وتترفع عن مثل هذه المجالس التي لا تجد فيها النساء الجاهلات ما يتفكهن به سوى النيل من أعراض أزواجهن وهتك أسرارهم فإنها لابد وأن تتعرض لذلك إما بمدح وإما بذم فإن كان ذماً فقد نالت من عرضه بالسوء وإن كان مدحاً فإنها تعرض نفسها وزوجها للحسد والكيد فهذه الأمور يجب سترها وإبقاء الخصوصية لها حتى لأقرب قريب.
وهناك مشاكل كثيرة قد تحدث من جراء إفشاء الأسرار الزوجية:
01 هتك خصوصية البيوت، وفيه تعريض الأسرة أو أحد أفرادها للحسد والكيد من قبل ضعيفات النفوس، وربما الإصابة بالعين والسحر.
02 انهيار بيت الزوجية بكامله وما يصاحبه من تفكك الأسرة وتشريد الأبناء، فكثيراً ما نسمع عن نساء سمعن أسرار صديقاتهم فأصبتهن الحسرة على واقعهن فتهاتف زوج تلك الصديقة وتقترب منه ثم لا تدعه حتى يترك امرأته ويطلقها، نستعيذ بالله من هذا.
لِمَن تحكي الزوجة أسرارها
تنصح (أ. إيمان الكردي) بأن لا داعي لأن تفشي الزوجة أسرار بيتها إلا إذا كانت هناك مشكلة مهددة لكيان الأسرة فعندها لابد من استشارة من تثق في دينه وخلقه ولو كان بعيداً.
وتقول إيمان الحربي (باحثة تربوية):
- إن أصلح من تحكي له الزوجة أسرارها وأولهم هو زوجها وشريك حياتها لأنها غالباً ما تستأنس بذلك وتستريح إلى أن تحكي له همومها وتفرغها لديه لأنه سيكون أحرص الناس على مصلحتها وأكتم الناس لأسرارها وأقربهم إلى أن ينصح لها ويطمئنها.
لكن في بعض الأحيان يكون الزوج ليس أهلاً لأن يودع الأسرار.. وينتج عن ذلك أن يكون إفشاء الزوجة لأسرارها وَبَالاً عليها وسبباً في العديد من المشاكل الأسرية، فقد تحكي الزوجة بعض أسرار أسرتها لزوجها فيستغل ذلك الزوج معرفته بتلك الأسرار في معايرة الزوجة أو تذكيرها بما لا تحب أن تسمعه، فذلك الزوج لا ينبغي أن تحكي له الزوجة أخبارها ولا أسرارها.
كذلك قد تحكي الزوجة أسرارها لأمها؛ لأنها أقرب الناس إليها بعد زوجها، وقد يكون أيضاً المرتبة الثالثة للأب أو الأخ إذا كان هناك تقارباً فكرياً بينه وبين أخته.
وآخر وأخطر المراتب هو أن تحكي المرأة أسرارها لصديقتها أو جارتها لما يترتب على ذلك من المفاسد والمشاكل.
* وتتفق مع هذا الرأي (آمال ياسين الخياري)(معلمة) تقول:
ذلك يعتمد بالطبع على مقدار الثقة الموضوعة في ذلك الشخص الذي ستودعه أسرارها، وربما يكون الزوج هو ذلك الشخص وفي الغالب تكون الأم أو يكون الأب وقد يكون الزوج مصدر ثقة تامة للزوجة وعندها تستطيع المرأة أن تفشي له أسرارها وقد يكون غير ذلك كأن لا يكون أهلاً لتحمل كتمان السر وهكذا..
هل المرأة فقط هي التي تثرثر بأسرارها أم الرجل أيضاً؟!
يقول الأستاذ خالد الشنتوت (كاتب إسلامي):
عموم النساء أكثر ميلاً للثرثرة من عموم الرجال وهذا لا يمنع وجود رجل معين أكثر ثرثرة من زوجته، كما توجد امرأة أكثر صمتاً ومحافظة على الأسرار من زوجها.
وبعض الرجال الجهلاء يتباهى بحاله مع زوجته وبعض الجاهلات المغفلات يتفاخرن بما فعله زوجها في تلك الليلة، وهذا مما نهى عنه الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* وتتفق مع هذا الرأي الباحثة (إيمان الحربي) فتقول:
ليست المرأة فقط هي التي تسارع بإفشاء الأسرار وإن كانت غالباً هي التي تفعل ذلك؛ لأنها بطبعها تميل إلى كثرة الكلام وذلك يحدث إذا لم يكن لديها ما يشغلها ويستولي على تفكيرها وبالتالي فهي لا تجد أمامها ما تتحدث به سوى ما حدث وما جرى وما كان وذلك لا ينفي أن الرجال أيضاً بعضهم تستولي عليه تلك العادة وبالتأكيد أنهم قد اكتسبوها من خلال تربيتهم في بيوت لا تكتم الأسرار وإلا فالرجل بطبعه لا يميل إلى الكلام عما حدث في البيت ولا عن شيء يخص زوجته أو أهله؛ لأن لديه ما يشغله إما عمله أو التخطيط لمستقبل أسرته أو أشياء وأمور تشغل الرجال عادة وتستولي على مجالسهم وأحاديثهم.
وقد يحكي الرجل لزوجته أسرار أصدقائه مثلاً ولكن -كما أسلفت- بالتأكيد قد اعتاد أن يحكي لأمه كل شيء منذ صغره ولم يحدث له أي تقويم على ذلك السلوك.
* وتختلف معها (آمال ياسين الخياري) فتقول:
كلا، ففي بعض الأحيان يكون الرجل هو الذي يفشي الأسرار أكثر من المرأة وذلك لأني أرى -من وجهة نظري- أن المرأة أقدر على كتمان الأسرار وأقوى على تحمل ذلك!
هل يقتدي الأبناء بالآباء في إفشاء الأسرار؟
تقول (آمال ياسين): من البدهي أن يقتدي الولد بأبيه في كل شيء، ومن الطبعي إذا كان الأب هو من يفشي الأسرار فإن الابن بدون شعور وتدريجياً سيعتاد على أن يفشي أسراره وأسرار بيته لأصدقائه وزملائه.
- وتؤكد (إيمان الحربي): على أن الطفل الذي ينشأ وهو يرى أمه تحكي أسرار البيت أو أسرار أبيه أو حتى أسراره هو إلى صديقتها أو جارتها أو أي قريبة أو بعيدة، سيصبح ذلك الأمر عادة عنده لأن كل شيء يتكرر أو يحدث بكثرة أمام الطفل فإنه يدخل في اللاشعور ويصبح طبيعة عنده يألفها، وبالتالي يفعلها ولا يصبح قادراً بعد ذلك على كتمان أسراره؛ لأن الآباء دائماً محل قدوة لدى الأبناء وما دام الولد يرى أباه أو أمه يفعلان ذلك فسيكون ذلك في نظره شيئًا طبعيًا. وبالطبع إن ما تعلمه الطفل من خلال القدوة السيئة استحالة أو من الصعب أن تغيره النصائح والمواعظ من قبل الوالدين مهما حاولا تقويم ذلك السلوك ولا يقومه إلا إقلاع الأب أو الأم عن تلك العادة.
*ويشير (أ. خالد الشنتوت) إلى أن الأبوان قدوة لأولادهم في البيت، هكذا شاءت قدرة الله - عز وجل - وحكمته والطفل قبل مرحلة التميز يعتقد أن والديه أعظم البشر، وما يقولانه أو يفعلانه هو الحقيقة بعينها، ويهيئ الله - عز وجل - الطفل ليقلد والديه، ويتقبل منهما كل ما يفعلانه، وسبب ذلك أن الله - عز وجل - كلّف الوالدين بالمسئولية عن الطفل كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، والفطرة هي الإسلام، وهذا كله يحتم على الأبوين أن يفطنا إلى ذلك، وأنهما مراقبين من أطفالهم طوال اليوم والليلة وعليه يجب أن يلتزما بالصدق والأمانة والحكمة والعدل في كل حركة وفي سلوكهما داخل البيت
هل هناك مواقف يصبح إفشاء الأسرار الزوجية فيها ضرورة؟!(52/23)
ترى "إيمان الحربي" أنه في بعض الأحيان يصبح إفشاء الأسرار ضرورة.. فمثلاً حين يحدث خلاف بين الزوجين، ويخفقان تماماً- في حله بكل الطرق بدليل أن القرآن الكريم يوجهنا فيقول: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها. إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) "النساء، الآية 35". فالمقصود إذ خيف من اتساع الشقاق بين الزوجين؛ يجوز لهما اللجوء إلى أحد الأقارب الذين يتسموا بالحكمة وسداد الرأي ولكن الخطأ كل الخطأ أن تخرج المشكلة من نطاق العائلتين إلى نطاق الأصدقاء أو الجيران، لأن ذلك مخالف للمنهج القرآني في هذه الأمور.. وقد تحكي الزوجة لأمها عن مشكلة طلباً لرأيها في ذلك وطلباً لنصيحتها ولكن الأفضل أن يفعل ذلك إذا كانت الأم من النوع المحايد الذي لا يتجه في نصحه إلى إفساد الزوجة على زوجها أو محاباتها على حسابه والوقوف في صف الابنة، وإن كانت مخطئة.
وتتفق مع الرأي السابق (آمال ياسين) فتقول:
نعم.. فأحياناً تصبح الحياة مستحيلة مما قد يؤدي إلى الطلاق مثلاً، فهنا يمكن التصريح وبيان الأسباب الدافعة للطلاق فقد يتدخل المصلحون في ذلك ولن يتم الإصلاح إلا إذا عرفت أسباب النزاع وجذوره فهنا يتعين إفشاء السر.
الرؤية الإسلامية لهذه القضية
* يقول الدكتور (مجدي الهلالي) صاحب العديد من المؤلفات الدعوية والتربوية:
إن الأسرار عامة تنقسم قسمين:
- قسم يتعلق بالعلاقة الخاصة "بين الزوج وزوجته"
- قسم يتعلق بالأسرار العامة بين الناس كالَّسر بين الصديق وصديقه والأخ وأخيه.
وبالنسبة لإفشاء الأسرار من النوع الأول فهو أمر شديد الحرمة، وغير جائز شرعاً وعقلاً.
شرعاً: لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (إن من شر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صحابه) رواه مسلم.
وعقلاً: ما يجره من المشاكل بين الزوجين مما لا يحمد عقباه أبداً ولما يؤدي إليه من الشقاق والنفور بينهما.
وأما النوع الثاني من الأسرار فأيضاً إفشاؤه مكروه ومستحقر.
ومن أصعب وأسوأ الخصال ألا يستطيع المرء أن يكتم سراً فهو في كلتا الحالتين أمر مذموم يترفع عنه المسلم التقي والمسلمة التقية.
ويقول الدكتور (محمد الهاشمي) في كتابه (شخصية المرأة المسلمة):
إن التحدث بما يكون بين الرجل والمرأة من أبشع إفشاء الأسرار ولا يرتكبه إلا الأشرار من الناس.. ولقد أدى إفشاء الحديث الذي أسره النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حفصة فنقلته إلى عائشة وما تبع ذلك من مؤامرات ومكايدات في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اعتزاله نساءه شهراً.
وإن في هذا الحادث لتوجيهاً بليغاً للمرأة المسلمة بقيمة حفظ المرأة لسر زوجها وأثر هذا الحفظ في استقرار النفوس والضمائر والبيوت.
ومما لا شك فيه أن كل إنسان ينشد تلك الأمور في حياته الزوجية سواء الزوج أو الزوجة.
15/6/1423
24/08/2002
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــ
أعداء الحب
منير فرحان
الحب..
روح تخفق..
ونبض هادئ..
ونبعٌ فيّاض..
وبقدر ما تملك من رصيد الحب فإنه ربما يكسد أو لا يدوم بشكل صحيّ ما لم تحذر أعداء الحب و لصوصه!!
في هذه الأطروحة أشير إلى:
ثلاثية قاتلة!!
شرهة شرسة.. !!
واحدها يكفي ليحلّ الدمار والانهيار!!
فكيف بها ثلاثية مجتمعة؟!
العدو الأول: الصمت!
جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً!
تبثّ كل واحدة منهنّ شكواها، وتبرّح نجواها..
منهنّ واحدة شكت تقول: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. !!
هكذا حياة روتينية..
خروج ودخول بكل هدوء!!
إلا من أصوات الشفّ واللفّ!!
أو نغمات الشخير في منتصف الليالي!!
إن من أسوأ أعداء الحب في الحياة الزوجية خصوصاً وفي الحياة الأسرية عموماً هو عدو (الصمت) !
ولئن كان الحكيم الأول قال في زمنه: إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب!!
وكان يقول: الصمت حكمة!!
لكن!!
بقدر ما تتمتع به علاقتك من صفات جميلة وصادقة وحنونة فمن الواضح أنك سوف تصادف قدراً كبيراً من التضارب والخلافات حيث أن لدى كل زوجين أموراً ومواضيع عارضة يجب عليهما أن يتوصّلا إلى حل بشأنها لأنها تبدأ في التراكم داخل علاقتهما!!
ولذلك كان من الضروري اتقان فن التواصل من خلال الحوار الهادئ البنّاء!
أوقل: (اتقان مهارة الصمت)!!
فإن الصمت مهارة، ويكون حكمة حين يناسب الحال الصمت!
ومن الحكمة أن يتبدد الصمت في الحال التي لا يناسبها الصمت!!
والحكيم هو الذي يجيد التعامل مع هذه المهارة السلوكية (الصمت).
ويمكن تلخيص بعض أهم مظاهر وآثار هذا العدو الخفي (الصمت) على الزوجين وعلى الأسرة في نقاط:
- عدم المصارحة بالحب بين الزوجين.
تقول: عشت معه ثلاثين سنة لم يتعوّد فيها لساني على كلمة (الحب) ولا ألفت أذني سماعها!! أبعد كل هذاالعمر تريدني أن أقول لزوجي (إني أحبك)!!
وتقول أخرى: مرّة داعبت زوجي وقلت له على استحياء (يا حبيبي) فتغيّرت ملامح وجهه وبدأ يتهكّم بي ويقول: لا زلت مراهقة صغيرة!!
للأسف أن بعض الأزواج والزوجات ينظرون إلى الحب على أنه العار الذي ينبغي أن يُوارى ويكبت ولا يشاع!!
فلا هم يمنحونه، ولا هم يقبلونه!!
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة يُسأل: من أحب الناس إليك؟!
فيقولها بلا غضاضة: عائشة!!
بل إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحرّض ابنته فاطمة - رضي الله عنها - على حب عائشة - رضي الله عنها - ويقول لها: " أوليس تحبين ما أحب؟ " فتقول: بلى!!
فيقول: " أحبي هذه - ويشير إلى عائشة - "!
وفي ليلة هادئة ساكنة تجلس عائشة - رضي الله عنها - بين حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تهامسه بدفء الحب وتقول: " والله يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك "!!
إن المصارحة بالحب وإشاعته في الحياة الزوجية والأسرية من أكثر الأمور التي تزيد الألفة بين الزوجين، بل بين أفراد الأسرة كلها!!
ولئن كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يندب المتحابين في الله إلى أن يخبر أحدهما الآخر بحبه له ولا يكتم ذلك فيقول: « إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله - عز وجل - ».
قال الخطابي: معناه الحث على التودد والتألف، وذلك أنه إذا أخبره أنه يحبه:
. استمال بذلك قلبه
. واجتلب به ودّه ؛ وفيه أنه إذا علم أنه محب له وواد له:
. قبل نصيحته
. ولم يرد عليه قوله في عيب أن أخبره به عن نفسه أو سقطه إن كانت منه وإذا لم يعلم ذلك منه لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه فلا يقبل منه قوله، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن انتهى. !!
فلئن كانت هذه المصارحة بين أخوين ربما لايلتقيان في يومهما إلا ساعات تُحدث لهما هذا الأثر من الألفة والمحبة والتوادّ والتقارب، فكيف بها مع زوجين يعيش كل منهما في كنف الآخر؟!
- الخجل من التواصل اللفظي عند اللقاء وبعده!!
جاء في أثر: " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول "
قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال: " القبلة والكلام. "
وعند الديلمي "ثلاثة من العجز"، وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها.. "
أصبحت عملية اللقاء عند بعض الأزواج (عملية ميكانيكية) تبدأ في وقت معين ثم تنتهي في حينها!!
ثم يتعدّى هذا الصمت إلى ما بعد اللقاء.. !!
فيبدأ اللقاء وينتهي كأن لم يكن من شيء إلا الجهد والتعب!!
إن التواصل اللفظي حين اللقاء يحافظ على لذة الامتاع، كما أن هذا التواصل اللفظي لا ينقطع بانقضاء الوطر إنما يستمر كسلسلة ممتدة لللامتاع واللذة.
هل سألت زوجتك عما يمتعها؟
عما يثيرها؟
عما تريد أن تفعله من أجلها؟
هل تحاورها بذلك قبل اللقاء؟؟!
أثناء اللقاء؟؟!
هل أكملت حوارك معها بعد اللقاء في ما هي أكثر المواقف قد أمتعها اليوم؟
وهل سألتها عن مشاعرها؟
وماذا وكيف وصلت للذروة اليوم؟
وهل سألتها أثناء اللقاء عن وصولها للذروة من عدمه؟
إن الزوجة تخاف أن تعبر عن رغبتها في وضع معين أو معرفتها بصورة معينة من الممارسة أو الإثارة خوفًا أن تثير شكوك زوجها.. في مصدرها للمعرفة.. أو للممارسة السابقة لمثل هذا الأمر فتفضل أن تسكت وهي لا تحصل على متعتها وقد تظل كذلك طول عمرها.. وربما لا تدرك ما معنى الوصول للذروة أو لو علمت فإنها تخجل أن تطلب من زوجها أن يفعل ما يوصلها لها.. أو أن يصبر عليها حتى تصل لذروتها لأن بعض النساء يتأخرن عن الرجال..
وبسبب هذا الخجل من جانب وعدم وعي الزوج بأهمية هذا الحوار الزوجي في هذه اللحظة من لحظات حياتهم يصبح عند الزوجة نفوراً من زوجها، وربما تطلّعت إلى غيره.. !!
فإن عفّت و كتمت أثّر ذلك عليها في أعراض جسمية مثل الصداع أو الآلام المتنقلة في الجسم والتي تحتار ويحتار معها الأطباء في التشخيص، وهي ببساطة لا تستمتع أثناء لقائها مع زوجها الذي تحبه، وربما أثّر ذلك عليها نفسياً فصارت عصبية كثيرة السخط والجزع!!
- عدم التبريح عن مشاعر المدح والثناء بين الزوجين.
مرّة قدّمت الزوجة لزوجها على مائدة الطعام (تبناً) - أكرمكم الله -!!
ثارت ثائرته.. !
وارتفع صوته، وانتفخت منه الأوداج غضباً وحنقاً!!
همست في أذنه بكل هدوء.. زوجي العزيز: كنت من قبل أحاول جَهدي وجُهدي أن أطعمك أطيب الطعام فما سمعت منك كلمة ثناء أو تقدير أو إعجاب !!!
إن كلمة الثناء و التشجيع و المدح حتى على الشيء القليل، يحفّز للانجاز، ويصنع المتعة من التعب!!
كلمة ثناء تُنسي الآلام، وتمسح العناء، وتزيد الحب بين الزوجين!!
حتى أطفالنا يصنعهم التشجيع ويحفّزهم التقدير، ويقوّي ارتباطهم بأبائهم وينمّي النضج العقلي والعاطفي عندهم.
- الخجل من المصارحة والحوار بين الزوجين.
فلربما عاشت الزوجة سني عمرها مع زوجها وهي لا تستطيع أن تصارحه بأمر يضايقها من جهته!!
ولربما عاش هو ردحاً من عمره يكابد نفسه ويصارعها متحمّلاً من زوجته خُلقاً لا يروق له!!
قد تكون الزوجة جاهلة بهذا الخُلق الذي يضايق زوجها أو ربما تظنه أمراً أريحياً عادياً في حياتهما طالما وأنه لم ينبه عليه!!
وهكذا تظن الزوجة نفسها صابرة!!
ويظن الزوج أنه مخلص وفيّ!!
والصبر والوفاء والإخلاص في الحياة الزوجية إنما يكون حقيقياً عند ما يكون هناك حوار بنّاء بين الزوجين للرقي والارتقاء!!
إن هذا الكبت يشكل ضغطاً نفسياً سواء على الزوجة أو على الزوج الأمر الذي ينعكس سلباً على رصيد الحب بينهما، أو يقلل حظوظه وفرصه في حياتهما!!
- السكوت عند الخطأ أو الريبة!
ولو أنه سكوت في تغافل لكان حسناً!!
لكنه سكوت من (أجل أرشفة الأخطاء) ومن ثم نثرها في لحظة غضب نفد عنده الصبر!!
أو أنه سكوت تؤزّه الأنفة أو الإستحياء!!
بعد عشر سنوات من العشرة، همست باستحياء في أذن صديقتها أنها تكره من زوجها خلقاً ما!!
وفي لحظة غفلة من زوجها اكتشفت أنه يخونها!!
وهو أيضا سمعها تتحدث بكلام غريب على سماعة الهاتف!!
وهكذا يبقى هو وتبقى هي يعيشون هواجس الأوهام، والتخطيط للانتقام!!
ولو أنه صارحها أو صارحته بهدوء لربما زال الهمّ وارتفع اللّبس!!
- التهرّب من أسئلة الأبناء وعدم محاورتهم!
إمّأ بالتجاهل أو التوبيخ و النكير على الطفل حين يسأل أويكثر من أسئلته البريئة - الجريئة - على والديه!!
والأخطر من ذلك الجواب بخلاف الحقيقة والواقع !!
إن كبت هذه المشاعر البريئة من أن تكتشف واقعها بالطريقة الصحيحة يجعل أطفالنا فريسة سهلة للآخر الذي يصنع لهم واقعهم من خلال أريحيته في الإجابة عن أسئلتهم وما ينازعهم من نوازع الاستكشاف!!
إن هذا الكبت يولّد عند الطفل قلقاً نفسياً وضموراً في النضج العاطفي، وتأخراً في التواصل اللغوي مع مجتمعه.
- الجمود والبرود في المشاعر والعواطف أمام الأبناء!
كتبت شكواها وتقول: مرّ على زواجي (15) عاماً !
أشعر أن زوجي لا يفهمني ولا أفهمه.. أعيش الملل والجمود في حياتي مع زوجي..
أستطيع الاستغناء عنه لكن.. لا أستطيع على تعذيب أبنائي!!
وهكذا باستطاعتها أن تقضي بقية عمرها على هذا النحو من الجمود في المشاعر والبرود في العاطفة من أجل أبنائها!!
نخطئ حينما نظن أن من مصلحة الأطفال أن يعيشوا بين أبوين جامدين باردين متنافرين!!
الطفل يحتاج إلى أبويه لكن لا يحتاج إلى شخوصهما لحماً ودماً!!
إنما يحتاج إلى أن ينشأ سوي السلوك والعاطفة، وحين لا يجد الطفل المناخ المهيّئ لينشأ سويّاً في سلوكه وعاطفته فإنه سرعان ما ينحرف أو ينجرف حين يشتدّ عنده نازع الإشباع الذي لا يجده في البيت فيبحث عنه في مكان آخر!!
إن سعادة الوالدين تنعكس انعكاساً إيجابياً على الأبناء في اكتمال النضج العقلي والعاطفي، والعكس بالعكس!!
إن الحوار والمصارحة بين أفراد الأسرة عموما وبين الزوجين خصوصاً يعمّق معنى الحب ويزيده ترابطاً بين أفراده، وإضافة إلى ذلك فإن هذا الحوار يزيد من:
- تنمية الملكة اللغوية عند أفراد الأسرة.
- الإشباع الغريزة العاطفية بين أفراد الأسرة.
- الشعور بالأمان النفسي والثقة بين الزوجين والأبناء.
- يساعد على احتواء المشاكل الأسرية من أن تخرج خارج أسوارالبيت.
- يزيد من التقارب والفهم بين الزوجين.
- يزيد من الألفة والمحبة.
- يتيح مجالاً للتفكير بعيداً عن أي ضغوطات نفسية.
- يساعد على اتخاذ القرار الصحيح.
- يخفف من تراكمات الأحداث والمشاكل!!
- عنصر مهم في اللذة والامتاع: والأذن تعشق قبل العين أحياناً!
أيها الكرام..
إن الحوار والمصارحة الزوجية لا تعني رفع الصوت ضرورة!
كما لا تعني التسفيه و التحقير و التشفّي.. !!
والحوار والمصارحة لا يعني التهديد!!
إنما يعني:
الشفافية الصادقة..
والمشاركة في المشاعر..
والإصغاء الحاني..
يا سادة يا كرام..
امنحوا أنفسكم فرصة..
لنحطّم جدار الصمت، ونكسر حاجز الخجل!
بالوعي المتزن، والكلمة الدافئة، والنصيحة المشفقة، والتوجيه الواعي.
العدو الثاني: الشك!!
الشك إذا تسلل إلى الحياة الزوجيّة..
أفسدها..
وهدّم بنيانها...
وصدّع فيها أركان الحب و الألفة و الودّ و الرحمة. !
حتى إن الحياة تستحيل - أو تكاد - أن تدوم على أنقاض نيران الشك ودخانه!!
ولخطورة هذا العدو - الإبليسي - فإن توجيهات الوحي جاءت لتبني حصناً منيعاً أمام هذه العاصفة الهوجاء التي ما حصلت في مجتمع (عام أو خاص) إلاّ أفسدته وقوضته!!
فمن ذلك: - نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن (ابتغاء الريبة) وتتبع الناس بالشك، حيث جاء
في حديث أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: « إِنَّ الأمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ».
ولئن كان النصّ ذكر الأمير (العام)، فالزوج يشمله اللفظ لأنه هو الأمير الراعي في بيته لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته فالزوج راعٍ ومسئول عن رعيته.. "
فتأمل هذا التحذير الشديد من ابتغاء الريبة والشك وكيف أن نتيجة ذلك هو الفساد و التجاسر على العدوان والظلم، حيث جاء في حديث آخر: " " وَإنَّ مَنْ خَالَطَ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ "!!
- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى الرجل القادم من سفر أن يطرق أهله ليلاً.
ثبت في النص قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قدم أحدكم ليلاً فلا يأتين أهله طروقاً حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة) وفي الرواية الأخرى: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقاً) وفي الرواية الأخرى: (نهى أن يطرق أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم).
قال النووي - رحمه الله -: وفي هذا الحديث استعمال مكارم الأخلاق و الشفقة على المسلمين والاحتراز من تتبع العورات واجتلاب ما يقتضي دوام الصحبة. أ. هـ
* مظاهر الشك بين الزوجين.
- كثرة الأسئلة التحقيقية في كل خروج ودخول (أين ومتى وكيف ولماذا.. ؟؟ )!
- كثرة الاتصال لغير مبرر إلاّ التأكّد من مكان الآخر أين يكون!!
- كثرة التنقيب والتفتيش في الأغراض الخاصة.
(جهاز الجوال - أدراج المكتب - الحقائب الخاصة - جهاز الحاسب.. ) فالزوج يستغل أي فرصة للتفتيش والزوجة تستغل أي غفلة من زوجها للتفتيش والتنقيب.
- النظر المرتاب بين الزوجين.
وذلك في حالة ارتيادهما لأماكن التجمّعات العامة كالأسواق والمتنزهات، فتجد الزوج ينظر إلى زوجته بنظر الريبة، وهي تنظر إليه وكأنها تقرأ في وجهه نظرات خائنة!!
- استخدام الجواسيس للمراقبة!
والخطير في هذا المظهر هو استخدام الأطفال والأبناء وسيلة للتجسس سواء على والده أو على والدته الأمر الذي يؤثر سلباً على نفسية الطفل وسلوكه مستقبلاً.
- استخدام عامل المفاجأة.
فالزوجة تفاجئ زوجها حين يخلو بنفسه مع الانترنت - مثلاً - وهو يفاجئها في الدخول إلى البيت بخطوات رتيبة!!
- قطع وسائل الاتصال عن الزوجة في بيتها (كقطع الهاتف عنها أو عمل جهاز مراقبة لتسجيل المكالمات) أو نحو ذلك.
تلك جملة من مظاهر الشك التي تقع من الزوجين أو أحدهما مع الآخر ولا تزال بهم هذه المظاهر يثيرها نفخ الشيطان ونفثه حتى تستحيل الحياة بينهما!!
* أسباب الشك.
الشك في الحالة الطبيعية إنما يكون نتيجة لأسباب ومقدمات أفرزته، وقد يكون بلا مقدمات - منطقية - وذلك لا يكون إلا في حالات مرضية بالوسواس القهري أو نحوه، فمن أسباب الشك:
- التعرّض لمواطن الريب والشك.
فالزوج - مثلاً - يُدخل القنوات الفاضحة إلى بيته التي تعرض الفاتنات العاهرات الفاجرات ثم هو يشتكي من حساسية زوجته وشكّها به!!
أو يبقى هو ينظر إليها نظر الريبة والشك وهي تتابع ما يُعرض على الشاشة من أجساد بعض المردان ونحو ذلك!!
أو تراه كثير السفر والتأخر والغياب عن البيت لغير ما سبب أو ضرورة!!
أو الخلوة المفرطة بجهاز الحاسب على شبكة الانترنت.. ونحو ذلك.
ومن صور التعرّض لمواطن الريب ويتساهل فيه كثير من الناس (الاختلاط العائلي)
رجالاً ونساءً من غير اعتبار لجانب المحارم.
- الكبت الزوجي.
فالزوج لا يرضى من زوجته أن تسأله، وإن سألته نفّرها وأغلظ عليها وتهرّب من إجابتها!!
والزوجة كذلك تتمنّع من أن تتواصل مع حديث زوجها حين يسألها في بعض شأنها وأمرها!!
هذا الكبت يولّد (الشك)!
- الصمت الزوجي وغياب الروح العاطفية بيهما.
باب من أبوب الشك، ومفتاح من مفاتيحه!!
فلا الزوج يشبع مشاعر زوجته وعاطفتها، ولا الزوجة تحرص على أن تمنح زوجها عبارات الحب والمودّة.
مما يثير شك أحدهما: لماذا لا يصارحني ويمنحني الحب؟!
- المجالس والتجمّعات مع الأصحاب.
فالنساء في مجالسهنّ يتفننّ في ابتكار الوسائل والطرق التي تطوّع الزوج لزوجته!!
والرجال في مجالسهم يتذاكرون مكر النساء وكيدهنّ!!
- التأثر بالقصص والمسلسلات والأفلام. !
فلربما يقع الزوج على قصة تحكي خيانة زوجية، أو تتابع الزوجة مسلسلاً يقصّ أحداث خيانة زوجية، فيبدأ الشيطان ببذر بذرة الشك بينهما وتخيّل وتفسير المواقف على هذه الخلفيات التي صنعتها القصص والرويات والمسلسلات!!
- الأفكار السلبية تولّد الشكوك والقلق.
والاسترسال مع هذه الأفكار يزيدها تكاثراً.
- الغيرة المفرطة!!
- استدعاء ذاكرة الماضي!!
بحكاية مواقف وأحداث حصلت لأحدهما أيام صبوته
* الحلول.
1 - حسن الاختيار ابتداءً.
فالزوج الصالح للحياة الزوجية من كان (صاحب دين وخُلق)، والزوجة الصالحة لدوام الاستقرار الأسري هي ( ذات الدين والودّ).
فالحياة الزوجية عبارة عن بناء يرتبط بعضه ببعض، والحرص على سلامة الأساس يكون أثره أكثر إيجابية في دوام الحياة الزوجية بينهما في مستقبل أيامهما.
2 - البعد عن مواطن الريب، والبعد عن اجتلاب ما يثير الشك والريبة.
فمن ذلك تطهير البيوت من مظاهر الفتنة كالقنوات والاختلاط والتساهل مع الخادمات أو السائقين ونحو ذلك.
3 - خلق وتفعيل جوّ حواري هادئ بين الزوجين.
يصارح بعضهما الآخر بما يجد نفسه بكل شفافية وأريحية، ويصارح كل منهما صاحبه بالحب ويمنحه الودّ و الوفاء.
4 - التوازن بين السرية والعلن.
فلا يفرط الزوج في أن يحدّث زوجته بكل ما مرّ أو يمرّ عليه من مواقف وأحداث في حياته، ولا تفرط الزوجة أيضا في الانفراط بلا حدود.
إن من أخطر الأمور في هذا الجانب أن تسترسل الزوجة أو يسترسل الزوج في ذكر مواقف وعلاقات حصلت لهم قبل أيا م الزواج يحكي كل منهم بسذاجة ما كان وقع فيه !!
فهذا مع ما يتعارض من الأمر بالستر فإنه ايضاً يثير الشك بين الزوجين!!
5 - تهذيب الغيرة.
الغيرة.. سياج منيع من الوقوع في الرذيلة.
والغيرة.. آية الطُهر والحياء.
وهي كذلك لا تزال حين تكون في إطار مقبول بحيث لا تتعدّى إلى الإضرار سواء بالنفس أو بالغير.
وأصل الغيرة عند النساء غير مكتسب، لكن الإفراط في ذلك والاسترسال مع الأوهام والأفكار السلبية وتغليف ذلك بغلاف (الغيرة) هو الأمر المذموم.
ولذلك من المهم أن يضبط الزوج غيرته على زوجته وأن تضبط الزوجة غيرتها، إذ الأصل في معنى الغيرة: أنها تمنع صاحبها من الوقوع في المحظور أو المذموم.
وإن من وسائل تهذيب الغيرة:
- مدافعة هذه الغيرة عند عدم وجود الريبة والشك.
قال - صلى الله عليه وسلم -: « مِنَ الغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ الله ومِنْهَا مَا يُبْغِضُ الله، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا الله عَزَّوَجَلَّ فَالغَيْرَةُ في الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الَّتِي يَبْغَضُهَا الله فالْغَيْرَةُ في غَيْرِ رِيبَةٍ.. "
ومعنى الغيرة في الريبة: اي الغيرة عند وجود الريبة المتحققة - وليست الريبة المظنونة - كأن يغار الرجل على زوجته حين يراها على منكر والعكس بالنسبة للزوجة.
- أن لا يحصل بسببها تعدٍّ على النفس أوالآخرين سواء على ممتلكاتهم أو حرياتهم التي كفلهاالإسلام لهم.
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً خديجة فأطنب في الثناء عليها، فأدركني ما يدرك النساء من الغيرة، فقلت: لقد أعقبك الله يا رسول الله، من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، قالت: فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغيراً لم أره تغير عند شيءٍ قطَّ إلا عند نزول الوحي أو عند المَخْيَلَةِ حتى يعلم رحمة أو عذاب. !!
فالزوج ربما غار على زوجته من مصافحتها لأعمامها أو لأبناء أختها ولربما حرم زوجته من وصل أقاربها لغيرته عليها من مخالطة الرجال من أقربائها!!
والزوجة ربما اشتطت بها غيرتها فتعدّت على نفسها أو على زوجها بالأذى، أو بالحرمان والكبت النفسي.
- كثرة الدعاء.(52/24)
فإن أم سلمة - رضي الله عنها - لما أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها قالت له: يارسول الله ما بي أن لا يكون بك الرغبة، لكني امرأة في غيرة شديدة فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به..
فقال لها: "« أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله - عز وجل - عنك.. "
6 - المصارحة بين الزوجين.
فهي تدفع الشكوك، سواءً كانت المصارحة في الجانب الإيجابي وهو جانب منح الحب، أو في الجانب السلبي من جهة المصارحة بما أوقع الشك في نفسه أو نفسها.
7 - لا تشغل بالك بالأمر القديم.
ولا تجعل مما مضى دافعاً يؤزّك إلى الشك و الريبة، احرصا على الانشغال بواقعكم وكيفية الاستفادة منه من أجل حياة أفضل.
8 - افهم دواع السلوك.
واحصرها فإن رأيت أنها دوافع غير واقعيه وإنما تولّدها الأفكار السلبية فأعرض عن الاستمرار في شكوك، وإن وجدت لها دوافع منطقية فتخلّص من هذه الدوافع.
9 - كن واثقاً.
وازرع الثقة في حياتك بينك وبين زوجتك وبين ابنائك أيضاً، فلا تسأل بدافع الشك، ولا تتردد في قبول الجواب لاعتقادك كذبه!!
العدو الثالث: التجاهل والنسيان.
التجاهل والنسيان عدو خفي يتسلل إلى الحياة الزوجية في مظاهر متكررة قد لا يتنبه لها الزوجان حتى إنه ليصنع من الأشياء الحقيرة مشكلة عظيمة!!
ولا أعني هنا مطلق التجاهل والنسيان، بل أعنيه في جانب الأشياء الجميلة في الحياة الزوجية!
وإلاّ فإن تجاهل الأخطاء والهفوات ونسيان الخلافات في الحياة الزوجية من أنجح وسائل الاستقرار بين الزوجين في حياتهما.
الله جل وتعالى في كتابه يلفت النظر إلى هذا المنعطف في الحياة الزوجية فيقول جل وتعالى: " وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ " وعلى قراءة: " ولا تناسوا الفضل بينكم " (البقرة: من الآية237)!
وهي إشارة لطيفة جاءت بين ثنايا سياق حديث القرآن حول جانب من العلاقات الأسرية (والزوجية خاصة) وفي الآية ندب إلى الإحسان والفضل، وندب إلى حفظ الجميل وعدم نكرانه ونسيانه بين الزوجين.
و رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤكّد على هذا المعنى العظيم مع زوجة من زوجاته وكيف أن تذكّر الأشياء الجميلة في الحياة الزوجية مما يزيد الحب بل هو علامة من علامات الحب، تقول عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: مَا غِرْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - على امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ. لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا. وَمَا رَأَيْتُهَا قَطُّ. !!
وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: " إنّي رزقت حبها "!!
وكان لا ينسى خلائل خديجة - رضي الله عنها - من أن يكرمهم إذا ذبح شاة ونحو ذلك. !!
وكان - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى أو يتجاهل زوجته عائشة - رضي الله عنها - من أن يشاركها أوتشاركه فيما يحب فمن ذلك:
أن جارا، لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فارسيا. كان طيب المرق. فصنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم جاء يدعوه. فقال (وهذه؟) لعائشة. فقال: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا). فعاد يدعوه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهذه؟) قال: لا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا). ثم عاد يدعوه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهذه؟) قال: نعم. في الثالثة. فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله.
ولعل أحدنا يسأل نفسه كم هي المرات التي يُدعى فيها إلى مناسبة فيشترط لحضوره أن تكون زوجته معه؟!
* بعض مظاهر التجاهل والنسيان.
- كفران العشير عند الخلاف والخصومة.
وهو شأن غالب في طبع النساء، وفي طبع بعض الرجال.
- عدم الثناء والمدح عند حصول التغيير والتجديد في أي جانب من جوانب الحياة الزوجية.
تقول يائسة..
زوجي لا ينظر إليّ !!
بقدر ما أقضي وقتاً طويلاً أمام المرآة أتجمّل فيها وأتزين لزوجي لكنه يتجاهلني!!
لا يدري ما ذا لبست..
ولا تجذبه رائحة العطور التي أغرق بها نفسي إغراقاً لعلّها تحرّك فيه ساكناً!!
كلما شعرت بتجاهل زوجي أحاول أن أستخرج منه كلمات الانتباه!!
مرّة لبست لبساً جديداً..
لم ينتبه..
سألته ما رأيك بهذا يا زوجي العزيز!!
قال: ما أجمله وأروعه !!
ثم بادرني بسؤال - وليته ما سأل - من أين لك هذا؟
قلت بخيبة: نسيت!!
هذا هديتك لي يوم قدمت من سفرك!!
- تجاهل الزوج لزوجته أمام أهلها أو أهله وتجاهلها له أمام أهله أو أهلها.
وكأن عواطف الزوجية ومشاعرها لا تكون إلاّ بين جدران البيت بل في أضيق من ذلك!!
إن الزوجة حين تشعر من زوجها أنه يقدّرها أمام أهله أو أهلها فإن ذلك يزيد من رصيد الحب بينهما.
- عدم الاهتمام بالوعود والمواعيد بين الزوجين.
فربما أن أي صارف - ولو كان تافهاً - يصرف الزوج عن موعد له مع زوجته!!
وكسل الزوجة وتثاقلها وعدم احترامها لمواعيد زوجها ربما يزيد من تناقص رصيد الحب بينهما!!
- تجاهل الأمنيات!!
قد تتمنى الزوجة على زوجها شيئاً ما - قد يكون في نظره تافهاً - لكنه عندها شيء له شأن!!
إن تجاهل بعض أمنيات زوجاتنا فيما نستطيع أن نحققه لهنّ يُرخي على حياتنا حُجباً قد تتكاثر حتى تحجب عنّأ إشراقة الحب.
لقد كان - صلى الله عليه وسلم - كما وُصف - مع زوجته عائشة - رضي الله عنها -: هيناً ليناً إذا هوت شيئاً تابعها عليه.
- الاستجابة للصوارف والتشاغل بها عن الأهل والأولاد.
(أنتر نت - أصدقاء - استراحات... )
- التجاهل والنسيان في جانب المشاركة الإيمانية بين الزوجين.
فالزوج لا يشارك زوجته بعض البرامج الإيمانية إنا تجاهلاً أو نسياناً، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلّمنا أن التعاون على البر والهدى مما يزيد الألفة وينزّل الرحمة على الزوجين.
يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رَحِمَ الله رَجُلاً قامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ الله امْرَأَةً قامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ».
- عدم تفعيل جانب الاستشارة بين الزوجين.
فالزوج يستقل باتخاذ قراراته، والزوجة كذلك.. ربماالأمر يعود إلى اعتداد أحدهما برأيه وتجاهل الآخر!!
لقد كان أهل الجاهلية في مكة لا يعدّون النساء شيئاً ولا يدخلونهن في أمورهم، حتى جاء الإسلام وجعل للنساء شأناً يقول عمر - رضي الله عنه -: كنّأ في الجاهلية لا نعدّ النساء شيئاً فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقّاً من غير إن ندخلهن في شيء من أمورنا!
إن الحياة الزوجية بقدر ما يمتعها التجديد ونفض الرتابة، فإنه يزيد من بهاء متعتها التمتع بمخزون الذكريات الجميلة وتذكرها والتفاعل العاطفي والمشاركة
وعدم التهميش والتجاهل!!
دامت لكم حياة سعيدة قريرة في ظل طاعة الرحمن.
http://saaid.net المصدر :
-ـــــــــــــ
ربع قرن من السعادة الزوجية
هدى سعيد
الزوج:
بمجرد أن يفهم الزوجان ارتباطهما على أنه عبادة وقربة لله يقطعان معظم الطريق إلى الوفاق والسكينة.
أسباب مأزق سنوات الزواج الأولى ورقة «أحب وأكره»..وبيت التحكيم دعامتان للحب الدائم بين الزوجين
الزوجة:
"زوجي صديقي، وطاعتي له عبادة" لو قالتها الزوجة لنفسها لصارت أسعد النساء."لاشيء قبلك سوى الله" هكذا يجب أن تُشعر زوجها في كل تصرفاتها ما أروع أن يكون الفهم والحب سياج الحياة الزوجية، وأن يتعانق نقاء الفطرة والوعي ليصنعا معًا السعادة والوفاق.
السطور التالية خبرة زوجين نسجا حياتهما بخيوط الود؛ لأنهما أدركا أن زواجهما سنة كونية، ورسالة دعوية وفضيلة بشرية، لنقرأ تجربة الأستاذ حسن فتحي الخياط -المدير المالي بإحدى الشركات- بعد 23 عامًا على زواج مازال يفوح منه شذا الود.
الزواج آية وسط الآيات الكونية.
يقول الزوج السعيد: إن الله - سبحانه وتعالى - ذكر الزواج وسط الآيات الكونية ليلفت نظرنا إلى أننا يجب أن ننظر إليه على أنه آية من آيات الله - سبحانه وتعالى -، كما ننظر إلى آيات الله من خلق البشر، وخلق السماوات والأرض، ومن النوم والبرق...
لذلك فإن الزواج بالمفهوم الإسلامي ليس مجرد قضاء شهوة، ولكنه أعمق من ذلك، فهو بناء الخلية الأولى في المجتمع الإسلامي، وهو المحضن الطبيعي للنشء القادم فإذا تم بناؤه على أسس سليمة مضبوطة بالضوابط الإسلامية أتى بثمرته الطبيعية والعكس صحيح.
ومن هنا نجد أن الذي يجمع بين الزوجين هو العطاء والتفاهم والالتحام والسكن والرحمة، هو العطاء الذي يبذله كل طرف للطرف الآخر، هو التفاهم بين الاثنين حتى يحب كل واحد ما يحبه الآخر ويكره ما يكرهه، هو الالتحام بين الاثنين حتى لا تكاد تعرف ما يخص الزوج وما يخص الزوجة، فهما نسيج واحد.
هو السكن الذي يجده كل طرف في الطرف الآخر بعد عناء اليوم، هو الرحمة بين الاثنين مصداقًا لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فإذا كان هذا الحديث في عموم المؤمنين فهو بين الزوجين أولى.
كيف يحافظ الزوجان على الحب بعد سنوات الزواج الطويلة ومسؤولياته؟
يجيب الأستاذ حسن مؤكدًا أن الأمر بسيط؛ إذ يدوم الحب لسنوات وسنوات، إذا تم بناؤه على الأسس السابق ذكرها، وهنا نجد قدوتنا - صلى الله عليه وسلم - يقدم لنا المثل الراقي في وفائه وحبه للسيدة خديجة، يذكرها دائمًا بالخير، ويثنى عليها، وعلى وقوفها بجواره حين كذبه الناس، ومواساتها بمالها حين حرمه الناس، وحينما يذبح الشاة يقول: اذهبوا ببعضها إلى فلانة فإنها كانت تأتينا أيام خديجة.
فإذا ما تلمسنا هديه - صلى الله عليه وسلم - في وفائه وحبه لزوجاته وعلمنا أن الزواج عبادة «وهو نصف الدين» نثاب عليه «وفي بضع أحدكم صدقة»، «حتى اللقمة يضعها أحدكم في فيِّ زوجته» وإذا تصفحنا سيرة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكيف كانت الزوجة تتفانى في إرضاء زوجها!، وكيف كان الزوج حريصًا على الرحمة والرأفة بزوجته!، وعلى معاملتها على أنها شريكة حياته.
وإذا ترسم الزوجان خطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الأخيار الأبرار، وعلمنا منزلة الزواج لدام الحب ينهما لسنوات طويلة، لدام حتى يلتقيا معًا في الجنة.
وسائل غسيل المخ:
ويعدد الزوج «الفاهم» أسباب خلافات السنوات الأولى من الزواج، والتي تقف به أحيانًا على حافة الطلاق، ومن ثم تزيد حالات الطلاق المبكر، ويحصر هذه الأسباب في:
(1) عدم جعل الدين هو الأساس الأول في اختيار الزوج "الزوجة".
(2) عدم البساطة في الزواج، ومحاولة توفير جميع الكماليات والتحسينات في عش الزوجية، ولو أدى ذلك إلى إضافة أعباء مادية قد ترهق الزوج أو تجعله مدينًا.
والذي يبدأ حياته مدينًا سينشغل جزء كبير من تفكيره بهذا الدين، فتتأثر علاقته بزوجته.
(3) تطلع المرأة إلى من هي أعلى منها ماديًا باستمرار ومحاولة محاكاتها وإرهاق الزوج بذلك.
(4) عدم توافر الجو الأسري الذي يجمع بين الزوجين ليناقش كل منهما أحوال الآخر ويستمع إلى مشكلاته.
(5) تمسك كل طرف برأيه وعدم التنازل عنه أو الوصول إلى حل وسط.
(6) تدخل الأهل بمفاهيم خاطئة يبثونها بين الزوجين (مثل القول للمرأة: أنت تعملين مثله فلابد أن يكون لك رأى، ولا تتنازلين عنه، فهو ليس أفضل منك).
(7) خروج المرأة للعمل واحتكاكها بمجتمع اختلط فيه الحق بالباطل فلم تعد المرأة تعلم حقها من واجبها.
(8) بحث كل طرف عن حقه وفي المقابل عدم الالتزام بواجبه.
(9) وسائل الإعلام وما تقوم به من غسيل مخ في العلاقة الزوجية حتى صوّرتها على أنها علاقة ندية بين اثنين، وليست علاقة تكاملية، حتى توهمنا أن الزواج عبارة عن حلقة مصارعة بين طرفين، وكل طرف حريص على أن يحصل على أكبر قدر من المكاسب لصالحه.
- ماذا تحب في زوجتك وتتمنى أن يدوم كي يدوم الحب؟
يبتسم مجيبًا: نظرة الحنان ولغة العيون التي إذا لم يفهمها المتزوجون؛ فلن يفهموا الحب، الطفولة البريئة في المشاعر والنضج في تحمل المسؤولية، الابتسامة الصافية، والطاعة، وكلمة حاضر، وأحب في زوجتي اهتمامها ببيتي من نظافة ونظام، وحبها لأهلي والاهتمام بهم وترحيبها بقدومهم.
- وينصح زوج (الـ 23عامًا سعادة) كل زوجين ليحصدا ثمار الهناء الزوجي ب:
ـ أن يتذكرا أن الزواج عبادة ورسالة.
ـ أن يتقي كل منهما الله في الآخر.
ـ أن يجلسا سويًا قبل الزواج أو بعده، ويكتب كل واحد منهما ما يحبه وما يكرهه، ثم يتفقا على أن يفعل كل طرف الأشياء التي يحبها الآخر، ويدع الأشياء التي يكرهها.
ـ ألا يتدخل الأهل سواء أهل الزوج أو أهل الزوجة في الخلافات التي تنشأ بينهما مطلقًا.
ـ أن يتفقا على أن يكون هناك بيت من بيوت المسلمين يكون أهل ثقة يرفعان إليه أي خلاف ويكون حكمه نافذًا عليهما.
ـ ألا يبيتا وبينهما خلاف أو مشكلة حتى ينظرا فيه.
ـ أن يتفقا إذا كان هناك مشكلة على الطريقة التي يحبها كل منهما لامتصاص غضبه، هل تترك الزوجة زوجها، ولا ترد عليه؟ أم تتحدث معه في المشكلة في حينها؟ أم تتركه يخرج من البيت حتى يهدأ؟ فلكل زوج طريقة خاصة في امتصاص غضبه وكذلك الزوجة.
ـ ألا يذكر كل طرف لأهله إلا محاسن الطرف الآخر ألا يتحدث معهم عن عيوبه أو سيئاته.
تتقرب إلى الله فيه أما الزوجة التي ستغبطها كل الزوجات، السيدة سناء تقول: إن الصداقة بين الزوجين، تيسر عليهما أشياء كثيرة جدًا وتخفف من حجم أي مشكلة، كما أن حسن طاعة الزوجة لزوجها والعمل على استرضائه دائمًا بالتقرب إليه بفعل الأشياء التي يحبها يجعلها دائمًا حبيبته وصديقته.
وتدعو كل زوجة إلى فهم الطاعة لا على أنها الخنوع والذل للطرف الآخر، بل على أنها عبادة تتقرب بها الزوجة الصالحة إلى ربها - عز وجل - وإذا كانت طباع الزوج سيئة، ولم تعتد عليها الزوجة ففي صبرها على ذلك، ومحاولتها تغيير هذه الطباع أجر تثاب عليه، كما أن لها عظيم الأجر في إشعارها زوجها بأنه أول اهتماماتها في هذه الحياة، وأنها لا تقدم عليه أي شيء آخر سوى الله.
10/9/1424
04/11/2003
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــ
حواء عروسة
رياض المسيميري
الزواج سُنة الأنبياء، ودأب الصالحين، وهو سبب بقاء النسل الشرعي في جنس الإنسان، ولا غنى للذكور ولا الإناث عن إتمامه متى حان وقته، وانعقدت أسبابه.
والفتاة المسلمة أجدر فتيات العالم بالمبادرة إليه والحرص عليه متى توفرت دواعيه، وتهيأت ظروفه.
وفي التنزيل( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم ) (النور: 32)
والزواج هو العقد الأسمى الشريف لحفظ النسل، وقضاء الوطر، وتلبية نداء الغريزة بصورة شرعية نظيفة.
ومن حق فتاة الإسلام أن تقترن بزوج تسكن إليه وتطمئن له، وتحظى بحق الرعاية والعطف والمودة، وتكوين الأسرة وتنشئة الأولاد.
بيد أن هناك ضوابط لابد من مراعاتها قبل أن تعطي إشارة الموافقة على الخاطب الواقف ببابها فمن ذلك:
1- الحرص على كون الخاطب متديناً.
وهذا الأمر لا يحتاج إلى مزيد عرض وإقناع لحواء المسلمة، ذلك أنَّ الاقتران بغير المتدين المعظم لربه هو مجازفة غير محسوبة العواقب كثيراً ما تسبب في تصدع البيوت وخرابها.
والتدين المطلوب، هو التدين الصادق الباعث على الخشية والتعظيم لجناب الله - تعالى -، لا مجرد المظاهر العارية من المضامين الجادة والهمم الراقية.
ومن الجدير بالذكر أنَّ ثمة زيجات كثيرة باءت بالفشل الذريع نتيجة التسرع في قبول الخاطبين اغتراراً بالمظاهر، وغفلة عن الجواهر والبحث الجاد عما تكنه تلك الشخصيات المتقدمة لبنات المسلمين في أجوافها من المعتقد والفكر وخلافه.
2- حسن الظن بالله - تعالى -، والتسليم لقضائه وقدره، وأن تعلم الفتاة أن ما كُتب لها وقُدِّر آتٍ لا محالة، فلا تخشى من فوات القطار فتقبل بمن هب ودب ففوات القطار خير من سقوطها من القطار ذاته.
فالتروي والصبر كفيلان بأن يحققا المراد وإن طال الزمن، فما قيمة أن تقبل بعريس لا تظهر عليه أمارات الاستقامة وبوادر الصلاح تحت مطارق الخوف من تقدم العمر وشبح العنوسة؟! وهذا لا يعني أن تبالغ في طلب الكُمَّل من الخُطَّاب فذاك بعيد المنال بل مستحيلة.
ونحن إنما قصدنا الحد الأدنى الذي بدونه يتحول الأمر إلى تفريط يصعب استدراكه فيما بعد.
3- الحرص على إملاء شروطها التي لا غنى لها عن تحقيقها، حتى لا تقع في حرج مستقبلي قد يعكر حياتها الاجتماعية الواعدة.
4- الحرص على الرؤية الشرعية، فتمكٍّن الخاطب من رؤيتها، كما أن لها الحق في النظر إليه وذاك أحرى أن يحقق الوئام والمودة بينهما.
5- على الفتاة المسلمة استصحاب حسن النية في كل ما تأتي وتذر لا سيما في قضية الزواج فيكون هاجسها تحصين نفسها وإعفاف زوجها وتكوين البيت المسلم وتنشئة الأجيال الواعدة، لا أن يكون همها مجرد المفاخرة بزواجها أو منافسة قريناتها أو المباهاة بوضع زوجها الاجتماعي.
6- البعد عن المغالاة في المهور، وتعجيز الخاطب بما لا يحتمل من المساكن الفخمة والأثاث الفاخر فأكثر النكاح بركة أقله مؤونة.
هذه جملة من الخواطر المهمة باعثها الحرص على مستقبل فتاة الإسلام، وتحقيق أفضل السبل لسعادتها ونجاحها الأسري القادم بإذن الله - تعالى -. وبقي دور حواء في حسن التأمل للمسطور ومن ثم إتباع أحسنه والله الموفق.
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــ
من نختار حين نقرر الزواج
فهد عامر الأحمدي
رغم أنني غير متأكد من توافق العنوان مع طريقة الزواج في مجتمعنا المحافظ (حيث تُحدد العائلة غالبا ـ وليس الشخص نفسه ـ شريك المستقبل ورفيق الحياة) ولكن يمكن القول أننا حين نقرر الزواج نراعي مسألتين مهمتين:
ـ الأولى: توافق وضعنا الاجتماعي والثقافي مع الشخص المقابل (كالتوافق في الدين والمذهب والعرق والتعليم ومستوى العائلة ووو...)!
ـ والثانية: تحقيق ميولنا الشخصية نحو مواصفات جسدية معينة (كالطول والوزن ولون البشرة والشعر والعينين... )!
ولن أسترسل كثيرا فيما يخص النقطة الأولى، ولكن يمكن القول إجمالا أن معظم الناس يرفضون الزواج من شخص له: "عرق مختلف، أو دين مخالف، أو جنسية أخرى، أو يكبرنا بالسن بشكل واضح، أو يقل مستواه التعليمي أو الاجتماعي عنا بشكل كبير... ".
أما بالنسبة للمسألة الثانية، فتوجد أربع فرضيات ـ على الأقل ـ تحاول تفسير ميولنا الخاصة لمواصفات جسدية معينة:
ـ الفرضية الأولى تقول إننا نبحث عن شريك حياة يكمل نقصنا، ويعوِّض عيوبنا؛ فالفتاة القصيرة المكتنزة تفضل الرجل الطويل الرشيق، والرجل القصير الأسمر يفضل الفتاة الطويلة البيضاء... ففي داخل كل منا ميل للكمال ورغبة في تحسين النسل وإنجاب ذرية أفضل؛ فالفتاة القصيرة تخشى من إنجاب أطفال قصار إن تزوجت رجلا بطولها.. والرجل الأسمر يخشى إنجاب ذرية "أكثر سمارا" إن تزوج فتاة بلونه...
ـ أما الفرضية الثانية فعلى عكس الأولى، تقول إننا نميل للزواج ممن يشبهنا في المواصفات الجسدية والمظهر الخارجي؛ فنحن نرتاح عادة لمن يشبهنا ويقترب منا ونخاف ممن يخالفنا ويبتعد عنا؛ فقد يكون الرجل دميما ولكنه لا يرغب بالزواج من فتاة جميلة "حتى ما تشوف نفسها" وتملي شروطها.. وقد تكون المرأة قصيرة ومكتنزة لكنها "تخاف من كلام الناس" إن تزوجت رجلا يفوقها طولا ورشاقة...
ـ أما الفرضية الثالثة فهي بلا شك الأكثر غرابة وإثارة للدهشة؛ فقد اتضح أخيرا أننا نميل لمن يشبه آباءنا وأمهاتنا.. ! وهذا الأمر سبق أن قرأته في مجلة "نيوسانتست" (عدد 2 فبراير 2002م) ثم اطلعت مؤخرا على نتائجه النهائية (في موقع "أنانوفا" الإخباري).. ففي جامعة "سانت اندرو" باسكتلندا اكتشف الباحثون أن النساء ينجذبن إلى من يشبه آباءهن، والرجال إلى من يشبه أمهاتهم ـ خصوصا فيما يتعلق بالشعر ولون العينين.. ـ وتقول الدكتورة "إنتوني ليتيل" (المشرفة على الدراسة) إن الناس يفعلون ذلك بلا إدراك حقيقي للسبب.. ولكنها وجدت ـ بنسبة لا تقبل الشك ـ أن آلاف الأزواج قد اختاروا بالفعل من يشبه والدته، أو والدها.
ويعود السبب إلى أن الإنسان يرتاح بطبعه للشكل و (الصورة) التي تعوَّد عليها مهما كانت قبيحة أو جميلة.. فمن نراه قبيحا في البداية نعتاد عليه بمرور الوقت، ومن اعتبرناه "آية في الجمال" يصبح معتادا مع الأيام. وحين يولد الشخص بين والدين (يراهما كل يوم) تصبح صورتهما هي النموذج المريح والمرجع الأساسي لكل وجه جديد. وهكذا حين يقابل الرجل فتاة لها نفس عيني والدته يشعر بألفة وارتياح لا يعرف لهما سببا. وحين تصادف الفتاة رجلا له صلعة (الوالد) لا تشعر بالنفور منه أبدا!
بقي الحديث عن الفرضية الأخيرة (ولا داعي للقلق من انتهاء المقال؛ لأنها الأكثر اختصارا ووضوحا وتنطبق على مجتمعنا أكثر من غيره)..
إنها ببساطة: الاختيار الذي يفرضه الواقع، وتقرره الوالدة أو الأخت الكبرى!!
http://www.asyeh.com المصدر:
ـــــــــــــ
زواج الأقارب
الزواج طريق لإنشاء علاقات جديدة، واتساع دائرة الترابط في المجتمع، وزواج الأقارب لا يقيم علاقات جديدة، كما هو الحال في الزواج من الأباعد؛ ولذا يحسن أن تتزوَّج المسلمة من غير أقاربها إذا تيسَّر لها زوج تتوافر فيه المواصفات التي تُرضيها وترضي أولياءها.
وقد يكون الزواج من غير الأقارب لازمًا إذا لم يوجد بين الأقارب من تتوافر فيه صفات الزوج المسلم، التي وضعها الإسلام من: حسن التديُّن، وصلاح السيرة، وسلامة البدن، والنفس والعقل، أو إذا وُجِد ولم توافق المرأة
وأولياؤها عليه، فزواج الأباعد يتيح للمرأة مجالات أرحب للمعرفة وتكوين الصلات، نتيجة اختلاف البيئات والثقافات، وإقامتها بين أناس غير الذين نشأتْ بينهم.
ولعل زواج الأقارب يؤدي إلى ضعف النسل لما يحدث من تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة، وربما كان هذا هو الذي دفع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن ينصح المسلمين بقوله: اغتربوا لا تَضْوُوا (أي: تزوجوا من غير الأقارب حتى لا تضعفوا).ولا يعني هذا حرمة زواج الأقارب أو كراهته إذا توافرت فيه الشروط المناسبة، ولكنه يلفت النظر إلى خطورة إغلاق الباب دون الزواج من غير الأقارب.
http://www.tihamah.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج المستقر والسعيد يحافظ على صحة القلب(52/25)
أكدت الدراسات الطبية أن العلاقة الزوجية تلعب دورا مهما في المحافظة على صحة القلب والشرايين أو تدهورهما. حيث اكتشف العلماء وجود ارتباط مباشر بين الحياة الزوجية وارتفاع ضغط الدم وضعف الأوعية الدموية، حيث تزيد العلاقة غير الناجحة من مستويات التوتر في الجسم، مما يؤثر سلبا على صحة القلب.
ووجد الباحثون أن جدار القلب أقل سمكا عند الأزواج الذين يتمتعون بحياة مستقرة وسعيدة، مقارنة بالأزواج الذين يفتقرون لهذه الحياة ويعيشون في حالة نكد وتوتر دائم. وتبين للباحثين، أن الأشخاص الذين يعانون من علاقات زوجية سيئة، أصيبوا بتضخم في القلب بعد ثلاث سنوات من الزواج، حيث كبر حجم البطين الأيسر للقلب بأكثر من ستة في المائة. أن هناك ارتباطا مباشرا بين الحياة الزوجية وارتفاع ضغط الدم وضعف الأوعية فالعلاقة الزوجية غير الناجحة تزيد من التوتر مما يؤثر سلبا على صحة القلب نتيجة زيادة هرمون الأدرينالين في الجسم الذي يؤدي في النهاية إلى تليف القلب.
ومن جانب آخر، يؤيد علماء النفس والاجتماع الأزواج الذين يفضلون الهروب من الخلافات الزوجية أو إعلان لحالة الهدنة المؤقتة عندما يكونون في حالة غضب شديد حيث أن ردود أفعالهم تزيد نار الخلاف بينهم وبين زوجاتهم..ويفسر علماء الاجتماع أن حالة السكتة الكلامية التي يصاب بها بعض الأزواج ليست حالة مرضية وإنما هي حكمة للهروب من المشاجرات الزوجية، وعندما تصرخ الزوجة بأعلى صوتها وتقول "زوجي فقد قدرته على الكلام"..فإنه في الحقيقة لا يريد مزيدا من المشاكل التي تنتهي بها معظم المناقشات العائلية.
ويقول علماء الاجتماع انه، لا يخلو بيت من الخلافات الزوجية.. فالشجار الزوجي لا مفر منه وحتى لا تتحول البيوت إلى ساحات للحرب عقب كل مناقشة وحسب كتاب (قواعد تعامل الأزواج) من تأليف دبلين ثين وشيري شنيدر. والذي يحتوي على 43 نصيحة تعلم الزوجين كيف يعيشان في سلام دون أن يقدم أحدهما تنازلات ودون أن يصل الصراع بينهما لمرحلة الكراهية. ونعرض هنا أهم النصائح التي قدمها المؤلفان في هذا الكتاب:
- عدم ترك الموضوع الرئيسي للخلاف والتطرق إلى موضوعات أخرى: فمثلا حين تتشاجر الزوجة لأن زوجها لا يساعدها في الأعمال المنزلية فلا ينبغي اتهامه بأنه أيضا لا يساعدها في شراء احتياجات المنزل الضرورية من السوق حتى لا تتسع هوة الخلاف بينهما.
- الاعتراف باختلاف وجهات النظر: من الضروري أن تتقبلي الاختلافات في الرأي وأن تعترفي بأن هناك اختلافا في الطباع بين البشر والاعتراف بأن الآخر يتحدث لغة مختلفة وتجنب توجيه تبادل الاتهامات في كل خلاف فعلى سبيل المثال قد يكون الزوج ساخرا بطبعه والزوجة تأخذ كل شيء بجدية، هنا قد ينشب الشجار بسبب اختلاف الطباع.
- شجاعة الاعتذار عند إدراكك للخطأ: يجب أن تكون لديك الشجاعة في الاعتراف به والاعتذار قبل أن تأوي إلى الفراش لأن ترك الأمر للغد قد يزيد الأمر تعقيدا ويصعب الاعتذار في هذه الحالة.
- ابتعدي عن الصراخ (الصياح): لأن هذا سيمنع كلا منكما من الاستماع للآخر ويزيد من اشتعال الخلاف ويفقدكما القدرة على السيطرة على النفس.
ومن جانب آخر، أكدت دراسة أمريكية حديثة أن الوقوف إلى جانب شريك الحياة وتقديم الدعم له لتحقيق طموحاته وأهدافه وأحلامه إلى جانب الحب والتفاهم والثقة المتبادلة بين الزوجين هو سر الاستمرار في حياة زوجية سعيدة. ومن جهتهم يرى الباحثون في جامعة جورج ماسون بفيرجينيا الأميركية أن الإنسان يشعر بالسعادة أكثر في العلاقات التي تقربه من شريك حياته، وتجعله يشعر بدعمه ومساعدته في الوصول إلى أهدافه، وتحقيق طموحاته الشخصية.
وقد أوضحت الدراسة التي استندت على دراسة 117 زوجا أن الأزواج الذين حصلوا على درجات كبيرة من الدعم الزوجي والمساعدة على تحقيق طموحاتهم سجلوا بشكل عام رضا أكبر عن حياتهم الزوجية مقارنة بغيرهم ممن لم يحصلوا على مثل هذا الدعم. كما وجد الباحثون في الدراسة أن الأزواج الذين اتفقوا على العمل معا من أجل تحقيق أهداف مشتركة، مثل شراء منزل، أو إنجاب الأطفال، أظهروا أيضا رضا أكبر عن علاقتهم الزوجية..
http://hwarat.osrty.com المصدر:
ـــــــــــــ
الإستقرار والسعادة .. أكثر الأشياء التي تجعل الرجال يتزوجون !
هذا السؤال لطالما تم طرحة في السابق وكان محور الكثير من الأبحاث.والسؤال الآخر المهم أيضا هو لماذا يتزوج الرجال امرأة معينة دون غيرها ؟.. ففي دراسة أمريكية حول الموضوع تبين أن الرجل يقوم بخطبة امرأة معينة دون غيرها بسبب اختلاف معاملة كل امرأة له ومدى استجابته لهذا التعامل.
أما الإجابة على سؤال لماذا يتزوج الرجال فإن الجواب كان غامضا بعض الشيء إلا أن هناك أسباب عامة وواضحة في بعض الحالات و منها:
سعيا وراء الاستقرار
هذه الحالة توجد عند الرجال الذي قطعوا شوطا في الحياة كعزاب وقد بدءوا يشعرون بالملل من هذه الحياة و عندها يبدءون جديا بالتفكير بالزواج.
الرغبة في الإنجاب
في مرحلة معينة في حياة الرجل يبدأ الرجال بالشعور برغبة في الإنجاب لذلك يبدأ موضوع الزواج يصبح أكثر قبولا عند الرجال.
كذلك خرجت الدراسة بنصائح مهمة للنساء لتحديد هوية العريس المحتمل وهي كما يلي:
* معظم الرجال يفكرون بالزواج بعد أن يقضوا فترة مستمتعين بحياة العزوبية.
* الرجال الذين ينظرون إلى الزواج على أنه إنفاق مالي يكون الكاسب الوحيد منه هو المرأة، في أغلب الأحيان لا يتزوجون.
* الرجال الذين نشأوا في عائلة الأبوين فيها مطلقين غالبا لا يفضلون الزواج أو يكونون غير متحمسين لفكرة الزواج.
* الرجال الذين أمضوا فترات من حياتهم وهم يعتمدون على أنفسهم من ناحية السكن و العناية بأنفسهم وكانوا يتمتعون باستقلال مادي يكونون على الأغلب جاهزين للزواج.
* الرجال الذين يكون معظم أصدقائهم وأفراد عائلتهم متزوجين على الأغلب يكونون أكثر تقبلا لفكرة الزواج.
هذا ومن جانب آخر، وحول الفوائد الكثيرة للزواج بشكل عام، فقد أثبتت الدراسات الحديثة إلى أن الأشخاص المتزوجين يتمتعون بصحة جيدة ويعيشون لمدة أطول من الأشخاص الغير متزوجين أو المطلقين. فبحسب الدراسة فان أعلى نسبة وفيات تحدث بين الأشخاص المطلقين، ثم يتلوهم الأشخاص العزاب ويأتي في المرتبة الأخيرة المتزوجون. ويعزي العلماء ذلك إلى أن الأشخاص المطلقين يعانون من ضغوط نفسية سيئة بسبب الانفصال.
الأسباب لازالت غير معروفة لغاية الآن لكن العلماء يرجحون أن السبب هو أن الأشخاص المتزوجين يتمتعون باستقرار نفسي و مالي أكبر الأمر الذي يجعلهم أكثر شعوراً بالأمن و الاستقرار. كذلك فإن الزواج يشكل جدار واقي من المؤثرات النفسية حيث يتوفر الدعم النفسي بوجود شريك يقف إلى جانبك دوماً. والأمر الآخر أن الزواج يوسع من دائرة معارفك وقد اثبت العلم الحديث أن الحياة الاجتماعية الجيدة عنصر مهم في الصحة الجيدة.
الزواج يساهم في تحسن الصحة بسبب أنك تغير من نمط حياتك إلى الأفضل، فتبدأ بوضع حزام الأمان والتقليل من استهلاك الكحول وتحسن نوع غذائك أي أن حياتك تنتظم بصورة أفضل الأمر الذي يؤدي بشكل منطقي إلى تحسن الصحة. إلا أن الأبحاث تشير إلى أن الزواج يحسن من صحة الرجال أكثر من النساء بسبب أن النساء يقضون وقت اكبر في محاولة جعل أزواجهم لائقين صحيا مما يفعل أزواجهم لهم. و الخلاصة أن الزواج يحسن من صحة الزوجين إلا أنه من المهم التركيز على نوع الزواج، بمعنى أن الزواج السعيد هو الذي يحسن الصحة و ليس أي نوع آخر.
http://hwarat.osrty.com المصدر :
ـــــــــــــ
هل يجوز المدح الكاذب بين الزوجين ؟!
إذا ساءت العلاقة بينك وبين طرفك الآخر، ووصلت إلى مرحلة من الجفاء فهل يجوز لك المدح الكاذب لتليين النفوس وترطيب جفافها؟
وهل مدح الزوج زوجته أو العكس بما ليس فيه من الصفات يمكن اعتباره من أبواب الكذب المباح؟ وكيف يمكن تفسير حديث الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي روته أم كلثوم عن الترخيص في الكذب الذي منه حديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها؟
إن شأن المسلم في أحواله كلها أن يلتزم الصدق في أقواله وأفعاله ولقد حذرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الكذب في قوله: وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه.
ووصف - صلى الله عليه وسلم - المنافق بأنه (إذا حدث كذب) متفق عليه وكفى بذلك تنفيرا من الكذب وتحذيرا منه. ولا يخرج المدح عن هذا الأصل، فلا يجوز أن يمدح الإنسان غيره كاذباً فلقد سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجلا يثني على رجل ويطريه في المدح فقال أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل متفق عليه والإطراء هو المبالغة في المدح، فإذا كانت المبالغة في المدح منهيا عنها فمن باب أولى الكذب فيه.
أما فيما يتعلق بمدح الزوجين بعضهما فيجب التزام الصدق فيه ولا يجوز الكذب فيما يمدح أحدهما صاحبه به، وما جاء من الترخيص بالكذب فيه لا يشمل المدح. وهو ما جاء عن أم كلثوم - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ليس الكذب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيراً متفق عليه وينمي أي يبلغ. وفي رواية مسلم قالت: أم كلثوم ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث تعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها تعني ما يخبر أحدهما الآخر كذبا لتجنب سوء خلقه عندما يكون الضرر من الصدق أكبر من الضرر من الكذب.
وهذا لا يكون إلا فيما يخفي على أحد الزوجين، أما المدح فيكون في الصفات التي يعلمها الزوج أو تعلمها الزوجة من نفسها فلا مكان للإخبار عنها كذبا. مما يجعل الكذب فيه خاليا من المصلحة لعلم الممدوح بأنه لا يحمل هذه الصفة التي مدح فيها.
ولقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمدح زوجاته ولا يقول إلا حقا وصدقا من ذلك مدحه خديجة أم المؤمنين - رضي الله عنها - بقوله: عمران وخير نسائها خديجة بن خويلد وأشار الراوي إلى السماء والأرض، وقال في مدح زينب أم المؤمنين - رضي الله عنها - أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا قالت عائشة - رضي الله عنها - فلن يتطاولن أيتهن أطول يدا قالت: فكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق.
http://al-farha.osrty.com المصدر:
ـــــــــــــ
إلى كل زوجين : كيف تحققان السعادة الزوجية ؟
المودة والرحمة جناحا السعادة الزوجية، كما ارتضاها الله - سبحانه وتعالى -، ولكن قد يعتري الفتور هذه الحياة في بعض الأحيان، ويصبح هذان الجناحان مهيضين.
وحتى تتنامى مساحات الحب والمودة بين الزوجين طوال عمر الزواج، يقدم لأستاذ أحمد سالم بادويلان خبير الشؤون الأسرية هذه النصائح والأفكار:
فن التهادي:
تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية، فوردة توضع على الوسادة قبل النوم لها سحرها العجيب، وبطاقة صغيرة ملونة كتبت عليها كلمة جميلة لها أثرها الفاعل، وعلى الزوجة أن تهدي زوجها بالمثل.
تخصيص يوم أو وقت للجلوس معاً، والإنصات بتلهف واهتمام للمتكلم.
سحر النظرة:
فالمشاعر بين الزوجين لا يتم تبادلها عن طريق أداء الواجبات الرسمية، أو حتى عن طريق تبادل كلمات المودة فقط، بل كثير منها يتم عبر إشارات غير لفظية من خلال تعبيرات الوجه، ونبرة الصوت، ونظرات العيون، فكل هذه من وسائل الإشباع العاطفي والنفسي. التحية الحارة، والوداع الحار عند الدخول والخروج، وعند السفر والقدوم.
الثناء على الزوجة وإشعارها بالغيرة المعتدلة عليها، وعدم مقارنتها بغيرها. الاشتراك معاً في الأنشطة الخفيفة كالتخطيط للمستقبل، أو ترتيب المكتبة، أو الترتيب لشيء يخص الأولاد، وغيرها من الأعمال التي تكون سبباً للملاطفة والمضاحكة وبناء المودة. الكلمة الطيبة والتعبير العاطفي بالكلمات الدافئة والعبارات الرقيقة. الجلسات الهادئة وتخصيص وقت للحوار، وتجاذب أطراف الحديث، يتخلله بعض المرح والضحك بعيداً عن مشكلات الأولاد وصراخهم وشجارهم، وهذا له أثر كبير في تنمية الألفة والمحبة بين الزوجين. التوازن في الإقبال والتمنع، وهذه وسيلة مهمة، فلا يقبل كل منهما على الآخر بدرجة مفرطة، ولا يتمنع وينصرف عن صاحبه كلية، وقد نهي عن الميل الشديد في المودة، وكثرة الإفراط في المحبة، وكل ممنوع مرغوب، ولكن التمنع يحتاج إلى ثقة وذكاء، بحيث لا يشعر الطرف الآخر بأنه منبوذ أو مكروه من شريكه. التفاعل من الطرفين في وقت الأزمات بالذات كأن تمرض الزوجة أو تحمل فتحتاج إلى عناية حسية ومعنوية، أو يتضايق الزوج لسبب ما فيحتاج إلى عطف معنوي، وإلى من يقف بجانبه. التجديد ومحاربة الروتين والملل، لأنه كثيراً ما يطغى على الحياة الزوجية، ويفترس السعادة والمودة بين الزوجين. تخزين المشكلات: الملاطفة بين الزوجين أثناء النهار في التصرفات واللمسات مثل: لمسة حانية للتعبير عن مدى حب الطرفين لبعضهما. المصارحة وعدم الكبت، فإن أخطر ما يهدد العلاقة العاطفية بين الزوجين..الكبت، وعدم البوح بالمشاعر والمخاوف التي تختلج في صدر أحدهما أو كليهما، مما تسبب في تخزين المشكلات، ومن ثم تضخيمها.اختيار الأحاديث الطيبة قبل النوم، وهجر كل مشكلات العمل والأولاد، لأن حديث الوسادة له أثر طيب في نفس كل منهما.الشكر والثناء وقول: جزاك الله خيراً وتكراره بين الزوجين عند الحاجة، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ولا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه. التغاضي عن الزلات، والاعتذار عند الخطأ، وهذا أيضاً من أعظم الوسائل أثراً في تنمية الحب والمودة بين الزوجين. الاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين، فإكرام الزوجة، وحسن معاشرتها دليل على كمال شخصية الزوج ونضجه، كما أن احترام المرأة لزوجها وتوددها له عند الانفعال والغضب دليل على رجاحة عقلها، وحسن خلقها. والأجمل من هذا العذر المتبادل، كما قال أبو الدرداء لزوجه: "إن أنا غضبت فرضِّيني، وإن أنت غضبت رضيتك، وإلا لا نصطحب".
النظر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسن معاشرته لأزواجه وحكمته ورحمته، والتأسي به في كل نواحي العلاقة الزوجية.
http://www.almujtamaa-mag.com بتصرف من:
ـــــــــــــ
لماذا تزوغ عيون زوجي الحبيب ؟
حمدي شعيب
سؤال محير ؟!!. يواجهه الكثير من الزوجات عندما يرين أزواجهن ينظرون، أو يهتمون، بالأخريات؛ لماذا تزوغ عيون زوجي الحبيب؟ فيشعرن بالغيرة أولاً ثم بالجرح الكبريائي. أو بمعنيً آخر ؛ ما الذي يدفع الزوج للهروب ؟.
قمت بعمل استبيان سألت فيه هذا السؤال للكثيرين والكثيرات، ثم كان الرد بعد تحليل الاستبيان؛ وجعلته على خطوات منهجية؛ بأسئلة بسيطة وإجابات أبسط:
الخطوة الأولى: ما هي الأسباب؟
هناك أسباب عامة تنطبق على أي حالة، وأسباب خاصة مرتبطة بكل حالة.
أولاً: الأسباب العامة:
1 - نزغ الشيطان: وهذا هو السبب الأساسي.
فهي غريزة مفطور عليها البشر، ومن الشهوات التي يزينها إبليس للبشر، فتفتن كل من يبتعد عن منهج الله - عز وجل - وهدايته: ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) (14) (آل عمران)
وهذا مرجعه إلى عدم غض البصر، والنظر إلى المحرمات، فتقع الفتنة الإبليسية.
ولا يشترط أن تكون الأخرى أجمل من الزوجة؛ ولكنه تزيين وغواية الشيطان.
وكما يقول الحبيب {عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ: يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ.} (2)
2 - العناد: فقد تكون مجرد رسالة تمرد للزوج على شك وسلطوية و تسلط الزوجة.
3 - الهروب: فقد يكون ذلك مجرد هروب من واقع أو مشكلة نفسية.
4 - البحث عن الثقة في النفس: حيث يلجأ الرجل إلى الأخرى لكسب الثقة بالنفس؛ ولإثبات أهميته عندما تنال منه زوجته، أو تحاول هز ثقته في نفسه.
5 - الفراغ: وقد يكون فراغاً في الوقت أو عاطفياً؛ فلا يجد من زوجته الوقت الذي تملأ به حياته، أو لا يجد الاهتمام والرعاية العاطفية، فيبحث عنها عند الأخرى.
6 - حب المغامرة: وبعض الناس قد تستهويه حب التجربة وحب المغامرة أو المقامرة، بحياته أو سمعته.
7 - ضعف الشخصية: وبعض الرجال يحاول البحث عن الأخرى؛ التي تشعره بالمكانة والود والشعور بالرجولة.
8- البيئة والواقع المحيط: سواء المحيط الأسري، أو الاجتماعي.
فالبيئة الأسرية غير السوية والتفكك الأسري والبعد الفكري والعاطفي بين الزوجين تدفع دفعاً إلى الملل والبحث عن السعادة الخارجية ولو كانت مزيفة.
والبيئة الاجتماعية الخارجية والممثلة في المجتمعات المختلطة والمفتوحة من أنسب الأجواء لنشوء العلاقات الخارجية المحرمة، وهواية النظر للأخرى.
9 - التنشئة الأصلية: فقد تكون هناك ترسبات دفينة في نفس الزوج؛ رآها في بيئته الأسرية أو الاجتماعية، فتتراكم على مر السنين لتكون جزءاً من تكوينه الداخلي.
10- الانتقام: فعندما يتعرض أحدهم لحادث حياتي معين؛ سواء من زوجته المهملة أو من المرأة عموماً؛ فيدفعه ذلك لحب الانتقام من أي امرأة.
11 - عدم الإنجاب: فتوجهه غريزة حب البقاء والخلود لأن يبحث عمن تعطيه وتشبع هذه الغريزة.
12 - الزوجة الدميمة: سواء في الشكل أو الجسد؛ والتي لا تستطيع أن تشبع الرغبة العاطفية عند الزوج فيبحث عن الأخرى التي تملأ هذا النقص.
13 - إهمال الزوجة لنفسها: وقد تكون جميلة، ولكنها تحجب جمالها بالإهمال؛ ولا تحاول أن تعف زوجها، فتدفع شريكها المسكين للنظر إلى من تهتم بنفسها، وإلى من تشعر الزوج بأنه يرى أنثى لا خادمة؛ لا يراها إلا بملابس المطبخ ذات الروائح المميزة والطاردة.
14 - الهجر والبعد: فقد يكون بعداً مادياً كسفر الزوج أو سفر الزوجة، وقد يكون بعداً معنوياً فيشعر الزوج بالغربة وهو في بيته وبجواره الزوجة الغريبة.
15 - سوء خلق الزوجة: وهو من العوامل الطاردة للزوج؛ ليهرب من جحيم اللسان الذي يلسعه كالسوط؛ كلما ناقش أو حاور شريكته سليطة اللسان.
16 - عاشقة النكد: وهناك من الزوجات من تتفنن في البحث عن الهم والغم والحزن، وتجيد مهارات وفنون التنكيد والتنغيص على عباد الله؛ خاصة زوجها، فيهرب إلى الأخرى ولو لمجرد التنفيس.
ثانياً: الأسباب الخاصة:
أما عن الأسباب الخاصة فهي:
1- أسباب ظاهرة:
وتستطيع الزوجة أن تستشفها، أو يستطيع أي قريب منهما أن يلاحظها؛ فقد يوجد في الزوج أو الزوجة سبب أو أكثر من الأسباب التي ذكرناها آنفاً.
2 - أسباب دفينة:
لا يعلمها إلا الله - سبحانه - ثم الزوج والزوجة.
وهذه لا يستطيع أي بشر أن يبوح بها.
الخطوة الثانية: ما الحل؟
فننصح الزوجة الفاضلة بالآتي:
أولاً: التوبة والاستغفار.
فكما ورد عن أحد السلف -رضوان الله عليهم- : (إني أرى معصيتي في خلق زوجتي ودابتي).
وقد يكون هذا الخلق غير السوي من زوجك؛ ما هو إلا جزاء رباني لذنب قد تكوني قد اقترفتيه أنت، فلومي نفسك أولاً واستغفري الله لعله يتوب عليك، ويصلح لك زوجك. وتذكري هذه المنن التي امتنها - سبحانه - على زكريا - عليه السلام -، ومن أهمها إصلاح الزوجة:
( وزكريا إذ نادى" ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين 89 فاستجبنا له ووهبنا له يحيى" وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين )90(الأنبياء).
ثانياً: الدعاء.
فيجب أن تلجئي إلى هذا السلاح القوي، وذلك بعد الأخذ بالأسباب.
عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - {فِي قَوْلِهِ - تعالى -: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ. وَقَرَأَ (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين). وكرري دوماً دعاء عباد الرحمن المعبر والمؤثر: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما 74(الفرقان).
ثالثاً: المواجهة:
وأقصد بها مواجهة المشكلة والأخذ بالأسباب في حلها. وكما يقول المثل: (ما حك جلدك مثل ظفرك، فتولَّ جميع أمرك!) وهو نوع من التحدي لشيطان الجن اللعين، وشياطين الإنس الفاتنة.
وضعي في روعك أنك ستنتصرين عليهم بعونه - تعالى -
المواجهة الأولى: مواجهة النفس:
1- أسألي نفسك؟!
أي اجلسي مع نفسك وفكري في الأسباب الطاردة لرفيق حياتك، والتي لا يعلمها إلا الله ثم أنت؛ ثم حاولي التخلي عن هذه الصفات المنفرة.
2 - واجهي نفسك، قبل أن تواجهي زوجك. !
أي أنه لا يوجد من يحب لك السعادة والاستقرار أكثر من نفسك التي بين جنبيك؛ فواجهي نفسك، ولا تهربي من أخطائك.
3- ارحمي هذا المظلوم.
وأزعم أنه مظلوم من الفتن المحيطة به من كل جانب؛ فتأتيه من بين يديه ومن خلفه؛ وتهاجمه في الشارع، وفي الفضائيات، وفي شبكات الإنترنت، وفي العمل.
وأنت التي اختارك ذات يوم عن طواعية؛ لتشاركيه مسيرة حياته، ولتعفيه عن المحرمات، فلا تسلميه لأعدائك وأعدائه.
4 - اقتربي خطوة؛ يبتعد عنهن خطوات!!.
أي كلما اقتربت من زوجك مسافة فكرياً وعاطفياً، سيبتعد عنهن بنفس قدر اقترابك منه.
5 - لا ترفعي الراية البيضاء أمامهن:
فلا تيأسي من المحاولة والمحاولات للاحتفاظ بحبيبك وشريكك.
6 - لا تخسري المعركة.
إنها معركة مع شياطين الجن والإنس، فكوني قوية؛ واثقة من نفسك؛ معتزة بحقك؛ حسنة الظن بالله - عز وجل -؛ (والله معكم ولن يتركم أعمالكم ) 35(محمد).
المواجهة الثانية: مواجهة الزوج:
وكوني حكيمة وواعية؛ ورقيقة ولطيفة معه واستغلي فرصة طيبة، في ساعة صفاء، ثم صارحيه.
والأفضل ألا تصارحينه بخوفك منه، بل بخوفك عليه، وعلى عشكم السعيد من الحاقدات الحاسدات الفاتنات، والمفرقات.
واسأليه:
هل قصرت في شيء معك؟
هل بي عيوب تريد مني إصلاحها؟.
ما رأيك في وفي زينتي وفي ملابسي؟
ثم...لِمّ تنظر إلى غيري؟.
ثالثاًً: الخطوة الثالثة:
وهذه عدة نصائح مهمة:
1- من جانب زوجك الفاضل:(52/26)
فأظن أن علاقاته الأولى قد ألقت بظلالها على حياته؛ فوقع في حيرة تعانين منها؛ فكيف ذلك؟ 1 لقد ارتكب والعياذ بالله كبيرة الزنا، ولاشك أن الله - عز وجل - يغفر الذنوب جميعاً لمن أخلص في توبته، ولكن من تاب توبة الكاذبين أي ابتعد ولكنه يتمناها فالله - عز وجل - يعاقبه بأن يحرمه من بركة المتعة الحلال، وهذه تحتاج إلى توبة خالصة ودعاء مستمر أن يعفه ويملأ عينه بك، وأن تساعديه على ذلك ولا تكوني عوناً للشيطان وتعوضيه عن المتعة الحرام بالمتعة الحلال. لقد جرب زوجك معاشرة الأخريات، ولا شك فإنهن يُجدن ويتفنن في مهارات المعاشرة لأنها وظيفتهن والعياذ بالله.
2- من جانبك أو دورك:
أن تجيدي وتتفنني في مهارات التزين واللقاءات الخاصة واجتهدي بكل مهاراتك وفنونك الأنثوية، وأنسيه هذه المطاردة الشيطانية، وسيعينك الله - عز وجل - لأنك في صفه - سبحانه - وتقومين بحسن التبعل كما يوصي الحبيب {، وسيعينك بعد الله - سبحانه - القراءة في هذا الموضوع الخاص والمهم جداً، القراءة الموثوقة الشرعية}وأهم مصادرها:
أ - الاتصال بجمعية (مصابيح الهدى) بالكويت والتي يشرف عليها الأخ الفاضل الشيخ- جاسم المطوع صاحب برنامج (البيوت السعيدة) بقناة (اقرأ).
ب - قراءة باب (في غرفة النوم) بمجلة (الفرحة) وهي مجلة كويتية طيبة ملتزمة؛ يشرف عليها أيضاً خبراء الاستشارات الزوجية وعلى رأسهم الأخ الفاضل الشيخ- جاسم المطوع.
وأخيراً...
فهل ستنتصرين؟
أنا واثق من ذلك فالقرآن الكريم، والسنة النبوية، والتاريخ والواقع يبرهن عل انتصار أصحاب الحق الأقوياء.
_______________________________________
الهوامش:
(1) رواه الترمذي كتاب الأدب 2701 وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ
(2) رواه الترمذي كتاب الصلاة 2895 قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر :
ـــــــــــــ
الزواج في الإسلام
قال - تعالى -: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات: 49]، وقال: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس: 36].
كم هي رائعة السنة الشرعية التي سنها الله في مخلوقاته حتى لكأن الكون كله يعزف نغمًا مزدوجًا. والزواج على الجانب الإنساني رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية. قال - تعالى -: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان: 74].
وهو السبيل الشرعي لتكوين الأسرة الصالحة، التي هي نواة الأمة الكبيرة، فالزواج في الشريعة الإسلامية: عقد يجمع بين الرجل والمرأة، يفيد إباحة العشرة بينهما، وتعاونهما في مودة ورحمة، ويبين ما لكليهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
الحثَّ على النكاح:
وقد رغَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزواج، وحثَّ عليه، وأمر به عند القدرة عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة (أي: القدرة على تحمل واجبات الزواج) فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء (أي: وقاية وحماية) [متفق عليه]. كما أن الزواج سنة من سنن الأنبياء والصالحين، فقد كان لمعظم الأنبياء والصالحين زوجات.
وقد عنَّف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من ترك الزواج وهو قادر عليه، ونبه إلى أن هذا مخالف لسنته - صلى الله عليه وسلم -، عن أنس -رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخْبِرُوا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا، فإني أصلي الليل أبدًا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوَّج أبدًا. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) [متفق عليه].
حكم الزواج:
المسلمون والمسلمات أمام النكاح ثلاثة أصناف:
*صنف توافرت له أسباب النكاح، وعنده الرغبة المعتدلة في الزواج، بحيث يأمن على نفسه -إن لم يتزوج- من أن يقع في محظور شرعي؛ لأن غريزته لا تلح عليه بصورة تدفعه إلى الحرام. وفي نفس الوقت يعتقد هذا الصنف -أو يغلب على ظنه - أنه إن تزوج فسوف يقوم بحقوق الزوجية قيامًا مناسبًا، دون أن يظلم الطرف الآخر، ودون أن ينقصه حقًّا من حقوقه. والزواج في حق هذا الصنف سنَّة مؤكدة، مندوب إليه شرعًا، ومثاب عليه عند الله -تعالى- وإلى هذا الصنف تشير النصوص السابقة.
* والصنف الثاني أولئك الذين توافرت لهم أسباب الزواج، مع رغبة شديدة فيه، وتيقنه -غلبه الظن- أنه يقع في محظور شرعي إن لم يتزوج، فهذا الصنف يجب عليه الزواج لتحصيل العفاف والبعد عن أسباب الحرام، وذلك مع اشتراط أن يكون قادرًا على القيام بحقوق الزوجية، دون ظلم للطرف الآخر. فإن تيقن من أنه سيظلم الطرف الآخر بسوء خلق أو غير ذلك، وجب عليه أن يجتهد في تحسين خلقه وتدريب نفسه على حسن معاشرة شريك حياته.
*والصنف الثالث من لا شهوة له، سواء كان ذلك من أصل خلقته، أو كان بسبب كبر أو مرض أو حادثة. فإنه يتحدد حكم نكاحه بناء على ما يمكن أن يتحقق من مقاصد النكاح الأخرى، التي لا تقتصر على إشباع الغريزة الجنسية، كأن يتحقق الأنس النفسي والإلف الروحي به، مع مراعاة ما قد يحدث من ضرر للطرف الآخر، ولذا يجب المصارحة بين الطرفين منذ البداية في مثل هذا الأمر؛ ليختار كل من الطرفين شريكه على بينة.
وقد تبدو المصلحة الاجتماعية ظاهرة من زواج الصنف الثالث في بعض الحالات المتكافئة، كأن يتزوج رجل وامرأة كلاهما قد تقدم به السن، ولا حاجة لهما في إشباع رغبات جنسية بقدر حاجتهما إلى من يؤنس وحشتهما ويشبع عاطفة الأنس والسكن. أو نحو ذلك من الحالات المتكافئة، فهؤلاء يستحب لهم الزواج لما فيه من مقاصد شرعية طيبة، ولا ضرر حادث على الطرفين.
فوائد الزواج وثمراته:
والزواج باب للخيرات، ومدخل للمكاسب العديدة للفرد والمجتمع، ولذلك فإن من يشرع في الزواج طاعة لله واقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه يجد العون من الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)[الترمذي، وأحمد، والحاكم]. وبذلك يصبح الزواج عبادة خالصة لله يثاب المقبل عليها.
أما عن ثمراته فهي كثيرة، فالزواج طريق شرعي لاستمتاع كل من الزوجين بالآخر، وإشباع الغريزة الجنسية، بصورة يرضاها الله ورسوله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب، وجُعلتْ قرَّة عيني في الصلاة) [أحمد، والنسائى، والحاكم].
والزواج منهل عذب لكسب الحسنات. قال - صلى الله عليه وسلم -: (وفي بُضْع (كناية عن الجماع) أحدكم صدقة). قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم، لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟). قالوا: بلى. قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) [مسلم].
وقال - صلى الله عليه وسلم -أيضًا-: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في في (فم) امرأتك) [متفق عليه].
والزواج يوفر للمسلم أسباب العفاف، ويعينه على البعد عن الفاحشة، ويصونه من وساوس الشيطان، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان (أي أن الشيطان يزينها لمن يراها ويغريه بها) فإذا رأى أحدكم من امرأة (يعني: أجنبية) ما يعجبه، فلْيَأتِ أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه) [مسلم].
وهو وسيلة لحفظ النسل، وبقاء الجنس البشرى، واستمرار الوجود الإنساني، قال - تعالى -: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء} [النساء: 1]. فهو وسيلة -أيضًا- لاستمرار الحياة، وطريق لتعمير الأرض، وتحقيق التكافل بين الآباء والأبناء، حيث يقوم الآباء بالإنفاق على الأبناء وتربيتهم، ثم يقوم الأبناء برعاية الآباء، والإحسان إليهم عند عجزهم، وكبر سِنِّهم.
والولد الصالح امتداد لعمل الزوجين بعد وفاتهما، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنْتفَع به، أو ولد صالح يدعو له) [مسلم].
والزواج سبيل للتعاون، فالمرأة تكفي زوجها تدبير أمور المنزل، وتهيئة أسباب المعيشة، والزوج يكفيها أعباء الكسب، وتدبير شئون الحياة، قال - تعالى -: {وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21].
والزواج علاقة شرعية، تحفظ الحقوق والأنساب لأصحابها، وتصون الأعراض والحرمات، وتطهر النفس من الفساد، وتنشر الفضيلة والأخلاق، قال - تعالى -: {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} [المعارج: 29-31].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم راع ومسئول عن رعيته) [متفق عليه].
كما يساهم الزواج في تقوية أواصر المحبة والتعاون من خلال المصاهرة، واتساع دائرة الأقارب، فهو لبنة قوية في تماسك المجتمع وقوته، قال - تعالى -:{وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا وكان ربك قديرًا} [الفرقان: 54].
ولما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بني المصطلق في غزوة المريسيع، وأسر منهم خلقًا كثيرًا، تزوج السيدة جويرية بنت الحارث - وكانت من بين الأسرى- فأطلق الصحابة ما كان بأيديهم من الأسرى؛ إكرامًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصهاره، فكان زواجها أعظم بركة على قومها.
كان هذا بعضًا من فوائد الزواج الكثيرة، وقد حرص الإسلام أن ينال كل رجل وامرأة نصيبًا من تلك الفوائد، فرغب في الزواج وحث عليه، وأمر ولى المرأة أن يزوجها، قال - تعالى -:{وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم} [النور: 32]. واعتبر الإسلام من يرفض تزويج ابنته أو موكلته - إذا وجد الزوج المناسب لها - مفسدًا في الأرض. قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد) [الترمذي].
النية في النكاح:
عن عمر بن الخطاب - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه].
وبالنية الصالحة التي يبتغى بها وجه اللَّه، تتحول العادة إلى عبادة. فالناس عندما يتزوجون منهم من يسعى للغنى والثراء، ومنهم من يسعى لتحصين نفسه، فالنية أمر مهم في كل ذلك.
فإذا أقبل المسلم على الزواج، فعليه أن يضع في اعتباره أنه مقدم على تكوين بيت مسلم جديد، وإنشاء أسرة؛ ليخرج للعالم الإسلامي رجالا ونساءً أكفاءً، وليعلم أن في الزواج صلاحًا لدينه ودنياه، كما أن فيه إحصانًا له وإعفافًا.
الزواج نصف الدين:
الزواج يحصن الرجل والمرأة، فيوجهان طاقاتهما إلى الميدان الصحيح؛ لخدمة الدين؛ وتعمير الأرض، وعلى كل منهما أن يدرك دوره الخطير والكبير في إصلاح شريك حياته وتمسكه بدينه، وأن يكون له دور إيجابي في دعوته إلى الخير، ودفعه إلى الطاعات، ومساعدته عليها، وأن يهيِّئ له الجو المناسب للتقرب إلى اللَّه، ولا يكون فتنة له في دينه، ولا يلهيه عن مسارعته في عمل الخيرات، فالزوجة الصالحة نصف دين زوجها، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من رزقه اللَّه امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتَّق اللَّه في الشطر الباقي) [الحاكم].
الحُبُّ والزواج:
تنمو عاطفة الحب الحقيقي بين الزوجين حينما تحسن العشرة بينهما، وقد نبتت بذوره قبل ذلك أثناء مرحلة الخطبة، وقد نمت المودة والرحمة بينهما وهما ينميان هذا الحب، ويزكيان مشاعر الألفة، وليس صحيحًا قول من قال: إن الزواج يقتل الحب ويميت العواطف. بل إن الزواج المتكافئ الصحيح الذي بني على التفاهم والتعاون والمودة، هو الوسيلة الحيوية والطريق الطيب الطاهر للحفاظ على المشاعر النبيلة بين الرجل والمرأة، حتى قيل فيما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم يُرَ للمتحابَيْن مثل النكاح) [ابن ماجه، والحاكم].
والزواج ليس وسيلة إلى الامتزاج البدني الحسي بين الرجل والمرأة فحسب، بل هو الطريق الطبيعي لأصحاب الفطر السليمة إلى الامتزاج العاطفي والإشباع النفسي والتكامل الشعوري، حتى لكأن كل من الزوجين لباسًا للآخر، يستره ويحميه ويدفئه، قال - تعالى -: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187].
وتبادل مشاعر الحب بين الزوجين يقوِّي رابطتهما، فالحب أمر فطر الله الناس عليه، وهو رباط قوي بين الرجل وزوجته، فهو السلاح الذي يشقان به طريقهما في الحياة، وهو الذي يساعدهما على تحمُّل مشاقَّ الحياة ومتاعبها.
ولقد اهتمَّ الإسلام بعلاقة الرجل والمرأة قبل الزواج وبعده وكان حريصًا على أن يجعل بينهما حدًّا معقولاً من التعارف، يهيئ الفرصة المناسبة لإيجاد نوع من المودة، تنمو مع الأيام بعد الزواج، فأباح للخاطب أن يرى مخطوبته ليكون ذلك سببًا في إدامة المودة بينهما، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - لرجل أراد أن يخطب امرأة: (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) الترمذي والنسائى وابن ماجه].
ومع ذلك كان حريصًا على وضع الضوابط الشرعية الواضحة الصريحة؛ لتظل علاقة خير وبركة..وشدَّد في النهي عن كل ما يهوى بهذه العلاقة إلى الحضيض، ونهي عن كل ما يقرب من الفاحشة والفجور؛ فمنع الاختلاط الفاسد والخلوة، وغير ذلك.
ونتيجة للغزو الفكري للمجتمعات الإسلامية؛ بدأت تنتشر العلاقات غير الشرعية بين الشباب والفتيات قبل الزواج، تحت شعارات كاذبة مضللة، وبدعوى الحب والتعارف، وأن هذا هو الطريق الصحيح للزواج الناجح، وهذا الأمر باطل.ومن دقق النَّظر فيما يحدث حولنا يجد أن خسائر هذه العلاقات فادحة، وعواقبها وخيمة، وكم من الزيجات فشلت؛ لأنها بدأتْ بمثل هذه العلاقات، وكم من الأسر تحطمت؛ لأنها نشأت في ظلال الغواية واتباع الهوى.
تأخُّر سِنِّ الزواج:
بدأتْ ظاهرة تأخُّر سن الزواج تنتشر في بعض البلاد الإسلامية، فارتفع متوسط سن الزواج لدى الشباب، وارتفع متوسط سنِّ زواج الفتيات بشكل غير طبيعي.
ومن المعروف أن الوصول إلى السن الذي يكتمل فيه بلوغ الشباب والفتيات نفسيًّا وعقليًّا وبدنيًّا، يجعلهم أكثر قدرة على تحمل واجبات الزواج، ولكنَّ تأخر الزواج إلى مثل هذه السن يعطِّل الطاقات، وينجرف بها إلى طريق غير صحيح، وربما ساعد على انتشار الفاحشة، كما أن التأخر في الزواج يرهق الشباب والفتيات من أجل حفظ أعراضهم، وردع النفس عن اتباع الهوى.
ويرجع تأخُّر سن الزواج إلى أسباب عديدة، منها ما هو مادي، ومنها ما هو اجتماعي، ومن هذه الأسباب:
- رغبة الفتاة في الزواج من رجل غني، فترفض هي أو وليها كل خاطب فقير أو متوسط الحال، لأنها تحلم بأن تمتلك بيتًا، أو تركب سيارة فارهة، أو تلبس الأزياء الراقية.
- المغالاة في المهر المعجل منه والمؤجل.
- إرهاق الزوج باشتراط فخامة الأثاث وغيره.
- تنازل الزوج عن كل ما جمعه في بيت الزوجية، فالوليُّ يكتبُ قائمة بمحتويات المنزل الذي أعده الزوج؛ ليوقع بالتنازل عنه، فإذا ترك زوجته، ترك المنزل بما فيه، وخرج بمفرده. مع ملاحظة أنه يتنازل عن أثاث البيت بموجب توقيعه على القائمة في مقابل المهر الذي لم يدفعه لها قبل الزواج.
- فقر الشباب، فهناك الكثير من الشباب الذي لا يمتلك مالا، ولا وظيفة، ولا ميراثًا، ولا غير ذلك من مصادر الدخل، فينتظر حتى تتهيأ له سُبُل الزواج.
- انتشار الاعتقاد بضرورة إتمام الفتاة أو الفتى مراحل التعليم؛ فلا يتزوج أحدهما حتى يتم المرحلة الجامعية، وقد يؤخر البعض التفكير في الزواج حتى يحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه.
- ظروف الدولة الاقتصادية، ومدى توفيرها لفرص العمل، فإذا انتشرتْ البطالة في الدولة أحجم الشباب عن الزواج؛ لعجزهم عن الوفاء بتكاليفه.
- انتشار الرذيلة والفساد؛ حيث يلجأ بعض الشباب في المجتمعات الفاسدة إلى تصريف شهواتهم بطريق غير مشروع، ويترتب على هذا زهدهم في الزواج؛ نتيجة لفهمهم الخاطئ لأهداف الزواج السامية.
http://www.tihamah.net المصدر:
-ـــــــــــــ
القاموس فيما يحتاج إليه العروس
اتفق أهل العلم على تحريم عضل النساء، وهو منع تزويج المرأة ممن هو كفء لها. روى البخاري عن الحسن - رضي الله عنه - أنه قال: قال الله: (فلا تعضلوهن) قال حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه.. يقول: (زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وأكرمتك فطلقتها، ثم جئت تخطبها!! لا والله لا تعود إليها أبداً، وكان رجلاً لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله فزوجته إياها)..
• اتفقوا على أن النكاح لا يجوز في العدة سواء أكانت عدة حيض، أم عدة حمل، أم عدة أشهر وهذا النوع من المحرمات إلى أمد، وهن المحرمات لعارض حتى يزول.
• اتفقوا على أن الرضاع بالجملة، يحرم منه ما يحرم من النسب، أعني أن المرضعة تنزل منزلة الأم، فتحرم على الرضيع، هي وكل من يحرم على الابن من قبل أم النسب. ابن رشيد
احرصي - أيتها الزوجة - على ذكر أهل زوجك بخير خصوصاً أمام زوجك، حتى ولو وصفتهم بأكثر مما يستحقون.. يحبك زوجك بذلك ويقدر ذكرك الحسن لأمه وأهله.. وسينتقل حديثك عنهم إليهم، فيستميل به قلوبهم نحوك وينزع منها الضغينة نحوك إن وجدت.
• احكم زوجتك دون أن يبدو عليك أنك تحكمها.. والإشارة أبلغ من العبارة، والنظرة أبلغ من الأمر، والفعل أبلغ من الكلام.
• إذا تفرق الزوجان فلا ينبغي لأحد منهما أن يهتك سر صاحبه، روى عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأته فقيل له: ما الذي يريبك فيها؟
فقال: العاقل لا يهتك سر امرأته.. فلما طلقها قيل له: لم طلقتها، فقال: مالي ولامرأة غيري.
• إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض). رواه الشيخان.
• إذا رأيتني غضبت فرضّيني، وإذا رأيتك غضبت رضّيتك، وإلا لم نصطحب
قالها أبو الدرداء لامرأته - رضي الله عنهما -، وينبغي أن يقول ذلك كل زوج لزوجته..
• إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس، وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر في أصح أقوال العلماء، وهكذا إذا طهرت قبل طلوع الفجر، وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء وقد روي ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - وهو قول جمهور أهل العلم، وهكذا لو طهرت الحائض والنفساء قبل طلوع الشمس، وجب عليها أن تصلي صلاة الفجر- وبالله التوفيق. عبد العزيز ابن باز
ألا أخبركم بخير نسائكم في الجنة؟
قلنا: بلى يا رسول الله.
قال: (كل ودود ولود إذا غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى). رواه الطبراني بسند صحيح.
• إذا قدم لك زوجك شيئاً مهما كان قليلا، فحاولي أن تعبري عن سعادتك بهذا الشيء، وتذكري أن أهمية الهدية في معناها وليس في قيمتها المادية.
• إذا كان الخاطب يتصف ببعض الصفات التي تتضرر المرأة بالعشرة معها، كإطالة السفر أو ضرب النساء أو التقتير في النفقة، فإن لولي المرأة أن يرفضه أو أن يقدم غيره عليه، ويستدل لذلك بحديث فاطمة بنت قيس حيث أرشدها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى نكاح أسامة بن زيد والإعراض عن معاوية وأبي جهم، فأما الأول فبسبب أنه صعلوك لا مال له، وأما الثاني: فلأنه كثير السفر أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، انكحي أسامة.
- اثنان من الناس لا تقربهما: رجل رأسماله المال، وامرأة رأسمالها الجمال.
- اختر زوجتك بقفاز من مخمل، وحافظ عليها بيد من حديد. مثل عالمي
- اثنان في خطر: المرأة والزجاج! [مثل صيني]
- أحب زوجتك كروحك، وهزها كشجرة الإجاص [مثل عالمي]، الإجاص: الكمثرى.
- إذا كان الحب أعمى، فالزواج يجعله مبصراً. [مثل ألماني].
- أول أيام الزواج هي غالباً آخر أيام الحب. [مثل أوروبي سويسري].
وهو يحكي واقع وحياة الكفار المنحرفين عن الفطرة السليمة والدين الصحيح والعقل الصريح.. وللأسف فقد قلدهم في ذلك كثير من فئات المجتمع المسلم، ويصور ذلك أيضاً القصص الكاذب التمثيل ويزينه، والله - عز وجل - يقول وهو أصدق القائلين: (وجعل بينكم مودة ورحمة) ومثل ذلك قولهم: الزواج مقبرة الحب فالحذر الحذر!!
• إذا كانت المرأة تريد أن تكون مثل زوجها في كل شيء.. فما الفرق إذن بين الرجل والمرأة؟ ولماذا تتزوج إذن؟!
• إذا نظر الخاطب إلى مخطوبته ولم تعجبه فليسكت، حتى لا تتأذى بما يذكر عنها، ولعل الذي لا يعجبه منها قد يعجب غيره.
• الأزواج ثلاثة:
أعلاهم: من لحظ الأخلاق الجميلة والمحاسن، وغض بصره عن المساوئ وأقلهم توفيقاً وأخلاقا من عكس القضية فأهدر المحاسن وجعل المساوئ نصب عينيه.
القسم الثالث: من لحظ الأمرين وعامل زوجته، بمقتضى كل واحد منهما، وهذا منصف.
• أسباب التحريم المؤبد ثلاثة:
1- النسب: وهن المذكورات في آية النساء (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت..... ).
2- المصاهرة: وهي أم الزوجة بمجرد العقد، وابنة الزوجة المدخول بها الربيبة وزوجة الابن وإن نزل، وزوجة الأب بمجرد العقد.
3- الرضاع: ويحرم منه ما يحرم من النسب، ويقع التحريم هنا على مباشر الرضاعة وفروعه دون أقاربه.
• أفضل ما نال الفتى بعد الهدى والعافية امرأة جميلة عفيفة مواتيه.(52/27)
• الإيلاء هو أن يقسم الزوج أن لا يقارب زوجته مطلقاً، أو مدة تزيد على أربعة أشهر، وحكمه أن يمهله القاضي أربعة أشهر من اليوم الذي أقسم فيه، ليعود ويكفر عن يمينه، فإن أبى وانتهت الأشهر الأربعة أجبر على طلاق زوجته، وإلا أوقع القاضي عليه طلقة واحدة، ودليل أحكام الإيلاء قوله - تعالى -: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم).
• إن أحق الشروط ما استحللتم به الفروج. رواه مسلم
• إن البيوت لم تبن كلها على المودة، وقد بني كثير منها على الستر والتذمم. عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
• إن تبادل الهدايا وتذكر المناسبات الخاصة، والنظرات التي تنم عن الحب، والتحية والوداع الحار، والاشتراك معاً في عمل بعض الأشياء، والإنصات بشغف واهتمام للمتكلم، والتعبير عن عميق الاهتمام بالطرف الآخر ونشاطه، كلها أساليب ينبغي على الزوجين الحرص عليها، للإبقاء على حيوية الحب بينهما وتطويرها.
إبريل 2002
http://al-farha.osrty.com المصدر:
ـــــــــــــ
صفات الزوجين
اختيار الزوج:
منح الشرع الإسلامي الحنيف المرأة - ثيبًا كانت أم بكرًا - حقَّ اختيار زوجها، إذ هي التي تشاركه الحياة، ومنع إكراهها على الزواج، وأعطاها حق فسخ العقد إذا أُكْرِهتْ عليه. فعن بريدة قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنَّ أبي زوجني من ابن أخيه، ليرفع بي خسيسته (أي: ليقضى دينه). قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: (قد أجزْتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من أمرهن شيء). [ابن ماجه].
ويجب على وَلِيِّ المرأة أن يجتهد في اختيار الزوج الصالح لها، فإن تكاسل، أو قصَّر، أو طمع في متاع دنيوي زائل على حساب مولاته؛ فإن الله يحاسبه حسابًا شديدًا على تفريطه في ولايته.
وعلى الولي أن يستشير أهل الصلاح والتقوى، وأصحاب الرأي والمشورة في الرجل المتقدم لخطبة مولاته، ومن السنة أن تستشار الأم ويؤخذ رأيها في زواج ابنتها، ولا ينفرد الأب أو ولي الأمر بالرأي، قال - صلى الله عليه وسلم -: (آمروا النساء في بناتهن) [أبو داود].
صفات الزوج الصالح:
أرشد الشرع إلى الصفات الواجب توافرها في الرجل الذي يختاره الولي، ليكون زوجًا لمولاته، وهي:
1- الدين: حيث إن المسلم العارف بدينه، الملتزم بأوامره ونواهيه، المتخلق بأخلاقه، المتأدب بآدابه وتعاليمه، يحفظ نفسه وأهله، ويصونهم عن الشبهات، ويراقب الله فيهم ويتقيه في سائر أعماله. كما أن هذا المؤمن إذا أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها، لأنه ملتزم بكتاب الله الذي قال: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: 229]. كما أنه يعلم أن امرأته بشر وليست معصومة، فيقدر أن يجد منها بعض ما لا يعجبه، فيتحمل ذلك، قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يَفْرَكُ مؤمن مؤمنة (أي: لا يبغضها)، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر) [مسلم].
ويؤكد أهمية اشتراط الدين في الرجل الذي يعطيه الولي مولاته، ما وجه إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - النظر عندما مر رجل عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حريّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: هذا حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفع، وإن قال ألا يسمع. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا) [البخاري].
2- حسن الخلق: إذا فازت المرأة برجل حسن الخلق، فقد فازت برجل من أكمل المؤمنين إيمانًا. قال: - صلى الله عليه وسلم -: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم) [الترمذي، وابن حبان].
وقد وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اختيار صاحب الخلق الحسن، حيث قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد). قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ (يعني: نقص في الجاه أو فقر في المال أو غير ذلك). قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) (ثلاث مرات) [الترمذي].
وصاحب الخلق الحسن ينصف زوجته من نفسه، ويعرف لها حقها، ويعينها على أمور دينها ودنياها، ويدعوها دائمًا إلى الخير، ويحجزها عن الشر، والرجل إذا كان حسن الخلق، فلن يؤذي زوجته، ولن تسمع منه لفظًا بذيئًا، يؤذي سمعها، ولا كلمة رديئة تخدش حياءها، ولا سبًّا مقذعًا يجرح كبرياءها، ويهين كرامتها.
والرحمة من أهم آثار حسن الخلق، فلابد للمرأة من زوج، يرحم ضعفها، ويجبر كسرها، ويبش في وجهها، ويفرح بها ويشكرها ويكافئها إن أحسنت، ويصفح عنها، ويغفر لها إن قصَّرتْ، فالمرأة الصالحة تنصلح بالكلمة الطيبة دون غيرها.
ومن أهم مظاهر حسن الخلق في الزواج، ألا يغرِّر الزوج بزوجته، فالمسلم لن يخفي عيبًا في نفسه، ولن يتظاهر أمامها بما ليس فيه، كأن يخفي نسبًا وضيعًا، أو فقرًا مدقعًا، أو سنًّا متقدمة، أو زواجًا سابقًا أو قائمًا، أو علمًا لم يحصِّله، أو غير ذلك. أو أن يغير من خلقته باستعمال أدوات التجميل؛ ليحسنها أو ليظهر في سن أصغر من سنِّه.
فالتغرير ليس من أخلاق الإسلام، كما أنه محرم شرعًا. قال - صلى الله عليه وسلم -: (من غش، فليس منا) [مسلم]. وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (كبرتْ خيانة أن تحدث أخاك بحديث، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) [أحمد وأبو داود والطبراني].
3- الباءة: وهي القدرة على تحمل مسؤوليات الزواج وأعبائه من النفقة والجماع. قال - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج...) [متفق عليه].فمن يعجز عن الإنفاق على نفسه وأهله؛ قد يضيع من يعول، ويعرض نفسه وأهله لألم الحاجة، وذلِّ السؤال.
ومن عجز عن الجماع، فقد عجز عن إعفاف المرأة وإحصانها، ورجاء الولد من مثله مقطوع. والمرأة قد لا تحتمل الصبر أمام عجز زوجها عن إعفافها، كما أن الزوج قد لا يقدر على تحمل فتور زوجته. قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) [أحمد وابن ماجه].
4- الكفاءة: الحق أن انتظام مصالح الحياة بين الزوجين لا يكون عادة إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما؛ فإذا لم يتزوج الأكفاء بعضهم من بعض لم تستمر الرابطة الزوجية، بل تتفكك المودة بينهما، وتختل روابط المصاهرة أو تضعف، ولا تتحقق بذلك أهداف الزواج الاجتماعية، ولا الثمرات المقصودة منه.
وقد أشارت بعض النصوص النبوية إلى اعتبار معنى الكفاءة بين الزوجين عند التزويج، ومن ذلك ما جاء عن علي -رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (ثلاث لا تؤخرهن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا) [الترمذي والحاكم]، وما جاء عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء) [ابن ماجه]، وغير ذلك من الآثار.
وعلى الرغم من ضعف كثير من الآثار الواردة بهذا المعنى - من حيث ثبوتها - فإنها في جملتها تشير إلى اعتبار الكفاءة عند التزويج، بوصفها شيئًا من أسباب نجاح الزواج، وقد يفهم بعض الناس الكفاءة فهمًا ضيقًا، فيشترط كثرة المال، أو علو الجاه، أو جنسًا معينًا يتزوج منه، أو أصحاب حرفة بعينها يصاهرها، والصواب أن ينظر أولا وقبل كل شيء إلى الدين.
صفات الزوجة الصالحة:
لقد أودع الله - تعالى - في قلوب الرجال حُبَّ النساء، وكذلك العكس، وجعل ذلك أمرًا فطريًّا، وقد رسم الإسلام ملامح الزوجة الصالحة التي بها تنجح الحياة الزوجية، وتقوي دعائمها، فإذا ما وجد الخاطب تلك الفتاة، وتوكل على الله وتزوجها، فإن الله سيبارك له فيها مادامت نية الاختيار قد حَسُنَتْ.
وقد أوصى الشرع الحنيف كل رجل أن يختار زوجته على أسس حددها له، وأعطاه الميزان الذي يزن به الفتاة قبل أن يتزوجها، فإن وجد ما يطلب؛ توكل على الله وتزوجها، وإن وجد غير ذلك؛ بحث عن غيرها.
وهذه الصفات لا يمكن أن تدعيها الفتاة بين يوم وليلة، كما لا يمكن أن تستعيرها، ولكنها ثمار رحلة طويلة من تربية الأبوين الصالحين، وجهد كل مسلمة تريد الصلاح في الدنيا والنجاة يوم القيامة.
ولكل فتاة صفات تزيد في ميزانها عند خطيبها، وأهم هذه الصفات:
1- الدين: وهو الأصل والأساس الذي تُخْتار الزوجة بناء عليه، فالفتاة ذات الدين هي الفاهمة لدينها فهمًا صحيحًا بلا مغالاة ولا تفريط، والمطبقة لتعاليمه. فدين المرأة هو تاج عفافها، وعزُّ شرفها الذي يعصمها من الخطأ، وينقذها من الضلال، ويعينها على أداء الحقوق، وهذا يوفر للزوج حياة سعيدة له ولأولاده، ولكل من حوله.
وقد أرشد الإسلام إلى الزواج من ذات الدين، قال - صلى الله عليه وسلم -: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك) [متفق عليه]. وقال أيضًا: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) [مسلم] فهي عملة رائجة في دنيا الزواج، وعليها يحرص كل راغب في العفاف والإحصان، لأنها إذا تمسكت بدينها ستكون دُرّة ثمينة بين النساء، يتمناها كل رجل، ويسعى ليفوز بها، ويظفر بالزواج منها، رغبة في خيري الدنيا والآخرة.
ولا قيمة لأي اعتبار آخر ليس معه الدين، فجمال المرأة من غير دين، لا يثقل ميزانها عند زوجها، فهو مغنم إذا كان معه دين يحميه، وهو مغرم إذا كان بمعزل عن الدين، وحسبها ونسبها بغير دين نقمة لا نعمة؛ وثراء من لا دين لها وبال على زوجها، وقد يؤدي إلى طغيانها وبغيها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزوجوا النساء لحسنهن؛ فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن. ولكن تزوجوهن على الدِّين، ولأمة خرماء (مثقوبة الأنف) سوداء ذات دينٍ أفضل) [ابن ماجه، وابن حبان، والبزار، والبيهقي].
وذات الدين تحب ربها، فتطبق أوامره، وتنتهي عن نواهيه، وتعرف حقه، وتراه أينما ذهبتْ، وتراقبه في كل عمل، فعليه تتوكل، وبه تستعين، وإياه تدعو. وذات الدين هي المحِبَّة لرسولها - صلى الله عليه وسلم -، تتبع أوامره، ولا تقرب ما نهى عنه، وهي صاحبة الخلق، فحسن الخلق من دينها. وذات الدين خيرة مع أهلها وجيرانها، وكل من حولها، نافعة لهم.
وذات الدين يختارها المسلم، لتكون معينًا له في دينه، فحالها مع ربها ودينها بعد الزواج أفضل مما كانت عليه قبل زواجها، فهي نصف دين زوجها، والمعينة له، والرفيق في الطريق إلى الجنة، وغالبًا ما نرى فتورًا في دين كثير من النساء بعد الزواج، فيهملن قراءة القرآن، ويتكاسلن عن أداء العبادات، لشغلهن بأعباء الحياة، وهذا لا يحصل من ذات الدين.
ولا تكون المرأة من ذوات الدين، إن لم تطبق ما عرفتْه من دينها، فتلتزم أوامر ربها وتتجنب نواهيه، وتتبع سنن نبيها - صلى الله عليه وسلم - وهديه، فيجب أن تكون مثلا حيًّا لكتاب الله - تعالى - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
2- حسن الخلق: وهو أحد أسس اختيار المرأة للزواج، كما أنه باب يوصل المرأة إلى رضا ربها وإلى الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلامًا أحسنهم خلقًا) [أحمد، والطبراني]. ولذا فإن أفضل النساء أحسنهن أخلاقًا، فالرجل لن يقبل على الزواج بامرأة قبيحة الأقوال والأفعال، تؤذيه وأهله بلسانها وشرورها.
وقد نصح بعض الحكماء الرجال عند زواجهم ألا يتزوجوا مَنْ لا خُلق لها. وفي نصحهم هذا رسالة لكل امرأة بأن تتجنب الصفات التي حذّروا الرجال منها. قال أحدهم: لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنَّانة، ولا منَّانة، ولا حنَّانة، ولا تنكحوا حدَّاقة، ولا برَّاقة، ولا شدَّاقة.
فأما الأنانة: فهي التي تكثر الأنين والشكوى، فهي متمارضة دومًا، ولا خير في نكاحها.
والمنَّانة: التي تمنُّ على زوجها بما تفعل، تقول: فعلتُ لأجلك كذا وكذا.
والحنَّانة: التي تحنُّ إلى رجل آخر غير زوجها، أو لقريب من قرابتها أو لأهلها، حنينًا يفسد استقرار الحياة الزوجية ويعكر هدوءها.
والحدَّاقة: التي تشتهي كل ما تقع عليه عينها، فترهق زوجها وتكلفه ما لا يُطيق.
والبرَّاقة: التي تنفق أغلب وقتها في زينتها، فهي تتكلف الجمال.
والشدَّاقة: الكثيرة الكلام فيما لا يعنيها، وما لا فائدة فيه.
ومن مزايا ذات الدين والخلق الحسن أنها محل ثقة تحرص على زوجها، فتحفظ عرضه وماله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة من السعادة وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة: المرأة الصالحة تراها تعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسك ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق. ومن الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك.... ) [الحاكم].
فعلى كل مسلمة أن تحسن أخلاقها وسلوكها، فتسرع إلى التخلص من كل خلق سيئ، وأن تحرص على التحلي بكل خلق كريم، لتعلو مكانتها، وتسمو قيمتها عند من يتزوجها. وإن حسن خلق المرأة في حياتها مع زوجها وأهله مكسب كبير لكل زوج، وهدية ثمينة تقدمها له منذ أول لحظة في حياتهما الزوجية.
3- الجمال: للجمال تأثير في كل نفس بشرية، فحب الجمال أمر فطر الله الناس عليه. ولا تكمن حقيقة الجمال في حلاوة الشكل أو أناقة الهندام فحسب، بل إنَّ الجمال قيمة كلية، تحتوي جمال الروح، وحسن الخلق، ورجاحة العقل، وليونة السلوك، وسعة الصدر، وغير ذلك من السلوكيات والأخلاق.
ولذا فإن الرجل الذي يرغب في الزواج من امرأة لا لشيء إلا لما يراه من جمالها الظاهري، دون الاهتمام بالأسس والمعايير الدينية والأخلاقية، فهو مخطئ، كما أن الفتاة التي ترى أن جمالها الشكلي هو الذي سيجلب لها السعادة الزوجية، فهي مخطئة أيضًا، ولا شك أن النفوس تميل إلى الجمال الشكلي، وهذا يلبي حاجاتها الشهوانية، ولكن التوازن بين الحرص على جمال الشكل، والعناية بجمال الجوهر، أمر هام إلى حد بعيد في بناء أسرة سعيدة، ودوام الحياة الزوجية بنجاح.
ولذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - الراغب في الزواج إلى النظر إلى وجه المرأة وكَفَّيْها، فإن الوجه مجمع الحسن وموطن القبول الأول، كما أن النظر إلى الكفين ينبئ عن امتلاء البدن أو نحافته، فقد خطب المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا (يعني أنها ضيقة) [فقال شعبة: قد نظرتُ إليها. [مسلم]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبتها، وإن كانت لا تعلم) [أحمد، والبزار، والطبراني].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل) [أبو داود]. وذلك لأن النفس إذا نظرتْ فاطمأنَّتْ، وقعتْ الألفة، وهذا أدعى إلى دوام المحبة.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل - خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرَّتْه، وإن أقسم عليها أَبرَّتْهُ، وإن غاب عنها نصحتْه في نفسها وماله) [ابن ماجه].
ولأن التوازن بين حسن الظاهر والباطن أمر هام، والله - عز وجل - ما خلق امرأة إلا ولها في الجمال نصيب يراه البعض ويقنع به، كما أنه - سبحانه - لم يخلق الرجال على درجة واحدة من الحسن. ولتتذكر المسلمة دائمًا أن جمالها قد يكون في حسن الوجه، وتناسق الأعضاء، وعذوبة الصوت، ورشاقة الحركة. وقد يكون جمالها في عقلها الراجح، وفكرها الثاقب، وثقافتها الرفيعة، وقدرتها على جمال التعبير، وضبط غرائزها. وقد يكون جمالها في جمال روحها، وبساطتها واتساع صدرها، وحلمها. وقد يكون في كونها ربة بيت ناجحة، تسعد زوجها وأولادها، وتقوم بحاجتهم بحذق ومهارة.
4- البكارة: والبكر صافية المودة والحب، تفرح بزوجها، وهي أكثر إيناسًا له، وأرق معاملة معه، فإنه لما تزوج جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - امرأة ثيبًا قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك) [متفق عليه].
وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: (عليكم بالأبكار، فإنهن أَعْذَبُ أفواهًا، وأَنْتَقُ أرحامًا، وأَرضى باليسير). [ابن ماجه].
والإسلام لم يفضل الزوجة البكر على الثيب تفضيلاً مطلقًا، وقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما تزوج - السيدة خديجة - رضي الله عنها - وكانت ثيبًا، قد تزوجت قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعدَّها خير نسائه، كما كانت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهن ثيبات إلا السيدة عائشة - رضي الله عنها - فكانت بكرًا.
وقال الله - تعالى - مخاطبًا أمهات المؤمنين: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خير منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارًا} [التحريم: 5]. فقد تكون المرأة الصالحة ثيبًا، بل إن هناك حالات يفضَّل فيها الزواج بامرأة ثيب، حتى تقوم بتربية أبناء الأرمل، أو إذا كان الزوج كبيرًا، يحتاج إلى من يناسبه في السن والتجربة.
5- القدرة على الإنجاب: فالإنجاب هدف من أهداف الزواج في الإسلام، والأبناء زينة الحياة الدنيا، قال - تعالى -: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملا} [الكهف: 46]. وقال - تعالى -أيضًا: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متابع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب} [آل عمران: 14].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)[أحمد، وابن حبان].
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أصبتُ امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوَّجها؟ قال: (لا). ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) [أبو داود، وابن حبان].
وهذا لا يعني أن الإسلام يأمر بعدم الزواج من المرأة العاقر مطلقًا، إنما يعني التفضيل بينهما، فيقدم الولود على العاقر، ولعل ذلك من حرص الإسلام على أن تكون الحياة الزوجية أكثر استقرارًا، ذلك لأن الزوجين عادة ما يتطلعان إلى الولد، ويحبان أن يرزقا من الأبناء ما تقر به أعينهما، وتهدأ به رغبتهما في إشباع شعور الأبوة والأمومة. ولعل ذلك يدعو من يتزوج امرأة لا تلد إلى المقارنة بينها وبين من تلد فيظلمها.
وليس معنى هذا أن تبقى المرأة التي لا تلد بدون زواج؛ بل لهن حقهن في الزواج على قدم المساواة مع من تلدن، شريطة أن تراعى عاقبة الأمر، كما يجب أن يراعى فيها الزوج دينها وحسن خلقها، فرُب امرأة ولود ليست ذات دين، فلا حاجة إلى المسلم بها، ورب امرأة لا تلد، ولكنها متمسكة بالدين، حسنة الخلق، فهي خير من مِلء الأرض من الأولى.
ونلفت النظر هنا إلى أن العقم وعدم القدرة على الإنجاب إنما هو حالة قد تصيب الرجل كما تصيب المرأة، ومن هنا يقال في حق الرجل ما يقال في حق المرأة من أنه يحسن أن تختار المرأة الرجل القادر على الإنجاب، مع مراعاة دينه وخلقه.
ومما يجب أن يقال أيضًا في هذا الأمر أن حالة العقم التي تصيب الرجل أو المرأة إنما هي من قدر الله ورزقه، والله - سبحانه - قد خلق الناس على اختلاف فيما بينهم. قال - تعالى -: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير} [الشورى: 49-50].
ولذا وجب ألا يكون هذا سببًا لأن يظلم الرجل امرأته، أو أن يؤذيها بكلمة نابية، أو أن يسيء إليها العشرة، بل لها حقها بالمعروف، وكذلك على المرأة ألا تؤذي زوجها إن كان عقيمًا، أو تجرح شعوره بسبب ذلك، وقد يشاء الله –تعالى - أن تحمل المرأة بعد حين من الزواج، وتنجب، فهذا نبي الله إبراهيم - عليه السلام - تزوج عاقرًا، لم تلد حتى صارت عجوزًا، فَمَنَّ الله عليه ورزقه منها الولد، فقالت زوجته في دهشة {يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخًا إن هذا لشيء عجيب} [هود: 72].
وهذا زكريا - عليه السلام - حكى الله - تعالى - قصته في القرآن، فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميًا. قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرًا وقد بلغت من الكبر عتيًا. قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا} [مريم: 7-9].
والشواهد في حياتنا اليومية كثيرة على ذلك، فنجد أزواجًا رزقهم الله الذرية بعد أعوامٍ كثيرة قد تصل إلى عشر سنين أو عشرين سنة. فالله خلقنا وهو أعلم بما يصلحنا لا نملك أمام مشيئته إلا الرضا والتسليم.
http://www.tihamah.net المصدر:
ـــــــــــــ
احذري يا عروسة
حمد بن عبد الله الدوسري
إهداء:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...
أهدي هذه الكلمات إلى خطباء الجوامع والدعاة إلى الله والأخوات المعلمات والفتيات المثقفات وإلى الآباء الناصحين والأولياء المؤتمنين والأمهات والزوجات الحنونات والأخوة والأخوات في كل أسرة، والأقارب والأنساب، وإلى كافة أفراد المجتمع، سائلاً المولى - عز وجل - أن ينفعنا بها وأن يجعلها حجة لنا يوم القيامة، وأن يوفقنا جميعا لنشرها وتذكير المسلمين والمسلمات بما فيها، كل حسب طاقته وقدرته.
والدال على الخير كفاعله
محبكم في الله
حمد بن عبد الله الدوسري
بريدة بلدة البطين
الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
{يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}.
أيها الأخوة والأخوات:(52/28)
يعلم الله - عز وجل - أنني إذا رأيت عانساً من أقاربي أو أنسابي أو سمعت بأخبار العوانس تألمت وحزنت لهن وأوضاعهن ومستقبلهن. ومما زاد معرفتي بأخبار العوانس طبيعة عملي كمأذون عقود الأنكحة وإمام جامع مع إلقاء بعض المحاضرات في مجمعات ومدارس البنات فأجد أسئلة كثيرة واتصالات هاتفية عن العنوسة. فقررت بعد التوكل على الله والاستعانة به الكتابة عن هذا الموضوع الحساس، وبعد ذلك ألقيته في بعض المناطق والمحافظات والمراكز فنال إعجاب الحاضرين وشد انتباههم وطالبني بعضهم بالاهتمام بهذا الموضوع وطرقه دائماً. فبدأت بزيادة البحث و الاطلاع والسؤال عن أسباب تأخير زواج الفتيات ثم التفكير في كيفية العلاج.
ولازلت حتى الآن أبحث عن الصواب والزيادة طمعاً في الأجر ونفع المسلمين وإبراء للذمة وتنفيذاً لأمر الحبيب - عليه الصلاة والسلام - بقوله: "أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.... "الحديث.
اللهم يا معلم إبراهيم علمنا ويا مفهم سليمان فهمنا
المؤلف
عنوسة الفتيات (أسبابها علاجها موقف الفتاة منها أضرارها):
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره و نستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن محمد عبده ورسول أما بعد:
قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.
قال تعالى" {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}.
أرى أن السن المناسب لزواج الفتيات يبدأ من السابعة عشر عاماً حسب حالة الفتاة الجسمية. أما إذا بلغت الفتاة الثانية والعشرين عاماً فقد يطلق عليها بعض الناس عانساً، إلى أن تبلغ خمساً وعشرين سنة، ثم تجد عامة الناس يطلقون عليها عانساً.
وهذا التقسيم في نظري خاص بهذا الزمان و إلا فلو رجعنا إلى القرون المفضلة لرأينا العجب العجاب من حرصهم على تزويج الفتيات وهن صغار، وأكبر مثال على ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة - رضي الله عنها - وعمرها سبع سنوات ودخل بها وعمرها تسع سنوات.
أيها الأخوة أن العنوسة مرض اجتماعي تعاني منه بعض البيوت والأسر والمجتمعات وله أضرار عاجلة وآجلة للعانس ولأهلها، وله أسباب وعلاج.
فأما عن أسباب العنوسة والأخوات:
لاشك فقد قسمتها إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
القسم الأول: (أسباب العنوسة الخاصة بالفتاة):
1- مواصلة الدراسة.
2- المبالغة والتشدد في مواصفات الزوج.
3- أوهام وأفكار ووساوس تراود الفتاة.
4- إصابة الفتاة ببعض العاهات أو آثار بعض الأمراض.
5 - رفض بعض الفتيات المعدد لزوجاته.
القسم الثاني: (أسباب العنوسة الخاصة بالآباء والأولياء):
1- ما تقدم لنا الكفء (تجلس في البيت حتى تأتيها رزقها).
2- رد الكفء لأنه غير موظف.
3- تتزوج الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى.
4- إكراه الفتاة أو حجرها على قريبها.
5- استفادته منها فلا يريد تزويجها.
القسم الثالث: أسباب العنوسة الخاصة بالأسرة:
1 - غلاء المهور.
2 - المهر الثاني.
3 - هذه عادتنا تأخير زواج بناتنا.
4 - سوء سمعة الأسرة.
ثم نبدأ بعد التوكل على الله والاستعانة به في شرح هذه الأسباب مع مناقشتها وإزالة الشبه والمفاهيم الخاطئة حولها مع وضع الحلول والاقتراحات المناسبة لعلاج هذه المشكلة وبيان موقف الفتاة منها. ثم نختم الحديث بأضرار العنوسة و بتوصيات للعوانس.
القسم الأول من أسباب العنوسة الخاصة بالفتاة:
1- مواصلة الدراسة:
بعض الفتيات عندهن مفاهيم خاطئة عن الزواج والدراسة، وأن الزواج يعيق سير الدراسة أو يؤخرها، وهذا بلاشك فهم خاطيء ويحتاج إلى تصحيح، بل العكس هو الصحيح أي أن الزواج يساعد على الفهم والتركيز، وقد سمعت وقرأت في كتب التربية وعلم النفس بأن الكثير من الشباب والشابات البالغين سن الزواج يكون عندهم شرود ذهني وكثرة في الأفكار و السرحان ثم ضعف في التحصيل العلمي فلما تزوجوا ذهبت عنهم هذه الأفكار وصفت عقولهم وزاد فهمهم وتركيزهم في دراستهم حتى أصبحوا من المتفوقين والمتفوقات.
لماذا تغيرت أحوالهم من الضعف إلى القوة؟!
لأن الفتى والفتاة إذا بلغا سن الزواج تحركت فيهم الغريزة الجنسية التي ركبها الله في الذكر والأنثى، فإذا أشبعت هذه الغريزة بالحلال فإن العقل يرتاح من التفكير فيها ويبدأ بالتفكير في غيرها من الأمور الدراسية والمصالح الدينية والدنيوية النافعة.
فأقول لأخواتي الفتيات يمكن (ولله الحمد) الجمع بين الدراسة والزواج، وإذا افترضنا أنه حصل التعارض بينهما إما الدراسة أو الزواج فقدمي الزواج على الدراسة لأنه مطلب شرعي أهم من مواصلة الدراسة، وحتى لاتعرضي نفسك للعنوسة وكثيراً ما نسمع ونقرأ أن بعض الفتيات اللاتي أصبحن ضحية للعنوسة تصرخ وترفع صوتها قائلة.. خذوا شهادتي... خذوا وظيفتي وأعطوني طفلاً يملأ علي الدنيا بضحكه وبكائه، وأضرب لكن هذا المثال للحذر من الوقوع في العنوسة بسبب مواصلة الدراسة وتأخير الزواج.
فتاة رفضت الزواج بعد الثانوية العامة وكان عمرها تسعة عشر سنة وقالت لن أتزوج إلا بعد الكلية ولما تخرجت من الكلية كان عمرها ثلاث وعشرين سنة (يعني دخلت في العنوسة) إذا لم تعد سنة أو سنتين، وبعد التخرج قالت لن أتزوج الآن لأنني أريد أن أرتاح من عناء الدراسة بالعمل في التدريس فعملت به سنتين مثلاً فأصبح عمرها خمساً وعشرين سنة وهي تشعر بذلك أو لاتشعر والنتيجة أن الخُطاب انصرفوا عنها وتوقفوا وخاصة الشباب، فأصبحت عندها مشكلة، هي تريد وتتمنى شاباً لكن الشاب لا يريد بنتاً أكبر منه سناً، هي لا تريد رجلاً كبيراً في السن، وربما أنها لا تريد الذي معه زوجة، فتصبح تعذب نفسها وتقتل مستقبلها الحقيقي وتضيع زهرة شبابها بدخولها في قطار العنوسة بسبب مواصلة الدراسة.
وربما أن الوالد كان له نصيب من الإثم لأنه شجعها على مواصلة الدراسة وتأخير الزواج أو أنه رضي بتصرفاتها ولم يقنعها بالزواج في حينه ثم مواصلة الدراسة فأنصح كل فتاة (محبة فيها وإبراء للذمة) أنه إذا تقدم لها الزوج الكفء وشاورها والدها أن توافق عليه وتشترط مواصلة الدراسة ولا تضيع هذه الفرصة، حتى وإن تقدم لها وهي تدرس في الثانوية، أو في السنوات الأولى من الكلية ومن المعلوم أنه يوجد بعض الفتيات متزوجات وهن يدرسن في الصف الثالث متوسط أو في أول ثانوي وإن كن قليلات ثم يكثر عدد المتزوجات في الصف الثاني والثالث الثانوي. فاحذري تأخير الزواج بحجة مواصلة الدراسة.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالفتاة):
2 - المبالغة والتشدد في مواصفات الزوج:
إن بعض الفتيات تتشدد وتبالغ في شروط الزوج ومواصفاته، فربما تقدم لخطبتها عدة شباب أو رجال فترفض وتعلل الرفض بأن فلان طويل وهذا قصير وهذا ليس شخصية وهذا غير جميل وهذا غير موظف أو وظيفته لاتناسبني أو رابتها قليل، وربما أن بعض الفتيات (هداهن الله) ترفض هذا لأنه ملتزم وتقول لن يحقق لي رغباتي الشخصية من التلفاز أو الدش أو الخروج للأسواق والحدائق... الخ.
وربما تقدم لها زوج كامل المواصفات في نظرها ثم ترفضه لأن عنده زوجة فهي لاتريد المتعدد أو أنها تريد شخصاً معيناً لأنها معجبة فيه ولاتريد غيره وربما أنها ترفض عن الزواج وترفض الخُطاب إلا من فلان فقط، وقد يكون فيه موانع شرعية أو يرفضه الوالد أو الوالدة فيحصل العناد من الفتاة وأهلها بعد الزواج منه فهذه الفتاة المسكينة بهذا التشدد والمبالغة في المواصفات يطول عليها الزمن وينصرف عنها الخطاب وتدخل ربما في العنوسة المتأخرة وهي تشعر أو لا تشعر فتندم على تصرفاتها ورفضها للأزواج ثم تتنازل عن شروطها وتتمنى أن يتقدم لها بعض الأزواج السابقين.. لكنهم قد تزوجوا وأنجبوا.
العلاج: إن الفتاة العاقلة التي تخطط للنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة هي التي تبحث عن المواصفات الشرعية للزوج وهي الدين والأمانة والخلق فإذا وجدتها وقبلت بها فسوف توفق بإذن الله للمواصفات الشكلية الخلقية والدنيوية الثانوية للزوج والتي قد لا يكون للإنسان دخل فيها فهي من صنع الله وتدبيره لخلقه. فهذه الشروط والمواصفات تأتي تبعاً للشروط الشرعية ولذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة".
فأنصح الفتاة بالأخذ بوصايا الناصح الأمين الذي بين شروط الزوج ومواصفاته حيث قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فانكحوه، وفي رواية "وخلقه" ... الحديث.
فهذه الشروط هي التي تحقق السعادة للفتاة، ولاشك بها، فأنعم وأكرم بها من شروط ومواصفات بينها لنا الذي لا ينطق عن الهوى - عليه الصلاة والسلام -.
وأنصح الفتاة العاقلة بتوسيع إدراكها وتفكيرها في مصالح دينها ودنياها وأن تستغل الفرصة قبل فواتها بالموافقة على الزوج الصالح وأن تتعظ وتعتبر بما حصل لغيرها من القريبات والصديقات اللاتي قد قدمن المواصفات الدنيوية على الدينية فلم يوفقن في السعادة الحقيقية أو دخلن في العنوسة وندمن حيث لا ينفع الندم، فخذي منهن درساً وعبرة قبل أن تكوني الضحية والعبرة لغيرة من الفتيات ...
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالفتاة):
3- الأوهام والأفكار والوساوس التي تراود الفتاة:
مثل الخوف من الفشل في الزواج أو التشاؤم من الرجال وأن فيهم القسوة والشدة وعدم الرحمة أو الخوف من عدم القدرة على إدارة المنزل والقيام بحق الزوج أو حب الاستمتاع بالدنيا والركون إلى الراحة وترك المسؤوليات ... إلخ.
العلاج: لاشك أن جميع الأشياء السابقة أوهام لا صحة لها وهي من وساوس الشيطان التي يصيد بعها بعض الفتيات لكي يوقعهم في العنوسة ويحرمهن من السعادة بالزوج والأولاد، والعاقلة التي تعرف عداوة الشيطان ومداخله تضرب لهذه الأوهام حساباً وتعاند الشيطان في رد وساوسه وأوهامه وتحص على ما يسعدها في الدنيا والآخرة.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالفتاة):
4 - إصابتها ببعض العاهات أو آثار بعض الأمراض:
فقد تكون بعض الفتيات مبتلاة من الله بعاهة من العاهات أو بعيب من عيوب الخلقة كأن تكون كفيفة أو عرجاء أو تكون طويلة طولاً مفرطاً أو قصيرة قصراً مفرطاً أو نحيفة نحافة مفرطة أو سمينة سمناً مفرطاً أو فيها برص وخاصة إذا كان البرص في وجهها أو يديها (وهذه الأمور السابقة) ليس للفتاة دخل فيها فهي من خلق الله - عز وجل - وقد يكون الله ابتلاها به تكفيراً لسيئاتها ورفعاً لدرجاتها وعلامة على أن الله يحبها إذا رضيت وبرت وفي الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط". فبعض الخطاب لا يرغب بالزواج منها.. فهل تبقى عانساً بدون زواج أو مرفوضة عند الأزواج؟!
العلاج: أرى أن يتقدم لها بعض الأزواج حتى وإن كان معه زوجة غيرها أو متوسط السن، يتزوج بها طمعاً في الأجر من الله في إعفافها وتطييب خاطرها وإسعادها بطفل يقوم بخدمتها ويملأ عليها الدنيا.
وهل للفتاة المصابة بذلك موقف أم تبقى مكتوفة اليدين؟
أرى أن لها موقفين:
الموقف الأول: أن توافق وتقبل بالزواج من الرجل متوسط السن أو أكبر منه إذا لم يكن شيخاً كبيراً، وتقبل أيضاً بالزواج من المصاب ببعض العاهات إذا كان يمكن العيش معه، فهذا التصرف منها أولى من بقائها عانساً مدة طويلة أو مدى الحياة.
الموقف الثاني: لا حرج ولا عيب على الفتاة المذكورة أن يكون بينها وبين اللجان في بعض الجمعيات الخيرية وقضاة المحاكم اتصال هاتفي سري بشأن البحث لها عن زوج بعد أن تخبرهم بإصاباتها أو الموجود بها من العاهات. علماً بأنه يوجد (ولله الحمد) مؤخراً بعض اللجان السرية الأمنية التي تحرص على التأليف وجمع الشمل بين الزوجين، وقد حصل من جهودهم التوفيق بين الفتيان والفتيات وبين الرجال والنساء سواء كان فيهم عاهة أو سليمي الخلقة والأمراض.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالفتاة):
5- رفض بعض الفتيات المعدد لزوجاته:
نرى ونسمع بعض الفتيات ترفض الزواج من المعدد لزوجاته، حتى وإن كان هذا المعدد صالحاً أميناً خلوقاً.
أقول في البداية قد تكون بعض الفتيات معذورة في الرفض لسببين:
السبب الأول: أن بعض المعددين لزوجاتهم لا يعدلون بينهن فهم الذين شوهوا سمعة التعدد فنسمع أن البعض منهم يميل مع البكر أو الجديد ويهمل الثيب أو أم الأولاد لأنها كبرت أو كثر أولادها وربما أن البعض منهم يهملها هي وأولادها حتى بدون نفقة ولا رعاية ولا مبيت، وهذا وأمثاله على خطر من التهديد والوعيد الذي أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من كان له امرأتان فما إلى أحدهما وجاء يوم القيامة وشقه مائل" وهذت فضيحة له يوم القيامة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
فأوصي المعدد لزوجاته أن يتق الله ويعدل بينهن في المبيت والسكن والكسوة والعشرة، وأما محبة القلب فإنه لايلام عليها لأنه لا يملكها قال - تعالى -: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين الناس ولو حرصتم ... الآية" يعني محبة القلب وما يلحق بها، فهذا عدل لم يجعل الله عدم تحققه مانعاً من التعدد لأنه غير مستطاع، ولكن عليه أن يحذر من هذه المحبة القلبية أن تجعله يتبع هواه فيميل مع المحبوبة ويظلم غيرها من الزوجات، ولذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عدل بين زوجاته في المبيت والسكن والكسوة والعشرة قال - عليه الصلاة والسلام - "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".
وهل للفتاة موقف من هذا؟
نعم لها موقف قبل الزواج بأن تحسن الاختيار بأن يكون الزوج المعدد المتقدم لها صالحاً أميناً ذو خلق رفيع يخاف الله ويراقب الله - عز وجل - قبل أن يراقب زوجاته ويخاف من عقوبة الله في الظلم وعدم العدل بينهن.
الموقف الثاني: بعد الزواج إذا ابتليت بزوج: لا يعدل فعليها أن تكثر من نصيحته وتخويفه من الله وتهدي إليه الأشرطة والكتيبات التي تساعده على العدل وترسل له من أقاربها من يناصحه بذلك، وبالمقابل عليها أن تحسن عشرته وتتلطف معه وتحسن استقباله وتتجمل له وتعامله باللين والحكمة وسعة الصدر فإن هذه المعاملة الحسنة سوف تغير زوجها وتجذبه لها عن قريب (بإذن الله تعالى).
السبب الثاني في رفض بعض الفتيات المعدد لزوجاته:
أن بعض الممثلين والممثلات يظهرون تعدد الزوجات بأنه جريمة كبرى وظلم للزوجة الأولى حتى يشوهوه عند الفتيات والنساء، حتى أننا سمعنا وقرأنا في بعض الصحف والمجلات من يحارب تعدد الزوجات، وربما (والعياذ بالله) سمحوا للزوج بالحبيبة والصديقة والعشيقة ولا يسمحوا له بالزواج من ثانية أو ثالثة بل يحاكمونه إذا عدد زوجاته (وهذا في خارج بلادنا).
ولا ينكر تعدد الزوجات إلا جاهل أو معاند أو حاقد على الإسلام وأهله وحاقد على المرأة نفسها، وهذا وأمثاله محكوم بكفره، إذا كان يحارب التعدد المشروع ويعيبه وهو يعلم أن الله أباحه لأنه رد أمر أنزله الله في كتابه فقال - سبحانه وتعالى - {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ... الآية.
وأما الغيرة والحزن الذي يصيب أكثر النساء عندما يأخذ زوجها الأخرى فهي غيرة عاطفية وطبيعية إذا كانت في حدود المعقول، وقد حصلت هذه الغيرة من بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (ورضي الله عنهن أجمعين) والعاطفة لا يصح أن تقدم في أي أمر من الأمور على الشرع المنزل من الحكيم العليم بعباده وبما يصلح دينهم ودنياهم و آخرتهم، فمن فضل الله - عز وجل - ورحمته بعباده أن أباح للرجل تعدد الزوجات المشروع والمشروط بالعدل، وهو بلا شك من أعظم الأسباب للقضاء على العنوسة في هذا الزمان، فأوصى الفتيات الحريصات على مستقبلهن أن توافق الزواج من المتعدد إذا كان صالحاً وأميناً وخلوقاً وإن كان نصيبها منه نصف رجل أو ثلثه فهذا خير لها من أن تبقى عانساً وخير لها من زوج كامل لا يقوم بحقوقها ولا يعاشرها بالمعروف بل قد يكون هذا الزوج سبباً في ضعف إيمانها إذا أدخل عليها الدش أو شجعها على التبرج والسفور أو لم يأمرها بالصلاة في وقتها وبطمأنينة بل قد يكون هذا الزوج سبباً في دخولها النار (والعياذ بالله).
نبذة مختصرة عن تعدد الزوجات في الإسلام
- وقد أجمع أهل العلم إباحة التعدد وذلك فيما لا يزيد عن الأربع وقال بذلك جمهور المفسرون وذلك عند استيفاء الشروط وقد استدل هؤلاء العلماء بأن القرآن نص على تحليله بالأمر فقال - سبحانه وتعالى - {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة ... .. } الآية قال ابن كثير (عليه رحمة الله) في تفسيره للآية السابقة أي أنكحوا ما شئتم من النساء سواهن إن شاء أحدكم اثنين وإن شاء ثلاثاً وإن شاء أربعاً، وقال القاضي عياض في كتابه (الشفا) وقد كان زهاد الصحابة كثيري الزوجات والسراري كثيري النكاح، وقول الإمام أحمد بن حنبل (عليه رحمة الله) أرى في هذا الزمان (يعني زمانه) للرجل أن يتزوج أربع نساء ليتعفف بذلك، هذه وصيته في زمانه فكيف بزماننا هذا الذي كثرت فيه الشهوات والمغيرات والفتن والتبرج ودواعي الفتنة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز (عليه رحمة الله): "تعدد الزوجات سنة لمن قوي على ذلك وأراد بذلك عفة فرجه وغض بصره أو تكثير النسل أو تشجيع الأمة على ذلك" ولا شك أن العاقل المنصف من الرجال والنساء يعلم بأن تعدد الزوجات فيه مصالح كثيرة ومنافع عديدة وحكم جمة ومن هذه المنافع والحكم والأسباب:
1 - أن الرجل السليم قد يكون لديه الاستعداد والقدرة أن يسد الحاجة لدى أربع نسوة ويعفهم.
2- أن الرجل يكون مستعد للنسل ولو بلغ ثمانين عاماً وأن المرأة في الغالب إذا بلغت خمسين عاماً يئست من المحيض وتوقفت عن النسل و لاشك أن كثرة النسل مطلوبة حتى تكثر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ففي الحديث: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
3- أن النساء يعرض لهن الحيض والنفاس والأمراض مما يمنع الرجل من إتيانها في هذه المدة فيخاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة.
4 - قد تكون المرأة عقيمة لا تنجب وهو يحبها فيتزوج عليها ولا يطلقها.
5- قد تكون المرأة غير جميلة وله أولاد منها وقد تكون من أقاربه فيتزوج عليها ولا يطلقها.
6- قد يقع الاضطرار من النساء للرجال لقلة الرجال سبب الحروب أو لكثرة النساء، فإن النساء غالباً أكثر من الرجال، كما أخبر بذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "في آخر الزمان يكون لخمسين امرأة القيم الواحد" رواه البخاري ومسلم وغيرهما (عليهم رحمة الله).
7- مع المصالح العامة التعليمية والاجتماعية والتشريعية والسياسية.
- فهذا قليل من كثير من حكم ومنافع وأسباب تعدد الزوجات في الإسلام فيجب علينا جميعاً أن نعتقد إباحة تعدد الزوجات سمعاً وطاعة لله ولرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد قال - سبحانه -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً}.
أيها الأخوة والأخوات:
ومع هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال المفسرين وفتاوى العلماء في إباحة ومنافع تعدد الزوجات إلا أنك تفاجأ ببعض القبائل أو بفخذ منها أو بعائلة منها لا يرضون ولا يسمحون بالتعدد بينهم بأفعالهم وإن كانوا يقرون بإباحته شرعاً وقد يكون بعضهم من المتعلمين ومن الصالحين أو من أئمة المساجد أو من طلاب العلم إلا أن العادة لا تسمح لهم بالتعدد لأنهم نشئوا على ذلك ولأن آباءهم وأجدادهم لم يعددوا فهم يريدون أن يسلكوا مسلكهم، ولذا تجد الواحد منهم إذا كان محتاجاً أو مضطراً لتعدد زوجاته تكلموا عليه ونالوا من عرضه بالغيبة وربما هجروه لأنه شذ عن عادتهم، وقاصمة الظهر عندهم إذا عدد على قريبته فكأنه عندهم ارتكب منكراً عظيماً، وقد يكون التمسك بهذه العادة السيئة من عروق الجاهلية الذين يتمسكون بعادات الآباء والأجداد وإن كانت تخالف الشريعة الإسلامية. ويجب على المتعلمين وطلاب العلم من هذه القبيلة أو العائلة أن يتقوا الله - عز وجل - وأن يكثروا من الوعظ والإرشاد والنصيحة بين عوائلهم (رجالاً ونساء) وأن يقوموا بتوزيع الكتيب والشريط الإسلامي الذي يبين ويوضح منافع وفوائد التعدد المشروع والمشروط بالعدل لمن قدر عليه حتى يتم القضاء على هذه العادة السيئة، ولا تبرأ ذمة المتعلمين وطلاب العلم بالسكون والمجاملة لقبيلتهم أو عائلتهم خوفاً من عقوبة الله العاجلة التي قد تصيب الساكت عن الحق قبل المنتقد للتعدد ولاشك أن النصيحة يحصل بها الأجر وإبراء الذمة.
القسم الثاني من أسباب العنوسة (الخاصة بالآباء والأولياء):
1 – ما تقدم لها الكفء - تجلس في البيت حتى يأتيها رزقها:
إن بعض الآباء (هداهم الله) إذا لم يتقدم لأبنته الكفء حتى بلغ سنها فوق العشرين أو أكثر إذا نوقش الوالد قال: "تجلس في بيتها حتى يأتيها رزقها ... فنقول لهذا الوالد ... إلى متى تجلس في بيتها؟؟!
وهل كلامه هذا تبرأ به ذمته عند الله عز وجل لو كانت الفتاة تحت سن العشرين لربما وافقناه على هذا الكلام ... ولكن البنت دخلت في سن العنوسة وربما العنوسة المتأخرة.. وهو يتفرج عليها مكتوف الأيدي ... يردد هذه الكلمات "تجلس في بيتها حتى يأتيها رزقها" أما علم الوالد أن البحث لها عن زوج هو من أسباب رزقها، وقاصمة الظهر أن بعض الآباء إذا قيل له أخطب لابنتك أبحث لها عن زوج ... فإنه يغضب عليك، ويستغرب سؤالك ويقول أنا أخطب لابنتي أنا أبحث لها عن زوج. هذا التصرف عيب، ماذا يقول الناس عني" هذا لا يريد ابنته وهي رخيصة عنده.. يريد فراقها.. يريد أن يهديها للأزواج وغيرها من الكلمات ... الخ".(52/29)
العلاج: إن الولي أو الوالد القارئ لكتاب الله والمستمع إليه المطلع على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهدي صحابته الكرام ويعرف أخبارهم يعلم أنه ليس عيباً أن يخطب الوالد لأبنته زوجاً صالحاً يصرح له بذلك أو يلمح له ويكفينا من ذلك ما ذكره الله عن شعيب - عليه السلام - في سورة القصص لما علم أمانة موسى - عليه السلام - وخلقه خطبه لإحدى بناته خطبة صريحة فقال الله - عز وجل - عنه: {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين} ... الآية، وعمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق ثم على عثمان بن عفان - رضي الله عنهم أجمعين -.. فسكتا لأنهما كانا يعلمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها ولا يريدان إفشاء سره ثم تزوج بها الحبيب - عليه الصلاة والسلام -. فأقول وأنصح الآباء المحبين لبناتهم والذين يبحثون عن سعادتهم في الدنيا والآخرة والذين يريدون براءة الذمة وهم يعلمون أن بناتهم دخلن في العنوسة أن يسارعوا في البحث لهن عن أزواج صالحين.. قبل أن يتقدم لهذا الوالد رجل أو شاب لا تبرأ به الذمة (ضعيف الدين والخلق والأمانة، مهمل للصلاة أو أنه لا يصلي أو مصر على بعض الكبائر) ثم يضطر الوالد أن يوافق على زواجه من ابنته وإن كان لا يريده ولكنه وافق بسبب إلحاح النساء وكثرة الواسطات من الرجال والنساء فوافق مكرهاً (وقد حصل مثل هذا ويحصل) والنتيجة أن الزواج تم وحصل ما لا تحمد عقباه وضايق الزوج الفتاة وحملها ما لا تطيق الصبر عليه: (يسهر الليالي ويتركها لوحدها أجبره على مشاهدة الدش.. ترك الصلاة أمامها ... ضايقها بشرب الدخان ... بدأ يسخر منها ويستهزأ بها ويتلفظ عليها بالسب والشتم واللعن.. وربما ضربها.. الخ) حتى هربت إلى والدها الذي سعى في طلاقها من هذا الزوج الذي لا يخاف الله وليس كفئاً لها، ولكن الوالد كلما رأى ابنته ندم على تصرفه الأول والأخير وقد قيل "الوقاية خير من العلاج" فأقول للولي: اسمع نصيحتي وابحث لابنتك عن زوج تبرأ به الذمة وأقنعها به وسوف توفق إذا علم الله صدق نيتك وحرصك على إبراء الذمة وما يسعدها في الدارين وصدق من قال: "أخطب لابنتك ولا تخطب لولدك" ونحن نقول أخطب لابنتك كما تخطب لولدك.
وهل للفتاة موقف من كلام والدها (تجلس حتى يأتيها رزقها) أو تبقى متفرجة مكتوفة الأيدي إلى أن تكون هي الضحية؟!
نعم، تستطيع الفتاة بذكائها وحسن تصرفها واستشارة الناصحين لها كالوالدة وبعض الأخوة والأخوات والأقارب أن يتفقوا علة الزوج المناسب والذي فيه المواصفات الشرعية ثم تحصل الاتفاقية السرية عليه ومعه ثم يطلبون منه أن يتقدم لوالد الفتاة لخطبتها، ولا عيب أن توصي البنت أحد إخوانها الناصحين الفاهمين أن يبحث لها عن شاب يرى أنه كفء لأخته ثم يتفق معه سراً ويطلب منه أن يتقدم إلى الوالد للخطبة، فتتم الموافقة والزواج (بإذن الله تعالى)، وهذا التصرف يدخل في النصيحة الواجبة بين المسلمين.. والتعاون على البر والتقوى فهي إذاً بين الأخوة والأقارب أوجب لأن الأقربون أولى بالمعروف. ولا أقول لآباء إلا كما قال الله - عز وجل -: {فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله والله بصير بالعباد}.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالآباء والأولياء):
2- رد الكفء لأنه غير موظف:
بعض الآباء إذا تقدم لأبنته شاب أو رجل كفء لها (صاحب دين وأمانة وخلق) سأله عن عمله وراتبه ثم تعذر منه ورده! لماذا تعذر منه؟ لأنه غير موظف أو راتب الوظيفة قليل، وهذا في عرف بعض الناس فقير، فبعض الآباء يخاف على ابنته من الجوع والعش أو أن تعيش ابنته على الزكوات والصدقات والتبرعات الخيرية مع هذا الزوج. وهذه نظرة قاصرة من بعض الآباء والأولياء، و إلا فإن القارئ لكتاب الله والعارف بسنة الحبيب - عليه الصلاة والسلام - يعلم علم اليقين بأن الزواج من أعظم أبواب الرزق ومفاتيحه، وقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بتزويج الصالح وإن كان فقيراً أو تكفل جل وهلا بغناه قال الله - عز وجل -: {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم أن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله ... } الآية. ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة حق على الله عونهم ... ثم ذكر منهم الناكح يريد العفاف".
ولاشك بأن مجالات العمل كثيرة ومتوفرة ولا نحصرها بالوظيفة فقط، وقد تكون الأعمال الحرة الحلال أكثر نفعاً وبركة وأعظم أجراً وأقوى توكلاً على الله من الوظيفة إذا صلحت النية والتزم المسلم بالصدق والحلال، فما على العبد إلا أن يتوكل على الله - عز وجل - ثم يفعل أسباب الرزق. وقد تكفل - عز وجل - بأرزاق عباده بل جميع مخلوقاته فقال - سبحانه وتعالى -: {وما من دابة في الأرض إلا علة الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٍ في كتاب مبين} وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها.. " الحديث.
وأني أعجب من بعض الآباء أن يكون حريصاً جداً على رزق ابنته ومعيشتها (وهذه الأشياء مضمونة في الكتاب والسنة) ولا يكون حريصاً على دينها. ولئن يعيش المسلم فقيراً أو يموت فقيراً صابراً محتسباً ومتمسكاً بدينه خير له من أن يعيش غنياً أو يموت غنياً وهو معرض عن ربه هز وجل، لأن الدنيا وسعادتها قليلة ومؤقتة والآخرة وسعادتها دائمة وباقية كما قال - سبحانه وتعالى -: {بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى}.
فعلى الآباء والأولياء أن يحرصوا على الزوج الكفء وإن كان غير موظف ويثقوا بأن أبواب الرزق سوف تنفتح عليه كما وعد بذلك ربنا - سبحانه وتعالى - وأخبرنا به رسولنا - صلى الله عليه وسلم -.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالآباء والأولياء):
3 - تتزوج الكبرى ثم الوسطى ثم الصغري:
بزعمه أنه يجبر خاطر الكبرى على حساب أخواتها فقد يكون في الكبرى بعض الموانع من الزواج مثل قلة الجمال أو عدم التمسك بالدين أو السمعة السيئة أو أن الكبرى لا ترغب بالزواج الآن أو غير ذلك من الأسباب. وبإصرار الوالد على تزويج الكبرى تكون الضحية أخواتها بأن يدخلن في مرحلة العنوسة بسبب أختهم الكبرى التي أصبحت حجر عثرة عليهن، وإذا نظر العاقل بعين البصيرة فإنه يعلم أن الزواج قسمة ونصيب ولعل من أسباب نصيبها فتح المجال لأخواتها بالزواج إذا تقدم لهن الكفء.
وهل للفتاة موقف من هذا؟
نعم: على الفتاة الكبرى أن تصارح والدها ووالدتها بضرورة السماح لأخواتها بالزواج، وأن عدم تقدم الزوج لها من قضاء الله وقدره وتقنع والدها بأن رفضه من تزويج أخواتها معناه إجبار للأزواج أن يتقدموا للكبرى، وهذا الرفض يؤدي ببقية الأخوات إلى العنوسة، وعليها أن تقنع والدها بأنه لامانع من تزويج أخواتي الأقل مني سناً وأنا راضية وبكل فرح وسرور.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالآباء والأولياء):
4 - إكراه الفتاة أو حجرها على قريبها:
إن بعض الآباء يجبر ابنه بالزواج من قريبة أو من فلان أو فلان، إما لمصلحته أو تعاطفاً مع قريبه وقد يكون هذا الزوج ليس كفئاً للزوجة فترفض الزواج به فيصر الوالد على الزواج منه وتصر هي على رفض الزواج منه فتكون عانساً مع مرور الأشهر والسنوات.
العلاج: إن تصرف الوالد خلاف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - باستشارة الزوجة وأخذ رأيها وطلب موافقتها ورضاها فإن كانت بكراً سكتت وإن كانت ثيباً نطقت بالرضا أو عدمها.
ولذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث معناه: "أما البكر فرضاها سكوتها وأما الثيب فتنطق" فعلى الآباء أن يتقوا الله ويحذروا من إجبار البنت على الزواج بمن ليس كفئاً لها إلا إذا افترضنا أن الفتاة ترفض الصالحين وتريد الفاسقين (وهذا بعيد) فعلى الوالد أن يرفض طلبها ولايوافق على الزوج الفاسق حتى وإن بقيت عانساً.
ومن أسباب العنوسة (الخاصة بالآباء والأولياء):
5 - استفادته منها فلا يريد تزويجها:
فإذا كانت الفتاة في البادية أو في القرى والهجر فإن بعض الآباء يستخدمها في رعي الغنم أو في المزرعة فهي بزعمه أفضل له من عامل، وإذا تقدم لابنته الخُطاب اعتذر منهم وصرفهم بالحيل والكذب ويقول البنت صغيرة، البنت مخطوبة لابن عمها، البنت لا تريد الزواج الآن.. وغيرها من الأعذار.
وإذا كانت الفتاة في الحاضرة (المدن) وكانت معلمة أو موظفة، فإن بعض الآباء يريد أن يستفد من راتبها فيستلمه أو تعطيه البنت من هذا الراتب ثم يقابل الحسنة بالسيئة والعياذ بالله. فإذا تقدم لها الخُطاب اعتذر منهم وصرفهم بالأقاويل والحيل الكاذبة لأنه يريد أن يستمر في الاستفادة من الراتب ويخاف إن زوجها انقطعت عنه الفائدة، فيكون هذا الولي أو الوالد قد أوقع نفسه بجرائم عديدة منها:
1- أنه قابل الحسنة بالسيئة والله - عز وجل - يقول: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
2- أن هذا المال من هذا الراتب بهذه الطريقة سحت وحرام ولا يجوز وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به".
3 - أنه تسبب لابنته بالعنوسة وحطم حياتها وقضى على شبابها بسبب الحيلة والكذب والطمع.
4 - أن هذا الوالد عرض نفسه للظلم من أقرب الناس إليه وهي ابنته وفلذة كبده وقد يعجل الله له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "والظلم ظلمات يوم القيامة" وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
العلاج: يستطيع الوالد أن يستفيد من راتب ابنته بالحلال والصدق ولا حرج ولا عيب في ذلك بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أنت ومالك لأبيك " ولكن كيف ذلك ؟!
- إذا كان الوالد محتاجاً لبعض راتب ابنته كأن يكون فقيراً أو غير موظف أو البيت بالإيجار أو الأولاد كثيرون ولا يستطيع أن ينفق عليهم. وغيرها من الظروف المالية.
- فلا عيب أن يصارح ابنته في ذلك ويتفق معها على ربع الراتب أو نصفه مثلاً لأنها تعرف ظروفه (بدون خجل ولا حياء) فإذا حصل هذا الاتفاق والمصارحة فإني على يقين بأن الوالد سوف يوافق على أول زوج يتقدم إذا كان كفئاً ويستشير ابنته عليه ويشترط ذلك في العقد بأن المرتب خاص بالبنت ولا يجوز له أن يأخذ شيئاً منه إلا برضا منها وهو مع ابنته على الاتفاق السابق. بل إني على يقين أن الوالد سوف يبحث بنفسه عن زوج مناسب يرتاح له ويطمئن بأنه سينفذ الشروط. فيكون الوالد بهذا التصرف الصحيح قد استفاد من راتب ابنته بطريق حلال وبنفس راضية ويكون أيضاً قد زوج ابنته حين بلوغها فاستفادا جميعاً.
وهل للفتاة موقف من تخطيط والدها للاستفادة من راتبها؟
نعم: لها موقف إيجابي إذا كانت الفتاة ذكية وتعرف ظروف والدها ومع ذلك فقد يكون ضعيف الإيمان قليل الخوف من الله فمن البداية عليها أن تصارحه بذلك (لأن الوالد قد يخجل أصلاً أن يفتح هذا الموضوع ولكنه يضطر أن يلعب اللعبة السابقة المحرمة).
فعلى الفتاة أن تصارح والدها من حين صدور قرار الوظيفة أو الآن فتقول له يا والدي: إن نعم الله كثيرة يجب علينا شكرها وإن لك علي حق كبير فأنت أوسط أبواب الجنة، وإن من شكري لله وقياماً بالوفاء وببرك ورداً لبعض جميلك فإن لك ربع راتبي أو نصفه مادمت على قيد الحياة ولابد أن توافق على هذا المطلب وأن تحقق رغبتي حتى أرتاح نفسياً ولن أنسى والدتي فالجنة تحت قدميها وحتى يا والدي إن تقدم لي زوج تراه صالحاً فسوف نشترط.... عليه بالعقد بأن هذا الزوج ليس له دخل في المرتب (وأنا وإياك يا والدي على هذا الاتفاق بإذن الله، والله على ما أقول شهيد "وكفى بالله شهيداً).
فعند ذلك يطمئن الوالد وترتاح نفسه وسوف يوافق على أول رجل يتقدم ويعلم بأنه كفء وسينفذ الشروط وربما أسرع بالبحث عن الزوج المناسب فخطبه واشترط عليه.
وقد نجحت وسوف تنجح كثراً من الفتيات عندما تطبق هذا الاقتراح وعلى الفتاة أن تعالج نفسها وأن تجعل هذا المال صدقة ومعروفاً وسبباً في بر والدها حتى يبارك الله لها فيه و يزيدها منه. ففي الحديث "ما نقصت صدقة من مال بل تزه بل تزده" بل تزده ويضاعف الله من حسناتها ويرفع درجاتها بسبب حسن نيتها.
القسم الثالث من أسباب العنوسة(الخاصة بالأسرة):
1 غلاء المهور:
وهو مشترك بين الوالد و الوالده والفتاة وبقية العائلة، فكل واحد من هؤلاء له كفل منه وإن كان الوالد عليه الكفل الأكبر وهو المتهم بذلك غالباً. فأقول له: إن بعض الآباء يغالي في المهور ويعتقد بأن له حق فيه والوالدة لها حق فيه وربما الأولاد والبنات لهم حق (وخاصة بعض القرى والهجر البعيدة) ولذلك تجد أن العائلة بكاملها يتفقون على المغالاة في المهر، وربما أن بعض الآباء فكر في سداد دينه من مهر ابنته أو بناء منزله، وبعض الآباء جعل ابنته سلعة يبيعها على الزوج بيعاً بسبعين ألف ( 70000 ) ريال أو أكثر. ومن كانت هذه نيته فربما عجل الله له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة فاشترى ابنته من الزوج مثلما باعها عليه (قصة حقيقية).
أعرف شخصاً بتصرفاته لا بلسانه باع ابنته على زوج بثمانين ألف ريال فلما تم الزواج ساءت العشرة بين الزوجين وبدأ الزوج يضغط على الزوجة وينكد عليها حتى طلبت المسكينة الطلاق فقال الزوج: ليس هناك طلاق إلا بثمانين ألف ريال. فاضطر الوالد أن يشتري ابنته من المحكمة بثمانين ألف ريال مثلما باعها عليه اشتراها منه "والجزاء من جنس العمل".
العلاج: ما هي حقيقة المهر؟! حقيقة المهر أنه ملك للزوجة مقابل استحلال فرجها ولا يجوز لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا بإذنها. والمهر كلما كان قليلاً كان الزواج مباركاً كما جاء في الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: " أقلهن مهراً أعظمهن بركة".
بعض الآباء يقول: "نزيد المهر على الزوج حتى تكون ابنتنا غالية عنده ويعرف قدرها ولا يتساهل في طلاقها...
هذا فهم خاطئ... وأرى أن زيادة المهر هو السبب في كثرة المشاكل أو الطلاق لأن الزوج قد ركب ديوناً وأسلافاً وقروضاً من أجل المهر فهو يفكر فيها في الليل والنهار، وإذا افترضنا أن الزوج أراد الطلاق فلن يطلق في الغالب إلا بحقه أو نصفه خاصة في هذا الزمن الذي انتشرت فيه المحايلات والخداع والكذب.
لكن الكلام المنطقي والعقلي والموافق للسنة هو تخفيف المهر فتكون الزوجة عنده معززة لأنها جاءته كالهدية فيعرف قدرها وقدر والديها ويجازي أهلها بالإحسان والكرامة وصدق من قال: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرداً. حتى وإن لم يكتب الله المحبة والألفة بين الزوجين فإنه سوف يصير عليها يتحملها ويحسن عشرتها وكرامة لأهلها وتقديراً لهم.
وهل للفتاة موقف من غلاء المهور؟
نعم: يجب على الفتاة أن تقنع والديها بتخفيف المهر وتقليله وتخبرهم بحديث الرسول صلى اله عليه وسلم (أقلهن مهراً أعظمهن بركة) وتقول لهم أيضاً: إن كثرة المهر تجعل الزوج مهموماً حزيناً ضائق الصدر كثير السرحان والتفكير بهذه الديون والأسلاف والقروض والأقساط كيف يسددها؟!
وتقول لهم بأن أثقال كاهل الزوج بالديون قد يكون سبباً في كراهيته لزوجته وعند أدنى مشكلة ينفعل ويكبر المشكلة وربما خطط لذلك حتى يجبر الزوجة على طلب الطلاق بعوض ليسدد ديونه، فإن رفض الوالد والوالدة في تقليل المهر فعليها أن ترسل العقلاء من أقاربها لإقناع الوالد والوالدة في تقليل المهر.
القسم الثالث من أسباب العنوسة(الخاصة بالأسرة):
2 - المهر الثاني: (الشبكة + قصر أفراح + طبالات +.... ):
وهي تكليف الزوج بأشياء ثانوية مجاراة للناس وتقليداً لهم مثل (إلزام الزوج بالشبكة وضرورة الزواج بقصر أفراح وأن يكون القصر على رغبتهم وأن يذبح من الغنم كذا وكذا ويقدم من العشاء والخضروات كذا وكذا ولابد من وجود الطبالات والمغنيين والمغنيات أو إحضار الشعراء وغيرها مما يفرض على الزوج ويلحون على الزوج لتنفيذها ولا يفكرون هل فيها إسراف وتبذير أم لا ؟ هل ترضي الله أم تغضبه؟ هل هي حرام أم حلال؟ هل هي بدعة أو سنة هل الزوج يستطيعها أم لا ؟ كل هذا لا يهمهم ولا يعنيهم. لماذا؟ لأنهم يجارون العادات والتقاليد.. ولأن الذي يتصرف بهذه الأمور إما النساء وإما السفهاء من الأولاد والبنات، حجتهم أن الناس يفعلون هذا ويقولون هل ابنتنا فيها نقص عن بنات أقاربها فإن هؤلاء فعلوا ذلك ونحن مثلهم.
وما هو موقف الآباء، والرجال القوامون عليهم:
بعضهم في موقف لا يحسد عليه (صفر على الشمال) يتفرج على تصرفات النساء والأولاد ولا يأمر ولا ينهي ولا يعترض لقلة دينه وضعف خوفه من الله وبعض الآباء لو أمر أو نهي أو اعترض فلن ينفذ أمره ولن يجتنب نهيه ولن يسمع أصلاً لكلامه، لماذا؟ لأن هذا الوالد قد فرط في تربية الأسرة فهو لا يأمرهم بطاعة الله ولا ينهاهم عن معصية الله وربما أنه جلب المعصية لهم في البيت فعجل الله له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة بأن نزع الله هيبته من أسرته فليس له أمر ولا نهي، وبعض الآباء ربما أنه شجع الأسرة على المهر الثاني (الشروط الثانوية) وطالب الزوج بتنفيذها. علماً بأن بعض العلماء تكلم عن الأمور السابقة وهي: (الشبكة، الطبالات، الإسراف في الولائم) وأنها لا تجوز.
العلاج: أناس بأمس الحاجة إلى من يقتدون به في عاداتهم وتقاليدهم ومناسبتهم، فهنيئاً لمن أحتسب الأجر على الله وأصبح قدوة حسنة للناس يفتح لهم أبواب الخير هنيئاً لمن كان مفتاح للخير مغلاقاً للشر، أني أخاطب القدوات قائلاً لهم نور على نور أن يكون تغيير العادات والتقاليد على أيديكم فتفتحون للناس هذه الأمور ويقتدون بكم وتكسبون أجرهم فإن الدال على الخير كفاعله.
أيها القدوة المبارك:
ما المانع أن يفاتح الزوج في البداية بهذه الأمور ويقال له: نحن لا نريد العادات المستوردة، فلا نريد الشبكة يكفينا ما تشتريه من الذهب أو تدفعه لنا من المهر، وسوف يكون زواج ابنتنا في منزلنا الواسع وفيه فناء وسوف نختصر المدعوين فيكفينا منك أيها الزوج أسرتك وأعمامك وأخوالك ونحن كذلك مع دعوة الجيران، وسوف لا نزيد في العشاء على أربع ذبائح (زواج عائلي) وإن كان البيت ضيقاً ففي استراحة كذا وكذا وانتبه أيها الزوج فلن يكون في الزواج طبالات تؤذي الملائكة بأصواتها وتؤذي الجيران، بمكبرات الصوت فربما يدعون علينا بسبب هذه الأشياء فيجعل الله العقوبة لنا بفشل الزواج.
أيها القدوة المبارك:
إني على يقين أن هذه الأمور إذا طبقت وسمع الناس بها فأولاً سوف يدعون لمن فعلها وثانياً سوف يقتدون بهم وإن طال الزمان، فعلينا نحن القدوات أن ندعو الناس بأفعالنا وتصرفاتنا وتطبيقنا لأمور ديننا قبل أن ندعوهم بألسنتنا وأقوالنا...
أيها القدوة المبارك:
نريدك أن ترفع صوتك قائلاً أنا لهذه الأمور، أنا لها، وسوف توفق في الدنيا وفي القبر وتوفق في زواج بناتك وأولادك.
القسم الثالث من أسباب العنوسة(الخاصة بالأسرة):
3- قولهم هذه عادتنا تأخير زواج بناتنا -:
لقد شاع وانتشر عند بعض القبائل أو فخذ أو عائلة منها تأخير زواج بناتهم نشأ هذا شيئاً فشيئاً حتى أصبح عندهم عادة، وربما ورثوا هذه العادة السيئة عن بعض الآباء والأجداد ثم تعارف عليها الصغار والكبار والرجال والنساء حتى أصبح الأمر عندهم طبيعي ولا يسمحون بأن ابنتهم عانس أو كبيرة، وربما أنهم لم يفكروا بزواجها أصلاً إلا إذا بلغت سبعاً وعشرين سنة أو أكثر، وقد تكون هذه العائلة متعلمة ومثقفة وبعض أفرادها ملتزمين بالشريعة الإسلامية، ومع ذلك كله تجدهم مستسلمون لهذه العادة، مكتوفي الأيدي أمامها.. فينال الناس من عرضهم وهم يعلمون أو لا يعلمون وفي الحديث: "رحم الله امرئ كف الغيبة عن نفسه".
ويخشى على هؤلاء أن يكون فيهم عرق الجاهلية لتمسكهم بهذه العادة القبيحة يقول الرب - تبارك وتعالى -: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون}.
ولاشك أن من تعصب لهذه العادة وأعمى عينه وفكره عنها أنه أناني لا يعرف العدل والإنصاف... أين العدل والإنصاف من والد أو أخ إذا جاء وقت النوم ذهب إلى فراشه واستأنس مع زوجته وهذه البنت العانس المسكينة يطول عليها الليل وتطالع نجوم السماء وتتقلب على الفراش تشكو حالها إلى الله؟! العدل والإنصاف أن تجعلوا أنفسكم مكان ابنتكم العانس وتحسوا بآلامها وتحبون لها مثلما تحبونه لأنفسكم.
فتوبوا إلى الله من هذا الظلم الشنيع واطلبوا السماح والعفو من بناتكم وأخواتكم العوانس وسارعوا في تزويجهن.
وعلى الأقارب والأرحام أن يبذلوا قصارى جهدهم في مناصحة الوالد والوالدة والأخوة والأولياء في ترك هذه العادة السيئة فإنها لا تبرأ الذمة بالسكون والله يقول: {وأنذر عشيرتك الأقربين} والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه... " الحديث وقوله "الدين النصيحة... قالها ثلاثاً.. " الحديث.
ولعل الله - جل وعلا - بالنصيحة لهؤلاء أن يلطف بالجميع ولا يعجل بالعقوبة للفاعل أو الساكت عن النصيحة، وأن يعفوا عن الجميع، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
القسم الثالث من أسباب العنوسة(الخاصة بالأسرة):
4 - سوء سمعة الأسرة:
فقد يكون الوالد مشهوراً مجاهراً ببعض الجرائم والمعاصي أو قد يكون ممن يتعاطى المخدرات والمسكرات وقد يكون سكنه في السجن أكثر من سكنه في منزله أو يكون أحد الأولاد مشهوراً بذلك أو بفعل اللواط والزنا وأشد من ذلك كله أن تكون الأم تتعامل بالغدر والخيانة معروفة بالمغازلات وكثرة الخروج من المنزل لهذا الشيء أو قد تكون الأم بذيئة اللسان سيئة الطباع معروفة بسوء الأخلاق والمعاملة مع الناس فقد تتأثر بناتها لأن البنت أكثر احتكاكاً بأمها، والناس يسألون عن طباع الأم وسمعتها وأخلاقها وكيفية تربيتها لبناتها ولذلك انتشر عند الناس قولهم: "قبل أن تضمها أسأل عن أمها".
فلاشك أن هذه الأمور السابقة تؤثر في سمعة الأسرة لها ومن ثم فإن الخُطاب يحرصون على نزاهة سمعتهم فلا يقتربون من هذه الأسرة محافظة على سمعتهم.
أضرار العنوسة
إذا كان في البيت عانس أو عوانس فلابد من وجود الضرر شئنا أم أبينا، والضرر على حسب حالة الفتاة. فقد تكون ضعيفة الإيمان قليلة الحياء وقد تكون قوية الإيمان كثيرة الحياء فكلا الفتاتين السابقتين سوف ينالهما الضرر.. كيف؟!
1- الفتاة الأولى:(52/30)
ضعيفة الإيمان وقليلة الحياء فإنها سوف تكثر الخروج من المنزل متجملة وتستعرض في مشيتها كأنها تقول أنا فلانة بنت فلان والدي لم يزوجني حتى الآن أخطبوني منه... وإن كانت الفاحشة لا تخطر على بالها في البداية ولكنها مع كثرة الخروج من المنزل متجملة متعطرة ومع ضعف الإيمان وقلة الحياء قد تفتن نفسها أو تفتن غيرها... ومع مرور الأيام قد تقع في فاحشة الزنا فيكون عليها وزر هذه الفاحشة التي قرنها الله بالشرك وقد يكون على والديها وزراً أيضاً من هذا الزنا لأنهما تسببا في عنوستها وعملا بخروجها من المنزل على تلك الحالة وساكتان على ذلك.
2 الفتاة الثانية:
قوية الإيمان كثيرة الحياء. من الطبيعي أنها لن تتصرف مثل الفتاة السابقة إذا ما هو الضرر عليها؟!
نظراً لقوة إيمانها وكثرة حيائها سوف تكتم ما بقلبها من الهموم و الغموم والأضرار فهي في الصباح والمساء ترى من قريباتها أو صديقاتها من هي في سنها ومعها أربعة أطفال أو طفلين وهي حتى الآن لم تتزوج ومن الطبيعي سوف يمنعها حياؤها من الكلام بهذا الموضوع لأن البنت عندنا في السعودية لن تطلب من والدها أو تطالبه بالزواج، فقد جرت عادة النساء بذلك. فتصاب هذه المقهورة المظلومة بالعقد النفسية وبالأمراض البدنية وربما لزمت الفراش مريضة وما بيدها إلا أن ترفع أكف الضراعة إلى الله قائلة" (حسبي الله ونعم الوكيل) وربما تدعو على والدها حتى وإن قدمت له الطعام والشراب تدعو عليه سراً أو تدعوا عليه جهراً والقصص للعوانس من هذا النوع كثيرة ومنها قصة ذكرها الشيخ محمد بن عثيمين (غفر الله له وللمسلمين) وذكرها غيره من المشائخ والعلماء والقصة معناها: "ذكر أن رجلاً أخر زواج ابنته حتى بلغ عمرها سبعاً وعشرين فأصيبت البنت بالأمراض النفسية والبدنية حتى لزمت الفراش فلما قدر الله عليها الموت قالت هذه المظلومة: أين والدي؟ فجاء الوالد ثم قالت له يا والدي قل آمين فقال آمين فقالت قل آمين فقال آمين فقالت قل آمين فقال آمين قالت: حرمك الله الجنة كما حرمتني الزواج، ثم ماتت" وبعض الفتيات العوانس قالت لوالدها عند الوفاة: يا والدي إن لي ولك موقفاً عند الله ولن أسامحك فيه لأنك ما زوجتني.
ألا يخاف بعض الآباء من دعوة المظلوم وقد حذرنا منها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
نعوذ بالله من غضب الله ونعوذ به من الظلم ومن دعوات المظلومين، ونستغفر الله العظيم على مافعلنا في أنفسنا وأخطأنا فيه على أولادنا ذكوراً وإناثاً، ونسأل الله براءة الذمة في هذه الأمانات إنه سميع مجيب الدعاء.
سبحانك اللهم وبحمدك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
وصيتي للعوانس
أوصي أخواتي العوانس بعد تقوى الله - عز وجل - في السر و العلانية بأن تكثر من الدعاء وتلجأ إلى الله - عز وجل - أن يرزقها بزوج صالح تنتفع منه في الحياة وبعد الممات، كما أوصي كل عانس وكل مظلومة من العوانس أن ترفع الظلم عن نفسها فتشكي حالها بعد الله إلى قاضي المحكمة حتى يعطيها حقها الشرعي وينصفها ممن ظلمها أو يخلع ولايتها منه ولا عيب في ذلك ولا حرج لأنها تطالب في حقها وترفع الظلم عن نفسها.
وعلى العانس أن تكون على صلة بالمشائخ والعلماء هاتفياً لتسألهم وتستشيرهم في قضيتها وسوف يوجهونها إلى الأصلح والأنفع.
وعليها أيضاً أن تطلب من إمام المسجد ومن العقلاء من أقاربها أن يناصحوا والدها وإخوانها.
وعليها أيضاً أن تكون على صلة بالجمعيات الخيرية واللجان المتخصصة بتيسير الزواج، فتعطيهم أوصافها وتطلب منهم أوصاف من ترغب الزواج منه، وهم بطريقتهم السرية يرسلون الزوج إلى والدها ليخطبها منه. فهذا كله من فعل الأسباب، ولا ينبغي لها أن تسكت وتجلس مكتوفة اليدين حتى تكون فريسة للعنوسة.
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه الحمد لله أولاً وآخراً الذي وفقني لجمع ما تيسر عن هذا الموضوع وإني بأمس الحاجة إلى النقد البناء واستدراك بعض الأخطاء أو الحذف أو الإضافة لبعض النقاط أو ذكر بعض الأسباب للعنوسة أو سبل علاجها أو موقف الفتاة منها أو أضرارها أو ذكر قصص عن العوانس.
فمن أراد من الأخوة والأخوات مشاركتي في ذلك فليتفضل بها علينا مأجوراً من الله وله منا جزيل الشكر والعرفان ونحن جميعاً شركاء له الأجر والثواب.
ولعل الله - عز وجل - أن يوفقني لإخراج هذه المذكرة في كتيب يستفيد منه العامة والخاصة من الذكور والإناث داخل البلاد وخارجها إنه - سبحانه - على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وجزاكم الله خيراً
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
http://www.saaid.net المصدر :
ـــــــــــــ
من آداب الدخول والزواج
أولاً: أن يضع الزوج يده على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها: قال - صلى الله عليه وسلم -: إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بنصايتها وليسم الله - عز وجل - وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه [رواه البخاري].
ثانياً: يستحب للزوجين أن يصليا ركعتين معاً: لما روي عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في، اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير [أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
ثالثاً: ينبغي أن يقول الرجل حين يأتي أهله: ((بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)). قال - صلى الله عليه وسلم -: فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً [رواه البخاري].
رابعاً: اجتناب الأوقات والمواضع المنهي عنها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد [رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي وصححه الألباني].
خامساً: الوضوء أو الغسل قبل النوم والغسل أفضل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثة لا تقربهم الملائكة، جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ [أخرجه أبو داود وحسنة الألباني].
سادساً: النية في النكاح، ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: وفي بضع أحدكم صدقة! قالوا يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: بلى، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر [رواه مسلم.
سابعاً: تحريم نشر أسرار الاستمتاع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إن أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها. رواه مسلم.
ثامناً: استحباب الوليمة، لقوله - صلى الله عليه وسلم – لعبد الرحمن بن عوف: أولم ولو بشاة [متفق عليه].
تاسعاً وجوب إجابة الدعوة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فيأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله [رواه البخاري
عاشراً: استحباب الدعاء للمتزوجين، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تزوج الإنسان قال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير وفي رواية: في خير [قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم]. ولا يجوز التهنئة بقوله: بالرفاء والبنين(1) لأنها من تهنئة الجاهلية وقد نهى الرسول عنها.
الحادي عشر: الغناء والضرب بالدف، ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط والغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف [أخرجه النسائي والترمذي، قال الحاكم: صحيح الإسناد]،.
أي أنه يجوز للنساء فقط، بشرط الضرب بالدف فقط، ولا يكون على ألحان الأغاني الماجنة ولا كلماتها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://www.alathry.com المصدر:
ـــــــــــــ
هل نحن جيل عازف عن الزواج ؟
زينب بكر
وأنا أمسك بالريموت كنترول أقلب محطات القنوات الفضائية توقفت عند برنامج خصص إحدى حلقاته لمناقشة مشكلة "عزوف الشباب عن الزواج"..جذبني الموضوع فسمعت جداً قليلاً وغثاً كثيراً، فأحد الضيوف وصفوه بأنه فيلسوف- مضى يمجد في العزوبة؛ فالأعزب عبقري، مبدع، مفيد للبشرية، والمتزوج إنسان نمطي، ذليل، منقاد لعادات مجتمعه، ليس في قدرته أن يضيف شيئا لحركة الحياة، وبناء على هذه الرؤية العجيبة التي لا تستند إلى دليل يرى "الفيلسوف" أن شباب اليوم عازفون لأنهم أكثر نضجا وإبداعا وعبقرية!.
ورغم يقيني أن عنوان الحلقة كان خاطئا منذ البداية، لأن الشباب في حقيقة الأمر ليسوا "عازفين" عن الزواج بقدر ما هم "عاجزون" عنه، إلا أنني أريد أن أثبت هنا أن بعضا من الدراسات الاجتماعية كشفت بالفعل عن قدر من "الرهبة" يشعر بها الشباب نحو الزواج، وهذه الرهبة تعد الدرجة الأولى في سلم العزوف إن لم نقطع عليها الطريق.
أضرب مثلا هنا بدراسة أجرتها وزارة الصحة في سلطنة عمان خلال العام (2001) تحت عنوان "نحو فهم أفضل للشباب"، فماذا قالت هذه الدراسة؟.. قالت إن 45% من الشباب في عمر المراهقة يعانون من أوضاع نفسية صعبة، وعادة ما يكونون أسرى لحالات من الحزن والقلق والكآبة والإحباط، وترتفع هذه النسبة لدى الإناث، وبلغت نسبة التخوف من بناء الأسرة وتحمل مسؤولياتها 54%، كما بلغت نسبة التخوف من الجنس الآخر 48% خصوصا عند الفتيات (!!).
والواقع أن الصورة التي رسمتها هذه الدراسة للشاب المراهق العربي هي الوحدة وقلة المعرفة، فهو منكفئ على نفسه بهمومها وأشواقها، وأفراحها وأحزانها، خائف من الآخرين الذين يجهل كل شيء عنهم، فيما تخلى الكبار عن مسؤوليتهم التاريخية في تعريفه بنفسه وبالعالم والبشر من حوله، وأعتقد أن حالة التخوف من بناء الأسرة، ومن الجنس الآخر ليست إلا مظهرا من مظاهر هذا الخوف العام من الآخر والانكفاء على الذات.
هذه النتيجة تؤكدها بقية المعلومات التي قدمتها الدراسة، فعلى الرغم من أن ما يزيد على 90% من الشباب الذين تناولتهم الدراسة يزيد عمرهم على 15 عاما، إلا أن هؤلاء الشباب في هذا العمر فشلوا في التعرف على أجسامهم، فنصفهم فقط استطاع التعرف على التحولات الفسيولوجية التي تصاحب مرحلة البلوغ، وأقل من ثلثهم تعرف على بعض مظاهر البلوغ لدى الجنس الآخر، وعندما سألتهم الدراسة عن مصدر معلوماتهم في هذا المجال، كانت المفاجأة أن 48. 9% منهم يستقون معلوماتهم من الأصدقاء، وتأتي الكتب والمجلات في المرتبة الثانية، في حين يعتبر الأبوان المصدر الأخير للثقافة الجنسية لدى الشباب.
إن أول حاجز يفصل بين الشباب وبين الزواج هو ذلك الجهل المطبق بملامح الرجولة والأنوثة وواجباتهما، وقد درج الآباء والأمهات جيلا بعد جيل على ضرب سور من الكتمان حول الثقافة الجنسية، فليس مسموحا للابن أن يسأل أو يسمع أو يتطلع إلى فهم ما يدور بجسده من تحولات، وإلا فإن العقاب، ونظرات الاستهجان والإبعاد ستكون نصيبه داخل أسرته.. وربما كان لهذا النمط من التعامل مبرراته المنطقية وآثاره الوجيهة على شيوع حالة من النظافة والطهارة والعفة في المجتمع لفترة طويلة من الزمان، ولكننا في عصرنا الحاضر لا ينبغي أن نغفل أننا أمام متغيرات ما عادت تسمح لنا بالثبات عند سياسات تربوية تجاوزها الزمن، فالشاب الذي تغلق أمامه الأبواب والنوافذ في المنزل، وتغلق دونه آذان وأفواه أبويه، يجد اليوم عشرات البدائل التي توفر له ثقافة بديلة ستضمن له حسب ظني أسباب الانحراف، لأنها ستأتي متلبسة بملامح ثقافة غربية أهدرت قيمة الزواج، واستبدلت الصديقة بالزوجة، والطفل المتبنى بأطفال الدم، وعلاقة المودة والرحمة بالعلاقات التي لا تعرف إلا لون الدولار.
وإذا كنا نتحدث عن العزوف، فإنني أعود للتأكيد هنا أن القضية في الأساس ليست قضية عزوف، بقدر ما هي قضية عجز عن الزواج في ظل الترويج لثقافة استهلاكية جعلت من العروس سلعة، ومن إقامة الأسرة مشروعا اقتصاديا.
في ظل هذه الثقافة ارتفعت معدلات المهور إلى أرقام فلكية، وتزايدت الشروط حول مواصفات الشقة والأثاث والرقم الذي سيدون كمؤخر للصداق لأن هذا كله محل تفاخر ومباهاة اجتماعية، ولهذا فقد صار على زوج المستقبل أن يعمل حتى يبلغ سن الأربعين ليستطيع توفير الشقة، وأن يتورط في ديون ربما يورثها لأولاده ليوفر بقية المطالب.
ومع ارتفاع المطالب ارتفع سن زواج الرجل، وارتفع بالتالي سن الزواج للفتاة حتى أصبح طبيعيا اليوم أن تتزوج الفتيات فوق سن الثلاثين، في حين كانت العنوسة تبدأ من عمر الخامسة والعشرين وربما قبل ذلك منذ عدة سنوات.
أخطر ما في الأمر أن الارتفاع المستمر في سن الزواج المرتبط بالعجز عن الزواج يتواكب مع انخفاض مستمر في سن ممارسة الجنس في ظل انفتاح الأبواب أمام ثقافة جنسية سرية غير مرشدة ونابعة من جذور ثقافية لا يقبلها مجتمعنا.
إن قيام الأبوين بواجبهما في توفير هذه الثقافة الجنسية المضبوطة بضوابط الشرع، مع العودة إلى البساطة واليسر في إجراءات الزواج وشروطه شرطان رئيسان ليقدم الشباب على الزواج، سواء سمينا موقفهم الآن عزوفا أو عجزا.
26/08/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
تيسير زواج الشباب
الزواج من المواضيع التي يفرح بها كل شاب وشابة، وذلك لتعلقه بشؤونهم المهمة، ولما يحس به الشباب من ألم وأمل، ألمٌ نتيجة تعقيد أمر مباح كالزواج، لا بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان، وأمل بأن يُوفق في زواج سعيد، فيجد من يقف بجواره في هذه الحياة المتلاطمة الأمواج، فيحافظ على نفسه من الغرق والسقوط، ويحس بطعم الحياة الجميل، عند إشباع فطرته بالطريق السليم، إلى جانب مصالح أخرى يحققها الزواج.
فالزواج يحقق المتعة والراحة في هذه الدنيا كما جاء في التوجيه النبوي الكريم: (الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة) رواه مسلم، نعم فالصلاح شرط في المرأة حتى يسعد بها الرجل، كما أن الخلق والدين شرط في الرجل حتى تسعد به المرأة (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) رواه البيهقي والترمذي، وحسنه الألباني.
والزواج شيء رائع جميل جاءت به الرسالات السماوية، وأيدته الفطر السليمة، وحث عليه العقلاء في كل أمة، ودعا إليه العلماء والوعاظ، وشجعه الآباء والأمهات.
والزواج يجلب السرور إلى الزوجين وغيرهما، ألا ترى ذلك المشهد الرائع الجميل من قبل تلك الأمهات والآباء وهم في سعادة وفرح وبهجة قبيل الزواج وبعده، ألم تشاهد تلك المواقف الرائعة وهم يدعون الآخرين في مشاركتهم فرحهم وأنسهم.
فلماذا تعسير الأمور وتعقيد الزواج، وتحطيم السعادة وإبعاد الفرحة، ولماذا تلك العوائق التي تصد الشباب عن الزواج، من غلاء المهور، والشروط الكثيرة المعقدة، والتي لم يرد بها شرع، ولا يقرها عقل، أو تلك الأعذار التي يدسها الشيطان ويروجها أتباعه.
فهل من وسائل تعين الشباب في الزواج وتيسيره، الشباب الذي يعاني من العزوبة وشدتها، ومن الفتن وكثرتها؟
نعم هناك بعض الوسائل التي نقترحها من خلال هذا المقال، سائلين الله أن تجد استجابة وقبولا، وتشجيعاً وتفعيلا:
1- العمل على الحد من ظاهرة غلاء المهور، وتيسيرها، ومراقبة الله - عز وجل - في ذلك.
2- تقليل مطالب الزواج ونفقاته، وتسهيل إجراءات الاحتفال بالزواج وعدم المبالغة.
3- إعانة الشباب ماديا، وذلك من خلال منح مالية، أو قروض خاصة بالزواج بعيدا عن الفوائد الربوية، وذلك من قبل المؤسسات الخيرية والصناديق الخاصة وكما هو موجود في بعض بلاد المسلمين.
4- إيجاد مشاريع خيرية خاصة بالزواج، ودعمها بكل وسائل الدعم المطلوبة.
5- الاعتناء بجانب التوعية والتوجيه من خلال وسائل الإعلام المختلفة، المرئية، والمقروءة، والمسموعة.
6- جعل موسم دعوي خاص بالزواج، كأسبوع قبل الإجازة الصيفية مثلاً، يتم فيه التركيز على التوعية في أمور الزواج وأهميته وفوائده الكثيرة، وندوات خاصة بالمقبلين على الزواج، وسبل تقوية العلاقة بين الزوجين.
7- دراسة أحوال الشباب غير القادرين على الزواج، من أجل الوصول إلى الحل المناسب، وإعانتهم في هذا الجانب.
8- اعتناء مراكز البحوث والمؤسسات العلمية والأكاديمية بمشاكل الشباب، والتي منها صعوبة الزواج، وإعداد البحوث النظرية والميدانية من أجل الخروج بتوصيات مفيدة ونافعة.
9- إيجاد مكاتب استشارية خيرية، وأخرى في المحاكم الشرعية للإصلاح الاجتماعي والأسري، والتوفيق بين الطرفين للزواج، ومعالجة مسائل الخلاف، والتقليل من ظاهرة الطلاق.
10- العمل على إيجاد أوقاف خيرية ثابتة يصرف ريعها على مساعدة الشباب للزواج.
11- منع المظاهر غير الطيبة التي بدأت تنتشر في بلاد المسلمين، من التبرج والسفور، واختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج، والتحفظ من التصوير الذي نتجت منه مشكلات متعددة.
12- تفعيل مشاريع الزواج الجماعي من أجل تقليل المصاريف وإعانة المحتاجين.
13- التركيز على دور الآباء والأمهات وأهميته في تيسير الزواج، ونشر أخبار النماذج والقدوات في هذا المجال.
هذا وفي الختام نسأل الله لإخواننا الشباب، وأخواتنا الفتيات التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
12/12/2004.
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
وضع الزواج في أرض الإسلام
الزواج نعمة من نعم الله على عبادة فهو من سنن المرسلين وهو من أسباب العفة عن الفواحش المحرمة.
والزواج لغة: الارتباط والاقتران
وشرعا: تعاقد رجل وامرأة لتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم. وهو سنة مؤكدة قال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) وقال - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).
بل أوجبه بعض العلماء لمن خاف شدة الشهوة.
ومن فوائد الزواج:
غض البصر وصيانة الأعراض والأنساب.
كذلك تكوين الأسرة الصالحة.
إعفاف الزوج وصيانة عن الوقوع في الحرام.
إعفاف الزوجة وتحصيل النسل.
قضاء الوطر وتكثير الأمة.
استمرار عمارة الأرض والقيام بالجهاد وتنفيذ شرائع الله وأحكامه.
وبعض الناس جهلاً وتعمداً بهذا المقاصد الشريعة يتعمد إعاقة الزواج بأمور وهي العادات القذرة التي بقيت في المجتمعات وسببت لكثير من الأسر حرمان بناتهم من التمتع بالحياة الزوجية السعيدة التي هي منتهى آمال كل فتاة في الحياة
فتلخص في أربعة أمور وهي:
أولاً: الفخر بالأحساب يعني تعالي بعض الناس على بعض بمفاخرة آبائهم وأجدادهم واعتقادهم بأنهم أفضل من غيرهم من عباد الله والرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول: (ألا إن الله قد ذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالإباء وإنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هو فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان) ومعنى الجعلان التي تدفع بأنفها القذرة. [روه أبو داود والترمذي].
ثانياً: الطعن في الأنساب: وهو تقليل من شان بعض الفئات معينة من المجتمع بسبب عدم انتسابهم إلى قبيلة من قبائل العرب والقران الكريم جعل مقياس التفاضل فيما بين البشر الاستقامة على طاعة الله وتقواه قال - تعالى -: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم) هنا توضح أن ما دام الناس جميعاً ينتمون لأصل واحد فإن الأنساب والسلالات لا قيمة لها.
ثالثاً: ارتفاع المهور بحيث يصبح مهر الزواج بمبلغ باهظ فلا يستطيع الزوج أن يدفعها فيترك هذه الأسرة حتى تصبح ابتنهم المسكينة في سن العنوسة فلا يأتيها أحد حسبنا الله ونعم وكيل.
رابعاً: عدم تحمل الزوج مسؤولية الزواج وجهله بالأسلوب الأمثل في إدارة عش الزوجية فليتق الله الآباء في بناتهم وأبنائهم حتى لا تقع المصائب والزنا المحرم.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــ
دبلوماسية الزواج السعيد
يكاد تعبير " لا يوجد تفاهم بيننا، يكون القاسم المشترك الأعظم في وصف نسبة كبيرة من الخلافات، وهو تعبير فضفاض يحتمل أكثر من معنى وأكثر من تأويل على أنه بالنسبة لمعظم النساء فإن هذا التعبير له معنى واحد وهو: أن زوجي لا يستمع إلي إنه يتجاهل تعليقاتي..حين أتحدث إليه أشعر بأنني أتحدث إلى جدار، فكيف تجعلين هذا الجدار يصفي إليك بكل حواسه والأهم كيف تجعلين صفة الإصغاء تصبح عادة لديه؟
إن 69 بالمائة من المشكلات الزوجية كلها لا يمكن حلها إلى الأبد .. فهي مشكلات دائمة ومستمرة سببها الفروقات الأساسية في تركيبة الشخصية لكل من الزوجين. هذا ما يؤكده عالم النفس الأمريكي جون جونمان في دراسته الصادرة حديثا بعنوان: لماذا تنجح الزيجات أو تفشل، وكيف تجعل زواجك يدوم، ويدلل جوتمان على رأيه هذا بالقول أن معظم الأزواج يتحدثون ويتجادلون في الأمور والقضايا ذاتها طوال سنوات.
لكن هل هذه الإحصائية المقلقة تعني بأن أحلام الحصول على حياة زوجية سعيدة ومستقرة قد تبخرت في الهواء.
كلا: فلقد توصلت دراسة جوتمان المثيرة أيضا التي أجراها في جامعة واشنطن وشملت 130 من الأزواج إلى نتيجة إيجابية مفادها أن الطريقة التي تتعامل بها مع المشكلات ذاتها، ووفقا لدراسة جوتمان فإن تعلم التحدث إلى بعضنا البعض بحب ومودة، حتى في أكبر الموضوعات حدة، يشكل الطريقة المثلى في حل المشكلات والخلافات كما توصل جوتمان إلى أفضل مرحلة أو لحظة في الزواج الناجح تأتي حين يكون الزوج متفتحا عاطفيا فالنقطة الأساسية هنا هي مقدرته على أن يصغي إليك كزوجته ويتقبل نفوذك أو تأثيرك.
لكن ما نوع التأثير الذي نتحدث عنه هنا؟
يقول جوتمان أنه ليس ذلك التأثير الذي يأتي من طبيب معالج مختص كما أنه بالتأكيد ليس ذاك النوع الذي يصدر عن شريك حياة مسيطر ومهمين أنه التأثير الذي تألف من اقتراحات ودودة ـ ليست غذائية ـ صادرة عنك عن حب حقيقي.(52/31)
لكن هل وظيفتك كزوجة تتلخص فقط في تلمس الخلافات الزوجية ومواجهتها؟ بالطبع لا.. لكن جوتمان يشير إلى أن الإحصائيات تظهر بأنه في 80% من الحالات فإن الزوجة هي التي تحدد القضايا موضع الخلاف وأنها هي التي تبادر إلى النقاش والحوار بغية حل المشكلة كما وتقدم تسويات والنتيجة التي تؤول إليها هذه الحوارات والنقاشات تعتمد في العادة على الطريقة التي تتعاملين بها مع موضوع أو قضية إشكالية فكيف تقومين بذلك أي كيف تقنعين زوجك بأن يستمع إلى ما تقولينه.
قبل أن تخوضا نقاشا صريحا.. هادئا وعقلانيا معا يتعين عليكما أن تكونا صديقين قبل أن تكونا زوجين فبناء أساسي قائم على الود والحب والثقة الموجودة عادة بين الأصدقاء يمهد أمام إصغاء أفضل في الأوقات العصيبة وحين تقول زوجين صديقين نقصد بذلك زوجين يعرفان بعضهما حق المعرفة أو لديهما الرغبة ـ على الأقل ـ في اكتشاف كل منهما للأخر.. إليك عزيزتي بعض النقاط التي قد تضيء طريقك نحو هذه المعرفة.
خرائط حب!
إن الزوجين اللذين تجمعهما علاقة حب قوية يعرف كل منهما موقع أمال وأحلام وتطلعات شريك حياته كما يعرف الأشياء التي تخيفه أو تقلقه، ويعرف ماضي شريك حياته والأشياء التي صادفها عن بناء شخصيته أو شخصيتها.. تراه يأخذ وقتا في اكتشاف تلك الأشياء الخاصة بشريك العمر والكامنة في جزء عميق من شخصيته.. ثم يرسم خرائط دقيقة لهذه الأشياء لكي يصل من خلالها إلى الحبيب دون مشكلات تذكر فهل عزيزتي خريطة واضحة لزوجك أجيبي عن الأسئلة التالية بوضوح وأمانة إذا وجدت أنك لا تملكين إجابات على بعضها ابدئي من الآن بالبحث عن الإجابات كي تكتمل خريطة الحب.
وهي تشمل الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما هو أكثر شيء يسبب القلق لشريك حياتك حاليا؟
ما هو حلم حياة زوجك؟
من هو أكثر شخص من أقاربه لا يكن له ودا ولماذا؟
ما الذي يثير جنون زوجك وعصبيته؟
ما هي طبيعة مكان عمله؟ ومن هم أصدقاؤه هناك؟
يعرف الجميع أنه من الضروري وجود اتصال أو تواصل منتظم بين الزوجين، وهو أمر قد يبدو صعبا في ظل الزيجات العصرية التي يكون فيها الزوجان عاملين فما الحل يقترح جوتمان بأنه عليك اتباع خطته المعروفة باسم برنامج الساعات الخمس السحري الأسبوعي بحيث تجدين 20 دقيقة هنا أو 40 دقيقة هناك للتوقف واللقاء الفاعل معا فحين تفترقان من الصباح مثلا تأكدا على الأقل من شيء واحد سوف يقوم به كل منكما ذاك اليوم وفي المساء تحدث عن حدث واحد فقط على الأقل وقع بينكما.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــ
البحث عن عريس للبنت يرتطم بحاجز العادات
عبد الله الرشيد
"اخطب لابنتك ولا تخطب لابنك" مثل شائع نتداوله في مجتمعنا منذ القدم ولكن نادراً ما يترجم مثل هذا المثل على ارض الواقع إذ تحول العادات والتقاليد دون تحقيقه علماً بأن الشرع أباحه إذا كانت العادات والتقاليد قد رفضت ما أدخله الدين فلماذا لا ننحاز إلى الدين ونترك بعض العادات والتقاليد الدخيلة؟..
من خلال هذا التحقيق نقف على موقف الشرع من مثل هذا المشروع البناء ورأي العادات الاجتماعية فيه وما هي الأسباب التي تمنع الأب من خطبة فارس أحلام ابنته؟..
فضيلة الشيخ سعود بن حمد الأسعدي مساعد المدير التنفيذي لمشروع الشيخ عبد العزيز بن باز الخيري للمساعدة على الزواج تحدث عن موقف الشرع من خطبة الأب لابنته مبتدئاً بقوله - تعالى -{قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين*، قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ والله على ما تقول وكيل}.
في هذه الآية جواز عرض الأب وخطبته لمن عنده دين، وكان قد عرض هذا الرجل الصالح ابنته على موسى - عليه الصلاة والسلام - وتم النكاح في جو بسيط لما علم بأمانته وعفته وشهامته وقوته، وقد ورد في السنة النبوية وسيرة الصحابة ما يؤيد جواز هذا الأمر، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقد مات زوج ابنته حفصة: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال: أن شئت أنكحك حفصة بنت عمر، فقال سأنظر في أمري فلبث ليالي ثم لقيته، فعرضت ذلك عليه، فقال قد بدا لي أن لا أتزوج، فلقيت أبو بكر فقلت له: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت ولم يرجع إليّ شيئاً، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إليه فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت عليّ حين عرضت عليّ حفصة، فلم أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها، فلم أكن أفشي سر رسول الله ولو تركها لقبلتها" أخرجه البخاري والنسائي.
إحجام ذوي النفوس العالية
وتحدث عن أسباب رفض هذه الفكرة من الناحية الاجتماعية قائلاً: لقد أحجم ذوو النفوس العالية عن عرض بناتهم وأخواتهم على أقرب المقربين إليهم من الأهل والإخوان، ظناً بكرامتهم أن تمتهن وبناتهم أن يساء بها الظن، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: "كيف أنتم إن رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً.. "
كما أن أي أب يقدم على ذلك سيجد العيوب كلها قد ألصقت به وببناته، وسينظر الناس إليه نظرات استعلاء وكمن يعرض بضاعة كاسدة غير مرغوب بها، ولذلك وبالرغم من مشاكل العزوف عن الزواج وانتشار العنوسة تراجع معظم الآباء عن مثل هذا الأسلوب مُرغمين برغم الخير الذي فيه لهم ولبناتهم.
لجنة للتوفيق:
إن المرأة العفيفة المتدينة الخيرة التي تقتدي بأمهات المؤمنين وبالصحابيات تسعى إلى إن تكون زوجاً وأماً ناجحة، وأيهما أفضل وأعظم هل نساؤنا الآن أم حفصة بنت عمر طبعاً الجواب حفصة - رضي الله عنها -، مع هذا عرضها عمر - رضي الله عنه - للزواج.
وليعلم المجتمع بأن نسبة العوانس بلغت أكثر من مليون عانس، وأن مشروع الشيخ ابن باز يسعى لتكوين لجنة تسمى بلجنة التوفيق وتحاول هذه اللجنة التوفيق بين الراغبين والراغبات بالزواج، ونحن الآن ننتظر موافقة ولاة الأمر - حفظهم الله - على ذلك. وهذه اللجنة ستحل محل ما يدعى بالخطابين والخطابات وما يغلب على هذه المهنة من ربح مادي لأن عملية التوفيق بين اثنين لابد أن يكون تحت مظلة شرعية وجهة معروفة، فولاة الأمر في هذا الجانب لم يألوا جهداً في ذلك ويجب أن أشير إلى جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض والرئيس العام للمشروع فله جهود فعالة في الإعانة ومخاطبة رجال الأعمال، ونحن نحتاج إلى أفكار معينة من المشايخ والأطباء في علم النفس والمختصين في علم الاجتماع لأن تقوم بدور فعال لمعالجة المشاكل الأسرية.
المكاتب لابد أن تخضع لإشراف:
وحول ظاهرة المكاتب التي تقوم بالتوفيق بين الراغبين بالزواج والراغبات علق عليها بقوله: لابد أن يكون هناك جهة رسمية تتبنى هذا الجانب مصرح لها رسمياً من الجهات الحكومية مدعومة من هيئة كبار العلماء وبعض مشايخنا الأجلاء، لا يعمل في هذه الجهة إلا أصحاب العلم والثقة ويقترح أن يعمل في هذا الجانب من كان متزوجاً، ومشروع الشيخ عبد العزيز بن باز أحد هذه المشاريع التي أثمرت جهوده بفضل الله ثم بفضل الرئيس العام للمشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وبجهود العاملين في المشروع وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز المسعود المدير التنفيذي للمشروع.
وعن كيفية تشجيع فكرة الخطبة للبنت وتغيير المفهوم الخاطىء لرفضها قال:
تشهد الآن مجتمعاتنا وعياً فكرياً ودينياً وبدأ الناس في البحث عن الحلول التأصيلية بعد عجز الأفكار والمناهج المستوردة والملفقة، ويمكننا الآن العودة والدعوة لإحياء مثل هذه الفكرة من خلال مشاريع الزواج الخيرية والمنابر الدعوية والمساجد والندوات خصوصاً بعد تفشي ظاهرة العزوف عن الزواج وانتشار العنوسة بشكل كبير جداً مما جعل الأسر مستعدة لقبول مثل هذه الحلول.
ما حق ابنتي عليّ وما المانع أن اخطب لابنتي خصوصاً من كان عنده ثلاث بنات أو ست أو حتى واحدة، أن الخيرية أن تجد لها زوجا صالحا وأن تعين على تقليل المهر وتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "أكثرهن بركة أيسرهن مؤنة" وخصوصاً بعد تفشي ظاهرة العنوسة بشكل كبير جداً.
أسس واجبة في الزواج:
ويقول حول الأسس الواجب مراعاتها في موضوع الزواج..
- الزواج هو الخلية الأساسية لتكوين المجتمع ولهذا يجب التثبت من خلوها من الأمراض فمرض الخلية يعني مرض المجتمع وخلوها لا يحدث إلا إذا كان الزواج يحدث في إطار من القيم الإسلامية مثل التدين والالتزام الإخلاقي والتكافؤ بين الطرفين من الناحية العمرية والفكرية والاجتماعية والنفسية، كما يجب على الأسر أن تمارس دورها الهام والأساسي والتعريف بين المتزوجين وعلى الآباء رعاية هذا الدور حتى لا يكون دور الأمهات والأخوات مقتصراً على الاحتفال بالزواج وإنما دور المشاركين في صنع هذه الأسر، كما يجب إعادة الدور الاجتماعي للمساجد في بث الوعي وحل الخلافات ورعاية الأسر حتى لا تكون المحاكم هي أول الخطوات، كما على وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الاجتماعية العمل على زيادة الوعي لدى الأبناء والأمهات والعمل على إزالة ما علق من موروثات وتقاليد بالية هدامة تزيد من معاناة الشباب وزيادة معدل العنوسة وتسارع بالخطى نحو الطلاق.
محاولة الحجاب يائسة:
كان لمجموعة من الفتيات آراء مختلفة حول موضوع "خطبة الأب لبنته" وقد استطاعت (الرياض) من خلال استبيان أجرته أن تحصل على عدد من التساؤلات التي عكست رؤية الفتيات
في البداية تقول الدكتورة سحر الخشرمي أستاذة مساعدة بجامعة الملك سعود قد تكون هذه المحاولة من الأب نظراً لإعجابه بشخصية معينة ويتمنى أن تكون من نصيب ابنته، وقد تكون محاولة يائسة من أب أقلقه تأخر زواج ابنته وفي كلا الحالتين فإن مجتمعنا العربي لم يعد ينظر لهذه الطرق في اختيار شريك الحياة بمنظار ايجابي، بل أصبحت التفسيرات دائماً تميل إلى السلبية وتدخل الفتاة في مواقف محرجة خاصة إذا ما رفض الزوج أو حتى تزوج بالفتاة واخذ يذكرها في كل حين بأن والدها الذي خطبه لها وليس العكس، وبالتالي تكون النتيجة قاسية على الفتاة.
مخالفة لما اعتاد عليه الناس:
* وهو ما تشاركها فيه لينا بقولها: لا أؤيد أن يقوم الأب بالخطبة لابنته لأنه مخالف لما اعتاد الناس عليه في موضوع الزواج ومن سلبيات هذه الخطبة ما يلي:
لا يعني الأب أن يصيب في اختياره الزوج المناسب الذي يتحلى بالدين والخلق فقد يختاره الأب لاعتبارات أخرى مثل: المنصب والمال أو أي سبب آخر.
كما أن مبادرة الأب وحرصه لابنته قد لا تجد التفهم وبالتالي القبول من قبل العريس وأهله وتفسر من قبلهم بوجود علة ما في الفتاة اجبرها والدها على تزويجها بهذه الطريقة.
وتضيف قائلة: قد يتم الزواج ولكن يظل هناك ما يعكر حياتهم الزوجية ويقل احترام الزوج لزوجته وتذكيرها الدائم بطريقة زواجها وأنها جاءته هدية ولم يسع لزواجها وهذه هي النظرة السائدة لدى الشباب. أما رأيي إذا حدث لي هذا الموقف فإني أرفضه شكلا وموضوعاً حفاظاً على كرامتي وكبريائي..
حدثت مراراً من أعلام بارزين:
مها كانت مؤيدة لهذه الخطبة: "كما هو معروف لدينا أنه نحن كمسلمين نرجع في جميع أمورنا إلى الشرع وموضوع خطبة الأب لابنته أو خطبتها هي لنفسها حدث ولمرات عديدة في التاريخ الإسلامي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع صحابته إذا من الناحية الشرعية هو مباح ولا جدال في ذلك، أما بالنسبة لنظرة المجتمع السائدة في هذا الأمر هو الاستهجان والتردد في قبول ذلك لأننا اعتدنا أن الرجل هو من يختار والفتاة هي من يقع عليها الاختيار فإما أن توافق أو ترفض، أما رأيي الشخصي، فأقول أنه لا مانع من ذلك ما دامت الأمور تسير وفق الشريعة بما يحفظ للفتاة عزتها وكرامتها على أن يتم الأمر بصورة راقية غير مبتذلة، واذكر حادثة مشابهة في الجامعة إذ أن فتاة ذات خلق ودين وجمال خطبت لنفسها شابا بنفس المواصفات وكلاهما كان يدرس في كلية الشريعة وهما الآن متزوجان وعلى وفاق تام ولله الحمد، فمن رأى في شاب مسلم الدين المستقيم والخلق الحسن بما يؤهله أن يكون زوجاً صالحاً لابنته يصونها ويعاملها معاملة طيبة، دون أن يكون هناك أهداف تخدم مصلحة الوالد فلا أرى مانعاً من خطبة الأب لابنته.
أسلوب يحل بعض المشاكل:
أما سارة فتحدثت عن هذا الموضوع بذكرها للجوانب الايجابية والسلبية قائلة: هذا الموضوع جداً مهم وحساس حيث إنه يمس فئة من المجتمع وهي الفتاة، واعتقد عندما ننظر إلى هذا الموضوع يجب أن نذكر جوانبه الايجابية والسلبية، واعتقد أن خطبة الأب لابنته يحل بعضا من المشاكل الأساسية وهي: العنوسة، لا تكون الخطبة إلا بمعرفة الأب المسبقة للشاب ومعرفة سلوكياته وبالتالي يكون الأب واثقاً من الشاب الذي سوف يعطيه ابنته.
ومن ايجابيات هذه الخطبة القضاء على مشكلة زواج الشاب من أجنبيات.
أما الجوانب السلبية لهذه الخطبة فهي: موقف الفتاة من الشاب في حالة أنه قام بمعايرتها بأن أسرتها هي التي سعت إليه وليس هو من سعى إليها وبالتالي يكون موقفها سيئا جداً.
وختمت حديثها قائلة: بأن هذا الموضوع يحتاج إلى شرح ونظرة جادة من جميع من يتعلق بهم الموضوع من الأب والفتاة والشاب والمجتمع.
حل جذري لكثير من المشاكل:
وأخيراً تقول شقراء: خطبة الأب لابنته فكرة صائبة وحل جذري لكثير من المشاكل التي تواجه الفتاة في العصر الراهن فهي حل لظاهرة العنوسة والطلاق التي بدأت تتفشى بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة في مجتمعنا ولكن يجب أن تكون خطبة الأب لابنته تحت ضوابط معينة كأن تكون خطبة الأب على سبيل التلميح لا التصريح وأيضاً أن يكون الشاب متفهما لهذه الفكرة أو هذا الموقف فلا يعتقد مثلاً أن هذه الخطبة لعيب في المرأة أو شيء من هذا القبيل. أما رأيي الشخصي إذا حدث لي هذا الموقف فكما قلت مسبقاً يجب أن تكون تحت ضوابط معينة ورغم ذلك فهناك صعوبات كبيرة تواجه خطبة الأب لابنته أهمها: نظرة المجتمع السطحية تحت مبدأ كرامة المرأة، يقف عائقا كبيرا أمام هذه الفكرة وكذلك أتمنى أن يكون هذا الموضوع محور اهتمام علماء الاجتماع وعلماء الدين والمهتمين في هذا المجال.
هل يقدرها الشباب؟
بعدها كان لنا لقاء مع أحد الشباب وهو عبد الله الحماد الذي طرحنا له سؤال ما هو موقفك إذا ما عرض عليك أحد الآباء ابنته للزواج؟
يجيب الحماد بأنه في هذا الزمان تغيرت الكثير من العادات إلا أن يعرض الأب ابنته للزواج مازالت مترسبة في أذهان الكثير من الشباب أن هناك خللا في الفتاة أما من وجهة نظري الشخصية فإنني أحترم أي أب يُقدم على هذا الفعل وهو دليل على أن الأب يبحث عن مصلحة بنته وخصوصاً في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وأصبحت تشاهد في كل منزل مجموعة ليست بالقليلة من الشباب.
ويذكر الحماد أحد المواقف لأحد الآباء الذي عرض ابنته للزواج وبعد سنوات عديدة وانجاب العديد من الأطفال حدث خلاف بسيط بينهما فأخبرها بأن لها الشرف أن تتزوجه وذلك لأن والدها قد عرضها عليه فحدث الطلاق.
ويدعو الدكتور سليمان العقيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود إلى الحوار بين الأب وابنته أولاً وأن يخبرها عن إعجابه بالشاب الذي يرغب في مصارحته والرجل حينما يعرض ابنته على من يتوسم فيه الخير والقدرة والقوة ليكون زوجاً أميناً على ابنته واليوم وفي الظروف الاقتصادية والتداخل السكاني والتمازج والتنوع البشري في مجتمعاتنا حيث من الصعوبة إيجاد أو البحث عن الزوج المناسب وأن انتظاره قد يكلف الكثير فإنني أرى أنه لا غضاضة في أن يبحث الرجل عن زوج لابنته بل وإنني أرى أن ذلك من أفضل الأعمال لأن نسب الطلاق تبدو كبيرة والعنوسة شبح يخيم على كل فتاة وأسرة.
وفي اعتقادي أن لدنيا عادات وتقاليد تحتاج إلى مراجعة وتحتاج إلى حذف وإيجاد البديل. وأن يخبرها عن إعجابه بالشاب الذي يرغب في مصارحته والرجل حينما يعرض البنت.
http://www.wahaweb.com المصدر:
ـــــــــــــ
زوجي العزيز : لا تكثر من العتاب
محمد حسين
أوصى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أحد بنيه : إيّاك و كثرة العَتب فإنه يورّث البغضاء.
أخي الزوج الكريم خذ من علماء أهل بيت النبوة هذه النصيحة و الوصية الغالية لأن العتاب يضطر المُعاتب إلى التبرير و الكذب غالباً للخروج مما يعاتب عليه، ويفتح باب اللجج و الخصومة، ويجدد مشاعر تكون قد نُسيت، فيُعيد ذلك نفس الأسباب التي أفضت إلى ما يعاتب فيه.
وما أكثر ما يمر بكل واحد منا من مواقف أدى العتاب فيها إلى أمور أشنع مما بدأ العتاب فيه.
ولعل ما يخطر في البال هو:
أننا نعاتب حتى يعرف المخطىء خطئه فيجتنبه فيكون العتاب فيه فائدة.
ولكن أننا نُعاتب لعدم رضانا بما وقع في الغالب، و إذا كنا نرغب في هذه الفائدة، فالأفضل تحين الوقت و طرح الموضوع في شكل آخر غير العتاب، كحكاية قصة أو واقعة فيها نفس المعنى و الغرض وفي جو و أسلوب من المرح و الصفاء لتجنب ما تكرهه النفوس.
وأقول لك مع القائل:
خُذ من خليلك ما صفا *** وذر الذي فيه الكدر
فالعمر أقصر من معاتبة *** الخليل على الغِيَر
وأقول أيضاً و أذكر مع القائل :
وما الحب إلا طاعة وتجاوز *** إن أكثروا أوصافه و المعانيا
بل أدعوك إن ظنت زوجتك أنك تحمل من عتابها هي لك أن تخبرها بقولك:
ومحوت كل لبانة من خاطري *** ونسيت كل تعاتب و تشاكي
لا أمس من عمر الزمان و لا غد *** جُمع الزمان فكان يوم رضاكِ
أخي العزيز : إذا كان لابد من العتاب فلا تعاتب أمام الغير و خاصة الأولاد، فإن العتاب ما كان في خلوة، و التوبيخ ما كان بين الناس.
و لا تطلع أحدا على عيب زوجتك و ما كان منها، فإن ذلك ليس من المروءة، وغالبا ما يندم عليه من يفعله.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
هل تتقن فن النظرة ؟!
منير فرحان
إن بعض الأحاسيس والمشاعر الدافئة..لا تبوح بها عبارات الحب مهما تنمّقت ولا يشعر الآخرون بدفئها وحنوّها وحنانها حتى لو أن الأجساد تعانقت!!
وحين تعجز العبارة..عن التعبير..
ويقف الجسد حائراً عن التبرير..
تبرق العينان بنظرات الحنو والدفئ..
لتختصر قائمة من عبارات الحب..
وتختزل سنين من العمر ربما تطول..
عيناك قد دلتا عينيّ منك على *** أشياء لولاهما ما كنت أدريها!!
إن لغة العيون بين المحبين..
مرآة القلب..
قصيرة الوقت..
سريعة الوصول..
بليغة الأثر.. !
فنٌ ومهاراة!!
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت *** عينيّ في لغة الهوى عيناك
ولأهمية هذه اللغة بين الزوجين خاصّة جاءت بعض الآثار التي تعمّق أثر هذه اللغة في النفس:
فمن تلك الآثار :
- الأمر بالنظر إلى المخطوبة قبل الزواج لأن هذه النظرة سبب من اسباب الألفة والموجة والاتفاق.
قال - صلى الله عليه وسلم - : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "
- أن الزوجة التي تشبع نظر زوجها هي خير ما يكنز المرء :
" ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء : المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته"
- تبادل النظرات بين الزوجين من أسباب تنزّل الرحمات :
" إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله إليهما نظرة رحمة، فإذا اخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما "!
فما أعجب هذه اللغة..
وما أبدع هذا الدين الذي أرشد إلى تعميق التخاطب بهذه اللغة بين الزوجين خاصة.
تؤكد دراسات علمية متعددة أن المحبين عادة ينظرون إلي عيون بعضهم أثناء الحديث، ولا ينظرون إلي أنوفهم أو شفاههم أو ألسنتهم.
ويكمن سر وروعة جمال العيون في اتساع الحدقة، وتأثير ذلك على عيني الشريك الآخر. !!
يقول الدكتور اكهاردهش: إن الإنسان لا يستطيع إرادياً التحكم في حركة حدقة عينيه، ولكنه يمكن إثارتهما لأجل الاتساع، فمن المعروف أن الإنسان عندما يرى مناظر جميلة ومريحة ولطيفة كالمروج الخضراء والزهور، ووجه الحبيب، تتسع حدقتا عينيه بشكل لا إرادي.
وحتى نتعلّم السحر الحلال بلغة العيون:
- لينظر كل منكما إلى عين الآخر في هدوء.
- أدم نظرك إلى مواطن الجمال في زوجتك (أنفها - خدّيها - شعرها - حبة الخال فيها - الغمّأزتين... )!!
- اجعل كل حواسك تشاركك التعبير عن دفء نظرتك (شفتيك - حركة رأسك - تنهيدك
- كلماتك الدافئة.. )
- أغمض عينيك في هدوء ثم افتحهما في هدوء فإن ذلك يمنحك خيالاً واسعاً ويزيدك هدوءاً ويعطي شريكتك فرصة للتوازن وترتيب مشاعرها.
- لا تكن قلقاً في نظراتك، تكثر الرمش بسرعة فإن ذلك يشعر شريكتك بالاضطراب
ويخفي جمال لغة عينيك.
- حين تخاطبك زوجتك امنحها عينيك متفاعلاً مع حديثها وخطابها، لأن تصريف بصرك هنا وهناك أو الانشغال بالكتاب أو الجهاز عن النظر إليها أثناء حديثها يشعرها باللامبالاة، وينسف جسور التفاهم بينكما ولا يشجعها على الاستمرار في حديثها!!
- أبعد عن عينيك كل ما يحجز كمال التخاطب بينكما من نظارة أو غيرها!!
وكما أن للعين أثراً في التعبير عن دفء الحب..
فإن لها أثراً في النهي والزجر..
لكنه أثرٌ لا يحدث شرخاً في النفوس..
ولا يباعد بين القلوب..
بل يزيدها ألفة ومودّة ورحمة..
ولقد كانت عائشة - رضي الله عنها - تقول : كنت أعرف ما يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أثر وجهه!!
إن لغة العيون بين المحبين:
- من أعظم وسائل الإشباع العاطفي بين الزوجين.
- تزرع الثقة في النفس.
- تزيد الحب والألفة.
- تُشعر بالاحترام والتقدير.
- تُّذيب كثيراً من الجليد المتراكم في الحياة الزوجية!!
فيا أيها الزوج..
ويا أيتها الزوجة..
هل تتقنان فن النظرة؟!
* إليكِ:
أغار عليك من عيني ومني *** ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني *** إلى يوم القيامة ما كفاني
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
ما قبل الزواج وفترة الحمل الأسري
م.عبد اللطيف البريجاوي
الأسرة تولد كما يولد الطفل، وفترة الحمل بهذا المولود الجديد قد تطول أو تقصر حسب الظروف والإمكانيات، وبمقدار الاهتمام بهذا الجنين المرتقب، وتغذيته الغذاء السليم، وتوعية أبويه بالأمراض التي تفتك به قبل وبعد الولادة، وإعطاء والدته اللقاحات المناسبة، تكون صحة هذا المولود الجديد.
ومن هذا المنطلق فإن صحة الأسرة أو مرضها تتضح معالمه في فترة الحمل الأسري
((52/32)
فترة ما قبل الزواج)، و تتشكل الصورة المبدئية لها، حيث تخلق التصورات المختلفة، وتتضح المعالم، ويرى كل واحد من الخاطبين الآخر من منظوره، فيعقد عليه الأمل، أو يحكم على علاقته بالفشل.
" والخطبة هي وعد بالزواج "* والزواج هو أهم شراكة يعقدها الإنسان في حياته، وبمقدار ما تكون الثقة والوضوح بين أطراف هذه الشراكة يكون التوفيق والاستقرار والسعادة، وبمقدار ما يكون التحايل والخداع بين هذه الأطراف يكون الفشل والإحباط واليأس،
وهذا مأخوذ من حديث رواه أبو داود عن أبي هريرة رفعه قال (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -): " إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما "
فما أجمل تلك الشركة الزوجية التي يكون الله - سبحانه - شريكا فيها!!
وما أتعس تلك الأسرة التي يخرج الله - سبحانه وتعالى- بلطفه ورحمته منها!!!
وفترة الحمل الأسري فترة مشحونة بالعاطفة اللاهبة، المشوبة بالحذر الخادع، والتلون الجاذب، والأحلام الوردية، والعيشة الهنية، والليال المخملية، حيث يحاول الأطراف المختلفة من خاطب ومخطوبة وذويهما إظهار المحاسن الفاتنة، وإخفاء المساوئ القاتلة، وتذليل الصعاب الجمة، والعوائق المختلفة بطريقة سطحية بسيطة، وتنساق الأطراف وراء هذه العواطف الغبية، حتى ينتهي الأمر وتولد الأسرة وعند ذلك تصطدم بصخرة الواقع، وصعوبة العيش، وتتضح الأكاذيب، فتتبلد العاطفة، وتظهر الألوان، وتتبخر الأحلام، وتصبح الحياة جحيما لا يطاق، فيحصل الشقاق وقد يقع الطلاق.
إن التصرفات الخاطئة لمختلف الأطراف في هذه الفترة التي أسميناه فترة الحمل الأسري هي التي تؤدي غالبا إلى إجهاض هذه الأسرة قبل ولادتها، أو ولادتها ولادة مشوهة، وتصبح بذلك الأسرة عالة على المجتمع بدلا من أن تكون دعامة قوية له ولبنة صالحة فيه
لذلك كان لابد من ضوابط لهذه الفترة، حتى يكون هذا الحمل سليما معافى وحتى لا تولد الأسرة بحالة مشوهة
والضوابط لهذه الفترة هي الضوابط العامة للمسلمين مع بعض الخصوصية في بعض المواقف ومن هذه الضوابط:
1- حسن النظر والاختيار (نظر الخاطب لخطيبته والخطيبة لخطيبها): حيث تكون هذه الرؤية بمثابة المفتاح للقلوب بين الطرفين، وسببا في تحصيل الوفاق بينهما، وتمهيدا لحياة ملؤها المودة والحنان ولهذا وجه النبي - عليه السلام - في الحديث الذي رواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " قال أبو عيسى هذا حديث حسن
" (أن يؤدم بينكما) أن يؤلف ويوفق بينكما، أي يوقع الأدم بينكما يعني يكون بينكما الألفة والمحبة،.. إذا تزوجها بعد معرفة فلا يكون بعدها غالبا ندامة " **
قال النووي في شرح مسلم: فيه استحباب النظر إلى من يريد تزوجها.
ويجب ألا يفهم من كلمة " انظر إليها " فقط مجرد النظر الحسي والجسدي، فكلمة " انظر " لها مدلولاتها العديدة من النظر في أخلاقها وأصدقائها وطريقة تفكيرها ونظرتها للحياة وغير ذلك من الأمور المهمة لبناء الأسرة وهذا مأخوذ من الحديث " فاظفر بذات الدين تربت يداك " البخاري عن أبي هريرة، ومن هنا تأتي أهمية النظر في مختلف جوانب الفتاة فالذي يريد أن يتزوج لا بد أن ينظر بصفات الفتاة ليستخلص ذات الدين.
وما يطبق على المخطوبة يطبق على الخاطب حيث النظر الحسي للمخطوبة حق من حقوقها بالإضافة للنظر العام في أحواله وافكاره ومبادئه وتتطلعاته وأهدافه وهذا أيضا مأخوذ من حديث " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " الترمذي عن أبي هريرة والنظر هنا للفتاة وذويها في دين الخاطب وخلقه.
2- لا مجاملة في الاختيار: من أخطر ما يصيب الأسرة هو المجاملة في الاختيار، حيث تكون الفتاة غير راغبة أو يكون الزوج غير راغب فيحرج أو تحرج لأسباب متعددة ويحصل الزواج وتولد الأسرة مشوهة وتبدأ المعاناة. وقد أكد النبي - عليه السلام - مبدأ عدم المجاملة في الإختيار الزوجي مهما كانت الأسباب فقد روى البخاري عن سهل بن سعد قال أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فقالت إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ما لي في النساء من حاجة " والنبي معروف أنه لا يرد أحدا، وهو الكريم والرؤوف والرحيم لكنه مع ذلك رفض تلك المرأة ولم يجاملها ويقبلها، فأمر الاختيار في الزواج لا يحتاج إلى مجاملة أو تورية إنما يحتاج إلى بت وقطع.
3 الوضوح: إن من أهم الصفات العامة للمسلم هي صفة الوضوح، وتجنب الغموض، والابتعاد عن الضبابية والتلون الزائف، في كل مجالات الحياة ومعاملاتها ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بتأسيس الشراكة الزوجية.
إن كثيرا من الناس يجعل هذه الفترة فترة" (الكذب فيها مباح)، فيبدأ يرسم على صفحات الماء لوحات فنية من السعادة، ويطلق العنان للسانه أن يقول ما يشاء، ويحمل نفسه أعباء هو في غنى عنها، ويشوه حقيقته المادية بومضات من كبد الخيال، ويلون تصرفاته السيئة بألوان زاهية من الرقي والالتزام والمحبة، وفي الطرف الآخر تتكلم الفتاة عن نفسها وهي في أغلب الأحيان تتكلم عن امرأة من صنع الخيال، فيلتبس الأمر على الطرفين فيصطدمان في أول ليلة بواقع مرير وكأن كل واحد قد تزوج خيال الآخر.
إن أخطر ما يصيب الحياة الزوجية بعد الزواج ذلك الغموض الذي يكرسه أحد الطرفين أو كلاهما، فتتحول تلك الكلمات التي ذكرت في فترة الخطبة إلى معوقات حقيقية للحياة الزوجية، وما أبشع أن يكتشف الإنسان أنه قد خدع وأنه بنى حياته على غموض وضبابية.
4 - عدم إطلاق الوعود الخادعة:
وثمة أمر آخر يجهض كل الضوابط التي وضعها الإسلام لتحصين هذا الحمل الأسري هو إطلاق الوعود الكاذبة والخادعة، حيث يبدأ الخاطب ببناء أحلام من طين، و يعد بما ليس بمقدوره تحقيقه، وتقابله الفتاة بوعود مخملية، وحياة بألوان زهية، فإذا حصل الوصال بينهما إذا بهما في خضم الحياة قد اكتشف كل واحد كذب الآخر، وعدم وفائه بعده، ويذكر كل طرف الآخر بوعوده الكاذبة، فتقع الجفوة، وتتكدر الحياة، وتنعدم الثقة، لذلك فإن الإسراف في الوعود قبل الزواج تشكل عبئا على الإنسان وخاصة إذا كانت الوعود غير قابلة للولادة.
5 - تبيان المنهج العام للأسرة القادمة: غالبا ما ينسى الطرفان إنهما مقدمان على بناء شراكة مهمة وخاصة في خضم العواطف الجياشة التي تلف حالة الخطبة، لكن هذه العواطف يجب ألا تنسي الطرفين أن يوضحا معالم الأسرة التي يريدون وكيفية بنائها ومعالمها وطرق حل المشاكل فيها، وتبيان ما يحب وما يكره كل طرف.
إن عرض مثل هذه الأمور في مرحلة الخطبة بين الطرفين تفتح آفاقهما للحوار وهي محاولة لفهم الآخر وتصرفاته وتبيان حقوقه وواجباته.
إن فترة الحمل الأسري من أهم فترات حياة الأسرة، فالاعتناء به، وضبطه بالضوابط اللازمة من أهم ما ينبغي معرفته وبيانه ليسهم هذا الأمر في بناء وولادة أسرة متكاملة متماسكة بإذن الله - تعالى -
والحمد لله رب العالمين
-------
* عبد الرحمن الصابوني الأحوال الشخصية
* * تحفة الأحوذي شرح الترمذي
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــ
الوفاء الزوجي
أ - جاسم المطوع
وقد استخراجنا هذا المفهوم من هذه المواقف:
الأول: في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذبح الشاة قال : (أرسلوها إلى أصدقاء خديجة) فذكرت له يوما ًفقال : (إني لأحب حبيبها).
الثاني: روت عائشة - رضي الله عنها - : قالت جاءت عجوز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عندي فقال لها رسول الله : (من أنت)؟
قالت : أنا جثامة المزنية.
فقال : بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم، كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟
قالت : بخير، بابي أنت وأمي يا رسول الله.
فلما خرجت، قلت : يا رسول الله، تقبل على العجوز هذا الإقبال؟
قال : إنها كانت تأتينا من زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان.
الثالث : قالت عائشة : استأذنت (هالة بن خويلد) أخت خديجة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرف استئذان خديجة وتذكره، فارتاع فقال (اللهم هالة بنت خويلد)، قالت (أي عائشة) فَغِرْتُ. فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيراً منها) وحمراء الشدقين : أي سقطت أسنانها وبقيت حمرة اللثة.
عن هذه المواقف ترشدنا إلى أهمية خلق الوفاء في العلاقة الزوجية وأهميته كذلك في العلاقات الاجتماعية، وقد علمنا حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - كيف نكون أوفياء مع زوجاتنا وفي علاقتنا، فالوفاء إنما سمي بالوفاء، لما فيه من بلوغ تمام الكمال، وقد أمر الله - تعالى -به فقال {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} الإسراء /24. كما وصف ربنا - تبارك وتعالى - إبراهيم عليه بهذا الخلق في سورة النجم الآية 37 فقال : {وإبراهيم الذي وفى}. فهو إذن خلق الأنبياء في الصدق في الكلام والصدق في المشاعر والصدق في الأفعال، ولهذا قال الشاعر عن الأوفياء:
إذا قلت في شئ (نعم) فأتمه *** فإن (نعم) دين على الحر واجب
وإلا فقل (لا) تسترح وترح بها *** لئلا يقول الناس : إنك كاذب
فالوفاء بين الزوجين من دعائم استقرار البيوت وسعادتها، ويتحقق الوفاء في حال حياة الزوجين وحتى بعد وفاة أحدهما، ولكن في زماننا يعتبر الوفاء عملة نادرة في العلاقات الإنسانية.
أ- مظاهر الوفاء الزوجي وعلاماته:
لقد أعجبني ما ذكره أبو مريم في الوفاء الزوجي في كتابه (حق المرأة على زوجها)
وقد ذكر فيه سبع علامات تدل على وفاء الزوج لزوجته وهى:
1. دفع ما يوجه للزوجة من نقد يرى الزوج أنه لا مبرر للسكوت عليه، والتماس المعاذير ما أمكن، وهذا الدفاع يعظم قدره إذا كان في غيبتها، ومن أمثلة ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - دفاعه عن زوجته السيدة صفية - رضي الله عنها -.
2. عدم تطليق الزوجة بغير سبب معقول، ككبر سنها، أو مرضها، أو فقرها، أو تغير مركزه الاجتماعي، فليس من الوفاء أن تقطف زهرتها، ثم تتركها، وفى معنى الطلاق تغير معاملته لها على خلاف، أو التقدير للزوجة إلى ما بعد موتها.
3. امتداد الحب، أو التقدير للزوجة إلى ما بعد موتها.
4. إكرام صديقات الزوجة.
5. صلة رحم الزوجة وإكرام أقاربها.
6. الثناء على الزوجة والدعاء والاستغفار لها.
7. إنقاذ وصيتها بعد وفاتها : ولا شك في أن ما ذكرنا من وفاء الزوج لزوجته ينطبق كذلك على وفاء الزوجة لزوجها، بالإضافة إلى حفظ أسرار كل واحد منهما للآخر وحسن تربية الأبناء، وحفظ ممتلكات الآخر أثناء وجوده وعند غيابه، كل ذلك من الوفاء الزوجي.
فمن هدى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - نتعلم وسائل الوفاء الزوجي وكذلك الوفاء الوالدي، كما ذكر ابن عباس - رضي الله عنه - أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : عن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، فأحج عنها؟
قال : نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيتيه؟
اقضوا لله، فالله أحق بالوفاء.
فهذه علامة من علامات الوفاء الوالدي بعد وفاتهما. وأما علامات الوفاء الزوجي فأحببت أن أؤكد على علامتين أرى أنهما في هذا الزمان الذي نعيش فيه مهمتان لغاية،وهما:
1. امتداد الحب والتعبير عنه بين الطرفين.
2. عدم التطليق من الرجل وعدم طلب الطلاق من المرأة من غير سبب.
ب هل الوفاء.. عدم الزواج بعد الوفاة؟
إنه سؤال خطير ومهم.. وهنالك مفهوم شائع بين الناس بأن الزوجة إذا توفيت ولم يتزوج زوجها بعدها فإن هذا من الوفاء، وكذلك الأمر بأن لا تتزوج بعد زوجها وفاء له.
وهذه مفاهيم غير صحيحة، وليس لها أصل في الدين والشرع، بل إن الدين يقر عكس ذلك، وهدي الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والصالحين يبين لنا أنه ليس من معاني الوفاء عدم الزواج بعد وفاة الزوج، فقد تزوج الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - من خديجة - رضي الله عنها -، وكانت من قبله متزوجة من اثنين وتزوج من غيرها كذلك أم سلمة وأخريات كن متزوجات من قبله، وزوج ابنته الثانية (أم كلثوم) لعثمان - رضي الله عنها - بعد وفاة ابنته الأولى (رقية) - رضي الله عنها -.
وتزوج الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - بسودة وعائشة - رضي الله عنها -، ولم يفت على وفاة خديجة شهر واحد، وتزوج على بن أبي طالب - رضي الله عنه - بعد وفاة فاطمة - رضي الله عنها - بسبع ليال.
فالزواج بعد وفاة أحد الزوجين ليس له علاقة بالوفاء، وأما لو أحب زوج أو زوجة أن لا يتزوجا بعد وفاة الطرف الآخر، فهذا قرار خاص بهما، ولكنه غير ملزم للآخرين.
وأما ما يشاع في أدبنا من قصص الوفاء بعدم زواج الزوجة بعد وفاة زوجها، فغير صحيح من حيث المعنى وليس الرواية فقد (خرج سليمان بن عبد الملك يرافقه يزيد بن المهلب إلى إحدى مقابر الشام، فإذا بامرأة جميلة تبكي، فنظر إليها سليمان معجباً بحسنها، فقال لها يزيد :
يا أمة الله هل لك في أمير المؤمنين؟
فنظرت إليهما ثم نظرت إلى القبر وقالت :
فإن تسألاني عن هواي فإنه *** بحر ماء هذا القبر يا فتيان
وإني لأستحييه والتراب بيننا ***كما كنت استحييه وهو يراني
فكلما ذكرنا فإن مثل هذه القصص قد تذكر وتتخذ الزوجة قراراً في نفسها بأن لا تتزوج بعد وفاة زوجها حباً له، وتصرفها صحيح، لكن الذي نريده أن لا ينسب تصرفها إلى عدم الوفاء فيما لو تزوجت ثانية، وأن توصم بأنها خائنة العهد.
ج وفاء فاطمة لزوجها:
من منا لا يعرف فاطمة زوجة الخليفة الخامس عمر بن العزيز - رحمه الله -.
فاطمة هي بنت الخليفة وزوجة الخليفة، وأخت لأربعة خلفاء، حتى قال فيها أحد الشعراء:
بنت الخليفة والخليفة جدها *** أخت الخلائف، والخليفة زوجها
هذه السيدة خرجت من بيت أبيها إلى بيت زوجها يوم الزفاف إليه وهى مثقلة يأثمن ما تملكه امرأة على وجه الأرض من الحلي والمجوهرات، ويقال إن من هذه الحلي قرطي مارية اللذين اشتهرا في التاريخ وتغنى بهما الشعراء، وكانا وحدهما يساويان كنزاً، وقد قيل إنه لو بيعت مجوهراتها لأشبعت بثمنها بطون شعب كامل برجاله ونسائه وأطفاله.
(ولكن كان أول قرار اتخذه زوجها أن يدخل في بيت مال المسلمين كل هذه المجوهرات والحلي واللآلئ والدرر)
ولما توفى عمر بن عبد العزيز ولم يخلف لزوجته وأولاده شيئاً، جاءها أمين بيت مال المسلمين وقال لها : إن مجوهراتك يا سيدتي لا تزال كما هي، وإني اعتبرها أمانة لك، وحفظتها لذلك اليوم، وقد جئت أستأذنك في إحضارها.
فأجابته بأنها وهبتها لبيت مال المسلمين طاعة لأمير المؤمنين ثم قالت : (وما كنت لأطيعه حياً، واعصيه ميتاً)
فهذا موقف لزوجة يستدل من خلاله على شرف معدنها ورفعة منزلها في وقت كانت بحاجة فيه إلى دريهمات لتعيش بها في حياتها بعد وفاة زوجها، ولكن خلق الوفاء منعها من ذلك.
د من أجل الوفاء لم يحدث الطلاق.
نذكر للقارئ قصتين في الوفاء الزوجي، الأولى في وفاء زوجة لزوجها ويرويها لنا العتبى قال : قال رجل من ولد على - رضي الله عنه - لامرأته : أمرك بيدك، ثم ندم.
فقالت (أما والله لقد كان بيدك عشرين سنة، فأحسنت حفظه وصحبته، فلن أضيعه إذ كان بيدي ساعة من نهار، وقد رددته إليك فأعجب بلك من قولها وأمسكها). فهذا موقف يدل على وفاء الزوجة بالرغم من تفويض زوجها لها بالطلاق وجعله بيدها.
وأما قصتنا الثانية فمع وفاء زوج لزوجته، وهذه القصة حصلت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ويرويها لنا ابن الزناد عن هشام بن عروة قال : بينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يطوف بالبيت إذ رأى رجلاً يطوف وعلى عاتقه امرأة مثل المهاة يعني حسناً وجمالاً وهو يقول:
قدت لهذي جملاً ذلولاً موطاً أتبع السهو لا
أعدلها بالكف أن تميلا أحذر أن تسقط أو تزولا
أرجوك لذاك نائلا جزيلاً
فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يا عبد الله، من هذه التي وهبت لها حجك؟
قال : امرأتي يا أمير المؤمنين، وإنها حمقاء مرغامة، لا يبقى لها خادمة.
قال له : ما لك لا تطلقها؟
قال : إنها حسناء لا تقرك، وأم صبيان لا تترك.
قال: فشأنك بها.
وأعرف زوجاً أصيبت زوجته بالمرض الذي أقعدها في الفراش لأكثر من ثلاث سنوات وهو يلازمها ويرعى أبناءه بعد مرضها، فقلت له يوماً، لماذا لا تطلقها؟
فرد علي وفاء لعشر سنوات صبرت علي وأكرمتني بها، أفلا أكرمها رداً للجميل ووفاء لتلك العشرة!!!
ه- الوفاء والغدر عند الإنسان:
عرف الكلب بالوفاء حتى إن الشاعر البدوي امتدح الخليفة العباسي به قال:
أنت كالكلب في حفاظك للعهد
وكالتيس في قراع الخطوب
وهناك قصة قد تكون من نسج الخيال ولكنها تعبر عن وفاء الكلب، وهى أن كلباً عاش في بيت مزارع زمناً طويلاً يحرس البيت، ويبعد اللصوص، ويمشي وراء صاحبه في كل مكان، وكما كان يحب صاحبه كان يحب أولاده، ويلاعبهم ويتحمل الأذى عنهم، ومضت السنوات وكبر الكلب في السن.. وأصبح لا يستطيع أن يحرس المنزل، ويبعد اللصوص كما كان يفعل من قبل، ورأى المزارع أن يتخلص منه، فأراد أن يبيعه، ولكن لم يقبل أحد أن يشتريه، لأنه كبير وضعيف وفكر الرجل في طريقة يتخلص بها من الكلب فأخذه إلى مكان بعيد، خارج المدينة وتركه هناك ورجع مسرعاً بسيارته، ولكن الكلب استطاع أن يعود إلى منزل المزارع مرة ثانية، تضايق الرجل لأنه لم يستطع التخلص من الكلب، ولم تنفع كل الحيل للتخلص من الكلب، وأخيرا قال في نفسه، أحسن طريقة للتخلص من هذا الكلب أن أخذه وأرميه في البحر، وركب قارباً وأخذ الكلب معه، ودخل في الماء مسافة بعيدة، وفي وسط البحر حمله بيده ورماه في البحر، ولكن الكلب كان يغوص في الماء مرة ويظهر مرة أخرى، ويجري نحوه في القارب، والمزارع يدفعه بعيداً عنه، وفي لحظة جاءت موجة شديدة ضربت القارب فقلبته وسقط الرجل في الماء وكاد يغرق فرآه الكلب وجاء إليه مسرعاً وأنقذه، فأخذه إلى منزله، وندم على ما فعل وأكرمه حتى مات.
فهذا مثال لإحدى الحيوانات التي لا تعرف الوفاء، وأما مثال الحشرات فالعنكبوت معروف بعدم وفائه الأنثى منه للذكر.
ولهذا ضرب الله لها المثل عندما قال {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كان يعلمون}
وأنثى العنكبوت إذا أرادت الذكر تخرج له رائحة، فإذا جامعها بثت فيه السم فقتلته، ثم إذا رزقت بالأبناء وجاعت أكلت نصفهم، فلا تعرف الوفاء أبداً ولهذا ضرب الله بها المثل.
و- أفكار تربوية تغرس في أبنائنا خلق الوفاء
إن تصوير خلق الوفاء وتقريبه للأطفال فيه صعوبة، ولكن هناك أكثر من فكرة لتربية أبنائنا على خلق الوفاء، منها الطريقة السريعة والمباشرة من خلال:
1. تعريف خلق الوفاء لهم وبيان أهميته وأنه عملة نادرة في هذا الزمان.
2. أن يكون الوالدان وفيين للآخرين أمامهم فيشاهدوا مواقف عملية الوفاء.
3. ذكر قصص الوفاء عند العرب والمسلمين وقصص الوفاء عند الصحابة ومواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
4. ذكر قصص الغدر وعدم الوفاء سواء عند البشر أو عند الحيوانات.
5. التذكير بهذا الخلق بين حين وأخر والتكرار عليهم بأهميته.
6. إرشاد الأبناء إلى معنى العهد والإنفاق واحترام الكلمة واحترام الوعد فإن الطفل يولد بفطرته السليمة ملتزماً بالعهد.
7. تدربيهم على بعض علامات الوفاء مثل الصدق عند الحديث، والالتزام بالموعد إذا واعدوا.
وهناك الطريقة البطيئة وغير المباشرة وذلك من خلال غرس العقيدة وحب الدين، لأن خلق الوفاء من قيم الدين.
http://www.naseh.net المصدر:
-ـــــــــــــ
الزواج العرفي .. بدعة شبابية
خالد بركات
•العلماء: الزواج العرفي حلال..ولكن الصياغة الشبابية له جعلته باطلا
• النساء والأبناء ضحايا الزواج السري.. والكبت الثقافي والاجتماعي مع الجهل الديني أهم أسبابه
انتشر بين بعض فئات الشباب في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج العرفي ووجدوا فيه طريقا ملتويا للوصول لأغراض جنسية محضة وغلف هؤلاء الشباب هذا الطريق الملتوي وغير الشرعي بحجج وأسانيد واهية لم يقنعوا بها إلا أنفسهم ووجدوا في هذه الأسانيد الواهية ستارا دينيا يريحون خلفه ضمائرهم الغائبة، وفي حقيقة الأمر فقد وقع هؤلاء في الإثم بعينه.
والخطير في الأمر أن إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية كشفت أن 255 ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي بنسبة 17% من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5. 1 مليون، وهو ما يعني أن الظاهرة أصبحت تحتاج إلى تدخل عاجل.
في السطور التالية نناقش أبعاد هذه القضية وموقف الشرع منها.
عن مشروعية الزواج العرفي يقول الشيخ عطية صقر عضو لجنة الفتوى وأحد أبرز علماء الأزهر: يطلق الزواج العرفي على عقد الزواج الذي لم يوثق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفيًا للأركان والشروط، ونوع لا يكون مستوفيًا لذلك.
النوع الأول: عقد صحيح شرعًا يحل به التمتع وتتقرر الحقوق للطرفين وللذرية الناتجة منهما، وكذلك التوارث، وكان هذا النظام هو السائد قبل أن توجد الأنظمة الحديثة التي توجب توثيق هذه العقود.
أما النوع الثاني: من الزواج العرفي فله صورتان: صورة يُكتفى فيها بتراضي الطرفين على الزواج دون أن يعلم بذلك أحد من شهود أو غيرهم، وصورة يكون العقد فيها لمدة معينة كشهر أو سنة، وهما باطلان باتفاق مذاهب السنة.
وإذا قلنا إن النوع الأول صحيح شرعًا تحل به المعاشرة الجنسية، لكن له أضرارا، وتترتب عليها أمور محرمة منها:
1- أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية ويحقق مصلحة والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [النساء: 59].
2- كما أن عدم توثيقه يعرض حقها للضياع كالميراث الذي لا تسمع الدعوى به بدون وثيقة وكذلك يضيع حقها في الطلاق إذا أضيرت، ولا يصح أن تتزوج بغيره ما لم يطلقها، وربما يتمسك بها ولا يطلقها.
ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العرفي الذي لم يوثق ممنوعاً شرعًا مع صحة التعاقد وحل التمتع به، فقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون حرامًا، كالذي يصلي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة ولكنها حرام من أجل سرقته ما يستر العورة لتصح الصلاة.
وكذلك لو حج من مال مسروق فإن الفريضة تسقط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب إثماً كبيرًا من أجل السرقة
فاسد وباطل !!(52/33)
ويعلق الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق قائلا أن الزواج العرفي الذي يتم في الجامعات المصرية وغيرها من الأماكن فاسد وباطل ويخل بكل المبادئ والقيم الروحية ويؤدي إلي ضياع الأبناء وتشريدهم في المجتمع ولا تترتب عليه أي آثار شرعية ..
ويشير د . أحمد عبد الغني عبد اللطيف الأستاذ بجامعة الأزهر من خلال بحثه عن الزواج العرفي من الناحية الدينية إلي أن هذا النوع من الزواج يعتبر نوعا من أنواع الزنا لأنه لم تكتمل فيه أركان النكاح وفيه مخالفة لحدود الله ورسوله .. فوجود الولي ركن أساسي من أركان النكاح وقد قال صلي الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وعدم وجود الولي يجعل الزواج باطلا أصلا ويدخله في حيز الزنا ..
الموقف الاجتماعي:
أما عن الموقف الاجتماعي من هذا الزواج فتقول الدكتورة مديحة مصطفي أستاذة تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان إلي أن الزواج غير الرسمي "العرفي" هو ظاهرة عصرية يلتقي فيها الرجل بالمرأة تحت وثيقة ورقية عليها شاهدان لكنها ورقة ليست فيها قوة وثيقة الزواج لأن وثيقة الزواج شيء مقدس تحترمه المحاكم والمؤسسات الحكومية والمجتمع إلي جانب أن الزواج الحقيقي يعتمد علي الإعلان والإشهار وإعلام المجتمع به وهو تحصين للمرأة وصيانة لشرفها وحقوقها .
وبالإضافة إلى ذلك فإن الزواج العرفي تنتج عنه آثار اجتماعية سيئة أهمها ضياع حقوق الزوجة حيث أن دعواها بأي حق من حقوق الزوجية لا تسمع أمام القضاء إلا بوجود وثيقة الزواج الرسمية معها .. كما أن الأولاد الذين يأتون عن طريق الزواج العرفي قد يتعرضون لكثير من المتاعب التي تؤدي إلي ضياعهم وإنكار نسبهم .. وأن الزوجة قد تبقي معلقة لا تستطيع الزواج بأخر إذا تركها من تزوجها زواجا عرفيا دون أن يطلقها وانقطعت أخباره عنها بالإضافة إلي ذلك فإن الزواج العرفي كثيرا ما يكون وسيلة للتحايل على القوانين كأن يقصد به الحصول علي منافع مادية غير مشروعة مثل حصول الزوجة علي معاش ليس من حقها لو تزوجت زواجا رسميا ..
أسباب عديدة:
وفي دراسة أخرى حول الإعلام والزواج العرفي قام بها د . أحمد يحيي عبد الحميد الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس أشار إلى أن الزواج العرفي يفتقد البيانات الدقيقة والمعلومات الصحيحة نظرا لأن هذا السلوك يتسم بطابع شخصي وخفي ولا يعلن عنه في المجتمع بالإضافة إلي أنه لا يقتصر علي فئة معينة أو طبقة دون أخري.
وقد أشارت بعض دراسات الحالة إلى أن هذه الظاهرة موجودة بين الشباب والكبار والفقراء والأغنياء والمتعلمين وغير المتعلمين ... شباب الجامعات والعمال والموظفين ورجال الأعمال .. وهذا النوع من الزواج يتم شفاهة أو بعقد شخصي بوجود شاهدين دون أي ضوابط قانونية أو حقوق شرعية وخاصة للمرأة.
وأشارت الدراسات إلى أسباب أساسية تكمن وراء انتشار الزواج العرفي أهمها فقدان التكامل العاطفي داخل الأسرة نتيجة انشغال الأب والأم وعدم اهتمامهما بسلوك الأبناء وتركهم وسائل الإعلام وجماعات الرفاق لتشكيل ثقافتهم الجنسية والزواجية .. وكذلك الظروف الاقتصادية والمادية التي تحول دون إقامة زواج شرعي وتوفير متطلباته من مهر وشقة وأثاث وخلافه ، والكبت والحرمان الثقافي إلى جانب الحرية غير المسئولة سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة وضعف التثقيف الديني الذي يقوم به الإعلام تجاه هذه المشكلة وبالإضافة إلى ذلك فهناك أيضا التناقض الواضح والازدواجية بين الرموز والقيادات الإعلامية والدينية نحو الاتفاق على خطورة هذا النوع من الزواج على المجتمع ، وكذلك الانفتاح الإعلامي أو التبعية الثقافية الإعلامية في ظل ثورة الاتصالات وانعدام الرقابة وزيادة البحث عن المجهول من المعرفة الجنسية .. خاصة أن الثقافة الزواجية والأسرية لا تحظى بالقدر الكافي من اهتمام ورعاية من وسائل الإعلام على اعتبار أنها من المحرمات الثقافية .
المواجهة:
وتقول نوال المغربي مدير عام إدارة الأندية الثقافية والاجتماعية بوزارة الشئون الاجتماعية المصرية إن ندوة عقدتها الوزارة توصلت إلى عدة توصيات أهمها ضرورة التوعية المستمرة والحوار المفتوح مع أبنائنا وبناتنا لتحذيرهم من مخاطر الزواج العرفي وتوفير الرقابة الأسرية للتعرف علي كل ما يقوم به الأبناء في أوقات فراغهم وعلى جماعة الرفاق المحيطة بهم .
ولما كانت مشكلة الزواج العرفي هي إفراز العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وأهمها مشكلة الإسكان فقد أوصت الندوة بالتكاتف لتوفير المسكن المناسب وخاصة مسكن الغرفة الواحدة بمرافقها، وكذلك ضرورة تنسيق الجهود بين الجهات والوزارات المعنية بقضايا الشباب وذلك بتفعيل دور مكاتب التوجيه الأسري بوزارة الشئون الاجتماعية .
وطالبت الندوة الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة بأن تبادر بتوعية الشباب بمخاطر الزواج العرفي وبيان أنه مخالف للشرائع السماوية بكل المقاييس وبأن تشمل المقررات الدراسية توضيح أركان الزواج الصحيح بالإسلام والأديان السماوية الأخرى.
المهم في الأمر أن بعض شبابنا قد وقعوا في براثن هذه المشكلة (الفتيات على وجه الخصوص ) وتركهن الأزواج معلقات لا يستطعن أن يتزوجن ولا يعرفن مكان الزوج وأصبحت مشكلة مترتبة على وضع خاطئ وهو الزواج العرفي وتحتاج إلى حل وهذا ما جعل المشرع المصري يسارع لمواجهة هذه المشكلة وذلك عن طريق ما يعرف حاليا في قانون الأحوال الشخصية الجديد بالطلاق العرفي .
28/06/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
-ـــــــــــــ
مضار الزواج من الأجنبيات
يقول الله - تعالى -: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[المائدة: 5].
إن الزواج من الكتابية حلال بنص الكتاب، ولكنه ليس الأفضل والأكمل، فإذا كان الزواج من المسلمة قد نُدِبَ المسلم فيه إلى اختيار ذات الدين، فإن ذلك صريح في أن زواج اليهودية والنصرانية ليس هو الأمثل ولا الأفضل.
وقد علمنا توجيه الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في حض المسلمين على اختيار ذات الدين في قوله: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
مضار الزواج من غير المسلمات:
وأحب أن أورد أهمّ المضار التي تنشأ عن الزواج من غير المسلمات، ونستطيع أن نصنفها في زمر ثلاث هي:
مضار للزوج - مضار للأولاد - مضار للمجتمع.
أولاً: مضار للزوج:
إن الزوج المسلم عندما يعاشر امرأة تخالفه في العقيدة والمثل العليا والقيم الكبرى يشعر بكثير من المرارة والتعاسة..إنها لا تعظِّم ما يعظِّم، ولا تحرِّم ما يُحرِّم، وترى الشيء المعيب في نظره شيئًا عاديًا.
وهل أصعب على نفس المرء من أن يعاشر من يكون كذلك؟ هذا بشكل عام؛ فإذا راعينا الاعتبارات التاريخية التي تبدلت، وحالتنا السياسية في الماضي، وكيف تغيرت الآن، والغزو الفكري العنيف الذي خضع له العالم الإسلامي تبدَّت صعوبة الحياة الزوجية مع غير المسلمة.
لقد كانت هناك جوانب إيجابية في الزواج من غير المسلمات؛ إذ كانت النتيجة الغالبة أن المرأة تدخل في الإسلام ويحسن إسلامها، وفي ذلك كسب للإسلام وإنفاذ لإنسانة من البشر من عذاب الله.
كان ذلك يوم أن كان المسلمون مسلمين، ويوم أن كانت الأوضاع الاجتماعية تتيح للرجل من التأثير أضعاف ما تتيحه اليوم، فلم يكن الناس يعرفون فتنة إنصاف المرأة.. إنها فتنة مصطنعة.. ولم يكن تسلط الشهوة على الناس في الماضي كما هو اليوم.. لقد استحكم سلطان الشهوة - مع الأسف الشديد - على النفوس، حتى أضعف ذلك من رجولة الرجل.. وخفف من قوامته.
هذه واحدة والثانية أن دولة الإسلام كانت أعظم دولة في الأرض، أو من أعظم دول الأرض.. واستمر هذا عبر القرون حتى آخر أيام الدولة العثمانية.. إن هذا الواقع السياسي الرفيع يعطي المسلم من القوة المعنوية والاعتزاز بالإسلام وبكيانه الشيء الكثير.. وهذا قد غاب مع الأسف الشديد في هذا العصر..
والثالثة هي قضية الغزو الفكري الأوروبي للمسلمين.. ذلك الغزو الذي نقل إلينا مفاهيم غريبة ومغلوطة في الزواج والطلاق والتعدد.. والنظرة إلى الحياة وإلى الغيبيات، وأتت بمثل جديدة لا نعرفها كالقوميات والوطنيات وما إلى ذلك. إن هذه الأمور الثلاثة تعطل كثيرًا من الجوانب الإيجابية للزواج من غير المسلمات وتجعل الزوج في تعاسة كبيرة، وهو بين أحد أمرين:
إما أن يحسّ بهذا الواقع المؤلم، وعندئذٍ ستكون التعاسة في أعماقه وبين جوانحه ويظهر الشقاء في حياته لكل من يراه.
وإما ألا يحسَّ بهذا الواقع فالمصيبة أعظم.. لأنه يكون قد فقد الإحساس بالنقص وذلك أدهى وأمر.. لأن من فقد الإحساس بنقصه يكون قد فقد ذاته.
ومن المضار التي تتعلق بالزوج أنه في حالة الإخفاق في الزواج من الكتابية قد يتعرض إلى تغلبها عليه في انتزاع الأولاد منه.. وهذا قد يحطمه تحطيمًا.
ثانياً: مضار للأولاد:
أما المضار التي تلحق بالأولاد فأهمها: التوزع في الولاء، فلا يدرون لمن يعطون الولاء، ألأبيهم المسلم أم لأمهم اليهودية أو النصرانية.. إنهم يفتحون أعينهم على اتجاهين مختلفين في وسط الأسرة والبيت. وفي ذلك ما فيه.
ومنها التأثر بالأم؛ لأن الولد ميَّال إلى أمه بطبيعة الحال، لما تغمره به الأم عادة من الحنان والحب والرعاية.
ومنها الآثار الوراثية؛ لأن العرق دساس، وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة في حقل الوراثة أن الوليد تنحدر إليه صفات من أجداده من طرفي أبيه وأمه.
ومنها فقدان التوجيه من ألصق أبويه به، فالأمّ الكافرة بدين أبيه لا تذكره بعبادة ولا تأمره بواجب ديني ولا تنهاه عن حرام.
أضف إلى ذلك ما يحصل كثيرًا من انتزاع الأولاد من أبيهم والرجوع بهم إلى بلدها في أوروبا أو أمريكا وتنصير الأولاد وتنشئتهم على أوضاع أهلها وقومها.
ثالثاً: مضار للمجتمع:
أما المضار التي تلحق بالمجتمع فكثيرة؛ أهمها كساد بنات المسلمين، وبقاؤهنَّ عوانس في البيوت، وهذا يلحق أعظم الأضرار بحياة الأفراد والأُسر.
إن كثيرًا من المشكلات العائلية والنفسية والاجتماعية التي تعانيها كثير من البيوت يعود إلى وجود عوانس فيها؛ لأن المرأة العانس غير سوية تتصرف التصرفات التي تزعجها وتزعج الآخرين، فسنة الحياة التي فطر الله الناس عليها أن الرجل يكمل المرأة وأن المرأة تكمل الرجل، وأن لقاءهما في بيت الزوجية يقيمهما العقد النفسية، وما أكثر المآسي التي تخرب بيوتًا عدة بسبب هذا الاختلال المؤذي في بنية المجتمع.
أضف إلى ذلك ما يمكن أن تتعرض له الأمة من الفساد الخلقي الرهيب.
ومن هذه المضار نشر عادات اجتماعية بعيدة عن الإسلام، وذلك عندما تمارس الزوجة الكتابية عاداتها المستنكرة إسلاميًّا من نحو خروجها حاسرة متبرجة ملقية الحجاب الذي أوجبه الله على المرأة، ومن نحو سباحتها على الشواطئ مع الرجال شبه عارية على الوضع المزري الذي يفعله الكفار.
إن الشرع عندما أباح للمسلم أن يتزوج الكتابية أباح ذلك والسلطان للرجل في مجتمع تغلب عليه الأعراف والآداب الإسلامية، فهي لا تقوى على أن تمارس عاداتها التي ألفتها.. والوضع الآن يختلف عن ذلك في أكثر بلاد المسلمين.
حتى ولو لم تعلن في المجتمع الإسلامي المنكرات التي ألفتها، فإن مخالطتها للنساء المسلمات يترك أثرًا كبيرًا فيهنَّ، لا سيما والمرأة كما هو معلوم ضعيفة سريعة التأثر.
ومن المضار التي تعود على المجتمع بالضرر البالغ أن هذه المرأة الكافرة ستطلع على أحوال زوجها وكثير من أسراره.. فإذا كان الزوج رجلاً كبيرًا أو مشتغلاً بقضية كبرى كان معرضًا إلى أن تسرق أسراره بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أعداء أمته. وفي تاريخنا وتاريخ الأمم الأخرى قصص واقعية لكوارث تعرَّضت لها الأمة بسبب خيانة بعض الزوجات الأجنبيات.
إن ذلك كله ليجعل الإقدام على الزواج من الكتابية أمرًا مرجوحًا.
إن الأنفع للمسلم في ذاته وفي أولاده وفي أمته أن يتزوج امرأة من بني جلدته من ذوات الدين، ليسعد ويكون قادرًا على خدمة أمته وعلى نشر رسالتها.
ويبقى حكم الزواج من الكتابية على الحِلِّ، لكنه ليس الأفضل، وقد يصل بسبب ما ذكرنا إلى الكراهية.
وهذا وللموضوع جوانب أخرى لا بُدَّ من الإلمام بها ولو بذكرها، من أهمها الشروط التي لابد من توافرها وهي:
1- أن تكون كتابية؛ أما المشركة فلا يحِلُّ نكاحها.
2- أن تكون عفيفة؛ أما الزانية فلا يحلُّ نكاحها.
3- أن تُستوفى شروط العقد.
4- ألا يحمله الزواج منها على التفريط في حق دينه.
وإننا لننصح من يقدم بعد هذا كله على الزواج من كتابية؛ أن يتقي الله فيها، وأن تكون تصرفاته معها متقيدة بآداب الإسلام، ليكون سلوكه داعيًا إياها إلى الإسلام.
(من كتاب نظرات في الأسرة المسلمة بتصرف)
الثلاثاء: 11/05/2004
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج العرفي في الأردن.. قصص وشهادات
فاطمة الصمادي
بصعوبة وصلنا إلى عدد من اللواتي يعتبرن أنفسهن ضحايا الزواج العرفي، وإن كن أكدن أنهن لم يكن يتوقعن أن تنجح مثل هذه"التجارب"في بناء حياة مستقرة.
فالزواج العرفي شكل من أشكال العلاقات التي باتت تنتشر ويكثر الحديث عنها بين الشباب في الأردن، خاصة بين طلاب الجامعات وطالباتها، لا يختلفون في ذلك عن طلاب كثير من الجامعات وشباب دول عربية أخرى تمر بالأزمة نفسها التي تستوجب وقفة مصارحة ومكاشفة، وهو"شراكة"ولكنها تفتقد إلى الكثير من التكافؤ والمصداقية والجدوى، وتمثل تضييعاً لحقوق كفلها الشرع والقانون في عقد الزواج الذي وصفه الخالق العظيم بأنه"ميثاق غليظ".
قصة رقم (1).. مها.. فكرة مجنونة:
تقول مها-21 عاماً: لا أذكر كيف أقنعني بتلك الفكرة المجنونة، قال لي: نحن طلاب ولا يمكنني تحمل تكاليف الزواج، وإن أهله لن يسمحوا له بالزواج وهو على مقاعد الدراسة..
كان وسيما لبقاً وكنت أحبه.. لم أكن أفكر في شيء إلا بالطريقة التي أستطيع فيها أن أكون معه!!
تم كل شيء بسرعة، كتبنا ورقة وقلت له: زوجتك نفسي وأجاب: وأنا قبلت.. تم كل شيء بدون مهر أو شهود أو مأذون، كنا نلتقي في شقة صغيرة كان يقول: إنها لأحد أصدقائه، وبعد مدة قصيرة بدأ يتهرب من مقابلتي يجعلني أنتظره ولا يأتي.. ثم اختفى..علمت أنه أسقط الفصل الدراسي وسافر خارج الأردن.. بقيت مدة طويلة لا أستطيع النوم، وذات يوم أعلمتني صديقة لي أنه عاد فقابلته بعد محاولات عدة، وبدون أن يخجل من نفسه أخبرني أنه لم يعد يرغب باستمرار العلاقة، وقبل أن أفتح فمي بكلمة قال لي: لن تغامري وتفضحي نفسك..
تضيف مها: أعطاني ورقة فيها عنوان طبيب يقوم بعمليات ترقيع للبكارة، وقال: لا تحملي همّا، لقد اتفقت معه على كل شيء، ودفعت له مقدماً حتى لا تقولي بأني نذل!! (ما رأي نقابة الأطباء في وجود من يقومون بعمليات ترقيع للبكارة والإجهاض غير القانوني؟)
قصة رقم (2).. شاهد تحت الطلب:
في واحدة من الجامعات الرسمية الأردنية تنتشر بين الطلاب والطالبات قصص الزواج العرفي حتى إنها أصبحت مثار تندر، وتنسج حولها الكثير من النكات.
أحد الطلاب قال لنا: أستطيع أن أعرفكم على"شاهد" للكثير من حالات الزواج العرفي بين الزملاء والزميلات وبعد مماطلة ومواعيد كثيرة وبالتحديد بعد شهر من المحاولة قابلنا الشاهد العتيد، ومضى يقول: أنا ضد الطرق التقليدية في الزواج، إنها تقيد وتمتلئ بالتفاصيل المملة والمكلفة و" الشباب بدها تعيش"!!، بصراحة أنا مع الطرق البسيطة والسهلة لاجتماع المحبين، إنهم يلتقون على سنة الله ورسوله و"بدون عقد". ولا يتوقف هذا الشاب عند حدود تجاربه الخاصة بل ينصب من نفسه مفتياً فيقول: هذا الزواج صحيح ومشروع، ويتساءل: هل كان أهلنا يسجلون الزواج في المحاكم؟ وهل كان هناك مأذون أصلاً؟!
وبطريقة تمتلئ بالإعجاب يواصل"الشاهد"حديثه: أعتبر الزواج العرفي فترة تجريبية لكلا الطرفين يقرران خلالها إذا ما كانا يستطيعان الاستمرار في الحياة معاً أم لا. وبذلك يتجنبان مشاكل الطلاق وقضايا النزاع وحضانة الأطفال!!
وعندما سألناه عن الفائدة التي يجنيها من كل هذا الذي يقوم به هز كتفيه وأجاب: لا أدري! ولكنه عاد سريعاً وقال: أحب القيام بأدوار لا يقوم بها الكثيرون.. فأنا صاحب"فلسفة"في ذلك..
المهم أن معظم الزيجات التي شهد عليها صاحبنا هذا انتهت بالفشل، وإحداها انتهت بصورة مأساوية بالنسبة للفتاة في حين غادر الشاب إلى الخارج خوفاً من انتقام ذويها.
قصة رقم (3).. فتاة تدفع حياتها ثمناً:
مؤكد أننا نستطيع القول بأن الزواج العرفي في الأردن ظاهرة كما هو الحال في مصر، حيث صرحت وزيرة التنمية الاجتماعية بوجود (170) ألف حالة زواج عرفي بين طلبة الجامعات فقط، ولكننا في الوقت ذاته لا نستطيع تجاهل القضية عندما يحدث أن تقتل فتاة على يد أهلها بعدما اكتشفوا أنها متزوجة عرفياً من رجل تحبه فيما يعرف بجرائم قتل الشرف..
كل هذه القصص تدفعنا للتساؤل عن الأسباب والآثار الاجتماعية لمثل هذه الممارسات، ولماذا تنتشر بين الطلاب والطالبات أكثر؟ ثم ما رأي نقابة المحامين عندما تعلم أن بعض المحامين يقومون بعمل عقود زواج عرفي بمبلغ عشرين ديناراً (30 دولاراً أمريكاً تقريباً) وبعضهم على استعداد لتأمين العريس؟؟!
قصة رقم (4).. بطلها أستاذ جامعي:
فتاة من بين ضحايا الزواج العرفي لم تكن قصتها مع زميل الدراسة ولا مع شاب مماثل لها في العمر وإنما القصة كانت مع الأستاذ الذي يدرسها. تقول منال- 20 عاماً: أحببته لأنه كبير في السن، كنت دائماً أقول لصديقاتي: إنني لن أتزوج إلا رجلاً ناضجاً قادراً على تحمل المسؤولية، وكثيراً ما كنت أسخر من شباب هذه الأيام..
كان أول رجل أحببته، أسجل في محاضراته، وأواظب على الحضور والنقاش للفت انتباهه. وبدأت أزوره في مكتبه ثم توطدت العلاقة بيننا، قلت له بصراحة: إنني لا أستطيع ارتكاب معصية الزنا فأجابني: وأنا لا أستطيع أن أغضب زوجتي. وتروي منى: انقطعت عن مقابلته لفترة من الزمن، ثم اتصل بي يقترح علي الزواج العرفي، رفضت في البداية، ولكنني كنت أحبه فوافقت رغم أنني في داخلي كنت أعرف أنني مخطئة.
بعد أشهر علم أهلي بالموضوع وحاول والدي حل القضية وإقناع الأستاذ بالزواج رسمياً مني ورفض بحجة أن مركزه ومكانته الاجتماعية لا تسمح له بذلك. وكانت صدمة أبي كبيرة عندما علم أن هذا النوع من الزواج لا يوجد ما يسنده قانونياً، وأنني سأتعرض للحبس والمحاكمة فاضطررنا للسكوت وأجبرني والدي على ترك الجامعة والبقاء في المنزل، وقال لي: لن تخرجي من هنا إلا إلى للقبر.
أما كيف حصلنا على تفاصيل القصة من منال فقد كتبتها لنا وأوصلتها عبر إحدى الصديقات التي تعرفها جيداً، وتقول الصديقة: أحياناً أكون على وشك الوقوف في المحاضرة في وجه ذلك الأستاذ وأسأله: ماذا يمكنك أن تعلم الطلبة؟ ولكنني أصمت حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.
قصة رقم (5).. السكرتيرة:
قصة أخرى أبطالها رجل أعمال معروف وسكرتيره ومحاميه. تقول السكرتيرة: وافقت على الزواج العرفي من صاحب الشركة التي أعمل فيها ووثقنا الزواج عند محاميه..
وبعد فترة بدأ الموظفون يلاحظون أن العلاقة بيننا أكثر من علاقة رئيس بسكرتيرته، ووصلتني الكثير من التعليقات من صديقات لي يعملن في نفس الشركة. بعد فترة من العلاقة حملت منه، وعندها أدركنا حجم المشكلة والخطأ الذي وقعنا فيه.. تجرأت وطلبت منه إعلان الزواج ولكنه رفض، قال لي: إن الورقة التي عند المحامي لا تساوي شيئاً.."ولا تنس أنه المحامي الخاص بي وأنا أدفع له".
وتتابع: أجهضت حملي في عيادة أحد الأطباء ووصلت القضية إلى المحكمة، ولكنني اضطررت إلى التنازل عنها بعدما بدا واضحاً أنها ستتحول إلى قضية"زنا"!!
بدون وثيقة رسمية:
يشترط قانون الأحوال الشخصية الأردني لصحة عقد الزواج حضور شاهدين اثنين مسلمين رجلين أو رجل وامرأتين إذا كان الزوجان مسلمين عاقلين بالغين، وأن يسمع الشهود الإيجاب والقبول. وقد نصت المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية على وجوب مراجعة الخاطب للقاضي أو نائبه لإجراء العقد، ويتم إجراء عقد الزواج من قبل مأذون شرعي بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وثيقته في حالات استثنائية أن يتولى إجراء العقد بإذن من قاضي القضاة. ونصت المادة على أنه إذا جرى عقد الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني، والذي ينص في المادة 279 منه على:"يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أجرى مراسيم زواج أو كان طرفاً في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون الأحوال الشخصية أو أي قانون آخر أو شريعة ينطبق أو تنطبق على الزوج أو الزوجة مع علمه بذلك"، وحدد القانون غرامة مقدارها 100 دينار أردني (قرابة 150 دولاراً أمريكياً) على كل واحد منهم. ويجدر الذكر أن العقوبات السابقة تنطبق على المحامي الذي يساهم في عمل عقد الزواج العرفي باعتباره من الأطراف التي نص عليها القانون سابق الذكر، وكل مأذون لا يسجل العقد في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المذكورتين ويعزل من وظيفته، وقد نظمت أعمال المأذون الشرعي بموجب تعليمات صادرة عن قاضي القضاة.
أما حالات الزواج العرفي المقبولة في الأردن فهي تلك التي استوفت شروط الزواج وأركانه الشرعية، ولكن بدون وثيقة رسمية كأن تتم مشافهة أو كتابة مع عدم علم طرفي العقد بوجوب توثيقه رسمياً، وهي حالات قليلة جداً، وذلك بفضل انتشار المحاكم الشرعية في أنحاء الأردن.
http://www.islamonline.net المصدر:
ـــــــــــــ
عادات العرس في إيطاليا
درة بغدادي
نسمع عن عادات غريبة تنتشر في دول مختلفة، ولعل الأعراس هي أكثر ما تبرز فيها عادات الشعوب واختلافها..ففي إيطاليا يبدأ الاحتفال الطويل منذ الصباح ويمتد إلى ساعات الصباح الباكر في اليوم التالي، تتضمن الاحتفالات الرقص والأكل الكثير من الطقوس الرسمية.(52/34)
تبدأ قضية الزواج كما هو الحال في أي مكان بالعالم بالخطبة، وتقتضي العادات أن يذهب أبو الخاطب أو أخوه إلى والد العروس أو عمها لطلب يدها، وقد يسبق ذلك اللقاء إرسال رسالة مكتوبة باليد.وبعد ذلك تتم الخطبة بشكل اعتيادي، حيث من الواجب أن يهدي الخاطب خطيبته خاتما من الألماس (الذي يدل على الحب الشديد) إذ إنهم يعتقدون بأن الألماس قد صنع من لهيب الحب، كما يشكل هذا الخاتم جزءا من المهر الذي سوف يدفعه العريس لعروسه.
ثم بعد ذلك تبدأ العروس هي وأهلها بتجهيز كل ما يتعلق باحتياجاتها الشخصية في المنزل الذي سوف تسكنه، كالفرش والملابس، وأحياناً ملابس زوجها أيضاً.
في يوم العرس لا تلبس العروس أي ذهب إلى أن تلبس خاتم العرس؛ لأنه (حسب اعتقادهم) الذهب الذي يلبس قبل أو أثناء العرس سوف يأتي بالحظ السيئ لهم، وهم في الغالب يعقدون القران يوم الأحد، في بعض المناطق في إيطالياً، وفي الأخص منطقة فينيتو، فإن العريس يذهب سيراً على الأقدام إلى أهل العروس، ثم يصطحبها ليذهبا لعقد القران، وخلال سيرهم في الشوارع يلحق بهم الناس ويضعون في طريقهم بعض الأشياء التي لها دلالات، فعلى سبيل المثال قد يضعون مكنسة على الأرض، فإذا لاحظتها العروس فإن ذلك يدل على أنها ستكون ربة منزل جيدة، وقد يضعوا طفلاً فإذا لاحظه العريس فذلك يدل على أنه سيكون هو وزوجته آباء جيدين، وإذا لاحظا متسولاً فذلك يدل على أن العريس كريم وسخي... إلخ.
وحين يصلان.. تدخل العروس إليها ويبقى العريس خارجاً بانتظارها، خلال ذلك يأتي إليه أصدقاؤه المقربون لممازحته، يقولون عبارة مثل: "لقد تأخرت العروس على عريسها.. " فإن ذلك له مدلولات على عدم حب العروس لعريسها. مع العلم بأن العريس يجب أن يكون حاملاً لطاقة من الزهور خلال انتظاره لعروسه، وقد دس داخل جيبه قطعة حديد صغيرة ليبعد الحسد عنه في ذلك اليوم ـ حسب اعتقادهم ـ.
ويبدأ الحفل بتقديم المشروبات الضيوف، وبعد ذلك يقوم كل الرجال بتقبيل العروس كقبلة أخيرة قبل زواجها، وكذلك لجعل الزوج يغار على زوجته!
بعد ذلك تحمل العروس حقيبة من الساتان، ليقوم الضيوف بوضع مظاريف تحتوي على المال، كمساعدة منهم في تحمل نفقات العرس الذي يمول أساسا من أهل العروس، ثم تقوم الجدة أو الأم بحراسة هذه الحقيبة التي تحوي على المال.
خلال العشاء يقدم الطعام الذي هو محور الحفل، فيأكل الضيوف من أهل العروس وأهل العريس، ثم بعد تناول العشاء يقدم الكعك (كعك الزواج) مع القهوة أو أحد المشروبات الأخرى.
أثناء الحفل يحاول بعض الأصدقاء المقربون من العريس التسلل إلى غرفة النوم من أجل وضع مسحوق الحكة على السرير كمزحة مع العروسين، وقد يضعون فيها أشياء أخرى.
في بعض مناطق إيطاليا الجنوبية يقوم الزوج بتحطيم مزهرية أو قطعة زجاج بقوة قبل أن يذهب هو وزوجته إلى غرفة النوم، محاولاً أن تتحول المزهرية إلى أكبر عدد ممكن من القطع؛ لأن عدد القطع سيدل ـ في اعتقادهم ـ على عدد السنوات السعيدة التي سيعيشها الزوجان!
بعض الأمثال الإيطالية عن الزواج:
- لا تتزوج ولا ترحل في يوم زهرة أو في مارس(آذار).
- العروس المبللة عروس محظوظة (إشارة للأمطار في يوم العرس).
- الزوجة الجيدة تصنع زوجاً جيداً.
- الزوجة مفتاح البيت.
- لا إصبع بين الزوج والزوجة (إشارة إلى عدم التدخل في شؤونهم الداخلية).
- المنزل بدون امرأة منزل فقير (للإشارة إلى تدبير الزوجة في المنزل).
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
رسالة إلى العقلاء ( 1 )
الخطبة الأولى:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون:
هذا حديث إلى العقلاء - من الأمهات والآباء - والبنات والأبناء في شأنِ أمرِ عظيمِ من أمور الحياة الدنيا والأخرى.
وفي شأن سنةٍ نبويةٍ ماضية وحكمةٍ إلهية بالغة وطبيعةِ فطريةِ إنسانيةِ شائعة في أمر الزواج الذي يكثر في مثل هذه الأيام بمناسبة الإجازات.
ويكثر مع تكاثره وتكرره حديثُ يطول هو حديثُ ممزوجُ بكثير من المرارة مع الفرح ومملؤ بكثيرِ من الاعتراض والانتقاد، وكثيرِ من اللوم والعتاب، وكثيرِ من التضجر والمعاناة.. وما ذلك إلا من تصرفاتِ لا يقرها الإيمان المستقر في القلوب، ولا العقل المستقر في العقول، وإنما سلفت بها عوائد، ومضت بها أعراف ما أنزل الله - عز وجل - بها من سلطان.
ثم تحكمت في رقاب الناس حتى غدوا أسرى لها لا يستطيعون منها فكاكاً، ولا يلتمسون منها نجاةً؛ ذلك أنهم حينما رق اتصالهم بشرع الله - عز وجل -، وضعفت استمساكهم بسنة نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وقلّ اتباعهم وبحثهم في سيرة أسلافهم الصالحين من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم من الأئمة والعلماء المقتدى بهم في الدين.. عندما حل ذلك تسلط عليهم هذه الأهواء وانتشرت بينهم تلك الأعراف الخاطئة ومن هنا يأتي هذا الحديث إلى العقلاء؛ لعله أن يخاطب بقية الدين في القلوب، وبقية التفكير في العقول؛ لأن نسمع دائماً هذا الحديث يتكرر في المجالس، ويكتب كثيراً على صفحات الجرائد والمجلات، ويناقش في مؤتمراتٍ ومنتديات ومع ذلك لا نرى في الواقع تغيراً إلا قليلاً.
ذلك أن في النفوس ضعفاً لا تقبل معه بمخالفة العوائد والأعراف، وذلك أن في الإيمان ضعفاً، فلا يجرأ على أن يعلن عن مقتضاه ومستلزماته التي تخالف أهواء البشر.
ومن هنا نقف هذه الوقفة؛ التي قد يطول أمدها ويستمر حديثها لما لها بصلةٍ بالواقع، وبكثيرٍ من أحوالها من أثرٍ من الشكوى والمعاناة التي أشرت إليها.
وابدأ بالصورة الجميلة المشرقة التي بينها الله - عز وجل - في كتابه الكريم للزواج وبناء الأسرة؛ لنرى وليرى معنا العقلاء هذه الصورة المحلقة في أفقٍ سامٍ من الفضائل، والمغمورة في بحرٍ عظيمٍ من المنافع والمصالح، ويروا بعد ذلك ما في الواقع من أشواك ومن آلام لا تتفق مع هذه الصورة؛ لأنها لم تأخذ بأسبابها يقول الحق - جل وعلا - : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومِ يتفكرون}.
وفي موضعِ آخر يقول الحق - جل وعلا - : {هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها}.
فهذا الزواج هو السكن التي تطمئن فيه القلوب، وتهدأ النفوس، وتستقر الأفكار والعقول، ويجتمع الهوى، فلا يتفرق ولا يتشتت، ويتوجه الحب في مساره الصحيح، فلا يزل ولا يضيع ولا يزيغ ولا يهلك صاحبه بمخالفة أمر الله - عز وجل -.
هو السكن الذي يفيء إليه المسلم المؤمن مما يلقاه من عناءٍ أو مشكلاتٍ أو معاناةٍ في أثناء هذه الحياة الدنيا.
هو السكن الذي تستفرغ فيه الشهوة في جوٍ نظيفٍ طاهر، وفي استمراريةٍ دائمةٍ ملائمة، وفي هدفٍ ورسالةٍ مثاليةٍ رائعة.. إنه ليس مجرد قضاء للشهوة والوطر! إنه ليس مجرد عبث وهوى! إنه استقرار ورسوخ! إنه سكونُ وطمأنينة! إنه استمرارُ وديمومة!
ولذلك غذائه الذي يغذيه وماءه الذي يجري معه ويرويه هو المودة والمحبة : {وجعل بينهم مودة ورحمة).
هذه التي تغذي هذه المسيرة في حياة الأسرة في حياة اللبنة الأولى من لبناة المجتمع فإن في الحياة غنى وفقراً، وإن فيها سعادة وسروراً، وفيها كذلك شقاء وشروراً، وما يحفظ الملأ الأسرة في سائر أحوالها وتقلباتها إلا هذه المودة والرحمة، وقبل ذلك أساس الإيمان الجامع ومنطلق رسالة الإسلام التي تحدد الهدف والغاية.
ويسأل المرء نفسه : هل لا زال الزواج مودة وسكناً، أو قد غدا شروراً وحزنا؟
أي سكن وهذا الزوج المسكين قد أثقلت كاهله الديون فهي همُّ يركبه بالليل والنهار؟!
أي سكنِ وتلك الزوجة الخرقاء التي لم تتأدب بآداب الإسلام ما تزال تطلب فراشاً وثيرة، ولباساً زاهيا وما تزال تفاخر هذه وتلك!
أي سكنٍ وهو مطالب بأن يفعل كذا وكذا، وأن يعطي كذا وكذا، وأن يحاول كذا وكذا حتى كأنه لا يذهب إلى زواجٍ وإنما يذهب إلى معاناة ومقاساة!
وكما قلنا في الزواج أنه سكنُ دائم فإذا خولف فيه أمر الله؛ فإنه - عياذ بالله - حزنُ دائم، وشرٌ مستمر، ونزاعُ وشقاق.. لم تعد هناك المودة والوئام، وأعقبها الخلاف والخصام سبب ذلك أن كثير من الناس تاهوا عن شرع الله، ولم يستمسكوا بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن تعجب فاعجب للوصف القرآني البليغ الرائع الذي ليس هناك أبلغ منه ولا أكثر روعة منه في وصف هذه الحياة الزوجية، ووصف التكامل بين الرجل والمرأة في ظل هذا العقد الشرعي الذي جعله الله - عز وجل - عقداً مغلظاً مؤكداً : {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً}.
انظر إلى الوصف القرآني في قوله - جل وعلا - : {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
شطر آيةٍ يمر بها كثير منا من غير تأملٍ في معناها، ولا تذكّر في مغزاها.
ما هو اللباس؟
إنه اللباس الذي تتجمل به إنه الذي يكون على مقاسك فلا يطول ولا يقصر، والذي يكون مناسباً وملائماَ لك.. إنه أقرب شيءٍ إليك، وألصق شيءٍ بك.. إنه الذي تستتر به فتغطي ما وراءه مما قد يكون من عيوب..
كل هذه المعاني وغيرها في اللباس هي حقيقة هذا الزواج.
إنه ستر ومناسبةٌ وجمالٌ وقرط.. إن اللباس ستر والزواج ستر تستر المرأةُ زوجها في عرضه في ماله وفي حاله ويسترها فيعفها في عرضها، ويحفظها في كرامتها، ويستر عليها ما قد يبدو من سوء خلقها، فلا انكشاف للأستار ولا هتك للأعراض، ولا ظهوراً للأسرار، وإنما هو سترٌ جميل يتحقق كما يتحقق بلباس الذي تستر به عورتك عن أعين الناس.
وكذلك في هذا اللباس معنى المناسبة والملائمة.
فلباسك لا يصلح لغيرك؛ لأنه لم يكن له ولم يفصل عليه، ولم يعد لأجله، وكذلك الزوج لزوجته لباسٌ يناسبها ويوائمها، ومن هنا لا بد من تحقيق هذا اللباس، فيتنازل الزوج عن بعض أموره، وتتنازل المرأة عن بعض أمورها؛ حتى يحصل التلائم والمناسبة والتطابق الكامل.
ثم كذلك يكون هناك التناسب التام في الأحوال، فإذا غضب الزوج سكنت المرأة، وإذا استشاطت المرأة هدأ الزوج، وإذا كان الفقر جاء التقتير، وجاء التجبير والترشيد، وإذا جاء الغناء جاء الإنفاق والإحسان.. هكذا تكون الحياة مناسبة متلائمة بين الرجل والمرأة في ظل شرع الله، وتتحقق هذه المعاني بجزءٍ من شطر آيةِ في معنى من المعاني التي يتضمنها اللباس.
واللباس إظهارٌ للمحاسن، وتجملٌ بالمحامد.. وهكذا ينبغي أن يكون الزواج.
وانظر أيضاً إلى معنى القرب والالتصاق؛ لتكون أسرار المرأة عند زوجها ومشكلات الزوج عند زوجته؛ ليكون مزيداً من القرب، ومزيد من الالتصاق، وليحصل حينئذٍ حل لهذه المشكلات، وأن تكون الحياة الزوجية الأسرية عوناً على هذه الحياة، وعوناً - قبل ذلك - على أمر الأخذ بدين الله - عز وجل -، والدعوة إليه، والمضي إلى الجهاد في سبيله - عز وجل -.
فليس الزواج ركوناً إلى الدنيا، ولا إخماداً إلى الأرض، ولا فرحاً بالزوجة والانشغال بالأولاد! وإنما هو مضيٌ في الرسالة، واستمرارٌ في الغاية؛ كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الذي صحّ عند البخاري في قصة النبي الذي تزوج وطاف على تسعةِ وتسعين من النساء، وقال : تنجب كل واحدةٍ منهن غلاماً يجاهد في سبيل الله، ولم يقل " إن شاء الله " قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : (فلو قالها لولدت كل واحدةٍ منهن غلاماً يجاهد في سبيل الله).
إنه وهو يحرث في موضع الحرث وهو يطلب الولد يطلب أداء الرسالة، واستمرار الغاية في الجهاد في سبيل الله، فبدلاً أن يجاهد وحده فليجاهد مع أبناءه، وبدلاً أن ينفق وحده فلينفق مع أسرته.. فليس الزواج بعداً عن هذه الغايات العظمى، ولا عن المهمة الأولى : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
وانظر رعاك الله - ولينظر معنا جميع العقلاء - عن معنى اللباس في زواج اليوم : هل يحصل به الستر ويقع به الجمال، ويتحقق به المناسبة والملائمة، ويقع به القرب والالتصاق المطلوب؟
تفكّر في ذلك، وانظر إلى كثيرٍ من الأحوال؛ لترى في كثيرٍ من أحوال الزواج اليوم كشفاً للمستور، وإظهارٌ للقبائح، وتكثيرٌ للمشكلات، وبعداً بين الزوجين حتى إن كل واحد منهما له من بني جنسه أو له من أصحابه أن يكون عنده من الأسرار والأحوال الداخلية ما لا يعرفه الطرف الآخر.
وذلك بعدٌ عن هذه الرسالة السامية والصورة المشرقة السامية.
وتأمل معي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يلخص صورة عظمى من صور المتعة الإنسانية في الحياة الدنيوية تصوير في غاية الروعة والبلاغة - : (الدنيا متاع وخيرُ متاعها المرأة الصالحة).
ليس خير المتاع المال الوفير، وليس خير المتاع أي عرض من أعراض الدنيا! وإنما خيره المرأة الصالحة تحفظ المال، وتربي الأجيال، وتعين على الاستمرار في أمور الحياة الدنيوية والأخروية؛ فيكون من وراء ذلك خيرُ في الآجل، وخيرٌ أيضاً في العاجل بإذن الله - سبحانه وتعالى -.
وهذا الوصف قد بينته سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة الصالحة التي سيطول بنا الحديث في لقاءاتنا القادمة عن معنى هذا الصلاح وكينونته.. يقول النبي - عليه الصلاة والسلام - في معنى ذلك : (إذا نظرت إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته).
فهذه المرأة الصالحة العظيمة في أثرها ونفعها هذه الصورة أيضاَ صورة من صور القمة السامية التي بينها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ونعيد مرة ثالثة السؤال إلى العقلاء؛ ليقارنوا بين هذا الوصف النبوي الكريم، وبين هذا التخصيص العظيم، وبين واقع الحال الذي يعيش فيه كثير من الناس.
وأمضي معكم في مقارناتٍ حول أمر الزواج في واقعنا الاجتماعي، ويبدأ هذا الزواج بالاختيار والبحث من الرجل عن المرأة التي يتزوجها، والله - عز وجل - قد جعل لنا موازين واضحة، وجعل لنا تقويماً صحيحاً فقال - جل وعلا - : {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وقال - جل وعلا - : {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
فجعل المقياس في الاختيار هو الصلاح والله - سبحانه وتعالى - بين ذلك على سبيل الإجمال وبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - تفصيلاَ في حديثه المعروف الذي يحفظه كثير منا إن لم يكن كلنا وهو حديثه - عليه الصلاة والسلام - في الصحيح : (تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك).
فهذا المقياس وهذه الأمور الأربعة ذكرت بهذا الترتيب في بعض الروايات؛ إشارةَ إلى الأقل أهميةً، والأبعد في الثبات والاستمرارية، ثم إلى ما بعده.. (لمالها)؛ لأن المال يأتي ويذهب يكثر ويقل ... (ولحسبها) فإن الحسب الحقيقي هو حسب التقوى وحسب الصلاح وحسب الاستقامة ... وبعد ذلك (لجمالها) وهو أكثر جذباً، وأكثر استمراراً وديمومةً، لكنه يفسد - كما سيأتي - بما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بالأكثر استقراراً وتأثيراً في كل ما مضى (ولدينها) وتعليقٌ يؤكد ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وفي سنن الترمذي الأمر المقابل يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةُ في الأرض وفسادُ عريض).
نتساءل أليست الفتنة قد وجدت في بعض المجتمعات ومن خلال بعض الزواجات؟
أليست الفتنة وجدت في غلاء المهور وفي عنوسة البنات، وفي عضل الآباء للبنات وفي فساد الأبناء وشيوع الفاحشة بين كثير منهم؟ أليس ذلك كله لمخالفة ذلك المنهج؟
أقول للعقلاء : فكروا وتدبروا وتأملوا، وكونوا مع أنفسكم صرحاء؛ فإنكم واجدون الجواب أن شيئاً كثيراً من ذلك قد وقع، وأنه يخشى أن يزداد وأن يفشوا وأن ينتشر.. فنسأل الله السلامة من الشرور والفتن.
وأمضي معكم؛ لنرى كيف كانت صور الانحراف عن هذا المبدأ الأساسي في الزواج وهو مبدأ الاختيار.
انظر إلى كثيرٍ من الناس اليوم عن أي شيءٍ يبحث عندما يختار زوجته.
نعلم بلا موارية ولا مخادعة أن كثيرين يبحثون عن المال، وعن الثراء العريض، وهذه - لعمر الله - صفقةٌ وليست زواجاً، وهذه تجارةُ وليست نكاحاً!
فإن هذا الناظر يدخل في صفقةٍ تجارية والصفقة قد تربح وقد تكسب - ولا شك - أن فساد النية من أسباب كسادها وفسادها.
والناظر إلى أحوال هؤلاء ممن ينظرون هذه النظرة ويبتغون هذه البغية أن المال يعود عليهم - عياذاً بالله - نقمة من الله، وأن الزوجة به تتسلط على رقابهم ثم تعيره بأنه إنما أراد مالها، وأنها تنفق عليه وأنها أعطته كيت وكيت.. فيحصل النزاع ويحصل الشقاق وتنقلب الحياة جحيما، ثم تمسك عنها ماله، ثم بعد ذلك يقع ما يقع من وراء ذلك من أمورِ ومشكلات.. لما؟
لأن أساسها الطمع ولأن مبدأها غير قصد الله - سبحانه وتعالى -.
ولا اعتبار عند جمهور العلماء للكفاءة في المال إلا أن يكون بعد الدين؛ فإن كانت امرأتان غنيتان دينتان فينظر؛ فإن إحداهما أغنى فطلب الأغنى مع تدينها فلا بأس.
والأمر الثاني : أمر الحسب
فأهل القبائل لا يزوجون غيرهم وما يقال في كثيرٍ من بيئاتنا.. هذا حضري، وهذا قبليٌ، وهذا سيدٌ، وهذا شريفٌ وجعلوا الناس طبقات وأثاروها في مجتمع المسلمين نعرات ونسوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (دعوها فإنها منتنة).
وقال - عليه الصلاة والسلام - عندما قال بعضهم : يا للمهاجرين! وقال آخر : يا للأنصار! أو قال بعضهم : خزرج! وقال بعضهم : الأوس قال : (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم).
فما هذه الأقوال العجيبة ألم يزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بناته من غير بني هاشمٍ، فزوّج عثمان اثنتين من بناته - عليه الصلاة والسلام - وليس هو من بني هاشم.
أو يدعي أحدٌ من العقلاء - بل حتى من الجهلاء - أنه يفعل فعلاً خيراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أي أمرٍ هذا وقد جاء في كتاب الله - عز وجل - : {فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعياءهم}.
ألم يزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً - وهو من الموالي - شريفةً قرشيةً من أعلى الأسر حسباً ونسباً؟
وقس على ذلك صوراَ كثيرة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن فعل صحابته رضوان الله عليهم.
والله ما ترك هديهم وما ترك نهجهم إلا من ضل سعيهم وخاب فأله وساءت في أخر الأمر عاقبته عياذاً بالله - عز وجل -.
وأمرٌ ثالثٌ وهو : أمر الجمال
الذي خطف كثيرِ من الشباب فهو يبحث عن البيضاء الحوراء الشقراء، ويرسم صورة كأنما ينزل حوريةً من حوريات الجنة؛ لتكون زوجة له في الدنيا.
وأي شيءٍ في هذا الجمال.. إنه ينظر إليه نظرةً واحدة في وقت التجمل والتهيؤ والحياة.. ليست كلها تهيؤُ وتجمل.. فالحياة فيها عناءٌ وكدحٌ وعملٌ وغنىً وفقرٌ.. وكل ذلك له أثره ثم الجمال إن كان على غير دين كان نقمة، ولذلك حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من خضراء الدمن هذه المرأة الحسناء التي تكون في منبه السوء فجمالها يغويه ويطربه ويرضيه وخلقها يسؤه ويفضحه وقد من وراءه مالا تحمد عقباه.
ثم الجميلة إن تزوج بها هذا وهو يبغي جمالها مكلما رأى سوءَ من خلقها دفعه ذلك إلى أن يقبح ذلك الجمال الذي كان يبتغيه وكذلك تدل عليه لعد ذلك بجمالها وتشنع عليه بقبحه وتبدأ المشكلات التي نعرف تكررها وتسلسلها.
ثم إذا بحث أمثال هؤلاء الشباب عن هؤلاء أو عن فتياتٍ ذوات الجمال والكمال في أمور الجمال فما عسى أن يكون نصيب الدينات الصينات الحافظات المحصنات إن كان لم يوهب لهن ذلك الجمال الذي رسمه في عقله هذا الشاب.
ثم بعد ذلك كله انظر إلى موضع الدين بعد هذه النظرات كلها؛ فإنك واجد أنه في أخر الأمور عند كثيرٍ من الناس، وعلى عكس ذلك كان الصحابة وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم ذلك وانتشر ذلك فيما بعده؛ حتى إن الأمر كان عنده أجل وأعظم من أن يكون فيه الحياء الموهوم، أو الخوف المزعوم الذي يدعيه بعض منا، ولم يكن عند صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما نظر النظرة الصحيحة.
فعمر - رضي الله عنه - وهو من هو عندما مات زوج ابنته حفصة سعى يعرضها للزواج على الصالحين، فبدأ بعثمان - رضي الله عنه - وقال له : هذه حفصة إن شئت زوجتكها.
فقال عثمان : أمهلني!
ثم بعد فترةِ من الزمن قال : إني رأيت أن ليس لي حاجة إلى الزواج..
لم يمنعه حياء ولم يقل في ذلك عيبا، ثم مضى واستمر فعرضها على أبي بكرِ - رضي الله عنه - فلم يرد عليه جواباً لا في عاجل ولا آجل قال عمر : فوجدت في نفسي أكثر مما وجدت على عثمان.
ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتزوجها، فلقي أبو بكرِ عمر - رضي الله عنه - وقال له : " لعلك قد وجدت علي في شأن حفصة، أما إني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها ولم أكن لأفشي سره ".
فهذا عمر - رضي الله عنه - يعرض ابنته على الصالحين من المؤمنين.
ومن بعده قصة نعرفها ويعرفها كثيرون، ولا نرى لها في واقعنا فيما أعلم نظيراً ولا مثيلاً ولا محاولةً ولا تشبيها..(52/35)
كان لسعيد بن المسيب تلميذ يدعى (أبا وداعة)، قال أبو وداعة (كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها. قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هلا أحدثت امرأة غيرها؟ فقلت: يرحمك الله ومن يزوجني، وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة، فقال: إن أنا فعلت تفعل؟، قلت: نعم. ثم حمد الله - تعالى -وصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجني على درهمين أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب وكنت صائماً، فقدمت عشاي لأفطر وكان خبزاً وزيتاً. وإذا بالباب يقرع، فقلت من هذا؟ قال: سعيد. ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت، وإذا بسعيد بن المسيب فظننت أنه قد بدا له - أي ظهر له رأي غير الرأي الذي رآه من قبل، أي أنه يريد أن يرجع - فقلت: يا أبا محمد هلا أرسلت إليّ فآتيك؟ قال: لا، إنك أحق أن تُؤتى، فقلت: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلاً عزباً قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك؛ فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها في الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء. فاستوثقت من الباب ثم صعدت إلى السطح فناديت الجيران فجاؤوني وقالوا: ما شأنك؟ فقلت: زوجني سعيد بن المسيب ابنته وقد جاء بها على غفلة وهاهي في الدار فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعرفهم بحق الزوج.
تيسيرُ ما بعده تيسير، وانتقاءٌ واختيار وبحثُ وتنقيب من هذا الجانب الواضح البين، ولذلك كان هذا هو دأب الصحابة، ودأب سلف الأمة رضوان الله عليهم في شأن هذا الاختيار وبيانه وتطبيقه العملي؛ حتى إن الإنسان ليعجب من هؤلاء، ويقول بعض الجهلاء غير العقلاء : " وأنى لمثل هذا أن يقع في مثل هذا الزمان ".
ونقول : أي شيء يمنع منه إن الزواج بشرع الله ليس إلى إيجاباً وقبولاً ومهراً، وما أدرك ما المهر في أحوالنا وفي أحوال من كان في سلفنا رضوان الله عليهم!
وهي وقفتنا الأخيرة في هذا المقام :
يقول عمر - رضي الله عنه - : " ألا لا تغالوا بصداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية " أي نحو خمسمائة درهم.
أي مهرٍ في ذلك الوقت أقل من القليل ودون المتوسط بكثير، وهذا هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعل خيرٍ خيرٌ من فعله، وأولئك هن أزواج محمدِ - عليه الصلاة والسلام - وبناته - صلى الله عليه وسلم -، وليس هناك أفضل ولا أشرف ولا أعلى رتبة في الدين ولا في الدنيا منهن رضوان الله عليهن أجمعين.
ولذلك نخاطب في مثل هذه الأمور العقلاء من الأباء والعقلاء من الأبناء والعقلاء من الأمهات والبنات هذه البنت التي تريد المال وتريد الاسم وتريد السيارة الفارهة، والفلة الواسعة كل ذلك يفنى ويزول.. فانظر إلى ما يبقى وهو تقوى الله - عز وجل -.
وانظر إلى زواج علي - رضي الله عنه - وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو البالغ الذروة في النسب من بني هاشم.. لما أراد النبي - عليه الصلاة والسلام - أن يزوجه فاطمة قال : هات ما عندك لها!
قال : ما عندي يا رسول الله من شيء؟ فقال : أين درعك الخطيمة أعطيها إياها. فتزوجت فاطمة على درعِ لعلي - رضي الله عنه -.
قال جابر - رضي الله عنه - في وصف زواج فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما رأينا عرساً أحسن منه.. حشونا الفراش ليفاً، وأتينا بتمرٍ وزبيبٍ فأكلناه، وكان فراشها يوم عرسها جلد كبشٍ " - رضي الله عنهم - أجمعين.
هذا زواجُ هو زواج بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - خير الأمة كلها - ورئيس الدولة، وملك القوم، وزعيم الجماعة - إلى غير ذلك من الأوصاف التي توزع اليوم، والألقاب التي تتكاثر في هذا الزمان.. هذا كان الوصف الذي كان عليه زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه وتزويجه لبناته.
ولذلك قال النبي - عليه الصلاة والسلام - في حديث المرأة التي عرضت نفسها وطلبها أحد الحاضرين قال :
(التمس ولو خاتماً من حديد).
ولو خاتماً من حديد! أظنه لو جاء اليوم بخاتمٍ من حديد لضرب على رأسه بفأسٍ من حديد..
نسأل الله - عز وجل - السلامة والعافية.
هذه صورُ من المفارقات يحتاج أن يتأملها العقلاء لا لمجرد التذكر أو لمجرد التندر! وإنما بسعي الحثيث إلى ترك كل ما يخالف شرع الله، وإلى التيسير والتسهيل واتباع سنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -؛ لنبرأ من هذه العلل ومن هذه المشكلات والمعضلات التي ما جاءت إلا من كثرة المخالفات..
http://islameiat.com المصدر:
رسالة إلى العقلاء ( 2 )
الخطبة الأولى:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون:
حديث إلى العقلاء..نواصل إرساله إلى الأمهات والآباء وإلى البنات والأبناء في أمر تأسيس الأسرة المسلمة، وفي أمر الزواج الشرعي والسنة النبوية الهادية المرشدة.
وقد سلف لنا بعض هذا الحديث عندما كان الحديث عن الصورة المثلى للزواج، وتكوين الأسرة في منهج الإسلام.
وعندما تحدثنا قليلاً عن أسس الاختيار التي وضعها شرع الله - عز وجل - بإرشاد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - للأمة؛ حتى تأسس الأسرة على أسسٍ قويمة متينة، فيها عوامل الاستمرار والبقاء، وفي ثناياها أسباب النجاح والصلاح بإذن الله - سبحانه وتعالى -.
ونمضي في الحديث مع بعض التوجيه والتركيز على الخطوات التي يمر بها هذا الزواج والتأسيس للأسرة المسلمة لنربط هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكم الإسلام بما هو واقعُ في بيئاتنا وما هو شائعُ بين أسرنا مما يوافق ذلك أو يفارقه ويخالفه.
وأول هذه الخطوات:
خطوة الخطبة:
التي هي بداية الطريق وقد سلف لنا حديثُ في ذلك، إلا أني أجمعه وأزيد عليه واربطه بالواقع لكثرة الشكوى من المخالفات والمفارقات لشرع الله - عز وجل -.
إن المرء - أيها الأخوة الأحبة - إذا أراد سفراً أو إذا عزم أن يشارك أحداً في تجارة؛ فإنه يبذل غاية الجهد والوسع في السؤال والتحري عن رفيق السفر وشريك العمل بصورةٍ ربما وصلة إلى درجة المبالغة.
فهو يبحث عن الأمانة، وعن الصدق والصيانة وعن حسن المعاملة، وعن جميل الوفاء؛ إضافة إلى سؤاله عن الأصل والفصل وغير ذلك.. فكيف يسأل كل هذا السؤال، ويتحرى كل هذا التحري في سفرٍ هو أمرٌ عارضٌ من عوارض الحياة الدنيا ينتهي بمدته، وينقضي بانتهاء رحلته، ويسألك ذلك في أمرٍ من أمور الدنيا.. تجارةٌ يمتد زمنها يطول أو يقصر، تفشل أو تنجح ثم لا يأخذ هذا الأمر فيما هو أجل وأعظم، وفيما هو عند الله - سبحانه وتعالى - أجل وأعظم وأنفع وأحكم.. في أمر الزواج!
ذلك أن كثيراَ من الأسر تفرّط في هذا الجانب، وتقنع باليسر من المعلومات؛ بل ربما تغرها المظاهر ويبعد عنها أمر التقويم الشرعي.. فتقع حينئذٍ في المشكلة، فإذا كانت مشكلة المسافر مع صاحبه يمكن أن تنتهي بأن يذهب كل واحدٍ في سبيله، والتاجر مع شريكه أن يفضا شراكتهما، ويأخذ كل واحدٍ منهما ماله فأين وكيف يمكن بعد وقوع الخلل في عدم التحري والسؤال في شأن الزواج أن ينفصم هذا العقد الغليظ الذي شرعه الله - عز وجل - وأحكمه وغلظه بشرعه وآياته وهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم -!
{وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعضِ وأخذنا منكم ميثاقاَ غليظا}.
ما وصف ميثاقُ بهذا الوصف إلا هذا الميثاق الذي هو عقد الزواج.
فماذا نرى في أحوال كثيرِ من الأسر؟
إنها قد تغتر بالمظاهر الجوفاء - كما مر بنا في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مرّ به الرجل فسأل بعض من كان معهم عنه - وكان رجلاً ذا منظر جميل وهيئة حسنة وثراءٍ ظاهر - فقالوا : إن هذا حريٌ إن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع، وإن خطب أن ينكح!
ثم مرّ أخر - وليس له مثل تلك الهيئة بل هو دونها، لا يتميز بمثل هذه المظاهر الخلابة، والألوان البراقة - فقالوا عندما سألهم النبي - عليه الصلاة والسلام - عنه : مثل هذا حري إن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع، وإن خطب أن لا ينكح!
فقال - عليه الصلاة والسلام - : (إن هذا خيرُ من مائة من مثل هذا) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.
ليبين أن المظهر لا يكفي بل قد جعل الله - عز وجل - المظاهر الفارغة سمتاً من سمات أهل النفاق : {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم كأنهم خشبُ مسندة يحسبون كل صيحة عليم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله}.
ليست هذه المظاهر ينبغ على الآباء والأمهات والأبناء والبنات أن ينظروا إليها فكم رأينا من زواجاتِ فشلت، وأصبحت من وراءها شحناء وبغضاء، وخصامُ ونزاع.. ذلك أن الأب لم يكلف نفسه أن يسأل عن رجلٍ يريد أن يعطيه ابنته بشرع الله؛ لتبقى معه في مسيرة الحياة، وكذلك أحياناً يفعل ذلك الشاب عندما تغره المظاهر.. فلا يسأل عن المخابر وعن ما وراء هذه الظواهر ويقع حينئذٍ هذا العناء والبلاء.
وثانيةٌ من الخطوات ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - لتكون أساساً إلى طريقٍ صحيحٍ يؤدي إلى نتيجةٍ نافعةٍ صالحةٍ بإذن الله - عز وجل -.
في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الإمام مسلم قال : (جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له - عليه الصلاة والسلام - : (أنظرت إليها؟ ) قال : لا قال : (فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا).
وفي روايةِ أخرى عند الترمذي بيان تعليل هذا النظر فقال - عليه الصلاة والسلام - : (فإنه حريُ أن يؤدم بينكما).
(ومعنى أن يؤدم بينكما) أن يحصل الوئام والوثاق والصلاح.
وقال - عليه الصلاة والسلام - : (إذا خطب أحدكم امرأة فإذا استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل). أخرجه أبو داود والحاكم وصححه وحسن سنده الحافظ بالفتح.
قال الجمهور في هذه المسألة : " لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة ". قالوا : " ولا ينظروا إلى غير وجهها وكفيها ".
وهذا القول الشائع عن الجمهور، وهو سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي سأل عنها أصحابه، ثم وجههم إليها، ثم بين لهم العلة فيها، ثم دعاهم إلى فعلها - ولو من طريقٍ غير مباشرة - ما دام القصد هو أن يكون ذلك سبباً من أسباب الوئام والوفاق.
وهنا نجد نظرتان مختلفتان، وواقعان مريران في حياة كثير من الأسر المسلمة :
فمن مُنكرٍ لهذه السنة بفعله، رافض لها بواقعه؛ فهو يرفض هذه الرؤية الشرعية، ويري أن يزوّج الرجل دون أن يرى زوجته إلا في يوم دخلتها.
وكما قلت في شأن السفر - أو في أي أمرٍ عارض - فإنك لا تأبى أن ترتبط بإنسانٍ بأي عقدٍ، أو أي مصلحةِ حتى تراه وتنظر إليه؛ فإن العناوين تبدو أحياناً من وجوهها، وإن النفوس قد تقبل وتنبسط أو تدبر وتنقبض لأمور نفسية لها أثرها سيما في أمور الزواج والعشرة.
وهذا لا شك أنه نوع خطيرٌ من الإعراض عن سنة النبي - عليه الصلاة والسلام -.
وأمر أخر توسع فيه المتوسعون وترخص فيه المترخصون، وتساهل فيه المتساهلون؛ بل قد تجاوزوا كل ذلك حتى ارتكبوا الحرام البين الواضح.
وذلك في شأن : العادة الغربية والتقاليد الكفرية والعادات الديوثية
التي جاءت إلى بلاد المسلمين؛ فزعزعت من حصانة أسرهم، وقوضت بعض عمد حياءهم، فإذا ببعض الأسر لا ترى مانعاَ أن يرى الخاطب مخطوبته، لا يرى وجهها وكفيها، ولا يكفي شعرها وذراعيها بل يخلو بها، ويمضي معها ويختبرها وتختبره كما يزعمون حتى يكون الزواج على أساس متين.. زعموا ذلك وما علموا أن شرع الله هو الحكيم الذي يحكم كل أمر!
وكثيرُ ما تقع من هذا بلايا ورزايا ومشكلاتٍ وفضائح.. نعلم كثيراً منها، ونعرف قصصاً من واقع حياتنا منها.
ومعلوم أن أي أمرِ قبل انعقاده يشعر أو يعمل كل طرفٍ على إنجاحه ولو بأية وسيلة، فصاحب صفقة تجارية إذا أراد أن يبيع قبل البيع زيّن البضاعة، وأظهر محاسنها وسلّط عليها الأضواء، وربما رخّص في سعرها إذا استطاع رغبةً في أن يلزم المشتري بشرائها؛ فإذا اشتراها فلا عليه بعد ذلك إن كان ذا نيةٍ سيئةٍ ما فيها من عيبٍ، وما وراءها من خللٍ.. وغير ذلك.
والأمر كذلك في أمر الزوجين في فترة الخطبة التي هي تسمى فترة اختبار، أو فترة اختيار - كما يزعمون - فإن المرأة تظهر له أحسن ما عندها من معسول القول، وجميل المنظر وحسن الثياب.
وأما هو فإنه يعدها بالوعود الكثيرة، ويظهر لها من شهامته ورجولته وبطولته وغير ذلك.. ما أكثره غير صحيحِ ولا واقع أو على أقل تقدير؛ إنما دفع إليه الرغبة في الوصول إلى ما وراء ذلك من العقد والزواج، ثم تمضي الحياة بحقيقتها ومشاغلها ومشكلاتها ومعاناتها، فإذا هي على غير هذه الوعود الحالمة وعلى غير هذه الخيالات الواهمة، وحينئذٍ يقع الأمر الوخيم، كما وقع في الأول عندما يأتي إلى امرأةٍ لم يرها ولم ينظر إليها، فيدخل عليها فتنقبض منها نفسه، أو يسمع منها قولاً لا يعجبه.. فيجمع هذا إلى هذا فيكون بدايةً في التصدع في بنيان الأسرة أو على عكس ذلك يحصل مثل هذا، ثم يأتي الواقع فيكون على خلافه فيحل أيضاً مثل هذا التصدع وأما الشرع الحكيم؛ فإنه - كما أخبر - عليه الصلاة والسلام - ينظر إلى ما يدعوه إلى زواجها من رؤية وجهها.
وفيه مجمع محاسنها ورؤية هيئتها مقبلةَ ومدبرة؛ ليرى أن ليس فيها من عيبٍ ولا عرجٍ ولا عوجٍ أو سمنٍ أو غير ذلك.. فحينئذِ إذا أقبل فإنه يقبل عن علم وبينة، وإذا امتنع فإنه لا يكون قد هتك ستراً، ولا فضح أمراً، ولا اطلع على عورة.. وهذا هو شرع الله - عز وجل - ينبغي أن نأخذ به، وأن لا نجعل في واقعنا هذه المفارقات التي أتت علينا بكثيرٍ من المشكلات.
وهناك هذا الإفراط وذلك التفريط، وكثيراً ما يتأثر الناس في هذا بالوسائل الإعلامية التي تغزو العقول والقلوب، وتضعضع القيم في النفوس.
وكثيراً ما يقرؤون ذلك على صفحات المجلات، ومن خلال المقابلات وفي بعض الصحف ونحو ذلك ونقول : نحن عندنا من كتاب ربنا، ومن سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ومن حياء نسائنا، ومن كرم رجالنا، ومن عظمة وحسن سلائقنا ما نترفع به عن مثل هذه السفاسف، التي قد اتبعتها أقوام.. فرأينا ما مضى به حالهم، وما وصلوا إليه من الغاية التي يترفع عنها الحيوانات ومن ليسوا من البشر من غير أصحاب العقول.
كل ذلك داخل في عموم قوله - جل وعلا - : {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةَ ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}.
فكل مخالفة لأمر الله إنما هي مشقة وعناء، وكل تنكب لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو فتنة وبلاء، والحق كل الحق، والخير كل الخير، والصلاح كل الصلاح فيما جاء عن الله وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وثالثةِ من الخطوات المهمة أخبرنا به النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما صح عنه عند الشيخين - أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : (لا تنكح الأيم حتى تستأمر وتنكح البكر حتى تستأذن).
إلى العقلاء من الآباء والأمهات شرع الله جعل للبنات في أمر زواجهن رأياً، وجعل لهن فيه خياراً بل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو أعظم من ذلك كما ورد في الحديث، عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها من دون إذنها - وهي ثيب - فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك، فردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكاحها.
وذلك لأن أمر القبول والإيجاب هو أساس هذا العقد وليس الإيجاب كافياَ من قبل الولي! بل لا بد أن يكون من قبل المرأة نفسها ثيباَ كانت أو بكرا وليس بضرورة التصريح بذلك بل يكفي فيه ما يشر بالرضا والقبول إشعارا ظاهرا بيناَ لا شبهة فيه.
بل يحسن بولي الأمر من الأبي أو الأم أن ينوع السؤال، وأن يعطي فترةً من الإمهال، وأن يعاود مرة أخرى التحسين أو التقبيح، أو عرض المحاسن والمساوئ، أو عرض المزايا أو غير ذلك؛ حتى تكون البنت على بينة من أمرها، غير مغلوبةٍ على رأيها، ولا مقهورة في زواجها؛ فإنه إن وقع ذلك كان أيضاً سبباً من أسباب الشقاء والبلاء في غالب الأحوال.
ولذلك هذا الأمر أيضاً ينبئنا عن عظمة هذا الدين، وعن أخذ الأسباب الكفيلة بكل ما يحقق أسباب النجاح لهذا الزواج، ومن ذلك اعتبار رأي المرأة والبنت في هذا.
وهنا أيضاً أمران آخران فيهما تطرف أو إفراط وتفريط؛ فمن مجبرٍ للبنت على زواجها، لا تعرف من زوجها حتى اسمه، ولا اسم أهله، ولا وظيفته ولا عمله المهم أن يرضى عنه أباها، وأن يعرف ما سيغنم من مالٍ إذا كان ينظر إلى هذا، ثم لا تلبث أن تفاجأ بهذا الرجل الذي لم تعرف عنه شيئاً أو لم تقبل به بصورةٍ أو بأخرى.
وأمرٌ أخر هو أن يترك للبنت كامل الحرية من غير أن يُعطى لها ما يقسم عاطفتها من الانجراف؛ فإن بعض بنات اليوم تؤثر عليهن العاطفة من خلال بعض الأساليب غير الشرعية، التي قد تقع أحياناً فثمة مكالمات، وثمة مراسلات ومخاطبات، وثمة إغراءاتٍ واغواءات تقدّم من الأبناء للبنات، ومن الشباب للشابات، فإذا جاء هذا الخاطب رضيت به، وأصرت عليه دون أن تستمع إلى مقتضى الشرع، أو إلى ما يستلزمه العقل، أو إلى ما ينصح به الأب.. فنقول للعقلاء من البنات ليس الأمر دائماَ هو هذه العاطفة المشبوبة ولا هذه الكلمات المكتوبة ولا تلك العبارات المعسولة؛ فإن الأمر أعظم من ذلك وإن الحياة الزوجية أجل من أن يقرر فيا بمثل هذه الأساليب العاطفية.
فلذلك ينبغي للأب أن يعطي للبنت حريتها في أخذ قرارها لكنه ينبغي أن يخلص لها رأيه، وأن يعطيها خبرته ولذلك جاء الشرع الحكيم باشتراط الولي في عقد النكاح؛ حتى لا يغرر بالمرأة.
وكم نرى اليوم فيما يعرض على الناس في كثيرِ من الأفلام والتمثيليات.. أن فلانة أحبت فلان، وأن أباها منعها منه، وقد يظهر في سبب المنع حجة واضحة، أو دليلُ شرعي، أو أمرُ عقليُ مقنع.. ومع ذلك تقفز هذا الحاجز! وتذهب - كما نرى ونسمع - مع ذلك الرجل لتتزوج كيف شاءت، ونعجبُ من أمورٍ ليس لها أثرٌ، ولا قولٌ في الشرع إلا ما خالف أو شذ، فتجده يقول لها ذلك العاقل : قولي زوجتك نفسي، فتقول زوجتك نفسي، وكأننا في تمثليةٍ حقيقيةٍ، وليس في واقع من أمور الحياة والتي ينبغي أن نعرفها.
هكذا نرى لما اشترط الولي ليعصم المرأة من عاطفتها التي قد تفقدها صواب الرأي.
وهذا أمرُ وسط ينبغي أن يكون على هذا النحو، فلا تقهر وتجبر ولا يترك لها الحبل على غالبه من غير نصيحةِ ومن غير إرشادِ حتى تدرك هذه الحقيقة.
وكم وقع من هذا ومن هذا كثير من المشكلات أيضا.
وأمرٌ رابعٌ نراه في واقع حياة كثير من الناس في شأن الخطبة وهو أمر : العادات و التقاليد
التي ليست من شرع الله - عز وجل - وإنما في بعضها تقليدٌ أعمى لما جاء من الغرب أو من الشرق أو من بلاد الكفر هنا أو هناك.
وليس الأمر في ذات هذه الأعمال أو العادات، وإنما فيما استقر في نفوس الناس إما من تعظيمها أو من محبتها أو من فرضيتها ولزومها أو من اعتقاد أمور متعلقةِ بها.
ومن ذلك ما هو معلوم من خاتم الخطبة، أو ما يسمى بـ " الدبلة " أو غير ذلك إنه لا بد منها، وكأن الخاطب لا يعتبر قد خطب شرعاً، ولا قد عقد شرعاً إلا أن يأتي بمثل هذا الخاتم، ويعتبرونه رابطاً فإذا سقط يوماً فكأنما سقط هذا العقد، أو كأنما فسخت هذه الخطبة، وبعضهم يرى في ذلك حضارةً وتقدماً إن كانت هذه هي المزايا.. هذه هي النوايا وهذه هي التوجهات فلا شك من خطأها ومخالفتها؛ لأنها تقليدُ واتباعُ وتشبه بأهل الكفر أو أهل الفسق؛ ولأن فيها معانٍ ملزمةٍ غير ما ألزم به شرع الله - عز وجل -.
وكذلك بعض الأمور التي يفعلها الناس تيمناً أو بركةً، فنحن نقول : إن التزام الشرع أعظم يمناً وبركة - كما يقال - في كثيرٍ من العقود أو الخطب نقرأ الفاتحة، ويرون أن قراءة الفاتحة إحكامٌ للخطبة، أو إبرامٌ للعبد.. أو نحو ذلك!
نقول قد سن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الأمور الدعاء المشروع باليُمن والبركة، والرجاء في إتمام الأمر.
وبعد أمر الخطبة نجد :
أمر العقد:
وهو الذي شاع أيضاَ في مجتمعاتنا بمسمى " الملكة " وهذه أيضاً يطول الحديث عنها.. أوجز بعضاً منها، ولنا معها ومع غيرها من أمور الزواج بقية حديث إن شاء الله - تعالى -.
من أهم هذه الأمور التي ينبغي التنبه لها والحذر منها والابتعاد عنها : طول الفترة بين العقد والدخول
بالزوجة.
فأحياناً تطول هذه الفترة ليست فترة أسابيع ولا شهور.. بل تمتد إلى سنوات! وهذا لا شك أن فيه خللاً وخطراً.
أما الخلل؛ فإن العقد الشرعي هو الذي يقع به الزواج وتحل به الزوجة لزوجها، ويبقى بعد ذلك العرف وإعلان النكاح والدخول.. فتأخيره لغير سببٍ شرعي هو فصمٌ للمرأة عن زوجها، أو هو منعٌ لإمضاء العقد الشرعي الذي فيه المصلحة وفيه العفاف والحصانة.
وثاني الأمور في هذا الخطر : أن زيادة الألفة مع طول العشرة مع كثرة الخلطة قد يقع به.
وهذا قد وقع كثيراً قد يقع به الممنوع في أثناء هذه الفترة المعاشرة بين الزوجين.
ثم إما أن يمضي الأمر بسلامٍ، وإما أن يكون ذلك الرجل ذئباً خاطفاً سارقاً، فيترك هذه الزوجة ويطلقها بعد أن أخذ شرفها، ونال عفتها، أو أن يحصل أيضاً من وراء ذلك تأخيرٌ، ثم يحصل حملٌ، ثم تأتي الشبه والتهم.. وقد وقع من ذلك قصصُ عرفت أصحابها جاءوا يستفسرون أو يشكون أو يستفتون، أو يطلبون مخرجاً؛ فإن بعضاَ منهم قد يقع منه ذلك، ثم يشك أهله أو أهلها في أن أمر هذا النكاح أو أمر تلك المعاشرة لن يكن من الزوج لزوجته، ولا من العاقد على من عقد عليها، وهنا تقع كثيرُ من الخصومات والشقاقات والنزاع.. وقد رأينا في الجمعة الماضية كيف زف سعيد بن المسيب - رحمة الله عليه - ابنته في يوم عقدها مباشرةَ من غير كلفةِ ولا عناءِ ولا مشقةِ إلى زوجها حتى لا يمنع الزوج من زوجته.
فكثرة أو مطول هذه المدة فيه خطر وفيه غرر.
وكذلك الترخص الكثير الزائد وإن كان العقد من حيث الشرع قد أباح المرأة لزوجها إلا أن أمر العرف والإعلان الدخول له أثره في الحكم الشرعي، فينبغي عدم الترخص الزائد حتى لا تقع مثل هذه الأمور.
وأيضاً في العقد أمور أساسية، ومنها كما نعلم : المهر(52/36)
فإنه لا يصح عقد بدون مهر، وقد مر بنا حديث عن المهر في حديثنا السابق، وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي بسند حسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسر صداقها).
فمن أسباب النجاح وحصول الوئام - بإذن الله - عز وجل - أمر تيسير المهر، وقد مر بنا مهر النبي - عليه الصلاة والسلام - لأزواجه ومهر بناته رضوان الله عليهن أجمعين.
الخطبة الثانية:
أما بعد أيها الأخوة المؤمنون :
ومن الأمور المتعلقة بالمهر والصداق : أمر الشروط، وخاصة أمر المؤخرات
التي يشترطها الأباء أو تشترطها الزوجات وهذا أحياناَ يفعله كثيرُ من الناس بحجةِ يرونها صحيحةَ وهو أنهم يجعلون المؤخر عند الطلاق أو عند الانفصال مبلغاً ضخماً من المال لما يفعلون ذلك؟
قالوا : " حتى إذا فكر في الطلاق فكر فيما وراءه من هذا المال فيحجم عنه ".
يريدون بذلك حفظ حق ابنتهم أو حفظ حياتها الزوجية! وما علموا أن الأمر ليس كذلك، وإنما الأمر بالتدين ومراقبة الله - عز وجل -، واتباع الشرع الحكيم واقتفاء سنة المصطفى - عليه الصلاة والسلام -.
أما من لم يردعه خوف الله ولا مراقبة شرع الله، فلن يردعه شيءٌ من هذه الأمور والشروط؛ فإنه يحتال عليها وأقل ذلك أن ينكد على المرأة عيشتها وأن يريها كما يقولون نجوم الليل بالنهار، وأن يفعل لها الأفاعيل، وأن يسيمها سوء العذاب؛ حتى تطلب فكاكها منه ولو بأن تدفع له بدلاَ من أن يدفع لها.
فليس مثل هذا يقع به هذا الأمان أو ذلك الضمان.
وأمر أخر أحياناَ يجعل مثل هذا المؤخر إن كان مقسطاً وكثيراً وعظيماً، يجعله عبئاً على الزوج كلما ذكره أو تعسر عليه؛ فإن هذا العسر وذلك الضيق والتبرر يصبه غضباً على الزوجة، يدعو فيه عليها بالويل والثبور وعظائم الأمور، ثم قد يتجاوز ذلك فيسب أهلها أو ينالوا منهم.. لماذا؟
لأمر هذا المؤخر.
وليس في ذلك من الناحية الشرعية حرمة بل المفروض هو المراعاة التي يحصل بها الوئام بين الزوجين، ولا يقع مثل هذا النزاع مع العلم بأن هناك أمراَ عظيماَ خطيراَ ينبغي التنبه له وقد صح في حديث البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج).
أي أحق الشروط في الوفاء شروط عقد النكاح.. فمتى قبل شرطاً أو قبلة شرطاَ فإن الوفاء به لازمُ.
وفي معجم الطبراني الأوسط والصغير بسندِ رجاله ثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (أيما رجلٍ تزوج امرأته على ما قلّ من المهر أو كثر، وليس في نفسه أي أن يؤدي إليها حقها خدعها فمات ولم يؤدي إليها حقها لقي الله - عز وجل - يوم القيامة وهو زانٍ).
فهذه شروطُ استحلت بها الفروج، وعقدٌ غليظٌ لا بد من الوفاء به، وإذاً لا بد من نصيحةٍ مهمةٍ في هذا المقام :
لا تترخص أيها الزوج - أو أيها الولي - فتقبل بشرطٍ وأنت ترى أنك لا تستطيع الوفاء به، أو تقول بعد ذلك يحله الحلال أو تريد في نفسك ألا تفيء به وإنما تريد أن يمضي العقد وأن يتحقق الزواج.
أحياناً يرى الأب في هذا الرجل زوجاً مناسباً وكلما شرط شرطاً وافقه لأنه يريد أن يزوجه.
أو يرى الزوج في المرأة زوجةً مناسبة فكلما شارط شرطاً وافق عليه ليتزوجها، ثم بعد ذلك لم ينتبه لعظمة هذه الشروط، وأيما شرطِ وافق شرع الله - عز وجل - وجب الوفاء به.
فينبغي أن لا يكثر الأولياء من الشروط المعقدة، وأن لا يتساهل الأزواج في قبولها إذا علموا أنهم لا يستطيعونها؛ حتى لا تكون هذه الشروط حجر عثرة في أمر الزواج وفي مسيرة الحياة.
وهذا أمرُ يقع به دائماً كثيرُ من النزاع والخلاف فينبغي التنبه له، وهذه بعض المسائل اليسيرة في أمر العقد ولنا تتمة حديثٍ إلى العقلاء إن شاء الله - عز وجل -.
http://islameiat.com المصدر:
ـــــــــــــ
لماذا يتأخر زواج الفتيات ؟
سلام الشرابي
عانس كلمة كالصفعة تطلق في وجه فتاة مضى بها السن دون أن تلتقي بنصفها الآخر..
تزداد نسبة العنوسة في الآونة الأخيرة في كثير من الدول العربية حيث تكشف الأرقام عن تنامي ظاهرة العنوسة في مصر فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أنَ عدد المصريين الذين بلغوا الثالثة والثلاثين ولم يتزوجوا بعد بلغ 8 ملايين و963 ألفاً منهم نحو 4 ملايين امرأة.
أما عدد الذين بلغوا سن الزواج ولم يتزوجوا فقد تخطي ال 13 مليون.وفي الكويت اقتربت نسبة العنوسة من 30% حسب إحصاءات رسمية وقد بدأ الشباب الكويتي يتردد في الإقدام على الزواج نظراً للأعباء الاقتصادية التي تترتب عليه.
وفي السعودية أكدت إحصائيات صادرة عن وزارة التخطيط أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي الثلث من الفتيات السعوديات في سن الزواج وأن عدد اللاتي تجاوزن سن الثلاثين بلغ أواخر 1999 مليون و529 فتاة.
ولكن ما السبب، وإلى من توجه أصابع الإتهام؟..
- قد تتأخر المرأة في الزواج برغبة منها، وبصورة اختيارية في بعض الحالات خاصة عندما تنوي اختيار ما يتماشى مع طموحاتها وتطلعاتها.
- مبالغة بعض الفتيات في الشروط حول حفل الزفاف والبيت والسيارة والمهر وعندما لا يستطيع الشاب توفير هذه الشروط ترفضه وقد يمر بها العمر من دون أن تجد من يوفر لها هذه الشروط.
-ضعف استعداد بعض الفتيات وتأهيلهن في المرحلة الجامعية لاتخاذ القرار وتحمل مسؤولية الزواج بالأخص في مراكز المدن إذ تتغير أفكارهن تجاه أهمية الزواج في حياتهن كذلك يتأثرن في مواصفات الزوج المفضلة لديهن.
- خروج بعض الفتيات عن الحشمة في ملابسهن ووضع مواد التجميل الصارخة والخروج بها إلى الأسواق وغيرها مما يؤدي إلى تجنب الخطّاب لها فالشاب رغم أنه قد يعاكس تلك الفتاة إلا أنه عندما يرغب بالزواج لن يختار إلا المحتشمة التي لم تطلها العيون.
- التغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمعات الخليجية والعربية ومنها عدم التواصل بين الأقارب والجيران.
- رفض أهل الفتاة لعريس ترغب الارتباط به ومحاولتهم إجبارها على الارتباط بمن يرونه مناسبا لها من وجهة نظرهم.
- غلاء المهور والنفقات العالية لإتمام الزواج وإنفاق المبالغ الهائلة للاستعداد لحفل الزواج ومتطلباته، مما يؤدي إلى عجز الشباب عن تلبيتها فيجد نفسه بين أمرين إما الارتباط مع تحمل الديون أو العزوف عن إتمام الزواج.
- وصول المرأة إلى مراحل متقدمة في التعليم قد يجعل الرجل يحجم عنها ولا يرغب بها كونها قد تضع نفسها موقع الند مع زوجها ورغبته في الارتباط بصغيرة السن قليلة العلم اعتقاداً منه أنها أكثر طاعة ويمكن تشكيلها على الصورة التي يرغبها.
- رغبة الفتيات في إكمال الدراسات العليا ونهل العلم بينما لا يحبذ الرجال الارتباط بمن هن أكثر تعلماً منهم مما يجعلهن عرضة للبقاء من دون زواج.
- ضعف رغبة الشباب في إكمال التعليم العالي مما يحدث فجوة بينهم وبين رغبة الفتيات في الحصول على درجات عليا للتعليم وهو ما أشارت إليه إحصاءات دراسة أجراها مجموعة من الباحثيين في إحدى دول الخليج أن 28% من العينة أيدوا أن يقل مستوى تعليم المرأة عن تعليم الزوج، بينما أيد وفضل 53% منهم تساوي تعليم المرأة والرجل وأكد 79% منهم وجود أزمة زواج بين الذكور والإناث بسبب غلاء المهور واختلاف وجهات نظر الشباب.
- تعرض الفتاة والشاب إلى المؤثرات الإعلامية كالبرامج الفضائية (المسلسلات أو النجوم) والتي تغير من تطلعاتهم إلى الزواج.
- عمل الفتاة وتبوؤها المناصب العليا يولد تخوف عند الخاطب من الإرتباط بها لما يحمله شباب مجتمعاتنا من اتجاهات خاطئة تجاه المرأة العاملة وبالذات التي تتقلد المناصب العليا تجاه أفكارها وسمات شخصيتها وكونها ناجحة كزوجة.
هناك معايير تختلف..
وتعلق الدكتورة فائقة حبيب على السبب وراء تأخر زواج الفتيات إلى أن هناك معايير اجتماعية وهي تختلف من مجتمع إلى آخر ومن زمن إلى آخر وفقاً للمتغيرات التي تصاحب المجتمع ثقافياً واقتصادياً وتربوياً ومنها المعايير البيولوجية للمرأة والتي تترواح بين 15 سنة و35 سنة اقتران بسن الإنجاب.
ومعاير تربوية منها إنهاء الفتاة مستوى تعليمياً معيناً يمكنها من التكيف والتوافق مع زوجها والبيئة المحيطة بها لا سيما ونحن في زمن الانفتاح الثقافي المعرفي ويمكنها من تنشئة أولادها بيسر وسهولة.
منها أن العمل يؤثر بصورة مباشرة في تأخر زواج الفتاة بسبب انغماس المرأة في العمل ورفضها العديد من المتقدمين والخطاب ويرجع هذا إلى أسباب عدة منها
كثرة الأحلام والطموحات إلى زوج المستقبل والاعتقاد الخاطئ لدى بعض الفتيات أو أولياء أمورهن من أن الخاطب لديه أطماع في الراتب لذلك يتم فرض شروط عدة من الفتاة أو ولي أمرها بهدف ضمان استقلاليتها الاقتصادية.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــ
عشر مفاجآت في كل حالة زواج
جاسم المطوع
نعم إن في الزواج مفاجآت لمن لم يستعد له أو لمن لا يعرف حقيقة الزواج ومستقبله، فكل واحد منا كان همه في البداية أن يتزوج ويستقر، فلما تحقق هدفه بدأ يكتشف أموراً كثيرة تشككه في نجاح زواجه واستمراره، فلهذا أردت أن أكتب (10) مفاجآت لكل متزوج لابد أن يعرفها حتى يزداد سعادة واستقراراً.
المفاجأة الأولى:
يشعر المتزوج أحياناً (بالوحدة) على الرغم من وجود الطرف الآخر والأولاد في حياته، وهذا أمر طبيعي في كل حالات الزواج، فلا يظن من يشعر بذلك أن زواجه غير سعيد أو أن حياته الاجتماعية خاطئة، بل الشعور بالوحدة أحياناً أمرٌ طبيعي.
المفاجأة الثانية:
يشعر المتزوج أحياناً بالفتور وعدم الشعور (بالحب الناري) تجاه الطرف الآخر، وهذا كذلك أمرٌ طبيعي في كل حالات الزواج، دوام المحبة بدرجاتها العالية أمرٌ مستحيل وللنفس إقبال وإدبار، والعلاقة العاطفية تمر بحالة مدّ وجزر.
المفاجأة الثالثة:
التغيّر الذي يطرأ على أحد الزوجين في الاهتمامات أو الشكل أو الهوايات أو القراءة، هذا أمر طبيعي في كل إنسان، وهذا دليل تقدّم الإنسان بالعمر ونضجه في الحياة، فلا ينكر أحد الزوجين على الآخر هذا التغيير، وإنما هو أمر طبيعي.
المفاجأة الرابعة:
ليس بالضرورة الاتفاق على كل شيء في الحياة العائلية بين الزوجين، فبعض الأزواج يؤذيه كثرة الخلاف في الآراء بين الزوجين، وهذا أمر طبيعي وموجود في كل حالات الزواج، لأن ذلك من طبيعة البشر، ولكن السعادة في أن نتعلم كيفية التعامل مع الخلاف.
المفاجأة الخامسة:
يصطدم الزوجان عندما يكتشفان أن ليس لكل مشكلة حل، وهذه مفاجأة كبيرة بالنسبة لهما، لأنهما كانا يتوقعان أن لديهما القدرة على علاج كل المشاكل ونسيا أن الزمن في كثير من الأحيان هو جزء من العلاج.
المفاجأة السادسة:
تمر حالات على الزوجين لا يكن بينهما اتصال جنسي لأكثر من اسبوعين ويتوتر كل واحد منهما لهذا الأمر، بل ويفكر في قرب انتهاء العلاقة الزوجية، ولا يعلمان أن هذا أمر طبيعي يحدث مع كل زوجين، فأحياناً يكون للنفس إقبال على حسب الظرف والاستعداد النفسي، وأحياناً يكون فيها إدبار.
المفاجأة السابعة:
يتوقع كل زوج أنه يستطيع أن يخفي الكثير عن الطرف الآخر، ولكن المفاجأة تكون بأن الحقائق والأسرار في الغالب يكشفها الطرف الآخر، وهذه تكون غالبا في جميع حالات الزواج.
المفاجأة الثامنة:
يعتقد الزوجان أن أيام الزواج ولياليه كلها سعادة ومتعة وفرح ويصطدمان عندما يكتشفان أن الأيام متقلبة بين الحلو والمر، وهذه مرحلة يمر بها جميع الأزواج.
المفاجأة التاسعة:
إن كل واحد من الزوجين يعتقد أنه يضحي للآخر أكثر من الآخر، وعندما يتحاوران يكتشفان أن كل واحد منهما يرى أنه أكثر تضحية، و هذه حالة يمر بها أغلب حالات الزواج، فلا بد من التضحية حتى يسعد الزوجان من بداية الزواج حتى نهايته، فليس للتضحية عمر محدد.
المفاجأة العاشرة:
اتركها للقارئ فيكتب عن حياته الخاصة ما اكتشفه بأنه مفاجأة، وفي الحقيقة هو أمر يمر به أكثر الأزواج، ولكنى كتبت في هذا المقال من واقع مشاهداتي وتجاربي في التعامل مع الأزواج، ولو عرف كل زوجين هذه المفاجآت لكانت حياتهما أكثر سعادة ومتعة.
http://www.naseh.net المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج مشاركة
د. سامي السويلم
الزواج مشاركة، هذا ما قرره فقهاء المسلمين منذ قرون، وهو النتيجة التي توصل إليها الاقتصاديون اليوم.
فقد ذكر السرخسي (483ه) - رحمه الله - أن "عقد النكاح عقد ازدواج"(1) والمراد بالازدواج معنى المشاركة.
وذكر القرافي (684ه) - رحمه الله - "أن الزوج والزوجة كالشريكين المتعاونين على المصالح"(2).
وأشار شيخ الإسلام (728ه) - رحمه الله - إلى خلاف الفقهاء في تكييف المعقود عليه في النكاح، وذكر القول بأن المعقود عليه: "هو الازدواج"، وأن "العقد نفسه من جنس المشاركة التي يعبر عنها بالازدواج"، ولذلك فرق الله - تعالى - بين الازدواج وملك اليمين بقوله - سبحانه -: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم)(3).
وذكر الحافظ ابن رجب (795ه) - رحمه الله - أن شيخ الإسلام يميل إلى هذا القول. وعلق على ذلك الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - (1421ه) بقوله: "والذي مال إليه ابن تيمية هو الصحيح: أنه من باب المشاركات(4)." هذه نظرة فقهائنا إلى عقد الزواج منذ أكثر من 900 سنة، إنه علاقة مشاركة بين الرجل والمرأة، ليست علاقة استبداد ولا استعباد ولا استغلال.
وإذا كانت المشاركات المالية هدفها تنمية المال، وإذا كانت المزارعة والمساقاة مشاركة هدفها تنمية الحرث والزرع، فإن الزواج مشاركة هدفها أعظم من ذلك كله: إنه تنمية الإنسان، كمًّا وكيفًا.
وكما أن شركة المال تقوم على التكامل بين الشركاء؛ فهذا يشارك ببعض المال، وهذا بالبعض الآخر، وذاك يشارك بجانب من جوانب العمل، والآخر بجانب آخر، فكذلك الزواج: مشاركة قائمة على التكامل بين الزوجين. كل منهما يشارك بالجانب الذي يحسنه ويستطيع أن ينفع به الآخر.
وكما أن شركات الأموال لا بد فيها من توزيع الحقوق والمسؤوليات بين الشركاء، وإلا دبّ بينهم الخلاف وضاع المال وفسدت الشركة، فكذلك الحال بالنسبة للزواج، لا بد فيه من تحديد مسؤوليات كل من الطرفين وواجباتهما. ولذلك أوجب الشرع للزوجة حقوقاً على الزوج، وأوجب للزوج حقوقاً على الزوجة (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة).
إن هذه النظرة للعلاقة بين الرجل والمرأة لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه المرأة في الغرب (الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصًا) إلى مطلع القرن العشرين، أي قبل مئة سنة فقط. كانت المرأة المتزوجة لا تملك حق التعاقد، ولا حق البيع والشراء، ولا حق المقاضاة أو التقاضي، ولا حتى كتابة الوصية!(5) كان الاعتداء على المرأة يُعدّ اعتداءً على حق من حقوق الرجل، واغتصابها يمثل اعتداء على حق الرجل فيها. وإذا عملت المرأة فإن الأجر الذي تقبضه ملك للزوج وليس ملكًا لها. وبعد التغير الجوهري الذي طرأ على الغرب في نظرته للمرأة، صار لها من الحقوق نحو ما للمرأة المسلمة قبل 1400 سنة. وليس بعيدًا أن تغير نظرة الغرب كان متأثرًا بالحضارة الإسلامية، التي ثبت تأثيرها في الغرب في جوانب متعددة.
واليوم يرى الاقتصاديون أن علاقة المرأة بالرجل علاقة مشاركة (marriage is a share contract).(6) ويتم تحليل العقد ودراسته من هذا الجانب. أي أن مفكري الغرب وصلوا اليوم إلى ما وصل إليه علماء الإسلام قبلهم بقرون متطاولة.
أليس من حقنا أن نعتز بهذا التاريخ وبهذه الحضارة؟ أليس من واجبنا أن نقول للعالم: إنا نملك نظامًا سبق الجميع في حفظ الحقوق وإقامة العدل؟
بلى؛ ولكن الأهم من ذلك أن نحول هذا التاريخ وهذه المبادئ إلى واقع عملي نعيشه نحن أولاً، قبل أن ندعو إليه الآخرين، لتكون دعوتنا قولاً وعملاً، وليست قولاً فحسب.
______________________
1 المبسوط 5/109.
2 الذخيرة 13/34.
3 نظرية العقد ص186، 188.
4 القواعد 2/289.
5Geddes and Lueck (2002) "The Gains from SelfOwnership and the Expansion of Women's Rights،" American Economic Review، Sep.
6 Allen (1992) "What Does She See in Him? The Effect of Sharing on the Choice of Spouse،" Economic Inquirey، Jan.
http: //www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــ
وصايا لمن أنعم الله عليه بالزواج
الحمد لله رب العالمين القائل (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [21 الروم].
والصلاة والسلام على من أرسل رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين..
اعلموا يا رعاكم الله أن الزواج آية من آيات الله الدالة على عظمته وكمال قدرته ذلك أن خلق لأجلكم من جنسكم أيها الرجال أزواجاً لتطمئن نفوسكم إليها وتسكن، وجعل بينكم محبة وشفقة، إن في خلق الله ذلك لآيات دالة على قدرة الله ووحدانيته لقوم يتدبرون..
وهذه وصايا لمن أكرمه الله بهذه النعمة العظيمة..
أولاً: سلامة النية: فالنية هي أساس الأمر ولبه،، فبصلاحها يتحول العمل من عادة إلى عبادة، فاتفقا على أن يعقدا قلبيهما على نية صالحة في زواجهما؛ بأن ينطلقا في حياتهما الزوجية من المنطلقات التالية:
الاستجابة لأمر النبي..- صلى الله عليه وسلم - لشباب أمته بالمبادرة إلى الزواج في مثل قوله (يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..) وكذلك احتساب إحصان الفرج وغض البصر وإعفاف النفس.
احتساب أجر إقامة البيت المسلم وفق منهج الله واحتساب إنجاب الذرية الصالحة التي توحد الله واحتساب تربيتهم التربية الإسلامية؛ لعل الله أن يخرج منهم من يحمل همّ هذا الدين، ويقوده إلى النصر والتمكين فإذا عقد الزوجان قلبيهما على هذه النية: صارت كل لحظة من حياتهما الزوجية عبادة يؤجران عليها، فيا لها من أجور عظيمة.
ثانياً: التعاون على الطاعة: بأن يحض كل منهما الآخر على عمل الخير ويشجعه عليه، قال: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلي فأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء).
ثالثاً: إقامة البيت المسلم والأسرة المسلمة وفق شرع الله وسنة نبيه..- صلى الله عليه وسلم -..، فلا يقْدِمان على خطوة إلا بعد أن يعلما حكم الله ورسوله فيها، فإن علماه لم يُقَدّما عليه شيئاً أبداً: عرفاً، أو عادة، أو هوى، ويستعليان بعقيدتهما، ويقفان بصلابة أمام التيار المضاد.
رابعاً: بناء حياتهما على المحبة والرحمة والمودة والعشرة الحسنة، امتثالاً لأمر الله ورسوله.
خامساً: لا تمنع المحبة والعشرة بالمعروف بين الزوجين من أن يكونا حازمين مع بعضهما في التربية والتوجيه وخاصة من ناحية الزوج، فمحارم الله - عز وجل - لا مداهنة فيها، والتقصير في الأمور الشرعية لا يمكن السكوت عنه.
سادساً: أن يكونا لبعضهما كما كان أبو الدرداء وأم الدرداء..رضي الله عنهما.. كانت إذا غضب سكتت واسترضته، وإذا غضبت سكت واسترضاها، وكان هذا منهجاً انتهجاه من يوم زواجهما، وياله من منهج حكيم، فكم من البيوت هدمت، وكم من الأسر انهارت بسبب غضب الزوجين معاً وعدم تحمل أحدهما للآخر.
سابعاً: الزوجان بشر: ومن طبيعة البشر الخطأ والنقص، فإن وقع الخطأ والتقصير من أحد الزوجين في حق الطرف الآخر - إذا كان من الأمور الدنيوية - فعلى الطرف الآخر الصفح والعفو، فلا ينسى حسنات دهر أمام زلة يوم، وعليهما أن يغضا الطرف عن الهفوات الصغيرة مع التنبيه بأسلوب لطيف ليس فيه جرح للكرامة أو إهانة.
ثامناً: المشكلات والعيوب والنقائص تبقى بين الزوجين فلا يطلع عليها الأهل والأقارب؛ لأن هذه الحياة حياة سرية ولا بد أن تبقى بين الزوجين، فالغالب على هذه المشاكل أنها إذا خرجت عن نطاق الزوجين فإنها تتطور وتتعقد.
تاسعاً: أخيراً اتفق الزوجان أن يوضح كل منهما للآخر من أول يوم أهدافه في الحياة على المدى البعيد والقريب والوسائل التي يستخدمها للوصول إلى هذه الأهداف، فيكون لهما أهداف مشتركة يتعاونان عليها، كما يكون لكل منهما أهداف خاصة به، ولا بأس من أن يطلع زوجه عليها لكي يساعده عليها؛ ولا يقف حائلاً بينه وبين تحقيقها.
ولن أنسى أن الزوجان المباركان إذا وضعا هذه الأسس نصب أعينهما، وسجلاها في ورقة يكون مع كل واحد منهما نسخة منها، بحيث تكون ميثاقاً بينهما يراجعانه بين الحين والحين، واتفقا بألا تكون هذه الأسس والمعالم حبراً على ورق، بل تتحول إلى واقع يحاولان تطبيقه قدر المستطاع، ويذكر أحدهما الآخر بأن المسألة صعبة تحتاج إلى مجاهدة وصبر وتربية، وتعاهدا على المحاولة الجادة لتنفيذها.. فهذه معالم مباركات لكل زوجين وكل شاب وشابة مقبلان على الزواج، ينشدان السعادة الزوجية.. والله الموفق.
وختاماً: أسأل الله العظيم أن يكرمنا بعفوه ومغفرته.. اللهم وفقنا لصالح الأعمال.. اللهم يا حي يا قيوم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك..
http://www.emanway.comالمصدر:
ـــــــــــــ
باقة من بستان النصح في ليلة أنس وعرس
الحمد لله الذي خلق من كل شيء زوجين وجعل الزواج سنة الله في خلقه وآية من آياته العظمى، والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم وصار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين أما بعد:
فما أجمل الزواج الإسلامي الذي يقوم على المودة والرحمة قال – تعالى -: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } [الروم:21]
وما أسعد هذا العرس المبارك الذي جمع الله - تعالى - فيه الزوجين وألف بين قلبيهما وقرن بينهما بطريق شرعي حلال على كتاب الله وسنة رسوله.
قال – تعالى -: { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا } [النساء:3]
وقال – تعالى -: { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون } [النحل:72]
وقال – تعالى -: { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم } [النور:32](52/37)
ونهى - سبحانه - عن الانقطاع عن الزواج للقادر عليه فقال – تعالى -: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } [المائدة:87]
والزواج من هدي الأنبياء والمرسلين - صلوات الله عليهم -، قال – تعالى -: { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب } [الرعد:38]
ومن كره الزواج ورغب عنه فقد خالف السنة وفارق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي قال: « أما والله إني لأخشاكم وأتقاكم لله لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني » [متفق عليه]
وقال - صلى الله عليه وسلم -: « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء » [متفق عليه]
الأسس الشرعية للزواج:
لكي تتحقق المودة والرحمة بين الزوجين لابد أن يقوم الزواج على حسن الاختيار ومن معايير حسن الاختيار في الإسلام ما يلي:
1- الاختيار على أساس الدين: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فأظفر بذات الدين تربت يداك » [متفق عليه]
كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - أولياء المخطوبة إلى أن يبحثوا عن الزوج صاحب الدين والخلق الكريم، فقال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض » [الترمذي]
2- الاختيار على أساس الأصل والشرف: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس » [ابن ماجه]
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « إياكم وخضراء الدمن » قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: « المرأة الحسنة في المنبت السوء » [رواه الدار قطني ، وقال الألباني ضعيف جدا - السلسلة الضعيفة - 14]
3- تفضيل ذوات الإبكار: حث الإسلام على اختيار المرأة البكر. قال: « عليكم بالإبكار، فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما، وأقل خبا (مكرا وخديعة) وأرضى باليسير » [ابن ماجه]
4- تفضيل المرأة الولود: قال: « تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم » [أبو داود]
5- النظر إلى المخطوبة: حث الإسلام على النظر إلى المرأة التي سوف يخطبها، ليتعرف على جمالها، فيقدم على الزواج منها، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له رسول الله: « أنظرت إليها ؟» قال: لا، قال: « انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما » [الترمذي]
حق الزوج على الزوجة:
أن تطيعه، وتحفظه في نفسها وماله، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه. قال - صلى الله عليه وسلم -: « ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله » [ابن ماجه].
حق الزوجة على الزوج:
المعاشرة بالمعروف، والنفقة والكسوة، والعدل بين النساء إذا كن أكثر من واحدة.
سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حق الزوجة فقال: « أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت » [أبو داود]
ليلة هانئة وعيشة راضية:
يحدثنا التاريخ أن شريحا قابل الشعبي يوما فسأله الشعبي عن حاله في بيته فقال له شريح: منذ عشرين عاما لم أر ما يغضبني من أهلي، قال له وكيف ذلك؟
قال شريح: من أول ليلة دخلت على امرأتي ورأيت فيها حسنا فاتنا وجمالا نادرا، قلت في نفسي أصلي ركعتين شكرا لله - عز وجل -، فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي وتسلم بسلامي، فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء قمت إليها فمددت يدي نحوها فقالت: على رسلك يا أبا أمية كما أنت.
ثم قالت: إن الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد وآله وبعد..
فإني امرأة غريبة، لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وبين لي ما تكره فأتركه، ثم قالت: فلقد كان في قومك من هي كفء لك، ولقد كان في قومي من هو كفء لي، ولكن إذا قضى الله أمرا كان مفعولا، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به، فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
من منا سمع مثل هذا الكلام ليلة عرسه؟
قال شريح: فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضوع، فقلت: أحمد الله وأستعينه وأصلي وأسلم على النبي وآله وبعد فإنك قلت كلاما إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك، فإني أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له ومن تكره فأكره؟
قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء.
قال شريح: فبتّ معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاما لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالما.
يا لها من حياة هانية وعيشة راضية!
وصية أم لابنتها عند الزواج:
خلت الأم الصالحة العاقلة البليغة أمامة بنت الحارث خلت بابنتها في ليلة زفافها وأهدت إليها هذه الوصية الغالية: وانتبهن أيتها الأخوات الفضليات والأمهات الكريمات.
قالت الأم لابنتها: أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك ولكنها تذكرة للغافلة ومعونة للعاقلة.
أي بنية: لو أن امرأة استغنت عن الزوج، لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، لكنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال، فخذي وصيتي فإن فيها تنبيها للغافل ومعونة للعاقل.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العيش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا. واحفظي له خصالا عشرا تكن لك ذخرا.
أما الأولى والثانية: فالخضوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا طيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه. فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس لماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التدبير وفي العيال حسن التقدير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمرا، ولا تفشي له سرا فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغتما، والكآبة بين يديه إن كان فرحا.
هذه هي أخلاق المرأة المسلمة، وهذا فهمها، وهذه وصيتها، وتلك ثقافتها، فبالله عليكم هل سمعتم كلاما وعقلا وحكمة كهذه.
هذه هي المرأة المسلمة، يوم أن تسربلت بأخلاق الإسلام، وتربعت على عرش حياتها تتمسك بحجابها بيمينها وتزلزل عروش الكفر والتغريب بشمالها، ووالله من كانت هذه أخلاقها فهي من أهل الجنة.
إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها (أي بالنفع والخير) التي إذا غضب زوجها جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول لا أذوق غمضا (أي نوما) حتى ترضى » [النسائي والطبراني].
الوصية للشباب عامة والأزواج خاصة:
أوصي الشباب بما أوصاهم به المصطفى في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء »
وأبشرهم بحديث رسول الله: عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف » [الترمذي]
وأوصى الأزواج بنسائهم خيرا كما أمرنا الله - عز وجل - بقوله: { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } [النساء:19]
ولأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: « استوصوا بالنساء خيرا » [رواه البخاري ومسلم].
فزوجك أمانة، أمنك الله إياها، وسوف يسألك عنها يوم القيامة، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته.
وأخيرا أوصي الآباء والأمهات بعدم المغالاة في المهور والإسراف في الجهاز والنفقات، وغيرها، فإنها تمحق بركة الزواج، وهذا هو الذي جعل أكثر الشباب عزبا وجعل أكثر البنات عوانس، والجريمة الأولياء الذين يتشددون في هذا الأمر، وهذا من أقوى أبواب الفساد في الأمة والعياذ بالله.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة » [رواه أحمد].
أسأل الله الهداية والرشاد للجميع وبارك الله للعروسين وبارك عليهما وجمع بينهما في الخير دائما إنه ولي ذلك ومولاه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.islamway.comالمصدر:
ـــــــــــــ
منكرات الأفراح
الحمد لله مسبغ النعم، ودافع النقم، الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي تفضل بكثير النعم وتكرم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأكرم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم... أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، فالتقوى وصية الله للأولين والآخرين، قال – تعالى -: " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله "، وقال – سبحانه -: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ".
أيها المؤمنون: بالشكر والإيمان تدوم النعم، وبالكفر والعصيان تحل النقم، فحافظوا على نعم الله التي بين أيديكم يدومها الله عليكم، واحذروا كل الحذر من كفر النعم فيذهبها الله من بين أيديكم، يقول الله – تعالى -: " لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد "، ويقول - عز وجل -: " وإن تعدوا نعمة الله لا يحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "، إن من أجل النعم التي بين أيدينا نعمة الزواج، فالزواج راحة وسكن واطمئنان، فالزوج لا يجد من يبث له همومه من أهل الدنيا إلا زوجته، والزوجة كذلك، فكل منهما سكن لصاحبه، وبيت يضع فيه رحاله، وصدق الله العظيم إذ يقول: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ".
معاشر المسلمين: لقد شرع الله الزواج وجعله آية دالة على عظمته – سبحانه - فقال – تعالى -: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }، وسنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله فكان دلالة على نبوته ورسالته، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " [ متفق عليه ]، الزواج من سنن المرسلين، قال - تعالى-: " ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية "، وهو من النعم التي يحصل بها مصالح دينية ودنيوية، فردية واجتماعية.
http://www.alfaifi.net المصدر:
ـــــــــــــ
خلوة الخاطب بخطيبته
د. ليلى بيومي
- بعض الشباب يتخذ من الخطبة وسيلة لأغراضه الخبيثة.
- كاتب أمريكي يطالب بعدم رؤية الشاب لزوجته إلا ليلة العرس.
- تساهل الأب مع خطيب ابنته حتى لا يفشل الزواج.. كارثة!
تساهل الأسر مع خطيب ابنتهم، وتركه يختلي بها، ويخرج معها؛ أصبح أمراً مألوفاً لدى كثير من الناس، وقليلة هي الأسر التي تمنع ذلك.
فهل الخطبة في مجتمعاتنا العربية تخضع للضوابط الشرعية قبل عقد الزواج؟ وهل يؤدي التساهل مع الخطيب في إفشال الزواج؟ وما هي المشكلات التي تسببها هذه القضية؟
شيماء حامد- معيدة بكلية العلوم - تقول:لقد تأخرت بعض الوقت في الزواج، وكان والدي في كثير من الأحيان يطلب مني أن أتنازل عن بعض من حجابي، وأتبرج كي يكثر العرسان، ولكنني بفضل الله - سبحانه و تعالى - تمسكت بديني، وتمسكت أيضاً بأن يكون زوجي رجلاً متديناً، والحمد لله تمت الخطبة في أسابيع قليلة، ولما وجدت أن خطيبي يأتي لزيارتنا في البيت وأحياناً يتركني أبي وحدي جالسة معه، وعلى الرغم من التزامي بالحجاب أمام خطيبي صممت على أن يتم العقد تحت أي ظرف حتى لا أقع في محاذير شرعية، وحرصي على ديني قبل أي شيء جعل زوجي يسعد بذلك كثيراً، والحمد لله.
سلوى حافظ -32 سنة- تقول: لقد خطبت فور تخرجي في كلية التجارة لأحد زملائي الذي كان يأتي لزيارتنا ونخرج سوياً، وعندما اختلفنا على بعض الأمور افترقنا، وعندما تقدم لخطبتي شاب آخر وعلم أنني كنت مخطوبة من قبل تراجع عن الخطبة، والآن كل من يتقدم لي يكون شرطي الأول هو أن تكون الخطبة لأيام، ويتم العقد فوراً.
سامية صالح- ناظرة مدرسة- تقول: تحدث مآسي كثيرة أمامي من جراء خلوة الخاطب بخطيبته، أو خروجهما معاً وحدهما، لقد تزوجت ولم أر زوجي غير مرة واحدة في حضور الأسرة، وحتى بعد العقد فالخلوة للزوجة والزوج فقط، وهذا أدعى للاستقرار.
أما فاطمة السعيد - 25 سنة- فتقول: إنني مخطوبة الآن لزميلي، وقد تقدم لأهلي بعد أن اتفقنا على كل شيء بالجامعة، والآن نخرج سوياً بعد انتهاء العمل لكي نشتري احتياجاتنا، وأبي لا يمانع.
السيدة سمية صلاح الدين - تقوم بالتوفيق بين المقبلين على الزواج - تقول: أقدمت على هذا العمل بعد أن لمست حالات غير طيبة تحدث من بعض الشباب. لأن الكثير من الشباب يتقدمون للأسر، ثم يخرج الشاب مع الفتاة بحجة الحصول على مزيد من التعارف والتفاهم، وبعد فترة قصيرة يترك الفتاة ويذهب لغيرها، وهكذا؛ لأنه في هذه الخطبة لا يتكلف شيئاً، وتتساهل معه الأسر؛ بل يدعوه أهل العروس للولائم والاحتفالات. وعلى جانب آخر كثير من الشباب الملتزم دينياً وخلقياً ينفر من الفتاة التي خطبت من قبل؛ لأنه وبالنظر إلى حال كثير من الأسر يدرك بأن في الخطوبة تفضي الفتاة بمشاعرها إلى خطيبها، وقد ترتبط به نفسياً وعاطفياً مما يشكل قلقاً بعد ذلك.
تأخر سن الزواج يدفع الآباء للتساهل!
يقول د. محمد كيرة -أستاذ علم الاجتماع-: مع تأخر سن الزواج، وارتفاع التكاليف والأعباء المرتبطة بالزواج؛ أصبحنا نجد ظاهرة تعقد الزيجات، مما يضع الآباء في مواقف حرجة وقلق دائم، ويصاحب هذه الظاهرة تساهل في بعض الأمور التي لم تكن تحدث في الماضي، مثل السؤال عن أهل العريس وأخلاقياته بشكل كامل، وأيضاً مثل خروج الفتاة مع الخطيب للنزهة، وذلك بحجة التعارف أو التسوق.
ولذا نجد أن مشاكل كثيرة تحدث، وخصوصاً عندما ينسحب الشاب من هذا الزواج، وتكثر الأقاويل حول الفتاة، وتؤثر هذه الظاهرة على نفسية الفتاة، التي نجدها قبل الزواج تتبادل مع الخاطب مشاعر وتصرفات ليست من حقهما، وهذا يخلق نوعاً من الفتور واستنزاف عاطفي يؤثر سلباً بعد ذلك على الفتاة شخصياً ونفسياً واجتماعياً.
أما الدكتور أحمد عبد الرحمن - أستاذ علم الأخلاق - يقول: لا يجوز أبداً خروج الفتاة مع خطيبها أو خلوتها به، ويجب أن يتم التعارف من خلال الأسرة وفي وجودها؛ لأن الشاب - حتى وإن كان سعيدًا بفتاته - فعندما يحس بالتساهل الأسري يتراجع؛ لأنه يدرك أن هذه الأسرة مفرطة فيبدأ بالحذر، وقد ينهي هذه الخطبة.
عالِمُ الاجتماع الأمريكي (فينكس) يحذر من الخلوة!
د. عبد الغني عزيز - أستاذ التربية بجامعة عين شمس - يقول: خروج الشاب مع خطيبته قبل العقد أو خلوته بها كارثة من الكوارث بالنسبة للفتاة ولعملية الزواج وللمجتمع ككل؛ لأن أي شاب يريد أن يقضي مآربه التي لا يستطيع أن يقضيها بصورة سليمة يقبلها الشرع ويقبلها المجتمع يذهب لأي بيت مدعياً الخطوبة، ويتنقل هكذا من بيت إلى بيت، وما يجري لا يكون حلاً لمشكلة الفتاة بقدر ما يكون تعقيداً لها.
لقد أجريت دراسة مقارنة بين نظام الزواج كما قرره الإسلام والأسرة المعاصرة، ووجدت علمياً أن الإسلام في مرحلة الخطوبة يحافظ على مبدأ الوقار والاحترام، الذي لا يمكن أن يقوم نظام محترم للأسرة على غيره، فجعل من الممكن أن يرى الخطيب خطيبته، ولكن في حضور الأهل، وحرم الخلوة تماماً، وبذلك حافظ على الأسس والمبادئ التي تقوم عليها الأسرة.
وفي هذه الدراسة تعرضت لموقف الفكر الغربي من القضية، ووجدت بين يدي كتاباً هاماً لمؤلف أمريكي اسمه "فيليب فينكس"، يتعرض فيه لنظام الأسرة والعلاقات الاجتماعية.
ويرى (فينكس) من خلال دراساته الاجتماعية أن النظام الأمثل للأسرة هو ألا يرى الرجل من اختارها زوجة له إلا في ليلة العرس، هذا الرأي لو قاله مسلم في العالم الإسلامي لاتهم بالتطرف و الانغلاق. لقد أعطى (فينكس) ثمرة تجربته على الأرض الأمريكية؛ فكان هذا رأيه، علماً بأن الإسلام بشموليته ووسطيته لم يقل بذلك؛ وإنما قال: بأن يرى الشاب من سيقترن بها، ولكن في تعفف واحترام، باحثاً عن الأصل الطيب والزوجة الصالحة، ومن الناحية النفسية؛ فإن انكشاف الفتى على الفتاة يلغي الاحترام بينهما، وأجمل ما في الفتاة أن تظهر أمام الرجل متسترة والرجل يحب الفتاة الغالية المتمنعة؛ لأنه هنا سيثق بها، ويأتمنها على بيته وأولاده.
التوعية الأسرية والمتابعة:
د. محمد رأفت عثمان - عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر - يقول: الخطبة لا تغير صورة العلاقة بين الفتاة المخطوبة والخطيب من علاقة رجل أجنبي بامرأة أجنبية؛ وإنما هذه العلاقة مجرد تعارف بين الأسرتين، وإبداء للرغبة في الزواج، ولا يجوز مطلقاً أن يخرج الشاب مع الفتاة منفرداً بها أو يخلو بها، والعائلات التي تسمح بذلك تعرض فتياتها للمخاطر التي قد لا تدركها إلا بعد أن يحدث المحظور، وتفشل الخطبة، وهنا نجد الفتاة في موقف غير محمود، والخطبة هي مجرد إبداء الرغبة في الزواج من امرأة، وبمجرد الموافقة يجب شرعاً أن يتم العقد، ووجود مدة زمنية بين الخطبة والعقد ليس لها أهمية، ولا يجب أن تحدث تحت مبرر التعارف؛ لأن المرأة المسلمة أكرم من أن تكون حقل تجارب، والحق الشرعي الوحيد للخاطب هو أن ينظر في البداية إلى من يتقدم إلى خطبتها، كما روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -"انظر إليها عسى أن يؤدم بينكما"، وكون الفتاة الآن بحكم عملها أو دراستها بالجامعة تجد فرصاً متكررة للقاء الخطيب؛ فهذا خطأ.
ومن هنا نجد أهمية التوعية الأسرية، والمتابعة أيضاً من قبل الأب والأم، ويجب أن تدرك الأسر أن هذه الضوابط الشرعية لمصلحة الفتاة؛ لأنه قد يحدث خلاف ويفترق الطرفان، خصوصاً أن الرجل في فترة الخطوبة لا تقيده الارتباطات والمسؤوليات التي تقيده بعد الزواج، والذي يجني الثمار المرة - إذا حدث فراق - هي الفتاة، سواء كان ذلك على المستوى الاجتماعي أو العاطفي والنفسي.
د. الشحات الجندي - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر - يقول: الضوابط التي أرساها الإسلام للخطبة غرضها أساساً الإبقاء على العلاقة بين الطرفين في الإطار الذي يسمح بالتعارف والتفاهم، وفي نفس الوقت الإبقاء على كل منهما بعيداً عن الآخر، حيث لا يحل لأحدهما أن يحصل من الآخر على ما تعطيه الزوجة لزوجها، فالخطبة لا تمثل سوى وعد بالزواج، وهذا الوعد لا يحل حراماً، وضوابطه الشرعية هي أن يكون اللقاء بين الطرفين في حضور محرم، وألا تحدث فيه أي شبهة للخلوة، وهذا اللقاء المحكوم بالضوابط الشرعية يكون بغرض الرؤية الشرعية واستكشاف الجوانب الشخصية لكلا الطرفين، والتعرف على الخطط المستقبلية بخصوص مشروع الزواج، لا أن تكون لقاءات عابثة، أو مضيعة للوقت، وإذا كانت هناك تغيرات اجتماعية حدثت في السنوات الأخيرة؛ نتيجة تعليم المرأة وخروجها للعمل، ونتيجة أيضاً لوسائل الإعلام، وما تبثه من ثقافة مفتوحة؛ فإن هذا لا يبرر أي تنازل من قبل الفتاة وأهلها ، ولذلك فإن والد الفتاة ينبغي أن يكون على صلة وثيقة، ويكون على دراية بتطورات أمورها، ويلزمها بالقيم الدينية والتقاليد الاجتماعية التي تحفظ لها كرامتها، وإذا كان الزواج غاية شرعية فيجب أن تكون الوسيلة منضبطة بالضوابط الشرعية.
http://www.islamtoday.net المصدر :
ـــــــــــــ
الزفاف.. آدابه ومنكراته
مشعل المغربي
الحمد لله القائل في كتابه: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } [ الروم: 21 ]
والصلاة والسلام على نبينا القائل: « تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة »، وبعد:
فإن لمن تزوج وأراد بأهله أمورا منها:
أولا... الآداب
1 - وضع اليد اليمنى على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها:
يقول - صلى الله عليه وسلم -: « إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليأخذ بناصيتها وليسم الله - عز وجل - وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه » [رواه البخاري].
2 - يستحب لهما أن يصليا ركعتين معا:
لما روي عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير » [أخرجه الطبراني وصححه الألباني].
3 - ما يقول حين يأتي أهله:
ينبغي أن يقول حين يأتي أهله - كما قال صلى الله عليه وسلم -: « بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ».
وقال - صلى الله عليه وسلم -: « فإن قضى الله بينهما ولدا لم يضره الشيطان أبدا » [رواه البخاري].
4 - اجتناب الأوقات والمواضع المنهي عنها:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد » [رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي وصححه الألباني].
5 - الوضوء أو الغسل قبل النوم والغسل أفضل:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب إلا أن يتوضأ » [أخرجه أبو داود وحسنه الألباني].
6 - ما يحل له من الحائض:(52/38)
يحل له أن يتمتع بما دون الفرج لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « واصنعوا كل شيء إلا النكاح » [رواه مسلم]. فإذا طهرت جاز له وطؤها بعد أن تغتسل.
7 - النية في النكاح:
ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « وفي بضع أحدكم صدقة!
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!
قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟
قالوا: بلى
قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر » [رواه مسلم].
8 - تحريم نشر أسرار الاستمتاع:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « إنّ أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها » [رواه مسلم].
9 - وجوب الوليمة:
لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف: « أولم ولو بشاة » [متفق عليه].
10 - وجوب إجابة الدعوة:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها عرسا كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله » [رواه البخاري].
11 – استحباب الدعاء لهما:
فعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تزوج المسلم قال: « بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير » وفي رواية: « في خير » [قال الحاكم صحيح على شرط مسلم].
ولا يجوز التهنئة بقوله: ( بالرفاء والبنين ) لأنها من تهنئة الجاهلية وقد نهى الرسول عنها.
12 - الغناء والضرب بالدف:
ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط والغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف » [أخرجه النسائي والترمذي وقال الحاكم صحيح الإسناد].
أي أنه يجوز للنساء فقط بشرط الضرب بالدف فقط ولا يكون على ألحان الأغاني الماجنة ولا كلماتها.
ثانيا... المنكرات
1 - دبلة الخطوبة:
قال الشيخ الألباني في كتاب آداب الزفاف: ( إنّ فيه تقليدا للكفار لأنّ هذه عادة قديمة عند النصارى )
2 - الإسراف والبطر:
كم يثقل الرجل كاهله بالديون في سبيل المباهاة والتفاخر وله صور متعددة منها:
أ - بطاقات الدعوة والإسراف فيها.
ب - قصور الأفراح والفنادق والسفر لها من مدينة إلى أخرى.
ج - طرحة العروس التي يدفع فيها أموال طائلة للبسة واحدة رياء وسمعة ولن تلبس بعدها.
د - التبذير في المأكولات ورمي الأطعمة وليس المقصود من ذلك إكرام الضيف وإنما البطر والمباهاة.
هـ - رمي الأموال تحت أقدام المغنيات فيما يسمى بالتنقيط في حين أن كثيرا من المسلمين يموت جوعا.
و - الإسراف في الملابس النسائية وما ينفق فيها من مبالغ باهظة ثم تستنكف المرأة لبسها مرة أخرى لرؤية الناس لها، لكل هؤلاء نقول قفوا وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: « لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع » ثم ذكر - صلى الله عليه وسلم -: « عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه » [رواه الترمذي وصححه الألباني].
3 - الغناء:
وهو حرام للأدلة التالية:
أ - من الكتاب، قال - تعالى -: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين، وإذا تُتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرا كأن لم يسمعها كأنّ في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم } [ لقمان: 6 7 ]
قال ابن مسعود في هذه الآية: ( الغناء والله الذي لا إله إلا هو. يرددها ثلاث مرات ) وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة.
ب - من السنة، ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر الأشعري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: « ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم ـ أي جبل ـ يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة »
ويستحلون أي أنها محرمة، والمعازف هي الدفوف وغيرها مما يطرب كما في ( القاموس ).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: « إنّ الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام » [أخرجه أبو داود وصححه الألباني]. والكوبة: الطبل.
ج - من أقوال الصحابة، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ( الدف حرام والمعازف حرام، والكوبة حرام والمزمار حرام ) [أخرجه البيهقي وصححه الألباني].
د - من أقوال السلف، قال الحسن البصري: ( ليس الدفوف من أمر المسلمين في شيء وأصحاب عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ كانوا يشققونها ).
وذكر الشيخ الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب اتفاق الأئمة الأربعة على تحريم آلات الطرب.
4 - عدم إجابة الدعوة إذا كان فيها منكر:
والدليل: عن علي بن أبي طالب قال: « صنعت طعاما فدعوت رسول الله فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، فقلت: يا رسول الله ما أرجعك بأبي وأمي قال: إن في البيت سترا فيه تصاوير وإنّ الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير » [رواه ابن ماجه بسند صحيح]،
استفاد العلماء من ذلك أن الدعوة إذا كان فيها منكر فإنها لا تجاب. وقال الإمام الأوزاعي - رحمه الله -: ( لا تدخل وليمة بها طبل ومعازف ).
5 - حلق اللحى:
وهو ما ابتلي به كثير من الرجال حتى صار من العيب عند البعض أن يدخل على العروس وهو غير حالق فيتزين بمخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - القائل: « خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب » [متفق عليه].
والأمر في الحديث يفيد الوجوب ولا قرينة تصرفه عن الوجوب فحلق اللحية حرام وفاعله آثم وقد أفتى علماؤنا بذلك لما فيه من تشبه بالكفار وتشبه بالنساء ومخالفة لأمر الرسول.
6 - المنكرات النسائية:
أ - نتف الحواجب: وهو مما حرمه رسول الله ولعن فاعله بقوله - صلى الله عليه وسلم -: « لعن الله الواشمات والمستوشمات والواصلات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله » [متفق عليه] ويدخل في ذلك كل من غير خلق الله للحسن.
ب - قص الشعر: وهو ثلاث حالات:
الأولى: إن كان على هيئة رأس الرجل فإن ذلك حرام ومن كبائر الذنوب لأن النبي لعن المتشبهات من النساء بالرجال وقال - صلى الله عليه وسلم -: « ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه والمرأة المتشبهة بالرجال والديوث » [رواه النسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد].
الثانية: إذا كان قصا لا يصل إلى هذا الحد فالأرجح عند الإمام أحمد أنه مكروه.
الثالثة: إذا قصته على وجه يشبه قص الكافرات فإنه حرام لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « من تشبه بقوم فهو منهم » [رواه أبو داود وأحمد وحسنه الألباني].
ج - الملابس الخليعة وحب الفخر والشهرة بها: وهي الملابس الخارجة عن المألوف إما لضيقها أو لكونها مفتوحة الصدر والساقين بحجة أنها أمام النساء، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن ولأمثالهن: « صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا » [رواه مسلم]. أي عليهن كسوة ولكن لا تستر إما لقصرها أو خفتها أو ضيقها وقال: « من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا » [رواه أبو داود وابن ماجة وحسنه الألباني].
د - العطر: قال - صلى الله عليه وسلم -: « أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية » [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].
هـ - التصوير: فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: « كل مصور في النار » [رواه مسلم]. فما بالك في الصور التي أقل ما فيها أنها ترى من أصحاب محلات التحميض.
و في الختام
فإن من افتتح حياته باتباع السنة وتجنب المنكرات فإنه يرجى له أن يختم له بالسعادة ويكون من عباد الله الذين وصفهم الله أن من قولهم: { ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } [الفرقان:74] وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــ
الآثار المترتبة على النكاح
يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي :
أولا : وجوب المهر :
والمهر : هو الصداق المسمى باللغة العامة (جهازا - فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليلا أم كثيرا وإن كان غير معين بأن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها وكما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القران (18) والمشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل وتيسر فهو أفضل اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتحصيلا للبركة فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وروى مسلم في صحيحه ( أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إني تزوجت امرأة . قال : كم أصدقتها ؟ قال : أربع أواق -يعني مائة وستين درهما- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه ) (19) وقال عمر - رضي الله عنه - : ( لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهما ) ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها :
1- تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح .
2- أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب وإن كان قليلا ردوا الزوج وإن كان مرضيا في دينه وخلقه .
3- أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها .
ولو أن الناس اقتصدوا في المهر وتعاونوا في ذلك وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير وراحة كبيرة وتحصين كثير من الرجال والنساء ولكن مع الأسف إن الناس صاروا يتبارون في السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ولا ندري إلى أي غاية ينتهون ؟ ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو تأجيل شيء من المهر مثل : أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال ونصفه مؤجل إلى سنة أو أقل أو أكثر وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف .
ثانيا : النفقة :
فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا وكسوة وسكنى فإن بخل بشيء من الواجب فهو آثم ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء .
ومن النفقة : الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج ويدعو الناس إليه وهي سنة مأمور بها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها وأمر بها ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرم وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كمية وكيفية فإنه لا ينبغي ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة .
ثالثا : الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهليهما :
فقد جعل الله بين الزوج وزوجته مودة ورحمة وهذا الاتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها .
رابعا : المحرمية :
فإن الزوج يكون محرما لأمهات زوجته وجداتها وإن علون ويكون محرما لبناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها وإن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج وإن علوا وأبنائه وإن نزلوا .
خامسا : الإرث :
فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فإنه يجري التوارث بينهما لقوله - تعالى - : { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ } إلى قوله : { تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ } [ النساء : 12 ] ولا فرق بين أن يدخل ويخلو بها أم لا .
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــ
لماذا العقد في الزواج ؟
هادي المدرسي
كيف ينظر الإسلام إلى الزواج:
يعتبر الإسلام الزواج أمراً يختص بالزوجين، ولا يحق لأحد التدخل فيه، ما عدا الأب في الفتاة البكر، حيث يخشى عليها من التسرع في اختيار الزوج، أو الانخداع. ولا أظن أن باستطاعة أحد أن يدعي أن أية فتاة استطاعت أن تختار اختياراً جيداً في أول حب لها.
إلا أن الإسلام يشدد على قدسية الارتباط بين الرجل والمرأة، ولذلك يشترط في هذا الارتباط وجود "العقد" و "المهر" بصفته رمزاً في ذلك.
ولعل الإسلام هو الدين الوحيد، وحتى القانون الوحيد الذي أعطى المرأة هذه الحرية في مسألة الزواج، حيث جعلها علاقة خاصة تقوم على اتفاق خاص دون توسط من جانب احد.
فالزواج أمر يقوم على إيجاب من قبل المرأة وقبول من قبل الرجل، ولا يحتاج حتى إلى شهود.
ونلاحظ هنا أن الإيجاب، في هذا العقد يأتي من قبل المرأة، أي تعطى لها أولاً حرية الاختيار، ثم تعطى للرجل..
وكل الضوابط التي يراها الإسلام ضرورية للزواج إنما هي الضوابط الإنسانية. فنحن نختلف عن الحيوانات ولا بد أن تختلف عاداتنا، وتقاليدنا، وطريقتنا أيضاً. وإلا فأي فرق؟
فعندما نقول لابد من "عقد"، حتى لا تتحول مجتمعاتنا إلى مواخير، ولا تتحول العلاقات الجنسية المقدسة إلى علاقات شطط، ولذة سافلة، مثل الحيوانات.
إن الجنس، لابد أن يشبع، ومن حق كل إنسان أن يحصل عليه، كما من حقه أن يحصل على الطعام والماء، ولكن هل بلا ضوابط؟
طبعاً.. لابد من ذلك.
تماماً كما أن هنالك ضوابط إنسانية للأكل، والشرب.
إن كل إنسان لابد أن يشبع من الطعام، ولكن هل يجوز أن نقدم له الطعام في مزبلة؟
وان الظمآن لابد أن يرتوي، ولكن هل نجبره على أن ينبطح على ارض الشارع ليشرب من مستنقع ماء وسخ..
إن الإسلام يقول في الجنس، ما تقوله إنسانية الإنسان في إشباع كل الحاجات الجسدية.
http://www.balagh.com المصدر:
ـــــــــــــ
حكم أخذ المهر كاملا دون إعطاء البنت شيئا منه
المفتي محمد بن صالح العثيمين
السؤال:
ماذا تقولون في بعض الآباء الذين يأخذون المهر كاملا ولا يعطون البنت منه شيئا إلا النزر اليسير، مع العلم أن بعض المهور قد تصل إلى مائة وخمسون ألف ريال ثم من أدرك أن هذا المهر الذي أخذه قهرا وبدون رضا ابنته ماذا يفعل بعد مضي مدة طويلة على الزواج.
الإجابة:
في هذا السؤال أمران مهمان:
الأول: هل يجوز لولى المرأة أن يشترط لنفسه أو لغيره شيئا من المهر سواء كان الأب أم غيره؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأن الصداق كله للمرأة لقوله - تعالى -: {وآتوا النساء صداقهن نحلة} (النساء: 4) ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه "ولا فرق بين الأب وغيره في ذلك على القول الراجح إلا أنها إذا قبضته وتم ملكها له فللأب وحده أن يتملك منه ما شاء ما لم يضرها.
أما بقية الأولياء فليس لهم حق التملك لكن إن أعطتهم الزوجة شيئا بسخاء وطيب نفس فهو لها حلال.
الأمر الثاني: أن بعض المهور قد يصل إلي مبالغ خيالية وهذا خلاف السنة. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل " وأربع الأواق مائة وستون درهما أي أقل من نصاب الزكاة، والمغالاة في المهور سبب لنزع البركة من النكاح، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.
ومتى حصلت المغالاة أصاب الزوج هم وغم لكثرة ما أنفق خصوصا إذا كان مدينا بذلك، فكلما ورد على قلبه السرور بزوجته ثم تذكر ديونه التي عليه انقلب سروره حزنا وسعادته شقاء.
ثم لو قدر الله - تعالى - أن لا يتلاءم مع زوجته لم يسهل عليه فراقها، وبقيت معه في عناء وشقاء، وبقيت معلقة لا زوجة و لا مطلقة. وإذا قدر أن تطلب الزواج منه الفسخ لم يسمح غالبا إلا برد مهره عليه، فإذا كان كثيرا صعب على المرأة وأهلها الحصول عليه ألا بمشقة شديدة.لذلك ننصح إخواننا المسلمين من المغالاة في المهور والتفاخر بها حتى يسهل الزواج للشباب، وتقل أسباب الفتن والله المستعان.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــ
الزواج
محمد بن صالح العثيمين
في معنى النكاح لغة وشرعاً:
النكاح في اللغة: يكون بمعنى (عقد التزويج)، ويكون بمعنى (وطء الزوجة)، قال أبو علي القالي: (فرّقت العرب فرقاً لطيفاً يعرف به موضع العقد من الوطء فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا عقد التزويج، وإذا قالوا نكح امرأته أو زوجته، لم يريدوا إلا الجماع والوطء).
ومعنى النكاح في الشرع: (تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر، وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم).
ومن هنا نأخذ أنه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع، بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو (تكوين الأسرة الصالحة، والمجتمعات السليمة). لكن قد يغلب أحد القصدين على الآخر؛ لاعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص.
في حكمة النكاح:
النكاح باعتبار ذاته مشروع، مؤكد في حق كل شهوة قادر عليه. وهو من سنن المرسلين قال الله - تعالى -: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" [الرعد: 38].
وقد تزوج رسول الله وقال: {إني أتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني}.
ولذلك قال العلماء: (إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة؛ لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة، والآثار الحميدة، التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله).
وقد يكون النكاح واجباً في بعض الأحيان، كما إذا كان الرجل قوي الشهوة، ويخاف على نفسه من المحرم إن لم يتزوج، فهنا يجب عليه أن يتزوج؛ لإعفاف نفسه وكفِّها عن الحرام.
ويقول النبي: {يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء}.
في شروط النكاح:
من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام أن جعل للعقود شروطاً، تنضبط بها، وتتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ والاستمرار، فكل عقد من العقود له شروط لا يتم إلا بها، وهذا دليل واضح على أحكام الشرعية وإتقانها، وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلمُ ما يصلح الخلق، ويشرع لهم ما يصلح به دينهم ودنياهم؛ حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها. ومن بين تلك العقود - عقد النكاح - فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها:
1 - رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد، ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد. قال الله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النَسَاءَ كَرْهاً" [النساء: 19]، وقال النبي: {لا تُنكح الأيمُ حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن}، قالوا يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: {أن تسكت}.
فنهى النبي عن تزويج المرأة بدون رضاها، سواء أكانت بكراً أم ثيباً، إلا أن الثيب لا بد من نطقها بالرضا، وأما البكر فيكفي في ذلك سكوتها؛ لأنها ربما تستحي عن التصريح بالرضا.
وإذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه أحد ولو كان أباها؛ لقول النبي: {والبكر يستأذنها أبوها} [رواه مسلم].
ولا إثم على الأب إذا لم يزوجها في هذه الحال؛ لأنها هي التي امتنعت، ولكن عليه أن يحافظ عليها ويصونها.
وإذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا، وقال وليّها: تزوّجي الآخر، زُوّجت بمن تريد هي إذا كان كفؤاً لها، أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به، ولا إثم عليه في هذه الحال.
2 - الولي: فلا يصحّ النكاح بدون ولي، لقول النبي: {لا نكاح إلا بولي}، فلو زوجت المرأة نفسها، فنكاحها باطل سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
الولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، والجد من قبل الأب، والابن، وابن الابن، وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ من الأب، والعمّ الشقيق، والعم من الأب، وأبنائهم الأقرب فالأقرب. ولا ولاية للإخوة من الأم، ولا لأبنائهم، ولا لأبي الأم والأخوال؛ لأنهم غير عصبة.
وإذا كان لا بد من النكاح من الولي، فإنه يجبُ على الولي اختيار الأكفاء الأمثل فالأمثل إذا تعدد الخطاب، فإن خطبها واحدٌ فقط، وهو كفءٌ ورضيت، فإنه عليه أن يزوّجها به.
وهنا نقفُ قليلاً لنعرف مدى المسؤولية الكبيرة التي يتحمّلها الولي بالنسبة إلى من ولاه الله عليها، فهي أمانةٌ عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها، ولا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية، أو تزويجها بغير كفئها من أجل طمع فيما يدفع إليه، فإنّ هذا هو الخيانة، وقد قال الله - تعالى -: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" [الأنفال: 27]. وقال - تعالى -: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" [الحج: 38]. وقال النبي: {كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته}.
وترى بعض الناس تُخطبُ منه ابنته يخطبها كفء، ثم يردُّه ويردُّ آخر وآخر. ومن كان كذلك فإن ولايته تسقط، ويزوّجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب.
في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها:
النكاح يرادُ للاستمتاع، وتكوين أسرةٍ صالحةٍ ومجتمعٍ سليمٍ، كما قلنا فيما سبق. وعلى هذا فالمرأة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين، وهي التي اتصفت بالجمال الحسي والمعنوي.(52/39)
فالجمال الحسي: كمال الخلقة، لأن المرأة كلما كانت جميلة المنظر، عذبة المنطق، قرّت العين بالنظر إليها، وأصغت الأذن إلى منطقها، فيفتح لها القلب، وينشرح لها الصدر. وتسكن إليها النفس، ويتحقق فيها قوله - تعالى -: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً" [الروم: 21].
والجمال المعنوي: كمال الدين، والخُلُق، فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خُلقاً، كانت أحبّ إلى النفس، وأسلم عاقبة.
فالمرأة ذات الدين، قائمة بأمر الله، حافظة لحقوق زوجها، وفراشه، وأولاده، وماله، مُعينة له على طاعة الله - تعالى -، إن نسي ذكرته، وإن تثاقل نشطته، وإن غضب أرضته.
والمرأة الأديبة تتودد إلى زوجها، وتحترمه، ولا تتأخر عن شيء يحبّ أن تتقدم فيه، ولا تتقدم في شيء يجب أن تتأخر فيه.
ولقد سُئل النبي، أي النساء خير؟ قال: {التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها، ولا ماله فيما يكره}، وقال: {تزوّجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء} أو قال: {الأمم}.
فإذا أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال الظاهر، وجمال الباطن، فهذا هو الكمال والسعادة بتوفيق الله.
في المحرّمات بالنكاح:
قال النبي: {إن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها}.
ومن جملة الحدود الشرعية التي حدّ الله - تعالى - حدودها النكاح حِلاً وحُرمةً، حيث حرّم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاع أو مصاهرة أو غير ذلك.
والمحرّمات من النساء على قسمين:
قسم محرّمات دائماً، وقسم محرّمات إلى أجل:
1 - محرّمات دائماً:
أولاً: المحرمات بالنسب:
وهن سبع ذكرهن الله - تعالى - بقوله في سورة النساء: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ" [النساء: 23].
1 - فالأمهات: يدخل فيهن الأم، والجدات سواء كنّ من جهة الأب أم من جهة الأم.
2 - البنات: يدخل فيهن: بنات الصلب، وبنت الأبناء، وبنات البنات، (وإن نزلن).
3 - والأخوات: يدخل فيهن: الأخوات الشقيقات، والأخوات من الأب، والأخوات من الأم.
4 - العمّات: يدخل فيهن: عمّات الرجل، وعمّات أبيه، وعمّات أجداده، وعمّات أمه، وعمّات جداته.
5 - والخالات: يدخل فيهنّ: خالات الرجل، وخالات أبيه، وخالات أجداده، وخالات جداته.
6 - وبنات الأخ: يدخل فيهن: بنات الأخ الشقيق، وبنات الأخ من الأب، وبنات الأخ من الأم، وبنات أبنائهم، وبنات بناتهم (وإن نزلن).
7 - وبنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة، وبنات الأخت من الأب، وبنات الأخت من الأم، وبنات أبنائهن وبنات بناتهن، (وإن نزلن).
ثانياً: المحرمات بالرضاع: (وهنّ نظير المحرمات بالنسب)
قال النبي: {يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب} ولكن الرضاع المحرم، لا بد له من شروط منها:
1 - أن يكون خمس رضعات فأكثر، فلو رضع الطفل من المرأة - أربع - رضعات، لم تكن أماً له؛ لما روى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان فيما أنزل القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله وهي فيما يتلى من القرآن).
2 - أن يكون الرضاع قبل الفطام، أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام، فإن كانت بعد الفطام أو بعضها قبل الفطام وبعضها بعده لم تكن المرأة أماً له.
وإذا تمت شروط الرضاع، صار الطفل ولداً للمرأة وأولادها إخوةٌ، سواء كانت قبله أو بعده، وصار أولاد صاحب اللبن إخوة له أيضاً، سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها.
وهنا يجب أن نعرف بأن أقارب الطفل المرتضع سوى ذريته لا علاقة لهم بالرضاع ولا يؤثر فيهم الرضاع شيئاً، فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع.
أما ذرية الطفل، فإنهم يكونون أولاداً للمرضعة، وصاحب اللبن، كما كان أبوهم من الرضاع كذلك.
ثالثاً: المحرمات بالصهر:
1 - زوجات الآباء والأجداد: وإن علوا سواءً من قبل الأب أم من قبل الأم، لقوله - تعالى -: "وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء" [النساء: 22]. فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراماً على أبنائه، وأبناء أبنائه، وأبناء بناته، وإن نزلوا، سواء دخل بها، أم لم يدخل بها.
2 - زوجات الأبناء: وإن نزلوا، لقوله - تعالى -: "وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ" [النساء: 23]. فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراماً على أبيه، وأجداده، وإن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم، بمجرد العقد عليها، وإن لم يدخل بها.
3 - أمّ الزوجة وجدّاتها: وإن علون، لقوله - تعالى -: "وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ" [النساء: 23]. فمتى عقد الرجل على امرأته، صارت أمّها وجداتها حراماً عليه بمجرد العقد، وإن لم يدخل بها سواءً كنّ جداتها من قبل الأب أم من قبل الأم.
4 - بنات الزوجة، وبنات أبنائها، وبنات بناتها، وإن نزلن، وهن الربائب، وفروعهن. لكن بشرط أن يطأ الزوجة، فلو حصل الفراق قبل الوطء، لم تحرم الربائب وفروعهن؛ لقوله - تعالى -: "وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ" [النساء: 23]. فمتى تزوج الرجل امرأة ووطأها، صارت بناتها، وبنات أبنائها، وبنات بناتها، وإن نزلن حراماً عليه سواء كنّ من زوج قبله أو من زوج بعده، أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء، فإن الربائب وفروعهن لا يحرمن عليه.
2 - المحرمات إلى أجل:
وهن أصناف منها:
1 - أخت الزوجة وعمّتها وخالتها: حتى يفارق الزوجة فرقة موت، أو فرقة حياة، وتنقضي عدّتها؛ لقوله - تعالى -: "وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ" [النساء: 23]، وقول النبي: {لا يُجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها} [متفق عليه].
2 - معتدة الغير: أي إن كانت المرأة في عدة لغيره، فإنه لا يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدّتها، وكذلك لا يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدّة حتى تنتهي عدّتها.
3 - المُحرِمة بحجّ أو عمرة: لا يجوز عقد نكاحها عليها حتى تحلّ من إحرامها.
وهناك محرمات أخرى تركنا الكلام فيهن؛ خوفاً من التطويل.
وأما الحيض: فلا يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها، وإن كانت حائضاً لكن لا توطأ حتى تطهر وتغتسل.
في العدد المباح في النكاح:
لمّا كان إطلاق العنان للشخص في تزوّج ما شاء من العدد أمراً يؤدي إلى الفوضى، والظلم، وعدم القدرة على القيام بحقوق الزوجات، وكان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يُفضي إلى الشر، وقضاء الشهوة بطريقة أخرى محرمة، أباح الشارع للناس التعدد إلى أربع فقط، لأنه العدد الذي يتمكن به الرجل من تحقيق العدل، والقيام بحق الزوجية، ويسدّ حاجته إن احتاج إلى أكثر من واحدة.
قال الله - تعالى -: "فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً" [النساء: 3].
وفي عهد النبي، أسلم غيلان الثقفي وعنده عشر نساء فأمره النبي أن يختار منهن أربعاً، ويفارق البواقي، وقال قيس بن الحارث: أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي فذكرت له ذلك فقال: {اختر منهن أربعاً}.
فوائد تعدّد النساء إلى هذا الحد:
1 - أنه قد يكون ضرورياً في بعض الأحيان، مثل: أن تكون الزوجة كبيرة السن، أو مريضة، لو اقتصر عليها لم يكن له منها إعفاف، وتكون ذات أولاد منه، فإن أمسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح أو ربما يخاف الزنا، وإن طلقها فرّق بينها وبين أولادها، فلا تزول هذه المشكلة إلا بحلّ التعدد.
2 - أن النكاح سبب للصلة والارتباط بين الناس، وقد جعله الله - تعالى - قسيماً للنسب فقال - تعالى -: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً" [الفرقان: 54]. فتعدد الزوجات يربط بين أسر كثيرة، ويصل بعضهم ببعض، وهذا أحد الأسباب التي حملت النبي أن يتزوج بعدد من النساء.
3 - يترتب عليه صون عدد كبير من النساء، والقيام بحاجتهن من النفقة والسكن، وكثرة الأولاد، والنّسل، وهذا أمر مطلوب للشارع.
4 - من الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة، وهو تقيّ نزيه، ويخاف الزنا، ولكن يريد أن يقضي وطراً في التمتع الحلال، فكان من رحمة الله - تعالى - بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم.
في حكمة النكاح:
قبل أن نبدأ الكلام في خصوص تلك المسألة، يجب علينا أن نعلم علماً يقيناً بأن الأحكام الشرعية كلها حِكَم وكلها في موضعها، وليس فيها شيء من العبث، أو السفه؛ ذلك لأنها من لدن حكيم خبير.
ولكن هل الحِكم كلها معلومة للخلق؟ إن الآدمي محدود في علمه، وتفكيره، وعقله، فلا يمكن أن يعلم كل شيء، ولا أن يُلهم معرفة كل شيء، قال الله - تعالى -: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" [الإسراء: 85].
إذن فالأحكام الشرعية التي شرعها الله لعباده يجب علينا الرضا بها، سواء علمنا حكمتها، أم لم نعلم، لأننا إذا لم نعلم حكمتها، فليس معناه أنه لا حكمة فيها في الواقع، إنما معناه قصور في عقولنا، وأفهامنا عن إدراك الحكمة.
من الحِكَم في النكاح:
1 - حفظ كل من الزوجين وصيانته: قال النبي: {يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج}.
2 - حفظ المجتمع من الشرّ وتحلل الأخلاق، فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال والنساء.
3 - استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق وعشرة، فالرجل يكفل المرأة، ويقوم ينفقاتها من طعام، وشراب، ومسكن ولباس بالمعروف. وقال النبي: {ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف}. والمرأة تكفل الرجل أيضاً بالقيام بما يلزمها في البيت رعاية وإصلاحاً. قال النبي: {المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها}.
4 - إحكام الصلة بين الأسر والقبائل، فكم من أسرتين متباعدتين، لا تعرف إحداهما الأخرى، وبالزواج يحصل التقارب بينهما، والاتصال ولهذا جعل الله الصهر قسيماً للنسب كما تقدم.
5 - بقاء النوع الإنساني على وجه سليم، فإن النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان، قال الله - تعالى -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء [النساء: 1].
ولولا النكاح للزم أحد أمرين، إما:
1 - فناء الإنسان.
2 - أو وجود إنسان ناشئ من سفاح، لا يعرف له أصل، ولا يقوم على أخلاق.
ويطيب لي أن أستطرد هنا قليلاً لحُكم تحديد النسل:
فأقول: تحديد النسل بعدد معين خلاف مطلوب الشارع، فإن النبي، أمر بتزوج المرأة الولود أي كثيرة الولادة، وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا الأمم أو الأنبياء، وقال أهل الفقه: ينبغي أن يتزوج المرأة المعروفة بكثرة الولادة، إما نفسها إن كانت قد تزوجت من قبل وعرفت بكثرة الولادة أو بأقاربها، كأمها، وأختها، إذا كانت لم تتزوج من قبل.
ثم ما الداعي لتحديد النسل؟
هل هو الخوف من ضيق الرزق؟ أو الخوف من تعب التربية؟ إن كان الأول فهذا سوء الظن بالله - تعالى -، لأن الله - سبحانه وتعالى- إذا خلق خلقاً فلا بد أن يرزقه، قال الله - تعالى -: "وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا [هود: 6]، وقال - تعالى -: وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [العنكبوت: 60ٍ]. وقال - تعالى - في الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر: "نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم" [الأسراء: 31].
وإن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية، فهذا خطأ فكم من عدد قليل من الأولاد بأكثر ممن هم دونهم بكثير. فالمدار في التربية صعوبةً وسهولةً على تيسير الله - تعالى -، وكلما اتقى العبد ربه، وتمشى على الطرق الشرعية، سهل الله أمره، قال الله - تعالى -: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق: 4].
وإذا تبين أن تحديد النسل خلاف المشروع، فهل تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من ذلك؟
الجواب: لا. ليس تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من تحديد النسل في شيء. وأعني بتنظيم النسل، أن يستعمل الزوجان أو أحدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائزٌ، إذا رضي به كل من الزوج والزوجة، مثل: أن تكون الزوجة ضعيفة، والحمل يزيدها ضعفاً، أو مرضاً، وهي كثيرة الحمل، فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فلا بأس بذلك، وقد كان الصحابة يعزلون في عهد النبي، ولم يُنهو عن ذلك، والعزل من أسباب امتناع الحمل من هذا الوطء.
في الآثار المترتبة على النكاح
يترتب على النكاح آثار كثيرة نذكر منها ما يلي:
أولاً: وجوب المهر:
والمهر: هو الصداق المسمى باللغة العامية: (جهاز)، فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح، سواء شرط أم سكت عنه، وهو (المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح)، فإن كان معيّناً فهو ما عيّن سواء كان قليلاً أم كثيراً، وإن كان غير معين بأن عقد عليها ولم يدفع جهازاً، ولم يسمّوا شيئاً، فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر المثل، وهو ما جرت العادة أن يُدفع لمثلها. وكما يكون المهر مالاً أي عيناً، ويكون كذلك منفعة، فلقد زوّج النبي إمرأة برجل على أن يعلمها شيئاً من القرآن.
والمشروع في المهر أن يكون قليلاً، فكلما قلّ وتيسّر، فهو أفضل، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه سلم، وتحصيلاً للبركة، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، وروى مسلم في صحيحه أن رجلاً قال للنبي: إني تزوجت إمرأة. قال: {كم أصدقتها؟ } قال: أربع أواق (يعني مائة وستين درهماً) فقال النبي: {على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه}.
وقال عمر - رضي الله عنه -: (لا تَغْلُوا صَدَقَ النساء، فإنها لو كانت مَكْرُمة في الدنيا، أو تَقْوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي، ما أصدق النبي إمراة من نسائه، ولا أصدقت إمراة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهماً).
ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيء في منع كثير من الناس من النكاح، رجالاً ونساءً، وصار الرجل يُمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر فنتج عن ذلك مفاسد منها:
1 - تعطيل كثير من الرجال والنساء عن النكاح.
2 - أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة، فالمهر عند كثير منهم ـ هو ما يستفيدونه من الرجل لإمرأتهم، فإذا كان كثيراً زوّجوا، ولم ينظروا للعواقب، وإن كان قليلاً ردّوا الزوج، وإن كان مرضياً في دينه وخلقه!.
3 - أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة، وكان المهر بهذا القدر الباهظ، فإنه لا تسمحُ نفسه غالباً بمفارقتها، بإحسان بل يؤذيها ويتعبها؛ لعلها ترد شيئاً مما دفع إليها، ولو كان المهر قليلاً لهان عليه فراقها.
ولو أنّ الناس اقتصدوا في المهر، وتعاونوا في ذلك، وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خيرٌ كثير، وراحةٌ كبيرة، وتحصينُ كثيرٍ من الرجال والنساء.
ولكن مع الأسف إنّ الناس صاروا يتبارون في السّبق إلى تصاعد المهور، وزيادتها، فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل، ولا تدري إلى أي غاية ينتهون؟
ولقد كان بعض الناس - وخصوصاً البادية - يسلكون مسلكاً فيه بعض السهولة، وهو تأجيل شيء من المهر، مثل: أن يزوّجه بمهر قدره نصفه حال، ونصفه مؤجل إلى سنة أو أقل أو أكثر. وهذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف.
ثانياً: النفقة:
فعلى الزوج، أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاماً وشراباً، كسوةً وسكنى، فإن بخل بشيء من الواجب فهو آثم، ولها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها، أو تستدين عليه، ويلزمه الوفاء.
ومن النفقة: الوليمة، وهي (ما يصنعه الزوج، من الطعام أيام الزواج، ويدعو الناس إليه) وهي سُنة، مأمور بها؛ لأن النبي فعلها، وأمر بها. ولكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرّم، وينبغي أن تكون بقدر حال الزوج.
أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كميّةً، وكيفيةً، فإنه لا ينبغي، ويترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة.
ثالثاً: الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهليهما:
فقد جعل الله بين الزوج وزوجته مودة ورحمة، وهذا الإتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفاً، فإنه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها.
رابعاً: المحرمية:
فإن الزوج يكون محرماً لأمهات زوجاته وجداتها، وإن علون، ويكون محرماً لبناتها، وبنات أبنائها، وبنات بناتها، وإن نزلن، إذا كان قد دخل بأمهن الزوجة.
خامساً: الإرث:
فمتى عقد شخصٌ على إمرأةٍ بنكاحٍ صحيح، فإنه يجري التوارث بينهما، لقوله - تعالى -: ولكم نصف ما ترك أزواجكم. إلى قوله: توصون بها أو دين [النساء: 12]. ولا فرق بين أن يدخل بها، ويخلو بها أم لا.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــ
الحث على الزواج
عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا أيّها النّاس، اتَّقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.
عباد الله، يقول الله جلّ جلاله في كتابة العزيز وهو أصدق القائلين: "وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" [النور: 32، 33].
فأيّها المسلمون: خطابٌ من ربِّ العالمين موجَّه إلى الأمة جمعًا، يقول الله لهم آمِرًا: "وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ" يأمرنا جميعًا أن نحقِّق هذا الجانبَ العظيم، أعني جانبَ النّكاح، وأن نسعى في تزويج الأبناء والبَنات؛ لأنّ هذا فطرةُ الله التي فطر عليها العباد، قال - تعالى -: "وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجًا لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم: 21]. فالنكاح ضرورةٌ للشابّ وللشابّة، ضرورة للرّجل وللمرأة معًا، فبها يحصُل الأنسُ والطمأنينة، "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" [الأعراف: 189]، فبالنّكاح سكونُ النفوس وطمأنينتها وراحتُها، مع ما يشتمِل عليه من الفوائد العظيمة وما يدفع الله به من البلاء العظيم، فهو يحقِّق الفوائدَ العظيمة، ويدفع المضارَّ الجسيمة، هذا النّكاح الشرعيّ يحصل به غضّ البصر وتحصين الفرج، وهما مطلوبان شرعًا: "قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذالِكَ أَزْكَىا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" [النور: 30، 31].
أيّها الإخوة، وبهذا العقد عقدِ النّكاح تدوم الأسرةُ الصالحة، وبهذا العقدِ عقد النّكاح يكثر النّسل، ويمتدّ بنو الإنسان، وتتحقّق أمنيّة النبيّ القائل: ((تزوّجوا الودودَ الولود فإنّي مكاثرٌ بكمُ الأممَ يوم القيامة))[1]. وبهذا العقدِ أيضًا تُحفَظ الأنساب، فلولا النّكاح لم يحصُل توارث ولا نفقةٌ ولا معرفة فرع مِن أصل، بل تكون الأمّة فوضى في كلّ أحوالها، فمن رحمة الله بالمسلمين وفضله عليهم أن شرَع هذا النكاح وفطر النفوسَ على ذلك، فطر البشريّةَ على هذا النكاح ليحقِّق به لكلٍّ من الذكر والأنثى الراحةَ والطمأنينة.
أيّها المسلم، والله إذ يقول: "وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ" هو أمرٌ للجميع أن يسعَوا في تحقيق ذلك، ويقوموا بالواجب خيرَ قيام،" وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ". ولمّا كان الزواج قد يكون من عوائقه قلّةُ المادّة قال الله: "إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" المعنى: لا تجعلوا قلَّةَ المال سببًا لزهدِكم في النّكاح وبعدكم عنه، اسعَوا إليه جهدَكم، وابذلوا طاقتَكم، والله - جل وعلا - ميسِّر الأمور وفاتحٌ أبوابَ الرزق، إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ، فهو وعدٌ من الله لمَن تزوَّج أن يعينَه وييسِّر أمرَه ويفتحَ له من أبواب الرزق ما لا يخطر بباله، وربُّك حكيم عليم، ولهذا أخبرَ نبيّنا أنَّ من الثلاثة الذين حقٌّ على الله عونُهم، ذكر منهم الرجلَ يتزوَّج تريد العفاف[2]، فمن تزوَّج يريد العفافَ فحقّ على الله أن يعينَه في تلك المهمّة، فتُذلَّل الصِّعابَ أمامَه، ويفتَح له من أبواب الرزق ما لا يخطر بباله، وربّكَ يرزق من يشاء بغير حساب، إذًا فلا بدَّ من نيّة صادقة، ولا بدّ من اهتمام بهذا الأمر، ولا بدّ من عناية، وكلُّ المجتمع مسلم مطالبٌ بالتّعاون فيما بينه لإشاعةِ هذا الأمر وتكثيره والترغيب فيه.
أخي المسلم، قد يُوسْوِس لك الشيطان، ويزيِّن لك الباطل، ويزهّدك في النكاح الشرعي، فأوّل وساوسه أن يقول لك: كيفَ تُقدم على أمرٍ لا تستطيعه، أنت قليلُ ذاتِ اليد، وسوف لا تجد من يقرضُك ولا من يعينك، والأمور شاقَّة أمامَك، والطريق صَعب، إذًا فاصرف النظرَ عن الزّواج، وانتظِر به السنينَ تِلوَ السنين، وانغمِس في الشهوات والملذّات إلى أن يتحقّق لك ما تريد، هذه وساوسُ إبليس ليصرفَ المسلمَ عن الخير، ويصرفه عن الهدى، ويوقعَه في البلاء، فإنّ الشيطان لنا عدوّ، "إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ" [فاطر: 6].(52/40)
أخي المسلم، إنَّ الله يقول: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" [النور: 33]، أمرٌ من الله للمسلم بأن يكونَ ذا عفّة عن محارم الله، يحفَظ فرجَه، يغضّ بصرَه، يُعرض عن الحرام رجاءً من الله أن يفتَح له بابَ الحلال، فإذا عفَّ عن محارم الله وزهد في الحرام وعلم الله منه صدقَ النيّة فالله سييسِّر له الأمور، والله على كلّ شيء قدير، "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" [يس: 82]، فهو يقول - جل وعلا -: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا"، ليتعفَّفوا عن محارم الله، وتلك العفّة تكون وسيلةً إلى الحصول على الحلال بتوفيقٍ من الله، تيسَّر الأمور، وتُزال العقبات، والله على كلّ شيء قدير.
أيّها المسلم: إنَّ الزواج نعمةٌ عظيمة من الله للعبد، إذا وفَّقه له فسيحصل له به الخير العظيم والفضل الكبير، راحةُ النفس، طمأنينة القلب، طيبُ الحياة.
أيّها المسلم، الزواج سنّة نبيّنا وخُلُق الصالحين المقتدين به، فهو يقول: ((حُبِّب إليّ من دنياكم النّساء والطّيب، وجُعلت قرةُ عيني في الصّلاة))[3]، وقال: ((النّكاح سنّتي، فمن رغِب عن سنّتي فليس منّي))[4]. طافَ ببيوت النبيّ ثلاثة نفر من أصحاب النبي يسألون عن عبادة النبي، فأُخبروا فكأنّهم تقالّوا ذلك، قال أحدهم: أمّا أنا فأصوم ولا أفطِر، وقال الآخر: أمّا أنا فأقوم ولا أنام، وقال الآخر: أمّا أنا فلا أتزوّج النساء، تركوا تلك المباحات زهدًا فيها ورغبةً في الخير في تصوُّرِهم - رضي الله عنهم -، بلغ النبيَّ خبرُهم فقال: ((أما إنّي أتقاكم لله وأخشاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوّج النساء، فمن رغِب عن سنّتي فليس منّي))[5]. وحقًّا إنّ من يزهد في النكاح أو لا يريده أو يُضعِّف من شأنه أو يدعو الشبابَ إلى أن يتركوا النكاحَ حتى يمضِي دورُ الشّباب ويدخل في عهد الكهولة فهذا مخالفٌ لسنّة محمّد.
أيّها المسلم، الزّواجُ عبادَة لله وقربةٌ يتقرّبَ بها العبد إلى الله، فهو أفضل من نوافل العبادة؛ لأنّه يعين على تحصين الفرج وغضِّ البصر وسلامة العبد من الوقوع فيما حرَّم الله عليه.
أيّها الشابّ المسلم، إنّ الزواجَ خير كثير، متى ما توفّرت أسبابُه فعليك بالسعي في ذلك، والنبيّ يقول: ((يا معشرَ الشّباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم، فإنّه له وجاء))[6]، فهذا خطابٌ مِن محمّد موجَّه لشباب الأمّة المسلِمة: ((من استطاع منكم الباءة فليتزوّج))، من كانت عندَه القدرة الماليّة والبدنيّة فليتزوّج وليبادِر، فإنّ ذلك أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ثمّ قال: ((ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنّه له وجاء)) يقتل حدّة الشخص.
ردّ النبيّ على عثمان بن مظعون تبتُّلَه؛ لأنّ عثمان أراد أن ينقطع عن الدنيا فيزهد في الزواج، فردّ النبيّ عليه تبتُّله ومنعه من ذلك؛ لأنَّ الزواج من هديِ المرسلين، كما قال - جل وعلا -: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً [الرعد: 38].
أيّها الشابّ المسلم، إيّاك والزهدَ في الزّواج، وإيّاك والنظرَ إلى الأمور البعيدة المدَى التي ربّما حالت بينك وبين الزواج، يأتيك عدوّ الله ويقول: أنت تتزوّج في هذا السنِّ المبكّر، لماذا تتحمّل المسؤولية ولا تزال في عهد شبابك، تتحمّل التّبِعات مِن نفقة ورعايةٍ وتقيّد وعدم انطلاق؟! دَع عنك النكاح، انطلِق في شبابك وأرضِ نفسك وأعطِها مُناها، وبعدَ الأربعين تزوّج فتلك السّعادة.
هذه مِن وساوس عدوِّ الله، يزهِّد الشّباب المسلمَ في الزواج قائلا له: إنّه يقيِّد حريّتَك، ويحمّلك المسؤولية والتّبعة، ويجعلك راعيًا، وتلتزم النّفقات، وتلتزم وتلتزم، وتكون مسؤولا، وربّما جاءك ولدٌ في السنّ المبكّر فتبقى شقيًّا مع زوجةٍ وأولاد، وأمامَك زمنٌ طويل، أعطِ نفسَك مناها، وأرضِ نفسَك وتمتَّع بشهواتك، والزّواج مُمكنٌ بعد حين. هذه الفكرةُ الخاطئة ارفُضها أيّها المسلم، وإيّاك أن تعوِّل عليها.
قد يأتي عدوّ الله ويقول: تزوّجتَ أيّها الشاب، فأين النّفقة؟ أين السّكن؟ أين وأين؟ حتى يجعلَ الأمورَ كلَّها أمامك شاقّة تتصوّرها عقباتٍ لا تستطيع تخطّيها، هذه المقالةُ لا تصغِ لها، وتذكّر قولَه - جل وعلا -: "إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ".
أيّها الشابّ المسلم، قد يأتي عدوّ الله لك بصورةٍ أخرى أيضًا يزهّدك في الزّواج، ويبعدك عنه، ويجعلك لا ترغَب فيه، يقول لك: هذه المرأة التي خطبتَها هل أنتَ ضامن أن تستمرّ معك أو تبقى معك؟ ربّما فسَد الزواج، وعُدتَ وذهبَت أموالك هباءً منثورًا.
يا أخي، هذه خطواتُ عدوِّ الله، لقد أمرك نبيّك عندما تريد خطبَة امرأةٍ أن تستخير الله، فتسأله - جل وعلا -: إن تكن تلك المرأة خيرًا لك في دينك ودنياك فاسأل ربَّك أن ييسِّرها لك، وإن يكن في عِلم الله أنّها ليست تناسبك فاسألِ الله أن يصرفَك عنها ويصرفَها عنك.
أيّها المسلم، إنّ عدوَّ الله يزهِّد في كلِّ خير، فإيّاك أن تصغيَ لوساوسه أو تصغيَ لأهدافه السيّئة، بل استمرَّ على الخير، وحقِّق أمرَ الله، وثِقْ بوعد الله، فالله لا يخلِف الميعاد.
أيّها المسلم، نبيّك رغَّبك في اختيار ذاتِ الدّين والخلُق القويم، فإنّها عونٌ لك في أمور دينِك ودنياك، يقول: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها وجمالِها ودينها ونسبها، فاظفَر بذات الدين ترِبت يداك))[7]، يقول الله: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَفِظَاتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء: 34].
أيّها المسلم، إذا تقدَّم لفتاتِك من ترضى دينَه وخلقه وأمانتَه فكن عونًا لابنتِك على الزواج، حريصًا على صيانتِها وعفَّتها، ((إذا أتاكم من ترضَون دينَه وأمانتَه فزوِّجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير))[8]، فلا يحول بينك وبين زواج الفتيات الأمورُ المادّية والمطامع المادّية، كلُّ هذه ينبغي أن لا تكون عائقًا، المهمّ أهليّةُ ذلك الرجل، صلاحيته فيما يغلِب على الظنّ وأهليته لحمل تلك الأمانة، فإذا تحقَّق ذلك فاحمد الله، وتذكّر قوله: "وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
كلّما شاعَ النكاح في مجتمعٍ وكثُر في المجتمع دلَّ على خيريّة ذلك المجتمع وكثرةِ الخير والصلاح فيه، وكلّما قلّ هذا النكاح وضعُف شأنه إنّما هو عنوان عدم الاستقامةِ والعياذ بالله، فالحرص على إشاعة هذا النّكاح والإعانة عليه من الأمّهات والآباء أمرٌ مطلوب شرعًا؛ ليقوم الجميع بما أوجب الله عليهم، فتسعد البشريّة بتقلُّص الجرائمِ وقلَّتها، نسأل الله للجميع الثباتَ على الحقِّ والاستقامةَ على الهدى.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.
أيّها الأب الكريم، إنّ الفتاة أمانةٌ في عنقِك، والله سائلك عنها يومَ لقائه، هذه الفتاةُ إيّاك أن تمنعَها من الزواج وأن تحولَ بينها وبين الزواج، فهناك فِئة من الناس ربّما سعَوا في جعل البنات عوانس، ومنعوهنَّ من الزواج، لماذا؟ لا لقلّة من يتقدّم ولا لعَدم أهليّة من يتقدّم، ولكن الأغراض والمطامِع المادّيّة تحمل ذلك الرجلَ إلى أن يضعَ عقباتٍ أمام فتاتِه يريد منعَها عن الزواج، لماذا؟ لأنّه يستفيد من مرتَّبها ومن أموالها، فهو لا يريد زواجَها خوفًا من أنَّ مرتَّبها ينقطع عنه، ولا يحصل له ذلك بعد الزواج والتحامِها بالزوج، فالطمعُ المادّي يمنعه من زواج ابنتِه، ولا يعلم أنّه ارتكب خطأً عظيمًا، وأنَّ الله سيُحاسبه يومَ الوقوف بين يدَيه.
أيّها الرّجل المسلم، أيّها الأب الكريم، اتِّق الله في هذه الفتاة، فإذا تقدّم لها خاطبٌ فانظر حالَ ذلك الخاطب، واعرِض عليها الأمرَ عرضًا واضحًا، اعرض عليها أحوالَ ذلك الرجل: سيرتَه، أعماله، أخلاقه، ما قيل عنه، حيث ينبغي التقصّي في هذا الرّجل، لا أقول: الكمال المطلق، فالكمال ليس بمقصود، ولكن المقصود الحِرص على أن تكونَ المرأة لدَيها تصوّر عن ذلك الرّجل الذي سيكون شريكًا لحياتِها. وعليك تقوى الله في أن تعلم هل هذا المتقدِّم أهلٌ لهذه الأمانة أم لا؟ تسأل عن دينِه، عن استقامته، عن أعماله، عن أخلاقه؛ لأنّ هذا هو المطلوب، وما أمكن إصلاحه فاستصلِحه، وما أمكن أن تنصَح ذلك المتقدّم أو تحذّره من أمور ترى أنّ بقاءه عليها عائق بينه وبين استمرار الحياة الزوجية فلا مانع مِن نصيحةٍ وتوجيه، المهمّ أن لا تَعقد الفتاة إلا على من يغلِب [على] ظنّك أنّه أهلٌ لتلك الأمانة، بعد استخارة الله والاستشارة، والأمرُ بيد الله، والغيب عِلمه عند الله.
أيّها المسلم، إنّ نبيَّنا أرشدَ المسلمَ أيضًا إلى أن ينظرَ إلى الفتاة التي يريد خطبتَها، نعم أرشدَه إلى أن ينظرَ إليها وقال: ((عسى أن يؤدَم بينكما))[9]، ويكون هذا النّظر بحضور محرمِها لأنّه لا يحلّ له الخلوةُ بامرأةٍ لم يعقِد عليها، وإنّما هي نظرة، ليلقي نظرة عليها، فإن قدَّر الله ذلك، وإلا فينبغي لذلك المتقدِّم أن يكتُم ذلك السرَّ ولا يفشيَ ويقول: نظرتُ لابنة فلان فلم تعجِبني، فيها من العيوب ما فيها، هي لم تعجِبك أنتَ وقد تعجب غيرَك، لم تكن حسناءَ في نظرك وقد تكون حسناءَ في نظرِ غيرك، فكتمانُ السّرِّ والمحافظة على الأمانة أمر مطلوب شرعًا.
أيّها الشابّ المسلم، وعندما تتقدّم لخطبَة امرأة وتنظر إليها فإني احذّرك من الاتّصالات الهاتفيّة قبل عقدِ النكاح، فإنّ كثيرًا من هذه الاتّصالات الهاتفيّة ربّما أبطأت أمرَ الزواج، وحصل قيل وقال وفضولُ كلام، لا طائلَ تحته، وإنّما هو سببٌ في إبعاد الزّوجين بعضهما من بعض.
أيّها الشاب المسلم، عندما تحصُل هذه الاتصالات الهاتفيّة غالبًا قبلَ العقد ربّما تكون سببًا في إفساد العَقد، ربَما يسألها عن تاريخها وحياتها السّابقة، وتفتح له كلامَ القيل والقال، وربّما سألته عن حياته الماضية، فقال عن نفسه ما قال، فيكون ذلك سببًا لانفصام الخطبة وعدم استمرارها. العَبدُ لا يخلو من خطأ، والمسلم لا يخلو من خطأ، قلّ أو كثر، لا الرّجل ولا المرأة، والتّوبة إلى الله والاستغفار والنّدم والإقلاع عن الخطأ هذا هو المطلوب من المسلم، وأمّا تتبّع الماضي وجعلُ الماضي منهجًا لكي يُصَدّ عن الزواج فإنّ هذه الأمور [إذا تبت منها] لن يسألك الله عنها، وإنّما عليك في حياتك المستقبليّة، هذا هو المطلوب، أمّا الاتصالات قبل العقد فلا خير فيها؛ لأنّه يخشى أن تجرَّ إلى لقاءٍ قبل العقد، وهذا أمرٌ محرَّم شرعًا، وإذا أردتَ التخلّصَ من هذه التبِعات فاعقِد العقدَ الشرعيّ الذي يقول فيه النبيّ: ((أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله))[10].
وعلى الجميع تقوى الله والتّعاون على البرّ والتقوى في سبيل إشاعة عقد النكاح وتكثيره، فهو علامةُ خير في الأمّة، أسأل الله للجميع التوفيق والعونَ على كلّ خير، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمّد كما أمركم بذلك ربّكم قال - تعالى -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهمَّ عن خلفائه الراشدين ...
----------------------------------------
[1] أخرجه أبو داود في كتاب النكاح (2050)، والنسائي في كتاب النكاح (3227) من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (4056، 4057 ـ الإحسان ـ)، والحاكم (2/162)، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ في الفتح (9/ 111)، والألباني في صحيح سنن أبي داود (1805).
[2] أخرجه أحمد (2/251، 437)، والترمذي في فضائل الجهاد (1655)، والنسائي في الجهاد (3120)، وابن ماجه في الأحكام (2518) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن الجارود (979)، وابن حبان (4030)، والحاكم (2678)، وحسنه الألباني في غاية المرام (210).
[3] أخرجه أحمد (3/128)، والنسائي في عشرة النساء، باب: حب النساء (3939)، وأبو يعلى (3482) من حديث أنس رضي الله عنه، وصححه الحاكم (2/174)، والمقدسي في المختارة (4/367)، وجوّد إسناده العراقي، وقواه الذهبي في الميزان (2/177)، وحسنه الحافظ في التلخيص الحبير (3/116)، وصححه في الفتح (3/15)، وهو في صحيح الجامع (3124).
[4] أخرجه ابن ماجه في النكاح (1846) من حديث عائشة - رضي الله عنها - بنحوه، قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/94): "هذا إسناد ضعيف لضعف عيسى بن ميمون المديني، لكن له شاهد صحيح، وله شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود، ورواه البزار في مسنده من حديث أنس"، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع (6807).
[5] أخرجه البخاري في النكاح (5063)، ومسلم في النكاح (1401) من حديث أنس رضي الله عنه.
[6] أخرجه البخاري في النكاح (5065)، ومسلم في النكاح (1400) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
[7] أخرجه البخاري في النكاح (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع (1466) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[8] أخرجه الترمذي في كتاب النكاح (1084)، وابن ماجه في كتاب النكاح (1967) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الحاكم (2/164- 165)، وتعقبه الذهبي بأن فيه عبد الحميد بن سليمان قال فيه أبو داود: "كان غير ثقة"، وفيه أيضًا ابن وثيمة لا يعرف. ثم اختلف في إسناده، فنقل الترمذي عن البخاري أنه يرجح انقطاعه. ولكن للحديث شواهد يتقوى بها، ولذا حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1022)
[9] أخرجه أحمد (4/244)، والترمذي في النكاح (1087)، والنسائي في النكاح (3235)، وابن ماجه في النكاح (1688) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه نحوه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن الجارود (675)، وابن حبان (4043)، وهو مخرج في السلسلة الصحيحة (96).
[10] أخرجه مسلم في الحج، باب: حجة النبي (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - الطويل.
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
المرأة ... خاضعة لعادات وتقاليد الأسر
مكية ميرزا
كان الزواج هو الطريق المشروع المحمود لإنشاء أسر إسلامية سعيدة أصبح العزوف عنه مشكلة اجتماعية خطيرة تطل برأسها القبيح على معظم البلاد الإسلامية في عصرنا ويبدو أن الأسباب كثيرة ومتنوعة ولكن من أهمها:
1- عضل الأولياء وتعصبهم.
2- غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهضة.
3- انتشار المغريات وسهولة ارتكاب الفواحش.
4- سهولة الزواج بالأجنبيات.
أولاً: عضل الأولياء:
ورد في لسان العرب لابن منظور " عضل المرأة عن الزوج، حبسها، وعضل الرجل أيمه، يعضلها، ويعضلها عضلاً، وعضلها: منعها الزوج ظلماً ".
قال - تعالى - ((فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن))...
فالعضل من العادات الجاهلية التي بقيت في بعض المجتمعات الإسلامية والتي تسببت في حرمان كثير من البنات بالتمتع بالحياة الزوجية السعيدة
والعضل بجميع أنواعه لا يقع في الغالب إلا من قبل الأولياء الجاهلين المتعنتين الذين يتسببون بسوء تصرفهم هذا في تعطيل زواج الإناث وانصراف الذكور عنهن، وأعراضهم عن التفكير في الزواج وإقامة حياة أسرية هانئة ومن الصور الشائعة لهذا العضل: أن يمتنع الولي من تزويج ابنته أو من تحت ولايته بالرجل الكفء تحكماً وتعصباً متعللاً بأوهى الأسباب ودون أي مبرر تحقيقاً لمصحلة شخصية أو منفعة مادية أو بحجة المحافظة:
أ - على النسب.. وذلك بالتفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب.
((فلا تتزوج القبلية من الحضري، ولا الشريفة من غير الأشراف وكذلك بحجة المحافظة على العرف فلا تتزوج العربية من العجمي.. أو بحجة المحافظة على المال والثروة فلا تتزوج الغنية إلا من غني وهذا التعصب مازال موجوداً بين بعض الأسر إلى الآن)).
ب - وكثيراً ما يمنع الولي ابنته المطلقة طلاقاً رجعياً من الرجوع إلى زوجها بحجة جرح الكرامة أو الإهانة، أما المطلقة طلاقاً بائناً أو الأرملة المتوفي عنها زوجها فإنها تحرم من الزواج بتاتاً بسبب ظلم الولي وتقاليد المجتمع الجاهلي البعيد عن الإسلام وأحكامه حيث ينظر أفراد هذا المجتمع إلى المطلقة أو الأرملة نظرة شؤم وكأنها ليست إنساناً تستحق الحياة الكريمة، وينبغي أن تعطي فرصة أخرى للبحث عن حلم السعادة الزوجية مرة أخرى في ضوء ما أباحه الله تبارك و- تعالى - من ابتغاء الزواج بالكفء التقي الصالح.
ج- ومن أنواع العضل الأخرى: أن يمنع الولي موليته من الزواج ليستفيد مما تكسبه بعملها خارج البيت، أو يمنعها من الزواج في انتظار من يقدم لها المهر أضعاف، أو قد يزوجها من ليس بكفء لها طمعاً في ماله أو جاهه حتى ولو كان شيخاً هرماً أو فاسقاً عاصياً وفي كثير من الأحيان يتدخل الولي في حياة ابنته حتى يعد زواجها، يسبب لها مشاكل ويفسدها على زوجها لتغضب من زوجها وتعود معه إلى بيته.. وكم من مآسي حصلت نتيجة هذا الظلم المتمثل في التدخل في حياة الزوجين، طمعاً في (الرضوة) وهي ما يقدمه الزوج لإرضاء زوجته أو لأهلها كي يسمحوا بإرجاعها إلى بيتها)!
ولاشك أنها من قبيل الرشوة المحرمة التي يعتبر أخذها حراماً مادام الزوج مجبراً على دفعها، وهي من قبيل أكل أموال الناس بالباطل.
د- وأمر آخر فيه تعصب الأهل وحجر على زواج البنت تمسكاً ببعض التقاليد السائدة في المناطق (وخاصة الريفية) وهي حجر البنت لابن العم أو الخال بحجة أنه الأولى بها من الغريب حتى ولو لو يكن كفؤاً وهذا الأمر فيه ظلم عظيم للمرأة.
ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز " - رحمه الله - تعالى - " [ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنة العم ومنعها من التزوج بغيره، وهذا منكر عظيم وسنة جاهلية وظلم للنساء وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دماء وغير ذلك].
ثانياً: غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج:
التغالي في المهور ظاهرة عصرية خطيرة ينسبها بعض الناس إلى التضخم المالي الذي ساد بعض البلاد العربية والإسلامية.
فنرى كثير من أولياء الأمور يرفضون تزويج البنات أو من تحت ولايتهم إلا إذا دفع الزوج أكبر قدر من المال والمتاع، طمعاً في عرض الحياة الدنيا أو التفاخر والظهور أمام الآخرين بمظاهر كلها إسراف وتبذير وكأن المرأة سلعة تباع وتشترى بالإضافة إلى أمر آخر هو شر من التغالي في المهور ألا وهو التنافس في الجهاز والأثاث وإقامة أفراح الزواج مما يثقل كاهل الزوج فينصرف عن التفكير في الزواج وتظل الفتاة تنتظر وتترقب حتى يوافق وليها لمن يدفع أكثر قدر ممكن من المهر والأثاث.
تلك هي الاعتبارات التجارية السائدة عند طائفة من الناس الجاهلين بأحكام الإسلام ولا زال يرزح تحت ثقلها كثير من شبابنا وفتياتنا على حد سواء.
لا شك أن كلا الأمرين (عضل الأولياء وغلاء المهور أدى إلى نتائج سيئة وعواقب وخيمة. أشار إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:
" إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض "
لقد ظهرت الفتنة وانتشر الفساد ويمكن إجمال هذه النتائج العديدة في النقاط التالية:
1- كثرة الشكوى والمعاناة من قلة الزواج التي أضرت بالرجال والنساء على السواء.
2- انصراف الشباب عن الزواج إزاء تعنت الأهل وصعوبة الزواج وارتفاع تكاليفه.
3- كساد سوق الزواج لدرجة أن الحلال في بعض الأقطار الإسلامية صار أصعب منالاً من الحرام كما أصبح الحرام أيسر من الحلال.
4- العنوسة المزمنة المتمثلة في كثرة عدد العانسات في البيوت والأسر.
5- انتشار الفواحش والزنا والأمراض النفسية والعصبية والشذوذ الجنسي.
6- التمرد والعصيان والانحلال الخلقي والاستهتار بالقيم والمبادئ والأخلاق.
7- تفكك الأسر وفساد المجتمع وقلة النسل.
وقد يفرط بعض الأولياء في حق المرأة فيهضمها حقها في الصداق فيسعى إلى إلغاء المهر بأن يزوج ابنته أو أخته لرجل يتزوج هو بابنته أو أخته.
وليس بينها مهر وهذا ما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
http://www.balagh.com المصدر:
ـــــــــــــ
التعاون على تيسير الزواج
عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله - تعالى - حقَّ التقوى.
عبادّ الله، يقول ربّنا جلّ جلاله وهو أصدق القائلين آمرًا عبادًه المؤمنين بهذا الخُلُق الكريم: " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "[المائدة: 2]. فيأمرُنا ربّنا جلّ جلاله أن نكونَ جميعًا أعوانًا على البرّ، أعوانًا على التقوى، أعوانًا على كلِّ أمر يحبّه ربّنا ويرضاه، ونهانا أن نتعاونَ على الإثم والعدوان، عن كلِّ أمر يبغضه الله من شرٍّ خاصّ أو عامّ، ثم يقول: " وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " [المائدة: 2].
هذه الآية ـ أيّها الإخوة ـ أصلٌ عظيم في التّعاون بين المسلمين، أصلٌ عظيم في وجوب التعاون بين أمّةِ الإسلام على الخير والهدى، وأصلٌ عظيم في تحذيرهم من أن يكونوا أعوانًا على الشرّ والبلاء.
أيّها المسلم، إنَّ مِن التعاون على البرّ والتقوى أن يتعاونَ المجتمع المسلمُ في الدّعوة إلى تسهيل أمر الزواج، وإلى بثِّ روح التعاون بين الجميع في إظهار شعيرةِ الزواج بالتعاون على ذلك لنسهِّل أمرَ الزواج لأبنائنا وبناتِنا.(52/41)
أيّها الإخوة الكرام، كلُّ مسلمٍ منّا محتاجٌ إلى هذا الأمر العظيم، فمَن له أولادٌ يحتاج إلى تزويجهم، ومَن له بنات فهو يتمنّى لهنّ الزواجَ والعفاف، إذًا فهي مصلحة مشتركَةٌ بين الجميع للذّكور والإناث، والمجتمع المسلم إذا تعاون في تيسير أمرِ الزواج وتعاونَ الجميع في تذليل العقبات التي تعوق كثيرًا من أبنائنا عن الزواج، أو تعوق أيضًا بناتنا عن الزواج، فيبقى الذّكور عُزَّبًا، وتبقى الفتيات عوانسَ في البيوت، ليس هذا من مصلحةِ الجميع، ليس هذا من البرّ ولا من التقوى، ليس هذا من الخلُق الكريم، المطْلوبُ منّا جميعًا أن نتعاونَ في إفشاء الزّواج، في إشاعته وتكثيره وتيسير أمورِه وتذليلِ كلِّ الصِّعاب ما وجدنا لذلك سبيلاً.
أيّها المسلم، هذا الأمر لا تستطيع أن تفرضَه السّلطة، ولا أن تُلزم به النّاس، فلو أُلزم النّاس لاتَّخذوا حِيَلاً ووسائلَ يتخلّصون بها من كلِّ ما ألزِموا به، لكن إذا انبعَث الأمر من قلوب المجتمع المسلم، انبعث الأمرُ من روح التعاونِ والتساعد فإنّ هذا ممّا يعين على الخير والتقوى.
أيّها المسلمون، هناك عقباتٌ كأداء تحول بين شبابنا وبين فتياتنا من الزّواج، لو أنّ المجتمع المسلمَ تعاون في حلّها وتذليلها لصار خيرًا كثيرًا لمجتمعنا المسلم.
مِن تلكم العقبات أولاً: نظرُ بعض الآباء والأمّهات إلى مَن يتقدّم لخطبة الفتات، فنرى أحيانًا خطأ من أمّهات الفتيات، يتمثّل هذا الخطأ الذي تقع فيه الأمُّ أحيانًا من أنّها تنظر إلى خطيبِ ابنها بنظرٍ خاصّ، وتريد مواصفاتٍ معيّنةً، والأمر في ذلك أيضًا مادّي، فهي لا تريد لفتاتِها إلا من يكون ذا كذا وذا كذا، ذا مال أو ذا جاه أو ذا عملٍ كبير أو إلى غير ذلك، فهناك مِن الأمّ خطأٌ في أنّها لا ترغَب في زواج فتاتِها إلا بأمور معيّنة لو فكّرت حقًّا لرأت أنَّ كثيرًا ممّا تريد ليس من مصلحةِ الفتات في مستقبلها، فالأمرُ بيد الله، والفقر والغنى بيد الله، ويقول الله - جل وعلا -: " إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ " [النور: 32]. لا شكّ أنّه مطلوبٌ من الزوج القيامُ بالنفقة، لكن لا يُجعل الغنى وحدَه أو كثرة المال وحده هي الوسيلة، وإنّما يُسلَك الأمر الوسَط في ذلك.
قد يخطئ الأب أحيانًا إذا خُطِبت منه فتاته، فإمّا أن يطلبَ مهرًا زائدًا وتكلفاتٍ هائلة قد تثقل كاهلَ ذلك الشابّ الخاطب، تثقل كاهلَه، وتحمّله ما لا يطيق.
أيّها الإخوة، إنّ الآباءَ والأمهاتِ مسؤولون جميعًا عن هذه المهمّة الكبرى، والمطلوب منهم التعاون على البرّ والتقوى.
أيّها المسلمون، إنّ صداقَ المرأة أمر مطلوبٌ شرعًا، " وَءاتُواْ النّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً "[النساء: 4]، هذا أمر لا شكّ فيه، ولكن ـ أيّها الأخ المسلم ـ ماذا تريد من صداقٍ تثقل به كاهلَ ذلك الخاطب؟! وقد لا يجد كثيرًا منه، وقد يتحمّل ديونًا ويأخذ قروضًا بفوائد متعدِّدة، يشتري سيّارات أو غيرها، ويحمِّل ذمَّتَه أمرًا لو فكّر فيه لرأى صعوبةَ الأمر وعسرَه عليه، ومتى يقضي ذلك الدّين، فيعيش في همٍّ وغمّ وثُقلِ الدَّين الذين يقلِق مضجعَه ويجعله في همّ وغمٍّ ملازم.
أيّها الأب الكريم، إنّه إذا تقدّم لفتاتِك خاطبٌ فانظر الدّينَ أوّلاً، ثمّ انظر عقلَه ورجاحة فكره وأهليّته لتلك الفتات، فإذا توسّمتَ فيه الخيرَ واستخرتَ الله واستشَرت غيرَك ممّن تظنّ أنّه يشيرك بالخير، فإيّاك أن تردَّ ذلك الزوجَ لأجل مطامعَ ماديّة، لا تجعل المادّةَ هي المعيار في القبول أو الردّ، ولكن اجعل الأخلاق والعقل وحسنَ التّصرّف هي الغاية المقصودة. أمّا المهر فلا تكلِّفه ما لا يطيق، لا تطلب ما لا يُستطاع، فما أوتيت من مهرٍ فسيجعل الله فيه بركة، فأنفقه قدرَ استطاعتك، والله سييسّر الأمور، وسيجعل الله بعدَ عسرٍ يُسرًا.
أيّتها الأمّ الكريمة، أعيني فتاتك على الزواج، وإذا كانت ترفُض الزواجَ لأجل المطامع الماديّة فكوني خيرَ عَون في إقناعها وتوجيهها وتبيينِ أنَّ هذا المطلبَ ليس مطلبًا شريفًا، وإنّما المطلب الشّريف دينُ ذلك الرّجل، خلقُه ورجاحة عقله، أهليتُه لتسلّم تلك الأمانة، فهي ـ والله ـ الغايةُ العظيمة التي يسعى لها العقلاء ذوو العقول الراجحة والآراء السديدة.
أيّها المسلمون، إنّ توسُّعنا في كثيرٍ من مهور النّساء أثقَلَ كواهلَ شبابنا وأتعَبَهم وفتح للطّامعين أبوابَ الطّمع المختلِفة، فتحمّلوا ديونًا أثقلت كواهلَهم، وعجزوا عن تسديدها، وأصبحوا في قلقٍ وهمّ من تلك الديون العظيمة.
أيّها المسلم، إنّ سنّةَ نبيّنا كانت تيسيرَ أمر الزواج، وكانت سنّته تهوينَ أمر الزواج وعدم المبالغة في ذلك، فكانت سنّته في مهور نِسائه التي يدفعها مهورًا لهنّ أو قبوله مهورَ بناته، كانت في غايةِ التواضع ليكون مثلاً يُقتَدى به، وإن يكن ذلك الأمر قد لا يكون يتطابِق مع الوضع، لكنّه بالنسبة إلى زمانِه كان يسيرًا، وكان مضرَب المثل في التيسير والتّسهيل، فما دفع لامرأةٍ من نسائه فوقَ أربعة مائة درهم، وما قبل لبناته أكثرَ من أربعة مائة درهم[1]، هذا بلا شكّ في زمانِه كان مضرَبَ المثل في التواضع، وأنا لا أقول: تقيَّد بهذا، لكن المهمّ أن لا تكلِّف الخاطبَ ما لا يستطيع، لا تثقِل كاهلَه، ولا تحمِّله ما لا يطيق، ولا تجعل الزواجَ وقفًا على ذلك المهر الزائد، بل يسِّر الأمور، وأعِن على الزّواج، ولا تكلِّف ما لا يُطاق، وسيجعل الله في الأمر إن شاء الله بركةً في الحاضر والمستقبل.
أيّها المسلمون، نبيّنا شرع لنا وليمةَ الزواج، وحثَّنا عليها، فقال لعبد الرحمن بن عوف: ((أولم ولو بشاة))[2]. فحثّ على الوليمة، وحثّ على حضورها، ورغّبَ في ذلك، لكن ـ أيّها الإخوة ـ للأسف الشّديد أنّ هذه الولائم أخذت مسارًا غيرَ صحيح، وسلكت مسلكًا غيرَ مناسب، وتباهى المجتمع في حفلات الزواج تباهيًا عظيمًا، وأصبح كلٌّ يُحدِث لنفسه نوعًا من المباهاة، عسى أن يكون سابقًا لغيره، وعسى أن يكونَ متقّدِّمًا على غيره، وعسى أن يُذكَر بأنّ حفلات الزواج عند فلان بلغت كيت وكيت، وأُنفِق عليها من الأموال ما أنفق عليها، فأصبح التّباهي بذلك مظهرًا، وهذا المظهر مظهرٌ خاطئ بلا شكّ.
أيّها الإخوة، إنّ نعمَ الله عظيمة علينا، وإنّ النّعم لا تدوم إلا بشكر الله عليها واستعمالِها فيما يُرضي الله، وإنَّ إضاعةَ المال في كثير من الولائم العظيمة التي ينفَق عليها في الليلة الواحدة مئاتُ الآلاف لا شكّ أنَّ هذا خطأ عظيم وخطرٌ كبير، وإنَّ المسلمَ ينبغي أن يحافظَ على نعم الله، ويتذكّر أقوامًا يتمنَّون لقمةَ العيش فلا يصلون إليها. فلنحمدِ الله على نعمه، ولنعرف قدرَ هذه النعمة، ولنقُم بحقِّها، ومِن حقِّها أن لا نجاوزَ الحدَّ فيها.
إنَّ بعضَ حفلاتِ زواجنا وللأسف خرجت من دور الإسراف إلى دورِ التبذير والإنفاق فيما حرّم الله، فهناك الإسراف عند بعضنا تكثيرُ المباحات، وهناك التبذير والإنفاق في الأمور المحرَّمة التي حرَّمها الشّرع، فالواجب على المسلمين تقوى الله والتعاونُ على البرّ والتقوى فيما بينهم والتناصحُ فيما بينهم؛ لأنّ هذه الأشياءَ لا يحلّها ولا يقضي عليها إلا التعاون بين المسلمين وتذكيرُ بعضهم بعضًا، عسى أن يفهمَ المجتمعُ تلك الأخطاءَ فيبتعد عنها، ويتيسّر أمرُ الزواج.
إنّ شبابَنا ذكورًا وإناثًا كلّهم محتاجون إلى الزواج، فلا بدّ من عملٍ عظيم يسبِّب تسهيلَ هذه المهمّات؛ التعاون بين المجتمع المسلم على الخير والتقوى، وتشجيعُ من رأينَا منه تعاونًا وتيسيرًا، حتى يكون الناس يقتدي بعضهم ببعض، ويتأسّى بعضهم ببعض، ويعين بعضهم بعضًا. أمّا إذا كان أهل الغِنى والثراء ينفقون الأموالَ الطائلة في الحفلات، وغيرهم يتمنّى أن يكونَ مثلَهم ويحاول الاقتداءَ بهم ولو تحمَّل من الديون ما لا طاقة له به فهذا هو الخطأ، فالقدوة الصالحةُ خيرٌ للمجتمع المسلم، وكلّ من سعى في خيرٍ وأعان على خير فإنّ له أجرًا عظيمًا.
فاتّقوا الله في أنفسكم، وقوموا بما أوجب الله عليكم، وابتعِدوا عن مظاهر الإسراف، وعن التبذير في الإنفاق في المحرّمات، أسأل الله أن يعينَنا جميعًا على كلّ خير، وأن يهديَنا سبلَ السلام، وأن يرزقَ الجميعَ التعاون على البرّ والتقوى، إنّه على كلّ شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله - تعالى - حقّ التقوى.
عبادَ الله، رحِم الله امرأً فتح للنّاس أبوابَ الخير، رحم الله امرأً كان قدوةً لمجتمعه في التّعاون على الخير، رحم الله عبدًا كان أسوةً حسنة في الاقتصاد في هذه الأمور، رحم الله عبدًا كان أسوةً حسنة في البُعد عن مظاهرِ الإسراف وبعدٍ عن التبذير.
أيّها الإخوة، وليمةُ الزواج مطلوبة، ولكن هل المطلوب أن أدعوَ المئاتِ من الناس، وأكلّف نفسي بما لا أستطيع، أم المطلوب وليمةٌ قدرَ العائلة وأهل البيت؟
إنَّ هذه الولائمَ اليومَ أصبحت مظهرًا سيّئًا، يُوضَح فيها من أنواعِ المأكولات ما لا يُؤكل ولا عُشره، وكثيرٌ منها يُلقى في المزابل. نِعَمٌ عظيمة وخيرات كثيرة النّاس لا يتناولون منها إلا جزءًا، ومعظم أجزائها فإلى المزابلِ والعياذ بالله.
هذا ـ يا إخواني ـ مظهرُ سوء، الواجب على المسلمين التعاونُ على الخير، والتبصُّر في هذه النّعم، ومعرفة قدرها، وأن الله - جل وعلا - سائلنا عنها: " ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ "[التكاثر: 8]، الله سائلنا عن هذه النّعم، في أيِّ شيء استعملناها؟ هل هذه النعم التي توضَع تؤكَل وتستهلك أم لا؟
بعضُ أولئك لو طُلِب منه إعانةٌ لفقير ومحتاج لما بذل درهمًا واحدًا، ولكن عند مظاهر السّرف والتّباهي تجود الأيدي بالأموال الطائلة في أمور هو يرتكِب فيها الخطأ من حيث لا يشعر.
فلنكن جميعًا أعوانًا على الخير، ولنتعاون في القضاء على مظاهر الإسراف والتبذير ووضع الولائم التي لا داعي لها، فلا بدّ من علاجِها بين المجتمع المسلم؛ لأنّ المجتمع المسلمَ مجتمعٌ يجب أن يتعاونَ على الخير بقدر ما يمكن.
أسأل الله أن يرزقنا وإيّاكم العملَ بما علمنا، وأن يجعلَنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم ألو الألباب.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسن الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد كما أمركم بذلك ربّكم قال - تعالى -: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا "[الأحزاب: 56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد...
----------------------------------------
[1] أخرج أحمد (1/40-41، 48)، وأبو داود في كتاب النكاح (2106)، والترمذي في كتاب النكاح (1114)، والنسائي في كتاب النكاح (3349)، وابن ماجه في كتاب النكاح (1887) عن عمر - رضي الله عنه - قال: ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي، ما أصدق رسول الله امرأةً من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (4620 ـ الإحسان ـ)، والحاكم (2/175-176)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1852).
قال الترمذي: "الأوقية عند أهل العلم أربعون درهما، وثنتا عشرة أوقية أربع مائة وثمانون درهما".
[2] أخرجه البخاري في النكاح (5072، 5153، 5155، 5167)، ومسلم في النكاح (1427) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
4/5/1424
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
من الحكم في النكاح
1- حفظ كل من الزوجين وصيانته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ).
2- حفظ المجتمع من الشر وتحلل الأخلاق فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال والنساء .
3- استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق وعشرة فالرجل يكفل المرأة ويقوم بنفقاتها من طعام وشراب ومسكن ولباس بالمعروف قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) والمرأة تكفل الرجل أيضا بالقيام بما يلزمها في البيت من رعاية وإصلاح قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( . . . والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ) .
4- أحكام الصلة بين الأسر والقبائل فكم من أسرتين متباعدتين لا تعرف إحداهما الأخرى وبالزواج يحصل التقارب بينهما والاتصال ولهذا جعل الله الصهر قسيما للنسب كما تقدم .
5- بقاء النوع الإنساني على وجه سليم فإن كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان قال الله - تعالى - : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً } [ النساء : 1 ] ولولا النكاح للزم أحد أمرين إما :
1- فناء الإنسان.
2- أو وجود إنسان ناشئ من سفاح لا يعرف له أصل ولا يقوم على أخلاق
http://www.al-eman.com المصدر:
ـــــــــــــ
عقبات في طريق الزواج
عبد الرحمن السديس
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فأوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي بتقوى الله، فإنها أعظم الوصايا درّا، وأنعِم بها عدَّة وذخرًا.
أيها المسلمون:
لقد اقتضت حكمة الحكيم الخبير - سبحانه - حفظ النوع البشري، وبقاء النسل الإنساني، إعمارا لهذا الكون الدنيوي، وإصلاحا لهذا الكوكب الأرضي.
فشرع بحكمته وهو أحكم الحاكمين ما ينظم العلاقات بين الجنسين الذكر والأنثى، فشرع الزواج بحِكَمه وأحكامه، ومقاصده وآدابه، إذ الزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر والبيوتات، وتنظيم أقوى الوشائج وأوثق العلاقات، واستقامة الحال، وهدوء البال، وراحة الضمير، وأنس المصير، كما أنه أمر تقتضيه الفطرة، قبل أن تحث عليه الشرعة، وتتطلبه الطباع السليمة والفطر المستقيمة، إنه حصانة وابتهاج، وسكن وأنس واندماج، كم خفَّف همًّا، وكم أذهب غمًا، به تتعارف القبائل، وتقوى الأواصر، فيه الراحة النفسية، والطمأنينة القلبية، والتعاون على أعباء الحياة الاجتماعية، ويكفيه أنه آية من آيات الله، الدالة على حكمته، والداعية إلى التفكر في عظيم خلقه وبديع صنعه، وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].
وفي الحديث عن النبي: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء)) خرَّجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه[1].
ويقول: ((تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) خرَّجه أبو داود والنسائي وغيرهما[2].
الزواج من سنن المرسلين، وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً [الرعد: 38]، يقول عمر لقبيصة - رضي الله عنهما -: (ما يمنعك عن الزواج إلا عجز أو فجور)[3]، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، ولي طول على النكاح لتزوجت، كراهية أن ألقى الله عزبًا)[4]، ويقول الإمام أحمد - رحمه الله -: "ليست العزوبة من الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام"[5].
معاشر المسلمين والمسلمات:
إذا كانت هذه شذرة في مكانة الزواج وآثاره، وتلك بعض حكمه وأسراره، فما بال كثير من الناس يشكو ويتبرم؟! وما بال المشكلات الاجتماعية تزداد وتتفاقم؟! والأدواء الأسرية تكثر وتتعاظم؟! حتى لقد أضحى أمر الزواج من كونه قضية شرعية وضرورة بشرية إلى مشكلة اجتماعية خطيرة، من حيث ما أحدث فيه مما لا يمتّ إليه بصلة، ولا يرتبط به شرعًا ولا عقلاً.
لقد كثر الحديث عن مشكلات الزواج، وطفحت فيه الكتابات والمقالات، وبُحّت حناجر الغيورين على مجتمعهم من التحذير مما يصاحب كثيرًا من الزيجات[6] من المشكلات والتعقيدات، بله المحرمات والمخالفات، ناهيكم عن الطقوس والشكليات، والتفاخر والمباهاة، والإغراق في الكماليات.
إخوة الإسلام:
ولما كانت هذه المشكلة من صميم الحياة الاجتماعية، وتتعلق بحياة كل فرد وأسرة في المجتمع على مختلف الظروف والمستويات، وحيث إنها كذلك لا تزال موجودة متجددة، تتقدم الأعوام وتزداد العراقيل، وتمضي السنوات وتكثر العقبات، وكأن الطرق قد سدت أمام الراغبين في الزواج، والحواجز قد وضعت في طريقهم، والعوائق تنوعت وتعددت في دروبهم، حتى ظهر الحال بمنظر ينذر بخطر العواقب وسوء المنقلب، وحتى غدت قضايا الزواج ملحة تحتاج لعلاج فوري، وتَصَدٍّ جدِّي من المسلمين جميعًا، لا سيما من ذوي المسؤولية ودعاة الإصلاح.
لذا كان لا بد من طرحها بإلحاح، قيامًا بالواجب الإسلامي، وشعورًا بمأساة كثير من الشباب العاجزين عن الزواج، والفتيات العوانس في البيوت، الذين أصبحت تكاليف الزواج تمثل شبحًا مخيفًا لهم، وعقبة كَأْدَاءَ في حياتهم، وهم لا يزالون يصطلون[7] بنار الشهوة، ويكتوون بلظاها، ويئنُّون من لأوائها.
إخوة العقيدة:
لقد أبانت شريعتنا الغراء، المنهج الواضح في هذه القضية المهمة، فقد جاءت بتيسير أمور الزواج والحث على الاقتصاد فيه، روى الإمام أحمد - رحمه الله - من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله قال: ((إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة)) [8]، فالذين يخالفون هذا المنهج بالتأخير والتسويف، والإثقال والتعقيد، إنما يخالفون شرع الله، وسنة رسوله القولية والفعلية.
وأستميحكم ـ يا رعاكم الله ـ أن أشير إشارات عاجلة إلى بعض الظواهر في هذه القضية المهمة، مع عدد من المشكلات والعقبات في طريق الزواج، مع إلماحة يسيرة إلى آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، وبيان المنهج السليم والعلاج القويم، علَّها تجد آذانا صاغية، وقلوبًا واعية، وعلَّ فيها تشخيصًا للداء، ووصفًا للدواء، ومن الله أستلهم العون والتوفيق:
الظاهرة الأولى: وهي أول هذه المشكلات، ألا وهي ظاهرة العنوسة، وعزوف كثير من الشباب من الجنسين عن الزواج، بتعلقهم بآمال وأحلام، وخيالات وأوهام، وطموحات ومثاليات، هي في الحقيقة من الشيطان، فبعضهم يتعلق بحجة إكمال السلم التعليمي مثلاً، زاعمين أن الزواج يحول بينهم وبين ما يرومون من مواصلة التحصيل، وتلك شبهة واهية، فمتى كان الزواج عائقًا عن التحصيل العلمي؟! بل لقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن، وصفاء النفس، وراحة الفكر، وأنس الخاطر، ثم ونقولها بصراحة: ماذا تنفع المرأةَ بالذات شهاداتها إذا بقيت عانسًا قد فاتها ركب الزواج، وأصبحت أيِّمًا لم تسعد في حياتها بزوج وأولاد، يكونون لها زينة في الحياة، وذخرًا لها بعد الوفاة، وكم من امرأة فاتها قطار الزواج، وذهبت نضارتها، وذبلت زهرتها، وتمنت بعد ذلك تمزيق شهاداتها، لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها، ولكن "ليتَ وهل ينفع شيئًا ليتُ؟! "[9]، فدالها داؤها، وكم هي الصيحات والزفرات الحرَّاء التي أطلقت من المجربات، فأين المتعقلات؟!
إن هذه المشكلة ومثيلاتها مردّها إلى غبش في التصور، وخلل في التفكير، بل لا نبالغ إذا قلنا: إنها إفراز ضعف المعتقد، وقلة الديانة، والخلل في الموازين، وسوء الفهم لأحكام الشريعة، إنه النظر المشوش حول المستقبل، والتخوف الذي لا مبرر له، والاعتماد على المناصب والماديات، والتعلق بالوظائف والشهادات، وتأمين فرص العمل زعموا، مما يزعزع الثقة بالله، والرضا بقضائه، ويضعف النظر المتبصر، والفكر المتعقل.
إن حقًا على الشباب والفتيات أن يبادروا عمليًا إلى الزواج متى ما تيسر لهم أمره، وأن لا يتعلقوا بأمور مثالية، تكون حجر عثرة بينهم وبين ما ينشدون من سعادة وفلاح، ويقصدون من خير ونجاح، وأن لا يتذرعوا بما يسمونه تأمين المستقبل، فالله - عز وجل - يقول: وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَىا مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور: 32]، وصديق هذه الأمة - رضي الله عنه - يقول: (أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى) [10]، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في النكاح)[11].
أمة الإسلام:
إن ظاهرة العنوسة في المجتمع، وعزوف كثير من الشباب من الذكور والإناث عن الزواج له مضاره الخطيرة، وعواقبه الوخيمة على الأمة بأسرها، لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتن، وتوفرت فيه السبل المنحرفة لقضاء الشهوة، فلا عاصم من الانزلاق في مهاوي الرذيلة، والفساد الأخلاقي إلا التحصن بالزواج الشرعي.
فالقضية ـ أيها الغيورون ـ قضية فضيلة أو رذيلة، ومن المؤسف أن يصل بعض الشباب إلى سن الثلاثين والأربعين، وهو لم يفكر بعد في موضوع الزواج، وما انفتحت أبواب الفساد إلا لما وضعت العراقيل أمام الراغبين في الزواج، بل لم ينتشر الانحلال والدعارة وما وراء ذلك وقبله من المعاكسات والمغازلات والعلاقات المشبوهة والسفر إلى بيئات موبوءة، ومستنقعات محمومة إلا بسبب تعقيد أمور الزواج، لا سيما مع غلبة ما يخدش الفضيلة، ويقضي على العفة والحياء، مما يُرى ويُقرأ ويُسمع، مع ألوان الفساد الذي قذفت به المدنية الحديثة، وحدِّث ولا كرامة عما تبثه القنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية التي تفجر براكين الجنس، وتزلزل ثوابت الغريزة، وتوَجَّه ضد قيم الأمة وأخلاقها، فإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إخوة الإيمان:(52/42)
وهذه إشارة ثانية إلى مشكلة أخرى، وعقبة كَأْدَاءَ، ألا وهي عضل النساء[12] من زواج الأَكفاء، والرسول يقول: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) خرَّجه الترمذي وابن ماجه والحاكم بسند صحيح[13].
فهناك بعض الأولياء ـ هداهم الله ـ قد خانوا الأمانة التي حُمِّلوها في بناتهم وفتياتهم، بمنعهنّ من الزواج من الأكفاء دينًا وخلقًا وأمانة، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية، يسألون عن ماله، عن وظيفته، عن وجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته.
بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته الحرة المسلمة الكريمة سلعة للمزايدة، وتجارة للمساومة والعياذ بالله، وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضل وظلم وخيانة، وقد تكون مدرِّسة أو موظفة فيطمع في مرتبها، فأين الرحمة في هؤلاء الأولياء؟! كيف لا يفكرون بالعواقب؟! أيسرُّهم أن يسمعوا الأخبار المفجعة عن بناتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟! يا سبحان الله، كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد في بيته إلى ما شاء الله، ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر - رضي الله عنه - يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان - رضي الله عنهم - أجمعين[14]، وهذا سعيد بن المسيب - رحمه الله - يزوج تلميذه أبا وداعة[15]، وهذا ديدن السلف في عصورهم الزاهية.
إن تضييق فرص الزواج علّة خراب الديار، به تُقضّ المضاجع، وبه تكون الديار بلاقع[16]، وبه يقتل العفاف وتوأد الفضائل، وتسود الرذائل، وتهتك الحرمات، وتنتشر الخبائث والسوآت.
فيا أيها الأولياء، اتقوا الله فيمن تحت أيديكم من البنات، بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الخُطَّاب الأكفاء في دينهم وأخلاقهم، ((إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)).
وعضل النساء ورَدُّ الأكفاء فيه جناية على النفس، وعلى الفتاة، وعلى الخاطب، وعلى المجتمع برمّته، والمعيار كفاءة الدين، وكرم العنصر، وطيب الأرومة[17]، وزكاء المعدن، وسلامة المحضن، وحسن المنبت، وصدق التوجه.
أوصى بعض الحكماء بنيه عند الزواج فقال: "يا بَنِيَّ، لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب، وكرم العنصر، فإن المناكح الكريمة مدارج الشرف"، وأبلغ من ذلك قول المصطفى: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) [18].
فيا أيها الأولياء، اتقوا الله - عز وجل - في مسؤولياتكم.
أمة الخير والفضيلة:
وإشارة ثالثة إلى مشكلة من المشكلات المستعصية، ألا وهي مشكلة غلاء المهور والمبالغة في الصداق في بعض الأوساط، حتى صار الزواج عند بعض الناس من الأمور الشاقة والمستحيلة، وبلغ المهر في بعض البقاع حدًا خياليًا، لا يطاق إلا بجبال من الديون التي تثقل كاهلَ الزوج.
ويؤسف كلَّ غيور أن يصل الجشع ببعض الأولياء أن يطلب مهرًا باهظًا من أناس يعلم الله حالهم، لو جلسوا شطر حياتهم في جمعه لما استطاعوا، فيا سبحان الله، ءَإلى هذا المستوى بلغ الطمع وحب الدنيا ببعض الناس؟! وكيف تعرض المرأة المسلمة سلعة للبيع والمزايدة وهي أكرم من ذلك كله؟! حتى غدت كثيرات مخدرات في البيوت، حبيسات في المنازل، بسبب ذلك التعنت، والتصرف الأرعن[19].
إن المهر في الزواج ـ يا عباد الله ـ وسيلة لا غاية، وإن المغالاة فيه لها آثار سيئة على الأفراد والمجتمعات، لا تخفى على العقلاء من تعطيل الزواج، أو الزواج من مجتمعات أخرى، مخالفة للمجتمعات المحافظة، مما له عواقب وخيمة، فربّ لذة ساعة تعقبها حسرات إلى قيام الساعة.
ولم يقف الجشع ببعض الناس عند هذا الحد، بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك مما هو خروج عن منهج السلف الصالح - رحمهم الله -، يقول الفاروق رضي الله عنه: (ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى في الآخرة، لكان النبي أولاكم بها؛ لم يصدق امرأة من نسائه ولم تُصدق امرأة من بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية) [20]، ولعله لا يزيد في عملتنا المعاصرة على مائة وعشرين ريالاً فقط، وقد زوج المصطفى رجلاً بما معه من القرآن[21]، وقال لآخر: ((التمس ولو خاتمًا من حديد)) [22]، وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواه من ذهب[23]، وقد أنكر على المغالين في المهور، فقد جاءه رجل يسأله فقال: يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على أربع أواق من الفضة ـ يعني مائة وستين درهمًا ـ فقال النبي: ((أوّه، على أربع أواق من الفضة؟!! كأنما تنحتون الفضة من عُرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك)) [24].
الله المستعان، كيف بحال المغالين اليوم؟! أما علم أولئك أنهم مسؤولون أمام الله عن أماناتهم ورعاياهم؟! هل نزعت الرحمة من قلوبهم والعياذ بالله؟!
أمة الإسلام:
وإشارة رابعة إلى مشكلة المشكلات في موضوع الزواج، ألا وهي ما أحيطت به بعض الزيجات من تكاليف باهظة، ونفقات مذهلة، وعادات اجتماعية فرضها كثير من الناس على أنفسهم، تقليدًا وتبعية، مفاخرة ومباهاة، إسرافًا وتبذيرًا، لماذا كل هذا يا أمة الإسلام؟! إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبّهِ كَفُورًا [الإسراء: 27].
إنه لمما يندى له الجبين أن تصرف أموال طائلة على مناسبة واحدة، في أي سبيل ذلك؟ أغرّ هؤلاء وجود المال بين أيديهم؟!! ((إن أناسًا يتخوّضون في مال الله بغير حقه لهم النار يوم القيامة)) [25]، ألا تعتبرون ـ يا عباد الله ـ بأحوال إخوان لكم في العقيدة، في بقاع شتى من العالم، ممن لا يجدون ما يسدّ رمقهم، ولا ما يواري عوراتهم، نعوذ بالله من الكفر بنعمه، ونسأله - تعالى - أن لا يؤاخدنا بما فعل السفهاء منا، إننا ـ والله ـ نخشى عقوبة الله العاجلة قبل الآجلة، وهنا لفتة إلى ضرورة التعاون مع الجمعيات الخيرية لتلقي فائض الأطعمة والولائم، لتوزيعها على فقراء المسلمين، بدل رميها في أماكن النفايات والعياذ بالله.
فاتقوا الله رحمكم الله، وتناصحوا فيما بينكم، وتعقلوا كل التعقل في أمور الزواج، ولا تتركوا الأمر بأيدي غيركم من السفهاء والقاصرات، والدعوة موجهة للمصلحين، والوجهاء والعلماء والأثرياء، وأهل الحل والعقد في الأمة أن يكونوا قدوة لغيرهم في هذا المجال، فالناس تبع لهم، وعلى وسائل الإعلام بصفة خاصة بكافة قنواتها نصيب كبير في بث التوعية والتوجيه في صفوف أبناء المجتمع، لعلاج هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، وكان الله في عون العاملين المخلصين لما فيه صلاح دينهم ومجتمعهم وأمتهم.
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعني وإياكم بالآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان حليمًا غفورًا.
الخطبة الثانية
الحمد لله، شرع لنا النكاح، وحرم علينا السفاح.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فالق الإصباح، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، إمام الدعاة وراشد الإصلاح.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم بإيمان، ما تعاقب المساء والصباح، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله معشر المسلمين، واشكروه على نعمه الباطنة والظاهرة، وآلائه ومننه المتكاثرة، اتقوه - جل وعلا - في السر والعلن، واحذروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
أيها الأحبة في الله:
وإشارة خامسة إلى ما أحدثه بعض الناس في حفلات الزواج، من الأمور المنكرة في الشرع، فعلاوة على الإسراف والتبذير، والتفاخر والمباهاة عند بعضهم، توجد أمور أخرى توسع بعض الناس فيها، بسبب ضعف الإيمان وقلة العلم والإغراق في المادة.
فمن ذلك أن يجعل بعضهم من حفلات الزواج موسمًا للاختلاط بين الرجال والنساء، وإظهار الزوج مع زوجته أمام الحاضرين، وهم بكامل الزينة، وتُلتقط الصور المحرمة لهم، وفي هذا من الفتن والفساد ما لا يعلمه إلا الله.
ومنهم من يجعله موسم سمر وسهر على اللهو واللعب، إلى هزيع من الليل، فيفوِّت فريضة الله عليه، وصنف يضيِّع الحياء من الله، ومن عباد الله، فيجعل فرصة الزواج فرصة للعلاقات المشبوهة، واللقاءات المحرمة، وبعضهم يؤذي جيرانه وإخوانه المسلمين.
وفئة تجعله فرصة للسماع المحرم، للأغاني الخليعة، ورفع أصوات المعازف والمزامير المنكرة، التي تذكي[26] الشهوة، وتصد عن ذكر الله، وتكون ذريعة إلى الفساد والعياذ بالله.
أيها الإخوة في الله:
وهاكم سادس هذه الإشارات وتمامها، فبعد أن أزيلت العقبات وحُلَّت المشكلات في هذه القضية المهمة، وبنى الزوج بزوجته، يدعى لهما: "بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير"، وتلك دعوة الإسلام التي خالف بها دعوة الجاهلية وقولهم: "بالرفاء والبنين"، ويهمس في آذانهما: الله الله في الحياة الزوجية الجديدة، لتؤسسوا بنيانها على تقوى من الله ورضوان، ولتحذروا من الذنوب والخطايا والعصيان، وليحذر الوالدان والأقارب من التدخل في حياتهما الأسرية الخاصة، فكم قوّضت بيوت وهدمت أسر بسبب التدخلات الخارجية، وكم تعتصر القلوب أسى نتيجة الشكاوى الكثيرة التي تعصف بالأسرة وتهدد المجتمع بالتخبيب[27] بين الزوجين، والتفريق بين المتحابين، والله حسب المخبَّبين، وحسيب المخبِّبين.
ألا ما أجدر الأمة الإسلامية أن تسير على منهج الإسلام لتحقق الحياة الاجتماعية السعيدة الموفقة، التي ترفرف عليها رايات المحبة والوئام، وحينها قل على مشكلات الفراق والطلاق السلام، بعدما وصلت إحصاءاتها أرقامًا مذهلة، تنذر بخطر كبير، وشر مستطير، فهل نحن فاعلون؟! وأخواتنا الفضليات فاعلات؟!!
هذا الأمل والرجاء، وعلينا الصدق في التأسي والاقتداء، والله المسؤول أن يوفقنا جميعًا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يعصمنا مما يسخطه ويأباه، إنه أعظم مسؤول وأكرم مأمول.
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على النبي المصطفى، والرسول المجتبى، والحبيب المرتضى، كما أمركم بذلك ربكم - جل وعلا - فقال - تعالى - قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
----------------------------------------
[1] أخرجه البخاري في كتاب الصوم [1905]، ومسلم في كتاب النكاح [1400].
[2] أخرجه أبو داود في كتاب النكاح [2050]، والنسائي في كتاب النكاح [3227]، وصححه ابن حبان [4056، 4057 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/162)، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ في الفتح (9/ 111). والألباني في صحيح سنن أبي داود [1805].
[3] أخرجه عبد الرزاق (6/170)، وابن أبي شيبة (3/ 453)، وسعيد بن منصور في السنن [491]، والفاكهي في أخبار مكة (1/329)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 6)، كلهم من طريق إبراهيم بن مسيرة قال: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد، فذكره. وصحح الحافظ سنده إلى إبراهيم بن ميسرة في الإصابة (11/ 148) في ترجمة أبي الزوائد، وطاوس لم يسمع من عمر، فهو منقطع.
[4] أخرجه عبد الرزاق (6/170) عن معمر عن أبي إسحاق عنه، وسعيد بن منصور في سننه [493] عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم عنه، وعزاه الهيثمي في المجمع (4/251) إلى الطبراني وقال: "فيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح"، فالأثر بهذه الطرق ثابت والله أعلم
[5] انظر: المغني لابن قدامة (9/ 341).
[6] الزيجات أي: الزواجات.
[7] يصطلون: أي يحترقون.
[8] أخرجه أحمد (6/145)، والنسائي في الكبرى (5/ 402)، والبيهقي في السنن (7/235)، وصححه الحاكم (2/ 178)، ووافقه الذهبي، وفي سنده ابن سخبرة لا يدرى من هو. ولذا ضعف الألباني هذا الحديث في السلسلة الضعيفة [1117].
[9] هذا صدر بيت شعري وتمامه: ليت شبابًا بوع فاشتريت.
[10] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره فقال: حدثنا أبي، حدثنا محمود بن خالد الأزرق، حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال: بلغني أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: فذكره، انظر: تفسير ابن كثير (6/54).
[11] أخرجه ابن جرير في تفسيره (10/ 126) فقال: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حسن أبو الحسن، وكان إسماعيل بن صبيح مولى هذا، قال: سمعت القاسم بن الوليد عن عبد الله، فذكره.
[12] العضل: هو التضييق ومنع المرأة من الزواج ظلمًا.
[13] أخرجه الترمذي في كتاب النكاح [1084]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1967] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وصححه الحاكم (2/ 164 ـ 165)، وتعقبه الذهبي بأن فيه عبد الحميد بن سليمان قال فيه أبو داود: "كان غير ثقة"، وفيه أيضًا ابن وثيمة لا يعرف، ثم اختلف في إسناده، فنقل الترمذي عن البخاري أنه يرجع انقطاعه. ولكن للحديث شواهد يتقوى بها، ولذا حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة [1022].
[14] القصة أخرجها البخاري في كتاب النكاح من صحيحه [5122]، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
[15] انظر القصة في الحلية لأبي نعيم (2/167 ـ 168)، والسير للذهبي (4/233 ـ 234).
[16] البلاقع جمع بلقع وهي الأرض القفر.
[17] الأرومة بفتح الهمزة وضمها الأصل.
[18] أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5090]، ومسلم في كتاب الرضاع [1466] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[19] الأرعن: الأهوج والأحمق.
[20] أخرجه أحمد (1/ 40 ـ 41، 48)، وأبو داود في كتاب النكاح [2106]، والترمذي في كتاب النكاح [1114]، والنسائي في كتاب النكاح [3349]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1887]، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان [4620 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/175ـ 176)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود [1852].
[21] أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5121]، ومسلم في كتاب النكاح [1425] من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
[22] أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5150]، ومسلم في كتاب النكاح [1425]، وهو نفس حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - المتقدم.
[23] أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5167]، ومسلم في كتاب النكاح [1427] من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
[24] أخرجه مسلم في كتاب النكاح [1424] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[25] هذا لفظ حديث مرفوع، أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس [3118] من حديث خولة الأنصارية - رضي الله عنها -. ومعنى يتخوّضون أي يتصرفون فيه بالباطل.
[26] تذكي: أي توقد.
[27] التخبيب بين الزوجين هو إفساد أحدهما على الآخر.
8/4/1422
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
أحكام النكاح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
اعلم أن النكاح من نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة حيث شرعه الله لعباده وجعله وسيلة وطريقاً إلى مصالح ومنافع لا تحصر، ورتّب عليه من الأحكام الشرعية الحقوق الداخلية والخارجية شيئاً كثيراً، وجعله من سنن المرسلين وطريقة عباده الصالحين بعدما جعله ضرورياً لجميع العالمين. وله من الفضائل والمزايا ما تميز عن سائر العقود وثبت له أشياء مميزات يختص بها وربما شاركه بها قليلاً بعض الأشياء بحسب الأسباب الموجبة لذلك، وجعل للدخول فيه شروطاً وآداباً وللخروج منه حدوداً وأبواباً.
فأول ذلك: ما تميز به من الفضائل والمصالح وأنه من الشرائع المأمور بها إيجاباً أو استحباباً.
الثاني: ومنها أنه يتيح للإنسان النظر إلى الأجنبية حين يريد خطبتها وتقع في قلبه محبتها ليحصل الإلتئام ويتم الإتفاق.
الثالث: ومنها أن الشارع حث على تخير الجامعة للصفات الدينية والصفات العقلية والأخلاق الجميلة فقال - تعالى -: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء [النساء: 3].
وقال النبي: {تنكح المرأة لأربع: لحسبها ومالها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يمينك} فحث على مراعاة الدين قبل كل شيء لأن الدين يصلح الأمور الفاسدة ويعدل الأمور المعوجة، وتحفظ زوجها في نفسها وماله وولده وجميع ما يتصل به، فالصفات الأُخر إنما هي أغراض منفردة نفيسة وأما الدين فصفة جامعة نافعة حالاً ومآلاً.
الرابع: ومنها أن جميع المعقود عليه من أنواع المعاوضات وغيرها لا حجر على إنسان فيما أحله له الشارع من غير مراعاة عدد، وأما النكاح فأباح للإنسان من الأزواج إلى أربع لا يتعداهن ولا يزيد عليهن جميعاً لخطره وشرفه، ولئلا يترتب على الإنسان من الحقوق ما يعجز عنه، ولئلا يدخله في الحرام في أكثر أحواله، ولمراعاة مصلحة المرأة، ومع ذلك فقال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء: 3]. وهذا بخلاف الوطء بملك اليمين حيث لا يترتب على النكاح فأبيح فيه من غير تقييد بعدد.
الخامس: ومنها أن النكاح لا يدخل فيه إلا بإيجاب وقبول قوليين وهما ركناه اللذين لا ينعقد إلا بهما، الإيجاب: اللفظ الصادر من الولي من قوله زوجتك أو نكحتك فلانة ونحوه، والقبول: الصادر من الزوج من قوله قبلت النكاح أو زواجها أو نحو ذلك، وأما سائر العقود فينعقد بما دل عليه من قول وفعل.
السادس: ومنها أنه لا بد فيه من تعيين الزوجين لفظاً، فتعين الزوجة فيقول: زوّجتك بنتي فلانة ويسميها بما تميز به أو يقول ابنتي الكبيرة أو الصغيرة أو الوسطى أو ابنتي فقط إذا لم يكن لها مشارك، وتعيين الزوج من وجهين، أحدهما وقت القبول بأن يقول إن كان هو القابل قبلتها أو قبلت نكاحها وإن كان قد وكل من يقبل له فلا بد أن يقول الولي زوّجت موكلك فلاناً فلا يقول للوكيل زوجتك ويقول الوكيل قبلت أو قبلتها لموكلي فلان فلا يقول قبلت فقط، والثاني عند الخطبة للزوجة فلا يكفي أن يقول خطبتها لأحد أولادي أو إخواني أو لأحد بني فلان حتى يعين من يقع العقد والخطبة له، وأما سائر العقود فلا تعتبر هذه الأمور لها فلا يشترط تسمية المعقود له بوجه من الوجوه.
السابع: ومنها أن النكاح أحد ما اشترط له العلماء الشهادة وهو المشهور من المذهب فلا بد فيه من شاهدين عدلين يشهدان به وقت العقد، وعلى الرواية الثانية عن أحمد الشرط فيه أن يكون معلناً فإن حصلت معه الشهادة كان نوراً على نور، وأما سائر العقود فالإشهاد فيه سنة لا واجب.
الثامن: ومنها اشتراط الولي في النكاح فلا يصح النكاح إلا بولي للمرأة يعقده وهو أبوها فإن لم يكن فأقرب عصبتها فإن لم يكونوا فالحاكم. ولا بد أن يتصف الولي بصفات الولاية التي ترجع إلى كفاءته وصحة عقده. ولو كانت الأنثى من أعقل النساء وأرشدهن فلا تعقد النكاح لنفسها ولا لغيرها من باب أولى وأحرى. وأما بقية الأشياء فالولاية إنما تكون إذا كان الإنسان قاصراً في عقله غير محسن لتدبير أحواله فينوب وليه منابه، وأما إذا كان راشداً فيستقل بأحواله في عقوده وتصرفاته.
والفرق ظاهر لخطر النكاح وانخداع المرأة وعدم معرفتها التامة غالباً وتعلق حقوق القرابة بهذا النكاح حتى أنهم يمنعونها من تزوج من ليس كفئاً لها ولو كانت راضية بذلك بخلاف سائر العقود، فمن رضي المعقود عليه ولو كان معيباً أو كان فيه غبن فاحش فلا حجر عليه من أوليائه إذا كان رشيداً والنكاح يحجرون عليها من تزوج غير الكفء وهذا فرق ثامن.
التاسع: أنه لا بد من استئذان الأولياء غير الأب لمن تم لها تسع سنين ولها إذن صحيح معتبر، وأما بقية العقود فمن كان صغيراً قبل بلوغه ورشده فليس على وليه استئذانه في بيع سلعة أو الشراء بل يستقل وليه بالتصرف له.
العاشر: أن سائر العقود والأشياء يصلح فيه المعاوضة والتبرع التام وإعطاؤها مجاناً، وأما النكاح فلا يمكن أن يخلو من صداق قليل أو كثير. فإن كان مقدراً مسمى وجب المسمى زاد عن مهر المثل أو نقص أو ساوى، وإن كان لم يشترط صداق وجب مهر مثلها من نسائها جمالاً ومالاً وديناً وعقلاً وسائر الصفات، وإن شرط فيه أن لا مهر ولا صداق لها فالشرط باطل بالاتفاق.
وهل يبطل النكاح كإحدى الروايتين عن أحمد واختارها شيخ الإسلام أو يصح النكاح ويبطل الشرط كما هو المشهور من المذهب؟ وعلى كل فالعوض فيه لا بد منه كما رأيت ويصح بالمال والمنافع الدينية والدنيوية. ويجب على الولي فيه أن لا يلحظ سوى مصلحة موليته، ولهذا نهى الشارع عن نكاح الشغار وهو أن يزوج كل واحد منهما موليته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر أو بمهر قليل، لأن فيه مفاسد كثيرة منها أن الولي لا يلحظ إلا مصلحة نفسه وهي خيانة محرمة.
الحادي عشر: أن سائر المعقود عليه العقود الشرعية كلها مباح جائز من جميع الأشياء الواقع عليها عقد بيع أو إجارة أو مشاركة أو تبرع، وأما النكاح فجعل الشارع فيه النساء قسمين:
محرمات على الإنسان لقرابة أو رضاع أو صهر، ومباحات وهو من عداهن.
فالمحرمات في النسب ضابطهن الأصول من الأم والجدات والفروع من البنات وبنات الأولاد وفروع الأب والأم وإن نزلن من الأخوات وبناتهن وبنات الإخوة والعمة والخالة، والباقي من الأقارب حلال.
وإن شئت فقل: الحلال من الأقارب بنات العم والعمة وبنات الخال والخالة، ومن عداهن فحرام.
والمحرم في الرضاع نظير المحرم من لنسب من جهة المرضعة ومن جهة من له اللبن من زوج وسيد بشرط أن يرضع خمس رضعات فأكثر في الحولين وقت الرضاع، وأما من جهة الراضع فلا تنتشر الحرمة إلا عليه وعلى ذريته وإن نزلوا فليعلم ذلك.
وتحريم المصاهرة أن تحرم على الإنسان حلائل آبائه وإن علون وحلائل أبنائه وإن نزلن وأمهات نسائه وإن علون، هؤلاء بمجرد عقد النكاح يترتب تحريمهن، والرابعة بنات زوجاته إذا دخل بهن فإن لم يدخل بهن فلا جناح عليه.
والمقصود أن هذا التحريم خاص بالنكاح بل ثَمّ غير هؤلاء محرمات فيه تحريماً مؤقتاً لإخلاله بما عليه من الحقوق كتحريم زوجة الغير ومعتدة الغير لوجود بقية حق الزوج الأول عليها، وكذلك يحرم على من كانت في حج أو عمرة حتى تحل من إحرامها، فكل هذه الأحكام مختصة بهذا العقد، وكذلك الكافرة غير الكتابية. وتحرم المسلمة على الكافر مطلقاً.(52/43)
الثاني عشر: أنه رتب على وجود هذا العقد تحريم المحرمات بالصهر كما تقدم فيصير تحريمهن مؤبداً عليه بسبب هذا الاتصال مع أنها ما دامت في حيال الزوج فهي زوجته وإذا فارقتها صارت أجنبية وأما سائر العقود فالأحكام من الملك والتصرف إنما تتعلق بالمعقود عليه فقط فلا يسري إلى غيره.
الثالث عشر: أنه كما يدخل فيه بشروط وحدود فلا يخرج منه إلا بحدود وقيود، فإذا أراد أن يطلق زوجته فإنه يؤمر بالصبر عليها فعسى أن يكون فيه خير كثير، وأبغض الحلال إلى الله الطلاق مع أنه من نعمه على العباد، فكما أن من نعمه إباحة النكاح لما يترتب عليه من المصالح كما سبق فمن نعمه مشروعية الطلاق لما يترتب على إباحته من إزالة أضرار كثيرة، فإن كان لا بد من طلاقها فليطلقها لعدتها بأن يطلقها فتبتدئ من حين طلاقه بعدة متيقنة، فلذلك وجب عليه أن لا يطلقها وهي حائض أو في طهر وطئ فيه إلا أن تبين حملها فإنه إذا تبين الحمل طلقها علم أنها تشرع في العدة وهو انقضاء وضع الحمل.
وأيضاً فلم يملكه الله إلا ثلاث تطليقات واحدة بعد واحدة عند احتياجه إليها، فلا يحل إرسالها جملة واحدة على الزوجة والمقصود من الفرقة حاصل بواحدة.
والمقصود أنه إذا طلقها وهي حامل طلقها مبتدية للعدة بالحمل وكذلك إذا طلقها طاهراً لم يمسها فقد طلقها لعدة متيقنة فإنه تبتدئ بعدتها بالإقراء من حين طلاقها وكذلك الصغيرة التي لم تحض والآيسة من المحيض يجوز طلاقها كل وقت لأنها تبتدئ في الحال بالعدة لأن عدتها ثلاثة أشهر.
وكما أبيح له طلاقها عند الحاجة إليه فيباح الخلع عند الحاجة إليه والخصومة، قال - تعالى -: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [البقرة: 229]. فلم يبح الله الخلع إلا في هذه الحالة وأنه يباح بكل ما تراضيا عليه من الفدية، ودل ذلك على أن الخلع بينونة لأن الله - تعالى - سماه افتداء ولا يحصل الافتداء وخلاصها منه إلا بالبينونة، ودل على أنه لا يحسب من الطلاق الثلاث، وكل هذه الحدود والشروط في الخروج من النكاح لا يساويه فيها غيره من الفسوخ.
الرابع عشر: أن جميع الأشياء إذا نقل الإنسان ملكه ببيع أو هبة أو غيرها انقطعت علقه منها وصار الثاني المنتقلة إليه قائماً مقامه له فيما له من الملك والتصرفات إلا النكاح فإنه متى فارق زوجته بقيا في علقه وتعلقه مدة العدة، فإذا كان الطلاق رجعياً وهو ما كان دون الثلاث في نكاح صحيح على غير عوض فله أن يرتجعها إلى نكاحه من غير تجديد عقد ويعود النكاح كما كان، فهذه شروط الرجعة. ولها أيضاً مدة العدة النفقة والكسوة والسكنى وإذا مات أحدهما فيها ورثه الآخر ولم يحل لغيره التعريض ولا التصريح بخطبتها.
وإن كان النكاح بائناً بقيت في علق عدته أداء لحق عقده واستبراء لرحمها عن ولده واحتياطاً للولد وللزوج الآخر فلم يحل لأحد نكاحها فيها ولا التصريح لها بالخطبة وأما التعريض الذي فيه رغبته للزواج وليس فيه تصريح في الخطبة فإنه يباح.
وهذه الخصائص كلها لا يساوي النكاح فيها ولا في بعضها شيء من الفسوخ إلا من أعتق مملكوته أو مات عنها وكان يطؤها فإنه تشاركها في بعض مقاصد العدة وهو الاستبراء فقط لوجوب التمييز بين المياه والتخليص للأنساب وأنه لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره.
الخامس عشر: أن جميع الأشياء إذا انتقلت من ملك الانسان ثم عادت إليه فإنه يباح له الاستمرار على ذلك من غير تقييد بعدد إلا النكاح فإنه نهاية ما يملك ثلاث تطليقات فإذا طلقتها الثالثة لم تحل له إلا بعد نكاح زوج آخر نكاح رغبة لا نكاح تحليل. وقد كانوا في الجاهلية يجرون هذا العقد مجرى جميع العقود ولا يزال يطلق ويعيدها من غير تقييد بعدد فإذا أراد إضرار المرأة تمكن من ذلك يكلقها ثم يعيدها أبداً. ومن ذلك الحكم:
السادس عشر: أنهم في الجاهلية كانوا يرثون الزوجات مع جملة المتروكات فكان إذا مات عنها كان ابن عمه أحق بها فجاء الإسلام وأنزل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً [النساء: 19]. فصارت تركة الميت جميع مخلفاته من نقود وأثاث وعقارات ومنافع ومملوكات، خرجت الزوجات عن هذا الحكم الجاهلي ولله الحمد.
السابع عشر: اغتفار الغرور غير الكثير جداً في النكاح عقداً وفسخاً فيغتفر الغرور في الصداق، وقد ذكر الأصحاب من أمثلة ذلك صوراً متعددة، وكذلك يغتفر في فسخه الخلع والسبب في ذلك أن العوض فيه لبس مقصوداً لنفسه وإنما المقصود إباحة الاستمتاع وانتفاع كل من الزوجين في الآخر بخلاف سائر عقود المعاوضات فإنه كما قصد فيها المعقود فكذلك العوض ولا يقصر إرادة أحدهما عن الآخر.
الثامن عشر: المذهب أن عقود المعاوضات لا يصلح أن يجعل العوض بعضه للمالك المعقود عليه وبعضه لأبيه، والنكاح يجوز فيه ذلك ويلزم فإذا شرط الصداق ألفاً لها وألفاً لأبيها صح ذلك. ويترتب على هذا:
التاسع عشر: أنه ليس للأب أن يبيع أو يؤجر مال ولده بدون ثمن وأجرة المثل ولو وكله في مطلق العقد. وأما النكاح فيجوز أن يزوج ابنته بدون صداق مثلها ولا يلزم أحداً تتمته لا الزوج ولا الأب، والفرق كما تقدم أنه ليس القصد من النكاح نفس الوصول إلى العوض وإنما القصد من النكاح نفس الوصول إلى العوض وإنما القصد ما يحصل لأحد الزوجين من المنافع في الآخر، والأب لا يزوجها بدون صداق مثلها إلا لما يرى لها من المصلحة المريبة على العوض.
العشرون: اختلف العلماء في الذي بيده عقدة النكاح هل هو الزوج كما هو المشهور من المذهب لأن يملك الإمساك والإرسال أو هو الأب العاقد كما هو الرواية الأخرى عن الإمام وهو ظاهر القرآن فعلى هذا جاز للأب أن يعفو عما تستحقه الزوجة من نصف الصداق بلا إذنها، ولم يجوّز الأصحاب العفو عن الثمن ولا عن بعضه للأب.
ولكن الذي أرى في هذه الصورة الأخيرة هو القول الآخر في المذهب وهو أن هذه الصورة متفرعة عن جواز تملك الأب من مال ولده ما شاء وأنه إذا جاز أن يتملك من ماله الموجود جاز أن يشترط بعض العوض في البيع والإجارة ونحوها لنفسه وجاز أن يعفو عن بعض الثمن والأجرة ولا فرق، والله أعلم.
الحادي والعشرون: أن النكاح لا يثبت فيه خيار مجلس ولا خيار شرط ولا غيرها إلا خيار العيب، فإذا وجد أحد الزوجين الآخر معيباً عيباً ينفر منه من غير تقييد بشيء دون آخر على الصحيح ثبت له الخيار إن شاء أبقاه وأمضاه وإن شاء رده، وهذا بخلاف عقود المعاوضات فيثبت فيها جميع أنواع الخيار.
الثاني والعشرون: أن العقود على المنافع لا بد أن يعين لها أمداً معلوماً، وأما عقد النكاح فلا يحل أن يعين له أمداً معلوماً، وأما عقد النكاح لا يحل له أن يعين له أمد معلوم، فلو صار نكاح المتعة المحرمة في السنة الصحيحة، بل أيد النكاح مدة العمر مع الاتفاق قل أو طال ومدة الاتفاق إذا حصل قبل الموت فراق. ويترتب عليه:
الثالث والعشرون: أن الأغراض المؤجلة كلها لا بد من أجل معلوم مسمى إلا النكاح فإنه إذا أجل الصداق أو أجل بعضه جاز أن يكون الأجل معلوماً وجاز أن يطلق في تأجيله وإذا أطلق صار حلوله الفراق بموت أو طلاق أو فسخ أو نحوه، والسبب فيه العلة السابقة أن العوض مجعول وسيلة لا مقصوداً. وأغرب منه:
الرابع والعشرون: ما قاله الأصحاب - رحمهم الله - أنه إذا عين أجله بموت أو فراق لم يصح وإن أطلق وصار ذلك أجله وفي هذا نظر والله أعلم.
الخامس والعشرون: أن السيد إذا ملك عبده شيئاً فله أن يسترده منه متى شاء وله أن يتصرف فيما ملكه إلا في النكاح فإنه إذا زوج عبده ملك العبد منافع الزوجة وإبقائها وإرسالها وصار الفراق بيده لا بيد سيده حتى ولو باعه السيد فالنكاح باق.
السادس والعشرون: أن من وجد بما عاوض عنه عيباً فله الفسخ وحده وليس لأحد أن يلزمه بالفسخ إذا كان رشيداً إلا النكاح فإن من تزوجت معيباً فلوليها أباً كان أو غيره الفسخ، والفرق أن عقود المعاوضات يختص نفعها وضررها المالك والنكاح يتصل نفعه وضرره بالأولياء.
السابع والعشرون: إطلاق المعاملة مع الكفار في جميع العقود إلا النكاح فلا يتزوج كافر مسلمة أبداً ولا يتزوج المسلم من الكفار إلا الكتابيات، والحكمة فيه قوله: أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ [البقرة: 221] فاتصال المسلمة بالكافر والمسلم بالكافرة يدعو إلى هذا الضرر الديني.
الثامن والعشرون: أن جميع العقود الفاسدة لا تحتاج إلى فسخ لفسادها بل يصير وجوده كعدمه إلا النكاح فإنه إذا عقد عليها عقداً فاسداً فيه خلاف فإنه يلزم بطلاقها ويجبر على ذلك لأجل زوال ما تعلق بها أو ظن تعلقه بها من هذا العاقد ولئلا ينفذه من يرى جوازه.
فهذه ثمانية وعشرون فرقاً بين النكاح وغيره من العقود يسرها الله - تعالى - وذكر في ضمن كل واحد منها أحكامه الخاصة، فصارت ـ مع إفادتها الفرق المذكور ـ مشتملة على المهم من أحكام النكاح، الذي لا يستغني طالب العلم عن معرفته، وبالله التوفيق وله المنة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــ
حتى لا يكون الزواج مأساة
عبد الله بن يوسف اللاحم
أسباب المعاناة والطلاق:
هناك أسباب للمعاناة والطلاق وهي كثيرة ومتنوعة: فمنها سببه:
1- الزوج.
2- الزوجة.
3- أهل الزوجين
4- غيرهم.
* أولا : أسباب مصدرها الزوج:
1 عدم التروي وتقليب الرأي وتوطين النفس عند الإقدام على الخطبة، وترك ما يسن فعله من الدعاء واستخارة الله - سبحانه - والتوكل عليه.
2- أ التساهل في معرفة المخطوبة، إما اعتمادا على من ليس بثقة، أو من ليس خبرة، أو على وصف مجمل كقولهم: "النساء من فوقها ومن تحتها في الجمال"، أو " هي متوسطة الحال" أو على أوصاف وأحوال أسرتها.
ب وكذا عدم النظر إليها، وكل هذا يكون سببا لمأساة الجميع.
قصة من الواقع:
أرسل رجل امرأة لتأتيه بخبر فتاة أراد خطبتها ولما دخلت في بيت أهل الفتاة، وطلبت النظر إليها لم يمكنها الأهل من ذلك، واكتفت الأم بإعطاء تلك المرأة زنبيلا مملوءا بالقمح!!..رجعت المرأة، وسألها الرجل : ما حال الفتاة؟ فقالت : ما شاء الله كل ما تريد، إن شئت جمالا، أو طولا، أو ... فرح الرجل بتلك البشارة، فخطبها، وتم الزواج، ولكنه لما دخل أسقط في يده ولم يجد من الصفات الجسمية إلا ما يكره! كان رجلا عاقلا قال : ليس من المروءة أن أنفر منها وأطلقها في ليلتها، ورحل بها إلى بيته، أخذ يتحين الفرصة المناسبة لطلاقها، ولكن الله سلم، لقد قلبت مشاعره، وغيرت ميوله، إنها تفقد الجمال، ولكن الله عوضها بصفات المرأة الصالحة، في عقلها، وفي احترامها ومحبتها الشديدة لزوجها، فكانت هي سعادته واستقراره.
3- قصر النظر والبحث عن الجمال فقط وقد لا يجد الدين ولا العقل والأخلاق والطباع الحسنة ولا إجادة شئون المنزل.
4- قد يظن الشاب وجود الجمال الناهي المتكامل من جميع الوجوه بما يسمع من أساطير الجمال فإذا دخل على زوجته المتوسطة الحال لم يجد ما يسمع عنه فيطلق سريعا، وما علم أنه لا كمال لنساء الدنيا فقد تبرز المرأة في جانب وتقصر في جوانب أخرى، وأعظم الجمال جمال القلب، وإشراقته، بما يظهره من خفة نفس، وانطلاقة وجه، وابتسامة محيا، وحسن منطق وملاطفة، وحيوية جسم، وسلامة قلب، واستقامة طباع، وكثير ممن يطلق زوجته ليبحث عن جمال لا يجد إلا ما هو أقل شأنا منها.
5- يستعجل بعض الشباب بالطلاق لأنه لم يجد الحب.
وما علم أن الزواج حقوق وواجبات ومعاشرة بالمعروف بها تبنى الأسر. والحب تبع لذلك وزيادة خير والواقع أن الرجل قد يحب زوجته وعندما لا يجد المعاملة الحسنة ينقلب حبه إلى بغض، وهكذا قد يبغض الرجل زوجته وعدما يجد الأخلاق والمعاملة الطيبة والقلب الودود يأتي الحب ويتعمق في النفس.
قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل هم بطلاق امرأته: لم تطلقها؟ قال : لا أحبها. فقال عمر: أو كل البيوت بنيت على الحب، فأين الرعاية والتذمم.
قصة من الواقع:
تزوج رجل امرأة جميلة فأحبها، ولكنه لاحظ عليها الكسل وعدم المبالاة في إعداد شئون منزله، وذات مرة بينما هو في أيامه الأولى للزواج دعا عددا من زملائه للضيافة، وحدد لهم موعدا، وجاء بما يحتاجه لتلك المناسبة، وأبلغ زوجته بأن تعد غداءهم، وذهب إلى عمله، ولما انتهي العمل جاء ووجد زوجته نائمة لم تعد شيئا، فأيقظها وسألها لم لم تعد الطعام؟ فاعتذرت بأعذار واهية هزيلة، فأقفل عليها الباب واعتذر إلى زملائه وذهب إلى المطبخ، وأنقذ نفسه من هذا المأزق، وبعد أن تبين له عدم صلاحيتها واستهانتها بخدمته، كرهها فطلقها وتزوج بأخرى، ولم يكن للأخرى ذلك الحب في أول ليلته، لأنها أقل جمالا، ولكنه اكتشف أسرار الزوجة الصالحة، فوجد الجد والاجتهاد في المنزل، ووجد النشاط والحفاوة، والبشر والكلمات الطيبة، وتقبيل رأسه، وذات مرة دخل على أبويه فوجد هما في غبطة وسرور، أصواتهما عالية في الحديث، فسألهما ما شأنكما؟ فقالا: إن زوجتك معنا منذ الصباح الباكر، تلقتنا بالابتسامة والحفاوة، وإعداد ما نحتاجه، فاغتبط بزوجته وعاش معها حياة ملؤها المحبة والاستقرار.
6- التفريط بحقوق الزوجة ونفقاتها، أو ظلمها والتضييق عليها والاستهانة بها كأن يهددها بأن يتزوج عليها، أو يذكر محاسن الأخريات كسرا لخاطرها واستصغارا لشأنها، أو الاعتداء عليها بالضرب الانتقامي مما يكون سببا في نفورها.
7- من الرجال من يكون لئيم النفس بذيء اللسان، باللعان والشتم والوقيعة، لأسباب نفسية متراكمة، أو لسوء الخلق فينفث ما في نفسه على أهل بيته، وخاصة زوجته، قد استعبد أهله واستذلهم، تنفرج كربتهم بخروجه، ويفرحون بغيابه وسفره، قد ركبه الشيطان، بعيد عن صفات الآباء الكرام الطيبين، بعيد عن قوله - تعالى -: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ).
وبعيد عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم".
ويخشى عليه أن يكون ممن قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم: " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة".
8 - أن يتزوج امرأة لم يرغبه في نكاحها إلا الطمع في مالها، وعند ذلك يكون الخصام والخلاف والشحناء، وقد تكون النهاية الطلاق.
9 - الجهل بنفسية المرأة حيث أنها تحتاج إلى سياسة وإلى تعليم وتربية ليصلح أمرها وتستقيم حالها، كما أن جفاء الزوج وغلطته يورث البغضاء والفرقة ولو كان الزوج في غاية سن الشباب، وأن الملاطفة تورث محبة الزوجة واستقرارها.
قصة من الواقع :
خطب رجل فتاة من أبيها، وكان كبير السن، من فضلاء الناس وخيارهم، وفي يوم الزواج والاستعداد قائم، جاءت عجوز السوء إلى تلك الفتاة، وصاحت واسترجعت، فقالت لها الفتاة: ما شأنك؟ قالت العجوز : تسألين عن شأني إذا كان المساء فانظري من هذه النافذة إلى زوجك، ولم تكتف بذلك بل قامت وصورت لها مشيته وأنينه، صورته يحمل عصا محمد ودب الظهر، بعد ذلك أبلغت الفتاة أباها بأنه لا يمكن بحال أن يكون زوجا لها، فاسترجع الأب وقال: كيف يكون موقفنا من فلان ومعه وجهاء الناس، كيف نرده؟
في المساء جاء الضيوف ومعهم الزوج كما وصفت العجوز، وأخبر أبوها الزوج الخبر، فقال الزوج الأمر سهل، ولكن لا يمكن بحال أن أرجع إلا بعد أن أبيت عندها حفاظا على سمعتي وأنا لا أجبرها على نفسي، وجميع ما دفعته لها، وافقت الفتاة، فالأمر مجرد مبيت، أنه كان ذكيا، مفوها، فلاطفها بلباقة، وسحرها ببيانه، واقتاد قلبها برجولته، وبعد صلاة الفجر، وإذا هي تعد أثاثها استعدادا للرحيل مع زوجها!
10- الانحراف عن الدين والأخلاق قد يكون سبب العقوبة العاجلة بأن تبغضه زوجته وتطالبه بطلاقها لتبحث عن غيره.
11- قد يكون الزوج سيء الظن، أو به مرض الوسوسة، أو متقلب المزاج، يغضب بلا سبب لا تعرف له زوجته نهجاً بيناً، ولا طريقا واضحا، وهذا النوع من الرجال لم يتجاوز عقله مرحلة الطفولة، فيحيل حياتها إلى جحيم قد ينتهي بالفراق.
12- أن تتغلب العاطفة والحب على الزوج، ويكون رقيق القلب مع زوجته، ويجعلها مستودع الأسرار، ومرجع الأمر والتدبير، والرأي ما تراه هي، فيذيب شخصيته تجاهها، وشيئا فشيئا حتى يصل به الأمر إلى فقدان الذات، وضعف الإرادة والاستسلام لتدبيرها، وإهانتها، تعلم أنه مهما غضب فلا يجرؤ على التصرف فتحيل حياته إلى جحيم، وبؤس، وكما قيل : "على أهلها تجني براقش".
13- إدخال ما يفسد الأخلاق ويهدم الأعراض من مسلسلات هابطة وأفلام خليعة.
14- تفريط الزوج بحرمة بيته، وعدم صيانة زوجته يرضى أن يخلوبها الأجنبي وغير المحرم سواء في البيت أو خارجه بسبب ضعف الوازع الديني والغيرة الأخلاقية، قلبه قلب نعامة، يحمل الثقة المفرطة، لا يعلم ما حال أهله وليس له شخصية الرجال من حصافة الرأي والحزم وإدراك الأمور، فلربما دنست الأعراض ولا يفيق حتى يرى الرذيلة بعينيه، ومن ثم يقع مالا تحمد عقباه وتتحطم الأسرة وهو المسئول الأول عن ذلك.
15- من الأزواج من ينحط إلى عبودية الشهوات الحرام، شهوة الفرج وغيرها، يجمع طول عامه الأموال من قوت زوجته وأولاده ليسافر بها إلى الخارج لقضاء نزواته وشهواته، قد ضيق عليهم عيشهم وأرزاقهم، أولاد غيره يعيشون الغبطة والسرور بآبائهم، وأولاده يعيشون البؤس والحرمان، فليس لهؤلاء من أذن تسمع أو ضمير يردع، ولكن ليحذروا زيغ قلوبهم، أو عقوبة تحل بهم قال - تعالى -: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ).
16- السهر خارج البيت مع أصدقاء الفراغ، أصحاب الهمز واللمز، ليكون سببا في ترك واجباته تجاه ربه، وزوجه وأولاده. وخير وصية لن وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر وبن العاص: ".. وإن لزوجك عليك حقا".
ثانيا: أسباب مصدرها الزوجة:
1- قبولها الزواج من شاب يعيش غيبوبة المراهقة وعدم الاستقرار العقلي والنفسي ولم يصل بعد إلى إدراك مسئولية الزواج وتبعاته.
2- زواجها بمن لم تقتنع به ولا يتناسب مع نفسيتها وطموحاتها.
3- زواجها برجل منحرف دينيا وخلقيا وكثير ما تتورط الفتاة بشاب لا يصلي أو يتعاطى المسكرات والمخدرات، لقناعتها الشخصية به، وتهميش دور أهلها في البحث والتحري عنه، من باب فرحتها بذلك الخاطب، أو ثقتها بمن ليس له ذمة.
4- ما يتخمر في ذهن الفتاة من أنه لابد من كون الزوج شابا ليس له زوجة، أو شابا متكاملا في صفاته وأحواله دون تفكيرها بواقعها أو مستوى جمالها، فترفع رأسها، وعند زواجها بذلك الشاب قد لا تملأ عينه ومن ثم تكون المعاناة أو الطلاق.
5- الكسل والعجز والأنانية في خدمة نفسها فقط مع إهمال عملها المنزلي وخدمة زوجها.
6- الدلال المفرط من قبل والديها فتخرج إلى بيت زوجها وهي لا تعرف إجادة شؤون المنزل، ولم تترب على تحمل تبعات الزوج وواجباته وما يصدر منه من تصرفات.
7- الطباع السيئة : فقد تشرب الفتاة وتكتسب الأخلاق والمعاملة السيئة، حتى تتعمق في نفسها وتكون طبعاً لها، ومن تلك الطباع :
*- قد تكون لجوجاً على زوجها ذات فظاظة وغلظة لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال.
*- وقد تكون ملحاحاً في المطالب، تطالب بما يزيد عن حاجتها تقليداً للغير.
*- وقد تتصف بالعناد تعمل بنقيض قصده فيما يريد فإذا اتجه إلى قرابته طلبت منه أن يتجه بها إلى قرابتها وإذا طلب أمراً ورغبه اختارت أمراً غير ما يريد وإذا غضب كانت في حالة فرح، وإذا رضي كانت في حالة غضب، وإن مازحها استهانت.
*- وقد تكون سليطة على أقارب الزوج بلا سبب تبغضهم وتمقتهم وتجرحهم.
*- وقد تكون نقالة للحديث مع الزيادة والكذب والتلفيق تشعل نار الفتنة بين أقاربها وأقارب زوجها.
*- وقد تكون ممن لا تراعي أحوال زوجها ووقت هدوئه و راحته، تقابله عند تعبه وإرهاقه وجهده في عمله، أو عند نومه، بطلباتها وشكاويها وأنينها.
*- وقد تجرح زوجها بالبخل وبالتقصير أمامه أو أمام الآخرين، دائماً شكاية تشتكي سوء الحال وشظف العيش، وسوء الحظ وبينها مليء بالنعم.
*- وقد تكون كثيرة الخروج إلى المعارف والجيران لا يقر لها قرار لا تكاد تجدها في بيتها.
*- وقد تكون كفارة العشير منكرة للإحسان تظن أن كرامتها وعزها وسعادتها في تلبية طلبها وأن منعت ولو مرة واحدة تخاصم وتلوم وترى أنها ناقصة وأنها معذبة وحظها بئيس.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " ... رأيت النار فلم أر كاليوم منظراً قط ورأيت أكثر أهلها النساء. قالوا لم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن، قيل بكفرهن بالله، قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط ".
9- وقد تكون ممن تستغفل الزوج وتستضعفه، فتقصر في حقوقه، وزوجها يستدرجها ليرى حقيقتها، ويزداد أمرها إلى أن يحصل الطلاق فلا تنتبه إلا بعد فوات الأوان.
10- وقد تكون ممن تحتقر الزوج وتستهين به إما في خلقته أو عمله ووظيفته أو علمه، وتماطله وتقصر في حقوقه بل وقد تجعل سلاحها معه تهديده بطلب الطلاق. عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللهr: " أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ".
11- ضعف العقل وغلبة العاطفة حينما تسمع همسات الغير الذين ينتقصون زوجها فقد تأتي المرأة إلى تلك الزوجة بصورة الناصح المشفق فتقول لها : (زوجك فيه وفيه أو ليس كفوا لك) أو (أنت أعلى منه أو فيك من الصفات كذا وكذا) فتصدق الحاسدين النمامين فتشمخ بأنفها وتطلب فراقه، أو تؤذيه، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " ليس منا من حلف بالأمانة، ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا ". خبب أي أفسد.
قصة من الواقع:(52/44)
كان الزوج رجلاً من عامة الناس يشتغل في الحرفة، وكان محظوظاً من زوجته عاش معها الحياة السعيدة الطيبة، عندما يعود يجدها تنتظره قرب الباب لا يحتاج إلى جهد في الدخول وعند دخوله يلاقي الابتسامة والتحية وكل شيء مهيأ له، بدخوله تذهب كل متاعبه، وتطيب نفسه، وبينما هو كذلك ثارت غيرة وحقد رجلين يعرفانه، وبينما المرأة تسير إلى بيتها وهما خلفها قالا بصوت عال لتسمعهما (نعم المرأة فلانة، جمالاً، وأخلاقاً، و ... ... . يتمناها أكابر الناس لأنفسهم، ولكن حظها بئيس عند زوج فقير، وحقير، وفيه وفيه ... )ولما عاد زوجها متعباً على عادته كلمته من وراء الباب أنت لا تستحق أن يفتح لك، ودخل بعد طول وقوف وإذا هي منتفخة الأوداج عابسة الوجه غليظة القلب ولم يستطع المفاهمة معها، وطلبت منه الفراق والطلاق، وأخفق في إرجاعها إلى صوابها وانتهى الأمر إلى طلاقها، وتفريق شملهما.
12- من النساء من يكون زوجها سيئ المعاشرة لها فترى أسبقية حقها، فلا تكون مطيعة لبقة في معاشرتها حتى يكون زوجها لها كذلك، فتعامله بالمثل وتترك ملاطفته والتودد إليه، وأسر قلبه بالإحسان إليه. ومن ثم تزداد الشحناء في النفوس مما يكون سبباً للمعاناة أو الفرقة.
13- أن تطمئن إلى أحد من الناس فتخرج ما في نفسها وأسرار بيتها فينقل إلى زوجها.
14- عدم توطين النفس والصبر على طباع الرجال وأحوالهم وظنها أن بيوت الناس كلها سليمة معافاة من الكدر والخلاف والمعاناة.
15- البذاذة أمام الزوج في لباسها وهيئتها، تتهيأ وتتجمل للغير.
16- غلبة الكيد فلا تمازح زوجها، ولا تلاطفه وتلاعبه، بل بعضهن تحتشم عنه في خلوته وعند حاجته منها، وتمانعه من رؤية وسماع أمور تزيد في حبه لها وتطيب نفسه، مما يكون سبباً في عزوفه عنها وزواجه بأخرى.
يقول الرسول: " ... هلا جارية تلاعبها وتلاعبك "، وعن معاوية بن حيدة قال : قلت يا رسول الله : عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال : " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك.
17- اعتقادها بصواب رأيها في خطأ زوجها دائماً ولو أقنعها بأمر فتحت له باباً آخر من الخلاف كل ذلك لغلبة الهوى وفرط العاطفة، وما علمت أنها تشعل فتيل الفرقة.
18- هجر الزوج في مجالسه الأسرية، بل وقد تهجره في منامه.
يقول الرسول : " إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع ".
19- امتناعها عن رؤية الخاطب لها، خوفاً على نفسها، لأن شكلها كذا أو لونها كذا أو حجمها كذا. وما علمت أن التلاقي والقبول للأرواح، والجسد تبع لها كما قال الرسول: " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ".
20- قد تكون المرأة كبيرة السن، أو مطلقة، أو ذات ولد، ويدخلها العجب بنفسها بجمالها أو غيره.. فلا تريد إلا زوجاً ليس ذا زوجة أخرى، وقد تجد ذلك الرجل، ولكن تبقى خائفة على زوجها لكبر سنها، أو لكونها تزوجت قبل، فتعيش المعاناة، وفي النهاية زواجه بأخرى أو الطلاق.
21- عندما تلين القول وتخضع بالكلام مع الرجال الأجانب مما يثير غيرة الزوج وغضبه.
22- قد تحمل قلباً ظنوناً، كل كلمة تظنها فيها وعليها، وكل عمل وتصرف تظنه ضدها، مما يجعلها تحاسب زوجها أو من يعيش معها وتخاصمه.
23- الغيرة والحسد تجاه أقارب الزوج، فلا تريده يصلهم ويبرهم، تريد أن تستأثر نفسها بكل شيء.
24- استغناء الزوجة عن زوجها بأولادها.. أو اشتغالها بصديقاتها وقريباتها في الزيارات المتكررة أو المحادثات الهاتفية، فتقصر في حقه، وتضيع حاجاته وواجباته، ومن ثم يؤدي ذلك إلى زواجه بأخرى ثم يهجرها أو يطلقها.
25- وقد تكون متقلبة المزاج في اللحظات المتقاربة، صعبة القياد، فلحظة عابسة مكفهرة، ولحظة راضية منطلقة المحيا والأسارير.
26- بعض الزوجات لا تشكر نعمة الله عليها، بذلك الزوج الصالح، دائماً تفتح أبواب الشقاق مع زوجها، لا ينفع فيها النصح والإرشاد حتى يلجأ زوجها إلى الزواج بأخرى فتنكسر شوكتها وتعود إلى رشدها، وقد يطلقها.
27- قد تبتلى الزوجة بشيء من الوسوسة، دائماً تختبر حبه لها بأن تضيق عليه في طلباتها، أو في إعراضها وصدودها عنه، أو قد تدعي أنها مريضة، أو تدعي ضيق صدرها، فتطلب منه الخروج بها، وقد تكثر تلك التصرفات، ويتطور أمرها وعقدها النفسية إلى الخلاف والشقاق أو الطلاق.
قصة من الواقع:
تزوج رجل بفتاة أحبها وكان يعاشرها عشرة طيبة ويؤدي حقوقها وواجباتها، وكانت معقدة النفس تخاف من زوجها هل يحبها أم لا؟ فكان لها كل يوم اختبار فمرة تدعي أنها مريضة وتطلب منه الذهاب إلى المستشفى، ومرة تدعي أنها محتاجة فتأخذ منه بعض المال، ومرة تدعي ضيق صدرها وتحتاج إلى الخروج، واستمرت على تلك الحال، وازداد أمرها لا ينفع فيها نصح وإرشاد، حتى يئس من صلاحها، وفي يوم من الأيام وهي عند أهلها، إذا ورقة طلاقها بيد أبيها، فلما سمعت خبرها فجعت و ... .. !!!
28- التأثر بالمسلسلات الهابطة التي أذهبت الأخلاق والحياء، وفتحت الأبواب أمام المرأة لتنازع الزوج وتغاضبه وتتعالى عليه، وتطالبه بما تراه من موضات متجددة ...
29- قد تكون المرأة عقيماً، أو مريضة لا تستطيع أن تقوم بحقوق الزوج، ومع ذلك تأبى أن تكون شريكة زوجة أخرى، مما يوقع الزوج بالأسى والحرمان أو يطلقها وتقع المصيبة عليها.
30- امتناع بعض الفتيات عن الزواج عندما يتقدم لها الأزواج الأكفاء، لا لسبب وجيه وإنما اغترار بالنفس، أو تعذراً بتكميل الدراسة، أو لأنه لا يسكن في بلد أهلها، أو تتخيل أنه لا يناسبها اعتماداً على خطرات النفس، وليس على سبيل الحقيقة، وكلما أتى خاطب تمنت الذي قبله حتى ينقطع الخطاب فتطول معاناتها في بيت أهلها، ويتقدم بها العمر إلى مرحلة لا تناسب الشباب.
قصة من الواقع:
كانت فتاة في زهرة شبابها، قد حباها الله - سبحانه وتعالى - اعتدالاً في الخلق والصفات ما كان سبباً في رغبة الشباب فيها، ولكن غلبها فرط العاطفة، وحساسية المزاج وقصر النظر والإدراك، كلما جاء خاطب بادرها أهلها بالترجي تارة، وباللوم والعتاب تارة أخرى، وهي تزداد رفضاً وإصراراً بل وتهديداً، فهذا لا يتناسب معها، وهذا أهله كذا وذلك لا تريده.
أوصدت الأبواب أمام الخطاب، وأهلها في إشفاق وتخوف على مستقبلها، يريدون سعادتها، واغتباطها بالزوج الصالح والأولاد، فهي زهرة تذبل، وسنوات تنصرم فلا يكون لها من الشباب مريد، ومرت سنوات العمر فأفاقت من غطرستها وإذا هي في مرحلة اليأس، ومعايشة الأسى، يزداد بها ذلك كلما رأت فتاة مع زوجها، وأما بين أولادها، وزوجة ملكت بيتاً وأسرة، فكانت ذات شأن فيها، لقد ذهبت الآمال وبقيت الآلام، وأخذت تلوم أهلها، بل توبخهم، لقد كانت جاهلة وغير مدركة لعواقب الأمور، لماذا لم تجبروني وتأخذوا على يدي، وفي النهاية تم زواجها بكبير سن، تحملت معه عناء الكبر وضعف الجسم وحرمت الذرية والأولاد، عاشت معه بقية أيامه.
31- غلاء المهور، وإلزام الزوج بدفع الأموال الطائلة، ودور الزوجة هنا هو إهدار تلك الأموال بأن تشتري بها مشتريات من ملابس ومقتنيات يؤول أمرها إلى أن تهدر وتلقى في المزابل ونحوها، وتشتري بها ذهباً فوق الحاجة يباع ببعض قيمته بعد فترة، مما يصيب الرجل بالشلل المادي فيعجز عن القيام بمتطلبات البيت، وحاجات الزوجة فيكون الخصام والخلاف، ولو رضيت بالمهر اليسير لكان أولى بها، وإن لم يكن ذلك فعليها أن تدخر غالب تلك الأموال لتنميتها، فتتصدق منها وتستفيد منها مستقبلاً، ويعود النفع لها ولزوجها.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " أعظم النكاح بركة أيسره مئونة ". ويقول في حديث عائشة - رضي الله عنها - : " أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً ".
32- خيانة الأعراض وقضاء الشهوة فيما حرم الله - سبحانه وتعالى -.
قصة من الواقع:
في صباح يوم من الأيام خرجت امرأة إلى عملها المعتاد تحمل على رأسها زنبيلاً مليئاً بضاعة، واتجهت إلى حي بعيد عن قريتها وفي منتصف الطريق وجدت رجلا وامرأة، فاتجه الرجل إليها وطلب منها أن تعمل خيراً وأن تعين المرأة في ولادتها، فوافقت، وبينما هي تقوم بتوليد المرأة وإذا بالرجل يحفر حفرة عميقة، ظهرت على تلك المرأة علامات الخوف لماذا يحفر تلك الحفرة العميقة؟ بعد ذلك أخذ المولود وكسر ظهره بموافقة أمه وألقاه في الحفرة ثم أمسك المرأة التي فعلت بهما خيراً فألقاها حية وقلب عليها زنبيلها بما فيه ودفنها وساوى التراب.
ذهب الرجل ومعه المرأة وكانت صديقة الفاحشة والجريمة إلى حيهما. أما المرأة المدفونة فقد - رحمها الله - سبحانه وتعالى - بزنبيلها وبضاعتها التي كانت سبباً في حمايتها عن تراكم التراب وضغطه عليها، وجعل لها حرية الحركة، وشيئاً فشيئاً حتى خرجت فقامت ونفضت التراب عن نفسها وجمعت بضاعتها، وأخذت المولود القتيل فوضعته تحت بضاعتها، ولما دخلت في الحي إذا بالرجل يقابلها وأخذ يشير إلى حلقه بالذبح إن أخبرت أحداً، ودخلت أحد البيوت وإذا هي تدخل بيت تلك المرأة التي وضعت حملها، فأخذت تشير إلى حلي في يدها بمعنى استري علي وأعطيك الحلي، وجلست أمها لتنظر في البضاعة، سألتها أن ابنتي قد انقطع فيها عرق الدم فهل عندك من علاج؟
قالت : نعم وإذا بها تخرج الولد القتيل.
وقالت لها : هذا مرض ابنتك، استرجعت الأم، وطلبت منها الستر وعدم الفضيحة، ويبدو أن تلك المرأة من النساء اللاتي لا يتبين حملها وفي مساء ذلك اليوم تصرفت الأم بما يوافق عاداتهم في هذه الأمور فخنقت ابنتها حتى ماتت وأشاعت في الناس أن ابنتها ماتت قضاء وقدر وهكذا تفعل الشهوة الحرام بأصحابها وتورد المهالك، فمع فعل الفاحشة توقع في قتل النفس، وإقامة الحد، والخزي والفضيحة، قال - تعالى -: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).
07 - 12 - 2002
http://tjarbna.com المصدر:
ـــــــــــــ
الوفاء ( 1 )
مصطفى لطفي المنفلوطي
يا صاحب النظرات(2):
تزوجت منذ سنة من زوج صالحة طيبة القلب والسريرة، فاغتبطت بعشرتها برهة من الزمان، وقد عرض لها في هذه الأيام رمد في عينيها؛ فذهب ببصرها فأصبحت عمياء، وأصبحت أعمى بجانبها، وقد بدا لي أن أطلقها وأتزوج من غيرها...فماذا ترى؟
إنسان.
أيها الإنسان: لا تفعل، فإنك إن فعلت كان عليك إثم الخائنين، وجرم الغادرين، وكن اليوم أحرص على بقائها بجانبك منك قبل اليوم؛ لتستطيع أن تدخر لنفسك عند الله من المثوبة والأجر ما يدخر أمثالك من الصابرين المحسنين.
لا تقل: إنها عمياء فلا خير فيها، ولا غبطة لي بها؛ فإنك ستجد بين جنبيك من لذة المروءة والإحسان والجود والإيثار ما يحسدك عليه الناعمون بالحور الحسان، في مقاصير الجنان.
اجلس إليها صباحك ومساءك، وحادثها محادثة الصديق صديقه، بل الزوج زوجه، وتلطف بها جهدك، وروِّح عن نفسها ما يساورها من الهموم والكروب وقل لها: لا تجزعي ولا تحزني؛ فإنما أنا بصرك الذي به تبصرين، ونورك الذي به تهتدين.
أعيذك أيها الإنسان بالله ألا تجعل لهذا الخاطر السيء خاطر الطلاق والفراق سبيلاً إلى نفسك، فإنها لم تسىءْ إليك؛ فتسيءَ إليها، ولم تنقضْ عهدك؛ فتنقضَ عهدها، فإن كنت لا بدَّ ثائراً لنفسك فاثأر من القدر إن استطعت إليه سبيلاً!
إنَّ عجزاً من الرجل وضعفاً أن يغضب؛ فيمد يده بالعقوبة إلى غير من أذنب إليه، ويعتدي عليه.
إن لم يكن احتفاظك بزوجك، وإبقاؤك عليها عدلاً يسألك الله عنه فليكن إحساناً تحاسبك الإنسانية فيه.
إنك قد خسرت بصرها، ولكنك ستربح قلبها، وحسب الإنسان من لذة وهناءة في هذه الحياة قلب يخفق بحبه، ولسان يهتف بذكره.
إنها أسعدتك برهة من الزمان، فليخفق قلبك رحمة بها، بقدر ما خفق سروراً بعشرتها.
لا أحسب أنها كانت تاركتك، أو غادرة بك لو أن هذا السهم الذي أصابها قد أصابك من دونها؛ فاحرص الحرص كله على ألا تكون امرأة ضعيفة أسبق منك إلى فضيلة الصدق والوفاء.
إلى من تعهد بها بعد فراقك إياها؟ وأي موطن من المواطن هيأته لمقامها؟ وما أعددت لها من الوسائل التي تستعين بها على عيشها؟ وتأنس بها في وحشتها ووحدتها؟
كيف يهنأ لك عيش، أو يغمض لك جفن؟ إذا أظلك الليل فذكرتها، وذكرت أنها تقاسي في وحدتها من الوحشة ما لا قبل لها باحتماله، وأنها ربما طلبت جرعة ماء، فلا تجد من يقدمها إليها، أو كسرة خبز، فلا تجد من يدلها عليها، أو ربما قامت من مضجعها في سكون الليل وهدوئه تتلمس الطريق إلى حاجة من حاجاتها، فأخطأ تقديرُها، فصدمها الجدار في جبينها صدمة أسالت دمها حتى امتزج بدمعها؟
أيها الإنسان: إن لم تكن عادلاً ولا وفياً ولا محسناً فارحم نفسك من هذا الخيال الذي لابدَّ أن سيساورك، يفت في عضدك ويزعجك من مرقدك، فإن لم تكن هذا ولا ذاك، فغيرك أخاطب؛ لأني لا أحسن إلا مخاطبة الإنسان.
إني محدثك عن صديق لي من كرام الناس وأوفيائهم تزوج امرأة حسناء؛ فاغتبط بها برهة من الزمان، ثم أصابها الدهر بمثل ما أصاب به زوجك، ولم يترك لها من ذلك النور الذاهب إلا كما تترك الشمس من الشفق الأحمر في حاشية الأفق، فلم يقنعه من الوفاء لها أَنِ استبقاها واستمسك بها، بل كان يحرص جهده على ألا تعلم أنه ينكر من أمرها شيئاً، فكان يعتب عليها في بعض الأحايين في أشياء لا يؤاخذ بها عادة إلا الناظرون المبصرون؛ يريد أن يلقي في روعها أنه لا يزال يعدها ناظرةً مبصرة، وأنه لا يرى شيئاً جديداً عليها؛ رحمة بها، وإبقاءاً على ما كانت تحب أن تحاوله من الاعتداد بنفسها، والإدلال بمزاياها.
ولقد قرأت جملة صالحة من نوادر العرب في آدابهم، ومكارم أخلاقهم، ورقة شعورهم، ولطف وجدانهم، فلم أر بينها نادرة أوقع في النفس، ولا أجمل أثراً في القلب من قول أبي عيينة الكاتب المعروف في عهد الدولة العباسية، وكان كفيف البصر: اختلفت إلى القاضي أحمد بن أبي دؤاد أربعين عاماً فما سمعته مرة يقول لغلامه عند تشييعي: خذ بيده يا غلام بل يقول: اخرج معه يا غلام.
فإن كنت تريد أن يسجل لك من الوفاء في صفحات القلوب، ما سجل لأحمد بن أبي دؤاد(3) في صفحات التاريخ فلا تُطَلِّق زوجك، ولا تنقم منها أمراً قد خرج حكمه من يدها، وإن أبيت إلا أن تأخذ لنفسك حظها من لذائذ العيش فاعلم أنه ما من لذة يتمتع بها الإنسان في حياته إلا ويشوبها الكدر، أو يعقبها الألم، إلا لذة البر والإحسان.
----------------------------------------
(1) مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة الموضوعة ص364-367.
(2) صاحب النظرات هو المنفلوط- يرحمه الله - وصَدْرُ هذه المقالة سؤال وجه إليه، ورمز السائل لنفسه بـ: إنسان، وبعد ذلك أجابه.
(3) ولكن التاريخ سجل عليه ما لا ينسى من قيامه بتبني امتحان الناس وخصوصاً الإمام أحمد- رحمه الله - في مسألة خلق القرآن الكريم.
http://toislam.net المصدر:
ـــــــــــــ
الحث على الزواج وتيسير أموره
عمر السبيل
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، فإن في تقواه السعادة في الدنيا، والفلاح في الأخرى، فاتقوا الله - تعالى - في أنفسكم وأهليكم وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء: 1].
عباد الله:
السعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل حي، ينشدها بكل وسيلة، ويطلبها في كل سبيل، غير أن السعادة والطمأنينة في هذه الحياة لا تحصل إلا بما شرع الله - عز وجل - لعباده، وما أرشدهم إليه من طاعته ومرضاته، والأخذ بما وضع الحق - جل وعلا - من سنن، وما شرع من أسباب.
وإن مما شرع الله - عز وجل - من أسباب السعادة وجبل النفوس عليه الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكتب التوفيق لهما، ولذا امتن الله - تعالى - على عباده بهذه النعمة فقال - سبحانه -: " وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الروم: 21].
وفي الحديث عند الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح أن رسول الله قال: ((أربع من السعادة)) وعدّ منها ((الزوجة الصالحة))[1]، وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: ((الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة)) [2].
فالنكاح من سنن المرسلين، وهدي الصالحين، وقد أمر به ربنا - جل وعلا - في كتابه بقوله: " فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَواحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذالِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ " [النساء: 3]، كما رغب فيه سيد المرسلين بفعله، وحث عليه بقوله: ((وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) [3]، ووجه شباب الأمة إلى المبادرة بالزواج حيثما يجد أحدهم القدرة على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الحياة الزوجية، حيث قال: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) رواه البخاري ومسلم[4].
وأرشد مريد النكاح إلى اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين القويم، والخلق الكريم، والمنشأ الطيب، الودود الولود، فقال: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) أخرجاه في الصحيحين[5].
وروى أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)) [6].
وما عناية رسول الهدى، وحثه على اختيار المرأة الصالحة إلا لما يؤمل منها من قيام بالحقوق الزوجية، ورعاية شؤون الزوج، وتربية الأولاد، وبناء الأسرة على أسس من التقوى والإيمان.
أما حين تكون الزوجة ضعيفة الديانة، سيئة الخلق، فإنه لا يؤمَّل منها بناء أسرة صالحة، ولا يتحقق بسببها هناءٌ ولا سعادة، بل قد تكون سبب عناء وبلاء على الزوج، ولذا جاء التحذير من الانخداع بجمال المرأة الظاهر، دون نظر إلى الجمال الحقيقي، والمتمثل في الدين ومكارم الأخلاق، وطيب المعشر، فقد روي عنه قوله: ((لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين)) رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما[7].
فما هذه التوجيهات النبوية ـ يا عباد الله ـ إلا مظهر من مظاهر عناية الإسلام بأمر النكاح، وتوجيه الزوج نحو ما يحقق له حياة هنيئة، وسعادة زوجية.
أما فيما يتعلق بالزوجة فإن من عناية الإسلام بأمرها ما وجه إليه أولياء أمور النساء من ترغيبهن في النكاح، والحرص على تزويجهن بالأكفاء، وقبول الخاطب إذا خطبهن، والحذر من ردّه متى كان صالحًا في دينه، مستقيمًا في أخلاقه، فقد جعل رسول الله ذلك هو المعيار للقبول أو الردّ، دون اعتبار لغير ذلك من معايير تواطأت عليها بعض المجتمعات، وتعارف عليها بعض الناس، مما لا أصل له في دين الإسلام، بل ربما ترتب عليها من المفاسد والأضرار ما لا يعلمه إلا الله، ولذا قال: ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) رواه الترمذي وابن ماجه[8].
وإن مما يُؤسَى له ـ يا عباد الله ـ أن يَعمَد بعض الأولياء إلى عَضْل[9] من تحت ولايته من النساء، من بنات وأخوات، لأطماع مادية، أو لعادات اجتماعية، لا أصل لها في شريعة الإسلام، فيلحق بمولياته من عظيم الضرر، وشديد الحسرة والألم ما الله به عليم.
ألا يتقي الله أولئك الأولياء بهذا الصنيع الذي يستوجب غضب الله - تعالى - عليهم، ومساءلتهم عنه يوم القيامة، فقد قال: ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)) [10].
أيها المسلمون:
لقد شرع الله - عز وجل - النكاح لمصالح الخلق، وعمارة هذا الكون، ففي النكاح مصالح عظمى، ومنافع كبرى، وإنه بقدر عناية المجتمع وحرص الأمة على أمر النكاح، والسعي في تزويج الناشئة، وتسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، يتحقق للأمة ما تؤمل من سعادة أبنائها، وحصول الأمن والطمأنينة في مجتمعاتها.
غير أن الواقع المؤلم أن كثيرًا من المجتمعات المسلمة اليوم قد ابتعدت عن هدي الإسلام، وتشريعاته الداعية إلى تسهيل سبل النكاح، وتيسير أسبابه، حيث يغالي البعض في طلب المهور العالية، والتكاليف الباهظة، ويسرفون في إقامة الولائم والحفلات، ويبذلون في سبيل ذلك الأموال الطائلة، التي تبدد مال الأغنياء وتثقل كاهل الفقراء، مما كان عائقًا لكثير من الشباب عن الإقدام على الزواج، لعجزهم عن أعبائه وتكاليفه، ومما ترتب عليه أيضًا حرمان كثير من الفتيات عن حقهن المشروع في الزواج، وعضلهن عن النكاح بالأكفاء، فكم في المجتمعات المسلمة ـ يا عباد الله ـ من فتيان وفتيات قد حيل بينهم وبين ما جبلوا عليه من الرغبة في النكاح، وبناء الأسرة، والعيش تحت ظلها الوارف[11]، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، أو بسبب ما للعوائق من العادات والتقاليد الاجتماعية المخالفة لهدي الإسلام وتعاليمه، مما أدى إلى مفاسد وأضرار عظمى في بعض المجتمعات المسلمة، وانحراف بعض الناشئة عن طريق العفاف والفضيلة.
ألا فلتتقوا الله ـ عباد الله ـ ولتتضافر منكم الجهود، ولا سيما من ذوي التأثير في المجتمع من العلماء والوجهاء، والمصلحين والمفكرين، وحملة الأقلام ورجال الإعلام، في الحث على تسهيل أمور النكاح، وتيسير أسبابه ووسائله، ونشر الوعي العام بذلك في المجتمعات المسلمة، تحقيقًا لمصالح الأمة، ودرءًا للأضرار والأخطار عنها، فقد قال الله - عز وجل -: " وَأَنْكِحُواْ الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " [النور: 32].
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[(52/45)
1] أخرجه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه [4032] والبيهقي في الشعب (7/82) من حديث سعد بن أبي وقاص، وصحح الألباني سنده على شرط الشيخين: السلسلة الصحيحة [282]. وأما لفظ أحمد في المسند (1/168) فهو: ((من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة...)) إلى آخر الحديث، وصححه الحاكم (2/162).
[2] أخرجه مسلم في كتاب الرضاع [1467].
[3] أخرجه البخاري في كتاب النكاح [5063]، ومسلم في كتاب النكاح [1401] من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
[4] أخرجه البخاري في كتاب الصوم [1905]، ومسلم في كتاب النكاح [1400] من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
[5] أخرجه البخاري في النكاح [5090]، ومسلم في كتاب الرضاع [1466] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[6] أخرجه أبو داود في كتاب النكاح [2050]، والنسائي في كتاب النكاح [3227]، وصححه ابن حبان [4056، 4057 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/162)، ووافقه الذهبي، وصححه الحافظ في الفتح (9/111)، والألباني في صحيح سنن أبي داود [1805].
[7] أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح [1859]، والبيهقي في السنن الكبرى (7/80)، والبزار في مسنده (6/413) وغيرهم من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وفي سنده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب [1209].
[8] أخرجه الترمذي في كتاب النكاح [1084]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1967] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وصححه الحاكم (2/164ـ 165)، وتعقبه الذهبي بأن فيه عبد الحميد بن سليمان قال فيه أبو داود: كان غير ثقة، وفيه أيضًا ابن وثيمة لا يعرف. ثم اختلف في إسناده، فنقل الترمذي عن البخاري أنه يرجح انقطاعه. ولكن للحديث شواهد يتقوى بها. ولذا حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة [1022].
[9] العضل هو التضييق ومنع المرأة من الزواج ظلمًا.
[10] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [893]، ومسلم في كتاب الإمارة [1829]، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
[11] أي الواسع.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على فضله وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه - سبحانه -، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه.
أما بعد:
فيا عباد الله، اتقوا الله - تعالى - في كل ما تأتون وتذرون، وتلمسوا أسباب الخير والبركة في كل ما تريدون وتقصدون.
ولتعلموا أن أقوى الأسباب في حلول البركة في الزواج، وحصول التوفيق فيه صلاح الزوجين واستقامتهما على طاعة الله ومرضاته، وتحليهما بآداب الإسلام وشمائله، وتيسير مؤونة النكاح وتكاليفه، والبعد عن مظاهر الإسراف فيه، فذلك كله من أقوى العوامل، وأجدى الوسائل في حصول السعادة والتوفيق في الحياة الزوجية، فقد قال في معرض التوجيه للأمة للأخذ بأسباب البركة والتوفيق في النكاح: ((أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة)) رواه الإمام أحمد وغيره[1]، وروى أهل السنن عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإن ذلك لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله لكان أولاكم به رسول الله)[2].
فاتقوا الله عباد الله، ولتعلموا على العناية بتزويج الناشئة، وتيسير أسباب النكاح عليهم، كي يقدموا عليه بارتياح وطمأنينة، ويقيموا أسرًا صالحة، تكون لبنة عاملة في الأمة، إذ بهذا تصلح المجتمعات وتسعد الأمة، ويتحقق لها ما تؤمل من عزّ أبنائها، ورقي مجتمعاتها، واستقامة شؤونها وصلاح أحوالها.
ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على نبي الرحمة والهدى، كما أمركم بذلك المولى - جل وعلا - فقال: " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً " [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد إمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعملون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك يا أكرم الأكرمين.
----------------------------------------
[1] أخرجه أحمد (6/145)، والنسائي في الكبرى (5/402) والبيهقي في السنن (7/235)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وصححه الحاكم (2/178)، ووافقه الذهبي، وفي سنده ابن سخبرة لا يدرى من هو. ولذا ضعف الألباني هذا الحديث في السلسلة الضعيفة [1117].
[2] أخرجه أحمد (1/40 ـ 41، 48)، وأبو داود في كتاب النكاح [2106] والترمذي في كتاب النكاح [1114]، والنسائي في كتاب النكاح [3349]، وابن ماجه في كتاب النكاح [1887]، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" وصححه ابن حبان [4620 ـ الإحسان ـ]، والحاكم (2/175 ـ 176)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود [1852].
23/3/1422
http://www.alminbar.net المصدر:
ـــــــــــــ
من منكرات الأفراح والأعراس
القسم العلمي بدار الوطن
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أخي الحبيب :
من المعلوم أن الزواج من سنن المرسلين، قال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) الرعد:38 وهو من نعم الله على عباده إذ يحصل به مصالح دينية ودنيوية، فردية واجتماعية، مما جعله من الأمور المطلوبة شرعا، قال الله تعالى:(وأنكحوا الأيمى منكم والصلحين من عبادكم وإمآئكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) النور:32 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).
ومن حق هذه النعمة الشكر، وألا تتخذ وسيلة للوقوع فيما حرم الله. ومما ينافي شكر هذه النعمة وقوع كثير من المخالفات والمنكرات التي تتعلق بها ابتداء من مبدأ النكاح نفسه، وانتهاء بوليمة العرس، غير أنها تختلف باختلاف الأزمان والأوطان. مما يحتم على كل مسلم التنبه لها والتنبيه عليها والقيام بما أمر الله تعالى به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ونظرا لكثرتها فيكتفى في هذه العجالة بعرض نبذ منها والله المسؤول أن يقينا شرورها.
من منكرات الأفراح
مخالفات تتعلق بمبدأ الزواج
أولاً : العزوف عن الزواج :
فمن المنكرات العزوف عن الزواج بدون عذر شرعي. سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عمن ترفض الزواج بحجة الدراسة.
فأجاب حفظه الله بقوله: حكم ذلك أنه خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ) .
وفي الامتناع عن الزواج تفويت لمصالح الزواج. فالذي أنصح به إخواني المسلمين من أولياء النساء وأخواتي المسلمات من النساء ألا يمتنعن عن الزواج من أجل تكميل الدراسة .
على أن كون المرأة تترقى في العلوم مما ليس لنا به حاجة أمر محتاج إلى نظر، فالذي أراه أن المرأة إذا أنهت المرحلة الابتدائية وصارت تعرف القراءة والكتابة بحيث تنتفع بعلم هذا في قراءة كتاب الله وتفسيره وقراءة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وشرحها، فإن ذلك كاف، اللهم إلا أن تترقى لعلوم لابد للناس منها كعلم الطب وما أشبهه، إذا لم يكن في دراستها شيء من محذور من اختلاط أو غيره.انتهى كلام الشيخ العثيمين
ثانيا: تأخير تزويج البنات والأخوات:
وفي هذه القضية المهمة كتب سماحة الشيخ رحمه الله قائلا: من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى من يبلغه هذا الكتاب من المسلمين، سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم وجعلنا جميعا من حزبه المفلحين، آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أوجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله والتواصي بالحق والصبر عليه، ورتب على ذلك خير الدنيا والآخرة وصلاح الفرد والمجتمع والأمة، وقد بلغني أن كثيرا من الناس قد يؤخرون تزويج مولياتهم من البنات والأخوات وغيرهن لأغراض غير شرعية كخدمة أهلها في رعي أو غيره، وكذلك من يؤخر زواجها من أجل أن يأخذ بها زوجة له. وتأخير زواج المولية لهذه الأسباب ونحوها من الأمور المحرمة ومن الظلم للموليات من البنات وغيرهن، قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور:32 والأيامى: جمع أيّم، يقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، يقال: امرأة أيم ورجل أيم .
قال ابن عباس: رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد، ووعدهم عليه الغنى فقال: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، وروى الترمذي أيضا عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا: يارسول الله ! وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، ثلاث مرات ) .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعيذنا جميعا من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه جواد كريم . مجلة البحوث 2/267 العدد الأول 1400هـ .
مخالفات في الخطوبة والعقد :
أولا: عدم تمكين الخاطب من الرؤية الشرعية :
يقول الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: فالخاطب يستحب له أن يرى ما يظهر غالبا من المرأة كالوجه واليدين، ويتأمل فيها وفي ما يدعوه إلى نكاحها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عقد على امرأة أو أراد الزواج: (انظر إليها) رواه مسلم
ورى أحمد بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم)
ولا يسوغ للرجل أن ينظر لمن لم يرد خطبتها، وكذلك لا ينظر إليها في خلوة أو مع ترك الحشمة، إنما يباح له النظر إليها مع عدم علمها أو مع علمها وأهلها إذ كانت رؤيته لهذا ممكنة، وأما عرض الأهل بناتهن بحجة الخطبة فهذا مما لا يسوغ ولا يفعله أهل الغيرة، وإنما يباح النظر لمن علم منه الصدق في الزواج، أو بعد الخطبة، والله أعلم. ( المنظار إلى بيان كثير من الأخطاء الشائعة، ص 141،142 )
ثانيا: الزيادة في المهور بما لا يطاق:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : والمشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل وتيسر فهو أفضل، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وتحصيلا للبركة، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، روى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني تزوجت امرأة قال: كم أصدقتها؟ قال: أربع اواق (يعني مائة وستين درهما) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل!! ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه) وقال عمر رضي الله عنه: (ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم: وما أصدق النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية) والأوقية: أربعون درهما .
ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء، وصار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج عن ذلك مفاسد منها:
• تعطل كثير من الرجال والنساء عن النكاح.
• أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلى المهر قلة وكثرة، فالمهر عند كثير منهم: هو ما يستفيدونه من الرجل لا مرأتهم، فإذا كان كثيراً زوجوا ولن ينظروا للعواقب، وإن كان قليلا ردوا الزوج، وإن كان مرضيا في دينه وخلقه!
• أنه إذا ساءت العلاقة بين الزوج والزوجة، وكان المهر بهذا القدر الباهظ فإنه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان، بل يؤذيها ويتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها، ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها.
ولو أن الناس اقتصدوا في المهر، وتعاونوا في ذلك، وبدأ الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير، وراحة كبيرة، وتحصين كثير من الرجال والنساء، ولكن مع الأسف أن الناس صاروا يتبارون في السبق إلى تصاعد المهور وزيادتها، فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل، ولا ندري إلى أي غاية ينتهون. الزواج، ص34،35
ثالثا: دبلة الخطوبة:
يلبس الرجال تشبها بأعداء الله دبلة تسمى: دبلة الخطوبة، وكثير من الناس يعتقد أن العقد مرتبط بهذه الدبلة خاصة إذا كانت من الذهب. وقد حرم لبس الذهب على الرجال لأدلة كثيرة منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده! فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك وانتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم
يقول الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى في آداب الزفاف ص212 ما نصه: ( فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضا لأن هذه العادة سرت إلى المسلمين من النصارى، ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم عندما كان العريس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الرب، ثم ينقله واضعا له على رأس السبابة ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول: باسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعه أخيرا في البنصر حتى يستقر ) انتهى كلامه رحمه الله
فنعوذ بالله من مشابهة الكفار وأهل النار
مخالفات في الأفراح والولائم
من منكرات الأفراح
أولاً: التشريعة عند الزواج :
وهي أن تلبس المرأة ثوبا أبيضا كبيرا لا تستطيع المشي به حتى يحمله معها عدد من النساء أو الأولاد، وتلبس معه شرابا أبيض وقفازين أبيضين كذلك، ثم توضع في مكان فسيح وعلى ملأ من الناس، ثم يدخل عليها الزوج ويسلم عليها أمامهم ويعطيها التحف والهدايا ويتبادل معها أطراف الحديث، وربما شاركه في هذا أقرباؤه كما هو حاصل في بعض البلاد.
وفي هذا عدة محاذير منها:
• أن ذلك ليس من عادات المسلمين بل هو من عادات بعض الكافرين
• كما أن فيه إسرافا وبذخا وفخفخة ورياء وسمعة، والله تعالى يقول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف: 31
ثانيا : المنصة :
وهو دخول العريس والعروس وجلوسهما في مكان عال بمرأى من جميع الحاضرين.
وفي هذا يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: (ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة. فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر) الرسائل والأجوبة النسائية، ص44
ثالثا : خروج النساء متطيبات:
ومن منكرات الأفراح خروج النساء من بيوتهن متطيبات ، وهن في طريقهن إلى العرس يتعرضن للمرور على الرجال، وهذا بلا شك حرام. عن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)
رابعا: الاختلاط :
يحدث الاختلاط عند دخول الزوج وأقاربه وأقارب الزوجة من الرجال عند وقت المنصة، وهو كذلك منكر، قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء فقال رجل: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت ) رواه البخاري ومسلم. الحمو أخو الزوج.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين مبينا آثار هذا الاختلاط وما يجنيه فاعله من سيئات : (أيها المؤمنون! تصوروا حال الزوج و زوجته حينئذ أمام النساء المتجملات المتطيبات ينظرن إلى الزوجين ليشمتن فيهما - إن كانا قبيحين في نظرهن- ولتتحرك كوامن غرائزهن - إن كانا جميلين في نظرهن- تصوروا كيف تكون الحال والجمع الحاضر في غمرة الفرح بالعرس وفي نشوة النكاح؟ فبالله عليكم ماذا يكون من الفتنة؟ ستكون فتنة عظيمة، ستتحرك الغرائز، وستثور الشهوات.
أيها المسلمون: ثم تصوروا ثانية ماذا ستكون نظرة الزوج إلى زوجته الجديدة التي امتلأ قلبه فرحا بها إذا شاهد في هؤلاء النساء من تفوق زوجته جمالا وشبابا وهيئة؟ إن هذا الزوج الذي امتلأ قلبه فرحا سوف يمتلئ قلبه غما، وسوف يهبط شغفه بزوجته إلى حد بعيد فيكون ذلك صدمة وكارثة بينه وبين زوجته) من منكرات الأفراح، ص8.
خامسا: التصوير:
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : (فإني أضيف إلى ما سبق من المحاذير التي تقع ليلة الزفاف هذا المحذور العظيم:
لقد بلغنا: أن من النساء من تصطحب آلة التصوير لتلتقط صور هذا الحفل، ولا أدري ما الذي سوغ لهؤلاء النساء أن يلتقطن صور الحفل لتنشر بين الناس بقصد أو بغير قصد؟! أيظن أولئك الملتقطات للصور أن أحدا يرضى بفعلهن؟! إنني لا أظن أن أحدا يرضى بفعل هؤلاء، إنني لا أظن أن أحداً يرضى أن تؤخذ صورة ابنته، أو صورة زوجته، لتكون بين أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئن متى ما أردن!! هل يرضي أحد منكم أن تكون صور محارمه بين أيدي الناس، لتكون محلا للسخرية إن كانت قبيحة، ومثالا للفتنة إن كانت جميلة؟!
ولقد بلغنا: ما هو أفدح وأقبح : أن بعض المعتدين يحضرون آلة الفيديو ليلقطوا صورة الحفل حية متحركة، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التمتع بالنظر إلى هذا المشهد!!
ولقد بلغنا: أن بعض هؤلاء المصورين يكونون من الشباب الذكور في بعض البلاد يختلطون بالنساء أو يكونون منفردين، ولا يرتاب عاقل عارف بمصادر الشريعة ومواردها أن هذا أمر منكر ومحرم وأنه انحدار إلى الهاوية في تقاليد الكافرين المتشبهين بهم) من منكرات الأفراح،ص11
من منكرات الوليمة :
أولا : دعوة الأغنياء وذوي الجاه، وترك الفقراء:
وهذا لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم (شر الطعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) رواه أبو داود، وإسناده صحيح
ثانياً: الإسراف:
ولقد ذم الله الإسراف في اثنتين وعشرين آية من القرآن، وعاب فاعله، قال تعالى: ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) الفرقان: 67 وقال عز وجل: ( يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف: 31
ثالثا : إحضار المغنيين والمغنيات والأشرطة التي فيها غناء وموسيقى واستخدام المكبرات :
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ( إن بعض الناس - ليلة الزفاف - يجمع المغنيات بأجور كثيرة ليغنين . والغناء ليلة الزفاف ليس بمنكر، وإنما المنكر الغناء الهابط المثير للشهوة، الموجب للفتنة. وقد كان بعض المغنيات يأخذن الأغاني المعروفة التي فيها إثارة للشهوات، وفيما إلهاب للغرام والمحبة والعشق، ثم إن هناك محذورا آخر يصحب هذا الغناء، وهو ظهور أصوات النساء عالية في المكبر. فيسمع الرجال أصواتهن ونغماتهن فيحصل بذلك الفتنة لا سيما في هذه المناسبة، وربما حصل في ذلك إزعاج للجيران لا سيما إن استمر ذلك إلى ساعة متأخرة من الليل.
وعلاج هذا المنكر أن يقتصر النساء على الضرب بالدف وهو المغطى بالجلد من جانب واحد، وعلى الأغاني التي تعبر عن الفرح والسرور دون استعمال مكبر الصوت، فإن الغناء في العرس والضرب عليه بالدف مما جاءت به السنة ) من منكرات الأفراح،ص5
وأخيرا : تنبيه على عادتين جاهليتين:
الأولى : تهنئة الجاهلية :
فمن العادات المنكرة تهنئة العروسين بقولهم: (بالرفاء والبنين) يقول الدكتور صالح السدلان: (وهذه الضلالة الشائنة والعادة السيئة شاعت في عصر الجاهلية وهي تهنئة جاهلية ... ولعل الحكمة في النهي عن استعمال هذا الأسلوب في الدعاء للمتزوج بالرفاء والبنين هي : مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية لأنهم كانوا يستعملون هذا الدعاء، ولما فيه من الدعاء للزوج بالبنين دون البنات، ولخلوه من الدعاء للمتزوجين، ولأنه ليس فيه ذكر اسم الله وحمده والثناء عليه).
وإنما الوارد في السنة أن يقال للعروسين : (بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) الأحكام الفقهية للصداق ووليمة العرس، ص112 بتصرف
الثانية : شهر العسل :
شهر العسل من العادات المنكرة والظواهر السيئة، وهو أن يصحب الزوج زوجته ويسافر بها قبل أو بعد الدخول عليها إلى مدينة أو بلد آخر. وهو من عادات الكفار، ويزيد هذا السفر قبحا إذا كان إلى بلاد الكفار إذ يترتب عليه مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزوج والزوجة معا، إذ قد يتأثر الزوج بمظاهر الكفار من تبرج واختلاط وإباحية وشرب خمور وغيرها فيزهد في دينه وعاداته الطيبة، وتتأثر المرأة كذلك فتخلع تاج الحياء وتنجرف في تيار الفساد. وليس قليلا إذا قلنا إنه من التشبه بالكفار المنهي عنه شرعا.
نسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر هذه المنكرات، ويهدينا جميعا إلى سواء الصراط، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
موقع صيد الفوائد
ـــــــــــــ
وصية أم لابنتها في ليلة الزفاف
قالت أم لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها ..
أي بنيّة ..
إنك قد فارقت بيتك ..
الذي منه خرجت ..
ووكرك الذي فيه نشأت ..
إلى وكر لم تألفيه ..
وقرين لم تعرفيه ..
فكوني له أمة ..
يكن لك عبدا ..
واحفظي له عشر خصال ..
يكن لك ذخرا ..
أما الأولى والثانية ..
فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ..
أما الثالثة والرابعة ..
فالتعهد لموقع عينيه ..
والتفقد لموضع أنفه ..
فلا تقع عيناه منك على قبيح
ولا يشمن منك إلا أطيب ريح
والكحل أحسن الحسن الموصوف
والماء والصابون أطيب الطيب المعروف
وأما الخامسة والسادسة ..(52/46)